جراب النورة، بين اللغة و الاصطلاح

اشارة

نوع: كتاب
پديدآور: حسيني جلالي، محمدرضا1324-
عنوان و شرح مسئوليت: جراب النورة، بين اللغة و الاصطلاح [منبع الكترونيكي] / محمدرضا الحسيني الجلالي
ناشر: موسسه تحقيقات و نشر معارف اهل البيت (ع)
توصيف ظاهري: 1 متن الكترونيكي: بايگاني HTML؛ داده هاي الكترونيكي (50 بايگاني: 138.4KB)
يادداشت: كتابنامه: ص.45-

صفحه 001

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٩
جراب النورة بين اللغة والاصطلاح السيد محمد رضا الحسيني الجلالي بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي سيدنا محمد المصطفي، وعلي الأئمة المعصومين من آله.
وبعد، فقد تتبعنا مصادر التراث الإسلامي، للوقوف علي هذه العبارة، ومفرداتها، لأجل التحقيق عن مؤداها، فوجدنا أن لكلمة " جراب " دورا في مجالات من المعارف الإسلامية ومصادرها، ولعبارة " جراب النورة " دورا آخر في المعارف والمصادر، كذلك.
فأفردنا لكل منهما مقاما للبحث:
المقام الأول: حول كلمة " جراب " لغة، واصطلاحا 1 - مدلولها اللغوي:
قال في لسان العرب: الجراب: الوعاء، معروف، وقيل: هو المزود والعامة تفتحه فتقول الجراب - والجمع: أجربة، وجرب، وجرب.
(٩)
مفاتيح البحث: كتاب جراب النورة بين اللغة والاصطلاح للسيد محمد رضا الجلالي (1)، محمد رضا الحسيني (1)، الوراثة، التراث، الإرث (1)، الصّلاة (1)

صفحه 002

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ١٠
والجراب: وعاء من إهاب (1) الشاء، لا يوعي فيه إلا يابس (2).
وقال في القاموس ممزوجا بشرحه تاج العروس (3)، ما نصهما:
(الجراب) بالكسر (ولا يفتح، أو) الفتح (لغية) إشارة إلي الضعف (في ما حكاه) القاضي (عياض) بن موسي اليحصبي، في المشارق، عن القزاز (وغيره) كابن السكيت، ونسبه الجوهري وابن منظور للعامة: (المزود، أو الوعاء) معروف، فهو أعم من المزود.
وقيل: هو وعاء من إهاب الشاء لا يوعي فيه إلا يابس، وقد يستعمل في قراب السيف مجازا.
(جمعه: جرب) ككتاب وكتب علي القياس (وجرب) بضم فسكون، مخفف من الأولي، ذكره ابن منظور في لسان العرب وغيره (وأجربة) قال الفيومي: إنه مسموع فيه، حكاه الجوهري وغيره (4).
2 - موارد الكلمة في الحديث الشريف:
استعملت كلمة " جراب " وما يتبعها من التثنية والجمع في موارد كثيرة من الأحاديث في التراث الإسلامي، نذكر بعضها:
1 - ما رواه الأئمة من أهل البيت عليهم السلام في " ما جمع من ألفاظ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فأسندوه عنه " وهو الكتاب المعروف باسم " الجعفريات " الذي رواه الإمام الكاظم عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال:
قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: القلوب أربعة: فقلب فيه إيمان وليس فيه قرآن، وقلب.
(1) الإهاب هو الجلد.
(2) لسان العرب: (جرب) 5831 طبع مصر.
(3) الوارد داخل الأقواس هو متن القاموس، والخارج منها هو شرحه تاج العروس.
(4) تاج العروس (جرب) 1791 من طبعة مصر الأولي، و 1492 من الطبعة الحديثة المحققة
(١٠)
مفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، علي بن الحسين (1)، جعفر بن محمد (1)، الوراثة، التراث، الإرث (1)

صفحه 003

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ١١
فيه قرآن وإيمان، وقلب فيه قرآن وليس فيه إيمان، وقلب لا قرآن فيه ولا إيمان.
فأما القلب الذي فيه إيمان وليس فيه قرآن: كالتمرة، طيب طعمها وليس لها ريح.
وأما القلب الذي فيه قرآن وليس فيه إيمان: كالأشنة (1) طيب ريحها، خبيث طعمها.
وأما القلب الذي فيه قرآن وإيمان: كجراب المسك: إن فتح فتح طيبا، وإن وعي وعي طيبا.
وأما القلب الذي لا قرآن فيه ولا إيمان: كالحنظلة: خبيث ريحها خبيث طعمها (1).
2 - ومن مسند عثمان:
بعث النبي صلي الله عليه وآله وسلم وفدا إلي اليمن، فأمر عليهم أميرا منهم، وهو أصغرهم، فمكث أياما لم يسر، فلقي النبي صلي الله عليه وآله وسلم رجلا منهم، فقال: يا فلان، أما انطلقت؟
فقال: يا رسول الله، أميرنا يشتكي رجله.
فأتاه النبي صلي الله عليه وآله وسلم، ونفث عليه: " باسم الله وبالله أعوذ بالله وبعزة الله وقدرته من شر ما فيها " سبع مرات، فبرأ الرجل.
فقال له رجل: يا رسول الله، أتؤمره علينا وهو أصغرنا؟
فذكر النبي صلي الله عليه وآله وسلم قرأته للقرآن.
فقال الشيخ: يا رسول الله، لولا أني أخاف أن أتوسده فلا أقوم به، لتعلمته فقال له رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: لا تفعل، تعلم القران فإنما مثل القرآن كجراب ملأته مسكا، ثم ربطت علي فيه، فإن فتحته فاح
(١) في لسان العرب (أشن): الأشنة: شئ من الطيب أبيض كأنه مقشور قال ابن بري: الأشن: شئ من العطر أبيض دقيق كأنه مقشور من عرق ٨٦١.
(٢) الجعفريات ب ٥٣٣، ص ٢٣٠، المعنون (كتاب غير مترجم)، وعنه في مستدرك الوسائل ٢٣١٤ تسلسل ٤٥٦٨ ورواه أبو الرضا الراوندي في نوادر الراوندي ص ٤ رقم ٢٦، وعنه في بحار الأنوار ٧٠ / 60 رقم 40.
(١١)
مفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (5)، القرآن الكريم (2)، كتاب مستدرك الوسائل (1)، كتاب بحار الأنوار (1)، العرق، التعرق (1)

صفحه 004

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ١٢
إليك ريح المسك، وإن تركته كان مسكا موضوعا، كذلك مثل القرآن إذا قرأته أو كان في صدرك (1).
3 - ما رواه البخاري في تاريخه الكبير - بسنده - عن عطاء مولي أبي أحمد، عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أنه قال: مثل القرآن كمثل " جراب " محشو مسكا تفوح ريحه (2).
4 - ووردت الكلمة في سيرة الإمام أبي عبد الله الحسين بن علي الشهيد عليه السلام.
ففي المناقب: شعيب بن عبد الرحمن الخزاعي، قال: وجد علي ظهر الحسين بن علي يوم الطف أثر، فسألوا زين العابدين عليه السلام عن ذلك؟ فقال: هذا مما كان ينقل الجراب علي ظهره إلي منازل الأرامل واليتامي والمساكين (3).
وفي سيرته عليه السلام كذلك: لما عزم علي الخروج إلي العراق من مكة، قام خطيبا، فقال: الحمد لله، وما شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلي الله علي رسوله وسلم، خط الموت علي ولد آدم مخط القلادة علي جيد الفتاة، وما أولهني إلي أسلافي اشتياق يعقوب إلي يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تتقطعها عسلان الفلوات - بين النواويس وكربلا x - فيملأن مني أكراشا جوفا، وأجربة
(١) رواه في كنز العمال ٢ / ٢٨٧ رقم ٤٠٢٠، عن: قط [الدارقطني] في الأفراد، طس [الطبراني في الأوسط ٧ / ١٥٠ ح ٧١٢٦ ط الرياض] والبغوي في مسند عثمان أقول: ورواه الترمذي في نوادر الأصول ٢ / ٢٣٩ معنونا للأصل ٢٥٣ بعنوان: القرآن كجراب المسك. ورواه في مجمع الزوائد ١٦١٧ باب فضل القرآن، عن الطبراني في الأوسط.
(٢) كذا في التاريخ الكبير ٤٦٢٦ ولم يجئ فيه ذكر (أبي هريرة) بين عطاء والنبي وقد صححه، لكن رواه المزي في تهذيب الكمال ٢ / ٤٥٥ ضمن حديث طويل: … عن عطاء، عن أبي هريرة، وصدره: بعث النبي بعثا فاستقرأهم … وفيه: فقال رسول الله تعلموا القرآن وعلموه، واقرئوه وقوموا به، فإن مثل القرآن …
الحديث.
وقال محقق تهذيب الكمال: هو في سنن النسائي في السير، وهو القسم الذي أسقطه ابن السني، وأخرجه بطوله الترمذي في الجامع الصحيح برقم (٢٨٧٦) في فضائل القرآن …، وهو في سنن ابن ماجة مختصرا في المقدمة، وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان (١٧٨٩) (ش).
وأورده المزي في تهذيب الكمال ٣٠٢٠١ في ترجمة (عطاء) ونقله محققه في الهامش عن: السنن الكبري للنسائي وقال: كما في تحفة الأشراف (42421).
(3) بحار الأنوار 90441 - 1.
(١٢)
مفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، يوم عاشوراء (1)، دولة العراق (1)، مدينة كربلاء المقدسة (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، القرآن الكريم (7)، الموت (1)، الصّلاة (1)، كتاب سنن إبن ماجة (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، أبو هريرة العجلي (2)، كتاب الأشراف للشيخ المفيد (1)، كتاب تهذيب الكمال للمزي (3)، الطبراني (2)، كتاب بحار الأنوار (1)

صفحه 005

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ١٣
سغبا، لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت نصبر علي بلائه ويوفينا أجور الصابرين.
لن تشذ عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لحمته، بل هي مجموعة له في حظيرة (1) القدس، تقر بهم عينه، وينجز وعده.
من كان باذلا فينا مهجته، وموطنا علي لقاء الله نفسه، فليرحل معنا، فإني راحل، مصبحا، إن شاء الله (2).
5 - وفي سيرة الإمام زين العابدين عليه السلام، جاء ذكر الجراب مكررا:
أ: فعن الإمام الباقر عليه السلام - عندما ذكر أباه -: كان عليه السلام ليخرج في الليلة الظلماء، فيحمل الجراب علي ظهره، وفيه الصرر من الدنانير والدراهم، وربما حمل علي ظهره الطعام أو الحطب، حتي يأتي بابا بابا، فيقرعه ثم يناول من يخرج إليه، وكان يغطي وجهه إذا ناول فقيرا، لئلا يعرفه، فلما توفي عليه السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنه كان علي بن الحسين عليه السلام (3) ب: وجاء في حديث آخر: … وكثيرا ما كانوا قياما علي أبوابهم ينتظرونه فإذا رأوه تباشروا به، وقالوا: جاء صاحب الجراب (4).
وفي حلية الأولياء: قال عمرو بن ثابت: لما مات علي بن الحسين، فغسلوه، جعلوا ينظرون إلي آثار سواد في ظهره، وقالوا: ما هذا؟
فقيل: كان يحمل جرب الدقيق ليلا علي ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة (5).
(١) حظيرة القدس: الجنة. وفي حديث النبي: " الثابت علي سنتي معي في حظيرة القدس " و " لا يلج حظيرة القدس مدمن الخمر ". (الحيدري) (٢) بحار الأنوار ٤٤ / ٦ - ٣٦٧ عن الملهوف لابن طاوس ص ١٢٦ باختلاف ورواه الإربلي في كشف الغمة ٢٩ / ٢ وانظر موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام ٣٢٨.
(٣) بحار الأنوار ٤٢ / ٦٢.
(٤) بحار الأنوار ٤٢ / ٨٩.
(٥) بحار الأنوار ٤٢ / 90.
(١٣)
مفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم (1)، علي بن الحسين (1)، عمرو بن ثابت (1)، الطعام (1)، الموت (1)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (1)، كتاب كشف الغمة للإربلي (1)، كتاب بحار الأنوار (4)

صفحه 006

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ١٤
6 - وما رواه المحدث الأقدم أبو محمد الصفار - بسنده - إلي الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام - لما قيل له عمن يقول: هذا في جفركم الذي تدعون؟
قال عليه السلام: أما قوله في الجفر، فإنما هو جلد ثور مذبوح، كالجراب، فيه كتب وعلم ما يحتاج الناس إليه، إلي يوم القيامة، من حلال وحرام، إملاء رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وخط علي عليه السلام بيده، وفيه مصحف فاطمة عليها السلام، ما فيه آية من القرآن، وإن عندي خاتم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ودرعه وسيفه ولوائه، وعندي الجفر، علي رغم أنف من رغم (1) 7 - ورووا عن أبي هريرة قوله: حفظت ثلاثة أجربة، بثثت منها جرابين (2).
وقيل عنه: إنه حفظ عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم خمس جرب أحاديث، وقال: إني أخرجت منها جرابين، ولو أخرجت الثالث لرميتموني بالحجارة (3).
3 - وفي الحضارة العامة:
استعملت كلمة الجراب بمعناها اللغوي، أي الوعاء، في الحوار التالي: كان الناس يتبعون ربيعة الرأي ويعملون بفقهه، وكان أبو الزناد أفقه منه فقيل لأبي الزناد: أنت أفقه، والعمل علي ربيعة؟
فقال: ويحك كف من حظ، خير من جراب من علم (4).
8 - واستعملت الكلمة في علم الرجال، بالأشكال التالية:
(١) بحار الأنوار ٢٢٦ - ٤٣ عن بصائر الدرجات ص ٢ و ٤٣ والبحار - أيضا - ٢٦ / ٤٩ عن البصائر ص ٤٤.
(٢) نقله ابن حجر في فتح الباري ١ / ١٩٢ عن المسند.
(٣) نقله الرامهرمزي في المحدث الفاصل ص ٥٥٦ رقم ٧٤٩، وقال محققه: نحوه في طبقات ابن سعد ٥٧٤ ق ٢، و ٢ / ١١٨، ق ٢، وانظر فتح الباري ١ / ٣٢٧ وحلية الأولياء ١ / ٣٨١ والبداية والنهاية ٨ / ١٠٥ وتذكرة الحفاظ ١ / ٣٤. أقول أما تذكرة الحفاظ فالمذكور فيه ص ٣٥ حديث أبي هريرة عن الوعائين وقوله: لو بثثته لقطع هذا البلعوم، وقد أخرجه البخاري في صحيحه ١ / ٤١ لاحظ تدوين السنة الشريفة ص ٤٨٧.
(٤) سير أعلام النبلاء ء ٥ / ٤٤٧ عن أبي حنيفة، وانظر تهذيب التهذيب ٥ / ١٧٩، وبلفظ: " ما علمتم أن مثقالا من دولة خير من حمل علم "، لاحظ تاريخ بغداد ٨ / 424.
(١٤)
مفاتيح البحث: الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، أبو هريرة العجلي (2)، يوم القيامة (1)، ربيعة الرأي (1)، القرآن الكريم (1)، كتاب حلية الأولياء لأبي نعيم (1)، كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1)، كتاب البداية والنهاية (1)، كتاب تذكرة الحفاظ للذهبي (1)، كتاب فتح الباري (2)، كتاب بحار الأنوار (1)

صفحه 007

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ١٥
أولا: سمي بها:
فبنو جراب بن وشاح، يقال لهم " الجواربة " ذكرهم ابن خلدون في تاريخه (1).
ثانيا: ولقب بها:
فجراب، لقب يعقوب بن إبراهيم بن أحمد بن عيسي أبي بكر البزاز (2).
وجراب الدولة: لقب: أحمد بن محمد السجستاني صاحب النوادر، قاله ابن حجر في النزهة عن ياقوت (3).
واستعملت " جراب الكذب " نبزا لبعض رواة العامة، كما سيأتي.
ثالثا: وكني بها:
فإسماعيل بن يعقوب يقال له ابن الجراب (4) لكون أبيه السابق ذكره يلقب ب - " الجراب ".
وجاء عند ياقوت ذكر: سداد بن أبي جراب (5).
رابعا: واستعملت نسبة، فقيل: الجرابي:
فإسماعيل المذكور يقال له: " الجرابي " بياء النسبة (6).
خامسا: كما نسب إلي جمع الكلمة فقيل: " الجربي ":
والمنسوب إليه: محمد بن هارون الجربي، وأبو عبد الله الجربي (7).
سادسا: واستعملت في مقام المدح:
قال مالك بن أنس في عبد الرحمن بن القاسم - عالم الديار المصرية ومفتيها -
(١) تاريخ ابن خلدون ٧ / ٨٥.
(٢) إكمال الإكمال، لابن ماكولا ٢ / ٤٤١.
(٣) هامش إكمال الإكمال ٢ / ٤٤٢.
(٤) إكمال الإكمال لابن ماكولا ٣ / ٥٨.
(٥) معجم البلدان ٣ / 197.
(6) الأنساب للسمعاني (الجرابي) 2 / 36، وانظر إكمال الإكمال 583.
(7) لاحظ الأنساب للسمعاني 2 / 39، وإكمال الإكمال 3 / 108.
(١٥)
مفاتيح البحث: يعقوب بن إبراهيم (1)، أبو عبد الله (1)، أحمد بن عيسي (1)، محمد بن هارون (1)، مالك بن أنس (1)، أحمد بن محمد (1)، الكذب، التكذيب (1)، كتاب تاريخ ابن خلدون لابن خلدون (1)، كتاب معجم البلدان (1)

صفحه 008

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ١٦
أبي عبد الله العتقي مولاهم، لما ذكر عنده: عافاه الله، مثله كمثل جراب مملوء مسكا (1).
سابعا: واستعملت في مقام الذم:
1 - قال ابن قيم الجوزية الدمشقي - وهو يتحدث عن ما ورد حول بيت المقدس والصخرة والمسجد الأقصي والصلاة فيه، بعد أن ضعف بعضه وصحح بعضه -: فهذا مجموع ما صح فيه من الأحاديث، ثم افتتح الكذاب الجراب وأكمل الأحاديث المكذوبة فيه … (2).
2 - وقال سلمة بن الفضل: أتيت الحجاج بن أرطاة، فقلت: يا أبا أرطاة، حدثني فحدثني خمسا - يعني خمسة أحاديث - فقلت: أعدهن علي فأعادهن.
قلت: زدني فقال: ما أراك وعيتهن قلت: خذها إليك فما أخرجت حرفا، ثم قلت: زدني فزادني الكثير فقال:
أعدهن، فأعدتهن عليه من حفظي، فقال: من تسمي؟ قلت: سلمة. قال: جراب أنت مفتاحه: سريع خرابه، يا سلمة (3) ثامنا: وأطلق جرحا علي رجلين:
أحدهما: محمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن موسي الأهوازي:
سماه أبو الوليد الدربندي: " جراب الكذب " (4).
والاخر: محمد بن عبد الله بن القاسم الرازي، النحوي:
قال ابن حجر في ترجمته، عن أبي حاتم الرازي: كان يقال له: " جراب الكذب ".
(١) سير أعلام النبلاء ١٩ / ١٢.
(٢) المنار المنيف ص ٨٧ بعد رقم ١٦٥.
(٣) تهذيب الكمال ١١٣ / ٣٠٨.
(٤) ميزان الاعتدال ٣ / 516، ولسانه 5 / 124.
(١٦)
مفاتيح البحث: المسجد الأقصي (1)، أحمد بن محمد بن موسي الأهوازي (1)، عبد الله بن القاسم (1)، حجاج بن أرطاة (1)، أبو الوليد (1)، محمد بن الحسن (1)، الكذب، التكذيب (1)، الصّلاة (1)، كتاب تهذيب الكمال للمزي (1)

صفحه 009

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ١٧
روي الفلكي في (الألقاب): قيل لمحمد: إنك تلقب " جراب الكذب "؟ فقال:
بل أنا " جوالق الكذب " فإن شئت فاسمع، أو دع وقال الشيرازي في (الألقاب): سمعت محمد بن عبد الواحد الخزاعي يقول:
سمعت منه، وكان شيخا راويا حصنا، وانتقل إلي طبرستان ثم رجع إلي الري.
وكان يكذب، وكان يقعد بالري في زاوية تعرف ب - " زاوية الكذب " فحدثنا أبو حاتم، قال: ثنا شاذان وعفان وعارم، قالوا: ثنا شعيب، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه - رفعه - قال: " يوزن مداد العلماء ودم الشهداء فيرجح مداد العلماء علي دم الشهداء " (1).
فعرضناه علي شيخنا أبي علي بن عبد الرحيم، فقال: كذب، فلم يكن عند أبي حاتم عن شاذان شئ.
لكن قولوا: " حدثنا جراب الكذب، في زاوية الكذب، بحديث كذب " (2).
المقام الثاني: حول عبارة " جراب النورة " لغة واصطلاحا 1 - معناها اللغوي:
قد عرفت معني الجراب.
وأما النورة: فقد قال ابن منظور في لسان العرب: النورة: الهناء (التهذيب):
والنورة من الحجر الذي يحرق ويسوي منه الكلس، ويحلق به شعر العانة (3).
وقال الفيومي: النورة - بضم النون - حجر الكلس، ثم غلبت علي أخلاط
(١) روي الحديث عن أبي هريرة في أدب الاملاء للسمعاني ص ١٦٣ ومختصرا عن عبادة بن الصامت في الكني للدولابي ١ / ١٠٣ كما خرجناه في تدوين السنة ص ١٠٠ وله تخريج واسع في موسوعة أطراف الحديث ١١ / ٤٣٨ منه: جامع بيان العلم ٣٦١ وشرح السنة للبغوي ص ٣١٣ والدر المنثور للسيوطي ٣ / ٧٢ وكشف الخفا للعجلوني ١ / ٥٦١ و ٢ / ٢٨٠ وكنز العمال رقم ٨٩٠١٢ و ٨٩٠٢٢ ولسان الميزان ٥ / ٤٩١ - ٥٩٤ وغيرها.
وأسنده الصدوق في الفقيه ٤ / ٢٨٤ رقم ٨٤٩ وفي الأمالي ص ٢٣٣ رقم ٢٤٥ بلفظ آخر.
(٢) لسان الميزان ٥ / ٢٢٦ وانظر ميزان الاعتدال ٣ / 611.
(3) لسان العرب (نور) ج 6 ص 4573.
(١٧)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، محمد بن عبد الواحد (1)، علي بن عبد الرحيم (1)، الكذب، التكذيب (7)، الشهادة (2)، كتاب أمالي الصدوق (1)، كتاب لسان الميزان لإبن حجر (2)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)، أبو هريرة العجلي (1)، جلال الدين السيوطي الشافعي (1)، عبادة بن الصامت (1)، الشيخ الصدوق (1)، الوسعة (1)

صفحه 010

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ١٨
تضاف إلي الكلس من زرنيخ وغيره، وتستعمل لإزالة الشعر، و " تنور ": اطلي بالنورة، و " نورته " طليته بها، قيل عربية، وقيل: معربة (33).
و " جراب النورة " - مركبة بالإضافة -: هو الوعاء الذي يحتوي علي النورة.
وسيأتي تفسيرها الكنائي عند العلماء.
2 - مواردها في الحضارة العامة:
ألف - في الأمثال:
ومن الأمثال البغدادية: " فلان يفتي من جراب النورة " (34) يقال لمن يصدر الأحكام الشرعية بغير علم ولا مستند ثابت.
وهذا المعني يقرب من المعني المصطلح عليه عند الفقهاء، كما سيأتي.
واشتهر المثل في العراق: " العمل للزرنيخ والصيت للنورة " يضرب لمن تعرف المهمات باسمه، بينما ليس له دور فيها، وإنما الدور لغيره ممن لا يذكر اسمه.
ويظهر من هذا المثل أن عملية قلع الشعر إنما هي من أثر الزرنيخ وهو كذلك علميا.
قال الدكتور خليل الجر: الزرنيخ: عنصر شبيه بالفلزات، له بريق الصلب ولونه، ومركباته سامة، يستخدم في الطب، وفي قتل الحشرات (35).
وقد استخدمت النورة كمادة قاتلة كما ستقرأ في الفقرة التالية.
بأ - في الحوادث التاريخية:
ذكر المؤرخون: أن مروان الأموي طلب إبراهيم بن محمد العباسي، لما بلغه أن دعوة أبي مسلم الخراساني له، وأنه الذي يؤهل لهذا الأمر، فلما اتي به إلي مروان أمر
(١) المصباح المنير (نور) ص 630.
(2) أخبرنا بهذا المثل فضيلة الأستاذ السيد كاظم الحيدري أبو وديع حفظه الله.
(3) لاروس - معجم عربي - ص 623.
(١٨)
مفاتيح البحث: الأحكام الشرعية (1)، دولة العراق (1)، إبراهيم بن محمد (1)، الضرب (1)، القتل (1)، الطب، الطبابة (1)

صفحه 011

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ١٩
به فغطي وجهه بقطيفة حتي مات وقيل: بل ادخل رأسه في " جراب نورة " حتي مات (1).
وذكروا في أحوال القرمطي - صاحب البحرين -: أنه قال لكاتبه: أكتب إلي الخليفة … وكل من جراب النورة (2).
أقول: وهذا التعبير الأخير يشير إلي المعني المستعمل في الاصطلاح، وهو الإعطاء من جراب النورة، وكلمة " كل " أمر من " الكيل " بمعني مل المكيال وهو ما يستخرج به الشئ، فانتظر.
جيم - ومواردها في الحديث الشريف:
أولا: جاءت العبارة في مناظرة المتكلم العظيم هشام بن الحكم الكوفي مع المعتزلة، في عصر هارون العباسي المعروف بالرشيد، عندما ذكر هشام أوصاف الشخص المستحق للإمامة، وهي: أن يكون أعلم الناس، ويكون معصوما، ويكون أشجع الناس، وأسخي الناس.
فقال له ضرار المعتزلي: فمن هذا؟ بهذه الصفة؟ في هذا الوقت؟
قال هشام: صاحب القصر، أمير المؤمنين و كان هارون مختفيا، قد سمع الكلام كله، فقال - عند ذلك -: أعطانا - والله - من جراب النورة (3).
ثانيا: روي الشيخ الطوسي، بإسناده إلي سلمة بن محرز، قال: قلت لأبي
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٣٤٢ وانظر أنساب الأشراف ٣ / ٣٨٧ والإمامة والسياسة ٢ / ١٥٩ وأخبار الدولة العباسية ٣ / ٣٨٧ و ٣٩٣ و ٣٩٦.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢٤١٥٣.
(٣) إكمال الدين للصدوق ٢ / ٣٦٧، ونقله في البحار ٤٤ / ١٩٧ ح ٧. و ١٣ / ٣٧١ ورواه صاحب الوسائل فيه ٢٦ / ٢٣٨ تسلسل ٣٢٩١٥.
أقول: وقد ورد نحوه في نصوص أخري من دون عبارة " جراب النورة " وإنما ورد فيها التصريح بالتقية، وسننقلها تحت عنوان " المناسبة اللغوية بين المعني الحقيقي والمعني المجازي " فلاحظ.
(١٩)
مفاتيح البحث: مدرسة المعتزلة (1)، هشام بن الحكم (1)، الشيخ الطوسي (1)، سلمة بن محرز (1)، الموت (2)، الدولة العباسية (العباسيون) (1)، كتاب انساب الأشراف للبلاذري (1)، الشيخ الصدوق (1)

صفحه 012

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٢٠
عبد الله عليه السلام: رجل مات، وله عندي مال، وله ابنة، وله موال؟
فقال لي: إذهب، فأعط البنت النصف، وأمسك عن الباقي.
قال سلمة: فلما جئت، أخبرت بذلك أصحابنا، فقالوا: " أعطاك من جراب النورة ".
قال سلمة: فرجعت إليه، وقلت: إن أصحابنا قالوا لي: " أعطاك من جراب النورة " قال: فقال: ما أعطيتك من جراب النورة.
قال: علم بها أحد؟ قلت: لا، قال: فاذهب فأعط البنت الباقي (1).
دال - تفسير العبارة عند المحدثين: قال الصدوق - في تعقيب له علي حديث مناظرة هشام، وكلام هارون -:
إحدي العلل التي من أجلها وقعت التقية: الخوف، كما ذكر في هذا الحديث، وقد كان موسي بن جعفر عليهما السلام في ظهوره كاتما لأمره، وكان شيعته لا تختلف إليه، ولا يجترئون علي الإشارة خوفا من طاغية زمانه.
حتي أن هشام بن الحكم، لما سئل في مجلس يحيي بن خالد عن الدلالة علي الإمام، أخبر بها، فلما قيل له: من هذا الموصوف؟ قال: صاحب القصر أمير المؤمنين هارون الرشيد - وكان هو خلف الستر قد سمع الكلام فقال:
أعطانا - والله - من جراب النورة.
فلما علم هشام أنه قد اتي، هرب، وطلب، فلم يقدر عليه، وخرج إلي الكوفة، ومات بها عند بعض الشيعة، فلم يكف الطلب عنه حتي وضع ميتا بالكناسة،
(١) رواه الشيخ في تهذيب الأحكام ٩ / ٣٣٢ ح ١٩٥١ / ١٦ من الباب ٣١: ميراث الموالي مع ذوي الأرحام، وفي الاستبصار ٤ / 4 - 175 ح 5657 / 12 من الباب 102: أنه لا يرث أحد من الموالي مع وجود واحد من ذوي الأرحام، ونقله المجلسي في روضة المتقين.
(٢٠)
مفاتيح البحث: الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (1)، مدينة الكوفة (1)، الشيخ الصدوق (1)، يحيي بن خالد (1)، هارون الرشيد (1)، هشام بن الحكم (1)، الموت (1)، الخوف (1)، التقية (1)، التعقيب (1)، كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي (1)، العلامة المجلسي (1)، الوراثة، التراث، الإرث (1)

صفحه 013

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٢١
وكتبت رقعة ووضعت معه: " هشام بن الحكم الذي يطلبه أمير المؤمنين " حتي نظر إليه القاضي والعدول وصاحب العون والعامل، فحينئذ كف عن الطلب عنه (1).
وقال المجلسي الأول - معلقا علي حديث الإرث -:
قوله: " أعطاك من جراب النورة ": كناية عن التقية.
قوله: " ما أعطيتك من جراب النورة ": ما اتقيتك، ولكن اتقيت عليك (2).
وقال الفيض الكاشاني: كأن هذا مثل يضرب لمن غش ولم ينصح، وإنما نفي عليه السلام ذلك عن نفسه لأن الأمر بإمساك البقية في مقام التقية، حتي يظهر كيف ينبغي أن يفعل بها: كمال النصح، وليس فيه شوب غش (3).
قال الوحيد البهبهاني: ورد في الأخبار أن الشيعة كانوا يقولون - في الحديث الذي وافق التقية -: " أعطاك من جراب النورة ".
قيل: مرادهم تشبيه المعصوم عليه السلام بالعطار، وكانوا يبيعون أجناس العطارين من جربان، وكانت النورة - أيضا - تباع من جرابها.
فإذا أعطي التقية، قالوا: " أعطاك من جرابها " أي: مما لا يؤكل، ولو اكل لقتل، والفائدة فيه دفع القاذورات وأمثالها.
وقيل: إن النقباء لما خرجوا في أواخر زمن بني أمية في خراسان، وأظهروا الدعوة لبني العباس، بعثوا إلي إبراهيم الإمام منهم بقبول الخلافة، فقبل وهو في المدينة، وكانت هي وسائر البلدان تحت سلطة بني أمية وحكمهم - سوي خراسان، إذ ظهر فيها النقباء - وكانوا يقاتلون ويحاربون.
ولما اطلع بنو أمية بقبول إبراهيم الخلافة، أخذوه وحبسوه ونقلوه خفية،
(1) إكمال الدين ص 361.
(2) روضة المتقين 11 / 317.
(3) الوافي المجلد الثالث ج 13 / 132 من الطبعة الحجرية.
(٢١)
مفاتيح البحث: العلامة المجلسي (1)، بنو عباس (1)، بنو أمية (3)، هشام بن الحكم (1)، خراسان (2)، القتل (1)، الضرب (1)، الأكل (1)، التقية (4)

صفحه 014

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٢٢
ووضعوا " جراب النورة " علي حلقه، فخنقوه به، فصار مضرب المثل، إشارة إلي من ترك التقية.
وكان هذا الكلام من الشيعة إشارة إلي هذه الحكاية، ومثلا مأخوذا منها (1).
وقد تداول العبارة المذكورة الفقهاء المتأخرون:
فكررها صاحب الجواهر في موارد، أحصينا منها:
1 - قوله: قيل: إن الحمل علي التقية، إذا تعذر غيرها من الاحتمالات لاستبعاد خفائها علي الخاصة والبطانة التي كانوا يعرفونها بمجرد نقل بعض الرواة لهم خبرا، حتي قالوا له: " أعطاك من جراب النورة " (2).
2 - وقوله: من المعلوم عدم الالتجاء إلي التقية التي لا تخفي علي الخواص الذين كانوا من المعروف عندهم " الإعطاء من جراب النورة " إلا عند الضرورة (3).
3 - وقوله: التقية التي لم تكن لتخفي علي خواص الأصحاب والبطانة، بل كانوا يعرفون ذلك بمجرد سماعهم من بعض الرواة، ويقولون: " قد أعطاك من جراب النورة " (4).
4 - وقوله: معروفية ما يقع منهم عليهم السلام تقية، بين خواصهم، حتي كان بعضهم يقول لبعض: " قد أعطاك من جراب النورة ".
ودعوي حمل جميع ما دل علي الجواز، علي التقية.
يدفعها: أن جملة من رواة تلك النصوص ممن " لا يعطون من جراب النورة " (5).
5 - وقوله: الصحاح، التي يبعد خروجها مخرج التقية علي أساطين الأصحاب
(1) فوائد الوحيد ص 314 - 318 من المطبوع من ملاحظات الفريد.
(1) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 7 / 164.
(2) المصدر 8 / 98.
(3) المصدر 9 / 362.
(4) المصدر 6 / 352 ولاحظ 30 / 38.
(٢٢)
مفاتيح البحث: التقية (6)، كتاب جواهر الكلام للشيخ الجواهري (1)

صفحه 015

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٢٣
والرواة، الذين كانوا، إذا سمع أحدهم قولا منه للاخر، قال: " أعطاك من جراب النورة " (1).
وحاصل مرامه: أن فقهاء الرواة من أصحاب الأئمة عليهم السلام كانوا يعرفون موارد التقية بدقة فائقة، ولم تكن تخفي عليهم، لشدة ارتباطهم بالأئمة عليهم السلام، ولسعة اطلاعهم علي الفقه والمذاهب الفقهية، ولو صدر حكم تقية عرفوه بمجرد نقله إليهم وجبهوا راويه بأنه " أعطي من جراب النورة " اي أعطي الحكم المذكور تقية.
فلو كان في الروايات ما ورد للتقية، لم يخف علي أصحاب الأئمة قطعا، ولأفصحوا عن ذلك، ولم يسكتوا عنه، ولم يتناقلوه مجردا.
فحمل الروايات علي التقية، بمجرد اختلافها، بعيد.
والحاصل: ان الحمل علي التقية بحاجة إلي تنصيص من الرواة، أو انحصار الحل في ذلك، وتعذر أي محمل آخر للرواية.
وظهر من كلامه في المورد الرابع: أن من الرواة من يعطي من جراب النورة، أي يعطي الأحكام تقية، ومنهم من لا يعطي من جراب النورة.
ومعرفة من يعطي، ومن لا يعطي، من الرواة، ذات أثر في إمكان حمل الرواية علي التقية وعدمها.
وبهذا يحصل لعبارة " … من جراب النورة " أثر رجالي مهم.
أقول: إن إعطاء الحكم موافقا للتقية، ليس دائما من أجل كون الراوي هو المتقي منه، بل قد يكون لأجل التقية عليه، أي للحفاظ عليه من الأعداء، إذ لو رأوه أو سمعوه يوافق الحق في الأحكام لعرضوه للأذي، فيؤمر بما يوافق التقية.
فليس كل من أعطي حكما موافقا للتقية، يطلق فيه أنه ممن يعطي من جراب النورة، لورود أحكام التقية علي يد رواة مأمونين قطعا.
والحاصل إن في عبارات صاحب الجواهر أمورا ثلاثة:
(1) المصدر 35 / 235
(٢٣)
مفاتيح البحث: التقية (9)

صفحه 016

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٢٤
1 - إن ما قال فيه الأصحاب " إنه من جراب النورة " فهو حكم موافق للتقية، ولم يوافق الواقع.
ولذا يصح أن يقال في كل حكم صدر تقية: " إنه من جراب النورة " أي: ليس واقعيا، وإنما هو حكم ظاهري.
2 - إن أصحاب الأئمة وخواصهم وأساطينهم، كانوا يميزون ما يصدر للتقية، وما يصدر لغيرها، ويعرفون الأحكام الواقعية والظاهرية من هذه الجهة.
وهذان الأمران متفق عليهما، ولا خلاف فيهما.
قال المحقق النائيني في خبر: … مطروح لإعراض الأصحاب، وموافق للتقية، فهو مما أعطي من جراب النورة (1).
وقال السيد البجنوردي: جملة كثيرة من الأحكام أعطيت من جراب النورة، حسب اصطلاحهم - وكان الرواة الفقهاء من أصحابهم عليهم السلام يعرفون هذا الذي قاله الإمام عليه السلام، هل هو حكم واقعي أولي، أو صدر تقية؟ ولذلك كانوا يقولون - للراوي بعدما يسمعون روايته -: " أعطيت من جراب النورة " (2).
3 - والأمر الثالث المفهوم من كلام الجواهر: إن من الرواة من لا يعطي من جراب النورة، ومنهم من يعطي منه.
ويترتب علي ذلك أن الناقل للرواية لو كان ممن لا يعطي، لم يمكن الحمل علي التقية، وهذا يستلزم أن معرفة من يعطي ومن لا يعطي، من البحوث الرجالية المؤثرة في الفقه.
ولذا قال الفقيه الهمداني: مثل محمد بن مسلم، وزرارة بن أعين، وأبي بصير، [هم] ممن لم يكن الإمام عليه السلام يعطيهم من جراب النورة (3). [هم]
(١) الصلاة، للنائيني ٢ / ١٦٠.
(٢) القواعد الفقهية ٥ / ٦٨.
(٣) مصباح الفقيه ٣ / 21.
(٢٤)
مفاتيح البحث: أبو بصير (1)، زرارة بن أعين (1)، محمد بن مسلم (1)، التقية (3)، الصّلاة (1)

صفحه 017

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٢٥
أقول: ليس كل من أعطي حكم التقية، يجب أن يكون - هو - ممن اتقي منه، بل قد يعطي لأجل التقية عليه من المخالفين - كما ذكر المجلسي الأول في تفسيره للحديث - أو لأجل إيقافه علي الأحكام الظاهرية ليستفيد منها في مواقعها، خصوصا إذا كان من فقهاء الأصحاب وأساطينهم، فلابد لهم من معرفة الأحكام التي تصدر للتقية، فما المانع من أن يعطيهم الإمام عليه السلام ذلك، لإيصالها إلي الطائفة، أو يكون في وقوفهم عليها إمكان تحديدهم لمواردها وتمييزهم لقواعدها.
والحاصل: إنه ليس صدور أحكام التقية خاصا ببعض الرواة دون بعض، حتي يقال: إن أولئك يعطون من جراب النورة، وهؤلاء لا يعطون.
بل نجد في موارد كثيرة صدور أحكام التقية، برواية كبار فقهاء الطائفة، مثل قصة ابن يقطين وزير هارون، ونفس موردي مناظرة هشام، وحديث الإرث، فهما لا يخلوان من إشارة إلي ما نقول، بل قد صرح في الروايات الأخري - التي سنتلوها - بهذا المعني، كما سيأتي.
واو - عند اللغويين:
لم أجد - في ما يتداول من أمهات مصادر اللغة والأدب - من تعرض لهذه العبارة المركبة، إلا العلامة الطريحي، حيث عنون لها في مادة (نور) فقال:
وقوله عليه السلام: " أعطاك من جراب النورة، لا من العين الصافية " (52) علي الاستعارة.
والأصل فيه: أنه سأل سائل محتاج من حاكم قسي القلب شيئا، فعلق علي رأسه " جراب نورة " عند فمه وأنفه، كلما تنفس دخل في أنفه منها شئ، فصار مثلا
(1) يظهر من الشيخ الطريحي وقوفه علي نص يحتوي علي هذه العبارة، ولم نقف نحن علي ذلك. نعم، قال الإمام الصادق عليه السلام للراوي عندما اعتمد علي حديث مروي عن أمير المؤمنين عليه السلام ما نصه: " جئت بها من عين صافية " في تهذيب الأحكام (9 / 326 ح 1172) وعبر الصحابي أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، عن ال محمد: صلي الله عليه وآله وسلم ب - " العين الصافية " كما نقله عن سليم بن قيس، في بحار الأنوار (28 / 275 ح 45).
(٢٥)
مفاتيح البحث: العلامة المجلسي (1)، التقية (5)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليهما السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، أبوذر الغفاري (1)، كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي (1)، كتاب بحار الأنوار (1)، سليم بن قيس (1)

صفحه 018

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٢٦
يضرب لكل مكروه غير مرضي (1).
هذا مجموع ما عثرنا عليه من موارد استعمال عبارة " … من جراب النورة " في التراث.
زاي - المناسبة اللغوية بين المعني الحقيقي والمجازي:
وقد تلخص أن العبارة المذكورة استخدمت للدلالة علي أن الحكم المنقول أو الرأي المطروح مخالف للواقع، وإنما ذكر لغرض التخلص عندما يكون المتكلم في مأزق يهدده بالخطر، وبنفس هذا المعني استعمل في موارده من الحديث الشريف، وفي لسان المحدثين والفقهاء واللغويين، كما فسروه ووجهوه وطبقوه، وقد أصبح بهذا المعني مثلا يضرب، ويقال.
ومن خلال ما ذكرنا في أصل استعمال هذا المثل يمكننا أن نري المناسبة بين المعني الاصطلاحي في هذا وهو التقية، وبين المعني الحقيقي الموضوعة له الكلمة.
وقد يقال: إن العلقة بينهما، هو اشتراكهما في معني " التغطية ".
أما كون التقية للتغطية، فلأن الوارد للتقية، إنما يغطي به علي المعني الحق، بغرض الإخفاء علي الأعداء، وعدم معرفتهم لهوية الشخص.
وأما كون النورة للتغطية، فلأنها تغير ظاهر الشئ من حالة إلي أخري، وتصفي ظاهره، و " نوره " بمعني طلاه بالنورة.
وهذا المعني في (النورة) تسرب إلي الفعل " نور " علي فلان " ينور " إذا شبه عليه أمرا، ذكره الخليل في (العين) (2).
فيكون " أعطي من جراب النورة " بمعني شبه عليه وطلي عليه ولبس، كما في المطلي بالذهب، وهو ما يفعله صاحب التقية.
(١) مجمع البحرين ٣ / 506 طبع النجف، و 4 / 391 طبعة قم الحديثة مادة (نور).
(2) العين (نور).
(٢٦)
مفاتيح البحث: الضرب (2)، التقية (4)، مدينة النجف الأشرف (1)

صفحه 019

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٢٧
وتطبيق الحديثين علي هذه المناسبة، واضح:
أما حديث هشام: فإنه كان يعتقد بإمامة الإمام موسي الكاظم عليه السلام، والصفات التي ذكرها لمستحق الإمامة، لم توجد في عصره إلا في شخصه عليه السلام، وهارون المستخلف كان يعلم ذلك، ويعرف من نفسه أنه فارغ من أية صفة من تلك الصفات، ويعرف أن هشاما ممن يعتقد بالحق في الإمام الكاظم عليه السلام وأنه قاصد له عليه السلام بتلك الصفات.
فلما سمع هارون بقول هشام في صاحب الصفات إنه " صاحب القصر أمير المؤمنين " وظاهره أنه يري وجود الصفات في هارون الرشيد، علم أنه يتقيه، فقال:
" أعطانا - والله - من جراب النورة " أي شبه علينا وذكر هذا الكلام تقية.
وأما حديث الإرث: فحيث أن العامة يحكمون في تلك المسألة بكون نصف المال للبنت، والنصف الآخر للمولي، وهذا مخالف لفقه أهل البيت عليهم السلام الذي يحكم بكون المال كله للبنت وحدها، فإن الإمام لم يحكم ابتداء بإعطاء المال كله للبنت.
بل ذكر حكم نصف المال وأنه للبنت، وهذا موهم للتقية، وإن لم يكن موافقا لها بالتمام.
وقد جاء التصريح بهذا المعني الذي فهمناه، في عدة روايات منها، ما رواه الكليني قدس سره، بسنده عن سلمة بن محرز، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن رجلا أرمانيا مات، وأوصي إلي.
فقال: وما الأرماني؟
قلت: نبطي من أنباط الجبال، مات وأوصي إلي بتركته، وترك ابنته؟
فقال لي: أعطها النصف.
قال: فأخبرت زرارة بذلك، فقال لي: " اتقاك " إنما لها المال كله.
قال: فدخلت عليه بعد، فقلت: أصلحك الله، إن أصحابنا زعموا أنك اتقيتني.
فقال: لا والله، ما اتقيتك، ولكن اتقيت عليك أن تضمن فهل علم بذلك أحد؟
(٢٧)
مفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام (2)، هارون الرشيد (1)، سلمة بن محرز (1)، الموت (1)، الوصية (2)، التقية (1)

صفحه 020

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٢٨
قلت: لا.
قال: فأعطها ما بقي.
رواها الكليني في كتاب المواريث، باب ميراث الولد، الحديث الثالث (1).
وصراحتها في ما قلنا واضحة، كما لم يصرح فيها بحكم النصف الثاني، وإنما اقتصر فيها علي إعطاء النصف للبنت فلاحظ.
كما لا يخفي اتحاد هذه الرواية، مع المبحوث عنها، تلك التي نقلناها عن التهذيب، والتي احتوت علي " جراب النورة " من جهات:
أولا: في اسم الراوي، وهو سلمة بن محرز.
ثانيا: في الحكم، بإعطاء النصف للبنت أولا، ثم إعطاء النصف الثاني لها، بعد.
ثالثا: في المناسبة وسرد الواقعة، حيث حكم الإمام بما يوهم التقية، وقول الأصحاب للراوي بأنه اتقاه، ومراجعة الراوي، وأخذه الحكم الصحيح.
فظهر أن قول الأصحاب له في الرواية الأولي " أعطاك من جراب النورة " هو بمعني " اتقاك " في الرواية الثانية.
وجاء مثل هذا أيضا في روايتين اخريين تتحدان مع ما سبق مضمونا، إلا أنهما مرويتان عن " عبد الله بن محرز بياع القلانس ".
ففي الكافي عنه: أوصي إلي رجل، وترك خمسمائة درهم أو ستمائة درهم، وترك ابنة، وقال: لي عصبة بالشام.
فسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك؟ فقال: أعط الابنة النصف، والعصبة النصف الآخر.
فلما قدمت الكوفة، أخبرت أصحابنا بقوله، فقالوا: " اتقاك ".
فأعطيت الابنة النصف الآخر، ثم حججت، فلقيت أبا عبد الله عليه السلام فأخبرته بما قال أصحابنا، وأخبرته أني دفعت النصف الآخر إلي الابنة.
(١) الكافي ٧ / 86 ح 3، ونقله في الوسائل 26 / 104 تسلسل 25883.
(٢٨)
مفاتيح البحث: مدينة الكوفة (1)، عبد الله بن محرز بياع القلانس (1)، سلمة بن محرز (1)، الشام (1)، التقية (1)، الوراثة، التراث، الإرث (2)، الوصية (1)

صفحه 021

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٢٩
فقال: أحسنت، إنما أفتيتك مخافة العصبة عليك.
رواه الكليني في نفس الكتاب، والباب، الحديث (7) (1).
ورواه الطوسي مثله، في كتاب الفرائض والمواريث، باب ميراث الأولاد، الحديث (18) (2)، إلا أنه سمي راويه " عبد الله بن محمد بياع القلانس " ولا شك في كون " محمد " تصحيفا لكلمة " محرز ".
والفارق بين هذه الروايات، ورواية " جراب النورة ":
أن الوارث في هذه الروايات حسب وصية الميت: بنت وعصبة الميت الذين هم أقارب نسبيون، وإن كانوا متأخرين طبقة.
أما رواية جراب النورة، فالوارث المفروض هم: بنت وموال، والموالي عند الإطلاق هم " العبيد المملوكون " ولذا أوردها الشيخ الطوسي في باب " ميراث الموالي مع ذوي الأرحام ".
والشيخ الكليني لم يوردها أصلا، وإنما أورد في باب " ميراث الولد " بسنده إلي عبد الله بن محرز، قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أوصي إلي وهلك وترك ابنته …
فقال: أعط الابنة النصف، واترك للموالي النصف.
فرجعت، فقال أصحابنا: لا والله، ما للموالي شئ.
فرجعت إليه من قابل، فقلت له: إن أصحابنا قالوا: " ليس للموالي شئ، وإنما اتقاك ".
فقال: لا والله ما اتقيتك، ولكني اتقيت عليك أن تؤخذ بالنصف، فإن كنت لا تخاف: فادفع النصف الآخر إلي الابنة، فإن الله سيؤدي عنك (3).
(١) الكافي ٧ / ٨٧ ح ٧، ونقله في الوسائل ٢٦ / ١٠٤.
(٢) تهذيب الأحكام ٩ / ٢٧٨ رقم ١٠٠٨، وعطفه في الوسائل ٥٢٦ / ١٠ علي حديث الكافي المذكور قبله مباشرة، من دون إشارة إلي اختلاف اسم الراوي.
(٥٨) الكافي ٧ / 7 - 88 ح 9.
(٢٩)
مفاتيح البحث: عبد الله بن محمد بياع القلانس (1)، عبد الله بن محرز (1)، الشيخ الطوسي (1)، الموت (2)، الوراثة، التراث، الإرث (2)، الوصية (2)، كتاب تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي (1)

صفحه 022

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٣٠
وكما قلنا، فإن الكليني لم يورد هذه الرواية في باب " ميراث ذوي الأرحام مع الموالي " الذي عقده بعد ذلك وأورد فيه (9) روايات، غير هذه (1).
ولا يشك الناظر في اتحاد هذه الرواية مع رواية جراب النورة التي أوردها الطوسي، في الحكم والمضمون، وإن اختلفا في اسم الراوي فهو عند الطوسي " سلمة ابن محرز " وعند الكليني " عبد الله بن محرز ".
لكن اتحادهما - كليهما - مع الروايات الأخري، أيضا واضح، وإن تفاوتت عنهما في ذكر الموالي أو العصبة.
وإنما الاختلاف بينها - جميعا - قد جاء من جهة النقل بالمعني من الرواة المتأخرين عن الراوي الأول، فهي جميعا تتفق علي:
1 - أن الحكم الشرعي في المسألة هو كون المال كله للبنت، لأنها ترث النصف فرضا والنصف الباقي ردا، وعلي هذا فقه أهل البيت عليهم السلام الواضح المعلوم، وكل ما خالفه فهو تقية.
2 - أن الإمام ذكر ابتداء إعطاء النصف للبنت، وهذا يوهم أن يكون النصف الثاني لغيرها، ولم يأت حكم النصف الثاني في بعض الروايات بل جعله مسكوتا عنه، وفي بعضها انه يعطي للعصبة أو للموالي.
وأظن أن الإمام إنما اكتفي بذكر حكم النصف الأول للبنت، وهو فريضتها ولا خلاف بين المسلمين في كونه لها فرضا، وسكت الإمام عن النصف الآخر، ومجرد السكوت عنه لا يعني موافقة العامة الذين يحكمون بكونه للموالي أو العصبة، فلذا صح أن يقول الإمام " ما اتقيتك " أو " ما أعطيتك من جراب النورة "، وإن فهم بعض الرواة ذلك، ونقله وأما تأخير بيان حكم النصف الآخر، وكونه للبنت، إلي فترة أخري وهو
(1) الكافي 1357 - 136.
(٣٠)
مفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الأحكام الشرعية (1)، عبد الله بن محرز (1)، الوراثة، التراث، الإرث (1)

صفحه 023

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٣١
وقت العمل والأداء، إما بالقول مباشرة من الإمام، أو اعتمادا علي ما يفتيه علماء الأصحاب، فهذا التأخير بما أنه ليس حكما شرعيا لم تتحقق به التقية المعهودة بل هو إجراء عملي قام به الإمام عليه السلام تقية علي الراوي، وحفظا له من أذي العصبة أو الموالي، لئلا يضمن النصف الذي يدعونه فيما لو علموا بموت الوارث.
ومهما كان، فإن المتحصل من مجموع الروايات هو أن إظهار الإمام عليه السلام لحكم النصف الأول فقط وعدم الحكم بكون النصف الثاني للبنت، اعتبره الأصحاب " تقية " ولذا قالوا للراوي: " أعطاك من جراب النورة ".
فالأخبار كلها تدل علي أن معني " جراب النورة " في الحديث الأول، هو بمعني التقية.
ولكن الغريب أن الفقهاء حاولوا تفسير الكلمة، من دون اللجوء إلي البحث عن كل هذه الروايات في محل واحد لتكون دلالتها علي المعني المذكور واضحة.
ومهما يكن فإن المجلسي الأول قد توصل إلي هذا المعني، وأشار إليه المحقق الوحيد في بعض كلماته.
رأينا في المناسبة:
لكني أستبعد أن تكون المناسبة بين المعني الحقيقي لجراب النورة، والمعني المصطلح المذكور، اي " التقية " هي: التغطية والتلبيس، وذلك لوجهين:
الوجه الأول: أن التصدي للتغطية والتلبيس في العمل مما لا يتناسب فرضه مع مقام الإمام عليه السلام، مع أن أحكام التقية يكون اتباعها والالتزام بها هي الوظيفة الشرعية والواجب الإلهي الذي يجب اتباعه وهو حكم الله في حق من وقع في مأزق التقية، ولذلك عبر عنها في أدلتها بمثل قولهم عليهم السلام: " التقية ديني ودين آبائي " فالتعبير عن ذلك بالتشبيه والتلبيس غير مناسب، خصوصا علي نظريتنا في التقية من أنها إنما شرعت لغرض الحفاظ علي أصل وجود الدين الإسلامي
(٣١)
مفاتيح البحث: العلامة المجلسي (1)، التقية (5)

صفحه 024

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٣٢
وشريعته السامية وجماعة أمته الواحدة، وحفظ رموزه وأعيانه وأعلامه، ليستمروا علي أداء رسالته الكريمة، دون مجرد الخوف علي الأموال والأعراض وحتي الدماء، مع أهميتها ومزيد عناية الشارع بها، إلا أن أصل وجود الإسلام وجماعة الأمة، أهم، لأنه يؤلف أصل وجود الدين وبيضته، ولذلك نجد التضحيات العظيمة في كل شئ تكون رخيصة عندما يتعرض هذا الأصل للخطر، ويكون حفظه من أهم الواجبات وأعز الأمور، حتي من شخص الإمام المعصوم عليه السلام وخيرة الأصحاب والأتباع.
وقد استدللنا علي هذه النظرية في بعض بحوثنا الفقهية.
الوجه الثاني: أن الإمام عليه السلام في مسألة الإرث، نفي أن يكون " أعطي من جراب النورة " وقال: " ما أعطيتك من جراب النورة " وفي الروايات الأخري: " ما اتقيتك … " وهذا يقتضي أن يكون ما صدر من الإمام من الحكم الأول ليس " تقية " أي: لم يكن موافقا لحكم العامة، وهو كذلك، إذ ما ذكره الإمام أولا إنما هو إعطاء نصف المال للبنت، وهذا بمجرده ليس رأيا خاصا للعامة في المسألة، وإنما هم يحكمون بإعطاء النصف الثاني لغير البنت من الموالي أو العصبة، وهذا ما سكت عنه الإمام في البداية، ففهم الأصحاب منه أن النصف الثاني لابد أن يكون لغير البنت من العصبة أو الموالي، لعدم إمكان خلوه من المالك.
لكن سكوت الإمام وإن كان يوهم ذلك ابتداء إلا أنه ليس صريحا في ذلك، بل هو أعم منه، ومن كونه للبنت أيضا، إلا أن الإمام أخر بيان هذا، من جهة حفظ كرامة الراوي من محاسبة العصبة أو الموالي، لو عرفوا الأمر، وطالبوه بالنصف الاخر وهذا التأخير في البيان، لا يسمي تقية في المصطلح الفقهي، نعم هو تقية عملية، وحفظ كيان الراوي السائل، فليس في الأمر تشبيه، ولا تلبيس شئ علي أحد، ولا من أحد.
وأما قول الأصحاب بأنه " أعطاه من جراب النورة " أو " اتقاه " فهو من جهة
(٣٢)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)، الخوف (1)، السكوت (1)، الجماعة (1)

صفحه 025

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٣٣
إيهام الحكم بالنصف الأول للبنت، كون النصف الآخر لغيرها، كما ذكرنا.
وأري أن المناسبة (1) بين التقية، وجراب النورة، هو: أن النورة تستعمل كمادة قالعة للأذي الظاهري من الجسم، وهو الشعر من مواضع النتن والعطن كالإبط والعانة في البدن، فإذا دفع الإنسان - باستعمال التقية - أذي الخصم، كان حكمه الظاهري الوارد تقية، من جنس الدافع للأذي، فكأنه مأخوذ من جرابه، إذ هو - في الغرض - من بابته وشاكلته.
وهذا المعني يناسب مقام الإمام عليه السلام، وواقع الشريعة الواردة للامتنان والتسهيل علي الأمة، حيث ترتفع الأحكام الواقعية عند التعرض للحرج والعسر.
فتكون الأحكام الواردة للتقية، في مقام رفع الحرج عن المؤمن عندما يتعرض للخوف من الظالمين، أو المداراة معهم من أجل حفظ بيضة الإسلام ووحدة المسلمين واجتماعهم.
وفي كل ذلك هدف سام، وهو حفظ وجود المسلمين ورص صفوفهم، وحماية جبهتهم الداخلية عن التفرق والشتات، ولا مسرح للتلبيس والتغطية في هذا الهدف السامي.
دلالتها الرجالية:
والحاصل: إن الإعطاء من " جراب النورة " لم يستعمل في التراث الشيعي، إلا للدلالة علي معني التقية في الحكم المعطي.
وليس للعبارة دلالة " رجالية " إطلاقا.
نعم، لو قيل في حق الراوي: " إنه ممن يعطي من جراب النورة " لدلت العبارة
(1) علق فضيلة السيد حسن الحسيني آل المجدد هنا ما نصه: ويخطر ببالي أن المناسبة عدم الخطورة والأهمية، فكما أن النورة - هي في جراب عادة - لا قيمة لها، فكذلك الأحاديث التي تصدر تقية، مخالفة لما في اللوح المحفوظ، لا قيمة لها إلا بالنسبة للسائل أو أقوام أو في بعض الأحيان، ثم لا تكون شيئا بخلاف الأحاديث المطابقة للواقع، لأنه يجب العمل علي طبقها دائما، وموارد الاستعمال تشهد لما ذكرنا، والله أعلم.
(٣٣)
مفاتيح البحث: الخصومة (1)، الظلم (1)، الوراثة، التراث، الإرث (1)، التقية (4)

صفحه 026

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٣٤
علي أنه ممن يتقي، أي كونه مخالفا في المذهب.
لكني لم أجد التعبير بمثل ذلك في أي مورد من تراثنا الشيعي، وسيأتي ما يفيد ذلك في البحث عن تراث العامة، في الفقرة التالية.
وفي تراث العامة:
تسرب مصطلح " جراب النورة " إلي تراث العامة، مع التصريح بأنه مصطلح شيعي.
قال سعد الهاشمي: " كال لك من جراب النورة " هذا التعبير مما تفرد به أحد رواة الشيعة، وهو زرارة بن أعين الكوفي (ت 150 ه.) (1).
أقول: ومستندهم في ذلك قصة لفقها بعض الضعفاء، وتداولها كبار رجاليي العامة في جرائدهم، وأولهم العقيلي في (ضعفائه) بسنده إلي ابن السماك، قال:
حججت، فلقيني زرارة بن أعين بالقادسية، فقال: إن لي إليك حاجة، وعظمها، فقلت: ما هي؟
فقال: إذا لقيت جعفر بن محمد، فأقرئه مني السلام، وسله: أن يخبرني: أنا من أهل النار، أم من أهل الجنة؟
[قال ابن السماك:] فأنكرت عليه فقال لي: إنه يعلم ذلك.
ولم يزل بي حتي أجبته، فلما لقيت جعفر بن محمد، أخبرته بالذي كان منه، فقال لي: هو من أهل النار فوقع في نفسي مما قال جعفر فقلت: ومن أين علمت ذلك؟
(قال:) (2) من ادعي علي علم هذا، فهو من أهل النار.
(1) شرح ألفاظ التجريح ص 39.
(2) سقط ما بين القوسين من مطبوعة (لسان الميزان) الحديثة، المحققة
(٣٤)
مفاتيح البحث: زرارة بن أعين (2)، جعفر بن محمد (2)، كتاب لسان الميزان لإبن حجر (1)

صفحه 027

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٣٥
[قال ابن السماك:] فلما رجعت، لقيني زرارة، فأخبرته بأنه قال لي: إنه من أهل النار فقال: كال لك من جراب النورة قلت: وما جراب النورة؟
قال: عمل معك بالتقية (1).
وهو مذكور في الضعفاء للعقيلي (2)، ونقله الذهبي في سير أعلامه في ترجمة ابن السماك (65).
وأورده الفسوي المؤرخ بلفظ آخر، جاء فيه:
أردت الحج … فقلت له: يا بن رسول الله: أتعرف زرارة بن أعين؟
قال: نعم، رافضي خبيث … وتعلم من أين علمت أنه رافضي، إنه يزعم أني أعلم الغيب، ومن زعم أن أحدا يعلم الغيب إلا الله عز وجل فهو كافر، والكافر في النار قال ابن السماك: فلما قدمت الكوفة، جاءني مع الناس يسلمون علي، فقال:
ما فعلت في حاجتي؟ فأخبرته بما قال، فقال: إن ابن رسول الله اتقي (4).
وقد نقل كل هذا سعد الهاشمي في كتابه (شرح ألفاظ التجريح النادرة أو قليلة الاستعمال) وقال: وقد بين زرارة المراد من تشبيهه هذا حيث قال: عمل معك بالتقية (5).
أقول: لكن الدكتور لم يبين وجه دلالة هذا التعبير علي الجرح، ومن هو المجروح بها في هذه القصة؟
(١) ميزان الاعتدال ٢ / 69 - 70، ولسانه 2 / 474، والطبعة الحديثة 3 / 128 رقم 3454.
(2) الضعفاء الكبير للعقيلي 2 / 97.
(3) سير أعلام النبلاء 39152.
(4) المعرفة والتاريخ للفسوي 6712 - 672، وعنه في شرح ألفاظ ص 41.
(5) شرح ألفاظ التجريح ص 42.
(٣٥)
مفاتيح البحث: مدينة الكوفة (1)، زرارة بن أعين (1)، الحج (1)

صفحه 028

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٣٦
فإذا كانت العبارة تعني " التقية " وقائلها زرارة نفسه مفسرا كلام الصادق عليه السلام، فمعناها: أن الصادق اتقي ابن السماك، وعمل معه بالتقية.
فالعبارة تدل علي جرح ابن السما - ك نفسه، لأنه الشخص الذي اتقي منه الإمام عليه السلام لكونه مخالفا للحق الذي عليه أهل البيت عليهم السلام، حسب تفسير زرارة لتعبير الإمام عليه السلام.
لتكون العبارة من ألفاظ التجريح النادرة جرح بها زرارة ابن السماك؟ كما فرضه سعد الهاشمي في كتابه وهذا أنسب بابن السماك الذي عده ابن حجر في الضعفاء كما سيأتي.
مع أن القصة ملفقة، غير قابلة للقبول، من وجوه:
فأولا: ناقلها ابن السماك، وهو محمد بن صبيح الواعظ البغدادي عدوه من الضعفاء، وقال فيه ابن نمير - الراوي عنه -: حديثه ليس بشي (1)، وإن كان قد نسبوا إليه قوله فيه: " صدوق " فإن مجرد كونه صدوقا، لا يعني اعتبار حديثه، بعد أن لم يكن بشي، لأن الخلل حينئذ في حديثه من جهات أخري، والصدق أعم من صحة الحديث، فرب صادق لا يعتبر بحديثه، فالمدح يكون بالصدق من غير جهة صحة الحديث، وهذا لا ينافي عدم صحة الحديث.
وثانيا: إن من البعيد جدا أن يلجأ زرارة إلي هذا الرجل لتحميله مثل تلك المسؤولية الخطيرة، وهو يجد منه الإنكار والتقبيح لمثلها، ولا يعتقد في الإمام الصادق عليه السلام ذلك، وإبائه عن تحملها؟ ومع ذلك يصر زرارة علي تحميله إياها وهو ليس أهلا لمثلها؟
ثم ما حاجة زرارة إلي تحميل هذا الشخص المنكر للاعتقاد، مع أن الحجاج من الشيعة القادمين من الكوفة إلي المدينة في الموسم ليسوا قليلين؟
(١) لسان الميزان ٦ / 191 الطبعة الحديثة.
(٣٦)
مفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (2)، مدينة الكوفة (1)، الصدق (1)، التقية (1)، كتاب لسان الميزان لإبن حجر (1)

صفحه 029

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٣٧
إن صدور مثل هذا لا يليق بأي شخص، فضلا عن مثل زرارة في علمه وعمره وعظمته.
وثالثا: بطلان ما احتواه كلام ابن السم - اك من الأمور، ومخالفتها للحق والواقع، وهي:
1 - إنكاره علم أحد بأسماء أهل الجنة والنار، واعتباره ذلك أمرا مستنكرا.
2 - الاستدلال علي الكفر، بنسبة علم الغيب إلي غير الله من دون تقييد أو تفسير.
3 - الحكم علي زرارة بالرفض، لأنه ينسب علم الغيب إلي غير الله.
وهذه الأمور من سخافات العامة، وتفاهات السلفية الجاهلين بحقائق العلم. الذين يؤمنون بالغيب والدين لأنهم ليسوا من وسنبين في ما يلي بطلان هذه المخالفات:
أما الأمر الأول: وهو استنكار العلم بأسماء أهل الجنة وأهل النار فبطلانه من جهة الآثار النبوية الدالة علي أن " أسماء أهل الجنة " و " أسماء أهل النار " مسجلة في ديوان.
روي ذلك الفريقان: الخاصة والعامة، فهي من الأحاديث المشتركة بين المسلمين كافة، فيقع عليها الإجماع والاتفاق، إليك بعضها:
فمن طرق الخاصة:
1 - ما رواه المحدث الأقدم الشيخ محمد بن الحسن الصفار (ت 290 ه) في كتابه العظيم (بصائر الدرجات) في الباب (5): أن الأئمة عليهم السلام عندهم الصحيفة التي فيها أسماء أهل الجنة، وأساء أهل النار، أورد فيه " ستة " أحاديث، نختار منها حديثين:
1 - الحديث الثاني: حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل،
(٣٧)
مفاتيح البحث: أحمد بن محمد بن إسماعيل (1)، محمد بن الحسن الصفار (1)، محمد بن الفضيل (1)، الباطل، الإبطال (2)، الشراكة، المشاركة (1)

صفحه 030

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٣٨
عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: حدثني أبي، عمن ذكره، قال:
خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وفي يده اليمني كتاب، وفي يده اليسري كتاب، فنشر الكتاب الذي في يده اليمني، فقرأه:
" بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب لأهل الجنة، بأسمائهم وأسماء آبائهم، لا يزاد فيهم واحد، ولا ينقص منهم واحد ".
قال: ثم نشر الذي بيده اليسري، فقرأ:
" كتاب من الله الرحمن الرحيم لأهل النار، بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم، لا يزاد فيهم واحد، ولا ينقص منهم واحد " (69).
2 - الحديث الرابع: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن سيف، عن أبيه، قال: حدثني أبو القاسم، عن محمد بن عبد الله، قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول:
خطب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الناس، ثم رفع يده اليمني قابضا علي كفه، قال: أتدرون ما في كفي؟
قالوا: الله ورسوله أعلم.
فقال: فيها أسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم وقبائلهم إلي يوم القيامة.
ثم رفع يده اليسري فقال: أيها الناس، أتدرون ما في يدي؟
قالوا: الله ورسوله أعلم.
فقال: فيها أسماء أهل النار، وأسماء آبائهم وقبائلهم إلي يوم القيامة.
ثم قال: حكم الله وعدل، وحكم الله وعدل، وحكم الله وعدل: (فريق في الجنة وفريق في السعير) (2). وروي المحدث الأقدم الشيخ أبو جعفر أحمد بن محمد بن خالد
(١) بصائر الدرجات، للصفار ص ١٩١.
(٢) بصائر الدرجات، للصفار ص 192.
(٣٨)
مفاتيح البحث: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (2)، أحمد بن محمد بن خالد (1)، محمد بن عبد الله (1)، الحسين بن سيف (1)

صفحه 031

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٣٩
البرقي (ت 281 ه) في كتابه القيم (المحاسن) ما يلي:
الحديث (409): عن النضر بن سويد، عن يحيي بن عمران الحلبي، عن معلي أبي عثمان، عن علي بن حنظلة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اختصم رجلان بالمدينة، قدري، ورجل من أهل مكة، فجعلا أبا عبد الله عليه السلام بينهما، فأتياه، فذكر كلامهما.
فقال: إن شئتما أخبرتكما بقول رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم؟
فقالا: قد شئنا.
فقال: قام رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، فصعد المنبر، فحمد الله وأثني عليه، ثم قال:
كتاب كتبه الله بيمينه، وكلتا يديه يمين، فيه أسماء أهل الجنة بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم، مجمل عليهم، لا يزيد فيهم رجلا، ولا ينقص منهم أحدا أبدا.
وكتاب كتبه الله، فيه أسماء أهل النار بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم، مجمل عليهم، لا يزيد فيهم رجلا، ولا ينقص منهم رجلا … الحديث (1).
وروي المحدث المتقدم عبد الله بن جعفر الحميري، في كتابه (قرب الإسناد) ما نصه:
الحديث (81): عن عبد الله بن ميمون القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: خرج رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قابضا علي شيئين في يده، ففتح يده اليمني، ثم قال:
" بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب من الرحمن الرحيم، في أهل الجنة بأعدادهم وأحسابهم وأنسابهم، مجمل عليهم، لا ينقص منهم أحد، ولا يزاد فيهم أحد ".
(1) المحاسن، للبرقي (1 / 280) رقم 409.
(٣٩)
مفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (3)، عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب عليه السلام (1)، مدينة مكة المكرمة (1)، عبد الله بن ميمون (1)، يحيي بن عمران (1)، علي بن حنظلة (1)، نضر بن سويد (1)، جعفر بن محمد (1)

صفحه 032

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٤٠
ثم فتح يده اليسري، فقال: " بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب من الرحمن الرحيم، في أهل النار، بأعدادهم وأحسابهم وأنسابهم، مجمل عليهم، إلي يوم القيامة، لا ينقص منهم أحد، ولا يزاد فيهم أحد … " الحديث (1).
ومن طرق العامة:
فقد أورد المتقي الهندي في كنز العمال، أحاديث عديدة من المصادر المعروفة عندهم، نختار منها ما يلي:
الحديث (599): إنكم قد أخذتم في شعبتين بعيدي الغور، فيهما هلك أهل الكتاب من قبلكم.
هذا كتاب من الرحمن الرحيم، فيه " تسمية أهل النار " بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم وعشائرهم، أجمل علي فريق في الجنة وفريق في آخرهم، لا ينقص منهم أحد.
السعير وهذا كتاب من الرحمن الرحيم فيه " تسمية أهل الجنة " بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم وعشائرهم، فريق في الجنة مجمل علي آخرهم، لا يبقي منهم أحد.
وفريق في السعير قط [الدارقطني في الأفراد]، عن ابن عباس، قال: خرج النبي صلي الله عليه وآله وسلم يوما، فسمع ناسا من أصحابه يذكرون القدر، قال: … فذكره (2)، ورواه برقم (1589)
(1) قرب الإسناد ص 24، حديث 81، ونقله عنه في البحار 5 / 154.
(2) كنز العمال 1271 ولاحظ مسند ابن عباس 3581.
(٤٠)
مفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (2)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (2)، يوم القيامة (1)، المتقي الهندي (1)، الهلاك (1)

صفحه 033

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٤١
أيضا عن ابن عباس بنقل ابن جرير.
الحديث [600] بنص كتاب أهل الجنة، باختلاف يسير، وقال:
طب [الطبراني في المعجم الكبير] عن عبد الله بن بسر (1) الحديث (601): هل تدرون ما هذا؟
" هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل علي آخرهم، فلا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم أبدا … " الحديث.
ابن جرير، عن رجل من الصحابة (2). الحديث (619): مه، مه، يا أمة محمد، واديان عميقان، قعران مظلمان، لا تهيجوا عليكم وهج النار:
" بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الرحمن الرحيم، بأسماء أهل الجنة وآبائهم وأمهاتهم وعشائرهم، فرغ ربكم، فرغ ربكم.
" بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الرحمن الرحيم، بأسماء أهل النار، وآبائهم وأمهاتهم وعشائرهم ". فرغ ربكم، فرغ ربكم، فرغ ربكم.
أعذرت، أنذرت، اللهم بلغت.
طب [الطبراني في المعجم الكبير] عن أبي الدرداء، وواثلة، وأبي امامة، وأنس، قالوا: خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ونحن نتذاكر القدر، قال … فذكره (3).
الحديث (1553): عن علي، قال:
(١) كنز العمال ١ / ١٢٧.
(٢) كنز العمال ١ / ١٢٧.
(٣) كنز العمال ٢ / 131.
(٤١)
مفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، عبد الله بن عباس (1)، الطبراني (2)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (3)

صفحه 034

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٤٢
صعد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم المنبر، فحمد الله وأثني عليه، وقال:
كتاب كتب الله فيه أهل الجنة بأسمائهم وأنسابهم، فيجمل عليهم، لا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم إلي يوم القيامة.
ثم قال:
كتاب كتب الله فيه أهل النار، بأسمائهم وأنسابهم، فيجمل عليهم، لا يزاد ولا ينقص منهم، إلي يوم القيامة …
الحديث.
[الطبراني في الأوسط] طس وأبو سهل الجند يسابوري في الخامس من حديثه (1).
الحديث (1592): ومن مسند عمران بن حصين: قال: قال رجل:
يا رسول الله: أعلم أهل الجنة، من أهل النار؟
قال: نعم …
كر [ابن عساكر] كر ن، ابن جرير (2).
وأورد ابن عدي، في ترجمة عبد الوهاب بن همام الصنعاني أخي عبد الرزاق صاحب المصنف، ما نصه:
حدثنا محمد بن حمدون بن خالد: ثنا محمد بن علي بن سفيان النجار: حدثنا عبد الوهاب بن همام أخو عبد الرزاق، قال: ثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: خرج رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ذات يوم وفي يده كتاب فيه:
" تسمية أهل الجنة، وتسمية أهل النار، بأسمائهم وأسماء آبائهم وأسماء قبائلهم "
(١) كنز العمال ١ / ٣٤٢.
(٢) كنز العمال ١ / 359
(٤٢)
مفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، يوم القيامة (1)، الطبراني (1)، إبن عساكر (1)، عبيد الله بن عمر (1)، عمران بن حصين (1)، محمد بن علي (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (2)

صفحه 035

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٤٣
قال الشيخ: وهذا لا أعلم رواه عن عبيد الله غير عبد الوهاب بن همام، وعبد الله بن ميمون القداح (1).
ونقله الذهبي في ميزانه، قال: تابعه عبد الله بن ميمون القداح عن عبيد الله (2).
وأضاف الذهبي: هو حديث منكر جدا، ويقتضي أن يكون زنة الكتابين عدة قناطير.
لكن الحافظ، شيخ الإسلام، ابن حجر العسقلاني، نقل إنكار الذهبي هذا، وعلق عليه بقوله: وليس ما قاله من مزنة الكتابين " بلازم.
بل هي " معجزة عظيمة ". وقد أخرج الترمذي لهذا المتن شاهدا (3).
أقول: بل للحديث من الشواهد والمتابعات، ما يبلغ به حد الشهرة بل الاستفاضة.
وقال حافظ المغرب ابن الصديق الغماري:
قلت: والحديث تكلم عليه صاحب " الإبريز " بما أزال إشكاله، وأحسن منه وأقرب ما يستفاد من كلام ابن العربي في " العارضة " فان من وقف عليه وتدبره علم أن الحديث من قبيل العاديات وأنه ليس فيه إشكال أصلا (4).
أقول: وأما ما ذكره الذهبي، فهو كلام من يزن العلم بالأرطال، مع أن موضوع الحديث وهو " تحديد أسماء أهل الجنة وأهل النار " ليس مما للعقل فيه مدخل، حتي ينكر بمثل تلك الاستبعادات الواهية.
وإنما هو مما يبني علي التوقيف، ويؤخذ من لسان الشرع الشريف.
(٧٩) الكامل في الضعفاء ٢٥ - ١٩٣٣.
(٢) ميزان الاعتدال ٢ / 684 ترجمة 5329.
(3) لسان الميزان لابن حجر 34 - 94 الطبعة القديمة، وفي الطبعة الحديثة 4 / 16 - 17 رقم 5419.
(4) فتح الملك العلي ص 96.
(٤٣)
مفاتيح البحث: الحافظ ابن حجر العسقلاني (1)، عبد الله بن ميمون (2)، الصدق (1)، الشهادة (1)، كتاب لسان الميزان لإبن حجر (1)

صفحه 036

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٤٤
ومع ورود هذه العدة الكبيرة من الأحاديث، وبطرق عديدة، مما اتفق علي نقله المسلمون كافة، فليس علي المؤمن إلا أن يسلم لها، وهو شأن المتقين كما وصفهم الله بقوله. الذين يؤمنون بالغيب مضافا إلي عشرات الروايات المؤيدة لمضمون تلك الأحاديث، مثل ما دل علي تحديد " صفوف أهل الجنة " (1).
وما ورد فيه تحديد نسبة أمة النبي صلي الله عليه وآله وسلم إلي أهل الجنة بنسب معينة كالربع والثلث والنصف، وهي أحاديث مذكورة في صحاحهم وغيرها.
وما ورد من أن العبد مكتوب أنه من أهل الجنة، أو من أهل النار (2).
فكيف يتجرء السلفية الأغمار علي ضرب هذه الأحاديث النبوية الشريفة عرض الحائط، وينكرون محتواها، مع اعتراف شيخ إسلامهم بأنها " معجزة عظيمة ".
وقد رد ابن حجر بهذا علي الذهبي الذي أنكر الحديث، بعقله زاعما أنه يقتضي أن يكون " زنة الكتابين عدة قناطير ". كما سمعت لكن ابن حجر سكت عن محمد بن صبيح ابن السماك، لما أنكر مثل هذا العلم؟ واستنكره، زاعما أنه " علم بالغيب " وراح يكفر القائل به فسبحان الله، ما أجرأهم علي الله ورسوله، حيث ينكرون الأحاديث النبوية المتضافرة الثابتة، ثم يكفرون من يلتزم بمؤداها؟
أما نحن شيعة آل محمد صلي الله عليه وآله وسلم وأتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام:
فتكفينا ما بلغنا من النصوص المقدسة، لكي نؤمن بها، وبالغيب الذي جاءت به، وان نتعبد بها، لأنا مسلمون بما جاء به ثقاتنا عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، ولا
(١) لاحظ سنن الدارمي ٢ / ٣٣٧، والمعجم الكبير للطبراني ١٠ / ٢٢٧ رقم ١٠٣٩٨، وخرجه المعلق عن أحمد وأبي يعلي، والبزار، والمعجم الصغير والأوسط والمعجم الكبير أيضا رقم ١٠٦٨٢، والمستدرك للحاكم ١ / ٨٢، ولاحظ مجمع الزوائد ١٠ / ٤٠٣.
(٢) لاحظ كنز العمال ١ / 125 رقم 594، ومصادره.
(٤٤)
مفاتيح البحث: مدرسة أهل البيت عليهم السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الضرب (1)، السكوت (1)، كتاب المستدرك علي الصحيحين للحاكم النيسابوري (1)، كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1)، كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (1)

صفحه 037

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٤٥
نحكم - بعد ثبوت شئ عنه - آراءنا في ما طريقه النقل.
والمحدث العظيم زرارة بن أعين الفقيه المتكلم، كبير رواة حديث أئمة أهل البيت عليهم السلام لا ريب أنه يعتقد بالحق الذي جاءت به تلك الروايات، فلو صحت رواية ابن السماك، فقد أحسن زرارة الرد عليه وإفحامه بعد أن حاول تنبيهه وهدايته، ولما رأي إصراره وعناده علي إنكار تلك المعجزة العظيمة، واستنكار العلم بها، لأنه ليس من الذين يؤمنون بالغيب وبالآخرة هم يوقنون أفصح عن أنه ممن يتقي منه، وإلا لما اتقاه الإمام جعفر بن محمد الصادق ابن رسول الله والإمام سيد أهل البيت في عصره ثم نقول: فإذا ثبت - بالأحاديث المتضافرة - وجود ذينك الكتابين، اللذين فيهما " تسمية أهل الجنة " و " تسمية أهل النار ".
فأين هما؟ وعند من يوجدان؟
لم نجد بين الأمة من يدعي وجودهما عنده، ولكن أهل البيت أولي من يكون الكتابان عندهم، لأنهم ورثوا ما كان عند النبي صلي الله عليه وآله وسلم من الخاتم والسيف والدرع والراية، وو …، إضافة إلي العلم والفهم و … كما نصت عليه الأحاديث المتواترة في هذا المعني (1).
والأمر الثاني من ترهات ابن السماك: وهو النبز بالكفر، لمن نسب علم الغيب لغير الله جل وعلا.
فهو كلام يحتوي علي الإرجاف ضد المؤمنين بالغيب، لأن أي مؤمن لا يقول بأن أحدا يعلم بشكل مستقل الغيب، فهذا بالإجماع مخصوص بالله تعالي اسمه، لكن المسلمين يعتقدون أن الله تعالي يطلع من ارتضي من عباده علي غيبه، وهذا حسب ما ذكره الله في كتابه صراحة لما قال: عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحدا إلا
(1) لاحظ مقال: الثقلان ودعمهما لحجية السنة، مجلة علوم الحديث، السنة الأولي 1418، العدد الأول (محرم) ص 22 - 23.
(٤٥)
مفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، زرارة بن أعين (1)، جعفر بن محمد (1)، الصدق (1)

صفحه 038

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٤٦
من ارتضي من رسول فإن الاستثناء يدل علي ثبوته لغير الله. من ارتضي من رسول ثم الرسول صلي الله عليه وآله وسلم قد اطلع علي كثير من الغيب، ومن ذلك الأحكام الشرعية وأخبار القيامة والجنة والنار، وغير ذلك، مما لا طريق لمعرفته إلا الشرع الكريم.
وقد أخبر الرسول أمته بكل ذلك، وأوجب عليهم الإيمان بذلك فوصفهم.
بأنهم يؤمنون بالغيب ولا شك أن الإيمان بالغيب، لا يكون إلا بعد العلم به؟ ومعرفته؟ (1) فهل يفهم ابن السماك والذهبي، والسلفية الأوغاد؟ ما ينكرون علي المؤمنين من مثل هذه " المعجزة العظيمة "؟
وما أجدر أن يقال لابن السماك، في نبزه لزرارة:
ما ضر تغلب وائل، أهجوتها أم بلت حيث تناطح البحران؟
ومن هنا يظهر أن إنكار ابن السماك وجود العلم بأسماء أهل الجنة والنار، واستنكاره علم ذلك علي الإمام الصادق عليه السلام، جعله بمستوي محافظة الإمام منه.
لأن من ينكر هذا الأمر المتسالم عليه بين المسلمين، الذي حصل " الوفاق " منهم علي نقله وروايته وتثبيته، وروي عن أهل البيت عليهم السلام وعن عدة من كبار الصحابة، وهو يتجرأ علي تكفير من لا يقول برأيه، فهذا سلفي بغيض لابد أن يحذر منه ويتقي من شره، ولا يكشف له الواقع.
وهذا ما صارحه به الفقيه العظيم زرارة بن أعين، لما قال له: إن ابن رسول الله أعطاك من جراب النورة، أي عمل معك بالتقية.
لأن ابن السماك - وبعقليته السلفية الضحلة - لا يستبعد أن يكفر كل من روي له الحق الثابت عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من معرفة أسماء أهل الجنة والنار، وأن يواجهه بما واجه به زرارة بن أعين من التكفير والتفسيق والترفيض فيا ويل من يلجي ابن رسول الله، إلي الحذر منه؟
(1) تحدثنا عن علم الأئمة: بالغيب في مقال ضاف نشر في مجلة تراثنا العدد (37).
(٤٦)
مفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، الأحكام الشرعية (1)، زرارة بن أعين (2)، الكرم، الكرامة (1)، علم المعصوم (1)

صفحه 039

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٤٧
هذا كله لو قلنا بصحة الرواية، وإلا فمن المحتمل - كما سبق - أن يكون من خيالات ابن السماك، ووضعه واختلاقه، لتشويش سمعة شيعة أهل البيت عليهم السلام بنسبته إلي الإمام عليه السلام كلاما لا يمكن أن يقال في حق زرارة.
والأمر الثالث من ترهات ابن السماك: هو نسبة زرارة إلي الرفض، لأنه يقول بعلم الإمام عليه السلام بأسماء أهل الجنة والنار، الذي هو غيب.
فبطلانه واضح، لما عرفت من أن علم مثل هذا، لم يعد غيبا، بعد أن كان عند رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وقد ورثه منه من ورث سائر مواريثه.
مع أن الالتزام بعلم الغيب شئ، والرفض شئ آخر.
فكل الملتزمين بعلم الغيب لغير الله تعالي، بلطفه وإطلاعه لهم عليه، ليسوا رافضة.
ففيهم أمثال: ابن حجر الهيثمي المكي صاحب الصواعق المحرقة، في فتاواه (1) وابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه (2) وغيرهما (3).
وليس كل الرافضة يلتزمون بعلم الغيب حتي بالمعني المذكور، ففيهم في عصرنا الحاضر من يجري علي سنة ابن تيمية والسلفية، ويستلهم منهم العقيدة والرأي، كما يتسلم منهم الريالات والدولارات كي يشوش علي الشيعة، ويحدث الافتراق في كيان الطائفة، فهو، والدعاة لفكره ورأيه، حثالات ناشزون، يودون أن يسموا بالشيعة، وهي منهم برأ.
وأما خصوص العلم بأسماء أهل الجنة والنار، ووجود كتابين فيهما تلك الأسماء فقد عرفت ورود الآثار الكثيرة بالطرق المتضافرة بذلك، فالاعتقاد بذلك حق ولم يعد غيبا مجهولا بل صار عينا معلومة، ويقينا ثابتا في قلوب الذين آمنوا
(١) الفتاوي الحديثية، بواسطة مقتل الحسين للمقرم ص ٥٣.
(٢) شرح نهج البلاغة ١ / 427 طبعة مصر الأولي في (4) مجلدات.
(3) لاحظ مقالنا " علم الأئمة بالغيب " ص 24 - 28 ومقتل الحسين للمقرم ص 44 - 66.
(٤٧)
مفاتيح البحث: شيعة أهل البيت عليهم السلام (1)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (1)، إبن أبي الحديد المعتزلي (1)، علم المعصوم (2)، كتاب الصواعق المحرقة (1)، يوم عرفة (2)، إبن حجر الهيثمي (1)، ابن تيمية (1)، كتاب مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي (2)، كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1)

صفحه 040

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٤٨
بالرسول صلي الله عليه وآله وسلم وآل الرسول عليهم السلام واتبعوا هديهم والتزموا بسنتهم، وتعبدوا بحديثهم، وهم شيعتهم الأخيار الأبرار، والحمد لله رب العالمين.
خلاصة البحث وقع البحث في مقامين:
المقام الأول: حول كلمة " جراب " فهي لغة: بمعني الوعاء، أو خصوص الذي من جلد الحيوان، تحفظ فيه عادة المواد الجافة.
أطلقت في الحديث الشريف، علي القرآن الكريم، وعلي الجفر المملو ء من الكتب التي خلفها النبي صلي الله عليه وآله وسلم عند أهل البيت عليهم السلام.
ووردت في سيرة الحسين عليه السلام وابنه السجاد عليهما السلام - مفردة وبالجمع - لأنهما عليهما السلام كانا يحملان الجرب المملوءة بالطعام والدراهم، فيوصلانها إلي الفقراء، فأثرت علي جسميهما، وبقيت الآثار علي ظهريهما عليهما السلام.
وعبر الإمام الحسين عليه السلام عن الظالمين الذين استهدفوا جسمه الشريف بالسيوف والأسنة في كربلاء، بالأجربة السغب.
واستعملت الكلمة اسما، ولقبا، وكنية، لأشخاص معينين، كما استعملت في بعض الأمثال المتداولة.
واطلقت عند العامة: كلمة تدل علي المدح: " جراب مملو مسكا " أو علي الذم والقدح " جراب الكذب " علي أشخاص معينين.
المقام الثاني: حول عبارة " جراب النورة " فالنورة: هي حجر الكلس الذي يستخدم مسحوقه مضافا إلي أشياء اخر، لإزالة شعر البدن.
وقد استعملت العبارة في موارد من الحديث استقصيناها، وأهمها: مناظرة
(٤٨)
مفاتيح البحث: الإمام علي بن الحسين السجاد زين العابدين عليهما السلام (1)، أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (2)، الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء (عليهما السلام) (2)، الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (2)، مدينة كربلاء المقدسة (1)، القرآن الكريم (1)، الكذب، التكذيب (1)، الظلم (1)

صفحه 041

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٤٩
هشام، وحديث الإرث.
فتعرضنا لتفسيرهما عند المحدثين، والفقهاء واللغويين، وحاصل مفادها عندهم جميعا أنها تدل علي كون المعطي واردا للتقية.
وهكذا استعملها الفقهاء في كتبهم الفقهية.
وقد ذكرنا وجهين للمناسبة بين المعني اللغوي، والمراد الاصطلاحي، واخترنا الثاني، وهو: أن النورة إنما تستعمل لإزالة الأذي من الجسم، والتقية تستعمل لدفع شر المخالفين، فالجامع بينهما دفع الأذي، فصح استعمال " جراب النورة " وإطلاقها علي الوارد للتقية.
أما دلالتها الرجالية: فقد نفينا أن تكون للعبارة دلالة رجالية، أو أي أثر في علم الرجال، إلا علي احتمال مردود.
وفي تراث العامة: نجد ورود العبارة عندهم، في ترجمة (زرارة بن أعين) في قصة لفقها بعض رواتهم الضعفاء، وهو محمد بن صبيح بن السماك، تناقلها العقيلي والفسوي المؤرخ، ثم تداولها الذهبي وابن حجر، وأوردها بعض المعاصرين كعبارة نادرة من " ألفاظ التجريح ".
مصرحين بأن معناها استعمال التقية، كما هو عندنا.
لكن الكلمة - علي هذا المعني - لا تدل علي تجريح، بل هي مجرد مصطلح فقهي عندنا.
ولو صحت قصة ابن السماك، فهي تدل علي أن زرارة أطلق العبارة علي ابن السماك نفسه، وأن الإمام عليه السلام قد اتقاه في كلامه، فهو تجريح لابن السماك.
لكنا ناقشنا صحة ما نقله ابن السماك، لوجوه:
الأول: لضعف ابن السماك حتي عند أهل نحلته، ولذا ذكروه في كتب الضعفاء.
الثاني: أنه استنكر علي زرارة والإمام عليه السلام العلم بأسماء أهل الجنة وأهل النار.
(٤٩)
مفاتيح البحث: زرارة بن أعين (1)، التقية (3)

صفحه 042

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٥٠
بينما الروايات المتفق عليها بين الخاصة والعامة قد تضافرت علي وجود كتابين يحتويان علي أسماء أهل الجنة وأهل النار قد أظهرهما النبي صلي الله عليه وآله وسلم للأمة.
فإنكار ذلك إنكار لحديث رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم.
لكن ابن السماك والذهبي أنكرا ذلك، واستهزأ الذهبي بذلك: بأن وجود الكتابين يقتضي أن يكون وزنهما عدة قناطير وقد رد عليه ابن حجر، بأن ذلك ليس بلازم، بل ذلك " معجزة عظيمة ".
الثالث: أن ابن السماك حكم بأن ذلك من علم الغيب، والمعتقد بعلمه كافر.
وهذا باطل - أيضا - إذ بعد إظهار النبي صلي الله عليه وآله وسلم له، لم يعد غيبا، بل صار عينا، بل كان الإيمان به من علامات المؤمنين وأوصافهم.
الرابع: حكمه بالرفض، علي من اعتقد بعلم الغيب لغير الله تعالي. وهو بإطلاقه باطل، إذ ليس في المسلمين من يعتقد بعلم الغيب لغير الله تعالي، بالاستقلال، وإنما يعتقدون بأن العالم بالاستقلال بالغيب هو الله تعالي، ولكن قد أظهر علي غيبه من ارتضاه من الرسل، وأوحي من أنبأ الغيب إلي أنبيائه قال.
تعالي عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحدا إلا من ارتضي من رسول.
وقال تعالي ذلك من أنبأ الغيب نوحيه إليك، ووصف المؤمنين بأنهم:
يؤمنون بالغيب والايمان فرع المعرفة والعلم.
مع أن كثيرا من العامة يشاركون الشيعة في اعتقاد العلم بالغيب للرسول والأئمة والأولياء، وذلك بإخبار الله ووحيه وإلهامه، وبواسطة رسله وملائكته وكتبه.
فإذا ثبت وجود الكتابين المحتويين علي أسماء أهل الجنة وأهل النار عند رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فلابد أنه قد ورثهما من بعده، والمفروض أنه لم يدع وجودهما أحد عنده، سوي أهل بيته وورثة مواريثه من سيفه ودرعه وخاتمه ولوائه وقميصه وسائر أدواته …
(٥٠)
مفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله (4)

صفحه 043

جراب النورة بين اللغة والاصطلاح - السيد محمد رضا الجلالي - الصفحة ٥١
فقد كانت عند الأئمة عليهم السلام كما صرحت بذلك روايات عديدة مروية بطرق متضافرة.
ونحن الشيعة يكفينا ما ورد بطرقنا من الأدلة علي وجود علم الكتابين عند أئمتنا عليهم السلام، وهكذا كان زرارة بن أعين، كبير رواة الحديث عند الشيعة، عارفا بذلك.
وأما المبتعدون عن أهل البيت عليهم السلام، والمبتدعون لطرق منفصلة عنهم، والسلفية الذين لم يؤمنوا بهذا الغيب، بل لم يؤمنوا بالله إلا بعد أن جسموه، ووضعوا له يدا ورجلا وعينا ووجها واعتقدوا برؤيته في الآخرة، وأضاف بعضهم رؤيته في الدنيا تعالي الله عما يقولون علوا كبيرا.
أما هؤلاء فقد استنكروا وجود الكتابين، وأنكروا علم أحد بهما، ومنهم ابن السماك، فكان ممن يتقي في إظهار الحق له، فلذا قال له زرارة: " إنه أعطي من جراب النورة ".
هذا ما سنحت لنا الفرصة في البحث عن عبارة " جراب النورة ".
ونسأل الله أن يتقبل أعمالنا ويخلصها لوجهه الكريم وان يوفقنا لخدمة دينه الحق آمين وصلي الله علي رسوله الكريم وآله المعصومين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين حرر في الخامس والعشرين من شهر محرم الحرام عام 1418 في قم المقدسة.
وكتب السيد محمد رضا الحسيني الجلالي كان الله له
(٥١)
مفاتيح البحث: أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله (1)، شهر محرم الحرام (1)، محمد رضا الحسيني (1)، زرارة بن أعين (1)، الصّلاة (1)

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.