المال، اخذا و عطاء و صرفا

اشارة

موضوع: فقه استدلالى نويسنده: شيرازى، سيد محمد حسينى تاريخ وفات مؤلف: 1422 ه ق زبان: عربى قطع: وزيرى تعداد جلد: 1 ناشر: مؤسسة الوعي الاسلامي- دار العلوم تاريخ نشر: 1425 ه ق نوبت چاپ: اول مكان چاپ: بيروت- لبنان محقق/ مصحح: صاحب مهدى

المقدمه

مسألة: يستحبّ جمع المال الحلال، و يستحب الإنفاق في سبيل اللّه، في غير الواجب اكتسابه و الواجب إنفاقه، و يدلّ عليه روايات متواترة:

فعن الصادق عليه السّلام: لا خير في من لا يحبّ جمع المال من حلال، يكفّ به وجهه و يقضي به دينه و يصل به رحمه «1».

عن عبد الأعلى، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سلوا اللّه، الغنى في الدنيا و العافية، و في الآخرة المغفرة و الجنّة «2».

عن عمرو بن سيف الأزدي قال: قال لي أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام:

لا تدع طلب الرّزق من حلّه، فإنّه أعون لك على دينك، و اعقل راحلتك و توكّل «3».

مقدمة الناشر

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ*

المال عصب الحياة فبدونه تغدو الحياة ميتة أو شبه ميتة.

فدورة الحياة لا تتم إلّا بالمال .. كما أن الدورة الدموية لا تتم إلّا بقطرات الدم ...

المال هو الدم الأبيض و الأصفر و الأسود، الذي يجري في عروق المجتمعات فيحركها، و يدفع بها إلى الأمام.

و الدم الأبيض هو النقد الذي يتم من خلاله التعامل اليومي.

و الدم الأصفر هو الذهب الذي تتخذه الدول و الشعوب بمثابة رصيد لتغطية النقد و العملة.

و الدم الأسود هو النفط الذي فجر في عالمنا الإسلامي ينابيع الثروة.

إنّ حركة المال في جسم المجتمع كحركة الدم في جسم الإنسان.

فكما يجب أن ينتظم الدم داخل الشرايين و الأوردة بصورة متوازنة كذلك يجب أن ينتظم المال في شرايين المجتمع بصورة عادلة و متوازنة.

و كما أن تجمع الدم في نقطة واحدة من البدن يسبب تصلب الشرايين و بالتالي الذبحة الصدرية و أخيرا السكتة القلبية، كذلك المال إذا تجمع في مكان واحد

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 6

سيعمل على إفساد ذلك المكان

و بالتالي القضاء على المجتمع برمته.

و كما أن الإنسان يمرض نتيجة لضغط الدم كذلك يمرض المجتمع نتيجة لضغط المال.

و تتشابه الأسباب و النتائج بين المال و الدم.

فمنشأ ضغط الدم هو كثرة تناول الطعام الذي يؤدي إلى زيادة الدم مع قلة الاستهلاك كذلك ينشأ ضغط المال نتيجة زيادته دون أن يستهلك.

فكما أن الدم وسيلة كذلك المال وسيلة.

فهو يحرك العجلة الاقتصادية في جسم المجتمع كما يحرك الدم المواد الغذائية و يوزعها على خلايا الجسم. فإذا تحول المال إلى هدف و ليس إلى وسيلة سيقضي على المجتمع لا محالة كما يقضي تزويد الإنسان الذي لا يحتاج إلى الدم بثلاثة لترات من الدم، فجسم الإنسان لا يتحمل من الدم أكثر من سبعة لترات التي يمتلكها فإذا أضفنا إليه المزيد فسيحدث الانفجار مسببا هلاكه و موته.

المال كذلك يسير، كما يسير الدم في البدن فإذا أضفنا إليه مقدارا فلا بد أن نجد له ما يصرّفه بالمقدار نفسه، و إلّا فالهلاك قادم إلى المجتمعات المتخمة بالمال دون مصرف و قد أشار القرآن الكريم إلى هذه القضية الهامة بقوله: كَيْ لٰا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيٰاءِ «1» أي تجمع المال في مكان واحد مسببا التضخم في ذلك المكان.

من هنا تأتي أهمية المال في الإسلام، فقد تعامل الفقه الإسلامي مع المال ككائن حي كما يتعامل مع أي موجود آخر، فهناك المئات من الأحكام الشرعية المرتبطة بالمال، و بحركته في المجتمع، و قد جمعها لنا المرجع الديني الأعلى آية اللّه

______________________________

(1) سورة الحشر: الآية 7.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 7

العظمى السيد محمد الشيرازي قدّس سرّه في هذا الكتاب القيّم الذي وجدنا فيه الفائدة الكبيرة، فقد تضمن جميع أبواب المال، كيفية الحصول عليه، و كيفية الحفاظ

عليه، و كيفية صرفه.

و فائدة هذا الكتاب تعمّ المجتمع و الأفراد، فالفرد الذي يريد أن يا بني لنفسه اقتصادا زاهرا يجد في هذا الكتاب ضالّته حيث يرشده إلى كيفية طلب المال بالحلال، و كيف يدفع عن نفسه الفقر؟ ذلك المعول الذي يهدم الحياة الرغيدة و يسلب من المجتمعات حلاوة السعادة.

فالفقير المعدم يجد في هذا الكتاب طريقا للغنى، لأنه يرشده إلى طريق الصواب في كسب المال و جمعه.

و الغني يجد في هذا الكتاب طريقا لكسب الآخرة بالمال، لأنّ المال كما قلنا وسيلة و ليس هدف.

و المجتمع يجد في هذا الكتاب منهاجا لاقتصاد غني ينعدم فيه الفقر و تسوده العدالة و هذا هو مبتغى الإسلام في المجتمعات.

و للوصول إلى هذا المبتغى يسلك الإسلام طرقا و أساليب عديدة، و من هذه الطرق كسب المال الحلال.

نرجو أن نوفّق للاهتداء بهذا الكتاب و أن نضمن لأنفسنا و لأولادنا و لمجتمعنا عيشا رغيدا تحت راية الإسلام، وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ*.

مؤسسة الوعي الإسلامي بيروت- لبنان

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 9

مقدمة المؤلف

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ، و الصلاة و السلام على محمّد و آله الطاهرين.

و بعد .. فهذا جزء من (الفقه) جمعت فيه بعض الروايات المرتبطة بالمال، تشويقا للمسلمين أن يكتسبوا المال، حتّى يستقلوا في أمورهم الاقتصادية عن الأجانب، فإنّ المسلمين حيث سقط اقتصادهم، احتاجوا إلى الغرب و الشرق حتّى في اللحم و الحنطة، و سقطت سياستهم، فصاروا ذيلا بعد أن كانوا رأسا، كما سقط اجتماعهم: «فإنّ الكرامة الاقتصادية توجب الكرامة الاجتماعية».

و في الحديث (من لا معاش له لا معاد له)، و بذلك فقدوا الدنيا و الآخرة، و اللازم أن تهتم الحوزات العلمية، بالسياسة و الاقتصاد و الاجتماع،

دراسة و بحثا و تأليفا، كما تهتم بالأصول و الفقه، فيجب أن يكون في الحوزات العلمية حلقات و دراسات عميقة و وسيعة بما يتعلّق بهذه الأمور الثلاثة، و إلّا فالذلّة- و العياذ باللّه- تبقى أمدا طويلا، ف إِنَّ اللّٰهَ لٰا يُغَيِّرُ مٰا بِقَوْمٍ حَتّٰى يُغَيِّرُوا مٰا بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذٰا أَرٰادَ اللّٰهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلٰا مَرَدَّ لَهُ «1».

______________________________

(1) سورة الرعد: الآية 11.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 10

نعم، أوّل الأمر هو تطبيق التعدّدية الحزبية في البلاد الإسلامية حتّى يكون التنافس حرّا، كما يلزم أن تكون هناك شورى المرجعية، حتّى تتجمّع القوى الدينية، فهما وسيلتا التقدّم بإذن اللّه سبحانه و هو الموفّق المستعان.

قم المقدّسة محمّد الشيرازي

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 11

فصل استحباب تحصيل المال الحلال و إنفاقه

اشارة

مسألة: يستحبّ جمع المال الحلال، و يستحب الإنفاق في سبيل اللّه، في غير الواجب اكتسابه و الواجب إنفاقه، و يدلّ عليه روايات متواترة:

فعن الصادق عليه السّلام: لا خير في من لا يحبّ جمع المال من حلال، يكفّ به وجهه و يقضي به دينه و يصل به رحمه «1».

عن عبد الأعلى، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سلوا اللّه، الغنى في الدنيا و العافية، و في الآخرة المغفرة و الجنّة «2».

عن عمرو بن سيف الأزدي قال: قال لي أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام:

لا تدع طلب الرّزق من حلّه، فإنّه أعون لك على دينك، و اعقل راحلتك و توكّل «3».

أي الأعمال أفضل؟

عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث طويل: أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سأل ربّه سبحانه و تعالى ليلة المعراج فقال: يا ربّ أيّ الأعمال أفضل؟- إلى أن قال-: فقال اللّه تعالى:

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 19 ب 7 ح 1.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 71 ح 4.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 13 ب 3 ح 10.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 12

يا أحمد، إنّ العبادة عشرة أجزاء، تسعة منها طلب الحلال فإن أطيب مطعمك و مشربك، فأنت في حفظي و كنفي «1».

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ إنفاق هذا المال في طاعة اللّه أعظم نعمة، و إنّ إنفاقه في معاصيه أعظم محنة «2».

و قال عليه السّلام: ألا و إنّ من النّعم سعة المال، و أفضل من سعة المال صحة البدن، و أفضل من صحة البدن تقوى القلب «3».

عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال: قال رجل لأبي عبد اللّه عليه السّلام: و اللّه، إنّا

لنطلب و نحبّ أن نؤتاها.

فقال: تحبّ أن تصنع بها ما ذا؟.

قال: أعود بها على نفسي و عيالي، و أصل بها، و أتصدّق بها، و أحجّ و أعتمر.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس هذا طلب الدنيا، هذا طلب الآخرة «4».

أقول: لأنّ الدنيا المرتبط بالآخرة و السبيل إليها هي من الآخرة.

عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّا لنحب الدنيا و إن لا نعطاها خير لنا، و ما أعطى أحد منها شيئا إلّا نقص حظّه في الآخرة.

قال: فقال له رجل: إنّا و اللّه، لنطلب الدنيا.

______________________________

(1) إرشاد القلوب: ج 1 ص 203.

(2) غرر الحكم: ج 1 ص 214 الفصل التاسع ح 17.

(3) غرر الحكم: ج 1 ص 172 الفصل السادس ح 25.

(4) وسائل الشيعة: ج 12 ص 19 ب 7 ح 3.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 13

فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام: تصنع بها ما ذا؟ و ذكر نحوه «1».

عن أبي بصير قال: (ذكرنا عند أبي جعفر عليه السّلام من الأغنياء من الشيعة، فكأنّه كره ما سمع منّا فيهم.

قال يا أبا محمّد، إذا كان المؤمن غنيّا رحيما وصولا، له معروف إلى أصحابه، أعطاه اللّه أجر ما ينفق في البرّ أجره مرتين ضعفين، لأنّ اللّه تعالى يقول في كتابه: وَ مٰا أَمْوٰالُكُمْ وَ لٰا أَوْلٰادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنٰا زُلْفىٰ إِلّٰا مَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صٰالِحاً فَأُولٰئِكَ لَهُمْ جَزٰاءُ الضِّعْفِ بِمٰا عَمِلُوا وَ هُمْ فِي الْغُرُفٰاتِ آمِنُونَ «2») «3».

أقول: قد يكون المراد بالضعف: الكثير، فإنّ مَنْ جٰاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثٰالِهٰا*.

عن زياد القندي قال: كان أبو عبد اللّه عليه السّلام إذا رأى إسحاق بن عمّار و إسماعيل بن عمّار

قال: و قد يجمعهما لأقوام يعني: الدنيا و الآخرة «4».

قال الإمام الصادق عليه السّلام: القبر خير من الفقر «5».

روى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: هلك المثرون.

قلت: يا رسول اللّه، إلّا من؟ فأعادها ثلاثا، ثمّ قال: إلّا من هكذا

______________________________

(1) أمالي الطوسي: ص 662 ح 25، و فيه فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام تصنع بها ما ذا؟ قال:

أعود بها على نفسي و على عيالي و أتصدق منها و أصل منها و أحج منها، قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ليس هذا طلب الدنيا هذا طلب الآخرة.

(2) سورة سبأ: الآية 37.

(3) علل الشرائع: ج 2 ص 604 ح 73 (باب نوادر العلل).

(4) رجال الكشي: ج 2 ص 705 ح 752.

(5) غرر الحكم: ج 1 ص 26 الفصل الأول ح 446.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 14

و هكذا، وَ قَلِيلٌ مٰا هُمْ «1».

أقول: أي أخذ الحقّ و أعطى الحقّ.

أبرارها لا فجارها

عن مسعدة بن صدقة قال: دخل سفيان الثوري على أبي عبد اللّه عليه السّلام فرأى عليه ثيابا بيضا، كأنّها غرقئ البيض، فقال له: إنّ هذا اللباس ليس من لباسك؟.

فقال له عليه السّلام: (اسمع منّي، وع ما أقول لك، فإنّه خير لك عاجلا و آجلا، إن أنت متّ على السنّة و الحقّ و لم تمت على بدعة، أخبرك أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان في زمان مقفر جدب «2»، فأمّا إذا أقبلت الدنيا فأحقّ أهلها بها أبرارها لا فجّارها، و مؤمنوها لا منافقوها، و مسلموها لا كفّارها، فما أنكرت يا ثوري، فو اللّه، إنّني لمع ما ترى، ما أتى عليّ مذ عقلت صباح

و لا مساء و للّه في مالي حقّ أمرني أن أضعه موضعا إلّا وضعته.

قال: فأتاه قوم ممّن يظهرون الزهد و يدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف، فقالوا له: إنّ صاحبنا حصر عن كلامك و لم تحضره حججه.

فقال لهم: فهاتوا حججكم.

فقالوا له: إنّ حججنا من كتاب اللّه.

______________________________

(1) غوالي اللآلي: ج 1 ص 126 ح 65 (الفصل السابع).

(2) الجدب: المحل نقيض الخصب. و في حديث الاستسقاء: هلكت المواشي و أجدبت البلاد، أي قحطت و غلت الأسعار، لسان العرب: ج 1 ص 254.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 15

فقال لهم: فأدلوا بها فإنّها أحقّ ما أتّبع و عمل به.

فقالوا: يقول اللّه تبارك و تعالى مخبرا عن قوم من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

وَ يُؤْثِرُونَ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كٰانَ بِهِمْ خَصٰاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «1»، فمدح فعلهم.

و قال في موضع آخر: وَ يُطْعِمُونَ الطَّعٰامَ عَلىٰ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَ يَتِيماً وَ أَسِيراً «2»، فنحن نكتفي بهذا.

فقال رجل من الجلساء: إنّا رأيناكم تزهدون في الأطعمة الطيّبة و مع ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتّى تمتعوا أنتم منها.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: دعوا عنكم ما لا تنتفعون به، أخبروني أيّها النفر، أ لكم علم بناسخ القرآن من منسوخه، و محكمه من متشابهه الذي في مثله ضلّ من ضلّ و هلك من هلك من هذه الأمّة.

فقالوا له: أو بعضه، فأمّا كلّه فلا.

فقال لهم: فمن هنا أتيتم، و كذلك أحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأمّا ما ذكرتم من إخبار اللّه عز و جل إيّانا في كتابه عن القوم الذين أخبر

عنهم بحسن فعالهم فقد كان مباحا جائزا و لم يكونوا نهوا عنه و ثوابهم منه على اللّه عز و جل، و ذلك أنّ اللّه جلّ و تقدّس، أمر بخلاف ما عملوا به فصار أمره ناسخا لفعلهم، و كان نهي اللّه تبارك و تعالى رحمة منه للمؤمنين و نظرا لكي لا يضروا بأنفسهم و عيالاتهم منهم الضعفة الصغار و الولدان و الشيخ الفاني و العجوز الكبيرة الذين لا يصبرون على الجوع، فإن تصدّقت برغيفي و لا رغيف لي غيره ضاعوا و هلكوا جوعا.

______________________________

(1) سورة الحشر: الآية 9.

(2) سورة الإنسان: الآية 8.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 16

فمن ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو دراهم يملكها الإنسان و هو يريد أن يمضيها فأفضلها ما أنفقه الإنسان على والديه ثمّ الثانية على نفسه و عياله ثمّ الثالثة على قرابته الفقراء ثم الرابعة على جيرانه الفقراء ثم الخامسة في سبيل اللّه و هو أخسها أجرا.

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم للأنصاري حين أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق و لم يكن يملك غير هم و له أولاد صغار: لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنوه مع المسلمين، يترك صبية صغارا يتكففون الناس.

ثم قال: حدّثني أبي، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: ابدأ بمن تعول الأدنى فالأدنى، ثمّ هذا ما نطق به الكتاب ردّا لقولكم و نهيا عنه مفروضا من اللّه العزيز الحكيم قال: وَ الَّذِينَ إِذٰا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كٰانَ بَيْنَ ذٰلِكَ قَوٰاماً «1»، أ فلا ترون أنّ اللّه تبارك

و تعالى قال: غير ما أراكم تدعون الناس إليه من الأثرة على أنفسهم و سمى من فعل ما تدعون الناس إليه مسرفا.

و في غير آية من كتاب اللّه يقول: إِنَّهُ لٰا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ «2»، فنهاهم عن الإسراف و نهاهم عن التقتير، و لكن أمر بين أمرين، لا يعطي جميع ما عنده ثمّ يدعو اللّه أن يرزقه فلا يستجيب له للحديث الذي جاء عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ أصنافا من أمّتي لا يستجاب لهم دعاؤهم: رجل يدعو على والديه، و رجل يدعو على غريم ذهب له بمال فلم يكتب عليه و لم يشهد عليه، و رجل يدعو على امرأته، و قد جعل اللّه عز و جل تخلية سبيلها بيده، و رجل يقعد في بيته و يقول: ربّ ارزقني، و لا يخرج و لا يطلب الرزق.

______________________________

(1) سورة الفرقان: الآية 67.

(2) سورة الأنعام: الآية 141.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 17

فيقول اللّه عز و جل له: عبدي أ لم أجعل لك السبيل إلى الطلب و الضرب في الأرض بجوارح صحيحة فتكون قد أعذرت فيما بيني و بينك في الطلب لاتّباع أمري، و لكيلا تكون كلا على أهلك، فإن شئت رزقتك و إن شئت قترت عليك و أنت غير معذور عندي.

و رجل رزقه اللّه مالا كثيرا فأنفقه ثمّ أقبل يدعو يا ربّ ارزقني فيقول اللّه عز و جل: أ لم أرزقك رزقا واسعا فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك و لم تسرف و قد نهيتك عن الإسراف.

و رجل يدعو في قطيعة رحم ثمّ علّم اللّه عز و جل نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كيف ينفق، و ذلك أنّه كانت عنده أوقية

من الذهب فكره أن يبيت عنده فتصدّق بها فأصبح و ليس عنده شي ء و جاءه من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه فلامه السائل، و اغتم هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه و كان رحيما رقيقا، فأدّب اللّه تعالى نبيه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بأمره فقال: وَ لٰا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلىٰ عُنُقِكَ وَ لٰا تَبْسُطْهٰا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً «1».

يقول: إنّ الناس قد يسألونك و لا يعذرونك، فإذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت قد حسرت من المال، فهذه أحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يصدّقها الكتاب و الكتاب يصدّقه أهله من المؤمنين.

و قال أبو بكر عند موته حيث قيل له: أوص فقال: أوصي بالخمس و الخمس كثير فإنّ اللّه تعالى قد رضي بالخمس فأوصى بالخمس، و قد جعل اللّه عز و جل له الثلث عند موته، و لو علم أنّ الثلث خير له أوصى به.

______________________________

(1) سورة الإسراء: الآية 29.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 18

ثمّ من قد علمتم بعده في فضله و زهده سلمان و أبو ذر رضي اللّه عنهما.

فأمّا سلمان فكان إذا أخذ عطاءه رفع منه قوته لسنته حتّى يحضر عطاؤه من قابل، فقيل له: يا أبا عبد اللّه، أنت في زهدك تصنع هذا و أنت لا تدري لعلك تموت اليوم أو غدا.

فكان جوابه أن قال: ما لكم لا ترجون لي البقاء كما خفتم عليّ الفناء، أ ما علمتم يا جهلة، أنّ النفس قد تلتاث على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما يعتمد عليه، فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت.

و أمّا أبو ذر فكانت له نويقات «1» و شويهات «2»

يحلبها و يذبح منها إذا اشتهى أهله اللحم أو نزل به ضيف أو رأى بأهل الماء الذين هم معه خصاصة، نحر لهم الجزور أو من الشياه على قدر ما يذهب عنهم بقرم «3» اللحم فيقسّمه بينهم و يأخذ هو كنصيب واحد منهم، لا يتفضّل عليهم، و من أزهد من هؤلاء؟

و قد قال فيهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما قال، و لم يبلغ من أمرهما أن صارا لا يملكان شيئا البتة، كما تأمرون الناس بإلقاء أمتعتهم و شيئهم و يؤثرون به على أنفسهم و عيالاتهم.

و اعلموا أيّها النفر، أنّي سمعت أبي يروي عن آبائه عليه السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال يوما: ما عجبت من شي ء كعجبي من المؤمن أنّه إن قرض جسده في دار الدنيا بالمقاريض كان خيرا له، و إن ملك ما بين مشارق الأرض و مغاربها كان خيرا له، و كل ما يصنع اللّه عز و جل به فهو خير له، فليت شعري

______________________________

(1) النويقات: جمع نويقة مصغّر ناقة.

(2) الشويهات: جمع شويهة مصغّر شاة.

(3) أي: شدّة الشهوة للحم، لسان العرب: ج 12 ص 473.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 19

هل يحيق فيكم ما قد شرحت لكم منذ اليوم أم أزيدكم.

أ ما علمتم أنّ اللّه عز و جل قد فرض على المؤمنين في أوّل الأمر أن يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين ليس له أن يولّي وجهه عنهم، و من ولاهم يومئذ دبره فقد تبوأ مقعده من النار، ثمّ حوّلهم عن حالهم رحمة منه لهم، فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفا من اللّه عز و جل للمؤمنين فنسخ الرجلان

العشرة.

و أخبروني أيضا، عن القضاة أ جورة هم؟ حيث يقضون على الرجل منكم نفقة امرأته إذا قال: إنّي زاهد و إنّي لا شي ء لي، فإن قلتم: جورة، ظلّمكم أهل الإسلام، و إن قلتم: بل عدول خصمتم أنفسكم، و حيث تردّون صدقة من تصدّق على المساكين عند الموت بأكثر من الثلث.

أخبروني، لو كان الناس كلّهم كالذين تريدون زهادا لا حاجة لهم في متاع غيرهم، فعلى من كان يتصدّق بكفارات الأيمان و النذور و الصدقات من فرض الزكاة من الذهب و الفضة و التمر و الزبيب و سائر ما وجب فيه الزكاة من الإبل و البقر و الغنم و غير ذلك، إذا كان الأمر كما تقولون لا ينبغي لأحد أن يحبس شيئا من عرض الدنيا إلّا قدّمه، و إن كان به خصاصة فبئسما ذهبتم إليه و حملتم الناس عليه من الجهل بكتاب اللّه عز و جل و سنة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أحاديثه التي يصدّقها الكتاب المنزل، و ردّكم إيّاها بجهالتكم، و ترككم النظر في غرائب القرآن من التفسير بالناسخ من المنسوخ و المحكم و المتشابه و الأمر و النهي.

و أخبروني، أين أنتم عن سليمان بن داود عليه السّلام حيث سأل اللّه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه اللّه جلّ اسمه ذلك، و كان يقول الحقّ و يعمل به، ثم لم نجد اللّه عز و جل عاب عليه ذلك و لا أحدا من المؤمنين، و داود النبي عليه السّلام قبله في

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 20

ملكه و شدّة سلطانه.

ثمّ يوسف النبي عليه السّلام، حيث قال لملك مصر: اجْعَلْنِي عَلىٰ خَزٰائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ «1»، فكان من أمره الذي

كان أن اختار مملكة الملك و ما حولها إلى اليمن، و كانوا يمتارون الطعام «2» من عنده لمجاعة أصابتهم، و كان يقول الحق و يعمل به، فلم نجد أحدا عاب ذلك عليه.

ثمّ ذو القرنين عبد أحبّ اللّه فأحبّه اللّه، و طوى «3» له الأسباب، و ملّكه مشارق الأرض و مغاربها، و كان يقول الحقّ و يعمل به، ثمّ لم نجد أحدا عاب ذلك عليه.

فتأدبوا أيّها النفر بآداب اللّه عز و جل للمؤمنين و اقتصروا على أمر اللّه و نهيه، و دعوا عنكم ما اشتبه عليكم ممّا لا علم لكم به، وردوا العلم إلى أهله توجروا و تعذروا عند اللّه تبارك و تعالى، و كونوا في طلب علم ناسخ القرآن من منسوخه و محكمه من متشابهه و ما أحلّ اللّه فيه ممّا حرم، فإنّه أقرب لكم من اللّه و أبعد لكم من الجهل و دعوا الجهالة لأهلها فإنّ أهل الجهل كثير و أهل العلم قليل، و قد قال اللّه عز و جل: وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ «4») «5».

نعم العون الغنى

عن السكوني عن أبي عبد اللّه عن آبائه عليه السّلام: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

______________________________

(1) سورة يوسف: الآية 55.

(2) أي: يحملون الطعام.

(3) الطي: نقيض النشر، طويته طيا، و طييته وطية، و يقال: طويت الصحيفة أطويها طيا، فالطي: المصدر، و طويتها طية واحدة أي مرة واحدة. لسان العرب: ج 15 ص 18.

(4) سورة يوسف: الآية 76.

(5) الكافي (فروع): ج 5 ص 65 ح 1 باب دخول الصوفية على الصادق عليه السّلام.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 21

نعم العون على تقوى اللّه الغنى «1».

عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام

قال: نعم العون على الآخرة الدنيا «2».

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: نعم العون الدنيا على الآخرة «3».

عن علي الأحمسي، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: نعم العون الدنيا على طلب الآخرة «4».

عن القاسم بن الربيع في وصيته للمفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: استعينوا ببعض هذه على هذه و لا تكونوا كلولا على الناس «5».

أقول: و هذه أي: الحوائج، هذه أيّ: بالأموال.

عن أبي البختري رفعه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اللهم بارك لنا في الخبز و لا تفرّق بيننا و بينه، فلولا الخبز ما صلّينا و لا صمنا و لا أدينا فرائض ربّنا «6».

أقول: و هذا من باب أنّ «الخبز» أغلب طعام الناس سواء كان من الحنطة أو غيرها.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 71 ح 1.

(2) وسائل الشيعة: ج 12 ص 17 ب 6 ح 2.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 15 ب 5 ح 3.

(4) وسائل الشيعة: ج 12 ص 17 ب 6 ح 5.

(5) الكافي (فروع): ج 5 ص 72 ح 6.

(6) وسائل الشيعة: ج 12 ص 17 ب 6 ح 6.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 22

عن كتاب الغايات، قيل لسلمان رحمه اللّه: أيّ الأعمال أفضل؟.

قال: الإيمان باللّه و خبز حلال «1».

أقول: أي اكتساب خبز الحلال.

و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: غنى يحجزك عن الظلم خير من فقر يحملك على الإثم «2».

أقول: المقصود من كلمة «خير» ما له الفضل، لا الأفضلية.

ذكر القطب الراوندي في لبّ اللباب عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: من طلب الدنيا حلالا استعفافا عن المسألة

و سعيا على عياله و تعطفا على جاره لقي اللّه و وجهه كالقمر ليلة البدر «3».

و في حديث آخر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: من طلب الدنيا استغناء عن الناس و تعطفا على الجار لقي اللّه و وجهه كالقمر ليلة البدر «4».

عن ابن مسكان عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله: وَ لَنِعْمَ دٰارُ الْمُتَّقِينَ «5»، قال عليه السّلام: الدنيا «6».

أقول: إذا فالدنيا حسنة و ليست سيئة كما ربّما يزعم.

عن عبد اللّه بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أنّا لنحب الدنيا، و لا نعطاها خير لنا، و ما أعطي أحد منها شيئا إلّا كان أنقص لحظّه في

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 100 ص 17 ب 1 ح 77.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 72 ح 11، من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 101 ب 58 ح 49.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 17 ب 5 ح 11، عن لب اللباب (مخطوط).

(4) ثواب الأعمال: ص 181.

(5) سورة النحل: الآية 30.

(6) تفسير العياشي: ج 2 ص 258 ح 24 (في تفسير سورة النحل).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 23

الآخرة.

قال: قلت له: جعلت فداك إنّا لنحب الدنيا.

فقال: تصنع ما ذا؟.

قال: قلت: أتزوّج منها و أحجّ و أنفق على عيالي و أنيل إخواني و أتصدّق.

قال لي: ليس هذا من الدنيا، إنّما هذا من الآخرة «1».

خذ بلغة منها

عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن عليه السّلام قال: كان لقمان يقول لابنه: يا بنيّ، إنّ الدنيا بحر و قد غرق فيها خلق كثير- إلى أن قال-: يا بنيّ خذ من الدنيا بلغة و لا تدخل فيها دخولا تضرّ بآخرتك و لا ترفضها فتكون عيالا

على الناس «2» ... الخبر.

عن حماد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن لقمان و حكمته- إلى أن قال-:

و خذ من الدنيا بلاغا و لا ترفضها فتكون عيالا على الناس و لا تدخل فيها دخولا يضرّ بآخرتك «3».

عن علي عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الفقر خير لأمّتي من الغنى إلّا من حمل كلّا أو أعطى في نائبة «4».

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يصبح المؤمن أو يمسي

______________________________

(1) جامع أحاديث الشيعة: ج 17 ص 95 ب 17 ح 25، عن السرائر: ص 475.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 16 ب 5 ح 6.

(3) تفسير القمي: ج 2 ص 164 (في تفسير سورة لقمان).

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 15 ب 5 ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 24

على ثكل خير من أن يصبح أو يمسي على حرب، فنعوذ باللّه من الحرب «1».

عن علي بن غراب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

ملعون ملعون من ألقى كلّه على الناس «2».

عن أحمد بن أبي عبد اللّه مثله و زاد: ملعون ملعون من ضيّع من يعول «3».

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الفقر يخرس الفطن عن حجّته، و المقل غريب في بلده، و من فتح على نفسه بابا من المسألة فتح اللّه عليه بابا من الفقر «4».

أقول: بابا من الفقر، لأنّ النفس تصبح و فيها حالة الفقر و الاستعطاء.

الغنى يكسو العيوب

و قال علي عليه السّلام: العفاف زينة الفقر، و الشكر زينة الغنى «5».

و قال عليه السّلام: من كساه الغنى

ثوبه خفي عن العيون عيبه «6».

و قال عليه السّلام: من أبدى إلى الناس ضرّه فقد فضح نفسه، و خير الغنى ترك السؤال، و شرّ الفقر لزوم الخشوع «7».

أقول: أن يكون الفقر إلى حدّ الخشوع أو يجعل الفقر الفرد دائم الخشوع

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 18 ب 6 ح 8.

(2) وسائل الشيعة: ج 12 ص 18 ب 6 ح 10، و فيه: (ملعون من ألقى كلّه على الناس).

(3) الكافي (فروع): ج 4 ص 12 ح 9، و فيه: (ملعون ملعون من ألقى كلّه على الناس ملعون ملعون من ضيّع من يعول).

(4) كنز الفوائد: ج 2 ص 193.

(5) كنز الفوائد: ج 2 ص 193.

(6) كنز الفوائد: ج 2 ص 193.

(7) كنز الفوائد: ج 2 ص 194.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 25

و الذلّة.

و قال عليه السّلام: استغن باللّه عمّن شئت تكن نظيره و احتج إلى من شئت تكن أسيره و أفضل على من شئت تكن أميره «1».

و قال عليه السّلام: لا ملك أذهب للفاقة من الرضا بالقنوع «2».

و قال رجل للصادق عليه السّلام: عظني. فقال عليه السّلام: لا تحدّث نفسك بفقر و لا بطول عمر، و أنشد لأمير المؤمنين عليه السّلام:

ادفع الدنيا بما اندفعت و اقطع الدنيا بما انقطعت

يطلب المرء الغنى عبثا و الغنى في النفس لو قنعت

«3» و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ليس الغنى في كثرة العرض و إنّما الغنى غنى النفس «4».

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ثلاث خصال من صفة أولياء اللّه تعالى، الثقة باللّه في كلّ شي ء، و الغنى به عن كلّ شي ء، و الافتقار إليه في كلّ شي ء «5».

و

قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ألا أخبركم بأشقى الأشقياء.

قالوا: بلى يا رسول اللّه.

قال: من اجتمع إليه فقر الدنيا و عذاب الآخرة نعوذ باللّه من ذلك «6».

______________________________

(1) كنز الفوائد: ج 2 ص 194.

(2) كنز الفوائد: ج 2 ص 194.

(3) كنز الفوائد: ج 2 ص 194.

(4) كنز الفوائد: ج 2 ص 193.

(5) كنز الكراجكي: ج 2 ص 193.

(6) كنز الكراجكي: ج 2 ص 193.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 26

طعام الحلال ينور القلب

الدعوات للراوندي، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أكل الحلال قام على رأسه ملك يستغفر له، حتّى يفرغ من أكله «1».

عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أكل الحلال أربعين يوما نوّر اللّه قلبه «2».

أقول: أيّ يرى الخير و الشر.

خير الأموال في حفظ الأعراض

عن معمّر رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في بعض خطبه: إنّ أفضل الفعال صيانة العرض بالمال «3».

للحسين عليه السّلام كتب إليه الحسن عليه السّلام يستفسر عن سبب إعطاء الشعراء المال.

فكتب إليه: أنت أعلم منّي بأنّ خير المال ما وقى العرض «4».

أقول: كان هذا للتعليم.

تفسير الإمام العسكري عليه السّلام، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و ما وقيتم به أعراضكم و صنتموها عن ألسنة كلاب الناس كالشعراء الوقاعين في الأعراض تكفونهم فهو محسوب لكم في الصدقات «5».

أقول: «الكلاب»: لعلّه اقتباس من قوله سبحانه و تعالى: إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ «6».

______________________________

(1) دعوات الراوندي: ص 24 الفصل الثاني ح 35.

(2) عدّة الداعي: ص 140 ب 4.

(3) تحف العقول: ص 91.

(4) كشف الغمة: ج 2 ص 31.

(5) تفسير الإمام العسكري عليه السّلام: ص 80.

(6) سورة الأعراف: الآية 176.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 27

عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: كلّ معروف صدقة، و كلّما أنفق المؤمن من نفقة على نفسه و عياله و أهله كتب له بها صدقة، و ما وقى به الرجل عرضه كتب له صدقة.

قلت: ما معنى «ما وقى به الرجل عرضه»؟.

قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما أعطاه الشاعر، و ذا اللسان المتّقى، و ما أنفق الرجل

من نفقة فعلى اللّه خلفها ضمانا إلّا ما كان من نفقة في بنيان أو معصية اللّه «1».

أقول: المراد البنيان الزائد عن الحاجة.

عن علي عليه السّلام قال: حصّنوا الأعراض بالأموال «2».

و قال عليه السّلام أيضا: خير أموالك ما وقى عرضك «3».

و قال عليه السّلام أيضا: لم يذهب من مالك ما وقى عرضك «4».

و قال عليه السّلام أيضا: من النبل أن يبذل الرجل نفسه و يصون عرضه «5».

و قال عليه السّلام أيضا: من اللؤم أن يصون الرجل ماله و يبذل عرضه «6».

و قال عليه السّلام أيضا: و قوا أعراضكم ببذل أموالكم «7».

و قال عليه السّلام أيضا: و فور الأموال بانتقاص الأعراض لؤم «8».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 15 ص 267 ب 22 ح 2.

(2) غرر الحكم: ج 1 ص 344 الفصل الثامن و العشرون ح 41.

(3) غرر الحكم: ج 1 ص 348 الفصل التاسع و العشرون ح 12.

(4) غرر الحكم: ج 2 ص 139 الفصل الرابع و السبعون ح 16.

(5) غرر الحكم: ج 2 ص 253 الفصل الثامن و السبعون ح 96.

(6) غرر الحكم: ج 2 ص 253 الفصل الثامن و السبعون ح 97.

(7) غرر الحكم: ج 2 ص 301 الفصل الثالث و الثمانون ح 8.

(8) غرر الحكم: ج 2 ص 301 الفصل الثالث و الثمانون ح 9.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 28

و قال عليه السّلام أيضا: وقّر عرضك بعرضك تكرّم و تفضّل تخدم و أحلم تقدّم «1».

و قال عليه السّلام أيضا: و قرّوا العرض بابتذال المال «2».

أعظم الناس حسرة

تفسير الإمام عليه السّلام، قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام: فمن أعظم الناس حسرة؟.

قال: من رأى ماله في ميزان غيره و أدخله اللّه به النار و أدخل وارثه به

الجنّة.

قيل: فكيف يكون هذا؟.

قال عليه السّلام: كما حدثني بعض إخواننا عن رجل دخل إليه و هو يسوق فقال له: يا أبا فلان، ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق؟ ما أديت منها زكاة قط، و لا وصلت منها رحما قط.

قال: فقلت: فعلام جمعتها؟.

قال: لجفوة السلطان و مكاثرة العشيرة و تخوّف الفقر على العيال و لروعة الزمان.

قال: ثمّ لم يخرج من عنده حتّى فاضت نفسه، ثمّ قال علي عليه السّلام: الحمد للّه الذي أخرجه منها ملوما مليما، ببطال جمعها و من حقّ منعها، جمعها فأوعاها و شدّها فأوكاها، قطع فيها المفاوز القفار و لجج البحار.

أيّها الواقف، لا تخدع كما خدع صويحبك بالأمس، إنّ من أشدّ الناس حسرة يوم القيامة من رأى ماله في ميزان غيره أدخل اللّه عز و جل هذا به الجنّة و أدخل

______________________________

(1) غرر الحكم: ج 2 ص 305 الفصل الثالث و الثمانون ح 51.

(2) مستدرك الوسائل: ج 15 ص 268 ب 22 ح 4.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 29

هذا به النار «1».

قال الإمام علي عليه السّلام: إنّ أعظم الحسرات يوم القيامة حسرة رجل كسب مالا في غير طاعة اللّه فورثه رجل فأنفقه في طاعة اللّه سبحانه و تعالى فدخل به الجنّة و دخل الأوّل به النار «2».

عن عثمان بن عيسى، عمّن حدّثه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه:

كَذٰلِكَ يُرِيهِمُ اللّٰهُ أَعْمٰالَهُمْ حَسَرٰاتٍ عَلَيْهِمْ «3» قال: هو الرجل يدع المال لا ينفقه في طاعة اللّه بخلا، ثمّ يموت فيدعه لمن هو يعمل به في طاعة اللّه أو في معصيته، فإن عمل به في طاعة اللّه رآه في ميزان غيره فزاده حسرة، و قد كان المال له، أو من

عمل به في معصية اللّه قواه بذلك المال حتّى أعمل به في معاصي اللّه «4».

هل المال ملعون أم صاحبه؟

عدّة الداعي، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: احذروا المال، فإنّه كان فيما مضى رجل قد جمع مالا و ولدا و أقبل على نفسه و عياله و جمع لهم فأوعى، فأتاه ملك الموت فقرع بابه و هو في زيّ مسكين فخرج إليه الحجّاب، فقال لهم: ادعوا إليّ سيّدكم.

قالوا: أو يخرج سيّدنا إلى مثلك، و دفعوه حتّى نحّوه عن الباب.

______________________________

(1) تفسير الإمام عليه السّلام: ص 40 ح 16 (في تفسير سورة الحمد).

(2) نهج البلاغة: قصار الحكم: حكمة 429.

(3) سورة البقرة: الآية 167.

(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 72 ح 144.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 30

ثمّ عاد إليهم في مثل تلك الهيبة و قال: ادعوا إليّ سيّدكم، و أخبروه أنّي ملك الموت.

فلمّا سمع سيّدهم هذا الكلام قعد خائفا فرقا و قال لأصحابه: ليّنوا له في المقال و قولوا له: لعلّك تطلب غير سيّدنا، بارك اللّه فيك.

قال لهم: لا، و دخل عليه و قال له: قم فأوص ما كنت موصيا فإنّي قابض روحك قبل أن أخرج، فصاح أهله و بكوا.

فقال: افتحوا الصناديق و أكبّوا ما فيه من الذهب و الفضّة، ثمّ أقبل على المال يسبّه و يقول له: لعنك اللّه يا مال، أنسيتني ذكر ربّي و أغفلتني عن أمر آخرتي حتّى بغتني من أمر اللّه ما قد بغتني.

فأنطق اللّه تعالى المال، فقال: لم تسبّني و أنت ألأم منّي؟ أ لم تكن في أعين الناس حقيرا فرفعوك لما رأوا عليك من أثري؟ أ لم تحضر أبواب الملوك و السادة و يحضرها الصالحون فتدخل قبلهم و يؤخّرون؟ أ لم تخطب

بنات الملوك و السادات و يخطبهنّ الصالحون فتنكح و يردون؟ فلو كنت تنفقني في سبيل الخيرات لم أمتنع عليك، و لو كنت تنفقني في سبيل اللّه لم أنقص عليك، فلم تسبّني و أنت ألأم منّي؟.

و إنّما خلقت أنا و أنت من تراب، فانطلق ترابا بريئا، و منطلق أنت بإثمي، هكذا يقول المال لصاحبه «1».

قال علي عليه السّلام: لم يرزق المال من لم ينفقه «2».

______________________________

(1) عدّة الداعي: ص 95 ب 2.

(2) غرر الحكم: ج 2 ص 139 الفصل الرابع و السبعون ح 13.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 31

الصعلوك في نظر الإسلام

حسين بن عثمان بن شريك في كتابه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

ما الصعلوك عندكم؟.

قال: قيل: الذي ليس له شي ء.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا، و لكنّه الغني الذي لا يتقرّب إلى اللّه بشي ء من ماله «1».

عن محمد بن أحمد، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: دخلت عليه قوم من أهل خراسان فقال ابتداء من غير مسألة: من جمع مالا من مهاوش أذهبه اللّه في نهابر.

فقالوا: جعلنا فداك لا نفهم هذا الكلام.

فقال عليه السّلام: هر مال كه أز باد آيد بدم شود «2».

عن الحسين بن مختار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إن اللّه عز و جل يبغض الغني الظلوم و الشيخ الفاجر و الصعلوك المختال. قال: ثم قال: أ تدري ما الصعلوك المختال؟. قال: قلت: القليل المال. قال: لا، و لكنه الغني الذي لا يتقرب إلى اللّه بشي ء من ماله «3».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 15 ص 275 ب 26 ح 2.

(2) بصائر الدرجات: ص 336 ب 11 ح 14.

(3) مستدرك الوسائل: ج 15 ص 275 ب 26 ح 2.

المال، أخذا و

عطاء و صرفا، ص: 32

فصل استحباب إصلاح المال و تقديره

اشارة

مسألة: يستحب مرمّة المعاش و إصلاح المال، إلّا إذا كان في الترك سرف و تبذير فيجب.

عن محمد بن مروان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ في حكمة آل داود، ينبغي للمسلم العاقل ألّا يرى ظاعنا إلّا في ثلاث: مرمّة لمعاش أو تزوّد لمعاد أو لذّة في غير ذات محرّم، و ينبغي للمسلم العاقل أن يكون له ساعة يفضي بها إلى عمله فيما بينه و بين اللّه عز و جل، و ساعة يلاقي إخوانه الذين يفاوضهم و يفاوضونه في أمر آخرته، و ساعة يخلّي بين نفسه و لذّتها في غير محرّم فإنّها عون على تلك الساعتين «1».

عن أبي و جزة السعدي عن أبيه قال: أوصى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ولده الحسن عليهما السّلام فقال فيما أوصى به: يا بنيّ، لا فقر أشدّ من الجهل- إلى أن قال- و ليس للمؤمن بدّ من أن يكون شاخصا في ثلاث: مرمّة لمعاش أو خطوة لمعاد أو لذّة في غير محرّم «2».

جاء في كتاب فقه الرضا عليه السّلام العبارة التالية: و اجتهدوا أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة منه لمناجاته، و ساعة لأمر المعاش، و ساعة لمعاشرة

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 40 ب 21 ح 1.

(2) أمالي الطوسي: ص 146 ح 53 (المجلس الخامس).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 33

الإخوان الثقات و الذين يعرّفونكم عيوبكم و يخلصون لكم في الباطن، و ساعة تخلون فيها للذاتكم، و بهذه الساعة تقدرون على الثلاث الساعات «1».

عن ثعلبة و غيره، عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إصلاح المال من الإيمان «2».

عن بعض أصحابنا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

عليك بإصلاح المال فإنّ فيه منبهة للكريم و استغناء عن اللئيم «3».

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من المروّة استصلاح المال «4».

أقول: «المروّة»: أي ما يليق بالمرء و بالمرأة.

التحلّي بالصفات الحسنة ضرورة حياتية

عن الحارث الأعور قال: قال أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما السّلام: يا بنيّ ما المروءة؟.

فقال: العفاف و إصلاح المال «5».

عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام:

يا هشام .. و قال علي بن الحسين عليهما السّلام: استثمار المال تمام المروءة «6».

سأل معاوية الحسن بن علي عليه السّلام عن المروءة.

______________________________

(1) فقه الرضا عليه السّلام: ص 337 ب 89.

(2) وسائل الشيعة: ج 12 ص 40 ب 21 ح 2.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 88 ح 6.

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 102 ب 58 ح 51.

(5) معاني الأخبار: ص 258 ح 4.

(6) الكافي (أصول): ج 1 ص 20 ح 12.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 34

فقال: شحّ الرجل على دينه، و إصلاحه ماله، و قيامه بالحقوق.

فقال معاوية: أحسنت يا أبا محمّد أحسنت يا أبا محمّد.

قال هشام: فكان معاوية يقول بعد ذلك: وددت أن يزيد قالها، و إنّه كان أعور «1».

قال علي عليه السّلام في وصية له للحسن: و حفظ ما في يديك أحبّ إلي من طلب ما في يدي غيرك «2».

عن خلّاد أبو علي، عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: (قال رجل:

يا جعفر، الرجل يكون له مال فيضيعه فيذهب.

قال: احتفظ بمالك فإنّه قوام دينك، ثم قرأ: وَ لٰا تُؤْتُوا السُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّٰهُ لَكُمْ قِيٰاماً «3») «4».

______________________________

(1) معاني الأخبار: ص 257 ح 2.

(2) نهج البلاغة: رسالة 31، كتبها إلى الإمام الحسن عليه

السّلام عند انصرافه من وقعة صفين.

(3) سورة النساء: الآية 5.

(4) أمالي الطوسي: ص 679 ح 23 (المجلس السابع و الثلاثون).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 35

فصل استحباب التوسّط في المعيشة لأنه أساس الاقتصاد

مسألة: يستحب الاقتصاد في النفقة و تقدير المعيشة، و ذلك بأن يعرف كيف يصرف، و عدم جواز الإسراف و الإقتار إلى حدّ المحرم منهما، و إلّا كانا مكروها.

عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عز و جل: وَ لٰا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلىٰ عُنُقِكَ «1»، قال: ضمّ يده فقال: هكذا؛ وَ لٰا تَبْسُطْهٰا كُلَّ الْبَسْطِ «2» قال: و بسط راحته و قال: هكذا «3».

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ المؤمن أخذ من اللّه أدبا، إذا وسع عليه اقتصد، و إذا أقتر عليه اقتصر «4».

كلّ الكمال في ثلاث

عن داود بن سرحان قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام: يكيل تمرا بيده،

______________________________

(1) سورة الإسراء: الآية 29.

(2) سورة الإسراء: الآية 29.

(3) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 236 ب 21 ح 51.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 52 ب 19 ح 7.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 36

فقلت: جعلت فداك لو أمرت بعض ولدك أو بعض مواليك فيكفيك.

قال: يا داود، إنّه لا يصلح المرء المسلم إلّا ثلاثة: التفقّه في الدين، و الصبر على النائبة، و حسن التقدير في المعيشة «1».

عن ربعي، عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكمال كلّ الكمال في ثلاثة، و ذكر في الثلاثة التقدير في المعيشة «2».

عن علي عليه السّلام أنّه قال: الكمال كلّ الكمال التفقّه في الدين، و الصبر على النائبة، و التقدير في المعيشة «3».

عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من علامات المؤمن ثلاث: حسن التقدير في المعيشة، و الصبر على النائبة، و التفقّه في الدين، و قال: ما خير في رجل لا يقتصد في

معيشته ما يصلح لا لدنياه و لا لآخرته «4».

ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أراد اللّه عز و جل بأهل بيت خيرا رزقهم الرفق في المعيشة «5».

عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا أراد اللّه تعالى بأهل بيت خيرا فقّههم في الدين، و رزقهم الرّفق في معايشهم، و القصد في شأنهم، و وقّر صغيرهم كبيرهم، و إذا أراد بهم غير ذلك تركهم هملا «6».

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 41 ب 22 ح 5.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 87 ح 2.

(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 255 الفصل الخامس عشر ح 969.

(4) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 236 ب 21 ح 48.

(5) الكافي (فروع): ج 5 ص 88 ح 5.

(6) جامع أحاديث الشيعة: ج 17 ص 107 ب 20 ح 8، عن الجعفريات: ص 149.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 37

عن حمّاد بن عيسى، عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: قال لقمان لابنه في حديث: و كن مقتصدا و لا تمسكه تقتيرا و لا تعطه تبذيرا «1».

عن عيسى بن موسى قال: قال جعفر بن محمّد عليه السّلام: يا عيسى، المال مال اللّه عز و جل جعله ودائع عند خلقه و أمرهم أن يأكلوا منه قصدا و يشربوا منه قصدا و يلبسوا منه قصدا و ينكحوا منه قصدا و يركبوا منه قصدا و يعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين، فمن تعدى ذلك كان ما أكله حراما و ما شرب منه حراما و ما لبسه منه حراما و ما نكحه منه حراما و ما ركبه منه حراما «2».

أقول:

من الواضح أنّ الإسراف في أيّ شي ء حرام.

الاقتصاد ضمانة الغنى

عن مروك بن عبيد، عن أبيه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عبيد، إنّ السرف يورث الفقر و إنّ القصد يورث الغنى «3».

الغرر عن علي عليه السّلام: الاقتصاد ينمي القليل «4».

و قال عليه السّلام: الاقتصاد ينمي اليسير «5».

و قال عليه السّلام: من صحب الاقتصاد دامت صحبة الغناء له و جبر الاقتصاد فقره و خلله «6».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 53 ب 19 ح 10، قصص الراوندي: ص 199.

(2) أعلام الدين: ص 269.

(3) الكافي (فروع): ج 4 ص 53 ح 8.

(4) غرر الحكم: ج 1 ص 24 الفصل الأوّل ح 389.

(5) غرر الحكم: ج 1 ص 30 الفصل الأوّل ح 567.

(6) غرر الحكم: ج 2 ص 241 الفصل السابع و السبعون ح 1512.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 38

و قال عليه السّلام: الاقتصاد نصف المئونة «1».

و قال عليه السّلام: لن يهلك من اقتصد «2».

و قال عليه السّلام: ليس في الاقتصاد تلف «3».

و قال عليه السّلام: من اقتصد خفّت عليه المؤن «4».

و قال عليه السّلام: من قصد في الغنى و الفقر فقد استعد لنوائب الدهر «5».

فقه الرضا عليه السّلام: و ليكن نفقتك على نفسك و على عيالك قصدا، فإنّ اللّه عز و جل يقول: يَسْئَلُونَكَ مٰا ذٰا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ «6» و «العفو»: الوسط.

و قال اللّه تعالى: وَ الَّذِينَ إِذٰا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كٰانَ بَيْنَ ذٰلِكَ قَوٰاماً «7».

و قال العالم عليه السّلام: ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر «8».

روى ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

ما من نفقة أحبّ إلى اللّه عز و جل من نفقة قصد، و يبغض الإسراف إلّا في الحج و العمرة، فرحم اللّه مؤمنا كسب طيبا و أنفق من قصد أو قدّم فضلا «9».

______________________________

(1) غرر الحكم: ج 1 ص 32 الفصل الأوّل ح 615.

(2) غرر الحكم: ج 2 ص 131 الفصل الثاني و السبعون ح 44.

(3) غرر الحكم: ج 2 ص 136 الفصل الثالث و السبعون ح 61.

(4) غرر الحكم: ج 2 ص 185 الفصل السابع و السبعون ح 680.

(5) غرر الحكم: ج 2 ص 233 الفصل السابع و السبعون ح 1391.

(6) سورة البقرة: الآية 219.

(7) سورة الفرقان: الآية 67.

(8) فقه الرضا عليه السّلام: ص 255 ب 37.

(9) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 102 ب 58 ح 56.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 39

أقول: المراد الإسراف في الحج التوسعة لا الإسراف حقيقة.

الغرر عن علي عليه السّلام: العقل أنك تقتصد فلا تسرف، و تعد فلا تخلف، و إذا غضبت حلمت «1».

و قال عليه السّلام: من المروّة أن تقصد فلا تسرف و تعد فلا تخلف «2».

و قال عليه السّلام: من لم يحسن الاقتصاد أهلكه الإسراف «3».

عدّة الداعي، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما عال من اقتصد «4».

قال علي بن الحسين عليهما السّلام: إنّ الرجل لينفق ماله في حقّ و إنّه لمسرف «5».

أقول: إنّه يزيد في الإنفاق في الحقّ على قدر الوسط.

عن علي بن جذاعة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى: وَ لٰا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً «6»، يقول: اتّق اللّه و لا تسرف و لا تقتر، و كن بين ذلك قواما، إنّ التبذير من الإسراف، و قال اللّه:

وَ لٰا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً «7»، إنّ اللّه لا يعذب على القصد «8».

أقول: الظاهر أنّ الإسراف الزيادة فيما يحتاج إليه، و التبذير الإنفاق في ما لا حاجة، مثل: صبّ الماء اعتباطا.

______________________________

(1) غرر الحكم: ج 1 ص 116 الفصل الأوّل ح 2152.

(2) غرر الحكم: ج 2 ص 256 الفصل الثامن و السبعون ح 140.

(3) غرر الحكم: ج 2 ص 178 الفصل السابع و السبعون ح 561.

(4) عدّة الداعي: ص 74 ب 2.

(5) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 102 ب 58 ح 58.

(6) سورة الإسراء: الآية 26.

(7) سورة الإسراء: الآية 26.

(8) تفسير العياشي: ج 2 ص 288 ح 55 (في تفسير سورة الإسراء).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 40

الإنفاق بقدر الكفاف

عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال علي بن الحسين عليه السّلام:

لينفق الرجل بالقصد و بلغة الكفاف و يقدّم منه فضلا لآخرته، فإنّ ذلك أبقى للنعمة و أقرب إلى المزيد من اللّه عز و جل و أنفع في العافية «1».

عن داود الرّقي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ القصد أمر يحبّه اللّه عز و جل، و إنّ السرف أمر يبغضه اللّه عز و جل حتّى طرحك النواة فإنّها تصلح لشي ء و حتّى صبّك فضل شرابك «2».

عن مدرك بن أبي الهزهاز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول:

ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر «3».

عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

ثلاث منجيات فذكر الثالث: القصد في الغنى و الفقر «4».

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: القصد مثراة، و السرف متواة «5».

عن مروك بن عبيد، عن أبيه قال: قال

أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا عبيد، إنّ السرف يورث الفقر، و إنّ القصد يورث الغنى «6».

عن حماد اللحام، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لو أنّ رجلا أنفق ما في يديه في سبيل اللّه ما كان أحسن و لا وفق، أ ليس يقول اللّه تعالى: وَ لٰا تُلْقُوا

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 4 ص 52 ح 1.

(2) الخصال: ج 1 ص 10 ح 36.

(3) الكافي (فروع): ج 4 ص 53 ح 6.

(4) الكافي (فروع): ج 4 ص 53 ح 5.

(5) الكافي (فروع): ج 4 ص 52 ح 4.

(6) الكافي (فروع): ج 4 ص 53 ح 8.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 41

بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ «1»، يعني:

المقتصدين «2»؟.

عن موسى بن بكر قال: سمعت أبا الحسن موسى عليه السّلام يقول: الرفق نصف العيش و ما عال امرؤ في اقتصاده «3».

و عن موسى بن بكر قال: قال أبو الحسن عليه السّلام: ما عال امرؤ في اقتصاد «4».

عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: وَ يَسْئَلُونَكَ مٰا ذٰا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ «5». قال: العفو: الوسط «6».

عن عبد الرحمن قال: سألت أبا عبد الله عليه السّلام عن قوله تعالى:

وَ يَسْئَلُونَكَ مٰا ذٰا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ «7»؟. قال: الَّذِينَ إِذٰا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كٰانَ بَيْنَ ذٰلِكَ قَوٰاماً «8»، قال هذه بعد هذه هي الوسط «9».

و عن يوسف، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أو أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عز و جل:

______________________________

(1) سورة البقرة: الآية 195.

(2) الكافي (فروع): ج 4 ص 53 ح 7.

(3) الكافي

(فروع): ج 4 ص 54 ح 13.

(4) الكافي (فروع): ج 4 ص 53 ح 9.

(5) سورة البقرة: الآية 219.

(6) الكافي (فروع): ج 4 ص 52 ح 3.

(7) سورة البقرة: الآية 219.

(8) سورة الفرقان: الآية 67.

(9) تفسير العياشي: ج 1 ص 106 ح 315 (في تفسير سورة البقرة).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 42

يَسْئَلُونَكَ مٰا ذٰا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ «1»، قال: الكفاف «2».

عن رفاعة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا جاد اللّه تبارك و تعالى عليكم فجودوا، و إذا أمسك عنكم فأمسكوا، و لا تجاودوا اللّه فهو الأجود «3».

عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من اقتصد في معيشته رزقه اللّه و من بذّر حرمه اللّه «4».

عن عبد اللّه بن أبان قال: سألت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام عن النفقة على العيال؟.

فقال: ما بين المكروهين الإسراف و الإقتار «5».

عن محمد بن عمرو بن سعيد، عن بعض أصحابه قال: (سمعت العياشي و هو يقول: استأذنت الرضا عليه السّلام في النفقة على العيال.

فقال: بين المكروهين.

قال: فقلت: جعلت فداك لا و اللّه، ما أعرف المكروهين.

قال: فقال: بلى يرحمك اللّه، أ ما تعرف أنّ اللّه عز و جل كره الإسراف و كره الإقتار، فقال: وَ الَّذِينَ إِذٰا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كٰانَ بَيْنَ ذٰلِكَ قَوٰاماً «6») «7».

______________________________

(1) سورة البقرة: الآية 219.

(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 106 ح 316 (في تفسير سورة البقرة).

(3) الكافي (فروع): ج 4 ص 54 ح 11.

(4) الكافي (فروع): ج 4 ص 54 ح 12.

(5) الكافي (فروع): ج 4 ص 55 ح 2.

(6) سورة الفرقان: الآية 67.

(7)

الخصال: ج 1 ص 54 ح 74.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 43

عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عز و جل: وَ لٰا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلىٰ عُنُقِكَ «1» قال: ضمّ يده و قال: هكذا.

فقال: وَ لٰا تَبْسُطْهٰا كُلَّ الْبَسْطِ «2» و بسط راحته و قال: هكذا «3».

عن ابن أبي يعفور، و يوسف بن عمارة قالا: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ مع الإسراف قلّة البركة «4».

عن محمد بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: وَ كٰانَ بَيْنَ ذٰلِكَ قَوٰاماً «5»، قال: (القوام هو المعروف و: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتٰاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ «6» على قدر عياله و مئونتهم التي هي صلاح له و لهم و: لٰا يُكَلِّفُ اللّٰهُ نَفْساً إِلّٰا مٰا آتٰاهٰا «7») «8».

التبذير عين الفاقة

عن عمّار أبي عاصم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أربعة لا يستجاب لهم، أحدهم: كان له مال فأفسده، فيقول: يا ربّ، ارزقني فيقول اللّه عز و جل:

أ لم آمرك بالاقتصاد؟ «9».

______________________________

(1) سورة الإسراء: الآية 29.

(2) سورة الإسراء: الآية 29.

(3) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 236 ب 21 ح 51.

(4) الكافي (فروع): ج 4 ص 55 ح 3.

(5) سورة الفرقان: الآية 67.

(6) سورة البقرة: الآية 236.

(7) سورة الطلاق: الآية 7.

(8) الكافي (فروع): ج 4 ص 56 ح 8.

(9) الكافي (فروع): ج 4 ص 56 ح 11.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 44

قال علي عليه السّلام: التبذير عنوان الفاقة «1».

و قال عليه السّلام: إذا أراد اللّه بعبد خيرا ألهمه الاقتصاد و حسن التدبير و جنّبه سوء التدبير و الإسراف «2».

و

قال عليه السّلام: حلّوا أنفسكم بالعفاف و تجنّبوا التبذير و الإسراف «3».

و قال عليه السّلام: ذر السرف فإنّ المسرف لا يحمد جوده و لا يرحم فقره «4».

و قال عليه السّلام: سبب الفقر الإسراف «5».

و قال عليه السّلام: من أشرف الشرف الكف عن التبذير و السرف «6».

و قال عليه السّلام: ويح المسرف ما أبعده عن صلاح نفسه و استدراك أمره «7».

قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا منع و لا إسراف و لا بخل و لا إتلاف «8».

أعلام الدين، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و إنّ أفضل الناس عبد أخذ من الدنيا الكفاف، و صاحب فيها العفاف، و تزوّد للرحيل و تأهّب للمسير «9».

عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إيّاكم و فضول المطعم فإنّه يسم القلب بالقسوة و يبطئ بالجوارح عن الطاعة و يصم الهمم عن سماع الموعظة، و إيّاكم و فضول

______________________________

(1) غرر الحكم: ج 1 ص 44 الفصل الأول ح 940.

(2) غرر الحكم: ج 1 ص 285 الفصل السادس عشر ح 164.

(3) غرر الحكم: ج 1 ص 347 الفصل الثامن و العشرون ح 82.

(4) غرر الحكم: ج 1 ص 365 الفصل الثاني و الثلاثون ح 28.

(5) غرر الحكم: ج 1 ص 390 الفصل الثامن و الثلاثون ح 20.

(6) غرر الحكم: ج 2 ص 256 الفصل الثامن و السبعون ح 138.

(7) غرر الحكم: ج 2 ص 303 الفصل الثالث و الثمانون ح 31.

(8) غوالي اللآلي: ج 1 ص 296 الفصل العاشر ح 198.

(9) بحار الأنوار: ج 100 ص 27 ب 2 ح 38، أعلام الدين: ص 377.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص:

45

النظر فإنّه يبذر الهوى و يولد الغافلة، و إيّاكم و استشعار الطمع فإنّه يشوب القلب شدّة الحرص و يختم على القلوب بطبائع حبّ الدنيا و هو مفتاح كلّ سيّئة و رأس كلّ خطيئة و سبب إحباط كلّ حسنة «1».

عن عبد اللّه بن سنان في قوله تعالى: وَ الَّذِينَ إِذٰا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كٰانَ بَيْنَ ذٰلِكَ قَوٰاماً «2» فبسط كفه و فرّق أصابعه و حناها شيئا.

و عن قوله تعالى: وَ لٰا تَبْسُطْهٰا كُلَّ الْبَسْطِ «3» فيبسط راحته و قال:

هكذا، و قال: القوام ما يخرج من بين الأصابع و يبقى في الراحة منه شي ء «4».

عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قوله عز و جل: وَ لٰا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلىٰ عُنُقِكَ «5» قال: ضمّ يده فقال: هكذا، وَ لٰا تَبْسُطْهٰا كُلَّ الْبَسْطِ «6» قال: و بسط راحته و قال: هكذا «7».

المقتصدون لا يسرفون و لا يقترون

عن عبد الملك بن عمرو الأحول قال: تلا أبو عبد اللّه عليه السّلام هذه الآية:

وَ الَّذِينَ إِذٰا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كٰانَ بَيْنَ ذٰلِكَ قَوٰاماً «8» قال: فأخذ

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 100 ص 27 ب 2 ح 40، أعلام الدين: ص 339.

(2) سورة الفرقان: الآية 67.

(3) سورة الإسراء: الآية 29.

(4) الكافي (فروع): ج 4 ص 56 ح 9.

(5) سورة الإسراء: الآية 29.

(6) سورة الإسراء: الآية 29.

(7) وسائل الشيعة: ج 12 ص 42 ب 22 ح 9.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، المال، أخذا و عطاء و صرفا، در يك جلد، مؤسسة الوعي الاسلامي - دار العلوم، بيروت - لبنان، اول، 1425 ه ق

المال، أخذا و عطاء و صرفا؛ ص: 45

(8) سورة الفرقان: الآية 67.

المال،

أخذا و عطاء و صرفا، ص: 46

قبضة من حصى و قبضها بيده فقال: هذا الإقتار الذي ذكره اللّه في كتابه، ثمّ قبض قبضة أخرى فأرخى كفه كلّها، ثمّ قال: هذا الإسراف، ثمّ أخذ قبضة أخرى فأرخى بعضها و أمسك بعضها و قال: هذا القوام «1».

عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد اللّه في قول اللّه عز و جل: وَ لٰا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلىٰ عُنُقِكَ وَ لٰا تَبْسُطْهٰا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً «2» قال:

الإحسار الفاقة «3».

عن هشام بن المثنّى قال: سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل:

وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصٰادِهِ وَ لٰا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لٰا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ «4»، فقال: كان فلان بن فلان الأنصاري سماه و كان له حرث و كان إذا أخذ يتصدّق به و يبقى هو و عياله بغير شي ء فجعل اللّه عز و جل ذلك سرفا «5».

عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ربّ فقير هو أسرف من الغني، إنّ الغني ينفق ممّا أوتي و الفقير ينفق من غير ما أوتي «6».

كتاب حسين بن عثمان بن شريك، عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

ربّ فقير هو أسرف من غني، إنّ الغني ينفق ممّا آتاه اللّه و الفقير ينفق ممّا ليس عنده «7».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 4 ص 54 ح 1.

(2) سورة الإسراء: الآية 29.

(3) الكافي (فروع): ج 4 ص 55 ح 6.

(4) سورة الأنعام: الآية 141.

(5) الكافي (فروع): ج 4 ص 55 ح 5.

(6) الكافي (فروع): ج 4 ص 55 ح 4.

(7) مستدرك الوسائل: ج 15 ص 270 ب 23 ح 7.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 47

قال

النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا خير في السرف و لا سرف في الخير «1».

أقول: أي إذا كان خيرا فإنّهما لا يجتمعان.

عن بشر بن مروان قال: دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام فدعا برطب فأقبل بعضهم يرمي بالنوى.

قال: فأمسك أبو عبد اللّه يده فقال: لا تفعل إنّ هذا من التبذير و إنّ اللّه لٰا يُحِبُّ الْفَسٰادَ «2».

لا تبذير في طاعة اللّه

عن عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوله:

وَ لٰا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً «3» قال: من أنفق شيئا في غير طاعة اللّه فهو مبذّر و من أنفق في سبيل الخير فهو مقتصد «4».

و عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام في قوله: وَ لٰا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً «5» قال: بذل الرجل ماله و يقعده ليس له مال.

قال: فيكون تبذير في حلال؟

قال: نعم «6».

أقول: أي إنّ ذاته حلال و ليس مثل شرب الخمر.

______________________________

(1) غوالي اللآلي: ج 1 ص 291 الفصل العاشر ح 154.

(2) تفسير العياشي: ج 2 ص 288 ح 58 (في تفسير سورة الإسراء).

(3) سورة الإسراء: الآية 26.

(4) تفسير العياشي: ج 2 ص 288 ح 53 (في تفسير سورة الإسراء).

(5) سورة الإسراء: الآية 26.

(6) تفسير العياشي: ج 2 ص 288 ح 54 (في تفسير سورة الإسراء).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 48

و عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام أنّه قال في قول اللّه عز و جل: وَ لٰا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً «1» قال: ليس في طاعة اللّه تبذير «2».

من علامات المسرف

عن أبي إسحاق يرفعه إلى علي بن الحسين عليهما السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: للمسرف ثلاث علامات: يأكل ما ليس له و يلبس ما ليس له و يشتري ما ليس له «3».

أقول: ليس المراد الحصر- كما هو واضح-.

عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال لقمان لابنه:

يا بنيّ، للمسرف ثلاث علامات، و ذكر مثله بتقديم و تأخير «4».

قال علي عليه السّلام: الإسراف مذموم في كلّ شي ء إلّا في أفعال البرّ «5».

أقول: أي: نفس فعل البرّ و إلّا ففي البرّ أيضا إسراف.

قال علي عليه السّلام:

ألا إنّ إعطاء هذا المال في غير حقّه تبذير و إسراف «6».

قال علي عليه السّلام: أفقر الناس من قتّر على نفسه مع الغنى و السعة و خلّفه لغيره «7».

______________________________

(1) سورة الإسراء: الآية 26.

(2) دعائم الإسلام: ج 2 ص 254 الفصل الخامس عشر ح 964.

(3) الخصال: ج 1 ص 97 ح 45.

(4) الخصال: ج 1 ص 121 ح 113 يشتري ما ليس له و يلبس ما ليس له و يأكل ما ليس له.

(5) غرر الحكم: ج 1 ص 101 الفصل الأول ح 1960.

(6) غرر الحكم: ج 1 ص 170 الفصل السادس ح 9.

(7) غرر الحكم: ج 1 ص 209 الفصل الثامن ح 517.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 49

لا إسراف في صنائع المعروف

قال علي عليه السّلام: في كلّ شي ء يذم السرف إلّا في صنائع المعروف و المبالغة في الطاعة «1».

قال علي عليه السّلام: كلّ ما زاد على الاقتصاد إسراف «2».

قال علي عليه السّلام: ما فوق الكفاف إسراف «3».

عدّة الداعي، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من بذّر أفقره اللّه «4».

______________________________

(1) غرر الحكم: ج 2 ص 56 الفصل الثامن و الخمسون ح 85.

(2) غرر الحكم: ج 2 ص 85 الفصل الثاني و الستون ح 73.

(3) غرر الحكم: ج 2 ص 259 الفصل التاسع و السبعون ح 13.

(4) عدّة الداعي: ص 74 ب 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 50

فصل كل ما أضر بالبدن و أفسد المال يسمى إسرافا

مسألة: ليس فيما أصلح البدن إسراف بما هو إصلاح و إلّا ففيه الإسراف أيضا إذا كان زائدا عن المحتاج إليه.

عن إسحاق بن عبد العزيز، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال له: أنّا نكون في طريق مكّة فنريد الإحرام فنطلي و لا تكون معنا نخالة نتدلك بها من النورة فنتدلك بالدقيق و قد دخلني من ذلك ما اللّه أعلم به.

فقال: أ مخافة الإسراف؟.

قلت: نعم.

فقال: ليس فيما أصلح البدن إسراف إنّي ربّما أمرت بالنقي فيلتّ بالزيت فأتدلك به، إنّما الإسراف فيما أفسد المال و أضرّ بالبدن.

قلت: فما الإقتار؟.

قال: أكل الخبز و الملح و أنت تقدر على غيره.

قلت: فما القصد؟.

قال: الخبز و اللحم و اللبن و الخلّ و السمن، مرّة هذا و مرّة هذا «1».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 4 ص 53 ح 10.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 51

فصل استحباب الصبر لمن لا يجد ما تشتهيه نفسه

مسألة: يستحب الصبر عن شي ء يشتهيه الإنسان و لا يقدر عليه، و معنى الصبر: ألّا يقدم الإنسان على فعل الحرام و يصبر على الألم و لا يظهر الجزع في المصائب.

عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، يرفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال لبعض أصحابه: أ ما تدخل السوق أ ما ترى الفاكهة تباع و الشي ء ممّا تشتهيه؟.

فقلت: بلى.

فقال: أما إنّ لك بكلّ ما تراه و لا تقدر على شرائه و تصبر عليه حسنة «1».

عن النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال في جملة كلام له في صفات إخوانه الذين يأتون من بعده: يا أبا ذر، لو أنّ أحدا منهم اشتهى شهوة من شهوات الدنيا فيصبر و لا يطلبها كان له من الأجر بذكر أهله

ثمّ يغتم و يتنفّس، كتب اللّه له بكلّ نفس ألفي ألف حسنة و محا عنه ألفي ألف سيّئة و رفع له ألفي ألف درجة «2».

أقول: المراد الاقتضاء لا الفعلية- كما هو واضح-.

______________________________

(1) ثواب الأعمال: ص 180.

(2) مستدرك الوسائل: ج 15 ص 272 ب 24 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 52

فصل استحباب التجارة فإنّ فيها تسعة أعشار الرزق

اشارة

مسألة: يستحب اختيار التجارة فإنها أفضل أسباب الرزق، فإنّ تسعة أعشار الرزق فيها، و كراهة تركها، و استحباب الشراء و إن كان غاليا، و إنّ التاجر الجبان محروم و الجسور مرزوق.

عن المعلّى بن خنيس قال: رآني أبو عبد اللّه عليه السّلام و قد تأخّرت عن السوق فقال: اغد إلى عزّك «1».

عن هشام بن أحمد قال: كان أبو الحسن عليه السّلام يقول لمصادف: اغد إلى عزّك- يعني: السوق- «2».

عن علي بن عقبة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لمولى له: يا عبد اللّه، احفظ عزّك.

قال: و ما عزّي جعلت فداك؟.

قال: غدوك إلى سوقك و إكرامك نفسك.

و قال لآخر مولى له: ما لي أراك تركت غدوك إلى عزّك؟.

قال: جنازة أردت أن أحضرها.

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 3 ب 1 ح 2.

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 3 ب 1 ح 4.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 53

قال: فلا تدع الرواح إلى عزّك «1».

و عن روح عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: تسعة أعشار الرزق في التجارة «2».

أقول: و لعل المراد: القسم الأوفر أو العدد حقيقة، لكنّ الروايات الآتية تؤيّد الأوّل.

عن زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السّلام، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم

مثله و زاد: و الجزء الباقي في السابياء يعني: الغنم «3».

قال الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الرزق عشرة أجزاء تسعة منها في التجارة و واحد في غيرها «4».

عن عبد المؤمن الأنصاري، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: البركة عشرة أجزاء تسعة أعشارها في التجارة، و العشر الباقي في الجلود «5».

عن الفضل بن أبي قرّة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أتت الموالي أمير المؤمنين عليه السّلام فقالوا: تشكو إليك هؤلاء العرب أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يعطينا معهم العطايا بالسوية و زوّج سلمان و بلالا و صهيبا و أبوا علينا هؤلاء و قالوا: لا نفعل، فذهب إليهم أمير المؤمنين عليه السّلام فكلّمهم فيهم.

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 5 ب 1 ح 13.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 147 ب 70 ح 17.

(3) الخصال: ج 2 ص 446 ح 45.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 10 ب 1 ح 14.

(5) الخصال: ج 2 ص 445 ح 44.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 54

فصاح الأعاريب: أبينا ذلك يا أبا الحسن، أبينا ذلك.

فخرج و هو مغضب يجرّ رداه و هو يقول: يا معشر الموالي، إنّ هؤلاء قد صيروكم بمنزلة اليهود و النصارى يتزوّجون إليكم و لا يزوجونكم و لا يعطونكم مثل ما يأخذون، فاتجروا بارك اللّه لكم، فإنّي قد سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: الرزق عشرة أجزاء، تسعة أجزاء في التجارة و واحدة في غيرها «1».

ذكر أبو الفتوح في تفسيره عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه

صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

الخير عشرة أجزاء أفضلها التجارة إذا أخذ الحقّ و أعطى الحقّ «2».

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: تعرّضوا للتجارة فإنّ فيها غنى لكم عمّا في أيدي الناس «3».

عن محمد بن الزعفراني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من طلب التجارة استغنى عن الناس.

قلت: و إن كان معيلا؟.

قال: و إن كان معيلا أنّ تسعة أعشار الرزق في التجارة «4».

التجارة توجب الاستغناء

اشارة

قال الإمام الصادق عليه السّلام: من لزم التجارة استغنى عن الناس «5».

عن عبد اللّه بن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لتجهدوا فإنّ مواليكم

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 318 ح 59.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 9 ب 1 ح 9، عن تفسير أبو الفتوح الرازي: ج 1 ص 470.

(3) وسائل الشيعة: ج 12 ص 5 ب 1 ح 11.

(4) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 3 ب 1 ح 5.

(5) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 9 ب 1 ح 7.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 55

تغلبكم على التجارة.

يا جماعة قريش، إنّ البركة في التجارة و لا يفقر اللّه صاحبها إلّا تاجرا حالفا «1».

أقول: المراد تحريض قريش بالتنافس، و المراد بالحالف الحالف كذبا.

عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: أطيب ما أكل الرجل من كسبه و ولده من كسبه «2».

التاجر المؤمن كالمجاهد الغازي

الدعائم، روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عن علي، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إذا أعسر أحدكم فليخرج من بيته و ليضرب في الأرض يبتغي من فضل اللّه و لا يغم نفسه و أهله «3».

عن جعفر بن محمد عليه السّلام أنّ رجلا سأله أن يدعو اللّه له أن يرزقه في دعة.

فقال: لا أدعو لك، اطلب كما أمرت، و قال: ينبغي للمسلم أن يلتمس الرزق حتّى يصيبه حرّ الشمس «4».

عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه مرّ في غزوة تبوك بشاب جلد يسوق أبعرة سمانا، فقال له أصحابه: يا رسول اللّه، لو كانت قوّة هذا و جلده و سمن أبعرته في سبيل

اللّه لكان أحسن.

فدعاه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: أ رأيت أبعرتك هذه، أيّ شي ء تعالج

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 9 ب 1 ح 11.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 9 ب 1 ح 12.

(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 13 الفصل الأول ح 1.

(4) دعائم الإسلام: ج 2 ص 14 الفصل الأول ح 3.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 56

عليها؟.

فقال: يا رسول اللّه، لي زوجة و عيال، فأنا أكسب عليها ما أنفقه على عيالي و أكفهم عن مسألة الناس و أقضي دينا عليّ.

قال: لعل غير ذلك.

قال: لا.

فلمّا انصرف قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لئن كان صادقا إنّ له لأجرا مثل أجر الغازي و أجر الحاج و أجر المعتمر «1».

روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام أنّه قال: المفتخر بنفسه أشرف من المفتخر بأبيه لأنّي أشرف من أبي، و النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أشرف من أبيه، و إبراهيم أشرف من تارخ.

قيل: و بم الافتخار؟.

قال: بإحدى ثلاث: مال ظاهر أو أدب بارع أو صناعة لا يستحي المرء منها «2».

أقول: ليس المراد الحصر، و تارخ عمّ إبراهيم كما في التفاسير، و كونه أشرف من أبيه إخبار لا افتخار.

عن جعفر بن محمد عليه السّلام أنّه قال لرجل من أصحابه أنّه بلغني أنّك تكثر الغيبة عن أهلك.

قال: نعم جعلت فداك.

قال: أين؟.

______________________________

(1) دعائم الإسلام: ج 2 ص 14 الفصل الأول ح 7.

(2) الاختصاص: ص 188.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 57

قال: بالأهواز و فارس.

قال: فيم؟.

قال: في طلب التجارة و الدنيا.

قال: فانظر إذا طلبت شيئا من ذلك ففاتك فاذكر ما خصّك اللّه

به من دينه و ما منّ به عليك من ولايتنا و ما صرفه عنك من البلاء، فإنّ ذلك أحرى أن تسخو نفسك به عمّا فاتك من أمر الدنيا «1».

التجارة زيادة في العقل

عن ابن بكير، عمّن حدثه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: التجارة تزيد في العقل «2».

أقول: المراد العقل العملي لأنّه يحصل بالتجارب.

و عن علي بن إبراهيم قال: ثمّ قصّ اللّه عز و جل خبر مريم- إلى أن قال- ثمّ ناداها جبرائيل عليه السّلام: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ «3» أيّ هزّي النخلة اليابسة، فهزّت و كان ذلك اليوم سوقا فاستقبلها الحاكة و كانت الحياكة أنبل صناعة في ذلك الزمان فأقبلوا على بغال شهب.

فقالت لهم مريم: أين النخلة اليابسة؟.

فاستهزءوا بها و زجروها.

فقالت لهم: جعل اللّه كسبكم بورا و جعلكم في الناس عارا.

______________________________

(1) دعائم الإسلام: ج 2 ص 15 الفصل الأول ح 11.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 148 ح 2.

(3) سورة مريم: الآية 25.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 58

ثمّ استقبلها قوم من التجّار فدلوها على النخلة اليابسة.

فقالت لهم مريم: جعل اللّه بركة في كسبكم و أحوج الناس إليكم «1».

أقول: قولها للحاكة إخبار لا دعاء عليهم، و ذلك لأنّ الحاكة بكثرة تحرّكهم يقلّ عقلهم.

عن علي عليه السّلام في بيان معايش الخلق- إلى أن قال- و أمّا وجه التجارة فقوله تعالى: يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا تَدٰايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ «2» الآية، فعرفهم سبحانه و تعالى كيف يشترون المتاع في الحضر و السفر، و كيف يتجرون إذ كان ذلك من أسباب المعاش «3».

ترك التجارة نقصان في العقل

عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ترك التجارة ينقص العقل «4».

عن فضيل الأعور قال: شهدت معاذ بن كثير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي قد أيسرت فأدع التجارة.

فقال: إنّك إن فعلت قلّ عقلك، أو نحوه «5».

عن أسباط بن سالم بيّاع الزّطي «6» قال:

سأل أبو عبد اللّه عليه السّلام يوما و أنا

______________________________

(1) تفسير القمي: ج 2 ص 48- 49 (في تفسير سورة مريم).

(2) سورة البقرة: الآية 282.

(3) وسائل الشيعة: ج 12 ص 4 ب 1 ح 7.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 148 ح 1.

(5) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 2 ب 1 ح 2.

(6) الزط- بضم الزاء و تشديد المهملة-: جنس من السودان أو الهنود، و الواحد زطي مثل زنج.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 59

عنده عن معاذ بياع الكرابيس «1». فقيل: ترك التجارة.

فقال: عمل الشيطان عمل الشيطان، من ترك التجارة ذهب ثلثا عقله، أما علم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قدمت عير من الشام فاشترى منها و اتّجر فربح فيها ما قضى دينه «2».

عن أسباط بن سالم قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فسألنا عن عمر بن مسلم ما فعل؟.

فقلت: صالح و لكنّه قد ترك التجارة.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: عمل الشيطان ثلاثا أما علم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اشترى عيرا أتت من الشام فاستفضل فيها ما قضى دينه و قسّم في قرابته.

يقول اللّه عز و جل: رِجٰالٌ لٰا تُلْهِيهِمْ تِجٰارَةٌ وَ لٰا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ وَ إِقٰامِ الصَّلٰاةِ «3» إلى آخر الآية.

يقول القصاص: إنّ القوم لم يكونوا يتّجرون كذبوا و لكنّهم لم يكونوا يدعون الصلاة في ميقاتها و هو أفضل ممّن حضر الصلاة و لم يتجر «4».

عن معاذ بيّاع الأكسية قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا معاذ، أضعفت عن التجارة أو زهدت فيها؟.

قلت: ما ضعفت عنها و لا زهدت فيها.

______________________________

و زنجي. كتاب العين: ج 7 ص

347.

(1) جمع كرباس و هو القطن. مجمع البحرين: ج 4 ص 100.

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 4 ب 1 ح 11.

(3) سورة النور: الآية 37.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 75 ح 8.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 60

قال عليه السّلام: فما لك؟.

قلت: كنّا ننتظر أمرا و ذلك حين قتل الوليد «1» و عندي مال كثير و هو في يدي و ليس لأحد عليّ شي ء و لا أراني آكله حتّى أموت.

فقال: لا تتركها، فإنّ تركها مذهبة للعقل، اسع على عيالك و إيّاك أن يكون هم السعاة عليك «2».

و قال الصادق عليه السّلام: ترك التجارة مذهبة للعقل «3».

عن معاذ بن كثير بيّاع الأكسية قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: قد هممت أن أدع السوق و في يدي شي ء.

فقال: إذا يسقط رأيك و لا يستعان بك على شي ء «4».

عن فضيل بن يسار قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّ شي ء تعالج؟.

قلت: ما أعالج اليوم شيئا.

فقال: كذلك تذهب أموالكم، و اشتدّ عليه «5».

عن فضيل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي قد كففت عن التجارة و أمسكت عنها.

______________________________

(1) هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، الخليفة الحادي عشر من خلفاء بني أمية و البالغ عددهم أربعة عشر، حكم أربعة عشر شهرا و ذلك في سنة 125 ه و قتل من قبل جنده في الحرب التي وقعت بينه و بين عمه يزيد بن الوليد سنة 126 ه (744 م). أجمع أرباب التاريخ على كفره و زندقته، و عرف باستحلاله لكل حرمة، و ارتكابه لكل بدعة، و اقترافه لكل موبقة. و اشتهر بنكاح الأمهات و بالتلوّط. راجع تاريخ السيوطي: ص 251.

(2)

وسائل الشيعة: ج 12 ص 6 ب 1 ح 4.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 119 ب 61 ح 2.

(4) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 3 ب 1 ح 7.

(5) الكافي (فروع): ج 5 ص 148 ح 5.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 61

قال: و لم ذلك، أعجز بك، كذلك تذهب أموالكم، لا تكفّوا عن التجارة و التمسوا من فضل اللّه عز و جل «1».

عن الفضل بن أبي قرّة قال: سأل أبو عبد اللّه عليه السّلام: عن رجل و أنا حاضر فقال: ما حبسه عن الحج؟.

فقيل: ترك التجارة و قلّ سعيه.

فكان متكئا فاستوى جالسا ثمّ قال لهم: لا تدعوا التجارة فتهونوا، اتجروا يبارك اللّه لكم «2».

عن محمد بن مسلم و كان ختن بريد العجلي قال بريد لمحمد: سل لي أبا عبد اللّه عليه السّلام عن شي ء أريد أن أصنعه، إنّ للناس في يدي ودائع و أموالا و أنا أتقلّب فيها و قد أردت أن أتخلّى من الدنيا و أدفع إلى كلّ ذي حقّ حقّه.

قال: فسأل محمّد أبا عبد اللّه عليه السّلام عن ذلك و خبّره بالقصّة و قال: ما ترى له؟.

فقال: يا محمد، أ يبدأ نفسه بالحرب؟ لا، و لكن يأخذ و يعطي على اللّه جلّ اسمه «3».

عن الفضل بن يسار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي قد تركت التجارة.

فقال: فلا تفعل، افتح بابك و ابسط بساطك، و استرزق اللّه ربّك «4».

عن جعفر بن محمد عليه السّلام أنّه سأل بعض أصحابه عمّا يتصرّف فيه؟.

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 7 ب 1 ح 8.

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 3 ب 1 ح 6.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 149

ح 12.

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 100 ب 58 ح 41.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 62

فقال: جعلت فداك، إنّي كففت يدي عن التجارة.

قال: لم ذلك؟.

قال: انتظاري هذا الأمر.

قال: ذلك أعجب لكم تذهب أموالكم، لا تكفف عن التجارة و التمس من فضل اللّه و افتح بابك و ابسط بساطك و استرزق ربّك «1».

الصلاة في وقتها أهم تجارة

عن روح بن عبد الرحيم، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، عن قول اللّه عز و جل:

رِجٰالٌ لٰا تُلْهِيهِمْ تِجٰارَةٌ وَ لٰا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ «2».

قال: كانوا أصحاب تجارة، فإذا حضرت الصلاة تركوا التجارة و انطلقوا إلى الصلاة و هم أعظم أجرا ممّن لم يتّجر «3».

فقه الرضا عليه السّلام: و إذا كنت في تجارتك و حضرت الصلاة فلا يشغلك عنها متجرك، فإنّ اللّه وصف قوما و مدحهم فقال: رِجٰالٌ لٰا تُلْهِيهِمْ تِجٰارَةٌ وَ لٰا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ «4»، و كان هؤلاء القوم يتجرون، فإذا حضرت الصلاة تركوا تجارتهم و قاموا إلى صلاتهم و كانوا أعظم أجرا ممّن لا يتّجر و يصلّي «5».

______________________________

(1) دعائم الإسلام: ج 2 ص 16 الفصل الأول ح 14.

(2) سورة النور: الآية 37.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 119 ب 61 ح 4.

(4) سورة النور: الآية 37.

(5) فقه الرضا عليه السّلام: ص 251 ب 36.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 63

سقط من عين الرسول

عن ابن عباس إنّه قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا نظر إلى الرجل فأعجبه قال: له حرفة؟.

فإن قالوا: لا.

قال: سقط من عيني.

قيل: و كيف ذاك يا رسول اللّه؟.

قال: لأنّ المؤمن إذا لم يكن له حرفة يعيش بدينه «1».

الرزق في التجارة

عن علي بن عقبة قال: كان أبو الخطاب قبل أن يفسد و هو يحمل المسائل لأصحابنا و يجئ بجواباتها.

روى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: اشتروا و إن كان غاليا، فإنّ الرزق ينزل مع الشراء «2».

القضاعي، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: التاجر الجبان محروم و التاجر الجسور مرزوق «3».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 11 ب 2 ح 4.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 150 ح 13.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 294 ب 42 ح 9.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 64

فصل استحباب المضاربة بشرط الإنصاف

مسألة: يستحب المضاربة بإنصاف، و الإنصاف أن يكون الربح بينهما حسب الموازين العادلة، لا أن يجحف أحدهما بالآخر.

عن محمد بن عذافر، عن أبيه قال: أعطى أبو عبد اللّه عليه السّلام أبي ألفا و سبعمائة دينار، فقال له: اتّجر بها ثمّ قال: أما إنّه ليس لي رغبة في ربحها و إن كان الربح مرغوبا فيه و لكني أحببت أن يراني اللّه عز و جل متعرّضا لفوائده.

قال: فربحت له فيها مائة دينار.

ثمّ لقيته فقلت له: قد ربحت لك فيها مائة دينار.

قال: ففرح أبو عبد اللّه عليه السّلام بذلك فرحا شديدا فقال لي: أثبتها في رأس مالي.

قال: فمات أبي و المال عنده.

فأرسل إليّ أبو عبد اللّه عليه السّلام فكتب: عافانا اللّه و إيّاك، إنّ لي عند أبي محمّد ألفا و ثمانمائة دينار أعطيته يتّجر بها فادفعها إلى عمر بن يزيد.

قال: فنظرت في كتاب أبي، فإذا فيه: لأبي موسى عندي ألف و سبعمائة دينار و اتّجر له فيها مائة دينار عبد اللّه بن سنان و عمر بن يزيد يعرفانه «1».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 76 ح

12.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 65

محمد بن عذافر، عن أبيه قال: دفع إليّ أبو عبد اللّه عليه السّلام سبعمائة دينار و قال: يا عذافر، اصرفها في شي ء ما، و قال ما أفعل هذا على شره منّي و لكن أحببت أن يراني اللّه تبارك و تعالى متعرّضا لفوائده.

قال عذافر: فربحت فيها مائة دينار.

فقلت له في الطواف: جعلت فداك قد رزق اللّه عز و جل فيها مائة دينار.

قال: أثبتها في رأس مالي «1».

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 96 ب 58 ح 16.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 66

فصل استحباب العمل و الأكل من كدّ اليمين

اشارة

مسألة: يستحب العمل باليد و الأكل و الإنفاق من كدّها.

عن أبي أسامة زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أعتق ألف مملوك من كدّ يده «1».

عن الفضل بن أبي قرّة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يضرب بالمر و يستخرج الأرضين، و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يمصّ النّوى بفيه و يغرسه فيطلع من ساعته، و إنّ أمير المؤمنين عليه السّلام أعتق ألف مملوك من ماله و كدّ يده «2».

عن علي عليه السّلام أنّه كان يعمل بيده و يجاهد في سبيل اللّه فيأخذ فيئه، و لقد كان يرى و معه القطار من الإبل عليها النوى.

فيقال له: ما هذا يا أبا الحسن؟.

فيقول: نخل إن شاء اللّه، فيغرسه فما يغادر منه واحدة، و أقام على الجهاد أيّام حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مذ قام بأمر الناس إلى أن قبضه اللّه، و كان يعمل في ضياعه ما بين ذلك فأعتق ألف مملوك كلّهم

من كسب يده «3».

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 22 ب 9 ح 1.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 74 ح 2.

(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 302 الفصل الأول ح 1133.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 67

حدّث أصحابنا أنّ محمّد بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن قال لأبي عبد اللّه عليه السّلام: و اللّه، إنّي لأعلم منك و أسخى منك و أشجع منك.

فقال: أمّا ما قلت: إنّك أعلم منّي فقد أعتق جدّي و جدّك ألف نسمة من كدّ يده فسمهم لي، و إن أحببت أن أسميهم لك إلى آدم فعلت. الخبر «1».

إرشاد القلوب، روي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان إذا يفرغ من الجهاد يتفرّغ لتعليم الناس و القضاء بينهم فإذا فرغ من ذلك اشتغل في حائط له يعمل فيه بيده و هو مع ذلك ذاكرا للّه تعالى جل جلاله «2».

هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يحتطب و يستقي و يكنس، و كانت فاطمة تطحن و تعجن و تخبز «3».

عن نجم، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّ فاطمة عليها السّلام ضمنت لعلي عليه السّلام عمل البيت و العجين و الخبز و قمّ «4» البيت، و ضمن لها علي عليه السّلام ما كان خلف الباب من نقل الحطب و أن يجي ء بالطعام ... الخبر «5».

الحصول على ثواب الأنبياء

جامع الأخبار عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: من أكل من كدّ يده مرّ على الصراط كالبرق الخاطف «6».

______________________________

(1) أعلام الورى: ص 280.

(2) إرشاد القلوب: ج 2 ص 218.

(3) وسائل الشيعة: ج 12 ص 24 ب 9 ح 10.

(4) يقال قمّ بيته: يقمّه

قمّا إذا كنسه، لسان العرب: ج 12 ص 493.

(5) تفسير العيّاشي: ج 1 ص 171 ح 41. (في تفسير سورة آل عمران).

(6) جامع الأخبار: ص 139 الفصل التاسع و التسعون، مستدرك الوسائل: ج 13 ص 23. 24 ح 5.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 68

جامع الأخبار عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: من أكل من كدّ يده حلالا فتح له أبواب الجنّة يدخل من أيها شاء «1».

و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: من أكل من كدّ يده نظر اللّه إليه بالرحمة، ثمّ لا يعذّبه أبدا «2».

و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: من أكل من كدّ يده يكون يوم القيامة في عداد الأنبياء و يأخذ ثواب الأنبياء «3».

أقول: المراد: أصل الثواب، لا التفضّل، كما ذكرناه في كتاب الدعاء و الزيارة «4».

عن عامر، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه عز و جل حين أهبط آدم عليه السّلام من الجنة أمره أن يحرث بيده فيأكل من كدّها بعد نعيم الجنّة ... الخبر «5».

هكذا نتأسى بالأنبياء

نهج البلاغة، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: و لقد كان في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كاف لك في الأسوة و دليل لك على ذمّ الدنيا و عيبها و كثرة مخازيها و مساويها، إذ قبضت عنه أطرافها و وطئت لغيره أكنافها و فطم عن رضاعها و زوي عن زخارفها. و إن شئت ثنيت بموسى كليم اللّه عليه السّلام حيث يقول: رَبِّ إِنِّي لِمٰا

______________________________

(1) جامع الأخبار: ص 139، مستدرك الوسائل: ج 13

ص 24 ب 8 ح 6.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 24 ب 8 ح 7.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 24 ب 8 ح 8.

(4) يحتوي الكتاب على 1072 صفحة، و قد طبع من قبل مؤسسة البلاغ بيروت- لبنان.

(5) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 24 ب 8 ح 9.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 69

أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ «1» و اللّه، ما سأله إلّا خبزا يأكله لأنّه كان يأكل بقلة الأرض، و لقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله و تشذب لحمه.

و إن شئت ثلثت بداود عليه السّلام صاحب المزامير و قارئ أهل الجنة، فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده و يقول لجلسائه أيّكم يكفيني بيعها؟ و يأكل قرص الشعير من ثمنها ... الخ «2».

العمل منجاة من النار

مجمع البيان، روى أنّهم- الحواريون- اتّبعوا عيسى عليه السّلام و كانوا إذا جاعوا قالوا: يا روح اللّه، جعنا، فيضرب بيده على الأرض سهلا كان أو جبلا فيخرج لكلّ إنسان منهم رغيفين يأكلهما.

فإذا عطشوا قالوا: يا روح اللّه، عطشنا فيضرب بيده على الأرض سهلا كان أو جبلا فيخرج ماء فيشربون.

قالوا: يا روح اللّه، من أفضل منّا إذا شئنا أطعمتنا، و إذا شئنا سقيتنا، و قد آمنّا بك و اتبعناك؟.

قال: أفضل منكم من يعمل بيده و يأكل من كسبه فصاروا يغسلون الثياب بالكراء «3».

عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين قال: أوحى

______________________________

(1) سورة القصص: الآية 24.

(2) نهج البلاغة: الخطبة 160.

(3) مجمع البيان: ج 1 ص 448، مستدرك الوسائل: ج 13 ص 23 ب 8 ح 3. و الكراء: أجر المستأجر، راجع لسان العرب: ج 15 ص 218.

المال، أخذا و

عطاء و صرفا، ص: 70

اللّه عز و جل إلى داود عليه السّلام: إنّك نعم العبد، لو لا أنّك تأكل من بيت المال و لا تعمل بيدك شيئا.

قال: فبكى داود عليه السّلام أربعين صباحا، فأوحى اللّه عز و جل إلى الحديد: أن لن لعبدي داود، فألان اللّه عز و جل له الحديد، فكان يعمل كلّ يوم درعا فيبيعها بألف درهم، فعمل ثلاثمائة و ستين درعا، فباعها بثلاثمائة و ستين ألفا و استغنى عن بيت المال «1».

عن عمّار السجستاني، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه عليهما السّلام: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وضع حجرا على الطريق يردّ الماء عن أرضه، فو اللّه ما نكب بعيرا و لا إنسانا حتّى الساعة «2».

أقول: المراد: أنّه وضعه بحيث يكون كذلك.

عن زرارة: أنّ رجلا أتى أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال: إنّي لا أحسن أن أعمل عملا بيدي و لا أحسن أن أتجر و أنا محارف محتاج.

فقال: اعمل فاحمل على رأسك، و استغن عن الناس، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قد حمل حجرا على عنقه فوضعه في حائط من حيطانه، و إنّ الحجر لفي مكانه، و لا يدرى كم عمقه إلّا أنّه ثمّ «3».

عن أبي عمرو الشيباني قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام و بيده مسحاة و عليه إزار غليظ يعمل في حائط له و العرق يتصاب عن ظهره.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 74 ح 5.

(2) وسائل الشيعة: ج 12 ص 22 ب 9 ح 4.

(3) وسائل الشيعة: ج 12 ص 22 ب 9 ح 5، و في الكافي (فروع): ج 5 ص 76 ح 14: (عاتقه) بدل (عنقه)،

و فيه كذلك (حائط له) بدل (حائط).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 71

فقلت: جعلت فداك أعطني أكفك.

فقال لي: إنّي أحبّ أن يتأذّى الرجل بحرّ الشمس في طلب المعيشة «1».

عن الفضل بن أبي قرة قال: دخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام و هو يعمل في حائط له.

فقلنا: جعلنا اللّه فداك دعنا نعمل لك أو تعمله الغلمان.

قال: لا، دعوني، فإنّي أشتهي أن يراني اللّه عز و جل أعمل بيدي و أطلب الحلال في أذى نفسي «2».

الدعائم، عن جعفر بن محمد عليهما السّلام قال: ينبغي للمسلم أن يلتمس الرزق حتّى يصيبه حرّ الشمس «3».

عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّي لأعمل في بعض ضياعي حتّى أعرق و إنّ لي من يكفيني، ليعلم اللّه عز و جل أنّي أطلب الرزق الحلال «4».

عن إسماعيل بن جابر قال: أتيت أبا عبد اللّه عليه السّلام و إذا هو في حائط له و بيده مسحاة و هو يفتح بها الماء و عليه قميص شبه الكرابيس كأنّه مخيط عليه من ضيقه «5».

الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه قال: رأيت أبا الحسن عليه السّلام يعمل في

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 76 ح 13.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 99 ب 58 ح 30.

(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 14 الفصل الأول ح 3.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 77 ح 15.

(5) وسائل الشيعة: ج 12 ص 23 ب 9 ح 9.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 72

أرض له و قد استنقعت قدماه في العرق.

فقلت له: جعلت فداك أين الرجال؟.

فقال: يا علي، عمل باليد من هو خير منّي و من أبي في أرضه.

فقلت

له: من هو؟.

فقال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين و آبائي عليهم السّلام كلّهم قد عملوا بأيديهم و هو من عمل النبيين و المرسلين و الصالحين «1».

عن السكوني، عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنىٰ وَ أَقْنىٰ «2» قال: أغنى كلّ إنسان بمعيشته و أرضاه بكسب يده «3».

عن سعيد بن جبير قال: سئل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أيّ كسب الرجل أطيب؟.

قال: عمل الرجل بيده و كلّ بيع مبرور «4».

الحسين بن علوان، عن جعفر بن محمّد عليه السّلام، عن أبيه قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: من وجد ماء و ترابا ثمّ افتقر فأبعده اللّه «5».

عن أبي عمر قال: كان سلمان يسفّ الخوص- و هو أمير المؤمنين على المدائن- و يبيعه و يأكل منه و يقول: لا أحب أن آكل إلّا من عمل يدي و قد كان تعلّم سفّ الخوص من المدينة «6».

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 98 ح 28.

(2) سورة النجم: الآية 48.

(3) معاني الأخبار: ص 215 ح 1.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 24 ب 8 ح 10.

(5) قرب الإسناد: ص 115 ح 404.

(6) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 60 ب 26 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 73

سلمان يفتخر بعمل يده

في كتاب من سلمان مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى عمر بن الخطّاب فيه: و أمّا ما ذكرت أنّي أقبلت على سفّ الخوص و أكل الشعير فما هما ممّا يعيّر به مؤمن و يؤنّب عليه،

و ايم اللّه، يا عمر، لأكل الشعير و سفّ الخوص و الاستغناء به عن رفيع المطعم و المشرب و عن غصب مؤمن حقّه و ادّعاء ما ليس له بحقّ، أفضل و أحبّ إلى اللّه عز و جل و أقرب للتقوى، و لقد رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا أصاب الشعير أكل و فرح به و لم يسخطه «1».

كان محمّد بن مسلم من أهل الكوفة يدخل على أبي جعفر عليه السّلام.

فقال أبو جعفر: بشر المخبتين. و كان محمد بن مسلم رجلا موسرا جليلا.

فقال: أبو جعفر عليه السلام: تواضع.

قال: فأخذ قوصرة من تمر فوضعها على باب المسجد و جعل يبيع التمر.

فجاء قومه فقالوا: فضحتنا.

فقال: أمرني مولاي بشي ء فلا أبرح حتّى أبيع هذه القوصرة.

فقالوا: أمّا إذا أبيت إلّا هذا، فاقعد في الطحانين ثمّ سلموا إليه رحى فقعد على بابه و جعل يطحن «2».

______________________________

(1) الاحتجاج: ج 1 ص 130. 131.

(2) رجال الكشي: ج 1 ص 388 ح 278.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 74

فصل كراهة بيع العقار إلّا لشراء مثله أو أحسن منه

مسألة: يكره بيع العقار، إلّا أن يشتري بثمنه مثله و استحباب شرائه و كون العقارات متفرّقة، و ذلك هو الأصل و ما عداه استثناء، كلّ في موضعه.

عن أبان بن عثمان قال: دعاني جعفر عليه السّلام فقال: باع فلان أرضه؟.

فقلت: نعم.

قال: مكتوب في التوراة أنّه من باع أرضا أو ماء و لم يضعه في أرض أو ماء ذهب ثمنه محقا «1».

أقول: يعني: على الغالب.

قال أبو جعفر عليه السّلام: مكتوب في التوراة أنّه من باع أرضا و ماء فلم يضع ثمنه في أرض و ماء ذهب منه محقا «2».

عن مسمع قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام إنّ لي أرضا تطلب

منّي و يرغبوني.

فقال لي: يا أبا سيار، أ ما علمت أنّه من باع الماء و الطين و لم يجعل ماله في الماء و الطين ذهب ماله هباء.

قلت: جعلت فداك إنّي أبيع بالثمن الكثيرة و أشتري ما هو أوسع رقعة منه.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 91 ح 3.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 105 ب 58 ح 79.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 75

فقال: لا بأس «1».

أقول: بمعنى أنّه لا كراهة فيه حينئذ.

عن أبي إبراهيم عليه السّلام قال: ثمن العقار ممحوق إلّا أن يجعل في عقار مثله «2».

عن موسى بن جعفر عليه السّلام قال: حدّثني أبي عن جدّي: إنّ بائع الضيعة ممحوق و مشتريها مرزوق «3».

عن وهب الحريري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مشتري العقدة «4» مرزوق و بايعها ممحوق «5».

قال الإمام الصادق عليه السّلام: مشتري العقار مرزوق و بائع العقار ممحوق «6».

عن زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ما يخلف الرجل شيئا أشدّ عليه من المال الصامت.

قلت: كيف يصنع به؟.

قال: يجعله في الحائط يعني: في البستان أو الدار «7».

أقول: هذا من باب المصداق، و إلّا فالمراد الأعم من الرحى و الحمّام و الدكّان و ما أشبه.

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 45 ب 24 ح 8.

(2) وسائل الشيعة: ج 12 ص 45 ب 24 ح 7.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 55 ب 21 ح 1، بحار الأنوار: ج 100 ص 69 ب 10 ح 27.

(4) العقدة: الضّيعة. و قيل: الأرض الكثيرة الشجر و هي تكون من الرّمث و العرفج، و قيل: هو المكان الكثير الشجر و النخل، و الجمع عقد و عقاد. لسان العرب: ج

3 ص 299.

(5) الكافي (فروع): ج 5 ص 92 ح 4.

(6) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 104 ب 58 ح 76.

(7) الكافي (فروع): ج 5 ص 91 ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 76

عن محمّد بن مرازم، عن أبيه قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لمصادف مولاه:

اتّخذ عقدة أو ضيعة فإنّ الرجل إذا نزلت به النازلة أو المصيبة فذكر أنّ وراء ظهره ما يقيم عياله كان أسخى لنفسه «1».

عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لما دخل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المدينة خطّ دورها برجله ثمّ قال: اللهم من باع رباعه فلا تبارك له «2».

عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن عليه السّلام يقول: إنّ رجلا أتى جعفرا عليه السّلام شبيها بالمستنصح له.

فقال له: يا أبا عبد اللّه، كيف صرت اتّخذت الأموال قطعا متفرّقة و لو كانت في موضع واحد كانت أيسر لمئونتها و أعظم لمنفعتها؟.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: اتخذتها متفرّقة، فإن أصاب هذا المال شي ء سلم هذا المال، و الصرّة تجمع بهذا كلّه «3».

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 44 ب 24 ح 3.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 92 ح 7.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 91 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 77

فصل استحباب مباشرة الأمور الكبيرة و الاستنابة في الصغيرة

مسألة: يستحب مباشرة كبار الأمور، كشراء العقار و الرقيق و الإبل و الاستنابة فيما سواها و اختيار معالي الأمور و اجتناب محقّراتها، و هذا فيما إذا لم يكن متعارفا و إلّا فيعمل حسب المتعارف، كما كان علي عليه السّلام يأخذ الشي ء من السوق لعائلته.

عن يونس، عن رجل، عن أبي عبد اللّه

عليه السّلام أنّه قال: باشر كبار أمورك بنفسك و كل ما شفّ «1» إلى غيرك.

قلت: ضرب أيّ شي ء؟.

قال: ضرب أشرية العقار و ما أشبهها «2».

عن يونس بن يعقوب قال: انشد الكميت أبا عبد اللّه شعره:

أخلص اللّه لي هواي فما أغر ق نزعا و ما تطيش سهامي

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تقل هكذا، لكن قل: قد أغرق نزعا و ما تطيش سهامي «3».

______________________________

(1) الشف: الشي ء اليسير.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 90 ح 1.

(3) رجال الكشي: ج 2 ص 461 ح 362.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 78

و في حديث آخر عن داود بن نعمان، قال: دخل الكميت فأنشده، و ذكر نحوه، ثم قال في آخره: إنّ اللّه عز و جل يحب معالي الأمور و يكره سفسافها ... الحديث «1».

قال الصادق عليه السّلام: باشر كبار أمورك بنفسك و كل ما صغر منها إلى غيرك «2».

الجعفريات، بإسناده عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه جواد يحبّ الجود و معالي الأمور و يكره سفسافها، و إن من أعظم إجلال اللّه تعالى ثلاثة: إكرام ذي الشيبة في الإسلام، و الإمام العادل، و حامل القرآن غير العادل فيه و لا الجافي عنه «3».

عن الأرقط قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تكونن دوّارا في الأسواق و لا تلي دقائق الأشياء بنفسك، فإنّه لا ينبغي للمرء المسلم ذي الحسب و الدّين أن يلي شراء دقائق الأشياء بنفسه ما خلا ثلاثة أشياء، فإنّه ينبغي لذي الدّين و الحسب أن يليها بنفسه: العقار و الرقيق و الإبل «4».

الدعائم، عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام

أنّه أوصى بعض أصحابه فقال: لا تكن دوّارا في الأسواق- إلى أن قال-: ما خلا ثلاثة أشياء: الغنم و الإبل و الرقيق.

و نظر عليه السّلام إلى رجل من أصحابه يحمل بقلا على يده فقال: إنّه يكره للرجل السري «5» أن يحمل الشي ء الدني لئلّا يجترئ عليه «6».

______________________________

(1) رجال الكشي: ج 2 ص 463 ح 363.

(2) غوالي اللآلي: ج 3 ص 197 ح 13.

(3) جامع أحاديث الشيعة: ج 17 ص 138 ب 27 ح 3، عن الجعفريات: ص 196.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 91 ح 2.

(5) الرجل السّري: الرجل الشريف و الرفيع. راجع لسان العرب: ج 14 ص 378.

(6) دعائم الإسلام: ج 2 ص 17 الفصل الأول ح 18، و قريب منه في الخصال: ج 1 ص 10.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 79

فصل استحباب خدمة العيال داخل المنزل

مسألة: يستحب العمل في البيت و ما أشبه للرجل و المرأة، فإنّ ذلك يوجب التواضع و صحّة البدن و غير ذلك.

عن معاذ بيّاع الأكسية قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يحلب عنز أهله «1».

جامع الأخبار، عن علي عليه السّلام قال: دخل علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و فاطمة عليها السّلام جالسة عند القدر و أنا أنقّي العدس.

قال: يا أبا الحسن.

قلت: لبّيك يا رسول اللّه.

قال: اسمع، و ما أقول إلّا ما أمر ربّي، ما من رجل يعين امرأته في بيتها إلّا كان له بكلّ شعرة على بدنه عبادة سنة صيام نهارها و قيام ليلها، و أعطاه اللّه من الثواب مثل ما أعطاه اللّه الصابرين و داود النبي و يعقوب و عيسى عليهم السّلام.

يا علي، من

كان في خدمة عياله في البيت و لم يأنف كتب اللّه اسمه في ديوان الشهداء و كتب اللّه له بكلّ يوم و ليلة ثواب ألف شهيد، و كتب له بكلّ قدم ثواب حجّة و عمرة و أعطاه اللّه بكلّ عرق في جسده مدينة في الجنّة.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 86 ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 80

يا علي، ساعة في خدمة البيت خير من عبادة ألف سنة و ألف حج و ألف عمرة، و خير من عتق ألف رقبة و ألف غزوة و ألف مريض عاده و ألف جمعة و ألف جنازة و ألف جائع يشبعهم و ألف عار يكسوهم و ألف فرس يوجّهه في سبيل اللّه، و خير له من ألف دينار يتصدّق على المساكين، و خير له من أن يقرأ التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان، و من ألف أسير اشتراها فأعتقها، و خير له من ألف بدنة يعطي للمساكين، و لا يخرج من الدنيا حتّى يرى مكانه من الجنّة.

يا علي، من لم يأنف من خدمة العيال دخل الجنّة بغير حساب.

يا علي، خدمة العيال كفّارة للكبائر و يطفئ غضب الرّب و مهور حور العين و يزيد في الحسنات و الدرجات.

يا علي، لا يخدم العيال إلّا صدّيق أو شهيد أو رجل يريد اللّه به خير الدنيا و الآخرة «1».

أقول: ذكرنا أنّ المراد بهذه المثوبات ثواب الأصل لا مع الفضل و اللّه واسع كريم، فلا مانع من إعطاء أمثال هذه المثوبات خصوصا و إنّ الآخرة لا انقضاء لها.

عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان في بني إسرائيل عابد و كان عارفا تنفق عليه امرأته فجاءها يوما فدفعت إليه

غزلا فذهب فلم يشتر بشي ء، فجاء إلى البحر فإذا هو بصيّاد قد اصطاد سمكا كثيرا فأعطاه الغزل و قال: انتفع به في شبكتك فدفع إليه سمكة فأخذها و خرج بها إلى زوجته، فلمّا شقّها بدت من جوفها لؤلؤة فباعها بعشرين ألف درهم «2».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 48 ب 17 ح 2، عن جامع الأخبار: ص 102.

(2) بحار الأنوار: ج 100 ص 30 ب 2 ح 53.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 81

أقول: هذا دال على فضيلة خدمة المرأة في البيت و الرجل خارجه، و هكذا منحهم اللّه ذلك المال الوفير؛ و تقدّم قوله عليه السّلام: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يحتطب و يستقي و يكنس و كانت فاطمة عليها السّلام تطحن و تعجن و تخبز «1».

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 24 ب 9 ح 10، من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 104 ب 58 ح 75، و قد تقدم ذكر الحديث في ص 67 تحت عنوان: استحباب العمل و الأكل من كد اليمين.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 82

فصل استحباب معاملة الأخيار

مسألة: يستحب الاقتصار على معاملة من نشأ في الخير، فإنّ من ولده الفقر أبطره الغنى غالبا، و لذا ينبغي أن يجتنب الإنسان عن معاملته مهما أمكن.

عن ظريف بن ناصح، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تخالطوا و لا تعاملوا إلّا من نشأ في الخير «1».

عن فضل النوفلي: عن ابن أبي يحيى الرازي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام لا تخالطوا و لا تعاملوا إلّا من نشأ في الخير «2».

القطب الراوندي في دعواته عن الإمام الصادق عليه السّلام أنه قال: لا تشتروا لي من محارف فإنّ خلطته لا

بركة فيها و لا تخالطوا إلّا من نشأ في الخير «3».

قال الإمام الكاظم عليه السّلام: من ولده الفقر أبطره الغنى «4».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 158 ح 5، علل الشرائع: ص 178.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 159 ح 8.

(3) دعوات الراوندي: ص 119 ح 279، مستدرك الوسائل: ج 13 ص 267 ب 18 ح 1.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 57 ب 23 ح 3.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 83

فصل استحباب طلب الحوائج في النهار

مسألة: يستحب طلب الحوائج بالنهار و كراهة طلبها بالليل فيما إذا أمكن الطلب فيهما و لم يكن ضرورة في الطلب في الليل، و كذلك لم يكن محذور في الطلب في النهار.

عن عبد اللّه بن فضل النوفلي، عمّن رفعه إلى أبي جعفر عليه السّلام قال: (إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها بالنهار، فإنّ اللّه جعل الحياء في العينين، و إذا تزوّجتم فتزوّجوا بالليل قال اللّه عز و جل: جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً «1») «2».

و في رواية ميسر قال عليه السّلام: و لا تطلب حاجة بالليل، فإنّ الليل مظلم، ثمّ قال عليه السّلام: إنّ للطارق لحقّا عظيما و إنّ للصاحب لحقا عظيما «3».

______________________________

(1) سورة الأنعام: الآية 96.

(2) تفسير العيّاشي: ج 1 ص 370 ح 66 (في تفسير سورة الأنعام).

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 366 ح 3.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 84

فصل استحباب الذهاب في طريق و العودة من آخر

مسألة: يستحب لمن أخذ في طريق أن يرجع في غيره.

في رواية موسى بن عمر بن بزيع استحباب العود في غير طريق الذهاب، أنه سأل الإمام عليه السّلام: هل صحّ ما روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان إذا أخذ في طريق رجع في غيره، فكذا كان يفعل؟.

فقال: نعم، و أنا أفعله كثيرا فأفعله.

ثمّ قال لي: أما إنّه أرزق لك «1».

أقول: و ذلك لأنّ التنوّع يوجب الاستفادة من كلا النوعين.

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 226 ب 21 ح 7، الكافي (فروع): ج 5 ص 314 ح 41.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 85

فصل استحباب طلب الرزق في مصر

مسألة: يستحب طلب الرزق بمصر.

عن علي بن أسباط، عن رجل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ذكرت له مصر.

فقال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اطلبوا بها الرزق و لا تطلبوا بها المكث.

ثمّ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: مصر الحتوف تقيّض لها قصيرة الأعمار «1».

أقول: لا يخفى أنّ أمثال هذا الحديث محمول على وقت ورودها و ليس لها إطلاق.

عن أبي إبراهيم الموصلي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ نفسي تنازعني مصر. فقال: و ما لك و مصر، أ ما علمت أنّها مصر الحتوف و لا أحسبه إلّا قال: يساق إليها أقصر الناس أعمارا «2».

عن علي بن أسباط قال: حملت متاعا إلى مكة فكسد عليّ فجئت إلى المدينة فدخلت إلى أبي الحسن الرضا عليه السّلام فقلت: جعلت فداك إني قد حملت متاعا إلى مكة فكسد عليّ و قد أردت مصر فأركب بحرا أو برا؟ فقال عليه السّلام:

مصر الحتوف تفيض إليها أقصر الناس أعمارا «3».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص

318 ح 58.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 291 ب 40 ح 2.

(3) بحار الأنوار: ج 73 ص 286 ب 53 ح 4.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 86

فصل ما يتعلق بالتاجر من أحكام

اشارة

مسألة: يستحب للتاجر التفقّه في الدّين مضافا إلى تعلم القدر الواجب، كما يكره له بعض الأمور أو يحرم.

عن الأصبغ بن نباتة قال سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول على المنبر:

يا معشر التجّار، الفقه ثمّ المتجر، الفقه ثمّ المتجر، الفقه ثم المتجر، و اللّه، للربا في هذه الأمّة أخفى من دبيب النمل على الصفا شوبوا أيمانكم بالصدق، التاجر فاجر، و الفاجر في النار، إلّا من أخذ الحقّ و أعطى الحق «1».

عن علي عليه السّلام: أنّ رجلا قال له: يا أمير المؤمنين، إنّي أريد التجارة.

قال: أ فقهت في دين اللّه؟.

قال: يكون بعض ذلك.

قال: ويحك الفقه ثمّ المتجر، فإنّه من باع و اشترى و لم يسأل عن حرام و لا حلال ارتطم في الربا ثم ارتطم «2».

أقول: الربا من باب المثال و إلّا ارتطم في سائر المحرّمات أيضا.

و قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الفقه ثمّ المتجر، فمن اتجر بغير فقه فقد ارتطم في الربا

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 150 ح 1.

(2) دعائم الإسلام: ج 2 ص 16 الفصل الأول ح 12.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 87

ثمّ ارتطم «1».

عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من اتجر بغير علم ارتطم في الرّبا ثمّ ارتطم.

ثم قال: و كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: لا يقعدن في السوق، إلّا من يعقل الشراء و البيع «2».

و في حديث آخر، قال عليه السّلام: من اتّجر بغير فقه

فقد ارتطم في الربا «3».

فقه الرضا عليه السّلام: روي أنّ من اتجر بغير علم و لا فقه ارتطم في الرّبا ارتطاما «4».

و قال عليه السّلام: من اتّجر بغير فقه تورط في الشبهات «5».

المقنعة، قال الصادق عليه السّلام: من أراد التجارة فليتفقه في دينه ليعلم بذلك ما يحلّ له ممّا يحرم عليه، و من لم يتّفقه في دينه ثمّ اتجر تورط في الشبهات «6».

يا معشر التجار

عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنّه مرّ بالتجّار و كانوا يومئذ يسمّون السماسرة فقال لهم: أما إنّي لا أسميكم السماسرة و لكن أسميكم التجّار، و التاجر فاجر و الفاجر في النار فغلقوا أبوابهم و أمسكوا عن التجارة.

______________________________

(1) غوالي اللآلي: ج 3 ص 201 ح 31.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 154 ح 23.

(3) غرر الحكم: ج 2 ص 189 الفصل السابع و السبعون ح 751.

(4) فقه الرضا عليه السّلام: ص 250 ب 36.

(5) غوالي اللآلي: ج 3 ص 202 ح 32.

(6) المقنعة: ص 92، وسائل الشيعة: ج 12 ص 283 ب 4 ح 4.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، المال، أخذا و عطاء و صرفا، در يك جلد، مؤسسة الوعي الاسلامي - دار العلوم، بيروت - لبنان، اول، 1425 ه ق

المال، أخذا و عطاء و صرفا؛ ص: 88

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 88

فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من غد فقال: أين الناس؟.

قيل: يا رسول اللّه، ما قلت بالأمس فأمسكوا.

قال: و أنا أقوله اليوم إلّا من أخذ الحقّ و أعطاه «1».

أقول: لعلّه إنّما أخّر الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذلك ليبقى أثر كلامه صلّى اللّه عليه و آله و

سلّم في أنفسهم.

عن قيس بن أبي غريره الغفّاري قال: كنّا نسمى في المدينة في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سمسارا و جاء الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سمانا باسم أحسن منه و قال:

يا معشر التجّار، هذا البيع يحضره اللغو و الكذب و اليمين فشوبوه بالصدقة «2».

أقول: أي شوبوا البيع، بدل الكذب و نحوه.

عن عبيد بن رفاعة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا معشر التجّار، أنتم فجّار إلّا من اتّقى و برّ و صدق و قال بالمال هكذا و هكذا «3».

أقول: (قال) بمعنى عمل ظاهرا و باطنا، لا أن يكون ظاهره تاما و باطنه فاسدا.

فقه الرضا عليه السّلام، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و استعمل في تجارتك مكارم الأخلاق و الأفعال الجميلة للدين و الدنيا «4».

لب اللباب قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: التاجر فاجر إلّا من أخذ الحقّ و أعطى الحقّ «5».

.

______________________________

(1) دعائم الإسلام: ج 2 ص 16 الفصل الأول ح 15.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 251 ب 3 ح 6.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 249 ب 2 ح 8.

(4) فقه الرضا عليه السّلام: ص 252 ب 36.

(5) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 249 ب 2 ح 9؛ عن لب اللباب (مخطوط).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 89

الدعائم، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: بعثني ربّي رحمة و لم يجعلني تاجرا و لا زرّاعا، إنّ شرّ هذه الأمّة التجّار و الزرّاعون إلّا من شحّ على دينه «1».

أقول: الزرّاع يزيد و ينقص غالبا.

كتاب

الغايات، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: شرار الناس الزرّاعون و التجّار إلّا من شح منهم على دينه «2».

أقول: وجه كون الزرّاع شرارا: أنّهم لا يبالون بالنجاسة و الطهارة و الحرام و الحلال- غالبا-.

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: شرّ الناس التجّار الخونة «3».

عن جابر، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام بالكوفة عندكم يغتدي كلّ يوم بكرة من القصر فيطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا و معه الدرة على عاتقه، و كان لها طرفان، و كانت تسمى: السبيبة، فيقف على أهل كلّ سوق فينادي: يا معشر التجّار، اتّقوا اللّه عز و جل، فإذا سمعوا صوته عليه السّلام ألقوا ما بأيديهم و ارعوا إليه بقلوبهم و سمعوا باذانهم.

فيقول عليه السّلام: قدّموا الاستخارة و تبرّكوا بالسهولة، و اقتربوا من المبتاعين، و تزيّنوا بالحلم، و تناهوا عن اليمين، و جانبوا الكذب، و تجافوا عن الظلم، و انصفوا المظلومين، و لا تقرّبوا الربا، و أَوْفُوا الْكَيْلَ وَ الْمِيزٰانَ*، و لٰا تَبْخَسُوا النّٰاسَ أَشْيٰاءَهُمْ وَ لٰا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ*.

______________________________

(1) دعائم الإسلام: ج 2 ص 17 الفصل الأول ح 16.

(2) الغايات: ص 221، ضمن مجموعة، جامع أحاديث الشيعة: ط مشهد/ ط 1/ 1413 ه.

(3) الغايات: ص 220، و فيه: شرّ الرجال التجّار الخونة.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 90

فيطوف عليه السّلام في جميع أسواق الكوفة ثمّ يرجع فيقعد للناس «1».

أقول: الاستخارة طلب الخير من اللّه.

و في حديث آخر زاد قوله:

تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام و يبقى الإثم و العار

تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار

«2»مراعاة خمس خصال على المشتري و البائع

عن السكوني،

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من باع و اشترى فليحفظ خمس خصال و إلّا فلا يشترين و لا يبيعن: الرّبا و الحلف و كتمان العيب و الحمد إذا باع و الذم إذا اشترى «3».

عن أحمد بن محمد بن عيسى، رفع الحديث قال: كان أبو أمامة صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: أربع من كنّ فيه فقد طاب مكسبه: إذا اشترى لم يعب و إذا باع لم يحمد و لا يدلّس و فيما بين ذلك لا يحلف «4».

الفقيه، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا معشر التجّار، ارفعوا رءوسكم فقد وضح لكم الطريق تبعثون يوم القيامة فجّارا إلّا من صدق حديثه «5».

عن أحمد بن محمد بن يحيى قال: أراد بعض أوليائنا الخروج للتجارة فقال:

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 151 ح 3.

(2) أمالي الصدوق: ص 402 ح 7 (المجلس الخامس و السبعون).

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 150 ح 2.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 153 ح 18.

(5) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 121 ب 61 ح 12.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 91

لا أخرج حتّى آتي جعفر بن محمّد عليه السّلام فأسلّم عليه و أستشيره في أمري هذا و أسأله الدعاء لي.

قال: فأتاه فقال له: يا ابن رسول اللّه، إنّي عزمت على الخروج إلى التجارة و إنّي آليت على نفسي ألّا أخرج حتّى آتيك و أستشيرك و أسألك الدعاء لي.

قال: فدعا له و قال عليه السّلام عليك بصدق اللسان في

حديثك و لا تكتم عيبا يكون في تجارتك و لا تغبن المسترسل فإن غبنه لا يحلّ و لا ترض للناس إلّا ما ترضى لنفسك و أعط الحق و خذه و لا تخف و لا تخن، فإنّ التاجر الصدوق مع السفرة الكرام البررة يوم القيامة، و اجتنب الحلف، فإنّ اليمين الفاجرة تورث صاحبها النار، و التاجر فاجر إلّا من أعطى الحق و أخذه، و إذا عزمت على السفر أو حاجة مهمّة فأكثر الدعاء و الاستخارة، فإنّ أبي حدّثني عن أبيه عن جدّه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يعلّم أصحابه الاستخارة، كما يعلّم السورة من القرآن، الحديث «1».

و قال عليه السّلام: يا معشر التجّار، شوبوا أموالكم بالصدقة تكفّر عنكم ذنوبكم و أيمانكم التي تحلفون فيها و تطيب لكم تجارتكم «2».

عن أبي سعيد قال: كان علي عليه السّلام يأتي السوق فيقول: يا أهل السوق، اتّقوا اللّه و إيّاكم و الحلف، فإنّه ينفق السلعة و يمحق البركة، فإنّ التاجر فاجر إلّا من أخذ الحقّ و أعطاه، السلام عليكم، ثمّ يمكث الأيّام، ثمّ يأتي فيقول مثل مقالته، فكان إذا جاء قالوا: قد جاء المرد شكنبه، فكان يرجع إلى أسرته

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 285 ب 2 ح 7.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 121 ب 61 ح 14.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 92

فيقول: إذا جئت قالوا: قد جاء المرد شكنبه فما يعنون بذلك؟.

قيل له: يقولون قد جاء عظيم البطن.

فيقول: أسفله طعام و أعلاه علم «1».

أقول: عظيم البطن يعني: الحسن، أي: إنّ بطنه حسن، لأنّ بطن الإمام كان ممتدا، كما في كلّ شجاع.

و قال الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و

آله و سلّم: لا تستقبلوا السوق و لا تحلفوا و لا ينفق بعضكم لبعض «2».

عن عجلان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة يدخلهم اللّه الجنّة بغير حساب و ثلاثة يدخلهم اللّه النار بغير حساب.

فأمّا الذين يدخلهم اللّه الجنّة بغير حساب: فإمام عادل و تاجر صدوق و شيخ أفنى عمره في طاعة اللّه عز و جل.

و أمّا الثلاثة الذين يدخلهم اللّه النار بغير حساب: فإمام جائر و تاجر كذوب و شيخ زان «3».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 250 ب 3 ح 4.

(2) غوالي اللآلي: ج 1 ص 188 ح 267.

(3) الخصال: ج 1 ص 80 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 93

فصل في بيان استحباب تعلّم الكتابة و الحساب

مسألة: يستحب تعلّم الكتابة و الحساب لكلّ أحد خصوصا التاجر و الكاسب و نحوهما؛ قال اللّه سبحانه و تعالى: اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسٰانَ مٰا لَمْ يَعْلَمْ «1».

عن جميل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: منّ اللّه عز و جل على الناس برّهم و فاجرهم بالكتاب و الحساب و لو لا ذلك لتغالطوا «2».

عن عبد اللّه بن عمر ما معناه أنّه قال: قلت لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا يمكن إلّا أن أكتب ما أسمعه منك من الأحاديث لئلا أنساه.

فقال: لا بأس، اكتب، فإن اللّه عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، قال: و القلم من اللّه نعمة عظيمة و لو لا القلم لم يستقم الملك و الدّين و لم يكن عيش صالح «3».

توحيد المفضل، عن الصادق عليه السّلام قال: تأمّل يا مفضّل، ما أنعم اللّه تقدّست أسماؤه على الإنسان من هذا النطق الذي يعبّر به عمّا في ضميره- إلى أن قال-: و

كذلك الكتابة التي بها تقيّد أخبار الماضين للباقين و أخبار الباقين للآتين، و بها تخلّد الكتب في العلوم و الآداب و غيرها، و بها

______________________________

(1) سورة العلق: الآيات 3. 5.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 155 ح 1.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 258 ب 12 ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 94

يحفظ الإنسان ذكر ما يجري بينه و بين غيره من المعاملات و الحساب، و لو لاه لانقطع أخبار بعض الأزمنة عن بعض و أخبار الغائبين عن أوطانهم و درست العلوم و ضاعت الآداب و عظم ما يدخل على الناس من الخلل في أمورهم و معاملاتهم و ما يحتاجون إلى النظر فيه من أمر دينهم و ما روي لهم ممّا لا يسعهم جهله، و لعلك تظن أنّها ممّا يخلص إليه بالحيلة و الفطنة و ليست ممّا أعطيه الإنسان من خلقه و طباعه- إلى أن قال-: فأصل ذلك فطرة الباري عز و جل و ما تفضّل به على خلقه، فمن شكر أثيب، وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ «1».

عن محمّد بن إبراهيم النوفلي، رفعه إلى جعفر بن محمّد أنّه ذكر عن آبائه عليهم السّلام: أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كتب إلى عمّاله: أدقوا أقلامكم و قاربوا بين سطوركم و احذفوا عنّي فضولكم و اقصدوا قصد المعاني، و إيّاكم و الإكثار، فإنّ أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار «2».

و قال عليه السّلام لكاتبه عبيد اللّه بن أبي رافع: ألق دواتك و أطل جلفة قلمك و فرّج بين السطور و قرمط بين الحروف، فإنّ ذلك أجدر بصباحة الخط «3».

السيوطي في كتابه طبقات النحاة، و جماعة آخرون في ترجمة محمّد بن يعقوب صاحب القاموس: أنّه سئل

بالروم عن قول علي بن أبي

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 258 ب 12 ح 3، عن توحيد المفضل: ص 79.

(2) الخصال: ج 1 ص 310 ح 85.

(3) نهج البلاغة: قصار الحكم: حكمة 315.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 95

طالب عليه السّلام لكاتبه: (الصق روانفك «1» بالجبوب «2» و خذ المزبر «3» بشناترك «4» و اجعل حندورتيك «5» إلى قيهلي «6» حتّى لا أنغي نغية «7» إلّا أودعتها حماطة جلجلانك «8» ما معناه فقال الزق عضرطتك بالصلة «9» و خذ المصطر «10» بأباخسك «11» و اجعل حجمتيك إلى أثعبان «12» حتّى لا أنبس نبسة «13» إلّا وعيتها في لمظة «14» رباطك «15») «16».

______________________________

(1) الروانف جمع الرانفة: قيل هي منتهى أطراف الأليتين مما يلي الفخذين. و قيل: ناصية الألية، كتاب العين: ج 8 ص 267. و في المنجد في اللغة: الرانفة أسفل الألية الذي يلي الأرض عند القعود.

(2) الجبوب: وجه الأرض الصلبة، كتاب العين: ج 6 ص 24.

(3) المزبر: القلم، لسان العرب: ج 4 ص 315.

(4) شناتر: جمع شنترة، و شنترة الإصبع بالحميرية، كتاب العين: ج 6 ص 301.

(5) الحندورة: و هي الحدقة، لسان العرب: ج 4 ص 217.

(6) القيهل: الطلعة و الوجه.

(7) نغيت إلى فلان نغية: إذا ألقيت إليك كلمة و ألقى إليك أخرى، كتاب العين: ج 4 ص 451، و في لسان العرب نغيت إلى نغيه: إذا ألقى إليك كلمة.

(8) أي: سواء قلبك، المنجد في اللغة.

(9) أي: استك بالأرض.

(10) المصطر: القلم.

(11) الأباخس: الأصابع.

(12) أي: الوجه الضخم الفخم في حسن و بياض، كتاب العين: ج 2 ص 111.

(13) النبسة: أقلّ الكلام، لسان العرب: ج 6 ص 225.

(14) اللّمظة: النكتة السوداء في القلب، المنجد في

اللغة. و اللمظة: كالنكتة من البياض، في قلبه لمظة أي نكتة، لسان العرب: ج 7 ص 462.

(15) الرّباط: الفؤاد، كأن الجسم ربط به، لسان العرب: ج 7 ص 303.

(16) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 259 ب 12 ح 4.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 96

فصل في أن تدوين المعاملة من المستحبّات الشرعية

مسألة: يستحب التكاتب عند التعامل في الأمور الجليلة و كذلك في التداين.

علي بن مهزيار، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لما عرض على آدم ولده نظر إلى داود فأعجبه فزاده خمسين سنة من عمره، قال: و نزل عليه جبرئيل و ميكائيل فكتب عليه ملك الموت صكا بالخمسين سنة، فلما حضرته الوفاة أنزل عليه ملك الموت.

فقال آدم: قد بقي من عمري خمسون سنة.

قال: فأين الخمسون التي جعلتها لابنك داود؟.

قال: فإمّا أن يكون نسيها أو أنكرها، فنزل عليه جبرئيل و ميكائيل عليهما السّلام فشهدا عليه و قبضه ملك الموت.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: كان أوّل صك كتب في الدنيا «1».

أقول: الحديث مرسل لا حجية فيه، و لعلّه إن صحّ كان للتعليم لا للواقع.

و في رواية يحيى الحذّاء قول أبي الحسن عليه السّلام: فإذا كان لك على رجل حقّ فقل له فليكتب و كتب فلان بن فلان ... الخ «2».

أقول: و في روايات الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و علي عليه السّلام: الكتابة في أمور مختلفة.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 7 ص 379 ح 2.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 318 ح 55.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 97

فصل في كراهة أخذ الأجرة على محلّات السوق

مسألة: من سبق إلى مكان من السوق فهو أحقّ به، و إنّ عليا عليه السّلام كره أن يأخذ من سوق المسلمين أجرا.

عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السّلام:

سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان فهو أحقّ به إلى الليل و كان لا يأخذ على بيوت السوق الكراء «1».

أقول: إلى الليل من جهة أنّه لا يريده إلّا إلى الليل و إلّا فحقّه ثابت بعد

ذلك أيضا.

عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: سوق المسلمين و ذكر مثله إلى الليل «2».

عن علي عليه السّلام أنّه قال: سوق المسلمين كمسجدهم، الرجل أحقّ بمكانه حتّى يقوم منه أو تغيب الشمس «3».

عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سوق

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 155 ح 1.

(2) بحار الأنوار: ج 101 ص 256 ب 2 ح 14.

(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 18 الفصل الأول ح 21.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 98

المسلمين كمسجدهم يعني إذا سبق إلى السوق كان له مثل المسجد «1».

عن وهب، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليه السّلام: أنّه كره أن يأخذ من سوق المسلمين أجرا «2».

أقول: ذلك يوجب عدم الغلاء على المشترين لأنّ ما يصرفه الحانوتي إجارة يأخذه من الناس.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 155 ح 2.

(2) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 383 ب 93 ح 254.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 99

فصل استحباب الدعاء عند الدخول إلى السوق

مسألة: يستحب الدعاء مطلقا و خصوصا بالمأثور عند دخول السوق.

عن حنّان، عن أبيه قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: يا أبا الفضل، أ ما لك- في السوق- مكان تقعد فيه فتعامل الناس؟.

قال: قلت: بلى.

قال: ما من رجل مؤمن يروح أو يغدو إلى مجلسه أو سوقه فيقول حين يضع رجله في السوق: اللهم إنّي أسألك من خيرها و خير أهلها- و أعوذ بك من شرها و شر أهلها-، إلّا و كلّ اللّه عز و جل به من يحفظه و يحفظ عليه حتّى يرجع إلى منزله فيقول له: قد

أجرت من شرّها و شرّ أهلها يومك هذا بإذن اللّه عز و جل، و قد رزقت خيرها و خير أهلها في يومك هذا.

فإذا جلس مجلسه قال حين يجلس: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، اللّهم إنّي أسألك من فضلك حلالا طيّبا و أعوذ بك من أن أظلم أو أظلم و أعوذ بك من صفقة خاسرة و يمين كاذبة.

فإذا قال ذلك، قال له الملك الموكّل به: أبشر فما في سوقك اليوم أحد أوفر منك حظّا، قد تعجلت الحسنات و محيت عنك السيّئات، و سيأتيك ما قسم اللّه لك موفرا حلالا طيّبا مباركا فيه «1».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 155 ح 1، و فيه: عن حنان عن أبيه قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام:

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 100

عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا دخلت سوقك فقل:

اللهم إنّي أسألك من خيرها و خير أهلها و أعوذ بك من شرّها و شرّ أهلها، اللهم إنّي أعوذ بك من أن أظلم أو أظلم أو أبغي أو يبغى عليّ أو أعتدي أو يعتدى عليّ، اللهم إنّي أعوذ بك من شرّ إبليس و جنوده و شرّ فسقة العرب و العجم، و حسبي اللّه لا إله إلّا اللّه هو، عليه توكّلت و هو ربّ العرش العظيم «1».

عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من دخل سوقا أو مسجد جماعة فقال مرّة واحدة: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له و اللّه أكبر كبيرا و الحمد للّه كثيرا، و سبحان اللّه بكرة و أصيلا و لا

حول و لا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم و صلّى اللّه على محمّد و آله و أهل بيته عدلت له حجّة مبرورة «2».

عن سعد الخفاف، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من دخل السوق فنظر إلى حلوها و مرّها و حامضها فليقل: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له و أنّ محمّدا عبده و رسوله، اللهم إنّي أسألك من فضلك و أستجير بك من الظلم و الغرم و المأثم «3».

الجهني قال: سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد عليه السّلام يقول: من دخل سوقا فقال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه و أنّ محمّدا عبده و رسوله اللهم إنّي أعوذ بك من الظلم و المأثم و المغرم كتب اللّه له من الحسنات عدد من فيها من فصيح و أعجم «4».

______________________________

يا أبا الفضل أ ما لك مكان تقعد فيه فتعامل الناس؟. قلت: بلى.

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 156 ح 2.

(2) المحاسن: ج 1 ص 40 ب 36 ح 48.

(3) المحاسن: ج 1 ص 40 ب 36 ح 46.

(4) أمالي الطوسي: ص 145 ح 51.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 101

عن النعمان بن سعد، أنّ علي عليه السّلام قال: كان يخرج إلى السوق و معه الدرّة فيقول: إنّي أعوذ بك من الفسوق و من شرّ هذا السوق «1».

لب اللباب، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنّه كان إذا دخل السوق يقول: اللهم إنّي أسألك من خير هذا السوق و أعوذ بك من الكفر و الفسوق «2».

عبد اللّه بن يحيى الكاهلي في كتابه، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا دخلت السوق فقل: لا إله إلّا

اللّه عدد ما ينطقون تبارك اللّٰهُ أَحْسَنُ الْخٰالِقِينَ ثلاث مرّات سبحان اللّه عدد ما يلغون سبحان اللّه عدد ما ينطقون سبحان اللّه عدد ما يسومون تَبٰارَكَ اللّٰهُ رَبُّ الْعٰالَمِينَ «3».

عن علي عليه السّلام في حديث الأربعمائة: إذا اشتريتم ما تحتاجون إليه من السوق فقولوا حين تدخلون الأسواق: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، اللهم إنّي أعوذ بك من صفقة خاسرة و يمين فاجرة و أعوذ بك من بوار الأيم «4».

أقول: (تدخلون) أي تريدون الدخول.

فقه الرضا عليه السّلام: فإذا دخلت سوقا من أسواق المسلمين فقل: لٰا إِلٰهَ إِلَّا اللّٰهُ وحده لٰا شَرِيكَ لَهُ ..، لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَ يُمِيتُ*، و هو حيّ لا يموت، بيده الخير وَ هُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ*، و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، اللهم ارزقني من خيرها و خير أهلها «5».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 263 ب 15 ح 1.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 265 ب 15 ح 8، عن لب اللباب (مخطوط).

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 263 ب 15 ح 2.

(4) الخصال: ج 2 ص 634 ح 10 (حديث الأربعمائة).

(5) فقه الرضا عليه السّلام: ص 398 ب 115.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 102

من خطّ الشهيد- روح اللّه روحه- حرز للمسافر و المتجر إذا دخل حانوته أوّل النهار يقرأ الإخلاص إحدى و عشرين مرّة ثمّ يقول: اللهم يا واحد يا أحد يا من ليس كمثله أحد أسألك بفضل قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ أن تبارك لي فيما رزقتني و أن تكفيني شرّ كلّ أحد «1».

و

في البحار: إذا أردت أن تغدو في حاجتك و قد طلعت الشمس و ذهبت حمرتها فصلّ ركعتين بالحمد و قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ و قُلْ يٰا أَيُّهَا الْكٰافِرُونَ فإذا سلّمت فقل: اللهم إنّي غدوت التمس من فضلك كما أمرتني فارزقني من فضلك رزقا حسنا واسعا حلالا طيّبا و أعطني فيما رزقتني العافية، غدوت بحول اللّه و قوّته، غدوت بغير حول مني و لا قوّة و لكن بحولك و قوّتك، و أبرأ إليك من الحول و القوّة، اللهم إنّي أسألك بركة هذا اليوم فبارك لي في جميع أموري يا أرحم الراحمين و صلّى اللّه على محمّد و آله الطيّبين.

فإذا انتهيت إلى السوق فقل: أشهد أن لٰا إِلٰهَ إِلَّا اللّٰهُ وحده لٰا شَرِيكَ لَهُ ...، لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَ يُمِيتُ*، و يميت و يحيي، و هو حيّ لا يموت بيده الخير وَ هُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ* و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، اللهم إنّي أسألك خيرها و خير أهلها و أعوذ بك من شرّها و من شرّ أهلها، اللهم إنّي أعوذ بك أن أبغي أو يبغى عليّ أو أن أظلم أو أظلم أو أعتدي أو يعتدى عليّ، و أعوذ بك من إبليس و جنوده و فسقة العرب و العجم، حَسْبِيَ اللّٰهُ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.

و إذا أردت أن تشتري شيئا فقل: يا حيّ يا قيّوم يا دائم و يا رءوف يا رحيم أسألك بعونك و قدرتك و ما أحاط به علمك أن تقسم لي من التجارة اليوم

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 100 ص 93 ب 1 ح 7 (بيان).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 103

أعظمها

رزقا و أوسعها فضلا و خيرها لي عاقبة.

و إذا اشتريت دابة أو رأسا فقل: اللهم ارزقني أطولها حياة و أكثرها منفعة و خيرها عاقبة، هكذا ورد عن الإمام الصادق عليه السّلام «1».

لب اللباب، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: من قال حين دخول السوق: بسم اللّه، غفر له «2».

الفقيه، قال الصادق عليه السّلام: من ذكر اللّه عز و جل في الأسواق غفر له بعدد أهلها «3».

روي أن من ذكر اللّه عز و جل في الأسواق غفر اللّه له بعدد ما فيها من فصيح و أعجم، و الفصيح: ما يتكلّم، و الأعجم: ما لا يتكلّم «4».

عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من ذكر اللّه في السوق مخلصا عند غفلة الناس و شغلهم بما هم فيه كتب اللّه له ألف حسنة و يغفر اللّه له يوم القيامة مغفرة لم تخطر على قلب بشر «5».

عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث الأربعمائة: أكثروا ذكر اللّه عز و جل إذا دخلتم الأسواق عند اشتغال الناس فإنّه كفّارة للذنوب و زيادة في الحسنات و لا تكتبوا في الغافلين «6».

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 100 ص 91 ح 4 ب 1، و قريب منه في مستدرك الوسائل: ج 13 ص 264 ب 15 ح 5، مكارم الأخلاق: ص 256.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 265 ب 15 ح 7، عن لب اللباب (مخطوط).

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 125 ب 63 ح 4.

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 125 ب 63 ح 3، و لا يخفى أن (و الفصيح): بيان.

(5) عدّة الداعي: ص 242.

(6) الخصال: ج 2 ص 614 ح

10، (حديث الأربعمائة).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 104

عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

من قال حين يدخل السوق: سُبْحٰانَ اللّٰهِ* و الْحَمْدُ لِلّٰهِ* و لٰا إِلٰهَ إِلَّا اللّٰهُ وحده لٰا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَ يُمِيتُ*، و يميت و يحيي و هو حيّ لا يموت بيده الخير وَ هُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ*، أعطي من الأجر عدد ما خلق اللّه تعالى إلى يوم القيامة «1».

عن أبي عبيدة الحذاء قال: قال أبو عبد اللّه الصادق عليه السّلام: من قال في السوق: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله كتب اللّه له ألف ألف حسنة «2».

و عن ابن أبي عمير: مثله «3».

درر اللآلي، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: من دخل السوق فقال: لٰا إِلٰهَ إِلَّا اللّٰهُ وحده لٰا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَ لَهُ الْحَمْدُ وَ هُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ، كتب اللّه له ألف ألف حسنة و محا عنه ألف ألف سيئة و حطّ عنه ألف ألف خطيئة «4».

أقول: المراد أنّه قابل لذلك لا الفعلية- كما هو واضح-.

______________________________

(1) عيون أخبار الرضا عليه السّلام: ج 2 ص 31 ح 42.

(2) أمالي الصدوق: ص 486 ح 13.

(3) راجع المحاسن: ج 1 ص 40 ب 36 ح 47.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 266 ب 16 ح 3، عن درر اللآلي العمادية: ج 1 ص 37.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 105

فصل الأوراد الواردة عند التعامل

مسألة: يستحب الدعاء عند التعامل بالمأثور عن أهل البيت عليهم السّلام.

عن

حريز، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا اشتريت شيئا من متاع أو غيره فكبّر ثمّ قل: اللهم إنّي اشتريته ألتمس فيه من فضلك فصلّ على محمد و آل محمد، اللهم فاجعل لي فيه فضلا اللهم إنّي اشتريته ألتمس فيه من رزقك اللهم فاجعل لي فيه رزقا، ثمّ أعد كلّ واحدة ثلاث مرّات «1».

عن محمّد بن مسلم قال: قال أحدهما عليهما السّلام إذا اشتريت متاعا فكبّر اللّه ثلاثا ثمّ قل: اللهم إنّي اشتريته ألتمس فيه من خيرك فاجعل لي فيه خيرا اللهم إنّي ... و ذكر مثله و زاد «2».

و كان الرضا عليه السّلام يكتب على المتاع: بركة لنا «3».

الرضا عليه السّلام: فإذا اشتريت متاعا أو سلعة أو جارية أو دابة، فقل: اللهم إنّي اشتريته التمس فيه من رزقك فاجعل لي فيه رزقا، اللهم إنّي التمس فيه فضلك فاجعل لي فيه فضلا، اللهم إنّي التمس فيه خيرك و بركتك و سعة رزقك فاجعل لي فيه رزقا واسعا و ربحا طيّبا هنيئا مريئا، يقولها ثلاث مرّات- إلى أن

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 156 ح 1.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 125 ب 64 ح 1.

(3) راجع من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 125 ب 64 ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 106

قال-: و إذا أصبت بمال فقل: اللهم إنّي عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك و في قبضتك ناصيتي بيدك تحكم فيّ ما تشاء و تفعل ما تريد، اللهم فلك الحمد على حسن قضائك و بلائك، اللهم هو مالك و رزقك و أنا عبدك خولتني حين رزقتني، اللهم فألهمني شكرك فيه و الصبر عليه حين أصبت و أخذت،

اللهم أنت أعطيت و أنت أصبت، اللهم لا تحرمني ثوابه و لا تنسني من خلفه في دنياي و آخرتي إِنَّكَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ*، اللهم أنا لك و بك و إليك و منك لٰا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَ لٰا نَفْعاً* «1».

عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أردت أن تشتري شيئا فقل: يا حيّ يا قيّوم، يا دائم يا رءوف يا رحيم، أسألك بعزّتك و قدرتك و ما أحاط به علمك، أن تقسم لي من التجارة اليوم أعظمها رزقا و أوسعها فضلا و خيرها عاقبة، فإنّه لا خير فيما لا عاقبة له.

قال: و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا اشتريت دابة أو رأسا فقل: اللهم أقدر لي أطولها حياة و أكثرها منفعة و خيرها عاقبة «2».

عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا اشتريت دابة فقل:

اللهم إن كانت عظيمة البركة فاضلة المنفعة ميمونة الناصية فيسّر لي شراءها، و إن كانت غير ذلك فاصرفني عنها إلى الذي هو خير لي منها فإنّك تعلم و لا أعلم و تقدر و لا أقدر و أَنْتَ عَلّٰامُ الْغُيُوبِ*، تقول ذلك ثلاث مرّات «3».

______________________________

(1) فقه الرضا عليه السّلام: ص 399- 400 ب 115.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 157 ح 3، تهذيب الأحكام: ج 7 ص 10 ب 1 ح 34. و فيه بذيله:

(اللّهم ارزقني أطولها حياة و أكثرها منفعة و خيرها عاقبة).

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 157 ح 4.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 107

أقول: (اشتريت) أي أردت الاشتراء.

روى عمر بن إبراهيم، عن أبي الحسن عليه السّلام قال: من اشترى دابة فليقم من جانبها الأيسر و يأخذ

ناصيتها بيده اليمنى و يقرأ على رأسها فاتحة الكتاب، و قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ، و المعوذتين، و آخر الحشر، و آخر بني إسرائيل: قُلِ ادْعُوا اللّٰهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ «1»، و آية الكرسي، فإن ذلك أمان تلك الدابة من الآفات «2».

أقول: لا يبعد جريان ذلك في اشتراء السيارة و ما أشبه ذلك أيضا.

عن ثعلبة بن ميمون عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا اشتريت دابة أو رأسا فقل: اللهم قدّر لي أطولهنّ حياة و أكثر هنّ منفعة و خير هنّ عاقبة «3».

______________________________

(1) سورة الإسراء: الآية 110.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 125 ب 65 ح 1.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 126 ب 65 ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 108

فصل استحباب كتابة الدعاء لحفظ المتاع و نمائه

مسألة: يستحب كتابة شي ء على المتاع أو يجعل فيه لأجل حفظه.

زيد الزراد في أصله قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: اكتب على المتاع «بركة لنا»، فإنّه لا يزال البركة فيه و النماء «1».

و عنه قال: سمعته عليه السّلام يقول: إذا أحرزت متاعا فاقرأ آية الكرسي و اكتبه وضعه في وسطه و اكتب وَ جَعَلْنٰا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنٰاهُمْ فَهُمْ لٰا يُبْصِرُونَ «2».

لا ضيعة على ما حفظ اللّه فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللّٰهُ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ «3». فإنّك تكون قد أحرزته و لا يوصل إليه بسوء إن شاء اللّه «4».

فقه الرضا عليه السّلام: و إذا أردت أن تحرز متاعك فاقرأ آية الكرسي (و ذكر نحوه) «5».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 292 ب 42 ح 1.

(2) سورة يس: الآية 9.

(3) سورة التوبة: الآية

129.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 293 ب 42 ح 2.

(5) فقه الرضا عليه السّلام: ص 400 ب 115.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 109

زيد النرسي في أصله، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا أحرزت متاعا فقل:

اللهم إنّي استودعك يا من لا يضيع وديعته و أستحرسك فاحفظه عليّ و احرسه لي بعينك التي لا تنام و بركنك الذي لا يرام و بعزّك الذي لا يذل و بسلطانك القاهر الغالب لكلّ شي ء «1».

السيّد هبة اللّه الراوندي في مجموع الرائق في خواص سورة الحجر، و من حملها كثر كسبه و لا يعدل أحد عن معاملته و رغبوا في البيع منه و الشراء، و صرح الشهيد في مجموعته: إنّ ما ذكر من خواص القرآن مروي عن الصادق عليه السّلام «2».

أقول: اللّه سبحانه و تعالى جعل بعض الأسباب الخفيّة لبعض المسبّبات و المعصومون كشفوا عن ذلك، و لعل مطلق ذكر اللّه و كتابته يوجب ذلك كما يظهر من مختلف الروايات.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 293 ب 42 ح 3.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 295 ب 42 ح 12.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 110

فصل السماح في المعاملة وجه من الرباح

مسألة: يستحب الإحسان في البيع و السماح فيه، فإنّ ذلك يوجب البركة و كثرة المشترين.

عن السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: السماحة من الرباح قال ذلك لرجل يوصيه و معه سلعة يبيعها «1».

قال علي عليه السّلام: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: السماح وجه من الرباح قال عليه السّلام: ذلك لرجل (و ذكر مثله) «2».

روي إسماعيل بن مسلم، عن أبي عبد اللّه

عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام قال: أنزل اللّه تعالى على بعض أنبيائه عليهم السّلام: للكريم فكارم و للسمح فسامح و عند الشكس «3» فالتو «4».

و في رواية الحسن بن زيد من قوله عليه السّلام: إذا بعت فأحسني و لا تغشي فإنّه أتقى و أبقي للمال «5».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 152 ح 7.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 122 ب 61 ح 19.

(3) و الشّكس هو السيئ الخلق في المبايعة و غيرها، و الشّكس مصدر و اسم الفاعل هو المشاكس، راجع كتاب العين: ج 5 ص 288.

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 121 ب 61 ح 18.

(5) جامع أحاديث الشيعة: ج 18 ص 23 ب 9 ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 111

فصل التساهل في البيع و الشراء يوجب البركة

مسألة: يستحب كون الإنسان سهل البيع و الشراء و القضاء و الاقتضاء و سهل في كلّ تعامل، فإنّ اللّه يريد اليسر و لا يريد العسر. فعن حنان، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: بارك اللّه على سهل البيع سهل الشراء سهل القضاء سهل الاقتضاء «1».

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إنّ اللّه تبارك و تعالى يحب العبد يكون سهل البيع (و ذكر مثله) «2».

عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: غفر اللّه عز و جل لرجل كان من قبلكم كان سهلا إذا باع سهلا إذا اشترى سهلا إذا قضى سهلا إذا اقتضى «3».

عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السّلام

قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: رحم اللّه عبدا سمحا قاضيا و سمحا مقتضيا «4».

و في رواية قوله عليه السّلام: و تبرّكوا بالسهولة «5».

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 18 ب 1 ح 79.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 122 ب 61 ح 21.

(3) الخصال: ج 1 ص 198 ح 6 (باب الأربعة).

(4) بحار الأنوار: ج 100 ص 104 ب 1 ح 56.

(5) الكافي (فروع): ج 5 ص 151 ح 3.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 112

فصل في بيان بعض أحكام المكيل و الموزون

مسألة: يستحب الإعطاء راجحا و الأخذ بقدر الحقّ و وجوب الوفاء في الكيل و الوزن.

عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مر أمير المؤمنين عليه السّلام على جارية قد اشترت لحما من قصاب و هي تقول: زدني.

فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: زدها فإنّه أعظم للبركة «1».

حماد بن بشير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يكون الوفاء حتّى يميل الميزان «2».

و في خبر آخر: لا يكون الوفاء حتّى يرجح «3».

عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا يكون الوفاء حتّى يرجح «4».

عن إسحاق بن عمّار قال: قال الإمام الصادق عليه السّلام: من أخذ الميزان بيده فنوى أن يأخذ لنفسه وافيا لم يأخذ إلّا راجحا و من أعطى فنوى أن يعطي سواء

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 152 ح 8.

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 11 ب 1 ح 44.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 123 ب 61 ح 32.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 160 ح 5.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 113

لم يعط إلّا ناقصا

«1».

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم للوازن: زن و أرجح «2».

عن عبيد بن إسحاق قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي صاحب نخل فخبّرني بحدّ أنتهي إليه فيه من الوفاء.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: انو الوفاء فإن أتى على يدك و قد نويت الوفاء نقصان كنت من أهل الوفاء، و إن نويت النقصان ثمّ أوفيت كنت من أهل النقصان «3».

أقول: لأنّ الأعمال بالنيات، و ما حدث من النقصان لم يكن عن قصد و ما حدث من الزيادة لم يكن بإرادته.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 159 ح 2.

(2) غوالي اللآلي: ج 1 ص 224 الفصل التاسع ح 109.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 159 ح 3.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 114

فصل آداب تتعلق بالبائع و المشتري

مسألة: يجوز سؤال المشتري البائع الزيادة بعد التوفية.

الدعائم، عن علي عليه السّلام أنه رخص للمشتري سؤال البائع الزيادة بعد أن يوفيه فإن شاء فعل و إن شاء لم يفعل «1».

و تقدّم في رواية السكوني قولها للقصاب: زدني فقال أمير المؤمنين عليه السّلام:

زدها فإنّه أعظم للبركة «2».

______________________________

(1) دعائم الإسلام: ج 2 ص 31 الفصل الخامس ح 66.

(2) راجع: ص 112 و مصدره في الكافي (فروع): ج 5 ص 152 ح 8.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 115

فصل استحباب الإحسان في البيع

مسألة: يستحب للرجل إذا قال للرجل: هلمّ أحسن بيعك، كره عليه الربح و عدم جواز غبن المشتري خصوصا للمسترسل.

عن علي بن عبد الرحيم، عن رجل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سمعته يقول: إذا قال الرجل للرجل: هلمّ أحسن بيعك يحرم عليه الربح «1».

أقول: أي: كره.

و قال الإمام جعفر الصادق عليه السّلام في حديث آخر: و لا تغبن المسترسل، فإنّ غبنه لا يحل «2».

أقول: و في أحاديث ثبوت خيار الغبن من أبواب الخيار ما يدل على عدم جواز الغبن «3».

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 7 ب 1 ح 21.

(2) وسائل الشيعة: ج 12 ص 285 ب 2 ح 7.

(3) للمزيد راجع مستدرك الوسائل: ج 13 ص 307 و وسائل الشيعة: باب ثبوت خيار الغبن للمغبون غبنا فاحشا مع جهالته.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 116

فصل استحباب قلّة المرابحة على المؤمن

مسألة: يستحب تقليل الربح في المعاملات على المؤمن، و عدم تحريم الربح و لو على المضطر.

عن سليمان بن صالح و أبي شبل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ربح المؤمن على المؤمن ربا إلّا أن يشتري بأكثر من مائة درهم فاربح عليه قوت يومك أو يشتريه للتجارة فاربحوا عليهم و ارفقوا بهم «1».

فقه الرضا عليه السّلام روي: ربح المؤمن على أخيه ربا إلّا أن يشتري منه شيئا بأكثر من مائة درهم فيربح فيه قوت يومه أو يشتري متاعا للتجارة فيربح عليه ربحا خفيفا «2».

عن فرات بن أحنف، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ربح المؤمن على المؤمن ربا «3».

عن ميسر قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ عامة من يأتيني من إخواني، فحد لي من معاملتهم ما لا أجوزه إلى غيره، فقال: إن وليت

أخاك فحسن و إلّا

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 7 ب 1 ح 23.

(2) فقه الرضا عليه السّلام: ص 251 ب 36.

(3) المحاسن: ج 1 ص 101 ب 34 ح 73.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 117

فبع بيع البصير المداق «1».

عن عروة بن جعد البارقي قال: قدم جلب فأعطاني النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم دينارا فقال: اشتر بها شاة فاشتريت شاتين بديا نار فلحقني رجل فبعت أحدهما منه بديا نار ثم أتيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بشاة و دينار فردّه عليّ و قال: بارك اللّه لك في صفقة يمينك. و لقد كنت أقوم بالكناسة أو قال بالكوفة فأربح في اليوم أربعين ألفا «2».

______________________________

(1) الاستبصار: ج 3 ص 70 ب 42 ح 3.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 245 ب 18 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 118

فصل كراهة التفرقة بين المبتاعين

مسألة: يكره التفرقة بين المماكس و غيره، و يستحب التسوية بين المبتاعين.

فعن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّه قال في رجل عنده بيع فسعّره سعرا معلوما، فمن سكت عنه ممن يشتري منه باعه بذلك السعر، و من ماكسه و أبى أن يبتاع منه زاده. قال: لو كان يزيد الرجلين و الثلاثة لم يكن بذلك بأس فأمّا أن يفعله بمن أبى عليه و كايسه و يمنعه ممّن لم يفعل ذلك فلا يعجبني إلّا أن يبيعه بيعا واحدا «1».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 152 ح 10.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 119

فصل في كراهة السوم و المعاملة بين الطلوعين

مسألة: صاحب السلعة أحقّ بالسوم و يكره السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس إلّا المتعارف فيه ذلك.

عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

صاحب السلعة أحقّ بالسوم «1».

عن علي بن أسباط رفعه قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس «2».

أقول: و لعل ذلك لأن الوقت خاص بالتعقيب و الدعاء و يخرج منه ما لو كان البيع خاصا في بعض الأمكنة كالأعتاب المقدسة و ما أشبه ذلك.

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 8 ب 1 ح 27.

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 8 ب 1 ح 28.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 120

فصل في بيان بعض آداب السوق

مسألة: يستحب البيع في أوّل السوق و عند حصول الربح و كراهة ردّه.

قال علي عليه السّلام: مرّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على رجل و معه سلعة يريد بيعها، فقال:

عليك بأوّل السوق «1».

عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خليط في الجاهلية فلمّا بعث صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لقيه خليطه فقال للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جزاك اللّه من خليط خيرا فقد كنت تواتي و لا تماري فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و أنت فجزاك اللّه من خليط خيرا، فإنّك لم تكن ترد ربحا و لا تمسك ضرسا «2».

و في حديث، قال هاشم: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البضاعة و السلعة.

فقال عليه السّلام: نعم ما من

أحد يكون عنده سلعة أو بضاعة إلّا قيّض اللّه عز و جل له من يربحه، فإن قبل و إلّا صرفه إلى غيره و ذلك أنّه ردّ بذلك على اللّه عز و جل «3».

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 122 ب 61 ح 23.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 308 ح 20.

(3) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 8 ب 1 ح 29.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 121

فصل كراهة التجارة وقت الفريضة

مسألة: يستحب مبادرة التاجر و سائر العمّال إلى الصلاة في أوّل وقتها و يكره اشتغاله بالتجارة عنها.

عن الحسين بن بشّار، عن رجل، رفعه في قول اللّه عز و جل: رِجٰالٌ لٰا تُلْهِيهِمْ تِجٰارَةٌ وَ لٰا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ «1» قال: هم التجّار الذين لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه عز و جل إذا دخلت مواقيت الصلاة أدوا إلى اللّه حقّه فيها «2».

فقه الرضا عليه السّلام: و إذا كنت في تجارتك و حضرت الصلاة فلا يشغلك عنها متجرك، فإنّ اللّه وصف قوما و مدحهم فقال: رِجٰالٌ لٰا تُلْهِيهِمْ تِجٰارَةٌ وَ لٰا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ «3» و كان هؤلاء القوم يتجرون، فإذا حضرت الصلاة تركوا تجارتهم و قاموا إلى صلاتهم و كانوا أعظم أجرا ممّن لا يتجر و يصلّي «4».

تنبيه الخواطر: جاء في تفسير قوله تعالى: رِجٰالٌ لٰا تُلْهِيهِمْ تِجٰارَةٌ وَ لٰا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ «5» أنّهم كانوا حدّادين و خرّازين فكان أحدهم إذا رفع

______________________________

(1) سورة النور: الآية 37.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 154 ح 21.

(3) سورة النور: الآية 37.

(4) فقه الرضا عليه السّلام: ص 251 ب 36.

(5) سورة النور: الآية 37.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 122

المطرقة «1»

أو غرز «2» الأشفى «3» فيسمع الأذان لم يخرج الأشفى من المغرز و لم يضرب بالمطرقة و رمى بها و قام إلى الصلاة «4».

لب اللباب: عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنّه جاءت إليه امرأة بشي ء فقالت: هاك هذا حلال من كسب يدي.

قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا كان الأذان و في يدك فضل تقولين حتّى أفرغ منه ثم أتوضّأ و أصلّي؟.

قالت: نعم.

قال: فليس كما قلت «5».

عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كان على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مؤمن فقير شديد الحاجة من أهل الصفّة و كان ملازما لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عند مواقيت الصلاة كلّها لا يفقده في شي ء منها، و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يرق له و ينظر إلى حاجته و غربته، فيقول: يا سعد، لو قد جاءني شي ء لأغنيتك.

قال: فأبطأ ذلك على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاشتد غم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لسعد فعلم اللّه سبحانه و تعالى ما دخل على رسول اللّه من غمه لسعد، فأهبط عليه

______________________________

(1) المطرقة: بالكسر ما يضرب به الحديد، مجمع البحرين: ج 5 ص 206. و آلة من الحديد و نحوه يضرب به الحديد و نحوه كما في المنجد في اللغة.

(2) غرز الإبرة في شي ء غرزا، و غرزها: أدخلها، لسان العرب: ج 5 ص 386 و غرز الإبرة في شي ء: أدخله فيه (المنجد في اللغة).

(3) الأشفى: المثقب و المخرز.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 257 ب 11 ح 4، عن

تنبيه الخواطر: ج 1 ص 43.

(5) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 257 ب 11 ح 3، عن لب اللّباب (مخطوط).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 123

جبرائيل عليه السّلام و معه در همان فقال له: يا محمّد، إنّ اللّه قد علم ما قد دخلك من الغم لسعد، أ فتحب أن تغنيه؟.

فقال: نعم.

فقال له: فهاك هذين الدرهمين فأعطهما إيّاه و مره أن يتّجر بهما.

قال: فأخذهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثمّ خرج إلى صلاة الظهر و سعد قائم على باب حجرات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ينتظره، فلمّا رآه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

يا سعد، أ تحسن التجارة؟.

فقال له سعد: و اللّه، ما أصبحت أملك مالا أتّجر به.

فأعطاه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الدرهمين و قال له: اتّجر بهما و تصرّف لرزق اللّه، فأخذهما سعد و مضى مع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى صلى معه الظهر و العصر فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: قم فاطلب الرزق فقد كنت بحالك مغتما يا سعد.

قال: فأقبل سعد لا يشتري بدرهم شيئا إلّا باعه بدرهمين و لا يشتري شيئا بدرهمين إلّا باعه بأربعة دراهم فأقبلت الدنيا على سعد فكثر متاعه و ماله و عظمت تجارته فاتّخذ على باب المسجد موضعا و جلس فيه فجمع تجارته إليه.

و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا أقام بلال للصلاة يخرج و سعد مشغول بالدنيا لم يتطهّر و لم يتهيّأ كما كان يفعل قبل أن يتشاغل بالدنيا، فكان النبي صلّى اللّه عليه و آله و

سلّم يقول: يا سعد، شغلتك الدنيا عن الصلاة؟.

فكان يقول: ما أصنع أضيّع مالي، هذا رجل قد بعته فأريد أن أستوفي منه، و هذا رجل قد اشتريت منه فأريد أن أوفيه.

قال: فدخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من أمر سعد غم أشدّ من غمه بفقره، فهبط عليه جبرائيل عليه السّلام فقال: يا محمّد، إنّ اللّه قد علم غمّك بسعد فأيّما أحبّ

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 124

إليك حاله الأولى أو حاله هذه.

فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا جبرائيل، بل حاله الأولى قد أذهبت دنياه بآخرته.

فقال له جبرائيل عليه السّلام: إن حبّ الدنيا و الأموال فتنة و مشغلة عن الآخرة، قل لسعد يرد عليك الدرهمين اللذين دفعتهما إليه، فإنّ أمره سيصير إلى الحالة التي كان عليها أوّلا.

قال: فخرج النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فمرّ بسعد فقال له: يا سعد، أ ما تريد أن تردّ عليّ الدرهمين اللذين أعطيتكهما.

فقال سعد: بلى و مائتين.

فقال له: لست أريد منك يا سعد إلّا الدرهمين فأعطاه سعد درهمين.

قال: فأدبرت الدنيا على سعد حتّى ذهب ما كان جمع و عاد إلى حاله التي كان عليها «1».

أبو الفتوح الرازي في تفسيره عن أبي أمامة الباهلي في حديث طويل اختصرناه أنّه قال: إنّ ثعلبة بن حاطب الأنصاري أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: يا رسول اللّه، ادع اللّه أن يرزقني مالا.

فقال الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ويحك يا ثعلبة اذهب و اقنع بما عندك، فإنّ الشاكر أحسن ممّن له مال كثير لا يشكره.

فذهب و رجع بعد أيّام و قال: يا رسول اللّه، ادع اللّه

تعالى أن يعطيني مالا.

فقال الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أ ليس لك بي أسوة، فإنّي بعزّة عرش اللّه لو شئت لصارت جبال الأرض لي ذهبا و فضّة.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 312 ح 38.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 125

فذهب ثمّ رجع فقال: يا رسول اللّه، سلّ اللّه تعالى أن يعطيني مالا، فإنّي أؤدي حقّ اللّه و أؤدي حقوقا و أصل به الرحم.

فقال الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اللهم أعط ثعلبة مالا.

و كان لثعلبة غنيمات فبارك اللّه فيها حتّى تتزايد كما تزايد النمل، فلمّا كثر ماله كان يتعاهده بنفسه، و كان قبله يصلّي الصلوات الخمس في المسجد مع الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فبنى مكانا خارج المدينة لأغنامه فصار يصلّي الظهر و العصر مع الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و صلاة الصبح و المغرب و العشاء في ذلك المكان، ثمّ زادت الأغنام فخرج إلى دار كبيرة بعيد عن المدينة فبنى مكانا فذهب منه الصلوات الخمس و الصلاة في المسجد و الجماعة و الاقتداء بالرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كان يأتي المسجد يوم الجمعة لصلاة الجمعة، فلما كثر ماله ذهب منه صلاة الجمعة فكان يسأل عن أحوال المدينة ممّن يمر عليه.

فقال الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما صنع ثعلبة؟.

قالوا: يا رسول اللّه، إنّ له أغناما لا يسعها واد فذهب إلى الوادي الفلاني و بنى فيه منزلا و أقام فيه.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة ثلاثا.

الخبر طويل و فيه سوء عاقبته و امتناعه من الزكاة «1».

و

في رواية قال أبو جعفر الصادق عليه السّلام: خذ سواء و أعط سواء، فإذا حضرت الصلاة فدع ما في يدك و انهض إلى الصلاة ... الخ «2».

______________________________

(1) راجع مستدرك الوسائل: ج 13 ص 256 ب 11 ح 2، عن تفسير أبو الفتوح الرازي:

ج 2 ص 613.

(2) الاستبصار: ج 3 ص 64 ب 37 ح 4.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 126

فصل استحباب التعامل بالمتاع الجيد

مسألة: يستحبّ شراء الجيّد و بيعه و يكره شراء الردي ء و بيعه.

عن عاصم بن حميد قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: أيّ شي ء تعالج؟

قلت: أبيع الطعام.

فقال لي: اشتر الجيّد و بع الجيّد، فإنّ الجيّد إذا بعته قيل له: بارك اللّه فيك و فيمن باعك «1».

عن مروك بن عبيد، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال:

في الجيّد دعوتان و في الردي ء دعوتان، يقال لصاحب الجيّد: بارك اللّه فيك و فيمن باعك، و يقال لصاحب الردي ء: لا بارك اللّه فيك و لا فيمن باعك «2».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 202 ح 2.

(2) الخصال: ج 1 ص 46 ح 46.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 127

فصل في بيان استحباب بيع المربيات المصنّعات

مسألة: يستحب لمن ضاق عليه المعاش أن يشتري صغارا و يبيع كبارا، و أن من أعيته الحيلة فليعالج الكرسف.

عن عبد اللّه بن إبراهيم، عمّن حدثه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من أعيته القدرة فليربّ صغيرا «1».

عن هشام بن المثنّى، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من ضاق عليه المعاش- أو قال: الرزق- فليشتر صغارا و ليبع كبارا «2».

و روي عنه أنّه قال عليه السّلام: من أعيته الحيلة فليعالج الكرسف «3».

أقول: هذا خاصّ بزمان يكون النفع في القطن و منه يفهم الملاك.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 311 ح 31.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 305 ح 6.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 305 ح 6. الكرسف: القطن و هو الكرسوف، واحدته كرسفة، و منه كرسف الدواة، لسان العرب: ج 9 ص 297 و في كتاب العين: ج 5 ص 426 الكرسف هو

القطن.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 128

فصل في بيان الأمور التي تنفي الفقر

مسألة: شراء الحنطة ينفي الفقر و شراء الدقيق و الخبز ينشئ الفقر و أن من أحصى الخبز يحصى عليه، و هذا في زمان يكون كذلك لا في كلّ الأزمنة- كما هو واضح-.

عن عباد بن حبيب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: شراء الحنطة ينفي الفقر، و شراء الدقيق ينشئ الفقر، و شراء الخبز محق.

قال: قلت له: أبقاك اللّه؟ فمن لم يقدر على شراء الحنطة.

قال: ذاك لمن يقدر و لا يفعل «1».

عن درست، عن إبراهيم، عن أبي الحسن عليه السّلام قال: من اشترى الحنطة زاد ماله، و من اشترى الدقيق ذهب نصف ماله، و من اشترى الخبز ذهب ماله «2».

عن محمّد بن الفضيل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان عندك درهم فاشتر به الحنطة فإنّ المحق في الدقيق «3».

أبي الصباح الكناني قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا الصباح، شراء

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 166 ح 1.

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 162 ب 13 ح 20.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 167 ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 129

الدقيق ذلّ و شراء الحنطة عزّ و شراء الخبز فقر، فتعوذ باللّه من الفقر «1».

و قال عليه السّلام: دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على عائشة و هي تحصي الخبز.

فقال: يا عائشة، لا تحصي الخبز فيحصى عليك «2».

أقول: أصل ذلك في كلّ معدود، حيث إنّ الإحصاء يوجب الحرص على الإبقاء، و الحرص يمحق البركة.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 167 ح 3.

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 163 ب 13 ح 26.

المال، أخذا و

عطاء و صرفا، ص: 130

فصل كراهة مضرة المسلمين

مسألة: يستحب تجارة البز و يكره تجارة الحنطة للاحتكار و ما أشبه، كما ورد ذلك عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ففي الدعائم أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم استحب تجارة البز «1» و كره تجارة الحنطة و ذلك لما فيها من الحكرة المضرّة بالمسلمين، فإن لم يكن ذلك فليس التجارة بها محرّمة «2».

الغوالي، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لئن تلقى اللّه سارقا خير من أن تلقاه حناطا «3».

أقول: يأتي ذلك فيما يخشى احتكاره و ضرر المسلمين.

______________________________

(1) البز: ضرب من الثياب، كتاب العين: ج 7 ص 353.

(2) دعائم الإسلام: ج 2 ص 16 الفصل الأول ح 13.

(3) غوالي اللآلي: ج 2 ص 243 ح 5.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 131

فصل في بيان بعض أحكام المماكسة

مسألة: تستحب المماكسة و التحفّظ من الغبن و كراهة المماكسة في شراء حوائج الحج و الأكفان و لا يبعد أن يستفاد من ذلك كلّ ما يرتبط بالأمور الدينية.

قال أبو جعفر عليه السّلام: ماكس المشتري فإنّه أطيب للنفس و إن أعطى الجزيل، فإنّ المغبون في بيعه و شرائه غير محمود و لا مأجور «1».

عن داود بن سليمان الغراء، عن علي بن موسى الرضا عليه السّلام، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: المغبون لا محمود و لا مأجور «2».

الفقيه: و كان علي بن الحسين زين العابدين عليهما السّلام يقول لقهرمانه: إذا أردت أن تشتري لي من حوائج الحج شيئا فاشتر و لا تماكس «3».

و في أحاديث استحباب إجادة الأكفان من أبواب تحنيط الميّت «4» و أحاديث جواز المماكسة في شراء الأضاحي من أبواب الهدي

«5» ما يدلّ على ذلك.

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 122 ب 61 ح 26.

(2) عيون أخبار الرضا عليه السّلام: ج 2 ص 47 ب 31 ح 184.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 123 ب 61 ح 28.

(4) للمزيد راجع ثواب الأعمال: ص 197 و مستدرك الوسائل: ج 2 ص 121 ب 15.

(5) للمزيد راجع مستدرك الوسائل: ج 13 ص 285 ب 36 ح 1 و ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 132

فصل في نهي الاستحطاط بعد المعاملة

مسألة: يكره الاستحطاط بعد الصفقة و يكره قبول الوضيعة.

عن إبراهيم الكرخي قال: اشتريت لأبي عبد اللّه عليه السّلام جارية فلمّا ذهبت أنقدهم الدراهم، قلت: أستحطّهم قال: لا، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة «1».

عن زيد الشحام قال: أتيت أبا عبد اللّه عليه السّلام بجارية أعرضها عليه فجعل يساومني و أساومه، ثمّ بعتها إيّاه فضمّ على يدي، قلت: جعلت فداك إنّما ساومتك لأنظر المساومة تنبغي أو لا تنبغي، و قلت: قد حططت عنك عشرة دنانير فقال: هيهات ألّا كان هذا قبل الضمة، أ ما بلغك قول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

الوضيعة بعد الضمة حرام «2».

أقول: هما محمولان على الكراهة فإنّه نوع من الدناءة ممّا لا يليق بذي الخلق الرفيع.

عن أبي مطر، عن أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث قال عليه السّلام: ثمّ أتى دار فرات و هو سوق الكرابيس فقال: يا شيخ، أحسن بيعي في قميصي بثلاثة دراهم، فلمّا عرفه لم يشتر منه شيئا، ثمّ أتى آخر، فلمّا عرفه لم يشتر منه شيئا فأتى

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 286 ح 1.

(2) الكافي (فروع): ج

5 ص 286 ح 2 و قريب منه في تهذيب الأحكام: ج 7 ص 80 ب 6 ح 60.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 133

غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم و لبسه ما بين الرسغين «1» إلى الكعبين- إلى أن قال-: فجاء أبو الغلام صاحب الثوب فقيل: يا فلان، قد باع ابنك اليوم من أمير المؤمنين قميصا بثلاثة دراهم قال: أ فلا أخذت منه درهمين فأخذ أبوه درهما و جاء به إلى أمير المؤمنين عليه السّلام و هو جالس على باب الرحبة و معه المسلمون فقال: امسك هذا الدرهم يا أمير المؤمنين، قال: ما شأن هذا الدرهم؟ قال: كان ثمن قميصك درهمين. فقال: باعني برضاي و أخذت برضاه «2».

عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يشتري المتاع ثمّ يستوضع؟.

قال: لا بأس به، و أمرني فكلمات له رجلا في ذلك «3».

عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: الرجل يستوهب من الرجل الشي ء بعد ما يشتري فيهب له أ يصلح له؟.

قال: نعم «4».

أقول: هذا دليل الكراهة في الحديث الأوّل و الثاني.

يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام، الرجل يشتري من الرجل البيع فيستوهبه بعد الشراء من غير أن يحمله على الكره قال: لا بأس به «5».

______________________________

(1) أي: المفصل بين الساق و القدم، راجع لسان العرب: ج 8 ص 428.

(2) بحار الأنوار: ج 40 ص 332 ب 98 ح 14.

(3) الاستبصار: ج 3 ص 73 ب 46 ح 2.

(4) الاستبصار: ج 3 ص 74 ب 46 ح 3.

(5) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 146 ب 70 ح 15.

المال،

أخذا و عطاء و صرفا، ص: 134

فصل كراهة القسم عند المعاملة

اشارة

مسألة: يكره الحلف على البيع و الشراء صادقا و تحريمه كاذبا و كذلك حال سائر المعاملات.

عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: ثلاثة لا ينظر اللّه تعالى إليهم يوم القيامة.

أحدهم: رجل اتّخذ اللّه عز و جل بضاعة لا يشتري إلّا بيمين و لا يبيع إلّا بيمين «1».

عن سلمان قال: ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم يوم القيامة: الأشمط «2» الزان، و رجل مفلس مرخ مختال، و رجل اتّخذ يمينه بضاعة، فلا يشتري إلّا بيمين و لا يبيع إلّا بيمين «3».

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ويل لتجّار أمّتي من لا و اللّه، و بلى و اللّه، و ويل لصناع أمّتي من اليوم و غد «4».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 162 ح 3.

(2) الشمط في الشعر اختلافه بلونين من سواد و بياض، شمط شمطا، و اشمط اشماط، و هو أشمط و الجمع شمط و شمطان، و الشمط بياض شعر الرأس يخالطه سواده، لسان العرب: ج 7 ص 336.

(3) تفسير العيّاشي: ج 1 ص 179 ح 71، (في تفسير سورة آل عمران).

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 97 ب 58 ح 19.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 135

الغوالي، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أربعة يبغضهم اللّه تعالى: البياع الحلّاف، و الفقير المحتال، و الشيخ الزاني، و الإمام الجائر «1».

عن حسين بن المختار، عن الإمام الصادق عليه السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى ليبغض المنفق سلعته بالأيمان «2».

عن حسين بن المختار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ اللّه يبغض ثلاثة،

ثٰانِيَ عِطْفِهِ، و المسبل إزاره، و المنفق سلعته بالأيمان «3».

عن حسين بن مختار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ثلاثة لا ينظر اللّه عز و جل إليهم، ثاني عطفه، و مسبل إزاره خيلاء، و المنفق سلعته بالأيمان، إنّ الكبرياء للّه ربّ العالمين «4».

عن أبي ذر، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: ثلاثة لٰا يُكَلِّمُهُمُ اللّٰهُ*، المنّان الذي لا يعطي شيئا إلّا بمنّة، و المسبل إزاره، و المنفق سلعته بالحلف الفاجر «5».

و في رواية، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: ثلاثة لٰا يُكَلِّمُهُمُ اللّٰهُ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ وَ لٰا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ.

قلت: من هم خابوا و خسروا؟.

قال: المسبل أزاره خيلاء، و المنّان، و المنفق سلعته بالحلف الكاذب، أعادها ثلاثا «6».

______________________________

(1) غوالي اللآلي: ج 1 ص 263 الفصل العاشر ح 51.

(2) أمالي الصدوق: ص 390 ح 6 (المجلس الثالث و السبعون).

(3) المحاسن: ج 1 ص 295 ب 48 ح 461.

(4) مستدرك الوسائل: ج 3 ص 271 ب 20 ح 6.

(5) الخصال: ج 1 ص 184 ح 253 (باب الثلاثة).

(6) تفسير العيّاشي: ج 1 ص 179 ح 70 (في تفسير سورة آل عمران).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 136

إيّاكم و اليمين الفاجرة

عن أبي إسماعيل رفعه عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه كان يقول: إيّاكم و الحلف فإنّه ينفق السلعة و يمحق البركة «1».

عن أبي مطر، و كان رجلا من أهل البصرة قال: كنت أبيت في مسجد الكوفة و أبول في الرحبة و آكل الخبز بزق «2» البقال، فخرجت ذات يوم أريد بعض أسواقها، فإذا بصوت بي فقال: يا هذا، ارفع إزارك فإنّه أبقى لثوبك و أتقى لربّك.

قلت: من

هذا؟.

فقيل لي: هذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام.

فخرجت أتبعه و هو متوجّه إلى سوق الإبل، فلمّا أتاها، وقف في وسط السوق فقال: يا معشر التجّار، إيّاكم و اليمين الفاجرة فإنّها تنفق السلعة و تمحق البركة ... الخبر «3».

عن أبي مطر قال: خرجت من المسجد فإذا رجل ينادي من خلفي: ارفع إزارك فإنّه أبقى لثوبك و أتقى لك و خذ من رأسك إن كنت مسلما.

فمشيت من خلفه و هو مؤتزر بإزار و مرتد برداء و معه الدرة كأنّه أعرابي بدوي.

فقلت: من هذا؟.

فقال لي رجل: أراك غريبا بهذا البلد.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 162 ح 4.

(2) بزق الأرض: بذرها، لسان العرب: ج 10 ص 19 و بزق البقال أي: بسوقه.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 270 ب 20 ح 5.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 137

قلت: أجل، رجل من أهل البصرة.

قال: هذا علي أمير المؤمنين عليه السّلام حتّى انتهى إلى دار بني معيط و هو سوق الإبل فقال: بيعوا و لا تحلفوا، فإنّ اليمين ينفق السلعة و يمحق البركة «1».

عن أبي حمزة رفعه قال: قام أمير المؤمنين عليه السّلام على دار ابن أبي معيط و كان يقام فيها الإبل فقال: يا معاشر السماسرة «2»، أقلوا الأيمان فإنّها منفقة للسلعة ممحقة للربح «3».

عن أبي عبد اللّه، عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ثلاثة لٰا يُكَلِّمُهُمُ اللّٰهُ ... وَ لٰا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ: المرخى ذيله من العظمة، و المزكي سلعته بالكذب، و رجل استقبلك بنور صدره فيوارى و قلبه ممتلئ غشا «4».

الجعفريات، بإسناده عن علي بن أبي طالب عليه السّلام أنّه ركب بغلة

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الشهباء بالكوفة، فأتى سوقا سوقا فأتى طاق اللحامين فقال بأعلى صوته: يا معشر القصابين، لا تنخعوا «5» و لا تعجلوا الأنفس حتّى تزهق،

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 40 ص 331 ب 98 ح 14.

(2) السمسار: بالكسر التوسط بين البائع و المشتري و الجمع سماسرة، مجمع البحرين: ج 3 ص 337. و السمسار: الذي يبيع البر للناس، السمسار فارسية معربة، و الجمع السماسرة و في الحديث أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سماهم التجّار بعد ما كانوا يعرفون بالسماسرة و المصدر: السمسرة و هو أن يتوكّل الرجل من الحاضرة للبادية فيبيع لهم ما يجلبونه، لسان العرب: ج 4 ص 380.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 162 ح 2.

(4) مكارم الأخلاق: ص 111.

(5) أي: لا تقطعوا رقبتها و تفصلوها قبل أن تسكن حركتها. النخاع: خيط أبيض يكون داخل.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 138

و إيّاكم و النفخ في اللحم للبيع فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ينهى عن ذلك.

ثم أتى التّمارين فقال: أظهروا من ردي ء بيعكم ما تظهرون من جيّده.

ثمّ أتى السّمّاكين فقال: لا تبيعون إلّا طيّبا و إيّاكم و ما طفا.

ثمّ أتى الكناسة فإذا فيها أنواع التجارة من نحاس و من صائغ و من قمّاط و من بايع أبر و من صيرفي و من حنّاط و من بزّاز، فنادى بأعلى صوته: إنّ أسواقكم هذه يحضرها الأيمان فشوبوا أيمانكم بالصدقة و كفّوا عن الحلف، فإنّ اللّه عز و جل لا يقدّس من حلف باسمه كاذبا «1».

______________________________

عظم الرقبة و يكون ممتدا إلى الصلب.

(1) جامع أحاديث الشيعة: ج 18 ص 42 ب

25 ح 14، عن الجعفريات: ص 238.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 139

فصل في بيان ما يتعلّق بتواطؤ التجار

مسألة: يكره تحالف التجّار و تعاقدهم على السوق السوداء.

عن أبي جعفر الفزاري قال: دعا أبو عبد اللّه عليه السّلام مولى له يقال له:

مصادف، فأعطاه ألف دينار و قال له: تجهز حتّى تخرج إلى مصر، فإنّ عيالي قد كثروا.

قال: فتجهّز بمتاع و خرج مع التجّار إلى مصر، فلمّا دنوا من مصر استقبلتهم قافلة خارجة من مصر فسألوهم عن المتاع الذي معهم ما حاله في المدينة و كان متاع العامّة فأخبروهم أنّه ليس بمصر منه شي ء فتحالفوا و تعاقدوا على أن لا ينقصوا متاعهم من ربح الدينار دينارا، فلما قبضوا أموالهم و انصرفوا إلى المدينة، فدخل مصادف على أبي عبد اللّه عليه السّلام و معه كيسان في كلّ واحد ألف دينار فقال: جعلت فداك هذا رأس المال و هذا الآخر ربح.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، المال، أخذا و عطاء و صرفا، در يك جلد، مؤسسة الوعي الاسلامي - دار العلوم، بيروت - لبنان، اول، 1425 ه ق

المال، أخذا و عطاء و صرفا؛ ص: 139

فقال: إنّ هذا الربح كثير و لكن ما صنعته في المتاع؟

فحدّثه كيف صنعوا و كيف تحالفوا.

فقال: سبحان اللّه! تحلفون على قوم مسلمين ألّا تبيعوهم إلّا بربح الدينار دينارا، ثمّ أخذ أحد الكيسين و قال: هذا رأس مالي و لا حاجة لنا في هذا الربح ثمّ قال: يا مصادف، مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال «1».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 161 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 140

أقول: المراد الحلال الخالي حتّى من الكراهة.

عن عبد اللّه بن سليمان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال في تجّار

قدموا أرضا اشتركوا على أن لا يبيعوا بيعهم إلّا بما أحبّوا قال: لا بأس بذلك «1».

الحسن بن علي العسكري عليه السّلام في تفسيره عن آبائه، عن موسى بن جعفر عليهم السّلام: أنّ رجلا سأله مائتي درهم يجعلها في بضاعة يتعيش بها- إلى أن قال- فقال عليه السّلام: أعطوه ألفي درهم، و قال: اصرفها في كذا يعني:

العفص «2» فإنّه متاع يابس و يستقبل بعد ما أدبر فانتظر به سنة، و اختلف إلى دارنا و خذ الأجراء في كلّ يوم، فلمّا تمت له سنة و إذا قد زاد في ثمن العفص للواحد خمسة عشر فباع ما كان اشترى بألفي درهم بثلاثين ألف درهم «3».

و في رواية أحمد بن الحسن قوله فمضوا سالمين و تصدّقوا بالثلث و بورك لهم في تجاراتهم فربحوا للدرهم عشرة فقالوا: ما أعظم بركة الصادق عليه السّلام «4».

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 161 ب 13 ح 17.

(2) العفص: حمل شجرة البلوط تحمل سنة بلوطا و سنة عفصا. لسان العرب: ج 7 ص 54.

(3) وسائل الشيعة: ج 12 ص 312 ب 26 ح 3.

(4) راجع عيون أخبار الرضا عليه السّلام: ج 2 ص 5 ب 30 ح 9.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 141

فصل استحباب إقالة المسلم في المعاملات

مسألة: يستحب إقالة النادم في كلّ المعاملات، نعم، لا إقالة في النكاح و الطلاق البائن.

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أيّما عبد- مسلم- أقال مسلما في بيع أقاله اللّه تعالى عثرته يوم القيامة «1».

عن عبد اللّه بن القاسم الجعفري، عن بعض أهل بيته قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لم يأذن لحكيم بن حزام في تجارة حتّى ضمن له إقالة النادم و أنظار

المعسر و أخذ الحقّ وافيا أو غير واف «2».

عن هذيل بن صدقة الطّحّان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يشتري المتاع أو الثوب فينطلق به إلى منزله و لم ينقذ شيئا فيبدو له فيردّه، هل ينبغي ذلك له؟.

قال: لا، إلّا أن تطيب نفس صاحبه «3».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 153 ح 16.

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 5 ب 1 ح 15.

(3) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 59 ب 4 ح 55.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 142

فصل استحباب جعل مصدر العيش في البلد

مسألة: يستحب أن يكون متجر الإنسان في بلده، إلّا إذا كان هناك أمر أهم.

عن ابن مسكان، عن بعض أصحابه قال: قال علي بن الحسين عليهما السّلام: إنّ من سعادة المرء أن يكون متجره في بلده، و يكون خلطاؤه صالحين، و يكون له ولد، يستعين بهم «1» «و زاد في رواية»: و من شقاء المرء أن تكون عنده امرأة معجب بها و هي تخونه «2».

أقول: قيد «في بلده» لأن تحمل مهام السفر صعب على البعض.

عن عبد اللّه بن عبد الكريم قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: ثلاثة من السعادة: الزوجة المؤاتية، و الأولاد البارون، و الرجل يرزق معيشته ببلده يغدو إلى أهله و يروح «3».

جعفر بن أحمد القمي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: من سعادة المرء أن يكون متجره في بلده، و يكون له أولاد يستعين بهم، و خلطاء صالحون، و منزل واسع، و امرأة حسناء إذا نظر إليها سرّ بها و إذا غاب عنها حفظته في

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 257 ح 1.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 258 ح 3.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 258

ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 143

نفسها «1».

الجعفريات بإسناده، عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من سعادة المرء: الخلطاء الصالحون، و الولد البار، و الزوجة المؤاتية، و أن يرزق معيشته في بلدته «2».

عن جعفر بن محمّد عليه السّلام أنّه قال: خمسة من السعادة: الزوجة الصالحة، و البنون الأبرار، و الخلطاء الصالحون، و رزق المرء في بلده، و الحبّ لآل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم «3».

القطب الراوندي في دعواته، عن ربيعة بن كعب، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: سمعته يقول: من أعطي له خمسا لم يكن له عذر في ترك عمل الآخرة- إلى أن قال-: و معيشة في بلده «4».

عن عبد الحميد بن عواض الطائي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

إنّي اتّخذت رحا فيها مجلسي و يجلس إليّ فيها أصحابي فقال: ذاك رفق اللّه عز و جل «5».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 292 ب 41 ح 3.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 292 ب 41 ح 1، عن الجعفريات: ص 194.

(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 195 الفصل الثاني عشر ح 706.

(4) دعوات الراوندي: ص 40 ح 97 الفصل الثاني.

(5) الكافي (فروع): ج 5 ص 310 ح 26.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 144

فصل كراهة ركوب البحر للتجارة

مسألة: يكره ركوب البحر للتجارة إذا كان محلا للخطر أو تغريرا بالدّين.

عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر، و أبي عبد اللّه عليهما السّلام: أنّهما كرها ركوب البحر للتجارة «1».

عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام: أنّه كره ركوب البحر للتجارة «2».

عن عبيد، عن

أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أبي عليه السّلام يكره ركوب البحر للتجارة «3».

عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه قال في ركوب البحر للتجارة:

يغرّر الرجل بدينه «4».

عن معلّى بن خنيس، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يسافر فيركب البحر؟.

فقال: إنّ أبي كان يقول: إنّه يضرّ بدينك هو ذا الناس يصيبون أرزاقهم

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 388 ب 93 ح 279.

(2) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 380 ب 93 ح 239.

(3) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 381 ب 93 ح 241.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 257 ح 4.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 145

و معيشتهم «1».

عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن الرجل يسافر فيركب البحر؟.

قال يكره ركوب البحر للتجارة إنّ أبي كان يقول: إنّك تضر بصلاتك هو ذا الناس يجدون أرزاقهم و معايشهم «2».

علي بن إبراهيم رفعه قال: قال علي عليه السّلام: ما أجمل في الطلب من ركب البحر للتجارة «3».

عن علي بن أسباط قال: كنت حملت معي متاعا إلى مكّة فبار عليّ فدخلت به المدينة على أبي الحسن الرضا عليه السّلام و قلت له: إنّي حملت متاعا قد بار عليّ و قد عزمت على أن أصير إلى مصر فأركب برّا أو بحرا.

فقال: مصر الحتوف يقيّض لها أقصر الناس أعمارا «4».

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما أجمل في الطلب من ركب البحر.

ثمّ قال لي: لا عليك أن تأتي قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فتصلّي عنده ركعتين فتستخير اللّه مائة مرّة، فما عزم لك عملت به، فإن ركبت

الظهر فقل: سُبْحٰانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنٰا هٰذٰا وَ مٰا كُنّٰا لَهُ مُقْرِنِينَ. وَ إِنّٰا إِلىٰ رَبِّنٰا لَمُنْقَلِبُونَ «5». و إن ركبت البحر فإذا صرت في السفينة فقل: بِسْمِ اللّٰهِ

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 257 ح 5.

(2) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 380 ب 93 ح 240.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 256 ح 2.

(4) و لا يخفى قد أشار الإمام الشيرازي قدّس سرّه فيما سبق إلى بيان معنى مصر الحتوف قائلا:

إنّ أمثال هذا الحديث محمول على وقت ورودها و ليس لها إطلاق.

(5) سورة الزخرف: الآيتان 13- 14.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 146

مَجْرٰاهٰا وَ مُرْسٰاهٰا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ «1».

فإذا هاجت عليك الأمواج فاتكئ على يسارك و أوم إلى الموجة بيمينك و قل: قري بقرار اللّه و اسكني بسكينة اللّه و لا حول و لا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم.

قال علي بن أسباط: فركبت البحر فكانت الموجة ترتفع فأقول ما قال فتتقشع كأنّها لم تكن.

قال علي بن أسباط: و سألته فقلت: جعلت فداك ما السكينة؟.

قال: ريح من الجنّة لها وجه كوجه الإنسان أطيب رائحة من المسك و هي التي أنزلها اللّه على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بحنين فهزم المشركين «2».

______________________________

(1) سورة هود: الآية 41.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 256 ح 3.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 147

فصل في كراهة التجارة الموجبة للصلاة في أرض لا يعبد اللّه عليها

مسألة: يكره التجارة في أرض لا يصلّى فيها إلّا على الثلج.

عن حسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ رجلا أتى أبا جعفر عليه السّلام فقال: إنّا نتّجر إلى هذه الجبال فنأتي منها على أمكنة لا نقدر أن نصلّي إلّا على الثلج فقال: ألا تكون مثل

فلان يرضى بالدون و لا يطلب تجارة لا يستطيع أن يصلّي إلّا على الثلج «1».

عن حسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّ رجلا أتى أبا جعفر عليه السّلام فقال: أصلحك اللّه إنّا نتّجر إلى هذه الجبال فنأتي فيها أمكنة لا نقدر نصلّي إلّا على الثلج قال: أ فلا ترضى أن تكون مثل فلان يرضى بالدون، ثمّ قال لا تطلب التجارة في أرض لا تستطيع أن تصلّي إلّا على الثلج «2».

و في رواية الطبرسي من باب أنّه لا يسجد على السبخة من أبواب السجود قوله: إنّا نتخبّر إلى هذه الجبال فنأتي منها على أمكنة لا نستطيع أن نصلّي إلّا على الثلج.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 257 ح 6.

(2) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 381 ب 93 ح 242.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 148

قال: ألا تكون مثل فلان يعني: رجلا عنده يرضى بالدون و لا يطلب التجارة في أرض لا يستطيع أن يصلّي إلّا على الثلج «1».

أقول: المستفاد فيها بالملاك الكراهة في كلّ أمثال ذلك كالوحل و الأرض النشّاشة «2» و ما أشبه ذلك.

______________________________

(1) مشكاة الأنوار: ص 131 (الفصل السابع).

(2) سبخة نشّاشة: تنشّ من النّزّ، و قيل: سبخة نشّاشة و هو ما يظهر من ماء السباخ فينشّ فيها حتى يعود ملحا؛ و قيل: النّشّاشة التي لا يحفّ تربها و لا ينبت مرعاها، لسان العرب: ج 6 ص 352.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 149

فصل حرمة صرف المال في الأمور المحرّمة

مسألة: يحرم صرف المال في الحرام سواء حصله من حلال أو حرام.

عن جهم بن حميد الرواسي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا رأيت الرجل يخرج من ماله في طاعة اللّه عز و جل

فاعلم أنّه أصابه من حلال و إذا أخرجه في معصية اللّه عز و جل فاعلم أنّه أصابه من الحرام «1».

عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عمّن حدّثه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

قلت: الرجل يخرج ثمّ يقدم علينا و قد أفاد المال الكثير فلا ندري اكتسبه من حلال أو حرام؟.

فقال: إذا كان ذلك فانظر في أي وجه يخرج نفقاته فإن كان ينفق فيما لا ينبغي ممّا يأثم عليه فهو حرام «2»؟.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 311 ح 33.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 311 ح 34.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 150

فصل كراهة المعاملة مع المحارف غير الموفق

مسألة: يكره معاملة المحارف المنقوص الحظّ.

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تشتر من محارف «1»، فإنّ صفقته لا بركة فيها «2».

قال الصادق عليه السّلام للوليد بن صبيح: يا وليد، لا تشتر لي من محارف شيئا فإنّ خلطته لا بركة فيها «3».

القطب الراوندي في دعواته عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: لا تشتروا لي من محارف، فإنّ خلطته لا بركة فيها «4».

عن سعيد بن غزوان قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المؤمن لا يكون محارفا «5».

أقول: لأنّه يلتزم بالشرع و يتوكّل على اللّه فلا يكون منقوص الحظّ.

قال النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تلتمسوا الرزق ممّن اكتسبه من ألسنة الموازين

______________________________

(1) المحارف: المنقوص من الحظ لا ينمو له مال، مجمع البحرين: ج 5 ص 37، و في لسان العرب: ج 9 ص 43: الذي لا يصيب خيرا من وجه توجه له.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 157 ح 1.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 100 ب 58 ح 35.

(4) دعوات الراوندي: ص 119 ح

279.

(5) وسائل الشيعة: ج 12 ص 306 ب 21 ح 5.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 151

و رءوس المكاييل و لكن عند من فتحت عليه الدنيا «1».

نهج البلاغة، قال عليه السّلام: شاركوا الذي قد قبل عليه الرزق فإنّه أخلق للغنى و أجدر بإقبال الحظ عليه «2».

الغرر، قال عليه السّلام: أقبلوا على من أقبلت عليه الدنيا فإنّه أجدر بالغنى «3».

و في رواية الديلمي قوله عليه السّلام: يا بني، إذا نزل بك كلب الزمان و قحط الدهر فعليك بذوي الأصول النابتة و الفروع الثابتة من أهل الرحمة و الإيثار و الشفقة فإنّهم أقضى للحاجات و أمضى لدفع الملمات «4».

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 100 ص 86 ب 17 ح 22.

(2) نهج البلاغة: قصار الحكم 230.

(3) غرر الحكم: ج 1 ص 148 الفصل الثالث ح 52.

(4) أعلام الدين: ص 274.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 152

فصل في معاملة ذوي العاهات

مسألة: يكره معاملة ذوي العاهات فإنّ النقص الجسمي يوجب انحراف النفس غالبا.

عن ميسر بن عبد العزيز قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تعامل ذا عاهة فإنّهم أظلم شي ء «1».

و في حديث آخر قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: احذروا معاملة أصحاب العاهات فإنّهم أظلم شي ء «2».

الفقيه، قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: احذروا معاملة أصحاب العاهات فإنّهم أظلم شي ء «3».

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 11 ب 1 ح 40.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 158 ح 6.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 100 ب 58 ح 37.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 153

فصل معاملة من يقطنون الجبال

مسألة: يكره معاملة الأكراد و مخالطتهم، و المراد بهم أهل الجبال الذين ليسوا أهل دين في أيّ بلد كان عربا أو عجما لا هذه الطوائف المسماة باسم الكرد فإنّه مشتقّ من كرد إلى الجبل أيّ ذهب إليه. و قد ذكرنا تفصيله في كتاب النكاح «1».

عن أبي الربيع الشامي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت: إنّ عندنا قوما من الأكراد و إنّهم لا يزالون يجيئون بالبيع فنخالطهم و نبايعهم.

فقال: يا أبا ربيع، لا تخالطوهم فإنّ الأكراد حيّ من أحياء الجنّ، كشف اللّه عنهم الغطاء فلا تخالطوهم «2».

أقول: (من الجن) أي: إنّهم مستترون بالجبل لا أنّهم من الأجنّة خلاف الأنس- كما هو واضح-.

______________________________

(1) للمزيد راجع موسوعة الفقه: ج 64 كتاب النكاح. هذا، كما أن الأعراب المذمومين في قوله سبحانه و تعالى: الْأَعْرٰابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفٰاقاً سورة التوبة: الآية 97، ليس المراد بهم العرب، بل المراد سكان البوادي عربا أم غيرهم.

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 11 ب 1 ح 42.

المال، أخذا و عطاء و

صرفا، ص: 154

فصل في بيان الحذر من السفلة

مسألة: يكره مخالطة السفلة و معاملتهم.

قال الإمام الصادق عليه السّلام: إيّاكم و مخالطة السفلة فإنّه لا يؤول إلى خير «1».

أمير المؤمنين عليه السّلام في حديث الأربعمائة: احذروا السفلة، فإنّ السفلة من لا يخاف اللّه عز و جل، فيهم قتلة الأنبياء و فيهم أعداؤنا «2».

عن جامع البزنطي قال: سئل أبو الحسن عليه السّلام من السفلة؟.

قال: السفلة الذي يأكل في الأسواق «3».

عن أبي الجنيد قال: قال الرضا عليه السّلام: السفلة من كان له شي ء يلهيه عن اللّه تعالى «4».

و في رواية أن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: إن كنت لا تبالي ما قلت و ما قيل لك فأنت سفلة «5».

أقول: السفلة هم الذين لا يبالون بأمر الدّين أو بأمر الدنيا، و بعض ما ذكر مصداق له.

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 100 ب 58 ح 40.

(2) الخصال: ج 2 ص 635 ح 10 (حديث الأربعمائة).

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 269 ب 19 ح 3.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 269 ب 19 ح 4.

(5) راجع تهذيب الأحكام: ج 6 ص 295 ب 92 ح 28.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 155

فصل في بيان كراهة الاستعانة بالمجوس

مسألة: يكره الاستعانة بالمجوس و لو على ذبح شاة.

قال الإمام الصادق عليه السّلام: لا تستعن بمجوسي و لو على أخذ قوائم شاتك و أنت تريد أن تذبحها «1».

عن إسحاق بن عبد اللّه بن سعد بن مالك الأشعري قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: لا تستعن بالمجوس و ذكر نحوه «2».

أقول: المجوس أسوأ من سائر أهل الكتاب لأنّهم ينكحون المحارم.

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 100 ب 58 ح 39.

(2) أمالي الطوسي: ص 443 ح 50 (المجلس الخامس عشر)

و فيه: لا تستعن بالمجوس و لو على أخذ قوائم شاتك و أنت تريد ذبحها.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 156

فصل أحكام الدخول في سوم الآخرين

اشارة

مسألة: يكره الزيادة وقت النداء و الدخول في سوم المسلم و النجش «1».

عن الشعيري، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول:

إذا نادى المنادي فليس لك أن تزيد، فإذا سكت فلك أن تزيد، و إنّما تحرم الزيادة و النداء يسمع و يحلّلها السكوت «2».

في حديث مناهي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال الصادق عليه السّلام: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يدخل الرجل في سوم أخيه المسلم «3».

الدعائم، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنّه نهى أن يساوم الرجل على سوم أخيه، و معنى النهي في هذا إنّما يقع إذا ركن البائع إلى البيع و إن لم يعقده، فأمّا ما دون ذلك فلا بأس بالسوم على السوم و المزايدة في السلع «4»، و قد روينا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنّه أمر ببيع أشياء في من يزيد «5».

______________________________

(1) النّجش و التناجش: أن يزيد الرجل ثمن السّلعة و هو لا يريد شراءها، و لكن ليسمعه غيره فيزيد بزيادته، كتاب العين: ج 6 ص 38 و لسان العرب: ج 6 ص 351.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 172 ب 81 ح 1.

(3) أمالي الصدوق: ص 345 ح 1 (المجلس السادس و الستون).

(4) دعائم الإسلام: ج 2 ص 34 الفصل السادس ح 74.

(5) دعائم الإسلام: ج 2 ص 34 الفصل السادس ح 75.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 157

في المعاملة لا تدابر و لا تناجش

عن أبي عبيد القاسم بن سلام إنّه قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تناجشوا و لا تدابروا، معناه: أن يزيد الرجل

في ثمن السلعة و هو لا يريد شراءها و لكن ليسمعه غيره فيزيد لزيادته، و الناجش: الخائن، و أمّا التدابر: فالمصارمة و الهجران مأخوذ من أن يولّي الرجل صاحبه دبره و يعرض عنه بوجهه «1».

الدعائم، عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّه نهى عن النجش، و النجش: الزيادة في السلعة، و الزائد فيها لا يريد شراءها لكن ليسمع غيره فيزيد فيها على زيادة «2».

أقول: و لعل من الكراهة التنقيص و هو لا يريد أيضا.

الغوالي، و في الحديث: أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نهى عن النجش «3».

عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

الواشمة و المتوشمة و الناجش و المنجوش ملعونون على لسان محمّد «4» صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.

أقول: المراد الوشم الذي يكون للتدليس.

العمل بفأس خير من ذل الصدقة

تنبيه الخواطر: أصابت أنصاريا حاجة فأخبر بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال:

آتني بما في منزلك و لا تحقر شيئا فأتاه بحلس «5» و قدح.

______________________________

(1) معاني الأخبار: ص 284.

(2) دعائم الإسلام: ج 2 ص 30 الفصل الخامس ح 62.

(3) غوالي اللآلي: ج 1 ص 147 الفصل الثامن ح 87.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 559 ح 13.

(5) الحلس: كلّ ما يوضع على ظهر الدابّة تحت السرج أو الرحل، و في لسان العرب: ج 6

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 158

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من يشتريهما؟.

فقال رجل: هما عليّ بدرهم.

فقال: من يزيد.

فقال رجل: هما بدرهمين.

فقال: هما لك، ابتع بأحدهما طعاما لأهلك و ابتع بالآخر فأسا، فأتاه بفأس «1».

فقال عليه

السّلام: من عنده نصاب «2» لهذا الفأس؟.

فقال أحدهم: عندي.

فأخذه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأثبته بيده فقال: اذهب و احتطب و لا تحقرن شوكا و لا رطبا و لا يابسا.

ففعل ذلك خمس عشرة ليلة فأتاه و قد حسنت حاله فقال عليه السّلام: هذا خير من أن تجي ء يوم القيامة و في وجهك كدوح «3» الصدقة «4».

أقول: في هذا إشارة إلى أنّ الإنسان لا يستحقر أي شي ء فإنّ المحقرات تجتمع فيكون كبيرا.

______________________________

ص 54: حلس البيت ما يبسط تحت حر المتاع من مسح و نحوه و الجمع أحلاس.

(1) الفأس: آلة من آلات الحديد يحفر بها و يقطع و الجمع أفؤس و فئوس و قيل تجمع فئوسا على فعل، لسان العرب: ج 6 ص 158، و في كتاب العين: ج 7 ص 312: الفأس: الذي يفلق به الحطب.

(2) نصاب: ككتاب: مقبض السكين.

(3) كدح جلده و كدّحه فتكدّح، كلاهما: خدّشه فتخدّش، و تكدّح الجلد فتخدّش، لسان العرب: ج 2 ص 570.

(4) تنبيه الخواطر: ج 1 ص 45 باب ما جاء في الصدق و الغضب للّه.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 159

فصل في بيان بعض ما يرتبط بالسوق

مسألة: يكره دخول السوق أولا و الخروج أخيرا فيما إذا كان للطمع و الحرص لا لقضاء حاجة الناس.

الفقيه، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: جاء أعرابي من بني عامر إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فسأله عن شرّ بقاع الأرض و خير بقاع الأرض؟.

فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: شرّ بقاع الأرض الأسواق و هي ميدان إبليس يغدو برايته و يضع كرسيه و يبث ذريته، فبين مطفّف في قفيز أو طائش في ميزان أو سارق في

ذرع أو كاذب في سلعة فيقول: عليكم برجل مات أبوه و أبوكم حيّ.

أقول: يريد خداعه لأنّه جديد العهد بالأمور فلا يزال مع ذلك أوّل داخل و آخر خارج.

ثمّ قال عليه السّلام: و خير البقاع المساجد و أحبّهم إلى اللّه عز و جل أوّلهم دخولا و آخرهم خروجا منها «1».

و في رواية جابر قوله: فأيّ البقاع أبغض إلى اللّه تعالى؟.

قال عليه السّلام: الأسواق و أبغض أهلها إليه أوّلهم دخولا إليها و آخرهم خروجا

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 124 ب 62 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 160

منها «1».

و في رواية قوله عليه السّلام: إذا صلّيتم الصبح و انصرفتم فبكروا في طلب الرزق «2».

أقول: ممّا يدلّ أنّ الكراهة إذا كان الدخول أوّل الناس بلا سبب و إنّما للحرص و الطمع.

______________________________

(1) أمالي الطوسي: ص 145 ح 50 (المجلس الخامس).

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 79 ح 8.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 161

فصل كراهة تلقي الركبان

مسألة: يكره تلقي الركبان، و حدّه ما دون أربعة فراسخ، و كراهة شراء ما يتلقى و الأكل منه و سائر استعمالاته.

عن منهال القصّاب، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال: لا تلق و لا تشتر ما يتلقى و لا تأكل منه «1».

و روي عن منهال القصّاب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن تلقي الغنم؟.

فقال: لا تلق و لا تشتر ما تلقي و لا تأكل من لحم ما تلقي «2».

عن منهال القماط قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل يشتري الغنم من أفواه السكك و ممّن يتلقاها.

قال: لا، و لا يؤكل لحم ما يلقى «3».

عن عروة بن عبد اللّه، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال

رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

لا يتلقى أحدكم تجارة خارجا من المصر و لا يبيع حاضر لباد، و المسلمون يرزق اللّه بعضهم من بعض «4».

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 158 ب 13 ح 1.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 174 ب 86 ح 2.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 280 ب 29 ح 1.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 168 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 162

أقول: ظاهر ذلك الكراهة فيما كان التلقي للمنفعة لا للخدمة.

عن منهال القصّاب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تلق، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نهى عن التلقي.

قلت: و ما حد التلقي؟.

قال: ما دون غدوة أو روحه.

قلت: فكم الغدوة و الروحة؟.

قال: أربع فراسخ.

قال ابن أبي عمير: و ما فوق ذلك ليس بتلق «1».

الدعائم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه نهى عن تلقي الركبان، قال جعفر بن محمّد عليه السّلام: هو أن تلقى الركبان لتشتري السلع منهم خارجا من الأمصار لما يخشى في ذلك على البائع من الغبن و يقطع بالحاضرين في المصر عن الشراء إذا خرج من يخرج لتلقي السلع قبل وصولها إليهم «2».

الغوالي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنّه نهى عن تلقي الركبان و قال: من تلقاها فصاحبها بالخيار إذا دخل السوق «3».

أقول: أي: إذا كان مغبونا، و دخول السوق لأنّه وقت علمه بالغبن.

الغوالي، قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا يبيع أحدكم على بيع بعض و لا يخطب على خطبته و لا تلقوا السلع حتّى يهبط السوق «4».

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج

7 ص 158 ب 13 ح 4.

(2) دعائم الإسلام: ج 2 ص 31 الفصل الخامس ح 64.

(3) غوالي اللآلي: ج 1 ص 218 الفصل التاسع ح 85.

(4) غوالي اللآلي: ج 1 ص 133 الفصل الثامن ح 22.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 163

ابن زهرة في الغنية، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إنّه قال: فإن تلقى متعلّق فصاحب السلعة بالخيار إذا ورد السوق «1».

عن منهال القصّاب قال: قلت له- للصادق عليه السّلام-: ما حدّ التلقي؟.

قال: روحة «2».

و روى أنّ حدّ التلقي روحة، فإذا صار إلى أربع فراسخ فهو جلب «3».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 281 ب 29 ح 4.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 168 ح 3.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 174 ب 86 ح 3.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 164

فصل في جواز بيع المضطر

مسألة: يجوز بيع المضطر و الربح عليه في المبايعة على كراهة، و قد يحرم للإجحاف.

عمر بن يزيد بياع السابري قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك إنّ الناس يزعمون أنّ الربح على المضطر حرام و هو من الربا؟.

فقال: و هل رأيت أحدا اشترى غنيا أو فقيرا إلّا من ضرورة؟. يا عمر، قد أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰا بع و اربح و لا ترب.

قلت: و ما الربا؟.

قال: دراهم بدراهم مثلين بمثل، و حنطة بحنطة مثلين بمثل «1».

الدعائم، عن علي عليه السّلام: أنّه سئل عن رجل أخذه السلطان بمال ظلما فلم يجد ما يعطيه، إلّا أن يبيع بعض ماله فاشتراه منه رجل هل يكون ذلك بيع مضطر؟.

قال: بيعه جائز و ليس هذا كبيع المضطر هذا له فيه النفع لما يصرف عنه، و إنّما

المضطر الذي يكرهه على البيع المشتري منه و يجبره عليه و يضطره إليه «2».

______________________________

(1) الاستبصار: ج 3 ص 72 ب 44 ح 2.

(2) دعائم الإسلام: ج 2 ص 36 الفصل السادس ح 82.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 165

أقول: أي: إنّ هذا هو غير جائز.

عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: يأتي على الناس زمان عضوض يعض كلّ امرئ على ما في يديه و ينسى الفضل و قد قال اللّه عز و جل: وَ لٰا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ «1» ينبري في ذلك الزمان قوم يعاملون المضطرين هم شرار الخلق «2».

عن علي بن موسى الرضا عن آبائه عن علي بن الحسين عليهم السّلام أنّه قال:

خطبنا أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: سيأتي على الناس زمان عضوض يعض المؤمن على ما في يده و لم يؤمن بذلك، قال اللّه تعالى: وَ لٰا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّٰهَ بِمٰا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ «3» و سيأتي زمان يقدّم فيه الأشرار و ينسى فيه الأخيار و يبايع المضطر، و قد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن بيع المضطر و عن بيع الغرر، فَاتَّقُوا اللّٰهَ يا أيّها الناس، وَ أَصْلِحُوا ذٰاتَ بَيْنِكُمْ و احفظوني في أهلي «4».

صحيفة الرضا عليه السّلام، بإسناده عن الحسين بن علي عليهما السّلام قال: خطبنا أمير المؤمنين عليه السّلام على المنبر قال: سيأتي على الناس زمان يعض الموسر على ما في يديه و لم يؤمر بذلك، قال اللّه تعالى: وَ لٰا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ «5» و سيأتي على الناس زمان يقدّم الأشرار و ليسوا بأخيار و يبايع المضطر و قد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و

سلّم عن بيع المضطر و عن بيع الغرر و عن بيع الثمار حتّى تدرك فَاتَّقُوا اللّٰهَ

______________________________

(1) سورة البقرة: الآية 237.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 310 ح 28.

(3) سورة البقرة: الآية 237.

(4) عيون أخبار الرضا عليه السّلام: ج 2 ص 45 ب 31 ح 168.

(5) سورة البقرة: الآية 237.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 166

أيها الناس، و احفظوني في أهل بيتي وَ أَصْلِحُوا ذٰاتَ بَيْنِكُمْ «1».

نهج البلاغة، قال عليه السّلام: يأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر فيه على ما في يديه و لم يؤمر بذلك، قال اللّه سبحانه: وَ لٰا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ «2» تنهدّ فيه الأشرار، و تستذل الأخيار، و يبايع المضطرون، و قد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن بيع المضطرين «3».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 283 ب 33 ح 1، عن صحيفة الرضا عليه السّلام: ص 84.

(2) سورة البقرة: الآية 237.

(3) نهج البلاغة: قصار الحكم: حكمة 468.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 167

فصل كراهة الشكوى من قلة الربح أو عدمه

مسألة: يكره الشكوى من عدم الربح و من الإنفاق من رأس المال إذا كان ذلك من جهة عدم الرضا لا ذكر الحال.

عن جابر، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يأتي على الناس زمان يشكون فيه ربّهم.

قلت: و كيف يشكون فيه ربّهم؟.

قال: يقول الرجل: و اللّه، ما ربحت شيئا منذ كذا و كذا و لا آكل و لا أشرب إلّا من رأس مالي ويحك و هل أصل مالك و ذروته إلّا من ربّك «1»؟.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 312 ح 37.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 168

فصل في بيان أحكام البيع في الظل

مسألة: يكره البيع في الظلال «1» و نحو ذلك ممّا يوجب خفاء البضاعة و لو في الجملة.

و في رواية عن هشام قال: كنت أبيع السابري في الظلال، فمر بي أبو الحسن موسى عليه السّلام فقال: يا هشام، إنّ البيع في الظلال غش و الغش لا يحل «2».

أقول: إنّ ملاكه شامل لكل أمثال ذلك.

______________________________

(1) الأعم من الظلام و غيره.

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 13 ب 22 ح 54.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 169

فصل في تجنب مواضع التهمة من المعاملات

مسألة: لا يجوز لمن أمر الغير أن يشتري له شيئا أن يعطيه من عنده و لمن أمر الغير أن يبيع له أن يشتري لنفسه، إلّا إذا علم الخصوصيّة.

عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا قال لك الرجل:

اشتر لي فلا تعطه من عندك و إن كان الذي عندك خيرا منه «1».

عن إسحاق قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يبعث إلى الرجل يقول له: ابتع لي ثوبا فيطلب له في السوق فيكون عنده مثل ما يجد له في السوق فيعطيه من عنده؟.

قال: لا يقربن هذا و لا يدنس نفسه، إنّ اللّه عزّ و جل يقول: إِنّٰا عَرَضْنَا الْأَمٰانَةَ عَلَى السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبٰالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهٰا وَ أَشْفَقْنَ مِنْهٰا وَ حَمَلَهَا الْإِنْسٰانُ إِنَّهُ كٰانَ ظَلُوماً جَهُولًا «2» و إن كان عنده خيرا ممّا يجد له في السوق فلا يعطيه من عنده «3».

و في حديث عن الرضا عليه السّلام: و إذا سألك رجل شراء ثوب فلا تعطه من

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 352 ب 93 ح 119.

(2) سورة الأحزاب: الآية 72.

(3) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 352 ب 93 ص 120.

المال، أخذا و

عطاء و صرفا، ص: 170

عندك فإنّها خيانة و لو كان الذي عندك أجود ممّا عند غيرك «1».

عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: يجيئني الرجل بدنانير يريد منّي دراهم فأعطيه أرخص ممّا أبيع؟.

قال: أعطه أرخص ممّا تجد له «2».

عن ميسر قال: قلت له: يجيئني الرجل فيقول: تشتري لي فيكون ما عندي خيرا من متاع السوق قال: إن آمنت أن لا يتّهمك فأعطه من عندك، و إن خفت أن يتّهمك فاشتر له من السوق «3».

______________________________

(1) فقه الرضا عليه السّلام: ص 250 ب 36.

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 114 ب 8 ح 102.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 121 ب 61 ح 17.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 171

فصل في بيان بعض أحكام المزايدة

مسألة: كراهة من جاءه الرجل بالثوب ليبيعه له أن يزيد في قيمته إلّا إذا كان خيانة و نحوها.

عن خالد القلانسي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: الرجل يجيئني بالثوب فاعرضه فإذا أعطيت به الشي ء زدت فيه و أخذته؟.

قال: لا تزده.

قلت: و لم؟.

قال: أ ليس أنت إذا عرضته أحببت أن تعطى به أوكس من ثمنه؟.

قلت: نعم.

قال: لا تزده «1».

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 58 ب 4 ح 52.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 172

فصل كراهة بيع الحاضر للباد

مسألة: يجوز أن يبيع الحاضر لباد على كراهة.

عن يونس قال: تفسير قول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:- لا يبيعن حاضر لباد- أنّ الفواكه و جميع أصناف الغلّات إذا حملت من القرى إلى السوق فلا يجوز أن يبيع أهل السوق لهم من الناس ينبغي أن يبيعه حاملوه من القرى و السواد فأمّا من يحمل من مدينة إلى مدينة فإنّه يجوز و يجري مجرى التجارة «1».

عن جابر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا بيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق اللّه بعضهم من بعض «2».

الدعائم قال: نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يبيع الحاضر للبادي «3».

و في حديث عن الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ذروا الناس في غفلاتهم، يعيش بعضهم مع بعض «4».

أقول: ليس المراد الغافلة الموجبة للغرر.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 177 ح 15.

(2) أمالي الطوسي: ص 397 ح 27 (المجلس الرابع عشر).

(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 30 الفصل الخامس ح 63.

(4) غوالي اللآلي: ج 2 ص 246 ح 15.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 173

فصل لا يكيل من لا يحسن الكيل

مسألة: من لم يحسن أن يكيل لا يكيل و كذلك الحال في الميزان و العدّ و نحوها.

عن مثنى الحنّاط، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له: رجل من نيّته الوفاء و هو إذا كال لم يحسن أن يكيل.

قال: فما يقول الذين حوله؟.

قلت: يقولون لا يوفي.

قال: هذا «1» لا ينبغي له أن يكيل «2».

______________________________

(1) و في كتاب الفقيه: (هو ممّن).

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 12 ب 1 ح 47.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص:

174

فصل الاحتكار يوجب الابتعاد عن الرحمة الإلهية

اشارة

مسألة: يحرم الاحتكار عند ضرورة المسلمين و احتياجهم.

عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

الجالب مرزوق و المحتكر ملعون «1».

عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الحكرة في الخصب أربعون يوما و في الشدّة و البلاء ثلاثة أيّام، فما زاد على الأربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون و ما زاد على ثلاثة أيّام في العسرة فصاحبه ملعون «2».

الدعائم، عن علي عليه السّلام أنّه قال: الحكرة في الخصب أربعون يوما و في الشدّة و البلاء ثلاثة أيّام فما زاد فصاحبه ملعون «3».

ورام بن أبي فراس في كتابه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، عن جبرائيل عليه السّلام قال:

اطّلعت في النار فرأيت واديا في جهنّم يغلي.

فقلت: يا مالك، لمن هذا؟.

فقال: لثلاثة: المحتكرين و المدمنين الخمر و القوّادين «4».

______________________________

(1) الاستبصار: ج 3 ص 114 ب 77 ح 2.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 165 ح 7.

(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 36 الفصل السادس ح 79.

(4) وسائل الشيعة: ج 12 ص 314 ب 27 ح 11.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 175

عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

من احتكر فوق أربعين يوما فإنّ الجنّة توجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام و إنّه لحرام عليه «1».

و عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: طرق طائفة من بني إسرائيل ليلا عذاب فأصبحوا و قد فقدوا، أربعة أصناف: الطبّالين و المغنّين و المحتكرين للطعام

و الصيارفة؛ آكلة الربا منهم «2».

و في رواية: و أمّا الحناط فإنّه يحتكر الطعام على أمّتي، و لئن يلقى اللّه العبد سارقا أحبّ إليّ من أن يلقاه قد احتكر طعاما أربعين يوما «3».

الاحتكار شيمة الفجّار

في طب النبي قال الرسول الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من حبس طعاما يتربص به الغلاء أربعين يوما فقد برئ من اللّه و برئ منه، و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من احتكر على المسلمين طعاما ضربه اللّه بالجذام و الإفلاس «4».

و في الغرر عن علي عليه السّلام: الاحتكار شيمة الفجّار «5».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 273 ب 21 ح 1.

(2) بحار الأنوار: ج 100 ص 89 ب 18 ح 12.

(3) الاستبصار: ج 3 ص 63 ب 37 ح 2.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 275 ب 21 ح 9، عن طب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ص 22 و فيه: (من جمع طعاما ... الخ).

(5) غرر الحكم: ج 1 ص 33 الفصل الأوّل ح 659.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 176

الفقيه، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا يحتكر الطعام إلّا خاطئ «1».

نهج البلاغة،- في عهده عليه السّلام إلى مالك-: ثمّ استوص بالتجّار- إلى أن قال-: و اعلم مع ذلك أن في كثير منهم ضيقا فاحشا و شحا قبيحا و احتكارا للمنافع و تحكما في البياعات و ذلك باب مضرّة للعامة و عيب على الولاة فامنع من الاحتكار فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم منع منه، و ليكن البيع بيعا سمحا بموازين عدل و أسعار لا تجحف بالفريقين من البائع و المبتاع

فمن قارف حكره بعد نهيك إيّاه فنكّل به و عاقبه في غير إسراف «2».

عن أبي مريم، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أيّما رجل اشترى طعاما فكبسه أربعين صباحا يريد به غلاء المسلمين ثم باعه فتصدق بثمنه لم يكن كفّارة لما صنع «3».

قال علي عليه السّلام: المحتكر محروم من نعمته «4».

و قال عليه السّلام أيضا: المحتكر البخيل جامع لمن لا يشكره و قادم لمن لا يعذره «5».

الدعائم، عن جعفر بن محمّد عليه السّلام أنّه قال: و كل حكرة تضر بالناس و تغلى السعر عليهم فلا خير فيها «6».

عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن الرجل يحتكر الطعام

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 169 ب 78 ح 6.

(2) نهج البلاغة: الكتاب 53.

(3) أمالي الطوسي: ص 676 ح 6 (المجلس السابع و الثلاثون).

(4) غرر الحكم: ج 1 ص 28 الفصل الأوّل ح 520.

(5) غرر الحكم: ج 1 ص 93 الفصل الأوّل ح 1865.

(6) دعائم الإسلام: ج 2 ص 35 الفصل السادس ح 78.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 177

و يتربّص به هل يجوز ذلك؟.

فقال: إن كان الطعام كثيرا يسع الناس فلا بأس به و إن كان الطعام قليلا لا يسع الناس فإنّه يكره أن يحتكر الطعام و يترك الناس ليس لهم طعام «1».

الفقيه: نهى أمير المؤمنين عليه السّلام عن الحكرة في الأمصار «2».

أقول: وجهه أنّ الأرياف لا حكرة فيها غالبا.

بهذا يكون الاحتكار

عن غياث، عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهما السّلام قال: ليس الحكرة إلّا في الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن و الزيت «3».

أبو البختري، عن جعفر،

عن أبيه، أنّ عليا عليه السّلام كان ينهى عن الحكرة في الأمصار فقال: إنّه ليس الحكرة إلّا في الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن «4».

الدعائم، قال جعفر بن محمّد عليه السّلام: ليس الحكرة إلّا في الحنطة و الشعير و الزيت و الزبيب و التمر و كان يشتري عليه السّلام قوته و قوت عياله سنة «5».

أقول: أيّ إن ذلك ليس من الحكرة.

عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السّلام

______________________________

(1) الاستبصار: ج 3 ص 116 ب 77 ح 9.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 169 ب 78 ح 9.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 168 ب 78 ح 1.

(4) قرب الإسناد: ص 135 ح 472.

(5) دعائم الإسلام: ج 2 ص 35 الفصل السادس ح 78.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 178

قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الحكرة في ستّة أشياء في الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن و الزيت «1».

في طبّ النبي قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الاحتكار في عشرة و المحتكر ملعون البرّ و الشعير و التمر و الزبيب و الذرّة و السمن و العسل و الجبن و الجوز و الزيت «2».

عن الحسن البصري قال: لما قدم علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام البصرة مرّ بي و أنا أتوضأ فقال: يا غلام، أحسن وضوءك- إلى أن قال-:

فقال له رجل: يا أمير المؤمنين، إنّه لا بدّ لنا من المعاش فكيف نصنع؟.

فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ طلب المعاش من حلّه لا يشغل عن عمل الآخرة، فإن قلت:

لا بدّ لنا من الاحتكار لم تكن معذورا ... الخ «3».

حكمة اللّه في الأشياء

عن الثمالي قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: إنّ اللّه عز و جل تطوّل على عباده بالحبّة فسلّط عليها القملة، و لو لا ذلك لخزنتها الملوك كما يخزنون الذهب و الفضّة «4».

عن الأصبغ بن نباتة قال: سبّ الناس هذه الدابة التي تكون في الطعام.

فقال علي عليه السّلام: لا تسبوها فوالذي نفسي بيده، لو لا هذه الدابة لخزنوها عندهم كما يخزّنون الذهب و الفضّة «5».

______________________________

(1) الخصال: ج 1 ص 239 ح 23 (باب الستة).

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 275 ب 21 ح 8، عن طب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ص 22.

(3) مستدرك الوسائل: ج 1 ص 352 ب 21 ح 12، عن الأمالي للمفيد: ص 118 ح 3.

(4) بحار الأنوار: ج 100 ص 87 ب 18 ح 3.

(5) المحاسن: ج 2 ص 316 ح 37.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 179

الاحتكار كما بيّنه المعصوم عليه السّلام

عن عبد اللّه بن علي الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن الحكرة؟.

فقال: إنّما الحكرة أن تشتري طعاما و ليس في المصر غيره فتحتكره، فإن كان في المصر طعام أو متاع غيره فلا بأس أن تلتمس لسلعتك الفضل «1».

سالم الحنّاط قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما عملك؟.

قلت: حنّاط، و ربّما قدمت على نفاق و ربّما قدمت على كساد فحبست.

قال: فما يقول من قبلك فيه؟.

قلت: يقولون محتكر.

فقال: يبيعه أحد غيرك؟.

قلت: ما أبيع أنا من ألف جزء جزءا.

قال: لا بأس، إنّما كان ذلك رجل من قريش يقال له: حكيم بن حزام و كان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كلّه فمرّ عليه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال له:

يا حكيم بن حزام،

إيّاك أن تحتكر «2».

الدعائم، عن جعفر بن محمّد عليه السّلام أنّه قال: إنّما الحكرة أن تشتري طعاما ليس في المصر غيره فتحتكره و إن كان في المصر طعام أو متاع غيره أو كان كثيرا يجد الناس ما يشترون فلا بأس به و إن لم يوجد فإنّه يكره أن يحتكر، و إنّما كان النهي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن الحكرة أنّ رجلا من قريش يقال له: حكيم بن

______________________________

(1) التوحيد: ص 389 ب 60 ح 36.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 165 ح 4.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 180

حزام و ذكر نحوه «1».

عن سلمة الحنّاط، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام متى كان في المصر طعام غير ما يشتريه الواحد من الناس فجائز له أن يلتمس بسلعته الفضل، لأنّه إذا كان في المصر طعام غيره يسع الناس لم يغل الطعام لأجله، و إنّما يغلو إذا اشترى الواحد من الناس جميع ما يدخل المدينة «2».

______________________________

(1) دعائم الإسلام: ج 2 ص 35 الفصل السادس ح 78.

(2) التوحيد: ص 389 ب 60 ح 35.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 181

فصل في إجبار المحتكر على بيع سلعته

اشارة

مسألة: يجبر المحتكر على بيع ما احتكره عند ضرورة الناس و التسعير عليه إذا أجحف.

عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: نفد الطعام على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأتاه المسلمون فقالوا: يا رسول اللّه، قد نفد الطعام و لم يبق منه شي ء إلّا عند فلان فمره يبيعه الناس.

قال: فحمد اللّه و أثنى عليه ثمّ قال: يا فلان، إنّ المسلمين قد ذكروا أنّ الطعام قد نفد إلّا شيئا عندك فأخرجه و بعه

كيف شئت و لا تحبسه «1».

عن علي عليه السّلام أنّه كتب إلى رفاعة: إنه عن الحكرة، فمن ركب النهي فأوجعه ثمّ عاقبه بإظهار ما احتكر «2».

الإجحاف يوجب التسعير

عن الحسين بن عبد اللّه بن ضمرة، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن أبي طالب عليه السّلام أنّه قال: رفع الحديث إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنّه مرّ بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق، و حيث تنظر الأبصار إليها فقيل

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 164 ح 2.

(2) دعائم الإسلام: ج 2 ص 36 الفصل السادس ح 80.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 182

لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لو قوّمت عليهم فغضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتّى عرف الغضب في وجهه فقال: أنا أقوّم عليهم إنّما السعر إلى اللّه يرفعه إذا شاء و يخفضه إذا شاء «1».

أقول: معناه: إنّ السعر الطبيعي فإنّه هو الذي يرفعه أو يخفضه حسب ما قرّره سبحانه من قانون العرض و الطلب لا السعر المجحف به بقرينة كلام علي عليه السّلام لمالك الأشتر «2»، و غيره.

عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السّلام قال: إنّ اللّه تبارك و تعالى وكّل بالسعر ملكا يدبّره بأمره «3».

قال أبو حمزة الثمالي: ذكر عند علي بن الحسين عليهما السّلام غلاء السعر فقال:

و ما عليّ من غلائه إن غلا فهو عليه و إن رخص فهو عليه «4».

أقول: هذا فيما كان حسب قانون اللّه سبحانه و تعالى حيث تنزل المعونة بقدر المئونة، لا ما إذا كان إجحافا من الجشعين.

عن محمّد بن أسلم، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

إنّ اللّه عز و جل وكّل بالسعر ملكا فلن يغلو من قلة و لا يرخص من كثرة «5».

أقول: لوضوح أنّ بين الأمرين عموم من وجه لا تلازم.

عن حفص بن غياث، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان سنين يوسف الغلاء

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 161 ب 13 ح 18.

(2) انظر نهج البلاغة: الكتاب 53.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 170 ب 78 ح 17.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 81 ح 7.

(5) الكافي (فروع): ج 5 ص 162 ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 183

الذي أصاب الناس و لم يمرّ الغلاء لأحد قط قال: فأتاه التجّار فقالوا: بعنا.

فقال: اشتروا.

فقالوا: نأخذ كذا بكذا.

فقال: خذوا، و أمر فكالوهم فحملوا و مضوا حتّى دخلوا المدينة، فلقيهم قوم تجّار فقالوا لهم: كيف أخذتم؟

فقالوا: كذا بكذا و اضعفوا الثمن.

قال: فقدموا أولئك على يوسف فقالوا: بعناه.

فقال: اشتروا كيف تأخذون؟.

قالوا: بعنا كما بعت كذا بكذا.

فقال: ما هو كما تقولون و لكن خذوا فأخذوا ثمّ مضوا حتّى دخلوا المدينة فلقيهم آخرون، فقالوا: كيف أخذتم؟.

فقالوا: كذا بكذا و اضعفوا الثمن.

قال: فعظم الناس ذلك الغلاء و قالوا: اذهبوا بنا حتّى نشتري.

قال: فذهبوا إلى يوسف فقالوا: بعنا.

فقال: اشتروا.

فقالوا: بعنا كما بعت.

فقال: و كيف بعت؟.

قالوا: كذا بكذا.

فقال: ما هو كذلك و لكن خذوا.

قال: فأخذوا و رجعوا إلى المدينة فأخبروا الناس فقالوا فيما بينهم: تعالوا حتّى نكذّب في الرخص كما كذبنا في الغلاء.

قال: فذهبوا إلى يوسف فقالوا له: بعنا.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 184

فقال: اشتروا.

فقالوا: بعنا كما بعت.

قال: و كيف بعت؟.

قالوا: كذا بكذا بالحطّ من السعر.

فقال: ما هو هكذا و لكن خذوا.

قال: و ذهبوا إلى المدينة فلقيهم الناس فسألوهم بكم

اشتريتم؟.

فقالوا: كذا بكذا بنصف الحطّ الأوّل.

فقال الآخرون: اذهبوا بنا حتّى نشتري فذهبوا إلى يوسف فقالوا: بعنا.

فقال: اشتروا.

فقالوا: بعنا كما بعت.

فقال: و كيف بعت؟.

فقالوا: كذا بكذا بالحطّ من النصف.

فقال: ما هو كما تقولون، و لكن خذوا فلم يزالوا يتكاذبون حتّى رجع السعر إلى الأمر الأوّل كما أراد اللّه «1».

أقول: و ذلك لأنّ من قانون اللّه سبحانه: إِنَّ اللّٰهَ لٰا يُغَيِّرُ مٰا بِقَوْمٍ حَتّٰى يُغَيِّرُوا مٰا بِأَنْفُسِهِمْ «2».

الدعائم، عن جعفر بن محمّد عليه السّلام: أنّه سأل عن التسعير؟ فقال: ما سعّر أمير المؤمنين علي عليه السّلام على أحد و لكن من نقص عن بيع الناس قيل له: بع كما يبيع الناس و إلّا فارفع من السوق إلّا أن يكون طعامه أطيب من طعام الناس «3».

______________________________

(1) تفسير العيّاشي: ج 2 ص 179 ح 34 (في تفسير سورة يوسف).

(2) سورة الرعد: الآية 11.

(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 36 الفصل السادس ح 81.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 185

فصل في استحباب ادّخار قوت السنة

اشارة

مسألة: يستحبّ ادّخار قوت السنة، و إنّما كان السنة، لأنّ كلّ سنة ينتج اللّه الطعام، و منه يعلم أن كلّ ما يوجد كلّ ستّة أشهر أو أكثر من سنة يكون الأمر تابعا لوفرته في ذلك الموسم أقل من سنة أو أكثر، ثمّ لا يخفى يقدّم الادخار على شراء العقدة، و يستحبّ مواساة الناس عند شدّة ضرورتهم فيأكل مثل ما يأكلون.

سأل معمّر بن خلاد أبا الحسن الرضا عليه السّلام عن حبس الطعام سنة؟ فقال: أنا أفعله، يعني بذلك: إحراز القوت «1».

عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا عليه السّلام يقول: إنّ الإنسان إذا أدخل طعام سنته خفّ ظهره و استراح و كان أبو جعفر و أبو عبد اللّه عليهما السّلام

لا يشتريان عقدة حتّى يحرز إطعام سنتهما «2».

عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام أنّه سمعه يقول: كان أبو جعفر و أبو عبد اللّه عليهما السّلام لا يشتريان عقدة حتّى يدخلا طعام السنة، و قالا: إنّ الإنسان إذا أدخل طعام سنة خفّ ظهره و استراح «3».

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 102 ب 58 ح 55.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 89 ح 1.

(3) وسائل الشيعة: ج 12 ص 321 ب 31 ح 5.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 186

عن ابن بكير، عن أبي الحسن عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ النفس إذا أحرزت قوتها استقرت «1».

حسن تقدير المعيشة

عن حماد بن عثمان قال: أصاب أهل المدينة غلاء و قحط حتّى أقبل الرجل الموسر يخلط الحنطة بالشعير و يأكله و يشتري ببعض الطعام و كان عند أبي عبد اللّه عليه السّلام طعام جيّد قد اشتراه أوّل السنة فقال لبعض مواليه: اشتر لنا شعيرا فاخلط بهذا الطعام أو بعه فإنّا نكره أن نأكل جيّدا و يأكل الناس رديا «2».

عن معتب قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام و قد تزيد السعر بالمدينة: كم عندنا من طعام؟.

قال: قلت: عندنا ما يكفينا أشهر كثيرة.

قال: أخرجه و بعه.

قال: قلت له: و ليس بالمدينة طعام.

قال: بعه، فلمّا بعته قال: اشتر مع الناس يوما بيوم و قال: يا معتب، اجعل قوت عيالي نصفا شعيرا و نصفا حنطة، فإنّ اللّه يعلم أنّي واجد أن أطعمهم الحنطة على وجهها و لكنّي أحب أن يراني اللّه قد أحسنت تقدير المعيشة «3».

عن معتب قال: كان أبو الحسن عليه السّلام

يأمرنا إذا أدركت الثمرة أن نخرجها فنبيعها و نشتري مع المسلمين يوما بيوم «4».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 89 ح 2.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 166 ح 1.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 166 ح 2.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 166 ح 3.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 187

فصل الربح في المعاملات المجرّبة

مسألة: يستحب تجربة الأشياء و ملازمة ما فيه الربح و ما ينبغي أن يكتب من عليه حق.

إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شكا رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الحرفة «1» فقال انظر بيوعا فاشترها ثمّ بعها، فما ربحت فيه فالزمه «2».

عن بشير النبال، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا رزقت في شي ء فألزمه «3».

قال الصادق عليه السّلام لبشير النبّال: إذا رزقت من شي ء فألزمه «4».

الدعائم، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنّ رجلا سأله فقال: يا رسول اللّه، إنّي لست أتوجّه في شي ء إلّا حورفت فيه؟.

فقال: انظر شيئا قد أصبت فيه مرّة فالزمه.

قال: القرظ «5».

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، المال، أخذا و عطاء و صرفا، در يك جلد، مؤسسة الوعي الاسلامي - دار العلوم، بيروت - لبنان، اول، 1425 ه ق

المال، أخذا و عطاء و صرفا؛ ص: 187

______________________________

(1) الحرف: الحرمان. و الحرف: الاسم من قولك رجل محارف أي منقوص الحظّ لا ينمو له مال، و كذلك الحرفة، بالكسر، راجع لسان العرب: ج 9 ص 43.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 104 ب 58 ح 72.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 168 ح 3.

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 104 ب 58 ح

71.

(5) القرظ: شجر يدبغ به و قيل: هو ورق السلم يدبغ به الأدم، لسان العرب: ج 7 ص 454.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 188

قال: فالزم القرظ «1».

عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا نظر الرجل في تجارة فلم ير فيها شيئا فليتحوّل إلى غيرها «2».

عن الوليد بن صبيح قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من الناس من رزقه في التجارة و منهم من رزقه في السيف و منهم من رزقه في لسانه «3».

عن يحيى الحذّاء قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام: ربّما اشتريت الشي ء بحضرة أبي فأرى منه ما أغتم به.

فقال: تنكّبه و لا تشتر بحضرته، فإذا كان لك على رجل حقّ فقل له:

فليكتب و كتب فلان بن فلان بخطّه و اشهد اللّه على نفسه وَ كَفىٰ بِاللّٰهِ شَهِيداً* فإنّه يقضى في حياته أو بعد وفاته «4».

و في رواية عن الوشاء عن أبي الحسن عليه السّلام، قال: حيلة الرجل في باب مكسبه «5».

أقول: إنّ علاج رزقه في كسبه الذي تعوده.

______________________________

و قريب منه في كتاب العين: ج 5 ص 133.

(1) دعائم الإسلام: ج 2 ص 15 الفصل الأول ح 10.

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 14 ب 1 ح 59.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 305 ح 5.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 318 ح 55.

(5) الكافي (فروع): ج 5 ص 307 ح 12.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 189

فصل في بيان استغلال الناس في البيع و الشراء

مسألة: يكره استغلال حاجة الناس في شراء سلعهم بأقلّ و بيع سلعته لهم بأكثر.

عن إسماعيل بن عبد اللّه القرشي قال: أتى إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام رجل فقال له: يا ابن رسول اللّه، رأيت في منامي كأنّي

خارج من مدينة الكوفة في موضع أعرفه و كان شبحا من خشب أو رجلا منحوتا من خشب على فرس من خشب يلوّح بسيفه و أنا أشاهده فزعا مرعوبا.

فقال له عليه السّلام: أنت رجل تريد اغتيال رجل في معيشته، فاتّق اللّه الذي خلقك ثمّ يميتك.

فقال الرجل: أشهد أنّك قد أوتيت علما و استنبطته من معدنه أخبرك يا ابن رسول اللّه، عمّا قد فسّرت لي: أنّ رجلا من جيراني جاءني و عرض عليّ ضيعة فهممت أن أملكها بوكس «1» كثير لما عرفت أنّه ليس لها طالب غيري.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و صاحبك يتولانا و يبرأ من عدوّنا.

فقال: نعم، يا ابن رسول اللّه، رجل جيّد البصيرة مستحكم الدين و أنا تائب إلى اللّه عز و جل و إليك ممّا هممت به و نويته فأخبرني يا ابن رسول اللّه، لو كان

______________________________

(1) الوكس: النقص، لسان العرب: ج 6 ص 257، مجمع البحرين: ج 4 ص 123 و في كتاب العين: ج 5 ص 392 الوكس في البيع: اتضاع الثمن.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 190

ناصبا حلّ لي اغتياله؟.

فقال: أدّ الأمانة لمن ائتمنك و أراد منك النصيحة و لو إلى قاتل الحسين عليه السّلام «1».

______________________________

(1) الكافي (روضة): ج 8 ص 293 ح 448.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 191

فصل في ما يصلح السلعة و صناعتها

مسألة: يستحب رعاية ما هو أنفق للسلعة عند البيع و كذلك سائر المعاملات.

السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: مرّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على رجل و معه ثوب يبيعه و كان الرجل طويلا و الثوب قصيرا فقال له: اجلس فإنّه أنفق لسلعتك «1».

أقول: لأنّه كان لابسا للثوب أو كان الثوب بيده حيث

يظهر طول الثوب و كأنّه أقصر من واقعه.

عن خالد بن نجيح الخرّاز قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السّلام: إنّا نجلب المتاع من صنعاء نبيعه بمكّة العشرة ثلاثة عشر أو اثني عشر و نجي ء به، فيخرج إلينا تجّار من تجّار مكّة فيعطونا بدلا من ذلك الأحد عشر و العشرة و نصف و دون ذلك أ فأبيعه أو أقدم مكّة؟.

قال: فقال لي: بعه في الطريق و لا تقدم به مكّة، فإنّ اللّه تعالى أبى أن يجعل متجر المؤمن بمكّة «2».

أقول: الظاهر أنّ المراد به: أنّه ليس بذلك الربح اللائق، و ذلك لوضوح

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 227 ب 21 ح 11.

(2) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 230 ب 21 ح 22.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 192

أنّه إذا دخل البلد لا يكون كما يزعم لكثرة المتاع فيه و إن زعم السائل العكس أو أن اللّه عز و جل لا يحب أن يجعل المؤمن تجارته بمكّة حيث إنّها كلّ للعبادة.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 193

فصل في أنّ كتمان المعيشة منفعة مستمرّة

مسألة: يستحب الاستتار بالمعيشة و كتمها.

عن أبي جعفر الأحول قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: أي شي ء معاشك؟.

قال: قلت: غلامان لي و جملان.

قال: فقال لي: استتر بذلك من إخوانك، فإنّهم إن لم يضرّوك لم ينفعوك «1».

أقول: و ذلك للحسد و نحوه.

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 7 ص 228 ب 21 ح 15.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 194

فصل في بيان طلب الخيرات عند حسان الوجوه

مسألة: يستحبّ معاملة حسان الوجوه.

عن أبي سعيد قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اطلبوا الخيرات عند حسان الوجوه «1».

أقول: هذا تشجيع لتحسين النسل فإنّ أكل الحامل السفرجل يحسن الولد «2»- مثلا- و في حديث النكاح، أصبحهن وجها «3». و هو مصداق قصد الجمال في كلّ شي ء ف (إنّ اللّه جميل يحبّ الجمال) «4».

______________________________

(1) الاختصاص: ص 233، و في أمالي الطوسي: ص 394 ح 870 (المجلس الرابع عشر):

اطلبوا الخير عند ...

(2) راجع مكارم الأخلاق: ص 179، و فيه: قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: (كلوا السفرجل فإنّه يزيد في الذهن و يذهب بطخاء الصدر و يحسّن الولد).

(3) راجع وسائل الشيعة: ج 15 ص 10 ب 5 ح 9، و فيه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: (أفضل نساء أمّتي أصبحهنّ وجها و أقلّهنّ مهرا).

(4) الكافي (فروع): ج 6 ص 438 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 195

فصل استحباب تبديل العقار بعقار آخر

مسألة: يستحبّ لمن باع دارا أن يجعل ثمنها في مثلها في دكّان أو حمّام أو عقار أو ما أشبه من الثوابت.

روي حذيفة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من باع دارا فلم يجعل ثمنها في مثلها لم يبارك له في ثمنها أو قال: لم يبارك له فيها «1».

عن مسمع قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ لي أرضا تطلب مني و يرغّبوني.

فقال عليه السّلام لي: يا أبا سيار، أ ما علمت أنه من باع الماء و الطين و لم يجعل ماله في الماء و الطين ذهب ماله هباء.

قلت: جعلت فداك إني أبيع بالثمن الكثير و أشتري ما هو أوسع مما بعت.

فقال:

لا بأس «2».

______________________________

(1) غوالي اللآلي: ج 1 ص 108 الفصل السابع ح 5.

(2) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 388 ب 93 ح 278.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 196

فصل في بيان بعض ما يتعلق بالخياطة

مسألة: في ما ورد في ذمّ الخياط الخائن و كيفية الخياطة.

تنبيه الخواطر: وقف عليّ عليه السّلام على خيّاط فقال: يا خيّاط، ثكلتك الثواكل صلّب الخيوط و دقق الدروز و قارب الغرز فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: يحشر اللّه الخيّاط الخائن و عليه قميص و رداء ممّا خاط و خان فيه و احذروا السقاطات، فإنّ صاحب الثوب أحقّ بها و لا تتّخذ بها الأيادي تطلب المكافات «1».

أقول: هذا فيما إذا لم يكن صاحب الثوب معرضا عن السقاطات و إلّا فلا بأس.

______________________________

(1) تنبيه الخواطر: ص 42 (باب الصناعات و الحرف).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 197

فصل في بيان ما ينبغي للإنسان فعله

اشارة

مسألة: يستحب للإنسان أن يتقوّت بنفسه و لا يضع كلّه على الآخرين.

عن سليمان بن معلّى بن خنيس عن أبيه، قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن رجل و أنا عنده فقيل: قد أصابته الحاجة.

قال: فما يصنع اليوم؟.

قيل: في البيت يعبد ربّه عز و جل.

قال: فمن أين قوته؟.

قيل: من عند بعض إخوانه.

فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و اللّه، للذي يقوته أشدّ عبادة منه «1».

عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أ رأيت لو أنّ رجلا دخل بيته و أغلق بابه أ كان يسقط عليه شي ء من السماء «2».

من لا يستجاب لهم

عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل قال: لأقعدنّ في بيتي و لأصلين و لأصومن و لأعبدن ربّي، فأمّا رزقي فسيأتيني. فقال أبو

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 324 ب 93 ح 10.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 77 ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 198

عبد اللّه عليه السّلام: هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم «1».

أقول: الثلاثة من باب المثال المتعارف و إلّا فكلّ من لا يلتمس إلى النتيجة طريق اللّه سبحانه لا يستجاب له.

روى عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم: رجل جلس عن طلب الرزق ثمّ يقول: اللهم ارزقني، يقول اللّه تعالى: أ لم اجعل لك طريقا إلى الطلب؟، و رجل له امرأة سوء، يقول اللهم خلّصني منها. يقول اللّه تعالى: أ ليس قد جعلت أمرها بيدك؟، و رجل سلّم ماله إلى رجل و لم يشهد عليه به فجحده إيّاه فهو يدعو عليه، فيقول اللّه تعالى: قد أمرت بالإشهاد فلم تفعل؟ «2».

عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد

اللّه عليه السّلام، قال: إنّي لأركب في الحاجة التي كفانيها اللّه، ما أركب فيها إلّا لا لتماس أن يراني اللّه أضحي في طلب الحلال أ ما تسمع قول اللّه عز و جل: فَإِذٰا قُضِيَتِ الصَّلٰاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللّٰهِ «3»، أ رأيت لو أن رجلا دخل بيتا و طيّن عليه بابه و قال: رزقي ينزل عليّ، كان يكون هذا؟. أما إنّه يكون أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم دعوة.

قلت: من هؤلاء؟.

قال: رجل عنده المرأة فيدعو عليها فلا يستجاب له، لأنّ عصمتها في يده، و لو شاء أن يخلّي سبيلها، و الرجل يكون له الحقّ على الرجل فلا يشهد عليه فيجحده حقّه فيدعو عليه فلا يستجاب له، لأنّه ترك ما أمر به، و الرجل يكون

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 14 ب 5 ح 2.

(2) كنز الفوائد: ج 2 ص 198.

(3) سورة الجمعة: الآية 10.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 199

عنده الشي ء فيجلس في بيته فلا ينتشر و لا يطلب و لا يلتمس الرزق حتّى يأكله فيدعو فلا يستجاب له «1».

دعوات الراوندي، قال الصادق عليه السّلام: أربع لا يستجاب لهم دعاء:

الرجل جالس في بيته يقول: يا ربّ، ارزقني فيقول له: أ لم آمرك بالطلب؟، و رجل كانت له امرأة فدعا عليها فيقول له: أ لم أجعل أمرها بيدك؟، و رجل كان له مال فأفسده فيقول: يا ربّ ارزقني فيقول له: أ لم آمرك بالاقتصاد؟ أ لم آمرك بالإصلاح؟ ثمّ قرأ: وَ الَّذِينَ إِذٰا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كٰانَ بَيْنَ ذٰلِكَ قَوٰاماً «2» و رجل كان له مال فأدانه بغير بينة فيقول له: أ لم آمرك بالشهادة؟ «3».

عن علي

بن عبد العزيز قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: ما فعل عمر بن مسلم؟.

فقلت: جعلت فداك، أقبل على العبادة و ترك التجارة.

فقال: ويحه أما علم أنّ تارك الطلب لا يستجاب له دعوة، إنّ قوما من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا نزلت: وَ مَنْ يَتَّقِ اللّٰهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً.

وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لٰا يَحْتَسِبُ «4» غلّقوا الأبواب و أقبلوا على العبادة و قالوا قد كفينا، فبلغ ذلك النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأرسل إليهم.

فقال: ما حملكم على ما صنعتم؟.

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 16 ب 5 ح 9.

(2) سورة الفرقان: الآية 67.

(3) دعوات الراوندي: ص 33 ح 75 (الفصل الثاني).

(4) سورة الطلاق: الآيات 2- 3.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 200

فقالوا: يا رسول اللّه، تكفّل اللّه لنا بأرزاقنا فاقبلنا على العبادة.

فقال: إنّه من فعل ذلك لم يستجب له، عليكم بالطلب «1».

أقول: المتّقي يعرف طرق الطلب الحلال و المخرج الصحيح لا أنّه يكون له أمر غيبي و كان اشتباه أولئك في هذا.

روى هارون بن حمزة، عن علي بن عبد العزيز مثله، إلى قوله: عليكم بالطلب، و زاد: إني لأبغض الرجل فاغرا فاه إلى ربّه يقول: ارزقني و يترك الطلب «2».

لا للعبادة على حساب التجارة

الغوالي، في الحديث: أنّه لما نزل قوله تعالى: وَ مَنْ يَتَّقِ اللّٰهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لٰا يَحْتَسِبُ «3» انقطع رجال من الصحابة في بيوتهم و اشتغلوا بالعبادة وثوقا بما ضمن لهم، فعلم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بذلك فعاب ما فعلوه و قال: إنّي لأبغض الرجل فاغرا فاه إلى ربّه يقول اللهم ارزقني و يترك الطلب «4».

أحمد

بن محمّد بن أبي نصر- في حديث طويل- قال: سألت الرضا عليه السّلام قلت: جعلت فداك إنّ الكوفة قد تبّت بي و المعاش بها ضيّق و إنّما كان معاشنا ببغداد و هذا الجبل قد فتح على الناس منه باب رزق.

فقال: فإن أردت الخروج فاخرج فإنّها سنّة مضطربة و ليس للناس بدّ من

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 323 ب 93 ح 6.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 119 ب 61 ح 5.

(3) سورة الطلاق: الآيات 2- 3.

(4) غوالي اللآلي: ج 2 ص 108 ح 296.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 201

معايشهم، فلا تدع الطلب.

فقلت له: جعلت فداك إنّهم قوم ملاء و نحن نحتمل التأخير فنبايعهم بتأخير سنة.

قال: بعهم.

قلت: سنتين.

قال: بعهم.

قلت: ثلاث سنين.

قال: لا يكون لك شي ء أكثر من ثلاث سنين «1».

أقول: هذا حسب متعارف ذلك الزمان.

قال أبو جعفر عليه السّلام: إنّي أجدني أمقت الرجل يتعذّر عليه المكاسب فيستلقي على قفاه و يقول: اللهم ارزقني و يدع أن ينتشر في الأرض و يلتمس من فضل اللّه، و الذرّة تخرج من حجرها تلتمس رزقها «2».

قال أمير المؤمنين للحسن عليهما السّلام: لا تلم إنسانا يطلب قوته فمن عدم قوته كثر خطاياه «3».

عن موسى بن بكر قال لي أبو الحسن عليه السّلام: من طلب هذا الرزق من حلّه ليعود به على نفسه و عياله كان كالمجاهد في سبيل اللّه عز و جل فإن غلب عليه ذلك فليستدن على اللّه عز و جل و على رسوله ما يقوت به عياله فإن مات و لم يقضه كان على الإمام قضاؤه فإن لم يقضه كان عليه وزره، إنّ اللّه عز و جل يقول: إِنَّمَا

______________________________

(1) قرب الإسناد: ص 372 ح

1326.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 95 ب 58 ح 14.

(3) جامع الأخبار: ص 110 (الفصل السابع و الستون).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 202

الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقٰابِ وَ الْغٰارِمِينَ «1»، فهو فقير مسكين مغرم «2».

عن ابن فضال، عن الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: الشاخص في طلب الرزق الحلال كالمجاهد في سبيل اللّه «3».

عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من طلب الرزق في الدنيا استعفافا عن الناس و توسيعا على أهله و تعطفا على جاره لقي اللّه عز و جل يوم القيامة و وجهه مثل القمر ليلة البدر «4».

______________________________

(1) سورة التوبة: الآية 60.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 93 ح 3.

(3) بحار الأنوار: ج 100 ص 17 ب 1 ح 78.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 78 ح 5.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 203

فصل في أنّ أفضل العبادة طلب الحلال

مسألة: يستحب طلب الحلال فإنه أفضل العبادة.

عن أبي خالد الكوفي رفعه إلى أبي جعفر عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

العبادة سبعون جزءا أفضلها طلب الحلال «1».

و في رواية أخرى: العبادة عشرة أجزاء تسعة أجزاء في طلب الحلال «2».

أقول: الاختلاف في الأجزاء إمّا من باب المثال في الكثرة و إمّا لاختلاف مراتب الناس في العبادة.

عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ محمّد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أرى أنّ علي بن الحسين عليهما السّلام يدع خلفا أفضل من علي بن الحسين عليهما السّلام حتّى رأيت ابنه محمّد بن علي عليهما

السّلام فأردت أن أعظه فوعظني فقال له أصحابه: بأيّ شي ء وعظك؟.

فقال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارّة فلقيني أبو جعفر محمّد بن علي عليهما السّلام و كان رجلا بادنا ثقيلا و هو متكئ على غلامين أسودين أو موليين، فقلت في نفسي: سبحان اللّه! شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على مثل هذه الحالة في طلب الدنيا، أما إني لأعظنّه، فدنوت منه فسلّمت عليه

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 78 ح 6.

(2) بحار الأنوار: ج 100 ص 18 ب 1 ح 81.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 204

فردّ عليّ السلام بنهر و هو يتصاب عرقا، فقلت: أصلحك اللّه، شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا أ رأيت لو جاء أجلك و أنت على هذه الحالة ما كنت تصنع؟.

فقال: لو جاءني الموت و أنا على هذه الحال جاءني و أنا في طاعة من طاعات اللّه عز و جل أكفّ بها نفسي و عيالي عنك و عن الناس، و إنّما كنت أخاف أن لو جاءني الموت و أنا على معصية من معاصي اللّه عز و جل.

فقلت: صدقت يرحمك اللّه أردت أن أعظك فوعظتني «1».

عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: استقبلت أبا عبد اللّه عليه السّلام في بعض طرق المدينة في يوم صائف شديد الحرّ فقلت: جعلت فداك، حالك عند اللّه عز و جل و قرابتك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أنت تجهد نفسك في مثل هذا اليوم؟ فقال:

يا عبد الأعلى، خرجت في طلب الرزق لأستغني به عن مثلك «2».

الفقيه: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يخرج في الهاجرة في الحاجة قد كفيها

يريد أن يراه اللّه يتعب نفسه في طلب الحلال «3».

لب اللباب، عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: (إنّي لا ركب في الحاجة التي كفاها اللّه ما أركب فيها إلّا لا لتماس أن يراني أضحي في طلب الحلال أ ما تسمع قول اللّه: فَإِذٰا قُضِيَتِ الصَّلٰاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَ ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللّٰهِ «4») «5».

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 325 ب 93 ح 15.

(2) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 324 ب 93 ح 14.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 99 ب 58 ح 31.

(4) سورة الجمعة: الآية 10.

(5) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 13 ب 3 ح 11، عن لب اللباب (مخطوط).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 205

الدعائم: عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: تحت ظلّ العرش يوم لا ظلّ إلّا ظلّه رجل خرج ضاربا في الأرض يطلب من فضل اللّه ما يكفّ به نفسه و يعود به على عياله «1».

عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من بات كالّا من طلب الحلال بات مغفورا له «2».

______________________________

(1) دعائم الإسلام: ج 2 ص 15 الفصل الأول ح 8.

(2) أمالي الصدوق: ص 238 ح 9 (المجلس الثامن و الأربعون).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 206

فصل في التبكير في طلب الرزق

اشارة

مسألة: يستحب التبكير في طلب الحلال.

الدعائم، عن علي أنّه قال: ما غدوة أحدكم في سبيل اللّه بأعظم من غدوته يطلب لولده و عياله ما يصلحهم «1».

عن خالد بن نجيح قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أقرئوا من لقيتم من أصحابكم السلام

و قولوا لهم: إنّ فلان بن فلان يقرئكم السلام، و قولوا لهم: عليكم بتقوى اللّه عز و جل و ما ينال به ما عند اللّه، إنّي و اللّه، ما آمركم إلّا بما نأمر به أنفسنا، فعليكم بالجدّ و الاجتهاد، و إذا صلّيتم الصبح و انصرفتم فبكّروا في طلب الرزق و اطلبوا الحلال، فإنّ اللّه عز و جل سيرزقكم و يعينكم عليه «2».

عن عمرو بن سيف الأزدي قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: لا تدع طلب الرزق من حلّه فإنّه عون لك على دينك، و أعقل راحلتك و توكّل «3».

عن أيّوب أخي أديم بيّاع الهروي قال: كنّا جلوسا عند أبي عبد اللّه عليه السّلام إذ أقبل العلاء بن كامل فجلس قدّام أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: ادع اللّه أن يرزقني في

______________________________

(1) دعائم الإسلام: ج 2 ص 15 الفصل الأول ح 9.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 78 ح 8.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 13 ب 3 ح 10، عن الأمالي للمفيد: ص 172 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 207

دعة، فقال: لا أدعو لك، اطلب كما أمرك اللّه عز و جل «1».

عن كليب الصيداوي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: ادع اللّه عز و جل لي في الرزق فقد التاثت عليّ أموري، فأجابني مسرعا: لا، اخرج فاطلب «2».

عن أبان، عن العلاء قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: أ يعجز أحدكم أن يكون مثل النملة، فإنّ النملة تجرّ إلى حجرها «3».

عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

إذا أعسر أحدكم، فليخرج و لا يغم نفسه و أهله

«4».

الغرر، عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: الرجال تفيد المال «5».

القطب الراوندي، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنه ليأتي على الرجل منكم لا يكتب عليه سيّئة و ذلك أنّه مبتلى بهم بالمعاش «6».

الهموم في طلب المعيشة تكفّر الذنوب

الدعوات، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إنّ من الذنوب ذنوبا لا يكفرها صلاة و لا صوم، قيل: يا رسول اللّه، فما يكفّرها؟ قال: الهموم في طلب المعيشة «7».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 78 ح 3.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 79 ح 11.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 79 ح 10.

(4) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 329 ب 93 ح 30.

(5) غرر الحكم: ج 1 ص 30 الفصل الأول ح 560.

(6) دعوات الراوندي: ص 119 ح 280.

(7) دعوات الراوندي: ص 56 ح 141 (الفصل الثاني).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 208

عن القاسم بن محمّد، رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قيل له: ما بال أصحاب عيسى عليه السّلام كانوا يمشون على الماء و ليس ذلك في أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم؟ قال: إنّ أصحاب عيسى عليه السّلام كفوا المعاش و إن هؤلاء ابتلوا بالمعاش «1».

أقول: لأنّهم كانوا سوّاحا معه عليه السّلام و كانوا قليلين جدّا، و اللّه يسّر لهم المعيشة بأكل البقل، فكانوا بذلك مرتاضين و لم يكن يا بنى عليهم الحياة.

و في رواية، قوله عليه السّلام: من لم يستح من طلب المعاش خفّت مئونته و رخى باله و نعم عياله «2».

و في رواية الهيثم بن واقد عن الصادق عليه السّلام: من لم يستح من طلب المعاش خفّت مئونته و نعّم أهله

«3».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 71 ح 3.

(2) ثواب الأعمال: ص 167 (ثواب الزهد في الدنيا)، مستدرك الوسائل: ج 16 ص 10 ب 62.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 293 ب 176 ح 67.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 209

فصل في أن الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل اللّه

اشارة

مسألة: يستحب الكد على العيال من الحلال و هو كالمجاهد في سبيل اللّه و إن من ضيّع من يعول فهو آثم.

عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل اللّه «1».

مجموعة الشهيد رحمه اللّه عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: و من سعى في نفقة عياله و والديه فهو كالمجاهد في سبيل اللّه «2».

فقه الرضا عليه السّلام: و اعلم أن نفقتك على نفسك و عيالك صدقة، و الكاد على عياله من حلّ كالمجاهد في سبيل اللّه «3».

فضيل بن يسار، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا كان الرجل معسرا فيعمل بقدر ما يقوت به نفسه و أهله و لا يطلب حراما فهو كالمجاهد في سبيل اللّه «4».

عن زكريا بن آدم، عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال: الذي يطلب من فضل

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 88 ح 1.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 55 ب 20 ح 7، عن مجموعة الشهيد (مخطوط).

(3) فقه الرضا عليه السّلام: ص 255 ب 37.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 88 ح 3.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 210

اللّه عز و جل ما يكفّ به عياله أعظم أجرا من المجاهد في سبيل اللّه عز و جل «1».

الدعائم، عن علي عليه السّلام أنّه قال: ما غدوة أحدكم في سبيل اللّه بأعظم من غدوته

يطلب لولده و عياله ما يصلحهم «2».

عن ثوبان قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أفضل دينار، دينار أنفقه الرجل على عياله، و دينار أنفقه على دابته في سبيل اللّه، و دينار أنفقه على أصحابه في سبيل اللّه، ثمّ قال: و أيّ رجل أعظم أجرا من رجل سعى على عياله صغارا يعفهم و يغنيهم اللّه به «3».

عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان علي بن الحسين إذا أصبح خرج غاديا في طلب الرزق، فقيل له: يا ابن رسول اللّه، أين تذهب؟

فقال: أتصدّق لعيالي.

قيل له: أ تتصدّق؟.

فقال: من طلب الحلال فهو من اللّه صدقة عليه «4».

من السعادة الزوجية

عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من سعادة الرجل أن يكون القيّم على عياله «5».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 88 ح 2.

(2) دعائم الإسلام: ج 2 ص 15 الفصل الأول ح 9.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 55 ب 20 ح 6.

(4) وسائل الشيعة: ج 12 ص 43 ب 22 ح 4.

(5) الكافي (فروع): ج 4 ص 13 ح 13.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 211

عن داود قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام ثلاثة هن من السعادة، الزوجة المؤاتية، و الولد البار، و الرجل يرزق معيشة يغدو على إصلاحها و يروح إلى عياله «1».

لا تضيّع من تعول

عن علي بن غراب، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

ملعون ملعون من ألقى كلّه على الناس، ملعون ملعون من ضيّع من يعول «2».

الفقيه، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ملعون ملعون من يضيّع من يعول «3».

عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يعوله «4».

طلب الحلال فريضة

جامع الأخبار، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: طلب الحلال فريضة على كلّ مسلم و مسلمة «5».

عن السكوني، عن جعفر بن محمّد عن أبيه، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: طلب الكسب فريضة بعد الفريضة «6».

______________________________

(1) أمالي الطوسي: ص 303 ح 49 (المجلس الحادي عشر).

(2) الكافي (فروع): ج 4 ص 12 ح 9.

(3) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 103 ب 58 ح 65.

(4) الكافي (فروع): ج 4 ص 12 ح 8.

(5) جامع الأخبار: ص 139 (الفصل التاسع و الستون).

(6) بحار الأنوار: ج 100 ص 17 ب 1 ح 79.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 212

و في رواية حماد قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا جبرئيل، لمن هذا القصر؟ فقال هذا:

لمن أطاب الكلام و أدام الصيام و أطعم الطعام- إلى أن قال- صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لعلّي عليه السّلام و تدري ما إطعام الطعام؟ قال: اللّه و رسوله أعلم. قال: من طلب لعياله ما يكف به وجوههم عن الناس «1».

______________________________

(1) تفسير القمي: ج 1 ص 21 (مقدّمة الكتاب).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 213

فصل استحباب الإجمال في الطلب

اشارة

مسألة: يستحب الإجمال في طلب الرزق بأن لا يكون طلبه مهينا له و يجب الاقتصار على الحلال، و يستحبّ ترك الفضول و الوثوق بما عند اللّه تبارك و تعالى، فلا يحرص بما يوقعه في الحرام.

عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في حجة الوداع: ألا إنّ الروح الأمين نفث «1» في روعي أنّه لا تموت نفس

حتّى تستكمل رزقها، فاتّقوا اللّه عز و جل و أجملوا «2» في الطلب و لا يحملنّكم استبطاء شي ء من الرزق أن تطلبوه بشي ء من معصية اللّه، فإنّ اللّه تبارك و تعالى قسم الأرزاق بين خلقه حلالا و لم يقسّمها حراما، فمن اتّقى اللّه عز و جل و صبر أتاه اللّه برزقه من حلّه، و من هتك حجاب الستر و عجل فأخذه من غير حلّه قصّ به من رزقه الحلال و حوسب عليه يوم القيامة «3».

______________________________

(1) النفث: شبيه بالنفخ، لسان العرب: ج 2 ص 195. و النفث: شبيه بالنفخ و هو أقل من التفل لأن التفل لا يكون إلّا و معه شي ء من الريق، و النفث نفخ لطيف بلا ريق، مجمع البحرين: ج 2 ص 266.

و الرّوع بالضمّ و السكون: العقل و القلب، مجمع البحرين: ج 4 ص 340، و في لسان العرب: ج 8 ص 135 هو القلب.

(2) أجمل في طلب الشي ء: اتأد و اعتدل فلم يفرط، لسان العرب: ج 11 ص 127.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 80 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 214

عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: خطب رسول اللّه في حجة الوداع فقال: أيها الناس، و اللّه، ما من شي ء يقرّبكم من الجنّة و يباعدكم من النار إلّا و قد أمرتكم به و ما من شي ء يقرّبكم من النار و يباعدكم من الجنّة إلّا و قد نهيتكم عنه، ألا و إنّ الروح الأمين نفث في روعي أنّه لن تموت نفس حتّى تستكمل رزقها فاتّقوا اللّه و أجملوا في الطلب و لا يحمل أحدكم استبطاء شي ء من الرزق أن يطلبه بغير حلّه فإنّه لا يدرك

ما عند اللّه إلّا بطاعته «1».

أعلام الدين للديلمي، عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ليس شي ء يباعدكم من النار إلّا و قد ذكرته لكم و لا شي ء يقربكم من الجنّة إلّا و قد دللتكم عليه إن روح القدس نفث في روعي أنّه لن يموت عبد منكم حتّى يستكمل رزقه فأجملوا في الطلب فلا يحملنّكم استبطاء الرزق على أن تطلبوا شيئا من فضل اللّه بمعصيته، فإنّه لن ينال ما عند اللّه إلّا بطاعته ألا و إنّ لكلّ امرئ رزقا هو يأتيه لا محالة، فمن رضي به بورك له فيه و وسعه، و من لم يرض لم يبارك له فيه و لم يسعه، إنّ الرزق ليطلب الرجل كما يطلبه أجله «2».

و في حديث، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الرزق يطلب العبد أشدّ طلبا من أجله «3».

أقول: فإنّ الكون حثيث في إخراج الرزق، و الناس- كالباعة و نحوهم- مجدّون في إيصال الرزق إلى الإنسان.

______________________________

(1) الكافي (أصول): ج 2 ص 74 ح 2.

(2) أعلام الدين: ص 342 ح 31 (أربعين ابن و دعان الموصلي).

(3) جامع الأخبار: ص 108 (الفصل الخامس و الستون).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 215

و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ الرزق يطلب العبد كما يطلبه أجله «1».

أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال في خطبته:

أيّها الناس، ما عملت شيئا يقرّبكم إلى الجنّة و يباعدكم من النار إلّا و قد أمرتكم به و ما علمت شيئا يقرّبكم إلى النار و يباعدكم من الجنّة إلّا و قد نهيتكم

عنه ألا و لا تموت نفس إلّا و تستكمل ما كتب اللّه لها من الرزق فاتّقوا اللّه و أجملوا في الطلب و لا يحملن أحدكم استبطاء رزقه على أن يتناول ما لا يحلّ له فإنّه لا ينال ما عند اللّه إلّا بطاعته و الكفّ عن محارمه «2».

عن مرازم بن حكيم، عن أبي عبد اللّه الصادق جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ الروح الأمين جبرائيل أخبرني عن ربّي تبارك و تعالى أنّه لن تموت نفس حتّى تستكمل رزقها فاتّقوا اللّه و أجملوا في الطلب و اعلموا: أنّ الرزق رزقان، فرزق تطلبونه و رزق يطلبكم، فاطلبوا أرزاقكم من حلال، فإنّكم آكلوها حلالا إن طلبتموها من وجوهها، و إن لم تطلبوها من وجوهها أكلتموها حراما، و هي أرزاقكم لا بدّ لكم من أكلها «3».

عن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن أبي جعفر عليه السّلام قال: (ليس من نفس إلّا و قد فرض اللّه عز و جل لها رزقها حلالا يأتيها في عافية و عرض لها بالحرام من وجه آخر، فإن هي تناولت شيئا من الحرام قاصّها به من الحلال الذي فرض لها و عند اللّه سواهما فضل كثير و هو قوله عز و جل: وَ سْئَلُوا اللّٰهَ مِنْ فَضْلِهِ «4») «5».

______________________________

(1) جامع الأخبار: ص 108 (الفصل الخامس و الستون).

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 30 ب 10 ح 13.

(3) أمالي الصدوق: ص 241 ح 1 (المجلس التاسع و الأربعون).

(4) سورة النساء: الآية 32.

(5) الكافي (فروع): ج 5 ص 80 ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 216

غرر الحكم، عن أمير المؤمنين عليه السّلام:

لن يفوتك ما قسم لك فأجمل في الطلب «1».

عن أبي خديجة قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو كان العبد في جحر لأتاه اللّه برزقه فأجملوا في الطلب «2».

نهج البلاغة، قيل لعلي عليه السّلام: لو سدّ على رجل باب بيته و ترك فيه من أين كان يأتيه رزقه؟ فقال عليه السّلام من حيث يأتيه أجله «3».

أقول: لأنّه ما دام له رزق في الدنيا يساق إليه.

عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عز و جل خلق الخلق و خلق معهم أرزاقهم حلالا طيّبا، فمن تناول شيئا منها حراما قصّ به من ذلك الحلال «4».

عن إسماعيل بن كثير رفع الحديث إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: لمّا نزلت هذه الآية: وَ سْئَلُوا اللّٰهَ مِنْ فَضْلِهِ «5».

قال: فقال أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما هذا الفضل؟ أيّكم يسأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن ذلك؟ قال: فقال علي بن أبي طالب عليه السّلام: أنا أسأله عنه فسأله عن ذلك الفضل ما هو؟.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه خلق خلقه و قسّم لهم أرزاقهم من حلّها

______________________________

(1) غرر الحكم: ج 2 ص 130 الفصل الثاني و السبعون ح 37.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 81 ح 4.

(3) نهج البلاغة: قصار الحكم: حكمة 356.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 81 ح 5.

(5) سورة النساء: الآية 32.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 217

و عرض لهم بالحرام فمن انتهك حراما نقص له من الحلال بقدر ما انتهك من الحرام و حوسب به «1».

لب اللباب، عن النبي صلّى

اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: لو إنّ عبدا هرب من رزقه لاتبعه رزقه حتّى يدركه كما أنّ الموت يدركه «2».

و في حديث آخر: لو أنّ أحدكم فرّ من رزقه لتبعه كما تبعه الموت «3».

المقنعة، قال الصادق عليه السّلام: الرزق مقسوم على ضربين أحدهما واصل إلى صاحبه و إن لم يطلبه و الآخر معلّق بطلبه فالذي قسم للعبد على كلّ حال آتيه و إن لم يسع له و الذي قسم له بالسعي فينبغي أن يلتمسه من وجوهه و هو ما أحلّه اللّه له دون غيره فإن طلبه من جهة الحرام فوجده حسب عليه رزقه و حوسب به «4».

عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أيّها الناس، إنّ الرزق مقسوم لن يعدو امرؤ ما قسم له فأجملوا في الطلب و إنّ العمر محدود لن يتجاوز أحد ما قدّر له فبادروا قبل نفاذ الأجل و الأعمال محصية «5».

و عن أبي محمّد العسكري عليه السّلام قال: ادفع المسألة ما وجدت التحمّل يمكنك، فإنّ لكلّ يوم رزقا جديدا، و اعلم أن الإلحاح في المطالب يسلب البهاء و يورث التعب و العناء، فاصبر حتّى يفتح اللّه لك بابا يسهل الدخول فيه فما

______________________________

(1) تفسير العيّاشي: ج 1 ص 329 ح 116 (في تفسير سورة النساء).

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 31 ب 10 ح 16، عن لب اللباب (مخطوط).

(3) جامع الأخبار: ص 108

(4) وسائل الشيعة: ج 12 ص 29 ب 12 ح 9، المقنعة: ص 91.

(5) بحار الأنوار: ج 100 ص 26 ب 2 ح 37.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 218

أقرب الصنع من الملهوف و الأمن من الهارب المخوف، فربّما

كانت الغير نوعا من أدب اللّه، و الحظوظ مراتب، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك و إنّما تنالها في أوانها، و اعلم أنّ المدبّر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه، فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك، و لا تعجل بحوائجك قبل وقتها فيضيق قلبك و صدرك و يغشاك القنوط «1».

لب اللباب، قال: أهدي إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ثلاثة طيور فأطعم أهله طائرا فلمّا كان من الغد أتته به فقال لها: أ لم أنهك أن ترفعي شيئا لغد، فإنّ اللّه يرزق كلّ غد الرزق مقسوم يأتي ابن آدم على أي سيرة شاء ليس لتقوى متّق بزائد و لا لفجور فاجر بناقص و إن شرهت نفسه و هتك الستر لم ير فوق رزقه «2».

غرر الحكم، قال علي عليه السّلام: لكلّ رزق سبب فأجملوا في الطلب «3».

المقادير لا تدفع بالمغالبة

غرر الحكم عن علي عليه السّلام: عجبت لمن علم أنّ اللّه قد ضمن الأرزاق و قدّرها و أن سعيه لا يزيده فيما قدر له منها و هو حريص دائب في طلب الرزق «4».

أقول: أيّ: بالزيادة من الأسباب التي جعلها اللّه سبحانه و تعالى.

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 100 ص 26 ب 2 ح 35.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 31 ب 10 ح 17، عن لب اللباب (مخطوط).

(3) غرر الحكم: ج 2 ص 119 الفصل السبعون ح 41.

(4) غرر الحكم: ج 2 ص 38 الفصل الرابع و الخمسون ح 31.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 219

و قال علي عليه السّلام الأرزاق لا تنال بالحرص و المطالبة «1».

أعلام الدين، عن أبي محمّد العسكري عليه السّلام قال: المقادير الغالبة لا تدفع بالمغالبة، و الأرزاق المكتوبة لا

تنال بالشره و لا تدفع بالإمساك عنها «2».

غرر الحكم، عن أمير المؤمنين عليه السّلام: أجملوا في الطلب فكم من حريص خائب و مجمل لم يخب «3».

لب اللباب، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: لو أنّكم توكّلون على اللّه حقّ توكّله لرزقكم كما يرزق الطير «4».

أقول: أي: إذا طلبه كما يطلب الطير الرزق فيرزق.

غرر الحكم عن علي عليه السّلام: ذلّل نفسك بالطاعة و حلّها بالقناعة و خفّض في الطلب و أجمل في المكتسب «5».

و قال علي عليه السّلام: ستة يختبر بها دين الرجل قوّة الدين و صدق اليقين و شدّة التقوى و مغالبة الهوى و قلّة الرغب و الإجمال في الطلب «6».

كشف المحجّة، بإسناده عنه عليه السّلام أنّه قال في وصيّته لولده الحسن عليه السّلام:

فاعلم يقينا أنّك لن تبلغ أملك و لا تعدو أجلك فإنّك في سبيل من كان قبلك، فخفّض في الطلب و أجمل في المكسب، فإنّه ربّ طلب قد جرّ إلى حرب، و ليس

______________________________

(1) غرر الحكم: ج 1 ص 69 الفصل الأول ح 1453.

(2) أعلام الدين: ص 314 (من كلام أبي محمّد العسكري عليه السّلام).

(3) غرر الحكم: ج 1 ص 149 الفصل الثالث ح 61.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 32 ب 10 ح 18، عن لب اللباب (مخطوط).

(5) غرر الحكم: ج 1 ص 366 الفصل الثاني و الثلاثون ح 40.

(6) غرر الحكم: ج 1 ص 397 الفصل التاسع و الثلاثون ح 82.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 220

كلّ طالب بناج و لا كلّ مجمل بمحتاج، و أكرم نفسك عن دنيّة و إن ساقتك إلى الرغب، فإنّك لن تعتاض بما تبذل شيئا من دينك و عرضك بثمن و

إن جلّ- إلى أن قال-: ما خير بخير لا ينال إلّا بشر، و يسر لا ينال إلّا بعسر «1».

نهج البلاغة، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: خذ من الدنيا ما أتاك و تولّ عمّا تولّى عنك، فإن أنت لم تفعل فأجمل في الطلب «2».

فقه الرضا عليه السّلام: اتّق في طلب الرزق و أجمل الطلب و أخفض في المكتسب و اعلم أنّ الرزق رزقان فرزق تطلبه و رزق يطلبك فأمّا الذي تطلبه فأطلبه من حلال فإنّ أكله حلال إن طلبته من وجهه و إلّا أكلته حراما و هو رزقك لا بدّ لك من أكله «3».

الجعفريات، بإسناده عن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من سرّه أن يستجاب دعوته فليطيّب مكسبه «4».

الفقيه، في حديث مناهي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن علي عليه السّلام قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من لم يرض بما قسمه اللّه له من الرزق و بثّ شكواه و لم يصبر و لم يحتسب لم ترفع له حسنة و يلقى اللّه عز و جل و هو عليه غضبان إلّا أن يتوب «5».

لب اللباب، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: من طلب الدنيا حلالا مكاثرا مفاخرا

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 28 ب 10 ح 7، عن كشف المحجة: ص 166.

(2) نهج البلاغة: قصار الحكم 393.

(3) فقه الرضا عليه السّلام: ص 251 ب 36.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 27 ب 10 ح 2، عن الجعفريات: ص 224.

(5) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 7 ب 1 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا،

ص: 221

مرائيا لقى اللّه يوم يلقاه و هو عليه غضبان «1».

غرر الحكم، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: ليس كلّ مجمل بمحروم «2».

أقول: ليس له مفهوم و إنّما هو من مفهوم اللقب.

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الدنيا دول فاطلب حظّك منها بإجمال الطلب «3».

عن جابر قال: قال الحسن بن علي عليه السّلام لرجل: يا هذا، لا تجاهد الطلب جهاد العدو و لا تتكل على القدر اتّكال المستسلم فإنّ إنشاء الفضل من السنّة و الإجمال في الطلب من العفّة و ليست العفّة بدافعة رزقا و لا الحرص بجالب فضلا، فإنّ الرزق مقسوم و استعمال الحرص استعمال المآثم «4».

و في حديث، قال علي عليه السّلام: لا يصدق إيمان عبد حتّى يكون بما في يد اللّه أوثق منه بما في يده «5».

أقول: لأنّ ما في يده محتمل زواله و ما في يد اللّه لا يمكن زواله.

نهج البلاغة، قال علي عليه السّلام: كلّ مقتصر عليه كاف «6».

أقول: لأنّك إذا اقتصرت على القليل كفاك.

نهج البلاغة، قال علي عليه السّلام: من لم يعط قاعدا لم يعط قائما «7».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 32 ب 10 ح 19، عن لباب اللباب (مخطوط).

(2) غرر الحكم: ج 2 ص 133 الفصل الثالث و السبعون ح 16.

(3) كنز الفوائد: ج 1 ص 61 (في ذكر الدنيا)، أعلام الدين: ص 173.

(4) التمحيص: ص 52 ح 98.

(5) غرر الحكم: ج 1 ص 89 الفصل السادس في الإيمان.

(6) نهج البلاغة: قصار الحكم: حكمة 395.

(7) نهج البلاغة: قصار الحكم: حكمة 396.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 222

أقول: أي: سيان التحرّك و السكون بالنسبة إلى ما فوق المقسوم.

أعلام الدين، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من أكثر ذكر الموت رضي

من الدنيا باليسير «1».

قال الصادق عليه السّلام: إذا كان عند غروب الشمس وكّل اللّه بها ملكا ينادي أيّها الناس، أقبلوا على ربّكم فإنّ ما قل و كفى خير ممّا كثر و ألهى، و ملك موكّل بالشمس عند طلوعها ينادي: يا ابن آدم لد للموت و ابن للخراب و اجمع للفناء «2».

عدّة الداعي، روى أبو سعيد الخدري قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول عند منصرفه من أحد و الناس محدقون به و قد أسند ظهره إلى «طلحة» هناك:

أيّها الناس، أقبلوا على ما كلفتموه من إصلاح آخرتكم و أعرضوا عمّا ضمن لكم من دنياكم و لا تستعملوا جوارحا غذيت بنعمته في التعرّض لسخطه بمعصيته و اجعلوا شغلكم في التماس مغفرته و اصرفوا همّتكم بالتقرّب إلى طاعته، من بدأ بنصيبه من الدنيا فاته نصيبه من الآخرة و لم يدرك منها ما يريد و من بدأ بنصيبه من الآخرة وصل إليه نصيبه من الدنيا و أدرك من الآخرة ما يريد «3».

الزهد اجتناب الحرام

أمان الأخطار، و من كتاب مسائل الرجال لمولانا أبي الحسن علي بن محمّد الهادي عليهما السّلام قال محمّد بن الحسن: قال محمّد بن هارون الحلاب: قلت له:

روينا عن آبائك أنّه يأتي على الناس زمان لا يكون شي ء أعزّ من أخ أنيس أو

______________________________

(1) أعلام الدين: ص 175 (في ذكر الموت).

(2) الاختصاص للمفيد: ص 234.

(3) عدّة الداعي: ص 228 ب 6.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 223

كسب درهم من حلال.

فقال لي: يا محمّد، إنّ العزيز موجود و لكنّك في زمان ليس شي ء أعسر من درهم حلال و أخ في اللّه عز و جل «1».

عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت

له: ما الزهد في الدنيا؟

قال: ويحك، حرامها فتنكبه «2».

أقول: (ويح) يستعمل للشفقة و التهديد.

عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام:

يا هشام، إنّ العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب و ترك الدنيا من الفضل و ترك الذنوب من الفرض «3».

البري ء من الخيانة ينتظر إحدى الحسنيين

نهج البلاغة، قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة له: و كذلك المرء المسلم البري ء من الخيانة ينتظر من اللّه إحدى الحسنيين إمّا داعي اللّه فما عند اللّه خير له و إمّا رزق اللّه فإذا هو ذو أهل و مال و معه دينه و حسبه و إنّ المال و البنين حرث الدنيا و العمل الصالح حرث الآخرة و قد يجمعهما اللّه تعالى لأقوام «4».

عن إبراهيم بن محمّد، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما أعطى اللّه عبدا ثلاثين ألفا و هو يريد به خيرا و قال: ما جمع رجل قطّ عشرة آلاف درهم من حلّ و قد

______________________________

(1) أمان الأخطار: ص 45 الفصل الثالث ب 3.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 70 ح 1.

(3) الكافي (أصول): ج 1 ص 17 ح 12.

(4) نهج البلاغة: الخطبة 23.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 224

يجمعها لأقوام إذا أعطى القوت و رزق العمل فقد جمع اللّه له الدنيا و الآخرة «1».

أقول: (ثلاثون) كان في زمان خاصّ حيث اضطربت الأحوال في زمان الصادق عليه السّلام كما يدلّ عليه أنّهم كانوا يملكون أكثر من ذلك و قال تعالى:

وَ آتَيْتُمْ إِحْدٰاهُنَّ قِنْطٰاراً «2» إلى غير ذلك.

كتاب التمحيص عن إبراهيم بن عمر، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما أعطى اللّه عبدا ثلاثين ألفا و هو يريد به خيرا و قال: ما جمع رجل عشرة

آلاف من حلّ و قد جمعهما اللّه لأقوام إذا أعطوا القريب رزقوا العمل الصالح و قد جمع اللّه لقوم الدنيا و الآخرة «3».

و في حديث آخر، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من اكتسب مالا من غير حلّه كان رادّه إلى النار «4».

و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أيضا: قال اللّه عز و جل: من لم يبال من أيّ باب اكتسب الدينار و الدرهم لم أبال يوم القيامة من أيّ أبواب النار أدخلته «5».

عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: منهومان لا يشبعان: طالب دنيا و طالب علم، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحلّ اللّه له سلم، و من تناولها من غير حلّها هلك إلّا أن يتوب أو يراجع، و من أخذ العلم من أهله و عمل بعلمه نجا، و من أراد به الدنيا فهي

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 328 ب 93 ح 28.

(2) سورة النساء: الآية 20.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 21 ب 7 ح 3، عن التمحيص: ص 50 ح 87.

(4) الاختصاص: ص 249.

(5) الاختصاص: ص 249.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 225

حظّه «1».

روي أبو هاشم الجعفري، عن أبي الحسن الثالث عليه السّلام قال: إنّ اللّه عز و جل جعل من أرضه بقاعا تسمى المرحومات أحبّ أن يدعى فيها فيجيب، و إنّ اللّه عز و جل جعل من أرضه بقاعا تسمى المنتقمات فإذا كسب الرجل مالا من غير حلّه سلّط اللّه عليه بقعة منها فأنفقه فيها «2».

عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من

كسب مالا من غير حلّ سلّط اللّه عليه البناء و الماء و الطين «3».

تفسير علي بن إبراهيم، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: يوما و قد تبع جنازة فسمع رجلا يضحك فقال: كأنّ الموت فيها على غيرنا كتب- إلى أن قال- أيّها الناس، طوبى لمن ذلّت نفسه و طاب كسبه ... الخبر «4».

عدّة الداعي، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: لا يكتسب العبد مالا حراما فيتصدّق منه فيؤجر عليه و لا ينفق منه فيبارك له فيه و لا يتركه خلف ظهره إلّا كان زاده إلى النار «5».

عن أبي بردة الأسلمي قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول: لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن جسده فيما أبلاه و عن عمره فيما أفناه و عن ماله ممّا اكتسبه و فيما أنفقه و عن حبّنا أهل البيت «6».

______________________________

(1) الكافي (أصول): ج 1 ص 46 ح 1.

(2) الكافي (فروع): ج 6 ص 532 ح 15.

(3) الخصال: ج 1 ص 159 ح 205.

(4) تفسير القمي: ج 2 ص 70 (في تفسير سورة الأنبياء).

(5) عدّة الداعي: ص 93 ب 2.

(6) أمالي الطوسي: ص 593 ح 1 (المجلس السادس و العشرون).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 226

الدعوات للراوندي، قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لرد دانق من حرام يعدل عند اللّه سبحانه و تعالى سبعين ألف حجّة مبرورة «1».

أقول: ذكرنا وجه أمثال هذه الثوابات الكثيرة في هذا الكتاب.

العبادة مع الحرام كالبناء على الرمل

عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: العبادة مع أكل الحرام كالبناء على الرمل. و قيل: على الماء «2».

و في حديث آخر، قال صلّى اللّه

عليه و آله و سلّم: إنّ للّه ملكا ينادي على بيت المقدس كلّ ليلة من أكل حراما لم يقبل اللّه منه صرفا و لا عدلا. و الصرف النافلة و العدل الفريضة «3».

أقول: أو يراد تصرّفاته و عدالته في الأمور.

عن حفص بن غياث، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان في بني إسرائيل رجل و كان محتاجا فألحّت عليه امرأته في طلب الرزق فرأى في النوم أيّما أحبّ إليك درهمان من حلّ أو ألفان من حرام؟ فقال: درهمان من حلّ، فقال: تحت رأسك، فانتبه فرأى الدرهمين تحت رأسه فأخذهما و اشترى بدرهم سمكة فأقبل إلى منزله، فلمّا رأته المرأة أقبلت عليه كاللائمة و أقسمت أن لا تمسها، فقام الرجل إليها فلمّا شقّ بطنها إذا بدرّتين فباعهما بأربعين ألف درهم «4».

______________________________

(1) دعوات الراوندي: ص 25 ح 36 (الفصل الثاني).

(2) عدّة الداعي: ص 141 ب 4.

(3) عدّة الداعي: ص 140 ب 4، و لا يخفى أن (و الصرف النافلة ...): بيان.

(4) بحار الأنوار: ج 100 ص 29 ب 2 ح 52.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 227

فصل في كيفية طلب المعيشة

مسألة: يستحب التوسّط في طلب الرزق و كراهة استقلاله و تركه.

عن ابن فضال عمّن ذكره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ليكن طلبك للمعيشة فوق كسب المضيع و دون طلب الحريص، الراضي بدنياه المطمئن إليها، و لكن أنزل نفسك من ذلك بمنزلة المنصف المتعفّف ترفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف و تكتسب ما لا بدّ منه أنّ الذين أعطوا المال ثمّ لم يشكروا لا مال لهم «1».

و في حديث آخر أن الحسين عليه السّلام قال لرجل: يا هذا، لا تجاهد في الرزق جهاد المغالب و لا تتكل على

القدر اتّكال مستسلم فإنّ ابتغاء الرزق من السنّة و الإجمال في الطلب من العفّة و ليست العفّة بمانعة رزقا و لا الحرص بجالب فضلا و إنّ الرزق مقسوم و الأجل محتوم و استعمال الحرص طالب المآثم «2».

عن أمير المؤمنين عليه السّلام: يا ابن آدم، لا يكن أكبر همّك، يومك الذي إن فاتك لم يكن من أجلك فإن همّك يوم فإنّ كلّ يوم تحضره يأتي اللّه فيه برزقك، و اعلم أنّك لن تكتسب شيئا فوق قوتك إلّا كنت فيه خازنا لغيرك تكثر في الدنيا به نصبك و تحظى به وارثك و يطول معه يوم القيامة حسابك، فاسعد بمالك في

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 81 ح 8.

(2) أعلام الدين: ص 428.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 228

حياتك، و قدّم ليوم معادك زادا يكون أمامك، فإنّ السفر بعيد، و الموعد القيامة، و المورد الجنّة أو النار «1».

عن عبد اللّه بن سليمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ اللّه تعالى وسع في أرزاق الحمقى ليعتبر العقلاء و يعلموا أنّ الدنيا ليس ينال ما فيها بعمل و لا حيلة «2».

أقول: يراد بذلك على نحو الموجبة الجزئية.

عن عبد اللّه بن سليمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ اللّه عز و جل أوسع في أرزاق الحمقى لتعتبر العقلاء و يعلمون أن الدنيا لا تنال بالعقل و لا بالحيلة «3».

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: كان فيما وعظ لقمان ابنه أنّه قال: يا بني، ليعتبر من قصر يقينه و ضعف تعبه في طلب الرزق إنّ اللّه تعالى خلقه في ثلاثة أحوال من أمره و أتاه رزقه و لم يكن له في واحدة منها كسب و لا

حيلة إنّ اللّه سيرزقه في الحال الرابعة.

أمّا أوّل ذلك: فإنّه كان في رحم أمّه يرزقه هناك في قرار مكين حيث لا برد يؤذيه و لا حرّ ثمّ أخرجه من ذلك و أجرى له من لبن أمّه ما يربيه من غير حول به و لا قوّة ثمّ فطم من ذلك فأجرى له من كسب أبويه برأفة و رحمة من تلويهما حتّى إذا كبر و عقل و اكتسب لنفسه ضاق به أمره فظن الظنون بربّه و جحد الحقوق في ماله و قتّر على نفسه و عياله مخافة الفقر «4».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 35 ب 11 ح 7.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 182 ح 10، و قريب منه في تهذيب الأحكام: ج 6 ص 323 ب 93 ح 5.

(3) علل الشرائع: ج 1 ص 93 ب 83 ح 1.

(4) بحار الأنوار: ج 100 ص 30 ب 2 ح 54.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 229

عن علي بن مهزيار رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: قرّبوا على أنفسكم البعيد و هوّنوا عليها الشديد و اعلموا أنّ عبدا و إن ضعفت حيلته و وهنت مكيدته إنّه لن ينقص ممّا قدّر اللّه له و إن قوي عبد في شدّة الحيلة و قوّة المكيدة إنّه لن يزاد على ما قدّر اللّه له «1».

هل يسبق العبد رزقه المكتوب؟!

اشارة

عن ابن جمهور عن أبيه رفعه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام كثيرا ما يقول: اعلموا علما يقينا أنّ اللّه عز و جل لم يجعل للعبد و إن اشتدّ جهده و عظمت حيلته و كثرت مكابدته أن يسبق ما سمي له

في الذكر الحكيم و لم يحلّ من العبد في ضعفه و قلّة حيلته أن يبلغ ما سمي له في الذكر الحكيم، أيّها الناس، إنّه لن يزداد امرؤ نقيرا بحذقه و لن ينتقص امرؤ نقيرا لحمقه فالعالم لهذا العامل به أعظم الناس راحة في منفعته و العالم لهذا التارك له أعظم الناس شغلا في مضرته و ربّ منعم عليه مستدرج بالإحسان إليه و ربّ مغرور في الناس مصنوع له، فأفق أيّها الساعي من سعيك و قصّر من عجلتك و انتبه من سنة غفلتك و تفكر فيما جاء عن اللّه عز و جل على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و احتفظوا بهذه الحروف السبعة فإنها من قول أهل الحجى و من عزائم اللّه في الذكر الحكيم، إنّه ليس لأحد أن يلقى اللّه عز و جل بخلّة من هذه الخلال: الشرك باللّه فيما افترض- اللّه- عليه أو إشفاء غيظ بهلاك نفسه أو إقرار بأمر يفعل غيره أو يستنجح إلى مخلوق بإظهار بدعة في دينه أو يسره أن يحمده الناس بما لم يفعل و المتجبّر المختال و صاحب الأبّهة و الزهو، أيّها الناس، إنّ السباع همّتها التعدّي

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 36 ب 11 ح 10، عن الأمالي للمفيد: ص 207 ح 39.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 230

و إنّ البهائم همّتها بطونها و إنّ النساء همتهنّ الرجال و إنّ المؤمنين مشفقون خائفون وجلون، جعلنا اللّه و إيّاكم منهم «1».

عن الأصبغ بن نباته، أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لأصحابه: اعلموا يقينا أنّ اللّه تعالى لم يجعل للعبد، و إن عظمت حيلته و اشتدّ طلبه و قويت مكايده أكثر ممّا سمى له في

الذكر الحكيم، فالعارف بهذا العاقل له أعظم الناس راحة في منفعته، و التارك له أعظم الناس شغلا في مضرّته وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ*، و ربّ منعم عليه مستدرج، و ربّ مبتلى عند الناس مصنوع له، فابق أيّها المستمع من سعيك و قصّر من عجلتك، و اذكر قبرك و معادك، فإنّ إلى اللّه مصيرك، و كما تدين تدان «2».

نهج البلاغة، و قال عليه السّلام: اعلموا علما يقينا أنّ اللّه لم يجعل للعبد و إن عظمت حيلته و اشتدّت طلبته و قويت مكيدته، أكثر ممّا سمي له في الذكر الحكيم و لم يحل بين العبد في ضعفه و قلّة حيلته و بين أن يبلغ ما سمي له في الذكر الحكيم و العارف لهذا العامل به أعظم الناس راحة في منفعة و التارك له الشاك فيه أعظم الناس شغلا في مضرّة و ربّ منعم عليه مستدرج بالنعمى و ربّ مبتلى مصنوع له بالبلوى، فزد أيّها المستنفع في شكرك و قصّر من عجلتك وقف عند منتهى رزقك «3».

عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الدنيا دول فما كان لك منها أتاك على ضعفك و ما كان منها عليك لم تدفعه بقوّتك، و من انقطع رجاؤه

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 81 ح 9.

(2) أمالي الطوسي: ص 163 ح 23 (المجلس السادس).

(3) نهج البلاغة: قصار الحكم: حكمة 273.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 231

ممّا فات استراح بدنه، و من رضي بما رزقه اللّه قرت عينه «1».

الفقيه، عن أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيّته لابنه محمّد ابن الحنفية رضى عنه اللّه:

يا بنيّ، إيّاك و الاتّكال على الأماني- إلى أن قال-

يا بني، الرزق رزقان رزق تطلبه و رزق يطلبك فإن لم تأته أتاك، فلا تحمل هم سنتك على هم يومك، و كفاك كلّ يوم ما هو فيه فإن تكن السنّة من عمرك فإنّ اللّه عز و جل سيؤتيك في كلّ غد بجديد ما قسم لك و إن لم تكن السنّة من عمرك فما تصنع بغم و هم ما ليس لك؟ و اعلم أنّه لن يسبقك إلى رزقك طالب و لن يغلبك عليه غالب و لن يحتجب عنك ما قدّر لك، فكم رأيت من طالب متعب نفسه مقتّر عليه رزقه و مقتصد في الطلب قد ساعدته المقادير و كلّ مقرون به الفناء اليوم لك و أنت من بلوغ غد على غير يقين «2».

قال علي عليه السّلام: الرزق رزقان: طالب و مطلوب، فمن طلب الدنيا طلبه الموت حتّى يخرجه عنها و من طلب الآخرة طلبته الدنيا حتّى يستوفي رزقه منها «3».

عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام:

يا هشام، إنّ العقلاء زهدوا في الدنيا و رغبوا في الآخرة، لأنّهم علموا أنّ الدنيا طالبة مطلوبة و الآخرة طالبة و مطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتّى يستوفي منها رزقه، و من طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه و آخرته؛ يا هشام، من أراد الغنى بلا مال و راحة القلب من الحسد و السلامة

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 37 ب 11 ح 12.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 275 ب 176 ح 10.

(3) نهج البلاغة: قصار الحكم: حكمة 431.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 232

في الدين فليتضرّع إلى اللّه عز و جل في مسألته بأن يكمل

عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه و من قنع بما يكفيه استغنى و من لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبدا «1».

كنز الفوائد، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من رضى باليسير من الرزق رضى اللّه عنه باليسير من العمل «2».

أقول: لأنّ الأجر بقدر العمل.

جامع الأخبار قال الإمام علي عليه السّلام:

دع الحرص على الدنيا و في العيش فلا تطمع

و لا تجمع من المال فلا تدري لمن تجمع

و لا تدري أ في أرضك أم في غيرها تصرع

فإنّ الرزق مقسوم و كدّ المرء لا ينفع

فقير كل من يطمع غني كل من يقنع

«3»القناعة من علائم المحبّة الربّانية

أعلام الدين، قال الصادق عليه السّلام: إذا أحبّ اللّه عبدا ألهمه الطاعة و الزمه القناعة و فقّهه في الدين و قوّاه باليقين فاكتفى بالكفاف و اكتس بالعفاف، و إذا أبغض اللّه عبدا حبّب إليه المال و بسط له الآمال و ألهمه دنياه و وكّله إلى هواه فركب العناد و بسط الفساد و ظلم العباد «4».

______________________________

(1) الكافي (أصول): ج 1 ص 18 ح 12.

(2) كنز الفوائد: ج 2 ص 197 (فصل ممّا روي في الأرزاق).

(3) جامع الأخبار: ص 108 (الفصل الخامس و الستون).

(4) أعلام الدين: ص 278.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 233

عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل: وَ مَنْ يَتَّقِ اللّٰهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لٰا يَحْتَسِبُ «1»؟

قال: في دنياه «2».

لا تستقل القليل من الرزق

عن إسحاق بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من طلب قليل الرزق كان ذلك داعيه إلى اجتلاب كثير من الرزق، و من ترك قليلا من الرزق كان ذلك داعيه إلى ذهاب كثير من الرزق «3».

عن الحسن بن بسّام الجمال قال: كنت عند إسحاق بن عمّار الصيرفي فجاء رجل يطلب غلّة بديا نار و كان قد أغلق باب الحانوت و ختم الكيس فأعطاه غلّة بديا نار فقلت له: ويحك يا إسحاق ربّما حملت لك من السفينة ألف ألف درهم قال: فقال لي ترى كان لي هذا لكنّي سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من استقلّ قليل الرزق حرم كثيره، ثمّ التفت إليّ فقال: يا إسحاق، لا تستقل قليل الرزق فتحرم كثيره «4».

عن الحسين الجمّال قال: شهدت إسحاق بن عمّار يوما و قد شدّ كيسه و

هو يريد أن يقوم فجاءه إنسان يطلب دراهم بديا نار فحل الكيس فأعطاه دراهم بديا نار، قال فقلت له: سبحان اللّه! ما كان فضل هذا الدينار فقال إسحاق:

______________________________

(1) سورة الطلاق: الآيات 2- 3.

(2) تفسير القمي: ج 2 ص 375 (في تفسير سورة الطلاق).

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 311 ح 29.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 318 ح 56.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 234

ما فعلت هذا رغبة في فضل الدينار و لكن سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: من استقلّ قليل الرزق حرم الكثير «1».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 311 ح 30.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 235

فصل في أن اللّه لا يعطي الآخرة بترك الدنيا

مسألة: لا يجوز ترك الدنيا التي لا بدّ منها للآخرة و لا يجوز ترك الآخرة للدنيا.

الفقيه: روى عن العالم عليه السّلام أنّه قال: اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا و اعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا «1».

أقول: حتّى لا يكون كلّا على الناس إذا طال به العمر.

عن علي الأحمسي، عمّن أخبره عن أبي جعفر عليه السّلام أنّه كان يقول: نعم العون الدنيا على الآخرة «2».

عن حفص، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال عيسى عليه السّلام: اشتدّت مئونة الدنيا و مئونة الآخرة، أمّا مئونة الدنيا فإنّك لا تمدّ يدك إلى شي ء منها إلّا وجدت فاجرا قد سبقك إليها و أمّا مئونة الآخرة فإنّك لا تجد أعوانا يعينونك عليها «3».

قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّ اللّه يعطي الدنيا بعمل الآخرة و لا يعطي الآخرة بعمل الدنيا «4».

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 94 ب 58 ح 4.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 58 ب 24 ح 4.

(3) الكافي

(روضة): ج 8 ص 144 ح 112.

(4) بحار الأنوار: ج 100 ص 25 ب 2 ح 29.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 236

فصل في الأدعية التي تزيد في الرزق

اشارة

مسألة: يستحبّ الدعاء لطلب الرزق، و رجائه من حيث لا يحتسب، و ما يزيده و ما يمنع الفقر.

عن جميل بن صالح، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عز و جل: رَبَّنٰا آتِنٰا فِي الدُّنْيٰا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً «1»، قال: رضوان اللّه و الجنّة في الآخرة و السعة في الرزق و المعايش و حسن الخلق في الدنيا «2».

عن عبد الأعلى قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عز و جل: رَبَّنٰا آتِنٰا فِي الدُّنْيٰا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنٰا عَذٰابَ النّٰارِ «3»، و ذكر نحوه «4».

و عن عبد الأعلى، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: رضوان اللّه و التوسعة في المعيشة و حسن الصحبة و في الآخرة الجنّة «5».

أقول: هذه من باب المثال- كما لا يخفى-.

______________________________

(1) سورة البقرة: الآية 201.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 94 ب 58 ح 1.

(3) سورة البقرة: الآية 201.

(4) تفسير العيّاشي: ج 1 ص 98 ح 274 (في تفسير سورة البقرة)، و فيه: رضوان اللّه و الجنّة في الآخرة و السعة في المعيشة و حسن الخلق في الدنيا.

(5) تفسير العيّاشي: ج 1 ص 99 ح 275 (في تفسير سورة البقرة).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 237

روى السكوني عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السّلام قال: قال علي عليه السّلام: (من أتاه اللّه برزق لم يخط إليه برجله و لم يمدّ إليه يده و لم يتكلّم فيه بلسانه و لم يشدّ

إليه ثيابه و لم يتعرّض له، كان ممّن ذكره اللّه عز و جل في كتابه:

وَ مَنْ يَتَّقِ اللّٰهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لٰا يَحْتَسِبُ «1») «2».

أقول: قوله عليه السّلام: لم يشدّ إليه ثيابه، أي: لم يتهيّأ أو لم يسافر.

و في حديث آخر، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: من آتاه اللّه برزق لم يتخطّ إليه رجله و لم يشدّ إليه ركابه و لم يتعرّض له كان ممّن ذكر اللّه في السماء، و ذكر مثله «3».

عن علي بن السرّي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ اللّه عز و جل جعل أرزاق المؤمنين من حيث لا يحتسبون و ذلك أنّ العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه «4».

أقول: كثيرا ما لا يعلم الكاسب و نحوه من يشتري منه و من يأتي بالمال إليه.

عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أبى اللّه عز و جل إلّا أن يجعل أرزاق المؤمنين من حيث لا يحتسبون «5».

أقول: إنّما ذكر (المؤمنين) لأنّهم المستفيدون من ذلك.

عن الحسين بن علوان، عن جعفر عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

______________________________

(1) سورة الطلاق: الآيات 2- 3.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 101 ب 58 ح 47.

(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 326 الفصل الثالث ح 1229.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 84 ح 4.

(5) وسائل الشيعة: ج 12 ص 33 ب 14 ح 5.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 238

إنّ الرزق لينزل من السماء إلى الأرض على عدد قطر المطر إلى كلّ نفس بما قدّر لها و لكن للّه

فضول فاسألوا اللّه من فضله «1».

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، المال، أخذا و عطاء و صرفا، در يك جلد، مؤسسة الوعي الاسلامي - دار العلوم، بيروت - لبنان، اول، 1425 ه ق

المال، أخذا و عطاء و صرفا؛ ص: 238

عن ابن الهذيل، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: (إنّ اللّه قسّم الأرزاق بين عبادة و أفضل فضلا كثيرا لم يقسّمه بين أحد، قال اللّه: وَ سْئَلُوا اللّٰهَ مِنْ فَضْلِهِ «2») «3».

القطب الراوندي في دعواته، عن الصادق عن آبائه عليهم السّلام قال: من لم يسأل اللّه من فضله افتقر «4».

باقة من أريج العصمة

و من دعائهم عليهم السّلام: اللهم إنّي أسألك من فضلك الواسع الفاضل المفضّل رزقا واسعا حلالا طيّبا بلاغا للآخرة و الدنيا هنيئا مريئا صبا صبا من غير منّ من أحد إلّا سعة من فضلك و طيبا من رزقك و حلالا من وسعك تغنيني به من فضلك أسأل، و من يدك الملأى أسأل، و من خيرتك أسأل، يا من بيده الخير وَ هُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ* «5».

عن مسعدة بن صدقة قال: و حدّثني جعفر، قال: قال أبي رضى اللّه عنه: (إذا غدوت في حاجتك بعد أن تصلّي الغداة بعد التشهّد فقل: اللهم إنّي غدوت ألتمس من فضلك كما أمرتني فارزقني من فضلك رزقا حلالا طيّبا و أعطني فيما

______________________________

(1) قرب الإسناد: ص 117 ح 411.

(2) سورة النساء: الآية 32.

(3) تفسير العيّاشي: ج 1 ص 239 ح 117 (في تفسير سورة النساء).

(4) دعوات الراوندي: ص 117 ح 268 (فصل في فنون شتى).

(5) دعوات الراوندي: ص 117 ح 270 (فصل في فنون شتى).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 239

ترزقني العافية، تقول ذلك ثلاث مرّات «1».

عدّة الداعي، عن الصادق

عليه السّلام: يا اللّه يا اللّه يا اللّه أسألك بحقّ من حقّه عليك عظيم أن تصلّي على محمّد و آل محمّد و أن ترزقني العمل بما علّمتني من معرفة حقّك و أن تبسط على ما حظرت من رزقك «2».

مكارم الأخلاق، عن الصادق عليه السّلام قال: اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله و إن كان في الأرض فأظهره و إن كان بعيدا فقرّبه و إن كان قريبا فأعطنيه و إن كان قد أعطيتنيه فبارك لي فيه و جنبني عليه المعاصي و الردى «3».

مهج الدعوات لابن طاوس، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام أنّه قال: (من تعذّر عليه رزقه و تغلّقت عليه مذاهب المطالب في معاشه ثمّ كتب له هذا الكلام في رق ظبي أو قطعة من أدم و علّقه عليه أو جعله في بعض ثيابه التي يلبسها فلم يفارقه وسّع اللّه رزقه و فتح عليه أبواب المطالب في معاشه مِنْ حَيْثُ لٰا يَحْتَسِبُ و هو: اللهم لا طاقة لفلان بن فلان بالجهد و لا صبر له على البلاء و لا قوّة له على الفقر و الفاقة، اللهم فصلّ على محمّد و آل محمّد و لا تحظر على فلان بن فلان رزقك و لا تقتر عليه سعة ما عندك و لا تحرمه فضلك و لا تحسمه من جزيل قسمك و لا تكله إلى خلقك و لا إلى نفسه فيعجز عنها و يضعف عن القيام فيما يصلحه و يصلح ما قبله بل تنفرد بلم شعثه و تولّي كفايته و انظر إليه في جميع أموره إنّك إن وكلته إلى خلقك لم ينفعوه و إن الجأته إلى أقربائه حرموه و إن أعطوه أعطوه قليلا نكدا و

إن منعوه منعوه كثيرا و إن بخلوا بخلوا و هم للبخل

______________________________

(1) قرب الإسناد: ص 3 ح 6.

(2) عدّة الداعي: ص 260 ب 5.

(3) مكارم الأخلاق: ص 365 ب 10 الفصل الخامس (في طلب الرزق).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 240

أهل، اللهم أغن فلان بن فلان من فضلك و لا تخله منه فإنّه مضطر إليك فقير إلى ما في يديك و أنت غني عنه و أنت به خبير عليم وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّٰهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللّٰهَ بٰالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللّٰهُ لِكُلِّ شَيْ ءٍ قَدْراً «1»، فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً «2»، وَ مَنْ يَتَّقِ اللّٰهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لٰا يَحْتَسِبُ «3») «4».

قال الكفعمي، رأيت في بعض كتب أصحابنا ما ملخصه أنّ رجلا جاء إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و قال: يا رسول اللّه، إنّي كنت غنيا فافتقرت، و صحيحا فمرضت، و كنت مقبولا عند الناس فصرت مبغوضا، و خفيفا على قلوبهم فصرت ثقيلا، و كنت فرحانا فاجتمعت عليّ الهموم، و قد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، و أجول طول نهاري في طلب الرزق فلا أجد ما أتقوّت به كأنّ اسمي قد محي من ديوان الأرزاق- إلى أن قال- فقال له النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اتّق اللّه و أخلص ضميرك و ادع بهذا الدعاء و هو دعاء الفرج: بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ* إلهي طموح الآمال قد خابت إلّا لديك و معاكف الهمم قد تقطّعت إلّا عليك و مذاهب العقول قد سمت إلّا إليك، فإليك الرجاء و إليك الملتجأ يا أكرم مقصود و يا أجود مسئول، هربت إليك بنفسي يا ملجأ الهاربين بأثقال الذنوب

أحملها على ظهري و ما أجد لي إليك شافعا سوى معرفتي بأنّك أقرب من رجاه الطالبون و لجأ إليه المضطرون و أمّل ما لديه الراغبون يا من فتق العقول بمعرفته

______________________________

(1) سورة الطلاق: الآية 3.

(2) سورة الشرح: الآية 6.

(3) سورة الطلاق: الآيات 2- 3.

(4) مهج الدعوات: ص 126.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 241

و أطلق الألسن بحمده و جعل ما امتنّ به على عباده كفاية لتأدية حقّه صلّ على محمّد و آله و لا تجعل للهموم على عقلي سبيلا و لا للباطل على عملي دليلا و افتح لي بخير الدنيا يا وليّ الخير؛ فلمّا دعا به الرجل و أخلص النية عاد إلى حسن الإجابة «1».

عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رجل من أهل البادية فقال: يا رسول اللّه، إنّ لي بنين و بنات و إخوة و أخوات و بني بنين و بني بنات و بني إخوة و بني أخوات و المعيشة علينا خفيفة، فإن رأيت يا رسول اللّه أن تدعو اللّه أن يوسع علينا قال: و بكى فرّق له المسلمون، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: وَ مٰا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلّٰا عَلَى اللّٰهِ رِزْقُهٰا وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهٰا وَ مُسْتَوْدَعَهٰا كُلٌّ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ «2»، من كفل بهذه الأفواه المضمونة على اللّه رزقها صب اللّه عليه الرزق صبا كالماء المنهمر إن قليل فقليلا و إن كثير فكثيرا، قال: ثمّ دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمّن له المسلمون. قال: قال أبو جعفر عليه السّلام:

فحدّثني من رأى الرجل في زمن عمر فسأله عن حاله

فقال: من أحسن من خوّله حلالا و أكثرهم مالا «3».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 41 ب 12 ح 10، عن مصباح الكفعمي: ص 95 (الهامش).

(2) سورة هود: الآية 6.

(3) تفسير العيّاشي: ج 2 ص 139 ح 3 (في تفسير سورة هود).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 242

فصل في أن البقاء على الطهارة يزيد الرزق

مسألة: يستحب البقاء على الطهارة فإنها توجب زيادة الرزق.

و في الحديث، أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شكا إليه رجل قلّة الرزق فقال عليه السّلام: أدم الطهارة يدم عليك الرزق، ففعل الرجل ذلك فوسع عليه الرزق «1».

درر اللآلي العمادية، عن عبد اللّه بن سلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

من توضأ لكلّ حدث و لم يكن دخالا على النساء في البيوتات و لم يكن يكتسب مالا بغير حقّ، رزق من الدنيا بغير حساب «2».

______________________________

(1) غوالي اللآلي: ج 1 ص 268 الفصل العاشر ح 72.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 41 ب 12 ح 9، عن درر اللآلي العمادية: ج 1 ص 6.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 243

فصل في أنّ مَنْ يَتَّقِ اللّٰهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً

مسألة: ينبغي للإنسان أن يكون بما عند اللّه أرجى منه بما عند غيره.

عن عبد اللّه بن القاسم، عن الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه، عن علي عليهم السّلام قال: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإنّ موسى بن عمران عليه السّلام خرج يقتبس لأهله نارا فكلّمه اللّه عز و جل فرجع نبيا و خرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السّلام و خرجت سحرة فرعون يطلبون العزّة لفرعون فرجعوا مؤمنين «1».

قال رجل لأبي الحسن موسى عليه السّلام: عدني، فقال: كيف أعدك و أنا لما لا أرجو أرجى منّي لما أرجو «2».

أقول: يراد الوعد القطعي، و لعلّ السائل طلبه منه عليه السّلام و إلّا فالوعد صحيح قطعا بالأدلّة الأربعة.

عن عمر بن يزيد قال: أتى رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام: يقتضيه و أنا حاضر فقال له: ليس عندنا اليوم شي ء و لكنّه يأتينا خطر «3» و

وسمة «4» فتباع و نعطيك

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 284 ب 176 ح 30.

(2) وسائل الشيعة: ج 12 ص 33 ب 14 ح 8.

(3) الخطر: القطيع الضخم من الإبل ألف أو زيادة، كتاب العين: ج 4 ص 213.

(4) الوسمة: شجرة ورقها خضاب، كتاب العين: ج 7 ص 321.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 244

إن شاء اللّه، فقال له الرجل: عدني، فقال: كيف أعدك و أنا لما لا أرجو أرجى منّي لما أرجو «1».

و روى جميل بن درّاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما سدّ اللّه عز و جل على مؤمن باب رزق إلّا فتح اللّه له ما هو خير منه «2».

عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ما سدّ اللّه على مؤمن رزقا يأتيه من وجه إلّا فتح له من وجه آخر فأتاه و إن لم يكن له في حسابه «3».

أعلام الدين، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: (ما من مؤمن إلّا و له باب يصعد منه عمله و باب ينزل منه رزقه فإذا مات بكيا عليه و ذلك قول اللّه عز و جل: فَمٰا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمٰاءُ وَ الْأَرْضُ وَ مٰا كٰانُوا مُنْظَرِينَ «4») «5».

أقول: أيّ إنّ الآية دليل على بكاء السماء و الأرض على بعض الناس.

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 96 ح 5.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 101 ب 58 ح 46.

(3) بحار الأنوار: ج 100 ص 34 ب 2 ح 65.

(4) سورة الدخان: الآية 29.

(5) أعلام الدين: ص 163 (فصل ممّا روي في الأرزاق).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 245

فصل في بيان موجبات الفقر و مقتضيات زيادة الرزق

اشارة

مسألة: يستحب

الاجتناب عن العوامل التي توجب الفقر و السعي لموجبات الغنى و الاستغناء.

عن سعيد بن علاقة قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام يقول: ترك نسج العنكبوت في البيت يورث الفقر و البول في الحمام يورث الفقر و الأكل على الجنابة يورث الفقر و التخلّل بالطرفاء «1» يورث الفقر و التمشّط من قيام يورث الفقر و ترك القمامة في البيت يورث الفقر و اليمين الفاجرة تورث الفقر و الزنا يورث الفقر و إظهار الحرص يورث الفقر و النوم بين العشاءين يورث الفقر و النوم قبل طلوع الشمس يورث الفقر و ترك التقدير في المعيشة يورث الفقر و قطيعة الرحم يورث الفقر و اعتياد الكذب يورث الفقر و كثرة الاستماع إلى الغناء يورث الفقر و ردّ السائل الذكر بالليل يورث الفقر.

أسباب توجب الغنى

ثمّ قال عليه السّلام ألا أنبئكم بعد ذلك بما يزيد في الرزق قالوا: بلى يا أمير المؤمنين فقال: الجمع بين الصلاتين يزيد في الرزق و التعقيب بعد الغداة و بعد العصر يزيد

______________________________

(1) الطرفة: شجرة و هي الطرف، و الطرفاء: جماعة الطرفة شجر و قال سيبويه: الطرفاء واحد و جمع، و الطرفاء اسم للجمع، و قيل واحدتها طرفاءة، لسان العرب: ج 9 ص 220.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 246

في الرزق و صلة الرحم تزيد في الرزق و كسح الفناء «1» يزيد في الرزق و مواساة الأخ في اللّه عز و جل يزيد في الرزق و البكور في طلب الرزق يزيد في الرزق و الاستغفار يزيد في الرزق و استعمال الأمانة يزيد في الرزق و قول الحقّ يزيد في الرزق و إجابة المؤذّن يزيد في الرزق و ترك الكلام في الخلاء يزيد في

الرزق و ترك الحرص يزيد في الرزق و شكر المنعم يزيد في الرزق و اجتناب اليمين الكاذبة يزيد في الرزق و الوضوء قبل الطعام يزيد في الرزق و أكل ما يسقط من الخوان يزيد في الرزق و من سبّح اللّه كلّ يوم ثلاثين مرّة دفع اللّه عز و جل عنه سبعين نوعا من البلاء أيسرها الفقر «2».

أقول: هذه بعضها بأسباب ظاهرة كما ذكرناه في الآداب و السنن «3» و بعضها بأسباب غيبية.

موجبات أخرى للفقر و الغنى

قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: عشرون خصلة تورث الفقر أوّله القيام من الفراش للبول عريانا و الأكل جنبا و ترك غسل اليدين عند الأكل و إهانة الكسرة من الخبز و إحراق الثوم و البصل و القعود على أسكفة البيت «4» و كنس البيت بالليل

______________________________

(1) الكسح: الكنس؛ كسح البيت و البئر يكسحه كسحا: كنسه، و المكسحة: المكنسة، و الكساحة:

تراب مجموع كسح بالمكسح، لسان العرب: ج 2 ص 571. كسح: الكساحة؛ تراب مجموع، و كسح بالمكسحة كسحا أي كنسا، كتاب العين: ج 3 ص 59.

الفناء: سعة أمام الدار و الجمع: أفنية، لسان العرب: ج 15 ص 165 و كتاب العين: ج 8 ص 376.

(2) الخصال: ج 2 ص 504 ح 2 (أبواب الستّة عشر).

(3) للمزيد راجع موسوعة الفقه: ج 94- 97 للمؤلف قدّس سرّه.

(4) الأسكفة: الباب بالضم: عتبته العليا و قد تستعمل في السفلى، مجمع البحرين: ج 5 ص 270. الأسكفة: عتبة الباب، كتاب العين: ج 5 ص 315، الأسكفة و الأسكوفة: عتبة

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 247

و بالثوب و غسل الأعضاء في موضع الاستنجاء و مسح الأعضاء المغسولة بالمنديل و الكم و وضع القصاع و الأواني غير مغسولة

و وضع أواني الماء غير مغطاة الرءوس و ترك بيوت العنكبوت في المنزل و استخفاف الصلاة و تعجيل الخروج من المسجد و البكور إلى السوق و تأخير الرجوع عنه إلى العشاء و شراء الخبز من الفقراء و اللعن على الأولاد و الكذب و خياطة الثوب على البدن و إطفاء السراج بالنفس. و في خبر آخر: و البول في الحمام و الأكل على الجثا و التخلّل بالطرفاء و النوم بين العشاءين و النوم قبل طلوع الشمس و ردّ السائل الذكر بالليل و كثرة الاستماع إلى الغناء و اعتياد الكذب و ترك التقدير في المعيشة و التمشط من قيام و اليمين الفاجرة و قطيعة الرحم. ثمّ قال عليه السّلام: ألا أنبئكم بعد ذلك بما يزيد في الرزق قالوا: بلى يا أمير المؤمنين، و ذكر مثله بتقديم و تأخير إلّا أن فيه (و أداء الأمانة) بدل قوله: و استعمال الأمانة «1».

عن بكر بن محمّد الأزدي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ المؤمن لينوي الذنب فيحرم رزقه «2».

عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أكثروا الاستغفار فإنّه يجلب الرزق «3».

عن يحيى بن العلاء و إسحاق بن عمّار جميعا، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قالا:

ما ودّعنا قطّ إلّا أوصانا بخصلتين قائلا عليكم بصدق الحديث و أداء الأمانة إلى البرّ و الفاجر فإنّهما مفتاح الرزق «4».

______________________________

الباب التي يوطأ عليها، لسان العرب: ج 9 ص 156.

(1) جامع الأخبار: ص 124 الفصل الثاني و الثمانون.

(2) ثواب الأعمال: ص 287 (عقاب من ينوي الذنب).

(3) كنز الفوائد: ج 2 ص 197 (فصل ممّا روي في الأرزاق).

(4) أمالي الطوسي: ص 676 ح 8 (المجلس السابع و الثلاثون).

المال، أخذا و عطاء و

صرفا، ص: 248

و في رواية، قال عليه السّلام: التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد «1».

و في رواية أبي بصير: أنّه إذا فرغ المصلي من الصلاة فليرفع يده إلى السماء- إلى أن قال عليه السّلام- فمن أين يطلب الرزق إلّا من موضعه و موضع الرزق و ما وعد اللّه عز و جل السماء «2».

و في رواية: من حسنت نيته زيد في رزقه «3».

و في رواية أبي عمرو من باب فضائل سور القرآن قوله ساءت حالي فكتبت إلى أبي جعفر عليه السّلام فكتب إليّ أدم قراءة إِنّٰا أَرْسَلْنٰا نُوحاً إِلىٰ قَوْمِهِ «4»، قال:

فقرأتها حولا فلم أر شيئا فكتبت إليه أخبره بسوء حالي و أنّي قد قرأت إِنّٰا أَرْسَلْنٰا نُوحاً إِلىٰ قَوْمِهِ حولا كما أمرتني و لم أر شيئا قال: فكتب إليّ قد وفى لك الحول فانتقل منها إلى قراءة إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ «5».

قال: ففعلت فما كان إلّا يسيرا حتّى بعث إليّ ابن أبي داود فقضى عنّي ديني ... الخ «6».

و في رواية السكوني، قوله عليه السّلام من ألح عليه الفقر فليكثر من قول:

لا حول و لا قوّة إلّا باللّه، ينفي اللّه عنه الفقر «7».

______________________________

(1) جامع أحاديث الشيعة: ج 5 ص 359 ب 1 ح 14.

(2) جامع أحاديث الشيعة: ج 5 ص 363 ب 3 ح 1.

(3) الكافي (أصول): ج 2 ص 105 ح 11 (باب الصدق و أداء الأمانة).

(4) سورة نوح: الآية 1 (المراد تمام السورة).

(5) سورة القدر: الآية 1 (المراد تمام السورة).

(6) الكافي (فروع): ج 5 ص 316 ح 50.

(7) المحاسن: ج 1 ص 42 ب 41 ح 56.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 249

و في رواية عبد الأعلى من باب استحباب جمع

المال من الحلال للإنفاق قوله عليه السّلام: سلوا اللّه الغنى في الدنيا و العافية و في الآخرة المغفرة و الجنة «1».

______________________________

(1)- الكافي (فروع): ج 5 ص 71 ح 4.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 250

فصل في أنّ كيل الطعام يوجب البركة فيه

مسألة: يستحب كيل الطعام أو وزنه أو عدّه في قبال الجزاف، حيث يجوز ذلك فيما لم يكن غرر، كما أنّ المستحب كيل الطعام للطبخ في الدار و ما أشبه.

عن حفص بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

كيلوا طعامكم فإنّ البركة في الطعام المكيل «1».

عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: شكا قوم إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سرعة نفاد طعامهم فقال: تكيلون أو تهيلون؟ قالوا: نهيل يا رسول اللّه- يعني: الجزاف- قال: كيلوا و لا تهيلوا فإنّه أعظم للبركة «2».

عن مسمع قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: يا أبا سيّار، إذا أرادت الخادمة أن تعمل الطعام فمرها فلتكله فإنّ البركة فيما كيل «3».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 167 ح 2.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 167 ح 1.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 167 ح 3.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 251

فصل من وسائل طلب الرزق

مسألة: يستحب أن يأخذ الإنسان بيتا و دكانا و نحوه و يفتح بابه و يكنس فناه و يرشه و يبسط بساطه و أن يأتي بمقومات جلب المشتري و نحوه.

قال سدير الصيرفي: قلت: لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أيّ شي ء على الرجل في طلب الرزق؟ فقال: يا سدير، إذا فتحت بابك و بسطت بساطك فقد قضيت ما عليك «1».

عن الطيّار قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: أيّ شي ء تعالج، أيّ شي ء تصنع؟

قلت: ما أنا في شي ء، قال: فخذ بيتا و اكنس فناه و رشّه و ابسط فيه بساطا، فإذا فعلت ذلك فقد قضيت ما عليك، قال: فقدمت ففعلت فرزقت

«2».

عن أبي عمّارة بن الطيّار قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: أنّه قد ذهب مالي و تفرّق ما في يدي، و عيالي كثير، فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام: إذا قدمت الكوفة فافتح باب حانوتك و ابسط بساطك و ضع ميزانك و تعرّض لرزق ربّك.- قال الراوي- فلمّا أن قدم، فتح باب حانوته و بسط بساطه و وضع ميزانه قال:

فتعجب من حوله بأنّ ليس في بيته قليل و لا كثير من المتاع و لا عنده شي ء.

قال: فجاءه رجل فقال: اشتر لي ثوبا.

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 100 ب 58 ح 42.

(2) وسائل الشيعة: ج 12 ص 34 ب 15 ح 2.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 252

قال: فاشترى له و أخذ ثمنه و صار الثمن إليه، ثمّ جاءه آخر فقال له: اشتر لي ثوبا قال: فطلب له في السوق ثمّ اشترى له ثوبا فأخذ ثمنه فصار في يده و كذلك يصنع التجّار يأخذ بعضهم من بعض. ثمّ جاءه رجل آخر فقال له:

يا أبا عمارة، إن عندي عدلا من كتان فهل تشتريه و أؤخّرك بثمنه سنة؟

فقال: نعم احمله و جئني به، قال: فحمله فاشتراه منه بتأخير سنة: قال:

فقام الرجل فذهب ثمّ أتاه آت من أهل السوق فقال له: يا أبا عمارة، ما هذا العدل؟ قال له: هذا عدل اشتريته قال: فبعني نصفه و أعجّل لك ثمنه قال:

نعم، فاشتراه منه و أعطاه نصف المتاع و أخذ نصف الثمن، قال: فصار في يده الباقي إلى سنة. قال: فجعل يشتري بثمنه الثوب و الثوبين، و يعرض و يشتري و يبيع، حتّى أثرى و عرض وجهه و أصاب معروفا «1».

عن عبد الرحمن بن الحجّاج

قال: كان رجل من أصحابنا بالمدينة فضاق ضيقا شديدا و اشتدّت حاله فقال له أبو عبد اللّه عليه السّلام: اذهب فخذ حانوتا في السوق و ابسط بساطا و ليكن عندك جرّة من ماء و الزم باب حانوتك قال: ففعل الرجل فمكث ما شاء اللّه قال: ثمّ قدمت رفقة من مصر فالقوا متاعهم كلّ رجل منهم عند معرفته و عند صديقه حتّى ملئوا الحوانيت و بقي رجل منهم لم يصب حانوتا يلقي فيه متاعه، فقال له أهل السوق: هاهنا رجل ليس به بأس و ليس في حانوته متاع فلو ألقيت متاعك في حانوته فذهب إليه فقال له: ألقي متاعي في حانوتك فقال له: نعم، فألقى متاعه في حانوته و جعل يبيع متاعه الأوّل فالأوّل حتّى إذا حضر خروج الرفقة بقي عند الرجل شي ء يسير من متاعه فكره المقام عليه فقال لصاحبنا: أخلّف هذا المتاع عندك تبيعه و تبعث إليّ بثمنه قال:

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 304 ح 3.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 253

فقال: نعم فخرجت الرفقة و خرج الرجل معهم و خلّف المتاع عنده فباعه صاحبنا و بعث بثمنه إليه قال: فلمّا أن تهيّأ خروج رفقة مصر من مصر بعث إليه ببضاعة فباعها و ردّ إليه ثمنها، فلمّا رأى ذلك الرجل أقام بمصر و جعل يبعث إليه بالمتاع و يجهّز عليه. قال: فأصاب و كثر ماله و أثرى «1».

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 309 ح 25.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 254

فصل في استحباب الاغتراب و التبكير في طلب الرزق الحلال

اشارة

مسألة: يستحبّ الاغتراب و الضرب في الأرض في طلب الرزق و المشي في الظلّ إذا كانت الشمس تؤذيه.

روي عمر بن أذينة، عن الصادق عليه السّلام: أنّه قال: إنّ اللّه

تبارك و تعالى ليحبّ الاغتراب في طلب الرزق «1».

و في حديث آخر قال الإمام الصادق عليه السّلام: اشخص يشخص لك الرزق «2».

الدعائم، روينا عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السّلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: إذا أعسر أحدكم فليخرج من بيته و ليضرب في الأرض يبتغي من فضل اللّه و لا يغم نفسه و أهله «3».

الجعفريات، بإسناده، عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا أعسر أحدكم فليخرج و لا يغم نفسه و أهله «4».

الفقيه، روى علي بن عبد العزيز، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: إنّي لأحبّ أن أرى الرجل متحرّفا في طلب الرزق، إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال:

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 95 ب 58 ح 6.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 95 ب 58 ح 7.

(3) دعائم الإسلام: ج 2 ص 13 الفصل الأول ح 1.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 12 ب 3 ح 2، عن الجعفريات: ص 165.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 255

اللهم بارك لأمّتي في بكورها «1».

الفقيه، و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر إليها، فإنّي سألت ربّي عز و جل أن يبارك لأمّتي في بكورها «2».

صحيفة الرضا عليه السّلام بأسانيدها قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اللهم بارك لأمّتي في بكورها يوم سبتها و خميسها «3».

و في حديث عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال:

إنّ اللّه تبارك و تعالى بارك لأمّتي في خميسها و سبتها لأجل الجمعة «4».

أقول: السبت لأجل النشاط المتراكم و الخميس لأجل الدفع حيث تضعف الهمّة عند ترتّب التعطيل.

عن محمّد بن هلال قال: قال لي أبوك جعفر بن محمّد الصادق عليهما السّلام: إذا كانت لك حاجة فاغد فيها فإنّ الأرزاق تقسّم قبل طلوع الشمس، و إنّ اللّه تبارك و تعالى بارك لهذه الأمّة في بكورها، و تصدق بشي ء عند البكور، فإنّ البلاء لا يتخطّى الصدقة «5».

من أجل التيسير أبكر بالحوائج

حدّثنا دارم بن قبيصة و نعيم بن صالح الطبري قالا: حدّثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر عن أبيه محمّد، عن أبيه علي، عن أبيه

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 95 ب 58 ح 8.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 95 ب 58 ح 9.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 59 ب 25 ح 3، عن صحيفة الرضا عليه السّلام: ص 44 ح 49.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 95 ب 25 ح 4.

(5) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 59 ب 25 ح 2، عن الأمالي للمفيد: ص 53 ح 16.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 256

الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: باكروا بالحوائج فإنها ميسّرة و تربوا الكتاب فإنّه أنجح للحاجة و اطلبوا الخير عند حسان الوجوه «1».

أقول: تقدّم وجه (حسان الوجوه) و لعل وجه (الترتيب) غيبي أو لأنّه تواضع و إذا تواضع الإنسان أثّرت نفسه في نفس المحتاج إليه.

و قال الصادق عليه السّلام: إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر إليها و ليسرع المشي إليها «2».

و في رواية،

تعلّموا من الغراب خصالا ثلاثا: استتاره بالسفاد و بكوره في طلب الرزق و حذره «3».

______________________________

(1) الخصال: ج 2 ص 394 ح 99.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 95 ب 58 ح 10.

(3) الخصال: ج 1 ص 100 ح 51 (باب الثلاثة).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 257

فصل في كراهة الحرص لطلب الرزق

اشارة

مسألة: يكره الحرص على الرزق فإنّه بيد اللّه تبارك و تعالى، و الحرص لا يزيد الحريص إلّا شدّة و مهانة.

عن إبراهيم بن عبد الصمد، عن أبيه، عن جدّه قال: قال سيّدنا الصادق عليه السّلام: من اهتمّ لرزقه كتب عليه خطيئة، إنّ دانيال كان في زمن ملك جبّار عات أخذه فطرحه في جبّ، و طرح معه السباع فلم تدن منه و لم تجرحه، فأوحى اللّه إلى نبي من أنبيائه أن ائت دانيال بطعام قال: يا ربّ و أين دانيال؟

قال: تخرج من القرية فيستقبلك ضبع فاتبعه فإنّه يدلّك إليه، فأتت به الضبع إلى ذلك الجبّ فإذا فيه دانيال فأدلى إليه الطعام، فقال دانيال: الحمد للّه الذي لا ينسى من ذكره و الحمد للّه الذي لا يخيب من دعاه الحمد للّه الذي من توكّل عليه كفاه الحمد للّه الذي من وثق به لم يكله إلى غيره الحمد للّه الذي يجزي بالإحسان إحسانا و بالصبر نجاة، ثمّ قال الصادق عليه السّلام: إنّ اللّه أبى إلّا أن يجعل أرزاق المتّقين من حيث لا يحتسبون و أن لا تقبل لأوليائه شهادة في دولة الظالمين «1».

أقول: المراد بالاهتمام- هنا- الحرص.

المكارم، في حديث موعظة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لابن مسعود: (يا ابن

______________________________

(1) أمالي الطوسي: ص 300 ح 40 (المجلس الحادي عشر).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 258

مسعود،

لا تهتم للرزق فإنّ اللّه تعالى يقول: وَ مٰا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلّٰا عَلَى اللّٰهِ رِزْقُهٰا «1» و قال: وَ فِي السَّمٰاءِ رِزْقُكُمْ وَ مٰا تُوعَدُونَ «2» و قال:

وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اللّٰهُ بِضُرٍّ فَلٰا كٰاشِفَ لَهُ إِلّٰا هُوَ وَ إِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ «3») «4».

عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ثلاثة يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ... بِغَيْرِ حِسٰابٍ: رجل يغسل قميصه و لم يكن له بدل، و رجل لم يطبخ على مطبخ قدرين، و رجل كان عنده قوت يوم فلم يهم لغد «5».

نهج البلاغة، قال علي عليه السّلام: يا ابن آدم، لا تحمل هم يومك الذي لم يأتك على يومك الذي قد أتاك فإنّه إن يك من عمرك يأت اللّه فيه برزقك «6».

أقول: معنى هذا ترك الاهتمام الزائد بحيث يكون إفراطا.

عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

من أصبح و أمسى و الآخرة أكبر همّه جعل اللّه له القناعة في قلبه و جمع له أمره و لم يخرج من الدنيا حتّى يستكمل رزقه و من أصبح و أمسى و الدنيا أكبر همّه جعل اللّه الفقر بين عينيه و شتّت عليه أمره و لم ينل من الدنيا إلّا ما قسّم له «7».

______________________________

(1) سورة هود: الآية 6.

(2) سورة الذاريات: الآية 22.

(3) سورة الأنعام: الآية 17.

(4) مكارم الأخلاق: ص 484 الفصل الرابع.

(5) إرشاد القلوب: ص 196 ب 52.

(6) نهج البلاغة: قصار الحكم: حكمة 267.

(7) ثواب الأعمال: ص 168، (ثواب من أصبح و أمسى و الآخرة أكبر همّه).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 259

من هو أكثر الناس حسرة؟!

نهج البلاغة، قال علي عليه السّلام: إنّ أخسر الناس صفقة و أخيبهم سعيا رجل أخلق بدنه في طلب ماله و لم تساعده المقادير على إرادته فخرج من الدنيا بحسرته و قدم على الآخرة بتبعته «1».

و قال علي عليه السّلام: ساهل الدهر ما ذلّ لك قعوده و لا تخاطر بشي ء رجاء أكثر منه «2».

دعوات الراوندي، ذكروا أنّ سليمان عليه السّلام كان جالسا على شاطئ بحر فبصر بنملة تحمل حبّة قمح تذهب بها نحو البحر فجعل سليمان ينظر إليها حتّى بلغت الماء فإذا بضفدعة قد أخرجت رأسها من الماء ففتحت فاها فدخلت النملة فاها و غاصت الضفدعة في البحر ساعة طويلة و سليمان عليه السّلام يتفكّر في ذلك متعجّبا ثمّ إنّها خرجت من الماء و فتحت فاها فخرجت النملة من فيها و لم تكن معها الحبّة فدعاها سليمان عليه السّلام و سألها عن حالها و شأنها و أين كانت؟ فقالت:

يا نبي اللّه، إنّ في قعر هذا البحر الذي تراه صخرة مجوّفة و في جوفها دودة عمياء و قد خلقها اللّه تعالى هناك فلا تقدر أن تخرج منها لطلب معاشها و قد وكّلني اللّه برزقها فأنا أحمل رزقها و سخّر اللّه سبحانه و تعالى هذه الضفدعة لتحملني فلا يضرني الماء في فيها و تضع فاها على ثقب الصخرة فأوصلها ثمّ إذا أوصلت رزقها إليها خرجت من ثقب الصخرة إلى فيها فتخرجني من البحر، قال سليمان: و هل سمعت لها من تسبيحه؟ قالت: نعم تقول: يا من لا ينساني في جوف هذه الصخرة تحت هذه اللجة برزقك لا تنس عبادك المؤمنين بفضلك «3».

______________________________

(1) نهج البلاغة: قصار الحكم: حكمة 430.

(2) نهج البلاغة: رسالة 31، كتبها إلى الإمام الحسن عليه السّلام

عند انصرافه من وقعة صفين.

(3) دعوات الراوندي: ص 115- 116 ح 264 (فصل في فنون شتى).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 260

فصل في لزوم الحذر من أمور تورث الفقر

اشارة

مسألة: يكره الضجر و الكسل و المنى و كثرة النوم و كثرة الفراغ و كلّ ما يكون إفراطا أو تفريطا في مختلف مناحي الحياة.

عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إنّي لأبغض الرجل أن يكون كسلانا عن أمر دنياه و من كسل عن أمر دنياه فهو عن أمر آخرته أكسل «1».

عن مسعدة بن صدقة قال: كتب أبو عبد اللّه عليه السّلام إلى رجل من أصحابه:

أمّا بعد فلا تجادل العلماء و لا تمار السفهاء فيبغضك العلماء و يشتمك السفهاء و لا تكسل عن معيشتك فتكون كلّا على غيرك- أو قال- على أهلك «2».

الغرر، قال أمير المؤمنين عليه السّلام: الكسل يفسد الآخرة «3».

و قال عليه السّلام: من دام كسله خاب أمله و ساء عمله «4».

عن ابن القداح، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: عدو العمل الكسل «5».

و روى حماد اللحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تكسلوا في طلب

______________________________

(1) الكافي (فروع): ج 5 ص 85 ح 4.

(2) وسائل الشيعة: ج 12 ص 37 ب 18 ح 3.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 45 ب 15 ح 3.

(4) غرر الحكم: ج 2 ص 162 الفصل السابع و السبعون ح 263.

(5) الكافي (فروع): ج 5 ص 85 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 261

معايشكم فإنّ آباءنا كانوا يركضون فيها و يطلبونها «1».

عن الحسن بن عبد اللّه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تستعن بكسلان و لا تستشيرن عاجزا «2».

أقول: العجز هنا بالرأي دون الجسد.

الغرر، عن أمير

المؤمنين عليه السّلام أنه قال: من التواني تولّد الكسل «3».

قال أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ الأشياء لمّا ازدوجت ازدوج الكسل و العجز فنتجا بينهما الفقر «4».

أقول: يكون الفقر بسببها.

لا نجاح مع الكسل و الضجر

عن سماعة بن مهران، عن أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: إيّاك و الكسل و الضجر فإنّك إن كسلت لم تعمل و إن ضجرت لم تعط الحقّ «5».

عن عجلان أبي صالح قال: قال لي أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد عليهما السّلام:

أنصف الناس من نفسك و واسهم في مالك و أرض لهم بما ترضى لنفسك و اذكر اللّه كثيرا و إيّاك و الكسل و الضجر فإنّ أبي بذلك كان يوصيني و بذلك كان يوصيه أبوه و كذلك في صلاة الليل إنّك إذا كسلت لم تؤدّ إلى اللّه حقه و إن ضجرت لم تؤد إلى أحد حقّا و عليك بالصدق و الورع و أداء الأمانة و إذا و عدت

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 95 ب 58 ح 11.

(2) الكافي (فروع): ج 5 ص 85 ح 6.

(3) غرر الحكم: ج 2 ص 249 الفصل الثامن و السبعون ح 36.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 86 ح 8.

(5) وسائل الشيعة: ج 12 ص 38 ب 19 ح 1.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 262

فلا تخلف «1».

و روى عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: إيّاك و الكسل و الضجر فإنّهما مفتاح كلّ سوء، إنّه من كسل لم يؤد حقا و من ضجر لم يصبر على حقّ «2».

عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: تجنّبوا المنى فإنّها تذهب بهجة ما خولتم و تستصغرون بها مواهب اللّه تعالى

عندكم و تعقبكم الحسرات فيما وهمتم به أنفسكم «3».

الغنى بترك المنى

الفقيه، قال أمير المؤمنين عليه السّلام في وصيته لابنه محمّد ابن الحنفية رضى اللّه عنه:

يا بني، إيّاك و الاتّكال على الأماني فإنّها بضائع النوكى «4» و تثبيط عن الآخرة- إلى أن قال- أشرف الغنى ترك المنى «5».

قال علي عليه السّلام: إيّاك و الاتّكال على المنى فإنّها بضائع النوكى «6».

و قال عليه السّلام: الأماني بضائع النوكى «7».

______________________________

(1) جامع أحاديث الشيعة: ج 17 ص 56 ب 11 ح 11، عن الأمالي للمفيد: ص 182 ح 4.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 103 ب 58 ح 69.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 85 ح 7.

(4) النوك: بالضم الحمق، الأنوك: بمعنى الأحمق و جمعه النوكى، لسان العرب: ج 10 ص 501 و كتاب العين: ج 5 ص 411.

(5) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 275 ب 176 ح 10.

(6) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 46 ب 16 ح 2.

(7) غرر الحكم: ج 1 ص 34 الفصل الأول ح 681.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 263

و قال عليه السّلام: الأماني شيمة الحمقى «1».

و قال عليه السّلام: الأماني همّة الجهال «2».

و قال عليه السّلام: الأماني تخدعك و عند الحقائق تدعك «3».

الجعفريات، بإسناده عن علي عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تمنّي إلّا في خير كثير «4».

تحف العقول، و أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رجل من بني تميم يقال له أبو أميّة فقال: إلى م تدعو الناس يا محمّد- إلى أن قال- و لا تضجر فيمنعك الضجر من الآخرة و الدنيا ... الخبر «5».

الجعفريات، بإسناده عن

علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: إذا تمنّى أحدكم فليكن مناه في الخير و ليكثر فإنّ اللّه واسع كريم «6».

تحف العقول، في حديث وصيّة الصادق عليه السّلام لعبد اللّه بن جندب: يا عبد اللّه، و لا تنظر إلّا إلى ما عندك و لا تتمنّ ما لست تناله فإنّ من قنع شبع و من لم يقنع لم يشبع «7».

الجعفريات، بإسناده عن علي بن أبي طالب عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:

______________________________

(1) غرر الحكم: ج 1 ص 27 الفصل الأول ح 490.

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 47 ب 16 ح 8.

(3) غرر الحكم: ج 1 ص 72 الفصل الأول ح 1491.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 46 ب 16 ح 3، عن الجعفريات: ص 154.

(5) تحف العقول: ص 41 ح 45.

(6) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 46 ب 16 ح 5، عن الجعفريات: ص 155.

(7) تحف العقول: ص 315، (حديث وصيّته عليه السّلام لعبد اللّه بن جندب).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 264

من تمنّى شيئا هو للّه تعالى رضا لم يمت من الدنيا حتّى يعطاه «1».

الجعفريات، بهذا الإسناد عن علي عليه السّلام قال: من تمنّى شيئا من فضول الدنيا من مراكبها و قصورها أو رياشها عنى نفسه و لم يشف غيظه و مات بحسرته «2».

لا تجارة مع كثرة النوم و الفراغ

عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ اللّه عز و جل يبغض كثرة النوم و كثرة الفراغ «3».

عن بشير الدهان قال: سمعت أبا الحسن موسى عليه السّلام يقول: إنّ اللّه عز و جل يبغض العبد النوّام الفارغ «4».

و قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام: إنّ اللّه تعالى

ليبغض العبد النوّام، إنّ اللّه تعالى ليبغض العبد الفارغ «5».

عن يونس بن يعقوب، عمن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كثرة النوم مذهبة للدين و الدنيا «6».

نهج البلاغة، قال عليه السّلام: ما أنقض النوم لعزائم اليوم «7».

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 46 ب 16 ح 4، عن الجعفريات: ص 154 (باب التمني).

(2) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 47 ب 16 ح 6.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 84 ح 3.

(4) الكافي (فروع): ج 5 ص 84 ح 2.

(5) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 103 ب 58 ح 70.

(6) الكافي (فروع): ج 5 ص 84 ح 1.

(7) نهج البلاغة: الخطبة 241.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 265

الغرر، قال علي عليه السّلام: ويل للنائم ما أخسره قصر عمره و قل أجره «1».

الغرر، قال علي عليه السّلام: بئس الغريم النوم يفني قصير العمر و يفوت كثير الأجر «2».

عن علي بن أبي حمزة قال: قلت لأبي الحسن عليه السّلام: إنّ أباك أخبرنا بالخلف من بعده فلو أخبرتنا به فأخذ بيدي فهزّها ثمّ قال: مٰا كٰانَ اللّٰهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدٰاهُمْ حَتّٰى يُبَيِّنَ لَهُمْ مٰا يَتَّقُونَ «3»، قال فخفقت فقال لي: مه، لا تعوّد عينيك كثرة النوم فإنّها أقل شي ء في الجسد شكرا «4».

أقول: أيّ لا يشكر القدر الكافي من النوم بل يريد الزيادة.

______________________________

(1) غرر الحكم: ج 2 ص 303 الفصل الثالث و الثمانون ح 30.

(2) غرر الحكم: ج 1 ص 304 الفصل العشرون ح 33.

(3) سورة التوبة: الآية 115.

(4) تفسير العيّاشي: ج 2 ص 115 ح 149 (في تفسير سورة البراءة).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 266

فصل بيان أوقات يكره النوم فيها

اشارة

مسألة: يكره النوم ما

بين طلوع الفجر و طلوع الشمس و بين صلاة الليل و الفجر و بين العشاءين إلّا من علّة.

عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السّلام قال: سألته عن النوم بعد الغداة؟

فقال: إنّ الرزق يبسط تلك الساعة، فأنا أكره أن ينام الرجل تلك الساعة «1».

الفقيه، قال أبو الحسن عليه السّلام: نوم الغداة شؤم يحرم الرزق و يصفر اللون و كان المن و السلوى ينزل على بني إسرائيل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فمن نام تلك الساعة لم ينزل نصيبه فكان إذا انتبه فلا يرى نصيبه احتاج إلى السؤال و الطلب «2».

قال الصادق عليه السّلام: نومة الغداة مشومة تطرد الرزق و تصفر اللون و تقبّحه و تغيّره و هو نوم كلّ مشوم إنّ اللّه تعالى يقسّم الأرزاق ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس «3».

قال الصادق عليه السّلام: من قول اللّه عز و جل: فَالْمُقَسِّمٰاتِ أَمْراً «4» قال:

______________________________

(1) الاستبصار: ج 1 ص 350 ب 203 ح 2.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 319 ب 78 ح 11.

(3) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 139 ب 8 ح 308.

(4) سورة الذاريات: الآية 4.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 267

الملائكة تقسم أرزاق بني آدم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فمن نام فيما بينهما نام عن رزقه «1».

أقول: المراد مزيد الرزق لا أصله.

الفقيه، قال الباقر عليه السّلام: النوم أوّل النهار خرق و القائلة نعمة و النوم بعد العصر حمق و النوم بين العشاءين يحرم الرزق؛ و النوم على أربعة أوجه: نوم الأنبياء عليهم السّلام على أقفيتهم لمناجاة الوحي، و نوم المؤمنين على أيمانهم، و نوم الكفّار و المنافقين على أيسارهم، و نوم الشياطين على

وجوههم «2».

المجلسي في الحلية، عن أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ النوم قبل طلوع الشمس و قبل صلاة العشاء يورث الفقر و شتات الأمر «3».

الشيخ الطريحي، في مجمع البحرين و في حديث: و القيلولة تورث الفقر؛ و فسرت بالنوم وقت صلاة الفجر «4».

عن سليمان بن حفص البصري، عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما عجت الأرض إلى ربّها عز و جل كعجيجها من ثلاثة: من دم حرام يسفك عليها، أو اغتسال من زنا، أو النوم عليها قبل طلوع الشمس «5».

أقول: لعل المراد لمن لم يصل صلاة الصبح.

عن أبي جعفر محمّد بن علي عليهما السّلام في حديث قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لعلي عليه السّلام:

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 139 ب 8 ص 308.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 318 ب 78 ح 4.

(3) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 110 ب 31 ح 2، عن حلية المجلسي: ص 126.

(4) مستدرك الوسائل: ج 13 ص 110 ب 31 ح 3، عن مجمع البحرين: ج 5 ص 459.

(5) الخصال: ج 1 ص 141 ح 160 (باب الثلاثة).

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 268

يا علي، أ ما علمت أنّ الأرض تعج إلى اللّه من نوم العالم عليها قبل طلوع الشمس «1».

عن أبي حمزة قال: كنت عند علي بن الحسين و عصافير على الحائط قبالته يصحن فقال: يا أبا حمزة، أ تدري ما يقلن؟ قال: يتحدّثن أن لهن وقت يسألن فيه قوتهنّ يا أبا حمزة، لا تنامن قبل طلوع الشمس فإنّي أكرهها لك إنّ اللّه يقسم في ذلك الوقت أرزاق العباد و

على أيدينا يجريها «2».

علي بن جعفر في كتابه، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن قول اللّه عز و جل: وَ اذْكُرُوا اللّٰهَ كَثِيراً «3»؟ قال: قلت: من ذكر اللّه مائتي مرّة أ كثير هو؟ قال: نعم. قال: و سألته عن النوم بعد الغداة؟ قال: لا حتّى تطلع الشمس «4».

عن معمّر بن خلاد قال: أرسل إليّ أبو الحسن الرضا عليه السّلام في حاجة فدخلت عليه فقال: أنصرف، فإذا كان غدا فتعال و لا تجي ء إلّا بعد طلوع الشمس فإنّي أنام إذا صلّيت الفجر «5».

أقول: لعلّ الإمام عليه السّلام كان تعبا أو كان يسهر الليل كثيرا ممّا هو أفضل من عدم النوم بين الطلوعين.

عن سالم بن أبي خديجة، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سأله رجل و أنا أسمع

______________________________

(1) دعائم الإسلام: ج 1 ص 153 (ذكر الجماعة و الصفوف).

(2) بصائر الدرجات: ج 7 ص 363 ح 9.

(3) سورة الجمعة: الآية 10.

(4) بحار الأنوار: ج 10 ص 265 ب 17 ح 1.

(5) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 320 ب 15 ح 165.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 269

فقال: إنّي أصلي الفجر ثمّ أذكر اللّه بكلّ ما أريد أن أذكره ممّا يجب علي فأريد أن أضع جنبي فأنام قبل طلوع الشمس فأكره ذلك فقال: و لم؟ قال: أكره أن تطلع الشمس من غير مطلعها قال: ليس بذلك خفاء انظر من حيث يطلع الفجر فمن ثمّ تطلع الشمس و ليس عليك من حرج أن تنام إذا كنت قد ذكرت اللّه عز و جل «1».

كثرة النوم توجب الحسرة في القيامة

عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: قالت أم سليمان بن

داود لسليمان عليه السّلام: إيّاك و كثرة النوم بالليل فإنّ كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة «2».

تحف العقول، قال الصادق عليه السّلام في وصيته لابن جندب: يا ابن جندب، أقل النوم بالليل و الكلام بالنهار فما في الجسد شي ء أقلّ شكرا من العين و اللسان فإنّ أم سليمان قالت لسليمان عليه السّلام: يا بني إيّاك و النوم فإنّه يفقرك يوم يحتاج الناس إلى أعمالهم «3».

قال الصادق عليه السّلام: ثلاثة فيهنّ المقت من اللّه عز و جل: نوم من غير سهر، و ضحك من غير عجب، و أكل على الشبع «4».

عن عبد اللّه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: لا سهر بعد العشاء الآخرة

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 321 ب 15 ح 167.

(2) الخصال: ج 1 ص 28 ح 99 (باب الواحد).

(3) تحف العقول: ص 313 (وصيته عليه السّلام لعبد اللّه بن جندب).

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 318 ب 78 ح 6.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 270

إلّا لأحد رجلين: مصل أو مسافر «1».

أقول: هذا على الغالب.

عن علي عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا سهر إلّا في ثلاث:

متهجّد بالقرآن أو طالب العلم أو عروس تهدى إلى زوجها «2».

عن يونس بن يعقوب، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كثرة النوم مذهبة للدين و الدنيا «3».

عن صالح يرفعه بإسناده قال: أربعة القليل منها كثير: النار القليل منها كثير، و النوم القليل منه كثير، و المرض القليل منه كثير، و العداوة القليل منها كثير «4».

الغرر، قال علي عليه السّلام: ويل للنائم ما أخسره! قصر عمره و

قلّ أجره «5».

و قال عليه السّلام: من كثر في ليله نومه فاته من العمل ما لا يستدركه في يومه «6».

و قال عليه السّلام: كثرة الأكل و النوم يفسدان النفس و يجلبان المضرّة «7».

الخصال، بإسناده عن علي عليه السّلام (في حديث الأربعمائة): و اطلبوا الرزق

______________________________

(1) الخصال: ج 1 ص 78 ح 125 (باب الاثنين).

(2) جامع أحاديث الشيعة: ج 17 ص 63 ب 12 ح 18، عن الجعفريات: ص 94، و في الخصال:

ج 1 ص 112 ح 88 (باب الثلاثة)، عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ... الحديث و ذكر مثله.

(3) الكافي (فروع): ج 5 ص 84 ح 1.

(4) الخصال: ج 1 ص 238 ح 84 (باب الأربعة).

(5) غرر الحكم: ج 2 ص 303 الفصل الثالث و الثمانون ح 30.

(6) غرر الحكم: ج 2 ص 216 الفصل السابع و السبعون ح 1173.

(7) غرر الحكم: ج 2 ص 102 الفصل السادس و الستون ح 37.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 271

فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فإنّه أسرع في طلب الرزق من الضرب في الأرض و هي الساعة التي يقسّم اللّه فيها الرزق بين عباده «1».

و هذا آخر ما أردنا إيراده في هذا الكتاب، و اللّه سبحانه المسئول أن ينفع به المؤمنين و يجعله ذخرا ليوم لٰا يَنْفَعُ فيه مٰالٌ وَ لٰا بَنُونَ إِلّٰا مَنْ أَتَى اللّٰهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين.

سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ. وَ سَلٰامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ «2».

قم المقدّسة محمّد الشيرازي

______________________________

(1) الخصال: ج

2 ص 616 ح 10 (حديث الأربعمائة).

(2) سورة الصافات: الآيات 180- 182.

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 273

المصادر

القرآن الكريم

نهج البلاغة

إرشاد القلوب- الحسن بن أبي الحسن الديلمي- ط قم 1412 ه

أعلام الدين- الحسن بن أبي الحسن الديلمي- ط 1 قم 1408 ه

إعلام الورى- الشيخ الطبرسي- ط 3 دار الكتب الإسلامية

أمالي الصدوق- الشيخ الصدوق- ط 5 بيروت 1400 ه

أمالي الطوسي- الشيخ الطوسي- ط 1 قم 1414 ه

الأمالي للمفيد- الشيخ المفيد- ط قم 1413 ه

أمان الأخطار- السيد ابن طاوس- ط قم

الاحتجاج- أحمد بن علي الطبرسي- ط مشهد 1403 ه

الاختصاص- الشيخ المفيد- ط قم 1413 ه

الاستبصار- الشيخ الطوسي- ط 3 طهران 1390 ه

بحار الأنوار- العلامة المجلسي- ط 2 بيروت 1404 ه

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 274

بصائر الدرجات- محمد بن حسن بن فروخ الصفار- ط طهران 1404 ه

تحف العقول- حسن بن شعبة الحرّاني- ط طهران 1404 ه

تفسير الإمام العسكري عليه السّلام- منسوب إلى الإمام الحسن العسكري عليه السّلام- ط 1 قم 1409 ه

تفسير العيّاشي- أبو النضر محمد بن مسعود العياشي- ط طهران 1380 ه

تفسير القمي- علي بن إبراهيم بن هاشم القمي- ط نجف 1387 ه

التمحيص- محمد بن همام الإسكافي- ط قم 1404 ه

تنبيه الخواطر- ورام بن أبي فراس- ط قم

تهذيب الأحكام- الشيخ الطوسي- ط 4 طهران 1365 ه. ش

التوحيد- الشيخ الصدوق- ط قم 1398 ه

توحيد المفضل- المفضل بن عمرو الجعفي الكوفي ط قم 1969 م

ثواب الأعمال- الشيخ الصدوق- ط 2 قم 1406 ه، و ط 4 بيروت 1403 ه

جامع أحاديث الشيعة- تحت إشراف السيد حسين البروجردي- ط قم 1410 ه

جامع الأخبار- تاج الدين الشعيري- ط قم 1405 ه

الجعفريات- محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي- ط إيران

الحلية-

العلامة المجلسي

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 275

الخصال- الشيخ الصدوق- ط 4 قم 1414 ه

دعائم الإسلام- النعمان بن محمد التميمي المغربي- ط 2 مصر سنة 1385 ه

دعوات الراوندي- قطب الدين الراوندي- ط بيروت 1408 ه

رجال الكشي- محمد بن عمر الكشي- ط قم 1404 ه

صحيفة الرضا عليه السّلام- الإمام علي بن موسى الرضا عليه السّلام

طب النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم- جعفر بن محمد المستغفري- ط إيران 1362 ه. ش

عدّة الداعي- أحمد بن فهد الحلي- ط قم

علل الشرائع- الشيخ الصدوق- ط نجف 1385 ه

عيون أخبار الرضا عليه السّلام- الشيخ الصدوق- ط طهران 1378 ه

الغايات- ط 1 مشهد 1413 ه

غرر الحكم- عبد الواحد بن محمد التميمي الآمدي- ط 1 بيروت 1407 ه

غوالي اللآلي- ابن أبي جمهور- ط 1 قم 1403 ه

فقه الرضا عليه السّلام- منسوب للإمام علي بن موسى الرضا عليه السّلام- ط 1 مشهد 1406 ه

قرب الإسناد- عبد اللّه بن جعفر الحميري- ط 1 قم 1413 ه

الكافي- ثقة الإسلام الكليني- ط إيران دار الكتب الإسلامية- 1365 ه. ش

كتاب العين- خليل البصري

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 276

كشف الغمة- علي بن عيسى الإربلي- ط إيران 1381 ه

كشف المحجة- السيد علي بن طاوس- ط إيران

كنز الفوائد- الشيخ أبو الفتح الكراجكي- ط 1 قم 1410 ه

لسان العرب- جمال الدين بن منظور

مجمع البحرين و مطلع النيرين- الشيخ الطريحي

مجمع البيان- أمين الدين أبو علي الفضل بن حسن الطبرسي

المحاسن- أحمد بن محمد بن خالد البرقي- ط قم 1371 ه

مستدرك الوسائل- الشيخ المحدث النوري- ط 1 قم 1408 ه

مشكاة الأنوار- علي بن حسن الطبرسي- ط نجف 1385 ه

معاني الأخبار- الشيخ الصدوق- ط قم 1361 ه

المقنعة- الشيخ المفيد

مكارم الأخلاق- رضي

الدين الحسن بن الفضل الطبرسي- ط 1 بيروت 1408 ه

من لا يحضره الفقيه- الشيخ الصدوق- ط 4 نجف 1377 ه

المنجد في اللغة- لويس معلوف

مهج الدعوات- السيد علي بن طاوس الحلي- ط إيران

موسوعة الفقه- كتاب الآداب و السنن- السيد الشيرازي- ط 2 بيروت- دار

المال، أخذا و عطاء و صرفا، ص: 277

العلوم 1409 ه

موسوعة الفقه- كتاب النكاح- السيد الشيرازي- ط 2 بيروت- دار العلوم 1409 ه

وسائل الشيعة- الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي- ط إسلامية 1382 ه

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، المال، أخذا و عطاء و صرفا، در يك جلد، مؤسسة الوعي الاسلامي - دار العلوم، بيروت - لبنان، اول، 1425 ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.