الآيات المؤولة بالامام المهدي (عجل الله تعالي فرجه الشريف)

اشارة

محمد قمي

المعاني الاجمالية للتأويل

إن القرآن كتاب إلهي يضم الشؤون الإلهية، وهو الحبل المتصل بين الخالق والمخلوق، وبتعليماته ينبغي إقامة الرابطة المعنوية والارتباط الغيبي بين عباد الله ومربيهم، ومن القرآن ينبغي تحصيل العلوم الإلهية والمعارف اللدنية..وقبل الشروع بالآيات المؤولة بإمامنا الحجة (عج) لا بد من تقديم نبذة مختصرة عن التأويل وما قاله علماؤنا الأعلام في هذا المعني الباطني:قال العلامة المحدث السيد هاشم البحراني (قدس سره) في مقدمة تفسير البرهان (ج1 ص7-8):(أما بعد، فغير خفيّ عن أهل الإسلام والإيمان شرف القرآن وعلوّ شأنه، وغزارة علمه، ووضوح برهانه، وأنه الغاية القصوي، والعروة الوثقي، والمستمسك الأقوي، والمطلب الأعلي، والمنهاج الأسني، الذي من استمسك به نجا، ومن تخلف عنه غوي، الذي بدرسه وتلاوته والتفكر في معانيه حياة للقلوب، وبالعلم به والعمل بما فيه التخلص من الكروب.غير أن أسرار تأويله لا تهتدي إليها العقول، وأنوار حقائق خفيّاته لا تصل إليها قريحة المفضول، ولهذا اختلف في تأويله الناس، وصاروا في تفسيره علي أنفاس وأنكاس، قد فسّروه علي مقتضي أديانهم، وسلكوا به علي موجب مذاهبهم واعتقادهم، وكل حزب بما لديهم فرحون، ولم يرجعوا فيه إلي أهل الذكر صلي الله عليهم أجمعين، أهل التنزيل والتأويل، القائل فيهم جلّ جلاله: (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) [1] لا غيرهم، وهم الذين أوتوا العلم وهم أولو الأمر وأهل الاستنباط وأهل الذكر، الذين أمر الناس بسؤالهم، كما جاءت به الآثار النبوية والأخبار الإماميّة، ومن ذا الذي يحوي القرآن غيرهم؟ ويحيط بتنزيله وتأويله سواهم؟)..وقد ورد عن مولانا باقر العلم أبي جعفر محمد بن علي (ع) قال: ما يستطيع أحد أن يدعي أنه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء. [2] .

التأويل في اللغة و الاصطلاح

التأويل في مجمع البحرين: إرجاع الكلام وصرفه عن معناه الظاهري، إلي معني أخفي منه. [3] وقال صاحب القاموس: (أوّل الكلام تأويلاً: دبّره وقدّره وفسّره).وقال الراغب: والتأويل: من آل يؤول: إذا رجع، والتفسير أعم من التأويل. وأكثر ما يستعمل التفسير في الألفاظ، والتأويل: في المعاني، كتأويل الرؤيا.وقال العلامة الحجة الشيخ محمد مهدي زين العابدين (قدس سره): وتأويل الآيات - أي بيان العاقبة وما يؤول إليه الأمر - لأن المراد بالتأويل، ما يرجع إليه الكلام، وما هو عاقبته، سواء كان ظاهراً يفهمه العارف باللغة العربية، أم كان خفيّاً، لا يعرفه إلا الراسخون في العلم. [4] .وقال العلامة الطبرسي في ذكر التفسير والتأويل:التفسير: كشف المراد عن اللفظ والشكل، والتأويل: رد أحد المحتملين إلي ما يطابق الظاهر.. [5] .ويقول العلامة القمي في مطلع تفسيره - وقد نقلها السيد المحدث هاشم البحراني (قدس سره) في بداية تفسيره البرهان - أن التأويل له أربعة معانٍ هي:أولاً: (وأما ما تأويله في تنزيله) فكل آية نزلت في حلال أو في حرام مما لا يحتاج فيها إلي تأويل، مثل قوله: (حُرِّمت عليكم أمهاتُكُم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم)، وقوله: (حرمت عليكم الميتة والدَّمُ ولحمُ الخنزير)، ومثله كثير مما تأويله في تنزيله، وهو من المحكم.ثانياً: (وأما ما تأويله مع تنزيله)، فمثل قوله: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، فلم يستغن الناس بتنزيل الآية حتي فسر لهم رسول الله (ص) من أولو الأمر، وقوله تعالي: (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) فلم يستغن الناس الذين سمعوا هذا من النبي (ص) بتنزيل الآية حتي أخبرهم النبي (ص) من الصادقون؟ وقوله: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)) فلم يستغن الناس بهذا حتي أخبرهم النبي (ص) كم يصلون، وكم يصومون، وكم يزكّون.ثالثاً: (وأما ما تأويله قبل تنزيله).. مثل آية الظهار، فإن العرب في الجاهلية كانوا إذا ظاهر الرجل من امرأته حرمت عليه إلي الأبد، فلما هاجر رسول الله (ص) إلي المدينة ظاهر رجل من امرأته يقال له أوس بن الصامت، فجاءت امرأته إلي رسول الله (ص) فأخبرته بذلك، فانتظر النبي فيها الحكم من الله، فأنزل الله تبارك تعالي: (الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم)، ومثله ما نزل في اللعان وغيره مما لم يكن عند النبي(ص) حكم حتي نزل عليه القرآن به عن الله عزّ وجل، فكان التأويل من تقدم التنزيل.رابعاً: (وأما ما تأويله بعد تنزيله) فالأمور التي حدثت في عصر النبي (ص) وبعده من غصب آل محمد (ص) حقهم، وما وعدهم الله من النصرة علي أعدائهم، وما أخبر الله به نبيه عليه الصلاة والسلام من أخبار القائم (ع) وخروجه وأخبار الرجعة والساعة في قوله: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) [6] وقوله: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً) [7] نزلت في القائم من آل محمد عليه وعلي آبائه الصلاة والسلام ومثله كثير مما تأويله بعد تنزيله.ومن أراد الاطلاع علي آراء العلماء والمفسرين من كلا الفريقين فدونك كتاب (علوم القرآن عند المفسرين) ج3 ففيه التعاريف الكاملة للتأويل والتفسير، وما يخص بحثنا كما هو واضح من كلام العلامة القمي (قدس) هو: (ما تأويله بعد تنزيله)، فمع الآيات المؤولة بإمام زماننا (ع).

الآيات المؤولة بالامام الحجة

بعد أن اتضح معني التأويل لغة واصطلاحاً عند المفسرين وغيرهم، لننتقل إلي ذكر الآيات القرآنية التي أولت بمهدينا عليه أفضل الصلاة والسلام:- الآية الأولي: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم). [8] .إن هذه الآية من جملة الآيات القرآنية المؤولة بالإمام الحجة روحي له الفداء علي الظاهر:إن الله سبحانه وتعالي قد وَعَدَ المؤمنين الصالحين من هذه الأمة بأن يجعلهم المستخلفين لمن كان قبلهم، أي يجعلهم بدل الذين كانوا من قبل في هذه الأرض، والله تعالي يورث المؤمنين الأرض ويجعلهم يتصرفون فيها حيث يشاؤون، ويحكمون فيها بدين الله، بعد إعطائهم القدرة والسلطة وتوفير جميع الإمكانيات، ويجعل الله خوفهم أمناً، ولا يخافون لومة لائم، فلا يخافون أحداً إلا الله، والله من ورائهم محيط، ولا يقدر عليهم أحد من أصحاب القدرة والهيمنة، ويعبدون الله دون تقية أو مجاراة لأحد، ويتجاهرون بالحق الذي سوف يسيطر علي أرجاء المعمورة، والله علي نصرهم لقدير.إن البارئ عزّ وجل (لا يخلف الميعاد) فقد وعد المؤمنين الصالحين من هذه الأمة المليئة بالخطيئات والسيئات أن يملأ الأرض قسطاً وعدلاً وتكون حياتهم طاهرة ومطهرة، هو المعني الظاهري للآية الشريفة.وقد أجاد وأفاد العلامة القزويني (قدس سره) قائلاً: إن هذا الوعد الإلهي - المؤكد بلام القسم ثلاث مرات، وبنون التأكيد ثلاث مرات أيضاً - لم يتحقق إلي يومنا هذا، ومتي كان المؤمنون الصالحون يتمكَّنون من الحكم علي الناس وتطبيق الإسلام بكل حرية، وبلا خوف من أحد؟! ومن هم المؤمنون الذين عملوا الصالحات الذين وعَدَهم الله تعالي بهذا الوعد العظيم؟!.ولو راجعت تاريخ الإسلام والمسلمين منذ طلوع فجر الإسلام، إلي يومنا هذا لعلمت علم اليقين أن وعد الله تعالي لم يتحقق خلال ألف وأربعمائة سنة.إنني لا أظن أن مسلماً مُنصفاً يقبل ضميره بأن يكون المقصود من الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم الأمويون، أو العباسيون، لأن التاريخ المتفق عليه بين المسلمين - بل وغير المسلمين - يشهد بأن الأمويين والعباسيين ارتكبوا أعظم الجرائم، وأراقوا دماء أولياء الله، وهتكوا حرمات الله، وكانت قصورهم مليئة بأنواع الفجور والمنكرات. [9] .إن الدين الإسلامي ما زال ولا يزال إلي يومنا هذا مهجوراً مجهولاً، وذلك لوجود التيارات المعاكسة، لهذا النهج الصحيح، ولوجود بقايا الأديان السماوية التي حرفوها عن مسارها الحقيقي، فكل الأديان كانت تبشر بالدين الإسلامي، وكل الملل الآن تسعي لكي تنهش هذا الإسلام الموسوم اليوم!! وهل تعلم لماذا؟.نعم.. لأنهم عرفوا في كتبهم أن هذه الأرض سوف يحكمها رجل من قريش أو رجل مصلح يقيم العدل والعدالة علي وجه الكرة الأرضية بتمامها، وعرفوا أيضاً أن الذي يخرج في آخر الزمان، هو من بني هاشم اسمه اسم رسول الله (ص) وخلقه خلق رسول الله (ص)، فلذلك هم يسعون بما في وسعهم لكي ينهشوا هذا الدين من الداخل ومن الخارج، فنلاحظ بين الآونة والأخري من ينعق ويتفوه علي مذهبنا الحق ويستهزئ بالإمام الغائب(عج) ويقول أنه أسطورة وحكاية وضعتها الشيعة وعلماؤهم، لكي يسدوا نقصهم!! إذن متي هذا الوعد؟ ومتي يستخلف الله الذين آمنوا في هذه الأرض الواسعة؟ فيكون الجواب وتأويل هذه الآية كما يلي:1- عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) في قوله: (وعد الله الذين آمنوا... يعبدونني ولا يشركون بي شيئاً) قال: نزلت في القائم وأصحابه. [10] .2- عن ينابيع المودة، عن علي بن الحسين (ع) قال: (هذه الآية نزلت في القائم المهدي). [11] .3- وفي تفسير العياشي: إن علي بن الحسين (ع) قرأ آية: (ليستخلفنهم في الأرض) قال: (وهم والله محبوناً أهل البيت يفعل الله ذلك بهم علي يد رجل منا وهو مهدي هذه الأمة). وهو الذي قال رسول الله (ص): (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتي يأتي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً). [12] .وقال العلامة الطبرسي: فعلي هذا يكون المراد بالذين آمنوا وعملوا الصالحات: النبي وأهل بيته (صلوات الرحمن عليهم) وتضمنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف والتمكين في البلاد، وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهدي (ع).وأضاف قائلاً: وعلي هذا إجماع العترة الطاهرة وإجماعهم حُجَّة، لقول النبي(ص): (إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتي يردا عليَّ الحوض) وأيضاً فإن التمكن في الأرض علي الإطلاق لم يتفق فيما مضي، فهو منتظر لأن الله (عزّ اسمه) لا يخلف وعده. [13] .وأختم النقطة الأولي بكلمات عذبة وعبارات جزلة وردت في قنوت إمام زماننا عجل الله تعالي فرجه الشريف، يبشر بإنجاز الوعد الإلهي:(.. يا من لا يخلف الميعاد، أنجز لي ما وعدتني واجمع لي أصحابي، وصبّرهم وانصرني علي أعدائك.. سيدي أنت الذي مننت علي بهذا المقام وتفضلت به علي دون كثير من خلقك، أسألك أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تنجز لي ما وعدتني، إنك أنت الصادق، ولا تخلف الميعاد، وأنت علي كل شيء قدير). [14] .- الآية الثانية: قال تعالي:-(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون). [15] .الظاهر أن المراد بالزبور كتاب داود (ع) وقد سمي بهذا الاسم في قوله: (وآتينا داود زبوراً)، [16] وقيل: المراد به القرآن، وقيل: مطلق الكتب المنزّلة علي الأنبياء أو علي الأنبياء بعد موسي ولا دليل علي شيء من ذلك.والمراد بالذكر قيل: هو التوراة وقد سماها الله به في موضعين من هذه السورة وهما قوله: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) [17] وقوله: (وذكراً للمتقين) [18] وقيل: هو القرآن وقد سماه الله ذكراً في مواضع من كلامه.. والمراد من وراثة الأرض انتقال التسلط علي منافعها إليهم واستقرار بركات الحياة بها فيهم، وهذه البركات إما دنيوية راجعة إلي الحياة الدنيا، لتمتع الصالح بأمتعتها وزيناتها فيكون مؤدي الآية أن الأرض ستتطهر من الشرك والمعصية ويسكنها مجتمع بشري صالح يعبدون الله ولا يشركون به شيئاً. [19] .وقيل في تفسير الأمثل: وكلمة الأرض تطلق علي مجموع الكرة الأرضية، وتشمل كافة أنحاء العالم إلا أن تكون هناك قرينة خاصة في الأمر، وإن كان البعض قد احتمل أن يكون المراد وراثة كل الأرض في القيامة، إلا أن ظاهر كلمة الأرض تعني أرض هذا العالم عندما تذكر مطلقة.ولفظ الإرث، يعني انتقال الشيء إلي شخص بدون معاملة وأخذ وعطاء، وقد استعملت هذه الكلمة في القرآن أحياناً بمعني تسلط وانتصار قوم صالحين علي قوم ظالمين، والسيطرة علي مواهبهم وإمكانياتهم.. كما في شأن بني إسرائيل:(وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها). [20] .وقد وردت هذه البشارة في الكتب السماوية السابقة، علي أن الأرض سوف تستخلف من قبل أناس صالحين يرثونها ويرثون من عليها وهي استحقاق ومكافأة لهم من قبل البارئ عزّ وجل.

البشارة في مزامير داود

إن البشارة لم يذكرها القرآن الكريم فحسب!! بل ذكرتها جميع الكتب السماوية إشارة لهذا المعني الدقيق كما لا يخفي، وإليكم بعض النصوص من مزامير داود(ع):1- جاء في الجملة 18 من المزمور 37: (إن الله يعلم أيام الصالحين وسيكون ميراثهم أبدياً).2- جاء في المزمور 37 جملة 27: (لأن المتبركين بالله سيرثون الأرض، وسينقطع أثر من لعنهم..).إن البارئ عزّ وجلّ قد ذكر حقائق مؤكدة وثابتة علي مرّ العصور والدهور سواء في الزبور: (ولقد كتبنا في الزبور) أو في غيره من الكتب السماوية، وقد توجت الآية بـ(لقد) و(أن) المستخدمة للتحقيق والتأكيد وقد ذكر المفسرون أن (وراثة الأرض) في هذه الآية لها معنيان:أولاً: وراثة الأرض الدنيوية من منافع وغيرها.ثانياً: وراثة الأرض للصالحين الذين يعبدون الله ولا يشركون بعبادته شيئاً وهذا لا يتحقق إلا بالظهور الأقدس، وسوف يحكم الأنصار الغياري من الشيعة الأوفياء، جميع الأرض ومن عليها ويصبحون حكام الأرض وسنامها.فيكون تأويل هذه الآية: كما رواه الشيخ الطوسي في تبيانه عن الإمام الباقر (ع):(إن ذلك وعد الله للمؤمنين بأنهم يرثون جميع الأرض)). [21] .وفي رواية عن أبي جعفر (ع) قال: قوله عزّ وجل: (وأن الأرض يرثها عبادي الصالحون) هم أصحاب المهدي في آخر الزمان. [22] .فهذا مسلم عندنا أن الأصحاب الذين جاهدوا أنفسهم، وثبتت قلوبهم علي الولاء الأكمل، والدين الأمثل، وصبروا علي تلكم الفترة الطويلة، وهم كاتمون إيمانهم، ولا تعرف سرائرهم!! فالنتيجة سوف يكافئهم الإمام (ع) بأحسن مكافأة دنيوية وأخروية، بحيث يجعلهم قادة لحروبه وحكاماً لأرضه التي تفسخت بالعادات السيئة والقوانين الوضعية البائدة التي لا تغني من الحق شيئاً.- الآية الثالثة: قال تعالي: (هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون). [23] .قال المحقق السيد محمد كاظم القزويني (قدس سره) في تفسير هذه الآية: إن الله تعالي أرسل رسوله محمداً (ص) (بالهدي) من التوحيد وإخلاص العبادة، (ودين الحق) وهو دين الإسلام (ليظهره) الظهور - هنا -: العلو بالغلبة بكل وضوح، قال تعالي: (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاَّ ولا ذمّة) [24] أي يغلبوكم ويظفروا بكم.فمعني: (ليظهره علي الدين كله) أي يعلو ويغلب دين الحق علي جميع الأديان، فإن كان هذا الكلام قد تحقق وكانت الإرادة الإلهية قد تنجزت فالمعني أن الله تعالي قد أدحض وزيّف جميع الأديان الباطلة والملل والشرائع المنحرفة، زيّفها بالقرآن وبالإسلام، وبعبارة أوضح: إن الإسلام قد أبطل ونسخ جميع الأديان، وردّ علي كل ملحد أو زنديق وعلي كل من يعبد شيئاً غير الله.أما إذا أردنا أن نتحدث عن الآية علي ضوء التأويل، فإن هذا الهدف الإلهي لم يتحقق بعد، فالمسلمون عددهم أقل من ربع سكان الأرض، والبلاد الإسلامية تحكمها قوانين غير إسلامية، والأديان الباطلة تنبض بالحياة والنشاط، وتتمتع بالحرية، بل تجد المسلمين في بعض البلاد أقلية مستضعفة لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضرّاً، إذن فأين غلبة الحق علي الباطل، وأين قوله تعالي: (ليظهره علي الدين كله) وفي أي زمان تحقق هذا المعني؟!!.لقد ذكرت رواياتنا الشريفة أن هذه الآية الشريفة تتأول بعصر ظهور الإمام صاحب العصر والزمان(عج) وفي أيام إشراقه ودولته المباركة.ودونك أخي القارئ الروايات الواردة في تأويل هذه الآية:أولاً- تفسير البرهان: عن الكافي عن أبي الفضل عن الإمام أبي الحسن الكاظم (ع)، قلت: (هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله)؟ قال (ع): هو أمر الله ورسوله بالولاية والوصية، والولاية: هي دين الحق. قال: (ليظهره علي الدين كله)؟ قال (ع): يظهره علي جميع الأديان عند قيام القائم(عج). [25] .ثانياً- أما ما ذكره شيخنا المجلسي (قدس سره): فعن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله الصادق (ع) عن قوله تعالي:.. فقال: والله ما أنزل تأويلها بعد. قلت: جعلت فداك ومتي ينزل؟ قال: حتي يقوم القائم إن شاء الله فإذا خرج القائم لم يبق مشرك... [26] .وبالجملة يتحصل عندنا من خلال هذه الآيات الثلاث التي ذكرناها أن التأويل هو المعني الباطني للآية القرآنية بعكس التفسير الذي هو المعني الظاهر للآية، وأن الآيات التي ذكرت قد أولت بإمام زماننا (ع) جعلنا الله وإياكم من خدّامه وعبيده والذابين عنه والمستشهدين بين يديه الشريفتين.

پاورقي

[1] آل عمران: 7.
[2] بصائر الدرجات: ص191 ج1.
[3] مجمع البحرين: مادة أول.
[4] بيان الأئمة (ع): ج3 ص193.
[5] مجمع البيان: ج1 ص80.
[6] الأنبياء: 105.
[7] النور: 55.
[8] النور: 55.
[9] الإمام المهدي (عج) من المهد إلي الظهور: ص43 -44. [
[10] الحجة: ص148.
[11] ينابيع المودة: ص425، غيبة الطوسي: ص120.
[12] نفس المصدر السابق: ص426.
[13] مجمع البيان: ج7 ص152.
[14] نهج الدعوات: ص68.
[15] الأنبياء: 105.
[16] النساء: 163.
[17] الأنبياء: 7.
[18] الأنبياء: 48.
[19] الميزان: ج14 ص329.
[20] الأعراف: 137.
[21] التبيان: ج7 ص252.
[22] تأويل الآيات: ج1 ص332 ح22، البرهان: ج5 ص257 ح5.
[23] التوبة: 33.
[24] التوبة: 8.
[25] البرهان: ج4 ص330.
[26] البحار: ج51 ص60.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.