الإمام المهدي.. البشارة.. الأمل.. الضرورة

اشارة

مقدمه

اشاره

لقد أصبح الحديث عن الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه) هو الحديث عن الأمل.. المستقبل.. السعادة، فقد ارتبطت الظاهرة المهدوية بالدين من جانب البشارة التي زفها للبشرية المعذبة، ثم اتسعت هذه الظاهرة لتكون البشارة والأمل والضرورة. ففكرة الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه) وإن كانت تشكّل جزءاً من العقيدة الدينية فإنها من جانب آخر تعدّ الأمل الذي شدّ جميع أبناء البشر بما فيهم المنكرين لحقيقة السماء.إن المثير حقاً أن يختلف المتدينون حول فكرة ظهور الإمام المهدي بما هي فكرة تتصل بالاعتقاد الديني من جانبه الخطير، فالإمام المهدي ليس اختصاصاً بمذهب الشيعة، ولا هو عقيدة (طارئة) قذفت بها رواية غير صحيحة السند كما هو شأن كثير من المفردات التي تحتاج إلي التثبت والفحص والتحقيق.. كلا.الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه) بشارة تضمّنتها كل العقائد الدينية السابقة للإسلام، وجاء الإسلام ليضع يده علي ملامح هذه البشارة ويؤكد وقوعها، ويشرح تفاصيلها بدقة، بحيث أصبح ما عندنا عن الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه) من أخبار متواترة يفوق كثيراً من الأجزاء العقائدية الأخري.أمّا لماذا اختلف المسلمون أنفسهم حول ذلك ففي ذلك تأمل؟لا نعتقد أنه سرد الأحاديث وتبيان مصادرها علي اختلاف أئمة الحديث كاف في صدد قضية عقائدية مهمة كقضية الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه) مرة لأن هذا الأسلوب قد أفاض العلماء في الحديث عنه ولا جديد فيه.. ومرة لأن الجانب النفسي للمسلمين من غير الشيعة أصبح يشكّل فاصلاً يحول دون اقترابهم حتي من البحث عن هذه المسألة المهمة في مصادرهم المعتبرة. ولذا يجب أن يتم تناول هذه المسألة بعيداً عن تكرار ما قيل في الماضي مع تأكيدنا علي ثبوتها من ناحية النص.وفيما نجده ضرورياً للتوضيح هو ذلك الحاجز النفسي لدي بعض المسلمين تجاه عقيدة الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه)، بما هو حاجز تراكمي لم يؤسس علي أي حقيقة علمية بقدر ما ساهمت مجموعة ظروف مختلفة وعلي رأسها العامل السياسي بالذات في خلق هذا الحاجز بقصد محاصرة هذه العقيدة وتضييق مساحتها لما لها من مخاطر قاتلة علي واقع السلطة السياسية غير الشرعية. وعندما يتأكد هذا الكلام واقعياً فإننا سنتجاوز الافتراض الذي صنعه ذات الواقع السياسي لكي يجعل من قضية الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه) قضية غير حقيقية!فبعد أن تحولت الخلافة الإسلامية إلي ملك عضوض، كان علي الكسروية الأموية أن تبحث في النصوص الإسلامية ما يحقق (شرعيتها) وتستبعد به عنها كل ما يهدد السلطة، ويحذف هيمنتها. ولذا فإنّ أول ما بدأت به هذه السلطة هو إبعاد النصوص الصارمة التي تعين الاتجاه النموذجي للتطبيق الإسلامي، وإحلال أخري محلها تتوافق مع الصيغة السياسية الاستبدادية الجديدة التي ابتدعتها هي. ولأن السلطة أيقنت أن ذلك غير ممكن بوجود الأمناء علي الشريعة ممن تم تعيينهم بالنص الشرعي.فقد وجدت في محاربة الأوصياء (عليهم السلام) والتشكيك فيهم هي بمثابة النقطة الأهم في صراع السلطة الاستبدادية مع الاتجاه الإسلامي الأصيل، وهكذا فإن أول ما بدأت به السلطة الأموية هو تقنين السب والشتم، حتي أصبح النيل من خليفة رسول الله (صلّي الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) فاتحة أي حديث من علي منابر الدولة الأموية.وعندما كرست السياسة الأموية كل الوسائل باتجاه شق صف الأمة وتحريف الرأي العام، وانقسام الواقع الإسلامي فيما بعد إلي مذاهب فقهية اختلفت في تفاصيلها حول نقطة الإمامة، فكان من الطبيعي أن تتحمل الفكرة المهدوية آثار هذا الشرخ رغم أن النص الشرعي الذي يؤكد علي حقيقة الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه) ظل متداولاً في أمهات كتب الحديث لدي جميع الفرق الإسلامية.وبسبب إذكاء السلطة السياسية للاختلاف الفقهي، فقد بدأ ينتقل هذا الاختلاف من إطاره العلمي إلي الإطار النفسي، بحيث أصبح المسلم مشدوداً إلي الحالة النفسية الرافضة للآخر أكثر من انشداده إلي النص الشرعي، وهكذا زحفت العقيدة المهدوية من الواقع الإسلامي لتبدو وكأنها عقيدة شيعية رغم ما حوته كتب أهل السنة من أحاديث متواترة وصادرة عن رسول الله (صلّي الله عليه وآله) لا تقل عما هو موجود في كتب الشيعة.إن البحث عن مسألة الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه) من طريق الحديث قد استوعبها العلماء بحثاً وتنقيباً، ولعلنا لا نأتي بجديد عندما نريد أن ندرج هنا أسماء كتب الحديث لأهل السنة التي احتوت علي أخبار الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه).. لكن أهمية ذلك للقارئ تجعلنا نضطر إلي تدوين ذلك فيما يأتي، طالما أننا نرجو تحفيز وعي القارئ العزيز للبحث والإطلاع حول هذه المسألة العقائدية المهمة.لقد تعرضت الكتب التالية لقضية الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه)، وسنكتفي هنا في ذكر اسم الكتاب ورقم الصفحة، في حين سنذكر حديث واحد من تلك الأحاديث بالنص وكما هو لما تضمنه من وضوح في هذا الشأن.

الكتب

1ـ المرقاة في شرح المشكاة الجزء الثاني، ص11.2ـ ينابيع المودة للقندوزي، ص187.3ـ الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي، ص97، وص233.4ـ صحيح البخاري، الجزء الرابع، ص143.5ـ صحيح الترمذي، الجزء التاسع، ص74.6ـ سنن أبي داود، الجزء الثاني، ص208.7ـ صحيح بن ماجة الجزء الثاني، ص269.8ـ مسند أحمد بن حنبل الجزء الثالث، ص28، وص70.

أما النص

عن رسول الله (صلّي الله عليه وآله) قال: (يكون من بعدي اثني عشر أميراً كلهم من قريش) رواه البخاري في صحيحه، ج9، ص81، والترمذي في صحيحه، ج9، ص66، وأبو داود في سننه، ص91، وأحمد بن حنبل في مسنده، ج5، ص90-95، ومسلم في صحيحه باختلاف في التعبير، ص19.

مقولة زائفة

و إذا صحت هذه المقولة، فقد كان الأولي أن تصح الفكرة الشيوعية التي فسرت الدين كله علي أنه متنفس (البروليتاريا) التي خسرت المعركة في صراعها مع الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج.ومع أن هذه المقولة تتوافق في الاتجاه مع الماركسية، فإنها لا ترتفع إلي مستوي النيل من عقيدة الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه)، طالما أن انتظار الموعود هو أمل أنشد له ليس الشيعة فقط، إنما المسلمون، والمسيحيون واليهود وفلاسفة، وعقائد متنوعة أخري. علي أن هذه المقولة المزيفة إذا كانت تفسر الأمل بهذه الطريقة، فهذا يعني أن أكثر العقائد ذات الطابع الغيبي سوف تخضع لهذا المنطق اللاعلمي كالجنّة والثواب، والدعاء.. الخ.الواقع أن هذه الفكرة تتفق تماماً مع إيديولوجية الإلحاد، ولكنها ذات طابع اختراقي استعماري فيما تعتمده من طريقة الانقضاض الجزئي علي العقيدة الإسلامية، ولعل اتجاهها نحو فكرة الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه) يوضح خطورة الأمل المدعو من الناحية الحضارية علي ما يرسمه هذا الأمل من شد روحي ونفسي للمسلمين باتجاه رفض كل أشكال الظلم والتسلط والنهب الاستعماري.وعندما نريد أن نستوضح خبث هذه المقولة فإننا نجد ذلك في طابعها الطائفي حينما تريد أن تنسب هذه الفكرة للشيعة دون غيرهم أولاً، وعندما تتوسل في تاريخ الاضطهاد الشيعي بما يثير إخوانهم السنة ثانياً.في الحقيقة إن الواقع السياسي وعلي مدي مراحل التاريخ الإسلامي لم يتجانس مع طابع الإيديولوجية الإسلامية الحضاري، لا لأن النظرية السياسية الإسلامية صعبة التطبيق، أو أن الواقع لم يتكيف معها.. إنما بسبب تعارض السلوك الاستبدادي للفردية مع النصوص الشرعية التي تنظم الحياة السياسية في الإسلام، ولذلك فإن السلطة السياسية التي هيمنت علي الواقع الإسلامي كيّفت النصوص الشرعية بما يلائم واقعها ورموزها حتي أصبحت (طاعة الحاكم الجائر واجبة). [1] .وفي حين اقتربت معظم المذاهب الإسلامية في موقفها السلمي من السلطة، قاطع المخلصون من علماء الإمامية الحاكمين، وأفتوا بتحريم العمل عندهم، ولم يستثنوا إلا ما فيه نفع المؤمنين، ودفع الحيف والظلم عن المظلومين. ولم يكتفوا بذلك بل أفتوا بأشياء تتصل مباشرة بأعمال الحاكم، فلقد اشترطوا العدالة في إمام الجمعة والجماعة وكان الحاكم ـ في الغالب ـ يؤم الناس في الصلاة، ولازم هذا الشرط أن صلاة المؤتمين به باطلة لا يتقبّلها الله، مع علمهم بفسق الإمام وجوره، وأفتوا أيضاً بتحريم الغناء واستعمال آلات الطرب، والصيد للهو، وما إلي ذلك ممّا يتعاطاه الحاكمون. بهذا يتبين أن مبدأ التشيع يلازم الثورة علي الفساد والظلم، فلا بدع إذا كان اضطهاد الشيعة هو الشغل الشاغل لكل حاكم جائر. [2] .وقضية الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه) بما هي قضية إسلامية أساسية، لم تأت متأخرة علي تاريخ الظلم والبطش الذي لحق بالشيعة ولا هي كذلك محصورة في الأحاديث التي يروونها بطرقهم الخاصة، إنما:أولاً: هي قضية كشف النقاب عن تفاصيلها شخص الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) قبل أن يقع الظلم علي الشيعة، وقد نقل هذه القضية صحابة الرسول (صلّي الله عليه وآله)، وقد تلقي التابعون مجموعة ضخمة من الأحاديث عن الصحابة، ونقلوها فيما بعد إلي الأجيال، وفيما يلي سرد لأسماء الصحابة الذين رووا عن رسول الله (صلّي الله عليه وآله) أحاديث المهدي (عجل الله تعالي فرجه):1ـ علي بن أبي طالب.2ـ عثمان بن عفان.3ـ طلحة بن عبد الله.4ـ عبد الرحمن بن عوف.5ـ الحسين بن علي (عليهما السلام).6ـ أم سلمة.7ـ أم حبيبة.8ـ عبد الله بن عباس.9ـ عبد الله بن مسعود.10ـ عبد الله بن عمر.11ـ عبد الله بن عمرو.12ـ جابر بن عبد الله.13ـ أبو سعيد الخدري.14ـ أبو هريرة.15ـ أنس بن مالك.16ـ عمار بن ياسر.17ـ عوف بن مالك.18ـ ثوبان مولي رسول الله (صلّي الله عليه وآله).19ـ مرة بن إياس.20ـ علي الهلالي.21ـ حذيفة بن اليمان.22ـ عبد الله بن الحارث بن حمزة.23ـ عمران بن حصين.24ـ عوف بن مالك.25ـ أبو الطفيل.26ـ جابر الصدفي. [3] .ثانياً: هي قضية إسلامية ولا تختص بالشيعة فقط. ولعل عدم الاهتمام بها (سنياً) قياساً باهتمام الشيعة لها كان بسبب الموقف السياسي لكلا الطرفين من السلطة. ففي الوقت الذي جسد فيه الشيعة الموقف المعارض للسلطة الحاكمة علي طول التاريخ الإسلامي، كان لابدّ أن يوظف الشيعة كل ما ورد في الإسلام من نصوص شرعية (ومنها البشارة موضع البحث) بوجه السلطة اللاشرعية، في حين أن الموقف السلمي للمذاهب الإسلامية الأخري من السلطة، وانتماء الحكام لهذه المذاهب كان يستدعي العكس. أي إهمال النصوص التي تسبب للسلطة الإحراج السياسي.وعلي ضوء ما سبق، فإن المقولة التي تذهب إلي تفسير الظاهرة المهدوية في الإسلام علي أنها نتاج نفسي معين للشيعة تبدو أكثر زيفاً، بل وتجاوزاً علي النصوص الشرعية عندما نتجاهل بشارة الرسول (صلّي الله عليه وآله) بها، وتواتر الأحاديث المروية فيها، عن طريق الصحابة الذين روي عنهم الشيعة والسنة معاً، فضلاً عن ثبوتها في صحاح أهل السنة.

البشارة

إذا كانت معظم الديانات السماوية قد أشارت بطرق مختلفة إلي حقيقة ظهور المنقذ في حياة البشرية، فإن فكرة المنقذ لازمت في الحقيقة. فجر التاريخ الديني واستمرت معه لتشكل فيما بعد جزءاً من الواقع الديني الذي لم ينفصل عن حياة الإنسان حتي وإن بدت بعض مظاهر تلك الحياة أكثر إلحاداً وكفراً. ورغم التحميل الهائل الذي أدخل علي النصوص الدينية السماوية من غير الإسلام، إلا أن فكرة الانتظار، وومضات البشارة ظلت حقيقة شاخصة في متون الكتب المقدسة، وتعاليم الكهنة، علي أننا لا ننكر تقلب هذه الفكرة لتأخذ وجوه متعددة بفعل تدخل الإنسان في تفسير هذه الفكرة وفق السياقات المذهبية للديانات المختلفة.ويمكننا في هذا الصدد أن نحيل كثير من الاختلافات، أو حتي التشوهات التي طرأت علي البشارة إلي ما يمكن أن نسميه بـ(العرقية الدينية) إذا صح التعبير. فقد لعبت فكرتي (شعب الله المختار) لدي اليهود، (بنوة عيسي) لدي النصاري. دوراً كبيراً في انغلاق الديانتين علي نفسيهما، ممّا أدي إلي إدراج البشارة المهدوية في إطار العقيدتين.ولربما نستطيع أن نستدل علي ذلك من خلال موقف الديانتين معاً من بعثة الرسول الأكرم محمد (صلّي الله عليه وآله) التي أجمعت كتبهم علي النبوة الخاتمة في ذات المكان والزمان الذي حصلت فيه فعلاً. بل الأكثر من ذلك أن التاريخ يؤكد لنا أن حالة من الترقب كانت سائدة في الجزيرة العربية إبان البعثة النبوية الشريفة، ورغم ذلك فقد تراجعت كلا العقيدين (اليهودية، والنصرانية) عند الاعتقاد بنبوة النبي الأكرم محمد (صلّي الله عليه وآله) حتي بعد قيام الأدلة الثبوتية القاطعة، ومنها علي سبيل المثال (المباهلة)، والسبب أن اليهود تتطلع إلي النبي اليهودي والنصاري تتطلع أيضاً إلي النبي المسيحي.(وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصاري نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ). [4] .وعلي ضوء ذلك فإن فكرة الإمام المهدي التي هي أقدم من الإسلام، وأوسع منه [5] كان لابدّ لها أن تخضع للتوظيف اليهودي والنصراني، بحيث لم تعد هذه الكفرة عالمية بوصفها الشمولي، إنما تهودت وتنصرت بطابع الديانتين. ولهذا عندما يتطلع اليهود إلي (المنتظر)، أو حينما يترقب النصاري (المولود) فإن المنتظر عند اليهود يجب أن يكون يهودياً وإلا فهو غير معترف به، وكذا فالمولود لدي النصاري يجب أن يكون مسيحياً، وهذا الحصر الضيق لفكرة الشمول أدي به بالطبع إلي انقطاع الفكرين اليهودي والمسيحي عند حدوديهما (العرقيين)، وعدم تواصل هذا الفكر دينياً لتحديد مواصفات المنقذ الحقيقي الذي يأتي آخر الزمان.هذا علي أننا لا نريد أن نخوض في طبيعة الأخبار الواردة لدي الطرفين حول الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه)، بقدر ما نؤكد أن التغير الذي حصل في مواصفات المنقذ في الديانات السماوية حتي وإن اختلف لكنها علي أية حال لا تلغي أصل القضية وهي البشارة.

الأمل

إذا كانت البشارة ذات طابع ديني غيبي، فإن الأمل التي تجسده تطلعات البشرية جمعاء يأخذ بعداً آخر وهو البعد النفسي عندما تتجه الأمنيات والأفكار والحواس نحو الخلاص، والبعد النفسي هذا لا يمكن أن يكون ناتجاً عن ظروف خاصة تحيط بالإنسان وبالتالي تودع في نفسه هذا الأمل. وإلا لكانت إظهارات النفس بما هي انعكاسات علي الواقع بهيئة سلوك، وأفكار وتطلعات هي الأخري ذات خصوصية تنطبع بطابع الزمان والمكان، في حين أن واقع البشرية يؤكد عكس ذلك إن النزوع النفسي الإنساني نحو التطلع إلي يوم الخلاص المنشود يكاد يكون حالة لدي جميع بني البشر الذين يعيشون علي الكوكب الأرضي، وإذا تجلّي هذا النزوع علي هيئة انشداد وجداني نحو المستقبل في هذا المكان، فإنه يظهر علي هيئة أخري قد ترتدي لباس الفكر، أو الأسطورة في ذلك المكان.فليس المهدي تجسيداً لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب، بل هو عنوان لطموح اتجهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها.. ولم يقتصر هذا الشعور بهذا اليوم الغيبي والمستقبل المنتظر علي المؤمنين دينياً بالغيب، بل امتد إلي غيرهم أيضاً وانعكس حتي علي أشد الإيديولوجيات والاتجاهات العقائدية رفضاً للغيب والغيبيات. [6] .وعندما نبحث عن القاسم المشترك لطموح البشرية في تصورها للمستقبل، فإننا لا نجد غير الفطرة الإنسانية التي تعكس هذا الطموح بأشكال مختلفة وحسب طبيعة الإنسان ومكوناته العقائدية ودافعه الاجتماعي والسياسي.. الخ.وإذا كانت الفطرة جزء أصيل من النفس الإنسانية، فإن الشعور المتولد عن هذه الأصالة هو في حقيقته جانب من حركة الإنسان نحو التكامل وبحثه عن التجدد الدائم، وتلك هي صورة العدالة التي يقيمها الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه).

الضرورة

للإنسان كموجود من بين الموجودات الكونية الأخري نظام خاص به. وعلي ضوء هذا النظام فإنه يؤثر في الموجودات كما هي تؤثر فيه. لكن تمثل الإدراك لدي الإنسان ومن ثم الاختيار يجعلان تأثيره يتعدي مساحة التأثير الطبيعية كموجود من بين الموجودات.فالماء مثلاً بما هو جزيئة من الهيدروجين وجزيئة من الأوكسجين (H2O) لا يملك الاختيار في التأثير علي الموجودات أكثر من القانون الطبيعي له.ولعل في ذلك السبب الذي استفهمت بموجبه الملائكة عندما أخبرهم الله تعالي أن الإنسان سيكون خليفة في الأرض: (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَي الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ). [7] .وعلي ما نلاحظ ونستنتج من هذه الآيات الشريفات ما يلي:1ـ التركيز الواضح في هذا المقطع الصغير من القرآن علي أهمية العلم الذي تكرر ذكره ثماني مرات.. ممّا يشير إلي أن الإنسان بما منحه الله تعالي من إدراك وقابلية علي تركيب الحقائق سوف يكون له شأن كبير علي الأرض، وسوف تتطور أداته العلمية باتجاه التأثير علي الموجودات الأخري.2ـ إن الإنسان بطبيعته الاختيارية تميز علي جميع المخلوقات الكونية بما فيهم الملائكة. وهذا سيجعله متمرداً حيناً وطائعاً لقوانين الطبيعة حيناً آخر، وبالنتيجة ستترتب نتائج تدميرية هائلة علي تمرده وعصيانه.3ـ إن خلافة الإنسان علي الأرض لا يعني ذلك أن كل البشر سوف يكونون خلفاء عندما سيتوالد آدم بشكل يصبح فيه عددهم بالملايين. إنما هناك خليفة واحد لهؤلاء البشر جميعاً هو الذي يستحق أن يكون خليفة. ممّا يتصف به من علم وطاعة وهنا نستحضر (وعلم آدم الأسماء كلها). أي علمه حقائق الأشياء، أو بعبارة أخري: أطلعه علي سفر الكون، وأطلعه علي الأنظمة التي تحكم هذا الكون، وأطلعه علي علاقات الموجودات بعضها ببعض، وتأثر هذه الموجودات بعضها بالبعض الآخر، وموقعه هو آدم (عليه السلام) في هذا الكون، وتأثره بهذا الكون وتأثيره في هذا الكون)، [8] (وَكُلَّ شَيْ‌ءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ). [9] .4ـ إن آدم لم يسفك الدماء علي ما ظهر فيما بعد، ونسب سفك الدم إليه يعني أنه من ذريته سيكون مخالفاً لسنن الكون، وهذا يدلك أن مثيل آدم (عليه السلام) سيتكرر بصفته المعصومة علي ما اطلع عليه من العلم، وسيتكرر من الجانب الآخر الأفراد غير المعصومين من ذرية آدم (عليه السلام) وعلي ضوء هذه الحقيقة سيكون من سلسلة آدم (عليه السلام) وعلي طول المسيرة الإنسانية نوعان من البشر.الأول: ينفذ الأوامر الإلهية بدقة مع قدرته علي رفضها بما هو إنسان مختار. وهؤلاء هم سلسلة المعصومين (عليه السلام).الثاني: يتمرد علي الأوامر الإلهية وهؤلاء نحن بنو البشر غير المعصومين. ولأن الله لا يخلي الأرض من حجة (أي وجود المعصوم الذي يوازن النظام الكوني من جهة توازن تأثير الموجودات). فإن تتابع الأنبياء المعصومين (عليهم السلام) والأوصياء المعصومين (عليهم السلام) هو ضرورة كونية بالإضافة إلي ضرورتهم التشريعية فيما يتعلق بالهداية.

پاورقي

[1] الشيخ أبو زهرة، المذاهب الإسلامية، الطبعة النموذجية، ص155.
[2] محمد جواد مغنية، الشيعة والحاكمون، ط5، 1981، ص27.
[3] مجلة الجامعة الإسلامية، السنة الأولي، 1389هـ، العدد3، عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر، الشيخ عبد المحسن العباد، ص145.
[4] سورة المائدة، الآية 18.
[5] المصدر، الإمام محمد باقر، بحوث حول المهدي، ص20.
[6] نفس المصدر السابق، ص21.
[7] سورة البقرة، الآيات 30-33.
[8] العصمة.. وشروط الحفاظ علي النظام الكوني، السيد محمد مهدي الحكيم.
[9] سورة يس، الآية 12.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.