التجلي الأعظم

اشارة

التجلي الأعظم - سيد فاخر موسوي
الكتاب: التجلي الأعظم
المؤلف: سيد فاخر موسوي
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: مصادر سيرة النبي و الائمة
تحقيق:
الطبعة: الأولي
سنة الطبع: ١٤٢١ ه/ قم
المطبعة:
الناشر:
ردمك:
ملاحظات:
المصدر:

* كلمة آية الله العظمي الخاقاني في تقديم الكتاب

[تقرير مشفوع بمقال] تفضل به حضرة المفضال آية الله العظمي الشيخ محمد الخاقاني حفظه الله ورعاه وسدد خطاه..
باسمه تعالي الحمد لله علي تمام النعمة بولاية أئمة الهدي، ومصابيح الدجي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. والصلاة والسلام علي محمد وآله السادات النجباء..
وبعد فإنه قد وقع نظري في الآونة الأخيرة علي ما حرره فضيلة العلامة الخطيب السيد فاخر الموسوي آل بالليل حرسه الله حول: [موضوع الصلاة علي محمد وآله] عليهم الصلاة والسلام، وأنها الصلاة الكاملة دون البتراء، حيث ورد أنها تعدل الأذكار الثلاث: [التسبيح، والتهليل، والتحميد].
فقد تصفحت - الكتاب - بكل شوقي.. حيث كنت أتمني أن يكتب بمثل هذا الموضوع علي نحو التضافر الروائي من حيث السند والوضوح في الدلالة، علي كلا المسارين السني والشيعي، مع ملاحظة قواعد التخريج عند العامة، والتخريج عند الإمامية والفرق بين التخريجين وعدم مداخلة بعضهم البعض، فإن لكل منهما أسسه وقواعده.
وأن ما يعطي من قبل المصلي الواجب إلي المصلي عليه المحمدي وآله - عليهم الصلاة والسلام - علي نحو التناسب بين المقتضي والمقتضي في مقام استعداد الذات، فتكون التصلية عليه " صلي الله عليه وآله وسلم " تارة علي نحو التصلية في الوجود والعطاء المطلق منه تعالي إلي مقام قابلية المحل الذي تحمله ذات المصلي عليه وهو النبي الأكرم " صلي الله عليه وآله وسلم " وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام.
وأخري تكون الصلاة الأولي صلاة فلسفية، والثانية صلاة عرفانية كما أن هناك صلاة منه سبحانه إلي المصلي عليه علي نحو الجمال الروحي ولنسميها الصلاة الجمالية وهي التي تقع في مرحلة العشق الروحي بين الواجب والمصلي عليه بما أن نفسه قد تجردت من جميع
(٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (8)، الطهارة (1)
الأوساخ المادية، وكان لها التعلق والصفاء في ذات الحق سبحانه، فكلما ازدهرت النفس بجمالها الروحي كانت التصلية مزدانة وجودا وفيضا بذلك الجمال في مقام الذات.
وعليه فإن رسول الله " صلي الله عليه وآله وسلم " وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام أرقي من الصلاة بمعني الاستغفار ولذا كان الله سبحانه هو المصلي عليهم. كما أن ملائكته يصلون عليهم رحمة، وبما أن المجتمع البشري من كان عارفا فلابد أن يرتقي في صلاته عليه وعليهم إلي التصلية الإشراقية أو التصلية الجمالية وما عدا العارف فلقصور في مقام المعرفة فصلاته تكون علي نحو طلب المغفرة وطلب الرحمة والرضوان وهي تصلية العوام دون تصلية العرفاء الشامخين.
وقد تصفحت هذا الكتاب فوجدت مشيرا إلي بعض المفاهيم الفلسفية، والعرفانية، والرجوع إلي بعض القواعد الأصولية والأسس الفقهية بما يناسب مقتضي الحال … فشكر الله سعيه، ووفقه لمراضيه، وجعل هذا العمل ذخيرة في آخرته إنه ولي التوفيق.
حرره محمد (محمد طاهر آل شبير) الخاقاني الكويت، يوم الثلاثاء، 27 / ذو الحجة / 1420 ه
(٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، شهر ذي الحجة (1)، الطهارة (1)، الصّلاة (1)

* تقرير للكتاب، للبحاثة الدكتور السيد مسلم الجابري

[كتاب كريم، فيه تقرير وتكريم] تلقيناه من العلامة الفاضل، والبحاثة الأديب، والدكتور الخطيب السيد مسلم الجابري سلمه الله السميع العليم.
بسم الله الرحمن الرحيم (الحمد لله، والصلاة والسلام علي عباده الذين اصطفي).
منذ أن أشرق نور الإسلام الحنيف، وعمت البشرية الرحمة ببعثة خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله " صلي الله عليه وآله وسلم " والعالم مدين لهذا الدين ولنبيه الكريم " صلي الله عليه وآله وسلم " بفضل لا ينتهي، ما دام هذا النور ساطعا، وأثر الرسول الكريم " صلي الله عليه وآله وسلم " علي مسيرة الإنسان واضحا (لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد) [ق: 37].
وإن من روائع هذا الدين الحنيف، أن جعل المحبة والمودة أجرا للرسالة علي أن هذا الحب وإن سمي أجرا فإن آثاره العميقة التي لا تستغني عنها النفس الإنسانية عائدة إلي هذا الإنسان بآثارها الإيمانية البناءة..
فالحب تعبير قلبي ولا يتأتي للإنسان أن يحب أحدا لتكليف شرعي (إن الأمر بالمحبة والمودة هو أمر بمقدماتها)، فالمحبة ثمرة يانعة من ثمرات شجرة تنبت علي شاطئ الإكبار والعظمة، وتستقي بماء المعرفة، فلا محبة دون معرفة وإجلال " فإن من جهل شيئا أنكره " ويؤكد ذلك الحكيم العربي بقوله:
وبيننا " لو رعيتم ذاك " معرفة * إن المعارف في أهل النهي ذمم وما أعظم المحبة التي تنمو جذورها في القلب، وتضرع غصونها فتلقي بظلالها علي النفس الإنسانية، وهي تنهل من نبع المعرفة والإكبار، وتزداد عمقا وشموخا في ظل الإيمان.
(٩)
صفحهمفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (3)، الصّلاة (1)، الجهل (1)
فعن المحبة والإيمان يقول الرسول الكريم صلي الله عليه وآله وسلم: [لا يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من نفسه].
وعن الإكبار والإجلال لشخصه يقول القرآن: (فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) [الأعراف: 157].
وهكذا يكون التوقير والاحترام تعبيرا عن الإيمان، وما أعظم الإيمان الذي تكون ثمرته المحبة، وما أروع المحبة التي تعبر عنها التضحية في سبيل المحبوب.
ولما كان " الإيمان " فعل القلب وقول الإنسان وعمله أو كما قال صلي الله عليه وآله وسلم: [الإيمان ما وقر به القلب وصدقته الجوارح]، وبما أن القول من معطيات الجوارح كانت الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم " وآله تعبيرا عن الإيمان ولو لم تكن آيات الكتاب ونصوص السنة تدعو المؤمنين لذلك لكان لابد لهم من هذا التعبير العميق.. لتكون الصلوات رباطا نورانيا يربط بين … الباطن والظاهر، وليضيء وجه الحبيب بإشراقة محراب الصلوات فيكون نوره دليلا علي قبلة المصلين:
لك وجهت في الصلاة بوجهي * حيث محراب قبلتي حاجباك وهكذا اهتدي أعرابي مؤمن بفطرة حبه لمظهر الخير والجمال: [أن صلاته كلها علي رسول الله " صلي الله عليه وآله وسلم " فكان جزاءه من الله الثواب الجزيل] [1].
وعندما يصلي رب العالمين، وملائكته علي محمد " صلي الله عليه وآله وسلم " وعلي آله فهل يشعر الكون وما فيه أن لا يصلي عليه، وأن لا يستغرقه حبه..
ومن هنا يكون الإنسان وهو يؤدي أنشودة الصلوات هذه تعبيرا عن مجري الحب والإيمان في نسيج هذا العالم كله، فمن منا لا يحس بصلاة الله وملائكته ترفرف عليه وتغمر الزمان والمكان من حوله وهو يردد مع الإمام زين العابدين عليه السلام أنشودة الحب هذه " كما في الصحيفة السجادية ".
[1] راجع ص: 505، من هذا الكتاب.
(١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، القرآن الكريم (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (4)
(اللهم صل علي محمد وآله.. إذا ذكر الأبرار، وصل علي محمد وآله … ما اختلف الليل والنهار صلاة..
لا ينقطع مددها، ولا يحصي عددها، صلاة تشحن الهواء وتملأ الأرض والسماء، صلي الله عليه حتي يرضي. وصلي الله عليه وآله بعد الرضا..
صلاة لا حد لها ولا منتهي.. يا أرحم الراحمين).
أما وقد نزل الوحي بذلك وبينت السنة ما جاء به الوحي، فقد أصبح الحب عبادة، وصار التعبير عن ذلك ذكرا … بل من أفضل الذكر.
وهل انطوت الجوانح عن أفضل من الحب؟ وهل نطق اللسان بأروع من التعبير عنه إن التعبير الحقيقي عن الحب هو تجسيده بالفعل، فإن ذلك فعلية ما انطوت عليه قلوب المحبين، ولكن هذا الفعل مهما كانت قوته، لابد أن يعبر عنه اللسان أو يخلده البيان، فالفعل يبقي صامتا إذا لم ينطق، ويكون محدودا إذا لم تحمله … الكلمة عبر الزمان والمكان.
إن شاعرا عاشقا يهوي علي التراب الذي مشي عليه المحبوب علي رجليه … مقبلا له، أيكون قد عبر بتلك الحركة عن حبه..؟
أجل لا يكتفي بذلك حتي يبوح بما فعل بقوله:
ربطنا بأخفاف المطي شفاهنا * لنوسع ذاك الترب لثما وتقبيلا ثم يأتي آخر فيقف علي أطلال حبيبه، فيطوف علي الجدران التي شهدت ذات يوم شعاعا من وجه الحبيب، فيقبل الجدران، يتنسم فيها عطر الذكري، وهو إذ يفعل ما يفعل، لا يعد ذلك تعبيرا عما يقبح في فؤاده من الشوق حتي يحمل الشعر رسالة تعبير أخري تقول:
(١١)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (3)
أمر علي الديار ديار ليلي * أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي * ولكن حب من سكن الديارا وهنا عن الحب الذي تحول عبادة قلبية، وجاشت به الجوانح التي أشرق عليها نور الإيمان، لماذا لا يكون التعبير عن ذلك بالمستوي اللائق، فالوحي الذي علمنا الفعل ليعلمنا القول، والقرآن الذي علمنا الحب جاء ليعلمنا كيف تعبر عن ذلك الحب الكبير والمودة التي بحجم رسالة السماء.
ثم لماذا لا يأتي باحث كفئ أوتي معرفة شاملة، وصبرا وإيمانا عميقا، وحبا لرسول الله وأهل بيه صلي الله عليهم أجمعين ليعبر عن ذلك كله بهذا الجهد الشامل والتحقيق …
المتكامل ليحمل للمسلمين جميعا رسالة خاصة، تدعوهم إلي معرفة أسس التعبير عن حبهم وتقديسهم، وتبجيلهم لرسول الله " صلي الله عليه وآله وسلم " وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام، فإذا تم لهم ذلك، واستطاعوا أن يتعرفوا الأسس من مصادرها الوثيقة، وينابيعها الصافية امتلأت قلوبهم بفرح البشري: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) [يونس: 58]، هذا التعبير الذي يعقد الصلة بين الإنسان المسلم وبين رسول الله " صلي الله عليه وآله وسلم " وأهل بيته صلي الله عليهم وسلم، ويوجد بين أهل الإسلام في طريق المحبة … والذي ستكون له نتائج في حياة الإنسان الدنيا والحياة الأخري.. تضمنه هذا البحث يشكل حصيلة جهد مضن بذله المؤلف في هذا السبيل.
وقد كان المؤلف موفقا في إحاطته بالنصوص ومقارنتها، ومناقشة الآراء المختلفة فيها وترجيح الرأي الرصين فيها … كما كان رحيب الصدر في استيعابه لتلك الآراء واستعراضه لها … حتي ولو كانت تخالف الرأي الذي ساق بحثه من أجل دعمه.
وقد أغني جوانب البحث بالنصوص وصيغها المختلفة والتي قد تثقل علي القارئ العجول، ولكن ذلك مما أضفي عليه جوانب موسوعيا يهم المختصين، وهو بعد غطاء واف لأسلوب الاستدلال، والمقارنة الذي اعتمده الباحث الفاضل سدده الله تعالي.
(١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، القرآن الكريم (1)، العقد (1)
وبعد فلا يسعني وأنا أعطي مجرد انطباعي بكلمة متواضعة إزاء هذا البحث الشامل، والغني إلا أن أبدي إكباري وتقديري العميق لهذا الجهد الجليل وثمرته التي أتحف الأمة بها صاحب الفضيلة الخطيب والباحث السيد فاخر الموسوي سدد الله خطاه.
والذي فاجئنا في باكورة أعماله، وأول غيثه بديمة غامرة لمع برقها، وجري سيلها، ولا أقول بباقة ورد من جهده بل وافانا ببستان محمدي الزهور، ولا غرو فهو من هذه الشجرة التي سيبقي أصلها ثابت، وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
إن أملنا لكبير أن يتحول هذا الغيث المكبد إلي أنهار عذبه تروي الظماء، وأن تعود هذه الروضة الفتاء مروجا ترعي قلوب المحبين في خمائلها.
وإني إذ أشد علي يده، أكرر إعجابي العميق بعمله الجليل هذا، وأرجوا له القبول وهو يرفعه إلي سدة جده الرسول " صلي الله عليه وآله وسلم " وآبائه الميامين من آله صلوات الله عليهم أجمعين.
[مسلم السيد هاشم الجابري الكويت / 11 محرم الحرام / 1421 ه]
(١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، شهر محرم الحرام (1)، الأكل (1)

* تقرير للكتاب، للعلامة الخطيب الشيخ المهاجر

[كلمة طيبة كشجرة طيبة] كلل الكتاب بها سماحة العلامة الفاضل الأستاذ الكبير، والمفكر الإسلامي الجليل، والداعية الشيعي المعروف الشيخ عبد الحميد المهاجر أدام الله توفيقه..
بسم الله الرحمن الرحيم موضوع هذا الكتاب أثار في خاطري ملاحظات خمس:
الأولي: أن رؤية الإنسان في الحياة تقع علي الحقائق والأشياء، فيدرك الحقائق بعقله ويري الأشياء بعينه، ومن هنا كلن للإنسان بصر وبصيرة.. البصر لكشف الأشياء والبصيرة لكشف الحقائق، وكما أن العين لا تري الأشياء إلا بنور الطبيعة، كذلك العقل لا يري الحقائق إلا بنور الإيمان: (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) [النور: 40].
علي أن الصلاة علي النبي وآله عليهم الصلاة والسلام من النور الذي يعطي البصيرة قدرة علي معرفة الحقائق، تماما كما أن نور الشمس هو الذي يجعل العين قادرة علي رؤية الأشياء وكشفها.
الملاحظة الثانية: إن الحياة تشبه بحرا متلاطما بأمواج الفتن والظلمات كما يصورها القرآن الكريم ويصفها بالظلمات المتماوجة (في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج موج من فوقه سحاب) [النور: 40]، ونحن نعرف أن ظلمات البحر خلاف ظلمات البر … وذلك إن ظلام البر يستدعي وجود النور فقط، في حين إن ظلام البحر يقتضي وجود النور والسفينة مع النور لأن السفينة وحدها لا تنفع في ظلمات البحر كما أن النور وحده لا يدفع ضيما ولا ينجي غريقا في ظلام البحر … ومن هنا كانت الظلمات في البحر تقتضي وجود السفينة مع المصباح.. وهنا يجئ القرآن الكريم ليؤكد هذه الحقيقة وهي: أن النور مصدره الله عز وجل وأنه لا يوجد إلا عند أهل البيت عليهم السلام.. كما جاء ذلك في سورة النور وآيتها: (الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور علي
(١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (2)، سورة النور (1)، عبد الحميد (1)، الصّلاة (1)، السفينة (2)
نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شئ عليم * في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة … ) [النور: 35 / 36 / 37].
فبين أن هذا النور إنما يوجد فقط في هذه البيوت، علي أن المراد بالبيوت هنا ليس بيوت الطين والبناء وإن كان لها شرف وقداسة.. ولكن المراد بالبيوت هم أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. كما قال الإمام أبو جعفر الباقر - عليه أفضل الصلاة وأزكي السلام - في حديثه لقتادة فقيه البصرة.
هذا جانب النور.. أما السفينة فهي واضحة وضوح الشمس في رائعة النهار.. حيث قال الحبيب المصطفي محمد " صلي الله عليه وآله وسلم ": [إن مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوي]، فهم النور نور الله جل جلاله، وهم السفينة.. علي أن ركوب السفينة لابد له من أجرة وقد جعل الله أجرة الركوب في سفينة النجاة مودة أهل البيت ومحبتهم والاعتراف بحقهم وولايتهم حيث يقول الحق سبحانه: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا)، فظهر أن الحسنة هنا إنما هي مودة أهل البيت عليهم السلام، وهي حسنة تذوب معها كل السيئات بل لا تضر معها سيئة لأنها حسنة في الولاية والسيئات في الذنوب والمعاصي يمكن أن يغفرها الله عز وجل أما جحد الولاية وبغض أهل البيت فإنها خيانة عظمي تصل إلي مستوي الشرك بالله وقد أجمعت المدارس الإسلامية والمذاهب كافة أن الذي يحمل في قلبه بغضا وحقدا لأهل البيت وضدهم لا تناله رحمة الله، ولا يشم رائحة الجنة حتي لو جاء بحسنات الأولين والآخرين.. لأن الله لا يتقبل إلا من المتقين والذي يبغض أهل البيت ليس من المتقين ولا من المؤمنين..
إذن فالحسنة هنا إنما هب مودتهم ومحبتهم وهي حسنة تذوب عندها كل سيئة لأن الحسنات - في الأساس - أقوي من السيئات وخصوصا حسنة الولاية لآل محمد عليهم الصلاة والسلام التي تعد ركنا وأصلا في الإسلام بل هي أكبر أصل وأعمق وأقوي ركن في الدين والعقيدة والولاية، وعلي أساس هذا الركن كمل الدين وتمت النعمة في يوم
(١٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب سفينة النجاة للسرابي التنكابني (1)، المودة في القربي (1)، مدينة البصرة (1)، البغض (1)، الزكاة (1)، الطهارة (1)، الصّلاة (2)، السفينة (4)، البيع (1)
الغدير الأغر … فلولاها لما بلغت الرسالة غايتها ولما تم تبليغ المصطفي لدين الله عز وجل:
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) [المائدة: 3]، ومن هنا كانت الصلاة علي النبي وآله رسالة مقدمة موجهة من الله وملائكته إلي الناس الذين آمنوا بالله وبالرسل وباليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين..
إنها - أي الصلاة علي النبي وآله - رسالة تذكر للبشرية إن لمحمد وأهل بيته حقا عليكم أيها المسلمون فاعرفوا هذا الحق، ببركة الصلاة علي محمد وآله محمد.. وليس نحن وحدنا الذين نصلي علي النبي وآله، وإنما الله تبارك وتعالي يشاركنا والملائكة كذلك يشاركوننا في كل صلاة نصليها علي النبي بل إن كل الكائنات التي نبصرها والتي لا نبصرها تشترك معنا في موكب الصلوات، هذا الذي يردده الله مه الملائكة والأنبياء والخلق كافة … اللهم صل علي محمد وآل محمد.. وإنها لتفتح أبواب الرزق والخير وطول العمر في الحياة الدنيا والسعادة في الدنيا والآخرة.
وبكلمة: إذا كان لا بد من النور والسفينة لشق أمواج الفتن وظلمات الكفر والظلم والنفاق فإن الرسول " صلي الله عليه وآله وسلم " وجهنا إلي سفينة النجاة العظمي التي لا تخشي غرقا ولا دركا ولا ظلاما ولا ضلالا.. وهي سفينة الإمام المظلوم الشهيد سيد شباب أهل الجنة أبي عبد الله الحسين " عليه أفضل الصلاة وأزكي السلام " فقال:
وجدت مكتوبا علي يمين العرش: [أن الحسين مصباح الهدي وسفينة النجاة]، ونحن مع الحسين عليه السلام نضمن وجود السفينة والنور.
الملاحظة الثالثة: إن نعم الله كثيرة تفوق العد والحصر ولكننا نستطيع أن نحصرها في أربع نعم: نعمة الوجود، والعقل، والعلم ونعمة الإيمان فهذه أربع نعم ظاهرة وباطنة..
وحين ننظر إلي هذه النعم نجد أنها مترابطة ومتداخلة بعضها ببعض بحيث لا يمكن فصل واحدة عن الأخري، فنعمة الوجود مرتبطة بنعمة العقل إذ لولا العقل لما استطاع المرء أن ينتفع من وجوده في الحياة: ف لولا العقول لكان أدني * ضيغم أدني شرف من الإنسان
(١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، آية الإكمال (1)، كتاب سفينة النجاة للسرابي التنكابني (1)، الرزق (1)، الصّلاة (5)، الشهادة (1)، الظلم (1)، السفينة (2)
إذن فمن دون العقل ليس في إمكان الإنسان أن يستفيد من طاقاته التي نزل بها من بطن أمه.. هذا بالإضافة إلي أن العقل يشكل حجة ثانية وكبيرة لله عز وجل علي الناس.
كما قال الإمام موسي بن جعفر عليه السلام: [إن لله حجتين: ظاهرة وباطنة، فالظاهرة الأنبياء والرسل والأئمة، والحجة الباطنة العقول].
علي أن هذه النعمة مرتبطة بالعلم لأن العقل يتغذي بالعلم وهو بغير العلم يذبل ويضعف وينطفئ.. ومن هنا كان الإنسان أول مخلوق ينزل من بطن أمه مزودا بوسائل العلم والمعرفة: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) [النحل: 78]، فالسمع والبصر والفؤاد ما هي إلا أدوات للمعرفة ووسائل لتحصيل العلم واكتساب الفهم والرشد وإذا كانت هذه الأدوات لكسب العلم والمعرفة فإنها تعتمد اعتمادا كليا علي نعمة الإيمان لأن الإيمان هو الذي يجعل العلم في خدمة الإنسان ورضا الله عز وجل، وإلا فالعلم بغير إيمان كارثة وفاجعة تنزل علي رؤوس العباد.. كما هو معروف في مجالات العلم الطبيعي والفقهي وكل أنواع العلوم الأخري، فعلماء الطبيعة حولوا العلم إلي أداة دمار شامل كما هو في مجال الذرة والتطور الجرثومي في الأسلحة الفتاكة المدمرة..
وفي مجال الفقه والقانون والتشريع، فإننا نجد علماء القانون شرعوا قوانين ما أنزل الله بها من سلطان، فكانت ضد البشرية وضد حقوق الإنسان فتحول القانون تحت أيديهم إلي مارد جبار يعيث في الأرض فسادا وجوعا وفقرا وظلما وحرمانا، كما هو الملاحظ والمشاهد في حالات شعوب الأرض اليوم التي تعيش فوق ظهر هذا الكوكب.
إذن: فلابد للعلم من الإيمان، والإيمان لا يكتمل إلا بولاية أهل البيت عليهم السلام، ومن هنا جاءت الصلاة علي النبي وآله لتؤكد هذا الفهم العميق للإسلام الذي ارتضاه الله دينا قيما لإنقاذ البشرية وخلاص العباد من الظلم والفساد.. فكلما صلينا علي النبي وآله كلما ازدادت نسبة الإيمان في قلوبنا واليقين في أفئدتنا.. وكلما ازددنا صلاة علي النبي وآله ازدادت أبواب الرزق والخير والرحمة انفتاحا علينا في الدنيا والآخرة وفق ما تؤكده الروايات والأخبار وآيات الله في القرآن والسنة والآفاق والأنفس..
(١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، القرآن الكريم (1)، الرزق (1)، الظلم (1)، الحج (1)، الصّلاة (1)
الملاحظة الرابعة: نقرأ في كتاب الكافي أن العقل هو أول شئ خلقه الله عز وجل..
وحين خلقه استنطقه، والرواية جاءت عن أبي جعفر الإمام الباقر " عليه أفضل الصلاة وأزكي السلام " قال: [لما خلق الله العقل استنطقه ثم قال له: أقبل فأقبل ثم قال له:
أدبر فأدبر ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحب إلي منك ولا أكملتك إلا فيمن أحب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهي.. وإياك أعاقب وإياك أثيب] [1].
وهنا لابد من إعمال الفكر والتأمل في هذه الكلمة وهي [ولا أكملتك إلا فيمن أحب]، فإن الذين يحبهم الله تكتمل عقولهم بهذا الحب حتي كأن حب الله عز وجل هو الذي يكمل العقول فلا ينمو عقل ولا يكتمل في رأس أحد إلا بحب الله عز وجل، علي أن الملاحظة هذه لا تنتهي هنا بهذا الشكل وهذه البساطة، وإنما هي في حاجة إلي مزيد من تسليط الضوء عليها، وإعمال الفكر فيها.. فلابد من إثارة دفائن العقل والتفقه في هذه المفردة بالذات حتي نصل إلي المطلوب: وهي [ولا أكملتك إلا فيمن أحب]، وفي القرآن الكريم آيات عديدة تصب في هذا المضمار، ومنها قوله تعالي: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله … )، ومعني ذلك أن متابعة النبي والسير خلفه يؤدي إلي اكتمال العقول.. بل أكثر من ذلك: إن العقل لينمو ويتألف ويتعاظم بهذه المتابعة وهي لا تتحقق إلا بالحب والمودة لأهل البيت عليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام..
ثم انظروا من ناحية ثانية وهي: أن الرسول الأعظم محمد " صلي الله عليه وآله وسلم " حين يقول: [حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا]، فإنه يشير إلي هذه الحقيقة: وهي أن حب الحسين يغذي العقول والأرواح، وأن العقول تكتمل وتنضج بحب الحسين عليه السلام، وحين يكتمل العقل يرتفع مستوي الإيمان، واليقين بل يتعمق الإيمان أكثر فأكثر في القلوب، وإذا نظرنا إلي الصلاة علي النبي وآله، فإننا نجد أنها تعمق هذا الحب وتسقيه وترعاه، ومن هنا كانت للصلاة علي النبي وآله ثواب يفوق التصور والعدد والحساب.
الملاحظة الخامسة، وفيها خمس نقاط سريعة ومتلاحقة وهي:
[1] تجد نص الرواية في الكافي، ج: 1، ص: 57.
(١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (1)
نقطة واحد: إن لكل نبي من الأنبياء رمزا لمحبته وطاعته، فالنبي صالح جعل الله رمز محبته وطاعته الناقة وفصيلها.. وجعل لسليمان بن داود الحضور علي البساط رمزا للطاعة والمحبة، بحيث إذا تغيب أحد من جنوده عن البساط فإن ذلك يعرضه للسؤال والعقاب كما حصل ذلك للهدهد كما هو في سورة النمل.. ونفس الشئ جعله الله لنبيه يعقوب حيث جعل رمز الحب والطاعة ليعقوب النبي هو المشاركة في البكاء والحزن علي ولده يوسف الصديق.. إذن فالنبي يعقوب جعل البكاء علي ولده يوسف رمزا لمحبة وطاعته، وكذلك نجد طالوت الملك الذي هو في مصاف الأنبياء وعداد الرسل قد جعل النهر الذي يجري في الصحراء رمزا لطاعته ومحبته فخاطب جنوده قائلا لهم: (إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني..).
وكان كل ادعاء بالحب والمودة لهؤلاء الأنبياء مرفوضا من الأساس، ما لم يكن مقرونا بالانقياد للرمز، والامتثال لأمره.. فإذا كان البساط رمزا لطاعة سليمان، وإذا كان النهر رمز لطاعة طالوت ومحبته، والناقة رمزا لطاعة صالح ومحبته، فإن الله عز وجل قد جعل محبة أهل البيت ومودتهم والصلاة عليهم رمزا لمحبة الله ومحبة الرسول " صلي الله عليه وآله وسلم " فقال: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا).
أقول: إذا كان النهر رمزا لمحبة طالوت فإن الحسين عليه السلام رمز لمحبة النبي " صلي الله عليه وآله وسلم " فطالوت يقول: (فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني..)، والرسول محمد " صلي الله عليه وآله وسلم " يقول: [حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا].
نقطة ثانية: إن لكل شئ قيمة أعلي وقيمة أدني، فالأصل في الأشياء هي القيمة الأعلي وكذلك في الحقائق حيث تكون القيمة الأعلي هي الأصل وهي الأساس، غير أن القيمة الأعلي لا تتحقق إلا بالمعرفة الكاملة لتلك الحقيقة وذلك الشئ. والمعرفة لا تمم إلا بإدراك الجمال في الأشياء والحقائق لأن إدراك عنصر الجمال في الشئ والحقيقة، هو الذي يشد قلوبنا بأصحاب الحق وأهل الصدق.. وهذه نلمسها في محبة أهل البيت عليهم السلام.
(١٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، المودة في القربي (1)، سليمان بن داود (1)، سورة النمل (1)، البكاء (2)، الصدق (2)، الصّلاة (1)
نقطة ثالثة: وهي أن اللؤلؤ له قيمة أدني يوم يكون قابعا تحت قاع البحار، وله قيمة أعلي يوم يكون متألقا علي جيد فتاة حسناء، وقد أشار الإمام الحسين عليه السلام إلي هذه الحقيقة بقوله: [خط الموت علي ولد آدم مخط القلادة علي جيد الفتاة … ].
فالقلادة في ظلمات البحار لا قيمة لها.. ولكنها حين تستخرج من قاع البحر ويقيض لها من يصوغها وينظمها في قلادة علي جيد فتاة، فإنها تأخذ قمية أعلي وثمنا أغلي..
وهذا هو الذي أراده الحسين عليه السلام، لأن الموت يقع علي كل إنسان ولكن هناك فرق كبير بين من يموت من دون أن تكون له قضية يضحي من أجلها، وبين من يقتل في ساحات الوغي من أجل الحق وتدوسه حوافر الخيل وسنابكها وهو الصريع المنتصر الذي هز عروش الطغاة والبغي، علي أن هذه المثال يجري في الأشياء كما يجري في الحقائق علي حد سواء. وقد ضرب الإمام الحسين عليه السلام مثلا في ذلك فقال كلمة التي مرت علينا: [خط الموت علي ولد آدم مخط القلادة علي جيد الفتاة … ].
وإنما ذكرتها ثانية لتعميق هذا المفهوم في النفوس والأفكار.. حيث جعل الموت من أجل الحق والعدل والحرية، أجمل من القلادة علي جيد الفتاة، وهذا يدل علي أن الحسين عليه السلام أعطي للحقيقة ثمنا أعلي وجعل للحق قيمة وعنوانا ليس في إمكان يد الظلم أن تمحوه، ولا في مقدورها أن تطمس معالمه أبدا..
ومن هنا كانت الصلاة علي النبي وآله تجعل للإيمان والإسلام قيمة أعلي وتعمق الإيمان في القلوب واليقين في الأفئدة، وتزرع الأخلاق في النفوس، وتفجر ينابيع الوعي والرشد في العقول، وتطلق الفصاحة والبلاغة والسداد في الأفواه والأقوال لأن الله يقول:
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم … ).
فالتقوي وهي تتعمق بحب ولاء أهل البيت، والقول السديد من شأنهما أن يصلحا الأعمال ويفتحا أبواب الخير والرزق للإنسان المؤمن في الحياة ويوم يقوم الأشهاد.
نقطة رابعة: في رحلة الإسراء والمعراج رأي النبي " صلي الله عليه وآله وسلم " آيات الله في الأرض والسماء، فيوم صلي بالأنبياء في المسجد الأقصي يقول القرآن: (لنريه من آياتنا … )، ولكن حين دني فتدلي فكان قاب قوسين أو أدني قال الله عز وجل:
(٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، المسجد الأقصي (1)، الإسراء و المعراج (1)، القرآن الكريم (1)، الموت (5)، الضرب (1)، القتل (1)
(لقد رأي من آيات ربه الكبري)، وهنا فقط حاول أن تستجمع طاقتك الفكرية، وتركز ذهنك جيدا لتجد هذا المعني العميق أمامك.. فأي آيات أكبر من الأنبياء والرسل الذين صلي بهم رسول الله في المسجد الأقصي.. علما أنه هو من أولي العزم بل هو أفضلهم وأعظمهم علي الإطلاق.. ولكن انظر إلي هذه القضية التي يثيرها القرآن الكريم في رحلة الإسراء والمعراج والناس غافلون عنها.. إنه روحي فداه أكبر من الأنبياء كافة وهو الذي صلي بهم جماعة في المسجد الأقصي، ولكن هذا لا يكفي.. اسمع النبي " صلي الله عليه وآله وسلم " ماذا يقول حين عرج به إلي سدرة المنتهي وأبعد من ذلك يقول: [لما عرج بي إلي السماء رأيت أهل بيتي بأنوارهم محدقين بعرش الله عز وجل رأيت عليا وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسي بن جعفر وعلي بن موسي ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والخلف الصالح المهدي صلوات الله عليهم أجمعين بأنوارهم هناك في الأفق المبين].
علي أن هذا ملخص لروايات عديدة جاءت من النبي " صلي الله عليه وآله وسلم " في هذا المجال ولك أن تفكر بها رأي النبي " صلي الله عليه وآله وسلم "، إنه رأي مكتوبا علي يمين العرش: [أن الحسين مصباح الهدي وسفينة النجاة].
وإلي تلك الشجرة التي أكل من ثمارها فهبط إلي الأرض فواقع خديجة فحملت بفاطمة كما يقول الرسول " صلي الله عليه وآله وسلم ": [لما عرج بي إلي السماء أخذ جبرئيل بيدي وأدخلني الجنة وناولني من رطبها وثمارها فأكلته فتحول إلي نطفة في صلبي، فلما هبط إلي الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة.. ففاطمة ابنتي حوراء إنسية كلما اشتقت إلي رائحة الجنة شممت ريحها، وأنها لتقف في محرابها تصلي فيصلي خلفها سبعون ألف ملك].
نقطة خامسة: جري حوار بين سيد موصلي وبين العلامة الحلي رحمة الله عليه في مجلس الملك المعروف ب (خدا بنده) فقال ذلك السيد الذي ينتهي إلي سلالة الرسول، قال مخاطبا العلامة الحلي: بأي وجه تجيزون الصلاة علي آل النبي صلي الله عليه وآله وسلم؟
(٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، المسجد الأقصي (2)، الإسراء و المعراج (1)، القرآن الكريم (1)، علي بن الحسين (1)، العلامة الحلي (2)، الحسن بن علي (1)، موسي بن جعفر (1)، علي بن محمد (1)، محمد بن علي (2)، جعفر بن محمد (1)، الصّلاة (1)، الأكل (1)، الغفلة (1)
فرد عليه العلامة قائلا في القرآن الكريم آيات كثيرة، وفي السنة روايات تدل علي ذلك ومنها قوله تعالي: ( … الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة … )، فإذا كان الذي يصبر علي المصيبة تنزل عليه الرحمة، وتجوز عليه الصلاة فما بالك بأهل البيت عليهم الصلاة والسلام؟
فقال السيد الموصلي: وأي شئ وقع علي أهل البيت من المصائب حتي جازت عليهم الصلاة.. بل أية مصيبة جرت عليهم؟ إنهم لم يلاقوا مصيبة في حياتهم!.
فقال العلامة الحلي: اعلم إنه لو لم يكن لأهل البيت مصيبة إلا إنك من سلالتهم لكفاهم ذلك مصيبة ورزية عليهم. فكانت هذه الكلمة من القوة بحيث زلزلت الأرض تحت قدمي ذلك الناصبي ونزلت علي رأسه نزول القدر..
وفي الحقيقة نجد اليوم ممن يدعي الانتماء إلي هذه السلالة الطاهرة، ولكنه في الوقت ذاته أضر علي أهل البيت من ابن تي … والشمر بن ذي الجوشن.
علي أن هؤلاء من أمثال السيد الموصلي لا يضر كيدهم شيئا وقد خاطب العقيلة زينب بطلة كربلاء روحي فداها، خاطبت يزيد عليه اللعنة بقولها: [فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله علي الظالمين].
وفي ختام كلمتي هذه التي تشرفت بها بذكر أهل البيت عليهم السلام، أود أن أشير وأشيد بالجهود الكبيرة التي بذلها فضيلة العلامة البحاثة الخطيب السيد فاخر الموسوي حفظه الله وزاده توفيقا، وتسديدا، في هذا المجال، وأشد علي يده ليواصل مسيره في هذا الطريق وأرجو له من الله الموفقية والسداد والمزيد من العطاء في هذا المضمار والله ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل.
[عبد الحميد المهاجر] في: 20 / محرم / 1421 [الكويت]
(٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، مدينة كربلاء المقدسة (1)، القرآن الكريم (1)، شمر بن ذي الجوشن لعنه الله (1)، العلامة الحلي (1)، عبد الحميد (1)، الظلم (1)، الصبر (1)، الصّلاة (2)

* سبب تأليف الكتاب

القسم الأول المقدمة
صفحه(٢٣)

* السنة خلاف السنة

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله الذي بدأ بنفسه في الصلاة علي حبيبه، وجعل الملائكة لذلك مجيبة، وزادهم بها شرفا ومن رحمته قريبه، وأمر المؤمنين بها لطفا منه ورحمة والصلاة علي محمد كلما ذكر اسمه، وعلي آله باب نجاة الأمة، الذين قرنهم الله بالصلاة مع النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وعلي أزواجه اللاتي وفين بعهده، وتمسكن بالآل ووده ولم يعصينه في وصيه من بعده وعلي أصحابه الذين أتبعوه بإحسان، وطاعة وإيمان.. وعلي كل مؤمن بشفاعته، ومن مات علي ولايته، صلاة لا يعلم أجرها إلا ذاته، وضاعف عظمته وبركاته، علي من كانت كاملة صلاته، ومحا بها سيئاته، وزادت بفضلها حسناته، وجعل له بذلك نورا يمشي به إلي جناته: (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) [النور: 40].
أما بعد: فإنه منذ أمد بعيد كان يراودني الفكر أن أكتب كتابا في شأن الصلاة علي محمد وآل محمد، وما يتعلق بهذه العبادة العظيمة، والتي لم تطبق كما أرادها الله تعالي وقد حداني إلي ذلك ما أقرأه في كتب القوم، وأسمعه من الصلوات المبتورة، وعدم ذكر الآل فيها من إخواننا (أهل السنة) الذين أغلب صلواتهم علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم عند ذكره خلال خطبهم، وكتبهم، ومؤلفاتهم.. بتراء لا ذكر ل [آل محمد] فيها.
فهم يذكرون الصلاة البتراء التي نهي عنها، النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وفي نفس الوقت يروون في نفس تلك المؤلفات (التي يصلون فيها بالصلاة البتراء)، ومصادر أحاديثهم تعليم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم الصلاة عليه مع ضم الآل في (الصلاة الإبراهيمية) كما يأتي مفصلا.
(٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الموت (1)، الصّلاة (6)

* سبب تسمية الكتاب

وحقا يقال: أن السنة في خلاف السنة، فقد أصبحنا في زمن القائل فيه: [صلي الله عليه وآله وسلم] عند ذكر أحد أسماء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، يعد مرتكبا خطأ في التعبير عند بعض، وأبدع بدعة في الدين عند بعض آخر، ويستغرب منه في مخالفته للسيرة المتداولة والباطلة بين المسلمين الذين أغلبهم يصلون علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بالصلاة البتراء عند ذكره، وقد صدق النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم حيث قال: كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا؟.
علي أن هذه الصلاة من المفروض أن تكون موقع رضا وثواب.. لا موقع إثم وعقاب وإيذاء للحبيب المصطفي صلي الله عليه وآله وسلم فإن المأمور به إذا لم يؤت به علي المطلوب عمدا يكون معصية لا طاعة.
وربما قد يقال وهل يستحق هذا الذكر وهذه العبادة: [اللهم صل علي محمد وآل محمد] تصنيفا مستقلا وتحقيقا مطولا؟ إلا أن ذلك الاستغراب يزول حينما يتبين أن هذا الذكر أمر عبادي يجب معرفة مصداقه الذي يبرأ ذمة المكلف كما وهو من أفضل فضائل العترة الطاهرة، وأعظم مناقبهم، بل وهي من أركان العقيدة الإسلامية، وليس هناك أمر تعبد الله به خلقه غيره، وستعرف مفصلا خلال مطالعتك لفصول هذا الكتاب الشريف مدي موقعه العقائدي والعبادي، والنفسي والدنيوي والأخروي..
وبعد ذلك كله فإنه يجب أن يعرف هذا الذكر العبادي المنصوص عليه في الذكر الحكيم من حيث كيفيته، والمقصود من المأمور به شرعا لئلا يقع الإنسان في معصية الله ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم، كما وينال ما يترتب علي أداء هذه العبادة العظيمة علي وجهها الشرعي من الثواب الكثير والأجر الكبير والفوائد الدنيوية، وآثارها الأخروية، والفوز برضا الله تعالي وهذا صدي القرآن الكريم: (إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) [الأحزاب: 56]، الذي يتلي أناء الليل وأطراف النهار تحدد لنا حكما شرعيا يجب معرفة مصداقه ومورد وجوبه، والتعبد في موارد وجوبه واستحبابه.
وبما أن هذه المسألة من المسائل الخلافية بين الأمة فإني جمعت في هذا المصنف الأحاديث المتواترة، والأخبار المستفيضة التي رواها علماء القوم من عامة المسلمين
(٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (3)، التصديق (1)، الكرم، الكرامة (1)
والجماعة، وصححوا أغلبها في شأن الصلوات، ومورد وجوبها وموارد استحبابها، وفضلها، وثوابها..
كما وإني اخترت مصادر كتابي هذا من كتب القوم، وحفاظ العامة، وعلمائهم..
وذلك (لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولاتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون) [البقرة: 150].
واستطرادا لذلك ذكرت ما يوافق مضامين أحاديثهم من بعض ما ورد عن الخاصة إتماما للفائدة، عازيا كل حديث إلي مصدره توقيا من الارتياب، وتسهيلا علي الطلاب.
وقد سميته: ب (التجلي الأعظم في الصلاة علي آل النبي الأكرم).
ونريد بال [تجلي الأعظم] تجلي الفيض وصدوره في النور الأول والقابلية المطلقة ثم تعيناته وظهوره في عالم الوجود فكل ما يحدث في عالم الوجود هي تجليات منه عز اسمه بل كل خير (وليس في عالم الظهور إلا الخير) هو تحقق وظهور من الاسم الكامل والفيض المطلق الذي هو التجلي الأعظم للصلاة الفعلية الإلهية أي ما به صدور الخير، وبينه وبين الثاني تكون الصلاة الفعلية الملائكية أي ما به إيصال الخير وتحققه لهم، فالحقيقة أن صلاة المؤمنين أي ما به استدرار الخير وتحققه لهم هي المدح المطلق والثناء الأكبر للاسم الأعظم.
فتكون الصلاة علي النبي وآله في الحقيقة هي عبارة " في بعض مراحلها " عن التجليات الإلهية في عالم الظهور، بل ليس ذلك إلا تجسيدا للصلاة الإلهية الفعلية، وإنما اخترنا التعبير عن ذلك التحقق ب (التجلي) لأنه أجمل تعبير للعلاقة الإلهية بينه وبين خلقه في تحقق فيضه، قال تعالي: (فلما تجلي ربه للجبل جعله دكا) [الأعراف: 143].
والظهور للكمالات والنفع الإلهي بنحو الانكشاف في الموجودات يسمي بالتجلي، ومن الواضح أن المظاهر لتلك التجليات مقولة بالتشكيك ضعفا وقوة، وأجلي مصاديقها وأقوي أفرادها هو الاسم الله الكامل الأعظم. ففي دعاء ليلة المبعث الذي رواه الكفعمي في البلد الأمين: [اللهم إني أسألك بالتجلي الأعظم في هذه الليلة من الشهر المعظم، والمرسل المكرم أن تصلي علي محمد وآله..].
(٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (1)، الحج (1)، الأكل (1)، الصّلاة (6)
وستعرف أن الله تعالي تجلي لخلقه في كل ما يمكن من صفاته الجمالية الفعلية بأكمل خلقه وأفضلهم، فجعلهم منابع فيضه، وسحائب فضله، ومظاهر أسمائه، ومرايا رحمته ومحبته، وأن الصلاة عليهم من آثار التجلي بالجمال للسائل والمصلي ولهم عليهم الصلاة والسلام بعدة اعتبارات..
وسيأتي توضيح (ما يمكن توضيحه) خلال أبحاث هذا الكتاب الشريف، وقد حرصنا أن لا نذكر من أبحاثنا الغامضة إلا بعض الإشارات التي يقتضيها المقام، وقد اشتمل علي لطائف أسرارها، ودقائق مناقبها، وآثارها الوضعية والدنيوية والبرزخية، والأخروية، وفوائدها العامة.. كما ونتطرق إلي تفسير الآية مفصلا وما يتعلق بها من مطالب فقهية، وتجليات عرفانية، وإشارات تأويلية وأمور خلافية.. وأحاديث متواترة في الكيفية التي أراده الله عز وجل بنزول الآية، وتعيين كيفية الصلاة وغير ذلك من مطالب شريفة، ومقاصد لطيفة ستطلع عليها بالتفصيل.
والله سبحانه أسأل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، ووسيلة لي ولوالدي إلي جنة النعيم، وذريعة إلي رضي النبي وآله عليه وعليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام، وأن ينتفع به المسلمون، فإني جعلت علي نفسي أن لا أذكر فيه إلا ما يكون فيه مقنع لطالب الرشد والهداية، وإني أدعوهم بكل حب وتقدير أن يحكموا عقولهم، ويتركوا التعصب، فإن ترك التعصب وتحكيم العقول يؤدي إلي رؤية الحقيقة في أجلي مظاهرها، وأصدق معانيها، هذا وكلمة الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها كما في المأثور عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وقال: [كلمة الحكمة يسمعها المؤمن خير من عبادة سنة] [1]: (فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب) [الزمر: 18].
وليست نيتنا في عملنا هذا إلا إرائة الطريق، وهداية القاصرين راجين أن نكون من الهداة إلي سبيله والدعاة إلي طاعته وقد قال النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم للإمام علي صلوات الله وسلامه عليه: [لئن يهدي الله بك عبدا من عباده خير لك مما طلعت عليه الشمس من مشارقها إلي مغاربها] (1).
[1] البحار، ج: 100، ص: 74.
(٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (3)
وأرجو أن يكون هذا المجهود هداية إلي الحق، وإحقاقا له، وإزهاقا لنقيضه، ومصداقا لدعوة (سبيل ربك) بالحكمة والموعظة الحسنة الذي جاء الذكر: (ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) [النحل: 125].
وأدني ما يمكن أن أقول في فائدة هذا الكتاب: عسي أن ينتفع به إخواننا المسلمون من القاصرين إذا اتضح عندهم الدليل، فيرتدعوا عما هم عليه من إصرارهم علي بتر الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ومعصيته، و (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلي النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلي الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) [البقرة: 257].
وإنه لكتاب فريد من نوعه من حيث تأليف مستقل في الصلاة علي محمد وآل محمد ويحق أن أخاطبه بهذين البيتين:
كتاب لو تأمله ضرير * لعادت مقلتاه بلا ارتياب ولو قد مر حامله بقبر * لكان الميت حيا في التراب ولقد بذلت ما بوسعي في تحقيق الكتاب، وتنظيم مطالبه، ولم أئل جهدا في ذلك ولم أسطر فيه إلا ما تيقنت مصدره واضعا المسؤولية الإلهية نصب عيني في ذلك وكتبت ما أتأمل أن أراه في: (يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتي الله بقلب سليم) [الشعراء: 89]، كما وإني أرجو من العلي القدير أن يحضرنيه في (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا) [آل عمران: 30].
ولا تكتب بكفك غير شئ * يسرك في القيامة أن تراه فما من كاتب إلا سيلقي * غداة الحشر ما كتبت يداه اللهم لا تفرق بيني وبين كتابي هذا في يوم: (من أوتي كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسيرا * وينقلب إلي أهله مسرورا) [الانشقاق: 7 إلي 9] بحق نبيك الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وآله الأكرمين عليهم أفضل صلواتك وأنمي سلامك..
اللهم صل عليهم صلاة تعصمنا بها، وتزكينا ببركتها وتطهرنا بآثارها، وتؤمننا في يوم القيامة بنورها، وتتقبل بطيبها عملي هذا، إنك كريم مجيب بحق محمد الحبيب وآله صلي الله عليهم وسلم أجمعين.
(٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، الصّلاة (3)، الموت (1)، الكرم، الكرامة (1)

* بين يدي القارئ

بين يدي البحث:
[اللهم صلي علي محمد وآل محمد]: هو ذلك الذكر الخالد، والشعار العظيم والعبادة المحببة لكل شخص أحبت النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وآله وآمنت بهم وسارت علي نهجهم.. ولكل من أطاع الله في وجوب المودة والطاعة لأهل بيته عليهم الصلاة والسلام فقد عرف المسلمون هذه الكلمة الطيبة والعبادة الربانية والشعار السماوي وأنشودة الملائكة في أفق القرآن منذ أن نطق الوحي بهذه الآية المباركة: (إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).
أجل بنزول هذه الآية المباركة يحدد لنا صراط في مسيرة الحياة، ومسار في موقع التفضيل، ومحور في عالم المعرفة، ومنبع لتعرض الرحمة، واتجاه داخل حياة الإنسان وكيانه فوجه القران الأنظار إليهم، وسلط الأضواء علي موقعهم الرائد ونهجهم الخالد وأبرز مقامهم في حياة الأمة ومنزلتهم في مقام القدوة ومقامهم السامي في موقع الأسوة..
لقد أثبت القرآن لهم أفضل درجات التفضيل، وأعلي مراحل الأهلية في الإقتداء، وأعظم مراتب القيادة، فقد أمر نبيه الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بإبراز مقامهم وفضلهم، ومنزلتهم في مجال المعرفة والتعبد بالدين الإسلامي فقال عز من قائل: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور) [الشوري: 23].
وخاطبهم بقوله عز وجل: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) [الأحزاب: 33].
وخصهم بعلمه وتأويل كتابه المنزل فقال عز من قائل: {فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) [الأنبياء: 7].
وقال: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون) [آل عمران: 7]. إلي غيرها من الآيات التي تشير إلي تلك المقامات الربانية، والمواقع العلمية، وإن من يستقرئ القرآن الكريم، والسنة النبوية يجد: أن لآل محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام مقامات بارزة، ومواقع شامخة وفضائل ملكوتية ولعلي أستطيع أن أقول: إن أبرزها
(٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، آية التطهير (1)، المودة في القربي (1)، القرآن الكريم (4)، الصّلاة (3)، الوجوب (1)

* الصلوات أعظم فضيلة لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام في القرآن

هي (الصلاة علي محمد وآل محمد) والتعظيم لهم والتنويه عند ذكرهم، وجعل ذلك فضلا خالدا، وعبادة الملأ الأعلي، وذكرا دائما في الصلوات اليومية، وكل صلاة يعبد الله فيها ويتقرب بها إليه.
وقد تحدث عنها أئمة هذه الأمة، وعلمائها، ومفسروها، ورواتها، وحفاظها، وأصحاب السير، ومؤرخوها وفقهائها، وعبادها العارفون فيها من كل الاتجاهات والمذاهب.. كما ستطلع عليه مفصلا.
إن كتب الحديث، والسير والتفاسير، وكتب الفقه والأدب، والشعر، والمناقب التي ألفها المسلمون بمختلف مذاهبهم، ومشاربهم قد أبرزت مكانة خاصة، وموقعا هاما لآل محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام متحدثة عن عظمة هذه الشجرة المباركة.. لذا أجمع المسلمون: أن ليس في هذه أمة الإسلام من يملك هذا المقام الإلهي والشرف الرباني، والميزان التي خص الله بها آل محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام.
فهم وحدهم قد خصهم ب (الصلاة عليهم) وجعل تعالي عليهم (الصلاة عليهم) واجبة في الصلوات اليومية … وقرن ذكرهم بذكر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم: (إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) [الأحزاب: 56].
وقد علم لسان الوحي أمته صلي الله عليه وآله وسلم كيفية الصلاة عليه وعلي آله مبينا معني (المأمور به) في الآية، ومصداقه فقال لهم حين سألوه: كيف نصلي عليك يا رسول الله؟ قولوا: [اللهم صلي علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد … ] (2).
فليس في هذه الأمة من له هذه المزية، والصفة مما يعرفنا عظمة (آل محمد) صلي الله عليهم وسلم، ومقامهم، ووجوب مودتهم، ولزوم حبهم، والاقتداء بهم والسير علي نهجهم.. فالقرآن لم يؤكد علي (آل محمد) صلي الله عليهم وسلم أجمعين ولم يبين للأمة مقامهم، ومكانتهم إلا لفرض الإقتداء بهم بعد النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، والتمسك بحبلهم، والأخذ عنهم.. فهو عز وجل لم يعرفهم بهذا
(٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (10)
التعريف إلا لأغراض عقائدية، ومعالم ولائية تدعو كل مسلم إلي التأمل، والتفكر، ومعرفة هذه الطليعة الرسالية التي منحها الله موقع الإمامة في الأمة بعد أن عرفهم بهذا التعريف، وعرفهم وكشف عنه النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في كثير من المواقف والأقوال.
وسنتطرق علي جملة مما ورد في صحيح السنة بخصوص آية (الصلوات)، وذكر أقوال أئمة المسلمين، وعلمائهم، لندرك عظمة هذه الفضيلة: (الصلوات) ومدي موقعها الرسالي والعبادي وتأثيرها في حياتنا الروحية، وآثارها النفسية، والاجتماعية، وفي الأمور الدنيوية والأخروية.. من خلال أبحاث ومطالب مفصلة إن شاء الله تعالي.
وينبغي علي المسلمين أن يعوا هذا الوسام، والشرف الذي له مغزاه ودلالته الخاصة وأن يدركوا عمقه العقائدي.. فإن فرض الصلوات عليهم تأكيدا وإلفاتا لأنظار المسلمين في كل صلاة لأهمية موقع (آل محمد عليهم السلام) الرسالي ومنزلتهم في الإسلام، والاقتداء بهم، والتأسي بسيرتهم، والسير علي نهجهم والتمسك بمسارهم..
نسأله تعالي أن يجعلنا من المتمسكين بحبلهم، ونفعنا بحبهم، وصلي اللهم علي نبينا وآله بحقهم صلاة لا منتهي لها ولا أمد دون رضاه، اللهم … [وأره من أشرف صلواتك وسبحات نورها المتلألئة بين يديه، ما تعرفه به أسماءنا عند كل درجة نرقي به إليها، ويكون وسيلة لديه، وخاصة به، وقربة منه، ويشكرنا علي حسب ما مننت به علينا من الصلاة عليه] (3).
وقد رتبته علي قسمين: القسم الأول: في تفسير آية (الصلوات) ونزولها في آل النبي صلي الله عليه وآله وسلم بأحاديث مستفيضة، وتحقيق معانيها في القرآن، وكيفياتها وما يتعلق بها من أبحاث أدبية، وتفسيرية، وروائية، وفقهية، وتاريخية، وكلامية، وعرفانية وغير ذلك.
والقسم الثاني: في فلسفة الصلاة والأحاديث الواردة في بعض مواضع استحبابها وخواصها، وفضلها، وآثارها البرزخية، وفوائدها الأخروية … وما يتعلق فيها من أبحاث عقائدية وفقهية وأصولية..
(٣١)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (9)

* كلمة في: شأن النزول ومعناه وتوقف فهم معني الآية عليه

أما القسم الأول: ففيه مباحث، وقبل الدخول في البحث الأول ينبغي ذكر كلمة حول معني الشأن النزولي للآيات الكريمة، وضرورته في فهم الآيات القرآنية.
كلمة لابد منها:
فليعلم قبل كل شئ إن كثيرا من السور القرآنية، والآيات الكريمة ترتبط بالحوادث، والأحداث التي وقعت أيام الدعوة الإسلامية كسورة البقرة، والحشر، والعاديات، والدهر وغيرها.
أو نزلت لحاجات ضرورية من الأحكام والقوانين الإسلامية كسورة النساء، والأنفال، والطلاق، والنور وأشباهها أو لذكر فضل النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وقادة المسلمين من آله عليهم السلام ومنزلتهم، وإظهار مقامهم وعلو قدرهم، وبيان أهليتهم للخلافة الربانية: كآية التطهير، وآية المودة، وآية البلاغ وآية الصلوات، وغيرها وكسورة الدهر، وسورة الكوثر.
تلك القضايا والحوادث هي التي سببت نزول السور، أو الآيات وهي المسماة ب (أسباب النزول)، ومن الواضح أن معرفتها تساعد إلي حد كبير في معرفة الآية وما في معرفة الآية من مفهومها الواسع وما فيها من المعاني والأسرار..
ومن هنا اهتم جماعة من محدثي الصحابة والتابعين بأحاديث أسباب النزول، فرووا وأخرجوا أحاديث كثيرة من هذا القبيل، كالواحدي في أسباب النزول والسيوطي وغيرهما. ومع غض النظر عما هو المعتبر من أخبار الآحاد في تفسير القرآن فإنه موكول إلي كتب التفسير إلا أن سبب النزول الوارد حول آية من الآيات إذا كان متواترا، أو قطعي الصدور فلا شك في اعتباره، والوثوق به بل أتفق العلماء علي وجوب الأخذ به لحجيته بنص القرآني حيث قال: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب) [الحشر: 7]. وقوله: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) [النساء: 80].
(٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، آية المودة (1)، آية التطهير (1)، كتاب تفسير القرآن لعبد الرزاق الصنعاني (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، سورة النساء (1)، سورة البقرة (1)، سورة الكوثر (1)، الوسعة (1)، الكرم، الكرامة (2)

* حجية أقوال العترة في مقام التشريع

وقوله تعالي: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) [النساء: 59]، فإن القرآن نفسه يثبت حجية أقوال النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم الصلاة والسلام.
وهذه الحجية واضحة في أقوال وأفعال وتقارير النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، والأئمة عليهم الصلاة والسلام للأحاديث القطعية الصدور، أما الأحاديث غير قطعية الصدور و (المسماة بأخبار الآحاد والتي اختلف المسلمون في حجيتها) فأمرها يرجع إلي المثبت أو النافي لها.
أما إخواننا من (أهل السنة) فإنهم يعملون مطلقا بالخبر الواحد الصحيح وأما الشيعة فالذي ثبت (تقريبا): في علم أصول الفقه حجية الخبر الواحد الموثوق الصدور في الأحكام الشرعية، وقد لا يعتبر في غيرها، كما وقد يتسامح في السنن، ولمزيد من التحقيق في الموضوع لابد من الرجوع إلي أصول الفقه.
أما: الخبر المتواتر: فلا خلاف فيه فقد اتفق علماء الإسلام (كما مر آنفا) علي حجيته لحصول العلم بالصدق منه، وركون النفس واطمئنانها.
ومن الواضح أن التواتر معناه في اللغة: تتابع أشياء واحدا بعد واحد.
ومعني المتواتر: في اصطلاح المتشرعة: هو خبر جماعة بلغوا من الكثرة والتباعد في ما بينهم حدا يمتنع معه عادة توافقهم علي الكذب.
والذي يخصنا في المقام أن الأحاديث [1] والروايات الواردة في نزول آية الصلوات، وكيفية الصلاة بضم آله معه صلي الله عليه وآله وسلم [عن علماء العامة فضلا عن الخاصة كما يأتي في مطلب الكيفيات] قد بلغت من الكثرة ما تجاوزت حد التواتر.
وقد ذكر حديث الصلاة بعنوان التواتر العلامة الفقيه المحدث أبو عبد الله محمد بن جعفر الكتاني في كتابه: [نظم المتناثر من الحديث المتواتر] تحت رقم: 78، حديث:
أنهم قالوا: قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟.
قال: قولوا: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ].
[1] ذكرنا تلك الأحاديث في مطلب الكيفيات فراجع.
(٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الأحكام الشرعية (1)، كتاب نظم المتناثر من الحديث المتواتر للشيخ محمد جعفر الكتاني (1)، أصول الفقه (2)، أبو عبد الله (1)، القرآن الكريم (1)، الكذب، التكذيب (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (6)
وأما ما ورد عن الخاصة من الشيعة فإن الأحاديث والأخبار الواردة في ذلك تكاد لا تحصي فقد اتفقت كلمتهم أجمع: علي أن هذه الآية (آية الصلوات) نزلت في حق النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم مع آله الأطهار لإجماع أهل الأئمة من أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، والذين مثلهم كسفينة نوح من ركبها نجي، ومن تخلف عنها غرق وهوي، والذين هم عدل القرآن الكريم كما في حديث الثقلين المتواتر.
فقد ثبت بطرق متواترة في حديث الثقلين حيث قال صلي الله عليه وآله وسلم: [إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، وإنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض) أخرجه الحاكم في المستدرك، ج: 3، ص: [148] ثم قال: [هذا حديث صحيح الإسناد علي شرط الشيخين] (4).
أقول: وعليه يثبت أن أقوال العترة الطاهرة من أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم] هي تالية لأقوال النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ويجب الأخذ بها، إلا أننا في هذا الكتاب نثبت بعون الله تواتر الآية (في وجوب الصلاة علي محمد وآل محمد بالكيفية المتضمنة لذكر الآل) من طرق إخواننا أهل السنة مع ذكر مصادرهم، وأسماء علمائهم، وحفاظهم وأرباب الحديث وذلك أثبت للحجة وأهدي للمحجة.
(٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، حديث الثقلين (2)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (3)، الوجوب (1)

البحث الأول: * تواتر الأحاديث في الصلاة علي أهل البيت من طرق العامة

اشارة

البحث الأول في [نزل الآية في الصلاة علي محمد وآل محمد معا] وبعد أن عرفت معني المتواتر، وأنه يعطي العلم والاطمئنان النفسي لقبول معني الخبر وهو ممن يحتج به لإثبات المطالب العقائدية، والعبادية، فنقول: إن الآية الكريمة في مفهوم نزولها المتواتر وهي الصلاة الكاملة - كما يأتي - تشير إلي مطالب عدة:
المطلب الأول في:
[نزول الآية بأهل البيت في الأحاديث الصحيحة] فقد أوجب الله سبحانه الصلاة علي محمد وآل محمد في ليلة المعراج علي الأمة والأمر بالصلاة والتسليم علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم من خواص هذه الأمة فلم يؤمر الله تعالي أمة غيرها بالصلاة والتسليم علي نبيها وجوبا، متعبدا إياهم بهذه العبادة العظيمة، وليس معني هذا أن الصلاة كانت بداية فرضها في تلك الليلة بل كان تشريعها علي أمته ووجوبها فيها بنزول الآية عليه.
وروي عن أبي ذر الهروي أن الأمر بالصلاة علي الرسول صلي الله عليه وآله وسلم كان في السنة الثانية من الهجرة من ليلة الإسراء. وقيل: كان في ليلة الإسراء، وأنت تعلم أن الآية مدنية (5)، هكذا قيل. ولكن يمكن أن تكون تأكيدا للوجوب كما هو الشأن في التسليم.
ويجب أن يعلم أن هذه الصلاة كانت ولا زالت عبادة الملأ الأعلي، وواسطة أزلية بأزلية المبدأ لعدم انفصال الفيض عن ذاته المقدسة. فخلق الملائكة وجعل استمرار فيضه عليهم واستدامة علة وجودهم بالصلاة علي محمد وآل محمد، كما يأتي ذلك مفصلا.
وآن لنا أن نذكر الأحاديث التي رويت عن العامة في نزول هذه الآية في أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، فإن نزولها فيهم مما تواتر واشتهر حتي أنك تري كل من كتب فيهم ذكر أنها من جملة الآيات التي نزلت بحقهم، وكان أهل البيت عليهم الصلاة والسلام يذكرونها في محاوراتهم، وحجاجهم، وإثبات فضلهم.
(٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم عرفة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (6)

المطلب الأول: * نزول آية الصلوات في أحاديث أهل السنة الصحيحة

اشارة

فلاحظ في الحديث الآتي بيان الإمام علي بن موسي الرضا عليه الصلاة والسلام في دلالة الآية علي فضلهم ومنزلتهم الإلهية. ففي عيون أخبار الرضا عليه السلام في باب الفرق بين العترة والأمة: عن الريان بن الصلت، قال حضر الرضا عليه الصلاة والسلام مجلس المأمون ب [مرو]، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان قال الرضا عليه الصلاة والسلام … أما الآية السابعة فقوله تبارك وتعالي: (إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).
وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية قيل: يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك؟ فقال: تقولون، [اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد]، فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف؟
فقالوا: لا. قال المأمون: هذا ما لا خلاف فيه أصلا، وعليه إجماع الأمة.. (6).
وقد صرح جماعة من جمهور المسلمين بخصوص نزول الآية في حق النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وحق آله بالصلوات عليهم جميعا، بأحاديث صحيحة ومتواترة لفظا ومعني من عدة رواة منهم كعب بن عجرة، وأبو مسعود، وأبو حميد الساعدي، وأبو سعيد الخدري، وطلحة بن عبد عبيد الله، وزيد بن حارثة، ويقال: ابن خارجة، وعلي بن أبي طالب عليه السلام، وبريدة بن الحصيب، وأبو هريرة، وسهل بن سعد، وابن مسعود، والبراء بن عازب، وغيرهم كما يأتي في مطلب الأحاديث ونحن هنا نذكر من الرواة والمفسرين وغيرهم ممن صرح بلفظ: [لما نزلت هذه الآية]. فقد أخرج:
1 - البخاري أيضا في باب (أحاديث الأنبياء) حديث رقم [3119]، سؤال الصحابة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم عن كيفية الصلاة بعد نزول الآية. قال ما لفظه: حدثنا قيس بن حفص … عن بن أبي ليلي قال: لقيني كعب بن عجرة، فقال:
ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم؟ فقلت: بلي، فأهدها لي. فقال: سألنا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت، فإن الله قد علمنا كيف نسلم عليكم؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت … ].
(٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (3)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، دولة العراق (1)، أبو هريرة العجلي (1)، الريان بن الصلت (1)، البراء بن عازب (1)، زيد بن حارثة (1)، سهل بن سعد (1)، خراسان (1)، الصّلاة (4)، الكرم، الكرامة (1)

* بعض المصادر عن العامة بلفظ نزلت هذه الآية بأهل البيت

وأيضا في صحيح البخاري من كتاب التفسير عند قوله تعالي (إن الله وملائكته يصلون علي النبي … )، قال ما نصه: حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث قال حدثني ابن الهاد، عن عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا: يا رسول الله هذا التسليم فكيف نصلي عليك؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد عبدك … ].
2 - الترمذي في كتاب تفسير القرآن من سننه رقم الحديث، [3144]، قال:
حدثنا … عن نعيم بن عبد الله المجمر، أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري، وعبد الله بن زيد (الذي كان أري النداء بالصلاة) [2]، أخبره عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال:
أتانا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم حتي تمنينا أنه لم يسأله.
ثم قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ] وفي الباب (أي أحاديث) عن علي (عليه السلام) وأبي حميد وكعب بن عجرة وطلحة بن عبيد الله وأبي سعيد وزيد بن خارجة ويقال ابن جارية وبريدة قال أبو عيسي: [هذا حديث حسن صحيح].
أقول بين هلالين: (لي تعاليق علي سكوت النبي صلي الله عليه وآله وسلم الذي نقل في هذا الحديث وغيره، وعلي كلمة في العالمين تأتي في الأبحاث).
3 - الإمام أحمد في مسنده، ج: 4، ص: 244، رقم الحديث [18158] قال:
حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن كعب قال: لما نزلت: (إن الله وملائكته يصلون علي النبي) قالوا: كيف نصلي عليك يا نبي الله؟
قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ].
4 - الإمام محمد بن إدريس الشافعي في مسنده، [ج: 1، ص: 42].
5 - أسباب النزول، للواحدي المتوفي 468 ه [ص: 243].
[2] توجد أمثال هذه الرواية الكثير في كتب القوم التي تشير أن المشرع للأذان كان هو عبد الله بن زيد وغيره لرؤيا وليس هو النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ويخالف في ذلك أهل البيت عليهم السلام ورووا روايات كثيرة عن جدهم صلي الله عليه وآله وسلم أن فصول الأذان والإقامة كان وحيا نزل به الأمين جبرئيل عليه السلام عليه. وراجع علي تفصيل هذا المطلب المورد (23) من تأويلات عمر في كتاب:
(النص والاجتهاد) للسيد شرف الدين العاملي عامله الله بلطفه.
(٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب تفسير القرآن لعبد الرزاق الصنعاني (1)، أبو سعيد الخدري (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، محمد بن عبد الله بن زيد (1)، يزيد بن أبي زياد (1)، طلحة بن عبيد الله (1)، عبد الله بن خباب (1)، نعيم بن عبد الله (1)، سعد بن عبادة (1)، بشير بن سعد (1)، الصّلاة (3)، الوفاة (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن زيد (1)، الكرم، الكرامة (1)
6 - المنتخب من مسند عبد بن حميد الكسي المتوفي سنة: 249، ص: 144 بإسناده عن كعب بن عجرة، قال لما نزلت: (إن الله وملائكته يصلون علي النبي … الآية) قمت إليه فقلت: التسليم قد عرفناه فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال قل، [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ].
7 - الحاكم في مستدرك الصحيحين، [ج: 3، ص: 148] [1].
هؤلاء (وغيرهم مما لم نذكرهم وسيأتي ما بقي من المصادر في بحث كيفية الصلوات) بعض العلماء الذين أخرجوا الأحاديث ورووها بمتون مختلفة وأسانيد متعددة وصفوا
[١] - وهناك الآخرون الذين ذكروا ذلك منهم: ٨ أبو نعيم الإصفهاني في أخبار إصفهان، [ج: ١، ص: ١٣١]. ٩ يوسف بن عبد البر الأندلسي في تجريد التمهيد، [ص: ١٨٥]. ١٠ - الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، [ج: ٦، ص: ٢١٦]. ١١ - الثعلبي في تفسيره، رواه بإسناده في تفسير قوله تعالي: (إن الله وملائكته يصلون علي النبي … ) قلنا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وآل محمد … ].
١٢ - الجويني المتوفي سنة ٧٣٠ ه في فرائد السمطين، [ج ١: ص: ٣٢] رواه بإسناده عن كعب بن عجرة قال لما نزلت هذه الآية: (إن الله وملائكته يصلون علي النبي … ) قلنا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟
فقال: [قولوا: اللهم اجعل صلواتك وبركاتك علي محمد وعلي آل محمد، كما جعلتها علي إبراهيم وآل إبراهيم … ] وروي الطبري أيضا بإسناده عن أبي مسعود كما مر آنفا. ١٣ - أبو نعيم في حلية الأولياء [ج ٧، ص: ١٠٧، ج: ٤، ص: ٣٥٦]. ١٤ - الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب، [ج ٣: ص: ٢٠١]. ١٥ - النيسابوري في تفسيره، [ج ٢٢، ص: ٣٠]. ١٦ - ابن العربي الأندلسي في أحكام القرآن، [ج: ١، ص: ١٨٤]. ١٧ - الفخر الرازي في تفسيره الكبير، [ج: ٢٥، ص: ٢٢٦]. ١٨ - الذهبي في تلخيص المستدرك، [ج ٣: ص: ١٤٨]. ١٩ - القرطبي في تفسيره، [ج: ١٤، ص: ٢٣٣، وص: ٢٣٤]. ٢٠ - أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط، [،: ٧، ص:
٢٤٨]. ٢١ - محي الدين النووي في رياض الصالحين، [ص: ٤٥٥]. ٢٢ - ابن المغربي في: أحكام القرآن، [ج: ١، ص: ١٨٤]. ٢٣ - محب الدين الطبري في ذخائر العقبي، [ص: 19]. 24 - البغوي في معالم التنزيل، [ج: 3، ص: 541]. 25 - ابن كثير في تفسيره، [ج: 3، ص: 623]. 26 - أبو نعيم الأصفهاني في: أخبار أصفهان، [ج: 1، ص: 131]. 27 - الدشتكي الشيرازي الهروي المتوفي [903 ه]، في روضة الأحباب، في باب: الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم. 28 - الطبري في تفسيره، [ج: 22، ص: 27] بإسناده عن كعب بن عجرة، قال: لما نزلت: (إن الله وملائكته يصلون علي النبي … ) قمت إليه، فقلت: السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال، [قل اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد..]. وروي أيضا عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود الأنصاري، قائلا: حدثني يعقوب الدورقي، قال: حدثنا ابن علية، قال: حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بم بشر بن مسعود الأنصاري، قال: لما نزلت: (إن الله وملائكته يصلون علي النبي..) قالوا: يا رسول الله هذا السلام قد عرفناه، فكيف الصلاة، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال، [قولوا: اللهم صل علي محمد … ] 29 - فضل الصلاة علي النبي، للإمام إسماعيل القاضي المالكي، المتوفي سنة: 282، ص: 54، قال حدثنا مسدد، قال: حدثنا هشيم عن يزيد ابن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن كعب بن عجرة، قال لما نزلت هذه الآية: (إن الله وملائكته يصلون علي النبي..) قلنا يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ]. وروي في ص: 60، عن الحسين بن أبي الحسن البصري، قال حدثنا سليمان بن حرب، قال: ثنا السري بن يحيي، قال: سمعت الحسن قال لما نزلت:
(إن الله وملائكته يصلون علي النبي … )، قالوا: يا رسول الله هذا السلام قد علمنا كيف هو، فكيف تأمرنا أن نصلي عليك؟ قال: تقولون: [اللهم اجعل صلواتك وبركاتك علي آل محمد، كما جعلتها علي … ]. وبهامش الحديث:
إسناده مرسل صحيح. 30 - المعجم الكبير للطبراني، ج: 19، ص: 131، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن كعب بن عجرة قال لما نزلت هذه الآية: (إن الله وملائكته يصلون علي النبي … ). فسألنا النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم عن الصلاة عليه؟ قلنا: قد عرفنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال: [قل: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ] وقد أخرج الطبراني في المعجم الكبير بلفظ، [لما نزلت هذه الآية] أربعة أحاديث بمتونها، وثلاث أشار إليها بالسند فالمجموع سبعة وإنما ذكرت بعضها لتصريحها أن سؤال الصحابة كان حينما نزلت الآية خلافا لمن يقيد السؤال في الصلاة المكتوبة.
(٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (15)، الوفاة (3)، الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم (1)، كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1)، الحافظ أبو نعيم (3)، كتاب أحكام القرآن للجصاص (2)، كتاب فرائد السمطين (1)، كتاب ذخائر العقبي (1)، الطبراني (1)، مدينة إصفهان (2)، محب الدين الطبري (1)، الخطيب البغدادي (1)، الحسن البصري (1)، بشر بن مسعود (2)، الجويني (1)، الثعلبي (1)، الحرب (1)

* الشوكاني يخالف تقييد الأحاديث في الصلاة المكتوبة

أغلبها بالصحيح، كلها مشتملة علي الكيفية المشار إليها أي بضم [آل محمد] عليهم الصلاة والسلام مع في في الصلاة تفسيرا للأمر في الآية المباركة، وذكروا شروحا وتعاليق مما يطول الكلام باستقصائها نحيل القارئ بعد إلي مظانها إن أراد التحقق.
ف: إذا اجتمع الناس في واحد * وخالفهم في الرضي واحد فقد دل إجماعهم دونه * علي عقله أنه فاسد ولا عبرة بمن خالف في ذلك نصبا لآل محمد صلي الله عليه وآله وسلم.
ونختم المطلب بما قاله الشوكاني في تفسيره علي الآية: وجميع التعليمات الواردة عنه صلي الله عليه (وآله) وسلم في الصلاة عليه مشتملة علي الصلاة علي آله معه إلا النادر اليسير من الأحاديث، فينبغي للمصلي عليه: أن يضم آله إليه في صلاته عليه، وقد قال بذلك جماعة، ونقله إمام الحرمين والغزالي قولا عن الشافعي كما رواه عنهما ابن كثير في تفسيره، ولا حاجة إلي التمسك بقول قائل في مثل هذا مع تصريح الأحاديث الصحيحة به، ولا وجه لقول من قال: إن هذه التعليمات الواردة عنه في صفة الصلاة عليه مقيدة بالصلاة في الصلاة (أي المكتوبة) حملا لمطلق الأحاديث علي المقيد منها بذلك القيد، لما في حديث كعب بن عجرة وغيره أن ذلك السؤال لرسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم كان عند نزول الآية. انتهي.
أقول: تكلف البعض في تقييد أحاديث الصلوات (التي مر بعضها) بتعلم النبي صلي الله عليه وآله وسلم الصلوات في خصوص الصلاة المكتوبة لا خارجها بعد تسليمهم بتواتر تلك الأحاديث وصحتها وهذا يشبه تكلفهم في تأويل معني كلمة:
(المولي) في حديث الغدير المتواتر بعد أن تلقوه بالقبول وسلموا وروده وصحته وتواتره: (فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون) [يس: 76].
(٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (9)

المطلب الثاني: * لماذا لم تذكر الآية الصلاة علي آل النبي صلي الله عليه وآله وسلم

اشاره

المطلب الثاني:
[لماذا لم تذكر الآية الصلاة علي آل النبي] إنه سؤال مثير للتساؤل في بداية الأمر إلا أنه يزول في أدني تأمل ولا أظن أنه يتبادر إلي أذهان العلماء وأهل الفضل فإن القرآن الكريم له أسلوبه البلاغي، وعبارته الفصيحة التي تحمل في طياتها معني المأمور به ومقصود رب العالمين، يدركه المخاطب به، ويفهمه الناطق عن الحق ومن علم فصل الخطاب صلوات الله وسلامه عليهم.
ففي غاية السخافة قول بعضهم: [أن الآية لم يذكر فيها الصلاة علي آل محمد، وهي الأصل في الوجوب، ولأنها (أي الصلاة علي الآل) لم تذكر في بعض كيفيات التعليم فلا تجب عليهم].
فإنه يدل علي منتهي الغاية في التجرؤ في تفسير الكتاب العزيز بلا روية لأن من أهم العلوم بل لا يمكن أن يفهم الكتاب العزيز إلا بعرفة اللغة العربية والإحاطة بأسرارها وفصاحتها واعتباراتها البلاغية وغير ذلك. ويأتي أن حقيقة الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم هي الصلاة عليه وعلي آله معا وإلا لم تتحقق حقيقتها، ووقوع مصداقها واجتماع أجزائها، كما في الصلاة المكتوبة أو الصيام وغيرهما من العبادات فإن النقص من أجزاء الصلاة المكتوبة يستوجب عدم تحققها وصدقها في ذلك بل الواقعة تكون حينئذ مخالفة لأمر المولي ومعصية له ومخالفة لأمر المولي إن تعمد ذلك.
كما وأن الصيام إذا لم يستكمل جميع أجزائه من ترك المفطرات وإحراز الوقت وغيرها لا يصدق علي مصداقه (المأمور به) في الآية، وكذا يقال بالنسبة إلي الصلاة علي محمد وآل محمد فإن المأمور به في الآية هي هذه العبادة بهذه الأجزاء، لذا فهم الصحابة حين نزولها أن هذا الأمر هو من الأمور العبادية التي يجب أن يبينه النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ويعين أجزائه وكيفيته.
ومما يوضح لنا نزول الآية في [أهل البيت عليهم السلام] قول الصحابة في عدة أحاديث منها حديث البخاري الذي ذكرناه آنفا وفيه: [كيف الصلاة عليكم
(٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، أجزاء الصلاة (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب فصل الخطاب لسليمان أخ محمد بن عبد الوهاب (1)، القرآن الكريم (1)، يوم عرفة (1)، العزّة (2)، الصيام، الصوم (2)، الصّلاة (8)

* من هو المقصود من المصلي عليهم في الآية

أهل البيت؟ فإن الله قد علمنا كيف نسلم عليكم؟ قال: قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ] (7)، فقد علموا أن الآية تخص أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، وأنه يجب معرفة الصلاة عليهم، وكيفية هذه العبادة، فلذا صح السؤال منهم، ولعل ذلك لما ارتكز في أذهانهم من أنهم يلازمونه في فضائله كما يشهد لذلك نزول آية التطهير، وآية المودة، وآية المباهلة وغيرها بهم جميعا.
ومن البديهي أن الأمر الوارد في هكذا أحاديث إشارة إلي شمولية الصلاة للآل أيضا، بناء علي الارتكاز المتشرعي الضروري الغير القابل للإنكار في جميع الأمصار والأعصار إلي عصر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، حيث أن المفهوم والمعلوم من دأبهم هو إتيان الصلاة المشتملة علي الآل.
فإطلاق النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم: [صلوا علي]، أو [صلي علي النبي] أو قولهم: [كيف الصلاة عليكم أهل البيت] و [الصلاة علي محمد] إطلاق كل ذلك علي الصلاة الكاملة قرينته الأدلة القطعية من الأخبار المتواترة علي نحو إطلاق: سورة [قل هو الله أحد] أو اقرأ: [قل هو الله أحد] علي سورة التوحيد كلها، وسورة: (عم) وسورة: (تبارك) وهناك الكثير مثل هذه الإطلاقات في لغة الأحاديث ولهجة الروايات، ونبرة كلام النبوة من باب إطلاق الجزء علي الكل لاعتبار ما وهنا الاعتبار والخصوصية هي أنهم بمنزلة نفسه الطاهرة، كما في آية المباهلة، والأحاديث المتواترة عن العامة والخاصة.
وفي رشفة الصادي لأبي بكر الحضرمي عند حديث كعب بن عجرة: قال العلماء فسؤالهم بعد نزول الآية وإجابتهم: ب [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد إلي آخره دليل علي أن الأمر بالصلاة علي أهل بيته وبقية آله مراد من هذه الآية، وإلا لم يسألوا عن الصلاة علي أهل بيته وآله عقب نزولها، ولم يجابوا بما ذكر، فلما أجيبوا به دل علي أن الصلاة عليهم من جملة المأمور به، وأنه صلي الله عليه وآله وسلم أقامهم في ذلك مقام نفسه، لأن القصد من الصلاة عليه مزيد تعظيمه ومنه تعظيمهم] (8).
(٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، آية المودة (1)، آية التطهير (1)، آية المباهلة (2)، الصّلاة (14)، الشهادة (1)

* استدلال السمهودي علي أن الآل في ضمن المأمور به في الآية

أقول: إن الأحاديث الصحيحة والمتواترة عن العامة والتي سنذكرها في بحث كيفيات الصلوات دليل علي أن المقصود من الأمر في آية الصلوات: {صلوا عليه} هي الصلاة بجزئية آل محمد صلي الله عليه وآله وسلم فيها، وإلا لم يتحقق مصداق المأمور به بجميع أجزائه، ولم يقع ما أراده الله تعالي.
وقال السمهودي معلقا علي حديث كعب التي رواها الحاكم: أخرجه الحاكم في مستدركه، وأشار إلي أنه إنما استدركه مع كونه في الصحيحين من هذا الوجه لإفادته أن أهل البيت هم الآل، وهذا لقوله في هذه الرواية: [كيف الصلاة عليكم أهل البيت فيكون المسؤول عنه كيفية الصلاة عليه وعلي أهل بيته، ويكون ما أجابهم به صلي الله عليه وآله وسلم مطابقا لسؤالهم، وفيه إيماء إلي أنهم فهموا من الآية ما سنشير إليه من أن الأمر بالصلاة عليه فيها شامل لآله.
وقال أيضا ردا علي ما ذكر من عدم ورود الصلاة علي آل محمد صلي الله عليه وسلم في الآية، وفي بعض الأحاديث: إنه قد ينظر فيه لما تقدم من أن ذلك التعليم خرج مخرج البيان للأمر الوارد في الآية، وأن الزيادة والنقص محمول من الرواة علي أن كلا منهم حفظ ما لم يحفظه الآخر، وكان الأول يري وقائع متعددة، فلا يوجب إلا ما اتفقت الطرق عليه، وهو أصل الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم فقط وما زاد فهو من باب الأكمل، ولذا استدلوا علي عدم وجوب قوله: [كما صليت علي إبراهيم] بسقوطه في حديث زيد بن خارجة …
وقال في استدلاله أن الأحاديث في مقام البيان: وقد بين النبي صلي الله عليه وآله وسلم في رواية البيهقي والخلفي وغيرهما بسند جيد من طريق ابن أبي ليلي عن كعب بن عجرة سبب سؤالهم عن ذلك. ولفظه: [لما نزلت: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}، قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟] الحديث.
وجاء بيان هذا السبب في رواية لأحمد، والترمذي، والطبراني من هذا الوجه، فظهر بذلك أن المسئول عنه الصلاة المأمور بها في الآية المذكورة، ودلت الرواية التي في
(٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الطبراني (1)، ابن أبي ليلي (1)، الصّلاة (8)، السب (1)، الوجوب (1)
مستدرك الحاكم، علي أن المراد من هذا الأمر الصلاة عليه وعلي آله، لقوله: [كيف الصلاة عليكم أهل البيت]؟
يعني النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله وسلم) وآله، ودل علي صحة ذلك قوله صلي الله عليه وآله وسلم في رواية الصحيحين المتقدمة في جواب قولهم: فكيف نصلي عليك؟
قولوا: [اللهم صل علي محمد وآل محمد، الحديث]، وقد جاء كذلك في الروايات التي فيها بيان أن سبب سؤالهم نزول الآية المذكورة، فدل بيانه صلي الله عليه وآله وسلم للكيفية المأمور بها بذلك علي أنه من جملة المأمور به، وأنه صلي الله عليه وآله وسلم أقامهم في ذلك مقام نفسه، إذ القصد من الصلاة عليه أن ينيله مولاه عز وجل من الرحمة المقرونة بتعظيمه وتكريمه ما يليق به. ومن ذلك ما يفيضه عز وجل منه علي أهل بيته، فإنه من جملة تعظيمه وتكريمه (9).
أقول: إن الأحاديث الشريفة وردت بيانا للمأمور به في الآية الكريمة شأنها شأن كل أمر مجمل في القرآن كالصلاة اليومية والزكاة النصابية والطهورين.
وأضيف علي ما ذكره السمهودي من الأسباب في عدم ورود الصلاة علي آل محمد في بعض الأحاديث سببا آخر هو عدم نقل البعض ذلك متعمدا عداء لهم، أو لشيعتهم حتي كان بعضهم يقول: [اللهم صل علي محمد فردا]، أو منفردا (1)، أي كان يتلفظ
(1) قال في البحار، ج: 49، ص: [327] حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين الضبي وما لقيت أنصب منه وبلغ من نصبه انه كان يقول:
[اللهم صل علي محمد فردا] وامتنع من الصلاة علي آله، قال: سمعت أبا بكر الحمامي الفراء في سكة حرب [قيل إنها من شوارع نيسابور] بنيسابور وكان من أصحاب الحديث يقول: أودعني بعض الناس وديعة فدفنتها، ونسيت موضعها فلما أتي علي ذلك مدة جاءني صاحب الوديعة يطالبني بها فلم أعرف موضعها وتحيرت واتهمني صاحب الوديعة! فخرجت من بيتي مغموما متحيرا ورأيت جماعة من الناس يتوجهون إلي مشهد الرضا عليه الصلاة والسلام فخرجت معهم إلي المشهد وزرت ودعوت الله عز وجل أن يبين لي موضع الوديعة. فرأيت هناك فيما يري النائم كأن آت أتاني فقال لي: دفنت الوديعة في موضع كذا وكذا فرجعت إلي صاحب الوديعة فأرشدته إلي ذلك الموضع الذي رأيته في المنام وأنا غير مصدق بما رأيت، فقصد صاحب الوديعة ذلك المكان، فحفره واستخرج منه الوديعة بختم صاحبها، فكان الرحل بعد ذلك يحدث الناس بهذا الحديث، ويحثهم علي زيارة هذا المشهد علي ساكنه التحية والسلام. أقول: وذكر القمي في الكني والألقاب قال: أحمد بن الحسين بن أحمد الضبي النيشابوري الناصبي الذي ذكر اسمه في أسانيد كتاب عيون أخبار الرضا عليه الصلاة والسلام، ونقل عن الصدوق أنه قال في حقه ما رأيت أنصب منه وبلغ من نصبه أنه كان يقول: [اللهم صل علي محمد فردا] وامتنع من الصلاة علي آله. وغير أحمد بن الحسين بن أحمد الإربلي النحوي الغوي صاحب شرح ألفية بن معيط.
(٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، القرآن الكريم (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (10)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الشيخ الصدوق (1)، أحمد بن الحسين (1)، الحسين بن أحمد (2)، الشهادة (3)، الحرب (1)، الزيارة (1)

* ابن حجر يعتقد أن من ضمن المأمور به الصلاة علي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام

بكلمة منفردا وهذا يذكرنا بذلك الأعرابي الذي دعا للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ولم يشرك معه أحدا فوبخه النبي صلي الله عليه وآله وسلم.
ففي صحيح البخاري حديث رقم: [5551] قال قام رسول الله صلي الله عليه (و آله) وسلم في صلاة وقمنا معه فقال أعرابي وهو في الصلاة: [اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا]. فلما سلم النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم قال للأعرابي: [لقد حجرت واسعا]. يريد رحمة الله.
ولعل إلي هذا يشير الحديث الصحيح الذي يصف تارك الصلاة بالبخل فقد أخرج الترمذي في صحيحه عن عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم:
[البخيل الذي من ذكرت عند فلم يصل علي] [2]. فإنه في منتهي البخل من يخص النبي الأكرم بالصلاة دون آله الطاهرين عند ذكره كما أن المصلي بالبتراء كأنه لم يصل أصلا إن لم نقل عصي وأثم.
علي أية حال فقد ذكر الآية الكثير منهم في فضل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام في ضمن ما نل في شأنهم وتفضيلهم، ومما ينبغي ذكره في هذا المقام كلام ابن حجر في الصواعق المحرقة، قال في الفصل الأول في الآيات الواردة فيهم (أي في أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم)، الآية الثانية: قوله تعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}، صحح عن كعب ابن عجرة قال: لما نزلت هذه الآية.
* (هامش) [2] قال الترمذي معقبا: هذا الحديث حسن صحيح غريب وفي بعض النسخ حديث غريب ورواه النسائي وابن حبان في صحيحه رقم: 909، من طريق أبي عامر - واسمه عبد الملك بن عمرو، وهو ثقة عند القوم - به، وكذا من طريقه: أحمد: 201. والحاكم في المستدرك، ج: 1، 549، من طريق خالد بن مخلد القطواني عن سليمان بن بلال به، وكذا من طريقه: النسائي في: عمل اليوم والليلة (55)، وفضائل القرآن (125) والبخاري في (التاريخ الكبير) 3 / 1 / 148. وابن عدي، 2 / 906. (*)
(٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: فضائل أهل البيت عليهم السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، كتاب صحيح البخاري (1)، كتاب الصواعق المحرقة (1)، عبد الله بن الحسين (1)، علي بن أبي طالب (2)، عبد الملك بن عمرو (1)، سليمان بن بلال (1)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (5)، الكرم، الكرامة (1)، الطهارة (1)

* غضب النبي صلي الله عليه وآله وسلم علي من لم يصل بالكيفية الشرعية

قلنا يا رسول الله: قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال:
[قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد إلي آخره]، فسؤالهم بعد نزول الآية، وإجابتهم ب [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، إلي آخره] دليل ظاهر علي أن الأمر بالصلاة علي أهل بيته، وبقية آله مراد من هذه الآية، وإلا لم يسألوا عن الصلاة علي أهل بيته وآله عقب نزولها، ولم يجابوا بما ذكر، فلما أجيبوا به دل علي أن الصلاة عليهم من جملة المأمور به، وأنه صلي الله عليه وسلم أقامهم في ذلك مقام نفسه، لأن القصد من الصلاة عليه مزيد تعظيمه ومنه تعظيمهم.
ومن ثم لما أدخل في الكساء قال: [اللهم إنهم مني، وأنا منهم، فاجعل صلاتك، ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم] وقضية استجابة هذا الدعاء أن الله صلي عليهم معه، فحينئذ طلب من المؤمنين صلاتهم عليهم معه].
أقول: لقد وضح ذلك بكلمة الحق وإن كان متحاملا علي أهله فإن بيان النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم: كيفية الصلوات في جواب من سأل دليل علي أن مقصود الآية (الصلوات المتضمنة) لذكر الآل بنص لسان الوحي الذي نزهه الجليل عز وجل بقوله: {ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين} [الحاقة: 46]، وقال أيضا: {وما ينطق عن الهوي * إن هو إلا وحي يوحي} [النجم: 4] إلا أن ابن حجر ومن حذي حذوه أصروا علي مخالفة الوحي في الصلوات كما لاحظت في كلامه الذي مر آنفا بالصلاة البتراء،:
{وإذا قيل لهم تعالوا إلي ما أنزل الله وإلي الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا} [النساء: 61].
ويعلم من فحوي بعض الأحاديث أن منهم من كان يراجع النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في بيان كيفية الصلاة عليه مع علمه بما بينه لهم، وهذا يشير إلي عدم تسليمهم للأمر، أو استثقال منهم لقبول ذلك، أو اختلاف حصل فيه منهم أو حسدا من بعض في تقبله.
(٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، النفاق (1)، الصّلاة (7)
ولعل (سكوته) صلي الله عليه وآله وسلم (أو صمته كما ما في رواية أخري) لما سأل عن كيفية الصلاة كان غضبا لذلك. ففي حديث أبي مسعود كما في (الموطأ) لمالك بن أنس (إمام المالكية) في كتاب الصلاة، عن أبي سعيد الأنصاري قال: أتانا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم في مجلس سعد بن عباده فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم حتي تمنينا أنه لم يسأله.
ثم قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ]، وفي رواية الحاكم في المستدرك: فصمت حتي تمنينا أنه لم يسأله. ثم قال [قولوا: اللهم صلي علي محمد وعلي آل محمد … ].
قد يقال في أول وهلة: كان سكوته صلي الله عليه وآله وسلم انتظارا لنزول الوحي عليه بكيفية الصلوات ليجيبهم بما ينزل، (قد يحتمل ذلك) إلا أن قولهم:
[حتي تمنينا أنه لم يسأله..] يبعد هذا الاحتمال، وذلك لما تكرر منه صلي الله عليه وآله وسلم من كيفية الصلوات وبيانها، بل لعل سكوته أو صمته كان لعلمه بنزاعهم علي الكيفية في ضم آله معه بعد بيانه، وهم مع ذلك يعاودون السؤال.
ويؤيد هذا ما في رواية عقبة بن عمرو التي رواها النميري المغربي المالكي في (الأعلام) قال: أتي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم رجل فقال: يا رسول الله أما السلام فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ قال: فغضب رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم حتي وددنا أن الرجل الذي سأله لم يسأله فقال إذا صليتم علي (10): [فقولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت … ].
فيا للعجب! أيغضب النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لمجرد سؤال ديني يتعلق بتفسير أمر الله تعالي وهم الآخرون ارتبكوا حتي ودوا أنهم لم يسألوه ولماذا يتكاسل (والعياذ بالله) عن مسؤوليته ويبدي غضبه عمن سأله عن واجبه؟ أيقال ذلك في حق من بعثه الله رحمة للعالمين؟ والذي يخرجهم من الظلمات إلي النور والذي كان علي خلق عظيم. بل يجب عليه أن يبينه لهم انطلاقا من واجبه الرسالي وتكليفه الرباني.
(٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، مالك بن أنس (1)، عقبة بن عمرو (1)، بشير بن سعد (1)، الصّلاة (7)
ولا يمكن أن نوجه ذلك إلا بأن يكون سكوته صلي الله عليه وآله وسلم علي ما يبدو بدافع السخط والغضب لما علم من عدم تسليمهم لأمره، وتجاهلهم عن الكيفية التي ذكرها لهم مرارا وتكرارا بضم آله معه في الصلوات.
وفي الحديث التالي الذي رواه النسائي صراحة واضحة أنهم كانوا يعرفون الصلاة عليه إلا أنهم استنكروا هذه الكيفية التي أمروا بها فدفعهم ذلك والحسد إلي تكرار السؤال، ويبدو ذلك جليا عند ملاحظتك هذه العبارة في الحديث: [قد عرفناه فكيف الصلاة عليك صلي الله عليك].
فقد ذكر في السنن الكبري عن أبي مسعود قال جاء رجل إلي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم فقال: السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك صلي الله عليك؟
فسكت النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم ساعة، ثم قال تقولون: [اللهم صل علي محمد النبي الأمي وعلي آل محمد..]. أجل كان لأجل ما علمه من عدم إيمانهم بوجوب الصلوات بتلك الكيفية مع إصراره وتأكيده علي ضم آله.
(٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (4)، الغضب (1)

المطلب الثالث: * إثبات الإمامة بآية الصلوات

اشاره

المطلب الثالث:
[الصلوات من أدلة الإمامة والخلافة لأهل البيت عليهم السلام] وطبقا لسبب نزول آية الصلوات والأحاديث الصحيحة القائلة بوجوب ضم الآل في الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم استدل بها علماءنا الأجلاء تبعا لأئمتهم عليهم السلام علي إمامتهم وخلافتهم عن الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لأن ذلك يدل علي فضلهم بل أفضليتهم وأحقيتهم بها.
وذلك فقد جعل الله تبارك وتعالي أول العبادات الواجبة علي كل مسلم ومسلمة، والتي هي عمود الدين إن قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما سواها ألا وهي الصلاة المفروضة لا تصح إلا بالصلاة علي محمد وآل محمد، ومن كانت هذه منزلته فهو أفضل من غيره وللإمامة أحق وأجدر.
ولهذا استدل العلامة الحلي المتوفي [736 ه] في كتابه نهج الصدق بالآية علي إمامة الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام بعد النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بلا فصل. فقد قال (قدس سره) في عنوان (تعيين إمامة علي بالقرآن): الخامسة والعشرون: قوله تعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}، وذكر من صحيح مسلم كيفية الصلوات: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ] يأتي نصه في بحث الكيفيات إن شاء الله تعالي.
وناقشه علي ذلك الناصب الفضل بن روز بهار الشافعي في كتابه (إبطال نهج الباطل) فقال في رده علي العلامة: (كأنه نسي المدعي وهو إثبات النص، وأخذ يذكر فضائل علي " عليه السلام " وهذا أمر مسلم، واتفق العلماء علي أنه نزلت فيهم آيات كثيرة، ومن يظن أنه ينكر فضل محمد وآله فما ينكر إلا من ينكر ضوء الشمس والقمر.
أقول: بل كلام العلامة هو الاستدلال علي الإمامة من حيث فضلهم، ومقامهم عند الله تعالي دون غيرهم، أي من باب ذكر اللازم وإرادة الملزوم، فإن سرد فضائلهم تستدعي أهليتهم للخلافة، وتلازم أفضليتهم علي غيرهم مما يشير إلي أحقيتهم في الإمامة
(٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب صحيح مسلم (1)، العلامة الحلي (1)، القرآن الكريم (1)، الصدق (1)، الظنّ (1)، الصّلاة (3)، النسيان (1)، الوفاة (1)

* العلامة يستدل بالآية علي خلافة الإمام علي عليه الصلاة والسلام

ومن كانت تلك منزلته فهو أولي بالتصدي للهداية وتجسيد اللطف الإلهي في تقريب العباد إلي الطاعة وإبعادهم عن المعصية قال تعالي: {أفمن يهدي إلي الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدي فما لكم كيف تحكمون} [يونس: 35]. وقد تصدي لجوابه عدة من علمائنا، وتزييف إبطاله منهم الشهيد التستري (قده) في (إحقاق الحق وإزهاق الباطل).
ومنهم أيضا الشيخ محمد حسن المظفر رحمه الله، فقد بين بنحو ما مر في (دلائل الصدق)، ج: 2، بعد ذكر كلام الناصب روز بهار قائلا: [جهل المعترض أو تجاهل مقصود المصنف رحمه الله (أي العلامة)، فإنه يستدل بالآيات والروايات علي إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، أما لدلالتها عليها بالمطابقة، أو بالالتزام لدلالتها علي أفضليته المستلزمة للإمامة].
وأنت تعلم دلالة هذه الآية علي أفضلية آل محمد صلي الله عليه وآله وسلم لأنها أوجبت الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وأرادت بها الصلاة عليه وعلي آله معا مشيرة بالاكتفاء بذكره إلي أنه وإياهم كنفس واحدة، وأنه منهم وهم منه، فلابد أن يكونوا أفضل من سائر الأمة.
علي أن مجرد وجوب الصلاة عليهم كالنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم دليل علي أن لهم فضل، ومنزلة يستحقون بها الصلاة، وإيجابها علي الأمة كالنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وكفي بذلك فضلا باذخا.
ولذا عدت الآية من فضائل أهل البيت في القرآن الكريم ذكرها كثير من علماء العامة منهم ابن حجر في الصواعق ومنهم الحضرمي في [رشفة الصادي من بحر فضائل بني النبي الهادي]، ص 56، قال: الآية الرابعة {إن الله وملائكته} الآية، وعلق عليها بقوله:
ذكر المفسرون أن آله صلي الله عليه وآله وسلم داخلون معه في الأمر بالصلاة عليهم في هذه الآية، مستدلين … من إجابته صلي الله عليه وآله وسلم بعد السؤال عن كيفية الصلاة المأمور بها بقوله: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد]. انتهي.
(٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (1)، الباطل، الإبطال (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (4)، الشهادة (1)، الجهل (1)، الوجوب (1)
والمراد بآل محمد صلي الله عليه وآله وسلم: [علي وفاطمة والحسن والحسين علهم الصلاة والسلام]، كما نطقت به الأخبار المتواترة كحديث الكساء، وحديث السفينة وحديث الثقلين وغيرها، ولا شك أن عليا عليه السلام أفضلهم فيكون هو الإمام.
وإنما قلنا أن الآية أرادت الصلاة عليه وعلي آله معا لتصريح الأخبار المفسرة لكيفية الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم.
أقول: ويأتي في بحث كيفية الصلوات عن العامة ما يثبت تواتر كيفية الصلاة المقصودة من الآية الكريمة وهي الصلاة بضم الآل.
وصفوة القول: إنه تثبت خلافة الإمام علي وأهل بيته علهم الصلاة والسلام بعد النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بهذه الآية الكريمة، إذ قرنهم الله تعالي معه رسوله صلي الله عليه وآله وسلم في ذكر الصلوات عليه كما تقدم، فعليه لا يجوز تقدم أحد عليه، كما لا يجوز تقدم أحد علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم.
وتدل الآية كما هو واضح علي تفضيلهم علي جميع الأمة لأن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أقامهم مقام نفسه في الصلاة والسلام عليه، وفي كثير من أحواله، ولكن مع الأسف أن أهل الحسد والبغضاء تصرفوا في الروايات حسب ما تشتهيه أهوائهم ومذاهبهم، فأفردوا بالصلاة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وتركوا الآل، وهي التي نهي عنها النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وسماها بالصلاة البتراء، وإن صلوا عليه وقرنوا الآل معه أتوا بأصحابه مرة وبالأزواج والأصحاب أخري، والغرض من هذا كله جعل أهل البيت " صلوات الله وسلامه عليهم " كغيرهم في المنزلة تمويها علي السذج من الناس ليدرؤه عمن تقدم عليهم النقد، وهذا ظاهر لمن تجرد عن العصبية.. (11).
وأكثر من هذا فبعضهم يصلون علي جميع الصحابة حتي لا يكون لآل البيت عليهم السلام ميزة علي أحد، مع علمهم بارتداد العديد منهم كما جاء في صحيحي البخاري ومسلم أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال: يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين وذات الشمال فأقول أصحابي؟
(٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، حديث الكساء (1)، حديث الثقلين (1)، حديث السفينة (1)، الكرم، الكرامة (3)، الصّلاة (7)، الجواز (2)

* بعض العامة يستدل بالآية علي إمامة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام

فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين علي أعقابهم منذ فارقتهم. وفي رواية: ارتدوا علي أدبارهم القهقري. فأقول: بعدا لمن بدل بعدي. وفي رواية: سحقا سحقا. وراجع البخاري، كتاب الرقاق، رقم: 6097. ومسلم، كتاب الفضائل، رقم: 4243.
ولقد علموا ذلك وأن الآية تدل علي خلافتهم والصلاة الكاملة والتي توجب تقديمهم في مقام العقيدة والإمامة كما يجب لحوقهم بجدهم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فلذا أوجبوا علي أنفسهم الصلاة البتراء كلما ما ذكروه، وهكذا سار الخلف علي سنة السلف، وهل الصلاة الكاملة إلا تعبيرا عن هذه الإمامة والعقيدة بخلافتهم وما تقتضيها من تفضيلهم ومحبتهم والتمسك بهم والسير علي نهجهم.
وكيف ما كان فإن القوم عند صلاتهم يقدمون الآل علي الأزواج والأصحاب، ولا شك أن عليا عليه الصلاة والسلام أول الآل وأفضلهم وذلك يوجب أفضليته علي الصحابة لأنه مقدم في خصوصية الصلاة علي الصحابة.
قال العلامة مير المحمدي الحنفي في (علم الكتاب): دعا النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لذريته وعلمه لأمته في كيفية الصلوات، وقال: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد]، فاستجاب الله وجعل في ذريته الإمامة من بطن فاطمة عليها السلام نسلا بعد نسل إلي أن انتهت إلي المهدي وهو خاتمهم.
أقول: يشير بكلامه أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كان دعاؤه كدعاء إبراهيم عليه وعلي نبينا وآله الصلاة والسلام لما قال تعالي له: {قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين} [البقرة: 124]، فاستجاب دعوته في الطاهرين من ذريته دون غيرهم للإمامة، وكذا النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقد دعا لذريته لتلك الإمامة الكبري، والخلافة العظمي فجعلها في ذريته الطاهرة، من ابنته فاطمة الزهراء عليها وعليهم الصلاة وأزكي السلام.
(٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب الفضائل لشاذان بن جبرئيل القمي (1)، آية لا ينال عهدي الظالمين (1)، الصّلاة (9)، الطهارة (1)

* كلام القاضي النعماني في تأويل الآية بالإمامة

فدعاؤه صلي الله عليه وآله وسلم لما جمع فاطمة وعليا والحسن والحسين عليهم السلام تحت كساء واحد: [اللهم قد جعلت صلواتك، ورحمتك، ومغفرتك ورضوانك علي إبراهيم وآل إبراهيم، اللهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلواتك، ورحمتك، ومغفرتك، ورضوانك علي وعليهم] (12)، يجري مجري هذه الآية: {إن الله اصطفي آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران علي العالمين} [آل عمران: 33]، في تعليل واستحقاق ذلك.
أقول: قد ورد هذا الدعاء عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في موقعين، الأول في نزول آية التطهير في أصحاب الكساء الخمسة، وتواتر ذلك عن العامة، وقد روي بهذا اللفظ عدة علماء: منهم الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن أم سلمة أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم قال لفاطمة: ائتني بزوجك وابنيك فجاءت بهما، فألقي عليهم كساء فدكيا، قال: ثم وضع يده عليهم، ثم قال:
[اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك، وبركاتك علي محمد وعلي آل محمد، إنك حميد مجيد. قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي، وقال إنك علي خير] (13).
وقد كرر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم هذا النحو من الدعاء عند نزول آية الصلوات كما مر في المطلب الأول. وسيأتي بعض الأحاديث عن العامة في مطلب كيفيات الصلوات.
وأود أن ألفت الأنظار إلي كلام القاضي النعماني الذي فيه إشارة إلي تأويل الصلاة، وما تستلزم من أمور عقائدية، ومعاني عرفانية بمقتضي دعاء النبي صلي الله عليه وآله وسلم وتشبيههم بآل إبراهيم عليه وعلي نبينا وآله الصلاة والسلام.
قال: أجمل الله في كتابه قوله: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} فبينه النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لأمته، ونصب أوصياءه لذلك من بعده، وذلك معجز لهم لا يوجد إلا فيهم، ولا يعلم إلا فيهم
(٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، أهل الكساء (1)، آية التطهير (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (4)

* استدلال السمهودي علي إمامتهم بالآية

فقال حين سألوا عن الصلاة علي أهل البيت: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد..]، كما في حديث البخاري وغيره.
فالصلاة المأمور بها علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وآله ليست هي الدعاء لهم كما تزعم العامة، إذ لا نعلم أحدا دعا للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فاستحسنه، ولا أمر أحدا بالدعاء له وإلا لكان شافعا فيه، ولأنه لو كان جواب قوله تعالي:
{صلوا عليه}: [اللهم صل علي محمد وآل محمد] لزم أن يكون ذلك ردا لأمره تعالي كمن قال لغيره افعل كذا فقال: أنت، ولو كانت الصلاة الدعاء لكان قولنا: [اللهم صل علي محمد وآل محمد] بمعني اللهم ادع له، وهذا لا يجوز.
وقد كان الصحابة عند ذكره يصلون عليه وعلي آله، فلما تغلب بنو أمية قطعوا الصلاة عن آله في كتبهم وأقوالهم، وعاقبوا الناس عليها بغضا لآله الواجبة مودتهم، مع رواياتهم أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم سمع رجلا يصلي عليه، ولا يصلي علي آله فقال: [لا تصلوا علي الصلاة البتراء]، ثم علمه ما ذكرناه أولا، فلما تغلب بنو العباس أعادوها، وأمروا الناس بها، وبقي منهم بقية إلي اليوم لا يصلون علي آله عند ذكره. هذا فعلهم ولم يدركوا أن معني الصلاة عليهم سوي الدعاء لهم وفيه شمة لهضم منزلتهم حيث إن فيه حاجة ما إلي دعاء رعيتهم، فكيف لو فهموا أن معني الصلاة هنا المتابعة … ولفظ الآل وإن عم غيرهم إلا أن المقصود هم، لأن في الأتباع والأهل، والأولاد فاجر وكافر لا تصلح الصلاة عليه.
فظهر أن الصلاة عليه (14) هي اعتقاد وصيته، والأئمة من ذريته، إذ بهم كمال دينهم، وتمام النعمة عليهم.. وأسند صاحب نهج الإيمان إلي الصادق عليه السلام تفسير {ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين} [المدثر: 43]، لم يكونوا من أتباع الأئمة السابقين وهذا قريب مما سلف، وأسند نحوه إلي أبي الحسن الرضا عليه السلام، أي كنا لا نتولي وصي محمد والأوصياء من بعده، ولا نصلي عليهم.
وقال السمهودي في جواهر العقدين في سبب دعاء النبي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم: [دعاؤه صلي الله عليه وآله وسلم لهم مع دعاؤه بما تضمنته الآية بأن يجعل الله
(٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، بنو عباس (1)، بنو أمية (1)، الصّلاة (11)، الجواز (1)

* المناسبة بين دعاء النبي صلي الله عليه وآله وسلم وإبراهيم عليه السلام

صلواته، ورحمته، وبركاته، ومغفرته ورضوانه عليه وعليهم، لأن من كانت إرادة الله تعالي في أمره مقصورة علي إذهاب الرجس والتطهير كان حقيقا بهذه الأمور. قال: وأن في طلب ذلك له ولهم من تعظيم قدرهم، وأناقة منزلتهم حيث ساوي بين نفسه وبينهم في ذلك ما لا يخفي كما سبق في دخوله صلي الله عليه وآله وسلم معهم فيما تضمنته الآية.
وأضاف أيضا: أنه صلي الله عليه وآله وسلم سلك في طلب ذلك من مولاه عز وجل أعظم أسلوب وأبلغه فقدم علي الطلب مناجاته تعالي مما تضمنه قوله: [اللهم قد جعلت صلواتك، ورحمتك، ومغفرتك، ورضوانك علي إبراهيم وآل إبراهيم..] فأتي بهذه الجملة الخبرية بقد التحقيقية المفيدة لتحقق وقوع ذلك من مولاه عز وجل، ثم أتبعها بالمناجاة لقوله: [اللهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلواتك..] وذلك من قبل الإخبار أيضا، ثم فرع علي ذلك الجملة الطلبية حيث قال: [فاجعل صلواتك، ورحمتك، ومغفرتك، ورضوانك علي وعليهم] لسر لطيف ظهر لي بوجهين:
الأول: تمام المناسبة في الأبوة الإبراهيمية التي أعطيها صلي الله عليه وآله وسلم فإنها تقتضي استجابة هذا الدعاء، وأن يعطي ما طلبه لنفسه ولأهل بيته، كما أعطي ذلك أبوه إبراهيم عليه وعلي نبينا وآله الصلاة والسلام.
الثاني: أنه صلي الله عليه وآله وسلم من جملة آل إبراهيم عليه وعلي نبينا وآله الصلاة والسلام كما ثبت عن ابن عباس في تفسير قوله تعالي: {إن الله اصطفي آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران علي العالمين} [آل عمران: 33] قال ابن عباس: محمد صلي الله عليه وآله وسلم من آل إبراهيم، فإذا تحقق أن تلك الأمور أعطيها إبراهيم وآله وهو من آله، فقد ثبت إعطاء ذلك الأمور له فيما مضي، وآل نبينا صلي الله عليه وآله وسلم كما قال: منه ومنهم، فهم من آل إبراهيم أيضا كما صرح به الحليمي.
فتلك الأمور ثابتة لهم فيما مضي أيضا، فإنما طلب في الحال الإنعام من المنعم فيما مضي، وجعل سبق العطاء في الماضي سببا لطلب العطاء في الحال، فتوصل لاستجلاب
(٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (2)، الصّلاة (1)، الطهارة (1)
إنعامه بذكر إنعامه ليكون أبلغ في الاستعطاف، ولعل سر التشبيه في قوله فيما علم من الصلاة عليه [كما صليت علي وإبراهيم آل إبراهيم] ما أشرنا إليه [1].
وعقب أيضا: أن دعاؤه صلي الله عليه وآله وسلم مجاب سيما في أمر الصلاة عليه، وقد دعا مولاه أن يخصه وآله بالصلاة عليه وعليهم فتكون الصلاة عليه من ربه عز وجل كذلك، ولذا شرع ذلك في كيفية صلاتنا عليه المأمور بها بقوله تعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [الأحزاب: 56]، ومنشأ ذلك ما تقدم من مشاركتهم له في التطهير المستفاد من الآية ولذلك لم يدع به إلا بعد نزولها كما يرشد إليه ما سبق (15).
[1] - أقول: ستأتي الأجوبة علي توجيه التشبيه بالصلاة الإبراهيمية وتوجيه ذلك في مطلب مستقل.
(٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (3)

المطلب الرابع: * تأويل الصلوات بالولاية والإمامة

اشارة

المطلب الرابع:
[تأويل الصلاة بالولاية والإمامة في مقام العقيدة] والمقصود من التأويل (هنا) المعني الخفي والحقيقي، ومآل المراد، والمقصود الباطني ومقابلة التنزيل أي المعني الجلي والظاهر الذي هو منطوق العبارة ومفاد اللفظ، لكن قد أطلق التنزيل في كثير من الأخبار علي المعني الذي يكون فرد من أفراد التأويل أيضا أي من المعاني المقصودة في الآية، والمراد الحقيقي من العبارة وتنزيلها، وإن لم يفهم من محض ظاهر اللفظ كما ورد في قوله تعالي في آية التبليغ:
{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} [المائدة: 67] أن تنزيله بلغ ما أنزل إليك في علي عليه الصلاة والسلام.
وأمثال هذه الآية كثيرة ذكرت في النصوص النبوية، والأخبار المروية عنهم.
وقد أول أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام العبادات والطاعات في القرآن الكريم بهم وبشيعتهم وبالولاية لهم، وطاعة الله بطاعتهم واتباعهم.
كما وأولوا المعاصي والمنكرات والفحشاء بمعصيتهم وأعدائهم، وإنكار الولاية ومخالفتهم وذلك لأن العبادات وغيرها من الطاعات تحمل علي معناها المتعارف بلحاظ مقارنة الولاية، وشرط قبولها، وإطاعة الأئمة عليهم الصلاة والسلام والأخذ عنهم عليهم السلام فهو من باب تسمية الشئ باسم شرطه كما يقال.
ومعني هذا أن العبادات كلها يجب فيها الإيمان بهم، وأنهم أول النعم، وواسطة الفيض الإلهي يجب شكرهم ومعرفتهم. ولا يوهم ذلك الاتكال علي معرفتهم دون العبادة والطاعة كما لا ينفع ذلك بدون معرفتهم لأن الله تعالي تعبدنا بالعبادات بطاعتهم، ومعرفتهم والعقيدة بولايتهم.
(٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، آية التبليغ (1)، القرآن الكريم (1)، الإخفاء (1)، الصّلاة (2)
ويؤيده الأخبار ففي تفسير العياشي عن الإمام الباقر عليه الصلاة والسلام أنه قال في حديث له: [ينبغي للناس أن يحجوا هذا البيت، ويعظمونه لتعظيم الله إياه، وأن يلقونا حيث كنا نحن الإدلاء علي الله].
وهذا مبني علي كون الحج والعبادات من فروعهم، والولاية أصل من الأصول، وقد ورد ذلك متواترا عنهم من طرقنا، يجدها المتتبع في كتب الحديث.
كما أن المعاصي والمنكرات مظاهر لأعدائهم لملازمة طاعتهم طاعة الله تعالي ومعصيتهم معصيته وقد ورد في ذلك أخبار كثيرة، منها قوله عليه السلام: [كذب من أحبنا وهو يعصي الله] وقوله: [من كان مطيعا لله فهو ولينا، ومن كان عاصيا لله فهو عدونا].
من هنا أولت تلك الألفاظ بأعدائهم، وذكر في تأويل بعض المفردات القرآنية أشخاصا من الأنبياء والأئمة عليهم السلام من باب أنهم المصداق البارز لمعاني تلك الألفاظ. ففي لسان الميزان لابن حجر العسقلاني، ج 6، ص: 76 قال حدثنا عبد الأعلي أبي المساور سمعت المغيرة بن سعيد يقول: {إن الله يأمر بالعدل} (أي علي) {والإحسان} (أي فاطمة)، وإيتاء ذي القربي (أي الحسن والحسين) {وينهي عن الفحشاء والمنكر}، قال: فلان أفحش الناس، والمنكر فلان.
أقول: هذا التأويل يؤيده قوله تعالي: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} (16) [المائدة: 67]، فإنه تعالي اعتبر الذي لم يؤمن بالولاية من الكافرين الذي يصدق عليه التأويل المذكور.
قال المولي أبو الحسن العاملي في مرآة الأنوار نقلا عن أستاذه: لما كانت الصلاة كاملة في علي عليه السلام ولم يصدر كاملها إلا منه، ومن أمثاله كالنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم والأئمة صلوات الله عليهم، وقد ظهر عليه وعليهم آثارها، فكأنه وهم
(٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب لسان الميزان لإبن حجر (1)، المغيرة بن سعيد (1)، الحج (1)، الكذب، التكذيب (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (2)

* تأويل الصلوات بالمتابعة والعمل

صاروا عينها، وأيضا لشدة اشتراط ولايته في قبولها، وعدم صحتها بدونها، ولكونه الداعي إليها، والمعلم لها فتلك الأمور قد يعبر عنه وعنهم بالصلاة في بطن القرآن.
ولا يخفي إن هذا هو الوجه في سائر العبادات لتأويلها بهم أيضا فلا تغفل فعلي هذا يكون تأويل المصلين، وما بمعناه بهم أيضا، وبشيعتهم فإنهم المتمسكون بالصلاة المذكورة أي معني كانت، وفي رواية ورد تأويل المصلين بالنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم والإمام علي عليه السلام لكونهما أول من صلي وعبد.
ويجد المتتبع نحو هذه الأحاديث والأخبار الكثير جدا عن العامة فضلا عن الخاصة ككتاب شواهد التنزيل للحافظ الحسكاني وفرائد السبطين للحمويني، وينابيع المودة، للقندوزي الحنفي وغيرها.
(٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي (1)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، ابراهيم الحمويني الشافعي (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، القرآن الكريم (1)
فرع في تأويل: [الصلاة علي محمد وآل محمد] وعلي نحو ما ذكرنا ورد تأويل الصلاة علي محمد وآل محمد بالمتابعة لأهل البيت عليهم السلام وقد مر في المطلب الثاني كلام القاضي النعماني: إثبات الإمامة في الصلاة عليهم، سوي الدعاء لهم وفيه شمة لهضم منزلتهم حيث أن فيه حاجة ما إلي دعاء رعيتهم، فكيف لو فهموا أن معني الصلاة هنا المتابعة، ومنه " المصلي من الخيل "، فأول من صلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أي تبع جبريل حين علمه الصلاة، ثم صلي علي عليه السلام علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم إذ هو أول ذكر صلي بصلاته فبشر الله النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أنه يصلي عليه بإقامة من ينصبه مصليا له في أمته، وذلك لما سأل النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بقوله [اجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به أزري]، ثم قال تعالي: {صلوا عليه} أي اعتقدوا ولاية علي عليه السلام وسلموا لأمره، وقول النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم [قولوا: اللهم صل علي محمد وآل محمد]، أي اسألوا الله أن يقيم له ولاية ولاة يتبع بعضهم بعضا، كما كان في آل إبراهيم عليه وعلي نبينا وآله الصلاة والسلام، وقوله: [وبارك عليهم]، أي أوقع النمو فيهم، فلا تقطع الإمامة عنهم.
فظهر أن الصلاة عليه هي اعتقاد بوصيه والأئمة من ذريته، إذ بهم كمال دينهم، وتمام النعمة عليهم، وهم الصلاة التي قال الله إنها تنهي عن الفحشاء والمنكر، لأن الصلاة الراتبة لا تنهي عن ذلك في كثير من الموارد.
وأسند صاحب نهج الإيمان إلي الصادق عليه الصلاة والسلام تفسير {ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين} [المدثر: 43]، لم يكونوا من أتباع الأئمة السابقين، وهذا قريب مما سلف، وأسند نحوه إلي أبي الحسن الرضا عليه الصلاة والسلام، أي كنا لا نتولي وصي محمد، والأوصياء من بعده، ولا نصلي عليهم.
(٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الصّلاة (9)

* تأويل الصلوات بالعصمة الإلهية

ولا يخفي أن الفرق بين صلاة الله وصلاة ملائكته يكون في مقام الجمع والتفصيل.
فهو بالنسبة إلي الله أصل وكلي ومن الملائكة فروع وجزئيات لوساطتها في إفاضة الحقائق فصلاة المؤمنين وسلامهم تتفرع من صلاة الملائكة. فتكون الصلوات من الله عليهم حينئذ (بهذا اللحاظ طبعا) عبارة عن استمرار عصمتهم وتسديدهم عليهم السلام وهذا من المراتب العالية لمعني صلاة الله علي محمد وآل محمد وتأويلاتها، ولعل الإمام الصحيفة السجادة في الدعاء الثاني يومي إلي ذلك بقوله: [اللهم فصل علي محمد أمينك علي وحيك ونجيبك من خلقك وصفيك من عبادك إمام الرحمة وقائد الخير ومفتاح البركة..]، وفي تفسير المنسوب لإمام العسكري عليه السلام: في قوله تعالي: {وأقيموا الصلاة}، قال: أي أقيموا الصلوات المكتوبات بتمام ركوعها، وسجودها، وحفظ مواقيتها، وحدودها، وصيانتها عما يفسدها، أو ينقصها، وبأداء حقوقها اللازمة التي أعظمها إتباعها بالصلاة علي محمد وعلي وآلهما الطيبين منطويا علي الاعتقاد بإمامتهم، وولايتهم وإنهم أفضل الخلق، والقوام بحقوق الله، والأنصار لدين الله، وأقيموا أيضا الصلاة علي محمد وآله الذين علي عليه السلام سيدهم وأفضلهم.. إلخ الخبر.
وفي الكافي عن الإمام الرضا عليه السلام في قوله تعالي: {وذكر اسم ربه فصلي} [الأعلي: 15]، قال أي كل ما ذكر اسم ربه: [صلي علي محمد وآله].
وفي معاني الأخبار عن الإمام الصادق عليه السلام قال: من صلي علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فمعناه إني علي الميثاق، والوفاء الذي قبلت حين قوله: {ألست بربكم قالوا بلي} [الأعراف: 172].
وغيرها من الأخبار التي يطلع عليه المتتبع في كتب الأخبار، ككتاب الاختصاص للشيخ المفيد، وكتب الشيخ الطوسي، وكتب الشيخ الصدوق رضوان الله عليهم، وكتاب الكافي، وكتاب وسائل الشيعة ومستدركه وغيرها، والسفينة ومستدركها.
(٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، الشيخ الصدوق (1)، الشيخ الطوسي (1)، السجود (1)، الصّلاة (6)

* نزول آية الصلوات استجابة لدعاء النبي صلي الله عليه وآله وسلم في عصمة أهل بيته

ولا يخفي أن الفرق بين صلاة الله وصلاة ملائكته يكون في مقام الجمع والتفصيل.
فهو بالنسبة إلي الله أصل وكلي ومن الملائكة فروع وجزئيات لوساطتها في إفاضة الحقائق فصلاة المؤمنين وسلامهم تتفرع من صلاة الملائكة. فتكون الصلوات من الله عليهم حينئذ (بهذا اللحاظ طبعا) عبارة عن استمرار عصمتهم وتسديدهم عليهم السلام وهذا من المراتب العالية لمعني صلاة الله علي محمد وآل محمد وتأويلاتها، ولعل الإمام الصحيفة السجادة في الدعاء الثاني يومي إلي ذلك بقوله: [اللهم فصل علي محمد أمينك علي وحيك ونجيبك من خلقك وصفيك من عبادك إمام الرحمة وقائد الخير ومفتاح البركة..]، وفي تفسير المنسوب لإمام العسكري عليه السلام: في قوله تعالي: {وأقيموا الصلاة}، قال: أي أقيموا الصلوات المكتوبات بتمام ركوعها، وسجودها، وحفظ مواقيتها، وحدودها، وصيانتها عما يفسدها، أو ينقصها، وبأداء حقوقها اللازمة التي أعظمها إتباعها بالصلاة علي محمد وعلي وآلهما الطيبين منطويا علي الاعتقاد بإمامتهم، وولايتهم وإنهم أفضل الخلق، والقوام بحقوق الله، والأنصار لدين الله، وأقيموا أيضا الصلاة علي محمد وآله الذين علي عليه السلام سيدهم وأفضلهم.. إلخ الخبر.
وفي الكافي عن الإمام الرضا عليه السلام في قوله تعالي: {وذكر اسم ربه فصلي} [الأعلي: 15]، قال أي كل ما ذكر اسم ربه: [صلي علي محمد وآله].
وفي معاني الأخبار عن الإمام الصادق عليه السلام قال: من صلي علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فمعناه إني علي الميثاق، والوفاء الذي قبلت حين قوله: {ألست بربكم قالوا بلي} [الأعراف: 172].
وغيرها من الأخبار التي يطلع عليه المتتبع في كتب الأخبار، ككتاب الاختصاص للشيخ المفيد، وكتب الشيخ الطوسي، وكتب الشيخ الصدوق رضوان الله عليهم، وكتاب الكافي، وكتاب وسائل الشيعة ومستدركه وغيرها، والسفينة ومستدركها.
(٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، الشيخ الصدوق (1)، الشيخ الطوسي (1)، السجود (1)، الصّلاة (6)
وأما العامة فقد رووا حديث أم سلمة رضوان الله عليها وغيره مما يصرح بنزول آية التطهير من بعد صلاة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم علي أهل بيته عليهم الصلاة والسلام ففي مستدرك الحاكم، ج: 3، ص: 150: عن أم سلمة قالت: في بيتي نزلت {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [الأحزاب:
33]، قالت: فأرسل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إلي علي وفاطمة والحسن والحسين فقال هؤلاء أهل بيتي هذا حديث صحيح علي شرط البخاري ولم يخرجاه.
وفيه: عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه قال لما نظر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إلي الرحمة هابطة قال: ادعوا لي ادعوا لي فقالت صفية من يا رسول الله؟ قال: أهل بيتي عليا وفاطمة والحسن والحسين فجئ بهم فألقي عليهم النبي صلي الله عليه وآله وسلم كساءه ثم رفع يديه، ثم قال: [اللهم هؤلاء آلي فصل علي محمد وعلي آل محمد]، وأنزل الله: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقد صحت الرواية علي شرط الشيخين إنه علمهم الصلاة علي أهل بيته كما علمهم الصلاة علي آله.
أقول: وستأتي الأحاديث في ذلك في مطلب الكيفيات فانتظر.
(٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، آية التطهير (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (2)، إسماعيل بن عبد الله (1)، الصّلاة (3)

المطلب الخامس: * الصلوات علي جثمان النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم

اشارة

المطلب الخامس:
[الصلاة علي جثمان النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بالصلاة المحمدية] من اللمحات اللامعة في نزول هذه الآية: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} فرض الصلاة علي جثمان النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بقراءة هذه الآية المباركة وعلي هذا النحو صلي عليه أهل المدينة، وأهل العوالي " أطراف المدينة " (17) بهذا النحو بعد أن صلي عليه الإمام أمير المؤمنين " صلاة الجنائز " وكبر فيها سبعا.
ففي الكافي بإسناده عن ابن مريم الأنصاري، عن أبي جعفر عليه الصلاة والسلام قال قلت له: كيف كانت الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم؟
قال: لما غسله أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وكفنه سجاه (تسجية الميت:
تغطيته)، ثم أدخل عليه عشرة فداروا حوله (أي حول جنازة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم) ثم وقف أمير المؤمنين في وسطهم فقال: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}، فيقول القوم كما يقول، حتي صلي عليه أهل المدينة، وأهل العوالي. قال الشيخ المجلسي رحمه الله: العشرة لعلهم من بني هاشم الأقربين.
وظاهر هذا الخبر وغيره أن الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم كان علي هذا الوجه بلا تكبير ولا دعاء آخر، كما ويعلم من بعض الأخبار أن الأمام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام صلي علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أولا مع سائر المعصومين من السيدة فاطمة والإمامين الحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام، والملائكة المقربين، وخواص أصحابه بصلاة المعروفة، ولم يحضر أهل السقيفة، فقد فات أكثر الناس الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كما في بعض الأخبار، ويصرح خبر سليم الآتي أنه عليه الصلاة والسلام صلي علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بالصلاة الحقيقية أولا مع الستة المذكورين فيه.
(٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، العلامة المجلسي (1)، بنو هاشم (1)، السقيفة (1)، الصّلاة (7)، الغسل (1)، الموت (1)، الجنازة (1)

* الصلاة الحقيقة صلاها أمير المؤمنين علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم

ففي الاحتجاج بإسناده عن سليم بن قيس عن سلمان الفارسي رضي اله عنه قال:
[لما غسله - أي غسل أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم - وكفنه أدخلني وأدخل أبا ذر والمقداد وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم السلام، فتقدم وصففنا خلفه وصلي عليه، وعائشة في الحجرة لا تعلم، قد أخذ جبرئيل ببصرها.
ثم أدخل عشرة من المهاجرين وعشرة من الأنصار فيصلون ويخرجون، حتي لم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلا صلي عليه.. (18) وغيرهم لم يدخله الإمام في الصلاة الحقيقية، وكانت بعد ذلك الصلاة عليه بقراءة آية الصلوات للتقية والمصلحة لئلا يرغب بالتقدم في هذه الصلاة غاصب الخلافة فيجعله فضيلة له وحجة علي خلافته كما احتجوا بالتقدم غصبا في حياته عليها.
ثم كان عليه الصلاة والسلام يدخل عشرة عشرة من الصحابة فيقرأ الآية، ويدعون ويخرجون من غير صلاة، وكان ذلك أيضا بعلم الإمام علي " صلوات الله وسلامه عليه " وتوجيهه فيقوم وسطهم فيقرأ الآية وهم يقرؤون معه.
ففي الكافي: بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه الصلاة والسلام قال: لما قبض النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم صلت عليه الملائكة والمهاجرين، والأنصار فوجا فوجا.
قال: وقال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول في صحته وسلامته: إنما أنزلت هذه الآية علي في الصلاة علي بعد قبض الله لي {إن الله وملائكته يصلون علي النبي.. الآية} [الأحزاب: 56].
والظاهر أن الملائكة (19) والمهاجرين والأنصار والخواص من الآخرين صلوا عليه الصلاة حقيقية، واستشهد الإمام أبو جعفر عليه السلام بالآية لصلاة الآخرين بقراءة الآية، ويمكن أن يكون الملائكة كلهم والمهاجرون والأنصار أعم من الخواص صلوا بهذا الوجه، ويؤيده استشهاده بالآية.
ومعني قوله صلي الله عليه وآله وسلم (أنزلت) بمعني التنزيل كما وردت في بعض الأخبار بلفظ (نزلت) والمراد من التنزيل هو تعيين مورد من موارد تصديق الآية، أو ذكر فرد من تأويلاتها. فالأمر بالصلاة في هذه الآية المراد منه ما يشمل الصلاة عليه بقراءة الآية بعد موته علي جثمانه المقدس، أي أنها تعني فيما تعني الصلاة علي بعد موتي.
(٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، المهاجرون والأنصار (4)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، سليم بن قيس (1)، الصّلاة (11)، الحج (1)، الموت (1)، الغسل (2)، التقية (1)

* كانت صلاة القوم علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بقراءة آية الصلوات

وقيل: أن المراد بالأخبار في ورود الآية بالصلاة عليه مبني علي قراءتها قبل الشروع في الصلاة المعروفة علي الميت، وأنه كان منفردا بقراءة هذه الآية. وهو بعيد جدا وإن كان ذلك يمكن في خصوص الصلاة التي صلاها الإمام عليه السلام. والأظهر ما مر، والشاهد علي ذلك أن السائل سئل عن كيفية الصلاة في خبر الكافي، فلو كانت هي صلاة الأموات من الناس لا قراءة الآية لما أطال عليه الصلاة والسلام بالكلام، ولبين فقط زيادة الآية في أولها كما يدعي صاحب هذا القيل.
بل حرموا من الصلاة عليه لارتدادهم بعد موته صلي الله عليه وآله وسلم، ويصرح بذلك الخبر الوارد عن الإمام الباقر عليها السلام قال: فلما فرغ أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام من غسله وتجهيزه، تقدم فصلي عليه وحده، لم يشركه معه أحد في الصلاة عليه وكان المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمهم في الصلاة عليه وأين يدفن. وفي خبر آخر. ولم يحضر دفن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أكثر الناس لما جري بين المهاجرين والأنصار من التشاجر في أمر الخلافة، وفات أكثرهم الصلاة عليه.
ثم أذن للناس وقال: ليدخل منكم عشرة عشرة ليصلوا عليه، فدخلوا.
وقام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بينه وبينهم وقال {إن الله وملائكته يصلون علي النبي … الآية} وكان الناس يقولون كما يقول، وقال أبو جعفر عليه الصلاة والسلام: وهكذا كانت الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم (20).
قال المجتهد الأكبر السيد محسن الأمين العاملي رحمه الله: ويظهر من مجموع الروايات أن الصلاة الحقيقية كانت هي صلاة أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وحده، أو هو والستة الذين كانوا معه، علي اختلاف الروايتين. وباقي الناس كانوا يدخلون ويقرؤون الآية من غير صلاة. وقول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام: إن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) إمامنا حيا وميتا لئلا يؤم في الصلاة عليه من ليس بأهل، ويتخذ ذلك حجة كما اتخذت شبهة التقدم في الصلاة في مرض النبي صلي الله عليه وآله وسلم حجة، مع مبادرة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وهو في أشد المرض لإزالتها كما ينبئ عن ذلك خوضهم فيمن يؤمهم فأقنعهم أمير المؤمنين بذلك (21).
(٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، المهاجرون والأنصار (1)، المرض (2)، الحج (1)، الموت (2)، الغسل (1)، السجود (1)، الصّلاة (12)، الدفن (2)
ولكي لا يخلو كتابنا من أنفاس سيد العلماء وعالم الطائفة سيدنا (قده) نذكر ما ورد عنه في كتاب منية السائل في ما يتعلق في هذا المقام فقد أجاب عن السؤال التالي القائل:
هناك روايات تحدثنا أنه توفي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ولما فرغ أمير المؤمنين من تجهيزه، أدخل الناس عشرة عشرة ليصلوا عليه، فلم لم يؤم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام هؤلاء الناس في كل مرة، وليس هناك من يمنعه لانشغال أكثرهم بسقيفة بني ساعدة، أكان ذلك بوصية عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أم لسبب آخر؟؟
الجواب: قد ورد في الأول من أصول الكافي في باب مولد النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ووفاته، من أبواب التاريخ، من كتاب الحجة، في الحديث السابع والثلاثين:
أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كان إماما حيا وميتا فلا مقتضي في الصلاة عليه أن يتقدم الجماعة إمام.
أقول: هذا في خصوص الصلاة عليه بقراءة الآية أما الصلاة عليه بكيفية خاصة بسبعة تكبيرات كما في الكافي وغيره فقد صلاها الإمام وأهل بيته عليه، ومن معه من خلص أصحابه كما مر آنفا.
وقال القرطبي في تفسيره: واختلف هل صلي عليه أم لا، فمنهم من قال: لم يصل عليه أحد، وإنما وقف كل واحد يدعو، لأنه كان أشرف من أن يصلي عليه. وقال ابن العربي: وهذا كلام ضعيف لأن السنة تقام بالصلاة عليه في الجنازة، كما تقام بالصلاة عليه في الدعاء، فيقول: اللهم صلي علي محمد إلي يوم القيامة، وذلك منفعة لنا.
أقول: لا بأس بكلامه لكن يجب أن تكون الصلاة تامة متضمنة الآل أيضا، ولا يخفي أن معني الصلاة علي جثمانه المقدس - إن كانت من المعصوم - هي الصلاة الحقيقية المحمدية فيما يخص جثمانه من الفيض الخاص عند سيره إلي المبدأ الأعلي وهي في غاية التعظيم والتبجيل، وبنحوها تكون علي المعصومين عليهم الصلاة والسلام، أما الصلاة عليه في صلاة الجنائز علي الأموات فيكون مرجع نفعاها علي حسب حال الميت في قابليته وإيمانه ومعرفته فقد تكون غفرانا للذنوب، أو تكون تهوينا لهول المطلع، أو تكون رفعا لدرجاته، أو زيادة في حسناته أو تطمينا لحاله، وإفاضة لنفحات ربانية في عالم البرزخ وغيرها أو يكون كل ذلك وفوائدها الغيبية جدا كثيرة.
(٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب أصول الكافي للشيخ الكليني (1)، كتاب منية السائل للسيد الخوئي (1)، يوم القيامة (1)، السقيفة (1)، الموت (1)، الصّلاة (9)، الجماعة (1)، الوصية (1)، الجنازة (2)

البحث الثاني * تفسير مفردات آية الصلوات

اشارة

البحث الثاني في:
[تفسير مفردات آية الصلوات] وعنوناها بآية الصلوات دون آية الصلاة بالمفرد، وآية التصلية بالمصدر المنقول كما سماها بعضهم لما في الآية من استمرار الصلاة وتعدد وقوعها، وكثرة أنواعها، ومعانيها ونسبتها إلي المسند إليه المتعدد و (واو الجمع) شاهد علي ذلك.
علي أن إسناد المضارع {يصلون} إلي الجمع، والأمر بالصلاة في {صلوا} يدل علي تعدد وقوع الصلاة من الله، وملائكته والمؤمنين إلي ما شاء الله..
وفي هذه الآية الكريمة لمحات تفسيرية، ودقائق لغوية، ومعان قدسية وإشارات خفية، وتجليات ملكوتية، وأسرار إلهية، ومعان عرفانية.. لابد من الوقوف عندها والتأمل فيها.. فهنا مطالب:
المطلب الأول: في تفسير وجهي قراءة:
{وملائكته يصلون علي النبي} {وملائكته} بالرفع عند الكوفيين - غير الفراء - هو عطف علي محل إن واسمها، والفراء يشترط في العطف علي ذلك خفاء إعراب اسم (إن) كما في قوله تعالي: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون} [البقرة: 62]، وكما في قول الشاعر:
ومن يك أمسي في المدينة * فإني (وقيار) بها لغريب وهل خفاء الإعراب شامل للاسم المقصور والمضاف للياء أو خاص بالمبني فيه خلاف، وعند البصريين والفراء هو مبتدأ وجملة {يصلون} خبره وخبر إن محذوف ثقة بدلالة ما
(٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (6)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)

المطلب الأول: * في وجهي قراءة لفظ: {وملائكته} والمعني في ذلك

اشارة

البحث الثاني في:
[تفسير مفردات آية الصلوات] وعنوناها بآية الصلوات دون آية الصلاة بالمفرد، وآية التصلية بالمصدر المنقول كما سماها بعضهم لما في الآية من استمرار الصلاة وتعدد وقوعها، وكثرة أنواعها، ومعانيها ونسبتها إلي المسند إليه المتعدد و (واو الجمع) شاهد علي ذلك.
علي أن إسناد المضارع {يصلون} إلي الجمع، والأمر بالصلاة في {صلوا} يدل علي تعدد وقوع الصلاة من الله، وملائكته والمؤمنين إلي ما شاء الله..
وفي هذه الآية الكريمة لمحات تفسيرية، ودقائق لغوية، ومعان قدسية وإشارات خفية، وتجليات ملكوتية، وأسرار إلهية، ومعان عرفانية.. لابد من الوقوف عندها والتأمل فيها.. فهنا مطالب:
المطلب الأول: في تفسير وجهي قراءة:
{وملائكته يصلون علي النبي} {وملائكته} بالرفع عند الكوفيين - غير الفراء - هو عطف علي محل إن واسمها، والفراء يشترط في العطف علي ذلك خفاء إعراب اسم (إن) كما في قوله تعالي: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون} [البقرة: 62]، وكما في قول الشاعر:
ومن يك أمسي في المدينة * فإني (وقيار) بها لغريب وهل خفاء الإعراب شامل للاسم المقصور والمضاف للياء أو خاص بالمبني فيه خلاف، وعند البصريين والفراء هو مبتدأ وجملة {يصلون} خبره وخبر إن محذوف ثقة بدلالة ما
(٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (6)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)

* ذكر الملائكة يستدعي الإقتداء بهم في تكريم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام

عطف عليه أي إن الله يصلي وملائكته يصلون {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}، أي عظموا شأنه عاطفين عليه فإنكم أولي بذلك.
وظاهر سوق الآية أنه لإيجاب اقتدائنا به تعالي فيناسب اتحاد المعني مع اتحاد اللفظ، وقراءة ابن مسعود: [صلوا عليه كما صلي عليه]، وكذا قراءة الحسن:
[فصلوا عليه]، أظهر فيما ذكر من الإقتداء بالله وملائكته بتعظيم النبي وآله كما عز وجل قال:
{فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} [الأعراف: 157]، فيبعد حينئذ تفسير {صلوا عليه} ب [قولوا: اللهم صل علي النبي وآله] أو نحوه.
ومن فسره بذلك أراد أن المراد بالتعظيم المأمور به ما يكون بهذا اللفظ ونحوه مما يدل علي طلب التعظيم لشأنه عليه الصلاة والسلام من الله عز وجل لقصور وسع المؤمنين عن أداء حقه عليه الصلاة والسلام.
وما جاء في الأخبار إرشاد إلي كيفية ذلك وصفته لا أنه تفسير للفظ {صلوا}، وجاء ذلك علي عدة أوجه والجمع ظاهر فإن الكلمة المشتركة فيها وركنها: [اللهم علي محمد وآل محمد].
وفي صدر الآية إخبار من الله تعالي بمنزلة نبيه الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم عنده عز وجل في الملأ الأعلي بأنه يثني عليه، وملائكته المقربون يصلون عليه وفيه تعظيم وتكريم للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بالأصالة، وتشريف للملائكة بالتبع، وذلك لأن إفراد الواحد بالذكر - كما قال علماء البلاغة - وهو لفظ الجلالة (الله) وعطف الغير وهو (ملائكته) عليه يوجب تفضيلا للمذكور علي المعطوف، فكأنه تعالي شرف الملائكة بضمهم مع نفسه بواسطة صلواتهم علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وفي هذا من التنويه، والتعظيم من المنزلة عند
(٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الصّلاة (6)، الشراكة، المشاركة (1)

* الملائكة تتشرف بالصلاة علي محمد وآل محمد

الله تعالي ما يظهر أفضليته صلي الله عليه وآله وسلم علي جميع الخلق لاختصاصه بهكذا صلاة دون غيره من الخلق جميعا.
وقيل في جمع صلاة الملائكة مع صلاة الله عز وجل هو أن الله تعالي قال هناك {هو الذين يصلي عليكم وملائكته} فجعل الصلاة له وعطف الملائكة عليه، وهاهنا جمع نفسه وملائكته وأسند الصلاة إليهم فقال: {يصلون} وفيه تعظيم النبي صلي الله عليه وآله وسلم، وهذا لأن إفراد الواحد بالذكر وعطف الغير عليه يوجب تفضيلا للمذكور علي المعطوف، كما أن الملك إذا قال: (يدخل فلان وفلان أيضا) يفهم منه تقديم لا يفهم لو قال: (فلان وفلان يدخلان).
إذا علمت هذا، فقوله تعالي في حق النبي صلي الله عليه وآله وسلم:
إنهم يصلون إشارة إلي أنه في الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كالأصل وفي الصلاة علي المؤمنين في قوله: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} إن الله يرحمهم، ثم إن الملائكة يوافقونه، فهم في الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم يصلون بالإضافة، كأنها واجبة عليهم أو مندوية سواء صلي الله عليه أو لم يصل وفي المؤمنين ليس كذلك.
ويأتي في معني (الصلاة) أن صلاته تعالي علي نبيه الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله " عليهم الصلاة والسلام " لا تقاس بصلاة غيره من الخلق عليهم، كما لا تساوي بصلاته تعالي علي غيرهم.
قال الفاكهاني وهو من علماء العامة: وغاية مطلوب الأولين والآخرين صلاة واحدة من الله تعالي، وأني لهم بذلك بل لو قيل للعاقل: أيما أحب إليك أن تكون أعمال جميع الخلائق في صحيفتك، أو صلاة من الله عليك لما اختار غير الصلاة من الله تعالي. فما ظنك بمن يصلي عليه ربنا سبحانه وجميع ملائكته علي الدوام والاستمرار فكيف يحسن بالمؤمن أن لا يكثر من الصلاة عليه أو يغفل عن ذلك.
(٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (10)
وأفاد أيضا أنه ليس في القرآن ولا غيره، فما علم صلاة من الله علي غير نبينا صلي الله عليه وآله وسلم، فهي خصوصية اختصه الله بها دون سائر الأنبياء (22).
ويظهر مما يأتي في معني الصلاة أيضا أن الله تعالي يثني علي نبيه الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بأنواع من الثناء، والتبجيل والتعظيم في جميع العوالم ومن الملائكة طلب ذلك والتزكية وغير ذلك..
وفي بعض الأدعية: [اللهم صل علي محمد وعليهم صلاة كثيرة دائمة طيبة لا يحيط بها إلا أنت ولا يسعها إلا علمك، ولا يحصيها أحد غيرك] [1].
وفي المناجاة الإنجيلية للإمام زين العابدين عليه الصلاة والسلام: [صلي الله عليه وآله صلاة دائمة، ممهدة، لا تنقضي لها مدة، ولا ينحصر لها عدة. اللهم صل علي محمد وآل محمد ما جرت النجوم في الأبراج، وتلاطمت البحور بالأمواج، وما أدلهم ليل داج، وأشرق نهار ذو ابتلاج، وصل عليه وآله ما تعاقبت الأيام، وتناوبت الأعوام وما خطرت الأوهام، وتدبرت الأفهام، وما بقي الأنام. اللهم صل علي محمد خاتم الأنبياء، وآله البررة الأتقياء، وعلي عترته النجباء، صلاة معروفة بالتمام، والنماء، وباقية بلا فناء، وانقضاء..] [1].
[1] - البحار، ج: 52، ص: 21، باب: 18.
[1] - البحار، ج 94، ص: 155، رواية: 22، باب: 32.
(٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، القرآن الكريم (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (7)

المطلب الثاني: * سبب إسناد الصلاة إلي لفظ الجلالة

اشاره

المطلب الثاني:
[في سبب إسناد الصلاة إلي لفظ الجلالة في الآية] ويجب أن يلاحظ أنه قد أسند فعل الصلاة في الآية إلي لفظ الجلالة {الله} دون غيره من أسمائه وهذا يدل علي التعظيم والتفخيم فإنه الاسم الجامع للصفات.
ويمكن أن يكون ذلك إشارة إلي إفاضة الصلاة بالفيض الخاص في منتهي ما يمكن أن يكون مناسبا لعظمة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في مقامه: [قاب قوسين أو أدني] لقابليته المطلقة واستعداده لذلك، ولعل ذكر صفة النبوة قرينة علي بأن يقال في سبب الإسناد: لأنه إله جامع للكمال المطلق، ولعدم البخل في ساحته وقابلية المحل واستعداه المطلق اقتضي ذلك أقوي مراحل الصلاة التي تناسب مقامه وروحه المقدسة، ومقام آله الذين هم محال لكماله ومظاهر لرحمته تعالي، كما وهم بمنزلة نفسه في كل شئ إلا ما استثناه من الوحي الخاص.
وبعبارة أخري علي احتمال أن لفظ الجلالة (لا المسمي) الذي هو العلم الجامع لجميع صفات الكمال يشير (فيما يشير) إلي أن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله عليهم الصلاة والسلام يقتضيها كونه جامعا لجميع صفات الكمال، كما أن آله عليهم السلام المظهر التام لصفاته تعالي، والتجلي الكامل لأسمائه، كما ولهم القابلية المطلقة بذلك لذلك، ولأنه لا بخل في ساحته تبارك ربنا وتعالي كل ذلك أوجب إفاضة الصلاة الفعلية وآثارها لهم.
فحينئذ يجب عليهم تواتر الصلوات والفيض عليهم واستنادا لقاعدة العرفاء: [المحل قابل والمبدأ فياض]، وهذا يناسب ما ذكر من معاني الصلاة حيث فسرها بعض أهل اللغة بالتعظيم والكرامة كما ذكر سابقا ويأتي معني التعظيم في الصلاة فانتظر.
(٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أفعال الصلاة (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (8)

* الصلوات ومقام التجلي في عالم الظهور

المطلب الثاني:
[في سبب إسناد الصلاة إلي لفظ الجلالة في الآية] ويجب أن يلاحظ أنه قد أسند فعل الصلاة في الآية إلي لفظ الجلالة {الله} دون غيره من أسمائه وهذا يدل علي التعظيم والتفخيم فإنه الاسم الجامع للصفات.
ويمكن أن يكون ذلك إشارة إلي إفاضة الصلاة بالفيض الخاص في منتهي ما يمكن أن يكون مناسبا لعظمة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في مقامه: [قاب قوسين أو أدني] لقابليته المطلقة واستعداده لذلك، ولعل ذكر صفة النبوة قرينة علي بأن يقال في سبب الإسناد: لأنه إله جامع للكمال المطلق، ولعدم البخل في ساحته وقابلية المحل واستعداه المطلق اقتضي ذلك أقوي مراحل الصلاة التي تناسب مقامه وروحه المقدسة، ومقام آله الذين هم محال لكماله ومظاهر لرحمته تعالي، كما وهم بمنزلة نفسه في كل شئ إلا ما استثناه من الوحي الخاص.
وبعبارة أخري علي احتمال أن لفظ الجلالة (لا المسمي) الذي هو العلم الجامع لجميع صفات الكمال يشير (فيما يشير) إلي أن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله عليهم الصلاة والسلام يقتضيها كونه جامعا لجميع صفات الكمال، كما أن آله عليهم السلام المظهر التام لصفاته تعالي، والتجلي الكامل لأسمائه، كما ولهم القابلية المطلقة بذلك لذلك، ولأنه لا بخل في ساحته تبارك ربنا وتعالي كل ذلك أوجب إفاضة الصلاة الفعلية وآثارها لهم.
فحينئذ يجب عليهم تواتر الصلوات والفيض عليهم واستنادا لقاعدة العرفاء: [المحل قابل والمبدأ فياض]، وهذا يناسب ما ذكر من معاني الصلاة حيث فسرها بعض أهل اللغة بالتعظيم والكرامة كما ذكر سابقا ويأتي معني التعظيم في الصلاة فانتظر.
(٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أفعال الصلاة (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (8)

كلمة الأستاذ الشيخ الخاقاني في مقام الانطباق والتطبيق للصلوات

وأرجو أن لا أؤاخذ (لضيق الخناق في التعبير) أن آية الصلوات: {إن الله} علقت الفعل علي لفظ الجلالة ولو علقته بالرحيم مثلا لكان تجليا بالرحيمية، ولو كان باسم الرحمن لكان تجليا بالرحمانية وهكذا.
وعليه فبما أن لفظ الجلالة اسم جامع لمقام الذات جمعا لا مقام الظهور، والموجودات تكون اسم لتجلي صفات تلك الذات بالتكثير في مقام الظهور المطلق، والتعين الأول (التي هي الولاية العامة) والصلاة تكون عبارة عن ظهور تلك الكمالات في مقام الظهور بجميع أنواع التجليات: التجلي في مقام الذات (علي نحو التجلي طبعا) وفي مقام الصفات ومقام الفعل ومقام الأسماء في كل ما يمكن وجوده وفي جميع المراتب والعوالم من عالم الغيب إلي عالم الشهادة ومنه إلي عالم الطبيعة، ومن عالم العقل وعالم القلب والنفس ومراتبها، ومجملا يكون المحتوي: {إن الله} يصلي في مقام تجلي الذات لمقام الصفات، و {ملائكته يصلون} في مقام الفعل والظهور {علي النبي} المتجلي الأعظم لجميع التجليات {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}، في مقام تحقق التجلي في العوالم من العقل والنفس والقلب..
ثم لا يخفي أن المتجلي بتلك التجليات هو الاسم الأعظم وهو القائل: [نحن الأسماء الحسني]، والأخبار عنهم عليهم الصلاة والسلام في ذلك مستفيضة وقد يدعي تواترها معني، وذلك لكونهم دالين علي الله وصفاته المقدسة التي ملئت كل شئ: [اللهم إني أسألك بأسمائك التي ملئت أركان كل شئ].
ومما أفادنا في هذا المقام " بحوار كان بيننا " الأستاذ آية الله العظمي الشيخ محمد الخاقاني رعاه الله تعالي: قال إن الصلاة علي محمد وآل محمد فيض خاص لهم عليهم السلام، ولا يتم إلا بحسب تناسب المقتضي مع المقتضي، أي بحصول السنخية التامة واندكاك الجهات، وحيث أنهم عليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام كانوا قد ارتقوا في مقام عروجهم، واتصالهم المباشر في مقام الفناء والتجلي، فكان التناسب بين مقام
(٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (6)، الشهادة (1)

* ترقي الملائكة بالصلوات في مقام التطبيق

المقتضي والمقتضي حاصل، فحينئذ المحل قابل ومستعد طالبا بلسان استعداه الفيض الخاص الذي يقتضي أن يكون محله في مرحلة خاصة من التهيؤ والقابلية، وهو مقام قاب قوسين أو أدني.
وفي هذا المقام يكون التناسب علي نحوين:
الأول: علي نحو الاستعداد الذاتي في مقام التطبيق بين المصلي عليه والمصلي، فيكون النظر إلي مقام استعداد ذواتهم المقدسة في مقام عروجها لتقبل فيض الصلاة من فعل المصلي في مرحلة التشكيك من حيث القوة والضعف والزيادة والنقصان أي يكون ذلك في مقام الانكشاف والظهور.
والنحو الثاني: يكون في مقام الانطباق وهو مقام الفعلية والوصول إلي مرحلة التكامل في فعلية التجلي. أما فعلية صلاة الملائكة إنما قصد بها مرحلة التطبيق أي مرحلة التطبيق الفعلي مع عالم الفناء لا الانطباق الذي هو مرحلة الفعلية والتجلي بين المصلي عليه والمصلي.
ويكون اجتماع أنواع الصلوات بين الله تعالي وملائكته، والذي يفهم من الآية إشارة إلي وحدة الخطاب المشتركة بين الجميع ويكون الاختلاف بينها من حيث المتعلق بملاحظة نسبة التصلية بين المصلي والمصلي عليه في التجليات، كما ويكون فعلية صلاة الملائكة بين المصلي والمصلي عليه علي نحو التطبيق للمصلي (أي الملائكة) في مقام الانطباق بالنسبة إلي المصلي عليه بالقياس إلي فنائه وعروجه الحقيقي مع الله تعالي. ولا يخفي أن التطبيق الذي كان بين فعل الملائكي وتجليه لأجل رفعة مقام عظمة المصلي عليه في مقام التصلية.
وقال الشيخ الفيض الكاشاني في تأويلاته ما معناه: الفرق بين صلاة الله وصلاة ملائكته يكون في مقام الجمع والتفصيل. فهو بالنسبة إلي الله أصل وكلي، ومن الملائكة فروع وجزئيات لوساطتها في إفاضة الحقائق، فصلاة المؤمنين وسلامهم تتفرع من صلاة الملائكة. انتهي.
(٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (5)، الشراكة، المشاركة (1)

* الصلوات توجب استعداد المحل لتقبل الفيض

وقال بعض العرفاء: وهذه الصلوات لا تعود علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بالكمال، فإن الله سبحانه وتعالي قد أعطي الكمالات اللائقة لنبيه صلي الله عليه وآله وسلم، أما الشئ الذي نطلبه منه تعالي فليس بعنوان علة فاعلة وواسطة في الفيض علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لأن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كامل ولا تزيده هذه الصلوات كمالا، لكن بواسطة هذه الصلوات تظهر كمالاته وتكون علة فيض الرحمة الإلهية.
وأضاف في محل آخر منه: نحن لا نوصل خيرا للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لأن كل ما عندنا هو من بركات النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كالبستاني الذي يقدم باقة ورد في يوم العيد لصاحب البستان الذي يعمل فيه، وهذا الورد من نفس صاحب البستان، فهل قدم هذا البستاني شيئا من عنده؟
فأي خير نحصل عليه هو ناتج عن غرس النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فنحن إنما نقدم باقة ورد لحضرة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم من بستانه، فعلي هذا لا تزيده صلواتنا وتحياتنا كمالا، لكنها بالنسبة لنا نوع من التقرب، وبها نصل إلي كمالنا ومعني الصلوات التي نصليها علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم هي: إلهي أنزل رحمتك علي محمد وآل محمد، فعند ما تنزل الرحمة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فهي تصيب الآخرين، لأنه صلي الله عليه وآله وسلم مجري الفيض الإلهي، وإذا أردتم أن توصلوا خيرا للآخرين فيجب أولا أن تنزلوا الرحمة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بعنوان الرحمة الخاصة لكي تصل إلي الآخرين.
لهذا قال الإمام علي عليه الصلاة والسلام إذا أردتم الدعاء أو الطلب من الله في أي وقت، فصلوا علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله مع الدعاء أو بعده ذلك لأن الصلوات علي دعاء مستجاب، فإذا دعوتم مع الصلوات، فلا يعقل أن يستجيب الله للصلوات ويترك دعاءكم، ولهذا نشاهد ذكر الصلوات في الكثير من مقاطع
(٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (10)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (7)
الأدعية التربوية كل ما ورد عن السجاد عليه الصلاة والسلام فكل مطلب يذكره الإمام يسبقه ويلحقه بالصلوات، لأن الله عز وجل يستجيب أطراف الدعاء فيكون ما بين طرفيه مستجابا.
أقول: وفي الآية إشارة حسنة، ونكتة جميلة وهو أن الله عز وجل أجري الصلاة علي محمد وآل محمد مجري شهادة التوحيد قال تعالي: {شهد الله} [آل عمران: 18] وقال:
{إن الله وملائكته يصلون} كما جعل ذكره سبحانه ذكره قال: {فاذكروني أذكركم} [البقرة: 152]، وقال: {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} [آل عمران: 152].
وقال السمهودي في تعليل الإلحاق: إذ القصد من الصلاة عليه أن ينيله مولاه عز وجل من الرحمة المقرونة بتعظيمه وتكريمه ما يليق به. ومن ذلك ما يفيضه عز وجل منه علي أهل بيته، فإنه من جملة تعظيمه وتكريمه (23).
وفي تفسير روح المعاني: [ … وإنما بدأ تعالي بالصلاة عليه بنفسه إظهارا لشرفه، ومنزلته، وترغيبا للأمة فإنه تعالي مع استغنائه إذا كان مصليا عليه كانت الأمة أولي به لاحتياجهم إلي شفاعته وتقوية لصلوات الملائكة والمؤمنين فإن صلاة الحق حق وصلاة غيره رسم والرسم يتقوي بمقارنة الحق.
ثم قال: وفيه إشارة إلي أنه صلي الله عليه وآله وسلم مجلي تام لأنوار الجمال، والجلال، ومظهر جامع لنعوت الكمال، به فاض الجود وظهر الوجود، فإذا كانت الملائكة مأمورين بالصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم فكيف الأمة وأن الصلوات ثمن الشفاعة؟؟
فإذا أدوا الثمن هذا اليوم يرجي أن يحرزوا المثمن يوم القيامة …
وبقدر صلواتهم عليه صلي الله عليه آله وسلم تحصل المعرفة بينهم وبينه، وعلامة المصلي يوم القيامة بياض لسانه، وعلامة التارك سواده وبهما تعرف الأمة يومئذ].
(٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، يوم القيامة (2)، الشهادة (2)، الجود (1)، الأكل (1)، الصّلاة (3)
أقول: قد ذكرنا في البحث الثالث من القسم الثاني من الكتاب أن الصلاة علي محمد وآل محمد تتجسد نورا يوم القيامة بين يدي العبد فلاحظ، كما ويأتي معني صلاة الله تبارك وتعالي علي النبي " صلي الله عليه آله وسلم " وعلي آله مفصلا في البحث الخامس من القسم الأول.
وفي ختام المطلب نشير أن الصلاة علي محمد وآل محمد تترك حالة تهيأ الإنسان المؤمن إلي تلقي الفيض الرباني، ويحصل علي السنخية بينه وبينهم عليهم أفضل الصلاة والسلام التي لابد منها في قامون الاستفاضة، فبذلك تكون مستعدة لتلقي فيض العلم والمعرفة والخير.. ولولا ذلك لحرم من جميع ما ذكر، وعليه فتنعكس أنوارهم علي مرآة نفسه وصفحات روحه، فإن روح الإنسان ضعيفة لا تستعد لقبول الأنوار الإلهية فإذا استحكمت العلاقة بين روحه وأرواح أهل البيت عليهم الصلاة والسلام فالأنوار الفائضة من عالم الغيب علي أرواحهم تنعكس علي أرواح المصلين عليهم كانعكاس مثال الشمس في الطست المملوء ماء.
(٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، الصّلاة (4)

المطلب الثالث: * المعني في تعليق الصلوات باسم النبي صلي الله عليه وآله وسلم

اشارة

المطلب الثالث في بيان:
[علة تعليق الفعل بالاسم الوصفي دون الاسم الصريح في الآية] والملفت للنظر أنه تعالي عبر في الآية عن حبيبه ب {يصلون علي النبي} ولم يقل علي محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) كما وقع لغيره من الأنبياء صلي الله علي نبيا وآله وعليهم وسلم، ففي سورة الصافات: {سلام علي نوح في العالمين} آية: [79] بالاسم الصريح وكذا قوله تعالي: {سلام علي إبراهيم} آية: [109]، و {سلام علي موسي وهارون} آية: [120]، وغيرها من الآيات التي سماهم فيها، كما ولم يعلقه بصفة الرسالة كقوله تعالي: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك} [المائدة: 67].
وإنما عبر عن حبيبه صلي الله عليه وآله وسلم بذلك الوصف {النبي} لما في ذكر الصفة من التعظيم والفخامة والكرامة التي اختص بها عن سائر الأنبياء، إشعارا بعلو قدره وإعلاما بتفضيل علي سائر الرسل ولذا لما ذكر مع خليل الله ذكر بوصف النبوة وذكر الخليل باسمه فقال {إن أولي الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي} [آل عمران: 68].
وهذه فضيلة عظيمة قد نوه العلماء بذكرها، وشرفها وجعلها من خصوصياته، وأما المواضع الأربعة التي ذكره تعالي باسمه الصريح في القرآن الكريم فلا يخفي إنما ذكر لمصلحة تقتضي التصريح باسمه الشريف ولإعتبارات بلاغية تستبطن معاني دقيقة، وعدم اللبس و الإيهام في المعني المقصود وقد فصلوا القول فذلك المفسرون في كتبهم ولاحظ من ضمنهم الكشاف للزمخشري.
ولا يخفي علي أهل الفضل أن التعليق بوصف النبوة دون الرسالة يشير إلي تعظيم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وأن الصلاة شرعت لذلك.
(٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب تفسير الكشاف للزمخشري (1)، القرآن الكريم (1)، سورة الصافات (1)، الصّلاة (1)

* اختلاف المعني في خطاب القرآن ب [يا أبها الرسول] و [يا أيها النبي]

يفهم ذلك مما ذكره علماء التفسير من أن الخطاب في القرآن الكريم علي نحوين:
النحو الأول خطاب النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بوصف الرسالة والآخر بوصف النبوة.
ونلاحظ في خطابه بالرسالة يشير أن المخاطب به من شأن من شؤون الرسالة ومسؤوليتها وأمر من أمورها التبليغية كقوله تعالي: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} [المائدة: 67]، فإن تبليغ الناس الإمام علي [صلوات الله وسلامه عليه] وأنه صاحب الخلافة الربانية والإمامة الإلهية هو من مسؤوليات الرسول صلي الله عليه وآله وسلم وواجبات الرسالة وأركانها وامتداد لكيانها وتجسيد لذاتها.
وهذا بخلاف الخطاب بوصف النبوة فإن المخاطب به غالبا ما يكون من شؤون النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم والخاصة به، ومن لوازم مقامه السامي وشخصيته المعصومة كقوله في مقام تعظيمه في أسرته: {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا} [الأحزاب: 28]، وقوله تعالي: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم} [التحريم: 1]، وغيرها من الآيات.
فإن هذه المنزلة لنسائه تعظيما لشأنه ومقامه كما أن تحريمه العسل كان تحريما خاصا علي نفسه لخلقه العظيم فيما يكون إرضاء لبعضهن.. وعليه يكون تعليق الفعل في آية الصلوات: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي} بوصف النبوة معناه أن شخصية النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ومنزلته النبوية تقتضي تعظيمه والصلاة عليه أو قل: إن الصلاة عليه استحقها من ناحية خلقه الذي شهد له الحق بعظمته فقال:
{وإنك لعلي خلق عظيم} [القلم: 4]،
(٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، القرآن الكريم (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (2)

* معني النبوة المطلقة والنبوة المقيدة

وقد روي عن أنس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [من صلي علي وعلي آلي تعظيما لحقي خلق من ذلك القول ملكا … فيقول الله عز وجل: صل علي عبدي كما صلي علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم، فهو يصلي عليه إلي يوم القيامة] (24). أقول: ولعل هذه الصلاة علي نحو التعظيم والتبجيل تقتضي تجانس الثواب والأجر للمصلي سواء كان في الدنيا أو في الآخرة كما لا يخفي.
ومما يجب أن يعلم في هذا المقام ما ذكره بعض العرفاء من أن المقصود بالنبوة هي النبوة المطلقة العامة لا النبوة المقيدة، لذا كان تعظيمه مفروضا في العوالم من عالم الملائكة والمجردات، ومعني النبوة المطلقة هي النبوة الحقيقية الموجودة في الأزل، الباقية إلي الأبد القديمة بقدم الواجب فهي القديمة وجودا، والحادثة ذاتا، ومعناها إطلاع النبي المخصوص بها علي استعداد جميع الموجودات بحسب ذواتها وماهياتها وإعطاء كل ذي حق حقه الذي يطلبه بلسان استعداده، من حيث أنه الإنباء الذاتي والتعليم الحقيقي الأزلي المسمي بالربوبية العظيمة والسلطنة الكبري.
ويسمي صاحب هذا المقام الخليفة الأعظم والإنسان الكبير ويعبرون عنه بالقلم الأعلي والعقل الأول والروح الأعظم. وإلي هذا المعني إشارة في [أول ما خلق نوري] (25) و [خلق الله آدم علي صورته]، وكذلك [من رآني فقد رأي الحق] (26) وغير ذلك من الأخبار فيه.
وإليه أشار المحققون في اصطلاحهم بعين الله وعين العالم، بقولهم: عين الله هو الإنسان الكامل المتحقق بحقيقة البرزخية الكبري.
وتستند جميع العلوم والأعمال إلي هذا الإنسان الكامل، وكذلك تنتهي إليه جميع المقامات والمراتب. سواء كان هذا الإنسان الكامل رسولا أم وصيا، أو كان نبيا أم وليا وباطن هذه النبوة المطلقة هي الولاية المطلقة، فالولاية المطلقة عبارة عن حصول جميع
(٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (2)
هذه الكمالات بحسب الباطن في الأزل، وبقاؤها إلي الأبد، ومرجع هذا المعني إلي فناء العبد في الحق، وبقاؤه ببقاء الحق. وإليه أشار بقوله صلي الله عليه وآله وسلم: [أنا وعلي من نور واحد] (27)، و [خلق الله روحي وروح علي بن أبي طالب عليه السلام قبل أن يخلق الخلق بألفي عام] (28)، علي اختلاف الروايات. وإن الله بعث عليا مع كل نبي سرا ومعي جهرا. وقول الإمام علي عليه السلام: [وكنت وليا وآدم بين الماء والطين] (29).
وفي منهاج الكرامة في قوله تعالي: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} [الأعراف: 172]، من كتاب الفردوس لابن شيرويه يرفعه عن حذيفة اليماني قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: لو يعلم الناس متي سمي علي أمير المؤمنين ما أنكروا فضله، سمي أمير المؤمنين وآدم بين الروح والجسد. قال الله عز وجل:
{وإذ أخذ ربك من بني آدم} الآية المتقدمة، قالت الملائكة: بلي، فقال تبارك وتعالي:
أنا ربكم، ومحمد نبيكم، وعلي أميركم (30).
وورد من طرق العامة نحوه ففي ينابيع المودة: روي مير سيد علي الهمداني بإسناده عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله متي وجبت لك النبوة؟ قال: قبل أن يخلق الله آدم وينفخ الروح فيه، وقال: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم علي أنفسهم ألست بربكم} [الأعراف: 172] قالت الأرواح: {بلي} قال الله تعالي: أنا ربكم، ومحمد نبيكم، وعلي أميركم (31).
وفي تأويل الآيات، في سورة الواقعة، عن الإمام علي عليه السلام: [ألا إني أخو رسول الله، وصديقه الأول، وآدم بين الروح والجسد].
وأما النبوة المقيدة فمعناه هو إخبار عن الحقائق الإلهية، أي معرفة ذات الحق تعالي وأسمائه وصفاته وكماله وأحكامه، فإن ضم إليه تبليغ الأحكام والتأديب بالأخلاق والتعليم (بالحكمة) والقيام بالسياسة فهو النبوة التشريعية ويختص بالرسالة (32).
(٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو هريرة العجلي (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، علي بن أبي طالب (1)، سورة الواقعة (1)، الكرم، الكرامة (1)

المطلب الرابع: * صلاة الملائكة علي كثرتهم

المطلب الرابع في صلاة الملائكة:
[ … وملائكة يصلون … ] من الواضح أن {ملائكته} بالإضافة إلي الضمير ولم يقل (الملائكة) بالام إشارة إلي عظم قدرهم ومزيد شرفهم بإضافتهم إلي الله تعالي، وذلك مستلزم لتعظيمه صلي الله عليه (وآله) وسلم بما يصل إليه منهم، من حيث أن العظيم لا يصدر منه إلا عظيم، ثم فيه تنبيه علي كثرتهم، وأن الصلاة من هذا الجمع الكثير الذي لا يحيط بمنتهاه غير خالقه، واصلة إليه صلي الله عليه (وآله) وسلم علي ممر الأيام والدهور مع تجددها كل وقت وحين، وهذا أبلغ تعظيم وأنهاه وأشمله وأكمله وأزكاه.
والجدير بالالتفات والتوجه الدقيق إلي كلمة: {ملائكته} فإنها كما تعرفت بالإضافة التي جاءت للتشريف والتعظيم، كما وتدل علي إفادتها للعموم، أي أن كل ملك خلقه الله تعالي بلا استثناء يصلي علي محمد وآل محمد في ما يناسب مقامه نحو الكمال والتطبيق والملائكة لا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم {وما يعلم جنود ربك إلا هو} [المدثر: 31].
وقال الإمام علي صلوات الله عليه وهو يصف كثرة الملائكة (من أول خطبة في نهج البلاغة): [ثم فتق ما بين السماوات العلا، فملأهن أطوارا من ملائكته، منهم سجود لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافون لا يتزايلون ومسبحون لا يسأمون لا يغشاهم نوم العيون ولا سهو العقول ولا فترة الأبدان ولا غفلة النسيان. ومنهم الثابتة في الأرضين السفلي أقدامهم … ].
وقال في خطبة (91) والتي تعرف ب (الأشباح): [ثم خلق سبحانه لإسكان سماواته، وعمارة الصفيح الأعلي من ملكوته، خلقا بديعا من ملائكته، وملأ بهم فروج فجاجها، وحشا بهم فتوق أجوائها … وأنشأهم علي صور مختلفات، وأقدار متفاوتات، (أولي أجنحة) … ومنهم من هو في خلق الغمام الدلج، وفي عظيم الجبال الشمخ، وفي قترة الظلام الأيهم، ومنهم من قد خرقت أقدامهم تخوم الأرض
(٨١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الصّلاة (2)، السهو (1)
السفلي … وليس في أطباق السماء موضع إهاب إلا وعليه ملك ساجد، أو ساع حافد … ].
وغيرها من الأخبار التي يستفاد منها أن أعداد الملائكة كثيرة بحيث لا يمكن مقايسة أعدادهم بالبشر بأي شكل من الأشكال، ففي مسند أحمد رقم [12100] قال حدثنا حسن، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه].
وحينما سئل الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: هل الملائكة أكثر أم بنو آدم؟ قال:
[والذي نفسي بيده لملائكة الله في السماوات أكثر من عدد التراب في الأرض، وما في السماء موضع قدم إلا وفيها ملك يسبحه ويقدسه، ولا في الأرض شجر ولا مدر إلا وفيها ملك موكل بها يأتي الله كل يوم بعملها والله أعلم بها، وما منهم أحد إلا ويتقرب كل يوم إلي الله تعالي بولايتنا أهل البيت، ويستغفر لمحبينا ويلعن أعدائنا ويسأل الله أن يرسل عليهم العذاب إرسالا] (33).
أقول: وهي عبارات أخري عن الصلوات الفعلية التي هي من شؤون الملائكة كما لا يخفي، وبملاحظة ما سبق يتضح تقرب الملائكة بهم إلي الله وبالصلوات عليهم، والاستغفار لمحبيهم (كما يأتي في بحث معاني الصلوات) وبلعنهم لأعداء أهل البيت الذين هم أعداء الثقل الثاني الذي خلفه النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في أمته الذين من تمسك به وبالقرآن هدي رشد، ومن تخلف عنها ضل وكفر، كما في حديث الثقلين المتواتر وهو صريح قوله تعالي: {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين * أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين * خالدين فيها لا يخفف
(٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، أنس بن مالك (1)، حماد بن سلمة (1)، الظلم (1)، العذاب، العذب (1)، الصّلاة (2)

الملائكة خلق لا يحصي

عنهم العذاب ولا هم ينظرون * إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم} [آل عمران: 89]. وإضافة علي ذلك فقد روي عن الإمام علي صلوات الله عليه (من الخاصة) أن هذه الآيات نزلت في أعداء آل محمد صلي الله عليه وآله وسلم (34).
ونعود إلي ما كنا بصدده (كثرة الملائكة) فقد عرفت من ثنايا تلك الأخبار كثرة الملائكة، وعدم إحصائهم كما أخبر تعالي بقوله: {الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثني وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله علي كل شئ قدير} [فاطر: 1]، ولو أردنا الاسترسال في ذكر ما ورد في الملائكة وأعدادهم وكثرتهم لاحتجنا إلي مصنف مستقل.
وما ذكر يكفي في تصور عظمة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في تعبد الملائكة ب (الصلاة علي محمد وآل محمد) علي كثرتهم التي لا تحصي، وجعلها عبادة لهم يتقربون بها إليه عز وجل كما تدل الروايات الواردة في ذلك.
وفي الاحتجاج، ص: 210، عن موسي بن جعفر عن آبائه عليهم السلام أن يهوديا سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن معجزات النبي صلي الله عليه وآله وسلم في مقابلة معجزات الأنبياء؟ فقال: هذا آدم أسجد الله له ملائكته فهل فعل بمحمد شيئا من هذا؟
فقال علي عليه السلام: [لقد كان ذلك ولكن أسجد الله لآدم ملائكته فإن سجودهم لم يكن سجود طاعة، أنهم عبدوا آدم من دون الله عز وجل ولكن اعترافا لآدم بالفضيلة، ورحمة من الله له، ومحمد صلي الله عليه وآله وسلم أعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله جل وعلا صلي عليه في جبروته، والملائكة بأجمعها، وتعبد المؤمنون بالصلاة عليه فهذه زيادة له يا يهودي..].
وقد أمرهم تعالي أن ينقصوا من ذكره و (يصلوا علي محمد وآل محمد) لأنه من فصيلة ذكره عز ذكره، ويستفاد من لفظ {يصلون} في الآية حيث هو مضارع أن الصلوات
(٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، يوم عرفة (1)، موسي بن جعفر (1)، السجود (1)، الصّلاة (2)، العذاب، العذب (1)
تتوالي باستمرار من الملائكة الذين لا يعلم عددهم إلا هو سبحانه وتعالي ويأتي زيادة بيان له في المطلب التالي.
بل الصلوات هي أفضل ما يتقربون به إلي الله تعالي علي نحو الترقي وانكاك جهاتهم وحركتهم نحو الكمال. قال النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم (مخاطبا لعلي صلوات الله وسلامه عليه): [أتدري ما سمعت من الملأ الأعلي فيك ليلة أسري بي يا علي؟ سمعتهم يقسمون علي الله تعالي بك ويستقضونه حوائجهم ويتقربون إلي الله تعالي بمحبتك، ويجعلون أشرف ما يعبدون الله به الصلاة علي وعليك …
وسمعت الأملاك يقولون: اللهم وطهرنا بالصلاة عليه وعلي آله الطيبين] (35).
أقول: لعل المقصود من الطهارة هو التخلص من الجهات الإمكانية وتجردهم في حركتهم نحو الكمال الإلهي أو باعتبار ترقيهم في مقاماتهم علي مذهب من يري التشكيك فيها أو باعتبار استمرار العلة المبقية.
وقد ورد في معني ذلك عن العامة عدة أحاديث وقد ذكرنا تفصيل هذا المطلب في بحث [الصلوات علي محمد وآل محمد أفضل الذكر]. فراجع.
ومن الطريف ما ذكره أبو هريرة الصفوري الشافعي في كتابه نزهة المجالس ج: 2، ص: 448: [قال جبرائيل يا محمد أن الله تعالي لما خلقني مكثت عشرة آلاف سنة لا أدري ما اسمي، ثم ناداني يا جبرئيل! فعرف اسمي جبرئيل، فقلت: لبيك، اللهم لبيك. فقال: قدسني. فقدسته عشرة آلاف سنة.
ثم قال: مجدني. فمجدته عشرة آلاف سنة. ثم قال: احمدني. فحمدته عشرة آلاف سنة. ثم كشف لي عن ساق العرش، فرأيت سطرا مكتوبا، ففهمني إياه، فإذا هو لا إله إلا الله محمد رسول الله. فقلت: يا رب من محمد رسول الله؟
فقال: يا جبرئيل لولا محمد ما خلقتك، بل لولاه ما خلقت جنة، ولا نارا، ولا شمسا، ولا قمرا. يا جبرئيل صل علي محمد فصليت عليه عشرة آلاف سنة].
(٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو هريرة العجلي (1)، الصّلاة (4)، الطهارة (1)

* معني مثلية المعادلة بين الصلوات والأذكار الأربعة

وفي مستدرك الوسائل عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: [لما خلق الله العرش، خلق سبعين ألف ملك، وقال لهم: طوفوا بعرشي النور، وسبحوني، واحملوا عرشي، فطافوا وسبحوا، وأرادوا أن يحملوا العرش فما قدروا فقال لهم الله عز وجل: طوفوا بعرشي النور وصلوا علي نور جلالي محمد حبيبي واحملوا عرشي، فطافوا وحملوه وقالوا: ربنا أمرتنا بتسبيحك وتقديسك، وأمرتنا أن نصلي علي نور جلالك محمد فننقص من تسبيحك؟ فقال الله لهم: يا ملائكتي إذا أنتم صليتم علي حبيبي محمد فقد سبحتموني، وقدستموني وهللتموني.
وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال له رجل جعلت فداك أخبرني عن قول الله تبارك وتعالي وما وصف من الملائكة: {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} [الأنبياء: 20] ثم قال: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} كيف لا يفترون وهم يصلون علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم؟
فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله تبارك وتعالي لما خلق محمدا (صلي الله عليه وآله وسلم) أمر الملائكة فقال: أنقصوا من ذكري بمقدار الصلاة علي محمد (صلي الله عليه وآله وسلم): فقول الرجل: [صلي الله علي محمد في الصلاة مثل قوله: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر] (36).
أقول: المثلية هنا من حيث المعني الذي تحمله الصلاة وليس فقط من ناحية الأجر والثواب أي أن الصلاة هي العبادة التي تساوي هذه الأذكار في ما تجسدها الملائكة في أفعالها وشئونها الخاصة وسنخ عبادتها وتقربها إلي ساحة الفيض وازدياد قابليتها وتهيأ ذواتها المقدسة لذلك وسيرها نحو الكمال اللامتناهي، كل ذلك توجبه روحانية الصلاة علي محمد وآل محمد وحركتها الغيبية في تحقق الصلاة، أو قل الصلاة الفعلية الملائكية، ومعني هذه الصلاة يأتي مفصلا كما ولنا في هذا المضمار كلام مفصل يأتي في أبحاث هذا الكتاب إن شاء الله تعالي.
(٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، أبو عبد الله (1)، الصّلاة (7)، الفدية، الفداء (1)
ولا يخفي أن هذا المعني يستفاد من الأحاديث المستفيضة عن العامة والخاصة من كتب الحديث والفضائل ذكر منها الكثير صاحب البحار منها ما روي عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: [إن أشرف أعمال المؤمنين في مراتبهم التي قد رتبوا فيها من الثري إلي العرش الصلاة علي محمد وآله الطيبين صلي الله عليهم، واستدعاء رحمة الله ورضوانه لشيعتهم المتقين، واللعن للمتابعين لأعدائهم المجاهرين المنافقين] (37).
وفي الدر المنثور عند تفسير الآية ذكر قوله صلي الله عليه وآله وسلم: [قد كان في الله وملائكته كفاية ولكن خص المؤمنين بذلك ليثيبهم عليه].
أقول: ففي مقام الإفاضة في الصلاة الجمالية والجلالية والصلاة في مقام اللطف الرباني فيه عز وجل الغني والكفاية فإنه منبع كل شئ، وكذا في مقام الإستفاضة للملائكة في التجليات الإلهية للفيض المنبسط والولاية العامة، وترقيهم نحو الكمال، وتوجههم إلي المبدأ من خلال النور الأول. وإنما أمر المؤمنين بها مثوبة إليهم، وقربة لهم، ورحمة عليهم وترقيا لهم في سفرهم نحو الكمال، وانكشافا لحالات ملائكية، ونفحات ملكوتية في أنفسهم، وتطهيرا لأرواحهم وعوالمهم..
(٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الغني (1)، الكرم، الكرامة (1)، النفاق (1)، الصّلاة (3)

المطلب الخامس: * ديمومة الصلوات وعدم تقييدها بالزمان

اشاره

المطلب الخامس في:
[ديمومة الصلاة علي محمد وآل محمد] والذي يجلب الانتباه ويستلفت النظر في تفسير الآية أن {يصلون} جاء فيها بفعل مضارع فيه دلالة علي الاستمرار والحدوث، والتجدد للصلوات عليه وعليهم في كل آن أي أن المبدأ الجامع لكل الكمالات والصفات يستوجب أن تستمر صلواته وإفاضاته إلي مالا نهاية لها علي النبي الأكرم وعلي آله [عليهم الصلاة والسلام] لرحمته الواسعة التي لا نفاد لها، ولاستمرار فيضه، وفضله علي من يستحق ذلك.
قال الإمام زين العابدين في الصحيفة السجادية دعاء (47) الذي كان يدعو به يوم عرفة: [رب صل علي محمد وآله صلاة تجاوز رضوانك، ويتصل اتصاله ببقائك، ولا تنفد كما لا تنفد كلماتك. رب صل علي محمد وآله، صلاة تنتظم صلوات ملائكتك، وأنبيائك، ورسلك، وأهل طاعتك، وتشتمل علي صلوات عبادك من جنك، وإنسك، وأهل إجابتك، وتجتمع علي صلاة كل من ذرأت، وبرأت من أصناف خلقك. رب صل عليه وآله صلاة تحيط بكل صلاة سالفة، ومستأنفة. وصل عليه وعلي آله صلاة مرضية لك، ولمن دونك، وتنشئ مع ذلك صلاة تضاعف معها تلك الصلوات عندك، وتزيدها علي كرور الأيام زيادة في تضاعيف لا يعدها غيرك..].
يطلب الإمام من الله تعالي أن يصلي علي النبي الأكرم وآله صلي الله عليهم أجمعين عدد الصلوات التي صلاها، وتصليها الملائكة، والأنبياء، والجن، والإنس، وعدد التسبيحات التي تسبحها بحمده جميع مخلوقاته، من حيوان، ونبات، وجماد. (وسيأتي توضيح ذلك عن قريب) ويطلب الإمام: أن تبقي صلواته عليهم ببقائه وتدوم بدوامه، علي أن تتضاعف في كل لحظة أضعافا لا يحصيها إلا هو.
(٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، يوم عرفة (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (14)، الوسعة (1)

* استمرار حكم الصلوات في حياته وعبد ارتحاله

وبديهيا أن هذه الصلوات التي لا يعرف مداها إلا الله تعالي، إن هي إلا صدي لعظمة النبي الأكرم وآله الطاهرين عليهم وعلي جدهم الصلاة والسلام، ومكانتهم عند الله عز وجل وملائكته ورسله، واستمرار لفيضه تعالي لهم ومددا لرحمته الخاصة، ولطفه لدوام عصمتهم، واستقامتهم.. وإيصال النفع من خلالهم، وإنزال الخير ببركتهم.
ثم إن قوله تعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي} جملة اسمية ظاهر في الثبوت والاستقرار، أي إن الله يصلي وملائكته يصلون. علي قراءة رفع الملائكة عطفا علي محل (إن) واسمها، وهو ظاهر أيضا علي الثبوت والاستقرار بناء علي العطف.
وعلي كلا الوجهين تدل الجملة علي ذلك، فإنها تدل بخبرها علي التجدد المستمر، والحدوث المتتالي، وتدل بمبتدئها علي الاستقرار والثبوت وهو كذلك فإنها باقية ومستمرة باستمرار وجوده تعالي فلا يكون لها آخر تنتهي إليه كما مر في عبارات الدعاء.
وأيضا في إطلاق الآية: دلالة علي استمرار الحكم في حياته، وبعد مماته صلي الله عليه وآله وسلم، وأنه شامل لكل مؤمن، ومؤمنة في كل وقت، ومكان موجب عليهم أداء حق النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم من التوقير، والتعظيم، والدعاء، والترحم وعظيم الشكر في سبيل تسجيل الاعتراف بما له صلي الله عليه وآله وسلم من فضل خالد الأثر في هواهم إلي الحق، والخير، وسعادة الدارين، وإخراجهم من الظلمات إلي النور الوهاج الذي سيبقي ساطعا في الخافقين، والذي سيزداد سطوعا كلما استقامت عقول الناس، وحسنت نواياهم، واستنارت بصائرهم فاستباقوا سبل الهدي والسعادة بفضل ذلك النور..
ومما روي عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: [اللهم صل علي محمد وآل محمد في الأولين، وصل عليهم في الآخرين، وصل عليهم في الملأ الأعلي، وصل
(٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشكر (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (3)، الطهارة (1)

* سر الاستدامة علي الصلوات

عليهم أبد الآبدين، صلاة لا منتهي لها، ولا أمد دون رضاك، آمين، آمين رب العالمين] (48).
وقد حثت الأخبار الكثيرة علي مداومة الصلاة علي محمد وآل محمد لما فيها من انعكاس العلاقة الشديد، وحصول السنخية بينه وبين أوليائه المقربين، والارتباط الوثيق بشخصيات أهل بيت النبوة، وذلك انطلاقا مما يعيشه الإنسان الذاكر من استحضاره، وأنسه بواسطة الخير والفضل، والتعرض للرحمة وبالتوجه إلي منبع الخير وواسطة إفاضة الفيض، واستدرار للبركة، وكل ما يصدر من المبدأ الذي يقتضيه هذا الذكر الطاهر، والعبادة العظيمة، فالعبد بمداومته علي الصلوات يتعرض إلي المحاولة المستمرة مع النفس للوصول إلي القرب من باب الرحمة، والقابلية والوقوف في ساحة بحر جوده تعالي وكرمه الذي يؤهله أن ينصبغ بصبغته، وتقرب سنخيته إلي أسباب الخير ووسائل الفضل.
ومما اهتديت إليه من الحكمة في حث الأئمة عليهم الصلاة والسلام علي مداومة العبد لهذه العبادة أي الصلاة علي محمد وآل محمد فكريا أو عقليا أو نفسيا أو عمليا أو لفظيا أن العبد قل أن يكون خاليا من المعاصي الدائمة الحقيقية منها أو النسبية بما يشمل الأولياء فينبغي أن يكون علي عبادة بنحو ذلك أيضا، وليس هناك عبادة أفضل من الصلوات يكون عليها كذلك أي يكون علي عبادة دائمية بحيث يناسب تكفير تلك المعصية أو دفعها أو رفعها فإن للصلوات آثار تستمطر سحائب الجود الطاهر والكرم الإلهي والنوال الرباني وتستجلب التأثيرات العجيبة والاستعدادات الغير المتناهية.
ولعل من هنا ورد التأكيد علي المداومة في عمل صالح مهما كان نوعه وحجمه ففي نهج البلاغة قال عليه الصلاة والسلام: [قليل تدوم عليه أرجي من كثير مملول منه].
وقال: [قليل مدوم عليه خير من كثير مملول منه]. حكمة رقم: 278 و 444.
وفي الكافي عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: [أحب الأعمال إلي الله عز وجل ما داوم عليه العبد وإن قل].
(٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، الجود (1)، الوقوف (1)، الصّلاة (6)
ثم إن المؤمن - انطلاقا من وجوب استمرار العلة لبقاء الخير الفيض - بحاجة دائما في جميع حالاته وأموره وأعماله وفي كل حالاته إلي المدد الإلهي والإعانة الغيبية والهداية المستمرة آنا فآنا، أي أنه يحتاج في كل لحظات حياته وفي كل نفس من أنفاسه إلي الرعاية الإلهية وبصورة متجددة ودائمة. لئلا يتخلف عن سبيل الحق والانزلاق عن الصراط المستقيم، وانقطاع السير إلي نحو الكمال، وليكون دائما متعلقا بيد اللطف الرباني والعلة المبقية له علي تلك العصمة وهذه هو المسمي عند أهل الله: ب [التوفيق].
وإذا أردنا أن نصور ذلك بدقة علي نحو مثال فإنه يقال في صحة الإنسان: يجب أن لا يكتفي بعافيته وسلامته بل ينبغي له أن يحاول استدامة تلك العافية والسلامة في مزاجه بأن يوفر الرعاية الدائمة والحفاظ علي مقوماتها كنقاوة البيئة واستنشاق الهواء النقي والرقابة الطبية في التغذية والوقاية البدنية في النظافة والنظرة الصحية في كل ما يناول والاجتناب عن مظنة الجراثيم والمكروبات وغيرها من الأسباب التي تقتضيها السلامة في الإنسان في كل آن وفي جميع لحظاته بحيث لو فرط في تلك الرقابة والوقاية أو غفل عنها ستكون النتيجة المرض الخطير وقد يؤدي به إلي فقدان حياته وخسران سلامته.
وعلي هذا النحو تكون سلامة الروح والنفس والعقل.. في ديننا وإيماننا فإنه من السهل جدان يصبح الإنسان مؤمنا ولكن من الصعب بألف مرة أن يداوم علي سلامة إيمانه واستقامته في أوامر الله سبحانه ولا يمسي كافرا أو يبيت كذلك فيمسي مؤمنا، قال تعالي: {واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم} [الشوري: 15]، وعليه فيحتاج المؤمن دائما إلي أن يستمطر لطفه عز وجل به وتوفيقه في ثبوته علي روح الإيمان، وأن يكون بالاستمرار في معرض طلب الاستقامة الربانية والهداية الإلهية ولم يوجد لذلك أعظم من الصلاة المحمدية والاستعانة بواسطة الفيض والتوفيق.
وعدم ذلك يعني انزلاق الإنسان عن سيل الحق وتسلط الجراثيم المعنوية والأرواح الشريرة عليه بحيث تفقده حلاوة الإيمان وطعم الطاعة وروح العمل الصالح وبالنتيجة
(٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: المرض (1)، الصّلاة (1)، الوجوب (1)

* طلب: صلاة معروفة بالنماء وباقية بعد الفناء

اقتلاع عروق شجر الإسلام من نفسه، فإن المكروبات الشيطانية والموانع الباطنية التي توجب الأمراض الروحية أخطر وأنفذ بكثير من المكروبات المادية التي تسبب غالبا الأمراض الظاهرية والبدنية.
ولا يخفي أن الأخطار التي يتعرض لها عالم النفس لا يقاس بما يتعرض لها الجسم، فإن الذنوب القلبية وطبيعة النفس الأمارة ومادية الجسد الذي هو قفص الروح يميل إلي الانحطاط والشهوات.. مما يجعلها بحاجة دائما إلي أن تتجلي بنور رباني ومناعة عبادية تقويه وتزيد في إشراقه كي تفوز في مقاومة كل ما يمكن أن يضعف إيمانها ويتعرض لدينها واستقامتها من هنا تعبدنا الله أن نطلب دائما من منه عز وجل، وفي كل نفس نتنفسه إدامة تلك النعم والهداية والاستقامة في حياتنا وسيرنا نحو الكمال، وقد جاء في تفسير:
{اهدنا الصراط المستقيم}، عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: [أي أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلي محبتك، والمبلغ إلي جنتك، والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطف، أو أن نأخذ بآرائنا فنهلك] (49).
ومن جميع ما تقدم ناسب أن يكون لنا عمل مستمر في حياتنا ولعل هذا من أسرار وجوب الصلاة في كل يوم في الليل والنهار إلا أنه ينبغي أن تشكل الأعمال سدا منيعا وعاملا دافعا لكل ما يمكن أن يهجم علي هذه النفس وتلوثها وليس هناك أفضل من الصلاة علي محمد وآل محمد في ذلك التأثير واستدرار التوفيق فكأن الواجبات تكون عبارة عن إحداث السد، وهذه الصلاة تكون لإحكامه وتقويته، وكلما تزداد كيفيتها في مقام المعرفة والإخلاص.. تكون أبلغ لما ذكر، وعليه تعرف الحكمة من حث الشريعة علي الصلوات والمداومة عليها.
وفي بعض الأدعية: [وصل عليهم أجمعين صلاة تبلغنا بركتها، وينالنا نفعها، وتغمرنا بأسرها، ويستجاب دعاؤنا بها..] [1].
[1] - البحار، ج: 98، ص: 177، رواية: 1، باب: 8.
(٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، كتاب الصراط المستقيم لعلي بن يونس العاملي (1)، الصّلاة (3)
وفي آخر: [اللهم صل علي محمد وآل محمد، صلاة تبلغهم بها رضوانك، وتدخلنا معهم في كرامتك، وتنجينا بهم من سخطك والنار..] [1].
وفي إحدي زيارات الحسين عليه السلام: [اللهم إني أصلي عليه كما صليت عليه وصلي عليه رسولك وأمير المؤمنين صلاة متتابعة متواصلة مترادفة يتبع بعضها بعضا في محضرنا هذا وإذا غبنا وعلي كل حال صلاة لانقطاع لها ولا أمد ولا أجل..].
ثم لا يخفي ما في تجدد للصلاة من تفاعل آثارها المعنوية والغيبية للمصلي عليهم (من غير أهل البيت عليهم الصلاة والسلام) فيما يناسب مقامه واستعداده وقابليته حسب العوالم عالم الطبيعة وعالم البرزخ وعالم الآخرة، أما لهم عليهم السلام فهم في مقام البركة والنمو في ذلك وقد مر معناه.
قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: [اللهم اقرر عيني بصلاته وصلاة أهل بيته، وأسألك اللهم أن توصلنيهم وتقربني بهم لديك كما أمرتني بالصلاة عليه، وأشهدك أني مسلم له ولأهل بيته عليهم السلام، غير مستنكف ولا مستكبر، فزكنا بصلواتك، وصلوات ملائكتك إنه في وعدك وقولك: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما} [الأحزاب: 43] فأزلفنا بتحيتك، وسلامك، وامنن علينا بأجر كريم من رحمتك، واخصصنا من محمد بأفضل صلواتك {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم}، وزكنا بصلواته، وصلوات أهل بيته، واجعل ما آتيتنا من علمهم، ومعرفتهم مستقرا عندك، مشفوعا لا مستودعا، يا أرحم الراحمين] [2].
[1] - البحار، ج: 90، ص: 198، رواية: 32، باب: 9.
[2] - البحار، ج: 94، ص: 66، رواية: 54، باب: 29.
(٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الصّلاة (5)، الكرم، الكرامة (1)

المطلب السادس: * الصلوات أعظم أركان الإيمان

اشاره

المطلب السادس في أن:
[الصلاة أعظم أركان الإسلام وأشرف لوازم الإيمان] تلمح عبارة الآية: {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} بوصف الخطاب بالإيمان أن الصلاة والتسليم علي محمد وآله صلي عليهم وسلم من لوازم الإيمان وأركانه بل يكون ذلك تكميلا لدرجات إيمانهم وما به تمام الصورة والتحقق فإنها تنطلق عن إيمان وتزيدهم إيمانا علي إيمانهم قال النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم:
[من صلي علي إيمانا واحتسابا استأنف العمل] (50).
أقول: يشير الحديث أن الصلاة التي مبعثها الإيمان الكامل، وعن نية صادقة وقلب طاهر، وتوبة نصوح تكون سببا لغفران الذنوب فلا يحبط عمله، بل تكون سببا لقبوله و {ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} [الفتح: 4].
ولا يخفي أن مراتب آثار الصلاة تكون من حيث حقيقتها، فينبغي أن تكون هذه العلقة قائمة علي أركانها الثلاث جنانا وأركانا ولسانا أعني يجب أن تمثل الصلاة علي محمد وآل محمد من خلال المداومة العقيدة التي أكدوا عليها.. ومن خلال تجسيد تلك العقيدة في مقام العمل.. ثم التعبير بلسان المعرفة عن تلك العلقة المعنوية والعلاقة الباطنية والآية تشير إلي أكثر من هذا وهو أن الإيمان علي قسمين الإيمان بالمعني الأعم، والإيمان بالمعني الأخص. أما الأعم فهو الإيمان بالنبوة وتوابعها من التوحيد وغيره.. والأخص إضافة علي ذلك الإيمان بإمامة أهل البيت عليهم السلام، وفضلهم وخلافتهم ومقامهم السامي.. وكما تشير هذه الآية: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دين} [المائدة: 3]، تشير إلي فرض الولاية في تحقق حقيقة الإيمان ووجوب التمسك بالثقلين.
(٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، آية الإكمال (1)، الصّلاة (6)، الصدق (1)

* معني: [من لم يصل علي فلا دين له]

بل أعدت الصلاة في مقام الإيمان الكامل علي صعيد الواقع من العبادات والالتزام بالشريعة دين الله الذي ارتضاه وقد روي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [من لم يصل علي فلا دين له] [1].
وفي الدر المنثور عند تفسير الآية ذكر قوله صلي الله عليه وآله وسلم: [قد كان في الله وملائكته كفاية ولكن خص المؤمنين بذلك ليثيبهم عليه].
أقول: وهو إشارة إلي أن الصلاة وإن كان تشريعها لتعظيم النبي الأكرم " صلي الله عليه وآله وسلم " وعلي وآله " عليهم الصلاة والسلام " ويحصل ذلك بتعبد الملائكة بها إلا أن الله لرحمته علي الأمة لم يحرمها من ثوابها وآثارها. وذكر في التفسير أن في ذكر صلاته تعالي، وصلاة ملائكته علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قبل أمر المؤمنين بالصلاة عليه دلالة علي أن في صلاة المؤمنين له اتباعا لله تعالي وتأسيا واقتداءا بملائكته.
وفي الخطاب تنبيه للمؤمنين إلي ما يجب عليهم من الصلوات والسلام علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم دون غيره من الأنبياء تشريفا له، وأما آله المعصومون فهم بمنزلة نفسه في كل مقاماته الرسالية والنبوية إلا ما استثناه من نزول الوحي الخاص عليهم إذ قال تعالي: {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم … } [آل عمران: 61]. وحديث الثقلين والسفينة والمنزلة وغيرها دليل علي ذلك وقال القندوزي الحنفي في الينابيع المودة ص 16: فمن أكمل دعاءه للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بضم آله فقد استحصل كمال رضا الله، ورضا رسوله صلي الله عليه وآله وسلم، وأجزل الله أجره لأنه صلي الله عليه وآله وسلم منهم وهم منه بدليل أنه أدخل نفسه الكريمة المباركة في الآل. ثم نقل أحاديث استدل بها علي أن الإمام عليا عليه الصلاة والسلام هو نفس النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ثم قال بعد ذكر آية المباهلة: وعني قوله: {أنفسنا} نفس علي عليه السلام ومما يدل علي ذلك قوله صلي * (هامش) [1] - أخرجه الطبراني، رقم: 8941، 8942. وابن أبي شيبة في (الايمان)، ص: 15، وعبد الله بن أحمد في: (المنسد)، رقم: 772 من طريقين عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قوله بلفظ: من لم يصل فلا دين له. وإسناده حسن. (*)
(٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، حديث الثقلين (1)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، الطبراني (1)، عبد الله بن أحمد (1)، عبد الله بن مسعود (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (5)

* ابن العربي يبت الصلاة علي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام

الله عليه وآله وسلم: [لتنتهين بنو وليعة، أو لأبعثن رجلا كنفسي] يعني عليا. فهذه خصوصية لهم لا يلحقهم فيها بشر.
وأضاف: فمن هذه الدلائل ثبت أنه صلي الله عليه وآله وسلم أدخل نفسه المقدسة المكرمة المباركة في آله، فمن صلي، أو سلم علي آله كأنه صلي وسلم عليه، لأنه منهم وهم منه، ومن صلي، أو سلم عليه بضم آله فقد أكمل الصلاة والسلام عليه.
وقال: وفي أول الفتوحات المكية كتبها الشيخ الأكبر بيده عند ذكر علي (صلي الله عليه). فمن هذه الآيات والأحاديث علم أن لا تكون التصلية والتسليمة علي الأنبياء والملائكة مختصا لهم، ولدليل مشروعية التصلية والتسليمة في الصلاة بأمره صلي الله عليه و (آله) وسلم قولوا: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، وباك علي محمد وعلي آل محمد، والسلام علينا وعلي عباد الله الصالحين]، ومشروعية (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) حين الفراغ من الصلاة، وحين الملاقاة، وتبليغ المسلم التسليمة إلي أخيه المسلم برسول، أو بالكتابة إليه، وإنما نشأ هذه القول: بأنها مختصان للأنبياء والملائكة من التعصب بعد افتراق الأمة نسأل الله أن يعصمنا عن التعصب. انتهي.
ولا يخفي عليك الفرق بين الصلاتين وستعرف الفرق في السلام. ثم إن الله تعالي أمر المؤمنين أن يصلوا عليه صلي الله عليه وآله وسلم، وضروري أن للمؤمنين أسوة حسنة في الله والملائكة المقربين، فعليهم الإذعان والخضوع لساحته، والاعتراف بكرامته علي الله، ومكانته منه تعالي والدعاء له صلي الله عليه وآله وسلم بما يليق بجنابه من مواهبه تعالي ومن نظراته الرحيمة ونفحاته التي تستمطرها ذاته المقدسة. وكل ما ورد في بيان كيفية الصلاة في تفسير هذه الآية الكريمة وفي غيرها من الموارد، وخاصة الأدعية المتواترة المشحونة بالصلاة عليه وعلي آله هو امتثال لهذه الأمة، واتباع لهذه السنة الإلهية واستدرارا لرحمته، وأسوة بالملأ الأعلي. وهذا غاية التشريف والتكريم من الله تعالي للرسول الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، فإنه تعالي بعد الإعلان أنه يصلي علي رسوله
(٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب الفتوحات المكية لابن العربي (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (5)
وملائكته يصلون أمر بتشريفه تشريفا مخلدا، وجعل امتثاله عبادة لنفسه، وقرره علي ألسنة أوليائه وملائكته، في أذكارهم، ومناجاتهم، وعباداتهم في مقامات القرب ومواطن الأنس به تعالي. ومن هنا نعرف حكمة استدعاء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم من أمته الصلاة عليه وعلي آله، وذلك كرامة وتشريفا لنا، وأجرا وثوابا ولغير ذلك من الفوائد التي لا تحصي، منها: أن الدعاء مؤثر في استدار فضل الله ونعمته ورحمته وما وعد النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم من الحوض والشفاعة والوسيلة، وغير ذلك من المقامات المحمودة غير محدودة علي وجه لا يتصور الزيادة فيها..
قال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام في الصلاة علي جده: [اللهم سامك المسموكات، وداحي المدحوات، وخالق الأرض والسماوات، أخذت علينا عهدك واعترفنا بنبوة محمد صلي الله عليه وآله وسلم وأقررنا بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام فسمعنا وأطعنا، وأمرتنا بالصلاة عليهم فعلمنا إن ذلك حق فاتبعناه.
اللهم إني أشهدك وأشهد محمدا، وعليا والثمانية حملة العرش والأربعة الأملاك خزنة علمك إن فرض صلاتي لوجهك، ونوافلي وزكواتي وما طاب لي من قول وعمل عندك فعل محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين. اللهم اقرر عيني بصلاته وصلاة أهل بيته، وأسألك اللهم أن توصلنيهم وتقربني بهم لديك كما أمرتني بالصلاة عليه، وأشهدك أني مسلم له ولأهل بيته عليهم السلام، غير مستنكف ولا مستكبر.
فزكنا بصلواتك، وصلوات ملائكتك إنه في وعدك وقولك: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما}، فأزلفنا بتحيتك، وسلامك، وامنن علينا بأجر كريم من رحمتك، واخصصنا من محمد بأفضل صلواتك {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم}، وزكنا بصلواته، وصلوات أهل بيته، واجعل ما آتيتنا من علمهم، ومعرفتهم مستقرا عندك، مشفوعا لا مستودعا يا أرحم الراحمين] (51).
(٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، علي بن أبي طالب (1)، الطهارة (1)، الصّلاة (2)، الكرم، الكرامة (1)

المطلب السابع: * تعبد الجن وعالم المجردات بالصلوات

اشاره

المطلب السابع في:
[تعبد الجن بالصلاة علي محمد وآل محمد] الخطاب في الآية ب {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه} مما يختص بهذه الأمة دون سائر الأمم ففي القرآن أكثر من ثمانين موضعا لفظة {يا أيها الذين آمنوا} بنحو الخطاب، وبغير الخطاب أيضا كالتعبير ب {المؤمنين} فهذه الألفاظ مما شرف الله تعالي الأمة بها، وأما الأمم السابقة فقد عبر عنهم بلفظة القوم كقوله تعالي: {قوم نوح وقوم هود}، وقوله تعالي: {وقال يا قوم}، و {قال يا قوم أرأيتم إن كنت علي بينة} وقوله تعالي: {أصحاب مدين}، و {أصحاب الرس} و {بني إسرائيل} فالتعبير بلفظة: {الذين آمنوا} مما يختص التشرف به بهذه الأمة (52).
وثبت في محله (في أصول الفقه) أن التكليف في القرآن الكريم عام يشمل المخاطبين والغائبين إلي يوم القيامة، ولعله يمكن أن يقال: بحكم إطلاق الآية يشمل مؤمني الجن أيضا، كما وهناك الأخبار من الفريقين وردت في صلواتهم علي النبي وآله، وسنذكر بعضها في هذا المطلب، إلا أنه لابد من كلمة في ما يخص عالم الجن ليتضح مقصدنا في هذا المضمار.
فنقول: إن عالم الجن غير الإنسان خلافا للبعض كما وهو غير عالم الملائكة، بينهم وبين الإنسان قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك، ومن حيث القدرة علي اختيار طريق الخير والشر، ويخالفون الإنسان في أمورهما، وأصل الجان مخالف لأصل الإنسان، وسموا جنا لاجتنانهم أي استتارهم عن العيون، وإبليس من هذه الفصيلة، فقد قال تعالي: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه} [الكهف: 50].
وقد أخبرنا الله عز وجل أن الجن قد خلقوا من النار في قوله: {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} [الأعراف: 27]، وفي سورة الرحمن، آية: 15:
(٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، أصول الفقه (1)، القرآن الكريم (2)، سورة الرحمن (الرحمان) (1)، الصّلاة (1)، الإختيار، الخيار (1)

* القرآن يتحدث عن الجن

{وخلق الجان من مارج من نار} وخلق الجان متقدم علي خلق الإنسان لقوله تعالي:
{ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون * والجان خلقناه من قبل من نار السموم} [الحجر: 27]، فقد نصت الآية أن الجان مخلوق قبل الإنسان.
ووجود الجن ثابت باتفاق أهل الإسلام، حتي أن ابن تيمية يعتقد بوجود الجن. قال في مجموعة الفتاوي، ج: 19، ص: 10: لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن، ولا في: أن الله أرسل محمدا صلي الله عليه (وآله) وسلم إليهم.
وجمهور طوائف الكفار علي إثبات الجن … وأضاف وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواترا معلوما بالضرورة، ومعلوم بالضرورة أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة، بل مأمورون منهيون. وقال في ص: 13، جميع طوائف المسلمين يقرون بوجود الجن. انتهي.
أقول: ولا عبرة بمن أنكر عالم الجن، أو حمله علي عالم الملائكة من بعد ما نص القرآن عليه، وسمي سورة بكاملها باسم: [سورة الجن]، وأنهم مخلوقات عاقلة واعية مدركة ليسوا بأعراض ولا جراثيم، وأنهم مكلفون مأمورون منهيون. وإليك النصوص القرآنية التي تدل علي تكليف الجن باتباع الأوامر، والانتهاء عن النواهي، وأن الله خلقهم للغاية التي خلق الإنس من أجلها: قال تعالي: {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلي الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا * وأنه تعالي جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا * وأنه كان يقول سفيهنا علي الله شططا * وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن علي الله كذبا * وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا * وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا} [سورة الجن: 7].
(٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: ابن تيمية (1)، سورة الجن (2)، القرآن الكريم (1)، الظنّ (1)، البعث، الإنبعاث (1)

* الكفار والمؤمنون من الجن بشهادة القرآن

قال تعالي: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات: 56]، وقال عز وجل: {يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان} [الرحمن: 33].
فالجن بناء علي ذلك مكلفون بأوامر ونواهي، فمن أطاع رضي الله عنه وأدخله الجنة ومن عصي وتمرد فله النار، يدل علي ذلك نصوص كثيرة ففي يوم القيامة يقول الله مخاطبا كفرة الجن والإنس موبخا مبكتا: {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا علي أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا علي أنفسهم أنهم كانوا كافرين} [الأنعام: 130]، ففي هذه الآية دليل علي بلوغ شرع الله الجن، وأنه جاءهم من ينذرهم، ويبلغهم رسالة الله تعالي، ولذا صح العتاب والعذاب.
والدليل علي أن الكفرة منهم سيعذبون في النار قوله تعالي: {قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتي إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون} [الأعراف: 38].
وقال في وصف المنافقين منهم: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون} [الأعراف: 179].
وقوله تعالي في دخول بعضهم النار: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} [السجدة: 13].
والدليل علي أن المؤمنين من الجن يدخلون الجنة قوله تعالي: {ولمن خاف مقام ربه جنتان * فبأي آلآء ربكما تكذبان} [الرحمن: 46، 47]، فإن الخطاب أي {تكذبان} هنا للجن والإنس لأن الحديث في مطلع السورة خطاب إليهما، وفي الآية
(٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، النفاق (1)، السجود (1)، الخوف (1)
السابقة امتنان من الله علي مؤمني الجن بأنهم سيدخلون الجنة، فلم يكن تعالي ليمتن عليهم بجزاء لا يحصل لهم، وأيضا فإنه إذا كان يجازي كافرهم بالنار، وهو مقام عدل فلابد أن يجازي مؤمنهم بالجنة، وهو مقام فضل بطريق الأولي والأحري. ومما يدل أيضا علي ذلك قوله تعالي: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا} [الكهف: 107]، وما أشبه ذلك من الآيات المطلقة..
ومما لا شك فيه أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم مرسل إلي الجن والإنس.
قال ابن تيمية في المجموع الفتاوي، ج: 19، ص: 9، [وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمة المسلمين، وسائر طوائف المسلمين: أهل السنة والجماعة وغيرهم]. انتهي.
ويدل علي ذلك تحدي القرآن الكريم في الإتيان بمثله قال تعالي: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن علي أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} [الإسراء: 88]. وقد سارع فريق من الجن إلي الإيمان عندما استمعوا القرآن كما في سورة الجن: {قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلي الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا}.
وهؤلاء الذين استمعوا القرآن وآمنوا هم المذكورون في قوله تعالي: {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلي قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسي مصدقا لما بين يديه يهدي إلي الحق وإلي طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم * ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين} [الأحقاف: 29 و 32].
(١٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (5)، ابن تيمية (1)، سورة الجن (1)، الضلال (1)

* أحاديث الصلوات تشمل الجن بإطلاقها

فقد استمعوا للقرآن وآمنوا به، ورجعوا دعاة يدعون قومهم إلي التوحيد والإيمان، ويبشرونهم وينذرونهم، وقصة هؤلاء الذين استمعوا للرسول صلي الله عليه وآله وسلم يرويها البخاري في صحيحه ومسلم عن ابن عباس أيضا في صحيحه.
ويخبر القرآن أن منهم الأقوياء كقوله تعالي في عفريت الذي يخاطب النبي سليمان في قوته علي حمل عرش بلقيس وحلمه من اليمن إلي فلسطين: {قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين} [النمل: 39].
وقال تعالي: {وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون} [النمل: 39]، ومن الواضح أن جنود سليمان كانوا من المؤمنين.
وهم في هذا طوائف فمنهم الكامل في الاستقامة والطيبة وعمل الخير ومنهم من هو دون ذلك، ومنهم البله المغفلون، ومنهم الكفرة وهم كثرة الكاثرة يقول الله تعالي في حكاية عن الجن الذين استمعوا إلي القرآن كما في سورة الجن، آية: 11، {وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا} أي منهم الكاملون في الصلاح ومنهم أقل صلاحا، فهم مذاهب مختلفة كما هو حال البشر، ويقول الله عنهم: {وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا * وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا} [الجن: 15] أي أن منهم المسلمين والظالمين أنفسهم بالكفر، فمن أسلم منهم فقد قصد الهدي بعمله، ومن ظلم نفسه فهو حطب جهنم.
وبعد هذه الفكرة عن عالم الجن يجب أن يعلم أن الصلاة علي النبي وآله بحكم أنها عبادة عامة وتعظيم للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم تشمل أيضا مؤمني الجن كما وأن إطلاق الآية قد يدعي شموله كل المؤمنين من الجن والإنس من الموجودين في وقت الخطاب، والذين سيوجدون منهما فيما بعد فأن الأحاديث بإطلاقها تشمل أيضا الجن، ومن الطبيعي أنها تتناول الإنس كقوله صلي الله عليه وآله وسلم: [من صلي علي عشرا..] وقوله: [من صلي علي عند قبري..]، وقوله: [من صلي علي
(١٠١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (1)، سورة الجن (1)، القرآن الكريم (2)
يوم الجمعة..]، وقوله: [من صلي علي صلت عليه الملائكة..]، وقوله: [من صلي علي مرة خلق الله تعالي يوم القيامة علي رأسه نورا وعلي يمينه نورا وعلي شماله نورا وعلي فوقه نورا وعلي تحته نورا وفي جميع أعضائه نورا] (53). فإن الاسم الموصول يصدق علي كل عاقل يصلي إن خصصناه بالعقلاء.
وقال الإمام زين العابدين عليه السلام في الصحيفة السجادية دعاء (47) كان يدعو به يوم عرفة: [رب صل علي محمد وآله صلاة تجاوز رضوانك، ويتصل اتصاله ببقائك ولا تنفد كما لا تنفد كلماتك، رب صل علي محمد وآله، صلاة تنتظم صلوات ملائكتك، وأنبيائك، ورسلك، وأهل طاعتك، وتشتمل علي صلوات عبادك من جنك، وإنسك، وأهل إجابتك، وتجتمع علي صلاة كل من ذرأت، وبرأت من أصناف خلقك].
فقد نسب بهذه العبارات الصلوات كل المخلوقات ومنهم عالم الجن، ولاحظ المطلب التالي: [عمومية الصلوات].
وفي مطالع المسرات في شرح دلائل الخيرات، ص: 115 للإمام محمد مهدي الفاسي المالكي عند شرحه علي قوله صلي الله عليه وآله وسلم: [اللهم صل علي محمد عدد من صلي عليه]، قال: كالملك ومؤمني الجن والإنس. وقال في ص: 15، علي تفسيره الآية: والمراد بهذا الخطاب سائر المؤمنين به المكلفين بالدخول في ملته من الإنس وغيرهم.
وهناك أخبار عديدة في هذا المعني، وهذه الصلاة منهم في ما يناسبهم من مقاماتهم وقابلياتهم وحركتهم نحو الكمال أو متعبدون بها في عبادتهم الخاصة أو غير ذلك.
وذكر أهل اللغة عن ابن الأعرابي أنه قال: الصلاة من الله: رحمة، ومن المخلوقين الملائكة والإنس والجن: القيام والركوع والسجود، والدعاء والتسبيح، والصلاة من الطير والهوام: التسبيح.
(١٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، يوم القيامة (1)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، يوم عرفة (1)، الصّلاة (12)، السجود (1)

المطلب الثامن: * عمومية الصلوات لكل شئ

اشاره

المطلب الثامن في:
[عمومية الصلاة علي محمد وآل محمد لكل شئ] يفهم من الأخبار المستفيضة والروايات الكثيرة وعبارات الزيارات أن كل شئ يصلي علي محمد وآل محمد بما يحمل من شعور حسب خلقه وحاله.
ويمكن الاستدلال عليه بأن يقال أن الصلوات علي محمد وآل محمد هي العبادة التي تعبد الملائكة فيها كما في آية الصلوات: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي..}.
بل هي من أحب العبادات إلي الله تعالي، وأعظم القربات، وأفضل الذكر، وهي من سنخ العبادة العامة لكل الخلق، وقد ذكرنا معني صلاة المخلوقين في المطلب الرابع من البحث الرابع فراجع.
حيث يسهل عليك فهم ما ورد من أن كل شئ يصلي علي النبي الأكرم وآله الطاهرين عليهم أفضل عليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام.
ومن أعلام العامة الذين رووا ذلك العلامة أبو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي، المتوفي 437 ه في كتاب تاريخ جرجان، ص (148)، في ترجمة الحسن بن الحسين الشاعر قال: حدثنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم العلوي بواسط، حدثنا الحسن بن الحسين الجرجاني الشاعر، حدثني أحمد بن الحسين، حدثني الفضل بن شاذان النيسابوري بإسناد له رفعه عن علي بن الحسين عن أبيه جده قال: [إن الله فرض علي العالم الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم وقرننا به..].
أقول: والعالم المقصود فيه جميع الخلق وتؤيده الأحاديث التي تنسب الصلاة إلي كل شئ. وفي الحديث التالي تصريح في نسبة أصل الصلاة إلي كل شئ، فقد نقل الفيض الكاشاني رضوان الله عليه في الوافي عن الكافي بسند صحيح عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام أنه قال: [إذا ذكر النبي صلي الله عليه وآله وسلم
(١٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب تاريخ جرجان لحمزة بن يوسف السهمي (1)، أبو بصير (1)، إسماعيل بن إبراهيم (1)، يوسف بن إبراهيم (1)، أبو إبراهيم (1)، الحسن بن الحسين (1)، الفضل بن شاذان (1)، أحمد بن الحسين (1)، علي بن الحسين (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (7)، الوفاة (1)

* العلامة الألباني السلفي يعتقد صدور الصلوات من كل شئ

فأكثروا الصلاة عليه، فإنه من صلي علي النبي صلاة واحدة صلي الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة، ولم يبق شئ خلقه إلا صلي علي ذلك العبد لصلاة الله عليه، وصلاة ملائكته. فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل، مغرور. قد برئ الله منه، ورسوله، وأهل بيته].
وذكر الألباني (وهو من علماء السلف) في كتابه صفة صلاة النبي صلي الله عليه وآله وسلم عن القاضي عياض عن علي أنه كان يقول صلوات الله البر الرحيم، والملائكة المقربين، والنبيين والصديقين والشهداء الصالحين، وما سبح لك من شئ يا رب العالمين علي محمد بن عبد الله خاتم النبيين وإمام المتقين.. الحديث (54).
وفي لب اللباب للقطب الراوندي عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال: [من صلي علي وعلي آلي صلت عليه الملائكة، ومن صلت عليه الملائكة صلي الله عليه، ومن صلي الله عليه لم يبق في السماوات والأرض ملك إلا ويصلون عليه، ومن صلي علي وعلي آلي واحدة أمر الله حافظيه أن لا يكتبا عليه ثلاثة أيام] (55).
أقول: أي يمهلاه بدل سبع ساعات ثلاثة أيام فيوفق بسبب صلاته علي محمد وآل محمد أن يتوب ويغفر له فكأنهما لم يكتبا الذنب عليه ثلاثة أيام.
وقال الإمام زين العابدين عليه السلام في الصحيفة السجادية (56) دعاء (47) كان يدعو به يوم عرفة: [رب صل علي محمد وآله صلاة تجاوز رضوانك، ويتصل اتصاله ببقائك، ولا تنفد كما لا تنفد كلماتك، رب صل علي محمد وآله، صلاة تنتظم صلوات ملائكتك، وأنبيائك، ورسلك، وأهل طاعتك، وتشتمل علي صلوات عبادك من جنك، وإنسك، وأهل إجابتك، وتجتمع علي صلاة كل من ذرأت، وبرأت من أصناف خلقك. رب صل عليه وآله صلاة تحيط بكل صلاة سالفة، ومستأنفة، وصل عليه وعلي آله صلاة مرضية لك، ولمن دونك، وتنشئ مع
(١٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، يوم عرفة (1)، محمد بن عبد الله (1)، القطب الراوندي (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (12)، الجهل (1)

* الإمام زين العابدين عليه السلام ينسب الصلاة لكل ما ذرئه الله وخلق

فأكثروا الصلاة عليه، فإنه من صلي علي النبي صلاة واحدة صلي الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة، ولم يبق شئ خلقه إلا صلي علي ذلك العبد لصلاة الله عليه، وصلاة ملائكته. فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل، مغرور. قد برئ الله منه، ورسوله، وأهل بيته].
وذكر الألباني (وهو من علماء السلف) في كتابه صفة صلاة النبي صلي الله عليه وآله وسلم عن القاضي عياض عن علي أنه كان يقول صلوات الله البر الرحيم، والملائكة المقربين، والنبيين والصديقين والشهداء الصالحين، وما سبح لك من شئ يا رب العالمين علي محمد بن عبد الله خاتم النبيين وإمام المتقين.. الحديث (54).
وفي لب اللباب للقطب الراوندي عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال: [من صلي علي وعلي آلي صلت عليه الملائكة، ومن صلت عليه الملائكة صلي الله عليه، ومن صلي الله عليه لم يبق في السماوات والأرض ملك إلا ويصلون عليه، ومن صلي علي وعلي آلي واحدة أمر الله حافظيه أن لا يكتبا عليه ثلاثة أيام] (55).
أقول: أي يمهلاه بدل سبع ساعات ثلاثة أيام فيوفق بسبب صلاته علي محمد وآل محمد أن يتوب ويغفر له فكأنهما لم يكتبا الذنب عليه ثلاثة أيام.
وقال الإمام زين العابدين عليه السلام في الصحيفة السجادية (56) دعاء (47) كان يدعو به يوم عرفة: [رب صل علي محمد وآله صلاة تجاوز رضوانك، ويتصل اتصاله ببقائك، ولا تنفد كما لا تنفد كلماتك، رب صل علي محمد وآله، صلاة تنتظم صلوات ملائكتك، وأنبيائك، ورسلك، وأهل طاعتك، وتشتمل علي صلوات عبادك من جنك، وإنسك، وأهل إجابتك، وتجتمع علي صلاة كل من ذرأت، وبرأت من أصناف خلقك. رب صل عليه وآله صلاة تحيط بكل صلاة سالفة، ومستأنفة، وصل عليه وعلي آله صلاة مرضية لك، ولمن دونك، وتنشئ مع
(١٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، يوم عرفة (1)، محمد بن عبد الله (1)، القطب الراوندي (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (12)، الجهل (1)

* تعلموا من الحيوان احترام النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم

ذلك صلاة تضاعف معها تلك الصلوات عندك، وتزيدها علي كرور الأيام زيادة في تضاعيف لا يعدها غيرك..].
قال بعضهم معلقا علي هذه العبارات: طلب الإمام عليه السلام من الله تعالي أن يصلي علي النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله وسلم) وعلي آله عليهم الصلاة والسلام عدد الصلوات التي صلاها، وتصليها الملائكة، والأنبياء والجن والإنس، وعدد التسبيحات التي تسبحها بحمده جميع مخلوقاته من حيوان ونبات، وجماد، وأن تبقي صلواته عليهم ببقائه، وتدوم بدوامه، علي أن تتضاعف في كل لحظة أضعافا لا يحصيها إلا هو..
وبديهة أن هذه الصلوات التي لا يعرف مداها إلا الله تعالي وأن هي إلا صدي لعظمة النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله وسلم) وآله الطاهرين، ومكانهم عند الله وملائكته ورسله.
أقول: في كلام الإمام ما يشير إلي صدور الصلاة من غير الإنسان من الحيوانات و ذكر علماء الفريقين: ما يدل علي معرفة الحيوان بالنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وتعظيمها له فليتعلم بعض الناس الذين {لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا} [الكهف: 18]، فقد أحدقوا حول قبر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم يرمون المسلمين والمصلين عليه بالشرك، كما ويضربون الزائرين لمقامه الشريف، مؤذين بذلك النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وقد ذكرنا في المطلب الثاني من البحث الثالث في القسم الثاني من هذا الكتاب الأحاديث الدالة علي استحباب الصلاة والسلام علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم عند قبره وغير ذلك فراجع.
والحري بهؤلاء أن يتأسوا بالحيوان في التعظيم والاحترام للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، واستقباله بإجلال فهذه ظبية تخرج من الحرم وهي مستقبلة القبر الشريف، إشارة إلي تعظيم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم.
وإليك قضيتها ففي نزهة المجالس للصفوري الشافعي روي أن النبي الأكرم صلي الله عليه (وآله) وسلم خرج يوما إلي الصحراء فوجد أعرابيا قد صاد ظبية، فقالت: يا نبي
(١٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: قبر النبي (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، الكرم، الكرامة (1)، القبر (2)، الطهارة (1)، الصّلاة (5)

* الإمام الصادق عليه السلام يضيف الصلاة إلي ما بين الخافقين

الله أسأله أن يخلي سبيلي حتي أرضع أولادي وأعود إليه، وإن لم أعد إليه أكن شرا ممن ذكرت عنده فلم يصل عليك؟!
فأرسلها الأعرابي فجاءت إلي أولادها، وقصت عليهم الخبر، وأن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم ضمنها. فقالوا: لبنك علينا حرام حتي توفي ضمانة رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم فجاءت حتي أدخلت رأسها في السلسلة، فأطلقها الصياد وأسلم.
وفيه أيضا أضاف: قال بعضهم: كنت يوما عند قبر النبي الأكرم وآله (صلي الله عليه وآله وسلم) وإذا بظبية قد أقبلت ودخلت حتي صارت أمام القبر، وأشارت برأسها كأنها تسلم عليه، ثم رجعت علي عجزها، ولم تول ظهرها إلي القبر الشريف.
وقد ورد في أدعية أهل البيت الكثير مما يشير إلي عمومية الصلوات لكل شئ فقد قال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام في الصلاة علي جده: [واجعل صلواتك، وغفرانك، وبركاتك، ورضوانك، وتشريفك، وإعظامك وصلوات ملائكتك المقربين، وأنبيائك المرسلين، وعبادك الصالحين من الشهداء والصديقين والأوصياء، وحسن أولئك رفيقا، وأهل السماوات والأرض، وبينهما وما فيهما، وما بين الخافقين وما في الهوي، والشمس، والقمر، والنجوم، والجبال، والشجر، والدواب، وما سبح لك في البر والبحر والظلمة والضياء بالغدو والآصال في آناء الليل وساعات النهار علي محمد بن عبد الله سيد المرسلين..] الدعاء [1].
وفي إحدي زيارات الحسين عليه السلام: [اللهم إني أصلي عليه كما صليت عليه وصلي عليه رسولك وأمير المؤمنين صلاة متتابعة متواصلة مترادفة يتبع بعضها بعضا في محضرنا هذا وإذا غبنا وعلي كل حال صلاة لانقطاع لها ولا أمد ولا أجل..] [2].
[١] - وهو في جمال الأسبوع، للسيد بن طاووس، ص: 288. وغيرها من الأخبار والروايات المذكورة في هذا الكتاب.
[2] - البحار، ج: 111، ص: 268، رواية: 42، باب: 18.
(١٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، محمد بن عبد الله (1)، القبر (3)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (4)، السيد إبن طاووس (1)

المطلب التاسع: * الأنبياء والصلاة علي محمد وآل محمد

اشاره

المطلب التاسع:
[الأنبياء والصلاة علي محمد وآل محمد] يعلم مما ذكرنا ومما توحيه الآية أن الصلاة علي محمد وآل محمد فعل من أفعاله الأزلية القديمة وجودا وإن كانت حادثة بالنسبة لذاتها لأنها الفعل الإلهي الذي فيه تجليات الخير وإفاضة الفيض كما هي ليست عبادة فقط حتي يتقرب بها الإنسان إلي الله تعالي، ولم تنحصر معناها في أنها من الأذكار المستحبة ينال بها الأجر والثواب.. وغيرها من المعاني الظاهرية، واللوازم العبادية، وترتب الآثار بكل أنواعها المذكورة في هذا الكتاب.
بل الصلاة لو أخذناها من حيث آثارها الغيبية والوضعية، ومقامها العقائدي وما يترتب عليها من تأهيل المتصف بها لإفاضة الخيرات، وإيصال اللطف الإلهي، وانحصار السببية في ذلك أي بين المفيض والمفاض إليه كما لا يخفي ذلك علي أهل الفضل تكون ضرورية لكل شئ، ويقال في التفصيل بين المعتقد وضده، كما يقال بين الخالق وغيره في ذلك للكافر وضده.
ثم لا يخفي أن الصلاة من تلك الحيثيات وغيرها هي أعظم ما يمكن أن تكون مهيأة للقابلية وسببا لتفاعل استعداد المحل في تلقي العلم والفهم وكل خير وفي طليعتها الوحي الإلهي، والتسديد الرباني، والتوفيق في مسيرة الرسالات السماوية، ومن هنا كانت الصلاة علي محمد وآل محمد وسيلة الأنبياء الكرام، ورحمة واسعة للأمم السالفة.
وقد ورد عن العامة والأئمة من أهل بيت النبوة بعض ما يمكن أن يستدل بها علي ذلك منها ما في: الفقيه، عن الصفار، عن عبد الله بن الصلت، عن يونس، عن ابن حميد، عن ابن قيس عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: إن اسم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم … في إنجيل عيسي عليه السلام أحمد وفي القرآن محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) قيل: فما تأويل أحمد؟ قال: حسن ثناء الله عز وجل عليه في الكتب بما
(١٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، عبد الله بن الصلت (1)، القرآن الكريم (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (4)، الإستحباب (1)، الوسعة (1)

* معني: إنما اتخذ الله إبراهيم خليلا لكثرة صلاته علي محمد وأهل بيته

حمد من أفعاله. قيل: فما تأويل محمد؟ قال: إن الله وملائكته وجميع أنبيائه ورسله وجميع أممهم يحمدونه ويصلون عليه.
وعن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: ثلاث تناسخها الأنبياء من آدم عليه الصلاة والسلام حتي وصلن إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كان إذا أصبح يقول: [اللهم إني أسألك إيمانا تباشر به قلبي، ويقينا حتي أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتبت لي ورضني بما قسمت لي، حتي لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت، يا حي يا قيوم برحمتك استغيث، أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلي نفسي طرفة عين أبدا وصلي الله علي محمد وآله] [1].
وعن عبد العظيم الحسني قال سمعت علي بن محمد العسكري عليه الصلاة والسلام يقول: [إنما اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلا لكثرة صلاته علي محمد وأهل بيته صلوات الله عليه وآله] (57).
أقول: ذكر في تعليل اتخاذه خليلا أسباب أخري فقد روي أنه قيل للإمام الصادق عليه السلام لم اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلا؟ قال: [لكثرة سجوده علي الأرض] (58)، أو كما روي عن الإمام الرضا عليه السلام عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه عليه السلام أنه قال: [إنما اتخذ الله إبراهيم خليلا لأنه لم يرد أحدا ولم يسأل أحدا قط غير الله عز وجل] (59)، أو غير ذلك فهي يمكن أن تكون أسباب في سلسلة طولية وإلا فأن السبب الأخير أو إتمام العلة أو تهيأ الأسباب وسببيتها إلي قبول التأثير في مقام اتخاذه خليلا هي الصلاة علي محمد وآل محمد فإن كل ما أمر الله به يوجب الاعتراف به القرب منه تعالي.
[1] - الكافي، ج: 2 ص: 524، عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة عنه عليه السلام.
(١٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الحسين بن خالد (1)، علي بن محمد (1)، الصدق (1)، السجود (1)، الصّلاة (3)، السب (1)، أحمد بن محمد بن خالد (1)، الفضل بن أبي قرة (1)، شريف بن سابق (1)

* بنو إسرائيل والصلوات

ولا شك أن في طليعة ما أمر الله به معرفة أهل البيت عليهم السلام فلا ينافي ما روي من العلل التي في الروايات، ولعل الرواية الآتية شاهد علي ما قلنا فتدبر: عن الإمام الصادق عليه السلام يقول: إن الله تبارك وتعالي اتخذ إبراهيم علي السلام عبدا قبل أن يتخذه نبيا، وأن الله اتخذه نبيا، قبل أن يتخذه رسولا، وأن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، وأن الله اتخذه خليلا قبل أن يجعله إماما، فلما جمع له الأشياء: {قال إني جاعلك للناس إماما} [البقرة: 124] قال فمن عظمها في عين إبراهيم {قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين} قال: لا يكون السفيه إمام التقي (60).
وفي ج: 4، ص: 202، من الصافي عن الكافي قال: إن موسي ناجاه الله تعالي فقال له في مناجاته - وقد ذكر محمدا -: [فصل عليه يا ابن عمران فإني أصلي عليه وملائكتي].
وفي مستدرك الوسائل عن الإمام العسكري عليه السلام أنه لما استعبد فرعون بني إسرائيل أوحي الله لموسي أن لا يبتدئون عملا إلا بالصلاة علي محمد وآله الطيبين ليخف عليهم فكانوا يفعلون ذلك فيخف عليهم، وأمر كل من سقط فزمن ممن نسي الصلاة علي محمد وآله الطيبين أن يقولها علي نفسه إن أمكنه أي الصلاة علي محمد وآله، أو يقال عليه إن لم يمكنه، فإنه يقوم ولا تقلبه يد، ففعلوها فسلموا.
ولما قيل لفرعون أنه يولد في بني إسرائيل مولود يكون علي يده هلاكك، وزوال ملكك، فأمر بذبح أبنائهم فكانت الواحدة منهن تصانع القوابل عن نفسها كيلا تنم عليها، ويتم حملها ثم تلقي ولدها في صحراء، أو غار جبل، أو مكان غامض، ويقول عليه عشر مرات: الصلاة علي محمد وآله، فيقيض الله له ملكا يربيه ويدر من إصبع له لبنا يمصه، ومن إصبع طعاما لينا يتغذاه إلي أن نشأ بنو إسرائيل وكان من سلم منهم ونشأ أكثر ممن قتل. ولما خافت النساء الهتك أمرن أن يصلين علي محمد وآله الطيبين، وكان الله يرد عنهن أولئك الرجال أما بشغل، أو مرض، أو زمانه (أي مرض) أو لطف من
(١٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، النبي إبراهيم (ع) (1)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، آية لا ينال عهدي الظالمين (1)، القتل (1)، الشهادة (1)، المرض (2)، الصّلاة (2)، النسيان (1)

* النبي يوسف عليه السلام والصلوات

ألطافه فلم تفترش منهن امرأة بل دفع الله عز وجل ذلك عنهن بصلاتهن علي محمد وآله الطيبين. قال الله عز وجل: يا بني إسرائيل اذكروا إذا كان البلاء يصرف عن أسلافكم ويخف بالصلاة علي محمد وآله الطيبين أفما تعلمون أنكم إذا شاهدتموه وآمنتم به كانت النعمة عليكم أعظم وأفضل وفضل الله لديكم أجزل.
أقول: فيه تعريض للأمة الإسلامية أن يلجئوا إلي هذه العبادة دائما بالأخص عند الشدائد هذه إذا لم نؤول بني إسرائيل بهذه الأمة كما يذهب البعض في تأويل هكذا روايات.
وفي البحار، قال رويناه بإسنادنا إلي سعيد بن هبة الله الراوندي من كتاب قصص الأنبياء عليهم السلام، بإسناده فيه إلي أبي عبد الله عليه السلام قال: لما ألقي أخوة يوسف صلوات الله عليه في الجب نزل عليه جبرئيل عليه السلام وقال: يا غلام من طرحك في هذا الجب؟ فقال: أخوتي، لمنزلتي من أبي، حسدوني. قال: أتحب أن تخرج من هذا الجب؟ قال: ذاك إلي إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب قال جبرئيل: فإن الله يقول لك قل: [اللهم إني أسألك بان لك الحمد كله، لا إله إلا أنت الحنان المنان، بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، أن تصلي علي محمد وآل محمد، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، وترزقني من حيث أحتسب، ومن حيث لا أحتسب].
وفي روايات عدة ذكر دعاء ليوسف عليه السلام في بعض أوقات بلواه: [يا راحم المساكين … يا من لا يجار عليه وهو يجير، يا من يحيي الموتي وهو عليه يسير، يا عصمة الخائف المستجير، يا مغني الفقير الضرير، يا حافظ الطفل الصغير، يا راحم الشيخ الكبير، يا من لا تخفي عليه خافية في السماوات والأرض، يا غافر الذنوب يا علام الغيوب يا ساتر العيوب أسألك أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تغفر لي ولوالدي، وتجاوز عنا فيما تعلم فإنك الأعز الأكرم] (13).
(١١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الأنبياء (ع) (1)، سعيد بن هبة الله (1)، الموت (1)، الخوف (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (1)

المطلب العاشر: * معرفة مصاديق المأمور به في آية الصلوات

اشاره

المطلب العاشر:
[في معرفة مصاديق المأمور به] من الحري بالذي يعبد ويصلي أن يعرف معني الكلمات التي يتلفظ بها ويخاطب بها رب العالمين من تكبيرة الإحرام إلي السلام ولو إجمالا، وإلا يكون جاهلا في مقام العبادة ومن تلك الكلمات هي الصلاة علي آل محمد في التشهد، وهنا واجب علي كل المسلمين معرفة مصاديق الآل ومن المقصودون به فيجب أن يعلم إن مصاديق المأمور به هم الذين عينهم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في المطلب الأول (وقد عقدنا مطلبا خاصا في البحث الخامس في تعيين المقصود من كلمة الآل).
وهنا يجب أن نقول أنه يجب أن نعرفهم في مقام ولايتهم ونطلع علي شخصياتهم من خلال منزلتهم عند الله تعالي وما يمثلونه من خلافتهم عنه عز وجل. فإنه لا بد لكل من وجبت عليه الصلاة من معرفتهم من حيث كان واجبا عليه الصلاة عليهم فان الصلاة عليهم فرع علي المعرفة بهم ومن ذهب إلي أن ذلك مستحب فهو من جملة العبادة وإن كان مسنونا مستحبا، والتعبد به يقتضي التعبد بما لا يتم إلا به عن المعرفة، وفساد المعرفة هو الابتعاد عنهم وعدم معرفتهم، وفي مستدرك الوسائل عن الإمام جعفر بن محمد عليهما السلام قال في حديث: [وفساد المعرفة في ترك الصلاة علي خير الأنام] (62)، في مقام المعرفة والتعبد والعقيدة.
وقال السيد المرتضي رضوان الله عليه في رسالته الباهرة في تعظيم العترة الطاهرة: دلنا الله علي أن المعرفة بهم إيمان، والشك فيهم والجهل بهم كفران، وقد أجمعت الإمامية علي وجوب معرفتهم، وهو حجة لدخول المعصوم فيهم، بل و يمكن الاستدلال بإجماع الأمة علي وجوب معرفتهم، فإن أكثر الشافعية يوجبون في التشهد الأخير الصلاة عليهم فوجبت معرفتهم، والباقون استحبوها، فعلي الحالين هي من العبادة، وهذه فضيلة لم تحصل لغيرهم بعد جدهم، وقد غرس في القلوب مع اختلاف أديانهم عظم
(١١١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، جعفر بن محمد (1)، الجهل (1)، الحج (1)، الإستحباب (1)، الصّلاة (5)، الوجوب (2)، الشهادة (2)

* وجوب معرفة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام لوجوب الصلاة عليهم

شأنهم، فيهتمون مع تباعد البلاد لزيارة مشاهدهم، ليستفتحوا بها الأغلاق، ويسألوا عندها الأرزاق.
وقال في رسائله، ج: 2، ص: 252: مما يدل أيضا علي تقديمهم عليهم السلام وتعظيمهم علي البشر أن الله تعالي دلنا علي أن المعرفة بهم كالمعرفة به تعالي في أنها إيمان وإسلام، وأن الجهل والشك فيهم كالجهل به والشك فيه، في أنه كفر وخروج من الإيمان، وهذه منزلة ليس لأحد من البشر إلا لنبينا صلي الله عليه وآله وسلم وبعده لأمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من ولده علي جماعتهم الصلاة والسلام، لأن المعرفة بنبوة الأنبياء المتقدمين من آدم عليه السلام إلي عيسي عليه السلام أجمعين غير واجبة علينا، ولا تعلق لها بشئ من تكاليفنا، ولولا أن القرآن ورد بنبوة من سمي فيه من الأنبياء المتقدمين فعرفناهم تصديقا للقرآن، وإلا فلا وجه لوجوب معرفتهم علينا، ولا تعلق لها بشئ من أحوال تكاليفنا.
وبقي علينا أن ندل علي أن الأمر علي ما ادعيناه والذي يدل علي أن المعرفة بإمامة من ذكرناه عليهم السلام من جملة الإيمان، وأن الإخلال بها كفر ورجوع عن الإيمان إجماع الشيعة الإمامية علي ذلك، فإنهم لا يختلفون فيه وإجماعهم حجة بدلالة أن قول الحجة المعصوم الذي قد دلت العقول علي وجوده في كل زمان في جملتهم وفي زمرتهم.
و يمكن أن يستدل علي وجوب المعرفة بهم عليهم السلام بإجماع الأمة مضافا إلي ما بيناه من إجماع الإمامية، وذلك أن جميع أصحاب الشافعي يذهبون إلي أن الصلاة علي نبينا صلي الله عليه وآله وسلم في التشهد الأخير فرض واجب، وركن من أركان الصلاة متي أخل بها الإنسان فلا صلاة له، وأكثرهم يقول: إن الصلاة في هذا التشهد علي آل النبي عليهم الصلوات في الوجوب واللزوم ووقوف أجزاء الصلاة عليها كالصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم والباقون منهم يذهبون إلي أن الصلاة علي الآل مستحبة وليست بواجبة. فعلي القول الأول لابد لكل من وجبت عليه الصلاة من معرفتهم من حيث كان واجبا عليه الصلاة عليهم، فان الصلاة عليهم فرع علي المعرفة بهم ومن ذهب إلي أن
(١١٢)
صفحهمفاتيح البحث: شيعة أهل البيت عليهم السلام (1)، أجزاء الصلاة (1)، أركان الصلاة (1)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، النبي آدم عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، القرآن الكريم (1)، الإستحباب (1)، الحج (1)، الجهل (1)، الصّلاة (9)، الوجوب (1)، الشهادة (2)

* معرفتهم في مقام الوجوب الديني

ذلك مستحب فهو من جملة العبادة، وان كان مسنونا مستحبا، والتعبد به يقتضي التعبد بما لا يتم إلا به من المعرفة.
ومن عدا أصحاب الشافعي لا ينكرون أن الصلاة علي النبي وآله في التشهد مستحبة، وأي شبهة تبقي مع هذا في أنهم عليهم السلام أفضل الناس وأجلهم وذكرهم واجب في الصلاة. وعند أكثر الأمة من الشيعة الإمامية، وجمهور أصحاب الشافعي أن الصلاة تبطل بتركه.
إن موضوع معرفة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام موضوع عميق وفلسفي لا يدرك جوانب حكمته وقد كتب العلماء الأبرار المصنفات الكثيرة فيه ولسنا ممن يخوض في جوانب بحرهم فضلا عن أعماق بحارهم، إلا أننا نشير أن هذا الكتاب الشريف هو قطرة (وأرجو أن لا أؤاخذ علي التعبير) من معرفة هؤلاء الطاهرين.
وإني من باب الفهرس أذكر بعض العناوين في ذلك التي خطر ببالي القاصر: 1 - معرفتهم في مقام الوجوب الديني الذي لا يعذر من جهله ولا يغفر لمن قصر فيه ويحرم الرحمة من لم يعرف إجماله فيكون قرين الضلال والخاتمة السيئة.
وهذا نعبر عنه بالمعرفة السطحية الواجبة علي كل من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وهي عبارة عن الإيمان بهم كأئمة مفترضة طاعتهم، واجب التعبد بدينهم، والتمسك بهم في كل ما أمر الله ونهي وهم مصاديق قوله تعالي: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} [النساء: 59].
ويجب أن يعتقد بإمامتهم وخلافتهم عن الله بنص الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم الذي أعلن ذلك يوم الغدير حيث أمره الله تعالي: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} [المائدة: 67]. أولهم الإمام علي عليه السلام وآخرهم الإمام
(١١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، شيعة أهل البيت عليهم السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الجهل (1)، الإستحباب (2)، الضلال (1)، الطهارة (1)، الشهادة (2)

معرفتهم في مقام التشريع

المهدي القائم من آل محمد صلي الله عليهم أجمعين، الذي ذكرهم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في حديثه المستفيض: ألا إن الأئمة اثنا عشر، وكلهم من أهل بيتي.
ففي البخاري، كتاب الأحكام، ج: 9، ص: 250، عن جابر بن سمرة قال سمعت النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم يقول: [يكون اثنا عشر أميرا فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش].
وفي صحيح مسلم في كتاب الأمارة، عدة أحاديث في هذا المعني منها ما عن قوله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [لا يزال الإسلام عزيزا إلي اثني عشر خليفة ثم قال كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: كلهم من قريش]. وأيضا رواه الترمذي في صحيحه وأحمد في مسنده فراجع إن شئت التأكد.
ففي الكافي عن أبي حمزة قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام إنما يعبد الله من يعرف الله، فأما من لا يعرف الله فإنما يعبده هكذا ضلالا، قلت: جعلت فداك فما معرفة الله؟
قال: تصديق الله عز وجل وتصديق رسوله صلي الله عليه وآله وسلم وموالاة علي عليه السلام، والائتمام به وبأئمة الهدي عليهم السلام، والبراءة إلي الله عز وجل من عدوهم هكذا يعرف الله عز وجل] (63).
2 - معرفتهم في مقام التشريع وهي عبارة عن التعبد بالعبادات والأعمال الشرعية من حلال وحرام وعما ورد عنهم فيما يمثلونه من الدين والنيابة عن جدهم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في ذلك فقد قال في حقهم فيما روي المسلمون بالطرق المتواترة:
[إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا وإنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما]. وقوله صلي الله عليه وآله وسلم: [إن مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجي ومن تخلف عنها غرق وهوي]. وغيره من الأقوال الكثيرة، وعليه فالعبادات التي لم تؤخذ أحكامها وكيفياتها عنهم هي غير مأمور بها، ولم تقع مورد القبول.
(١١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، حديث الثقلين (1)، كتاب صحيح مسلم (1)، جابر بن سمرة (1)، الكرم، الكرامة (2)، الفدية، الفداء (1)

* معرفتهم في مقام التوسل بهم إلي الله تعالي

3 - معرفتهم في مقام التوسل بهم إلي الله تعالي وأنهم وسائط لفيضه الذين قال الله فيهم: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون} [المائدة: 35]، وأنه لا يصدر الخير إلا منهم..
وفي هذا الصدد تقول السيدة فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام كما في خطبتها بخصوص غصب فدك والتي ينقلها ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه علي النهج، ج:
16، ص: 211: [واحمدوا الله الذي لعظمته ونوره، يبتغي من في السماوات والأرض إليه الوسيلة، ونحن وسيلته في خلقه..]. وفي تفسير أبي الفتوح الرازي، يروي عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: [إن بين رحمة الله وأبوابه، وبين العباد، حجابا، وأن ذلك الحجاب هو عبارة عن شخص الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وأن العبد، إذا التجأ إلي عليه السلام، وتوسل به، وجعله وسيلة بينه، وبين ربه رفع ذلك الحجاب].
أقول: ولا يخفي أن الحجاب لا يتجاوزه ولا ينكشف عن دعاء لم يتضمن الصلاة الكاملة، وستأتي الأحاديث في ذلك منها ما في صحيح الترمذي، ج: 2، ص: 356:
حدثنا أبو داود سليمان بن سلم المصاحفي البلخي أخبرنا النضر بن شميل عن أبي قرة الأسدي عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال: [إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد منه شئ، حتي تصلي علي نبيك صلي الله عليه (وآله) وسلم].
هذا مجمل ما يمكن ذكره في هذا الاستطراد، وهناك المقامات الكثيرة في معرفتهم تحتاج إلي مصنف خاص فيها كمعرفتهم في مقام الفضائل في جميع العوالم، ومعرفتهم في مقام الغيب والشهادة، ومعرفتهم في مقام الولاية الإلهية والتكوينية والتشريعية والبرزخية والأخروية.. ومعرفتهم في مقام الأشباح والأنوار، ومعرفتهم في مقام الفيض والإفاضة..
إلي ما شاء الله ووسعت كل شئ رحمته.
(١١٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي (1)، كتاب صحيح الترمذي (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، سعيد بن المسيب (1)، الشهادة (1)، الغصب (1)

البحث الثالث * في ما يخص السلام والتسليم علي محمد وآل محمد

اشاره

البحث الثالث في:
[تفسير: {سلموا} الوارد في الآية] مما يتعلق بتفسير آية الصلوات علي محمد وآل محمد بحث السلام ومورد وجوبه وما يتعلق به من المعاني التي يمكن أن نستنطقها من قوله: {وسلموا تسليما} ويستفاد بصورة ضمنية من هذا المقطع معنيين: الأول: أن {سلموا} بمعني السلام، أي التحية الإسلامية والسلام علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم " وعلي آله " عليهم السلام.
والثاني: أن يكون {سلموا} بمعني التسليم أي الانقياد لأوامر من وجبت الصلاة عليهم، وطاعتهم فيما تقتضيها الولاية. وهنا مطالب: المطلب الأول في أن:
[سلموا بمعني التحية] في المعني الظاهري للآية أن {سلموا} بمعني السلام علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم وما أشبه ذلك، والذي يعني طلب سلامتهم النبي صلي الله عليه وآله وسلم من الله تعالي والتنزيه والتعظيم لمقامه ومقامهم أهل بيته عليهم الصلاة والسلام.
وقد استدل الفقهاء بهذا المقطع علي وجوب السلام علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فيجب في الصلاة إضافة: [السلام عليك يا أيها النبي ورحمة الله وبركاته] في، التشهد الأخير وقرروا ذلك بقولهم: السلام علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم واجب، ولا شئ منه في غير التشهد الأخير بواجب، ينتج أنه فيه واجب. أما الصغري فلقوله تعالي: {وسلموا} الدال علي الوجوب، وأما الكبري فللإجماع.
وقال بعض الفضلاء: الأولي الاستدلال لوجوب السلام في الصلاة العبادية النصوص الواردة في ذلك كما في وسائل الشيعة ومستدركاتها وإجماع العلماء، لأن الآية ليس صريحة في ذلك، لجواز كون التسليم بمعني الانقياد لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم.
وكيف كان يسلم علي أهله بهذا القول: [السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كما كانوا يفعلون في صدر الإسلام.
(١١٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي (1)، الصّلاة (3)، الوجوب (1)، الشهادة (1)

المطلب الأول: * أن {سلموا} بمعني التحية

اشاره

البحث الثالث في:
[تفسير: {سلموا} الوارد في الآية] مما يتعلق بتفسير آية الصلوات علي محمد وآل محمد بحث السلام ومورد وجوبه وما يتعلق به من المعاني التي يمكن أن نستنطقها من قوله: {وسلموا تسليما} ويستفاد بصورة ضمنية من هذا المقطع معنيين: الأول: أن {سلموا} بمعني السلام، أي التحية الإسلامية والسلام علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم " وعلي آله " عليهم السلام.
والثاني: أن يكون {سلموا} بمعني التسليم أي الانقياد لأوامر من وجبت الصلاة عليهم، وطاعتهم فيما تقتضيها الولاية. وهنا مطالب: المطلب الأول في أن:
[سلموا بمعني التحية] في المعني الظاهري للآية أن {سلموا} بمعني السلام علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم وما أشبه ذلك، والذي يعني طلب سلامتهم النبي صلي الله عليه وآله وسلم من الله تعالي والتنزيه والتعظيم لمقامه ومقامهم أهل بيته عليهم الصلاة والسلام.
وقد استدل الفقهاء بهذا المقطع علي وجوب السلام علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فيجب في الصلاة إضافة: [السلام عليك يا أيها النبي ورحمة الله وبركاته] في، التشهد الأخير وقرروا ذلك بقولهم: السلام علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم واجب، ولا شئ منه في غير التشهد الأخير بواجب، ينتج أنه فيه واجب. أما الصغري فلقوله تعالي: {وسلموا} الدال علي الوجوب، وأما الكبري فللإجماع.
وقال بعض الفضلاء: الأولي الاستدلال لوجوب السلام في الصلاة العبادية النصوص الواردة في ذلك كما في وسائل الشيعة ومستدركاتها وإجماع العلماء، لأن الآية ليس صريحة في ذلك، لجواز كون التسليم بمعني الانقياد لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم.
وكيف كان يسلم علي أهله بهذا القول: [السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كما كانوا يفعلون في صدر الإسلام.
(١١٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي (1)، الصّلاة (3)، الوجوب (1)، الشهادة (1)

* الآية تحتمل معنيين لحذف المتعلق

وقال الفاضل المقداد في كنز العرفان في تفسير الآية: والتسليم قيل المراد: الانقياد، كما في قوله تعالي: {فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} [النساء: 65].
وقيل هو قولهم: [السلام عليك أيها النبي … ]، قاله الزمخشري والقاصي في تفسيرهما وذكره الشيخ في تبيانه. وأضاف الفاضل قائلا: وهو لقضية العطف، ولأنه المتبادر إلي الفهم عرفا، ولرواية كعب أي قوله: قلنا يا رسول الله هذا السلام فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ … وقوله رحمه الله: (قضية العطف) يعني أن المراد بالصلاة هي الصلاة اللفظية المتعدية ب (علي) وعطف {سلموا} علي الصلاة يقتضي أن يكون المراد التسليم هو السلام اللفظي عليه صلي الله عليه وآله وسلم لا التسليم " بمعني الانقياد " له، ويأتي أن الآية مشعرة بخلافه، وذلك لعدم ذكر المتعلق فيها، ويحتمل أن يكون المحذوب: (عليه) أو (له) وأما العرف فليس حجة في فهم القرآن الكريم.
ورواية كعب لا يفهم منها أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم علمهم السلام في تفسير معني التسليم في الآية، بل تدل روايته أنه قد علموا السلام قبل نزول الآية، نعم لإطلاقها وعدم ذكر المتعلق فيها يمكن أن يقال المقصود كليهما: [التسليم عليه]، و [التسليم له].
وحينئذ لا يصح حمل التسليم وتنزيل الآية علي وجوب السلام عليه بتقييدها [في التشهد الأخير] بقوله: [السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته] ولا علي وجوب السلام المخرج عن الصلاة فإن الآية بناء علي هذا يكون المراد هو السلام اللفظي لا الانقياد لأن الآية مطلقة، ولا دليل علي تقييدها بشئ من الاحتمالين علي أن السلام الأول في الصلاة العبادية قامت الأدلة علي استحبابه، فالأفضل تعميم الآية لكلا المعنيين.
ولذا قال المراغي في تفسير الآية: وأظهروا شرفه بكل ما تصل إليه قدرتكم من حسن متابعته والانقياد لأمره، في كل ما يأمر به والصلاة والسلام عليه بألسنتكم (1).
(١١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (1)، الزمخشري (1)، الحج (1)، الصّلاة (5)، الوجوب (1)

المطلب الثاني: * أن {سلموا} بمعني الانقياد

اشاره

المطلب الثاني في أن:
[{سلموا} بمعني الانقياد والتسليم] وهذا المعني هو بمقتضي ظاهر {سلموا} الذي بمعني التسليم للأوامر، ويدل علي أن الصلوات من تلك الأمور التي يجب التسليم بها، والطاعة له في أدائها ولذا أضيفت الصلاة إلي الله تعالي وملائكته دون {سلموا} فلو كان بمعني السلام لأضيف، فهو بمعني التسليم والانقياد، ولا يصح ذلك من الله تعالي بخلاف {سلموا} بمعني التحية والتسليم اللفظي.
ومما يؤكده ورود الأحاديث في ذلك: ففي تفسير القمي في قوله تعالي:
{وسلموا تسليما}، يعني سلموا بالولاية. وبما جاء به. وفي معاني الأخبار عن أبي عبد الله الصادق عليه الصلاة والسلام قال: [وأما قوله عز وجل {وسلموا تسليما}: يعني التسليم له فيما ورد عنه..].
وفي المحاسن عنه أيضا قال بعد ذكر الآية: [الصلاة عليه والتسليم له في كل شئ جاء به. وفي الاحتجاج: قال الإمام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في قوله تعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}: لهذه الآية ظاهر وباطن فالظاهر قوله: {صلوا عليه} والباطن قوله: {وسلموا تسليما} أي سلموا لمن وصاه، واستخلفه عليكم وفضله، وما عهد به إليه تسليما، وهذا مما أخبرتك أنه لا يعلم تأويله إلا من لطف حسه، وصفي ذهنه، وصح تمييزه (2).
وليس بين هذه الأخبار أي اختلاف بعد ملاحظة أن التسليم لله لا يصح إلا بالتسليم إلي رسوله صلي الله عليه وآله وسلم، كما أن التسليم إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، لا يتحقق إلا بالتسليم إلي خلفائه المعبر عنهم ب (أولي الأمر) في قوله تعالي:
{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} كما ويشهد بذلك قوله عز وجل: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم}.
(١١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (4)

* تأويل السلام

ولا يخفي أن هذا المعني للتسليم من باب التأويل كما صرح الإمام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وأن حذف المتعلق والعدول إلي الإطلاق وتأكيد الفعل {سلموا} بقوله {تسليما} تشير إلي كل من التسليم للنبي صلي الله عليه وآله وسلم والتسليم عليه أي السلام اللفظي فهذه الجملة {وسلموا تسليما} في الآية نظير قوله تعالي: {فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} [النساء: 65]. وهذا هو معني الإيمان وحقيقة الإسلام (3).
قال في المجمع بعد رواية أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن هذه الآية (أي آية الصلوات) فقلت: كيف صلاة الله علي رسوله؟ فقال يا أبا محمد!
تزكيته له في السماوات العلي. فقلت: قد عرفت صلواتنا عليه، فكيف التسليم؟
فقال: [هو التسليم له في الأمور]. فعلي هذا يكون معني قوله: {وسلموا تسليما} انقادوا لأوامره وابذلوا الجهد في طاعته، وفي جميع ما يأمركم. وقيل معني {سلموا} عليه بالدعاء أي قولوا: [السلام عليك يا رسول الله] (4).
ونكرر مرة أخري: أنه بحكم إطلاق الآية يمكن أن يقال أن المراد كلا من (التسليم عليه بمعني السلام والتحية في مقام التعظيم والتبجيل) و (التسليم له بمعني الانقياد) وهو أتم وأولي فإن المتعلق قد يكون (له) أو (عليه) محذوف فتحتمل التسليمين معا، والتسليم له هو الشرط الأصيل للإيمان وشرط إجابة الدعاء فلو عني التسليم عليه فقط كالصلاة لقال: (صلوا وسلوا عليه تسليما) كما وأن من التسليم والطاعة له (السلام عليه) فهي تحت معني التسليم، ويشمله بمفهومه تسليم الأمر إليه والطاعة له، وبذلك يمكن عطفهما وإرجاعهما إلي نقطة واحدة إذا دققنا فيهما: التسليم القولي والتسليم الفعلي للنبي صلي الله عليه وآله وسلم لأن من يسلم عليه ويرجو من الله سلامته يحبه ويعرفه كنبي مفترض الطاعة يجب الانقياد والتسليم له، بل ذهب بعض العلماء إلي أن (السلام عليك أيها النبي … ) معناه التسليم له والانقياد له ولأهل بيته عليهم السلام.
(١٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو بصير (1)، يوم عرفة (1)، الصّلاة (3)

* من التسليم الصلاة عليهم

فإن قيل فلم جئ ب (عليك) في التحية، ولم يقل (لك)؟ فالجواب: إن المراد والمعني قضاء الله تعالي إنما ينفذ في العبد من قبل الملك والسلطان الذي له عليه، وكأن قضاء الله تعالي عليك بالسلامة أشبه من قضاء الله لك بها (5).
كما وذهب ابن السائب إلي أن معني التسليم: سلموا لما أمركم به (6).
وتفصيل معني السلام يأتي في المطلب الآتي إن شاء الله تعالي فانتظر.
و نضيف في المناسبة: أن من التسليم له أن نصلي عليه صلي الله عليه وآله وسلم كما أمرنا: [اللهم صل علي محمد وآل محمد]، بالصلاة الكاملة لا الصلاة البتراء التي نهي عنها، ولقد تواترت الرواية عنه مالا تحصي بانضمام الآل ((في الصلوات) والأكثرية الساحقة من المسلمين تعودا أن يصلوا عليه الصلاة البتراء، وكأنما حرصا منهم علي مخالفة أمره صلي الله عليه وآله وسلم وعدم الانقياد له في أمره.
رزقنا الله وإياكم التسليم القلبي والخضوع الباطني فإنه دليل علي الإيمان ورسوخ الاعتقاد وإليه يشير قوله تعالي: {قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم} [الحجرات 14].
(١٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (4)

المطلب الثالث: * كيفية قراءة [سلم] في صيغة الصلوات

اشاره

المطلب الثالث في:
[كيفية قراءة (سلم) بالفتح أو الكسر في الصلوات] من الآداب الواردة في الصلوات تعقيبها بالسلام علي النبي وآله عليهم الصلاة والسلام عند ذكر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وقد تدل الآية عليه كما أسلفنا من ترتيب السلام والصلاة فيها، فإن السلام عليهم هو نوع من إظهار ما يضمره الإنسان من التسليم والانقياد لهم عليهم السلام بل تدل علي استحباب تعقيب الصلاة عليهم بالسلام الأخبار المعتبرة المنقولة عن أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم] أيضا، وفي ضم السلام مع الصلاة هناك صيغ أشهرها (صلي الله عليه وآله وسلم) ويحسن بالمؤلفين أن لا يبتروا الصلاة معني، كما بتروها القوم لفظا ومعني.
وقد اختلفت الأخبار في بيان اللفظ الذي يصلي به عليه " صلي الله عليه وآله وسلم " ويفهم من اختلافها أن المقصود هو التوجه والإقبال علي النبي الأكرم وآله صلوات وسلامه عليهم علي سبيل التعظيم ولا اعتبار بلفظ مخصوص في ذلك، ولذا نري في الأخبار عدة صيغ مختلفة. منها: (الصلاة والسلام علي محمد وآل محمد) ومنها: (عليه أفضل الصلاة والسلام) ومنها (اللهم صل علي محمد وآله وسلم) أو غيرها.
وهذان الأخيران مورد كلامنا، فقد قيل في إعرابه وجهان: (سلم) بالفتح، علي صيغة الماضي، بمعني: حفظه، أي يكون من: السلام عليه. والسلام كما يأتي اسم من أسماء الله تعالي بمعني الحافظ. هذا من حيث التفسير الظاهري، وأما تأويله فهو حفظه تعالي لمقام الولاية، وإفاضة العصمة وغير ذلك وقد ورد أن المعني ب (سلم) أي سلم الأمر لعلي [صلوات الله وسلامه عليه] يعني حفظه له وعليه وأداه إليه، وأما (صلي الله عليه وآله وسلم) بكسر اللام (بصيغة الأمر للدعاء) فمعناه: احفظه وآله وشيعتهم من كل ما لا تحب في الدنيا، وفي عالم البرزخ، ويوم القيامة كل علي حسب قابليته و استعداده لمعاني الصلاة روحا وعقلا وجسما وجسدا ودينا وعلما..
(١٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (11)، التعقيب (1)

* الصلاة بالعنوان العام تشمل السلام

وحينئذ يجوز أن يقصد علي الأول الإخبار لأن الصلاة من الله وقعت عليه فهو يخبر عن تلك الصلاة ويريد بذلك التعظيم وإن كان الأولي أن يقصد الإنشاء كما يشير لفظ الآية:
{يصلون علي النبي} بالمضارع. وكذا يقال في [سلم] فلا معني لما ذكر البعض:
من أن الإخبار لا يجوز لعدم وقوع السلام منه تعالي.
أقول إن السلام منه تعالي قد وقع كما في قوله تعالي: {وسلام علي المرسلين} [الصافات: 181]. والمراد فيه السلام الفعلي لا اللفظي.
ونشير هنا أنه ينبغي أن لا يأتي في (اللهم صل علي محمد وآل محمد) ب (سلم) بصيغة الأمر خلافا للعامة الذين قالوا بكراهية إفراد الصلاة عن السلام في قولهم (اللهم صل علي محمد وسلم) وحذفوا (الآل) منه فإن الصلاة - بالمعاني التي ذكرناها وما ستأتي - من أن الصلاة بالمعني العام والعنوان الكلي تشمل معني السلام الفعلي أيضا كما في حديث عبد الرحمن بن كثير عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام الآتي ذكره.
وفي ختام هذا المطلب ننبه أنه ينبغي أن لا يستهان في الصلاة من حيث التلفظ ولا يستعجل في التفوه بها فقد نسمع بعض الناس يقول مستعجلا ومطلسما الصلاة طبعا الصلاة المبتورة قائلا: [صعله وسلم] أو [صلله وسلم] إنها أشبه بالطلسم إنها الصلاة المغضوب عليها التي تؤذي الله ورسوله صلي عليه وآله وسلم، وهذا النوع كثيرا ما نسمعه في الإذاعات المرئية والسمعية.
وأما من يصلي عليه بالصلاة الكاملة فكثيرا ما نسمعهم يتلفظون الصلاة علي هذا النحو: [صلله عله وسلم] مشوها إياها، وإن دل هذا فإنه يدل علي العجلة المنطلقة عن الجهل في مقام الصلاة وجزيل ثوابها والرغبة عن فوائدها والغفلة عن إفاضتها من التسديد والتأييد الرباني واستلهام العلم واستزادة القوة من خلالها.
(١٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الصّلاة (10)، الجهل (1)، الجواز (2)

* النبي يصلي علي الإمام الرضا صلي الله عليه وسلم عليهم أجمعين

إنه من الأدب لمقام النبوة أن يتأني بالصلاة علي نحو الحضور القلبي والخشوع الذهني والتعظيم في لهجته خلال التلفظ سواء كان عند ذكر النبي كما روي ذلك عن الإمام الصادي حين ذكره أو عند ذكر أحد أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
وأتذكر هنا رؤيا لأحد المؤمنين ففي عيون أخبار الرضا عن أبي علي النصري المعدل قال رأي أبي رجلا من الصالحين في ما يري النائم النبي الأكرم فقال له: من أزور من أولادك قال: من هو أقرب منك، قلت: تعني الرضا؟ فقال: قل: صلي الله عليه، قل: صلي الله عليه، قل: صلي الله عليه.
ويأتي في القسم الثاني من الكتاب الكلام في كتابة الصلاة والحديث في ذلك.
(١٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (1)

المطلب الرابع: * معاني السلام علي النبي وعلي آله صلي الله وسلم عليهم أجمعين

اشاره

المطلب الرابع في:
[معاني السلام علي النبي الأكرم وآله عليهم السلام] لأجل بيان المقصود من السلام علي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام ينبغي أن يعلم أولا أن (السلام) قد ذكر له ثلاث معاني:
1 - هو اسم من أسماء الله تعالي كما في قوله عز وجل: {هو الملك القدوس السلام} [الحشر: 23]، قيل أن معناه: الحافظ. وفسره البعض بمعني السلام من كل عيب ونقص وآفة. وإطلاق (السلام) علي الله تعالي باعتبار سلامة الذات المقدسة والصفات والأفعال. أما سلامة الذات فمن الزوال والتغيير، ومن كل نقص وعيب. وأما الصفات فسلامتها من الحدوث وزيادتها عن الذات المتعالية.
وأما سلامة الأفعال فمن كل قبيح ولغو. وعليه أن معني (السلام عليك) إن الله يحفظك، لكن المقصود ليس تلك المعاني التي أخذت في معني السلام لله تعالي بل كل علي مرتبته وقابليته ومنزلته ومقامه وإيمانه وإخلاصه وما يستحقه..
2 - معني (السلام عليك) الدعاء بالسلامة من كل البلايا والآفات الدنيوية والأخروية، السلامة في مقام تأثيرها في الإيمان والعصمة لا الجسم والأذي في جنب الله فإنه من الطبيعي قد يجرح الإنسان لكن سلم من الاعتراض علي قضاء الله تعالي، قد لا تحصل السلامة المطلقة إلا بالأذي والبلاء كما في مسيرة الشهداء وعلي تعبير النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لولده الحسين عليه السلام: [إن لك درجة في الجنة لا تنالها إلا بالشهادة].
3 - بمعني الوعد بإعلان السلامة للمسلم عليه يعني أعدك من جانبي أن لا يصلك أي مكروه مني، فيكون معني السلام حينئذ عبارة عن الالتزام بالإيمان والطاعة له صلي الله
(١٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (2)، الجنابة (1)

* معاني السلام علي أهل البيت عليهم السلام

المطلب الرابع في:
[معاني السلام علي النبي الأكرم وآله عليهم السلام] لأجل بيان المقصود من السلام علي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام ينبغي أن يعلم أولا أن (السلام) قد ذكر له ثلاث معاني:
1 - هو اسم من أسماء الله تعالي كما في قوله عز وجل: {هو الملك القدوس السلام} [الحشر: 23]، قيل أن معناه: الحافظ. وفسره البعض بمعني السلام من كل عيب ونقص وآفة. وإطلاق (السلام) علي الله تعالي باعتبار سلامة الذات المقدسة والصفات والأفعال. أما سلامة الذات فمن الزوال والتغيير، ومن كل نقص وعيب. وأما الصفات فسلامتها من الحدوث وزيادتها عن الذات المتعالية.
وأما سلامة الأفعال فمن كل قبيح ولغو. وعليه أن معني (السلام عليك) إن الله يحفظك، لكن المقصود ليس تلك المعاني التي أخذت في معني السلام لله تعالي بل كل علي مرتبته وقابليته ومنزلته ومقامه وإيمانه وإخلاصه وما يستحقه..
2 - معني (السلام عليك) الدعاء بالسلامة من كل البلايا والآفات الدنيوية والأخروية، السلامة في مقام تأثيرها في الإيمان والعصمة لا الجسم والأذي في جنب الله فإنه من الطبيعي قد يجرح الإنسان لكن سلم من الاعتراض علي قضاء الله تعالي، قد لا تحصل السلامة المطلقة إلا بالأذي والبلاء كما في مسيرة الشهداء وعلي تعبير النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لولده الحسين عليه السلام: [إن لك درجة في الجنة لا تنالها إلا بالشهادة].
3 - بمعني الوعد بإعلان السلامة للمسلم عليه يعني أعدك من جانبي أن لا يصلك أي مكروه مني، فيكون معني السلام حينئذ عبارة عن الالتزام بالإيمان والطاعة له صلي الله
(١٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (2)، الجنابة (1)

* معني السلام علي وجه العموم

عليه وآله وسلم ولأهل بيته عليهم الصلاة والسلام والانقياد والتعهد لهم أن لا يعمل أي سلبي في إيمانه وأفعاله.
والظاهر أن السلام في قولنا: (السلام عليك وما أشبهه) أصله (سلام الله عليك) أي ليهبك الله السلامة كما يعلم من قوله تعالي: {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا علي أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة} [النور: 61].
ففي حديث عن الإمام الباقر عليه الصلاة والسلام يقول فيه: (إذا دخل الرجل منكم بيته فإن كان فيه فليسلم عليه، وإن لم يكن فيه أحد فليقل: السلام علينا من عند ربنا يقول الله: {تحية من عند الله مباركة طيبة} (7).
ونقل ابن كثير عند تفسير الآية عن مجاهد: يقول: (السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين). ومن المعلوم أن (السلام عليك) من مادة السلامة وهو تحية من الله بمعني الدعاء للغير أي القصد من (السلام عليك)، سلام الله عليك أو نسأل الله أن يسلمك.
وعلي وجه العموم عندما يسلم الإنسان فإنه يطلب بالسلام (بالإضافة إلي إظهار الصداقة والمحبة وبيان الروابط الحميمة مع الطرف المقابل) تلك الأنواع من السلامة أو بعضها علي حسب طيب (المسلم عليه) و قابليته واستعداده واستحقاقه، كما ويطلب بسلامه علي المؤمن اقتران حياته بالسلامة واقتلاع الأذي من طريقه، وتجديد عهد الإسلام معه في عدم الخيانة وأداء الأمانة.
إن الله يبعث بالسلام لكل إنسان مؤمن حاملا أنواعا من السلامة له في الحياة الدنيا وفي الآخرة مصاحبة له ما دام مصاحبا لمقتضاها وهو الهدي والإيمان قال تعالي:
{والسلام علي من اتبع الهدي} [طه: 47].
إن السلام من الله تخف له الروح، فيملؤها بالنشاط، يجعل الروح الإنسانية تتسلق الأفراح نشوي بالمعنويات التي لا يرقي إليها وصف، والتي لا تعادلها أية نعمة
(١٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، البعث، الإنبعاث (1)، الأمانة، الإئتمان (1)

* معني السلام في أشد حالات الإنسان

أخري، إنها نعمة الولاية ولذة حب أولياء الجليل جل وعلا: {وأما إن كان من أصحاب اليمين * فسلام لك من أصحاب اليمين} [الواقعة: 90 و 91].
وليعلم أن للسلام مفهوما واسعا يحمل السلامة في الدين والدنيا والحياة والعقبي والسلامة من كل أنواع الأذي والسوء والعذاب والمعاقبة في حاله ومستقبله في عالم البرزخ والمحشر. قال عز وجل في حق نبيه يحيي عليه الصلاة والسلام: {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا} [مريم: 15].
إن في حياة الإنسان وانتقاله من عالم إلي عالم آخر ثلاثة أيام صعبة: يوم يضع قدمه في هذه الدنيا: {يوم ولد} ويوم موته وانتقاله إلي عالم البرزخ: {ويوم يموت} ويوم بعثه في العالم الآخر الغريب عنه: {ويوم يبعث حيا}، ولما كان من الطبيعي أن تكون هذه الأيام مرافقة للاضطرابات والقلق فإن الله تعالي يكتنف خاصة عباده بسلامة، وعافية ويجعل هؤلاء في ظل حمايته، ومنعته في هذه المراحل المتلاكمة الثلاثة، فيحتاج حينئذ إلي فيض السلامة والهدوء والطمأنينة..
وإليه يشير الإمام علي بن موسي الرضا عليه الصلاة والسلام في رواية له (8): [إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد ويخرج من بطن أمه فيري الدنيا، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها، ويوم يبعث حيا فيري أحكاما لم يرها في دار الدنيا، وقد سلم الله عز وجل علي يحيي عليه الصلاة والسلام في هذه الثلاثة المواطن وآمن روعته فقال: {وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا}، وقد حكي الله تعالي السلام علي عيسي بن مريم علي نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال: {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا} [مريم: 33]. وقال تعالي في سلامة المؤمنين عند الاحتضار ونزع الروح: {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} [النمل: 32].
(١٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الموت (5)، البعث، الإنبعاث (5)، الصّلاة (2)

* الصلاة في مقام الإيجاب والسلام في مقام السلب

وقال تعالي في سلامهم في عالم البرزخ: {لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} [مريم: 62].
وعلي هذا كل مؤمن كان في أوضاع وأحوال تشابه أحوال هذين النبيين العظيمين فستعمه، وتظلله هذه السلامة الربانية، والوقاية الإلهية.
وهناك الأنواع الكثيرة التي لا تحصي في مفهوم السلامة وينبغي أن يحمل معني (السلام عليك يا رسول الله! أو أيها النبي! أو علي عباد الله الصالحين) كما في سلام التشهد أو (السلام علي أهل البيت صلوات الله عليهم في الزيارات) بالمعني الواسع للكلمة يشمل سلامة الدين والدنيا وسلامة الإيمان وسلامة الروح والفكر والجسد واللسان والسلوك والعمل والعاقبة، وكل أنواع السلامة، سلامة من كل مكروه الذي ليس بعدها إلا دار السلام: {والله يدعو إلي دار السلام} [يونس: 25]. هذا إذا كانت السلامة تعود علي المسلم.
أما إذا أخذنا السلامة في جانب أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وهو الظاهر من الآية فإن الصلوات تكون في مقام الإيجاب فيما ذكر، والتسليم يكون في مقام السلب عن كل شئ لذواتهم المقدسة، أما للمسلم عليهم أو للمسلم نفسه إلا أنه يطلب ذلك من بابه ويستمطره من مجري فيضه تعالي.
وللتوضيح أكثر نقول: أن الصلوات لها جانب إيجابي ومفهوم ثبوتي، فأنت تسأل أن يكون شيئا ويفاض خيرا، أما في مفهوم السلام فإنك تسأل أن لا يكون شيئا، وأن يحفظ من مكروه، وجانب السلب يشمل في مقامه أنواعا كثيرة كما هو واضح، وبكلمة أخري: أن الصلاة تكون في مقام التحلية، والسلام يكون في مقام التخلية علي حد تعبير علماء الأخلاق أو نقول بعبارة أهل المعرفة: الصلاة تجل بالجمال والسلام تجل بالجلال.
(١٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الوسعة (1)، الصّلاة (4)، الشهادة (1)

* معني سلام الطهارة وسلام التطهير

ويجب أن يعلم أن السلام من الله ليس لفظيا بل سلام فعلي بإفاضة كل أنواع الخير ولطفا لاستمرار السلامة في النبوة المطلقة والمقيدة أي الرسالة والشريعة الإسلامية وتوفيقا لمن يتمسك بولائهم وحبهم سلاما يؤدي إلي خلق الهدوء والسلامة فيهم وينفذ في أعماق أرواحهم ويغمرها بالسكينة والهدوء والسلام والوقاية لهم في مسيرة رسالاتهم وتبليغها كما قال تعالي: {والله يعصمك من الناس} [المائدة: 67].
وفي سنن النسائي، عن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم جاء ذات يوم والبشري في وجهه، فقلنا: إنا لنري البشري في وجهك؟
فقال: إنه أتاني الملك فقال: يا محمد إن ربك يقول: أما يرضيك أنه لا يصلي عليك أحد إلا صليت عليه عشرا، ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرا].
أقول: إن سلام الله علي من يصلي علي محمد وآل محمد له معنيان الأول: أن يعريه الله تعالي من كل آفة ومن كل نقص يلحق نفسه وروحه وعقله وكيانه والذي تسببه المعاصي والذنوب.. هذا هو سلام تطهير. والثاني: سلام طهارة ومعناه إفاضته تعالي لأوليائه وأنبيائه لاستمرار عصمتهم وبقاء طهارتهم وعدم تلوث أرواحهم، وأجسادهم وأجسامهم. وفي زيارة وارث: [صلوات الله عليكم وعلي أرواحكم وعلي أجسادكم، وعلي أجسامكم.].
وبعبارة أهل المعرفة: أن معني السلام عليه هو طلب السلامة من كل عيب ونقص في كمالاته ومقاماته في الملأ الأعلي كما عن عبد الرحمن بن كثير قال: سألته (أي الصادق عليه الصلاة والسلام) عن قول الله تبارك وتعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه} فقال: [صلاة الله تزكية له في السماء] قلت: ما معني تزكية الله إياه؟
قال: [زكاه بأن برأه من كل نقص وآفة يلزم مخلوقا] قلت: فصلاة المؤمنين؟
قال: [يبرؤنه، ويعرفونه بأن الله قد برأه من كل نقص هو في المخلوقين من الآفات التي تصيبهم في بنية خلقهم فمن عرفه
(١٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم عرفة (1)، عبد الله بن أبي طلحة (1)، الصّلاة (4)، الزيارة (1)، الوراثة، التراث، الإرث (1)، الطهارة (1)

* معني السلام الإلهي الفعلي

ويجب أن يعلم أن السلام من الله ليس لفظيا بل سلام فعلي بإفاضة كل أنواع الخير ولطفا لاستمرار السلامة في النبوة المطلقة والمقيدة أي الرسالة والشريعة الإسلامية وتوفيقا لمن يتمسك بولائهم وحبهم سلاما يؤدي إلي خلق الهدوء والسلامة فيهم وينفذ في أعماق أرواحهم ويغمرها بالسكينة والهدوء والسلام والوقاية لهم في مسيرة رسالاتهم وتبليغها كما قال تعالي: {والله يعصمك من الناس} [المائدة: 67].
وفي سنن النسائي، عن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم جاء ذات يوم والبشري في وجهه، فقلنا: إنا لنري البشري في وجهك؟
فقال: إنه أتاني الملك فقال: يا محمد إن ربك يقول: أما يرضيك أنه لا يصلي عليك أحد إلا صليت عليه عشرا، ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرا].
أقول: إن سلام الله علي من يصلي علي محمد وآل محمد له معنيان الأول: أن يعريه الله تعالي من كل آفة ومن كل نقص يلحق نفسه وروحه وعقله وكيانه والذي تسببه المعاصي والذنوب.. هذا هو سلام تطهير. والثاني: سلام طهارة ومعناه إفاضته تعالي لأوليائه وأنبيائه لاستمرار عصمتهم وبقاء طهارتهم وعدم تلوث أرواحهم، وأجسادهم وأجسامهم. وفي زيارة وارث: [صلوات الله عليكم وعلي أرواحكم وعلي أجسادكم، وعلي أجسامكم.].
وبعبارة أهل المعرفة: أن معني السلام عليه هو طلب السلامة من كل عيب ونقص في كمالاته ومقاماته في الملأ الأعلي كما عن عبد الرحمن بن كثير قال: سألته (أي الصادق عليه الصلاة والسلام) عن قول الله تبارك وتعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه} فقال: [صلاة الله تزكية له في السماء] قلت: ما معني تزكية الله إياه؟
قال: [زكاه بأن برأه من كل نقص وآفة يلزم مخلوقا] قلت: فصلاة المؤمنين؟
قال: [يبرؤنه، ويعرفونه بأن الله قد برأه من كل نقص هو في المخلوقين من الآفات التي تصيبهم في بنية خلقهم فمن عرفه
(١٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم عرفة (1)، عبد الله بن أبي طلحة (1)، الصّلاة (4)، الزيارة (1)، الوراثة، التراث، الإرث (1)، الطهارة (1)

* السلام التنزيهي في الملأ الأعلي علي أهل بيت العصمة

ووصفه بغير ذلك فما صلي عليه] قلت: فكيف نقول نحن إذا صلينا عليهم؟
قال: تقولون: [اللهم إنا نصلي علي محمد نبيك وعلي آل محمد كما أمرتنا به وكما صليت أنت عليه فكذلك صلاتنا عليه] [1].
وكذا طلب سلامة لشريعته وتبليغه للرسالة بالأخص تبليغ ولاية أهل الولاية: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} [المائدة: 67].
وفي دعاء صلاة الهدية للمعصومين عليهم السلام: [اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام حينا ربنا منك بالسلام]. كما وأن المفروض أن تكون كل مفردات سلامنا ومصاديق مفهومه علي هذا النحو وإلا لم يكن السلام سلاما ولا التحية تحية لخلو الصيغة من الحقيقة، وتجرد اللفظ من المعني.
والمراد ب (عباد الله الصالحين في السلام) في المرتبة الأولي الأنبياء والأوصياء ثم المؤمنون الأمثل فالأمثل. قال الحافظ القاضي عياض: واستحب أهل العلم أن ينوي الإنسان حين سلامه كل عبد صالح في السماء والأرض: من الملائكة وبني آدم والجن (9).
أقول: وعلي ما قدمناه من المعاني للسلام يجب أن تنطوي ضمائر المصلين في قولهم: (السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين) فحقيقة سلامهم: الدعاء لنفسه بذلك، والوعد لها بسلامة دينه وسيرته مع نفسه ومع الخلق أي أعد عقلي أن لا أخالف سلامتي باتباع الشهوات ولا ألوث نفسي برذائل الأخلاق والذنوب بل أحليها بالفضائل والطاعات ولا أستعمل أعضائي في موارد المعصية التي تخل في سلامتي كما وأعد المصلين وعباد الله الصالحين بذلك.
* (هامش) [1] - جمال الأسبوع ص 234 ونقله في البحار عنه في كتاب الدعاء، وكذلك مستدرك الوسائل. (*)
(١٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب مستدرك الوسائل (1)، الشهوة، الإشتهاء (1)، الصّلاة (1)
ويقصد بقوله: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) في الصلاة الملائكة كما روي ذلك، وقال الشهيد الأول في الذكري: يستحب أن يقصد الإمام التسليم علي الأنبياء والأئمة والحفظة والمأمومين لذكر أولئك وحضور هؤلاء.
فيثبت تلك المعاني بسلامه للملائكة من حافظيه وغيرهم ومن المقربين وغيرهم أي أعدكم بأن لا يصدر مني ما يوجب إيذاءكم من الريح النتن الناشئ من المعاصي وخلاف الأوامر الإلهية. ومن هنا تعلم عدم اعتبار سلامنا بأغلب أنواعه لخلوها من هذا المعني الموجب لسخط الله ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم واشمئزاز الملائكة منا بل الموجب للاستهزاء له تعالي وللرسول صلي الله عليه وآله وسلم ومن نسلم عليهم، ولذا قال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام لما سئل عن معني السلام في دبر كل صلاة؟
وفي جامع السعادات: [هو أمان من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة]، وهذا المعني يلازم السلام بمعني الوعد وإلقاء السلام. وأشير هنا أن السلام علي النبي الأكرم وآله صلوات الله عليهم بنحو الخطاب (السلام عليك أو عليكم) يدل علي سماعهم ذلك السلام وإلا لم يصح الخطاب به وفي تعليله وجهان:
الوجه الأول: بصورة غير مباشرة فقد وكل الله تعالي ملائكة لتبليغهم الصلاة والسلام كما في الأخبار الواردة عن العامة والخاصة.
فقد روي الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل، ج: 1، ص: 92، رقم:
الحديث: 129، بإسناده عن سليم بن قيس عن علي [صلوات الله وسلامه عليه] قال:
(إن الله إيانا عني بقوله تعالي: {لتكونوا شهداء علي الناس} [البقرة: 143] فرسول الله شاهد علينا، ونحن شهداء علي الناس وحجته في أرضه، ونحن الذين قال الله جل اسمه فيهم: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} [البقرة: 143].
أقول ولا يخفي أن الشهادة فرع العلم والمعرفة، وأيضا في بعض الأحاديث التي رووها ما يشير إلي هذا المطلب كقوله صلي الله عليه وآله وسلم: [صلوا علي، فإن
(١٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي (1)، سليم بن قيس (1)، الصّلاة (5)، الشهادة (5)، الإستحباب (1)

* علم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام بمن يسلم ويصلي عليهم عليهم

صلاتكم تبلغني حيثما كنتم] مسند أحمد، ج: 2، ص: 367. وقوله أيضا: [ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله إلي روحي حتي أرد إليه السلام]، مسند أحمد، ج:
2، ص: 257. وقال القاضي عياض: وذكر أبو بكر بن أبي شيبة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [من صلي علي عند قبري سمعته، ومن صلي علي نائيا بلغته]، وفي رواية: [فإن أحدا لا يصلي علي إلا عرضت صلاته علي حين يفرغ منها، وذكر] (10).
ونقل القاضي عياض أيضا عن سليمان بن سحيم: رأيت النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم في النوم، فقلت يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك فيسلمون عليك أتفقه سلامهم؟
قال: نعم، وأرد عليهم (11). ويأتي ما يدل علي هذا المعني في المطلب الثاني من البحث الثالث.
الوجه الثاني: علمهم واطلاعهم علي ذلك مباشرة بنوع من العلم الحضوري يأتي بيانه في المطلب المشار إليه.
ونختم المطلب بما في زيارة أمير المؤمنين: السلام عليك يا أمير المؤمنين، أنا عبدك وابن عبدك، وابن أمتك جئتك زائرا لائذا بحرمك، متوسلا إلي الله بك في مغفرة ذنوبي كلها متضرعا إلي الله تعالي وإليك لمنزلتك عند الله، عارفا عالما إنك تسمع كلامي وترد سلامي: لقوله تعالي: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون} فيا مولاي إني لو وجدت إلي الله تعالي شفيعا أقرب منك لقصدت إليه فما خاب راجيكم ولا ضل داعيكم أنتم الحجة والمحجة إلي الله فكن لي إلي الله شفيعا … ] وفي زيارة أبي عبد الله الحسين عليه الصلاة والسلام: [أشهد أنك تشهد مقامي، وتسمع كلامي وترد سلامي فالسلام عليك وعلي الأرواح التي حلت فنائك ورحمة الله وبركاته].
(١٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: زيارة الحسين عليه السلام (1)، القتل، القتال في سبيل الله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (2)، أبو هريرة العجلي (1)، أبو بكر بن أبي شيبة (1)، الشهادة (2)، الزيارة (1)، النوم (1)

المطلب الخامس: * اختصاص أهل البيت بسلام الله عز وجل

اشاره

المطلب الخامس في: [اختصاص أهل البيت بسلام الله تعالي] لقد خص الله تعالي بعض أنبياءه بالسلام: ففي سورة الصافات آية: 79: {سلام علي نوح في العالمين} و {سلام علي إبراهيم} [109]، وقال: {سلام علي موسي وهارون} [120]، وجمعهم جميعا في سلام واحد عام بقوله {وسلام علي المرسلين} [181] وميز تعالي محمدا وآل محمد بالصلاة والسلام في آية الصلوات كما وأكد ذلك بقوله:
{سلام علي إل ياسين} [الصافات: 130].
ويعلم مما مر في السابق أن معني السلام علي أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم] هو كل ما مر من أنواع السلامة لقابليتهم المطلقة واستعدادهم التام واستحقاقهم لكل خير أضف إلي معني السلام عليهم: استمرار العلة المبقية للعصمة وسلامة الدين والإيمان والرسالة والاعتقاد والمذهب وسلامة أولياءهم وشيعتهم وقائمهم عليه الصلاة والسلام كما وردت الروايات بذلك أيضا.
فقد روي الشيخ الصدوق رضوان الله عليه بإسناده إلي عن ابن عباس في قوله عز وجل {سلام علي آل ياسين} قال: [السلام من رب العالمين علي محمد وآله صلي الله عليه وعليهم، والسلامة لمن تولاهم في القيامة]. وذكره الطريحي في المجمع.
وفي هذه الآية أبحاث تتعلق بتفسيرها ومعناها يجب بيانها استطرادا في مقاصد:
(١٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، سورة الصافات (1)، الشيخ الصدوق (1)، الصّلاة (2)

المقصد الأول: * نزول آية: {إلياسين} في فضل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام

اشاره

المقصد الأول في أن:
[آية {إل ياسين} نازلة في فضل أهل البيت عليهم السلام] إن هذه الآية: {سلام علي آل ياسين} وإن كانت واردة في ضمن آيات تتعلق بالنبي إلياس عليه الصلاة والسلام إلا أن تغيير سياقها حيث تذكر لفظ يدل علي جمع وهو {إل ياسين}، بدل (إلياس) كما في الآيات السابقة التي ذكرت الأنبياء بأسمائهم لدليل علي أن لها معني ومحتوي مستقلا عن تلك الآيات، وقد يقال في صياغة الكلام:
أنها من باب (خطاب الالتفات) أي تغيير توجيه الخطاب في أثناء كلام مرتبط بعضه ببعض كقوله تعالي: {يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك} [يوسف: 12].
فإنه كثيرا ما نري في أسلوب القرآن يتحدث بآيات تتصل بعضها ببعض عن مواضيع مختلفة. ويمكن الجمع بين تعلق الآية بالآيات التي هي في ضمنها سياقا وبين نزولها في (أهل البيت) نصا بتوجيه سنذكره.
ونلاحظ في الحديث الآتي بيان الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام في دلالة الآية علي فضلهم وتوجه السلام إليهم، ففي العيون في باب الفرق بين العترة والأمة: عن الريان بن الصلت، قال حضر الرضا عليه الصلاة والسلام مجلس المأمون ب [مرو]، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان … قال الرضا عليه الصلاة والسلام …
أما الآية السابعة فقوله تبارك وتعالي {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}، وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية قيل يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك؟
فقال: تقولون: [اللهم صل علي محمد وآل محمد، كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد]. فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف؟ فقالوا: لا قال المأمون: هذا ما لا خلاف فيه أصلا وعليه إجماع الأمة فهل عندك في الآل شئ أوضح من هذا في القرآن؟ فقال: أبو الحسن عليه الصلاة والسلام: نعم أخبرني عن قول الله
(١٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: فضائل أهل البيت عليهم السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (3)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، النبي إلياس عليه السلام (1)، دولة العراق (1)، القرآن الكريم (2)، خراسان (1)، الصّلاة (3)

* استدلال الإمام الرضا عليه السلام بآية: {إلياسين} علي فضلهم

المقصد الأول في أن:
[آية {إل ياسين} نازلة في فضل أهل البيت عليهم السلام] إن هذه الآية: {سلام علي آل ياسين} وإن كانت واردة في ضمن آيات تتعلق بالنبي إلياس عليه الصلاة والسلام إلا أن تغيير سياقها حيث تذكر لفظ يدل علي جمع وهو {إل ياسين}، بدل (إلياس) كما في الآيات السابقة التي ذكرت الأنبياء بأسمائهم لدليل علي أن لها معني ومحتوي مستقلا عن تلك الآيات، وقد يقال في صياغة الكلام:
أنها من باب (خطاب الالتفات) أي تغيير توجيه الخطاب في أثناء كلام مرتبط بعضه ببعض كقوله تعالي: {يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك} [يوسف: 12].
فإنه كثيرا ما نري في أسلوب القرآن يتحدث بآيات تتصل بعضها ببعض عن مواضيع مختلفة. ويمكن الجمع بين تعلق الآية بالآيات التي هي في ضمنها سياقا وبين نزولها في (أهل البيت) نصا بتوجيه سنذكره.
ونلاحظ في الحديث الآتي بيان الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام في دلالة الآية علي فضلهم وتوجه السلام إليهم، ففي العيون في باب الفرق بين العترة والأمة: عن الريان بن الصلت، قال حضر الرضا عليه الصلاة والسلام مجلس المأمون ب [مرو]، وقد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان … قال الرضا عليه الصلاة والسلام …
أما الآية السابعة فقوله تبارك وتعالي {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}، وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية قيل يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك؟
فقال: تقولون: [اللهم صل علي محمد وآل محمد، كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد]. فهل بينكم معاشر الناس في هذا خلاف؟ فقالوا: لا قال المأمون: هذا ما لا خلاف فيه أصلا وعليه إجماع الأمة فهل عندك في الآل شئ أوضح من هذا في القرآن؟ فقال: أبو الحسن عليه الصلاة والسلام: نعم أخبرني عن قول الله
(١٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: فضائل أهل البيت عليهم السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (3)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، النبي إلياس عليه السلام (1)، دولة العراق (1)، القرآن الكريم (2)، خراسان (1)، الصّلاة (3)

* تساوي أهل البيت مع الأنبياء في سلام الله عز وجل

تعالي: {يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين * علي صراط مستقيم} فمن عني بقوله يس؟
ويقول العلماء في هذا الصدد: (يس) محمد صلي الله عليه وآله وسلم لم يشك فيه أحد. قال أبو الحسن عليه الصلاة والسلام: فإن الله عز وجل أعطي محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله، وذلك أن الله عز وجل لم يسلم علي أحد إلا علي الأنبياء صلوات الله عليهم فقال تبارك وتعالي: {سلام علي نوح في العالمين} وقال: {سلام علي إبراهيم} وقال: {سلام علي موسي وهارون} ولم يقل: (سلام علي آل نوح)، ولم يقل (سلام علي آل إبراهيم)، ولم يقل (سلام علي آل موسي وهارون)، وقال: {سلام علي آل ياسين} يعني آل محمد صلي الله عليه وآله وسلم. فقال المأمون: قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه (12).
وعن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ قوله عز وجل {سلام علي آل ياسين} قال:
علي آل محمد صلي الله عليه وآله وسلم (13).
وقال فخر الرازي: إن أهل بيته يساوونه في خمسة أشياء في: السلام قال: السلام عليك أيها النبي وقال: {سلام علي آل ياسين} وفي الصلاة إلي آخر كلامه الآتي في مطالب التشهد.
علي أن ذلك يشير إلي مقامهم الرباني، والمنصب الإلهي فإنه لولاه لما استحقوا هذا التفضيل، فهو نص صريح في إمامتهم، ومقام رفيع في فضلهم.
ونذكر (هنا) أنه قد أورد محدثو السنة المعروفون وكبار القوم في معني الحديث المذكور آنفا وأمثاله في كتبهم المعتبرة أحاديث في ذلك منهم:
1 - المحدث ابن حجر الهيتمي المكي في: (الصواعق المحرقة الفصل الأول في الآيات الواردة فيهم، ص: 88، الآية الثالثة). قوله تعالي: {سلام علي آل ياسين} فقد
(١٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الأنبياء (ع) (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، كتاب الصواعق المحرقة (1)، إبن حجر الهيتمي (1)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (1)، الشهادة (1)

* مصادر العامة في نزول: {إلياسين} بأهل البيت عليهم الصلاة والسلام

نقل جماعة من المفسرين عن ابن عباس، (أن المراد بذلك: سلام علي آل محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم، وكذا قاله الكلبي).
2 - الإمام فخر الرازي في تفسيره، ج: 26 ص: [162]، أورد القول: بأن المراد من آل ياسين آل محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم.
3 - الحافظ السيوطي في تفسير الدر المنثور، ج: 5 ص: [286] أخرج ابن حاتم والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: {سلام علي آل ياسين} قال: (علي آل محمد آل ياسين).
4 - وابن كثير المتوفي 774 ه في تفسيره، ج: 4، ص: [20] قال: قرأ …
آخرون: {سلام علي آل ياسين} يعني آل محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم.
5 - العلامة الحافظ ابن المغازلي الشافعي المتوفي 487 ه في (المناقب) عن عبد الله بن عباس قوله تعالي: {سلام علي آل ياسين} قال: (علي آل محمد) صلي الله عليه (وآله) وسلم.
6 - النويري في (نهاية الأدب) قال: إن {آل ياسين} آل محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم.
7 - العلامة حميد بن أحمد المحلي في الحدائق الوردية) قال: وروينا عن ابن عباس في قوله تعالي: {سلام علي آل ياسين} قال: (علي آل محمد) صلي الله عليه (وآله) وسلم.
8 - أخرج العلامة جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي في (نظم درر السمطين) ص: [94]، بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنه: أنه قال في قوله تعالي: {سلام علي آل ياسين}، (علي آل محمد) صلي الله عليه وآله وسلم.
(١٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (6)، عبد الله بن عباس (4)، كتاب نظم درر السمطين للزرندي (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، الطبراني (1)، إبن المغازلي (1)، جمال الدين (1)، محمد بن يوسف (1)، الوفاة (2)

* العلامة الحلي يستدل ب {إلياسين} علي إمامة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام

9 - والقرطبي المتوفي 671 ه في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن): أن المراد من الآية الشريفة: (آل محمد) صلي الله عليه وآله وسلم، ج: 15، ص: 119، [1].
وقال العلامة قدس الله روحه في (كشف الحق) عند قوله تعالي {سلام علي آل ياسين} عن ابن عباس هم آل محمد صلي الله عليه وآله وسلم. وقال الناصب روز بهار الراد في شرحه علي [كشف الحق]: أقول صح هذا. و [آل يس]، آل محمد.
وعلي عليه السلام منهم والسلام عليهم، ولكن أين هو من دليل المدعي. انتهي.
أقول: خفي علي هذا الناصبي أن اختصاص آل محمد بهكذا منزلة تقتضي أهليتهم للإمامة، وأنهم كالأنبياء الذين اختصهم بالسلام في سورة الصافات ولزيادة التوضيح نقول: يدل قوله تعالي: {سلام علي آل ياسين} علي أحقيتهم بالخلافة وأفضليتهم علي سائر الأمة، وذلك لاقترانهم بمن خصهم الجليل بالسلام من الأنبياء في هذه السورة، فإن انفرادهم بالسلام في سياق السلام علي الأنبياء من نوح وإبراهيم وموسي وهارون عليهم أفضل الصلاة والسلام مع أنه تعالي جمع المرسلين جميعا بقوله: {وسلام علي المرسلين} إشارة واضحة علي تساوي منزلتهم بالأنبياء والمرسلين واقتران درجتهم بهم ومن كان في هذه المثابة فهو أفضل الأمة.
قال الشهيد القاضي نور الله التستري في إحقاق الحق، ج: 3، ص، 451: قد خص الله تعالي في آيات متفرقة من هذه السورة عدة من الأنبياء بالسلام، فقال:
[١] ومنهم أيضا: ١٠ فتح الباري، ج: ١١، ص: ١٥٤. ١١ الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل، ج: ٢، ص: (١١٠) بإسناده عن ابن عباس في قوله: {سلام علي آل ياسين} قال: (علي آل محمد) صلي الله عليه (وآله) وسلم. وفي ص: ١١١ روي بإسناده عن علي (عليه الصلاة والسلام) في قوله: {سلام علي آل ياسين}، قال: (ياسين: محمد، ونحن آل ياسين). وفي ص: ١١٢، روي بإسناده عن أبي أنس في قوله: {سلام علي آل ياسين}، قال: (هو محمد وآله أهل بيته). ١٢ الترمذي في (المناقب المرتضوية) ص: 54. 13 الآلوسي في تفسيره (روح المعاني). ج: 23، ص: [129]. 14 أبو بكر الحضرمي في (رشفة الصادي): ص: 56. 15 العسقلاني في (لسان الميزان)، ج: 6، ص: [125]. 16 نور الدين الهيتمي في (مجمع الزوائد)، ج: 6، ص: [174]. القندوزي الحنفي في (ينابيع المودة). 17 وفي تفسير الخازن، ج: 4 ص: [27]. 18 وأبو حيان الأندلسي المتوفي 754 ه في (البحر المحيط)، ج: 7، ص: [373]، أورد في شأن نزول الآية الشريفة: وقيل ياسين اسم محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم. 19 الشوكاني في فتح القدير، ج: 4، ص: [400]. 20 الحافظ بن مردويه في (مفتاح النجا).
(١٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (3)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، عبد الله بن عباس (2)، سورة الصافات (1)، القرآن الكريم (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (2)، الوفاة (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي (1)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، كتاب لسان الميزان لإبن حجر (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، كتاب فتح الباري (1)، أبو بكر الحضرمي (1)

* استدلال القاضي بالآية كون أهل البيت بدرجة الأنبياء

{سلام علي نوح في العالمين}، {سلام علي إبراهيم}، {سلام علي موسي وهارون} ثم قال {سلام علي آل ياسين} ثم ختم السورة بقوله {وسلام علي المرسلين * والحمد لله رب العالمين}، ومن البين أن في السلام عليهم منفردا في أثناء السلام علي الأنبياء والمرسلين دلالة صريحة علي كونهم في درجتهم ومن كان في درجتهم لا يكون إلا إماما معصوما، فيكون نصا في الإمامة، ولا أقل من كونه نصا في الأفضلية.
ويؤيد ذلك ما نقله ابن حجر المتأخر في صواعقه عن فخر الدين الرازي من أنه قال:
إن أهل بيته صلي الله عليه (وآله) وسلم يساوونه في خمسة أشياء:
في السلام قال: السلام عليك أيها النبي، وقال: {سلام علي آل ياسين}.
وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهد.
وفي الطهارة، قال طه، أي يا طاهر، وقال: {ويطهركم تطهيرا}.
وفي تحريم الصدقة.
وفي المحبة، قال الله تعالي: {فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران: 31]، وقال:
{قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي} [الشوري: 23].
(١٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، المودة في القربي (1)، الطهارة (2)، الصّلاة (1)، التصدّق (1)، الشهادة (1)

المقصد الثاني: * قراءة {إلياسين} المروية عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام

اشاره

المقصد الثاني في تحقيق قراءة هذه الآية:
{سلام علي إل ياسين} من المعلوم للجميع أن المثبت في نسخ القرآن التي بين أيدي المسلمين {إل ياسين} بهمزة القطع وسكون اللام المفصولة عن (ياسين)، وللمفسرين في معناها وقراءتها أراء بعضها باجتهادهم، والبعض الآخر لاختلاف القراءة المروية عن القراء.
1 - القول الأول في قراءتها ومعناها المرويان من أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم]. فقد روي عن طرق الخاصة أخبار كثيرة بأن قراءة (آل ياسين) بفتح الألف ومده، وكسر اللام وأن المراد بهم (آل محمد) وقد ذكروا في محاجتهم علي علماء العامة هذه الآية بحيث لم يكونوا ينكروها وكانوا معترفين بصحة القراءة بذلك.
ونضيف عليه أن (إل ياسين) كلمتان والدليل عليه أنهما مفصولتان في المصاحف لا أنهما كلمة واحدة، الأولي (إل) والثانية (ياسين) اسم من أسماء نبينا محمد صلي الله عليه وآله وسلم، لأنه لم يذكر في القرآن إلا في محلين: في سورة الصافات، وسورة يس.
وذكر أغلب المفسرون أن المقصود منه في سورة (يس) هو النبي محمد صلي الله عليه وآله وسلم بدليل الخطاب في قوله تعالي: {إنك لمن المرسلين} بعد قوله: {يس} ولم يكن ذكر سابق للنبي صلي الله عليه وآله وسلم. وقد قرأ القراء الأربعة الكبار وهم نافع وابن عامر ويعقوب وزيد: {آل ياسين} بمد الهمزة وكسر اللام مفصولة عن (ياسين).
ومهما كان فإن قراءتها {إلياسين} كما هو المتعارف والمتعبد به لا يبعدها من معناها المقصود. ولا تنافي هذه القراءة تفسيرها ب (آل محمد) صلي الله عليه وآله أجمعين لأن (إلياسين) أو (إل ياسين) أو (آل ياسين) قبل تنقيط القرآن كانت علي هذه الصورة (آل ياسين). وهي تقرأ كقراءة نافع وابن عامر وزيد ويعقوب (آل ياسين)
(١٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، سورة الصافات (1)، سورة يس (2)، القرآن الكريم (3)، الصّلاة (1)

* تحقيق رشيق في قراءة {إلياسين}

بمد الألف وكسر اللام المقطوعة عن (ياسين) كما نقله الرازي وغيره من المفسرين، والثابت في المصحف يؤيد قراءتهم، مع أنه يقال أن (إل) بكسر الهمزة لغة في (آل) بمد الهمزة، وهما بمعني واحد، وليست هي (أل) بفتحة الهمزة للتعريف العهدي كما يدعي البعض لكون الهمزة في تلك للوصل وإذا بدأ بها الكلام تفتح وهذه مكسورة، مع أن (إل ياسين) همزتها قطع يلفظ بها في درج الكلام، وبهمزة القطع قرأ غير الأربعة.
2 - قال بعضهم: إن إلياس وإلياسين هما لغتان، كما في: (ميكال) و (ميكائيل) إذ أنهما لغتان في اسم واحد لأحد الملائكة، و (سيناء) و (سينين) حيث تعلقان علي مساحة من الأرض تقع بين مصر وفلسطين، و (إلياس) و (إلياسين) هي أيضا لغتان في اسم واحد لهذا النبي الكبير عليه الصلاة والسلام.
3 - ويعتبر البعض الآخر: أن (إلياسين) جمعا، وبهذا الشكل (إلياس) أضيفت إليها (ياء النسبة) فأصبحت (إلياسي)، وبعد ذلك جمعت بإضافة الياء والنون إليها فأصبحت (إلياسين) وبعد تخفيفها غدت (إلياسين) وطبقا لهذا يفهم منها أنها تخص كل الذين أطاعوا إلياس والتزموا بنهجه.
4 - وقال جماعة: إنها (آلياسين) مركبة من كلمتي (آل) و (ياسين)، وقيل: أن ياسين هو اسم والد (إلياس). وهناك أقوال أخري أعرضنا عنها كشحا لأنها في غاية الضعف وبعدها عن الآية، وعدم الدليل عليها.
وذكر فخر الرازي عند تفسيره الآية: (قرأ نافع وابن عامر ويعقوب (آل ياسين) علي إضافة لفظ (آل) إلي لفظ (ياسين) وقرأ الباقون بكسر الألف وجزم اللام موصولة ب (ياسين).
وأضاف الرازي: أما القراءة الأولي ففيها وجوه: الأول وهو الأقرب إنا ذكرنا أنه إلياس بن ياسين فكان إلياس آل ياسين.
والثاني: (آل ياسين) آل محمد صلي الله عليه (
(١٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (1)

* مشكلة السياق في {إلياسين}، مع الرازي

وآله) وسلم. والثالث: إن ياسين اسم القرآن كأنه قيل سلام الله علي من آمن بكتاب الله الذي هو ياسين.
وأضاف: والوجه (أي الصحيح عنده): هو الأول لأنه أليق بسياق الكلام. ثم وجه الرازي القراءة الثانية علي الوجه الذي اختاره بقوله: وأما القراءة الثانية ففيها وجوه الأول قال الزجاجي يقال: ميكال وميكائيل وميكالين فكذا هاهنا إلياس والياسين.
والثاني: قال الفراء: هو جمع، وأراد به إلياس وأتباعه من المؤمنين، كقولهم: المهلبون والسعدون قال: [أنا ابن سعد أكرم السعدينا].
أقول: إن توجيهه غير مرضي لقراءة القراء الباقين حيث يأتي بيانه كما من الغريب أن نسمع للقرآن اسم (إلياسين) وأما توجيهه: أن إلياسين جمع إلياس (وحينئذ المراد بالجمع النبي إلياس وأمته والمؤمنون) كما نسبه إلي الفراء، ونسبه غيره إلي الزجاج وقال:
وكذلك يجمع ما ينسب إلي الشئ بلفظ الشئ تقول: رأيت المسامعة والمهالبة تريد بني المسمع وبني المهلب، وكذلك رأيت المهلبين والمسمعين كما ذكره الرازي مختصرا ذلك.
وهو كلام نابع عن قلة التتبع وضعف التحقيق والجهل باللغة.
وفي المجمع: قال أبو علي في معرض رده علي هذا الكلام: هذا لا يصح لأن ميكال وميكائيل لغتان في اسم واحد، وليس أحدهما مفردا والآخر جمعا كما ادعي ذلك في إلياس وإلياسين وإدريس وإدراسين ومثله (قدني من نصر الخبيبين قدي) أراد عبد الله ومن كان علي رأيه. فكذلك إلياسين وإدراسين من كان من شيعته وأهل دينه علي إرادة ياء النسب، التقدير: إلياسيين وإدراسيين فحذف كما حذف من سائر هذه الكلم التي يراد الصفة ك (الأعجمين والأشعرين).
أقول: الشق الأول من كلام أبي علي جواب لمن ادعي أن (إلياس) و (إلياسين) لغتان لاسم واحد.
(١٤١)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، الكرم، الكرامة (1)، الجهل (1)
ونضيف عليه: أن هذا التوهم نابع من قراءة البعض (إلياسين) بكسر الألف وسكون اللام، وهي القراءة المشهورة المعروفة عند المسلمين ل - (إلياسين) فظنوا أنه اسم لوالد (إلياس) وأن (إل) بكسر همزة القطع ظنوا أن: (ألف ولام التعريف) نقول لو سلمنا ذلك فإنه يجب من ناحية قواعد الإملاء أن تكون موصولة لا مفصولة هكذا: (إل ياسين) كما هو الثابت في المصاحف المتداولة كما أنه يجب أن تكون الألف للوصل لا القطع و هو الثابت في القرآن الكريم.
وأما الشق الثاني: فقد يصح توجيه (إلياسين) النسبة إلي (إلياس) وهو مجرد احتمال ولكن لا نسلم وروده في اللغة، وقياسه علي (الأعجمين والأشعرين الخبيبين وغيرها) لا يثبت استعماله، وتلك الكلمات استعملها العرب ولها في أشعارهم قرائن تدل علي إرادة هذا المعني.
وبعد ذلك كله فإنه لا يناسب التسليم علي المنسوبين إلي (إلياس) في ضمن الآيات التي ذكر فيها بعض الأنبياء في حين لم يسلم عليهم ك (لوط ويونس النبيين) و (إسماعيل وإسحاق) الذين هما من آل إبراهيم الذين صلي الله عليهم كما ولم يسلم علي آل أحد منهم فراجع السورة وأي مناسبة اقتضت ذلك.
ويلزم علي قوله أنه: (جمع إلياس) أن يقال: في الجمع (الإلياسيين والإدراسيين) بتعريف الجمع كما قال علماء النحو كقولهم (الإلهيين في حالة النصب والجر) و كالمثالين الذين ذكروهما: (الأعجمين والأشعرين)، فإنهما جمع (أعجمي وأشعري) وعند حذف الياء يكون: (الإلياسين والإدراسين).
والتفت إلي هذا الشيخ القندوزي الحنفي وقال في ينابيع المودة: [إن قيل أنه تعالي سلم علي جمع (إلياس) فقلنا إن (إلياس) واحد لا متعدد مع أنه لو كان (إلياس) ثلاثة أو أكثر لقال: (سلام علي الإلياسين) بالمعرف باللام لأن قاعدة الجمع بالتعريف باللام.
(١٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، القرآن الكريم (1)، الظنّ (1)
أقول: وإن قيل أن (إلياسين) مع لام التعريف، ولكن حذفت همزة (إلياس) عند الجمع ثم خففت اللام.
قلت: لا يجوز حذف الألف من (إلياس وإدريس) عند الجمع لأنهما همزة قطع من أصل الكلمة، ولذا أنكر أهل النحو علي ابن عامر لما وصل {وإن الياس} [الصافات:
123] فإنه وصل همزة (إلياس) في حين أن الكلمة أعجمية، وهمزتها قطع [1].
أضف إلي ذلك أنه يلزم من قولهم إن (إلياسين وإدراسين) جمع (إلياس وإدريس) أن يكون في حالة الرفع (إلياسون وإدراسون)، ولم يسمع ذلك.
وأما قول الرازي (أن الأول أليق في السياق).
أقول: إنه أليق بسياق تعصبه فإن السياق له قواعده بل سياق الآيات يأبي ذلك، فإن السلام وارد فيها علي بعض الأنبياء لا علي آباءهم، وفيهم من هو أفضل من إلياس وآله كإبراهيم وآله عليهم الصلاة والسلام كما وأن السورة لم تذكر السلام علي بعض الأنبياء الذين ورد ذكرهم في السياق.
اللهم إلا أن يدعي (تجرئا كما وهو رأي البعض) إيمان والد إلياس دون غيره ممن ذكر من آباء الأنبياء، (والعياذ بالله) ولاحظ معي سياق الآيات التالية من سورة الصافات: {ولقد نادينا نوح فلنعم المجيبون * و نجيناه وأهله من الكرب العظيم * وجعلناه وذريته هم الباقون * وتركنا عليه في الآخرين * سلام علي نوح في العالمين} ولم يذكر أهله وذريته بما أن الذين نجاهم الله تعالي هم المؤمنون.
وقال تعالي: {وإن من شيعته لإبراهيم … فبشرناه بغلام حليم … سلام علي إبراهيم} ولم يذكر آله الذين اصطفاهم الله: {إن الله اصطفي آدم ونوحا وآل * (هامش) [1] - لاحظ (الأتحاف في مسائل الخلاف بين الكوفيين والبصريين ص: (370). (*)
(١٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (1)، الجواز (1)
إبراهيم وآل عمران علي العالمين} [آل عمران: 33]، والذين صلي عليهم كما في متواتر الأحاديث: [كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم].
وقال تعالي: {ولقد مننا علي موسي وهارون} جمعهما معا في تفضيله تعالي لهما ولذا ثني الضمير حتي في السلام فقال: {ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم * ونصرناهم فكانوا هم الغالبين * وآتيناهما الكتاب المستبين * وهديناهما الصراط المستقيم * وتركنا عليهما في الآخرين * سلام علي موسي وهارون * إنا كذلك نجزي المحسنين * إنهما من عبادنا المؤمنين}.
فتري في الآية الأخيرة ثني الضمير بخلاف ما ورد في (إلياس) فلو كان المقصود من السلام في {آل ياسين} آله أو أهله أو أبوه أو المؤمنون لقال: (إنهم من عبادنا المؤمنين) كما لاحظت السياق بينما قال: {وإن إلياس لمن المرسلين * … وتركنا عليه في الآخرين * سلام علي إل ياسين * إنا كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين}.
ثم ولماذا يذكر والده ويسلم علي آله ولا نجد في القرآن نبيا ينسب إلي أبيه فإن نسبة النبوة تغنيه عن أية نسبة، سلمنا، ولكن الصحيح في النسبة أن يقال: (إلياس بن ياسين) أو (ابن ياسين) ويذكر أولا بهذه النسبة بعد ذلك يجمع (إلياسين).
هذا من جهة ومن جهة أخري فإن السياق لا يكافئ الأدلة الصحيحة عند تعارضهما لعدم الوثوق حينئذ بنزول الآية في ذلك السياق، وقد ذكرنا الروايات في ذلك من طرق العامة فضلا عن الخاصة، ولذا يجب ترك فحوي السياق.
ثم علي فرض مفهومه السياق فإنه يأبي ذلك لأن قوله تعالي: {وإن إلياس لمن المرسلين … إنه من عبادنا الصالحين}، فإن إفراد الضمير في الآية: {إنه من} في الظاهر لا يناسب الجمع {آل ياسين}، مع أنه تعالي ليس كلما ذكر نبيا سلم عليه خصوصا في سورة الصافات ك (لوط ويونس) ولم يخصهما بالسلام كما عرفت.
(١٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، سورة الصافات (1)، القرآن الكريم (1)

* وضعها في هذا المكان حفظا لتحريفها

قال تعالي في نفس السورة: {وإن لوطا لمن المرسلين * إذ نجيناه وأهله أجمعين * إلا عجوزا في الغابرين * ثم دمرنا الآخرين * وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون * وإن يونس لمن المرسلين} إلي آخر الآيات الكريمة ولم يسلم عليهما علي انفراد بل جمعهم في قوله {وسلام علي المرسلين}.
وإن قيل: هل هناك مناسبة من ذكر {سلام علي إل ياسين} في سياق الآيات التي تتعلق ب (إلياس).
قلنا: نعم أنها قد تعني السلام علي (إلياس) كما تعني (آل محمد صلي الله عليه وآله وسلم) فإن الأنبياء كلهم علي ملة واحدة، وعلي دين واحد، ويمكن حينئذ أن يقال أن الضمير في قوله تعالي: {إنه من عبادنا المؤمنين} راجعا إلي (إلياس) فإنه من (آل ياسين) أي (آل محمد صلي الله عليه وآله وسلم)، كما ويكون راجعا إلي (ياسين) أي محمد صلي الله عليه وآله وسلم علي البدل فالمرجع واحد علي كل حال.
وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: قال عبد العزيز بن أبي رواد: إن إلياس والخضر عليهما السلام يصومان شهر رمضان في كل عام ببيت المقدس يوافيان الموسم … وذكر ابن أبي الدنيا … من طريق مكحول عن أنس قال: [غزونا مع رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم حتي إذا كنا بفج الناقة عند الحجر، إذا نحن بصوت يقول: اللهم اجعلني من أمة محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) المرحومة، المغفور لها المتوب عليها، المستجاب لها، فقال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم يا أنس انظر ما هذا الصوت فدخلت الجبل فإذا أنا برجل أبيض اللحية والرأس عليه ثياب بيض … فلما نظر إلي قال:
أنت رسول الله؟
قلت نعم، قال: ارجع إليه فاقرأه مني السلام وقل له: هذا أخوك إلياس يريد لقاؤك، فجاء النبي صلي الله عليه (و آله) وسلم وأنا معه.. (14)].
(١٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، شهر رمضان المبارك (1)، عبد العزيز (1)، القرآن الكريم (1)، الكرم، الكرامة (1)
ويقال أيضا في سبب ذلك: أن الله تعالي شاء أن يحفظ القرآن عن تحريفه وصد يد الخيانة عنه بأسباب منها سبك القرآن وأن تكون الآية في هذا الموضع المعين فقد اقتضت الحكمة في المحافظة علي تحريف القرآن والآيات بعدة أسباب منها غيبية ومنها أسباب طبيعية كالسبك الخاص للقرآن وتركيب آياته بنحو يفهم أهل الذكر منه معني معينا من خلاله يبين أفراده ومصاديقه يصعب فهم ذلك لغيرهم وحينئذ لا عبرة بالسياق لعدم ارتباط ذلك به، وأطلق بعضهم التفسير بالجري أو التأويل علي هذا النوع، وكجمعه بهذا القالب المعين كموضع آية التطهير، وآيات إطعام الطعام، وآية إكمال الدين وغيرها.
وفي هذا الصدد يقول المفسر الكبير: سلطان محمد الجنابذي (في بيان السعادة في مقامات العبادة) في ذيل تفسير هذه الآية: [وكأن المنظور كان من الإتيان ب (آل محمد) بهذا اللفظ في ذيل إلياس أن لا يسقطوه لو قال: سلام علي آل محمد ولما كان محمد وأهل بيته محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم شرف كل ذي شرف، وفخر كل ذي فخر، ومقام كل ذي مقام، كان السلام علي آل محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) سلاما علي ذي سلام، وشرفا لكل ذي شرف، ولسان صدق لكل صادق، فصح أن يقال: تركنا علي إلياس في الآخرين لسان صدق هو: سلام علي آل محمد.
ومما بيناه آنفا وما يأتي يتضح تخبط الرازي واختياره تفسيرات غير لائقة بآيات الله تعالي، ونجد في تفسيره كثيرا من هذا النوع (التفسير بسياق الرازي) كما يلاحظ في آية التطهير وغيرها.
وهذا ليس بأعجب من قراءة أبي بن كعب فإنه كان يستبدل من إلياس إدريس ويقرأ:
{سلام علي إدراسين} كما نقله القرطبي في تفسيره ص 230 وص 960.
وأما قول الرازي وغيره أن إلياس أبوه (ياسين)، فيقال أولا: أنه اختلف المفسرون في اسم أبيه، فقال بعضهم: إن اسمه (إدريس)، وذكروا: أن يوشع بن نون بوأ بني إسرائيل الشام بعد موسي عليه الصلاة والسلام وقسمها بينهم فسار منهم سبط
(١٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، يوشع بن نون عليه السلام (1)، آية الإكمال (1)، آية التطهير (1)، تحريف القرآن الكريم (1)، أبي بن كعب (1)، القرآن الكريم (2)، الشام (1)، التصديق (2)، الطعام (2)
ب (بعلبك) وانتشر في أرضها وهو السبط الذي منه (إلياس النبي عليه الصلاة والسلام) فبعثه الله تعالي.
وقال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان: اختلف في (إلياس عليه الصلاة والسلام) فقيل هو (إدريس عليه الصلاة والسلام) وقيل: هو من أنبياء بني إسرائيل من ولد هارون بن عمران ابن عم اليسع وهو إلياس بن يسع بن فنحاس بن العيزار بن هارون بن عمران.
وعن ابن عباس أن (إلياس) هو الخضر، وحكي لبعض المفسرين أنه ينسب (إلياس) إلي (ياسين) فقال: إن (إلياس بن ياسين) ظنا منه بكلمة (آل ياسين).
وثانيا: يلزم علي قولهم أن (إلياسين) اسم لوالده دخول لام التعريف علي المعرفة وقد يقال للتحسين كالحسن والحسين لكن لم يرد أن لام التعريف مكسورة الهمزة وقطعها.
وإن قيل: هو (آل) في هذا المورد والمقصود (آل ياسين) أي آل أبيه فإنه ادعاء بلا دليل.
وإن قيل: إذا كانت (آل) في الآية بالمد والنسخ المتواترة من القرآن دون مد فهل هذا إلا تحريف في الذكر الحكيم؟
قلنا: كلا فإن قراءة المد مروية عن الأربعة الكبار، وعليها إجماع أئمة أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم]، واختلاف القراءة لا توجب التحريف، لأن (إل) تكون حينئذ لغة في (آل) كما ذكره البعض.
وفي مجمع البيان: قال أبو علي من قرأ (آل ياسين) فحجته أنها في المصحف مفصولة من (ياسين) وفي فصلها دلالة أن (آل) هو الذي تصغيره أهيل.
ثم ينقدح هنا سؤال: وهو أنه كيف يسلم في سورة الصافات علي (آل ياسين) ولم يذكر (ياسين) صلي الله عليه وآله وسلم بنفسه وهو الأصل؟
(١٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: النبي إلياس عليه السلام (1)، كتاب مجمع البيان للطبرسي (2)، عبد الله بن عباس (1)، سورة الصافات (1)، هارون بن عمران (1)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (3)

شمول الآية للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم من باب التقحيم

قلنا: لأنه لا يردف (ياسين) هنا بهؤلاء لأنه سيدهم وله صلوات فوق السلام في سورة الأحزاب: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا آيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} وهذه الآية: {سلام علي آل ياسين} خاصة لآله عليهم السلام علي أنها قد تعني في ضمنها النبي محمد صلي الله عليه وآله وسلم فإنها ليست في مقام الحصر فلا يختص السلام بهم (عليهم السلام) فيشمل النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لوحدة المناط فإنهم استحقوا ذلك لانتسابهم إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم نسبا وحسبا ودينا وطاعة، فالنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أولي بالسلام، ويكون شموله للنبي صلي الله عليه وآله وسلم حقيقة أو من باب التقحيم لغة.
وروي الحسكاني في شواهد التنزيل بإسناده عن أبي أنس في قوله: {سلام علي آل ياسين} قال: (هو محمد وآله أهل بيته).
ولا يخفي أنه صلي الله عليه وآله وسلم الأصل في السلام المخبر به، وآله تبع له فيها فدل ذكر المتبوع {آل ياسين} علي التابع واندراجه تحته، وأغني عن ذكره، ولأنه داخل في آله فيكون ذكر {آل ياسين} مغنيا عن ذكره من باب التقحيم، ولهذا نظائر في القرآن الكريم كقوله تعالي: {إن الله اصطفي آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران علي العالمين} [آل عمران: 33] لأن المقصود من (آل إبراهيم) بما فيهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام فإنه يقال: (آل فلان للأعم منه ومن آله) {إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر} [القمر: 34].
ومنه قوله صلي الله عليه وآله وسلم: [اللهم صل علي آل أبي أوفي]. وهو باب واسع في اللغة سواء كان في المدح أو الذم كقوله تعالي:
{أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} [غافر: 46]. أي: (بما فيهم فرعون) فإذا كان هذا مصير عائلته وأنصاره وممن سار علي خطه تري ماذا يكون مصير نفس فرعون أكيدا هو في طليعتهم.
(١٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي (1)، القرآن الكريم (1)، سورة الأحزاب (1)، آل فرعون (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (3)

* من أسباب حفظ القرآن من التحريف ذكر الرموز

وكما في زيارة عاشوراء: (وهذا يوم فرحت به آل زياد وآل مروان بقتلهم الحسين صلوات الله عليه) فإذا كان آل زياد وآل مروان في فرح شديد بقتل الحسين عليه الصلاة والسلام فكيف يكون فرح زياد ومروان، وفيها أيضا (ولعن الله آل زياد وآل مروان) فإن اللعن كما هو موجه إلي آليهما فمن باب أولي يوجه إليهما وهما في مقدمة ارتكاب تلك الجرائم، وغير هذه من الموارد وهو باب واسع.
ومن باب الاستطراد نقول: لعل بعض أخبار الصلوات الإبراهيمية التي يذكر فيها (آل إبراهيم) دون لفظ (إبراهيم) باعتبار أن (آل إبراهيم) يشمل (إبراهيم).
وقد وردت الأخبار بناء علي هذه القراءة المعتبرة، كما لا يبعد أن يكون وضعها في ضمن آيات تتعلق ب (إلياس) وكتابتها بهذه النحو: (إل ياسين) في المصاحف أن تكون كتابة توقيفية، ووضع خاص من صاحب الوحي صونا من التحريف في القرآن الكريم كما قدمنا، فإن أعداء الدين لو علموا أن المراد ب (آل ياسين) هو (آل محمد) لحذفوها كما لا يخفي.
وإليه يشير الخبر المفصل الذي في الاحتجاج، ج: 1، ص: 596، المروي عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام: [ … وقد زاد جل ذكره في التبيان وإثبات الحجة بقوله في أصفيائه وأوليائه عليهم السلام: {أن تقول نفس يا حسرتي علي ما فرطت في جنب الله} [الزمر: 56] تعريفا للخليفة قربهم، ألا تري أنك تقول: (فلان إلي جنب فلان) إذا أردت أن تصف قربه منه؟
وإنما جعل الله تبارك وتعالي في كتابه هذه الرموز التي لا يعلمها غيره وغير أنبيائه وحججه في أرضه، لعلمه بما يحدثه في كتابه المبدلون، من إسقاط أسماء حججه منه، وتلبيسهم ذلك علي الأمة ليعينوهم علي باطلهم، فأثبت فيه الرموز، وأعمي قلوبهم وأبصارهم … ولو علم المنافقون لعنهم الله ما عليهم من ترك هذه الآيات التي بينت لك تأويلها، لأسقطوها مع ما أسقطوا منه ولكن الله تبارك اسمه ماض حكمه بإيجاب الحجة
(١٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، يوم عاشوراء (1)، كتاب التبيان للشيخ الطوسي (1)، تحريف القرآن الكريم (1)، القتل (1)، الوسعة (1)، النفاق (1)، الزيارة (1)، الصّلاة (3)
علي خلقه، كما قال الله تعالي: {قل فلله الحجة البالغة} [الأنعام: 149]، أغشي أبصارهم، وجعل علي قلوبهم أكنة عن تأمل ذلك، فتركوه بحاله، وحجبوا عن تأكيد الملتبس بإبطاله، فالسعداء ينتبهون عليه، والأشقياء يعمون عنه، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
أقول: قوله عليه الصلاة والسلام: (لأسقطوها مع ما أسقطوا منه) يعني لأسقطوها مع العبارات التي نزلت مع الآيات تفسيرا أو تأويلا لها وإلا فإن القرآن مصون من التحريف وقد عهد الله تعالي حفظه وصيانته عن أي بطلان: قال عز وجل: {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه} [فصلت: 43] وقال تعالي: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9] أو يقال هو من أسباب الحفظ عن التحريف.
ويعلم من كلامه عليه الصلاة والسلام أن من أسباب حفظ الكتاب عن التحريف هو ذكر الرموز دون التصريح حيث قال عليه الصلاة والسلام: [ثم إن الله جل ذكره لسعة رحمته، ورأفته بخلقه، وعلمه بما يحدثه المبدلون من تغيير كتابه، قسم كلامه ثلاثة أقسام: فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل، وقسما لا يعرفه إلا من صفي ذهنه، ولطف حسه، وصح تمييزه ممن شرح الله صدره للإسلام، وقسما لا يعرفه إلا الله وأمناؤه والراسخون في العلم.
وإنما فعل الله ذلك لئلا يدعي أهل الباطل من المستولين علي ميراث رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم، وليقودهم الاضطرار إلي الإئتمام لمن ولاه الله أمرهم … فأما ما علمه الجاهل والعالم من فضل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في كتاب الله، فهو قول الله عز وجل: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [النساء: 80].
وقوله: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا آيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}: ولهذه الآية ظاهر وباطن، فالظاهر قوله: {صلوا عليه}
(١٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (1)، الباطل، الإبطال (2)، الصّلاة (5)، الجهل (2)، الوراثة، التراث، الإرث (1)
والباطن قوله: {وسلموا تسليما} أي: سلموا لمن وصاه واستخلفه عليكم، وفضله، وما عهد به إليه تسليما، وهذا مما أخبرتك أنه لا يعلم تأويله إلا من لطف حسه، وصفي ذهنه، وصح تمييزه.
وكذلك قوله: {سلام علي آل يس} لأن الله سمي به النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم حيث قال: {يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين} لعلمه بأنهم يسقطون قول الله: [سلام علي آل محمد] كما أسقطوا غيره.
أقول: (معناه مر أي كما أسقطوا عبارات الوحي التفسيرية والتأويلية لا عبارات من نص القرآن المصون من التحريف).
وأضاف الإمام عليه السلام قائلا: وكذلك قال الله عز وجل: {يوم ندعوا كل أناس بإمامهم} [الإسراء: 61]، ولم يسم بأسمائهم وأسماء آبائهم وأمهاتهم …
وأنزل: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} [المائدة: 55] وليس بين الأمة خلاف أنه لم يؤت الزكاة يومئذ أحد منهم وهو راكع غير رجل واحد، ولو ذكر اسمه في الكتاب لأسقط مع ما أسقط من ذكره (أي من أسماء الأوصياء من أهل البيت التي نزلت مع الآيات تفسيرا في بعضها وتأويلا في البعض الآخر)، وهذا وما أشبهه من الرموز التي ذكرت لك ثبوتها في الكتاب ليجهل معناها المحرفون فيبلغ إليك وإلي أمثالك، وعند ذلك قال الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة: 3].
إلي آخر كلامه عليه الصلاة والسلام.
وقد عرف هذا التفسير لهذه الكلمة ب [آل محمد] واشتهر حتي نظمه العامة والخاصة في أشعارهم مدحا ورثاء في أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم].
(١٥١)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (2)، الزكاة (1)، الوصية (1)، الصّلاة (2)
منهم الشيخ عبد الله الشافعي المتوفي سنة 1172، في كتابه الأتحاف بحب الأشراف، ص: 25:
آل طه ومن يقل آل طه * مستجيرا بجاهكم لا يرد حبكم مذهبي وعقد يقيني * ليس لي مذهب سواه وعقد منكم أستمد بل كل من في * الكون من فيض فضلهم يستمد بيتكم مهبط الرسالة والوحي * ومنكم نور النبوة يبدو ولكم في العلا مقام رفيع * ما لكم فيه آل ياسين ند
(١٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، الوفاة (1)

المقصد الثالث: * معني كلمة [ياسين] في مقام الإنسان الكامل

اشاره

المقصد الثالث:
[معني ياسين] من المناسب في المقام ذكر معني كلمة {ياسين} الوارد في الآية الكريمة والذي يعني نبينا محمد صلي الله عليه وآله وسلم كما هو المعروف لدي المفسرين والعلماء في قوله تعالي: {يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين} سورة يس (1 / 2 / 3) وإنما كتبت {يس} دون (ياسين) لأنها من الحروف المقطعة الواقعة في أوائل السور أي لابد أن تقرأ حروفا بأسمائها وقد ذكر لها معان عدة 1 - من جملتها أن هذه الكلمة (يس) تتكون من (يا) حرف النداء و (سين) أي شخص النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، ومعناها يا إنسان، أو يا أيها الإنسان.
روي عن الكلبي: أن (يس) هو معناه يا إنسان بلغة طي، أما كيف أصبح كذلك فقد علله ابن جني: ويحتمل عندي أن يكون اكتفي من جميع الاسم (الإنسان) بالسين بما فيه حرف النداء كقولهم (يا رجل) ونظير حذف بعض الاسم قول النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم: (كفي بالسيف شا) أي شاهدا فحذف العين واللام فكذلك حذف (هنا) من (إنسان) ألفان والعين ما بقي منه اسما قائما برأسه وهو السين فقيل: (يس) تقرأ ياسين. وهو شبيه بقول الشاعر [قلنا لها قصي لنا قالت قاف] أي وقفت (15).
وعلله الرازي: أن (يس) نداء معناه (يا إنسان)، وتقريره هو أن تصغير إنسان (انيسين) فكأنه حذف الصدر منه وأخذ العجز وقال (ياسين) أي (انيسين).
أقول: إن معني (يس) كما قالوا: هو يا إنسان ولكن فليعلم أولا: أن النداء في آية سورة يس موجه إلي مخاطب معين يعني يا أيها الإنسان وهو النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لا انه كل إنسان كما تصور بعض أهل التفسير فقال: [ومنها أن المخاطب هنا هو الإنسان و (سين) إشارة له، ولكن هذا الاحتمال لا يحقق الانسجام
(١٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، سورة يس (2)، القرآن الكريم (1)، الكرم، الكرامة (3)، الشهادة (1)

* المعني الأول: الإنسان الكامل

اشاره

بين هذه الآية والآيات اللاحقة، لأن هذه الآيات تتحدث إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وحده].
وثانيا: أن (يس) ليس مركب من كلمتين: (يا) و (سين) بل هو كلمة واحدة تكون اسم للنبي صلي الله عليه وآله وسلم وحرف النداء مقدر في الآية التي في سورة يس وهو مطرد في القرآن وكلام العرب قال تعالي: {يوسف أعرض عن هذا} [يوسف: 29]، ويكون في سورة الصافات مضاف إلي (آل).
وأما تعليلا ابن جني، والرازي مجرد احتمال، ولذا قال ابن جني (ويحتمل عندي) وقال الرازي: (فكأنه حذف … )، وهما كتعاليل الصرفيين لكلمات العرب، وتفسير (يس) ب (يا إنسان) في الأقوال المذكورة وفي الروايات الآتية ليست في صدد بيان تفسير حرفي (يس) بل في صدد بيان معناه حينما يطلق ولما كان الأغلب في استعمال الأسماء في النداء ذكروا معه حرف النداء، إذن (يس) معناه (إنسان) يقدر حرف النداء له حينما يكون واقعا موقع النداء فقط كما في آية سورة يس، وهذا ما أرادته الأخبار.
ففي شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج 2 ص 112 قال: أخبرنا عقيل بن الحسين بإسناده المذكور في كتابه عن عبد الله بن عباس في قوله تعالي: {سلام علي آل ياسين}، قال: يعني علي آل محمد وياسين بالسريانية يا إنسان يا محمد.
وقال ابن كثير في تفسيره: وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة والضحاك والحسن وسفيان بن عيينة: أن (يس) بمعني يا إنسان، وقال سعيد بن جبير: هو كذلك في لغة الحبشية.
ويجب أن يعلم أن كلمة (إنسان) هنا إشارة إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بلحاظ أنه الإنسان الكامل الذي تجلت صفات الخالق به والمظهر لاسم الله الأعظم الجامع لجميع الأسماء، وإنما خص بالكامل لأن اسم الإنسان قد يطلق علي مثاله في عالم الشكل والصورة الشبيهة به، كما تقول في زيد: إنه إنسان، وفي عمرو إنه إنسان.
(١٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي (1)، عبد الله بن عباس (2)، سعيد بن جبير (1)، سفيان بن عيينة (1)، سورة الصافات (1)، سورة يس (2)، القرآن الكريم (1)

تقرير العارف ملا صدرا في الإنسان الكامل

وإن كان في أحدهما قد ظهرت الحقائق الإلهية، وما ظهرت في الآخر فالآخر علي الحقيقة حيوان في شكل إنسان كما أشبهت الكرة بالفلك في الاستدارة. وأين كمال الفلك من كمال الكرة، وأين مرتبة الإنسان الكامل المتحقق بالحقائق الإلهية من المشكل بصورته من جملة الحيوان؟ ولهذا قال تعالي لنبيه: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي} [الأنفال: 17].
وهذا ما يظهر من كلام العارف صدر المتألهين فقد قال: في تفسير سورة يس:
[ … واصطفي من بين الآدميين كلمة جامعة إلهية أوتيت جوامع الكلم، ونورا ربانية فيه مجامع الحكم، و {بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} [يس: 2]. كان ذاته {يس} وخلقه {القرآن الحكيم} وهو من المرسلين {إنك لمن المرسلين علي صراط مستقيم} ومعه {تنزيل العزيز الرحيم}. فتم له الملك والملكوت، وكمل له الخلق والأمر {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون} [يس: 83] فجعل نسخة وجوده وسيلة نجاة الخلق من عالم الجهل والظلمات، والقرآن النازل عليه براءة العبد من عذاب السيئات، والاقتداء بنوره صراط الله العزيز الحميد والاهتداء بهداه سبيل إلي جنابه المجيد.
وأضاف: {يس} أي يا إنسان أعني محمدا صلي الله عليه وآله وسلم، وذلك لأنه الإنسان الحقيقي المعنوي الذي اجتمعت فيه صور الأسماء كلها مفصلة، كما في العقل الأول مجملة لما روي عن ابن عباس (إن معناه يا إنسان في لغة طي).
وقد مرت الإشارة إلي قاعدة كلية في الحروف المقطعة، بها يمكن أن يستنبط معني الإنسان الكامل من كلمة (سين) فقط إن كان (يا) حرف نداء ومن مجموع (يا) و (سين) بوجه آخر إن لم يكن كذلك، وأكثر المفسرين علي أن المراد منه (يس) النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وإن اختلفت العبارات وتعددت الإشارات، فقيل معناه: (يا إنسان) وهو قول ابن عباس وقيل: (يا رجل) عن الحسن وأبي العالية وقيل
(١٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (2)، سورة يس (1)، القرآن الكريم (2)، العزّة (2)، الجهل (1)، الضلال (1)

* أهل البيت محال فيض الله المعني الثاني: يا سامع الوحي

معناه: (يا سيد) وقيل: (هو اسم إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم عن علي وأبي جعفر الباقر عليهما السلام. ولهذا يقال ل (آله) عليهم السلام (آل يس).
وقال علي ضوء القاعدة التي تقدمت منه: و (يس): قسم بأول الفيض وهو الإبداع وآخره وهو الخلق والتكوين (16).
أقول: ومما هو في غاية البداهة: أن إضافة (آل) إلي (يس) يشير أنهم عليهم السلام استحقوا هذا التفضيل وذكرهم بين المرسلين والسلام المطلق من رب العالمين دون غيرهم لأنهم كجدهم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مظاهر أسمائه تعالي ومحال فيضه.
وممن قرأ بالمد عمر بن الخطاب ما تقدم ورواه أبو عبد الرحمن السلمي قال أبو جعفر الصدوق في (معاني الأخبار)، ص: 123، باب معني آل ياسين الحديث الخامس:
حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني بسنده عن أبي عبد الرحمن السلمي: أن عمر بن الخطاب كان يقرأ: {سلام علي آل ياسين}، قال أبو عبد الرحمن السلمي: (آل ياسين): آل محمد صلي الله عليه وآله وسلم. وقد أخرجه عنه بعدة طرق في الخصال.
2 - المعني الثاني ل (يس) سامع الوحي، فقد روي الشيخ الصدوق (ره) عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام أن معني (يس) يا أيها السامع الوحي.
وفي تفسير القمي: عنه عليه السلام: (يس) - اسم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم والدليل علي ذلك قوله تعالي: {إنك لمن المرسلين}. وهناك أخبار كثيرة عنهم عليهم السلام في مجاميع الأحاديث في هذا المعني.
ومن الواضح أن قوله: {إنك} خطاب لذكر سابق إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ولم يسبق إلا (يس) إذن هو نداء له بسياقها، وتسمية له بحرف من صفة الرسالة وقوله: {والقرآن الحكيم} كبرهان علي سماع الوحي النبوي، وبث الوحي الرسالي وإن كان في صيغة القسم فهو بكيانه وبقلبه وسمعه، وسماع واستماع للوحي، وانتظار وعدم استعجال به.
(١٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، محمد بن إبراهيم بن إسحاق (1)، الشيخ الصدوق (2)، القرآن الكريم (1)

المقصد الرابع: * معاني السلام علي {إلياسين}

اشاره

المقصد الرابع في:
[معني السلام علي إلياسين] قبل كل شئ يجب أن يعلم أن السلام مصدر (سلم) بتشديد العين ومصدر (سلم) بالتخفيف هي السلامة وهي من لوازم السلام، والسلام له ثلاث مقامات:
المقام الأول: السلام من الله تعالي عليهم ويكون علي معنيين:
المعني الأول: يقال علي التنزيه الإلهي لهم وهو عبارة عن تسليمهم عن كل آفة تلحقهم فهو في مرتبة الدفع لا الرفع وهذا معني إفاضة العصمة لهم وكذا ما يلحق أرواحهم، وأجسادهم وأجسامهم وشاهدهم وغائبهم.. في الدنيا والآخرة..
المعني الثاني: بمعني التفويض الرباني أي أن الله تعالي فوضهم علي أمر دينه في مقام التشريع وسلم لهم كل ما يرونه فيما يصلح أمور العباد والبلاد.. وذلك لعصمتهم وعدم انقطاع فيضه، ولطفه عنهم مع إيحاءه لهم في تطبيق ذلك شيئا فشيئا وآنا فآنا. وفي الكافي روايات عديدة في هذا المعني.
المقام الثاني: تسليم الملائكة ويكون علي نحوين:
النحو الأول: التنزيه الملائكي في مقام الانطباق وهو عبارة عن حركتهم للوصول إلي مرحلة التكامل في فعلية التجلي بين المبدأ وبين الحقيقة المحمدية، وقد مر قول الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: [زكاه بأن برأه من كل نقص وآفة يلزم مخلوقا]، وفي عبارات كثيرة علي نحو هذا المعني.
النحو الثاني: الترقي الملائكي في مقام التطبيق وهو عبارة عن مرحلة التطبيق الفعلي مع عالم الفناء، وترقيهم بذلك في القرب إلي المبدأ وإفاضة الكمال.
المقام الثالث: السلام من العبد إلي محمد وآله في الصلاة أو الزيارة فهو أيضا علي معنيين: المعني الأول: بمعني الانقياد لهم فحينما يسلم عليهم معناه إني منقاد في العمل الصالح لكم ومطيع لأوامركم ومتوجه إلي الله تعالي بكم ومسلم في ذلك كله إليكم..
(١٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الصّلاة (1)

* السلام التنزيهي والترقي الملائكي

المقصد الرابع في:
[معني السلام علي إلياسين] قبل كل شئ يجب أن يعلم أن السلام مصدر (سلم) بتشديد العين ومصدر (سلم) بالتخفيف هي السلامة وهي من لوازم السلام، والسلام له ثلاث مقامات:
المقام الأول: السلام من الله تعالي عليهم ويكون علي معنيين:
المعني الأول: يقال علي التنزيه الإلهي لهم وهو عبارة عن تسليمهم عن كل آفة تلحقهم فهو في مرتبة الدفع لا الرفع وهذا معني إفاضة العصمة لهم وكذا ما يلحق أرواحهم، وأجسادهم وأجسامهم وشاهدهم وغائبهم.. في الدنيا والآخرة..
المعني الثاني: بمعني التفويض الرباني أي أن الله تعالي فوضهم علي أمر دينه في مقام التشريع وسلم لهم كل ما يرونه فيما يصلح أمور العباد والبلاد.. وذلك لعصمتهم وعدم انقطاع فيضه، ولطفه عنهم مع إيحاءه لهم في تطبيق ذلك شيئا فشيئا وآنا فآنا. وفي الكافي روايات عديدة في هذا المعني.
المقام الثاني: تسليم الملائكة ويكون علي نحوين:
النحو الأول: التنزيه الملائكي في مقام الانطباق وهو عبارة عن حركتهم للوصول إلي مرحلة التكامل في فعلية التجلي بين المبدأ وبين الحقيقة المحمدية، وقد مر قول الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: [زكاه بأن برأه من كل نقص وآفة يلزم مخلوقا]، وفي عبارات كثيرة علي نحو هذا المعني.
النحو الثاني: الترقي الملائكي في مقام التطبيق وهو عبارة عن مرحلة التطبيق الفعلي مع عالم الفناء، وترقيهم بذلك في القرب إلي المبدأ وإفاضة الكمال.
المقام الثالث: السلام من العبد إلي محمد وآله في الصلاة أو الزيارة فهو أيضا علي معنيين: المعني الأول: بمعني الانقياد لهم فحينما يسلم عليهم معناه إني منقاد في العمل الصالح لكم ومطيع لأوامركم ومتوجه إلي الله تعالي بكم ومسلم في ذلك كله إليكم..
(١٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الصّلاة (1)

* معني التحية الإلهية في مصداقية السلام

المعني الثاني: يقال علي طلب العبد التحية الربانية لنفسه من خلال طلبه لهم لأنهم مجاري خيره وواسطة فيضه، وتلك التحية عبارة عن قوله تعالي: {وادخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بأذن ربهم تحيتهم فيها سلام} [إبراهيم: 23]. وقوله عز وجل: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بأيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات نعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم يوم يلقنهم سلام} [يونس: 10].
ومعني هذا أن المسلم عليهم يطلب من الله تعالي تسليم تلك الجنات وكتابتها لهم بما فيها من النعم الدائمة والسلامة من كل آفة ذاتا أو كمالا، وتكون هذه تحيته يوم يلقونه لهم لكي ينال بذلك التحية التبعية فيما يوجبه الاتباع والانقياد في دار الدنيا، وتستوجبه التحية اللفظية إليهم بالسلام في الزيارة فإنهم مظاهر كرمه يعوضون التحية بأفضل منها.
وينقل لنا التاريخ في حياة كريم أهل البيت الإمام السبط الحسن عليه الصلاة والسلام وكذا عن سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه الصلاة والسلام كما في وفي مناقب شهرا شوب وغيره أن جارية حيت الإمام الحسن بن علي عليه السلام بطاقة ريحان فقال لها: أنت حرة لوجه الله. فلامه بعض جلسائه علي ذلك. فقال هكذا أدبنا الله تعالي فقال: و {ذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} وكان أحسن منها إعتاقها.
وفي [الفصول المهمة، ص: 184] لنور الدين بن الصباغ عن أنس قال: كنت عند الحسين عليه السلام فدخلت عليه جارية [وكان الجواري والعبيد مؤدبين بآداب الإسلام فإن الحسين كان يعلمهم ويؤدبهم وهذه القضية تكشف لنا كم كانت هذه الجارية] فجاءته بطاقة ريحان فقال لها: [أنت حرة لوجه الله تعالي]، فقلت له: [جارية تحييك بطاقة ريحان لا حظ لها ولا بال فتعتقها]؟.
فقال: كذا أدبنا الله أما سمعت قول الله: {وإذا حييتم بتحية فحيوا منها}، وكان أحسن منها عتقها.
(١٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، كتاب الفصول المهمة لإبن صباغ المالكي (1)، الكرم، الكرامة (2)، الشهادة (1)، البول (1)

البحث الرابع * معني الصلاة في القرآن واللغة العربية

اشاره

البحث الرابع في:
[معاني الصلاة في اللغة والقرآن] ولكي يتضح المفهوم من معني الصلاة بوجه عام سواء كانت من الله عز وجل، أو من ملائكته أو من المؤمنين (طبعا بخصوص الصلاة علي محمد وآل محمد في آية الصلوات) نستعرض بعض المعاني الواردة في القرآن الكريم للفظ (الصلاة) وتحقيق ما قيل فيها باللغة. ويقتضي بيان ذلك عدة مطالب:
المطلب الأول:
[العنوان الكلي لمعاني الصلاة في اللغة] عندما نرجع إلي قواميس اللغة نقرأ للصلاة معاني عديدة واختلاف للعلماء في (الصلاة) معني ولفظا باختلاف شديدا، وذكروا للفظها اشتقاقات مختلفة، ولا طائل للتعرض إلي الأقوال المعقدة منها.
والذي يهمنا أن نعلم إن (الصلاة) في ظاهر اللغة العربية بمعني الدعاء والتعظيم [كما في التعريفات] وأيضا بمعني الرحمة، والبركة والاستغفار، وحسن الثناء من الله تعالي والكرامة كما في كتب اللغة.
قال في المفردات: أصل الصلاة الصلي لإيقاد النار.. كقوله تعالي: {الذي يصلي النار الكبري} [الأعلي: 32]، والصلاء يقال للوقود والشواء والصلاة. قال كثير من أهل اللغة: هي الدعاء والتبريك (أي الدعاء البركة) والتمجيد، يقال: صليت عليه أي دعوت له، وزكيت. وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا دعي أحدكم إلي طعام فليجب وإن كان صائما فليصل) إي ليدع لأهله..
(١٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (2)، الصّلاة (12)

المطلب الأول: * العنوان الكلي لمعاني الصلاة في اللغة العربية

اشاره

البحث الرابع في:
[معاني الصلاة في اللغة والقرآن] ولكي يتضح المفهوم من معني الصلاة بوجه عام سواء كانت من الله عز وجل، أو من ملائكته أو من المؤمنين (طبعا بخصوص الصلاة علي محمد وآل محمد في آية الصلوات) نستعرض بعض المعاني الواردة في القرآن الكريم للفظ (الصلاة) وتحقيق ما قيل فيها باللغة. ويقتضي بيان ذلك عدة مطالب:
المطلب الأول:
[العنوان الكلي لمعاني الصلاة في اللغة] عندما نرجع إلي قواميس اللغة نقرأ للصلاة معاني عديدة واختلاف للعلماء في (الصلاة) معني ولفظا باختلاف شديدا، وذكروا للفظها اشتقاقات مختلفة، ولا طائل للتعرض إلي الأقوال المعقدة منها.
والذي يهمنا أن نعلم إن (الصلاة) في ظاهر اللغة العربية بمعني الدعاء والتعظيم [كما في التعريفات] وأيضا بمعني الرحمة، والبركة والاستغفار، وحسن الثناء من الله تعالي والكرامة كما في كتب اللغة.
قال في المفردات: أصل الصلاة الصلي لإيقاد النار.. كقوله تعالي: {الذي يصلي النار الكبري} [الأعلي: 32]، والصلاء يقال للوقود والشواء والصلاة. قال كثير من أهل اللغة: هي الدعاء والتبريك (أي الدعاء البركة) والتمجيد، يقال: صليت عليه أي دعوت له، وزكيت. وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا دعي أحدكم إلي طعام فليجب وإن كان صائما فليصل) إي ليدع لأهله..
(١٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (2)، الصّلاة (12)

* أقول اللغويين في معني كلمة الصلاة

وقال بعضهم: أصل الصلاة من الصلاء، قال ومعني صلي الرجل أي أنه أزال عن نفسه بهذه العبادة الصلاء الذي هو نار الله الموقدة، والصلاة التي هي العبادة المخصوصة أصلها الدعاء، وسميت هذه العبادة بها كتسمية الشئ باسم بعض ما يتضمنه انتهي.
وقيل: إنه بمعني اللين، يقال: وصليت العود بالنار، إذا لينته وقومته. فإن المصلي يلين بالعطف، والحنو، ويسعي في تعديل ظاهره، وتقويم باطنه.
وفي القاموس: صلي عصاه علي النار وتصلاها لوح. وقال في تفسير لوح أحماه. وقد نوقش في مبدأ اشتقاقه وأورد الإشكالات.
وقال ابن الأعرابي: الصلاة من الله رحمة ومن المخلوقين الملائكة والإنس والجن:
القيام والركوع والسجود، والدعاء والتسبيح والصلاة من الطير والهوام التسبيح.
وقال الزجاج: الأصل في الصلاة اللزوم. يقال: قد صلي واصطلي إذا لزم، ومن هذا من يصلي في النار، أي يلزم النار.
وقال بعض أهل اللغة في الصلاة: إنها من الصلوين وهما مكتنفا الذنب من الناقة وغيرها، وأول موصل الفخذين من الإنسان، فكأنهما في الحقيقة مكتنفا العصعص.
قال الأزهري: والقول عندي هو الأول إنما الصلاة لزوم ما فرض الله تعالي والصلاة من أعظم الفرض الذي أمر بلزومه.
والصلاة: واحدة الصلوات المفروضة وهو اسم يوضع موضع المصدر تقول: صليت صلاة ولا تقل تصلي، وصليت علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم.
قال ابن الأثير: وقد تكرر في الحديث ذكر الصلاة وهي العبادة المخصوصة وأصلها الدعاء في اللغة فسميت ببعض أجزائها، وقيل: أصلها في اللغة التعظيم وسميت الصلاة المخصوصة: صلاة لما فيها من تعظيم الرب تعالي وتقدس.
(١٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، إبن الأثير (1)، الصّلاة (12)، السجود (1)
وقوله في التشهد: الصلوات لله أي الأدعية التي يراد بها تعظيم الله هو مستحقها لا تليق بأحد سواه. وأما قولنا: اللهم صل علي محمد، فمعناه عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته، وتضعيف أجره ومثوبته.
وقيل: المعني لما أمرنا الله سبحانه بالصلاة عليه ولم نبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه علي الله وقلنا: اللهم صل أنت علي محمد، لأنك أعلم بما يليق به.
وقال الخطابي: الصلاة التي بمعني التعظيم والتكريم لا تقال لغيره، والتي بمعني الدعاء والتبريك تقال لغيره ومنه: اللهم صل علي آل أبي أوفي، أي ترحم وبرك.
وفي الحديث: من صلي علي صلاة صلت عليه الملائكة عشرا. أي دعت له وبركت وفي الحديث: الصائم إذا أكل عند الطعام صلت عليه الملائكة.
وصلوات اليهود: كنائسهم. وقال ابن الأنباري: {عليهم صلوات} أي رحمات، قال: ونسق الرحمة علي الصلوات لاختلاف اللفظين. وقوله: وصلوات الرسول أي ودعواته.
والصلا: وسط الظهر من الإنسان ومن كل ذي أربع، وقيل: هو ما انحدر من الوركين، وقيل: هي الفرجة بين الجاعرة والذنب. وقيل: هو ما عن يمين الذنب وشماله والجمع صلوات. وأصلاء الأولي مما جمع من المذكر بالألف والتاء.
والمصلي من الخيل: الذي يجئ بعد السابق لان رأسه يلي صلا المتقدم وهو تالي السابق. وقال اللحياني: إنما سمي مصليا لأنه يجئ ورأسه علي صلا السابق، وهو مأخوذ من الصلوين لا محالة، وهما مكتنفا ذنب الفرس، فكأنه يأتي ورأسه مع ذلك المكان. يقال: صلي الفرس إذا جاء مصليا.
وصلوت الظهر: ضربت صلاه أو أصبته بشئ أو غيره عن اللحياتي قال: وهي هذلية.
(١٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الطعام (1)، الصّلاة (9)، الضرب (1)، الأكل (1)، الشهادة (1)
ويقال: أصلت الناقة فهي مصليه، إذا وقع ولدها في صلاها، وقرب نتاجها. قال أبو عبيد: وأصل هذا في الخيل فالسابق الأول والمصلي الثاني. قيل له: مصل، لأنه يكون عند صلا الأول وصلاه جانبا ذنبه عن يمينه وشماله ثم يتلوه الثالث.
قال أبو العباس: المصلي في كلام العرب السابق المتقدم قال: وهو مشبه بالمصلي من الخيل وهو السابق الثاني قال: ويقال للسابق الأول من الخيل المجلي وللثاني المصلي وللثالث المسلي وللرابع التالي وللخامس المرتاح وللسادس العاطف وللسابع الحظي وللثامن المؤمل وللتاسع اللطيم وللعاشر السكيت وهو آخر السبق جاء به في تفسير قولهم رجل مصل.
ومن الصلاة بمعني الاستغفار حديث سوده: أنها قالت: يا رسول الله إذا متنا صلي لنا عثمان بن مظعون حتي تأتينا؟ فقال لها: إن الموت أشد مما تقدرين قال شمر قولها:
صلي لنا أي استغفر لنا عند ربه، وكان عثمان مات حين قالت سوده ذلك.
وأما قوله تعالي: {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة} فمعني الصلوات هاهنا الثناء عليهم من الله تعالي. وقال الشاعر:
صلي علي يحيي وأشياعه * رب كريم وشفيع مطاع معناه ترحم الله عليه علي الدعاء لا علي الخبر.
ومع غض النظر عنها فإنه يتحصل من تتبع معاني الصلاة أنها ليست موضوعة لمعانيها علي نحو الاشتراك اللفظي، ولا علي نحو الاستعارة والمجاز بل المعاني لها أفراد للمفهوم العام الكلي، وهو (الانعطاف والإشفاق)، وهذا يصدق علي جميع معانيها كالدعاء من حيث أن فيه توجه مع قطع النظر عن الخصوصية المأخوذة فيه.
(١٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: عثمان بن مظعون (1)، الموت (2)، الصّلاة (4)، الكرم، الكرامة (1)

* الاختلاف في أفراد الصلاة وتحققاتها

وبعبارة أخري: أن الرحمة والاستغفار والبركة وغيرها تشترك في التوجه والعناية بحال المرحوم والمستغفر له لذاته أو لغيره والمراد هو القدر المشترك فتكون الدلالة تضمنية لكون العناية جزأ منها.
وحتي لو قيل: أن الصلاة مأخوذة من صليت العود سواء كان المخففة كما قال الزركشي، أو الثقيلة. فإن قولك: صليت العود بالنار (إذا لينته وقومته) ففيه معني الانعطاف إلي النار كما أن المصلي يلين بالحنو والعطف ويسعي في تعديل ظاهره وتقويم باطنه كالخشب الذي يعرض علي النار.
أو كما قال الزمخشري في الكشاف: أنها من الصلوين (وهما عرقان عن جانبي الذنب، وعظمان ينحنيان عند الانحناء فناسب أن يراد بها الحنو والانعطاف المعنويين) قال: وحقيقة صلي صرك الصلوين لأن المصلي يفعل ذلك في ركوعه وسجوده.
ويجوز علي رأي من يجوز استعمال اللفظ في معنيين أن يراد بالصلاة هنا المعنيان الأولان، فيراد بها أولا الرحمة، وثانيا الاستغفار، ومن لا يجوز كأصحابنا يقول بعموم المجاز بأن يراد بالصلاة معني مجازي عام يكون كلا المعنيين فردا حقيقيا له وهو إما الاعتناء بما فيه خير المخاطبين، وصلاح أمرهم، فإن كلا من الرحمة والاستغفار فرد حقيقي له، وهذا المجاز من الصلاة بمعني الدعاء، وهو إما استعارة لأن الاعتناء يشبه الدعاء لمقارنة كل منهما لإرادة الخير والأمر المحبوب أو مجاز مرسل لأن الدعاء مسبب عن الاعتناء، وأما الترحم والانعطاف المعنوي المأخوذ من الصلاة المعروفة المشتملة علي الانعطاف الصوري هو الركوع والسجود، ولا ريب في أن استغفار الملائكة عليهما السلام ودعاءهم للمؤمنين ترحم عليهم.
ويوضح هذا الرأي قول المحققين: أنها لغة بمعني واحد وهو العطف، ثم العطف بالنسبة إلي الله تعالي الرحمة اللائقة، وإلي الملائكة الاستغفار وإلي الآدميين دعاء بعضهم لبعض.
(١٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الزمخشري (1)، الركوع، الركعة (1)، السجود (2)، الصّلاة (3)، الجواز (2)

* الجامع الكلي للمعاني المختلفة للصلاة [العطف والانعطاف]

قال السهيلي في نتائج الفكر: الصلاة كلها وإن اختلفت معانيها راجعة إلي أصل واحد فلا تظنها لفظ اشتراك، ولا استعارة. إنما معناها العطف ويكون محسوسا ومعقولا.
والحاصل: أن الاختلاف علي هذا القول في أفراد معني الصلاة، وعلي قول الجمهور (حيث فسروا الصلاة من الله تعالي الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين الدعاء) في نفس معني الصلاة. كذا أفاده السيد في شرح الصحيفة.
وأيضا يمكن حمل قول الجمهور علي العنوان العام فيقال الصلاة من الله والملائكة وغيرهم تجتمع في النوعية، وتفترق في الأصناف فمن الله العطف بالرحمة، ومن الملائكة الانعطاف بالتبريك والتعظيم والاستغفار لأمته، ومن الناس بالانعطاف إلي الله في طلب ذلك، ومن فسره بمعني اللين والخضوع والعطف لم يخالف أنه بمعني الدعاء. ويحسن القول هنا: الصلاة بهذا العنوان مقولة بالتشكيك يختلف المعني بحسب الموارد.
فعلي ما ذكروا يكون مشتركا معنويا، وهو أولي من الاشتراك اللفظي إذا دار الأمر بينه وبينه. نعم يمكن بين ما نسب إليه تعالي وإلي غيره من معني الصلاة، واحتمال اشتراك اللفظ بالنسبة إلي ما نسب إليه تعالي قريب جدا. ففي معاني الأخبار عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام في قوله تعالي: {إن الله وملائكته يصلون} قال: [الصلاة من الله عز وجل رحمة، ومن الملائكة تزكية، ومن الناس دعاء].
فقد استدل المثبت له بأن الضمير في {يصلون} يرجع إلي لفظ الجلالة وللملائكة فالصلاة بالنسبة إلي الملائكة الدعاء، وبالنسبة إلي الله تعالي الثناء فصلاة الله غير صلاة الملائكة فثبت أنه مشترك.
ولا يخفي أن اختيارنا للجامع هو الذي يصحح تصديق المعاني المختلفة التي ذكرها أهل اللغة ل (الصلاة)، وهو أولي من تكلف البعض في ذكر المعاني المختلفة لها بالاشتراك اللفظي بتأويلات لا طائل تحته.
(١٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الصّلاة (8)
وقد ذهب إلي هذه القاعدة سيد عبد الأعلي الموسوي السبزواري رضوان الله عليه في جمع المعاني المختلفة في استعمال واحد. قال في تفسير البسملة: [(اسم) أصله من السمو مخففة بمعني الرفعة ومنه (السما)، ويصح أن يكون اشتقاقه من السمة بمعني العلامة، والهاء عوض الواو فيكون أصله الوسم، فالوسم والوسام والوسامة بمعني العلامة والهمزة: همزة وصل علي التقديرين، ويصح الاشتقاق من كل منهما، لأن التبديل والتغيير في حروف الكلمة جائز ما لم يضر بالمداليل إلا أن يكون اللفظ بخصوص شخصه سماعيا، ومن وقوع التغيير نستفيد صحة ما تقدم.
ويصح رجوع أحد المعنيين إلي الآخر في جامع قريب وهو: (البروز والظهور) لأن الرفعة نحو علامة والعلامة نحو رفعة لذيها وهما يستلزمان البروز والظهور ودأب اللغويين والأدباء.
وتبعهم المفسرون جعل المصاديق المتعددة مع وجود جامع قريب من مختلف المعني مكثرين بذلك من المعاني غافلين عن الأصل الذي يرجع الكل إليه، فكان الأجدر بهم بذل الجهد في بيان الجامع القريب، والأصل الذي يتفرع منه حتي يصير بذلك علم اللغة أنفع مما هو عليه، ولذهب موضوع المشترك اللفظي وغيره من التفاصيل إلا في موارد نادرة. ولعل سبب إعراضهم عن ذلك هو أن ذكر اللفظ وبيان موارد استعمالاته سهل يسير بخلاف الفحص عن الجامع وتفريع ألفاظ منه] (20).
ومما ذكرنا يعلم أن الصلاة التي هي إحدي الفرائض الشرعية في الإسلام من أفراد المعني اللغوي بالحقيقة، فإنها توجه وخضوع وثناء ودعاء من غير تكلف مجاز ولا توهم اشتراك. والتفصيل في كتب الأصول. مع أنه يمكن أن يقال: أن لفظ الصلاة مجمل يجوز أن يراد فيه معاني مختلفة، وإليه أشار الجصاص في أحكام القرآن:
(فإن قيل: من أصلكم أنه لا يجوز أن يراد باللفظ الواحد معنيان مختلفان وقد جاء في القرآن اشتمال لفظ الصلاة علي معني الرحمة والدعاء جميعا؟
(١٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب أحكام القرآن للجصاص (1)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (3)، الجواز (1)

* خلاصة المطلب والأقوال

قيل له: هذا يجوز عندنا في الألفاظ المجملة، والصلاة اسم مجمل مفتقر إلي البيان فلا يمنع إرادة المعاني المختلفة فيما كان هذا سبيله).
وعليه جميعا فإنه من الممكن إطلاق لفظ الصلاة وإرادة معاني مختلفة كما في الصلوات في استعمال واحد، وذلك بملاحظة العنوان (العطف والانعطاف) ولكل مصداق ما يناسب مقامه وشأنه وقابليته..
ونشير هنا أن قولك (اللهم صل علي محمد وآل محمد) ونحوه دعاء أطلق عليه لفظ (الصلاة) لاشتمالها علي لفظ الصلاة كما أطلق لفظ الصلاة علي صلاة الأموات لأنها دعاء له لغة، أو لاشتمالها علي لفظ الصلاة.
خلاصة المطلب: أن الصلاة لغة بمعني التعطف والترؤف والعناية الخاصة، والتعبير عن الحب والحنان والعطف عند الإنسان، وحينما تكون الصلاة من الله فإن ذلك يعني أن الله يعطف ويترحم ويتحنن علي عبده حسب حاله واستعداده وحاجته من أنواع الصلوات " وأنواعها تتجاوز عدد أنفاس الخلائق " فيما يستحق من حيث القابلية، وحينما تكون الصلاة من الملائكة للعباد المؤمنين فيعني أن الملائكة يستغفرون لهم، ويدعون لهم ويؤمنون علي دعائهم، ويسددونهم ويزكونهم ويعصمونهم من الأخطاء، ويطلبون ما يناسبهم من تلك الأنواع. أما عندما تكون الصلاة من العبد لربه فإنه يعني الدعاء والتضرع والتبتل وطلبا لذلك، والجامع الكلي لها التعطف والانعطاف.
وكلمة الصلاة هي واحدة ذاتا ومعني، إلا أن ما يطرأ علي هذه الكلمة من مختلف التطبيقات والتأويلات إنما هي بحسب موقع الإنسان أو موقع الفاعل للصلاة، فمثلا حينما تكون كلمة (افعل) من العالي إلي الداني فإنها تكون أمرا، وحينما تكون منطلقة من الشخص إلي نظيره فإنها تكون رجاء، وعندما تنبعث من الشخص لمن هو فوقه فهي ستكون دعاءا وطلبا، وهكذا هي كلمة (الصلاة) التي تفيد معناها اللغوي التحنن والتعطف والترؤف، والتعبير عن الحنان والحب والعناية وما أشبه..
(١٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: أفعال الصلاة (1)، الصّلاة (12)، الجواز (1)
فإن الصلاة معناها التعطف والانعطاف ومعني الانعطاف هو العلاقة والرابطة والصلة بين العبد وربه وتزداد في استعمالها من المعاني ما يناسب المسند إليه أو من أجله، وهناك قرائن كثيرة تدل علي اختلاف معاني الصلاة ولو باستعمال واحد، ولا يلزم استخدام المشترك اللفظي في استعمال واحد بمعنيين مختلفين، وذلك بلحاظ العنوان العام، والمعني الكلي الذي ينطبق علي جميع المعاني التي ذكرت للصلاة، ثم يستفاد لكل واحد ممن أسندت إليه الصلاة خصوصية من خلال القرائن اللفظية والخارجية والعقلية، وما هو بمثابة الفصل لتخصيص المعني الكلي يمتاز عن الباقي.
فصلاة الله تعالي انعطاف برحمة أو انعطاف بلطف خاص، وانعطاف بفيض معين..
وصلاة من الملائكة تكون انعطاف إلي نحو الكمال فيما يناسبهم وانعطاف في حركتهم التنزيهية للمصلي عليهم، أو انعطاف بطلب مغفرة للعباد، أو انعطاف بطلب رحمة خاصة.. ومن الناس تكون انعطاف وتعطف إلي الله بعبادة خاصة، أو انعطاف بطلب رحمة علي واسطة الفيض لتصل آثارها إليهم، أو انعطاف بطلب المغفرة لهم كذلك، إلي آخر المعاني والخصوصيات التي ستطلع عليها خلال مطالب هذا الكتاب.
ولا يخفي أن الأقسام الأربعة التي مرت في القرآن أيضا ينطبق عليها هذا العنوان العام فصلاة منه تعالي انعطافه بإخراجهم من الظلمات إلي النور، وصلاة بانعطافه تعالي عليهم بعناية خاصة للصابرين، وصلاة بانعطافه علي كل شئ بإيصال الفيض.. وصلاة من النبي الأكرم علي مؤتي الزكاة بطلب البركة في أموالهم وتطمينهم، وصلاة منه بطلب المغفرة لهم وصلاة منه بطلب الكرامة وإلي آخره.
إذن الصلاة ليست هي بمعني الدعاء فقط بل الدعاء هو انعطاف خاص وهناك خصوصية في مصداق الصلاة كالطلب للداني من العالي تحدد لنا العنوان العام والجامع الكلي، وهكذا يقال في جميع استعمالاتها ففي الخبر الصحيح كما في الكافي عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: إذا ذكر النبي صلي الله عليه وآله وسلم فأكثروا الصلاة
(١٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (1)، الزكاة (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (8)
عليه، فإنه من صلي علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم صلاة واحدة صلي الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة، ولم يبق شئ مما خلقه الله إلا صلي علي العبد، لصلاة الله وصلاة ملائكته، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور، قد برئ الله منه ورسوله وأهل بيته] (24).
فالصلاة أسندت إلي لفظ الجلالة، وعلقت علي الملائكة، وإلي كل شئ خلقه الله تعالي، وهذا يقتضي أن تكون معاني الصلاة مختلفة، وذلك بانطباق العنوان العام من الانعطاف، وخصوصية كل صلاة بفصل خاص يناسب المتعلق يفهم من ضمن القرائن ترتبط بالمتعلق لفظيا أو خارجيا. وسيأتي تفصيل ذلك في المطالب القادمة من الكتاب إن شاء الله تعالي.
(١٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الجهل (1)، الصّلاة (3)

المطلب الثاني: * الصلاة التطمينية والتطهيرية

اشاره

المطلب الثاني:
فقد استعملها القرآن في عدة معان يدل عليها بعض القرائن في المقام 1 - [الصلاة التطمينية والتطهيرية] وهي الصلاة التي تكون سبب لتطمين قلوب معطيي الزكاة وسكونها وتطهير أشجار نفوسهم من عروض البخل والشح كما في قوله تعالي: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم} [التوبة: 103].
ويتلخص القول في معني الآية بالعبارة التالية: أي خذ الزكاة منهم من أصناف أموالهم تطهرهم أنت، وتزكيهم بذلك الأخذ بأن تزيل الأوساخ والبخل من نفوسهم لتستعد للنشوء، والنماء وظهور آثاره، وبركاته فتحصل بذلك التزكية لهم كالشجرة لما يأخذ الزائد من فروعها فتزيد في حسن نموها، وجودة ثمرتها، وقوة اخضرارها وعند ذلك صل عليهم بالدعاء لهم بأن تقول: اللهم صلي عليه، وكما في المأثور: [اللهم صل علي آل أبي أوفي]. وسياق الكلام يفيد أنه صلي الله عليه وآله وسلم دعاء لهم، ولأموالهم بالخير والبركة. وهو المروي عنه صلي الله عليه وآله وسلم، فكان يدعو لمعطي الزكاة، ولماله بالخير والبركة. وفائدة هذه الصلاة منك أن تسكن نفوسهم إلي دعائك، وتثق به وهو نوع من الشكر لسعيهم في طاعة الله، وتقديرا له.
فتبين أن الصلاة (هنا) بمعني الدعاء لهم بالبركة، والنمو، وقد جاء في اللغة أن من معاني الصلاة الدعاء وفي كتاب ابن خالويه: المعني الثاني للصلاة: الدعاء، ومنه قوله تعالي: {وصل عليهم} ومنه صلاة الميت.. انتهي.
وأيضا قوله تعالي: {ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألآ إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم} [التوبة: 99] فتكون الصلاة معناها انعطاف خاص منه تعالي علي
(١٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي الميّت (1)، القرآن الكريم (1)، الشكر (1)، الزكاة (3)، الصّلاة (8)، التصدّق (1)

* كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم يصلي علي الذين يؤتون الزكاة

معطي الزكاة بالبركة والنمو ومن الداعي طلب ذلك. وهذا معني قوله صلي الله عليه وآله وسلم: [اللهم صل علي آل أبي أوفي]. ففي البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجة، عن عبد الله بن أبي رافع قال: كان رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل علي آل فلان، فأتاه أبي بصدقته فقال:
[اللهم صل علي آل أبي أوفي] (1).
فهذا دعاء منه صلي الله عليه وآله وسلم له، ومنه الحديث: [إذا دعي أحدكم إلي طعام فليجب فإن كان مفطرا فليأكل، وإن كان صائما فليصل] أي فليدع لأرباب الطعام بالمغفرة والبركة والخير والصائم إذا أكل عنده الطعام صلت عليه الملائكة. ومنه قوله: صلي الله عليه وآله وسلم: [من صلي علي صلاة صلت عليه الملائكة عشرا..] ولا تخفي العناية الملائكية في الصلاتين واختلاف آثار الثانية مع الأولي.
وسيأتي مفصلا أن الصلاة علي محمد وآل محمد موجبة لتعدد لهذا النوع من الصلاة التطمينية والتطهيرية والتي نصطلح عليها بالصلاة النورانية علي العبد، فقد روي الترمذي في سننه، تحت رقم: 446، عن عبد الله ابن مسعود، أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم قال: [أولي الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة]، ولا يخفي ما في قربه صلي الله عليه وآله وسلم من التطمين للقلوب والأمان لهم والسكينة لأنفسهم.
وروي عن النبي الأكرم صلي الله عليه (وآله) وسلم مستفيضا عن العامة والخاصة:
[أنه قال من صلي علي صلاة صلي الله عليه بها عشرا وكتب له بها عشر حسنات].
أقول: فتكون مقابل الصلاة المحمدية الواحدة عدة أنواع من الصلوات التطمينية والتطهيرية والنورانية التي تخرج العبد من ظلمة الخوف والقلق إلي نور الأمان والراحة، ومن ظلمة كل ذنب إلي نور كل طاعة ومعرفة.
وفي سنن النسائي، عن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم جاء ذات يوم والبشري في وجهه، فقلنا: إنا لنري البشري في وجهك؟
(١٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب سنن إبن ماجة (1)، كتاب سنن أبي داود (1)، يوم القيامة (1)، كتاب صحيح مسلم (1)، عبد الله بن أبي طلحة (1)، الظلم (2)، الطعام (1)، الزكاة (1)، الصّلاة (10)، الخوف (1)، الأكل (1)

* الصلاة المحمدية توجب الصلاة التطمينية

معطي الزكاة بالبركة والنمو ومن الداعي طلب ذلك. وهذا معني قوله صلي الله عليه وآله وسلم: [اللهم صل علي آل أبي أوفي]. ففي البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجة، عن عبد الله بن أبي رافع قال: كان رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل علي آل فلان، فأتاه أبي بصدقته فقال:
[اللهم صل علي آل أبي أوفي] (1).
فهذا دعاء منه صلي الله عليه وآله وسلم له، ومنه الحديث: [إذا دعي أحدكم إلي طعام فليجب فإن كان مفطرا فليأكل، وإن كان صائما فليصل] أي فليدع لأرباب الطعام بالمغفرة والبركة والخير والصائم إذا أكل عنده الطعام صلت عليه الملائكة. ومنه قوله: صلي الله عليه وآله وسلم: [من صلي علي صلاة صلت عليه الملائكة عشرا..] ولا تخفي العناية الملائكية في الصلاتين واختلاف آثار الثانية مع الأولي.
وسيأتي مفصلا أن الصلاة علي محمد وآل محمد موجبة لتعدد لهذا النوع من الصلاة التطمينية والتطهيرية والتي نصطلح عليها بالصلاة النورانية علي العبد، فقد روي الترمذي في سننه، تحت رقم: 446، عن عبد الله ابن مسعود، أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم قال: [أولي الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة]، ولا يخفي ما في قربه صلي الله عليه وآله وسلم من التطمين للقلوب والأمان لهم والسكينة لأنفسهم.
وروي عن النبي الأكرم صلي الله عليه (وآله) وسلم مستفيضا عن العامة والخاصة:
[أنه قال من صلي علي صلاة صلي الله عليه بها عشرا وكتب له بها عشر حسنات].
أقول: فتكون مقابل الصلاة المحمدية الواحدة عدة أنواع من الصلوات التطمينية والتطهيرية والنورانية التي تخرج العبد من ظلمة الخوف والقلق إلي نور الأمان والراحة، ومن ظلمة كل ذنب إلي نور كل طاعة ومعرفة.
وفي سنن النسائي، عن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم جاء ذات يوم والبشري في وجهه، فقلنا: إنا لنري البشري في وجهك؟
(١٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب سنن إبن ماجة (1)، كتاب سنن أبي داود (1)، يوم القيامة (1)، كتاب صحيح مسلم (1)، عبد الله بن أبي طلحة (1)، الظلم (2)، الطعام (1)، الزكاة (1)، الصّلاة (10)، الخوف (1)، الأكل (1)

* السلام في مقام تجلي الجمال والجلال

فقال: إنه أتاني الملك فقال: يا محمد إن ربك يقول: [أما يرضيك أنه لا يصلي عليك أحد إلا صليت عليه عشرا، ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرا] (2).
أقول: إن سلام الله علي من يصلي علي محمد وآل محمد له معنيان الأول: أن يعريه الله تعالي من كل آفة، ومن كل نقص يلحق نفسه وروحه وعقله وكيانه وإيمانه وأعماله الصالحة ومن الذي تسببه المعاصي والذنوب.. هذا هو سلام تطهير. والثاني: سلام طهارة ومعناه إفاضته تعالي لأولياء وأنبيائه لاستمرار عصمتهم، وبقاء طهارتهم وعدم تلوث أرواحهم فإن السلام ذو جهتين جهة الجمال والتحلية، وجهة الجلال والتخلية.
وروي الكليني رضوان الله عليه من الخاصة عن إسحاق بن فروخ مولي آل طلحة قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: يا إسحاق بن فروخ: [من صلي علي محمد وآل محمد عشرا صلي الله عليه وملائكته مائة مرة، ومن صلي علي محمد وآل محمد مائة مرة صلي الله عليه وملائكته ألفا، أما تسمع قول الله عز وجل: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما} [الأحزاب: 43] (3).
أقول: إن صلاة واحدة علي محمد وآل محمد توجب ألف صلاة من الصلوات النورانية وهذا لهو التفضل العظيم منه تعالي، وليس ذلك إلا كرامة لشأن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وآله الطيبين الطاهرين.
وبديهي أن مقابل كل حسنة عشرة فالمائة ألف لكن الفرق والزيادة تتصور في ضم الملائكة إلي الله تعالي في الصلاة بما تقتضيه حاله ويطلبه لسان استعداده من المعاني للصلاة النورانية. ولا يخفي أن زيادة العلم مثلا الذي أشار إليه الذكر: {وقل رب زدني علما} [طه: 114]، هو نوع من الخروج من مرحلة فيها جانب من الظلمة إلي أخري يخلع ذلك إلي حالة نورانية يشتد أصله في نفسه، وهكذا دواليك يقال في غيره.
وقبل أن نختم هذا المطلب يجب أن يعلم أن هذه الصلاة (الصلاة التطمينية) بهذا المعني الخاص (الدعاء بالبركة والخير) عامة لكل من يأتي بالصدقة والزكاة، ومن هنا
(١٧١)
صفحهمفاتيح البحث: أبو عبد الله (1)، الكرم، الكرامة (1)، الطهارة (1)، الصّلاة (6)

* الصلاة التطمينية تشبه الصلاة المحمدية شكلا لا معني

يظهر فساد استدلال الزمخشري بهذه الآية: {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} علي جواز الصلاة علي كل مؤمن.
لأن قياسه هذه الصلاة (بمعني البركة للمؤمن بصفة خاصة) علي الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم باطل للفارق بينهما، وهو أن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم غير الصلاة علي من تؤخذ منه الصدقة من حيث المعاني والآثار وغير ذلك فإن الصلاة علي معطيي الزكاة أخص معني من الصلاة علي محمد وآل محمد.
ولا تشترك معها إلا بالشكل دون المعني أو بالقالب دون المحتوي من المعني الذي يناسب الإطلاق، وإن كان لنا مناقشة في تطبيق القياس ولا معني للقياس بعد ما وردت النصوص في ذلك والجواز فيه بل الاستحباب لكل مؤمن، هذا. وأما نحن فلا نقول بالقياس أصلا لا سيما في التعبديات. نعم الاستدلال لأصل الإطلاق (إطلاق لفظ الصلاة) صحيح كما اخترنا ذلك أما في مقام الاستدلال بإطلاق الصلاة في مقام التعظيم فلا.
قال في الكشاف عند تفسير آية الصلوات.. فإن قلت: فما تقول: في الصلاة علي غيره (أي غير النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم)؟ قلت: القياس جواز الصلاة علي كل مؤمن لقوله تعالي: {هو الذي يصلي عليكم … }، وقوله:
{وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم}، وقوله صلي الله عليه (وآله) وسلم:
[اللهم صل علي آل أبي أوفي]، ولكن للعلماء تفصيلا في ذلك وهو أنها إن كانت علي سبيل التبع كقولك صلي الله علي النبي وآله فلا كلام فيها، وأما إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يفرد هو فمكروه، لأن ذلك صار شعارا لذكر رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم ولأنه يؤدي إلي الاتهام بالرفض. انتهي.
أقول: أما استشهاده في الآية الأولي فيأتي الجواب عنها عند استعراضنا للآية في الصلاة النورانية، وأما الثانية فنقول إضافة علي ما ذكرنا: أن جواز الصلاة في ذلك كان
(١٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الزمخشري (1)، الزكاة (1)، الصّلاة (10)، الجواز (2)، التصدّق (1)

تخطئة الزمخشري في استدلاله

يظهر فساد استدلال الزمخشري بهذه الآية: {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} علي جواز الصلاة علي كل مؤمن.
لأن قياسه هذه الصلاة (بمعني البركة للمؤمن بصفة خاصة) علي الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم باطل للفارق بينهما، وهو أن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم غير الصلاة علي من تؤخذ منه الصدقة من حيث المعاني والآثار وغير ذلك فإن الصلاة علي معطيي الزكاة أخص معني من الصلاة علي محمد وآل محمد.
ولا تشترك معها إلا بالشكل دون المعني أو بالقالب دون المحتوي من المعني الذي يناسب الإطلاق، وإن كان لنا مناقشة في تطبيق القياس ولا معني للقياس بعد ما وردت النصوص في ذلك والجواز فيه بل الاستحباب لكل مؤمن، هذا. وأما نحن فلا نقول بالقياس أصلا لا سيما في التعبديات. نعم الاستدلال لأصل الإطلاق (إطلاق لفظ الصلاة) صحيح كما اخترنا ذلك أما في مقام الاستدلال بإطلاق الصلاة في مقام التعظيم فلا.
قال في الكشاف عند تفسير آية الصلوات.. فإن قلت: فما تقول: في الصلاة علي غيره (أي غير النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم)؟ قلت: القياس جواز الصلاة علي كل مؤمن لقوله تعالي: {هو الذي يصلي عليكم … }، وقوله:
{وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم}، وقوله صلي الله عليه (وآله) وسلم:
[اللهم صل علي آل أبي أوفي]، ولكن للعلماء تفصيلا في ذلك وهو أنها إن كانت علي سبيل التبع كقولك صلي الله علي النبي وآله فلا كلام فيها، وأما إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يفرد هو فمكروه، لأن ذلك صار شعارا لذكر رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم ولأنه يؤدي إلي الاتهام بالرفض. انتهي.
أقول: أما استشهاده في الآية الأولي فيأتي الجواب عنها عند استعراضنا للآية في الصلاة النورانية، وأما الثانية فنقول إضافة علي ما ذكرنا: أن جواز الصلاة في ذلك كان
(١٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الزمخشري (1)، الزكاة (1)، الصّلاة (10)، الجواز (2)، التصدّق (1)

الصلاة هي تعظيم أهل البيت عليهم السلام

بمعني البركة والنمو، وله مناسبة أخذ الصدقة، والمتعارف عليه في موضع معين، وهي لم تجب علي كل أحد، وفي كل زمان بل حين أخذ الصدقة من شخص الإمام أو نائبه.
وأما الصلاة عليه وعلي آله عليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام فلها مزيد فضل منه تعالي وموجبة لآثار لا تحصي، تميزها عن سائر أنواع الصلوات، كما اختص المدعو له بمزيد فضل ميزه عن غيره من الأنبياء والمرسلين فضلا عن مؤتي الزكاة.
والصلاة علي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام مقصودة من آية الصلوات لأنها من ضمن المأمور به كما فسرته الأحاديث المتواترة في الصلاة الإبراهيمية وغيرها بانضمام الآل معه صلي الله عليه وآله وسلم والتي يأتي ذكر تلك الأحاديث في البحث الخامس.
وفي تلك الأحاديث أنه النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم صلي علي أهل البيت منفردا ومن ضمن تلك الأحاديث ما في مسند أحمد، رقم الحديث: [25521]، قال: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا علي بن زيد عن شهر بن حوشب عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة: ائتيني بزوجك وابنيك. فجاءت بهم، فألقي عليهم كساء فدكيا، قال: ثم وضع يده عليهم، ثم قال: [اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك، وبركاتك علي محمد وعلي آل محمد، إنك حميد مجيد]. قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه وقال: [إنك علي خير] [1].
وقد فصلنا هذه المسألة في البحث الخامس.
ثم تعليله أن ذلك صار شعارا لذكر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم هو محض اصطلاح لا يصلح دليلا للتشريع، وما المانع من اصطلاح آخر بأن تكون الصلاة علي أهل البيت بالانفراد شعارا لتعظيمهم أيضا بل هو شعار جعله الله تعالي لأهل بيته عليهم الصلاة والسلام كما في رواية البخاري: [كيف الصلاة عليكم أهل البيت]، وكما هو تعظيم له فهو تعظيم لأهل بيته أيضا فإن من تعظيمه تعظيم أهل بيته.
[١] - وذخائر العقبي، ص: 21. جواهر العقدين ج: 2، ص: 8. والدولابي في الذرية الطاهرة، ص: 69.
(١٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (2)، حماد بن سلمة (1)، علي بن زيد (1)، الزكاة (1)، الصّلاة (7)، التصدّق (2)، كتاب ذخائر العقبي (1)
وما دام لم يرد النهي عن الصلاة بالانفراد ولم يحصل محذور بل يفهم من إطلاق الآيات وبعض الأحاديث جواز ذلك واستحبابه كما يأتي في مطلب مستقل وما دام الأمر هكذا فلماذا يكره الصلاة علي أهل البيت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بالانفراد، وهل هذا إلا انزلاقا عن صراط الثقلين إذا لم نقل هو الضلال بعينه.
وقوله: لأنه يؤدي إلي الاتهام بالرفض، فهو دليل مبتدع لإدخال البدع في الشريعة المقدسة فليس كل ما عمله الروافض من الشرائع يوجب مخالفته، فإنه يلزم بذلك مخالفة أمر الله ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم.
هذا. وهل يسمي الذي يصلي علي آل محمد الذين أوجب الله تعالي مودتهم في الذكر الحكيم رافضي؟ مع أن أقل ما يقال فيه: أنه نوع من أداء حقهم ومقتضي محبتهم التي فرضها الله عز وجل علي الأمة، وما أجمل قول الشافعي في هذا المقام والذي ذكره في الفصول المهمة: وقيل له أن أناسا لا يصبرون علي سماع منقبة أو فضيلة تذكر لأهل البيت فإذا رأوا أحدا يذكر شيئا من ذلك قالوا: تجاوزوا عن هذا فهو رافضي فأنشأ الإمام الشافعي:
إذا في مجلس ذكروا عليا * وسبطيه وفاطمة الزكية يقال تجاوزوا يا قوم هذا * فهذا من حديث الرافضيه برأت إلي المهيمن من أناس * يرون الرفض حب الفاطميه علي (آل الرسول صلاة ربي) * ولعنتهم لتلك الجاهلية وفي الشرف المؤبد للنبهاني قال روي ابن السبكي في طبقاته بسنده المتصل إلي الربيع بن سلمان المرادي صاحب الإمام الشافعي قال: خرجنا مع الشافعي من مكة نريد مني فلم ينزل واديا ولم يصعد شعبا إلا وهو يقو هذه الأبيات:
يا راكبا قف بالمحصب من مني * واهتف بقاعد خيفها والناهض سحرا إذا فاض الحجيج إلي مني * فيضا كملتطم الفرات الفائض إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي
(١٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب الفصول المهمة لإبن صباغ المالكي (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، نهر الفرات (1)، النهي (1)، الضلال (1)، الصّلاة (3)، الجواز (1)، الكراهية، المكروه (1)، الإبداع، البدعة (1)

المطلب الثالث: * معني الصلاة النورانية في القرآن

اشاره

المطلب الثالث في:
2 - [الصلاة النورانية في القرآن] وهي الصلاة التي أعدت للذاكرين والمسبحين كثيرا والذين يقبلون إلي الخير ويتعرضون لرحمته، ويعمرون أرض القلب بذكره تعالي، ويزرعونها بآثار الأعمال الصالحة وتكون سببا لتنوير قلوبهم كما في قوله تعالي: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا * هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما} [الأحزاب: 43].
والصلاة (هنا) تعني الرعاية والعناية الخاصة بحال المؤمنين أي أن الملائكة يتوسلون إلي الله لمصلحة الإنسان المؤمن، وهذه العناية بالنسبة لله تعني نزول الرحمة وبالنسبة للملائكة تعني الاستغفار وطلب الرحمة لهم لهم كما نقرأ في الآية التالية: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم * ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم * وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم} [سورة غافر: 7].
وهنا سؤال يطرح نفسه: وهو كيف أسند (يصلي) إلي الملائكة مع أنهم فاعلو السبب (أي سبب الصلاة وهو الدعاء وطلب الرحمة وقد مر بيان معني قيامهم بالصلاة) فقط؟ وأجيب عليه أنهم لما جعلوا مستجابي الدعوة فكأنهم فاعلو الرحمة والرأفة، والصلاة.
وبمثل هذا وجهه الزمخشري في تفسيره علي آية الصلوات قال: جعلوا لكونهم مستجابي الدعوة، كأنهم فاعلون الرحمة والرأفة، ونظيره قولهم: حياك الله: أي أحياك
(١٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الزمخشري (1)، صلح (يوم) الحديبية (1)، سورة غافر (1)، القرآن الكريم (1)، العزّة (1)، الصّلاة (4)

* الصلاة المحمدية تقتضي الصلاة النورانية

وأبقاك، وحييتك: أي دعوت لك بأن يحييك الله، لأنك لاتكالك علي إجابة دعوتك كأنك تبقيه علي الحقيقة، وكذلك عمرك الله وعمرتك، وسقاك الله وسقيتك، وعليه قوله {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}: أي ادعوا له بأن يصلي عليه. {وكان بالمؤمنين رحيما}: دليل علي أن المراد بالصلاة الرحمة. انتهي.
أقول: ولكن نوع معين من الرحمة فإن الرحمة عنوان عام لها مصاديق لا تحصي يضعف أعداد ما خلق بما تشتمل من أنواع ما تحتاج إليه من الرحمة ويسمي هذا القسم: الصلاة النورانية وهي علي مراتب حسب حال المتعلق، وما يطلبه من لسان استعداده..
وما ذكره من قوله: كأنهم فاعلون فيه الجمع بين الحقيقة والمجاز، أما ما اخترناه من الجامع بين المعاني أي القدر المشترك بمعني اشتركا في قدر مشترك؟ وهو إرادة وصول الخير إليهم. فالله تعالي يريد برحمته إياهم إيصال الخير إليهم وملائكته يريدون بالاستغفار ذلك. وهذا أولي لأنهم في ذلك حقيقة بلحاظ العنوان العام وهو الانعطاف.
والخلاصة: أن المراد ب (صلاة الملائكة) الاستغفار وطلب الرحمة والهداية من الله لهم، ويقومون بنصرهم عندما ينحرفون أحيانا إذن تلك فائدة {يصلي عليكم وملائكته} وأما تفصيلا هو ما أشار إليه بقوله: {ليخرجكم من الظلمات إلي النور}، فهي نتيجة وعلة غائية لذكرهم الله تعالي بالوصف المذكور. فإن ذكرتم الله تعالي ذكرا كثيرا، وسبحتموه حين تمسون وحين تصبحون فاعلموا أن الله تعالي هو الذي يذكركم بالعناية والمغفرة والرحمة قال عز وجل: {فاذكروني أذكركم..} [البقرة: 152].
والمناسبة هنا: أن الصلاة علي محمد وآله والتي تعدل الأذكار الثلاث: التسبيح والتهليل والتحميد كما في الأخبار الصحيحة أكبر سبب وأعظم مقتضي في العناية الربانية، وذكر الله لهم كما ويذكركم ملائكته بطلب الرحمة والاستغفار لكم والاهتمام بما يصلحكم، وصلاح أمركم، وظهور شرفكم، ودعائهم لكم.
(١٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (4)
وهناك أخبار كثيرة في هذا المعني كقوله صلي الله عليه وآله وسلم: [من صلي علي صلي الله وملائكته عليه بعشرة]، وفي بعض الأخبار: [بسبعين]، وفي آخر: [بألف] كل ذلك حسب تجسيد الذكر في مقام الإيمان والعمل والإخلاص والمعرفة..
أجل إن الذاكرين الله كثيرا ليسوا وحدهم في سيرهم إلي الله بل بمقتضي قوله تعالي:
{يصلي} وهو فعل مضارع دال علي التجدد والاستمرار يسيرون في ظل رحمة الله الخاصة، وإعانة الملائكة.
ويحصل لهم بذلك نور الإيمان غامرا قلوبهم مبصرين به سبل الحق.. كل ذلك ليخرجهم من ظلمات الجهل والكفر إلي نور المعرفة والإيمان من ظلمات الباطل والطغيان إلي نور الهدي، والحق، والطاعة، ومن طريق الحيرة، والخسران إلي سواء السبيل، والنجاة.. وبتعبير آخر: أن خلاصة معني قوله تعالي: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما} هو قوله تعالي:
{ … ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون} [الأعراف: 156] ولهذه الرحمة كتب علي نفسه هدايتهم وإرشاده وأمر ملائكته أن تعينهم في ذلك [1].
قال في الميزان عند تفسير الآية: الصلاة في الأصل: التعطف لأن المصلي يتعطف في ركوعه، وسجوده. فاستعير لمن يتعطف علي غيره حنوا وترؤفا. وهذا يختلف باختلاف ما نسب إليه ولذلك قيل أن الصلاة من الله تعالي الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الناس الدعاء، ولكن الذي نسب من الصلاة إلي الله تعالي في القرآن الكريم هو الصلاة بمعني الرحمة الخاصة بالمؤمنين، وهي التي تترتب عليها سعادة العقبي والفلاح المؤبد.
وعلي (هذا القول جمهور المفسرين وهو المروي أيضا) ولذلك علل صلاته عليهم بقوله:
{ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما}. انتهي.
[1] - اقتبس تفسير الآية من من بعض التفاسير كالأمثل والميزان.
(١٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، الباطل، الإبطال (1)، الزكاة (1)، الجهل (1)، السجود (1)، الصّلاة (3)

* وصف الإيمان مشعر بالعلية

وعلي أية حال أن هذه الرحمة الخاصة تنحصر بالمؤمنين فقط لتعليق الرحمة بوصف الإيمان المشعر بالعلية. أي أن العلة لجلب هذه الرحمة الاتصاف بالإيمان المرضي عنده تعالي ورفع الحجب النفسية وانكشاف الحق بسبب النور التي تتركه هذه الصلاة النورانية فعلي هذا يجوز أن يصلي علي المؤمنين بهذا المعني بأن يقال: (اللهم صل علي المؤمنين)، ونحوه بالمعني المذكور (أي بالصلاة النورانية) لا بمعني (الصلوات المحمدية) مهما اشتركت بالشكل والقالب.
وقد أشار إلي هذا الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام ففي (بيان التنزيل) لابن شهرآشوب قدس سره: عن سليمان بن خالد الأقطع قال: قلت للإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: أيجوز أن يصلي علي المؤمنين؟ قال: إي والله يصلي عليهم فقد صلي الله عليهم أما سمعت قول الله: {هو الذي يصلي عليكم … } الآية (4).
أقول: بل تكون (الصلوات المحمدية) أعظم سبب لمضاعفة (الصلاة النورانية) كما يفهم من بعض الأحاديث الواردة عن العامة والخاصة قال: [أخبرني أن الرجل من أمتي إذا صلي علي وأتبع بالصلاة علي أهل بيتي فتحت له أبواب السماء، وصلت عليه الملائكة سبعين صلاة، وأنه لمذنب خطأ. ثم تحات عنه الذنوب كما تحات الورق من الشجر، فيقول الله تبارك وتعالي: لبيك يا عبدي وسعديك يا ملائكتي أنتم تصلون عليه سبعين صلاة، وأنا أصلي عليه سبعمائة صلاة] (5).
أقول: عدد سبعين وسبعمائة صلاة علي سبيل الكثرة لا الحصر والتعيين، ويقال في التعيين لأشخاص بصفة خاصة. وفي لب اللباب للقطب الراوندي عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال: [من صلي علي وعلي آلي صلت عليه الملائكة، ومن صلت عليه الملائكة صلي الله عليه، ومن صلي الله عليه لم يبق في السماوات والأرض ملك إلا ويصلون عليه، ومن صلي علي وعلي آلي واحدة أمر الله حافظيه أن لا يكتبا عليه ثلاثة أيام] (6).
(١٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، سليمان بن خالد (1)، القطب الراوندي (1)، الصدق (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (12)، الجواز (1)

* معني: من صلي علي محمد وآله لم يكتب عليه ذنب ثلاثة أيام

أقول: معني لم يكتبا عليه ذنب ثلاثة أيام أي تكون الصلاة علي محمد وآل محمد سببا لصلاة الله تعالي وهي الصلاة النورانية التي تخرج الإنسان من ظلمات الخذلان إلي نور التوفيق فيري الحق حقا والباطل باطلا، وقد يقال إن أقل فائدة لتلك الصلاة أن يبقي الإنسان ثلاثة أيام يعيش في أثرها الوضعي، وهي الرحمة الخاصة والنور الرباني لا يرتكب ذنبا ولا يغترف معصية عمدا وإن أذنب خطأ فلا يكتب عليه ببركة النور الذي أشرف علي نفسه أو قل: معناه أن الملكين يمهلاه بدل سبع ساعات ثلاثة أيام فيوفق بسبب صلاته علي محمد وآل محمد أن يتوب ويغفر له فكأنهما لم يكتبا الذنب عليه ثلاثة أيام.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: من صلي علي محمد وآل محمد عشرا صلي الله عليه وملائكته مائة مرة، ومن صلي علي محمد وآل محمد مائة مرة صلي الله عليه وملائكته ألفا، أما تسمع قول الله عز وجل: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما} (7).
واستشهاد الإمام صلوات الله عليه بالآية لإثبات جواز أصل إطلاق صلاة الله وملائكته علي المؤمنين رفعا لاستبعاد القاصرين لا لبيان العدد المذكور إذ لا دلالة فيها علي ذلك العدد، كما قد يكون العدد من باب الكثرة.
وفي جامع الأخبار: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [من صلي علي مرة صلي الله عليه عشرا، ومن صلي علي عشرا صلي الله عليه مائة مرة، ومن صلي علي مائة مرة صلي الله عليه ألف مرة، ومن صلي علي ألف مرة لا يعذبه الله في النار أبدا].
أقول: ولا شك في ضرورة النية الصادقة، والقلب الطاهر، والعقيدة الصحيحة في ترتب بعض ذلك الأجر العظيم، والثواب الكبير. وأما دليل مفهوم الحديث فهو ظاهر لقوله تعالي: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} إلا أنها تفوق في مقام التأثير والثواب فمهما اشتركت معها باقي الحسنات في العدد، وهل تستوي الحسنة في مقام
(١٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (5)، الباطل، الإبطال (1)، الجواز (1)

* الإمام الصادق عليه السلام يجوز الصلاة علي المؤمنين بالصلاة النورانية

أقول: معني لم يكتبا عليه ذنب ثلاثة أيام أي تكون الصلاة علي محمد وآل محمد سببا لصلاة الله تعالي وهي الصلاة النورانية التي تخرج الإنسان من ظلمات الخذلان إلي نور التوفيق فيري الحق حقا والباطل باطلا، وقد يقال إن أقل فائدة لتلك الصلاة أن يبقي الإنسان ثلاثة أيام يعيش في أثرها الوضعي، وهي الرحمة الخاصة والنور الرباني لا يرتكب ذنبا ولا يغترف معصية عمدا وإن أذنب خطأ فلا يكتب عليه ببركة النور الذي أشرف علي نفسه أو قل: معناه أن الملكين يمهلاه بدل سبع ساعات ثلاثة أيام فيوفق بسبب صلاته علي محمد وآل محمد أن يتوب ويغفر له فكأنهما لم يكتبا الذنب عليه ثلاثة أيام.
وعن الإمام الصادق عليه السلام: من صلي علي محمد وآل محمد عشرا صلي الله عليه وملائكته مائة مرة، ومن صلي علي محمد وآل محمد مائة مرة صلي الله عليه وملائكته ألفا، أما تسمع قول الله عز وجل: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما} (7).
واستشهاد الإمام صلوات الله عليه بالآية لإثبات جواز أصل إطلاق صلاة الله وملائكته علي المؤمنين رفعا لاستبعاد القاصرين لا لبيان العدد المذكور إذ لا دلالة فيها علي ذلك العدد، كما قد يكون العدد من باب الكثرة.
وفي جامع الأخبار: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [من صلي علي مرة صلي الله عليه عشرا، ومن صلي علي عشرا صلي الله عليه مائة مرة، ومن صلي علي مائة مرة صلي الله عليه ألف مرة، ومن صلي علي ألف مرة لا يعذبه الله في النار أبدا].
أقول: ولا شك في ضرورة النية الصادقة، والقلب الطاهر، والعقيدة الصحيحة في ترتب بعض ذلك الأجر العظيم، والثواب الكبير. وأما دليل مفهوم الحديث فهو ظاهر لقوله تعالي: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} إلا أنها تفوق في مقام التأثير والثواب فمهما اشتركت معها باقي الحسنات في العدد، وهل تستوي الحسنة في مقام
(١٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (5)، الباطل، الإبطال (1)، الجواز (1)

* الصلاة علي محمد وآل محمد أعظم سبب لوجوب تعدد الصلاة النورانية

الصلاة الفعلية والملائكية، والحسنة في الأجر والثواب وسيأتي تفصيل معني الحسنة للصلوات.
ومن البديهي أن ألف صلاة من الله عز وجل تكفي واحدة منها أن تخرج الإنسان من ظلمات الجهل إلي نور المعرفة، والهداية والحق. ويكون الباقي عبارة عن استمرارية الاستقامة، والتوفيق للعمل الصالح لذلك الإنسان، والعاقبة الحسنة، فلا يعص الله معصية يستوجب عذاب النار. ولا يخفي أن هذه الكميات من الجزاء يمكن أن يكون بعضها تفضل منه تعالي، أو يكون بعضها من باب الاستحقاق أي بحسب مراتب إيمان المصلي ومعرفته، ولذا ورد التعدد في الأحاديث ب (عشرا، ومائة مرة، وسبعمائة، وألف مرة، وغير ذلك) أو علي حد تعبير النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم: [من صلي علي صلاة صلي الله عليه فأكثروا أو أقلوا].
ونضيف هنا: إن ألف صلاة تكون لهم توفيقا متواصلا للتقوي، وسببا لنوع خاص من الملكة تمنع صاحبها عن ارتكاب المعصية ومما يستحيل أن يعذبه تعالي.
وفي الدر المنثور للسيوطي قال: وأخرج عبد الرزاق، وابن شيبة، والطبراني، والحاكم في الكني عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [من صلي علي صلاة صلي الله عليه فأكثروا أو أقلوا].
وفيه أيضا: [من صلي علي واحدة صلي الله عليه عشرا].
مسند أحمد، رقم: 6317، عن عبد الله بن عمرو: [من صلي علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم صلاة صلي الله عليه وملائكته سبعين صلاة فليقل عبد من ذلك أو ليكثر].
فتكون الصلاة علي محمد وآل محمد موجبة لصلوات الملائكة المخرجة من الظلمات إلي النور، (أي للصلاة النورانية)، طبعا الظلمات بما يشمل ظلمات المعاصي وظلمات النفس وظلمات الجهل وظلمات النفاق.. وظلمات سيئات المقربين (التي هي حسنات
(١٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، الطبراني (1)، عبد الله بن عمرو (1)، عامر بن ربيعة (1)، الجهل (2)، الصّلاة (8)

* معني انضمام الملائكة في الصلاة النورانية والصلاة المحمدية

الأبرار) إلي نور المعرفة والكمال فتكون الصلاة النورانية عامة لكل ولي ونبي، ومن هنا تعرف معني فائدة الصلوات للأنبياء والرسل في مقام تلقي نور الوحي ونور التقرب..
ولا أنسي في ختام هذا المطلب من أن أبين نكتة جميلة في آية الصلوات: {إن الله وملائكته يصلون} والفرق بين صلاة الله علي محمد وآل محمد بانضمام الملائكة وبين صلاة الله علي العبد بانضمام الملائكة أيضا فإن الانضمام الأول يشير أن صلاة الملائكة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم مع صلاة الله إلي متابعة ومقارنة بنحو يناسب مقام الله تعالي في تحقق الصلاة وهذا ما تلمح التعبير القرآني: {إن الله وملائكته يصلون} فقد أسند الفعل إلي ضمير الجمع بخلاف صلاتهم علي العبد فإنه ليست كذلك ولذا فصل وأفرد في الإسناد في قوله تعالي: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} وهذا يدل علي أن الصلاة بالانضمام الأول يكون في مقام الإفاضة من الفاعل، والثاني يكون في مقام الإلقاء في القابل.
وقد شرح ذلك بعض الأساتذة فقال: يصل المؤمن إلي المقام الذي يصلي فيه الله والملائكة لكي ينقله إلي فضاء النور والهداية، فخصوصية الصلوات هي تنوير الإنسان فصلوات الله هي صفة فعل الله هو فعله، ولفظ الله هو عمله، فعندما يوفق الله الإنسان نورانيا، فهذا يعني أنه قد صلي عليه، وعندما يحس الإنسان أن لا ظلمة في قلبه فهذا يعني أن الملائكة قد صلوا عليه، وأصبحت صلاتهم من أجله، وإذا أصاب فكر الإنسان تصور باطل، فهذا يعني أن صلوات الملائكة لم تشمله وعند ما يشعر الإنسان بالنورانية يكشف ذلك عن أن صلوات الملائكة أصبحت من نصيبه.
وبخصوص النبي صلي الله عليه وآله وسلم يقول تعالي: {إن الله وملائكته يصلون} فعند تعظيمه وتكريمه تجتمع جميع الملائكة وتشارك في هذا الذكر.
فإذا وفد زائر عزيز ومحترم إلي مدينة وأراد شخص استقباله بحفاوة، فإنه يخرج معه أقاربه وأصدقائه لاستقباله، باستقبال جماعي وكذا عندما يريد الله عز وجل أن يصلي
(١٨١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (12)، الظلم (1)

* الصلاة في مقام التخلية والتحلية المفهوم من أهل البيت عليهم السلام

علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، فإن جميع الملائكة يكونون في خدمته في ذلك المقام منه انطباقا ومنهم تطبيقا. أما في التعبير الثاني وهو الصلاة علي المؤمنين، فليس الأمر كذلك، إذ يقول: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}، فالله سبحانه يصلي علي المؤمنين ثم يذكر أن الملائكة يصلون عليهم، فتعظيم الله للمؤمن في الصلوات ليس شبيها لتعظيمه سبحانه للرسول الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم [1].
وإليك ما روي عن أبي عبد الله الصادق عليه الصلاة والسلام في معني ما تقتضيه الصلوات من الصلاة النورانية من الله تعالي ومن ملائكته في مقام التزكية تحلية أو تخلية علي حسب حال المصلي: [اللهم سامك المسموكات، وداحي المدحوات، وخالق الأرض والسماوات، أخذت علينا عهدك واعترفنا بنبوة محمد صلي الله عليه وآله وسلم، وأقررنا بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام فسمعنا وأطعنا، وأمرتنا بالصلاة عليهم فعلمنا إن ذلك حق فاتبعناه. اللهم إني أشهدك وأشهد محمدا، وعليا والثمانية حملة العرش، والأربعة الأملاك خزنة علمك إن فرض صلاتي لوجهك، ونوافلي وزكواتي وما طاب لي من قول وعمل عندك فعل محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
اللهم اقرر عيني بصلاته وصلاة أهل بيته، وأسألك اللهم أن توصلنيهم وتقربني بهم لديك كما أمرتني بالصلاة عليه، وأشهدك أني مسلم له ولأهل بيته عليهم السلام غير مستنكف ولا مستكبر.
فزكنا بصلواتك، وصلوات ملائكتك إنه في وعدك وقولك: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما} [الأحزاب: 43]، فأزلفنا بتحيتك وسلامك، وامنن علينا بأجر كريم من رحمتك، واخصصنا من محمد بأفضل صلواتك
[1] - أسرار العبادة، ص: 149.
(١٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الصّلاة (2)، الكرم، الكرامة (1)

* أبو بكر يشترك في الصلاة في مقام الثبوت

{وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم}، وزكنا بصلواته، وصلوات أهل بيته، واجعل ما آتيتنا من علمهم ومعرفتهم مستقرا عندك، مشفوعا لا مستودعا يا أرحم الراحمين] (8).
ونلاحظ في بعض الأخبار أن الصلاة علي محمد وآل محمد تعادل الذكر الكثير والتسبيح المتواصل بل يفهم من تعدد الجزاء بعشر صلوات، أو مائة، أو ألف، لها ميزة خاصة في أنواع الذكر، ولعل أفضلية ذكر الصلاة علي ذكر الله مطلقا لأن الصلاة هو نوع من الذكر وأيضا توسل بأحب الخلق إلي الله كما لا يخفي، وهو موجب لقبول الذكر وتضاعف أجره وتأثيره.
ومن المعلوم أن صلاة الله وملائكته علي المصلين ب (الصلوات المحمدية) وعلي الذاكرين والمسبحين كثيرا اشتراك مع النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في صلاة الله وملائكته بفرد واحد من أفراد الصلاة مما تصدق عليه العناية الربانية والإعانة الملائكية بحسب حالهم ومراتب إيمانهم ودرجات إخلاصهم وإخراجهم من ظلمات الذنوب إلي نور الطاعة والمعرفة.
وبهذا تصحح رواية مجاهد (إن صح نقلها) كما في أسباب النزول للواحدي [ص:
244] قال في قوله: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}: قال: مجاهد لما نزلت {إن الله وملائكته يصلون علي النبي} الآية قال أبو بكر: ما أعطاك الله تعالي من خير إلا أشركنا فيه فنزلت: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}. انتهي.
أقول: الآية في مقام الثبوت لا في مقام الإثبات فهذا يدل علي أن المؤمن يشترك في ذلك ولم تثبت ذلك لأحد لا لأبي بكر ولا لغيره وعليه ليست في بيان إثبات فضيلة للمؤمنين، بل هي في سياق ترتب نوع من الرحمة والمنة علي المتصف بصفة معينة وهي الذكر المذكور، فعد هذه الرواية من فضائل أبي بكر لا معني له، كما توهم ذلك ابن حجر في صواعقه، فقال: الآية السابعة، ما رواه عبد بن حميد عن مجاهد وذكر الرواية.
(١٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (8)

* معني اشتراك الناس بالصلاة

وذلك إن كون أبي بكر من مصاديق المصلي عليهم بالصلاة النورانية أي الإخراج من الظلمات إلي النور يستوجب وقوعه في المقتضي لها. كما وهي لا تخصه فقط بل عامة لجميع المؤمنين وهو صريح الآية كما لا يخفي.
بخلاف الصلاة المحمدية التي هي نور علي نور وعصمة علي عصمة أي استمرار الفيض في كمالهم وعصمتهم، وإيصال الرحمة عن ساحتهم، وقد أجاد صاحب الصوارم المهرقة في نقضه علي ابن حجر:
أقول: ظاهر الآية عموم صلواته تعالي ورحمته لسائر عباده، وأن غاية ذلك في الكل إخراجهم من الظلمة إلي النور، لكن الكلام في أن هذه الغاية والمصلحة والغرض هل حصلت في شأن أبي بكر من الفاتحة إلي الخاتمة أو لا، مع أن الخصم من وراء المنع علي أصل الإخراج [1]. فإن ابن حجر علي ظاهر كلامه يوجب أن الرجل بعد في الظلمات وبعد لم يخرج منها وشرح هذا المعني نوكله إلي القارئ الكريم.
إذن معني أنه أشركهم أي بما يناسب مقامهم من معني الصلاة، وهي التي تخرجهم من الظلمات إلي النور (والتي اصطلحنا عليها بالصلاة النورانية) أي من ظلمات المعاصي إلي نور الطاعة. وقال الطبرسي: من الجهل بالله تعالي إلي معرفته عز وجل فإن الجهل أشبه شئ بالظلمة والمعرفة أشبه شئ بالنور، وقال ابن زيد: أي من الضلالة إلي الهدي، وقال مقاتل: من الكفر إلي الإيمان، وقيل: من النار إلي الجنة حكاه الماوردي، أو الصلاة بمعني التطهير والتزكية..
ومن المؤكد ليس المقصود بمشاركتهم ما يختص بمقام النبوة والولاية كتعظيم (الصلوات المحمدية)، وكرامتها، ودرجاتها، وآثارها، وثوابها، وخواصها.. وغيرها من المعاني التي ذكرناها في هذا الكتاب الشريف، فإن المفروض أن الله اختص النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام بذلك دون غيره.
[١] - الصوارم المهرقة. ص: 317.
(١٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب الصوارم المهرقة للشهيد نور الله التستري (2)، الخصومة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الجهل (2)، الصّلاة (3)

* كلام شرف الدين الإستر آبادي في تأويل نسبة الصلاة

ولعل هو المقصود في ما رواه في البحار: أن الله تعالي أعطي للأمة ما أعطاه للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال: ومما اختص به النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم) الصلوات قال له: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي} وقال لأمته:
{وهو الذي يصلي عليكم وملائكته}، وأيضا السلام، قال سبحانه وتعالي في ليلة المعراج: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وقال لأمته: {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم علي نفسه الرحمة} [الأنعام: 54] (9).
وهو يحمل علي نحو المشاكلة في اللفظ (الصلاة) فقط وفرد من المعاني دون الجميع وما يناسب مقام كل واحد منهم من المعاني التي ذكرت للصلاة، ولعل هو من باب رد الجميل وجزاء الإحسان بدل صلاتهم علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وناسب أن يكون رد الجميل بنفس اللفظ لكن بمعني خاص، ولذا قال الرازي: لم يترك الله النبي عليه السلام تحت منة أمته بالصلاة حتي عوضهم منه بأمره بالصلاة علي الأمة حيث قال:
{وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} [التوبة: 103].
وإن شئت قل أن الأمة تشترك في الصلاة من حيث ما يناسب كل واحد منهم في مقام الهداية العامة أو الخاصة أو مقام الغفران أو البركة أو نور العلم.. هذا هو الظاهر من ظاهر الآية وتفسيرها الذي ذكره المفسرون، وأما التأويل والتفسير الباطني، والمقصود الأصلي من الآية فهو جميع المعاني المذكورة للصلاة المحمدية، ويكون حينئذ المراد هم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وذلك بلحاظ التأويل والمصداق الحقيقي والفرد البارز في الكلمة ومنتهي صدقها في شخصه.
وقد أشار المفسر السيد شرف الدين الأستر آبادي النجفي رضوان الله عليه في تأويل الآيات إلي هذا المعني وقد تاقت النفس أن لا يخلو هذا الكتاب الشريف من أنفاسه الطاهرة فقد قال في تأويل الآية: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا}: تأويله ما روي عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر
(١٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، محمد بن مسلم (1)، الصّلاة (7)

* الصلاة النورانية من شؤونات النبي وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام

عليه السلام يقول تسبيح فاطمة سلام الله عليها من ذكر الله الكثير الذي قال الله عز وجل: {وسبحوه بكرة وأصيلا}.
وعن إسماعيل بن عمار قال قلت: لأبي عبد الله عليه السلام قوله تعالي: {اذكروا الله ذكرا كثيرا} ما حده؟ قال: إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم علم فاطمة سلام الله عليها أن تكبر أربعا وثلاثين تكبيرة، وتسبح ثلاثا، وثلاثين تسبيحة، وتحمد ثلاثا وثلاثين تحميدة. فإذا فعلت ذلك بالليل مرة وبالنهار مرة فقد ذكرت الله كثيرا.
ولما خاطب الله سبحانه المؤمنين أمرهم بالذكر والتسبيح خاطبهم عامة ثم خاطب المؤمنين منهم خاصة فقال: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} ثم عاد الخطاب إلي المؤمنين عامة غير الخاصة فقال: {ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما} فأما المؤمنون خاصة فالنبي وأهل البيت صلي الله عليهم: لما روي مرفوعا عن ابن عباس أنه قال في تأويل قوله تعالي: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}، قال:
الصلاة علي النبي وأهل بيته صلي الله عليهم لا غيرهم فهذه الآية خاصة لمحمد وآله ليس لغيرهم فيها نصيب، لأن الله سبحانه لم يصل علي أحد إلا عليهم ومن زعم أن الله سبحانه صلي علي أحد من هذه الأمة فقد كفر وأعظم القول.
بيان ذلك: أنه لو صلي علي أحد غيرهم لكان هو والنبي صلي الله عليه وآله وسلم وآله في الفضل سواء لأن الله سبحانه قال: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي} وقال للمؤمنين: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} فلم يبق حينئذ بينه وبينهم فرق، وهذا لا يجوز لقوله تعالي: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا}، فلم يبق إلا أن يكون النبي وأهل بيته صلي الله عليهم هم المعنيون بالصلاة خاصة (أي في مقام التأويل الذي يتناول جميع المعاني التي لا تصلح إلا لهم عليهم الصلاة والسلام).
ويؤيده قوله صلي الله عليه وآله وسلم: وقد سأله المسلمون عند نزول قوله تعالي:
{إن الله وملائكته يصلون علي النبي} الآية: يا رسول الله هذا السلام عليك قد
(١٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: تسبيح الزهراء ع (1)، الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (1)، إسماعيل بن عمار (1)، الصّلاة (1)، الجواز (1)
عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وآل محمد، كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد]، فلو لم يعلم أن الله سبحانه قد صلي عليهم كما صلي عليه لم يأمر بالصلاة عليه وعليهم.
ويؤيد هذا: أنه أوجب الصلاة عليه وعليهم في جميع الصلوات، ولما أمر الله سبحانه المؤمنين بالصلاة والتسليم علي النبي وآله صلوات الله عليهم أخبرهم بأنه قد صلي علي آله وسلم أيضا في قوله تعالي: {سلام علي إلياسين} فقد حصلت لهم الصلاة والتسليم من الله العزيز الحكيم، كما حصلت للنبي الكريم صلي الله عليه وآله وسلم، وما ذلك إلا أن فضلهم من فضله الباهر، وأصلهم الطاهر (10).
وعلي أية حال فقد تلخص من كلامنا في تفسير الآية: أن صلاة الله وملائكته بالمعني المذكور (العناية الربانية والإعانة الملائكية) علي المؤمنين إنما كان ذلك بسبب الذكر الكثير، والتسبيح المتواصل ليخرجهم من الظلمات إلي النور وأين هذا النوع من الصلاة بالنسبة إلي الصلاة علي محمد وآل محمد التي هي نور علي نور. فإن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم هو نور في جميع حالاته بعيدا عن كل ظلمة قال تعالي: { … قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين} [المائدة: 15]، وقال في صفته صلي الله عليه وآله وسلم {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلي الله بإذنه وسراجا منيرا} [الأحزاب: 45 و 46]، فالنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم هو نور بنفسه، ويهدي إلي نور وهو في نور كامل ويقول الله فيه {وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} [الأنعام: 122]. وقال تعالي: {قد أنزل الله إليكم ذكرا * رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلي النور} [الطلاق: 11]. وقال تعالي: {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلي النور بإذن ربهم إلي صراط العزيز الحميد} [إبراهيم: 1]، فمعه الكتاب النور، ولأن الكتاب متجسد في روحه وكان خلقه القرآن، فهو إذن نور علي نور بل جسد هذه الصلاة التي
(١٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (1)، الظلم (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (9)، العزّة (2)، الشهادة (1)

* بعض الموارد التي توجب الصلاة النورانية

تخرج الناس من الظلمات إلي النور في رسالته وهدايته، وسنته المقدسة قال تعالي: {هو الذي ينزل علي عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلي النور} [الحديد: 9].
وهناك الآيات الكريمة التي تثبت أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم هو أعظم سبب لإخراجهم من الظلمات إلي النور فهو وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام المظهر التام والمصداق الأجلي في ذلك. وهم أعظم من الملائكة المدبرات أمرا في (الصلاة الفعلية) كما قال تعالي: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات} [الأنبياء: 73].
ولا ننسي أن هناك أشخاص خصهم الله تعالي بالصلاة المحمدية كآباء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وأجداده وأمهاته وأعمامه من أبي طالب عليه السلام وغيره أو قل: يدخلون في المفهوم العام بدليل خاص كما يأتي مفصلا، وحكي السيد فخار بن معد رحمه الله تعالي في رسالته في [إسلام أبي طالب] عليه الصلاة والسلام عن أبي علي الموضح أنه قال: ولأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام شعر في أبيه يرثيه يقول:
أبا طالب عصمة المستجير * وغيث المحول ونور الظلم لقد هد فقدك أهل الحفاظ * فصلي عليك ولي النعم ولقاك ربك رضوانه * فقد كنت للطهر من خير عم وفي الختام: ننبه أن هناك أمورا كثيرة تستوجب الصلاة النورانية، بالمعني الذي ذكرناه، أي فيما يمكن أن يشترك في معني صلاة الله وملائكته. وهي عدة أمور في طليعتها الصلاة المحمدية الموجبة لجميع مراتب الصلاة النورانية:
1 - ما روي عنه صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: الملائكة تصلي علي أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلي فيه ما لم يحدث، تقول: اللهم اغفر له اللهم ارحمه. وما روي عنه صلي الله عليه وآله وسلم أيضا: صلاة الرجل في الجماعة تضعف علي صلاته في بيته
(١٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (7)، الجماعة (1)
وفي سوقه خمسة وعشرين ضعفا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلي المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلي لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه. اللهم صل عليه، اللهم ارحمه.
ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة (11).
2 - وما روي عنه صلي الله عليه وآله وسلم أيضا: [إن الملائكة لا تزال تصلي علي أحدكم ما دام مائدته موضوعة] (12).
أقول: لعل المقصود من الصلاة المعني المناسب للمقام وهي البركة.
3 - عائد المريض ففي دعائم الإسلام عن الحسن بن علي عليه السلام أنه اعتل فعاده عمرو بن حريث فدخل عليه علي عليه السلام، فقال: يا عمرو تعود الحسن وفي النفس ما فيها؟ وأن ذلك ليس بمانعي من أن أؤدي إليك نصيحة سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: [ما من عبد مسلم يعود مريضا إلا صلي عليه سبعون آلف ملك من ساعته التي يعوده فيها إن كانت نهارا حتي تغرب الشمس أو ليلا حتي يطلع الفجر].
وروي عن الإمام علي عليه السلام أنه عاد زيد بن أرقم، فلما دخل عليه قال زيد مرحبا بأمير المؤمنين عائدا وهو علينا عاتب.
قال الإمام علي عليه السلام: إن ذلك لم يكن يمنعني عن عيادتك، أنه من عاد مريضا التماس رحمة الله، وتنجز موعودة كان في خريف الجنة ما كان جالسا عند المريض، حتي إذا خرج من عنده بعث الله ذلك اليوم سبعين ألف ملك من الملائكة يصلون عليه حتي الليل، وإن عاد ممسيا كان في خريف الجنة ما كان جالسا عند المريض، فإذا خرج من عنده بعث الله سبعين ألف ملك يصلون عليه حتي الصباح، فأحببت أن أتعجل ذلك.
أقول: لا شك في ضرورة العمل في تحقيق القراءة في مقام الأجر والثواب إن المصداق الحقيقي للقراءة هي ذلك النوع الذي يوجب تجسيدها علي صعيد العمل الصالح، ويمكن
(١٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، زيد بن أرقم (1)، عمرو بن حريث (1)، الصّلاة (5)، المرض (3)، الوضوء (1)

* صلاة الملائكة علي زوار الحسين عليه السلام

أن تكون مجرد القراءة توجب الصلاة النورانية من الملائكة الملازم لحضورهم المقتضي لطرد الشياطين وحضور الرحمة والبركة ومن ثم التوفيق والعمل الصالح.
4 - الصلاة علي المتسحرين ففي مسند أحمد، 10664، عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [السحور أكله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله عز وجل وملائكته يصلون علي المتسحرين].
وعن الخاصة في عدة الداعي عنهم عليهم الصلاة والسلام: ألا صلوات الله علي المتسحرين، والمستغفرين بالأسحار، وفي دعائم الإسلام: السحور بركة ولله ملائكة يصلون علي المستغفرين بالأسحار، وعلي المتسحرين. وهداية الصدوق رحمه الله تعالي، وأمالي الطوسي قدس سره، والإقبال: [إن الله وملائكته يصلون علي المتسحرين، والمستغفرين بالأسحار].
5 - وفي السفينة، قال الإمام أبو محمد العسكري عليه السلام: [إن من رضي بدون الشرف من المجالس لم يزل الله وملائكته يصلون عليه حتي يقوم] (13).
6 - زائر الحسين عليه الصلاة والسلام قال الإمام الصادق عليه السلام للمفضل: إن الرجل منكم ليأخذ في جهازه، ويتهيأ لزيارته فيتباشر به أهل السماء، فإذا خرج من باب منزله راكبا، أو ماشيا وكل الله به أربعة آلاف ملك من الملائكة يصلون عليه حتي يوافي الحسين عليه الصلاة والسلام (وذكر الزيارة) ثم قال: فان هو مات في عامه، أو في ليلته، أو يومه لم يقبض روحه إلا الله، وتقبل الملائكة معه يستغفرون له ويصلون عليه حتي يوافي منزله، وتقول الملائكة يا رب هذا عبدك وافي قبر ابن نبيك وقد وافي منزله فأين نذهب؟ فيناديهم النداء من السماء يا ملائكتي قفوا بباب عبدي فسبحوا وقدسوا واكتبوا ذلك في حسناته إلي يوم يتوفي. قال: فلا يزالون إلي يوم يتوفي، ويسبحون الله ويقدسونه ويكتبون ذلك في حسناته، وإذا توفي شهدوا جنازته وكفنه وغسله، والصلاة
(١٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب عدة الداعي لابن فهد الحلي (1)، أبو سعيد الخدري (1)، الشيخ الصدوق (1)، القبر (1)، الموت (1)، الصّلاة (5)، الأكل (1)، الشهادة (1)، السفينة (1)
عليه، ويقولون: ربنا وكلتنا بباب عبدك وقد توفي فأين نذهب فيناديهم ملائكتي قفوا بقبر عبدي فسبحوا وقدسوا واكتبوا ذلك في حسناته إلي يوم القيامة] (14).
أقول: وفي معني هذه الأحاديث موارد كثيرة حيث تثبت صلاة الله وملائكته لبعض الأعمال والأشخاص ولا يمكن حملها علي معني الآية تكون حينئذ معارضة للكتاب المقتضي لطرحها فإن التأكيد في آية الصلوات اختصاص النبي صلي الله عليه وآله وسلم وآله بصلاة دون غيره وتعظيم ينفردون فيه.
وأكيدا أن المقصود منها هو استحقاق ما يستوجبه العمل أو الشخص بصفة خاصة من الرحمة والعناية الربانية والصلاة النورانية وغيرها التي مرت في البحث الأول، وليس المقصود حقيقة الصلاة التي ذكرناها في الصلاة الفعلية والصلاة الملائكية، واستمرار الفيض والعصمة وغير ذلك، فإنه يختص بهم عليهم الصلاة والسلام، فلا يمكن مشاركتهم بجميع أفرادها وخواصها وآثارها.
أو قل: من المحال أن يشاركوهم فيما ذكر في هذا الكتاب وما لم يذكر للصلاة المحمدية ببداهة القول.
وأما علي ما وضحنا فيصح أن يشاركوا هؤلاء النبي صلي الله عليه وآله وسلم وآله في أصل الصلاة من حيث المشاكلة اللفظية، وفرد من أفرادها علي ما يستوجبه إيمانهم في زيادته، وقابليتهم في إفاضة الخير الخاص (كالعلم مثلا).
وحسب استعدادهم في تلقي المعرفة، وإخلاصهم في مرحلة التخلق بأخلاق الله (كالتواضع مثلا).
أو لاستيجاب النفوس المؤمنة للبركة والقوة علي طاعة الله تعالي (كصلاة الملائكة علي المتسحرين). أو لتهيأ أرض القلب للصلاة النورانية كالقارئ للقرآن، وسورة التوحيد هي ثلثه في محتواها، أو حسب النية الصادقة في مقام المراتب العالية والدرجات الكاملة (للمصلي علي محمد وآله).
(١٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (1)، الصّلاة (9)

المطلب الرابع: * معني الصلوات الربانية للصابرين

اشاره

المطلب الرابع في:
3 - [الصلوات الربانية والمربية للصابرين] وهي الصلوات التي تعني العناية الربانية بالصابرين والإعانة في فيض الطمأنينة لتربية نفوسهم وتهدئة أرواحهم في مقام المصائب: كما في قوله تعالي:
{وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [البقرة: 157].
والصلوات هنا تعني العناية الخاصة، واللطف الإلهي للصابرين الصامدين الخارجين من هذه الامتحانات بالنجاح، فتجعل هؤلاء علي بصيرة من أمرهم في حياتهم المحفوفة بالمزالق والأخطار فهي إذن (المعية الربانية) التي تلازم الصابرين قال تعالي: {واصبروا إن الله مع الصابرين} [الأنفال: 46]. ويدل الجمع {صلوات} فيما يدل علي تعدد وقوع الصلاة منه فصلاة عناية، وصلاة إعانة، وصلاة غفران.. ولذا فسرها (هنا) بعضهم بالغفران ففي كتاب خالويه.. الخامس لمعني الصلاة: الغفران، كقوله: {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة}.
وقال ابن عباس: المؤمن إذا سلم الأمر لله ورجع واسترجع عند المصيبة كتب له ثلاث خصال من الخير: الصلاة من الله وهي المغفرة، والرحمة، وتحقيق سبيل الهدي. ولابد من الالتفات أنه تتري عليهم رحمة عظيمة وشاملة.. كما يشير إليه تنكير {رحمة} في الآية الكريمة، وبهذا تبين الفرق بين (صلوات ورحمة) لأن العطف في الأصل يقتضي التغاير.
وذكر في تفسير الآية: أن التدبر في الآية يعطي أن الصلاة غير الرحمة بوجه ويشهد به جمع الصلاة وإفراد الرحمة، وقد قال تعالي: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما} والآية تفيد كون قوله:
{وكان بالمؤمنين رحيما}، في موقع العلة لقوله: {هو الذي يصلي عليكم} والمعني أنه إنما يصلي عليكم، وكان من اللازم المترقب ذلك، لأن عادته جرت علي
(١٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)، الصّلاة (11)

* مثال في معني تنزلات مراتب الصلاة

الرحمة بالمؤمنين، وأنتم مؤمنون فكان من شأنكم أن يصلي عليكم حتي يرحمكم، فنسبة الصلاة إلي الرحمة نسبة المقدمة إلي ذيلها، وكالنسبة التي بين الالتفات والنظر، والتي بين الإلقاء في النار والإحراق مثلا.
وهذا يناسب ما قيل في معني الصلاة كما في بعض التفاسير: أنها الانعطاف والميل.
فالصلاة من الله سبحانه انعطاف إلي العبد بالرحمة، ومن الملائكة انعطاف إلي الإنسان بالتوسط في إيصال الرحمة، ومن المؤمنين رجوع ودعاء للعبودية، وهذا لا ينافي كون الصلاة بنفسها رحمة ومن مصاديقها. فإن الرحمة في القرآن علي ما يعطيه التدبر في مواردها هي العطية المطلقة الإلهية، والموهبة العامة الربانية كما قال تعالي: {ورحمتي وسعت كل شئ} [الأعراف: 156]. وقال تعالي: {وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين} [الإنعام: 133]. فالإذهاب لغناه، والاستخلاف والإنشاء لرحمته، وهما جميعا يستندان إلي رحمته كما يستندان إلي غناه فكل خلق وأمر رحمة، كما أن كل خلق وأمر عطية تحتاج إلي غني، قال تعالي: {وما كان عطاء ربك محظورا} [الإسراء: 20].
ومن عطيته الصلاة فهي أيضا من الرحمة، غير أنها رحمة خاصة ومن هنا يمكن أن يوجه جمع الصلاة، وإفراد الرحمة في الآية. فمثل هؤلاء المؤمنين في ما يحبره الله من كرامته عليهم مثل صديقك تلقاه وهو يريد دارك، ويسأل عنها يريد النزول بك فتلقاه بالبشر والكرامة، فتورده مستقيم الطريق وأنت معه تسيره، ولا تدعه يضل في مسيره حتي تورده نزله من دارك، وتعاهده في الطريق بمأكله ومشربه، وركوبه وسيره، وحفظه من كل مكروه يصيبه. فجميع هذه الأمور إكرام واحد لأنك إنما تريد إكرامه، وكل تعاهد تعاهد، وإكرام خاص والهداية غير الإكرام، وغير التعاهد، وهو مع ذلك إكرام فكل منها تعاهد، وكل منها هداية وكل منها إكرام خاص، والجميع إكرام. فلإكرام الواحد العام بمنزلة الرحمة، والتعاهدات في كل حين بمنزلة الصلوات، والنزول في الدار بمنزلة الاهتداء. وبهذا يتحد معني الآيتين لأن الصلاة في تلك من الله وملائكته تخرجهم
(١٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)، العهد (2)، الضلال (1)، الأكل (1)، الصّلاة (5)، الغني (1)

* العلامة الحلي يستدل بالآية علي جواز إطلاق الصلاة علي غير الأنبياء

من الظلمات إلي النور فصلاة تخرجهم من شدة المصيبة لما صبروا وصلاة للعناية الربانية بهم، وصلاة للإعانة لهم علي ذلك.
وجمع {صلوات} إشارة إلي هذا وغيره الذي يناسب المقام أعني: المعاني التي تقتضيها التربية الإلهية الخاصة بالصابرين، وهذا يستفاد من تعبير الآية حيث علقت الصلاة علي وصف الصبر: {وبشر الصابرين … أولئك (أي بالوصف المذكور) عليهم صلوات من ربهم} مما يقيد الصلاة في معاني تناسب حالتهم، وتنسجم مع مقامهم وتكون إعانة في مسيرتهم الصعبة.
وهذا يستند علي قاعدة الأصوليين والتي تقول: (تعليق الحكم علي الوصف مشعر بالعلية)، وهذه اللطيفة جديرة بالملاحظة وهي أن لفظ: {صلوات} في الآية علق بلفظ {ربهم} دون لفظ الجلالة كما في آية الصلوات. وهذا التعبير القرآني نستشف منه:
أن الصابرين استحقوا تلك الصلوات من مقتضي التربية الإلهية الخاصة بأوليائه الصابرين المحتسبين، وعنايته تعالي بهم، الموجبة حمده عليهم كما قال تعالي: {الحمد لله رب العالمين} [الحمد: 1].
وفي مناسبة الحديث عن هذه الآية أنه يجوز إطلاق الصلاة علي غير الأنبياء من المؤمنين والأولياء بهذا المعني أي العناية الربانية والإعانة الملائكية وعليه يكون هذا المعني مما تستوجبه الصلاة المحمدية في ضمن العنوان العام لمعانيها.
ومن هنا نعرف معني استشهاد العلامة الحلي بهذه الآية في مجلس خدا بنده. فقد حكي في (لؤلؤة البحرين) من كتاب حياة القلوب، أنه قدس الله سره ناظر أهل الخلاف في مجلس سلطان خدا بنده، أنار الله برهانه وبعد إتمام المناظرة، وبيان حقيقة مذهب الإمامية الاثني عشرية خطب قدس الله لطفه: خطبة بليغة، مشتملة علي حمد الله، والصلاة علي رسوله صلي الله عليه وآله وسلم، والأئمة عليهم السلام مثلما هو في مذهب الإمامية، وصلوات خاصة بأهل البيت عليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام.
(١٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، العلامة الحلي (1)، الصّلاة (8)، الصبر (2)، الشهادة (1)، الجواز (1)
فلما سمع السيد الموصلي الحنبلي الذي كان من أعظم علماء الحنابلة، والذي كان من جملة المفحمين بالمناظرة مع العلامة، وحيث لم يستطع الرد علي الأدلة المفحمة تطفل هنا وقام له وقال: ما الدليل علي جواز توجيه الصلاة علي غير الأنبياء؟ فقرأ الشيخ العلامة في جوابه بلا انقطاع الكلام: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.
فقال الموصلي من شدة عناده وبطريق المكابرة: وما هي المصيبة التي أصابتهم حتي أنهم يستوجبون بها الصلاة؟ فترك العلامة ذكر المصائب المشهورة التي أصيبت أهل البيت عليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام وقال: من أشنع المصائب وأشدها أن حصل من ذراريهم مثلك الذي ترجح المنافقين الجهال، المستوجبين اللعنة، والنكال علي آل رسول المتعال، فاستضحك الحاضرون، وتعجبوا من بداهة آية الله في العالمين وكان في المجلس بعض الشعراء فنظم هذين البيتين في ذلك الموصلي:
إذا العلوي تابع ناصبيا * بمذهبه فما هو من أبيه وكان الكلب خيرا منه طبعا * لأن الكلب طبع أبيه فيه وفي هذه المناظرة صنف العلامة كتاب: (كشف الحق ونهج الصدق) [130].
والحاصل أن الدليل علي وجوب الصلاة عليهم هي آية الصلوات بالبيان الذي ذكرناه في مطلب النزول وباستعانة الأحاديث المتواترة في ضم الآل مع جدهم، وإجماع المسلمين وسيرتهم علي ذلك وإجماع أهل البيت عليهم السلام لا بهذه الآية: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}. نعم استشهد بها العلامة (ره) لأجل إثبات جواز إطلاق الصلاة علي غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الصابرين بالصلوات الربانية، ولا يخفي أن آية الصلوات أيضا أمر بالصلاة علي أله بيته عليهم الصلاة والسلام، لأن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أقامهم مقام نفسه الطاهرة كما في حديث الكساء بقوله: [إنهم مني وأنا منهم].
(١٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الأنبياء (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، حديث الكساء (1)، المذهب الحنبلي (1)، الصدق (1)، النفاق (1)، الصّلاة (9)، الشهادة (1)، الجواز (2)، الوجوب (1)

المطلب الخامس: * صلاة المخلوقين وتسبيحها في الآيات القرآنية

اشاره

المطلب الخامس في:
4 - [صلاة المخلوقين وتسبيحها] ذهب كثير من العلماء والمفسرين وبعض الحكماء كصدر المتألهين أن العبادة صبغة عامة لجميع الموجودات، وليس الإنسان وحده يعبد ويسبح الله بل جميع من في الكون من السماوات والأرض وكل ذرة خلقت يسبحون الله تعالي، ولكن لا نفقه تسبيحهم، وقد أثبت القرآن الكريم هذا المعني لكل شئ فمن تلك الآيات قوله تعالي: {تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا} [الإسراء 44]، وقوله: {بحمده} دليل علي أن التسبيح ليس هو إلا عن شعور.
أجل كل شئ بلا استثناء لأن لفظ هذه: {وإن من شئ إلا يسبح} يدل علي العموم، وقوله تعالي: {ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون} [النور: 41]، صريح في ذلك، وأن الطيور والحيوانات لها عبادتها، وفرضها بأسلوب خاص لا نفقه ما يقولون في صلاتها، ولا ندرك كيف تناجي ربها.
وجمادية الجماد وصلابته لا تعني انفصاله عن المبدأ، واستغنائه عن الفيض، بل يصرح القرآن أنها مع تلك الصلابة تخشع من الله، وأن القلوب التي لم تمل إلي الحق لهي القاسية، بل أشد قسوة من الحجارة: واقرأ معي قوله عز وجل: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعملون} [البقرة: 74].
نعم لا يخفي أن هناك فرق بين تسبيح المخلوقات وبين تسبيح وعبادة الإنسان فكل حسب حركته نحو الكمال وكل ما يناسب مقامه من الشعور والحركة واللفظ والتلفظ.
(١٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (2)، الصّلاة (1)

* بعض الأدلة القرآنية علي عبادة غير الإنسان

وقد ذكر الله تعالي تسبيح الرعد بحمده فقال: {ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته} [الرعد: 13] ولعل من معاني عبادته والتسبيح بالحمد الفعل الخاص الذي ذكره العلم الحديث: أن في حال حدوث الرعد يؤلف النتروجين الذي يعتبر كالسماد بالنسبة إلي الأرض.
بل يثبت القرآن السجود والخضوع لبعض أنواع الخلق البارز في الكون من باب المثال أو أبرز أفراد الأنواع: {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء} [الحج: 18].
وقوله تعالي: {ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون} [النحل: 49].
وإذا تمعنت في حكاية القرآن الكريم قولي الهدهد والنملة ينكشف لك ذلك بوضوح:
فقد قال عز وجل {وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ إن هذا لهو الفضل المبين * وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون * حتي إذا أتوا علي وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون * فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين * وتفقد الطير فقال مالي لا أري الهدهد أم كان من الغائبين * لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين * فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين * إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم * وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم
(١٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (2)، الحج (1)، السجود (3)، العذاب، العذب (1)
لا يهتدون * ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخب ء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون * الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم} [النمل: 16 إلي 26].
وما ألطف حكاية قول الهدهد في نفس السورة: {وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله} حيث يستغرب من عبادتهم للشمس دون المستحق للعبادة بل يسخر من عقولهم، ويعلق أن هذا من تزيين الشيطان لعملهم فأضلهم..
بل يثبت القرآن للجبال الوقت لعبادتها فيقول: {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق} [ص: 18]، وعدم إدراكنا لذلك لا يوجب الإنكار، ولا ينفي الحقيقة.
نعم: من باب الإعجاز قد أظهر الله تعالي عبادة بعض تلك الموجودات مع بعض الأنبياء كما في قوله تعالي: {وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين} [الأنبياء: 79].
وفي آية أخري: {ولقد آتينا داوود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد} [سبأ: 10]، وكلمة {أوبي} تعني رجعي تسبيح الله مع داود عليه السلام، فليكن يا جبال! ويا أيها الطيور! تسبيحكم مطابقا مع تسبيح داود عليه السلام ولهذا الأمر الكوني واقع في الخارج، وحقيقة في الواقع.
وقوله تعالي: {وأخرجت الأرض أثقالها * وقال الإنسان ما لها * يومئذ تحدث أخبارها * بأن ربك أوحي لها} [الزلزلة: 5].
ليس من العجب إذا قلنا أن الأرض يوم القيامة تتحدث بما عمل الإنسان علي ظهرها فقد عرفنا في هذا الزمن من الاكتشافات العلمية والأجهزة المتطورة في التكنولوجية ما يسهل علينا إمكان وقوع ذلك واحتمال مجئ زمن وإذا التراب والحجر والأرض تتحدث وهو أصل الخيرات والطيبات، وهل تسبيح الجبال مع داود إلا نوع من التحدث؟.
(١٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عاشوراء (1)، يوم القيامة (1)، القرآن الكريم (1)

* كل شئ يصلي علي محمد وآل محمد

وقد ورد في حديث عن الإمام علي عليه السلام أنه قال: [صلوا في بقاع مختلفة، فإن كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة] (14).
وفي الأثر عن أبي سعيد الخدري قال: متي كنت في بيداء فارفع صوتك بالأذان لأني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: [لا يسمعه جن ولا إنس ولا حجر إلا يشهد له] (15).
وقد ورد الأحاديث المفسرة لتحديث الأرض يوم القيامة ففي قول للنبي صلي الله عليه وآله وسلم: [حافظوا علي الوضوء وخير أعمالكم الصلاة، فتحفظوا من الأرض فإنها أمكم، وليس فيها أحد يعمل خيرا أو شرا إلا وهي مخبرة به] (16).
وأيضا عنه صلي الله عليه وآله وسلم: [قال أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أخبارها أن تشهد علي كل عبد وأمة بما عملوا علي ظهرها تقول عمل كذا وكذا، يوم كذا، فهذا أخبارها] (17).
إذا عرفت ذلك فنقول: أن الصلاة علي محمد وآل محمد هي نوع من العبادة بل أفضلها بالبيان المذكور في هذا الكتاب، وقد مر في المطلب الثامن من البحث الثاني من عمومية الصلاة لكل شئ، كما ويفهم من الأخبار المستفيضة والروايات الكثيرة وعبارات الزيارات أن كل شئ يصلي علي محمد وآل محمد بما يحمل من شعور حسب خلقه وحاله علي نحو ما ذكر في هذا المطلب.
وفي الحديث التالي تصريح في نسبة أصل الصلاة إلي كل شئ فقد نقل الفيض الكاشاني رضوان الله عليه في الوافي عن الكافي بسند صحيح عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام أنه قال: [إذا ذكر النبي صلي الله عليه وآله وسلم فأكثروا الصلاة عليه، فإنه من صلي علي النبي صلاة واحدة صلي الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة، ولم يبق شئ خلقه إلا صلي علي ذلك العبد لصلاة الله
(٢٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، أبو سعيد الخدري (1)، يوم القيامة (2)، أبو بصير (1)، يوم عرفة (1)، الصّلاة (7)، الشهادة (3)، الوضوء (1)

* الإمام زين العابدين يضيف الصلاة المحمدية إلي كل شئ

عليه، وصلاة ملائكته. فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور. قد برئ الله منه، ورسوله وأهل بيته].
وذكر الألباني (وهو من علماء السلف) في كتابه صفة صلاة النبي صلي الله عليه وآله وسلم، عن القاضي عياض عن علي أنه كان يقول: [صلوات الله البر الرحيم، وملائكته المقربين، والنبيين والصديقين والشهداء الصالحين وما سبح لك من شئ يا رب العالمين! علي محمد بن عبد الله خاتم النبيين وإمام المتقين..] الحديث (18).
في لب اللباب للقطب الراوندي عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال: [من صلي علي وعلي آلي صلت عليه الملائكة، ومن صلت عليه الملائكة صلي الله عليه، ومن صلي الله عليه لم يبق في السماوات والأرض ملك إلا ويصلون عليه] (19).
وقال الإمام زين العابدين عليه السلام في الصحيفة السجادية (56) دعاء (47) كان يدعو به يوم عرفة: [رب صل علي محمد وآله صلاة تجاوز رضوانك، ويتصل اتصاله ببقائك، ولا تنفد كما لا تنفد كلماتك، رب صل علي محمد وآله، صلاة تنتظم صلوات ملائكتك، وأنبيائك، ورسلك، وأهل طاعتك، وتشتمل علي صلوات عبادك من جنك، وإنسك، وأهل إجابتك، وتجتمع علي صلاة كل من ذرأت، وبرأت من أصناف خلقك.
رب صل عليه وآله صلاة تحيط بكل صلاة سالفة، ومستأنفة، وصل عليه وعلي آله صلاة مرضية لك، ولمن دونك، وتنشئ مع ذلك صلاة تضاعف معها تلك الصلوات عندك، وتزيدها علي كرور الأيام زيادة في تضاعيف لا يعدها غيرك..].
فقد طلب الإمام عليه السلام من الله تعالي أن يصلي علي النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله وسلم) وعلي آله عليهم الصلاة والسلام عدد الصلوات التي صلاها، وتصليها الملائكة، والأنبياء والجن والإنس، وعدد التسبيحات التي تسبحها بحمده جميع مخلوقاته
(٢٠١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، يوم عرفة (1)، محمد بن عبد الله (1)، القطب الراوندي (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (15)، الجهل (1)

* احتياج الخلق إلي الصلاة المحمدية

من حيوان، ونبات، وجماد، وأن تبقي صلواته عليهم ببقائه، وتدوم بدوامه، علي أن تتضاعف في كل لحظة أضعافا لا يحصيها إلا هو.. وبديهة أن هذه الصلوات التي لا يعرف مداها إلا الله تعالي وأن هي إلا صدي لعظمة النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله وسلم) وآله الطاهرين، ومكانهم عند الله وملائكته ورسله.
وقال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام في قوله تعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}، لا لحاجة إلي صلاة أحد من المخلوقين بعد صلواتك عليه، ولا إلي تزكيتهم إياه بعد تزكيتك، بل الخلق جميعا هم المحتاجون إلي ذلك، لأنك جعلته بابك الذي لا تقبل ممن أتاك إلا منه، وجعلت الصلاة عليه قربة منك، ووسيلة إليك، وزلفة عندك، ودللت المؤمنين عليه، وأمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا أثرة لديك، وكرامة عليك] [1].
ومن الواضح أن نسبة الصلوات إلي جميع ما ذرء الله تعالي وبرأ في جميع العوالم كنسبة قوله تعالي: {كل علم صلاته وتسبيحه} الآية المتقدمة في مقام العبادة العامة علي حسب حركته نحو الكمال واستمرار علته في بقائه علي وجوده وتلقي الفيض في مقامه بل بما يشعر من معرفته واتجاهه نحو المبدأ، وعبادته الخاصة، ولو قدر للإنسان أن يفقه الكون لحكم عليه بالعدل ولكن الجهل هو الحاجب والناس أعداء ما جهلوا [2].
[1] - البحار، ج: 87، ص: 82، وج: 91، ص: 43.
[2] - لا يخفي علي أهل الفضل أن هناك نظريات أخري في تسبيح الكائنات وسجودها وصلاتها إلا أننا اخترنا أبرزها وقد أقام الملا صدرا عليها عدة براهين وأدلة في الحكمة المتعالية فراجع.
(٢٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (4)، الجهل (1)، الطهارة (1)، السجود (1)

المطلب السادس: * معاني الصلاة علي محمد وآل محمد بلحاظ الجامع

اشاره

المطلب السادس في:
[معاني الصلاة علي محمد وآل محمد] ولكي نتصور معاني الصلاة علي محمد وآل محمد ينبغي فهم العنوان العام والمفهوم الكلي لها، وإدخالها في جامع واحد، وهو (الانعطاف واللين) ليصح استعمالها في عدة معان مختلفة وتكون حينئذ الصلاة بملاحظة الجامع تشمل المعاني التي ذكرت للآيات الثلاث المتقدمة في مقام الانطباق، وغيرها من المعاني التي ذكرها أهل اللغة، ويستفاد من القرائن الحالية والمقالية والعقلية وغير ذلك المعني الخاص والاعتبارات المعنوية في مقام التطبيق، ولا مانع من اجتماع هذه المعاني المختلفة في (الصلاة)، ولا يلزم حينئذ اشتراك معاني مختلفة في استعمال واحد. كما يمنعه البعض.
وذلك بملاحظة الجامع الكلي لجميع المعاني، تشملها إطلاقها " أي آية الصلوات " وعدم تقييدها بخلاف الآيات الثلاث المتقدمة التي تحدد معني كل واحدة منها القرينة التي تكنفها فإن الآية الأولي مقيدة ب {سكن لهم}، والثانية ب {ليخرجكم من الظلمات إلي النور}، والثالثة تعليقها علي الصابرين تقييد لها في معني خاص. ولا يخفي ما في تعليقها بقوله - من ربهم - في الآية الثالثة من إشعار بمعني خاص من الصلاة يناسب حال الصابرين، فإنها دلائل وقرائن تصرف استعمال لفظ (الصلاة) إلي المعاني المناسبة لها وما يصح أن يقال في ذلك المقام.
وتكرر (هنا) مرة أخري: أن الصلاة تكون حينئذ وسيلة لنتيجة لولاها لم تذكر الصلاة، وهو سبب تصحيح إطلاقها كما في الآية الأولي فإن {سكن لهم} نتيجة للصلاة عليهم بالصلاة النورانية، {ليخرجكم من الظلمات إلي النور}، وكذا الآيتان التاليتان لها.
وعلي ضوء ما ذكرنا من الجامع يتضح تجسيد المعاني في الصلاة علي محمد وآل محمد ولمزيد من التوضيح نتحدث أكثر علي نحو التفصيل في تلك المعاني:
(٢٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (9)

* المعني الأول للصلاة: [التعظيم]

اشاره

المعني الأول: الذي تتضمنه الصلاة: (التعظيم والتبجيل)، فقد ذكره اللغويون والمفسرون وكما في الأحاديث. ولا يخفي أن المفهوم من تشريع الصلاة عليهم هو التعظيم والتبجيل في المرحلة الأولي.
وجعل الحليمي معني صلاة الله تعالي علي نبيه تعظيمه له، فقال في شعب الإيمان: أما الصلاة في اللسان فهي التعظيم … فإذا قلنا: [اللهم صل علي محمد (وآله)..]، فإنما نريد اللهم عظم محمدا في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته، وإجزال أجره، ومثوبته وإبداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود وتقديمه علي كافة المقربين والشهود.
قال: وهذه الأمور وإن كان الله تعالي قد أوجبها للنبي صلي الله عليه (وآله) وسلم فإن كان شئ منها ذات درجات ومراتب فقد يجوز إذا صلي عليه واحد من أمته واستجيب دعاؤه فيه أن يزاد للنبي صلي الله عليه (وآله) وسلم بذلك الدعاء في كل شئ مما سميناه رتبة ودرجة، ولهذا كانت الصلاة مما يقصد بها قضاء حقه، ويتقرب بأدائها إلي الله عز وجل، ويدل علي أن قولنا: [اللهم صل علي محمد (وآله)..] صلاة منا عليه لنا لا نملك إيصال ما يعظم به أمره، ويعلو به قدره إليه إنما ذلك بيد الله تعالي فصح أن صلاتنا عليه الدعاء بذلك، وابتغاؤه من الله جل ثناؤه.
وبهذا التقرير يظهر الفرق بين آثار صلاة الله علي النبي الأكرم صلي الله عليه (وآله) وسلم وبين سائر المؤمنين حيث قال الله: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي} وقال قبل ذلك في السورة المذكورة {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}، ومن المعلوم أن القدر الذي يليق بالنبي الأكرم صلي الله عليه (وآله) وسلم من ذلك أرفع وأجل وأعظم مما يليق بغيره، والإجماع منعقد علي أن في هذه الآية من تعظيم النبي الأكرم صلي الله عليه (وآله) وسلم والتنويه به ما ليس في غيرها.
(٢٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (8)، الجواز (1)
ولقد قام الإجماع علي أن قوله: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي … } الآية تعظيم للنبي الأكرم صلي الله عليه (وآله) وسلم وتنويه به ما ليس في غيرها، وربما يقال: أن التعظيم من لوازم الصلاة بل هي من علل التشريع كما مر، ولذا قال: الإمام سهل بن محمد بن سلمان: هذا التشريف الذي شرف الله تعالي به محمدا صلي الله عليه (وآله) وسلم بقوله: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي} أتم وأجمع من تشريف آدم عليه السلام بأمر الملائكة له بالسجود، لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة بذلك التشريف.
وقد أخبر الله تعالي عن نفسه جل جلاله بالصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم ثم عن الملائكة بالصلاة عليه فتشريف يصدر عنه تعالي أبلغ من تشريف تختص به الملائكة من غير أن يكون الله تعالي معهم في ذلك (22).
أقول: وإضافة علي ذلك أن سجود الملائكة لآدم عليه الصلاة والسلام كان مرة واحدة أما نبينا محمد فصلوات الله والملائكة والناس أجمعين بل كل ما خلق وبرأ كل آن إلي ما شاء الله تعالي وباقية ببقائه تعالي وقد روي كل ذلك أيضا (23).
ويستفاد هذا المعني بموجب قوله تعالي في الآية: {يصلون} بالفعل المضارع الدال علي حدوث واستمرار وقوع الصلاة من الله تعالي، ومن الملائكة وهو كما ينبغي أن يكون بمقتضي حكمته لقابلية المحل وكرم المبدأ، والمناسب أن يكون كذلك من المؤمنين في مقام التشريع.
ومما يعرفك بتعظيم - النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله عليهم الصلاة والسلام - أنك لم تجد في القرآن الكريم بمثل هذا النوع: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلوا تسليما} من التعظيم والتكريم لأحد من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
(٢٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الأنبياء (ع) (1)، النبي آدم عليه السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، القرآن الكريم (1)، سهل بن محمد (1)، الصّلاة (3)، السجود (2)، الجواز (1)

* معني الصلاة التعظيمية من الناس

إن الله سبحانه خص نبيه محمدا صلي الله عليه وآله وسلم بتكريمات لم تعرف لأحد من الأنبياء عليهم السلام، ومنها ما اقتضاه قوله عز اسمه في القرآن الكريم وفرقانه الحكيم:
{إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلوا تسليما} من التكريم والتجلة والتعظيم ما يقصر عنه سجود الملائكة كلهم أجمعين لأبي البشر خليفة الله في الأرض تكريما له وتعظيما، فإن سجود الملائكة جميعا، وفيهم سادتهم المكرمون كجبرئيل، وميكائيل وإسرافيل وغيرهم من المقربين والكربيين من حملة العرش ومن حوله، فيه من إظهار الشرف والفضل ما يقصر العقل عن الإحاطة به والانتماء إلي منتهاه … لكن أين هو من هذا التعظيم والتكريم الذي كان بفعل الله سبحانه وفعل ملائكته وفعل صالح المؤمنين.
فإن معني الآية من أن الله سبحانه يعتني بإظهار شرف نبيه الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، والملائكة تعتني بإظهار فضله، وأن المؤمنين من البشر وهم خيرة أهل الأرض مأمورون بالاعتناء بإظهار شرف النبوة، والإعلان عن رفع شأن الرسالة ولعمري هذا شئ عظيم يعجز الواصف عن توصيفه، وأهل البيان عن تحديده والإفصاح عنه.
ومن التكريمات المختصة به والتي لا تعرف لغيره، ما جعله الله سبحانه من اللطف والكرامة التي لا يحيط بها الوهم ولا يدركها الخيال، لمن أظهر شرف ذلك النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم (بالصلاة عليه) والتسليم لديه. وذلك ما ورد في فضل الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم.
ففي الخبر الصحيح عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: [إذا ذكر النبي صلي الله عليه وآله وسلم فأكثروا الصلاة عليه، فإنه من صلي علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم صلاة واحدة صلي الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة، ولم يبق شئ مما خلقه الله إلا صلي علي العبد، لصلاة الله وصلاة ملائكته، فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور، قد برئ الله منه ورسوله وأهل بيته] (24).
(٢٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الأنبياء (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (5)، السجود (2)، الجهل (1)

* معني الصلاة التعظيمية من الملائكة

كما أنه قد ورد أيضا أنه ما من شئ أثقل في ميزان الحسنات من الصلاة علي محمد وآل محمد. ففي كتاب الكافي بإسناده عن محمد بن مسلم (الثقة) عن أحدهما (أي عن الإمام الباقر عليه الصلاة والسلام أو عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام فإنه كان يروي عنهما) قال: [ما في الميزان شئ أثقل من الصلاة علي محمد وآل محمد] ثم يضيف الإمام في ذيل كلامه: [وإن الرجل لتوضع أعماله في الميزان فتميل به فيخرج (صلي الله عليه وآله وسلم) الصلاة عليه فيضعها في ميزانه فيرجح].
وفي هذا الحديث إيماء إلي نقطة مهمة وهي أن الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم مدخرة عنده فيخرجها عند الميزان.
ومقتضاها أنها تعرض عليه وتؤدي إليه فتكون مخزونة عنده صلي الله عليه وآله وسلم.
وناهيك في ذلك فضلا.
والصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم وإن كان معناها طلب تعظيمه من الله سبحانه في الدنيا بإعلاء كلمته وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتضعيف مثوبته والزيادة في رفع درجته، إلا أن غاية الدعاء بذلك عائدة إلي المصلي (25).
ولا يمتنع تأثير الدعاء بعد تسليم أن الكمال الرباني غير منحصر وأن نعمه غير متناهية.
ونتصور معني التعظيم من خلال ما ذكر من المطالب المتقدمة أيضا من أن ما ذكروه من التعظيم ما هي إلا أقل مراتب التعظيم والتبجيل. ويمكن أن يقال: إن من أعلي مراتب التعظيم في المقام هي الصلاة الإلهية، والصلاة الفعلية الملائكية في جميع العوالم والصلاة التسبيحة: {وإن من شئ إلا يسبح بحمده} ويأتي معني هذين التسبيحين.
وفي أسباب النزول روي بسنده عن الأصمعي قال: سمعت المهدي علي منبر البصرة يقول: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثني بملائكته فقال: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلوا تسليما}، آثره صلي
(٢٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، مدينة البصرة (1)، محمد بن مسلم (1)، الصّلاة (7)

* الصلاة المحمدية أعظم من سجود الملائكة لآدم عليه الصلاة والسلام

الله عليه (وآله) وسلم بين الرسل الكرام، واختصكم بها من بين الأنام، فقابلوا نعمة الله بالشكر، وأكثروا من الصلاة عليه بالذكر.
ثم قال الواحدي سمعت الأستاذ أبو عثمان الواعظ يقول: سمعت الإمام سهل بن محمد بن سليمان يقول: هذا التشريف الذي شرف الله تعالي به نبينا صلي الله عليه (وآله) وسلم يقول: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي..} أبلغ وأتم من تشريف آدم بأمر الملائكة بالسجود له لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في ذلك التشريف، وقد أخبر الله تعالي عن نفسه بالصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه (وآله) وسلم، ثم عن الملائكة بالصلاة عليه، فتشرف صدر عنه أبلغ من تشريف تختص به الملائكة من غير جواز أن يكون الله معهم في ذلك.
والذي قاله سهل منتزع من قول المهدي. ولعله رآه ونظر إليه فأخذه منه وشرحه وقابل ذلك بتشريف آدم عليه السلام، وكان أبلغ وأتم منه.
أقول: بل هو مروي عندنا عن باب مدينة علم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين علي [صلوات الله وسلامه عليه] وأكيدا أخذ ذلك عنه، فقد روي الديلمي في إرشاد القلوب: بإسناده عن موسي بن جعفر عليه السلام عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام إنه قال في جواب اليهودي الذي سأله عن فضل النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم علي سائر الأنبياء عليهم السلام، فذكر اليهودي أن الله أسجد ملائكته لآدم عليه السلام. فقال عليه السلام: وقد أعطي الله محمدا صلي الله عليه وآله وسلم: أفضل من ذلك وهو أن الله صلي عليه، وأمر ملائكته أن يصلوا عليه، وتعبد جميع خلقه بالصلاة عليه إلي يوم القيامة فقال جل ثناؤه: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلوا تسليما}، فلا يصلي عليه أحد في حياته ولا بعد وفاته إلا صلي الله عليه بذلك عشرا، وأعطاه من الحسنات عشرا بكل صلاة صلي عليه، ولا يصلي عليه أحد بعد وفاته إلا وهو يعلم بذلك، ويرد علي المصلي
(٢٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الأنبياء (ع) (1)، النبي آدم عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، يوم القيامة (1)، كتاب ارشاد القلوب (1)، سهل بن محمد (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (4)، السجود (1)، الجواز (1)

* الصلاة التعظيمية توجب صلاة تعظيمية

السلام مثل ذلك، لأن الله جل وعز جعل دعاء أمته فيما يسألون ربهم جل ثناؤه موقوفا عن الإجابة حتي يصلوا عليه صلي الله عليه وآله وسلم، فهذا أكبر وأعظم مما أعطي الله آدم.
ثم ذكر عليه السلام في بيان ما فضل الله به أمته صلي الله عليه وآله وسلم: ومنها أن الله جعل لمن صلي علي نبيه عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورد الله سبحانه عليه صلاته علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم (26).
أقول: وفي بعض الأخبار ورد ما يدل أن الصلاة بنية التعظيم لها آثار خاصة كما في مجالس الشيعة، والمآتم التي تعقد لذكر أبي عبد الله الحسين عليه السلام تذكر الصلوات بمجرد ذكر أحد أسماء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وقد روي عنه الفريقان أنه قال: [من صلي علي صلاة تعظيما لحقي خلق الله تعالي من ذلك القول ملكا …
يقول الله تعالي صل علي عبدي كما صلي علي نبي محمد فهو يصلي عليه إلي يوم القيامة] (27).
أقول: ولعل الصلاة التعظيمية تكون سببا لصلاة ملائكية من نوع يناسب أن تصير جزاء لها بأن تكون صلاة تعظيمية وتشريفية للمصلين كما في اتخاذ الخليل خليلا وسجودهم لآدم عليه السلام: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} [فصلت: 30].
المعني الثاني: الذي تحمله الصلاة: (حسن الثناء) من الله عز وجل علي رسوله صلي الله عليه وآله وسلم كما في القاموس.
وقد أعد أولي الأقوال في معناها ما عن أبي العالية أن معني صلاة الله تعالي علي نبيه ثناؤه وتعظيمه وصلاة الملائكة وغيرهم طلب ذلك لهم من الله تعالي والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة.
(٢٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، النبي آدم عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (8)

* المعني الثاني للصلاة: [حسن الثناء]

اشاره

السلام مثل ذلك، لأن الله جل وعز جعل دعاء أمته فيما يسألون ربهم جل ثناؤه موقوفا عن الإجابة حتي يصلوا عليه صلي الله عليه وآله وسلم، فهذا أكبر وأعظم مما أعطي الله آدم.
ثم ذكر عليه السلام في بيان ما فضل الله به أمته صلي الله عليه وآله وسلم: ومنها أن الله جعل لمن صلي علي نبيه عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورد الله سبحانه عليه صلاته علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم (26).
أقول: وفي بعض الأخبار ورد ما يدل أن الصلاة بنية التعظيم لها آثار خاصة كما في مجالس الشيعة، والمآتم التي تعقد لذكر أبي عبد الله الحسين عليه السلام تذكر الصلوات بمجرد ذكر أحد أسماء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وقد روي عنه الفريقان أنه قال: [من صلي علي صلاة تعظيما لحقي خلق الله تعالي من ذلك القول ملكا …
يقول الله تعالي صل علي عبدي كما صلي علي نبي محمد فهو يصلي عليه إلي يوم القيامة] (27).
أقول: ولعل الصلاة التعظيمية تكون سببا لصلاة ملائكية من نوع يناسب أن تصير جزاء لها بأن تكون صلاة تعظيمية وتشريفية للمصلين كما في اتخاذ الخليل خليلا وسجودهم لآدم عليه السلام: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} [فصلت: 30].
المعني الثاني: الذي تحمله الصلاة: (حسن الثناء) من الله عز وجل علي رسوله صلي الله عليه وآله وسلم كما في القاموس.
وقد أعد أولي الأقوال في معناها ما عن أبي العالية أن معني صلاة الله تعالي علي نبيه ثناؤه وتعظيمه وصلاة الملائكة وغيرهم طلب ذلك لهم من الله تعالي والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة.
(٢٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، النبي آدم عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (8)

* معني الصلاة الثنائية للملائكة

وقيل صلاة الله علي خلقه تكون خاصة وتكون عامة فصلاته علي أنبيائه هي ما تقدم من الثناء والتعظيم، وصلاته علي غيرهم الرحمة فهي التي وسعت كل شئ. ونقل عياض عن بكر القشيري قال: الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم من الله تشريف، وزيادة تكرمة، وعلي من دون النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم رحمة.
أقول: وهو يقال في معني صلاة الله تعالي وملائكته والمؤمنين، ويبدو واضحا أن صلاة الله تكون ثناء بتعريف مقاماتهم في الملأ الأعلي، وإفاضة الفيض والبركة في مجراه..
استمرارا للفيض في العلة المبقية للعصمة والشؤونات الملكوتية والأفعال الغيبية، وأن الصلاة من الملائكة تكون ثناء منهم في حركتهم نحو الكمال والقرب، وإظهار ذلك بنحو يكون ثناء وتعظيما للمصلي عليهم، كما ويكون طلبا لذلك من المبدأ وتجسيدا للثناء في مقاماتهم.
فيكون المعني من الصلاة أن الله تعالي يثني علي نبيه الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بأنواع من الثناء، والتبجيل، وكذلك الملائكة فيا أيها المؤمنون تأسوا بمن شرفهم الله وتعبدهم بالصلوات علي محمد وآل محمد (وهم الملائكة) وأثنوا عليه فتكونوا بذلك في اتحاد من الحركة الكمالية، واستجلاب للفيض والخير لأنفسكم، وأرواحكم وكمالكم ومعرفتكم، واندكاك جهاتكم والفناء في ذاته تعالي، واتصالكم بالمبدأ من خلال ما يناسبكم في مقام الاتصال والسنخية.
وقد روي عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام في تفسير آية الصلوات فقال:
[أثنوا عليه وسلموا له]، قوله: (سلموا) مأخوذ من التسليم والانقياد (21).
وبعبارة واضحة أن معني قولنا: (اللهم صل علي محمد وآل محمد) في أحد مراحل مقام الثناء: ندعوه تعالي بأن يثني عليهم ويسدل عليهم التمجيد، ويبلغهم المقام المحمود، والوسيلة العظمي، ويعطيهم لواء الحمد، ويجعلهم صفة تعريفه، ويجعلهم الثناء عليه،
(٢١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (5)

* الصلاة في مقام الثناء اللفظي ما روي عن الإمام علي عليه الصلاة والسلام

وأعظم ثناء الله عليهم هو ثناء الله الفعلي، وإظهار مراتبهم التي رتبهم فيها، (الذي هو أعلي مراتب صلاة الله وملائكته علي محمد وآل محمد).
ويفهم من قول الإمام عليه السلام [أثنوا عليه وسلموا له]: أن أقل مصاديق الثناء عليهم هو تقديم المدح عند ذكر الصلاة كما في الصلوات المروية عن أمير المؤمنين ففي نهج البلاغة من خطبه له عليه السلام رقم: [72]، علم فيها الناس الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم: [اللهم داحي المدحوات، وداعم المسموكات، وجابل القلوب علي فطرتها شقيها وسعيدها.
اجعل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك، علي محمد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق، والفاتح لما انغلق، والمعلن الحق بالحق، والدافع جيشات الأباطيل، والدامغ صولات الأضاليل، كما حمل فاضطلع، قائما بأمرك، مستوفزا في مرضاتك، غير نأكل عن قدم، ولا واه في عزم، واعيا لوحيك، حافظا لعهدك، ماضيا علي نفاذ أمرك، حتي أوري قبس القابس، وأضاء الطريق للخابط، وهديت به القلوب بعد خوضات الفتن والآثام، وأقام بموضحات الأعلام، ونيرات الأحكام، فهو أمينك المأمون، وخازن علمك المخزون، وشهيدك يوم الدين وبعيثك بالحق، ورسولك إلي الخلق.
اللهم افسح له مفسحا في ظلك، وأجزه مضاعفات الخير من فضلك. اللهم وأعل علي بناء البانين بناءه، وأكرم لديك منزلته، وأتمم له نوره. واجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة، مرضي المقالة، ذا منطق عدل، وخطبة فصل.
اللهم اجمع بيننا وبينه في برد العيش وقرار النعمة، ومني الشهوات، وأهواء اللذات، ورخاء الدعة ومنتهي الطمأنينة، وتحف الكرامة].
أقول: يتبين جليا من هذه المقاطع ما قدمناه مما يأتي من مرجع الصلوات في آثارها إلي النبي صلي عليه وآله عليهم السلام كما وقد جاء في بعض الأحاديث أنه من
(٢١١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، الشهوة، الإشتهاء (1)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (5)

* المعني الثالث للصلاة: [الدعاء]

آداب الصلوات الإحسان والتحسين في ألفاظها من الثناء اللفظي والمدح بأحسن التعابير كما في حديث عبد الله بن مسعود المذكور في المطلب الثاني من البحث الخامس فراجع.
المعني الثالث: للصلاة: (الدعاء) وقد ذكره علماء اللغة، ويؤيده ورود لفظ الصلاة بهذا المعني في أشعار الجاهلية في كثيرة من الاستعمال، والغاية من الدعاء الصلوات عائدة إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بطلب زيادة كماله، وقربه من الله تعالي إذ مراتب استحقاق نعم الله سبحانه وتعالي غير متناهية بنحو يناسب مقامه ومقام أهل بيته عليهم الصلاة والسلام، وعائدة بنفس الوقت إلي المصلي فيما يناسبه من المعني من حيث القابلية والاستعداد..
وهذا المعني (الدعاء) يقال: في تفسير صلاة الملائكة، وصلاة المؤمنين دون صلاة الله لأن حقيقة الدعاء طلب الداني من العالي ولا يتصور ذلك منه تعالي، نعم إذا أخذناه بمعني الميل والإقبال والجامع فيصح ذلك.
وباختصار أن (الصلاة) من الله إي يقبل إليهم بما يستحقونه من الكمال والفضل..
ومن الملائكة طلب ذلك والقيام بها في مقام التطبيق. وأما من الناس فاستنزال لذلك، وطلب له. وكما في الروايات ففي تفسير القمي: (وصلاة الناس دعاؤهم له)، أو طلب ثبوتهم عليه كما في ففي تفسير القمي: في قوله تعال: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}، [قال: صلاة الله عليه تزكيته له، وثناء عليه، وصلاة الملائكة مدحهم له، وصلاة الناس دعائهم له، والتصديق والإقرار بفضله..].
المعني الرابع: ومن المعاني الذي تحمله الصلاة: (التزكية) بمعني استمرارية الطهارة أو التطهير. ومعني طهارة أهل الطهارة (هنا): تقديسهم وتنزيههم عن مجانسة المخلوقات ومماثلة المذروءات وهو أقصي غاية التزكية. وبعبارة أخري: تزكية الله لهم
(٢١٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن مسعود (1)، الصّلاة (6)، الجهل (1)، الطهارة (2)

* المعني الرابع للصلاة: [التزكية]

اشاره

آداب الصلوات الإحسان والتحسين في ألفاظها من الثناء اللفظي والمدح بأحسن التعابير كما في حديث عبد الله بن مسعود المذكور في المطلب الثاني من البحث الخامس فراجع.
المعني الثالث: للصلاة: (الدعاء) وقد ذكره علماء اللغة، ويؤيده ورود لفظ الصلاة بهذا المعني في أشعار الجاهلية في كثيرة من الاستعمال، والغاية من الدعاء الصلوات عائدة إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بطلب زيادة كماله، وقربه من الله تعالي إذ مراتب استحقاق نعم الله سبحانه وتعالي غير متناهية بنحو يناسب مقامه ومقام أهل بيته عليهم الصلاة والسلام، وعائدة بنفس الوقت إلي المصلي فيما يناسبه من المعني من حيث القابلية والاستعداد..
وهذا المعني (الدعاء) يقال: في تفسير صلاة الملائكة، وصلاة المؤمنين دون صلاة الله لأن حقيقة الدعاء طلب الداني من العالي ولا يتصور ذلك منه تعالي، نعم إذا أخذناه بمعني الميل والإقبال والجامع فيصح ذلك.
وباختصار أن (الصلاة) من الله إي يقبل إليهم بما يستحقونه من الكمال والفضل..
ومن الملائكة طلب ذلك والقيام بها في مقام التطبيق. وأما من الناس فاستنزال لذلك، وطلب له. وكما في الروايات ففي تفسير القمي: (وصلاة الناس دعاؤهم له)، أو طلب ثبوتهم عليه كما في ففي تفسير القمي: في قوله تعال: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}، [قال: صلاة الله عليه تزكيته له، وثناء عليه، وصلاة الملائكة مدحهم له، وصلاة الناس دعائهم له، والتصديق والإقرار بفضله..].
المعني الرابع: ومن المعاني الذي تحمله الصلاة: (التزكية) بمعني استمرارية الطهارة أو التطهير. ومعني طهارة أهل الطهارة (هنا): تقديسهم وتنزيههم عن مجانسة المخلوقات ومماثلة المذروءات وهو أقصي غاية التزكية. وبعبارة أخري: تزكية الله لهم
(٢١٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن مسعود (1)، الصّلاة (6)، الجهل (1)، الطهارة (2)
إفاضة الطهارة لدفع ذلك، وليس لرفعه فإذا صلوا علي أهل الطهارة قدسوهم طاعة لله وطلبوا الفيض للعلة المبقية لذلك أو استجلاب ذلك للداعي من بركتهم.
وإنما قلنا ذلك لأن الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فهم يتبعون الله في الإقرار بنزاهتهم وقدسيتهم. ويري البعض أن معني تزكية الله: أي تطهيره لمن ارتضي عن عباده بحيث يستحق في الدنيا الأوصاف المحمودة وفي الآخرة الأجر والمثوبة والدرجات الرفيعة.
و (هنا) لابد من إمعان النظر فيما روي عن عبد الرحمن بن كثير قال: سألته (أي الصادق عليه الصلاة والسلام) عن قول الله تبارك وتعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه} فقال: [صلاة الله تزكية له في السماء] قلت: ما معني تزكية الله إياه؟ قال: [زكاه بأن برأه من كل نقص وآفة يلزم مخلوقا] قلت: فصلاة المؤمنين؟ قال: [يبرؤنه، ويعرفونه بأن الله قد برأه من كل نقص هو في المخلوقين من الآفات التي تصيبهم في بنية خلقهم فمن عرفه ووصفه بغير ذلك فما صلي عليه] قلت: فكيف نقول نحن إذا صلينا عليهم؟ قال تقولون: [اللهم إنا نصلي علي محمد نبيك وعلي آل محمد كما أمرتنا به وكما صليت أنت عليه فكذلك صلاتنا عليه] (28).
أقول: فمعني الصلاة من ملائكته التزكية له صلي الله عليه وآله وسلم أي الإقرار بكرامته ومكانته من الله عز وجل، والملائكة قد أذعنت لساحته تواضعا لله فقربها بالموالاة لوليه الأعظم، وإلا فما حاجته إلي صلوات ملائكة الله وصلواتنا إلا حاجاتهم وحاجاتنا لهم ترقيا لمقاماتهم ولنا غفرانا لذنوبنا، ومن حاجاتهم أن يتقربوا إلي الله تعالي، ويتبركوا بهم ويترقوا إلي نحو الكمال في توجههم إلي الذوات في مقام الإفاضة بنحو يتناسب مع سنخيتهم في التوجه إليها، وهي عبارة عن بركتهم بهم.
وفي الدر المنثور، (29) عن ابن عباس قال: {يصلون} أي يتبركون.
(٢١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، عبد الله بن عباس (1)، يوم عرفة (1)، الصّلاة (5)، الطهارة (3)
ولا تخفي الإشارة في قول الإمام: إلي استمرارية الفيض لعصمتهم عليهم السلام كما أنه من معاني التزكية الإلهية لهم، وتكون الصلاة من المؤمنين حينئذ طلبا لتلك التزكية مع الاعتقاد بذلك. وعليه فإن الصلاة تزداد أجرا، وثوابا، وتأثيرا في غفران الذنوب ومحو السيئات، وكذلك يتفاوت النفع للمصلي حسب معرفته بهم عليهم السلام ومراتبها عنده. فتكون الصلوات ترقيا لمقاماتهم، وتعرضا للطفه تعالي وطلبا لرحمته، وتقربا لنا منه تعالي، وغفرانا لذنوبنا، واستجابة لدعواتنا، ورجاء شفاعة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ففي الدر المنثور للسيوطي، ج: 5، ص: 219، قال: وأخرج الإصبهاني في الترغيب، والديلمي عن أنس قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [إن أنجاكم يوم القيامة من أهوالها، ومواطنها أكثركم علي في دار الدنيا صلاة، إنه قد كان في الله وملائكته كفاية، ولكن خص المؤمنين بذلك ليثيبهم عليه].
وقد أفصح عن ذلك الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام. ففي كتاب الأشعث الذي دفعه إليه جعفر بن محمد الصادق عليها السلام وكان من الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فيه: [اللهم أن محمدا صلي الله عليه وآله وسلم كما وصفته في كتابك حيث تقول: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} [التوبة: 128]، فأشهد أنه كذلك، وأنك لم تأمر بالصلاة عليه إلا بعد أن صليت عليه أنت وملائكتك، وأنزلت في محكم قرآنك: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}، لا لحاجة إلي صلاة أحد من المخلوقين بعد صلواتك عليه، ولا إلي تزكيتهم إياه بعد تزكيتك، بل الخلق جميعا هم المحتاجون إلي ذلك، لأنك جعلته بابك الذي لا تقبل ممن أتاك إلا منه، وجعلت الصلاة عليه قربة منك، ووسيلة إليك، وزلفة عندك، ودللت المؤمنين عليه وأمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا أثرة لديك وكرامة عليك ووكلت بالمصلين عليه ملائكتك يصلون عليه ويبلغونه صلاتهم وتسليمهم … ] (30).
(٢١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، يوم القيامة (1)، الصّلاة (6)، الكرم، الكرامة (1)، الشفاعة (1)

* التزكية رفيعة ودفعية

ويجب أن يعلم أن المراد من تزكية الملائكة له صلي الله عليه وآله وسلم أنهم لما كانوا مجالي أما لاسم واحد، أو أسماء متعددة من الأسماء الحسني، وعرفهم الله تعالي من أسمائه الحسني ما هو مبدأ ظهورهم، وأن محمد صلي الله عليه وآله وسلم مجلي لتمام الأسماء الحسني إلا ما استأثر به الله عز ذكره فهم يزكونه وينزهونه عن التحدد بحدودهم، ومعترفهم بقصورهم عن إدراك مرتبته صلي الله عليه وآله وسلم فأقروا بفضله عليهم، وآمنوا بأنهم خدامه، ويجب عليهم السجود له كما أسجدهم الله تعالي لآدم عليه الصلاة والسلام بواسطة احتماله شيئا من نوره، فانقادوا له، واستعظموا شأنه، وافتخروا بأنه خدامه، وخدام ذريته وأمته، فاستعبدهم الله تعالي بالاستغفار لأمته، ولشيعة أوليائه، فقبلوا وجعل الله الاستغفار لهم، والدعاء لهم، وهو قوله تعالي: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم * ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبآئهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم * وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم} [غافر: 7 و 8 و 9].
أقول: وتكون التزكية في هذا المقام علي نحوين، تزكية بإفاضة الفيض الدفعي لاستمرار جانب السلب، وهو عبارة عن العصمة والتنزيه والثناء، وتزكية بإفاضة الفيض الرفعي لاستمرار جانب السلب أيضا وهذا مطلوب لغيرهم ويرجع بأثره الوقائي أو العلاجي إلي الأولياء وغيرهم لشموله كل رفع سواء كان للذنب الحقيقي أم النسبي وقال أحد العرفاء في تفسير الآية: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}: علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم بالإمداد، وبالتأييدات والإفاضة للكمالات، فالمصلي في الحقيقة هو الله تعالي، جمعا وتفصيلا، بواسطة وغير واسطة، ومن ذلك صلاتهم عليه، قبولهم لهدايته وكماله، ومحبتهم لذاته وصفاته، فإنها إمداد له منهم، وتكميل وتعميم للفيض إذ لو لم يكن قبولهم لكمالاته لما ظهرت، ولم
(٢١٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، صلح (يوم) الحديبية (1)، الصّلاة (1)، السجود (1)، العزّة (1)، الثناء (1)

* معني تزكية الله وملائكته والناس لأهل بيت الطهارة

يوصف بالهداية والتكميل فلإمداد أعم ممن أن يكون من فوق بالتأثير، أو من تحت بالتأثر، وذلك لقبول المحبة والصفاء، هو حقيقة الدعاء في صلاتهم، بقولهم: (اللهم صل علي محمد وآله) وتسليمهم جعلهم إياه بريئا من النقص، والآفة في تكميل نفوسهم والتأثير فيها، وهو معني دعائهم له بالتسليم.
وكما قال أبو عبد الله الصادق عليه الصلاة والسلام: [اللهم سامك المسموكات، وداحي المدحوات، وخالق الأرض والسماوات، أخذت علينا عهدك واعترفنا بنبوة محمد صلي الله عليه وآله وسلم، وأقررنا بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام فسمعنا وأطعنا، وأمرتنا بالصلاة عليهم فعلمنا إن ذلك حق فاتبعناه. اللهم إني أشهدك وأشهد محمدا، وعليا والثمانية حملة العرش، والأربعة الأملاك خزنة علمك إن فرض صلاتي لوجهك، ونوافلي وزكواتي وما طاب لي من قول وعمل عندك فعل محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
اللهم اقرر عيني بصلاته وصلاة أهل بيته، وأسألك اللهم أن توصلنيهم وتقربني بهم لديك كما أمرتني بالصلاة عليه، وأشهدك أني مسلم له ولأهل بيته عليهم السلام غير مستنكف ولا مستكبر.
فزكنا بصلواتك، وصلوات ملائكتك إنه في وعدك وقولك: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما} [الأحزاب: 43]، فأزلفنا بتحيتك، وسلامك، وامنن علينا بأجر كريم من رحمتك، واخصصنا من محمد بأفضل صلواتك {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم}، وزكنا بصلواته، وصلوات أهل بيته، واجعل ما آتيتنا من علمهم ومعرفتهم مستقرا عندك، مشفوعا لا مستودعا يا أرحم الراحمين] (31).
(٢١٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (1)، الطهارة (1)، الكرم، الكرامة (1)

* المعني الخامس للصلاة: [الرحمة]

اشاره

وعن معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله عليه الصلاة والسلام عن قول الله تبارك وتعالي {لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا}: قال نحن والله المأذون لهم في ذلك اليوم، والقائلون صوابا. قلت: جعلت فداك وما تقولون؟ قال: نمجد ربنا ونصلي علي نبينا، ونشفع لشيعتنا، فلا يردنا ربنا (32).
المعني الخامس: الذي تحمله الصلاة فيما تحمل: (الرحمة) فإن الرحمة من مصاديق الصلاة ومرحلة من مراحلها وهي في اللغة رقة القلوب وانعطاف يقتضي التفضل والإحسان، ومنه الرحم لانعطافه علي ما فيه من جنين، والمراد هنا التفضل وضروب الإحسان، وبعبارة أخري هي التخلص من أقسام الآفات وإرسال الخيرات إلي أرباب الحاجات، فتندرج تحت العنوان العام.
وللرحمة أيضا معني آخر هو بسط الرزق، وعدم انقطاع مواده عن كل مخلوق، وهو ما به قوام وجوده وكماله اللائق به، فرزق البدن ما به نشوءه ونموه وكماله، ورزق الحس إدراكه المحسوسات، ورزق الوهم المعاني الجزئية، ورزق العقل المعاني الكلية والعلوم الحقة والمعارف المبدئية والمعادية، ورزق الخيال إدراك الخيالات من الصور والأشباح المجردة عن المادة، وهكذا رزق كل بحسبه، كما أن إفاضة الوجود علي كل موجود رزق أيضا، وكل هذه من رحمة الله الواسعة التي هي صفة الرحمن التي تقتضيها الصلاة علي محمد وآل محمد في بعض مقاماتها بحسب حال المصلي.
وهناك رحمة يقال لها القريبة من المحسنين ومعناها المراتب العالية والدرجات الرفيعة والكرامات الوافرة والنعم الجزيلة.
وعليه فمعني الصلاة بالرحمة يمكن أن تقع تفسيرا لصلاة الله، وصلوات ملائكته، وكذلك صلوات المؤمنين، أما من الله فتعني طلب إنزال الرحمة التي تختص بهم بنحو خاص، ومن الملائكة استنزال لتلك الرحمة لرفع درجاتهم، وقربهم من المبدأ، فإن المصلي عليهم أقرب واسطة بين الخالق والمخلوق، وتكون من الناس استرحام أي طلبا
(٢١٧)
صفحهمفاتيح البحث: معاوية بن وهب (1)، الرزق (1)، الفدية، الفداء (1)، الصّلاة (4)، الوسعة (1)

* معني إفاضة الرحمة علي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام

لتلك الرحمة في حصول ما يمكن بحسب القابلية والاستعداد، من الرحمة العامة، والخاصة والمراتب العالية، وأنواع الرزق الذي لا يمكن حصرها، فهي (أي الرحمة) في أنواعها تتجاوز عدد أنفاس الخلائق، وإنما قلنا أن الصلاة تشتمل علي الرحمة فإنما هو بملاحظة العنوان العام (الانعطاف والميل).
وبعبارة أخري: أن معني (صلاة الله) هو انعطاف منه تعالي إلي محمد وآل محمد بنزول الرحمة الخاصة، واستمرار الفيض وتنزلاتهم بمراتب معينة.. ومن الملائكة انعطاف إليه بطلب الرحمة، ومن المؤمنين انعطاف إليه أيضا باستنزال تلك الرحمة. أعني الرحمة الخاصة التي أشار إليها تعالي بقوله: {وكان بالمؤمنين رحيما} كل بقدره ومقامه، ومن المعلوم أن القدر الذي يليق بالنبي الأكرم (صلي الله عليه وآله وسلم) وآله عليهم الصلاة والسلام من ذلك أرفع مما يليق بغيره، بل تكون استنزالا لها به (صلي الله عليه وآله وسلم) لهم مما تتوقف إيصالها لهم إلا بوجوده المقدس، كما وتكون عبارة عن اتصال الفيض مما يتعلق بالنفع المتجدد والتوفيق لكل خير وفقوا له وهذا باب جدا واسع.
ومن الواضح أن ما مر في الآية الثالثة من تفسير الصلاة بالرحمة الخاصة كانت لإخراجهم من الظلمات إلي النور، أي صلاة الله علي الذاكرين كثيرا مقدمة لتلك النتيجة أما هنا فصلاة الله علي محمد وآل محمد التي بمعني زيادة الرحمة الخاصة (الرحمة الرحيمية) التي من بعض شؤونها تأهيلهم هداية الخلق، وإخراج الناس من الظلمات إلي النور، وبهذا التقرير يظهر الفرق بين النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام وبين سائر المؤمنين بخصوص الرحمة الرحيمية أو الصلاة النورانية.
وتجدر الإشارة أن الرحمة الرحيمية قد أشار إليها تعالي بقوله: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدي ورحمة للمؤمنين * قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} [يونس: 58]، وفي مجمع
(٢١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الرزق (1)، الوسعة (1)، الصّلاة (6)

* الفرق بين الرحمة الخاصة ورحمة الصلاة المحمدية

البيان وجامع الجوامع عن الإمام الباقر عليه الصلاة والسلام: فضل الله رسول الله، ورحمته علي بن أبي طالب عليهما السلام.
وزاد القمي رضوان الله عليه {فبذلك فليفرحوا}: [شيعتنا هو خير مما أعطوا أعدائنا من الذهب والفضة]. وفي تفسير العياشي عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام ما في معناه، وكذا في المجالس مثله. ولا يخفي أن الفضل نوع من الرحمة الخاصة في مرتبة معنية وتلك الرحمة التي أوصلها الله تعالي إلي عباده من بركة النبوة، ونور الولاية التي أنزل فيها: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} [المائدة: 3]، وباختصار: أن صلاته علي رسوله صلي الله عليه وآله وسلم إفاضة الرحمات الخاصة والمواهب المكنونة لأوليائه الكرام.
قال العارف الجنابذي رحمه الله في بيان السعادة عند تفسير الآية: [ومعني الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة تزكيته كما في الخبر، أو طلب نزول الرحمة من الله عليه، ومن العباد طلب الرحمة من الله تعالي عليه، وكما كان المؤمن فعليته الأخيرة هي الصورة النازلة من ولي أمره، وهي صورة نازلة من محمد صلي الله عليه وآله وسلم كان طلب الرحمة من الله علي محمد صلي الله عليه وآله وسلم طلب للرحمة علي فعليته الأخيرة، فكان صلاته علي محمد صلي الله عليه وآله وسلم دعاء لنفسه، ولذلك ورد خبر عن الرضا عليه السلام: [وإنما صلاتنا رحمة ولنا قربة] (33).
ولما كان محمد صلي الله عليه وآله وسلم مظهرا تاما لله كان من توجه إليه وطلب الرحمة من الله عليه توجه الله إليه ويمنحه: من تقرب إلي شبرا تقربت إليه باعا، أكثر من توجهه إلي الله بعشر أو بمائة أو بألف أو بأكثر بحسب استعداد حقيقة كل ذي حقيقة كان إذا توجه إلي شئ توجه كل الأشياء إليه، فإذا صلي الله علي عبد لم يبق شئ إلا وصلي عليه خصوصا الملائكة، وفي بعضها أشير إلي أنه [لا يبقي شئ إلا وصلي عليه].
(٢١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، آية الإكمال (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (2)

* معني: اللهم ترحم علي محمد وآله محمد

وأؤكد (هنا) إنه مهما زادته صلي الله عليه وآله وسلم رحمة علي رحمة فإن لنا قسط وافر من آثارها وفوائدها.. وكما قال الإمام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في خطبة له خطبها بعد وفاة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال: بالشهادتين تدخلون الجنة، وبالصلاة تنالون الرحمة، فأكثروا من الصلاة علي نبيكم وآله: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلوا تسليما} (34).
كما وهي لنا عون ونجاح للطلبات قال الإمام السجاد عليه الصلاة والسلام في دعائه لطلب الحوائج: [صل علي محمد وآله صلاة دائمة، نامية لا انقطاع لأبدها، ولا منتهي لأمدها، وجعل ذلك عونا لي وسببا لنجاح طلبتي إنك واسع كريم].
والذي يجلب الانتباه في بعض صيغ (الصلوات الإبراهيمية): عطف [ … وترحم علي محمد وآل محمد] علي [اللهم صل علي محمد وآل محمد] وهذا يدل علي أن الصلاة تشتمل (فيما تشتمل) علي الرحمة المناسبة لذواتهم المقدسة، فهو من باب عطف الخاص علي العام ومعني (ترحم): أي بالغ في إفاضة أنفع رحماتك عليه. وفي بعض الصيغ (تحنن) وهو بمعني الترحم. قال بعض الأفاضل: (الصلاة) وإن كانت بمعني الرحمة لكن المراد بها (هنا) الاعتناء بإظهار شرفه، ورفع شأنه، ومن هنا قال بعضهم:
تشريف الله محمدا صلي الله عليه وآله وسلم بقوله تعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي..} أبلغ من تشريف آدم عليه السلام بالسجود.
ولا قد ورد في بعض أخبارنا: [وارحم محمدا وآل محمد] وهذا يحمل علي ما مضي من المعني. وفي الاستذكار لبن عبد البر ما نصه: قال أبو عمر (يعني نفسه) رويت الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه (وآله) وسلم من طرق متواترة بألفاظ متقاربة، وليس في شئ منها [وارحم محمدا] فلا أحب لأحد أن يقوله. وقد نقله جماعة منهم الخطان في حاشية الرسالة لابن أبي زيد، والزرقاني في شرح الموطأ في باب
(٢٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، النبي آدم عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (7)، السجود (1)، الوسعة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الوفاة (1)

* المعني السادس للصلاة: [البركة]

اشاره

ما جاء في الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم بل والحافظ ابن حجر في تلخيص تخريج أحاديث الرافعي إلا أنه رد عليه قوله: [وليس في شئ منها الخ] وذكر أنه قد ورد ذلك في بعض أحاديثهم. فراجعه إن شئت في باب الصلاة [1].
المعني السادس: الذي تحمله الصلاة: (البركة) ومعناها الخير والقدسية والطهر والكرم واتساع الرحمة وكثرة النعمة، ونمو الصلاة الفعلية وصدورها من المبدأ، روي الطبري عن ابن عباس في قوله تعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه} يقول: يباركون علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم.
وهي مشتقة من (برك) علي وزن (درك) وتعني صدر البعير، وعندما يضع صدره علي الأرض يقال (برك البعير). وتعطي هذه الكلمة معني الثبوت والبقاء لشئ ما، ولهذا يطلق علي المكان الذي فيه ماء ثابت ومستقر (بركة) في حين يقال لما كان خيره باقيا وثابتا: (مبارك). وقال في تاج العروس في صدد كلامه عن البركة: هي النماء والسعادة والزيادة.
وقال الراغب: ولما كان الخير الإلهي يصدر من حيث لا يحبس وعلي وجه لا يحصي ولا يحصر قيل لكل ما يشاهد منه زيادة محسوسة: هو مبارك وفيه بركة. انتهي.
[١] - قال الصيدلاني ومن الناس من يزيد وارحم محمدا وآل محمد كما رحمت علي إبراهيم أو ترحمت قال وهذا لم يرد في الخبر وهو غير صحيح في اللغة فإنه لا يقال رحمت عليه وإنما يقال رحمته وأما الترحم ففيه معني التكلف والتصنع فلا يحسن إطلاقه في حق الله تعالي انتهي وقد سبقه إلي إنكار الترحم بن عبد البر فقال في الاستذكار رويت الصلاة علي النبي صلي الله عليه (آله) وسلم من طرق متواترة وليس في شئ منها وارحم محمدا قال ولا أحب لأحد أن يقوله وكذا قال النووي في الأذكار وغيره وليس كما قالوا وقد وردت هذه الزيادة في الخبر وإذا صحت في الخبر صحت في اللغة فقد روي البخاري في الأدب المفرد من حديث أبي هريرة رفعه قال من قال اللهم صلي علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم وبارك علي محمد وآل محمد كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم وترحم علي محمد وعلي آل محمد كما ترحمت علي إبراهيم وآل إبراهيم شهدت له يوم القيامة بالشفاعة ورواه الحاكم في المستدرك من حديث بن مسعود رفعه إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل اللهم صلي علي محمد وعلي آل محمد وبارك علي محمد وعلي آل محمد وارحم محمدا وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. وحديث علي رواه الحاكم في علوم الحديث في نوع المسلسل. ومما يشهد لجواز إطلاق الرحمة في حقه صلي الله عليه وسلم حديث أبي هريرة عند البخاري في قصة الأعرابي حيث قال اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا فقال لقد تحجرت واسعا ولم ينكر عليه هذا الإطلاق.
(٢٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، الصّلاة (4)، الشهادة (3)، أبو هريرة العجلي (2)، يوم القيامة (1)

* البركة في الفيض الرباني

ولما كانت (الصلاة) تحمل (فيما تحمل) معني البركة ومظنة الزيادة فيما يطلب لأجله فسرها بعضهم بها كما مر في [اللهم صل علي آل أبي أوفي] ونشير في هذا الصدد: أن قول النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في الصلاة الإبراهيمية: [اللهم صل علي محمد وآل محمد وبارك علي محمد وآل محمد] يظهر أنه من باب عطف الخاص علي العام أيضا أي أن من معاني الصلاة (البركة) وأفردها من بين المعاني في العطف تأكيدا عليها.
ويكون المعني حينئذ اللهم أفض عليه بركاتك. وبركاته تعالي نعمه الدائمة، وخيراتها النامية حالا بعد حال التي لا انقطاع لها ولا منتهي، وهي قابلة للنمو الدائم.
وفي مجمع البحرين: وفي الدعاء [وبارك علي محمد وآل محمد] أي أثبت له وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة.. انتهي.
فتعني الصلاة من الله (فيما تعني) أنه يبارك علي محمد وآل محمد بتواتر رحماته وتوالي كراماته، وزيادة خيراتهم التي عمت الخلق، ونمو الصلاة الفعلية وصدورها من المبدأ، ويشمل طلب البركة تكثير ذريته وذلك بحكم إطلاق العبارة كما ورد عن النبي الأكرم في دعاءه لفاطمة وأمير المؤمنين في يوم زفافهما: [اللهم بارك لهما في نسلهما، وفي لفظ وبارك لهما في شملهما] (35).
وأما الصلاة من الملائكة والمؤمنين طلب لتلك البركات والقيام بحركة النماء في جميع مقاماته. وقد أثبت الله لهم جميع بركاته بقوله تعالي:
{رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} [هود: 73].
فإن {بركاته} جمع مضاف إلي لفظ الجلالة دال علي العموم. والآية وإن كانت تخاطب أهل بيت النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام فإن نبينا صلي الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام البقية من آل إبراهيم عليه وعلي نبينا وآله الصلاة والسلام.
(٢٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، النبي إبراهيم (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (8)

* معني الصلاة في مقام البركة

ولما كانت (الصلاة) تحمل (فيما تحمل) معني البركة ومظنة الزيادة فيما يطلب لأجله فسرها بعضهم بها كما مر في [اللهم صل علي آل أبي أوفي] ونشير في هذا الصدد: أن قول النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في الصلاة الإبراهيمية: [اللهم صل علي محمد وآل محمد وبارك علي محمد وآل محمد] يظهر أنه من باب عطف الخاص علي العام أيضا أي أن من معاني الصلاة (البركة) وأفردها من بين المعاني في العطف تأكيدا عليها.
ويكون المعني حينئذ اللهم أفض عليه بركاتك. وبركاته تعالي نعمه الدائمة، وخيراتها النامية حالا بعد حال التي لا انقطاع لها ولا منتهي، وهي قابلة للنمو الدائم.
وفي مجمع البحرين: وفي الدعاء [وبارك علي محمد وآل محمد] أي أثبت له وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة.. انتهي.
فتعني الصلاة من الله (فيما تعني) أنه يبارك علي محمد وآل محمد بتواتر رحماته وتوالي كراماته، وزيادة خيراتهم التي عمت الخلق، ونمو الصلاة الفعلية وصدورها من المبدأ، ويشمل طلب البركة تكثير ذريته وذلك بحكم إطلاق العبارة كما ورد عن النبي الأكرم في دعاءه لفاطمة وأمير المؤمنين في يوم زفافهما: [اللهم بارك لهما في نسلهما، وفي لفظ وبارك لهما في شملهما] (35).
وأما الصلاة من الملائكة والمؤمنين طلب لتلك البركات والقيام بحركة النماء في جميع مقاماته. وقد أثبت الله لهم جميع بركاته بقوله تعالي:
{رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} [هود: 73].
فإن {بركاته} جمع مضاف إلي لفظ الجلالة دال علي العموم. والآية وإن كانت تخاطب أهل بيت النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام فإن نبينا صلي الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام البقية من آل إبراهيم عليه وعلي نبينا وآله الصلاة والسلام.
(٢٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، النبي إبراهيم (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (8)

* معني: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت}

إضافة علي ذلك أنهم أكمل مصاديق الآية الكريمة فيما تقتضيه ذواتهم المقدسة وقابليتهم الكاملة، ويؤيده خطاب النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لأهل بيته عليهم الصلاة والسلام بهذه الآية، فقد روي الذهبي في (سير أعلام النبلاء)، ج: 3، عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب حدثتني زينب أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم كان عند أم سلمة فجعل الحسن من شق والحسين من شق وفاطمة في حجره فقال:
{رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت … }.
وفي ينابيع المودة للقندوزي الحنفي قال: عن ابن عمرو قال: حدثتني زينب بنت أبي سلمة أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم ألقي علي علي وفاطمة وحسنا وحسينا كساءا وقال: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وأنا وأم سلمة كنا جالستين. أخرجه أبو الحسن الخلعي. انتهي.
وروي هذا المعني في معاني الأخبار عن الباقر والصادق عليها السلام وإلي هذا نظر الإمام علي بن الحسين عليهما السلام لما قال: [اللهم صل علي نبينا وآله … صلاة تبلغنا بركتها، وينالنا نفعها، ويستجاب لنا دعاؤنا … ]، الصحيفة السجادية دعاء (45).
المعني السابع: ذكر إن من معاني الصلاة (الكرامة)، وهي هنا التفضل في الفيض أكثر من الاستحقاق لمقتضي كرمه وللقابلية المطلقة والاستعداد التام، فقد ورد عن ابن عباس أنه قال: يراد من الصلاة الكرامة.
أقول: وهو من لوازم الصلاة، ويدل علي أن الصلاة بعنوانها العام [العطف والانعطاف] تحمل معني الكرامة ما ورد في بعض الأدعية: [وتكرم علي محمد وآل محمد كما تكرمت علي إبراهيم وآل إبراهيم].
وقال أبو بكر القشري: الصلاة من الله تعالي لمن دون النبي صلي الله عليه وآله وسلم رحمة، وللنبي تشريف وزيادة تكرمة (36).
(٢٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، الكرم، الكرامة (5)، الصّلاة (6)

* المعني السابع للصلاة: [الكرامة]

إضافة علي ذلك أنهم أكمل مصاديق الآية الكريمة فيما تقتضيه ذواتهم المقدسة وقابليتهم الكاملة، ويؤيده خطاب النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لأهل بيته عليهم الصلاة والسلام بهذه الآية، فقد روي الذهبي في (سير أعلام النبلاء)، ج: 3، عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب حدثتني زينب أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم كان عند أم سلمة فجعل الحسن من شق والحسين من شق وفاطمة في حجره فقال:
{رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت … }.
وفي ينابيع المودة للقندوزي الحنفي قال: عن ابن عمرو قال: حدثتني زينب بنت أبي سلمة أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم ألقي علي علي وفاطمة وحسنا وحسينا كساءا وقال: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وأنا وأم سلمة كنا جالستين. أخرجه أبو الحسن الخلعي. انتهي.
وروي هذا المعني في معاني الأخبار عن الباقر والصادق عليها السلام وإلي هذا نظر الإمام علي بن الحسين عليهما السلام لما قال: [اللهم صل علي نبينا وآله … صلاة تبلغنا بركتها، وينالنا نفعها، ويستجاب لنا دعاؤنا … ]، الصحيفة السجادية دعاء (45).
المعني السابع: ذكر إن من معاني الصلاة (الكرامة)، وهي هنا التفضل في الفيض أكثر من الاستحقاق لمقتضي كرمه وللقابلية المطلقة والاستعداد التام، فقد ورد عن ابن عباس أنه قال: يراد من الصلاة الكرامة.
أقول: وهو من لوازم الصلاة، ويدل علي أن الصلاة بعنوانها العام [العطف والانعطاف] تحمل معني الكرامة ما ورد في بعض الأدعية: [وتكرم علي محمد وآل محمد كما تكرمت علي إبراهيم وآل إبراهيم].
وقال أبو بكر القشري: الصلاة من الله تعالي لمن دون النبي صلي الله عليه وآله وسلم رحمة، وللنبي تشريف وزيادة تكرمة (36).
(٢٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، الكرم، الكرامة (5)، الصّلاة (6)

* المعني الثامن للصلاة: [الاتباع في مقام العمل الصالح]

والكرامة معناها: التعظيم وزيادة بنحو من التكريمات الإلهية، وكرامات الله تعالي للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، ولآله عليهم السلام وشيعتهم ما لا نهاية لها لفيضه المطلق الذي لا حدود ولا نهاية له، والمحل قابل، كما ولا بخل في ساحته سواء في الدنيا أو في الآخرة ما دامت السماوات والأرض، قال صاحب الوافي الفيض الكاشاني:
[معني صلاة الله علي نبيه صلي الله عليه وآله وسلم إفاضة أنواع الكرامات ولطائف النعم عليه. وأما صلاتنا وصلاة الملائكة عليه فهو سؤال وابتهال في طلب تلك الكرامة، ورغبة في إفاضتها عليه].
المعني الثامن: الذي هو من لوازم الصلاة بل من معانيها هو (الاتباع) كما ذكر أهل اللغة أن صلي بمعني يلي الأول والسابق الثاني من الخيل، وقد تقدمت أقوالهم وهذا المعني يصح لما سوي الله تعالي.
وسنذكر بالتفصيل ما يتعلق بهذا المعني.
والصلوات تكون حينئذ عبارة عن طلب اللحوق بهم، والاتباع لهم والحشر مع السابقين المقربين. بل الصلاة هو طلب للمتابعة الحقيقية بين المصلي والمصلي عليهم، ولاحظ المقصد الثالث من المطلب الثالث في البحث الخامس وهو [المعني التأويلي الإدعائي للآل والأهل].
المعني التاسع: يكون للصلاة في بعض مواردها بل أغلبها بمعني (الوصلة والالتحاق) فإن الصلوات هي أعظم سبب موصل إلي الله تعالي أو بمعني الوصل كما ذكر أهل اللغة ذلك، ويوصل الله لهم إفاضته بأنواع من الكرامات والتعظيم إلي ما لا نهاية له، أو بمعني اللزوم كما تقدم عن الزجاج، وهذا المعني يصح أيضا لما سوي المبدأ، أو بمعني الصلة والعطاء والتكريم الإلهي.
المعني العاشر: الذي قد يقصد فيها: (الغفران والاستغفار) ولا يمكن تفسير صلاة الله علي محمد وآل محمد بالغفران إلا بنحو من التأويل أي الغفران الدفعي، كما يأتي بيانه وكذا تفسير صلاة الملائكة والمؤمنين بالاستغفار.
(٢٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (6)

* المعني التاسع للصلاة: [الوصل والالتحاق]

والكرامة معناها: التعظيم وزيادة بنحو من التكريمات الإلهية، وكرامات الله تعالي للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، ولآله عليهم السلام وشيعتهم ما لا نهاية لها لفيضه المطلق الذي لا حدود ولا نهاية له، والمحل قابل، كما ولا بخل في ساحته سواء في الدنيا أو في الآخرة ما دامت السماوات والأرض، قال صاحب الوافي الفيض الكاشاني:
[معني صلاة الله علي نبيه صلي الله عليه وآله وسلم إفاضة أنواع الكرامات ولطائف النعم عليه. وأما صلاتنا وصلاة الملائكة عليه فهو سؤال وابتهال في طلب تلك الكرامة، ورغبة في إفاضتها عليه].
المعني الثامن: الذي هو من لوازم الصلاة بل من معانيها هو (الاتباع) كما ذكر أهل اللغة أن صلي بمعني يلي الأول والسابق الثاني من الخيل، وقد تقدمت أقوالهم وهذا المعني يصح لما سوي الله تعالي.
وسنذكر بالتفصيل ما يتعلق بهذا المعني.
والصلوات تكون حينئذ عبارة عن طلب اللحوق بهم، والاتباع لهم والحشر مع السابقين المقربين. بل الصلاة هو طلب للمتابعة الحقيقية بين المصلي والمصلي عليهم، ولاحظ المقصد الثالث من المطلب الثالث في البحث الخامس وهو [المعني التأويلي الإدعائي للآل والأهل].
المعني التاسع: يكون للصلاة في بعض مواردها بل أغلبها بمعني (الوصلة والالتحاق) فإن الصلوات هي أعظم سبب موصل إلي الله تعالي أو بمعني الوصل كما ذكر أهل اللغة ذلك، ويوصل الله لهم إفاضته بأنواع من الكرامات والتعظيم إلي ما لا نهاية له، أو بمعني اللزوم كما تقدم عن الزجاج، وهذا المعني يصح أيضا لما سوي المبدأ، أو بمعني الصلة والعطاء والتكريم الإلهي.
المعني العاشر: الذي قد يقصد فيها: (الغفران والاستغفار) ولا يمكن تفسير صلاة الله علي محمد وآل محمد بالغفران إلا بنحو من التأويل أي الغفران الدفعي، كما يأتي بيانه وكذا تفسير صلاة الملائكة والمؤمنين بالاستغفار.
(٢٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (6)

* المعني العاشر للصلاة: [الغفران والاستغفار]

اشاره

والكرامة معناها: التعظيم وزيادة بنحو من التكريمات الإلهية، وكرامات الله تعالي للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، ولآله عليهم السلام وشيعتهم ما لا نهاية لها لفيضه المطلق الذي لا حدود ولا نهاية له، والمحل قابل، كما ولا بخل في ساحته سواء في الدنيا أو في الآخرة ما دامت السماوات والأرض، قال صاحب الوافي الفيض الكاشاني:
[معني صلاة الله علي نبيه صلي الله عليه وآله وسلم إفاضة أنواع الكرامات ولطائف النعم عليه. وأما صلاتنا وصلاة الملائكة عليه فهو سؤال وابتهال في طلب تلك الكرامة، ورغبة في إفاضتها عليه].
المعني الثامن: الذي هو من لوازم الصلاة بل من معانيها هو (الاتباع) كما ذكر أهل اللغة أن صلي بمعني يلي الأول والسابق الثاني من الخيل، وقد تقدمت أقوالهم وهذا المعني يصح لما سوي الله تعالي.
وسنذكر بالتفصيل ما يتعلق بهذا المعني.
والصلوات تكون حينئذ عبارة عن طلب اللحوق بهم، والاتباع لهم والحشر مع السابقين المقربين. بل الصلاة هو طلب للمتابعة الحقيقية بين المصلي والمصلي عليهم، ولاحظ المقصد الثالث من المطلب الثالث في البحث الخامس وهو [المعني التأويلي الإدعائي للآل والأهل].
المعني التاسع: يكون للصلاة في بعض مواردها بل أغلبها بمعني (الوصلة والالتحاق) فإن الصلوات هي أعظم سبب موصل إلي الله تعالي أو بمعني الوصل كما ذكر أهل اللغة ذلك، ويوصل الله لهم إفاضته بأنواع من الكرامات والتعظيم إلي ما لا نهاية له، أو بمعني اللزوم كما تقدم عن الزجاج، وهذا المعني يصح أيضا لما سوي المبدأ، أو بمعني الصلة والعطاء والتكريم الإلهي.
المعني العاشر: الذي قد يقصد فيها: (الغفران والاستغفار) ولا يمكن تفسير صلاة الله علي محمد وآل محمد بالغفران إلا بنحو من التأويل أي الغفران الدفعي، كما يأتي بيانه وكذا تفسير صلاة الملائكة والمؤمنين بالاستغفار.
(٢٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (6)

* معني الاستغفار الدفعي والرفعي

وقد اتضح لي أن الغفران من الله تعالي في صلاته وكذا استغفار المعصوم تتصور إفاضته وطلبهم علي نحوين: النحو الأول (وهو المقصود في الصلاة عليهم وباستغفارهم) دفع الذنوب والمعاصي، وهي عبارة عن فيض العصمة، والثاني رفع الذنوب ومحوها، وهي عبارة عن طهارة الأثر الظلماني الذي خلفه الذنب النسبي أو الحقيقي بلحاظ خاص، وعلي النحو الأول جاء قوله تعالي حكاية عن النبي نوح عليه السلام: {وإن لا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين} [هود: 47] فقد استعمل حرف النفي (لا) بدل حرف الجزم (لم) ليفيد أنه لا يتحدث عن الماضي لأنه لم يصدر منه ما يوجب ذلك، بل هو يتحدث عن المستقبل، ويطلب العصمة عن الوقوع في ذلك.
وهذا التعبير الدقيق يشير إلي أن طلب الأنبياء عليهم صلوات الله عليهم أو الأئمة من آل محمد عليهم الصلاة والسلام للغفران، إنما يري منه طلب دفع المعاصي عنهم، أي يكون منعا وعصمة عن ارتكابها، لا رفعها أي لم يكن عليهم ذنب حتي يرفعونه ويمحون أثره بالاستغفار.
وبعبارة أخري الاستغفار لاستمرار إفاضة اللطف الإلهي لتفاعل ملكة العصمة فيهم، أي استمرار العصمة وبعد السلب عن القابلية الطاهرة، وهذا ظاهر ولا يخفي علي أهل الفضل والعلم.
وتوضيح ذلك لأهل الظاهر علي سبيل المثال: إذا قام الإنسان المؤمن بمنع وصول النجاسة إلي مسجد ما، وحافظ علي طهارته ولا يدع أحد يلوث المسجد وينجسه سمي هذا الإنسان (مطهرا للمسجد) من باب التطهير الدفعي، وإن لم تكن هناك نجاسة في المسجد أصلا ولا تطهير، وكذا إذا قام بتطهير المسجد برفع النجاسة الواقعة فيه يسمي (مطهرا للمسجد) أيضا ولكن من باب التطهير الرفعي.
وعلي ضوء المثال نقول: إن صلاة الله تعالي علي محمد وآل محمد عليهم صلوات الله وسلامه (بمعني الغفران) معناها عبارة عن استمرار عصمتهم ولطفه تعالي بهم لدفع كل
(٢٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، النبي نوح عليه السلام (1)، الصّلاة (3)، السجود (5)، الخسران (1)، النجاسة (2)، الطهارة (1)

* معني استغفار الملائكة لأهل البيت هو تنزيههم

آفة ونقص.. وتكون صلاة الملائكة واستغفارهم طلبا لذلك في المرتبة الأولي، فيكون الغفران من باب (الغفران الدفعي).
وعليه يحمل قوله تعالي: {ولا تكن للخائنين خصيما * واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما} [النساء: 106]، وقوله تعالي {فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار} [غافر: 55]، وهو أولي من حمل بعض العلماء علي ترك الأولي، وذلك لأن استغفارهم لدفع الذنب لا رفعه، ولا يصح الذنب عليهم مهما كان الذنب ترك أولي، أو نسبي أو غير ذلك، قال: رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم [إني لأستغفر الله في كل يوم سبعين مرة من غير ذنب] مهما كانت نسبته حقيقية أو اعتبارية أو نسبية وإن كان (ترك أولي) أو ذنب نسبي كما يسميه بعضهم، أو علي حد تعبيرهم: (حسنات الأبرار سيئات المقربين).
وعلي نحو هذا ينبغي أن تحمل باقي الموارد كالرواية الآتية: [روي الحسكاني في شواهد التنزيل، ج: 2، ص: 124، بإسناده عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن أبيه قال: قال علي عليه السلام لقد مكثت الملائكة سنين وأشهرا لا يستغفرون إلا لرسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) ولي، وفينا نزلت هاتان الآيتان: {الذين يحملون العرش..} إلي آخر الآيات التي مرت آنفا فقال قوم من المنافقين: من كان من آباء علي وذريته الذين أنزلت فيهم هذه الآيات فقال علي: [سبحان الله أما من آبائنا إبراهيم وإسماعيل ويعقوب أليس هؤلاء من آبائنا].
وكذا الاستغفار من الملائكة يكون من باب الاستغفار الدفعي، أو قل بصلاتهم يطلبون اندكاك جهاتهم وفناء ذواتهم بنحو يناسب مقاماتهم كل حسب خلقه ومرتبته.
ولعل هذا من معاني تقربهم إلي الله بأهل بيت النبوة كما في الأحاديث الكثيرة، ويقال بالنسبة للمؤمنين كذلك أيضا، إلا أنه طلب ذلك لأنفسهم بواسطتهم عليهم السلام فهي عبارة عن طلب الرحمة الخاصة، والتوفيق للعمل الصالح، والتقوي التي تعصمهم عن
(٢٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي (1)، النفاق (1)، الحرب (1)، الصّلاة (1)
نواهي الله تعالي يطلبون الدعم والقوة لهم بواسطة الصلاة علي محمد وآل محمد كل حسب حركته وكل حسب معرفته وكل حسب نيته ومقامه وإخلاصه وحاجته..
وفي صحيح النسائي: 1280، أنس بن مالك قال: قال [رسول الله صلي الله (وآله) عليه وسلم: من صلي علي صلاة واحدة صلي الله عليه عشر صلوات وحطت عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات] ورواه أحمد بن حنبل أيضا في مسنده تحت رقم: 11560.
ويأتي (الغفران) من الله في صلاته والاستغفار من الملائكة في صلاتهم بالمرتبة الثانية لذنوب المؤمنين من أمته الذين آمنوا بما أنزل الله عليه صلي الله وآله وسلم من التمسك بالثقلين والسير تحت لواء الولاية والخلافة لأهل بيته عليهم السلام والتي أنزل فيها: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين} [المائدة: 67].
وإذا استغفروا وصلوا علي محمد وآل محمد (بلحاظ المؤمنين) فقد زكوهم وطهروهم من أدناس المعاصي والذنوب والظلمات وتفصيل تزكيتهم في قوله تعالي:
{الذين يحملون العرش..} إلي آخر الآيات التي مرت آنفا} وهو نوع من أنواع الصلوات من الملائكة عليهم.
روي الحافظ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص 485 قال: أخرج صاحب المناقب (بالسند المذكور فيه) عن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم في حديث: يا علي إن الله تبارك وتعالي فضل أنبياءه المرسلين علي ملائكته المقربين، وفضلني علي جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من ولدك منا بعدك فإن الملائكة من خدامنا وخدام محبينا، يا علي! {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به
(٢٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، أنس بن مالك (1)، أحمد بن حنبل (1)، الصّلاة (2)

* معني استغفار الملائكة علي المصلين بالصلاة المحمدية

ويستغفرون للذين آمنوا..} [غافر: 7]، (بولايتنا) الحديث. وفي تفسير القمي:
[يعني شيعة آل محمد] (ج: 2، ص: 255). وفي عيون الأخبار عن الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام: أن لله ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما تسقط الريح الورق أوان سقوطه، وذلك قوله تعالي:
{الذين يحملون العرش.. إلي آخر الآيات، التي مرت آنفا}، قال: استغفارهم " والله " لكم دون هذا الخلق.
ولا يخفي أن (يستغفرون في الآية) بحكم حاله واستقباله يثبت أن الملائكة يطلبون دائما تطهير المؤمنين، وغسلهم من آثار الذنوب فصلاتهم عليهم تحمل (فيما تحمل) بإجمالها تفصيل هذه الآية، فتلك الصلوات تتضمن الاستغفار للمؤمنين بهم فكأن دعائهم في هذه الآية مصوغ بصيغة الصلوات علي محمد وآل محمد أي أنهم كما فصلوا في الآية، وعللوا طلبهم بالربوبية، والرحمة، والقدرة، والعلم، والحكمة فكذا كأنهم عللوا طلبهم بالمظهر التام لصفاته تعالي، وهم محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم.
ويؤيد أن أحد معاني صلاة الملائكة (الاستغفار) ما في المقنعة، ص: 156، عن الإمام الصادق عليه السلام: [وأن المصلي علي محمد وآله ليلة الجمعة يتلألأ نوره في السماوات إلي أن تقوم الساعة، وأن ملائكة الله في السماوات يستغفرون له ويستغفر له الموكل بقبر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إلي أن تقوم الساعة].
وهذا يفسر صلاتهم علي من يصلي علي محمد وآل محمد فقد رويت أحاديث كثيرة:
[من صلي علي مرة صلي الله وملائكته عليه عشرا..].
(٢٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: قبر النبي (ص) (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الصّلاة (4)

* خاتمة المطلب: [توجيه الاستغفار في الصلوات]

خاتمة المطلب في:
[توجيه الاستغفار الذي في ضمن الصلوات] ونختم كلامنا في شأن المعني السابع: وهو الاستغفار الذي يرجع إلي المصلي عليهم بالمعني الذي ذكرناه مفصلا في المطلب السابق وهو الاستغفار الدفعي الذي هو عبارة عن استمرار الفيض لعصمتهم وكمالهم، ويرجع إلي المصلي من أجله بما يناسب مقامه من دفع كل مكروه لله بالمعني الأعم للمكروه وهذا الدفع مقول علي نحو التشكيك، ورفع كذلك ولتقريب الفكرة إلي الأذهان نذكر تفسير آية: (الكلمة الطيبة) وهي قوله تعالي:
{ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون} [إبراهيم: 25].
ترسم لنا هذا الآية مشهدا حيا يجسم أمامنا الحق والباطل في ضمن مثال جميل يعطي مفهوما واسعا. فإن (الكلمة) في معناها الواسع تشمل كل خير معنوي كان كالعمل الصالح وكل مبدأ وفكر، أو خارجيا محسوسا كالنخلة كما قال بعض أو كالإنسان.
ولهذا يقال للمخلوقات (كلمات الله) قال الله تعالي {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا} [الكهف: 109]، إلا أن وصف (الكلمة) يخصها بالأشياء والموجودات الطيبة التي لها ميزات خاصة، لذا أطلق علي النبي عيسي عليه الصلاة والسلام كلمة الله: {إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسي ابن مريم} [آل عمران: 45] كما وأن الطيب معناه كل طاهر ونظيف.
ومن هذا البيان نعرف أن أعظم مصاديق الآية هم الرجال العظام من المؤمنين، فيكون الأنبياء عليهم السلام بالأخص نبينا الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وكذا أهل بيته
(٢٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، الأنبياء (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الوسعة (1)، الطهارة (1)، الأكل (1)، الضرب (1)، الباطل، الإبطال (1)، الصّلاة (1)

* منزلة الشيعة من الشجرة النبوة الطيبة

عليهم السلام هم كلمات الله العظمي فإن حياتهم أصل الطيب والبركة، كما وأن دعوتهم توجب الحركة ولا تجد حقا إلا وهم مصدره، ولا علما إلا وهم منبعه، فهم أغصان النبوة، وفروع الوحي، وأثمار الرسالة.
وقد أوضح النبي الأكرم عن هذا المعني الذي رواه الفريقان ففي شواهد التنزيل، ج:
1، ص: 312، للحاكم الحسكاني بسنده عن عبد الرحمن بن عوف يقول: خذوا مني حديثا قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: [أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، وحسن وحسين ثمرها، وشيعتنا ورقها، وأصل الشجرة في جنة عدن، وسائر ذلك في سائر الجنة] (36).
وقد ورد نظير هذا الحديث بعبارات مختلفة في مصادر الحديث عند أهل السنة كما وروي ذلك أيضا الخاصة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام.
ويستفاد من تعبير الحديث أن الشيعة (علي حد تعبير الحديث) بمنزلة الأوراق التي هي غصون الشجرة وفاضلها، وليس من أصل الشجرة.
ومن البين أن نضارة الأوراق وطراوتها كلما كانت أقوي كان جمال الشجرة أكثر، وإذا اصفرت الأوراق أو سقطت حصل للشجرة نقص البتة فالشيعي إذا أطاع ربه عز وجل فيما أمر ونهي واعتدل وصفي كان سبب مباهاة الشجرة بها إلي الله سبحانه واستنار واعتدل وصفي ولطف وكمل، وعين هذه الخصال في الورق كمال الشجرة وبهاؤها وجمالها وبما فيها تباهي سائر الأشجار.
ومن هنا يتضح معني حديث النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم [تناكحوا تناسلوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط] (37)، وذلك لازدياد الشجرة النبوية من الأوراق المنورة من أولاد الشيعة. وما أجمل قول أبي يعقوب النصراني كما في بشارة المصطفي لعماد الدين الطبري:
(٢٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي (1)، يوم القيامة (1)، عبد الرحمن بن عوف (1)، الكرم، الكرامة (1)

* تحمل ذنوب الشيعة بمناسبة التبعية

يا حبذا دوحة في الخلد نابتة * ما مثلها نبتت في الخد من شجر المصطفي أصلها والفرع فاطمة * ثم اللقاح علي سيد البشر والهاشميان سبطاه لها ثمر * والشيعة الورق الملتف بالثمر هذا مقال رسول الله جاء به * أهل الرواية في العالي من الخبر إني بحبهم أرجو النجاة غدا * والفوز في زمرة من أفضل الزمر ويتضح من هذا البيان ما يتعلق بموضوع الكتاب من أن الصلاة علي محمد وآل محمد يرجع فيما تضمنته من معني الاستغفار إلي المصلي، وصح الإسناد إليهم بلحاظ انتسابهم إلي أهل البيت فإنهم الشجرة وشيعتهم أوراقها.
والشاهد علي هذا الكلام تأويل أهل الذكر عليهم السلام للآية الثانية من سورة الفتح: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر … } قال أمين الإسلام الشيخ الطبرسي في تفسيره (مجمع البيان) عند تفسيره هذه الآية: ولأصحابنا فيه وجهان من التأويل أحدهما أن المراد ليغفر لك الله ما تقدم من ذنب أمتك، وما تأخر بشفاعتك، وأراد بذكر التقدم والتأخر ما تقدم زمانه، وما تأخر كما يقول القائل لغيره: صفحت عن السالف والآنف من ذنوبك. وحسنت إضافة ذنوب أمته إليه للاتصال والسبب بينه وبين أمته.
وفي شرح الآيات الباهرة: عن محمد بن سعيد المروزي قال: قلت الرجل: أذنب محمد صلي الله عليه وآله وسلم قط؟ قال: لا. قلت فقول الله: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} ما معناه؟
قال: إن الله سبحانه حمل محمدا ذنوب شيعة علي صلوات الله وسلامه عليه ثم غفر له ما تقدم منها وما تأخر. ويؤيده ما روي مرفوعا، عن أبي الحسن الثالث عليه الصلاة والسلام أنه سئل عن قول الله: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}؟
(٢٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مجمع البيان للطبرسي (1)، محمد بن سعيد (1)، الصّلاة (1)
فقال عليه الصلاة والسلام: وأي ذنب كان لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم متقدما أو متأخرا، وإنما حمله الله ذنوب (شيعة) علي صلوات الله وسلامه عليه من مضي منهم ومن بقي، ثم غفرها الله له.
ويؤيده (أيضا) ما رواه المفضل بن عمر عن الصادق عليه الصلاة والسلام قال سأله رجل عن هذه الآية فقال: [والله ما كان له ذنب، ولكن الله سبحانه ضمن له أن يغفر ذنوب شيعة علي صلوات الله وسلامه عليه ما تقدم من ذنبهم وما تأخر].
وروي عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله عليه الصلاة والسلام عن قول الله سبحانه {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} قال ما كان له ذنب ولا هم بذنب، ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له. انتهي.
أقول: فصح الحمل لمناسبة التبعية لهم عليهم السلام ونسبتهم لهم كنسبة الأوراق للشجرة، وزيادة علي ما ذكر نضيف ما رواه المفضل أيضا في حديث طويل يتعلق بظهور الحجة عجل الله تعالي فرجه ففيه: ويقرأ الأمام المهدي (صلي الله عليه صلاة تعجل له ظهوره): {إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما * وينصرك الله نصرا عزيزا} [الفتح: 4]، فقال المفضل: يا مولاي أي ذنب كان لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم؟
فقال الصادق عليه الصلاة والسلام يا مفضل إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: اللهم حملني ذنوب شيعة أخي، وأولادي الأوصياء ما تقدم منها وما تأخر إلي يوم القيامة، ولا تفضحني بين النبيين والمرسلين من شيعتنا، فحمله الله إياها وغفر جميعها.
قال المفضل فبكيت بكاء طويلا، وقلت: يا سيدي هذا بفضل الله علينا فيكم؟ قال الصادق عليه الصلاة والسلام: يا مفضل ما هو إلا أنت وأمثالك..] (38)
(٢٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (3)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عمر بن يزيد (1)، المفضل بن عمر (1)، البكاء (1)، الوصية (1)، الصّلاة (2)

* تأييد المجلسي والشريف المرتضي لهذا المعني

وقوله [وأولادي الأوصياء] أي ذنوب شيعتهم بحذف المضاف كما يدل عليه حديث محمد الهلالي الآتي. ففي معاني الأخبار للشيخ الصدوق رضوان الله عليه في حديث للأمام جعفر بن محمد عليهما السلام في معني حمل النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم عليا حين تكسير الأصنام … وقد قال النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لعلي صلوات الله وسلامه عليه: يا علي إن الله تبارك وتعالي حملني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي وذلك قوله عز وجل: {ليغفر لك الله وما تقدم من ذنبك وما تأخر}، ثم تلا هذه الآية {قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوا تهتدوا ومت علي الرسول إلا البلاغ المبين} [النور: 54].
وذكر الشيخ المجلسي للحديث احتمالات أحدها: أن يكون وجها آخر للحمل، وهو أنه لما كان حمل علي مستلزما لحمل ذنوب شيعته، ولم يكن هذا لائقا بعصمته غفرها الله تعالي، فصار هذا الحمل سببا لغفران ذنوب شيعة علي عليه السلام، ولذا نسب الله الذنوب إليه في قوله تعالي: {ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر}، لأنه بالحمل صار كأنها ذنبه.. قوله تعالي: {فإنما عليه ما حمل} يدخل فيه ذنوب الشيعة علي تفسيره عليه الصلاة والسلام فلا تغفل (39).
وذكر السيد الشريف المرتضي المتوفي سنة: 436 ه، وجوه في تأويل الآية وصدر ما ذكرناه أولا، قال: أولها أن نجعل الذنوب كلها لأمته.
وأضاف في تعليل إضافة الذنوب للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ما لفظه:
[وحسنت الإضافة للاتصال والتسبب ولا سبب أوكد مما بين الرسول صلي الله عليه وآله وسلم وأمته فقد يجوز توسعا وتجوزا أن يضاف ذنوبهم إليه] (40). انتهي.
وباختصار أن رواية حمل ذنوب الشيعة رواها أجلاء علمائنا منهم القمي المتوفي 300 ونيف من الهجرة المعاصر للأمام العسكري في تفسيره، ج: 2، ص: 314. وعليه العلامة الطباطبائي في (تفسير الميزان) قال عند تفسير الآية في بحث الروائي: [وفي
(٢٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، تفسير الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الصدوق (1)، الشريف المرتضي (1)، الوصية (1)، الصّلاة (1)، الجواز (1)، الوفاة (2)
تفسير القمي بإسناده إلي عمر بن يزيد بياع السابري قال: قلت لأبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قول الله في كتابه: {ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما}، قال: ما كان له ذنب ولا هم بذنب، ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفر لها.
ونقله المجلسي أيضا في البحار وفي تفسير فرات الكوفي ص: 156، عن أبن سنان عن أبي عبد الله عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام قال: لما نزلت علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم {ليغفر الله لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} قال يا جبرئيل: ما الذنب الماضي؟ وما الذنب الباقي؟
قال جبرئيل ليس لك ذنب يغفره لك.
قال الشيخ المجلسي رحمه الله بعد نقله: لعل المعني إنه ليس المراد ذنبك إذ ليس ذنب بل ذنوب أمتك، أو نسبتهم إليك بالذنب، أو غير ذلك مما مر (41).
وفي كنز الفوائد روي أنه سئل أبو الحسن الثالث عليه الصلاة والسلام عن قول الله عز وجل: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر}؟
فقال عليه الصلاة والسلام: وأي ذنب كان لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم متقدما ومتأخرا؟ وإنما حمله الله ذنوب شيعة علي (صلوات الله وسلامه عليه) ممن مضي منهم، وبقي ثم غفرها له (42).
وقد تنور لنا أن من فوائد الصلاة علي محمد وآل محمد الغفران لذنوبنا، والمحو لسيئاتنا والزيادة في رحمته تعالي علينا، وفي رفع الدرجات الأخروية والمنازل في الجنة للصغار وغير البالغين، ولمن لم يكن عليه ذنب (فرضا):
قال السخاوي الشافعي: روينا في فضل الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم لإسماعيل القاضي عن محمد بن سيرين أنه كان يدعو للصغير كما يدعو للكبير فقيل
(٢٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، العلامة المجلسي (2)، عمر بن يزيد بياع السابري (1)، الصّلاة (3)

* معني: وجعل صلواتنا عليكم … طيبا لخلقنا وطهارة لأنفسنا وتزكية لنا وكفارة لذنوبنا

له إن هذا ليس له ذنب فقال: [النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وقد أمرت أن أصلي عليه] (43).
وقال السيد السبزواري (قده) في تفسيره علي قوله تعالي: {الحق من ربك فلا تكن من الممترين}: والخطاب وإن كان موجها إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم إلا أن المراد به غيره كما تقدم في قوله تعالي: {ولئن اتبعت أهوائهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين}.
ونظير هذه الآية كثير في القرآن الكريم قال: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} ومثل هذا الخطاب مألوف عند الناس، فإن الملوك إذا نصبوا شخصا لأداء الرعية فإنهم يجعلونه مورد خطابهم مع الرعية في ما لهم وما عليهم، وعلي هذا جري خطاب القرآن الكريم للرسول صلي الله عليه وآله وسلم (44).
ولنختم كلامنا في شأن هذا المطلب بفقرات من زيارة الجامعة التي رواها الشيخ الصدوق قدس سره في (من لا يحضره الفقيه) و (عيون أخبار الرضا) عليه الصلاة والسلام بسند معتبر عن الإمام الهادي عليه الصلاة والسلام، والتي تصرح كون الصلاة غفرانا للذنوب، وطهارة للنفوس، وتزكية للقلوب.
قال عليه الصلاة والسلام: [وجعل صلواتنا عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيبا لخلقنا، وطهارة لأنفسنا، وتزكية لنا، وكفارة لذنوبنا … ]. أي جعل صلواتنا …
طيبا … فطيبا مفعول ثان لجعل وطهارة وتزكية وكفارة عطف علي (طيبا)، وقد اجتمع كل الخير والفضل في هذه المقاطع: (طيبا لخلقنا) بفتح الخاء، أي خلقتنا وتكويننا وولادتنا، وهو يشير إلي ما استفاض عن العامة والخاصة من أن ولايتهم وحبهم عليهم السلام علامة لطيب الولادة أو يكون (لخلقنا) بضم الخاء أي أخلاقنا وسجياتنا فالصلوات سببا لتزكية أخلاقنا، وتهذيب نفوسنا.
(٢٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (1)، القرآن الكريم (2)، الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام (1)، الشيخ الصدوق (1)، الظلم (1)، الصّلاة (1)
(وطهارة لأنفسنا) لما تترك الصلاة علي محمد وآل محمد من النور في النفوس فتزيل الأوساخ المعنوية، كما وهي توجب الصلاة من الله تعالي والملائكة علي العبد فيخرجه من كل أنواع الظلمات كما قال تعالي: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما} [الأحزاب: 43].
وتلخص مما مضي أن المؤمن عندما يقول [اللهم صل علي محمد وآل محمد] معناه:
اللهم عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دينه، وإبقاء العمل بشريعته، وطلب التوفيق علي التأسي به وبأهل بيته، والتمسك بولايتهم، وترجمة أحكامهم علي ضوءها في مقام العمل. وبعد هذا نحصل علي الغفران لذنوبنا، وكسب الحسنات، إلي غير ذلك مما في معني الصلاة من مفهوم واسع ومعاني متعددة وآثار لا حدود لها.
وفي الآخرة عظمه بتشفيعه في أمته، وإجزال أجره، ومثوبته وإبداء فضله وفضل آله للأولين والآخرين، وتقدمهم علي كافة المقربين، وفوزنا بشفاعتهم، والدخول في الجنة ببركتهم إلي غير ذلك من الفوائد الأخروية التي تحملها الصلاة بمعناها الواسع وعنوانها العام. وذلك تكريما للمؤمنين، وتهذيبا لهم، وتعويدا لأنفسهم علي مكارم الأخلاق ليشكروا كل من يسدي إليهم معروفا.
(٢٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: مكارم الأخلاق (1)، الوسعة (2)، الصّلاة (5)

البحث الخامس * الصلاة وأنواع تحققها في عالم الوجود

اشاره

البحث الخامس:
[الصلاة في تحققها وكيفياتها المختلفة] نواجه في بحثنا عن تحقق الصلاة من المبدأ وصدورها في عالم الوجود معاني متعددة وعميقة جدا، تحتاج إلي مصنف مستقل، ولسنا من أهل الخوض في بحارها ولا قابلية لنا في تحمل التقاط لئاليها إلا أنه من باب الادعاء في المعرفة نذكر بعض ما خطر في البال القاصر تعرضا لانكشاف غيرها، والمرجو تفاعل بركتها في عالم النفس.. بآثار فعلية الصلاة المحمدية وتجليات أنوارها الملكوتية..
وأيضا نتكلم أكثر صراحة فيما تستوجب كيفيات الصلاة بألفاظها المختلفة وما يلزمها من أبحاث. فهنا مطالب:
المطلب الأول:
[الصلاة علي محمد وآل محمد في عالم التحقق] إن الصلوات تختلف بحسب تحققاتها وتعيناتها علي أنواع ويفهم من الأخبار والروايات أنها مقولة بالتشكيك أي تتفاوت في عالم الوقوع بالشرافة، والفضل، والنمو، والطيب والكمال وغير ذلك في حقل الكيف، ومن حيث الكم كذلك، فإن الصلوات تتعدد بحسب المقتضي والقابلية سواء كان ذلك للمصلي أم المصلي عليهم، فصلاة خاصة للدنيا لبعض الأشخاص، وللدنيا والبرزخ لبعض آخر، وللدنيا والبرزخ والآخرة لفريق ثالث، وهكذا إلي ما لا نهاية ما دامت السماوات والأرض، وحتي تبلغ رضا الله تعالي كما ويكون كذلك إلي المصلي عليهم. قال أبو عبد الصادق عليه الصلاة والسلام في صلواته علي جده الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم: [اللهم فصل علي محمد عبدك … أشرف وأفضل وأزكي وأطهر وأنمي وأطيب ما صليت علي أحد من خلقك] (1).
(٢٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (6)

المطلب الأول: * الصلوات في عالم التحقق

اشاره

البحث الخامس:
[الصلاة في تحققها وكيفياتها المختلفة] نواجه في بحثنا عن تحقق الصلاة من المبدأ وصدورها في عالم الوجود معاني متعددة وعميقة جدا، تحتاج إلي مصنف مستقل، ولسنا من أهل الخوض في بحارها ولا قابلية لنا في تحمل التقاط لئاليها إلا أنه من باب الادعاء في المعرفة نذكر بعض ما خطر في البال القاصر تعرضا لانكشاف غيرها، والمرجو تفاعل بركتها في عالم النفس.. بآثار فعلية الصلاة المحمدية وتجليات أنوارها الملكوتية..
وأيضا نتكلم أكثر صراحة فيما تستوجب كيفيات الصلاة بألفاظها المختلفة وما يلزمها من أبحاث. فهنا مطالب:
المطلب الأول:
[الصلاة علي محمد وآل محمد في عالم التحقق] إن الصلوات تختلف بحسب تحققاتها وتعيناتها علي أنواع ويفهم من الأخبار والروايات أنها مقولة بالتشكيك أي تتفاوت في عالم الوقوع بالشرافة، والفضل، والنمو، والطيب والكمال وغير ذلك في حقل الكيف، ومن حيث الكم كذلك، فإن الصلوات تتعدد بحسب المقتضي والقابلية سواء كان ذلك للمصلي أم المصلي عليهم، فصلاة خاصة للدنيا لبعض الأشخاص، وللدنيا والبرزخ لبعض آخر، وللدنيا والبرزخ والآخرة لفريق ثالث، وهكذا إلي ما لا نهاية ما دامت السماوات والأرض، وحتي تبلغ رضا الله تعالي كما ويكون كذلك إلي المصلي عليهم. قال أبو عبد الصادق عليه الصلاة والسلام في صلواته علي جده الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم: [اللهم فصل علي محمد عبدك … أشرف وأفضل وأزكي وأطهر وأنمي وأطيب ما صليت علي أحد من خلقك] (1).
(٢٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (6)

* بعض فقرات الأدعية التي تدل علي أنواع الصلاة

وقال: [اللهم صل علي محمد وعليهم صلاة زاكية نامية، كثيرة دائمة طيبة لا يحيط بها إلا أنت، ولا يسعها إلا علمك، ولا يحيطها أحد غيرك].
وقال: [وصل عليه وعلي آبائه الطاهرين بجميع صلواتك يا أرحم الراحمين].
وفي دعاء: [اللهم صل علي محمد عبدك ورسولك صلاة تشاكل جلالته في النبيين، وتضارع فضله في الصالحين، وتوازي شرفه في المتقين، وتعلي علوه علي الصالحين، ونموه في المهتدين، وارتفاعه في النبيين] [1].
وفي بعض الأدعية: [اللهم صل عليه بكل منقبة من مناقبه، وموقف من مواقفه، وحال من أحواله رأيته لك فيها ناصرا، وعلي مكروه بلائك صابرا، صلاة تعطيه بها خصائص من عطائك، وفضائل من حبائك، تكرم بها وجهه، وتعظم بها خطره وتنمي بها ذكره، وتفلج بها حجته، وتظهر بها عذره، حتي تبلغ به أفضل ما وعدته من جزيل جزائك، وأعددت له من كريم حبائك، وذخرت له من واسع عطائك.
[اللهم صل علي محمد وآله صلاة يثمر سناها، ويسمو أعلاها، وتشرق أولاها وتنمي أخريها … صلاة كثيرة، طيبة، زاكية، نامية، مباركة، صلاة لا تحد ولا تبلغ نعتها، ولا تدرك حدودها، ولا يوصف كنهها، ولا يحصي عددها] [2].
وقال الإمام زين العابدين عليه الصلاة والسلام: [صل علي محمد وآله صلاة دائمة، نامية لا انقطاع لأبدها، ولا منتهي لأمدها واجعل ذلك عونا لي وسببا لنجاح طلبتي إنك واسع كريم].
وقال أيضا: [فصل عليه صلاة ترفعه بها علي درجات النبيين، تنضر بها وجهه في موقف الساعة يوم الدين]. وقوله: [فارفعه بسلامنا إلي حيث قدرت في سابق علمك أن تبلغه إياه بصلاتنا عليه]، وقوله: [وأره من أشرف صلواتك وسبحات
[1] - البحار، ج: 100، ص: 177، رواية: 44، باب: 2.
[2] - البحار، ج: 89، ص: 327، رواية: 8، باب: 4.
(٢٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، يوم القيامة (1)، الوسعة (2)، الصّلاة (12)، الطهارة (1)، الكرم، الكرامة (2)
نورها المتلألئة بين يديه ما تعرفه به أسماءنا عند كل درجة نرقي به إليها، ويكون وسيلة لديه، وخاصة به، وقربة منه، ويشكرنا علي حسب ما مننت به علينا من الصلاة عليه] (2).
وإذا تدبرنا فقرات الصحيفة السجادية في الصلوات وغيرها من كتب الأدعية لعرفنا من خلالها أصول وغاية ما ترنو إليه هذه العبادة بإيحاءاتها، ولاكتشفنا أسرارها المعنوية وملكاتها البرزخية ومعطياتها الروحية، وإشاراتها الغيبية، وإلهاماتها المعرفية، وأنوارها الملكوتية، وآثارها الأخروية.. والعروج ببركتها إلي محل كراماتها الإلهية..
وعلي نحو ما مر قالت سيدة نساء العالمين فاطمة بنت النبي الأكرم عليها وعلي أبيها وذريتها ألف الصلاة والسلام في دعاء يوم الجمعة: [اللهم صل علي محمد وآل محمد صلاة نامية دائمة زكية متتابعة متواصلة مترادفة برحمتك يا ارحم الراحمين]. وقالت في الصلاة علي أبيها: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، وبارك علي محمد وعلي آل محمد، وارحم علي محمد وعلي آل محمد، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت علي إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما أمرتنا أن نصلي عليه، اللهم صل علي محمد وآل محمد كما ينبغي لنا أن نصلي عليه، اللهم صل علي محمد وآل محمد بعدد من صلي عليه، اللهم صل علي محمد وآل محمد بعدد من لم يصل عليه، اللهم صل علي محمد وآل محمد بعدد كل حرف في صلاة صليت عليه، اللهم صل علي محمد وآل محمد بعدد من صلي عليه ومن لم يصل عليه، اللهم صل علي محمد وآل محمد بعدد كل شعرة، ولفظة، ولحظة، ونفس، وصفة، وسكون، وحركة، ممن صلي عليه وممن لم يصل عليه، وبعدد ساعاتهم، ودقائقهم وسكونهم، وحركاتهم، وحقائقهم، وميقاتهم، وصفاتهم، وأيامهم، وشهورهم وسنيهم، وأشعارهم، وأبشارهم، وبعدد ذر ما عملوا أو يعملون، أو كان منهم، أو يكون إلي يوم القيامة، وكأضعاف ذلك أضعافا مضاعفة إلي يوم القيامة، يا أرحم الراحمين] (3).
(٢٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (2)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (10)
وهناك نحو هذه العبارات كثيرة في الأحاديث والأخبار والروايات والتي تدل علي أنواع الصلوات وأصنافها واختلاف كيفياتها وغير ذلك، يراها المتتبع في كتب الأدعية كالمصباح، والإقبال، والبلد الأمين والمراقبات، وفلاح السائل، مفتاح الفلاح، والصحيفة السجادية، والصحيفة العلوية، والصحيفة الصادقية، وغيرها من الصحائف وإليك أبرزها.
ولا يخفي أن تلك الأنواع وإن كانت أفرادا للصلوات إلا أنها تختلف أسمائها بحسب آثارها وتجلياتها فأثر يسمي توفيقا، وآخر شفاء، وثالث عافية ورابع ماحيا للسيئات وغيره رافعا للدرجات..
وإليك بعض أنواعها علي سبيل الفهرس: صلاة الشرف، وصلاة التعظيم، وصلاة الكرامة، وصلاة التفضيل، وصلاة التزكية، وصلاة البركة.. وغيرها من الصفات التي تلحق الصلاة من حيث للترقي والكمال.
أو من حيث بقائها ببقاء الإفاضة ومن تلك الأنواع: الصلاة النامية، والصلاة المتواترة والصلاة المقربة، والصلاة الرافعة، والصلاة الدائمة، والصلاة الزكية، والصلاة المتتابعة، والصلاة المتواصلة، والصلاة المترادفة..
أو من حيث الإفاضة علي نحو التجلي بالصلاة الجمالية، والصلاة الجلالية، والصلاة الفلسفية، والصلاة العرفانية، والصلاة الملكوتية، والصلاة الكمالية..
أو من حيث القابل كصلاة العصمة والصلاة المطهرة والصلاة المطمئنة، والصلاة الراضية، والصلاة المرضية، والصلاة السليمة والمنيبة.. وهناك الكثير من الأنواع المختلفة التي لا تعد ولا تحصي لعدم حصر الاعتبارات واختلاف الوجوه في الفيض والقابل والكمال والبقاء.
(٢٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب مفتاح الفلاح للبهائي العاملي (1)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، الصّلاة (18)، الطهارة (1)

* النوع الأول: الصلاة علي محمد وآل محمد بالفعلية الإلهية

اشاره

النوع الأول في:
[الصلاة علي محمد وآل محمد بالفعلية الإلهية] نؤكد مرة أخري كما مر في مطالب الأبحاث السابقة معني الصلاة الفعلية أن الصلاة لم تقع من الله تعالي لفظا إلا بتأويل، بل الواقع معني من باب الخطاب ب (كن) أي إفاضة التجليات وإرسال الرحمات الخاصة المتتالية، وانكشاف الأنوار القدسية وسبحات وجهه الكريم من ساحة الجود ومنبع الحقيقة الطاهرة إلي عالم الوجود أبصار محبيه وقلوب عارفيه في ظهورها وتعيناتها، واستمرارها عبارة عن دوام الفيض لوجوب الوجود واستدامة الخير، واتصال النور في تقويته وشدته.
والصلاة الفعلية علي نوعين الفعلية النورانية التي توجب الخروج من الظلمات إلي النور بما تشمل الأولياء والعرفاء أي الخروج أعم من ظلمات الذنوب، وظلمات سيئات المقربين وظلمات الأخلاق وظلمات النفس، فإن هناك الحجب الظلمانية في نفس العبد التي يجب عليه أن يخرقها بنور المعرفة يمس معالمها ويسبر أغوارها، وتجلي الخير من خلال هذه الصلاة، وفي مناجاة الشعبانية: [إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتي تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلي معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك].
ولا يخفي أن هذا الفعل - الوصول إلي الفناء - نوع من الصلاة الفعلية الإلهية.
قال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام في الصلاة علي جده: [وجعلت الصلاة عليه قربة منك، ووسيلة إليك، وزلفة عندك، ودللت المؤمنين عليه وأمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا أثرة لديك، وكرامة عليك] [1].
[1] - البحار، ج: 87، ص: 82، وج: 91، ص: 43.
(٢٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، كتاب الأنوار القدسية للشيخ محمد حسين الأصفهاني (1)، الجود (1)، الصّلاة (6)

* عدم حصر الصلاة في أفراد أنواعها واستمرارها

النوع الأول في:
[الصلاة علي محمد وآل محمد بالفعلية الإلهية] نؤكد مرة أخري كما مر في مطالب الأبحاث السابقة معني الصلاة الفعلية أن الصلاة لم تقع من الله تعالي لفظا إلا بتأويل، بل الواقع معني من باب الخطاب ب (كن) أي إفاضة التجليات وإرسال الرحمات الخاصة المتتالية، وانكشاف الأنوار القدسية وسبحات وجهه الكريم من ساحة الجود ومنبع الحقيقة الطاهرة إلي عالم الوجود أبصار محبيه وقلوب عارفيه في ظهورها وتعيناتها، واستمرارها عبارة عن دوام الفيض لوجوب الوجود واستدامة الخير، واتصال النور في تقويته وشدته.
والصلاة الفعلية علي نوعين الفعلية النورانية التي توجب الخروج من الظلمات إلي النور بما تشمل الأولياء والعرفاء أي الخروج أعم من ظلمات الذنوب، وظلمات سيئات المقربين وظلمات الأخلاق وظلمات النفس، فإن هناك الحجب الظلمانية في نفس العبد التي يجب عليه أن يخرقها بنور المعرفة يمس معالمها ويسبر أغوارها، وتجلي الخير من خلال هذه الصلاة، وفي مناجاة الشعبانية: [إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتي تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلي معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك].
ولا يخفي أن هذا الفعل - الوصول إلي الفناء - نوع من الصلاة الفعلية الإلهية.
قال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام في الصلاة علي جده: [وجعلت الصلاة عليه قربة منك، ووسيلة إليك، وزلفة عندك، ودللت المؤمنين عليه وأمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا أثرة لديك، وكرامة عليك] [1].
[1] - البحار، ج: 87، ص: 82، وج: 91، ص: 43.
(٢٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، كتاب الأنوار القدسية للشيخ محمد حسين الأصفهاني (1)، الجود (1)، الصّلاة (6)

* الجوهر الأول قابل ومفيض

وإذا شئت الشرح الإجمالي للصلاة الفعلية الإلهية في تحققها وآثارها وأنوار قدسها فعليك بالتمعن في هذا المقطع من الدعاء المروي عن منبع المعرفة الإمام زين العابدين عليه أفضل الصلاة والسلام: في دعاء (47) من الصحيفة السجادية الذي كان يدعو به يوم عرفة: [رب صل علي محمد وآله صلاة تجاوز رضوانك، ويتصل اتصاله ببقائك، ولا تنفد كما لا تنفد كلماتك. رب صل علي محمد وآله، صلاة تنتظم صلوات ملائكتك، وأنبيائك، ورسلك، وأهل طاعتك، وتشتمل علي صلوات عبادك من جنك، وإنسك، وأهل إجابتك، وتجتمع علي صلاة كل من ذرأت، وبرأت من أصناف خلقك.
رب صل عليه وآله صلاة تحيط بكل صلاة سالفة، ومستأنفة. وصل عليه وعلي آله صلاة مرضية لك، ولمن دونك، وتنشئ مع ذلك صلاة تضاعف معها تلك الصلوات عندك، وتزيدها علي كرور الأيام زيادة في تضاعيف لا يعدها غيرك..].
أقول: كل ذلك لبقاء الفيض، وصدوره من الواسطة الربانية والوسيلة الإلهية وهناك الأحاديث والأخبار المتواترة معني في هذا المعني، وأن الإنسان الكامل والعقل الأول، والجوهر الأول هو مصدر الفيض إلي كل ما برأ المهيمن، وقد قال النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال: [إن الجوهر الأول روحي، أول ما خلق الله روحي] (4)، وفي غيره جاء: [أول ما خلق الله نوري] (5) ولأن الجوهر الأول روح محمد صلي الله عليه وآله وسلم فمحمد صلي الله عليه وآله وسلم قبل أن جاء إلي هذا العالم كان نبيا.
وعن هذا المعني أخبر: [كنت نبيا وآدم بين الماء والطين] (6) وعندما يخرج من هذا العالم، وإليه أشار قائلا: [لا نبي بعدي] (7).
وكلما ذكر من صفات النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم العظيمة ليس هي إلا كقطرة في بحار متلاطمة. وإذا ذكرت هذه الصفة العظيمة للجوهر الأول لا أكون قد
(٢٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، معرفة الإمام (1)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، يوم عرفة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (13)

* معني الإنسان الكامل

أشرت إلي واحدة من ألف. والجوهر الأول يقوم بأمرين: الأول أنه يقبل الفيض من الله والثاني أنه يوصله إلي خلقه.
وإذا قيل أن محمدا صلي الله عليه وآله وسلم يقوم بأمرين: أنه يستقبل الفيض من الله تعالي ويوصله إلي خلقه، فهو صحيح، لأنه هو الجوهر الأول. ويقال للجهة التي تستقبل الفيض في الجوهر الأول من الله تعالي هي الولاية، والجهة التي تعطي للناس تدعي النبوة.
فالولاية باطن النبوة، والنبوة ظاهرها، وهاتان هما صفة محمد صلي الله عليه وآله وسلم.
ثم اعلم أن الإنسان الكامل إما نبي أو ولي. والنبوة إما مطلقة أو مقيدة فالنبوة المطلقة هي النبوة الحقيقية الموجودة في الأزل، الباقية إلي الأبد، القديمة بقدم الواجب فهي القديمة وجودا والحادثة ذاتا ومعناها إطلاع النبي المخصوص بها علي استعداد جميع الموجودات بحسب ذواتها وماهياتها وإعطاء كل ذي حق حقه الذي يطلبه بلسان استعداده، من حيث أنه الإنباء الذاتي والتعليم الحقيقي الأزلي المسمي بالربوبية العظيمة وإلي هذا المعني إشارة في [أول ما خلق نوري] (8) و [خلق الله آدم علي صورته]، وكذلك [من رآني فقد رأي الحق] (9) وغير ذلك من الأخبار فيه.
وتستند جميع العلوم والأعمال إلي هذا الإنسان، وكذلك تنتهي إليه جميع المقامات والمراتب. سواء كان هذا الإنسان الكامل رسولا أم وصيا، أو كان نبيا أم وليا، وباطن هذه النبوة المطلقة هي الولاية المطلقة، فالولاية المطلقة عبارة عن حصول جميع هذه الكمالات بحسب الباطن في الأزل، وبقاؤها إلي الأبد، ومرجع هذا المعني إلي فناء العبد في الحق، وبقاؤه ببقاء الحق. وإليه أشار بقوله صلي الله عليه وآله وسلم: [أنا وعلي من نور واحد] (10)، و [خلق الله روحي وروح علي بن أبي طالب عليه السلام قبل أن يخلق الخلق بألفي عام] (11) وقول علي عليه السلام: [وكنت وليا وآدم بين الماء والطين] (12).
(٢٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)

* معني واسطة الفيض

أشرت إلي واحدة من ألف. والجوهر الأول يقوم بأمرين: الأول أنه يقبل الفيض من الله والثاني أنه يوصله إلي خلقه.
وإذا قيل أن محمدا صلي الله عليه وآله وسلم يقوم بأمرين: أنه يستقبل الفيض من الله تعالي ويوصله إلي خلقه، فهو صحيح، لأنه هو الجوهر الأول. ويقال للجهة التي تستقبل الفيض في الجوهر الأول من الله تعالي هي الولاية، والجهة التي تعطي للناس تدعي النبوة.
فالولاية باطن النبوة، والنبوة ظاهرها، وهاتان هما صفة محمد صلي الله عليه وآله وسلم.
ثم اعلم أن الإنسان الكامل إما نبي أو ولي. والنبوة إما مطلقة أو مقيدة فالنبوة المطلقة هي النبوة الحقيقية الموجودة في الأزل، الباقية إلي الأبد، القديمة بقدم الواجب فهي القديمة وجودا والحادثة ذاتا ومعناها إطلاع النبي المخصوص بها علي استعداد جميع الموجودات بحسب ذواتها وماهياتها وإعطاء كل ذي حق حقه الذي يطلبه بلسان استعداده، من حيث أنه الإنباء الذاتي والتعليم الحقيقي الأزلي المسمي بالربوبية العظيمة وإلي هذا المعني إشارة في [أول ما خلق نوري] (8) و [خلق الله آدم علي صورته]، وكذلك [من رآني فقد رأي الحق] (9) وغير ذلك من الأخبار فيه.
وتستند جميع العلوم والأعمال إلي هذا الإنسان، وكذلك تنتهي إليه جميع المقامات والمراتب. سواء كان هذا الإنسان الكامل رسولا أم وصيا، أو كان نبيا أم وليا، وباطن هذه النبوة المطلقة هي الولاية المطلقة، فالولاية المطلقة عبارة عن حصول جميع هذه الكمالات بحسب الباطن في الأزل، وبقاؤها إلي الأبد، ومرجع هذا المعني إلي فناء العبد في الحق، وبقاؤه ببقاء الحق. وإليه أشار بقوله صلي الله عليه وآله وسلم: [أنا وعلي من نور واحد] (10)، و [خلق الله روحي وروح علي بن أبي طالب عليه السلام قبل أن يخلق الخلق بألفي عام] (11) وقول علي عليه السلام: [وكنت وليا وآدم بين الماء والطين] (12).
(٢٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)

* كلام صاحب الفتوحات المكية في الجوهر الأول

وقال في الفتوحات (في معرفة بدو الروحاني): ومن هو أول موجود، وبم (مم) وجد، وفيم وجد، وعلي أي مثال وجد، ولم وجد، وما غايته؟ وغير ذلك، وهو قوله: [كان الله ولا شئ معه]، ثم أدرج فيه (وهو الآن علي ما كان) لم يرجع إليه من إيجاد العالم صفة لم يكن عليها، بل كان موصوفا لنفسه ومسمي قبل خلقه بالأسماء التي ندعوه بها. فلما أراد وجود العالم وبدوه علي حد ما علمه بعلمه بنفسه انفعل (عن تلك الإرادة المقدسة بضرب تجل من تجليات التنزيه إلي الحقيقة الكلية) عنها حقيقة تسمي الهباء، بمنزلة طرح البناء الجص ليفتح بها ما شاء من الأشكال.
وهذا هو أول موجود وقد ذكره علي بن أبي طالب عليه السلام وسهل بن عبد الله وغيرهما من أهل تحقيق أهل الكشف والوجود.
ثم إنه سبحانه تجلي بنوره إلي ذلك الهباء ويسميه أصحاب الأفكار الهيولي الكل، والعالم فيه بالقوة والصلاحية فقبل منه تعالي كل شئ في ذلك الهباء علي حسب قوته واستعداده (كما تقبل زوايا البيت نور السراج)، وعلي قدر قربه من ذلك النور يشتد ضوءه وقبوله. قال الله تعالي: {الله نور السماوات والأرض، مثل نوره كمشكاة فيها مصباح} [النور: 23] فشبه نوره بالمصباح. فلم يكن أقرب إليه قبولا في ذلك الهباء إلا حقيقة محمد صلي الله عليه وآله وسلم المسماة بالعقل الأول. فكان سيد العالم بأسره وأول ظاهر في الوجود، فكان كل وجوده من ذلك النور الإلهي ومن الهباء ومن الحقيقة الكلية وفي الهباء وجد عينه، وعين العالم من تجليه، وأقرب الناس إليه علي بن أبي طالب عليه السلام وأسرار الأنبياء أجمعين (13).
(٢٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، علي بن أبي طالب (1)

النوع الثاني: الصلاة علي محمد وآل محمد بالفعلية الملائكية

اشاره

النوع الثاني في:
[الصلاة علي محمد وآل محمد بالفعلية الملائكية] وفي هذا المطلب علينا أن نعرف بأي كيفية تكون صلاة الله تعالي علي العبد وبصورة خاصة علي محمد وآل محمد صلي الله عليه وآله وسلم؟ ومن البديهي أن صلاة الله تعالي لم تكن لفظية وذكرا للألفاظ لاستحالة طلب ذلك من غيره، وأيضا ليس المعني فقط طلب ذلك (بصورة تناسب مقامه) من ملائكته.
فاعلم وفقك الله تعالي إن الملائكة موجودات مجردة وذوات طاهرة وأنواع معصومة لا يذنبون {بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون} [الأنبياء: 27] وهم {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم: 6].
وإن الصلاة من الأوامر الإلهية التي كلف الله تعالي الملائكة بتطبيقها والقيام في شؤون تحققها في مقام التجلي من تهيأ الأرضية للإفاضة لكل شئ له قابليته لذلك، واستعداد في تلقي النفحات من ساحة الجود وفيض المعبود فيما يصلحه ويعرضه للرحمة الخاصة ويعد للتقرب إلي بساط رب العالمين، فتكون هذه الذوات مهمتها في تهيأ الأسباب الطبيعية منها والمعنوية لكل شئ إلي نحو حركة الكمال، ومما يشير إليه قوله تعالي: {فالمدبرات أمرا} [النازعات: 5].
وعلي نحو هذا تكون الصلاة الفعلية في مقاماتهم أي الحركة إلي نحو كمالهم وقربهم إلي المبدأ كل حسب نوعيته بما يستقبل به من واسطة الفيض. وقد روي عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال مخاطبا لعلي صلوات الله وسلامه عليه: [أتدري ما سمعت من الملأ الأعلي فيك ليلة أسري بي يا علي؟ سمعتهم يقسمون علي الله تعالي بك، ويستقضونه حوائجهم ويتقربون إلي الله تعالي بمحبتك، ويجعلون أشرف ما يعبدون الله به الصلاة علي وعليك … وسمعت الأملاك يقولون: اللهم وطهرنا بالصلاة عليه وعلي آله الطيبين] (14).
(٢٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الجود (1)، الصّلاة (6)

* معني الصلوات الفعلية التي توجيها الصلاة المحمدية

ويحسن بنا أن نكرر الحديث التالي الذي ذكره الفيض الكاشاني رضوان الله عليه في الوافي نقلا عن الكافي بسند صحيح عن أبي بصير عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام أنه قال: [إذا ذكر النبي صلي الله عليه وآله وسلم فأكثروا الصلاة عليه، فإنه من صلي علي النبي صلاة واحدة صلي الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة، ولم يبق شئ خلقه إلا صلي علي ذلك العبد لصلاة الله عليه، وصلاة ملائكته. فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل، مغرور. قد برئ الله منه، ورسوله، وأهل بيته].
والمراد بألف صلاة من الله تعالي الصلوات الفعلية منه تعالي من أنواع الرحمات الخاصة المتتالية علي هذا العبد، أي إن الله يوجب له ألف مرة الخروج من الظلمات إلي النور، فإن الإنسان يحتاج دائما وفي كل آن إلي توفيق رباني، ونور إلهي ليخرج من ظلمة الجهل والجهل في كل شئ إلي نور العلم، ومن ظلمة المعاصي (والإنسان معرض لها في كل آن) إلي نور العمل الصالح ومن ظلمة الرياء (والرياء يمكن أن يكون في كل عمل وقل من يسلم منه) إلي نور الإخلاص، إلي آلاف الحالات التي يمر بها الإنسان في اليوم الواحد بل في ساعة واحدة مما يحتاج إلي آلاف الصلوات النورانية والرحمة الإلهية والفيض المستمر.
كما وأن الإنسان في الحياة الدائمة والنعم الأخروية التي لا تحد بحد ولا تعد بعد والدرجات الغير المتناهية بحاجة أيضا إلي ما لا يعد من الحسنات والمثوبات فإن الحياة الآخرة غير محدودة وما ليس بمحدود بحاجة إلي مقومات غير محدودة.
ومما تكرر مرارا: أن الصلاة القولية فيها من أوسمة الخير ما لا يحصه محصي إلا أن العبد إذا قرن بالصلوات اعتقاده بالعمل بما جاء به محمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين كانت الصلوات له وساما قوليا واعتقاديا وعمليا، وإلا كانت لفظية فقط لها بعض الآثار القشرية كالتبرك الظاهري مثلا، فليست الصلاة إلا حلقة وصل بيننا وبين عالم الغيب وبين نفوسنا ونفوس المجردة الطاهرة نستطيع من خلالها الاستزادة في مرحلة العلم والمعرفة وكل خير وتوفيق، وحينئذ يكون الحصول علي آثار الصلاة من ناحية القابل لا
(٢٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو بصير (1)، الظلم (3)، الجهل (1)، الصّلاة (10)، الرياء (1)

* معني الصلاة الفعلية للملائكة

الفاعل فكلما ازداد استعدادا كلما ازدادت الإفاضة وكلما ضعفت القابلية وتضائل الاستعداد كلما امتنع الخير للقصور في القابل.
ومما يستحق الملاحظة الدقيقة قوله: [صلي الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة]، ومعني صلاة الله علي العبد ذكرناه في البحث الثالث بعنوان (الصلاة النورانية) فراجع ومنه يعلم المقصود من المشاكلة في الجزاء (من صلي علي النبي … صلي الله عليه)، باللفظ لا في المعني، وبفرد من أفراد الصلاة بما يناسب مقام المصلي لا جميعها كما في الصلوات علي محمد وآل محمد. ومعني (ألف صف من الملائكة) أي حاملين تلك الرحمات والصلوات الفعلية إلي العبد بمقتضي وساطتهم بين الواجب والممكن، بأن يقوم كل علي حسب ما أمر به وحسب وظيفته في تجسيد تلك الصلاة فيكون من الله إذن تلك الصلوات الألف و إفاضتها، ومن الملائكة في ألف صف القيام بتحقيقها في عالم الوجود، طبعا يكون ذلك إما تحقيقا لما ذكر أو زيادة له أو إزالة للموانع من المحل فيلهمونه الخير، ويبعدونه من وساوس الشياطين، ويحفظوه من البلايا والمعاصي..
وقد يكون كثرة الحسنات عبارة عن الشفاعة التي يحق لهذا العبد أن يشفع في أهله وفي ذريته، أو أكثر من هذا فتبدل سيئاته حسنات، أو يعطي درجات حيث لا سيئات، كما وأيضا إذا فاضت بعد محو سيئاته أن تمحو سيئات أقربائه وهكذا لابد من تحقق أثر ما للصلاة مهما كانت وبأي كيفية ومن أي شخص وبأي لفظ..
وهنا لابد أن أشير أن الصلوات تستوجب حضور الملائكة أما لتحققها في عالمها أو لحملها إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعرضها عليه.
قال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام في الصلاة علي جده: [اللهم أن محمدا صلي الله عليه وآله وسلم كما وصفته في كتابك حيث تقول: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} [التوبة:
(٢٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (8)
128]، فأشهد أنه كذلك، وأنك لم تأمر بالصلاة عليه إلا بعد أن صليت عليه أنت وملائكتك، وأنزلت في محكم قرآنك: {إن الله و ملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}، لا لحاجة إلي صلاة أحد من المخلوقين بعد صلواتك عليه، ولا إلي تزكيتهم إياه بعد تزكيتك، بل الخلق جميعا هم المحتاجون إلي ذلك، لأنك جعلته بابك الذي لا تقبل ممن أتاك إلا منه، وجعلت الصلاة عليه قربة منك، ووسيلة إليك، وزلفة عندك، ودللت المؤمنين عليه، وأمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا أثرة لديك، وكرامة عليك، ووكلت بالمصلين عليه ملائكتك يصلون عليه، ويبلغونه صلاتهم وتسليمهم.
اللهم رب محمد فإني أسألك بحق محمد أن ينطلق لساني من الصلوات عليه بما تحب وترضي، وبما لم ينطلق به لسان أحد من خلقك، ولم تعلمه إياه، ثم تؤتيني علي ذلك مرافقته حيث أحللته من محل قدسك، وجنات فردوسك، ولا تفرق بيني وبينه اللهم إني ابتدأت له الشهادة ثم الصلاة عليه، وإن كنت لا أبلغ من ذلك رضي نفسي، ولا يعبره لساني عن ضميري، ولا ألام علي التقصير مني لعجز قدرتي عن بلوغ الواجب علي منه، لأنه حظ لي وحق علي وأداء لما أوجبت له في عنقي أن قد بلغ رسالاتك غير مفرط فيما أمرت … ] (15).
والحاصل أن الصلاة الفعلية للملائكة لها لحاظان من حيث أنفسهم فيما تتكامل فيه ذواتهم من توجههم نحو الواسطة، والثاني تهيأ النفوس والذوات إلي ذلك الفيض علي مختلف أنواع التقبل باختلاف أنواعهم لمهمتهم الكونية وعباداتها الفعلية: {فالمدبرات أمرا} [النازعات: 5].
ولا يخفي: أن الملائكة في هذا المقام تختلف أنواعها في تناسبها نحو المبدأ علي حسب اختلاف القابليات الإنسانية والمخلوقات جميعا فتكون من جهة تتلقي لأنفسها ومن أخري تلقي إلي ما يناسبها من السنخية بينها وبين المخلوقات. وقد مر هذا المعني عدة مرات.
(٢٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (6)، الشهادة (1)، القصر، التقصير (1)

* النوع الثالث: الصلاة علي محمد آل محمد بالفعلية الإيمانية

النوع الثالث في:
[الصلاة علي محمد وآل محمد بالفعلية الإيمانية] إن الصلاة التي تنطلق من حيث تجسدها في عالم التحقق من خلال الإيمان بالمعني الأخص الولاية لهي السبب الأكبر في مقام التهيؤ التي تقتضي استدرار الفيض، واستمرار علة البقاء لكل التجليات المعنوية وأشرفها المناسبة لكمال النور الأول أو لسواه.
ولا يخفي أن هذه الصلاة (الفعلية الإيمانية) تهيأ العبد للرحمة الرحيمية وتستوجب إفاضة الخير، فتكون في بعض الأحيان مصححة لحكم الحكمة الإلهية، لأنها قدر يصير حال العبد من جهة اقتضاء أحواله وأعماله وصفاء روحه وطهارة قلبه بحيث تقتضي الحكمة الإلهية منعه عن الخير الخاص وإذا انضمت تلك الصلاة بأحواله تكون إجابته في ذلك الخير غير مخالف للحكمة، فتؤثر تلك الصلاة في بلوغه الخير والرحمة الخاصة.
قال النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم: [من صلي علي إيمانا واحتسابا استأنف العمل] (17). وعن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: [من صلي علي النبي وآله مرة واحدة بنية وإخلاص من قلبه قضي الله له مائة حاجة منها ثلاثون للدنيا، وسبعون للآخرة] (18).
أقول: يشير الحديث أن الصلاة التي تنطلق عن الإيمان الكامل المأخوذ في مفهومه العمل الصالح، وعن نية صادقة وقلب طاهر، وتوبة نصوح تكون سببا لغفران الذنوب فلا يحبط عمله، بل تكون سببا لقبوله و {ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} [الفتح: 4].
فعندما يكون المؤمن في رحاب الصلاة علي محمد وآله يصبح في حالة اليقظة بعيد عن الغفلة عن ارتكاب المحرمات، والمداومة عليها تمنح المؤمن ملكة روحية لا تنفك عنه، وحالة إيمانية تحجبه عن ظلمات المعاصي، وتقربه إلي روح العمل الصالح، وتسري في كيانه سريان الحياة في الشجرة الظمآنة بعد ارتوائها، فيشعر بتلقائية التوافق بين الذكر
(٢٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الطهارة (1)، الصدق (1)، الصّلاة (7)، السب (1)
اللفظي وبين تسخير الأعضاء في العبودية والعبادة والعمل الصالح فتتحول حينئذ إلي إيمان متجسد في الخارج إلي مودة بينه وبين الناس، مترجمة في كل ما يربطه بهم في الخير، وإلي علاقة تشده مع ربه في كل ما يرضيه من عبادة ومعرفة..
ولا يغيب عنك أن الحالات الإيمانية التي تتعاقب علي النفس المسببة عن الصلاة علي محمد وآل محمد لها آثارها العقلية والروحية..
وللصلاة أنواع أخري في عالم التحقق من الحالات الملكوتية والبصمات الغيبية والآثار المعنوية، لا أري للقلب إقبالا علي ذكرها، ومنها الصلاة الإيمانية العقلية، والإيمانية القلبية، والإيمانية الفكرية، والإيمانية الأركانية نوكل فهمها إلي القارئ واستخراجها من مطالب الكتاب. ولعلك تستلهم ذلك بوضوح عند مراجعتك للصحيفة السجادية للإمام زين العابدين عليه الصلاة والسلام. ومن تلك العبارات ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في الصلاة علي جده المصطفي: [وجعلت الصلاة عليه قربة منك، ووسيلة إليك، وزلفة عندك، ودللت عليه المؤمنين، وأمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا بذلك كرامة عليك ووكلت بالمصلين عليه ملائكة يصلون عليهم ويبلغونه صلاتهم عليه، وتسليمهم. اللهم رب محمد فإني أسألك بحق محمد أن ينطلق لساني من الصلوات عليه بما تحب وترضي، وبما لم ينطلق به لسان أحد من خلقك، ولم تعلمه إياه، ثم تؤتيني علي ذلك مرافقته حيث أحللته من محل قدسك، وجنات فردوسك، ولا تفرق بيني وبينه] [1].
[1] - البحار ج: 94، ص: 43 رواية: 26، باب: 28.
(٢٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، الصدق (1)، الصّلاة (4)

* النوع الرابع: الصلاة علي محمد وآل محمد اللفظية في مختلف كيفياتها

اشاره

النوع الرابع:
[الصلاة علي محمد وآل محمد اللفظية في مختلف كيفياتها] وقد تواترت الأحاديث من الفريقين في ذكر كيفية الصلاة، علي محمد وآل محمد، ويكاد لا تخلو صيغة عن ذكر أهل البيت بلفظ (آل محمد غالبا)، كما أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أكد علي آله في الصلاة بكيفيات مختلفة مما يفهم التأكيد علي وجوب ذلك فيها، وأن (المأمور به) في الآية هي: الصلاة عليه المتضمنة لذكر آله عليهم الصلاة والسلام بل عدم ذكر الآل يوجب العقاب، ومعصية الرسول صلي الله عليه وآله وسلم، وذلك لما فيها من مخالفة أمره الصريح بضم الآل في الصلاة، ونهيه بعدم الإتيان بالصلاة البتراء.
ثم لا يخفي أن اختلاف الكيفيات من التشبيه والتحسين والثناء وذكر الصفات المشعرة بالعلة وغير ذلك توجب اختلاف الثواب والآثار، وغيرها من الفوائد. وقد كرر صلي الله عليه وآله وسلم أفضل الكيفيات بعدة أحاديث بالصلاة الإبراهيمية كما ستطلع عليها في المطالب الآتية، ويجب - فيما يأتي - أن نشرح المفصود من بيان الكيفية الواجبة:
المقصد الأول في:
[الكيفية الواجبة للصلوات] إن قوله تعالي: {صلوا} في الآية أمر مولوي مجمل كباقي الأوامر الإلهية العبادية المجملة التي أوكلت إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بيانها، والمقصود منها.
والأحاديث الصحيحة المتواترة جاءت بيانا للكيفية والهيئة المأمور بها لا غير. نعم الكيفيات التي سنذكرها في الأحاديث الآتية جاءت مزدوجة الكمال، فبعض ألفاظها متمم للذات والبعض الآخر متمم للكمال وهو واضح فإن المشبه من النبي وآله عليهم الصلاة والسلام وهو قوله: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد]، مصداق
(٢٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (8)، الثناء (1)

* المقصد الأول: الكيفية الواجبة للصلوات

اشاره

النوع الرابع:
[الصلاة علي محمد وآل محمد اللفظية في مختلف كيفياتها] وقد تواترت الأحاديث من الفريقين في ذكر كيفية الصلاة، علي محمد وآل محمد، ويكاد لا تخلو صيغة عن ذكر أهل البيت بلفظ (آل محمد غالبا)، كما أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أكد علي آله في الصلاة بكيفيات مختلفة مما يفهم التأكيد علي وجوب ذلك فيها، وأن (المأمور به) في الآية هي: الصلاة عليه المتضمنة لذكر آله عليهم الصلاة والسلام بل عدم ذكر الآل يوجب العقاب، ومعصية الرسول صلي الله عليه وآله وسلم، وذلك لما فيها من مخالفة أمره الصريح بضم الآل في الصلاة، ونهيه بعدم الإتيان بالصلاة البتراء.
ثم لا يخفي أن اختلاف الكيفيات من التشبيه والتحسين والثناء وذكر الصفات المشعرة بالعلة وغير ذلك توجب اختلاف الثواب والآثار، وغيرها من الفوائد. وقد كرر صلي الله عليه وآله وسلم أفضل الكيفيات بعدة أحاديث بالصلاة الإبراهيمية كما ستطلع عليها في المطالب الآتية، ويجب - فيما يأتي - أن نشرح المفصود من بيان الكيفية الواجبة:
المقصد الأول في:
[الكيفية الواجبة للصلوات] إن قوله تعالي: {صلوا} في الآية أمر مولوي مجمل كباقي الأوامر الإلهية العبادية المجملة التي أوكلت إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بيانها، والمقصود منها.
والأحاديث الصحيحة المتواترة جاءت بيانا للكيفية والهيئة المأمور بها لا غير. نعم الكيفيات التي سنذكرها في الأحاديث الآتية جاءت مزدوجة الكمال، فبعض ألفاظها متمم للذات والبعض الآخر متمم للكمال وهو واضح فإن المشبه من النبي وآله عليهم الصلاة والسلام وهو قوله: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد]، مصداق
(٢٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (8)، الثناء (1)

* دلالة مفهوم السياق علي إيذاء النبي صلي الله عليه وآله وسلم بترك الصلاة علي الآل

للمأمور به، والمشبه به جاء نوع من الكمال في الدعاء وحسنه والثناء والبلاغة في الطلب وسيأتي تفصيل هذا المطلب في الأجوبة عن المشبه به.
ولا يمكن أن يكون الجواب عن سؤال الصحابة بالصلاة فقط لمعرفتهم بأصلها، ويدل علي هذا أحاديث عديدة، وإنما صح السؤال عن الهيئة التي يؤدي بها ذلك الواجب المأمور به كما وأن السؤال ب (كيف) دليل علي أن مقصودهم السؤال عن الهيئة والكيفية التي أمر الله تعالي بالإتيان بها، وليس المقصود بالسؤال سؤال عن الجنس فإن السؤال عن الجنس - كما ادعي البعض ذلك - يسأل عنه ب (ما) وقد شرحنا هذه المسألة في المقصد الرابع فراجع.
وعليه فإن الكيفية الواجبة التي يجب الإتيان بها ولا يجوز تغييرها بل يحرم تغيرها، وهذه تسمي بالصلاة البتراء التي نهي عنها النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وراجع التفصيل في ذلك: (المقصد الخامس). بل نقول: إن البتراء موجبة لإيذاء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم المنهي عنها بل تستوجب سخط رب العالمين، ويشعر بذلك تعقيب آية الصلوات بآية الإيذاء في سورة الأحزاب.
فإن قوله تعالي: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا} جاءت هذه الآية برقم: [57] بعد آية الصلوات رقم: [56] وهي تشير بحكم التناسق وسياق الآيات إلي التأكيد علي الكيفية التي بينها النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم للصلوات للآية التي تسبقها، وأنه لمن موارد إيذائه عدم تطبيقها أو تغييرها فإن ذكر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بالصلوات بغير ضم آله معه مما يسبب إيذاءه، ويثير سخطه، لأنه معصية له ولأمر الله عز وجل ولأنه إيمان ببعض الكتاب وكفر بالبعض الآخر، والآية نهي صريح بتحريم كل ما يسبب ذلك الأذي وقد قال: {والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم} [التوبة: 61].
(٢٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، سورة الأحزاب (1)، النهي (1)، الثناء (1)، الصّلاة (2)، الجواز (1)

* المقصد الثاني: تواتر ذكر الآل في الصلاة الإبراهيمية بكيفيات مختلفة

اشاره

للمأمور به، والمشبه به جاء نوع من الكمال في الدعاء وحسنه والثناء والبلاغة في الطلب وسيأتي تفصيل هذا المطلب في الأجوبة عن المشبه به.
ولا يمكن أن يكون الجواب عن سؤال الصحابة بالصلاة فقط لمعرفتهم بأصلها، ويدل علي هذا أحاديث عديدة، وإنما صح السؤال عن الهيئة التي يؤدي بها ذلك الواجب المأمور به كما وأن السؤال ب (كيف) دليل علي أن مقصودهم السؤال عن الهيئة والكيفية التي أمر الله تعالي بالإتيان بها، وليس المقصود بالسؤال سؤال عن الجنس فإن السؤال عن الجنس - كما ادعي البعض ذلك - يسأل عنه ب (ما) وقد شرحنا هذه المسألة في المقصد الرابع فراجع.
وعليه فإن الكيفية الواجبة التي يجب الإتيان بها ولا يجوز تغييرها بل يحرم تغيرها، وهذه تسمي بالصلاة البتراء التي نهي عنها النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وراجع التفصيل في ذلك: (المقصد الخامس). بل نقول: إن البتراء موجبة لإيذاء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم المنهي عنها بل تستوجب سخط رب العالمين، ويشعر بذلك تعقيب آية الصلوات بآية الإيذاء في سورة الأحزاب.
فإن قوله تعالي: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا} جاءت هذه الآية برقم: [57] بعد آية الصلوات رقم: [56] وهي تشير بحكم التناسق وسياق الآيات إلي التأكيد علي الكيفية التي بينها النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم للصلوات للآية التي تسبقها، وأنه لمن موارد إيذائه عدم تطبيقها أو تغييرها فإن ذكر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بالصلوات بغير ضم آله معه مما يسبب إيذاءه، ويثير سخطه، لأنه معصية له ولأمر الله عز وجل ولأنه إيمان ببعض الكتاب وكفر بالبعض الآخر، والآية نهي صريح بتحريم كل ما يسبب ذلك الأذي وقد قال: {والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم} [التوبة: 61].
(٢٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، سورة الأحزاب (1)، النهي (1)، الثناء (1)، الصّلاة (2)، الجواز (1)
كما أن من موارد إيذاء الله عدم احترامه تعالي في أوليائه وأهل بيت نبيه الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فإن تعظيمهم من تعظيمه {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوي القلوب} [الحج: 32].
المقصد الثاني في:
[تواتر ذكر الآل في الصلاة الإبراهيمية بكيفيات مختلفة] فقد أورد أرباب الحديث، وحفاظ القوم تلك الروايات المتواترة، والمتضافرة في مؤلفاتهم بطرق متعددة، وصححوا أكثر مواردها، وجميعها متضمنة لذكر (آل محمد) في الصلاة نذكر بعض ما اطلعنا عليه، كما أننا ننقل بعض تلك الأحاديث من الصحاح بأسانيدها مكررا قسما منها علي رغم تشابهها في الألفاظ لما فيها من فوائد وإشارات لاستدلالاتنا في المطالب السابقة والآتية أو لاختلاف في إسنادها وغير ذلك.
وعليك ملاحظة الأحاديث في أسانيدها، ومتونها، واختلاف بعض ألفاظها واستحضارها عند بعض الاستدلالات الآتية.
كما ونقرأ في الأحاديث التصريح في ذكر اسم الصريح (محمد) للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ويدل ذلك علي التأكيد، ولعل تكراره في فقرات بارك وترحم من باب التلذذ بذكره والإطناب حيث اللذة الروحية كما في الاعتبارات البلاغية أو غير ذلك.
ثم فليعلم أننا أوردنا بعض الأحاديث في مطلب نزول الآية التي صرح بها بالنزول وفيها لفظة: (لما نزلت هذه الآية … ) مما يدل أن الصلاة الكاملة بذكر الآل مقصود الآية الكريمة، أما هنا فإنا ننقل الأحاديث التي أطلق النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم تعليمه للصلاة بالكيفية الخاصة المتضمنة لذكر الآل عليهم الصلاة والسلام.
وهي - كما تري - غير مقيدة بموقع خاص لا في الصلاة المكتوبة ولا غيره مما يعرفنا بوجوبها مطلقا سواء كانت في المكتوبة أو خارجها، وقد قيد البعض الأحاديث بالصلاة
(٢٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الحج (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (5)

* الأحاديث المتواترة التي روتها علماء السنة والجماعة

اشاره

المكتوبة، وهي خلاف ظاهر أغلبها. نعم ذكر في حديث واحد وصححوه، وهو دليل علي وجوب الصلاة الكاملة في الصلوات الخمسة.
ولتكن علي فكرة أن القوم صرفوا أحاديث الصلاة عن إطلاقها إلي التقييد في الصلاة المكتوبة، ثم وجهوا السؤال ب [كيف] إلي السؤال عن الجنس، وأن أقل ما يصدق عليها هو الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فقط، وقد عقدنا مطلبا خاصا في تحقيق ذلك فراجع وذكرنا أن المقصود في السؤال ب [كيف] هو السؤال عن الهيئة والصفة، وذلك يقتضي أن يكون الجواب هو الصلاة علي النبي الأكرم " صلي الله عليه وآله وسلم " وعلي وآله [عليهم الصلاة والسلام] لأنه ركن الكلام والتشبيه يكون من مكملات الصيغة لاعتبار بلاغي، والقرينة عليه سؤالهم في كثير من الأخبار:
[كيف الصلاة عليكم أهل البيت].
ثم لا يخفي علي المتتبع أن الأحاديث الكثيرة التي ذكرها المفسرون وغيرهم وقد مرت بعضها في مطلب [نزول الآية] تدل علي أن السؤال وجه إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله حين نزول الآية، وتدل بعضها الآخر أنهم سألوا عن ذلك حين عرفوا أن السلام يكون في الصلاة المكتوبة فكذا الصلاة عليه، وكما أن للسلام كيفية خاصة فكذا الصلاة عليه، وهو كما ظنوا فأجابهم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله عن الصلاة في المكتوبة بالصلاة الكاملة عليه وعلي آله، وهذا لا يخصص الكيفية في هذا المورد بل الكيفية واجبة سواء كانت في المكتوبة أو خارجها واجبة أم مستحبة.
وإليك الأحاديث التي تذكر ذلك، وهي ثلاثة عشر حديثا وهناك الكثير لم نذكرها:
(٢٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الإستحباب (1)، الظنّ (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (8)، الوجوب (1)

* الحديث الأول: لأبي مسعود الأنصاري رواه أصحاب الصحاح

اشاره

الحديث الأول:
[حديث أبي مسعود الأنصاري (21)] فقد رواه أهل الصحاح وغيرهم بعدة أسانيد من حديث محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري:
1 - صحيح مسلم، ج: 1، ص: 305 رقم [7930]، قال: حدثنا يحيي بن يحيي التميمي قال قرأت علي مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري وعبد الله بن زيد هو الذي كان أري النداء بالصلاة أخبره عن أبي مسعود الأنصاري قال: أتانا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله تعالي أن نصلي عليك يا رسول الله! فكيف نصلي عليك؟ قال فسكت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم حتي تمنينا أنه لم يسأله ثم قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي آل إبراهيم، وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد]، والسلام كما قد علمتم.
2 - الترمذي في سننه، ج: 5، ص: 359، رقم: [23088] قال أبو عيسي:
هذا حديث حسن صحيح.
3 - سنن النسائي، كتاب السهو، رقم الحديث: [1268].
4 - سنن أبي داود، ج 1، ص: 258، المتوفي سنة: [275] عن القعنبي عن مالك. وروي عن عبد الله بن زيد عن عقبة بن عمر وبهذا الخبر: قال: [قولوا:
اللهم صل علي محمد النبي الأمي وعلي آل محمد].
5 - الإمام أحمد في مسنده، ج: 4، ص: 119، رقم [56513]. وج: 5، ص: 273، رقم: [61841]، وج: 4، ص: 118، رقم: [56507]، وروي
(٢٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب سنن أبي داود (1)، كتاب صحيح مسلم (1)، محمد بن عبد الله بن زيد (2)، نعيم بن عبد الله (1)، عبد الله بن زيد (2)، بشير بن سعد (1)، الصّلاة (2)، الوفاة (1)، السهو (1)
أيضا عن محمد بن عبد الله عن أبي مسعود قال: قيل يا رسول الله كيف نصلي عليك فقال: قولوا: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد]، وقرأت هذا الحديث علي عبد الرحمن: مالك عن نعيم بن عبد الله أن محمد بن عبد الله بن زيد أخبره عن أبي مسعود.
6 - الإمام مالك في الموطأ، كتاب الصلاة، ص: 120. رواية يحيي المذكورة آنفا ورقم 505 (رواية أبي مصعب).
وكتاب الموطأ للإمام مالك أبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي المتوفي: 179، قال الشافعي في حقه ما علي ظهر الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك يعني الموطأ. (وقد مات الشافعي عام 204 ه قبل ظهور البخاري ومسلم).
7 - سنن الدارمي، ج: 1، ص: 356، رقم [37163].
8 - مستدرك الصحيحين للحاكم النيسانوري، ج: 1، ص: 268، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيي ثنا الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق ثنا أبو الأزهر وكتبته من أصله ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثني أبي عن ابن إسحاق قال وحدثني في الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله إذ المرء المسلم عليه في صلواته. محمد بن إبراهيم عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه عن أبي مسعود عقبة بن عمرو قال أقبل رجل حتي جلس بين يدي رسول الله صلي الله عليه وآله ونحن عنده فقال يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلوتنا صلي الله عليك؟
قال فصمت حتي أحببنا أن الرجل لم يسأله، ثم قال: إذا أنتم صليتم علي فقولوا: [اللهم صلي علي محمد النبي الأمي وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، وبارك علي محمد النبي الأمي وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد].
(٢٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يعقوب بن إبراهيم بن سعد (1)، محمد بن عبد الله بن زيد (2)، نعيم بن عبد الله (1)، إبراهيم بن محمد (1)، محمد بن إبراهيم (1)، محمد بن عبد الله (1)، محمد بن إسحاق (1)، مالك بن أنس (1)، عقبة بن عمرو (1)، الموت (1)، الصّلاة (2)، الوفاة (1)
قال الحاكم: هذا حديث صحيح علي شرط مسلم. ولم يخرجاه، فذكر الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في الصلوات. انتهي.
أقول: وإن كان السؤال مقيد بقولهم: فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك [في صلوتنا] أي الصلوات اليومية إلا أن الجواب غير مقيد فقد أجاب: [إذا أنتم صليتم علي فقولوا:]، بقول مطلق مما يدل أن الكيفية بإلحاق آله واجبة في الصلاة اليومية أو خارجها أي مهما صليتم علي فقولوا.. بالصلاة الكاملة الغير البتراء.
9 - المجتبي من السنن، ج: 3، ص: 45، رقم: [25122]. ورواه أيضا عن عبد الرحمن بن بشر عن أبي مسعود الأنصاري ج: 3، ص: 47.
10 - المنتخب من مسند عبد بن حميد، ص: 106.
أقول: وقد مر عنه حديث آخر في مطلب نزول الآية فيه كيفية الصلاة.
11 - رواه البيهقي في السنن الكبري، ج: 6، ص: 17، وج: 1، ص: 381 بخمسة أسانيد تحت رقم: [87721]، ورقم: [87720] ورقم: [96346]، ورقم:
[96345]، ورقم: [96344]. وفي (الدعوات)، 84.
أقول: وأيضا رواه في ج: 2، ص: 146، من طريق أبي محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ينتهي عن نعيم بن عبد الله المجمر بإسناد المتقدم.
وأيضا في سنن البيهقي لمؤلفه لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسي البيهقي المتوفي: 458، رقم: [100905].
12 - الإمام الشافعي (في (السنن).
قال الطبراني معقبا الحديثين: أقول: إن كان أبو مسعود حدث بالحديث الأول قبل الثاني فالثاني مصحح له لأنه لا يجوز الزيادة في نصوص النبوة وإن كان حدث به بعد الثاني فيحمل علي الثاني وإلا يجب اتهامه بالتحريف إن لم نقل أنه نسي.
(٢٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، الطبراني (1)، أحمد بن الحسين بن علي (1)، نعيم بن عبد الله (1)، الصّلاة (5)، الجواز (1)

* أكثر من [40] مصدر من علماء العامة يروون حديث أبي مسعود

13 - صحيح ابن حبان، ج 5، ص: 287. لمؤلفه: أبي حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي المتوفي: 354، وج 5، ص: 289.
14 - صحيح ابن خزيمة، ج: 1، ص: 351، أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري المتوفي سنة: 311، [75346].
15 - سنن الدارقطني، ج 1، ص: 354، لأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي المتوفي سنة: 385. قال الدارقطني: هذا إسناد حسن متصل.
أقول وهناك الكثير ممن روي هذا الحديث (حديث أبي مسعود الأنصاري [1]) بطرق متعددة وأغلبها فيها قوله: [إذا أنتم صليتم علي فقولوا: اللهم صلي علي محمد النبي الأمي وعلي آل محمد..] مما يدل علي أن كلمة: [صليتم علي]، أو [الصلاة علي] هو عنوان للصلاة الكاملة التي تشتمل علي آل محمد عليهم الصلاة والسلام، وأنه يوجب إلحاقهم متي ما صلوا عليه صلي الله عليه وآله وسلم تسليما.
[١] - ومنهم أيضا. ١٦ - ومن طريق مالك عبد الرزاق، (٣١٠٨). ١٧ - الحافظ ابن عساكر في [تاريخ دمشق]، ج: ١٠، ص:
١٥٢. ١٨ - الشيباني في [الحجة علي أهل المدينة]، ص: ١٣٩. ١٩ - الشيخ عبد النبي القدوسي في [سنن الهدي]، ص: ٥٦. ٢٠ شمس الدين المقدسي الحنبلي في [المحرر في الحديث في بيان الأحكام الشرعية] ص: ٥١. ٢١ - ابن كثير في [تفسير القرآن] عند تفسير الآية. ٢٢ - المتقي الهندي في [كنز العمال]، ج: ٧، ص: ٣٤١. ٢٣ - عبد الكريم الرافعي في [التدوين]، ج: ١، ص: ١٩٠.
٢٤ - القسطلاني في [إرشاد الساري]، ج: ٩، ص: ٢٤٤. ٢٥ - السخاوي الشافعي في [القول البديع]، ص: ٢٥. ٢٦ - ابن عبد البر النمري الأندلسي في [تجريد التمهيد]، ص: ١٨٥. ٢٧ - الشعراني في [كشف الغمة] ج: ١، ص: ١١١. ٢٨ - القاضي يوسف الحنفي في [المعتبر من المختصر]، ج: ١، ص ٥٤. ٢٩ - ابن عساكر في [التاريخ] كما في منتخبه، ج: ٣، ص: ٢٦٣.
٣٠ - المراغي المغربي في [موطئه]، ص: ١٢٢. ٣١ - الذهبي في [تلخيص المستدرك]. ٣٢ - الزرندي الحنفي في [نظم درر السمطين] ص: ٤٥. ٣٣ - باكثير الحضرمي في [وسيلة المآل]، ص: ٧١. ٣٤ - الشيخ محمد بن اطفيش الخارجي في [شامل الأصل والفرع] ص: ١٠٥. ٣٥ - ابن الديبع الشيباني في [تيسير الوصول إلي جامع الأصول]، ج: ١، ص: ١٣٣. ٣٦ - الطحاوي في [مشكل الآثار]، ج: ٣، ص: ٧١. ٣٧ - العلامة الخازن في [تفسيره]، ج: ٥، ص: ٢٢٥. ٣٧ - الأندلسي الظاهري في: [المحلي]، ج ٣، ص: ٢٧٢، وج: ٤، ص: ١٣٤. ٣٨ - رواه الطبراني المعجم الكبير، ج: ١٧، ص: ٢٥٠، بأربعة طرق. ٣٩ - وأبو عوانة (٢ / ٢٣٠ - ٢٣١). ٤٠ - والقاضي إسماعيل في (فضل الصلاة علي النبي) ٦٣. ٤١ - علي بن المفضل المقدسي في (الأربعين)، ص:
٢٠٠. ٤٢ - ابن الأبار في (المعجم) ٥٣. ٤٣ - ميسرة بن علي في [مشيخته] كما في [التدوين في أخبار قزوين] (١ / ٢٥٨ - ٢٥٩) ٤٤ - ابن أبي عاصم في (الصلاة علي النبي) صلي الله عليه وآله وسلم (٣، ٤، ٥). ٤٥ - البغوي، (٦٨٣). ٤٦ - ابن حجر في (نتائج الأفكار) (2 / 192 - 193).
(٢٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب سنن الدارقطني للدارقطني (1)، محمد بن إسحاق (1)، الصّلاة (4)، الوفاة (3)، الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الأحكام الشرعية (1)، كتاب نظم درر السمطين للزرندي (1)، كتاب كشف الغمة للإربلي (1)، كتاب نتائج الأفكار للسيد الگلپايگاني (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، كتاب تفسير القرآن لعبد الرزاق الصنعاني (1)، الطبراني (1)، إبن عساكر (2)، المتقي الهندي (1)، عبد الكريم (1)، دمشق (1)

* الحديث الثاني: حديث كعب بن عجرة رواه أصحاب الصحاح

اشاره

الحديث الثاني:
[حديث كعب بن عجرة (19)] رواه الخاصة (20) والعامة من أهل الصحاح وأصحاب الحديث والسنن والمسانيد في عدة طرق، فقد رووه من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلي عنه وهو صحيح لا غمز فيه عند عامة المسلمين ومتفق عليه نذكر بعضها بأسانيدها:
1 - ما في صحيح البخاري، من كتاب أحاديث الأنبياء، ج: 3، ص: 1233 قال: حدثنا قيس بن حفص، وموسي بن إسماعيل قالا: حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا أبو فروة مسلم بن سالم الهمداني، قال: حدثني عبد الله بن عيسي سمع عبد الرحمن ابن أبي ليلي، قال: لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم؟ فقلت بلي فأهدها لي. فقال: سألنا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، فقلنا يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله قد علمنا [1] كيف نسلم عليكم؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد]. انتهي.
وفيه أيضا، خلال كتاب تفسير القرآن، ج: 4، ص: 1802، رقم: [4521]، قال: حدثني سعيد بن يحيي بن سعيد، حدثنا أبي، حدثنا مسعر عن الحكم، عن ابن
[1] - تلاحظ هنا أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أجابهم بصيغة الجمع إشارة إلي اشتراك الكل في الحكم، قوله: [قد علمنا] المشهور في الرواية بفتح أوله وكسر اللام مخففا وجوز بعضهم ضم أوله والتشديد علي البناء للمجهول ووقع في رواية بن عيينة عن يزيد بن أبي زياد وبالشك ولفظه: [قلنا قد علمنا أو علمنا] رويناه في الخلعيات وكذا اخرج السراج من طريق مالك بن مغول عن الحكم بلفظ: [علمناه] أو علمناه ووقع في رواية حفص بن عمر المذكورة أمرتنا أن نصلي عليك وان نسلم عليك فأما السلام فقد عرفناه وفي ضبط عرفناه ما تقدم في علمناه وليكن معلوما أن كلمة (آله) بين قوسين ليست من الأحاديث لكن حرصنا علي ذكرها بهذا الشكل أولا ليعلم أنه ليس من النص وثانيا لكي لا تكون ممن يؤدي الله تعالي ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم في بتر الصلاة كما ونحن لم نألف هذا الكتاب إلا لكي نثبت حرمة الصلاة البتراء ووجوب الصلاة الكاملة التي يذكر فيها آل محمد صلي الله عليهم أجمعين، وإنها هي التي تعبد الله تعالي الخلق بها.
(٢٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب تفسير القرآن لعبد الرزاق الصنعاني (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، عبد الله بن عيسي (1)، موسي بن إسماعيل (1)، ابن أبي ليلي (1)، سعيد بن يحيي (1)، الصّلاة (5)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، حفص بن عمر (1)، الجهل (1)
أبي ليلي، عن كعب بن عجرة قيل: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي آل إبراهيم. إنك حميد مجيد].
3 - أيضا في صحيح البخاري صحيح البخاري، ج: 5، ص: 2338، رقم:
[6000]، قال: حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا الحكم، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلي قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية، إن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم خرج علينا فقلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: [فقولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد] [1]. انتهي.
أقول: السؤال مطلق وليس مقيد في الصلاة المكتوبة كما يدعي البعض ويناسب لمن يذكر هذه الأحاديث أن يعنون لها ما يناسب مضمونها فإن البخاري وغيره علي رغم رواياته لهذه الأحاديث المتضمنة (آل محمد) اختار هذا العنوان: (باب الصلاة علي النبي صلي الله عليه وسلم) بالصلاة البتراء من ذكر الآل!!
وقد تنبه بعضهم لهذا الخطأ (وقد يكون خطأ بالتعبير) كالمتقي الهندي فقد اختار عنوان: (في الصلاة عليه وعلي آله) للباب السادس من كتابه كنز العمال وذكر فيه أحاديث كثيرة.
[1] - وأخرج هذه الأحاديث مسلم في كتاب الصلاة من صحيحه، رقم الحديث: 614. والترمذي في كتاب الصلاة من صحيحه، رقم الحديث: 445. والنسائي في كتاب السهو من صحيحه، رقم الحديث: 1270، و: 1271، و: 1272. وأبي داود في كتاب الصلاة من صحيحه، رقم الحديث: 830. وابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، رقم الحديث: 894. وأحمد في مسنده. رقم الحديث:
17409، و: 17425، و: 17431. والدارمي في كتاب الصلاة من سننه، رقم الحديث: 1308. ويأتي ذلك مفصلا.
(٢٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، كتاب صحيح البخاري (2)، الصّلاة (10)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، إبن ماجة (1)، السهو (1)
ونذكر هنا أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم يطلق علي الصلاة الكاملة أي مضمومة بذكر آله قوله: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد،] كما صليت علي، إبراهيم، إنك حميد مجيد] اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم، إنك حميد مجيد] يطلق علي هذه الصلوات جوابا لقولهم:
[فكيف الصلاة عليك]، مما نعلم أن الصلاة عليه تلازم الصلاة علي آله وإن لم يقل:
الصلاة علي [النبي وآله] أو الصلاة علي [أهل البيت] وغيرها. علي أنه قد ذكر في بعض الأحاديث الصلاة علي [آل محمد]، وقولهم: كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟
في حديث البخاري قرينة علي أن الصلاة الكاملة هي التي وقعت جوابا له.
وقال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري في شرحه علي الحديث المتقدم: (وأما إتيانه بصيغة الجمع في قوله: (عليكم) فقد بين مراده بقوله: [أهل البيت] لأنه لو اقتصر عليها لاحتمل أن يريد بها التعظيم، وبها تحصل مطابقة الجواب للسؤال حيث قال:
[علي محمد وعلي آل محمد] وبهذا يستغني عن قول من قال: - في الجواب زيادة علي السؤال، لان السؤال وقع عن كيفية الصلاة عليه فوقع الجواب عن ذلك بزيادة كيفية الصلاة علي آله -].
4 - صحيح مسلم، ج: 1، ص: 305، [7931]، قال: حدثنا محمد بن المثني ومحمد بن بشار، واللفظ لابن المثني قالا: حدثنا محمد ابن جعفر، حدثنا شعبة عن الحكم، قال: سمعت ابن أبي ليلي، قال: لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هدية، خرج علينا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد،
(٢٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الحافظ ابن حجر العسقلاني (1)، كتاب فتح الباري (1)، كتاب صحيح مسلم (1)، ابن أبي ليلي (1)، محمد بن المثني (1)، الصّلاة (13)
كما صليت علي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد] [1].
5 - سنن الترمذي ج: 2، ص: 352، رقم: [20332]، وزاد فيه ونحن نقول [وعلينا معهم [1]] [2]. وفيه هذه الزيادة [إذا نحن صلينا في صلاتنا صلي الله عليك؟] وهذه الفقرة: [إذا أنتم صليتم علي: فقولوا..] وقد صححها البعض منهم ويأتي ما يتعلق بهذا المعني في حديث إسحاق في مطلب التشهد].
6 - صحيح ابن حبان، ج 5، ص: 286.
ورواه في صفحة: 295، رقم: [69106] عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولي ثقيف قال حدثنا يوسف بن موسي قال: حدثنا وكيع قال حدثنا مسعر وشعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن كعب. ورواه أيضا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا وكيع عن شعبة بالإسناد المتقدم في ج: 3، ص: 193، تحت رقم: [68054].
7 - مسند أبي داود الطيالسي، ص: 142، (1061).
8 - النسائي (3 / 48). وفي (الكبري) (1212، 1882، 1191)، و (عمل اليوم والليلة) [45].
[1] - وفيه: حدثنا زهير ابن حرب وأبو كريب قالا: حدثنا وكيع، عن شعبة ومسعر عن الحكم، بهذا الإسناد مثله. وليس في حديث مسعر [ألا أهدي لك هدية]. حدثنا محمد بن بكار، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن الأعمش، وعن مسعر، وعن مالك بن مغول كلهم عن الحكم بهذا الإسناد مثله، غير أنه قال: [وبارك علي محمد]، ولم يقل: [اللهم]. انتهي.
[1] - أقول: يأتي في الحديث السادس عن أبي عبد الرحمن أنها زيادة من الراوي وهي بناء علي جواز الصلاة علي غير الأنبياء كما يأتي في مطلبه.
[2] - قال: وفي اللباب عن علي وأبي حميد وأبي مسعود وطلحة وأبي سعيد وبريدة وزيد بن خارجة ويقال ابن جارية وأبي هريرة قال: أبو عيسي حديث كعب بن عجرة حديث حسن صحيح. وعبد الرحمن بن أبي ليلي كنيته أبو عيسي وأبو ليلي اسمه يسار. انتهي.
(٢٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب مسند ابي داود الطيالسي (1)، إسحاق بن إبراهيم (2)، عبد الله بن محمد (1)، الشهادة (1)، أبو هريرة العجلي (1)، محمد بن بكار (1)، الحرب (1)، الصّلاة (1)، الجواز (1)
أقول: ورواه عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، عن كعب تحت رقم:
[1271]، وعن سليمان عن عمر، وبن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن كعب تحت رقم: [1270].
9 - أبو داود في صحيحه، ج 1، ص: 257، المتوفي سنة: 275 ه، رقم:
[15554] بطريقين وقال أبو داود: رواه الزبير بن عدي، عن ابن أبي ليلي. كما رواه مسعر إلا أنه قال: [كما صليت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك علي محمد] وساق مثله.
10 - ابن ماجة في سننه، ج: 1، ص: 293، رقم: [30502].
11 - الإمام أحمد المتوفي: 241 ه في مسنده، ج: 4، ص: 241، 243.
12 - أيضا الإمام أحمد في مسنده، ج: 4، ص: 243، رقم: [57569]، قال: حدثنا عبدة بن سليمان، أخبرنا مسعر، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن كعب بن عجرة أن رجلا سأل النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم فقال: يا رسول الله إنا قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة؟ قال: فعلمه أن يقول: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد].
أقول: لم يكتف النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ببيان كيفية الصلاة عليه فقط بل أخذ يعلمه ألفاظها وفقراتها وحفظه إياها (كما هو ظاهر قوله: فعلمه) وهذا يدل علي تأكيده وإصراره علي الكيفية الكاملة أي بضميمة آله، ولئلا يعلموه الصلاة البتراء المنهي عنها.
ورواه أيضا في ج: 4، ص: 241، [57547]. عن عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي بن سعيد عن شعبة الحكم عن بن أبي ليلي..
(٢٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب سنن إبن ماجة (1)، ابن أبي ليلي (1)، الصّلاة (3)، الوفاة (2)
13 - سنن الدارمي، ج: 1، ص: 356، رقم: [37162] بطريقين.
14 - البيهقي في السنن الكبري، ج: 2، ص: 148، وفيه: قلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟
قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ]. قال البيهقي: رواه البخاري في الصحيح عن موسي بن إسماعيل وغيره. وفي (الدعوات)، 215.
أقول: وأيضا رواه البيهقي عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن كعب في ج: 1، ص: 382، وفي ج: 1، ص: 382، عن سليمان عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن كعب، وعن الحكم عن بن أبي ليلي عن كعب في ج: 1، ص: 382، ونقله أيضا في ج: 6، ص: 19، رقم: [96350]، وج: 6، ص: 97، رقم: [96658] قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، قال حدثنا سفيان قال حفظناه من عبد الكريم عن مجاهد عن بن أبي ليلي عن كعب بن عجرة قال: قلت يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد]. قال بن أبي ليلي ونحن نقول وعلينا معهم وساق الحديث.
أقول: إن ابن أبي ليلي فهم تجوز دلك بنحو الذي ذكرناه من جواز الصلاة علي غير الأنبياء بمعني الصلاة النورانية أو غير ذلك، وهو ليس من باب الزيادة في النص كما توهم البعض ذلك لتصريحه أنه ليس من النص فقال: ونحن نقول: [وعلينا معهم]، إشارة إلي تفأله باشتراكه مع النبي صلي الله عليه وآله وسلم بلفظ الصلاة بالمعني الذي ذكرناه.
15 - الحاكم في مستدرك الصحيحين، في ج: 3، ص: 160، تحت رقم:
[82408]، حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد ثنا أحمد بن زهير بن حرب ثنا أبو سلمة موسي بن إسماعيل ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا أبو فروة حدثني عبد الله بن عيسي بن عبد الرحمن بن أبي ليلي، أنه سمع عبد الرحمن بن أبي ليلي يقول لقيني كعب بن عجرة
(٢٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عيسي (1)، موسي بن إسماعيل (2)، ابن أبي ليلي (1)، عبد الله بن محمد (1)، عمرو بن مرة (1)، عبد الكريم (1)، الصّلاة (5)، الحرب (1)، الجواز (2)
فقال ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم، قلت بلي قال فاهدها إلي قال سألنا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، فقلنا يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيب. اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
قال الحاكم معقبا الحديث بقوله: وقد روي هذا الحديث بإسناده وألفاظه حرفا بعد حرف الإمام محمد بن إسماعيل البخاري عن موسي بن إسماعيل في الجامع الصحيح، وإنما خرجته ليعلم المستفيد أن أهل البيت والآل جميعا هم. وأبو فروة وعروة بن الحارث الهمداني بن أوثق التابعين بالكوفة].
16 - مسند ابن الجعد، لمؤلفه: لأبي الحسن علي بن الجعد بن عبيد الجوهري البغدادي المتوفي: 230 ه ص: 40، رقم، [175964].
17 - المنتقي من السنن المسندة، ص 62، تأليف الشيخ عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري المتوفي سنة: 307، تحت رقم، [163122].
18 - المجتبي من السنن، ج: 3، ص: 47، رقم [25124].
أقول: ورواه أيضا في ج: 3، ص: 47، رقم: [25125]، عن سليمان عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن كعب، وعن شعبة عن الحكم عن بن أبي ليلي قال: قال لي كعب.. ج: 3، ص: 48.
19 - وأخرجه الحميدي مسنده تصنيف أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي المتوفي سنة: 219 ه ج: 2، ص: 311 وص: 310، رقم: [160361] حدثنا الحميدي قال: ثنا سفيان قال ثنا يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن كعب بن عجرة قال علمنا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، الصلاة عليه فقال:
[قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي إبراهيم وعلي آل
(٢٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب مسند ابن الجعد لعلي بن الجعد بن عبيد (1)، مدينة الكوفة (1)، يزيد بن أبي زياد (1)، عبد الله بن الزبير (1)، موسي بن إسماعيل (1)، عبد الله بن علي (1)، محمد بن إسماعيل (1)، الصّلاة (3)، الوفاة (2)
إبراهيم، إنك حميد مجيب. اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد].
وفي الحديث صريح أن النبي علم الصحابة الصلاة عليه كاملة وبين الواجب المأمور به في الآية الكريمة.
21 - أخرجه الشافعي في مسنده، ص: 42، [168742].
22 - وأخرجه الطبراني المتوفي 360 ه بخمسة عشرة سندا في المعجم الكبير، ج:
19، من ص: 116 إلي ص: 154، وإليك نص ما رواه في: ج: 19، ص: 129، قال: حدثنا أبو مسلم الكشي، ثنا عبد الله بن عائشة، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا أبو فروة مسلم بن سالم ثنا عبد الله بن عيسي بن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن عبد الرحمن بن ألي ليلي قال لقيني كعب بن عجرة، فقال: ألا أهدي لك هدية؟ قلت: بلي! فاهدها لي. قال: قلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله عز وجل قد علمنا كيف نسلم؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي إبراهيم، إنك حميد مجيد اللهم بارك علي محمد وآل محمد، كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد].
23 - القاضي إسماعيل بن إسحاق الجضمي القاضي المالكي المتوفي سنة: 282، في كتيبه: [فضل الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: 53، روي حديث كعب بثلاثة طرق. قال الألباني المعلق علي الكتيب محشيا علي الحديث الأول:
إسناده صحيح علي شرط الشيخين، وقد أخرجاه في صحيحيهما من طرق عن شعبة به.
24 - أبو بكر أحمد بن عمر بن أبي عاصم المتوفي سنة: 287، في كتيبه: [الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: 19، روي حديث كعب عن ستة طرق.
بعضها صحيحة عنهم.
(٢٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الطبراني (1)، إسماعيل بن إسحاق (1)، عبد الله بن عيسي (1)، أحمد بن عمر (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (3)، الوفاة (3)

* أكثر من مائة مصدر يروي حديث كعب

القاضي عياض المغربي في كتابه [الشفاء بتعريف حقوق المصطفي]، ج: 2، ص 60، وأيضا في كتيبه: [الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: 37 [1].
[١] - وإليك بعض المصادر التي رووا حديث كعب بن عجرة: ٢٦ ابن أبي شيبة (٢ / ٥٠٧). ٢٧ الحافظ أبو نعيم في [أخبار إصبهان]، ج ١، ص: ١٣٩. ٢٨ الخطيب البغدادي في [موضع أوهام الجمع والتفرق]، ج: ٢، ص: ٤٦٨. وكذلك في [تاريخ بغداد]، ج: ٦، ص، ٢١٦. ٢٩ الدينوري المعروف بابن السني، في [عمل اليوم والليلة]، ص: ٢٦. ٣٠ ابن جرير الطبري في [جامع البيان]، ج: ٢٢ ص ٤٣. ٣١ الحافظ أبو القاسم الرافعي في [التدوين]، ج: ١، ص: ٧٠. ٣٢ العلامة الشيخ سعيد الشافعي في [المنتقي في سيرة المصطفي]، ص: ١٩٠. ٣٣ العلامة الساعاتي في [بدايع المنن]، ج: ١، ص: ٩٢. ٣٤ أبو عبد الله النميري المغربي في [الإعلام بفضل الصلاة علي النبي] ص: ٥. ٣٥ أبو الفرج الجوزي البكري في [زاد المسير في علم التفسير] ج: ٦، ص: ١٨. ٣٦ الطحاوي في [مشكل الآثار]،: ٣، ص: ٧٢. ٣٧ البغوي الشافعي [٣ / ١٩٠] وفي [تفسير معالم التنزيل]، ج: ٣ ص: ٥٤٢. ٤٠ أبو إسحاق الثعلبي في [الكشف والبيان]. ٤١ - المحب الطبري في [ذخائر العقبي]، ص: ١٩. ٤٢ ابن تيمية الحنبلي في [منهاج السنة]، ج: ٤، ص ٦٥.
وقال معلقا: لا ريب أن هذا الحديث صحيح متفق عليه وأن عليا من آل محمد الداخلين في قوله: [اللهم صل علي محمد وآل محمد..] ٤٣ ابن عساكر في [التاريخ] كما في منتخبه، ج: ٤، ص: ٤٥٠. ٤٤ القسطلاني في [إرشاد الساري] ج: ٩، ص: ٢٤٤. ٤٥ الحمويني في [فرائد السمطين]. ٤٦ جمال الدين الزندي في [نظم درر السمطين]، ص: ٤٥. ٤٧ ابن كثير الدمشقي في [تفسير القرآن] عند تفسير الآية. وأيضا في [النهاية] ج: ١، ص: ١٧٢. ٤٨ العسقلاني في [فتح الباري في شرح البخاري]، ج: ٨، ص: ٤٣٢ ٤٩ القسطلاني في [إرشاد الساري]، ج: ٧، ص: ٣٦٥. ٥٠ بدر الدين تاعيني في [عمدة القاري]، ج: ١٥، ص: ٢٦٤. ٥١ علاء الدين الخازن، في [تفسيره]، ج: ٥، ص: ٢٢٥. ٥٢ العلامة السيوطي في [الجامع الصغير]، ص: ٢١٩. ٥٣ العارف عفيف الدين اليافعي في [الإرشاد والتطريز]. ٥٤ ابن القيم الجوزية في [أعلام الموقعين]، ج: ٤، ص: ٣٠٩. وأيضا في جلاء الأفهام، ص:
٣٢. ٥٥ ابن حجر الهيثمي في [الدر المنضود]، ص: ٢٠. روي الحديث من طريق البيهقي عن الإمام الشافعي عن كعب بن عجرة. وفيه أن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم كان يقول في الصلاة: اللهم صل علي محمد وآل محمد. ٥٦ القاضي الشيخ محمد المعروف باقكرماني في [شرح الأربعين]، ص: ١١٠. ٥٧ الشيخ عبد الوهاب السبكي في [الطبقات الشافعية الكبري]، ص ٩٥. ٥٨ العارف السمرقندي في [تنبيه الغافلين]، ص: ١٤٨. ٥٩ شهاب الدين النويري المصري، في [نهاية الإرب] ج: ٥، ص: ٣٠٨. ٦٠ المحدث عطاء الله الحسيني في [روضة الأحباب]، ص: ٦٤١. ٦١ السيد خواجة مير المحمدي الحنفي في [علم الكتاب]، ص: ٢٦٤. ٦٢ القندوزي الحنفي، في [ينابيع المودة] ص: ١٩٢، ص ٢٩٥. ٦٣ الآلوسي في [غرائب الاغتراب]، ص: ١١٢. ٦٤ أبو بكر الحضرمي، في [رشفة الصادي]، ص: ٦٧. ٦٥ الشيخ عبد الله الحنفي في [أرجح المطالب]، ص: ٨١. ٦٦ الزبيدي الحنفي في [الأتحاف]، ج: ٣، ص: ٧٨. ٦٧ ابن حمزة الحسيني في [البيان والتعريف]، ج: ٢، ص: ١٣٤. ٦٨ الشيخ عبد الله الشافعي في [مناقبه]، ص: ٧٠، ٦٩ العلامة يوسف النبهاني، [الفتح الكبير]، ج: ٢، ص: ٣٠٤. ٧٠ ابن الديبع الشيباني في [تيسير الوصول] ج: ١، ص: ٢٢٣. ٧١ القاضي يوسف الحنفي في [المعتبر من المختصر] المختصر للقاضي الباجي، ج: ١، ص: ٥٤. ٧٢ [تلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير]، ج: ١، ص:
٢٦٣. ٧٣ - ابن حزم الأندلسي في [المحلي]، ج: ٤، ص: ١٣٥. ٧٤ عبد الرزاق (٣١٠٥) ٧٥ الحسن بن عرفة في (جزئه) [٧٢] ٧٦ أبو زرعة الدمشقي في (فوائده) (٥، ٦). ٧٧ الجوهري في (جزء من حديث أبي العباس رافع العصمي) [٢، ٣]. ٧٨ أو عوانة (٢ / ٢٣١، ٢٣٢). ٧٩ الذهبي في (الأربعين البلدانية) رقم ٩. ٨٠ المحاملي في (الأمالي) [٤٦٢] - ومن طريقه ابن حجر في (نتائج الأفكار). وهناك مصادر أخري تركناها خشية الملل.
(٢٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، الحافظ أبو نعيم (1)، كتاب نظم درر السمطين للزرندي (1)، كتاب تفسير القرآن لعبد الرزاق الصنعاني (1)، كتاب جامع البيان لإبن جرير الطبري (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، ابراهيم الحمويني الشافعي (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، كتاب فرائد السمطين (1)، كتاب ذخائر العقبي (1)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، كتاب فتح الباري (1)، إبن عساكر (1)، يوم عرفة (1)، إبن حجر الهيثمي (1)، محب الدين الطبري (1)، أبو بكر الحضرمي (1)، أبو عبد الله (1)، الخطيب البغدادي (1)، ابن تيمية (1)، جمال الدين (1)، الثعلبي (1)، الفرج (1)، الصّلاة (3)

* معني الأمر النبوي في بيان السمهودي

هذه بعض من روي حديث كعب الذي تلقوه بالقبول ولم يغمز فيه أحد، ورووه آخرون أيضا اطلعت علي مصادرهم وهي كثيرة غضضت الطرف عنها فإن ما ذكر فيه الكفاية للمطلب الذي نريد إثباته وهو إلحاق الآل بجدهم الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في الصلاة عليه.
ويناسب (هنا) إيراد ما ذكره السمهودي في جواهر العقدين ففي ج: 1، ص: 4 قال بعد إيراد رواية كعب عن البخاري: متفق عليه، وقد بين في رواية البيهقي والخلفي وغيرهما بسند جيد من طريق ابن أبي ليلي عن كعب بن عجرة سبب سؤالهم عن ذلك، ولفظه: [لما نزلت {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}، قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ الحديث]. وجاء بيان هذا السبب في رواية لأحمد، والترمذي والطبراني من هذا الوجه فظهر بذلك أن المسئول عنه الصلاة المأمور بها في الآية المذكورة، ودلت الرواية التي في مستدرك الحاكم [1].
علي أن المراد من هذا الأمر الصلاة عليه وعلي آله، لقوله: كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ يعني النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وآله، ودل علي صحة ذلك، قوله صلي الله عليه وآله وسلم في رواية الصحيحين المتقدمة في جواب قولهم: فكيف نصلي عليك؟ [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد الحديث]، وقد جاء كذلك في الروايات التي فيها بيان سبب سؤالهم نزول الآية المذكورة، فدل بيانه صلي الله عليه وآله وسلم للكيفية المأمور بها بذلك علي أنه من جملة المأمور به، وأنه صلي الله عليه وآله
[1] - التي مرت في رقم: 16. [2] - مسند أحمد رقم الحديث: [25521] حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا علي بن زيد عن شهر بن حوشب عن أم سلمة أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة ائتيني بزوجك وابنيك فجاءت بهم فألقي عليهم كساء فدكيا قال ثم وضع يده عليهم ثم قال: [اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك علي محمد وعلي آل محمد إنك حميد مجيد] قالت أم سلمة فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه وقال إنك علي خير.
(٢٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، الطبراني (1)، ابن أبي ليلي (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (5)، السب (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (2)، حماد بن سلمة (1)، علي بن زيد (1)
وسلم أقامهم في ذلك مقام نفسه، إذ القصد من الصلاة عليه أن ينيله مولاه عز وجل من الرحمة المقرونة بتعظيمه وتكريمه ما يليق به وبأهل بيته عليهم السلام.
ومن ذلك ما يفيضه عز وجل منه علي أهل بيته، فإنه من جملة تعظيمه وتكريمه، وربما يدعم ذلك بما سبقت الإشارة إليه في طرق أحاديث إدخاله صلي الله عليه وآله وسلم من أدخل من أهل بيته في الكساء أو الثوب من قوله: [اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك علي آل محمد … الحديث].
وقوله في الرواية الأخري: [اللهم إنهم مني وأنا منهم، فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك ورضوان علي وعليهم]، إذ مقتضي استجابة هذا الدعاء إن الله عز وجل خصهم بالصلاة عليهم معه. وإذا كانت صلاة الله عليه وعليهم كذلك شرعت عليهم معه كما يقتضيه سياق الآية الكريمة، فينتج من ذلك دخولهم في قوله عز وجل: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}، مع أن المراد أكمل صلاة وأتمها فيكون عليه وعلي آله، فما رتبه عز وجل علي ذلك من أمر المؤمنين بالصلاة عليه يكون لطلب الصلاة عليه وعلي آله أيضا ومنشأ ذلك إلحاقهم به في التطهير.
وفي نهاية المطلب ينبغي أن يعلم أن أغلبهم رووا هذا الحديث بعدة طرق، ولم يخل واحد منها من ذكر آل محمد عليهم الصلاة والسلام، وبقي الكثير من المصادر والمراجع لدينا أيضا كالتفاسير وكتب التراجم وغير ذلك.
وقد استدلوا به علي تعيين هذا اللفظ الذي علمه النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أصحابه في امتثال الأمر الإلهي الوارد في آية الصلوات، سواء كان الوجوب مطلقا أو مقيدا بالصلاة، لكن الأحاديث كما رأيت مطلقة.
(٢٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (6)، الكرم، الكرامة (1)

* حديث ثاني لكعب في فضل الصلاة

الحديث الثاني لكعب:
ولكعب بن عجرة حديث آخر نذكره في هذه المناسبة: ورواه الحاكم في مستدرك الصحيحين، ج: 4 ص: 170، تحت رقم: (7256) وصححه ووافقه الذهبي من حديث محمد بن إسحاق (هو الصغاني) حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا محمد بن هلال، حدثني سعد بن إسحاق بن عجرة، عن أبيه عن كعب بن عجرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [أحضروا المنبر، فحضرنا، فلما ارتقي الدرجة قال:
آمين. ثم ارتقي الدرجة الثانية فقال: آمين، ثم ارتقي الدرجة الثالثة، فقال: آمين، فلما فرغ نزل عن المنبر، فقلنا: يا رسول الله سمعنا منك اليوم شيئا ما كنا نسمعه، فقال: إن جبريل عرض لي فقال: بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له، فقلت: آمين، فلما رقيت الثانية، قال: بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك. فقلت: آمين، فلما رقيت الثالثة، قال: بعد من أدرك أبويه الكبر أو أحدهما فلم يدخل الجنة، فقلت آمين]. قال الحاكم: صحيح الإسناد [1].
[١] - أقول ورواه: ورواه البخاري في (التاريخ الكبير)، ج: ٧، ص: ١٩٠. وشعب الإيمان، ج: ٢، ص: ٢١٥. والطبراني في (المعجم الكبير)، ج: ١٩، ص: ١٤٤. وأخرجه المتقي الهندي في (مجمع الزوائد) وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات. وفي تحفة الأحوذي، ج:
٣، ص: ٣٩٥. والترغيب، ج: ٢، ص: ٥٦. ورووا الحديث عن أبي هريرة أيضا رواه البخاري في الأدب المفرد، ج: ١، ص: ٢٢٥ وابن خزيمة في صحيحه، ج: ٣، ص: ١٩٢. والبيهقي في السنن الكبري، ج: ٤، ص: ٣٠٤. ومسند أبي يعلي، ج: ١٠، ص:
٣٢٨. والمعجم الأوسط، ج: ٩، ص: ١٧. وابن حبان في صحيحه، ج: ٣، ص: ١٨٨. ومجمع الزوائد، ج: ١٠، ص: ١٦٧.
وموارد الظمآن، ج: ١، ص: ٤٨٧. ورووا الحديث عن مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده رواه ابن حبان في صحيحه ج: ٢، ص: ١٤٠. ومجمع الزوائد، ج: ١٠، ص: ١٦٦. والمعجم الكبير، ج: ١٩، ص: ٢٩١. وموارد الظمآن، ج: ١، ص:
٥٨٣. والترغيب، ج: ٢، ص: ٥٧، وص: ٣٣٠. ورووه الحديث أيضا عن جابر بن سمرة كما في الفردوس، ج: ١، ص: ٤٠٥.
والمعجم الكبير، ج: ٢، ص: ٢٤٣. ومجمع الزوائد، ج: ١٠، ص: ٨، ص: ١٣٩، وج: ١٠، ص: ١٦٧. والترغيب، ج: ٣، ص ٢١٨. ورووه أيضا عن عمار بن ياسر رضوان الله عليه كما في مسند البزار، ج: ٤، ص: ٢٤١. ومجمع الزوائد، ج: ١٠، ص: ١٦٤.
ورووه عن عبد الله بن عباس، كما في المعجم الكبير ج: ١١، ص: ٨٢ وص: ٨٣، وج: ١٠، ص: ١٦٥. والترغيب، ج: ٢، ص ٣٣١. و رووه كذلك عن أنس كما في مجمع الزوائد، ج: ١٠، ص: ١٦٦. وموضح أوهام الحجة والتفريق، ج: ٢، ص: ١٠٠، و رووه عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي كما في مسند البزاز، ج: ٩، ص: ٢٤٧. ورووه أيضا عن جابر بن عبد الله رواه البخاري في الأدب المفرد، ج: 1، ص: 224. وشعب الإيمان، 3، ص: 315.
(٢٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: شهر رمضان المبارك (1)، محمد بن إسحاق (1)، الهلال (1)، عبد الله بن عباس (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (6)، كتاب تحفة الأحوذي للمباركفوري (1)، أبو هريرة العجلي (1)، الطبراني (2)، عبد الله بن الحارث (1)، جابر بن عبد الله (1)، المتقي الهندي (1)، عمار بن ياسر (1)، الحسن بن مالك (1)، جابر بن سمرة (1)، الظمأ (2)
وأما عن الخاصة فقد رواه السيد فضل الله الراوندي في نوادره بإسناده عن سلمة بن وردان قال سمعت أنس بن مالك يقول ارتقي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم علي المنبر درجة فقال: آمين. ثم ارتقي الثانية، فقال: آمين. ثم ارتقي الثالثة، فقال: آمين ثم استوي فجلس، فقال أصحابه علي ما أمنت؟ فقال: أتاني جبرئيل فقال: رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك. فقلت: آمين. فقال رغم أنف امرئ أدرك أبويه فلم يدخل الجنة فقلت: آمين. فقال: رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له فقلت:
آمين].
ورواه أيضا عن الإمامين الباقر والكاظم عن آبائهم عليهم الصلاة والسلام أجمعين عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. فقد روي المفيد في المقنعة عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في حديث أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: [قال لي جبرئيل: من ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله. فقلت: آمين. فقال: ومن أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فأبعده الله قلت: آمين. قال: ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يغفر له فأبعده الله. فقلت: آمين] [1].
[١] - وأيضا في كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه (والد الصدوق) عن موسي بن إسماعيل بن موسي بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليه السلام قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، رغم أنف رجل أدرك أبويه عند الكبير فلم يدخلاه الجنة، رغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له]. وفي (الكافي)، ج: ٤، ص: ٦٧، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: لما حضر شهر رمضان وذلك في ثلاث بقين من شعبان قال لبلال ناد في الناس. فجمع الناس، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: أيها الناس إن هذا الشهر قد خصكم الله به، وحضركم وهو سيد الشهور، ليلة فيه خير من ألف شهر، تغلق فيه أبواب النار، وتفتح فيه أبواب الجنان، فمن أدركه ولم يغفر له فأبعده الله، ومن أدرك والديه ولم يغفر له فأبعده الله، ومن ذكرت عنده فلم يصل علي فلم يغفر الله له فأبعده الله]. ورواه الصدوق مرسلا، ورواه في كتاب فضائل شهر رمضان، عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمد. ورواه في ثواب الأعمال، وفي المجالس عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمد بهذا السند عن عبد الله بن عبد الله عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام، ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب.
(٢٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، شهر رمضان المبارك (5)، أنس بن مالك (1)، الصّلاة (1)، أبو بصير (1)، شهر شعبان المعظم (1)، موسي بن إسماعيل بن موسي بن جعفر (1)، عبد الله بن عبد الله (1)، علي بن بابويه (1)، الشيخ الصدوق (2)، محمد بن يعقوب (1)، أحمد بن محمد (2)

* الحديث الثالث: لأبي سعيد الخدري رواه أصحاب الصحاح

اشاره

الحديث الثالث:
[حديث أبي سعيد الخدري (24)] رواه أصحاب الصحاح منهم البخاري رقم: 5881، لكن بحذف (آل محمد) منه قال: حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا ابن أبي حازم والدراوردي عن يزيد عن عبد الله ابن خباب عن أبي سعيد الخدري [رضوان الله عليه] قال قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك فكيف نصلي؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد عبدك ورسولك، كما صليت علي إبراهيم، وبارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم].
صحيح البخاري، ج: 4، ص: 1802.
ورواه النسائي تحت رقم 1276، وابن ماجة، تحت رقم: 893، ومسند أحمد: 3 ص: 47، تحت رقم: 50832، والبيهقي في السنن الكبري،: 1، ص: 383، رقم: [87728].
أقول: يظهر أنه أسقط (آل محمد) في لفظ الصلاة دون لفظ [بارك] فقد ذكر بعضهم الحديث كاملا منهم: الحميدي فيما نقله المجلسي رضوان الله عليه قال: ومن ذلك ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسنده عن أبي سعيد الخدري [رضوان الله تعالي عنه] في الحديث الخامس من إفراد البخاري قال: قلت: يا رسول الله هذا السلام عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد عبدك ورسولك وآل محمد، كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك علي محمد وآل محمد، كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم]. انتهي (25).
أقول: بحثت كثيرا وسئلت كذلك بعض المحققين فلم نعثر علي مسند الحميدي الذي فيه الحديث المتضمن لكلمة: [آل محمد]، ولعل المخطوط منه محتفظ بأصل نصه، وأرجو لمن يطلع أن يرشدنا إليه إسهاما في خدمة الولاية.
(٢٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، أبو سعيد الخدري (3)، كتاب صحيح البخاري (1)، العلامة المجلسي (1)، إبن ماجة (1)، الصّلاة (3)

* توجيه حذف [آل محمد] من الحديث

نعم في الأخير رأيت مسند الحميدي، اسم المؤلف: عبد الله بن الزبير الكنية: أبو بكر اللقب والنسب: الحميدي. متوفي: 219، طبع: دار النشر: دار الكتب العلمية مراجعة: حبيب الرحمن الأعظمي في: بيروت، 1381 ه عدد الأجزاء: 2. لكن لم نجد حديثا في الصلاة مروي عن أبي سعيد الخدري (رضوان الله عنه) كما ذكرها صاحب البحار، ف {إنا لله وإنا إليه راجعون}.
وقد يقال في عدم ذكر كلمة: [آل محمد]، في حديث أبي سعيد الخدري (رضوان الله تعالي عنه] وذكرها في الأحاديث المتواترة أنه حفظ بعض الرواة ما لم يحفظه غيره، ولذا نري [آل محمد] مثبتة في لفظ و [وبارك علي محمد وآل محمد] ولابد أن يحمل علي غيره من الأحاديث الصحيحة والتي رويت أكثر منه كحديث كعب وغيره الذي في ضمنه [آل محمد في الصلاة]. هكذا وجهه ابن حجر في فتح الباري في شرح البخاري.
لكن نحن نشك في ذلك فإن سياسة التلاعب في النصوص النبوية والحذف في بعضها والزيادة في البعض الآخر معروف، وهناك شواهد كثيرة في كتب الصحاح والأحاديث ولسنا في صدد بيان ذلك، وويل لمن يحرفون الكلم عن مواضعه: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع علي خائنة منهم} [المائدة: 13].
استدراك: بعد ما ختمنا الكتاب قبل طبعه في ليلة: 23، من شهر رمضان المبارك لعام:
1420 ه، هدانا الله تعالي ببركة بيت النبوة ونور الولاية علي حديث أبي سعيد الخدري [رضوان الله تعالي عنه] بذكر كلمة: [آل محمد] في بعض مصادر العامة والحمد لله رب العالمين.
ولما كان ما كتبناه من هذا المطلب في وقت يرجي أن تكون [ليلة القدر] التي العمل فيها خير من ألف شهر رأينا أن نلحق ما وجدناه في الأخير من حديث أبي سعيد
(٢٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: أبو سعيد الخدري (2)، كتاب فتح الباري (1)، شهر رمضان المبارك (1)، مدينة بيروت (1)، عبد الله بن الزبير (1)، الصّلاة (2)

* اطلاع المؤلف علي مصدر يذكر الحديث بطريقين متضمنا [آل محمد]

الخدري [رضوان الله تعالي عليه] في كتيب [الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم لمؤلفه أبو بكر أحمد بن عمر بن أبي عاصم المتوفي سنة: 287، طبع دار المأمون للتراث، دمشق، سنة الطبع 1414، ص: 21 من طريقين: الأول رقمه: 16، والثاني رقمه: 17 أما الأول: قال: حدثنا محمد بن سلمة، ومحمد بن أبي عمر، قالا حدثنا محمد بن عبد العزيز، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري [رضوان الله تعالي عنه]، قلنا: يا رسول الله هذه السلام، فكيف نصلي عليك؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد عبدك ورسولك وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وبارك علي محمد وآل محمد كما باركت علي إبراهيم].
الحديث الثاني: قال حدثنا يعقوب، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري [رضوان الله تعالي عنه] قال: قلنا: يا رسول الله هذه السلام، فكيف نصلي عليك؟ فذكره.
وقال المحقق والمعلق علي الكتاب حمدي عبد المجيد السلفي في حاشية الحديث: ورواه ابن أبي شيبة رقم: [8633]، والحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار، ج: 2، ص:
186، ص: 187.
والحمدلله الذي لم يخيب ظننا بهم {وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب} [هود: 88]. وجعلنا ممن يثق فيه وبأهل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام، {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} [العنكبوت: 69]. اللهم ارزقنا توفيق الطاعة، وبعد المعصية، وصدق النية..
(٢٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب نتائج الأفكار للسيد الگلپايگاني (1)، أبو سعيد الخدري (2)، يزيد بن عبد الله (1)، عبد الله بن خباب (2)، عبد العزيز بن محمد (1)، محمد بن عبد العزيز (1)، محمد بن أبي عمر (1)، أحمد بن عمر (1)، محمد بن سلمة (1)، دمشق (1)، الصّلاة (2)، الصدق (1)، الوفاة (1)

* الحديث الرابع: لبريدة الخزاعي، رواه أصحاب الصحاح

اشاره

الحديث الرابع:
[حديث بريدة الخزاعي (26)] رواه جماعة منهم:
1 - الإمام أحمد في مسنده، ج: 5، ص: 353، رقم الحديث: [21910]، قال: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل، عن أبي داود الأعمي عن بريدة الخزاعي قال: قلنا: يا رسول الله! قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟
قال: [قولوا: اللهم اجعل صلواتك، ورحمتك، وبركاتك علي محمد وعلي آل محمد، كما جعلتها علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم إنك حميد مجيد]. انتهي.
2 - مسند الروياني، ج: 1، ص: 90.
3 - الخطيب البغدادي في [تاريخ بغداد]، ج: 8، 142.
4 - تحفة الأحوذي، ج: 2، ص: 494.
5 - والحافظ نور الدين في [مجمع الزوائد]، ج: 2، ص: 144. نفس النص المتقدم، وأيضا في ج: 10، ص: 163.
6 - وأبو عبد الله النميري المغربي في [الإعلام بفضل الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: 24.
7 - وذكره السخاوي في [القول البديع] أنه رواه أبو العباس السرج، وأحمد بن منيع وأحمد بن حنبل، وعبد بن حميد في مسانيدهم، والمعمري، وإسماعيل القاضي..
8 - وابن كثير الدمشقي في [تفسير القرآن] عند تفسير الآية. نفس النص المتقدم عن الإمام أحمد.
(٢٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، كتاب تفسير القرآن لعبد الرزاق الصنعاني (1)، كتاب تحفة الأحوذي للمباركفوري (1)، أبو عبد الله (1)، الخطيب البغدادي (1)، أحمد بن حنبل (1)

* لفظ الحديث: اللهم اجعل صلواتك، ورحمتك، وبركاتك علي محمد وعلي آل محمد

الحديث الرابع:
[حديث بريدة الخزاعي (26)] رواه جماعة منهم:
1 - الإمام أحمد في مسنده، ج: 5، ص: 353، رقم الحديث: [21910]، قال: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل، عن أبي داود الأعمي عن بريدة الخزاعي قال: قلنا: يا رسول الله! قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟
قال: [قولوا: اللهم اجعل صلواتك، ورحمتك، وبركاتك علي محمد وعلي آل محمد، كما جعلتها علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم إنك حميد مجيد]. انتهي.
2 - مسند الروياني، ج: 1، ص: 90.
3 - الخطيب البغدادي في [تاريخ بغداد]، ج: 8، 142.
4 - تحفة الأحوذي، ج: 2، ص: 494.
5 - والحافظ نور الدين في [مجمع الزوائد]، ج: 2، ص: 144. نفس النص المتقدم، وأيضا في ج: 10، ص: 163.
6 - وأبو عبد الله النميري المغربي في [الإعلام بفضل الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: 24.
7 - وذكره السخاوي في [القول البديع] أنه رواه أبو العباس السرج، وأحمد بن منيع وأحمد بن حنبل، وعبد بن حميد في مسانيدهم، والمعمري، وإسماعيل القاضي..
8 - وابن كثير الدمشقي في [تفسير القرآن] عند تفسير الآية. نفس النص المتقدم عن الإمام أحمد.
(٢٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، كتاب تفسير القرآن لعبد الرزاق الصنعاني (1)، كتاب تحفة الأحوذي للمباركفوري (1)، أبو عبد الله (1)، الخطيب البغدادي (1)، أحمد بن حنبل (1)

* الحديث الخامس: لطلحة بن عبيد الله رواه أصحاب الصحاح

اشاره

الحديث الخامس:
[حديث طلحة بن عبيد الله (22)] فقد رواه عدة من علماء القوم وحفاظهم في صحاحهم ومسانيدهم:
1 - الإمام أحمد بن حنبل المتوفي: 241 ه في مسنده، ج: 1، ص: 162 قال:
حدثنا محمد بن بشر حدثنا مجمع بن يحيي الأنصاري حدثنا عثمان بن موهب عن موسي بن طلحة عن أبيه قال: قلت يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال [قل: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد. كما صليت علي إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد]. ورواه أيضا تحت رقم: [40725].
2 - سنن النسائي، كتاب السهو، رقم الحديث: [1273] قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا محمد بن بشر قال حدثنا مجمع بن يحيي عن عثمان بن موهب عن موسي بن طلحة عن أبيه قال قلنا يا رسول الله كيف الصلاة عليك قال:
[قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد.] ورواه أيضا تحت رقم: [1274] عن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا عمي قال حدثنا شريك عن عثمان بن موهب عن موسي بن طلحة عن أبيه أن رجلا أتي نبي الله صلي الله عليه (وآله) وسلم.
والنسائي أيضا في (عمل اليوم والليلة) [52].
3 - المجتبي من السنن، ج: 3، ص: 48، رقم [25127] ورقم: [25128].
4 - مسند أبي يعلي، في ج: 2، ص: 21، [120479].
(٢٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، طلحة بن عبيد الله (1)، إبراهيم بن سعد (1)، موسي بن طلحة (2)، أحمد بن حنبل (1)، محمد بن بشر (2)، الشراكة، المشاركة (1)، الصّلاة (2)، الوفاة (1)، السهو (1)

* خمسة عشر مصدرا لحديث طلحة

أقول: ورواه في ص: 22، عن حدثناه محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا محمد بن بشر حدثنا مجمع بن يحيي الأنصاري حدثنا عثمان بن موهب عن موسي بن طلحة عن أبيه.
5 - ورواه البيهقي في السنن الكبري، ج: 1، ص: 383، تحت رقم:
[87725] وتحت رقم: [87726]، وج: 6، ص: 18، رقم: [96348].
6 - وابن جرير الطبري في [تفسيره]، ج: 22، ص 43. ولفظه: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا هارون، عن عنبسة، عن عثمان بن موهب، عن موسي بن طلحة، عن أبيه، قال: أتي رجل النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم، فقال: سمعت الله يقول: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي … } الآية، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: [قل: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم إنك حميد مجيد] [1].
[١] - ومنهم أيضا ١٦ - الهيثم الشاشي في (مسنده) رقم ٣. ١٧ - والبزار (رقم: ٩٤١، ٩٤٢). ١٨ - القاضي إسماعيل، (رقم ٦٨).
٧ - ورواه بهذا اللفظ أبو عبد الله النميري المغربي في [الإعلام بفضل الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: ٢١. ٨ - وإسماعيل القاضي المالكي: [فضل الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: ٦٨. وقال الألباني المعلق علي الكتاب: إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح. ٩ - الطحاوي في [مشكل الآثار] ج: ٣، ص: ٧١. ١٠ القسطلاني في [إرشاد الساري]، ج: ٩، ص: ٢٤٤. ٩ أبو عبد الله النميري المغربي في [الإعلام بفضل الصلاة علي النبي] ص: 21. 10 العلامة علي خان في [فتح البيان]، ج: 7 ص: 313. وأبو بكر بن أبي شيبة في [المصنف]، (2 / 507). مقتصرا علي الفقرة الأولي. 11 والدينوري في [عمل اليوم والليلة]، ص: 52.
12 وفي: النعوت من الكبري، (7671). 13 وأبو بكر أحمد بن عمر بن أبي عاصم [الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: 12، رقم: 1. 14 وفي تهذيب الكمال، ج: 27، ص: 245. 15 وهناك آخرون كأبي نعيم في [حليته] وابن عبد البر في [استيعابه] وغيرهما ويظهر من حديث طلحة بألفاظه المختلفة المتقدمة أن المسألة كانت في وقتين مرة لما جاء رجل وسأله عن الصلاة حين نزول الآية، وأخري سألوا عن كيفية الصلاة في الصلاة المكتوبة.
(٢٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن نمير (1)، موسي بن طلحة (2)، محمد بن بشر (1)، الصّلاة (4)، الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (4)، كتاب تهذيب الكمال للمزي (1)، أبو بكر بن أبي شيبة (1)، أبو عبد الله (2)، أحمد بن عمر (1)

* الحديث السادس: لزيد بن الخارجة رواه أصحاب الصحاح

اشارة

الحديث السادس:
[حديث زيد بن خارجة (23)] رواه جماعة منهم في الصحاح وغيرها:
1 - الإمام أحمد في مسنده، من مسند الصحابة بعد العشرة، رقم الحديث:
[1621]، قال: حدثنا علي بن بحر حدثنا عيسي بن يونس حدثنا عثمان بن حكيم حدثنا خالد ابن سلمة أن عبد الحميد بن عبد الرحمن دعا موسي بن طلحة حين عرس علي ابنه فقال يا أبا عيسي كيف بلغك في الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم فقال موسي سألت زيد بن خارجة عن الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم؟
فقال زيد: إني سألت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم بنفسي فقلت: كيف الصلاة عليك؟ قال: [صلوا واجتهدوا. ثم قولوا: اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم إنك حميد مجيد].
أقول: الحديث قد سقط أو أسقط منه لفظ الصلاة علي النبي وآله صلي الله عليه وآله وسلم حيث لفظ [صلوا] في الحديث أي [صلوا علي] بدليل الحديث التالي، والذي رواه النسائي، كما يدل حديث أحمد. علي أن عبارة تفسير قولهم: كيف الصلاة عليك هو ما أجاب عنه النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بقوله: [اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم إنك حميد مجيد].
ولا يخفي أن قوله هذا هو من مصاديق قوله صلي الله عليه وآله وسلم: [أحسوا الصلاة علي] الوارد في جملة من الأحاديث، وعلي أنه فيها المدح الذي حث عليه في الأخبار، ولذا عطف قوله: [صلوا] بقوله: [ثم قولوا] في قوله: [صلوا واجتهدوا ثم قولوا، اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم إنك حميد مجيد]، وليست هي من مصاديق الصلاة، فالمعني من الحسن في الصلاة أن تقرنوا التشبيه بإبراهيم وآله، ويؤيد هذا المعني ما رواه البيهقي السنن الكبري، ج: 4،
(٢٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، عيسي بن يونس (1)، موسي بن طلحة (1)، عبد الحميد (1)، الصّلاة (7)
ص: 396، رقم: [94161] عن موسي بن طلحة وسأله عبد الحميد كيف الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم قال سألت زيد بن خارجة الأنصاري قال سألت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، فقلت: يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟
قال: [صلوا علي، ثم قولوا: اللهم بارك علي محمد وآل محمد، كما باركت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
أقول: والعطف ب [ثم] يدل علي أن المعطوف من مكملات الصلاة ومحسناتها والتطويل المطلوب في مقام الأنس، لكن لا تنسي أن المصداق لقوله: [صلوا علي] هي الصلاة الكاملة المتضمنة لذكر الآل، ولعل الأنسب بهذا ما رواه القاضي إسماعيل الآتي ذكره.
2 - سنن النسائي، كتاب السهو، رقم الحديث: [1275] قال: أخبرنا سعيد بن يحيي بن سعيد الأموي في حديثه عن أبيه عن عثمان بن حكيم عن خالد بن سلمة عن موسي بن طلحة قال سألت زيد بن خارجة؟ قال: أنا سألت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم؟ فقال: [صلوا علي واجتهدوا في الدعاء وقولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد]. وفي (عمل اليوم والليلة) [53].
3 - القاضي المالكي إسماعيل بن إسحاق الجضمي القاضي المالكي المتوفي سنة:
282، في كتيبه: [فضل الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: 63، رقم: 69. قال حدثنا علي بن عبد الله،، قال: حدثنا مروان بن معاوية، قال: ثنا عثمان بن حكيم، عن خالد بن سلمة، عن موسي بن طلحة، قال: أخبرني زيد بن خارجة (أخو بني حارثة بن الخزرج) قال: قلت: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟
قال: [صلوا علي، وقولوا: اللهم بارك علي محمد وآل محمد، كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد].
(٢٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، إسماعيل بن إسحاق (1)، مروان بن معاوية (1)، علي بن عبد الله (1)، يحيي بن سعيد (1)، موسي بن طلحة (3)، عبد الحميد (1)، الصّلاة (7)، الوفاة (1)، السهو (1)

* خمسة وعشرون مصدرا لحديث زيد

قال محقق الكتاب وهو الشيخ محمد ناصر الألباني العالم السلفي تعقيبا علي الحديث:
إسناده مرسل صحيح.
4 - الآحاد والمثاني، ج: 4، ص: 56، رقم: [166465] حدثنا يعقوب بن حميد ثنا مروان بن معاوية ثنا عثمان بن حكيم عن خالد بن سلمة عن موسي بن طلحة عن زيد بن خارجة أخا لبني حارثة بن الخزرج رضي الله تعالي عنه سألت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم فقلت يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: [صلوا علي، وقولوا: اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم، إنك حميد مجيد].
5 - السنن الكبري، ج: 6، ص: 19، رقم: [96349]، وج: 1، ص:
383، رقم: [87727] وإليك نص الثاني: أخبرنا سعيد بن يحيي بن سعيد الأموي في حديثه عن أبيه عن عثمان بن حكيم عن خالد بن سلمة عن موسي بن طلحة قال:
سألت زيد بن خارجة قال: أنا سألت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم؟ فقال:
[صلوا علي، واجتهدوا في الدعاء، وقولوا: اللهم صل علي محمد وآل محمد].
6 - البخاري في [التاريخ الكبير]، ج: 3، ص: 383، الرقم: 1281.
7 - الحافظ ابن منده في كتاب [الصحابة] كما في جلاء الأفهام، ص: 38.
8 - الطحاوي في [مشكل الآثار] ج: 3، ص: 71.
9 - الدولابي في [الكني والأسماء] ج: 2، ص: 52.
10 - القاضي عياض المغربي في: [الشفاء بتعريف حقوق المصطفي]، ج: 2، ص 61.
11 - ابن حجر العسقلاني، في [الإصابة]، ج: 1، ص: 547.
12 - الآبشهي في [المستطرف]، ج: 2، ص: 268.
(٢٨١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب الآحاد والمثاني للضحاك (1)، الحافظ ابن حجر العسقلاني (1)، مروان بن معاوية (1)، سعيد بن يحيي (1)، موسي بن طلحة (2)، الصّلاة (3)
13 - العلامة السيوطي في [الجامع الصغير]، في حرف الصاد.
14 - القندوزي الحنفي في [ينابيع المودة]، ص: 185.
15 - القسطلاني في [إرشاد الساري]، ج: 9، ص: 244.
16 - العلامة يوسف النبهاني، [الفتح الكبير]، ج: 2، ص: 190.
17 - أبو عبد الله النميري المغربي في: [الإعلام بفضل الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: 6.
18 - السخاوي في [القول البديع]، ص: 30.
19 - أبو بكر أحمد بن عمر بن أبي عاصم المتوفي سنة: 287، في كتيبه:
[الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: 23، رقم الحديث: 18.
20 - الطبراني في [المعجم الكبير]، رقم: 5143.
21 - الفسوي في [المعرفة والتاريخ]، ج: 1، ص: 301.
22 - الدينوري المعروف بابن السني، في [عمل اليوم والليلة]، رقم: 53.
23 - المجتبي من السنن، رقم: [25129].
24 - الدارقطني في [العلل] 4 / 202.
25 - الطبري في تهذيب الآثار، 331.
وهناك مصادر ومراجع أخري لم نذكرها روما للاختصار وصلي الله علي محمد وآله الطيبين الطاهرين.
(٢٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، الطبراني (1)، أبو عبد الله (1)، أحمد بن عمر (1)، الطهارة (1)، الصّلاة (1)، الوفاة (1)

* الحديث السابع: لعبد الله بن مسعود أصحاب الصحاح

اشارة

الحديث السابع:
[حديث عبد الله بن مسعود (27)] لعبد الله بن مسعود عدة أحاديث في الصلاة علي محمد وآل محمد ذكرها الصحاح والمسانيد وتراها في هذا الكتاب كلا في ما يناسب مطالبه، وأبرزها اثنان سننقل الثاني في مطلب التشهد، وأما الأول فرواه عدة من علمائهم منهم: ابن ماجة في سننه، ج: 1، ص: 293، قال: حدثنا الحسين بن بيان، حدثنا زياد بن عبد الله، حدثنا المسعودي، عن عون بن عبد الله، عن أبي فاختة عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود قال:
إذا صليتم علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم فأحسنوا (فحسنوا، برواية المعجم) الصلاة عليه فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه. قال: فقالوا: له فعلمنا؟
قال: [قولوا: اللهم اجعل صلاتك، (صلواتك، برواة شعب الإيمان) ورحمتك، وبركاتك علي سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين محمد عبدك، ورسولك، إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة. اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون، اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد]. قال في الزوائد: رجاله ثقات [1].
[١] - ومنهم ٢ القاضي إسماعيل بن إسحاق الجهضمي القاضي المالكي المتوفي سنة: ٢٨٢، في كتيبه: [فضل الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: ٥٧، رقم: ٦١. ٣ وأبو بكر أحمد بن عمر بن أبي عاصم المتوفي سنة: ٢٨٧، في كتيبه: [الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: ٢٤، رقم: ٢١. ٤ المتقي الهندي في: [كنز العمال]، مجلد: ٢، ص: ٢٧٩. ٥ أبو نعيم في: [حلية الأولياء]، ج: ٤، ص: ٢٧١، رواه بعدة طرق. ٦ البيهقي في: [شعب الإيمان]، ج ٢، ص: ٢٠٨. وفي الدعوات، (157). 7 الطبراني في [المعجم الكبير]، ج: 9، ص: 115. وفي (تهذيب الآثار) 8 مسند أبي يعلي، ج: 9، ص: 175. 9 الترغيب، ج: 2، ص: 329، وقال مؤلفه: رواه ابن ماجة موقوفا بإسناد حسن. 10 تفسير القرطبي، ج: 14، ص: 234. 11 تفسير ابن كثير، ج: 3 ص: 510. 12 مصباح الزجاجة، ج: 4، ص: 111. 13 مسند الشاشي، ج: 2، ص: 89. 14 الدارقطني في (العلل) (5 / 15). 15 - أبو نعيم، (4 / 271).
(٢٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب سنن إبن ماجة (1)، الأسود بن يزيد (1)، عبد الله بن مسعود (3)، عون بن عبد الله (1)، الصّلاة (3)، الشهادة (1)، الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، كتاب تفسير ابن كثير (1)، الحافظ أبو نعيم (2)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، الطبراني (1)، إسماعيل بن إسحاق (1)، المتقي الهندي (1)، إبن ماجة (1)، أحمد بن عمر (1)، الوفاة (2)

* خمسة عشر مصدرا رووا حديث ابن مسعود

الحديث السابع:
[حديث عبد الله بن مسعود (27)] لعبد الله بن مسعود عدة أحاديث في الصلاة علي محمد وآل محمد ذكرها الصحاح والمسانيد وتراها في هذا الكتاب كلا في ما يناسب مطالبه، وأبرزها اثنان سننقل الثاني في مطلب التشهد، وأما الأول فرواه عدة من علمائهم منهم: ابن ماجة في سننه، ج: 1، ص: 293، قال: حدثنا الحسين بن بيان، حدثنا زياد بن عبد الله، حدثنا المسعودي، عن عون بن عبد الله، عن أبي فاختة عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود قال:
إذا صليتم علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم فأحسنوا (فحسنوا، برواية المعجم) الصلاة عليه فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه. قال: فقالوا: له فعلمنا؟
قال: [قولوا: اللهم اجعل صلاتك، (صلواتك، برواة شعب الإيمان) ورحمتك، وبركاتك علي سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين محمد عبدك، ورسولك، إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة. اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون، اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد]. قال في الزوائد: رجاله ثقات [1].
[١] - ومنهم ٢ القاضي إسماعيل بن إسحاق الجهضمي القاضي المالكي المتوفي سنة: ٢٨٢، في كتيبه: [فضل الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: ٥٧، رقم: ٦١. ٣ وأبو بكر أحمد بن عمر بن أبي عاصم المتوفي سنة: ٢٨٧، في كتيبه: [الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: ٢٤، رقم: ٢١. ٤ المتقي الهندي في: [كنز العمال]، مجلد: ٢، ص: ٢٧٩. ٥ أبو نعيم في: [حلية الأولياء]، ج: ٤، ص: ٢٧١، رواه بعدة طرق. ٦ البيهقي في: [شعب الإيمان]، ج ٢، ص: ٢٠٨. وفي الدعوات، (157). 7 الطبراني في [المعجم الكبير]، ج: 9، ص: 115. وفي (تهذيب الآثار) 8 مسند أبي يعلي، ج: 9، ص: 175. 9 الترغيب، ج: 2، ص: 329، وقال مؤلفه: رواه ابن ماجة موقوفا بإسناد حسن. 10 تفسير القرطبي، ج: 14، ص: 234. 11 تفسير ابن كثير، ج: 3 ص: 510. 12 مصباح الزجاجة، ج: 4، ص: 111. 13 مسند الشاشي، ج: 2، ص: 89. 14 الدارقطني في (العلل) (5 / 15). 15 - أبو نعيم، (4 / 271).
(٢٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب سنن إبن ماجة (1)، الأسود بن يزيد (1)، عبد الله بن مسعود (3)، عون بن عبد الله (1)، الصّلاة (3)، الشهادة (1)، الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، كتاب تفسير ابن كثير (1)، الحافظ أبو نعيم (2)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، الطبراني (1)، إسماعيل بن إسحاق (1)، المتقي الهندي (1)، إبن ماجة (1)، أحمد بن عمر (1)، الوفاة (2)

* معني تحسين والإحسان في الصلاة

وفي علل الدارقطني، ج: 5، ص: 15، وسئل (أي المؤلف) عن حديث الأسود بن يزيد عن عبد الله في الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم؟ فقال: يرويه عون بن عبد الله، واختلف عنه، فرواه المسعودي عن عون عن أبي فاختة عن الأسود بن يزيد عن عبد الله، وخالفه عمرو بن مرة فرواه عن عون بن عبد الله عن الأسود أو رجل من أصحاب عبد الله عن عبد الله ولم يذكر أبا فاختة وقول المسعودي أصح حدثنا علي بن محمد السواق ثنا أحمد بن إبراهيم البوشنجي لا بأس به، حدثنا وكيع عن المسعودي عن عون بن عبد الله بن عتبة عن أبي فاختة عن الأسود قال: قال عبد الله بن مسعود:
[إذا صليتم علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم فأحسنوا الصلاة عليه لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه. قالوا: يا أبا عبد الرحمن علمنا قال: قولوا: اللهم اجعل صلاتك وبركاتك ورحمتك علي سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين محمد عبدك، ورسولك، إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة. اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون، اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد].
أقول: ولا يخفي أن المقصود بالإحسان أو التحسين في الصلاة أي ذكر الثناء والمدح علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم وعلي أله بيته عليهم الصلاة والسلام.
وليس معني الحسن في الصلاة مقابل البتراء وهي الصلاة الكاملة بضم الآل فإن إلحاق الآل من أجزاء الصلاة وحقيقتها وليس هو خارج عن الصلاة ومن محسناتها بل المقصود ذكر المدح والثناء علي المصلي عليهم في الصلاة عليهم. وقد قال النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم [إنكم تعرضون علي بأسمائكم ومسماكم فأحسنوا الصلاة علي] (28).
(٢٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أجزاء الصلاة (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أحمد بن إبراهيم (1)، عبد الله بن عتبة (1)، عبد الله بن مسعود (1)، عون بن عبد الله (2)، عمرو بن مرة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (9)، الثناء (1)
ولذا قال الآلوسي: ونقل عن جمع من الصحابة ومن بعدهم أن كيفية الصلاة عليه صلي الله عليه (وآله) وسلم لا يوقف فيها مع المنصوص وأن من رزقه الله تعالي بيانا فأبان عن المعاني بالألفاظ الفصيحة المباني الصريحة المعاني مما يعرب عن كمال شرفه صلي الله عليه (وآله) وسلم وعظيم حرمته فله ذلك، واحتج له بما أخرجه عبد الرزاق. وعبد بن حميد. وابن ماجة. وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله تعالي عنه قال: [إذا صليتم علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم فأحسنوا الصلاة عليه فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه قالوا: فعلمنا؟ قال: قولوا اللهم جعل صلواتك إلي آخر الحديث]، وفي قوله سبحانه: {صلوا عليه وسلموا تسليما} رمز خفي فيما أري إلي مطلوبية تحسين الصلاة عليه " عليه الصلاة والسلام " حيث أتي به كلاما يصلح أن يكون شطرا من البحر الكامل فتدبره فإني أظن أنه نفيس.
وأقول أيضا: مهما كان نوع التحسين والإحسان فيجب أن يكون متضمنا الآل، وليس معني الإحسان هنا الكمال في الصلاة من حيث الكيفية اللفظية والمعنوية فقط بل لابد من خصوصيات الصلوات وشروطها بالأخص الكيفية النفسية والعقلية والفكرية ولاحظ المطلب الأول من هذا البحث، وقال السيوطي في شرحه علي سنن ابن ماجة قوله: فأحسنوا الصلاة عليه: إحسان الصلاة اختيار أفضلها وأكملها في المعاني. واختلفوا في أفضلها فذهب أكثرهم إلي أن أفضلها ما هي مأثورة في الصلاة: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد الخ].
وقول بن مسعود يدل علي أفضلية المذكورة في هذه الرواية، ولا شك أن هذه الصلاة أفضلها في المعاني والمباني لأن في آخرها الصلاة المأثورة في الصلاة، وفي أولها ما لا يخفي من حسنها.
قوله: لا تدرون الخ فيه وهو أن الصلاة معروضة عليه صلي الله عليه (وآله) وسلم البتة فإنه قد جاء: أن لله ملائكة سياحين يبلغون من أمتي السلام وما من مسلم صلي علي إلا
(٢٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب سنن إبن ماجة (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، إبن ماجة (1)، الصّلاة (12)، الإختيار، الخيار (1)

* قبولية الصلاة غير مقيدة بشئ

رد الله علي روحي الخ. فلم جاء بن مسعود بكلمة: (لعل) الدال علي الرجاء بلا يقين؟
فجوابه أن الترجي في قبولية الصلاة فإن عرضه لا يكون إلا بشرط القبول لعدم اختلاطه بالرياء والعجب فإن الهدية لا تقبل عند الخيار إلا ما كان منه مختار وإلا ترد علي صاحبها (29).
أقول: بل قبولية الصلاة غير مقيدة بشرط لأن قبولية الصلاة مقولة بالتشكيك في جميع العوالم حتي في عالم الطبيعة وآثارها الوضعية هو نوع من القبول والإجابة الكونية.
نعم، الرياء والعجب وغيرهما قد يقيدان آثار الصلاة وفوائدها وإلا فإن الصلاة مطلقا لا ترد من أي إنسان مهما كان ويثاب عليها، ولإن أبطل الرياء ونحوه الثواب فإنه لا يبطل الآثار الوضعية وبصماتها القهرية وبعض آثارها المعنوية، فقد تكون سببا لومضة نور يهديه إلي السبيل..
ويمكن أن يقال إنما جاء بحرف الترجي [لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه]، لأن عرض الصلاة مشروطة بإكمالها بإلحاق آله به في الصلاة فمهما كانت محسنة بألفاظها وتحسينها البديعي وكانت بتراء من آله فهي باطلة وغير مرفوعة ولا معروضة عليه بل تعد معصية [إن كان الباعث هو العداء والنصب] لعدم تحقق معني المأمور به ولإيجاب إيذاء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم.
(٢٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (6)، الرياء (2)

* الحديث الثامن: لعبد الله بن عباس

الحديث الثامن:
[حديث عبد الله بن عباس (33)] رواه الطبري في تفسيره رقم: 21840، عند تفسيره الآية، قال: حدثنا أبو كريب قال: ثنا مالك بن إسماعيل، قال: ثنا أبو إسرائيل، عن يونس بن خباب، قال:
خطبنا بفارس فقال: {إن الله وملائكته … } الآية، فقال: أنبأني من سمع ابن عباس يقول: هكذا أنزل، فقلنا: أو قالوا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم … ].
أقول: إن الصلاة علي [آل محمد] هو من مقصود الآية الكريمة، ومن ضمن المأمور به فيها كما بين ذلك النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم.
وفي [القول البديع] للسخاوي الشافعي، ص: 47، روي عن بن عباس قال:
قالوا: يا رسول الله قد عرفنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: [قولوا:
اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما صليت وباركت علي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد].
وقد رواه ابن كثير في تفسيره، وأبو عبد الله النميري المغربي في [الإعلام بفضل الصلاة علي النبي] ص: 5.
ابن حجر الهيثمي في [الدر المنضود]، ص: 20. ورواه بهذا اللفظ أبو عبد الله النميري المغربي في [الإعلام بفضل الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، ص: 21.
(٢٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، إبن حجر الهيثمي (1)، مالك بن إسماعيل (1)، أبو عبد الله (2)، يونس بن خباب (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (5)

* الحديث التاسع: لوائلة بن الأسقع

اشارة

الحديث التاسع:
[حديث واثلة بن الأسقع (34)] رواه عدة من علماء العامة:
1 - منهم أخطب خوارزم في المناقب، ص: 36، قال أخبرنا سيد الحفاظ شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إلي من همدان، أخبرنا أبو علي أخبرنا أبو نعيم، أخبرني علي بن أحمد المصيصي، حدثني أحمد بن خليل الحلبي، حدثني أبو نوبة الربيع بن نافع، حدثني يزيد بن ربيعة عن يزيد بن أبي مالك، عن أبي الأزهر، عن واثلة بن الأسقع، قال: لما جمع رسول الله صلي الله عليه وآله (وسلم) عليا وفاطمة و الحسن والحسين عليهم السلام تحت ثوبه قال: [اللهم قد جعلت صلواتك، ورحمتك ومغفرتك، ورضوانك علي إبراهيم وآل إبراهيم، اللهم إنهم مني، وأنا منهم، فاجعل صلواتك، ورحمتك، ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم].
أقول: ذكرنا في المطلب السادس من البحث الثالث معني الرحمة ونسبة الغفران إليهم عليهم الصلاة والسلام فلمزيد من التوضيح لاحظ المعني الثامن منه.
2 - والحافظ نور الدين في [مجمع الزوائد]، ج: 9، ص: 167.
3 - والسخاوي في [القول البديع]، ص: 56.
4 - والصواعق المحرقة، لابن حجر الهيتمي: [ص: 231].
5 - وباكثير الحضرمي في [وسيلة المآل]، ص: 75.
6 - والقندوزي الحنفي في [ينابيع المودة]، ص: 108، وص: 295.
7 - النبهاني في [سعادة الدارين]، ص: 75.
(٢٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، كتاب الصواعق المحرقة (1)، إبن حجر الهيتمي (1)، واثلة بن الأسقع (1)، علي بن أحمد (1)، الصّلاة (1)

* سبعة من مصادر العامة تروي الحديث

الحديث التاسع:
[حديث واثلة بن الأسقع (34)] رواه عدة من علماء العامة:
1 - منهم أخطب خوارزم في المناقب، ص: 36، قال أخبرنا سيد الحفاظ شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إلي من همدان، أخبرنا أبو علي أخبرنا أبو نعيم، أخبرني علي بن أحمد المصيصي، حدثني أحمد بن خليل الحلبي، حدثني أبو نوبة الربيع بن نافع، حدثني يزيد بن ربيعة عن يزيد بن أبي مالك، عن أبي الأزهر، عن واثلة بن الأسقع، قال: لما جمع رسول الله صلي الله عليه وآله (وسلم) عليا وفاطمة و الحسن والحسين عليهم السلام تحت ثوبه قال: [اللهم قد جعلت صلواتك، ورحمتك ومغفرتك، ورضوانك علي إبراهيم وآل إبراهيم، اللهم إنهم مني، وأنا منهم، فاجعل صلواتك، ورحمتك، ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم].
أقول: ذكرنا في المطلب السادس من البحث الثالث معني الرحمة ونسبة الغفران إليهم عليهم الصلاة والسلام فلمزيد من التوضيح لاحظ المعني الثامن منه.
2 - والحافظ نور الدين في [مجمع الزوائد]، ج: 9، ص: 167.
3 - والسخاوي في [القول البديع]، ص: 56.
4 - والصواعق المحرقة، لابن حجر الهيتمي: [ص: 231].
5 - وباكثير الحضرمي في [وسيلة المآل]، ص: 75.
6 - والقندوزي الحنفي في [ينابيع المودة]، ص: 108، وص: 295.
7 - النبهاني في [سعادة الدارين]، ص: 75.
(٢٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، كتاب الصواعق المحرقة (1)، إبن حجر الهيتمي (1)، واثلة بن الأسقع (1)، علي بن أحمد (1)، الصّلاة (1)

* الحديث العاشر: للإمام علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام

اشارة

الحديث العاشر:
[حديث الإمام علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام] للإمام علي بن أبي طالب عليهما الصلاة والسلام في فضل الصلاة وكيفياتها أحاديث كثيرة منها الحديث المعروف بحديث العد (أي عد فقرات الحديث وهي خمسة عند التحدث) وهو نوع من التحدث بالحديث سماعا.
وقد رواه عدة من الحفاظ والعلماء 1 - منهم القاضي عياض المالكي نسبا ومذهبا المتوفي سنة: 544، في كتيبه:
[الصلاة علي النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، طبع القاهرة، المختار الإسلامي، ص:
37، قال: حدثنا أبو عبد الله التميمي سماعا عليه، وأبو علي الحسن بم طريف النحوي بقراءتي عليه قالا: حدثنا عبد الله بن سعدون الفقيه، حدثنا أبو بكر المطوعي، حدثنا أبو عبد الله الحاكم، عن أبي بكر بن أبي دارم الحافظ، عن علي بن أحمد العجلي، عن حرب بن الحسن، عن يحيي بن المساور، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب، قال:
قال: عدهن في يدي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، وقال عدهن في جبريل، وقال: هكذا نزلت من عند رب العزة: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم وترحم علي محمد وعلي آل محمد كما ترحمت علي إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم وتحنن علي محمد وعلي آل محمد كما تحننت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم وسلم علي محمد وعلي آل محمد كما سلمت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد].
قال المعلق علي الكتاب وهو محمد عثمان في حاشية الحديث: أخرجه الترمذي، والديلمي، وابن منده.
(٢٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يحيي بن المساور (1)، علي بن أبي طالب (1)، أبو عبد الله (2)، علي بن أحمد (1)، عمرو بن خالد (1)، زيد بن علي (1)، الصّلاة (2)، الوفاة (1)
2 - ورواه أيضا الحاكم النيسابوري في [معرفة الحديث]، ج: 1، ص: 32 رقم: 32. فقد عد سبعة أنواع من رواية الحديث سماعا وعد هذا الحديث النوع السادس قال: عدهن في يدي أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، وقال لي: عدهن في يدي علي بن أحمد الحسين العجلي، وقال لي: عدهن في يدي حرب بن الحسن الطحان، وقال لي: عدهن في يدي يحيي بن المساور الحناط، وقال لي: عدهن في يدي عمرو بن خالد، وقال لي: عدهن في يدي زيد بن علي بن الحسين، وقال: عدهن في يدي علي بن الحسين، وقال: عدهن في يدي حسين بن علي، وقال لي: عدهن في يدي علي بن أبي طالب، وقال لي: عدهن في يدي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، وقال: رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، عدهن في يدي جبرئيل، وقال جبرئيل عليه السلام: هكذا نزلت بهن من عند رب العزة: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
اللهم ترحم علي محمد وعلي آل محمد كما ترحمت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم تحنن علي محمد وعلي آل محمد كما تحننت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم وسلم علي محمد وعلي آل محمد كما سلمت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
وقبض حرب خمس أصابعه وقبض علي بن أحمد العجلي خمس أصابعه وقبض شيخنا أبو بكر خمس أصابعه (وعدهن في أيدينا)، وقبض الحاكم (أبو عبد الله) خمس أصابعه وعدهن في أيدينا، وقبض أحمد بن خلف خمس أصابعه وعدهن في أيدينا.
أقول: النص الثاني أنسب وقد ذكرنا في بحث المعاني أن هذه المعاني الأربع: (بارك، ترحم، تحنن، سلم) من جملة المعاني التي ينطبق عليها العنوان العام للصلاة فراجع.
ثم اعلم أن بعضهم غمز في هذا الحديث ووصفه بالضعيف لكن متن الحديث وفقراته
(٢٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة الكوفة (1)، الحاكم النيسابوري (1)، يحيي بن المساور (1)، علي بن أبي طالب (1)، أبو عبد الله (1)، علي بن الحسين (2)، علي بن أحمد (2)، عمرو بن خالد (1)، الصّلاة (2)، الحرب (2)

* سبعة عشر مصدرا يروي الحديث

وردت من طرق صحيحة تقدمت بعضها في الأحاديث السابقة [1].
وقد أورد الشيخ مرتضي في تعليقته علي ابن عقيلة طرق ابن المفضل الذي روي الحديث، وقال وأخرجه ابن مسدي، عن عدة طرق يتصل إلي العجلي عن عدة شيوخ أطال في سرده عنهم مع اختلاف سياقهم ونقل في آخره، عن أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن النميري الحافظ ما نصه: هذا الحديث لا يحفظ عن علي رضي الله عنه إلا من هذا الوجه المتكلم عليه من غير طريق عمرو بن خالد فيحكم علي الحديث بالبطلان للطعن الوارد في سند الحاكم، وقد قدمنا أن القاعدة عند أهل الحديث أن الحكم ببطلان سند لا يلزم منه بطلان الحديث إذا ورد من طريقة أخري، وقد تكلم علي هذا الحافظ ابن حجر وغيره. ثم قال بعد ذلك:
قال: الحافظ جلال الدين السيوطي في [اللئالي المصنوعة]: واعلم أنه جرت عادة الحافظ كالحاكم، وابن حبان، والعقيلي وغيرهم أنهم يحكمون علي الحديث بالبطلان من حيثية سند مخصوص لكون راويه اختلق ذلك السند لذلك المتن، ويكون ذلك المتن معروفا من وجه آخر، ويذكرون ذلك في ترجمة ذلك الراوي ويجرحونه به فيغتر ابن الجوزي بذلك، ويحكم علي المتن بالوضع مطلقا، ويورده في كتاب الموضوعات، وليس هذا بلائق. وقد عاب عليه الناس ذلك آخرهم الحافظ ابن حجر. ثم قال: وكثيرا ما تجدهم يقولون: هذا الحديث بهذا الإسناد باطل أي وهو بغيره ليس بباطل، فمثل هذا
[١] - أقول: وقد روي الحديث غيرهما من المحدثين والعلماء منهم: ٣ روي الشيخ عبد الحفيظ الفاسي الفهري في [الآيات والبينات]، ص:
٢٤٠. ٤ أورده السيوطي في [الجامع الكبير]، عن ابن منده والترمذي. ٥ - القاضي عياض المغربي في كتابه [الشفاء]، ج: ٢، ص: ٦٠. ٦ رواه الحافظ أبو القاسم الرافعي في [التدوين في أخبار قزوين]، ج: ٣، ص: ١٥٦. ٧ والحمويني في [فرائد السمطين]، ص: ٨. ٨ والسيوطي الشافعي في [ذيل اللئالي]، ص: ١٥٣. ٩ وبا كثير الحضرمي في [وسيلة المآل] ص: ٧١. ١٠ وفي [بغية الوعاة] ص: ٤٤٢. ١١ - والقاضي أبو اليمن الحنبلي في [الأنس الجليل]. ١٢ وأبو عبد الله النميري المغربي في [الإعلام بفضل الصلاة علي النبي] ص: 26. 13 وأبو بكر الحضرمي، في [رشفة الصادي]، ص: 76. 14 والقاضي الشيخ محمد المعروف باقكرماني في [شرح الأربعين] ص: 111. 15 والشيخ عبد النبي القدوسي في [سنن الهدي]، ص: 56. 16 والسخاوي في [القول البديع]، ص: 50. 17 ومن الخاصة ذكره الأربلي في [كشف الغمة]، ج: 2، ص: 61.
(٢٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (3)، عمرو بن خالد (1)، محمد بن عبد (1)، الباطل، الإبطال (3)، الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب كشف الغمة للإربلي (1)، كتاب الجامع الكبير للطبراني (1)، ابراهيم الحمويني الشافعي (1)، كتاب فرائد السمطين (1)، أبو بكر الحضرمي (1)، أبو عبد الله (1)

* الحديث ضعف سندا وصحيح متنا

لا يذكر في كتب الموضوعات، وإنما يذكر في كتب الجرح والتعديل في ترجمة الراوي الذي يراد جرحه. انتهي.
وعليه فالحديث غير موضوع كما ادعي البعض، وإنما السند في العرض لدراسته علي تراجم بعض الرواة يتوهب فيه الضعف، بل مقتضي قول السخاوي: أن التسلسل لا يخلو من ضعف أن المتن غير ضعيف، وهب أنه ضعيف كما عليه العراقي فقد تقوي بتعدد طرقه، وذلك مقبول عند أهل الحديث.
قال الحافظ ابن حجر في [القول المسدد في الذب علي مسند أحمد] ما نصه:
والمقبول عند أهل الحديث ما اتصل سنده وعدلت رجاله أو اعتمد بعض طرقه حتي يحصل له القوة بالصورة المجموعة، ولو كان كل طريق منها لو انفردت غير قوية. قال:
وبهذا يظهر عذر أهل الحديث في تكثيرهم طرق الحديث الواحد ليعتمد عليه إذ الإعراض عن ذلك يستلزم ترك الفقيه العمل بكثير من الأحاديث اعتمادا علي ضعف الطريق التي اتصلت إليه (32).
وهناك حديث ثان مروي عن الإمام علي بن أبي طالب عليها الصلاة والسلام، رواه الخطيب البغدادي المتوفي سنة: 463، في تاريخ بغداد، ج: 14، ص: 303، رقم:
[7614]، يوسف بن نفيس البغدادي حدث عن عبد الملك بن هارون بن عنترة الفزاري روي عنه أبو جعفر مطين أخبرنا بن الفضل أخبرنا جعفر الخلدي وأخبرني الأزهري حدثنا علي بن عبد الرحمن البكائي بالكوفة قالا حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي حدثنا يوسف بن نفيس البغدادي، حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي (عليه الصلاة والسلام) قال: قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال:
[قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي إبراهيم إنك حميد مجيد. وبارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم].
وفي حديث الأزهري: [كما باركت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
(٢٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1)، مدينة الكوفة (1)، عبد الملك بن هارون بن عنترة (2)، عبد الله بن سليمان (1)، الخطيب البغدادي (1)، الصّلاة (1)، دولة العراق (1)، الوفاة (1)

* الحديث الحادي عشر: لأم سلمة رضوان الله عليها

الحديث الحادي عشر:
[حديث أم سلمة رضوان الله علها بلفظ الصلوات] رواه جماعة كثيرة من علماء العامة منهم:
1 - الإمام أحمد في مسنده، باقي مسند الأنصار، ج: 6، ص: 23، رقم: [26786]، قال: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، قال حدثنا علي بن زيد، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم قال لفاطمة ائتيني بزوجك وابنيك فجاءت بهم فألقي عليهم كساء فدكيا، قال: ثم وضع يده عليهم ثم قال: [اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك، وبركاتك علي محمد وعلي آل محمد، إنك حميد مجيد]. قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال إنك علي خير. انتهي. وأيضا رواه في، ج: 5، ص: 303، رقم: 23038.
2 - ورواه الإمام أحمد كذلك في [فضائل الصحابة]، ج: 2، ص: 602، رقم:
1029.
3 - مسند أبي يعلي، ج: 12، ص: 344، رقم: 456.
4 - الطبراني في [المعجم الكبير]، ج: 3، ص: 53، رقم: 2664. ورقم:
2665، وج: 23، ص: 336، رقم: 779، ورقم: 780.
5 - ابن عساكر في [التاريخ] كما في منتخبه، ج: 4، ص: 204 6 - الشيخ عبد الله الحنفي في [أرجح المطالب]، ص: 314.
7 - الحافظ نور الدين في [مجمع الزوائد]، ج: 9، ص: 166.
8 - الثعلبي في [تفسيره] عند تفسير الآية.
9 - القندوزي الحنفي، [ينابيع المودة] ص: 108.
10 - الحضرمي في [القول الفصل]، ج: 185.
11 - المتقي الهندي في [منتخب كنز العمال].
(٢٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (3)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، الطبراني (1)، إبن عساكر (1)، المتقي الهندي (1)، حماد بن سلمة (1)، شهر بن حوشب (1)، علي بن زيد (1)، الثعلبي (1)، الصّلاة (1)

* أم سلمة المبشرة بالجنة غير مستحقة للصلاة المحمدية بمعني العصمة 294

12 - الحمويني في [فرائد السمطين].
13 - السيوطي في [الدر المنثور] في ذيل تفسير الآية.
14 - والطحاوي في [مشكل الآثار].
15 - أبو بكر الحضرمي، في [رشفة الصادي]، ص: 68. كل هؤلاء وغيرهم رووا الصلوات الكاملة بكلمة: [اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك..].
أقول: إن الله تعالي تعبد الخلق بالصلاة علي آل محمد فقط، بالمصاديق التي عينهم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وهم علي بن أبي طالب، وفاطمة الزهراء ابنته، وسيدا شباب أهل الجنة الإمام الحسن والحسين تفسيرا، والأئمة التسعة من ذريته عليهم أفضل الصلوات وأزكي البركات والسلام تأويلا، ودخولهم في [آل محمد] واضح أما التعبد بالصلوات عليهم فللنصوص التي سنذكرها فيما بعد.
ثم اعلم إن أم المؤمنين أم سلمة رضوان الله عليها مع أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بشرها بالعاقبة الحسنة والخاتمة إلي الخير وفي كثير من الأحاديث أنه بشرها بالجنة، مع هذا منعها أن تدخل تحت الكساء مع أولئك الذين صلي عليهم، وهذا يوضح كلامنا فيما سبق أن الصلوات تشير فيما تشير إلي إفاضة فيض العصمة، والطهارة الدفعية عن المصلي عليهم، وهذه مرحلة خاصة بمن اصطفاهم الجليل تبارك وتعالي.
وإن كنا لا نمنع من حيث المبدأ إطلاق الصلاة علي كل مؤمن ومؤمنة بما يناسب مقام كل منهما بما فيهم الأولياء والمتقين كما ذكرنا ذلك مفصلا في الصلاة النورانية إلا أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم (هنا) هو في مقام طلب فيض خاص لا يملك قابليته واستعداده إلا من خلق الخلق لأجلهم ولعل قول جبرئيل في بعض الأحاديث فاجعلني منهم إشارة إلي توسله بواسطة الفيض بنوع خاص للتوجه نحو المبدأ والكمال.
(٢٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: أمهات المؤمنين، ازواج النبي (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، ابراهيم الحمويني الشافعي (1)، كتاب فرائد السمطين (1)، علي بن أبي طالب (1)، أبو بكر الحضرمي (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (5)

* الحديث الثاني عشر: لأبي هريرة، رواه أصحاب الصحاح

الحديث الثاني عشر:
[حديث أبي هريرة] لأبي هريرة أحاديث كثيرة في الصلاة علي محمد وآل محمد ونحن من باب الاحتجاج وإقامة الحجة نذكر في هذا المطلب ما يناسب المقام:
1 - روي البخاري في الأدب المفرد، ص: 223، رقم: [173471] حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا إسحاق بن سليمان عن سعيد بن عبد الرحمن مولي سعيد بن العاص قال حدثنا حنظلة بن علي عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم قال: [من قال: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم وترحم علي محمد وعلي آل محمد، كما ترحمت علي إبراهيم وآل إبراهيم شهدت له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له].
2 - البيهقي في السنن الكبري، ج: 6، ص: 17، [96343] أخبرنا حاجب بن سليمان قال: حدثنا بن أبي فديك قال حدثنا داود بن قيس عن نعيم بن عبد الله المجمر عن أبي هريرة قال: قلنا يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، وبارك علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم.
خالفه مالك بن أنس رواه عن نعيم بن عبد الله عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبي مسعود عقبة بن عمرو.
3 - أبو محمد بن إسحاق السراج في مسنده قال أخبرني أبو يحيي، وأحمد بن محمد البرتي، قالا: أنبأنا عبد الله ابن مسلمة بن قعنب، أنبأنا داود بن القيس، عن نعيم بن عبد الله، عن أبي هريرة أنهم سألوا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: كيف نصلي عليك؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، وبارك علي
(٢٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو هريرة العجلي (5)، يوم القيامة (1)، محمد بن عبد الله بن زيد (1)، نعيم بن عبد الله (2)، محمد بن إسحاق (1)، مالك بن أنس (1)، عقبة بن عمرو (1)، أحمد بن محمد (1)، الصّلاة (3)، الشهادة (1)

* أحد عشر مصدرا يروي حديث أبي هريرة

محمد وعلي آل محمد، كما صليت وباركت علي إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم.
قال ابن القيم بعد نقله الحديث في جلاء الأفهام: وهذا الإسناد صحيح علي شرط الشيخين رواه عبد الوهاب بن منده، عن الخفاف، عنه.
4 - الإمام الشافعي في مسنده، ص: 42، رقم: [168741] أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرنا صفوان بن سليم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله تعالي عنه أنه قال يا رسول الله كيف نصلي عليك (يعني في الصلاة) فقال [تقولون: اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وبارك علي محمد وآل محمد كما باركت علي إبراهيم تسلمون علي.
أقول: قوله: (يعني في الصلاة) تقييد للتعليم بهذه الكيفية، وهي زيادة من الراوي أو الشافعي كما لا يخفي، وهذا خطأ كبير فإن كلام النبي صلي الله عليه وآله وسلم مطلق غير مقيد في الصلاة اليومية أو خارجها.
5 - ورواه الطحاوي في [مشكل الآثار] ج: 3، ص: 71.
6 - العلامة الساعاتي في [بدايع المنن]، ج: 1: ص: 91.
7 - المتقي الهندي في [كنز العمال]، ج: 7، ص: 339.
8 - القسطلاني في [إرشاد الساري]، ج: 8، ص: 115.
9 - والسخاوي في [القول البديع]، ص: 30.
10 - والفاسي الفهري في [الآيات والبيات]، ص: 248.
11 - وأبو عبد الله النميري المغربي في [الإعلام بفضل الصلاة علي النبي] ص: 29.
وغيرها من المصادر والمراجع و {إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد} [ق: 37].
(٢٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، أبو هريرة العجلي (1)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، أبو عبد الله (1)، المتقي الهندي (1)، صفوان بن سليم (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (3)

* الحديث الثالث عشر: لعبد الرحمن بن بشير

الحديث الثالث عشر:
[حديث عبد الرحمن بن بشير بن مسعود (35)] رواه إسماعيل بن إسحاق القاضي في (فضل الصلاة) بسندين صحيحين تحت رقم:
71، 72، الأول فقال: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، عن عبد الرحمن بن بشير بن مسعود، قال: قيل: يا رسول الله! أمرتنا أن نسلم عليك، وأن نصلي عليك، فقد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟
قال: [تقولون: اللهم صل علي آل محمد * كما صليت علي آل إبراهيم، اللهم بارك علي محمد كما باركت علي آل إبراهيم].
أقول: ذكر [آل محمد] بلا ذكر لفظ [محمد] صلي الله عليه وآله وسلم أما أنه ساقط عن الراوي، ففي حديثه الثاني فيه ذكر [محمد] بلا [آل محمد] كما في المصدر المذكور، أو نقول ذلك مبني علي قاعدة التقحيم أي أن [آل محمد] يشمل محمدا صلي الله عليه وآله وسلم.
وذكر أيضا حديثا ثالثا بسند ثالث وعند المراجعة إليه تجد الأحاديث الكثيرة التي رواها مفصلا.
وقال الشيخ الألباني في تخريج الأول: إسناده مرسل صحيح، رجاله كلهم رجال مسلم. وكذا وصف سند الحديث الثاني، وعليه فقد فات الحاكم هذين الحديثين فلم يذكرهما في مستدركه وما أكثر ما فاته.
إلي هنا يمكنني أن أكتفي بهذا المقدار مما أردت طرحه من الأحاديث الصحيحة في هذا المطلب من الموضوع التي ذكرها العامة في مصادرهم البارزة وهو غيض من فيض يكفي لإثبات تواترها بالكيفية المأمور بها، أعني وجوب اقتران الآل بالصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وهناك الكثير لم نذكرها وأكثر منها المراسيل.
(٢٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، إسماعيل بن إسحاق (1)، حماد بن زيد (1)، الصّلاة (2)، الحرب (1)، الوجوب (1)

* كل الأحاديث فيها [آل محمد] إلا حديث أبي حميد

ولا يفوتنا هنا أن ننقل ما عن عائشة ففي كنز العمال، ج: 1، روي عنها قالت:
قال أصحاب النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أمرنا أن نكثر الصلاة عليك في الليلة الغراء واليوم الأزهر، وأحب ما صلينا عليك ما تحب؟: قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي إبراهيم وعلي إبراهيم، وارحم محمدا وآل محمد، كما رحمت إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك علي محمد وآل محمد، كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد. وأما السلام فقد عرفتم كيف هو]. وقال:
أخرجه ابن عساكر.
وفي روضة الأحباب لعطاء الله الهروي من علماء العامة المتوفي: 903 ه وقال الإمام الشافعي أفضل صيغ الصلوات أن يقول: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كلما ذكره الذاكرون، وكلما غفل عن ذكره الغافلون].
وغيره من أقوال العلماء وأهل الحديث مما يطول فيه الكلام ذكرنا ما يكفي للمتبصر وليس علينا إلا بيان الحق والترغيب إليه والتمعن في الأبحاث، ولا يحزننا إلا الرغبة عن الحق مع وضوحه كالشمس في رابعة النهار: {فلعلك باخع نفسك علي آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا} [الكهف: 6].
إن البديهية التي تبدوا واضحة في هذه الأحاديث الكثيرة هي: أن الصلاة دائما كانت مضمومة مع آل محمد صلي الله وسلم عليهم أجمعين سواء كانت الصلاة في مقام الوجوب كالتشهد أو في غيره فإن كيفيتها بضم الآل في كل الأحوال واجبة، وخلافها موجب للعقاب والذم وإيذاء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم.
وهنا ينبغي أن نكرر واضحة وهي: أن اختلاف الكيفيات الواردة إضافة علي اختلاف المعاني فيها، فإنها موجبة لاختلاف الثواب وتفاوته أيضا فالجامع للجميع [الصلاة علي أهل البيت] مهما اختلفت ألفاظها وهيئاتها، وأخصر صلاة قولنا:
[اللهم صل علي محمد وآل محمد].
(٢٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، إبن عساكر (1)، الصّلاة (9)، الوفاة (1)

* تنبيه يتعلق بحديث أبي حميد الساعدي الذي حذف منه [آل محمد]

تنبيه [يتعلق بحديث أبي حميد الساعدي الذي حذف منه (آل محمد)] بقي حديث أبي حميد الساعدي لم نذكره لعدم حفظ أمانة النقل فيه، فإنه ذكر فيه [أزواجه وذريته] دون لفظ [آل محمد] وإن كان ذلك لا يعارض ما ذكر فإن لفظ:
[الذرية] كما سيأتي هم الآل بالمعني الأعم.
وفي البخاري الموجود بين أيدينا هكذا لفظ: [حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه عن عمرو بن سليم الزرقي أخبرني أبو حميد الساعدي أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟
فقال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [قولوا: اللهم صل علي محمد، وأزواجه، وذريته كما صليت علي آل إبراهيم وبارك علي محمد، وأزواجه، وذريته كما باركت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد] [1].
أقول: إضافة علي ما ذكره الحميدي فإن ذكر التشبيه في الموضعين [كما صليت علي آل إبراهيم، وبارك علي محمد، وأزواجه، وذريته كما باركت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد] دليل أن المشبه هو [آل محمد] المحذوف فهو يدل علي تحريف الحديث أو يقال ذكر المشبه به قرينة علي أن المقصود بالذرية هم الآل.
ووجهه السمهودي بقوله: فإن قيل: حديث أبي حميد الساعدي متفق عليه …
وليس فيه ذكر آل محمد (عليهم الصلاة والسلام) في الموضعين؟.
قلنا: قد ثبت ذكر الآل في جوابه صلي الله عليه وآله وسلم لسؤالهم في الأحاديث المتقدمة، وغيرها مع تنوع الروايات بالزيادة والنقص، فهو محمول علي أن بعض الرواة
[1] - صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، رقم الحديث: 3118، ورقم: 5883، صحيح مسلم، رقم: 615، النسائي، رقم 1277. سنن أبي داود، رقم: 831، ورقم: 895. مسند أحمد، رقم: 22494. موطأ مالك، رقم: 357. وروي حديث أبي حميد البيهقي في السنن الكبري، ج: 1، ص: 384، رقم: [87729].
(٢٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن أبي بكر (1)، محمد بن عمرو بن حزم (1)، الصّلاة (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب سنن أبي داود (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، كتاب صحيح مسلم (1)

* البخاري يضعه في معني الصلاة الجائزة علي كل مؤمن

حفظ ما لم يحفظ الآخر ولهذا قال الحافظ ابن حجر: إن أولي المحامل أن يحمل ذلك علي أنه صلي الله عليه وآله وسلم قال ذلك كله، وأن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الآخر، وأما التعدد فبعيد لأن غالب الطرق مصرح بأنه وقع جوابا عن قولهم كيف نصلي عليك؟
قلت: ولهذا قال النووي: [إن الأفضل في كيفية الصلاة أن يجمع ما جاء في الأحاديث الصحيحة من الألفاظ، علي أنه يحتمل أن هذا الراوي حيث حذف ذكر الآل، واقتصر علي الأزواج والذرية، روي بالمعني بناء علي أن الآل هم الأزواج فقط كما هو أحد الأقوال] [1].
أقول: لا اعتبار للاحتمال فإن الراوي ليس له أن يتصرف في ألفاظ الحديث حسب ما يلائم مذهبه أو فهمه للغة وعرف الشرع، فيري الاكتفاء بذكر الذرية عن ذكر الآل، هذا والحديث بهذا اللفظ ينفرد به أبو حميد الساعدي فهو محمول علي الصيغة المشتركة في جميع تلك الأحاديث المتواترة، وأبو حميد رواه معني وليس نصا.
ويمكن أن يقال فيه: أن كون معني الصلاة مختلفا علي حسب المصلي عليه بلحاظ العنوان العام الذي تقدم شرحه فتكون بالصلاة النورانية للأزواج، وبالصلاة المحمدية للذرية بالمعني التفسيري والمعني الخاص أو العام التأويلي الذي يشمل كل أولاد النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، فيكون المقصود من حديث أبي حميد الساعدي هي الصلاة النورانية الجائزة علي كل مؤمن ومؤمنة مما يشمل الأزواج، أو التطمينية التي يستحقها مؤتون الزكاة ولذا وضع البخاري حديث أبي حميد الساعدي في:
باب: هل يصلي علي غير النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم، وقول الله تعالي {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم}
[1] - شرح المهذب، ج: 3، ص: 447.
(٣٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الزكاة (1)، الصّلاة (2)، الشراكة، المشاركة (1)

* الحديث صاغه أبو حميد باجتهاده

ولم يروي البخاري في هذا الباب إلا حديثين، الأول حديث أبن أبي أوفي رقم:
5998،: عن بن أبي أوفي قال: كان إذا أتي رجل النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم بصدقته قال: [اللهم صل عليه فاتاه أبي بصدقته فقال اللهم صل علي آل أبي أوفي].
والثاني: هو حديث أبي حميد الساعدي رقم: 5999، مما يدل أن البخاري فهم من الحديث أن المعني المقصود " بقرينة ضم الأزواج " هي الصلاة العامة التي يستحقها كل صالح كما قال تعالي: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} [1]. وهذا لا مانع منه في الدعاء في غير مقام التعبد وحديث أبي حميد يحمل عليه، لأنه يغلب علي الظن تلفيقا منها لجواز ذلك ونحن نسأله تعالي متضرعين: [اللهم صل علي محمد وآله وكل صالح ممن اتبعه من أزواجه وأصحابه والمؤمنين].
ولكن اقترانهن بالنبي الأكرم وآله صليهم الصلاة والسلام مورد تأمل بل يحتمل وضعه لعدم وروده في الأحاديث المتواترة، بالأخص عند ملاحظتك الأحاديث التي تصرح بإخراج أم سلمة رضوان الله عليها من أهل بيته الذين دعي لهم بالصلاة في مقام المعرفة والعصمة والطهارة وغيرها، وقد مر هذا المعني في القسم الأول من الكتاب.
ويحتمل أن المقصود فيه المعني التأويلي المجازي في الأهل والآل الذي من ضمنه أزواج النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم الصالحات المؤمنات التابعات له بإحسان وسيأتي أيضا في الصفحات المقبلة.
وعليه فالحديث يحتمل أن يكون ملفقا، وليس نصا نبويا فإن الكيفيات المتواترة ليس فيها ذكر للأزواج إلا حديثه، ولا يخفي ضعف سبكه بالقياس إلي تلك الكيفيات الواردة، عنه صلي الله عليه وآله وسلم، كما وهو خلاف ما عهد عليه النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم من تقديم ذريته علي غيرهم حتي باللفظ.
[1] - ولا حظ: [صحيح البخاري، ج: 5، ص: 2339، طبعة دار ابن كثير - اليمامة، سنة الطبع: 1407 - 1987. رقم الطبعة:
الثالثة، المحقق: الدكتور مصطفي ديب البغا].
(٣٠١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (5)، الظنّ (1)، كتاب صحيح البخاري (1)

المطلب الثالث: * المقصود من: [الآل] و [الأهل] في الصلاة

اشارة

المطلب الثالث في:
[المقصود من: [الآل] و [الأهل] في الصلاة] يلفت نظرنا في الأحاديث المتواترة في كيفيات الصلاة أن سؤال الصحابة كان عن الصلاة علي [أهل البيت]، و [آل محمد] مما يعرفنا أنهم فهموا أن هذه العبادة ترتبط بهم وتتعلق بمقامهم وفضلهم، ففي بعضها كحديث البخاري عن كعب: [كيف الصلاة عليكم أهل البيت … ] وكان الجواب: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ].
وذكر حديث البخاري الحاكم في المستدرك ج: 3، ص: 160، تحت رقم: [82408]، وقال معقبا الحديث بقوله: [وقد روي هذا الحديث بإسناده وألفاظه حرفا بعد حرف الإمام محمد بن إسماعيل البخاري عن موسي بن إسماعيل في الجامع الصحيح، وإنما خرجته ليعلم المستفيد أن أهل البيت والآل جميعا هم].
ورواه الطبراني في المعجم تحت رقم: [146513] في ج: 19، ص: 129.
وعقد النسائي في السنن الكبري مجلد: 2، من ص: 148، بابا سماه: (باب الصلاة علي أهل بيت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم وهم آله)، وروي فيه حديث كعب وفيه قال سألنا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم قلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ].
وغيرها التي نقلناها في هذا الكتاب، كما وتكرر لفظ [آل محمد] في كل الكيفيات التي ذكرت سابقا إلا في حديث أبي حميد ذكر بدله أزواجه وذريته وقد ذكرنا السبب.
من هنا يجب علينا إكمالا للبحث تحديد معني الآل والأهل والمقصود منهما في الأحاديث الواردة في كيفيات الصلاة علي محمد وآل محمد، والذي يجب علي الإنسان المؤمن أن يتعبد به، ولا يمكن أن يشرك في ذلك أحدا، إلا من باب الإلحاق بهم رجاء
(٣٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الطبراني (1)، موسي بن إسماعيل (1)، محمد بن إسماعيل (1)، الصّلاة (5)، السب (1)

* البخاري يعتبر الصلاة علي الأزواج بالصلاة التطمينية

الشمولية فيما يستحقون، أو رجاء التفضل من الصلاة النورانية أو التطمينية أو الربانية، فإنه قال: [من صلي علي مرة صلي الله عليه عشرة مرات]،. وعندما نتتبع عن ذلك في كتب اللغة العربية وأشعار العرب واستعمالها في تعيين معني الأهل والآل لغة وعرفا نجد لهما مصاديق متعددة، واستعمالات مختلفة بخصوصيات واعتبارات سوغت استعماله في ذلك. وأهل الشرع هم الآخر علي هذا المنوال، فهو بإطلاقه يريد معني خاصا في استعماله بخصوصية يلحظها، واعتبار حقيقي يضعه قرينة علي مطلوبه مهما كان معني اللغوي أو العرفي.
وقد تبين لنا من مراجعة النصوص عدة معان لكلمة أهل البيت (أي بيت النبي الأكرم) صلي الله عليه وآله وسلم سواء أضيف إلي الضمير [أهله]، أو إلي اسم الظاهر: [أهل محمد] أو اسم الوصف [أهل النبي] أو إلي بيته [أهل البيت] وكذا ل [آل محمد] إضافة إلي الاسم الصريح أو [آل النبي] و [آل الرسول] إلي الوصف، أو إلي البيت [آل البيت] أو غير ذلك:
المعني الأول: هو المعني العام لهما: فقد يطلقان علي من حرمت عليه الصدقة من أقرباء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، كما ويطلقان أيضا علي كل ذي قرابة مع النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بالمعني العام، ويطلقان ادعاء وتجوزا فاحشا علي الأمة جميعا هكذا قيل، ورووا: [آل محمد كل تقي]، وهذا المعني مرفوض في مدرسة الإمام علي وأولاده عليهم الصلاة والسلام، كما ورد في العيون عن الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام.
علي أنه يمكن أن يقال أن المراد كل تقي (بتقييد) من قرابته، والمقصود منهم الأولياء فيدخل في المعني الخاص التأويلي الإدعائي المجازي كما يأتي.
(٣٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الصّلاة (2)، التصدّق (1)

* المعني العام ل [الآل] و [الأهل]

الشمولية فيما يستحقون، أو رجاء التفضل من الصلاة النورانية أو التطمينية أو الربانية، فإنه قال: [من صلي علي مرة صلي الله عليه عشرة مرات]،. وعندما نتتبع عن ذلك في كتب اللغة العربية وأشعار العرب واستعمالها في تعيين معني الأهل والآل لغة وعرفا نجد لهما مصاديق متعددة، واستعمالات مختلفة بخصوصيات واعتبارات سوغت استعماله في ذلك. وأهل الشرع هم الآخر علي هذا المنوال، فهو بإطلاقه يريد معني خاصا في استعماله بخصوصية يلحظها، واعتبار حقيقي يضعه قرينة علي مطلوبه مهما كان معني اللغوي أو العرفي.
وقد تبين لنا من مراجعة النصوص عدة معان لكلمة أهل البيت (أي بيت النبي الأكرم) صلي الله عليه وآله وسلم سواء أضيف إلي الضمير [أهله]، أو إلي اسم الظاهر: [أهل محمد] أو اسم الوصف [أهل النبي] أو إلي بيته [أهل البيت] وكذا ل [آل محمد] إضافة إلي الاسم الصريح أو [آل النبي] و [آل الرسول] إلي الوصف، أو إلي البيت [آل البيت] أو غير ذلك:
المعني الأول: هو المعني العام لهما: فقد يطلقان علي من حرمت عليه الصدقة من أقرباء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، كما ويطلقان أيضا علي كل ذي قرابة مع النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بالمعني العام، ويطلقان ادعاء وتجوزا فاحشا علي الأمة جميعا هكذا قيل، ورووا: [آل محمد كل تقي]، وهذا المعني مرفوض في مدرسة الإمام علي وأولاده عليهم الصلاة والسلام، كما ورد في العيون عن الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام.
علي أنه يمكن أن يقال أن المراد كل تقي (بتقييد) من قرابته، والمقصود منهم الأولياء فيدخل في المعني الخاص التأويلي الإدعائي المجازي كما يأتي.
(٣٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الصّلاة (2)، التصدّق (1)
المعني الثاني: وقد خصص الشارع ذلك العموم بمعني خاص، وهو علي قسمين الأول منهما: خاص تفسيري علي نحو التخصيص اللفظي، والثاني: خاص تأويلي علي نحو التعميم المعنوي في مقام الحقيقة والمجاز.
والثاني: الخاص التأويلي يكون علي نحوين، النحو الأول خاص تأويلي حقيقي، والنحو الثاني خاص تأويلي ادعائي ومجازي، وهذان القسمان يجريان في الكلمتين وبالتفصيل نبينها في مقاصد:
صفحه(٣٠٥)

* المعني الخاص التفسيري

المقصد الأول في:
المعني الخاص المصداقي التفسيري ل [أهل البيت] و [آل محمد] [مصاديقهما في مقام التفسير] فقد وردت أحاديث كثيرة عن العامة والخاصة كما في حديث الكساء المروي بالتواتر والتي فسرت [أهل البيت] في آية التطهير بالخمسة وآية المباهلة وآية المودة وغيرها وآية الصلوات منها وهم الإمام علي بن أبي طالب، وفاطمة الزهراء زوجته، والإمامين الحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام فقط لا غير.
فمما روي في ذلك الحاكم النيسابوري في مجلد: 3 من ص 147. فقد استدل في مستدركه علي أن وجوب الصلاة علي (آل محمد) وأن الآل هم أهل البيت وروي في ذلك أحاديث صحيحة منها قال: عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه قال لما نظر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إلي الرحمة هابطة قال: ادعوا لي ادعوا لي! فقالت صفية: من يا رسول الله؟ قال أهل بيتي عليا وفاطمة والحسن والحسين فجئ بهم فألقي عليهم النبي صلي الله عليه وآله وسلم كساءه، ثم رفع يديه ثم قال:
[اللهم هؤلاء إلي فصل علي محمد علي آل محمد وأنزل الله عز وجل: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [الأحزاب: 33].
وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقد صحت الرواية علي شرط الشيخين أنه علمهم الصلاة علي أهل بيته كما علمهم الصلاة علي آله.
وروي أيضا عن عبد الرحمن بن أبي ليلي يقول لقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلي الله عليه وآله؟ قلت: بلي. قال: فاهدها إلي. قال:
سألنا رسول الله صلي الله عليه وآله، فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ].
(٣٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، حديث الكساء (1)، آية المودة (1)، آية التطهير (1)، الحاكم النيسابوري (1)، إسماعيل بن عبد الله (1)، آية المباهلة (1)، علي بن أبي طالب (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الزوجة (1)، الصّلاة (5)، الوجوب (1)

* استعمال الشرع بخصوصية التطهير

وقد روي هذا الحديث بإسناده وألفاظه حرفا بعد حرف الإمام محمد بن إسماعيل البخاري عن موسي بن إسماعيل في الجامع الصحيح وإنما خرجته ليعلم المستفيد أن أهل البيت والآل جميعا هم.
وروي عن عامر بن سعد يقول قال سعد نزل علي رسول الله صلي الله عليه وآله الوحي فأدخل عليا وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه ثم قال: [اللهم هؤلاء أهلي وأهل بيتي].
وفيه أيضا: قال لما نزلت هذه الآية: {ندع أبناءنا وأبناؤكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم} دعا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا رضي الله تعالي عنهم، فقال: [اللهم هؤلاء أهلي]، هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ج: 3، ص: 163. وهذا المعني مروي عن شهر بن حوشب أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط: ج: 4، ص: 479، ح: 3811.
فقد روي حديث أم سلمة ثم قال في ذيله: [ … قال شهر وفيهم نزلت] (36).
وأخرج الشعراني (كما يأتي في الصلاة البتراء) أنه روي عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم: [لا تصلوا علي الصلاة البتراء تقولون: اللهم صلي علي محمد وتمسكون. بل قولوا: اللهم صلي علي محمد وآل محمد فقيل له ومن أهلك يا رسول الله؟ قال: علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم الصلاة والسلام)].
وهناك الروايات الكثيرة الواردة في هذا الشأن مما تحدد المصداق لهذا العنوان لخصوصية ما، في بعض الموارد كآية التطهير، وذلك لخصوصية إذهاب الرجس وتطهيرهم، أي العصمة الإلهية، والطهارة الربانية لهم، تدل الآية علي أنه ليس كل من كان من أهل بيت النبوة نسبا قد أذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيرا، فضلا عمن لم يكن من أهل البيت نسبا، ومن هنا نراه صلي الله عليه وآله وسلم يقول لأم سلمة (وهي المبشرة بالجنة):
أنت من أهلي (من حيث السكن) إلا أنه لم يأذن لها بالدخول تحت الكساء فلم يشملها الدعاء بإذهاب الرجس والطهارة ولا بالصلاة عليها. والحديث روي عن عائشة أيضا.
(٣٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، آية التطهير (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (2)، الطبراني (1)، موسي بن إسماعيل (1)، محمد بن إسماعيل (1)، الصّلاة (4)

[مصاديقهما في مقام التفسير] * المعني الخاص التفسير ل [الآل] و [الأهل]

المقصد الثاني في:
[المعني الخاص التفسيري والخاص التأويلي الحقيقي] [مصاديقهما في مقام التعبد] إن الواجب الذي فرضه الله تعالي علينا في الصلاة عليهم في مقام التعبد في الصلاة المكتوبة وغيرها والذين يجب أن نعتقده من المصاديق ل [أهل البيت] و [آل محمد] ليس هم إلا المعصومون الأربعة عشر لا غير. وهو المعني المصداقي الخاص والتأويلي الحقيقي ل [أهل البيت] و [آل محمد]، فقد أجمع الشيعة للأخبار المتواترة أن اللفظتين من ناحية التأويل تشمل التسعة المعصومين من ذرية الحسين عليه السلام (إضافة علي إطلاقهما علي الخمسة بالمعني التفسيري الخاص المتقدم)، بل يفهم من بعض الأخبار ذلك من باب التفسير للفظتين والتسعة هم: الإمام علي بن الحسين زين العابدين وابنه الإمام محمد الباقر، وابنه الإمام جعفر الصادق، وابنه الإمام موسي الكاظم، وابنه الإمام علي الرضا، وابنه الإمام محمد الجواد، وابنه الإمام الحسن العسكري، وابنه الإمام المهدي عليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام أجمعين.
وقال توفيق أبو علم في كتابه أهل البيت: إن أهل البيت هم فاطمة وعلي والحسن والحسين ومن خرج من سلالة الزهراء وأبي الحسنين رضي الله عنهم أجمعين.
قال في كنز العرفان: الذين تجب الصلاة علهم في الصلاة، ويستحب في غيرها هم الأئمة المعصومون عليهم الصلاة والسلام لإطباق الأصحاب علي أنهم هم الآل، ولأن الأمر بذلك مشعر بغاية التعظيم، الذي لا يستوجبه إلا المعصومون، وأما فاطمة الزهراء عليها السلام فتدخل أيضا لأنها بضعة منه. انتهي.
وعن الإمام أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: [سمع أبي (يعني الإمام الباقر عليه السلام) رجلا متعلقا بالبيت " الكعبة " وهو يقول: (اللهم صل علي محمد) فقال له:
أبي يا عبد الله لا تبترها لا تظلمنا حقنا قل: (اللهم صل علي محمد وأهل بيته) [37].
(٣٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الأئمة الأثنا عشر عليهم السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الصدق (1)، الصّلاة (7)، الجود (1)، الإستحباب (1)

[مصاديقهما في مقام التعبد] * المعني الخاص التأويلي ل [الآل] و [الأهل]

المقصد الثاني في:
[المعني الخاص التفسيري والخاص التأويلي الحقيقي] [مصاديقهما في مقام التعبد] إن الواجب الذي فرضه الله تعالي علينا في الصلاة عليهم في مقام التعبد في الصلاة المكتوبة وغيرها والذين يجب أن نعتقده من المصاديق ل [أهل البيت] و [آل محمد] ليس هم إلا المعصومون الأربعة عشر لا غير. وهو المعني المصداقي الخاص والتأويلي الحقيقي ل [أهل البيت] و [آل محمد]، فقد أجمع الشيعة للأخبار المتواترة أن اللفظتين من ناحية التأويل تشمل التسعة المعصومين من ذرية الحسين عليه السلام (إضافة علي إطلاقهما علي الخمسة بالمعني التفسيري الخاص المتقدم)، بل يفهم من بعض الأخبار ذلك من باب التفسير للفظتين والتسعة هم: الإمام علي بن الحسين زين العابدين وابنه الإمام محمد الباقر، وابنه الإمام جعفر الصادق، وابنه الإمام موسي الكاظم، وابنه الإمام علي الرضا، وابنه الإمام محمد الجواد، وابنه الإمام الحسن العسكري، وابنه الإمام المهدي عليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام أجمعين.
وقال توفيق أبو علم في كتابه أهل البيت: إن أهل البيت هم فاطمة وعلي والحسن والحسين ومن خرج من سلالة الزهراء وأبي الحسنين رضي الله عنهم أجمعين.
قال في كنز العرفان: الذين تجب الصلاة علهم في الصلاة، ويستحب في غيرها هم الأئمة المعصومون عليهم الصلاة والسلام لإطباق الأصحاب علي أنهم هم الآل، ولأن الأمر بذلك مشعر بغاية التعظيم، الذي لا يستوجبه إلا المعصومون، وأما فاطمة الزهراء عليها السلام فتدخل أيضا لأنها بضعة منه. انتهي.
وعن الإمام أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: [سمع أبي (يعني الإمام الباقر عليه السلام) رجلا متعلقا بالبيت " الكعبة " وهو يقول: (اللهم صل علي محمد) فقال له:
أبي يا عبد الله لا تبترها لا تظلمنا حقنا قل: (اللهم صل علي محمد وأهل بيته) [37].
(٣٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الأئمة الأثنا عشر عليهم السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الصدق (1)، الصّلاة (7)، الجود (1)، الإستحباب (1)

* علامة النسب الحقيقي حرمة النكاح

وروي عبد الله بن ميسرة قال قلت لأبي عبد الله الصادق عليه الصلاة والسلام: إنا نقول: [اللهم صل علي محمد وأهل بيته]، فيقول: قوم: [نحن آل محمد]، فقال إنما [آل محمد من حرم الله عز وجل علي محمد ص نكاحه] (38).
وهنا يضع الإمام قاعدة في تأويل اللفظ وتعميمه من ناحية معنوية، وهي تحريم النكاح من بنات أفراده وهذه من أحكام أولاده الذين من صلبه، وهي في المرحلة الأولي تثبت النسب الحقيقي بينهم وبين النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم. وفي المرحلة الثانية أن المصداق التأويلي الحقيقي ل [آل محمد]، هم المعصومون التسعة وإن كانت القاعدة تتمشي في كل ذريته من الإمامين الحسنين عليهما الصلاة والسلام إلا أن المعصومين هم أقرب هؤلاء إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم نسبا وعصمة وطهارة.
ويؤيد ذلك أحاديث عن العامة والخاصة. ففي روضة الكافي وغيره عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا أبا الجارود! ما يقولون في الحسن والحسين عليهما السلام؟ قلت: ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم.
قال: فبأي شئ احتججتم عليهم؟ قال: قلت: بقوله في عيسي بن مريم عليهما السلام: {ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسي وهارون وكذلك نجزي المحسنين * وزكريا ويحيي وعيسي وإلياس كل من الصالحين} [الأنعام: 85]. فجعل عيسي من ذرية إبراهيم عليه السلام.
واحتججنا عليهم بقوله تعالي: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين} [آل عمران: 61].
ثم قال: فأي شئ قالوا؟ قال: قلت قالوا: قد يكون ولد البنت من الولد ولا يكون من الصلب. قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: والله يا أبا الجارود! لأعطينكها من
(٣٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، النبي إبراهيم (ع) (1)، عبد الله بن ميسرة (1)، الصّلاة (2)

* محاججة الإمام الكاظم عليه السلام بفضل الصلاة عليهم

كتاب الله آية تسميهما أنهما لصلب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لا يردها إلا كافر.
قال أبو الجارود: قلت: جعلت فداك وأين؟ قال: قال: حيث قال الله تعالي:
{حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسآئكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسآئكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما} [النساء: 23].
فسلهم يا أبا الجارود هل يحل لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم نكاح حليلتيهما؟
فإن قالوا: نعم. فكذبوا والله، وإن قالوا: لا. فهما والله ابنا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لصلبه، وما حرمن عليه إلا للصلب (39).
أقول: إن الأحاديث التي تثبت ابنية الحسنين وذريتهما عليهم الصلاة والسلام قد استفاضت من القوم، وهي تعمم لنا المعني التأويلي لكلمتي الأهل والآل، ويناسب هنا ذكر ما روي عن الإمام الكاظم عليه الصلاة والسلام من سعة مفهوم (آل محمد) فقد ذكر الشريف المرتضي في الغرر والديلمي في أعلام الدين وأعيان الشيعة ج: 2 ص: 8، عن أبي عبد الله، بإسناده عن أيوب الهاشمي أنه حضر باب الرشيد رجل يقال له نفيع الأنصاري، ومعه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وحضر موسي بن جعفر عليه السلام علي حمار له، فتلقاه الحاجب بالبشر والإكرام وأعظمه من كان هناك، وعجل له بالإذن، فسأل نفيع عبد العزيز بن عمر: من هذا الشيخ؟
قال: أو ما تعرفه؟ قال: لا. قال هذا شيخ آل أبي طالب، شيخ آل محمد، هذا موسي بن جعفر. فقال: ما رأيت أعجز من هؤلاء القوم يفعلون هذا برجل يقدر أن يزيلهم عن السرير، أما إن خرج لأسوءنه.
(٣١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب أعيان الشيعة للأمين (1)، عبد العزيز بن عمر (2)، أبو الجارود (1)، الشريف المرتضي (1)، موسي بن جعفر (2)، عبد العزيز (1)، الوسعة (1)، الرضاع (1)، الفدية، الفداء (1)، الصّلاة (1)
فقال له عبد العزيز: لا تفعل فان هؤلاء أهل البيت، قل ما تعرض لهم أحد في خطاب إلا وسموه في الجواب سمة يبقي عارها عليه مدي الدهر.
قال: وخرج موسي عليه السلام وأخذ نفيع بلجام حماره، وقال: من أنت يا هذا؟
قال يا هذا إن كنت تريد النسب فأنا ابن محمد حبيب الله، ابن إسماعيل ذبيح الله، ابن إبراهيم خليل الله، وإن كنت تريد البلد فهو الذي فرض الله علي المسلمين وعليك إن كنت منهم الحج إليه، وإن كنت تريد المفاخرة فوالله ما رضوا مشركو قومي مسلمي قومك أكفاء لهم حتي قالوا: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش، وإن كنت تريد الصيت والاسم فنحن الذين أمر الله تعالي بالصلاة علينا في الصلوات والفرائض، تقول:
[اللهم صل علي محمد وآل محمد]، ف [نحن آل محمد]، خل عن الحمار، فخلي عنه، ويده ترعد، وانصرف مخزيا. فقال: له عبد العزيز ألم أقل لك (40).
وقال خطبة للإمام الحسن بن علي المجتبي سبط النبي صلي الله عليه وآله وسلم في محضر معاوية: [وفرض الله عز وجل الصلاة علي كافة المؤمنين فقالوا: يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل علي محمد وآل محمد، فحق علي كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فريضة واجبة (40).
قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: [وأقررنا بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام فسمعنا وأطعنا، وأمرتنا بالصلاة عليهم، فعلمنا إن ذلك حق فاتبعناه] (40).
أقول: يشير إلي ما قدمنا من وجوب إلحاق الآل بالصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم، ومتي ما ذكر يجب أن يقرن به أهل البيت عليهم الصلاة والسلام هذا إن أريد به الوجوب الشرعي. وإذا كان الكلام علي أصل الصلاة فكذلك في المكتوبة، وأما إذا كان في خارجه فالوجوب وجوب لغوي، أي هذا ثابت. ولذا قال فحق علي كل مسلم..
ويقوي ذلك ما في كتب العامة مما ورد عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام من دعواهم أنهم من الآل: منها ما تفسير ابن جرير، وابن كثير وفضل آل البيت للقريري،
(٣١١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، علي بن أبي طالب (1)، ابن إسماعيل (1)، الحسن بن علي (1)، عبد العزيز (2)، الحج (1)، الصّلاة (5)، الوجوب (2)

* نسبة الأئمة إلي [الآل] و [الأهل]

وأهل البيت لتوفيق أبو علم مما اشتهر عن الإمام علي بن الحسين لشيخ دمشق: هل قرأت هذه الآية: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [الأحزاب: 33]. قال: نعم، [قد قرأت ذلك]، قال: فنحن أهل البيت الذين خصصنا بآية التطهير يا شيخ.. (41).
وفي الطبقات الكبري، قال الإمام زين العابدين عليه السلام لابن عمرو عندما سأل عن حاله: [أن لنا أهل البيت الفضل علي قريش لأن محمد منا] (42).
وفي الطبقات أيضا قال جابر للإمام محمد الباقر عليه السلام: [أكان منكم أهل البيت أحد يزعم أن ذنبا من الذنوب شرك..] (43).
وفيها رواية عندما سئل عن الحناء قال: [هذا خضابنا أهل البيت] (44).
وفي أخبار الدول للقرماني عن الإمام الجواد عليه السلام: [الجواد منا أهل البيت] (45).
وفي الفصول المهمة قال علي بن موسي الرضا في حقه: [إن أهل البيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذة بالقذة] (46).
ومن ذلك ما اشتهر في الحجة القائم عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم:
[المهدي منا أهل البيت، وفي لبعض آخر من آل محمد]. كما في مسند أحمد وغيره (47).
(٣١٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (2)، الإمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب الفصول المهمة لإبن صباغ المالكي (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، آية التطهير (2)، كتاب الطبقات الكبري لإبن سعد (1)، دمشق (1)، الجود (1)

[مصاديقهما في مقام رجاء الشمولية للرحمة الخاصة] * المعني الخاص التأويلي المجازي ل [أهل البيت] و [آل محمد]

المقصد الثالث في:
المعني الخاص التأويلي المجازي ل [أهل البيت] و [آل محمد] [مصاديقهما في مقام رجاء الشمولية للرحمة الخاصة] ينبغي أن يقصد المصلي في صلاته علي [أهل البيت] و [آل محمد] كل من ينتسب إليهم نسبا وعملا أو علما كذلك، رجاء شمولية الصلاة عليهم لما يفهم من بعض الأخبار عمومية ذلك، ويصح إطلاق اللفظتين عليهم إذا لوحظ خصوصية التبعية من خلص شيعتهم وتابعيهم ومواليهم، لما في مفهومهما من معني الأهلية والمآل في سعة دائرتهما إلي جميع من صدق عليه النسبة المعنوية الإيمانية والنسبية الظاهرية الإيمانية، ولعل القول الذي نقلوه: [آل محمد كل تقي] يشير إلي هذا المعني في مقام رجاء الشمولية لا في مقام التعبد الذي عدم قصد أفراده عمدا والعقيدة بمصاديقه يستلزم المعصية وبطلان العبادة.
ومعني هذا كله أن الرابطة الجامعة والعلاقة الوطيدة بين النبي وآله وشيعتهم هي التقوي وكفي بذلك نسبا وقرابة.
ومن هنا قال بعض أهل اللغة كصاحب المفردات: ويستعمل (الآل) فيمن يختص بالإنسان اختصاصا ذاتيا بقرابة أو بموالاة.
وآل النبي … المختصون به من حيث العلم، وذلك أن أهل الدين ضربان. ضرب متخصص بالعلم المتقن والعمل المحكم فيقال لهم آل النبي وأمته.
وضرب يختصون بالعلم علي سبيل التقليد، ويقال لهم أمة محمد عليه الصلاة السلام ولا يقال لهم آله فكل آل للنبي أمة له، وليس كل أمة له آله.
وقيل لجعفر الصادق رضي الله عنه: الناس يقولون المسلمون كلهم آل النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: كذبوا وصدقوا فقيل له: ما معني ذلك؟ فقال: كذبوا في أن الأمة كافتهم آله، وصدقوا في أنهم إذا قاموا بشرائط شريعته آله. انتهي.
(٣١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الوسعة (1)، التصديق (1)، الأكل (1)، الصّلاة (2)

* دخول الأجنبي نسبا في كلمتي [الآل] و [الأهل] تبعا

وذلك أن (الآل) في اللغة بمعني رجع (كما في القاموس) آل إليه أولا ومآلا، رجع.
وأول الكلام تأويلا: دبره وقدره وفسره. فمن كان مرجعه إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم من كل وجه نسبا وحسبا، علما وعملا، قولا وفعلا، وخلقا وخلقا فهو من آله حقيقة، والعلاقة بينهما أقوي دون غيره ممن يرجع إليه من جهة دون أخري، ولهذا اختص مصداق الآل في كثير من الموارد بالأئمة عليهم الصلاة والسلام دون غيرهم، نعم لما كانت العمدة بعد ذلك المراجعة الدينية الروحانية الحاصلة بكمال العلم والعمل أدخل في أعدادهم بعض خواص أتباعهم، وعليه فبلحاظ خصوصية [الاتباع] ربما دخل في مفهوم: (أهل البيت) و (آل محمد) أبعد الناس منه رحما كما دخل سلمان الفارسي عليه السلام لقوله صلي الله عليه وآله وسلم: [سلمان منا أهل البيت] (48).
ورحم الله أبا فراس حيث يقول:
هيهات لا قربت قربي ولا نسب * يوما إذا فظت الأخلاق والشيم كانت مودة سلمان له رحما * ولم يكن بين نوح وابنه رحم وقوله صلي الله عليه وآله وسلم: يا أبا ذر! إنك [منا أهل البيت]، وإني موصيك بوصية فاحفظها فإنها جامعه لطرق الخير وسبله، فإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان، يا أبا ذر! أعبد الله كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك.. (49).
وكذلك أولاد الأئمة المؤمنين ففي بعض الزيارات: السلام عليكم يا آل الله.
وبعبارة أخري: أن آل النبي صلي الله عليه وآله وسلم هو لكل من يؤول إليه وهم قسمان الأول: من يؤول إليه مآلا جسمانيا كأولاده ومن يحذو حذوهم من أقاربهم الصوريين الذين يحرم عليهم الصدقة في الشريعة المقدسة.
والثاني: من يؤول إليه مآلا معنويا روحانيا وهم أولاده الروحانيون من العلماء الراسخين والأولياء، ولا شك إن النسبة الثانية أوكد وأقوي من الأولي، وإذا اجتمعت النسبتان كان نورا علي نور كما في الأئمة المعصومين، وكما حرم علي الأولاد الصوريين
(٣١٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، سلمان المحمدي (الفارسي) رضوان الله عليه (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (1)، التصدّق (1)
الصدقة كذلك حرم علي الأولاد المعنويين الصدقة المعنوية أعني تقليد الغير في العلوم والمعارف.
وهنا كلام للعلامة المحقق الحكيم جلال الدين محمد بن أسعد الدواني [1] وعلي تعبير الشيخ البهائي: وهو مما يستوجب أن يكتب بالتبر علي الأحداق، لا بالحبر علي الأوراق يقول: آل الشخص من يؤول إلي ذلك الشخص فآله صلي الله عليه وآله وسلم من يؤول إليه أما بحسب النسب أو بالنسبة أما الأول فهم الذين حرم عليهم الصدقة في الشريعة المحمدية، وهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب عند بعض الأئمة (أي أئمة المذاهب)، وبنو هاشم فقط عند البعض (عند الشيعة).
وأما الثاني: فهم العلماء إن كانت النسبة بحسب الكمال الصوري أعني العلم التشريعي فالأولياء، والحكماء المتألهين إن كانت النسبة بحسب الكمال الحقيقي أعني الحقيقة. ثم قال: ويحتمل أن يكون مراد المصنفين جميع أفراد الآل أعني الصوريين والمعنويين وأن يكون مرادهم المعنويين سواء كانا سابقين عليه بالزمان أو لاحقين له وسواء انتسبوا إليه في العلم بظاهر التشريع أو باطنه. انتهي.
وعن عمار بن موسي قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال رجل: [اللهم صل علي محمد وأهل بيت محمد] فقال له أبو عبد الله عليه السلام يا هذا لقد ضيقت علينا، أما علمت أن [أهل البيت] خمسة أصحاب الكساء (بالمعني التفسيري الشائع آنذاك)؟ فقال الرجل كيف أقول؟ قال: [قل: اللهم صل علي محمد وآل محمد.
فسنكون نحن وشيعتنا قد دخلنا فيه] (50).
ويستفاد بصورة عامة من التدبر في الآيات القرآنية المؤولة بأهل البيت عليهم الصلاة والسلام وتتبع الأحاديث الواردة في تلك الآيات كون المراد من (أهل البيت) و (آل محمد)
[١] - المتوفي سنة: ٩٠٨ ه والدواني نسبة إلي دوان كشداد قرية من قري كازرون من بلاد فارس المنتهي نسبه إلي محمد بن أبي بكر كان في أوائل أمره علي مذهب أهل السنة ثم صار شيعيا وكتب بعد ذلك رسالة سماها: (نور الهداية) وهي مصرحة بتشيعه وتعرض في حاشية له علي التجريد علي المير صدر الشيرازي في تفضيل الأول علي علي عليه السلام بقوله: والعجب من ولد علي كيف يدعي إطباق أهل السنة علي أن جميع الفضائل التي لعلي عليه السلام حاصلة لأبي بكر مع زيادة فإن ذلك إزراء بجلالة علي عليه السلام كمالا يخفي علي ذوي الأفهام.
(٣١٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل الكساء (1)، الشيخ البهائي (1)، أبو عبد الله (1)، بنو هاشم (1)، عمار بن موسي (1)، جلال الدين (1)، الصّلاة (1)، التصدّق (3)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، محمد بن أبي بكر (1)، الوفاة (1)

خروج أقرب الناس من [الآل] و [الأهل] من حيث المعصية

بلسان الكتاب ولغة السنة هم أهل بيت النبوة أي كل من كان علي شاكلة النبي صلي الله عليه وآله وسلم سواء كان من أفراد أسرة النبي صلي الله عليه وآله وسلم أو لم يكن.
وعلي هذا يخرج من لم يكن كذلك حتي ولو كانت زوجته بل لو كان من أقرب الأقارب نسبا، فكل من ناسب النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم مناسبة معنوية تؤهله أن يكون منه ويعد من أهله، فهو من (أهل البيت) ومن (آل محمد) وعلي هذا الأساس ربما خرج عن هذا العنوان أخص الأقارب نسبا كما خرج ابن نوح {قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح} [هود: 46].
ويشهد لما ذكرنا الأحاديث الواردة في ذلك منها ما رواه الصدوق في العيون والمعاني والمفيد في الاختصاص عن موسي الوشاء البغدادي قال كنت بخراسان مع علي بن موسي الرضا عليه السلام في مجلسه، وزيد بن موسي (51] حاضر قد أقبل علي جماعة في المجلس يفتخر عليهم، ويقول: نحن ونحن. وأبو الحسن عليه السلام مقبل علي قوم يحدثهم فسمع مقالة زيد، فالتفت إليه فقال: [يا زيد أغرك قول ناقلي الكوفة: أن فاطمة عليها السلام أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها علي النار، فوالله ما ذلك إلا للحسن والحسين وولد بطنها خاصة، وأما أن يكون موسي بن جعفر عليه السلام يطيع الله ويصوم نهاره ويقوم ليله، وتعصيه أنت ثم تجيئان يوم القيامة سواء لأنت أعز علي الله عز وجل منه. إن علي بن الحسين (عليه السلام) كان يقول: [لمحسننا كفلان من الأجر، ولمسيئنا ضعفان من العذاب]. قال الحسن الوشاء ثم التفت إلي فقال لي: [يا حسن كيف تقرؤون هذه الآية {قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح}؟ [هود: 46]. قيل من الناس من يقرأ: {إنه عمل غير صالح} ومنهم من يقرأ {إنه عمل غير صالح} فمن قرأ عمل غير صالح نفاه عن أبيه [1] فقال عليه السلام: كلا لقد كان ابنه، ولكن لما
[١] - من الواضح أن الثابت في القرآن {إنه عمل خير صالح} بمعني هو ذو عمل غير صالح من مخالفة أبيه ومعصيته وانخراطه مع الكافرين إلا أن البعض يفسر هذه الآية بهذا الإعراب أي بالمصدر أن ابن نوح وهو كنعان لم يكن ولد شرعي (والعياذ بالله) فهو بذاته عمل قبيح مبالغة في النسبة كما يقال: زيد عدل مبالغة في نسب العدالة. ومن هنا رفض الإمام الرضا عليه السلام هذا القراءة بهذا التفسير، بل الصحيح هو ابنه لكن نفاه الله تعالي عن أبيه لأنه عما عملا غير صالح فقراءتها بالفعل صريح وأوضح في المعني وعليه قرء البعض أيضا.
(٣١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (2)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (1)، يوم القيامة (1)، مدينة الكوفة (1)، الشيخ الصدوق (1)، زيد بن موسي (1)، خراسان (1)، العزّة (1)، الزوجة (1)، الأكل (1)، العذاب، العذب (1)، القرآن الكريم (1)، الرفض (1)

* نفي ولد نوح من [الأهل]

عصي الله تعالي نفاه عن أبيه، كذا من كان منا لم يطع الله تعالي فليس منا. وأنت إذا أطعت الله عز وجل [فأنت منا أهل البيت]، وفي رواية نفاه عنه حين خالفه في دينه.
وفي خبر آخر قال له: إن كنت تري أنك تعصي الله وتدخل الجنة وموسي بن جعفر أطاع الله ودخل الجنة فأنت إذن أكرم علي الله عز وجل من موسي بن جعفر. والله ما ينال أحد ما عند الله عز وجل إلا بطاعته، وزعمت: أنك تناله بمعصيته فبئس ما زعمت فقال له زيد: أنا أخوك وابن أبيك. فقال له أبو الحسن عليه السلام: أنت أخي ما أطعت الله عز وجل إن نوحا قال: {رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين}، فقال الله عز وجل: {قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح} فأخرجه الله عز وجل من أن يكون من أهله بمعصيته (52).
والإمام الرضا عليه السلام له أقوال كثيرة في هذه الفكرة وقد يعظ الناس ويعلمهم كيف تقدس الشريعة الإنسان المؤمن إذا أهل نفسه بالأعمال الصالحة لأن يكون من أهل البيت ومن آل محمد صلي الله عليه وآله وسلم وحارب فكرة الأنساب وشرف النسب الذي لم يحتمل في محتواه شرفية العمل الصالح وقد أثر عنه الكثير في ذلك منها ما في العيون عن الحسن بن الجهم قال: كنت عند الرضا عليه السلام وعنده زيد بن موسي أخوه وهو يقول يا زيد اتق الله فإنا بلغنا ما بلغنا بالتقوي، فمن لم يتق ولم يراقبه فليس منا، ولسنا منه.
يا زيد! إياك أن تعين علي من به تصول من شيعتنا فيذهب نورك. يا زيد إن شيعتنا إنما أبغضهم الناس، وعادوهم واستحلوا دماءهم، وأموالهم لمحبتهم لنا، واعتقادهم لولايتنا، فإن أنت أسأت إليهم ظلمت نفسك وأبطلت حقك.
قال الحسن بن الجهم ثم التفت عليه السلام إلي فقال لي: يا ابن الجهم! من خالف دين الله فابرأ منه كائنا من كان، من أي قبيلة كان. ومن عادي الله فلا تواله كائنا من كان من أي قبيلة كان فقلت له: يا ابن رسول الله ومن الذي يعادي الله قال من يعصيه.
وعن إبراهيم بن محمد الهمداني قال سمعت الرضا عليه السلام يقول من أحب عاصيا فهو عاص، ومن أحب مطيعا فهو مطيع، ومن أعان ظالما فهو ظالم، ومن خذل عادلا
(٣١٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (3)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، إبراهيم بن محمد الهمداني (1)، الحسن بن الجهم (2)، زيد بن موسي (1)، موسي بن جعفر (2)، الكرم، الكرامة (1)، الظلم (1)

* محاججة الإمام الرضا مع أخيه زيد النار

فهو خاذل، إنه ليس بين الله وبين أحد قرابة، ولا ينال أحد ولاية الله إلا بالطاعة، ولقد قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لبني عبد المطلب: ائتوني بأعمالكم لا بأنسابكم وأحسابكم، قال الله تعالي: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسآءلون * فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون} [المؤمنون: 103].
وكان الإمام الرضا عليه السلام ينقل لهم أقوال آبائه في ذلك مؤكدا عليه بمفهوم قرآني كما ذكر عن جده الإمام زين العابدين عليه السلام، ويضيف عليه الحوار الذي جري بين إسماعيل العبد الصالح وبين أبيه الإمام الصادق عليه السلام فعن أبي الصلت الهروي قال:
سمعت الإمام الرضا عليه السلام يحدث عن أبيه أن إسماعيل قال للصادق عليه السلام يا أبتاه! ما تقول في المذنب منا ومن غيرنا؟ فقال عليه السلام: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} [: النساء: 123].
ولتوضيح الفكرة يجب أن يعلم أن أهل الإسلام لما كان يجمعهم دين واحد حكمت الشريعة برفع حكم النسب في كثير من الأحكام بين المسلم والكافر، ولذلك صح السلب قوله تعالي: {إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح} وقال عز وجل: {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون} [المؤمنون: 27]. فقد نفت الآية كون ولده من أهله مع أنه من أخص أقاربه. وقد عللت هذا النفي ب {أنه عمل غير صالح}، وقد يكون منهم ويخرجه انحرافه وابتعاده عن الحق كما أخرج الله بعض نساء الأنبياء لذلك من الأهل والآل فقال في معرض استثناء الزوجة الغير الصالحة من الأهل: {كذبت قوم لوط بالنذر * إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر} [القمر: 34] وهنا يشمل الآل فقال في معرض استثناها في قوله تعالي: {فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين} [الأعراف: 83].
(٣١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أهل الكتاب (1)، الكذب، التكذيب (1)، الخوف (1)

* استثناء الزوجة الغير الصالحة من [الآل] و [الأهل]

وقال: {قالوا يلوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم … } [هود: 83].
أجل وإن كانت الزوجة لغة يطلق عليها أهل، كما يقول علماء اللغة: تأهل الرجل، إذا تزوج. واتخذ له زوجة، وهي أهله من حيث السكن. أما الزوجة المنحرفة عن خط الرسالة، وخائنة لمقام النبوة فمهما كانت نسبتها لا تعد في قاموس رب العالمين أهل لنبي، لأن الأعمال تتجانس مع الشخص إن خيرا فخير وإن شرا فشر، وعلي حد تعبير بعض العرفاء إن سنخية الأعمال توجب قرابة أهل الله تعالي، وقد قال تعالي: {ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين * وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين} [التحريم: 12].
وكانت تلك المرأتين خانتا زوجيهما بإفشاء أسرارهما فلم يحفظا مقامهما في بيت النبوة، والخبر: قال ابن عباس ما زنت امرأة نبي قط. وكانت الخيانة من امرأة نوح أنها كانت تنسبه إلي الجنون، والخيانة من امرأة لوط أنها كانت تدل علي أضيافه. انتهي.
والآية مصوغة علي احتمال وقوع هذه الحالة في أوساطكم سواء كانت زوجة نبيكم أو غيرها والتاريخ يعير نفسه في هذا الأمة، ولذا قال الإمام الصادق عليه السلام إن هذا المثل والمقصود به وبلاغة القرآن في الكناية عن المرأتين، فليرجع إلي التفاسير في ذلك.
وقال الآلوسي في روح المعاني، ج 12، ص: 23، مورد آية التطهير: وأنت تعلم أن ظاهر ما صح من قوله: [إني تارك فيكم الثقلين (وفي رواية) ثقلين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض] يقتضي أن النساء المطهرات غير داخلات في أهل البيت الذين هم أحد الثقلين.
(٣١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، حديث الثقلين (1)، عبد الله بن عباس (1)، آية التطهير (1)، القرآن الكريم (1)، الظلم (1)، الضرب (1)، الزوجة (2)، الزوج، الزواج (3)، الطهارة (1)، الزنا (1)

* المثل الذي ضربه الله في خيانة الزوجتين

ولقد أدخل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام رجالا ليسوا من أقربائهم ولا يمتوا إليهم بصلة نسبية إلا صلة الصالحات وقرابة العبادات وسنخية الأعمال فقد كان الإمام علي عليه السلام يقول: ما زال الزبير: [منا أهل البيت] حتي نشأ بنوه فصرفوه. وفي خبر أن الإمام الصادق عليه السلام قال: ما زال الزبير [منا أهل البيت] حتي أدرك فرخه فنفاه عن رأيه (53).
وأتذكر هنا ولده عبد الله الذي كان يدعي الخلافة وحين يخطب لم يصل علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقيل له في ذلك؟ فقال إن له أهيل سوء إذا ذكرته اشرأبوا.
وهو من أقرباء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لأن الزبير أباه بن صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلي الله عليه وآله وسلم وهذه قرينة أن أهل بيت النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وكذا لكمة (آله) هو علم للخمسة فقط، ولو كان لجميع الأقرباء لأشرك نفسه ولما عد الصلاة فضلا خاصا لآل علي بن أبي طالب عليهم الصلاة والسلام.
ويصل بالإسلام من تقييمه للتقوي أن يفتح باب النبوة لكل من توجه إليه وهم بالدخول وإن كان متحدرا من نسب لا يشرفه، ففي الاختصاص عن أبي حمزة قال دخل سعد بن عبد الملك - وهو من بني أمية - (وكان أبو جعفر عليه السلام يسميه سعد الخير) وهو من ولد عبد العزيز بن مروان علي أبي جعفر عليه السلام فبينا ينشج كما تنشج النساء! قال فقال له: أبو جعفر عليه السلام ما يبكيك يا سعد؟ قال وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن! فقال له: لست منهم أنت أموي [منا أهل البيت] أما سمعت قول الله عز وجل يحكي عن إبراهيم عليه السلام {فمن تبعني فإنه مني} (45).
والأقوال الآتية توضح لنا صيرورة المؤمن من أهل البيت عليهم الصلاة والسلام معنويا إن سار علي نهجهم واتبع النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم من خلال سنتهم فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: من أحبنا فهو [منا أهل البيت]. قلت: جعلت فداك:
منكم؟ قال منا والله، أما سمعت قول إبراهيم عليه السلام: {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} (55).
(٣٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (4)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، النبي إبراهيم (ع) (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الشجرة الملعونة في القرآن الكريم (1)، بنو أمية (1)، سعد بن عبد الملك (1)، عبد العزيز (1)، الكرم، الكرامة (1)، الفدية، الفداء (1)، الصّلاة (1)

* سعد الخير من بني أمية نسبا ومن أهل البيت اتباعا وطاعة

ولقد أدخل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام رجالا ليسوا من أقربائهم ولا يمتوا إليهم بصلة نسبية إلا صلة الصالحات وقرابة العبادات وسنخية الأعمال فقد كان الإمام علي عليه السلام يقول: ما زال الزبير: [منا أهل البيت] حتي نشأ بنوه فصرفوه. وفي خبر أن الإمام الصادق عليه السلام قال: ما زال الزبير [منا أهل البيت] حتي أدرك فرخه فنفاه عن رأيه (53).
وأتذكر هنا ولده عبد الله الذي كان يدعي الخلافة وحين يخطب لم يصل علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقيل له في ذلك؟ فقال إن له أهيل سوء إذا ذكرته اشرأبوا.
وهو من أقرباء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لأن الزبير أباه بن صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلي الله عليه وآله وسلم وهذه قرينة أن أهل بيت النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وكذا لكمة (آله) هو علم للخمسة فقط، ولو كان لجميع الأقرباء لأشرك نفسه ولما عد الصلاة فضلا خاصا لآل علي بن أبي طالب عليهم الصلاة والسلام.
ويصل بالإسلام من تقييمه للتقوي أن يفتح باب النبوة لكل من توجه إليه وهم بالدخول وإن كان متحدرا من نسب لا يشرفه، ففي الاختصاص عن أبي حمزة قال دخل سعد بن عبد الملك - وهو من بني أمية - (وكان أبو جعفر عليه السلام يسميه سعد الخير) وهو من ولد عبد العزيز بن مروان علي أبي جعفر عليه السلام فبينا ينشج كما تنشج النساء! قال فقال له: أبو جعفر عليه السلام ما يبكيك يا سعد؟ قال وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن! فقال له: لست منهم أنت أموي [منا أهل البيت] أما سمعت قول الله عز وجل يحكي عن إبراهيم عليه السلام {فمن تبعني فإنه مني} (45).
والأقوال الآتية توضح لنا صيرورة المؤمن من أهل البيت عليهم الصلاة والسلام معنويا إن سار علي نهجهم واتبع النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم من خلال سنتهم فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: من أحبنا فهو [منا أهل البيت]. قلت: جعلت فداك:
منكم؟ قال منا والله، أما سمعت قول إبراهيم عليه السلام: {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} (55).
(٣٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (4)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، النبي إبراهيم (ع) (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الشجرة الملعونة في القرآن الكريم (1)، بنو أمية (1)، سعد بن عبد الملك (1)، عبد العزيز (1)، الكرم، الكرامة (1)، الفدية، الفداء (1)، الصّلاة (1)

* الإمام الصادق عليه السلام: ولايتي لعلي أحب إلي من ولادتي منه

وعن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام يا ابن يزيد أنت والله منا أهل البيت. قلت: جعلت فداك من [آل محمد]؟ قال إي والله من أنفسهم. قلت من أنفسهم جعلت فداك؟ قال إي والله من أنفسهم، يا عمر أما تقرأ كتاب الله عز وجل:
{إن أولي الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين} [آل عمران: 68]. أو ما تقرأ قول الله عز اسمه: {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} [إبراهيم: 36] (56).
وذلك لأن النسب يحتاج إلي الإتباع والمودة أما الإتباع ومودتهم لهم فهي القرابة الحقيقية والرحم المعنوي ولذا قال الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: [ولايتي لعلي بن أبي طالب عليها السلام أحب إلي من ولادتي منه لأن ولايتي لعلي بن أبي طالب عليه السلام فرض، وولادتي فضل] (57).
وفي تفسير الصافي: عن الإمام الصادق عليه السلام: من تولي آل محمد وقدمهم علي جميع الناس بما قدمهم من قرابة رسول الله " صلي الله عليه وآله وسلم " فهو من آل محمد وبمنزلة آل محمد، لأنه من القوم بأعيانهم، وإنما هو منهم بتوليه القوم، وإتباعه إياهم، وكذلك حكم الله تعالي في كتابه: {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} [إبراهيم: 36]. {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} [المائدة: 51].
وقال أبو الحسن جاءت امرأة أبي عبيدة إلي أبي عبد الله عليه السلام بعد موته قالت:
إنما أبكي أنه مات وهو غريب فقال ليس هو بغريب إن أبا عبيدة [منا أهل البيت].
وروي ابن قولويه عن يونس قال كنت بالمدينة فاستقبلني جعفر بن محمد عليه السلام في بعض أزقتها، فقال: اذهب يا يونس فإن بالباب رجلا [منا أهل البيت]! قال فجئت إلي الباب فإذا عيسي بن عبد الله جالس، فقلت له: من أنت؟ قال رجل من أهل قم. قال: فلم يكن بأسرع أن أقبل أبو عبد الله عليه السلام علي حمار فدخل علي الحمار الدار، - أي صحن الخارجي للمنزل - ثم التفت إلينا فقال ادخلا.
(٣٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (3)، أبو طالب عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، علي بن أبي طالب (1)، عيسي بن عبد الله (1)، أبو عبد الله (2)، ابن قولويه (1)، عمر بن يزيد (1)، الموت (2)، الفدية، الفداء (2)

* إدخال البعداء في مفهوم كلمتي [الآل] و [الأهل] من حيث الطاعة

ثم قال: يا يونس! أحسبت إنك أنكرت قولي لك: أن عيسي بن عبد الله [منا أهل البيت]؟ قال إي والله جعلت فداك، لأن عيسي بن عبد الله رجل من أهل [قم]، فكيف يكون [منكم أهل البيت]؟ قال يا يونس! عيسي بن عبد الله رجل منا حي، وهو منا ميت (59).
وعن غاسل الفضيل بن يسار قال إني لأغسل الفضيل بن يسار، وأن يده لتسبقني إلي عورته " تسترها عن عيني " فخبرت بذلك أبا عبد الله عليه السلام؟ فقال لي: رحم الله الفضيل بن يسار، وهو [منا أهل البيت] (60).
وفي نهج البلاغة، حكمة: 96، قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن أولي الناس بالأنبياء أعملهم [أي لا علما ولا نسبا] بما جاءوا به: ثم تلا {إن أولي الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين}، ثم قال: إن ولي محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) من أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإن عدو محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) من عصي الله وإن قربت قرابته.
وفي هذا المفهوم والمعني أخبار متواترة تجدها في مطولات كتب الحديث مما يدل أن كلمتي الأهل والآل يشملان من يمثلهم في الإيمان والعمل الصالح والتقوي، ويقتدي بهداهم ويطيع الله تعالي من خلال معرفتهم وسنتهم.. بل يرجي أن يكون معهم في كثير من المقامات والفضائل قال تعالي: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} [النساء: 69].
ولنستمع إلي الإمام الباقر عليه السلام وهو يقرر لنا قاعدة في تقييم الشخصية الإيمانية حيث قال لأحد أصحابه وكان يدعي (جابرا): واعلم يا جابر بأنك لا تكون لنا وليا حتي لو اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا: إنك رجل سوء، لم يحزنك ذلك، ولو قالوا:
إنك رجل صالح، لم يسرك ذلك، ولكن أعرض نفسك علي كتاب الله [1].
[1] - سفينة البحار، ج: 2، ص: 691.
(٣٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، غاسل الفضيل بن يسار (1)، عيسي بن عبد الله (3)، الفضيل بن يسار (2)، الشهادة (1)، الفدية، الفداء (1)، السفينة (1)

* ميزان ذلك: [أعرض نفسك علي كتاب الله]

ثم قال: يا يونس! أحسبت إنك أنكرت قولي لك: أن عيسي بن عبد الله [منا أهل البيت]؟ قال إي والله جعلت فداك، لأن عيسي بن عبد الله رجل من أهل [قم]، فكيف يكون [منكم أهل البيت]؟ قال يا يونس! عيسي بن عبد الله رجل منا حي، وهو منا ميت (59).
وعن غاسل الفضيل بن يسار قال إني لأغسل الفضيل بن يسار، وأن يده لتسبقني إلي عورته " تسترها عن عيني " فخبرت بذلك أبا عبد الله عليه السلام؟ فقال لي: رحم الله الفضيل بن يسار، وهو [منا أهل البيت] (60).
وفي نهج البلاغة، حكمة: 96، قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن أولي الناس بالأنبياء أعملهم [أي لا علما ولا نسبا] بما جاءوا به: ثم تلا {إن أولي الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين}، ثم قال: إن ولي محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) من أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإن عدو محمد (صلي الله عليه وآله وسلم) من عصي الله وإن قربت قرابته.
وفي هذا المفهوم والمعني أخبار متواترة تجدها في مطولات كتب الحديث مما يدل أن كلمتي الأهل والآل يشملان من يمثلهم في الإيمان والعمل الصالح والتقوي، ويقتدي بهداهم ويطيع الله تعالي من خلال معرفتهم وسنتهم.. بل يرجي أن يكون معهم في كثير من المقامات والفضائل قال تعالي: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} [النساء: 69].
ولنستمع إلي الإمام الباقر عليه السلام وهو يقرر لنا قاعدة في تقييم الشخصية الإيمانية حيث قال لأحد أصحابه وكان يدعي (جابرا): واعلم يا جابر بأنك لا تكون لنا وليا حتي لو اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا: إنك رجل سوء، لم يحزنك ذلك، ولو قالوا:
إنك رجل صالح، لم يسرك ذلك، ولكن أعرض نفسك علي كتاب الله [1].
[1] - سفينة البحار، ج: 2، ص: 691.
(٣٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، غاسل الفضيل بن يسار (1)، عيسي بن عبد الله (3)، الفضيل بن يسار (2)، الشهادة (1)، الفدية، الفداء (1)، السفينة (1)

* الهاشمي مع أبي العيناء أتغض مني وأنت تصلي علي في كل صلاة

فإن المقياس في صدق [آل محمد] هو كتاب الله وحقا هو ميزان لتقييم الشخصية المؤمنة. وأما العاصون منهم فيرجي لهم المغفرة والرحمة، ولعل قول النبي إبراهيم عليه السلام يشير إلي هذا في الآية المذكورة: {ومن عصاني فإنك غفور رحيم}.
ورأيت كثيرا من الأخبار أن النسب النبوي قد يكون سببا للتوبة والعاقبة الحسنة ولا يخرج صاحبه من الدنيا إلا تائبا كرامة له ولأهل البيت عليهم الصلاة والسلام، إلا اللهم إذا لم يكن في الواقع متحدرا منهم، ولا ننسي مرحلة البرزخ والتطهير لبعضهم..
وذكر في الصواعق: أنه كان من نوادر أبي العينا أنه غض من بعض الهاشميين فقال له:
أتغض مني وأنت تصلي علي في كل صلاة في قولك: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد]؟ فقال: إني أريد الطيبين الطاهرين منهم) 61).
وقال السمهودي في جواهر العقدين، معلقا علي تجرأ أبي العيا (62): ولا يخفي موقع ذلك من الجفاء التام ومنابذته لما يستحقه أهل البيت من الاحترام وكل هاشمي فهو طيب طاهر بحسب أصله ونطفته، وأدلة الأمر بالصلاة علي الآل تشمله، إذ المعول فيها علي كونه مسلما من بني هاشم والمطلب كما سبق عن البيهقي (في كتابه).
والمنظور إليه في ذلك مجرد القرابة، وليس النظر فيه إلي ما يعرض من الأفعال، والقصد بمشروعية ذلك رعاية حق المصطفي صلي الله عليه وآله وسلم فيهم، فكيف يتصرف فيما شرعه من ذلك بإخراج بعضهم. فكيف يبخل بالصلاة التي هي طلب الرحمة لواحد من أهل بيته صلي الله عليه وآله وسلم، ولا يستحي منه صلي الله عليه وآله وسلم في ذلك!! مع أنه يندب لكل مسلم طلب الرحمة التي هي من معني صلاة الله عليهم لآحاد عصاة الأمة فضلا عن أهل البيت النبوي، وإن حملنا الصلاة علي معني الرحمة المقرونة بالتعظيم فتعظيم كل منهم لحسب ما يليق به علي ما يقتضيه حكمة المعطي لذلك، فحظ من لم يكن طاهر الأفعال من ذلك تعظيمه بطهارتها، وصونه النفس عن غوايتها.
(٣٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، بنو هاشم (1)، التصديق (1)، الطهارة (4)، الصّلاة (4)

* تخصيص آية {فلا أنساب بينهم} مفهوما

علي أن العبرة إنما هي بالخاتمة فقد يكون من استثناه ممن كتبه الله من أهل السعادة، وممن يختم له بالإنابة، فلا تضره تلك الأفعال، كما قال بعض العارفين: [من سبقت له العناية لم تضره الجناية]، مع ما سبق من قوله صلي الله عليه وآله وسلم يا بني عبد المطلب إني سألت الله لكم ثلاثا إن يثبت قائمكم، ويهدي ضالكم، ويعلم جاهلكم.
وقد صححه الحاكم. والله الموفق بمنه وكرمه (63).
أقول: روي عن العامة مستفيضا قوله صلي الله عليه وآله وسلم: [كل نسب منقطع إلا نسبي] وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه سمع رسول الله يقول: [كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي] كما في مسند الفاروق [1].
وهذا يخصص الآية الكريمة النافية بإطلاقها عدم نفع النسب، وهي قوله تعالي:
{فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون} [المؤمنون 101].
ولا اعتبار في السياق إن قيل: هو يأبي التخصيص، ومع غض النظر عن التخصيص فإن نسب النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم يظهر نفعه بملاحظة معني الآية.
فإن معناها أنهم لا يتواصلون بالأنساب يوم القيامة، ولا يتعاطفون به مع معرفة بعضهم بعضا، ولا يرحم قريب قريبا لأن لكل امرئ شأن يغنيه عن غيره، ويشغله عنه الخوف والدهشة.
وحاصل المعني أنه لا يفضل بعضهم بعضا يومئذ بنسب، وإنما يتفاضلون بأعمالهم، فالمراد في الآية نفي آثار النسب وحكمه لا نفي النسب لذاته أي نفيه باعتبار نفي الصفة.
[1] - ج 1، ص: 389. ورواه الطبراني في المعجم الكبير، ج 3، ص: 44، 45، رقم 2633. ورواه عبد الرزاق في المصنف، رقم: 10354، والحاكم في المستدرك، ج: 3، ص: 172، وعقبه بقوله: صحيح الإسناد. وابن سعد في طبقاته، ج: 8، ص: 463. والبيهقي في سننه، ج 7، ص: 63. والهيثمي في مجمع الزوائد، ج: 9، ص: 173. والذهبي في تذكرة الحفاظ، ج: 3، ص: 117. والسيوطي في الجامع الصغير، ص: 236. وغيرهم من علماء العامة. أما من الخاصة فهذا المعني فهي جدا كثيرة.
(٣٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، يوم القيامة (2)، الغني (1)، الكرم، الكرامة (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، كتاب تذكرة الحفاظ للذهبي (1)، الطبراني (1)

* إن أولي الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة

أما إذا اتصف صاحب النسب النبوي بالإيمان والعمل الصالح فإنه يكون نور علي نور له أثره الدنيوي والأخروي، وهذه خاصية في نسب النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم إذا اجتمع مع الإيمان والتقوي دون غيره من الأنساب لو اجتمع كذلك.
وهنا يتضح تعليل النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في الحديث الوارد من طريق العامة: [لا تصلوا علي صلاة مبتورة إذا صليتم علي بل صلوا علي أهل بيتي، ولا تقطعوهم مني فإن كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي] أي أنهم مثلي في مقام الشفاعة، وأنهم بمرتبة من العمل الصالح والتقوي مما يؤهلهم لإيصال النفع والغفران، فمن أراد أن يحصل علي النفع المزدوج مني ومن أهل بيتي فلتكن صلاته علي كاملة غير بتراء.
فإذا كان نسب النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ينفع يوم القيامة مع أنه لا نفع لأي نسب (طبعا مع الإيمان والعمل كما هو المفروض في مصاديق الأهل والآل) ففي الدنيا حيث الأنساب تنفع بطريق أولي يلزم فائدة الصلاة علي أقربائه وآله أي من حيث الآثار الوضعية والمنافع القهرية والفوائد الدنيوية أو غيرها لبعض آخر.
وفي مناسبة هذه المطالب يناسب ما رواه الترمذي في صحيحه وصححه ابن حبان عن ابن مسعود النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: [إن أولي الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة] [1].
ولا يخفي أن الأولوية هنا يعني القرب والحشر معه وتحت لوائه، وهذا يقتضي أن تكون الصلاة في مقام العمل الصالح، وما توجبه الصلاة من إقامة الواجبات، وأداء الفرائض، والعقيدة بما فرضه الله تعالي من محبتهم وولايتهم..
[1] - قال في كشف الخفاء، ج ك 1، ص: 315، [أولي الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة] رواه الترمذي وابن حبان عن ابن مسعود رفعه وقال الترمذي حسن غريب وفي سنده موسي بن يعقوب الزمعي قال فيه النسائي ليس بالقوي لكن وثقه ابن معين وحسبك به ووثقه أيضا أبو داود وابن حبان وابن عدي وجماعة ورواه البخاري في تاريخه الكبير وذكر ابن الزمعي رواه عن ابن كيسان عن عقبة بن عبد الله عن ابن مسعود.
(٣٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، يوم القيامة (3)، الصّلاة (7)، الإخفاء (1)، الجماعة (1)
وبعبارة أخري إن أقربهم مني يوم القيامة وأولاهم بشفاعتي وأحقهم بالإفاضة من أنواع الخيرات ودفع المكروهات أكثرهم علي صلاة في الدنيا، لأن كثرة الصلاة تدل علي نصوح العقيدة وخلوص النية وصدق المحبة والمداومة علي الطاعة والوفاء بحق الواسطة الكريمة ومن كان حظه من هذه الخصال أوفر كان بالقرب والولاية أحق وأجدر، وهذا بمثابة شرح لقوله تعالي: {ألا أن أولاء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
وقال أبو العلا، في تحفة الأحوذي، ج: 2، ص: 496، قوله: [أولي الناس بي] أي أقربهم بي أو أحقهم بشفاعتي [أكثرهم علي صلاة] لأن كثرة الصلاة منبئة عن التعظيم المقتضي للمتابعة الناشئة عن المحبة الكاملة المرتبة عليها محبة الله تعالي قال تعالي {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم}.
وورد عن العامة ما يؤيد هذا المعني ففي مسند الشاميين، ج: 2، ص: 102، عن معاذ بن جبل لما بعثه النبي صلي الله عليه وسلم إلي اليمن خرج معه يوصيه رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعاذ راكب، ورسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم تحت راحلته فلما فرغ قال: يا معاذ إنك عسي أن لا تلقاني بعد عامي، ولعلك تمر بمسجدي وقبري، ثم التفت وأقبل بوجهه نحو المدينة فقال: [إن أهل بيتي يرون أنهم أولي الناس بي، وليس كذلك إن أولي الناس بي المتقون من كانوا حيث كانوا. اللهم لا أحل لهم فساد ما أصلحت، وأيم الله لتكفأ أمتي عن دينها كما يكفأ الإناء في البطحاء]. والمقصود بأهل بيته هنا المعني العام المتقدم الذي يشمل جميع من حرمت عليه الصدقة والقرينة علي هذا المعني قول: صلي الله عليه وآله وسلم:
[لتكفأ أمتي عن دينها كما يكفأ الإناء في البطحاء] وهذا كنحو ما مر عن الإمام الرضا عليه السلام في خطابه مع أخيه زيد.
وفي لفظ آخر للحديث المتقدم رواه البيهقي في شعب الإيمان عنه صلي الله عليه وآله وسلم [فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم مني منزلة] [1].
[1] - شعب الإيمان، ج: 3، ص: 110، وفي سننه، ج: 3، ص: 249. وذكره في الترغيب، ج: 2، ص: 328. وعود المعبود، ج: 4، ص: 272. وكشف الخفاء، ج: 1 ص: 190.
(٣٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، مبعث النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب تحفة الأحوذي للمباركفوري (1)، كتاب مسند الشاميين للطبراني (1)، يوم القيامة (1)، معاذ بن جبل (1)، الخوف (1)، الصّلاة (5)، الصدق (1)، التصدّق (1)، الإخفاء (1)

المطلب الرابع: * المقصود من السؤال ب [كيف] في أحاديث الكيفية

اشارة

المطلب الرابع في:
[المقصود من السؤال ب (كيف)] يترتب علي هذا البحث فائدة كبيرة وهي أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أجاب بالهيئة المأمور بها شرعا، لا أنه عين بالجواب جنس ومادة الصلاة عليه للأمر الوارد في آية الصلوات كما ادعي البعض، فإن جوابه الواقع عن استفهام الصحابة ب [كيف] في ضمن الأحاديث الصحيحة كان بالصلاة التامة الغير البتراء.
ويستفاد هذا المعني من السؤال ب (كيف) الذي يسأل بها عن الكيفية والصفة، فقد ذكر علماء اللغة أن (كيف) يسأل بها عن الصفة والهيئة والحالة.
قال في الصحاح: [كيف]، للاستفهام عن الأحوال. وقال تعالي حكاية عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {رب أرني كيف تحيي الموتي} [البقرة: 260]، قال في البداية والنهاية: و [كيف] هنا عن هيئة الإحياء، وفي إملاء ما من به الرحمن: {رب أرني كيف تحيي الموتي} أي أرني كيفية إحياء الموتي (64).
وأنت كما تري أن (كيف) هنا وفي أغلب موارد استعمالها يسأل بها عن الهيئة والكيفية وصفة الشئ، كما وأن القرائن تدل علي أنه هو مقصود الصحابة بالسؤال الموجه: إلي النبي صلي الله عليه وآله وسلم في شأن الصلاة عليه، فإنهم لما علموا أن الأفعال الشرعية لها كيفية معينة وهيئة خاصة كالصلاة الواجبة، والوضوء والغسل وغيرها مثل السلام علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم تأكدوا أن هذه الصلاة المأمور بها في الآية لها كيفية خاصة وهيئة معينة أيضا يجب معرفتها لإبراء الذمة والإتيان بالمأمور به علي وجهه الشرعي.
وقولهم: [كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟. أو كيف نصلي عليك؟. وغيرها من العبارات] (65) سؤال عن كيفية إيقاع الفعل وصفته لا إيقاعه من حيث الجنس.
(٣٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب إملاء ما من به الرحمن لأبي البقاء العكبري (1)، كتاب البداية والنهاية (1)، الموت (3)، الغسل (1)، الصّلاة (6)، الوضوء (1)

* جواب النبي صلي الله عليه وآله وسلم يحدد معني [كيف]

ومهما كان فإن جواب النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، يحدد لنا معني ومقصود السؤال ب (كيف) وهو هيئة الصلاة وصفتها وما يسقط المأمور به من اللفظ الشرعي لا أن المقصود هو جنس الصلاة وبأي لفظ تؤدي هل بلفظ الرحمة أو الصلاة أو البركة أو الدعاء … ؟؟ فقد ادعي بعض المتعصبين أن [كيف] هنا سئل بها عن جنس الصلاة.
قال القاضي عياض فيما نقله السخاوي الشافعي عنه: لما كان لفظ الصلاة المأمور بها في قوله تعالي: {صلوا عليه} يحتمل الرحمة، والدعاء، والتعظيم سألوا بأي لفظ تؤدي هكذا. قال بعض المشايخ: ورجح الباجي أن السؤال إنما وقع عن صفتها لا عن جنسها.
قال السخاوي معلقا: قال شيخنا وهو أظهر لأن لفظ [كيف] ظاهر في الصفة وأما الجنس فيسأل عنه بلفظ (ما).
وبه جزم القرطبي فقال: هذا سؤال من أشكلت عليه كيفية ما فهم أصله، وذلك أنهم عرفوا المراد بالصلاة فسألوا عن الصفة التي تليق بها ليستعملوها.
والحامل لهم علي ذلك أن السلام لما تقدم بلفظ مخصوص وهو: [السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته]، فهموا منه أن الصلاة أيضا تقع بلفظ مخصوص.
وأضاف في تعليله لعدم أخذهم بالقياس: وعدلوا عن القياس لإمكان الوقوف علي النص، ولا سيما في ألفاظ الأذكار فإنها تجئ خارجة عن القياس غالبا فوقع الأمر كما فهموه فإنه لم يقل لهم كالسلام بل علمهم صفة أخري (66).
أقول: وقد يكون سبب سؤال بعضهم هو عدم تقبلهم كيفية الصلاة بضم الآل، ولذا بدا منه الغضب لما تكرر ذلك منهم بعد علمهم بالكيفية وبيانه لها، وقد يظهر ذلك من بعض الأحاديث كرواية أحمد في مسنده عن خالد بن سلمة: أن عبد الحميد بن عبد
(٣٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، عبد الحميد (1)، الصّلاة (7)، الغضب (1)

* البخاري يروي بهذا اللفظ: [كيف الصلاة عليكم أهل البيت]

الرحمن دعا موسي بن طلحة حين عرس علي ابنه، فقال: يا أبا عيسي، كيف بلغك في الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم؟
فقال موسي: سألت زيد بن خارجة، فقال: أنا سألت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: كيف الصلاة عليك؟ فقال: [صلوا علي. واجتهدوا في الدعاء، وقولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
ولا يمكن أن يفهم النبي صلي الله عليه وآله وسلم خلاف مقصودهم بالسؤال فيجيب بالصفة والهيئة في الأحاديث الكثيرة بينما السؤال عن الجنس مع أنه ينبغي أن يكون الجواب: [صلوا بالصلاة لا بالدعاء أو الاستغفار] مثلا أو غير ذلك، علي أن سؤالهم عن جنس الصلاة لا عبرة فيه بعد ما أجاب صلي الله عليه وآله وسلم عما يجب أن يعلم ويسأل عنه، حيث ذكر في الجواب: الصلاة الإبراهيمية بذكر الآل مما يعلم وجوب إلحاق الآل معه.
ومما يعرفنا بقصد الصحابة ذلك المعني ما في صحيح البخاري من قولهم: [كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله علمنا كيف نسلم قال: قولوا إلخ] (67)، فقد علموا أن الآية تخص أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم] ويجب معرفة الصلاة عليهم، فلذا سئلوا عن كيفيتها لا عن جنسها.
وحتي لو جاز تجوزا السؤال ب [كيف] عن الجنس لكان المناسب في صيغة السؤال أن يكون بهذا النحو: [كيف تكون الصلاة]: أو [كيف تقع الصلاة] بغير ذكر المتعلق، أي ينبغي أن يوجه السؤال علي فعل عام بتحقق فعل الصلاة، وحينئذ يصح أن يجاب بنحو: تكون الصلاة بالدعاء، أو بالاستغفار أو كما يدعو بعضكم لبعض، فيمكن عندئذ أن يدعي كون السؤال عن الجنس، بينما الوارد تقييد الفعل بلفظ أهل البيت أو عليك بكاف الخطاب للمذكر وفي أكثر الأحاديث: [كيف الصلاة عليكم
(٣٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أفعال الصلاة (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب صحيح البخاري (1)، موسي بن طلحة (1)، الصّلاة (10)

* عالم سلفي يرد علي النشاشيي المدعي أن السؤال كان عن الجنس لا عن الهيئة

أهل البيت، أو كيف الصلاة عليك، أو كيف نصلي عليك]، وكل هذا يقيد وقوع الفعل بصفة بعينة وهيئة مخصوصة علي مورد بعينه بل يكون ذلك قرينة أن السؤال لا محال عن هيئة الوقوع لا عن أصل الوقوع.
وأيضا أن الجواب له ركنان: المشبه (اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد)، والمشبه به (كما صليت علي إبراهيم..) وغاية ما يقال أن المشبه به واقع تبعا في الطلب وزائدا عن المأمور به وأما المشبه فأجزائه أركانه.
وإني لا أشك فيما يرمونه في توجيههم ذلك السؤال، وحملهم علي البعيد من اللغة والاستعمال الغريب الذي لم يسمع عن مصدره. أجل أرادوا التمويه علي القاصرين في إبعاد وجوب إلحاق الآل عن الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم: {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون} [إبراهيم: 42].
وهنا كلام للعلامة الألباني أحد أئمة السلف استظرفت نقله: وإن من عجائب هذا الزمن، ومن الفوضي العلمية فيه، أن يجرأ بعض الناس وهو الأستاذ محمد إسعاف النشاشيي في كتابه: [الإسلام الصحيح]، علي إنكار الصلاة علي الآل في الصلاة عليه صلي الله عليه (وآله) وسلم، علي الرغم من ورود ذلك في [الصحيحين] وغيرهما عن جمع من الصحابة، منهم كعب بن عجرة وأبو حميد الساعدي، وأبو سعيد الخدري، وأبو مسعود الأنصاري، وأبو هريرة وطلحة بن عبيد الله، وفي أحاديثهم أنهم سألوا النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم: (كيف نصلي عليك؟)، فعلمهم صلي الله عليه (وآله) وسلم هذه الصيغ.
وحجته في الإنكار أن الله تعالي لم يذكر في قوله: {صلوا عليه وسلموا تسليما} مع النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أحدا، ثم أنكر وبالغ في الإنكار أن يكون الصحابة قد سألوه صلي الله عليه (وآله) وسلم ذلك السؤال، لأن الصلاة معروفة المعني عندهم وهو الدعاء، فكيف يسألونه؟!
(٣٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو هريرة العجلي (1)، أبو سعيد الخدري (1)، أبو مسعود الأنصاري (1)، طلحة بن عبيد الله (1)، الصّلاة (6)، الوجوب (1)
وهذه مغالطة مكشوفة، لأن سؤالهم لم يكن علي معني الصلاة عليه حتي يرد ما ذكره وإنما كان عن كيفية الصلاة عليه، كما جاء في جميع الروايات علي ما سبقت الإشارة إليه وحينئذ فلا غرابة، لأنهم سألوه عن كيفية شرعية لا يمكنهم معرفتها إلا من طريق الشارع الحكيم العليم.
وهذا كما لو سألوه عن كيفية الصلاة المفروضة بمثل قوله تعالي: {أقيموا الصلاة} [الروم: 31]، فإن معرفتهم لأصل الصلاة في اللغة لا يغنيهم عن السؤال عن كيفيتها الشرعية، وهذا بين لا يخفي.
وأما حجيته المشار إليها فلا شئ، ذلك لأنه من المعلوم عند المسلمين أن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم هو المبين لكلام رب العالمين، كما قال تعالي: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل: 44]، فقد بين صلي الله عليه (وآله) وسلم كيفية الصلاة عليه وفيها ذكر الآل، فوجب قبول ذلك منه لقوله تعالي: {وما آتاكم الرسول فخذوه} [الحشر: 7]، وقوله صلي الله عليه (وآله) وسلم في الحديث الصحيح المشهور: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)، وهو مخرج في كتاب (تخريج المشكاة: 163، و 4247).
وليت شعري! ماذا يقول النشاشيي - ومن قد يغتر ببهرج كلامه - فيمن عسي أن ينكر التشهد في الصلاة، أو أنكر علي الحائض ترك الصلاة والصوم في حيضها؟!
بدعوي أن الله تعالي لم يذكر التشهد في القرآن، وإنما ذكر القيام والركوع والسجود فقط! وأنه تعالي لم يسقط في القرآن الصلاة والصوم عن الحائض، فالواجب عليها القيام بذلك! فهل يوافقون هذا المنكر في إنكاره، أم ينكرون عليه ذلك؟ فإن كان الأول (و ذلك مما لا نرجوه) فقد ضلوا ضلالا بعيدا، وخرجوا عن جماعة المسلمين، وإن كان الآخر فقد وفقوا وأصابوا، فما ردوا به علي المنكر، فهو ردنا علي النشاشيي، وقد بينا لك وجه ذلك.
(٣٣١)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (3)، الصيام، الصوم (2)، الصّلاة (9)، الحيض، الإستحاضة (2)، الشهادة (2)
فحذار أيها المسلم! أن تحاول فهم القرآن مستقلا عن السنة، فإنك لن تستطيع ذلك ولو كنت في اللغة سيبويه زمانك، وهاك المثال أمامك، فإن النشاشيي هذا كان من كبار علماء اللغة في القرن الحاضر، فأنت تراه قد ضل حين اغتر بعلمه في اللغة ولم يستعن علي فهم القرآن بالسنة بل إنه أنكرها كما عرفت والأمثلة علي ما نقول كثيرة جدا (68).
أقول: رأيت كثير من المحدثين والمفسرين وكاد أن يجمعوا علي أن المقصود من الآية الكريمة هو الصلاة علي محمد وآل محمد، وقد ذكر أبو بكر الحضرمي في رشفة الصادي، ص: 68، عن العلماء ذلك فقال:
(قال العلماء): فسؤالهم بعد نزول الآية وإجابتهم: ب [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد.. إلي آخره]، دليل علي أن الأمر بالصلاة علي أهل بيته وبقية آله مراد من هذه الآية، وإلا لم يسألوا علي أهل بيته وآله عقب نزولها، ولم يجابوا بما ذكر، فلما أجيبوا به دل علي أن الصلاة عليهم من جملة المأمور به، وأنه صلي الله عليه وآله وسلم أقامهم في ذلك مقام نفسه، لأن القصد من الصلاة عليه مزيد تعظيمه ومنه تعظيمهم.
(٣٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، أبو بكر الحضرمي (1)، القرآن الكريم (2)، الصّلاة (4)

المطلب الخامس: * تحريم الصلاة البتراء

اشارة

المطلب الخامس في:
[تحريم الصلاة البتراء وترتب العقاب عليها] يفهم ذلك من مخالفة أمر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في الأحاديث السابقة، ونهيه عن هكذا صلاة كما سيأتي ذلك مفصلا، إضافة علي ما ورد صريحا في ذلك، وترتب العقاب علي الصلاة البتراء، وينبغي في البداية معرفة معني الصلاة البتراء.
فنقول: البتراء جذريا مأخوذة من البتر (لغة) وهو كما في القاموس [البتر]: القطع أو مستأصلا، و [الأبتر]: المقطوع الذنب، وكل أمر منقطع من الخير. والبتراء من الخطب: ما لم يذكر اسم الله فيها، ولم يصل علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فيها، والانبتار: [الانقطاع].
والمقصود في الأخبار الآتية في الصلاة البتراء، أما الاستيصال للإشعار بأن الصلاة علي النبي الأكرم " صلي الله عليه وآله وسلم " بدون آله باطلة فإذا ذكر النبي الأكرم " صلي الله عليه وآله وسلم " دون آله فكأنما استأصل الصلاة ولم يصل أصلا، أو المقصود بالبتر القطع، والنقص، وعدم الإتمام، كما سموا خطبة زياد بن أبيه بدون الحمد، والصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم: ب [البتراء].
وفي التعاريف، ج: 1، ص: 113، البتر: يقارب البت - معني - لكنه استعمل في قطع الذنب، ومنه: [نهي عن المبتورة في الضحايا] وهي التي بتر ذنبها، أي قطع. ثم أجري قطع العقب مجراه، فقيل: فلان أبتر إذا لم يكن له عقب يخلفه، ورجل أبتر انقطع ذكره عن الخير، ورجل باتر يقطع رحمه. وقالوا علي طريق التشبيه خطبة بتراء، لما لم يذكر فيها اسم الله، لحديث: [كل أمر لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أبتر].
وقال الزمخشري في (أساس البلاغة) في مادة (بتر): وخطب زياد خطبته البتراء، وهي التي ما حمد فيها ولا صلي. انتهي.
(٣٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الزمخشري (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (7)

* الصلاة علي الآل جزء من الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم

ويفهم من تسمية النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم الصلاة عليه وحده بالبتراء أن ضم آله فيها جزء من الصلاة عليه ومتمم لذاتها، ولذا أطلق كلمة (إذا صليتم علي) - في الأحاديث التي مرت في الكيفيات، ومنها الحديث التالي - علي الصلاة الكاملة، ففي كنز العمال للمتقي الهندي [" إذا صليتم علي " فقولوا: اللهم صل علي محمد النبي الأمي، وعلي آل محمد]. وأطلق قوله: صلي الله عليه وآله وسلم: (صلوا علي) عليها أيضا في قوله: [صلوا علي، واجتهدوا في الدعاء وقولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد] (71).
وقد سمي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم الصلاة عليه والتي لم يذكر آله (عليهم الصلاة والسلام) فيها: بتراء، أي ناقصة وغير كاملة، وهذا يدل علي أن الصلاة عليه مما لا تنفك عن آله) عليهم الصلاة والسلام) ولا تتجزأ، وهي حقيقة واحدة، كما أن التعبير عن الصلاة الناقصة بالبتراء دليل علي أن الكيفية للصلاة جزء من حقيقتها تفقدها إذا لم يؤتي بجزء منها.
كما أن ذلك يستفاد من القرآن فأن المأمور به في الآية مجموع الصلاة علي النبي وآله، ونهيه " صلي الله عليه وآله وسلم " يدل علي تحريم هكذا صلاة وذلك لملازمة ظلمهم واهتضام حقهم، وأن الصلاة عليه دون ضم الآل (عليهم الصلاة والسلام) موجبة لمعصية النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ومخالفة لأمر الحكيم عز وجل، فإن الآية جعلت الصلاة عليه هي بعينها الصلاة علي آله (عليهم الصلاة والسلام) مما يشعر أنهم بمنزلة نفسه، كما وأن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بين مقصود الآية وأن الصلاة عليه لا تتحقق إلا بإلحاق آله (عليهم الصلاة والسلام) وقد أمرنا ربنا باتباع الرسول صلي الله عليه وآله وسلم بقوله {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر 7].
(٣٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (18)

* استدلال ابن حجر علي جزية الصلاة علي الآل

وقد كرر المراد من (المأمور به) بأحاديث متواترة ذكرناها في مطلب الكيفيات، وهي تدل بدلالة صريحة إن إطلاق الصلاة لا يصح إلا بالكيفية التي ذكرها وعلمها أصحابه مختصرة كانت أم مطولة: {فماذا بعد الحق إلا الضلال} [يونس 32]، وقد نقل لنا علماء الجمهور كما وروينا عن أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم] الأحاديث والأخبار في ذلك.
ومن الأعلام العامة الذين رووا أحاديث النهي عن الصلاة البتراء العلامة أبو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي المتوفي 437 ه في كتاب [تاريخ جرجان]، ج: 1، ص: ص: 189، في ترجمة الحسن بن الحسين الجرجاني الشاعر قال: حدثنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم العلوي بواسط، حدثنا الحسن بن الحسين الجرجاني الشاعر، حدثني أحمد بن الحسين، حدثني الفضل بن شاذان النيسابوري بإسناد له رفعه عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده قال: [إن الله فرض علي العالم الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، وقرننا به فمن صلي علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) و سلم ولم يصل علينا لقي الله تعالي وقد بتر الصلاة عليه وترك أوامره].
ومنهم أيضا الشيخ ولي الله اللكنهوي في (مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين) ص: 15، قال: روي أنه قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [لا تصلوا علي الصلاة البتراء]. فقالوا: ما الصلاة البتراء؟
قال: تقولون: (اللهم صل علي محمد) وتمسكون، بل قولوا: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد].
وفي جواهر العقدين للسمهودي، ص: 217، ويروي عنه صلي الله عليه وآله وسلم:
[لا تصلوا علي الصلاة البتراء. قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟ قال:
تقولون: " اللهم صل علي محمد " وتمسكون به، قولوا: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد].
(٣٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب تاريخ جرجان لحمزة بن يوسف السهمي (1)، إسماعيل بن إبراهيم (1)، يوسف بن إبراهيم (1)، أبو إبراهيم (1)، الحسن بن الحسين (2)، الفضل بن شاذان (1)، أحمد بن الحسين (1)، الصّلاة (11)، النهي (1)، الضلال (1)، الوفاة (1)

* طريق بر القسم بالقدر المتيقن من المأمور به

وفي ينابيع المودة القندوزي الحنفي قال: روي عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم قال: [لا تصلوا علي الصلاة البتراء. قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟ قال:
تقولون: (اللهم صل علي محمد) وتسكتون، بل قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد] (76).
وفي كشف الغمة للشعراني، ج: 1، ص: 194، روي عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم: لا تصلوا علي الصلاة البتراء تقولون: [اللهم صلي علي محمد وتمسكون. بل قولوا: " اللهم صلي علي محمد وآل محمد ". فقيل له ومن أهلك يا رسول الله؟ قال: علي وفاطمة والحسن والحسين " عليهم الصلاة والسلام "].
أقول: إن السؤال الواقع ب (ومن أهلك يا رسول الله) عقيب (وآل محمد) يشير أنهم أرادوا من النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أن يعين لهم مصداق الآل، وهذا الحديث من الأحاديث التي استشهدنا به في معني الآل.
وفي الفردوس للديلمي، ج: 3، ص: 634، عنه صلي الله عليه وآله وسلم: [من ذكرت بين يديه فلم يصل علي صلاة تامة فلا هو مني ولا أنا منه].
أقول: المقصود في الاسم الموصول (من ذكرت) هو المسلم بدليل قوله صلي الله عليه وآله وسلم [فلا هو مني ولا أنا منه] وترتب العقاب الذي هو [هنا] عبارة عن تبرأ النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ممن لم يتم الصلاة عليه ولم يكمل أجزاءها - ليس علي أصل الصلاة - وإنما علي كيفية الصلاة، كما وليس المقصود من التمامية عدم ذكر السلام مع الصلاة، أو عدم ذكر النص الوارد في الأحاديث، وكذا ليس المقصود أن يذكر أكمل الصيغ وأفضلها بل المقصود من تمامية الصلاة، وهو واضح بل المراد أن يقرن [آل محمد] في الصلاة عليه لا غير، أي تمامية الذات لا تمامية الكمال، وهذه عبارة أخري في النهي عن الصلاة البتراء كقوله: [إنكم تعرضون علي بأسمائكم ومسماكم
(٣٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، كتاب كشف الغمة للإربلي (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، الصّلاة (15)، النهي (1)

المقصود من تمامية الصلاة

فأحسنوا الصلاة علي] [1]، فإن الحسن هنا المقصود به أعم من مقابل الصلاة القبيحة والصلاة الناقصة في الكيفية والصيغة فهناك صلاة ناقصة من حيث الكيفية، وناقصة من حيث عدم اشتمالها علي المدح والثناء علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كما وأن هناك صلاة ناقصة قبيحة ومؤذية له صلي الله عليه وآله وسلم لعدم اشتمالها علي آله.
وقيل: أن أفضل الكيفيات في الصلاة عليه صلي الله عليه (وآله) وسلم ما علمه رسول الله عليه الصلاة والسلام لأصحابه بعد سؤالهم إياه لأنه لا يختار صلي الله عليه (وآله) وسلم لنفسه إلا الأشرف والأفضل، ومن هنا قال النووي في الروضة: لو حلف ليصلين علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم أفضل الصلاة لم يبر إلا بتلك الكيفية، ووجهه السبكي بأن من أتي بها فقد صلي الصلاة المطلوبة بيقين، وكان له الخير الوارد في أحاديث الصلاة كذلك، ونقل الرافعي عن المروزي أنه يبر ب [اللهم صل علي محمد وآل محمد]، كلما ذكرك الذاكرون، وكلما سها عنه الغافلون.
وقال القاضي حسين: طريق البر: [اللهم صل علي محمد كما هو أهله ومستحقه] واختار البارزي أن الأفضل: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد أفضل صلواتك وعدد معلوماتك]، وقال الكمال بن الهمام: كلما ذكر من الكيفيات موجود في:
[اللهم صل أبدا أفضل صلواتك علي سيدنا عبدك ونبيك ورسولك محمد وآله وسلم عليه تسليما وزده شرفا وتكريما وأنزله المنزل المقرب عندك يوم القيامة]، واختار ابن حجر الهيثمي غير ذلك، ونقل ابن عرفة عن ابن عبد السلام أنه لا بد في السلام عليه صلي الله عليه (وآله) وسلم أن يزيد تسليما كأن يقول: [اللهم صلي علي محمد وسلم تسليما أو صلي الله تعالي عليه وسلم تسليما] وكأنه أخذ بظاهر ما في الآية وليس أخذا صحيحا كما يظهر بأدني تأمل.
[1] - الدر المنثور، ص: 218.
(٣٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (1)، يوم عرفة (1)، الصّلاة (12)، الثناء (1)

دليل السمهودي الشافعي علي أن الصلاة علي الآل من ضمن المأمور به

أقول إن طريق بر القسم بالقدر المتيقن من المأمور به في الآية الكريمة وأحضر قول في ذلك: [اللهم صل علي محمد وآل وسلم]، أو [صلي الله علي النبي وآله وسلم] ولابد من اقتران آله في الصلاة عليه، وإلا يبقي الشك محتمل في أقل التقادير.
وقولهم: [إن الجواب كان اختيار الأفضل للكيفيات] إن أريد به الزيادة علي الصلاة عليه وعلي آله من المشبه به وغيره من الفقرات فصحيح، وإن أريد به ما سوي الصلاة عليه فلا لأن إلحاق الآل من الأجزاء الذاتية للصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم، فيكون ومعني أفضل الكيفيات ما سوي الصلاة عليه وعلي آله من التشبيه وتحسين الصلاة من الألفاظ المشتملة علي البلاغة والفصاحة والاعتبارات البديعية والثناء والمدح فيها.
وفي شرح ديوان الحماسة للتبريزي، ج: 3، ص: 14، روي أن الإمام عليا عليه السلام قال لرسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم كيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا:
[اللهم صلي علي محمد وعلي آل محمد].
أقول: إن قوله صلي الله عليه وآله وسلم: قولوا: [اللهم صلي علي محمد وعلي آل محمد] عن سؤال الإمام علي عليه الصلاة والسلام [كيف الصلاة عليك] دليل علي إطلاق هذا اللفظ (الصلاة عليك أو الصلاة عليه) في الأحاديث والروايات والأخبار علي ما يعم الصلاة علي النبي وآله " عليهم الصلاة والسلام " أي علي الصلاة الكاملة لا غير، فإذا رأيت حديثا أو خبر أو سمعت به وفيه: [صل علي محمد]، أو [صل علي النبي]، أو [من صلي علي محمد]، أو [من صلي علي النبي]، أو [من صلي علي] بغير ذكر الآل فالمقصود به هو ما أشرنا إليه من وجوب اجتماع أجزاء المأمور به في الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم من ضم آله معه.
وروي عبد الملك بن هارون عن أبيه عن جده تعليم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم الصلاة عليه مقرونة معها الصلاة علي آله. كما في تاريخ بغداد فإنه روي عبد
(٣٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1)، عبد الملك بن هارون (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (16)، الإختيار، الخيار (1)، الثناء (1)، الوجوب (1)

* علماء العامة الذين رووا النهي عن الصلاة البتراء

الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي قال قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: [اللهم صلي علي محمد وعلي آل محمد] (77).
ويفهم من طبق سياق آية الصلوات النهي عن الصلاة البتراء بل تحريمها أيضا لما تقتضيه من سخط النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، ولا شك أنها موجبة لإيذاء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم المنهي عنه في آية الإيذاء الموجب للعقاب، والتي فيها إشارة (من إشاراتها) علي هذا المطلب، وذلك لأن الصلاة البتراء مما تؤذي الله ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم لمخالفتها تعالي لطاعته، ومعصية لرسول صلي الله عليه وآله وسلم في أمره، ولذا رتب العقاب علي ذلك في كثير من الأحاديث فقد ورد في الحديث الصحيح عنه صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: [من صلي علي ولم يصل علي آلي لم يجد ريح الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام] (78).
ويظهر من كثير منها أيضا ترتب العقاب علبها كقوله صلي الله عليه وآله وسلم المتقدم وفي الصحيح عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: قال: النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ذات يوم لعلي " صلوات الله وسلامه عليه ": [يا علي ألا أبشرك؟
فقال: بلي بأبي أنت وأمي فإنك لم تزل مبشرا بكل خير. فقال: أخبرني جبرئيل آنفا بالعجب]. قلت: ما الذي أخبرك يا رسول الله؟ قال: [أخبرني أن الرجل من أمتي إذا صلي علي وأتبع بالصلاة علي أهل بيتي فتحت له أبواب السماء، وصلت عليه الملائكة سبعين صلاة، وأنه لمذنب خطأ. ثم تحات عنه الذنوب كما تحات الورق من الشجر، فيقول الله تبارك وتعالي: لبيك يا عبدي وسعديك يا ملائكتي أنتم تصلون عليه سبعين صلاة، وأنا أصلي عليه سبعمائة صلاة. فإذا صلي علي ولم يتبع بالصلاة علي أهل بيتي كان بينها وبين السماء سبعون حجابا، يقول الله تبارك وتعالي: لا لبيك ولا سعديك يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءه إلا أن يلحق بنبيي عترته " عليهم الصلاة والسلام "، فلا يزال محجوبا حتي يلحق بي أهل بيتي] (79).
(٣٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، هارون بن عنترة (1)، الكرم، الكرامة (1)، النهي (1)، الصّلاة (8)

* سياق آية الصلوات يقتضي النهي عن الصلاة البتراء

الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي قال قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: [اللهم صلي علي محمد وعلي آل محمد] (77).
ويفهم من طبق سياق آية الصلوات النهي عن الصلاة البتراء بل تحريمها أيضا لما تقتضيه من سخط النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، ولا شك أنها موجبة لإيذاء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم المنهي عنه في آية الإيذاء الموجب للعقاب، والتي فيها إشارة (من إشاراتها) علي هذا المطلب، وذلك لأن الصلاة البتراء مما تؤذي الله ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم لمخالفتها تعالي لطاعته، ومعصية لرسول صلي الله عليه وآله وسلم في أمره، ولذا رتب العقاب علي ذلك في كثير من الأحاديث فقد ورد في الحديث الصحيح عنه صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: [من صلي علي ولم يصل علي آلي لم يجد ريح الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام] (78).
ويظهر من كثير منها أيضا ترتب العقاب علبها كقوله صلي الله عليه وآله وسلم المتقدم وفي الصحيح عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: قال: النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ذات يوم لعلي " صلوات الله وسلامه عليه ": [يا علي ألا أبشرك؟
فقال: بلي بأبي أنت وأمي فإنك لم تزل مبشرا بكل خير. فقال: أخبرني جبرئيل آنفا بالعجب]. قلت: ما الذي أخبرك يا رسول الله؟ قال: [أخبرني أن الرجل من أمتي إذا صلي علي وأتبع بالصلاة علي أهل بيتي فتحت له أبواب السماء، وصلت عليه الملائكة سبعين صلاة، وأنه لمذنب خطأ. ثم تحات عنه الذنوب كما تحات الورق من الشجر، فيقول الله تبارك وتعالي: لبيك يا عبدي وسعديك يا ملائكتي أنتم تصلون عليه سبعين صلاة، وأنا أصلي عليه سبعمائة صلاة. فإذا صلي علي ولم يتبع بالصلاة علي أهل بيتي كان بينها وبين السماء سبعون حجابا، يقول الله تبارك وتعالي: لا لبيك ولا سعديك يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءه إلا أن يلحق بنبيي عترته " عليهم الصلاة والسلام "، فلا يزال محجوبا حتي يلحق بي أهل بيتي] (79).
(٣٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، هارون بن عنترة (1)، الكرم، الكرامة (1)، النهي (1)، الصّلاة (8)

* الأحاديث التي ترتب الذم والعقاب علي الصلاة البتراء

وعن القطب الراوندي في لب اللباب عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال:
[من صلي علي ولم يصل علي آلي ردت عليه … ] (80).
وأيضا عنه صلي الله عليه وآله وسلم قال: [من صلي ولم يذكر الصلاة علي وعلي آلي سلك به غير طريق الجنة، وكذلك من ذكرت عنده ولم يصل علي] (81).
أقول: ظاهر كلامه صلي الله عليه وآله وسلم: يشير إلي معنيين: الأول إذا صلي أحدكم الصلاة المكتوبة ولم يذكر في التشهد الصلاة كاملة علي وعلي آلي فإن هذه الصلاة تؤدي به إلي الضلال والعقاب. وذلك لعدم الإتيان بالمأمور به الذي ينطلق من التمسك بالثقل الثاني والعقيدة به، ولمعصية الرسول صلي الله عليه وآله وسلم في أمره، أو المعني صلي علي ابتداء فهي أيضا كذلك.
الثاني: قوله صلي الله عليه وآله وسلم: [وكذلك من ذكرت عنده ولم يصل علي] أي كذلك يكون العقاب إذا صلي علي بسبب ذكري عنده، ولم يكمل الصلاة علي بأن بترها ولم يقرن آلي معي.
ويؤيد هذا المعني ما رواه عن الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام عن آبائه عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من حديث له في فضل شهر رمضان): [ومن ذكرت عنده فصلي علي فلم يغفر له، فأبعده الله] قيل يا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كيف يصلي عليك ولا يغفر له؟ فقال: [إن العبد إذا صلي علي ولم يصل علي آلي لفت تلك الصلاة فضرب بها وجهه، وإذا صلي علي وعلي آلي غفر له] (82).
بل أقول: أن الصلاة البتراء موجب لظلم أهل البيت " صلوات الله وسلامه عليهم " وغصبا لحقهم، وذلك حرام بإجماع المسلمين، وإلي هذا يشير الحديث الآتي عن الإمام أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: [سمع أبي (يعني الإمام الباقر عليه السلام) رجلا متعلقا بالبيت " الكعبة " وهو يقول: [اللهم صل علي محمد] فقال له أبي: يا عبد الله لا تبترها، لا تظلمنا حقنا قل: [اللهم صل علي محمد وأهل بيته] (83).
(٣٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، شهر رمضان المبارك (1)، القطب الراوندي (1)، الصّلاة (11)، الضلال (1)، الشهادة (1)

* الصلاة البتراء توجب ظلم آل محمد صلي الله عليهم أجمعين

وفي القاموس: الظلم: وضع الشئ في غير موضعه، وظلمه حقه، وتظلمه إياه (ولم تظلم منه شيئا) أي ولم تنقص.
ويدل هذا الخبر علي حرمة الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بدون الصلاة علي آله لأنه " عليه السلام " عده ظلما لهم، ولقد ضل من ظلمهم وغصب حقهم، وأنقص من مقامهم.
وفي (المحكم والمتشابه) للسيد الشريف المرتضي أرضاه الله رواية عن تفسير النعماني:
ولما بين لهم ما يأخذون، وما يذرون فخالفوه ضلوا، هذا مع علمهم بما قاله النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وهو قوله: [لا تصلوا علي صلاة مبتورة إذا صليتم علي، بل صلوا علي أهل بيتي ولا تقطعوهم مني فإن كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي]، ولما خافوا الله تعالي ضلوا وأضلوا فحذر الله تعالي الأمة من أتباعهم وقال سبحانه: {ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل} [المائدة 77]، والسبيل هاهنا الوصي وقال سبحانه: {ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به} [الأنعام 153].
فخالفوا ما وصاهم به الله تعالي، واتبعوا أهوائهم، فحرفوا دين الله جلت عظمته وشرائعه، وبدلوا فرائضه وأحكامه، وجميع ما أمروا به، كما عدلوا عمن أمروا بطاعته، وأخذ عليهم العهد بموالاتهم، واضطرهم ذلك إلي استعمال الرأي والقياس، فزادهم ذلك حيرة والتباسا (84).
أقول: يظهر من الحديث أن الصلاة البتراء توجب قطع النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في نسله وعدم صلة رحمه وعدم رعايته في تعظيم آله عليهم الصلاة والسلام.
وفي فيض القدير للمناوي، قال الحافظ جمال الدين الزرندي في نظم درر السبطين ورد عن عبد الله بن زيد عن أبيه أنه عليه الصلاة والسلام: [قال من أحب أن ينسأ له في
(٣٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (1)، عبد الله بن زيد (1)، الشريف المرتضي (1)، جمال الدين (1)، الصّلاة (5)، الظلم (1)، الوصية (1)

* الصلاة البتراء توجب قطع رحم النبي صلي الله عليه وآله وسلم

أجله وأن يمتنع بما خلفه الله فليخلفني في أهلي خلافة حسنة فمن لم يخلفني فيهم بتر عمره وورد علي يوم القيامة مسودا وجهه] [1].
وإضافة علي ذلك كله أنه من المؤكد أن الصلاة الكاملة باسمهم وبضميمة ذكرهم هي من موارد إدخال السرور علي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام ومن سرهم فقد سر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وتكون حينئذ موجبة لإدخال السرور علي قائلها في عالم البرزخ والآخرة، وذلك لمناسبة سنخية الثواب والأجر، كما وتكون من أسباب العاقبة الحسنة، والتوفيق إلي طاعته.
وإليه تشير بعض الأخبار ففي لب اللباب للقطب الراوندي عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال: [من صلي علي وعلي آلي صلت عليه الملائكة، ومن صلت عليه الملائكة صلي الله عليه، ومن صلي الله عليه لم يبق في السماوات والأرض ملك إلا ويصلون عليه، ومن صلي علي وعلي آلي واحدة أمر الله حافظيه أن لا يكتبا عليه ثلاثة أيام] (85). أي يمهلاه بدل سبع ساعات [كما في بعض الأخبار] ثلاثة أيام فيوفق بسبب صلاته علي محمد وآل محمد أن يتوب ويغفر له فكأنهما لم يكتبا الذنب عليه ثلاثة أيام لأنه بحكم العدم كما في الحديث: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وقد ذكرنا في مطلب من القسم الثاني أن هذه الصلاة الكاملة تكون يوم القيامة نورا يسعي بين يدي قائلها، وقد قال صلي الله عليه وآله وسلم: [الصلاة علي وعلي آلي نور علي الصراط] (86).
وباتضاح ما مضي يظهر عدم اعتبار حمل هذه الأخبار علي: [ما إذا أتي بالصلاة البتراء أو تركها رأسا عند ذكرهم استخفافا بشأنهم أو لعدم الاعتقاد بإمامتهم
[١] - فيض القدير للمناوي، ج: ٢، ص: ١٧٥ وقال: وعبد بن حميد وفي المناقب كلهم عن زيد بن أرقم قال قام فينا رسول الله صلي الله عليه وسلم خطيبا بماء يدعي خما بين مكة والمدينة فحمد الله تعالي وأثني عليه ووعظ وذكر ثم قال أما بعد فذكره. وتتمته في مسلم من عدة طرق لفظه في أحدها قيل: لزيد أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال ليس نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصحابة بعده. وفي رواية له: إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلي أبيها وقومها. أهل بيته أصله، وعصبته الذين حرموا الصدقة. انتهي.
(٣٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (2)، القطب الراوندي (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (3)، مدينة مكة المكرمة (1)، زيد بن أرقم (1)، التصدّق (1)، العصر (بعد الظهر) (1)

* الصلاة الكاملة توجب إدخال السرور علي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام

أجله وأن يمتنع بما خلفه الله فليخلفني في أهلي خلافة حسنة فمن لم يخلفني فيهم بتر عمره وورد علي يوم القيامة مسودا وجهه] [1].
وإضافة علي ذلك كله أنه من المؤكد أن الصلاة الكاملة باسمهم وبضميمة ذكرهم هي من موارد إدخال السرور علي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام ومن سرهم فقد سر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وتكون حينئذ موجبة لإدخال السرور علي قائلها في عالم البرزخ والآخرة، وذلك لمناسبة سنخية الثواب والأجر، كما وتكون من أسباب العاقبة الحسنة، والتوفيق إلي طاعته.
وإليه تشير بعض الأخبار ففي لب اللباب للقطب الراوندي عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال: [من صلي علي وعلي آلي صلت عليه الملائكة، ومن صلت عليه الملائكة صلي الله عليه، ومن صلي الله عليه لم يبق في السماوات والأرض ملك إلا ويصلون عليه، ومن صلي علي وعلي آلي واحدة أمر الله حافظيه أن لا يكتبا عليه ثلاثة أيام] (85). أي يمهلاه بدل سبع ساعات [كما في بعض الأخبار] ثلاثة أيام فيوفق بسبب صلاته علي محمد وآل محمد أن يتوب ويغفر له فكأنهما لم يكتبا الذنب عليه ثلاثة أيام لأنه بحكم العدم كما في الحديث: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وقد ذكرنا في مطلب من القسم الثاني أن هذه الصلاة الكاملة تكون يوم القيامة نورا يسعي بين يدي قائلها، وقد قال صلي الله عليه وآله وسلم: [الصلاة علي وعلي آلي نور علي الصراط] (86).
وباتضاح ما مضي يظهر عدم اعتبار حمل هذه الأخبار علي: [ما إذا أتي بالصلاة البتراء أو تركها رأسا عند ذكرهم استخفافا بشأنهم أو لعدم الاعتقاد بإمامتهم
[١] - فيض القدير للمناوي، ج: ٢، ص: ١٧٥ وقال: وعبد بن حميد وفي المناقب كلهم عن زيد بن أرقم قال قام فينا رسول الله صلي الله عليه وسلم خطيبا بماء يدعي خما بين مكة والمدينة فحمد الله تعالي وأثني عليه ووعظ وذكر ثم قال أما بعد فذكره. وتتمته في مسلم من عدة طرق لفظه في أحدها قيل: لزيد أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال ليس نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصحابة بعده. وفي رواية له: إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلي أبيها وقومها. أهل بيته أصله، وعصبته الذين حرموا الصدقة. انتهي.
(٣٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم القيامة (2)، القطب الراوندي (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (3)، مدينة مكة المكرمة (1)، زيد بن أرقم (1)، التصدّق (1)، العصر (بعد الظهر) (1)

* ما هي الحكمة من إلحاق الآل بالنبي دون ذلك للأنبياء

وفضلهم]، فهو في غاية التكلف أو المكابرة، بل لسانها صريح في حرمتها، وذلك لضرورة العقيدة والتعبد بطاعتهم صلي الله وسلم عليهم أجمعين.
وذكر محمد بن محمود الآملي في كتاب (نفائس الفنون) والمقدس الأردبيلي في الحديقة: أنه صعد المنبر قاضي القضاة عبد الملك في مسجد جامع السلطانية في إيران، وكان جالسا كل من (خدا بنده) والعلامة الحلي، وكبار رجال الملك من السنة والشيعة وكان موضوع القاضي يدور حول الصلاة علي محمد وآل محمد وفضلها. فلما نزل سأله السلطان، قائلا لماذا نذكر في الصلوات علي النبي محمد [آله] أيضا، وقد أمرنا باقترانهم معه في الصلاة بينما الأنبياء الآخرون نكتفي بالصلاة عليهم فقط، ولم يذكر فيها أحد منهم في ضمنها؟
فعجز الخطيب وتحير عن الجواب، فبينما هو يفكر في ذلك، وإذا بالسلطان (خدا بنده) انبري قائلا: خطر لي ببالي في جواب هذه المسألة وجهان أعرضهما علي العلماء فإن كان الجواب صحيحا أنصفوني، وإلا فعلي الغرامة لذلك!
أما الوجه الأول: فلأن أعداء النبي محمد صلي الله عليه وآله وسلم كانوا يقولون عنه أنه [أبتر] وشمتوا بحاله، حتي أنزل الله تعالي سورة الكوثر مسليا نبيه الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم رادا عليهم محتما عليهم بترهم، وقطع نسلهم وقطع نسلهم ومحو ذكرهم وجعلهم البتراء في دار الدنيا، وجعل ذكر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم مقرونا بآله في الصلاة لكيلا يصدق عليه أنه أبتر، فلزم علينا ذكر آله عند الصلاة عليه لنؤكد أنه ليس أبترا أبدا، ويزداد نسله يوم بعد يوم فكلما يذكر فيجب أن يذكروا معه فإن محمدا أبتر بغيرهم فمن ذكره بالصلاة البتراء فقد وافق القائل له أنه أبتر.
وأما الوجه الثاني: هو أن أديان الأنبياء السابقين كانت لعصورهم ثم انتهت، بينما دين النبي محمد صلي الله عليه وآله وسلم جاء خاتما للأديان، ليبقي خالدا لكل الأزمان، فكان لابد لأهل بيته من بعده أن يفسروه، وينشروه بين الناس في كل جيل. لذلك قال
(٣٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، دولة ايران (1)، العلامة الحلي (1)، سورة الكوثر (1)، الكرم، الكرامة (1)، السجود (1)، الصّلاة (3)
لنا الرسول صلي الله عليه وآله وسلم [إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، وإنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض]، فاستحسن الحاضرون هذا الجواب من السلطان (خدا بنده) وأثنوا عليه، فبالصلاة عليه يدوم دينة وشريعته لأنهم بمثابة العلة المبقية لحياة شجرة الإسلام في ثمرها وإيتاء أكلها كل حين..، ومن بترها فكأنما فصل الثقلين وأنقص الدين الذي أكمله الله بهم، كما في آية إكمال الدين وإتمام النعمة..
أقول: وقد أدرك الناس هذا المعني وأوجبوا علي أنفسهم أن يصلوا بالصلاة البتراء، موحين بذلك إلي إنكارهم بمقام أهل البيت وإمامتهم وإلا من المستحيل أن يغفلوا عن هذا.
ولذا منع بعض الطغاة عن الصلاة عليهم بل نقل لنا التاريخ أن في نجد قتل من كان يصلي علي آل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. وقال القاضي النعماني: وقد كان الصحابة عند ذكره يصلون عليه وعلي آله فلما تغلب بنو أمية قطعوا الصلاة عن آله في كتبهم وأقوالهم، وعاقبوا الناس عليها بغضا لآله الواجبة مودتهم، مع رواياتهم أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم سمع رجلا يصلي عليه ولا يصلي علي آله فقال: [لا تصلوا علي الصلاة البتراء]، ثم علمه ما ذكرناه أولا فلما تغلب بنو العباس أعادوها وأمروا الناس بها، وبقي منهم بقية إلي اليوم لا يصلون علي آله عند ذكره. انتهي (72).
وعندما أذكر أسماء أهل بيت النبوة أعقبها بالصلاة والسلام تعظيما لهم وتصديقا لمودتهم وامتثالا لأمر الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وقد أثبتا فيما سبق جواز الصلاة والسلام علي كل مؤمن، وقد قال فخر الدين الرازي: إن أهل بيته صلي الله عليه (وآله) وسلم يساوونه في خمسة أشياء في السلام قال: السلام عليك أيها النبي، وقال: {سلام علي آل ياسين} وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهد..
وإن شك أحد في ذلك فلا يشك أن الصلاة الكاملة هي مصداق لقوله تعالي: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} [الإسراء: 53]، ولا يشك أن الصلاة الكاملة
(٣٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، آية الإكمال (1)، حديث الثقلين (1)، بنو عباس (1)، بنو أمية (1)، القتل (1)، الأكل (1)، المنع (1)، الصّلاة (7)، الشهادة (1)
مرضية للرسول صلي الله عليه وآله وسلم دون الناقصة هذا في أقل التقادير، بل البتراء موجبة لسخطه، وهي قدر متيقن في المأمور به لا يتركها التقي الورع دون البتراء وقد ذكر ابن حجر في ذيل الآية جملة من الأخبار الصحيحة الواردة فيها وأن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قرن الصلاة مع آله بالصلاة عليه لما سئل عن كيفية الصلاة والسلام عليه ثم قال: وهذا دليل ظاهر علي أن المراد بالصلاة علي أهل بيته وبقية آله مراد من هذه الآية، وإلا لم يسألوا عن الصلاة علي أهل بيته وآله عقب نزولها، ولم يجابوا بما ذكر فلما أجيبوا به دل علي أن الصلاة عليهم من جملة (المأمور به)، وأنه صلي الله عليه (وآله [2]) وسلم أقامهم في ذلك مقام نفسه، لأن القصد من الصلاة عليه مزيد تعظيمه ومنه تعظيمهم. ومن ثم لما أدخل من مر في الكساء قال: [اللهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم] وقضية استجابة هذا الدعاء أن الله تعالي صلي عليهم معه فحينئذ طلب من المؤمنين صلاتهم عليهم معه ويروي: [لا تصلوا علي الصلاة البتراء]. فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون: (اللهم صل علي محمد) وتمسكون، بل قولوا: [اللهم صل علي محمد وآل محمد] (73).
لقد أجاد ابن حجر في الاستدلال - وإن خالفه في إصراره علي الصلاة البتراء - فإنه كما قال: أن الصلاة علي (الآل) هو المقصود من الآية الكريمة بما ذكره لأن الله تعالي قد أمر المؤمنين أن يصلوا علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وبعد نزول الآية سئل المسلمون النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم عن الواجب في (المأمور به)، فيها وبأية كيفية يؤدون ذلك فقال في الجواب: [قولوا: اللهم صل علي محمد وآل محمد]
[1] - لقد أوجبنا علي أنفسنا أن لا نصلي بالصلاة البتراء حتي عند نقل كلامهم وذلك امتثالا لأمر الله تعالي وطاعة لرسوله صلي الله عليه وآله وسلم فوضعنا (آله) بين قوسين في كل صلاة بتراء في النصوص الواردة عن العامة التي ذكرناها في هذا الكتاب تنبيها علي زيادتها عن النص المذكور وحفظا لأمانة النقل، وتوضيحا علي أنهم يصلون دائما بالصلاة البتراء وإن كان ذلك خلال استدلالهم علي وجوب إلحاق الآل بالصلاة كما تلاحظ ابن حجر وغيره.
(٣٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (9)، الوجوب (1)
فكان بيان النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم للكيفية في مقام بيان ما أمر الله به في الآية لا غير، ولو لم يكن مراده تعالي من الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم هي الصلاة عليه وعلي آله معا (كلما صلوا) لما بين النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ذلك، ولما أمرهم عند الجواب أن يصلوا عليه وعلي آله عليهم الصلاة والسلام.
أجل روت العامة في صحاحهم بطرق عديدة أن الصحابة سألوا عن كيفية الصلاة عليه فأجاب بما ذكره ابن حجر، ولم تر حديثا منها لم يذكر فيه (آله)، وإن ذكروا بعضها بغير ذكر الآل فمع غض النظر عن تحريفها فإن ذلك ورد منه صلي الله عليه وآله وسلم إشعارا بأن الصلاة عليه لا تتم بدون الصلاة علي آله بل لبيان اختصاصهم (عليهم الصلاة والسلام) به، وتبيينا علي كونهم بمنزلة نفسه، وأن الصلاة لها فرد واحد (مأمور به) فلذا اكتفي الله تعالي بذكر الصلاة عليه عن الصلاة عليهم في الآية الكريمة.
وقول ابن حجر: (وقضية استجابة هذا الدعاء إن الله تعالي صلي عليهم) معناه:
أن الله استجاب دعاء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لما أدخل عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام، تحت الكساء كما قد تواتر ذلك عن العامة، ومن ضمن تلك الأحاديث ما في مسند أحمد رقم الحديث: [25521] عن أم سلمة أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة ائتيني بزوجك وابنيك، فجاءت بهم فألقي عليهم كساء فدكيا قال ثم وضع يده عليهم ثم قال: [اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك علي محمد وعلي آل محمد، إنك حميد مجيد] قالت أم سلمة فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه، وقال: إنك علي خير (74).
ومن الواضح أن استجابة هذا الدعاء تقتضي أن الله عز وجل صلي عليه وعليهم معا فيكون حينئذ أمره للمؤمنين في آية الصلاة أيضا كذلك أي أن يصلوا علي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) وعلي آله معا كما صلي هو سبحانه عليه وعليهم
(٣٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (11)، الكرم، الكرامة (1)
وفي مستدرك الحاكم، ج: 3، ص: 150: عن أم سلمة قالت في بيتي نزلت:
{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} قالت: فأرسل رسول الله صلي الله عليه وآله إلي علي وفاطمة والحسن والحسين فقال هؤلاء أهل بيتي، قال الحاكم: هذا حديث صحيح علي شرط البخاري ولم يخرجاه.
وفيه: عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بنابي طالب عن أبيه قال لما نظر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إلي الرحمة هابطة قال: ادعوا لي ادعوا لي. فقالت صفية: من يا رسول الله؟ قال: - أهل بيتي عليا وفاطمة والحسن والحسين - فجئ بهم فألقي عليهم النبي صلي الله عليه وآله وسلم كساءه، ثم رفع يديه، ثم قال: [اللهم هؤلاء آلي فصل علي محمد وعلي آل محمد]، وأنزل الله: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقد صحت الرواية علي شرط الشيخين إنه علمهم الصلاة علي أهل بيته كما علمهم الصلاة علي آله.
وفيه: عن عبد الرحمن بن أبي ليلي يقول لقيني كعب بن عجرة فقال ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلي الله عليه وآله؟ قلت: بلي. قال: فاهدها إلي قال سألنا رسول الله صلي الله عليه وآله فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟
قال: [قولوا اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم إنك حميد مجيد]. وقد روي هذا الحديث بإسناده وألفاظه حرفا بعد حرف الإمام محمد بن إسماعيل البخاري عن موسي بن إسماعيل في الجامع الصحيح، وإنما خرجته ليعلم المستفيد أن أهل البيت والآل جميعا هم. انتهي ما أردنا نقله من المستدرك وكررنا نقله لأهميته في المقام.
(٣٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، آية التطهير (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، موسي بن إسماعيل (1)، محمد بن إسماعيل (1)، الصّلاة (4)
وقال السمهودي بعد رواية كعب التي رواها الحاكم معلقا: أخرجه الحاكم في مستدركه، وأشار إلي أنه إنما استدركه مع كونه في الصحيحين من هذا الوجه لإفادته أن أهل البيت هم الآل، وهذا لقوله في هذه الرواية: [كيف الصلاة عليكم أهل البيت]، فيكون المسئول عنه كيفية الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم وعلي أهل بيته، ويكون ما أجابهم به صلي الله عليه وآله وسلم مطابقا لسؤالهم، وفيه إيماء إلي أنهم فهموا من الآية ما سنشير إليه من أن الأمر بالصلاة عليه فيها شامل لآله (75).
أقول: بعضهم يصلوا بالصلاة الكاملة كما مر في خلال كلام السمهودي لكن الذي يستغرب منه ويزيد البصير تعجبا أن أكثر القوم الذين يذكرون الأحاديث الناهية لذلك يصرون علي الصلاة البتراء حتي في خلال نقل تلك الأحاديث، فتعسا لقوم رووا عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم الأحاديث فيها النهي عن الصلاة البتراء عليه مع أنهم أوجبوا علي أنفسهم أن لا يذكروه إلا بالصلاة البتراء، وعدم إلحاق آله معه، هذا وقد فسروا البتراء بعدم ذكر آله بعده، فنري في الصواعق المحرقة لابن حجر مثلا يقول:
(أن النبي صلي الله عليه وسلم قرن الصلاة علي آله بالصلاة عليه لما سئل عن كيفية الصلاة والسلام إلخ) حيث لاحظت أنه يصلي بالصلاة البتراء.
ولقد أذهلني ووقفت متحيرا من الكثير الذين ألفوا كتبا مستقلة بخصوص الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لما رأيتهم في تلك المؤلفات التي ملئوها بالأحاديث الدالة علي وجوب إلحاق الآل " عليهم الصلاة والسلام " بالصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، والمتضمنة الفضل والثواب الجزيل الذي أعد للصلاة الكاملة والعقاب لمن ترك ذلك. لقد رأيتهم يذكرون الصلاة مبتورة وغير كاملة مصرين عليها راغبين عن ذلك الثواب العظيم، والجزاء الجزيل.
(٣٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب الصواعق المحرقة (1)، الكرم، الكرامة (1)، النهي (1)، الصّلاة (8)، الوجوب (1)
وقرأت في بعض المؤلفات أنه أهدي للشيخ محمد حسن الظفر رحمه الله كتاب الكامل للمبرد فأخد يقرأ فيه ورأي أنه عند ذكر النبي " صلي الله عليه وآله وسلم " يصلي عليه الصلاة المبتورة يذكره ولم يذكر آله فقال:
إن كتابا يكن يبدي * فيه بذكر الآل بعد النبي ولم يكن يختم في ذكرهم * فليس ب (الكامل) في مذهبي وعلي حد تعبير البعض كتاب الكامل ليس بكامل، وهذا شأن غالبي مؤلفاتهم ومصنفاتهم فإن معظم الأحاديث والروايات التي ذكرتها في هذا الكتاب عن كتب العامة وصحاحهم المعتبرة تتضمن الصلاة المبتورة، وهذا الأمر (كما هو واضح) فيه معصية للرسول صلي الله عليه وآله وسلم، ومخالفة أمر المولي مما يوجب الذم والعقاب، ولا يمكن أن يخفي ذلك علي مؤلفي تلك الصحاح والحفاظ الأجلاء مع ما ذكروه في ترتب العقاب لمن يأتي بذلك، وإني لأجل علماء الحديث العارفين عن الوقوع في هكذا خطأ كبير كما وإني أحتمل أن ذلك حصل عند ما استنسخ بعض الجهلة، وأصحاب المذاهب الباطلة في العصر العثماني تلك الكتب، فإنهم كتبوا الصلاة مبتورة عند ذكرها بل بعضهم استبدلها بالرمز (ص) وهو واضح لمن راجع المخطوطات.
وقد سلم من ذلك التحريف بعضها حيث رأيت بعض مؤلفي العامة في عصرنا يذكرون في مصنفاتهم ومؤلفاتهم الصلاة كاملة، مما يعرفنا أن اليد الخائنة تدخلت في تحريف تلك الكتب المعاد طبعها. ولاحظت بعضهم يذكر الصلاة كما أمر الله تعالي فيلحق الآل عند الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كالحاكم في مستدرك الصحيحين فمرة يقول عند ذكره: (صلي الله عليه وآله) بغير سلام وأخري يقول عند ذكره: (صلي الله عليه وآله وسلم) وقد اجتمعا في الحديث الذي ذكرناه في المطلب الثالث من البحث الخامس، وراجع المستدرك، 2، ص: 382.
(٣٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (4)، العصر (بعد الظهر) (1)
وهناك الكثير منهم أيضا علي هذه السيرة كثرهم الله تعالي وشملهم بتوفيق الولاء لأهل بيت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. ونقول للبعض الآخر: إنه لو لم يكن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ذكر آله ونهي عن تركه لكان المفضل ذكر الآل تعظيما لهم ومودة إليهم ورغبة للثواب وتعرضا للرحمة ورضا للنبي صلي الله عليه وآله وسلم، وإدخالا للسرور في قلوب أهل بيت نبينا الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم.. فكيف وقد تواتر عنه الأمر بذكر آله في الصلاة عليه، والنهي عن ترك ذكرهم في الصلاة، نسأله تعالي أن لا يجعلنا من الذين صدق قوله فيهم: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلي الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون * ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون} [الأعراف 177].
إن أولئك الذي حملوا الشريعة ورووا أحاديثها ولم ينقادوا لمقتضاها تعصبا واستكبارا ما هم إلا كالذين يقولون مالا يفعلون ومثلهم: {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين} [الجمعة: 5].
(٣٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، النهي (1)، التصديق (1)، الظلم (1)، الصّلاة (2)

المطلب السادس: * النبي كان مأمورا بالصلاة علي نفسه وعلي آله

اشارة

المطلب السادس في:
[النبي كان مأمورا بالصلاة علي نفسه وعلي آله] من الواضح أن جميع العبادات التي جاء بها النبي الأكرم " صلي الله عليه وآله وسلم " تشمل جميع الأمة حتي النبي الأكرم " صلي الله عليه وآله وسلم " بشخصه بل هناك بعض العبادات والواجبات قد فرضها الله تعالي عليه دون الأمة، كصلاة الليل مثلا. وهذا وغيره يخرجه الدليل الخاص أما ما سواها فهي يجب أن يتخذ فيها النبي الأكرم " صلي الله عليه وآله وسلم " أسوة فيها، وقدوة في مقام العمل بسيرته قال الله تعالي: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا} [الأحزاب: 21].
ومما نقل لنا في الأحاديث الشريفة أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كان أيضا متعبدا بالصلاة علي نفسه وعلي آله الطيبين الطاهرين. ففي [الدر المنضود] لابن حجر الهيثمي، ص: 20. أن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم كان يقول في الصلاة:
[اللهم صل علي محمد وآل محمد].
ولا يخفي أن الصلاة علي النبي وآله عليهم الصلاة والسلام تعظيما للنبوة والولاية الكاملتين المتمثلتين فيهم، وترفيعا لشأنهم ووصفا لهم في مقامهم الذي وضعهم الله تعالي، وصونا لهم عن الذلة التي يأباها الله عز وجل لهم حيث كما يجب علي غيره أن يعظم ويكرم ساحتهم المقدسة كذلك يجب عليهم ذلك ويتأكد ذلك علي النبي الأكرم " صلي الله عليه وآله وسلم " فإنه يجب عليه أيضا أن لا يضعها ولا يذلها بل مأمور أن يعظم نفسه ويعظم أهل بيته، أما تقرأ في الأحاديث المستفيضة أنه كان يقوم إلي ابنته فاطمة، وربما يقبل يدها فيسأل عن ذلك فيقول: إنما أقبل عضوا من أعضائي. ومرة طرق باب بيتها، فقالت: من؟ قال: أنا محمد. فقالت: أبه! البيت بيتك والحرة ابنتك. فقال: هكذا أمرني ربي.. وأما تري أنه كان يعظم الحسنين وأباهما تعظيما خارجا عن المتعارف..
(٣٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، صلاة الليل (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (3)، الطهارة (1)

* النبي يصلي علي أهل بيته عليهم الصلاة والسلام

ومن هنا يجب عليه أن يصلي علي نفسه في الصلاة وخارجها، ويشهد [أن محمدا عبده ورسوله]، وليس ذلك ترفيعا، وإكبارا في الحقيقة بل هو وضع للشئ في موضعه فيكون تركه خلاف العدل.
وما أمر بأمر إلا وسبقنا بالعمل به في كل واجب ومستحب وقد ورد في الروايات الكثيرة أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كان مأمورا بالصلاة علي نفسه وبالصلاة علي أهل بيته عليهم الصلاة والسلام كما في حديث نزول آية التطهير فإنه طلب في تضرعه: الصلاة عليه وعلي أهل بيته، ثم نزلت هذه الآية. ففي مستدرك الحاكم، مجلد: 3، من ص: 148، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه [عليهم السلام] قال: لما نظر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إلي الرحمة هابطة قال: ادعوا لي، ادعوا لي، فقالت صفية: من يا رسول الله؟ قال: أهل بيتي: عليا وفاطمة والحسن والحسين فجئ بهم فألقي عليهم النبي صلي الله عليه وآله وسلم كساءه ثم رفع يديه ثم قال: [اللهم هؤلاء آلي فصل علي محمد علي آل محمد..]، وأنزل الله عز وجل:
{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [الأحزاب: 33]، هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
ومر في حديث أم سلمة أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك علي محمد وعلي آل محمد إنك حميد مجيد]، قالت أم سلمة فرفعت الكساء لأخل معهم فجذبه وقال إنك علي خير (87).
وفي المجتبي من السنن، ج: 3، ص: 241. [25557] عن عائشة قالت: كنا نعد لرسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم سواكه وطهوره فيبعثه الله عز وجل لما شاء أن يبعثه من الليل فيستاك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، ويحمد الله ويصلي علي نبيه صلي الله عليه (وآله) وسلم، ويدعو بينهن ولا يسلم تسليما.
(٣٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، جعفر بن أبي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، آية التطهير (2)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (3)، الركوع، الركعة (1)

* النبي يصلي علي نفسه وعلي أهل بيته في صلاة المعراج

ثم يصلي التاسعة ويقعد، وذكر كلمة نحوها. ويحمد الله ويصلي علي نبيه صلي الله عليه (وآله) وسلم، ويدعو ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين وهو قاعد].
ومن طرق الخاصة هناك أحاديث كثيرة في هذا المعني، منها ما رواها الكليني بسند صحيح عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في حديث له في صلاة المعراج: [فلما ذهب ليقوم قيل: يا محمد صلي الله عليه وآله وسلم اجلس فجلس، فأوحي الله إليه، يا محمد: إذا ما أنعمت عليك فسم باسمي فألهم أن قال: بسم الله وبالله ولا إله إلا الله والأسماء الحسني كلها لله، ثم أوحي الله إليه، يا محمد: صل علي نفسك وعلي أهل بيتك. فقال: صلي الله علي وعلي أهل بيتي (89)].. [1].
والظاهر منه انه هو التشهد الذي كان عليه النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم. بل أنه كان مأمورا أن يصلي علي نفسه وأهل بيته عليهم السلام كبعض الأوامر الإلهية التي لو لم يأتي بها لما بلغ رسالته ولم يقم بواجبه كما جاء ذلك في مقام تبليغ الولاية: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ريك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} [المائدة: 67].
وفي صحيح الترمذي، برقم: [289]، عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبري قالت: [كان رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم إذا دخل المسجد صلي علي محمد وسلم وقال رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج صلي علي محمد وسلم وقال رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك].
قال أبو عيسي الترمذي: حديث فاطمة (عليها السلام) حديث حسن، وليس إسناده بمتصل وفاطمة بنت الحسين لم تدركه فاطمة الكبري إنما عاشت فاطمة بعد النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أشهرا.
[1] - الكافي، ج: 3، ص: 486، باب النوادر، ح: 1.
(٣٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، عبد الله بن الحسن (ع) (1)، كتاب صحيح الترمذي (1)، فاطمة بنت الحسين (1)، الصّلاة (2)، الركوع، الركعة (1)، السجود (1)، الوجوب (1)، الشهادة (1)

* حديث فاطمة بنت الحسين المروي عن العامة

وقال ابن حجر: رجال إسناده ثقات إلا أن فيه انقطاعا. وقال الحافظ: كان عمر الحسين عند موت أمه دون ثمان سنين. ومع هذا فمتن الحديث صحيح بشواهده. أما نحن فنقول: أن السيدة فاطمة الصغري تروي الحديث أكيدا عن أبيها أبي عبد الله الحسين عن أمه صلوات الله عليهم أجمعين، وروي الحديث أيضا ابن ماجة في سننه برقم: 763، بلفظ السلام مما يفيد استحبابه أيضا عند دخول المسجد وأيضا نقول في السلام بمثل ما قلنا في الصلاة من إلحاق الآل. قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن إبراهيم وأبو معاوية عن ليث عن عبد الله بن الحسن عن أمه عن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم قالت كان رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم إذا دخل المسجد [يقول بسم الله والسلام علي رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج قال: بسم الله والسلام علي رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك] [1].
ولا يفوتنا هنا التنبيه أنه الصلاة التي روت السيدة فاطمة بنت الحسين عليه السلام عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم كانت كاملة بضم الآل، لأن من الجفاء بمكان لأهل بيته عليهم الصلاة والسلام أن يعلم الناس الصلاة الكاملة كما في الأحاديث المتواترة، وينهي عن البتراء، ثم وهو يصلي بالصلاة البتراء! حاشا لمقامه أن يخالف ما أمر، والسيدة فاطمة الصغري من [أهل البيت] الذين روي عنهم الصلاة كاملة عند دخول المساجد كما يأتي ذلك في البحث الخامس، وهذا يدل علي أنهم حرفوا الأحاديث وأثبتوا الصلاة البتراء فيها كما هو واضح لمن راجع كتب الحديث لا سيما المخطوطة منها.
[1] - أقول: ورواه أحمد بلفظ السلام في مسنده برقم: [25213]، وروي بلفظ الصلاة برقم: [5212]. وكذا البغدادي في تاريخ الطبري، ج: 11، ص: 618.
(٣٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب سنن إبن ماجة (1)، عبد الله بن الحسن (ع) (1)، أبو بكر بن أبي شيبة (1)، إسماعيل بن إبراهيم (1)، الصّلاة (7)، السجود (2)

المطلب السابع: * فرية الفصل ب [علي] الحرف الجار

اشارة

المطلب السابع:
[فرية الفصل ب (علي) الحرف الجار] نسب البعض إلي علماء شيعة أهل البيت قضية عدم جواز الفصل بين المعطوف: [آل محمد] أو [أهل البيت] علي المعطوف عليه [محمد] أو غيره من الألفاظ أو علي الضمير ب [علي] الحرف الجار في صيغة الصلوات وأنه من واجبات أحكامهم..
إلا أن ذلك خلاف ما هم عليه كما أنه جائز لغة واستعمالا بل قد يتأكد في بعض الموارد كما يأتي، والفصل وعدمه وارد في أدعية أهل البيت عليهم السلام وهم أهل البلاغة والفصاحة وأمراء الكلام بهم تنشبت عروقه، وعليهم تهدلت غصونه.
إلا أنه أورد بعض الرواة حديثا غريبا قائلا بعدم جواز الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه (أي بين محمد صلي الله عليه وآله وسلم وبين آله عليهم الصلاة والسلام، ب [علي] الحرف الجار في الصلاة، بل روي بعض العامة: أنه لم ينل شفاعة النبي صلي الله عليه وآله وسلم، وليس من أمته لو فعل ذلك بأن يقول: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد] بالحرف الجار [علي]!!
وقال الشيخ المجلسي رحمه الله في أربعينه: اعلم إنه اشتهر بين الناس عدم جواز الفصل بين النبي صلي الله عليه وآله وسلم وبين آله ب [علي] مستدلين بالخبر المشهور بينهم ولم يثبت عندنا هذا الخبر وهو غير موجود في كتبنا.
وعن الشيخ البهائي رحمه الله أن هذا من أخبار الإسماعيلية لكن لم نجد في الدعوات المأثورة عن أرباب العصمة صلوات الله عليهم: الفصل إلا شاذا وتركه أولي وأحوط.
أقول: قول المجلسي رحمه الله: (بين الناس) أي العامة ولكن الحديث ذكره من الخاصة العلامة النوري في المستدرك عن فخر المحققين وهو كما يأتي بغير سند وعل لهذا لم يعتبره المجلسي رحمه الله تعالي.
(٣٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: شيعة أهل البيت عليهم السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، العلامة المجلسي (3)، الشيخ البهائي (1)، الصّلاة (5)، الشفاعة (1)، الجواز (3)

* من روي حديث الفصل ب [علي]

ومن العامة ذكره الشيخ حسن بن أمان الله الدهلوي في (تجهيز الجيش) بلا سند قال:
وروي أنه صلي الله عليه (وآله) وسلم سئل عن كيفية الصلاة فقال صلي الله عليه (وآله) وسلم: قولوا: [اللهم صل علي محمد وآل محمد]، فقال رجل من الصحابة: وعلي آل محمد (أي بزيادة الحرف الجار) فقال صلي الله عليه (وآله) وسلم: [من فصل بيني وبين آلي ب (علي) لم ينل شفاعتي]، وبطريق آخر [فليس من أمتي].
وأشار إلي هذا الحديث جلال الدين الدواني الذي مر ذكره في المطلب السابق: في حاشيته علي (شرح التجريد) للقوشجي.
أقول: وهو غير معلوم الإسناد وفي الواقع لا جدوي لهذا الخلاف ب (الفصل بعلي) أو عدمه عقائديا إلا بوجه تأويلي ويظهر التهافت في نقل هكذا أقوال بملاحظة الأحاديث التي مرت عليك في كيفيات الصلوات، وأن النبي " صلي الله عليه وآله وسلم " فصل بينه وبين آله ب [علي] الحرف الجار في الاسم الصريح، (إن كان النهي المتوهم للفصل بين الآل والاسم علي الصريح) وهو خبر غريب من الآحاد، قد يشير إلي معني آخر غير ما ذهبوا إليه وفهموا منه من أن المقصود ب [علي] أسم الإمام [علي] كما يأتي.
وبناء علي صحة الخبر المذكور وأن المراد من قوله [بعلي] الحرف الجار، فإنه وارد خلاف ما تواتر عنه صلي الله عليه وآله وسلم من ذكره الحرف الجار في كثير من أحاديث الصلوات كقوله في الصلاة الإبراهيمية المتواترة عن العامة: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم … ] وقد نقلنا تواترها في مطالب الكيفيات كما وقد ورد عن الخاصة ذلك أيضا في الصلاة الإبراهيمية (90) وغيرها من الأحاديث والأخبار من الأقوال.
أما إذا كان النهي عن العطف علي الضمير كقولك: (صلي الله عليه وآله) فإن الفصل في نحو ذلك جائز في اللغة، ومستعمل في كلام العرب، وقد جوز النحاة إعادة الحرف الجار والخافض وعدمه كما في ألفية ابن مالك في فصل عطف النسق:
(٣٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، جلال الدين (1)، الصّلاة (6)، النهي (2)، الجواز (1)

* بحث نحوي في جواز الفصل وعدمه عل الظاهر والمضمر

وعود خافض لدي عطف علي * ضمير خفض لازما قد جعلا وليس عندي لازما إذ قد أتي * في النظم والنثر الصحيح مثبتا وقد نقلوا وجوب إعادة الخافض عن جمهور البصريين (من النحاة) وقوله (خافض) يشمل الحرف الجار والمضاف كقوله تعالي في إعادة الحرف الجار: {فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها}، وقوله تعالي: {قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب} [الأنعام 64] وقوله عز وجل في إعادة الخافض: {نعبد إلهك وآله آبائك}.
وأنت كما تري أن الآية الأولي أعيد فيها الحرف الجار لأجل التأكيد، والثانية لعدم الالتباس المعني، ولا يصح أن يقال: (نعبد إلهك وآبائك) بدون إعادة الخافض، (المضاف) كما وأنه قد ورد في القرآن بغير إعادة الخافض عند عدم اقتضاء المعني باعتبار بلاغي كالتأكيد مثلا أو عدم الالتباس، وهو يقتضي جوازه كما قال نص عليه ابن مالك:
وليس عندي لازما إذ قد أتي * في النظم والنثر الصحيح مثبتا كقراءة حمزة وابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والنخعي والأعمش وغيرهم قوله تعالي: {الذين تسائلون به والأرحام} بكسر الأرحام عطفا علي الهاء في (به) بدون إعادة باء الجار، وحكاية قطرب (ما فيها غيره وفرسه) بعطف (فرس) علي هاء (غيره) المجرورة بإضافة الخافض أي المضاف وهو (غير). وأنشأ سيبويه:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا * فاذهب فما بك والأيام من عجب بخفض الأيام عطفا علي محل كاف الخطاب من دون إعادة الحرف الجار علي الأيام فلم يقل (بالأيام). ولا يخفي لمن راجع كتاب (الإنصاف) في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين للأنباري المتوفي 577 ه وشرح السيوطي علي ألفية ابن مالك وغيره من كتب النحو جواز إعادة الخافض وعدمه في هذه المسألة كما وقد ورد ذلك في أشعار العرب والتي هي مصدر القواعد العربية.
(٣٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، القرآن الكريم (1)، الجواز (1)، الوفاة (1)، الوجوب (1)
وقال ابن هشام في شذور الذهب: ولا يجب ذلك (أي إعادة الخافض) خلافا لأكثر البصريين بدليل قراءة حمزة: {واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام} [النساء: 1] بخفض الأرحام وحكاية قطرب: (ما فيها غيره وفرسه). انتهي.
وخلاصة القول: أن ذلك في العطف علي الضمير جائز بدليل ما ورد في النظم والنثر وقد يوجبه اعتبار بلاغي وهو خارج عن بحث النحاة وأما إعادة الخافض (الحرف الجار) في العطف علي الاسم الصريح فلا خلاف بينهم فضلا من الجواز وعدمه، وقد نص النحاة أنه تقول: (مررت بزيد وعمرو) بخفض عمرو عطفا علي زيد وبالنصب عطفا علي المحل كما يقال: صببت الماء علي زيد وعمرو، أو علي عمرو، ومنه صيغة الصلاة: (اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد) بإعادة الحرف الجار أو (وآل محمد) عطفا علي (محمد) بغير إعادة الحرف الجار وهذا لا خلاف فيه عند النحاة، وأما إعادة حرف الخافض فيما نحن فيه فقد جوزوا فيه الطرفين فيقال: (صلي الله عليه وآله) كما قرؤوا بخفض الأرحام: {واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام} [النساء 1].
وكقول الشاعر: فما بك والأيام من عجب، أو كقولك: (صلي الله عليه وعلي آله) بإعادة الحرف الجار كقوله تعالي: {فقال لها وللأرض} وقوله تعالي: {قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب} [الأنعام 64].
وما يجب أن يقال في هذا المضمار: أنه ورد في الأحاديث عن السنة وذكرنا بعضها سابقا، من أن كيفيات الصلاة يكاد لا تخلو واحدة منها عن الفصل ب [علي] وكذلك في أخبار أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وأدعيتهم الكثيرة بخصوص الصلاة بإعادة الحرف الجار [علي] وعدمه سواء كان في العطف علي الضمير أو علي الاسم الصريح ففي الصحيفة السجادية كثير ما ورد في الفصل ب [علي] بين (محمد) وبين (آل محمد) في لفظ الصلاة وفي بارك، وارحم وغيرها.
(٣٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، الصّلاة (3)

* الحديث جاء خلاف ما تواتر عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم

وفي الأدعية المروي عن أهل البيت علهم الصلاة والسلام:
[وصلي الله عليه وعلي آله وسلم تسليما] (91)، [فصل عليه وعلي آل محمد] (92)، [ … وصلي الله عليه كما هو أهله وعلي آله] (93) [نبيك المرسل صلواتك عليه وعلي آله … ولنبيك محمد صلواتك عليه وعلي آله] (94)، [فصل عليه وعلي آل محمد المنتجبين] (95).
قال القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ج: 1، ص: 7، ورد عن الأئمة من أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) في مناجاتهم ودعواتهم بضم الآل حيث قالوا: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد]، بإعادة كلمة [علي] أو بغير إعادتها اكتفاء بالعطف. انتهي.
أقول: ولا يخفي علي من كان له أدني ذوق في سبك الكلام العربي الفصيح أن إعادة الخافض في بعض الأحيان مما يزيد التأكيد في حقيقة الصلاة، ونسبتها ل (الآل) أي أنسب الفعل [الصلاة] للآل مؤكدا ذلك بإعادة الحرف الجار، أو يكون التأكيد موجه لإعادة الجار علي إلحاق الآل بالصلاة مع النبي صلي الله عليه وآله وسلم ونسبتها لهم.
وأما العطف علي الاسم الصريح ففي الدعاء: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد] (96)، وفي آخر: [صل علي محمد وعلي آل محمد] (97)، وفي فلاح السائل من دعاء الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام بعد العصر: [الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد خاتم النبيين وعلي آله الطاهرين] (98)، وفي فقه الرضا عليه الصلاة والسلام فيما يقال بعد الصلاة المكتوبة: وتقول: [اللهم إني أسألك أن تصلي علي محمد وعلي آل محمد] (99).
ومن أدعية الإمام أمير المؤمنين " صلوات الله وسلامه عليه " عقيب الخمس المفروضة:
[ … أسألك أن تصلي علي محمد وعلي آل محمد] (100).
وفي الدعاء أيضا: [اللهم صل علي محمد وعلي آله الطاهرين … وصلي الله علي محمد خاتم النبيين وعلي آله الطيبين] (101)، وفي آخر: [أسألك … أن تصلي
(٣٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: أفعال الصلاة (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، الصّلاة (10)، الطهارة (2)، الخمس (1)، العصر (بعد الظهر) (1)

* إعادة حرف الجر قد يلزم للتأكيد

وفي الأدعية المروي عن أهل البيت علهم الصلاة والسلام:
[وصلي الله عليه وعلي آله وسلم تسليما] (91)، [فصل عليه وعلي آل محمد] (92)، [ … وصلي الله عليه كما هو أهله وعلي آله] (93) [نبيك المرسل صلواتك عليه وعلي آله … ولنبيك محمد صلواتك عليه وعلي آله] (94)، [فصل عليه وعلي آل محمد المنتجبين] (95).
قال القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ج: 1، ص: 7، ورد عن الأئمة من أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) في مناجاتهم ودعواتهم بضم الآل حيث قالوا: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد]، بإعادة كلمة [علي] أو بغير إعادتها اكتفاء بالعطف. انتهي.
أقول: ولا يخفي علي من كان له أدني ذوق في سبك الكلام العربي الفصيح أن إعادة الخافض في بعض الأحيان مما يزيد التأكيد في حقيقة الصلاة، ونسبتها ل (الآل) أي أنسب الفعل [الصلاة] للآل مؤكدا ذلك بإعادة الحرف الجار، أو يكون التأكيد موجه لإعادة الجار علي إلحاق الآل بالصلاة مع النبي صلي الله عليه وآله وسلم ونسبتها لهم.
وأما العطف علي الاسم الصريح ففي الدعاء: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد] (96)، وفي آخر: [صل علي محمد وعلي آل محمد] (97)، وفي فلاح السائل من دعاء الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام بعد العصر: [الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد خاتم النبيين وعلي آله الطاهرين] (98)، وفي فقه الرضا عليه الصلاة والسلام فيما يقال بعد الصلاة المكتوبة: وتقول: [اللهم إني أسألك أن تصلي علي محمد وعلي آل محمد] (99).
ومن أدعية الإمام أمير المؤمنين " صلوات الله وسلامه عليه " عقيب الخمس المفروضة:
[ … أسألك أن تصلي علي محمد وعلي آل محمد] (100).
وفي الدعاء أيضا: [اللهم صل علي محمد وعلي آله الطاهرين … وصلي الله علي محمد خاتم النبيين وعلي آله الطيبين] (101)، وفي آخر: [أسألك … أن تصلي
(٣٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: أفعال الصلاة (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، كتاب ينابيع المودة (1)، الصّلاة (10)، الطهارة (2)، الخمس (1)، العصر (بعد الظهر) (1)

* الفصل ب [علي] جائز لغة ووارد استعمالا

علي محمد وعلي آل محمد واحشرنا في شفاعة محمد وصلي الله عليه وعلي آله وسلم تسليما] (102)، وغيرها من الموارد الكثيرة التي وردت في الأدعية بإعادة الحرف الجار علي الاسم الصريح. وأما عدم إعادته فهو الأعم الغالب المذكور.
وعليه فالمقول المذكور: [لكن لم نجد في الدعوات المأثورة عن أرباب العصمة صلوات الله عليهم الفصل (أي بإعادة الجار) إلا شاذا، وتركه أولي وأحوط]: إن كان المقصود من الشاذ لغة (أي غير فصيح) فقد مر ما ذكره النحاة من جواز ذلك، بل قد يتأكد في بعض الأحيان، ووروده في أشعار العرب والقرآن الكريم.
وإن كان المقصود (وهو خلاف الظاهر) قليل الورود في كلام العرب (كما يصطلح بذلك النحاة) فهذا فصيح، ولا ضير في شذوذه بل يظهر للمراجع وروده كثيرا في أدعية أهل البيت عليهم الصلاة والسلام والمشحونة بذلك كما ذكرنا بعضها ويري الكثير منها القارئ لكتب الأدعية المطولة.
وإضافة علي ذلك يفهم مما مر أن إعادة (الجار) قد يلزم لعدم الالتباس أو لاعتبار بلاغي كالتأكيد مثلا كما مر فإن إعادته يفيد التأكيد كما لا يخفي كقوله تعالي: {فقال لها وللأرض}، وهذا سر تكرار الإعادة ل [علي] في الصلوات الإبراهيمية المتواترة عن النبي صلي الله عليه وآل وسلم، فإن في ذلك التأكيد البليغ لوقوع الصلاة علي المعطوف، وإلحاق الآل في الصلاة الواقعة علي المعطوف عليه أي النبي صلي الله عليه وآله وسلم.
ومن هذا النوع التأكيد الوارد في الحديث الآتي: عن علي بن أبي طالب عن النبي صلوات الله عليهما وسلم قال: [ما من دعاء إلا وبينه وبين السماء حجاب حتي يصلي علي النبي محمد وعلي آل محمد فإذا فعل ذلك انخرق ذلك الحجاب، ودخل الدعاء، وإذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء] (103).
(٣٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، القرآن الكريم (1)، علي بن أبي طالب (1)، الشفاعة (1)، الصّلاة (3)، الجواز (1)

* ورود الفصل ب [علي] في أدعية أهل البيت عليهم الصلاة والسلام

وأما قوله: (وتركه أولي)، فلا معني له بل الأولي إعادته في بعض الأحيان كما عرفت بأن كان المقام للتأكيد وقوله: (وأحوط)، فلا وجه له أيضا إلا إذا قيل لمخالفة أهل الخلاف فإن بعضهم ألزموا أنفسهم بإعادته في الصلاة علي محمد وآل محمد، لكن هذا لا يقوله علمائنا لأنه اعتبار بلاغي وفصاحة كلام، ولا دخل له في مخالفتهم في المقام الفقهي، إلا إذا كان يشير بذلك إلي الصلاة في التشهد فالأحوط متجه لما سيأتي.
وقال في تفسير روح المعاني ما لفظه: إن أهل السنة التزموا إدخال [علي] علي [الآل] في الصلوات ردا علي الشيعة فإنهم منعوا ذكر [علي] بين النبي وآله، للحديث: من فصل بيني وبين آلي ب [علي] لم ينل شفاعتي.
أقول: قد مر عليك أن الحديث مروي عنهم والذي ذكره هو حسن بن أمان الله الدهلوي في [تجهيز الجيش] وهو من العامة.
نعم ذكر الحديث من الخاصة العلامة النوري في مستدرك الوسائل قال: وجدت بخط فخر المحققين في أجوبته لمسائل السيد حيدر الآملي ما لفظه: فقد نقل عن النبي صلي الله عليه وآله أنه قال: [لا تفرقوا بيني وبين آلي ب (علي)] (104).
وهذا أيضا بلا سند بل لم يذكر له مصدر وكأنما منقول عن العامة، وإن صح هذا الحديث الذي نقله في المستدرك فإني لا أشك أن الحديث لم يرد علي هذا المعني بل حرف عندهم معني، وعندنا استنساخا، والمقصود هو اسم الإمام أمير المؤمنين (علي) عليه الصلاة والسلام واختلط علي الناسخ أنه [علي] فالحديث رد علي من لم يعتقد أن عليا عليه الصلاة والسلام من الآل فيفصله عن الآل ولم يعتقد أنه منهم وأفضلهم بأن قدم عليه في الخلافة غيره فالمعني لا تفصلوا بيني وبين آلي بعلي مدعين أنه أجنبي تارة وأخري ليس بيني وبينه قرابة بل هو أقرب الناس إلي وأحقهم بي، بل هو خليفتي بلا فصل وكقوله صلي الله عليه وآله وسلم لعائشة [لا تحولي بيني وبين علي] (105) في مطلق الفصل من العلاقة الخاصة بيني وبينه ومعية الولاية.
(٣٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، يوم عرفة (1)، الصّلاة (4)، الشهادة (1)

* الحديث يذكره صاحب المستدرك من الخاصة بلا سند

وأما قوله: (وتركه أولي)، فلا معني له بل الأولي إعادته في بعض الأحيان كما عرفت بأن كان المقام للتأكيد وقوله: (وأحوط)، فلا وجه له أيضا إلا إذا قيل لمخالفة أهل الخلاف فإن بعضهم ألزموا أنفسهم بإعادته في الصلاة علي محمد وآل محمد، لكن هذا لا يقوله علمائنا لأنه اعتبار بلاغي وفصاحة كلام، ولا دخل له في مخالفتهم في المقام الفقهي، إلا إذا كان يشير بذلك إلي الصلاة في التشهد فالأحوط متجه لما سيأتي.
وقال في تفسير روح المعاني ما لفظه: إن أهل السنة التزموا إدخال [علي] علي [الآل] في الصلوات ردا علي الشيعة فإنهم منعوا ذكر [علي] بين النبي وآله، للحديث: من فصل بيني وبين آلي ب [علي] لم ينل شفاعتي.
أقول: قد مر عليك أن الحديث مروي عنهم والذي ذكره هو حسن بن أمان الله الدهلوي في [تجهيز الجيش] وهو من العامة.
نعم ذكر الحديث من الخاصة العلامة النوري في مستدرك الوسائل قال: وجدت بخط فخر المحققين في أجوبته لمسائل السيد حيدر الآملي ما لفظه: فقد نقل عن النبي صلي الله عليه وآله أنه قال: [لا تفرقوا بيني وبين آلي ب (علي)] (104).
وهذا أيضا بلا سند بل لم يذكر له مصدر وكأنما منقول عن العامة، وإن صح هذا الحديث الذي نقله في المستدرك فإني لا أشك أن الحديث لم يرد علي هذا المعني بل حرف عندهم معني، وعندنا استنساخا، والمقصود هو اسم الإمام أمير المؤمنين (علي) عليه الصلاة والسلام واختلط علي الناسخ أنه [علي] فالحديث رد علي من لم يعتقد أن عليا عليه الصلاة والسلام من الآل فيفصله عن الآل ولم يعتقد أنه منهم وأفضلهم بأن قدم عليه في الخلافة غيره فالمعني لا تفصلوا بيني وبين آلي بعلي مدعين أنه أجنبي تارة وأخري ليس بيني وبينه قرابة بل هو أقرب الناس إلي وأحقهم بي، بل هو خليفتي بلا فصل وكقوله صلي الله عليه وآله وسلم لعائشة [لا تحولي بيني وبين علي] (105) في مطلق الفصل من العلاقة الخاصة بيني وبينه ومعية الولاية.
(٣٦١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، يوم عرفة (1)، الصّلاة (4)، الشهادة (1)

* الحديث حرف معني عندهم واستنساخا عندنا

وكقوله صلي الله عليه وآله وسلم: [يا علي فمن ذا يلج بيني وبينك وأنا وأنت من نور واحد وطينة واحدة، فأنت أحق الناس بي في الدنيا والآخرة وولدك ولدي وشيعتك شيعتي وأولياؤكم أوليائي، وأنتم معي غدا في الجنة] (106).
ومما يؤكد هذا المعني أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم رتب العقاب علي من فعل ذلك بعدم نيل الشفاعة، أو ليس من أمته وإلا كيف يكون الإنسان خارجا عن الإسلام، محروما يوم القيامة من شفاعة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بمجرد أن يفصل بينه وبين آله ب [علي] الحرف الجار في الصلاة، لا يعقل ذلك أبدا.
وعليه يكون الحديث خارجا عن موضوعا وقد يقال أيضا أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أشار - وهو أفصح من نطق بالضاد - بقوله البليغ إلي تحريم الفصل بينه وبين أخيه وصنوه في الخلافة، والشهادة بالولاية، وفي الصلاة عليه حتي في هذا الحرف إن قصد (ادعاء) به ذلك معبرا عن حالة القائل المعتقد بالانفصال، نعم لا يصح ذلك إلا علي المعني الذي ذكرناه، ولذا يتضح لك أن حديث دهلوي المرسل زيد في صدره وكأنما أراد الناقل أن يشرح الحديث بذكر المحاورة بين النبي صلي الله عليه وآله وسلم، وبين الرجل، وحرفت عبارة الحديث ب [علي] الحرف الجار.
ياللغباء في نقله بهذه الصورة. لكن شاء الله أن يثبت للإمام علي صلوات الله وسلامه عليه هذا الفضل علي ألسنتهم وفي كتبهم من حيث لا يشعرون والحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله وعلي آله أيضا، وأما الشيعة فلم يمنعوا من إعادة حرف الجار ولم يلتزموا بذكر [علي] ولا عدمه لجواز الطرفين (خلافا لمن اتهمهم بالتزامهم بعدم ذكر الفصل)، وورودهما في الأحاديث وهذه كتبهم وأدعيتهم المروية عن أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم] مليئة بإعادته وليراجع من أراد التأكد الصحيفة السجادية، والمصباح، وفلاح السائل، وجمال الأسبوع، وجنة الأمان، والبلد الأمين وغيرها من كتب الأدعية يري من الصلاة ما لا
(٣٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (1)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، الشهادة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (4)، الشفاعة (1)

* الشيعة لا يمنعون من الفصل ب [علي]

وكقوله صلي الله عليه وآله وسلم: [يا علي فمن ذا يلج بيني وبينك وأنا وأنت من نور واحد وطينة واحدة، فأنت أحق الناس بي في الدنيا والآخرة وولدك ولدي وشيعتك شيعتي وأولياؤكم أوليائي، وأنتم معي غدا في الجنة] (106).
ومما يؤكد هذا المعني أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم رتب العقاب علي من فعل ذلك بعدم نيل الشفاعة، أو ليس من أمته وإلا كيف يكون الإنسان خارجا عن الإسلام، محروما يوم القيامة من شفاعة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بمجرد أن يفصل بينه وبين آله ب [علي] الحرف الجار في الصلاة، لا يعقل ذلك أبدا.
وعليه يكون الحديث خارجا عن موضوعا وقد يقال أيضا أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أشار - وهو أفصح من نطق بالضاد - بقوله البليغ إلي تحريم الفصل بينه وبين أخيه وصنوه في الخلافة، والشهادة بالولاية، وفي الصلاة عليه حتي في هذا الحرف إن قصد (ادعاء) به ذلك معبرا عن حالة القائل المعتقد بالانفصال، نعم لا يصح ذلك إلا علي المعني الذي ذكرناه، ولذا يتضح لك أن حديث دهلوي المرسل زيد في صدره وكأنما أراد الناقل أن يشرح الحديث بذكر المحاورة بين النبي صلي الله عليه وآله وسلم، وبين الرجل، وحرفت عبارة الحديث ب [علي] الحرف الجار.
ياللغباء في نقله بهذه الصورة. لكن شاء الله أن يثبت للإمام علي صلوات الله وسلامه عليه هذا الفضل علي ألسنتهم وفي كتبهم من حيث لا يشعرون والحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله وعلي آله أيضا، وأما الشيعة فلم يمنعوا من إعادة حرف الجار ولم يلتزموا بذكر [علي] ولا عدمه لجواز الطرفين (خلافا لمن اتهمهم بالتزامهم بعدم ذكر الفصل)، وورودهما في الأحاديث وهذه كتبهم وأدعيتهم المروية عن أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم] مليئة بإعادته وليراجع من أراد التأكد الصحيفة السجادية، والمصباح، وفلاح السائل، وجمال الأسبوع، وجنة الأمان، والبلد الأمين وغيرها من كتب الأدعية يري من الصلاة ما لا
(٣٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (1)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، الشهادة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (4)، الشفاعة (1)

* الأحوط استحبابا عدم الفصل ب [علي] في صلاة التشهد

يعد ولا يحصي الفصل بكلمة [علي] الحرف الجار، وبعدم الفصل كذلك مما يتبين كذب هذا المفتري وأن اتهامه نابع عن جهله وعصبيته لا عن علمه وتتبعه، وعلي عقل من يكتب تفسيرا لكتاب الله العظيم بعبارات التعصب والعمي العفا، وهذه هي المصيبة التي أصبناها في تفاسير المسلمين فتعالوا علي الإسلام نبكي ونلطم..
وكشاهد علي ذلك ما في أجوبة المسائل المهنائية للعلامة الحلي، فقد وجه إليه سؤال ونص عبارته: ما يقول سيدنا في جماعة من أصحابنا رآهم المملوك وفيهم من ينسب إلي العلم إذا ذكر الإنسان بحضرتهم سيدنا رسول الله: (صلي الله عليه وآله) ينكرون ذلك غاية الإنكار ويقولون: لا يفصل بين النبي وآله ب [علي]، مع أن النحاة ذكروا أن العطف علي الضمير المخفوض بغير إعادة الخافض ضعيف، فهل ورد في هذا أمر مخصوص يخالف ما نص عليه النحاة أم لأصحابنا وجه؟ الجواب: لا وجه لهذا القول بل القول ما قاله النحاة، ولو اتبعنا النقل ما جاز إلا بإعادة حرف الخافض، علي أنه قد ورد في كثير من الأدعية عنهم عليهم السلام. انتهي (107).
نعم: الأحوط شرعا استحبابا عدم ذكر الحرف الجار [علي] في الصلاة علي محمد وآل محمد في التشهد وقوفا علي النص فيه، ولعدم موافقتهم قال السيد مهدي بحر العلوم رحمه الله تعالي في منظومته الفقهية:
وفي الصلاة أضف الآل إلي * محمد من غير فصل بعلي ولا تبدل ظاهرا بمضمر * ولا بغير العلم المشتهر أي لا تفصل في التشهد بين اسم النبي (محمد) وبين آله محمد بالحرف الجار [علي] كما عليك أن لا تضع بدل أسم النبي الصريح (محمد) اسما آخر من أسمائه الشريفة تعبدا بالنص الوارد وأيضا لا تبدل الاسم الصريح المضاف للآل بضمير بأن تقول: [وآله] بدل [آل محمد] لما تقدم.
(٣٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، العلامة الحلي (1)، الجهل (1)، الإحتياط (1)، الصّلاة (2)، الشهادة (2)

* الصحاح تروي بعدم الفصل ب [علي] في الصلاة

يعد ولا يحصي الفصل بكلمة [علي] الحرف الجار، وبعدم الفصل كذلك مما يتبين كذب هذا المفتري وأن اتهامه نابع عن جهله وعصبيته لا عن علمه وتتبعه، وعلي عقل من يكتب تفسيرا لكتاب الله العظيم بعبارات التعصب والعمي العفا، وهذه هي المصيبة التي أصبناها في تفاسير المسلمين فتعالوا علي الإسلام نبكي ونلطم..
وكشاهد علي ذلك ما في أجوبة المسائل المهنائية للعلامة الحلي، فقد وجه إليه سؤال ونص عبارته: ما يقول سيدنا في جماعة من أصحابنا رآهم المملوك وفيهم من ينسب إلي العلم إذا ذكر الإنسان بحضرتهم سيدنا رسول الله: (صلي الله عليه وآله) ينكرون ذلك غاية الإنكار ويقولون: لا يفصل بين النبي وآله ب [علي]، مع أن النحاة ذكروا أن العطف علي الضمير المخفوض بغير إعادة الخافض ضعيف، فهل ورد في هذا أمر مخصوص يخالف ما نص عليه النحاة أم لأصحابنا وجه؟ الجواب: لا وجه لهذا القول بل القول ما قاله النحاة، ولو اتبعنا النقل ما جاز إلا بإعادة حرف الخافض، علي أنه قد ورد في كثير من الأدعية عنهم عليهم السلام. انتهي (107).
نعم: الأحوط شرعا استحبابا عدم ذكر الحرف الجار [علي] في الصلاة علي محمد وآل محمد في التشهد وقوفا علي النص فيه، ولعدم موافقتهم قال السيد مهدي بحر العلوم رحمه الله تعالي في منظومته الفقهية:
وفي الصلاة أضف الآل إلي * محمد من غير فصل بعلي ولا تبدل ظاهرا بمضمر * ولا بغير العلم المشتهر أي لا تفصل في التشهد بين اسم النبي (محمد) وبين آله محمد بالحرف الجار [علي] كما عليك أن لا تضع بدل أسم النبي الصريح (محمد) اسما آخر من أسمائه الشريفة تعبدا بالنص الوارد وأيضا لا تبدل الاسم الصريح المضاف للآل بضمير بأن تقول: [وآله] بدل [آل محمد] لما تقدم.
(٣٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، العلامة الحلي (1)، الجهل (1)، الإحتياط (1)، الصّلاة (2)، الشهادة (2)
ثم ومتي كانت مخالفة الروافض دليلا شرعيا علي مخالفة قواعد النحو والبلاغة، إلا أن التزامهم بإعادة الحرف الجار نابع من تحريفهم والدس في الأخبار إذ زادوا كلمة [علي] في بعض الروايات التي لم تذكر فيها، وهذه إحدي الدلائل علي العصبية الحمقاء، وتسيير الشرع واللغة حسب المذهب وكما أنه يخالف بعض ما ورد من طرقهم عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم والذي سلم من الزيادة والتحريف.
فقد جاء بعدم الفصل فقد روي النسائي في سننه، رقم [1272] في حديث كعب:
[قولوا اللهم صل علي محمد وآل محمد … اللهم بارك علي محمد وآل محمد … ].
وكذا تحت رقم: [1272]، روي حديث كعب بغير الحرف الجار [علي].
وتجد أيضا برواية أبي داود في صحيحه وغيره.
وروي الجهضمي القاضي المالكي في فضل الصلاة، ص: 64، بإسناده عن إبراهيم قال: قالوا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال: [قولوا اللهم صل علي محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد]. كما في كشف الغمة للشعراني، ج: 1، ص: 194 روي عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم: [لا تصلوا علي الصلاة البتراء تقولون: اللهم صلي علي محمد وتمسكون. بل قولوا: اللهم صل علي محمد وآل محمد..].
ومنها ما في المعجم الكبير، ج: 19 رقم: [146471] عن كعب بن عجرة قال قلنا يا رسول الله كيف الصلاة عليك قال: [قولوا: اللهم صل علي محمد وآل محمد..].
ولاحظ كتب الحديث تجد الكثير من هذا النوع الذي لم يذكر فيها الحرف الجار علي المعطوف سواء كان: الأهل أو الآل.
(٣٦٤)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب كشف الغمة للإربلي (1)، الصّلاة (8)

تذنيب: * اختلاف المعني في حذف الجار بذوق عرفاني

تذنيب:
[اختلاف المعني في حذف الجار بلحاظ عرفاني] الجدير بالانتباه إن الصلاة عديت ب [علي] لا ب مع أن المشهور في اللغة أن [علي] للضرر و [اللام] للنفع وذلك لأنها تفيد أن الصلاة تغمر المصلي عليه، وإنما هي للضرر إذا تقابلا مثل: هذا لك لا عليك، أو بالعكس كما في (نهج البلاغة) خطبة: 19، في كلام لعلي [صلوات الله وسلامه عليه] قاله للأشعث بن قيس، وهو علي منبر الكوفة يخطب فمضي في بعض كلامه شئ اعترضه الأشعث فيه فقال يا أمير المؤمنين: هذا عليك لا لك. فخفض إليه بصره ثم قال: وما يدريك ما علي مما لي الخ.
ومن الواضح أنه إذا ذكر الحرف الجار فأغلب ما يكون هو للتأكيد وإعرابه واضح، أما إذا لم يذكر فللمعطوف إعرابان في اللغة الخفض والنصب، وإن كان المشهور علي ألسنة أهل الذوق الجار وقد ذكر بعض العلماء في اختلاف المعني في ذلك (بلحاظ ذوق عرفاني) قال: أن الموجود في كتب الأدعية المروية عنهم عليهم الصلاة والسلام المصححة المعربة كلها بجر (آله) في (الصلاة علي محمد وآل محمد) لا يكاد يوجد في جميع أحاديثهم، وأدعيتهم موضع بالنصب بحسب ما ورد عنهم إلا ما كان في بعضها يوضع الفتح بالأحمر وهو من إعراب الرواة، أو النقلة إلتفاتا إلي أصل العربية علي ما قرروه في النحو، وإلا فالوارد عنهم عليهم السلام كله بالجار.
نعم ربما كتب بعض النساخ: الفتح نظرا إلي اللغة، وأنه أرجح من الجار فيكتب نسخة بالفتح، وهذا وإن كان مرجوحا بالنسبة إلي المشهور عند النحويين إلا أنه لغة صحيحة، وكانت اللغة تتبدل، وتتغير باختلاف القرون فربما يشتهر بعض الألفاظ، أو الإعراب في هذا القرن، وتنعكس الشهرة في القرن الذي يكون بعده، ويسمون المشتهر الأول شاذا نادرا، وليس إلا لقلة استعماله في زمانهم.
(٣٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، مدينة الكوفة (1)، كتاب نهج البلاغة (1)، الصّلاة (4)

* قراءة الفتح تقتضي الإفاضة بالسوء

ولهذا كان القرآن الذي نزل علي أعلي درجات الفصاحة، والبلاغة مشتملا علي اللغات الشاذة - أي الفصيحة ولكن ورودها قليلا - وليست شاذة لغة، وإنما كان استعمالها في زمن نزول القرآن قليلا فكانت بقلة استعمالها كما في قوله تعالي: {كبارا} [نوح: 22]، وقوله تعالي: {وإن هذان لساحران} [طه 63]، والأصل أن القرآن محيط باللغات، في جميع القرون فإذا أتي قرن لا يعرف لغة ما قبله، أو كانت قليلة الاستعمال كانت عنده شاذة أو نادرة.
وما نحن فيه الذي يقتضيه اللغة الصحيحة الأصلية هو الجار في لفظة (وآله) خاصة، وأن الفتح مرجوح، أو لا ينبغي وإن كان في: {تسائلون به والأرحام} جائز الفتح أو راجحه.
وعليه قال بعض العرفاء في الفرق بينهما: أنه من جهة المعني إنك إذا قرأت في [اللهم صل علي محمد وآله] بالجار كانت الصلاة عليهم معطوفة علي الصلاة عليه، فهي تابعة ولاحقة ومتأخرة عن الصلاة عليه رتبة ولفظا.
وهذا هو المناسب للترتيب الطبيعي والوجودي، فإن الله تعالي خلقه صلي الله عليه وآله وسلم قبلهم وخلقهم من نوره (كما في متواتر الأحاديث عن العامة والخاصة كذلك) وصلي عليه قبلهم، وصلي عليهم بعده فعلي الجار يتسق الترتيب الوجودي والطبيعي مع اللفظي.
وإذا قرأت: ب (الفتح) كان إما علي المعية، أو عطفا علي المحل.
وفي الأول: يلزم ظاهرا أن صلاة الله عليه وعليهم في الإفاضة سواء، ويلزم من هذا إما التساوي في الوجود إن لاحظنا الترتيب الطبيعي، وإما مخالفة الترتيب الطبيعي إن قدرنا سبقه علي وجودهم.
(٣٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: القرآن الكريم (3)، الصّلاة (6)، الترتيب (3)
وفي الثاني: يكون المراد أن الضمير المجرور منصوب المحل، بمعني أنه منصوب فيكون العامل قد توجه إليه في المعني بدون واسطة الجار، فيكون الصلاة واقفة عليهم بغير فاصل.
فإذا قرأت بالنصب كان المعطوف مشاركا له في عدم الفاصل، ويلزم التساوي في الوجود، أو في الصلاة. فعلي التساوي في الوجود يلزم خلاف الواقع وعلي التساوي في الصلاة يلزم خلو السابق عن صلة المتفضل عز وجل إلي أن وجد اللاحق، ويلزم من هذا أفضلية اللاحق وهو مناف للحكمة.
وإن قلت: أنه معطوف علي المحل ولا يلزم التساوي في الوجود ولا في الصلاة لتأخره لفظا؟
قلت: إنما يتوجه هذا إذا كان المعطوف مجرورا ليكون عطفا علي لفظ الضمير الذي دخل عليه الجار، وأما إذا قدرت العطف علي المحل فلا يتجه ذلك لأن الألفاظ قوالب المعاني، والإرادة لا تفرغ المعاني عن قوالبها.
فالذي ينبغي أن يقرأ بالجار لينتظم اللفظ علي ترتيب الوجود والطبيعة. وعلي هذا كان صلي الله عليه وآله وسلم أول مخلوق، فكان نوره يطوف حول القدرة، وصلاة الله عليه واصبة دائمة، ثم نزل إلي العظمة فخلق الله من نوره نور علي بن أبي طالب عليهما الصلاة والسلام كإيجاد السراج من السراج، فكان نور علي [صلوات الله وسلامه عليه] يطوف بالقدرة، ونور محمد يطوف بالعظمة صلي الله عليهما وآلهما الطاهرين.
أقول: الظاهر أن تلقي فيض الصلاة عليهم بالتساوي في النور الأول والحقيقة المحمدية وذلك بلحاظ وحدتهم وبساطتهم. ولعل من أسرار آية الصلوات أن اكتفت بالصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بالضمير المفرد {صلوا عليه}، مما يدل أنهم نور واحد وحقيقة واحدة وهم بمنزلة نفس واحدة، كما في متواتر الأخبار وفي بعضها: [أولنا محمد، وأوسطنا محمد، وآخرنا محمد، بل كلنا محمد].
(٣٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، علي بن أبي طالب (1)، الصّلاة (6)، الطواف، الطوف، الطائفة (2)، الطهارة (1)
أما بلحاظ الإفاضة والبسط فيقتضي الترتيب في ذلك لا سيما فيض العصمة المستمر كما تشعر به آية التطهير، وقد ورد في معني ذلك الكثير منها أن إفاضة العلم علي أحدهم حيا يجب أن يكون علي المتقدم الميت " ولا يسمي ميتهم ميتا " منهم أيضا، وذلك لكي لا يلزم أعلمية المتأخر، ويمكن أن يكون جواز الإعرابين في العبارة مما يشير إليه، إن اضطررنا أن نربط قوالب الألفاظ، بقلوب الألباب.
(٣٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: آية التطهير (1)، الموت (1)، الجواز (1)، الترتيب (1)

المطلب الثامن: * أفضل كيفيات الصلاة علي محمد وآل محمد

اشارة

المطلب الثامن في:
[أفضل كيفيات الصلاة علي محمد وآل محمد] قد تبين من أبحاثنا السابقة أن الصلاة مقولة بالتشكيك ضعفا وقوة لا سيما بالنسبة للمصلي من حيث الأجر والثواب والتفاوت فيهما، ومن جهة الآثار المعنوية والوضعية والبرزخية والأخروية.. بحسب تفاوت الإيمان والمعرفة والإخلاص..
وهنا نزيد عليه أن العبارة اللفظية (للصلاة) باختلافها في الصيغ واعتباراتها البلاغية ومحسناتها البديعية، وتعليقاته المعللة، والتي تستند إلي اختلاف المعرفة والصفات الباطنية تقتضي الاختلاف في استحقاق الآثار والفوائد أو التفضل من حيث قابلية المحل.
كما في الأدعية الواردة عن الإمام زين العابدين عليه السلام في الصحيفة وغيرها في الصلاة عليهم فإن القالب اللفظي له دور كبير فيما ذكر لأن الكلام علي حسب سبكه يعبر عن مراتب في المعرفة بمقام النبوة والولاية، كما وقد يقتضي الحال والمقام إلي بسط الكلام والإطناب مما يحلو التطويل فيه، وهنا أخبار كثيرة وردت فيها عدة كيفيات قصيرة ومطولة وينبغي أن يعلم أن الأفضلية للكيفية تكون للصلاة الكاملة باعتبار المحسنات اللفظية أو البلاغية أو الصفات التي تشعر بالعلل والأسباب أو المدح والثناء لله سبحانه ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم.
وهذا يبتني علي المعرفة في صفاته عز وجل ومقام أهل بيت النبوة ومن الواضح أن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام هم أعرف بذلك من غيرهم لذا فإن الأدعية والصلوات المطولة الواردة عنهم هي أبلغ فصاحة وأعلي بلاغة وفيها إشارات عرفانية، ولمحات سياقية لا يدركها إلا من لطف حسه. من هنا كانوا يحثون الناس عليها ولم يرغبوا باختراعات الأدعية والصلوات كما هو ديدن الصوفية وغيرهم.
(٣٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (5)، الثناء (1)
وفي (الفقيه) عن عبد الرحيم القصير قال دخلت علي أبي عبد الله عليه السلام فقلت:
جعلت فداك إني اخترعت دعاء؟ قال: دعني من اختراعك إذا نزل بك أمر فافزع إلي رسول صلي الله عليه وآله وسلم وصل ركعتين تهديهما إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم.
قلت: كيف أصنع قال: تغتسل وتصلي ركعتين، تستفتح بهما افتتاح الفريضة وتشهد تشهد الفريضة، فإذا فرغت من التشهد وسلمت، قلت: [اللهم أنت السلام، ومنك السلام، وإليك يرجع السلام. اللهم صل علي محمد وآل محمد، وبلغ روح محمد مني السلام، وأرواح الأئمة الصادقين سلامي واردد علي منهم السلام، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته. الحديث. ثم قال أبو عبد الله عليه السلام فأنا الضامن علي الله عز وجل أن لا يبرح حتي تقضي حاجته] [1].
وذكر العامة عدة صيغ في ذلك منهم أبو إسحاق قال: [أفضلها اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كلما ذكره الذاكرون وسها عنه الغافلون] [2].
وفي كشف الغمة للشعراني، ج ك 1، ص: 220، أنه جاء رجل مرة فدخل علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وهو جالس في المسجد فقال: [السلام علكم يا أهل العز الشامخ والكرم الباذخ]، فأجلسه النبي صلي الله عليه وآله وسلم بينه وبين أبي بكر فعجب الحاضرون من تقديم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم له.
فقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: إن جبريل أخبرني أنه يصلي علي صلاة لم يصلها أحد قبله. فقال أبو بكر: كيف يصلي يا رسول الله؟ قال: يقول: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد في الأولين والآخرين، وفي الملأ الأعلي إلي يوم الدين].
[1] - من لا يحضره الفقيه، ج: 1، ص: 559، والكافي، ج: 3، ص: 476.
[2] - سفر السعادة، ص، 46.
(٣٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، كتاب كشف الغمة للإربلي (1)، يوم القيامة (1)، عبد الرحيم القصير (1)، أبو عبد الله (1)، العزّة (1)، الصّلاة (3)، الركوع، الركعة (2)، الفدية، الفداء (1)، الشهادة (2)، السجود (1)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (1)

* دعاء المنصوص أفضل من المخترع

وعن الخاصة: روي عن بكر بن محمد قال: سمعت أبا عبد الله عليه الصلاة والسلام يقول وقد قال بعض أصحابه: [اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت آل إبراهيم] فقال: أبو عبد الله عليه الصلاة والسلام: لا. ولكن قل: [كأفضل ما صليت وباركت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد]. قال المحدث الحر العاملي معلقا علي الرواية: المراد من هذه الأحاديث بيان أفضل الكيفيات وهو ظاهر (108).
أقول: وهذه كيفية واحدة من ذلك النوع ولا تنحصر الأفضلية في هذه الصيغة لأن الأفضلية قد تكون نسبية في الألفاظ علي حسب حال المصلي ومقامه ومعرفته كما لا يخفي، وأيضا ليست أفضل الكيفيات بلحاظ كلمة (أفضل) بل بملاحظة السبك والبلاغة والعبارات الفصيحة لذا أن الصلوات الواردة عن أهل المعرفة هي أفضل الكيفيات لما فيها من الخطاب المناسب ووضع الصفات اللاعقة في مقام الطلب للمصلي عليهم، والمعاني الدقيقة في استدرار الفضل والفيض من خلال واسطته بما يقتضيه حال المصلي ومقام الطلب.
فقد روي ابن طاووس بإسناده عن زياد بن مروان عن حريز قال قالت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك كيف الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم؟ فقال: قل:
[اللهم صل علي محمد وأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا].
قال: فقلت في نفسي: [اللهم صل علي محمد وأهل بيته]. فقال لي: ليس هكذا قلت لك قل: [اللهم صل علي محمد وأهل بيته]. فقال لي إنك لحافظ يا حريز فقل كما أقول لك: [اللهم صل علي محمد وأهل بيته الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا].
قال: فقلت: كما قال. فقال لي: قل: [اللهم صل علي محمد وأهل بيته الذين ألهمتهم علمك، واستحفظتهم كتابك، واسترعيتهم عبادك. اللهم صل علي محمد أهل بيته الذين أمرت بطاعتهم، وأوجبت حبهم، ومودتهم. اللهم صل علي محمد وأهل بيته الذين جعلتهم ولاة أمرك بعد نبيك صلي الله عليه وعلي أهل بيته] (109).
(٣٧١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الشيخ الحر العاملي (1)، زياد بن مروان (1)، أبو عبد الله (1)، بكر بن محمد (1)، الصّلاة (11)، الفدية، الفداء (1)، الطهارة (1)

* أفضلية الصلوات نسبية

أقول: لا يخفي أن ذلك منه إشارة إلي تعيين مصاديق أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وهم الأربعة عشر لذا استشهد بآية التطهير التي تشملهم جميعا نزولا وتأويلا (وبالبيان الذي قدمناه في المطلب الثالث السابق من هذا البحث) وبخصائص الإمامة كإلهام العلم، واستحفاظ الكتاب، والولاية العامة، ووجوب طاعتهم، وفرض مودتهم كما في آية الطاعة والمودة في قوله تعالي: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59] وقوله عز وجل: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور} وفي فقه الإمام الرضا عليه السلام، [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، وبارك علي محمد وعلي آل محمد، وارحم محمدا وآل محمد أفضل ما صليت وباركت ورحمت وترحمت وسلمت علي إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد] (110).
وفي السرائر عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: [من قال بعد العصر يوم الجمعة: اللهم صل علي محمد وآل محمد، الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليهم وعلي أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته] كان له مثل ثواب عبادة الثقلين في ذلك اليوم 111).
أقول: من المؤكد أن هذا الثواب الجزيل يتعلق بالصلاة الكاملة من ناحية التفضل أو في مقام المعرفة فقد ذكرنا مرارا أن الألفاظ ما هي إلا قوالب لتلك المعرفة للمصلي عليهم.
ثم ليعلم أنه ليس الإشكال الواقع بين المشبه والمشبه به الذي سيأتي في المطلب الحادي عشر في هذه الكيفية وإنما هو فيما إذا كانت (كاف) التشبيه داخلة علي (ما) المصدرية أو الموصولة نحو: [اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم] حيث روي العامة كل تلك الأحاديث بنحو هذه العبارة، أما إذا كانت الكاف داخلة علي (أفضل) فلا يلزم منه ذلك بل هو صريح بالأفضلية كما ورد ذلك عن أئمتنا عليهم الصلاة والسلام.
(٣٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، آية التطهير (1)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (1)، أبو بصير (1)، المودة في القربي (1)، الصّلاة (4)، الشهادة (1)، الوصية (1)

* بعض الأخبار في الأفضلية

أقول: لا يخفي أن ذلك منه إشارة إلي تعيين مصاديق أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وهم الأربعة عشر لذا استشهد بآية التطهير التي تشملهم جميعا نزولا وتأويلا (وبالبيان الذي قدمناه في المطلب الثالث السابق من هذا البحث) وبخصائص الإمامة كإلهام العلم، واستحفاظ الكتاب، والولاية العامة، ووجوب طاعتهم، وفرض مودتهم كما في آية الطاعة والمودة في قوله تعالي: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59] وقوله عز وجل: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور} وفي فقه الإمام الرضا عليه السلام، [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، وبارك علي محمد وعلي آل محمد، وارحم محمدا وآل محمد أفضل ما صليت وباركت ورحمت وترحمت وسلمت علي إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد] (110).
وفي السرائر عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: [من قال بعد العصر يوم الجمعة: اللهم صل علي محمد وآل محمد، الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليهم وعلي أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته] كان له مثل ثواب عبادة الثقلين في ذلك اليوم 111).
أقول: من المؤكد أن هذا الثواب الجزيل يتعلق بالصلاة الكاملة من ناحية التفضل أو في مقام المعرفة فقد ذكرنا مرارا أن الألفاظ ما هي إلا قوالب لتلك المعرفة للمصلي عليهم.
ثم ليعلم أنه ليس الإشكال الواقع بين المشبه والمشبه به الذي سيأتي في المطلب الحادي عشر في هذه الكيفية وإنما هو فيما إذا كانت (كاف) التشبيه داخلة علي (ما) المصدرية أو الموصولة نحو: [اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم] حيث روي العامة كل تلك الأحاديث بنحو هذه العبارة، أما إذا كانت الكاف داخلة علي (أفضل) فلا يلزم منه ذلك بل هو صريح بالأفضلية كما ورد ذلك عن أئمتنا عليهم الصلاة والسلام.
(٣٧٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، آية التطهير (1)، كتاب السرائر لابن إدريس الحلي (1)، أبو بصير (1)، المودة في القربي (1)، الصّلاة (4)، الشهادة (1)، الوصية (1)

* الأولي تقدير لفظ: [أفضل] لضرورة أفضلية الصلاة

وقد مرت الأخبار في ذلك، وفي الصحيفة السجادية في دعاء (20): [اللهم صل علي محمد وآله كأفضل ما صليت علي أحد من خلقك].
وفي المقنع للشيخ الصدوق (ره) في صلاة الميت تقول بعد تكبيرة الثانية: [اللهم صل علي محمد وآل محمد وارحم محمدا وآل محمد وبارك علي محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد] (112).
وعن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام في دعاء صلاة العيدين: [اللهم أهل الكبرياء والعظمة والجود والجبروت … أن تصلي علي محمد وآل محمد كأفضل ما صليت علي عبد من عبادك … ] (113).
ونشير هنا: أن الأولي الإتيان بلفظة (كأفضل) أو التقدير في الصلاة الإبراهيمية كما ورد ذلك في كثير من الأدعية المروية عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام. وقد مر ذلك في حديث الإمام الصادق عليهم السلام حيث قال: ولكن قل: [كأفضل ما صليت وباركت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد].
ونضيف أن الأولي من ذلك التقدير أو الإتيان بلفظ [أفضل]، فقد ورد في كثير من الأخبار بغير كاف التشبيه مما يؤكد أفضلية الصلاة المشبه بها، وليست نفس الصلاة علي إبراهيم وآله كقول الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام في كيفية الصلاة علي محمد وآل محمد عقيب الفريضة: [ … اللهم صل علي محمد وآل محمد أفضل ما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد] (114).
ولكي تتضح معني الأفضلية في ذلك من حيث الإعراب نقول: أن (أفضل) في هذا ونحوه نائب عن المصدر في الانتصاب علي المفعول المطلق، وما مصدرية، ويجوز أن تكون موصولة وأصل الكلام: [اللهم صل علي محمد وآل محمد صلاة مثل أو مماثلة أفضل صلاتك (باعتبار ما المصدرية) أو صلاة مثل أو مماثلة أفضل الصلاة التي (باعتبار أنها موصولة) صليتها علي إبراهيم وآل إبراهيم] فحذف الموصوف وهو
(٣٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي الميّت (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، صلاة العيد (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، الشيخ الصدوق (1)، الجود (1)، الصّلاة (9)

* إعراب [أفضل] في الصلاة الإبراهيمية

(صلاة) ثم المضاف، وهو (مثل) وصح وقوعه نعتا للنكرة وإن أضيف لمعرفة لأنه لم يكتسب التعريف لتوغله في الإبهام علي حد تعبير النحاة.
أو يكون (أفضل) حال من مصدر محذوف مفهوم من الفعل وهو (صلاة) أي [اللهم صل علي محمد وآل محمد صلاة حال كونها أفضل صلاتك أو صلاة حال كونها أفضل الصلاة التي صليتها علي إبراهيم وآل إبراهيم]، وهذا واضح. وقلنا: علي الحال بناء علي قول سيبويه في هكذا عبارة ذكره عنه ابن هشام في قطر الندي [1].
وأما المعني في: (كأفضل ما صليت) مع كاف التشبيه، فيما ذكرناه سابقا ونحوه فهو جار ومجرور في محل نصب علي أنه صفة لموصوف محذوف وهذا المحذوف مفعول مطلق منصوب ب (صل).
والتقدير: [اللهم صل علي محمد وآل محمد صلاة مستقرة أو كائنة كأفضل الصلاة التي صليتها علي إبراهيم وآل إبراهيم]، فإن (ما) الداخلة علي (صليت) موصولة بمعني (التي) والعائد محذوف وحذفه كثير في باب الصلة كما ذكره النحاة فحذف المصدر (صلاة)، ونابت عنه صفته وهو (مستقرة أو كائنة) المقدر فهو أي (كأفضل) ظرف مستقر لا لغو فليس هو كقولك: رأيت زيدا علي السطح، فإنه لغو متعلق ب (رأيت) بل هو كقولك مخبرا: زيد علي السطح، متعلق بمحذوف وجوبا أي مستقر أو كائن علي السطح، وهذا هو المشهور عند النحاة في إعراب هكذا عبارة.
ويقال أيضا علي الحال أن (كأفضل) متعلق بذلك المحذوف وهو حال من المصدر والتقدير: [اللهم صل علي محمد وآل محمد صلاة حال كونها مستقرة أو كائنة كأفضل الصلاة التي صليتها علي إبراهيم وآل إبراهيم].
[1] - قال ابن هشام في قطر الندي: ليس مما ينوب عن المصدر صفته نحو (فكلا منها رغدا) خلافا للمعربين زعموا أن الأصل (اكلا رغدا) وأنه حذف الموصوف، ونابت صفته منابه وانتصب انتصابه. ومذهب سيبويه أن ذلك إنما هو حال من مصدر الفعل المفهوم منه والتقدير: (فكلا منها حال كون الأكل رغدا)، ويدل علي ذلك أنهم يقولون (سير عليه طويلا) فيقيمون الجار والمجرور مقام الفاعل ولا يقولون: (طويل) بالرفع فدل علي أنه حال لا مصدر وإلا لجاز إقامته مقام الفاعل لأن المصدر يقوم مقام الفاعل. انتهي.
(٣٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (11)، الأكل (1)
ويحتمل أن تكون (ما) في (كما صليت) مصدرية أي هي وما بعدها مؤولة بمصدر كما قالوا في قوله تعالي: {ودوا ما عنتم} [آل عمران: 118]، فلا تحتاج إلي العائد والتقدير حينئذ: [اللهم صل علي محمد وآل محمد صلاة مستقرة أو كائنة كأفضل صلاتك علي إبراهيم وآل إبراهيم] علي النعت والصفة أو [اللهم صل علي محمد وآل محمد صلاة حال كونها كأفضل صلاتك علي إبراهيم وآل إبراهيم] علي الحال.
وبناء علي ما ذكرناه يكون التشبيه واضح وعلي الأصل في قواعد التشبيه لأن المعني:
[اللهم صل علي محمد وآل محمد صلاة مماثلة أفضل صلاتك أو أفضل الصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم]، فالمشبه به هو الأفضل من الصلوات لا نفس الصلاة علي إبراهيم وآله وفيه إشارة علي استحقاقهم تلك الصلاة دون غيرهم.
وطالما ورد في كثير من الأخبار (أفضل) بين كاف التشبيه و (ما) فالأولي تقدير لفظ: (أفضل) في الأخبار الخالية منها معني لضرورة أفضلية الصلاة لهم علي الصلاة لغيرهم، هذا ما في كتب الخاصة وهو واضح، أما في كتب العامة فلم نجد كلمة (أفضل) ولا (كأفضل) وعليه يرد الإشكال المعروف عليه، وتفصيل المسألة في المطلب الحادي عشر الآتي وقد ذكرنا ما يوضح لنا أفضلية الصلوات عليهم في البحث الأول فراجع.
وهناك كيفيات مطولة مروية عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام تجدها في كتب الأدعية لا سيما في كتاب جمال الأسبوع لابن طاووس رضوان الله عليه والمصباح للكفعمي والإقبال وغيرها.
(٣٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (12)

* كيفية الصلاة عند ذكر الأنبياء عليهم الصلاء والسلام

المطلب التاسع:
[الصلاة علي الأنبياء والرسل] يستحب السلام علي الأنبياء والمرسلين ابتداء ويحبذ عند ذكرهم لما يدل عليه مفهوم القرآن الكريم. فقد ذكرنا في البحث الثالث الآيات من سورة الصافات وما يتعلق بالسلام علي الأنبياء، فقد سلم الله تعالي عليهم أجمعين بقوله: {وسلام علي المرسلين} وقال تعالي في شأن إبراهيم عليه وعلي نبينا وآله الصلاة والسلام: {وتركنا عليه في الآخرين * سلام علي إبراهيم} وجملة: {سلام علي إبراهيم} في موضع نصب مفعول {تركنا} فالذي تركه تعالي علي الأنبياء والرسل في الآخرين هو السلام عليهم المذكور، ومن لوازمه الثناء الجميل والذكر الحسن إلي ما دامت السماوات والأرض. كما وقد وردت الروايات عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام في ذلك.
وأما الصلاة عليهم فإضافة علي ما مر (من جواز ذلك في أنواع الصلوات بل استحبابها أيضا) فقد ورد في الأحاديث المختارة، ج: 10، ص: 122، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن نبي الله صلي الله عليه (وآله) وسلم قال إن بني إسرائيل قالوا يا موسي هل يصلي ربك؟ قال: اتقوا الله فناداه ربه يا موسي سألوا هل يصلي ربك فقل نعم أنا أصلي وملائكتي علي أنبيائي ورسلي فأنزل الله علي نبيه: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي} إلي آخر الآية.
وهناك نصوص علي ذلك منها ما في فضل الصلاة للقاضي إسماعيل المتوفي سنة 282 ه برقم: 45، عن أبي هريرة، أن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم قال: [صلوا علي أنبياء الله، ورسله، فإن الله بعثهم كما بعثني صلوات الله وسلامه عليهم].
ورواه الطبراني أيضا عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم:
[إذا صليتم علي فصلوا علي أنبياء الله فإن الله بعثهم كما بعثني] (115).
(٣٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عبد الله بن عباس (2)، أبو هريرة العجلي (1)، الطبراني (1)، القرآن الكريم (1)، سورة الصافات (1)، الصّلاة (6)، الجواز (1)، الوفاة (1)

* معني تقديم الصلاة عليهم عند ذكر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

أقول: لكن غيره رواه بضم كلمة: [أهل البيت]، منهم الإمام المرشد بالله يحيي الشجري في الأمالي الخميسية، قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [إذا صليتم علي فصلوا علي وعلي أهلي وعلي أنبياء الله ورسله الذين كانوا قبلي، فإنهم قد بعثوا كما بعثت] [1].
أقول: المعني إذا صليتم أما ابتداء أو حين ما بسبب ذكري عندكم فصلوا علي وعلي آلي ثم وعليهم، وعليه تكون الصيغة علي هذا النحو: صلي الله علي نبينا وآله وعليه السلام أو علي نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام، إلا إذا ذكر النبي إبراهيم عليه وعلي بينا وآله الصلاة والسلام فإنه يفهم من بعض الأخبار استحباب تقديمه لفظا أو تقديمه بإسناد الصلاة كما في مجمع البحرين عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم: [جلس ليلا يحدث أصحابه في المسجد فقال: يا قوم إذا ذكرتم الأنبياء والأولين فصلوا علي ثم صلوا عليهم وإذا ذكرتم أبي إبراهيم فصلوا عليه ثم صلوا علي] (116).
فلفظا يقال: بعد ذكر إبراهيم: [عليه وعلي نبينا وآله الصلاة والسلام]، أو [صلي الله عليه وعلي نبينا وآله وسلم]. وذلك باعتبار اللفظ احتراما لأبوته الجسمية أو لغير ذلك، وإلا فإن من ناحية المعني فإنهم مجري الصلاة والفيض قال تعالي: {ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء علي الناس} [الحج: 78].
وقد حكي غير واحد الإجماع علي أن الصلاة علي جميع النبيين مشروعة منهم محيي الدين وغيره، وقد حكي عن الإمام مالك رواية أنه: [لا يصلي علي غير نبينا صلي الله
[1] - الأمالي الخميسية، ص: 125، قال أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأرجي بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو القاسم عمر بن محمد بن إبراهيم بن سيبك البجلي، قالا أخبرنا أبو الحسن عمر بن الحسن بن علي بن مالك الأشناني، قال حدثنا أبو بكر محمد بن زكريا المروذي، قال حدثنا موسي بن إبراهيم المروذي الأعور، قال حدثني موسي بن جعفر بن محمد، عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه علي عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [إذا صليتم … ].
(٣٧٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب أمالي الصدوق (2)، الحج (1)، الصّلاة (7)، الشهادة (1)، السجود (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، موسي بن إبراهيم (1)، موسي بن جعفر بن محمد (1)، محمد بن إبراهيم (1)، علي بن الحسين (1)، الحسن بن علي (1)، علي بن أحمد (1)، عبد العزيز (1)، جعفر بن محمد (1)

* جواز الصلاة علي الملائكة

عليه وآله وسلم، ولكن قال أصحابه: هي مؤولة بمعني إنا لم نتعبد بالصلاة علي غيره من الأنبياء، كما تعبدنا الله بالصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم] (117).
وقال الآلوسي في تفسيره علي الآية: والصلاة منا علي الأنبياء ما عدا نبينا عليه وعليهم الصلاة والسلام جائزة بلا كراهة، فقد جاء بسند صحيح علي ما قاله المجد اللغوي: [إذا صليتم علي المرسلين فصلوا علي معهم فإني رسول من المرسلين]، وفي لفظ: [إذا سلمتم علي فسلموا علي المرسلين].
وللأول طريق أخري إسنادها حسن جيد لكنه مرسل. وأخرج عبد الرزاق.
والقاضي إسماعيل. وابن مردويه. والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله تعالي عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: [صلوا علي أنبياء الله ورسله فإن الله تعالي بعثهم كما بعثني]. وهو وإن جاء من طرق ضعيفة يعمل به في مثل هذا المطلب كما لا يخفي.
ونشير هنا ما يفهم منه استحباب تقديم الصلاة عليهم عند الصلاة علي الأنبياء كما في حديث الإمام علي عليه الصلاة والسلام المتقدم: [إذا صليتم علي فصلوا علي وعلي أهلي وعلي أنبياء الله ورسله..].
وقد روي علمائنا عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام بالإسناد عدة أحاديث في ذلك فعن معاوية بن عمار قال: ذكرت عند أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام بعض الأنبياء فصليت عليه فقال: [إذا ذكر أحد من الأنبياء فابدأ بالصلاة علي محمد وآله ثم عليه، صلي الله علي محمد وآله وعلي جميع الأنبياء] (118).
أقول: لا شك أن الأنبياء " علي نبينا وآله وعليهم الصلاة والسلام " أقرب إلي المبدأ من غيرهم ومناسبتهم إلي واسطة الفيض أشد ممن يصلي عليهم وسنخيتهم أشبه بالنور الأول والحقيقة الجامعة للفيض والرحمة، من هنا ينبغي أن يصلي المؤمن عليهم وعلي أولياء
(٣٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو هريرة العجلي (1)، معاوية بن عمار (1)، الصّلاة (7)

* بعض فقرات الأدعية التي تدل علي ذلك

الله وصالحي المؤمنين استنزالا لما يناسبه من النفع والرحمة بواسطة من شابهه في مقام الفيض والخير، لذا تري الكثير من ذلك في أدعية أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
والتي هي في الحقيقة مدرسة لنا وتعليم إلينا بل تجد في الأخبار والروايات الواردة عن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم عن العامة والخاصة الصلاة والسلام عند ذكر الأنبياء والمرسلين تفصيلا مطولا بعبارات مختلفة.
ففي فلاح السائل ومن المهمات الدعاء عقيب الصلوات الخمس المفروضات بما كانت الزهراء فاطمة سيده نساء العالمين تدعو به فمن ذلك دعاؤها عقيب فريضة الظهر [اللهم صل علي محمد خاتم النبيين وعلي جميع الأنبياء والمرسلين وعلي الملائكة أجمعين وعلي آله الطيبين الطاهرين..] (119).
وفي دعاء آخر: [اللهم صل علي محمد وآل محمد وصل علي ملائكتك المقربين، وأولي العزم من المرسلين، والأنبياء المنتجبين والأئمة الراشدين من أولهم وآخرهم] (120).
ولا يستهان في الصلاة عليهم ففيها من قضاء الحوائج واستنزال النفع والخير وغيرها ما لم تكن في غيرها لخصوصية كل نبي بخصائص تجدها في الأحاديث الشريفة وقال الحافظ أبو موسي المديني: وبلغني بإسناد عن بعض السلف، أنه رأي آدم في المنام كأنه يشكوا قلة صلاة بنيه عليه صلي الله عليه وسلم وعلي جميع الأنبياء والمرسلين، وإن كان أقل ما يقال عند ذكر نبي هو السلام كما في ذكر الله لهم في سورة الصافات، والأحاديث في ذلك كثيرة ولم نجد عند ذكرهم إلا السلام، وإن كان السلام بالمعني العام يشمل الصلاة.
وأما الصلاة علي الملائكة فإنه يفهم جوازه من عدة أحاديث وقد يستدل علي استحباب الملائكة ما روي العامة من حديث أبي هريرة المتقدم وفيه: [صلوا علي أنبياء الله ورسله فإن الله تعالي بعثهم كما بعثني] فقوله: [ورسله]، يصدق علي الملائكة
(٣٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو هريرة العجلي (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، سورة الصافات (1)، الصّلاة (8)، الطهارة (1)، الخمس (1)
فإنهم رسل كما في الذكر قال تعالي: {الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس} [الحج: 75]: وهم مبعوثون بالوحي إلي الأنبياء وبالنفع إلي غيرهم. ولكن هذا بعيد.
وأما عن الخاصة فالأحاديث في ذلك كثيرة والأدعية مشحونة منه وكذا الصلاة علي الأولياء والأبدال وغيرهم ففي بعض الأدعية:
[اللهم وصل علي ملائكتك المقربين وعلي جميع الأنبياء والمرسلين] (121).
وفي الدعاء المروي من أم داود عن الصادق عليه السلام في النصف من رجب حيث قال: [اللهم صل علي محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، وبارك علي محمد وآل محمد، كما صليت ورحمت وباركت علي إبراهيم وآل إبراهيم، انك حميد مجيد اللهم صل علي الأوصياء والسعداء، والشهداء، وأئمة الهدي، اللهم صل علي الأبدال، والأوتاد، والسياح، والعباد، والمخلصين، والزهاد، وأهل الجد، والاجتهاد.. الخ الدعاء] (122).
وفي آخر: [وصل علي نبينا وآله كما صليت علي ملائكتك المقربين وأنبيائك المطهرين وعبادك الصالحين وصل عليهم أجمعين صلاة تبلغنا بركتها وينالنا نفعها وتغمرنا بأسرها ويستجاب دعاؤنا بها إنك أكرم من رغب إليه وأعطي من سئل من فضله، وأنت علي كل شئ قدير] [1].
وفي الأثر: [اللهم صل علي أنبيائك المرسلين، وملائكتك المقربين، وعبادك الصالحين، وصل علينا معهم إنك أرحم الراحمين. اللهم اغفر لي ولوالدي، وما ولدا والمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات [2].
وفي زيارة السبط الشهيد عليه الصلاة والسلام [اللهم أني أصلي عليه كما صليت عليه، وصلت ملائكتك ورسلك صلاة كثيرة متتابعة متواصلة مترادفة يتبع بعضها
[1] - البحار، ج: 98، ص: 174. [2] - البحار، ج: 101، ص: 211.
(٣٨١)
صفحهمفاتيح البحث: زيارة الحسين عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، شهر رجب المرجب (1)، الحج (1)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (7)، الوصية (1)
بعضا في محضرنا هذا وإذا غبنا وعلي كل حال أبدا صلاة لا انقطاع لها ولا نفاد.
اللهم أبلغ روحه وجسده مني في ساعتي هذه تحية كثيرة وسلاما] [1]. وفي زيارة أخري: [صلي الله عليك صلاة لا يحصيها غيره، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. اللهم إني أصلي عليه كما صليت عليه وصلي عليه ملائكتك وأنبياؤك ورسلك وأمير المؤمنين والأئمة أجمعون، صلاة كثيرة متتابعة مترادفة يتبع بعضها بعضا في محضرنا هذا وإذا غبنا، وعلي كل حال صلاة لا انقطاع لها ولا نفاد. اللهم أبلغ روحه وجسده في ساعتي هذه وفي كل ساعة تحية مني كثيرة، وسلاما] [2].
[1] - البحار، ج: 98، ص: 308. [2] - البحار، ج: 100، ص: 324.
(٣٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: الزيارة (1)، الصّلاة (5)

المطلب العاشر: * حكم الصلاة علي غير الأنبياء استقلالا وتخصيصا

اشارة

المطلب العاشر في:
[حكم الصلاة علي غير الأنبياء استقلالا وتخصيصا] في هذا المطلب نتحدث علي إثبات جواز الصلاة واستحبابها علي غير الأنبياء والمرسلين، من المعصومين والأولياء والصالحين من مصادر التشريع بل استحبابها المؤكد علي آل محمد عليهم السلام منفردين أي علي كل واحد منهم تخصيصا مقصودا عند ذكره باسمه ولقبه أو ابتداء خلافا للبعض ممن يعتبر ذلك من البدع ومن سنن الروافض.
ويبدو انه هناك خلط حصل عند البعض في ذلك، وكان لا يخلو البعض الآخر من التأثر المذهبي في موقفه من هذا أو من التعصب بحيث تغاضي عن ما ورد في هذا النوع من جواز الصلاة أو في الحقيقة كان قليل البضاعة في معارف الكتاب العزيز، أو غير متمكن من السباحة في بحار الأحاديث.
ولتجنب اللغو الذي لا طائل تحته لابد من معرفة محل النزاع في هذه المسألة، فليعلم أن الصلاة علي غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تكون علي صنفين: الأول علي أفراد أهله وآله الذين ذكرهم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في الأحاديث الصحيحة في الصلاة الإبراهيمية.
والصنف الثاني: علي باقي العباد من الصالحين والمؤمنين والمتقين وأولياء الله الصالحين والملائكة أجمعين، أما علي أفراد أهله وآله فهو علي صورتين:
الصورة الأولي: علي مجموعهم ككل بلفظ الأهل أو الآل، كما تقول عند ذكرهم:
عليهم الصلاة والسلام، أو صلوات الله وسلامه عليهم، أو صلي الله عليهم وسلم وغيرها من الصيغ فهذا جائز، وواقع عند المسلمين تبعا وإلحاقا بالنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وكما في نصوص الأحاديث المتواترة التي مرت في مطلب الكيفيات فقد صلي النبي الأكرم علي جماعتهم في الصلاة الإبراهيمية، وحديث الكساء وقال: [اللهم هؤلاء آلي
(٣٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الأنبياء (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، حديث الكساء (1)، العزّة (1)، الصّلاة (7)، الجواز (1)، الإبداع، البدعة (1)

* الشكل الأول: الصلاة علي الآل بالانفراد اللفظي دون المعنوي

فاجعل صلواتك.. أو اللهم هؤلاء أهل بيتي فصلي عليهم..] [1]، وقد مر في البحث الثالث ما يتعلق بالسلام في تفسيرا آية: {سلام علي إلياسين}، وهم آل محمد صلي الله عليه وآله وسلم فراجع.
وأما الصورة الثانية: فهي الصلاة عليهم استقلالا وانفرادا بالتخصيص ونحن نقول: فيه بالاستحباب استقلالا وانفرادا مطلقا لعدة أدلة، ويستفاد ذلك من باب الأولوية عندنا لأنه إذا كان الصلاة شرعت لتعظيمه صلي الله عليه وآله وسلم وتعظيم أهل بيته عليهم الصلاة والسلام فإن الصلاة بالانفراد أبلغ في التعظيم وأوضح في التبجيل، ومن باب القياس عند غيرنا مما ورد في الآيات من الصلاة علي مؤتي الزكاة، والصابرين، والمسبحين الله كثيرا. كما يأتي.
وقد احتج علي ذلك القاضي أبو يعلي بقول النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم:
[اللهم صل علي علي فإنه يحب الله ورسوله] (123).
ولنفصل ذلك علي أشكال:
الشكل الأول:
الصلاة علي الآل بالانفراد اللفظي دون المعنوي،: بأن يقال:
[اللهم صل علي آل محمد] وذلك باعتبار أن كلمة [آل] تشمل المضاف إليه كما في قوله تعالي {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} وفرعون معهم وهذا معروف في اللغة.
فهذا ليس فيه خلاف. ويكون صلي الله عليه وآله وسلم داخلا في آله، فالإفراد عنه وقع في اللفظ لا في المعني ففي المعني غير منفردين، إلا أننا نقول بل يجوز وإن انفردوا بالمعني كما صدر عنه صلي الله عليه وآله وسلم حيث روي أنه صلي عليهم منفردا بقوله: [اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك علي آل محمد. الخ] ويأتي التفصيل في الشكل التالي.
[1] مسند أحمد رقم الحديث: [25521] حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا علي بن زيد عن شهر بن حوشب عن أم سلمة أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة ائتيني بزوجك وابنيك فجائت بهم فألقي عليهم كساء فدكيا قال ثم وضع يده عليهم ثم قال: [اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك علي محمد وعلي آل محمد إنك حميد مجيد] قالت أم سلمة فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه وقال إنك علي خير.
(٣٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، آل فرعون (1)، الزكاة (1)، الصّلاة (6)، العذاب، العذب (1)، الجواز (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (2)، حماد بن سلمة (1)، شهر بن حوشب (1)، علي بن زيد (1)

* الشكل الثاني: بالانفراد اللفظي والمعنوي الإجمالي

اشارة

الشكل الثاني: بالانفراد اللفظي والمعنوي الإجمالي، بأن تقول: [اللهم صلي علي أهل بيت النبي] صلي الله عليه وآله وسلم، أو [من مات علي حب آل محمد صلوات الله عليهم..] وتقصد في الأهل والآل المعني التفسيري (الخمسة) أو التأويلي الحقيقي (التسعة إضافة علي الخمسة)، فهذا مستحب مؤكد بل قد يجب في مقام التعظيم، كما يفهم ذلك كله من دعاء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لهم في حديث أم سلمة رضوان الله عليها وغيره مما مر في الكيفيات فراجع.
قال ابن القيم فيما اختاره في الجلاء: وفصل الخطاب في هذه المسألة: أن الصلاة علي غير النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم إما أن يكون آله وأزواجه وذريته أو غيرهم، فإن كان الأول فالصلاة عليهم مشروعة مع الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم وجائزة مفردة.
أقول: بل نقول بوجوب إلحاق الآل بالصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وذلك لعدم تحقق (المأمور به) للصلاة إلا بهم كما مر عليك مفصلا، هذا أولا.
وثانيا لم يجز إلحاق غيرهم به مطلقا (في مقام التعبد والتعظيم وغيره) مهما كان، أجل لا بأس بالإلحاق من باب الدعاء ورجاء ما يستحق من الرحمة أو ما يطلب بلسان حاله ومقامه. وعليه يحمل حديث أبي حميد الذي فيه إلحاق الأزواج بالنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وذريته وليس له لما ذهب دليل سواه، فإن المقصود به الصلاة التطمينية أو النورانية أو غيرهما مما يرجي في مقام الدعاء والرحمة لا الصلاة المحمدية في مقام التعبد والتعظيم. كما مر ذلك في المطلب الثالث من البحث الخامس.
وقال أبو اليمن بن عساكر: وقالت طائفة يجوز مطلقا (أي إلحاقا وانفرادا) وهو مقتضي صنيع البخاري حيث صدر بالآية وهي قوله تعالي {وصل عليهم}، ثم علق الحديث الدال علي الجواز مطلقا، وعقبه بالحديث الدال علي الجواز تبعا وذلك لما ترجم
(٣٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، إبن عساكر (1)، الكرم، الكرامة (1)، الموت (1)، الإستحباب (1)، الصّلاة (4)، الجواز (1)

* أقوال العامة في الصلاة علي غير الأنبياء

باب: هل يصلي علي غير النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم، أي استقلالا أو تبعا فدخل في الغير الأنبياء والملائكة والمؤمنون.
وقال القاضي عياض في كتاب الصلاة، ص: 60: عامة أهل العلم متفقون علي جواز الصلاة علي غير النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم. ثم ذكر حديث أبي هريرة المتقدم في المطلب السابق الدال علي الجواز بل الاستحباب.
وروي عن ابن عباس: [أنه لا يجوز الصلاة علي غير النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم] وفي قول آخر: [لا ينبغي الصلاة إلا علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم] وروي عنه: [لا تنبغي الصلاة علي أحد إلا النبيين].
ووجدت بخط بعض شيوخي: مذهب مالك أنه لا يجوز أن يصلي علي أحد من الأنبياء سوي محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم.
وأما قول مالك وقد اشتهر عند المفسرين والمؤلفين من عدم الجواز فإنه لا مأخذ له مع أن عياض قال فيه: وهذا غير معروف من مذهبه. وقد قال مالك في (المبسوطة) ليحيي بن إسحاق: أكره الصلاة علي غير الأنبياء، وما ينبغي لنا أن نتعدي ما أمرنا به.
وقال يحيي بن يحيي: لست آخذ بقوله، ولا بأس بالصلاة علي الأنبياء كلهم وعلي غيرهم. واحتج بحديث ابن عمر وبما جاء في حديث تعليم النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم الصلاة عليه، وفيه: وعلي أزواجه وعلي آله (124).
أقول: أما ما استدلوا به علي المنع من قول ابن عباس فإنه معارض للأحاديث الصحيحة الآتية، مع أن ابن عباس لم يسند عدم الجواز أو الكراهية إلي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في قوله هذا. ونقلوا له قولا يخالفه كما مر.
(٣٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، عبد الله بن عباس (3)، أبو هريرة العجلي (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (9)، الجواز (2)

* حديث عمر بن عبد العزيز حجة لنا لا لهم

وقد ذكرنا في مطلب الكيفيات ما روي عن ابن عباس في الصلاة علي آل محمد عليهم الصلاة والسلام، وقد روي عنه من طرقنا ما يدل علي جواز بل استحباب الصلاة علي غير الأنبياء بالأخص علي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
وأما ما رووه عن عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي ومنهم القاضي إسماعيل عن عمر بن عبد العزيز أما بعد، فإن أناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة، وإن الناس من القصاص قد أحدثوا في الصلاة علي خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم، فإذا جاءك كتابي هذا فمرهم أن تكون صلاتهم علي النبيين، ودعاؤهم للمسلمين عامة، ويدعوا ما سوي ذلك.
أقول: الحديث بعد تسليم صحته، واعتباره ليس فيه نهي عن الصلاة علي آل محمد صلي الله عليهم وسلم لأن الصلاة علي النبي معناها هي الصلاة عليه وعلي آله أي الصلاة الكاملة هذا إذا كان حديث عمر في مقام التشريع ويصلح أن يستدل به علي الحكم الشرعي، ولو كان كذلك فهو لم يسند الحديث، مع أن هذه الرسالة جاءت بلفظ آخر وفيها الصلاة علي المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، فقد ذكر الإمام ابن الجوزي في كتاب (عمر بن عبد العزيز) نصها وهي: وكتب عمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين إلي أمراء الأجناد: أما بعد، فإن الناس ما اتبعوا كتاب الله نفعهم في دينهم ومعاشهم في الدنيا ومرجعهم إلي الله فيما بعد الموت.
وإن الله أمر في كتابه بالصلاة علي النبي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم، فقال:
{إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} صلوات الله علي محمد رسول الله، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته. ثم قال لنبيه محمد النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين، والله يعلم متقلبكم ومثواكم} [محمد: 19]، فقد جمع الله تبارك وتعالي في كتابه أن أمر بالصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم، وعلي المؤمنين والمؤمنات وإن رجالا
(٣٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن عباس (1)، عمر بن عبد العزيز (3)، عبد العزيز (1)، الصّلاة (8)، القصاص (1)، الموت (1)، النهي (1)، الجواز (1)

* الشكل الثالث: بالانفراد اللفظي والمعنوي التفصيلي بأسمائهم

اشارة

من القصاص قد أحدثوا صلاة علي خلفائهم وأمرائهم عدل ما يصلون علي النبي وعلي المؤمنين، فإذا أتاك كتابي هذا، فمر قصاصكم فليصلوا علي صلي الله عليه (وآله) وسلم، وليكن فيه إطناب دعائهم وصلاتهم، ثم ليصلوا علي المؤمنين والمؤمنات وليستنصروا الله ولتكن مسألتهم عامة للمسلمين، وليدعوا ما سوي ذلك، فنسأل الله التوفيق في الأمور كلها، والرشاد والصواب والهدي فيما يحب ويرضي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والسلام عليك.
ثم لا يخفي أن تأكيد النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم علي إلحاق آله به وترغيبه يدل في أضعف دلالته علي استحباب الصلاة علي آله منفردا ابتداء فضلا عند ذكر واحد منهم كما يدل علي الوجوب في الجمع بينهم وبينه، فلا وجه لما ذكر عن بعضهم بكراهية ذلك من محض اجتهاده واستحسانه.
الشكل الثالث: بالانفراد اللفظي والمعنوي التفصيلي بأسمائهم، بأن تصلي علي كل واحد علهم ابتداء أو عند ذكر أحدهم لفظا وكتابة بأن تقول: قال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام أو صلوات الله عليه أو صلي الله عليه وسلم، وهذا محل النزاع وينبغي أن يكون الكلام عنه في جهتين عن السلام والصلاة، أما السلام عليهم تبعا وإلحاقا فقد مر كرارا جواز ذلك في البحث الثالث وغيره.
وقال السخاوي الشافعي: وفرق آخرون بين السلام وبين الصلاة بأن السلام يشرع في حق كل مؤمن من حي وميت وغائب وحاضر، وهو تحية أهل الإسلام بخلاف الصلاة فإنها من حقوق الرسول صلي الله عليه (وآله) وسلم وآله ولهذا يقول المصلي: السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين ولا يقول الصلاة علينا فعلم الفرق والحمدلله (125).
أقول: لا شك في مشروعية السلام علي المسلمين في مقام التحية وهذا يصلح أن يكون دليلا في إطلاقه إلا أن السلام عليهم هو في مقام التعظيم والتعبد والمقصود به معانيه
(٣٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، القصاص (1)، الصّلاة (6)، الجواز (1)

* بنو أمية أبدلوا الصلاة لعنا وسبا

التي تليق بشأنهم عليهم سلام الله تعالي ولاحظ المقصد الرابع من المطلب الخامس في البحث الثالث لتزداد في ذلك.
وقد كان في صدر الإسلام يصلون علي أهل البيت عليهم السلام منفردا وتخصيصا كما يعلم ذلك من التاريخ إلا أن بني أمية الذين عرفوا بعدائهم لهذا البيت النبوي الشريف حذفوا تلك الصلاة والسلام وأبدلوها بالسب واللعن عليهم في صلواتهم علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} [الشعراء:
227].
وفي هذا الصدد يناسب ما ذكر ما في الإصابة في معرفة الصحابة، ج: 6، ص: 238 في ترجمة ميثم التمار وهو أحد أصحاب الإمام علي عليه الصلاة والسلام قال: وجدت له حديثا مرفوعا أخرجه بن منده من طريق الحارث بن حصيرة حدثني محمد بن حمير الأزدي قال إني لشاهد ميثما حين أخرجه بن زياد فقطع يديه ورجليه فقال: سلوني أحدثكم فإن خليلي صلي الله عليه وآله وسلم أخبرني أنه سيقطع لساني، فما كان إلا وشيكا حتي خرج شرطي فقطع لسانه ثم ظهر لي أن صاحب الحديث الثاني آخر مخضرم وأن قوله في هذه الرواية [خليلي] يريد علي بن أبي طالب وكان من عادته إذا ذكره أن يصلي عليه (126).
وكما تستحب الصلاة عليهم منفردا يستحب السلام عليهم كذلك، وهو أولي من (رضي الله عنه) أو [كرم الله وجهه] كما يذكره البعض بعد ذكر علي [صلوات الله وسلامه عليه] لفظا وكتابة، وإن كان ذلك يشير إلي فضيلة له، أشار إليها بعضهم منهم الشيخ كشك في كتابه (فتاوي) عند السؤال [683]: لماذا يقال عن الإمام علي رضي الله عنه: [كرم الله وجهه]؟.
الإجابة: اقترن ذكر الإمام علي بوصف [كرم الله وجهه] لأنه لم يسجد لصنم قط حيث كان قد رب في بيت النبوة منذ نعومة أظفاره وكان أول من آمن من الصبيان أما
(٣٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، ميثم بن يحيي التمار النهرواني (1)، علي بن أبي طالب (1)، الحارث بن حصيرة (1)، بنو أمية (1)، الإستحباب (2)، السجود (1)، الصّلاة (3)

* الصلوات أولي من [كرم الله وجهه]

التي تليق بشأنهم عليهم سلام الله تعالي ولاحظ المقصد الرابع من المطلب الخامس في البحث الثالث لتزداد في ذلك.
وقد كان في صدر الإسلام يصلون علي أهل البيت عليهم السلام منفردا وتخصيصا كما يعلم ذلك من التاريخ إلا أن بني أمية الذين عرفوا بعدائهم لهذا البيت النبوي الشريف حذفوا تلك الصلاة والسلام وأبدلوها بالسب واللعن عليهم في صلواتهم علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} [الشعراء:
227].
وفي هذا الصدد يناسب ما ذكر ما في الإصابة في معرفة الصحابة، ج: 6، ص: 238 في ترجمة ميثم التمار وهو أحد أصحاب الإمام علي عليه الصلاة والسلام قال: وجدت له حديثا مرفوعا أخرجه بن منده من طريق الحارث بن حصيرة حدثني محمد بن حمير الأزدي قال إني لشاهد ميثما حين أخرجه بن زياد فقطع يديه ورجليه فقال: سلوني أحدثكم فإن خليلي صلي الله عليه وآله وسلم أخبرني أنه سيقطع لساني، فما كان إلا وشيكا حتي خرج شرطي فقطع لسانه ثم ظهر لي أن صاحب الحديث الثاني آخر مخضرم وأن قوله في هذه الرواية [خليلي] يريد علي بن أبي طالب وكان من عادته إذا ذكره أن يصلي عليه (126).
وكما تستحب الصلاة عليهم منفردا يستحب السلام عليهم كذلك، وهو أولي من (رضي الله عنه) أو [كرم الله وجهه] كما يذكره البعض بعد ذكر علي [صلوات الله وسلامه عليه] لفظا وكتابة، وإن كان ذلك يشير إلي فضيلة له، أشار إليها بعضهم منهم الشيخ كشك في كتابه (فتاوي) عند السؤال [683]: لماذا يقال عن الإمام علي رضي الله عنه: [كرم الله وجهه]؟.
الإجابة: اقترن ذكر الإمام علي بوصف [كرم الله وجهه] لأنه لم يسجد لصنم قط حيث كان قد رب في بيت النبوة منذ نعومة أظفاره وكان أول من آمن من الصبيان أما
(٣٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، ميثم بن يحيي التمار النهرواني (1)، علي بن أبي طالب (1)، الحارث بن حصيرة (1)، بنو أمية (1)، الإستحباب (2)، السجود (1)، الصّلاة (3)

* القاضي التستري شهيد الصلاة علي الإمام علي عليه الصلاة والسلام

أن يقال: أن هذا الوصف إنما أطلق عليه لأنه لم ير عورة قط أو لأنه لم ير عورة نفسه قط فهذا مبالغة غير محمودة (127).
أقول: من باب الكلام يجر الكلام أن هذه الكلمة: (كان أول من آمن من الصبيان) وإن أصر البعض عليها ليصح قولهم: (أول من آمن من الرجال فلان) غير الإمام عليه الصلاة والسلام، لكن حقا يقال أنها هي الفضيلة الكبري وأعظم مما يقال فيه: (كان أول من آمن من الرجال)، لأن أولئك الرجال يتصور فيهم عبادة الأصنام كما وهو ثابت في تاريخهم، أما هو فهو بعد صبيا (والذي لا يتصور منه عبادة الأصنام) ومرفوع عنه القلم - فرضا - وآمن بالله تعالي وهو طاهر الذيل والنفس وأن كلام التاريخ أنه لم يعبد صنما لغو. مع أن معني ذلك أنه عليه السلام أظهر الإيمان وإلا فهو الموحد بن الموحدين من حين خلقه الله نورا.
ولقد أفرط أبو محمد الجويني في كرهه للإمام علي عليه الصلاة والسلام حتي كره أن يقال: عن [علي عليه السلام] وما أشبه ذلك كما في شرج الجوهرة للقاني نقلا عن الإمام الجويني: أن السلام في معني الصلاة فلا يستعمل في الغائب ولا يفرد به غير الأنبياء عليهم السلام فلا يقال: [علي عليه السلام] بل يقال رضي الله تعالي عنه. وسواء في هذا الأحياء والأموات إلا في الحاضر فيقال السلام أو سلام عليك أو عليكم، وهذا مجمع عليه انتهي.
أقول: يعلم مما مر وما يأتي جوابه، كما وأننا نري الكثير من علماء المسلمين في كتبهم يسلمون علي الإمام علي عليه السلام عند ذكر اسمه أو لقبه، بل الأولي أن يجمع بين الصلاة والسلام كما ويكره انفصال السلام عن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وقد يفهم ذلك من آية الصلوات.
وفي هذه المناسبة نتذكر ما ينقل عن الشهيد الشيخ القاضي التستري رضوان الله عليه:
أن القاضي كان في بداية أمره يتظاهر بالولاء للقوم فوضع قاضيا يقضي علي المذاهب
(٣٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الجويني (2)، الطهارة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)، الصّلاة (3)
الأربعة، وفي يوم كان يتحدث في أمر الخلفاء وحين ما يذكر الإمام علي عليه السلام يقول: (كرم الله وجهه) فسبقه لسانه في مرة وقال بعد ذكر اسمه: [صلوات الله وسلامه عليه]، وقد كانوا في شك من أمره وهنا تأكدوا من تشيعه، فقالوا: هذا رافضي وحصلت فتنة بين القوم وشكوا إلي رؤساء المذاهب، فرفع أمره - في قضية مفصلة تتعلق بكتابه [إحقاق الحق] - إلي السلطان فحكم الحنبلي بقتله بالسيف، والحنفي شنقا، والمالكي حرقا بالنار، وأما الشافعي فإنه قال: إنه لم يرتكب خلاف الشرع في صلاته علي الإمام علي عليه السلام لأن عليا من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بمنزلة النفس كما قال تعالي: {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم} [آل عمران: 61]، والمقصود هو الإمام علي عليه السلام فالصلاة عليه صلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، كما أن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم هي صلاة علي الإمام علي صلوات الله وسلامه عليه، بل إذا ذكر الإمام علي عليه السلام ولم يسلم أو يصل عليه فقد أساء الأدب للنبي صلي الله عليه وآله وسلم حيث هو بمنزلة نفسه المقدسة، وأن تعظيمه من تعظيمه صلي الله عليه وآله وسلم إن تميزهما بلفظ من اسم * لا تميزهما بعلم وحلم فهما واحد كروح بجسم * إنما المصطفي مدينة علم وهو الباب من أتاه أتاها لقد قتل هذا العالم لأجل الصلاة علي الإمام علي عليه الصلاة والسلام علما أن أكثر علماء الشافعية يمنعون من الصلاة منفردا وتخصيصا منع كراهية تنزيه، لا كراهية تحريم.
ومنهم من قال: المنع من باب ترك الأولي وليس بمكروه. حكي هذه الأقوال النووي في (الأذكار) قال: والصحيح الذي عليه الأكثر أنه مكروه كراية تنزيه (128).
(٣٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (4)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، القتل (2)، المنع (1)، الصّلاة (5)

* كدير كان يقول في صلاته: [اللهم صلي علي النبي والوصي]

لقد استقبح من يكرههم الصلاة علي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام حتي أصبحت الصلاة علي الإمام علي عليه الصلاة والسلام سببا لتهمة الشخص بالرفض والتشيع في حديثه ونقله، ولذا أعد البخاري كدير الضبي في الضعفاء وذلك لأنه كان إذا ذكر عليا يصلي عليه. قال البخاري: كدير الضبي يروي عنه أبو إسحاق. وروي عنه سميك بن سلمة، وضعفه لما رواه مغيرة بن مقسم عن سماك بن سلمة قال دخلت علي كدير الضبي أعوده فوجدته يصلي وهو يقول: [اللهم صل علي النبي والوصي]، فقلت: والله لا أعودك أبدا. قال ابن أبي حاتم سألت عنه أبي فقال: يحول من كتاب الضعفاء (129).
ولكن رأيت الكثير في كتب العامة إذا ذكر الإمام علي عليه الصلاة والسلام يصلون عليه منهم أبو عبد الله البصري الزهري في كتابه (الطبقات الكبري)، المتوفي سنة:
230 ه، طبع دار الصادر، بيروت، من تلك الموارد ما في، ج: 2، ص: 112 في قضية قتل مرحب يوم خيبر: [فقال علي صلوات الله عليه وبركاته]:
أنا الذي سمتني أمي حيدرة كليث غابات كريه المنظرة أكيلهم بالصاع كيل السندرة ففلق رأس مرحب بالسيف وكان الفتح علي يديه.
وفي هذا الصدد يناسب رأي الحسن البصري في الصلاة علي أمير المؤمنين فيما نقله ابن أبي الحديد في شرح النهج عن أبان بن عياش [1] قال: سألت الحسن البصري عن علي عليه السلام؟ فقال: ما أقول فيه! كانت له السابقة، والفضل والعلم والحكمة والفقه والرأي والصحبة والنجدة والبلاء والزهد والقضاء والقرابة، إن عليا كان في أمره عليا، رحم الله عليا، وصلي عليه!
[1] - هو فيروز مولي عبد القيس العبدي أبو إسماعيل البصري، ومن أصحاب الإمام زين العابدين عليه السلام وهو راوي كتاب سليم. تجد ترجمته في تهذيب الكمال وميزان الاعتدال وتنقيح المقال.
(٣٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، كتاب الطبقات الكبري لإبن سعد (1)، مدينة بيروت (1)، أبو عبد الله (1)، خيبر (1)، الحسن البصري (2)، القتل (1)، الصّلاة (3)، الزهد (1)، الوفاة (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، كتاب تهذيب الكمال للمزي (1)، كتاب تنقيح المقال في علم الرجال (1)، أبو إسماعيل البصري (1)، قيس العبدي (1)

* إبراهيم المغني يكره الصلاة علي الإمام علي عليه الصلاة والسلام

فقلت: يا أبا سعيد، أتقول: [صلي عليه] لغير النبي " صلي الله عليه وآله وسلم "!
فقال: ترحم علي المسلمين إذا ذكروا، وصل علي النبي وآله وعلي خير آله.
فقلت: أهو خير من حمزة وجعفر؟ قال: نعم. قلت: وخير من فاطمة وابنيها؟
قال: نعم، والله خير آل محمد كلهم، ومن يشك أنه خير منهم، وقد قال رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم -: [وأبوهما خير منهما] [1] ولم يجر عليه اسم شرك، ولا شرب خمر، وقد قال رسول الله " صلي الله عليه وآله وسلم " لفاطمة (عليها السلام):
[زوجتك خير أمتي] [2]، فلو كان في أمته خير منه لاستثناه، ولقد آخي رسول الله " صلي الله عليه وآله وسلم " بين أصحابه، فآخي بين علي ونفسه، فرسول الله " صلي الله عليه وآله وسلم " خير الناس نفسا، وخيرهم أخا [3].
فقلت: يا أبا سعيد، فما هذا الذي يقال عنك إنك قلته في علي؟ فقال: يا بن أخي أحقن دمي من هؤلاء الجبابرة، ولولا ذلك لسالت بي الخشب.
وينقل لنا التاريخ أنه كان المأمون العباسي يظهر التشيع ومن شعره:
إذا المرجي سرك أن تراه * يموت لحينه من قبل موته فجدد عنده ذكري علي * وصل علي النبي وأهل بيته ورد عليه إبراهيم بن المهدي العباسي بقوله:
إذا الشيعي جمجم في مقال * فسرك أن يبوح بذات نفسه فصل علي النبي وصاحبيه * ووزيريه وجاريه برمسه
[1] - مجمع الزوائد، ج: 9، ص: 183. ومستدرك الحاكم، ج: 3، ص: 167.
[2] - مسند أحمد، ج: 5، ص: 26. وللحديثين مصادر كثيرة.
[3] - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج: 4، ص: 96.
(٣٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الزوج، الزواج (1)، الموت (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (1)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)
إن إبراهيم لم يكن رأيه نابع عن علم فأي شئ سوغ له أن لا يذكر أهل البيت عليهم الصلاة والسلام في الصلاة ويقتصر علي من سماهما بالوزيرين اللهم إلا التعصب والنصب وشاء الله تعالي أن ينزه أهل البيت عليهم الصلاة والسلام من ألسنة المغنين وأهل الخمر كما نقل ذلك في تاريخ إبراهيم.
وهنا أتذكر ما نقله في الأغاني، يصلح أن يكون جوابا لكل من كره ذلك للإمام علي عليه الصلاة والسلام وأولاده. ذكر: أن إبراهيم بن المهدي العباسي - والذي مر ذكره - حدث يوما المأمون أنه رأي علي بن أبي طالب (وكان منحرفا عنه عليه السلام) قال:
فقلت له من أنت فأخبرني أنه علي فمشينا حتي جئنا قنطرة فذهب ليتقدمني لعبورها فأمسكته وقلت له إنما أنت رجل تدعي هذا الأمر بامرأة ونحن أحق به منك، فما رأيت له في الجواب بلاغة كما يوصف عنه، فقال له المأمون: وأي شئ قال لك؟ قال إبراهيم: ما زادني علي أن قال: {سلاما}، فقال له المأمون قد والله أجابك أبلغ جواب، قال: وكيف؟ قال عرفك أنك جاهل لا يجاوب مثلك، قال تعالي: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} [الفرقان: 63]، فخجل إبراهيم وقال: ليتني لم أحدثك بهذا الحديث.
(٣٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، علي بن أبي طالب (1)، الجهل (1)، الصّلاة (2)

حجة المانعين: * حجة من منع الصلاة علي غير الأنبياء من الأئمة والصالحين

[نسف أدلة المانعين عن الصلاة علي غير الأنبياء] وأما حجة من منع الصلاة علي غير الأنبياء من الأئمة والصالحين:
فإنه استدل: بأن لفظ الصلاة صار شعارا لتعظيم الأنبياء وتوقيرهم (كما عن الزمخشري) فلا تقال لغيرهم استقلالا وإن صح، كما لا يقال محمد عز وجل وإن كان عليه الصلاة والسلام عزيزا جليلا لأن هذا الثناء صار شعارا لله فلا يشارك فيه غيره.
وكثير من العلماء علي الجواز عليها إذا كان دعاء وتبركا. وقد حمل البيهقي (شعب الإيمان) القول بالمنع علي ما إذا جعل ذلك تعظيما وتكريما عند ذكره تحية فإنما ذلك للنبي صلي الله عليه (وآله) وسلم خاصة فأما إذا كان ذلك علي وجه الدعاء والتبرك فإن ذلك جائز لغيره.
واختار بعض الحنابلة أن الصلاة علي الآل مشروعة تبعا، وجائزة استقلالا وعلي الملائكة وأهل الطاعة عموما جائزة أيضا، وعلي شخص معين أو جماعة مكروهة، ولو قيل بتحريمها لم يبعد سيما إذا جعل ذلك شعارا له وحده دون مساويه ومن هو خير منه كما تفعل الرافضة بعلي كرم الله وجهه، ولا بأس بها أحيانا كما صلي عليه الصلاة والسلام علي المرأة وزوجها ثم قال: وبهذا التفصيل تتفق الأدلة. وعلق الآلوسي قائلا:
وأنت تعلم اتفاقها بغير ما ذكر.
أقول: وذلك من جواز إطلاق الصلاة مطلقا المفهوم من الآيات والأحاديث الصحيحة عن العامة والخاصة. ثم إن تعظيم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام كتعظيم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بل تعظيمهم تعظيمه بذاته وهل كل ما يصبح شعارا للروافض (علي حد تعبيرهم) من الواجبات وشعارات الإسلام يجب أن لا نأخذ به ولا نفعله؟ فقول بعضهم: وإنما ذلك أحدثه الرافضة في بعض الأئمة والتشبه بأهل البدع منهي عنه فتجب مخالفتهم. ليس من كلام أهل العلم والاجتهاد، ولذا رد عليه الآلوسي عند تفسيره علي الآية: [ولا يخفي أن كراهة التشبه بأهل البدع مقررة عندنا أيضا
(٣٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، المذهب الحنبلي (1)، الزمخشري (1)، المنع (1)، الحج (1)، الصّلاة (6)، الجواز (1)، الإبداع، البدعة (2)

* الفرق بين [صلوات الله] و [صلي الله عليه] عند ابن أبي الحديد

لكن لا مطلقا بل في المذموم وفيما قصد به التشبه بهم فلا تغفل]، ثم ما المانع أن يجعل ذلك شعارا للمؤمنين عامة كما أراده الله تعالي، ولماذا هذه الغيرة فليصل من شاء علي كل مؤمن إذا ثبت أنه من عباد الله الصالحين.
وقال ابن أبي الحديد وغيره: [ويقوي المنع بأن الصلاة علي غير النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم صار شعارا لأهل الأهواء يصلون علي من يعظمونه من أهل البيت وغيرهم].
أقول: وهو مجرد استحسان باطل وهل العبادات تسقط ويستحسن تركها بمجرد أن يكون شعارا لأهل الأهواء، علي أنه يقصد بأهل الأهواء أولئك الذين أخذوا أحكام الشريعة ممن قال في حقهم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بتواتر الطرق: [إني تارك فيكم الثقلين]، ثم ما الذي يغيضه من تعظيم أهل البيت الذين عظمهم الجليل في محكم كتابه الكريم بقوله: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [الأحزاب: 33]، ومن أوجب مودتهم علي من يدين بدين الإسلام فقال: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور} [الشوري: 23].
وبنحو ما مر قول ابن القيم في الجلاء: [وهذا كما تفعله الرافضة بعلي رضي الله عنه، فإنه حيث ذكروه قالوا: عليه الصلاة والسلام، ولا يقولون ذلك فيمن هو خير منه، فهذا ممنوع].
أقول: من هو الذي خير من أمير المؤمنين وزوج سيدة نساء العالمين ألم يكن هو الرجل الوحيد مع النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في آية التطهير وآية المباهلة وآية المودة وغيرها من الآيات التي اختص بها دون الناس مما يجعله خير الناس بعد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وفي المناقب لابن المغازلي الشافعي عن نافع مولي عمر قال: قلت لابن عمر: من خير الناس بعد رسول الله؟ قال: ما أنت (لا أم لك؟) خيرهم
(٣٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، آية التطهير (2)، إبن المغازلي (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، آية المباهلة (1)، المودة في القربي (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (2)
من بعده من كان يحل له ما كان يحل له، ويحرم عليه ما يحرم عليه. قلت: من هو؟ قال علي بن أبي طالب، سد أبواب المسجد وترك باب علي، وقال له: لك في هذا المسجد ما لي، وعليك فيه ما علي، وأنت وارثي ووصيي، تقضي ديني وتنجز عداتي، وتقتل علي سنتي، كذب من زعم أنه يبغضك ويحبني.
وفضل الإمام علي عليه الصلاة والسلام وأنه خير الناس مما لا يخفي علي مثل ابن القيم وغيره لكن {ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور} [النور: 40].
قال ابن أبي الحديد أيضا: ولكن العلماء قالوا: إذا ذكر أحد المسلمين تبعا للنبي صلي الله عليه (وآله) وسلم فلا كلام في جواز ذلك " الصلاة عليه " وأما إذا أفردوا أو ذكر أحد منهم فأكثر الناس كرهوا الصلاة عليه لأن ذلك شعار رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم فلا يشركه فيه غيره.
وأما أصحابنا من البغداديين فلهم اصطلاح آخر وهو أنهم يكرهون إذا ذكروا عليا عليه الصلاة والسلام أن يقولوا: [صلي الله عليه] ولا يكرهون أن يقولوا: [صلوات الله عليه]، وجعلوا اللفظة الأولي مختصة بالرسول صلي الله عليه وآله، وجعلوا اللفظة الثانية مشتركة فيها بينهما عليهما السلام، ولم يطلقوا لفظ الصلاة علي أحد من المسلمين إلا علي علي وحده. انتهي.
أقول: ولا عبرة بكراهيتهم بعد ثبوت استحبابه، والاستحسان العقلي البحت لا يقابل النصوص - مع أنه ليس دليلا شرعيا في الواقع - وتغيير الألفاظ لا مدخلية له في الجواز وعدمه واللفظين يحتمل فيها الخبر والإنشاء إن ادعي أن: [صلوات الله عليه] يقصد فيه الإنشاء بالدعاء والخبر ب [صلي الله عليه] بل الأولي أن تقصد الإنشاء علي كل حال وبكل لفظ، وهذا هو ما يحصل به الفائدة للصلوات، ثم أن الجمع في بعض الأحيان يكون أبلغ من المفرد. ثم وهل الأحكام الشرعية والعبادة الربانية تتمشي علي حسب الاصطلاحات فليس ذلك إلا مجرد اصطلاح أيضا، مخالف للكتاب والسنة
(٣٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الأحكام الشرعية (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، علي بن أبي طالب (1)، الكذب، التكذيب (1)، الصّلاة (5)، السجود (1)، الجواز (1)

* الصلاة كما هي تعظيم للنبي أيضا هي تعظيم لأهل بيته

النبوية وقال العلامة القندوزي الحنفي في هذا الصدد: ثم إن العلماء اصطلحوا في التصلية والتسليمة علي الأنبياء والملائكة عليهم السلام عند ذكرهم والترضية علي الآل والأصحاب [رضي الله عنهم عند ذكرهم]، فلا منازعة في الاصطلاح لكن كثرة الثواب وجزيل الأجر في متابعة الله حيث صلي علي الآل في قوله: {سلام علي إلياسين} وفي قوله: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}، وفي قوله: {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة}، وفي متابعة رسوله صلي الله عليه وآله وسلم حيث قال بأمر ربه: [اللهم صل علي آل أبي أوفي وآل فلان]، فمن قال: [اللهم صل علي حمزة أو علي علي] أو علي غيرهما أو قال: [صلوات الله عليه] أو قال: [صلي الله عليه] أو [سلام الله عليه] أو [عليه أو عليهم السلام] بالإفراد أو بالجمع فقد اتبع الله ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم اتباعا كاملا (134).
وأما قوله: [صار شعارا للرسول]. فإن الصلاة كما هي شعار لتعظيم الرسول صلي الله عليه وآله وسلم والاعتناء برفع شأنه كذلك هي تعظيم واعتناء برفع شأن أهل بيته القائمين مقامه عليهم الصلاة والسلام، علي أنه مر عليك أن الصلاة علي النبي هي تعظيم له ولهم بل الحكمة من تشريعها عليه التعظيم لأهل بيته عليهم الصلاة والسلام. وأما ما قاله الزمخشري: [عادة السلف قصره علي الأنبياء]، فإن العادة لا تخصص كما تقرر في الأصول. هذا مع أن من أعظم السلف الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما الصلاة والسلام ولم يقولا بذلك.
وأما قوله: أن ذلك يوهم الرفض. فهو تعصب محض، وعناد ظاهر، نظير قولهم:
من السنة تسطيح القبور لكن لما اتخذته الرافضة شعارا لقبورهم عدلنا منه إلي التسنيم، والتختم باليمين إلي التختم باليسار، وكقول الغزالي الشافعي: إن السنة واردة بتسطيح القبور.. لكن لما فعلته الرافضة!! [يقصد الشيعة] تركناه وقلنا بالتسنيم!! ويقول أيضا [حج التمتع أفضل من حج القران والإفراد ولكن لما استعملته الرافضة تركناه!!].
(٣٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، الزمخشري (1)، القرآن الكريم (1)، الصدق (1)، الصّلاة (5)، الحج (2)، القبر (1)، التختم (1)

* الصلاة علي أهل البيت يوهم الرفض عند الزمخشري وغيره

ويقول محمد بن علي المغربي: إن زيدا كبر خمسا علي جنازة.. وكان رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - يكبرها. وقال بها بعض الناس إلا أنه متروك.. لأنه (زيد) علم علي الرفض. ويقول عبد اللطيف المناوي: ذكر أبو داود أن النبي (الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم) عمم أبا عوف وسدلها بين يديه ومن خلفه، وصار اليوم شعار فقهاء الإمامية فينبغي اجتنابه!
أقول: وحينئذ أصبح عندهم موافقة الشيعة دليل الخلاف في المسائل الشرعية، وإن كان خلاف السنة الصريحة، والأحاديث الصحيحة وهذا الباب جدا واسع عندهم بحيث أدخلوه في أغلب العبادات، وبناء علي ذلك يجب أن يخالفوا في كل مسألة قال بها الشيعة ويفتوا بخلافها لأنهم يعملون بها والعمل بها يوهم الرفض والتشبه بأهل الهواء علي حد تعبيرهم!! وهل هذا إلا تدخل الأهواء في دين الله الذي لا يصاب بالعقول، والاستحسان الباطل، وليس الباعث له إلا التعصب والعناد ومخالفة أهل البيت الذين طهرهم الله، نعوذ بالله من الأهواء المضلة والآراء الفاسدة: {فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون} [يس: 76].
وقد ذهب إلي جواز الصلاة علي غير الأنبياء جلهم: قال القاضي أبو الحسين بن الفراء في [رؤوس مسائله]: وبذلك - الجواز علي غير الأنبياء - قال الحسن البصري، وخصيف، ومجاهد، ومقاتل بن سليمان، ومقاتل بن حيان، وكثير من أهل التفسير، قال: وهو قول الإمام أحمد، نص عليه في رواية أبي داود. وبه قال إسحاق بن راهويه، وأبو ثور، ومحمد بن جرير الطبري، وغيرهم، وحكي أبو بكر بن أبي داود، عن أبيه ذلك، قال أبو الحسين: وعلي هذا العمل. واستدل علي ذلك بقوله: لأن معني الصلاة هو الدعاء وهي من الله بمعني الرحمة وليس فيه ما يقتضي التحريم وأدني مراتب فعله صلي الله عليه (وآله) وسلم الجواز وليس فيه دليل يدل علي الخصوصية.
(٣٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: محمد بن جرير الطبري (1)، إسحاق بن راهويه (1)، مقابل بن سليمان (1)، مقاتل بن حيان (1)، الحسن البصري (1)، محمد بن علي (1)، الباطل، الإبطال (1)، الكرم، الكرامة (1)، الوسعة (1)، الصّلاة (1)، الجواز (1)

أدلة المجوزين: * أدلتنا علي جواز الصلاة علي غير الأنبياء

اشارة

[الأدلة علي جواز الصلاة بل استحبابها علي غير الأنبياء] أدلتنا علي الجواز: ولنري الآن ما يمكن أن نستدل به علي جواز إطلاق الصلاة علي كل مؤمن ومؤمنة بإجمال ما مر في الكتاب مع ذكر بعض ما يثبت ذلك من الأحاديث الصحيحة والجواب عما يرد عليه أو يمكن أن يرد:
الدليل الأول: صلاة الله وملائكته علي المؤمنين، ومن أجل أن نفهم الدليل من القرآن الكريم وهو أحد مصادر أحكامنا في هذه المسائل الشرعية فقد مر علينا مفصلا في البحث الثالث من جواز إطلاق الصلاة علي كل مؤمن ومؤمنة. كما مر عن الزمخشري جوازه بمقتضي القياس، وقد ذكرنا الأحاديث التي رويت عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام في ذلك فراجع البحث الرابع لا سيما مطلب الصلاة النورانية.
وأيضا يقال إن معاني الصلاة ومصاديقها الرحمة من الله تعالي وهي الإكرام والثناء من الملائكة والتماس المؤمنين الرحمة والكرامة من الله عز وجل وهذا يقتضي عدم تحديد هذه الحقيقة بحد معين محدود فلا مانع عقلا من تحققها ووقوعها بالنسبة إلي غير النبي الأكرم من أوليائه تعالي وعبادة المؤمنين كل علي قدر منزلته من الله عز وجل واستعداده فيصلي عليهم ويفيض كراماته وإحسانه إليهم والأدلة الشرعية ناهضة علي ذلك فمما يدل علي جواز الصلاة والسلام علي غير الأنبياء مطلقا من المعصومين وغيرهم آية الصلاة النورانية:
{هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما}.
والصلاة هي دعاء ورحمة فلا يمنع إطلاقها إلا بنص أو بإجماع وقد منع الآلوسي في تفسيره وغيره من الإجماع المدعي في عدم جواز ذلك. مع أن هناك من خالف فلا إجماع والدليل عليه الخلاف القائم في المسألة وهو معروف في مصنفات القوم وتفاسيرهم، هذا إذا أخرجنا أهل البيت عليهم الصلاة والسلام من العلماء ولم نعتبرهم في تصحيح الإجماع كيف وهم سادات العلماء وفقهاء الشريعة وهذا أقل ما ينبغي أن يقوله الناس فيهم.
(٤٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (1)، الزمخشري (1)، المنع (2)، الثناء (1)، الصّلاة (8)، الجواز (4)

* الدليل الأول: الصلاة النورانية

[الأدلة علي جواز الصلاة بل استحبابها علي غير الأنبياء] أدلتنا علي الجواز: ولنري الآن ما يمكن أن نستدل به علي جواز إطلاق الصلاة علي كل مؤمن ومؤمنة بإجمال ما مر في الكتاب مع ذكر بعض ما يثبت ذلك من الأحاديث الصحيحة والجواب عما يرد عليه أو يمكن أن يرد:
الدليل الأول: صلاة الله وملائكته علي المؤمنين، ومن أجل أن نفهم الدليل من القرآن الكريم وهو أحد مصادر أحكامنا في هذه المسائل الشرعية فقد مر علينا مفصلا في البحث الثالث من جواز إطلاق الصلاة علي كل مؤمن ومؤمنة. كما مر عن الزمخشري جوازه بمقتضي القياس، وقد ذكرنا الأحاديث التي رويت عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام في ذلك فراجع البحث الرابع لا سيما مطلب الصلاة النورانية.
وأيضا يقال إن معاني الصلاة ومصاديقها الرحمة من الله تعالي وهي الإكرام والثناء من الملائكة والتماس المؤمنين الرحمة والكرامة من الله عز وجل وهذا يقتضي عدم تحديد هذه الحقيقة بحد معين محدود فلا مانع عقلا من تحققها ووقوعها بالنسبة إلي غير النبي الأكرم من أوليائه تعالي وعبادة المؤمنين كل علي قدر منزلته من الله عز وجل واستعداده فيصلي عليهم ويفيض كراماته وإحسانه إليهم والأدلة الشرعية ناهضة علي ذلك فمما يدل علي جواز الصلاة والسلام علي غير الأنبياء مطلقا من المعصومين وغيرهم آية الصلاة النورانية:
{هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما}.
والصلاة هي دعاء ورحمة فلا يمنع إطلاقها إلا بنص أو بإجماع وقد منع الآلوسي في تفسيره وغيره من الإجماع المدعي في عدم جواز ذلك. مع أن هناك من خالف فلا إجماع والدليل عليه الخلاف القائم في المسألة وهو معروف في مصنفات القوم وتفاسيرهم، هذا إذا أخرجنا أهل البيت عليهم الصلاة والسلام من العلماء ولم نعتبرهم في تصحيح الإجماع كيف وهم سادات العلماء وفقهاء الشريعة وهذا أقل ما ينبغي أن يقوله الناس فيهم.
(٤٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (1)، الزمخشري (1)، المنع (2)، الثناء (1)، الصّلاة (8)، الجواز (4)

* الدليل الثاني: آية الصلوات علي الصابرين

وإضافة عليه أن طلب هكذا نوع من الصلاة أي بمعني الرحمة والمغفرة والبركة هي أقل مراتب الصلاة التي أشركهم الله مع نبيهم صلي الله عليه وآله وسلم فإن من المعلوم أن صلاة الله وملائكته اشتراك معه في جنس صلاة الله وملائكته أي بفرد واحد من أفراد الصلاة.
وفي أسباب النزول [ص: 244] في قوله: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}:
قال: مجاهد لما نزلت {إن الله وملائكته يصلون علي النبي} الآية قال أبو بكر:
ما أعطاك الله تعالي من خير إلا أشركنا فيه فنزلت: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}. انتهي [1].
الدليل الثاني: صلوات الله علي الصابرين {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} [البقرة: 157].
وإذا كان الله تعالي يثبت لأهل المصائب الصابرين عدة صلوات بمقتضي لفظ الجمع، فما المانع من إطلاق الصلاة عليهم وطلب ما أراده الله تعالي لهم من الصلاة وهي العناية الربانية والرعاية الإلهية وتهدئة نفوسهم في مقام الصبر.
وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام هم المستضعفون المظلومون كما لا يخفي علي المتتبع للتاريخ، وأقل ما يقال في حقهم: هي هذه الصلوات، وهذا يجوز بل يستحب الصلاة علي عامة الصابرين والدعاء لهم فكيف علي المقتولين والمسمومين في سبيل الله.
وقد ذكرنا في المقصد الثالث من البحث الثالث في نوع الصلوات الربانية أنها تعم الصابرين جميعا، وفي طليعتهم أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم]، لأنهم أكبر مصداق لقوله تعالي: {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة} علي ما أصابهم،
[1] - أقول: مر هذا في المطلب الثاني في البحث الرابع ولنا تعليق عليه فراجع. ولقد حلي لأبي هريرة أن يشرك نفسه مع النبي في آية الصلوات ففي كنز العمال، ج: 8، ص: 260، عن أبي هريرة أنه قال: إن الله وملائكته يصلون علي أبي هريرة فقيل له: تزكي نفسك؟ فقال:
وعلي كل مسلم ما دام في المسجد مالم يحدث بيد وأو لسانه. ولعله أراد بهذا المعني المذكور من عموم جواز الصلاة علي كل مسلم.
(٤٠١)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، سبيل الله (1)، الصّلاة (12)، الصبر (1)، الجواز (2)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، أبو هريرة العجلي (3)، السجود (1)

* الدليل الثالث: آية الصلاة التطمينية

ولقد أصيبوا بأعظم المصائب التي منها اغتصاب حقهم، وغصب خلافتهم. ولا شك أنه يصح أن يقال: (صلوات الله علي الصابرين) أو صلي الله علي الإمام المقتول بسيف أشقي الوري علي حد تعبير النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم إلا أنه ليس هو الدليل علي إثبات الصلاة بمعانيها المتعددة بل ذلك يكون علي حسب القابل، وللفرق الشاسع بين هذه والصلاة المحمدية واختلاف معانيهما. نعم هو دليل علي إثبات جواز إطلاق لفظ الصلاة علي غير الأنبياء مع ملاحظة معناها المحدود (العناية الربانية..).
وهذا هو المعني الذي أراده العلامة الحلي رضوان الله عليه في استشهاده بالآية في مجلس خدابنده مع محاججته الموصلي، وقد تقدم في المطلب الثالث من البحث الرابع.
الدليل الثالث: صلاته علي مؤتي الزكاة، قوله تعالي: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم} [التوبة:
103]، فأمر الله أن يأخذ الصدقة من يأتي من الأمة وأن يصلي عليه، وهذا مشرع للنائب عنه أن يصلي علي من يعطي الزكاة.
إن قيل: أن هذا خاص وهو خارج عن محل النزاع كما قيل.
قلت: إن محل النزاع وإن كان تشريع الصلاة للمؤمنين في الدعاء لبعضهم البعض إلا أنه لا كلية لعدم الجواز وذلك للموجبة الجزئية في هذه الآية وأنه يجوز الصلاة علي بعض الناس وإن كان الدعاء بصفة خاصة، وما المانع من إطلاق هذه الصلاة علي مؤتي الزكاة أسوة برسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. وأهل البيت كانوا المصداق البارز في إيتاء الزكاة، والإنفاق في سبيل الله كما لا يخفي.
الدليل الرابع: صلاته علي آل أبي أوفي، كما في صحيح البخاري، ومسلم والنسائي وأبي داود، وابن ماجة، ومسند أحمد، وغيرهم ممن اتفق علي صحته عن عبد الله بن أبي رافع قال: كان رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال:
اللهم صل علي آل فلان فأتاه أبي بصدقته فقال: [اللهم صل علي آل أبي أوفي] (131).
(٤٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، العلامة الحلي (1)، إبن ماجة (1)، سبيل الله (1)، الزكاة (3)، الصّلاة (8)، الجواز (2)، التصدّق (1)

* الدليل الرابع: الصلاة علي آل أبي أوفي

ولقد أصيبوا بأعظم المصائب التي منها اغتصاب حقهم، وغصب خلافتهم. ولا شك أنه يصح أن يقال: (صلوات الله علي الصابرين) أو صلي الله علي الإمام المقتول بسيف أشقي الوري علي حد تعبير النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم إلا أنه ليس هو الدليل علي إثبات الصلاة بمعانيها المتعددة بل ذلك يكون علي حسب القابل، وللفرق الشاسع بين هذه والصلاة المحمدية واختلاف معانيهما. نعم هو دليل علي إثبات جواز إطلاق لفظ الصلاة علي غير الأنبياء مع ملاحظة معناها المحدود (العناية الربانية..).
وهذا هو المعني الذي أراده العلامة الحلي رضوان الله عليه في استشهاده بالآية في مجلس خدابنده مع محاججته الموصلي، وقد تقدم في المطلب الثالث من البحث الرابع.
الدليل الثالث: صلاته علي مؤتي الزكاة، قوله تعالي: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم} [التوبة:
103]، فأمر الله أن يأخذ الصدقة من يأتي من الأمة وأن يصلي عليه، وهذا مشرع للنائب عنه أن يصلي علي من يعطي الزكاة.
إن قيل: أن هذا خاص وهو خارج عن محل النزاع كما قيل.
قلت: إن محل النزاع وإن كان تشريع الصلاة للمؤمنين في الدعاء لبعضهم البعض إلا أنه لا كلية لعدم الجواز وذلك للموجبة الجزئية في هذه الآية وأنه يجوز الصلاة علي بعض الناس وإن كان الدعاء بصفة خاصة، وما المانع من إطلاق هذه الصلاة علي مؤتي الزكاة أسوة برسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. وأهل البيت كانوا المصداق البارز في إيتاء الزكاة، والإنفاق في سبيل الله كما لا يخفي.
الدليل الرابع: صلاته علي آل أبي أوفي، كما في صحيح البخاري، ومسلم والنسائي وأبي داود، وابن ماجة، ومسند أحمد، وغيرهم ممن اتفق علي صحته عن عبد الله بن أبي رافع قال: كان رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال:
اللهم صل علي آل فلان فأتاه أبي بصدقته فقال: [اللهم صل علي آل أبي أوفي] (131).
(٤٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب صحيح البخاري (1)، العلامة الحلي (1)، إبن ماجة (1)، سبيل الله (1)، الزكاة (3)، الصّلاة (8)، الجواز (2)، التصدّق (1)

* الدليل الخامس: الصلاة علي الزوجين

والأصل يقتضي عدم اختصاص أبي الأوفي بذلك، وهذا من مصاديق الآية المتقدمة، فيثبت جواز إطلاقها علي غيره. نعم هذه الصلاة المقصود فيها هي الصلاة التطمينية وليست الصلاة المحمدية حتي يقال أنه لا يجوز أن يشرك معه أحد، فإن المدعي جواز إطلاق الصلاة علي غيره بما يناسب مقامه وحاله، علي أننا متفقون أن آل محمد صلي الله وسلم عليهم أجمعين يشتركون معه في الصلاة المحمدية كما في متواتر الأحاديث.
الدليل الخامس: الصلاة علي الزوجين حين طلب أحدهما ذلك منه صلي الله عليه وآله وسلم، ففي سنن أبي داود، ومسند أحمد، عن جابر بن عبد الله: أن امرأة قالت:
يا رسول الله! صل علي وعلي زوجي، فقال: [صلي الله عليك وعلي زوجك] [1].
إنه صلي الله عليه وآله وسلم حقا رحمة للعالمين فلم يرد طلب هذه المرأة، كيف؟
وهو أكرم الخلق وقد كان بالمؤمنين رؤوف رحيم كما وصفه الكتاب، ومن الواضح أنه يريد من ذلك الإطلاق ما يمكن أن يمنحهما رب العالمين وزوجها من الرحمة بينهما والمودة والزيادة فيهما وما يناسب قابليتهما من المغفرة وغيرها من المعاني التي ذكرناها في البحث الرابع، وليس المقصود الصلاة المحمدية التي خصه وأل بيته عليهم الصلاة والسلام بها في مقام التعظيم والشؤونات الخاصة بهم، وهذا من مصاديق رحمته الذي أرسله الله بها وليس من خصائصه في مقامه حتي يستشكل عليه بأنه [هو يهب لمن يشاء ويخص من يشاء من حقه] بل لا يجوز له أن يهب من حقه الخاص " كالصلاة المحمدية " لانفراده بهذه الخصيصة الربانية، ولعدم قابلية غيره لها فهي سالبة بانتفاء الموضوع.
فلا معني لما قال أبو اليمن بن عساكر وابن حجر في فتح الباري وغيرهما: [له صلي الله عليه (وآله) وسلم أن يصلي علي غيره مطلقا لأنه حقه ومنصبه فله التصرف فيه كيف شاء بخلاف أمته إذ ليس لهم أن يؤثروا غيره بما هو له]. كما وهو مخالف لظاهر الآية {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}.
[1] - ورواه القاضي إسماعيل المتوفي 282، في فضل الصلاة ص: 69، برقم: 77. وصف إسناده الألباني في الهامش بقوله: إسناده صحيح وأخرجه ابن أبي شيبة، ج: 2، ص: 519. وأخرجه أبو داود برقم: 1533.
(٤٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب سنن أبي داود (1)، كتاب فتح الباري (1)، إبن عساكر (1)، جابر بن عبد الله (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (9)، الزوج، الزواج (2)، الجواز (3)، الوفاة (1)

* الدليل السادس: الصلاة علي الأنصار وذريتهم

وثانيا: إن فعل النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم سنة حتي يرد دليل علي اختصاص، أو منع، وأقل مراتب فعله يدل علي الاستحباب. ولذا نازعه فيه صاحب المعتمد من الشافعية: بأنه لا دليل علي الخصوصية.
الدليل السادس: صلاته علي الأنصار وذريتهم: ففي السنن الكبري للبيهقي عن قيس بن سعد بن عبادة عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم قال: [اللهم صل علي الأنصار وعلي ذرية الأنصار] [1].
فإذا كان النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم دعا الأنصار وهو ممن يستجاب له فمن باب أولي أن نتأسي بهم وندعو للأنصار الذين اتبعوه بإحسان.
الدليل السابع: صلاته علي آل سعد بن عبادة، عن قيس بن سعد عن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم أنه قال: [اللهم اجعل صلواتك ورحمتك علي آل سعد بن عبادة] [2].
[1] - ففي السنن الكبري للبيهقي عن قيس بن سعد بن عبادة قال جاء النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم إلي سعد فقال السلام عليكم فرد سعد وخافت فلما رأي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أنه لا يؤذن له انصرف فخرد سعد في أثره فقال يا رسول الله ما منعني أن أسمعك إلا أني أحببت أن أستكثر من تسليمك فرجع معه فوضع له ماء في جفنة فاغتسل ثم أمر بملحفة مصبوغة بورس فالتحف بها كأني أنظر إلي الورس في عكنة جنبه فقال: [اللهم صل علي الأنصار وعلي ذرية الأنصار] ذكر الاختلاف علي الأوزاعي في هذا الحديث. السنن الكبري، ج: 6، ص: 89. ورواه أيضا في: عمل اليوم والليلة، (324) وكذلك الطبراني في المعجم الكبير مطولا، ج: 18، برقم: 890. وأبو بكر أحمد بن أبي العاصم المتوفي سنة: 287، ص: 67، برقم: 88.
[2] - رواه أحمد، ج: 3، ص: 421. وأبو داود في سننه، ج: 4، ص: 347، والنسائي في سننه، ج: 6، ص: 89، وص: 90، عمل اليوم والليلة، (325) والطبراني في المعجم الكبير، ج: 18، ص: 353. والقاضي إسماعيل ص: 67، برقم: 87. واللفظ لأحمد قال: حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي قال سمعت يحيي بن أبي كثير يقول حدثني محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن قيس بن سعد قال زارنا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم في منزلنا، فقال السلام عليكم ورحمة الله. قال: فرد سعد ردا خفيا. فرجع رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم واتبعه سعد، فقال: يا رسول الله قد كنت أسمع تسليمك وأرد عليك ردا خفيا لتكثر علينا من السلام. قال فانصرف معه رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، فأمر له سعد بغسل فوضع فاغتسل، ثم ناوله أو قال ناولوه ملحفة مصبوغة بزعفران وورس فاشتمل بها، ثم رفع رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم يديه وهو يقول: [اللهم اجعل صلواتك ورحمتك علي آل سعد بن عبادة] قال ثم أصاب من الطعام فلما أراد الانصراف قرب إليه سعد حمارا قد وطأ عليه بقطيفة فركب رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم فقال سعد يا قيس اصحب رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم قال قيس فقال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: اركب فأبيت ثم قال:
إما أن تركب وإما أن تنصرف قال فانصرفت.
(٤٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (11)، سعد بن عبادة (3)، قيس بن سعد (1)، المنع (1)، الصّلاة (2)، الطبراني (2)، أسعد بن زرارة (1)، الوليد بن مسلم (1)، محمد بن عبد (1)، الطعام (1)، الوفاة (1)

الدليل السابع: صلاته علي آل سعد بن عبادة

اشارة

وثانيا: إن فعل النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم سنة حتي يرد دليل علي اختصاص، أو منع، وأقل مراتب فعله يدل علي الاستحباب. ولذا نازعه فيه صاحب المعتمد من الشافعية: بأنه لا دليل علي الخصوصية.
الدليل السادس: صلاته علي الأنصار وذريتهم: ففي السنن الكبري للبيهقي عن قيس بن سعد بن عبادة عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم قال: [اللهم صل علي الأنصار وعلي ذرية الأنصار] [1].
فإذا كان النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم دعا الأنصار وهو ممن يستجاب له فمن باب أولي أن نتأسي بهم وندعو للأنصار الذين اتبعوه بإحسان.
الدليل السابع: صلاته علي آل سعد بن عبادة، عن قيس بن سعد عن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم أنه قال: [اللهم اجعل صلواتك ورحمتك علي آل سعد بن عبادة] [2].
[1] - ففي السنن الكبري للبيهقي عن قيس بن سعد بن عبادة قال جاء النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم إلي سعد فقال السلام عليكم فرد سعد وخافت فلما رأي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أنه لا يؤذن له انصرف فخرد سعد في أثره فقال يا رسول الله ما منعني أن أسمعك إلا أني أحببت أن أستكثر من تسليمك فرجع معه فوضع له ماء في جفنة فاغتسل ثم أمر بملحفة مصبوغة بورس فالتحف بها كأني أنظر إلي الورس في عكنة جنبه فقال: [اللهم صل علي الأنصار وعلي ذرية الأنصار] ذكر الاختلاف علي الأوزاعي في هذا الحديث. السنن الكبري، ج: 6، ص: 89. ورواه أيضا في: عمل اليوم والليلة، (324) وكذلك الطبراني في المعجم الكبير مطولا، ج: 18، برقم: 890. وأبو بكر أحمد بن أبي العاصم المتوفي سنة: 287، ص: 67، برقم: 88.
[2] - رواه أحمد، ج: 3، ص: 421. وأبو داود في سننه، ج: 4، ص: 347، والنسائي في سننه، ج: 6، ص: 89، وص: 90، عمل اليوم والليلة، (325) والطبراني في المعجم الكبير، ج: 18، ص: 353. والقاضي إسماعيل ص: 67، برقم: 87. واللفظ لأحمد قال: حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي قال سمعت يحيي بن أبي كثير يقول حدثني محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن قيس بن سعد قال زارنا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم في منزلنا، فقال السلام عليكم ورحمة الله. قال: فرد سعد ردا خفيا. فرجع رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم واتبعه سعد، فقال: يا رسول الله قد كنت أسمع تسليمك وأرد عليك ردا خفيا لتكثر علينا من السلام. قال فانصرف معه رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، فأمر له سعد بغسل فوضع فاغتسل، ثم ناوله أو قال ناولوه ملحفة مصبوغة بزعفران وورس فاشتمل بها، ثم رفع رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم يديه وهو يقول: [اللهم اجعل صلواتك ورحمتك علي آل سعد بن عبادة] قال ثم أصاب من الطعام فلما أراد الانصراف قرب إليه سعد حمارا قد وطأ عليه بقطيفة فركب رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم فقال سعد يا قيس اصحب رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم قال قيس فقال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: اركب فأبيت ثم قال:
إما أن تركب وإما أن تنصرف قال فانصرفت.
(٤٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (11)، سعد بن عبادة (3)، قيس بن سعد (1)، المنع (1)، الصّلاة (2)، الطبراني (2)، أسعد بن زرارة (1)، الوليد بن مسلم (1)، محمد بن عبد (1)، الطعام (1)، الوفاة (1)

* الدليل الثامن: صلاته صلي الله عليه وآله وسلم علي جابر وزوجته

الدليل الثامن: صلاته صلي الله عليه وآله وسلم علي جابر وزوجته فقد رووا عن جابر قال أتيت النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أستعينه في دين كان علي أبي قال فقال آتيكم قال فرجعت فقلت للمرأة لا تكلمي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم ولا تسأليه قال فأتانا فذبحنا له داجنا كان لنا، فقال: يا جابر كأنكم عرفتم حبنا اللحم؟
قال: فلما خرج قالت له المرأة: صل علي وعلي زوجي أو صل علينا؟ قال: فقال:
[اللهم صل عليهم]، قال: فقلت لها: أليس قد نهيتك؟ قالت: تري رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم كان يدخل علينا ولا يدعو لنا [1].
أقول: إن زوجة جابر رضوان الله عليهما كانت تعلم سابقا أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم يدعو للمؤمنين بلفظ الصلاة واستغلت دخوله لنيل هذه الكرامة وإلا بإمكانها أن تقول: ادعو لنا، أو استغفر لنا، أو ترحم علينا أو غيرها من الألفاظ.
الدليل التاسع: صلاة الملائكة علي المنتظر للصلاة المكتوبة في مصلاه فقد روي البخاري، أنه قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [الملائكة تصلي علي أحدكم ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه، اللهم صل عليه، اللهم ارحمه ما لم يحدث فيه ما لم يؤذ فيه، وقال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه] [2].
[1] - مسند أحمد، ج: 3، ص: 303، قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح عن جابر قال أتيت النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أستعينه في دين كان علي أبي قال فقال آتيكم قال فرجعت فقلت للمرأة لا تكلمي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم ولا تسأليه قال فأتانا فذبحنا له داجنا كان لنا، فقال: يا جابر كأنكم عرفتم حبنا اللحم؟ قال: فلما خرج قالت له المرأة: صل علي وعلي زوجي أو صل علينا؟ قال: فقال: [اللهم صل عليهم]، قال: فقلت لها: أليس قد نهيتك؟ قالت: تري رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم كان يدخل علينا ولا يدعو لنا]. ورواه ابن حبان بترتيب ابن بلبان، ج: 3، ص: 264. وفي لفظ البيهقي في: السنن الكبري، ج: 6، ص: 112 قال: أتانا النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم فنادته امرأتي يا رسول الله! صلي علي وعلي زوجي؟ فقال: [صلي عليك وعلي زوجك].
[2] - البخاري، ج: 1، ص: 181، وص: 232، وج: 2، ص: 746، قال: حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: صلاة أحدكم في جماعة تزيد علي صلاته في سوقه، وبيته بضعا وعشرين درجة، وذلك بأنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتي المسجد لا يريد إلا الصلاة، لا ينهزه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع بها درجة، أو حطت عنه بها خطيئة، والملائكة تصلي علي أحدكم ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه، اللهم صل عليه اللهم ارحمه مالم يحدث فيه مالم يؤذ فيه، وقال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه]. ورواه مسلم، ج: 1، ص: 459. وأبو داود، ج: 1، ص: 153. وأحمد، ج: 2، ص: 252.
(٤٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (8)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (19)، الزوج، الزواج (4)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، أبو هريرة العجلي (1)، السجود (1)، الوضوء (1)

* الدليل التاسع: صلاة الملائكة علي المنتظر للصلاة المكتوبة في مصلاه

اشارة

الدليل الثامن: صلاته صلي الله عليه وآله وسلم علي جابر وزوجته فقد رووا عن جابر قال أتيت النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أستعينه في دين كان علي أبي قال فقال آتيكم قال فرجعت فقلت للمرأة لا تكلمي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم ولا تسأليه قال فأتانا فذبحنا له داجنا كان لنا، فقال: يا جابر كأنكم عرفتم حبنا اللحم؟
قال: فلما خرج قالت له المرأة: صل علي وعلي زوجي أو صل علينا؟ قال: فقال:
[اللهم صل عليهم]، قال: فقلت لها: أليس قد نهيتك؟ قالت: تري رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم كان يدخل علينا ولا يدعو لنا [1].
أقول: إن زوجة جابر رضوان الله عليهما كانت تعلم سابقا أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم يدعو للمؤمنين بلفظ الصلاة واستغلت دخوله لنيل هذه الكرامة وإلا بإمكانها أن تقول: ادعو لنا، أو استغفر لنا، أو ترحم علينا أو غيرها من الألفاظ.
الدليل التاسع: صلاة الملائكة علي المنتظر للصلاة المكتوبة في مصلاه فقد روي البخاري، أنه قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [الملائكة تصلي علي أحدكم ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه، اللهم صل عليه، اللهم ارحمه ما لم يحدث فيه ما لم يؤذ فيه، وقال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه] [2].
[1] - مسند أحمد، ج: 3، ص: 303، قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح عن جابر قال أتيت النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أستعينه في دين كان علي أبي قال فقال آتيكم قال فرجعت فقلت للمرأة لا تكلمي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم ولا تسأليه قال فأتانا فذبحنا له داجنا كان لنا، فقال: يا جابر كأنكم عرفتم حبنا اللحم؟ قال: فلما خرج قالت له المرأة: صل علي وعلي زوجي أو صل علينا؟ قال: فقال: [اللهم صل عليهم]، قال: فقلت لها: أليس قد نهيتك؟ قالت: تري رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم كان يدخل علينا ولا يدعو لنا]. ورواه ابن حبان بترتيب ابن بلبان، ج: 3، ص: 264. وفي لفظ البيهقي في: السنن الكبري، ج: 6، ص: 112 قال: أتانا النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم فنادته امرأتي يا رسول الله! صلي علي وعلي زوجي؟ فقال: [صلي عليك وعلي زوجك].
[2] - البخاري، ج: 1، ص: 181، وص: 232، وج: 2، ص: 746، قال: حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: صلاة أحدكم في جماعة تزيد علي صلاته في سوقه، وبيته بضعا وعشرين درجة، وذلك بأنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتي المسجد لا يريد إلا الصلاة، لا ينهزه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع بها درجة، أو حطت عنه بها خطيئة، والملائكة تصلي علي أحدكم ما دام في مصلاه الذي يصلي فيه، اللهم صل عليه اللهم ارحمه مالم يحدث فيه مالم يؤذ فيه، وقال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه]. ورواه مسلم، ج: 1، ص: 459. وأبو داود، ج: 1، ص: 153. وأحمد، ج: 2، ص: 252.
(٤٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (8)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (19)، الزوج، الزواج (4)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، أبو هريرة العجلي (1)، السجود (1)، الوضوء (1)

* الحديث عن عبادة الملائكة يشير إلي الإقتداء بهم

أقول: لا يخفي تقييد المنتظر للصلاة بالنية الخالصة كما قال: لا يريد إلا الصلاة وكونه علي طهارة ولم يؤذي أحدا. وصلاة الملائكة علي المؤمن له موارد جدا كثيرة لا سيما علي المصلي علي محمد وآل محمد.
وفي تحرير هذه الأدلة لجواز الصلاة الواردة في تلك الموارد يقال: أن الملائكة مأمورة بذلك وعملها معصوم وإن لم يكن عملها في مورد الأسوة ولا مأمورين بالاقتداء بهم كما أورد ذلك البعض، إلا أنه يدل في أقل مراتبه علي الجواز، ولا عبرة بمن قال أن [أحكام الملك خارج عن تكاليف البشر ولا يصح القياس عليها فيما يقولونه أو يفعلونه] فإننا نقول بالأولوية لا بالقياس أي إذا كان الله تعالي يأمر الملائكة وهم العباد المكرمون الذي لا يعصونه بالصلاة علي المؤمن إذا تلبس بصفة خاصة ودعاءها أو قيامها بآثارها تحقيقا فمن باب أولي أن يدعو أحدنا ويصلي علي ذلك المؤمن، مع أنه قد يقال أنه من المرغوب أن يتأسي الإنسان بالملائكة في العبادات في هكذا أعمال، ولعل هذا من أسرار ذكر عباداتهم في القرآن والأحاديث الشريفة، وقد يفهم ذلك من آية الصلوات في ذكر الملائكة: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} التأسي بهم في الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم.
الدليل العاشر: ما ورد عن ابن عمر من الصلاة علي الميت، وقد رواه القاضي إسماعيل عن ابن عمر: أنه يكبر علي الجنازة، ويصلي علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم ثم يقول: [اللهم بارك فيه، وصل عليه، واغفر له، وأورده حوض نبيك صلي الله عليه (وآله) وسلم] [1].
وإن قيل: أن قول ابن عباس يعارضه. قلنا: بل المعارضة ضعيفة لكثرة الأحاديث في جانب الجواز بل الاستحباب مع أنه يقال: يحمل قول ابن عباس علي عدم جوازه الصلاة علي غير الأنبياء في مقام التعظيم والتبجيل لا في مقام المغفرة والرحمة، والقرينة حالية في
[1] - فضل الصلاة، ص: 77، برقم: 92، وفي هامشه إسناده موقوف صحيح.
(٤٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الصلاة علي الميّت (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (2)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (6)، الجنازة (1)، الطهارة (1)

* الدليل العاشر: ما ورد عن ابن عمر من الصلاة علي الميت

أقول: لا يخفي تقييد المنتظر للصلاة بالنية الخالصة كما قال: لا يريد إلا الصلاة وكونه علي طهارة ولم يؤذي أحدا. وصلاة الملائكة علي المؤمن له موارد جدا كثيرة لا سيما علي المصلي علي محمد وآل محمد.
وفي تحرير هذه الأدلة لجواز الصلاة الواردة في تلك الموارد يقال: أن الملائكة مأمورة بذلك وعملها معصوم وإن لم يكن عملها في مورد الأسوة ولا مأمورين بالاقتداء بهم كما أورد ذلك البعض، إلا أنه يدل في أقل مراتبه علي الجواز، ولا عبرة بمن قال أن [أحكام الملك خارج عن تكاليف البشر ولا يصح القياس عليها فيما يقولونه أو يفعلونه] فإننا نقول بالأولوية لا بالقياس أي إذا كان الله تعالي يأمر الملائكة وهم العباد المكرمون الذي لا يعصونه بالصلاة علي المؤمن إذا تلبس بصفة خاصة ودعاءها أو قيامها بآثارها تحقيقا فمن باب أولي أن يدعو أحدنا ويصلي علي ذلك المؤمن، مع أنه قد يقال أنه من المرغوب أن يتأسي الإنسان بالملائكة في العبادات في هكذا أعمال، ولعل هذا من أسرار ذكر عباداتهم في القرآن والأحاديث الشريفة، وقد يفهم ذلك من آية الصلوات في ذكر الملائكة: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} التأسي بهم في الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم.
الدليل العاشر: ما ورد عن ابن عمر من الصلاة علي الميت، وقد رواه القاضي إسماعيل عن ابن عمر: أنه يكبر علي الجنازة، ويصلي علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم ثم يقول: [اللهم بارك فيه، وصل عليه، واغفر له، وأورده حوض نبيك صلي الله عليه (وآله) وسلم] [1].
وإن قيل: أن قول ابن عباس يعارضه. قلنا: بل المعارضة ضعيفة لكثرة الأحاديث في جانب الجواز بل الاستحباب مع أنه يقال: يحمل قول ابن عباس علي عدم جوازه الصلاة علي غير الأنبياء في مقام التعظيم والتبجيل لا في مقام المغفرة والرحمة، والقرينة حالية في
[1] - فضل الصلاة، ص: 77، برقم: 92، وفي هامشه إسناده موقوف صحيح.
(٤٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الصلاة علي الميّت (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (2)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (6)، الجنازة (1)، الطهارة (1)

* الدليل الحادي عشر: حديث أبي حميد الذي رووه في الصحاح

الصلاة علي الميت. كما في باقي الموارد أيضا هناك قرائن علي المقصود من إطلاق الصلاة عليها فمنتظر الصلاة تتصور فيه الصلاة الربانية لأنها مناسبة لحاله وانتظاره، والمعلم البركة في علمه، وإطالة الجلوس علي المائدة (بنحو لا يخرجه عن المتعارف) العافية والبركة في الطعام. وهكذا وقد ذكرنا بعض الموارد لصلاة الملائكة في الصلاة النورانية في المطلب الثاني من البحث الرابع فراجع.
وقال الآلوسي وفي خبر مسلم: [أن الملائكة تقول لروح المؤمن: صلي الله عليك وعلي جسدك]، وبه يرد علي الخفاجي قوله في شرح الشفاء: صلاة الملائكة علي الأمة لا تكون إلا بتبعيته صلي الله عليه (وآله) وسلم.
الدليل الحادي عشر: حديث أبي حميد الذي رووه في الصحاح والسنن ففي البخاري أبي حميد الساعدي أنهم قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلي اللهم عليه وسلم: [قولوا: اللهم صل علي محمد وأزواجه وذريته كما صليت علي آل إبراهيم وبارك علي محمد وأزواجه وذريته كما باركت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
بيان الاستدلال: إن الأزواج لسن من آله الذين تحرم عليهم الصدقة وذلك لعدم القرابة التي يثبت بها التحريم وعليه فذكرهن في الصلاة الذي يدل علي جواز إطلاق الصلاة علي حسب مقامهن وقابليتهن دليل علي جوازه علي غيرهن ممن لم يكن من الآل من الصحابة الأجلاء، والتابعين له بإحسان، وعباده الصالحين ومن باب أولي إذا كانوا من ذريته، ولا يخفي أنهم يشتركون معه بالصلاة من حيث الجنس العام لمعانيها: (وهو الانعطاف) كما يجتمع الفرس وزيد في مسمي الحيوانية ويفارق زيد الفرس بالإنسانية، وكما يشترك الحجر مع الألماس في مسمي الحجرية لكن الألماس يفارقه بكرامة حجريته ولونه وخواصه.. وهذا الاشتراك هو الذي سوغ العطف، والتبعية في الصلاة المحمدية وينفردون بفرد منها بالفصل الخاص لهم كالانعطاف بالمغفرة أو الرحمة أو البركة أو غير
(٤٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي الميّت (1)، الطعام (1)، الصّلاة (7)، الجواز (1)، التصدّق (1)

* الدليل الثاني عشر: اللهم ما صليت من صلاة فعلي من صليت

ذلك من حيث التبعية لكن اختصاصهم بمعني واحد وفرد من أفراد الصلاة أوضح في التخصيص والانفراد، بخلاف لو كانوا منضمين مع النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم. هذا بالنسبة لعباد الله الصالحين مطلقا أما ذريته فمبالغة التعظيم مطلوبة لهم وهي في التخصيص أبلغ منه في التبعية كما لا يخفي.
وقد قال أبو زكريا النووي في (الأذكار): واتفقوا علي جواز جعل غير الأنبياء تبعا لهم في الصلاة، ثم ذكر هذه الكيفية: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، وعلي أصحابه وأزواجه وذريته وأتباعه]، وقال: للأحاديث الصحيحة في ذلك، وقد أمرنا به في التشهد، ولم يزل السلف عليه خارج الصلاة أيضا [1].
ومن ذلك الأثر المعروف الذي ذكروه: [اللهم صل علي ملائكتك المقربين وأنبيائك والمرسلين وأهل طاعتك أجمعين، من أهل السماوات والأرضين] (132).
أقول: ومن هنا يعلم جواز الصلاة علي الملائكة إضافة علي ما ذكر في المطلب السابق.
الدليل الثاني عشر: ما رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين عن زيد بن ثابت أن النبي صلي اللهم عليه (وآله) وسلم علمه وأمره أن يتعاهد به أهله كل صباح: [ … اللهم ما صليت من صلاة فعلي من صليت وما لعنت من لعنة فعلي من لعنت أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين] [2].
[1] - الأذكار، ص: 210، طبعة دار التراث الأولي المحققة، 1407 ه.
[2] - وقد روي الحديث أحمد في مسنده، ج: 5، ص: 191. برقم: 21710. وفي المستدرك، ج: 1، ص: 697، برقم: 1900.
وأبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير، ج: 5، ص: 119، برقم: 4803. وص: 157 وذكره الطبراني أيضا في مسند الشاميين. لكن طعن به بعضهم بتضعيفه لوجود أبي بكر بن أبي مريم الذي ضعفه أكثر من واحد من أئمة القوم، أقول لكن الطبراني رواه في المعجم الكبير، ج: 5، ص: 119، برقم 4803، بإسناد رجاله وثقوا. قائلا: حدثنا بكر بن سهل الدمياطي ثنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن ضمرة بن حبيب عن زيد بن ثابت: [أن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم علمه وأمره أن يتعاهد به أهله كل صباح: [لبيك اللهم لبيك اللهم لبيك وسعديك والخير في يديك ومنك وبك وإليك اللهم ما قلت من قول أو نذرت من نذر أو حلفت من حلف فمشيئتك بين يديه ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله والله علي كل شئ قدير.. الخ].
(٤٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، زيد بن ثابت (2)، الصّلاة (7)، الجواز (2)، الشهادة (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب مسند الشاميين للطبراني (1)، الطبراني (3)، عبد الله بن صالح (1)، معاوية بن صالح (1)، الوراثة، التراث، الإرث (1)

* الدليل الثالث عشر: الصلاة علي الأطفال

أقول: بيان الاستدلال أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم علمه دعاء فيه ما يفهم منه جواز الصلاة علي المؤمنين بل استحبابه لكن لما كان العبد قد يصلي علي من لم يكن بأهل للصلاة أو يلعن من لم يستحق اللعنة لجهله بواقع أمره وحقيقة حاله ورد الحصر علي المستحق لهما دون غيره فإن قوله: [اللهم ما صليت من صلاة فعلي من صليت] حصر الصلاة علي المستحق دون غيره وهذا يستوجبه جواز أصل الصلاة.
الدليل الثالث عشر: الصلاة علي الأطفال، ففي للقاضي إسماعيل عن محمد بن سيرين: أنه كان يدعو للصغير ويستغفر، كما يدعو للكبير، فقيل له: إن هذا ليس له ذنب؟ فقال النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم: [قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وقد أمرت أن أصلي عليه] [1]. قال الألباني في الهامش: إسناده موقوف صحيح.
أقول: قد فهم ابن سيرين أن الصلاة لها عدة معاني يصحح أن تسند إلي النبي المعصوم صلي الله عليه وآله وسلم وهي الصلاة المحمدية، وتصلح أن تضاف إلي الطفل الذي رفع عنه القلم، وذلك بلحاظ معني البركة أو الرحمة، والكرامة والتفضل والعافية.. أو بحسب حاله.
الدليل الرابع عشر: الصلاة علي المؤمنين عند فقدان الصدقة، ففي المستدرك للحاكم عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أنه قال: [ … أيما رجل مسلم لم يكن له صدقة فليقل في دعائه اللهم صل علي محمد عبدك ورسولك وصل علي المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فإنها له زكاة وقال لا يشبع مؤمن يسمع خيرا حتي يكون منتهاه الجنة]. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (133) [2].
[1] - فضل الصلاة، ص: 70، برقم: 78.
[2] - ففي المستدرك للحاكم، ج: 4، ص: 144، برقم: 7175، قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنبأ بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث إن أبا الشيخ حدثه أن أبا الهيثم حدثه عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالي عنه عن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم أنه قال أيما رجل كسب مالا من حلال فأطعم نفسه وكساها فمن دونه من خلق الله له زكاة … ]
(٤٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الصّلاة (10)، الزكاة (2)، الجواز (1)، التصدّق (1)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، أبو سعيد الخدري (1)، محمد بن عبد الله (1)، محمد بن يعقوب (1)، الكسب (1)

* الدليل الرابع عشر: الصلاة علي المؤمنين عند فقدان الصدقة

اشارة

أقول: بيان الاستدلال أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم علمه دعاء فيه ما يفهم منه جواز الصلاة علي المؤمنين بل استحبابه لكن لما كان العبد قد يصلي علي من لم يكن بأهل للصلاة أو يلعن من لم يستحق اللعنة لجهله بواقع أمره وحقيقة حاله ورد الحصر علي المستحق لهما دون غيره فإن قوله: [اللهم ما صليت من صلاة فعلي من صليت] حصر الصلاة علي المستحق دون غيره وهذا يستوجبه جواز أصل الصلاة.
الدليل الثالث عشر: الصلاة علي الأطفال، ففي للقاضي إسماعيل عن محمد بن سيرين: أنه كان يدعو للصغير ويستغفر، كما يدعو للكبير، فقيل له: إن هذا ليس له ذنب؟ فقال النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم: [قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وقد أمرت أن أصلي عليه] [1]. قال الألباني في الهامش: إسناده موقوف صحيح.
أقول: قد فهم ابن سيرين أن الصلاة لها عدة معاني يصحح أن تسند إلي النبي المعصوم صلي الله عليه وآله وسلم وهي الصلاة المحمدية، وتصلح أن تضاف إلي الطفل الذي رفع عنه القلم، وذلك بلحاظ معني البركة أو الرحمة، والكرامة والتفضل والعافية.. أو بحسب حاله.
الدليل الرابع عشر: الصلاة علي المؤمنين عند فقدان الصدقة، ففي المستدرك للحاكم عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أنه قال: [ … أيما رجل مسلم لم يكن له صدقة فليقل في دعائه اللهم صل علي محمد عبدك ورسولك وصل علي المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فإنها له زكاة وقال لا يشبع مؤمن يسمع خيرا حتي يكون منتهاه الجنة]. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (133) [2].
[1] - فضل الصلاة، ص: 70، برقم: 78.
[2] - ففي المستدرك للحاكم، ج: 4، ص: 144، برقم: 7175، قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنبأ بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث إن أبا الشيخ حدثه أن أبا الهيثم حدثه عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالي عنه عن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم أنه قال أيما رجل كسب مالا من حلال فأطعم نفسه وكساها فمن دونه من خلق الله له زكاة … ]
(٤٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الصّلاة (10)، الزكاة (2)، الجواز (1)، التصدّق (1)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، أبو سعيد الخدري (1)، محمد بن عبد الله (1)، محمد بن يعقوب (1)، الكسب (1)

* بعض الموارد التي أطلقت الصلاة من طرق الخاصة

والحديث صريح في جواز الصلاة علي المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وهو يشمل كل عباد الله الصالحين وأهل البيت وذريته عليهم الصلاة والسلام فإنهم سادة المؤمنين وأفضلهم. والجملة مستقلة مستأنفة وليس هو مفرد معطوف حتي يقال أنه إنما كان ذلك بالتبع وتكرار الفعل (صل) دليل علي عدم تبعية المعطوف للصلاة المحمدية نعم وردا معا في سياق دعاء واحد.
ونكتفي بهذه الأدلة والأحاديث الصحيحة وهناك الأحاديث الكثيرة التي وردت في هذا المعني مما تدل علي جواز الصلاة علي غير الأنبياء بل استحبابها.
[بعض الموارد التي ذكرها الشيعة] وأما ما ورد عن الخاصة في ذلك من الأحاديث فهي كثيرة جدا يري بعضها في صفحات هذا الكتاب الشريف وإليك بعض الموارد التي أطلقت الصلاة علي آل محمد عليهم الصلاة والسلام منها:
المورد الأول: ما في (بيان التنزيل) لابن شهرآشوب قدس سره: عن سليمان بن خالد الأقطع قال: قلت للصادق عليه الصلاة والسلام: أيجوز أن يصلي علي المؤمنين؟
قال: إي والله يصلي عليهم فقد صلي الله عليهم أما سمعت قول الله: {هو الذي يصلي عليكم … } الآية (135).
المورد الثاني: ما روي عن سعد الخفاف أنه كان إذا خاطب الإمام الباقر يصلي عليه ففي الكافي عن سعد الخفاف عن أبي جعفر عليه السلام، قال: [يا سعد تعلموا القرآن فإن القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليها الخلق … ثم قال يا سعد أسمعك كلام القرآن قال سعد فقلت بلي صلي الله عليك] (136).
ولا يخفي أن الإمام متي كان في موقع التقرير والتأييد فهو حجة علي مشروعية الفعل.
(٤١٠)
صفحهمفاتيح البحث: أفعال الصلاة (1)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، يوم القيامة (1)، ابن شهرآشوب (1)، سعد الخفاف (2)، القرآن الكريم (3)، الحج (1)، الصّلاة (8)، الجواز (2)
المورد الثالث: مخاطبة حنظلة بن أسعد الشبامي الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام بالصلاة والسلام عليه. فإنه جاء في وداعه الحسين عليه الصلاة والسلام في كربلاء:
فوقف بين يدي الحسين عليه السلام يقيه السهام والرماح والسيوف بوجهه ونحره، فما أحقه بقول عرقلة بن حسان الدمشقي:
ويرد صدر السمهري بصدره * ماذا يؤثر ذابل في يذبل وكأنه والمشرفي بكفه * بحر يكر علي الكماة بجدول وأخذ ينادي: {يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب * مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد * ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد * يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم} [غافر: 33].
يا قوم! لا تقتلوا حسينا فيسحتكم الله بعذاب، وقد خاب من افتري. فقال له الحسين: يا ابن أسعد رحمك الله، إنهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق، ونهضوا إليك يشتمونك وأصحابك، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين. قال: صدقت، جعلت فداك، أفلا نروح إلي ربنا، ونلحق بإخواننا؟ قال:
بلي، رح إلي ما هو لك خير من الدنيا وما فيها وإلي ملك لا يبلي.
فقال: [السلام عليك يا ابن رسول الله، صلي الله عليك، وعلي أهل بيتك، وعرف بيننا وبينك في الجنة]، فقال الحسين عليه السلام: آمين آمين. وتقدم فقاتل قتالا شديدا فحملوا عليه فقتلوه (137).
المورد الرابع: ما في الكافي في كتاب العشرة بإسناده عن صفوان بن يحيي قال كنت عند الرضا عليه السلام فعطس فقلت له: (صلي الله عليك)، ثم عطس فقلت:
(صلي الله عليك)، ثم عطس فقلت: (صلي الله عليك)، وقلت له: جعلت فداك إذا عطس مثلك نقول له كما يقول بعضنا لبعض: يرحمك الله أو كما نقول؟ قال: نعم
(٤١١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (4)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، مدينة كربلاء المقدسة (1)، صفوان بن يحيي (1)، حنظلة بن أسعد (1)، القتل (2)، الفدية، الفداء (1)، العذاب، العذب (1)
أليس تقول صلي الله علي محمد وآل محمد؟ قلت: بلي، قال: أرحم محمدا وآل محمد؟
قال: بلي، وقد صلي الله عليه ورحمه وإنما صلواتنا عليه رحمة لنا وقربة.
قال علمائنا في توضيح الحديث: غرض السائل السؤال عن التغيير أي هل نحن مخيرون بين أن نقول يرحمك الله كما يقول بعضنا لبعض، وبين أن نقول كما نقول إشارة إلي ما قال: (صلي الله عليك)، فأجاب عليه السلام بالتخيير ورفع الاستبعاد الناشئ للسائل عن أنهم عليهم السلام لا يحتاجون إلي الدعاء لهم بالرحمة وعن أنه حط لرتبتهم أن يقال لهم مثل هذا القول، فأجاب عليه السلام بأنك تقول في الدعاء ارحم محمدا وآل محمد ونقول: صلي الله علي محمد وآل محمد والصلاة أيضا بمعني الرحمة ثم رفع شبهته بأن صلواتنا عليهم ليس لاحتياجهم إلي دعائنا بل قرر ذلك لرفع درجاتنا فيصل نفعها إلينا ويمكن أن يكون غرض السائل الاستبعاد عن الأمرين معا أي هل نقول أحد هذين القولين فأجاب عليه السلام برفع الاستبعاد عن كليهما. ولعل العبارة في قوله: (ارحم محمدا وآل محمد؟) أليس تقول: ارحم محمدا وآل محمد؟ قلت: بلي، قال وقد صلي الله ورحمه وإنما صلواتنا عليه رحمة لنا وقربة.
وأتذكر هنا رؤيا لأحد المؤمنين ففي عيون أخبار الرضا عن أبي علي النصري المعدل قال رأي أبي رجلا من الصالحين في ما يري النائم النبي الأكرم فقال له: من أزور من أولادك قال: من هو أقرب منك، قلت: تعني الرضا؟ فقال: قل: [صلي الله عليه، قل: صلي الله عليه، قل: صلي الله عليه].
وذكر في بعض الأخبار تعبير النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم عن الإمام الرضا عليه السلام بالبضعة، كما أطلق علي ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام مما يدل أنهم بمنزلته في مقام التعظيم والتبجيل وقد ذكر علماء العامة أحاديث كثيرة في أن الإمام علي عليه السلام بمنزلة نفسه كما في آية المباهلة:
{وأنفسنا}. وقد قال في ابنته الزهراء عليها الصلاة والسلام: [فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني]، وقال في الإمامين
(٤١٢)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، آية المباهلة (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (2)

* الصلاة علي فاطمة الزهراء عليها السلام

الحسنين عليهما الصلاة والسلام: إنهما مني وأنا منهما.. فالصلاة علي أحدهم هي صلاة عليه في الواقع وقد حكت فاطمة الزهراء عن أبيها صلي الله عليه وعليها وسلم: [من صلي عليك غفر الله عز وجل له وألحقه بي حيثما كنت من الجنة] (138).
ولأبي القاسم الصنوبري المتوفي سنة: 334، قصيدة يصلي فيها علي سيدة نساء العالمين أحببت إيرادها للمناسبة:
يا مغريا نفسي بوصف عزيزة * أغريت عاصية علي مغريها لا خير في وصف النساء فأعفني * عما تكلفنيه من وصفيها يا رب قافية حلي أمضائها * لم يحل ممضاها إلي ممضيها لا تطمعن النفس في إعطائها * شيئا فتطلب فوق ما يكفيها حب النبي محمد ووصيه * مع حب فاطمة وحب بنيها أهل الكساء الخمسة الغرر التي * يبني العلا بعلاهم بانيها كم نعمة أوليت يا مولاهم * في حبهم فالحمد للموليها إن السفاه بشغل مدحي عنهم * فيحق لي أن لا أكون سفيها أرجو شفاعتهم فتلك شفاعة * يلتذ بردا رجائها راجيها صلوا علي بنت النبي محمد * بعد الصلاة علي النبي أبيها المورد الخامس: استحباب الصلاة عند ذكر الحسين عليه الصلاة والسلام ففي المقنعة للشيخ المفيد رضوان الله عنه، عن يونس بن ظبيان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام:
جعلت فداك إني كثيرا ما أذكر الحسين عليه السلام فأي شئ أقول؟ قال: قل:
[صلي الله عليك يا أبا عبد الله]، تعيد ذلك (ثلاثة) فإن التسليم يصل إلينا من قريب ومن بعيد (139).
(٤١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، أهل الكساء (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، يونس بن ظبيان (1)، الفدية، الفداء (1)، الشفاعة (1)، الصّلاة (2)، الوفاة (1)
وقال خالد محمد خالد في كتابه أبناء الرسول في كربلا: ومن لقيادة الأبرار في هذا المجال كأبي عبد الله الحسين. خير ابن لخير آباء.. وأكرم وارث لبيت التضحية والبذل والفداء … إن ملايين المسلمين في كل العصور والأزمان يصلون عليه في صلواتهم أناء الليل وأطراف النهار أليس كل مسلم كان أو سيكون يختم صلاته قائلا: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله.. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد.
وأليس الحسين من أولئك الآل، أليس هو درتهم الفريدة والمجيدة؟
إذن فإن هذا الذي يصلون عليه عبر الزمان والأجيال حقا عظيما. وقال عن الذين قتلوا الحسين في كربلا في ص: 120: ومن عجيب أنهم كما يحدثنا التاريخ خرجوا لجريمتهم تلك بعد أن صلي بهم قائدهم صلاة الصبح..!! أصحيح أنهم صلوا، وقرؤوا في آخر صلاتهم: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد]، إذن ما بالهم ينفتلون من صلاتهم ليحصدوا بسيوفهم الآثمة آل محمد..؟ ويقول الشريف الرضي:
حملوا رأسا يصلون علي * جده الأكرم طوعا وإبا ولله در من قال:
يصلي علي المبعوث من آل هاشم * ويغزي بنوه إن ذا لعجيب وهناك موارد كثيرة جدا تحتاج إلي مؤلف مستقل.
(٤١٤)
صفحهمفاتيح البحث: مدينة كربلاء المقدسة (2)، الشريف الرضي، أبو الحسن محمد بن الحسين (1)، الصّلاة (5)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)، الوراثة، التراث، الإرث (1)

المطلب الحادي عشر: * معني تشبيه الصلاة علي محمد وآله بالصلاة الإبراهيمية

اشارة

المطلب الحادي عشر في:
[معني تشبيه الصلاة علي محمد وآله بالصلاة الإبراهيمية] قد تعرفنا علي جملة من معاني الصلاة علي محمد وآل محمد وبملاحظتها تعلم عظمتها وأفضليتها علي كل أنواع الصلوات، وكل مصلي عليه، لأن النبي محمد وآله [عليه وعليهم الصلاة والسلام] أفضل خلق الله تعالي جميعا، وأنهم في منتهي القابلية والاستعداد للفيض الرباني بل ما خلق الله عز وجل محلا لقبول فعل الصلاة المطلق وأعظم تجليا من الحقيقة المحمدية، ومن هنا يجب أن تكون الصلاة عليهم أفضل من كل صلاة صلاها ويصليها رب العالمين علي أحد من عباده وأنبيائه ورسله وملائكته المقربين.
ولما كان أفضلية النبي علي كل الأنبياء عند السنة والشيعة، وأهل بيته كذلك عند الشيعة خاصة من المسلم وقع الخلاف في توجيه تشبيه الصلاة علي محمد وآله بالصلاة علي إبراهيم وآله في هذه الجملة: [كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم] المتواترة في أحاديث كيفيات الصلاة علي محمد وآل محمد أو نحو: [كما صليت علي إبراهيم] بغير ذكر آله في التشبيه أو: [كما صليت آل إبراهيم] في البعض الآخر.
فإن دخول كاف التشبيه علي (ما) الموصولة أو (ما) المصدرية (كما صريح علماء فن البيان) ينبغي أي يكون المشبه به أقوي وأشد من المشبه حتي يصح التشبيه، وهذا أصل في تصحيح التشبيه، كما تقول: [زيد كالأسد]، فالشجاعة في الأسد أقوي وأجلي، فبعد صياغة الكلام عرف زيد أنه شجاع، وهاهنا ليس كذلك بل الأمر في الواقع بالعكس لأن درجة نبينا الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أشرف وأرفع من إبراهيم وغيره بالإجماع، وكذلك آله عليهم الصلاة والسلام أفضل أيضا من جميع الأنبياء وآلهم باتفاق علماء الخاصة، وهو ما يظهر للمتتبع للأخبار، فتكون الصلاة علي محمد وآل محمد أيضا أتم وأكمل وأفضل من الصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم فلا معني للتشبيه؟
وكيف كان فإنه ينبغي الجواب عن الإشكال الوارد في العبارة مع عدم تقدير كلمة [أفضل] لأن ذلك مبني علي عقيدة علماء الخاصة تبعا لما ورد عن أهل البيت عليهم
(٤١٥)
صفحهمفاتيح البحث: أفعال الصلاة (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (10)

* يرد الإشكال إذا أخذت الصلاة بمعني الثناء والمنحة الإلهية

الصلاة والسلام دون غيرهم، ولتجنب الملل نورد باختصار تلك الأجوبة وما قيل في إيراد النظر فيها، وما يحتمل أن يرد.
وكن علي معرفة لهذه المقدمة: أن صياغة الإشكال يكون علي هذا النحو من التشبيه في الصلاة: [اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم] يلزم أفضلية الصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم علي الصلاة علي محمد وآل محمد بمقتضي ما قاله علماء البيان من كون المشبه به [كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم] يجب أن يكون بوجه أقوي وأشد وأشهر أو من المشبه أو مساويا لكن أجلي من وجه.
وتلك العبارة وردت أيضا في أدعية أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم] المأثورة (كما ورد عن العامة) متواترا، وتعرض علمائهم وكذا علماء الشيعة لدفع الإشكال بوجوه عديدة ما اقتنعت بأغلبها بل بعضها واهية لا تستحق الذكر والرد عليها، وهدر الوقت في مطالعتها كما وبعضها لا تصح أن تكون حلا شاملا لعدم تناول الإشكال الوارد في تشبيه الصلاة علي (الآل) وذلك لعدم عقيدة المجيب بأفضلية أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم] علي إبراهيم وآله كما ستعرف ذلك عن قريب.
ولا يخفي أن هذا الإشكال يتوجه إذا أخذت الصلاة (هنا) بمعني الثناء، والعطاء والمنحة التي هي من آثار الرحمة، والرضوان في مقام التعظيم والتبجيل فتستدعي أن يكون عطاء إبراهيم والثناء عليه فوق الثناء علي محمد وآله أو مساويا له، وليس الأمر كذلك وإلا لكان أفضل منه والواقع خلافه.
ولتكن علي بصيرة أيضا أني أستعرض لك هذا المطلب وإن لم أكن راغبا في ذكره إلا أن كثرة الأجوبة لهذا الإشكال، وتناقض بعضها مع بعض، وهو ما يحير طالب الحق، جعلني أن أبين بعد نقل بعض أقوالهم ما هو الصحيح عندي في هذه المسألة بما يقتضيه القواعد العامة والمفاهيم المسلمة مختارا ما فيه فوائد علمية أخري مع غض النظر عما يصلح حلا للإشكال، ولم أري علي إطلاعي القاصر من تعرض إليه تفصيلا ونستمد إفاضة العلم والفهم ببركة: [الصلاة علي محمد وآل محمد].
(٤١٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (9)، الثناء (1)

* الجواب الأول: أن التشبيه واقع علي أصل الصلاة

اشارة

الجواب الأول: أن التشبيه الواقع في ذلك، المقصود منه تشبيه أصل الصلاة بالصلاة، وأصل الفعل بالفعل مع غض النظر عن قدرها وكيفيتها وأنواعها فإن أشدية المشبه به وأغلبيته ليست أمرا لازما بل قد يتحقق التشبيه بدونها فالمسئول إنما هو راجع إلي الهيئة، لا إلي قدر الموهوب كما يقول: أحد الأخوين (أعطني دينارا كما أعطيت أخي)، وأيضا كما تقول للرجل: (أحسن إلي ولدك كما أحسنت إلي فلان)، وأنت لا تريد بذلك قدر الإحسان، وإنما تريد به أصل الإحسان.
ومنه قوله تعالي: {وأحسن كما أحسن الله إليك} [القصص: 77]، ولا ريب أنه لا يقدر أحد أن يحسن بقدر ما أحسن الله إليه، وإنما أريد به أصل الإحسان لا قدره.
وقوله تعالي: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلي نوح والنبيين من بعده} [النساء:
163]، وهذا التشبيه في أصل الوحي لا في قدره وفضل الموحي به ولا الموحي إليه.
وقوله تعالي: {فليأتنا بآية كما أرسل الأولون} [الأنبياء: 5]، وتشير الآية إنما كان مرادهم جنس الآية لا نظيرها.
وأيضا قوله تعالي: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم} [البقرة: 183]، والتشبيه إنما هو في أصل الصوم لا في عينه وقدره وكيفيته.
وقال تعالي: {كما بدأكم تعودون} [الأعراف: 29]، ومعلوم تفاوت ما بين النشأة الأولي، وهي المبدأ والثانية وهي المعاد.
وقال تعالي: {إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلي فرعون رسولا} [المزمل: 15]، ومن الواضح أن التشبيه في أصل الإرسال لا يقتضي تماثل الرسولين. إلي غير ذلك من الآيات.
وقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: [لو إنكم تتوكلون علي الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا] (140).
فالتشبيه هنا في أصل الرزق لا في قدره ولا كيفيته، ونظائره كثيرة.
(٤١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الرزق (1)، الصيام، الصوم (2)، الصّلاة (1)، الشهادة (1)

* ما يرد علي الجواب الأول

وعلي هذا يكون معني: [اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم] أنه قد تقدمت منك الصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم فنسأل منك الصلاة علي محمد وآل محمد بطريق الأولي، لأن الذي يثبت للفاضل يثبت للأفضل بطريق الأولي، ومحصل هذا الجواب أن التشبيه ليس من باب إلحاق الكامل بالأكمل بل من باب التهييج ونحوه، أو من باب بيان حال ما لا يعرف بما يعرف لأنه فيما يستقبل والذي يحصل للنبي الأكرم وآله صلي الله عليه وآله وسلم من ذلك أقوي وأكمل. وبهذا يحصل الانفصال عن الإيراد المشهور من أن شرط التشبيه أن يكون المشبه به أقوي. وبه قال ابن حجر في فتح الباري في شرح البخاري. ولكن قد يقال في رد هذا الجواب:
أولا: بأن الكاف للتشبيه وهو صفة مصدر محذوف أو حال كما مر عليك وتقدير المعني: [اللهم صل علي محمد وآل محمد صلاة مماثلة للصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم] وهذا الكلام حقيقته أن تكون الصلاة مماثلة للصلاة المشبه بها فالظاهر أن هذا يقتضي المساواة إذ المثلان هما المتساويان في الوجوه الممكنة فلا يعدل عن حقيقة الكلام ووجهه.
ثانيا: أن ما ذكروه يجوز أن يستعمل في الأعلي والأدني والمساوي، فلو قلت:
أحسن إلي أبيك وأهلك كما أحسنت إلي مركوبك وخادمك ونحوه جاز ذلك.
ومن المعلوم أنه لو كان التشبيه في أصل الصلاة لحسن أن تقول: [اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت علي آل أبي أوفي، أو كما صليت علي آحاد المؤمنين ونحوه، أو كما صليت علي آدم، ونوح، وهود، ولوط]، فإن التشبيه عند هؤلاء إنما هو واقع في أصل الصلاة لا في قدرها ولا صفتها، ولا فرق في ذلك بين كل من صلي عليه، وأي ميزة وفضيلة في ذلك لإبراهيم وآله وما الفائدة حينئذ في ذكره وذكر آله؟
وكان يكفي في ذلك أن يقال: [اللهم صل علي محمد وآل محمد] فقط.
ثالثا: أن ما ذكروه من الأمثلة ليس بنظير الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فإن هذه الأمثلة نوعان: خبر، وطلب، فما كان منها خبرا فالمقصود بالتشبيه به
(٤١٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب فتح الباري (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (11)، الجواز (1)
الاستدلال والتقريب إلي الفهم وتقرير ذلك الخبر، وأنه مما لا ينبغي لعاقل إنكاره كنظير المشبه به، فكيف تنكرون الإعادة وقد وقع الاعتراف بالبداءة وهي نظيرها، وحكم النظير حكم نظيره، ولهذا يحتج تعالي بالمبدأ علي المعاد كثيرا قال تعالي: {كما بدأكم تعودون} [الأعراف: 29].
وقال تعالي: {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم} [يس: 78 و 79].
وهذا كثير في القرآن، وكذلك قوله تعالي: {إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلي فرعون رسولا} [المزمل: 15]، أي: كيف يقع الإنكار منكم وقد تقدم قبلكم رسل مني مبشرين ومنذرين، وقد علمتم حال من عصي رسلي كيف أخذتهم أخذا وبيلا.
وكذلك قوله تعالي: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلي نوح والنبيين من بعده} [النساء: 163]، أي: لست أول رسول طرق العالم، بل قد تقدمت قبلك رسل أوحيت إليهم كما أوحيت إليك، كما قال تعالي: {قل ما كنت بدعا من الرسل} [الأحقاف: 9]، فهذا رد وإنكار علي من أنكر رسالة النبي صلي الله عليه وآله وسلم مع مجيئه بمثل ما جاءت به الرسل من الآيات، بل أعظم منها فكيف تنكر رسالته؟
وليست من الأمور التي لم تطرق العالم، بل لم تخل الأرض من الرسل وآثارهم فرسولكم جاء علي منهاج من تقدمه من الرسل في الرسالة لم يكن بدعا.
وهكذا قول النبي صلي الله عليه وآله وسلم: [لو إنكم تتوكلون علي الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا] إخبارا بأنه تعالي يرزق المتوكلين عليه من حيث لا يحتسبون، وأنه لا يخليهم من رزق قط، كما ترون ذلك في الطير، فإنها تغدو من أوكارها خماصا، فيرزقها تعالي، حتي ترجع بطانا من رزقه، وأنتم أكرم علي الله من الطير ومن سائر الحيوانات، فلو توكلتم عليه لرزقكم من حيث لا تحتسبون، ولم يمنع أحدا منكم رزقه، هذا ما كان من قبيل الإخبار.
(٤١٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، القرآن الكريم (1)، المنع (1)
وأما في قسم الطلب والأمر فالمقصود منه التنبيه علي العلة وأن الجزاء من جنس العمل فإذا قلت: [علم كما علمك الله]، و {وأحسن كما أحسن الله إليك} [القصص:
77]، و [اعف كما عفا الله عنك] ونحوه، كان في ذلك تنبيه للمأمور علي شكر النعمة التي أنعم الله بها عليه، وأنه حقيق أن يقابلها بمثلها، ويقيدها بشكرها، وأن جزاء تلك النعمة من جنسها، ومعلوم أنه خطاب الله تعالي بشئ من ذلك، ولا يحسن في حقه فيصير ذكر التشبيه لغوا لا فائدة فيه وهذا غير جائز.
ونشير هنا أن ما أجاب به العلامة الحلي رضوان الله عليه علي الإشكال قد يرد عليه بعض ما ذكر ففي المسائل العكبرية (المسألة الثانية) قال السائل قد أجمعنا أن محمدا وآله (صلوات الله عليهم)، أفضل من إبراهيم وآله عليهم السلام. قال: ونحن نسأل الله في الصلاة علي ما ورد به الأثر (أن يصلي علي محمد وآله كما صلي علي إبراهيم وآل إبراهيم) فكأننا نسأله الحطيطة عن منزلتهم إذ كنا قد أجمعنا علي أنهم أفضل من إبراهيم وآله …
والجواب: (وبالله التوفيق) أنه ليس [في مسألتنا] الله تعالي أن يصلي علي محمد وآله كما علي إبراهيم وآل إبراهيم، ما يقتضي الرغبة إليه في إلحاقهم بدرجة إبراهيم وآل إبراهيم، وأنهم محطوطون عن تلك الدرجة، وإنا نسأله التفضل عليهم برفعهم إليها، كما ظنه السائل وأشباهه ممن علم لهم بمعاني الكلام، وإنما المراد بذلك الرغبة إلي الله في أن يفعل بهم المستحق لهم من التعظيم والإجلال، كما فعل بإبراهيم وآله ما استحقوه من ذلك فالسؤال يقتضي تنجيز المستحق منه تعالي وإن كان أفضل مما استحقه إبراهيم وآله.
ولهذا نظير من الكلام في المتعارف، وهو أن يقول القائل لمن كسا عبده في ماضي الدهر وأحسن إليه: (اكس ولدك الآن كما كسوت عبدك)، و (أحسن إليه كما أحسنت إلي عبدك من قبل)، ولا يريد مسألة إلحاق الولد برتبة العبد في الإكرام ولا التسوية بينهما في ماهية الكسوة والإحسان ومماثلتهما في القدر، بل يريد به الجمع بينهما في الفعلية والوجود.
(٤٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: العلامة الحلي (1)، الصّلاة (1)، الظنّ (1)

* الجواب الثاني: التشبيه قبل العلم بالأفضلية

اشارة

ولو أن رجلا استأجر إنسانا بدرهم أعطاه إياه عند فراغه من عمله، ثم عمل له أجير من بعد عملا يساوي أجرته دينارا، لصح أن يقال عند فراغ الإنسان من العمل: (أعط هذا الإنسان أجره كما أعطيت فلانا أجره)، أو يقول الأجير نفسه (وفني أجرتي كما وفيت أجيرك بالأمس أجرته).
ولا يقصد التمثيل بين الأجيرين في قدرهما، ولا السؤال في إلحاق الثاني برتبة الأول علي وجه الحط عن منزلته، والنقص له من حقه، فهكذا القول في مسألتنا الله سبحانه:
الصلاة علي محمد وآله عليهم السلام كما صلي علي إبراهيم وآل إبراهيم حسب ما بيناه وشرحناه [1].
الجواب الثاني: ما قاله العامة وهو في غاية الوهن وتفصيله أن التشبيه باق علي حقيقته أي الصلاة علي إبراهيم أفضل من الصلاة علي محمد وآل محمد وذلك أن هذه العبارة: [اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم] علمها النبي صلي الله عليه وآله وسلم أمته قبل أن يعلم الناس أو هو يعلم أنه أفضل من إبراهيم وأنه سيد ولد آدم.
أقول: فيه أولا: أنه لا شك أن تعليم النبي صلي الله عليه وآله وسلم أمته الصلاة عليه لما سألوه عن تفسير: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} هي من الأمور العبادية المجملة التي ينزل بها الوحي التفصيلي كباقي الأوامر المجملة التي يبينها صلي الله عليه وآله وسلم، وكل ذلك بوحي من الله كما قال تعالي: {وما ينطق عن الهوي * إن هو إلا وحي يوحي * علمه شديد القوي} [النجم: 3، 4، 5]. {ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين} [الحاقة: 46].
ويجب حينئذ أن يكون ذلك معبر عن الواقع مع غض النظر عن علمه صلي الله عليه وآله وسلم وعدم علمه (وإن كان عدم علمه محال) وذلك لأنه الأفضل في الواقع
[1] - اقتبسنا بعض ما ذكرناه عن ابن القيم تلميذ ابن تيمية.
(٤٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (4)، ابن تيمية (1)

* ما يرد عليه من الإشكالات

ولو أن رجلا استأجر إنسانا بدرهم أعطاه إياه عند فراغه من عمله، ثم عمل له أجير من بعد عملا يساوي أجرته دينارا، لصح أن يقال عند فراغ الإنسان من العمل: (أعط هذا الإنسان أجره كما أعطيت فلانا أجره)، أو يقول الأجير نفسه (وفني أجرتي كما وفيت أجيرك بالأمس أجرته).
ولا يقصد التمثيل بين الأجيرين في قدرهما، ولا السؤال في إلحاق الثاني برتبة الأول علي وجه الحط عن منزلته، والنقص له من حقه، فهكذا القول في مسألتنا الله سبحانه:
الصلاة علي محمد وآله عليهم السلام كما صلي علي إبراهيم وآل إبراهيم حسب ما بيناه وشرحناه [1].
الجواب الثاني: ما قاله العامة وهو في غاية الوهن وتفصيله أن التشبيه باق علي حقيقته أي الصلاة علي إبراهيم أفضل من الصلاة علي محمد وآل محمد وذلك أن هذه العبارة: [اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم] علمها النبي صلي الله عليه وآله وسلم أمته قبل أن يعلم الناس أو هو يعلم أنه أفضل من إبراهيم وأنه سيد ولد آدم.
أقول: فيه أولا: أنه لا شك أن تعليم النبي صلي الله عليه وآله وسلم أمته الصلاة عليه لما سألوه عن تفسير: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} هي من الأمور العبادية المجملة التي ينزل بها الوحي التفصيلي كباقي الأوامر المجملة التي يبينها صلي الله عليه وآله وسلم، وكل ذلك بوحي من الله كما قال تعالي: {وما ينطق عن الهوي * إن هو إلا وحي يوحي * علمه شديد القوي} [النجم: 3، 4، 5]. {ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين} [الحاقة: 46].
ويجب حينئذ أن يكون ذلك معبر عن الواقع مع غض النظر عن علمه صلي الله عليه وآله وسلم وعدم علمه (وإن كان عدم علمه محال) وذلك لأنه الأفضل في الواقع
[1] - اقتبسنا بعض ما ذكرناه عن ابن القيم تلميذ ابن تيمية.
(٤٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (4)، ابن تيمية (1)

* الجواب الثالث: التشبيه واقع لحصول أصل الأثر من الخلة والمحبة

والحقيقة، وعليه يقتضي أن تكون الصلاة عليه وآله حاكية عن الواقع ونفس الأمر لأفضليتهم.
وثانيا: يقال بناء علي هذا الجواب أنه يجب تغيير صيغة الصلاة الإبراهيمية بعد علمه صلي الله عليه وآله وسلم كما يقول ابن حجر (الجاهل في مقام النبي صلي الله عليه وآله وسلم) في حين نري أنه لم يغير نظم الصلاة التي علمها أمته، ولا أبدلها بغيرها، ولا روي عنه أحد خلافها، فهذا من أفسد جواب يكون، ولو سكت قائل هذا الجواب لكان أولي به وخيرا له.
الجواب الثالث: أن التشبيه أيضا كالثاني لأن هذا السؤال في (الصلاة الإبراهيمية) شرعه النبي صلي الله عليه وآله وسلم ليتخذه الله خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا عليه السلام، وأن يجعل الله تعالي له لسان صدق في الآخرين كما جعل لإبراهيم عليه السلام مضافا إلي ما حصل له صلي الله عليه وآله وسلم من المحبة، وقد أجابه الله تعالي إلي ذلك كما روي عن العامة وخاصة قوله صلي الله عليه وآله وسلم: [ألا وإن صاحبكم خليل الرحمن] [141]، يعني بقوله [صاحبكم]: نفسه، وقال: [ولكن صاحبكم خليل الله وحبيب الله] [142].
وهذا الجواب أيضا كالسابق فإن مضمونه أنه بعد أن اتخذه الله خليلا لا تشرع الصلاة عليه علي هذا الوجه، وينبغي تغيير صيغة الصلاة.
علي أنه يقال: أن الله اتخذ نبينا صلي الله عليه وآله وسلم خليله وحبيبه. وصفة الخلة وغيرها له وهي من لوازم نوره المقدس الذي هو النور الأول والمخلوق الكامل.
بل ارتقي إبراهيم إلي مقام الخلة بسبب كثرة صلاته علي محمد وآل محمد واستجلابه القرب بالتوسل والتشبه بهم فعن عبد العظيم الحسني قال سمعت علي بن محمد العسكري عليه الصلاة والسلام يقول: [إنما اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلا لكثرة صلاته علي محمد وأهل بيته صلوات الله عليه وآله] (143)، وقد ذكرنا معني هذا الحديث في المطلب التاسع: [الأنبياء والصلاة علي محمد وآل محمد] من البحث الثاني فراجع.
(٤٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، النبي إبراهيم (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، علي بن محمد (1)، التصديق (1)، الصّلاة (7)، الجهل (1)، السكوت (1)

* الجواب الرابع: كان التشبيه تواضعا من النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم

الجواب الرابع: أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال تلك الصلاة بتشبيهها تواضعا لا حقيقة وإنما شرع ذلك لأمته ليكتسبوا بذلك الفضيلة والثواب فهي نوع من المجاز.
أقول: وليس للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أن يتواضع ويتنازل عن ما وضعه الله تعالي من منزلته ومقامه فإنه مأمور حتي بتعظيم نفسه وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام كما أنه ليس من موارد التواضع التي هي من خلقه العظيم، بل الصلاة شرعت لتعظيمه صلي الله عليه وآله وسلم وتعظيم أهل بيته عليهم الصلاة والسلام خاصة بهم، لا يشاركهم في ذلك أحد والتواضع الموهوم ينافيه.
مع أنه لا يمكن التواضع في هذا المقام لأنه يلزم تحصيل الحاصل في الصلاة أو اللغو فإن المفروض أنه صلي الله عليه وآله وسلم وصل إلي ما يقتضي إفاضة ما هو أعظم وأكثر وأشرف وأفضل مما أعطي غيره.
نعم قد ورد من باب التواضع والاحترام فيما إذا ذكر النبي إبراهيم أن يصلي عليه أولا ثم علي النبي وآله " صل الله عليه وعلي نبينا وآله وعليه السلام "، وقد مر هذا المعني في المطلب التاسع من البحث الخامس فراجع.
الجواب الخامس: أن الكاف في: [كما صليت..] للتعليل وليست للتشبيه.
أقول: إن ورود (الكاف) للتعليل أثبتها بعض النحاة منهم ابن هشام قال في المغني:
والثاني (من موارد استعمالها): التعليل أثبت ذلك قوم ونفاه الأكثر. وقيد بعضهم جوازه بأن تكون (الكاف) مكفوفة ب (ما)، كحكاية سيبويه: (كما أنه لا يعلم فتجاور الله عنه) وقول الشاعر:
وطرفك إما جئتنا فاحبسنه * كما يحسبوا أن الهدي حيث تنظر إذ معناه: إنك إذا جئتنا فلا تنظر إليه ليكون ذلك سببا للستر وعدم الفضيحة، والحق جوازه في المجردة من (ما) نحو {وي كأنه لا يفلح الكافرين} [القصص: 82]، أي أعجب لعدم فلاحهم وفي المقرونة ب (ما) الزائدة كما في المثال المذكور آنفا:
(٤٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (5)، التواضع (3)

* الجواب الخامس: أن الكاف تعليلية وليست تشبيهية

اشارة

الجواب الرابع: أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال تلك الصلاة بتشبيهها تواضعا لا حقيقة وإنما شرع ذلك لأمته ليكتسبوا بذلك الفضيلة والثواب فهي نوع من المجاز.
أقول: وليس للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أن يتواضع ويتنازل عن ما وضعه الله تعالي من منزلته ومقامه فإنه مأمور حتي بتعظيم نفسه وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام كما أنه ليس من موارد التواضع التي هي من خلقه العظيم، بل الصلاة شرعت لتعظيمه صلي الله عليه وآله وسلم وتعظيم أهل بيته عليهم الصلاة والسلام خاصة بهم، لا يشاركهم في ذلك أحد والتواضع الموهوم ينافيه.
مع أنه لا يمكن التواضع في هذا المقام لأنه يلزم تحصيل الحاصل في الصلاة أو اللغو فإن المفروض أنه صلي الله عليه وآله وسلم وصل إلي ما يقتضي إفاضة ما هو أعظم وأكثر وأشرف وأفضل مما أعطي غيره.
نعم قد ورد من باب التواضع والاحترام فيما إذا ذكر النبي إبراهيم أن يصلي عليه أولا ثم علي النبي وآله " صل الله عليه وعلي نبينا وآله وعليه السلام "، وقد مر هذا المعني في المطلب التاسع من البحث الخامس فراجع.
الجواب الخامس: أن الكاف في: [كما صليت..] للتعليل وليست للتشبيه.
أقول: إن ورود (الكاف) للتعليل أثبتها بعض النحاة منهم ابن هشام قال في المغني:
والثاني (من موارد استعمالها): التعليل أثبت ذلك قوم ونفاه الأكثر. وقيد بعضهم جوازه بأن تكون (الكاف) مكفوفة ب (ما)، كحكاية سيبويه: (كما أنه لا يعلم فتجاور الله عنه) وقول الشاعر:
وطرفك إما جئتنا فاحبسنه * كما يحسبوا أن الهدي حيث تنظر إذ معناه: إنك إذا جئتنا فلا تنظر إليه ليكون ذلك سببا للستر وعدم الفضيحة، والحق جوازه في المجردة من (ما) نحو {وي كأنه لا يفلح الكافرين} [القصص: 82]، أي أعجب لعدم فلاحهم وفي المقرونة ب (ما) الزائدة كما في المثال المذكور آنفا:
(٤٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (5)، التواضع (3)

* ما يرد علي هذا الجواب

(كما أنه لا يعلم فتجاور الله عنه) وب (ما) المصدرية نحو: {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم} [البقرة: 151]. قال الأخفش: أي: لأجل إرسالي فيكم رسولا منكم فاذكروني وهو ظاهر في قوله تعالي: {واذكروه كما هداكم} [البقرة: 198] (144).
وعليه يكون المعني: اذكروه لهدايته إياكم فما مصدرية، ثم أنه لا يخفي أن ورود (الكاف) للتعليل كما أثبتها بعض النحاة في بعض الموارد لا يقتضي أنها كذلك في كل مورد ترد فيه حيث لا يصلح ذلك في البعض الآخر كقوله تعالي: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم} [البقرة: 183] وقوله:
{الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناهم} [البقرة: 146].
وأية علة تتصور في: [اللهم صل محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم]؟
بل إذا من الله تعالي علي أحد من العالمين فذلك لأجلهم وبفضلهم كما لا يمكن بيان العلة التي من أجلها صلي تعالي عليهم إلا اللهم ربي إذا قيل أن ذلك لمجرد التعظيم فقط كما ذهب إليه الأكثر. كيف وقد علمت أن الصلاة هي لاستمرار فيضه تعالي وتواتر لطفه عليهم وعصمته لهم بالأخص إذا لاحظت دعاء النبي صلي الله عليه وآله وسلم لأهل بيته عليهم الصلاة والسلام: [اللهم قد جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي إبراهيم وآل إبراهيم، اللهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم] فإن ذلك كان منه لإدامة الفيض ولاستمرار ما وقع منه تعالي لآل إبراهيم ومنهم آل محمد صلي الله عليه وعليهم أجمعين.
وأسمح لنفسي أن أقول كلمة واحدة في ذلك: أن العلل التي شرعت الصلاة عليهم هو ما يقتضيه واسطة الفيض ولأجل إيصال النفع والخير إلي ما سوي الله تعالي وهذا القول يتضح بمراجعة كتابنا، وملاحظة ما ورد في مطلب: [أن كل شئ يصلي علي محمد وآل محمد]، وكما في الحديث المذكور آنفا عن عبد العظيم الحسني قال سمعت علي بن
(٤٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (4)، الصيام، الصوم (1)

* الجواب السادس: التشبيه واقع بين مضمون الجملتين

محمد العسكري عليه الصلاة والسلام يقول: [إنما اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلا لكثرة صلاته علي محمد وأهل بيته].
ولا تنسي ما مر عليك من صلاة الملائكة وتقربهم إليهم، عليهم الصلاة والسلام، وصلاة الأنبياء، والأمم السابقة ومما لم يذكر أكثر.
نعم إذا قلنا علة نسبية أي بالنسبة إلي إثبات الصلاة الكاملة ل [محمد وآل محمد] أي بلحاظ انضمام الآل في الصلاتين. ولا يخفي ما في الكاف من معني التشبيه حتي في مواردها التعليلية فحينئذ المراد بالتشبيه هو تشبيه الصلاة بالصلاة الكاملة وإلحاق الآل بالنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم الذي صعب علي بعض قبول ذلك وكره آخرون كما ألحق آل إبراهيم به، وتكون فائدة التشبيه هو أن الصلاة علي آل إبراهيم أعرف عندكم من حيث إلحاق الآل، وليس بغريب أن يكون ذلك ل [محمد وآل محمد]، وحينئذ يكون التشبيه علي حقيقته ويكفي أن يكون المشبه به أعرف وأشهر في وجه الشبه لكن لست قانعا به لأن تكون العبارة صيغت لأجله فقط.
الجواب السادس: أن (الكاف لتشبيه مضمون الجملة بالجملة) فقد ظهر لي من تتبع موارد استعمال الكاف أنها دائما تحمل نوع من معني التشبيه، ولا تتجرد منه وإن فهم من سياقها (في بعض الموارد) التعليل، وقد ذكر الرضي الإستر آبادي رحمه الله تعالي في شرح الكافية: أن (الكاف) قد تأتي كافة لا محل لها من الإعراب، لأن الكاف حينئذ ليست بجارة بل لمجرد تشبيه مضمون الجملة بالجملة لجهة ما، ولذا لا تطلب فعلا عاملا يفضي معناه إلي مدخولها (145).
ومعني مضمون الجملة هو الإحسان الجامع للإكرام في مثل قولك: [قم لوالدك كما تقوم إلي العالم] أي: (أحسن إلي والدك كما تحسن إلي العالم)، فوضع الخاص (القيام) في المثال موضع العام (الإحسان) لجهة مقصوده وخصوصية مطلوبه وهو الاحترام للوالد والفرق بين هذا القول والقول الأول أن الكاف في الأول حرف جار أفضي إليه العامل
(٤٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)، الصّلاة (6)

* الجواب السابع: التشبيه علي أصله والمقصود أفضلية الصلاتين باعتبارين

(صل) معني، وهو متعلق ب (صل)، فيرد عليه ما ذكر. أما هنا فإن (الكاف) كافة لا محل لها من الإعراب فإنها ليست حرف جر ولا متعلق لها.
وعد قوله تعالي: {واذكروه كما هداكم} بأنه من وضع الخاص موضع العام إذ الذكر والهداية يشتركان في أمر واحد وهو الإحسان فهذا في الأصل بمنزلة {وأحسن كما أحسن الله إليك} [القصص: 77]، والكاف للتشبيه لا للتعليل فوضع الخاص وهو (الذكر) موضع العام وهو (الإحسان) والأصل في {واذكروه كما هداكم}:
وأحسنوا كما أحسن الله إليكم، ثم عدل عن ذلك الأصل إلي الإعلام بخصوصية المطلوب " الذكر والهداية " وكذا يقال في الصلاة فيكون الأصل في [اللهم صل محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم]: أحسن إلي محمد وآل محمد كما أحسنت إلي إبراهيم وآل إبراهيم وعظمهم كما عظمت أولئك كلا حسب استعداده واستحقاقه.
وشرط التشبيه حينئذ يتصور في أشهرية الصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم، ومعرفتها بين الأمم فلا بدع في تحققها ل (محمد وآل محمد) بإلحاق الآل فيها. وهذا هو القول الوجيه في المسألة.
الجواب السابع: أن التشبيه علي حقيقته والمقصود منه في: [اللهم صل محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم]، التشبيه بين أفضلية كل من الصلاتين باعتبارين، وذلك أنه لما كان إبراهيم أفضل من الأنبياء الذين قبله كانت الصلاة عليه أفضل من الصلاة علي جميع من قبله من الأنبياء وغيرهم، فكذا الصلاة علي نبينا وآله أفضل من الصلاة علي من قبله ومنهم إبراهيم وآل إبراهيم.
فمعني العبارة يكون هكذا: [اللهم صل علي محمد وآل محمد صلاة تفوق في فضل صلواتك علي من قبله كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم صلاة تفوق في الفضل صلواتك علي من قبله].
وبعبارة واضحة: أن التشبيه بين الصلاة المحمدية والإبراهيمية بلحاظ أفضليتهما علي الصلاتين السابقتين عليهما فيلزم من التشبيه المذكور كون الصلاة علي محمد وآله أفضل
(٤٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (15)

* الجواب الثامن: أن المشبه هو الآل لا المضاف

اشارة

من الصلاة علي جميع من سبقه من الأنبياء، وإذا كانت الصلاة علي محمد وآله أفضل من كل صلاة قبلها [كما هو الشأن في الصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم فإنها أفضل من كل صلاة قبلها] فالصلاة عليهم تكون أفضل من الصلاة علي إبراهيم وآله.
واعترض عليه: بأن هذا لا يحسم مادة الإشكال إلا إذا ثبت أن (فضل الصلاة علي إبراهيم) علي من قبله أفضل من (فضل الصلاة علي نبينا صلي الله عليه وآله وسلم) علي من قبله، وإثباته متعسر أو متعذر. وأجيب بأنه ليس علي صاحب القول إثبات ذلك، بل يكفيه الاحتمال.
وبعبارة أوضح: يعني لصحة التشبيه نحتاج إلي الدليل في إثبات: أن تكون فضل الصلاة علي إبراهيم وآله [والتي هي أفضل من كل صلاة علي نبي قبله] أفضل من فضل الصلاة علي محمد وآله علي الذين من قبله حتي يصلح أن نطلب صلاة تكون فضلها أكثر من فضل الصلاة علي إبراهيم.
وقيل أن الاحتمال يكفي في ذلك، ولكن نحن نقول: أن فضل الصلاة المحمدية أفضل من كل صلاة من حيث الفضل والمصلي [العبد] والمصلي عليه.
الجواب الثامن: ذكره بعض العامة وإجماله أن المشبه إنما هو الآل فقط أي: (الصلاة علي آل محمد) والمشبه به هو (الصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم) أو فقط (آل إبراهيم) وتم الكلام عند قوله صلي الله عليه وآله وسلم: [اللهم صل علي محمد]، فهو كلام تام غير متصل بما بعده، وغير مقصود فيه التشبيه، ثم قال: [وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم] وهو كلام مستقل في التشبيه، فالصلاة المطلوبة ل (آل محمد) هي المشبه بالصلاة الحاصلة ل (آل إبراهيم)، فيكون التشبيه علي أصله حيث آل إبراهيم فيهم الأنبياء ومنهم نبينا صلي الله عليه وآله وسلم فتكون الصلاة عليهم أقوي وأفضل من الصلاة علي (آل محمد). وهذا الجواب باطل من جهات:
الوجه الأول: من حيث القواعد العربية وتركيب الكلام فإنه لا يستقيم قطع المعطوف من التشبيه، لأن العامل إذا ذكر معموله وعطف عليه غيره، ثم قيد بظرف أو
(٤٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (15)

* ما يرد عليه من الإشكالات

جار ومجرور أو مصدر أو صفة مصدر، كان ذلك راجعا إلي المعمول وما عطف عليه، هذا الذي لا تحتمل العربية غيره، فإذا قلت: جاءني زيد وعمرو يوم الجمعة، كان الظرف مقيدا لمجيئهما، لا لمجئ عمرو وحده. وكذلك إذا قلت: ضربت زيدا وعمرا ضربا مؤلما أو أمام الأمير، أو سلم علي زيد وعمرو يوم الجمعة ونحوه.
فإن قيل: هذا متوجه إذا لم يعد العامل، فأما إذا أعيد العامل حسن ذلك، تقول:
سلم علي زيد وعلي عمرو إذا لقيته، لم يمتنع أن يختص ذلك بعمرو، وهنا قد أعيد العامل في قوله: (كما صليت).
قيل له: مثالك ليس بمطابق لمسألة الصلاة، وإنما المطابق أن تقول: سلم علي زيد وعلي عمرو، كما تسلم علي المؤمنين، ونحو ذلك، وحينئذ فادعاء أن التشبيه لسلامه علي عمرو وحده دون زيد دعوي باطلة.
الوجه الثاني: أنه لا يرفع الإشكال مطلقا فقد روي العامة عنه صلي الله عليه وآله وسلم قوله في التشهد: [اللهم صل علي محمد وآل محمد وبارك علي محمد وآل محمد وارحم علي محمدا وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد] كما في سنن البيهقي. ومن الواضح عدم صحة الجواب في هذه الجمل فإنه يمنع عطف الجمل المتتابعة قبل التشبيه.
الوجه الثالث: كيف يختص التشبيه ب (آل محمد) في بعض كيفيات الصلاة التي فيها (آل محمد) دون البعض الآخر فقد ذكروا من كيفيات الصلوات ك: [اللهم صل محمد كما صليت علي آل إبراهيم … ] (146).
وأيضا قوله صلي الله عليه وآله وسلم: [اللهم صل علي محمد عبدك ورسولك، كما صليت علي إبراهيم … ] (147). بغير ذكر الآل في كلا الحديثين وقد ذكر التشبيه فيهما مرة مع (آل إبراهيم) وأخري مع (إبراهيم).
(٤٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (5)، الضرب (1)، المنع (1)، الشهادة (1)
الوجه الرابع: أن الجواب إنما يتمشي علي وفق قواعد العامة وعقيدتهم من أفضلية الأنبياء علي الأئمة عليهم الصلاة والسلام، وأما علي أصولنا وما ثبت عندنا من أفضليتهم علي الأنبياء جميعا فلا يستقيم.
وقد ثبت بأدلة قاطعة أفضلية الإمام علي [صلوات الله وسلامه عليه] علي جميع الأنبياء وهو واحد من الآل، فيكون الإشكال عند الإمامية باقيا علي حاله.
نعم غاية ما يجيب صاحب هذا القول: أن المشبه هو (الصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم) وآل إبراهيم فيهم أنبياء كثيرون، والمستفاد من الأخبار إنما هو تفضيل كل واحد من الأئمة عليهم الصلاة والسلام علي كل واحد من الأنبياء السابقين، لا فضل كل واحد منهم علي جميع الأنبياء أو علي جماعة دون أخري.
ولا يخفي أن ذلك يقال: من باب المحاججة وإلا أن كل واحد من الأئمة أفضل من جميع الأنبياء، ويكفي في تفضيلهم آية الصلوات: التي هي أعظم آية في فضلهم ولم يرد بمثلها لأي نبي وقوله: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [الأحزاب:]، حيث أثبت لهم ما لم يذكره لأحد من الأنبياء أيضا.
وقوله تعالي في مباهلة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم بأهل بيته عليهم الصلاة والسلام: {فقل تعالوا ندعو أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم} فقد جعل عليا عليه الصلاة والسلام نفسه المقدسة وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام بمنزلته.
كما وأن الصلاة عليه وعليهم بصورة مطلقة في آية الصلاة مما فضلهم الله عز وجل بها دون غيرهم من الأنبياء نعم ذكرهم بسلام واحد بصورة مجملة فقال: {وسلام علي المرسلين} كما مر، وخص البعض منهم به في سورة الصافات وأين السلام من الصلاة التي هي الفيض المستمر للخلائق وأم الفضائل لأهل البيت عليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام ومصدر الخير والبركة.
(٤٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، آية التطهير (1)، سورة الصافات (1)، الصّلاة (8)

* لماذا اختصاص إبراهيم وآله في التشبيه دون الأنبياء

مع أنه يقال كما في آل إبراهيم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كذلك فيهم آله عليهم الصلاة والسلام، والأخبار في ذلك كثيرة عن العامة والخاصة في تفسير قوله تعالي: {إن الله اصطفي آدم ونوحا وآل إبراهيم..}.
وفي نهاية المطاف يتبادر إلي أذهاننا سؤال وهو لماذا كان التشبيه بإبراهيم وآله دون غيره من الأنبياء؟
ولعلنا يمكن أن نجيب أن هناك مناسبة بين إبراهيم وآله عليهم الصلاة والسلام، وبين محمد وآله عليهم الصلاة والسلام من حيث أن النبي وآله عليهم الصلاة والسلام من ذرية إبراهيم عليه السلام كما مر. هذا أولا. وثانيا: أن إبراهيم أفضل الأنبياء بعد نبينا صلي الله عليه وآله وسلم. وثالثا: أن الله تعالي لم يجمع بين البركة والرحمة إلا لإبراهيم وآله كما في قوله: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} [هود: 73].
وقال أحد العرفاء في خصوص عدم التشبيه بموسي عليه الصلاة والسلام: [وسر قوله صلي الله عليه وآله وسلم: كما صليت علي إبراهيم وكما باركت علي إبراهيم]، ولم يقل كما صليت علي موسي، لأن موسي عليه الصلاة والسلام كان التجلي له بالجلال فخر موسي صعقا، والخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان التجلي له بالجمال لأن المحبة والخلة من آثار التجلي بالجمال، ولهذا أمرهم صلي الله عليه وآله وسلم أن يصلوا عليه كما صلي علي إبراهيم ليسألوا له التجلي بالجمال.
وهذا لا يقتضي التسوية فيما بينه وبين الخليل صلوات الله وسلامه عليهما لأنه إنما أمرهم أن يسألوا له التجلي بالوصف الذي تجلي به الخليل عليه الصلاة والسلام والذي يقتضيه الحديث المشاركة في الوصف الذي هو التجلي بالجمال، ولا يقتضي التسوية في المقامين ولا في الرتبتين فإن الحق سبحانه يتجلي بالجمال لشخصين بحسب مقاميهما، وإن اشتركا في وصف التجلي بالجمال، فيتجلي لكل واحد منهما بحسب مقامه عنده ورتبته منه ومكانته، فيتجلي للخليل عليه الصلاة والسلام بالجمال بحسب مقامه، ويتجلي لنبينا محمد صلي الله عليه وآله وسلم بالجمال علي حسب مقامه فعلي هذا يفهم الحديث.
(٤٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، النبي إبراهيم (ع) (2)، الصّلاة (7)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)

* كلام أحد العرفاء في عدم التشبيه بموسي عليه السلام

مع أنه يقال كما في آل إبراهيم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كذلك فيهم آله عليهم الصلاة والسلام، والأخبار في ذلك كثيرة عن العامة والخاصة في تفسير قوله تعالي: {إن الله اصطفي آدم ونوحا وآل إبراهيم..}.
وفي نهاية المطاف يتبادر إلي أذهاننا سؤال وهو لماذا كان التشبيه بإبراهيم وآله دون غيره من الأنبياء؟
ولعلنا يمكن أن نجيب أن هناك مناسبة بين إبراهيم وآله عليهم الصلاة والسلام، وبين محمد وآله عليهم الصلاة والسلام من حيث أن النبي وآله عليهم الصلاة والسلام من ذرية إبراهيم عليه السلام كما مر. هذا أولا. وثانيا: أن إبراهيم أفضل الأنبياء بعد نبينا صلي الله عليه وآله وسلم. وثالثا: أن الله تعالي لم يجمع بين البركة والرحمة إلا لإبراهيم وآله كما في قوله: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} [هود: 73].
وقال أحد العرفاء في خصوص عدم التشبيه بموسي عليه الصلاة والسلام: [وسر قوله صلي الله عليه وآله وسلم: كما صليت علي إبراهيم وكما باركت علي إبراهيم]، ولم يقل كما صليت علي موسي، لأن موسي عليه الصلاة والسلام كان التجلي له بالجلال فخر موسي صعقا، والخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان التجلي له بالجمال لأن المحبة والخلة من آثار التجلي بالجمال، ولهذا أمرهم صلي الله عليه وآله وسلم أن يصلوا عليه كما صلي علي إبراهيم ليسألوا له التجلي بالجمال.
وهذا لا يقتضي التسوية فيما بينه وبين الخليل صلوات الله وسلامه عليهما لأنه إنما أمرهم أن يسألوا له التجلي بالوصف الذي تجلي به الخليل عليه الصلاة والسلام والذي يقتضيه الحديث المشاركة في الوصف الذي هو التجلي بالجمال، ولا يقتضي التسوية في المقامين ولا في الرتبتين فإن الحق سبحانه يتجلي بالجمال لشخصين بحسب مقاميهما، وإن اشتركا في وصف التجلي بالجمال، فيتجلي لكل واحد منهما بحسب مقامه عنده ورتبته منه ومكانته، فيتجلي للخليل عليه الصلاة والسلام بالجمال بحسب مقامه، ويتجلي لنبينا محمد صلي الله عليه وآله وسلم بالجمال علي حسب مقامه فعلي هذا يفهم الحديث.
(٤٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، النبي إبراهيم (ع) (2)، الصّلاة (7)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)

* الجواب التاسع: مشبه به أجلب باعتبار عقلي لا واقعي

الجواب التاسع: أن يكون التشبيه علي حقيقته ويكفي أن يكون أجلي من وجه واحد ولا يلزم أن يكون المشبه به أقوي من كل وجه بل يلزم أن يكون شيئا واضحا كما في قوله تعالي: {الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة … } [النور: 35]، وأين يقع نور المشكاة من نوره تعالي، لكن لما كانت المشكاة أمرا واضحا ظاهرا في نظر السامع شبه بها نوره ولما كان تعظيم إبراهيم وآله أمرا ظاهرا: [في العالمين] فلذا التشبه به ويؤيده ما في بعض الكيفيات التي مرت من ضم الطلب المذكور بكونه [في العالمين] كما في حديث أبي مسعود الأنصاري المروي في صحيح مسلم وغيره، وحديث الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام في فقهه.
ومر في الجواب الأول ما يشبه هذا الجواب من أن التشبيه واقع في قياس ما ليس بمشتهر بالمشتهر لأنه يجب أن يكون المقيس عليه أوضح من المقيس بوصف الجامع أي ليس من باب إلحاق الناقص بالكامل بل من باب إلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر.
قال في مختصر المعاني: في قسم التشبيه: وهذه تقتضي أن يكون وجه الشبه في المشبه به أتم وهو به أشهر أي وأن يكون المشبه به بوجه الشبه أشهر وأعرف في ضمن ما قال أن بيان الإمكان لا يقتضي إلا الأشهرية دون الأتمية انتهي.
وفي الصحاح: الشهرة وضوح الأمر وبالجملة الشهرة يقتضي عموم علم الناس به، والحاصل أن القوة في التشبيه هنا ترجع إلي الظهور والوضوح والصلاة علي إبراهيم ظاهرة مشهورة عند أرباب الملل والأديان إجابة لدعائه حيث قال: {واجعل لي لسان صدق في الآخرين} يعني ذكرا جميلا، ومن هذا كانت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ينسبون أنفسهم إليه وإلي دينه فيكون هذا التشبيه من باب قوله: {مثل نوره كمشكاة} لأن نور المشكاة محسوسا مشاهد لكل أحد.
وأيضا هذا الجواب غير مقنع لأن الشهرة في العالمين في ذاتها ليست فضلا حتي تكون في معرض التشبيه الطلبي إلا من حيث آثار الصلاة، هذا إذا كانت بين الناس، أما إذا قصد بالعالمين الخلق كما هو ظاهر اللفظ فلا نسلم أن الصلاة علي إبراهيم وآله أشهر في
(٤٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الأنبياء (ع) (1)، كتاب صحيح مسلم (1)، التصديق (1)، الصّلاة (3)

* الجواب العاشر: التشبيه مبني علي اتحاد المشبه والمشبه به بلحاظ جزئي

الملأ الأعلي من الصلاة علي محمد وآله، ثم إن التشبيه في الآية ليس في مقام طلب فعل حتي يلاحظ المشبه به.
الجواب العاشر: أن التشبيه وقع للمجموع بالمجموع أي أن المشبه به المجموع المركب من الصلاة علي إبراهيم وآله ومعظم الأنبياء لا سيما نبينا وآله هم من آل إبراهيم والمشبه مجموع الصلاة علي نبينا وآله. فإذا قوبل صلي الله عليه وآله وسلم وآله رجحت الصلاة علي هؤلاء المجموع علي الصلاة علي آله فيكون حينئذ الفاضل من الصلاة علي آل إبراهيم لمحمد فيزيد به علي إبراهيم وآلهم.
أقول: وهذا مبني علي المختار في الآل أنهم جميع الأتباع كما ذكرنا ذلك في المقصد الثالث من المطلب الثالث في ضمن البحث الخامس فراجع.
الجواب الحادي عشر: أن التشبيه علي حقيقته ولا يلزم منه ذلك فإن نبينا والأكرم وآله صلي الله عليهم وسلم أجمعين أفضل في الواقع إلا أن هذه الصلاة هي إنشائية وليست خبرية حتي يلزم أفضلية غيرها أي يطلب فيها الإفاضة والزيادة غير متعرضة لفضل إبراهيم وآله.
وبيانه: أنه لا يتعلق الأمر والنهي والدعاء والإباحة والشرط والجزاء والوعد والوعيد والترجي والتمني إلا بالمستقبل فمتي وقع تشبيه بين لفظ دعاء أو أمر أو نهي أو أحدها مع الآخر فإنما يقع بالمستقبل، وعلي هذه خرج بعضهم الجواب عن السؤال المشهور في الصلاة بأن الدعاء إنما يتعلق بالمستقبل ونبينا الأكرم وآله صلي الله عليهم الصلاة والسلام كان في الواقع قبل هذا الدعاء أفضل من إبراهيم عليه السلام وهذا الدعاء يطلب فيه زيادة علي هذا الفضل مساوية لصلاته علي إبراهيم فهما وإن تساويا في الزيادة إلا أن الأصل المحفوظ خال عن معارضة الزيادة.
قيل في هذا الصدد: لا منافاة بين أفضلية النبي وآله عليهم الصلاة والسلام علي سائر المخلوقات، ومساواة الصلاة عليه والصلاة عليهم.
(٤٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: النبي إبراهيم (ع) (1)، النهي (2)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (10)

* الجواب الحادي عشر: أن جملة المشبه إنشائية لا توصف بالأفضلية

الملأ الأعلي من الصلاة علي محمد وآله، ثم إن التشبيه في الآية ليس في مقام طلب فعل حتي يلاحظ المشبه به.
الجواب العاشر: أن التشبيه وقع للمجموع بالمجموع أي أن المشبه به المجموع المركب من الصلاة علي إبراهيم وآله ومعظم الأنبياء لا سيما نبينا وآله هم من آل إبراهيم والمشبه مجموع الصلاة علي نبينا وآله. فإذا قوبل صلي الله عليه وآله وسلم وآله رجحت الصلاة علي هؤلاء المجموع علي الصلاة علي آله فيكون حينئذ الفاضل من الصلاة علي آل إبراهيم لمحمد فيزيد به علي إبراهيم وآلهم.
أقول: وهذا مبني علي المختار في الآل أنهم جميع الأتباع كما ذكرنا ذلك في المقصد الثالث من المطلب الثالث في ضمن البحث الخامس فراجع.
الجواب الحادي عشر: أن التشبيه علي حقيقته ولا يلزم منه ذلك فإن نبينا والأكرم وآله صلي الله عليهم وسلم أجمعين أفضل في الواقع إلا أن هذه الصلاة هي إنشائية وليست خبرية حتي يلزم أفضلية غيرها أي يطلب فيها الإفاضة والزيادة غير متعرضة لفضل إبراهيم وآله.
وبيانه: أنه لا يتعلق الأمر والنهي والدعاء والإباحة والشرط والجزاء والوعد والوعيد والترجي والتمني إلا بالمستقبل فمتي وقع تشبيه بين لفظ دعاء أو أمر أو نهي أو أحدها مع الآخر فإنما يقع بالمستقبل، وعلي هذه خرج بعضهم الجواب عن السؤال المشهور في الصلاة بأن الدعاء إنما يتعلق بالمستقبل ونبينا الأكرم وآله صلي الله عليهم الصلاة والسلام كان في الواقع قبل هذا الدعاء أفضل من إبراهيم عليه السلام وهذا الدعاء يطلب فيه زيادة علي هذا الفضل مساوية لصلاته علي إبراهيم فهما وإن تساويا في الزيادة إلا أن الأصل المحفوظ خال عن معارضة الزيادة.
قيل في هذا الصدد: لا منافاة بين أفضلية النبي وآله عليهم الصلاة والسلام علي سائر المخلوقات، ومساواة الصلاة عليه والصلاة عليهم.
(٤٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: النبي إبراهيم (ع) (1)، النهي (2)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (10)

* الجواب الثاني عشر: التشبيه واقع بين آثار كلا من الصلاتين

أقول: ولكن مما قدمنا والمتأمل في مطالب الكتاب يظهر لك جليا أفضلية الصلاة علي محمد وآل محمد علي كل أنواع الصلوات.
فإن قيل: إذا كان أفضل كانت الصلاة عليه كذلك طلبنا الدليل علي كون الصلاة عليه أفضل.
أقول: الدليل هو قابليتهم المطلقة واستعدادهم في منتهي القبول لإفاضة الخيرات بجميع أنواعها كما مر علينا كرارا.
فإن قيل: الأفضلية عبارة عن علو الدرجة وهي لا يكون إلا بالرحمة والصلاة منه تعالي عبارة عنها فكل منهما لازم للآخر وملزوم.
فالجواب: أن الرحمة كسبية وموهبية، ولا يلزم من مساواة الموهبية مساواة الكسبية أيضا ولو سلمنا في الجميع إذا قلت في الإنشاء: [أعط زيدا ما أعطيت عمروا] فأي مانع من اختصاص زيد بشئ ليس ذلك لعمر، وكذا إذا قلت في الخبر: [أعطيت زيد ما أعطيت عمروا]، فلا دلالة فيه علي أنك لم تعط زيدا غيره بل لا دلالة فيه إلا علي إنك لم تفضل زيدا علي عمرو في العطاء فيسقط الإشكال رأسا.
أقول: ولكن اختصاص التشبيه بإبراهيم دون غيره، كما أن ذكر آله دون غيرهم هو مانع لفظي في مقام التشبيه لا معنوي والكلام في تصحيح التشبيه، ثم عدم المانعية يرجع إلي القرائن في الأمثلة المتقدمة، بل الرحمة بجميع أنواعها وأفرادها تستوجب قابلية القابل، واستعداد المحل حتي الطلب في المستقبل قال تعالي: {هو الذي يصلي عليكم و ملائكته … وكان بالمؤمنين رحيما} ولا يخفي من مقولة التشكيك في الإيمان بما يناسب كل الأنبياء والمرسلين وفي جميع المراتب.
الجواب الثاني عشر: ويصلح أن يكون جوابا في حد ما، لأن تقريره مبني علي أبحاث هذا الكتاب الشريف فإنه يستفاد مما مر أن التشبيه يكون علي حقيقته إلا أن المشبه [بلحاظ المصلي من أجلهم وآثار وفوائد الصلاة]، فإنه من الواضح أن الصلاة قربة
(٤٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصّلاة (6)، الأكل (1)

* الجواب الثالث عشر: التشبيه واقع في استجابة دعاء الملائكة

لنا وأثرة لمقامنا، وتحقيقا للمقامات الإلهية التي من بها علي إبراهيم وآل إبراهيم من الأنبياء والرسل ولا يخفي كم من الأنبياء في ذرية إبراهيم.
فيكون المعني: [اللهم صل علي محمد وآله] صلاة تكون لنا سببا لإفاضة الخيرات والعلوم والوحي المناسب وترقي الدرجات ونزول الخيرات والعلوم الإلهية والربانية.. إلي ما شاء الله كما صليت بهكذا نوع من الصلوات علي الأنبياء والرسل من إبراهيم وآله، وكأنما تكون العبارة الخفية فيها: اللهم أنت صليت صلاة عظيمة كانت سببا لنبوات أنبياء كثيرين جدا من ذرية إبراهيم، وبعثا للرسل ونزولا للوحي واستمرارا لعصمتهم وغير ذلك ببركة النور الأول وواسطة فيضك فبالأحري أن تصلي علي أمته وأهله وأولاده وشيعته لذلك كذلك.
الجواب الثالث عشر: أن التشبيه علي حقيقته والصلاة علي إبراهيم وآله أفضل من حيث أن محمد وآله في ضمنهم والمطلوب استجابة دعاء الملائكة وذلك أن الله تعالي أخبر أن الملائكة قالت في بيت إبراهيم مخاطبة له {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد}، وقد علمنا أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم من أهل بيت إبراهيم فكذلك آله كلهم. فمعني قولنا: [اللهم صل … وبارك علي محمد الخ] أي أجب دعاء ملائكتك الذين دعوا لأهل بيت إبراهيم فقالوا رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت (أجب) في محمد وآل محمد كما أجبته في الموجودين كانوا يومئذ من أهل بيت إبراهيم، فإنه وآله من أهل بيته أيضا، ولذلك ختم علي هذا الدعاء بأن يقول: [إنك حميد مجيد] فإن الملائكة ختموا علي هذا الدعاء بأن قالوا: [إنك حميد مجيد].
ويؤيده ما في معاني الأخبار والعياشي أن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام: سلم علي رجل فقال له الرجل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه. فقال لا تجاوزوا بنا قول الملائكة لأبينا إبراهيم عليه السلام: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} [هود: 73] (147).
(٤٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، النبي إبراهيم (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (6)
وينبغي الإشارة هنا: أن النهي لعله للتنزيه لا للكراهة، فإن الدعاء حسن علي كل حال. ولعله بدون الكلمتين (ومغفرته ورضوانه) أفضل من باب التأدب بحكاية الآية المقولة: [تحية].
وعن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال إن علي بن أبي طالب عليه السلام مر بقوم فسلم عليهم فقالوا: وعلكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه. فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام لا تجاوزوا بنا ما قال الأنبياء [1] لأبينا إبراهيم عليه السلام إنما قالوا: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} [هود: 73].
وبديهي أن هذا لا يصلح أن يكون جوابا لأن الصلاة علي محمد وآله قد وقعت منه تعالي لضرورة استمرار الفيض، وهو مفهوم الأخبار المتواترة، وهي مستمرة إلي ما شاء الله كما هو دلالة آية الصلوات الصريحة علي الحدوث والتجدد بخبرها، أو الثبوت والاستقرار بمبتدئها، والدعاء يكون طلبا للمزيد أو لإفاضة العلة المبقية للعصمة أو الوحي وغيرها من الآثار الخاصة بهم.
ويؤيد وقوع الصلاة خطاب النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لأهل بيته بهذه الآية واستجابة دعاءه ونزول آية التطهير، وقد روي الذهبي أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم كان عند أم سلمة فجعل الحسن من شق والحسين من شق وفاطمة في حجره فقال: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} [هود: 73] [2].
وفي ينابيع المودة للقندوزي الحنفي قال: عن ابن عمرو قال: حدثتني زينب بنت أبي سلمة أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم ألقي علي علي وفاطمة وحسنا وحسينا كساءا وقال: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وأنا وأم سلمة كنا جالستين. أخرجه أبو الحسن الخلعي. انتهي.
[1] - أقول لعل نسبة هذا القول الذي حكاه الله تعالي إلي الملائكة كانت مقولة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - علي إبراهيم، وروي عن الحسن بن محمد مثله غير أنه قال: ما قالت الملائكة لأبينا. العياشي، ج: 2، ص: 154.
[2] - ففي (سير أعلام النبلاء) للذهبي، ج: 3، عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب حدثتني زينب أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم.
(٤٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، النبي إبراهيم (ع) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، آية التطهير (1)، السيدة أم سلمة بن الحارث زوجة الرسول صلي الله عليه وآله (2)، كتاب ينابيع المودة (1)، النهي (1)، الصّلاة (3)، الأنبياء (ع) (1)، الحسن بن محمد (1)

* الجواب الرابع عشر: أن جملة المشبه به أفضل من حيث الزمان

الجواب الرابع عشر: أن التشبيه علي حقيقته والمشبه به هو الصلاة علي إبراهيم وآله من لدن خلق الدنيا، أو من لدن خلق إبراهيم عليه السلام إلي هذا الآن والصلاة علي نبينا صلي الله عليه وآله وسلم في كل آن، وإن كان أفضل من الصلاة علي إبراهيم عليه السلام في هذا الآن، لكن لا يبعد أن يقال: لما كان ظرف الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم هذا الآن الجزئي فظرف الصلاة علي إبراهيم عليه السلام مجموع الزمان الممتد الطويل الذي هذا الآن جزء صغير منه كانت الصلاة علي إبراهيم عليه السلام في كل الأزمان أفضل من الصلاة علي نبينا صلي الله عليه وآله وسلم في هذا الآن.
أقول: هذا لا يمكن أن يتمشي في صلاتنا علي نبينا صلي الله عليه وآله وسلم لما مر مرارا من سببية الصلاة المحمدية لكل صلاة باعتبار ضرورة صدور كل خير من الواسطة فضلا من أن تصح في الصلاة التي تنطلق منهم ولأن من آثارها استمرار العصمة والفيض في مقام النبوة والولاية وغيرها. ويؤيده صلواته علي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام ونزول آية التطهير في ذلك راجع الأحاديث في هذا المعني في مطلب الكيفيات.
وفي مستدرك الحاكم، ج: 3، ص: 150، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن أبيه قال لما نظر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إلي الرحمة هابطة قال: ادعوا لي ادعوا لي. فقالت صفية: من يا رسول الله؟ قال: أهل بيتي عليا وفاطمة والحسن والحسين فجئ بهم فألقي عليهم النبي صلي الله عليه وآله وسلم كساءه ثم رفع يديه، ثم قال: [اللهم هؤلاء آلي فصل علي محمد وعلي آل محمد]، وأنزل الله:
{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}، قال الحاكم بعد نقل الحديث: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقد صحت الرواية علي شرط الشيخين إنه علمهم الصلاة علي أهل بيته كما علمهم الصلاة علي آله.
أقول: ولا يخفي أفضلية الصلاة عليهم لأفضلية آثارها من طهارتهم بجميع مراحلها ووجوب عصمتهم وغيرها إن كان في آن واحد.
(٤٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، النبي إبراهيم (ع) (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، آية التطهير (2)، الصّلاة (12)

* الجواب الخامس عشر: أن الصلاة المحمدية أفضل بالطلب وإن كان التشبيه علي أصله

الجواب الخامس عشر: إن الصلاة بهذا اللفظ [اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم] جارية في كل صلاة علي لسان كل مصل إلي انقضاء التكليف، فيكون مطلوب كل مصل بهذه الصلاة المساواة لإبراهيم في الصلاة فكل منهم طالب صلاة مساوية للصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم، وإذا اجتمعت هذه المطلوبات كانت زائدة علي الصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم، أي أن الحاصل لمحمد وآله عليهم الصلاة والسلام بالنسبة إلي مجموع الصلوات أضعافا مضاعفة.
أقول: لكن هذا خلاف الظاهر فإن المفهوم منه أن التشبيه قيد لكل صلاة هو فيها، ومتحقق في كل صلاة مذكور فيها في حال كونها واحدة، وهذا يقتضي التعدد للصلاتين وإنه من الواضح ليس ذكر المشبه به للتشبيه فقط، ولا تحصل له أي فائدة أو أثر في مقام الصلاة علي محمد وآله، فلعل في الصلاة علي إبراهيم وآله في ضم التشبيه في الصلاة المحمدية فيه نوع من رفع الدرجات والترقي في الكمال وغيره في ما يناسب إبراهيم وآله عليهم الصلاة والسلام في أرواحهم وذواتهم في عالم الغيب …
الجواب السادس عشر: أن التشبيه علي حقيقته والصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم أفضل بلحاظ الأنبياء الذين في آل إبراهيم، فإن من المفهوم في كلمات علماء الإمامية هو فضل كل واحد من المعصومين الأربعة عشر عليهم الصلاة والسلام علي كل واحد من الأنبياء والمرسلين لا أن الواحد منهم أفضل علي جميعهم، ولكون إبراهيم وآله مشتملين علي ثلاثة من أولي العزم (وهم: إبراهيم، وعيسي، وموسي،) وآلاف من غير أولي العزم، ولا ينافي فضل هؤلاء بأجمعهم إذا جمعت فضائلهم وثوابهم علي نبينا الأكرم وآله عليهم الصلاة والسلام أجمعين، وإن كان فضل كل واحد من المعصومين علي كل واحد من أولئك الأنبياء أضعافا مضاعفة.
أقول: لا يمكن أن يخالف أحد علي أفضلية كل واحد منهم علي جميع ما خلق وبرأ، والدليل آية الصلوات التي خصهم دون غيرهم، وهي أعظم آية في مقام التفضيل كما وآية التطهير هي من آثار الصلاة الفعلية الإلهية، وما ذكرنا من تقرب الأنبياء بهذه العبادة
(٤٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: آية التطهير (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (18)

* الجواب السادس عشر: مبني علي أن الأئمة بمجموعهم أفضل من الأنبياء لا كل فرد منهم

وترقي درجاتهم بها، وما مر من تكامل الملائكة في الصلاة الفعلية الملائكية. فقد تعبد الله تعالي كل الملائكة والخلائق بهذه العبادة ولم يجعل ذلك لغيرهم، والأخبار متواترة معني وفي بعضها لفظا تدل ملازمة علي تفضيل كل واحد من المعصومين علي جميع الأنبياء والمرسلين. وهذا ينبغي أن لا يخفي علي المتتبع لما ورد عنهم عليهم الصلاة والسلام، وهنا الكثير من الأخبار التي تؤيده منها ما روي عن العامة والخاصة من نزول عيسي عليه السلام واتباعه الإمام الحجة - صلي الله عليه صلاة يعجل بها فرجه - والصلاة خلفه مما يعرفنا أن الذي يمثل رسالة خاتم الأنبياء أفضل من أي نبي لعظمة تلك الرسالة وأفضليتها من حيث وحيها وأحكامها وعقائدها وكمال إمامتها.. ورحم الله بعض شعراء كربلاء:
لمهدك آيات ظهرن لفطرس * وآية عيسي أن تكلم في المهد فإن ساد في أم فأنت ابن فاطم * وإن ساد في مهد فأنت أبو المهدي الجواب السابع عشر: وهذا الجواب يبدو أوجه الأجوبة لظاهر العبارة من حيث التأويل وقد يتداخل مع بعض الأجوبة وبالحقيقة أن أغلبها تندرج في مرجع هذا الجواب.
وهو أن المشبه والمشبه به متحدان من حيث المعني مختلفان من حيث اللفظ عموما وخصوصا، وأن الصلاة في المشبه به أفضل وأعظم وأقوي.. من المشبه به، وإنما ذكر لفظ خاص [الصلاة علي محمد] لخصوصية وهي تعلق إفاضة الصلاة بما يخصهم من العصمة، والوحي الخاص والعام، وتحقق بعض الشؤونات الربانية في مقام الرسالة والولاية، وما يتعلق بأمته من استمرار لطف الإمامة وفيض الخيرات والبركات في كل ما ينفعهم وما يتعلق بالمصلي [العبد] فيما يخصه وله قابليته من علمه ودينه وترقيه وتزكيته إلي ما شاء الله تعالي.
وفي تقريره ينبغي أن يعلم أن نبينا الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وأهل بيته المعصومين من جملة آل إبراهيم نسبا، كما وقد أطلق القرآن [آل إبراهيم] عليهم، ففي كثير من الروايات والأخبار عن العامة والخاصة في تفسير قوله تعالي: {إن الله اصطفي آدم ونوحا وآل إبراهيم … } أن المقصود هم محمد وآل محمد صلي الله عليه وآله وسلم.
(٤٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة كربلاء المقدسة (1)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (6)، الفرج (1)

* الجواب السابع عشر: مبني علي اتحاد المشبه والمشبه به معني لا لفظا

اشارة

وترقي درجاتهم بها، وما مر من تكامل الملائكة في الصلاة الفعلية الملائكية. فقد تعبد الله تعالي كل الملائكة والخلائق بهذه العبادة ولم يجعل ذلك لغيرهم، والأخبار متواترة معني وفي بعضها لفظا تدل ملازمة علي تفضيل كل واحد من المعصومين علي جميع الأنبياء والمرسلين. وهذا ينبغي أن لا يخفي علي المتتبع لما ورد عنهم عليهم الصلاة والسلام، وهنا الكثير من الأخبار التي تؤيده منها ما روي عن العامة والخاصة من نزول عيسي عليه السلام واتباعه الإمام الحجة - صلي الله عليه صلاة يعجل بها فرجه - والصلاة خلفه مما يعرفنا أن الذي يمثل رسالة خاتم الأنبياء أفضل من أي نبي لعظمة تلك الرسالة وأفضليتها من حيث وحيها وأحكامها وعقائدها وكمال إمامتها.. ورحم الله بعض شعراء كربلاء:
لمهدك آيات ظهرن لفطرس * وآية عيسي أن تكلم في المهد فإن ساد في أم فأنت ابن فاطم * وإن ساد في مهد فأنت أبو المهدي الجواب السابع عشر: وهذا الجواب يبدو أوجه الأجوبة لظاهر العبارة من حيث التأويل وقد يتداخل مع بعض الأجوبة وبالحقيقة أن أغلبها تندرج في مرجع هذا الجواب.
وهو أن المشبه والمشبه به متحدان من حيث المعني مختلفان من حيث اللفظ عموما وخصوصا، وأن الصلاة في المشبه به أفضل وأعظم وأقوي.. من المشبه به، وإنما ذكر لفظ خاص [الصلاة علي محمد] لخصوصية وهي تعلق إفاضة الصلاة بما يخصهم من العصمة، والوحي الخاص والعام، وتحقق بعض الشؤونات الربانية في مقام الرسالة والولاية، وما يتعلق بأمته من استمرار لطف الإمامة وفيض الخيرات والبركات في كل ما ينفعهم وما يتعلق بالمصلي [العبد] فيما يخصه وله قابليته من علمه ودينه وترقيه وتزكيته إلي ما شاء الله تعالي.
وفي تقريره ينبغي أن يعلم أن نبينا الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وأهل بيته المعصومين من جملة آل إبراهيم نسبا، كما وقد أطلق القرآن [آل إبراهيم] عليهم، ففي كثير من الروايات والأخبار عن العامة والخاصة في تفسير قوله تعالي: {إن الله اصطفي آدم ونوحا وآل إبراهيم … } أن المقصود هم محمد وآل محمد صلي الله عليه وآله وسلم.
(٤٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، مدينة كربلاء المقدسة (1)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (6)، الفرج (1)

* ما يتفرع علي الجواب من تأويل: {وفديناه بذبح عظيم}

وروي السيوطي بإسناده عن قتادة في الآية قال: [ذكر الله أهل بيتين صالحين ورجلين صالحين، ففضلهم علي العالمين فكان محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم من آل إبراهيم] (148).
وروي البحراني في غاية المرام في تفسير هذه الآية من طريق العامة حديثين ومن الخاصة ثلاثة عشر حديثا بهذا المضمون. وتجد في كتب الحديث عن أهل البيت الكثير من هذا النوع في إطلاق: [آل إبراهيم] عليهم.
وعليه تكون الصلاة في المشبه به شاملة لمحمد وآله علي الوجه الأتم والأكمل، أما المطلوب بهذه العبارة: [اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت] هو أن يخصهم الله تعالي بصلاة أخري علي ما يقتضيها الحال مماثلة للصلاة التي عمتهم وغيرهم من الأنبياء والرسل في: [كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم] علي ما اقتضاها حالهم ومرحلتهم ومقامهم في الكمال والعصمة والوحي والبركة والرحمة وغيرها.
ولا شك أن الصلاة العامة بهذا البيان للكل من حيث العموم أقوي وأعظم من الخاصة بالبعض، بشرط أن تلاحظ مقام أهل البيت عليهم الصلاة والسلام في الجميع ومناسبتهم في الصلاة، ولا يخفي ما فيه من استجلاب ذلك للأنبياء في المشبه به بالصلاة العامة في مراحل متعددة، وطلبه لذريته ومن اتبعه في المشبه بالصلاة الخاصة في مرحلة واحدة، ولعل قوله تعالي في الآية المتقدمة: {ذرية بعضها من بعض} إشارة إلي تعليل ذلك.
وهناك شواهد في الأخبار علي هذا المعني، وبهذا الجواب يمكن أن يجاب عن قوله تعالي: {وفديناه بذبح عظيم} أي فدينا إسماعيل في مقام الكل بجميع ما ذكرنا، وغيره بثمرة آل محمد وسبطهم الشهيد صلي علي جسده وجسمه وروحه الطاهرة فيكون فداء لنفسه في تلك المراحل لجميع الذرية.
وتفصيله: أن الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام أفضل من النبي إسماعيل عليه الصلاة والسلام، فكيف يكون فداء له لأن الفداء يكون أحط مرتبة من المفدي عنه.
(٤٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، الصّلاة (5)، الشهادة (1)

* الحسين فداء للرسالة السماوية وسلسلة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

ولتوضيح ذلك نقرأ الخبر الوارد في ذلك والذي يرويه الشيخ الصدوق رحمه الله تعالي (149) في أماليه والعيون عن عبدوس عن ابن قتيبة عن الفضل قال سمعت الرضا عليه السلام يقول: لما أمر الله عز وجل إبراهيم عليه السلام أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمني إبراهيم أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده، وانه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه، ليرجع إلي قلبه ما يرجع إلي قلب الوالد، الذي يذبح أعز ولده عليه بيده، [في طاعة الله] فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب علي المصائب. فأوحي الله عز وجل إليه يا إبراهيم من أحب خلقي إليك؟ فقال: يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلي من حبيبك محمد. فأوحي الله إليه: أفهو أحب إليك أم نفسك؟ قال بل هو أحب إلي من نفسي. قال: فولده أحب إليك أم ولدك؟ قال: بل ولده.
قال: فذبح ولده ظلما علي أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟
قال يا رب بل ذبحه علي أيدي أعدائه أوجع لقلبي. قال: يا إبراهيم فإن طائفة تزعم أنها من أمة محمد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما وعدوانا، كما يذبح الكبش ويستوجبون بذلك سخطي. فجزع إبراهيم لذلك، وتوجع قلبه، وأقبل يبكي.
فأوحي الله عز وجل: يا إبراهيم! قد فديت جزعك علي ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك علي الحسين وقتله، وأوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب علي المصائب وذلك قول الله عز وجل {وفديناه بذبح عظيم}.
قال الشيخ المجلسي رحمه الله تعالي: قد أورد علي هذا الخبر إعضال، وهو أنه إذا كان المراد بالذبح العظيم قتل الحسين عليه السلام لا يكون المفدي عنه أجل رتبة من المفدي به فإن أئمتنا صلوات الله عليهم أشرف من أولي العزم عليهم السلام فكيف من غيرهم، مع أن الظاهر من استعمال لفظ الفداء التعويض عن الشئ بما دونه في الخطر والشرف؟
وأجيب: بان الحسين عليه السلام لما كان من أولاد إسماعيل، فلو كان ذبح إسماعيل لم يوجد نبينا، وكذا سائر الأئمة، وسائر الأنبياء عليهم السلام من ولد إسماعيل عليه السلام، فإذا عوض من ذبح إسماعيل بذبح واحد من أسباطه وأولاده وهو الحسين عليه
(٤٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، النبي إبراهيم (ع) (1)، الأنبياء (ع) (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ الصدوق (1)، العزّة (1)، الذبح (3)، القتل (2)، الصّلاة (1)
السلام فكأنه عوض عن ذبح الكل، وعدم وجودهم بالكلية بذبح واحد من الأجزاء بخصوصه. ولا شك في أن مرتبة كل السلسة أعظم وأجل من مرتبة الجزء بخصوصه.
أقول: وذكر أنه ليس في الخبر أن الله تعالي فدي إسماعيل بالحسين بل فيه: [قد فديت جزعك علي ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك علي الحسين وقتله] أي أنه فدي جزع إبراهيم علي إسماعيل بجزعه علي الحسين عليه السلام، وظاهر أن الفداء علي هذا ليس علي معناه الحقيقي، بل المراد التعويض، ولما كان أسفه علي ما فات منه من ثواب الجزع علي ابنه عوضه الله بما هو أجل وأشرف وأكثر ثوابا، وهو الجزع علي الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام.
والحاصل أن شهادة الحسين عليه السلام كان أمرا مقررا ولم يكن لرفع قتل إسماعيل حتي يرد الإشكال. وعلي ما ذكرنا فالآية تحتمل وجهين: الأول أن يقدر مضاف أي فديناه بجزع مذبوح عظيم الشأن. والثاني: أن يكون الباء سببيه أي فديناه بسبب مذبوح عظيم بأن جزع عليه. وعلي التقديرين لا بد من تقدير مضاف أو تجوز إسناد في قوله:
{وفديناه} [الصافات: 107].
ولا يخفي أن الرواية واردة في معني باطن الآية فحينئذ التوجيه الأول أولي، والأولي منه أن يقال أن الله فدي إسماعيل الذي هو أحد أجداد محمد وآله بذبح (أي مذبوح عظيم وهو الحسين) فصار المعني الحسين فدي جده محمدا وعليا وفاطمة والحسن ونفسه وأهل بيته والأنبياء الذين من ذرية إسماعيل فإنه لو تحقق ذبح إسماعيل في ذلك الوقت لم يوجد نبينا صلي الله عليه وآله وسلم ولا واحد من الأئمة فكأنه عليه السلام صار فداء لنفسه وحده وأبيه وأمه وأخيه وأولاده المعصومين جميعا ولإسماعيل باعتبار النبوة والإمامة وإليه يشير النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كما في صحيح الترمذي وابن ماجة والنهاية: [حسين مني وأنا من حسين] (149).
ونضيف علي ما مر من اختصاص إبراهيم وآله في التشبيه دون غيرهم لما في الصلاة عليهم من تحقق الصلاة الفعلية، في مقام النبوات والرسالات والإمامات وأنواع الوحي
(٤٤١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب صحيح الترمذي (1)، إبن ماجة (1)، القتل (2)، الشهادة (1)، الصّلاة (1)، الجواز (1)
والعلوم الإلهية.. أكثر ممن سبقهم من الأنبياء ومن خلائق مؤمنين يتعذر إحصائهم بل يستحيل عادة وإلا إذا كان المطلوب وراء ذلك ينبغي التشبيه بما يناسب الطلب والأخبار الواردة في هذا المعني لا سيما بعض الأدعية كثيرة منها: [وصل علي نبينا وآله كما صليت علي ملائكتك المقربين وأنبيائك المطهرين وعبادك الصالحين] وغيرها تجدها في كتب الأدعية المطولة. وراجع مطلب الصلوات علي غير الأنبياء.
وبالبيان الذي ذكرناه يكون التشبيه واقع علي جميع أطراف الجملتين أي المشبه: هو [الصلاة علي محمد وآله] معا والمشبه به: [الصلاة علي إبراهيم وآله معا] فلا يرد علي هذا الجواب الأخير ما يمكن أن يرد علي غيره من أن المشبه فقط آل إبراهيم، وذلك لأنه أبو الكل وحامل لأنوار المعصومين فيصدق قولنا: أنهم من إبراهيم وآله.
ولا يخفي علي أهل الفضل أني أطنبت في هذا المطلب لما فيه من الفوائد الكثيرة لعظمة الصلاة المحمدية، وإن كانت لا يصلح بعضها جوابا للإشكال، لذا لم أذكر الكثير التي ذكرت لعدم الفائدة، أو عدم ملاءمتها وفضل النبي الأكرم وآله عليهم الصلاة والسلام دائمة بدوامه …
(٤٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (5)

البحث السادس * وجوب الصلوات في موقع التعظيم

اشارة

البحث السادس: [وجوب الصلوات في موقع التعظيم] نتحدث فيه عن الموقع التي تجب فيها الصلاة علي محمد وآل محمد كما في التشهد أو قد يحتمل كالآذان، وكلما ذكر اسمه في مقام التعظيم والتبجيل. ونفصل القول في مواقع استحبابها في الصلاة المكتوبة، وهذا يستدعي بيان مسألة قبل الدخول في المقصود، وهي أنه يجب أن يعلم أننا ذكرنا مفصلا وجوب إلحاق الآل بالصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم في القسم الأول من هذا الكتاب مهما كان موقعها وحكمها. ووجوب الإلحاق لا ربط له بوجوب الصلاة في الموقع كالتشهد أو استحبابها في خارجه، فإلحاق الآل بالصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم واجب علي كل الأحوال، ويتبع الصلاة علي الآل في الموقع حكم الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم إن واجبا فواجب وإن مستحبا فمستحب، فالأولي عد الصلاة علي النبي الأكرم وآله عليهم الصلاة والسلام أحد واجبات التشهد الثاني لا واجبان منه كما فعل الشهيد الثاني في [ألفية الصلاة] وغيره.
فهنا مطالب: المطلب الأول في:
[وجوب الصلاة علي محمد وآل محمد في الصلاة المكتوبة [1]] اعلم أنه قد اختلف القوم في وجوب الصلاة (من بعد تسليم أصله) في محله، فبعضهم أوجبها بالعمر مرة كالكرخي، وبعضهم في الصلاة المكتوبة بغير تحديد واختلفوا اختلافا شديدا في وجوبها فيها، وبعضهم في الصلاة بين التشهد الأول والتشهد الثاني بغير دليل.
وإنه من المؤسف جدا أن يبقي المسلمون في هذا العصر عصر النور والعلم والثقافة في غفلة عن حقائق الإسلام، والتقليد لسنن الأولين التي أفرزتها يد التعصب والعداء.
[1] - ونقصد بالمكتوبة أعم من الواجب والمستحب.
(٤٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (4)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (4)، الصّلاة (10)، الوجوب (4)، العصر (بعد الظهر) (1)

المطلب الأول: * وجوب الصلاة علي محمد وآل محمد في الصلاة المكتوبة

اشارة

البحث السادس: [وجوب الصلوات في موقع التعظيم] نتحدث فيه عن الموقع التي تجب فيها الصلاة علي محمد وآل محمد كما في التشهد أو قد يحتمل كالآذان، وكلما ذكر اسمه في مقام التعظيم والتبجيل. ونفصل القول في مواقع استحبابها في الصلاة المكتوبة، وهذا يستدعي بيان مسألة قبل الدخول في المقصود، وهي أنه يجب أن يعلم أننا ذكرنا مفصلا وجوب إلحاق الآل بالصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم في القسم الأول من هذا الكتاب مهما كان موقعها وحكمها. ووجوب الإلحاق لا ربط له بوجوب الصلاة في الموقع كالتشهد أو استحبابها في خارجه، فإلحاق الآل بالصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم واجب علي كل الأحوال، ويتبع الصلاة علي الآل في الموقع حكم الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم إن واجبا فواجب وإن مستحبا فمستحب، فالأولي عد الصلاة علي النبي الأكرم وآله عليهم الصلاة والسلام أحد واجبات التشهد الثاني لا واجبان منه كما فعل الشهيد الثاني في [ألفية الصلاة] وغيره.
فهنا مطالب: المطلب الأول في:
[وجوب الصلاة علي محمد وآل محمد في الصلاة المكتوبة [1]] اعلم أنه قد اختلف القوم في وجوب الصلاة (من بعد تسليم أصله) في محله، فبعضهم أوجبها بالعمر مرة كالكرخي، وبعضهم في الصلاة المكتوبة بغير تحديد واختلفوا اختلافا شديدا في وجوبها فيها، وبعضهم في الصلاة بين التشهد الأول والتشهد الثاني بغير دليل.
وإنه من المؤسف جدا أن يبقي المسلمون في هذا العصر عصر النور والعلم والثقافة في غفلة عن حقائق الإسلام، والتقليد لسنن الأولين التي أفرزتها يد التعصب والعداء.
[1] - ونقصد بالمكتوبة أعم من الواجب والمستحب.
(٤٤٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (4)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (4)، الصّلاة (10)، الوجوب (4)، العصر (بعد الظهر) (1)
وما أشد حاجة المسلمين اليوم أن يذكر بعضهم بعضا بما يجب عليهم أن يصنعوه تكريما لنبيهم الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ويعظموه في ما يرضيه من الوحدة في فهم الكتاب والسنة، فقد وصلت يد الخيانة والنفاق في صلاتهم الواجبة التي هي أعظم عمل في الإسلام والمسلمين وتركتهم في نزاع وشقاق مفرطين باختلاف الأنظار في مشروعية الصلاة علي نبيهم الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، ووجوبها فيها، وكان حريا بهم أن يكونوا قد عرفوها وأحاطوا بها علما لأن الله أمرهم بها ودعاهم إليها في كتابه بقوله:
{إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} فكان الأولي أن يبذلوا قليلا من الجهد إن صدق حبهم للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في تعلم كيفية الصلاة عليه، والتعرف علي العقائد الصحيحة، والشرائع المحكمة، التي جاء بها ودعا الناس إلي الاعتقاد والعمل بها، والتنبه إلي البدع الكثيرة التي دخلت عليهم في دينهم، حتي أضحي معها المتمسك بهدي الكتاب والسنة غريبا.
وإن كنت في شك من بعضهم بعدم علمهم بواقع الحقيقة وما أراد الله تعالي في أمره، فقد رأيتهم يصلون إلي الحقيقة بأدلة قاطعة ثم يحاول لو اللجام، والتمويه في السبيل وعقد القتام في وجه الحق.
وقد ألف طائفة من العلماء في الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم الكتب والرسائل النافعة، لعلمهم أنها من أفضل القربات، وأجل العبادات، إلا أن هذه الكتب والرسائل رغم أنه استوعبت كل ما يتصل بالصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم من الآداب والأحكام والحقوق التي له علي الأمة لم تسلم من العيب الذي وقع فيه عامة المؤلفين في العلوم الإسلامية المختلفة، وبخاصة الفقه، وهو الخلط، وعدم التمييز بين ما صح وبين ما لم يصح من الأحاديث الواردة في هذا الأمر الجليل، وتضعيف بعضها حسب أهواء المذاهب بل عدم معرفة كيفيتها التي أرادها الله عز وجل حتي تجرأ البعض في فصل الآل عن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وحاول
(٤٤٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (2)، التصديق (1)، الكرم، الكرامة (1)، الإبداع، البدعة (1)، النفاق (1)

* الصلوات عبادة يجب أن تؤدي علي وجهها الشرعي

البعض تأويل المأثورات الصحيحة علي ما يلائم مذهبه في الفقه أو العقيدة في كيفية الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وألزموا أنفسهم أن لا يعطوا النصف لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام وعلمائهم رضوان الله عليهم مهما كلفهم ذلك ولو كان الطعن بأحاديثهم وتضعيفها كما ولم يوفقوا علي العقيدة بوجوبها في الصلاة المكتوبة علي رغم ما رووا من الأحاديث المتواترة في وجوبها والمستفيضة في التشهد حيث ستعرف ذلك مفصلا فحرموا خيرها وبركتها.
وما دام أن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم عبادة من العبادات، فيجب أن تؤدي علي الوجه الذي أوحي به لنبيه الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وأمره أن يبلغه أمته، وبغير ذلك لا يكون المصلي علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم متقرب إلي الله سبحانه لعدم الإتيان بما شرع، وذلك هو الضلال الذي يجب علي المسلم أن يبرأ منه، لأن حق العبادة أن يعبد الله بما شرع، ومن رحمة الله علي الأمة وفضله عليها سبحانه أن بين لهم العبادات كلها بيانا شافيا لما ثبت من قبح العقاب بلا بيان عقلا وقرر شرعا، وعلي حد تعبير القرآن: {فلله الحجة البالغة} [الأنعام: 149]، ومن هذه العبادات الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في صلاة المسلمين الذين يتقربون بها إلي الله تعالي في كل يوم خمسة مرات.
وبعبارة النتيجة من حيث حكم العقل: أن ترك الصلاة علي محمد وآل محمد في موقع التشهد أو غيره في أقل التقادير يحتمل (إذا لم نقل يقينا) الوقوع في المعصية إن كانت صلاة بتراء، أو ترك الواجب قصورا أو تقصيرا بعدم الإتيان بأصل الصلاة المكتوبة، نقول من باب المحاججة: يجب عقلا تجنب ذلك بإتيان الصلاة علي محمد وآله لمشروعيتها فيه فقد أجمع المسلمون عليه، ولوجود أحاديث صحيحة عن عامة المسلمين في أضعف دلالتها تشير إلي الاستحباب المؤكد. فقد أوجبها بعضهم في كل دعاء، وبعضهم عليه صلي الله عليه وآله وسلم كلما ذكر، وذهب الزمخشري إلي الاحتياط في ذلك فقال: [والذي يقتضيه الاحتياط الصلاة عليه عند كل ذكر لما ورد من الأخبار] كما في تفسيره.
(٤٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الزمخشري (1)، القرآن الكريم (1)، الضلال (1)، الصّلاة (7)، الشهادة (1)

* يجب عقلا إحراز أداء الواجب بالصلاة الكاملة

البعض تأويل المأثورات الصحيحة علي ما يلائم مذهبه في الفقه أو العقيدة في كيفية الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وألزموا أنفسهم أن لا يعطوا النصف لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام وعلمائهم رضوان الله عليهم مهما كلفهم ذلك ولو كان الطعن بأحاديثهم وتضعيفها كما ولم يوفقوا علي العقيدة بوجوبها في الصلاة المكتوبة علي رغم ما رووا من الأحاديث المتواترة في وجوبها والمستفيضة في التشهد حيث ستعرف ذلك مفصلا فحرموا خيرها وبركتها.
وما دام أن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم عبادة من العبادات، فيجب أن تؤدي علي الوجه الذي أوحي به لنبيه الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وأمره أن يبلغه أمته، وبغير ذلك لا يكون المصلي علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم متقرب إلي الله سبحانه لعدم الإتيان بما شرع، وذلك هو الضلال الذي يجب علي المسلم أن يبرأ منه، لأن حق العبادة أن يعبد الله بما شرع، ومن رحمة الله علي الأمة وفضله عليها سبحانه أن بين لهم العبادات كلها بيانا شافيا لما ثبت من قبح العقاب بلا بيان عقلا وقرر شرعا، وعلي حد تعبير القرآن: {فلله الحجة البالغة} [الأنعام: 149]، ومن هذه العبادات الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في صلاة المسلمين الذين يتقربون بها إلي الله تعالي في كل يوم خمسة مرات.
وبعبارة النتيجة من حيث حكم العقل: أن ترك الصلاة علي محمد وآل محمد في موقع التشهد أو غيره في أقل التقادير يحتمل (إذا لم نقل يقينا) الوقوع في المعصية إن كانت صلاة بتراء، أو ترك الواجب قصورا أو تقصيرا بعدم الإتيان بأصل الصلاة المكتوبة، نقول من باب المحاججة: يجب عقلا تجنب ذلك بإتيان الصلاة علي محمد وآله لمشروعيتها فيه فقد أجمع المسلمون عليه، ولوجود أحاديث صحيحة عن عامة المسلمين في أضعف دلالتها تشير إلي الاستحباب المؤكد. فقد أوجبها بعضهم في كل دعاء، وبعضهم عليه صلي الله عليه وآله وسلم كلما ذكر، وذهب الزمخشري إلي الاحتياط في ذلك فقال: [والذي يقتضيه الاحتياط الصلاة عليه عند كل ذكر لما ورد من الأخبار] كما في تفسيره.
(٤٤٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الزمخشري (1)، القرآن الكريم (1)، الضلال (1)، الصّلاة (7)، الشهادة (1)

* أفضل موقع للصلوات موقع التشهد للتعظيم

أقول: والتشهد من موارد ذكر النبي صلي الله عليه وآله وسلم. كيف وقد ذهب بعض العامة إلي استحبابها المؤكد بل وجوبها في مقام التعظيم وهل هناك مقام أعظم من الصلاة المكتوبة لتعظيم وتفخيم النبي صلي الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام.
إن الصلاة علي محمد وآل محمد في الصلوات اليومية وغيرها لهي الموقع البارز للتعظيم الكبير لهذا النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فإنها شرعت لتعظيمه وإن الصلوات اليومية التي هي العبادة الدائمة والتي هي عمود الدين يجب أن تشتمل علي هذه العبادة، كما ويجب أن تكون صلاة كاملة غير مبتورة مشتملة علي الآل، فإن من تعظيمه تعظيم أهل بيته عليهم الصلاة والسلام.
أما الدليل علي مشروعيتها ووجوبها فهي الأحاديث التي تذكر تعليم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم التشهد لأصحابه، وقد اتفقت الإمامية الإثنا عشرية قديما وحديثا علي وجوبها في الصلاة في كلا التشهدين، وإن اختلف بعضهم في غيرها كما اختلف العامة في وجوبها مطلقا أي في الصلوات اليومية وفي غيرها، ونحن نفصل الأدلة علي مشرب الفريقين، لكن قبل ذلك ينبغي أن يعلم أن الآية الكريمة لا يمكن الاستدلال بها علي وجوب الصلاة في الصلوات اليومية وجزيتها من التشهد سواء قلنا بالوجوب أو بالاستحباب فإن الآية سيقت لبيان رجحان النفسي الاستقلالي للصلاة لا الغيري علي نحو الجزئية، ومع غض النظر عما ذكرنا لا يجوز تنزيل الآية مع إطلاقها علي مورد خاص بنحو خاص لعدم الدليل علي شئ من التقييدين، علي أن ذلك متوقف علي أن الآية تفيد الوجوب فالأولي الاستدلال بوجوب الصلاة في التشهد بالأدلة الخاصة التي سنذكر بعضها في ما يأتي، هذا ما يقتضيه التأمل في الآية لكن يمكن الاستدلال بها في ذلك باستعانة الأحاديث. ولنا أسوة بالصحابة الأجلاء والتابعين وأرباب المذاهب وعلماء الأمة فمن الصحابة: جماعة منهم عبد الله بن مسعود، فإنه كان يراها واجبة في الصلاة، ويقول: [لا صلاة لمن لم يصل فيها علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم]. ذكره ابن عبد البر عنه في (التمهيد) وحكاه غيره أيضا.
(٤٤٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، عبد الله بن مسعود (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (11)، الجواز (1)، الوجوب (1)، الشهادة (3)

* لنا أسوة بفعل الصحابة الذين كانوا يصلون علي أهل البيت عليهم الصلاة والسلام

ومنهم أبو مسعود البدري، وقد مر حديثه في الكيفيات، روي عثمان بن أبي شيبة وغيره: عن شريك، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر بن علي، عن أبي مسعود البدري قال: [ما أري أن صلاة لي تمت حتي أصلي علي محمد وعلي آل محمد].
ومنهم عبد الله بن عمر بن الخطاب، ذكره الحسن بن شبيب المعمري: حدثنا علي بن ميمون، حدثنا خالد بن حسان، عن جعفر بن برقان، عن عقبة ابن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: [لا تتمن صلاة إلا بقراءة، وتشهد وصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم، فإن نسيت شيئا من ذلك، فاسجد سجدتين بعد السلام].
وقال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا شريك، عن أبي جعفر، قال:
قال أبو مسعود البدري: [ما أري أن صلاة لي تمت لا أصلي فيها علي محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم].
أقول: قوله: [لا أصلي فيها علي محمد] أو [الصلاة علي النبي] أو [صلوا علي]، كما في كثير من الأحاديث إشارة إلي الصلاة الكاملة غير البتراء لأنها هي المأمور بها في آية الصلوات، ويؤيده الحديث السابق بل يدل أنه من اختصار الراوي أو الناسخ.
ومن التابعين: أبو جعفر محمد بن علي، والشعبي، ومقاتل بن حيان. والإمام أحمد كما حكاه أبو زرعة وإسحاق بن راهويه، والفقيه محمد بن المواز المالكي، قال وبعض أصحابنا أوجب الصلاة علي آله فيما حكاه البندنيجي وسليم الرازي وصاحبه نصر بن إبراهيم المقدس.
ومن أرباب المذاهب المتبوعين: إسحاق بن راهويه، قال: إن تركها عمدا لم تصح صلاته، وإن تركها سهوا رجوت أنها تجزئه. ولابن راهويه روايتان، ذكرهما عنه حرب في (مسائله) قال: (باب الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم بعد التشهد). قال سألت إسحاق قلت: الرجل إذا تشهد فلم يصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم؟ قال: أما أنا فأقول: إن صلاته جائزة.
(٤٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، إسحاق بن راهويه (2)، عثمان بن أبي شيبة (2)، مقاتل بن حيان (1)، جابر الجعفي (1)، جعفر بن علي (1)، محمد بن علي (1)، السجود (1)، الشهادة (1)، الموت (2)، الشراكة، المشاركة (2)، الصّلاة (6)

* بعض التابعين علي الصلاة الكاملة

ومنهم أبو مسعود البدري، وقد مر حديثه في الكيفيات، روي عثمان بن أبي شيبة وغيره: عن شريك، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر بن علي، عن أبي مسعود البدري قال: [ما أري أن صلاة لي تمت حتي أصلي علي محمد وعلي آل محمد].
ومنهم عبد الله بن عمر بن الخطاب، ذكره الحسن بن شبيب المعمري: حدثنا علي بن ميمون، حدثنا خالد بن حسان، عن جعفر بن برقان، عن عقبة ابن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: [لا تتمن صلاة إلا بقراءة، وتشهد وصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم، فإن نسيت شيئا من ذلك، فاسجد سجدتين بعد السلام].
وقال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا شريك، عن أبي جعفر، قال:
قال أبو مسعود البدري: [ما أري أن صلاة لي تمت لا أصلي فيها علي محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم].
أقول: قوله: [لا أصلي فيها علي محمد] أو [الصلاة علي النبي] أو [صلوا علي]، كما في كثير من الأحاديث إشارة إلي الصلاة الكاملة غير البتراء لأنها هي المأمور بها في آية الصلوات، ويؤيده الحديث السابق بل يدل أنه من اختصار الراوي أو الناسخ.
ومن التابعين: أبو جعفر محمد بن علي، والشعبي، ومقاتل بن حيان. والإمام أحمد كما حكاه أبو زرعة وإسحاق بن راهويه، والفقيه محمد بن المواز المالكي، قال وبعض أصحابنا أوجب الصلاة علي آله فيما حكاه البندنيجي وسليم الرازي وصاحبه نصر بن إبراهيم المقدس.
ومن أرباب المذاهب المتبوعين: إسحاق بن راهويه، قال: إن تركها عمدا لم تصح صلاته، وإن تركها سهوا رجوت أنها تجزئه. ولابن راهويه روايتان، ذكرهما عنه حرب في (مسائله) قال: (باب الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم بعد التشهد). قال سألت إسحاق قلت: الرجل إذا تشهد فلم يصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم؟ قال: أما أنا فأقول: إن صلاته جائزة.
(٤٤٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، إسحاق بن راهويه (2)، عثمان بن أبي شيبة (2)، مقاتل بن حيان (1)، جابر الجعفي (1)، جعفر بن علي (1)، محمد بن علي (1)، السجود (1)، الشهادة (1)، الموت (2)، الشراكة، المشاركة (2)، الصّلاة (6)

* بعض أرباب المذاهب والعلماء علي الصلاة علي آل محمد

وقال الشافعي: لا تجوز صلاته، ثم قال: أنا أذهب إلي حديث الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيرة، فذكر حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال حرب: سمعت أبا يعقوب (يعني إسحاق) يقول: إذا فرغ من التشهد (إماما أو مأموما) صلي علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم لا يجزيه غير ذلك، لقول أصحاب النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم: قد عرفنا السلام عليك (يعني في التشهد والسلام فيها) فكيف الصلاة، فأنزل الله: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [الأحزاب: 56]، وفسر النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم كيف هي؟ فأدني ما ذكر عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم في الصلاة عليه يكفيه، فيقله بعد التشهد، والتشهد والصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم في الجلسة الأخيرة عملان هما عدلان، لا يجوز لأحد أن يترك واحدا منهما عمدا، وإن كان ناسيا رجونا أن تجزئه، مع أن بعض علماء الحجاز قال: لا يجزئه ترك الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله وسلم وإن تركه أعاد الصلاة.
وأما الإمام أحمد بن حنبل، فاختلفت الرواية عنه، ففي مسائل المروزي، قيل لأبي عبد الله: إن ابن راهويه يقول: [لو أن رجلا ترك الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم في التشهد بطلت صلاته]؟ قال: ما أجترئ أن أقول هذا. وقال مرة:
هذا شذوذ. وفي مسائل أبي زرعة الدمشقي، قال أحمد بن حنبل: كنت أتهيب ذلك، ثم تبينت، فإذا الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم واجبة. وظاهر هذا أنه رجع عن قوله بعدم الوجوب.
وقال القاضي أبو بكر بن بكير: افترض الله علي خلقه أن يصلوا علي نبيه ويسلموا تسليما، ولم يجعل ذلك بوقت معلوم. فالواجب أن يكثر المرء منها، ولا يغفل عنها.
وقال القاضي أبو محمد بن نصير: الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم واجبة في الجملة. وحكي أبو جعفر الطبري أن محمل الآية عنده علي الندب. والواجب منه
(٤٤٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (5)، صحابة (أصحاب) رسول الله (ص) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الحسن بن الحر (1)، أحمد بن حنبل (2)، محمد بن نصير (1)، الصّلاة (4)، الباطل، الإبطال (1)، الحرب (1)، النسيان (1)، الجواز (2)، الشهادة (4)

* عمل السلف حجة لنا لا لكم

الذي يسقط به الحرج ومأثم ترك الفرض مرة. كالشهادة له بالنبوة. وما عدا ذلك فمندوب، مرغب فيه، من سنن الإسلام وشعار أهله.
وقال أصحاب الشافعي: الفرض منها الذي أمر الله تعالي به ورسوله صلي الله عليه (وآله) وسلم هو في الصلاة. قالوا: وأما في غيرها فلا خلاف أنه غير واجبة.
قال القاضي عياض في حكم الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم: اعلم أن الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فرض علي الجملة، غير محدد بوقت، لأمر الله تعالي بالصلاة عليه. وحمل الأئمة والعلماء له علي الوجوب وأجمعوا عليه.
قال وشذ الشافعي في ذلك، فقال: [من لم يصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم من بعد التشهد الأخير وقبل السلام فصلاته فاسدة. وإن صلي عليه قبل ذلك لم تجزه].
ثم استدل علي أن الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم ليست من فروض الصلاة بقوله: بعمل السلف الصالح قبل الشافعي، وإجماعهم عليه، وقد شنع جماعة عليه الخلاف في المسألة منهم الطبري، والقشيري وحكي قولا للخطابي نحوه قال: والدليل علي أنها ليست من فروض الصلاة عمل السلف الصالح قبل الشافعي، وإجماعهم عليه، وقد شنع الناس عليه في هذه المسألة جدا (151).
أقول: منشأ بعض هذه الأقوال مبني علي اختلافهم في حقيقة إفادة فعل الأمر، والبعض الآخر لا دليل عليها والظاهر أن الآية لا يمكن أن نستدل بها علي الوجوب الغيري علي نحو الجزية فالوجه أن يستدل بوجوب الصلاة في التشهد بالأدلة الخاصة كما هو مقرر عندنا.
أما الإمام الشافعي فقد يعرف من كلامه أن وجوب الصلاة في هذا المورد يثبته ببعض الأدلة التي سنذكرها في المطالب الآتية.
(٤٤٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، الصّلاة (4)، الوجوب (1)، الشهادة (2)

* جواب القاضي عياض وغيره لتشنيعهم علي الشافعي في مسألة الصلوات

وقال بعض العامة في معرض انتصار الإمام الشافعي: وقولكم: الدليل علي عدم وجوبها عمل السلف الصالح قبل الشافعي وإجماعهم عليه: إن استدلالكم إما أن يكون بعمل الناس في صلاتهم، وإما بقول أهل الإجماع: إنها ليست بواجبة. فإن كان الاستدلال بالعمل فهو من أقوي حججنا عليكم، فإنه لم يزل عمل الناس مستمرا قرنا بعد قرن وعصرا بعد عصر علي الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم في آخر التشهد، وإمامهم ومأمومهم ومنفردهم، ومفترضهم ومتنفلهم، حتي لو سئل كل مصل هل صليت علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم في الصلاة؟ لقال: نعم. وحتي لو سلم من غير صلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم وعلم المأمومون منه ذلك، لأنكروا ذلك عليه، وهذا أمر لا يمكن إنكاره. فالعمل أقوي حجة عليكم، فيكف يسوغ لكم أن تقولوا: عمل السلف الصالح قبل الشافعي ينفي الوجوب؟
وأما قوله: قد شنع الناس المسألة علي الشافعي جدا، فيا سبحان الله! أي شناعة عليه في هذه المسألة؟ ثم لا يستحي المشنع عليه مثل هذه المسألة من المسائل التي شنعتها ظاهرة جدا، يعرفها من عرفها من المسائل التي تخالف النصوص، أو تخالف الإجماع السابق، أو القياس أو المصلحة الراجحة؟ ولو تتبعت لبلغت مئين، وليس تتبع المسائل المستشنعة من عادة أهل العلم فيقتدي بهم في ذكرها وعدها، والقائل خصم نفسه. فأي كتاب خالف الشافعي في هذه المسألة؟ أم أي سنة؟ أم أي إجماع؟ ولأجل أن قال قولا اقتضته الأدلة وقامت علي صحته، وهو من تمام الصلاة بلا خلاف، أما إتمام واجباتها أو مستحباتها، فهو رأي أنه من تمام واجباتها بالأدلة التي سنذكرها فيما بعد ذلك، فلا إجماعا خرقه، ولا نصا خالفه، فمن أي وجه يشنع عليه وهل الشناعة إلا بمن شنع عليه أليق وبه ألحق؟.
وقد استدل بعضهم بالآية في وجوب الصلاة في كلا التشهدين باستعانة الأحاديث ونحن سنذكر في المطالب الآتية من باب ألزموهم ما يفرض علي المسلمين الصلاة علي محمد وآله في الصلاة المكتوبة، فينبغي الدقة في المقايسة بين العامة والخاصة.
(٤٥٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، الحج (1)، الصّلاة (5)، الوجوب (1)

المطلب الثاني: * وجوب الصلاة علي محمد وآله في التشهد بأدلة العامة

اشارة

المطلب الثاني في:
[وجوب الصلاة علي محمد وآله في التشهد بأدلة العامة] لقد اتفق العامة علي مشروعية الصلوات في الصلاة ولكن اختلفوا في وجوبها وفي محلها بعد تسليم أصل وجوبها وذهب أكثرهم إلي استحبابها في التشهد وبعضهم إلي وجوبها.
وأقول: طالما هي مشروعة فلا يحرم المؤمن نفسه من صلوات الله وصلوات الملائكة وصلوات الرسول صلي الله عليه وآله وسلم بتركها، فقد ورد أن من صلي عليه صلي الله عليه وملائكته بل كل شئ يصلي عليهم، ويجيب النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم الصلاة ويرد السلام علي من يسلم عليهم، وإن الصلاة في التشهد في مقام الثناء والدعاء لأفضل موقع لتعظيم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وشكره.
هذا والأدلة تقتضي وجوب الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم أثناء الصلاة في التشهدين علي الذاكر لهما، ولا تصح الصلاة بدونها، وإليه ذهب الإمام الشافعي فقد جاء في كتاب الأم، ج: 1، ص: 102: [لم يكن فرض الصلاة عليه في موضع أولي منه في الصلاة، ووجدنا الدلالة عن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم بما وصفت من أن الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم فرض في الصلاة والله أعلم].
وقد انتصر أكثر علماء الشافعية لمذهبه القائل بوجوب الصلاة في التشهد قال ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة، ج: 6، ص: 144، الخطبة: 71: [أكثر أصحاب الشافعي علي وجوب الصلاة علي الآل في الصلاة].
وأما ما يمكن أن نستدل به من الكتاب والأحاديث فهي عدة أدلة:
الدليل الأول: آية الصلوات: { … يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} ووجه الدلالة أن الله تعالي أمر المؤمنين بالصلاة والتسليم علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وأمره المطلق علي الوجوب مالم يقم دليل علي خلافه.
(٤٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، الصّلاة (15)، الوجوب (3)، الشهادة (4)

* الدليل الأول: آية الصلوات باستعانة الأحاديث

المطلب الثاني في:
[وجوب الصلاة علي محمد وآله في التشهد بأدلة العامة] لقد اتفق العامة علي مشروعية الصلوات في الصلاة ولكن اختلفوا في وجوبها وفي محلها بعد تسليم أصل وجوبها وذهب أكثرهم إلي استحبابها في التشهد وبعضهم إلي وجوبها.
وأقول: طالما هي مشروعة فلا يحرم المؤمن نفسه من صلوات الله وصلوات الملائكة وصلوات الرسول صلي الله عليه وآله وسلم بتركها، فقد ورد أن من صلي عليه صلي الله عليه وملائكته بل كل شئ يصلي عليهم، ويجيب النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم الصلاة ويرد السلام علي من يسلم عليهم، وإن الصلاة في التشهد في مقام الثناء والدعاء لأفضل موقع لتعظيم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وشكره.
هذا والأدلة تقتضي وجوب الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم أثناء الصلاة في التشهدين علي الذاكر لهما، ولا تصح الصلاة بدونها، وإليه ذهب الإمام الشافعي فقد جاء في كتاب الأم، ج: 1، ص: 102: [لم يكن فرض الصلاة عليه في موضع أولي منه في الصلاة، ووجدنا الدلالة عن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم بما وصفت من أن الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم فرض في الصلاة والله أعلم].
وقد انتصر أكثر علماء الشافعية لمذهبه القائل بوجوب الصلاة في التشهد قال ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة، ج: 6، ص: 144، الخطبة: 71: [أكثر أصحاب الشافعي علي وجوب الصلاة علي الآل في الصلاة].
وأما ما يمكن أن نستدل به من الكتاب والأحاديث فهي عدة أدلة:
الدليل الأول: آية الصلوات: { … يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} ووجه الدلالة أن الله تعالي أمر المؤمنين بالصلاة والتسليم علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وأمره المطلق علي الوجوب مالم يقم دليل علي خلافه.
(٤٥١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، الصّلاة (15)، الوجوب (3)، الشهادة (4)
وقد ثبت أن الصحابة سألوه عن كيفية هذه الصلوات المأمور بها، فقال: [قولوا اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد..] كما مرت في الأحاديث في الكيفيات ومطلب نزول الآية. وقد ثبت أن السلام الذي علموه هو السلام عليه في الصلاة المكتوبة، وهو سلام التشهد، فمخرج الأمرين والتعليمين والمحلين واحد.
وقد علمهم التشهد آمرا لهم به فيه، وفيه ذكر التسليم عليه صلي الله عليه وآله وسلم، فسألوه عن الصلاة عليه فعلمهم إياها، ثم شبهها بما علموه من التسليم عليه، وهذا يدل علي أن الصلاة والتسليم المذكورين في الحديث هما الصلاة والتسليم عليه في الصلاة.
والشاهد علي ذلك الزيادة في حديث ابن إسحاق الذي هو ثقة لم يجرح وقد ثقة كبار الأئمة وأثنوا عليه بالحفظ والعدالة، اللذين هما ركنا الرواية: [كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا]، وسؤاله صريح أنه كان بخصوص الصلاة في الصلاة المكتوبة أما حديثه فقد رواه جماعة من الحفاظ وصححوا هذه العبارة منهم ابن خزيمة، وابن حبان والحاكم، والدارقطني، والبيهقي، وإليك نص الحديث عن أحمد في مسنده، ج: 4، ص: 119، رقم [56513] قال: حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال وحدثني في الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم إذا المرء المسلم صلي عليه في صلاته محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري أخي الحارث ابن الخزرج عن أبي مسعود عقبة بن عمرو قال أقبل رجل حتي جلس بين يدي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم ونحن عنده فقال: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا صلي الله عليك؟ قال فصمت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم حتي أجبنا أن الرجل لم يسأله.
فقال: إذا أنتم صليتم علي: [فقولوا: اللهم صل علي محمد النبي الأمي وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك علي محمد النبي الأمي، كما باركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد].
(٤٥٢)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، محمد بن عبد الله بن زيد (1)، محمد بن إبراهيم (1)، عقبة بن عمرو (1)، الصّلاة (9)، الشهادة (2)

* الدليل الثاني: الحديث الصحيح [صلوا كما رأيتموني أصلي]

فإذا تقرر أن الصلاة المسئول عن كيفيتها هي الصلاة عليه في نفس الصلاة، وقد خرج ذلك مخرج البيان المأمور به منها في القرآن، ثبت أنها علي الوجوب، وينضاف إلي ذلك أمر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بها، ولعل هذا وجه ما أشار إليه الإمام أحمد بقوله المتقدم: كنت أتهيب ذلك، ثم تبينت، فإذا الصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم واجبة.
الدليل الثاني: بانضمام صغري بفعل النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم إلي كبراها قرآنية حديثية وهو: أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كان يصلي علي نفسه وآله ما خصه الدليل فيجب علينا الصلاة عليه وعلي آله في التشهدين. فهاتان مقدمتان.
أما مقدمة الصغري: فقد روي ذلك عدة، منهم الشافعي في مسنده، تصنيف أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المتوفي: 204، ص: 42، [168742] أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثني سعد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن كعب بن عجرة رضي الله تعالي عنه عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم، أنه كان يقول في الصلاة:
[اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك علي محمد وآل محمد كما باركت علي إبراهيم، وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد].
ورواه ابن حجر الهيثمي في [الدر المنضود]، ص: 20. روي الحديث من طريق البيهقي عن الإمام الشافعي عن كعب بن عجرة. وفيه: [أن النبي صلي الله عليه (و آله) وسلم كان يقول في الصلاة: اللهم صل علي محمد وآل محمد].
وأما المقدمة الثانية: فهي مقتضي القرآن الكريم في كثير من الآيات {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر 7]. وكذا الأحاديث الصحيحة فقد روي البخاري رقم: 595، حدثنا بن المثني قال حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا أيوب عن أبي قلابة قال حدثنا مالك: {أتينا إلي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم
(٤٥٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، محمد بن ادريس الشافعي (2)، القرآن الكريم (2)، إبن حجر الهيثمي (1)، إبراهيم بن محمد (1)، الصّلاة (8)، الوفاة (1)

* الدليل الثالث: نص صريح رواه أصحاب الصحاح

ونحن شبه متقاربون فأقمنا عنده عشرين يوما وليلة وكان رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم رحيما رفيقا فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه قال ارجعوا إلي أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها وصلوا كما رأيتموني أصلي..] ورواه الدارمي، تحت رقم:

1225. وقد اعترض عليه بما هو بعيد عن مفهومه.
الدليل الثالث: حديث خاص في الصلاة المكتوبة وصحيح رواه عدة من الحفاظ وأهل الصحاح منهم الحاكم في مستدركه قال: أخبرنا أبو الفضل الحسين بن يعقوب العدل، ثنا السري بن خزيمة، ثنا عبد الله بن يزيد المقري، ثنا حياة عن أبي هانئ عن أبي علي الجنبي عن فضالة بن عبيد الأنصاري: [أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم رأي رجلا صلي يحمد الله ولم يمجد ولم يصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم وانصرف فقال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم عجل هذا فدعاه فقال له ولغيره إذا صلي أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه وليصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم ثم يدعو ما يشاء]. قال الحاكم: هذا حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه. قال محقق الكتاب مصطفي عبد القادر عطا: قال الذهبي في التلخيص: علي شرط مسلم [1].
أقول: إن موقع الثناء علي الله وتحميده هو التشهد هذا ما اتفق عليه علماء العامة وعليه الخاصة أيضا فتكون الصلاة فيه.
وروي الترمذي برقم: 3476 عن فضالة بن عبيد قال بينا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم قاعد إذ دخل رجل فصلي فقال اللهم اغفر لي وارحمني فقال رسول الله صلي
[1] - ورواه الحافظ الدارقطني في سنن، ج: 1، ص: 355، برقم: 4. ورواه أيضا ابن حبان في صحيحه، عن محمد بن إسحاق السراج، ج: 5، ص: 290. رقم: 1960. في المجتبي من السنن، ج: 3، ص: 44، برقم: 1284. وابن خزيمة في صحيحه، ج: 1، ص:
351، برقم: 709 ورقم: 710. والسنن الكبري، ج: 1، ص: 380، برقم: 1207. والبيهقي في سننه، ج: 2، ص: 147، برقم:
2676. والطبراني في المعجم الكبير، ج: 18، ص: 307، برقم: 791، ورقم 793 ورقم 794 وص: 309، برقم: 795. والإمام أحمد، ج: 6، ص: 18، رقم: 23982. والترمذي في صحيحه، ج: 5، ص: 517 برقم: 3477،: وقال [هذا حديث حسن صحيح].
وأبو داود في سننه، ج: 2، ص: 77، 1481.
(٤٥٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، عبد الله بن يزيد (1)، فضالة بن عبيد (2)، الثناء (1)، الصّلاة (2)، الظنّ (1)، الشهادة (1)، الطبراني (1)، محمد بن إسحاق (1)

* ما يرد عليه والجواب عنه

الله عليه (وآله) وسلم: [عجلت أيها المصلي إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله وصل علي ثم ادعه] قال ثم صلي رجل آخر بعد ذلك فحمد الله وصلي علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم فقال النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أيها المصلي ادع تجب] [1].
وأورد بعضهم علي حديث فضالة عدة أمور: الأمر الأول: أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لم يأمر هذا المصلي بالإعادة، والمفروض أنه يجب عليه أن يأمره بذلك لأنها لو كانت الصلاة عليه فرضا وواجبة لأمره بإعادة صلاته كما أمر الذي لم يتم ركوعه ولا سجوده بالإعادة كما في بعض الأحاديث.
الجواب: يقال أن هذا المصلي كان غير عالم بوجوبه معتقدا أنها غير واجبة، فلم يأمره النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بالإعادة، وأمره في المستقبل أن يقولها، فأمره بقولها في المستقبل دليل علي وجوبها، وترك أمره بالإعادة دليل علي أنه يعذر الجاهل بعدم الوجوب علي رأي الشافعي، (أو كان ناسيا علي رأي علماء أهل البيت عليهم الصلاة والسلام)، وهذا كما لم يأمر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم المسئ في الصلاة بإعادة ما مضي من الصلوات، وقد أخبره أنه لا يحسن غير تلك الصلاة عذرا له بالجهل.
ولا يخفي أن أمره صلي الله عليه وآله وسلم الرجل (عندنا) لإعادة الصلاة لأن نقصانها من حيث الركنية باطلا، أما الصلوات فيه كما مر من واجبات التشهد لا أركان الصلاة فعدم الإتيان بها نسيانا لا يوجب الإعادة لحديث الرفع.
الأمر الثاني: أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أمره فيه بالدعاء عقب الصلاة عليه. والدعاء ليس بواجب، فكذا الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم.
[1] - قال أبو عيسي الترمذي وهذا حديث حسن.
(٤٥٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، السجود (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (6)، النسيان (1)، الشهادة (1)
الجواب: أنه لا يستحيل أن يأمر بشيئين، فيقوم الدليل علي عدم وجوب أحدهما، فيبقي الآخر علي أصل الوجوب، علي أن الحمد والثناء هو واجب قبل الدعاء فإنه عبارة عن التشهد، وقد أمر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم به وأخبر الصحابة أنه فرض عليهم، ولم يكن اقتران الأمر بالدعاء به مسقطا لوجوبه، فكذا الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم.
ثم الكلية: الدعاء لا يجب، باطل لا يطرد، فإن من الدعاء ما هو واجب، كالدعاء بالتوبة والاستغفار من الذنوب، والهداية والعفو، وغيرها.
الأمر الثالث: أنه لو كانت الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فرضا في الصلاة لم يؤخر بيانها إلي هذا الوقت، حتي يري رجلا لا يفعلها فيأمره بها، ولكان العلم بوجوبها مستفادا قبل هذا الحديث.
الجواب: إنا لم نقل إنها وجبت علي الأمة إلا بهذا الحديث، بل هذا المصلي كان قد تركها فأمره النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بما هو مستقر معلوم من شرعه، وهذا كحديث المسئ في صلاته، فإن وجوب الركوع والسجود والطمأنينة علي الأمة لم يكن مستفادا من حديثه، وتأخير بيان النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لذلك إلي حين صلاة هذا الأعرابي، وإنما أمره أن يصلي الصلاة التي شرعها لأمته قبل هذا. وكم لهذا من نظائر في الأحاديث.
الأمر الرابع: أن في حديث فضالة برواية أبي داود والترمذي المتقدمين [فقال: له، أو لغيره] بحرف (أو) الترددية والتخييرية ولو كان هذا واجبا علي كل مكلف لم يكن ذلك له أو لغيره.
الجواب: أن الرواية الصحيحة التي رواها ابن خزيمة، وابن حبان وكما عن أحمد والحاكم المذكورين آنفا [فقال: له، ولغيره] بالواو العطف وكذا رواه الدارقطني، والبيهقي، وغيرهم ممن ذكرنا مصدره، علي أن حديثهما صريح في العموم بقوله: [إذا
(٤٥٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الركوع، الركعة (1)، التوبة (1)، الثناء (1)، السجود (1)، الصّلاة (2)، الوجوب (2)، الشهادة (1)

* الدليل الرابع: عدة أحاديث تقوي بانضمامها

اشاره

صلي أحدكم فيبدأ بتحميد الله..]. كما أن في حديث النسائي المذكور آنفا وكذا ابن خزيمة: [ثم علمهم] وهذا عام.
ويقال: في حديثي الترمذي وأبي داود أن (أو) هنا ليست للتخيير، بل هي للتقسيم والمعني أن أي مصل صلي فليقل ذلك، هذا أو غيره، كما قال تعالي: {فلا تطع منهم آثما أو كفورا} [الدهر: 34]، فليس المراد به التخيير، بل المعني أن أيهما كان فلا تطعه إما هذا وإما هذا فلا فرق بينهما.
الدليل الرابع: مجموعة ثلاثة أحاديث رواها الحافظ الدارقطني في سننه، ج: 1، ص: 355، في مفهوم واحد يعضد بعضها بعضا عند الاجتماع وإن كان كل واحد منها لا ينهض بحجة عند انفراده لتضعيف الدارقطني لإسنادها:
الأول: حديث عائشة: [153467] حدثنا أبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن عيسي الكاتب من أصل كتابه، ثنا الحسين بن الحكم بن مسلم الحبري ثنا سعيد بن عثمان الخزاز ثنا عمر بن شمر عن جابر قال: قال الشعبي سمعت مسروق بن الأجدع يقول قالت عائشة: إني سمعت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم يقول: [لا تقبل صلاة إلا بطهور وبالصلاة علي].
الثاني: من حديث عمرو بن شمر، عن جابر (هو الجعفي) عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [يا بريدة! إذا صليت في صلاتك فلا تتركن التشهد والصلاة علي، فإنها زكاة الصلاة، وسلم علي جميع أنبياء الله ورسله، وسلم علي عباد الله الصالحين].
الثالث: من حديث عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم قال: [لا صلاة لمن لم يصل علي نبيه].
ويؤيده: حديث سهل بن سعد الساعدي الذي رواه ابن ماجة، برقم: 394، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا ابن أبي فديك عن عبد المهيمن بن عباس ابن سهل بن سعد
(٤٥٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الحسين بن الحكم (1)، إبن ماجة (1)، سهل بن سعد (3)، عمرو بن شمر (1)، الحج (1)، النهوض (1)، الصّلاة (3)، الزكاة (1)، الشهادة (1)

* فعل الصحابة حجة ما لم يعارض

الساعدي عن أبيه عن جده عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم قال: [لا صلاة لمن لا وضوء له … ولا صلاة لمن لا يصلي علي النبي … ] قال أبو الحسن بن سلمة حدثنا أبو حاتم حدثنا عيسي بن مرحوم العطار حدثنا عباء المهيمن بن عباس فذكر نحوه.
أقول: وإنما قلت: يؤيده لأن البعض ضعف الحديث لوجود عبد المهيمن بن عباس وقال في الزوائد: ضعيف، لاتفاقهم علي ضعف عبد المهيمن. ولكن لم ينفرد به بل تابعه عليه أخو عبد المهيمن وهو أبي بن عباس بن سهل كما في سنن الطبراني وأبي هذا ممن احتج به البخاري في صحيحه فيصح حينئذ أن يكون دليلا.
الدليل الخامس: عمل الصحابة منهم عبد الله بن عمر وأبي مسعود وجابر وعبد الله بن عباس الذي يروي تعليم النبي الأكرم له التشهد وفيه الصلاة عليه وعلي آله وقد تقدمت أحاديثهم، وروي الحاكم والبيهقي من طريق يحيي بن السباق عن رجل من آل الحارث، عن بن مسعود عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم قال: [إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كما صليت وباركت وترحمت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد] [1].
ورواه البيهقي في السنن بنفس اللفظ والدارقطني، ج: 1، 354، بلفظ آخر قال عن ابن أبي ليلي أو أبو يعمر، قال: علمني ابن مسعود التشهد، وقال: علمنيه رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم كما يعلمنا السورة من القرآن: [التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل علي محمد وعلي أهل بيت محمد، كما صليت علي إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم صل علينا معهم، اللهم بارك علي محمد وعلي أهل بيته، كما باركت علي آل
[1] - المستدرك علي الصحيحين، ج: 1، ص: 402.
(٤٥٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الطبراني (1)، ابن أبي ليلي (1)، عبد الله بن عمر (1)، القرآن الكريم (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (5)، الشهادة (4)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)

* الدليل الخامس: سيرة المسلمين علي الصلاة

اشاره

إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك علينا معهم، صلوات الله وصلوات المؤمنين علي محمد النبي الأمي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته].
وعلي ما ذهب هؤلاء من الصحابة الكثير كما ولم يحفظ عن أحد من الصحابة أنه قال: لا تجب، وقول الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة. بل هناك من التابعين والعلماء من قال بوجوبها في الصلاة تجد أقوالهم في هذا البحث.
الدليل السادس: سيرة المسلمين من عهد النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم إلي الآن، ولو كانت الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم غير واجبة لم يكن اتفاق الأمة في سائر الأمصار والأعصار علي قولها في التشهد وترك الإخلال بها، وقد قال مقاتل بن حيان في تفسيره في قوله تعالي: {الذين يقيمون الصلاة} [المائدة: 55]، قال:
إقامتها المحافظة عليها وعلي أوقاتها، والقيام فيها والركوع والسجود، والتشهد، والصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم في التشهد الأخير، وقد قال الإمام أحمد:
الناس في تفسير عيال علي مقاتل. قالوا: فالصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في الصلاة من إقامتها المأمور بها، فتكون واجبة.
ودافع هؤلاء الذين أوجبوا الصلاة في التشهد عن رأيهم فردوا علي منازعيهم قائلين:
ما منكم إلا من أوجب في الصلاة أشياء بدون هذه الأدلة، هذا أبو حنيفة يقول:
بوجوب الوتر، وأين أدلة وجوبه من أدلة وجوب الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، ويوجب الوضوء علي من قهقه في صلاته بحديث مرسل لا يقاوم هذه الأدلة في هذه المسألة، ويوجب الوضوء من القئ، والرعاف، والحجامة، ونحوها، بأدلة لا تقاوم أدلة هذه المسألة.
والإمام مالك يقول: إن في الصلاة أشياء بين الفرض والمستحب ليست بفرض، وهي فوق الفضيلة والمستحبة يسميها أصحابه سننا، كقراءة سورة مع الفاتحة، وتكبيرات الانتقال، والجلسة الأولي، والجهر والمخالفة، سهوا.
(٤٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الجهر والإخفات (1)، الحج (1)، القتل (2)، الصّلاة (8)، السجود (1)، الوضوء (2)، الوجوب (1)، الشهادة (3)

* بعض ما زاد أصحاب المذاهب في الصلاة العبادية

إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك علينا معهم، صلوات الله وصلوات المؤمنين علي محمد النبي الأمي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته].
وعلي ما ذهب هؤلاء من الصحابة الكثير كما ولم يحفظ عن أحد من الصحابة أنه قال: لا تجب، وقول الصحابي إذا لم يخالفه غيره حجة. بل هناك من التابعين والعلماء من قال بوجوبها في الصلاة تجد أقوالهم في هذا البحث.
الدليل السادس: سيرة المسلمين من عهد النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم إلي الآن، ولو كانت الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم غير واجبة لم يكن اتفاق الأمة في سائر الأمصار والأعصار علي قولها في التشهد وترك الإخلال بها، وقد قال مقاتل بن حيان في تفسيره في قوله تعالي: {الذين يقيمون الصلاة} [المائدة: 55]، قال:
إقامتها المحافظة عليها وعلي أوقاتها، والقيام فيها والركوع والسجود، والتشهد، والصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم في التشهد الأخير، وقد قال الإمام أحمد:
الناس في تفسير عيال علي مقاتل. قالوا: فالصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في الصلاة من إقامتها المأمور بها، فتكون واجبة.
ودافع هؤلاء الذين أوجبوا الصلاة في التشهد عن رأيهم فردوا علي منازعيهم قائلين:
ما منكم إلا من أوجب في الصلاة أشياء بدون هذه الأدلة، هذا أبو حنيفة يقول:
بوجوب الوتر، وأين أدلة وجوبه من أدلة وجوب الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، ويوجب الوضوء علي من قهقه في صلاته بحديث مرسل لا يقاوم هذه الأدلة في هذه المسألة، ويوجب الوضوء من القئ، والرعاف، والحجامة، ونحوها، بأدلة لا تقاوم أدلة هذه المسألة.
والإمام مالك يقول: إن في الصلاة أشياء بين الفرض والمستحب ليست بفرض، وهي فوق الفضيلة والمستحبة يسميها أصحابه سننا، كقراءة سورة مع الفاتحة، وتكبيرات الانتقال، والجلسة الأولي، والجهر والمخالفة، سهوا.
(٤٥٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الجهر والإخفات (1)، الحج (1)، القتل (2)، الصّلاة (8)، السجود (1)، الوضوء (2)، الوجوب (1)، الشهادة (3)

* بعض من وافق الشافعي علي المسألة وانتصر له

والإمام أحمد يسمي هذه واجبات، ويوجب السجود لتركها سهوا. فإيجاب الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وآله عليهم الصلاة والسلام إن لم يكن أقوي من إيجاب كثير من هذه فليست دونها.
وكيف تكون مسألة بهذه الأدلة والآثار وأقوال العلماء يشنع علي الذاهب إليها كالشافعي مثلا ومن يتعبد بها إلي الله تعالي.
وقد وافق الإمام الشافعي كثير من العلماء فيما ذهب إليه، لنبذهم روح التقليد المذهبي ووقوفهم مع الدليل الصريح. قال القسطلاني: [بل قال بعض أصحابنا بوجوب الصلاة علي الآل، كما حكاه البندنيجي والدارمي ونقله إمام الحرمين، والغزالي قولا عن الشافعي] [1].
وممن انتصر للشافعي الإمام القرطبي في تفسيره، ج: 14، ص: 152، مورد الآية.
وكذلك السمهودي في جواهر العقدين واستدل علي الوجوب ورد علي من أنكره، وقد تقدم في المطلب الثالث من البحث الأول بعض كلامه.
وممن انتصر للشافعي أيضا الفيروز آبادي وأبي أمامة ابن النقاش وابن القيم وقال الأخير: [أكثر الأحاديث الصحاح والحسان بل كلها صريح بذكر النبي وآله وقال:
آل النبي يصلي عليهم بلا خلاف بين الأمة] [2].
وقال البيهقي في شعب الإيمان، سمعت أبا بكر الطرسوسي يقول: سمعت أبا إسحاق المروزي يقول: أنا أعتقد أن الصلاة علي آل النبي صلي الله عليه وآله وسلم واجبة في التشهد الأخير من الصلاة. قال: وفي الأحاديث التي وردت في كيفية الصلاة الدلالة علي ما قاله
[١] - لاحظ المواهب اللدنية، ج ٢، ص: ٥١١، الفصل الثاني من المقصد السابع.
[٢] - جلاء الأفهام، ص: ١٧٢. وراجع الصلات والبشر، ص: ١١١. والمواهب اللدنية، ج: ٢، ص: ٥٠٩. وجواهر العقدين، ص: ٢٢٢. وأحكام القرآن لابن العربي، ج: 3، ص: 1584. والشفا، ج: 2، ص: 62. وتفسير آية المودة، ص: 136.
(٤٦٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، السجود (1)، الصّلاة (4)، آية المودة (1)، القرآن الكريم (1)
أبو إسحاق. ج: 2، ص: 224، وقال الأخير: [أفضلها (الصلاة) اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد كلما ذكره الذاكرون وسها عنه الغافلون] [1].
وممن جري علي الوجوب من الشافعية العلامة الترنجي والسيد السمهودي لظاهر الأمر في قوله صلي الله عليه وآله وسلم: [قولوا اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد]. وقال شارح العمريطية: ذكرهم في الجواب الواقع بيانا للآية يدل علي وجوبها عليهم أيضا، ولا سيما حيث اقترن الجواب أيضا بالأمر الموضوع للوجوب. انتهي.
وفي الصواعق المحرقة لابن حجر عن فخر الدين الرازي: أنه قال: إن أهل بيته يساوونه في خمسة أشياء:
1 - في السلام، قال: [السلام عليك أيها النبي]، وقال: {سلام علي إل ياسين} 2 - وفي: [الصلاة عليه وعليهم في التشهد].
3 - وقال {طه} أي يا طاهر، وقال: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} [الأحزاب: 33]، 4 - وفي تحريم الصدقة. 5 - وفي المحبة قال الله تعالي {فاتبعوني يحببكم الله} آل عمران: 31]، وقال: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي} [الشوري: 23].
وقال بن حجر الهيتمي وغيره: وكان قضية الأحاديث السابقة (كحديث فضالة) وجوب الصلاة علي الآل في التشهد الأخير، كما هو قول للشافعي خلافا لما يوهمه كلام الروضة وأصلها، ورجحه بعض أصحابه ومال إليه البيهقي، ومن ادعي الإجماع علي عدم الوجوب فقد سهي، لكن بقية الأصحاب ردوا إلي اختلاف تلك الروايات من أجل أنها وقائع متعددة، فلم يوجبوا إلا ما اتفقت الطرق عليه، وهو أصل الصلاة عليه، وما
[1] - سفر السعادة، ص: 46.
(٤٦١)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب الصواعق المحرقة (1)، المودة في القربي (1)، الطهارة (1)، الصّلاة (5)، السهو (1)، الشهادة (2)

* ملاحظات المؤلف علي شرح ابن حجر بيتي الشافعي

زاد فهو من قبيل الأكمل، وكذا استدلوا علي عدم وجوب قوله: كما صليت علي إبراهيم] بسقوطه في بعض الطرق.
وللإمام الشافعي:
يا أهل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القرآن أنزله يكفيكم من عظيم القدر أنكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له فيحتمل لا صلاة له صحيحة، فيكون موافقا لقوله بوجوب الصلاة علي الآل، ويحتمل لا صلاة كاملة فيوافق أظهر قوليه. الصواعق، ص: 148.
أقول: وفي كلامه ملاحظات:
الملاحظة الأولي: قوله: [وجوب الصلاة علي الآل في التشهد الأخير] جوابه راجعه في المطلب القادم وكلام الشافعي في كتاب الأم، ج: 1، ص: 102، مطلق بل ظاهره كما يأتي يشمل كلا التشهدين.
الملاحظة الثانية: قوله: [ومن ادعي الإجماع علي عدم الوجوب فقد سها] أجل فقد أنكر ابن كثير في تفسيره هذا الإجماع أيضا وعزاه للبعض، ج: 3، ص: 559، مورد آية الصلوات. وأي إجماع هو وأهل البيت الذين هم عدل القرآن وعلي حد تعبير النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم [ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا] كما في حديث الثقلين المتواتر كما وقد خالف علمائهم في ذلك وأوجب الصلاة كما مر آنفا.
الملاحظة الثالثة: قوله: [لكن بقية الأصحاب ردوا إلي اختلاف تلك الروايات من أجل أنها وقائع متعددة، فلم يوجبوا إلا ما اتفقت..]، ولا يخفي أن كلام بعضهم يخص الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم دون الآل إلا أنه يعلم مما مر في أبحاث هذا الكتاب الشريف أن الصلاة علي الآل هي من لوازم الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله وآله وسلم، وأنه من ضمن المأمور به وأنه لا حقيقة للصلاة إلا بجزية الآل، وأن
(٤٦٢)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، حديث الثقلين (1)، القرآن الكريم (2)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (9)، الوجوب (2)، الشهادة (1)
الصلاة بغيرهم بتراء منهي عنها، وأن السؤال الواقع ب (كيف) كان عن الهيئة، وجاء الجواب عنها بإلحاق الآل كما في الأحاديث المتواتر التي مرت في مطلب الكيفيات التي تقتضي العمل بأي واحد منها، وأقل ما يجزي الصلاة عليه يجب أن تكون الصلاة مع إلحاق الآل وقد أقمنا الأدلة في خلال المطالب المتقدمة علي وجوب الإلحاق.
وراجع مطلب وجوب الإلحاق أيضا، فأي مورد وجبت الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم يلحق آله به في الحكم، وكذا في مورد الاستحباب وغاية ما نستفيد من تلك الأحاديث هيئة الصلاة لا أصل الصلاة أي ليس جنسها بل كيفيتها، وهيئتها لأن السؤال ب (كيف) يحدد لنا ذلك، نعم التشبيه هو من باب متمم الكمال أما ضم الآل فهو جزء من مصداقية المأمور به في الآية الكريمة ومتمم للذات كما مر مطلب الأول من البحث الأول فراجع في نزول الآية والأحاديث فيه، ثم إن ما اتفقت عليه الأحاديث هو المشبه به: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد].
الملاحظة الرابع: قوله في شعر الشافعي: [فيحتمل لا صلاة له صحيحة، فيكون موافقا لقوله بوجوب الصلاة علي الآل ويحتمل لا صلاة كاملة فيوافق أظهر قوليه]، بل الظاهر لا صلاة صحيحة مقابل البطلان لذا أوجب الإعادة كما في قوله المتقدم، وإن كان يصح علي رأي علماء أهل البيت عليهم الصلاة والسلام علي كلا المعنيين لأنهم يوجبون الإعادة في مقام التعمد لترك الصلاة.
وعدم الكمال في مقام العقيدة لا في مقام التعبد بل تجب الصلاة ولا تصح العبادة وهي باطلة توجب الإثم الأكبر والعقاب الأعظم.
وإنه من المغالطة بمكان أن نجعل إلحاق الآل كباقي الفقرات في الصلاة الإبراهيمية، وأنها من باب أكمل الكيفيات تأويلا للأحاديث أنها ورد السؤال فيها ب (كيف) وقد فصلنا هذا المعني في المطلب الرابع من البحث الخامس فراجع.
(٤٦٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (13)، الباطل، الإبطال (1)، الوجوب (2)

المطلب الثالث: * وجوب الصلاة علي محمد وآله في التشهد باستدلال الخاصة

اشاره

المطلب الثالث في:
[وجوب الصلاة علي محمد وآله في التشهد باستدلال الخاصة] في البداية: يجب أن يعلم أن التشهد هو (تفعل) من الشهادة وهي عبارة عن الخبر القاطع لغة، وشرعا هي الشهادة بالتوحيد والرسالة والصلاة علي النبي الأكرم وآله صلي الله وسلم عليهم أجمعين. وقيل يطلق علي ما يشمل الصلوات تغليبا أو بالنقل.
وقد أجمع علماء الإمامية علي وجوب الصلاة علي محمد وآل محمد في التشهدين مع الشهادتين. وذكر الإجماع في (الغنية) و (المعتبر) و (المنتهي) و (التذكرة) و (الحبل المتين) و (رياض السالكين). وفي (المبسوط) بعد أن حكم بوجوب التشهدين قال: لا خلاف بين أصحابنا في وجوبها في التشهد. وقال العلامة الحلي في (كشف الحق) هو مذهب الإمامية.
وفي (الخلاف): أدني التشهد الشهادتان والصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله …
وأما الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فأوجبناها لخبر أبي بصير.
وقد استدل العامة بالآية منهم الرازي قال: [هذا دليل علي مذهب الشافعي لأن الأمر للوجوب فتجب الصلاة علي النبي عليه السلام ولا تجب في غير التشهد فتجب في التشهد].
ومن الخاصة الفاضلان فقد احتجا علي الوجوب بورود الأمر بها في الآية، ولا تجب في غير الصلاة إجماعا، فتجب في الصلاة في حال التشهد.
ويرد عليه: أنه يجوز أن يكون المراد بالصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم الاعتناء بإظهار شرفه وتعظيم شأنه، فيكون معني الصلاة حينئذ أعم من قول: [اللهم صل علي محمد وآل محمد إلي آخره]، فلا يدل علي المدعي، أو يكون المراد الكلام الدال علي الثناء عليه، وهو حاصل بالشهادة بالرسالة، وبالجملة إثبات أن المراد بالآية
(٤٦٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (4)، أبو بصير (1)، العلامة الحلي (1)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (9)، الصّلاة (6)، الجواز (1)، الوجوب (2)

* الإجماعات المنقولة في ذلك

{صلوا} الصلاة المتعارفة محل إشكال، علي أن الأمر المطلق يقتضي التكرار، فغاية ما يلزم من الآية وجوب الصلاة في العمر مرة، لتحقق حقيقته بفرد منه، وإثبات أن القول بذلك خلاف الإجماع كما ادعاه الفاضلان لا يخلو عن عسر، علي أن الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم أثبت وجوبها في غير الصلاة عند بعض العامة كالطحاوي عند ذكره وعند بعض الخاصة كالشيخ الصدوق عند ذكره صلي الله عليه وآله وسلم علي الذاكر والمذكور عنده.
وكذا صاحب (كنز العرفان) المقداد السيوري، والشيخ البهائي في (مفتاح الفلاح) والمحدث الفيض الكاشاني في (الوافي)، والمحدث البحراني في (الحدائق)، والمحقق المازندراني في شرح (أصول الكافي)، والمحدث الجزائري في (الأنوار النعمانية)، والمازندراني الخواجوئي في (شرح دعاء الصباح)، كما لم يستبعده صاحب (المدارك) بل في (الخلاف) و (المعتبر) و (المنتهي) و (التذكرة) الإجماع علي وجوبها في غير الصلاة، ويأتي في مطلب: [كلما ذكر] تحقيقه. وفي أقل التقادير يقال وجوبها إذا توقف تعظيمه علي الصلاة عند ذكره.
ولكن مع ذلك فإن الأخبار وردت من الجانبين في أن الآية نزلت في الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم بالمعني المعهود أي: [اللهم صل علي محمد وآل محمد إلي آخره] مع الصلاة علي الآل أيضا كما مر في كيفيات الصلوات فيندفع الإيراد الأول، وهو:
احتمال أن الصلاة المأمور بها في الآية عبارة عن إظهار شرفه وتعظيم شأنه لا القول الخاص.
قال المحقق في (المعتبر): أما الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فإنها واجبة في التشهدين وبه قال علمائنا أجمع، واستدل عليه برواية عائشة وأنس.
قال: ولأنه لو لم تجب الصلاة عليه في التشهد لزم أحد الأمرين أما خروج الأمر عن الوجوب، ومن الثاني مخالفة الإجماع.
(٤٦٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب أصول الكافي للشيخ الكليني (1)، كتاب مفتاح الفلاح للبهائي العاملي (1)، الشيخ البهائي (1)، الشيخ الصدوق (1)، الصّلاة (12)، الوجوب (1)، الشهادة (1)

* لا تدل الآية بنفسها علي تقييدي: [في الصلاة]، [في التشهد]

لا يقال: ذهب الكرخي إلي وجوبها في غير الصلاة في العمر مرة. والطحاوي وجوبها كل ما ذكر.
قلنا: الإجماع سبق الكرخي والطحاوي فلا عبرة بخروجهما.
وفي متشابه القرآن ومختلفة لابن شهرا شوب المتوفي سنة 588 ه قال: عند قوله تعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}، أمر شرعي يقتضي الوجوب إلا ما أخرجه دليل قاطع ولا موضع أولي من هذا الموضع، والآية رد علي من زعم أن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم تفسدها قائما كان أو قاعدا أو راكعا أو ساجدا وتسليمه علي نفسه وعلي عباد الله الصالحين لا يفسدها وقد بينه عليه السلام حين سئل عن ذلك فقال قولوا: [اللهم صل علي محمد وآل محمد].
أقول: تقدم أول المطلب أنه لا يمكن الاستدلال بالآية علي وجوب الصلاة بنحو الجزية لموقع خاص، وهو التشهد في عبادة خاصة وهي الصلاة العبادية لعدم الدليل لهذه التقييدات من نفس الآية علي أن ذلك مبني علي أن الآية تفيد الوجوب، نعم تدل الآية في الجملة علي وجوب الصلاة في الصلاة ويمكن أن أقول: أن الآية تدل علي وجوب الصلاة في التشهد بهذا البيان: أن الآية في سياق تشريع الحكم في مقام التعظيم وأنسب موقع لذلك عند ذكره في التشهد عقب الشهادة بالرسالة، ولعل الشيخ الصدوق ووالده رضوان الله عليهما نظرا إلي هذا المعني ولم يذكرا الصلاة في التشهد.
علي أن الصدوق يوجب الصلاة عليه كلما ذكر وبه استغني عن ذكرها في التشهد.
وينبغي أن يحمل علي هذا ما في (الفقيه) من عدم ذكره الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، والصلاة علي الآل عليهم السلام في التشهد، وقد روي فيه عن زرارة وأبي بصير الناطق بأنه: [لا صلاة له إن ترك الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم].
(٤٦٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (3)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، أبو بصير (1)، الشيخ الصدوق (2)، القرآن الكريم (1)، الغني (1)، الصّلاة (10)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (7)، الوفاة (1)، الوجوب (3)

* لماذا لم يذكر الشيخ الصدوق الصلاة في التشهد

وذكر بعضهم عن الكاتب: أنه أوجبها في أحد التشهدين، وعن رسالة علي بن بابويه: أنه أوجبها في التشهد الثاني، ونقل ذلك الشيخ نجيب الدين عن ظاهر الصدوق أبي جعفر.
إلا أن مثل هذا الأمر مع أنه رضوان الله عليه يوجب الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كلما ذكر، كما هو الظاهر من كلامه لا يمكن أن يسهي عنه، نعم لأنه لما عرف ذلك عنده واشتهر عنه استغني به عن ذكرها مع التشهد، معتقدا أنها من واجبات الصلاة من حيث ذكر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لا من أجزاء التشهد فعد البعض أنه كان منه سهوا أو خطأ خلاف الرؤية الصحيحة، وقد يفهم ذلك من ورود بعض الأخبار المقتصرة علي الشهادتين.
قال الشيخ المجلسي رحمه الله تعالي: فقول الصدوق بوجوبها كل ما ذكر صلي الله عليه وآله وسلم وعدم وجوبها في التشهد مما يوهم التناقض إلا أن يقال يوجبها من حيث الذكر عموما لا من حيث الجزئية خصوصا، وهذا لا يخلو من وجه وبه يمكن الجمع بين الأخبار.
وفي فقه الرضا عليه السلام: [أدني ما يجزي من التشهد الشهادتان].
وظاهره عدم وجوب الصلاة علي النبي وآله ويمكن حمله علي أنها من لوازم الشهادتين فكأنها داخلة فيهما أو أنها واجبة برأسها غير داخلة في التشهد.
وقال الشيخ البهائي قدس سره: لعل الوجه في خلو بعض الأخبار عن الصلاة أن التشهد هو النطق بالشهادتين فإنه تفعل من الشهادة، وهي الخبر القاطع وأما الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام فليست في الحقيقة تشهدا وسؤال السائل إنما وقع في التشهد فأجابه الإمام عما سأله عنه (152).
(٤٦٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب واجبات الصلاة للسيد مصطفي الخميني (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ البهائي (1)، الشيخ الصدوق (2)، نجيب الدين (1)، الغني (1)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (7)، الصّلاة (2)، الوجوب (1)

* الأولي في الاستدلال في وجوبها بالتقييدين الأدلة الخاصة

وأيضا لم يورد ثقة الإسلام في (الكافي) شيئا من الأخبار المتضمنة لذكر الصلاة علي النبي أو عليه وآله عليهم السلام، لكنه روي في بحث الأذان قول الباقر عليه السلام بطريق صحيح: [صل عليه كلما ذكرته أو ذكره ذاكر]، والمعلوم أن من يتشهد الشهادتين يذكره، وقد روي فيه في المقام خبر سورة ابن كليب المتضمن وجوب الشهادتين.
وفيه أيضا عن محمد بن هارون عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: [إذا صلي أحدكم ولم يذكر النبي وآله صلي الله عليه وآله وسلم: في صلاته يسلك بصلاته غير سبيل الجنة..] (153).
وهو غاية ما يثبت الصلاة في مطلق الصلاة، ولعله محمول علي ما هو المعروف عندنا من الصلاة في التشهد. وعلي أية حال أن الجمع بين الأخبار الواردة في ذلك يقتضي حمل المطلق علي المقيد.
ويجب أن تؤكد أن الأولي الاستدلال لوجوب الصلاة في الصلاة بالتشهد (كما هو المشهور) بالأدلة الخاصة والأخبار الكثيرة التي جمعها الدلالي يقتضي ذلك، وقد مر ما عن [الخلاف] إيجاب ذلك بصحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق عليه الصلاة والسلام: أنه قال: من تمام الصوم إعطاء الزكاة كما أن الصلاة علي النبي من تمام الصلاة: ومن صام ولم يؤدها فلا صوم له إذا تركها متعمدا ومن صلي ولم يصل علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم وترك ذلك متعمدا فلا صلاة له، إن الله تعالي بدأ بها قبل الصلاة فقال تعالي: قد {أفلح من تزكي وذكر اسم ربه فصلي} [الأعلي:
15]. ونحوه عن زرارة عنه أيضا (154).
وعن أبي بصير وزرارة، قالا في حديث قال أبو عبد الله عليه السلام: [إن الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم من تمام الصلاة، إذا تركها متعمدا فلا صلاة له إذا ترك الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم] (155).
(٤٦٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو بصير (2)، أبو عبد الله (1)، محمد بن هارون (1)، الصدق (1)، الزكاة (1)، الصّلاة (13)، الصيام، الصوم (2)، الأذان (1)، الوجوب (1)، الشهادة (1)

* المقصود من التمامية، التمامية الذاتية لا الكمالية

وقد يقال أن وجوب الصلاة في التشهد مبني علي أن هذا الحديث يقصد من قوله:
(تمام الصلاة) التمامية للذات وأجزاء الصلوات لا تمامية الكمال وعوارض الصلوات بل الاحتمال القوي أن المقصود منها تمامية الكمال بدليل الفقرة الثانية في شأن الصوم فإن الفطرة من تمامية الصوم كمالا ولا ترتبط بصحته.
لكن يدفع هذه التوهم: أن اللازم علينا أخذ ما تقتضيها كل فقرة بذاتها مع غض النظر عن المندرج معها كما هي طريقة العلماء في مثل ذلك.
ورواية الأحول الموثفة، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: التشهد في الركعتين الأوليتين الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل علي محمد وآل محمد وتقبل شفاعته وارفع درجته (156).
وفي رواية الدعائم، عن أبي جعفر بن محمد عليهما السلام، أنه كان يقول في التشهد الأول بعد الركعتين الأوليين من الظهر والعصر والمغرب والعشاء: بسم الله وبالله والأسماء الحسني كلها لله، أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل علي محمد نبيك وتقبل شفاعته وصل علي أهل بيته (157).
وفي صحيحة الفضلاء كما عبر عنها الفضلاء وهي رواية ابن أذينة في صلاة المعراج:
[فلما ذهب ليقوم قيل يا محمد صلي الله عليه وآله وسلم اجلس فجلس، فأوحي الله إليه، يا محمد: إذا ما أنعمت عليك فسم باسمي فألهم أن قال: بسم الله وبالله ولا إله إلا الله والأسماء الحسني كلها لله، ثم أوحي الله إليه، يا محمد: صل علي نفسك وعلي أهل بيتك. فقال: صلي الله علي وعلي أهل بيتي] (158).
والظاهر منه أنه هو التشهد الذي كان عليه النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فهو مأمور بالصلاة عليه وعلي أهل بيته في التشهد.
(٤٧٠)
صفحهمفاتيح البحث: أجزاء الصلاة (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الصّلاة (7)، الشراكة، المشاركة (2)، الشهادة (6)، الصيام، الصوم (2)، الوجوب (1)، الركوع، الركعة (1)

* صاحب المنتهي: يثبت وجوب الصلاة في التشهدين بالإجماع

وفي المدارك: أقصي ما تدل عليه الأدلة وجوب الصلاة علي محمد وآله في الصلاة، أما كونها في كل من التشهدين فلا، وفي (كشف اللثام): إن الأدلة إنما توجبها في الجملة ولذا أوجبها أبو علي كذلك، انتهي.
وفي [المنتهي]: بعد أن ذكر الأخبار الدالة علي وجوب الصلاة عليه والأخبار الدالة علي وجوب الصلاة عليه وآله صلي الله عليهم أجمعين من طريق العامة والخاصة، ما نصه: ولا تجب إلا في الموضع المتنازع فيه بالإجماع. وقد كان ذكر أن النزاع في وجوب الصلاة عليه وآله وعليهم السلام في التشهدين، فليلحظ هذا فإن به يتم الاستدلال، علي أن في الإجماعات السالفة بلاغا (159).
وليعلم أن الواجب الأحوط في التشهد أن يقول: [أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل علي محمد وآل محمد]. والظاهر أنه مجز اتفاقا.
كما أن الأكثر ونقل الأشهر في (الذكري) أن تكون الصلاة بهذا النحو [اللهم صل علي محمد وآل محمد]، وقال البعض ويجزي قولك: [صلي الله علي محمد وآله].
وفي نهاية المطاف فليعلم أننا ذكرنا ما يوجب الالتزام بالصلاة علي محمد وآل محمد في التشهد وإن كان بعضها لا تخلو من مناقشة إلا أننا لا حظنا فيها مباني علماء الأصول من علماء العامة كما لا يخفي، أما علمائنا فلهم في الآية والأحاديث أبحاث مطولة.
والتفصيل عليك بمراجعة المطولات الفقهية لا سيما الجواهر والحدائق وغيرهما، والحمد لله رب العالمين والصلاة علي نبينا الأكرم وآله الطيبين الطاهرين.
(٤٧١)
صفحهمفاتيح البحث: كتاب كشف اللثام للفاضل الهندي (1)، الإحتياط (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (8)، الطواف، الطوف، الطائفة (1)، الشهادة (2)، الطهارة (1)، الوجوب (3)

المطلب الرابع: * وجوب الصلاة علي محمد وآل محمد في كلا التشهدين

اشاره

المطلب الرابع في: [وجوب الصلاة علي محمد وآل محمد في كلا التشهدين] إن الأحاديث المذكورة في المطالب السابقة والتي تقدمت في مقام الاستدلال أغلبها مطلقة كما رأيت لا تفرق بين التشهد الأول والثاني، ولا دليل علي التخصيص في تشهد دون الثاني، وعليه يكون وجوبها في التشهدين معا، وهذا ما يظهر من كلام الشافعي في كتاب الأم، ج: 1، ص: 102، قال: [ومن صلي صلاة لم يتشهد فيها ويصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم وهو يحسن التشهد فعليه إعادتها، وإن تشهد ولم يصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أو صلي علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم ولم يتشهد فعليه إعادتها حتي يجمعهما جميعا].
فلم يفرق الشافعي في الوجوب بين التشهد الذي كان يعلمه النبي أصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن وبين الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم التي سأله أصحابه أن يعلمهم إياها، ولا ريب أنه كلام محكم، أقامه الشافعي علي النظر الدقيق السديد في الدليل الصحيح.
وهو ما أخرجه البخاري ج: 4، ص: 1802، رقم: عن كعب بن عجرة قال:
قيل: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ قال: [قولوا اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
وقد عرف الصحابة جميعا السلام علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وهو في التشهدين سواء، وما علمنا أحدا من الصحابة ومن بعدهم يقول: بأن السلام علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم يختلف الأول عنه في التشهد الثاني، فصيغته واحدة في التشهدين، ولا يجزئ عن كله بعضه في التشهد الأول، فلما الذي يحملنا علي التفريق في
(٤٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (4)، الشهادة (6)، الوجوب (1)

* ظاهر كلام الشافعي يشمل التشهدين

المطلب الرابع في: [وجوب الصلاة علي محمد وآل محمد في كلا التشهدين] إن الأحاديث المذكورة في المطالب السابقة والتي تقدمت في مقام الاستدلال أغلبها مطلقة كما رأيت لا تفرق بين التشهد الأول والثاني، ولا دليل علي التخصيص في تشهد دون الثاني، وعليه يكون وجوبها في التشهدين معا، وهذا ما يظهر من كلام الشافعي في كتاب الأم، ج: 1، ص: 102، قال: [ومن صلي صلاة لم يتشهد فيها ويصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم وهو يحسن التشهد فعليه إعادتها، وإن تشهد ولم يصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أو صلي علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم ولم يتشهد فعليه إعادتها حتي يجمعهما جميعا].
فلم يفرق الشافعي في الوجوب بين التشهد الذي كان يعلمه النبي أصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن وبين الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم التي سأله أصحابه أن يعلمهم إياها، ولا ريب أنه كلام محكم، أقامه الشافعي علي النظر الدقيق السديد في الدليل الصحيح.
وهو ما أخرجه البخاري ج: 4، ص: 1802، رقم: عن كعب بن عجرة قال:
قيل: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ قال: [قولوا اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد].
وقد عرف الصحابة جميعا السلام علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وهو في التشهدين سواء، وما علمنا أحدا من الصحابة ومن بعدهم يقول: بأن السلام علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم يختلف الأول عنه في التشهد الثاني، فصيغته واحدة في التشهدين، ولا يجزئ عن كله بعضه في التشهد الأول، فلما الذي يحملنا علي التفريق في
(٤٧٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (4)، الشهادة (6)، الوجوب (1)

* ما عليه ابن تيمية وغيره من الصلاة في التشهد

الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فنقول: بأنه يجوز الاقتصار علي بعضها في التشهد الأول ولابد من جميعها في التشهد الثاني؟!
إنه تفريق لا دليل عليه قط، لا من كتاب ولا من سنة صحيحة، بل الدليل الصحيح علي خلافه، ولم أجد في كلام الشافعي ما يشير إلي مشروعية الاقتصار علي جزء من الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول، بل إن كلامه يكاد يقطع في صراحة وبلا ارتياب أن المشروع في التشهدين هو إتمامها، غير أنه يري: (أن يزاد في التشهد الثاني علي التشهد الأول قدر جلوسه في الركعتين من تحميده ودعاء) [1].
ومن هنا نظر في هذا التفريق الإمام النووي في التنقيح وقال: ينبغي أن يسنا معا أولا يسنا معا لصحة الأحاديث بذلك كما في المشرع الروي، ج: 1، ص: 7.
وقد استحسن من أهل السنة الاستدلال بحديث أبي مسعود علي وجوب الصلاة حيث سيظهر منه أن وجوب الصلاة كان مفروغا عنه في الصلاة واستدل به في (سل السلام)، ج: 1، ص: 193. علي وجوب ذكر الآل أيضا بأنه حيث أجاب عن السؤال عنها أنها الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله عليهم الصلاة والسلام فمن لم يأت بالآل فما صلي عليه بالكيفية التي أمر بها فلا يكون ممتثلا فلا يكون مصليا عليه.
وقال النيسابوري في تفسيره: عند قوله تعالي: {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور} [الشوري: 23]. كفي شرفا لآل رسول الله وفخرا ختم التشهد بذكرهم والصلاة عليهم في كل صلاة.
وقال ابن تيمية في الوصية الكبري في ضمن مجموعة الرسائل، ج: 1، ص: 303، [وكذلك آل بيت النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم لهم من الحقوق ما يجب رعايتها فإن الله جعل لهم حقا في الخمس والفئ وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة علي رسول الله صلي
[1] - كتاب الأم، ج: 1، ص: 105.
(٤٧٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، المودة في القربي (1)، ابن تيمية (1)، الصّلاة (6)، الوصية (1)، الجواز (1)، الخمس (1)، الوجوب (3)، الشهادة (5)، الركوع، الركعة (1)

* يستحب الصلاة علي أمير المؤمنين في التشهد

الله عليه (وآله) وسلم. إلي أن قال: وهكذا قال الشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما من العلماء رحمهم الله].
وعن الخاصة في تفسير العسكري عليه السلام: [إذا قعد المصلي للتشهد الأول والتشهد الثاني قال الله تعالي: يا ملائكتي قد قضي خدمتي وعبادتي وقعد يثني علي ويصلي علي محمد نبيي لاثنين عليه في ملكوت السماوات والأرض ولأصلين علي روحه في الأرواح، فإذا صلي علي أمير المؤمنين عليه السلام في صلاته قال لأصلين عليك كما صليت عليه، ولأجعلنه شفيعك كما استشفعت به].
قال المجلسي رحمه الله تعالي: يدل علي استحباب الصلاة علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه في التشهد أما في ضمن الصلوات علي الآل أو علي الخصوص أو الأعم والأوسط أظهر (159).
أقول: لعل المراد هو إطلاق الكل علي الجزء باعتبار تحقق الكل بسببه، لأن الشق الأول من الصلاة (علي محمد) والثاني (آل محمد) ولا شك أن المراد به هو الإمام علي عليه السلام وزوجته وأولاده المعصومون، وإليه يشير صفي الدين الحلي كما في ديوانه في حرف اللام:
توال عليا وأبناؤه * تفز في المعاد وأهواله إمام له عقد يوم الغدير * بنص النبي وأقواله له في التشهد بعد الصلاة * مقام يخبر عن حاله فهل بعد ذكر إله السما * وذكر النبي سوي آله
(٤٧٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، العلامة المجلسي (1)، أحمد بن حنبل (1)، الصّلاة (5)، الشهادة (2)
ورحمه الله الشيخ عبد الرضا المقري الكاظمي حيث يقول:
عج بالغري فثم سر مودع * ليست تكيف ذاته وتمثل واخلع نعالك غير ما متكبر * فيه وأنت مكبر ومهلل وقل السلام عليك يا من حبه * للدين فيه تتمة وتكمل ولفتح أحمد بابه ولسده * باب الصحاب علي الجميع يفضل وكفاه ممن لم يصل عليه في * فرض الصلاة صلاته لا تقبل وقال الشفهيني الحلي كما في الغدير، ج: 6، ص: 388:
يا علة الأشياء والسبب الذي * معني دقيق صفاته لن يعقلا إلا لمن كشف الغطاء له ومن * شق الحجاب مجردا وتوصلا يكفيك فخرا أن دين محمد * لولا كمالك نقصه لن يكملا وفرائض الصلوات لولا أنها * قرنت بذكرك فرضها لن يقبلا وإني لأكبر العلماء من أن يتأثروا بشعار التمويه فيتهاونون بهذه العبادة العظيمة ويبرروا ذلك أنها من شعار الروافض أو مما يوهم التشبه بهم كما يحلو للبعض أن يعتبر عن ذلك، أنه حركة المغرض التي تستبطن العداء لأهل البيت عليهم الصلاة والسلام كما استبدلوا فيما قبل هذه الصلاة بسبهم في صلاتهم، وهل هناك عداء أكبر من عداء من كان يسب عبادا تعبد الله أهل الإسلام بالصلاة عليهم في كل صلاة يصلونها لربهم فرائض ونوافل كما تعبدهم بالشهادتين في كل فريضة.
(٤٧٦)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (4)

* هل الذين قتلوا الحسين عليه السلام في كربلاء صلوا علي النبي

إني لأدعو أهل الفضل من أمة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بكل حرص علي الهداية أن يعيدوا النظر في تقييم بعض الشخصيات كمعاوية الذي كان لا يزال يسب الإمام عليا عليه الصلاة والسلام في صلاته حتي فارق الحياة علي هذه السنة، وهل هذا السب إلا سبا لله ولرسوله صلي الله عليه وآله وسلم لأن من سب عليا فقد سب الله ورسوله كما روي عن عائشة.
إنه في غاية التعصب أن يصر البعض علي استقامة معاوية، وأنه الخليفة الشرعي وقد كان يلعن في الصلاة المكتوبة من تعبد الله بالصلاة عليهم في كل صلاة يصلونها فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وقد ذكر المؤرخون أن معاوية كان يسب الإمام عليا وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام في صلاته اليومية وفي خطبة الجمعة وصلاتها [1].
ولقد جدد أحفاده سنته فيعيدون بدعته في يوم عاشوراء فهم يصلون ثم ينفتلون عنها إلي محاربة من لا تقبل الصلاة إلا بالصلاة عليهم ومن قال النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فيه: [حسين مني وأنا من حسين].
ورحم الله الشيخ كاظم الأزري حيث يقول في فيه:
إن يقتلوك فلا عن فقد معرفة * الشمس معروفة بالعين والأثر قد كنت في مشرق الدنيا ومغربها * كالحمد لم تغن عنها سائر السور
[1] - العقد الفريد، ج: 4، ص: 366. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج: 1، ص: 356، الغدير، ج: 2، ص: 132.
تاريخ ابن عساكر، ج: 3، ص: 407.
(٤٧٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، يوم عاشوراء (1)، الصّلاة (4)، السب (2)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (1)، إبن عساكر (1)

المطلب الخامس: * الصلوات في العبادة اليومية وما يتعلق بها

اشاره

المطلب الخامس: [الصلوات في العبادة اليومية وما يتعلق بها] لو أردنا أن نستعرض المواضع التي تستحب الصلوات فيها وما ورد من الأحاديث الكثيرة في ذلك لجاءت في مصنف مستقل، ولو لم يكن منها إلا الأحاديث الثابتة والصحيحة، وقد تركت الكثير من الكتاب في مسودته لما رأيته تجاوز الحجم المتعارف، ولست راغبا في تعدد أجزائه لإيفاء الغرض بهذا الجزء إن شاء الله تعالي، وأرجو أن يعصمنا من الخطأ فيه ويسددنا للصواب.
وليعلم أن النصوص الواردة في العبادات بمختلفها صلاة ودعاء وعمرة وزيارة وغير ذلك كالنوافل اليومية وغيرها كصلاة الأموات والأعمال المستحبة لم تخلو من الصلوات، ونؤكد (هنا) علي مواردها في الصلوات الخمس لأنها من أبرز مقامات التعظيم والتفخيم للنبي الأكرم وآله صلي الله عليهم وسلم أجمعين.
وقد نصت الأحاديث من الفريقين علي استحباب الصلوات فيها والتعبد بها وهي عدة موارد في مقدماتها وخلالها:
(٤٧٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإستحباب (2)، الصّلاة (6)، الزيارة (1)، الخمس (1)

* ثلاثة موارد: عند دخول المساجد واللبث فيها والخروج منها

المورد الأول والثاني والثالث: [استحباب الصلوات والمساجد] إن الصلاة لها آثار كثيرة في ساحة النفس علي حسب الاستعداد والقابلية فصلاة تخلية للقلب من شوائب المعاصي للبعض، وصلاة تحلية للبعض الآخر في مقام العلم أو نور المعرفة والهداية، أو صلاة استعداد لتلقي أنوار الغيب وعلي حسب مراتب الأشخاص ومراحل الإيمان، وإن المسجد لمظنة لتلك الأنوار يتعرض المؤمن لها بعمارة أرضية القلب بنور الصلوات علي محمد وآل محمد.
هذا ما يتعلق بصلاة المؤمنين وأما ما يتعلق بالمعصومين عليهم الصلاة والسلام فيعلم ذلك مما تقدم في أبحاث هذا الكتاب.
وقد روي العامة والخاصة ما يشير إلي الاستحباب بل المؤكد منه للصلوات عند دخول المسجد واللبث فيه وعند الخروج منه، منها ما في صحيح الترمذي، برقم: 289، حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن ليث عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبري قالت: [كان رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم إذا دخل المسجد صلي علي محمد وسلم وقال رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج صلي علي محمد وسلم وقال رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك].
قال أبو عيسي الترمذي: حديث فاطمة حديث حسن وليس إسناده بمتصل وفاطمة بنت الحسين لم تدرك فاطمة الكبري إنما عاشت فاطمة بعد النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم أشهرا.
وقال ابن حجر: رجال إسناده ثقات إلا أن فيه انقطاعا. وقال الحافظ: كان عمر الحسين عند موت أمه دون ثمان سنين. ومع هذا فمتن الحديث صحيح بشواهده. أما نحن
(٤٨٠)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، عبد الله بن الحسن (ع) (1)، كتاب صحيح الترمذي (1)، إسماعيل بن إبراهيم (1)، السجود (2)، الصّلاة (4)

* ما روي عن العامة من النصوص

فنقول: أن السيدة فاطمة الصغري عليها الصلاة والسلام تروي الحديث أكيدا عن أبيها أبي عبد الله الحسين عن أمه صلوات الله عليهم أجمعين كما روت أحاديث عنه [1].
وروي الحديث أيضا ابن ماجة في سننه برقم: 763، بلفظ السلام: أنه كان صلي الله عليه (وآله) وسلم إذا دخل المسجد يقول: [يقول بسم الله والسلام علي رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج قال: بسم الله والسلام علي رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك] [2].
ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن صلاة النبي صلي الله عليه وآله وسلم منه كانت كاملة وليست بتراء كما نقل الترمذي وهل من المعقول أن يخالف ما جاء به وأمر الناس به، ولأن من الجفاء بمكان لأهل بيته عليهم الصلاة والسلام أن يعلم الناس الصلاة كاملة كما في الأحاديث المتواترة وينهي عن البتراء ثم وهو يصلي بها حاشا لمقامه أن يخالف ما أمر، والسيدة فاطمة الصغري من أهل البيت الذين روي عنهم الصلاة كاملة، ثم لا يخفي علي أهل التتبع أن أغلب الأحاديث التي يذكر فيها الأدعية التي وردت بالصلاة البتراء ليس ذلك إلا من تحريف الرواة أو النساخ، والدليل علي ما قلنا ما رواه الطبري في تاريخه عن فاطمة بنت الحسين عليها السلام قال: حدثن محمد بن عبيد المحارب قال: حدثنا المطلب بن زياد عن ليث عن عبد الله بن الحسن عن فاطمة الصغري عن فاطمة الكبري عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم: علي أنه قال في دخول المسجد: [باسم الله اللهم صل علي محمد وآله واغفر لي ذنوب وافتح لي أبواب رحمتك] (160).
[١] - لا سيما الوصية للإمام زين العابدين عليه السلام في يوم عاشوراء ففي بصائر الدرجات، أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام (وهو ممن حصر واقعة كربلاء) أنه قال: إن الحسين عليه السلام لما حضره الذي حضره دعا ابنته الكبري فاطمة بنت الحسين عليه السلام فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة ووصية باطنة وكان علي بن الحسين معهم مبطونا لا يرون إلا أنه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلي علي بن الحسين عليهما السلام ثم صار ذلك إلينا، فقلت فما في ذلك الكتاب فقال فيه والله جميع ما يحتاج إليه ولد آدم إلي أن تفني الدنيا. بصائر الدرجات، ص: 168 وفي البحار ج 26 ص 35 رواية 62 باب 1 في آخره، فقلت: فما في ذلك الكتاب؟ فقال: فيه والله جميع ما يحتاج إليه ولد آدم إلي أن تفني الدنيا ير أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن منصور عن أبي الجارود عنه ع مثله وزاد في آخره [والله ان فيه الحدود حتي أن فيه أرش الخدش] عنه في البحار، ج: 46، ص: 17. أقول: ولعل هي التي رآها حميد بن مسلم حيث قال رأيت طفلة للحسين تستر النار بأطراف ثيابها الخ.
[2] - أقول: ورواه أحمد بلفظ السلام في مسنده برقم: 25213، وروي بلفظ الصلاة برقم 5212، وكذا البغدادي في تاريخ الطبري، ج:
11، ص: 618. صحيح ابن خزيمة رقم: 452، وصحيح ابن حبان رقم 321، عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم.
(٤٨١)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب سنن إبن ماجة (1)، عبد الله بن الحسن (ع) (1)، مطلب بن زياد (1)، محمد بن عبيد (1)، الصّلاة (7)، السجود (2)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، يوم عاشوراء (1)، واقعة الطف (1)، أبو هريرة العجلي (1)، كتاب تاريخ الطبري (1)، محمد بن إسماعيل (1)، علي بن الحسين (2)، أحمد بن محمد (1)، حميد بن مسلم (1)، الوصية (1)

* ما روي عن الخاصة في ذلك

رق الخاصة عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال [إذا دخلت المسجد، وأنت تريد أن تجلس فلا تدخله إلا طاهرا، وإذا دخلته فاستقبل القبلة ثم ادع الله وسله وسم حين تدخله واحمد الله وصل علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم] (161).
وقال عليه السلام [إن رجلا دخل المسجد فصلي ركعتين ثم سال الله عز وجل فقال: رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم [أعجل العبد ربه، وجاء آخر فصلي ركعتين ثم أثني علي الله عز وجل وصلي علي النبي وآله، فقال صلي الله عليه وآله وسلم: سل تعط] (162).
قال الصادق عليه السلام [إذا دخلت المسجد فادخل رجلك اليمني، وصل علي النبي وآله، وإذا خرجت فاخرج رجلك اليسري، وصل علي النبي وآله] (163).
وقال عليه السلام: [وقدم رجلك اليسري في الخروج من المسجد وقل: اللهم صل علي محمد وآل محمد، وافتح لنا بال فضلك ورحمتك، يا أرحم الراحمين] (164).
(٤٨٢)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، جابر الجعفي (1)، الطهارة (1)، الركوع، الركعة (1)، السجود (4)، البول (1)، الصّلاة (1)

موردان: عند الوضوء والفراغ منه

المورد الرابع والخامس:
[استحباب الصلوات عند الوضوء والفراغ منه] إن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله عليهم الصلاة والسلام لها جوانب غيبية وآثار معنوية فإذا كانت الصدقة تطهر النفس من البخل والحرص كما قال تعالي: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: 103]، فإن الصلاة علي محمد وآله لها أعظم منها من آثار نفسية وبصمات وضعية ومنها الطهارة المعنوية وقد مر تفصيل الطهارة في الأبحاث السابقة فراجع، وفي [مستدرك الحاكم]، ج: 4 / 114، عن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [أيما رجل لم يكن عنده صدقة، فليقل في دعائه: اللهم صل علي محمد عبدك ورسولك وعلي المؤمنين والمؤمنات …
فإنها له زكاة … ]. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه [1].
لقد تعبدنا الله تعالي بأفعال خاصة تكون سببا للطهارة والحالة التي تبيح لنا أن نقف بين يدي الله عز وجل في الصلاة المكتوبة وإن الصلوات لها تلك الطهارة النفسية والتهيؤ الروحي لتلقي ذلك الأثر النوراني علي ساحة النفس وعالم العقل، والتوضؤ هي مقدمة للعبادة وباب لساحة رب العالمين وأحب الله تعالي أن يلج الساحة من بابها في مقام المعني، وجعل ذلك لمن تلبس بآثار الصلوات، وقد ورد استحباب ذلك عند الوضوء عن الخاصة، وبعد الفراغ منه عن الفريقين.
وعن العامة ما رواه أبو الشيخ في (الثواب وفضائل الأعمال) عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [إذا فرغ أحدكم من طهوره فليقل: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصل علي، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة].
وفي حديث آخر كما في القول البديع: [إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله فإنه يطهر جسده كله، وإن لم يذكر أحدكم اسم الله علي طهوره لم يطهر منه إلا ما مر عليه الماء
[1] - ورواه ابن حبان في صحيحه، ج: 3، ص: 185. وموارد الظمآن، ج: 1، ص: 593. الميزان للذهبي، ج: 2 / 25.
(٤٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، عبد الله بن مسعود (1)، الصّلاة (6)، الشهادة (1)، الطهارة (5)، الزكاة (1)، الوضوء (2)، التصدّق (3)، الظمأ (1)

* ما روي عن العامة في ذلك

المورد الرابع والخامس:
[استحباب الصلوات عند الوضوء والفراغ منه] إن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله عليهم الصلاة والسلام لها جوانب غيبية وآثار معنوية فإذا كانت الصدقة تطهر النفس من البخل والحرص كما قال تعالي: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: 103]، فإن الصلاة علي محمد وآله لها أعظم منها من آثار نفسية وبصمات وضعية ومنها الطهارة المعنوية وقد مر تفصيل الطهارة في الأبحاث السابقة فراجع، وفي [مستدرك الحاكم]، ج: 4 / 114، عن رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [أيما رجل لم يكن عنده صدقة، فليقل في دعائه: اللهم صل علي محمد عبدك ورسولك وعلي المؤمنين والمؤمنات …
فإنها له زكاة … ]. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه [1].
لقد تعبدنا الله تعالي بأفعال خاصة تكون سببا للطهارة والحالة التي تبيح لنا أن نقف بين يدي الله عز وجل في الصلاة المكتوبة وإن الصلوات لها تلك الطهارة النفسية والتهيؤ الروحي لتلقي ذلك الأثر النوراني علي ساحة النفس وعالم العقل، والتوضؤ هي مقدمة للعبادة وباب لساحة رب العالمين وأحب الله تعالي أن يلج الساحة من بابها في مقام المعني، وجعل ذلك لمن تلبس بآثار الصلوات، وقد ورد استحباب ذلك عند الوضوء عن الخاصة، وبعد الفراغ منه عن الفريقين.
وعن العامة ما رواه أبو الشيخ في (الثواب وفضائل الأعمال) عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [إذا فرغ أحدكم من طهوره فليقل: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصل علي، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة].
وفي حديث آخر كما في القول البديع: [إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله فإنه يطهر جسده كله، وإن لم يذكر أحدكم اسم الله علي طهوره لم يطهر منه إلا ما مر عليه الماء
[1] - ورواه ابن حبان في صحيحه، ج: 3، ص: 185. وموارد الظمآن، ج: 1، ص: 593. الميزان للذهبي، ج: 2 / 25.
(٤٨٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، عبد الله بن مسعود (1)، الصّلاة (6)، الشهادة (1)، الطهارة (5)، الزكاة (1)، الوضوء (2)، التصدّق (3)، الظمأ (1)
فإذا فرغ أحدكم من طهوره فليشهد: أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصل علي، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة] (165).
وفيه عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم] (166).
أقول: ومعناه ما تقدم من الطهارة المعنوية، والصلوات هنا تتصور في كمالها للوضوء علي نحوين متمم ذات ومتمم كمال، أما أنها متمم ذات ففي مقام العقيدة لا مقام أجزاء الوضوء، والنحو الثاني متمم كمال في مقام الطهارة المعنوية لا الطهارة الشرعية.
وقد ذكر النووي في الأذكار استحباب الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في الطهورين والتيمم. كما ورد ذلك أيضا في كثير من الأغسال المستحبة كاستحباب الصلوات في غسل زيارة الأئمة عليهم الصلاة والسلام تجد الأخبار في كتب الأدعية والحديث.
(٤٨٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، سهل بن سعد (1)، الغسل (2)، الزيارة (1)، الصّلاة (2)، الوضوء (2)، الطهارة (3)

* ثلاث موارد: الإقامة، للمؤذن والسامع له

الموقع الخامس والسادس والسابع:
[استحباب الصلوات عند الإقامة وللمؤذن والسامع له] وفي الواقع أن استحباب الصلاة في هذا الموقعين وشبههما هو جزء من الكلية التي تأتي عن قريب وهو الاستحباب المؤكد للصلوات كلما ذكر اسم النبي سواء كان في الأذان أو المصلي أو غير ذلك، كما في صحيحة زرارة: [صل علي النبي كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان وغيره] وهو مطلق فقوله: (في أذان وغيره) يشمل الإقامة وغيره.
وعن العامة قال يوسف بن أسباط: بلغني أن الرجل إذا أقيمت الصلاة فلم يقل:
[اللهم رب هذه الدعوة المستمعة المستجاب لها، صل علي محمد وعلي آل محمد، وزوجنا من الحور العين. قلن الحور العين: ما أزهدك فينا] (167).
وفي صحيح مسلم، كتاب الصلاة، تحت رقم: 577، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم يقول: [إذا سمعتم المؤذن فقولوا: مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلي علي صلاة صلي الله عليه بها عشرا. ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة] [1].
وفي مجمع الزوائد: عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم: من قال حين يسمع الأذان والإقامة: [اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صل علي محمد عبدك ورسولك وأعطه الوسيلة والفضيلة والشفاعة يوم القيامة، حلت له شفاعتي] (168).
أقول: وأخرجه البخاري بأدني تغيير في اللفظ.
كما وروي هذا الدعاء بوجهه الكامل عن أئمة أهل البيت [صلوات الله وسلامه عليهم] فقد روي السيد ابن طاووس بإسناده عن الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام يقول بعد الإقامة: [اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة بلغ محمدا صلي الله عليه
[١] - ورواه الترمذي في سننه خلال كتاب المناقب، رقم: 3547. والنسائي في سننه، خلال كتاب الأذان، تحت رقم: 671. وسنن أبي داود، كتاب الصلاة، تحت رقم: 439. ومسند أحمد تحت رقم: 6280.
(٤٨٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، يوم القيامة (1)، السيد إبن طاووس (1)، كتاب صحيح مسلم (1)، عبد الله بن عمرو (1)، الصّلاة (11)، الأذان (3)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)

* ما روي عن الخاصة

وآله الدرجة والوسيلة والفضل والفضيلة وبالله أستفتح وبالله أستنجح وبمحمد رسول الله وآل محمد صلي الله عليه وآله أتوجه اللهم صل علي محمد وآل محمد واجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين] (169).
وعن الخاصة روي الشيخ الصدوق رضوان الله عنه في من لا يحضره الفقيه بسند صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: [صلي علي النبي كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان وغيره]. قال الشيخ البهائي معلقا علي هذا الحديث في فلاح السائل: [ولا يخفي أن ظاهر هذا الحديث يدل علي علي وجوب الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم علي كل ذاكر وسامع كلما ذكره ذاكر أو سمع ذكره.
وذهب بعض العامة إلي وجوبها كلما ذكر وهو مذهب رئيس المحدثين قدس الله سره، ووافقه صاحب كنز العرفان علي الوجوب كلما ذكر وهو الأصح.
وقال الشيخ المجلسي في المرآة: قوله عليه السلام: (صل) يدل علي وجوب الصلاة عليه كلما ذكر، ويدل عليه أخبار أخر وهو قوي وإن ذهب الأكثر إلي الاستحباب.
أقول: التحقيق في مطلب الآتي: [الصلوات كلما ذكر اسمه] فراجع، وقد أثبتنا هناك استحباب الصلوات كلما ذكر اسمه، وأقصي ما يمكن أن يقال في ذلك هو الاستحباب المؤكد بل الكراهية في ترك الصلاة عند ذكره صلي الله عليه وآله وسلم، ولا يبعد الوجوب في مقام التعظيم فقط إن توقف عليه ذلك، وقد تعد الصلاة عند الأذان أحيانا لمن تلك الموارد.
وقد ذهب إلي وجوبها فيه طائفة من العلماء العامة علي رأسهم الإمام الشافعي، قال في كتاب الأم، ج: 1، ص: 76 فيجب لكل من كان خارجا من الصلاة، من قارئ، أو ذاكر، أو صامت، أو متحدث، أن يقول كما يقول المؤذن. بل يري الشافعي عدم بطلان صلاة من يجيب المؤذن (بخلاف غيره من العامة) وهو في صلاته، يقول: ومن كان مصليا مكتوبة أو نافلة، فأحب إلي أن يمضي فيها، وأحب إذا فرغ أن يقول ما أمرت من
(٤٨٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (1)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، العلامة المجلسي (1)، الشيخ البهائي (1)، الشيخ الصدوق (1)، الصّلاة (9)، الأذان (2)، الوجوب (2)
كان خارجا من الصلاة أن يقوله، وإن قاله مصل لم يكن مفسدا للصلاة إن شاء الله، والاختيار أن لا يقوله.
وهنا لابد وأن نعلم بأن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم بعد الأذان مستحبة للمؤذن وللسامع لقوله عليه السلام: [صل علي النبي كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عند في أذان وغيره]. خلافا لغيرنا. وهذا هو مستند ما اعتاد عليه المؤذنون في هذه الأزمان من الصلاة علي محمد وآله خلال الأذان، وأما في ختامه فتدل علي استحبابها الأحاديث المطلقة، ابتداء أو بغير سبب، وقد يقال أنه يستحب في ختام كل دعاء بها كما يستحب افتتاحه بمطلق ما ورد من افتتاح كل كلام ذي بال بها أيضا.
وفي (فقه) الرضا عليه السلام قال: يقول بين الأذان والإقامة في جميع الصلوات:
[اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، صل علي محمد وعلي آل محمد، وأعط محمدا يوم القيامة سؤله آمين رب العالمين. اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد صلي الله عليه وآله وسلم، وأقدمهم بين يدي حوائجي كلها، فصل عليهم واجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة، ومن المقربين واجعل صلاتي بهم مقبولة، ودعائي بهم مستجابا، وامنن علي بطاعتهم، يا أرحم الراحمين]. يقول: هذا في جميع الصلوات، وإن أحببت أن تجلس بين الأذان والإقامة فافعل فإن فيه فضلا كثيرا، وإنما ذلك علي الإمام وأما المنفرد فيخطو تجاه القبلة خطوة برجله اليمني، ثم يقول: [بالله استفتح وبمحمد صلي الله عليه وآله وسلم استنجح وأتوجه، اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد واجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين] (170).
ويستحب الصلوات عند نسيان الأذان والإقامة، كما في الكافي والتهذيب والاستبصار والمستدرك عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في الرجل ينسي الأذان
(٤٨٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الأذان والإقامة (3)، يوم القيامة (1)، محمد بن مسلم (1)، الإستحباب (1)، الصّلاة (8)، البول (1)، الأذان (2)، النسيان (1)

* ما روي عن العامة

والإقامة حتي يدخل في الصلاة، قال: [إن كان ذكر قبل أن يقرأ فليصل علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم، وليقم وإن كان قد قرأ فليتم صلاته] [1].
ولا يخفي أن الصلاة بعد الأذان هي نوع من التعظيم للنبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ولآله، كما وأن المؤذنين يقصدون ذلك، ولما فهموه من علمائهم في استحباب الصلوات في كل موقع ومكان وزمان، وتدل عليه الأحاديث المطلقة والعمومات الواردة في الحث علي الصلاة ولحبهم الكبير وتعظيمهم لنبيهم المصطفي صلي الله عليه وآله وسلم يتقربون به إلي الله تعالي، وأن الصلاة هي العبادة المحببة والذكر الذي يرضي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ولا يقصدون الزيادة في الأذان ولا الجزئية ولا التشريع.
لقد وصل الأمر ببعضهم أن يعتبر هذا النوع من الصلاة شركا وبدعة لا يجوز الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في هذا الموقع معللين ذلك بعدم ورود النص فيه وقد عرفت تفصيل ذلك، وبعض الأحيان من يرميهم بالفسق والشرك والكفر ف {إنا لله وإنا إليه راجعون}، {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}.
ومن غرائب ما ينقل شيخ الإسلام أحمد زيني دحلان من أن زيدا من الناس وكان في نجد، وسماه يكره الصلاة علي محمد رجلا أعمي كان مؤذنا صالحا نهاه عن الصلاة علي المنارة بعد الأذان فلم ينته، وأتي بالصلاة علي النبي تأسيا بالخالق كما قال تعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}، فأمر بقتله فقتل، ثم قال: إن الخاطئة بالربابة (يعني الزانية التي تغني بالربابة) أقل إنما ممن ينادي بالصلاة علي محمد وآل محمد علي المنابر والمآذن فكل من صلي علي النبي أو شد الرحال إلي زيارته أو قال يا رسول الله! أو يا محمد! فهو مشرك، وأن الدعاء والتوسل بالنبي وآله شرك، ويلبس علي أتباعه المتحجرين ولاحظ كلامه في ص: 249، من كتاب خلاصة الكلام في حكام بلد الحرام لزيني دحلان.
[1] - الكافي، ج: 3، ص: 305. والتهذيب، ج: 2، ص: 278 والاستبصار، ج: 1، ص: 303. المستدرك، ج: 5، باب: 24، ص: 96.
(٤٨٨)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، يوم عرفة (1)، الصّلاة (8)، القتل (1)، الأكل (1)، الجواز (1)، الكراهية، المكروه (1)، الأذان (3)
وفي نهاية المطلب نقرر [من باب ألزموهم ما ألزموا به أنفسهم] أن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم عقيب الأذان مستحسنة عقلا فلتكن بدعة حسنة وقد ذهب إلي هذا السخاوي الشافعي في القول البديع: وقد اختلف في ذلك هل هو مستحب أو مكروه أو بدعة أو مشروع واستدل للأول بقوله تعالي: {وافعلوا الخير} [الحج:
77]، ومعلوم أن الصلاة والسلام من أجل القرب لا سيما وقد تواترت الأخبار علي الحث علي ذلك مع ما جاء في فصل الدعاء عقب الأذان والثلث الأخير من الليل وقرب الفجر والصواب أنه بدعة حسنة يؤجر فاعله بحسن نيته.
أقول: إن الأحاديث المطلقة والمتواترة في الترغيب إلي الصلاة كقوله: [من صلي علي] أو [صلوا علي واجتهدوا … ]، وغيرها تدل علي استحبابها في كل وقت ومكان وإن كانت في خلال العبادة إلا أنه لا يعتقد فيها التعبد في محل افتقاد النص فيه فتكون بنحو الرجاء المطلق، والرغبة في الثواب والتعظيم، والذكر المطلق.
وقد روي من طرق الخاصة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال له رجل جلعت فداك أخبرني عن قول الله تبارك وتعالي وما وصف من الملائكة: {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} [الأنبياء: 20]، ثم قال: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} [الأحزاب: 56] كيف لا يفترون وهم يصلون علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله تبارك وتعالي لما خلق محمدا (صلي الله عليه وآله وسلم) أمر الملائكة فقال: أنقصوا من ذكري بمقدار الصلاة علي محمد (صلي الله عليه وآله وسلم): فقول الرجل: صلي الله علي محمد في الصلاة مثل قوله: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر] (171).
(٤٨٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، أبو عبد الله (1)، الحج (1)، الصّلاة (5)، الأذان (2)

* المؤذن الذي قتل لأجل الصلاة

المورد الثامن والتاسع والعاشر:
[استحباب الصلوات في الركوع والسجود والقيام] يظهر من الأحاديث المطلقة استحباب الصلوات في كل موقع ووقت بالأخص مواقع التعظيم ومظنة الإجلال، لذا جاء التأكيد عليها في أخبار عديدة ومن تلك المواقع:
الركوع والسجود والقيام في الصلاة العبادية واجبة كانت أم مستحبة ففي الكافي عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يذكر النبي صلي الله عليه وآله وسلم وهو في الصلاة المكتوبة إما راكعا وإما ساجدا فيصلي عليه وهو علي تلك الحال فقال: نعم إن الصلاة علي نبي الله صلي الله عليه وآله وسلم كهيئة التكبير والتسبيح وهي عشر حسنات يبتدرها ثمانية عشر ملكا أيهم يبلغها إياه.
ويدل الحديث علي جواز الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم في جميع أفعال الصلاة كما ذكره الأصحاب قال في [الدروس]: يجوز الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم في الركوع والسجود وتكره قراءة القرآن فيهما.
وفي الكافي أيضا عن أبي حمزة عن أبيه قال: قال أبو جعفر عليه السلام: [من قال في ركوعه وسجوده وقيامه اللهم صل علي محمد وآل محمد كتب الله له ذلك بمثل الركوع والسجود والقيام].
ورواه الصدوق في ثواب الأعمال عن محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيي مثله إلا أنه قال: [اللهم صل علي محمد وآل محمد كتب الله له ذلك بمثل … ].
أقول: وهو يدل علي استحباب الصلوات في أحوال الصلاة لا سيما القيام وإنها موجبة لتضاعف ثواب ذلك الفضل، ومن الواضح أن المثلية هنا بين الصلاة والذكر أما بمعني تساويها بالأجر والثواب لمثل ذكر السجود والركوع والقيام بحذف المضاف في المرحة الأولي ومثلها من حيث المعاني التي تنطوي عليها أذكار تلك الأفعال أو لها نفس التأثير النفسي والترقي الروحي التي للسجود وتالييه.
(٤٩٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (3)، الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، محمد بن علي ماجيلويه (1)، الشيخ الصدوق (1)، محمد بن يحيي (1)، القرآن الكريم (1)، الركوع، الركعة (2)، الإستحباب (1)، السجود (5)، الصّلاة (9)، الكراهية، المكروه (1)، الجواز (2)، التكبير (1)

* ثلاثة موارد: الركوع، السجود، القيام

المورد الحادي عشر: [استحباب الصلوات في القنوت] القنوت مستحب وله آداب معينة مذكورة في كتب الأدعية وفي صحيح أبي داود، والسراج والدارقطني بسندين حسنين: [أن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم كان يقنت في الصلوات الخمس كلها]، وفي مسند أحمد والطبراني بسند صحيح، [أنه صلي الله عليه (وآله) وسلم كان يرفع يديه في القنوت] وعليه مذهب أحمد وإسحاق. وقال فقهائنا الأبرار رضوان الله عنهم يجوز الدعاء في القنوت بكل لفظ وكل لغة.
وعن الفضل قال سألت أبا عبد الله الصادق عليه السلام: [عن القنوت وما يقال فيه؟ فقال: ما قضي الله علي لسانك، وقال عليه السلام لقنوت الوتر: اثن علي الله عز وجل وصل علي النبي واستغفر لذنبك العظيم، ثم قال: كل ذنب عظيم] (172).
ولأن القنوت هو محل للثناء والدعاء ومظنة الاستجابة وقد ورد استحباب الصلاة علي محمد وآل محمد في بداية كل دعاء وختامه كما روي العامة [وأكثرهم بخصوص الوتر] وكذا الخاصة في مطلق القنوت أحاديث وقد استحبه الإمام الشافعي ومن وافقه واحتج لذلك بما رواه النسائي تحت رقم 1726، عن عبد الله بن علي عن الحسن بن علي قال علمني رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم هؤلاء الكلمات في الوتر قال قل: [اللهم اهدني فيمن هديت، وبارك لي فيما أعطيت، وتولني فيمن توليت، وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضي عليك وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت [1] وصلي الله علي النبي محمد]. أقول: إن الحديث لم يرد بالصلاة البتراء فقد رواه بعضهم بالصلاة الكاملة. ولذا قال النووي في الأذكار وغيره: ويستحب أن يقول عقب هذا الدعاء يعني القنوت: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد]. كما وذكر الرافعي هذا الحديث وساقه بلفظ: [وصلي الله علي النبي وآله وسلم] (173).
[1] - الحديث إلي (تعاليت) رواه أبو داود تحت رقم 1214، والدارمي تحت رقم: 1544 و 1545، والترمذي رقم: 426، والنسائي، رقم 1725. وأحمد في مسند رقم 1637، 1631، 1625. وقال الحافظ ابن حجر: الحديث حسن صحيح. ومن الخاصة ذكره العلامة في التذكرة.
(٤٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (2)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، الطبراني (1)، عبد الله بن علي (1)، الحسن بن علي (1)، الصّلاة (4)، الإستحباب (2)، الجواز (1)، القنوت (6)، الخمس (1)

* مورد: استحباب الصلوات في القنوت

المورد الحادي عشر: [استحباب الصلوات في القنوت] القنوت مستحب وله آداب معينة مذكورة في كتب الأدعية وفي صحيح أبي داود، والسراج والدارقطني بسندين حسنين: [أن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم كان يقنت في الصلوات الخمس كلها]، وفي مسند أحمد والطبراني بسند صحيح، [أنه صلي الله عليه (وآله) وسلم كان يرفع يديه في القنوت] وعليه مذهب أحمد وإسحاق. وقال فقهائنا الأبرار رضوان الله عنهم يجوز الدعاء في القنوت بكل لفظ وكل لغة.
وعن الفضل قال سألت أبا عبد الله الصادق عليه السلام: [عن القنوت وما يقال فيه؟ فقال: ما قضي الله علي لسانك، وقال عليه السلام لقنوت الوتر: اثن علي الله عز وجل وصل علي النبي واستغفر لذنبك العظيم، ثم قال: كل ذنب عظيم] (172).
ولأن القنوت هو محل للثناء والدعاء ومظنة الاستجابة وقد ورد استحباب الصلاة علي محمد وآل محمد في بداية كل دعاء وختامه كما روي العامة [وأكثرهم بخصوص الوتر] وكذا الخاصة في مطلق القنوت أحاديث وقد استحبه الإمام الشافعي ومن وافقه واحتج لذلك بما رواه النسائي تحت رقم 1726، عن عبد الله بن علي عن الحسن بن علي قال علمني رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم هؤلاء الكلمات في الوتر قال قل: [اللهم اهدني فيمن هديت، وبارك لي فيما أعطيت، وتولني فيمن توليت، وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضي عليك وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت [1] وصلي الله علي النبي محمد]. أقول: إن الحديث لم يرد بالصلاة البتراء فقد رواه بعضهم بالصلاة الكاملة. ولذا قال النووي في الأذكار وغيره: ويستحب أن يقول عقب هذا الدعاء يعني القنوت: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد]. كما وذكر الرافعي هذا الحديث وساقه بلفظ: [وصلي الله علي النبي وآله وسلم] (173).
[1] - الحديث إلي (تعاليت) رواه أبو داود تحت رقم 1214، والدارمي تحت رقم: 1544 و 1545، والترمذي رقم: 426، والنسائي، رقم 1725. وأحمد في مسند رقم 1637، 1631، 1625. وقال الحافظ ابن حجر: الحديث حسن صحيح. ومن الخاصة ذكره العلامة في التذكرة.
(٤٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (2)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، الطبراني (1)، عبد الله بن علي (1)، الحسن بن علي (1)، الصّلاة (4)، الإستحباب (2)، الجواز (1)، القنوت (6)، الخمس (1)

* ما روي عن العامة في ذلك

المورد الحادي عشر: [استحباب الصلوات في القنوت] القنوت مستحب وله آداب معينة مذكورة في كتب الأدعية وفي صحيح أبي داود، والسراج والدارقطني بسندين حسنين: [أن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم كان يقنت في الصلوات الخمس كلها]، وفي مسند أحمد والطبراني بسند صحيح، [أنه صلي الله عليه (وآله) وسلم كان يرفع يديه في القنوت] وعليه مذهب أحمد وإسحاق. وقال فقهائنا الأبرار رضوان الله عنهم يجوز الدعاء في القنوت بكل لفظ وكل لغة.
وعن الفضل قال سألت أبا عبد الله الصادق عليه السلام: [عن القنوت وما يقال فيه؟ فقال: ما قضي الله علي لسانك، وقال عليه السلام لقنوت الوتر: اثن علي الله عز وجل وصل علي النبي واستغفر لذنبك العظيم، ثم قال: كل ذنب عظيم] (172).
ولأن القنوت هو محل للثناء والدعاء ومظنة الاستجابة وقد ورد استحباب الصلاة علي محمد وآل محمد في بداية كل دعاء وختامه كما روي العامة [وأكثرهم بخصوص الوتر] وكذا الخاصة في مطلق القنوت أحاديث وقد استحبه الإمام الشافعي ومن وافقه واحتج لذلك بما رواه النسائي تحت رقم 1726، عن عبد الله بن علي عن الحسن بن علي قال علمني رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم هؤلاء الكلمات في الوتر قال قل: [اللهم اهدني فيمن هديت، وبارك لي فيما أعطيت، وتولني فيمن توليت، وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضي عليك وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت [1] وصلي الله علي النبي محمد]. أقول: إن الحديث لم يرد بالصلاة البتراء فقد رواه بعضهم بالصلاة الكاملة. ولذا قال النووي في الأذكار وغيره: ويستحب أن يقول عقب هذا الدعاء يعني القنوت: [اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد]. كما وذكر الرافعي هذا الحديث وساقه بلفظ: [وصلي الله علي النبي وآله وسلم] (173).
[1] - الحديث إلي (تعاليت) رواه أبو داود تحت رقم 1214، والدارمي تحت رقم: 1544 و 1545، والترمذي رقم: 426، والنسائي، رقم 1725. وأحمد في مسند رقم 1637، 1631، 1625. وقال الحافظ ابن حجر: الحديث حسن صحيح. ومن الخاصة ذكره العلامة في التذكرة.
(٤٩١)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (2)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، الطبراني (1)، عبد الله بن علي (1)، الحسن بن علي (1)، الصّلاة (4)، الإستحباب (2)، الجواز (1)، القنوت (6)، الخمس (1)
وقد رواه الشعراني في كشف الغمة، ج: 1، قال كان الحسن بن علي رضي الله عنهما يقول: علمني رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم هؤلاء الكلمات في الوتر قال قل: [اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضي عليك وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت اللهم علي محمد وعلي آل محمد وسلم]، وقال معقبا: وكان علي بن أبي طالب يقنت بهذا في صلاة الصبح [1].
وهن الخاصة في الوافي عن الحلبي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: [أسمي الأئمة عليهم السلام؟ قال أجملهم. قال الفيض معلقا: الإجمال أن يقول: آل محمد، وأهل بيت محمد أو نحو ذلك]. انتهي.
وأضيف: إنه قد يكون ذلك عند ضيق الوقت وإلا فقد تدل بعض الأخبار علي ذكرهم بأسمائهم كما روي المجلسي في بحاره، ج: 82، ص: 271، أدعية في القنوت تشتمل علي أسماءهم عليهم السلام إلا إذا قلنا ذلك بخصوص الصلوات عليهم مع جدهم الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في مقام التشهد، وأما مقام التوسل فقد وردت الأدعية المتضمنة أسماءهم سواء كان في قنوت الصلاة أو خارجها.
وينبغي للإمام أن يصلي علي محمد وعلي أئمة المسلمين كما في الكافي وغيره عن الصادق والباقر عليهما السلام [أن تسمي الأئمة حتي تنتهي إلي صاحبك] وفيه أيضا تقول في القنوت: اللهم صل علي محمد كما هديتنا اللهم صل علي محمد كما أكرمتنا به..].
وفي الدر المنثور للسيوطي، ج: 5، ص: 217، قال: وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال إذا قال الرجل في الصلاة: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} فليصل عليه.
[1] - أقول: ورواه من الخاصة العلامة في التذكرة وعنه في البحار، ج: 2، ص: 209، وعوالي اللآلي، ج: 1، ص: 105، وعنه في البحار، ج: 87، ص: 205. وهي كثيرة فارجع إليها في الوسائل ومستدركه.
(٤٩٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب كشف الغمة للإربلي (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، العلامة المجلسي (1)، علي بن أبي طالب (1)، الصّلاة (7)، العزّة (1)، القنوت (3)، الشهادة (1)

* العلامة الألباني يرد علي من ينكر الصلاة في القنوت

أقول: يحتمل قراءة الآية في القنوت أو قراءتها في ضمن سورتها في القراءة بعد الحمد، أو في القراءة بناء علي رأيهم في تجزئه السور في القراءة وفي فضل الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لإسماعيل بن إسحاق القاضي المتوفي سنة 282: ه رقم:
107 بإسناد صحيح أن أبا حليفة (معاذا) كان يصلي علي النبي [صلي الله عليه وآله وسلم] في القنوت.
ومن الغريب قول العز بن عبد السلام في الفتاوي، ج 1، ص: 66، ولم تصح الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم في القنوت، ولا ينبغي أن يزاد علي صلاة رسول الله شئ صلي الله علي النبي (وآله) وسلم.
قال العلامة الألباني العالم السلفي رافضا رأيه: قد ثبت في حديث إمامة أبي بن كعب الناس في قيام رمضان (يقصد صلاة التراويح) أنه كان يصلي علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم في آخر القنوت، وذلك في عهد عمر. رواه ابن خزيمة في صحيحه رقم 1097، وثبت عن أبي حليمة معاذ الأنصاري الذي كان يؤمهم أيضا في عهده. رواه إسماعيل القاضي وغيره، فهي زيادة مشروعة لعمل السلف بها، فلا ينبغي إطلاق القول بأن هذه الزيادة بدعة. انتهي.
وعن الخاصة روايات كثير تجدها في كتب الأدعية لم يخل دعاء من أدعية القنوت من الصلاة علي محمد وآل محمد لا سيما دعاء كلمات الفرج الذي تستحب قراءته في القنوت، وفي الفقيه، ج 1، ص: 207، عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه الصلاة والسلام وقد سئل عن القنوت فيه قول معلوم؟ فأجاب عليه السلام: [أثن علي ربك، وصل علي نبيك واستغفر لذنبك].
أقول: يجوز لك أن تطلب في القنوت ما أحببت من الحوائج الدنيوية والأخروية ولمن أحببت من المؤمنين ولأجل من، وبأي لغة كانت وأي كلام كان وإن كان الأفضل أن تتلوا فيه آية قرآنية وتدعو فيه الله تعالي بما أردت وتناجي ربك وتدعوه بأي دعاء شئت، ولم يرد ما هو لازم أن يقرأ فيه كما يظهر من الخبر المذكور، نعم لا يخلو قراءة ما روي عن
(٤٩٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، شهر رمضان المبارك (1)، إسماعيل بن إسحاق (1)، صلاة التراويح (1)، أبي بن كعب (1)، الفرج (1)، العزّة (1)، الإستحباب (1)، الجواز (1)، الوفاة (1)، القنوت (8)

* ما رواه الخاصة في القنوت

أهل البيت عليهم السلام من الاستحباب، فإن الأدعية المروية عنهم في غاية البلاغة والمعرفة وإليك بعض قنوتات المعصومين عليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام:
ففي مهج الدعوات، ص: 59، روي السيد علي بن طاووس عن الإمام الحسن عليه السلام أنه كان يدعو في قنوته: [اللهم إنك الرب الرؤوف، الملك العطوف، المتحنن المألوف، وأنت غياث الحيران الملهوف، ومرشد الضال المكفوف، وتشهد خواطر أسرار المسرين، كمشاهدتك أقوال الناطقين، أسألك بمغيبات علمك في بواطن أسرار سائر المسرين، إليك أن تصلي علي محمد وآله صلاة تسبق بها من اجتهد من المتقدمين، ويتجاوز فيها من يجتهد من المتأخرين، وأن تصل الذي بيننا صلة من صنعته لنفسك، واصطنعته لغيبك فلم تتخطفه خاطفات الظنن، ولا واردات الفتن، حتي نكون لك في الدنيا مطيعين وفي الآخرة في جوارك خالدين].
وفيه أن الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام كان يدعو في قنوته: [اللهم من آوي إلي مأوي فأنت مأواي، ومن لجأ إلي ملجأ فأنت ملجأي، اللهم صل علي محمد وآل محمد، واسمع ندائي، وأجب دعائي، واجعل مآبي عندك ومثواي، واحرسني في بلواي من افتنان الامتحان، ولمة الشيطان، بعظمتك التي لا يشوبها ولع نفس بتفتين، ولا وارد طيف بتظنين، ولا يلم بها فرج حتي تقلبني إليك بإرادتك غير ظنين ولا مظنون، ولا مراب ولا مرتاب، إنك أنت أرحم الراحمين] (174).
وفي العيون أن الإمام علي بن موسي الرضا عليه الصلاة والسلام كان يقول في قنوته:
[اللهم صل علي محمد وآل محمد، اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضي عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز ما عاديت، تباركت ربنا وتعاليت] (175).
وفي مجمع البحرين في مناقب السبطين مرويا عنه وفي القنوت [سبحان الله ملك السماوات السبع والأرضين السبع، ومن فيهن ومن بينهن سبحان رب العرش العظيم وصلي الله علي محمد وآله وسلم تسليما وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين] (176).
(٤٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الضلال (1)، الصّلاة (4)، العزّة (1)، القنوت (1)

* قنوتات بعض الأئمة المعصومين عليهم الصلاة والسلام

أهل البيت عليهم السلام من الاستحباب، فإن الأدعية المروية عنهم في غاية البلاغة والمعرفة وإليك بعض قنوتات المعصومين عليهم أفضل الصلاة وأزكي السلام:
ففي مهج الدعوات، ص: 59، روي السيد علي بن طاووس عن الإمام الحسن عليه السلام أنه كان يدعو في قنوته: [اللهم إنك الرب الرؤوف، الملك العطوف، المتحنن المألوف، وأنت غياث الحيران الملهوف، ومرشد الضال المكفوف، وتشهد خواطر أسرار المسرين، كمشاهدتك أقوال الناطقين، أسألك بمغيبات علمك في بواطن أسرار سائر المسرين، إليك أن تصلي علي محمد وآله صلاة تسبق بها من اجتهد من المتقدمين، ويتجاوز فيها من يجتهد من المتأخرين، وأن تصل الذي بيننا صلة من صنعته لنفسك، واصطنعته لغيبك فلم تتخطفه خاطفات الظنن، ولا واردات الفتن، حتي نكون لك في الدنيا مطيعين وفي الآخرة في جوارك خالدين].
وفيه أن الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام كان يدعو في قنوته: [اللهم من آوي إلي مأوي فأنت مأواي، ومن لجأ إلي ملجأ فأنت ملجأي، اللهم صل علي محمد وآل محمد، واسمع ندائي، وأجب دعائي، واجعل مآبي عندك ومثواي، واحرسني في بلواي من افتنان الامتحان، ولمة الشيطان، بعظمتك التي لا يشوبها ولع نفس بتفتين، ولا وارد طيف بتظنين، ولا يلم بها فرج حتي تقلبني إليك بإرادتك غير ظنين ولا مظنون، ولا مراب ولا مرتاب، إنك أنت أرحم الراحمين] (174).
وفي العيون أن الإمام علي بن موسي الرضا عليه الصلاة والسلام كان يقول في قنوته:
[اللهم صل علي محمد وآل محمد، اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضي عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز ما عاديت، تباركت ربنا وتعاليت] (175).
وفي مجمع البحرين في مناقب السبطين مرويا عنه وفي القنوت [سبحان الله ملك السماوات السبع والأرضين السبع، ومن فيهن ومن بينهن سبحان رب العرش العظيم وصلي الله علي محمد وآله وسلم تسليما وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين] (176).
(٤٩٤)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الضلال (1)، الصّلاة (4)، العزّة (1)، القنوت (1)

* مورد: الصلوات أفضل تعقيبات الصلاة العبادية

المورد الثاني عشر:
[الصلاة علي محمد وآل محمد أفضل التعقيبات للصلاة] والتعقيب فسر شرعا بالاشتغال بدعاء أو بذكر مباشرة بعد إتمام الصلاة فريضة أو غيرها حال الجلوس أو مطلقا ونحو هذا في (الروضة) وغيرها، أو ما أشبه ذلك من خشية الله تعالي والتفكر في عجائب مصنوعاته والتذكر بجزيل آلائه وما هو من هذا القبيل، وقال في (حبل المتين): وهل يعد الاشتغال بمجرد تلاوة القرآن بعد الصلاة تعقيبا؟ لم أظفر في كلام الأصحاب بتصريح في ذلك، والظاهر أنه تعقيب، أما لو ضم إليه الدعاء فلا كلام في صدق التعقيب علي المجموع المركب منهما، وربما يلوح ذلك من بعض الأخبار.
أقول: وعليه فقراءة آية الصلوات والصلاة بعدها من أبرز مصاديق التعقيب وأخصره للصلوات الخمسة كما يأتي.
وقد أجمع علماء أهل البيت عليهم الصلاة والسلام علي استحبابه كما في (المنتهي) و (الكفاية) (والمفاتيح) وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أبي يقول في تبارك وقوله تعالي: {فإذا فرغت فانصب * وإلي ربك فارغب} الانشراح: 8]: [إذا قضيت الصلاة بعد أن تسلم وأنت جالس فانصب في الدعاء من أمر الدنيا والآخرة فإذا فرغت من الدعاء فارغب إلي الله عز وجل أن يتقبلها منك].
وفي الوسائل، عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: [إذا فرغ العبد من الصلاة ولم يسأل الله تعالي حاجة، يقول الله تعالي لملائكته: انظروا إلي عبدي فقد أدي فريضتي ولم يسأل حاجة، مني كأنه قد استغني عني خذوا صلاته فاضربوا بها وجهه] (177).
وهذا الذم عبارة عن غفلة المؤمن عن الله بحيث لم يذكر حاجته ولكن القليل من يترك حاجته في القنوت، وينبغي أن لا يتكل علي علم الله بحاله وحاجته فإنه يحب من عبده أن يدعوه وينصب وجهه ويمد يده.
(٤٩٥)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، القرآن الكريم (1)، الغني (1)، الصّلاة (6)، القنوت (1)، التعقيب (1)

* أدلة استحباب تعقيب العبادة بالصلوات

ففي الدعوات للراوندي قال الصادق عليه السلام: [إن الله تبارك وتعالي يعلم ما يريد العبد إذا دعاه، ولكن يحب أن يبث إليه الحوائج، فإذا دعوت فسم حاجتك، وما من شئ أحب إلي الله من أن يسأل].
وفي التهذيب عن الإمام الصادق عليه السلام: [ما عالج الناس شيئا أشد من التعقيب] (178).
وعن الإمام جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال في قول الله عز وجل {فإذا فرغت فانصب وإلي ربك فارغب} قال الدعاء بعد الفريضة إياك أن تدعه فإن فضله بعد الفريضة كفضل الفريضة علي النافلة، ثم قال: إن الله يقول: {ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} فأفضل العبادة الدعاء (179).
وفي الكافي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: [من توضأ فأحسن الوضوء وصلي ركعتين فأتم ركوعهما وسجودهما، ثم جلس فأثني علي الله عز وجل وصلي علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ثم سأل الله حاجته فقد طلب الخير في مظانه ومن طلب الخير في مظانه لم يخب] (180).
وأما استحباب الصلوات بعد الصلاة المفروضة مباشرة فقد يستدل عليه:
أولا: بالعمومات وإطلاق الأحاديث فإنها تدل علي استحبابها في كل الأوقات وبالأولي في أوقات الصلاة وبعد الصلاة لفضيلتها.
والعامة لم يرووا في ذلك شيئا نعم حكاية ساقها ابن بشكوال وأبو موسي المديني وعبد الغني وابن سعد بسندهم إلي أبي بكر بن محمد بن عمر قال كنت عند أبي بكر بن مجاهد فجاء الشبلي فقام إليه أبو بكر بن مجاهد فعانقه وقبل بين عينيه، وقلت له: يا سيدي تفعل بالشلبي هكذا وأنت وجميع من ببغداد يتصورون (أو قال يقولون أنه مجنون) فقال لي:
فعلت كما رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فعل به ذلك أني رأيت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في المنام وقد أقبل الشبلي فقام إليه، وقبل بين عينيه فقلت يا رسول الله أتفعل هذا بالشلبي؟ فقال، هذا يقرأ بعد صلاته: {لقد جاء كم رسول من
(٤٩٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، بكر بن محمد (1)، السجود (1)، الصّلاة (5)، الوضوء (1)
أنفسكم.. إلي آخر السورة}، ويتبعها بالصلاة علي (وفي رواية أنه لم يصل صلاة فريضة إلا ويقرأ: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} الآية، ويقول: ثلاث مرات صلي الله عليك يا محمد، صلي الله عليك يا محمد، صلي الله عليك يا محمد، قال فلما دخل الشبلي سألته عما يذكر في الصلاة فذكر مثله.
وأما عن الخاصة فبالنصوص الواردة وبعضها معتبرة السند ولا عبرة بمناقشة السند في البعض الآخر للتسامح في أدلتها مع أننا في غني عنها. وفي الخصال للشيخ الصدوق، عن الإمام الرضا عليه السلام قال: [فإذا فرغ العبد من صلاته فليصل علي النبي وآله..].
(181).
وبخصوص الصلوات بعد صلاة الفجر والعصر روي عن أبي المغيرة قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: من قال في دبر صلاة الفجر وصلاة المغرب قبل أن يثني رجليه أو يكلم أحدا: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}، اللهم صل علي محمد وذريته. قضي الله له مائة حاجة سبعين في الدنيا وثلاثين في الآخرة (182).
وورد نفس المعني عن أبي عبد الله الصادق عليه إلا أن فيه: [اللهم صل علي محمد وعلي ذريته وعلي أهل بيته مرة واحدة. قضي الله تعالي له مائة حاجة سبعين منها للآخرة وثلاثين للدنيا] (183).
وعن الكفعمي عن الصادق عليه السلام قال: [من قال بعد صلاة الفجر وبعد صلاة الظهر: اللهم صل علي محمد وآل محمد وعجل فرجهم، لم يمت حتي يدرك القائم من آل محمد] عليهم الصلاة والسلام.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال ألا أعلمك شيئا يقي الله به وجهك من حر جهنم؟
قال: قلت: بلي. قال: قل بعد الفجر: [اللهم صل علي محمد وآل محمد]، مائة مرة يقي الله بها وجهك من حر جهنم (184).
(٤٩٧)
صفحهمفاتيح البحث: صلاة الفجر (الصبح) (3)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، كتاب الخصال للشيخ الصدوق (1)، الصدق (1)، الصّلاة (7)
الثاني: العمومات الواردة في استحباب الصلاة في كل وقت: [من صلي علي صلي الله عليه فليكثر أو فليقل]، وفي رواية السيد علي بن طاووس في جمال الأسبوع في سياق أعمال ليله الجمعة: [فإذا فرغت من التشهد وسلمت فاحمد الله عز وجل واثن عليه وصل علي بأحسن الصلاة].
أقول: يتصور حسن الصلوات في مقام المدح والثناء كما في بعض الأحاديث ففي قرب الإسناد عن أحمد بن عيسي عن أحمد بن محمد البزنطي قال قلت للرضا عليه السلام كيف الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في دبر المكتوبة وكيف السلام عليه؟
فقال عليه السلام: [تقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا محمد بن عبد الله، السلام عليك يا خيرة الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا أمين الله أشهد أنك رسول الله، وأشهد أنك محمد بن عبد الله، وأشهد أنك قد نصحت لأمتك وجاهدت في سبيل ربك، وعبدته حتي آتيك اليقين، فجزاك الله - يا رسول الله - أفضل ما جزي نبينا عن أمته، اللهم صل علي محمد وآل محمد، أفضل ما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد] (185).
الثالث: استحباب قراءة القرآن بعد المفروضة وآية الصلاة من القرآن فيستحب حينئذ الصلوات. وقد ورد استحباب قراءة هذه الآية: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}، والصلاة عليه وعلي آله استحبابا مؤكدا لأن الصلاة في التعقيب من مواضع التعظيم البارزة للنبي الأكرم وآله صلي الله عليهم وسلم، بالأخص ما نشاهده في بعض المساجد الذين يقرؤون الآية بعد التسليم ثم الصلاة بعدها مباشرة ثلاث مرات وقد مر علينا ما يدل علي استحبابه من الأدلة وكلام الشيخ البهائي رضوان الله عليه.
الرابع: ورد استحباب الصلاة للسامع سواء كان في الصلاة أو خارجها حين سماع اسم النبي أو ذكره ذاكر كما يأتي.
(٤٩٨)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، محمد بن عبد الله (2)، أحمد بن عيسي (1)، أحمد بن محمد (1)، القرآن الكريم (2)، الصّلاة (10)، الشهادة (3)، الكرم، الكرامة (1)، السجود (1)، الثناء (1)

* الصلوات أفضل أم تسبيح الزهراء عليها الصلاة والسلام

فلا يلتفت لكلام البعض أن العوام يعتبرون الصلوات بعد الصلاة ثلاثا سنة وهو تشريع أجل أنها سنة كما رأيت الأخبار في ذلك وأما ثلاثا فإن الله فرد يحب الفرد كما في بعض الروايات منها ما عن الإمام علي عليه السلام [إن الله فرد يحب الوتر وفرد اصطفي الوتر] (186)، والتسبيحات الأربع تقرأ أما ثلاثا أو خمسا أو سبعا، كما وهو الشأن في الذكر الركوعي والسجودي، وفي بعض الأخبار: [ما ثني أمر إلا وثلث]، فانطلاقا من هذا الذي ارتكز في أذهانهم يصلون علي محمد وآل محمد ثلاثا، ولا يخفي أن العمومات الواردة في أخبار الصلاة كقوله: [من صلي علي مرة] أو [من صلي علي عشرة] ليس هي في مقام التحديد للعدد بل في مقام الترغيب في الكثرة، ومن الواضح أن الكثرة تتحق لغة وعرفا ابتداء من ثلاثة وصاعدا كما لا يخفي.
ومما ينبغي في هذا المقام قوله: أن التعقيب له تأثير كبير في إجبار كيفية الصلاة المعنوية وكمالها فإنها من المكملات لشروط قبولها بل في طليعتها وروي السيد ابن طاووس في فلاح السائل في باب استحباب الموالاة في تسبيح الزهراء عن الصادق عليه السلام قال:
[من سبح تسبيح الزهراء فاطمة عليه السلام بدا وكبر الله عز وجل أربعا وثلاثين تكبيره وسبحه ثلاثا وثلاثين تسبيحه، ووصل التسبيح بالتكبير وحمد الله ثلاثا وثلاثين مره ووصل التحميد بالتسبيح، وقال بعد ما يفرغ من التحميد لا اله إلا الله إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما لبيك ربنا لبيك وسعديك اللهم صل علي محمد وآله محمد وعلي أهل بيت محمد وعلي ذريه محمد والسلام عليه وعليهم ورحمته الله وبركاته واشهد أن التسليم منا لهم والايتمام بهم والتصديق لهم ربنا آمنا وصدقنا واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين] (187).
وهنا لابد من ملاحظة لتعرف أن الصلوات أفضل التعقيبات وفي طليعتها تسبيح فاطمة الزهراء عليها أفضل الصلاة وأزكي السلام: وهي أن هذا التسبيح تنطوي عليه الصلوات في مقام الذكر كما أنها تفوقه في مقام التوسل والتعظيم وغير ذلك مما مر في هذا الكتاب من
(٤٩٩)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، السيد إبن طاووس (1)، الصّلاة (9)
آثارها القهرية والوضعية وأنها مضمونة القبول بخلاف غيرها من الأعمال، بل لا يقبل عمل ودعاء إلا بها.
وأفضلية هذا التسبيح علي التعقيبات لا يعارض أفضلية الصلوات لانفرادها بالتعظيم والتكريم لمحمد وآل محمد صريحا بخلاف التسبيح، وهو وإن كان كذلك إلا أنه من باب الملازمة في مقام العقيدة لا المطابقة في مقام الصراحة.
كما أنه لا معارضة بين تقديم التكبيرات الثلاث علي التسبيح وبين أفضلية التسبيح، وفي التهذيب عنه عن صفوان عن ابن بكير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام قول الله عز وجل {اذكروا الله ذكرا كثيرا} ماذا الذكر الكثير؟ قال: [إن يسبح في دبر المكتوبة ثلاثين مره] (188).
وقد ذكرنا أن هذا الذكر من موجبات الصلاة النورانية وهي من آثار الصلاة المحمدية فلا تغفل.
وقد ذكر العارف الملك التبريزي في (أسرار الصلاة) هذه الصلوات عقيب التكبيرات الثلاث بعد الصلاة، وصورتها: [اللهم صل علي محمد وآل محمد حتي لا يبقي من صلاتك شئ، وارحم محمدا وآل محمد حتي لا يبقي من رحمتك شئ، وبارك علي محمد وآل محمد حتي لا يبقي من البركات شئ، وسلم علي محمد وآل محمد حتي لا يبقي من السلام شئ].
خامسا: أن الصلاة نوع من التقرب إليهم الذي أمرنا به بعد الصلاة وهو تجديد لعهد الولاء قال الشيخ المجلسي وروينا عن الأئمة عليه السلام: أنهم أمروا بعد ذلك بالتقرب بعقب كل صلاة فريضة، والتقرب أن يبسط المصلي يديه بعد فراغه من الصلاة، وقبل أن يقوم من مقامه، وبعد أن يدعو إن شاء ما أحب وإن شاء جعل الدعاء بعد التقرب وهو أحسن ويرفع باطن كفيه ويقلب ظاهرهما، ويقول: اللهم إني أتقرب إليك بمحمد رسولك ونبيك وبعلي وصيه ووليك وبالأئمة من ولده الطاهرين الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد ويسمي الأئمة إماما إماما حتي يسمي إمام عصره.
(٥٠٠)
صفحهمفاتيح البحث: العلامة المجلسي (1)، محمد بن علي (1)، جعفر بن محمد (1)، الصّلاة (11)، الطهارة (1)، التكبير (1)

* الدليل السادس: في استحباب الصلوات للتعقيب

ثم يقول: [اللهم إني أتقرب إليك بهم وأتولاهم، وأتبرأ من أعدائهم، وأشهد اللهم بحقائق الإخلاص، وصدق اليقين أنهم خلفاؤك في أرضك، وحججك علي عبادك، والوسائل إليك وأبواب رحمتك، اللهم احشرني معهم، ولا تخرجني من جملة أوليائهم، وثبتني علي عهدهم، واجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا والآخرة، ومن المقربين وثبت اليقين في قلبي وزدني هدي ونورا، اللهم صل علي محمد وآل محمد، وأعطني من جزيل ما أعطيت عبادك المؤمنين ما آمن به من عقابك، واستوجب به رضاك ورحمتك، واهدني إلي ما اختلف فيه من الحق بأذنك إنك تهدي من تشاء إلي صراط مستقيم، وأسألك يا رب في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وأسألك أن تقيني عذاب النار] (189).
وفي مصباح الشيخ والبلد الأمين وجنة الأمان يستحب أن يدعو الإنسان بعد الفراغ من صلاته: [اللهم صل علي محمد المصطفي خاتم النبيين، اللهم صل علي علي أمير المؤمنين، وعاد من عاداه، والعن من ظلمه، واقتل من قتل الحسن والحسين والعن من شرك في دمهما، وصل علي فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، والعن من آذي نبيك فيها وصل علي رقيه وزينب والعن من آذي نبيك فيهما وصل علي إبراهيم والقاسم ابني نبيك وصل علي الأئمة من أهل بيت نبيك أئمة الهدي وأعلام الدين أئمة المؤمنين وصل علي ذرية نبيك صلي الله عليه وعليهم، وعليهم السلام ورحمه الله وبركاته] (190).
سادسا: أن الله تعالي جعل عقيب الصلاة مظنة لاستجابة الدعاء، كما وأن الصلوات دعوة مستجابة فناسب المقام أن تكون فيه الصلوات فإنها ضرورية لكل دعاء ولا يرفع دعاء بغير الصلوات كما يأتي في مطلبه وفي دعوات الراوندي أخبرنا الشيخ أبو جعفر النيسابوري عن الشيخ أبي علي عن أبيه الطوسي رضي الله عنه، عن أبي محمد الفحام عن المنصوري عن عم أبيه عن الإمام علي بن محمد العسكري عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: من أدي لله مكتوبة فله في أثرها دعوه مستجابة قال الفحام: رأيت والله أمير المؤمنين عليه السلام في النوم فسألته عن الخبر فقال
(٥٠١)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (3)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو جعفر النيسابوري (1)، علي بن محمد (1)، القتل (1)، الإستحباب (1)، الصّلاة (6)، الصدق (1)، النوم (1)
صحيح إذا فرغت من المكتوبة فقل وأنت ساجد: [اللهم بحق من رواه، وبحق من روي عنه صل علي جماعتهم، وافعل بي كيت وكيت].
بيان: الضمير في [رواه] لعله راجع إلي هذا الخبر فيحتمل اختصاص الدعاء بهذا الراوي، ولا يبعد أن يكون المراد الاستشفاع بالأئمة لا بهذا اللفظ بل بما ورد في سائر الأدعية بان يقول بحق محمد وعلي الخ. لأنهم داخلون فيمن روي هذا الخبر، وروي عنه وفي بعض الكتب بدون الضمير فيعم (191).
والظاهر أن المراد بمن رواه أبا الحسن العسكري وآباؤه عليهم السلام لا من روي عنه من الرواة، والمراد بمن روي عنه هو النبي صلي الله عليه وآله وسلم. وهذا يدل أن الدعوة المستجابة ببركة الصلاة المشتمل عليها الدعاء.
وفي عدة الداعي لأحمد بن فهد عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: [أعطي السمع أربعة النبي صلي الله عليه وآله وسلم، والجنة، والنار، والحور العين فإذا فرغ العبد من صلاته فليصل علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم وليسأل الله الجنة، وليستجر بالله من النار، ويسأل الله أن يزوجه الحور العين فإنه من صلي علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم رفعت دعوته، ومن سأل الله الجنة قالت الجنة يا رب أعط عبدك ما سأل، ومن استجار بالله من النار قالت النار: يا رب أجر عبدك مما استجارك منه، ومن سأل الحور العين، قلن يا رب أعط عبدك ما سأل] (192).
(٥٠٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب عدة الداعي لابن فهد الحلي (1)، الصّلاة (2)

المطلب السادس: * لا يرفع الدعاء إلا بالصلاة علي محمد وآل محمد

اشاره

المطلب السادس في:
[لا يرفع الدعاء إلا بالصلاة علي محمد وآل محمد] إن الصلاة علي النبي الأكرم وآله صلي عليهم وسلم من الوسائل الفعالة في استجابة الدعاء، ومن فوائدها تأهيل الدعاء للوقوع موقع القبول، وذلك لأن اقترانه بها يكون لأمرين أولهما: أن النبي وآله عليهم الصلاة والسلام هم الوسائط بين الله تعالي وبين عباده في قضاء حوائجهم فلابد من التوسل بذكرهم.
وثانيهما: أن الصلاة والدعاء يعرضان مجموعا علي الله تعالي وحيث أن الصلاة لا تحجب فالدعاء أيضا لا يحجب، والله تعالي أكرم من أن يقبل الصلاة ولا يقبل الدعاء المقترن بها فلابد أن يقبلهما جميعا وهو المطلوب.
ومن الطبيعي أن معني القبول لا يعني الاستجابة الفورية فربما الاستجابة تتأخر في وقت تتحقق المصلحة والحكمة في ذلك وغاية ذلك استجابة الدعاء في مقام المصلحة والقابلية فيما يناسبه في زمان معين بوضع خاص أو لم يحرم من أجر الاستجابة وتعويض المطلوب بما هو أصلح بحاله وأولي أن يقضي له.
وقد ورد في أحاديث صحيحة عن العامة والخاصة في هذا المورد بل تتأكد في كل دعاء فعن موسي بن إسماعيل قال حدثني أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [صلاتكم علي مجوزة لدعائكم، ومرضاة لربكم، وزكاة لأبدانكم] (193).
وفي أخري: [وزكاة لأعمالكم] (194). وضم الصلوات في الدعاء تتصور علي أوجه:
(٥٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، موسي بن إسماعيل (1)، علي بن الحسين (1)، جعفر بن محمد (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (5)

* قبول الدعاء لا يعني الاستجابة الفورية

المطلب السادس في:
[لا يرفع الدعاء إلا بالصلاة علي محمد وآل محمد] إن الصلاة علي النبي الأكرم وآله صلي عليهم وسلم من الوسائل الفعالة في استجابة الدعاء، ومن فوائدها تأهيل الدعاء للوقوع موقع القبول، وذلك لأن اقترانه بها يكون لأمرين أولهما: أن النبي وآله عليهم الصلاة والسلام هم الوسائط بين الله تعالي وبين عباده في قضاء حوائجهم فلابد من التوسل بذكرهم.
وثانيهما: أن الصلاة والدعاء يعرضان مجموعا علي الله تعالي وحيث أن الصلاة لا تحجب فالدعاء أيضا لا يحجب، والله تعالي أكرم من أن يقبل الصلاة ولا يقبل الدعاء المقترن بها فلابد أن يقبلهما جميعا وهو المطلوب.
ومن الطبيعي أن معني القبول لا يعني الاستجابة الفورية فربما الاستجابة تتأخر في وقت تتحقق المصلحة والحكمة في ذلك وغاية ذلك استجابة الدعاء في مقام المصلحة والقابلية فيما يناسبه في زمان معين بوضع خاص أو لم يحرم من أجر الاستجابة وتعويض المطلوب بما هو أصلح بحاله وأولي أن يقضي له.
وقد ورد في أحاديث صحيحة عن العامة والخاصة في هذا المورد بل تتأكد في كل دعاء فعن موسي بن إسماعيل قال حدثني أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [صلاتكم علي مجوزة لدعائكم، ومرضاة لربكم، وزكاة لأبدانكم] (193).
وفي أخري: [وزكاة لأعمالكم] (194). وضم الصلوات في الدعاء تتصور علي أوجه:
(٥٠٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، موسي بن إسماعيل (1)، علي بن الحسين (1)، جعفر بن محمد (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (5)

* الوجه الأول: أن يبتدأ الدعاء بالصلوات في أوله وفي أوسطه مرة واحة أو عدة مرات

الوجه الأول: أن يبتدأ الدعاء بالصلوات في أوله وفي أوسطه مرة واحدة أو عدة مرات علي حسب الحوائج ويختمه بها وعلي هذا الوجه كثير من الدعية.
وقد روي العامة في ذلك عن جابر في صحاحهم ففي مصنف عبد الرزاق في، ج: 5 ص: 57، عن الثوري عن موسي بن عبيدة عن محمد ابن إبراهيم التيمي عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [لا تجعلوني كقدح الراكب فإن الراكب إذا أراد أن ينطلق علق معالقه، وملأ قدحا ماء فإن كانت له حاجة في أن يتوضأ توضأ، وأن يشرب شرب، وإلا أهراق فاجعلوني في وسط الدعاء وفي أوله وفي آخره].
أقول: القدح بفتح القاف والدال، والراكب يعلق قدحه في آخرة الرحل ويجعله خلفه أراد النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لا تؤخروني في الذكر، وروي الحديث في مجمع الزوائد، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم:
[لا تجعلوني كقدح الراكب، فإن الراكب يملأ قدحه، فإذا فرغ وعلق معاليقه، فإن كان له في الشراب حاجة أو الوضوء وإلا هراق القدح، أحسبه قال فاذكروني في أول الدعاء وفي وسطه وفي آخر الدعاء] [1].
وروي هذا المعني الخاصة ففي الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [لا تجعلوني كقدح الراكب فإن الراكب يملأ قدحه فيشربه إذا شاء، اجعلوني في أول الدعاء وفي آخره وفي وسطه] (195).
[1] - وفي شعب الإيمان، ج: 2، ص: 217. وعبد الحميد: 1132، ج: 1، ص: 340. في الفردوس:
7452، ج: 5، ص: 57. وفي مسند الشهاب، ج: 2، ص: 89، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر التجيبي ثنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ثنا علي بن عبد العزيز ثنا محمد بن كثير العبدي ثنا سفيان بن سعيد الثوري عن موسي بن عبيدة عن محمد بن إبراهيم التيمي عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم يقول: [لا تجعلوني كقدح الراكب، قالوا: وما قدح الراكب؟ قال: إن الرجل ليرفع متاعه علي راحلته فيبقي في قدحه ماء فيعيده في إداوته. قال: اجعلوني في أول الحديث، وأوسطه وآخره لا يمنعن أحدكم مهابة الناس، أن يقوم بالحق إذا علمه].
(٥٠٤)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، جابر بن عبد الله (3)، موسي بن عبيدة (1)، الوضوء (1)، كتاب مسند الشهاب لابن سلامة (1)، أحمد بن إبراهيم (1)، علي بن عبد العزيز (1)، محمد بن إبراهيم (1)، سفيان بن سعيد (1)، عبد الحميد (1)

* الوجه الثاني: أن يبتدأ بالصلوات قبل الدعاء، وبعد حمد الله تعالي والثناء عليه

الوجه الثاني: أن يبتدأ بالصلوات قبل الدعاء، وبعد حمد الله تعالي والثناء عليه كما رواه الترمذي في صحيحه وغيره، ج: 5، ص: 517 عن فضالة بن عبيد يقول سمع النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم رجلا يدعو في صلاته فلم يصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم فقال النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم [عجل هذا ثم دعاه فقال له أو لغيره إذا صلي أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم ثم ليدع بعد بما شاء] [1].
وفي سير أعلام النبلاء، 17، ص: 114، أخبرنا أبو القاسم السبط أنبأنا خلف الحافظ أخبرنا أبو محمد عن أبي عمر الحافظ أخبرنا خلف بن القاسم حدثنا محمد بن موسي حدثنا أحمد بن علي بن شعيب حدثنا محمد بن حفص حدثنا جراح بن يحيي حدثنا عمر بن عمرو سمعت عبد الله بن بسر يقول قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم:
[الدعاء كله محجوب حتي يكون أوله ثناء علي الله وصلاة علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم ثم يدعوه فيستجاب الدعاء به].
وفي تفسيره الشيخ أبي الفتوح الرازي عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم انه قال: [ما من دعا إلا بينه وبين السماء حجاب فإذا دعا العبد ولم يصل علي في أوله عسي يرفع إلي الحجاب ثم يرد، وإذا صلي علي في أوله تصعد الصلاة فتفتق الحجاب وتصعد إلي السماء، ويتبعها الدعاء إلي دون العرش فهناك ترجي الإجابة] (196).
[1] - قال أبو عيسي الترمذي: [هذا حديث حسن صحيح]. ورواه الإمام أحمد، ج: 6، ص: 18. وفي مجمع الزوائد، ج: 10، ص: 156. عن عبد الله بن مسعود قال: [إذا أراد أحدكم أن يسأل فليبدأ بالمدح والثناء علي الله بما هو أهله ثم ليصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم ثم ليسأل بعد فإنه أجدر أن ينجح]، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه. وفي لفظ آخر عن فضالة بن عبيد قال: [بينا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم قاعد إذ دخل رجل فصلي ثم قال: اللهم اغفر لي وارحمني.
فقال له رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: عجلت أيها المصلي إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله، ثم صل علي ثم ادعه]. ثم [صل (رجل) آخر فحمد الله وصلي علي محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم فقال له رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم سل تعطه]. قلت رواه أبو داود خلا من قوله: [ثم صلي آخر إلي آخره] رواه الطبراني، وفيه رشدين بن سعد وحديثه في الرقاق مقبول وبقية رجاله ثقات.
(٥٠٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (9)، كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي (1)، فضالة بن عبيد (2)، أحمد بن علي (1)، محمد بن حفص (1)، الثناء (3)، الصّلاة (3)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، الطبراني (2)، عبد الله بن مسعود (1)

* الوجه الثالث: أن يبتدأ بها ويختم بها ويجعل حاجته متوسطة بينهما

وقد مرت مصادر هذا الحديث في المطلب الثاني من البحث السادس فراجع. كما وقد وردت عندنا أحاديث تدل علي استحباب الصلوات بهذا الوجه ففي الكافي عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: [إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن علي ربه، وليمدحه فإن الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه فإذا طلبتم الحاجة فمجدوا الله العزيز الجبار وامدحوه واثنوا عليه، تقول: يا أجود من أعطي، ويا خير من سئل، يا أرحم من استرحم يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد يا من لم يتخد صاحبة ولا ولدا، يا من يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ويقضي ما أحب، يا من يحول بين المرء وقبله، يا من هو بالمنظر الأعلي، يا من ليس كمثله شئ، يا سميع يا بصير]. وأكثر من أسماء الله عز وجل فإن أسماء الله كثيرة، وصل علي محمد وآله، وقل: [اللهم أوسع علي من رزقك الحلال ما اكف به وجهي، وأؤدي به عن أماني وأصل به رحمي، ويكن عونا لي في الحج والعمرة].
وقال: إن رجلا دخل المسجد فصلي ركعتين ثم سأل الله عز وجل فقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [عجل العبد ربه].
وجاء آخر فصلي ركعتين ثم أثني علي الله عز وجل وصلي علي النبي وآله فقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [سل تعط] (197).
وقال أبو عبد الله عليه السلام: [إياكم أن يسأل أحد منكم ربه شيئا من حوائج الدنيا والآخرة حتي يبدأ بالثناء علي الله تعالي والمدحة له، والصلاة علي النبي وآله (عليهم الصلاة والسلام) ثم الاعتراف بالذنب ثم المسألة] [1].
الوجه الثالث: أن يبتدأ بها ويختم بها ويجعل حاجته متوسطة بينهما.
ففي الكافي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام [من كانت له إلي الله عز وجل حاجة فليبدأ بالصلاة علي محمد وآله ثم يسأل حاجته ثم يختم بالصلاة علي محمد وآل محمد
[1] - مستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 216.
(٥٠٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، أبو عبد الله (2)، الحج (1)، العزّة (1)، الركوع، الركعة (2)، السجود (1)، الصّلاة (4)، الحاجة، الإحتياج (2)، كتاب مستدرك الوسائل (1)

* الوجه الرابع: أن يبتدأ الدعاء بها ثم يعقبها بحاجته

فإن الله عز وجل أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط إذا كانت الصلاة علي محمد وآل محمد لا تحجب عنه] (198).
وقال صلي الله عليه وآله وسلم: [الصلاة بين الصلاتين لا ترد] (199). ويحتمل أن يكون المعني الدعاء بين صلاتين علي محمد وآله لا يرد، ويدل عليه ما مضي من استحباب افتتاح الدعاء بالصلاة علي محمد وآله وختامه بها، وهذا بناء علي أن الصلاة بمعني اللغوي (أي الدعاء)، ويحتمل أن يكون المعني أن الصلاة الواجبة لا ترد أي مقبولة إذا افتتحها بالصلاة أي قبل تكبيرة الإحرام عند الأذان أو بعد الإقامة وفي نهايتها بأن صلي علي محمد وآله في التشهد أم إضافة علي التشهد بعد الصلاة كما عرفت استحباب قراءة الآية (آية الصلوات) بعد السلام مع الصلاة علي محمد وآله وهو بناء علي أن المقصود من (لفظ الصلاة) المعني الشرعي العبادي.
وقد يقال في وجه اعتبار رجحان الصلوات قبل الدعاء وبعده أن الله تعالي يقبل الصلاة ويستجيبها لا محالة وبعيد من كرمه كما يأتي جل شأنه أن يستجيب طرفي الدعاء ويرد الوسط.
الوجه الرابع: أن يبتدأ الدعاء بها ثم يعقبها بحاجته ففي الكافي عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام ما معني: أجعل صلواتي كلها لك؟ فقال: [يقدمه بين يدي كل حاجة فلا يسأل الله عز وجل شيئا حتي يبدأ بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم فيصلي عليه ثم يسأل الله حوائجه] (220).
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: [إذا دعا أحدكم فليبدأ بالصلاة علي النبي عليه السلام فإن الصلاة علي النبي عليه السلام مقبولة ولم يكن الله ليقبل بعض الدعاء ويرد بعضا] (221).
وعن جابر بن يزيد الجعفي قال سمعته أي جعفر بن محمد عليه السلام يقول: أن رجلا أتي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله إني جعلت نصف دعائي
(٥٠٧)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، أبو بصير (1)، يوم عرفة (1)، جابر بن يزيد (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (10)، الأذان (1)، الشهادة (2)

* الوجه الخامس: أن يختم بها فقط كما في أدعية القنوت

لك؟ قال: أنت إذا، ثم أتاه من الغد فقال: يا رسول الله إني جعلت دعائي كله لك؟
فقال: إن كنت فعلت كفاك الله مؤنة الدنيا والآخرة. وإن جعفر عليه السلام قال أتدرون كيف جعل دعاءه لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم؟ إنما قال: [اللهم صل علي محمد وأهل بيته وافعل بي] كلما أراد أن يدعو لنفسه بدأ بالصلاة علي محمد وآل محمد ثم دعا لنفسه (222).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: [لا تدع بدعاء إلا أن تقول في أوله: (صل علي محمد وآل محمد)، وافعل بي كذا وكذا، وكان عليه السلام يفعل كذلك فقيل له في ذلك؟ فقال: الدعاء مع الصلاة مقرون بالإجابة والله تعالي يستحي أن يسأل عنه العبد حاجتين يجيب إحداهما ويرد الأخري] (223).
الوجه الخامس: أن يختم بها فقط كما في أدعية القنوت وروي أحمد وأهل السنن:
أبو داود، وترمذي، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والنسائي من حديث أبي الحوراء عن الحسن بن علي رضي الله عنهما وننقله عن الأخير، قال علمني رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم كلمات أقولهن في الوتر [اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضي عليك وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت وصلي الله علي محمد].
أقول: ذكرنا من طرقهم في المورد الحادي عشر [الصلوات في القنوت] من المطلب الخامس أن هذا الدعاء وارد عن الإمام السبط الحسن بن الإمام علي عليهما الصلاة والسلام بالصلاة الكاملة المتضمنة آل محمد عليهم الصلاة والسلام فراجع.
الوجه السادس: أن يكون أكثر دعاءه الصلاة علي محمد وآل محمد وقد يبلغ بالداعي أن ينسي حاجته لكثرة أنسه بهذه العبادة وقد ورد عن الفريقين أن ذلك يوجب قضاء الحاجة ففي مجمع الزوائد: وعن أبي بن كعب قال: [قال رجل يا رسول الله أرأيت إن
(٥٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، أبي بن كعب (1)، الصّلاة (4)، العزّة (1)، القنوت (2)

* الوجه السادس: أن يكون أكثر دعاءه الصلاة علي محمد وآل محمد

اشاره

لك؟ قال: أنت إذا، ثم أتاه من الغد فقال: يا رسول الله إني جعلت دعائي كله لك؟
فقال: إن كنت فعلت كفاك الله مؤنة الدنيا والآخرة. وإن جعفر عليه السلام قال أتدرون كيف جعل دعاءه لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم؟ إنما قال: [اللهم صل علي محمد وأهل بيته وافعل بي] كلما أراد أن يدعو لنفسه بدأ بالصلاة علي محمد وآل محمد ثم دعا لنفسه (222).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: [لا تدع بدعاء إلا أن تقول في أوله: (صل علي محمد وآل محمد)، وافعل بي كذا وكذا، وكان عليه السلام يفعل كذلك فقيل له في ذلك؟ فقال: الدعاء مع الصلاة مقرون بالإجابة والله تعالي يستحي أن يسأل عنه العبد حاجتين يجيب إحداهما ويرد الأخري] (223).
الوجه الخامس: أن يختم بها فقط كما في أدعية القنوت وروي أحمد وأهل السنن:
أبو داود، وترمذي، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والنسائي من حديث أبي الحوراء عن الحسن بن علي رضي الله عنهما وننقله عن الأخير، قال علمني رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم كلمات أقولهن في الوتر [اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضي عليك وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت وصلي الله علي محمد].
أقول: ذكرنا من طرقهم في المورد الحادي عشر [الصلوات في القنوت] من المطلب الخامس أن هذا الدعاء وارد عن الإمام السبط الحسن بن الإمام علي عليهما الصلاة والسلام بالصلاة الكاملة المتضمنة آل محمد عليهم الصلاة والسلام فراجع.
الوجه السادس: أن يكون أكثر دعاءه الصلاة علي محمد وآل محمد وقد يبلغ بالداعي أن ينسي حاجته لكثرة أنسه بهذه العبادة وقد ورد عن الفريقين أن ذلك يوجب قضاء الحاجة ففي مجمع الزوائد: وعن أبي بن كعب قال: [قال رجل يا رسول الله أرأيت إن
(٥٠٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، أبي بن كعب (1)، الصّلاة (4)، العزّة (1)، القنوت (2)
جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال: [إذا يكفيك الله تبارك وتعالي ما همك من دنياك وآخرتك]. قلت: رواه الترمذي ولفظه إذا تكفي همك ويغفر ذنبك]. رواه أحمد وإسناده جيد. وعن أبي هريرة قال: [جاء رجل إلي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم فقال يا رسول الله أجعل شطر صلاتي دعاءا لك؟ قال ما شئت. قال: فأجعل ثلث صلاتي دعاءا لك؟ قال نعم. قال: فأجعل صلاتي كلها دعاءا لك؟ قال إذا يكفيك هم الدنيا والآخرة]. رواه البزار. وعن محمد بن يحيي بن حبان عن أبيه عن جده أن رجلا قال: يا رسول الله أجعل ثلث صلاتي عليك؟
قال: نعم إن شئت. قال: الثلثين؟ قال نعم. قال فصلاتي كلها؟ فقال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [إذا يكفيك الله ما همك من أمر دنياك وآخرتك] [1].
وبمثل هذا ورد عن الخاصة ففي الكافي عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام [أن رجلا أتي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إني أجعل لك ثلث صلواتي، لا بل أجعل لك نصف صلواتي، لا بل أجعلها كلها لك؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: إذا تكفي مئونة الدنيا والآخرة] (224).
وفيه أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: [إن رجلا أتي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله إني جعلت ثلث صلواتي لك؟ فقال له خيرا.
فقال له يا رسول الله إني جعلت نصف صلواتي لك؟ فقال له ذاك أفضل. فقال إني
[1] - رواه الطبراني وإسناده حسن. وفي شعب الإيمان، 1579 أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ثنا أحمد بن محمد بن عيسي القاضي، ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي كعب عن أبيه قال للنبي صلي الله عليه (وآله) وسلم: كم أجعل لك من صلاتي؟ قال ما شئت. قال: الثلث؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو أفضل. قال: النصف؟
قال ما شئت، وإن زدت فهو وأفضل. قال أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذا يكفيك الله همك ويغفر لك ذنبك].
وفيه أيضا: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ثنا عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان أبو صالح وابن بكير عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني محمد بن يحيي بن حبان: [أن رجلا قال يا رسول الله إني أريد أن أجعل صلاتي كلها لك؟ قال: إذا يكفيك الله أمر دنياك وآخرتك]. هذا مرسل جيد وهو شاهد لما تقدم.
(٥٠٩)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، أبو هريرة العجلي (1)، محمد بن يحيي (2)، محمد بن مسلم (1)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، الطبراني (1)، عبد الله بن محمد بن عقيل (1)، أبو عبد الله (1)، سفيان الثوري (1)، أحمد بن محمد (1)، الشهادة (1)
جعلت كل صلواتي لك؟ فقال إذا يكفيك الله عز وجل ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك. فقال له رجل: أصلحك الله كيف يجعل صلاته له فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا يسأل الله عز وجل شيئا إلا بدأ بالصلاة علي محمد وآله] (225).
وعن عبد السلام بن نعيم قال: قلت لأبي عبد الله الصادق عليه الصلاة والسلام:
[إني دخلت البيت - أي المسجد الحرام أو داخل الكعبة - فلم يحضرني شئ من الدعاء إلا الصلاة محمد وآل محمد؟
فقال عليه السلام: أما أنه لم يخرج أحد بأفضل مما خرجت به] (226).
وقال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: [إن العبد لتكون له الحاجة إلي الله فيبدأ بالثناء علي الله، والصلاة علي محمد وآله، حتي ينسي حاجته، فيقضيها من غير أن يسأله إياها] (227).
(٥١٠)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، عبد السلام بن نعيم (1)، أبو عبد الله (1)، مسجد الحرام (1)، الصّلاة (2)، الحاجة، الإحتياج (1)

* تفريع: [فلسفة انضمام الصلوات مع الدعاء]

تفريع:
[فلسفة انضمام الصلوات مع الدعاء] ليعلم أنه لما كان أهل البيت عليهم الصلاة والسلام هم الباب الذي وضعه الله تعالي في خلقه إلي ساحة فضل جوده، وإفاضة الخيرات علي ساحل بحار خيره كان الدعاء لا يلج عالم المعنويات، ولا ينصبغ بالخير، ولا يتأهل للقبول ولا ينكشف عنه حجاب المنع إلا بجناحي التعلق بمجري الإفاضة، وسبب الاستجابة وهي هذه العبادة التي جعلها عز وجل سر القبول ورفعها إليه.
وهنا يمكن أن تنقدح عدة أمور في توجيه ضرورة انضمام الصلوات:
الأمر الأول: أن الصلوات تصبغ الدعاء بصبغة معنوية تأهله أن يقع مورد القبول وتحصل بذلك له صورة مجردة قابلة لرفع الملائكة له إلي سدرة المنتهي التي تسجل وتحفظ فيها الأعمال قال الله تعالي: {إليه يصعد الكم الطيب والعمل الصالح يرفعه} [فاطر: 10]. وقد ورد في تفسيرها أن الكم الطيب هي الولاية (228) وبعبارة أخري هي الصلاة علي محمد وآل محمد الذي " الكم " يرفع العمل الصالح ويكون سببا للقبول.
وفي لب اللباب للقطب الراوندي: في قوله تعالي: {والعمل الصالح يرفعه}، روي أن العمل الصالح هو قول: [اللهم صل علي محمد وآل محمد] فمن كان له حاجة إلي الله فليصل علي محمد وآله وليسأل حاجته فالله أكرم من أن يسأل العبد عنه حاجتين، ويقضي إحداهما ويمنع الأخري (229).
وقال الترمذي، ج: 2، ص: 356: حدثنا أبو داود سليمان بن سلم المصاحفي البلخي أخبرنا النضر بن شميل عن أبي قرة الأسدي عن سعيد بن المسيب عن عمر بن
(٥١١)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، سعيد بن المسيب (1)، القطب الراوندي (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (4)

* الأمر الأول: أن الصلوات تصبغ الدعاء بصبغة معنوية تأهله أن يقع مورد القبول

تفريع:
[فلسفة انضمام الصلوات مع الدعاء] ليعلم أنه لما كان أهل البيت عليهم الصلاة والسلام هم الباب الذي وضعه الله تعالي في خلقه إلي ساحة فضل جوده، وإفاضة الخيرات علي ساحل بحار خيره كان الدعاء لا يلج عالم المعنويات، ولا ينصبغ بالخير، ولا يتأهل للقبول ولا ينكشف عنه حجاب المنع إلا بجناحي التعلق بمجري الإفاضة، وسبب الاستجابة وهي هذه العبادة التي جعلها عز وجل سر القبول ورفعها إليه.
وهنا يمكن أن تنقدح عدة أمور في توجيه ضرورة انضمام الصلوات:
الأمر الأول: أن الصلوات تصبغ الدعاء بصبغة معنوية تأهله أن يقع مورد القبول وتحصل بذلك له صورة مجردة قابلة لرفع الملائكة له إلي سدرة المنتهي التي تسجل وتحفظ فيها الأعمال قال الله تعالي: {إليه يصعد الكم الطيب والعمل الصالح يرفعه} [فاطر: 10]. وقد ورد في تفسيرها أن الكم الطيب هي الولاية (228) وبعبارة أخري هي الصلاة علي محمد وآل محمد الذي " الكم " يرفع العمل الصالح ويكون سببا للقبول.
وفي لب اللباب للقطب الراوندي: في قوله تعالي: {والعمل الصالح يرفعه}، روي أن العمل الصالح هو قول: [اللهم صل علي محمد وآل محمد] فمن كان له حاجة إلي الله فليصل علي محمد وآله وليسأل حاجته فالله أكرم من أن يسأل العبد عنه حاجتين، ويقضي إحداهما ويمنع الأخري (229).
وقال الترمذي، ج: 2، ص: 356: حدثنا أبو داود سليمان بن سلم المصاحفي البلخي أخبرنا النضر بن شميل عن أبي قرة الأسدي عن سعيد بن المسيب عن عمر بن
(٥١١)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، سعيد بن المسيب (1)، القطب الراوندي (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (4)
الخطاب قال: [أن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شئ حتي تصلي علي نبيك صلي الله عليه (وآله) وسلم [1].
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: [من دعا ولم يذكر النبي صلي الله عليه وآله وسلم رفرف الدعاء علي رأسه فإذا ذكر النبي صلي الله عليه وآله وسلم رفع الدعاء] (230).
ونكرر أيضا أن الدعاء يجب أن يكون بالصلاة الكاملة بضم آله لما مر من أن تعليم النبي صلي الله عليه وآله وسلم لأصحابه كانت بالصلاة الكاملة وليست بالصلاة البتراء.
الأمر الثاني: أن الدعاء يمنع عن الإجابة والقبول والتأثير ويكون بحجاب عن الله تعالي في مقام الظلمة لا في مقام العلم والإحاطة وذلك لعدم تحقق شروط القبول فيه ويأتي أن الصلاة لم تقع مورد القبول إلا بالصلوات.
وفي مجمع الزوائد، ج: 10، ص: 160، عن علي بن أبي طالب قال: [كل دعاء محجوب حتي يصلي علي محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم وآل محمد] وقال:
رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.
وفي شعب الإيمان: 1575 عن علي بن أبي طالب قال: [كل دعاء محجوب عن السماء حتي يصلي علي محمد وعلي آل محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم] كذا وجدته موقوفا.
وروي تحت رقم: 1576، عنه أيضا قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [الدعاء محجوب عن الله حتي يصلي علي محمد وعلي آل محمد].
وقال المناوي في فيض القدير علي شرحه لهذا الحديث: الدعاء محجوب عن الله حتي يصلي علي محمد وأهل بيته: جرد من نفسه إنسانا فخاطبه وهو هو والمعني لا يرفع الدعاء إلي الله حتي يستصحبه الصلاة معه بمعني أن الصلاة عليه هي الوسيلة إلي الإجابة.
[1] - أقول: وكذا رواه أيوب بن موسي عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب ورواه معاذ بن الحارث عن أبي قرة عن سعيد بن المسيب عن عمر مرفوعا.
(٥١٢)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، الطبراني (1)، علي بن أبي طالب (2)، المنع (1)، الصّلاة (3)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، سعيد بن المسيب (2)
قال الحليمي وإنما شرعت الصلاة عليه في الدعاء لأنه علمنا الدعاء بأركانه فبقي بعض حقه اعتدادا بالنعمة.
أبو الشيخ في الثواب عن علي أمير المؤمنين ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز، مع أن البيهقي خرجه من الشعب باللفظ المزبور عن علي مرفوعا وموقوفا بل رواه الترمذي عن ابن عمر بلفظ [إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض ولا يصعد منه شئ حتي يصلي علي محمد] الخ.
وقوله: [كل دعاء محجوب] عن القبول [حتي يصلي] بالبناء للمفعول أي حتي يصلي الداعي علي النبي يعني أنه لا يرفع إلي الله حتي يستصحب الرافع معه الصلاة عليه إذ هي الوسيلة إلي الإجابة لكونها مقبولة، والله من كرمه لا يقبل بعض الدعاء ويرد بعضا فالصلاة عليه شرط في الدعاء وهو عبادة والعبادة بدون شرطها لا تصح.
وعن أنس بن مالك هب عن علي أمير المؤمنين موقوفا عليه قال بعضهم وقفه ظاهر.
وأما رواية أنس فيحتمل كونه ناقلا لكلام النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم. ففيه تجريد جرد النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم من نفسه نبيا وخاطبه وهو هو، وظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الوقف وأنه لم يرو عن علي إلا موقوفا والأمر بخلافه أما الأول فلأن فيه محمد بن عبد العزيز الدينوري قال الذهبي في الضعفاء منكر الحديث، وأما الثاني فقد رواه الطبراني في الأوسط عن علي موقوفا وزاد فيه الأول فقال: [كل دعاء محجوب حتي يصلي علي محمد وآل محمد]. قال الهيثمي رجاله ثقات. وبه يعرف أن اقتصار المصنف علي رواية الديلمي الضعيفة ورواية البيهقي الموقوفة المعلولة وإهماله الطريق المسندة الجيدة الإسناد من سوء التصرف (231).
وفي الترغيب ج 2، ص: 330، وعن علي رضي الله عنه قال: [كل دعاء محجوب حتي يصلي علي محمد صلي الله عليه (وآله) وسلم] رواه الطبراني في الأوسط موقوفا ورواته ثقات ورفعه بعضهم والموقوف أصح.
(٥١٣)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الطبراني (2)، محمد بن عبد العزيز (1)، أنس بن مالك (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (5)
ورووا عن الحارث بن عبد الله الأعور، عن الإمام علي عليه الصلاة والسلام: عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال: [ما من دعاء إلا بينه وبين السماء حجاب حتي يصلي علي محمد صلي الله عليه وآله وسلم، فإذا صلي علي النبي محمد صلي الله عليه وآله وسلم انخرق الحجاب واستجيب الدعاء، وإذا لم يصل علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم لم يستجب الدعاء].
أقول: حمل ابن القيم في الجلاء هذا الحديث بثلاث علل وضعف الحارث لكن يكفي الحديث الصحيح الوارد عن الإمام علي عليه الصلاة والسلام وعن عمر بنفس المفهوم، وهما يجبران ضعف سند هذا أيضا.
وفي صحيح الترمذي: 486 حدثنا أبو داود سليمان بن سلم المصاحفي البلخي أخبرنا النضر بن شميل عن أبي قرة الأسدي عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال:
[إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شئ حتي تصلي علي نبيك صلي الله عليه (وآله) وسلم].
وفي الفردوس، ج: 4، ص: 47، 6148، عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: [ما من دعاء إلا بينه وبين السماء حجاب حتي يصلي علي النبي صلي الله عليه وسلم فإذا فعل ذلك انخرق ذلك الحجاب ودخل الدعاء وإذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء].
وكذا رواه رزين بن معاوية في كتابه مرفوعا عن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم قال:
[الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد حتي يصلي علي فلا تجعلوني كغمر الراكب صلوا علي أول الدعاء وآخره وأوسطه] [1].
[1] - وهذه الزيادة: [فلا تجعلوني كغمر الراكب صلوا علي أول الدعاء وآخره وأوسطه] إنما تروي من رواية جابر ابن عبد الله في مسند الإمام عبد بن حميد الكشي حيث قال حدثنا جعفر بن عون أخبرنا موسي بن عبيدة عن إبراهيم ابن محمد بن إبراهيم عن أبيه قال: قال جابر قال لنا رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [لا تجعلوني كقدح الراكب إذا علق تعاليقه أخذ قدحه فملأه من الماء فإن كان له حاجة في الوضوء توضأ وإن كان له حاجة في الشرب شرب وإلا أهرق ما فيه اجعلوني في أول الدعاء وفي وسط الدعاء وفي آخر الدعاء].
(٥١٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)، كتاب صحيح الترمذي (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، سعيد بن المسيب (1)، الحارث بن عبد الله الأعور (1)، علي بن أبي طالب (1)، الصّلاة (3)، محمد بن إبراهيم (1)، موسي بن عبيدة (1)

* الأمر الثاني: أن الدعاء يمنع عن الإجابة والقبول والتأثير ويكون بحجاب الظلمة

وروي هذا الحديث الخاصة عنه صلي الله عليه وآله وسلم أيضا قال: [ما من دعاء إلا بينه وبين السماء حجاب حتي يصلي علي محمد وآل محمد وإذا فعل ذلك انخرق الحجاب فدخل الدعاء وإذا لم يفعل ذلك لم يرفع الدعاء] (232).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: [كل دعاء محجوب عن السماء حتي يصلي علي محمد وآله محمد] (233).
ولا يخفي من ضرورة الإخلاص والنية الصادقة والقلب الطاهر في ذلك وقد روي الراوندي في دعواته عن الصادق عليه السلام: [من صلي علي النبي وآله مرة واحدة بنية وإخلاص من قلبه قضي الله له مائة حاجة منها ثلاثون للدنيا وسبعون للآخرة] (234).
ومن هنا قال الإمام علي عليه السلام: [من قال ثلاث مرات اللهم صل علي محمد وآل محمد قضي الله حاجته] (234).
الأمر الثالث: إن العبد إذا ضم الصلاة مع دعائه وعرض بالمجموع علي الله تعال فلا يرد لأن الصلاة غير محجوبة فالدعاء أيضا غير محجوب لأن الله تعالي كريم يستحي أن يقبل جزء المعروض، ويرد الجزء الآخر وقد قرر سبحانه هذا بين عباده أيضا فإن من اشتري أمتعة مختلفة بصفقة واحدة وكان بعضها معيبا عليه أما أن يقبل الجميع أو يرد الجميع، ولا يجوز أن يرد المعيب فقط، وكان هذا أحد أسرار الجماعة في الصلاة الواجبة والاجتماع في الدعاء.
ولا يخفي من ادعاء الصفقة في تقديم الدعاء المشتمل بالصلاة علي محمد وآل محمد وعرضها علي أكرم الأكرمين الذي هو أعظم من يرد الدعاء المعيب ويقبل الصلاة، أجل غاية ما يمكن أن يقال: هو تأجيل تنفيذ مضمون الدعاء إلي وقت المصلحة، وقد تكون الصلوات سببا لتهيئة بعض الأسباب لتعجيل التنفيذ. (*)
(٥١٥)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (6)، الجواز (1)، الجماعة (1)، النفاذ، التنفيذ (1)

* الأمر الثالث: عرض الدعاء المتضمن الصلوات علي الله لا يرد

اشاره

وينقل في التاريخ أن أبا دلامة لقي أبا دلف وهو والي العراق، فأخذ بعنان فرسه وقال له: إني حلف لئن رأيتك سالما بقري العراق، وأنت ذو وفر لتصلين علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ولتملأن حجري دراهم فقال: أما الصلاة علي النبي محمد صلي الله عليه وآله وسلم فصلي الله عليه وسلم وأما الدراهم فلا، قال له: جعلت فداك لا تفرق بينهما بالذي أسأله أن لا يفرق بينك وبين النبي صلي الله عليه وآله وسلم، فاستسلفها أبو دلف وصب الدراهم في حجره.
هذا هو مسلك الكرماء وما اعتاد عليه الناس لكن ليس هو السبب في ضم الصلوات إلي الدعاء بل هو من شؤون مبدأ الكريم ولوازم لطفه تعالي وعليه يحمل ما في نهج البلاغة من كلام للإمام علي عليه الصلاة والسلام: [إذا كانت لك إلي الله سبحانه حاجة فابدأ بمسألة الصلاة علي رسوله صلي الله عليه وآله وسلم، ثم سل حاجتك فإن الله أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي إحداهما، ويمنع الأخري] [1].
ولا يخفي ما في كلام الإمام علي عليه الصلاة والسلام من قوة البرهان فإن الكريم لا يتبعض الصفقة، وإن قبل الدعاء يقبله كله كقبول صلاة الجماعة فتكون الصلاة علي محمد وآل محمد ضامنة لإجابة العبد في دعاءه لطلب الحاجة.
ويكون قبول الصلاة ببركة الصلوات وسببها وذلك لكرمه ولطفه، ولذا ذكر صفة الكرم وهي في مقام تعليل قبول الدعاء، وهذا من أقوال النبوة وتعليم الوحي وليس كلام الإمام محمول علي ما تعارف عليه الناس، كما وجه ذلك ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه حيث قال: [هذا الكلام علي حسب الظاهر الذي يتعارفه الناس بينهم، وهو عليه السلام يسلك هذا المسلك كثيرا، ويخاطب الناس علي قدر عقولهم، وأما باطن الأمر فإن الله تعالي لا يصلي علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم لأجل دعائنا إياه أن يصلي عليه لأن معني قولنا: اللهم صل علي محمد أي أكرمه وارفع درجته والله سبحانه قد قضي له
[1] نهج البلاغة، حكمة: 367.
(٥١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، دولة العراق (2)، كتاب نهج البلاغة (2)، صلاة الجماعة (1)، الكرم، الكرامة (3)، الصّلاة (5)، الفدية، الفداء (1)، السب (1)، الحاجة، الإحتياج (1)

* مسلك الكرماء لا يردون الصفقة المتضمنة المعيب

وينقل في التاريخ أن أبا دلامة لقي أبا دلف وهو والي العراق، فأخذ بعنان فرسه وقال له: إني حلف لئن رأيتك سالما بقري العراق، وأنت ذو وفر لتصلين علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ولتملأن حجري دراهم فقال: أما الصلاة علي النبي محمد صلي الله عليه وآله وسلم فصلي الله عليه وسلم وأما الدراهم فلا، قال له: جعلت فداك لا تفرق بينهما بالذي أسأله أن لا يفرق بينك وبين النبي صلي الله عليه وآله وسلم، فاستسلفها أبو دلف وصب الدراهم في حجره.
هذا هو مسلك الكرماء وما اعتاد عليه الناس لكن ليس هو السبب في ضم الصلوات إلي الدعاء بل هو من شؤون مبدأ الكريم ولوازم لطفه تعالي وعليه يحمل ما في نهج البلاغة من كلام للإمام علي عليه الصلاة والسلام: [إذا كانت لك إلي الله سبحانه حاجة فابدأ بمسألة الصلاة علي رسوله صلي الله عليه وآله وسلم، ثم سل حاجتك فإن الله أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي إحداهما، ويمنع الأخري] [1].
ولا يخفي ما في كلام الإمام علي عليه الصلاة والسلام من قوة البرهان فإن الكريم لا يتبعض الصفقة، وإن قبل الدعاء يقبله كله كقبول صلاة الجماعة فتكون الصلاة علي محمد وآل محمد ضامنة لإجابة العبد في دعاءه لطلب الحاجة.
ويكون قبول الصلاة ببركة الصلوات وسببها وذلك لكرمه ولطفه، ولذا ذكر صفة الكرم وهي في مقام تعليل قبول الدعاء، وهذا من أقوال النبوة وتعليم الوحي وليس كلام الإمام محمول علي ما تعارف عليه الناس، كما وجه ذلك ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه حيث قال: [هذا الكلام علي حسب الظاهر الذي يتعارفه الناس بينهم، وهو عليه السلام يسلك هذا المسلك كثيرا، ويخاطب الناس علي قدر عقولهم، وأما باطن الأمر فإن الله تعالي لا يصلي علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم لأجل دعائنا إياه أن يصلي عليه لأن معني قولنا: اللهم صل علي محمد أي أكرمه وارفع درجته والله سبحانه قد قضي له
[1] نهج البلاغة، حكمة: 367.
(٥١٦)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، دولة العراق (2)، كتاب نهج البلاغة (2)، صلاة الجماعة (1)، الكرم، الكرامة (3)، الصّلاة (5)، الفدية، الفداء (1)، السب (1)، الحاجة، الإحتياج (1)

* تخطئة ابن أبي الحديد في شرحه علي كلام الإمام علي عليه الصلاة والسلام

بالإكرام التام ورفعه الدرجة من دون دعائنا، وإنما تعبدنا نحن بأن نصلي عليه لأن لنا ثوابا في ذلك، لا، لأن إكرام الله تعالي له أمر يستعقبه ويستتبعه دعاؤنا، وأيضا فأي غضاضة علي الكريم إذا سئل حاجتين فقضي إحداهما دون الأخري إن كان عليه في ذلك غضاضة فعليه في رد الحاجة الواحدة غضاضة أيضا] (235).
أقول: من الغريب منه استفادة هذا المعني عن سيرة الإمام عليه الصلاة والسلام بل هي خلاف الشرع لأن الإمام كثيرا ما يكون في مقام التشرع، ولا يخفي ما فيها من نسبة الخطأ في سيرة المعصوم لأن مسلك التعارف لا يخلو من ذلك بل هو خلاف فرض الإمامة لكونها في مقام الإقتداء، وليس متابعة الناس، ثم لم يكن هذا الكلام في الفهم والاستدلال حتي يصح أن يقال كلمهم علي قدر عقولهم وإنما يصح هذا الكلام ما إذا كان في معرفة الله وصفاته وغيرها ما لم يكن تضليلا لهم أو تشريعا فإن الكلام حينئذ علي قدر العقول يستلزم تعدد التشريعات ولا ريب أن أمر الناس بهكذا أدب في الدعاء يدخل في ضم التشريع.
وأنكر في آخر كلامه أن تكون الصلوات من الناس لها أثر في إكرام النبي صلي الله عليه وآله وسلم وحمله علي صرف التعبد، وهو صحيح لظاهره، إلا أننا ذكرنا ذلك تفصيلا فيما مضي، وهذا يستلزم إنكار تأثير مطلق دعاء المسلمين في مزيد إكرامه صلي الله عليه وآله وسلم، مع أنه بنفسه إكرام له عند الله وعند الناس ولو لم يكن إلا واسطة لذلك، وقد استفاض عنه صلي الله عليه وآله وسلم من الفريقين في الدعاء له والصلاة عليه وطلب الوسيلة والشفاعة والمقام المحمود وغيرها وهو دليل لإكرام الله تعالي له وإن كان ذلك طلبا لغيره.
وأما قوله: [وأيضا فأي غضاضة علي الكريم إذا سئل حاجتين فقضي إحداهما دون الأخري إن كان عليه في ذلك غضاضة فعليه في رد الحاجة الواحدة غضاضة أيضا] هذا اعتراض علي مفهوم كلام سيد البلغاء فإنه عليه السلام علل بقوله [فإن الله
(٥١٧)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (2)، الصّلاة (3)، الحاجة، الإحتياج (2)

* الأمر الرابع: الصلوات في الدعاء من باب التملق بأحب الخلق إلي الله

أكرم من أن يسأل حاجتين فيقتضي إحداهما، ويمنع الأخري] وذلك يجب لكرمه كما قدمنا لأن الداعي لما طلب الصلوات علي محمد وآل محمد فيكون طلبه (وهي الحاجة الأولي) له وهي بالاتفاق مجابة فيجب عليه أن يشمل الحاجة الثانية بالإجابة لقبح الرد حينئذ نظير ذلك شراء الصفقة وصلاة الجماعة، أما رد الحاجة الواحدة فإنها إذا لم يكن فيها شروط القبول فليست فيها غضاضة وقبح علي الكريم، والإمام عليه السلام حينما علل ذلك لأن الصلاة مجابة مقبولة بالاتفاق والتعيين دون غيرها من الحوائج.
ثم إن الدعاء مستجاب في ظهر أخيك المؤمن كما في الحديث وأي من يدعو له أفضل من محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام؟ وأي دعاء أفضل من تزكية الله محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام؟ ففضل الصلاة عليهم علي سائر الأدعية كفضل محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام علي سائر الخلق البتة، وهو لا يحصي ولا يستقصي، ومن البين أن من أحسن إلي كريم يكافئه بأحسن ما يمكنه، وأي كريم أكرم من نبينا الأكرم صلي الله عليه وآله الطيبين، وأي متمكن أشد تمكنا منهم، فلا جرم يكافئونه عليها بما لا غاية له، ولا نهاية ولا خسارة ولا ندامة وغرامة في المعاملة مع الكريم، والواجب أن يكون الداعي متوجها حين صلواته عليهم بوجوههم؟، ويمد يده بجاههم، ويسأل بلسانهم حتي يستجاب له فترجع الصلوات بنفعها عليه وبأثرها علي دعائه وببركتها علي استجابة دعاءه.
الأمر الرابع: إن من كانت له حاجة إلي سلطان فمن آدابه المقررة في العقول والعادات أن يهدي تحفا إلي المقربين بين يديه والمكرمين عليه، لكي يشفعوا له عنده بل لو لم يشفعوا أيضا، وعلم السلطان ذلك يقضي حاجته. وبعبارة أخري من أحبه السلطان وأكرمه ورفع منزلته يجب أن يكرمه الناس ويثنوا عليه، فإذا فعل استحق العطاء من السلطان، وإذا لم يظهر ذلك منه استحق الحرمان.
(٥١٨)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، صلاة الجماعة (1)، الكرم، الكرامة (7)، الصّلاة (6)، الحاجة، الإحتياج (2)

* الأمر الخامس: الصلاة هي أعظم سبب لتطهير الباطن المانع من الاستجابة

وقد وردت الأحاديث من الفريقين أن أحب الخلق إلي الله تعالي هم أهل بيت النبوة محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام وقد مر عليك تأثير مقامهم من خلال الصلاة عليهم بل تشريع الصلاة عليهم دليل علي كرامتهم علي الله عز وجل، وهل الصلاة إلا قربة ومثوبة لنا.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: [كل دعاء يدعي الله عز وجل به محجوب عن السماء حتي يصلي علي محمد وآل محمد] (236).
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: [لا يزال الدعاء محجوبا حتي يصلي علي محمد وآل محمد] (237).
عن أبي ذر رضوان الله عليه عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال: [لا يزال الدعاء محجوبا حتي يصلي علي وعلي أهل بيتي] (238).
الأمر الخامس: أنه قد يكون المانع من استجابة الدعاء الذنوب والمعاصي والصلاة هي أعظم سبب لتطهير الباطن وتكفير السيئات المانعة عن القبول ولعل هذه من أسرار الحث علي الابتداء بالصلاة قبل الدعاء لأنها الإكسير الفعال والشفاء للمحال وقد وردت الأحاديث في ذلك منها ما روي عن الفريقين: ففي صحيح النسائي وأحمد ابن حنبل وابن حبان ومستدرك الحاكم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [من صلي علي صلاة واحدة صلي الله عليه عشر صلوات وحطت عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات] [1]. وفي الخصال للصدوق في حديث الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: [صلوا علي محمد وآل محمد فإن الله عز وجل يقبل دعاءكم عند ذكر محمد صلي الله عليه وآله وسلم ودعائكم له وحفظكم إياه] (239). وقد وردت عنهم أنهم في الأمة بمنزلة باب حطة في بني إسرائيل.
[1] - صحيح النسائي، ج: 3، ص: 50، وكذا في (عمل اليوم والليلة) رقم: 62. ومسند أحمد، ج: 3، ص: 102، 261.
والحاكم في المستدرك، ج: 1، 550. وصحيح ابن حبان، رقم: 2390.
(٥١٩)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، كتاب الخصال للشيخ الصدوق (1)، أنس بن مالك (1)، الصّلاة (9)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)

* الأمر السادس: الصلاة تزيد إيمانا موجبا للقرب إلي الله مقتضيا للاستجابة

الأمر السادس: إن الصلاة تزيد الداعي إيمان علي إيمانه وهو يوجب المزيد من القرب إليه تعالي المقتضي للإحسان والفضل واستعداده للإفاضة وفي مجمع البحرين: [الصلاة علي النبي أفضل من الدعاء لنفسه] ووجهه أن فيها ذكر الله وتعظيم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ومن ذكره عن مسألة أعطاه أفضل مما يعطي الداعي لنفسه، ويدخل في ذلك كفاية ما يهمه في الدارين كما في الأحاديث المتقدمة.
الأمر السابع: إن الصلاة أفضل أنواع الأدعية المتضمنة للمعاني التي تصلح لكل داعي في مقامه وحسب حاله وما يقتضيه وضعه الظاهري والباطني من حوائج الدنيا والآخرة ولذا ورد في الحديث الشريف: [إن أفضل الدعاء: الصلاة علي محمد وآل محمد، (صلي الله عليهم] (240).
وذلك لأن الصلوات قد تترك من آثارها خارجيا ما يمكن أن يكون سببا لتصحيح الحكمة من استجابة الدعاء وتحقق مضمونة فإن الدعاء قد يمنع حبا للعبد في مقام المصلحة وحينما يضم الصلوات يكون ذلك نوعا من تأهيل المحل، أو رفع المانع سواء يتعلق بالنفس أو بالناس أو غير ذلك وتؤيده الأحاديث الواردة في ترغيبه صلي الله عليه وآله وسلم أن يكون الدعاء كله صلاة عليه وآله.
الأمر الثامن: أن المقصود من إيجاد الثقلين وسائر الموجودات والقابل من فيوض الفائضة من بدو الإيجاد إلي ما لا نهاية من الأزمنة، والأوقات هو النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم أفضل الصلوات والسلام فلهم الشفاعة الكبري في هذه النشأة والنشأة الأخري وبواسطتهم تفاض الرحمات علي جميع الوري إذ لا بخل في المبدأ وإنما النقص من القابل. وهم القابلون لجميع الفيوض القدسية والرحمات الإلهية، فإذا أفيض عليه فبلطفهم يفيض علي سائر الموجودات، فإذا أراد الداعي استجلاب رحمة من الله سبحانه يصلي عليهم ولا يرد هذا الدعاء لأن المبدأ فياض والمحل قابل، وببركتهم يفيض علي الداعي بل علي جميع الخلق، كما إذا جاء أعرابي وهو غير مستأهل لشئ من
(٥٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (2)، المنع (1)، الصّلاة (6)

* الأمر السابع: الصلاة تتضمن كل ما يصلح العبد

الأمر السادس: إن الصلاة تزيد الداعي إيمان علي إيمانه وهو يوجب المزيد من القرب إليه تعالي المقتضي للإحسان والفضل واستعداده للإفاضة وفي مجمع البحرين: [الصلاة علي النبي أفضل من الدعاء لنفسه] ووجهه أن فيها ذكر الله وتعظيم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ومن ذكره عن مسألة أعطاه أفضل مما يعطي الداعي لنفسه، ويدخل في ذلك كفاية ما يهمه في الدارين كما في الأحاديث المتقدمة.
الأمر السابع: إن الصلاة أفضل أنواع الأدعية المتضمنة للمعاني التي تصلح لكل داعي في مقامه وحسب حاله وما يقتضيه وضعه الظاهري والباطني من حوائج الدنيا والآخرة ولذا ورد في الحديث الشريف: [إن أفضل الدعاء: الصلاة علي محمد وآل محمد، (صلي الله عليهم] (240).
وذلك لأن الصلوات قد تترك من آثارها خارجيا ما يمكن أن يكون سببا لتصحيح الحكمة من استجابة الدعاء وتحقق مضمونة فإن الدعاء قد يمنع حبا للعبد في مقام المصلحة وحينما يضم الصلوات يكون ذلك نوعا من تأهيل المحل، أو رفع المانع سواء يتعلق بالنفس أو بالناس أو غير ذلك وتؤيده الأحاديث الواردة في ترغيبه صلي الله عليه وآله وسلم أن يكون الدعاء كله صلاة عليه وآله.
الأمر الثامن: أن المقصود من إيجاد الثقلين وسائر الموجودات والقابل من فيوض الفائضة من بدو الإيجاد إلي ما لا نهاية من الأزمنة، والأوقات هو النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم أفضل الصلوات والسلام فلهم الشفاعة الكبري في هذه النشأة والنشأة الأخري وبواسطتهم تفاض الرحمات علي جميع الوري إذ لا بخل في المبدأ وإنما النقص من القابل. وهم القابلون لجميع الفيوض القدسية والرحمات الإلهية، فإذا أفيض عليه فبلطفهم يفيض علي سائر الموجودات، فإذا أراد الداعي استجلاب رحمة من الله سبحانه يصلي عليهم ولا يرد هذا الدعاء لأن المبدأ فياض والمحل قابل، وببركتهم يفيض علي الداعي بل علي جميع الخلق، كما إذا جاء أعرابي وهو غير مستأهل لشئ من
(٥٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (2)، المنع (1)، الصّلاة (6)

* الأمر الثامن: أنهم أوجه من الداعي مهما كان فيناسب الطلب بواسطتهم

الأمر السادس: إن الصلاة تزيد الداعي إيمان علي إيمانه وهو يوجب المزيد من القرب إليه تعالي المقتضي للإحسان والفضل واستعداده للإفاضة وفي مجمع البحرين: [الصلاة علي النبي أفضل من الدعاء لنفسه] ووجهه أن فيها ذكر الله وتعظيم النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم ومن ذكره عن مسألة أعطاه أفضل مما يعطي الداعي لنفسه، ويدخل في ذلك كفاية ما يهمه في الدارين كما في الأحاديث المتقدمة.
الأمر السابع: إن الصلاة أفضل أنواع الأدعية المتضمنة للمعاني التي تصلح لكل داعي في مقامه وحسب حاله وما يقتضيه وضعه الظاهري والباطني من حوائج الدنيا والآخرة ولذا ورد في الحديث الشريف: [إن أفضل الدعاء: الصلاة علي محمد وآل محمد، (صلي الله عليهم] (240).
وذلك لأن الصلوات قد تترك من آثارها خارجيا ما يمكن أن يكون سببا لتصحيح الحكمة من استجابة الدعاء وتحقق مضمونة فإن الدعاء قد يمنع حبا للعبد في مقام المصلحة وحينما يضم الصلوات يكون ذلك نوعا من تأهيل المحل، أو رفع المانع سواء يتعلق بالنفس أو بالناس أو غير ذلك وتؤيده الأحاديث الواردة في ترغيبه صلي الله عليه وآله وسلم أن يكون الدعاء كله صلاة عليه وآله.
الأمر الثامن: أن المقصود من إيجاد الثقلين وسائر الموجودات والقابل من فيوض الفائضة من بدو الإيجاد إلي ما لا نهاية من الأزمنة، والأوقات هو النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم أفضل الصلوات والسلام فلهم الشفاعة الكبري في هذه النشأة والنشأة الأخري وبواسطتهم تفاض الرحمات علي جميع الوري إذ لا بخل في المبدأ وإنما النقص من القابل. وهم القابلون لجميع الفيوض القدسية والرحمات الإلهية، فإذا أفيض عليه فبلطفهم يفيض علي سائر الموجودات، فإذا أراد الداعي استجلاب رحمة من الله سبحانه يصلي عليهم ولا يرد هذا الدعاء لأن المبدأ فياض والمحل قابل، وببركتهم يفيض علي الداعي بل علي جميع الخلق، كما إذا جاء أعرابي وهو غير مستأهل لشئ من
(٥٢٠)
صفحهمفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الكرم، الكرامة (2)، المنع (1)، الصّلاة (6)

* الأمر التاسع: أنهم مبدأ الفيض ومصدر الخير وإفاضة الاستجابة تتوقف عليه

الإكرام إلي باب سلطان فأنفذ حكمه في الأنان، فأمر له ببسط الموائد والطعام، واختصه بأنواع العوائد نسبه العقلاء إلي قلة العقل، وسخافة الرأي بخلاف ما إذا أمر بذلك لأحد من مقربي حضرته، وأمراء جنده أو لرسول أحد من سلاطين عصره فحضر هذا الأعرابي وغيره تلك المائدة فأكل منها يكون مستحسنا بل لو أكل منه آلاف أمثاله يعد حسنا، بل لو منعوا من فوائد تلك الموائد يكون مستقبحا بظاهر النطر، وهكذا بالنسبة لاستجلاب قضاء الحاجة والرحمة وكل ما يطلب في الدعاء بالصلاة علي محمد وآل محمد فإنه ولو لم يكن أهلا لذلك اللطف ومستحقا لتلك الرحمة إلا أن طلب ذلك من خلال المقربين إليه حسن علي كل حال ومن هنا نقول إن الصلاة إذا ضمت إلي الدعاء فإنها تستمطر الخير منهم وتقتضي الفيض من محله.
الأمر التاسع: ما ذكره بعض الفضلاء أن السبب في ضم الصلوات إلي الدعاء أن المصلي عليهم وسائط بيننا وبين ربنا تقدس وتعالي في إيصال الحكم والأحكام منه إلينا لعدم ارتباطنا بساحته جبروته، وبعدنا عن حريم ملكوته، فلابد أن يكون بيننا وبين ربنا سفراء وحجب ذووا جهات قدسية، وحالات بشرية يكون لهم بالجهات الأولي ارتباط بالملأ الأعلي بها يأخذون عنه، ويكون لهم بالجهات الثانية مناسبة للخلق يلقون إليهم ما أخذوا عن ربهم. ولذا جعل سفراءه وأنبياءه ظاهرا من نوع البشر وباطنا مباينين عنهم في أطوارهم وأخلاقهم ونفوسهم وقابلياتهم فهم مقدسون روحانيون قائلون: {إنما أنا بشر مثلكم} [الكهف: 110] لئلا ينفر عنهم أمتهم وليقربوا منهم، ويأنسوا بهم، وهذا أحد تفاسير الخبر المشهور المروي في الكافي وغيره الذي يتحدث عن خلقه العقل:
[أول ما خلق الله العقل..] بأن يكون المراد بالعقل نفس النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم، وقد تقدم هذا المعني في أول الكتاب، والأمر بالإقبال عبارة عن طلبه إلي مراتب الفضل والكمال والقرب والوصال وإدباره عبارة عن: التوجه بعد وصوله إلي
(٥٢١)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الصّلاة (2)، الأكل (1)، السب (1)، الطعام (1)، الحاجة، الإحتياج (1)

* الأمر العاشر: من باب التعبد والتسليم إلي الله تعالي

أقصي مراتب الكمال إلي التنزل عن تلك المرتبة والتوجه إلي تكميل الخلق، وبه أيضا يمكن تفسير قوله تعالي: {قد أنزل الله إليكم ذكرا} [الطلاق: 10].
بأن يكون إنزال الرسول صلي الله عليه وآله وسلم كناية عن تنزله عن تلك الدرجة القصوي التي لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل علي حد تعبير الأحاديث الواردة عنهم إلي معاشرة الخلق وهدايتهم ومؤانستهم، فكذلك في إفاضة سائر الفيوضات والكمالات هم وسائط بين ربهم وسائر الموجودات فكل فيض وجود يبتدأ بهم صلوات الله عليهم ثم ينقسم علي سائر الخلق، فالصلوات عليهم استجلاب للرحمة من معدنها وللفيوض إلي مقسمها لتنقسم علي سائر البرايا بحسب استعداداتها وقابلياتها.
الأمر العاشر: إننا متعبدون بذلك فقد أمرنا الله تعالي أن ندعوه بهم ونتوسل بجاههم ولا تعلم الأسباب الغيبة والعلل الشرعية للأمور التعبدية إلا ما ارتضي من رسول لأنه فوق العقول ولا يمكن أن تعلل وتحلل عقليا، وكل ما ذكر هي من باب اللازم من ضم الصلوات إلي الدعاء، وتأثيرها فيه. وتعليم الأمام علي عليه الصلاة والسلام المتقدم وارد في مقام عرض الدعاء مع الصلوات علي الله تعالي لا أنه تعليل لضم نفس الصلوات إليه.
نعم لا يمنع ذلك من بعض الفوائد من ضمها إلي الدعاء لاستجابته أما تكميلا لكيفية أو تأهيلا لعروجه وقبوله أو أن انضمامها يترك أثرا يوجب تغيير القضاء ولما تقتضيه المصلحة فإنه {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} [الرعد: 39].
وهنا يجب أن تلاحظ كلام الإمام زين العابدين عليه الصلاة والسلام في هذا المقام ففي الصحيفة السجادية من دعاء في طلب الحوائج إلي الله تعالي: [وصل علي محمد وآله صلاة دائمة نامية لا انقطاع لأبدها، ولا منتهي لأمدها واجعل ذلك عونا لي وسببا لنجاح طلبتي، إنك واسع كريم ومن حاجتي يا رب كذا وكذا وتذكر حاجتك].
ويشير الإمام عليه الصلاة والسلام أن الصلاة هي سبب يتوصل به المؤمن إلي مقصوده من قضاء الحوائج ووسيلة يتوسل بها إلي الوصول إلي المبدأ وعون لإيصال المطلوب إليه.
(٥٢٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، الوسعة (1)، المنع (1)، الصّلاة (5)، الأكل (1)، الكرم، الكرامة (1)

المطلب السابع: * [اشتراط صحة الصلاة بالصلاة علي محمد وآل محمد]

اشاره

المطلب السابع في:
[اشتراط صحة الصلاة بالصلاة علي محمد وآل محمد] صحة العمل يعني وقوع العمل العبادي وتحققه علي حسب الشروط والأجزاء التي عينها الشرع، وعدم الصحة تقال علي معنيين صحة بالمعني الأعم مقابل عدم القبول وإحباطه وغير مجزي عليه، وصحة بالمعني الأخص أي بطلان العمل، وعدم إبراء الذمة به، والمعني الأخص يتصور عادة من النسيان والسهو، وإلا فإن المتعمد لعدم ذكر جزء من العمل أو شرط أو إنقاص واجب منه يكون غير معتقد به فيدخل تحت عنوان عدم القبول وسيأتي معناه.
وأما ما يخص المقام فقد عرفنا فيما مر من من الأدلة في وجوب الصلاة في التشهد اشتراط صحتها أن تكون كاملة وغير بتراء أو بناء علي جزئيتها الواجبة في التشهد، أو واجبات الصلاة في التشهد وعليه فإن ترك الصلوات علي محمد وآله عمدا، أو ترك الصلاة علي آله كذلك يوجب بطلان الصلاة، وعدم إبراء الذمة عن الواجب، ويجب حينئذ إعادة الصلاة. هذا إذا لم نقل ببطلان الصلاة ولو نسي الصلوات سهوا لأن القاعدة تقتضي ذلك إلا إذا تمسكنا بحديث: [لا تعاد الصلاة إلا من خمس..] فحينئذ تصح الصلاة بدون الصلوات سهوا.
وفي (الخلاف) إنها ركن. ولعله عني الوجوب والبطلان بتركها عمدا.
وفي كنز العرفان عن الشيخ: أنه جعل الصلاة في الصلاة ركنا. فإن عني الوجوب والبطلان بتركها عمدا فهو صحيح، وإن عني تفسير الركن بأنه ما يبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا وزيادة فلا.
ويمكن أن يكون الإمام الشافعي نظر إلي ما قدمنا فأوجب إعادتها مطلقا أي عمدا أو سهوا كما في ظاهر كلامه في كتاب (الأم)، ج: 1، ص: 102: [ومن صلي
(٥٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: محمد بن ادريس الشافعي (1)، الباطل، الإبطال (4)، الصّلاة (12)، النسيان (1)، الوجوب (1)، الشهادة (3)

* لماذا حكم الشافعي ببطلان العبادة بترك الصلاة عمدا وسهوا

المطلب السابع في:
[اشتراط صحة الصلاة بالصلاة علي محمد وآل محمد] صحة العمل يعني وقوع العمل العبادي وتحققه علي حسب الشروط والأجزاء التي عينها الشرع، وعدم الصحة تقال علي معنيين صحة بالمعني الأعم مقابل عدم القبول وإحباطه وغير مجزي عليه، وصحة بالمعني الأخص أي بطلان العمل، وعدم إبراء الذمة به، والمعني الأخص يتصور عادة من النسيان والسهو، وإلا فإن المتعمد لعدم ذكر جزء من العمل أو شرط أو إنقاص واجب منه يكون غير معتقد به فيدخل تحت عنوان عدم القبول وسيأتي معناه.
وأما ما يخص المقام فقد عرفنا فيما مر من من الأدلة في وجوب الصلاة في التشهد اشتراط صحتها أن تكون كاملة وغير بتراء أو بناء علي جزئيتها الواجبة في التشهد، أو واجبات الصلاة في التشهد وعليه فإن ترك الصلوات علي محمد وآله عمدا، أو ترك الصلاة علي آله كذلك يوجب بطلان الصلاة، وعدم إبراء الذمة عن الواجب، ويجب حينئذ إعادة الصلاة. هذا إذا لم نقل ببطلان الصلاة ولو نسي الصلوات سهوا لأن القاعدة تقتضي ذلك إلا إذا تمسكنا بحديث: [لا تعاد الصلاة إلا من خمس..] فحينئذ تصح الصلاة بدون الصلوات سهوا.
وفي (الخلاف) إنها ركن. ولعله عني الوجوب والبطلان بتركها عمدا.
وفي كنز العرفان عن الشيخ: أنه جعل الصلاة في الصلاة ركنا. فإن عني الوجوب والبطلان بتركها عمدا فهو صحيح، وإن عني تفسير الركن بأنه ما يبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا وزيادة فلا.
ويمكن أن يكون الإمام الشافعي نظر إلي ما قدمنا فأوجب إعادتها مطلقا أي عمدا أو سهوا كما في ظاهر كلامه في كتاب (الأم)، ج: 1، ص: 102: [ومن صلي
(٥٢٣)
صفحهمفاتيح البحث: محمد بن ادريس الشافعي (1)، الباطل، الإبطال (4)، الصّلاة (12)، النسيان (1)، الوجوب (1)، الشهادة (3)

* وجوب الصلاة وكيفيتها لاتحاد الدليل

صلاة لم يتشهد فيها ويصل علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم، وهو يحسن التشهد فعليه إعادتها، وإن تشهد ولم يصل علي النبي صلي الله عليه وسلم، أو صلي علي النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم ولم يتشهد فعليه إعادتها حتي يجمعهما جميعا]. انتهي.
ويمكن أن يقال في توجيهه علي مشربهم: أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم قال في حديث ابن مسعود المتقدم: [إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد … ]، والأمر دال علي الوجوب وإذا لم يأتي الإنسان بواجبات الصلاة بطلت صلاته.
أما علماء أهل البيت عليهم الصلاة والسلام فقد أفتي بعضهم بقضاء الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم إن نسيها سهوا، والبعض الآخر مع قضائها (الصلوات المحمدية) سجدتي السهو، وأجمعوا ببطلان الصلاة إن تركها عمدا بل الإثم الأكبر إن كان معتقدا عدم وجوبها (وهنا لهم تفصيل يرجع إليه في كتبهم الاستدلالية الفقهية)، وذلك لأن الصلاة هي من فرائض الإسلام وأركان الإيمان التي أوجب الله علي الأمة معرفة مصاديقها وليست هي من فرائض الصلاة وأركانها الشرعية كما عليه الشافعي. وقد ذهب إلي هذا إسحاق فأوجب الإعادة مع تعمد تركها دون النسيان. وحكي أبو محمد بن أبي زيد عن محمد بن المواز: أن الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فريضة.
قال أبو محمد: يريد ليست من فرائض الصلاة.
وفي كنز العرفان: مذهب علمائنا أجمع أنه تجب الصلاة علي آل محمد في التشهدين، وبه قال بعض الشافعية، وإحدي الروايتين عن أحمد، وقال الشافعي: بالاستحباب. لنا رواية كعب في كيفية الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم.
وإذا كانت الصلاة عليه واجبة كانت كيفيتها واجبة أيضا، وروي كعب أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم كان يقول ذلك في صلاته وقال صلي الله عليه وآله وسلم:
[صلوا كما رأيتموني أصلي]، وعن جابر الجعفي عن الصادق عليه السلام وعن ابن
(٥٢٤)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، جابر الجعفي (1)، الصّلاة (11)، الباطل، الإبطال (2)، الشهادة (2)، السهو (1)، السجود (1)

* معني من نسي الصلاة سلك بصلاته غير طريق الجنة

مسعود قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [من صلي صلاة ولم يصل فيها علي وعلي أهل بيتي لم تقبل منه].
أقول: واقتران الآل به صلي الله عليه وآله وسلم في الحكم دليل علي الوجوب لما تقدم من الأدلة من وجوب الصلاة عليه، فمتي ما وجبت الصلاة عليه وجبت الكيفية التي عينها وهي الكيفية بضم آله عليهم الصلاة والسلام.
وفي الكافي: عن محمد بن هارون عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: [إذا صلي أحدكم ولم يذكر النبي وآله صلي الله عليه وآله وسلم في صلاته يسلك بصلاته غير سبيل الجنة..] (241).
أقول: وهذا القول عبارة عن عدم صحتها بل عدم قبولها وترتب العقاب عليها فليس بعد طريق الجنة إلا دار الشقاء.
وفي مستدرك الوسائل عن جابر الجعفي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
[إذا صلي أحدكم فنسي أن يذكر محمدا وآله في صلاته سلك بصلاته غير سبيل الجنة ولا تقبل صلاة إلا أن يذكر فيها محمدا وآل محمد].
أقول: يستدل بهذا الحديث علي وجوب الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله عليهم السلام في التشهد إذ لا تجب في الصلاة إلا فيه اتفاقا بل إجماعا كما تقدم عن علمائنا، ووجه الحديث ما عرفت من أن الصلاة عليه صلي الله عليه وآله وسلم سنة في فريضة، الأخذ بها هدي وتركها ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلي النار.
ثم لا يخفي أن النسيان في قوله (فنسي) معناه (هنا) كناية عن ترك الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله عليهم الصلاة والسلام متناسيا تعظيمهم وفضل الصلاة عليهم كما ورد في قوله تعالي: {فنسي ولم نجد له عزما} [طه:
115]. ولعل نسيانه لذلك يكون مسببا عن عدم عقيدته بالصلاة ووجوبها عليه وعلي آله عليهم الصلاة والسلام أجمعين.
(٥٢٥)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، يوم عرفة (1)، محمد بن هارون (1)، جابر الجعفي (1)، الضلال (2)، الصّلاة (11)، الوجوب (2)، الشهادة (1)
وبديهي: أنه ليس معني النسيان معناه الحقيقي أي ترك الشئ عن عدم التفات وتوجه فإن ذلك لا يمكن أن يعاقب عليه لقوله صلي الله عليه وآله وسلم: [رفع عن أمتي الخطأ والنسيان..]، إلا إذا كان نسيان الصلوات في الصلاة مسببا عن تهاونه وعدم اهتمامه بها فإن النسيان يحصل من ذلك عادة ويكون حينئذ له عقوبته من الله علي بعض أعماله الرذيلة فيحرم بذلك تلك الفضيلة. ويدل علي هذا ما روي في الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [من ذكرت عنده فنسي أن يصلي علي خطأ الله به طريق الجنة].
يعني جعله الله مخطئا طريق الجنة غير مصيب إياه لعدم هدايته إلي ما ينفعه ويثاب عليه فليزم الإنسان المؤمن بالله واليوم الآخر وما جاء به النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم الاهتمام بهذا الأمر لئلا يقع منه النسيان لكثرة تناسيه فيحرم نفسه مثل هذه الفضيلة فيستحق أن يدعي عليه (فأبعده الله) وهي جملة دعائية وقعت خبرا أو خبرية أي كان بعيدا من رحمة الله حيث حرم من هذا الفضل وهي عبارة عن اللعن لأن اللعن معناه البعد عن رحمة الله فيما يستحق من وجه إليه اللعن، وهنا نرجع إلي ما قدمناه من أن ترك الصلاة أو البتراء توجب إيذاء النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم كما تشير إليه الآية التي بعد آية الصلوات بحكم السياق: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا} [الأحزاب: 07].
إنه من الصعب أن يتصور الإنسان أن المصلي يصبح بعض الأحيان عاصيا معاقبا لكن {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا: الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} [الكهف: 105].
(٥٢٦)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، يوم القيامة (1)، أبو بصير (1)، الصّلاة (3)، النسيان (1)

المطلب الثامن: * [قبول الصلاة المكتوبة بالصلاة علي محمد وآل محمد]

اشاره

المطلب الثامن في:
[قبول الصلاة المكتوبة بالصلاة علي محمد وآل محمد] لقد تعبد الله الخلق بطريق واحد بينه وبينهم لا غير وإن جاءه الإنسان بعبادة الثقلين غير متعبد به لا يقبل الله منه عملا لعدم مشروعية العمل الذي تقرب به.
وهنا أحاديث كثيرة عن الفريقين منها ما عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم:
[ما بال أقوام من أمتي إذا ذكر عندهم إبراهيم وآل إبراهيم استبشرت قلوبهم، وتهلك وجوههم، وإذا ذكرت وأل بيتي اشمأزت قلوبهم وكلحت وجوههم والذي بعثني بالحق نبيا لو أن رجلا لقي الله بعمل سبعين نبيا ثم لم يلقه بولاية أولي الأمر منا أهل البيت ما قبل الله منه صرفا ولا عدلا] (242).
وعن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: عبد الله حبر من أحبار بني إسرائيل حتي صار مثل الخلال فأوحي الله عز وجل إلي نبي زمانه: [قل له وعزتي وجلالي وجبروتي لو أنك عبدتني حتي تذوب كما تذوب الإلية في القدر ما قبلت منك حتي تأتيني من الباب الذي أمرتك به] (243).
وفي أمالي المفيد عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: [قلت له إنا نري الرجل من المخالفين عليكم له عبادة واجتهاد وخشوع فهل ينفعه ذلك شيئا فقال:
يا محمد إنما مثلنا أهل البيت مثل أهل بيت كانوا في بني إسرائيل، وكان لا يجتهد أحد منهم أربعين ليلة إلا دعا فأجيب، وأن رجلا منهم اجتهد أربعين ليلة، ثم دعا فلم يستحب له فأتي عيسي بن مريم عليه السلام يشكو إليه ما هو فيه ويسأله الدعاء له فتطهر عيسي وصلي ثم دعا فأوحي الله إليه يا عيسي إن عبدي أتاني من غير الباب الذي أوتي منه إنه دعاني وفي قلبه شك منك، فلو دعاني حتي ينقطع عنقه، وتنتشر أنامله ما استجبت له.
(٥٢٧)
صفحهمفاتيح البحث: النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، محمد بن مسلم (1)، الصّلاة (3)، البول (1)

* لماذا لا تقبل العبادة إلا بالتعبد بأهل البيت

فالتفت عيسي عليه السلام فقال تدعو ربك وفي قلبك شك من نبيه؟ فقال يا روح الله وكلمته قد كان والله ما قلت فاسأل الله أن يذهب به عني فدعا له عيسي عليه السلام فتقبل الله منه وصار في حد أهل بيته، كذلك نحن أهل البيت لا يقبل الله عمل عبد وهو يشك فينا] (224).
وقال أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام في جواب الزنديق المدعي للتناقض في القرآن في جملة كلام له عليه السلام: [فلذلك لا تنفع الصلاة والصدقة إلا مع الاهتداء إلي سبيل النجاة وطريق الحق] (245).
وهذه السبيل خص الله تعالي بها أهل بيت النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم لبقاء الدين بهم وتضحيتهم له وقد نص النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم علي ذلك بحديث الثقلين المتواتر، وحديث السفينة، والمنزلة، وحديث الكساء، وحديث المباهلة وغيرها.
أجل لقد حظوا بهذه المنزلة دون ذراري الأنبياء والمرسلين؟ فأصحبت الصلاة عليهم شرطا وجزءا لازما في صحة الصلاة الواجبة التي هي [عمود الدين إن قبلت قبل ما سواها، وإن ردت رد ما سواها] لتصبح الصلاة عليهم شرطا في قبول الأعمال كلها كما ذهب إلي ذلك الإمام الشافعي وغيره.
وينبغي هنا أن نوضح معني قبول العبادة وعدمه بالصلوات. إن عدم القبول يستفاد منه في عرف الشرع أمران أحدهما عدم الإجزاء كقول الفقهاء: [لا صلاة بلا طهور] أي باطلة وغير مقبولة، والأمر الآخر: عدم ترتب الثواب، كقولنا: [أن الصلاة المقصود بها الرياء غير مقبولة]، بمعني سقوط الثواب.
ونشير هنا أن العلم بقبول العمل مما استأثر به الله تعالي إلا أن هناك ما يمكن أن نستدل به من العلامات علي وقوع العمل وقوع القبول والجزاء عليه كالإخلاص والتقوي في مقام صفة العامل قال تعالي: {إنما يتقبل الله من المتقين} [المائدة: 27]، وكصفات
(٥٢٨)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، النبي عيسي بن مريم عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، حديث الكساء (1)، حديث الثقلين (1)، حديث السفينة (1)، محمد بن ادريس الشافعي (1)، القرآن الكريم (1)، الصّلاة (5)، الرياء (1)

* معني قبول العبادة

العمل وتحقق شروط القبول من العقيدة الكاملة والتعبد في العمل المشروع، وإلا فإنه لا يمكن أن يقع العمل موقع القبول والجزاء وهو بعد لم تتحقق فيه شروط الصحة ولم يشتمل علي أجزاءه الذاتية.
ومن الواضح عما سبق أن الصلاة علي محمد وآل محمد هي من شروط قبول العمل قبل أن تكون من شروط الصحة سواء أخذناها بمعني القول الخاص، أو بمعني الولاء والمحبة والتمسك بالثقلين كتاب الله والعترة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، والتعبد بما شرعوه فقد وردت روايات متواترة عن العامة والخاصة أنه لا يقبل عمل بغير ولائهم ومحبتهم، ومعني هذا أن العمل يجب أن نتعبد به ما إذا كان مقررا من منبعهم الصافي ومشرعا من قبلهم.
وبديهي حينئذ عدم وقوع العبادة مورد القبول إذا لم يأتي بالصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله عليهم السلام فإن المشروط عدم عند عدم شرطه، هذا بناء علي أن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله عليهم السلام عليهم السلام شرطا في الصلاة، وأما إن كانت جزءا وواجبا غير ركني من واجبات الصلاة في التشهد، كما عليه أغلب الإمامية بل كلهم فإن الصلاة أيضا غير واقعة موقع القبول إذا كان ذلك عمدا أما إذا كان نسيانا أو جهلا فلا، بل عليه قضاء الصلوات أو قضاءها مع سجدتي السهو كما تقدم.
وقد روي عن العامة في هذا المعني فقد جاء عن أبي مسعود البدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [من صلي صلاة لم يصل فيها علي ولا علي أهل بيتي لم تقبل منه] [1]. وفي سنن البيهقي: [لو صليت صلاة لا أصلي فيها علي آل محمد لرأيت أن صلاتي لا تتم] [2].
[1] - سنن الدارقطني، ج: 1، ص: 281، ح: 1328، والمواهب اللدنية، ج: 2، ص: 510، الفصل الثاني من المقصد السابع، والشفا، ج: 2، ص: 64، أول الباب الرابع، وجواهر العقدين، ص: 225، ومشارق الأنوار، ص: 112، وضوء الشمس، ج:
1، ص: 111، الصواعق المحرقة، ص: 234. [2] - وسنن البيهقي، ج: 2، ص: 379.
(٥٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب واجبات الصلاة للسيد مصطفي الخميني (1)، الجهل (1)، الصّلاة (5)، السهو (1)، السجود (1)، الشهادة (1)، كتاب سنن الدارقطني للدارقطني (1)، كتاب الصواعق المحرقة (1)، الوضوء (1)

* عدم وقوع العبادة الخالية عن ذكر الصلوات موقع القبول

العمل وتحقق شروط القبول من العقيدة الكاملة والتعبد في العمل المشروع، وإلا فإنه لا يمكن أن يقع العمل موقع القبول والجزاء وهو بعد لم تتحقق فيه شروط الصحة ولم يشتمل علي أجزاءه الذاتية.
ومن الواضح عما سبق أن الصلاة علي محمد وآل محمد هي من شروط قبول العمل قبل أن تكون من شروط الصحة سواء أخذناها بمعني القول الخاص، أو بمعني الولاء والمحبة والتمسك بالثقلين كتاب الله والعترة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، والتعبد بما شرعوه فقد وردت روايات متواترة عن العامة والخاصة أنه لا يقبل عمل بغير ولائهم ومحبتهم، ومعني هذا أن العمل يجب أن نتعبد به ما إذا كان مقررا من منبعهم الصافي ومشرعا من قبلهم.
وبديهي حينئذ عدم وقوع العبادة مورد القبول إذا لم يأتي بالصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله عليهم السلام فإن المشروط عدم عند عدم شرطه، هذا بناء علي أن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وعلي آله عليهم السلام عليهم السلام شرطا في الصلاة، وأما إن كانت جزءا وواجبا غير ركني من واجبات الصلاة في التشهد، كما عليه أغلب الإمامية بل كلهم فإن الصلاة أيضا غير واقعة موقع القبول إذا كان ذلك عمدا أما إذا كان نسيانا أو جهلا فلا، بل عليه قضاء الصلوات أو قضاءها مع سجدتي السهو كما تقدم.
وقد روي عن العامة في هذا المعني فقد جاء عن أبي مسعود البدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: [من صلي صلاة لم يصل فيها علي ولا علي أهل بيتي لم تقبل منه] [1]. وفي سنن البيهقي: [لو صليت صلاة لا أصلي فيها علي آل محمد لرأيت أن صلاتي لا تتم] [2].
[1] - سنن الدارقطني، ج: 1، ص: 281، ح: 1328، والمواهب اللدنية، ج: 2، ص: 510، الفصل الثاني من المقصد السابع، والشفا، ج: 2، ص: 64، أول الباب الرابع، وجواهر العقدين، ص: 225، ومشارق الأنوار، ص: 112، وضوء الشمس، ج:
1، ص: 111، الصواعق المحرقة، ص: 234. [2] - وسنن البيهقي، ج: 2، ص: 379.
(٥٢٩)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، كتاب واجبات الصلاة للسيد مصطفي الخميني (1)، الجهل (1)، الصّلاة (5)، السهو (1)، السجود (1)، الشهادة (1)، كتاب سنن الدارقطني للدارقطني (1)، كتاب الصواعق المحرقة (1)، الوضوء (1)

* الأحاديث المروي عن العامة في عدم القبول

أقول: عدم تماميتها من حيث أجزاء الذات لا من حيث صفة الكمال فإن الكيفية المأمور بها هي الصلاة الكاملة بضم الآل.
وعن الشعبي قال: سمعت مسروق بن الأجدع يقول قالت عائشة: إني سمعت رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم يقول: [لا تقبل صلاة إلا بطهور وبالصلاة علي] [1].
أقول: وهذا النفي يشير أن الصلاة علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم شرط في الصلاة، ويؤيده اقترانه بالطهارة، ومن هنا نستدل أيضا من باب الدلالة الإلتزامية علي وجوب الصلاة في التشهدين.
فإن قيل: إن غاية ما تدل هذه الأحاديث هي دلالتها علي وجوب الصلاة في الصلاة العبادية، ولا تدل علي ذلك في مقام التشهد.
قلنا: أن محل النزاع هو التشهدان والسلام فيه، كما أن تعليم الصلاة الواردة عن النبي الأكرم صلي الله عليه (وآله) وسلم في ذلك، وبهذه القرينة يتوجه الوجوب إليها به.
وفي رشفة الصادي، ص: 70، عن جابر بن عبد الله أنه كان يقول: [لو صليت صلاة لم أصل فيها علي محمد وعلي آل محمد ما رأيت أنها تقبل].
والواو في الحديث [لم أصل فيها علي محمد وعي آل محمد] بمعني المعية كما لا يخفي والدليل حديث الإمام علي بن الحسين الآتي فإن العطف وارد ب (علي) مما يؤكد أن الواو بمعني (مع).
ونقله السمهودي في جواهر العقدين، ص: 225. والطبري في ذخائر العقبي.
وذكره باكثير الحضرمي في [وسيلة المآل] ثم نقل أبيات الشافعي ثم قال: وقلت في بعض قصائدي:
[1] - الحافظ الدارقطني في سننه، ج: 1، ص: 355.
(٥٣٠)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، كتاب ذخائر العقبي (1)، جابر بن عبد الله (1)، الصّلاة (6)، الوجوب (1)، الشهادة (1)

* بعض الأحاديث المروي عن الخاصة في ذلك

أولئك قوم أذهب الله رجسهم * وخصوا بفضل لا سبيل بجحده فيكف وجبرائيل جاء بمدحهم * وأنزل قرآنا نثاب بسرده وكل مصل لم يصل عليهم * فليس له قيراط أجر لطرده وفي رشفة الصادي أيضا قال الإمام أبو جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين رضي الله عنهم: بلفظ [لو صليت صلاة لم أصل فيها علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم ولا علي أهل بيته لرأيت أنها لا تتم] [1] - وفي أرجح المطالب، ص: 318، عن عمر قال: [أنه لا يكون الصلاة إلا بقراءة وبتشهد وصلاته علي النبي وآله]، نقله ابن حجر في: [عمل اليوم والليلة]. وفيه عن الشعبي قال: [لا صلاة لمن لم يصل فيها علي النبي وآله في التشهد].
وعن الخاصة: في مستدرك الوسائل عن جابر الجعفي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: [إذا صلي أحدكم فنسي أن يذكر محمدا وآله في صلاته سلك بصلاته غير سبيل الجنة ولا تقبل صلاة إلا أن يذكر فيها محمدا وآل محمد].
أقول: النسيان المسبب عن التناسي أو التعمد لعدم العقيدة وقد تقدم.
وعن أبي بصير وزرارة، قالا في حديث قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم من تمام الصلاة إذا تركها متعمدا فلا صلاة له إذا ترك الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم (246).
وفي التهذيب عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: من تمام الصوم إعطاء الزكاة كالصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم من تمام الصلاة، ومن صام ولم يؤدها فلا صوم له إذا تركها متعمدا، ومن صلي ولم
[1] - سنن الدارقطني، ج: 1، ص: 281، ح: 1330، والمواهب اللدنية، ج: 2، ص: 510، الفصل الثاني من المقصد السابع، والشفا، ج: 2، ص: 64، أول الباب الرابع، وتفسير القرطبي، ج 14، ص: 152، مورد آية الصلوات.
(٥٣١)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، أبو بصير (2)، ابن أبي عمير (1)، أبو عبد الله (1)، علي بن الحسين (1)، جابر الجعفي (1)، الزكاة (1)، الصّلاة (9)، الصيام، الصوم (2)، الشهادة (1)، كتاب سنن الدارقطني للدارقطني (1)
يصل علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم وترك متعمدا، فلا صلاة له إن الله تعالي بدأ بها قبل الصلاة فقال: {قد أفلح من تزكي * وذكر اسم ربه فصلي} [1].
وهذا النفي عبارة عن عدم القبول بمعني البطلان لأنه دال علي وجوب الصلاة علي الآل في الصلاة لتعليق عدم القبول بالترك، وفيه دلالة علي بطلان صلاة من لم يصل فيها علي الآل في الصلاة المكتوبة بل يحرم ثواب الصلاتين حيث لم يضم معها الصلاة علي آله.
ويدل ما ذكرنا في مطلب التشهد علي وجوب الصلاة علي النبي وآله في الصلاة المكتوبة وإن تركها مبطل للصلاة إذا كان بصورة العمد، أما لو تركها نسيانا مع الاعتقاد بها فلا.
وقد تقدم ما عن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام في قوله تعالي: {إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه}، لا لحاجة إلي صلاة أحد من المخلوقين بعد صلواتك عليه، ولا إلي تزكيتهم إياه بعد تزكيتك، بل الخلق جميعا هم المحتاجون إلي ذلك، لأنك جعلته بابك الذي لا تقبل ممن أتاك إلا منه، وجعلت الصلاة عليه قربة منك، ووسيلة إليك، وزلفة عندك، ودللت المؤمنين عليه، وأمرتهم بالصلاة عليه ليزدادوا أثرة لديك، وكرامة عليك].
[1] - سورة الأعلي، آية: 14 / 15.
(٥٣٢)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الباطل، الإبطال (3)، الصّلاة (12)، الوجوب (2)، الشهادة (1)، سورة الأعلي (1)

المطلب التاسع: * [الفضيلة الخالدة لأهل البيت في الصلاة العبادية]

اشاره

المطلب التاسع في:
[الفضيلة الخالدة لأهل البيت في الصلاة العبادية] شاء الله تعالي أن يكون ذكر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم مقارنا لذكره تعالي بشهادة الرسالة في الأذان وفي التشهد ومتي ما ذكر، كما جعل ذكر أهل بيته قرينا لذكر حبيبه المصطفي بل هو جزء منه لا يتجزأ، يعرفنا علي ذلك أن نورهما واحد وشجرتهما واحدة وطاعتهما واحدة والشهادة بالولاية قرينة الشهادة بالرسالة.
ومن هنا ذكرهما عز وجل في السلام معا فلم يسلم علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم منفردا كما سلم علي نوح وإبراهيم وموسي وهارون. قال تعالي في سورة الصافات آية: 79: {سلام علي نوح في العالمين} و {سلام علي إبراهيم} [109] وقال: {سلام علي موسي وهارون} [120] ولكن لما جاء دور السلام علي النبي محمد صلي الله عليه وآله وسلم قال: {سلام علي آل ياسين}، فياسين هو محمد وآل ياسين آل محمد فسلم الله تعالي علي محمد وآل محمد، كما وميزهم تعالي بالصلاة في آية الصلوات.
وعليه لا يستطيع الإنسان أن يفصل بينهما بالصلاة، ولذا نهي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم عن ذلك بقوله: [لا تصلوا علي الصلاة البتراء فقيل] وعلي هو أول الآل وأفضلهم [1].
[١] - هذا هو معني كلمة الإمام زين العابدين لإبراهيم بن طلحة بن عبيد الله فقد قال المفيد أنه فلما انتهوا إلي باب يزيد استقبلهم إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله وقال علي بن الحسين من غلب وهو يغطي رأسه وهو في المحمل فقال له علي بن الحسين عليه السلام إذا أردت أن تعلم من غلب ودخل وقت الصلاة فأذن وأقم تعرف ذلك.
وينقل لنا عمر كحالة: أن السيدة سكينة بنت الحسين عليهما السلام كانت ذات بيان وفصاحة. قالت ابنة لعثمان بن عفان في مأتم كانت في سكينة: أنا بنت الشهيد؟ فسكتت سكينة، فقال المؤذن: أشهد أن محمد رسول الله قالت سكينة: هذا أبي أم أبوك؟! فقالت العثمانية: لا أفخر عليكم أبدا.
(٥٣٣)
صفحهمفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، الشهادة (5)، الكرم، الكرامة (1)، الخلود (1)، الصّلاة (3)، الأذان (2)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (2)، مواقيت الصلاة (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الخليفة عثمان بن عفان (1)، طلحة بن عبيد الله (2)، علي بن الحسين (1)، الغلّ (1)

* ملازمة ذكر أهل البيت لذكر الله تعالي

ولما أوجبت الصلوات الخمس في المعراج وهبط صلي الله عليه وآله وسلم علمها الناس وكان من أفعالها الصلاة علي محمد وآله في التشهد فدلهم بذلك علي أنهم أفضل الخلق لأنه لو كان غيرهم أفضل لكانت الصلاة عليهم أوجب.
لقد ألزم الله تعالي الأمة الصلاة علي محمد وآل محمد في التشهدين وهو مذهب الإمامية ويظهر ذلك أيضا من كلام الشعراني (وهو من العامة) في كشف الغمة، ج: 1، ص: 193، حيث روي عن أن رسول الله كان يطيل التشهد بالصلاة علي نفسه وآله وبالدعاء بعده كما يفعل في التشهد الأخير ويقول صلي الله عليه (وآله) وسلم: [إذا فعدتم في كل ركعتين فليتخير أحدكم بعد التشهد من الدعاء أعجبه]. والشعراني لم يعلق علي هذا الكلام مما يدل علي تأييده له.
تفريع عرفاني:
إن الصلاة علي محمد وآل محمد في التشهد كختام للاعتراف بالصلاة والإيمان بأصغر عبارة وأوجزها لأنها مسك ختام الفريضة فهي في الواقع تعبير عن الولاية التي أوجبها الله تعالي. وكأن الصلاة تصريح من العبد لمولاه أن هذه خلاصة ما عقدت عليه قلبي، وأعتقده ضميري من مجمل أوامرك ونواهيك أرفعه إليك مقرا لك بذلك …
وفي مصباح الشريعة عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: [وقد أمرك بالصلاة علي نبيه محمد صلي الله عليه وآله وسلم فأوصل صلاته بصلاته وطاعته بطاعته وشهادته بشهادته وانظر ألا يفوتك بركاتك معرفة حرمته فتحرم عن فائدة صلاته وأمره بالاستغفار لك والشفاعة فيك إن أتيت بالواجب في الأمر والنهي والسنن والآداب وتعلم جليل مرتبته عند الله عز وجل].
إنه مقام تعظيم النبوة والولاية أن يعلم أن هذه الصلاة هي تأويل صلاتك عليهم وأنك في مقام العبادة التي يجب أن تعرف حرمته وكرامته، فتشهد لله بالوحدانية وأحضر نبيه الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وآله الأكرمين ببالك واشهد به بالعبودية والرسالة وصل
(٥٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب كشف الغمة للإربلي (1)، النهي (1)، الركوع، الركعة (1)، الشهادة (6)، الصّلاة (7)، الخمس (1)

تفريع عرفاني: * الصلوات في التشهد ختام للاعتراف بفضلهم ومقامهم

ولما أوجبت الصلوات الخمس في المعراج وهبط صلي الله عليه وآله وسلم علمها الناس وكان من أفعالها الصلاة علي محمد وآله في التشهد فدلهم بذلك علي أنهم أفضل الخلق لأنه لو كان غيرهم أفضل لكانت الصلاة عليهم أوجب.
لقد ألزم الله تعالي الأمة الصلاة علي محمد وآل محمد في التشهدين وهو مذهب الإمامية ويظهر ذلك أيضا من كلام الشعراني (وهو من العامة) في كشف الغمة، ج: 1، ص: 193، حيث روي عن أن رسول الله كان يطيل التشهد بالصلاة علي نفسه وآله وبالدعاء بعده كما يفعل في التشهد الأخير ويقول صلي الله عليه (وآله) وسلم: [إذا فعدتم في كل ركعتين فليتخير أحدكم بعد التشهد من الدعاء أعجبه]. والشعراني لم يعلق علي هذا الكلام مما يدل علي تأييده له.
تفريع عرفاني:
إن الصلاة علي محمد وآل محمد في التشهد كختام للاعتراف بالصلاة والإيمان بأصغر عبارة وأوجزها لأنها مسك ختام الفريضة فهي في الواقع تعبير عن الولاية التي أوجبها الله تعالي. وكأن الصلاة تصريح من العبد لمولاه أن هذه خلاصة ما عقدت عليه قلبي، وأعتقده ضميري من مجمل أوامرك ونواهيك أرفعه إليك مقرا لك بذلك …
وفي مصباح الشريعة عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: [وقد أمرك بالصلاة علي نبيه محمد صلي الله عليه وآله وسلم فأوصل صلاته بصلاته وطاعته بطاعته وشهادته بشهادته وانظر ألا يفوتك بركاتك معرفة حرمته فتحرم عن فائدة صلاته وأمره بالاستغفار لك والشفاعة فيك إن أتيت بالواجب في الأمر والنهي والسنن والآداب وتعلم جليل مرتبته عند الله عز وجل].
إنه مقام تعظيم النبوة والولاية أن يعلم أن هذه الصلاة هي تأويل صلاتك عليهم وأنك في مقام العبادة التي يجب أن تعرف حرمته وكرامته، فتشهد لله بالوحدانية وأحضر نبيه الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم وآله الأكرمين ببالك واشهد به بالعبودية والرسالة وصل
(٥٣٤)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب كشف الغمة للإربلي (1)، النهي (1)، الركوع، الركعة (1)، الشهادة (6)، الصّلاة (7)، الخمس (1)

* ينبغي استحضار أهل البيت في الصلاة عليهم خلال التشهد

عليه وعلي آله مجددا عهد الله بإعادة كلمتي الشهادة متعرضا بها لتأسيس مراتب العبادة فإنها أول الوسائل وأساس الفواصل مترقبا لإجابته صلي الله عليه وآله وسلم بصلاتك عشرا من صلواته إذا قسمت بحقيقة صلاتك عليه التي لو وصل إليك واحد منها أفلحت أبدا.
ولا تغفل عما أشير إليه من أمر الصلاة عليه وعلي آله وهي أمور منها أن صلاتك للنبي صلي الله عليه وآله وسلم من قبيل صلاتك لله كما يفهم ذلك من قوله عليه السلام:
[فأوصل صلاته بصلاته..]، وهذا كذلك لأن الصلاة خدمة وعبودية وميل ورغبة من العبد إلي الله وذلك بالنسبة إلي الله إنما هو بالصلاة وهكذا صلاة النبي صلي الله عليه وآله وسلم خدمة وتواضع وميل ورغبة إلي حضرة إلي حضرة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وصورة ذلك كله واحدة إنما هو بالصلاة المسنونة له من الله تعالي.
ومنها: لزوم وصل صلاته بصلاة الله وطاعته بطاعته لأنه بعد الله جل جلاله ولي نعم الله علي عباده وواسطة فيضه الأقدس وخليفة الله وجنب الله وبابه ووجهه الذي يتوجه إليه الأولياء وبعده خلفائه المعصومون: أمير المؤمنين والأحد عشر من أولاده وأمهم فاطمة الزهراء عليها السلام.
ومنها: أن في معرفة حرمته صلي الله عليه وآله وسلم بركات وفوائد وأن من لم يعرفه فاتته آثار صلاته فوائدها فإن معرفتهم عليهم الصلاة والسلام، وتفكر في معرفة الصلوات لتكون عالما بما تدعوه وتطلبه من الله لهم ووفق بين قلبك ولسانك في ذلك ليقع عن عناية ومعرفة لا عن جهل ومجرد لقلقة اللسان.
وقال بعض العرفاء في هذا المقام: [ومن الآداب المهمة للتشهد والسلام الذي هو خاتمة الصلاة معرفة حرمة الرسول الأكرم الخاتم صلي الله عليه وآله وسلم فلابد للعبد السالك تفهيم القلب أنه لولا الكشف التام المحمدي لم يكن لأحد الطريق إلي مقام عبودية الحق والوصول إلي مقام القرب ومعراج المعرفة فكما أنه صلي الله عليه وآله
(٥٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)، الجهل (1)، الصّلاة (5)

* كلام أحد العرفاء في ذلك

عليه وعلي آله مجددا عهد الله بإعادة كلمتي الشهادة متعرضا بها لتأسيس مراتب العبادة فإنها أول الوسائل وأساس الفواصل مترقبا لإجابته صلي الله عليه وآله وسلم بصلاتك عشرا من صلواته إذا قسمت بحقيقة صلاتك عليه التي لو وصل إليك واحد منها أفلحت أبدا.
ولا تغفل عما أشير إليه من أمر الصلاة عليه وعلي آله وهي أمور منها أن صلاتك للنبي صلي الله عليه وآله وسلم من قبيل صلاتك لله كما يفهم ذلك من قوله عليه السلام:
[فأوصل صلاته بصلاته..]، وهذا كذلك لأن الصلاة خدمة وعبودية وميل ورغبة من العبد إلي الله وذلك بالنسبة إلي الله إنما هو بالصلاة وهكذا صلاة النبي صلي الله عليه وآله وسلم خدمة وتواضع وميل ورغبة إلي حضرة إلي حضرة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وصورة ذلك كله واحدة إنما هو بالصلاة المسنونة له من الله تعالي.
ومنها: لزوم وصل صلاته بصلاة الله وطاعته بطاعته لأنه بعد الله جل جلاله ولي نعم الله علي عباده وواسطة فيضه الأقدس وخليفة الله وجنب الله وبابه ووجهه الذي يتوجه إليه الأولياء وبعده خلفائه المعصومون: أمير المؤمنين والأحد عشر من أولاده وأمهم فاطمة الزهراء عليها السلام.
ومنها: أن في معرفة حرمته صلي الله عليه وآله وسلم بركات وفوائد وأن من لم يعرفه فاتته آثار صلاته فوائدها فإن معرفتهم عليهم الصلاة والسلام، وتفكر في معرفة الصلوات لتكون عالما بما تدعوه وتطلبه من الله لهم ووفق بين قلبك ولسانك في ذلك ليقع عن عناية ومعرفة لا عن جهل ومجرد لقلقة اللسان.
وقال بعض العرفاء في هذا المقام: [ومن الآداب المهمة للتشهد والسلام الذي هو خاتمة الصلاة معرفة حرمة الرسول الأكرم الخاتم صلي الله عليه وآله وسلم فلابد للعبد السالك تفهيم القلب أنه لولا الكشف التام المحمدي لم يكن لأحد الطريق إلي مقام عبودية الحق والوصول إلي مقام القرب ومعراج المعرفة فكما أنه صلي الله عليه وآله
(٥٣٥)
صفحهمفاتيح البحث: السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)، الجهل (1)، الصّلاة (5)
وسلم والمعصومين من الأئمة الطاهرين كانوا في أول الصلاة مرافقي طريق المعرفة ومعراج الحقيقة ومصاحبيه فلابد من التذكر في آخر السفر أيضا أنهم أولياء النعم ووسائل وصول أهل المعرفة ووسائل نزول البركات وتجليات الحضرة الربوبية جلت عظمتها (لولا هم ما عبد الرحمن وما عرف الرحمن) وشم رائحة من حقيقة الولاية والرسالة علم كيفية النسبة بين الأولياء عليهم السلام وبين الخلائق].
فتكون الصلاة عليهم الجواز للدخول في زمرة الأولياء والسلوك إلي طريق الحق والسعادة وإنكار ذلك يؤدي بالإنسان إلي نقيض ما ذكر.
ففي المعجم الكبير للطبراني، ج: 3، رقم: 2887: عن الحسين بن علي عليهما السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [من ذكرت عنده فخطئ الصلاة علي، خطئ طريق الجنة].
وفي فضل الصلاة للقاضي إسماعيل عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم: [من نسي [1] الصلاة علي، خطئ طريق الجنة - خ أبواب الجنة -].
ومن الخاصة في الكافي عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: [إذا صلي أحدكم ولم يذكر النبي وآله وصلي الله عليه وآله وسلم في صلاته يسلك بصلاته غير سبيل الجنة]. وقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: [من ذكرت عنده فلم يصل علي دخل النار فأبعده الله. وقال صلي الله عليه وآله وسلم: من ذكرت عنده فنسي الصلاة علي خطئ به طريق الجنة] (247).
ورحم الله السيد إسماعيل الحميري شاعر الإمام الصادق عليه السلام المتوفي 173 حيث يقول: في عدم صحته الصلاة إلا بالصلاة علي محمد وآل محمد:
[1] - أي كان نسيانه مسببا عن تهاونه بها وعدم عقيدته بذلك فلم يصل عمدا.
(٥٣٦)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، السيد اسماعيل الحميري (1)، الحسين بن علي (1)، الطهارة (1)، الصّلاة (7)، النسيان (1)، الوفاة (1)

* الصلاة تفتقر إلي ذكر الإمام علي لكن لم تفتقر إلي ذكر أحد الصحابة

إذا أنا لم أحفظ وصاة محمد * ولا عهده يوم الغدير مؤكدا فإني كمن يشري الضلالة بالهدي * تنصر من بعد الهدي أو تهوي ومالي وتيما أو عديا وإنما * أولو نعمتي في الله من آل أحمدا تتم صلاتي بالصلاة عليهم * وليست صلاتي بعد أن أتشهدا بكاملة إن لم أصل عليهم * وأدعو لهم ربا كريما ممجدا وروي من طرقهم عن أحمد بن سعيد الثقفي قال: كنا يوما وقوفا علي باب أبي نعيم الفضل بن دكين ونحن جماعة فينا أحمد بن حنبل [إمام المذهب المعروف] وغيره من نقلة الحديث نتوقع خروجه لنسمع منه فاطلع علينا من خوخة علي باب داره، فقال: إن لي وعكة وعلة صداع فاعذروا وانصرفوا مأجورين. فقام إليه رجل فقال: مسألة؟ فقال:
هاتها وأوجز. فقال: ما تقول في رجل شهد أن لا إله إلا الله، وأقر أن محمدا رسول الله وأقام الصلاة، وآتي الزكاة، وصام شهر رمضان، وحج البيت مع الإمكان، وجاهد عند دعاء الحاجة إلي الجهاد، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، واجتهد بعد ذلك في أفعال الخير، ثم مات وهو لا يعرف أبا بكر بن أبي قحافة، هل مات مؤمنا أو كافرا؟
قال مات مؤمنا، ولا بأس فيما جهل. قال فإن فعل مثل ذلك وهو لا يعرف عمر بن الخطاب؟ فأجاب مثل الجواب الأول.
قال فإن فعل مثل ما تقدم ومات ولم يعرف علي بن أب طالب [صلوات الله وسلامه عليه]؟ فقال أبو نعيم الفضل بن دكين: لا يسعه ذلك - ولا ينفعه - لأن الصلاة لا تفتقر إلي ذكر غير علي [صلوات الله وسلامه عليه] كما تفتقر إلي ذكره، وقد كان من محمد [صلي الله عليه وآله وسلم] بمكان لا كغيره [1].
[1] - ذكره الطريحي في المنتخب، ج 2، ص: 34.
(٥٣٧)
صفحهمفاتيح البحث: الامر بالمعروف (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، الحافظ أبو نعيم (2)، شهر رمضان المبارك (1)، الفضل بن دكين (2)، أحمد بن سعيد (1)، أحمد بن حنبل (1)، الشهادة (1)، الزكاة (1)، الموت (3)، الصّلاة (3)، الحج (1)، الجهل (1)، الحاجة، الإحتياج (1)
هذا آخر ما سمح لي الوقت من إخراج الكتاب ونرجو من الأخوة المؤمنين أن يخصونا بالدعاء.. لإخراج وطبع ما بقي من مطالب القسم الثاني وأبحاثه التي تختص ب [فلسفة الصلوات ومرجع نفعها وموارد استحبابها وغير ذلك] وفي ختام الكتاب نحمده تعالي علي ما رزقنا به من تنوير هذا المختصر وما بقي أكثر مما لم نتعرض له، ولا نرم الاستقصاء، وأرجو أن يكون تذكرة لمن يتذكر، وتبصرة لمن يستبصر، بعيدا عن العصبية والعناد. ولعل الناظر في أبحاثه يتبين له الحق والصواب، ففيما ذكر كفاية لأولي الألباب، جمعنا الله في سفينة محمد وآل محمد التي من ركبها نجي ومن تخلف عنها غرق وهوي، ووحد بهم كلمتنا وألف بحبهم فرقتنا، فما أحوجنا في هذا العصر إلي وحدة الأمة والمسلمين والتمسك بالثقلين الذين أودعهما نبينا الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فقال: [إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، وإنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض] [1].
والله سبحانه نسأل أن يوفقنا برحمته للاقتداء بأهل الهدي، ولا يحرمنا - وإياكم - من فضل الصلاة علي محمد وآل محمد، وأن نكون دائما في حياتنا وجميع حالاتنا وشؤوننا مصليين عليهم، ومتقربين بهم إليه.
ولقد رأيت من هذه العبادة والذكر المبارك [الصلوات] في شؤون حياتي وأعمالي وتجاربي كرامات عظيمة، واستجابة لدعواتي ما لا يحصي، ولعمري أنها لأعظم مصاديق الوسيلة التي أمرنا الله تعالي أن نتخذها إذ قال: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون} [المائدة: 35].
أجل أنها الوسيلة العظمي، والزلفة الكبري مما تهيأ النفس لتلقي العلوم الربانية، والمعرفة النورانية. وجعلنا الله سبحانه من المصلين علي محمد وآل محمد.
[١] - حديث الثقلين متواتر عن العامة والخاصة راجع الغدير للشيخ الأميني آمنه الله ومراجعت السيد شرف الدين شرفه الله بدرجات الجنة.
(٥٣٨)
صفحهمفاتيح البحث: حديث الثقلين (2)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (3)، السفينة (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام علي أهل بيت النبوة وموضع الرسالة محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.
تم الكتاب من تنوير صفحاته علي يد مؤلفه سيد فاخر آل باليل الموسوي قبيل فجر يوم الجمعة في سحر ليلة الثالث والعشرين [المرجو أن تكون ليلة القدر التي العمل فيها خير من ألف شهر] من شهر رمضان المبارك من شهور سنة ألف وأربعمائة وعشرين هجرية علي مهاجرها وآله أفضل صلوات المصلين المصادف في دولة الكويت.
جعله الله لي يوم القيامة ذخرا، ما بقي للصلوات ذكرا، ويضاعف لوالدي ثوابا وأجرا، حامدا شاكرا وعلي نبيه مصليا ومسلما وأنا المفتقر لرحمة ربي وشفاعة محمد وآل محمد سيد فاخر الموسوي [من السادة الأمير آل باليل] بن السيد حسن بن السيد حميد المتوفي سنة: 1418، بن السيد موسي المتوفي سنة: 1369، بن السيد محمد المتوفي سنة: 1329، بن السيد محسن المتوفي سنة: 1285 بن السيد نعمة بن المقدس الجليل والمرجع الديني آية الله السيد إسماعيل الموسوي المتوفي بعد سنة: 1230 ه ق بن السيد محمود المتوفي قبل سنة: 1200 ه ق، بن العالم الأديب السيد إبراهيم الحسيني الموسوي الدورقي المتوفي سنة: 1150 ه ق، بن العلامة العارف الأديب الجليل السيد علي الحسيني الموسوي الجزائري الدورقي المتوفي سنة: 1102 ه ق، صاحب البنود المعروفة والتي ذكرها البحراني في كشكوله، وقد برع في علوم العربية فصار نحويا محققا ولغويا مدققا وتضلع في الشعر والبلاغة فأجاد وأبدع له آثار تشهد علي علو درجته في العلوم والأدب وهو بن الأمير الجليل السيد باليل الموسوي المتوفي حدود سنة:
1060.
بن السيد علي بن السيد إسماعيل بن السيد إبراهيم بن السيد محمد المشعشع بن السيد فلاح بن السيد هبة الله بن السيد حسن بن علم الدين السيد علي المرتضي النسابة المتوفي سنة: 719، وهذا العالم يروي عن أبيه ويروي شيخنا الشهيد رحمه الله عنه بواسطة
(٥٣٩)
صفحهمفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، شهر رمضان المبارك (1)، الصّلاة (2)، الشهادة (2)، الطهارة (1)، الوفاة (8)

* نسب المؤلف رجاء شمولية الصلاة

شيخه السيد تاج الدين بن معية، ذكر ذلك الخونساري في روضات الجنات، وذكره أيضا شيخنا الحر العاملي في أمل الآمل وقال: فاضل فقيه يروي ابن معية عنه عن أبيه عن جده فخار، له كتاب الأنوار المضيئة في أحوال المهدي عليه السلام.
والسيد علي المرتضي هذا هو بن السيد جلال الدين عبد الحميد المتوفي سنة: 684، وقد ذكره الشيخ الحر في أمل الآمل وقال: [كان فاضلا محدثا راوية، يروي عن تلامذة ابن شهرآشوب عنه، له كتاب ينقل منه الحسن بن سلمان بن خالد الحلي في مختصر بصائر الدرجات للصفار]، ويروي أيضا عن أبيه فخار بن معد وعن غيرهما، وممن يروي عنه رضي الدين علي بن عبد الكريم بن السيد أحمد بن طاووس، راجع خاتمة مستدرك الوسائل لشيخنا المحدث النوري رحمه الله.
وهو بن النسابة الفاضل السيد [فخار بن معد] الموسوي العالم المعروف في علماء مذهب أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
قال الشيخ القمي في سفينة البحار، مادة فخر وهو يترجم للسيد فخار بن معد المذكور: هو السيد السند النسابة العلامة شمس الدين أبو علي فخار بن معد الموسوي من أكابر مشايخنا العظام وأعاظم فقهائنا الكرام الموصوف في التراجم والإجازات بكل جميل وهو مؤلف كتاب: [الحجة علي الذاهب إلي تكفير أبي طالب] وهو كتاب شريف في إثبات إيمان أبي طالب عليه السلام وكان من مشايخ المحقق الحلي رضوان الله عليه.
وكان هذا السيد الجليل من أعلام القرن السادس، وكانت وفاته في سنة: 630 ه ق. وهو معاصر للشيخ عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي صاحب شرح نهج البلاغة وقد عرض عليه الكتاب المذكور وكتب عليه أبياتا وإليك نص عبارة ابن أبي الحديد في شرح النهج، ج: 14، ص: 81، قال: [وصنف بعض الطالبيين في هذا العصر كتابا في إسلام أبي طالب وبعثه إلي وسألني أن أكتب عليه بخطي نظما أو نثرا أشهد فيه بصحة ذلك، وبوثاقة الأدلة عليه فتحرجت أن أحكم بذلك حكما قاطعا لما عندي
(٥٤٠)
صفحهمفاتيح البحث: مدرسة أهل البيت عليهم السلام (1)، الإمام المهدي المنتظر عليه السلام (1)، إيمان أبي طالب عليه السلام (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (2)، كتاب الحجة علي الذاهب إلي تكفير أبي طالب للسيد فخار بن معد (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1)، الشيخ الحر العاملي (1)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، علي بن عبد الكريم (1)، ابن شهرآشوب (1)، سلمان بن خالد (1)، جلال الدين (1)، فخار بن معد (4)، المحقق الحلي (1)، عبد الحميد (2)، الكرم، الكرامة (1)، الشهادة (1)، الوفاة (1)، السفينة (1)، العصر (بعد الظهر) (1)
من التوقف فيه ولم أستجز أن أقعد عن تعظيم أبي طالب فإني أعلم أنه لولاه لما قامت للإسلام دعامة، وأعلم أن حقه واجب علي كل مسلم في الدنيا إلي أن تقوم الساعة فكتبت علي ظاهر المجلد:
ولولا أبو طالب وابنه * لما مثل الدين شخصا فقاما فذاك بمكة آوي وحامي * وهذا بيثرب جس الحماما تكفل عبد مناف بأمر * وأودي فكان علي تماما فقل في ثبير مضي بعد ما * قضي ما قضاه وأبقي شماما فلله ذا فاتحا للهدي * ولله ذا للمعالي ختاما وما ضر مجد أبي طالب * جهول لغا أو بصير تعامي كما لا يضر إياة [1] الصباح * من ظن ضوء النهار الضلاما قال السيد محمد صادق آل بحر العلوم وهو يترجم لفخار بن معد في مقدمة الكتاب المذكور: [كان عالما، فقيها، رجاليا، نسابة، راوية، أديبا، شاعرا، كما ذكره الرجاليون، والنسابيون، وكان من عظماء وقته، بحيث لم يخل منه سند من أسانيد علمائنا ومحدثينا].
وذكر زين الدين الشهيد الثاني رحمه الله في دارية الحديث، ص: 122، طبع إيران ما هذا لفظه: [ذكر الشيخ جمال الدين أحمد بن صالح السيي رضي الله عنه أن السيد فخار الموسوي اجتاز بوالده مسافرا إلي الحج (قال) فأوقفني والدي بين يدي السيد - يريد السيد جمال الدين ابن طاووس - فحفظت منه أنه قال لي: يا ولدي أجزت لك ما يجوز لي روايته. (ثم قال): وستعلم فيما بعد حلاوة ما خصصتك به، وعلي هذا
[1] - فوفيته حقه من التعظيم والإجلال ولم أجزم بأمر عندي فيه وقفة]. انتهي. ومعني [إياة] بكسر الهمزة: الشمس، والإياة أيضا نورها وحسنها.
(٥٤١)
صفحهمفاتيح البحث: دولة ايران (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، جمال الدين (2)، فخار بن معد (1)، الحج (1)، الشهادة (1)، الظنّ (1)
جري السلف والخلف وكأنهم رأوا الطفل أهلا لتحمل هذا النوع من أنواع حمل الحديث النبوي ليؤدي به بعد حصول أهليته حرصا علي توسع السبيل إلي بقاء الإسناد الذي اختصت به الأمة وتقريبه من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بعلو الإسناد] [1].
وهذا العالم هو بن معد " من الأعلام المشهورين الذين ذكرهم أرباب المعاجم الرجالية " بن فخار بن أحمد بن محمد بن محمد المكني بأبي الغنائم بن الحسين الشيتي بن أبي جعفر محمد الحائري بن إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن الإمام موسي الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي بن الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه وتحياته وبركاته عليهم أجمعين وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين:
{درية بعضها من بعض والله سميع عليم} [آل عمران: 34].
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) وسائل الشيعة، ج: 16، ص: 188.
(2) صحيح البخاري، ج: 3، ص: 205.
(3) الصحيفة السجادية، ص: 32.
(4) حديث الثقلين متواتر عن العامة والخاصة راجع الغدير للشيخ الأميني آمنه الله تعالي في ج: ص: ولا حظ المراجعات: المراجعة [8].
(5) تفسير الآلوسي عند تفسير الآية.
(6) عيون أخبار الرضا عليه السلام للشيخ الصدوق رضوان الله تعالي عليه، ج: 1، ص:: 228، وص: 236.
(7) صحيح البخاري، ج: 4، ص: 118.
(8) رشفة الصادي، ط: دار الكتب الإسلامية بيروت ص: 68.
(9) جواهر العقدين، ج: 1، ص: 48، وص: 63.
(10) وتلاحظ هنا أن الرسول صلي الله عليه وآله وسلم أطلق علي الصلاة الكاملة وهو قوله: [قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد..] أطلق علي هذا القول: [إذا صليتم علي فقولوا … ].
(11) ونري في زماننا هذا أصبحت الصلاة علي النبي وآله علامة للتشيع.
(12) جواهر العقدين، ج 2 ص 14.
(13) مسند الإمام أحمد بن حنبل، ج: 6، ص: 323، وفي فضائل الصحابة، ج: 2، ص: 602. ومسند أبي يعلي، ج: 12، 344، 456. والطبراني، ثلاثة أحاديث في ج: 3، ص: 53، وحديثا في ج: 23:، ص: 336.
(14) طبعا هذا من ناحية التأويل أي الصلاة بمعني التجليات الإلهية والصلاة الفعلية التي مر توضيحها في مطلب بعنوان الصلاة الإلهية والصلاة الفعلية وإلا فإن الصلاة بمعني الرحمة الخاصة والصلاة النورانية يصح علي ذريته مطلقا مهما كان بل ينبغي أن تقصد العمومية رجاء الشمولية وعليك بمراجعة معني الآل وينبغي أن يقصد به في الأدعية والصلاة.
(15) جواهر العقدين، ج: 2، ص: 27.
(16) هذه الآية نزلت في يوم الغدير حيث أقام النبي صلي الله عليه وآله وسلم الإمام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام خليفة له وأوجب الولاية له وقد ورد الأحاديث الصحيحة المتواترة في ذلك وحضر في تلك الواقعة 120 ألفا من الصحابة والمسلمين كما ذكر ذلك ابن سعد في طبقاته، ج: 3، ص 335 وغيره وراجع الغدير، ج: 1، ص: 14، تجد المصادر والأسماء وما يتعلق في ذلك بالتفصيل.
(17) العوالي: أهل قري بظاهر المدينة، وفي النهاية: العوالي أماكن بأعلي أراضي المدينة والنسبة إليها علوي علي غير قياس وأدناها من المدينة علي أربعة أميال وأبعدها من جهة النجد ثمانية وفي المغرب: موضع علي نصف فرسخ من المدينة وفي إكمال الإكمال: عوالي المدينة القري التي عند المدينة. (18) الإحتجاج للطبرسي رضوان الله عليه المتوفي 620 ه ج: 1، ص: 203.
(19) ففي تاريخ اليعقوبي ج:
2، ص: 114، قال: غسله علي بن أبي طالب والفضل بن العباس بن عبد المطلب وأسامة بين يدي يناولان الماء وسمعوا صوتا من البيت يسمعون الصوت ولا يرون الشخص فقال: السلام ورحمه الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا كل نفس ذائقه الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذي كثيرا وأن تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم الأمور إن في الله خلفا من كل هالك وعزاء من كل مصيبة عظم الله أجوركم والسلام و رحمه الله. فقيل لجعفر بن محمد: من كنتم ترونه؟ فقال: جبريلا.
(20) مجالس الشيخ المفيد، ص: 31، والبحار، ج: 22، ص:
518، رواية: 27.
(21) المجالس السنية، ج: 2، ص: 43.
(22) القول البديع، ص: 36.
(23) جواهر العقدين، ج:
1، ص: 48.
(24) بستان الواعظين ورياض السامعين للإمام ابن الجوزي الحنفي المتوفي: 597. وجامع الأخبار ص: 61.
(25) عوالي اللئالي، ج: 4، ص: 99.
(26) الجامع الصغير، ج: 2، ص 171.
(27) عوالي اللئالي، ج، 4، ص: 171.
(28) جامع الأسرار، ص: 382.
(29) عوالي اللئالي، ج، 4، ص: 124. وراجع حقيقة الإمامة، ص: 14.
(30) الفردوس الأعلي ج: 3، ص: 354.
(31) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي، ص: 248. ونحوه في المناقب للخوارزمي، ص: 85. ودر بحر المناقب لابن حسنويه الموصلي الحنفي، ص: 18.
(32) راجع حقيقة الإمامة، ص: 14.
(33) سفينة البحار ج: 2، ص: 546 (34) تفسير القمي، ج: 1.
(35) البحار، ج: 41، ص: 18، رواية: 12، باب: 101.
(36) مجمع البحرين، ج: 2، ص: 32. المستدرك ج: 5، باب: 31، ص: 329.
(37) البحار، ج: 94، ص: 62، رواية: 49، باب: 29.
(48) جمال الأسبوع، ص: 288.
(49) تفسير الثقلين، ج: 1.
(50) المحاسن للبرقي، ص: 59، ولفظه: [من صلي علي يوم الجمعة إيمانا..].
(51) البحار ج: 94، ص: 66، رواية: 54، باب: 29. وج: 98، ص: 252، رواية: 4.
(52) مقتبس من تفسير الميزان علي الآية.
(53) مستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 335. وذكره المجلسي في بحاره في كتاب الذكر و الدعاء.
(54) صفة صلاة النبي تأليف محمد ناصر الدين الألباني، ص: 173.
(55) مستدرك الوسائل: ج 5، باب: 31 ص 336، رواية: 6036.
(56) والصحيفة السجادية التي سماها العلماء: {زبور آل محمد وإنجيل أهل البيت} قد تواتر روايتها عن الإمام زين العابدين عليه السلام كالقرآن الكريم ويحدث المجلسي الأول المولي محمد تقي المتوفي سنة 107 ه: [أن أسانيدها ترتقي إلي ستة وخمسين ألفا، وإن كان ما ذكرته يرتقي إلي ستمائة إسناد عالي].
(57) علل الشرائع، ج: 1، ص: 33. والوسائل ج: 7، باب: 34، ص: 194، رواية: 9095.
(58) البحار، ج: 12، ص: 4، رواية: 8، باب: 1.
(59) البحار، ج: 12، ص: 4، رواية: 5، باب: 1.
(60) البحار، ج: 12، ص: 12، رواية: 36، باب.
(61) البحار، ج: 95، ص: 166 عن مهج.
ما يتعلق بالبحث الثالث من القسم الأول: (*) البحار، ج 2، ص: 99، رواية: 58. وج: 77، ص: 174، رواية: 8.
(1) تفسير المراغي: ج 23 ص: 34.
(2) الإحتجاج للطبرسي، ج: 1، ص: 597.
(3) في البحار، ج: 2، ص: 206، رواية: 94، باب: 26 عن جابر عن أبي جعفر عليه الصلاة والسلام: {فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ولا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضي محمد وآل محمد و يسلموا تسليما}.
(4) تفسير مجمع البيان، ج: 4، ص: 370.
(5) القول البديع.
(6) زاد المسير في علم التفسير لعبد الرحمن بن الجوزي المتوفي سنة: 597 ه ج: 6، ص: 419.
(7) تفسير نور الثقلين، ج: 3، ص: 627.
(8) نور الثقلين، ج: 3، 327.
(9) الصلاة علي النبي للقاضي عياض المتوفي سنة: 544 ه، ص: 35.
(10) و (11) الصلاة علي النبي للقاضي عياض المتوفي: 544 ه ص: 57، ورواه أبو الشيخ والبيهقي.
(12) عيون أخبار الرضا عليه الصلاة والسلام للشيخ الصدوق رضوان الله تعالي عليه، ج: 1، ص: 228، وص: 236.
(13) تفسير البرهان، ج: 4، ص: 34.
(14) تفسير القرطبي ج: 8، ص: 55، أقول لعل طلبه للقاء النبي لا مجيئ النبي وكان مجيئ النبي إليه دون أن يأتي إلياس إليه لأجل عدم المصلحة في رؤية أصحاب النبي إلي إلياس هذا وقد ورد أن إلياس.
(15) مجمع البيان ج: 4، ص: 415. (16) تفسيره صدر المتألهين، ج: 5، ص: 13، وج: 6، ص: 17، وسورة السجدة ج: ص: 24.
ما يتعلق بالبحث الرابع من القسم الأول:
(1) صحيح البخاري، كتاب الزكاة، رقم: 1402. صحيح مسلم، كتاب الزكاة، رقم: 1791. سنن النسائي، كتاب الزكاة، رقم: 2416. سنن أبي داود، كتاب الزكاة، رقم: 1356. سنن ابن ماجة كتاب الزكاة، رقم: 1786. مسند أحمد، رقم: 18601.
(2) النسائي تحت، كتاب السهو، رقم: 1266. وسنن الدارمي، كتاب الرقاق، رقم: 5426. مسند أحمد، رقم: 15759. وفي عمل اليوم والليلة، رقم: 60.
وابن حبان. في صحيحه، رقم: 2391.
(3) الكافي، ج: 2، ص: 493، رواية: [14].
(4) نقله في البحار ج 91 في كتاب الدعاء.
(5) مستدرك الوسائل: ج 5، باب: 35، 355، رواية: 6071 نقله من جمال الأسبوع للسيد ابن طاووس بإسناده عن أبي عبد الله الصادق عليه الصلاة والسلام.
(60) مستدرك الوسائل: ج 5، باب 31 ص 336، رواية: 6036.
(7) الكافي ج 2، 358.
(8) البحار، ج: 94، ص: 66، رواية: 54، باب: 29. وج: 98، ص: 252، رواية: 4.
(9) راجع البحار، ج: 22، ص: 442. ولا يخفي أن الباكين علي أبي عبد الله الحسين الشهيد بكربلا أيضا مما يستحقون الصلاة من الله تعالي. قال الشيخ الشوشتري في فضل البكاء علي الحسين: الأول: إنه يصح أن يقال لمتصف بها: صلي الله عليك وصلوات الله عليك. ففي الرواية النبوية قال صلي الله عليه وآله وسلم [ألا وصلي الله علي الباكين علي الحسين رحمة وشفقة]. وهذا يحتمل الإخبار والدعاء وأي ما كان فالمطلوب ثابت. الخصائص: ص 249.
(10) تأويل الآيات، ط: أمير قم، ج: 2، ص: 455.
(11) رواه البخاري في صحيحه، ج: 1، ص: 171 ص 232. وصحيح مسلم، ج 1: ص: 459، وج: 1، ص: 459. وسنن أبي داود، ج: 1، ص: 127.
(12)، ص: 452.
(13) سفينة البحار، ج: 1، ص: 166.
(14) المستدرك ج: 10 باب 45 ص 299.
(14) لئالي الأخبار، ج 5، ص: 79.
[1] - نرجو أن لا نؤاخذ في ذكر هذه النبذ من حياة هؤلاء العلماء الفطاحل فإن تراجمهم تحتاج إلي مصنف مستقل وقد كتب ابن العم الفاضل السيد هادي آل باليل حفظه الله كتابا في تراجم هؤلاء الفضلاء سماه: [الوصل والذيل في تراجم آل باليل].
(٥٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (3)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (2)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، تفسير الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (2)، كتاب مجمع البيان للطبرسي (2)، كتاب علل الشرايع للصدوق (1)، حديث الثقلين (1)، كتاب سنن إبن ماجة (1)، الشيخ سلمان البلخي القندوزي (1)، كتاب عوالي اللئالي لابن أبي جمهور الأحسائي (3)، مدينة كربلاء المقدسة (1)، كتاب الإحتجاج للطبرسي (2)، كتاب سنن أبي داود (2)، يوم القيامة (1)، كتاب الصحيفة السجادية (2)، كتاب ينابيع المودة (1)، كتاب وسائل الشيعة للحر العاملي (1)، السيد إبن طاووس (1)، كتاب تفسير البرهان (1)، كتاب مستدرك الوسائل (4)، كتاب صحيح البخاري (3)، الطبراني (1)، القرآن الكريم (1)، كتاب صحيح مسلم (1)، العلامة المجلسي (2)، مدينة بيروت (1)، الشيخ المفيد (قدس سره) (1)، العباس بن عبد المطلب (1)، علي بن أبي طالب (2)، أحمد بن محمد بن محمد (1)، الشيخ الصدوق (2)، سورة السجدة (1)، أحمد بن حنبل (1)، جعفر بن محمد (1)، الخوارزمي (1)، البكاء (1)، الزكاة (5)، الموت (1)، الهلاك (1)، الوسعة (1)، الصّلاة (15)، الغسل (1)، الشهادة (1)، الطهارة (1)، الوفاة (6)، السهو (1)، السفينة (2)، الغنيمة (1)
(15) و.
(16) مجمع البيان، ج: 10 ص: 526.
(17) نور الثقلين، ج، 5، ص: 649.
(18) صفة صلاة النبي تأليف محمد ناصر الدين الألباني، ص: 173.
(19) مستدرك الوسائل: ج 5، باب: 31 ص 336، رواية: 6036.
(20) تفسير مواهب الرحمن ج 1، ص: 8.
(21) نور الثقلين، ج: 4، ص: 305، والمحاسن، ص: 328، والبحار في كتاب الذكر والدعاء.
(22) أفصل الصلوات للنبهاني، ص: 20.
(23) البحار، ج: 16 ص: 402، إن كان لآدم عليه السلام سجود الملائكة مره فلمحمد صلوات الله والملائكة والناس أجمعين كل ساعة إلي يوم القيامة.
(24) الكافي، ج: 2، ص: 492، رواية: 6.
(25) فيوض الرحمن، ص: 307.
(26) المستدرك، ج: 5 باب: 31، ص: 332. وذكرها صاحب الميزان، ج: 1، ص: 126 (27) بستان الواعظين ورياض السامعين للإمام ابن الجوزي الحنفي المتوفي: 597. وجامع الأخبار ص: 61.
(28) جمال الأسبوع ص 234 ونقله في البحار عنه في كتاب الدعاء، وكذلك مستدرك الوسائل.
(29) ففي الدر المنثور، ج: 5، ص: 215.
(30) البحار، ج: 87، ص: 82، وج: 91، ص: 43.
(31) البحار، ج: 94، ص: 66، رواية: 54، باب: 29. وج: 98، ص: 252، رواية: 4.
(32) البحار ج: 8 ص: 41 رواية: 28، وأيضا في كنز جامع الفوائد محمد بن العباس عن الحسن عن محمد بن عيسي عن يونس عن سعدان مثله وعن الكاظم عليه الصلاة والسلام أيضا مثله.
(33) البحار عن الكافي، في ج: 17، ص: 30.
(34) أمالي الشيخ الصدوق قدس سره ص: 193، والتوحيد ص 54، والبحار كتاب الدعاء.
(35) ذخائر العقبي، ص: 33.
(36) الصلاة للقاضي عياض، ص: 16.
(36) أخرجه الحفاظ منهم الحاكم في المستدرك، ج: 3، ص 160. وابن عساكر في تاريخه، ج: 4 ص: 318، ومحب الطبري في الرياض النضرة، ج: 2، ص: 203، وابن الصباغ في الفصول المهمة ص: 11 والصفوري الشافعي في نزهة المجالس، ج: 2، ص: 232.
(37) مقتبس من تفسير الأمثل وسفينة البحار مادة زوج.
(38) البحار، ج: 71، ص: 24.
(39) البحار، ج: 38، ص: 84.
(40) تنزيه الأنبياء، ص: 115.
(41) البحار ج 17، ص: 91. وأيضا ج: 17، ص: 89.
(42) كنز الفوائد، ج: 24، ص: 273.
(43) القول البديع، ص: 23.
(44) تفسير مواهب الرحمن، ج: 2، ص: 145.
ما يتعلق بالبحث الخامس: المطلب الأول منه:
(1) جمال الأسبوع، ص: 288.
(2) الصحيفة السجادية، ص: 32.
(3) فاطمة الزهراء للشيخ الهمداني، ص: 236. والبحار، ج: 90، ص: 338، رواية: 53، باب: 9.
(4) جامع الأسرار للسيد حيدر الآملي، ص: 144.
(5) البحار، ج 25، ص: 22. عوالي اللئالي، ج: 4، ص: 99.
(6) عوالي اللئالي، ج: 4، ص: 121.
(7) جزء من حديث المنزلة المشهور: أنت مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي بعدي.
(8) عوالي اللئالي.
(9) الجامع الصغير، ج: 2، ص: 171.
(10) عوالي اللئالي، ج: 4، ص: 124.
(11) جامع الأسرار، ص: 382. (12) عوالي اللئالي، ج: 4، ص: 124.
وراجع حقيقة الإمامة، ص: 14.
(13) الفتوحات المكية، ج: 1، ص: 117، 119.
(14) البحار، ج: 41، ص: 18، رواية: 12، باب: 101.
(15) البحار ج: 87، ص: 82، وج: 91، ص: 43، جمال الأسبوع، للسيد بن طاووس، ص: 288.
(16) البحار، ج: 94، ص: 66.
(17) المحاسن للبرقي.
(18) البحار ج 94 ص 70 رواية 63 باب 29.
المطلب الثاني:
(19) قال في: رجال البخاري، ج: 2، ص: 629، كعب بن عجرة الأنصاري السالمي المديني سمع النبي صلي الله عليه. (وآله) وسلم روي عنه عبد الرحمن بن أبي ليلي وعبد الله بن مغفل في الحج والعمرة قال الذهلي قال يحيي بن بكير مات كعب بن عجرة سنة اثنتين وخمسين وسنة خمس وسبعون وقال الواقدي مثل أبي بكير إلي آخره وقال عمرو بن علي مات سنة اثنتين وخمس وقال أبو عيسي مثل عمرو وقال ابن نمير مثل عمرو. وقال منجويه في رجال مسلم، ج: 2، 154، كعب بن عجرة السالمي كنيته أبو محمد من بني سالم بن عوف ويقال حليف بني عوف بن الحارث ويقال هو من حليف لبني نوفل من بني عوف بن الخزرج وأنكر بعضهم أن يكون حليفا وقال هو من أنفسهم له صحبة من النبي صلي الله عليه وآله وسلم ويقال مات سنة ست وخمسين ويقال مات وهو ابن خمس وسبعين سنة ويقال الأنصاري المدني من بني دينار النجار روي عن النبي صلي الله عليه وسلم في الصلاة وعن بلال في الوضوء روي عنه عبد الرحمن بن أبي ليلي وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن مغفل في الحج.
(20) كالشيخ الصدوق في أماليه، ص: 232.
والطوسي في أماليه، ج: 2، ص: 43. ففي الوسائل، ج: 7، باب: 35، ص: 197]، رواية: 9101. وفي المجالس عن محمد بن أحمد بن إبراهيم الليثي عن عبد الله بن يحيي عن علي بن الجعد عن شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلي عن كعب بن عجرة قال قلت يا رسول الله قد علمتنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك فقال قولوا اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك علي محمد وآل محمد كما باركت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ورواه الطوسي في الأمالي عن أبيه عن الفيد عن الصدوق مثله. والبحار في كتاب الذكر والدعاء. ومستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 35، عن كنز الفوائد للشيخ شرف الدين النجفي.
(21) قال أبو نصر في رجال البخاري، ج: 2، ص: 562، عقبة بن عمرو أبو مسعود الأنصاري النجاري الكوفي شهد بدرا ذكره الواقدي في الطبقات في باب من لم يشهد بدرا وقال في موضع آخر شهد العقبة ولم يشهد بدرا سمع النبي صلي الله عليه وسلم روي عنه عبد الله بن يزيد الخطمي وقيس بن أبي حازم وابنه بشير بن أبي مسعود وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام في ذكر الملائكة قال البخاري قال يحيي القطان مات أيام علي بن أبي طالب وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي قال الواقدي والهيثم بن عدي توفي بالمدينة في آخر ولاية معاوية وقال في موضع آخر وقال الواقدي توفي في خلافة معاوية.
(22) في رجال البخاري، ج: 1، ص: 371. طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب أبو محمد التيمي القرشي المدني شهد بدرا وأمه الصفية بنت عبد الله بن عمار الحضرمي ومها عاتكة بنت وهب بن عبد بن قصي سمع النبي صلي الله عليه وسلم روي عنه مالك بن أبي عامر في الأيمان قتله مروان بن الحكم يوم الجمل وذلك يوم الجمعة وقال الواقدي يوم الخميس لعشر خلون من جمادي الآخرة سنة وهو ابن سنة.
(23) قال أبو حاتم في الثقات، ج: 3، ص: 137، زيد بن خارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأعز بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج من بني الحارث بن الخزرج الأنصاري شهد بدرا توفي في زمن عثمان وهو الذي يقال إنه تكلم بعد الموت وأبوه شهدا أحدا وأمه هزيلة بنت عتبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جثم بن الحارث بن الخزرج.
(24) قال في رجال البخاري، ج: 1، ص: 302. سعد بن مالك بن سنان أبو سعيد الخدري الأنصاري المدني سمع النبي صلي الله عليه وآله وسلم روي عنه ابن عمر وجابر بن عبد الله وأبو سلمة وأبو صالح وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وحميد بن عبد الرحمن وعطاء بن يسار في الايمان وغير موضع قال الذهلي قال يحيي بن بكير مات سنة وقال أبو عيسي مثله وقال الواقدي مثله وقال ابن نمير مثله (25) البحار، ج: 27، ص: 257، رواية: 4، باب: 15، رواية: 18.
(26) قال أبو حاتم، ج: 1، ص: 60، بريدة بن الحصيب بن عبد الله الأسلمي من المهاجرين الأولين ممن هاجر إلي النبي صلي الله عليه وسلم قبل قدومه المدينة ولحق به فلما أزاد النبي صلي الله عليه وسلم دخول المدينة قال بريدة لا تدخل المدينة إلا ومعك لواء ثم حمل عمامته وشدها في رمح ومشي بين يدي النبي صلي الله عليه وسلم يوم قدومه المدينة كنيته أبو سهل وقد قيل أبو ساسان انتقل إلي البصرة وأقام بها زمانا لم خرج إلي سجستان فبقي بها مدة ثم خرج منها إلي مرو فاستوطنها في امارة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان إلي أن مات وبها عقبه وقبره بمرو مشهور يعرف.
(27) قال في رجال البخاري، ج: 1، ص: 382: عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن حماد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة أبو عبد الرحمن الهذلي حليف بني زهرة بن كلاب القرشي وهو أخو عتبة بن مسعود الكوفي وأمهما أم عبد بنت عبد ود بن سواء بن مريم بن صاهلة بن كاهل سمع النبي صلي الله عليه وسلم روي عنه أبو وائل وقيس بن أبي حازم وأبو عثمان النهدي وعمرو بن ميمون وعلقمة نو والأسود في الإيمان وغير موضع مات قبل عثمان بن عفان بالمدينة وقال خليفة وعمرو بن علي مات سنة اثنين وثلاثين وقال الذهلي قال يحيي بن بكير مثل قول خليفة وزاد وهو ابن بضع وستين سنة وقال مات بالمدينة ودفن بالبقيع وأمه هند بنت عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب وقال الواقدي مثل قول يحيي بن بكير إلي آخره وقال عمرو بن علي مثله وقال مات وهو ابن نيف وستين سنة وقال ابن أبي شيبة مات في آخر إمرة عثمان وقال ابن نمير مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين ودفن بالبقيع.
(28) الدر المنثور، عند تفسير الآية.
(29) شرح السيوطي عبد الغني علي سنن ابن ماجة، ص 65.
(30) قال في رجال البخاري، ج: 2 ج ص: 492: عبد شمس قال البخاري حدثني ابن الأسود قال قالوا أبو هريرة اسمه عبد وقال البخاري قال ابن نمير حدثنا يونس بن بكير قال نا محمد بن إسحاق قال حدثني بعض أصحابنا عن أبي هريرة قال كان اسمي عبد شمس فسميت في الإسلام عبد الرحمن وقال غير البخاري عن ابن نمير مثله وزاد وإنما كنيت بأبي هريرة لأني وجدت أولاد هرة فحملتها في كمي فقيل لي ما هذه قلت هرة قال فأنت أبو هريرة قال البخاري قال إسماعيل يعني ابن أبي أويس وحدث في كتاب أبي أن اسمه عبد شمس واسمه في الإسلام عبد الله وقال عمرو ابن
[1] - نرجو أن لا نؤاخذ في ذكر هذه النبذ من حياة هؤلاء العلماء الفطاحل فإن تراجمهم تحتاج إلي مصنف مستقل وقد كتب ابن العم الفاضل السيد هادي آل باليل حفظه الله كتابا في تراجم هؤلاء الفضلاء سماه: [الوصل والذيل في تراجم آل باليل].
(٥٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، النبي آدم عليه السلام (1)، حديث المؤاخاة (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (6)، حديث المنزلة (1)، كتاب الفصول المهمة لإبن صباغ المالكي (1)، كتاب مجمع البيان للطبرسي (1)، كتاب سنن إبن ماجة (1)، كتاب أمالي الصدوق (2)، معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (1)، كتاب عوالي اللئالي لابن أبي جمهور الأحسائي (5)، الخليفة عثمان بن عفان (1)، مقبرة بقيع الغرقد (2)، كتاب الفتوحات المكية لابن العربي (1)، شهر جمادي الثانية (1)، أبو هريرة العجلي (4)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، أبو سعيد الخدري (1)، كتاب الثقات لابن حبان (1)، يوم القيامة (1)، كتاب الصحيفة السجادية (1)، السيد إبن طاووس (1)، كتاب مستدرك الوسائل (3)، كتاب ذخائر العقبي (1)، مروان بن الحكم (1)، محمد بن أحمد بن إبراهيم الليثي (1)، إبن عساكر (1)، محمد بن سعد كاتب الواقدي (1)، عبيد الله بن عبد الله (1)، أبو مسعود الأنصاري (1)، عبد الله بن الحارث (1)، عبد الله بن يحيي (1)، طلحة بن عبيد الله (1)، عبيدة بن عبد الله (1)، ابن أبي أويس (1)، بشير بن أبي مسعود (1)، عبد الله بن يزيد (1)، علي بن أبي طالب (1)، محب الدين الطبري (1)، جابر بن عبد الله (1)، عبد الله بن عمار (1)، عبد الله بن مسعود (1)، ابن أبي ليلي (1)، الشيخ الصدوق (2)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الهيثم بن عدي (1)، مدينة البصرة (1)، عوف بن الحارث (1)، محمد بن العباس (1)، عتبة بن عمرو (1)، عمرو بن ميمون (1)، محمد بن إسحاق (1)، عثمان بن عمرو (1)، محمد بن عيسي (1)، عقبة بن عمرو (1)، عمرو بن علي (3)، سعد بن مالك (1)، الحج (2)، السجود (1)، الشهادة (6)، القتل (1)، الموت (12)، الصّلاة (6)، الزوج، الزواج (1)، الوضوء (1)، الوفاة (1)
علي عن سفيان بن حسين عن الزهري عن المحرر كان اسم أبي عبد عمرو ابن عبد غنم ذكره بحشل وقال أيضا حدثني الحسن بن حماد قال سمعت أحمد ابن حنبل يقول اسم أبي هريرة عبد شمس ويقال عبد فهم ويقال عبد غنم ويقال سكين بن عامر وقال أبو عيسي الترمذي أبو سمعت أحمد ابن حنبل يقول اسم أبي هريرة عبد شمس ويقال عبد فهم ويقال عبد غنم ويقال سكين بن عامر وقال أبو عيسي الترمذي أبو هريرة اسمه عبد الله ابن عمرو فيه أخبرني محمد يعني ابن إسماعيل قال وقال محمد وكان يقال اسمه في الجاهلية عبد شمس وقال الهيثم اسمه عامر بن عبد شمس وسمي عبد شمس في الإسلام عبد الله وقال ابن أبي شيبة اسمه عبد شمس ويقال عبد فهم ويقال سكين ويقال عبد الرحمن بن صخر وقال الواقدي اسمه عبد الله بن عمرو ويقال عبد الله بن عبد العزي وقال عمرو بن علي الذي صح عبد عمرو بن عبد غنم أبي هريرة الدوسي اليماني نزل المدينة وكان قدومه عام خيبر وإسلامه سمع النبي صلي الله عليه وسلم روي عنه أنس وأبو سلمة وسعيد بن المسيب والأعرج وأبو صالح وسعيد المقبري وابن سيرين وعكرمة في الإيمان وغير موضع قال البخاري قال الحسن عن ضمرة مات سنة وقال أيضا عن أحمد بن أبي الطيب عن ابن عيينة عن هشام بن عروة مات سنة وقال عمرو بن علي والواقدي مات سنة زاد الواقدي وهو ابن سنة وقال في في ذي الحجة وقال أبو عيسي مات سنة وقال الهيثم مثل أبي عيسي وقال ابن نمير مات سنة.
(31). (32) نقلناه عن إحقاق الحق وإبطال الباطل للشهيد السعيد نور الله التستري رضوان الله عليه، كما ونقلنا منه بعض المصادر والمراجع وأسماء المؤلفين.
(33) قال في رجال البخاري، ج: 1، ص: 384: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف أبو العباس الهاشمي المكي سمع النبي صلي الله عليه وسلم وروي عن عمر بن الخطاب وأبي طلحة وأسامة بن زيد والصعب بن جثامة وأبي سفيان بن حرب وابنه معاوية وأبي بن كعب وأخيه الفضل بن عباس وأمه أم الفضل لبابة وخالته ميمونة بنتي الحارث بن حزن روي عنه الشعبي وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن يسار وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عكرمة وأبو الشعثاء وكريب وأبو العالية في بدء الوحي وغير موضع مات بالطائف سنة ثمان ويقال سنة تسع وستين ويقال سنة سبعين قال الدهلي قال يحيي بن بكير قال ابن عباس ولدت قبل الهجرة بثلاث سنين وتوفي النبي صلي الله عليه وسلم وأنا ابن ثلاث عشرة وقال الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال مررت بمني يعني في حجة الوداع والنبي يصلي بالناس وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام وقال ابن أبي شيبة مات سنة ثمان وستين وقال ابن نمير مثله وقال عمرو بن علي مات وهو ابن ثنتين وسبعين سنة قال الذهلي قال يحيي بن بكير مات ابن عباس بالطائف سنة ثمان وستين وسنه إحدي أو اثنان وسبعين سنة وقال الواقدي نحو ابن بكير إلي آخره وقال الذهلي وفيما كتب إلي أبو نعيم قال ابن عباس سنة ثمان وستين يعني موته وقال أبو عيسي مات سنة ثمان وستين وقال ابن نمير مثل أبي عيسي وقال الغلابي عن ابن حنبل مثله.
(34) في رجال البخاري، ج: 2، ص: 762: واثلة بن الأسقع أبو الأسقع وقال الواقدي وعمرو بن علي كنيته أبو قرصافة قال البخاري ولا يصح وهو الليثي الكناني الشامي المقدسي وقال الواقدي في الطبقات يكني أبا قرصافة وقال في بني إسرائيل قال يحيي بن معين مات سنة ثلاث وثمانين وهو ابن مائة وخمس ستين وقال الذهلي قال يحيي بن بكير مات سنة خمس وثمانين سنة ثمان وتسعون قال الواقدي مثل يحيي بن بكير وقال أبو عيسي مات سنة خمس وثمانين وقال ابن نمير مثل أبي عيسي.
(35) في الثقات، ج: 5، ص: 19: عبد الله بن بشير بن عقربة من أهل بيت المقدس يروي عن أبيه روي عنه الشاميون وقد قيل لأبيه بشر بن عقربة.
المطلب الثالث:
(36) ص 18 من الصادي [37]. الوافي نقلا عن أصول الكافي. والوسائل، ج: 7، باب: 42، ص: 202 رواية: 9112.
(38) البحار ج 25 ص 216 رواية 11 باب 7.
(39) روضة الكافي، ص: 317، برقم: 501. والقمي في تفسيره، ج: 1، ص: 209. ونقله المجلسي في البحار، ج: 43، ص: 232. وج: 93، ص: 239. وص: 240.
(40) البحار، ج: 48، ص: 143، رواية: 19، باب: 6. والرواية التي بعدها في حلية الأبرار، ج: 2، ص: 74، نقلا عن مجالس الشيخ. والرواية الثالثة: البحار، ج: 94، ص: 66، رواية: 54، باب: 29. وج: 98 ص: 252، رواية: 4.
(41) الفتوح لابن الأعثم، ج: 2، ص: 183، ذكر كتاب عبد الله إلي يزيد وبعثه برأس الحسين عليه السلام. ومقتل الحسين للخوارزمي، ج: 2، ص: 62. تفسير أب كثير، ج: 3 ص: 535، ذيل الآية. تفسير ابن جرير الطبري، ج: 22، ص: 7، طبع مصر: 1323. فضل آل البيت للقريري، ص: 27. أهل البيت لتوفيق أبو علم، ص: 20، الباب الأول.
(42) الطبقات الكبري ج: 5، ص: 170. ترجمة علي بن الحسين عليه السلام.
(43) الطبقات الكبري، ج: 5، ص: 246. ترجمة أبو جعفر محمد بن علي.
(44) الطبقات الكبري، ج: 5، ص: 248 ترجمة أبو جعفر محمد بن علي.
(45) أخبار الدول للقرماني، ص: 116، باب الثاني الفصل الرابع.
(46) الفصول المهمة، ص: 253، طبع بيروت.
(47) مسند أحمد، ج: 1، ص: 136. ومستدرك الصحيحين، ج: 4، ص: 442، 464. ومجمع الزوائد، ج: 7، ص: 610 إلي ص: 617. وقال أبو الحسن السحري: قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفي بمجئ المهدي وأنه من أهل البيت. الحاوي للفتاوي، ج: 2 ص: 165. والعرف الوردي في أخبار المهدي، والرسائل العشرة للسيوطي رسالة العرف الوردي في أخبار المهدي، ص: 253، ذيل الرسالة.
(48) عيون أخبار الرضا، ج: 2، ص: 64. البحار ج 22 ص 326 رواية 38 باب 10، بإسناد التميمي عن الرضا عن علي عليه السلام قال قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: [سلمان منا أهل البيت].
(49) البحار ج 77 ص 76 رواية 3 باب 4.
(50) الوسائل، ج 7، ص 205.
(51) زيد هو البحار ج 43 ص 231 رواية 6 باب 9 عن علي عن أبيه عن ياسر قال خرج زيد بن موسي أخو أبي الحسن عليه السلام بالمدينة واحرق وقتل وكان يسمي زيد النار فبعث إليه المأمون فأسر وحمل إلي المأمون فقال المأمون اذهبوا به إلي أبي الحسن قال ياسر فلما ادخل إليه قال له أبو الحسن: يا زيد أغرك قول سفلة أهل الكوفة ان فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها علي النار ذاك للحسن والحسين خاصة.
(52) العيون، ج: 2، ص: 234.
(53) البحار ج 32 ص 108 رواية 80 باب 1.
(54) البحار ج 46 ص 337 رواية 25 باب 8.
(55) نور الثقلين، ج: 4، ص: 548.
(56) البحار ج 68 ص 20 رواية 32.
(57) البحار، ج: 39، ص: 299.
(58) البحار ج 47 ص 345 رواية 38 باب.
(59) البحار ج 47 ص 349 رواية 47 باب 11.
(60) البحار ج 69 ص 272 رواية 3 باب 37.
(61) الصواعق المحرقة، وفتح الباري في شرح البخاري عند شرحه الحديث المذكور في مطلب الكيفيات.
(62) قال في الكني والألقاب، ج: 1، ص: 129: أبو العيناء هو أبو عبد الله محمد بن القسم بن خلاد الأهوازي البصري من تلامذة أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري، كان من أوحد عصره في الشعر والفنون الأدبية، وكان من عداد الظرفاء والأذكياء، وكان حاضر الجواب يجيب أكثر المطالب بالقرآن المجيد ويتشهد به كثيرا نقل ابن خلكان كثيرا من أجوبته ونوادره، حكي أنه عمي في حدود الأربعين من عمره، فسئل يوما ما ضرك العمي؟ فقال شيئان:
أحدهما أنه فات مني السبق بالسلام، والثاني أنه ربما ناظرت الرجل فهو يكفهر وجهه ويعبس ويظهر الكراهية وأنا لا أراه حتي أقطع الكلام. توفي بالبصرة سنة: 283. قال المسعودي في مرود الذهب في سنة 284، انحدر أبو العيناء من مدينة السلام إلي البصرة في زورق فيه ثمانون نفسا فغرق الزورق ولم يخلص ممن كان فيه إلا أبو العيناء وكان ضريرا يتعلق بطلال الزورق فأخرج حيا وتلف كل من كان فيه فبعد أن سلم ودخل البصرة مات انتهي.
(63) جواهر العقدين، ص: 278. وتجد الحديث في المستدرك، ج: 3، ص: 148.
المطلب الرابع:
(64) البداية والنهاية، لابن كثير الدمشقي، ج: 1، ص: 193. وإملاء ما من به الرحمن: ص: 110.
(65) كما في رواية كعب، وحديث بريدة، وراجع قسم الكيفيات لا سيما المطلب الثالث.
(66) القول البديع للسخاوي الشافعي، ص: 76.
(76) ذكرناه في طلب الكيفيات.
(68) صفة صلاة النبي للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ص: 172.
المطلب الخامس:
(71) كنز العمال، ج: 7، ص: 483، رقم: 19888.
(72) الصراط المستقيم ج: 1، ص 190.
(73) الصواعق المحرقة لابن حجر ص 87.
(74) وراجع المستدرك، ج: 3، ص: 148. مناقب أهل البيت من كتاب المعرفة. وذخائر العقبي، ص: 21. جواهر العقدين، ج: 2، ص: 8. والدولابي في الذرية الطاهرة، ص: 69.
(75) جواهر العقدين، ج: 1، ص: 46.
(76) ينابع المودة ج 1 ص 6.
(77) تاريخ بغداد للخطيب، ج: 14، ص: 303.
(78) الوسائل ج: 7، باب: 42، ص 203، من رواية علي بن الحسين المؤدب عن محمد بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن عمير عن أبان بن عثمان إلخ. والبحار ج: 8، ص 186، رواية: 150، باب: 23، وج: 94 ص 56، من رواية ابن شاذويه عن الحميري عن أبيه عن ابن يزيد عن ابن عمير إلخ وروضة الواعظين ج 2 ص 323، أمالي الشيخ الطوسي ص 270، أمالي الشيخ الصدوق ص 120. وثواب الأعمال، ص: 85.
(79) مستدرك الوسائل: ج 5، باب: 35، 355، رواية 6071 نقله من جمال الأسبوع للسيد ابن طاووس بإسناده عن أبي عبد الله الصادق عليه الصلاة والسلام.
(80) مستدرك الوسائل: ج 5 باب 35 ص 356 رواية 6073.
(81) مستدرك الوسائل: ج 5 باب 7 ص 15 رواية 5255، والبحار: ج 85 ص 288 رواية 17 باب 34.
[1] - نرجو أن لا نؤاخذ في ذكر هذه النبذ من حياة هؤلاء العلماء الفطاحل فإن تراجمهم تحتاج إلي مصنف مستقل وقد كتب ابن العم الفاضل السيد هادي آل باليل حفظه الله كتابا في تراجم هؤلاء الفضلاء سماه: [الوصل والذيل في تراجم آل باليل].
(٥٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام الحسن بن علي المجتبي عليهما السلام (1)، كتاب مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، كتاب الفصول المهمة لإبن صباغ المالكي (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (1)، كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1)، عبد الله بن عباس (5)، كتاب أمالي الصدوق (2)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، الحافظ أبو نعيم (1)، كتاب أصول الكافي للشيخ الكليني (1)، كتاب الصراط المستقيم لعلي بن يونس العاملي (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، كتاب العرف الوردي في اخبار المهدي عجل الله فرجه (1)، شهر ذي الحجة (1)، كتاب الحاوي للفتاوي للسيوطي (1)، الخليفة عمر بن الخطاب (1)، أبو هريرة العجلي (3)، كتاب البداية والنهاية (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، كتاب الثقات لابن حبان (1)، السيد إبن طاووس (1)، كتاب مستدرك الوسائل (3)، مدينة الكوفة (1)، كتاب ذخائر العقبي (1)، كتاب الصواعق المحرقة (2)، كتاب الطبقات الكبري لإبن سعد (3)، كتاب فتح الباري (1)، القرآن الكريم (1)، العلامة المجلسي (1)، مدينة بيروت (1)، سعيد بن المسيب (1)، سعيد بن جبير (1)، عبيد الله بن عبد الله (2)، علي بن الحسين المؤدب (1)، عطاء بن أبي رباح (1)، واثلة بن الأسقع (1)، عبد الله بن بشير (1)، عبد الله بن عمرو (1)، أسامة بن زيد (1)، أبو عبد الله (1)، أبان بن عثمان (1)، الصعب بن جثامة (1)، هشام بن عروة (1)، يعقوب بن يزيد (1)، مدينة البصرة (2)، خيبر (1)، عطاء بن يسار (1)، ابن إسماعيل (1)، الحسن بن حماد (1)، حجة الوداع (1)، زيد بن موسي (1)، أبي بن كعب (1)، عمرو بن علي (4)، محمد بن علي (2)، الخوارزمي (1)، الحزن (1)، الباطل، الإبطال (1)، الموت (13)، الجهل (1)، الحرب (1)، القتل (1)، الصّلاة (1)، الإحتلام (1)
(82) محمد بن إبراهيم في كتاب. (فضائل الأشهر الثلاثة): بإسناده عن الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام عن آبائه عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم نقله في البحار: ج: 97، ص 80 رواية 47، باب: 56.
(83) الوافي نقلا عن أصول الكافي. والوسائل، ج: 7، باب: 42، ص: 202، رواية: 9112.
(84) رسالة المحكم والمتشابه: ص 14، للسيد الشريف المرتضي رضوان الله عليه.
(85) مستدرك الوسائل: ج 5، باب: 31 ص 336، رواية: 6036.
المطلب السادس:
(86) المصدر نفسه: ج 5، باب: 31، ص 337، رواية: 6037. المطلب السادس.
(87) وذخائر العقبي، ص: 21. جواهر العقدين، ج: 2، ص: 8. والدولابي في الذرية الطاهرة، ص: 69. (89) الكافي، ج: 3، ص: 484.
المطلب السابع:
(90) البحار، ج 94.
(91) البحار ج 95 ص 406.
(92) المصدر ج 98 ص 328 رواية 1 باب 7.
(93) المصدر ج 90 ص 165 رواية 16 باب 9.
(94) المصدر 94 ص 123.
(95) المصدر 98 ص 223 رواية 3 باب 2.
(96) البحار ج 98 ص 343 رواية 3 باب 8. (97) المصدر ج 102 ص 239 رواية 5 باب 10.
(98) المصدر ج 86 ص 88 رواية 12 باب 40.
(99) المصدر ج 86 ص 28 رواية 32 باب 38.
(100) المصدر ج 86 ص 113 رواية 1 باب 42.
(101) المصدر ج 90 ص 288.
(102) المصدر ج 95 ص 406.
(103) البحار ج 27 ص 258 رواية 7 باب 15.
(104) مستدرك الوسائل: ج 5، باب: 35، ص 356 رواية: 6074.
(105) البحار، ج: 22، ص: 3، رواية: 5، باب، الأول.
(106) البحار، ج: 25، ص: 243، رواية: 9، باب، الرابع.
(107) أجوبة المسائل المهنائية للعلامة الحلي، ص: 23.
المطلب الثامن:
(108) الوسائل: ج 6، ص: 474، باب 24، رواية 8478.
(109) هذا نص ما في جمال الأسبوع لابن طاووس، ص: 240. وذكر المجلسي في البحار، ج: 94، ص: 67، رواية: 55، باب: 29، بزيادة فقرة وهي ليس في الأصل.
(110) البحار ج 84 ص 204 رواية 3 باب 15.
(111) الوسائل، ج: 7، باب: 48، ص: 400 رواية: 9686.
(112) نقله في مستدرك الوسائل: ج 2، باب: 2، ص: 249، رواية: 1891.
(113) الوسائل: ج 7، باب: 26، ص 468، رواية 9881.
(114) الوسائل: ج 7، باب: 35 ص: 197، رواية: 9103.
المطلب التاسع:
(115) جلاء الأفهام، ص: 350.
(116) مجمع البحرين للطريحي، ج: 2، ص: 572، مادة: شيع.
(117) الجلاء 350.
(118) الوسائل ج: 7، باب: 43، ص 208، رواية 9129. البحار ج 94 ص 48 رواية 5 باب 29.
(119) البحار ج 97 ص 261 رواية 5 باب 1 رواية.
(120) البحار ج 27 ص 48 رواية 1 باب 16.
(121) البحار ج 86 ص 66 رواية 4 باب 39 رواية.
(122) البحار ج 87 ص 273 رواية 69 باب 12.
المطلب العاشر:
(123) جلاء الأفهام، ص: 358.
(124) الصلاة علي النبي للقاضي عياض ص: 60.
(125) القول البديع، 65.
(126) الإصابة لبن حجر العسقلاني، ج: 3، ص: 469. الطبعة الأولي: سنة 1328 مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر، الناشر مكتبة المثني، بغداد. وفي بعض الطبعات ذكر بعد الإمام علي: صلي الله عليه وآله وسلم.
(127) فتاوي للشيخ كشك ج: 9، ص: 61.
(128) الأذكار، ص: 209، طبعة دار التراث بالمدينة المنورة، 1407.
(129) الإصابة لبن حجر العسقلاني،: 3، ص: 289. الطبعة الأولي: سنة 1328 مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر، الناشر مكتبة المثني، بغداد.
(130) وأيضا في قصص العلماء ص: 38، للتنكابني نقلا عن كتاب روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه للشيخ المجلسي رحمه الله، وذكرها أيضا الخونساري في روضات الجنات.
(131) صحيح البخاري، كتاب الزكاة، رقم: 1402. صحيح مسلم، كتاب الزكاة، رقم: 1791. سنن النسائي، كتاب الزكاة، رقم: 2416. سنن أبي داود، كتاب الزكاة، رقم: 1356. سنن ابن ماجة، كتاب الزكاة رقم: 1786. مسند أحمد، رقم: 18601.
(132) جلاء الأفهام، ص: 365.
(133) ورواه البخاري في الأدب المفرد، ص: 223، وابن حبان في صحيحه، ج: 3، ص: 185، برقم: 903.
(134) الجزء الأول، ص: 7.
(135) ونقله في البحار ج 91 في كتاب الدعاء.
(136) ففي الكافي ج: 2 ص: 596.
(137) أعيان الشيعة ج: 1 ص: 605.
(138) مجمع النورين للمرندي ص 31، البحار في باب فضائلها، كشف الغمة ج 2 ص 100، مفاتيح الجنان ص 386.
(139) المقنعة ص 491.
المطلب الحادي عشر:
(140) ذكره النوري في المستدرك: ج: 11، باب: 11، ص 217، رواية: 12789، والبحار: ج:
71، ص 151، رواية: 51، باب: 63. ومن العامة ابن ماجة. (4164) ومسند أحمد: 1 / 30، 53.
(141) صحيح مسلم (2383)، والترمذي: (3656)، وابن ماجة في صحيحه. (93).
(142) البحار: ج 17، ص 251، رواية: 4، باب 2.
(143) الوسائل ج: 7 باب: 34، ص: 194، رواية: 9095.
(144) مغني اللبيب لابن هشام، ج: 2، ص: 235.
(145) شرح الكافية للرضي الإستر آبادي رضوان الله عليه ج: 2، ص: 348.
(146) فضل الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم لإسماعيل القاضي المتوفي، ص: 73، والحديث عندهم صحيح.
(147) معاني الأخبار، ص: 283. والبحار عنه، ج: 73، ص: 348.
(148) الدر المنثور، ج: 2 ص: 18.
(149) أمالي الشيخ الصدوق، وعيون أخبار الرضا عليه السلام، ج: 1، ص: 209. والبحار عنه، ج: 44، ص: 225 وص: 226.
(150) صحيح الترمذي، ج: 13، ص: 195. وابن ماجة في سننه، ج: 1، ص: 64. والنهاية لابن الأثير، ج: 2، ص: 153.
القسم الثاني البحث الأول:
(151) الصلاة علي النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) للقاضي عياض، ص: 22.
(152) الحبل المتين للشيخ البهائي.
(153) الكافي، ج: 2 لا، ص: 495، رواية: 19.
(154) و (155) التهذيب، ج: 2، ص: 159، وج: 4، ص: 108. والاستبصار، ج: 1، ص: 343. الفقيه، ج: 2، ص: 183.
(156) الكافي، ج: 2، ص: 92.
(157) دعائم الإسلام، ج: 1، ص: 164.
(158) الكافي، ج: 3 ص: 484.
(159) مفتاح الكرامة، ج: 4، ص: 820.
(159) البحار، ج: 85، ص: 286، ص: 286، رواية: 13.
(160) تاريخ الطبري، ج: 11، ص: 618.
(161) التهذيب، ج: 3، ص: 263.
(162) أصول الكافي، ج: 2، ص: 485.
(163) مستدرك الوسائل، ج: 3، ص: 392.
(164) البحار، ج: 84، ص: 25. ونحوه في مستدرك الوسائل، ج: 3، ص: 394.
(165) و (166) و (167) القول البديع، ص: 176، ص: 179.
(168) مجمع الزوائد، ج: 1، ص: 333، وفي صحيح البخاري، ج: 1، ص: 222، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة الصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة. وفي ج: 4، ص: 749، عنه أيضا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة الصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة.
(169) مستدرك الوسائل عن فلاح السائل، ج: 4، ص: 123.
(170) مستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 32.
(171) مستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 329، ومجمع البحرين، للطريحي، ج: 2، ص: 321.
(172) الوسائل، ج: 6، ص: 277، وج: 6، ص: 278.
(173) القول البديع، ج: 3، ص 184.
(174) مهج الدعوات، ص: 49. والبحار، ج: 85، ص: 214.
(175) عيون الأخبار، ج: 2، ص: 182.
(176) كما في البحار، ج: 10، ص: 139. وعنه مستدرك الوسائل، ج: 10، ص: 338.
(177) الرواية الأولي في الوسائل ج: 6، ص: 431. والثانية في مستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 29.
(178) التهذيب، ج: 2، ص: 104.
(179) مستدرك الوسائل، ج: 5، ص 30.
(180) الكافي، ج: 3، ص: 478. والتهذيب، ج: 3، ص: 313.
(181) الخصال للشيخ الصدوق، ص: 630.
(182) ثواب الأعمال، ص: 156.
(183) البحار، ج: 86، ص: 97.
(184) الرواية الأولي في مستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 96 والثانية في الوسائل، ج: 6، ص: 479. والرواية الآتية في المستدرك، ج: 4، ص: 384.
(185) عنه البحار، ج: 86، ص: 24، رواية: 25.
(186) البحار، ج: 97، ص: 6 رواية: 7.
(187) عنه البحار، ج: 86، ص: 6، رواية 8.
(188) التهذيب، ج: 2، ص: 107، رواية: 173.
(189) البحار ج: 86، ص: 36، رواية: 41.
(190) المصباح، ص: 37. البلد الأمين، ص: 21.
(191) البحار، ج: 85، ص: 321 ومثله رواية 8.
(192) عدة الداعي ص: 165.
(193) فردوس الأخبار، ج: 2، ص: 546، القول البديع، ص: 123 ومثله في وسائل الشيعة، ج: 5، ص: 224، و 329.
(194) البحار، ج: 94، ص: 67.
(195) الكافي، ج: 2، ص: 492. (196) مستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 227.
(197) الكافي، ج: 2، ص: 485.
(198) الكافي، ج: 2، ص: 494.
(199) مستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 337.
(200) الكافي، ج: 2، ص: 492.
(201) الوسائل، ج: 7، ص: 36.
(222) مستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 226.
(223) مستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 227.
(224) الكافي، ج: 2، ص: 491.
(225) الكافي، ج: 2، ص: 493.
(226) الكافي، ج: 2، ص: 494.
(227) مستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 216.
(228) الكافي، ج: 1 ص: 430.
(229) مستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 34.
(230) الكافي، ج: 2، ص: 491.
(231) فيض القدير، ج: 5، ص: 19.
(232) مستدرك الوسائل، ج: 2، ص: 330.
(233) الوسائل، ج: 7 ص: 96.
(234) مستدرك الوسائل، ج: 5، ص: 331، وص: 227.
(235) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج: 19، ص: 367.
(236) الكافي، ج: 2، ص: 493.
(237) الكافي، ج: 2، ص: 491.
(238) الوسائل، ج: 7، ص ك 96.
(239) الخصال، ص: 613.
(240) البحار، ج: 93، ص: 322.
(241) الكافي، ج: 2، ص: 495.
(242) مستدرك الوسائل، ج: 1، ص: 167.
(243) مستدرك الوسائل، ج: 1، ص: 156.
(244) مستدرك الوسائل، ج: 1، ص: 166.
(245) مستدرك الوسائل، ج: 1، ص: 156.
(246) الوسائل، ج: 6، ص: 407.
(246) التهذيب، ج: 2، ص: 159. رواية: 83.
(247) الكافي، ج: 2 ص: 495 رواية: 19.
[1] - نرجو أن لا نؤاخذ في ذكر هذه النبذ من حياة هؤلاء العلماء الفطاحل فإن تراجمهم تحتاج إلي مصنف مستقل وقد كتب ابن العم الفاضل السيد هادي آل باليل حفظه الله كتابا في تراجم هؤلاء الفضلاء سماه: [الوصل والذيل في تراجم آل باليل].
(٥٤٢)
صفحهمفاتيح البحث: الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله (3)، كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام (1)، الإمام علي بن موسي الرضا عليهما السلام (1)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، كتاب الخصال للشيخ الصدوق (1)، كتاب مسند أحمد بن حنبل (2)، كتاب سنن إبن ماجة (1)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه (1)، كتاب أصول الكافي للشيخ الكليني (2)، كتاب كشف الغمة للإربلي (1)، كتاب مجمع النورين للشيخ أبو الحسن المرندي (1)، كتاب مغني اللبيب لابن هشام الأنصاري (1)، كتاب صحيح الترمذي (1)، كتاب عدة الداعي لابن فهد الحلي (1)، كتاب الكافئة للشيخ المفيد (1)، كتاب سنن أبي داود (1)، يوم القيامة (2)، كتاب أعيان الشيعة للأمين (1)، كتاب مستدرك الوسائل (24)، كتاب صحيح البخاري (2)، كتاب ذخائر العقبي (1)، كتاب صحيح مسلم (2)، العلامة المجلسي (2)، الشيخ البهائي (1)، إبن الأثير (1)، المدينة المنورة (1)، جابر بن عبد الله (1)، محمد بن إبراهيم (1)، كتاب تاريخ الطبري (1)، العلامة الحلي (1)، الشريف المرتضي (1)، مدينة بغداد (2)، إبن ماجة (3)، الزكاة (4)، الوراثة، التراث، الإرث (1)، الكرم، الكرامة (1)، الصّلاة (1)، الوفاة (1)

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.