الامام المهدی عجل الله تعالی فرجه الشریف: قدوه و اسوه

اشارة

شابک : 100ریال

شماره کتابشناسی ملی : م 64-2743

عنوان و نام پدیدآور : الامام المهدی: قدوه و اسوه/ مولف محمدتقی المدرسی

مشخصات نشر : المرکز الثقافی الاسلامی، 1405ق. = 1363.

مشخصات ظاهری : ص 75

موضوع : مهدویت -- انتظار

موضوع : محمدبن حسن(عج)، امام دوازدهم، 256ق. - .

رده بندی دیویی : 297/462

رده بندی کنگره : BP224/4/م 4الف 8

سرشناسه : مدرسی، محمدتقی، - 1945

شناسه افزوده : سازمان تبلیغات اسلامی

وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی

ص: 1

اشارة

الامام المهدی: قدوه و اسوه

مولف محمدتقی المدرسی

ص: 2

المقدمه

الحمد لله رب العالمین وصلی الله علی محمد سید المرسلین وعلی آله الهداة المیامین، وعلی أصحابه المنتجبین وعلی عباد الله الصالحین.

لم تکن المشاکل الفلسفیة ترفاً فکریًّا، أو اسرافاً فی المثالیة، بل إن أغلبها تمس صمیم واقع البشر؛ لأنها تحاول معرفة العلاقة السلیمة بین الإنسان وخالقه، وبینه وبین الکون المحیط به.

وأولئک الذین حاولوا تجرید الفلسفة عن هذا البحث الهام، أفقدوها مبرر وجودها وحکمة انتشارها بین الناس واهتمامهم بها.

والحدیث عن الإمام الغائب «حجة الله علی خلقه» والسبب الموصل بین الله والإنسان، وحبل الله المتین، یهدف- فیما یهدف- الکشف عن جوانب هامة من هذه الصلة المباشرة بین خالق السماوات والأرض وبین الإنسان!!.

ص: 3

إذ تتجسد هذه الصلة فی إنسان کامل لا یختلف فی بشریته عن غیره، إلَّا أنه حجة الله، الذی تجلَّت فیه رسالات الله، وصاغته بشراً کاملًا، لیکون قدوةً وإماماً.

ولأن اخترعت البشریة التائهة أبطالًا باسم الجندی المجهول وفی صورة (سوبرمان) وأبطال وهمیین، فإن ید العنایة الإلهیة صاغت إنساناً

من لحم ودم ولکنه کان رمز کل فضیلة، ودلیل کل سمو، ولیکون حجة الله علی الإنسان لکیلا یبرر تقاعسه عن بلوغ المقام المحمود بضعفه البشری.

وها نحن فی رحاب هذا الإمام العظیم، وإنی أرجو من أولئک الذین لا یؤمنون به أن یفکروا فی الأمر من جدید لئلا یمنعوا عن أنفسهم خیراً کثیراً.

والکتاب الذی بین أیدینا، مساهمة بسیطة جدًّا فی هذا المضمار. وکنت قد ألفته قبل حوالی عشرین عاماً. ولقد جددت النظر فی بعض فصوله وأقدمه الیوم للقراء عسی الله أن ینفعنی به یوم الحساب.

محمد تقی المدرسی

3/شعبان/1405 ه-

ص: 4

الفصل الأول: الأَصْلُ الکَرِیمُ

اشارة

ص: 5

ص: 6

من هو الإمام المهدی؟

والده علیه السلام:

الإمام الحسن بن علی بن محمد بن علی بن موسی بن جعفر بن محمد ابن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهم السلام.

أمّه علیها السلام:

وصیفة ترکیة انحدرت من سلالة طیبة تتصل بأوصیاء عیسی ابن مریم علیه السلام، واسمها نرجس أو (صیقل)، وکانت قد أسلمت وهی فی بلادها بسبب رؤیا شاهدتها، وعندما زحفت طلائع الجیش الإسلامی علی بلادها سلَّمت لهم لیأتی بها القدر إلی بیت الإمام الحسن العسکری علیه

ص: 7

السلام وتصبح والدة حجة الله.

میلاده علیه السلام:

فی لیلة النصف من شعبان من عام (255) للهجرة، وفی مدینة سامراء عاصمة الخلافة فی عهد المعتصم العباسی، وُلِدَ الإمام الحجة علیه السلام.

وکان لولادته شواهد دلَّت علی ما قدّر الله لهذا المولود السعید من أثر فی حیاة البشریة.

دعنا نستمع إلی السیدة حکیمة بنت الإمام محمد بن علی الجواد وعمة الإمام الحسن تقصُّ علینا عن ولادة الحجة قالت: «بَعَثَ إِلَیَّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ علیه السلام فَقَالَ: «یَا عَمَّةُ اجْعَلِی إِفْطَارَکِ اللَّیْلَةَ عِنْدَنَا، فَإِنَّهَا لَیْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّ اللهَ تَبَارَکَ وَتَعَالَی سَیُظْهِرُ فِی هَذِهِ اللَّیْلَةِ الحُجَّةَ وَهُوَ حُجَّتُهُ فِی أَرْضِهِ.

قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ: وَمَنْ أُمُّهُ؟

قَالَ لِی: نَرْجِسُ.

ص: 8

قُلْتُ لَهُ: وَاللهِ- جَعَلَنِیَ اللهُ فِدَاکَ- مَا بِهَا أَثَرٌ.

فَقَالَ: هُوَ مَا أَقُولُ لَکِ.

قَالَتْ: فَجِئْتُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ جَاءَتْ تَنْزِعُ خُفِّی وَقَالَتْ لِی: یَا سَیِّدَتِی کَیْفَ أَمْسَیْتِ؟ فَقُلْتُ: بَلْ أَنْتِ سَیِّدَتِی وَسَیِّدَةُ أَهْلِی، قَالَتْ: فَأَنْکَرَتْ قَوْلِی وَقَالَتْ: مَا هَذَا یَا عَمَّةُ؟! قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهَا: یَا بُنَیَّةُ إِنَّ اللهَ تَبَارَکَ وَتَعَالَی سَیَهَبُ لَکِ فِی لَیْلَتِکِ هَذِهِ غُلَاماً سَیِّداً فِی الدُّنْیَا وَالْآخِرَةِ.

قَالَتْ: فَجَلَسَتْ وَاسْتَحْیَتْ، فَلَمَّا أَنْ فَرَغْتُ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَأَفْطَرْتُ وَأَخَذْتُ مَضْجَعِی فَرَقَدْتُ، فَلَمَّا أَنْ کَانَ فِی جَوْفِ اللَّیْلِ قُمْتُ إِلَی الصَّلَاةِ فَفَرَغْتُ مِنْ صَلَاتِی وَهِیَ نَائِمَةٌ لَیْسَ بِهَا حَادِثٌ، ثُمَّ جَلَسْتُ مُعَقِّبَةً، ثُمَّ اضْطَجَعْتُ، ثُمَّ انْتَبَهْتُ فَزِعَةً وَهِیَ رَاقِدَةٌ، ثُمَّ قَامَتْ: فَصَلَّتْ. قَالَتْ حَکِیمَةُ:

ص: 9

فَدَخَلَتْنِی الشُّکُوکُ، فَصَاحَ بِی أَبُو مُحَمَّدٍ علیه السلام مِنَ المَجْلِسِ فَقَالَ: «لَا تَعْجَلِی یَا عَمَّةُ! فَإِنَّ الْأَمْرَ قَدْ قَرُبَ». قَالَتْ:

فَقَرَأْتُ (الم السَّجْدَةَ وَیس)، فَبَیْنَمَا أَنَا کَذَلِکِ إِذْ انْتَبَهَتْ فَزِعَةً، فَوَثَبْتُ إِلَیْهَا فَقُلْتُ: اسْمُ اللهِ عَلَیْکَ، ثُمَّ قُلْتُ لَهَا: تَحِسِّینَ شَیْئاً؟ قَالَتْ: نَعَمْ یَا عَمَّةُ، فَقُلْتُ لَهَا: اجْمَعِی نَفْسَکِ وَاجْمَعِی قَلْبَکِ فَهُوَ مَا قُلْتُ لَکِ، قَالَتْ حَکِیمَةُ: ثُمَّ أَخَذَتْنِی فَتْرَة (1) وَأَخَذَتْهَا فِطْرَةٌ (2)، فَانْتَبَهْتُ بِحِسِّ سَیِّدِی علیه السلام، فَکَشَفْتُ الثَّوْبَ عَنْهُ فَإِذَا أَنَا بِهِ علیه السلام سَاجِداً یَتَلَقَّی الْأَرْضَ بِمَسَاجِدِهِ، فَضَمَمْتُهُ إِلَیَّ، فَإِذَا أَنَا بِهِ نَظِیفٌ مُنَظَّفٌ، فَصَاحَ بِی أَبُو مُحَمَّدٍ علیه السلام: «هَلُمِّی إِلَیَّ ابْنِی یَا عَمَّةُ» فَجِئْتُ بِهِ إِلَیْهِ، فَوَضَعَ یَدَیْهِ تَحْتَ أَلْیَتَیْهِ وَظَهْرِهِ وَوَضَعَ قَدَمَیْهِ عَلَی صَدْرِهِ، ثُمَّ أَدْلَی

ص: 10


1- (1) أی استولی علیَّ التراخی.
2- (2) فطرة: أی الولادة.

لِسَانَهُ فِی فِیهِ وَأَمَرَّ یَدَهُ عَلَی عَیْنَیْهِ وَسَمْعِهِ وَمَفَاصِلِه» (1).

وبعدما ولد أجری له والده الإمام الحسن علیه السلام مراسیم الولادة بما یلی تفصیله:

تصدق عنه عشرة آلاف رطل خبزاً وعشرة آلاف رطل لحماً، وعقَ عنه بذبح ثلاثمائة شاة بعثها حیة من یومه إلی بنی هاشم والشیعة. ثم بعث إلی الخاصة من أصحابه یخبرهم بولادته وأنه الوصی من بعده ویأمرهم بکتمان ذلک عن کل أحد، فقد أُثِرَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الْقُمِّیِّ قَالَ: «لَمَّا وُلِدَ الْخَلَفُ الصَّالِحُ علیه السلام وَرَدَ مِنْ مَوْلَانَا أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام عَلَی جَدِّی أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ کِتَابٌ، وَإِذَا فِیهِ مَکْتُوبٌ بِخَطِّ یَدِهِ علیه السلام الَّذِی کَانَ یَرِدُ بِهِ التَّوْقِیعَاتُ عَلَیْه:

«وُلِدَ المَوْلُودُ فَلْیَکُنْ عِنْدَکَ مَسْتُوراً وَعَنْ جَمِیعِ النَّاسِ مَکْتُوماً، فَإِنَّا

لَمْ نُظْهِرْ عَلَیْهِ إِلَّا الْأَقْرَبَ لِقَرَابَتِهِ وَالمَوْلَی لِوَلَایَتِهِ، أَحْبَبْنَا إِعْلَامَکَ لِیَسُرَّکَ اللهُ بِهِ کَمَا سَرَّنَا، وَالسَّلَام» (2).

وروی عن إبراهیم صاحب الإمام الحسن العسکری علیه السلام أنه قال:

ص: 11


1- (3) کمال الدین، ج 2، ص 99- 138- 108.
2- (1) کمال الدین، ج 2، ص 99- 138- 108.

«وَجَّهَ إِلَیَّ مَوْلَایَ أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام بِأَرْبَعَةِ أَکْبُشٍ وَکَتَبَ إِلَیَّ:

«بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیم

عُقَّ هَذِهِ عَنِ ابْنِی مُحَمَّدٍ المَهْدِیِّ، وَکُلْ هَنَّأَکَ، وَأَطْعِمْ مَنْ وَجَدْتَ مِنْ شِیعَتِنَا» (1).

کتمان أمر الإمام:

وهکذا تمت ولادة الإمام الذی بقی محاطاً بستار کثیف من الکتمان بسبب الظروف السیاسیة المعاصرة. ولم یُبدِ الإمام العسکری علیه السلام أمر نجله إلَّا لخواص أصحابه، فقد جاء فی الحدیث المأثور عن کتاب الغیبة، عن جماعة من أصحاب الإمام أنهم قالوا:

«اجْتَمَعْنَا إِلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام نَسْأَلُهُ عَنِ الْحُجَّةِ مِنْ بَعْدِهِ، وَفِی مَجْلِسِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، فَقَامَ إِلَیْهِ عُثْمَانُ بْنُ سَعِیدِ بْنِ عَمْرٍو الْعَمْرِیُّ فَقَالَ لَهُ: یَا بْنَ رَسُولِ اللهِ! أُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَکَ عَنْ أَمْرٍ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّی؟ فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ یَا عُثْمَانُ، فَقَامَ مُغْضَباً لِیَخْرُجَ،

ص: 12


1- (2) بحار الأنوار، ج 51، ص 2- 3.

فَقَالَ: لَا یَخْرُجَنَّ أَحَدٌ، فَلَمْ یَخْرُجْ مِنَّا أَحَدٌ إِلَی [أَنْ] کَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ فَصَاحَ علیه السلام بِعُثْمَانَ فَقَامَ عَلَی قَدَمَیْهِ فَقَالَ: أُخْبِرُکُمْ بِمَا جِئْتُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ یَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، قَالَ: جِئْتُمْ تَسْأَلُونِّی عَنِ الحُجَّةِ مِنْ بَعْدِی، قَالُوا: نَعَمْ فَإِذَا غُلَامٌ کَأَنَّهُ قِطَعُ قَمَرٍ أَشْبَهُ النَّاسِ بِأَبِی مُحَمَّدٍ علیه السلام، فَقَالَ: هَذَا إِمَامُکُمْ مِنْ بَعْدِی وَخَلِیفَتِی عَلَیْکُمْ أَطِیعُوهُ وَلَا تَتَفَرَّقُوا مِنْ بَعْدِی فَتَهْلِکُوا فِی أَدْیَانِکُمْ، أَلَا وَإِنَّکُمْ لَا تَرَوْنَهُ مِنْ بَعْدِ یَوْمِکُمْ هَذَا حَتَّی یَتِمَّ لَهُ عُمُرٌ، فَاقْبَلُوا مِنْ عُثْمَانَ مَا یَقُولُهُ وَانْتَهُوا إِلَی أَمْرِهِ وَاقْبَلُوا قَوْلَهُ، فَهُوَ خَلِیفَةُ إِمَامِکُمْ وَالْأَمْرُ إِلَیْه».

کیف بدأ عهد إمامة الحجة؟

وکعادة الخلفاء العباسیین إذا وجدوا فرصة لقتل أولیاء الله بادروا بدسِّ السُّمِّ إلیهم.

اغتال المعتصم العباسی الإمام الحسن العسکری علیه السلام بالسُّم، فأخذ یفتش عن نجله لیقضی علیه ویقطع دابر الإمامة الإسلامیة فی زعمه.

ص: 13

فأرسل إلی بیت الإمام لیحتجز ما فیه ومن فیه.

دعنا نستمع خبر ذلک عن لسان أحمد بن عبد الله بن یحیی بن خاقان ابن وزیر المعتصم الذی قال:

«لَمَّا اعْتَلَّ (الإمامُ الحسنُ العسکری علیه السلام) بَعَثَ إِلَی أَبِی أَنَّ ابْنَ الرِّضَا قَدِ اعْتَلَّ، فَرَکِبَ مِنْ سَاعَتِهِ مُبَادِراً إِلَی دَارِ الْخِلَافَةِ، ثُمَّ رَجَعَ مُسْتَعْجِلًا وَمَعَهُ خَمْسَةُ نَفَرٍ مِنْ خَدَمِ أَمِیرِ المُؤْمِنِینَ کُلُّهُمْ مِنْ ثِقَاتِهِ وَخَاصَّتِهِ، فَمِنْهُمْ نِحْرِیرٌ، وَأَمَرَهُمْ بِلُزُومِ دَارِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ وَتَعَرُّفِ خَبَرِهِ وَحَالِهِ، وَبَعَثَ إِلَی نَفَرٍ مِنَ المُتَطَبِّبِینَ فَأَمَرَهُمْ بِالِاخْتِلَافِ إِلَیْهِ وَتَعَاهُدِهِ فِی صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ.

فَلَمَّا کَانَ بَعْدَ ذَلِکَ بِیَوْمَیْنِ جَاءَهُ مَنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدْ ضَعُفَ، فَرَکِبَ حَتَّی بَکَّرَ إِلَیْهِ، ثُمَّ أَمَرَ المُتَطَبِّبِینَ بِلُزُومِهِ، وَبَعَثَ إِلَی قَاضِی الْقُضَاةِ فَأَحْضَرَهُ مَجْلِسَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ یَخْتَارَ مِنْ أَصْحَابِهِ عَشَرَةً مِمَّنْ یُوثَقُ بِهِ فِی دِینِهِ وَأَمَانَتِهِ وَوَرَعِهِ فَأَحْضَرَهُمْ، فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَی دَارِ الْحَسَنِ علیه السلام وَأَمَرَهُمْ بِلُزُومِهِ لَیْلًا وَنَهَاراً.

ص: 14

فَلَمْ یَزَالُوا هُنَاکَ حَتَّی تُوُفِّیَ لِأَیَّامٍ مَضَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِیعٍ الْأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ سِتِّینَ وَمِائَتَیْنِ، فَصَارَتْ سُرَّ مَنْ رَأَی ضَجَّةً وَاحِدَةً: «مَاتَ ابْنُ الرِّضَا».

وَبَعَثَ السُّلْطَانُ إِلَی دَارِهِ مَنْ یُفَتِّشُهَا وَیُفَتِّشُ حُجَرَهَا، وَخَتَمَ عَلَی جَمِیعِ مَا فِیهَا، وَطَلَبُوا أَثَرَ وَلَدِهِ، وَجَاؤُوا بِنِسَاءٍ یَعْرِفْنَ الْحَبَلَ فَدَخَلْنَ عَلَی جَوَارِیهِ فَنَظَرَ إِلَیْهِنَّ فَذَکَرَ بَعْضُهُنَّ أَنَّ هُنَاکَ جَارِیَةً بِهَا حَبَلٌ، فَأَمَرَ بِهَا فَجُعِلَتْ فِی حُجْرَةٍ وَوُکِّلَ بِهَا نِحْرِیرٌ الْخَادِمُ وَأَصْحَابُهُ وَنِسْوَةٌ مَعَهُم».

ثم قال: «وَ لَمْ یَزَلِ الَّذِینَ وُکِّلُوا بِحِفْظِ الْجَارِیَةِ الَّتِی تَوَهَّمُوا عَلَیْهِ الْحَبَلَ مُلَازِمِینَ لَهَا سَنَتَیْنِ وَأَکْثَرَ حَتَّی تَبَیَّنَ لَهُمْ بُطْلَانُ الْحَبَلِ، فَقُسِمَ مِیرَاثُهُ بَیْنَ أُمِّهِ وَأَخِیهِ جَعْفَرٍ، وَادَّعَتْ أُمُّهُ وَصِیَّتَهُ وَثَبَتَ ذَلِکَ عِنْدَ الْقَاضِی، وَالسُّلْطَانُ عَلَی ذَلِکَ یَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِهِ».

ثم ذکر قصة مناوأة جعفر علی الوصایا حتی قال:

ص: 15

«وَخَرَجْنَا- وَالْأَمْرُ عَلَی تِلْکَ الْحَالِ- وَالسُّلْطَانُ یَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ علیه السلام حَتَّی الْیَوْم» (1).

وهکذا حاولت السلطة الجاهلیة المستکبرة فی الأرض أن تقتلع جذور الإمامة، وتقضی علی الحرکة الرسالیة الأصیلة، فلم تفلح؛ لأن ید الله فوق أیدیهم.

یُرِیدُونَ أَنْ یُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَیَأْبَی اللَّهُ إِلَّا أَنْ یُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ کَرِهَ الْکَافِرُونَ (2).

اللَّه أعلم حیث یجعل رسالته:

وکان للإمام الحجة عمّ یُدعی بجعفر زعم أن له حق الإمامة من بعد أخیه الحسن العسکری علیه السلام، فأخذ یدعو الناس إلی نفسه، بل ویتوسل إلی السلطات الظالمة لیستمد منها الدعم دون أن یعلم أن مبرر استمرار خط الإمامة هو مقاومة هذه السلطات، وقیادة الجماهیر المؤمنة ضد فسادها

ص: 16


1- (1) کمال الدین، ج 1، ص 125.
2- (2) سورة التوبة، الآیة: 32.

و انحرافها.

أما جعفر ابن الإمام علی الهادی علیه السلام فإنه کان یفقد المؤهلات الکافیة للإمامة؛ ولأنه کان یعرف أن الطائفة لا تعترف به، فقد جاء إلی عبد الله بن یحیی بن خاقان- وهو وزیر الخلیفة العباسی- یسعی من أجل دعم مرکزه.

ابن الوزیر یروی قصة ذلک فیما یلی:

«فَجَاءَ جَعْفَرٌ- بَعْدَ قِسْمَةِ الْمِیرَاثِ- إِلَی أَبِی وَقَالَ لَهُ: اجْعَلْ لِی مَرْتَبَةَ أَبِی وَأَخِی وَأُوصِلُ إِلَیْکَ فِی کُلِّ سَنَةٍ عِشْرِینَ أَلْفَ دِینَارٍ مُسَلَّمَة.

فَزَبَرَهُ أَبِی وَأَسْمَعَهُ وَقَالَ لَهُ: یَا أَحْمَقُ! إِنَّ السُّلْطَانَ أَعَزَّهُ اللهُ (!) جَرَّدَ سَیْفَهُ وَسَوْطَهُ فِی الَّذِینَ زَعَمُوا أَنَّ أَبَاکَ وَأَخَاکَ أَئِمَّةٌ لِیَرُدَّهُمْ عَنْ ذَلِکَ فَلَمْ یَقْدِرْ عَلَیْهِ وَلَمْ یَتَهَیَّأْ لَهُ صَرْفُهُمْ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ فِیهِمَا، وَجَهَدَ أَنْ یُزِیلَ أَبَاکَ وَأَخَاکَ عَنْ تِلْکَ الْمَرْتَبَةِ فَلَمْ یَتَهَیَّأْ لَهُ ذَلِکَ؛ فَإِنْ کُنْتَ عِنْدَ شِیعَةِ أَبِیکَ وَأَخِیکَ إِمَاماً فَلَا حَاجَةَ بِکَ إِلَی سُلْطَانٍ یُرَتِّبُکَ مَرَاتِبَهُمْ وَلَا غَیْرِ سُلْطَانٍ، وَإِنْ لَمْ تَکُنْ عِنْدَهُمْ بِهَذِهِ المَنْزِلَةِ

ص: 17

لَمْ تَنَلْهَا بِهَا».

وما لبث جعفر أن تراجع عن هذه الدعوة الکاذبة، وعاد إلی رشده فی التسلیم لإمامة الحجة علیه السلام، ولذلک سُمِّی عند الطائفة بجعفر التواب بعد أن کان یُسَمَّی بجعفر الکذاب.

الغیبة الصغری:

اشارة

بعد أن بیّن الأئمة الهداة علیهم السلام عبر قرنین ونصف من عمر الرسالة بعد الرسول صلی الله علیه واله معالم الدین، وبعد أن احتمل خیرة أبناء الأمة علم الأنبیاء علیهم السلام عبر أوصیائهم المعصومین، وترسخت جذور المعرفة الإلهیة فی نفوس الألوف، وبعد أن تهیَّأ التیار الرسالی للنهوض بأعباء الثورة ضد الظلم والطغیان، والوقوف أمام الانحرافات الأساسیة فی الدین.

بعد کل ذلک قَدَّرَ اللهُ الغیبة الصغری لولی الله الأعظم، الحجّة بن الحسن علیه السلام التی امتدت من عام (260) إلی عام (329)، أقام الإمام خلالها جسراً من الوکلاء بینه وبین أبناء الطائفة.

ونُوّاب الإمام هم:

1- أبو عمرو عثمان بن سعید، الذی کان وکیلًا للإمام الحسن

ص: 18

العسکری علیه السلام، وبعد وفاته أصبح نائباً للإمام الحجة عجل الله تعالی فرجه.

2- وبعد وفاته عام (266) نصَّب الإمام الحجة ابنه أبا جعفر محمد بن عثمان لیصبح نائباً للإمام خلال خمسین عاماً.

3- أما النائب الذی استخلفه محمد بن عثمان فقد کان حسینبن روح، ومنذ عام (304) وعبر اثنین وعشرین عاماً کان مرجعاً عاماً للطائفة من قبل الإمام الحجة علیه السلام.

4- وبعد أن لبَّی حسین بن روح نداء ربه، عیَّن الإمام أبا الحسن علی بن محمد السمری نائباً عنه، وبقی فی منصبه ثلاث سنوات، ولما اقترب من أجله سُئِل عمّن ینوبه فأخبر بانتهاء الغیبة الصغری بوفاته.

وفی سِنِیِّ الغیبة الصغری کان یمارس فقهاء الإسلام الأربعة العظام دور القیادة نیابة عن الإمام، ولعلها کانت کافیة لتربیة الأمة علی أسس اختیار قادتها من بین أقرب الفقهاء إلی مثال النواب الأربعة فی عصر الغیبة الکبری، حیث کان من المفروض أن تستقل الأمة بانتخاب قادتها من الفقهاء العدول الراسخین فی علم أهل البیت، والزاهدین فی درجات الدنیا، والمجسّدین لتعالیم الرسالة.

ولعل حکمة ذلک کانت تَدَرُّجُ الصلة الإلهیة من الوحی إلی الوصایة

ص: 19

والنیابة الخاصة ثم النیابة العامة، فلقد کان عصر النبی الأعظم صلی الله علیه والهعصر الوحی الذی کان شاهداً فی کل قضیة، وبعد أن أکمل تبلیغ الرسالة عَهِدَ إلی الأئمة الهدة أمر تفسیر المتشابه من آیات القرآن، أما المحکم فکان علی الناس أنفسهم الرجوع إلیه مباشرة، وهذه خطوة متقدمة فی مسیرة التعامل مع الوحی.

وفی عصر الوصایة تَفَقَّهَ الکثیر من المسلمین العلماء حتی أرجع الأئمة إلی بعضهم أمر الفُتیا، وبعد ذلک جاء عصر النیابة الخاصة حیث کان علی المسلمین مراجعة الإمام الحجة من خلال نوابه ولیس بصورة مباشرة کما کان فی عصر الوصایة.

أما الآن، وفی عصر النیابة العامة، فإن علی المسلمین أن یُراجعوا الفقهاء العدول الذین یتعرفون علی صلاحیتهم وفق المقاییس العامة التی بیّنها لهم الأئمة.

وبالرغم من أن صلة حجة الله بأولیاء الله مستمرة بصورة أو بأخری إلا أن ذلک لا یدخل ضمن إطار الأحکام الظاهریة، حیث لا یمکن لأحد أن یَدَّعی أنه النائب الخاص للإمام، بل لا یمکنه أن یَدَّعی

ارتباطه المباشر بالإمام، فإذا فعل ذلک فإن علی المسلمین أن یُکَذِّبُوه رأساً. ولولا هذا التدرج لکانت الأمة تُصاب بکارثة حقیقیة.

ص: 20

شمائل وصفات الإمام:

لقد تم وصف الإمام بدقة من قبل النبی صلی الله علیه والهوالأئمة الهداة، ولعله کان لحکمة بالغة، هی ردع کل من تُسَوِّلُ له نفسه بادِّعاء المهدویة، بعد أن أصبحت قضیة ظهور الإمام المهدی علیه السلام فی آخر الزمان من ضرورات الدین، وبما أنه من المستحیل أن تجتمع کل تلک الصفات التی ذکرتها النصوص الإسلامیة فی شخص مُدَّعٍ للمهدویة مما یکشف کذبه للناس.

1- قال النبی صلی الله علیه واله:

«المَهْدِیُّ مِنِّی، أَجْلَی الجَبْهَةِ، أَقْنَی الْأَنْف» (1).

«المَهْدِیُّ مِنْ وُلْدِی وَجْهُهُ کَالْقَمَرِ الدُّرِّیِّ. اللَّوْنُ لَوْنٌ عَرَبِیٌّ، وَالْجِسْمُ جِسْمٌ إِسْرَائِیلی» (2).

«وَجْهُهُ کَالدِّینَارِ، وَأَسْنَانُهُ کَالْمِنْشَارِ، وَسَیْفُهُ کَحَرِیقِ النَّار» (3).

2- وقال الإمام أمیر المؤمنین علیه السلام:

«یَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِی فِی آخِرِ الزَّمَانِ، أَبْیَضُ مُشْرَبٌ حُمْرَةً، مُبْدَحُ الْبَطْنِ، عَرِیضُ الْفَخِذَیْنِ، عَظِیمٌ مُشَاشُ المَنْکِبَیْنِ، بِظَهْرِهِ شَامَتَانِ: شَامَةٌ عَلَی لَوْنِ جِلْدِهِ، وَشَامَةٌ عَلَی شِبْهِ شَامَةِ النَّبِیِّ صلی الله علیه واله، لَهُ اسْمَانِ: اسْمٌ یَخْفَی وَاسْمٌ یَعْلُنُ، فَأَمَّا الَّذِی یَخْفَی فَأَحْمَدُ، وَأَمَّا الَّذِی یَعْلُنُ فَمُحَمَّدٌ، فَإِذَا هَزَّ رَایَتَهُ أَضَاءَ لَهَا مَا بَیْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، وَوَضَعَ یَدَهُ عَلَی رُؤُوسِ الْعِبَادِ فَلَا یَبْقَی مُؤْمِنٌ إِلَّا صَارَ قَلْبُهُ أَشَدَّ مِنْ زُبَرِ الحَدِیدِ، وَأَعْطَاهُ اللهُ قُوَّةَ أَرْبَعِینَ رَجُلًا، وَلَا یَبْقَی مَیِّتٌ إِلَّا دَخَلَتْ عَلَیْهِ تِلْکَ الْفَرْحَةُ فِی قَلْبِهِ وَفِی قَبْرِهِ، وَهُمْ یَتَزَاوَرُونَ فِی قُبُورِهِمْ وَیَتَبَاشَرُونَ بِقِیَامِ الْقَائِمِ علیه السلام» (4).

ص: 21


1- (1) بحارالأنوار، ج 36، ص 368.
2- (2) بحارالأنوار، ج 51، ص 91.
3- (3) بحارالأنوار، ج 51، ص 76.
4- (1) بحار الأنوار، ج 51، ص 35.

«هُوَ أَوْسَعُکُمْ کَهْفاً، وَأَکْثَرُکُمْ عِلْماً وَأَوْصَلُکُمْ رَحِماً» (1).

«یُوْمِئُ لِلطَّیْرِ فُیَسْقُطُ عَلَی یَدِهِ، وَیَغْرِسُ قَضِیْباً فِیْ الأَرْضِ فَیَخْضَرُّ وَیُوْرِقُ» (2).

3- وقال الإمام الحسین علیه السلام:

«تَعْرِفُوْنَ المَهْدِیَّ بِسَکِیْنَةٍ وَوَقَارٍ، وَمَعْرِفَتُهُ الحَلَالُ وَالحَرَامُ، وَبِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَیْهِ وَلَا یَحْتَاجُ إِلَی أَحَدٍ» (3).

4- وقال الإمام الباقر علیه السلام:

«یَا أبَا مُحَمَّدٍ بِالْقَائِمِ عَلَامَتَانِ: شَامَةٌ فِی رَأْسِهِ وَ دَاءُ الحَزَازِ بِرَأْسِهِ، وَشَامَةٌ بَیْنَ کَتِفَیْهِ مِنْ جَانِبِهِ الْأَیْسَرِ، تَحْتَ کَتِفَیْهِ وَرَقَةٌ مِثْلُ وَرَقَةِ الْآس» (4).

5- وقال الإمام الصادق علیه السلام:

ص: 22


1- (2) بحار الأنوار، ج 51، ص 115.
2- (3) منتخب الأثر، ص 154.
3- (4) کتاب الغیبة، للنعمانی، ص 127.
4- (5) بحارالأنوار، ج 51، ص 41.

«حَسَنُ الوَجْهِ، أَدِمُ، أَسْمَرُ، مُشْرَبٌ بِحُمْرَةٍ» (1).

«أَزَجُّ، أَبْلَجُ أَدْعَجُ، أَعْیَنُ، أَشَمُّ الأَنْفِ، أَقْنَی، أَجْلَی» (2).

«وَهُوَ خَاشِعٌ کَخُشُوْعِ الزُّجَاجَةِ» (3).

6- قال الإمام الرضا علیه السلام:

«هو شَبِیهِی وَشَبِیهُ مُوسَی بْنِ عِمْرَانَ علیه السلام، عَلَیْهِ جُیُوبُ النُّورِ تَتَوَقَّدُ بِشُعَاعِ ضِیَاءِ الْقُدْسِ، مَوْصُوْفٌ بِاعْتِدَالِ الخَلْقِ، وَنَضَارَةِ اللَّوْنِ، یُشْبِهُ رَسُوْلَ اللهِ فِیْ الخلق» (4).

«عَلَامَتُهُ أَنْ یَکُونَ شَیْخَ السِّنِّ شَابَّ المَنْظَرِ حَتَّی إِنَّ النَّاظِرَ إِلَیْهِ لَیَحْسَبُهُ ابْنَ أَرْبَعِینَ سَنَةً أَوْ دُونَهَا وَإِنَّ مِنْ

ص: 23


1- (6) الإرشاد، ص 342.
2- (7) الملاحم والفتن، ص 58.
3- (1) الملاحم والفتن، ص 58.
4- (2) منتخب الأثر، ص 422.

عَلَامَتِهِ أَلَّا یَهْرَمَ بِمُرُورِ الْأَیَّامِ وَاللَّیَالِی عَلَیْهِ حَتَّی یَأْتِیَ أَجَلُهُ» (1).

ص: 24


1- (3) منتخب الأثر، ص 286.

الفصل الثَّانی: الإِمَامُ الحجةُ .. الأَمْلُ المُنْتَظَرُ

اشارة

ص: 25

ص: 26

انتظار الفرج أو الأمل الثائر:

هنالک سنن إلهیة تجری علی أساسها حیاة المجتمعات کالسنن الإلهیة التی تتقلب فیها حیاة الأفراد.

ومن أبرز هذه السنن انتصار الحق ودحر الباطل وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ کَانَ زَهُوقاً (1)

.

إن سفینة الحیاة ترسو بالتالی علی شاطئ رحمة الله، لأن رحمته قد سبقت غضبه، ولأن الله إنما خلق الناس لیرحمهم، وسبحانه الذی لا یؤاخذ

ص: 27


1- (1) سورة الإسراء، الآیة: 81.

أهل الأرض بألوان العذاب.

یقول ربنا سبحانه وهو یُذکِّرنا بهذه السنة التی لو تأملنا فی تاریخ البشر، وفی ظواهر الحیاة؛ لرأینا آثارها بوضوح تام: هُوَ الَّذِی أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَی وَدِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَی الدِّینِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ (1)

فما دامت السماوات والأرض قد خُلقت بالحق، وعلی أساس

الحق فإن سلطان الحق وحاکمیته وسیادته سوف یکون متوافقاً مع مسیرة الکون، ونتیجة تکامل حوادثه بإذن الله.

وَلَقَدْ کَتَبْنَا فِی الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّکْرِ أَنَّ الأَرْضَ یَرِثُهَا عِبَادِی الصَّالِحُونَ (2)

إن هذه الحقیقة التی أکَّدتها رسالات الله لیست محدودة بقوم، ولا محصورة بوراثة الصالحین قطعةً محدودةً من الأرض، بل هی بیان لسنة إلهیة عامَّة تتحقق فی ثورات الصالحین ضد الطغاة، وتتحقق بصورة تامَّة فی وراثة الصالحین لکل الأرض. والدلیل علی ذلک:

أولًا: أن الأرض جاءت مُحَلَّاة بالألف واللام؛ مما یدل علی أن المراد بها

ص: 28


1- (2) سورة التوبة، الآیة: 33.
2- (1) سورة الأنبیاءِ، الآیة: 105.

کل الأرض.

ثانیاً: أن تأکید القرآن أن هذه حقیقة مکتوبة فی أکثر من کتاب سماوی لا یدعنا نشک فی أنها تشیر إلی سنّة إلهیة یسوق الله أحداث الحیاة وفقها حتی تتحقق بصورة کلیة.

وَنُرِیدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَی الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا فِی الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِینَ (5) وَنُمَکِّنَ لَهُمْ فِی الأَرْضِ وَنُرِی فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا کَانُوا یَحْذَرُونَ (1)

قَالَ مُوسَی لِقَوْمِهِ اسْتَعِینُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ یُورِثُهَا مَنْ یَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِینَ (2)

إن تجارب البشریة قد دلَّت علی أن المسیرة الطبیعیة للنظم الحاکمة

فی الأرض لن تصل بها إلی تلک التطلعات السامیة التی انطوت علیها نفوس البشر من تحقیق مدینة فاضلة تسودها العدالة، ویحکم فی أرجائها الحق بلا شریک.

إذن کیف ومتی یتحقق هذا الطموح الفطری المشروع. هل یمکن أن

ص: 29


1- (2) سورة القَصَص، الآیة: 5- 6.
2- (3) سورة الأعراف، الآیة: 128.

یتکامل البشر بصورة عادیة إلی أن یبلغ هذا المستوی الأرفع؟!

إن ترسانات الأسلحة الذریة والکیمیاویة، ومؤامرات المستکبرین ضد مستضعفی الأرض، وتقهقر البشریة الواضح فی میادین الفضیلة والهدی، وتدهورها المرعب إلی حضیض الفساد والاعتداء؛ لدلیل واحد وواضح علی أن السبیل الوحید إلی تحقیق أهداف الإنسان هی رحمة الله التی أخرجت الإنسان من الظلمات إلی النور.

وتلک الرحمة إنما هی فی ظهور الحجة الأعظم- بقیة الله الإمام الثانی عشر من أهل بیت خاتم الأنبیاء، وقدوة الصدیقین علیهم السلام-، والإیمان بهذه الحقیقة الصادقة یبعث فی قلوب المؤمنین شعلة خالدة من الأمل، ذلک الأمل الذی یُعتبر وقود الإنسان فی مسیرته التکاملیة.

ذلک الأمل الإلهی الذی یختلف عن الأمنیة بفارق السعی، الذی هو شرط ضروری لتحقیق الأمل الإلهی، فی حین أن الأمنیة تبریر للکسل والتقاعس.

ذلک الأمل الذی ینتشل المجاهدین من ظلام الیأس الذی یبعثه الشیطان فی نفوسهم باستغلال ظروف الإرهاب والقلق والعجز المادی.

ذلک الأمل الذی ینعکس علی نظرات الفرد ومواقفه، فتُصبغ بصبغة التفاؤل الإیجابی، ویُطارد روع التشاؤم والشک والسلبیة

والانهزامیة، التی

ص: 30

تسعی أجهزة الطاغوت ووساوس الجبت أن تبثَّها فی روح العاملین، وربما لهذه الحکمة جاء فی الحدیث النبوی الشریف: «أَفْضَلُ أَعْمَالِ أُمَّتِی انْتِظَارُ الْفَرَج» (1).

المهدی علیه السلام فی النصوص الدینیة:

إن ظهور عزیر علیه السلام وعودة عیسی علیه السلام ورجعة بهرام فی الدیانات الیهودیة والمسیحیة والمجوسیة سوف یتحقق جمیعاً بظهور خاتم الأوصیاء المهدیین الإمام الحجة عجل الله تعالی فرجه.

وإن تفسیر خمسین آیة قرآنیة، وعشرات الأحادیث المأثورة عن النبی صلی الله علیه والهومئات النصوص المرویة عن آل البیت یتم بظهور الحجة عجل الله تعالی فرجه.

لقد تواترت أکثر من ستمائة وسبعةٍ وخمسین حدیثاً فی المهدی علیه السلام (2).

وقد رواها أعظم أصحاب النبی صلی الله علیه واله، وقد ألّفَ حول ظهور المهدی عجل الله تعالی فرجه علماء أهل السنّة أکثر من مائةٍ وأربعةٍ وأربعین کتاباً (3).

ص: 31


1- (1) بحار الأنوار، ج 52، ص 128.
2- (2) تجد تفصیلًا لهذه الأحادیث فی کتاب البحار، ج 51- 53، وفی کتاب منتخب الأثر، ص 31- 60.
3- (3) ذکر أغلبها من کتب عن الإمام المهدی علیه السلام، فراجع فی الکتب المختصة.

وادَّعی تواتر الحدیث کثیر من علماء المسلمین من مختلف المذاهب. ولسنا بحاجة إلی أن نناقش الدیانات السماویة فی شخص المهدی؛ لأننا لا نملک معهم أرضیة مشترکة للحدیث، بل لابد أن نناقش النظریة القائلة بأن المهدی سیولد فی آخر الزمان ثم یظهر. ونظن أن عقدة المسألة تتمثل فی قضیة طول العمر التی تبقی مشکلة نفسیة

أمام الإیمان بحیاة الإمام. إذاً، اسمحوا لنا ببحث قضیة طول العمر أولًا، قبل مناقشة هذه النظریة.

قضیة طول العمر:

إن ربنا سبحانه بمنّه القدیم ورحمته الواسعة شاء أن یُتِمَّ الحجة علی عباده بأن بعث إلیهم رسله دون أن یترک الأرض من دون حجة قائمة.

وأمدّ الله فی عمر خاتم الأوصیاء إذ لا نبی بعد محمد صلی الله علیه والهلکی یبقی السبب المتصل بین الأرض والسماء، فإذا انقطع الوحی فلا تنقطع الصلة الغیبیة عبر ولی من أولیاء الله.

وقدرة الله، التی نفذت فی کل شی ء والتی خلق بها السماوات والأرض، لا تعجزه سبحانه عن تطویل عمر الإنسان.

ونحن- بصفتنا مسلمین- نعتقد بأن الله أمدّ فی عمر نوح علیه السلام 950 عاماً بل أکثر، وأن عیسی وإدریس والعبد الصالح (خضر) أحیاء؛ فکیف لا

ص: 32

نؤمن بالعمر الطویل الذی عمَّره الإمام الحجة عجل الله تعالی فرجه.

ولکن دعنا نذکر فیما یلی نظر العلم الحدیث فی إمکانیة طول عمر الإنسان، لعلمنا أن أمام بعض الناس مشکلة نفسیة لا تدعهم یؤمنون بالإمام الغائب:

1- جاء فی مجلة الهلال- الجزء الخامس من السنة الثامنة والثلاثین (ص 607 مارس 1930)- تحت عنوان: (کم یعیش الإنسان؟) ما یلی (1):

یعتقد بعض العامة وبعض الخاصة حتی من الأطباء أن مدی عمر الإنسان سبعون سنة علی المتوسط- کما جاء فی التوراة- وقَلَّ أن یُجاوز ذلک، وقد وقف رئیس مدرسة طبیة ذات یومٍ خطیباً فی تلامیذه فقال: إن الأدلة الباثولوجیة تدل دلالة علی أن أنسجة الجسم تبلی بعد مرور زمان ما، وأن هناک حدًّا محدوداً لعمر الإنسان.

فإذا صحَّ قول هذا المدبر فإن الأسباب الکثیرة التی تنشأ منها دورة العمر هی ثابتة غیر متغیرة- دون متناول العلم-، ولنفترض أن منطقة (قنال بناما) المشهورة بالأمراض الکثیرة قُطِعَتْ عن سائر العالم، وکنا نحن فیها

ص: 33


1- (1) أوردنا قصته من کتاب (منتخب الأثر) ص 77.

نجهل أحوال الحیاة والموت فی العالم- الذی وراءها- لکنا نقول: إن کثرة الوفیات فی هذه المنطقة وقصر العمر أمور معینة بحکم الطبیعة، وأن التحکم فیها دون متناول العلم، فالفرق بین الأمرین هو فی الشخص لا فی النوع، فإن جهلنا لأسباب بعض الأمراض هو الذی یحول دون تقلیل الوفیات وإطالة العمر- فی العالم- ودورة العمر کما نسمیها متغیرة قابلة لتأثیر العلم فیها، والذی یعارضنی فی ذلک أسئلة: أی دورة من أدوار العلم هی ثابتة؟

دورة العمر فی الهند أم فی نیوزلندا؟ أم فی أمریکا أم فی منطقة القنال؟ وأی الحِرَف نحترفها نقول عنها: إن دورة العمر فیها ثابتة طبیعیة، أحِرفة الفلکی التی تکون الوفیات فیها من 15 إلی 40 سنة تحت المتوسط؟ أم المحاماة التی تکون الوفیات فیها من 5 سنوات إلی 15 سنة فوق المتوسط؟ أم تنظیف الشبابیک التی تکون الوفیات فیها من 40 إلی 60 سنة فوق المتوسط؟ هذه أمثلة علی الفرق بین الوفیات فی متوسط الوفیات بین بعض الحرف علی ما فیها من إحصاءات بعض

شرکات التأمین.

وهناک أدلة کثیرة علی أن أدوار الحیاة بین الأحیاء، ومنها الإنسان، تغیَّرت تغیراً عظیماً بالوسائل الصناعیة، وأن أدوار الحیاة- فی بعض الأحیاء- تزید کثیراً علی ما للإنسان. فلماذا تعیش السلحفاة مائتی سنة والإنسان سبعین سنة؟ ولماذا تعیش الخلایا الداخلیة فی بعض الأحیاء أربعمائة

ص: 34

سنة وفی الأنسان أقل؟

وقد یقال جواباً عن هذا السؤال:

إن الإنسان یدفع بذلک عن عیشته الحضاریة الراقیة وترکیبه الراقی، فالشجرة المشار إلیها- تمکث فی بقعة واحدة- فتظهر فیها جمیلة، ولکن ألیس بین الرجال والنساء من لا یصنع أکثر مما تصنع الشجرة، وینال أجراً علی ذلک؟!

وتجارب المختبرات البیولوجیة ذات مغزی کبیر؛ فقد استطاع بعض العلماء استنبات بعض الدعامیص- الضفدع الصغیر- من أجسادها قبل أوان خروجها بتغییر مقدار الأوکسجین- فی الوسط الموجودة فیه-، وهذا بمثابة تغییر جوهری فی دورة حیاة الدعامیص.

وکذلک تمکن آخرون من إطالة عمر ذبابة الأثمار (900) ضعف عمرها الطبیعی بحمایتها من السم والعدوی وتخفیض حرارة الوسط الذی تعیش فیه.

وتمکن کارل بتجاربه من إبقاء الخلایا فی قلب جنین دجاجة حیًّا مدة سبع عشرة سنة بصیانته عن بعض العوامل فی المحیط الذی وضع فیه.

وإذا نظرنا إلی العوامل المتسلطة علی دورة حیاة الإنسان، وجدنا أنه إذا

ص: 35

أخذنا شیئاً من المادة المعروفة باسم (الرانث) والمستخرجة من غدة درقیة علیلة، أمکننا إعادتها إلی حالتها الطبیعیة بحقنها بخلاصة غدة صحیحة، وکثیراً ما أنقذ الشخص المشرف علی الموت بحقنة بخلاصة الکبد علی أثر اشتداد اصابته بأنیمیا خبیثة وموته بها لا یختلف بمبدئه عن الموت بالشیخوخة، ویعاد المصاب بالسکر إلی حالته الطبیعیة بحقنة بخلاصة البنکریاس.

وامتدت ید العلماء إلی أصل الجینات- وقد کان یظن أنه لا یمکن العبث بها-، فتمکنوا من تغییر جنس الضفادع والطیور من الذکور والإناث والعکس، ولم یُجَرب ذلک بعدُ فی الإنسان، ولکن مادام هذا المبدأ یؤید فی الحیوان فلا یمنع تأییده فی الإنسان إلَّا جهلنا لأشیاء لابد أن تبدو لنا فی المستقبل.

2- وقال الأستاذ (فورد نوف): قد عملت إلی الآن (600) عملیة ناجحة، وأقول الآن عن اقتناع: إنه لا ینصرم القرن حتی یمکن تجدید قوی الشیوخ، وإزالة غبار السنین عن وجوههم کثیرة الغضون والأساریر، وأجنابهم المحدودبة الهزیلة، ویمکن أیضاً تأخیر الشیخوخة ومضاعفة العمر الذی هو الآن سبعین سنة علی الغالب، وسیبقی الدماغ والقلب صحیحین إلی الآخر، وقد یمکن تغییر الصفات والشخصیات والعادات بهذه الطریقة، ونقل الجرائم وتخلق العبقریات، وتُفرَّغ الشخصیات فی قوالب علی حسب

ص: 36

الطلب (1).

3- العلماء الموثوق بعلمهم یقولون: إن جل الأنسجة الرئیسیة من جسم الحیوان تقبل البقاء إلی ما لا نهایة له، وإنه فی الإمکان أن یبقی الإنسان حیًّا ألوفاً من السنین إذا لم تعرض علیه عوارض تصرم حبل حیاته. وقولهم هذا لیس مجرد ظن، بل هو نتیجة علمیة مؤیدة بالامتحان (2).

فقد تمکن أحد الجراحین من قطع جزء من حیوان وإبقائه حیًّا أکثر من السنین التی یحیاها ذلک الحیوان عادة. أی صارت حیاة ذلک الجزء مرتبطة بالغذاء الذی یقدم لها بعد السنین التی یحیاها، فصار فی الإمکان أن یعیش إلی الأبد مادام الغذاء اللازم موفوراً له.

وهذا الجراح هو (الکسیس کارل) من المشتغلین فی معهد (روکفلر نیویورک)، وقد امتحن ذلک فی قطعة من جنین الدجاج فبقیت تلک القطعة حیة نامیة أکثر من ثمان سنوات، وهو وغیره امتحنا قطعاً من أعضاء جسم الإنسان- من أعضائه وقلبه وجلده وکلیته- فکانت تبقی حیة نامیة مادام

ص: 37


1- (1) تفسیر الجواهر، ج 224، عن مجلة کل شی ء. انظر المصدر المتقدم، ص 179.
2- (1) نفس المصدر.

الغذاء اللازم موفوراً لها، حتی قال الأستاذ (دیمند وبرل) من أساتذة جامعة جونز هو بکنز:

«إن کل الأجزاء الخلویة الرئیسیة من جسم الإنسان قد ثبت: أن خلودها بالقوة صار أمراً مثبتاً بالامتحان أو مرجحاً ترجیحاً تاماً لطول ما عاشته حتی الآن».

إلی أن قال الدکتور کارل: شرع فی التجارب المذکورة فی شهر ینایر سنة 1912 م، ولقی عقبات کثیرة فی سبیله فتغلب علیها هو ومساعدوه، فثبت له:

أولًا: أن هذه الأجزاء الخلویة تبقی حیة ما لم یعرض لها عارض یمیتها، أما من قلة الغذاء أو من دخول بعض المیکروبات.

ثانیا: أنْ لا تأثیر للزمن، أی أنها لا تشیخ وتضعف بمرور الزمن، بل لا یبدو علیها أقل أثر للشیخوخة، بل تنمو وتتکاثر هذه السنة کما کانت تنمو وتتکاثر فی السنة الماضیة وما قبلها من السنین، وتدل الظواهر علی أنها ستبقی حیة نامیة مادام الباحثون صابرین علی مراقبتها، وتقدیم الغذاء الکافی لها، فشیخوخة الأحیاء لیست سبباً، بل هی نتیجة.

لکن لماذا یموت الإنسان ولماذا نری سنینه محدودة لا تتجاوز المائة إلا نادراً جدًّا وغایتها العادیة سبعون أو ثمانون؟

ص: 38

الجواب:

إن أعضاء جسم الإنسان کثیرة ومختلفة، وهی مرتبطة بعضها ببعض ارتباطاً محکماً حتی أن حیاة بعضها تتوقف علی حیاة البعض الآخر، فإذا ضعف بعضها ومات لسبب من الأسباب مات بموته سائر الأعضاء. ناهیک بفتک الأمراض المیکروبیة المختلفة، وهذا مما یجعل متوسط العمر أقل جدًّا من السبعین والثمانین. لا سیما أن کثیرین یموتون أطفالًا، وغایة ما ثبت الآن من التجارب المذکورة: أن الإنسان لا یموت لأن عمره کذا من السنین- سبعین أو ثمانین أو مائة أو أکثر- بل لأن العوارض تنتاب بعض الأجزاء فتتلفها ولارتباط أعضائه بعضها ببعض تموت کلها، فإذا استطاع العلم أن یزیل بعض العوارض أو یمنع فعلها لم یبقَ مانع استمرار الحیاة مئات من السنین، کما یحیا بعض أنواع الأشجار، وقلّ ما تنتظر العلوم الطبیعیة والوسائل الصحیة هذه الغایة القصوی، ولکن لایبعد أن نهایتها تضاعف متوسط

العمر أو یزید ضعفین أو ثلاثة (1).

4- وأکد تقریر نشرته الشرکة الوطنیة الجیوغرافیة:

«أن الإنسان یستطیع أن یعیش (1400) سنة إذا ما خُدِّر مثل بعض الحیوانات طیلة فصل الشتاء» (2).

ص: 39


1- (1) المصدر السابق عن مجلة المقتطف- العدد الثالث- السنة التاسعة والخمسون.
2- (2) الإمام المهدی، ص 164.

وهکذا یأتی قولنا بإمکان طول العمر مدة من الزمن بعیدة مؤیداً بالتجارب الحدیثة. فهل نجد من الشک أی مانع عن قبول ذلک إذا عرفت أن الله یرید أن یبقیه کذلک، وإذا أراد شیئاً وفَّرَ له أسبابه الطبیعیة.

قال الإمام الصادق علیه السلام: «أَبَی اللهُ أَنْ یُجْرِیَ الْأَشْیَاءَ إِلَّا بِالْأَسْبَاب» (1).

الدین وطول العمر:

هنا نبحث فی الموضوع من جانب دینی بحت: إن من یعتقد بالدین من الیهود والنصاری والمسلمین، یؤمن بأن قدرة الله شاملة لکل الأمور ومنها مَدُّ عمر رجل یلزم أن یموت فی السبعین فیزدیه ألفاً، مثلًا.

وإن الاعتقاد بذلک ثابت لهم فعلًا، حیث إنهم لا یزالون یقبلون مبدئیًّا حیاة کثیرین ممن تقدَّم تاریخ میلادهم عن الإمام المهدی عجل الله تعالی فرجه مثل: خضر، إدریس، عیسی علیه السلام. کما یعتقدون بأنهم سوف یبقون أحیاء فی المستقبل أیضاً، وکذلک تدل کتبهم الدینیة علی امتداد حیاة

أمة من الناس مدة طویلة فی الماضی السحیق، مثال آدم، الذی عاش فی معتقد الیهود 930 سنة، جاء فی التوراة ما هذا نصه: «فکان کل أیام آدم التی عاشها تسعمائة

ص: 40


1- (3) بحارالأنوار، ج 2، ص 90.

سنة وثلاثین سنة ومات» (1).

وشیث الذی عاش علی ما فی التوراة (912 عاماً) حسبما جاء فی النص: «فکانت کل أیام شیث تسعمائة واثنی عشرة سنة ومات ...» (2).

وأما نوح فقد عاش عندهم 950 سنة، جاء فی التوراة: «فکانت کل أیام نوح تسعمائة وخمسین سنة ومات ...» (3).

أما المسلمون فإنهم یعتقدون بحیاة عیسی وخضر والإلیاس.

وإن سرد هذه الحقائق تکفینا عن ذکر أسماء المعمرین بعدما ثبت أن طول العمر ممکن عقلًا وواقع فعلًا.

هل الإمام المهدی حی؟

لقد سبق القول إن المذاهب الإسلامیة تتفق تقریباً علی قضیة المصلح

ص: 41


1- (1) سفر التکوین- الإصحاح الخامس- الآیة: 5.
2- (2) سفر التکوین- الإصحاح التاسع- الایة: 8.
3- (3) سفر التکوین- الإصحاح التاسع- الآیة: 29.

القائم بأمر الله آخر الدهر، وأنه ینتمی إلی رسول الله صلی الله علیه واله، وأنه ابن فاطمة. وقد طفحت کتبهم بأحادیث بلغت التواتر فی إثبات ذلک. کما أنه قد أَلَّف کثیرٌ منهم کتباً تبحث عن الموضوع بصورة مسهبة. نعم لا ننکر أن عدة منهم کثیرة شذت عنهم وقالت: حیث کانت الأحادیث تحتوی علی بعض الغرائب فإنها لم تقبل التصدیق. ولکن الأحادیث التی تتضمن قضیة المهدی لیست أکثر غرابة مما تضمنت أخبار الأمم السابقة، والمعاجز التی رافقت حیاتهم، والآیات التی ظهرت علی أیدیهم.

وهناک نقطة اختلفت المذاهب الإسلامیة فیها ولابد من مناقشتها فی هذا المجال، وهی:

هل إن الإمام المهدی عجل الله تعالی فرجه حیّ فعلًا أم أنه سیولد بعدئذ؟

قبل أن نذهب بعیداً فی البحث یجب أن نذکر: أنه لم یمتنع أی المذاهب الإسلامیة عن الاعتراف بوجود الإمام المهدی عجل الله تعالی فرجه، وتأویل النصوص التی وردت بشأن ذلک إلَّا بسبب واحد هو: استغراب وجوده حیًّا منذ سنة 255 ه-، وقد سبقت مناقشة ذلک فی ضوء التجارب الحدیثة والمعتقدات الدینیة، فلم یبق هناک ما یدعوهم إلی الإنکار، إلَّا أنهم قد یقولون: ما هو الدلیل القاطع علی ذلک؟

الجواب:

إن هناک أدلة کثیرة علی حیاة الإمام المهدی عجل الله تعالی فرجه وفیما یلی بیان

ص: 42

بعضها:

أ- قاربت أحادیث النبی صلی الله علیه والهالواردة بشأن الأئمة الاثنی عشر حد التواتر، وأجمعت الأمة علی صحتها وثقة رواتها، ونذکر فیما یلی بعضاً منها:

1- عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبی صلی الله علیه والهیقول: «یَکُونُ مِنْ بَعْدِی اثْنَا عَشَرَ ...». فَقَالَ کَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا، فَقُلْتُ لِأَبِی: مَا قَالَ؟ فَقَالَ: قَالَ: «کُلُّهُمْ مِنْ قُرَیْش» (1).

2- قال رسول الله صلی الله علیه واله: «یَکُونُ مِنْ بَعْدِی اثْنَا عَشَرَ أُمَرَاءُ ...». ثُمَّ تَکَلَّمَ بِشَیْ ءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ فَسَأَلْتُ الَّذِی یَلِینِی فَقَالَ: قَالَ: «کُلُّهُمْ مِنْ قُرَیْشٍ».

قال الترمذی: هذا حدیث حسن صحیح (2).

ص: 43


1- (1) صحیح البخاری، الجزء الرابع، کتاب الأحکام، ص 175، طبعة مصر 1355 ه-.
2- (1) صحیح الترمذی، الجزء الثانی، باب ما جاء فی الخلفاء، ص 45، طبعة نیودلهی 1342 ه-.

3- قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِی عَلَی النَّبِیِّ صلی الله علیه والهفَسَمِعْتُهُ یَقُول: «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا یَنْقَضِی حَتَّی یَمْضِیَ فِیهِمْ اثْنَا عَشَرَ خَلِیفَةً ..».

قَالَ: ثُمَّ تَکَلَّمَ بِکَلَامٍ خَفِیَ عَلَیَّ قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِی: مَا قَالَ؟ قَالَ: قَالَ: «کُلُّهُمْ مِنْ قُرَیْشٍ» (1).

4- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلی الله علیه والهیَقُولُ: «لَا یَزَالُ هَذَا الدِّینُ عَزِیزاً مَنِیعاً إِلَی اثْنَیْ عَشَرَ خَلِیفَة- فَکَبَّرَ النَّاسُ وَضَجُّوا- ...».

ثُمَّ قَالَ کَلِمَةً خَفِیَّةً، فَقُلْتُ لِأَبِی: مَا قَالَ؟ فَقَالَ: قَالَک «کُلُّهُمْ مِنْ قُرَیْش» (2).

5- قال سمعت النبی صلی الله علیه واله یقول: «یَکُوْنُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ اثْنَا عَشَرَ خَلِیْفَةً» (3).

ص: 44


1- (2) صحیح مسلم، کتاب الامارة، باب الناس تبع لقریش والخلافة فی قریش، ص 191، ج 2، ق 1، طبعة مصر 1348 ه-.
2- (3) صحیح أبی داود، ج 2، کتاب المهدی، ص 207، طبعة مصر المطبعة التازیة.
3- (4) مسند أحمد، وقد أخرج مع هذا الحدیث روایة أخری عن جابر من أربعة وثلاثین طریقاً.

فإذا أضفنا الحدیث الصحیح لدی الفریقین والصریح علی أنهم من قریش مع تلک الأخبار التی بیَّنت مکارم أهل البیت علیهم السلام، وأنهم کالنجوم یحفظون أهل الأرض ویهدونهم، ثم إذا أضفنا إلیها جمیعاً تلک الأحادیث التی تُبَیِّنُ أنه سوف ینتهی من بعدهم الأمر، وأنهم سوف یکونون فی الأرض ما بقی فیها اثنان؛ عرفنا أن المهدی یلزم أن یکون منهم، ویکون مهدیهم آخرهم. أضف إلی ذلک الأحادیث التی وردت عن النبی صلی الله علیه والهتقول: «إن آخر هؤلاء الاثنی عشر یکون قائم الأمة ومهدیها».

إذا کان ذلک؛ عرفنا أن الإمام موجود فعلًا لأنه الثانی عشر من الأئمة علیهم السلام. وقد کان حادی عشرهم هو الإمام الحسن العسکری علیه السلام ولم یُخلِّف باجماع المؤرخین إلَّا ولداً واحداً، کما فی الأخبار، هو الإمام المهدی عجل الله تعالی فرجه؛ فلابد أن یکون حیًّا.

ب- لقد سبق أنه لابد أن تکون الحجة دائمة للخلق کصلة تربطهم بربهم، فإذا ثبت ذلک ثبتت حیاة الإمام ووجوده فعلًا داعیاً للخلق، ولا یستلزم غیابه عدم فائدة إذ إنه بطبیعة صلته الغیبیة بالله القادر العلیم یستطیع أن یحقق ما یراه صالحاً بطریقة غیر مباشرة، وإذا کان الله قادراً علی إعطاء الملائکة المقربین قوی قاهرة، وتخویلهم بعد ذلک صلاحیات کبیرة فإنه سیکون قادراً علی إعطاء مثل ذلک للنبی أو وصی النبی کالإمام المهدی عجل الله تعالی فرجه.

ص: 45

وإذا کانت سنة الله قد جرت فی الخلق أن یجعل لکل شی ء سبباً، وأبتْ أن تجری الأمور إلَّا بأسبابها؛ فما المانع عن قبول فکرة جعل بشر صالح مطیع لله سبباً لطائفة من الأمور ولو بصورة غیبیة؟ کما نقول فی الإمام الحجة عجل الله تعالی فرجه.

ومن هنا نعرف أن الإیمان بالإمام الغائب عجل الله تعالی فرجه جزء رئیس من

الإیمان بالغیب ککل، وأنه لا یستطیع أحد أن یُبعِّض ایمانه فیسلم بالغیب ویستنکر تأیید الإمام الحجة عجل الله تعالی فرجه بالغیب، أو یؤمن بتأیید الملائکة للرسول ثم یکفر بإمکانیة تأیید الإمام الغائب للصالحین.

ومن جهة أخری هناک جوانب أخری للإمام نذکر منها ما یلی:

المهدی الحجة الشاهد:

إن الإمام الحجة عجل الله تعالی فرجه شاهد بإذن الله علی الناس، ومعرفة المؤمنین بهذه الحقیقة تجعلهم یسارعون فی الخیرات، ویجتهدون للاقتداء بسیدهم وجعل حیاتهم نسخة من حیاة سیدهم وولی أمرهم.

وبما أن الحجة علیه السلام إمام حی، وأن القیادة الحقیقیة له، وأنه ینوبه فی ذلک من یکون أقرب إلیه وأحسن اقتداء بهدیه، فإنه یصبح کالمیزان فی انتخاب القیادة، بل وفی فرز الخط الإلهی الذی ینتمی إلیه

ص: 46

الصالحون عن الخطوط المتفرقة التی لا تستقیم علی هذا الإیمان.

الإمام الحجة فی کتب الإدیان:

بالرغم من تطاول ید التحریف علی الکتب السماویة الموجودة حالیًّا فإنه یوجد فیها بعض الحقائق إن لم تکن لتفید لإثبات الواقع بذاتها، فإنها تفید للاحتجاج علی من یعتقد بها، وفیما یلی نذکر نصوصاً من کتب الأدیان عن الإمام المهدی عجل الله تعالی فرجه.

1- «الصدیقون یرثون الأرض إلی الأبد» (1).

کما قد تضمّن أیضاً تفاصیل کثیرة عن الأوضاع فی آخر الزمان مما یؤید ما فی أحادیث المسلمین، ثم یقول: «أما الأشرار فیبادون جمیعاً- عقب الأشرار ینقطع-».

2- «ویل للأمة الخاطئة- الشعب الثقیل الآثم- نسل فاعلی الشر أولاد المفسدین ترکوا الرب ..».

الی ان یقول:

ص: 47


1- (1) المزمور السابع والثلاثون، کتاب المزامیر.

«.. أرضکم تأکلها غرباً قدامکم وهی خربة کانقلاب الغرباء، وبعد ذلک تدعین مدینة العدل، القریة الأمینة» (1).

3- «فیرفع رایة الأمم من بعید، ویصفر لهم من أقصی الأرض، فإذا هم بالعجلة یأتون لیس فیهم رازح ولا عاثر» (2).

«إلی أن تصیر المدن خربة بلا ساکن، والبیوت، بلا إنسان، وتخرب الأرض وتقفر ویبعد الرب الإنسان، ویکثر الخراب فی وسط الأرض، وأن یبقی فیها عشر بعد، فیعود ویصیر للخراب، ولکن کالبطمة والبلوطة التی- وإن قطعت- فلها ساق یکون ساقه زرعاً مقدساً» (3).

4- «یقیم إله السماء مملکة لن تنقرض أبداً، وملکها لا یترک لشعب آخر، وتسحق وتفنی کلّ هذه الممالک وهی تثبت إلی الأبد».

ص: 48


1- (1) کتاب أشعیا، الاصحاح الأول.
2- (2) الإصحاح الخامس.
3- (3) الإصحاح السادس، من کتاب أشعیا.

ثم یقول: «.. طوبی لمن انتظر» (1).

5- «قال رب الجنود: هی مرة بعد قلیل أزلزل السماوات والأرض والبحر والیابسة، وأزلزل کل الأمم، ویأتی بعدها کل الأمم

تملأ هذا البیت» (2).

6- «ویکون فی کل الأرض یقول الرب: إن ثلثین یقطعان ویموتان، والثلث یبقی فیها، وأدخل الثلث فی النار، وأمحصهم کمحص الفضة، وأمتحنهم امتحان الذهب، هو یدعو باسمی وأنا أجیبه أقول هو شعبی وهو یقول الرب إلهی» (3) (4).

7- «إن یسوع- هذا الذی ارتفع عنکم

ص: 49


1- (4) کتاب حجار، الإصحاح الثانی.
2- (1) کتاب حجار، الإصحاج الثانی.
3- (2) کتاب زکریا، الإصحاح الثالث عشر.
4- (3) لقد جاء فی کثیر من أحادیث آل البیت علیهم السلام أن ثلثی أهل الأرض یموتون ویبقی الثلث الآخر فیمحص تمحیصاً.

إلی السماء- سیأتی إلیکم کما رأیتموه منطلقاً إلی السماء» (1) (2).

8- «وإن مضیت وأعددت لکم مکاناً آتی أیضاً» (3).

9- «لأنه بعد قلیل جدًّا سیأتی الآتی ولا یبطئ» (4).

10- «ثبت للقضاء علی کرسیه وهو یقتضی للمسکونة بالعدل لیالی الشعوب بالإستقامة» (5).

ثم یقول: «وانما الذی عندکم تمسکوا به إلی ان یأتی من یغلب ویحفظ أعمالی إلی النهایة، فسأعطیه سلطاناً علی الأمم فیرعاها

ص: 50


1- (4) کتاب أعمال الرسل، العهد الجدید، الإصحاح الأول.
2- (5) لقد استفاضت أخبارنا الدینیة برجوع عیسی علیه السلام معه تماماً کما یذکره هذا الکتاب.
3- (6) إنجیل یوحنا، الإصحاح الرابع عشر.
4- (7) الإصحاح العاشر من الرسالة التی کانت إلی العبرانیین.
5- (8) المزمور التاسع من مزامیر داود.

بقضیب من حدید، کما تکسر آنیة من خزف، وأعطیه کوکب الصبح من له أذن فلیسمع ما یقوله الروح للکنائس».

11- «أما ذلک الیوم، وتلک الساعة فلا یعلم بها أحد» (1).

ولا أعلق علی هذه المقتطفات من کتب العهدین لأنها تطابق بشی ء من الاختلاف ما جاء فی الأحادیث الصحیحة من علامات الظهور وسمات دولة الحق.

وأما المجوس فإنهم أیضاً یعتقدون برجوع إنسان باسم (بهرام) الذی لا یختلف معناه عن المهدی شیئاً.

والبراهمة أیضاً یعتقدون بظهور (کرشنا) علی ما یدعون. إلَّا أن هناک أدلة کثیرة علی بعث أنبیاء وصلحاء مع الإمام المهدی عجل الله تعالی فرجه لیروا الحق ظاهراً علی الأرض کلها. ولعل بهرام وکرشنا کانا صالحین ممن لا نعرف اسمهم.

إن ظهور الإمام یعتبر عند الأئمة الطاهرین علیهم السلام القیامة الصغری، حیث یُبعث من کل أمة شهیداً.

ص: 51


1- (1) إنجیل متّی، الإصحاح الرابع والعشرون.

ص: 52

الفصل الثالث: عَلَامَاتُ الظُّهُورِ

ص: 53

ص: 54

فی هذا الفصل نتحدّث عن بعضٍ من العلامات التی سوف تتحقق قبل ظهور الإمام. وقد سبق فی الفصل السابق الحدیث عن بعضها من شمول الفساد والظلم جمیع أرجاء الأرض، وإشاعة الفحشاء والبغی فیها، وتغیرات سماویة وقحط شدید، وحروب ضاریة تلتهم ثلثی أهل الأرض، وظهور ما یُدعی (الدجال) یدعو إلی الباطل ویتهافت الخلق إلیه، وأخیراً ادِّعاء البعض أنه المصلح الأکبر، ثم فشله فی تحقیق ما یدَّعیه. ونعتمد فی هذه العلامات علی النصوص المأثورة الصادرة عن مهابط الوحی.

1- عن الرسول صلی الله علیه واله أنه قال:

«مِنَّا مَهْدِیُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، إِذَا صَارَتِ الدُّنْیَا

ص: 55

هَرْجاً وَمَرْجاً، وَتَظَاهَرَتِ الْفِتَنُ، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وَأَغَارَ بَعْضُهُمْ عَلَی بَعْضٍ، فَلَا کَبِیرٌ یَرْحَمُ صَغِیراً، وَلَا صَغِیرٌ یُوَقِّرُ کَبِیراً، فَیَبْعَثُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ ذَلِکَ مَهْدِیَّنَا التَّاسِعَ مِنْ صُلْبِ الحُسَیْنِ علیه السلام، یَفْتَحُ حُصُونَ الضَّلَالَةِ وَقُلُوباً غَفْلَاءَ، یَقُومُ بِالدِّینِ فِی آخِرِ الزَّمَانِ کَمَا قُمْتُ بِهِ فِی أَوَّلِ الزَّمَانِ، وَیَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا کَمَا مُلِئَتْ جَوْراً» (1).

2- قال أیضاً- ضمن حدیث طویل- حدَّثه علیًّا علیه السلام:

«ثم نُودِیَ بِنِدَاءٍ یَسْمَعُهُ مِنَ الْبُعْدِ کَمَا یَسْمَعُهُ مِنَ الْقُرْبِ، یَکُونُ رَحْمَةً عَلَی المُؤْمِنِینَ وَعَذَاباً عَلَی المُنَافِقِینَ، قُلْتُ: وَمَا ذَلِکَ النِّدَاءُ؟ قَالَ صلی الله علیه واله: «ثَلَاثَةُ أَصْوَاتٍ فِی رَجَبٍ أَوَّلُهَا: أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَی الظَّالِمِینَ، وَالثَّانِی: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ، وَالثَّالِثُ یَرَوْنَ بَدَناً بَارِزاً مَعَ قَرْنِ الشَّمْسِ یُنَادِی: الآنَ اللهَ قَدْ بَعَثَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ (2)، حَتَّی یَنْسِبَهُ إِلَی عَلِیٍّ علیه السلام، فِیهِ هَلَاکُ

ص: 56


1- (1) بحار الأنوار، ج 36، ص 307.
2- (1) أی الإمام المنتظر عجل الله تعالی فرجه منتسباً إلی آبائه المعصومین علیهم السلام.

الظَّالِمِینَ فَعِنْدَ ذَلِکَ یَأْتِی الْفَرَجُ، وَیَشْفِی اللهُ صُدُورَهُمْ، وَیُذْهِبْ غَیْظَ قُلُوبِهِمْ». قُلْتُ: یَا رَسُولَ اللهِ! فَکَمْ یَکُونُ بَعْدِی مِنَ الْأَئِمَّةِ؟ قَالَ: بَعْدَ الحُسَیْنِ تِسْعَةٌ التَّاسِعُ قَائِمُهُم» (1).

3- وفی حدیث آخر عن الرسول صلی الله علیه واله: «فَقُلْتُ:

إِلَهِی وَسَیِّدِی مَتَی یَکُونُ ذَلِکَ؟

فَأَوْحَی اللهُ عَزَّ وَجَلَّ:

«یَکُونُ ذَلِکَ إِذَا رُفِعَ الْعِلْمُ، وَظَهَرَ الجَهْلُ، وَکَثُرَ الْقُرَّاءُ، وَقَلَّ الْعَمَلُ، وَکَثُرَ الْقَتْلُ، وَقَلَّ الْفُقَهَاءُ الهَادُونَ، وَکَثُرَ فُقَهَاءُ الضَّلَالَةِ وَالخَوَنَةِ، وَکَثُرَ الشُّعَرَاءُ، وَاتَّخَذَ أُمَّتُکَ قُبُورَهُمْ مَسَاجِدَ (2)، وَحُلِّیَتِ المَصَاحِفُ، وَزُخْرِفَتِ المَسَاجِدُ، وَکَثُرَ الجَوْرُ وَالْفَسَادُ، وَظَهَرَ المُنْکَرُ، وَأَمَرَ أُمَّتُکَ بِهِ وَنَهَی عَنِ المَعْرُوفِ، وَاکْتَفَی الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ

ص: 57


1- (2) کفایة الأثر، علی بن محمد الخزاز القمی، دار بیدار للنشر- قم، 1401 ه-. ق.، ص 156.
2- (3) کنایة عن عبادة الأشخاص شرکاً بالله، ولیس من ذلک التقرب إلی الله بقبور الصالحین التی جرت علیه سنة الإسلام والمسلمین منذ أول یوم، ویعنی الحدیث بحلیة المصاحف وزخرفة المساجد: اکتفاء المسلمین فی ذلک الیوم بالمظاهر دون العمل بالحقائق.

وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ، وَصَارَ الْأُمَرَاءُ کَفَرَةً وَأَوْلِیَاؤُهُمْ فَجَرَةً وَأَعْوَانُهُمْ ظَلَمَةً وَذَوُو الرَّأْیِ مِنْهُمْ فَسَقَةً، وَعِنْدَ ذَلِکَ ثَلَاثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِیرَةِ الْعَرَبِ، وَخَرَابُ الْبَصْرَةِ عَلَی یَدِ رَجُلٍ مِنْ ذُرِّیَّتِکَ یَتْبَعُهُ الزُّنُوجُ، وَخُرُوجُ رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ الحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ، وَظُهُورُ الدَّجَّالِ، یَخْرُجُ مِنَ المَشْرِقِ مِنْ سِجِسْتَانَ، وَظُهُورُ السُّفْیَانِیِّ» (1).

4- وقال علیه السلام فی حدیث:

«احْفَظْ .. فَإِنَّ عَلَامَةَ ذَلِکَ- أی ظهور الإمام علیه السلام- إِذَا أَمَاتَ النَّاسُ الصَّلَاةَ، وَأَضَاعُوا الْأَمَانَةَ، وَاسْتَحَلُّوا الْکَذِبَ، وَأَکَلُوا الرِّبَا، وَأَخَذُوا الرِّشَا، وَشَیَّدُوا الْبُنْیَانَ، وَبَاعُوا الدِّینَ بِالدُّنْیَا، وَاسْتَعْمَلُوا السُّفَهَاءَ، وَشَاوَرُوا النِّسَاءَ، وَقَطَعُوا الْأَرْحَامَ، وَاتَّبَعُوا الْأَهْوَاءَ، وَاسْتَخَفُّوا بِالدِّمَاء ...)

(... وکَانَ الْحِلْمُ ضَعْفاً، وَالظُّلْمُ فَخْراً، وَکَانَتِ

ص: 58


1- (1) بحار الأنوار، ج 51، 70.

الْأُمَرَاءُ فَجَرَةً وَالْوُزَرَاءُ ظَلَمَةً وَالْعُرَفَاءُ خَوَنَةً وَالْقُرَّاءُ فَسَقَةً، وَظَهَرَتْ شَهَادَاتُ الزُّورِ، وَاسْتَعْلَنَ الْفُجُورُ وَقَوْلُ الْبُهْتَانِ وَالْإِثْمُ وَالطُّغْیَانُ، وَحُلِّیَتِ المَصَاحِفُ، وَزُخْرِفَتِ المَسَاجِدُ، وَطُوِّلَتِ المَنَارُ، وَأُکْرِمَ الْأَشْرَارُ، وَازْدَحَمَتِ الصُّفُوفُ، وَاخْتَلَفَتِ الْأَهْوَاءُ، وَنُقِضَتِ الْعُقُودُ، وَاقْتَرَبَ المَوْعُودُ، وَشَارَکَ النِّسَاءُ أَزْوَاجَهُنَّ فِی التِّجَارَةِ حِرْصاً عَلَی الدُّنْیَا، وَعَلَتْ أَصْوَاتُ الْفُسَّاقِ وَاسْتُمِعَ مِنْهُمْ، وَکَانَ زَعِیمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وَاتُّقِیَ الْفَاجِرُ مَخَافَةَ شَرِّهِ، وَصُدِّقَ الْکَاذِبُ، وَاؤْتُمِنَ الْخَائِنُ، وَاتُّخِذَتِ الْقِیَانُ وَالمَعَازِفُ، وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، وَرَکِبَ ذَوَاتُ الْفُرُوجِ السُّرُوجَ، وَتَشَبَّهَ النِّسَاءُ بِالرِّجَالِ وَالرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ غَیْرِ أَنْ یُسْتَشْهَدَ، وَشَهِدَ الْآخَرُ قَضَاءً لِذِمَامٍ بِغَیْرِ حَقٍّ عَرَفَهُ وَتُفُقِّهَ لِغَیْرِ الدِّینِ، وَآثَرُوا عَمَلَ الدُّنْیَا عَلَی الْآخِرَةِ، وَلَبِسُوا جُلُودَ الضَّأْنِ عَلَی قُلُوبِ الذِّئَابِ وَقُلُوبُهُمْ أَنْتَنُ مِنَ الْجِیَفِ وَأَمَرُّ مِنَ الصَّبِرِ؛ فَعِنْدَ ذَلِکَ الْوَحَا الْوَحَا الْعَجَلَ الْعَجَلَ، خَیْرُ المَسَاکِنِ یَوْمَئِذٍ بَیْتُ

ص: 59

المَقْدِسِ، لَیَأْتِیَنَّ عَلَی النَّاسِ زَمَانٌ یَتَمَنَّی أَحَدُهُمْ أَنَّهُ مِنْ سُکَّانِه» (1).

5- وقال علیه السلام:

«إِنَّ لِخُرُوجِهِ عَلَامَاتٍ عَشَرَةً: أَوَّلُهَا طُلُوعُ الْکَوْکَبِ ذِی الذَّنَبِ وَیُقَارِبُ مِنَ الحَادِی وَیَقَعُ فِیهِ هَرْجٌ وَمَرْجٌ وَشَغْبٌ، وَتِلْکَ عَلَامَاتُ الْخِصْبِ، وَمِنَ الْعَلَامَةِ إِلَی الْعَلَامَةِ عَجَبٌ، فَإِذَا انْقَضَتِ الْعَلَامَاتُ الْعَشَرَةُ إِذْ ذَاکَ یَظْهَرُ الْقَمَرُ الْأَزْهَرُ ...» (2).

6- قال الإمام الصادق علیه السلام:

«یُنَادِی مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِ الْقَائِمِ علیه السلام فَیَسْمَعُ مَنْ بِالمَشْرِقِ وَمَنْ بِالمَغْرِبِ، لَا یَبْقَی رَاقِدٌ إِلَّا اسْتَیْقَظَ، وَلَا قَائِمٌ إِلَّا قَعَدَ، وَلَا قَاعِدٌ إِلَّا قَامَ عَلَی رِجْلَیْهِ فَزَعاً مِنْ ذَلِکَ الصَّوْتِ. فَرَحِمَ اللهُ مَنِ اعْتَبَرَ بِذَلِکَ الصَّوْتِ

ص: 60


1- (1) بحار الأنوار، ج 52، 192.
2- (2) بحار الأنوار، ج 52، 267.

فَأَجَابَ، فَإِنَّ الصَّوْتَ الْأَوَّلَ هُوَ صَوْتُ جَبْرَئِیلَ الرُّوحِ الْأَمِین» (1).

7- وفی حدیث عن رسول الله صلی الله علیه والهأنه قال: «إِی وَالَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ، یَا سَلْمَانُ! إِنَّ عِنْدَهَا یُؤْتَی بِشَیْ ءٍ مِنَ المَشْرِقِ وَشَیْ ءٍ مِنَ المَغْرِبِ یُلُوْنُ أُمَّتِی، فَالْوَیْلُ لِضُعَفَاءِ أُمَّتِی مِنْهُمْ وَالْوَیْلُ لَهُمْ مِنَ اللهِ، لَا یَرْحَمُونَ صَغِیراً وَلَا یُوَقِّرُونَ کَبِیراً وَلَا یَتَجَاوَزُونَ عَنْ مُسِی ءٍ، أَخْبَارُهُمْ خَنَاءٌ، جُثَّتُهُمْ جُثَّةُ الْآدَمِیِّینَ وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّیَاطِین ..».

ثم قال:

«.. فَلَمْ یَلْبَثُوا هُنَاکَ إِلَّا قَلِیلًا حَتَّی تُخُورُ الْأَرْضُ خَوْرَةً حَتَّی یَظُنَّ کُلُّ قَوْمٍ أَنَّهَا خَارَتْ فِی نَاحِیَتِهِمْ، فَیَمْکُثُونَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ یَمْکُثُونَ فِی مَکْثِهِمْ، فَتُلْقِی لَهُمُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ کَبِدِهَا، قَالَ: ذَهَباً وَفِضَّةً، ثُمَّ أَوْمَأَ بِیَدِهِ إِلَی الْأَسَاطِینِ، قَالَ: فَمِثْلُ هَذَا، فَیَوْمَئِذٍ لَا یَنْفَعُ ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ، ثُمَّ تَطْلُعُ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فهذا معنی قوله: فَقَدْ جَاءَ

ص: 61


1- (3) بحارالأنوار، ج 52، ص 230.

أَشْرَاطُهَا» (1)

(2).

8- عن أبی جعفر محمد بن علی علیه السلام أنه قال:

«لَا یَقُومُ الْقَائِمُ علیه السلام إِلَّا عَلَی خَوْفٍ شَدِیدٍ وَزَلَازِلَ وَفِتْنَةٍ وَبَلَاءٍ یُصِیبُ النَّاسَ، وَطَاعُونٍ قَبْلَ ذَلِکَ، وَسَیْفٍ قَاطِعٍ بَیْنَ الْعَرَبِ، وَاخْتِلَافٍ شَدِیدٍ بَیْنَ النَّاسِ، وَتَشَتُّتٍ فِی دِینِهِمْ، وَتَغَیُّرٍ مِنْ حَالِهِمْ حَتَّی یَتَمَنَّی المُتَمَنِّی المَوْتَ صَبَاحاً وَمَسَاءً مِنْ عِظَمِ مَا یَرَی مِنْ کَلَبِ النَّاسِ وَأَکْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً، وَخُرُوجُهُ إِذَا خَرَجَ عِنْدَ الْإِیَاسِ وَالْقُنُوطِ، فَیَا طُوبَی لِمَنْ أَدْرَکَهُ وَکَانَ مِنْ أَنْصَارِهِ، وَالْوَیْلُ کُلُّ الْوَیْلِ لِمَنْ خَالَفَهُ وَخَالَفَ أَمْرَه» (3).

9- عن أبی عبد الله الصادق علیه السلام أنه قال:

«خَمْسٌ قَبْلَ قِیَامِ الْقَائِمِ علیه السلام: الْیَمَانِیُّ، وَالسُّفْیَانِیُّ، وَالمُنَادِی یُنَادِی مِنَ

ص: 62


1- (1) سورة مُحَمّد، الآیة: 18.
2- (2) منتخب الأثر، ص 434.
3- (3) منتخب الأثر، ص 434.

السَّمَاءِ، وَخَسْفٌ بِالْبَیْدَاءِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّکِیَّة إلَّا خَمْسَةَ عَشَرَ یَوْماً» (1).

وقال فی حدیث آخر: «تَنْکَسِفُ الشَّمْسُ لِخَمْسٍ مَضَیْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ قَبْلَ قِیَامِ الْقَائِم علیه السلام» (2).

هذا وهناک علامات أخری کثیرة نکتفی عنها بما سبقت من المشابهة بینها وبین ما قلنا.

وعنه علیه السلام أنه قال: «سَتَخْلُو کُوفَةُ مِنَ المُؤْمِنِینَ وَیأزر [یَأْرِزُ] عَنْهَا الْعِلْمُ کَمَا تأزر [تَأْرِزُ] الحَیَّةُ فِی جُحْرِهَا، ثُمَّ یَظْهَرُ الْعِلْمُ بِبَلْدَةٍ یُقَالُ لَهَا قُمُّ وَتَصِیرُ مَعْدِناً لِلْعِلْمِ وَالْفَضْلِ حَتَّی لَا یَبْقَی فِی الْأَرْضِ مُسْتَضْعَفٌ فِی الدِّینِ حَتَّی المُخَدَّرَاتُ فِی

ص: 63


1- (4) منتخب الأثر، ص 349.
2- (5) منتخب الأثر، ص 441.

الْحِجَالِ وَذَلِکَ عِنْدَ قُرْبِ ظُهُورِ قَائِمِنَا، فَیَجْعَلُ اللهُ قُمَّ وَأَهْلَهُ قَائِمِینَ مَقَامَ الحُجَّةِ، وَلَوْلَا ذَلِکَ لَسَاخَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا، وَلَمْ یَبْقَ فِی الْأَرْضِ حُجَّةٌ، فَیُفِیضُ الْعِلْمُ مِنْهُ إِلَی سَائِرِ الْبِلَادِ فِی المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، فَیَتِمُّ حُجَّةُ اللهِ عَلَی الْخَلْقِ، حَتَّی لَا یَبْقَی أَحَدٌ عَلَی الْأَرْضِ لَمْ یَبْلُغْ إِلَیْهِ الدِّینُ وَالْعِلْمُ، ثُمَّ یَظْهَرُ الْقَائِمُ علیه السلام وَیَسِیرُ سَبَباً لِنَقِمَةِ اللهِ وَسَخَطِهِ عَلَی الْعِبَادِ؛ لِأَنَّ اللهَ لَا یَنْتَقِمُ مِنَ الْعِبَادِ إِلَّا بَعْدَ إِنْکَارِهِمْ حُجَّة» (1).

ص: 64


1- (1) منتخب الأثر عن البحار، ص 443.

الفصل الرابع: مِنْ رَوَائِعِ الإِمَامِ

اشارة

ص: 65

ص: 66

1- أنت کنفی:

«.. لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ حَقًّا حَقًّا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ إِیمَاناً وَصِدْقاً لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ تَعَبُّداً وَرِقّاً.

اللَّهُمَّ مُعِزَّ کُلِّ مُؤْمِنٍ وَحِیدٍ، وَمُذِلَّ کُلِّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ، أَنْتَ کَنَفِی حِینَ تُعْیِینِی المَذَاهِبُ، وَتَضِیقُ عَلَیَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ.

اللَّهُمَّ خَلَقْتَنِی وَکُنْتَ غَنِیًّا عَنْ خَلْقِی، وَلَوْلَا نَصْرُکَ إِیَّایَ لَکُنْتُ مِنَ المَغْلُوبِینَ. یَا مُنْشِرَ الرَّحْمَةِ مِنْ مَوَاضِعِهَا، وَمُخْرِجَ الْبَرَکَاتِ مِنْ مَعَادِنِهَا. وَیَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِشُمُوخِ الرِّفْعَةِ، وَأَوْلِیَاؤُهُ بِعِزِّهِ یَتَعَزَّزُونَ. یَا مَنْ وَضَعَتْ لَهُ المُلُوکُ نِیرَ المَذَلَّةِ عَلَی أَعْنَاقِهَا فَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ خَائِفُونَ؛ أَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی فَطَرْتَ بِهِ خَلْقَکَ فَکُلٌّ لَهُ مُذْعِنُونَ، أَسْأَلُکَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُنْجِزَ لِی أَمْرِی، وَتُعَجِّلَ لِی فِی الْفَرَجِ، وَتَکْفِیَنِی وَتُعَافِیَنِی وَتَقْضِیَ حَوَائِجِی السَّاعَةَ السَّاعَةَ، اللَّیْلَةَ

ص: 67

اللَّیْلَةَ، إِنَّکَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ» (1).

2- المحمدة لک:

«اللَّهُمَّ إِنْ أَطَعْتُکَ فَالمَحْمَدَةُ لَکَ، وَإِنْ عَصَیْتُکَ فَالْحُجَّةُ لَکَ، مِنْکَ الرَّوْحُ وَمِنْکَ الْفَرَجُ. سُبْحَانَ مَنْ أَنْعَمَ وَشَکَرَ، سُبْحَانَ مَنْ قَدَرَ وَغَفَرَ. اللَّهُمَّ إِنْ کُنْتُ قَدْ عَصَیْتُکَ فَإِنِّی قَدْ أَطَعْتُکَ فِی أَحَبِّ الْأَشْیَاءِ إِلَیْکَ وَهُوَ الْإِیمَانُ بِکَ، لَمْ أَتَّخِذْ لَکَ وَلَداً، وَلَمْ أَدْعُ لَکَ شَرِیکاً، مَنًّا مِنْکَ بِهِ عَلَیَّ لَا مَنًّا مِنِّی بِهِ عَلَیْکَ، وَقَدْ عَصَیْتُکَ یَا إِلَهِی عَلَی غَیْرِ وَجْهِ المُکَابَرَةِ، وَلَا الْخُرُوجِ عَنْ عُبُودِیَّتِکَ، وَلَا الْجُحُودِ لِرُبُوبِیَّتِکَ؛ وَلَکِنْ أَطَعْتُ هَوَایَ وَأَزَلَّنِی الشَّیْطَانُ فَلَکَ الْحُجَّةُ عَلَیَّ وَالْبَیَانُ» (2).

3- عظم البلاء:

«اللَّهُمَّ عَظُمَ الْبَلَاءُ، وَبَرِحَ الْخَفَاءُ، وَانْکَشَفَ

ص: 68


1- (1) الإمام المهدی، ص 236، ومن دعائه علیه السلام للحاجة.
2- (1) الإمام المهدی، ص 240- 245.

الْغِطَاءُ، وَانْقَطَعَ الرَّجَاءُ، وَضَاقَتِ الْأَرْضُ، وَمَنَعَتِ السَّمَاءُ، وَإِلَیْکَ یَا رَبِّ المُشْتَکَی، وَعَلَیْکَ المُعَوَّلُ فِی الشِّدَّةِ وَالرَّخَاء» (1).

4- اللهم ارزقنا:

«اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا تَوْفِیْقَ الطَّاعَةِ، وَبُعْدَ المَعْصِیَةِ، وِصِدْقَ النِّیَّةِ، وَعِرْفَانَ الحُرْمَةِ، وَأَکْرِمْنَا بِالهُدَی وَالاسْتِقَامَةِ، وَسَدِّدْ أَلْسِنَتِنَا بِالصَّوَابِ وَالحِکْمَةِ، وَامْلَأْ قُلُوْبَنَا بِالْعِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ، وَطَهِّرْ بُطُوْنَنَا مِنَ الحَرَامِ وَالشُّبْهَةِ، وَاکْفُفْ أَیْدِیَنَا عَنِ الظُّلْمِ وَالسَّرِقَةِ، وَاغْضُضْ أَبْصَارَنَا عَنِ الفُجُوْرِ وَالخِیَانَةِ، وَاسْدُدْ أسْمَاعَنَا عَنِ اللَّغْوِ وَالغِیْبَةِ، وَتَفَضَّلْ عَلَی عُلَمَائِنَا بِالزُّهْدِ وَالنَّصِیْحَةِ، وَعَلَی المُتَعَلِّمِیْنَ بِالجُهْدِ وَالرَّغْبَةِ، وَعَلَی المُسْتَمِعِیْنَ بِالاتِّبَاعِ وَالمَوْعِظَةِ، وَعَلَی مَرْضَی المُسْلِمِیْنَ بِالشِّفَاءِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلَی مَوْتَاهُمْ بِالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَعَلَی مَشَایِخِنَا بِالوَقَارِ وَالسَّکِیْنَةِ،

ص: 69


1- (2) الإمام المهدی، ص 240- 245.

وَعَلَی الشَّبَابِ بِالإِنَابَةِ وَالتَّوْبَةِ، وَعَلَی النِّسَاءِ بِالحَیَاءِ وَالعِفَّةِ، وَعَلَی الأَغْنِیَاءِ بِالتَّوَاضُعِ وَالسَّعَةِ، وَعَلَی الفُقَرَاءِ بِالصَّبْرِ وَالقَنَاعَةِ، وَعَلَی الغُزَاةِ بِالنَّصْرِ وَالغَلَبَةِ، وَعَلَی الأُسَرَاءِ بِالخَلَاصِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلَی الأُمَرَاءِ بِالعَدْلِ وَالشَّفَقَةِ، وَعَلَی الرَّعِیَّةِ بِالإِنْصَافِ وَحُسْنِ السِّیْرَةِ، وَبَارِکْ لِلْحُجَّاجِ وَالزُّوَّارِ فِیْ الزَّادِ وَالنَّفَقَةِ، وَاقْضِ مَا أَوْجَبْتَ عَلَیْهِمْ مِنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، بِفَضْلِکَ وَرَحْمَتِکَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِیْنَ» (1).

5- شرطتَ علیهم الزهد:

«اللَّهُمَّ لَکَ الْحَمْدُ عَلَی مَا جَرَی بِهِ قَضَاؤُکَ فِی أَوْلِیَائِکَ الَّذِینَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِکَ وَدِینِکَ؛ إِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزِیلَ مَا عِنْدَکَ مِنَ النَّعِیمِ المُقِیمِ الَّذِی لَا زَوَالَ لَهُ وَلَا اضْمِحْلَالَ، بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ عَلَیْهِمُ الزُّهْدَ فِی دَرَجَاتِ هَذِهِ الدُّنْیَا الدَّنِیَّةِ وَزُخْرُفِهَا وَزِبْرِجِهَا، فَشَرَطُوا لَکَ ذَلِکَ، وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ

ص: 70


1- (1) الإمام المهدی، ص 246، وفی البلد الأمین، ص 521.

الْوَفَاءَ بِهِ، فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّکْرَ الْعَلِیَّ وَالثَّنَاءَ الْجَلِیَّ، وَأَهْبَطْتَ عَلَیْهِمْ مَلَائِکَتَکَ، وَکَرَّمْتَهُمْ بِوَحْیِکَ، وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِکَ، وَجَعَلْتَهُمُ الذَّرَائِعَ إِلَیْکَ، وَالْوَسِیلَةَ إِلَی رِضْوَانِکَ، فَبَعْضٌ أَسْکَنْتَهُ جَنَّتَکَ إِلَی أَنْ أَخْرَجْتَهُ مِنْهَا، وَبَعْضُهُمْ حَمَلْتَهُ فِی فُلْکِکَ وَنَجَّیْتَهُ مَعَ مَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ الْهَلَکَةِ بِرَحْمَتِکَ، وَبَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِکَ خَلِیلًا وَسَأَلَکَ لِسَانَ صِدْقٍ فِی الْآخِرَةِ فَأَجَبْتَهُ وَجَعَلْتَ ذَلِکَ عَلِیًّا، وَبَعْضٌ کَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَکْلِیماً وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ أَخِیهِ رِدْءاً وَوَزِیراً، وَبَعْضٌ أَوْلَدْتَهُ مِنْ غَیْرِ أَبٍ وَآتَیْتَهُ الْبَیِّنَاتِ وَأَیَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ، وَکُلٌّ شَرَعْتَ لَهُ شَرِیعَةً وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهَاجاً، وَتَخَیَّرْتَ لَهُ أَوْصِیَاءَ، مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ، مِنْ مُدَّةٍ إِلَی مُدَّةٍ، إِقَامَةً لِدِینِکَ وَحُجَّةً عَلَی عِبَادِکَ، وَلِئَلَّا یَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ وَیَغْلِبَ الْبَاطِلُ عَلَی أَهْلِهِ، وَلِئَلَّا یَقُولَ أَحَدٌ: لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَیْنا رَسُولًا مُنْذِراً، وَأَقَمْتَ لَنَا عَلَماً هَادِیاً فَنَتَّبِعَ آیاتِکَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزی» (1).

ص: 71


1- (1) تحفة الزائر فی آداب زیارته علیه السلام.

6- المنتجب فی المیثاق:

«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ، سَیِّدِ المُرْسَلِینَ وَخَاتَمِ النَّبِیِّینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ، المُنْتَجَبِ فِی الْمِیثَاقِ، المُصْطَفَی فِی الظِّلَالِ، المُطَهَّرِ مِنْ کُلِّ آفَةٍ، الْبَرِی ءِ مِنْ کُلِّ عَیْبٍ، المُؤَمَّلِ لِلنَّجَاةِ، المُرْتَجَی لِلشَّفَاعَةِ، المُفَوَّضِ إِلَیْهِ دِینُ اللهِ. اللَّهُمَّ شَرِّفْ بُنْیَانَهُ، وَعَظِّمْ بُرْهَانَهُ، وَأَفْلِحْ حُجَّتَهُ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ، وَأَضِئْ نُورَهُ، وَبَیِّضْ وَجْهَهُ، وَأَعْطِهِ الْفَضْلَ وَالْفَضِیلَةَ وَالدَّرَجَةَ وَالْوَسِیلَةَ الرَّفِیعَةَ [وَالْوَسِیلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِیعَةَ] وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً یَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُون» (1).

7- أفتتح الثناء بحمدک:

«اللَّهُمَّ إِنِّی أَفْتَتِحُ الثَّنَاءَ بِحَمْدِکَ، وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوَابِ بِمَنِّکَ، وَأَیْقَنْتُ أَنَّکَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ فِی مَوْضِعِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَأَشَدُّ المُعَاقِبِینَ فِی مَوْضِعِ النَّکَالِ وَالنَّقِمَةِ،

ص: 72


1- (2) تحفة الزائر فی آداب زیارته علیه السلام.

وَأَعْظَمُ المُتَجَبِّرِینَ فِی مَوْضِعِ الْکِبْرِیَاءِ وَالْعَظَمَة. اللَّهُمَّ أَذِنْتَ لِی فِی دُعَائِکَ وَمَسْأَلَتِکَ، فَاسْمَعْ یَا سَمِیعُ مِدْحَتِی، وَأَجِبْ یَا رَحِیمُ دَعْوَتِی، وَأَقِلْ یَا غَفُورُ عَثْرَتِی ..

الْحَمْدُ لِلهِ مَالِکِ المُلْکِ، مُجْرِی الْفُلْکِ مُسَخِّرِ الرِّیَاحِ، فَالِقِ الْإِصْبَاحِ، دَیَّانِ الدِّینِ رَبِّ الْعَالَمِینَ، الْحَمْدُ لِلهِ عَلَی حِلْمِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ، وَالْحَمْدُ لِلهِ عَلَی عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِه، الْحَمْدُ لِلهِ عَلَی طُولِ أَنَاتِهِ فِی غَضَبِهِ وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَی مَا یُرِیدُ، الْحَمْدُ لِلهِ خَالِقِ الْخَلْقِ، وَبَاسِطِ الرِّزْقِ، ذِی الْجَلَالِ وَالْإِکْرَامِ، وَالْفَضْلِ وَالْإِنْعَامِ، الَّذِی بَعُدَ فَلَا یُرَی، وَقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوَی، تَبَارَکَ وَتَعَالَی...

الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِی یُؤْمِنُ الْخَائِفِینَ، وَیُنَجِّی الصَّادِقِینَ، وَیَرْفَعُ المُسْتَضْعَفِینَ وَیَضَعُ المُسْتَکْبِرِینَ وَیُهْلِکُ مُلُوکاً وَیَسْتَخْلِفُ آخَرِینَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ قَاصِمِ الْجَبَّارِینَ، مُبِیرِ الظَّلَمَةِ، مُدْرِکِ الْهَارِبِینَ، نَکَالِ الظَّالِمِینَ،

ص: 73

صَرِیخِ المُسْتَصْرِخِینَ، مَوْضِعِ حَاجَاتِ الطَّالِبِینَ، مُعْتَمَدِ المُؤْمِنِینَ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَرْغَبُ إِلَیْکَ فِی دَوْلَةٍ کَرِیمَةٍ، تُعِزُّ بِهَا الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفَاقَ وَأَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنَا فِیهَا مِنَ الدُّعَاةِ إِلَی طَاعَتِکَ وَالْقَادَةِ إِلَی سَبِیلِکَ، وَتَرْزُقُنَا بِهَا کَرَامَةَ الدُّنْیَا وَالْآخِرَةِ.

اللَّهُمَّ مَا عَرَّفْتَنَا مِنَ الْحَقِّ فَحَمِّلْنَاهُ، وَمَا قَصُرْنَا عَنْهُ فَبَلِّغْنَاهُ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْکُو إِلَیْکَ فَقْدَ نَبِیِّنَا، وَغَیْبَةَ إِمَامِنَا، وَکَثْرَةَ عَدُوِّنَا، وَشِدَّةَ الْفِتَنِ بِنَا، وَتَظَاهُرَ الزَّمَانِ عَلَیْنَا؛ فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعِنَّا عَلَی ذَلِکَ بِفَتْحٍ مِنْکَ تُعَجِّلُهُ، وَبِضُرٍّ تَکْشِفُهُ، وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ، وَسُلْطَانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ، وَرَحْمَةٍ مِنْکَ تُجَلِّلُنَاهَا، وَعَافِیَةٍ مِنْکَ تُلْبِسُنَاهَا، بِرَحْمَتِکَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ» (1).

ص: 74


1- (1) مفاتیج الجنان، ص 181- 182.

کلمة اخیرة:

منذ ألف ومائة وخمسین عاماً- أی منذ ولادته علیه السلام فی عام (255)- وحتی هذه اللحظة، یتقلب سیدنا المهدی عجل الله تعالی فرجه فی الساجدین یسهر اللیالی تهجداً لله، ویطوی الأیام عبادة وتسلیماً لرب العالمین.

وینتظر ساعة النصر حین یأذن الله له بالفرج ویدعو الله کما یدعو المؤمنون ربهم بالفرج القریب، ویمارس- بالتالی- أفضل أعمال أمة محمد صلی الله علیه والهوهو انتظار الفرج.

یا له من وجه کریم عند الله. دعنا- إذاً- نقدمه بین یدی حاجاتنا ونتوسل به إلی ربنا کی یکشف هذه الغمة عن أمتنا المعذبة.

دعنا نذکره عند اشتداد الکرب، ونقسم علی ربنا بعبده الصالح المُدَّخر لنصرة عباده المستضعفین لکی یکشف الله عنا العذاب.

دعنا ندعو الله وبجد أن یرینا طلعته البهیّة وأن یجعلنا من أنصاره وأعوانه. آمین رب العالمین.

ص: 75

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.