الامام المهدي و مسألة العمر الطويل

اشارة

نوع: مقاله
پديدآور: حصيني موسوي، عبدالرحيم
عنوان و شرح مسئوليت: الامام المهدي و مسألة العمر الطويل [منبع الكترونيكي] / عبدالرحيم موسوي
توصيف ظاهري: 1 متن الكترونيكي: بايگاني HTML؛ داده هاي الكترونيكي (9 بايگاني: 83KB)
موضوع: امكان طول عمر انسان
طول عمر امام مهدي ( ع )
نواب خاص امام مهدي ( ع )
توقيع امام مهدي ( ع )

كلمة المجمع العالمي لاهل البيت‌

إنّ تراث أهل البيت‌عليهم السلام الذي اختزنته مدرستهم وحفظه من الضياع أتباعهم يعبّر عن مدرسة جامعة لشتي فروع المعرفة الإسلامية. وقد استطاعت هذه المدرسة أن تربّي النفوس المستعدة للاغتراف من هذا المعين، وتقدّم للاُمة الإسلامية كبار العلماء المحتذين لخُطي أهل‌البيت‌عليهم السلام الرسالية، مستوعبين إثارات وأسئلة شتي المذاهب والاتجاهات الفكرية من داخل الحاضرة الإسلامية وخارجها، مقدّمين لها أمتن الأجوبة والحلول علي مدي القرون المتتالية.وقد بادر المجمع العالمي لأهل البيت‌عليهم السلام - منطلقاً من مسؤولياته التي أخذها علي عاتقه - للدفاع عن حريم الرسالة وحقائقها التي ضبّب عليها أرباب الفرق والمذاهب وأصحاب الاتجاهات المناوئة للإسلام، مقتفياً خطي أهل‌البيت‌عليهم السلام وأتباع مدرستهم الرشيدة التي حرصت في الرد علي التحديات المستمرة، وحاولت أن تبقي علي الدوام في خطّ المواجهة وبالمستوي المطلوب في كلّ عصر.إنّ التجارب التي تختزنها كتب علماء مدرسة أهل‌البيت‌عليهم السلام في هذا المضمار فريدة في نوعها؛ لأنها ذات رصيد علمي يحتكم الي العقل والبرهان ويتجنّب الهوي والتعصب المذموم، ويخاطب العلماء والمفكرين من ذوي الاختصاص خطاباً يستسيغه العقل وتتقبله الفطرة السليمة.وقد حاول المجمع العالمي لأهل البيت‌عليهم السلام ان يقدم لطلّاب الحقيقة مرحلة جديدة من هذه التجارب الغنيّة في باب الحوار والسؤال والرد علي الشبهات - التي اُثيرت في عصور سابقة أو تثار اليوم ولا سيّما بدعم من بعض الدوائر الحاقدة علي الإسلام والمسلمين من خلال شبكات الانترنيت وغيرها - متجنّبة الإثارات المذمومة وحريصة علي استثارة العقول المفكرة والنفوس الطالبة للحق، لتنفتح علي الحقائق التي تقدّمها مدرسة أهل البيت الرسالية للعالم أجمع، في عصر يتكامل فيه العقول ويتواصل النفوس والأرواح بشكل سريع وفريد.ولابدّ أن نشير الي أن هذه المجموعة من البحوث قد اُعدت في لجنة خاصة من مجموعة من الأفاضل. ونتقدم بالشكر الجزيل لكل هؤلاء ولأصحاب الفضل والتحقيق لمراجعة كلّ منهم جملة من هذه البحوث وابداء ملاحظاتهم القيّمة عنها.وكلّنا أمل ورجاء بأن نكون قد قدّمنا ما استطعنا من جهد أداءً لبعض ما علينا تجاه رسالة ربّنا العظيم الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحقّ ليظهره علي الدين كلّه وكفي باللَّه شهيداً.المجمع العالمي لأهل البيت‌عليهم السلامالمعاونية الثقافية - قم المقدسة

المقدمة

تواجه عمليات التغيير الكبري في التأريخ الكثير من الشكوك والاستفهامات التي يثيرها عادة ذوو الاُفق الضيّق والخصوم والأعداء، ومن هنا فإنّ عمليات التغيير التي قادها الأنبياءعليهم السلام غالباً ما يتم تعضيدها بالقوي الغيبية، ومن خلال المعاجز التي تحصل بقدرة اللَّه سبحانه وتعالي، ذلك لأن الأهداف الإلهية المهمة، إذا ما توقف وجودها علي المعجزة، فإنّ اللَّه تعالي يوجدها لا محالة [1] ، وليس الغرض من المعجزة سوي اقناع المشكّكين وذوي الاُفق الضيّق بصحة نبوّة النبيّ وصحة مشروعه التغييري، ومن أجل المشروع ذاته، أي من أجل هداية الناس وتعبيدهم للَّه تعالي.وليست عملية التغيير الكبري الموعودة التي يقودها الإمام المهدي المنتظر(عج)بمنأي عن استفهامات المستفهمين، أو اشكالات المشككين، فبحجم هذه العملية التي ستملأ الأرض عدلاً، كما مُلئت ظلماً وجوراً، تأتي التساؤلات والشكوك والاستفهامات.ولعلّ أهم تساؤل يطلقه البعض حول الإمام المهدي يتمحور حول مفهوم الغيبة ومداها الزمني البعيد وإمكانية أن يعمّر الإمام هذا العمر الطويل غير المألوف لدي البشر العاديين، وكيف يمكن أن ينجو من قوانين الطبيعة التي تفرض علي كل إنسان أن يمرّ بمرحلة الشيخوخة والهرم وهما أعلي مراحل الضعف وأقربها الي الموت الذي يكون خاتمة طبيعية لكلّ إنسان يطوي مراحل عمره بشكل طبيعي أيضاً. أما في الحالات غير الطبيعية فقد يموت الإنسان حتي قبل أن يصل الي مرحلة الشيخوخة أو الكهولة بسبب الأمراض أو بسبب الحوادث والكوارث الطبيعية.فكيف يمكن تصور طول عمر الإمام المهدي‌عليه السلام الذي تجاوز من يوم غيبته الكبري والي الآن أكثر من أحد عشر قرناً من الزمان، وقد يستمر الي أمد غير معلوم؛ حتي يأذن اللَّه تعالي له بالظهور، وينجز مهمته التغييرية الكبري؟هذا هو الاستفهام الكبير الذي يطرحه الكثيرون بشأن مفهوم المهدوية عند أهل‌البيت‌عليهم السلام، باعتبار أنّ أبرز خصيصة يتسمّ بها هذا المفهوم هو الاعتقاد بأنّ الإمام المهدي قد ولد في منتصف القرن الثالث الهجري وعاش في كنف أبيه الإمام الحسن العسكري سنوات قلائل، ثم غاب عن الأنظار، وسيبقي علي قيد الحياة خلف ستار الغيبة الي أن يأذن اللَّه له بالظهور، وذلك عندما يبلغ التاريخ نهايته، وهذه الدراسة تأتي كمحاولة للإجابة علي هذا الاستفهام.

فذلكة البحث

عندما نلقي نظرة تحليلية علي الاستفهام المذكور نجده مركباً من نقطتين، يمكننا التفكيك بينهما، وهما: -1 - انكار امكانية أن يعمّر الإنسان أكثر من الحدّ المألوف، وأن يبلغ ألف سنة أو أكثر.2 - انكار أن تكون الحظوة بالعمر الطويل المفتوح مع انفتاح الزمن الي نهايته لشخص اسمه الإمام المهدي ابن الإمام الحسن العسكري‌عليه السلام.وحينئذٍ، فالجواب علي الاستفهام المذكور يتطلب البحث في مرحلتين، مرحلة اثبات امكانية أن يعمّر الإنسان ألفاً أو الفي سنة ونحو ذلك، ومرحلة اثبات أنّ الإمام المهدي‌عليه السلام قد نال هذه الامكانية، وأنّ اللَّه سبحانه وتعالي قد وهبه هذا النوع من العمر الطويل، فالمرحلة الاُولي ثبوتية والثانية اثباتية.

امكانية امتداد عمر الانسان بنحو خارق للعادة

اشاره

إن امكانية أن يمتدّ عمر الإنسان امتداداً مفتوحاً مع الزمن الي نهايته التي لا يعلمها إلّا اللَّه سبحانه وتعالي، بحيث يعمّر ألفاً أو الفي سنة أو نحو ذلك، يتاح لنا اثباتها من جهتين مختلفتين:أوّلاً: القرآن الكريم أو الإمكان العقائدي:فقد تضّمن القرآن الكريم إخبارات عن عدد من الأنبياء والصالحين امتدّ بهم العمر فترة خارقة، بما يثبت أنّ مسألة العمر الطويل أمرٌ ممكنٌ ينسجم عقائدياً مع القرآن الكريم، ومن هؤلاء:1 - نبيّ اللَّه نوح‌عليه السلام: قال تعالي:«وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَي قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَلِمُونَ» [2] .2 - نبيّ اللَّه عيسي‌عليه السلام: قال تعالي:«وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ا لْمَسِيحَ عِيسَي ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَاقَتَلُوهُ يَقِينًا- بَل رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا» [3] .وفي الدر المنثور: وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله:«شُبّه لهم»قال: صلبوا رجلاً غير عيسي، شُبّه بعيسي يحسبونه إيّاه، ورفع اللَّه عيسي حيّاً [4] .3 - أصحاب الكهف: قال تعالي:«إذ أوي الفتية الي الكهف فقالوا ربّنا آتنا من لدنك رحمة وهيّئ لنا من أمرنا رشداً- فضربنا علي آذانهم في الكهف سنين عدداً» [5] ، ثم بعثهم اللَّه، فتصوّروا أنّهم لبثوا يوماً أو بعض يوم«وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم...» [6] ، في حين أنّهم لبثوا ثلاثمائة عام وتسع سنين:«ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً» [7] .4 - الذي أماته اللَّه مائة عام ثم بعثه: قال تعالي:«أَوْكَالَّذِي مَرَّ عَلَي قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَي عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّي يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِاْ ئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَي طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَي حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَي ا لْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَي كُلِّ شَيْ‌ءٍ قَدِيرٌ» [8] ، ولعل في بقاء الطعام والشراب مائة عام، ولم يتسنّه آية أبلغ من آية إماتة هذا العبد الصالح مائة عام أحياه اللَّه بعدها.قال الكنجي الشافعي المتوفي سنة (658 ه )في كتابه(البيان في أخبار صاحب الزمان)في الباب الخامس والعشرين في الدلالة علي كون المهدي(عج)حيّاً باقياً منذ غيبته الي الآن، ما نصّه:(ولا امتناع في بقائه بدليل بقاء عيسي وإلياس والخضر من أولياء اللَّه تعالي، وبقاء الدجال وإبليس الملعونين أعداء اللَّه تعالي، وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنّة، وقد اتّفقوا عليه، ثم أنكروا جواز بقاء المهدي، وها أنا اُبيّن بقاء كل واحد منهم، فلا يسع بعد هذا العاقل إنكار جواز بقاء المهدي‌عليه السلام... أما عيسي‌عليه السلام فالدليل علي بقائه قوله تعالي:«وإن من أهل الكتاب إلّا ليُؤمنن به قبل موته». ولم يؤمن به أحد منذ نزول هذه الآية الي يومنا هذا، ولابد أن يكون ذلك في آخر الزمان) [9] .وأما عن طول عمر نبي اللَّه نوح‌عليه السلام فلا يحتاج الي دليل بعد أن نصّ عليه القرآن الكريم، ولعلّ في بقاء أهل الكهف أكثر من ثلاثة قرون وهم نيام أعجب من طول عمر نوح‌عليه السلام، إذ هم في رقدتهم لا يأكلون ولا يشربون، كما أنّ الرجل الذي أماته اللَّه مائة عام ثم أحياه، وطعامه لم يتسنّه آية للسائلين عن طول عمر الإمام المهدي‌عليه السلام، وكل ذلك قد ورد في الكتاب العزيز بما لا حاجة الي الإطالة فيه [10] .إذاً، ما تضمنه القرآن الكريم من إخبارات بخصوص عددٍ من الأنبياء وقد امتدّ بهم العمر قروناً طويلة يدل علي أنّ مسألة العمر الطويل أمر ممكن، إلّا أنه ممّا ينبغي الإشارة إليه هو أن الإمامة عدل القرآن، فلئلّا تخلو الأرض من حجةٍ ينبغي وجود الإمام حيّاً الي آخر الدنيا مع وجود القرآن. فوجود الإمام حيّاً هو أمر طبيعي لمن يعرف موارد البقاء.ثانياً: الإمكان العملي والعلمي والمنطقيوقد أجاد في طرحها السيد الشهيد محمد باقر الصدرقدس سره وهي بمجملها إجابة وافية علي سؤال مفاده: هل بالإمكان أن يعيش الإنسان قروناً كثيرة، كما هو المفترض في هذا القائد المنتظر المعد - أي الإمام المهدي - لتغيير العالم، والذي يبلغ عمره الشريف فعلاً حوالي (14) مرة من عمر الإنسان الاعتيادي؟ وماذا يعني الإمكان في هذه القضية؟«الإمكان يعني أحد ثلاثة معانٍ: الإمكان العملي، والإمكان العلمي، والإمكان المنطقي أو الفلسفي.فالإمكان العملي، هو أن يكون الشي‌ء ممكناً علي نحو يتاح للناس العاديين تحقيقه، فالسفر عبر المحيط والوصول الي قاع البحر، والصعود الي القمر، أشياء أصبح لها إمكان عملي فعلاً».وبالنسبة لعمر الإمام المهدي(عج)فلا يوجد علمياً اليوم ما يبرر رفض طول عمره الشريف من الناحية النظرية، وهذا بحث يتصل في الحقيقة بنوعية التفسير الفسلجي لظاهرة الشيخوخة والهرم لدي الإنسان، فهل تعبّر هذه الظاهرة عن قانون طبيعي يفرض علي أنسجة جسم الإنسان وخلاياه بعد أن تبلغ قمة نموّها أن تتصلّب بالتدريج وتصبح أقل كفاءة للاستمرار في العمل، الي أن تتعطل في لحظة معينة، حتي لو عزلناها عن تأثير أي‌عامل خارجي؟ أو أن هذا التصلّب وهذا التناقص في كفاءة الأنسجة والخلايا الجسمية للقيام بأدوارها الفسيولوجية هو نتيجة صراع مع عوامل خارجية كالميكروبات أو التسمم الذي يتسرب الي الجسم من خلال ما يتناوله من غذاء مكثّف، أو ما يقوم به من عمل مكثف أو أي‌عامل آخر؟ وهذا سؤال يطرحه العلم اليوم علي نفسه، وهو جادّ في الإجابة عليه، ولا يزال للسؤال أكثر من جواب علي الصعيد العلمي، فإذا أخذنا بوجهة النظر العلمية التي تتجه الي تفسير الشيخوخة والضعف الهرمي، بوصفه نتيجة صراع واحتكاك مع مؤثرات خارجية معينة، فهذا يعني أنّ بالإمكان نظرياً، إذا عزلت الأنسجة التي يتكون منها جسم الإنسان عن تلك المؤثرات المعينة أن تمتدّ بها الحياة وتتجاوز ظاهرة الشيخوخة وتتغلب عليها نهائياً. وإذا أخذنا بوجهة النظر الاُخري التي تميل الي افتراض الشيخوخة قانوناً طبيعياً للخلايا والأنسجة الحية نفسها، بمعني أنّها تحمل في أحشائها بذرة فنائها المحتوم، مروراً بمرحلة الهرم والشيخوخة وانتهاءً بالموت، فليس معني هذا عدم افتراض أي مرونة في هذا القانون الطبيعي، بل هو علي افتراض وجوده قانون مرن، لأننا نجد في حياتنا الاعتيادية، ولأنّ العلماء يشاهدون في مختبراتهم العلمية أنّ الشيخوخة كظاهرة فسيولوجية لا زمنية، قد تأتي مبكرة وقد تتأخّر ولا تظهر إلّا في فترة متأخّرة، حتي أنّ الرجل قد يكون ولا تبدو عليه أعراض الشيخوخة، كما نصّ علي ذلك الأطباء، بل إنّ العلماء استطاعوا عمليّاً أنّ يستفيدوا من مرونة ذلك القانون الطبيعي المفترض، فأطالوا عمر بعض الحيوانات مئات المرات بالنسبة الي أعمارها الطبيعية، وذلك بخلق ظروف وعوامل تؤجل فاعلية قانون الشيخوخة، وبهذا يثبت علميّاً أنّ تأجيل هذا القانون بخلق ظروف وعوامل معينة أمر ممكن علميّاً؛ ولئن لم يتاح للعلم أن يمارس فعلاً هذا التأجيل بالنسبة الي كائن معقد كالإنسان فليس ذلك إلّا لفارق درجة بين صعوبة هذه الممارسة بالنسبة الي الإنسان وصعوبتها بالنسبة الي أحياء اُخري، وهذا يعني أنّ العلم من الناحية النظرية وبقدر ما تشير إليه اتجاهاته المتحركة لا يوجد فيه أبداً ما يرفض امكانية إطالة عمر الإنسان، سواء فسرت الشيخوخة بوصفها نتاج صراع واحتكاك مع مؤثرات خارجية، أو نتاج قانون طبيعيّ للخلية الحيّة نفسها يسير بها نحو الفناء.وأما الإمكان العلمي،«فيعني أنّ هناك أشياء قد لا يكون بالإمكان عملياً تحقيقها فعلاً بوسائل المدنية المعاصرة، ولكن لا يوجد لدي العلم ولا تشير اتجاهاته المتحركة الي ما يبرر رفض إمكان وقوع هذه الأشياء، وفقاً لظروف ووسائل خاصة، فصعود الإنسان - مثلاً - الي كوكب الزهرة لا يوجد في العلم ما يرفض وقوعه، بل إنّ اتجاهاته القائمة فعلاً تشير الي إمكان ذلك وإن لم يكن الصعود فعلاً ميسوراً، لأنّ الفارق بين الصعود الي الزهرة والصعود الي القمر ليس إلّا فارق درجة، ولا يمثل الصعود الي الزهرة إلّا مرحلة تذليل الصعاب الإضافية التي‌تنشأ من كون المسافة أبعد، فالصعود الي الزهرة ممكن علميّاً وإن لم يكن ممكناً عملياً فعلاً، وعلي العكس من ذلك الصعود الي قرص الشمس فهو غير ممكن علمياً، بمعني أنّ العلم لا أمل له في وقوع ذلك، إذ لا يتصور علمياً وتجريبياً إمكانية صنع ذلك الدرع الواقي من الاحتراق بحرارة الشمس، التي تمثل آتوناً هائلاً مستعراً بأعلي درجة تخطر علي بال إنسان».«أما الإمكان المنطقي أو الفلسفي، فإنه لا يوجد لدي العقل وفق ما يدركه من قوانين قبلية - أي سابقة علي التجربة - ما يبرر رفض الشي‌ء والحكم باستحالته، فوجود ثلاث برتقالات تنقسم بالتساوي وبدون كسر الي نصفين ليس له إمكان منطقي، لأنّ العقل يدرك - قبل أن يمارس أي تجربة - أن الثلاثة عدد فردي وليس زوجاً، فلا يمكن أن تنقسم بالتساوي، لأنّ انقسامها بالتساوي يعني كونها زوجاً فتكون فرداً وزوجاً في وقت واحد، وهذا تناقض، والتناقض مستحيل منطقياً، ولكن دخول الإنسان في النار دون أن يحترق وصعوده للشمس دون أن تحرقه الشمس بحرارتها ليس مستحيلاً من الناحية المنطقية، وإذ لا تناقض في افتراض أنّ الحرارة لا تتسرب من الجسم الأكثر حرارة الي الجسم الأقل حرارة، وإنّما هو مخالف للتجربة التي أثبتت تسرب الحرارة من الجسم الأكثر حرارة الي الجسم الأقل حرارة الي أن يتساوي الجسمان في الحرارة. وهكذا نعرف أن الإمكان المنطقي أوسع دائرة من الإمكان العلمي، وهذا أوسع دائرة من الإمكان العملي.ولا شكّ‌في‌أنّ امتداد عمرالإنسان آلاف السنين‌ممكن منطقياً، لأنّ ذلك ليس مستحيلاً من وجهة نظر عقلية تجريدية، ولا يوجد في افتراض من هذا القبيل أي تناقض، لأنّ الحياة كمفهوم لا تستبطن الموت السريع ولا نقاش في ذلك. كما لاشك أيضاً ولا نقاش في أنّ هذا العمر الطويل ليس ممكناً إمكاناً عملياً علي نحو الإمكانات العملية للنزول الي قاع البحر أو الصعود الي القمر، ذلك لأنّ العلم بوسائله وأدواته الحاضرة فعلاً والمتاحة من خلال التجربة المعاصرة، لا تستطيع أن تمدّد عمر الإنسان مئات السنين، ولهذا نجد أنّ أكثر الناس حرصاً علي الحياة وقدرة علي تسخير إمكانات العلم، لا يتاح لها من العمر إلّا بقدر ما هو مألوف».ويتلخّص من ذلك: أنّ طول عمر الإنسان وبقاءه قروناً متعددة أمر ممكن منطقياً وممكن علمياً، ولكنه لا يزال غير ممكن عملياً، إلّا أنّ السعي حثيث لتحقيق هذا الإمكان ولو عبر طريق طويل.وعلي هذا الضوء نتناول عمر المهدي(عليه الصلاة والسلام)وما اُحيط به من استفهام أو استغراب، ونلاحظ: انّه بعد أن ثبت إمكان هذا العمر الطويل منطقياً وعلمياً، وثبت أنّ العلم سائر في طريق تحويل الإمكان النظري الي امكان عملي تدريجاً، لا يبقي للاستغراب محتويً إلّا استبعاد أن يسبق المهدي‌عليه السلام العلم نفسه، فيتحول الإمكان النظري الي امكان عملي في شخصه قبل أن يصل العلم في تطوره الي مستوي القدرة الفعلية علي هذا التحويل، فهو نظير من يسبق العلم في اكتشاف دواء ذات السحايا أو دواء السرطان. وإن كانت المسألة هي أنّه كيف سبق الإسلام - الذي صمم عمر هذا القائد المنتظر - حركة العلم في مجال هذا التحويل؟فالجواب: انّه ليس ذلك هو المجال الوحيد الذي سبق فيه الإسلام حركة العلم، أوَ ليست الشريعة الإسلامية ككل، قد سبقت حركة العلم والتطور الطبيعي للفكر الإنساني قروناً عديدة؟ أو لَمْ تنادِ بشعارات طرحت خططاً للتطبيق لم ينضج الإنسان للتوصل إليها في حركته المستقلة إلّا بعد مئات السنين؟ أوَ لَم تأت بتشريعات في غاية الحكمة لم يستطع الإنسان أن يدرك أسرارها ووجه الحكمة فيها إلّا قبل برهة وجيزة من الزمن؟ أوَ لم تكشف رسالة السماء أسراراً من الكون‌لم تكن تخطر علي بال إنسان، ثم جاء العلم ليثبتها ويدعمها؟! فإذا كنّا نؤمن بهذا كلّه، فلماذا نستكثر علي مرسل هذه الرسالة - سبحانه وتعالي - أن يسبق العلم في تصميم عمر المهدي؟ فمن مظاهر السبق التي تحدثنا بها رسالة السماء نفسها، الإسراء بالنبي‌صلي الله عليه وآله ليلاً من المسجد الحرام الي المسجد الأقصي وهذا إذا أردنا أن نفهمه في اطار القوانين الطبيعية فهو يعبّر عن الاستفادة من القوانين الطبيعية بشكل لم يتح للعلم أن يحققه إلّا بعد مئات السنين، فنفس الخبرة الربانية التي أتاحت للرسول‌صلي الله عليه وآله التحرّك السريع قبل أن يتاح للعلم تحقيق ذلك، أتاحت لآخر خلفائه المنصوصين العمر المديد قبل أن يتاح للعلم تحقيق ذلك.«نعم، إنّ هذا العمر المديد الذي منحه اللَّه تعالي للمنقذ المنتظر يبدو غريباً في حدود المألوف حتي اليوم في حياة الناس، وفي ما اُنجز فعلاً من تجارب العلماء. ولكن أوَليس الدور التغييري الحاسم الذي أعدّ له هذا المنقذ غريباً في‌حدود المألوف في حياة الناس، وما مرّت بهم من تطورات التاريخ؟ أوَليس قد اُنيط به تغيير العالم، وإعادة بنائه الحضاري من جديد علي أساس الحق والعدل؟فلماذا يستغرب البعض إذا اتسم التحضير لهذا الدور الكبير لبعض الظواهر الغريبة والخارجة عن المألوف كطول عمر المنقذ المنتظر؟ فإنّ غرابة هذه الظواهر وخروجها عن المألوف مهما كان شديداً، لا يفوق بحال غرابة نفس الدور العظيم الذي يجب علي اليوم الموعود إنجازه. فإذا كنّا نستسيغ ذلك الدور الفريد تاريخياً علي الرغم من انّه لا يوجد دور مناظر له في تاريخ الإنسان، فلماذا لا نستسيغ ذلك العمر المديد الذي لا نجد عمراً مناظراً له في حياتنا المألوفة».فليس من الصدفة«أن يقوم شخصان فقط في التاريخ البشري، بتفريغ الحضارة الإنسانية من محتواها الفاسد وبنائها من جديد، فيكون لكل منهما عمر مديد يزيد علي الأعمار الاعتيادية أضعافاً مضاعفة؟ أحدهما مارس دوره في ماضي البشرية وهو نوح‌عليه السلام الذي نصّ القرآن الكريم علي انّه مكث في قومه ألف عام إلّا خمسين سنة، وقدّر له من خلال الطوفان أن يبني العالم من جديد، والآخر يمارس دوره في مستقبل البشرية وهو المهدي‌عليه السلام الذي مكث في قومه حتي الآن أكثر من ألف عام وسيقدّر له في اليوم الموعود أن يبني العالم من جديد» [11] .وتتمة لما قاله السيد الشهيدقدس سره عن الإمكان العلمي، يمكننا أن نضيف ما جاء في دائرة معارف القرن العشرين حول حياة الإنسان وطول عمره، حيث ورد فيها: أنّه يمكن للإنسان أن يعيش نحو المائة والعشرين سنة، وقد شوهد من الناس من عاش فوق المائة والخمسين.يقول علماء الحياة: إنّ جسم الإنسان مجعول علي حال يستطيع معه أن يقاوم المبيدات المحيطة به نحواً من مائة وعشرين سنة، ولكن الإنسان بعدم سيره علي نظام حكيم في معيشته يساعد المبيدات الطبيعية علي نفسه فيسرع بجسمه الي الإنحلال.العمر مقدّر محدود، ولكن الأسباب التي جعلها اللَّه للحياة والموت يجب أن ترعي وتلاحظ، بل نحن مأمورون بمراعاتها. قال تعالي:«ولا تُلقُوا بأيديكم الي التهلُكةِ». [12] والآية تُحمل علي وجوهٍ عديدة وفيها دلالة علي تحريم الإقدام علي ما يخاف منه علي النفس، منها: أن لا يراعي الإنسان قوانين حفظ الصحة فيأكل أكثر أو أقل ممّا يجب، ويمنع نفسه عن استنشاق الهواء الطلق، ويحبس نفسه عن الأعمال العقلية فلا يروّض جسده علي الأعمال العضلية، وينام في الغرف المحرومة من ضوء الشمس ومن نعمة الهواء، ويسرف في ملاذه التناسلية، ويسهر الي ما بعد الساعة العاشرة مساءً، ويأكل الثوم والبصل والتوابل أكلاً لمّاً... الخ. وكل هذه تضعف قوّته الحيوية وتحطّ من شدة مقاومتها للعوارض فتصاب معدته وأعصابه بالإعياء، ويزداد كلاله وعجزه شيئاً فشيئاً، ثم يستسلم للقدر، فيتلاشي ولم يبلغ غير الخمسين أو الستين فيموت قبل موعده الطبيعي بنحو ستين أو سبعين سنة، فضلاً عن أنّه يعيش ما بعد الأربعين ضعيفاً مريضاً في آلام مستمرة.يموت الإنسان بعد الخمسين أو الستين في‌السن الذي تمّ فيه نضج عقله، وكمل فيه جلال الكهولة، وصار أهلاً لأن يفيد الناس بعلمه وتجاربه.يقول هؤلاء العلماء: فلو أنصف الإنسان نفسه وراعي قوانين الصحة حرفاً بحرف بلا غلوّ ولا تقصير، ورمي بكلّ جهده الي تقوية قوّته الحيوية الكامنة فيه بامدادها بما يقوّمها وإبعاده عنها ما يضعفها من افراط في أكل وسهر وجماع وشغل ولهو... الخ، عاش عمره الطبيعي، اللهمّ إلّا إذا كان الخالق قد قضي عليه أن يموت بعلّة طارئة أو بحادث غير منتظر.وقد ذهب الاُستاذ(متشنيكوف )- أعلم علماء البكتريولوجيا وهو تلميذ العالم باستور مكتشف الميكروبات - الي أنّ جسم الإنسان خُلق معدّاً لأن يعيش ثلاثمائة سنة، فإنّ الذين يموتون في السبعين والثمانين تكون أعضاؤهم سليمة صالحة للبقاء وغاية ماكانت عندهم من مسببات الموت إصابة عضو من أعضائهم بمجهودات فوق طاقته، أو بعلة طرأت عليه، فلو تحامي الإنسان بعقله مواقع العلل استطاع أن يحيّا الي عمر طويل جداً. إذاً، فالعمر الطويل الذي يعيشه الإنسان في هذه الحالة ليس خارجاً عن المألوف، وهناك شواهد من تاريخ المسلمين علي طول عمر الإنسان، أمثال الصحابي سلمان الفارسي‌رضي الله عنه.ثم قال: ولكن السبب في عدم وصول الإنسان الي ذلك العمر الطويل انّه يتكون في أمعائه ودمه ميكروبات تعجّل به الي الفناء، فلو اكتشف الأطباء مصلاً يقتل هذه الميكروبات أمكن للإنسان أن يعيش عمراً طويلاً. وقد رأي أن سبب وجود الميكروبات في أمعاء الإنسان هو أكل اللحم فننصح بعدم تعاطيه لتقليل عدد هذه الميكروبات، ثم أشار بوجوب مكافحتها بتعاطي اللبن الحامض.وقال: أنّه هو نفسه قد اُصيب بحمي متقطعة أتلفت قلبه، ولكنه رغماً عن ذلك استطاع بتدبيره الغذائي، وإبطال أكل اللحم، وتعاطي اللبن الحامض أن يعيش مدة طويلة عاملاً بلا كلل، وهو الآن فوق السبعين ولم يشعر بانحطاط في‌قواه.وجاء في نفس الموسوعة: إنّ من الحيوانات ما يعيش نحو الأربعمائة سنة كالفيلة، والبجعة تعيش ثلاثمائة سنة [13] .ومن العوامل التي تؤثر في قصر عمر الإنسان الشيخوخة بشكل عام، والشيخوخة المبكّرة، وكان العالم الروسي(متشنيكوف)يعتقد أن الشيخوخة المبكّرة تنشأ من بعض الميكروبات السامة التي تسبب الالتهابات المزمنة في القولون، كما أنّه كان يعتقد بأننا نستطيع مكافحة هذه الميكروبات الخطرة بواسطة الميكروبات المفيدة الموجودة في اللبن الرائب.إنّ قلة الطعام عندما يكون ملائماً أفضل بكثير من الافراط في تناول الغذاء غير الملائم، ولكن للأسف فإنّ أغلب الناس، إما أنّهم يفرطون في تناول الطعام أو يتناولون الأطعمة غير المناسبة والمضرة، ولذلك نجدهم غالباً ما يصابون بالأمراض [14] .كما أنّه، وبسبب التقدم العلمي والتكنولوجي المعاصر، والتطور الطبّي والعلاجي، وتوفير وسائل حياة أفضل للبشرية جمعاء، وبشكل مكثّف لدي الدول المتطورة، أمكن زيادة معدل عمر الإنسان بحيث أدّي الي انخفاض معدلات الوفيات في البلدان المتقدمة، وهذا الأمر أدّي الي تزايد أعداد كبار السن من الرجال والنساء، وهو يؤكد أنّ إطالة عمر الإنسان أمرٌ ممكنٌ من الناحية العلمية والطبية، بل أصبح أمراً واقعياً.ولعلّ الثورة العلمية المدهشة في مجال الطب هي اكتشاف خارطة الجينات البشرية والاعلان عنها في‌بداية الألفية الثالثة، الأمر الذي جعل العلماء يضعون أصابعهم علي الجينات المسبّبة للشيخوخة، وجينات الأمراض الخطرة الفتّاكة بحياة البشرية، والتي تعتبر أحد العوامل المؤدية للوفاة، فمثلاً تمّ اكتشاف البروتينة المسؤولة عن تكاثر الخلايا السرطانية، وقد سمّيت ب«دبليواران»، ولذا فإنّ وقف عمل هذه الجزيئة يكفي لمنع الورم السرطاني من الانتشار، ووقاية المصابين من موت محقق. وقد أكد(فيفيد سانكلير)و(حاييم كوهين)من كلية الطب في جامعة هارفرد الأمريكية في مقالة نشرتها مجلة(بروسيد ينغزاوف ذا ناشيونال أكايمي أوف ساينس): إنّ الأشخاص المصابين بأعراض مرض«ورنر»الشيخوخة المبكّرة يولدون محرومين من هذه الجينة التي تتحكم بانتاج بروتينة(دبليواران)الأمر الذي يجعلهم لا يصابون بالأمراض السرطانية الأكثر شيوعاً [15] .إنّ التطور العلمي والطبي ليؤكدان وباستمرار امكانية اطالة عمر الإنسان، سواء من خلال القضاء علي الأمراض الفتّاكة بالإنسان، أو من خلال ايقاف شيخوخة الخلايا البشرية التي تسبب الهرم والكبر لدي الإنسان، ثم الموت. فإذا كان اطالة عمر الإنسان في المدي المنظور أصبح أمراً واقعياً، خصوصاً بعد اكتشاف خارطة الجينات البشرية، فإنّ المستقبل حافل بالانجازات العلمية المذهلة علي هذا الصعيد، ممّا يدعم فكرة وحقيقة طول عمر الإمام المهدي المسدّد من قبل السماء والمؤيد بقدرة اللَّه المطلقة.

ضرورة العمر الطويل

ما مضي كان بحثاً عن امكانية العمر الطويل من الناحية العقائدية والعلمية والعملية والفلسفية، وهو من قبيل بيان ارتفاع المانع، والآن نريد أن ندرس المسألة من زاوية وجود المقتضي لهذا العمر ليكون بحثنا لها متكاملاً.فنقول: لما كان الإمام المهدي‌عليه السلام قد اُنيط به مهمة أكبر؛ مهمة تغييرية في التاريخ الإنساني علي الاطلاق وهي تتمثل بتفريغ الحضارة الإنسانية من محتواها الفاسد، وإعادة البناء الحضاري للعالم علي أساس الحق والعدل.«فإنّ التحضير لهذه المهمة وهذا الدور الكبير يتّسم بظواهر غير مألوفة تنسجم بالضرورة مع عظم الدور الذي سيقوم به الإمام، وهو دور فريد في التاريخ لم يتحقق بالمستوي الذي سوف يحققه الإمام حتي علي أيدي الأنبياءعليهم السلام، وليس صنع مجتمع التوحيد بالأمر الهيّن، لأنه ثورة علي الجاهلية بكل جذورها، وتطهير للمحتوي النفسي والفكري للمجتمع من جذور الاستغلال ومشاعره ودوافعه» [16] .من هنا فإنّ لهذا التغيير ضرورات، فكما أنّ النبوة والإمامة والعصمة من ضرورات التغيير الرباني، فإنّ غيبة الإمام المهدي(عج)واطالة عمره، وظهوره وهو في سن الشباب، تعدُّ من ضرورات التغيير الربّاني للبشرية في‌عهدها الأخير، وهذه الاُمور مجتمعة تقع في نطاق المعجزة التي‌تفسّر هذه الضرورات في جميع تاريخ الأنبياء، أي في جميع مراحل التغيير الكبري. وبما أنّ المعجز فيه خرق للنواميس الطبيعية، فلا يمكن أن يقع من أحد إلّا بعناية من اللَّه تعالي [17] ، وأنّ التصديق بالمعجزة، هو تصديق وإيمان بالغيب، الذي هو شرط الإيمان باللَّه سبحانه وتعالي، قال تعالي:«وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْأَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ- أُوْلَبِكَ عَلَي هُدًي مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَبِكَ هُمُ ا لْمُفْلِحُونَ» [18] .وعلي ذلك، فإنّ إطالة عمر الإمام المهدي‌عليه السلام إذا لم يمكن تصورها علمياً، وأن قانون الشيخوخة والهرم قانون صارم لا يمكن للبشرية اليوم ولا علي خطّها الطويل أن تتغلب عليه وتغيّر من ظروفه وشروطه، فماذا يعني ذلك؟لقد أجاب الشهيد محمد باقر الصدرقدس سره بقوله:«انّه يعني أنّ اطالة عمر الإنسان - كنوح أو المهدي - قروناً متعددة، هي علي خلاف القوانين الطبيعية التي أثبتها العلم بوسائل التجربة والاستقراء الحديثة، وبذلك تصبح هذه الحالة معجزة عطلت قانوناً طبيعياً في‌حالة معينة للحفاظ علي حياة الشخص الذي اُنيط به الحفاظ علي رسالة السماء، وليس هذه المعجزة فريدة من نوعها، أو غريبة علي عقيدة المسلم المستمدة من نصّ القرآن والسنّة، فليس قانون الشيخوخة والهرم أشد صرامة من قانون انتقال الحرارة من الجسم الأكثر حرارة الي الجسم الأقل حرارة حتي يتساويان، وقد عطّل هذا القانون لحماية حياة إبراهيم عليه السلام حين كان الاُسلوب الوحيد للحفاظ عليه تعطيل ذلك القانون، فقيل للنار حين اُلقي فيها إبراهيم:«قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاماً عَلَي إِبْرَا هِيمَ». [19] فخرج منها كما دخل سليماً لم يصبه أذي، الي كثير من القوانين الطبيعية التي عُطّلت لحماية أشخاص من الأنبياء وحجج اللَّه علي الأرض، ففلق البحر لموسي، وشبّه للرومان أنّهم قبضوا علي عيسي، ولم يكونوا قد قبضوا عليه، وخرج النبي محمدصلي الله عليه وآله من داره وهي محفوفة بحشود قريش التي ظلّت ساعات تتربص به لتهجم عليه، فستره اللَّه تعالي عن عيونهم وهو يمشي بينهم.كلّ هذه الحالات تمثّل قوانين طبيعية عطلت لحماية شخص، كانت الحكمة الربّانية تقتضي الحفاظ علي حياته، فليكن قانون الشيخوخة والهرم من تلك القوانين.وقد يمكن أن نخرج من ذلك بمفهوم عام: وهو أنّه كلّما توقف الحفاظ علي حياة حجة للَّه في الأرض علي تعطيل قانون طبيعي، وكانت إدامة حياة ذلك الشخص ضرورية لإنجاز مهمته التي اُعدّ لها، تدخلت العناية الربّانية في تعطيل ذلك القانون لإنجاز ذلك، وعلي العكس إذا كان الشخص قد انتهت مهمته التي اُعد لها ربّانياً سيلقي حتفه ويموت أو يستشهد وفقاً لما تقرره القوانين الطبيعية. ونواجه عادة بمناسبة هذا المفهوم العام السؤال التالي: كيف يمكن أن يتعطل القانون، وكيف تنفصم العلاقة الضرورية التي تقوم بين الظواهر الطبيعية؟ وهل هذه إلّا مناقضة للعلم الذي اكتشف ذلك القانون الطبيعي، وحدد هذه العلاقة الضرورية علي اُسس تجريبية واستقرائية؟والجواب: إنّ العلم نفسه قد أجاب علي هذا السؤال بالتنازل عن فكرة الضرورة في القانون‌الطبيعي، وتوضيح ذلك: إنّ القوانين الطبيعية يكتشفها العلم علي أساس التجربة والملاحظة المنتظمة، فحين يطرد وقوع ظاهرة طبيعية عقيب ظاهرة اُخري، يستدل بهذا الاطراد علي قانون طبيعيّ، وهو أنّه كلّما وجدت الظاهرة الاُولي وجدت الظاهرة الثانية عقيبها، غير أنّ العلم لا يفترض في هذا القانون الطبيعي علاقة ضرورية بين الظاهرتين نابعة من صميم هذه الظاهرة وذاتها، وصميم تلك وذاتها، لأنّ الضرورة حالة غيبية، لا يمكن للتجربة ووسائل البحث الاستقرائي والعلمي إثباتها، ولهذا فإنّ منطق العلم الحديث، يؤكد أنّ القانون الطبيعي - كما يعرّفه العلم - لا يتحدث عن علاقة ضرورية بل عن اقتران مستمر بين ظاهرتين، فإذا جاءت المعجزة وفصلت إحدي الظاهرتين عن الاُخري في قانون طبيعي لم يكن ذلك خصماً لعلاقة ضرورية بين الظاهرتين.والحقيقة أنّ المعجزة بمفهومها الديني، قد أصبحت في ضوء المنطق العلمي الحديث مفهومة بدرجة أكبر ممّا كانت عليه في ظلّ وجهة النظر الكلاسيكية الي علاقات السببية، فقد كانت وجهة النظر القديمة، تفترض أنّ كل ظاهرتين اطرد اقتران إحداهما بالاُخري، فالعلاقة بينهما علاقة ضرورة، والضرورة تعني أنّ من المستحيل أن تنفصل إحدي الظاهرتين عن الاُخري، ولكن هذه العلاقة تحولت في منطق العلم الحديث الي قانون الاقتران أو التتابع المطرد بين الظاهرتين دون افتراض تلك الضرورة الغيبية.وبهذا تصبح المعجزة حالة استثنائية لهذا الاطراد في الاقتران أو التتابع دون أن تصطدم بضرورة أو تؤدي الي استحالة» [20] .وعلي ذلك فإنّه يمكن تفسير طول عمر الإمام المهدي(عج)ومن خلال ما بيّناه من تعطيل للقانون الطبيعيّ، ودون افتراض فكرة الضرورة بأنّه: حالة استثنائية تقتضيها ضرورات التغيير الذي أعدّ له مشروع ذلك اليوم الموعود، والذي فيه يُطاح بأصرحة الظلم والطغيان والانحراف ليقام علي أنقاضها كيان الدولة الإسلامية العالمية التي تملأ الأرض قسطاً وعدلاً.فالتحضير لهذا اليوم الفذ يجب أن يكون بمستوي إنجازه العظيم، فإذا كانت ثمة تجارب نبويّة سابقة ومحدودة قد حضّر لها من قبل السماء، فكانت بعض فصول هذا التحضير، هي نوع من الخرق لنواميس الطبيعة والتي حصلت علي نحو الإعجاز - وقد سرد القرآن الكريم الكثير من قصصها - فلماذا لا يكون التحضير لذلك اليوم الموعود مستلزماً لهذا النوع من الإعجاز في إطالة عمر الإمام المهدي‌عليه السلام! خصوصاً وأنّ وجود الإمام حيّاً طول فترة الغيبة الكبري يُعد أحد أبرز ضرورات اليوم الموعود لِما عاصره وسوف يعاصره من أحداث عالمية وكونية ترسم له عياناً الخط البياني لظهور وزوال الحضارات، وتجعله يرقب عن كثب مسيرة الإنسانية في تكاملها، أو انحطاطها سواء بسواء، الأمر الذي يجعل الإمام‌عليه السلام عند ظهوره إنساناً - وإن كان معصوماً - ينطلق بعملية إعادة البشرية الي طريق الهداية الإلهية، من واقع التجربة الإنسانية التي عاصرها بجميع مراحلها وهي ترسف في مستنقع الظلم والطغيان، فينقلها الي واقع عدالة الإسلام في تجربة التطبيق الأخير، التي تملأ الأرض قسطاً وعدلاً.

اثبات تحقق العمر الطويل في الامام المهدي‌

اشاره

إتّضح أنّ مسألة العمر الطويل تنسجم تمام الانسجام عقائدياً مع القرآن الكريم، وواقعياً مع معطيات العلم والفلسفة. فتمت بذلك المرحلة الاُولي من البحث.بقي علينا أن نثبت ذلك العمر الطويل الممتد بامتداد الزمن الي نهايته قد تحقق في الإمام المهدي‌عليه السلام، وانّه يحظي بذلك العمر الاستثنائي. وهذا ما يتاح لنا إثباته بطريقين:1 - طريق عقائدي.2 - طريق تاريخي.أما الطريق العقائدي: فهو أنّ مفهوم المهدوية عند أهل البيت‌عليهم السلام ليس مجرد فكرة مستقبلية، كما هو الحال عند أهل السنّة، بل إنّه من حيث الأساس مفهوم عقائديّ مندك في صميم عقيدة الإمامة، فإنّ الإمام المهدي في مفهوم أهل البيت‌عليهم السلام هو الإمام الثاني عشر من سلسلة الأئمة المعصومين الاثني عشر المنصوبين من قبل اللَّه سبحانه وتعالي لهداية البشرية، وقد حدّد عددهم رسول اللَّه بشكل دقيق - ومع ثبوت هذه العقيدة - طبقاً لأدلّة من الكتاب والسنّة يؤتي بها في محلّها، فمن اللوازم الطبيعيّة المترتبة عليها أن تمتد حياة الإمام الثاني عشر منهم بامتداد الزمن حتي يتاح لهذه السلسلة أن تستوعب التاريخ منذ وفاة النبيّ‌صلي الله عليه وآله الي آخر يوم من حياة البشرية علي الأرض، هذا التحديد لعدد الأئمة بهذا العدد الخاص له دلالة واضحة وصريحة علي أنّ الإمام المعصوم الثاني عشر الذي ولد سنة (255 ه )لابدّ أن تستمر حياته وممارسته لمهامّه حتي يتم تحقيق جميعها علي يديه.وحديث«الخلفاء بعدي اثنا عشر كلهم من قريش»متواتر عند المسلمين، وقد روته صحاح ومسانيد أهل السنّة بطرق تعدده. [21] فضلاً عن مصادر الإمامية.وهذا العدد لا ينطبق علي سلسلة الخلفاء الراشدين ولا الاُمويين ولا العباسيين، وإنّما يجد مصداقه التاريخي الوحيد في سلسلة أئمة أهل البيت الاثني عشرعليهم السلام. فإنّ هذا الحديث الذي يعتبر في مقام الإخبار عن المستقبل حول الإمامة الشرعية والخلافة الإلهية التي تتولي مهمة قيادة التجربة النبوية بعد وفاة النبي‌صلي الله عليه وآله وغيابه عنها يتنافي مع الواقع التاريخي للخلافة بمعني تولي السلطة وممارسة الحكم، لأنّ الخلافة الراشدة أقل من العدد المذكور، والحكام الاُمويون أكثر منه، والعباسيون أكثر منه بكثير، ولذا اضطربت مدرسة الخلفاء في تفسيره اضطراباً شديداً، فلا يبقي إلّا أن يكون الحديث بصدد بيان الإمامة الشرعية والخلافة الربانية التي اُنيط بها حمل المسؤولية الإسلامية الشرعية لحماية الرسالة وقيادة الاُمة بعد النبي‌صلي الله عليه وآله، وإن لم تتوفر لها فرص الحكم. وهذا هو جوهر عقيدة الإمامة عند أهل البيت‌عليهم السلام، ومقتضي هذه العقيدة أن تمتدّ حياة الإمام المعصوم الثاني عشر وهو الإمام المهدي‌عليه السلام حتي يحقق كل أهداف الرسالة، ويكون دين الإسلام عالياً علي جميع الأديان بالحجة البالغة، والغلبة وإن كره الاعداء ذلك. وكما قال تعالي:«هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحقّ ليظهره علي الدين كلّه ولو كره المشركون» [22] ، ويؤيد ذلك الأخبار التي ذكرت أخبار الإمام المهدي‌عليه السلام قبل ولادته ووصفته بالغيبة الطويلة التي يشكك فيه لأجلها كثير من المؤمنين، والتي أورد بعض أهل السنّة طرفاً منها، كما في ينابيع المودّة وغيره، أن علياًعليه السلام قال:«قال رسول اللَّه‌صلي الله عليه وآله: المهدي من ولدي تكون له غيبة إذا ظهر يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلما» [23] ، وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه‌صلي الله عليه وآله:«إنّ علياً وصيي ومن ولده القائم المنتظر المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجورا، والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً إن الثابتين علي القول بإمامته في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر» [24] .فإنّ وصف الغيبة يتناسب مع حياة خفية عن الأنظار تمتد فترة طويلة واستثنائية. بل في جملة من نصوص قد جاء ذكر غيبتين له: احداهما قصيرة، والاُخري طويلة، ولا سيّما النصوص التي ذكرت طول عمره تشبيهاً بنوح وغيره من الأنبياء.وأما الطريق الثّاني: فهو الدليل التاريخي، وحاصله: إنّ الإمام المهدي‌عليه السلام حقيقة تأريخية مشهودة من حيث المولد واستمرار الحياة، فهناك شهادات تأريخية بولادته وشهادات تاريخية تتحدث عن اتصالات له مع اُناس كثيرين حصلت في أزمان متفاوتة وقرون متتالية، فضلاً عن التوقيعات التي صدرت عنه‌عليه السلام في زمان الغيبة الصغري والسفراء الأربعة الذين أنابوا عنه في تلك الفترة وذكروا أخباراً ترتبط بمستقبل حياة الإمام وغيبته الكبري وظهوره بعد غيبة طويلة.وإليك تفاصيل هذا الدليل التاريخي:لقد ولد الإمام المهدي‌عليه السلام في يوم النصف من شهر شعبان [25] في وقت الفجر من سنة (255ه )، ولم يكن في منزل أبيه الإمام العسكري‌عليه السلام ساعة ولادته غير عمّته حكيمة التي رأت المولود الجديد.كانت ولادة الإمام بعد وفاة جدّه الإمام الهادي‌عليه السلام بحوالي عام، وبعد مجي‌ء الخليفة العباسي المهتدي الي الحكم بأقل من شهر، وعاصر الإمام المهدي‌عليه السلام حياة أبيه خمس سنوات فقط، حيث توفي أبوه عام (260 ه )، وكان الطابع العام الذي ميّز فترة الحمل والولادة، وما بعد الولادة هو الاخفاء والحذر الشديدين من قبل الإمام العسكري خشية معرفة السلطة العباسية الغاشمة لأمر الإمام المهدي الذي كانت تترصّده متوجسة منه خيفة.وتصل البشري لأصحاب الإمام العسكري فيتواصون بكتمان أمر المولود الجديد، وفقاً لما كانوا يعلمونه من أمر السلطة العباسية. فيما كرّس الإمام العسكري اهتمامه باتجاه إثبات وجود الإمام المهدي‌عليه السلام تجاه التاريخ وتجاه الاُمّة الإسلامية وخاصة الشيعة، بحيث يحصل التواتر في الإخبار عن وجوده ورؤيته، ولوحظ قول من يزعم عدم وجوده، أو أنّه ليس للإمام العسكري‌عليه السلام ولد هو المهدي [26] .ولهذا حرص الإمام العسكري‌عليه السلام علي اختيار من كانت له صلابة في الإيمان وعمق في الاخلاص من مواليه، بالإضافة الي وثاقته لدي القواعد الشعبية المرتبطة بالإمام، وقد كانت طريقة الإخبار هي الطريقة الوحيدة التي تؤكّد وجود الإمام المهدي‌عليه السلام، إخبار الإمام‌العسكري‌عليه السلام، الأصحاب والموالين، ليخبر هؤلاء بدورهم القواعد الشيعية عن إمامهم المخفي.ولعلّ أوسع اعلان قام به الإمام العسكري‌عليه السلام بين أصحابه عن ولادة ابنه وإمامته من بعده، ووجوب طاعته عليهم، هو أنّه‌عليه السلام قبل وفاته بأيام، وقد كان مجلسه غاصّاً بأربعين من أصحابه ومخلصيه منهم: محمد بن عثمان العمري، ومعاوية بن حكيم، ومحمد بن أيوب بن نوح، وقد عرض عليهم الإمام ابنه المهدي‌عليه السلام وقال لهم:«هذا إمامكم بعدي وخليفتي عليكم، اطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم»وقد أكّد الإمام بأنّهم لا يرونه بعد يومهم هذا». وهذا هو أوسع اعلان رسمي كبير عن الإمام المهدي [27] .أما علي الصعيد الفردي، فقد كان الإمام العسكري يعرض ولده علي أفراد من الخواص يزورونه منهم: عمرو الأهوازي، ويقول له الإمام:«هذا صاحبكم». [28] وممن عرضه الإمام العسكري‌عليه السلام علي أصحابه: أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري وهو من خاصة الإمام وثقاته، حيث قصد الإمام لزيارته يريد أن يسأله عن الخلف من بعده. فيدخل علي الإمام، فيقول له الإمام مبتدئاً:«يا أحمد بن إسحاق، إن اللَّه تبارك وتعالي لا يُخلي الأرض منذ خلق آدم‌عليه السلام ويجليها الي أن تقوم الساعة من حجة علي خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه ينزل الغيث، وبه تخرج بركات الأرض. قال: فقلت له: يا ابن رسول اللَّه! فمن الإمام والخليفة من بعدك؟ فينهض الإمام‌عليه السلام مسرعاً ويدخل احدي الغرف، ثم يخرج وعلي عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر، من أبناء ثلاث سنين، ثم يقول:«يا أحمد بن إسحاق‌لولا كرامتك علي اللَّه عزّ وجل وعلي‌حججه ما عرضت عليك ابني هذا. أنه سمي رسول اللَّه‌صلي الله عليه وآله الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. ياأحمد! مثله في هذه الاُمّة مثل الخضرعليه السلام ومثله مثل ذي القرنين، واللَّه ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلّا من ثبّته اللَّه عز وجلّ علي القول بإمامته‌ووفقه اللَّه‌للدعاء بتعجيل فرجه»قال‌أحمد بن إسحاق: فقلت: يامولاي! فهل من‌علامة يطمئن‌بها قلبي، فنطق‌الغلام‌عليه السلام‌بلسان عربي فصيح:«أنا بقية اللَّه في أرضه والمنتقم من أعدائه، ولا تطلب أثراً بعد عين، يا أحمد بن إسحاق».قال احمد بن إسحاق: فخرجت مسروراً، فلمّا كان الغد عدت إليه، فقلت له: يابن رسول اللَّه! لقد عظم سروري بما مننت عليَّ، فما السنة الجارية من الخضر وذي القرنين. قال:«إي وربّي حتي يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به، فلا يبقي إلّا من أخذ اللَّه عزّ وجل عهده بولايتنا وكتب في قلبه الإيمان وأيّده بروح منه. يا أحمد بن اسحاق هذا أمر من أمر اللَّه وسر من سرّ اللَّه وغيب من غيب اللَّه، فخذ ما آتيتك واكتمه وكن من الشاكرين، تكن معنا في عليين» [29] .

السفراء الاربعة و النيابة الخاصة

وهم: الشيخ الموثوق عثمان بن سعيد العمري، والشيخ الجليل محمّد بن عثمان بن سعيد العمري، والشيخ الجليل أبو القاسم الحسين بن روح ابن أبي بحر النوبختي، والشيخ الجليل أبو الحسن علي بن محمد السمري. هؤلاء السفراء كانوا هم الوكلاء الخاصّين للإمام المهدي‌عليه السلام، كل واحد منهم يمارس سفارته الخاصة في حياته، حتي إذا مات خلفه الثاني، ولم تكن بين السفراء ثمة قرابة رحمية إلّا بين السفيرين الأول والثاني، وهم من أجيال مختلفة استوعبت سفارتهم وقت الغيبة الصغري بأجمعها وهي تسعة وستون عاماً وستة أشهر وخمسة عشر يوماً، شغل منها السفير الأول حوالي خمسة أعوام، وشغل السفير الثاني حوالي الأربعين عاماً، وشغل السفير الثالث واحد وعشرين عاماً، وشغل السفير الرابع ثلاثة أعوام. وكانوا معروفين بثقتهم بين الناس، ممّا يجعل كذب أحدهم فيما يدعيه من السفارة أمراً أقرب الي المحال.أما احتمال تواطؤهم علي الكذب في قضية واحدة فهو المحال بعينه، فكيف يتسني لأربعة أشخاص مختلفين في الأعمار، ولا يكاد يجمع بينهم جامع سوي الإسلام والإيمان بولاية أهل البيت أن يجمعوا علي كذبة واحدة، وطيلة فترة زمنية تمتدّ حوالي سبعة عقود، ولا ينكشف أمرهم لدي الناس. إنّ افتراض شي‌ء من هذا القبيل يصطدم بحقيقة التاريخ التي أكدت صدقهم وقبول الناس لهم واعتمادهم عليهم فيما ينقلونه عن الإمام.

الخط و التوقيعات

ثمّة شي‌ء مهم آخر دلّ علي‌صحة سفارة السفراء الأربعة عن الإمام المهدي‌عليه السلام دلالة قطعية، ذلك هو خط وتوقيع الإمام المهدي، حيث كان خطاً واحداً وتوقيعاً واحداً لا يختلف باختلاف أشخاص السفراء واختلاف خطوطهم، وكان الناس يعرفون ذلك ويتتبعونه، فقد توخي الإمام المهدي‌عليه السلام أن يصدر بياناته بنفس الخط الذي كانت تصدر به بيانات أبيه‌عليه السلام، ولمّا كان خط الإمام العسكري عليه السلام معروفاً لدي جملة من قواعده الشعبية، وخاصة من كان من خاصّتهم ومبرزيهم. وقد طلب أحدهم ذات مرة من الإمام العسكري‌عليه السلام عند مقابلته أن يكتب شيئاً في ورقة، حتي يطابقه مع التوقيعات الصادرة منه لأجل أن يأمن من التزوير، فقد استعمل الإمام المهدي‌عليه السلام نفس الخط طيلة مدة الغيبة الصغري، إذ كانت الأجوبة تخرج منه بالخط الذي يخرج في حياة الإمام الحسن العسكري‌عليه السلام. [30] وبذلك تكون شهادة الخط أوسع وأدلي من شهادة السفير، بكون هذا البيان صادراً عن الإمام المهدي‌عليه السلام، فإذا انضمت الشهادتان وتصادقتا علي ذلك، كان فيه الكفاية في الدلالة علي الغيبة الصغري ووجود السفراء الأربعة [31] .وعلي ذلك فقد كانت التوقيعات والبيانات تخرج علي يد السفير الأوّل بالخط الذي كانت تخرج علي يده أو علي يد غيره من الوكلاء زمن الإمام العسكري عنه‌عليه السلام، وحين مضي السفير الأوّل الي ربّه عزّ وجلّ واضطلع الثاني بمهامه، كانت الكتب تخرج عنه بنفس الخط الذي‌كانت تخرج أيام سلفه، الي حد أصبح هذا معروفاً واضحاً، فيعبر ويقال: إن هذا التوقيع بخط مولانا صاحب الدار [32] ، يعني الإمام المهدي‌عليه السلام [33] .ولأن - وكما يقول السيد محمد باقر الصدررضي الله عنه -«بالإمكان أن نقدّر الموقف في ضوء ما تقدم لكي ندرك بوضوح أن المهدي‌عليه السلام حقيقة تاريخية عاشتها اُمّة من الناس وعبّر عنها السفراء والنواب طيلة سبعين عاماً تقريباً من خلال تعاملهم مع الآخرين، ولم يلحظ عليهم أحد كل هذه المدة تلاعباً في الكلام أو تحايلاً في التصرف أو تهافتاً في النقل، فهل يتصور أحد أنّ بإمكان اُكذوبة أن تعيش سبعين عاماً، ويمارسها أربعة علي سبيل الترتيب كلّهم يتّفقون عليها ويظلّون يتعاملون علي أساسها، وكأنّها قضية يعيشونها ويرونها بأعينهم دون أن يبدر منهم أي شي‌ء يثير الشك، ودون أن يكون بين الأربعة علاقة خاصة متميزة تتيح لهم نحواً من التواطؤ، ويكسبون من خلال ما يتصف به سلوكهم من واقعية ثقة الجميع وإيمانهم بواقعية القضية التي يدّعون أنّهم يحسونها ويعيشون معها؟!لقد قيل قديماً: إنّ حبل الكذب قصير، ومنطق الحياة يثبت أيضاً، أنّ من المستحيل عملياً بحساب الاحتمالات أن تعيش اُكذوبة بهذا الشكل وكل هذه المدة، وضمن كل تلك العلاقات والأخذ والعطاء، ثم تكسب ثقة جميع من حولها. وهكذا نعرف أن ظاهرة الغيبة الصغري يمكن أن تعتبر بمثابة تجربة علمية اُخري لإثبات ما لها من واقع موضوعي والتسليم بالإمام القائد وولادته وحياته وغيبته واعلانه العام عن الغيبة الكبري التي استتر بموجبها عن المسرح ولم يكشف نفسه لأحد» [34] .وهكذا ومن خلال المعطيات التاريخية حول الإمام المهدي‌عليه السلام يثبت أنّ الإمام المهدي حقيقة موضوعية تبتدئ بولادته وشهود الدالين عليه ورؤيتهم له وإخبارهم عنه، وتستمر من خلال مرحلة الغيبة الصغري ووكلائه الأربعة الموثوقين، ومن خلال توقيعاته المعروفة بخط يده وما كانت تحمل من تعليمات وإرشادات وصولاً الي الغيبة الكبري التي أعلن عنها سفيره الرابع وتتأكد بانقطاع السفارة الخاصة عن الإمام، كما تتأكد بالمشاهدات العينية التي حصلت في قرون عديدة له من قبل شخصيات لامعة ومعروفة وافراد عاديين.

الخلاصة

يُعد الإشكال الذي يُثار حول طول عمر الإمام المهدي‌عليه السلام، من أكثر الإشكالات المتداولة في هذا المجال، وذلك إما انطلاقاً من فكرة محدودية عمر الإنسان، أو انطلاقاً من عدم إدراك ضرورات الغيبة وضرورات الظهور، وقياس ذلك علي ماهو كائن ومحسوس لا علي ما سوف يكون وما ينبغي أن يكون، ولهذا شرعت الدراسة باستعراض الصور والوقائع المشابهة التي حصلت في غابر البشرية، وقد أخبر بها القرآن الكريم ودعا المؤمنين الي الإيمان بها من أمثال إطالة عمر النبي نوح‌عليه السلام، أو أمثال المعجزات المختلفة التي حصلت لجميع الأنبياءعليهم السلام، فكان هذا الاستعراض دليلاً ذا شعب متعددة، منها: إنّ عمليات التغيير التي قادها الأنبياء تؤيد بالمعجزات، وأنّ المعجزة تعدّ إحدي ضرورات التغيير الذي ترعاه السماء، وأنّ الإيمان بها بالنسبة لمن لم يعاصرها هو إيمان بالغيب، وهو أحد أبرز علامات الإيمان والتديّن. وعلي ذلك فإنّ الإيمان بالإمام المهدي يعد من لوازم الإيمان بالغيب، وأحد أبرز عناصر الشخصية الإيمانية، وأنّه سوف يؤيّد بالمعجزة كما اُيّد قادة التغيير السابقين من الأنبياء والمرسلين، ولعلّ أبرز مصاديقها هي طول عمره الشريف، وأنّ هذه المعجزة تتناسب طردياً مع حجم المهمة التغييرية المناطة بالإمام المهدي، وهي مهمة كبيرة بحجم مشروعها التغييري ومساحتها الجغرافية التي تستوعب الأرض كلّها والناس كلّهم.وقد خاضت الدراسة موضوع بحثها في مرحلتين:1 - مرحلة اثبات امكان العمر الطويل.واستدلّت الدراسة عليه بمجموعة من الأدلة هي أدلّة الإمكان عملياً وعلمياً ومنطقياً، وقد تم إثبات إمكان طول العمر من تلك النواحي الثلاث.ثم قدمت الدراسة مجموعة من الأدلّة العلمية المعاصرة التي تؤيد بشكل مباشر أو غير مباشر إمكانية طول عمر الإنسان، فبحجم المتوفر من تلك الأدلّة استدلت الدراسة علي إمكانية طول العمر. كما توفرت هذه الدراسة علي بيان أنّ العمر الطويل ليس أمراً ممكنا بل هو ضروري أيضاً لمن يطلب منه مهمة كالمهمة التي تطلب من الإمام المهدي‌عليه السلام.كما استعرضت دليل المعجزة علي طول عمر الإمام المهدي، وأكّدت علي التناسب الطردي بين حجم المهمة المناطة بالإمام المهدي وحجم التحضير لهذه المهمة.2 - مرحلة اثبات تحقق العمر الطويل في الإمام المهدي وذلك عبر استعراض المعطيات العقائدية والتاريخية المتعلقة بوجود الإمام المهدي بدءاً من مولده الشريف، ورؤية الأصحاب والثقاة له وإخبارهم عنه، ومروراً بمعطيات الغيبة الصغري ووجود السفراء الأربعة الذين تناوبوا في السفارة بينه‌عليه السلام وبين قواعده الشيعية، وحملوا لهم تواقيعه وبخطّ يده الشريفة، وعلي طول فترة تمتد حوالي (70) عاماً الي أن أعلن السفير الرابع بدء مرحلة الغيبة الكبري وانتهاء عمل السفارة الخاصة. واستشهدنا أخيراً علي استمرار حياته في الغيبة الكبري بالاخبارات المتتالية المتحدثة عن لقاء عددٍ كبير من المؤمنين والعلماء به.لقد كانت هذه المعطيات دليلاً قطعياً علي وجود الإمام المهدي‌عليه السلام وصحة الغيبتين الصغري والكبري، فهو حقيقة أثبتها التاريخ وقامت الحجج علي صحّتها.

پاورقي

[1] محمد الصدر، تاريخ الغيبة الكبري: 32، دار التعارف للمطبوعات، بيروت - لبنان 1412 ه - 1992 م.
[2] العنكبوت: 14.
[3] النساء: 158 - 157.
[4] الدر المنثور: 728:2.
[5] الكهف: 11 - 10.
[6] الكهف: 19.
[7] الكهف: 25.
[8] البقرة: 259.
[9] البيان في أخبار صاحب الزمان، الكنجي: 521، الباب 25. [
[10] دفاع عن الكافي: 600:1.
[11] محمد باقر الصدر، بحث حول المهدي: 30 - 19، ط3،دارالتعارف للمطبوعات، بيروت لبنان، 1401 ه - 1981م.
[12] سورة البقرة: 195.
[13] دائرة معارف القرن العشرين: 661 - 660 :3.
[14] صحيفة الوفاق، تصدر عن وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء، طهران العدد (1051) بتاريخ الخميس 15 آذار 9 - 2001 ذو الحجة 1421 ه ص 8.
[15] صحيفة الوفاق، العدد (1048)، بتاريخ الأحد 11/ 3/ 2001 م، 15 ذو الحجة / 1421 ه، ص 5.
[16] الإسلام يقود الحياة، محمد باقر الصدر: 163.
[17] البيان في تفسير القرآن: 45، السيد أبو القاسم الخوئي، المطبعة العلمية قم، 1974م.
[18] البقرة: 5 - 3.
[19] الأنبياء: 69.
[20] بحث حول المهدي، الشهيد محمد باقر الصدر،: 37 - 33.
[21] صحيح البخاري: 101:1، كتاب الأحكام باب الاستخلاف، وصحيح مسلم: 4:6 كتاب الإمارة باب الاستخلاف، مسند أحمد: 97 ،93 ،90 :5.
[22] التوبة: 33.
[23] ينابيع المودّة: 447.
[24] ينابيع المودّة: 448.
[25] وفيات الأعيان: 316:3، الإرشاد: 326، إعلام الوري: 393، نور الأبصار: 170، تاريخ الغيبة الصغري: 261.
[26] تاريخ الغيبة الصغري، الشهيد السيد محمد الصدر: 270.
[27] تاريخ الغيبة الصغري: 281 - 182 نقلاً عن اكمال الدين.
[28] انظر الإرشاد: 339، نقلاً عن تاريخ الغيبة الصغري: 283.
[29] تاريخ الغيبة الصغري، الشهيد السيد محمد الصدر: 288 - 287.
[30] الغيبة، للشيخ الطوسي: 216، نقلاً عن تاريخ الغيبة الصغري: 431.
[31] تاريخ الغيبة الصغري، الشهيد السيد محمد الصدر: 431.
[32] انظر: الغيبة: 226، نقلاً عن تاريخ الغيبة الصغري: 433.
[33] تاريخ الغيبة الصغري: 433.
[34] بحث حول المهدي، السيد محمد باقر الصدر: 75 - 74.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.