كلمة الامام المهدي عليه السلام

اشارة

سرشناسه : شيرازي، حسن، 1934؟ - 1980.

عنوان و نام پديدآور : كلمه الامام المهدي عليه السلام/حسن الشيرازي.

مشخصات نشر : قم: رشيد، 1426ق.، = 1384.

مشخصات ظاهري : [688] ص.

شابك : 964-96429-2-7

يادداشت : عربي.

يادداشت : كتابنامه به صورت زيرنويس.

موضوع : محمدبن حسن (عج)، امام دوازدهم، 255ق- .

موضوع : محمدبن حسن (عج)، امام دوازدهم، 255ق - -- دعاها.

موضوع : دعاها.

موضوع : زيارتنامه ها.

رده بندي كنگره : BP51 /ش85ك8

رده بندي ديويي : 297/959

شماره كتابشناسي ملي : 1157723

المقدمة

اشاره

الحمد لله رب العالمين والصلاة علي خاتم أنبيائه والسلام علي خاتم خلفائه، وعلي عباد الله الصالحين.الناس - عادة - يؤمنون بالمألوف بلا محاكمة، لا لأنهم استوعبوه، وإنما لمجرد أنهم وجدوه واقعاً إلي جانبهم، أو لمجرد أنهم وجدوا المجتمع يردده من حولهم.فالجميع يعترفون بالشمس، لأنهم وجدوها منذ فتحوا أعينهم للنور، ولو لم تكن الشمس في مرمي أنظارهم ووصفت لهم بحجمها الضخم وحركتها الدقيقة السريعة ولهيبها القوي العالي دون أن يأكل من جرمها شيئاً مدي مليارات السنين، لما اعترفوا بها.. ولكنهم حيث وجدوها، اعترفوا بها، وحاولوا أن يفلسفوا غوامضها - في كل جيل حسب الأفكار الحاكمة عليه - ليجعلوها مطواعة لمرتكزاتهم.ومن هذا النوع اعترافهم بالأرض والنجوم والأجواء وسائر الظواهر الكونية.وعملية تكوّن الإنسان، وتسلسله معترف بها من قبل جميع الناس، لأنهم تكوّنوا بها ويجدون الآخرين يتكوّنون بها، أما لو كان الإنسان بدواً من الأرض، وكان يقال له: أن نوعاً من الحيوان يتكوّن بتلاقح الدورة المنويّة من الذكر بالبويضة من الأنثي، وكانت توصف له عملية الإنجاب حتي الولادة لكان يعتبرها خبطاً في الخيال، كما يصعب عليه الاعتراف بأن عيسي (عليه السلام) خلق من غير أب... لا لشيء إلا لمجرد أنه لم يألف إلا طريقة واحدة في خلقة الإنسان.ومن هذا النوع اعترافهم بطريقة

خلقة المبيضات، وطرائق خلقة الزواحف والهوام والبراغش وسائر الحيوانات والنباتات الترابية والمائية.فاعترافهم بالظواهر الكونية وطرائق الخلقة في مسلسلات المخلوقات ليس ناتجاً من استيعابها وتصديقها، وإنما هو وليد ضغط الأمر الواقع علي الذهنية العامة للتسليم له.والناس جميعاً - قبل القرن العشرين كانوا يعترفون بمعطيات (هيئة بطليموس) من تراكب السماوات السبع والعرش والكرسي وتراكب الأرضين السبع كطبقات البصل - حسب تعبيراتهم - ومن كون الأرض مركز الكون، ومن حركة جميع السماوات والكواكب والنجوم... إلي آخر معطيات فلسفة أرسطو وطب جالينوس وسائر العلوم التي كانت سائدة في تلك الأجيال. وما كان يتردد أحد في شيء منها إلا ويتهم بالخيانة العظمي - متمثلة في الكفر والزندقة والإلحاد - ثم يعدم قتلاً بالسيف أو جلداً بالسوط أو حرقاً بالنار.ومن هذا النوع كان اعترافهم بالروحانيات والعلوم الغريبة.وهم - جميعاً - في هذا القرن يعترفون بجميع معطيات العلوم الحديثة من الفسيولوجيا والبيولوجيا والتكنولوجيا، وانتهاءً بالنسبية العامة والديالكتيك، ولا يتردد أحد في شيء منها إلا ويتهم بالخيانة العظمي - متمثلة في السخافة والجمود والرجعية - ثم يعدم طرداً عن المجالات الحيوية.ومن هذا النوع إنكارهم للروحانيات والعلوم الغريبة.لا لأن أولئك اعترفوا بمعطيات علومهم عن استيعاب وتصديق، ولا لأن هؤلاء يعترفون بمعطيات علومهم عن استيعاب وتصديق... وإنما لأن كل واحد من أولئك عندما تفتق فيه الوعي وجد المجتمع من حوله يردد أشياءً فرددها معه، كما يكرر عاداته وتقاليده معه، شأن الطفل الذي يدخل مدرسة، فيردد مع زملائه أناشيدهم ويرفع صوته أو يخفضه معهم، ربما دون أن يفهم حرفاً منها.ولذلك حارب الناس جميع الأنبياء والمصلحين والمجددين وأوائل المكتشفين، لا لشيء إلا لأنهم طرحوا أفكاراً لم يكن يرددها المجتمع، فمن استطاع منهم أن ينجو من الإعدام، ويواصل

الكفاح حتي يقنع المجتمع بأفكاره أصبح عظيماً تنحني أمامه رؤوس من بادروا إلي حربه بلا هوادة... لا لأن المجتمع لم يكن يرددها ثم استطاع أن يلقنها للمجتمع.وبهذه الببغاوية نعاهم القرآن معزياً رسول الله، قائلاً: (ذلك مبلغهم من العلم) وأعذرهم الرسول متجاوباً مع القرآن، قائلاً: (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون).

الحضارة و التكتلات

والناس - في القرن العشرين - تمزقوا بفعل عاملين:1- عامل الحضارة المادية، التي تصاعدت بقوة لتصنيع أكثر مظاهر الحياة حتي بهر وهجها الألباب، فافتتن بها قطاع كبير من الناس، ظانين أنها القمّة النهائية للحياة، فجرفتهم إلي الإلحاد بكل ما وراء المادة.2- عامل التكتلات الدينية التي تصاعدت بقوة - في تنظيمات رجال الدين وفي تجمعات سياسية - حتي كادت تغطي ثلثي المجتمع، فتجاوب معها قطاع كبير من البشر، قائلين بأن الحضارة المادية لا تعبر إلا عن وجه واحد من وجهي الحياة.هكذا تمزق الناس بفعل هذين العاملين، فمن كان قريباً من قواعد الحضارة المادية تمسك بمعطياتها واعتبر الدين مرحلة تجاوزها الإنسان، ومن كان قريباً من قواعد التكتلات الدينية تمسك بمعطياتها، واعتبر المادية وسيلة لتجاوز الحياة. أما الأكثرية الساحقة من الناس، فأخذوا بمعطيات الحضارة المادية، لتنعيم الحياة وتسهيلها، متسترين بغطاء رقيق من الإيمان بمجمل الأديان، من الاعتراف بوجود الله، وصحة كتبه وصدق رسله في التبشير بالحياة الآخرة، وأما التفاصيل والفروع فلا يجدون ما يلزمهم بها، وربما لا يجدون من يقنعهم، وقد لا يجدون وازعاً داخلياً يدفعهم إلي الاهتمام بها، وإهمال مباهج الحياة ومشاكلها، فيفضلون الاكتفاء من الدين بتزويد ما يردده المجتمع، وأكثر المجتمعات لا يردد من الدين إلا معطياته المتجاوبة مع المفاهيم المألوفة في الذهنيّة العامة.وإذا عرفنا أن الذهنية العامة تؤمن بالمألوف بلا محاكمة، وترفض غير المألوف بلا

مناقشة، عرفنا لماذا يكون إيمان الناس - غالباً - غطاءً رقيقاً يتسترون به.من هنا نعرف السبب تهرب الناس - عادة - من الخوض في الحوار حول القضايا الفكرية من الأديان، وفي اتهامها بأنها قضايا ميتافيزيقيّة، أو بأنها قضايا إيمانيّة مجردة لا جدوي منها، وفي محاولة إنكار مردودها، مهما كان مردودها في حياتهم الفردية والاجتماعية.ومن هذه القضايا:1- قضية الروح وتطوراتها.2- قضية الروحانيات غير المحسوسة كالملائكة والجن والشيطان.3- قضية المعجزات وكيفية صدورها.4- قضية حكومة الإنسان في سائر المخلوقات.5- قضية المصلح المنتظر، التي تعبر عن معادلة الخير والشر.وهذه قضايا طرحتها الأديان، ولها نتائجها الإيجابية الكبيرة.

قضية المصلح المنتظر

ولسنا في هذه المحاولة، إلا أمام القضية الأخيرة، وهي قضية المصلح المنتظر (عليه السلام)، التي تعبر عن إحدي المعادلات الثابتة، لأنها تتعلق بإحدي الغرائز المتأصلة في البر.فالبشر - بمقتضي تركيبته الخاصة - لا يستقيم علي طريقة، بغض النظر عن هوية الطريقة، فلا يبقي علي الحق، ولا يدوم علي الباطل، ولا يواصل الخير، ولا يستمر علي الشر، ويكره الديمومة علي شيء، مهما كانت حقيقة ذلك الشيء، وإنما يفضل التأرجح بين الأضداد، فالشجرة تدأب في منهجها ابتداءً من انطلاقها من النواة حتي نهايتها بلا تمزق بين المناهج، والجبل يواصل برنامجه منذ نشوئه حتي انتهاء عمره الطبيعي بلا تبعثر بين البرامج، والنجمة تنفّذ خطّتها من ميلادها حتي وفاتها بدون أدني انزلاق، والنحلة تؤدي كل واجباتها حتي تسقط ضحية في مسيرة الواجب بلا تردد، ولكنه الإنسان، الذي لا يستطيع توظيب حياته في خط (.. فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين).ولعل غريزة التأرجح بين الأضداد - أو غريزة التطور - وكّلت بالإنسان لتقليبه في المعادلات المختلفة، حتي تكشف كل مخابئه. وتنمي كل ما في

أعماقه من نوايا وركائز، فتحقق بذلك هدفاً من أهداف الحياة. وهو تجربة الإنسان (وأن لو استقاموا علي الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً لنفتنهم فيه). [سورة الجن: الآية 15 - 16].فاستجابة لهذه الغريزة نجد الإنسان دائم الاندفاع بين أقطاب الإغراء الكثيرة المتنوعة، فهو يجب الشيء ويتدفق نحوه بلهفة حتي إذا تشبع منه أعرض عنه واتجه نحو ضده بشدة.- مثلاً: إنه يجب السفر، فيواصله حتي يجوب الأقطار التي كان يفكر فيها، ثم يخلد إلي مدينة فلا يخرج منها مدي سنوات، ثم يبدأ من جديد رحلات واسعة.- مثلاً: قد تري إنساناً محافظاً لا تذكر له هفوات، ثم تجده ينفلت بعشوائية، وبعد حين يعاود سيرته الأولي.- مثلاً: قد يظهر جيل محارب يتتبع الخلافات البسيطة، فيتمسك بها لإشعال الفتن والحروب، يعقبه جيل مسالم يتنازل عن أغلي ما لديه هروباً من المواجهة المسلحة.- مثلاً: قد يقبل الناس علي الأدب أو المسرح أو الرسم، حتي يقدّمونه علي الخبز والماء، ثم يعرضون عنه حتي يفلس تجّاره.وهكذا الدين، قد يظهر نبيّ أو إمام يحرك فطرة الناس في اتجاه الدين فيتهافتون علي جوامعه ومجامعه باندفاع مخيف، ثم تتوتر الفطرة فيهم فيتجاهلون كل شيء منه بحيث يتحير دعاته. ويتساقطون تحت تيار الإلحاد، ولا يأخذ التيار مداه، حتي يبدأ بالانحسار، ويتوب الناس إلي رشدهم في اتجاه الدين من جديد، وكأنّه يطرح عليهم لأول مرة، ولم يطرح عليهم لأول مرة، وإنما هي دورة البشر الذي لا يطيق السير علي خط واحد.ولهذا كلما ظهر نبي أو إمام، واستطاع أن يعلي كلمة الدين - عرف أن ثورته تستهلك بعده، وأن خلفائه يعانون الثورة المعاكسة - فيبشرهم بأن الردة لن تكون القاضية، وأن المطاف الأخير سيكون لدينه. وأن الله سيظهر من يجدده،

ويقود الناس إلي الصراط المستقيم.فما من نبي إلا وبشر بمصلح عالي الصوت، شديد الوطء، يحرك التيار، وأمر الناس بالصبر عبر الخريف، وانتظار ذلك المصلح، والالتفات حوله إذا أدركوه.لقد بشر نوح بإبراهيم، وبشر إبراهيم بموسي، وبشر موسي بعيسي، وبشر عيسي بمحمد، وبشر محمد بظهور المهدي ونزول المسيح، عليهم الصلاة والسلام.فما ظهر دين إلا وطرح فكرة المصلح المنتظر، والديانات الحية اليوم كلها تهيئ لمصلح منتظر وإن اختلفت الأسماء، فاليهودية تبشر بالمسيح، والمسيحية تبشر بأحمد، والإسلام يبشر بالمهدي.

معطيات الفكرة

وإذا أغمضنا النظر عن الأسماء نجد أن فكرة المصلح المنتظر تعني:1- واقعية الأديان في استيعاب المستقبل، وفي استيعاب دورة البشر في الاتجاه نحو الدين والانحراف عنه، وفي الأخبار عن هذه الدورة.2- تطمين المبشرين بأن لهم المطاف الأخير، حتي لا ييأسوا مهما ارتفعت درجة معاناتهم، ومهما استبدت الثورة المعاكسة بالأجواء.3- تيئيس العاملين ضد الدين وضد المبشرين به، من نجاحهم في العمل ضد الدين، فإذا استطاعوا أن يهرجوا يوماً أو أياماً، فلا يعني ذلك أنهم أضحوا سادة الموقف، فالدين هو الخط الصحي العام، والانفلات فوضي لن تدوم.4- تهيئة المؤمنين بالدين لاستقبال المصلح المنتظر، حتي يظلوا متأهبين له، وتأهبهم له يساوي إبقائهم موفوري القوي، وهذا يخدمهم قبل أن يخدم المصلح المنتظر، لأنهم لا يؤخذون علي حين غرة من قبل أعدائهم، ولا يجمدهم الخمول، فهم - دائماً - تحت الإنذار، يراقبون الأجواء بلهفة وحذر.5- تمهيد الأرضية الصالحة للمصلح المنتظر، حتي إذا انتفض لا يجد نفسه غريباً يبني ابتداءً من الحجر الأساس، وإنما يجد نفسه يرفع البناء علي أساس من سبقه. وهكذا كان، فلم يبعث نبي إلا وجد من ينتظره [1] ، ويسعي إليه من أقاصي الدنيا بهيام عميق. وهذه الظاهرة مما أوفدت أخوة الأنبياء،

فكل واحد منهم كان مبشراً به من قبل السابقين عليه، فيصدق السابقين عليه ويبشر اللاحقين به، ويقوم بدور الحلقة الواحدة في المسلسل البعيد الطرفين. وليس الإمام المهدي المنتظر إلا حلقة في هذا المسلسل من المبشرين بهم والمبشرين بغيرهم.

ظاهرتان: اليأس و التشكيك

وهنالك ظاهرتان تكتفنان المؤمنين الذين يعيشون في الفترة بين الأنبياء والأئمة:الأولي: ظاهرة اليأس كلما طالت الفترة، ولم يظهر المصلح الموعود به، وربما كانت الفترة تسع عدة قرون وتستهلك بضعة أجيال، فكان الناس يشككون في الأحاديث المبشّرة به، وخاصة في الفترات السابقة التي لم يكونوا يمتلكون وسيلة لنقل الحديث سوي ذاكرة الرواة.الثانية: ظاهرة التشكيك في مقدرة المصلح الموعود به علي تغيير الأجواء، لأنهم كانوا يرون التقدم المادي للبشر، وكانوا يظنون أن النبي اللاحق سوف يستخدم الوسائل التي اتبعها النبي السابق، فكانوا يجدون تلك الوسائل غير مجدية، فيعتريهم الشك في قدرته علي إنقاذ الناس من براثن السلطان الغاشمة المزودة بالأسلحة الجديدة.

دور إبراهيم الخليل

فمثلاً: في عهد إبراهيم الخليل (عليه السلام) لم يكن للملوك جيش نظامي، ففي أيام المسلم حتي خدم الملك مزودون بالسلاح ويؤدّون دور الحرس، والشرطة، وفي أيام الحرب يدعي الناس إلي النفير، فينفرون بأسلحتهم، ولذلك جند إبراهيم الخليل (عليه السلام) جيشاً من المؤمنين به، وقاتل في الشام، وانتثر.

دور موسي

فلما ظهر الفراعنة في مصر تطور الأمر من ناحيتين: الأولي: أن الفراعنة حاولوا تأسيس إمبراطورية واسعة - في ظل دعوي الربوبية - فأسسوا جيشاً نظامياً، ووجهوا فصائله إلي الأقطار المجاورة، من أجل إخضاعها لحكم الفراعنة. الثانية: ظهر في أيامهم السحر، وتقدم بسرعة مذهلة، فكان الملك الفرعوني يحكم بسلطتين: سلطة جيش نظامي جرّار، وسلطة سحرة أشداء. والمؤمنون الذين كانوا ينتظرون ظهور موسي بن عمران، كانوا يظنون أن موسي بن عمران - حينما يظهر - يستخدم الأساليب والوسائل التي استخدمها إبراهيم الخليل (عليه السلام) فكانوا يشكّون في انتصاره علي الفراعنة، وما كانوا يعلمون أن موسي بن عمران (عليه السلام) يظهر بتسع آيات بينات يتضاءل أمامها السحر والسحرة، وبقوة عصاه التي تلقف ما يأفكون، وبقوة البحر الذي يبتلع فرعون وجنوده. ما كانوا يعلمون ذلك، فكان من الطبيعي أن يشكّوا في انتصار موسي بن عمران علي الفراعنة. فلما جاء موسي بن عمران بتلك الوسائل عرف الناس أن أنبياء الله قد يأتون بمثلها. وقضي موسي بن عمران علي أسطورة السحر الذي لا يقهر، والجيش الذي لا ينهزم، والملك الذي لا تطاله قوة حتي يقول: أنا ربكم الأعلي.

دور عيسي

ومثلاً: تطور الأمر بعد موسي بن عمران، فظهر في الناس فراعنة من نوع جديد، لا يقهرون أجسام الناس بالسحر والجنود، وإنما يقهرون عقول الناس بالعلم، وليس بأي علم، وإنما بعلم إنساني يحتاج إليه جميع الناس، ظهروا بعلم الطب، وبالإخبار عن الغيبيات، وتقدموا فيهما، حتي كان أحدهم يحيي الميت إذا عرض عليه قبل أن يبرد جسمه، ويفحص المريض بمجرد إلقاء نظرة علي وجهه، ويخبر عما أكله المريض أو فعله. فكان المؤمنون الذين ينتظرون عيسي ابن مريم (عليه السلام) يظنون أنه سيظهر بمثل وسائل إبراهيم

الخليل، أو بمثل وسائل موسي بن عمران، فكان من الطبيعي أن يشكّوا في مقدرة عيسي ابن مريم علي دحر قادة الإلحاد، المتسلحين بالعلم النافع، وما علموا أن الله سينصر رسله في كل زمان بالوسائل المناسبة، فظهر عيسي ابن مريم (عليه السلام) بالعلم المتفوق، فقال: أنا أبرئ الأكمه والأبرص وسائر المصابين بالأمراض المستعصية، لا بالدواء، وإنما بمجرد مسحة يد، وأحيي، لا الميت الجديد الذي لم يبرد جسمه بعد فقط، وإنما أحيي كل الأموات حتي الميت الرميم وإني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وهنا ما لا يدّعيه طبيب وإني أخبركم لا بما أكله المريض أو فعله فأصيب فحسب، وإنما أخبركم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم. فهزم فراعنة العلم بسلاحهم.

دور رسول الإسلام

اشاره

ومثلاً: تغيّر الأمر بعد عيسي ابن مريم، وخاصة في جزيرة العرب، حيث البشائر تمتد نحوها قاعدة للنبي الذي يظهر بالسيف، فبرزت في الجزيرة ظاهرتان:الأولي: ظاهرة البلاغة الفائقة، التي تجعل من الكلمات اليومية البخسة، والعواطف الرخيصة، عالماً حياً زاخراً بالحكمة والصور والألوان... إننا اليوم لا نستطيع أن نستوعب عظمة المعلقات السبع، ونحن مبهورون بوهج القرآن وما انبثق عنه من كلام النبي وآله (عليهم السلام)، ولكن تجربة عابرة للمقارنة بين المعلقات السبع وبين أي كلام سبقه تكفي للدلالة علي ما كان لها من بريق مخيف.الثانية: ظاهرة الفوضي المسلحة، التي تجعل أي إنسان مهما تعالي، مهدداً بالتصفية الجسدية من قبل أي إنسان آخر مهما تداني. وفي كل اللحظات، وفي جميع الحالات... وهذه الظاهرة تجعل كل من يفكر في الحق والعدل والإنصاف وسائر المثل والقيم الرفيعة، يعتبر هروبه من مثل هذه الجزيرة الساخنة أكبر انتصاراته في الحياة لا خوفاً علي حياته أن تهدر بلا

مبرر فقط، وإنما خوفاً أن يورّط في معركة تافهة تجرده من كل معنوياته وقيمه بلا بدل. فكيف بنبي يكون رمز السماء علي الأرض، ويريد أن يقود النصف المتقدم من البشر في مسيرة الفضيلة والكمال إلي الإنسانية العليا؟ والمؤمنون الذين يقتاتون انتظاره، ويعرفون الوسائل التي استخدمها كل من إبراهيم الخليل وموسي بن عمران وعيسي ابن مريم (عليهم السلام)، كانوا يظنون أن النبي الجديد يظهر بما يشابه تلك الوسائل، فكانوا يرون أنها متفرقة أو مجتمعة لا تجدي شيئاً في مجتمع البلاغة والفوضي، فيشكّون في انتصار النبي الجديد.فأظهر الله نبيه الكريم وبقرآن يعلو ولا يعلي عليه، فلم تنزل سورة (فاتحة الكتاب) حتي عمد أساطين البلاغة إلي نزع المعلقات السبع من جدران الكعبة ليلاً، حتي لا يعابوا بها، وبسيف، لم يشارك في الاعتداء، وإنما قضي علي الاعتداء، فلم يضرب به أحداً إلا دخل النار وعابه الناس. فاستأصل أوبئة الفوضي وأبرأ الجزيرة من جنونها، ولم يبلغ عدد ضحاياه سبعمائة شخص، في جميع حروبه وغزواته وسراياه، فاستطاع ذلك السيف ذاته وبتلك الدماء ذاتها، أن يكتب علي لوحة الجزيرة لافتة تشخص أبصار كل من حمل السلاح إلي الأبد: (إنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) [سورة المائدة: الآية 32]، (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزائه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً) [سورة النساء: الآية 93].فكان قرآنه مطمحاً لكل قرآن، وكان سيفه تجربة لإلغاء السيف، فكان انتصاره الذي فاق كل الاحتمالات والتوقعات وبزّ كل التنبؤات، فإذا بشعب الجزيرة الفوضوي، يمتد برسالته فيكل اتجاه، لينشر الإيمان والحضارة والخير، وليؤسس دولة ذات سيادة عالمية، لم تظهر بمواصفاتها دولة

لا من قبلها ولا من بعدها حتي الآن.وهكذا انتصر داوود بشكل وانتصر سليمان بشكل، وانتصر يوسف بشكل. وهكذا غيرهم.. وغيرهم من سائر رسل الله وأنبيائه الكرام.هذا فيمن نعرف من رسل الله وأوضاع مجتمعاتهم والوسائل التي انتصروا بها، وهكذا فيمن لم نعرف من رسول الله وأوضاع مجتمعاتهم والوسائل التي انتصروا بها، ولكن مجمل ما نعرفه عنهم أنهم انتصروا جميعاً، وانتصارهم يكفي للدلالة علي أنهم كانوا أقوي من مجمعاتهم، وأنهم جميعاً فاجئوا مجتمعاتهم بأساليب ووسائل لم تكن في الحسبان، وسواء أسميناها معجزات أو أسميناها كفاءات [2] ، فجوهر القضية واحد، وهو أنهم تفوقوا علي كل القدرات الحاكمة في عهودهم. فلتتقدم المجتمعات ولتتطور، ولتحشد ما استطاعت تحشيده من طاقات وأساليب، فإن الله سيزود رسله وأوصيائهم بما هو أقوي وأعلي، وسيجعل (كلمة الذين كفروا السفلي وكلمة الله هي العليا) [سورة التوبة: الآية 9] (كتب الله لأغلبنّ أنا ورسلي إن الله قوي عزيز) [سورة مجادلة: الآية 21] [3] .هاتان الظاهرتان موجودتان، بخصوص الإمام المهدي المنتظر:

ظاهرة اليأس

الأولي: ظاهرة اليأس منه، فقد طالت فترة غيابه، أكثر مما كان يتوقع، فقد تفانت الأجيال تلو الأجيال وهي تترقب ظهوره سنة بعد سنة، وأسبوعاً بعد أسبوع، وربما يوماً بعد يوم، وكم كان الذين وجدوا بعض علائم ظهوره، فوقفوا علي أهبة الاستعداد لتلبية ندائه، وما كانوا يرقدون في الليل إلا ويتوسدون أسلحتهم، حتي إذا أهاب بهم المنادي، لا يكون لديهم ما يعوقهم عن الإسراع إليه؟.. وكم كان الذين قرأوا في الأحاديث: أن توقيت ظهوره يصادف يوم الجمعة، فألزموا أنفسهم بالخروج إلي الصحراء صبيحة أيام الجمعة بكامل أسلحتهم، حتي إذا خرج يلتقيهم وكأنهم علي موعد؟... وكم كان الذين رأوا في المنام أشياء أو قرأوا أحاديث، فطبقوها علي

وقت معين، فبادروا إلي تصفية حساباتهم قبل ذلك الوقت، حتي إذا خرج وقتلوا بين يديه لا يكون عليهم شيء من حقوق الناس أو من حقوق الله؟... وكم كان الذين يؤجّلون تصفية حسابات خصومهم إلي حين ظهوره، حتي يكون هو الذي يثأر لهم؟...ثم يأتي الرجل في هذا اليوم، فيقرأ أو يسمع أن آبائه ماتوا انتظاراً، ومرت مئات السنين ومئات السنين ولم يظهر الإمام المنتظر، فيمتلكه اليأس من ظهوره، أو يحدّث نفسه قائلاً: حتي لون كان الإمام المنتظر باقياً ويظهر في يوم من الأيام، فما الذي يشير إلي أنني سأراه، ولربما لا يظهر إلا بعد مئات السنين أو آلاف السنين، كما لم يظهر حتي اليوم، وقد مر علي غيابه أحد عشر قرناً ومئات الملايين من الشيعة في كل جيل ومن كل مكان يعدّون اللحظات في انتظاره.ثم يستنتج: إذن عليّ أن أجري كل حساباتي علي أنه لا يظهر مطلقاً، أو أنه لا يظهر في عهدي علي الأقل. وقد عبّر الإمام عن هذا اليأس السافر بقوله: (ستطول غيبته حتي يرجع عنه أكثر القائلين به).

ظاهرة التشكيك

الثانية: ظاهرة التشكيك في مقدرة الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) علي السيطرة العالمية، بعد ظهور الأسلحة الحديثة، وانتشار الأسلحة الذرية، والقواعد الجوية، والصواريخ الالكترونية ذات الآماد البعيدة، والقنابل الأتوماتيكية المزوّدة بالعقول الإلكترونية... ولا يعلم إلا الله ما ستنتجه المعامل العسكرية من وسائل التدمير المخيفة إلي وقت ظهوره (عليه السلام)... فكيف ينتصر علي كل هذه الأسلحة المبيدة والملايين المتزايدة من الجنود التي تملأ القواعد العسكرية في أنحاء العالم، وخاصة إذا كان يظهر بالسيف - كما في بعض الأحاديث المبشرة به - مع أنه لم يعد للسيف مكان إلا في المتاحف الأثرية؟. ولعلنا نبحث الموضوع فيما يأتي

بإذن الله تعالي.

ظواهر جديدة اخر

وبالنسبة إلي الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) تضاف إلي هاتين الظاهرتين اللتين كانتا تطبعان كل المؤمنين في الفترة بين الرسل، تضاف إليهما ظواهر جديدة.الثالثة: ظاهرة التشكيك في حياته حتي الآن، فقد مرّ علي ميلاده الميمون صلوات الله عليه حتي كتابة هذه الأسطر ألف ومائة وإحدي وأربعون سنة هجرية. ونحن في دورة من عمر البشرية لا تأذن بأن يبلغ أي فرد مائتين من السنين مهما كانت ظروفه الصحية والمناخية ملائمة.الرابعة: ظاهرة التشكيك في فائدة الإمام الغائب. فشأن الإمام شأن الرسول في أن الله يخوله قيادة المجتمع، فإن لم يستطع قيادته عملياً لأسباب يتحمل مسؤوليتها المجتمع ذاته، فلا أقل من قيادته الفكرية للمجتمع، فإن لم يستطع هذه أيضاً، فبماذا يعود علي المجتمع؟... وماذا يهدف الله تعالي من إبقائه حياً، طالما لا يأذن له بالاتصال بأحد من خلقه؟...الخامسة: ظاهرة التشكيك في إيجابية فكرة الإمام المهدي لسببين:الأول: تكريس اليأس عن جدوي أي عمل إيجابي قبل ظهوره مادام الله سبحانه وتعالي قدّر أن تملأ الأرض ظلماً وجوراً قبل ظهوره.الثاني: تكريس اليأس عن جدوي أيّ عمل إيجابي بعد ظهوره مادام الله عز وجل قدّر أن يملأ الأرض - به - عدلاً وقسطاً، بغض النظر عن قلة أنصاره وكثرة أعدائه.وهذان القدران يعلنان تعطيل أدوار الآخرين، وبالتالي يوحيان بتجميد كل الطاقات المؤمنة به. لأن أي عمل إيجابي لا يعني غير تحدي القدر الذي يضحك من كل المتحدين. أو مجاراة القدر الذي لا تنشطه المجاراة.السادسة: ظاهرة التساؤل عن موعد ظهوره. وهل يظهر في وقت قريب؟ أو أنه يظهر إلا بعد فترة طويلة من الآن؟ ثم ما هي علائم ظهوره؟ وهل العلائم الواردة في الأحاديث المبشرة به صحيحة أم لا؟ وإذا كانت

صحيحة فلماذا لم يظهر مع أن تلك العلائم قد ظهرت - حسب رأي العلامة المجلسي (رحمه الله) قبل ثلاثمائة عام؟...السابعة: ظاهرة التساؤل عن الأدلة التي تثبت أصل فكرة الإمام المهدي المنتظر من الكتاب والسنة؟..الثامنة: ظاهرة التساؤل عن أن فكرة الأمام المهدي المنتظر (عليه السلام) هل هي من عناصر الفكر الشيعي فقط؟ أو أن المسلمين - جميعاً - يعترفون بها؟...الثامنة: ظاهرة تسائل تقول: حتي لو ثبتت فكرة الإمام المنتظر شيعياً أو عند كل طوائف المسلمين، فهل يسوقنا التمرد عليها أو إهمالها، إلي منعطفات دينية أو اجتماعية أو فردية؟...

ملاحظة و مناقشة الظواهر

بخصوص هذه الظواهر نقدم ملاحظتين:الملاحظة الأولي: نعترف بأن هذه الظاهر موجودة، ولكن وجود هذه الظاهر لا يغيّر شيئاً من واقع الإمام المنتظر، فاليأس والتشكيكات والتساؤلات المتنوعة تلف كثيراً من الأمور حتي تحجب الرؤية وتربك المفكرين، وخاصة في المجالات السياسية والقيادية، التي تمسك بمصير الناس ومقدراتهم، فتكون مناخاً ملائماً للأوهام والتخيلات، وحلبة واسعة ترحب بصراعات الآراء والمصالح، ولكنها لا تغيّر شيئاً من وقائع الأمور. ومتي كانت التشكيكات والتساؤلات تزحزح شيئاً عن واقعه؟الملاحظة الثانية: نحاول أن نناقش هذه الظواهر علي أساس سؤال يقول: هل هذه الظواهر صحية أو غير صحية، فالظواهر إذا كانت صحية تعبر عن شيء. وإذا كانت غير صحية تعكس أمراض مجتمعها فلا تعبر عن شيء.

الاقسام الأربعة لظاهرة اليأس

الظاهرة الأولي: وهي ظاهرة اليأس من وجود الإمام المنتظر، أو من ظهوره مطلقاً، أو من ظهوره في وقت قريب. ولتحقيق مدي صحية هذا اليأس نقسم اليأس إلي أربعة أقسام:1- اليأس من المستحيل، كاليأس من أن يصير 2 2 = 3 أو = 5 ومثل اليأس من اجتماع الضدين والنقيضين - بحدودهما المذكورة في علم المنطق - وهذا اليأس معقول.2- اليأس من الذات. مثل يأس الفرد من أن يحمل جبلاً علي ذراعيه أو من أن يطير في الهواء بلا وسائل. وهذا اليأس مقبول.3- اليأس من الغير، مثل يأس فلاح من أن يزوره الملك في كوخه، وهذا اليأس منطقي في كثير من الحالات، وليس صحيحاً علي العموم، فكم من المفاجآت تخترق جدران اليأس؟ وكم بزغت الآمال من ظلام يأس مطبق؟ولعل اتخاذ الموقف أمام هذا القسم من اليأس - الذي يمكن أن نسميه ب_(اليأس العادي) - من المنعطفات الخطيرة التي تفرز العظماء عن التافهين، فالتافهون عندما يصطدمون بهذا القسم من اليأس يتراجعون،

أو ينهزمون إلي الأبد فينتحرون، بينما العظماء يصمدون، أو يواصلون الكفاح، وكثيراً ما ينقشع ضباب اليأس عن عيونهم، وتتضح أمامهم سبل الانتصار.وهذا القسم من اليأس يعتري كل فرد من البشر مرات عديدة في عمره، ثم ينكشف عنه، كما تنكشف سحب الربيع عن الأفق الحالم.وهذا لا يعني: أن اليأس غير صحيح علي الإطلاق، فلربما تتضافر المعاكسات بشكل كثيف، يتراءي كأنه جدار لا يمكن، فييأس حتي العظماء، وقد يكفهر الجو فييأس حتي رسل الله المتصلون بالسماء، ويستبد بهم اليأس، ولكن الله الذي جعل لكل شيء دورة في الحياة الدنيا يعلم أن ذروة كل شيء منتهاه، وأن قمة اليأس هي مبدأ الفرج، فيقول: (... حتي إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجّي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين) [سورة يوسف: الآية 110].وإنما يعني هذا الكلام، أن اليأس من الغير أكثره كاذب، وأقله طبيعي، ولكن يمكن نسفه بالمحاولة، علي أن تكون المحاولة في حجم المعوقات.4- اليأس من الله، وهو أن يعتقد فرد بأن الله قد أغلق أبوابه، أو أنه لا يجد لأمره مخرجاً، أو لعقدته حلاً. وذلك أن الإنسان - عادة - يملك انطباعات معينة عن الأشياء المتعايشة معه، وعلي ضوء هذه الانطباعات يرتب لكل شيء - في تصوره - أسباباً ونتائج، فإذا جرب كل الأسباب الواردة في تصوره، ولم تسفر عن النتيجة المتوخاة، ظن أن لا سبب يؤدي إليها علي الإطلاق، وأمام هذا الظن يلجأ المؤمن إلي الله، ويحدّث نفسه بأنني جربت كل الأسباب التي كنت أعرفها، ولم يؤد شيء منها إلي النتيجة التي كنت أحاولها، ولكنني كفرد من البشر يكون عملي محدوداً، فلعل هنالك سبباً أو أسباباً يؤدي كل واحد مها إلي

تلك النتيجة، وأن الله المحيط بكل شيء يعرفها جيداً، فالأفضل أن أترك الأمر لله يصرفه كما يشاء.ونتيجة لهذا الإيمان لا يدب إليه اليأس، وإنما يحافظ علي الأمل في مشاعره، ولا يتراءي له بصيص من النور إلا ويبدأ التجربة وبما أن تطورات الحياة كثيرة، ربما تترتب الأمور بشكل تقدم إليه تلك النتيجة بلا محاولة. أما غير المؤمن فإذا جرب الأسباب التي يعرفها، ولم تنته إلي النتيجة التي يريدها انكفأ علي نفسه في ظلام من اليأس ثقيل.وهذا اليأس لا يعني الجهل بالله وقدرته غير المتناهية فقط، وإنما يعني الجهل بالحياة وأبعادها البعيدة، وهو الضلال في منطق القرآن: (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون)؟ [سورة الحجر: الآية 56] (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) [سورة يوسف: الآية 87].هذا فيما لم يسبق إليه وعد من الله، أما إذا وعدنا الله بشيء، ولم نجد في أفقنا القريب المحدود إشارات تمتد إليه، فيأسنا منه لمجرد ذلك يدل علي أن مدانا أضيق من حبل المشنقة.أوَ ليس العلم المادي المحدود يقدم إلي البشر كل يوم أشياء لو حدّثت بها كتب السماء لم يصدقها، لكن البشر يضطر إلي الاعتراف بها حينما يراها بالعين المجردة، أو علي الشاشة الصغيرة، فكيف بالله العظيم، الذي خلق كل شيء فقدّره تقديراً؟...وبالنسبة إلي الإمام المهدي المنتظر، وعد الله بإظهاره وتمكينه في الأرض، ولن يمنعه من تنفيذ وعده مانع في الأرض ولا في السماء. وقد قرر منذ الأزل توقيت غيابه وظهوره - وفق حكمته البالغة - ورتب لغيابه وظهوره وتمكينه أسباباً كافية، كما قرر حركة النجوم، وتوقيت غيابها وظهورها - بالنسبة إلي إنسان الإنسان، ورتب لتفاعلاتها أسباباً كافية. أما كون توقعاتنا

تستعجل ظهوره، وكون تصوراتنا تستبطئ فتره غيابه (عليه السلام)، فهذه أمور ناتجة من الجهل بالحكمة العليا، ولا تأثير لها علي حركته مطلقاً، كما أن توقعاتنا وتصوراتنا - مهما كانت - لا تؤثر علي حركة النجوم أبداً.وإذا كانت توقعاتك وتصوراتك لا تغير حركة قلبك ومعدتك، ولا تقدم ولا تؤخر ميلاد ابنك ووفاة زوجتك، فهل تريد لهذه التوقعات والتصورات، أن تستطيل حتي تغيّر إرادة الله في إدارة كونه، وتبدل حكمة الله في نشاط أوليائه؟إن علينا - في مثل هذه الأمور - أن نعلم: أن الله إذا وعد شيئاً نفذه في الوقت الذي يشاء، وبالأسلوب الذي يشاء، ولا تعاكسه الظروف والأحوال لأنه هو الذي يخلق الظروف والأحوال ويصرفها كما يشاء.وإذا علمنا ذلك لا يمتلكنا اليأس من ظهور الإمام المهدي المنتظر، ولا نري أنه تأخر أكثر مما ينبغي، بل نعرف أنه سيظهر في الوقت المحدد لظهوره، ونتوقع أن يصادف ظهوره أي يوم من أيامنا. وأية ساعة من ساعاتنا.

مناقشة التشكيك

الظاهرة الثانية: وهي ظاهرة التشكيك في مقدرة الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) علي السيطرة العالمية بعد ظهور الأسلحة الحديثة، ويمكن مناقشة هذا التشكيك بما يلي:1- إن الله وعد بنصرة الإمام المنتظر (عليه السلام) وتمكينه في الأرض، حسب تأويل قوله تعالي: (ونريد أن نمنّ علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكّن لهم في الأرض...) (سورة القصص: الآية 5 - 6] وحسب تصريح النبي الأكرم (صلّي الله عليه وآله) بقوله: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطول الله ذلك اليوم حتي يظهر رجلاً من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، يملأ الله به الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً). ووعد الله، والله لا يخلف الميعاد، ووعد

الله أقوي الضمانات لنجاح الإمام المنتظر في رسالته العالمية، لا بالنسبة إلينا نحن الذين نحاول أن نعرف شيئاً من ذلك التحول الكبير فقط، وإنما حتي بالنسبة إلي الإمام المنتظر نفسه، المكلف بنقل العالم كله من مرحلة الفوضي والمناقضات إلي مرحلة الاستقرار والانسجام.2- يكفي - في هذا المجال - أن نعلم أن الله ينصر أوليائه الكبار. بالمفاجآت الكبيرة التي ترتبك لها قادة الرأي في العالم، بحيث لا يطيقون التفكير وإذا فكروا لا يستطيعون التدبير، لأن المفاجآت تأتي ساحقة شاملة، لو تكتّل العالم كله في الصف الآخر، لما استطاع المقاومة ولا الصمود.وتاريخ الأنبياء كلهم أفضل شاهد حيّ، علي أنهم ما كانوا يواجهون التحديات التقليدية التي يستطيعها البشر، لتحديات تقليدية مثلها، حتي يتم التوازن، فترجح الكفة مرة لصالح الأنبياء، وترجح مرة أخري لصالح أعدائهم.- فكما أن نوح (عليه السلام) فاجأ العالم كله بطوفان اجتاح المعمورة كلها، ولفّ البشرية والحيوانية والنباتية الفاسدة جمعاء، حتي يسمح بالسلالات المفضلة أن تؤسس الحياة البشرية والحيوانية والنباتية من جديد، حتي صاح بأعلي أصواته: (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) [سورة هود: الآية 43].- وكما أن إبراهيم الخليل (عليه السلام) فاجأ الرأي العام بجعل النار برداً وسلاماً في العراق، وانتصاره العسكري الساحق في الشام، وبناء الكعبة في الحجاز.- وكما أن داوود فاجأ الدنيا عندما قرض دولة الظلم، وقتل رأسها وقادتها، جالوت وأعوانه، بأحجاره التي سددها الله فلم تخطئ واحدة منها، وأعلن العدالة الواقعية التي لا تعتمد علي الشهود والبينات.- وكما أن سليمان بن داوود (عليه السلام) فاجأ البشرية كلها، عندما بسط سلطانه علي كل الكائنات، فسخر الجن والإنس، وجعل جيشاً من الوحوش، ومظلة من أجنحة الطيور المحلقة، ووضع عرشه علي الريح،

حتي لم يعد علي الأرض إنسان يفكر إلا في تنفيذ أوامره.- وكما أن يوسف (عليه السلام) قفز قفزته الرائعة من البئر والسجن والعبودية إلي العرش، حتي قال له أخوته الذين أرادوا به كل سوء: (تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنّا لخاطئين) [سورة يوسف: الآية 91]

سلاح الإمام المهدي

3- يبدو من مواصفاته المنقولة إلينا، أنه يأتي بنوع جديد من السلاح، تكون لديه الأسلحة المتقدمة رمزية لا جدوي منها، وأنه يأتي بنوع جديد من التكتيك تصبح التكتيكات الحديثة أمامه تقليدية لا فحوي لها.ففي الأحاديث المبشرة به إشارات إلي ذلك. بمقدار ما كانت الكلمات القديمة والعقول القديمة تتحمل المضامين غير المعروفة، التي لا تتحملها الكلمات والعقول المتطورة اليوم، وتبدو الإشارات واضحة رغم رمزية التعابير. إذا تأملنا النصوص التالية:- ورد في وصف سيفه: (أنه يعرف أعداء الله فيقتلهم، ويعرف أنصار الله فيدعهم) ولعل السلاح الذي يميز بين الأفراد، فيقضي علي غير المؤمن. ويترك المؤمن، ليس سيفاً، وإنما هو نوع آخر من السلاح غير الموجود حتي اليوم، ولكن ورد التعبير بالسيف، لأنه كان أبرز سلاح يقاتل به في فترة صدور الأحاديث، ولو كان المعصومون (عليهم السلام) يستخدمون غير الاسماء المعروفة، لكان الرواة يمتنعون من نقلها خشية أن تقابل بالسخرية والاستخفاف.- وورد في وصف سيوف أنصاره: (ولهم سيوف من حديد، لا كسيوفكم، إذا ضرب به أحدهم جبلاً قطّه) وظاهر أن السلاح الذي إذا ضرب به أحدهم جبلاً قطّه ليس سيفاً. وإنما سلاح آخر.- وورد في كيفية انتصاره: (أنه إذا ظهر توقفت الأسلحة، فلم تتحرك في وجهه) ولعله إشارة إلي أنه يظهر بسلاح تكون الأسلحة الموجودة في ذلك الوقت رمزية أمامه. ولعله إشارة إلي أنه يستخدم نوعاً من السلاح يعطل كل الأسلحة الموجودة،

أو يجمد كل الآليات المتحركة.- وورد في وسائل انتصاره: (يسير أمامه الرعب مسيرة شهر) وفي نص آخر: (أنه يحكم بالرعب) و(ينصر بالرعب) وهذا النوع من التعبير يشير إلي أن سلاحه أو تكتيكه شيء جديد مخيف ينهار أمامه القادة، فلا يحسنون غير الاستسلام.- وورد في وسائل الإعلام التي تعلن عن ظهوره: أنه في الليلة التي يظهر في صبيحتها: (يجعل النور عموداً بين الأرض والسماء. فتشرق الأرض بنور ربها كالنهار) ويعلم جميع الناس أن الكون يتمخض عن ظاهرة كبري... وفي صبيحة تلك الليلة يهتف جبرئيل في الهواء: (ألا قد ظهر المهدي بمكة، فاتبعوه) فيسمع صوته جميع البشر. ويعلمون أن تلك الظاهرة انطلقت وستأخذ طريقها إلي الانتشار.أما النصوص التي تقول بأنه يظهر بالسيف فقد يمكن تفسيرها بما يلي:- إن السيف رمز السلاح، أو رمز القوة، فيكون معني هذه الأحاديث: أنه يظهر بالسلاح، أو أنه يظهر بالقوة.- ورد في بعض هذه الأحاديث أنه يحمل السيف، ومعني حمله السيف أنه يختاره شعاراً، واختيار السيف شعاراً يختلف عن استخدام السيف سلاحاً وحيداً في معاركه، فاختيار النسر شعاراً لدولة، أو اختيار المنجل والمطرقة شعاراً لدولة، أو اختيار النخلة أو سنبلة القمح، لا يعني أنها الوسائل الوحيدة التي تعتمد عليها الدولة وإنما ترمز إلي بعض المنطلقات الفكرية أو الحيوية للدولة.- لعل المقصود من ظهوره بالسيف. إنه إذا أراد إعدام شخص أمر بضرب عنقه، انطلاقاً من التعاليم الإسلامية، التي تأمر بإراحة الضحية وعدم تعذيبه بالوسائل المختلفة للإعدام. فيكون السيف، السلاح الذي يخيف المجرمين داخل دولته، لا أنه سلاحه في معاركه وفتوحاته.- في بعض تلك الأحاديث تصريح بأن السيف الذي يحمله، هو سيف ذو الفقار، وهو السيف الذي استخدمه جدّه الإمام علي بن أبي طالب

(عليه السلام) في معارك الإسلام الحاسمة، وورد أنه نزل من السماء، وأصبح فيما بعد من جملة التراث المقدس الذي توارثه الأئمة الأطهار (عليهم السلام).فربما يحمله الإمام، ليرمز إلي أنه أتي لتجديد الإسلام، ولم يأت بدين جديد - كما يحلو للبعض أن يتهمه بذلك علي أثر شجبه كل الاجتهاد الباطلة.وربما يحمله ليؤكد انتسابه إلي رسول الله. دحضاً للتهم التي تطاله في نسبه نظراً لقدم عهد أبيه وظهوره في مظهر رجل بسنّ الأربعين، ورداً للتهم التي تقول: بأنه ليس من ذرية رسول الله، نظراً لقتله أعداداً كبيرة من المجرمين زعماً منهم أن ذرية رسول الله يحاولون الابتعاد عن الخوض في الدماء حتي دماء المجرمين.وربما يحمله تبركاً به، باعتباره السيف الذي فتح الطريق أمام الإسلام.وربما يحمله كذكري جده أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي كانت حياته كلها تضحيات مرة في سبيل الحق.وربما يحمله، في جملة ما يحمله من مواريث الأنبياء، ومنها خاتم سليمان، وعصا موسي بن عمران، وتابوت بني إسرائيل، وأشياء أخري، وذو الفقار أبرز تلك الأشياء، فيشتهر بأنه ظهر بالسيف.فرفعه السيف شعاراً، أو حمله رمزاً، لا يعني استخدامه سلاحاً وحيداً في معاركه، وإنما تشير جملة من الدلائل والقرائن علي أنه يستخدم أسلحة أخري، شديدة الفتك والتدمير، إلي درجة رهيبة، تخلع قلوب القادة العسكريين، فيستسلمون لتجاربها الأولية، ويستقبلونها بالرايات البيض.

و الأسلحة المتطورة

4- وربما يستخدم الأسلحة المتطورة الموجودة في حين ظهوره، ويحرك الجيوش المتثائبة في المعسكرات، ويكون تكتيكه سلاحه الفعّال، الذي يستولي به علي القواعد العسكرية، ويعتمد في تكتيكه علي عنصرين المفاجئة والسرعة - كما يظهر من بعض الأحاديث -.فلا يشترط في الثائر الذي يخترق المغيب إلي كبد السماء، أن يكون قد حشد في مغيبة قويً أكثر من القوي المتصارعة علي

الأرض، وإنما يشترط أن يملك الخطة التي بها يسيطر علي قوة ضارية من تلك القوي. وكل الثائرين الذين قفزوا من تحت الأرض إلي دفة الحكم لم تكن وسيلتهم سوي خطة ناجحة.فإذا ظهر الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) وتوافد إليه حواريوه الثلاثمائة والثلاثة عشر، والتف حوله من أنصاره الأشداء حتي زادوا علي ألف رجل انطلق من مكة يبسط سلطانه علي الحجاز، فأيّدته المعسكرات، وسار بها إلي الشام يحتاج سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، ثم انعطف نحو العراق فانفتح له، تتجمع لديه قوة عسكرية ضخمة، يستطيع أن يوجه فصائلها نحو الخليج وإيران والهند وأفغانستان شرقاً، وأن يوجه ما تبقي منها إلي أفريقيا غرباً، واستيلائه السريع علي الحجاز وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين والعراق خلال أيام وبدون مقاومة تذكر من جهة، وخططه الجديدة المنتصرة من جهة أخري ومفاجآته الخاطفة من جهة ثالثة، وانتصاراته المتتابعة التي لا تتعثر بهزيمة من جهة رابعة، ترفع أنصاره فوق السحاب معنوياً ومادياً وتخفض بأعدائه تحت الصفر معنوياً ومادياً وتجعل منه قائداً مظفراً رهيباً تنخلع لاسمه قلوب وتطمئن إليه قلوب.

و طاقاته الروحية

هذا إذا اكتفي باستخدام طاقاته المادية كقائد، أما إذا ضم إليها طاقاته الروحية كإمام، ووجد الناس - بالفعل - عناصر السماء وراءه، فرأوا الملائكة يقاتلون بين يديه ووجدوا الأموات قد نشروا من قبورهم يحملون أسلحتهم إلي شتي الجبهات للدفاع عنه، ووجدوا الإمام يأمر الصحراء أن تنخسف بأعدائه، فتبتلع الصحراء جيشاً كاملاً برمّته، ويأمر السحاب أن يدمدم علي قوم فيمطرهم بالصواعق حتي لا ينجو منهم أحد، ويأمر أسلحة أعدائه أن تكر عليهم فتعود إليهم الأسلحة التي في أيديهم حتي تبيدهم عن بكرة أبيهم.فإذا استخدم الإمام كل صلاحياته المادية والروحية، فهل يجرؤ ملك أو رئيس أن يشهر نفسه

- مهما بلغت قواته - لمقارعة قوي الأرض والسماء متكرّسة في شخص؟ وهل يوجد شعب يسمح لرئيسه أن يعرّضه لبطشة ماحقة تدعه بدءاً.

و الطاقات البناءة

هذا إذا اكتفي باستخدام صلاحياته الكفاحية فقط، وأما إذا ضمّ إليها طاقاته البنّاءة، ففجّر خيرات البر والبحر، واستمطر خيرات الجو، وجاء بالعلوم الكثيرة التي سيّرها الأنبياء علي البشرية المنحرفة، فرفع مستوي العقول، وزكّي المواهب ونوّر الأفكار، وفك عقد الحياة، فمكّن الحضارة السعيدة التي لا تكدرها المشاكل، وأعلن العدالة الشاملة التي لا تلوّثها الجرائم، فمسح المتاعب عن الجباه، وكشف القلق والحيرة عن العيون، فإن شعوب العالم تتهافت عليه لتقديم ولائها إليه، وللانضمام إلي كنفه الوادع السعيد.

توقيت الظهور

5 - إن توقيت ظهوره توقيت أكثر من دقيق وأكثر من حكيم، ومن نوع ربما لم يتفق في عمر البشرية كلها بهذا الشكل الحاسم، ولهذا يكون توقيت ظهوره وحده نصف خطته، ولهذا التوقيت أهمية فرضت انتظارها مئات السنين.ذلك أن الناس في تأرجحهم بين الأديان والمذاهب بحثاً عن الأفضل لا يعتمدون علي الآخرين بمقدار ما يعتمدون علي أنفسهم، ولا يعتمدون حتي علي الغيب بمقدار ما يعتمدون علي أنفسهم - وخاصة من أقنعتهم الديالكتيك بسقوط كل المعادلات، وأوصلتهم القيادات المصلحية والانتهازية إلي حافة اليأس من إخلاص الغير، وإلي التشكيك حتي في الشعارات المخلصة - فإذا قيل لأي فرد: إن الإسلام هو المسلك الوحيد إلي السعادة الفاضلة في الدنيا والآخرة، قد يعترف به لياقة للمجتمع الذي يتظاهر مثله بالإسلام، أو مجاملةً للقائل: أو تقليداً ورثه مع ما ورثه من آبائه من التقاليد وبني عليها تشريفاته الاجتماعية.ولكنه لا يؤمن به، إيمانه بالضوء الأحمر الذي يوقف سيارته علي مفترق الطريق، أو إيمانه بختم موظف الجمرك الذي يسمح له بتجاوز الحدود، أو إيمانه بالأوراق النقدية التي يتعامل بها علي ما يختار من بضائع وخدمات. فهو يؤمن بالإسلام بمقدار ما دخل في القانون والسياسة والاجتماعيات والكماليات، ولا

يؤمن به كقانون يفرض نفسه بقوة البوليس، ولا يؤمن به كسياسة تضمن له مستقبلاً لامعاً.كنتيجة طبيعية لهذه الازدواجية الناتجة من الاسترخاء الإيماني، تزعجه الحدود الإسلامية التي تمنعه من الاقتحام في بعض المغريات، ولا يجد إيجابيات الإسلام، فلا يشعر بالطمأنينة التي تركّز نزاوته وهواجسه علي مطامح مشروعة، ولا يلمس السعادة التي يشيعها الإيمان حول المؤمن، ولا يتضح أمامه الخط الأفضل الذي يهدي إليه الإسلام، لأن البناء الناقص أطلال ومواد تثقل ولا تنتج.ولهذا فالمسلم الناقص الإسلام - وأكثر المسلمين اليوم ناقصو الإسلام - يقبل الإسلام علي تذمر، وهذا التذمر يأخذ أبعاده من خلال تساؤلات مصدرها معاناة، ومن خلال شبهات قواعدها محاولات للبحث عن أعذار تصونه عن لوم المجتمع إذا تحلل من مظهر الإسلام، ومن خلال انتقادات يوجهها إلي أبيه وأمه وسائر المؤمنين الملتزمين الذين يصمهم بالقشريين والمتزمتين والمتطرفين. وقد يعلن هذا التذمر، إذا التقفته كتلة تشجعه أو بديل يعتمد عليه.ولكنه علي العموم، يجب أن يحافظ علي الإسلام، كمظهر من المظاهر الاجتماعية، طالما لا يكلفه عناءً، فإذا اصطدم بشيء من مصالحه، أو رفع إلي أزمة عاصفة، بادر إلي التحلل منه بلا تردد، وكأنه لا عهد له به.ويبدو أن هذه الظاهرة كانت تمسح المجتمع في عهد الحسين (عليه السلام)، يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا محّصوا بالبلاء، قلّ الديّانون).وبما أن البدائل التي طرحت مقابل الإسلام كثيرة من داخل الأمة الإسلامية وخارجها، ابتداءً من عهد الفتوحات الإسلامية التي اعتمدت السيف - لا الإيمان - مدخلاً إلي الإسلام، حيث تقمصت الفلسفة اليونانية أزيائها المناسبة للتغلغل والدس في الأمة، ومروراً بعهودنا التي تسترت فيها الديالكتيك ببراقعها المتنوعة لأداء ذات الدور، وانتهاءً بعهد - ما قبل الظهور - الذي تأخذ فيه الفسفات البشرية أقنعتها

وواجهاتها المشكلة للقيام بمهمة تمزيق الأمة من داخلها، وبالفعل أدت إلي انشقاق الأمة طوائف وفرقاً تنبأ الرسول الأعظم (صلّي الله عليه وآله) بأمهاتها يوم قال: (... وستفترق أمتي بعدي ثلاثاً وسبعين فرقة...)... وأما البدائل التي من خارج الأمة في صيغ أديان وفلسفات سابقاً. وفي صيغ أحزاب ومبادئ حالياً، فإحصاؤها يحتاج إلي قاموس يسع مجلدات.

البشر في كل الاتجاهات

- وبما أن البشر يعتمد علي تجربته الشخصية أكثر مما يعتمد علي تجربة غيره، وحتي أكثر مما يعتمد علي الغيب - إذا كان مؤمناً به -.- وبما أن لكل جديد وهجاً يغري، وكيل الوعود جزافاً سهل، والغريق يبحث عن أي يد تمد إليه.- وبما أن البشر - لا زال - يعتقد بأنه قادر علي استيعاب الحياة، وعلي وضع أفضل الخطط التي تسعده عبر الحياة وتستنفد أهدافه فيها، وعلي قيادة نفسه بنفسه في معزل عن السماء.بذلك كله، اندفع في كل اتجاه من أقصي اليمين إلي أقصي الشمال، يلبي كل نداء، ويتحرك مع أية ريح كما أتقن وصفه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (... وهمج رعاع. أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لا يلجئون إلي ركن وثيق، ولا يستضيئون بنور العلم..). فكانت حصيلته تناقضات عشوائية، الناجح فيها هو الأقوي في النطاح، والفاشل فيها من له أدني تروٍّ وأناة، وضياع في خطوط متحركة ودوامات تدوخ وتبتلع، وتضحيات هائلة في الأرواح والأعصاب والأفكار، يتبعها تخلف وقنوط.وهذه الرحلة: رحلة التجربة التي بدأتها الأمة - بعد فترة وجيزة من تكوّنها - عبر الأديان والفلسفات والأحزاب والمبادئ، بحثاً عن الأفضل، بعد انحرافها عن دينها الحق، علي إثرعوامل كثيرة أهمها:- اتجاهها إلي قيادة مفروضة عليها، ومحسوبة عليها، واضطهادها قادتها السماويين.- وعدم استيعابها دينها الحق، نتيجة لانجراف عديد من

الرواة والمحدثين الذين ائتمنوا علي سنة رسول الله (صلّي الله عليه وآله) في تيار تلك القيادة المفروضة المحسوسة علي الأمة.علي أثر ذلك أصيبت الأمة، وأصيب البشرية. أصيبت الأمة بإصابتين:- أصيبت الأمة في ذاتها كخير أمة أخرجت للناس، يفترض فيها أن تكون أكثر الأمم مناعة وسعادة، فكانت أكثر الأمم تمزقاً وشقاءً، كما تنبأ الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) حين قال: (تتداعي عليكم الأمم كتداعي الأكلة علي قصعتها...)، (... تأتيكم الفتن كقطع الليل المظلم... تدع الحليم حيران...) (... قالوا: أوَ عن قلة فينا يا رسول الله؟ قال: كلا، ولكن غثاء كغثاء السيل).- وأصيبت الأمة في مركزها، كأمة مرشحة لقيادة البشرية جمعاء، فلم تكن أمة قائدة لبقية الأمم، ولم تكن أمة قائدة لأمة أخري تقودها إلي الخير أو إلي ما يمكن أن يسمي خيراً، وإنما كبقرة حلوب تحلب ولا تسمن، أو كما في بعض الحديث: (.. غرضاً يرمي...).وأصيبت البشرية بإصابة واحدة:أصيبت البشرية في قيادتها الروحية، فخسرت القيادة التي تبشرها بحضارة الروح، وتضمها إلي حضارة المادة، ووجد في ظل تفاعل هاتين الحضارتين مجتمعاً إنسانياً غنياً بمعطيات تلبي كل نداءات الإنسان، وتدفع عجلة التطور إلي الأمام بمحركين. فبقيت البشرية - بما فيها الأمة الإسلامية - تعاني صراعاً داخلياً حاداً بين العقل والضمير الأخلاقي من جهة، وبين الغرائز من جهة. والعقل معصوم لا يتلوث بالشذوذ، فهو رسول من رسولي الله إلي الإنسان كما في الحديث: (إن لله علي الناس حجتين: رسول باطن هو العقل، وعقل ظاهر هو الرسول). والضمير الأخلاقي حرّ شجاع لا يصمت ولا يتلعثم، فهو محكمة الله في داخل الإنسان، المعبّر عنه في منطق القرآن (بالنفس اللوّامة) [سورة القيامة: الآية 2]. (بل الإنسان علي نفسه بصيرة ولو ألقي

معاذيره) [سورة القيامة: الآية 15]. إلا أن العقل والضمير لا يكفيان لقيادة الإنسان فالعقل، وإن كان قوي الحجة، واضح الصوت، إلا أنه يشبه رجل الدين الحصيف الجليل، الذي يعترف به الجميع. ولا ينفذون كلمته. لأنه غير مسلح بالإرهاب والإغراء.والضمير الأخلاقي، وإن كانت محكمته مستمرة طول العمر، وصوته جهوري يعكره سعادة من يخالفه نهاراً ويؤرقه ليلاً، إلا أنها تشبه المحاكم العائلية، التي تصدر أحكاماً خلقية للتنبيه، أو تصدر أحكاماً قضائية مع وقف التنفيذ. والإنسان لا يخضع إلا للقوة المنفّذة.بينما الغرائز تشبه عصابة مغامرة من الشباب الأقوياء، التي لا تتورع عن شيء في سبيل مآربها، فيجتاح منطق العقل والضمير الأخلاقي، بغرورها العنيف. وربما تسخر العقل من أجل التخطيط لمآربها بالعنف، كما قد تسخر العصابات الشريرة، الخبرات الخيرة لجرائمها تحت التهديد بالقوة.إذن فالعقل والضمير الأخلاقي لا يكفيان لتوجيه الإنسان وقيادة غرائزه، ولذلك كان العقل والضمير الأخلاقي يستغيثان السماء دائماً، لإمدادهما بالرسل.

الانسان في التجارب المرة

والإنسان طالما آمن بنفسه في ظل فكرة الديموقراطية التي تجعل الشعب صنماً يعبد من دون الله. وكالما اقتنع بأنه يستطيع قيادة نفسه بدون مدد من السماء. وطالما بدأ رحلته التجريبية عبر الأديان والمذاهب والمبادئ والأحزاب وسائر ما قد يطرحه الفكر البشري للتجربة. وكلما استغني بالقيادات البشرية التي يختارها بخبراته، عن القيادات الإنسانية التي تختارها السماء، فعليه أن يكمل الرحلة حتي نهاية المطاف، وأن يجرب كل ما ينتجه الفكر البشري من طرائق ومناهج، وأن يختبر كل أنواع القيادات الفردية والجماعية، وأن يمتحن قدراته من خلال آلاف التجارب والاختبارات التي يمارسها علي مختلف الشعوب في شتي جنبات الأرض.حتي إذا فشلت تجاربه كافة، وأفلست قياداته جمعاء، فوجد المجاعات تكتسح الجماعات كما تكتسح رياح الخريف أوراق الشجر، ورأي البؤس والشقاء والكآبة

في كل الوجوه... عند ذلك يبلغ به اليأس من نفسه مبلغ القنوط، يكفر بكل شيء اسمه فكرة ومبدأ... ويلعن كل شيء اسمه قيادة وقائد... ويحارب كل ما يعبّر عن تأليه الشعب وعصمته... فتنهار الأنظمة والحكومات. وتتخلي الأجهزة الرسمية والهيئات الدولية، وتتفكك الجيوش والتكتلات فيتسابق الأقوياء لنهب الضعفاء ويستأسد الضعفاء للدفاع عن أنفسهم وصيانة حقوقهم، فليجأ كل إلي سلاحه، ولا يطمئن أحد إلي كفاحه، فتعم الفوضي مسلحة بالعلم والآلة بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية. فتعود البشرية كلها أيد ترفع إلي السماء، وتنقلب الأنفاس دعوات تتسابق إلي الله، وتغدو النظرات توقعات ترقب الأفق البعيد، بانتظار تفجير المعجزة، وإظهار المصلح الموعود، فحينئذ يظهر الإمام المنتظر، ليجد الناس يرددون كلمته قبل أن يقولها هو، ويقضون علي من يريدون مقاومته قبل أن يقضي عليهم هو، فيمشي علي الحرير بلا عثرات.

الاعتراف بالعجز

6- إن العقل إذا فقد المدد الخارجي، واستفردته الغرائز، يعجز عن مقاومتها، فلا يستطيع الهيمنة علي الفرد، وإذا عجز عن بناء شخصية الفرد، لا يستطيع تكوين جبهة تهيئ المناخ المناسب لمن يريد الانضمام إليها، مقابل جبهة الغرائز التي تهيئ المناخ المناسب لمن يريد الانضمام إليها.ومهمة الأنبياء - في مجال المجتمع - تتلخص في إمداد العقل، لتكوين جبهة، تهيئ المناخ المناسب لمن يريد الانضمام إليها، حتي يجد كل فرد نفسه أمام طريقين، ومردداً بين خيارين كما يقول القرآن الكريم: (وهديناه النجدين فلا اقتحم العقبة) [سورة البلد: الآية 11]. وأما أولئك الذين وهبهم الله عقولاً وإرادات جبّارة، يستطيعون بها أن يمارسوا الإيمان عقيدة وحياةً في المناخ المضاد، فهم ليسوا من مصاف البشر العادي، وإنما هم من مصاف الأنبياء، واعتبرهم النبي الأكرم (صلّي الله عليه وآله) إخوانه في الحديث المعروف

الذي قال فيه: (آه، شوقاً إلي إخواني...).فإذا لم يستقبل العقل مدد السماء، وفقد سلطانه لتقنين الغرائز، فإنها ستتمرد عليه تدريجاً، وتستخدمه لأغراضها، والعقل لا يكف عن إطلاق نداءاته، فإنه يستخدم رغم نداءاته وضد أهدافه، فالمجرمون المحترفون - جميعاً - يستخدمون عقولهم في التخطيط لجرائمهم - وسواء أسميناه عقلاً أو فكراً، فالنتيجة واحدة -.وإذا تنكرت الغرائز للعقل، فإنها تسعي لتقنينه، وتأخذ في النمو بشكل تصاعدي حتي تغطي ظاهرة الحياة الفردية والاجتماعية - كأي نبات تحرر من ضوابطه، وكأي حيوان فقد ضوابطه، وكأي فرد من البشر استطاع التمرد علي ضوابطه -.وعندئذ، تبدأ الغرائز بالخروج من الأطر التي يرسمها لها العقل، وتعمل لتبرير هذا الخروج، وإسباغ الشرعية عليه، بسنّ القوانين التي تصدر لتبريرها أكثر مما تعمل لتحديدها، وما أسهل إسباغ الشرعية علي نزوات الغرائز، طالما القوانين تصدر عن مجموعة من نفس البشر الذي أطلق غرائزه، فلا يبقي شيء من المعاصي إلا ويبرره القانون بشكل من الأشكال، وإذا كانت المعاصي كلها شذوذاً، فالمجتمع الذي ينخر فيه الشذوذ لا بد أن ينتهي بالانهيار.ولنأخذ مثلاً لذلك، غريزة حب السلطة والاستعلاء، هذه غريزة كبحها العقل القرآني بإعلان غلق أبواب السماء في وجهه من يمارسها: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين) [سورة القصص: الآية 83]. ومعلوم أن هذه الآية لا تلغي هذه الغريزة في المجتمع، ولكن شتان بين أن تمارس علناً، وبين أن تموه في أهداف مشروعة، حذراً من أن يكتشفها المجتمع، فتأتي النتائج عكسية.ثم جاءت وبرزت هذه الغريزة في أساليب الاعتراف بحب الاستعلاء الثورية والانتخابية، والحزبية، وغيرها. فانطلق أصحاب هذه الغريزة لممارستها بلا قناع، وإذا كانت هذه الغريزة لا تقف عن حدّ، وإذا كان

أصحابها كثيرون، وإذا كانت المجالات التي يمكن التزاحم عليها محدودة، فمن الطبيعي أن ينقلب مفهوم (تعاون البقاء) الإنساني النبيل إلي (تنازع البقاء) الوحشي الرخيص.وبمقتضي مشروعية (تنازع البقاء) يسعي الأفراد من داخل الأسرة الواحدة، إلي تحشيد ما يمكن تحشيده من أفراد وأشياء، لممارسة (تنازع البقاء) علي أي شيء يمكن التنافس عليه.وبمقتضي مشروعية (تنازع البقاء) يبقي الحق دائماً مع الأقوي، لمجرد أنه أقوي، فالناجح في ممارسة حق (تنازع البقاء) المشروع، عظيم تظفر لمفرقه أكاليل الغار، وليس جانياً يعاب أو يلام.وهكذا تتكون التكتلات المسلحة بالأسلحة المناسبة لكل مرحلة، ابتداءً من الأشقاء في الأسرة الواحدة، ومروراً بالمدرسة والسوق والشارع، والدوائر الانتخابية، والمجالس الرسمية، والمحافل الدولية، والدول الكبيرة، ثم تشتعل بينها الحروب المشروعة - حسب المبدأ المذكور بأشكالها المختلفة.وإذا كانت الثروات الطبيعية والعلوم الحديثة، ومبدأ (سباق التسلح) مكنت الدول الكبار من إعداد معدات عسكرية تكفي لإبادة الحياة علي وجه الأرض ملايين المرات. وإذا كان تجويع شعوب العالم لأجل التوفير علي المعدات العسكرية مشروعاً حسب مبدأ (تنازع البقاء) وطبق القوانين الصادرة من المجالس - ذات الصلاحية - وإذا كان تحريك هذه المعدات لتدمير الحياة علي الأرض - أيضاً - مشروعاً اتخذ بشأنه قرار الدول الكبار وفق معادلات معينة وبأسباب معينة، وإذا كانت مطامع الدول الصناعية القوية تدفعها إلي احتلال الدول الغنية بالمنتجات الأولية وفق مبدأ (تنازع البقاء) فمن الطبيعي جداً أن يأتي الوقت الذي يتحرك فيه جنون بعض قادة العالم - علي إثر عصرات قوية - فتنطلق فيه جميع المعدات العسكرية للانقضاض علي بعضها - اتباعاً لفكرة الضربة القاضية - فتشتعل المدن الكبار، لتتحول خلال دقائق إلي محارق لعشرات الملايين من البشر، وتنتشر في الأجواء سحب ذرية بحثاً عن بقايا البشر،

لإصابتها بالعاهدات المخيفة فتنفرط الحكومات وأجهزة الأمن والشرطة، ولا يبقي إنسان قادر علي الحركة إلا ويكون مذعوراً قلقاً معطل المشاعر، لا يدري أيبكي أقربائه الذين ماتوا قتلاً أو حرقاً؟ أم يواسي الآخرين الذين جرحوا وتشوهوا؟ أم يحمي نفسه من الغارات والمخاوف المتوقعة؟ أم يبحث عن القوت والسلاح والمال والمكان وسائر الأشياء التي قد تمد في حياته؟؟هكذا يفقد كل إنسان توازنه، وتتفاعل فيه المخاوف والمطامع، عالماً بأن أجهزة الحكومات قد تعطلت فلا يحميه إلا نفسه، ولا يعاقبه إلا ندّه، فيتحرك عشوائياً يقتل وينهب ويغتصب ويدمّر، طاغياً خائفاً، فيسود القطاعات البشرية المتبقية طوفان عارم من القلق والفوضي، ويصبح كل فرد ظالماً أو مظلوماً، أو ظالماً ومظلوماً في آن واحد.في مثل هذه الأوضاع الموحشة القلقة التي قضت علي ثلثي البشر، وبقي الثلث الآخر بين الأنقاض والأشلاء والرماد يعاني الموت بالتقسيط، ينطلق صوت العدالة والسعادة فتمتصه المشاعر قبل الآذان، وتصفق له القلوب قبل الأكف.والناس إذا أصيبوا يبحثون عن الملجأ مهما كان، فكيف إذا كانت الإصابة رهيبة كتلك والملجأ وديعاً مثل هذا؟

في حين الظهور

7- إن الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) عندما يظهر بفتح طريقه بقوة السلاح من الحجاز عبر سوريا والأردن إلي فلسطين، وهناك يذهب إلي بيت المقدس لأداء الصلاة، وحينما يتقدم الصفوف ويهم بتكبيرة الإحرام، ينزل المسيح (عليه السلام) من السماء الرابعة إلي بيت المقدس، فيتراجع الإمام المهدي (عليه السلام) من المحراب ويقول للمسيح: (تقدم فصلِّ بنا يا روح الله) فيأخذ المسيح (عليه السلام) بعضد الإمام المهدي (عليه السلام) ويعيده إلي المحراب، ويقول له: (بك تقام الصلاة) فيتقدم الإمام المهدي ويقتدي به المسيح، وعندما يري المسيحيون أن المسيح يصلي خلف المهدي يؤمنون به بلا قتال.والمسيحيون - اليوم - يشكلون الأكثرية

الساحقة في الدول الكبار، فإذا استسلمت له الدول الكبار، فإن بقية الدول تعلن ولاءها له رغباً ورهباً.ونحن نري - في أيامنا هذه - أنه لا يظهر ثائر، إلا ويشغل كل الدوائر السياسية في العالم، ويضع كل أفراد شعبه أيديهم علي قلوبهم خشية بطشه، رغم أن الثائر ليس إلا رجلاً عسكرياً استخدم تكتيكاً معيناً للسيطرة علي عاصمة بلاده، ورغم أن الناس تعودوا أن يستفيقوا علي الثورات، وعرفوا حدود الثورات، ووجدوا أن الثائر صبيحة ثورته أكثر الناس فزعاً من المعاكسات، فيبادر إلي غلق الحدود مع جيرانه، والمفاوضة مع السفارات المعتمدة في بلاده، والمعسكرات النائية، وربما يتنازل لها عن كثير من كرامته وكرامة بلاده، للاطمئنان علي حياته. فكيف إذا ظهر قائد فتح مجموعة من البلاد وأسقط عدة حكومات، واستسلمت له الدول الكبار خلال أيام؟

الولاية التكوينية للإمام

8- في الأحاديث المنقولة بهذا الخصوص دلالات واضحة علي أنه يستخدم ولايته التكوينية لبسط سلطانه علي الأرض، فهو وعد الله الذي ورد في القرآن: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنّن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بشي شيئاً...). فإذا شاء الله أن يمكّنه في الأرض كما مكّن سليمان ويوسف (عليهما السلام)، فإن الأمر لا يحتاج إلي أن نجهد نحن للتعرف علي كيفية انتصاره.

نشر العدل العام

9- بالإضافة إلي أنه يطمئن الناس إلي عدالة قضيته، عن طريق المعجزات التي تحفّ بحركته، وعن طريق إظهاره مواريث الأنبياء، وإذا اطمأن الناس إلي عدالة شخص أسرعوا إلي التجاوب معه. والناس دائماً يلتفون حول من يحسن رفع شعار الحق وإن كان مبطناً بالباطل، فكيف إذا اطمأنوا إلي شخص أنه حق لا يشوبه باطل.

ظاهرة التشكيك في حياته

اشاره

- الظاهرة الثالثة، وهي ظاهرة التشكيك في حياته حتي الآن...ويمكن مناقشة هذه الظاهرة علمياً ودينياً.

تفنيد التشكيك علمياً

1- أما مناقشته علمياً فكما يلي:الأول: إن التفوّق موجود في جميع الموجودات، ابتداءً بالجمادات والنباتات وانتهاءً بالحيوان والإنسان، وذلك علي إثر تغيير بسيط في التركيب الكيمياوي أو الفسيولوجي... ففي الأجرام الفضائية توجد نجوم تفوق جميع النجوم في حجمها وكهربتها وعمرها نتيجة لتوفر مواد فيها غير متوفرة في بقية الأجرام الفضائية. وفي النباتات تظهر نباتات متفوقة في الحجم والفاعلية، وهكذا في الحيوان والإنسان. والعاديات تشكل طبقة مألوفة، ثم ترتفع فوقها طبقة المتفوقات، التي تعلو عليها جميعاً قمة المتفوقات، وتكون خارجة علي المألوف وخارقة للعادة بفاصل كبير، وإذا كان لكل فصيل من الكائنات متفوق يظهر في زمان، فماذا يمنع أن يكون الإمام المنتظر قمة العمرين، وظهر في هذا الزمان لفارق في تركيبه الجسماني.ولا نريد أن نملأ الصفحات بذكر النماذج المتفوقة، فإن دراسة لعلوم الطبيعيات تشهد بوجود التفوق في جميع المخلوقات.الثاني: إن العلم لا يستطيع أن ينفي شيئاً، لأنه ليس إرادة تفرض علي الكائنات، وتحدد مسارها، وإنما هو انطباع حاصل من استقراء بعض الكائنات، وليس حاصلاً عن استقصائها جمعاء، لأن البشر وإن استطاع استقصاء جميع المصاديق المعاصرة من فصيل مطروح للدرس، فإنه لا يستطيع استيعاب الزمان حتي يستقصي جميع المصاديق، فيأخذ عنها انطباعاً مطمئناً إلي اعتماده علي الاستقصاء، واستقراء بعض المصاديق يولد انطباعاً يصلح لتوسيع (أرشيف المعلومات) ولا يولد قاعدة ثابتة يمكن الاعتماد عليها للحكم علي ما لم يتم استقراؤه من المصاديق. وقد ثبت في (علم المنطق): (أن الجزئي لا يكون كاسباً ولا مكتسباً) ويعني بالجزئي كل استقراء لم يستوعب الكل ولو بانفلات مصداق واحد.لذلك يبقي العلم التجريبي في نطاق (النظرية) أو (الانطباع)

الذي يصلح لإعطاء فكرة عن الفصائل المدروسة، ولا يصلح قاعدة لمعرفة كل مصاديق هذه الفصائل، فلهذا نجد الكائنات تواصل تطورها وتوالدها، ونجد العلماء يسيرون خلفها لالتقاط مزيد من الصور. لتوسيع أرشيف معلوماتهم، وهم يغيّرون معلوماتهم كلما وجدوا نموذجاً يختلف عن النماذج المعروفة.- مثلاً كانوا يقولون بوحدة أصل الأنواع، وبأن القرد أصل الإنسان، ثم غيّروا معلوماتهم بهذا الخصوص.- وغيروا معلوماتهم حتي الآن عدة مرات في تحديد تاريخ الإنسان علي الأرض.- وغيروا معلوماتهم في طريقة تكوّن الأرض، وفي المواد التي يتكون منها النفط. وغيروا معلوماتهم بالنسبة إلي أشياء كثيرة فيما يتصل بالأجرام الكونية، والشهب والزلازل، والمعادن، وعدد العناصر الأولية للكون، والطب وغيرها... حتي أصبح تغيير المعلومات شيئاً سهلاً ومألوفاً لا يفاجئ أحداً ولا يعاب عليه أحد، فما من كشف جديد إلا ويساوي تغيير سلسلة من المعلومات:والعلماء يرون اليوم أن تركيبة جسم البشر المعروف حالياً لا يتحمل البقاء طويلاً، وهم يبحثون عما يساعده علي البقاء لفترة أطول. وهذا يعني عدم استحالة البقاء الطويل، كما يعني أنهم يتوقعون العثور علي وسيلة للبقاء الطويل، فلا مفاجئة إذا عرفوا شخصاً عثر علي تلك الوسيلة وجربها في نفسه.الثالث: لقد توصل علم الطب إلي أن الجسم البشري صالح للبقاء الطويل إذا لم يتعرض لنكسات صحية، ذلك أن الجسم مركب من خلايا عادية وخلايا نبيلة، فالخلايا العادية، وإن كانت تستهلك بسرعة علي أثر الفعاليات العضلية، إلا أن الجسم مزود بأجهزة لتوليد كل أنواع الخلايا العادية التي يحتاجها الجسم. والخلايا النبيلة وإن كان عددها معيّناً منذ الولادة، ولا يوجد في الجسم جهاز لتوليد بدل ما يتحلل منها، إلا أنها قوية وصالحة للقاء الطويل إن لم تتعرض لصدمات.صحيح أن الإنسان قد يولد وهو يحمل في داخله

آفات تفتك به من الداخل باستمرار، وصحيح أن البيئة المعاصرة ملوّثة تحرم جسم الإنسان من الظروف الصحية الملائمة، ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكن لأي إنسان أن يتخلص منها، فإذا ولد إنسان سليماً من الآفات الداخلية، وتخلص من البيئة الملوثة، فالمفروض أن يعمر طويلاً.الرابع: إن تجارب التحنيط أثبتت أن الجسم البشري قابل لمقاومة الزمان مدي السنين، بمسحة بسيطة من مواد كيماوية اسمها (المومياء) وخلايا جسم الميت - رغم عدم تجددها - إذا كانت صالحة للبقاء، فهل تكون خلايا جسم الحيّ - مع تجددها - غير صالحة للبقاء، غير أن البشر استطاع أن يعرف وسيلة لحفظ جسم الميت ولم يستطع أن يعرف وسيلة لحفظ جسم الحيّ، ولكن نجاح التحنيط ألقي الضوء الأخضر علي طريق البقاء.الخامس: إن التشكيك في طول عمر الإمام المنتظر ناتج من (استبعاد) أن يعيش إنسان أكثر من ألف عام في الوقت الذي لا يعيش الناس - غالباً - مائة عام، و(الاستبعاد) ليس دليلاً علمياً، فكل علماء الأمس كانوا يقولون: (استبعاد) أو(استحالة) جميع حصائل العلم الحديث اليوم، وكل علماء اليوم يقولون: (استبعاد) أو(استحالة) أشياء ستحقق في الغد. ف_(الاستبعاد) ليس دليلاً يمكن الاعتماد عليه لنفي شيء.

تفنيد التشكيك دينياً

2- وأما مناقشته دينياً فكما يلي:الأول: تقول المصادر الدينية بأن العديدين من البشر عاشوا طويلاً، فالنبي نوح كانت فترة رسالته قبل الطوفان تسعمائة وخمسين سنة كما يقول القرآن الكريم: (فلبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان) [4] وحياة نوح وسعت ثلاث مراحل، المرحلة الأولي، تبدأ بميلاده وتنتهي ببعثته رسولاً إلي قومه. المرحلة الثانية، تبدأ ببعثته رسولاً إلي قومه وتنتهي بالطوفان، المرحلة الثالثة تبدأ بالطوفان وتنتهي بوفاته. وفي بعض الحديث أن مجموع حياته بلغت ألفين وخمسمائة

سنة [5] .والحضر وإلياس كانا من قبل موسي بن عمران، ولا زالا حيين يرزقان. وعيسي ابن مريم ولد قبل حوالي ألفي سنة وعاش إلي اليوم، ولن يموت قبل أن ينزل من السماء، ويوجّه المسيحيين إلي الدين الحق، كما يقول القرآن: (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً) [سورة النساء: الآية 159] [6] والأعور الدجال كان قبل أيام النبي الأكرم (صلّي الله عليه وآله) ولا زال حياً. وسيبقي حتي يقتل بيد عيسي ابن مريم عند ظهور الإمام المنتظر، وعوج بن عناق - سبط آدم - عاش ثلاثة آلاف سنة حتي قتله موسي بن عمران. حسب النصوص الواردة في شأنه.وإذا عاش غير الإمام المنتظر طويلاً فماذا يمنع أن يعيش الإمام المنتظر طويلاً، وهو لم يبلغ حتي الآن من العمر ما بلغه أولئك.سؤال: إذا كان الإنسان القديم يعيش طويلاً، فلأن معدل الأجسام والأعمار لكل الكائنات الأرضية كان أعلي نتيجة لفتوّة الأرض وقوة حرارتها الباطنية، أما في هذه الفترة من عمر الأرض، التي انخفضت فيها حرارة الأرض الباطنية، وبالتبع انخفضت معدل جميع الكائنات الأرضية فلا يمكن لإنسان أن يعيش أطول من المعدل بكثير.جواب: أولاً: صحيح أن نسبة الحرارة الباطنية للأرض تنعكس علي معدلات الكائنات الأرضية، ولكنها ليست السبب الوحيد لتحديد تلك المعدلات، فالتركيبات الكيمياوية هي التي تقرر المعدلات، وحرارة الأرض تساهم في تقرير المعدلات عن طريق انعكاسها علي التركيبات الكيمياوية، فإذا أمكن التوفير علي تلك التركيبات ارتفعت المعدلات حتي مع انخفاض حرارة الأرض، وإذا حدث التهريب لنسبة معينة من تلك المركبات انخفضت المعدلات حتي مع ارتفاع حرارة الأرض.ومن هنا تسود الأوساط العلمية فكرة تسميد الكائنات النباتية والحيوانية بالمواد الكيمياوية لتصعيد معدلاتها.ثانياً: إن

أكثر المعمرين الذين ذكرناهم لا يعتبرون من الإنسان القديم، لأنهم لازالوا أحياء حتي اليوم، كالخضر وإلياس والمسيح والدجال.الثاني: تؤكد النصوص المبشرة بالإمام المنتظر، علي أنه هو المهدي بن الحسن العسكري بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأنه هو الذي يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً بعد أن تملأ ظلماً وجوراً، وقد وردت بشأنه تلويحات سماوية في الكتب المقدسة، وتصريحات نبوية عن جميع الطرق الإسلامية، والنصوص التي تصرح باستمرار حياته حتي يظهر ويظهر الله به دينه علي الدين كله مستفيضة إن لم تكن متواترة.والأحاديث التي وصلتنا عن رسول الله (صلّي الله عليه وآله) حول المهدي المنتظر. ونسبه ومواصفاته النفسية والجسدية. تتجاوز ألف حديث (نذكر في هذا الكتاب قسماً منها) وردت بجميع الطرق الإسلامية وتتواجد في كافة الصحاح والمجاميع المعتبرة، وبأسانيد فيها مجموعة موثقة لدي جميع المسلمين.وهل باستطاعة مسلم أن يجد هذا الحشد الكبير من الأحاديث عن رسول الله (صلّي الله عليه وآله) ثم ينكر محتواها؟ مع العلم بأن المسلمين يأخذون بالخبر الواحد. وبالسند الواحد إذا كان موثقاً.الثالث: إن الناس - عادة - إذا وثقوا بشخص أو بمصدره يقبلون كل ما يصلهم منه ويخطئون أنفسهم إذا لم يستطيعوا هضم بعض ما يصلهم منه، فأنت تضع نفسك في كف قائد طائرة تقلها، وأنت لا تعرف شخصه ولا شيئاً من خبره ثقةً بإدارة شركة طيران لا تعرف شيئاً منها، رغم كل ما تسمع وتقرأ عن أخطاء قادة الطائرات، وربما تسلم قلبك أو دماغك لمبضع جراح، ثقة في المعاهد التي تخرّج الأطباء، رغم كل ما يتناهي إليك من زيف الشهادات ومداهنة المعاهد لطلابها، والجندي يخوض

معركة ساخنة فيها الموت، ثقة بقيادته التي قد يعرفها بالطيش والمجون... وهكذا الناس يتعاملون مع المصادر التي استقطبت ثقتهم فيما يفهمون وفيما لا يفهمون من توجيهاتها اتكالاً علي ثقتهم بها، ويسفهون أنفسهم فيما يستغربون تطميناً لتلك الثقة أن لا تخدش. فالأحري بمن آمن بالله ورسله ورسالاته، إيمان العقل والقلب والضمير. أن لا يتردد في قبول ما قد يبدو له لديه مستغرباً أو مستبعداً، خاصة وهو يعلم أن قدرة الله مطلقة، وأن الله لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.وإذا سألت أحد المؤمنين بالله: هل يستطيع أن يخلق من هذه الأرض. ومن مثل هذه البيئات المعاصرة، إنساناً يعيش بكامل نشاطه النفسي والجسدي ملايين السنين دون أن يهدّه الزمان؟ فسيكون الجواب حتماً بالإيجاب. وطالما هو يحمل مثل هذا الإيمان بقدرة الله، فكيف يمكن له أن ينكر أو يشكك في حياة إنسان عاش ألفاً واحداً من السنوات، بعد أن ثبت في الأوساط المعبرة عن الله، أن الله خلق هذا الإنسان، ولا يزال يهيئه لإحداث تطور عالمي كبير.فالإيمان بالله، والعلم بأن رسول الله قد أخبر بالإمام المنتظر، لا يتوافقان مع إنكاره أو التشكيك فيه مهما كانت المبررات. والذي ينكر الإمام المنتظر أحد شخصين: إما غير مؤمن بالله في قرارة نفسه وإن تظاهر بالإيمان، فيأخذ بمعطيات عقله علي حساب مقتضيات إيمانه. وإما شاك في أن رسول الله (صلّي الله عليه وآله) قد أخبر بالإمام المنتظر.فعلينا أن نحول الشخص الأول علي الأدلة التي تقول بأن وجود إنسان ألف عام أو أكثر ممكن علمانياً، وأن نحول الشخص الثاني علي المصادر التي يأخذ منها دينه ليجد فيها وجه الإمام المنتظر.

سبب التأليف

بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي أشرف الخلق

أجمعين (محمد) المصطفي وعلي عترته الطاهرين.سيما خاتمهم.وقائمهمأمل الشعوبورجاء المستضعفينآخر أهداف الأنبياء والمرسلينوبشارة الرسالات السماوية كلهاالمنتظرالموعودالإمام المهديصلوات الله وسلامه عليه.سبب التأليفولسبب تأليف هذا الكتاب - أو بالأحري تقديم تأليفه علي سائر مجلدات هذه الموسوعة - قصة طريفة نترك الإمام الشهيد (قدس سره) يتحدث بها هو بنفسه لبعض زملائه، قال (قدس سره) وهو يتكلم عن ذلك:(عندما كنت في سجون البعثيين في العراق، وتحت التعذيب الوحشي القاسي توسلت ذات مرة بمولاي وسيدي صاحب الزمان الإمام المهدي (عجل الله تعالي فرجه الشريف) أن يتولي نجاتي من هذه المظالم، وعاهدت الإمام (عليه السلام) لقاء ذلك أن أقوم بتأليف كتاب يجمع ما روي عنه (عليه السلام) من زيارات، وأدعية، ورسائل، وسائر كلماته الشريفة..وراحت الأيام والليالي، ومضت الشهور تلو الشهور علي إقامتي في السجون المختلفة في بغداد، وبعقوبة حتي خلّصي الله تعالي (بدعاء صاحب الأمر عليه السلام) وفرّج عني وخرجت من سجون البعثيين ولله الحمد..وبعد فترة من الزمن جاءني أحد أقربائي ليقول لي:رأيت في عالم الرؤيا نورانياً مهيباً قال لي: قل للسيد حسن الشيرازي حان الوقت لأن يفي بعهده لصاحب الأمر (عليه السلام) في تأليف الكتاب وكان الشخص ذاك لا يدري عن عهدي، لأني لم أكن قد حدّثت به بعد.فعزمت علي ذلك وصرت أجمع المصادر المحتاج إليها لمثل تأليف هذا الكتاب.ثم جاءني بعد مدة شخص آخر وقال لي مثل ما قال الأول - من غير ترابط بينهما ولا صحبة ولا سابقة إطلاقاً.(رأيت في الحلم - في عالم الرؤيا - أن صاحب الأمر (عليه السلام) يطالبك بعهدك معه عن الكتاب...).واشتد عزمي وبدأت في تأليف هذا الكتاب (كلمة الإمام المهدي عليه السلام).قال الإمام الشهيد (قدس سره):وبعد ما أنجزت القسم المهم من الكتاب رأيت ما

يلي في عالم الرؤيا:رأيت شخصاً مهيباً، طويل القامة، جميل المحيا، له هيبة الأنبياء، وجلال الصديقين، ووقار الخاشعين، لابساً حلة بيضاء قد توجّه إليّ، - فظننته صاحب الأمر الإمام المهدي (عليه السلام) - وقمت إجلالاً له، وتقدمت أنا إليه، فلما اقتربنا أخذت بيده لأقبلها، فبدرني هو وقبّل يدي.فلما قبل يدي علمت أنه ليس الإمام المهدي (عليه السلام).فسألته عن نفسه وقلت له: من أنت؟فقال: أنا من قبل وليّ الله.وأحسست في عالم الرؤيا أن الرجل رسول من قبل الإمام المهدي (عليه السلام) جاء إلي شاكراً لتأليف هذا الكتاب.قال الإمام الشهيد (قدس سره): ولأول مرة أري رؤيا مثل هذه عن واحد من تأليفاتي.. وأسأل الله تعالي أن يقرنه برضاه، ويرضي عني مولاي وسيدي صاحب الأمر الإمام المهدي المنتظر صلوات الله عليه، الذي هو طريقي إلي مرضاة الله تعالي.قال الراوي للقصة: كان الإمام الشهيد (قدس سره) يحدثنا بهذه القصة ونحن بجوار قبر رسول الله (صلّي الله عليه وآله) بالمدينة المنورة، في طريقنا إلي الحج في العام الماضي..ونحن إذ نقوم بإحياء هذا التراث القيم وإنجاز هذه الأمنيّة للإمام الشهيد الشيرازي (قدس الله سره) لطبع (كلمة الإمام المهدي عليه السلام) ونشرها علي الأفق الثقافي في العالم.نأمل ونسأل الله تعالي الأمور التالية:أولاً: أن يعجل في فرج صاحب هذه الكلمة الإمام المهدي (عليه السلام) ليطهر الأرض من كل ظلم، وينشر في الناس راية العدل الكامل والشامل.ثانياً: أن ينتقم لهذا الدم الزاكي، ولسائر الدماء الزكية التي أراقتها هذه الزمرة الظالمة الحاكمة في العراق اليوم، وينقذ الإسلام والمسلمين من شرورهم ومفاسدهم ومذابحهم...ثالثاً: أن يوفقنا الله تعالي لتكميل باقي كتب هذه الموسوعة الضخمة (موسوعة الكلمة) لتخرج إلي النور ويستفيد منها العالم بأسره في كل زمان وكل مكان.والله

هو الولي لذلك كله وهو حسبناالناشرونإهداءإلي أمي التي أعطتني كل شيء ولم أعطها شيئاً.. أقدم ثواب كتابة هذا الكتاب في ذكري وفاتها الأوليابنك حسن

فائدة الإمام الغائب

اشاره

الظاهرة الرابعة: وهي ظاهرة التشكيك في فائدة الإمام الغائب، فيمكن مناقشة هذه الظاهرة بما يلي:

الولاية التنفيذية

اشاره

1- إن الإمام - بمفهومه اللغوي - مطلق من يُؤتم به، أي يُقتدي به، سواءً كان المقتدي به كثيراً أو قليلاً وسواء أكان الذي يقود عبره حقاً أو باطلاً، فإمام الجماعة إمام لأن من هم خلفه يقتدون به في تنظيم حركات الصلاة، ورئيس الدولة إمام لأن من هم في دولته يتقدون به في تنظيم تصرفاتهم الجسمانية، والنبي إمام لأن من هم في محيط دعوته يقتدون به في تنظيم تصرفاتهم الروحانية فقط، إذا كانت رسالته روحانية بحتة، أو يقتدون به في تنظيم تصرفاتهم الروحانية والجسمانية معاً، إذا كانت رسالته روحانية وجسمانية معاً. وبما أن الإمام - بمفهومه اللغوي - مطلق من يُقتدي به، بغض النظر عن نوعية الخط الذي يقود عبره، عبّر الله تعالي عن الفراعنة، ب_(أئمة) فقال: (... وجعلناهم أئمة يدعون إلي النار) [سورة القصص: الآية 41] كما عبّر عن الأنبياء من أولاد إبراهيم (أئمة) فقال: (... وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) [سورة الأنبياء: الآية 73].والإمام - بمفهومه الاصطلاحي - كل من يخوله الله قيادة تكوينية، وإذا لم يخوله الله قيادة تكوينية، فليس إماماً، حتي ولو كان نبياً، وحتي ولو كان رسولاً، وهكذا يختلف مفهوم (الإمام) عن مفهوم (النبي) كما يختلفان عن مفهوم (الرسول). وإذا أردنا إيضاح الفارق بين هذه المفاهيم علينا أن نقول:

النبي و النبوة

أ - (النبي) هو الذي ينبئه الله ويخبره مباشرة بما يشاء، والنبوة رتبة ينالها كل من علم الله تعالي فيه كمالاً روحياً يؤهله للاطلاع علي ما وراء المحسوسات بالحواس الخمس، فيمنحه الله سبحانه قدرة علي رؤية ما وراء الحجب والمسافات ورؤية الروحانيات كالملائكة والجن والشيطان وقد سجل الله تعالي هذين الأمرين لإبراهيم الخليل (عليه السلام) في القرآن حيث قال: (... وكذلك نري

إبراهيم ملكوت السماوات) [سورة الأنعام: الآية 75]. كما أن الله يمنحه كرامة عظمي، فلا يتصل به بواسطة رسول من الناس، وإنما يتصل به وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل إليه رسولاً من الملائكة، فيكون متصلاً بالسماء مباشرة، وإن كان قد يأمره الله بالتنسيق مع نبي معاصر له، أو باتباع رسول سبقه، مع بقائه نبيّاً ينبئه الله بصورة مستقلة ومباشرة.فيشبه - في العرف الدوبلماسي - السفير الذي تأتيه الحقيبة الدوبلماسية مباشرة، ولا يكون كالقنصل الذي يستقبل الأوامر الصادرة إليه من حكومته بواسطة سفير، وقد نصت بعض الأحاديث الشريفة علي أن الرسل سفراء الله.والنبي قد يؤمر برسالة معينة إلي الناس فيكون نبيّاً رسولاً وقد لا يؤمر برسالة إلي الناس، وإنما بمهمات خاصة خارجة عن لطاق الشرائع، فيكون نبياً غير رسول.

الرسالة و الرسول

ب - و(الرسول) هو الذي يؤمر - من قبل الله - بتبليغ رسالة معينة، سواء أكانت تلك الرسالة موجهة إلي أناس معينين أو إلي الناس أجمعين، فبخصوص يونس بن متّي يقول الله تعالي: (... وأرسلناه إلي مائة ألف أو يزيدون) [7] بينما يقول للنبي الأكرم (صلّي الله عليه وآله): (... وما أرسلناك إلا كافة للناس) [8] وسواء أكان ذلك الرسول مأموراً من قبل الله مباشرة أو بواسطة رسول من الناس، فمثلاً قال الله تعالي لموسي بن عمران - عنه وعن أخيه هارون -: (... اذهبا إلي فرعون) [9] و(اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري) [10] فيما قال عن ثلاثة من رسول عيسي ابن مريم: (... إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث) [11] وفي بعض الحديث، أن هؤلاء الثلاثة لم يكونوا ممن يستقبلون الرسالة مباشرة من قبل الله، وإنما كانوا من المؤمنين برسالة عيسي

ابن مريم.و(الرسالة) شريعة، قد تكون شاملة تعطي فلسفة الكون والحياة والإنسان وتنظيم نشاطات الإنسان بجانبيها الروحي والمادي، وربما تكون محدودة تعطي فلسفة الكون والحياة والإنسان فقط، أو تنظم النشاطات الروحية فحسب. وربما تكون محصورة بتصحيح بعض الأخطاء الطارئة علي مسيرة قوم مؤمنين.و(الرسالية) صلاحية يخولها الله تعالي لمن تتوفر فيه مواصفات تؤهله لحمل رسالة السماء إلي الناس، وهذه المواصفات يلزم أن تبلغ درجة (العصمة) في مستوي رفيع حتي تؤهل صاحبها لاستقبال الرسالة مباشرة من السماء، ويلزم أن تبلغ درجة (العصمة) في مستوي أقل من ذاك حتي تؤهل صاحبها لاستقبال الرسالة من رسول من الناس.فالرسول إذا تلقي رسالته مباشرة من السماء أصبح رسولاً ونبياً، كما يقول الله بحق إسماعيل (عليه السلام): (وكان رسولاً نبياً) [12] ، وإذا تلقي رسالته من رسول من الناس، أصبح رسولاً غير نبيّ - في بعض المصطلحات.

الامامة و الامام

ج: و(الإمام) هو الذي يؤمر من قبل الله ب_(الولاية التنفيذية) سواء أكان الإمام رسولاً، مثل إبراهيم الخليل الذي خاطبه الله تعالي بقوله: (إني جاعلك للناس إماماً) [13] أو كان نبياً غير رسول، مثل الألوف من الأنبياء الذين لم يصلنا حتي أسماؤهم أو لم يكن نبياً ولا رسولاً بل وصياً لنبي مثل آصف بن برخيا وصي سليمان بن داود، ومثل يوشع بن نون وصي موسي بن عمران.والأنبياء الأئمة كثيرون سجل القرآن بعضهم مثل إبراهيم ولوط وإسحاق ويعقوب الذين قال عنهم: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) [سورة الأنبياء: الآية 73]. والإمامة - مثل الرسالية - صلاحية يخوّلها الله كل من تنسج مواصفاته مع (الولاية التنفيذية).وقد ظهرت للناس آثار (الرسالية) وصلاحية (الإمامة) من الله حينما خلق الكون وضبطه بكل عوالمه وخلائقه الكثيرة المعقدة بإدارة شاملة محكمة لا تنفلت منها نبضة

عصب ولا حبة مطر، ولا هبة نسيم، ولا أدني من ذلك ولا أكبر، وتظهر هذه الإدارة في حركات المجرات المخيفة، وفي شبكات الريّ المنتشرة في كافة أنحاء ورقة الكرم، وفي المهمات الحساسة التي تؤديها الخلية المجهولة في دماغك، وفي التفاعلات الدقيقة التي تنجزها مليارات الأشعة الفاعلة في الكون.والناس عندما يجدون البروتين الموجب يدور حول البروتين السالب (كذا) دورة في الثانية، يقولون البروتين الموجب يدور حول البروتين السالب، ولكنهم لا يتساءلون: من الذي يدير هذه حول تلك؟ وعندما يرون حبات المطر تتساقط هنا لا هناك، يقولون: السيول تجتاح هذه المنطقة، والمواشي تموت في تلك المنطقة علي إثر الجفاف، ولا يتساءلون من الذي أسقط المطر هذه المنطقة وحرم منه تلك. وعندما يسمعون بأن فجوات هوائية تحدث هنا بينما هناك يرتفع ضغط الهواء، أو عندما يعرفون مياهاً جوفية هنا، وأطنان الأورانيوم هناك، وحبات ألماس ترقد هناك، يكتفون بالاطلاع عليها والاستفادة منها فحسب، ولا يحاولون التعرف علي الجهاز الإداري الذي يؤدي هذه الأعمال، ولا استيعاب الأسباب التي تنتهي بهذه التركيبات، تماماً كالبدوي السائح الذي يدخل مدينة متحضرة بلا مترجم ولا دليل فيري الشاشة الصغيرة هنا تتابع عرض مشاهدها، وهناك هوائية جبارة جامدة تحت الشمس والمطر، وهنالك آليات متحركة تتراكض في خطوط متشابكة من الفجر إلي الفجر، وإلي جانبها غرفة كبيرة تضج بأصوات آلات حديد تتحرك تلقائياً وتعج بالأسلاك متزاحمة متراكبة وفوق البيوت أجسام كبيرة تسبح في الهواء وتزعق بلا انقطاع، وعلي بعض الجدران آلة صماء معلقة يأتي الناس إليها فيرمون النقود في جيبها ويظلون يتكلمون ويضحكون لها وهي لا ترد عليهم. فيذهب إلي نجمة كبيرة مرمية وسط الشارع ليخطفها إلي كوخه فينفضه تيار الكهرباء، ويحاول أن يمرّ الشارع فيصرخ

به الرجال، ويريد أن ينام علي الرصيف فيقوده رجال الشرطة إلي موقف، ويدخل المطعم ويختار طعاماً يروق له منظره فلا يستطيع تناوله.وتماماً كالطفل الذي يجد أسلحة أبيه، فيحاول التعرف عليها والاستفادة منها في أغراضه الطفولية فتنفجر بين يديه، فتدمره وتقضي علي حياته.لابد أنك رأيت في حياتك مثل ذلك البدوي ومثل هذا الطفل.بهذا الشكل يتعامل كبار علماء الطبيعيات مع الكون، فيرون الأشياء وكأنها مبعثرة، وكأن كل شيء يتحرك ارتجالياً وبدافع ذاتي بلا هدف ولا وسيلة ولا خطة، لذلك يجهدون أكثر مما ينبغي، ويهدرون طاقات بشرية ومادية هائلة، ثم يستفيدون أقل مما ينبغي.ويأتي أدلاء الكون ومصادر الوحي، فيقولون: إن الكون كله وحدة مترابطة مشدودة بالأسباب والمسببات، ومسيرة بإرادة شاملة محكمة، فما من حبّة مطر إلا ويأتي بها ملك ليضعها في موضعها المناسب، وما من نطفة إلا ويفصل ملامحها ويخطط جغرافية حياتها وأعمالها ملك، ولا تتحرك ريح ولا موج ولا نجم ولا سحاب إلا ويحركه ملك وفق خطة حكيمة، ولا تنبض خاطرة في دماغك إلا بوحي ملك أو شيطان.صحيح أن الله يصمم جميع الأقدار، وأنه يستطيع أن يدير كل العوالم بلا جهاز إداري، ولكن شاء أن يديرها بجهاز إداري، ففي بعض الحديث: (أبي الله أن يجري الأمور إلا بأسبابها) كما أن الله قادر أن يرزق جميع الناس من فوق رؤوسهم ومن تحت أقدامهم بلا سعي ولا حاجة أحد إلي أحد. ولكنه شاء أن يرزق الناس بمساعيهم، وأن يرزق بعضهم ببعض. (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخريا) [سورة الزخرف: الآية 32] وكما أن الله قادر أن يلهم كل واحد من الناس شرائع دينه بلا وسائط، كما ألهم الحيوانات وظائفها بلا وسائط فقال: (وأوحي ربك إلي النحل

أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً) [سورة النحل: الآية 68] ولكنه شاء أن يعلمهم شرائعهم بواسطة الأنبياء والأوصياء والعلماء. وكما أن الله قادر علي أن ينزع خصائص الأرض من الناس ليعيشوا كالملائكة، هوايتهم الهدي وشهوتهم العبادة ولكنه شاء أن يتعرضوا للتجربة، حتي يبلغ كلٌّ مداه فقال: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين) [سورة هود: الآية 118].وكما أن الله قادر أن يوجد جميع الأنواع ارتجالاً من لا شيء، ولكنه شاء - بحكمته البالغة التي لم يؤهلنا لاستيعابها - أن تكون سنة الخلق في مسلسلات متوالدة، هكذا شاء الله أن يوكل الكائنات إلي جهاز إداري هرمي - وأن لا ينفذ شيء إلا بعلمه الدقيق وإرادته المباشرة - إلا أن هذا الجهاز موكل بتنفيذ إرادة الله في خلقه. فوظف مجموعات من ملائكته في هذا الجهاز موكل بتنفيذ إرادة الله في خلقه. فوظف مجموعات من ملائكته في هذا الجهاز أسماهم في القرآن ب_(المدبرات أمراً) [سورة النازعات: الآية 5]. وجعل علي كل قسم ملكاً من أعظم ملائكته فوكل (رضوان) بالجنة، ووكل (مالك) بجهنم، ووكل (جبرائيل) بالرسالات والرسل وعقاب المتمردين عليها، ووكل (إسرافيل) بنفخة الصور، ووكل (ميكائيل) بالأرزاق ووكل ملكاً عظيماً اسمه (الروح) بالأقدار، ووكل (عزرائيل) بالأرواح، ووكل ملكاً بالرياح، وملكاً بالبحار، وملكاً بالشمس، وملكاً بالقمر، وملكاً بالأرض، وملكاً بكل سماء من السماوات، وجعل لكل قسم من هذه الأقسام فروعاً، ووظف علي كل فروع ملكاً تتناسب مؤهلاته مع مهمته في تسلسل إداري دقيق [14] ثم جعل فوق الملائكة الموكلين بالأقسام الرئيسية، رجلاً من البشر يمثل قمة الهرم.وإذا أردنا التشبيه فمن الممكن أن تشبّه الرجل القمة

برئيس مجلس الوزراء، وأن تشبّه الملائكة الموكلين بالأقسام الرئيسية بالوزراء، وأن تشبه الفروع الممتدة من كل قسم بالمديريات المتفرعة من كل وزارة والرجل القمة في جهاز الإدارة التنفيذية يطلق عليه لقب (الإمام) ويقال له: صاحب الولاية كما يقال له: صاحب العهد. اقتباساً من قوله تعالي: (... ولقد عهدنا إلي آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً) [سورة طه: الآية 115].وإلي جانب هذا الجهاز الإداري الشامل الدقيق الذي يتولي الجانب التكويني للكائنات، يوجد جهاز إداري شامل دقيق آخر، يتولي الجانب التشريعي للكائنات فيما أتاح لها الإرادة المستقلة لإتمام التجربة وهذا الجهاز أيضاً جهاز واسع له أقسام عديدة، وعلي كل قسم ملك من أعظم ملائكة الله، ولكل قسم فروع عليها ملائكة تتناسب إمكاناتهم مع مهامهم، وتتوالي قواعده الهرمية، ويكفي لمعرفة مدي سعة هذا الجهاز أن نعلم:أولاً: أن كل إنسان عليه ملكان يراقبانه ويسجلان تصرفاته حتي النفخة والنأمة أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، فيوظف به ملكان بالليل من غروب الشمس إلي شروقها، ويوظف به ملكان آخران بالنهار من طلوع الفجر إلي غروب الشمس، فهؤلاء الأربعة إذا تركوه لا يعودون إليه أبداً، ومعني هذا أنه يوظف كل يوم أربعة من الملائكة بكل فرد.ثانياً: أن في قلب كل إنسان (لمّتان) أي جماعتان: جماعة من الملائكة تأمره بالخير، وجماعة من الشياطين تأمره بالشرّ، وهنا نقطة الاحتكاك الساخنة بين الملائكة والشياطين وموقف الإنسان أشبه بموقف الحكيم، فإذا مال نحو الشياطين ضعفت كتلة الملائكة، وإذا مال نحو الملائكة ضعفت كتلة الشياطين. ومن هنا يجد الإنسان في داخله نازعة الخير ونازعة الشرّ.ثالثاً: أن الله يوكل ملائكة عظاماً بالأنبياء والأوصياء وخيار عباده الصالحين لتسديدهم وتأييدهم، كما يوكل بأنبيائه وأوصيائهم ملائكة يعلمونهم، ويخبرونهم عما

يريدون الاطلاع عليه من غيب - في حدود صلاحياتهم - وبهذا يفسر قوله تعالي: (عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحداً إلا من ارتضي من رسول) [سورة الجن: الآية 26]. وقوله عز وجل: (... ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) [سورة البقرة: الآية 225].رابعاً: أن كل نبي أو وصي يستخدم جماعات من البشر لتحمل أعباء التبليغ، وما قد يترتب عليه من احتكاك يؤدي إلي كفاح.هذا الجهاز الواسع أيضاً ركبه الله تركيباً هرمياً، ووكل بكل قسم من أقسامه ملكاً من أعظم ملائكته، ثم جعل فوق الملائكة الموكلين بالأقسام الرئيسية رجلاً من البشر يمثل قمة الهرم، وهذا الرجل يكون نبياً أو وصي نبي منصوص من قبل الله، وتشترط فيه مواصفات تبلغ درجة العصمة، لأن الملائكة معصومون، ولا يمكن أن يقود المعصومين غير معصوم.وإذا أردنا التشبيه، فمن الممكن أن نشبه الرجل القمة برئيس المجلس التشريعي الأعلي، وأن نشبه الملائكة الموكلين بالأقسام الرئيسية بأعضاء المجلس التشريعي، وأن نشبه الفروع الممتدة من كل قسم بالمديريات المتفرعة من المجلس التشريعي الأعلي، أو بالمجالس، أو باللجان التشريعية الفرعية.ولا يطلق علي الرجل القمة في جهاز الإدارة التشريعية سوي لقب (الرسول).وما دمنا شبهنا جهاز الإدارة التنفيذي بمجلس الوزراء، وشبهنا جهاز الإدارة التشريعية بالمجلس التشريعي الأعلي، فلا بد أن نقول: إن أي تشبيه في هذا المجال ليس تشبيهاً حقيقياً، وإنما هو تنظير لمجرد تقريب أصل الفكرة إلي الأذهان، خاصة ونحن - في الأساس - لا نملك المعلومات الكافية في هذا المجال، لأن المستوي الثقافي في فترة نزول القرآن وصدور الحديث ما كان يسمح بإعطاء معلومات كافية في مثل هذا المجال ولا يزال كذلك.

فوارق الأجهزة الإلهية مع الأجهزة البشرية

كما أنه لابد من بيان فوارق هيكليّة بين الأجهزة الإلهية

والأجهزة البشرية:1- في الأجهزة البشرية يكون رئيس مجلس الوزراء غير رئيس المجلس التشريعي، إلا في حالات استثنائية يعطّل فيها الدستور وتعطل فيها الديموقراطية، وذلك لسببين:الأول: ألاّ يتعرض رئيس المجلس التشريعي للضغوط، فيشرع بحرية كاملة ما يمليه ضميره حسب رؤيته للمصلحة العامة، ولا يشرع ما تمليه مصلحته أو مصالح الآخرين بخلاف رؤيته للمصلحة العامة.الثاني: أن يبقي رئيس مجلس الوزراء ووزرائه - دائماً - تحت طائلة الحساب من قبل المجلس التشريعي، فلا تؤثر فيهم الضغوط المختلفة التي يتعرضون لها - باستمرار - من قبل أصحاب المصالح الكبار.بينما في الأجهزة الإلهية كثيراً ما يكون رجل واحد قمة لجهاز الإدارة التنفيذية وقمة لجهاز الإدارة التشريعية جميعاً، وذلك لسببين:الأول: المفروض فيه أنه معصوم. فلا تؤثر فيه الضغوط المختلفة التي يتعرض لها. مع العلم بأنه لا يتعرض للضغوط بمقدار ما يتعرض لها رئيس مجلس وزراء. لأن مسلكية رئيس مجلس الوزراء، لا تختلف عن مسلكية مطلق فرد. فيعرف الناس مداخلة ومخارجه، وغالباً ما يكون وصوله إلي مركزه عن طريق التملق واستجداء الثقة، فيكون مطمعاً للآخرين في الوقت الذي تكون فيه مسلكية النبي أو الإمام مترفعة عن كل ما يغري ويرهب. فتنحسر عنه أطماع أصحاب المصالح الخاصة.الثاني: أنه يري نفسه - دائماً تحت طائلة الحساب من قبل الله سبحانه وتعالي، فلا يسمح لنفسه بالتفكير في محاورة الضغوط مطلقاً.2- في الأجهزة البشرية، يكون مجلس الوزراء جهازاً تنفيذياً مستقلاً، فبمجرد انتخاب أعضائه من قبل الشعب، يصبح ذا سلطة مستقلة في التشريع، ويصبح مصدر الشرعية - حسب معطيات الأنظمة الديموقراطية، صحيح أن الملك أو رئيس الجمهورية - في بعض النظم - يكون صاحب القرارات الهامّة، أو رئيس الجمهورية - في بعض النظم - يكون صاحب القرارات

الهامّة، أو صاحب الأطروحة التي لا ترد، ولكن هذه ديموقراطية - بمفهومها الكامل - بالإضافة إلي أنه يبقي للمجالس التشريعية حدّ أدني من الصلاحية وصحيح أن قرارات المجالس لا تصبح سارية المفعول. إلا إذا حملت توقيع الملك أو رئيس الجمهورية، ولكنه نوع من الروتين، فلا تتخذ المجالس التشريعية قراراتها إلا ويوقعها الملك أو رئيس الجمهورية وإذا كانت لديهما نوايا مختلفة فإنهما يبذلان تأثيرهما علي المجالس التشريعية حتي لا تتخذ المجالس التشريعية مقررات لا يرغبان فيها، أما إذا فشلا واتخذت مقرراتها، فإنهما لا يترددان - عادة - في التوقيع عليها حفاظاً علي الحدّ الأدني من المبادئ التي يتظاهران بها.فيما يختلف الأمر بالنسبة إلي الأجهزة الإلهية تماماً، فالجهاز التنفيذي - حتي بعد تعيين أعضائه من بل الله تعالي - لا يصبح ذا سلطة مستقلة في التنفيذ، لأنه برمته ليس قادراً علي شيء إلا بإرادة مباشرة من الله سبحانه. كما أن الجهاز التشريعي - حتي بعد تعيين أعضائه من قبل الله عز وجل - لا يصبح ذا سلطة مستقلة في التشريع، لأن الله جلّ جلاله، يبقي هو المصدر الوحيد للشرعية، وهو الذي يشرع ما يشاء بحكمته، وأما الجهاز التشريعي فليس - في الواقع - أكثر من جهاز تبليغي، وليست له أية سلطة أو صلاحية في التشريع وإنما عليه أن يبلغ إلي الناس - حرفياً - كل ما يصل إليه من الشريعة من قبل الله تعالي. أسمعت قول الله سبحانه - وهو يخاطب أعم أنبيائه-: (فإنما عليك البلاغ) [15] ، (فذكر إنما أنت مذكر) [16] (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقي إلا تذكرة لمن يخشي) [17] ، (ولا تجعل مع الله إلهاً آخر فتلقي في جهنم ملوماً مدحوراً)- [18] ،

(ولولا أن ثبتّناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً) [19] ، (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين) [20] .صحيح أن لبعض الأنبياء الكبار نوعاً محدوداً من الصلاحية، فمثلاً: إبراهيم الخليل رأي أشياء كالختان، وتقليم الأظافر، وإزالة الشعر من الجسد... فمارسها، فأقرها الله في الدين، وعرفت - فيما بعد - ب_(سنن إبراهيم). ومثلاً: كانت فرائض الصلوات، التي أمر الله نبيه بتبليغها ركعتين ركعتين، فرأي النبي (صلّي الله عليه وآله) أن يضيف ركعة سبحانية إلي صلاة المغرب، وأن يضيف ركعتين سبحانيتين إلي كل من صلاة العشاء، وصلاة الظهر وصلاة العصر، فأقرّ الله ذلك، وعرفت - فيما بعد - ب_(سنة رسول الله).والواقع أن كل ما ورد من الأحاديث عن سنن المرسلين من أمثال هذين الموردين، لابد أن نوجههما بأحد توجيهين:الأول: أن هذه الأحاديث لا تعني أن المرسلين كانوا يشرّعون بالمفهوم المتداول للتشريع بمعني سنّ القانون - وإنما تعني أنهم في بعض الأحيان كانوا يخرجون من إطار المعني الحرفي للنص إلي روح النص، من باب تنقيح المناط، ثم يطبقون المناط المستخلص علي المصاديق التي لم ترد في نص الوحي، وكان اجتهادهم صحيحاً، لأنهم كانوا في المستوي المناسب. بدليل إقرار الله سننهم مع أن الله لا يستحيي من الحق، ومع ملاحظة النصوص السابقة التي تحدد صلاحية الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) في التبليغ. وهذا يعني أن سننهم كانت حصيلة اجتهادات صائبة، لا أكثر.الثاني: أنهم ربما كانوا يتفاعلون مع أشعة الوحي، بمعني أنهم كانوا يتلقون نوعاً من الوحي الخفيّ - خارجاً عن نطاق المضمون الصريح للوحي

- بحيث ربما كان يتراءي أنه شيء منهم، ثم كان الله تعالي يقرّ ذلك، تعبيراً عن تكريم الله إياهم.وصحيح أيضاً أن في الأحاديث الصحيحة، مجموعة أحاديث تقول: (إن الله أدب نبيّه بتأديبه. ففوض إليه دينه).. وهذه المجموعة من الأحاديث. كانت تاريخياً نقطة الانطلاق لفرقة (المفوّضة) الذين ادعوا بأن الله سبحانه وتعالي اعتزل أمر الشريعة كليّاً. وتركها للنبي يقرر فيها ما يشاء.ويمكن دراسة هذه المجموعة من الأحاديث من منطلقين:الأول: منطلق النقض، بأن هذه المجموعة من الأحاديث - حسب تغيير المفوضة لها - تناقض الآيات التي تحدد صلاحية الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) في التبليغ، والحديث متي نقض القرآن سقط.الثاني: منطلق الحلّ، بأن الجزء الأول من هذه الأحاديث يمهد فهم الجزء الثاني منها بشكل آخر، لأن معني (إن الله أدب نبيّه بتأديبه) أن الله تعالي أعطي لنبيّه مقاييس دينه بشكل تأديبي تركه يتفاعل معها. حتي لا يعبر إلا عنها، ولا يقلع إلا من مواقعها، وعندما بلغ هذا المستوي فوض إليه بيان الحلال والحرام لا سن الحلال والحرام. وهو يعلم أن النبي (صلّي الله عليه وآله) كلما تحرك لا تخرج حركته من نطاق هذه المقاييس. كما أنك قد ترّبي ابنك علي عملك حتي تري أنه تفاعل معه بعمق، وعندئذ تسلم إليه مقاليد عملك مطمئناً إلي أنه - مهما تعامل - لن يخرج - لا في الشكل ولا في المضمون - من المقاييس التي ارتضيتها لعملك.وربما يوحي الحديث الشريف - في وصف رسول الله -: (.. كان خلقه القرآن) بما يشبه معني تفاعل النبي (صلّي الله عليه وآله) مع المقاييس الإسلامية في صيغة عملية بنفس القوة التي يعبر بها القرآن عنها في صيغة نظرية، وحتي كأنهما وجهان لعملة

واحدة، النبي وجهها العملي والقرآن وجهها النظري.وربما يؤكد التحليل الذي ذكرناه لأحاديث التفويض، قول الله تعالي: (وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي) [21] وهذا يعني أن النبي عطف هواه علي الوحي، حتي لم يبق له هاجس ولا كلام سوي الوحي، وتفويض الله دينه إليه - في مثل هذه الحالة - لا يعني إلا تفويضه صلاحية التعبير عن دينه في بيان الحلال والحرام لا صلاحية التشريع.من كل ذلك نستخلص أنه - في مجال الأجهزة الإلهية - لا توجد سلطة مستقلة، فجهاز الإدارة التنفيذية لا تنفذ شيئاً إلا بإرادة الله، وجهاز الإدارة التشريعية لا تعبر إلا عما شرعه الله، والله تعالي وحده، هو صاحب السلطة المطلقة والمستقلة علي الجهازين، وعلي كل ما ينفذانه أو يعبران عنه.3- في الأجهزة البشرية يكون الاعتماد علي الانتخاب فيعتمد في رئيس وأعضاء المجلس التشريعي علي الانتخاب العام ليشترك في التشريع كل من له صلاحية إعطاء الرأي، إما بنفسه إذا فاز في الانتخاب - ليكون رئيساً أو عضواً في المجلس التشريعي، وإما بواسطة منتخبه إذا لم يفز هو في الانتخاب، كما يعتمد في رئيس المجلس التنفيذي علي الانتخاب العام، عن طريق كسب ثقة أكثرية أعضاء المجلس التنفيذي علي الانتخاب ولو عن طريق رئيسه الذي نال الثقة من المجلس التشريعي المنتخب... فيبقي الرأي العام معتمداً - ولو بوسائط - ويبقي الشعب صاحب الحق المطلق في اختيار حكامه واتخاذ قراراته.وأما بالنسبة للأجهزة الإلهية فالاعتماد كله علي التعيين فالله هو صاحب الحق الأول والأخير في اختيار قمة وأعضاء الإدارة التنفيذية والإدارة التشريعية، لأنه الوحيد المطلع علي ما في أعماق النفوس، وما وراء النوايا فهو الأولي بهذا الحق من غيره أياً كان. كما أنه

هو صاحب القرارات كلها، لأنه أعرف من سواه بما يمكن أن تفسر عنه تلك القرارات في الآحاد القريبة والبعيدة، ولعل القرآن أشار إلي أنه لا يمكن الاعتماد علي انتخاب البشر، طالما هو معرض للخطأ ولو كان الناخب نبيّاً من أولي العزم في مستوي موسي ابن عمران (عليه السلام) فقال: (واختار موسي قومه سبعين رجلاً لميقاتنا) [22] ، (فلما جاء موسي لميقاتنا وكلمّه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلي الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلي ربه للجبل جعله دكاً وخرّ موسي صعقاً فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين) [23] .ولعل القرآن - كذلك - أشار إلي أنه لا يمكن الاعتماد علي القرار البشري طالما هو معرّض للخطأ، فقال: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) [سورة الأحزاب: الآية 36].4- في الأجهزة البشرية يعتبر الجهاز التشريعي أهم من الجهاز التنفيذي، ولذلك يلزم أن ينتخب مباشرة من قبل الأمة، وأن يكون علي اتصال وثيق ودائم بالشعب، في الوقت الذي ينتخب الجهاز التنفيذي من قبل الجهاز التشريعي، أو يكتفي باكتساب رئيسه ثقة الجهاز التشريعي.وأما بخصوص الأجهزة الإلهية فالجهاز التنفيذي أهم من الجهاز التشريعي، إذ لا مجال للتشريع - بمفهومه المعروف من وضع القانون - في الأجهزة الإلهية، لأن الله تعالي هو المشرّع الوحيد والمطلق. فتنحصر مهمة الجهازين في التنفيذ بفارق بسيط، وهو أن الجهاز التنفيذي ينفذ في مجال الكون والجهاز التشريعي ينفذ في مجال الشريعة، وإذا انحصرت مهمة الجهازين في التنفيذ فالظاهر أن مهمة الجهاز التنفيذي أدق وأشمل، من مهمة الجهاز التشريعي الذي لا يعدو - غالباً - بتبليغ

الشريعة وحمايتها من المعتدين عليها بمحاولة الدس فيها أو القضاء علي حملتها.كل هذا فيما قد نفهم، ولعل غير ذلك هو الصحيح في الواقع والله العالم.والملائكة الذين ما كان يروق لهم خلق خليفة في الأرض وقالوا الله: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) [سورة البقرة: الآية 30] وأجابهم الله تعالي منبّهاً إلي إحاطته بنواياهم بقوله: (واعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) [سورة البقرة: الآية 33] لعلهم كانوا يكتمون التحفظ من أن يغدو خليفة الأرض وليّاً عليهم، وقد تتابعت البوادر التي أكدت أن تحفظهم كان يعبّر عن واقع، فقد أمروا بالسجود لآدم فور نفخ الروح في جسمه، ثم استوعب الرموز التي لم يكن بمقدورهم استيعابها.وحيث أن الله تعالي جعل للإمام - أي إمام معصوم - مهمتين: مهمة الولاية التكوينية، ومهمة الولاية التشريعية - كأهم ما جعل الله تعالي للإمام - فالغيبة عن الظهور في المجتمعات لا تعجزه عن القيام بأية من مهمتيه.فأما بالنسبة إلي مهمته التكوينية فالإمام الغائب يؤديها في غيبته بتوفر ولعلها مهمته الكبري، فغيبته لا تؤثّر عليها مطلق لأن أداءها لا يتوقف علي الظهور بين الناس.ولعل ما ورد في الأحاديث الشريفة من تشبيه فائدة الإمام الغائب بفائدة الشمس الغائبة خلف السحاب إشارة إلي أن الإمام في غيبة يؤدي ولايته التكوينية، كما أن الشمس الغائبة خلف السحاب تؤدي خدمتها في تربية الكائنات الدائرة في محيط شعاعها رغم السحاب الذي قد يحجب عنها بعضاً من تلك الكائنات.وأما بخصوص مهمته التشريعية فالإمام المنتظر باعتباره استمراراً للنبي الأكرم (صلّي الله عليه وآله) لا تكون مهمته في التبشير بمفاهيم جديدة لم تكن معروفة من قبل حتي يتوقف أداؤها علي معايشة الناس. وإنما تتلخص مهمته الكبري في صيانة المفاهيم التي

نزل بها القرآن وبشر بها الرسول الأعظم (صلّي الله عليه وآله). وأداء مهمة صيانة الشريعة لا يتوقف علي معايشة الناس، لأنه فور ما يجد أياً من المفاهيم الإسلامية معرضاً للتشويه، يستطيع المبادرة إلي إيضاحه وتأصيله بواسطة بعض من يمكنهم الاتصال به.2- ولعل هناك سبباً آخر لانتقال الإمام المنتظر إلي هذا العالم قبل موعد ظهوره بفترة طويلة، وهو أعداده لمهمّات خاصة لم تطرح حتي اليوم علي الذهنية البشرية، ونحن - في هذه الفترة من عمر البشر - لا نستطيع استجلاء تلك المهمات، ولكن قد نستطيع أن نستشف بعض ملامحها من خلال الأحاديث المبشّرة بالحضارة المنتظرة (كالحديث الذي يقول بأنه يستنفد خيرات الأرض والسماء، وأنه يأتي ببقية العلم مائة حرف ويطيل أعمار الناس ويكمل عقولهم...)

التشكيك في إيجابية فكرة الإمام المهدي

الظاهرة الخامسة: ظاهرة التشكيك في إيجابية فكرة الإمام المهدي لسببين:الأول: تكريس اليأس عن جدوي أي عمل ايجابي قبل ظهره، مادام الله سبحانه وتعالي قدّر أن تملأ الأرض ظلماً وجوراً قبل ظهوره.الثاني: تكريس اليأس عن جدوي أي عمل إيجابي قبل ظهوره، مادام الله عز وجل قدّر أن تملأ - به - الأرض عدلاً وقسطاً، بغض النظر عن قلة أنصاره وكثرة أعدائه.وهذان القدران يعلنا تعطيل أدوار الآخرين، وبالتالي يوحيان بتجميد كل الطاقات المؤمنة به، لأن أي عمل إيجابي - قبل ظهوره - لا يعني غير تحدّي القدر الذي يضحك من جميع المتحدين، وأي عمل بعد ظهوره لا يعني سوي مجاراة القدر الذي لا تنشطه المجاراة.والجواب:أولاً: إن الله إذا قدّر شيئاً لا يعني أنه يوجده من الفراغ، بل أبت عادة الله أن لا يقدّر شيئاً إلا إذا توفرت أسبابه. فالقدر لا يلغي دور الأسباب، وإنما يعزز دور الأسباب، والاطلاع علي وجود قدر معين - عن

طريق مصادر الوحي - يدفع إلي محاولة إيجاد أسبابه، لأنه يوحي بأن هذه المجادلة لا تواجه معاكسات، وإنما تتكامل حتي تصل إلي نتيجة إيجابية، ومعرفة نجاح المحاولة تشّجع عليها ولا تثبط عنها أبداً.ثانياً: إن الاطلاع علي أن الأرض ستملأ ظلماً وجوراً قبل ظهور الإمام المنتظر، لا يوحي باليأس عن جدوي أي عمل إيجابي بما يلي:أ - إننا لا نعلم - بالضبط - متي يظهر الإمام المنتظر، فربما يكون ظهوره بعد هذا التاريخ بعشرات أو مئات السنين - لا سمح الله -.ب - أقصي ما يمكن أن يقال: أن معرفتنا بأن الأرض ستملأ قبل ظهور الإمام ظلماً وجوراً توحي بأن الأعمال الإصلاحية لا تنتج علي المستوي العالمي، بل يبقي الظلم والجور طاغيين علي الوضع العام العالمي، وهذا لا ينافي في نجاح المحاولات الإصلاحية علي المستويات المحلية.ج - حتي مع لو علمنا - وبكل تأكيد - أن المحاولات الإصلاحية لا تثمر علي الإطلاق، فهذا العلم لا يلغي التكليف، لأن الأعمال الإصلاحية تنعكس علي القيمين عليها قبل أن تنعكس أو لا تنعكس علي سواهم، فالمفروض عليهم أن يقوموا بها تصعيداً لمستواهم، بالإضافة إلي أن الأعمال الإصلاحية لو لم تنعكس إيجابياً علي الناس فإنها تنعكس عليهم سلبياً، فتكون من باب إتمام الحجة، الذي لابد منه لتثبيت المفاهيم، وإفراز العناصر الممّوهة عن بعضها وإعادة كل إلي واقعه، ليحق الحق وليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حيّ عن بينة.ثالثاً: إن الاطلاع علي أن الله قدّر أن تملأ - به - الأرض عدلاً وقسطاً، لا يعني أنه وحده - وبطريقة معجزة - يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وإنما يعمل ذلك بأنصاره، وإلا لماذا ينتظر أن يتكاملوا (313) رجلاً.رابعاً: إن الإعلان المسبق عن

نجاح أيّ قائد علي المستوي العالمي وانتصاره الساحق في معركة التغيير، أقوي ما يرفع معنويات أنصاره فوق المستحيل، ويكرس في نفوسهم أملاً لا يتزعزع، ويسهل عليهم التضحية، لأن انتصاره خير ضمان لخلودهم حتي ولو سقطوا في الدرب قبل انتهاء المسيرة، فلذلك نجد أيّ قائد ينتفض من تحت الأرض يحاول تسكع البراهين المسبّقة لنجاحه وانتصاره حتي يضمن التفاف أنصاره حوله في الأزمات، فكيف يمكن أن يكون الإعلان المسبق عن الانتصار العالمي والنجاح المخيف - بالنسبة إلي الإمام المنتظر - ظاهرة سلبية تكرس اليأس في نفوس أنصاره والمؤمنين بإمامته؟خامساً: إن تجربة التاريخ تؤكد إيجابية فكرة الإمام المهدي (عليه السلام) بشكل مخيف:ففي الجانب السلبي نجد السلطات المعاصرة لميلاده، والسلطات التي تلت ميلاده حتي اليوم تعمل بأقصي طاقاتها للقضاء علي هذه الفكرة، فقديماً لم تكن التدابير العسكرية التي اتخذتها السلطات قبل ميلاده، وعنده ميلاده وبعد ميلاده للقضاء علي شخصه إلا أدلة قاطعة علي مدي صدمتهم بهذه الفكرة. وحديثاً ليس الإرهاب الفكري الذي يحاول تطويق هذه الفكرة إلا شاهداً علي مدي ما يعانيه أعداء التشيّع من أصل فكرة الإمام المهدي (عليه السلام) بعد أن يئسوا من إمكانية القضاء علي شخصه.وفي الجانب الإيجابي نجد أن جميع أجيال الشيعة كانوا ولا زالوا يشجعون آمالهم ويهدهدون أحلامهم بفكرة الإمام المهدي (عليه السلام)، وأظن أنه لولا فكرة الإمام المهدي (عليه السلام) لما استطاع التشيع أن يخترق ظلمات التاريخ، وإنما كان يختنق بروائح المجازر وغياهب السجون، فليس الزخم الذي يخرج أنقاض التشيع من تحت الكوابيس والمآسي والويلات بفتوة عنفوان أكثر من ذي قبل إلا زخم فكرة الإمام المهدي (عليه السلام).ولا أدلّ علي مدي حيوية هذه الفكرة من أن جميع الحروب والتهريجات التي شنّت وتشنّ عليها

ما زادتها إلا نشاطاً وصفاءً في أذهان مئات الملايين.ولا أدل علي مدي حيوية هذه الفكرة من الكثيرين في كل الأجيال الإسلامية وفي أكثر البلاد الإسلامية انتحلوا هذه الفكرة ليحرقوا بها المراحل إلي القمة، وما خاب ظن أحد منهم فلم ينتحلها أحد إلا ونال أكثر مما كان يطمح إليه رغم توفر الأدلة علي زيف كل من انتحلها حتي اليوم، وهل توجد أكثر إيجابية من فكرة ينجح بها كل من يدعيها ولو كذباً وزوراً؟وإذا فحصنا التاريخ وجدنا فكرة النبوة أقوي الأفكار قبل النبي الأكرم (صلّي الله عليه وآله) الذي ختم النبوة، فقبله كان الكثيرون من طلاب السلطة والشهرة يحاولون الانتماء إلي النبوة بسبب أو نسب، وعن طريق الادعاء - مجرد الادعاء - كانوا ينالون الذي يريدون. وبعد النبي الأكرم (صلّي الله عليه وآله) حيث ختم النبوة أصبح المُتمهديون يقومون بدور المتنبين، وهذا يكشف أن المهدوية ورثت قوة النبوة.إن فكرة لم ينتم إليها أحد بأي سبب أو نسب إلا وحلق فوق الرؤوس لا تكون فكرة سلبية، ولكن المهرجين ضدها في ضلال مبين.

ظاهرة انتهاء فكرة الإمام المهدي

الظاهرة السادسة: ظاهرة انتهاء فكرة الإمام المهدي إلي الاتكالية طالما هو يفجر الثورة الكبري في اللحظة المناسبة. فكأنها توحي إلي الناس جميعاً بأن لا تعملوا أي شيء، فإنني سأعمل كل شيء.والجواب: أولاً: إن إعطاء كل شيء حجمه، ووضع الأشياء في أطرها ينتهي بالموضوعية لا بالاتكالية، فإذا قلنا بأن الشمس ستشرق في وقت معين، وتضيء الدنيا، فليس معني ذلك قتل الشمعة التي أقصي تضحيتها أن تنير دائرة محدودة حولها. فما من رسول من أولي العزم إلا وكانت تسبقه البشائر بظهوره ونجاحه في قيادة عملية التغيير إلي الأفضل، وما كانت هذه البشائر توحي بالاتكالية إلي أحد، وإنما كانت

تعيد الآمال إلي حجم الطاقات التي تنطلق منها حتي لا يحاول أكثر مما يستطيع فيزهد فيما يستطيع ويعجز عما لا يستطيع ويضيع بين ما لا يرضي به وبين ما لا يقدر عليه.إن الإعلان عن وجود رئيس الجمهورية - مثلاً - في مكتبه الأعلي، لا يعني إلا إعادة الموظفين إلي دوائرهم المختلفة حسب صلاحياتهم. لا إقالتهم من وظائفهم.وإن الإعلان عن وجود المصلح الأكبر علي الطريق لا يثبط أحد من إصلاح من يستطيع من أهله ومجتمعه وشعبه.ثانياً: إن كل فرد يدخل حلبة الصراع الاجتماعي الرهيب يشعر بالعجز عن إنجاز ما يطمح إليه قبل أن يدخل الحلبة: وهذا الشعور بالعجز ينسف كثيراً من الآمال التي تضيع طريقها إلي النور. فتكريس هذه الآمال في المصلح المنتظر تشجع الآمال المنهارة علي قارعة الطريق أن تنهض وتواصل السير فمهما تقلبت الأجواء فلها المطاف الأخير. فالمقدمة لا تستسلم إذا علمت أن ورائها جيش ساحق، ولكنها تستسلم فور ما تعلم أنها يتيمة لا تعقبها نجدة.ثالثاً: إن هنالك من لا يخوضون الممارسات العنيفة لأسباب مختلفة، ولكنهم إذا سئلوا عن السبب أجابوا بأن الإمام المهدي (عليه السلام) سيظهر ويصلح العالم، لا لأنهم يرون أن فكرة الإمام المهدي (عليه السلام) تؤدي بهم إلي الموقف الذي يقفونه، ولكنهم لا يريدون إعلان السبب الواقعي، ويريدون وضع حد لمتابعة السؤال، فيظن البعض أن إيمانهم بالإمام المهدي (عليه السلام) هو السبب الواقعي لاتخاذ ذلك الموقف.كما أن المؤمنين بالله إذا سئلوا عن ترك قضية ولم يريدوا كشف السبب الواقعي أجابوا بالتوكل علي الله، فيظن الملحدون أن الإيمان بالله يؤدي إلي الاتكالية وترك الأمور علي عواهنها. بينما الذين يعرفون موارد استخدام هذه التعبيرات يدركون أن هذا النوع من الإجابة قد يكون بمثابة

رد دوبلماسي لسؤال لا يريد عنه المسؤول جواباً.وقد يكون لغير ذلك أيضاً.

و عن فلسفة الغيبة؟

لماذا غاب الإمام المهدي دون أسلافه الأئمة الأطهار (عليهم السلام)؟والجواب: إضافة إلي الإلماع الذي سبق منا:إلي ذلك يحتاج إلي بيان مقدمة، وهي:إن وجود الحجة من قبل الله - نبياً كان أو وصياً - أمر لا بد منه لسببين:1- لما ثبت في علم الكلام من أنه لا بد من وجود الحجة ولولاه لساخت الأرض بأهلها.2- لأن الحجة يشكل جبهة الحق، التي لابد أن تقاوم جبهة الباطل حتي يبقي علي الأرض طريقان طريق الحق وطريق الباطل، يجد كل إنسان نفسه أمام خيارين لا خيار واحد كما يقول القرآن الكريم: (وهديناه النجدين) [24] ولولا الحجة الذي يؤسس جبهة الحق ويقودها لأمكن أن ينحاز الناس إلي الباطل ووجد كل إنسان نفسه - مهما أوتي من صفاء الضمير - مضطراً إلي السير في طريق الباطل إذ لا يجد بديله.وبعد وفاة الرسول (صلّي الله عليه وآله) ارتبك طريق الحق وصارت الخلافة ملكاً عضوضاً كما أخبر الرسول نفسه، فلو كان الأئمة يغيبون لتقلصت جبهة الحق وسدت طريقه ووجدت الأجيال أنفسها أمام طريق الباطل وحدها فكان علي الأئمة أن يظلوا في الناس ظاهرين مهما تعرضوا للتقتيل والتنكيل، حتي يشكلوا جبهة الحق ويستمر الصراع في الحياة بين الجبهتين ولو غابوا لما بقي من الشيعة عين ولا أثر. لأن الشيعة الذين يشكلون جبهة الحق الأصيلة. لم يكونوا قد اكتملوا كياناً راسخاً يصمد للزعازع، لم يكونوا قد اكتملوا كياناً فكرياً ولا كياناً اجتماعياً فبقي الأئمة واستمروا ما واجهتهم من ويلات ونكبات.أما وبعدما انكسرت سطوات العواصف وانتهي يزيد والمنصور والرشيد والمتوكّل من جهة ومن جهة أخري تماسكت الشيعة كتلة صخرية منتشرة القواعد في أعماق التخوم

الإسلامية وفكراً مركزاً كثير المصادر والرواة، بحيث تستطيع الصمود عبر التاريخ حتي ولو غاب إمامهم، لم تكن عندئذ ضرورة لبقاء الإمام ظاهراً معرضاً لكل الاحتمالات في جميع الأحوال، فغاب الإمام ليظهر في الوقت المناسب يداً تعلو فلا تطال وكلمة تدوي فلا ترد، وبقيت الشيعة فكرة أصيلة وطائفة صلداء.

المعجزة و أبعادها

يلاحظ أن الناس كانوا يطالبون الرسل وسائر الأولياء بالمعجزات وربما طالبوهم بمعجزة معينة، فكانوا يستجيبون لهم ويطلقون المعجزات خاصة إذا عرفوا إخلاص الطلب وبراءة الطالب.1- فلماذا المعجزة؟2- وما هي المعجزة؟والجواب عن السؤال الأول: أن الأنبياء يدّعون أنهم علي اتصال بالله عز وجلّ، ويكلمهم الله بشكل من الأشكال التي بينها بقوله:(ما كان للبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً) [25] .وربما يدّعون أكثر من ذلك كالمعراج:(ثم دنا فتدلي فكان قاب قوسين أو أدني) [26] .وكالعلوم الغريبة:(يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء) [27] .والأوصياء باعتبار أنهم امتداد للأنبياء بشكل أو بآخر، ويدعون الناس إلي اتباعهم علي هذا الأساس..والناس جميعاً يعلمون - بالفطرة - أن الله هو مصدر الكون والحياة..... عبر هذه كلها كان من الطبيعي أن يطالبهم الناس بإثبات علاقتهم بالله!.ولا يمكن إثبات علاقة بشر بالله إلا عن طريق المعجزات التي تثبت أن لصاحبها علاقة فوقية.هذا هو الجواب عن السؤال الأول: لماذا المعجزة؟وأما الجواب عن السؤال الثاني: ما هي المعجزة؟إن المعجزة ليست تفجيراً في نظام الكون، ولا استعلاءً علي نظام الكون، ولا مفهوماً فوقياً يحجر علي العقول.وإنما هي نوع بسيط من التعامل مع القوي الفوقية، وهي بالنسبة إلي البشر العادي: خرق للمألوف بغير المألوف.ومن نافلة القول: أن الحياة المعجزية ليست صرعة خرافية تفوح بالشهرة وأرضها من ترابة النجوم، وسمائها

تسطع بأقمار المجد الزائف..وإنما هي حياة واقعية ولكنها أعلي من الحياة العادية بدرجة.ذلك: أن الكون مؤلف من مجموعات متنوعة من الطاقيات والماديّات.. وهذه مسلطة علي بعضها البعض، ويلاحظ أن ما هو ألطف وأضعف ظاهراً مسلط علي ما هو أظهر حجماً وأكثف.ففي الماديات الحديد مسلط علي التراب ومشتقاته من نبات وحيوان والنار مسلطة علي الحديد، والماء مسلط علي النار، والهواء مسلط علي الماء والنور مسلط علي الهواء...وعلي العموم الطاقيات مسلطة علي الماديات.فالروح مسلطة علي الجسد، والجاذبية مسلطة علي الأجسام الكثيفة في مدي معين. والنسبية العامة مسلطة علي الأجرام الضخمة في آماد بعيدة.هذا كله في مجال المحسوس المألوف.وإذا استطعنا الخروج عن مجال المحسوس المألوف - ولو بأذهاننا - تتراءي أمامنا آفاق من الطاقيات التي تتحكم في جميع الماديات والطاقيات المحسوسة.وتبدو السلطات متدرجة في شكل هرمي قاعدته الواسعة مؤلفة من الماديات..وفوقها الطاقيات المحسوسة أو المألوفة.وفوقها الطاقيات غير المحسوسة وغير المألوفة، التي يعبر عنها بالروحانيات - حسب المصطلح - من الجن، والشيطان، والملائكة، وأرواح الناس.. وهي الطاقيات العاقلة المكلفة.وفوقها الكلمات...وفوقها الأسماء...وفوقها.. وقمتها الله - جل جلاله - الذي هو مصدر جميع الماديات، والطاقيات وهو محيط بكل شيء. ومهيمن علي كل شيء.إذن: فالله - سبحانه وتعالي - هو الخالق الذي منه تبتدئ الأشياء، وإليه تعود.ثم الأسماء.. وهي القوي العظمي لأن الله خلقها بلا وسائط وهي من قدرته الخاصة به.ثم الكلمات.. وهي قوي كبري، قد خلقها الله - تعالي - بواسطة الأسماء..ثم الروحانيات.. التي خلقها الله بواسطة الكلمات.ثم الماديات التي خلقها الله سبحانه بواسطة بعض الروحانيات وهي:(فالمدبرات أمراً) [28] .والبشر العادي لا يستطيع تفهم ما هو خارج عن وسطه الذي نشأ وترعرع فيه، فإذا تفوّق علي جواذب هذا الوسط يؤهل لتفهم

بعض تلك الآفاق الطاقية، وربما للتعامل مع بعض مخلوقاتها - بنسبة تفوقه علي مستلزمات وسطه - وقد يؤشر إلي هذا التفوق، وذاك السقوط قوله تعالي:(واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلي الأرض واتبع هواه..) [29] .فمن يرتفع عن الوسط العادي الذي تعيشه عامة الناس، ويتعامل مع أدني طبقة من الطاقيات غير المألوفة يستطيع تحريك جميع الماديات، والطاقيات المتصلة بالماديات بشكل غير مألوف لا تستطيعه سلطات الأرض وثقافة الأرض.وهذه هي أدني درجات التفوق التي يتعاطاها الأولياء العاديون وربما المرتاضون أيضاً - في حدود خاصة بنسبة التفوق الروحي -، وهكذا كل من استعلي علي شهواته الجسدية ومطامحه الأرضية مدة لا تقل عن أربعين يوماً - غالباً -..كطي الأرض.. والمشي علي الماء.. ومخاطبة الروحانيات.. والاطلاع علي ما وراء الحواجز والمسافات..وربما: الإشراف علي الزمان، والإخبار عما انطوي في ضمير الماضي، أو لا يزال جنيناً في أحشاء المستقبل.ولهذه الدرجة طريقان: الطريق الرحماني الذي يؤدي إلي (الكرامة) والطريق الشيطاني الذي ينتهي إلي (السحر) أو (التسخير).ومن انحدر من سلالة عالية لم تتلوث بجواذب الأرض ومستلزمات الوسط العادي علي الإطلاق..(وتقلبك في الساجدين) [30] .(أشهد أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها، ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها) [31] .فمن كان له مثل هذا التراث المقدس الذي يعصمه عن الانهيار والانزلاق - وهي صفة العصمة - ثم يواصل سيره التصادعي - كما نلاحظ في أربعينات النبي (صلّي الله عليه وآله) في غار حراء، واعتكافات جميع الأولياء.فإنه يستطيع أن يستوعب طبقات عليا من الطاقيات، وربما يوفق للتعامل معها - حسب مستواه - فيأتي بما يعجز عنه كثير من

الناس حتي أصحاب الكرامات كإحياء الرميم، وفلق البحر، ورد الشمس، وشق القمر...وهذه هي (المعجزة) التي تختص بأصحاب العصمة من الأنبياء والأوصياء والملائكة - علي اختلاف درجاتهم - الذين يتعاملون مع الكلمات.

التعامل مع الكلمات

وقد لوح القرآن الحكيم بشخصيات من الأنبياء والأوصياء كانوا يتعاملون مع الكلمات.فمثلاً: يحيي النبي (عليه السلام) كان يتعامل مع كلمة واحدة:(إن الله يبشرك بيحيي مصدقاً بكلمة من الله) [32] .وآدم (عليه السلام) كان يتعامل مع عدة كلمات:(فتلقي آدم من ربه كلمات) [33] .بينما كانت مريم الصديقة (عليها السلام) تتعامل مع جميع الكلمات:(وصدّقت بكلمات ربها) [34] .- مع الاحتفاظ بالفواصل البعيدة بين التصديق بالكلمة، وبين تلقي الكلمة، وبين العلم بالكلمة -.ومن هنا تكون الدرجات التي - لعل - أعلاها العلم بالكلمة.ولذلك اختلف التعبير القرآني من مورد إلي مورد.فقال تعالي في شأن الخضر:(فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علماً) [35] .والتنوين في (علماً) ليس تنوين التعظيم، فليس بمعني (علماً جمعاً) بدليل التنكير في (عبداً) و(رحمة).وقال سبحانه في خصوص آصف بن برخيا:(قال الذي عنده علم من الكتاب) [36] .بينما قال - عز من قائل - بالنسبة إلي سيد الأوصياء:(قل كفي بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) [37] .ولعل العلم بالكلمة - الذي يساوي إتمام الكلمة - هو الذي يؤدي إلي الولاية الكونية، التي توصّل إليها إبراهيم الخليل بعد أن مرّ بتجارب في نفسه وماله وفي ولده:(وإذ ابتلي إبراهيم ربّه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً) [38] .مع العلم بالفاصل البعيد بين العلم بالكلمة، وبين الكلمة ذاتها.(فالكلمة) لها فاعليتها الخاصة وقد لا تكون لها القدرة علي التعامل مع بقية الكلمات لأنها من نوعها - حتي لو لم تكن في مستواها.فيما

العالم بالكلمة قد يكون من نوعية أعلي، فيكون في مقدوره التعامل مع مجموعة من الكلمات.فعيسي ابن مريم (عليهما السلام) لم يكن من سنخ الناس، وإنما كان كلمة من كلمات الله أظهرها الله تعالي في هيكل بشري:(إنما المسيح عيسي ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلي مريم) [39] .(إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسي ابن مريم) [40] .مع ما في الآية الأولي من الحصر ب_(إنما)، وفي الآية الثانية إرجاع ضمير المذكر في (اسمه) إلي (كلمة) باعتبارها طاقة إيجابية، وكذلك تعريف الكلمة لمريم بأن اسمه (المسيح عيسي ابن مريم) كي لا تستغرب أن يكون ابنها كلمة الله.فكان عيسي ابن مريم (عليهما السلام) كلمة الله، ذات الكلمة، ولذلك كان من أولي العزم، لأن العزم لا يمكن أن ينفصل عن الكلمة.وكان له نشاط معجزي مذهل منذ أن ألقاه إلي مريم، إلي أن رفعه الله، وكانت له مسلكية شخصية مختلفة عن مسلكية سائر البشر (ومع ذلك) لم يكن نشاطه الرسالي في مستوي نشاط سائر أولي العزم من الأنبياء، من نوح وإبراهيم وموسي ومحمد (عليه وعليهم الصلاة والسلام) حيث كانت رسالاتهم تأسيسية، فيما كانت رسالته تصحيحيّة.وأما آدم (عليه السلام) فقد كانت مبادئ نفسه عالية جداً،.يكفي: أنه كان روح الله، أي من القدرة المطلقة مباشرة - علي ضيق في التعبير - فكان لديه الاستعداد الكافي للتعامل مع جميع الأسماء: (وعلّم آدم الأسماء كلها) [41] .ولكنه كان مثقلاً بجسده الذي جمع الله فيه كل خواص الأرض من (سهلها، وحزنها، وطيبها، وسبخها، وعذبها وأجاجها) كما في الحديث الشريف: فابتلي بخلط مطامح الروح بمطامح الجسد:(ولقد عهدنا إلي آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً) [42] .ونتيجة لذلك

فقد اختلف مستواه من مستوي التعامل مع (الأسماء كلها) إلي مستوي التعامل مع مجموعة معينة من الكلمات:(فتلقي آدم من ربه كلمات) [43] .(وأما) كبار الرسل، وكبار الملائكة فإنهم يتعاملون مع الأسماء التي هي أعلي طبقات الطاقيات، فيتصرفون بها في جميع الخلائق مما هي دون الأسماء.وهذه درجة فوق المعجزة، وتختص بأصحاب (العصمة الكبري) وهم أصحاب الولاية العامة، الذين يأتون بما يعجز عنه أصحاب الكرامات والمعجزات حتي الملائكة والأنبياء والأوصياء.وأصحاب (العصمة الكبري) رغم قلة عددهم يشكلون درجات بل لكل واحد منهم مستوي وصلاحيات خاصة به:(تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم فوق بعض درجات) [44] .وسيّدهم وأفضلهم ذلك اليتيم الفقير الذي جاء بما فوق المعجزات، وتحدّي من سوي الله عز وجل فعجزوا عن الردّ عليه.(قل إن كنتم في ريب مما نزلنا علي عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهدائكم من دون الله إن كنتم صادقين) [45] .(أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) [46] .(أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) [47] .

موجز تواريخ نواب الإمام المهدي

عثمان العمري

اسمه: عثمان بن سعيد العَمْري - بفتح السين وسكون الميم -.كنيته: أبو عمرو. إذ رزقه الله ولداً أسماه عمرواً، فقال له الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): (لا يجتمع علي امرئ بين عثمان وأبي عمرو) فأمر بكسر كنيته فقيل له العمري.نسبه: أسديّ، وكان يقال له: الأسدي لأنه ينتمي إلي قبيلة بني أسد. قال: أبو نصر؛ هبة الله أحمد بن محمد الكاتب: إنه ابن بنت أبي جعفر العمري، فنسب إلي جدّه فقيل له: العمري. ويقال: أنه ينتسب من قبل أمه إلي

عمر الأطرف، فقيل له: العمري.لقبه:أ: العسكري. لأنه كان يسكن مع الإمامين العسكريين (عليهما السلام) في المنطقة العسكرية بسامراء التي فرض المتوكل العباسي عليهما الإقامة الجبرية فيها.ب: السّمّان.ج: الزيات. لأنه كان يتجّر في السمن والزيت تغطية علي عمله مع الأئمة (عليهم السلام)، فإذا حمل الشيعة إليه مالاً أو كتاباً جعله في جراب السمن وأوصله إلي الإمام.عمله: بدأ حياته بخدمة الإمام علي الهادي (عليه السلام) وله إحدي عشرة سنة، وله إليه عهد معروف. ومن بعد الإمام الهادي بقي وفيّاً فلزم خدمة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وبقي علي العهد حتي مضي الإمام العسكري، فعينه الإمام المهدي (عليه السلام) نائباً عنه.صفته: كان شيخاً جليلاً، ويكفي أنه خدم ثلاثة من الأئمة الطاهرين، وأنهم اختاروه باباً بينهم وبين شيعتهم وأنه أدي الأمانة بدقة وإخلاص وهو ابن إحدي عشرة سنة حتي توفاه الله.قبره: في الجانب الغربي ببغداد، وله مقام معروف.

محمد العمري

اسمه: محمد بن عثمان العمري.كنيته: أبو جعفر.نسبه: أسدي.لقبه: العسكري، الزيات.عمله: بدأ عمله منذ صباه في معيشة والده عثمان بن سعيد العمري بخدمة الإمام علي الهادي، ثم الإمام الحسن العسكري، ثم الإمام المهدي. وقد عيّنه الإمام المهدي (عليه السلام) نائباً عنه بعد موت أبيه، وبقي حوالي نصف قرن النائب الوحيد عن الإمام المنتظر في شؤون الشيعة.وقد نص علي نيابته الإمام الهادي والإمام العسكري والإمام المهدي، كما نص عليه أبوه قبل موته.وقد ظهرت علي يديه من قبل الإمام المهدي معاجز كثيرة، كما صدرت بواسطته تواقيع كثيرة.وكان شيخاً متواضعاً يعيش في بيت صغير، بلا خدم ولا حجاب.قيل له: هل رأيت صاحب هذا الأمر؟ قال: نعم؛ وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: (انجز لي ما وعدتني).وقال: رأيته (صلوات الله عليه) متعلقاً بأستار

الكعبة في المستجار وهو يقول: اللهم انتقم بي من أعدائك.وقال: إن صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم مع الناس كل سنة، يري الناس فيعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه.وروي: أنه حفر لنفسه قبراً، وسواه بالساج، ونقش فيه آيات من القرآن، وأسماء الأئمة علي حواشيه. فلما سئل عن ذلك قال: للناس أسباب. وكان في كل يوم ينزل في قبره، ويقرأ جزءاً من القرآن، ثم يصعد. ثم سئل بعد ذلك، فقال: أمرت أن أجمع أمري. فمات بعد شهرين من ذلك، في جمادي الأولي سنة خمس وثلاثمائة بعد الهجرة، وقال عند موته: أمرت أن أوصي إلي أبي القاسم الحسين بن روح، وأوصي إليه.قبره: في بغداد وله مقام يعرف ب_(الخلاني).

الحسين بن روح

اسمه: الحسين.كنيته: أبو القاسم بن روح ابن أبي بحر.لقبه: النوبختي، نسبته إلي نوبخت من عوامل فارس.عمله: بدأ عمله مع أبي جعفر محمد بن عثمان العمري - النائب الثاني - وكان وكيلاً عن أبي جعفر ينظر في أملاكه ويلقي بأسراره وجهاء الشيعة. وقد نصّ عليه أبو جعفر قبل وفاته وصدرت علي يده تواقيع كثيرة من الناحية المقدسة. فقد روي جماعة عن أبي محمد هارون بن موسي، قال: أخبرني أبو علي محمد بن همام: أن أبا جعفر محمد بن عثمان العمري جمعنا قبل موته، وكنّا وجوه الشيعة وشيوخها، فقال لنا: (إن حدث الموت فالأمر إلي أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي، فقد أمرت أن أجعله في موضعي بعدي، فارجعوا إليه وعوّلوا - في أموركم - عليه).وفي رواية أخري: لما اشتدّت حال أبي جعفر رحمه الله، اجتمع جماعة من وجوه الشيعة فدخلوا عليه، فقالوا له: إن حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: (هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي، القائم مقامي،

والسفير بينكم وبين صاحب الأمر، والوكيل والثقة الأمين، فارجعوا إليه في أموركم، وعوّلوا عليه في مهماتكم، فبذلك أمرت وقد بلّغت).وقد كان فاضلاً موثوقاً لا يختلف فيه اثنان من الثقات، حتي كان أبو سهل النوبختي يقول في حقه: (لو كان الحجة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل).وقد روي محمد بن إبراهيم بن إسحاق عنه أنه قال: (يا محمد بن إبراهيم؛ لئن أخرّ من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحبّ إليّ من أن أقول في دين الله برأيي ومن عند نفسي).وكانت مدّة نيابته إحدي وعشرين سنة.توفي سنة 326ه_.قبره: له مقام في بغداد يعرف باسمه في سوق الشورجة.

علي السمري

اسمه: علي بن محمد السَّمَري - بفتح السين والميم معاً - أو السيمري، أو الصيمري، والمشهور المعروف هو الأول.كنيته: أبو الحسن.ميلاده: لم يصلنا تاريخ ميلاده، ولا ذكر المؤرخون فجر حياته، وإنما الذي ورد في كتب الرجال أنه كان من أصحاب الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)، ثم تولي السفارة المهدوية بعد الشيخ الجليل الحسين ابن روح بإيعاز من الإمام المهدي (عليه السلام).ولم نجد نصاً خاصاً بسفارته وإنما الأدلة عليها أمور.الأول: اتفاق كلمة الشيعة علي ذلك خلفاً بعد سلف منذ أيام سفارته وحتي اليوم، فرابع النواب الأربعة هو علي بن محمد السمري بلا خلاف ولا منازع.الثاني: خروج توقيعات علي يده من الناحية المقدسة مما يدل علي سفارته.الثالث: توصية الحسين بن روح به، والحسين بن روح أجل وأرفع من أن يفعل مثل هذا الأمر الخطير المهم بلا أمر عن الإمام المهدي (عليه السلام).الرابع: خروج التوقيع - الذي حمل وفاته - بانتهاء الدور للغيبة الصغري وبدور الغيبة الكبري، علي يده مما يدل علي سفارته،

وكونه كالثلاثة السابقين سفيراً خاصاً للإمام المهدي (عليه السلام).مدة سفارته: تولي السفارة عن الناحية المقدسة من 326 - عام وفاة الحسين بن روح - إلي 329 عام وفاته في النصف من شعبان [48] .وفاته: قبل ستة أيام من موته خرج من الناحية المقدسة توقيع علي يده بانقطاع الغيبة الصغري، وأن لا يوصي إلي أحد وأنه ميت بينه وبين ستة أيام، فلما أن كان اليوم السادس وكان يجود بنفسه قيل له: من وصيك من بعدك فقال: (لله أمر هو بالغه) ومات رضوان الله عليه.قبره: له مزار معروف في بغداد هناك موضع قبره.

وكلاء آخرون للإمام المهدي

اشاره

ثبت بالأحاديث الشريفة، والنقل التاريخي وجود وكلاء آخرين - غير السفراء الأربعة - للإمام المهدي (عليه السلام)، منتشرين في مختلف البلاد الإسلامية التي فيها أناس من شيعة الإمام ويحتاجون إلي وجود قنوات بينهم وبين الإمام (عليه السلام).والفارق بين السفراء الأربعة، وبين الوكلاء الآخرين يمكن تلخيصه في أمرين رئيسيين:(أحدهما): أن السفير يواجه الإمام شخصياً، ويراه مباشرة، ويسلمه الكتب والحوائج والأموال، وغيرها، ويتسلم منه الأجوبة والتعليمات الخاصة والعامة.. بينما الوكيل ليس كذلك، بل هو علي اتصال بالإمام (عليه السلام) بواسطة السفير، فالوكيل همزة وصل بين الشيعة وبين السفير غالباً.(ثانيهما): أن مسؤولية السفير في الحفاظ علي الدين، وعلي الشيعة عامة لا تخص بلداً، أو قطراً معيناً، بينما الوكيل مسؤوليته محدودة بمنطقته، أو بلده.والمصلحة الأساسية والظاهرة من تعيين وكلاء آخرين يمكن استنباطها في عدة أمور:(الأول): الإسهام في تسهيل مهمات السفراء وأعمالهم، إذ من الصعب جداً للشخص الواحد أن يتصل بشرق البلاد وغربها، ويكون المركز الوحيد للأحكام، والحوائج والرسائل والأمانات وغيرها، خاصة في ظروف التكتم، وملاحقة السلطات الظالمة القائمة للسفراء.(الثاني): تسهيل الأمر علي الناس، وأصحاب الرسل والحوائج، وتوسيع الأمر

عليهم حتي لا يتقيد من في إيران، أو الحجاز، أو غيرهما من الاتصال مباشرة بالسفراء القاطنين في بغداد.(الثالث): المساهمة في إخفاء السفراء الأربعة، وكتمان أسمائهم وخصوصياتهم لكي لا يعرفوا فيؤخذوا برقابهم، ويزج بهم في السجون، أو يقتلون.ويظهر من نصوص عديدة أن السفراء كانوا مهددين بذلك من سلطات زمانهم.ونحن نورد هنا أسماء عدد من الوكلاء - من غير استيعاب - فلعل بعضهم لم يسجل التاريخ اسمه، ولعل بعضهم كان في غاية الكتمان، ولعل بعضهم لم يصلنا تاريخه.

حاجز بن يزيد الوشاء

منتهي المقال: ج1 ص241.روي الكليني بسنده عن محمد بن الحسن الكاتب المحروزي أنه قال: وجهت إلي حاجز الوشاء مائتي دينار وكتبت إلي الغريم (يعني: الإمام المهدي عليه السلام) بذلك فخرج الوصول.وذكر: أنه كان قبلي ألف دينار وإني وجهت إليه مائتي دينار.فخرج التوقيع: إن أردت أن تعامل أحداً فعليك بأبي الحسين الأسدي بالري.فورد الخبر بوفاة حاجز (رضي الله عنه) بعد يومين أو ثلاثة... الحديث [49] .هذا الحديث يستنبط منه عدة أمور بالنسبة لحاجز.(الأول) أن حاجزاً من وكلاء الناحية لتوثيقه من قبلها وخروج الوصول بسببه، وعند الناس لبعث الأموال إليه.(الثاني) تعارف أن يرسل قسم من الناس بعض أموال الناحية المقدسة إلي حاجز.(الثالث) ثبات حاجز علي الوكالة إلي آخر عمره، فلم ينحرف كما انحرف بعض الوكلاء.

ابوطاهر محمد بن علي بن بلال

البلالي: وهو أبو طاهر محمد بن علي بن بلال.عدّة السيد ابن طاووس - قدس سره - في ربيع الشيعة من الوكلاء الموجودين في الغيبة الصغري والأبواب المعروفين الذين لا يختلف الإمامية القائلون بإمامة الحسن بن علي (عليه السلام) فيهم [50] .وذكره الصدوق (قدس سره) في قائمة الوكلاء في كتابه (كمال الدين وتمام النعمة).وفي رجال الكشي: أن الإمام المهدي (عليه السلام) عبّر عنه في توقيع رفيع بأنه الثقة المأمون العارف بما يجب عليه [51] .(لكن) مع ذلك كله قد ورد فيه الذم عن الناحية المقدسة (قال) الشيخ الحر في وسائل الشيعة (ج 20 - ص 325): وعدّه الشيخ في كتاب الغيبة من المذمومين [وسيأتي في آخر حقل الرسائل نقل تفصيل ذلك] وتوقف العلامة بعد نقل التوثيق والذم (ولا يبعد) أن يكون وجه الذم ما تقدم في زرارة ويكون مأموراً بما صدر عنه، أو يكون تغير في آخر أمره، علي أن ما نقل عنه

من سبب الذم لا ينافي كونه ثقة في الحديث).ويقصد بما تقدم في زرارة: ما ذكره في ص 196 قال: (وروي أحاديث في ذمه [يعني: زرارة] ينبغي حملها علي التقية بل يتعين وكذا ما ورد في حق أمثاله من أجلاّء الإمامية بعد تحقق المدح، من الأئمة (عليهم السلام).

محمد بن إبراهيم بن مهزيار

ابن مهزيار: محمد بن إبراهيم بن مهزيار.عدّه ابن طاووس من الوكلاء والأبواب المعروفين الذين لا يختلف الإمامية القائلون بإمامة الحسن بن علي فيهم [52] .وذكره الصدوق (قدس سره) في إكمال الدين في قائمة الوكلاء.كما ورد التوقيع الرفيع في حقه: (قد أقمناك مقام أبيك فاحمد لله) [53] وكان يسكن أهواز.

ابومحمد السالف الذكر

ابن مهزيار: إبراهيم بن مهزيار، أبو محمد السالف الذكر.ذكره ابن طاووس (قدس سره) في ربيع الشيعة من الوكلاء للصاحب (عليه السلام) [54] .ويدل عليه التوقيع الرفيع الصادر إلي ابنه: (قد أقمناك مقام أبيك).فهذا النص يدل علي أن الأب أيضاً كان وكيلاً للإمام المهدي (عليه السلام).

احمد بن إسحاق

أحمد بن إسحاق: بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري، أبو علي القمي، وكان وافداً لقميين روي عن الجواد (الهادي) وكان من خاصة أصحاب العسكري (عليهم السلام) [55] .قال الشيخ الطوسي (قدس سره): (وكان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة من الأصل ثم قال: منهم أحمد بن إسحاق...) [56] .وقد بشّره الإمام العسكري (عليه السلام) بولادة الإمام المهدي (عليه السلام) فيما ورد إليه من الكتاب الخاص به [57] .وفي ربيع الشيعة للسيد بن طاووس أنه من الوكلاء [58] وقد ذكره الصدوق (قدس سره) في قائمة الوكلاء أيضاً [59] .

محمد بن صالح

محمد بن صالح: بن محمد الهمداني الدهقان، من أصحاب العسكري، وكيل الناحية [60] .ذكره الشيخ الصدوق (قدس سره) في قائمة الوكلاء [61] .وعدّه رجال الكشي: أن توقيع الإمام المهدي (عليه السلام) لإسحاق بن إسماعيل يدل علي وكالته حيث ورد فيه: (فإذا وردت بغداد فاقرأه علي الدهقان وكيلنا وثقتنا والذي يقبض من موالينا) [62] .(لكنه) علي آخر عمره [63] أصبح منحرفاً وإنما كان ممدوحاً موثوقاً قبل انحرافه، ولعله هو المقصود من قول الإمام المهدي (عليه السلام) في بعض توقيعاته الشريفة (وقد علمتم ما كان من أمر الدهقان عليه لعنة الله، وخدمته وطول صحبته فأبدله الله بالإيمان كفراً حين فعل ما فعل فعاجله الله بالنقمة ولم يمهله) [64] .

محمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي

الأسدي: محمد بن جعفر بن محمد بن عون الأسدي، الرازي كان أحد الأبواب [65] .وذكره الصدوق (قدس سره) في الحديث المروي عنه نفسه أيضاً [66] .وله كتاب الرد علي أهل الاستطاعة [67] .وقد أسلفنا في ذكر حاجز الوشاء نصب الإمام المهدي (عليه السلام) للأسدي في محل حاجز [68] .وهناك توقيعات متعددة عن الإمام المهدي (عليه السلام) في تعيين الأسدي هذا.(منها) ما رواه النجاشي في رجاله عن صالح بن أبي صالح قال: سأني بعض الناس في سنة تسعين ومائتين قبض شيء فامتنعت من ذلك، وكتبت - يعني: إلي المهدي (عليه السلام) استطلع الرأي، فأتاني الجواب: (بالري محمد بن جعفر العربي فليدفع إليه فإنه من ثقاتنا) [69] .(ومنها) ما رواه أيضاً في رجاله عن أبي جعفر محمد بن علي بن نوبخت - في ثقة مفصلة وفي آخرها - فورد الجواب - يعني: عن الإمام المهدي (عليه السلام): (الأسدي نعم العدليل فإن تدم فلا تختر عليه) [70] .(ومنها) غير ذلك مما

هو مذكور في الكتب المفصلة وسيأتي نقل بعضه منا أيضاً في محله.

القاسم بن العلاء من أهل أذربايجان

ذكره الصدوق (قدس سره) في قائمة الوكلاء [71] .وقال ابن طاووس: إنه من وكلاء الناحية، يكنّي بأبي محمد [72] .عمّر مائة وسبع عشرة سنة، منها ثمانون سنة صحيح العينين، ولقي الإمامين الهادي والعسكري (عليهما السلام) وكانت توقيعات مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) لا تنقطع عنه علي يد أبي جعفر بن عثمان العمري، وبعده علي يد أبي القاسم الحسين بن روح قدس الله روحهما [73] .ونقل الشيخ الطوسي (قدس سره) في كتاب الغيبة، والراوندي في الخرائج، حديثاً مطولاً يدل علي جلالة قدره من أجل أمور عديدة (منها) أن الإمام المهدي (عليه السلام) أرسل إليه قبل موته سبعة ثياب لتكفينه وأخبره أنه يموت بعد أربعين يوماً من وصول ثياب الكفن إليه، فمات في اليوم المذكور، وإذا لاحظنا أن الإمام المهدي (عليه السلام) كان قد بعث إلي عديد من الوكلاء والمتقين بالكفن عند موتهم، لكنه كان غالباً مقتصراً علي ثوب واحد أو ثوبين أو ثلاثة فقط، من هذه الملاحظة يظهر التقدير الكبير للقاسم بن العلاء إذ بعث الإمام (عليه السلام) إليه سبعة ثياب للكفن (ومنها) أنه أوصي عند موته بحرمان أهله مما أوقفه علي الناحية المقدسة إذا لم يكن من المتقين، وجواز الأكل من الموقوفة إذا كان من أهل التقوي، وهذا بنفسه يدل علي تفاني القاسم بن العلاء في الله (ومنها) صدور التوقيع من الإمام المهدي (عليه السلام) بتعزية ابنه في موته، وقد جاء فيه هذا النص (قد جعلنا أباك إماماً لك وفعاله لك مثالاً) (ومنها) غير ذلك مما يجده الناقب من خلال الحديث المطول.

الحسن بن القاسم بن العلاء

الحسن بن القاسم بن العلاء: قد يستفاد من النص الآنف كونه من وكلاء الناحية المقدسة، وذلك من أجل كلمة (جعلنا) وأبعادها، وإن كنت

لم أر من ذكره من الوكلاء، وهذا لا يكون دليلاً علي العدم إذ لا شك أن فقهاءنا الماضين ومحدثينا السابقين لم يكونوا بصدد الاستيعاب في هذا المجال والله هو العالم.

محمد بن شاذان بن نعيم النعيمي النيسابوري

ذكره الشيخ الصدوق (قدس سره) في قائمة الوكلاء التي ذكر فيها أسماء اثني عشر شخصاً بما فيهم اثنان من السفراء الأربعة وهما عثمان بن سعيد العمري، وابنه محمد بن عثمان.وقد عدّه ابن طاووس من وكلاء الناحية وممن وقف علي معجزات صاحب الزمان ورآه (عليه السلام) في ربيع الشيعة [74] .

العطار

العطار: ذكره الشيخ الصدوق (قدس سره) في الوكلاء، ولم نجد من ذكره غيره بهذا اللقب، وحيث أن العطار لقب لجماعة (منهم) محمد بن يحيي العطار، وابنه أحمد بن محمد بن يحيي، ويحيي بن المثني العطّار، والحسن بن زياد العطّار، وعلي بن محمد بن عمر العطّار، ومحمد بن عبد الحميد العطّار، ومحمد بن أحمد بن جعفر القمي العطار، وداود بن يزيد العطّار، وغيرهم.لا نستطيع الجزم بأن من ذكره الصدوق (قدس سره) أي واحد من هؤلاء، أو من غيرهم؟ إلا أن غاية ما يدل عليه كلام الصدوق (قدس سره) وجود وكيل للناحية المقدسة بلقب (العطار).

العاصمي

العاصمي: ذكره الشيخ الصدوق (قدس سره) في قائمة الوكلاء، ولم نجد أيضاً ذكره بالوكالة من شخص آخر. وهو لقب لشخصين فيما نعلم (أحدهما) أحمد بن محمد بن أحمد بن طلحة بن عاصم أبو عبد الله، وهو ابن أخي علي بن عاصم المحدّث، ويقال له العاصمي ثقة في الحديث، أصله من الكوفة وسكن بغداد وروي عن الشيوخ الكوفيين [75] (وثانيهما) عيسي بن جعفر بن عاصم، وقد دعا له أبو الحسن الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) [76] .ولكن كليهما لم يوسم بالوكالة والسفارة (نعم) يدل كلام الصدوق (قدس سره) علي أن شخصاً ملقباً بالعاصمي وكيل للناحية المقدسة ولكنه من هو؟ هل أحد هذين أم غيرهما فالله أعلم.

ابوعبدالله البزوقري

أبو عبد الله البزوقري: الحسين بن علي بن سفيان بن خالد بن سفيان.روي الشيخ في الغيبة: عن بعض العلويين قال: كنت بمدينة (قم) فجري بين إخواننا كلام في أمر رجل أنكر ولده، فأنفذوا إلي الشيخ [77] صانه الله وكنت حاضراً عنده أيده الله فدفع إليه الكتاب فلم يقرأه وأمره أن يذهب إلي أبي عبد الله البزوقري (أعزه الله) ليجيب عن الكتاب، فصار إليه وأنا حاضر. فقال أبو عبد الله: الولد ولده، وواقعها في يوم كذا وكذا، في موضع كذا وكذا، فقال له: فيجعل اسمه محمداً، فرجع الرسول إلي البلد وعرفهم، ووضح عندهم القول، وولد الولد وسمي محمداً [78] .ولا يخلو هذا الحديث من دلالة عرفية علي أن البزوقري استقي هذه المعلومات عن الإمام المهدي (عليه السلام) مباشرة، أو بواسطة بعض السفراء.ولذا قال العلامة المجلسي (قدس سره) وهو يعلق علي هذا الحديث: (يظهر منه أن البزوقري كان من السفراء، ولم ينقل).وقال النجاشي في رجاله، والعلامة في الخلاصة: (شيخ ثقة

جليل القدر من أصحابنا).

ابراهيم بن محمد الهمداني

إبراهيم بن محمد الهمداني: وكيل الناحية كان حج أربعين حجة [79] .كان عاصر الرضا، والجواد، والهادي، والعسكري (عليهم السلام)، وله وكالة عن الإمام الجواد، والهادي، والعسكري (عليهم السلام)، وله وكالة عن الإمام الجواد وجاء في بعض رسائل الجواد (عليه السلام) إليه: (وكتبت إلي مواليّ بهمدان كتاباً أمرتهم بطاعتك والمصير إلي أمرك وأن لا وكيل لي سواك) [80] .لم يذكر اسمه في قائمة الوكلاء، إلا أنه ذكر ورود توقيع الإمام المهدي (عليه السلام) مبتدءاً من دون سبق سؤال بتوثيقه [81] وهو إذ ذاك من شيوخ الشيعة وكبارهم ومبرزيهم الذين لهم قدم في مدح عدد من الأئمة المعصومين (عليهم السلام) إياهم.وهذا التوقيع استفاد البعض منه وكالة الرجل وليس ببعيد والله العالم.وقال النجاشي: إنه وكيل الناحية [82] (لكن) الكلام في ظهور هذه الكلمة في الوكالة عن الإمام المهدي (عليه السلام) بالخصوص، أو الأعم منها ومن الوكالة عن بعض آبائه (عليهم السلام).

احمد بن اليسع بن عبدالله القمي

أحمد بن اليسع بن عبد الله القمي: قال في الوسائل: والظاهر أنه ابن حمزة بن اليسع [83] .وعليه بني جامع الرواة، إذ لم يذكر سوي أحمد بن حمزة.وقد ورد توقيع ربما يدل علي وكالته، بل استظهر البعض وكالته منه.(والتوقيع هو) ما عدّه أبي محمد الرازي قال: كنت أنا وأحمد بن أبي عبد الله بالعسكر (أي: سامراء) فورد علينا رسول من الرجل (وقد يستظهر كونه كناية عن الإمام المهدي (عليه السلام) فقال لنا: الغائب العليل ثقة، وأيوب بن نوح، وإبراهيم بن محمد الهمداني، وأحمد بن حمزة، وأحمد بن إسحاق ثقاة) [84] .ويستظهر ذلك من عبارة الشيخ الطوسي (قدس سره) أيضاً حيث قال في كتاب الغيبة: (قد كان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات يرد عليهم التوقيعات من قبل

المنصوبين للسفارة من الأصل، ثم قال: (ومنعم أحمد بن إسحاق وجماعته يخرج التوقيع في حقهم) [85] .ولعل الشيخ الطوسي يشير بذلك إلي هذا التوقيع الشريف الآنف المتضمن لذكر أحمد بن حمزة أيضاً.

ايوب بن نوح

أيوب بن نوح، من أصحاب الهادي والعسكري (عليهما السلام)، ومن وكلائهما، عظيم المنزلة، ثقة [86] ، وقد شهد له الإمام العسكري بالجنة [87] .إلا أنه لم يذكر في وكلاء الإمام المهدي (عليه السلام). لكنه قد استظهر بعضهم وكالته من التوقيع الرفيع الصادر عن الإمام المهدي (عليه السلام) الذي يرويه أبو محمد الرازي وقد نقلناه آنفاً عند ذكر (أحمد بن اليسع) فراجعه.

ابوهاشم داود بن القاسم

الجعفري: أبو هاشم داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب.ذكره السيد بن طاووس (قدس سره) في ربيع الشيعة وقال: (إنه من السفراء والأبواب المعروفين الذين لا تختلف الشيعة القائلون بإمامة الحسن بن علي فيهم [88] .كما ذكره في قائمة الوكلاء الشيخ علي الحائري أيضاً في إلزام الناصب [89] ولم أجد غيرهما من يذكر وكالته عن الناحية المقدسة.نعم قال عنه صاحب الوسائل: (من أهل بغداد، ثقة، جليل القدر عظيم المنزلة عند الأئمة (عليهم السلام)، شهد أبا جعفر، أبا الحسن وأبا محمد (عليهم السلام) وكان شريفاً عندهم، وذكر أنه شاهد الرضا (عليه السلام) أيضاً [90] .وفي الفهرست أنه شاهد الرضا، والجواد، والهادي، والعسكري، وصاحب الأمر (عليهم السلام)، وقد روي عنهم كلهم [91] .وقد ترجم له كل كتب الرجال بتفصيل فراجعها [92] .

احمد بن إسحاق

الرازي: أحمد بن إسحاق، يحتمل كونه من الوكلاء. قال الأردبيلي في جامع الرواة (من أصحاب الهادي (عليه السلام) ثقة [صه] [93] في (كش) حكي بعض ثقاة نيسابور أنه خرج لإسحاق بن إسماعيل بن أبي محمد [94] (عليه السلام) توقيع: (يا إسحاق بن إسماعيل إلي أن قال: فليؤد حقوقنا إلي إبراهيم وليحمل ذلك إبراهيم من عنده إلي الرازي رضي الله عنه أو إلي من يحمله الرازي قال ذلك عن أمري ورأيي إن شاء الله. ثم قال: وقد يحتمل الاتحاد) [95] فيكون هذا هو أحمد بن إسحاق الذي ذكرناه برقم -5-.

محمد بن أحمد

أبو جعفر: محمد بن أحمد.لم أجد توصيفه بأكثر من ذلك، كما لم أجد ذكره من وكلاء الناحية المقدسة، إلا أن الذي يظهر من الرواية التالية والتوقيع الرفيع كونه من الوكلاء.أخرج العلامة المجلسي عن القطب الراوندي في الخرايج قال: روي عن أحمد بن أبي روح قال خرجت إلي بغداد في مال لأبي الحسن الخضر بن محمد لأوصله وأمرني أن أدفعه إلي أبي جعفر محمد بن عثمان العمري (ثاني النواب الأربعة) فأمرني أن لا أدفعه إلي غيره وأمرني أن أسأل الدعاء للعلة التي هو فيها وأسأله عن الوبر يحل لبسه؟فدخلت بغداد، وصرت إلي العمري فأبي أن يأخذ المال وقال: صر إلي أبي جعفر محمد بن أحمد وادفع إليه فإنه أمره بأن يأخذه، وقد خرج الذي طلبت.فجئت إلي أبي جعفر فأوصلته إليه فأخرج إلي رقعة فيها: بسم الله الرحمن الرحيم. سألت الدعاء عن العلة التي تجدها... - إلي آخره - [96] .وقد يكون من البيّن الظاهر: أن من يأخذ أموال الناحية المقدسة، ويحوّل النائب العمري إليه، ويعطي رقعة الناحية لابد أن يكون وكيلاً لا متصلاً ولكن كسائر الوكلاء بواسطة

النواب الأربعة.غير أن الحديث هو في أنه من هو بالتعيين؟ هذا ما يحتاج إلي فحص ودقة أكثر، وقد ترجم جامع الرواة لعدة أشخاص يمكن كون الرجل أحدهم بهذا الاسم وهذه الكنية وفي ذاك الزمان [97] .

و هناك أسماء أخري

وهناك أسماء أخري ذكرها بعضهم في قائمة الوكلاء للناحية المقدسة لم نجد مجالاً للتتبع والتحقيق فيهم واحداً واحداً، نذكرهم لعل من يتتبع كثيراً فيجد أدلة وشواهد أخري علي وكالتهم.وهم كالآتي:1- إبراهيم بن محمد.2- والحسن بن محبوب.3- وعمرو الأهوازي.4- وأبو محمد الوجناتي.ذكرهم الشيخ علي الحائري اليزدي في كتاب (إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب عليه السلام) قال: (وقد كان في زمان السفراء (رضوان الله عليهم) أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة) [98] ، وذكر أسماء عديدة منهم هؤلاء الأربعة.أما إبراهيم بن محمد فهو مشترك بين متعددين ولم نعرف المقصود به أيهم ولعله الهمداني الذي ذكرناه برقم - 14-.وأما الحسن بن محبوب فهو من أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام) ومات سنة (224) أي: قبل ولادة صاحب الأمر (عليه السلام) باثنتين وثلاثين سنة، فكيف يمكن عده من وكلائه (عليه السلام)؟ولعلّه مصحّف محمد بن علي بن محبوب.وأما عمر الأهوازي، فلم أجد من ذكر له الوكالة من الناحية المقدسة، غير صاحب إلزام الناصب، (نعم) ذكر جامع الرواة أنه ممن أراه أبو محمد العسكري صاحب الأمر (عليهما السلام) [99] ، ولعل صاحب الزام الناصب وجد له مدركاً والله أعلم.وأما أبو محمد الوجناتي فلم أجده في كتب الرجال - في هذه العجالة - بهذه الكنية ولا ذاك اللقب، وأبو محمد في كتب الرجال كثير يعدون بالعشرات، فلم نعلم أنه أيهم. والله أعلم.

منزلة الإمام المهدي في القرآن

اشاره

كان الإمام الشهيد الشيرازي المؤلف (قدس سره) أراد في هذا الفصل أن يسجل العشرات من آيات القرآن المفسرة، والمُأوّلة (بالإمام المهدي) عليه الصلاة والسلام، ويعطي كل واحدة منها شيئاً موجزاً من التحليل والتوضيح.. لكنه - كما يبدو - لم يكن بعد قد سجل سوي مورد واحد من

القرآن الحكيم حتي أسرعت إليه الأيدي الظالمة تصرع شهيداً في سبيل الإسلام.. رضوان الله عليه.(ونريد أن نمنّ علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون). سورة القصص، آية 5 - 6.هذه الآية من الآيات التي أولت برجعة الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، التي تبدأ بظهور الإمام المنتظر وإن كانت في سياق الآيات الواردة في بني إسرائيل.ودليل هذا التأويل:1- أن هذه الآية لم ترد في القرآن بصيغة نقل إرادة سابقة، فلم ترد (وقلنا لبني إسرائيل: نريد أن نمنّ...) وإنما أوردت (الإرادة الفعلية) في القرآن، الذي نزل بعد غياب بني إسرائيل عن المسرح الديني، بنسخ شريعتهم مرتين، فقد نسخت شريعتهم، مرة بشريعة المسيح (عليه السلام) ونسخت مرة أخري بالإسلام.فهذه (الإرادة) الإلهية التي ترويها (ونريد) إرادة قائمة لم تكن قد نفذت حين نزول القرآن.2- أن بني إسرائيل، لم يتمكنوا في الأرض عبر أئمة مطلقاً، وإذا صحّ أن سليمان بن داود حكم الأرض كلها، وافترضناه (إماماً) فذلك إمام واحد، وهذه الإرادة لمجموعة أئمة. لهم حكومة عالمية هم جماعة من الحكام، وليس حاكماً واحداً عبّر الله عنه وعن أعوانه بصيغة الجمع بدليل كلمة (الأئمة) ومن الثابت أن رتبة (الإمامة) وهي الولاية المطلقة، لا تكون إلا لرجل واحد في عهده، فلا تكون لعدّة رجال في وقت واحد، وإنما يتوارثون هذه الرتبة بالتعاقب.3- ووصف أولئك (الأئمة) ب_(الذين استضعفوا في الأرض) يدل علي أنهم قادمون إلي الأرض مرتين، قدموا إليها مرة فاستضعفوا، ويقدمون إليها مرة أخري فيمكنهم الله في الأرض. إذ لا يمكن أن تكون مجموعة من الناس مستضعفين في الأرض، ثم يمكنهم الله فيها فيحكموها ويكونوا أئمة بالتعاقب مع

العلم بأن الإمام لا يستضعف إماماً آخر - لاشتراط العصمة فيهما - حتي نقول بأن كل واحد منهم كان مستضعفاً في حين وحاكماً في حين آخر.4- أن كل الأفعال التي استخدمت في هذه الآية مستقبلية (نريد... نمنّ.. نجعلهم.. ونجعلهم.. نمكّن.. نري) فهذه الأفعال الستة المستقبلية لا تزال قيد التنفيذ. فتنحصر محتوي هذه الآية لمجموعة (أئمة) يحكمون الأرض، وإذا عرفنا أن النبي (صلّي الله عليه وآله) حصر الأئمة من بعده في اثني عشر إماماً عددهم عدد نقباء بني إسرائيل كما في أحاديث متواترة، من جملتها قوله (صلّي الله عليه وآله): (الأئمة بعدي اثني عشر كلهم من قريش).وإذا عرفنا أن أيّاً من الأئمة الاثني عشر لم يتمكن في الأرض سابقاً، نعرف أن تلك (الإرادة) لم تتحقق بعد، وإنما ستحقق لهم أنفسهم في وقت لاحق.6- أن استخدام كلمة (الوارثين) يشير إلي أن أولئك الذين بشّرهم الله تعالي - في هذه الآية - بحكومة عالمية يأتون في آخر الزمان، فيرثون الأرض من جميع الذين حكموها قبلهم، ولو كانوا حلقة في سلسلة حكام الأرض لما عبّر القرآن عنهم ب_(الوارثين). كما لم يعبّر عن سليمان وصحبه، ولا عن يوسف وأعوانه بالوارثين. فلا ينطبق هذا التعبير إلا علي جماعة يكون لهم المطاف الأخير في حكومة الأرض.7- أن التمكين في الأرض لم يتحقق لأي إنسان منذ نزول هذه الآية فكيف بتحققه لمجموعة أشخاص. وإذا ظهر في المسلمين حاكم واحد أو مجموعة حكام - وافترضناهم أئمة - فإن أيّاً منهم لم يتمكن في الأرض كلها، وإنما تمكن في بعض الأرض، وهذه الآية تدل علي أن إرادة الله سبقت لتمكين مجموعة من الأئمة في الأرض كلها.يضاف إلي ذلك أن من نعرفهم من حكام المسلمين لم

يكونوا - جميعاً - مستضعفين في حين وحكاماً في حين آخر، وإذا كان رأس كل سلسلة من الخلفاء مستضعفاً في حين، فإن بقية خلفاء أسرته ولدوا في بيوت الخلافة، فلم يستضعفوا في أي حين.إذن، فهذه الآية بمجموع بنودها لا يمكن أن تنطبق بدقة إلا علي (الأئمة الاثني عشر) إذا عادوا إلي الحياة في آخر الزمان وحكموا الأرض في المطاف الأخير من عمر البشر.وهنا قد ينبض سؤال يقول: إن قول الله تعالي في بقية الآية: (ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) وفرعون وهامان كانا معاصرين لموسي بن عمران فكيف يمكن صرف دلالة الآية عن موسي وبني إسرائيل.وتتوارد الأجوبة:1- إن فرعون تطاول علي مقام الربوبية بشكل لم يتطاول عليه أحد، فلم يكتف بالكفر بالله وجحوده، ولم يكتف بادّعاء أنه أحد الآلهة - كما فعل نمرود - وإنما ادّعي أنه الربّ الأعلي وعمل برجاً ليطلع إلي إله موسي فيقتله إذا كان موجوداً - بزعمه - فلما عجز عن أن يرفع البرج إلي السماء حلّق في الجو علي سفينة فضائية يرفعها العقبان وأطلق سهماً في اتجاه السماء مدّعياً أنه قتل إله السماء... إلي آخر ما هو موجود في كتب السنّة... ثم طالت فترة حكومته أكثر من المتوقع ولم يعجّل الله عليه، حتي نشر جنوده في كثير من البلاد يعيثون فيها الفساد، بقي اسمه رمزاً أكبر للطواغيت، وحيث كان هامان وزيره وعقله المفكر بقي اسمه مقروناً باسمه، ولم تذهب من ذاكرة الناس أشباح جنودهما الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد. فإذا ذكر فرعون وهامان وجنودهما، ذكروا كرموز للطغيان، لا كأشخاص، والظاهر أنهم ذكروا في هذه الآية كرموز فقط.2- لا يصح أن يكون المقصود (الذين استضعفوا في الأرض)

موسي بن عمران وقومه، لأن رأسهم وهو موسي بن عمران لم يتمكن في الأرض، حتي بعد غرق فرعون، بل مات في التيه، خاصة وفي بقية الآية، (ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) وكأن الآية توحي بأن فرعون وهامان وجنودهما يكونون موجودين حين يتمكّن الذين استضعفوا في الأرض، ثم يرون منهم ما كانوا يحذرون - علي نحو الترتيب -.وقد يستأذن سؤال آخر يقول: إن المستضعفين في الأرض عنوان ذمّه القرآن في بعض آياته - فمثلاً - قال: (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم...) سورة النحل: آية 28. فكيف أصبح المستضعفون في هذه الآية عنواناً بلغت الإرادة الإلهية لمنحهم رتبة الإمامة وجعلهم حكاماً عالميين؟ويندفع جواب يقول: يمكن تصنيف المستضعفين الذين أطرهم القرآن ثلاثة أقسام:1- المستضعفون الضعفاء، كالعجزة والقاصرين الذين لا يجدون في أنفسهم مادة الكفاح ضد المعتدين، ولا يطيقون تأمين أنفسهم ضد الحاجة فوجدهم الطغاة مادة يمكن امتصاص بقية الحياة منها ولو للديكور في الأروقة وعلي الأبواب، وهؤلاء - يمثلون قدسية الحياة ولو في أضعف مظاهرها - أمر الله بالدفاع عنهم إلي جانب الدفاع عن المقدسات، فقال: (... وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً) سورة نساء: الآية 98.2- المستضعفون الأقوياء الذين يملكون طاقات كفاحية عالية، ومواهب قادرة علي تصنيفهم عباقرة وعظماء، ولكنهم أهملوا أنفسهم وقنعوا بالتوافه والحقائر، فاستساغهم الأقوياء قاعدة يشيدون عليها مجد الطغيان ولأنهم (كذلك) رضوا بأن يدفعوا ضريبة الذل علي أن يخوضوا الحياة بشجاعة المعترفين بواقع الحياة. ويستعرض القرآن مثلاً من هذا الصنف، من وجد نفسه في بلده تحت سلطة عاتية، فرضي بها علي أن يهاجر منه إلي بلد تتجاوب فيه نسائم

الحرية والعدالة، ثم يصنفهم القرآن ظالمين ولكن لأنفسهم، ويعتبرهم مجرمين بين يدي ملائكة العذاب التي تتولاهم منذ لحظة الوفات، فيقول: (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنّا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها)؟ سورة النساء: الآية 97.3- المستضعفون الأفوياء الذين يملكون طاقات كفاحية مخيفة، ومواهب جبّارة، واستنفدوا كل طاقاتهم ومواهبهم، ولكن التيارات القاهرة تناصرت عليهم، فأصبحوا مقهورين، مثل كل الأنبياء، مثل كل العظماء، والقرآن يقف من هؤلاء موقفاً إيجابياً يظهر في ترصيد جميع العواطف والأفكار الخيّرة حولهم، وفي تبشيرهم بالفوز في المطاف الأخير، لأن القوي الذي لا يوفر شيئاً من إمكاناته لابد أن يفوز فور ما تهدأ العاصفة ويتضح الأفق، فيقول: (ونريد أن نمنّ علي الذين استضعفوا في الأرض...) سورة القصص: الآية 5.

اسئلة و اجوبتها

1- إن الإمام المهدي (عليه السلام) عندما يظهر لا يغيّر طبائع الناس ولا يصفّي نوازع الشر في النفوس، وإلا لبطلت تجربة الحياة، كما أن الأنبياء والأوصياء قبله لم يفعلوا ذلك. والدليل علي ذلك أن يهودية تقتل الإمام المهدي (عليه السلام) وتظهر عينات الشر بعده بكثرة، ثم يكون إجماع العرب والعجم علي قتل الحسين في الرجعة وظاهر تلك اليهودية واستمرار الصراع بين الخير والشر من خلال عينات عديدة تكشف بقاء التركيبة النفسية للبشر كما هي الآن.س: إذن كيف يطهّر الأرض من الذنوب.ج: قال بعض: ليس في الأحاديث أن الإمام المهدي (عليه السلام) يطهّر الأرض من الذنوب، كل ما هنالك أنه (يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً) فهو يقضي علي التجاوزات لا علي الانحرافات العقيدية والمسلكية، التي تدور بين الفرد وربه. فلا يبقي ظالم ومظلوم. ولكن قد يبقي الكافر والعاصي في نطاق الأفراد أي

لا تبقي راية غير راية الإسلام. أما الفرد الكافر أو الفرد العاصي فلا يلغي من الأرض.س: إذا كان البشر هذا البشر فكيف يقضي علي التجاوزات؟ج: 1- إنه يطهّر النظام وإذا طهّر النظام أصبح الجوّ صالحاً يربي الصالحين ويقضي علي المتجاوزين، وخاصة عندما يسود العالم نظام واحد لا يداهن النظام خوفاً من الأنظمة المجاورة، ويشعر الناس بأنه لا ملجأ لهم غيره فتنتهي التجاوزات والانحرافات العقيدية المعلنة، وتبقي الانحرافات الفردية أي يبقي أفراد غير مؤمنين أو غير ملتزمين.2- إن الإمام المهدي بمقتضي إحاطته الشخصية بالناس كلهم وبمقتضي حكمه بالواقع لا بالظاهر يطارد المتجاوزين - إلي جانب نظام حكمه - ومع تكرر التجارب وتكاثر الواقع يشعر كل فرد بأنه لا يتجاوز إلا ويلاحقه الإمام نفسه، وأن أي فرد مهما أوتي من ذكاء وقدرةٍ علي تحرير تجاوزاته علي النظام المؤلف من الناس العاديين، فإنه لا يستطيع تحرير أدني تجاوز علي الإمام الذي هو مصدر السلطات، فكيفّ الناس عن التجاوز، وإذا كانت طينة أحدهم لا تساعد إلا علي التجاوز، فسرعان ما يستأصل ليكون عبرة لغيره.س: كيف يهيمن الإمام شخصياً علي من في المغرب والمشرق من مقره بالكوفة وهو لا يعدو كونه وصياً، من أوصياء خاتم النبيين لا نبياً ولا ملكاً. وحتي الأنبياء لم يهيمنوا مثله، فكيف به وهو وصي نبي لا أكثر؟ج: لابد من الاعتراف بحكومة الطاقة علي المادة أي المادة اللطيفة مسيطرة علي المادة الكثيفة، فالنسبية العامة تسود المجرات وتحفظ الأبعاد المتناسبة بين الأجرام الفضائية. والجاذبية تشد الأرض وتستعيد شواردها، والروح تحكم في الجسد وتحرك أجهزته وخلاياه. والإدارة تهيمن علي الوحدة البشرية: (الفرد) فتنام وتستيقظ وتمشي وتأكل وتصارع، وتحرك يدك وتغمز بعينك بفاعلية الإرادة.وتبقي الوحدة البشرية مملكة لسلطان الإرادة

وتتصرف في الأشياء عن طريق استخدام هذه الوحدة ما دامت هذه الإرادة نواة ضعيفة، فإذا تمت تنميتها وتربيتها تكون قادرة علي التصرف في الموجودات مباشرة بدون استخدام تلك الوحدة البشرية.وتتنافس علي تربية الإرادة مدرستان مدرسة سماوية هي مدرسة الرسالات ومدرسة أرضية هي مدرسة الشياطين وتسمي المدرسة الأولي بمدرسة التقوي بينما تسمي المدرسة الثانية بمدرسة السحر. والمتخرجون من المدرسة الأولي تسمي تصرفاتهم الخارجية باسم (المعجزات) إذا صدرت الأنبياء وباسم (الكرامات) إذا صدرت عن الأنبياء، والمتخرجون من المدرسة الثانية تسمي تصرفاتهم الخارجية باسم (الأعمال السحرية).ويمتاز تلامذة المدرسة الأولي بأن لإرادتهم نوعاً من الخالقية فيوجدون أشياء بمجرد الإرادة كما يفعل أهل الجنة حيث يوجدون ما يشاءون، وكما عبّر القرآن عن المسيح (إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير) وكما ورد في الحديث القدسي: (عبدي أطعني أجعلك مثلي أو مثلي أقول للشيء كن فيكون. وتقول للشيء كن فيكون).وإذا كان الإمام المهدي يستخدم مثل هذه الصلاحية يكون من الهيّن بسط سلطانه الشخصي علي الأرض، كما فعل سليمان بن داوود حيث سخر المخلوقات وأتي بعرش بلقيس من سبأ بلمح البصر، واختار حرسه من الوحوش والسباع.

حضارة الإمام المهدي

حضارة كل جيل حصيلة معرفة ذلك الجيل بالحياة، فمعرفة الإنسان بالموجودات تنعكس علي تعامله معها، ومجمل تعامله مع الموجودات حضارته.وقد أتي علي الإنسان حين من الدهر لم يعرف إلا ظواهر الموجودات فحدد تعامله معها بحدود ظواهرها.لقد عرف ظواهر الأشجار كما هي، فاتخذ ثمارها طعاماً وأخشابها وقوداً وبيوتاً وسفناً.وعرف ظواهر الحيوانات كما هي، فاتخذ لحومها طعاماً وجلودها وأصوافها متاعاً، وظهورها مراكب.وعرف ظواهر الأرض كما هي فاتخذ من الصخور مساكن ومن السهول مزارع، ومن البحار أسماكها ولآلئها.ونزل عمق الموجودات فاستخرج الحديد سلاحاً ولامة حرب، والذهب والفضة نقداً وزينة.هذه

المعرفة حددت حضارة الإنسان في العهود البدائية.ثم أتت العهود الحديثة علي الإنسان، فعرف (التحليل والتركيب) من جهة، وعرف، (النسبية العامة) من جهة أخري. أي عرف تجزئة الشيء الواحد لاستخدام بعض جزئياته، وعرف تركيب الجزئيات المستخلصة من أشياء متعددة، لاستخدامها كشيء، واحد، وإلي جانب ذلك كله عرف قسماً من المعادلات التي تشد الموجودات ببعضها فاكتشف الكهرباء والذرة...وكانت التكنولوجيا الحديثة. فلم يبق محصوراً في حدود التعامل مع ظواهر الموجودات، وإنما أصبح قادراً علي التعامل مع جزئيات الموجودات، كما هو قادر علي التعامل مع ظواهرها. فاستطاع أن يستخدم النفط - مثلاً - وقوداً، وأن يستخدم مشتقاته في ألوف الأغراض المختلفة. واستطاع أن يستفيد من الشعاع - مثلاً - للإضاءة، وأن يستفيد من مشتقاته لتحقيق آلاف الأهداف المتفاوتة.فهذه المعرفة حددت حضارة الإنسان في العهود الحديثة.ويأتي علي الإنسان عهد آخر يعرف فيه جميع الطاقات المتفاعلة في الكون، بما فيها الطاقات الميتافيزيقية كطاقات الجن، والملائكة والشياطين - التي قد لا يؤمن بها الكثيرون في الوقت الحاضر - ويعرف كيفية الاستفادة منها جميعاً، فيستطيع التنقل بين المجرات كما يتنقل اليوم بين أدوار البناية الواحدة ويستطيع اختراق حاجز الزمان والنور كما اخترق اليوم حاجز الصوت، ويستطيع الفرد أن يتعامل مع الموجودات بذات المرونة التي كان يتعامل بها أصحاب المعجزات مع الموجودات. ذلك سيكون عهد المعجزات أو عهد الإمام المهدي (عليه السلام) الذي يفك جميع الرموز، ويعطي للإنسان كل العلم مائة في المائة (مائة حرفاً).في العهود البدائية كانت تظهر بوادر تكنولوجية فظهر النفط واستخدم عبر أنبوب قائم لا يشتعل أبداً، وظهرت الساعة الآلية وظهرت أشياء أخر لم تكن الذهنية العامة مؤهلة لاستقبالها فرموها بالسحر والجن والشيطان.ولكن تلك البوادر كانت طلائع عهد هو عهدنا المعاصر.وفي

جميع العهود السابقة ظهرت معجزات لم تكن الذهنية العامة مؤهلة لاستقبالها فرموها بالسحر والجن والشيطان. ولكن تلك البوادر كانت طلائع عهد. هو عهد المعجزات أو عهد الإمام المهدي (عليه السلام) [100] .بيروتحسن المهدي الشيرازي

الرسائل

رسالة إلي المفيد

أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، الاحتجاج ص322 - 324 ج2 طبع النجف 1386ه_. ذكر كتاب ورد من الناحية المقدسة حرسها الله ورعاها في أيام بقيت من صفر سنة عشر وأربعمائة علي الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قدس الله روحه ونور ضريحه، ذكر موصله أنه يحمله من ناحية متصلة بالحجاز، نسخته.للأخ السديد والولي الرشيد [101] الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان [102] أدام الله إعزازه، من مستودع العهد المأخوذ علي العباد [103] .بسم الله الرحمن الرحيم. أمّا بعد سلام الله عليك أيّها الوليّ المخلص في الدين المخصوص فينا باليقين، فإنّا نحمد إليك الله [104] الذي لا إله إلا هو، ونسأله الصلاة علي سيّدنا ومولانا ونبيّنا محمد وآله الظاهرين.ونعلمك - أدام الله توفيقك لنصرة الحق وأجزل مثوبتك علي نطقك عنا بالصدق- أنّه قد أذن لنا [105] في تشريفك بالمكاتبة وتكليفك ما تؤديّه عنّا إلي موالينا قبلك أعزهم الله بطاعته وكفاهم المهمّ برعايته لهم وحراسته.فقف - أمدّك الله بعونه علي أعدائه المارقين من دينه - علي ما تذكره [106] واعمل في تأديته إلي من تسكن إليه، بما نرسمه إن شاء الله. نحن وإن كنّا ناوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين [107] - حسب الذي أراناه الله تعالي من الصلاح، ولشيعتنا المؤمنين في ذلك مادامت دولة الدنيا للفاسقين - فإنّا نحيط علماً بأنبائكم. ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم [108] ومعرفتنا بالذلّ

الذي أصابكم [109] مذ جنح كثير منكم إلي ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً، ونبذوا العهد المأخوذ (منه) [110] وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم [111] ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء [112] واصطلمكم [113] الأعداء، فاتقوا الله جلّ جلاله، وظاهرونا علي انتياشكم [114] من فتنة قد أنافت [115] عليكم، يهلك فيها من حمّ أجله، ويحمي عنها من أدرك أمله، وهي إمارة لأزوف [116] حركتنا و(مبانيتكم) (مباثبتكم) بأمرنا ونهينا، والله متم نوره ولو كره الكافرون [117] .اعتصموا بالتقيّة؛ من شبّ نار الجاهليّة [118] يحشّشها عصب أمويّة يهول بها فرقة مهديّة [119] .أنا زعيم بنجاة من لم يرم فيها المواطن الخفيّة [120] ، وسلك في الظعن منها السبل المرضيّة [121] .إذا حلّ جمادي الأولي من سنتكم هذه، فاعتبروا بما يحدث فيها، واستيقظوا من رقدتكم لما يكون في الذي يليها، ستظهر لكم من السماء آية جليّة، ومن الأرض مثلها بالسويّة، ويحدث في أرض المشرق ما يحزن ويقلق، ويغلب من بعد علي العراق، طوائف عن الإسلام مراق [122] تضيق بسوء فعالهم علي أهله الأرزاق، ثم تنفرج الغمة من بعد ببوار طاغوت من الأشرار، ثم يسرّ بهلاكه المتقون الأخيار ويتفق لمريدي الحج من الآفاق، ما يؤملونه منه علي توفير غلبه (عليه) منهم وإنفاق، ولنا في تيسير حجهم علي الاختيار منهم والوفاق، شأن يظهر علي نظام واتساق [123] فليعمل كل امرئ منكم بما يقرّب به من محبتنا، ويتجنّب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا، فإن أمرنا بغتة فجأة [124] حين لا ينفعه توبة، ولا ينجّيه من عقابنا ندم علي حوبة [125] والله يلهمكم الرشد، ويلطف لكم في التوفيق برحمته.

نسخة التوقيع باليد العليا علي صاحبها السلام

الإمام المهدي كان يضع توقيعه المدرج من

الألقاب، ولكن الشيخ المفيد حيث استنسخ رسالة الإمام ليطلع عليها الثقات من المؤمنين، كتب مكان التوقيع: (نسخة التوقيع باليد العليا علي صاحبها السلام)، وهو يقصد ب_(اليد العليا) يد الإمام عليه السلام. هذا كتابنا إليك، أيّها الأخ الوليّ والمخلص في ودنا الصّفيّ. والناصر لنا الوفيّ، حرسك الله بعينه التي لا تنام، فاحتفظ به، ولا تظهر علي خطنا الذي سطرناه، ولا بما فيه ضمناه أحداً [126] وأدّ ما فيه إلي من تسكن إليه. وأوص جماعتهم بالعمل عليه، إن شاء الله، وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين [127] .رسالة ثانية للشيخ المفيد [128] .من عبد الله المرابط في سبيله، إلي ملهم الحقّ ودليله [129] .بسم الله الرحمن الرحيم. سلام الله عليك أيّها الناصر للحقّ، الدّاعي إليه بكلمة الصّدق.فإنّنا نحمد الله إليك الذي لا إله إلاّ هو إلهنا وإله آبائنا الأوّليين، ونسأله الصلاة علي سيّدنا ومولانا محمّد خاتم النبيّين وعلي أهل بيته الطاهرين.وبعد. فقد كنّا نظرنا مناجاتك عصمك الله بالسبب الذي وهبه الله لك من أوليائه، وحرسك به من كيد أعدائه وشفعنا ذلك [130] الآن من مستقرّ لنا ينصبّ في شمراخ من بهماء [131] صرنا إليه آنفاً من غماليل [132] ألجأنا إليه السباريت [133] من الأيمان [134] ويوشك أن يكون هبوطنا إلي ضحضح [135] من غير بعد من الدهر، ولا تطاول من الزمان، ويأتيك نبأ منّا بما يتحدّد لنا من حال [136] فتعرف بذلك ما يعتمد (نعتمده) من الزلفة إلينا بالأعمال، والله موفّقك لذلك برحمته.فلتكن - حرسك الله بعينه التي لا تنام - أن تقابل بذلك فتنة تبسل نفوس قومٍ حرثت باطلاً لاسترهاب المبطلين [137] يبتهج لدمارها المؤمنون، ويحزن لذلك المجرمون.وآية حركتنا من هذه اللوثة [138] حادثة بالحرم المعظّم،

من رجس منافق مذمّم، ستحلّ للدم المحرّم، يعمد بكيده أهل الإيمان، ولا يبلغ بذلك غرضه من الظلم والعدوان، لأننا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء [139] فلتطمئنّ بذلك من أوليائنا القلوب، وليتّقوا بالكفاية منه وإن راعتهم بهم الخطوب، والعاقبة - بجميل صنع الله سبحانه - تكون حميدة ما اجتنوا المنهي عنه من الذنوب.ونحن نعهد إليك أيّها الوليّ المخلص المجاهد فينا الظّالمين أيّدك الله بنصره الذي أيّد به السلف من أوليائنا الصالحين: إنّه من اتّقي ربّه من إخوانك في الدين، وأخرج ممّا عليه إلي مستحقيه، كان آمناً في الفتنة المبطلة، ومحنها المظلمة المضلّة، ومن بخل منهم بما أعاده الله من نعمته علي من أمره بصلته، فإنه يكون خاسراً بذلك لأولاه وآخرته [140] .ولو أنّ أشياعنا وفقهم الله لطاعته علي اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخّر عنهم اليمين بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا علي حق المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا ممّا نكرهه ولا نؤثره منهم [141] والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلواته علي سيّدنا البشير النذير محمد وآله الطاهرين وسلّم.وكتب في غرّة شوّال من سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.نسخة التوقيع باليد العليا صلوات الله علي صاحبهاهذا كتابنا إليك أيّها الوليّ الملهم للحقّ العليّ [142] بإملائنا وخطّ ثقتنا، فأخفه عن كلّ أحد، واطوه واجعل له نسخة تطّلع عليها من تسكن إلي أمانته من أوليائنا، شملهم الله ببركاتنا إن شاء الله.الحمد لله والصلاة علي سيّدنا محمّد النبيّ وآله الطاهرين.

مسائل الأسدي

الاحتجاج - أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص298 - 300 عن أبي الحسن محمد بن جعفر الأسدي قال: كان فيما ورد

علي من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه في جواب مسائل إلي صاحب الزمان:.... أما ما سألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها؟ فلئن كان كما يقول الناس: (إن الشمس تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان) فما أرغم أنف الشيطان شيء أفضل من الصلاة، فصلّها وارغم الشيطان أنفه.أمّا ما سألت عنه من أمر الوقف علي ناحيتنا، وما يجعل لنا ثم يحتاج إليه صاحبه فيه احتاج أو لم يحتج، افتقر إليه أو استغني عنه [143] .وأما ما سألت عنه من أمر من يستحلّ ما في يده من أموالنا ويتصرف فيه تصرّفه في ماله من غير أمرنا؟ فمن فعل ذلك فهو ملعون، ونحن خصماؤه يوم القيامة، وقد قال النبي (صلّي الله عليه وآله): (المستحل من عترتي ما حرّم الله ملعون علي لساني ولسان كل نبي مجاب) فمن ظلمنا حقنا كان في جملة الظالمين لنا، وكانت لعنة الله عليه لقوله عز وجلّ: (ألا لعنة الله علي الظّالمين) [144] .وأما ما سألت عنه عن أمر المولود الذي نبتت غلفته بعد ما يختن مرة أخري، فإنه يجب أن يقطع غلفته فإن الأرض تضج إلي الله تعالي من بول الأغلف أربعين صباحاً [145] .وأمّا ما سألت عنه عن أمر المصلي والنار والصورة والسّراج بين يديه، هل يجوز صلاته فإن الناس قد اختلفوا في ذلك قبلك؟فإنّه جائز لمن لم يكن من أولاد عبدة الأصنام والنيران: أن يصلي والنار (والصورة) والسراج بين يديه، ولا يجوز [146] ذلك لمن كان من أولاد عبدة الأوثان والنيران.وأمّا ما سألت عنه عن أمر الضياع التي لناحيتنا، هل يجوز القيام بعمارتها وأداء الخراج منها، وصرف ما يفضل من دخلها إلي

الناحية، احتساباً للأجر، وتقرّباً إليكم؟فلا يحل لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه، فكيف يحل ذلك في مالنا؟ من فعل ذلك بغير أمرنا فقد استحلّ منّا ما حرّم عليه ومن أكل من أموالنا شيئاً فإنما يأكل في بطنه ناراً وسيصلي سعيراً [147] .وأمّا ما سألت عنه من أمر الرجل الذي يجعل لناحيتنا ضيعة، ويسلمها من قيّم يقوم بها ويعمّرها، ويؤدّي من دخلها خراجها ومؤنتها، يجعل ما بقي من الدّخل لناحيتنا؟فإن ذلك جائز لمن جعله صاحب الضيعة قيّماً عليها، إنما لا يجوز ذلك لغيره.وأمّا ما سألت عنه من الثمار من أموالنا يمر به الماء فيتناول منه ويأكل هل يحلّ ذلك؟فإنّه يحلّ له أكله ويحرّم عليه حمله.

مسائل الحميري

الاحتجاج - أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص301 - 303: ومما خرج عن صاحب الزمان صلوات الله عليه من جوابات المسائل الفقهية أيضاً: ما سأله عنها محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري فيما كتب إليه وهو:محمد بن عبد الله الحميري من الأفاضل الموثوقين الذين كان يرجع إليه فقهاء الشيعة لمعرفتهم بأنه يراسل الإمام المهدي (عليه السلام) ويتلقي الجوابقال العلامة الحلي: في كتاب (خلاصة الرجال) ص75: (محمد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين بن جامع بن مالك الحميري، أبو جعفر القمي، كان ثقة ووجهاً كاتب صاحب الأمر (عليه السلام) وسأله مسائل في أبواب الشريعة).قال النجاشي: (.... وكان له إخوة) جعفر، والحسين، وأحمد (كلهم كان لهم مكاتبة).والظاهر أنه كتب مسائله وأرفقها بالأدلة التي كانت تحضره ليتثبت مما كان يراه، ثم ترك - في رسالته - فراغات ليكتب الإمام أجوبته في تلك الفراغات، ثم روي الأسئلة والأجوبة معاً وعلم علي الجواب بكلمة (التوقيع) أو (الجواب)

أو (فأجاب) للتمييز بين كلامه وكلام الإمام.قال النجاشي: (... وقعت هذه المسائل التي في أصلها والتوقيعات بين السطور).رقم 1:بسم الله الرحمن الرحيم. أطال الله بقاك، وأدام الله عزّك، وتأييدك وسعادتك، وسلامتك وأتمّ نعمته عليك، وزاد في إحسانه إليك، وجميل مواهبه لديك، وفضله عندك، وجعلني من السوء فداك، وقدمني قبلك [148] الناس يتنافسون في الدرجات، فمن قبلتموه كان مقبولاً ومن دفعتموه كان وضيعاً، والخامل من وضعتموه، ونعوذ بالله من ذلك وببلدنا أيّدك الله جماعة من الوجوه يتساوون ويتنافسون في المنزلة، وورد أيّدك الله كتابك إلي جماعة منهم في أمر أمرتهم به من معاونة، وأخرج علي بن محمد بن الحسين بن الملك المعروف بملك بادوكة [149] وهو ختن [150] رحمه الله من بينهم فاغتنم بذلك، وسألني أيّدك الله أن أعلمك ما ناله من ذلك، فإن كان من ذهب فاستغفر الله منه، وإن يكن غير ذلك عرفته ما تسكن نفسه إليه إن شاء الله.التوقيع: (لم نكاتب إلا من كاتبنا).وقد عودتني أدام الله عزك في تفضلك ما أنت أهل أن تخبرني علي العادة، وقبلك أعزك الله فقهاؤنا قالوا: إنّا محتاجون إلي أشياء تسأل لنا عنها.روي لنا عن العالم [151] (عليه السلام): أنه سئل عن إمام قوم صلي بهم بعض صلاتهم وحدثت عليه حادثة [152] كيف يعمل من خلفه؟فقال: (يؤخّر ويتقدم بعضهم، ويتمّ صلاتهم، ويغتسل من مسّه).التوقيع: (ليس علي من نحّاه إلا غسل اليد، وإذا لم يحدث حادثة يقطع الصلاة، تمم صلاته مع القوم) [153] .وروي عن العالم (عليه السلام): أن من مسّ ميتاً بحرارته غسل يده، ومن مسه وقد برد فعليه الغسل،وهذا الإمام في هذه الحالة لا يكون إلا بحرارة، فالعمل ما هو. ولعله ينحيه بثيابه ولا يمسّه، فكيف

يجب عليه الغسل.التوقيع: (إذا مسّه علي هذه الحال لم يكن عليه إلا غسل يده).وعن صلاة جعفر: إذا سها في التسبيح في قيام أو قعود، أو ركوع أو سجود وذكره في حالة أخري قد صار فيها من هذه الصلاة، هل يعيد ما فاته في ذلك التسبيح في الحالة التي ذكرها أم يتجاوز في صلاته؟التوقيع: (إذا سها في حالة من ذلك ثم ذكر في حالة أخري، قضي ما فاته في الحالة التي ذكره).وعن المرأة يموت زوجها، يجوز أن تخرج في جنازته أم لا؟التوقيع: (تخرج في جنازته).وهل يجوز لها في عدتها أن تزور قبر زوجها أم لا؟التوقيع: (تزور قبر زوجها ولا تبيت عن بيتها).وهل يجوز لها أن تخرج في قضاء حق يلزمها، أم لا تبرح من بيتها وهي في عدّتها؟؟التوقيع: (إذا كان حق خرجت فيه وقضته، وإن كانت حاجة ولم يكن لها من ينظر فيها خرجت بها حتي تقضيها، ولا تبيت إلا في بيتها) [154] .وروي في ثواب القرآن في الفرائض وغيرها: أن العالم (عليه السلام) قال: (عجباً لمن لم يقرأ في صلاته: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) كيف تقبل صلاته)؟وروي: ما زكت صلاة من لم يقرأ (قل هو الله أحد).وروي: (أن من قرأ في فرائضه (الهمزة) أعطي من الثواب قدر الدنيا) فهل يجوز أن يقرأ (الهمزة) ويدع هذه السور التي ذكرناها، مع ما قد روي: (أنه لا تقبل صلاة ولا تزكو إلا بهما)؟التوقيع: (الثواب في السورة علي ما قد روي، وإذا ترك سورة مما فيها الثواب وقرأ (قل هو الله أحد) و(إنا أنزلناه) لفضلهما أعطي ثواب ما قرأ، وثواب السور التي ترك، ويجوز أن يقرأ غير هاتين السورتين وتكون صلاته تامة ولكن يكون قد ترك الفضل).وعن وداع

شهر رمضان: متي يكون؟ فقد اختلف فيه أصحابنا، فبعضهم يقول: (يقرأ في آخر ليلة منه) وبعضهم يقول: (وهو في آخر يوم منه إذا رأي هلال شوال)؟التوقيع: (العمل في شهر رمضان في لياليه، والوداع يقع في آخر ليلة منه، فإذا خاف أن ينقص الشهر جعله في ليلتين).وعن قول الله عزوجل: (إنه لقول رسول كريم) أرسول الله (صلي الله عليه وآله) المَعنيّ به؟ (ذي قوة عند ذي العرش مكين) ما هذه القوة؟ (مطاع ثم أمين) [155] ما هذه الطاعة وأين هي؟؟ - ما خرج لهذه المسألة جواب.فرأيك أدام الله عزك بالتفضل عليّ بمسألة من تثق به من الفقهاء عن هذه المسائل فأجبني عنها منعماً مع ما تشرحه لي من أمر علي بن محمد بن الحسين بن الملك المتقدم ذكره بما يسكن إليه ويعتد بنعمة الله عنده، وتفضّل عليّ بدعاء جامع لي ولإخواني في الدنيا والآخرة فعلت مثاباً إن شاء الله [156] .التوقيع: (جمع الله لك ولإخوانك خير الدنيا والآخرة).مسائل الحميري [157] .:رقم 2: [158] ... فرأيك أدام الله عزك في تأمل رقعتي والتفضّل بما أسأل من ذلك لأضيفه إلي سائر أياديك عندي ومننك عليّ، واحتجت أدام الله عزك أن يسألني بعض الفقهاء عن المصلي إذا قام من التشهّد الأول إلي الركعة الثانية هل يجب عليه أن يكبر؟ فإن بعض أصحابنا قال: (لا يجب عليه التكبير، ويجزيه أن يقول بحول الله وقوته أقوم وأقعد)؟الجواب: (إن فيه حديثين: أما أحدهما: (فإنه إذا انتقل من حالة إلي حالة أخري فعليه التكبير). وأما الآخر: فإنه روي: (أنه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية فكبّر ثم جلس ثم قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير وكذلك في التشهّد الأول يجري هذا

المجري) وبأيهما أخذت من جهة التسليم كان صواباً).وعن الفص الخماهن [159] : هل يجوز فيه الصلاة إذا كان في إصبعه؟ الجواب: (فيه كراهية أن يصلي فيه، وفيه أيضاً إطلاق، والعمل علي الكراهية) [160] .وعن الرجل اشتري هدياً لرجل غاب عنه، وسأله أن ينحر عنه هدياً بمني فلما أراد نحر الهدي نسي اسم الرجل ونحر الهدي، ثم ذكره بعد ذلك، أيجزي عن الرجل أم لا؟الجواب: (لا بأس بذلك، وقد أجزأ عن صاحبه).وعندنا حاكة مجوس، يأكلون الميتة، ولا يغتسلون من الجنابة، وينسجون لنا ثياباً، فهل يجوز الصلاة فيهما من قبل أن تغسل؟الجواب: (لا بأس بالصلاة فيها).وعن المصلي، يكون في صلاة الليل في ظلمة، فإذا سجد يغلط بالسجادة ويضع جبهته علي (مسح أو نطع) فإذا رفع رأسه وجد السجادة هل يعتد بهذه السجدة أم لا يعتد بها؟الجواب: (ما لم يستو جالساً فلا شيء عليه في رفع رأسه لطلب الخِمرة) [161] .وعن المحرم: يرفع الظلال هل يرفع خشب أو العمارية الكنيسة ويرفع الجناحين أم لا؟ [162] .الجواب: (لا شيء عليه في ترك رفع الخشب).وعن المحرم: يستظل من المطر بنطع أو غيره، حذراً علي ثيابه وما في محمله أن يبتل، فهل يجوز ذلك؟الجواب: (إذا فعل ذلك في المحمل في طريقه، فعليه دم) [163] .وعن الرجل: يحج عن واحد، هل يحتاج أن يذكر الذي حج عنه عند عقد إحرامه أم لا، وهل يجب أن يذبح عمن حجّ وعن نفسه أم يجزيه هدي واحد؟الجواب: (قد يجزيه هدي واحد، ويذكره وإن لم يفعل [164] فلا بأس).وهل يجوز للرجل أن يحرم في كساء خزّ أم لا؟الجواب: (لا بأس بذلك، وقد فعله قوم صالحون).وهل يجوز للرجل أن يصلي في بطيط [165] لا يغطي الكعبين أم

لا يجوز؟الجواب: (جائز).وعن الرجل يصلي وفي كمه أو سراويله سكين أو مفتاح حديد، هل يجوز ذلك؟وعن الرجل: يكون معه بعض هؤلاء [166] ، ويكون متصلاً بهم، فيحج ويأخذ ذات عرق فيحرم معهم لما يخاف الشهرة [167] أم لا يجوز إلا أن يحرم من المسلخ.الجواب: (يحرم من ميقاته ثم يلبس الثياب، ويلبي في نفسه، فإذا بلغ إلي ميقاتهم أظهر).وعن لبس النعل المعطون [168] فإن بعض أصحابنا يذكر أن لبسه كريه؟الجواب: (جائز، ولا بأس به).وعن الرجل: من وكلاء الوقف مستحلاً لما في يده، ولا يرع عن أخذ ماله ربما نزلت في قريته وهو فيها. أو أدخل منزله - وقد حضر طعامه - فيدعوني إليه، فإن لم آكل من طعامه عاداني عليه وقال: فلان لا يستحل أن يأكل من طعامنا فهل يجوز لي أن آكل من طعامه وأتصدق بصدقه؟ وكم مقدار الصدقة؟ وأن أهدي هذا الوكيل هدية إلي رجل آخر فأحضر فيدعوني إلي أن أنال منها، وأنا أعلم أن الوكيل لا يرع عن أخذ ما في يده، فهل عليّ فيه شيء إن أنا نلت منها؟الجواب: (إن كان لهذا الرجل مال أو معاش غير ما في يده فكل طعامه واقبل برّه، وإلا فلا).وعن الرجل ممن يقول بالحق ويري المتعة، ويقول بالرجعة، إلا أنّ له أهلاً موافقة له في جميع أموره، وقد عاهدها: ألا يتزوج عليها، ولا يتمتع - ولا يتسرّي وقد فعل هذا منذ تسعة عشر سنة. أيضاً لذلك، ويري أن وقوف من معه من أخ وولد وغلام ووكيل وحاشية مما يقلله في أعينهم، ويحبّ المقام علي ما هو عليه محبة لأهله وميلاً إليها، وصيانة لها ولنفسها، لا لتحريم المتعة بل يدين الله بها، فهل عليه في ترك ذلك

مأثم أم لا؟الجواب: (يستحبّ له أن يطيع الله تعالي بالمتعة، ليزول عنه الحلف في المعصية ولو مرة) [169] .مسائل الحميري [170] .:رقم 3:سأل عن المحرم: يجوز أن يشد المئزر من خلفه علي عقبه بالطول، ويرفع طرفيه إلي حقويه ويجمعهما في خاصرته ويعقدها، ويخرج الطرفين الآخرين من بين رجليه ويرفعهما إلي خاصرته، ويشد طرفيه إلي وركيه، فيكون مثل السراويل يستر ما هناك، فإن المئزر الأول كنا نتزر به إذا ركب الرجل جمله يكشف ما هناك، وهذا أستر؟فأجاب: جاز أن يتزر الإنسان كيف شاء إذا لم يحدث في الميزر حدثاً بمقراظ ولا إبرة يخرجه به عن المئزر، وغرزه غرزاً ولم يعقده، ولم يشد بعضه ببعض، وإذا غطّي سرته وركبتيه كلاهما فإن السنّة المجمع عليها بغير خلاف تغطية السرة والركبتين، والأحب إلينا والأفضل لكل أحد شده علي السبيل المألوفة المعروفة عند الناس جميعاً إن شاء الله).وسأل: هل يجوز أن يشد عليه مكان العقد تكة؟فأجاب: (لا يجوز شد المئزر بشيء سواه من تكة ولا غيرها).وسأل عن التوجه للصلاة أن يقول علي ملّة إبراهيم ودين محمد (صلّي الله عليه وآله)، فإن بعض أصحابنا ذكر: أنه إذا قال: علي دين محمد فقد أبدع، لأنا لم نجده في شيء من كتب الصلاة خلا حديثاً في كتاب القاسم بن محمد عن جدّه عن الحسن بن راشد: أن الصادق (عليه السلام) قال للحسن: كيف تتوجه؟فقال: أقول لبيك وسعديك.فقال له الصادق (عليه السلام): ليس عن هذا أسألك. كيف تقول وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً.قال الحسن: أقول.فقال الصادق (عليه السلام): إذا قلت ذلك فقل: علي ملّة إبراهيم، ودين محمد، ومنهاج علي بن أبي طالب، والائتمام بآل محمد، حنيفاً ومسلماً وما أنا من المشركين.فأجاب

(عجل الله فرجه): (التوجه كلّه ليس بفريضة، والسنّة المؤكدة فيه التي كالإجماع الذي لا خلاف فيه: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، حنيفاً مسلماً علي ملّة إبراهيم ودين محمد وهدي أمير المؤمنين، وما أنا من المشركين. إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. اللهم اجعلني من المسلمين أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ثم اقرأ الحمد.قال الفقيه [171] الذي لا يشك في علمه: إنّ الدين لمحمد والهداية لعلي أمير المؤمنين أنها له (عليه السلام) وفي عقبه باقية إلي يوم القيامة [172] فمن كان كذلك فهو من المهتدين. ومن شك فلا دين له، ونعوذ بالله من الضلالة بعد الهدي).وسأله عن القنوت في الفريضة إذا فرغ من دعائه، يجوز أن يردّ يديه علي وجهه وصدره للحديث الذي روي: (إن الله عزّ وجلّ أجلّ من أن يرد يدي عبده صفراً بل يملأهما من رحمته) أم لا يجوز؟ فإن بعض أصحابنا [173] ذكر أنه عمل [174] في الصلاة.فأجاب (عليه السلام): (رد اليدين من القنوت علي الرأس والوجه غير جائز في الفرائض، والذي عليه العمل فيه، إذا رجع يده في قنوت الفريضة وفرغ من الدعاء، أن يردّ بطن راحتيه مع صدره تلقاء ركبتيه علي تمهل، ويكبّر ويركع، والخبر صحيح وهو في نوافل النهار والليل دون الفرائض، والعمل به [175] فيها أفضل).وسأل: عن سجدة الشكر بعد الفريضة، فإن بعض أصحابنا ذكر أنها (بدعة) فهل يجوز أن يسجدها الرجل بعد الفريضة؟ وإن جاز ففي صلاة المغرب هي بعد الفريضة أو بعد الأربع ركعات النافلة؟فأجاب (عليه السلام): (سجدة الشكر من ألزم السنن وأوجبها، ولم يقل إن هذه السجدة بدعة

إلا من أراد أن يحدث بدعة في دين الله. فأما الخبر المروي فيها بعد صلاة المغرب والاختلاف في أنها بعد الثلاث أو بعد الأربع فأن فضل الدّعاء والتّسبيح بعد الفرائض علي الدعاء بعقيب النوافل كفضل الفرائض علي النوافل، والسجدة دعاء وتسبيح فالأفضل أن تكون بعد الفرائض فإن جعلت بعد النوافل أيضاً جاز) [176] .وسأل: إن لبعض إخواننا ممن نعرفه ضيعة جديدة بجنب ضيعة خراب، للسلطان فيها حصته وأكرته ربما زرعوا حدودها ويؤذيهم عمال السلطان ويتعرضون في الكل من غلات ضيعته، وليس لها قيمة لخرابها وإنما هي بائرة منذ عشرين سنة، وهو يتحرّج من شرائها لأنه يقال أن هذه الحصة من هذه الضيعة كانت قبضت عن الوقف قديماً للسلطان، فإن جاز شراؤها من السلطان، وكان ذلك صلاحاً له وعمارة لضيعته، وإنه يزرع هذه الحصة من القرية البائرة لفضل ماء ضيعته العامرة، وينحسم عنه طمع أولياء السلطان، وإن لم يجز ذلك عمل بما تأمره به إن شاء الله تعالي؟فأجاب: (الضيعة لا يجوز ابتياعها إلا من مالكها أو بأمره أو رضاءٍ منه) [177] .وسأل: عن رجل استحلّ امرأة خارجة من حجابها، وكان يتحرز من أن يقع ولد فجاءت بابن، فتحرج الرجل أن لا يقبله فقبله وهو شاكّ فيه، وجعل يجري النفقة علي أمه وعليه حتي ماتت الأم، وهو ذا يجري عليه غير أنه شاكّ فيه ليس يخلطه بنفسه، فإن كان ممن يجب أن يخلط بنفسه ويجعله كسائر ولده فعل ذلك وإن جاز أن يجعله له شيئاً من ماله دون حقه فعل؟فأجاب (عليه السلام): (الاستحلال بالمرأة يقع علي وجوه، والجواب يختلف فيها فليذكر الوجه الذي وقع الاستحلال عليه به مشروحاً ليعرف الجواب فيما يسأل عنه من أمر الولد إن

شاء الله).وسأله الدّعاء له فخرج الجواب:(جاد الله عليه بما هو جل وتعالي أهله، إيجابنا لحقه، ورعايتنا لأبيه رحمه الله، وقرّبه منّا، وقد رضينا بما علّمناه من جميل نيّته، ووقفنا عليه من مخاطبته، المقر له من الله، التي يرضي الله عز وجل ورسوله وأوليائه (عليهم السلام) والرحمة بما بدأنا، نسأل الله بمسألته ما أمله من كل خير عاجل وآجل، وأن يصلح له من أمر دينه ودنياه ما يجب صلاحه، إنه ولي قدير).مسائل الحميري [178] .:رقم 4:بسم الله الرحمن الرحيم أطال الله بقاك وأدام عزّك وكرامتك وسعادتك وسلامتك، وأتمّ نعمته عليك وزاد في إحسانه إليك، وجميل مواهبه لديك، وفضله عليك، وجزيل قسمه لك، وجعلني من السوء كله فداك، وقدمني قبلك [179] .إن قبلنا [180] مشايخ وعجايز يصومون رجباً منذ ثلاثين سنة وأكثر، ويصلون بشعبان وشهر رمضان. وروي لهم بعض أصحابنا: أن صومه معصية؟فأجاب (عليه السلام): (قال الفقيه [181] : يصوم منه أيّاماً إلي خمسة عشر يوماً (ثم يقطعه) إلا أن يصوم عن الثّلاثة، الأيام الفائتة [182] ، للحديث: (إن نعم شهر القضاء رجب).وسأل: عن رجل يكون في محمله والثلج كثير بقامة الرجل، فيتخوّف إن نزل الغوص فيه، وربما يسقط الثلج وهو علي تلك الحال ولا يستوي له أن يلبّد شيئاً منه لكثرته وتهافته، هل يجوز [له] أن يصلي في المحمل الفريضة؟ فقد فعلنا ذلك أياماً فهل علينا في ذلك إعادة أم لا؟فأجاب: (لا بأس [به] عند الضرورة والشّدة).وسأل: عن الرجل يلحق الإمام وهو راكع فيركع معه ويحتسب تلك الركعة، فإن بعض أصحابنا قال: إن لم يسمع تكبيرة الركوع فليس له أن يعتدّ بتلك الركعة؟فأجاب: (إذا لحق مع الإمام من تسبيح الركوع تسبيحة واحدة اعتدّ بتلك الركعة وإن

لم يسمع تكبيرة الركوع) [183] .وسأل: عن رجل صلي الظّهر ودخل في صلاة العصر فلمّا أن صلّي من صلاة العصر ركعتين استيقن أنه صلّي الظهر ركعتين، كيف يصنع؟فأجاب: (إن كان أحدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة أعاد الصلاتين وإن لم يكن أحدث حادثة جعل الركعتين الأخرتين تتمة لصلاة الظّهر، وصلّي العصر بعد ذلك) [184] .وسأل: عن أهل الجنّة (هل) يتوالدون إذا دخلوها أم لا؟فأجاب: (إن الجنّة لا حمل فيها للنساء ولا ولادة، ولا طمث ولا نفاس ولا شقاء بالطفولية، وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين [185] ، كما قال سبحانه، فإذا اشتهي المؤمن ولداً خلقه الله بغير حمل ولا ولادة علي الصورة التي يريد كما خلق آدم عبرة).وسأل: عن رجل تزوّج امرأة بشيء معلوم إلي وقت معلوم، وبقي له عليها وقت، فجعلها في حل مما بقي له عليها وقد كانت طمثت قبل أن يجعلها في حل من أيّامها بثلاثة أيام، أيجوز أن يتزوّجها رجل [آخر بشيء] معلوم إلي وقت معلوم عند طهرها من هذه الحيضة أو يستقبل بها حيضة أخري؟فأجاب: (يستقبل حيضة غير تلك الحيضة، لأن أقل تلك العدّة حيضة وطهرة تامّة).وسأل: عن الأبرص والمجذوم وصاحب الفالج، هل يجوز شهادتهم، فقد روي لنا: أنهم لا يؤمّون الأصحاء.فقال: (إن كان ما بهم حادثاً جازت شهادتهم، وإن كان ولادة لم تجز) [186] .وسأل: هل يجوز للرجل أن يتزوج ابنة امرأته:فأجاب: (إن كانت ربيت في حجره فلا يجوز، وإن لم تكن ربيّت في حجره وكانت أمّها من غير عياله [187] روي: أنّه جائز).وسأل: هل يجوز أن يتزوج بنت ابنة امرأة ثم يتزوج جدّتها بعد ذلك أم لا؟فأجاب: (قد نهي عن ذلك).وسأل: عن رجل ادّعي علي رجل ألف

درهم وأقام به البيّنة العادلة، وادّعي عليه أيضاً خمسمائة درهم في صك آخر، وله بذلك بيّنة عادلة، وادّعي عليه أيضاً ثلاثمائة درهم في صك آخر، ومائتي درهم في صك آخر، وله بذلك بيّنة كله بيّنة عادلة، ويزعم المدعي عليه أن هذه الصكوك كلّها قد دخلت في الصك الذي بألف درهم، والمدّعي منكر أن يكون كما زعم، فهل يجب الألف درهم مرة واحدة أو يجب عليه كل ما يقيم البيّنة به؟وليس في الصكاك استثناء إنما هي صكاك علي وجهها [188] .فأجاب: (يؤخذ من المدّعي عليه ألف درهم مرة وهي التي لا شبهة فيها، ويرد اليمين في الألف الباقي علي المدعي فإن نكل فلا حق له).وسأل عن طين القبر [189] : يوضع مع الميت في قبره هل يجوز ذلك أم لا؟فأجاب: (يوضع مع الميّت في قبره، ويخلط بحنوطه إن شاء الله).وسأل فقال: روي لنا عن الصادق (عليه السلام): أنّه كتب علي إزار ابنه: إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله، فهل يجوز أن نكتب مثل ذلك بطين القبر أم غيره؟فأجاب: (يجوز ذلك).وسأل: هل يجوز أن يسبّح الرجل بطين القبر، وهل فيه فضل؟فأجاب: (يجوز ذلك وفيه فضل) [190] .وسأل: عن الرجل يزور قبور الأئمة (عليهم السلام)، هل يجوز أن يسجد علي القبر أم لا؟ وهل يجوز لمن صلي عند بعض قبورهم (عليهم السلام) أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة، أو يقوم عند رأسه أو رجليه؟ وهل يجوز أن يتقدم القبر ويصلي ويجعل القبر خلفه أم لا؟فأجاب: (أمّا السّجود علي القبر، فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيارة [191] والذي عليه العمل أن يضع خدّه الأيمن علي القبر. وأمّا الصلاة فإنها خلفه، ويجعل القبر أمامه ولا يجوز

أن يصلي بين يديه ولا عن يمينه ولا عن يساره، لأن الإمام (عليه السلام) لا يُتقدّم ولا يُساوي) [192] .وسأل: يجوز للرجل إذا صلّي الفريضة أو النافلة وبيده السبحة أن يديرها وهو في الصلاة؟فأجاب: (يجوز ذلك إذ خاف السهو والغلط).وسأل: هل يجوز أن يدير السبحة بيده اليسار إذا سبّح، أو لا يجوز؟فأجاب: (يجوز ذلك والحمد لله رب العالمين).وسأل: روي عن الفقيه في بيع الوقف خبر مأثور: إذا كان الوقف علي قوم بأعيانهم وأعقابهم، فاجتمع أهل الوقف علي بيعه وكان ذلك أصلح لهم أن يبيعوه، فله يجوز أن يشتري من بعضهم إن لم يجتمعوا كلهم علي ذلك أم لا يجوز إلا أن يجتمعوا كلّهم علي ذلك؟ وعن الوقف الذي لا يجوز بيعه؟فأجاب: (إذا كان الوقف علي إمام المسلمين فلا يجوز بيعه، وإن كان علي قوم من المسلمين فليبع كل قوم ما يقدرون علي بيعه مجتمعين ومتفرقين إن شاء الله) [193] .وسأل: هل يجوز للمحرم أن يصير علي إبطه المرتك والتوتياء لريح العرق أم لا يجوز [194] .؟فأجاب: (يجوز ذلك وبالله التوفيق).وسأل: عن الضرير إذا شهد في حال صحته علي شهادة، ثم كفّ بصره ولا يري خطّه فيعرفه، هل يجوز شهادته أم لا؟ وإن ذكر هذا الضرير الشهادة، هل يجوز أن يشهد علي شهادته أم لا يجوز؟فأجاب: (إذا حفظ الشهادة وحفظ الوقت، جازت شهادته) [195] .وسأل: عن الرجل يوقف ضيعة أو دابة ويشهد علي نفسه باسم بعض وكلاء الوقف، ثم يموت هذا الوكيل أو يتغيّر أمره ويتولي غيره، هل يجوز أن يشهد الشّاهد لهذا الذي أقيم مقامه إذا كان أصل الوقف لرجل واحد أم لا يجوز ذلك [196] .؟فأجاب: (لا يجوز ذلك، لأن الشهادة لم تقم للوكيل

وإنما قامت للمالك، وقد قال الله: (وأقيموا الشهادة لله).وسأل: عن الركعتين الأخراوين وقد كثرت فيهما الروايات فبعض يروي: أن قراءة الحمد وحدها أفضل، وبعض يروي: أن التسبيح فيهما أفضل، فالفضل لأيهما لنستعمله؟فأجاب: (قد نسخت قراءة أم الكتاب في هاتين الركعتين التسبيح، والذي نسخ التسبيح قول العالم (عليه السلام): كل صلاة لا قراءة فيها فهي خداج [197] إلا للعليل، أو يكثر عليه السّهو فيتخوّف بطلان الصلاة عليه) [198] .وسأل: يتخذ عندنا رب الجوز لوجع الحلق والبحبحة، يؤخذ الجوز الرطب من قبل أن ينعقد ويدق دقّاً ناعماً ويعصر ماؤه ويصفّي ويطبخ علي النصف ويترك يوماً وليلة ثم ينصب علي النار، ويلقي علي كل ستة أرطال منه رطل عسل ويغلي وينزع رغوته، ويسحق من النوشادر والشب اليماني في كل واحد نصف مثقال ويراق بذلك الماء، ويلقي فيه درهم زعفران المسحوق، ويغلي ويؤخذ رغوته ويطبخ حتي يصير مثل العسل ثخيناً، ثم ينزل ويبرد ويشرب منه، فهل يجوز شربه أم لا؟فأجاب: (إذا كثيرة يسكر أو يغير [199] فقليله وكثيره حرام، وإن كان لا يسكر فهو حلال).وسأل: عن الرجل يعرض له الحاجة مما لا يدري أن يفعلها أم لا، فيأخذ خاتمين فيكتب في أحدهما (نعم افعل) وفي الآخر (لا تفعل) فيستخير بالله مراراً، ثم يري فيهما، فيخرج أحدهما فيعمل بما يخرج، فهل يجوز ذلك أم لا؟ والعامل به والتارك له أهو مثل الاستخارة أم سوي ذلك؟فأجاب: (الذي سنّه العالم (عليه السلام) في هذه الاستخارة بالرقاع والصلاة (عليه السلام) [200] .وسأل: عن صلاة جعفر بن أبي طالب (رحمه الله): في أي أوقاتها أفضل أن تصلي فيه، وهل فيها قنوت؟ وإن كان ففي أي ركعة منها؟فأجاب: (أفضل أوقاتها صدر النهار في يوم الجمعة،

ثم في أي الأيام شئت وأي وقت صليتها من ليل أو نهار فهو جائر، والقنوت فيها مرتان، في الثانية قبل الركوع وفي الرابعة بعد الركوع [201] .وسأل: عن الرجل ينوي إخراج شيء من ماله وأن يدفعه إلي رجل من إخوانه ثم يجد في أقربائه محتاجاً، أيصرف ذلك عمن [فيمن] نواه له أو إلي قرابته؟فأجاب: (يصرفه إلي أدناهما وأقربهما من مذهبه، فإن ذهب إلي قول العالم (عليه السلام): (لا يقبل الله الصدقة وذو الرحم محتاج) فليقسم بين القرابة وبين الذي نوي حتي يكون قد أخذ بالفضل كلّه).وسأل: قد اختلفت أصحابنا في مهر المرأة، فقال بعضهم: إذا دخل بها سقط المهر ولا شيء لها، وقال بعضهم: هو لازم في الدنيا والآخرة، فكيف ذلك؟ وما الذي يجب فيه؟فأجاب: (إن كان عليه بالمهر كتاب فيه [ذكرٍ] دين فهو لازم في الدنيا والآخرة، وإن كان عليه كتاب فيه ذكر الصداق سقط إذا دخل بها، وإن لم يكن عليه كتاب، فإذا دخل بها سقط باقي الصداق) [202] .وسأل: روي لنا عن صاحب العسكر (عليه السلام) [203] أنه سئل عن الصلاة في الخز الذي يغش بوبر الأرانب فوقّع: يجوز، وروي عنه أيضاً، أنه لا يجوز. فأي الخبرين يعمل به.فأجاب: (إنما حرم في هذه الأوبار والجلود، وأما الأوبار وحدها فحلال) [204] .وسأل: نجد في أصفهان ثياب عتابة [عتابية] علي عمل الوشا في قرّ أو إبريسيم هل يجوز الصلاة فيها أم لا؟فأجاب: (لا يجوز الصلاة إلا في ثوب سداه ولحمته قطن أو كتان).وسأل: عن المسح علي الرجلين وبأيهما يبدأ باليمني أو يمسح عليهما جميعاً معاً؟فأجاب (عليه السلام): (يمسح عليهما معاً فإن بدأ بإحداهما قبل الأخري فلا يبتدئ إلا باليمني).وسألك عن صلاة جعفر في السفر

هل يجوز أم لا؟فأجاب: (يجوز ذلك).وسأل: عن تسبيح فاطمة (عليها السلام): من سها وجاز التكبير أكثر من أربع وثلاثين هل يرجع إلي أربع وثلاثين أو يستأنف؟ وإذا سبح تمام سبع وستين هل يرجع إلي ستة وستين أو يستأنف؟ وما الذي يجب في ذلك؟فأجاب: (إذا سها من التكبير حتي يجوز أربعة وثلاثين عاد إلي ثلاثة وثلاثين وبني عليها، وإذا سها في التسبيح فتجاوز سبعاً وستين تسبيحة عاد إلي ستة وستين وبني عليها [205] فإذا جاوز التحميد مائة فلا شيء عليه).

الحقيقة و المفوضة

أ- الشيخ علي اليزدي الحائري، إلزام الناصب، ص341 ج1 ط النجف 1383ه_: نقلاً عن كشف الغمة عن أبي نعيم محمد بن أحمد الأنصاري.ب - الغيبة - أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي عن جعفر بن محمد بن مالك عن محمد بن جعفر بن عبد الله عن أبي نعيم محمد بن أحمد الأنصاري.ج - دلائل الإمامة - أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري بسنده عن أبي نعيم.د - الخرايج - قطب الدين أبي الحسين سعيد بن هبة الله الراوندي.ه_ - ينابيع المودة - سليمان بن إبراهيم البلخي القندوزي ص461 عن كامل بن إبراهيم المدني قال:....وجّه قوم من المفوّضة كامل بن إبراهيم المدني، إلي أبي محمد [206] قال: فقلت في نفسي: لئن دخلت عليه أسأله عن الحديث المرويّ عنه: (لا يدخل الجنة إلا من عرف معرفتي وقال بمقالتي) وكنت جلست إلي باب عليه ستر مسبل، فجاءت الريح فكشفت طرفه، وإذا أنا بفتي كأنه فلقة قمر، من أبناء أربع سنين، أو مثلها فقال لي: يا كامل بن إبراهيم: فاقشعررت من ذلك، فقلت: لبيك يا سيدي.قال: جئت إلي ولي الله تسأله: لا يدخل الجنة إلا من عرف بمعرفتك

وقال بمقالتك؟قلت: إي والله؟قال: إذن - والله - يقلّ داخلها [207] والله إنه ليدخلنها قوم يقال لهم: (الحقّية).قلت: ومن هم؟قال: هم قوم من حبهم لعلي يحلفون بحقه، ولا يدرون ما حقه وفضله.إنهم قوم يعرفون ما تجب عليهم معرفته جملةً لا تفصيلاً، من معرفة الله ورسوله والأئمة ونحوها.ثم قال: وجئت تسأل عن مقالة المفوضة [208] كذبوا، بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله، فإذا شاء الله شئنا [209] والله يقول: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) [210] .ثم رجع الستر إلي حالته فلم أستطع كشفه. فنظر إليّ أبو محمد (عليه السلام) مبتسماً فقال: يا كامل ما جلوسك وقد آساك بحاجتك الحجة من بعدي.

الغيب الله

الاحتجاج: أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص280 - 281: عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (رحمه الله) قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه قال: ومما خرج عن صاحب الزمان صلوات الله عليه رداً علي الغلاة من التوقيع جواباً لكتاب كتب إليه علي يدي محمد بن علي بن هلال الكرخي:...يا محمد بن علي؛ تعالي الله وجلّ عمّا يصفون، سبحانه وبحمده، ليس نحن شركاؤه في علمه ولا في قدرته، بل لا يعلم الغيب غيره، كما قال في محكم كتابه تباركت أسماؤه: (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) [211] .وأنا وجميع آبائي من الأوليين: آدم ونوح وإبراهيم وموسي، وغيرهم من النبيين، ومن الآخرين محمد رسول الله، وعليّ بن أبي طالب، وغيرهم من مضي من الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين، إلي مبلغ أيّامي ومنتهي عصري، عبيد الله عزّ وجلّ، يقول الله عزّ وجلّ:(من

أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمي قال ربّ لم حشرتني أعمي وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسي) [212] .يا محمد بن علي قد آذانا جهلاء الشيعةِ وحمقاؤهم، ومن دينه جناح البعوضة أرجح منه.فأشهد الله الذي لا إله إلا الله هو وكفي به شهيداً، ورسوله محمداً (صلّي الله عليه وآله)، وملائكته وأنبيائه وأوليائه (عليهم السلام) وأشهدك وأشهد كلّ من سمع كتابي هذا: أنّي بريءُ إلي الله وإلي رسوله ممن يقول: إنّا نعلم الغيب، ونشاركه في ملكه، أو يحلّنا محلاًّ سوي المحلّ الذي رضيه الله لنا وخلقنا له، أو يتعدّي بنا عمّا قد فسّرته لك وبينته في صدر كتابي.وأشهدكم: أن كلّ من نبرأ منه فإن الله يبرأ منه وملائكته ورسله وأولياؤه.وجعلت هذا التوقيع الذي في هذا الكتاب أمانةً في عنقك وعنق من سمعه، أن لا يكتمه من أحد من مواليّ وشيعتي، حتي يظهر علي هذا التوقيع الكلّ من الموالي، لعلّ الله عزّ وجلّ يتلافاهم فيرجعون إلي دين الله الحقّ، وينتهون عمّا لا يعلمون منتهي أمره، ولا يبلغ منتهاه، فكلّ من فهم كتابي ولا يرجع إلي ما قد أمرته ونهيته، فقد حلّت عليه اللعنة من الله وممّن ذكرت من عباده الصالحين [213] .وأما ندامة قوم شكّوا في دين الله علي ما وصلونا به [214] فقد أقلنا من استقال فلا حاجة إلي صلة الشاكين.

ارتداد الشلمغاني

الاحتجاج، أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص289 - 296 روي أصحابنا: أن أبا محمد الحسن السريعي كان من أصحاب أبي الحسن علي بن محمد (عليهم السلام) وهو أول من ادعي مقاماً لم يجعله الله فيه من قبل صاحب الزمان وكذب

علي الله وحججه (عليهم السلام)، ونسب إليهم ما لا يليق بهم وما هم منه براء، ثم ظهر منه القول بالكفر والإلحاد، وكذلك كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن (عليهما السلام) فلما توفي ادعي البابية لصاحب الزمان، ففضحه الله تعالي بما ظهر منه من الإلحاد والغلو والتناسخ، وكان يدعي أنه رسول نبي أرسله علي بن محمد ويقول بالإباحة للمحارم، وكان أيضاً من جملة الغلاة أحمد بن هلال الكرخي، وقد كان من قبل في عداد أصحاب أبي محمد (عليه السلام) ثم تغير عما كان عليه وأنكر بابية أبي جعفر محمد بن عثمان، فخرج التوقيع بلعنه من قبل صاحب الزمان والبراءة منه، في جملة من لعن وتبرأ منه. وكذا كان أبو طاهر محمد بن علي بن بلال، والحسين بن منصور الحلاج، ومحمد بن علي الشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقري، لعنهم الله، فخرج التوقيع بلعنهم والبراءة منهم جميعاً علي يد الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (رحمه الله) ونسخته:اعرف أطال الله بقاك؛ وعرّفك الله الخير كلّه، وختم به عملك. من تثق بدينه وتسكن إلي نيّته من إخواننا أدام الله سعادتهم: بأن (محمد بن علي المعروف بالشلمغاني) عجّل الله له النقمة ولا أمهله، قد ارتدّ عن الإسلام وفارقه، وألحد في دين الله، وادّعي ما كفر معه بالخالق جلّ وتعالي، وافتري كذباً وزوراً، وقال بهتاناً وإثماً عظيماً، كذب العادلون بالله وضلّوا ضلالاً بعيداً، وخسروا خسراناً مبيناً.وإنّا برئنا إلي الله تعالي وإلي رسوله صلوات الله عليه وسلامه ورحمته وبركاته منه، ولعنّاه، عليه لعاين الله تتري، في الظاهر منّا والباطن، في السرّ والجهر، وفي كلّ وقت، وعلي كلّ حال، وعلي كلّ من شايعه وبلغه هذا القول منّا فأقام علي

تولاّه [توليه] بعده.أعلمهم تولاّك الله؛ أنّنا في التوقّي والمحاذرة منه علي مثل ما كنّا عليه ممّن تقدّمه من نظرائه، من: (السريعي، والنّميري، والهلالي، والبلالي) وغيرهم [215] ، وعادة الله جل ثناؤه مع ذلك قبله وبعده عندنا جميلة، وبه نثق وإيّاه نستعين، وهو حسبنا في كلّ أمورنا ونعم الوكيل..

الغيبة الكبري و تكذيب المشاهدة

سفينة البحار: الشيخ عباس القمي، ج2 ص249: الشيخ الأجل علي بن محمد السمري رضي الله أبو الحسن، قام بأمر النيابة، بعد الحسين بن روح رضي الله عنه، ومضي في النصف من شعبان سنة 329ه_.وفي الاحتجاج للطبرسي ج2 ص297:فلما حان سفر أبي السمري من الدنيا، وقرب أجله قيل له إلي من توصي؟ فأخرج إليهم توقيعاً نسخته:بسم الله الرحمن الرحيم. يا عليّ بن محمدٍ السمّري؛ أعظم الله أجر إخوانك فيكَ، فأنّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيام، فأجمع أمرك ولا توص إلي أحدٍ، فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامّة، فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالي ذكره، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً.وسيأتي إلي شيعتي من يدّعي المشاهدة، ألا فمن ادّعي المشاهدة قبل خروج السّفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر [216] ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.

الغيبة و القيادة المرجعية

الاحتجاج: أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2ص 281 - 284: عن محمد بن يعقوب الكليني عن إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري رحمه الله أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عجل الله فرجه):... [217] أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك، ووقاك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا. فاعلم: أنه ليس بين الله عز وجل وبين أحد قرابة، ومن أنكرني فليس مني، وسبيله سبيل ابن نوح.وأما سبيل عمي جعفر وولده [218] فسبيل أخوة يوسف (عليه السلام).وأما الفقاع [219] فشربه حرام ولا بأس بالشلحاب [شلماب].وأما أموالكم فلا نقبلها إلا لتطهروا. فمن شاء فليصل ومن شاء فليقطع، وما آتانا الله خير مما آتاكم [220] .وأما

ظهور الفرج فإنه إلي الله وكذب الوقّاتون [221] .وأما قول من زعم أن الحسين لم يقتل، فكفر وتكذيب وضلال [222] .وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله [223] .وأما محمد بن عثمان العمري [224] فرضي الله عنه وعن أبيه من قبل، فإنه ثقتي وكتابه كتابي.وأما محمد بن علي بن مهزيار الأهوازي، فسيصلح الله قلبه، ويزيل عنه شكّه.وأما ما وصلتنا به، فلا قبول عندنا إلاّ لما طاب وطهر، وثمن المغنّية حرام.وأما محمد بن شاذان بن نعيم، فإنه رجل من شيعتنا أهل البيت.وأما أبو الخطاب محمد بن أبي زينب الأجدع [225] فإنه ملعون وأصحابه ملعونون، فلا تجالس أهل مقالتهم، فاني منهم بريء، وآبائي (عليهم السلام) منهم براء.وأما المتلبسون بأموالنا، فمن استحلّ منها شيئاً فأكله فإنما يأكل النيران [226] .وأما الخمس فقط أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حلّ إلي وقت ظهور أمرنا، لتطيب ولادتهم ولا تخبث [227] .وأما علة ما وقع من الغيبة فإن الله عز وجل قال:(يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) [228] .إنه لم يكن أحد من آبائي إلا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه.وإني أخرج - حين أخرج - ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي [229] .وأما وجه الانتفاع في غيبتي، فكالانتفاع بالشمس إذا غيبها عن الأبصار السحاب [230] وإني لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء [231] فأغلقوا أبواب السؤال عما لا يعنيكم، ولا تتكلفوا علم قد كفيتم [232] وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإن ذلك فرجكم [233] والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب [234] وعلي من اتبع الهدي.

جعفر التواب

الاحتجاج، أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب

الطبرسي ج2ص 279 - 280: عن سعد بن عبد الله الاشعري، عن الشيخ الصدوق، أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري (رحمه الله): أنه جاء بعض أصحابنا يعلمه أن جعفر بن علي كتب إليه كتاباً يعرفه نفسه، ويعلمه أنه القيم بعد أخيه، وإن عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه، وغير ذلك من العلوم كلها.قال أحمد بن إسحاق: فلما قرأت الكتاب إلي صاحب الزمان (عليه السلام) وصيرت كتاب جعفر في درجة، فخرج إلي الجواب في ذلك:...بسم الله الرحمن الرحيم أتاني كتابك - أبقاك الله - والكتاب الذي أنفذت في درجه [235] وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمنه علي اختلاف ألفاظه، وتكرر الخطأ فيه، ولو تدبرته لوقفت علي بعض ما وقفت عليه منه [236] .والحمد لله رب العالمين حمداً لا شريك له [237] علي إحسانه إلينا وفضله علينا [238] .أبي الله عز وجل للحق إلا إتماماً، وللباطل إلا زهوقاً، وهو شاهد عليّ بما أذكره، ولي عليكم بما أقول له [239] إذا اجتمعنا لليوم الذي لا ريب فيه، ويسألنا عمّا نحن فيه مختلفون.وإنه لم يجعل لصاحب الكتاب [240] علي المكتوب إليه ولا عليك ولا علي أحد من الخلق جميعاً إمامة مفترضة، ولا طاعة ولا ذمة، [241] وسأبين لكم جملة تكتفون بها إن شاء الله.يا هذا يرحمك الله؛ إن الله تعالي لم يخلق الخلق عبثاً، ولا أهملهم سدي، بل خلقهم بقدرته، وجعل لهم أسماعاً وأبصاراً وقلوباً وألباباً، ثم بعث إليهم النبيين (عليهم السلام) مبشرين ومنذرين، يأمرونهم بطاعته وينهونهم عن معصيته، ويعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم، وأنزل عليهم كتاباً وبعث إليهم ملائكة، وباين بينهم وبين من بعثهم إليهم بالفضل الذي جعله لهم عليهم، وما أتاهم الله من الدلائل

الظاهرة والبراهين الباهرة، والآيات الغالبة.فمنهم: من جعل النار عليه برداً وسلاماً واتخذه خليلاً.ومنهم: من كلمه تكليماً وجعل عصاه ثعباناً مبيناً.ومنهم: من أحيي الموتي بإذن الله وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله.ومنهم: من علّمه منطق الطير، وأوتي من كل شيء [242] .ثم بعث محمداً (صلي الله عليه وآله) رحمة للعالمين وتمم به نعمته، وختم به أنبيائه، وأرسله إلي الناس كافة، وأظهر من صدقه ما أظهر، وبيّن من آياته وعلاماته ما بيّن، ثم قبضه (صلّي الله عليه وآله) حميداً فقيداً سعيداً، وجعل الأمر من بعده علي أخيه وابن عمه ووصيه ووارثه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ثم إلي الأوصياء من ولده واحداً بعد واحد، أحيي بهم دينه، وأتم بهم نوره، [243] وجعل بينهم وبين أخوتهم وبني عمهم والأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقاً (فرقاناً) بيّناً، تعرف به الحجة من المحجوج، والإمام من المأموم بأن: عصمهم من الذنوب، وبرّأهم من العيوب، وطهّرهم من الدنس، ونزّههم من اللبس، وجعلهم خزّان علمه، ومستودع حكمته، وموضع سره، وأيدهم بالدلائل. [244] ولولا ذلك لكان الناس علي سواء، ولادّعي أمر الله عز وجل كل أحد، (واحد).ولَمَا عُرف الحق من الباطل، ولا العلم من الجهل، (العالم من الجاهل).وقد ادّعي هذا المبطل المدعي علي الله الكذب بما ادّعاه، فلا أدري بأية حالة هي له، رجا أن يتم دعواه؟ بفقه في دين الله؟؛ فوالله ما يعرف حلالاً من حرام ولا محكماً من متشابه، ولا يعرف حد الصلاة ووقتها. أم بورع؟؛ فالله شهيد علي تركه الصلاة (الفريضة) أربعين يوماً، يزعم ذلك لطلب الشعوذة، ولعل خبره تأدّي إليكم، وهاتيك ظروف مسكرة منصوبة، وآثار عصيانه لله عز وجل مشهورة وقائمة. أم بآية؟؛ فليأت بها. أم بحجة؟؛ فليقمها. أم بدلالة؟؛

فليذكرها.قال الله عز وجل في كتابه: (بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمي والذين كفروا عما أنذروا معرضون قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين ومن أضلّ ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلي يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين) [245] .فالتمس - تولي الله توفيقك - من هذا الظالم ما ذكرت لك [246] وامتحنه واسأله: عن آية من كتاب الله يفسرها، أو صلاة يبيّن حدودها وما يجب فيها، لتعلم حاله ومقداره، ويظهر لك عواره [247] ونقصانه والله حسيبه.حفظ الله الحق علي أهله، وأقره في مستقره [248] وقد أبي الله عز وجل أن تكون الإمامة في أخوين إلا الحسن والحسين [249] وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحق، واضمحلّ الباطل.وانحسر عنكم، وإلي الله أرغب في الكفاية، وجميل الصنع والولاية، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلي الله علي محمد وآل محمد.

خلف العسكري

الاحتجاج: أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص277 - 279: عن الشيخ الموثوق أبي عمرو العمري (رحمه الله) قال: تشاجر ابن أبي غانم القزويني وجماعة من الشيعة في (الخلف) فذكر ابن أبي غانم: أن أبا محمد (عليه السلام) مضي ولا خلف له، ثم أنهم كتبوا في ذلك كتاباً وأنفذوه إلي (الناحية) وأعلموا بما تشاجروا فيه.فورد جواب كتابهم بخطه (صلي الله عليه وعلي آبائه):...بسم الله الرحمن الرحيم. عافانا الله وإياكم من الفتن، ووهب لنا

ولكم روح اليقين، وأجارنا وإياكم من سوء المنقلب.إنه أنهي إليّ ارتياب جماعة منكم في الدين، وما دخلهم من الشك والحيرة في ولاة أمرهم [250] فغمّنا ذلك لكم لا لنا، وساءنا فيكم لا فينا، لأن الله معنا فلا فاقة بنا علي غيره، والحق معنا فلن يوحشنا من قعد عنّا، ونحن صنايع ربنا والخلق بعد صنايعنا [251] .يا هؤلاء؛ ما لكم في الريب تترددون، وفي الحيرة تتسكّعون؟ أو ما سمعتم الله يقول: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) [252] ؟ أو ما علمتم ما جاءت به الآثار مما يكون ويحدث في أئمتكم؟ علي الماضين والباقين منهم السلام. أو ما رأيتم كيف جعل لكم الله معاقل تأوون إليها، وأعلاماً تهتدون بها؟ من لدن آدم (عليه السلام) إلي أن ظهر الماضي (عليه السلام) [253] ؟ كلما غاب علم بدأ علم، وإذا أفل نجم طلع نجم، فلما قبضه الله ظننتم: أن الله أبطل دينه [254] وقطع السبب ببيه ربين خلقه [255] كلاّ ما كان ذلك ولا يكون، حتي تقوم الساعة ويظهر أمر الله وهم كارهون.وأن الماضي (عليه السلام) مضي سعيداً فقيداً علي منهاج آبائه (عليهم السلام) (حذو النعل بالنعل) وفينا وصيته وعلمه، ومنه خلفه ومن يسدّ مسدّه، ولا ينازعنا موضعه إلا ظالم آثم، ولا يدعيه دوننا إلا كافر [256] جاحد، ولو أن أمر الله لا يغلب، وسرّه لا يظهر ولا يعلن، لظهر لكم من حقنا ما تبهر منه عقولكم [257] ويزيل شكوككم، ولكن ما شاء الله كان، ولكل أجل كتاب، فاتقوا الله وسلموا لنا، وردوا الأمر إلينا، فعلينا الإصدار كما كان منّا الإيراد، ولا تحاولوا كشف ما غطّي عنكم، ولا تميلوا عن اليمين وتعدلوا إلي

اليسار، واجعلوا قصدكم إلينا بالمودة علي السنّة الواضحة.فقد نصحت لكم، والله شاهد عليّ وعليكم، ولولا ما عندنا من محبة صاحبكم ورحمتكم، والإشفاق عليكم، لكنّا عن مخاطبتكم في شغل، مما قد امتحنّا به منازعة الظالم العتلّ الضالّ، المتتابع في غيّه المضادّ لربّه، المدّعي ما ليس له، الجاحد حق من افترض الله طاعته، الظالم الغاصب [258] وفي ابنة رسول الله (صلّي الله عليه وآله) وعليها لي أسوة حسنة [259] وسيتردّي الجاهل رداء عمله، وسيعلم الكافر لمن عقبي الدار.عصمنا الله وإياكم من المهالك والأسواء، والآفات والعاهات كلها، برحمته فإنه وليّ ذلك، والقادر علي ما يشاء، وكان لنا ولكم وليّاً وحافظاً، والسلام علي جميع الأوصياء والأولياء والمؤمنين ورحمة الله وبركاته، وصلي الله علي النبي محمّدٍ وآله وسلّم تسليماً.

الي ابن أبي روح

بحار الأنوار للعلامة المجلسي (قدس سره): ج51 ص295- 296، عن كتاب الخرائج قال: روي عن أحمد بن أبي روح قال: وجهت إلي امرأة من أهل دينور، فأتيتها فقالت: يا بني أبي روح أنت أوثق من في ناحيتنا ديناً وورعاً، وأني أريد أن أودعك أمانة أجعلها في رقبتك تؤديها وتقوم بها: فقلت: أفعل إن شاء الله تعالي فقالت: هذه دراهم في هذا الكيس المختوم لا تحله، ولا تنظر فيه حتي تؤديه إلي من يخبرك بما فيه [تقصد إمام الزمان صاحب الأمر عليه السلام] وهذا قرطي يساوي عشرة دنانير، وفيه ثلاث جعات تساوي عشرة دنانير، ولي إلي صاحب الزمان (عليه السلام) حاجة أريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها.فقلت: وما الحاجة؟ قالت: عشرة دنانير استقرضتها أمي في عرس لا أدري ممن استقرضتها، ولا أدري إلي من أدفعها، فإن أخبرك بها فادفعها إلي من يأمرك بها.قال: فقلت في نفسي: وكيف أقول لجعفر بن

علي؟ فقلت هذه المحنة بيني وبين جعفر بن علي، فحملت المال وخرجت حتي دخلت بغداد، فأتيت حاجز بن يزيد الوشاء، فسلمت عليه وجلست.قال: ألك حاجة؟ قلت: هذا مال دفع إلي لا أدفعه إليك حتي تخبرني كم هو؟ ومن دفعه إلي، فإن أخبرتني دفعته إليك.قال: يا أحمد بن أبي روح توجه به إلي سر من رأي، فقلت: لا إله إلا الله لهذا أجل شيء أردته، فخرجي ووافيت سر من رأي فقلت: ابدأ بجعفر، ثم تنكرت فقلت ابدأ بهم، فإن كانت المحنة من عندهم وإلا مضيت إلي جعفر.فدنوت من دار أبي محمد (عليه السلام)، فخرج إلي خادم فقال: أنت أحمد بن أبي روح؟ قلت: نعم، قال: هذه الرقعة أقرأها، فإذا فيها مكتوب:..بسم الله الرحمن الرحيم يا بن أبي روح أودعتك عاتكة بنت الديراني كيساً فيه ألف درهم بزعمك، وهو خلاف ما تظن، وقد أتيت فيه الأمانة ولم تفتح الكيس، ولم تدري ما فيه وفيه ألف درهم وخمسون ديناراً، ومعك قرط زعمت المرأة أنه يساوي عشرة دنانير. صدقت مع الفصين الذين فيه، وفيه ثلاث حبات لؤلؤ شراؤها عشرة دنانير، وتساوي أكثر فادفع ذلك إلي خادمتنا فلانة، فإنا قد وهبناه لها.وصر إلي بغداد، وادفع المال إلي الحاجز وخذ منه ما يعطيك لنفقتك إلي منزلك.وأما عشرة الدنانير التي زعمت أن أمها استقرضتها في عرسها وهي لا تدري من صاحبها بل هي تعلم لمن هي؟ لكلثوم بنت أحمد، وهي ناصبية، فتحرجت أن تعطيها، وأحبت أن تقسمها في أخواتها فاستأذنتنا في ذلك. فلتفرقها في ضعفاء أخواتها.ولا تعودن يا بن أبي روح إلي القول بجعفر، والمحنة له.وارجع إلي منزلك فإن عمك قد مات، وقد رزقك الله أهله وماله [260] .

رسالة إلي العمري و ابنه

: أ- الشيخ

محمد بن الحسن الطوسي (قدس سره) في كمال الدين وتمام النعمة ج2 ص198ب- معاني الأخبار ص286.ج- بحار الأنوار للعلامة المجلسي (قدس سره) عنها، ج35 ص78، وفي ج53 ص190 أيضاً...توقيع منه (عليه السلام) كان خرج إلي العمري وابنه رضي الله عنهما، رواه سعد بن عبد الله قال الشيخ أبو جعفر رضي الله عنه: وجدته مثبتاً بخط سعد بن عبد الله رضي الله عنه:،العمري وابنه هما اثنان من النواب الأربعة، عثمان بن سعيد العمري وكيل الهادي والعسكري (عليهما السلام) وأول نائب للحجة في الغيبة الصغري، وابنه محمد بن عثمان العمري النائب الثاني للحجة صلوات الله عليه.وفقكما الله لطاعته وثبتكما علي دينه وأسعدكما بمرضاته.انتهي إلينا ما ذكرتما أن (الميثمي) [261] أخبركما عن المختار ومناظرته من لقي واحتجاجه بأن لا خلف غير جعفر بن علي [262] ، وتصديقه إياه.وفهمت جميع ما كتبتما به مما قال أصحابكما عنه وإن أعوذ بالله من العمي بعد الجلاء، ومن الضلالة بعد الهدي، ومن موبقات الأعمال، ومرديات الفتن فإنه عز وجل يقول:(ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمن وهم لا يفتنون) [263] .كيف يتساقطون في الفتنة، ويترددون في الحيرة ويأخذون يميناً وشمالاً؟فارقوا دينهم أم ارتابوا؟ أم عاندوا الحق أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة والأخبار الصحيحة؟ أو علموا بذلك فتناسوا؟أما تعلمون أن الأرض لا تخلو من حجة إما ظاهراً وإما مغموراً [264] .؟أوَ لم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم (صلي الله عليه وآله) واحداً بعد واحد إلي أن أفضي الأمر بأمر الله عز وجل إلي الماضي- يعني: الحسن بن علي صلوات الله عليه فقام مقام آبائه (عليهم السلام) يهدي إلي الحق وإلي طريق مستقيم.كان نوراً ساطعاً وقمراً زاهراً، اختار الله عز وجل

له ما عنده، فمضي علي منهاج آبائه (عليهم السلام) حذو النعل بالنعل علي عهد عهده ووصية أوصي بها إلي وصي [265] ستره الله عز وجل بأمره إلي غاية، وأخفي مكانه بمشيئته، للقضاء السابق والقدر النافذ، وفينا موضعه، ولنا فضله ولو قد أذن الله عز وجل فيما قد منعه وأزال عنه ما قد جري به من حكمه لأراهم الحق ظاهراً بأحسن حيلة، وأبين دلالة، وأوضح علامة. ولأبان عن نفسه، وقام بحجته.ولكن أقدار الله عز وجل لا تغالب، وإرادته لا ترد، وتوفيقه لا يسبق فليدعوا عنهم اتباع الهوي، وليقيموا علي أصلهم الذي كانوا عليه، ولا يبحثوا عما ستر عنهم فيأثموا، ولا يكشفوا ستر الله عز وجل فيندموا.وليعلموا: أن الحق معنا وفينا لا يقول ذلك سوانا إلا كذاب مفتر ولا يدعيه غيرنا إلا ضال غوي، فليقتصروا منا علي هذه الجملة دون التفسير ويقنعوا من ذلك بالتعريض دون التصريح إن شاء الله.

الي الدينوري

نقل العلامة المجلسي (قدس سره) عن كتاب النجوم، في بحار الأنوار (51- ص300) قال: روينا بإسنادنا إلي الشيخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري بإسناده يرفعه إلي أحمد الدينوري السراج المكي بأبي العباس الملقب بآستاره، قال: انصرفت من أردبيل إلي دينور أريد أن أحج وذلك بعد مضي أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) بسنة أو سنتين، وكان الناس في حيرة فاستبشر أهل الدينور بموافاتي واجتمع الشيعة عندي فقالوا: اجتمع عندنا ستة عشر ألف دينار من مال الموالي (جمع: المولي، يعني الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، والمقصود به الخمس علي الظاهر، أو النذور ونحوها).ونحتاج أن نحملها معك وتسلمها بحيث يجب تسليمها.قال: فقلت: يا قوم هذه حيرة ولا نعرف الباب في هذا الوقت.قال: فقالوا إنما اخترناك لحمل هذا المال

لما نعرف من ثقتك وكرمك فاعمل علي أن لا تخرجه من يدك إلا بحجة.قال: فحمل إلي ذلك المال في صرر باسم رجل رجل، فحملت ذلك المال وخرجت فلما وافيت (قرميسين) [وهو اسم بلد] كان أحمد بن الحسن بن الحسن مقيماً بها، فصرت إليه مسلماً، فلما لقيني استبشرني ثم أعطاني ألف دينار في كيس، وتخوت ثياب ألوان معكمة لا أعرف ما فيها ثم قال لي: احمل هذه معك ولا تخرجه من يدك إلا بحجة.قال: فقبضت المال والتخوت بما فيها من الثياب، فلما وردت بغداد لم يكن لي همة غير البحث عمن أشير إليه بالنيابة.فقيل لي: إن هاهنا رجلاً يعرف (بالباقطاني) يدعي بالنيابة، وآخر يعرف ب_(إسحاق الأحمر) يدعي بالنيابة، وآخر يعرف ب_(أبي جعفر العمري) يدعي بالنيابة.قال: فبدأت بالباقطاني وصرت إليه فوجدته شيخاً مهيباً له مروءة ظاهرة، وفرس عربي، وغلمان كثير، ويجتمع الناس عنده يتناظرون.قال: فدخلت إليه وسلمت عليه فرحب وقرب وسر وبر قال: فأطلت القعود إلي أن خرج أكثر الناس. قال: فسألني عن ديني فعرفته إني رجل من أهل دينور وافيت ومعي شيء من المال أحتاج أن أسلمه. فقال لي: احمله، قال فقلت: أريد حجة، قال: تعود إلي في غد، قال: فعدت إليه في غد فلم يأتي بحجة، وعدت إليه في اليوم الثالث فلم يأت بحجة.قال: فصرت إلي إسحاق الأحمر، فوجدته شاباً نظيفاً منزله أكبر من منزل الباقطاني، وفرسه ولباسه ومروءته أسري، وغلمانه أكثر من غلمانه، ويجتمع عنده من الناس أكثر مما يجتمع عند الباقطاني.قال: فدخلت وسلمت فرحب وقرب.قال: فصبرت إلي أن خف الناس قال: فسألني عن حاجتي فقلت له: كما قلت للباقطاني وعدت إليه بعد ثلاثة أيام فلم يأتي بحجة.قال: فصرت إلي أبي جعفر العمري، فوجدته

شيخاً متواضعاً عليه مبطنة بيضاء قاعد علي لبد في بيت صغير، ليس له غلمان ولا من المروءة والفرس ما وجدت لغيره.قال: فسلمت فرد الجواب، وأدناني، وبسط مني، ثم سألني عن حال فعرفته أني وافيت من الجبل، وحملت مالاً.قال: فقال: إن أحببت أن يصل هذا الشيء إلي من يجب أن يصل إليه تخرج إلي سر من رأي وتسال دار ابن الرضا (عليه السلام) وعن فلان بن فلان الوكيل - وكانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها - فإنك تجد هناك ما تريد.قال: فخرجت من عنده ومضيت نحو سر من رأي، وصرت إلي دار ابن الرضا، وسألت عن الوكيل، فذكر البواب أنه يشتغل في الدار وأنه يخرج آنفاً.فقعدت علي الباب انتظر خروجه فخرج بعد ساعة فقمت وسلمت عليه وأخذ بيدي إلي بيت كان له وسألني عن حالي وما وردت له، فعرفته أني حملت شياً من المال من ناحية الجبل، وأحتاج أن أسلمه بحجة...قال: فقال: نعم، ثم قدم إلي طعاماً وقال لي: تغد بهذا واسترح، فإنك تعبت، فإن بيننا وبين الصلاة الأولي [يعني: صلاة الظهر] ساعة، فإني أحمل إليك ما تريد.قال: فأكلت، ونمت، فلما كان وقت الصلاة نهضت وصليت وذهبت إلي المشرعة فاغتسلت ونظفت. انصرفت إلي بيت الرجل، وسكنت إلي أن مضي من الليل ربعه، فجاءني بعد أن مضي من الليل ربعه ومعه درج فيه:بسم الله الرحمن الرحيم. وافي أحمد بن محمد الدينوري وحمل ستة عشر ألف دينار في كذا وكذا صرة، فيها صرة فلان بن فلان كذا وكذا ديناراً، إلي أن عدد الصرر كلها، وصرة فلان بن فلان الذراع ستة عشرة ديناراً.ثم ذكر: قد حمل من قرميسين من أحمد بن الحسن المادرائي أخي الصواف كيس فيه ألف دينار

وكذا تختاً من الثياب منها ثوب فلان، وثوب لونه كذا، حتي نسب الثياب إلي آخرها بأنسابها وألوانها [266] .

الادعية

دعاء التوحيد

الشيخ عباس القمي، مفاتيح الجنان ص130 ط طهران 1391ه_ نقلاً عن الكفعمي: إنه صدر من الناحية المقدسة علي يد الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد (رضي الله عنه) هذا التوقيع الشريف: اقرأ في كل يوم من أيام رجب:...اللهم أني أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به [267] ولاة أمرك المأمونون علي سرك [268] المستبشرون بأمرك الواصفون لقدرتك المعلنون لعظمتك. أسألك بما نطق فيهم من مشيئتك [269] فجعلتهم معادن لكلماتك [270] وأركاناً [271] لتوحيدك وآياتك ومقاماتك [272] التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك [273] لا فرق بينك وبينها [274] إلا أنهم عبادك وخلقك فتقها ورتقها بيدك [275] بدؤها منك وعودها إليك أعضاد وأشهد ومناة وأذواد وحفظة ورواد [276] فبهم ملأت سماءك وأرضك [277] حتي ظهر أن لا إله إلا أنت فبذلك أسألك وبمواقع العز من رحمتك [278] وبمقاماتك وعلاماتك أن تصلي علي محمد وآله وأن تزيدني إيماناً وتثبيتاً يا باطناً في ظهوره وظاهراً في بطونه ومكنونه [279] يا مفرقاً بين النور والديجور يا موصوفاً بغير كنه ومعروفاً بغير شبه حاد كل محدود وشاهد كل مشهود وموجد كل موجود ومحصي كل معدود وفاقد كل مفقود [280] ليس دونك من معبود أهل الكبرياء والجود يا من لا يكيف بكيف ولا يؤين بأين [281] يا محتجباً عن كل عين يا ديموم يا قيوم وعالم كل معلوم صل علي محمد وآله وعلي عبادك المنتجبين وبشرك المحتجبين [282] وملائكتك المقربين والبهم الصافين الحافين [283] وبارك لنا في شهرنا هذا المرجب المكرم [284] وما بعده من الأشهر

الحرم وأسبغ علينا فيه النعم وأجزل لنا فيه القسم وأبرز لنا فيه القسم [285] الذي وضعه علي النهار فأضاء وعلي الليل فأظلم [286] واغفر لنا ما تعلم منا وما لا نعلم [287] واعصمنا من الذنوب خير العصم واكفنا كوافي قدرك وامنن علينا بحسن نظرك ولا تكلنا إلي غيرك ولا تمنعنا من خيرك وبارك لنا فيما كتبت لنا من أعمارنا وأصلح لنا خبيئة أسرارنا وأعطنا منك الأمان واستعملنا بحسن الأيمان وبلغنا شهر الصيام وما بعده من الأيام والأعوام يا ذا الجلال والإكرام.

دعاء العلوي المصري

مهج الدعوات، علي بن موسي بن محمد الطاووس، ط طهران، انتشارات سنائي ص280-293 رواه عن الحسين بن علي بن هند، عن أبي علي أحمد بن محمد الحسين بن إسحاق بن جعفر بن محمد العلوي العريضي، عن محمد بن علي العلوي الحسيني... ورواه أيضاً عن الحسن، علي بن حماد المصري، عن أبي عبد الله الحسين بن محمد العلوي، عن محمد بن علي العلوي الحسيني، أن صاحب الزمان علمه إياه، وكان مظلوماً ففرج الله عنه، وقتل عدوه، قال محمد بن علي الحسيني، قال (عليه السلام) إذا كان ليلة الجمعة، فقم فاغتسل، وصلي صلاتك، فإذا فرغت من سجدة الشكر فقل – وأنت بارك علي ركبتيك-:...رب من ذا الذي دعاك فلم تجبه، ومن ذا الذي سألك فلم تعطه، ومن ذا الذي ناجاك فخيبته، أو تقرب إليك فأبعدته، وربي هذا فرعون ذو الأوتاد، مع عناده وكفره وعتوه، وادعائه الربوبية لنفسه، وعلمك بأنه لا يتوب، ولا يرجع ولا يؤدب، ولا يؤمن ولا يخشع، استجبت له دعاءه، وأعطيته سؤله، كرماً منك وجوداً، وقلة مقدار لما سألك عندك، مع عظمه عنده، أخذاً بحجتك عليه وتأكيداً لها، حين فجر وكفر، واستطال علي قومه

وتجبر، وبكفره عليهم افتخر، وبظلمه لنفسه تكبر، وبحلمك عنه استكبر، فكتب وحكم علي نفسه، جرأة منه: أن جزاء مثله أن يغرق في البحر، فجزيته بما حكم به علي نفسه. إلهي وأنا عبدك وابن أمتك، معترف لك بالعبودية، مقر بأنك أنت الله خالقي، لا إله لي غيرك، ولا رب لي سواك، موقن بأنك أنت الله ربي، وإليك مردي وإيابي، عالم بأنك علي كل شيء قدير، تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد، لا معقب لحكمك، ولا راد لقضائك، وإنك الأول والآخر، والظاهر والباطن، لم تكن من شيء، ولم تبن عن شيء، كنت قبل كل شيء، وأنت الكائن بعد كل شيء، والمكون لكل شيء، خلقت كل شيء بتقدير، وأنت السميع البصير. وأشهد أنك كذلك، كنت وتكون، وأنت حي قيوم، لا تأخذك سنة ولا نوم، ولا توصف بالأوهام، ولا تدرك بالحواس، ولا تقاس بالمقياس، ولا تشبه بالناس، وأن الخلق كلهم عبيدك وإمائك، أنت الرب ونحن المربوبون، وأنت الخالق ونحن المخلوقون، وأنت الرزاق ونحن المرزوقون، فلك الحمد يا إلهي إذ خلقتني بشراً سوياً، فلك الحمد حمداً إن عد لم يحص، وإن وضع لم يتسع له شيء، حمداً يفوق علي جميع حمد الحامدين، ويعلو علي حمد كل شيء، ويفخم ويعظم علي ذلك كله، وكلما حمد الله شيء، والحمد لله كما يحب الله أن يحمد، والحمد لله عدد ما خلق، وزنة ما خلق، وزنة أجل ما خلق، وبوزن أخف ما خلق، وبعدد أصغر ما خلق، والحمد لله حتي يرضي ربنا وبعد الرضا، وأسأله أن يصلي علي محمد وآل محمد، وأن يغفر لي ذنبي، وأن يحمد لي أمري، ويتوب علي إنه هو التواب الرحيم.إلهي وإني أنا أدعوك وأسألك باسمك الذي دعاك به صفوتك

أبونا آدم (عليه السلام)، وهو مسيء ظالم، حين أصاب الخطيئة، فغفرت له خطيئته، وتبت عليه، واستجبت له دعوته، وكنت منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تغفر لي خطيئتي، وترضي عني، فإن لم ترض عني فاعف عني، فإني مسيء ظالم خاطئ عاص، وقد يعفو السيد عن عبده وليس براض عنه، وأن تُرضي عني خلقك، وتميط عني حقك.إلهي وأسألك باسمك الذي دعاك به إدريس (عليه السلام)، فجعلته صديقاً نبياً، ورفعته مكاناً علياً، واستجبت دعاءه، وكنت منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تجعل مآبي إلي جنتك ومحلي في رحمتك، وتسكنني فيها بعفوك، وتزوجني من حورها بقدرتك يا قدير.إلهي وأسألك باسمك الذي دعاك به نوح إذ نادي إني مغلوب فانتصر، ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر، وفجرنا الأرض عيوناً، فالتقي الماء علي أمر قد قدر، ونجيته علي ذات الألواح ودسر، فاستجبت دعائه وكنت منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تنجيني من ظلم من يريد ظلمي، وتكف عني بأس من يريد هضمي، وتكفيني سر كل سلطان جائر، وعدو قاهر، ومستخف قادر، وجبار عنيد، وكل شيطان مريد، وأنسي شديد، وكيد كل مكيد، يا حليم يا ودود.إلهي وأسألك باسمك الذي دعاك به عبدك ونبيك صالح (عليه السلام)، فنجيته من الخسف، وأعليته علي عدوه، واستجبت دعاءه، وكنت منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تخلصني من شر ما يريدني به، وسعي بي حسادي، وتكفينهم بكفايتك، وتتولاني بولايتك، وتهدي قلبي بهداك، وتؤيدني بتقواك، وتبصرني (وتنصرني) بما فيه رضاك، وتغنيني بغناك يا حليم.إلهي وأسألك باسمك الذي دعاك به عبدك ونبيك وخليلك إبراهيم (عليه السلام)، حين أراد نمرود

إلقاءه في النار، فجعلت له النار برداً وسلاماً، واستجبت له دعاءه، وكنت منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد وأن تبرد عني حر نارك، وتطفئ عني لهبها، وتكفيني حرها، وتجعل ثائرة أعدائي في شعارهم ودثارهم، وترد كيدهم في نحورهم وتبارك لي فيما أعطيتنيه، كما باركت عليه وعلي آله، إنك أنت الوهاب الحميد المجيد.إلهي وأسألك بالاسم الذي دعاك إسماعيل (عليه السلام)، فجعلته نبياً ورسولاً، وجعلت له من حرمك منسكاً ومسكناً، ومأوي، واستجبت له دعاءه (ونجيته من الذبح، وقربته رحمة منك) وكنت منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تفسح لي في قبري، وتحط وزري، وتشد لي أزري، وتغفر لي ذنبي، وترزقني التوبة، بحط السيئات، وتضاعف الحسنات، وكشف البليات، وربح التجارات، ودفع معرة السعايات، إنك مجيب الدعوات، ومنزل البركات، وقاضي الحاجات، ومعطي الخيرات، وجبار السماوات.إلهي وأسألك بما سألك به ابن خليلك، إسماعيل (عليه السلام)، الذي نجيته من الذبح، وفديته بذبح عظيم، وقلبت له المشقص، حتي ناجاك موقناً بذبحه، راضياً بأمر والده، فاستجبت له دعاءه، وكنت منه قريباً يا قريب أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تنجيني من كل سوء وبلية، وتصرف عني كل ظلمة وخيمة، وتكفيني ما أهمني من أمور دنياي وآخرتي، وما أحاذره وأخشاه ومن شر خلقك أجمعين، بحق آل ياسين.إلهي وأسألك باسمك الذي دعاك به لوط (عليه السلام)، فنجيته وأهله من الكرب العظيم، واستجبت له دعاءه، وكنت منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تأذن لي بجمع ما شتت من شملي، وتقر عيني بولدي، وأهلي ومالي، وتصلح لي أموري، وتبارك لي في جميع أحوالي، وتبلغني في نفسي آمالي، وأن تجيرني من النار، وتكفيني

شر الأشرار، بالمصطفين الأخيار، والأئمة الأبرار ونور الأنوار، محمد وآله الطيبين الطاهرين الأخيار، الأئمة المهديين، والصفوة المنتجبين، صلوات الله عليهم أجمعين، وترزقني مجالستهم، وتمن علي بمرافقتهم، وتوفق لي صحبتهم، مع أنبيائك المرسلين، وملائكتك المقربين، وعبادك الصالحين، وأهل طاعتك أجمعين، وحملت عرشك والكروبيين.إلهي وأسألك باسمك الذي سألك به يعقوب (عليه السلام)، وقد كف بصره وشتت شمله (جمعه) وفقد قرة عينيه ابنه، فاستجبت له دعاءه، وجمعت شمله، وأقررت عينه، وكشفت ضره، وكنت منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تأذن لي بجمع ما تبدد من أمري، وتقر عيني بولدي وأهلي ومالي، وتصلح شأني كله، وتبارك لي في جميع أحوالي، وتبلغني في نفسي وآمالي، وتصلح لي أفعالي وتمن علي يا كريم، يا ذا المعالي، وبرحمتك يا أرحم الراحمين.إلهي وأسألك باسمك الذي دعاك به عبدك ونبيك يوسف (عليه السلام)، فاستجبت له، ونجيته من غيابت الجب، وكشفت ضره، وكفيته كيد أخوته، وجعلته بعد العبودية ملكاً، واستجبت دعاءه، وكنت منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تدفع عني كيد كل كائد وشر كل حاسد، إنك علي كل شيء قدير.إلهي وأسألك باسمك الذي دعاك به عبدك ونبيك موسي بن عمران (عليه السلام)، إذ قلت تباركت وتعاليت: (وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجياً) وضربت له طريقاً في البحر يبساً، ونجيته ومن معه من بني إسرائيل، وأغرقت فرعون وهامان وجنودهما، واستجبت له دعاءه، وكنت منه قريباً يا قريب، أسألك أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تعيذني من شر خلقك، وتقربني من عفوك، وتنشر علي من فضلك، ما تغنيني به عن جميع خلقك، ويكون لي بلاغاً أنال به مغفرتك ورضوانك، يا وليي وولي المؤمنين.إلهي وأسألك

بالاسم الذي دعاك به عبدك ونبيك داوود (عليه السلام) فاستجبت له دعاءه وسخرت له الجبال، يسبحن معه بالعشي والإبكار، والطير محشورة كل له أواب، وشددت ملكه وأتيته الحكمة وفصل الخطاب، وألنت له الحديد، وعلمته صنعة لبوس لهم، وغفرت ذنبه وكنت منه قريباً يا قريب، أسألك أن تصلي علي محمد وآل محمد وأن تسخر لي جميع أموري، وتسهل لي تقديري، وترزقني مغفرتك وعبادتك، وتدفع عني ظلم الظالمين، وكيد الكائدين، ومكر الماكرين، وسطوات الفراعنة الجبارين الحاسدين، يا أمان الخائفين، وجار المستجيرين، وثقة الواثقين، وذريعة المؤمنين، ورجاء المتوكلين، ومعتمد الصالحين، يا أرحم الراحمين.إلهي وأسألك بالاسم الذي دعاك به عبدك ونبيك سليمان بن داوود (عليهما السلام)، إذ قال: ربي اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي، إنك أنت الوهاب فاستجبت له دعاءه، وأطعت له الخلق، وحملته علي الريح، وعلمته منطق الطير، وسخرت له الشياطين، من كل بناء وغواص، وآخرين مقرنين في الأصفاد، هذا عطاؤك لا عطاء غيرك، وكنت منه قريباً يا قريب، أسألك أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تهدي لي قلبي وتجمع لي لبي، وتكفيني همي، وتؤمن خوفي، وتفك أسري، وتشد أزري، وتمهلني، وتنفسني، وتستجيب دعائي، وتسمع ندائي، ولا تجعل في النار مأواي، ولا الدنيا أكبر همي، وأن توسع علي رزقي، وتحسن خلقي، وتعتق رقبتي من النار، فإنك سيدي ومولاي، ومؤملي.إلهي وأسألك اللهم باسمك الذي دعاك به أيوب (عليه السلام) لما حل به البلاء بعد الصحة، ونزل السقم منه منزل العافية، والضيق بعد السعة والقدرة، فكشفت ضره، ورددت عليه أهله، ومثلهم معهم، حين ناداك داعياً لك، راغباً إليك، راجياً لفضلك، شاكياً إليك: رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، فاستجبت له دعاءه، وكشفت ضره،

وكنت منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تكشف ضري، وتعافيني في نفسي وأهلي ومالي ووالدي، وإخواني فيك، عافية باقية شافية كافية وافرة هادية نامية مستغنية عن الأطباء والأدوية، وتجعلها شعاري ودثاري، وتمتعني بسمعي وبصري، وتجعلهما الوارثين مني، إنك علي كل شيء قدير.إلهي وأسألك باسمك الذي دعاك يونس بن متي (عليه السلام) في بطن الحوت، حين ناداك في ظلمات ثلاث: أن لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين، وأنت أرحم الراحمين، فاستجبت له دعاءه، وأنبت عليه شجرة من يقطين، وأرسلته إلي مائة ألف أو يزيدون، وكنت منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تستجيب دعائي وتداركني بعفوك، فقد غرقت في بحر الظلم لنفسي، وركبتني مظالم كثيرة لخلقك علي، صل علي محمد وآل محمد، واسترني منهم، واعتقني من النار، واجعلني من عتقائك وطلقائك من النار، في مقامي هذا، بمنك يا منان.إلهي وأسألك باسمك الذي دعاك به عبدك ونبيك عيسي ابن مريم (عليهما السلام)، إذ أيدته بروح القدس، وأنطقته في المهد، فأحيي به الموتي وأبرأ به الأكمه والأبرص بإذنك، وخلق من الطين كهيئة الطير، فصار طائراً بإذنك، وكنت منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وتكفر عن سيئاتي، وتقبل مني حسناتي، وتقبل توبتي، وتتوب علي، وتغني فقري، وتجبر كسري، وتحيي فؤادي بذكرك، وتحييني في عافية، وتميتني في عافية.إلهي وأسألك اللهم باسمك الذي دعاك به عبدك ونبيك زكريا (عليه السلام)، حين سألك داعياً لك، راغباً إليك، راجياً لفضلك، فقام بالمحراب ينادي نداءً خفياً، فقال: رب هب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب، واجعله رب رضياً، فوهبت له يحيي، واستجبت له دعاءه وكنت

منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تبقي لي أولادي، وأن تمتعني بهم، وتجعلني وإياهم مؤمنين لك، راغبين في ثوابك، حياة طيبة، وتميتنا ميتة طيبة، إنك فعال لما تريد.إلهي وأسألك بالاسم الذي سألتك به امرأة فرعون، إذ قالت: رب ابني لي بيتاً عندك في الجنة، ونجني من فرعون وعمله، ونجني من القوم الظالمين، فاستجبت لها دعاءها، وكنت منها قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تقر عيني بالنظر إلي جنتك، ووجهك الكريم، وأوليائك، وتفرحني بمحمد وآله، وتؤنسني به وبآله، وبمصاحبتهم. ومرافقتهم، وتمكن لي فيها، وتنجيني من النار، وما أعد لأهلها، من السلاسل والأغلال، والشدائد والأنكال، وأنواع العذاب، بعفوك يا كريم.إلهي وأسألك باسمك الذي دعتك به عبدتك وصديقتك مريم البتول، وأم المسيح الرسول (عليهما السلام)، إذ قلت: (ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين)، فاستجبت لها دعاءها، وكنت منها قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تحصني بحصنك الحصين، وتحجبني بحجابك المنيع، وتحرزني بحرزك الوثيق، وتكفيني بكفايتك الكافية، من شر كل طاغ، وظلم كل باغ، ومكر كل ماكر، وغر كل غادر، وسحر كل ساحر، وجور كل سلطان جائر، بمنعك يا منيع.إلهي وأسألك بالاسم الذي دعاك به عبدك ونبيك وصفيك وخيرتك من خلقك، وأمينك علي وحيك، وبعيثك إلي بريتك، ورسولك إلي خلقك، محمد خاصتك وخالصتك (صلي الله عليه وآله وسلم)، فاستجبت دعاءه، وأيدته بجنود لم يروها، وجعلت كلمتك العليا، وكلمة الذين كفروا السفلي، وكنت منه قريباً يا قريب، أن تصلي علي محمد وآل محمد، صلاة زاكية، طيبة نامية باقية مباركة، كما صليت علي أبيهم إبراهيم وآل إبراهيم،

وبارك عليهم كما باركت عليهم، وسلم عليهم كما سلمت عليهم، وزدهم فوق ذلك كله زيادة من عندك، واخلطني بهم، واجعلني منهم، واحشرني معهم، وفي زمرتهم، حتي تسقيني من حوضهم، وتدخلني في جملتهم، وتجمعني وإياهم، وتقرعيني بهم، وتعطيني سؤلي، وتبلغني آمالي في ديني ودنياي وآخرتي، ومحياي ومماتي، وتبلغهم سلامي، وترد علي منهم السلام، وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته.إلهي أنت الذي تنادي في أنصاف كل ليلة: هل من سائل فأعطيه؟ أم هل من داع فأجيبه؟ أم هل من مستغفر فأغفر له؟ أم هل من راج فابلغه رجاه؟ أم هل من مؤمل فابلغه أمله؟ ها أنا سائلك بفنائك ومسكينك ببابك، وضعيفك ببابك، وفقيرك ببابك، ومؤملك بفنائك، أسألك نائلك، وأرجو رحمتك، وأؤمل عفوك، والتمس غفرانك، فصلي علي محمد وآل محمد. وأعطني سؤلي، وبلغني أملي، واجبر فقري، وارحم عصياني، واعفي عن ذنوبي، وفك رقبتي من المظالم لعبادك ركبتني، وقو ضعفي وأعز مسكنتي، وثبت وطأتي، واغفر جرمي، وأنعم بالي، وأكثر من الحلال مالي، وخر لي في جميع أموري وأفعالي، ورضني بها، وارحمني ووالدي وما ولدا، من المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع الدعوات، وألهمني من برهما ما أستحق به ثوابك والجنة، وتقبل حسناتهما، واغفر سيئاتهما، وأجزهما ما فعلا بي ثوابك والجنة.إلهي! وقد علمت يقيناً أنك لا تأمر بالظلم ولا ترضاه، ولا تميل إليه ولا تهواه، ولا تحبه ولا تغشاه، وتعلم ما فيه هؤلاء القوم من ظلم عبادك، وبغيهم علينا، وتعديهم بغير حق ولا معروف، بل ظلماً وعدواناً، وزوراً وبهتاناً، فإن كنت جعلت لهم مدة لابد من بلوغها، أو كتبت لهم آجالاً ينالونها، فقد قلت- وقولك الحق ووعدك الصدق-: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) فأنا أسألك

بكل ما سألك به أنبياؤك ورسلك، وأسألك بما سألك به عبادك الصالحون، وملائكتك المقربون، أن تمحو من أم الكتاب ذلك، وتكتب لهم الاضمحلال والمحق، حتي تقرب آجالهم، وتقضي مدتهم، وتذهب أيامهم، وتبتر أعمالهم، وتهلك فجارهم، وتسلط بعضهم علي بعض، حتي لا تبقي منهم أحداً، ولا تنجي منهم أحداً، وتفرق جموعهم، وتكل سلاحهم، وتبدد شملهم، وتقطع آجالهم، وتقصر أعمارهم، وتزلزل أقدامهم، وتطهر بلادك منهم، وتظهر عبادك عليهم، فقد غيّروا سنتك، ونقضوا عهدك، وهتكوا حريمك، وأتوا علي ما نهيتهم عنه، وعتو عتواً كبيراً كبيراً، وضلوا ضلالاً بعيداً، فصل علي محمد وآل محمد، وأذن لجمعهم بالشتات، ولحيهم بالممات، ولأزواجهم بالنهبات، وخلص عبادك من ظلمهم، واقبض أيديهم عن هضمهم، وطهر أرضك منهم، وأذن بحصد نباتهم، واستئصال شأفتهم، وشتات شملهم، وهدم بنيانهم، يا ذا الجلال والإكرام.وأسألك يا إلهي وإله كل شيء، وربي ورب كل شيء، وأدعوك بما دعاك به عبداك ورسولاك ونبياك وصفياك موسي وهارون (عليهما السلام)، حين قالا - داعين لك راجين لفضلك-: (ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس علي أموالهم واشدد علي قلوبهم فلا يؤمنوا حتي يروا العذاب الأليم) فمننت وأنعمت عليهما بالإجابة لهما، إلي أن قرعت سمعهما بأمرك، فقلت- اللهم رب-: (قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون) أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تطمس علي أموال هؤلاء الظلمة، وأن تشدد علي قلوبهم، وأن تخسف بهم برك، وأن تغرقهم في بحرك، فإن السماوات والأرض وما فيهما لك، وأري الخلق قدرتك فيهم، وبطشتك عليهم، فافعل ذلك بهم، وعجل لهم ذلك، يا خير من سئل، وخير من دعي، وخير من تذلل له الوجود، ورفعت إليه

الأيدي، ودعي بالألسن، وشخصت إليه الأبصار، وأمت إليه القلوب، ونقلت إليهم الأقدام، وتحوكم إليه في الأعمال.إلهي! وأنا عبدك، أسألك من أسمائك بأبهاها، وكل أسمائك بهي، بل أسألك بأسمائك كلها، أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تركسهم علي أم رؤوسهم، في زينتهم، وترديهم في مهوي حفرتهم، وارمهم بحجرك، وذكهم بمشاقصهم، وأكببهم علي مناخرهم، واخنقهم بوترهم، واردد كيدهم في نحورهم، وأوبقهم بندامتهم، حتي يستخذلوا، ويتضاءلوا، بعد نخوتهم، وينقمعوا بعد استطالتهم، أذلاء مأسورين في ربق حبائلهم التي كانوا يؤملون أن يرونا فيها، وترينا قدرتك فيهم، وسلطانك عليهم، وتأخذهم أخذ القري وهي ظالمة، إن أخذك الأليم الشديد، وتأخذهم - يا رب - أخذ عزيز مقتدر، فإنك عزيز مقتدر شديد العقاب، شديد المحال.اللهم صلي علي محمد وآل محمد، وعجل إيرادهم عذابك، الذي أعددته للظالمين من أمثالهم، والطاغين من نظرائهم، وارفع حلمك عنهم وأحلل عليهم غضبك، الذي لا يقوم له شيء وأمر في تعجيل ذلك عليهم، بأمرك الذي لا يرد ولا يؤخر، فإنك شاهد كل نجوي، وعالم كل فحوي، ولا تخفي عليك من أعمالهم خافية، وأنت علام الغيوب، عالم بما في الضمائر والقلوب.وأسألك اللهم وأناديك بما ناداك به - سيدي - وسألك به نوح، إذ قلت - تباركت وتعاليت -: (ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون) أجل - اللهم يا رب - أنت نعم المجيب، ونعم المدعو، ونعم المسؤول، ونعم المعطي، أنت الذي لا يخيب سائلك، ولا تمل دعاء من أمّلك، ولا تتبرم بكثرة حوائجهم إليك، ولا بقضائها لهم، فإن قضاء حوائج جميع خلق إليك في أسرع لحظ من لمح الطرف، وأخف عليك وأهون عندك من جناح بعوضة، وحاجتي - يا سيدي ومولاي، ومعتمدي ورجائي - أن تصلي علي محمد وآل

محمد، وأن تغفر لي ذنبي، فقد جئتك ثقيل الظهر، بعظيم ما بارزتك به من سيئاتي، وركبني من مظالم عبادك، ما لا يكفني ولا يخلصني منها غيرك، ولا يقدر عليه ولا يملكه سواك، فامح - يا سيدي - كثرة سيئاتي بيسير عبراتي، بل بقساوة قلبي، وجمود عيني، بل برحمتك التي وسعت كل شيء، فلتسعني رحمتك، يا رحمن يا رحيم، يا أرحم الراحمين، لا تمتحني في هذه الدنيا بشيء من المحن، ولا تسلط عليّ من لا يرحمني، ولا تهلكني بذنوبي، وعجل خلاصي من كل مكروه، وارفع عني كل ظلم، ولا تهتك ستري، ولا تفضحني يوم جمعك الخلائق للحساب، يا جزيل العطاء والثواب.أسألك أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تحييني حياة السعداء، وتميتي ميتة الشهداء، وتقبلني قبول الأوداء، وتحفظني في هذه الدنيا الدنية، من شر سلاطينها، وفجارها، وشرارها، ومحبيها، والمعاملين لها وما فيها، وقني شر طغاتها، وحسادها، وباغي الشرك فيها، حتي تكفيني مكر المكرة، وتفقأ عني أعين الكفرة، وتفحم عني ألسن الفجرة، وتقبض لي علي أيدي الظلمة، وتوهن عني كيدهم، وتميتهم بغيظهم، وتشغلهم بأسماعهم، وأبصارهم، وأفئدتهم، وتجعلني من ذلك كله في أمنك وأمانك، وحرزك وسلطانك، وحجابك وكنفك، وعياذك وجارك، ومن جار السوء، وجليس السوء، إنك علي كل شيء قدير. إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولي الصالحين.اللهم بك أعوذ، وبك ألوذ، ولك أعبد، وإياك أرجو، وبك أستعين، وبك أستكفي، وبك أستغيث، وبك أستنقذ، ومنك أسأل، أن تصلي علي محمد وآل محمد، ولا تردني إلا بذنب مغفور، وسعي مشكور، وتجارة لن تبور، وأن تفعل بي ما أنت أهله، ولا تفعل بي ما أنا أهله، فإنك أهل التقوي، وأهل المغفرة، وأهل الفضل والرحمة.إلهي وقد أطلت دعائي، وأكثرت خطابي،

وضيق حداني علي ذلك كله، وحملني عليه علماً مني بأنه يجزيك منه قدراً الملح بالعجين، بل يكفيك عزم إرادة، وأن يقول العبد - بنية صادقة، ولسان صادق -: (يا رب)، فتكون عند ظن عبدك بك، وقد ناجاك بعزم الإرادة قلبي، فأسألك أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تقرن دعائي بالإجابة منك، وتبلغني ما أملته فيك، منةً منك وطولاً، وقوةً وحولاً، لا تقيمني من مقامي هذا إلا بقضاء جميع ما سألتك، فإنه عليك يسير، وخطره عندي جليل كثير، وأنت عليه قدير، يا سميع يا بصير.إلهي! وهذا مقام العائذ بك من النار، والهارب منك إليك، من ذنوب تهجمته، وعيوب فضحته، فصل علي محمد وآل محمد، وانظر إلي نظرة رحيمة أفوز بها إلي جنتك، وأعطف علي عطفة، أنجو بها من عقابك، فإن الجنة والنار لك، وبيدك، ومفاتيحهما ومغاليقهما إليك، وأنت علي ذلك قادر، وهو عليك هين يسير، فافعل بي ما سألتك يا قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولي، ونعم النصير والحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي سيدنا محمد وآله الطاهرين.

صلوات الجمعة

الشيخ عباس القمي، مفاتيح الجنان ص51-53 طبع طهران1391ه_، عن الكفعمي في المصباح: أن هذه الصلوات مروية عن صاحب الأمر (عليه السلام)، وقد خرج إلي أبي الحسن الضراب الأصفهاني في مكة:...بسم الله الرحمن الرحيماللهم صل علي محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وحجة رب العالمين المنتجب في الميثاق [288] المصطفي في الظلال [289] المطهر من كل آفة البريء من كل عيب المؤمل للنجاة المرتجي للشفاعة المفوض إليه دين الله [290] .اللهم شرف بنيانه وعظم برهانه وأفلج حجته وارفع درجته وأضئ نوره وبيض وجهه وأعطه الفضل والفضيلة والمنزلة والوسيلة [291]

والدرجة الرفيعة وابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون وصل علي أمير المؤمنين ووارث المرسلين وقائد الغر المحجلين وسيد الوصيين وحجة رب العالمين.وصل علي الحسن بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين [292] .وصل علي الحسين بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي علي بن الحسين إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي محمد بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي جعفر بن محمد إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي موسي بن جعفر إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي علي بن موسي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي محمد بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي علي بن محمد إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي الحسن بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي الخلف الهادي المهدي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين [293] .اللهم صل علي محمد وأهل بيته الأئمة الهادين العلماء الصادقين الأبرار المتقين دعائم دينك وأركان توحيدك وتراجمة وحيك وحججك علي خلقك وخلفائك في أرضك الذين اخترتهم لنفسك واصطفيتهم علي عبادك وارتضيتهم لدينك وخصصتهم بمعرفتك وجللتهم بكرامتك. وغشيتهم برحمتك وربيتهم بنعمتك وغذيتهم بحكمتك وألبستهم نورك ورفعتهم في ملكوتك وحففتهم بملائكتك وشرفتهم بنبيك صلواتك عليه وآله. اللهم صل علي محمد وعليهم صلاة زاكية نامية كثيرة دائمة طيبة لا يحيط بها إلا أنت ولا يسعها إلا علمك ولا يحصيها أحد غيرك.

لقضاء الحوائج

مهج الدعوات، علي بن موسي بن محمد الطاووس طبع طهران، انتشارات سنائي ص294 - 295 قال:فصل، ورأيت في كتاب (كنوز النجاح) تأليف الفقيه أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي رضي

الله عنه، عن مولانا الحجة صلوات عليه ما هذا لفظه: روي أحمد بن الدربي، عن خزامة، عن أبي عبد الله الحسين بن محمد البزوفري، قال: خرج عن الناحية المقدسة: (من كان له إلي الله حاجة، فليغتسل ليلة الجمعة بعد نصف الليل، ويأتي مصلاه، ويصلي ركعتين، يقرأ في الركعة الأولي الحمد، فإذا بلغ إياك نعبد وإياك نستعين يكررها مائة مرة ويتمم في المائة إلي آخرها، ويقرأ سورة التوحيد مرة واحدة ثم يركع ويسجد، ويسبح فيها سبعة سبعة، ويصلي الركعة الثانية علي هيئته، ويدعو بهذا الدعاء، فإن الله يقضي حاجته البتة، كائناً ما كان، إلا في قطيعة رحم. والدعاء:...وفي تتمة الحديث فيستكفي شر من يخاف شره إن شاء الله، ثم يسجد ويسأل حاجته، ويتضرع إلي الله تعالي. فإنه ما من مؤمن ولا مؤمنة صلي هذه الصلاة ودعا بهذا الدعاء خالصاً، إلا فتحت له أبواب السماء للإجابة، ويجاب في وقته وليلته كائناً ما كان، وذلك من فضل الله علينا وعلي الناس).اللهم إن أطعتك فالمحمدة [294] لك، وإن عصيتك فالحجة لك، منك الروح [295] ومنك الفرج، سبحان من أنعم وشكر، سبحان من قدر وغفر، اللهم إن كنت قد عصيتك فإني قد أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو الإيمان بك، لم أتخذ لك ولداً، ولم أدع لك شريكاً، مناً منك به علي، لا مناً مني به عليك [296] ، وقد عصيتك يا إلهي علي غير وجه المكابرة، ولا الخروج عن عبوديتك، ولا الجحود لربوبيتك، ولكن أطعت هواي وأزلني الشيطان [297] فلك الحجة علي والبيان، فإن تعذبني فبذنوبي غير ظالم، وإن تغفر لي وترحمني فإنك جواد كريم، يا كريم يا كريم... [حتي ينقطع النفس].[ثم تقول]: يا آمناً من كل شيء، وكل

شيء منك خائف حذر [298] أسألك بأمنك من كل شيء، وخوف كل شيء منك أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تعطيني أماناً لنفسي وأهلي وولدي، وسائر ما أنعمت به علي، حتي لا أخاف أحداً ولا أحذر من شيء أبداً [299] ، إنك علي كل شيء قدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل، يا كافي إبراهيم نمرود، يا كافي موسي فرعون، أسألك أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تكفيني شر فلان بن فلان.

اللهم أنجز

الأمالي، محمد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه الصدوق عن محمد بن عثمان بن سعيد العمري - ثاني النواب الأربعة - إنه رآه في بيت الله وهو يقول:...اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم انتقم لي من أعدائي [300] .

دعاء الحكمة

الاحتجاج أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص317 - 318: عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري قال: خرج التوقيع من الناحية المقدسة - حرسها الله - بعد المسائل.بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك أن تصلي علي محمد نبي رحمتك وكلمة نورك [301] وأن تملأ قلبي نور اليقين، وصدري نور الإيمان، وفكري نور الثبات، وعزمي نور العلم، وقوتي نور العمل، ولساني نور الصدق، وديني نور البصائر من عندك، وبصري نور الضياء، وسمعي نور وعي الحكمة، ومودتي نور الموالاة لمحمد وآله (عليهم السلام) [302] حتي ألقاك وقد وفيت بعهدك وميثاقك فلتسعني رحمتك يا ولي يا حميد.اللهم صل علي حجتك في أرضك، وخليفتك في بلادك، والداعي إلي سبيلك، والقائم بقسطك، والثائر بأمرك، ولي المؤمنين، وبوار الكافرين، ومجلي الظلمة، ومنير الحق، والساطع بالحكمة والصدق، وكلمتك التامة في أرضك، المرتقب الخائف [303] والولي الناصح، سفينة النجاة، وعلم الهدي، ونور أبصار الوري، وخير من تقمص وارتدي، ومجلي العمي، الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملأت ظلماً وجوراً، إنك علي كل شيء قدير.اللهم صل علي وليك وابن أوليائك الذين فرضت طاعتهم، وأوجبت حقهم وأذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيراً.اللهم انصر وانتصر به أولياءك وأولياءه، وشيعته وأنصاره واجعلنا منهم.اللهم أعذه من كل باغ وطاغ، ومن شر جميع خلقك، واحفظه من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، واحرسه، وامنعه من أن يوصل إليه بسوء واحفظ

فيه رسولك وآل رسولك، وأظهر به العدل وأيده بالنصر، وانصر ناصريه واخذل خاذليه، واقصم به جبابرة الكفرة، واقتل به الكفار والمنافقين وجميع الملحدين، حيث كانوا في مشارق الأرض ومغاربها، برها وبحرها، واملأ به الأرض عدلاً، وأظهر به دين نبيك، واجعلني اللهم من أنصاره وأعوانه، وأتباعه وشيعته، وأرني في آل محمد ما يأملون، وفي عدوهم ما يحذرون إله الحق آمين يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين.

دعاء الفرج

أ: الشيخ عباس القمي، مفاتيح الجنان ص112 طبع طهران 1391 هجري: نقلاً عن الكفعمي: أن صاحب الأمر (عليه السلام) علم هذا الدعاء لمحبوس فأفرج عنه.وقد نقل المؤلف في نفس المصدر ص46 نصاً مشابهاً، ولكن اكتفينا بإثبات هذا النص.ب: الجنة المأوي - الحاج ميرزا حسين النوري عن فضل بن الحسن الطبرسي في كتاب(كنوز النجاح) قال: دعاء علمه صاحب الزمان (عليه السلام) أبا الحسن محمد بن أحمد ابن أبي الليث في بلدة بغداد في مقابر قريش وكان أبو الحسن قد هرب إلي مقابر قريش والتجأ إليه من خوف القتل فنجي منه ببركة هذا الدعاء. قال أبو الحسن: أنه (عليه السلام) علمني أن أقول:.....ج: الشيخ محمد بن المشهدي (قدس سره) في (المزار الكبير) ص194.د: الشهيد الأول محمد بن مكي في (مزار الشهيد) ص64.ه: العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار (ج 102 - ص119) عن الشيخ المفيد (قدس سره).إلهي عظم البلاء وبرح الخفاء [304] وانكشف الغطاء [305] وانقطع الرجاء، وضاقت الأرض [306] ومنعت السماء [307] وأنت المستعان وإليك المشتكي وعليك المعول في الشدة والرخاء.اللهم صل علي محمد وآل محمد أولي الأمر الذين فرضت علينا طاعتهم [308] وعرفتنا بذلك منزلتهم ففرج عنا بحقهم فرجاً عاجلاً قريباً كلمح البصر أو هو أقرب.يا محمد يا

علي، يا علي يا محمد، أكفياني فإنكما كافيان وانصراني فإنكما ناصران، يا مولانا يا صاحب الزمان الغوث الغوث الغوث، أدركني أدركني أدركني، الساعة الساعة الساعة، العجل العجل العجل، يا أرحم الراحمين بحق محمد وآله الطاهرين [309] .

الصلاة والدعاء للمهدي

الصلوات من هنا علي الإمام المهدي (عليه السلام) نفسه. وقد ينبض سؤال يقول:كيف يعلم الإمام المهدي (عليه السلام) شيعته الصلوات عليه يضمنها فضائله؟ ويمكن الجواب بما يلي:1: الصلوات دعاء، وطلب الدعاء من الغير ممدوح، وورد كثيراً من النبي وآله (عليهم السلام).2: إن النبي وآله (عليهم السلام) باعتبارهم أشخاصاً يختلفون عنهم باعتبارهم قادة روحيين، وعلي الناس أن يعرفوهم ويضعوهم حيث وضعهم الله، فلابد أن يعرفوا أنفسهم إن لم يجدوا من يعرفهم.اللهم وصل علي وليك المحيي سنتك القائم بأمرك الداعي إليك الدليل عليك، حجتك علي خلقك وخليفتك في أرضك وشاهدك علي عبادك. اللهم أعز نصره ومد في عمره وزين الأرض بطول بقائه.اللهم أكفه بغي الحاسدين وأعذه من شر الكائنين وأزجر عنه إرادة الظالمين وخلصه من أيدي الجبارين.اللهم أعطه في نفسه وذريته وشيعته ورعيته وخاصته وعامته وعدوه وجميع أهل الدنيا [310] ما تقر به عينه وتسر به نفسه وبلغه أفضل ما أمله في الدنيا والآخرة إنك علي كل شيء قدير.اللهم جدد به ما امتحي (محي) من دينك وأحي به ما بدل من كتابك وأظهر به ما غيّر من حكمك حتي يعود دينك به وعلي يديه غضاً جديداً خالصاً مخلصاً لا شك فيه ولا شبهة معه ولا باطل عنده ولا بدعة لديه.اللهم نور بنوره كل ظلمة وهدّ بركنه كل بدعة واهدم بعزه كل ضلالة واقصم به كل جبار واخمد بسيفه كل نار واهلك بعدله جور كل جائر وأجر حكمه علي كل حكم

وأذل بسلطانه كل سلطان.اللهم أذل كل من ناواه وأهلك كل من عاداه وامكر بمن كاده واستأصل من جحده حقه واستهان بأمره وسعي في إطفاء نوره وأراد إخماد ذكره.اللهم صل علي محمد المصطفي وعلي المرتضي وفاطمة الزهراء والحسن الرضا والحسين المصفي وجميع الأوصياء مصابيح الدجي وأعلام الهدي ومنار التقي والعروة الوثقي والحبل المتين والصراط المستقيم وصل علي وليك [311] وولاة عهدك والأئمة من ولده ومد في أعمارهم وزد في آجالهم [312] وبلغهم أقصي آمالهم ديناً ودنياً وآخرة إنك علي كل شيء قدير.

دعاء يوم المبعث

مفاتيح الجنان - الشيخ عباس القمي ص150 في أعمال يوم السابع والعشرين من شهر رجب وهو يوم مبعث الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) نقلاً عن الحسين بن روح وهو السفير الثالث من سفراء الإمام المهدي (عجل الله فرجه) ويعرف من بعض ما سبق أنه لا يرسل إلا عن الإمام المهدي..الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل [313] وكبره تكبيراً. يا عدتي في مدتي يا صاحبي قي شدتي يا وليي في نعمتي يا غياثي في رغبتي يا نجاحي في حاجتي يا حافظي في غيبتي يا كافي في وحدتي يا أنسي في وحشي أنت الساتر عورتي [314] فلك الحمد، وأنت المقيل عثرتي [315] فلك الحمد. وأنت المنعش صرعتي [316] فلك الحمد صل علي محمد وآل محمد واستر عورتي وآمن روعتي وأقل عثرتي واصفح عن جرمي وتجاوز عن سيئاتي في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون [317] .

المنن السابغة

مفاتيح الجنان - الشيخ عباس القمي ص129 قال الشيخ يستحب أن يقرأ في كل يوم من رجب هذا الدعاء: وقد ذكر في ص407 من مفاتيح الجنان في أعمال مسجد صعصعة: أن جماعة رأوا الإمام المهدي في مسجد صعصعة في شهر رجب أنه صلي ركعتين ودعا:...اللهم يا ذا المنن السابغة والآلاء الوازعة والرحمة الواسعة والقدرة الجامعة والنعم الجسيمة والمواهب العظيمة والأيادي الجميلة والعطايا الجزيلة يا من لا ينعت بتمثيل ولا يمثل بنظير ولا يغلب بظهير يا من خلق فرزق وألهم فانطق وابتدع فشرع وعلا فارتفع وقدر فأحسن وصور فأتقن واحتج فأبلغ وأنعم فأسبغ وأعطي فأجزل ومنح فأفضل يا من سما في العز ففات نواظر الأبصار ودنا في اللطف

فجاز هواجس الأفكار يا من توحد بالملك فلا ند له في ملكوت سلطانه وتفرد بالآلاء والكبرياء فلا ضد له في جبروت شأنه يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الأوهام وانحسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الأنام يا من عنت الوجوه لهيبته وخضعت الرقاب لعظمته ووجلت القلوب من خيفته أسألك بهذه المدحة التي لا تنبغي إلا لك وبما وأيت به علي نفسك لداعيك من المؤمنين وبما ضمنت الإجابة فيه علي نفسك للداعيين يا أسمع السامعين وأبصر الناظرين وأسرع الحاسبين يا ذا القوة المتين صل علي محمد خاتم النبيين وعلي أهل بيته واقسم لي في شهرنا هذا خير ما قسمت واحتم لي في قضائك خير ما حتمت واختم لي بالسعادة فيمن ختمت وأحيني ما أحييتنني موفوراً وأمتني مسروراً ومغفوراً وتول أنت نجاتي من مساءلة البرزخ وأدرأ عني منكراً ونكيراً وأرعيني مبشراً وبشيراً واجعل لي إلي رضوانك وجنانك مصيراً وعيشاً قريراً وملكاً كبيراً وصل علي محمد وآله كثيراً.

صلاة و دعاء

رضي الدين أبو القاسم علي بن موسي بن جعفر بن طاووس، إقبال الأعمال، طبع طهران 1390 هجري ص675:....ذكر شيخنا المفيد في الرسالة الفرية صلاة يوم المبعث، وقال: إنها تصلي صدر النهار، وقال الشيخ سلمان بن الحسن في كتاب (البادية) - عند ذكر صلاة يوم المبعث -: إنها تصلي قبل الزوال. فأحببت أن يكون عند العامل بذلك المعرفة بهذه الحال، وسيأتي في رواية ابن يعقوب الكليني: أنه يصليها أي وقت شاء - يعني من يوم المبعث - ونحن نذكر منها عدة روايات، وإن اتفقت في عدد الركعات، فإنها تختلف في بعض المرادات.فمن ذلك ما رواه محمد بن علي الطرازي (رحمه الله) في كتابه فقال: صلاة يوم سبعة وعشرين من

رجب - وهو اليوم الذي بعث فيه سيدنا رسول الله (صلي الله عليه وآله) (وقال) أبو العباس: أحمد بن علي بن نوح - رضي الله عنه - قال: حدثني أبو أحمد المحسن بن عبد الحكم الشجري، وكتبته من أصل كتابه قال: نسخت من كتابي أبي نصر: جعفر بن محمد بن الحسن بن الهيثم، وذكر أنه خرج من جهة أبي القاسم: الحسين بن روح - قدس الله روحه:...وذكر في ص647 ومن الدعوات كل يوم من رجب ما رويناه - أيضاً - عن جدي: أبي جعفر الطوسي - قدس الله جل جلاله روحه - فقال: قال ابن العباس: وخرج إلي أهلي علي يد الشيخ أبي القاسم - رضي الله عنه في مقامي عندهم - هذا الدعاء في أيام رجب.....إن الصلاة يوم سبع وعشرين من رجب اثنتا عشر ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وما تيسر من السور ويجلس (ويسلم) ويقول بين كل ركعتين:الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيراً يا عدتي في مدتي ويا صاحبي في شدتي ويا وليي في نعمتي يا غياثي في رغبتي يا مجيبي في حاجتي يا حافظي في غيبتي يا كالئي في وحدتي يا أنسي في وحشتي أنت الساتر عورتي فلك الحمد وأنت المقيل عثرتي فلك الحمد وأنت المنفس صرعتي فلك الحمد صل علي محمد وآل محمد واستر عورتي وأمن روعتي وأقلني عثرتي وأفصح عن جرمي وتجاوز عن سيئاتي في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد وقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون والمعوذتين وإنا أنزلناه في ليلة القدر وآية الكرسي

سبعاً سبعاً. ثم تقول: اللهم الله الله ربي لا أشرك به شيئاً سبع مرات ثم ادع بما أحببت.

دعاء رجب

أ- الشيخ عباس القمي، مفاتيح الجنان ص231 - 132 - طبع طهران 1391 نقلاً عن الكفعمي، روي: أنه صدر من الناحية المقدسة علي يد الشيخ أبي القاسم (الحسين بن روح النونجتي).ب- علي بن موسي بن جعفر بن طاووس. إقبال الأعمال، طبع طهران 1390 هجري، ص647: ومن الدعوات كل يوم من رجب ما رويناه - أيضاً - عن جدي: أبي جعفر الطوسي، عن ابن عياش: وخرج إلي أهلي علي يد الشيخ أبي القاسم - رضي الله عنه - هذا الدعاء في أيام رجب:...اللهم إني أسألك بالمولودين [318] في رجب محمد بن علي الثاني [319] وابنه علي بن محمد المنتجب وأتقرب بهما إليك خير القرب يا من إليه المعروف طلب وفيما لديه رغب، أسألك سؤال متقرب مذنب قد أوبقته ذنوبه وأوثقته عيوبه فطال علي الخطايا دؤبه ومن الرزايا خطوبه يسألك التوبة وحسن الأربة والنزوع عن الحوبة ومن النار فكاك رقبته والعفو عما في ربقته فأنت مولاي أعظم أمله وثقته. اللهم وأسألك بمسائلك الشريفة ووسائلك المنيفة [320] . أن تتغمدني في هذا الشهر برحمة منك واسعة ونعمة وازعه [321] ونفس بما رزقتها قانعة إلي نزول الحافرة [322] ومحل الآخرة وما هي إليه صائرة [323] .

يا من أظهر الجميل

العلامة المجلسي (قدس سره) نقلاً عن كتاب النجوم، في بحار الأنوار (ج 51 - ص304 - 305) قال: بإسنادنا إلي الشيخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري في كتابه، قال حدثنا أبو جعفر محمد بن هارون بن موسي التلعكبري قال: حدثني أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب قال... فقال (يعني الإمام المهدي (عليه السلام)): يا أبا الحسين بن أبي البغل أين أنت من دعاء الفرج؟ فقلت: وما هو يا سيدي؟ فقال: تصلي ركعتين

وتقول:...يا من أظهر الجميل وستر القبيح؛ يا من لم يأخذ بالجريرة ولم يهتك الستر؛ يا عظيم المن؛ يا كريم الصفح؛ يا حسن التجاوز؛ يا واسع المغفرة: يا باسط اليدين بالرحمة؛ يا منتهي كل نجوي؛ ويا غاية كل شكوي: يا عون كل مستعين؛ يا مبتدءاً بالنعم قبل استحقاقها.يا رباه؛ يا غاية رغبتاه؛ أسألك بحق هذه الأسماء، وبحق محمد وآله الطاهرين (عليهم السلام) إلا ما كشفت كربي، ونفست همي، وفرجت غمي، وأصلحت حالي.يا محمد يا علي؛ يا علي يا محمد؛ أكفياني فإنكما كافياني، وانصراني فإنكما ناصراي [324] .

دعاء عام

أ: مهج الدعوات، علي بن موسي بن محمد الطاووس ص295 - 296 قال:...ب: مصباح الكفعمي قال: (اعلم أن للمهدي (عليه السلام) دعائين آخرين خفيفين علي اللسان ثقيلين في الميزان يليق وصفهما في هذا المكان. الأول: نقلته من كتاب مهج الدعوات والثاني من كتاب الأدعية المستجابات).ثم نقل حرز الإمام الذي أوله: (يا مالك الرقاب) ثم نقل هذا الدعاء:...وجدت في مجموع الأدعية المستجابات عن النبي والأئمة (عليهم السلام) دعاء الإمام العالم الحجة (عليه السلام):...إلهي بحق من ناجاك، وبحق من دعاك في البر والبحر [صل علي محمد وآله] تفضل علي فقراء المؤمنين والمؤمنات بالشفاء بالغني [325] والثروة وعلي مرضي المؤمنين والمؤمنات بالشفاء والصحة، وعلي أحياء المؤمنين والمؤمنات باللطف والكرم، وعلي أموات المؤمنين والمؤمنات بالمغفرة والرحمة، وعلي غرباء المؤمنين والمؤمنات بالرد إلي أوطانهم سالمين غانمين [326] بمحمد وآله أجمعين.

دعاء الاهتمامات العامة

(أ): الشيخ عباس القمي، مفاتيح الجنان ص112 - 113 ط طهران 1391 نقلاً عن الكفعمي: إن هذا الدعاء من الإمام المهدي (عليه السلام):...(ب): منتخب الأثر: لطف الله الصافي ص524 عن مصباح الكفعمي أيضاً.اللهم ارزقنا توفيق الطاعة وبعد المعصية وصدق النية وعرفان الحرمة [327] وأكرمنا بالهدي والاستقامة وسدد ألسنتا بالصواب والحكمة وأملأ قلوبنا بالعلم والمعرفة وطهر بطوننا من الحرام والشبهة واكفف أيدينا عن الظلم والسرقة واغضض أبصارنا عن الفجور والخيانة وأسدد أسماعنا عن اللغو والغيبة [328] وتفضل علي علمائنا بالزهد والنصيحة وعلي المتعلمين بالجهد والرغبة وعلي المستمعين بالاتباع والموعظة وعلي مرضي المسلمين بالشفاء والراحة وعلي موتاهم بالرأفة والرحمة وعلي مشايخنا بالوقار والسكينة وعلي الشباب بالإنابة والتوبة وعلي النساء بالحياء والعفة [والعصمة] وعلي الأغنياء بالتواضع والسعة وعلي الفقراء بالصبر والقناعة وعلي الغزاة بالنصر والغلبة وعلي الأسراء بالخلاص والراحة وعلي الأمراء بالعدل والشفقة

وعلي الرعية بالإنصاف [329] وحسن السيرة وبارك للحجاج والزوار [330] في الزاد والنفقة واقض ما أوجبت عليهم من الحج والعمرة بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

قنوت

مهج الدعوات، علي بن موسي بن محمد الطاووس، طبع طهران انتشارات سنائي ص68 - 69.اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك علي كل شيء قدير. يا ماجد يا جواد، يا ذا الجلال والإكرام، يا بطاش يا ذا البطش الشديد، يا فعالاً لما يريد، يا ذا القوة المتين، يا رءوف يا رحيم، يا حي حين لا حي أسألك باسمك المخزون المكنون الحي القيوم، الذي استأثرت به في علم الغيب عندك لم يطلع عليه أحد من خلقك، وأسألك باسمك الذي تصور به خلقك في الأرحام، كيف تشاء وبه تسوق إليهم أرزاقهم في أطباق الظلمات من بين العروق والعظام، وأسألك باسمك الذي ألفت به بين قلوب أوليائك، وألفت بين الثلج والنار لا هذا يذيب هذا ولا هذا يطفئ هذا، وأسألك باسمك الذي كونت به طعم المياه، وأسألك باسمك الذي أجريت به المياه في عروق النبات، بين أطباق الثري، وسقت الماء إلي عروق الأشجار، بين الصخرة الصماء، وأسألك باسمك الذي كونت به طعم الثمار وألوانها وأسألك باسمك الذي به تبدئ وتعيد، وأسألك باسمك الفرد الواحد المتفرد بالوحدانية، المتوحد بالصمدانية، وأسألك باسمك الذي فجرت به الماء من الصخرة الصماء، وسقته من حيث شئت، وأسألك باسمك الذي خلقت به خلقك، ورزقتهم كيف شئت؟ وكيف شاءوا؟ يا من لا تغيره الأيام والليالي، وأدعك بما دعاك إبراهيم خليلك حين ناداك فأنجيته وجعلت النار عليه برداً وسلاماً، وأدعوك بما دعاك به موسي كليمك حين ناداك ففلقت

له البحر فأنجيته وبني إسرائيل، وأغرقت فرعون وقومه في اليم، وأدعوك بما دعاك به عيسي روحك حين ناداك فنجيته من أعدائه وإليك رفعته، وأدعوك بما دعاك حبيبك وصفيك ونبيك محمد صلي الله عليه وآله فاستجبت له، ومن الأحزاب نجيته، وعلي أعدائك نصرته، وأسألك باسمك الذي إذا دعيت به أجبت، يا من له الخلق والأمر، يا من أحاط بكل شيء علماً، يا من أحصي كل شيء عدداً، يا من لا تغيره الأيام والليالي، ولا تتشابه عليه الأصوات، ولا تخفي عليه اللغات، ولا يبرمه إلحاح الملحين، أسألك أن تصل علي محمد وآل محمد، خيرتك من خلقك، فصل عليهم بأفضل صلواتك، وصل علي جميع النبيين والمرسلين، الذين بلغوا عنك الهدي وعقدوا لك المواثيق بالطاعة، وصل علي عبادك الصالحين، يا من لا يخلف الميعاد أنجز لي ما وعدتني واجمع لي أصحابي وصبرهم وانصرني علي أعدائك وأعداء رسولك ولا تخيب دعوتي، فإني عبدك وابن عبدك، ابن أمتك أسير بين يديك، سيدي أنت الذي مننت علي بهذا المقام، وتفضلت به علي، دون كثير من خلقك، أسألك أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تنجز لي ما وعدتني إنك أنت صادق، ولا تخلف الميعاد، وأنت علي كل شيء قدير.قنوت [331] .اللهم صلي علي محمد وآل محمد، وأكرم أوليائك بإنجاز وعدك، وبلغهم درك ما يأملونه من نصرك، واكفف عنهم بأس من نصب الخلاف عليك، وتمرد بمنعك علي ركوب مخالفتك، واستعان برفدك علي فل حدك، وقصد لكيدك بأيدك، ووسعته حلماً لتأخذه علي جهرة، وتستأصله علي غرة، فإنك اللهم قلت- وقولك الحق-: (حتي إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك

نفضل الآيات لقوم يتفكرون). وقلت: (فلما آسفونا انتقمنا منهم) وأن الغاية عندنا قد تناهت، وإنّا لغضبك غاضبون، وإنّا علي نصر الحق متعاصبون، وإلي ورود أمرك مشتاقون، ولإنجاز وعدك مرتقبون، ولحلول وعيدك بأعدائك متوقعون. اللهم فأذن بذلك، وافتح طرقاته، وسهل خروجه، ووطئ مسالكه، واشرع شرائعه، وأيد جنوده وأعوانه، وبادر بأسك القوم الظالمين، وابسط سيف نقمتك علي أعدائك المعاندين، وخذ بالثأر إنك جواد مكار.

دعاء القائم

بحار الأنوار: ج52 ص391 - عن دلائل الأئمة - محمد بن جرير بن رسم الطبري عن محمد بن هارون بن موسي عن أبيه عن محمد بن همام عن جعفر بن محمد الحميري عن أحمد بن جعفر عن علي بن محمد يرفعه إلي أمير المؤمنين في صفة القائم قال: كأني به وقد عبر من وادي السلام إلي مسجد السهلة علي فرس محجل له شمراخ يزهو ويدعو ويقول في دعائه:...(وادي السلام) هو مقبرة الكبيرة في النجف الأشرف، التي تجتمع بها أرواح المؤمنين، ولعل الإمام المهدي (عليه السلام) يزور - في طريقه إلي الكوفة - فبر جده أمير المؤمنين (عليه السلام) أولاً ثم يذهب إلي مقر قيادته الكبري مسجد الكوفة مروراً بمسجد السهلة [وفي بعض النسخ مسيل السهلة ولعل المراد به، يعرف اليوم بالخندق القريب من مسجد السهلة].(محجل) جاء في حاشية بحار الأنوار: ج94 ص365 -: (التحجيل بياض في قوائم للفرس كلها. ويكون في رجلين ويد، وفي رجلين فقط، وفي رجل ويد فقط، ولا يكون في اليدين خاصة إلا مع الرجلين، ولا في يد واحدة دون الأخري إلا مع الرجلين (والشمراخ) غرة الفرس إذا دقت وسالت وجللت الخيشوم ولم تبلغ الجحفلة).لا إله إلا الله حقاً حقاً، لا إله إلا الله إيماناً وصدقاً، لا إله إلا الله

تعبداً ورقاً، اللهم معين كل مؤمن وحيد، ومذل كل جبار عنيد، أنت كهفي حين تعييني المذاهب وتضيق علي الأرض بما رحبت. اللهم خلقتني وكنت عن خلقي غنياً ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين، يا مبعثر الرحمة من مواضعها ومخرج البركات من معادنها ويا من خص نفسه بشموخ الرفعة فأولياؤه بعزه يعتزون يا من وضعت له الملوك نير المذلة علي أعناقهم فهم من سطوته خائفون. أسألك باسمك الذي قصرت عنه خلقك فكلٌّ لك مذعنون.أسألك أن تصلي علي محمد وآل محمد، وأن تنجز لي أمري، وتعجل لي الفرج، وتكفيني وتعافيني وتقضي حوائجي الساعة الساعة الليلة الليلة إنك علي كل شيء قدير.

تسبيح صاحب الزمان

العلامة المجلسي في بحار الأنوار: ج94 ص207 نقله عن الدعوات للرواندي آخر تسابيح النبي والأئمة (عليه وعليهم الصلاة والسلام) وقال أنه يقرأ من اليوم الثامن عشر كل شهر إلي آخر الشهر ويمكن أن يكون المقصود بذلك: أنه يكرر هذا التسبيح في هذه الأيام الاثني عشر أو الثلاثة عشر.سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا خلقه، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله زنه عرشه، والحمد لله مثل ذلك.

دعاء الصابوني

مهج الدعوات علي بن موسي بن محمد الطاووس (قدس سره) ص414 -: بإسنادنا إلي محمد بن أحمد بن إبراهيم الجعفي المعروف بالصابوني - في جملة حديث بإسناده - وذكر فيه غيبة المهدي صلوات الله عليه (قلت) كيف تصنع شيعتك؟ (قال) عليكم بالدعاء وانتظار الفرج وأنه سيبدو لكم علم فإذا بدا لكم فاحمدوا الله وتمسكوا بما بدا لكم (قلت) فما ندعو به؟ (قال): تقول:....اللهم إنك عرفتني نفسك وعرفتني رسولك وعرفتني ملائكتك وعرفتني ولاة أمرك. اللهم لا آخذ إلا ما أعطيت ولا أقي إلا ما وقيت اللهم لا تغيبني عن منازل أوليائك ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، اللهم أهدني لولاية من افترضت طاعته.

النجاة من الشدة

الكلم الطيب - السيد علي خان أمير نظام أحمد الحسيني الشيرازي قال رأيت بخط بعض أصحابنا عن إسماعيل بن حسين بن علي بن سليمان الجابري الأنصاري عن الحاج علي مكي عن صاحب الأمر أنه أعطاه هذا الدعاء للنجاة من الشدائد:....بسم الله الرحمن الرحيم أسألك مدداً روحانياً تقوي به قواي الكلية والجزئية، حتي أقهر بمبادئي نفسي كل نفس قاهرة، فتنقبض لي إشارة دقائقها انقباضاً، تسقط به قويّها حتي لا يبقي في الكون ذو روح إلا ونار قهري قد أحرقت ظهوره، يا شديد يا شديد، يا ذا البطش الشديد، يا قاهر يا قهار، أسألك بما أودعته عزرائيل من أسمائك القهرية فانفعلت له النفوس بالقهر، وأذلل به كل منيع بقوتك يا ذا القوة المتين [332] .

للخلاص من الشدائد

الكلم الطيب - للسيد علي خان صدر الدين بن أمير نظام أحمد الحسيني الشيرازي قال: هذا دعاء عظيم عن صاحب الأمر لمن ضاع له شيء أو كانت له حاجة فليكثر الداعي من قراءته عند طلب مهماته وهو:...بسم الله الرحمن الرحيم أنت الله الذي لا إله إلا أنت مبدأ الخلق ومعيدهم أنت الله الذي لا إله إلا أنت مدبر الأمور وباعث من في القبور. وأنت الله الذي لا إله إلا أنت القابض الباسط وأنت الله الذي لا إله إلا أنت وارث الأرض ومن عليها أسألك باسمك الذي إذا دعيت به أجبت وإذا سئلت به أعطيت وأسألك بحق محمد وأهل بيته وبحقهم الذي أوجبته علي نفسك أن تصلي علي محمد وآل محمد وأن تقضي لي حاجتي الساعة الساعة يا سيداه يا مولاه يا غياثاه أسألك بكل اسم سميته به نفسك واستأثرت به في علم الغيب عندك أن تصلي علي محمد وآل محمد وأن تعجل

خلاصنا من هذه الشدة يا مقلب القلوب والأبصار يا سميع الدعاء إنك علي كل شيء قدير برحمتك يا أرحم الراحمين.

للشفاء من العلل

(أ): البلد الأمين - إبراهيم بن علي بن الحسن الكفعمي عن المهدي (عليه السلام): من كتب هذا الدعاء في إناء جديد بتربة الحسين (عليه السلام) وغسله وشربه شفي من علته:..(ب): جنة المأوي - الحاج ميرزا حسين النوري قال: رأيت بخط السيد زين الدين علي بن الحسين: أن هذا الدعاء تعلمه رجل كان به علة فشكاها إلي القائم عجل الله فرجه فأمره بكتابته وغسله وشربه ففعل ذلك فبرئ في الحال.بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله دواء، والحمد لله شفاء، ولا إله إلا الله كفاء، هو الشافي شفاء، هو الكافي كفاء، أذهب البأس برب الناس شفاء، لا يغادره سقم، وصلي الله علي محمد وآله النجباء.

دعاء صاحب الزمان

الجنة الواقية، إبراهيم بن علي بن الحسن الكفعمي في الفصل السادس والعشرين قال: دعاؤه (يعني صاحب الأمر):...يا نور النور يا مدبر الأمور يا باعث من في القبور صل علي محمد وآل محمد واجعل لي ولشيعتي من الضيق فرجاً ومن الهم مخرجاً وأوسع لنا المنهج وأطلق لنا من عندك ما يفرج وافعل بنا ما أنت أهله يا كريم [333] .

حجابه

مهج الدعوات، علي بن موسي بن محمد الطاووس، طبع طهران انتشارات سنائي، ص302 قال: حجاب مولانا صاحب الزمان (عليه السلام):...قال السيد بن طاووس (قدس سره) بعد نقل هذا الحجاب وما سبقه إلي نقله قبل ذلك من حجب سائر المعصومين عليهم الصلاة والسلام قال: (وهذه الحجب مما ألهمنا أيضاً تلاوتها يوم أحاطت المياه والغرق وأصعبت السلام بكثرة المياه وزادت علي إحاطتها بهدم مواقع دخل بها ماء الزيادات وأمكن المقام بإجابة الدعوات ورفع تلك المحذورات وسلامتنا من الدخول في تلك الحادثات والحمد لله).اللهم أحجبني عن عيون أعدائي، واجمع بيني وبين أوليائي، وأنجز لي ما وعدتني، واحفظني في غيبي، إلي أن تؤذن لي في ظهوري، وأحي بي ما درس من فروضك وسننك، وعجل فرجي، وسهل مخرجي، واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً، وافتح لي فتحاً مبيناً، واهدني صراطاً مستقيماً، وقني جميع ما أحذره من الظالمين، واحجبني عن أعين الباغين الناصبين العداوة لأهل بيت نبيك، ولا يصل إلي أحد منهم بسوء، فإذا أذنت في ظهوري فأيدني بجنودك، واجعل من يتبعني لنصرة دينك مؤيدين، وفي سبيلك مجاهدين، وعلي من أرادني وأرادهم بسوء منصورين، ووفقني لإقامة حدودك، وانصرني علي من تعدي محدودك، وانصر الحق وأزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقاً، وأورد علي من شيعتي وأنصاري من تقر بهم العين، ويشد بهم الأرز،

واجعلهم في حرزك وأمنك، برحمتك يا أرحم الراحمين.

استخارة صاحب الزمان

حاشية مفاتيح الجنان - الشيخ عباس القمي ص505.اللهم إني أستخيرك لعلمك بعاقبة الأمور وأستشيرك لحسن ظني بك في المأمول والمحذور اللهم إن كان الأمر الفلاني مما قد نيطت بالبركة أعجازُهُ وبواديه وحفت بالكرامة أيامه ولياليه فخيّر إلي اللهم فيه خيرة ترد شموسه ذلولاً وتتعض أيامه سروراً اللهم إما أمرٌ فائتمر وإما نهيٌ فأنتهي. اللهم إني أستخيرك برحمتك خيرة في عافية.

حرزه

(أ): مهج الدعوات، علي بن موسي بن محمد الطاووس، طبع طهران انتشارات سنائي ص45.(ب): مفاتيح الجنان - الشيخ عباس القمي، حاشية ص439.بسم الله الرحمن الرحيم يا مالك الرقاب، ويا هازم الأحزاب، يا مفتح الأبواب، يا مسبب الأسباب، سبب لنا سبباً لا نستطيع له طلباً، بحق لا إله إلا هو الله، محمد رسول الله، صلي الله عليه وعلي آله أجمعين.

حرز آخر له

مهج الدعوات، علي بن موسي بن محمد الطاووس، طبع طهران انتشارات سنائي ص5.بسم الله الرحمن الرحيم يا حي يا قيوم، برحمتك استغثت فأغثني، ولا تكلني إلي نفسي طرفة عين أبداً، وأصلح لي شأني كله.

دعاء الميثاق

(أ): محمد بن حسن الطوسي (قدس سره) في كتاب الغيبة ص177.ب: السيد ابن طاووس (قدس سره) في جمال الأسبوع ص494.ج: العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار: ج52 ص17 وقال:د: في كتاب دلائل الإمامة للطبري مثله.والنص لجمال الأسبوع:جماعة بإسنادهم إلي جدي أبي جعفر الطوسي عن الحسن بن عبد الله عن محمد بن أحمد بن داوود والتلعكبري عن أحمد بن علي الرازي فيما رواه في كتاب الشفاء والجلاء عن الأسدي عن الحسين بن محمد بن العامر عن يعقوب بن يوسف الضراب الغساني في منصرفه من إصفهان قال حجبت في سنة إحدي وثمانين ومائتين وكنت مع القوم مخالفين من أهل بلادنا فلما أن قدمنا مكه تقدم بعضهم فأكري لنا داراً في زقاق بين سوق الليل وهي دار خديجة (عليها السلام) وتسمي دار الرضا (عليه السلام) وفيها عجوز سمراء فسألتها لما وقفت علي أنها دار الرضا (عليه السلام) ما تكونين من أصحاب هذا الدار؟ ولم سميت دار الرضا؟ فقالت أنا من مواليهم وهذه دار الرضا بن موسي (عليه السلام) أسكنيها الحسن بن علي (عليهما السلام) فإني كنت في خدمته فلما سمعت ذلك منها آنست بها وأسررت الأمر عن رفاقي المخالفين فكنت إذا انصرفت من الطواف في بالليل أنام معهم في رواق الدار ونغلق الباب ونلقي خلف الباب حجراً كبيراً نديره خلف الباب. فرأيت غير ليلية ضوء السراج في الرواق الذي كنا فيه شبيهاً بضوء المشعل ورأيت الباب قد أنفتح ولا أري أحداً فتحه من

أهل الدار ورأيت رجلاً ربعة أسمر إلي الصفرة ما هو قليل الحم في وجهه سجادة عليها قميصان وإزار رقيق قد تقنع به في رجليه نعل طاق فصعد إلي غرفة في الدار حيث كانت العجوز تسكن وكانت تقول لنا أن في الغرفة ابنته لا تدع أحداً يصعد إليها فكنت أري الضوء الذي رأيته يضيء في الرواق علي الدرجة عند صعود الرجل إلي الغرفة التي يصعدها ثم أراه في الغرفة من غير أن أري السراج بعينه وكان الذي معي يرون مثل ما أري فتوهموا أن يكون هذا الرجل يختلف إلي ابنة العجوز وأن يقولوا قد تمتع بها فقالوا هؤلاء العلوية يرون المتعة وهذا حرام لا يحل فيما زعموا وكنا نراه يدخل ويخرج ويجيء إلي الباب وإذا الحجر علي حاله الذي تركناه وكنا نغلق هذا الباب خوفاً علي متاعنا وكنا لا نري أحداً يفتح ولا يغلقه والرجل يدخل ويخرج والحجر خلف الباب إلا وقت ننحيه إذ خرجنا.فلما رأيت هذه الأسباب ضرب علي قلبي ووقعت في نفسي هيبة فتلطف العجوز وأحببت أن أقف علي خبر الرجل فقلت لها: يا فلانة إني أحب أن أسألك وأفاوضك من غير حضور من معي فلا أقدر عليه فأنا أحب إذ رأيت في الدار وحدي أن تنزلي إلي لأسألك عن أمر فقالت لي مسرعة: وأنا أريد أن أسر إليك شيئاً فلم يتهيأ لي ذلك من أجل أصحابك فقلتما أردت أن تقولي فقالت يقول لك ولم تذكر أحداً لا تحاشن أصحابك وشركاءك ولا تلاحهم فإنهم أعداؤك ودارهم فقلت لها من يقول؟ فقالت: أنا أقول فلم أجسر لما دخل قلبي من الهيبة أن أراجعها، فقلت: أي أصحابي تعنين وظننت إنها تعني رفقائي الذين كانوا حجاجاً معي

فقالت: شركاؤك الذين في بلدك وفي الدار معك وكان جري بيني وبين الذين معي في الدار عتب في الدين فسعوا بي حتي هربت استترت بذلك السبب فوقفت علي أنها عنت أولئك فقلت لها: ما تكونين أنتِ من الرضا؟ فقالت: أنا كنت خادمة للحسن بن علي صلوات الله عليه.فلما استيقنت ذلك قلت: لأسألنها عن الغائب فقلت: بالله عليك أرأيته بعينك فقالت: يا أخي لم أره بعيني فإني خرجت وأختي حبلاً وبشرني الحسن بن علي (عليه السلام) بأنني سوف أراه في آخر عمري وقال لي: تكونين له كما كنت لي وأنا اليوم منذ كذا بمصر وإنما قدمت الآن بكتابة ونفقت وجه بها إلي علي يد رجل من أهل خراسان لا يفصح بالعربية وهي ثلاثون دينار وأمرني أن أحج سنتي هذه فخرجت رغبة مني في أن أراه فوقع في قلبي أن الرجل الذي كنت أراه يدخل ويخرج هو فأخذت عشرة دراهم صحاحاً فيها سكة رضوية من ضرب الرضا (عليه السلام) قد كنت خبأتها لألقيها في مقام إبراهيم (عليه السلام) وكنت نذرت ونويت ذلك فدفعها إليها وقلت في نفسي: ادفعها إلي قوم من ولد فاطمة (عليها السلام) أفضل من أن ألقيها في المقام وأعظم ثواباً فقلت لها: ادفعي هذه الدراهم إلي من يستحقها من ولد فاطمة (عليها السلام) وكان في نيتي أن الذي رأيته هو الرجل وأنها تدفعها إليه فأخذت الدراهم وصعدت وبقيت ساعة ثم نزلت فقالت: يقول لك: ليس لنا فيها اجعلها في الموضع الذي نويت ولكن هذه الرضوية خذ منا بدلها وألقيها في الموضع الذي نويت ففعلت وقلت في نفسي: الذي أمرت به من الرجل ثم كانت معي نسخة توقيع خرج إلي القاسم بن العلاء بأذربيجان فقلت

لها: تعرضين هذه النسخة علي إنسان قد رأي توقيعات الغائب فقالت: ناولني فإني أعرفه فأريتها النسخة وظننت أن المرأة تحسن أن تقرأها فقالت: لا يمكنني أن أقرأها في هذا المكان فصعدت الغرفة ثم أنزلته فقالت: صحيح وفي التوقيع: أبشركم ببشري ما بشرت به غيرك ثم قالت: إذا صليت علي نبيك كيف تصلي عليه؟ فقلت أقول اللهم صل علي محمد وآل محمد وبارك علي محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. فقالت: لا إذا صليت فصل عليهم كلهم وسمهم فقلت: نعم فلما كان من الغد نزلت ومعها دفتر صغير فقالت: يقول لك إذا صليت علي النبي صلي الله عليه وآله فصل عليه وعلي أوصيائه علي هذه النسخة فأخذتها وكنت أعمل بها ورأيت عدة ليال قد نزل من الغرفة وضوء السراج قائم وكنت أفتح الباب وأخرج علي أثر الضوء وأنا أراه أعني الضوء ولا أري أحداً حتي يدخل المسجد وأري جماعة من الرجال من بلدان شتي يأتون باب هذه الدار فبعضهم يدفعون إلي العجوز رقاً معهم ورأيت العجوز قد دفعت إليهم كذلك الرقاق فيكلموها وتكلمهم ولا أفهم عنهم ورأيت منهم في منصرفنا جماعة في طرق إلي أن قدمت بغداد وهذه هي النسخة للدعاء:...بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل علي محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وحجة رب العالمين المنتخب في الميثاق المصطفي في الظلال المطهر من كل آفة البريء من كل عيب المؤمل للنجاة المرتجي للشفاعة المفوض إليه دين الله اللهم شرف بنيانه وعظم برهانه وأفلح حجته وارفع درجته وأضئ نوره وبيض وجهه وأعطه الفضل والفضيلة والدرجة والوسيلة الرفيعة وأبعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون.وصل علي أمير المؤمنين ووارث

المرسلين وقائد الغر المحجلين وسيد الوصيين وحجة رب العالمين.وصل علي الحسن بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي الحسين بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي علي بن الحسين إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي محمد بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي جعفر بن محمد إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي موسي بن جعفر إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي علي بن موسي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي محمد بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي علي بن محمد إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي الحسن بن علي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.وصل علي الخلف الصالح الهادي المهدي إمام المؤمنين ووارث المرسلين وحجة رب العالمين.اللهم صل علي محمد وعلي أهل بيته الأئمة الهادين ووارث العلماء الصادقين الأبرار المتقين دعائم دينك وأركان توحيدك وتراجمة وحيك، وحججك علي خلقك وخلفائك في أرضك الذين اخترتهم لنفسك واصطفيتهم علي عبادك وارتضيتهم لدينك وخصصتهم بمعرفتك وجللتهم بكرامتك وغشيتهم برحمتك وربيتهم بنعمتك وغذيتهم بحكمتك وألبستهم [من] نورك ورفعتهم في ملكوتك وحففتهم بملائكتك وشرفتهم بنبيك صلواتك عليه وآله. اللهم صل علي محمد وعليهم صلاة كثيرة دائمة طيبة لا يحيط بها إلا أنت ولا يسعها إلا علمك ولا يحصيها أحد غيرك.

دعاء الزيارة

العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار: ج94 ص39 نقل بسند مطول - سنذكره في حقل الزيارات تحت عنوان (نسخة أخري للزيارة) - عن خط الشيخ محمد بن علي الجبعي بسنده إلي الحميري زيارة واردة عن الناحية المقدسة وبعدها هذا الدعاء:....اللهم إني أسألك باسمك الذي خلقته

من كلك فاستقر فيك فلا يخرج منك إلي شيء أبداً يا كينون أيا مكنون أيا متعال أيا مقدس أيا متراحم أيا مترئف أيا متحنن أسألك كما خلقته غضاً أن تصلي علي نبيك رحمتك وكلمة نورك ووالد هداة رحمتك واملأ قلبي نور اليقين وصدري نور الإيمان وفكري نور الثبات وعزمي نور التوفيق وذكائي نور العلم وقوتي نور العمل ولساني نور الصدق وديني نور البصائر من عندك وبصري نور الضياء وسمعي نور وعي الحكمة ومودتي نور المولاة لمحمد وآله (عليهم السلام) ويقيني قوة البراءة من أعداء محمد وأعداء آل محمد حتي ألقاك وقد وفيت بعهدك وميثاقك فيسعني يا ولي يا حميد بمرآك وسمعك يا حجة الله دعائي فوفني منجزات إجابتي أعتصم بك معك معك معك سمعي ورضاي.

دعاء المعرفة

أ: محمد بن الحسن الطوسي (قدس سره) في كتاب (كمال الدين وتمام النعمة) ج2 ص190.ب: السيد ابن طاووس (قدس سره) في جمال الأسبوع عن جده الطوسي قده ص541.عن أبي محمد الحسن بن أحمد المكتب قال: حدثنا أبو علي بن الهمام بهذا الدعاء، وذكر أن الشيخ العمري [الظاهر أنه عثمان بن سعيد] قدس الله روحه أملاه عليه وأمره به وهو الدعاء في غيبة القائم (عليه السلام):..(ويلاحظ) أنه من المستعبد جداً عن مثل الشيخ العمري (قدس سره) وكيل الهادي والعسكري (عليهما السلام) والنائب الأول لصاحب الأمر (عجل الله تعالي فرجه الشريف) أن يخترع مثل هذا الدعاء المطول من عند نفسه.فأكثر الظن أنه أمر به عن الناحية المقدسة (علي ساكنها الصلاة والسلام).وقد كرر العلامة المجلسي قده في البحار ذكره بطوله مرتين، مرة في (ج95 ص327 - 330) ومرة في (ج53 ص87 - 190) وذكره من باب ما خرج من توقيعاته - كما فعله

المجلسي وغيره (عليه السلام) - يؤيد كونه لصاحب الأمر (عليه السلام).(وأبو علي) هذا هو الذي دعا له الإمام أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) قال الأردبيلي في جامع الرواة (ج2 ص212): (محمد بن همام البغدادي يكني أبا علي... جليل القدر ثقة، شيخ أصحابنا ومتقدمهم له منزلة عظيمة كثير الحديث، قال: كتب أبي إلي أبي محمد العسكري (عليه السلام) يعرفه أته ما صح له حمل يولد، ويعرفه أن له حملاً ويسأله أن يدعو له في تصحيحه وسلامته وأن يجعله ذكراً نجيباً من مواليهم، فوقع (عليه السلام) علي رأسه الرقعة بخط يده: (قد فعل ذلك).قال هارون بن موسي: (أراني أبو علي بن همام الرقعة والخط وكان محققاً).اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني. اللهم لا تمتني ميتة الجاهلية ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني.اللهم فكما هديتني بولاية من فرضت طاعته علي من ولاة أمرك بعد رسولك صلواتك عليه وآله حتي واليت ولاة أمرك أمير المؤمنين والحسن والحسين وعلياً ومحمداً وجعفرَ وموسي وعلياً ومحمداً وعلياً والحسن والحجة القائم المهدي صلواتك عليهم أجمعين. اللهم فثبتني علي دينك واستعملني بطاعتك وليّن قلبي لولي أمرك وعافني مما امتحنت به خلقك وثبتني علي طاعة ولي أمرك الذي سترته عن خلقك فبإذنك غاب عن بريتك وأمرك ينتظر وأنت العالم غير معلم بالوقت الذي فيه صلاح أمر وليك في الإذن له بإظهاره أمره وكشف سره وصبرني علي ذلك حتي لا أحب تعجيل ما أخرت لا تأخير ما عجلت ولا أكشف عما سترته ولا أبحث عما كتمته ولا أنازع

في تدبيرك ولا أقول لم وكيف وما بال ولي أمر الله لا يظهر وقد امتلأت الأرض من الجور؟ وأفوض أمري كله لله. اللهم إني أسألك أن تريني ولي أمرك ظاهراً نافذاً لأمرك مع علمي بأن لك السلطان والقدرة والبرهان والحجة والمشيئة والإرادة والحول والقوة فافعل ذلك بي وبجميع المؤمنين حتي ننظر إلي وليك ظاهر المقالة واضح الدلالة هادياً من الضلالة شافياً من الجهالة أبرز يا رب مشاهده وثبت قواعده واجعلنا ممن تقر عيننا برؤيته وأقمنا وتوفنا علي ملته واحشرنا في زمرته.اللهم أعذه من شر جميع ما خلقت وبرأت وذرأت وأنشأت وصورت واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به واحفظ فيه رسولك ووصي رسولك اللهم ومد في عمري وزد في أجله وأعنه علي ما أوليته واسترعيته وزد في كرامتك له فإنه الهادي المهدي القائم المهتدي الطاهر التقي النقي الزكي الرضي المرضي الصابر المجتهد الشكور. اللهم ولا تسلبنا اليقين لطول الأمد في غيبته وانقطاع خبره عنا ولا تنسنا ذكره وانتظاره والإيمان به وقوة اليقين في ظهوره والدعاء له والصلاة عليه حتي لا يقنطنا طول غيبته من ظهوره وقيامه ويكون يقيننا في ذلك كيقيننا في قيام رسول الله (صلي الله عليه وآله) وما جاء به من وحيك وتنزيلك، قوّ قلوبنا علي الإيمان به حتي تسلك بنا علي يده منهاج الهدي والمحجة العظمي والطريقة الوسطي وقونا علي طاعته وثبتنا علي مشايعته واجعلنا في حزبه وأعوانه وأنصاره والراغبين بفعله ولا تسلبنا ذلك في حياتنا ولا عند وفاتنا حتي توفانا ونحن علي ذلك غير شاكين ولا ناكثين ولا مرتابين ولا مكذبين. اللهم عجل فرجه وأيده بالنصر وانصر

ناصريه واخذل خاذليه ودمدم علي من نصب له وكذب به وأظهر به الحق وأمت به الجور واستنقذ به عبادك المؤمنين من الذل وانعش به البلاد واقتل به الجبابرة الكفرة واقصم به رؤوس الضلالة وذلل به الجبارين والكافرين وأبر به المنافقين والناكثين وجميع المخالفين والملحدين في مشارق الأرض ومغاربها وبحرها وبرها وسهلها وجبلها حتي لا تدع منهم دياراً ولا تبقي لهم آثاراً وتطهر منهم بلادك واشف منهم صدور عبادك وجدد به ما امتحي من دينك وأصلح به ما بدل من حكمك وغير من سننك حتي يعود دينك به وعلي يده غضاً جديداً صحيحاً لا عوج فيه ولا بدعة معه حتي تطفي بعدله نيران الكافرين فإنه عبدك الذي استخلصته لنفسك وارتضيته لنصرة دينك واصطفيته بعلمك وعصمته من الذنوب وبرأته من العيوب وأطلعته علي الغيوب وأنعمت عليه وطهرته من الرجس ونقيته من الدنس.اللهم فصل عليه وعلي آبائه الأئمة الطاهرين وعلي شيعتهم المنتجبين وبلغهم من آمالهم أفضل ما يأملون واجعل ذلك منا خالصاً من كل شك وشبهة ورياء وسمعه حتي لا نريد به غيرك ولا نطلب به إلا وجهك.اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا وغيبته ولينا وشدة الزمان علينا ووقوع الفتن [بنا] وتظاهر الأعداء وكثرة عدونا وقلة عددنا اللهم فأفرج ذلك بفتح منك تعجله وبصبر منك تيسره وإمام عدل تظهره إله الحق رب العالمين. اللهم إنا نسألك أن تأذن لوليك في إظهار عدلك في عبادك وقتل لي أعدائك في بلادك حتي لا تدع للجور دعامة إلا قصمتها ولا بنية إلا أفنيتها ولا قوة إلا أوهنتها ولا ركناً إلا هددته ولا حداً إلا فللته ولا سلاحاً إلا كللته ولا راية إلا نكستها ولا شجاعاً إلا قتلته ولا جيشاً إلا خذلته

أرمهم يا رب بحجرك الدامغ واضربهم بسيفك القاطع وببأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين وعذب أعداءك وأعداء دينك وأعداء رسولك بيد وليك وأيدي عبادك المؤمنين.اللهم اكف وليك وحجتك في أرض هول عدوه وكد من كاده وامكر لمن مكر به دائرة السوء علي من أراد به سوءاً واقطع عن مادتهم وأرعب به قلوبهم وزلزل له أقدامهم وخذهم جهرة وبغتة، شدد عليهم عقابك وأخزهم في عبادك والعنهم في بلادك وأسكنهم أسفل نارك وأحط بهم أشد عذابك وأصلهم ناراً واحش قبور موتاهم ناراًًًًًًًًًً وأصلهم حر نارك فإنهم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات وأذلوا عبادك اللهم وأحي بوليك القرآن وأرنا نوره سرمداً لا ظلمة فيه وأحي القلوب الميتة واشف به الصدور الوغرة واجمع به الأهواء المختلفة علي الحق وأقم الحدود المعطلة والأحكام المهملة حتي لا يبقي حق إلا ظهر ولا عدل إلا زهر واجعلنا يا رب من أعوانه ومن يقوي بسلطانه والمؤتمرين لأمره والراضين بفعله والمسلمين لأحكامه وممن لا حاجة به إلي التقية من خلقك أنت يا رب الذي تكشف السوء وتجيب المضطر إذا دعاك وتنجي من الكرب العظيم فاكشف الضر عن وليك واجعله خليفة في أرضك كما ضمنت له اللهم ولا تجعلنا من خصماء آل محمد ولا تجعلنا من أعداء آل محمد ولا تجعلنا من أهل الحنق والغيظ علي آل محمد فإني أعوذ بك من ذلك فأعذني وأستجير بك فأجرني اللهم صل علي محمد وآل محمد واجعلني بهم فائزاًً عندك في الدنيا والآخرة ومن المقربين.

دعاء الندبة

أ: السيد علي بن طاووس (قدس سره) في (مصباح الزائر) ص230.ب: الشيخ محمد بن المشهدي (قدس سره) في المزار الكبير - كما سماه المجلسي (قدس سره) ص190.ج: كتاب (المزار القديم) نقل عنه كتاب

(وظائف الشيعة) شرح دعاء الندبة ص2. كلهم رووا عن الشيخ أبي الفرج محمد بن يعقوب بن إسحاق بن أبي قرة القناني الكاتب (قدس سره) وهو يرويه عن كتاب محمد بن الحسين بن سيقان البزوقري رضي الله عنه.1- ابن طاووس:أما السيد علي بن طاووس (قدس سره) فهو معروف مشهور بالعلم والتقوي وأعرف من أن نذكره بالتعريف، إلا أن الإمامة لا تخلوا من فائدة.فهو من أولاد الإمام الحسن المجتبي بن علي بن أبي طالب (عليهم الصلاة والسلام) بخمس عشرة واسطة.أمه: بنت العالم الزاهد المعروف الشيخ ورّام بن أبي فراس (قدس سره) وينتهي نسبها إلي مالك الأشتر (رضوان الله عليه).وأم أبيه: بنت شيخ الطائفة الطوسي (قدس سره).وهو، وأخوه - أحمد - وابن أخيه عبد الكريم بن أحمد، من كبار الفقهاء، والعلماء، والأتقياء، والإبدال (رضوان الله عليهم).وكان من علماء الحلة في مفتتح القرن السابع الهجري..وكان نقيب الطالبين في العراق مدة ثلاث سنوات.2- الشيخ محمد بن المشهدي:من كبار العلماء الأتقياء... من كربلاء المقدسة ولذا لقب بالحائري.عاش في القرن السادس الهجري.كان معاصراً للسيد أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلي (قدس سره) ويلقب وكني بناصح الدين أبي البركات.(وأما كتابه) المزار الكبير فقد اعتمد عليه العلماء الأخيار.قال العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار: ج1 ص35:(كتاب كبير في الزيارات، تأليف محمد بن المشهدي - كما يظهر من تأليفات ابن طاووس - واعتمد عليه ومدحه).وقال في فصل آخر:(والمزار الكبير يعلم من كيفية إسناده أنه كتاب معتبر، وقد أخذ منه السيدان ابنا طاووس (يعني: علي بن طاووس، وأخاه عبد الكريم) كثيراً من الاختبارات والزيارات).وقال الشيخ منتجب الدين في (الفهرست):(أبو البركات محمد بن إسماعيل المشهدي فقيه محدث ثقة قرأ علي الإمام محيي الدين

الحسيني بن المظفر الحمداني...) [مستدرك الوسائل: ج3 ص368].قال المحقق النوري (قدس الله روحه):(كما يظهر من كتابه الاعتماد علي كل ما أودعته فيه، وأن ما فيه من الزيارات كلها مأثورة وإن لم يستند بعضها إليهم (عليهم السلام) في محلة - بعد الخطبة -: فإني قد جمعت في كتابي هذا من فنون الزيارات للمشاهد وما ورد في الترغيب في المساجد المباركات، والأدعية المختارات، وما يدعي به عقيب الصلوات وما يناجي به القديم تعالي من لذيذ الدعوات في الخلوات وما يلجأ إليه من الأدعية عند المهمات، مما اتصلت به من ثقاة الرواة إلي السادات...) [مستدرك الوسائل: ج3 ص368].المزار القديم:وأما المزار القديم فقد ذكر في المستدرك ما يلي ننقله بنصه:(... إنا عثرنا علي مزار قديم يظهر من بعض أسانيده أنه في طبقته [أي: المؤلف له في طبقة الشيخ محمد بن المشهدي معاصراً للسيد ابن زهرة في القرن السادس الهجري] وطبقة الشيخ الطبرسي صاحب الاحتجاج والنسخة عتيقة يظن أنها كتبت في عصر مؤلف وفيه فوائد حسنة جميلة (ويظهر) منه غاية اعتباره واعتبار مؤلفه، وأظنه القطب الرواندي).أ: لملائمة الطبقة.ب: وعد الأصحاب من كتبه كتاب المزار.ج: وقد نقل فيه جملة من الأخبار المختصة سنداً ومتناً بمزار محمد بن المشهدي كما يظهر من مزار البحار، عبر عنه في موضع هكذا (أبو عبد الله محمد بن جعفر الحائري رضي الله عنه قال حدثني... إلي آخره) [مستدرك الوسائل: ج3 ص368].ابن أبي قرة:وأما ابن أبي قرة الفاني الكاتب (رحمه الله) فقد قال في الوسائل عنه:(كان ثقة، وسمع كثيراً، وكتب كثيراً، قاله النجاشي والعلامة) [وسائل الشيعة: ج20 ص337].وقد ترجم له كل من:جامع الرواة (ج2 ص161) والنجاشي (ص283) وخلاصة العلامة (ص80) وكتاب وظائف الشيعة (ص4).وله كتب منها (كتاب

عمل يوم الجمعة) و(كتاب عمل الشهور) و(كتاب معجم رجال أبي الفضل) و(كتاب التهجد) [وظائف الشيعة ص4].البزوقريوأما البزوقري أبو جعفر محمد بن علي بن سفيان بن خالد بن سفيان، من أهل قرية تسمي (بزوقر - كغضنفر) قرب الحلة (واسط سابقاً).هو وأبوه - أبو عبد الله الحسين بن علي البزوقري وابن عم أبيه أحمد بن جعفر بن سفيان من أعلام الإمامية، وكلهم من مشايخ الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، وهو من مشايخ التلعكبري هارون بن موسي بن أحمد بن سعيد [مستدرك الوسائل/ ج3 ص521].والشيخ المفيد (قدس سره) ترحم عليه [وظائف الشيعة: ص4].قال العلامة المجلسي (قدس سره) بعد نقل السند المذكور:(دعاء الندبة، وذكر - يعني: ابن طاووس (قدس سره) أنه الدعاء لصاحب الزمان صلوات الله عليه ويستحب أن يدعي به في الأعياد الأربعة وهو:(والأعياد الأربعة) يعني: الجمعة، وعيد الأضحي، وعيد الفطر، وعيد الغدير.بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين وصلي الله علي سيدنا محمد ونبيه وآله وسلم تسليماً اللهم لك الحمد علي ما جري فيه قضاؤك في أوليائك الذين استخلصتهم لنفسك ودينك إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية وزخرفها وزبرجها فشرطوا لك ذلك وعلمت منهم الوفاء به فقبلتهم وقربتهم وقدمت لهم الذكر العلي والثناء الجلي وأهبطت عليهم ملائكتك وكرمتهم بوحيك ورفدتهم بعلمك وجعلتهم الذريعة [الذرائع] إليك والوسيلة إلي رضوانك فبعض أسكنته جنتك إلي أن أخرجته منها وبعض حملته في فلكك ونجيته [مع] من آمن معه من الهلكة برحمتك وبعض اتخذته لنفسك خليلاً وسألك لسان صدق في الآخرين فأجبته وجعلت ذلك علياً وبعض كلمته من شجرة تكليماً وجعلت

له من أخيه ردءاً ووزيراً وبعض أولدته من غير أب وآتيته البينات وأيدته بروح القدس وكل [وكلاً] شرعت له شريعة ونهجت له منهاجاً وتخيرت له أوصياء [به] مستحفظاً بعد مستحفظ من مدة إلي مدة إقامة لدينك وحجة علي عبادك ولئلا يزول الحق عن مقره ويغلب الباطل علي أهله ولا [ولئلاّ] يقول أحد: لولا أرسلت إلينا رسولاً منذراً وأقمت لنا علماً هادياً فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزي إلي أن انتهيت بالأمر إلي حبيبك ونجيبك محمد صلي الله عليه وآله فكان كما انتجبته سيد من خلقته وصفوة من اصطفيته وأفضل من اجتبيته وأكرم من اعتمدته قدمته علي أنبيائك وبعثته إلي الثقلين من عبادك وأوطأته مشارقك ومغاربك وسخرت له البراق وعرجت بروحه [به] إلي سمائك وأودعته علم ما كان وما يكون إلي انقضاء خلقك ثم نصرتة بالرعب وحففته بجبرائيل وميكائيل والمسومين من ملائكتك ووعدته أن تظهر دينه علي الدين كله ولو كره المشركون وذلك بعد أن بوأته مبوأ صدق من أهله وجعلت له ولهم أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدي للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً وقلت: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) ثم جعلت أجر محمد صلواتك عليه وآله مودتهم في كتابك فقلت: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي)، وقلت: (ما سألتكم من أجر فهو لكم)، وقلت: (ما أسألكم عليه أجراً إلا من شاء أن يتخذ إلي ربه سبيلاً) فكانوا هم السبيل إليك والمسلك إلي رضوانك فلما انقضت أيامه أقام وليه علي بن أبي طالب صلواتك عليهما وآلهما هادياً إذ كان هو المنذر ولكل قوم هاد فقال والملأ أمامه: من كنت مولاه

فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. وقال: من كنت أنا نبيه فعلي أميره. وقال: أنا وعلي من شجرة واحدة وسائر الناس من شجر شتي. وأحله محل هارون ممن موسي فقال له: أنت مني بمنزلة هارون بن موسي إلا أنه لا نبي بعدي. وزوجه ابنته سيدة نساء العالمين وأحل له من مسجده ما حل له وسد الأبواب إلا بابه ثم أودعه علمه وحكمته فقال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة والحكمة فليأتها من بابها. ثم قال: أنت أخي ووصي ووارثي لحمك من لحمي ودمك من دمي وسلمك سلمي وحربك حربي والإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي وأنت غداً علي الحوض خليفتي وأنت تقضي ديني وتنجز عداتي وشيعتك علي منابر من نور مبيضة وجوههم حولي في الجنة وهم جيراني ولولا أنت يا علي لم يعرف المؤمنون بعدي وكان بعده هدي من الضلال ونوراً من العمي وحبل الله المتين وصراطه المستقيم لا يسبق بقرابة في رحم ولا بسابقة في دين ولا في منقبة من مناقبه يحذو حذو الرسول صلي الله عليهما وآلهما ويقاتل علي التأويل ولا تأخذه في الله لومة لائم قد وتر فيه صناديد العرب وقتل أبطالهم وناوش [ناهش] ذؤبانهم فأودع قلوبهم أحقاداً بدرية وخيبرية وحنينية وغيرهن فأضبت [- فأضبن- فأصبت] علي عداوته وأكبت علي منابذته حتي قتل الناكثين والقاسطين والمارقين ولما قضي نحبه وقتله [أشقي الأشقياء من الأولين والآخرين] أشقي الآخرين يتبع أشقي الأولين ولم يتمثل أمر رسول الله صلي الله عليه وآله في الهادين بعد الهادين والأمة مصرة علي مقته مجتمعة علي قطيعة رحمه وإقصاء ولده إلا القليل ممن وفي لرعاية الحق

فيه فقتل من قتل وسبي من سبي وأقصي من أقصي وجري القضاء لهم بما يرجي له حسن المثوبة إذ كانت الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين سبحانه ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً ولن يخلف الله وعده هو العزيز الحكيم.فعلي الأطايب من أهل بيت محمد وعلي صلي الله عليهما وآلهما فليبك الباكون وإياهم فليندب النادبون ولمثلهم فلتذرف [فلتذر] الدموع وليصرخ الصارخون ويضج الضاجون ويعج العاجون أين الحسن أين الحسين أين أبناء الحسين صالح بعد صالح وصادق بعد صادق أين السبيل بعد السبيل أين الخيرة بعد الخيرة أين الشموس الطالعة أين الأقمار المنيرة أين الأنجم الزاهرة أين أعلام الدين وقواعد العلم أين بقية الله التي لا تخلو من العترة الهادية أين المعد لقطع دابر الظلمة أين المنتظر لإقامة الأمت والعوج أين المرتجي لإزالة الجور والعدوان أين المدخر لتجديد الفرائض والسنن أين المتخير [المتخذ] لإعادة الملة والشريعة أين المؤمل لإحياء الكتاب وحدوده أين محيي معالم الدين وأهله أين قاصم شوكة المعتدين أيم هادم أبنية الشرك والنفاق أين مبيد أهل الفسق والعصيان والطغيان أين حاصد فروع الغي والشقاق [النفاق] أين طامس آثار الزيغ والأهواء أين قاطع حبائل الكذب والافتراء أين مبيد العتاة والمردة أين مستأصل أهل العناد والتضليل والإلحاد أين معز الأولياء ومذل الأعداء أين جامع الكلمة [الكلم] علي التقوي أين باب الله الذي منه يؤتي أين وجه الله الذي إليه يتوجه الأولياء أين السبب المتصل بين الأرض والسماء أين صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدي أين مؤلف شمل الصلاح والرضا أين الطالب [المطالب] بذحول الأنبياء وأبناء الأنبياء أين الطالب بدم المقتول بكربلاء أين المنصور علي من اعتدي عليه وافتري أين المضطر الذي يجاب إذا

دعا أين صدر الخلائق ذو البر والتقوي أين ابن النبي المصطفي وابن علي المرتضي وابن خديجة الغراء وابن فاطمة الكبري بأبي أنت وأمي ونفسي لك الوقاء والحمي يا بن السعادة المقربين يا بن النجباء الأكرمين يا بن الهداة المهديين [المهتدين] يا بن الخيرة المهذبين يا بن الغضارفة الأنجبين يا بن الأطايب المطهرين [المستطهرين] يا بن الغظارمة المنتجبين يا بن القمامة الأكرمين [الأكبرين] يا بن البدور النيرة يا بن السُرُج المضيئة يا بن الشهب الثاقبة يا بن الأنجم الزاهرة يا بن السبل الواضحة يا بن الأعلام اللائحة يا بن العلوم الكاملة يا بن السنن المشهورة يا بن المعالم المأثورة يا بن المعجزات الموجودة يا بن الدلائل المشهودة [المشهورة] يا بن الصراط المستقيم يا بن النبأ العظيم يا بن من هو في أم الكتاب لدي الله علي حكيم يا بن الآيات والبينات يا بن الدلائل الظاهرات يا بن البراهين الواضحات الباهرات يا بن الحجج البالغات يا بن النعم السابغات يا بن طه والمحكمات يا بن ياسين والذاريات يا بن الطور والعاديات يا بن من دنا فتدلي فكان قاب قوسين أو أدني دنواً واقتراباً من العلي الأعلي ليت شعري أين استقرت بك النوي بل أي أرض تقلك أو ثري أبرضوي أو غيرها أم ذي طوي عزيز علي أن أري الخلق ولا تري ولا أسمع لك حسيساً ولا نجوي عزيز علي أن تحيط بك دوني البلوي ولا ينالك مني ضجيج ولا شكوي بنفسي أنت من مغيب لم يخل منا بنفسي أنت من نازح ما نزح [ينزح] عنا بنفسي أنت أمنية شائق يتمني من مؤمن ومؤمنة ذكرا فحنّا بنفسي أنت من عقيد عز لا يساما بنفسي أنت من أسيل مجد

لا يجاري [لا يحاذي] بنفسي أنت من تلاد نعم لا تضاهي بنفسي أنت من نصيف شرف لا يساوي إلي متي أحار [أجار] فيك يا مولاي وإلي متي وأي خطاب أصف فيك وأي نجوي عزيز علي أن أجاب دونك [أو] أناغي عزيز علي أن أبكيك ويخذلك الوري عزيز علي أن يجري عليك دونهم ما جري هل من معين فأطيل معه العويل والبكاء هل من جزوع فأساعد جزعه إذا خلي هل قذيت عين فساعدتها عيني علي القذي هل إليك يا بن أحمد سبيل فتلقي هل يتصل يومنا منك بعدة [بغده] فنحظي متي نرد مناهلك الروية فنروي متي ننتفع من عذب مائك فقد طال الصدي متي نغاديك ونراوحك فنقر عينا متي ترانا ونراك وقد نشرت لواء النصر تري أترانا نحف بك وأنت تأم الملأ وقد ملأت الأرض عدلاً وأذقت أعداءك هواناً وعقاباً وأبرت العتاة وجحدة الحق وقطعت دابر المتكبرين واجتثثت أصول الظالمين ونحن نقول الحمد لله رب العالمين.اللهم أنت كشاف الكرب والبلوي وإليك أستعدي فعندك العدوي وأنت رب الآخرة والدنيا فأغث يا غياث المستغيثين عبيدك المبتلي وأره سيده يا شديد القوي وأزل عنه به الأسي والجوي وبرد غليله يا من علي العرش استوي ومن إليه الرجعي والمنتهي اللهم ونحن عبيدك التائقون [الشائقون] إلي وليك المذكر بك وبنبيك خلقته لنا عصمة وملاذاً وأقمته لنا قوامناً ومعاذاً وجعلته للمؤمنين منا إماماً فبلغه منا تحية وسلاماً وزدنا بذلك يا رب إكراماً واجعل مستقره لنا مستقراً ومقاماً واتمم نعمتك بتقديمك إياه إمامنا حتي توردنا جنانك [جناتك] ومرافقة الشهداء من خلصائك اللهم صل علي محمد وآل محمد وصل علي محمد جده ورسولك السيد الأكبر وعلي [علي] أبيه السيد الأصغر وجدته الصديقة الكبري فاطمة

بنت محمد صلي الله عليه وعلي من اصطفيت من أبنائه البررة وعليه أفضل وأكمل وأتم وأدوم وأكثر وأوفر ما صليت علي أحد من أصفيائك وخيرتك من خلقك وصل عليه صلاة لا غاية لعددها ولا نهاية لمددها ولا نفاد لأمدها اللهم وأقم به الحق وأدحض به الباطل وأدل به أولياءك وأذلل به أعداءك وصل اللهم بيننا وبينه وصلةً تؤدي إلي مرافقة سلفه واجعلنا ممن يأخذ بحجزتهم ويمكث في ظلهم وأعنا علي تأدية حقوقه إليه والاجتهاد في طاعته واجتناب معصيته وأممن علينا برضاه وهب لنا رأفته ورحمته ودعاءه وخيره ما ننال به سعة من رحمتك وفوزاً عندك واجعل صلاتنا به مقبولة وذنوبنا به مغفورة ودعاءنا به مستجاباً واجعل أرزاقنا به مبسوطة وهمومنا به مكفية وحوائجنا به مقضية وأقبل إلينا بوجهك الكريم وأقبل تقربنا إليك وانظر إلينا نظرة رحيمة نستكمل به الكرامة عندك ثم لا تصرفها عنا بجودك واسقنا من حوض جده صلي الله عليه وآله بكأسه وبيده رياً روياً هنيئاً سائغاً لا ظمأ بعده يا أرحم الراحمين [334] .

ملحق الأدعية

اشاره

وهناك أدعية مذكورة في (بحار الأنوار) وغيره لم نجد نصاً خاصاً بدورها عن مولانا الحجة صلوات الله عليه إلا قد تتوفر إشارات ربما تدل علي صدورها منه (عليه السلام).(منها) أن بعضها ورد ضمن زيارات رواه كبار العلماء من أمثال الشيخ المفيد والسيد ابن طاووس والشهيد الأول - قدست أسرارهم أن يكونوا هم اخترعوا هذه الأدعية دون أن ينصوا علي ذلك، مع ملاحظة ما ورد من نهي المعصومين (عليهم السلام) عن اختراع الأدعية.(ومنها) أنها تشبه - في مضامينها وألفاظها - سائر الأدعية المروية عن المعصومين (عليهم السلام)، فيؤيد بذلك كونها صادرة عن المعصوم (عليه السلام).(ومنها) عدم رواياتها عمن عاصروا

واحداً من آباء صاحب الأمر (عليه السلام) مما ينفي لكونها لآبائه (عليه السلام).(ومنها) غير ذلك مما قد يجده الباحث المنقب.لذلك كله أوردنا هذه الأدعية أيضاً، منفصلة عن الأدعية المنصوص علي روايتها عن صاحب الأمر (عليه السلام).وللإلفات إلي هذا الأمر سجلنا هذه الكلمات والله أعلم (وللمحقق) النوري (قدس سره) بالنسبة لأدعية والزيارات (مصباح الزائر) كلام طويل نقتطف منه ما يلي قال في المستدرك: ج3 - ص470:..إن السيد (قدس سره) صرح في كتاب مصباح الزائر بأن كلما فيه مما رواه أو رآه قال بعد ذكر الزيارة المختصة بأبي عبد الله (عليه السلام) في أول رجب وزيارة الشهداء بأسمائهم بعدها ما لفظه قد تقدم عدد الشهداء في زيارة عاشوراء برواية تخالف ما سطرناه في هذا المكان وتختلف في أسمائهم أيضاً وفي الزيارة والنقصان وينبغي أن تعرف أيدك الله جل جلاله بتقواه أننا تبعنا في ذلك ما رأيناه أو رويناه ونقلنا في كل موضع كما وجدناه وقال في آخر الكتاب: هذا آخر ما وقع اختيارنا عليه وانصرفت الهمة إليه وقد وصل علي الوجه الذي استحسناه واعتمدنا فيه علي ما رويناه أو نظرنا انتهي.فكيف ينسب إليه مع ذلك أنه أنشأ بنفسه تلك الدعوات الكثيرة، (وأيضاً) إن السيد ذكر في جملة من تلك المواضع والمواقف غير الدعاء آداباً مخصوصة ووظائف معينة ولولا أنها واردة مأثورة لكان ذكرها والأمر بالعمل بها غير مشروع فإنها بدعة محرمة وتشريع غير جائز ونسبته إلي مثل السيد الجليل قبيح في الغاية.(مع) أن السيد ومن قبله ومن بعده وأن لم يصرحوا عند إيراد تلك الأعمال بكونها مأثورة مروية عن الحجج (عليهم السلام) ولذا لم يذكرها العلامة المجلسي في كتاب تحفة لبنائه فيه علي إيراد ما وقف علي

كونه مروياً إلا أن هنا قرائن وشواهد تدل علي إنها مأثورة (منها) قول الشيخ الجليل محمد بن المشهدي في أول مزاره ما لفظه: فإني قد جمعت في كتابي هذا من فنون الزيارات والمشاهد وما ورد في الترغيب في المساجد المباركات والأدعية المختارات وما يدعي به عقيب الصلوات وما يناجي به القديم تعالي من لذيذ الدعوات في الخلوات وما يلجأ إليه من الأدعية عند المهمات مما اتصلت به من ثقات الرواة إلي السادات (عليهم السلام) الخ.(ومنها) في المزار القديم فإنه أورد أولاً أعمالاً مرتبة وأدعية طويلة للمواقف الشريفة من المسجد غبر الشائعة الدائرة وبعد الفراغ منها قال أعمال الكوفة برواية أخري ثم ساق الأعمال علي ما هو موجود في تلك الكتب فيظهر منه أن كليهما مرويان مأثوران، ومنها ما أشرنا إليه سابقاً أن هذه الأعمال بهذا الترتيب والآداب كيف يجوز نسبة جعلها علي مثل الشيخ المفيد في عصر زينه الله تعالي بوجوده أعلام الدين في بلد مملوء من الرواة والمحدثين ثم يتلقاها الأصحاب مثل الشهيد بالقبول ويوردونها في زبرهم كسائر المنقول وهذا واضح بحمد الله تعالي لمن عد من ذوي النهي والعقول.وهنا أيضاً شواهد أخري تدل علي أنها مأثورة عن الحجج (عليهم السلام) بعضها يتعلق بجمعها وأخري ببعضها، (منها) أنه قال السيد في المصباح في شرح زيارة أبي عبد الله (عليه السلام) في أول يوم من رجب بعد ذكر ثوابه ما لفظه شرح زيارته في ذلك اليوم ويزور بها إليه نصف من شعبان أيضاً: إذا أردت ذلك فاغتسل ثم قال في فضل زيارته ليلة النصف من شعبان ما لفظه: وأما الزيارة في هذه الليلة فقد روي أنه يزار فيها بالزيارة التي قدمناها في أول رجب فتأخذ

من هناك، (ومنها) قوله في زيارة النصف من رجب بعد ذكر فضلها: فأما كيفية زيارته (عليه السلام) في هذا الوقت فينبغي أن يزار بالزيارة الجامعة في أيام رجب أو بما تقدم من الزيارات المنقولة لسائر الشهور فإني لم أقف علي زيارة مختصة بهذا الوقت المذكور انتهي، وقال في الإقبال بعد ذكر فضل زيارته (عليه السلام) في النصف من رجب.أقول: وأما ما يزار به الحسين صلوات الله عليه في هذا التأليف من رجب المشار إليه فإني لم أقف علي لفظ متعين له إلي الآن فيزار بالزيارة المختصة بشهر رجب والظاهر أنه لم يكن عنده مزار المفيد (قدس سره) كما ستعرف.(ومنها) قوله (قدس سره) في زيارة لليلة القدر شرح الزيارة وهي مختصة بهذه الليلة ويزار بها في العيدين إذا أردت ذلك الخ.وقال محمد بن المشهدي في مزاره زيارة الحسين بن علي (عليهما السلام) أيضاً مختصرة يزار بها في ليلة القدر وفي العيدين وبالإسناد عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) إذا أردت وساق الزيارة كما ساقها السيد والشيخ المفيد. وقال السيد في الإقبال ومنها زيارة الحسين (عليه السلام) في ليلة القدر عيد الفطر وقد ذكرنا في الجزء الثاني من كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر بعض فضلها وما اخترناه من الرواية ألفاظ الزيارة المختصة فإن لم يكن كتابنا عنده موجوداً في مثل هذا الميقات فليزر الحسين عليه أفضل الصلوات بغير تلك الزيارة من الزيارات المرويات. وقال في ذكر أعمال يوم الأضحي وأما لفظ ما نذكره في هذا اليوم في زيارته (عليه السلام) فقد كنا ذكرنا في كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر زيارتين تختص بهذا الميقات وليس هذا الكتب مما نقصد به ذكر الزيارات فإن وجد

تلك الزيارتين وإلا فزر الحسين (عليه السلام) ليلة الأضحي ويوم الأضحي بما ذكرناه في هذا الكتاب من الزيارة ليوم عرفة. وقال في الإقبال أيضاً: فيما نذكره من لفظ الزيارة المختصة بالحسين (عليه السلام) يوم عرفة: اعلم أنه سيأتي في بعض ما نذكره من الدعوات يوم عرفة زيارة النبي والأئمة (عليهم أفضل الصلوات) وإنما نذكره في هذا الفصل زيارة تختص بهذا اليوم غير داخلة في دعواته، ذكر هذه الزيارة وساق ما ساقه في مصباحه وقبله الشيخ المفيد في مزاره والشيخ المشهدي في مزاره باختلاف يسير وقال فيه أيضاً فصل فيما اذكره من لفظ زيارة الحسين (عليه السلام) في نصف شعبان.أقول: إن هذه الزيارة مما يزار بها الحسين (عليها السلام) في أول رجب أيضاً وإنما أخرنا ذكرها في هذه الليلة لأنها أعظم فذكرناها في الأشرف من المكان وساق ما ساقه في المصباح في زيارة أول رجب (ومنها) ما تقدم ذكره من عبارة خطبة مزار المشهدي من التصريح بأن كل ما فيه من الدعوات والزيارات مما رواها عن الثقات متصلة إلي الأئمة الهداة (عليهم السلام)، (ومنها) أن الشيخ الكفعمي (قدس سره) ذكر في كتابه البلد الأمين في أعمال شهر ربيع الأول بعض ما ورد في ثواب زيارة أبي عبد الله (عليه السلام) في كل شهر ثم قال قلت فلهذين الحديثين أوردنا في كتابنا هذا للحسين (عليه السلام) في أول كل شهر زيارة مفردة إلا أن يكون في الشهر زيارة موظفة فنكتفي بذكرها انتهي.وذكر في الأيام المتقدمة الزيارات المعروفة المختصة بها التي صرح بأنها موظفة وكان عنده عدة مزارات من الأقدمين لم تصل إلينا ولعل المنصف إذا تأمل في هذا القرائن تطمئن نفسه بكونها مأثورة تستبعد أن يكون مثل

الشيخ المفيد أو قبله يخترع زيارة بكيفية مخصوصة ويصرح باختصاصها بيوم مخصوص من دون ورود أثر ثم يتلقاها العلماء مصرحين باختصاصها به هذا مما لا يناسب نسبة إلي أصاغر أهل العلم فضلاً عن أعلامها.ويدل علي ذلك كله أيضاً: أن السيد ألف المصباح في أول تكاليف قال (قدس سره) في كتاب الإجازات: فصل مما ألفته في بداية التكاليف من غير ذكر الأسرار والتكشيف كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر ثلاث مجلدات انتهي.وإنشاؤه في هذا السن هذه الأدعية يعد من خوارق العادة ومنه يظهر وجه عدم مشابهته كاللهوف لسائر مؤلفاته من ذكر الأسانيد وبيان الأسرار.

دعاء الزيارة

السيد علي بن طاووس (قدس سره) في مصباح الزائر ص219 ذكر بعد زيارة الإمام المهدي (عليه السلام) [الزيارة التي جعلناها أولي الزيارات الست في حقل ملحق الزيارات] قال: ثم ترفع يديك وتقول:....اللهم أنت كاشف الكرب والبلوي، وإليك نشكو فقد نبينا، وغيبة إمامنا وابن بنت نبينا، واملأ به الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً، اللهم صل علي محمد وأهل بيته، وأرنا سيدنا وصاحبنا وإمامنا ومولاي صاحب الزمان، وملجأ أهل عصرنا، ومنجي أهل دهرنا ظاهر المقالة، واضح الدلالة، هادياً من الضلالة، منقذاً من الجهالة، وأظهر معالمه، وثبت قواعده [وأعز نصره، وأطل عمره، وابسط جاهه، وأحي أمره، وأظهر نوره، وقرب بعده، وأنجز وعده، وأوفي عهده، وزين الأرض بطول بقائه، ودوام ملكه، وعلو ارتقائه وارتفاعه، وأنر مشاهده، وثبت قواعده، وعظم برهانه وأمد سلطانه، وأعلي مكانه، وقو أركانه، وأرنا وجهه، وأوضح بهجته، وأرفع درجته، وأظهر كلمته، وأعز دعوته، وأعطه سؤله، وبلغه يا رب مأموله، وشرف مقامه] [335] ، وعظم إكرامه، وأعز به المؤمنين، وأحي به سنن المرسلين، وأذل به المنافقين، وأهلك به الجبارين، واكفه بغي الحاسدين، وأعذه

من شر الكائدين، وازجر عنه إرادة الظالمين، وأيده بجنود من الملائكة مسومين، وسلطه علي أعداء دينك أجمعين، واقصم به كل جبار عنيد، وأخمد بسيفه كل نار وقيد، وأنفذ حكمه في كل مكان، وأقم بسلطانه كل سلطان، وأقمع به عبدة الأوثان، وشرف به أهل القرآن والإيمان وأظهره علي كل الأديان، وأكبت من عاداه، وأذل من ناواه، واستأصل من جحد حقه، وأنكر صدقه، واستهان بأمره، وأراد إخماد ذكره، وسعي في إطفاء نوره.اللهم نور بنوره كل ظلمة، واكشف به كل غمة، وقدم أمامه الرعب وثبت به القلب، وأقم به نصرة الحرب، واجعله القائم المؤمل، والوصي المفضل، والإمام المنتظر، والعدل المختبر، واملأ به الأرض عدلاً وقسطاً، كما ملأت جوراً وظلماً، وأعنه علي ما وليته واستخلفته واسترعيته، حتي يجري حكمه علي كل حكم، ويهدي بحقه كل ضلالة.واحرسه اللهم بعينك التي لا تنام، واكنفه بركنك الذي لا يرام، وأعزه بعزك الذي لا يضام، واجعلني يا إلهي من عدده ومدده، وأنصاره وأعوانه وأركانه، وأشياعه وأتباعه، وأذقني طعم فرحته وألبسني ثوب بهجته، وأحضرني معه لبيعته، وتأكيد عقده، بين الركن والمقام، عند بيتك الحرام، واجتناب معصيته، فإن توفيتني اللهم قبل ذلك، فاجعلني يا رب فيمن يكر في رجعته، ويملك في دولته، ويتمكن في أيامه، ويستظل تحت أعلامه، ويحشر في زمرته، وتقر عينه برؤيته، بفضلك وإحسانك وكرمك وامتنانك، إنك ذو الفضل العظيم والمن القديم والإحسان الكريم [336] .اللهم أنت السلام ومنك السلام، وإليك يعود السلام، حينا ربنا منك بالسلام، اللهم إن هذه الركعات هدية مني إلي وليك وابن وليك، وابن أوليائك، الإمام ابن الأئمة، الخلف الصالح الحجة صاحب الزمان، فصل علي محمد وآل محمد، وبلغه إياه وأعطني أفضل أملي، ورجائي فيك وفي رسولك، صلواتك عليه

وعلي آله أجمعين [337] .اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني، اللهم لا تمتني ميتة جاهلية ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني. اللهم فكما هديتني بولاية من فرضت علي طاعته من ولاة أمرك بعد رسولك صلواتك عليه وآله، حتي واليت ولاة أمرك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسن والحسين وعلياً ومحمداً وجعفرَ وموسي وعلياً ومحمداً وعلياً والحين والحجة القائم المهدي صلواتك عليهم أجمعين.اللهم فثبتني علي دينك، واستعملني بطاعتك، ولين قلبي لولي أمرك، وعافني مما امتحنت به خلقك، وثبتني علي طاعة ولي أمرك، الذي سترته عن خلقك، وبأذنك غاب عن بريتك وأمرك ينتظر، وأنت العالم غير المعلم بالوقت الذي فيه صلاح أمر وليك في الإذن له بإظهار أمره، وكشف سره فصبرني علي ذلك حتي لا أحب تعجيل ما أخرته، ولا تأخير ما عجلت، ولا كشف ما سترته ولا البحث عما كتمته، ولا أنازعك في تدبيرك ولا أقول لم وكيف، ولا ما بال ولي الأمر لا يظهر، وقد امتلأت الأرض من الجور، وأفوض أموري كلها إليك.اللهم إني أسألك أن تريني ولي أمرك ظاهراً، نافذ الأمر، مع علمي بأن لك السلطان والقدر والبرهان، والحجة والمشيئة، والحول والقوة، فافعل بي ذلك وبجميع المؤمنين، حتي ننظر إلي ولي أمرك صلواتك عليه وآله ظاهر المقالة، واضح الدلالة، هادياً من الضلالة، شافياً من الجهالة، أبرز يا رب مشاهده وثبت قواعده، واجعلنا ممن تقر عينه برؤيته، وأقمنا بخدمته، وتوفنا علي ملته، واحشرنا في زمرته.اللهم أعذه من شر جميع ما خلقت وذرأت وبرأت وأنشأت وصورت، واحفظه من

بين يديه ومن خلقه وعن يمينه وعن شماله، بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به، واحفظ فيه رسولك ووصي رسولك عليه وآله السلام، ومد عمره وزد في أجله، وأعنه علي ما وليته واسترعيته، وزد في كرامتك له، فإنه الهادي المهدي، والقائم المهتدي، والطاهر التقي، الزكي النقي، الرضي المرضي، الصابر الشكور المجتهد.اللهم ولا تسلبنا اليقين لطول الأمد في غيبته، وانقطاع خبره عنا ولا تنسنا ذكره وانتظاره والإيمان به، وقوة اليقين في ظهوره، والدعاء له، والصلاة عليه حتي لا تقنطنا غيبته من قيامه، ويكون يقيننا في ذلك كيقيننا في قيام رسولك صلواتك عليه وآله، وما جاء به من وحيك وتنزيلك، فقوّ قلوبنا علي الإيمان به حتي تسلك بنا علي يديه منهاج الهدي، والمحجة العظمي، والطريقة الوسطي، وقونا علي طاعته، وثبتنا علي متابعته، واجعلنا في حزبه وأعوانه وأنصاره والراضين بفعله، ولا تسلبنا ذلك في حياتنا، ولا عند وفاتنا، حتي تتوفانا ونحن علي ذلك لا شاكين ولا ناكثين ولا مرتابين ولا مكذبين.اللهم عجل فرجه وأيده بالنصر، وانصر ناصريه، واخذل خاذليه ودمدم علي من نصب له وكذب به، وأظهر به الحق، وأمت به الجور، واستنقذ به عبادك المؤمنين من الذل، وأنعش به البلاد، واقتل به الجبارة والكفرة، واقسم به رؤوس الضلالة، وذلل به الجبارين والكافرين، وأبر به المنافقين والناكثين وجميع المخالفين والملحدين، في مشارق الأرض ومغاربها وبرها وسهلها وجبلها، حتي لا تدع منهم دياراً، ولا تبقي لهم آثاراً، طهر منهم بلادك، واشف منهم صدور عبادك، وجدد به ما امتحي من دينك وأصلح به ما بدل من حكمك، وغيّر من سنتك، حتي يعود دينك به وعلي يديه غضاً جديداً صحيحاً لا عوج فيه، ولا بدعة معه، حتي تطفئ بعدله نيران الكافرين،

فإنه عبدك الذي استخلصته لنفسك، وارتضيته لنصر دينك، واصطفيته بعلمك، وعصمته من الذنوب، وبرأته من العيوب (وأطلعته علي الغيوب) وأنعمت عليه، وطهرته من الرجس، ونقيته من الدنس.اللهم فصل عليه وعلي آبائه الأئمة الطاهرين وعلي شيعته المنتجبين، وبلغهم من أيامهم ما يأملون، واجعل ذلك منا خالصاً من كل شك وشبهة ورياء وسمعة، حتي لا نريد به غيرك، ولا نطلب به إلا وجهك.اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا، وغيبة إمامنا، وشدة الزمان علينا ووقوع الفتن بنا، وتظاهر الأعداء، وكثرة عدونا، وقلة عددنا، اللهم فأفرج ذلك عنا بفتح منك تعجله، ونصر منك تعزه، وإمام عدل تظهره، إله الحق آمين.اللهم إنا نسألك أن تأذن لوليك في إظهار عدلك في عبادك، وقتل أعدائك في بلادك، حتي لا تدع للجور يا رب دعامة إلا قصمتها، ولا بقية إلا أفنيتها، ولا قوة إلا أوهنتها، ولا ركناً إلا هدمته، ولا حداً إلا فللته، ولا سلاحاً إلا أذللته، ولا راية إلا نكستها، ولا شجاعاً إلا قتلته، ولا جيشاً إلا خذلته، وارمهم يا رب بحجرك الدامغ، واضربهم بسيفك القاطع، وبأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، وعذب أعداءك وأعداء وليك وأعداء رسولك صلواتك عليه وآله بيد وليك وأيدي عبادك المؤمنين.اللهم اكف وليك وحجتك في أرضك هول عدوه، وكيد من أراده، وامكر بمن مكر به، واجعل دائرة السوء علي من أراد به سوءاً، واقطع عنه مادتهم، وأرعب له قلوبهم، وزلزل أقدامهم، وخذهم جهرة وبغتة، وشدد عليهم عذابك، وأخزهم في عبادك، والعنهم في بلادك، وأسكنهم أسفل نارك وأحط بهم أشد عذابك وأصلهم ناراً، واحش قبور موتاهم ناراً، وأصلهم حر نارك، فإنهم أضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات، وأضلوا عبادك، وأخربوا بلادك.اللهم وأحي بوليك القرآن، وأرنا نوره سرمداً لا ليل

فيه، وأحي به القلوب الميتة، واشف به الصدور الوغرة، واجمع به الأهواء المختلفة علي الحق وأقم به الحدود المعطلة، والأحكام المهملة، حتي لا يبقي حق إلا ظهر، ولا عدل إلا زهر، واجعلنا يا رب من أعوانه، ومقوية سلطانه، والمؤتمرين لأمره، والراضين بفعله، والمسلمين لأحكامه، وممن لا حاجة به إلي التقية من خلقك.وأنت يا رب الذي تكشف الضر، وتجيب المضطر إذا دعاك، وتنجي من الكرب العظيم، فاكشف الضر عن وليك واجعله خليفة في أرضك، كما ضمنت له.اللهم لا تجعلني من خصماء آل محمد (عليهم السلام)، ولا تجعلني من أعداء آل محمد (عليهم السلام)، ولا تجعلني من أهل الحنق والغيظ علي محمد وآل محمد (عليهم السلام)، فإني أعوذ بك من ذلك فأعذني، واستجير بك فأجرني، اللهم صل علي محمد وآل محمد واجعلني بهم عندك فائزاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين، آمنين يا رب العالمين.

دعاء آخر بعد الزيارة

السيد علي بن طاووس (قدس سره) في (مصباح الزائر) ص226 ذكر هذا الدعاء بعد الزيارة الثالثة للإمام المهدي (عليه السلام) في السرداب المقدس، قال: ثم صل صلاة الزيارة، فإذا فرغت منها فقل:....اللهم صل علي محمد وأهل بيته، الهادين المهديين، العلماء الصادقين، الأوصياء المرضين، دعائم دينك، وأركان توحيدك، وتراجمة وحيك، وحججك علي خلقك، وخلفائك في أرضك، فهم الذين اخترتهم لنفسك، واصطفيتهم علي عبادك، وارتضيتهم لدينك، وخصصتهم بمعرفتك، وجللتهم بكرامتك، وغذيتهم بحكمتك، وغشيتهم برحمتك، وزينتهم بنعمتك، وألبستهم من نورك ورفعتهم في ملكوتك، وحففتهم بملائكتك وشرفتهم بنبيك.اللهم صل علي محمد وعليهم صلاة زكية نامية، كثيرة طيبة دائمة، لا يحيط بها إلا أنت، ولا يسعها إلا علمك، ولا يحصيها أحد غيرك، اللهم صل علي وليك المحيي لسنتك، القائم بأمرك، الداعي إليك، الدليل عليك، وحجتك علي خلقك، وخليفتك

في أرضك، وشاهدك علي عبادك.اللهم أعز نصره، وامدد في عمره، وزين الأرض بطول بقائه، اللهم اكفه بغي الحاسدين، وأعذه من شر الكائدين، وازجر عنه إرادة الظالمين، وخلصه من أيدي الجبارين، اللهم أعطه في نفسه وذريته، وشيعته ورعيته، وخاصته وعامته، ومن جميع أهل الدنيا ما تقر به عينه، وتسر به نفسه، وبلغه أفضل أمله في الدنيا والآخرة، إنك علي كل شيء قدير [338] .

دعاء بعد صلاة الفجر

السيد علي بن طاووس (قدس سره) في (مصباح الزائر) ص234 قال: ذكر ما يزار به مولانا صاحب الزمان (صلوات الله عليه) كل يوم بعد صلاة الفجر:....اللهم بلغ مولاي صاحب الزمان - صلوات الله عليه- عن جميع المؤمنين والمؤمنات، في مشارق الأرض ومغاربها، وبرها وبحرها وسهلها وجبلها، حيهم وميتهم، وعن والدي وولدي، وعني من الصلوات، والتحيات زنة عرش الله، ومداد كلماته ومنتهي رضاه، وعدد ما أحصاه كتابه، وأحاط به علمه به، اللهم أُجدّد له في هذه اليوم وفي كل يوم، عهداً وعقداً وبيعة له في رقبتي. اللهم فكما شرفتني بهذا التشريف، وفضلتني بهذه الفضيلة، وخصصتني بهذه النعمة فصل علي مولاي وسيدي صاحب الزمان، واجعلني من أنصاره وأشياعه والذابين عنه، واجعلني من المستشهدين بين يديه، طائعاً غير مكره، في الصف الذي نعت أهله في كتابك، فقلت: (صفاً كأنهم بنيان مرصوص) علي طاعتك وطاعة رسولك وآله (عليهم السلام)، اللهم هذه بيعه له في عنقي إلي يوم القيامة [339] .

دعاء الانصراف

السيد علي بن طاووس (قدس سره) في (مصباح الزائر) ص236 قال - بعد نقله زيارات وأدعية لصاحب الأمر (عليه السلام) -:فإذا أردت الانصراف من حرمه الشريف [يعني: مدينة سامراء] فعد إلي السرداب المنيف، وصل فيه ما شئت، ثم قم مستقبلاً والقبلة وقل:....وقل: اللهم ادفع عن وليك وخليفتك وحجتك علي خلقك ولسانك المعبر عنك، والناطق بحكمتك، وعينك الناظرة بإذنك، وشاهدك علي عبادك، الجحجاح المشاهد، العائذ بك العائد عنك، وأعذه من شر جميع ما خلقت وبرأت وأنشأت وصورت، واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به، واحفظه في رسولك وآبائه السادة، أئمتك ودعائم دينك.واجعله في وديعتك التي لا

تضيع، وفي جودك الذي لا يخفر، وفي منعك وعزك الذي لا يقهر، وآمنه بأمانك الوثيق الذي لا يخذل من آمنته به، واجعله في كنفك الذي لا يرام من كان فيه، وانصره بنصرك العزيز، وأيده بجندك الغالب، وقوه بقوتك، وأردفه بملائكتك، ووال من والاه، وعاد من عاداه، وألبسه درعك الحصينة، وحفه بالملائكة حفاً، اللهم أشعب به الصدع، وارتق به الفتق، وأمت به الجور، وأظهر به العدل، وزين بطول بقائه الأرض، وأيده بالنصر، وانصره بالرعب، وقو ناصريه، ودمدم علي من نصب عليه، ودمر علي من غشه، واقتل به جبابرة الكفر، وعمده ودعائمه، واقصم به رؤوس الضلالة، وشارعة البدع، ومميتة السنة، ومقوية الباطل، وذلل به الجبارين، وأبر به الكافرين، وجميع الملحدين، في مشارق الأرض ومغاربها وبرها وبحرها وسهلها وجبلها، حتي لا تدع منهم دياراً، ولا تبقي لهم آثاراً، اللهم طهر به بلادك، واشف منه (صدور) عبادك، وأعز به المؤمنين، وأحي به سنن المرسلين، ودارس حكم النبيين، وجدّد به ما امتحي من دينك، وبدل من حكمك حتي تعيد به وعلي يديه جديداً غضاً محضاً صحيحاً، لا عوج فيه ولا بدعة معه، وحتي تنير بعدله ظلم الجور، وتطفئ به نيران الكفر، وتوضح به معاقد الحق، ومجهول العدل، فإنه عبدك الذي استخلصته لنفسك، واصطفيته علي غيبك، وعصمته من الذنوب، وبرأته من العيوب، وطهرته من الرجس، وسلمته من الدنس.اللهم فإنّا نشهد يوم القيامة، ويوم حلول الطامة، أنه لم يذنب ذنباً ولا أتي حوباً، ولم يرتكب معصية، ولم يضيع لك طاعة، ولم يهتك لك حرمة ولم يبدل لك فريضة، ولم يغير لك شريعة، وأنه الهادي المهتدي، الطاهر النقي التقي، الرضي المرضي الزكي، اللهم أعطه في نفسه وأهله وذريته وأمته، وجميع رعيته، ما تقر

به عينه، وتسر به نفسك، وتجمع له ملك الممالك قريبها وبعيدها، وعزيزها وذليلها، حتي يجري حكمه علي كل حكم، ويغلب بحقه علي كل باطل.اللهم أسلك بنا علي يديه منهاج الهدي، والمحجة العظمي، والطريقة الوسطي التي يرجع إليها الغالي، ويلحق بها التالي، وقونا علي طاعته، وثبتنا علي متابعته، وامنن علينا بمبايعته، واجعلنا في حزبه القوامين لأمره، الصابرين معه، الطالبين رضاه بمناصحته، حتي تحشرنا يوم القيامة في أنصاره وأعوانه، ومقوية سلطانه، واجعل ذلك خالصاً من كل شك وشبهة، ورياء وسمعة، حتي لا نعتمد به غيرك، ولا نطلب به إلا وجهك، وحتي تحلنا محله، وتجعلنا في الجنة معه، وأعذنا من السأمة والكسل والفترة، واجعلنا ممن تنتصر به لدينك، وتعز به نصر وليك، ولا تستبدل بنا غيرنا فإن استبدالك بنا غيرنا عليك يسير، وهو علينا كبير.اللهم نور به كل ظلمة، وهد بركنه كل بدعة، واهدم بعزه كل ضلالة، واقصم به كل جبار، واخمد بسيفه كل نار، وأهلك بعدله جور كل جائر، وأجر حكمه علي كل حاكم، وأذل بسلطانه كل سلطان، اللهم أذل كل من ناواه، وأهلك كل من عاداه، وامكر بمن كاده، واستأصل من جحد حقه، واستهان بأمره، وسعي في إطفاء نوره، وأراد إخماد ذكره.اللهم صل علي محمد المصطفي وعلي المرتضي وفاطمة الزهراء [وخديجة الكبري] والحسن الرضي والحسين المصفي وجميع الأوصياء مصابيح الدجي وأعلام الهدي ومنار التقي والعروة الوثقي والحبل المتين والصراط المستقيم. وصل علي وليك وولاة عهدك والأئمة من ولده، ومد في أعمارهم، وزد في آجالهم، وبلغهم أقصي آمالهم ديناً ودنياً وآخرة، إنك علي كل شيء قدير [340] .

الزيارات

زيارة الإمام أميرالمؤمنين علي

مفاتيح الجنان - الشيخ عباس القمي ص56 - بحار الأنوار: ج102 ص212 ورد عمن رأي صاحب الزمان عجل الله

فرجه في اليقظة لا في النوم أنه زار الغمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في يوم الأحد يوم أمير المؤمنين (عليه السلام) لهذه الزيارة.السلام علي الشجرة النبوية والدوحة الهاشمية [341] المضيئة المثمرة بالنبوة الموفقة بالإمامة [342] وعلي ضجيعيك آدم ونوح عليهما السلام [343] .السلام عليك وعلي أهل بيتك الطيبين الطاهرين.السلام عليك وعلي الملائكة المحدقين بك والحافين بقبرك [344] .يا مولاي يا أمير المؤمنين هذا يوم الأحد، وهو يومك وباسمك [345] .وأنا ضيفك فيه وجارك فأضفني يا مولاي وأجرني فإنك كريم تحب الضيافة ومأمور بالإجارة [346] فافعل ما رغبت إليك فيه ورجوت منك بمنزلتك وآل بيتك عند الله ومنزلته عندكم وبحق ابن عمك رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وعليهم [عليكم] أجمعين.

زيارة الشهداء

رضي الدين أبو القاسم علي بن موسي بن جعفر بن طاووس، إقبال الأعمال، طبع طهران 1390ه_ ص573- 577.... فيما نذكره من زيارة الشهداء في يوم عاشوراء، رويناه بإسنادنا إلي جدي أبي جعفر: محمد بن الحسن الطوسي (رحمة الله عليه) قال: حدثنا الشيخ أبو عبد لله: محمد بن أحمد بن عياش، قال: حدثني الشيخ الصالح منصور بن عبد المنعم بن النعمان البغدادي (رحمة الله عليه)، قال: خرج من الناحية سنة اثنتين وخمسين ومائتين (ولعله سهو من النساخ وأصله سنة اثنتين وستين ومائتين كما احتمله العلامة المجلسي (قدس سره) وغيره. (وإلا) فالحجة (صلوات الله وسلامه عليه) لم يكن مولوداً في ذاك التاريخ والزيارة تكون للإمام الحسن العسكري (عليه السلام)) علي يد الشيخ محمد بن غالب الأصفهاني، حين وفاة أبي (رحمه الله) وكنت حديث السن، وكتبت أستأذن في زيارة مولاي أبي عبد الله (عليه السلام) وزيارة الشهداء (رضوان الله عليهم- فخرج إلي منه:...بسم الله الرحمن الرحيم، إذا

أردت زيارة الشهداء [347] رضوان الله [348] عليهم - فقف عند رجلي الحسين (عليه السلام)، وهو قبر علي بن الحسين [349] (صلوات الله عليهما) فاستقبل القبلة بوجهك فإن هناك حومة الشهداء [350] وأدم وأشر إلي علي بن الحسين (عليه السلام) وقل:1- السلام عليك يا أول قتيل من نسل خير سليل من سلالة [351] إبراهيم الخليل صلي الله عليك وعلي أبيك إذ قال فيك: (قتل الله قوماً قتلوك يا بني ما أجرأهم علي الرحمن وعلي انتهاك حرمة الرسول علي الدنيا بعدك العفا) [352] كأني بك بين يديه ماثلاً وللكافرين [353] قائلاً:أنا علي بن الحسين بن علي نحن وبيت الله أول_ي بالنبيأطعنكم بال_رمح ح_تي ينثني أضربكم بالسيف أحمي عن أبيضرب غلام هاشمي علوي والله لا يحكم فينا ابن الدعي [354] .حتي قضيت نحبك ولقيت ربك [355] .أشهد أنك أولي بالله ورسوله وأنك ابن رسوله وحجته ودينه وابن حجته وأمينه [356] حكم الله لك علي قاتلك مرة بن منقذ بن النعمان العبدي [357] لعنه الله وأخزاه ومن شركه في قتلك وكانوا عليك ظهيراً (و) أصلاهم الله جهنم وساءت مصيراً وجعلنا الله من ملاقيك [358] ومرافقيك ومرافقي جدك وأبيك وعمك وأخيك وأمك المظلومة وأبرأ إلي الله من أعدائك أولي الجحود وأبرأ إلي الله من قاتليك، وأسأل الله مرافقتك في دار الخلود، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.2- السلام علي عبد الله بن الحسين الطفل الرضيع المدمي المتشحط دماً المصعد دمه في السماء المذبوح بالسهم في حجر أبيه لعن الله راميه حرمله بن كاهل الأسدي وذويه [359] .3- السلام علي عبد الله بن أمير المؤمنين مبلي البلاء والمنادي بالولاء في عرصة كربلاء المضروب مقبلاً ومدبراً لعن الله هاني بن ثبيت الحضرمي

[360] .4- السلام علي العباس بن أمير المؤمنين المواسي أخاه بنفسه الآخذ لغده من أمسه الفادي له الواقي الساعي إليه بمائه المقطوعة يداه لعن الله قاتله [قاتليه] يزيد بن الرقاد الجهني وحكيم بن الطفيل الطائي [361] .5- السلام علي جعفر بن أمير المؤمنين الصابر بنفسه محتسباً والنائي عن الأوطان مغترباً المستسلم للقتال المستقدم للنزال المكثور [362] بالرجال لعن الله قاتله هاني بن ثبيت الحضرمي [363] .6- السلام علي عثمان بن أمير المؤمنين سمي عثمان بن مظعون لعن الله راميه بالسهم خولي بن يزيد الأصبحي الأيادي [الأباني] الدارمي [364] .7- السلام علي محمد ابن أمير المؤمنين قتيل الأيادي [الأباني] الدارمي لعنه الله وضاعف عليه العذاب الأليم وصلي الله عليك يا محمد وعلي أهل بيتك الصابرين [365] .8- السلام علي أبي بكر بن الحسن الزكي الولي المرمي بالسهم الردي لعن الله قاتله عبد الله بن عقبة الغنوي [366] .9- السلام علي عبد الله بن الحسين بن علي الزكي لعن الله قاتله ورامية حرملة بن كاهل الأسدي [367] .10- السلام علي القاسم بن الحسن بن علي المضروب علي هامته المسلوب لامته حين نادي الحسين عمه فجلا عليه عمه كالصقر وهو يفحص برجليه التراب والحسين يقول: (بعداً لقومك قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة جدك وأبوك. ثم قال: عز والله علي عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو أن يجيبك وأنت قتيل جديل فلا ينفعك هذا والله يوم كثر واتره وقل ناصره) [368] جعلني الله معكما يوم جمعكما وبوأني مبوأكما ولعن الله قاتلك عمر بن سعد بن عروة بن نفيل الأزدي وأصلاه جحيماً وأعد له عذاباً أليماً [369] .11- السلام علي عون بن عبد الله بن جعفر الطيار في الجنان [370]

حليف الإيمان ومنازل الأقران الناصح للرحمن التالي للمثاني والقرآن، لعن الله قاتله عبد الله بن قطبه [371] النبهاني [372] .12- السلام علي محمد بن عبد الله بن جعفر [373] الشاهد مكان أبيه [374] والتالي لأخيه وواقيه ببدنه لعن الله قاتله عامر بن نهشل التميمي.13- السلام علي جعفر بن عقيل [375] لعن الله قاتله وراميه بشر بن خوط [376] الهمداني.14- السلام علي عبد الرحمن بن عقيل [377] لعن الله قاتله وراميه عمر [378] بن خالد بن أسد الجهني.15- السلام علي القتيل بن القتيل عبد الله بن مسلم بن عقيل [379] ولعن الله قاتله عامر بن صعصعة [380] .16- السلام علي عبيد [381] الله بن مسلم بن عقيل ولعن الله قاتله وراميه عمر [382] بن صبيح الصيداوي.17- السلام علي محمد بن أبي سعيد بن عقيل ولعن الله قاتله لقيط بن ياسر الجهني [383] .18- السلام علي سليمان مولي الحسين بن أمير المؤمنين ولعن الله قاتله سليمان بن عوف الحضرمي [384] .19- السلام علي قارب مولي الحسين بن علي [385] .20- السلام علي منجح مولي الحسين بن علي [386] .21- السلام علي مسلم بن عوسجة الأسدي [387] القائل للحسين وقد أذن له في الانصراف [388] : (أنحن نخلي عنك؟ وبم نعتذر عند الله من أداء حقك؟ لا والله حتي أكسر في صدورهم رمحي هذا، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولا أفارقك، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، ولم أفارقك حتي أموت معك، وكنت أول [389] من شري [390] نفسه، وأول شهيد من شهداء الله). وقضي نحبه [391] ففزت برب الكعبة، شكر الله استقدامك ومواساتك إمامك، إذ مشي إليك وأنت صريع فقال:يرحمك الله يا

مسلم بن عوسجة، وقرأ: (فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً).لعن الله المشتركين في قتلك: عبد الله الضبابي [392] وعبد الله بن خشكارة [393] البجلي.22- السلام علي سعيد بن عبد الله الحنفي [394] القائل للحسين (عليه السلام)، وقد أذن له في الانصراف: (لا والله لا نخليك حتي يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله صلي الله عليه وآله فيك، والله لو أعلم أني أقتل ثم أحيي، ثم أحرق ثم أذري ويفعل بي ذلك سبعين مرة ما فارقتك حتي ألقي حمامي دونك، وكيف لا أفعل ذلك؟ وإنما هي موتة أو قتلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً). فقد لقيت حمامك، وواسيت إمامك، ولقيت من الله الكرامة في دار المقامة، حشرنا الله معكم في المستشهدين، ورزقنا مرافقكم في أعلا عليين [395] .23- السلام علي بشر بن عمرو الحضرمي [396] شكر الله لك قولك للحسين (عليه السلام) - وقد أذن لك في الانصراف-: أكلتني إذن السباع حياً إن فارقتك وأسأل عنك الركبان، وأخذلك مع قلة الأعوان، لا يكون هذا أبداً.24- السلام علي يزيد بن حصين الهمداني المشرقي [397] القاري المجدل (بالمشرفي).25- السلام علي عمر بن كعب الأنصاري [398] .26- السلام علي نعيم بن العجلان الأنصاري [399] .27- السلام علي زهير بن القين البجلي [400] القائل للحسين (عليه السلام) وقد أذن له في الانصراف: لا والله لا يكون ذلك أبداً، اترك ابن رسول الله أسير في يد الأعداء وأنجو، لا أراني الله ذلك اليوم.28- السلام علي عمر بن قرظة الأنصاري [401] .29- السلام علي حبيب بن مظاهر الأسدي [402] .30- السلام علي الحر بن يزيد الرياحي [403] .31- السلام علي عبد الله

بن عمير الكلبي [404] .32- السلام علي نافع بن هلال [405] بن نافع البجلي المرادي [406] .33- السلام علي أنس [407] بن كاهل الأسدي [408] .34- السلام علي قيس بن مسهر الصيداوي [409] .35 و36- السلام علي عبد الله وعبد الرحمن ابني عروة بن حراق الغفاريين [410] .37- السلام علي جون بن حري مولي أبي ذر الغفاري [411] .38-السلام علي شبيب بن عبد الله النهشلي [412] .39- السلام علي الحجاج بن زيد السعيدي [413] .40 و41- السلام علي قاسط وكردوس ابني زهير التغلبيين [414] .42- السلام علي كنانة بن عتيق [415] .43- السلام علي ضرغامة بن مالك [416] .44- السلام علي جوين بن مالك التميمي [417] .45- السلام علي عمرو بن ضبعة الضبعي [418] .46- السلام علي يزيد بن ثبيط القيسي [419] .47 و48- السلام علي عبد الله وعبيد الله ابني يزيد بن ثبيط القيسي [420] .49- السلام علي عامر بن مسلم [421] .50- السلام علي قعنب بن عمرو النمري [422] .51- السلام علي سالم مولي عامر بن مسلم [423] .52- السلام علي سيف بن مالك [424] .53- السلام علي زهير بن بشر الخثعمي [425] .54- السلام علي يزيد بن مغفل الجعفي [426] .55- السلام علي الحجاج ابن مسروق الجعفي [427] .56 و57- السلام علي مسعود بن الحجاج وابنه عبد الرحمن بن مسعود [428] .58- السلام علي مجمع بن عبد الله العائذي [429] .59- السلام علي عامر بن حسان بن شريح الطائي [430] .60- السلام علي حيان بن الحرث السلماني الأزدي [431] .61- السلام علي جندب بن حجر الخولاني [432] .62- السلام علي عمرو بن خالد الصيداوي [433] .63- السلام علي سعيد مولاه [434] .64-

السلام علي يزيد بن زياد بن المظاهر الكندي [435] .65- السلام علي زاهر مولي عمرو بن الحمق الخزاعي [436] .66- السلام علي جبلة بن علي الشيباني [437] .67- السلام علي سالم مولي بني المدينة الكلبي [438] .68- السلام علي أسلم بن كثير الأزدي الأعرج [439] .69- السلام علي زهير بن سليم الأزدي [440] .70- السلام علي قاسم بن حبيب الأزدي [441] .71- السلام علي عمرو بن جندب الحضرمي [442] .72- السلام علي أبي تمامة عمر بن عبد الله الصائدي [443] .73- السلام علي حنظلة بن أسعد الشيباني [444] .74- السلام علي عبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرحبي [445] .75- السلام علي عمار بن أبي سلامة الهمداني [446] .76- السلام علي عابس بن شبيب الشاكري [447] .77- السلام علي شوذب مولي شاكر [448] .78- السلام علي شبيب بن الحارث بن سريع [449] .79- السلام علي مالك بن عبد بن سريع [450] .80- السلام علي الجريح المأسور سوار بن أبي عمير الفهمي الهمداني [451] .81- السلام علي المرتث معه عمرو بن عبد الله الجندعي [452] .السلام عليكم يا خير أنصار.السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار بوأكم الله مبوأ الأبرار، أشهد لقد كشف الله لكم الغطاء ومهد لكم الوطاء وأجزل لكم العطاء وكنتم عن الحق غير بطاء وأنتم لنا فرطاء ونحن لكم خلطاء في دار البقاء.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زيارة الإمام المنتظر

الاحتجاج: أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص315- 317: عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أنه قال: خرج التوقيع من الناحية المقدسة- حرسها الله- بعد المسائل:....بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمره تعقلون [ولا من أوليائه تقبلون] [453] حكمة بالغة

فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون.السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين.إذا أردتم التوجه بنا إلي الله وإلينا، فقولوا [454] كما قال الله تعالي:(سلام علي إل ياسين) [455] .السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته.السلام عليك يا باب الله وديان دينه.السلام عليك يا خليفة الله وناصر خلقه.السلام عليك يا حجة الله ودليل إرادته.السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه.السلام عليك يا بقية الله في أرضه [456] .السلام عليك يا ميثاق الله الذي أخذه ووكده.السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه.السلام عليك أيها العلم المنصوب، والعلم المصبوب، والغوث والرحمة الواسعة وعداً غير مكذوب.السلام عليك حين تقعد السلام عليك حين تقوم.السلام عليك حين تقرأ وتبين.السلام عليك حين تصلي وتقنت.السلام عليك حين تركع وتسجد.السلام عليك حين تكبر وتهلل.السلام عليك حين تحمد وتستغفر.السلام عليك حين تمسي وتصبح.السلام عليك في الليل إذ يغشي والنهار إذا تجلي.السلام عليك أيها الإمام المأمون.السلام عليك أيها المقدم المأمول.السلام عليك بجوامع السلام.أشهدك يا مولاي أني لأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأن محمد عبده ورسوله لا حبيب إلا هو وأهله، وأشهد أن أمير المؤمنين حجته، والحسن حجته، والحسين حجته، وعلي بن الحسين حجته، ومحمد بن علي حجته، وجعفر بن محمد حجته، وموسي بن جعفر حجته، وعلي بن موسي حجته، ومحمد بن علي حجته، وعلي بن محمد حجته، والحسن بن علي حجته، وأشهد أنك حجة الله.أنتم الأول والآخر، وأن رجعتكم [457] حق لا شك فيها يوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت من إيمانها خيراً، وأن الموت حق، وأن ناكراً ونكيراً حق، وأشهد أن النشر والبعث حق، وأن الصراط والمرصاد حق، والميزان والحساب حق، والجنة والنار حق،

والوعد والوعيد بهما حق.يا مولاي شقي من خالفكم وسعد من أطاعتكم.فاشهد علي ما أشهدتك عليه، وأنا ولي لك بريء من عدوك، فالحق ما رضيتموه، والباطل ما سخطتموه، والمعروف ما أمرتم به، والمنكر ما نهيتم عنه، فنفسي مؤمنة بالله وحده لا شريك له، وبرسوله وبأمير المؤمنين، وبأئمة المؤمنون وبكم يا مولاي، أولكم وآخركم، ونصرتي معدة لكم، ومودتي خالصة لكم آمين آمين.

نسخة أخري للزيارات

العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار: ج94 ص36 قال:ووجدت بخط الشيخ محمد بم علي الجبعي: نقلاً من خط الشيخ الأجل علي بن السكون حدثنا الشيخ الأجل الفقيه سديد الدين أبو محمد عربي ابن مسافر العبادي أدام الله تأييده قراءة عليه قال:حدثنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن علي بن طحال المقدادي رحمه الله بمشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الطراز الكبير الذي عند رأس الإمام (عليه السلام) في العشر الأواخر من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة قال حدثنا الشيخ الأجل السيد المفيد أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه بالمشهد المذكور علي صاحبه أفضل السلام في الطراز المذكور في العشر الأواخر من ذي العقدة سنة تسع وخمسمائة قال حدثنا السيد السعيد الوالد أبو جعفر محمد بن الحسن عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن الحسن البزاز قال أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن يحيي القمي قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن زنجويه القمي قال حدثنا أبو جعفر بن عبد الله بن جعفر الحميري.قال أبو علي الحسن بن أشناس، وأخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني أن أبا جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري أخبره وأجاز له

جميع ما رواه أنه خرج إليه التوقيع من الناحية المقدسة حرسها الله بعد المسائل التي سألها والصلاة والتوجه أوله:...بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمر الله تعقلون ولا من أوليائه تقبلون حكمة بالغة فمن تغني الآيات والنذر من قوم لا يؤمنون والسلام علينا وعلي عباد الله الصالحين. فإذا أردتم التوجه بنا إلي الله تعالي وإلينا فقولوا كما قال الله تعالي:(سلام علي إل ياسين) ذلك هو الفضل المبين والله ذو الفضل العظيم من يهديه صراط مستقيم.التوجه: قد آتاكم الله يا آل ياسين خلافته وعلم مجاري أمره فيما قضاه ودبره ورتبه وأراده في ملكوته فكشف لكم الغطاء وأنتكم خزنته وشهداؤه وعلماؤه وأمناؤه ساسة العباد وأركان البلاد وقضاة الأحكام وأبواب الإيمان ومن تقديره منايح العطاء بكم إنفاذه محتوماً مقروناً فما شيء منه إلا وأنتم له السبب وإليه السبيل، خياره لوليكم نعمه وانتقامه من عدوكم سخطة فلا نجاة ولا مفزع إلا أنتم في أرضه وسمائه وأنتم يا حجة الله وبقيته كمال نعمته ووارث أنبيائه وخلفائه ما بلغناه من دهرنا وصاحب الرجعة لوعد ربنا التي فيها دولة الحق وفرحنا ونصر الله لنا وعزنا.السلام عليك أيها العلم المنصوب والعلم المصبوب والغوث والرحمة الواسعة وعدنا غير مكذوب السلام عليك صاحب المرأي والمسمع الذي بعين الله مواثيقه وبيد الله عهوده وبقدرة الله سلطانه أنت الحليم الذي لا تعجله العصبية والكريم الذي لا تبخله الحفيظة والعالم الذي لا تجهله الحمية مجاهدتك في الله ذات مشية الله ومقارعتك في الله ذات انتقام الله وصبرك في الله ذو أناة الله وشكرك الله ذو مزيد الله ورحمته السلام عليك يا محفوظاً بالله نور أمامه وورائه ويمينه وشماله وفوقه وتحته يا محروزاً في قدرة الله، الله نور سمعه وبصره

ويا وعد الله الذي ضمنه ويا ميثاق الله الذي أخذه ووكده.السلام عليك يا داعي الله ورباني آياته، السلام عليك يا باب الله وديان دينه السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه السلام عليك يا حجة الله ودليل إرادته السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه السلام عليك في آناء ليلك وأطراف نهارك السلام عليك يا بقية الله في أرضه.السلام عليك حين تقوم السلام عليك حين تقعد السلام عليك حين تقرأ وتبين السلام عليك حين تصلي وتقنت السلام عليك حين تركع وتسجد السلام عليك حين تعوذ وتسبح السلام عليك حين تكبر وتهلل السلام عليك حين تحمد وتستغفر السلام عليك حين تمجد وتمدح السلام عليك حين تمسي وتصبح.السلام عليك في الليل إذا يغشي والنهار إذا تجلي والآخرة والأولي السلام عليك يا حجج الله ورعاتنا وهداتنا ودعاتنا وقادتنا وأئمتنا وسادتنا وموالينا السلام عليك أنتم نورنا وأنتم جاهنا أوقات صلاتنا وعصمتنا بكم لدعائنا وصلاتنا وصيامنا واستغفارنا وسائر أعمالنا.السلام عليك أيها الإمام المأمون السلام عليك أيها الإمام المقدم المأمول السلام عليك بجوامع السلام أشهدك يا مولاي أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده وحده وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله لا حبيب إلا هو وأهله، وأن أمير المؤمنين حجته وأن الحسن حجته وأن الحسين حجته وأن علي بن الحسين حجته وأن محمد بن علي حجته وأن جعفر بن محمد حجته وأن موسي بن جعفر حجته وأن علي بن موسي حجته وأن محمد بن علي حجته وأن علي بن محمد حجته وأن الحسن بن علي حجته وأنت حجته وأن الأنبياء دعاة وهداة رشدكم، أنتم الأول والآخر وخاتمته وأن رجعتكم حق لا شك فيها يوم لا ينفع نفساً إيمانها

لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خير وأن الموت حق و[أشهد] أن ناكراً ونكيراً حق وأن النشر والبعث حق وأن الصراط حق والمرصاد حق، والميزان حق والحساب حق، والجنة والنار حق، والجزاء بهما للوعد والوعيد حق وأنكم للشفاعة حق لا تردون ولا تسبقون مشيئة الله وبأمره تعملون ولله الرحمة والكلمة العليا وبيده الحسني وحجة الله العظمي خلق الجن والإنس لعبادته أراد من عباده عبادته فشقي وسعيد قد شقي من خالفكم وسعد من أطاعكم وأنتم يا مولاي فاشهد بما أشهدتك عليه تخزنه وتحفظه لي عندك، أموت عليه وأنشر عليه وأقف به ولياً لك بريئاً من عدوك، ماقتاً لمن أبغضكم راداً لمن أحبكم فالحق ما رضيتموه والباطل ما سخطتموه والمعروف ما أمرتم به والمنكر ما نهيتم عنه والقضاء المثبت ما استأثرت به مشيئتكم والممحو ما استأثرت به سنتكم فلا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد عبده ورسوله علي أمير المؤمنين حجته الحسن حجته الحسين حجته علي حجته محمد حجته جعفر حجته موسي حجته علي حجته محمد حجته علي حجته الحسن حجته أنت حجته أنتم حججه وبراهينه.أنا يا مولاي مستبشر بالبيعة التي أخذ الله علي شرطه قتالاً في سبيله اشتري به أنفس المؤمنين فنفسي مؤمنة بالله وحده لا شريك له وبرسوله وبأمير المؤمنين وبكم يا مولاي أولكم وآخركم ونصرتي معدة مودتي خالصة لكم وبراءتي من أعدائكم أهل الحردة والجدال ثابتة لثأركم أنا ولي وحيد والله إله الحق يجعلني كذلك آمين آمين.من لي إلا أنت فيما دنت واعتصمت بك فيه تحرسني فيما تقربت به إليك يا وقاية الله وستره وبركته أغثني أدنني أعني أدركني صلني بك ولا تقطعني. اللهم إليك بهم توسلي وتقربي اللهم

صل علي محمد وآله وصلني بهم ولا تقطعني بحجتك واعصمني وسلامك علي آل ياسين مولاي أنت الجاه عند الله ربك وربي إنه حميد مجيد [458] .

زيارة المعصومين

أ: الشيخ محمد بن الطوسي (قدس سره) في مصباحه ص572.قال: قال ابن عياش: حدثني خير بن عبد الله عن مولاه- يعني: أبا القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه- قال: زر أي المشاهد كنت بحضرتها في رجب تقول إذا دخلت:...ب: السيد ابن طاووس (قدس سره) في الإقبال ص111 عن جده الطوسي (قدس سره)....ج: العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار (ج102- ص195) قال: الزيارة العاشرة رواها الشيخ في المصباح والسيد في الإقبال والمزار وغيرهما قال الشيخ...د: الشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان ص126:...(والظاهر) أن الزيارة مروية عن صاحب الأمر عليه الصلاة والسلام لما ذكرنا وعلم من حال النواب الأربعة والحسين بن روح خاصة من عدم اختراعهم لأمثال ذلك من عند أنفسهم، وحيث لم تذكر هذه الزيارة عمن عاصروا بعض آباء صاحب الأمر عليه وعليهم السلام فليست الزيارة لبعض آبائه، فالظاهر أنها زيارة صادرة عن الناحية المحفوفة بالقدس.(كما) أن الظاهر أنها زيارة للمعصومين (عليهم السلام) فقط. لا مطلق أولياء الله من أولاد المعصومين وغيرهم، لما في ثنايا الزيارة من العبادات المختصة بالمعصومين (عليهم السلام)، فلا يزار بها أبو الفضل العباس، أو علي الأكبر، أو فاطمة المعصومة بقم، أو عبد العظيم الحسن بالري، أو غيرهم (عليهم السلام).الحمد لله الذي أشهدنا فشهد أولياؤه في رجب وأوجب علينا من حقهم ما قد وجب وصلي الله علي محمد المنتخب وعلي أوصيائه الحجب اللهم فكما أشهدتنا مشهدهم فأنجز لنا موعدهم وأوردنا موردهم غير محلئين عن ورد في دار المقامة والخلد والسلام عليكم إني قصدتكم واعتمدتكم

بمسألتي وحاجتي وهي فكاك رقبة من النار والمقر معكم في دار القرار مع شيعتكم الأبرار والسلام عليكم بما صرتم فنعم عقبي الدار أنا سائلكم وآملكم فيما إليكم التفويض وعليكم التعويض فيكم يجبر المهيض ويشفي المريض وما تزداد الأرحام وما تغيض إني بسركم مؤمن ولقولكم مسلم وعلي الله بكم مقسم في رجعي بحوائجي وقضائها وإمضائها وإنجاحها وإبرامها وبشؤوني لديكم وصلاحها والسلام عليكم سلام مودع ولكم حوائجه مودع يسأل الله إليكم المرجع وسعيه إليكم غير منقطع وأن يرجعن من حضرتكم خير مرجع إلي جناب ممرع وخفض موسع ودعة ومهل إلي حين الأجل وخبر مصير ومحل في النعيم الأزل والعيش المقتبل ودوام الأكل وشرب الرحيق والسلسل وعل ونهل لا سأم منه ولا ملل ورحمة الله وبركاته وتحياته عليكم حتي العود إلي حضرتكم والفوز في كرتكم والحشر في زمرتكم ورحمة الله وبركاته عليكم وصلواته وتحياته وهو حسبنا ونعم الوكيل.

زيارة الندبة

السيد علي بن طاووس (قدس سره) في (مصباح الزائر) ص223- 225.زيارة أخري له صلوات الله عليه وهي المعروفة بالندبة خرجت من الناحية المحفوفة بالقدس إلي أبي جعفر محمد بن عبد الله الحميري رحمه الله وأمر أن تتلي في السرداب المقدس وهي:...بسم الله الرحمن الرحيم لا لأمر الله تعقلون ولا من أوليائه تقبلون حكمة بالغة فما تعني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون السلام علينا وعلي عباد الله الصالحين سلام علي آل ياسين ذلك هو الفضل المبين والله ذو الفضل العظيم لمن يهديه صراط مستقيم قد آتاكم الله يا آل ياسين خلافته وعلم مجاري أمره فيما قضاه ودبره ورتبه وأراده في ملكوته فكشف لكم الغطاء وأنتم خزنته وشهداؤه وعلماؤه وأمناؤه وساسة العباد وأركان البلاد وقضاة الأحكام وأبواب الإيمان وسلالة النبيين وصفوة

المرسلين وعترة خيرة رب العالمين ومن تقديره منايح العطاء بكم إنفاذه محتوماً مقروناً فما شيء منا إلا وأنتم له السبب وإليه السبيل خياره لوليكم نعمة وانتقامه من عدوكم سخطة فلا نجاة ولا مفزع إلا أنتم ولا مذهب عنكم يا أعين الله الناظرة وحملة معرفته ومساكن توحيده في أرضه وسمائه وأنتم يا مولاي ويا حجة الله ويا بقيته وكمال نعمته ووارث أنبيائه وخلفائه ما بلغناه من دهرنا وصاحب الرجعة لوعد ربنا التي فيها دولة الحق وفرجنا ونصر الله لنا وعزنا.السلام عليك أيها العلم المنصوب والعلم المصبوب والغوث والرحمة الواسعة وعداً غير مكذوب السلام عليك يا صاحب المرأي والمسمع الذي بعين الله مواثيقه وبيد الله عهوده وبقدرة الله سلطانه أنت الحكيم الذي لا تعجله الغضبة والكريم الذي لا تبخله الحفيظة والعالم الذي لا تجهله الحمية مجاهدتك في الله ذات مشية الله ومقارعتك في الله ذات انتقام الله وصبرك في الله ذو أناة الله وشكرك لله ذو مزيد الله ورحمته السلام عليك يا محفوظاً بالله، الله نور أمامه وورائه ويمينه وشماله وفوقه وتحته السلام عليك يا مخزوناً في قدرة الله نور سمعه وبصره السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه ويا ميثاق الله الذي أخذه ووكده السلام يا داعي الله وديان دينه السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه السلام عليك يا حجة الله ودليل إرادته السلام عليك يا تالي كتاب الله وترجمانه السلام عليك في آناء الليل والنهار السلام عليك يا بقية الله في أرضه السلام عليك حين تقوم السلام عليك حين تقعد السلام عليك حين تقرأ وتبين السلام عليك حين تصلي وتقنت السلام عليك حين تركع وتسجد السلام عليك حين تعوذ وتسبح السلام عليك حين تهلل

وتكبر السلام عليك حين تحمد وتستغفر السلام عليك حين تمجد وتمدح السلام عليك حين تمسي وتصبح.السلام عليك في الليل إذا يغشي والنهار إذا تجلي والآخرة والأولي السلام عليك يا حجج الله ودعاتنا وهداتنا ورعاتنا وقادتنا وأئمتنا وسادتنا وموالينا السلام عليك أنتم نورنا وأنتم جاهنا أوقات صلاتنا وعصمتنا بكم لدعائنا وصلاتنا وصيامنا واستغفارنا وسائر أعمالنا السلام عليك أيها الإمام المأمون السلام عليك أيها الإمام المأمول السلام عليك بجوامع السلام.اشهد يا مولاي أني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله، لا حبيب إلا هو وأهله وأن أمير المؤمنين حجته وأن الحسن حجته وأن الحسين حجته وأن علي بن الحسين حجته وأن محمد بن علي حجته وأن جعفر بن محمد حجته وأن موسي بن جعفر حجته وأن علي بن موسي حجته وأن محمد بن علي حجته وأن علي بن محمد حجته وأن الحسن بن علي حجته وأنت حجته وأن الأنبياء دعاة وهداة رشدكم أنتم الأول والآخر وخاتمته وأن رجعتكم حق لا شك فيها ولا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خير وأن الموت حق وأن منكراً ونكيراً حق وأن النشر حق والبعث حق وأن الصراط حق وأن المرصاد حق وأن الميزان حق والحساب حق وأن الجنة والنار حق والجزاء بهما للوعد والوعيد حق وأنكم للشفاعة حق لا تردون ولا تسبقون مشيئة الله بأمره تعملون ولله الرحمة والكلمة العليا وبيده الحسني وحجة الله النعمي خلق الجن والإنس لعبادته، أراد من عباده عبادته فشقي وسعيد، قد شقي من خالفكم وسعد من أطاعكم. وأنت يا مولاي فاشهد بما أشهدتك عليه تخزنه وتحفظه لي عندك أموت عليه وأنشر عليه

وأقف به ولياً لك بريئاً من عدوك ماقتاً لمن أبغضكم واداً لمن أحبكم فالحق ما رضيتموه والباطل ما سخطتموه والمعروف ما أمرتم به والمنكر ما نهيتم عنه والقضاء المثبت ما استأثرت به مشيئتكم والممحو ما استأثرت به سنتكم، فلا إله إلا الله وحده لا شريك له ومحمد عبده ورسوله، علي أمير المؤمنين وحجته، الحسن حجته، الحسين حجته، علي حجته، محمد حجته، جعفر حجته، موسي حجته، علي حجته، محمد حجته، علي حجته، الحسن حجته، أنت حجته، أنتم حججه وبراهينه، أنا يا مولاي مستبشر بالبيعة التي أخذ الله علي شرطه قتالاً في سبيله اشتري به أنفس المؤمنين فنفسي مؤمنة بالله وحده لا شريك له وبرسوله وبأمير المؤمنين وبكم يا مولاي أولكم وآخركم ونصرتي لكم معدة مودتي خالصة لكم وبراءتي من أعدائكم: أهل الحردة والجدال ثابتة لثأركم أنا ولي وحيد والله إله الحق يجعلني بذلك آمين آمين، من لي إلا أنت فيما دنت واعتصمت بك فيه تحرسني فيما تقربت به إليك يا وقاية الله وستره وبركته أغنني أدنني أدركني صلني بك ولا تقطعني.اللهم بهم إليك توسلي وتقربي، اللهم صلي علي محمد وآل محمد وصلني بهم ولا تقطعني بحجتك اعصمني وسلامك علي آل ياسين مولاي أنت الجاه عند الله ربك وربي إنه حميد مجيد، اللهم إني أسألك باسمك خلقته من ذلك واستقر فيك فلا يخرج منك إلي شيء أبداً أيا كينون أيا مكنون أيا متعال أيا مقدس أيا مترحم أيا مترئف أيا متحنن أسألك كما خلقته غضاً أن تصلي علي محمد نبي رحمتك وكلمة نورك ووالد هداة رحمتك وأملأ قلبي نور اليقين وصدري نور الإيمان وفكري نور الثبات وعزمي نور التوفيق وذكائي نور العلم وقولي نور العمل ولساني نور

الصدق وديني نور البصائر من عندك وبصري نور الضياء وسمعي نور وعي الحكمة ومودتي نور الموالاة لمحمد وآله (عليهم السلام) ونفسي نور قوة البراءة من أعداء محمد وأعداء آل محمد حتي ألقاك وقد وفية بعهدك وميثاقك فلتسعني رحمتك يا ولي يا حميد بمرأي آل محمد ومسمعك يا حجة الله دعائي فوفني منجزات إجابتي أعتصم بك، معك معك معك سمعي ورضاي يا كريم.

زيارة الناحية

روي العلامة المجلسي- قدس الله تربته- في بحار الأنوار (ج101 ص317- 328) هذه الزيارة عن جماعة فقهائنا الفطاحل:أ- علم الهدي السيد الشريف المرتضي (قدس سره).ب- الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان (قدس سره) في مزاره.ث- الشيخ محمد بن المشهدي صاحب (المزار الكبير) الذي ذكره في سفينة البحار (ج1 ص724) كما يلي:(ابن المشهدي هو الشيخ الجليل السعيد المتبحر أبو عبد الله محمد بن جعفر بن علي بن جعفر المشهدي الحائري المعروف ب_(محمد بن المشهدي) و(ابن المشهدي) مؤلف المزار المشهور الذي اعتمد عليه أصحابنا الأبرار الملقب ب_(المزار الكبير) في بحار الأنوار- إلي أن قال-: يروي عن جماعة من الأعلام منهم ابن البطريق، والسيد ابن زهرة، وشاذان بن جبرئيل القمي، والشيخ هبة الله بن نما، وأبو عبد الله الحسين بن جمال الدين هبة الله ابن الحسين بن رطبة السوراوي الفقيه الجليل الموصوف في الإجازات بكل الجميل، والأمير ورام ابن أبي فراس، وسديد الدين محمود الحمصي الرازي، ووالده، وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين).ثم نقل المجلسي (قدس سره) بعد نقل الزيارة، قال مؤلف المزار الكبير:زيارة أخري في يوم عاشوراء مما خرج من الناحية إلي أحد الأبواب قال: تقف عليه- أي: قبر الإمام الحسين (عليه السلام)- وتقول:...ثم قال المجلسي (قدس سره): فظهر أن هذه الزيارة منقولة مروية، ويحتمل

أن لا تكون مختصة بيوم عاشوراء كما فعله السيد المرتضي (قدس سره).السلام علي آدم صفوة الله من خليقته. السلام علي شيت [459] ولي الله وخيرته والسلام علي إدريس القائم لله بحجته السلام علي نوح المجاب في دعوته السلام علي هود الممدود من الله بمعونته السلام علي صالح الذي توجه لله بكرامته السلام علي إبراهيم الذي حباه الله بخلته [460] السلام علي إسماعيل الذي فداه الله بذبح عظيم من جنته السلام علي إسحاق الذي جعل الله النبوة في ذريته السلام علي يعقوب الذي رد الله عليه بصره السلام علي موسي الذي فلق الله له البحر بقدرته السلام علي هارون الذي خصه الله بنبوته السلام علي شعيب الذي نصره الله علي أمته السلام علي داوود الذي تاب الله عليه من خطيئته [461] السلام علي سليمان الذي ذلت له الجن بعزته السلام علي أيوب الذي شفاه الله من علته السلام علي يونس الذي أنجز الله مضمون عدته السلام علي عزير الذي أحياه الله بعد ميتته السلام علي زكريا الصابر في محنته السلام علي يحيي الذي أزلفه الله بشهادته السلام علي عيسي روح الله وكلمته السلام علي محمد حبيب الله وصفوته السلام علي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب المخصوص بأخوته [462] السلام علي فاطمة الزهراء ابنته السلام علي أبي محمد الحسن وصي أبيه وخليفته السلام علي الحسين الذي سمحت نفسه بمهجته السلام علي من أطاع الله في سره وعلانيته السلام علي من جعل الله الشفاء في تربته السلام علي من الإجابة تحت قبته السلام علي من الأئمة من ذريته السلام علي ابن خاتم الأنبياء السلام علي ابن سيد الأوصياء السلام علي ابن فاطمة الزهراء السلام علي ابن خديجة

الكبري السلام علي ابن سدرة المنتهي السلام علي ابن جنة المأوي السلام علي ابن زمزم والصفا السلام علي المرمل بالدماء السلام علي المهتوك الخباء السلام علي خامس أصحاب الكساء السلام علي غريب الغرباء السلام علي شهيد الشهداء السلام علي قتيل الأدعياء السلام علي ساكن كربلاء السلام علي من بكته ملائكة السماء السلام علي من ذريته الأذكياء السلام علي يعسوب الدين السلام علي منازل البراهين السلام علي الأئمة السادات السلام علي الجيوب المضرجات [463] السلام علي الشفاه الذابلات السلام علي النفوس المصطلمات [464] .السلام علي الأرواح المختلسات السلام علي الأجساد العاريات السلام علي الجسوم الشاحبات السلام علي الدماء السائلات السلام علي الأعضاء المقطعات السلام علي الرؤوس المشالات السلام علي النسوة البارزات السلام علي حجة رب العالمين السلام عليك وعلي آبائك الطاهرين السلام عليك وعلي أبنائك المستشهدين السلام عليك وعلي ذريتك الناصرين السلام عليك وعلي الملائكة المضاجعين [465] السلام علي القتيل المظلوم السلام علي أخيه المسموم [466] السلام علي علي الكبير السلام علي الرضيع الصغير السلام علي الأبدان السليبة السلام علي العترة القريبة السلام علي المجدلين في [467] الفلوات السلام علي النازحين عن الأوطان السلام علي المدفونين بلا أكفان السلام علي الرؤوس المفرقة عن الأبدان السلام علي المحتسب الصابر السلام علي المظلوم بلا ناصر السلام علي ساكن التربة الزاكية السلام علي صاحب القبة السامية السلام علي من طهره الجليل السلام علي من افتخر به جبرئيل السلام علي من ناغاه في المهد ميكائيل السلام علي من نكثت ذمته السلام علي من هتكت حرمته السلام علي من أريق بالظلم دمه السلام علي المغسل بدم الجراح السلام علي المجرع بكاسات الرماح السلام علي المضام [468] المستباح السلام علي المنحور في

الوري السلام علي من دفنه أهل القري السلام علي المقطوع الوتين السلام علي المحامي بلا معين السلام علي الشيب الخضيب السلام علي الخد التريب السلام علي البدن السليب السلام علي الثغر [469] المقروع بالقضيب السلام علي الرأس المرفوع السلام علي الأجسام العارية في الفلوات تنهشها الذئاب [470] العاديات وتختلف إليها السباع الضاريات السلام عليك يا مولاي وعلي الملائكة المرفرفين [471] حول قبتك الحافين بتربتك الطائفين بعرصتك الواردين لزيارتك.السلام عليك فإني قصدت إليك ورجوت الفوز لديك السلام عليك سلام العارف بحرمتك المخلص في ولايتك المتقرب إلي الله بمحبتك البرائي من أعدائك سلام من قلبه بمصابك مقروح ودمه عند ذكرك مسفوح [472] سلام المفجوع المحزون الواله المستكين سلام من لو كان معك في الطفوف لوقاك بنفسه حد السيوف وبذل حشاشته دونك للحتوف وجاهد بين يديك وناصرك علي من بغي عليك وفداك بروحه وجسده وماله وولده وروحه لروحك فداءٌ وأهله لأهلك وقاءٌ فلئن أخرتني الدهور وعاقني عن نصرك المقدور ولم أكن لمن حاربك محارباً ولمن نصب لك العداوة مناصباً فلأندبنك صباحاً ومساءً ولأبكين لك بدل الدموع دماً [473] حسرةً عليك وتأسفاً علي ما دهاك وتلهفاً حتي أموت بلوعة المصاب وغصة الاكتئاب أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر والعدوان وأطعت الله وما عصيته وتمسكت به وبحبله فأرضيته وخشيته وراقبته واستحييته وسننت السنن وأطفأت الفتن ودعوت إلي الرشاد وأوضحت سبل السداد وجاهدت في الله حق الجهاد وكنت لله طائعاً ولجدك محمد صلي الله عليه وآله تابعاً ولقول أبيك سامعاً وإلي وصية أخيك مسارعاً ولعماد الدين رافعاً وللطغيان قامعاً وللطغاة مقارعاً وللأمة ناصحاً وفي غمرات الموت ناصراً وعند البلاء صابراً وللدين كالئاً [474] وعن حوزته

مرامياً تحوط الهدي وتنصره وتبسط العدل وتنشره وتنصر الدين وتظهره وتكف العابث وتزجره وتأخذ للدني من الشريف وتساوي في الحكم بين القوي والضعيف كنت ربيع الأيتام وعصمة الأنام وعز الإسلام ومعدن الأحكام وحليف الإنعام سالكاً طرائق جدك وأبيك مشبهاً في الوصية لأخيك وفي الذمم رضي الشيم ظاهر الكرم متهجداً في الظلم قويم الطرائق كريم الخلائق عظيم السوابق شريف النسب منيف [475] الحسب رفيع الرتب كثير المناقب محمود الضرائب جزيل المواهب حليم ٌرشيدٌ منيبٌ جوادٌ عليمٌ شديدٌ إمامٌ شهيدٌ أواهٌ منيبٌ حبيبٌ مهيبٌ كنت للرسول صلي الله عليه وآله ولداً وللقرآن سنداً وللأمة عضداً وفي الطاعة مجتهداً حافظاً للعهد والميثاق ناكباً عن سبل الفساق باذلاً للمجهود طويل الركوع والسجود زاهداً في الدنيا زهد الراحل عنها ناظراً إليها بعين المستوحشين منها آمالك عنها مكفوفة وهمتك عن زينتها مصروفة وألحاظك عن بهجته مطروفة ورغبتك في الآخرة معروفة حتي إذا الجور مد باعه وأسفر الظلم قناعه ودعا الغني أتباعه وأنت في حرم جدك قاطن وللظالمين مباين جليس البيت والمحراب معتزل عن اللذات والشهوات تنكر المنكر بقلبك ولسانك علي حسب طاقتك وإمكانك ثم اقتضاك العلم للإنكار ولزمك أن تجاهد الفجار فسرت في أولادك وأهاليك وشيعتك ومواليك وصدعت بالحق والبينة ودعوت إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة وأمرت بإقامة الحدود والطاعة للمعبود ونهيت عن الخبائث والطغيان وواجهوك بالظلم والعدوان فجاهدتهم بعد الإيعاذ إليهم وتأكيد الحجة عليهم فنكثوا ذمامك وبيعتك وأسخطوا ربك وجدك وبدءوك بالحرب فثبت للطعن والضرب وطحنت جنود الفجار واقتحمت قسطل [476] الغبار مجالداً بذي الفقار كأنك علي المختار فلما رأوك ثابت الجأش غير خائفٍ ولا خاشٍ نصبوا لك غوائل مكرهم وقاتلوك بكيدهم وشرهم وأمر اللعين [477] جنوده فمنعوك الماء ووروده

وناجزوك القتال وعاجلوك النزال ورشقوك بالسهام والنبال وبسطوا إليك أكف الاصطلام [478] ولم يرعوا لك ذماماً ولا راقبوا فيك آثاماً في قتلهم أوليائك ونهبهم رحالك وأنت مقدم في الهبوات ومحتمل للأذيات قد عجبت من صبرك ملائكة السماوات فأحدقوا بك في كل الجهات وأثخنوك بالجراح وحالوا بينك وبين الرواح ولم يبق لك ناصراٌ وأنت محتسبٌ صابرٌ تذب عن نسوتك وأولادك حتي نكسوك عن جوادك فهويت إلي الأرض جريحاً تطؤك الخيول بحوافرها وتعلوك الطغاة ببواترها قد رشح للموت جبينك واختلفت بالانقباض والانبساط شمالك ويمينك تدير طرفاً خفياً إلي رحلك وبيتك وقد شغلت بنفسك عن ولدك وأهاليك وأسرع فرسك شارداً إلي خيامك قاصداً محمحماً [479] باكياً فلما رأين النساء جوادك مخزياً [480] ونضرن سرجك عليه ملوياً برزن من الخدور ناشرات الشعور علي الخدود لاطمات الوجوه سافرات وبالعويل داعيات وبعد العز مذللات وإلي مصرعك مبادرات والشمر جالس علي صدرك مولع سيفه علي نحرك قابض علي شيبتك بيده ذابح لك بمهنده قد سكنت حواسك وخفيت أنفاسك ورفع علي القنا رأسك وسبي أهلك كالعبيد وصفدوا في الحديد فوق أقتاب [481] المطيات تلفح وجوههم حر الهاجرات يساقون في البراري والفلوات أيديهم مغلولة إلي الأعناق يطاف بهم في الأسواق فالويل للعصاة الفساق لقد قتلوا بقتلك الإسلام وعطلوا الصلاة والصيام ونقضوا السنن والأحكام وهدموا قواعد الإيمان وحرفوا آيات القرآن وهمجوا [482] في البغي والعدوان لقد أصبح رسول الله صلي الله عليه وآله من أجلك موتوراً وعاد كتاب الله عز وجل مهجوراً وغودر الحق إذ قهرت مقهوراً وفقد بفقدك التكبير والتهليل والتحريم والتحليل والتنزيل والتأويل وظهر بعدك التغيير والتبديل والإلحاد والتعطيل والأهواء والأضاليل والفتن والأباطيل فقام ناعيك عند قبر جدك الرسول صلي الله عليه وآله

فنعاك إليه بالدمع الهطول قائلاً يا رسول الله قتل سبطك وفتاك واستبيح أهلك وحماك وسبيت بعدك ذراريك ووقع المحذور بعترتك وذويك فانزعج الرسول وبكي قلبه المهول [483] وعزاه بك الملائكة والأنبياء وفجعت بك أمك الزهراء واختلفت جنود الملائكة المقربين تعزي أباك أمير المؤمنين وأقيمت لك المآتم في أعلي عليين ولطمت عليك الحور العين وبكت السماء وسكانها والجنان وخزانها والهضاب وأقطارها والبحار وحيتانها ومكة وبنيانها والجنان وولدانها والبيت والمقام والمشعر الحرام والحل والإحرام.اللهم فبحرمة هذا المكان المنيف صلي علي محمد وآل محمد واحشرني في زمرتهم وادخلني الجنة بشفاعتهم اللهم إني أتوسل إليك يا أسرع الحاسبين ويا أكرم الأكرمين ويا أحكم الحاكمين بمحمد خاتم النبيين رسولك إلي العالمين أجمعين وبأخيه وابن عمه الأنزع البطين [484] العالم المكين علي أمير المؤمنين وبفاطمة سيدة نساء العالمين وبالحسن الزكي عصمة المتقين وبأبي عبد الله الحسين أكرم المستشهدين وبأولاده المقتولين وبعترته المظلومين وبعلي بن الحسين زين العابدين وبمحمد بن علي قبلة الأولين وجعفر بن محمد أصدق الصادقين وموسي بن جعفر مظهر البراهين وعلي بن موسي ناصر الدين ومحمد بن علي قدوة المهتدين وعلي بن مجمد أزهد الزاهدين والحسن بن علي وارث المستخلفين والحجة علي الخلق أجمعين أن تصلي علي محمد وآل محمد الصادقين الأبرين آل طه ويس فإن تجعلني في القيامة من الآمنين المطئنين الفائزين الفرحين المستبشرين.اللهم اكتبني في المسلمين وألحقني بالصالحين واجعل لي لسان صدق في الآخرين وانصرني علي الباغين واكفني كيد الحاسدين واصرف عني مكر الماكرين واقبض عني أيدي الظالمين واجمع بيني وبين السادة الميامين في أعلا عليين مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين برحمتك يا أرحم الراحمين.اللهم إني أقسم عليك بنبيك المعصوم وبحكمك المحتوم ونهيك

المكتوم وبهذا القبر الملموم [485] الموسد في كفنه الإمام المعصوم المقتول المظلوم أن تكتشف ما بي من الغموم وتصرف عني شر القدر المحتوم وتجيرني من النار ذات السموم.اللهم جللني بنعمتك ورضني بقسمك وتغمدني بجودك وكرمك وباعدني من مكرك ونقمك اللهم اعصمني من الزلل وسددني في القول والعمل وافسح لي في مدة الأجل وأعفني من الأوجاع والعلل وبلغني بموالي وبفضلك أفضل الأمل اللهم صل علي محمد وآل محمد واقبل توبتي وارحم عبرتي وأقلني عثرتي ونفس كربتي واغفر لي خطيئتي وأصلح لي في ذريتي اللهم لا تدع لي في هذا المشهد المعظم والمحل المكرم ذنباً إلا غفرته ولا عيباً إلا سترته ولا غماً إلا كشفته ولا رزقاً إلا بسطته ولا جاهاً إلا عمرته ولا فساداً إلا أصلحته ولا أملاً إلا بلغته ولا دعاءً إلا أجبته ولا مضيقاً إلا فرجته ولا شملاً إلا جمعته ولا أمراً إلا أتممته ولا مالاً إلا كثرته ولا خلقاً إلا حسنته ولا إنفاقاً إلا أخلفته ولا حالاً إلا عمرته ولا حسوداً إلا قمعته ولا عدواً إلا أرديته ولا شراً إلا كفيته ولا مرضاً إلا شفيته ولا بعيداً إلا أدنيته ولا شعثاً [486] إلا لممته ولا سؤالاً إلا أعطيته.اللهم إني أسألك خير العاجلة وثواب الآجلة اللهم أغنني بحلالك عن الحرام وبفضلك عن جميع الأنام اللهم إني أسألك علماً نافعاً وقلباً خاشعاً ويقيناً صادقاً وعملاً زاكياً وصبراً جميلاً وأجراً جزيلاً اللهم ارزقني شكر نعمتك علي وزد في إحسانك وكرمك إلي واجعل قولي في الناس مسموعاً وعملي عندك مرفوعاً وأثري في الخيرات متبوعاً وعدوي مقموعاً اللهم صل علي محمد وآل محمد الأخيار في آناء الليل وأطراف النهار واكفني شر الأشرار وطهرني من الذنوب والأوزار وأجرني من

النار وأدخلني دار القرار واغفر لي ولجميع إخواني فيك وإخواتي المؤمنين والمؤمنات برحمتك يا أرحم الراحمين.ثم توجه إلي القبلة وصل ركعتين وأقرأ في الأولي سورة الأنبياء وفي الثانية الحشر [487] واقنت وقل:لا إله إلا الله الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن خلافاً لأعدائه وتكذيباً لمن عدل به وإقراراً لربوبيته وخضوعاً لعزته الأول بغير أول والآخر إلي غير آخر الظاهر علي كل شيء بقدرته الباطن دون كل شيء بعلمه ولطفه لا تقف العقول علي كل كنه عظمته ولا تدرك الأوهام حقيقة ماهيته ولا تتصور الأنفس معاني كيفيته مطلعاً علي الضمائر عارفاً بالسرائر يعلم خائنه الأعين وما تخفي الصدور اللهم إني أشهدك علي تصديقي رسولك صلي الله عليه وآله وإيماني وعلمي بمنزلته وأني أشهد أنه النبي الذي نطقت الحكمة بفضله وبشرت الأنبياء به ودعت إلي الإقرار بما جاء به وحثت علي تصديقه بقوله تعالي: (الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) [488] .فصل علي محمد رسولك إلي الثقلين وسيد الأنبياء المصطفي وعلي أخيه وابن عمه الذين لم يشركا بك طرفة عين أبداً وعلي فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وعلي سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين صلاة خالدة الدوام عدد قطر الرهام [489] وزنة الجبال والآكام ما أورق السلام واختلف الضياء والظلام علي آله الطاهرين الأئمة المهتدين الذائدين عن الدين علي ومحمد وجعفر وموسي وعلي ومحمد وجعفر وموسي وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجة القوام بالقسط وسلالة السبط.اللهم إني أسألك بحق هذا الإمام فرجاً قريباً وصبراً

جميلاً ونصراً عزيزاً وغني عن الخلق وثباتاً في الهدي والتوفيق لما تحب وترضي ورزقاً واسعاً حلالاً طيبا مريئاً داراً سائغاً فاضلاً مفضلاً صباً صباً من غير كد ولا نكد ولا منة من أحد وعافية من كل بلاء وسقم ومرض والشكر علي العافية والنعماء وإذا جاء الموت فاقبضنا علي أحسن ما يكون لك طاعة علي ما أمرتنا محافظين حتي تؤدينا إلي جنات النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم صل علي محمد وآل محمد وأوحشني من الدنيا وآنسني بالآخرة وأنه لا يوحش من الدنيا إلا خوفك ولا يونس بالآخرة إلا محمد وآله وأعني علي نفسي الظالمة العاصية وشهوتي الغالية واختم لي بالعافية. اللهم إن استغفاري إياك وأنا مصرٌ علي ما نهيت قلة حيائي وتركي الاستغفار مع علمي بسعة حلمك تضييع لحق الرجاء اللهم إن ذنوبي تؤيسي أن أرجوك وإن علمي بسعة رحمتك يمنعني أن أخشاك فصل علي محمد وآل محمد وصدق رجائي لك وكذب خوفي منك وكن لي عند أحسن ظني بك يا أكرم الأكرمين.اللهم صل علي محمد وآل محمد وأيدني بالعصمة وانطق لساني بالحكمة واجعلني ممن يندم علي ما ضيعه في أمسه ولا يغبن حظه في يومه ولا يهتم لرزق غده اللهم إن الغني من استغني بك وافتقر إليك والفقير من استغني بخلقك عنك فصل علي محمد وآل محمد وأغنني عن خلقك بك واجعلني ممن لا يبسط كفاً إلا إليك اللهم إن الشقي من قنط وأمامه التوبة وورائه الرحمة وإن كنت ضعيف العمل فإني في رحمتك قوي الأمل فهب لي ضعف عملي لقوة أملي اللهم إن كنت تعلم ما في عبادك من هو أقسي قلباً مني وأعظم مني ذنباً فإني أعلم أنه لا مولي أعظم منك

طولاً وأوسع رحمة وعفواً فيا من هو أوحد في رحمته اغفر لمن ليس بأوحد في خطيئته اللهم إنك أمرتنا فعصينا ونهيت فما انتهينا وذكرت فتناسينا وبصرت فتعامينا وحذرت فتعدينا وما كان ذلك جزاء إحسانك إلينا وأنت أعلم بما أعلنا وأخفينا وأخبر بما نأتي وما أتينا فصل علي محمد وآل محمد ولا تؤاخذنا بما أخطأنا ونسينا وهب لنا حقوقك لدينا وأتم إحسانك إلينا وأسبل رحمتك علينا اللهم إنا نتوسل إليك بهذا الصديق الإمام ونسألك بالحق الذي جعلته له ولجده رسولك ولأبويه علي وفاطمة أهل بيت الرحمة أدرار الرزق الذي به قوام حياتنا وصلاح أحوال عيالنا فأنت الكريم الذي تعطي من سعة وتمنع من قدرة ونحن نسألك من الرزق ما يكون صلاحاً للدنيا وبلاغاً للآخرة اللهم صل علي محمد وآل محمد واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا برحمتك عذاب النار [490] .

ملحق الزيارات

اشاره

هناك زيارات مذكورة في (البحار) وغيره لم يرد علي صدورها عن صاحب الأمر (عليه السلام) ولكن قرائن عديدة ربما تدل علي صدورها منه (عليه السلام):1: إن رواتها من فطاحل العلماء أمثال الشيخ المفيد، والسيد ابن الطاووس، والشهيد السعيد - قدس الله أرواحهم - وغيرهم، ويستبعد جداً أن يخترع أمثال هؤلاء مثل هذه الزيارات المطولة [لمزيد من التحقيق يراجع ما نقلناه عن المحقق النوري (قدس الله سره) في أول الحقل الرابع (ملحق الأدعية)].2: لم تنسب هذه الزيارات إلي أحد من المعصومين (عليهم السلام) ولو كانت صادرة من أحدهم - غير الحجة (عليه السلام) - اقتضي الأمر أن تنسب إليه.3: لم تنقل هذه الزيارات عن روات عاشوا في حياة المعصومين (عليهم السلام) قبل الغيبتين

الصغري والكبري، ولو كانت لغير صاحب الأمر (عليه السلام) - لاتقفت العادة أن يرويها من عاشوا عصور باقي الأئمة (عليهم السلام).4: عبارات هذه الزيارات مشابهة لزيارات مروية عن المعصومين (عليهم السلام) خصوصاً لما ورد عن صاحب اللأمر (عليه السلام).فلهذه الأمور وغيرها أحببنا إيرادها، وفي نفس الوقت جعلناها في الملحق للإلفات إلي ذلك.

زيارة صاحب الأمر

السيد علي بن طاووس (قدس سره) في كتاب (مصباح الزائر) ص216 قال: إذا فرغت من زيارة العسكريين (عليهما السلام) فامض إلي السرداب المقدس وقف علي بابه وقل:...إلهي إني قد وقفت علي باب من بيوت نبيك محمد صلواتك عليه وآله، وقد منعت الناس من الدخول إلي بيوته إلا بإذنه، فقلت: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم)، اللهم وإني أعتقد حرمة نبيك في غيبته، كما أعتقد في حضرته، وأعلم أن رسلك وخلفاءك أحياء عندك يرزقون، فرحين، يرون مكاني ويسمعون كلامي ويردون سلامي علي، وأنك حجبت عن سمعي كلامهم وفتحت باب فهمي بلذيذ مناجاتهم فإني أستأذنك يا رب أولاً، وأستأذن رسولك صلواتك عليه وآله ثانياً وأستأذن خليفتك الإمام المفترض علي طاعته في الدخول في ساعتي هذه إلي بيته، وأستأذن ملائكتك الموكلين بهذه البقعة المباركة المطيعة لك السامعة، [ثالثاًًً] السلام عليكم أيتها الملائكة الموكلين بهذا المشهد الشريف المبارك ورحمة الله وبركاته.بإذن الله وإذن رسوله وإذن خلفائه وإذن هذا الإمام وبإذنكم صلوات الله عليكم أجمعين، أدخل هذا البيت متقرباً إلي الله بالله ورسوله محمد وآله الطاهرين فكونوا ملائكة الله أعواني، وكونوا أنصاري حتي أدخل هذا البيت، وأدعو الله بفنون الدعوات، وأعترف لله بالعبودية، ولهذا الإمام وآبائه صلوات الله عليهم بالطاعة [491] .(بسم الله وبالله، وفي سبيل الله، وعلي ملة رسول الله، أشهد

أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله).سلام الله [492] وبركاته تحياته وصلواته علي مولاي صاحب الزمان، صاحب الضياء والنور، والدين المأثور، واللواء المشهور، والكاتب المنشور، وصاحب الدهور والعصور، وخلف الحسن، الإمام المؤتمن، والقائم المعتمد، المنصور المؤيد، والكهف والعضد، وعماد الإسلام، وركن الأنام، ومفتاح الكلام، وولي الأحكام، وشمس الظلام، والبدر التمام، ونضرة الأيام، وصاحب الصمصام، وفلاّق الهام، والبحر القمقام، والسيد الهمام، وحجة الخصام، وباب المقام ليوم القيام والسلام علي مفرج الكربات، وخواض الغمرات، ومنفس الحسرات، وبقية الله في أرضه، وصاحب فرضه، وحجته علي خلقه، وعيبة عمله، وموضع صدقه، والمنتهي إليه مواريث الأنبياء، ولديه موجود آثار الأوصياء، وحجة الله وابن رسوله، والقيم مقامه، وولي أمر الله، ورحمة الله وبركاته.اللهم كما انتجبته لعلمك، واصطفيته لحكمك، وخصصته بمعرفتك، وجللته بكرامتك، وغشيته برحمتك، وربيته بنعمتك، وغذيته بحكمتك، واخترته لنفسك، واجتبيته لبأسك، وارتضيته لقدسك، وجعلته هادياً لمن شئت من خلقك، وديان الدين بعدلك، وفصل القضايا بين عبادك، ووعدته أن تجمع به الكلم، وتفرج به عن الأمم، وتنير بعدله الظلم، وتطفئ به نيران الظلم، وتقمع به حر الكفر وآثاره، وتطهر به بلادك، وتشفي به صدور عبادك، وتجمع به الممالك كلها، قريبها وبعيدها، عزيزها وذليلها، وشرقها وغربها، وسهلها وجبلها، صباها ودبورها، شمالها وجنوبها، برها وبحرها، حزونها ووعورها، يملأها قسطاً وعدلاً كما ملأت ظلماً وجوراً، وتمكن له فيها، وتنجز به وعد المؤمنين، حتي لا يشرك بك شيئاً، وحتي لا يبقي حق إلا ظهر، ولا عدل إلا زهر، وحتي لا يستخفي بشيء من الحق، مخافة أحد من الخلق.اللهم صل عليه صلاة تظهر بها حجته، وتوضح به بهجته، وترفع بها درجته، وتؤيد بها سلطانه، وتعظم بها برهانه، وتشرف بها

مكانه، وتعلي بها بنيانه، وتعز بها نصره، وترفع بها قدره، وتسمي بها ذكره، وتظهر بها كلمته وتكثر بها نصرته، وتعز بها دعوته، وتزيده بها إكراماً، وتجعله للمتقين إماماً، وتبلغه في هذا المكان، مثل هذا الأوان، وفي كل مكان وأوان، منا تحية وسلام، لا يبلي جديده، ولا يفني عديده.السلام عليك يا بقية الله في أرضه وبلاده، وحجته علي عباده، السلام عليك يا خلف السلف، السلام عليك يا صاحب الشرف، السلام عليك يا حجة المعبود، السلام عليك يا كلمة المحمود، السلام عليك يا شمس الشموس، السلام عليك يا مهدي الأرض، ومبين عين الفرض، السلام عليك يا مولاي يا صاحب الزمان والعالي الشأن، السلام عليك يا خاتم الأوصياء، ابن خاتم الأنبياء، السلام عليك يا معز الأولياء ومذل الأعداء، السلام عليك أيها الإمام الوحيد، والقائم الرشيد، السلام عليك أيها الإمام الفريد، السلام عليك أيها الإمام المنتظر، والحق المشتهر، السلام عليك أيها الإمام الولي المجتبي، والحق المنتهي، السلام عليك أيها الإمام المرتجي لإزالة الجور والعدوان، السلام عليك أيها الإمام المبيد، لأهل الفسوق والطغيان، السلام عليك أيها الإمام الهادم بنيان الشرك والنفاق، والحاصد فروع الغي والشقاق، السلام عليك أيها المدخر لتجديد الفرائض والسنن، السلام عليك يا طامس آثار الزيغ والأهواء، وقاطع حبائل الكذب والفتن والإمراء، السلام عليك أيها المؤمل لإحياء الدولة الشريفة، السلام عليك يا جامع الكلمة علي التقوي، السلام عليك يا باب الله، السلام عليك يا ثار الله، السلام عليك يا محيي معالم الدين وأهله، السلام عليك يا قاسم شوكة المعتدين، السلام عليك يا وجه الله الذي لا يهلك ولا يبلي إلي يوم الدين، السلام عليك يا ركن الإيمان، السلام عليك أيها السبب المتصل بين الأرض والسماء السلام عليك يا

صاحب الفتح وناشر راية الهدي، السلام عليك يا مؤلف شمل الصلاح والرضا، السلام عليك يا طالب آثار الأنبياء، وأبناء الأنبياء، والثائر بدم المقتول بكربلاء، السلام عليك أيها المنصور علي من اعتدي، السلام عليك أيها المضطر المجاب إذا دعا، السلام عليك يا بقية الخلائف، البر التقي الباقي لإزالة الجور والعدوان.السلام عليك يا بن النبي المصطفي، السلام عليك يا بن علي المرتضي. السلام عليك يا بن فاطمة الزهراء، السلام عليك يا بن خديجة الكبري، السلام عليك يا بن السادة المقربين، والقادة المتقين، السلام عليك يا بن النجباء الأكرمين، السلام عليك يا بن الأصفياء المهتدين، السلام عليك يا بن الهداة المهتدين، السلام عليك يا بن خيرة الخير، السلام عليك يا بن سادة البشر، السلام عليك يا بن الغطارفة الأكرمين والأطايب المطهرين، السلام عليك يا بن البررة المنتجبين، والخضارمة الأنجبين، السلام عليك يا بن الحجج المنيرة، والسراج المضيئة، السلام عليك يا بن الشهب الثاقبة، السلام عليك يا بن قواعد العلم، السلام عليك يا بن معادن الحلم، السلام عليك يا بن الكواكب الزاهرة، والنجوم الباهرة، السلام عليك يا بن الشموس الطالعة، السلام عليك يا بن الأقمار الساطعة، السلام عليك يا بن السبل الواضحة والأعلام اللائحة، السلام عليك يا بن السنن المشهورة، السلام عليك يا بن المعالم المأثورة، السلام عليك يا بن الشواهد المشهودة والمعجزات الموجودة، السلام عليك يا بن الصراط المستقيم، والنبأ العظيم، السلام عليك يا بن الآيات البينات، والدلائل الظاهرات، السلام عليك يا بن البراهين الواضحات، السلام عليك يا بن الحجج البالغات، والنعم السابغات، السلام عليك يا بن طه المحكمات، وياسين الذريات، والطور والعاديات. السلام عليك يا بن من دنا فتدلي، فكان قاب قوسين أو أدني، واقترب من العلي

الأعلي، ليت شعري أين استقرت بك النوي، أم بأي وادي طوي، عزيز علي أن تري الخلق ولا تري، ولا يسمع لك حسيس ولا نجوي، عزيز علي أن تحيط بك الأعداء، بنفسي أنت من مغيب ما غاب عنا، بنفسي أنت من نازح ما نزح عنا، ونحن نقول الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله أجمعين.زيارة ثانية لصاحب الأمر [493] .سلام الله الكامل التام، الشامل العام، وصلواته وبركاته الدائمة، علي حجة الله ووليه في أرضه وبلاده، وخليفته في خلقه وعباده، وسلالة النبوة، وبقية العترة والصفوة، وصاحب الزمان، ومظهر الإيمان، ومعلن أحكام القرآن، ومطهر الأرض، وناشر العدل في الطول والعرض، والحجة القائم المهدي، والإمام المنتظر المرتضي، الطاهر ابن الأئمة المعصومين، السلام عليك يا وارث علم النبيين، ومستودع حكم الوصيين، السلام عليك يا عصمة الدين، السلام عليك يا معز المؤمنين المستضعفين، السلام عليك يا مذل الكافرين المتكبرين.السلام عليك يا مولاي صاحب الزمان، يا بن رسول الله، السلام عليك يا بن أمير المؤمنين، السلام عليك يا بن فاطمة الزهراء، سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا بن الأئمة الحجج علي الخلق أجمعين، السلام عليك يا مولاي سلام مخلص لك في الولاء، أشهد أنك الإمام المهدي قولاً وفعلاً، وأنك الذي تملأ الأرض قسطاً وعدلاً، عجل الله فرجك، وسهل مخرجك، وقرب زمانك، وكثر أنصارك وأعوانك، وأنجز لك وعدك، فهو أصدق القائلين (ونريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) يا مولاي حاجتي كذا وكذا فاشفع لي إلي ربك في نجاحها [494] .زيارة ثالثة لصاحب الأمر [495] .السلام عليك يا خليفة الله في أرضه، وخليفة رسوله وآبائه الأئمة المعصومين المهتدين، السلام عليك يا حافظ أسرار رب العالمين، السلام

عليك يا وارث علم المرسلين، السلام عليك يا بقية الله في الصفوة المنتجبين، السلام عليك يا بن الأنوار الزاهرة، السلام عليك يا بن الأشباح الباهرة، السلام عليك يا بن الصور النيرة الطاهرة، السلام عليك يا وارث كنز العلوم الإلهية، السلام عليك يا حافظ مكنون الأسرار الربانية، السلام عليك يا من خضعت له الأنوار المجدية، السلام عليك يا باب الله الذي لا يؤتي إلا منه، السلام عليك يا سبيل الله الذي من سلك غيره هلك، السلام عليك يا حجاب الله الأزلي القديم، السلام عليك يا بن شجرة طوبي وسدرة المنتهي، السلام عليك يا نور الله الذي لا يُطفأ، السلام عليك يا حجة الله التي لا تخفي، السلام عليك يا لسان الله المعبر عنه، السلام عليك يا وجه الله المتقلب بين أظهر عباده، سلام من عرفك بما تعرفت به إليه، ونعتك ببعض نعوتك التي أنت أهلها وفوقها.أشهد أنك الحجة علي من مضي ومن بقي، وأن حزبك هم الغالبون، وأولياءك هم الفائزون، وأعداءك هم الخاسرون، وأنك حائز كل علم، وفاتق كل رتق، ومحقق كل حق، ومبطل كل باطل، وسابق لا يلحق، رضيت بك يا مولاي إماماً هادياً، وولياً مرشداً، لا أبتغي بك بدلاً، ولا أتخذ من دونك ولياً، وأنك الحق الثابت الذي لا ريب فيه، لا ارتاب ولا أغتاب لأمد الغيبة، ولا أتحير لطول المدة، وأن وعد الله بك حق، ونصرته لدينه بك صدق، طوبي لمن سعد بولايتك، وويل لمن شقي بجحودك وأنت الشافع المطاع الذي لا يدافع، ذخرك الله سبحانه لنصرة الدين، وإعزاز المؤمنين، والانتقام من الجاحدين، الأعمال موقوفة علي ولايتك، والقوال معتبرة بإمامتك، من جاء بولايتك واعترف بإمامتك قبلت أعماله، وصدقت أقواله، وتضاعف له الحسنات، وتمحي

عنه السيئات، ومن زل عن معرفتك، واستبدل بك غيرك، أكبه الله علي منخريه في النار، ولم يقبل له عملاً، ولم يقم له يوم القيامة وزناً.أشهد يا مولاي أن مقالي ظاهرة كباطنه، وسره كعلانيته، وأنت الشاهد علي بذلك وهو عهدي إليك، وميثاقي المعهود لديك إذ أنت نظام الدين، وعز الموحدين، ويعسوب المتقين، وبذلك أمرني فيك رب العالمين.فلو تطاولت الدهور وتمادت الأعصار، لم أزدد بك إلا يقيناً، ولك إلا حباً، وعليك إلا اعتماداً، ولظهورك إلا توقعاً، ومرابطة بنفسي ومالي وجميع ما أنعم به علي ربي، فإن أدركت أيامك الزاهرة، وأعلامك الظاهرة ودولتك القاهرة، فعبد من عبيدك، معترف بحقك، متصرف بين أمرك ونهيك، أرجو بطاعتك الشهادتين بين يديك، وبولايتك السعادة فيما لديك، وإن أدركني الموت قبل ظهورك فأتوسل بك إلي الله سبحانه أن يصلي علي محمد وآل محمد، وأن يجعل لي كرة في ظهورك، ورجعة في أيامك، لأبلغ من طاعتك مرادي، وأشفي من أعدائك فؤادي، يا مولاي وقفت في زيارتي إياك موقف الخاطئين، المستغفرين النادمين. أقول: عملت سوءاً وظلمت نفسي، وعلي شفاعتك يا مولاي متكلي ومعولي، وأنت ركني وثقتي، ووسيلتي إلي ربي، وحسبي بك ولياً ومولي وشفيعاً، والحمد لله الذي هداني لولايتك، وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله حمداً يقتضي ثبات النعمة، وشكراً يوجب المزيد من فضله، والسلام عليك يا مولاي وعلي آبائك وإلي الأئمة المهتدين، ورحمة الله وبركاته، وعلي منكم السلام [496] .زيارة رابعة لصاحب الأمر [497] .السلام علي الحق الجديد، والعالم الذي علمه لا يبيد، السلام علي محيي المؤمنين، ومبيد الكافرين، السلام علي مهدي الأمم، السلام علي خلف السلف، وصاحب الشرف، السلام علي حجة المعبود، وكلمة المحمود، السلام علي معز الأولياء، ومذل الأعداء، السلام علي

وارث الأنبياء، وخاتم الأوصياء، السلام علي القائم المنتظر، والعدل المشتهر، السلام علي السيف الشاهر، والقمر الزاهر، والنور الباهر، السلام علي شمس الظلام، وبدر التمام، السلام علي ربيع الأنام، ونضرة الأيام، السلام علي صاحب الصمصام، وفلاق الهام، السلام علي صاحب الدين المأثور، والكتاب المسطور، السلام علي بقية الله في بلاده، وحجته علي عباده، المنتهي إليه مواريث الأنبياء، ولديه موجود آثار الأصفياء، المؤتمن علي السر، والوالي للأمر. السلام علي المهدي، الذي وعد الله عز وجل به الأمم، أن يجمع به الكلم، ويلم به الشعث، ويملأ به الأرض قسطاً وعدلاً ويمكّن له، وينجز به وعد المؤمنين، أشهد يا مولاي أنك والأئمة من آبائك، أئمتي وموالي، في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، أسألك يا مولي أن تسأل الله تبارك وتعالي في صلاح شأني، وقضاء حوائجي وغفران ذنوبي، والأخذ بيدي في ديني ودنياي وآخرتي لي ولإخواني وأخواتي والمؤمنين والمؤمنات كافة، إنه غفور رحيم [498] .اللهم صل علي حجتك في أرضك، وخليفتك في بلادك، الداعي إلي سبيلك، والقائم بقسطك، والفائز بأمرك، ولي المؤمنين، ومبير الكافرين، ومجلي الظلمة، ومنير الحق، والصادع بالحكمة، والموعظة الحسنة والصدق، وكلمتك وعيبتك وعينك في أرضك، المترقب الخائف، الولي الناصح، سفينة النجاة وعلم الهدي، ونور أبصار الوري، وخير من تقمص وارتدي، والوتر الموتور، ومفرج الكرب، ومزيل الهم، وكاشف البلوي، صلوات الله عليه وعلي آبائه الهادين، والقادة الميامين، ما طلعت كواكب الأسحار، وأورقت الأشجار، وأينعت الأثمار، واختلف الليل والنهار، وغردت الأطيار.اللهم انفعنا بحبه، واحشرنا في زمرته، إله الحق آمين رب العالمين (الصلاة عليه صلي الله عليه): اللهم صل علي محمد وأهل بيته، وصل علي ولي الحسن ووصيه ووارثه، القائم بأمرك، والغائب في خلقك، والمنتظر إذنك.اللهم صل عليه وقرب بعده،

وأنجز وعده، وأوفي عهده، واكشف عن بؤسه حجاب الغيبة، وأظهر بظهوره صحائف المحنة، وقد أمامه الرعب، وثبت به القلب، وأقم به الحرب، وأيده بجند من ملائكة مسومين، وسلطه علي أعداء دينك أجمعين، وألهمه أن لا يدع منهم ركناً إلا هده، ولا هاماً إلا قده، ولا كيداً إلا رده، ولا فاسقاً إلا حده، ولا فرعون إلا أهلكه، ولا ستراً إلا هتكه، ولا علماً إلا نكسه، ولا سلطاناً إلا كبسه، ولا رمحاً إلا قصفه، ولا مطرداً إلا خرقه، ولا جنداً إلا فرقه، ولا منبراً إلا أحرقه، ولا سيفاً إلا كسره، ولا صنماً إلا رضّه، ولا دماً إلا أراقه، ولا جوراً إلا أباده، ولا حصناً إلا هدمه، ولا باباً إلا ردمه، ولا قصراً إلا أخربه، ولا مسكناً إلا فتشه، ولا سهلاً إلا أوطنه، ولا جبلاً إلا صعده، ولا كنزاً إلا أخرجه، برحمتك يا أرحم الراحمين.زيارة خامسة للإمام المهدي [499] .الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، ولله الحمد، الحمد لله الذي هدانا لهذا، وعرفنا أولياءه وأعداءه، ووفقنا لزيارة أئمتنا ولم يجعلنا من المعاندين الناصبين، ولا من الغلاة المفوضين، ولا من المرتابين المقصرين، السلام علي ولي الله وابن أوليائه، السلام علي المدخر لكرامة أولياء الله وبوار أعدائه، السلام علي النور الذي أراد أهل الكفر إطفاءه، فأبي الله إلا أن يتم نوره بكرههم وأيده بالحياة حتي يظهر علي يده الحق بكرههم وأيده بالحياة حتي يظهر علي يده الحق برغمهم، أشهد أن الله اصطفاك صغيراً وأكمل لك علومه كبيراً، وأنك حي لا تموت حتي تبطل الجبت والطاغوت.اللهم صل عليه وعلي خدامه وأعوانه، علي غيبته ونأيه، واستره ستراً عزيزاً، واجعل له معقلاً حريزاً، واشدد اللهم وطأتك علي معاندته، واحرس

مواليه وزائريه، اللهم كما جعلت قلبي بذكره معموراً، فاجعل سلاحي بنصرته مشهوراً، وإن حال بيني وبين لقائه الموت الذي جعلته علي عبادك حتماً، وأقدرت به علي خليقتك رغماً، فابعثني عند خروجه، ظاهراً من حفرتي، مؤتزراً كفني، حتي أجاهد بين يديه، في الصف الذي أثنيت علي أهله في كتابك، فقلت: (كأنهم بنيان مرصوص).اللهم طال الانتظار وشمت بنا الفجار، وصعب علينا الانتظار، اللهم أرنا وجه وليك الميمون، في حياتنا وبعد المنون، اللهم إني أدين لك بالرجعة، بين يدي صاحب هذه الرقعة، الغوث الغوث الغوث، يا صاحب الزمان، قطعت في وصلتك الخلان، وهجرت لزيارتك الأوطان، وأخفيت أمري عن أهل البلدان لتكون شفيعاً عند ربك وربي، وإلي آبائك وموالي في حسن التوفيق لي، وإسباغ النعمة علي، وسوق الإحسان إلي.اللهم صل علي محمد وآل محمد، أصحاب الحق، وقادة الخلق، واستجب مني ما دعوتك، وأعطني ما لم أنطق به في دعائي، من صلاح ديني ودنياي، إنك حميدٌ مجيد، وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين [500] .اللهم عبدك الزائر في فناء وليك المزور، الذي فرضت طاعته علي العبيد والأحرار، أنقذت به أولياءك من عذاب النار، اللهم اجعلها زيارة مقبولة ذات دعاء مستجاب من مصدق بوليك غير مرتاب، اللهم لا تجعله آخر العهد به ولا بزيارته، ولا تقطع أثري من مشهده، وزيارة أبيه وجده، اللهم اخلف علي نفقتي، وانفعني بما رزقتني، في دنياي وآخرتي لي ولإخواني وأبوي وجميع عترتي، أستودعك الله أيها الإمام الذي تفوز به المؤمنين، ويهلك علي يديه الكافرين المكذبين.استئذان السرداب المقدس [501] .اللهم إن هذه بقعة طهرتها وعقوة شرفتها، ومعالم زكيتها، حيث أظهرت فيها أدلة التوحيد، وأشباح العرش المجيد، الذين اصطفيتهم ملوكاً لحفظ النظام، واخترتهم رؤساء لجميع الأنام وبعثتهم لقيام

القسط في ابتداء الوجود إلي يوم القيامة، ثم مننت عليهم باستنابة أنبيائك لحفظ شرائعك وأحكامك، فأكملت باستخلافهم زيارة المنذرين كما أوجبت رياستهم في فطر المكلفين. فسبحانك من إله ما أرأفك، ولا إله إلا أنت من ملك ما أعدلك، حيث طابق صنعك ما فطرت عليه العقول، ووافق حكمك ما قررته في المعقول والمنقول فلك الحمد علي تقديرك الحسن الجميل، ولك الشكر علي قضائك المعلل بأكمل التعليل، فسبحان من لا يسأل عن فعله ولا ينازع في أمره، وسبحان من كتب علي نفسه الرحمة قبل ابتداء خلقه، والحمد لله الذي من علينا بحكام يقومون مقامه لو كان حاضراً في المكان، ولا إله إلا الله الذي شرفنا بأوصياء يحفظون الشرائع في كل الأزمان، والله أكبر الذي أظهرهم لنا بمعجزات يعجز عنها الثقلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الذي أجرانا علي عوائده الجميلة في الأمم السالفين.اللهم فلك الحمد والثناء العلي، كما وجب لوجهك البقاء السرمدي وكما جعلت نبينا خير النبيين، وملوكنا أفضل المخلوقين، واخترتهم علي علم علي العالمين، وفقنا للسعي إلي أبوابهم العامرة إلي يوم الدين، واجعل أرواحنا تحن إلي مواطن أقدامهم، ونفوسنا تهوي النظر إلي مجالسهم وعرصاتهم، حتي كأننا نخاطبهم في حضور أشخاصهم. فصلي الله عليهم من سادة غائبين، ومن سلالة طاهرين، ومن أئمة معصومين.اللهم فأذن لنا بدخول هذه العرصات، التي استعبدت بزيارتها أهل الأرضين والسماوات، وأرسل دموعنا بخشوع المهابة، وذلل جوارحنا بذل العبودية، وفرض الطاعة، حتي نقر بما يجب لهم من الأوصاف، ونعترف بأنهم شفعاء الخلائق إذا نصبت الموازين في يوم الأعراف، والحمد لله وسلام علي عباده الذين اصطفي محمد وآله الطاهرين [502] .زيارة سادسة للإمام المهدي [503] .السلام عليك يا خليفة الله وخليفة آبائه

المهديين، السلام عليك يا وصي الأنبياء الماضين، السلام عليك يا حافظ أسرار رب العالمين، السلام عليك يا بقية الله من الصفوة المنتجبين، السلام عليك يا بن الأنوار الزاهرة، السلام عليك يا بن الأعلام الباهرة، السلام عليك يا بن العترة الطاهرة، السلام عليك يا معدن العلوم النبوية، السلام عليك يا باب الله الذي لا يؤتي إلا منه، السلام عليك يا سبيل الله الذي من سلك غيره هلك، السلام عليك يا ناظر شجرة طوبي، وسدرة المنتهي، السلام عليك يا نور الله الذي لا يطفأ، السلام عليك يا حجة الله التي لا تخفي، السلام عليك يا حجة الله علي من في الأرض والسماء. السلام عليك سلام من عرفك بما عرفك به الله، ونعتك ببعض نعوتك التي أنت أهلها وفوقها، أشهد أنك الحجة علي من مضي ومن بقي، وأن حزبك هم الغالبون، وأولياءك هم الفائزون وأعداءك هم الخاسرون، وأنك خازن كل علم، وفاتق كل رتق، ومحقق كل حق، ومبطل كل باطل، رضيتك يا مولاي إماماً وهادياً وولياً ومرشداً لا أبتغي بك بدلاً، ولا أتخذ من دونك ولياً.أشهد أنك الحق الثابت الذي لا عيب فيه، وأن وعد الله فيك حق لا أرتاب لطول الغيبة، وبعد الأمد، ولا أتحير مع من جهلك وجهل بك، منتظر متوقع لأيامك، وأنت الشافع الذي لا تنازع والولي الذي لا تدافع، ذخرك الله لنصرة الدين، وإعزاز المؤمنين والانتقام من الجاحدين المارقين. أشهد أن بولايتك تقبل الأعمال، وتزكي الأفعال، وتضاعف الحسنات وتمحي السيئات، فمن جاء بولايتك واعترف بإمامتك قبلت أعماله، وصدقت أقواله وتضاعفت حسناته، ومحيت سيئاته، ومن عدل عن ولايتك، وجهل معرفتك، واستبدل بك غيرك، أكبه الله علي منخره في النار، ولم يقبل الله له عملاً، ولم

يقم له يوم القيامة وزناً.أشهد الله وأشهد ملائكته وأشهدك يا مولاي بهذا، ظاهره وباطنه، وسره كعلانيته، وأنت الشاهد علي ذلك، وهو عهدي إليك، وميثاقي لديك، إذ أنت نظام الدين، ويعسوب المتقين، وعز الموحدين، وبذلك أمرني رب العالمين، فلو تطاولت الدهور، وتمادت الأعمار، لم أزدد فيك إلا يقيناً، ولك إلا حباً، وعليك إلا متكلاً ومعتمداً، ولظهورك إلا متوقعاً ومنتظراً، ولجهادي بين يديك مترقباً، فأبذل نفسي ومالي وولدي وأهلي وجميع ما خولني ربي بين يديك، والتصرف بين أمرك ونهيك مولاي.فإن أدركت أيامك الزاهرة، وأعلامك الباهرة، فها ذا أنا عبدك المتصرف بين أمرك ونهيك، أرجو به الشهادة بين يديك، والفوز لديك، مولاي فإن أدركني الموت قبل ظهورك، فإني أتوسل بك وبآبائك الطاهرين إلي الله تعالي، وأسأله أن يصلي علي محمد وآل محمد، وأن يجعل لي كرة في ظهورك، ورجعة في أيامك، لأبلغ من طاعتك مرادي، وأشفي من أعدائك فؤادي، مولاي وقفت في زيارتك موقف الخاطئين، النادمين الخائفين، من عقاب رب العالمين، وقد اتكلت علي شفاعتك، ورجوت بموالاتك وشفاعتك محو ذنوبي، وستر عيوبي، ومغفرة زللي، فكن لوليك يا مولاي عند تحقيق أمله، وأسأل الله غفران زل_له، فقد تعلق بحبلك، وتمسك بولايتك، وتبرأ من أعدائك.اللهم صل علي محمد وآله، وأنجز لوليك ما وعدته، اللهم أظهر كلمته، وأعل دعوته، وانصره علي عدوه وعدوك يا رب العالمين، اللهم صل علي محمد وآل محمد، وأظهر كلمتك التامة، ومغيبك في أرضك الخائف المترقب، اللهم انصره نصراً عزيزاً، وافتح له فتحاً قريباً يسيراً.اللهم وأعز به الدين بعد الخمول، وأطلع به الحق بعد الأفول، وأجل بل الظلمة، واكشف به الغمة، اللهم وآمن به البلاد، واهد به العباد، اللهم املأ به الأرض عدلاً وقسطاً، كما ملئت ظلماً

وجوراً، إنك سميع مجيب، السلام عليك يا ولي الله ائذن لوليك في الدخول إلي حرمك، صلوات الله عليك وعلي آبائك الطاهرين، ورحمة الله وبركاته [504] .

المنوعات

مع إبراهيم بن مهزيار

الشيخ الصدوق (قدس سره) (في كمال الدين) ج2 ص121 عن ابن المتوكل، عن الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار - وذكر قصة طويلة في بحثه عن صاحب الأمر (عليه السلام) - بعد وفاة أبيه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، حتي لقي صاحب الأمر (عليه السلام) ووصفه فيما وصفه - بأنه ناصع اللون، واضح الجبين، أبلج الحاجب، مسنون الخدين، أقني الأنف، أشم أروع كأنه غصن بان، وكأن صفحه غرته كوكب دري، بخده الأيمن خال، كأنه فتاتة مسك علي بياض الفضة، فإذا برأسه وفرة سحماء سبطة، تطالع شحمة أذنه، له سمت ما رأت العيون أقصد منه، ولا أعرف حسناً وسكينة وحياءً.فلما مثل لي أسرعت إلي تلقيه، فأكببت عليه ألثم كل جارحة منه، فقال لي: مرحباً بك يا أبا إسحاق، لقد كانت الأيام تعدني وشك لقائك، والمعاتب بيني وبينك علي تشاحط الدار، وتراخي المزار تتخيل لي صورتك حتي كأن لم نخل طرفة عين عن طيب المحادثة وخيال المشاهدة وأنا أحمد الله ربي ولي الحمد علي ما قيض لي من التلاقي، ورفه من كربة التنازع والاستشراف.ثم سألني: عن إخواني متقدمه ومتأخرهم فقلت: بأبي أنت وأمي ما زلت أفحص عن أمرك بلداً فبلداً منذ استأثر الله بسيدي أبي محمد (عليه السلام) فاستغلق علي ذلك حتي من الله علي بمن أرشدني إليك ودلني عليك، والشكر لله علي ما أودعني فيك من كريم اليد والطول.وهنا ملاحظات يستحب منا الإلفات إليها:(الأولي) إبراهيم بن مهزيار هذا هو والد علي بن إبراهيم بن مهزيار، الذي ذكرنا له قصة أخري مع

صاحب الأمر (عليه السلام)، وحديثاً بينهما، وكلاهما - الأب والابن - وكيلان للناحية المقدسة، وهما وعائلتهما من العوائل الجليلة عند أهل البيت (عليهم السلام) وعند الشيعة، وفيهم علماء وأتقياء.(الثانية) استقرب البعض اتحاد هذه الرواية مع رواية علي بن إبراهيم بن مهزيار، لكنه في غير محله، إذ أن الأب والابن كلاهما وكيلان للناحية المقدسة، فما المانع في أن يكون كل واحد منهما قد تشرف بمكالمة ولقاء صاحب الأمر (عليه السلام)؟وموافقة بعض الخصوصيات - لكونهما في مكة، ومنها إلي الطائف وغير ذلك - لا تكون قرينة علي اتحاد القضية، إذ هناك فوارق كثيرة أخري بينهما.(الثالثة) نذكر فيما يلي تفسير بعض الكلمات الواردة:(ناصع) خالص، (أبلج) عدم مزج الحاجبين، بل الفصل بينهما، (مسنون) أي: غير منتفخ، (أشم أروع) ممدود الأنف امتداداً رائعاً نضراً، (بان) شجر رائع القوام يضرب به المثل في الطول والاستواء، (غرته) أي: وجهه، (فتاتة مسك) قطعة مسك، والمسك طيب أسود اللون يضرب به المثل، (وفرة) كثرة من الشعر، (سحماء) سوداء (سبطة) - بكسر وفتح الباء - مترسلة غير متجعدة، (تطالع شحمة أذنه) أي: متدلية إلي شحمة الأذن، (سمت) هيئة أهل الخير، (أقصد) أحسن، (وحياءً) أي: منه.(ألثم) أقبل (وشك) قرب (المعاتب) وقت الرضا (تشاحط) تباعد.(قيض) هيأ (التنازع) الاشتياق.(استأثر الله) اختار الله لنفسه (والطول) المنة.إن أبي (صلي الله عليه) عهد إلي أن لا أوطّن من الأرض إلا أخفاها وأقصاها [505] إسراراً لأمري، وتحصيناً لمحلي من مكائد أهل الضلال والمردة من أحداث الأمم الضوال [506] فنبذني إلي عيالة الرمال [507] ، وجبت حرائم الأرض [508] ، تنظرني الغاية التي عندها يحل الأمر، وينجلي الهلع [509] .وكان (صلوات الله عليه) أنبط [510] لي من خزائن الحكم وكوامن العلوم ما إن

أشعّت إليك منه جزاءً أغناك عن الجملة.اعلم يا أبا إسحاق أنه قال (صلوات الله عليه): يا بني إن الله جل ثناؤه لم يكن ليخلي أطباق أرضه، وأهل الجد في طاعته وعبادته، بلا حجة يستعلي بها، وإمام يؤتم به، ويقتدي بسبل سننه ومنهاج قصده، وأرجو يا بني أن تكون أحد من أعده الله لنشر الحق وطي الباطل، وإعلاء الدين وإطفاء الضلال، فعليك يا بني بلزوم خوافي الأرض، وتتبع أقاصيها، فإن لكل ولي من أولياء الله عز وجل عدواً مقارعاً، وضداً منازعاً افتراضاً لمجاهدة أهل نفاقه وخلافه، أولي الإلحاد والعناد فلا يوحشنك ذلك [511] .واعلم: أن قلوب أهل الطاعة والإخلاص نُزّع إليك مثل الطير إذا أمّت أوكارها. وهم معشر يطلعون بمخائل الذلة والاستكانة، وهم عند الله بررة أعزاء، يبرزون بأنفس مختلة محتاجة وهم أهل الطاعة والاعتصام، استنبطوا الدين فوازروه علي مجاهد الأضداد، حفهم الله باحتمال الضيم ليشملهم باتساع العز في دار القرار، وجبلهم علي خلائق الصبر لتكون لهم العاقبة الحسني وكرامة حسن العقبي [512] .فاقتبس يا بني نور الصبر علي موارد أمورك، تفز بدرك الصنع في مصادرها، واستشعر العزة فيما ينوبك تحظ بما تحمد عليه إن شاء الله.فكأنك يا بني بتأييد [513] نصر الله قد آن وتيسير الفلح وعلو الكعب قد حان وكأنك بالرايات الصفر والأعلام البيض تخفق علي أثناء أعطافك ما بين الحطيم وزمزم، وكأنك بترادف البيعة وتصافي الولاء يتناظم عليك تناظم الدر في مثاني العقود، وتصافق الأكف علي جنبات الحجر الأسود، تلوذ بفنائك من ملأ برأهم الله من طهارة الولاء ونفاسة التربة، مقدسة قلوبهم من دنس النفاق مهذبة أفئدتهم من رجس الشقاق لينة عرائكم للدين، خشنة ضرائبهم عق العدوان واضحة بالقبول أوجههم، نظرة بالفضل عيدانهم،

يدينون بدين الحق وأهله [514] .فإذا اشتدت أركانهم وتقومت أعمالهم قدّت بمكاثفتهم، طبقات الأمم إذ تبعتك في ظلال شجرة، دوحة بسقت أفنان غصونها علي حافات بحيرة الطبرية [515] .فعندها يتلألأ صبح الحق، وينجلي ظلام الباطل، ويقسم الله بك الطغيان ويعيد معالم الإيمان، ويظهر بك أسقام الآفاق، وسلام الرفاق، يود الطفل في المهد لو استطاع إليك نهوضاً، وتواسط الوحش لو تجد نحوك مجازاً [516] .تهتز بك أطراف الدنيا بهجة وتهز بك أغصان العز نضرة، وتستقر بواني العز في قرارها، وتؤوب شوارد الدين إلي أوكارها، يتهاطل عليك سحائب الظفر فتخنق كل عدو، وتنصر كل ولي، فلا يبقي علي وجه الأرض جبار قاسط، ولا جاحد غامط، ولا شانئ مبغض، ولا معاند كاشح [517] (ومن يتوكل علي الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا) [518] .ثم قال (عليه السلام): يا أبا إسحاق ليكن مجلسي هذا عندك مكتوماً، إلا عن أهل الصدق والأخوة الصادقة في الدين، إذا بدت لك أمارات الظهور والتمكين فلا تبطئ بإخوانك عنا وبأهل المسارعة إلي منار اليقين [519] وضياء مصابيح الدين تلق رشداً إن شاء الله.قال إبراهيم بن مهزيار:... فلما أزف [520] ارتحالي وتهيأ اعتزام نفسي غدوت عليه مودعاً ومجدداً للعهد وعرضت عليه مالاً كان معي يزيد علي خمسين ألف درهم وسألته أن يتفضل بالأمر بقبوله مني فابتسم (عليه السلام) وقال:يا أبا إسحاق استعن به علي منصرفك فإن الشقة قذفة، وفلوات الأرض أمامك جمة، ولا تحزن لإعراضنا عنه فإنا قد أحدثنا لك شكره ونشره، وأربضناه عندنا بالتذكرة وقبول المنة، فتبارك الله لك فيما خولك، وأدام لك ما نولك وكتب لك أحسن ثواب المحسنين، وأكرم آثار الطائعين، فإن الفضل له ومنه

[521] .واسأل الله أن يردك إلي أصحابك بأوفر الحظ من سلامة الأوبة، وأكناف الغبطة، بلين المنصرف، ولا أوعث الله لك سبيلاً، ولا حيرك دليلاً، واستودعه نفسك وديعة لا تضيع ولا تزول بمنه ولطفه إن شاء الله [522] .يا أبا إسحاق إن الله قنعنا بعوائد إحسانه، وفوائد امتنانه وصان أنفسنا عن معاونة أوليائه إلا عن الإخلاص في النية وإمحاض النصيحة، والمحافظة علي ما هو أتقي وأبقي وأرفع ذكراً [523] .قال [إبراهيم بن مهزيار]: فأقفلت عنه حامداً لله عز وجل علي ما هداني وأرشدني...

من يختار الأنبياء و الأوصياء

(أ): الاحتجاج أبو منصور: أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ج2 ص267 - 274.(أ): الاحتجاج أبو منصور: أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ج2 ص267 - 274.(ب): كمال الدين وتمام النعمة - أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي الصدوق عن محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي الكرماني عن أبي عباس أحمد بن عيسي الوشاء البغدادي عن أحمد بن طاهر القمي عن محمد بن بحر بن سهيل الشيباني عن أحمد بن مسرور عن سعد بن عبد الله القمي.(ج): إلزام الناصب - الشيخ علي اليزدي الحائري ج1 ص343 - 347. في رواية طويلة أن سعد بن عبد الله القمي الأشعري دخل في نقاش حاد مع بعض خصومه... قال: فرجعت عن هذا الخصم علي حال ينقطع كبدي.فأخذت طوماراً وأثبت في نيفاً وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيباً علي أن أسأل فيها خير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمد (عليه السلام) فارتحلت خلفه وقد كان خرج قاصداً نحو مولانا بسر من رأي فلحقته في المناهل فلما تصافحنا قال: بخير لحاقك بي؟

قلت: الشوق ثم العادة في الأسئلة.قال: قد تكافينا هذه اللحظة الواحدة فقد برح بي العزم إلي لقاء مولانا أبي محمد وأريد أن أسأله عن معاضل في التأويل ومشاكل في التنزيل، فدونكها الصحبة المباركة فإنها تقف بك علي ضفة بحر لا تنقضي عجائبه ولا تفني غرائبه، وهو إمامنا، فوردنا سر من رأي فانتهينا منها إلي باب سيدنا فاستأذنا فخرج الإذن بالدخول عليه وكان علي عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطاه بكساء طبري فيه ستون ومائة صرة من الدنانير والدراهم علي كل صرة منها ختم صاحبها.قال سعد: فما شبهت مولانا أبا محمد حين غشينا نور وجهه إلا بدراً قد استوفي من لياليه أربعاً بعد عشر، وعلي فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر، وعلي رأسه ذؤابتان.فأخرج أحمد بن إسحاق [524] جرابه من طي كسائه، فوضعه بين يديه فنظر العسكري [525] إلي الغلام وقال له:يا بني فض الخاتم عن هدايا شيعتك [526] .فقال (عجل الله فرجه): يا مولاي أيجوز أن أمد يداً طاهرة إلي هدايا بخسة وأموال رجسة؟فقال مولاي (عليه السلام): يا بن إسحاق استخرج ما في الجراب ليميز بين الحلال والحرام منها.فأول صرة بدأ أحمد بإخراجها.قال الغلام (عجل الله فرجه): هذه لفلان بن فلان من محلة (كذا) بقم تشتمل علي اثنين وسبعين ديناراً فيها من ثمن حجرة باعها صاحبها، وكانت إرثاً له من أخيه خمسة وأربعون ديناراً، ومن عثمان تسعة أثواب أربعة عشر ديناراً، وفيها من أجرة حوانيت ثلاثة عشر ديناراً.فقال مولانا (عليه السلام): صدقت يا بني دل الرجل علي الحرام منها.فقال (عجل الله فرجه): فتش علي دينار رازي السكة تاريخه سنة (كذا) قد انطمس من نصف إحدي صفحتيه نقشه، وقراضه [527] آملية وزنها ربع

دينار، والعلة في تحريمها أن صاحب هذه الجملة وزن في شهر (كذا) من سنة (كذا) علي حائك من جيرانه من الغزل مناً [528] وربع مَنّ فاتت علي ذلك مدة فسرق الغزل سارق فأخبر به الحائك صاحبه فكذبه واسترد منه بدل ذلك منّاً ونصف من غزل أدق مما كان دفعه إليه واتخذ من ذلك ثوباً كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه [529] .فلما فتح أحمد رأس الصرة صادفته رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقداره علي حسب ما قال (عجل الله فرجه) واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة ثم أخرج صرة أخري.فقال الغلام (عجل الله فرجه): هذه لفلان بن فلان من محلة (كذا) بقم، تشتمل علي خمسين ديناراً لا يحل لنا مسها.قال: وكيف ذلك؟قال (عجل الله فرجه): لأنها ثمن حنطة خان صاحبها علي أكّاره [530] في المقاسمة [531] وذلك أنه قبض حصته منها بكيل واف وكال ما خص الأكّار بكيل بخس.فقال مولانا (عليه السلام): صدقت يا بني.ثم قال (عجل الله فرجه): يا ابن إسحاق احملها بأجمعها لتردها أو توصي بردها علي أربابها [532] فلا حاجة لنا في شيء منها، وأتنا بثوب العجوز.قال أحمد: وكان ذلك الثوب في حقيبة لي نسيتها، فلما انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إلي مولاي أبو محمد (عليه السلام) فقال:ما جاء بك يا سعد؟فقلت: شوقني أحمد بن إسحاق إلي لقاء مولانا.قال (عليه السلام): فالمسائل التي أردت أن تس_أل عنها؟قلت: علي حالها يا مولاي.قال (عليه السلام): فسل قرة عيني- وأومأ إلي الغلام- عما بدا لك منها.قلت فأخبرني عن الفاحشة المبينة [533] التي إذا أتت المرأة بها في أيام عدتها حل للزوج أن يخرجها من بيته [534] .قال (عجل الله فرجه): الفاحشة

المبينة هي السحق [535] وليست بالزنا، فإن المرأة إذا زنت وأقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزويج بها لأجل الحد، وإذا سحقت وجب عليها الرجم، والرجم خزي، ومن قد أمر الله عز وجل برجمه فقد أخزاه، ومن أخزاه فقد أبعده، فليس لأحد أن يقربه.قلت: فأخبرني يا بن رسول الله عن أمر الله تبارك وتعالي لنبيه موسي: (فاخلع نعيلك إنك بالوادي المقدس طوي) [536] فإن فقهاء الفريقين يزعمون: إنها كانت من إيهاب الميتة.فقال (عجل الله فرجه): من قال ذلك فقد افتري علي موسي واستجهله في نبوته، لأنه ما خلا لأمر فيها من خطيئتين، إما أن تكون صلاة موسي فيهما جائزة أو غير جائزة، فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلك البقعة، وإن كانت مقدسة مطهرة، فليست بأقدس وأطهر من الصلاة وإن كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب علي موسي أنه لم يعرف الحلال من الحرام، ولم يعلم ما تجوز به الصلاة وما لم تجز، وهذا كفر [537] .قلت: فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيها.قال (عجل الله فرجه): إن موسي ناجي ربه بالوادي المقدس فقال: (يا رب إني قد أخلعت لك المحبة مني وغسلت قلبي عمن سواك) وكان شديد الحب لأهله، فقال الله تعالي: (اخلع نعليك) أي انزع حب أهلك عن قلبك إن كانت محنتك لي خالصة وقلبك من الميل من سواي مغسولاً [538] .قلت: فأخبرني يا بن رسول الله عن تأويل (كهيعص).قال (عجل الله فرجه): هذه الحروف من أنباء الغيب، أطلع الله عليها عبده زكريا ثم قصها علي محمد (صلي الله عليه وآله) وذلك أن زكريا سأل ربه أن يعلمه الأسماء الخمسة فأهبط عليه جبرائيل، فعلمه إياها، فكان

زكريا إذا ذكر اسم محمد وعلي وفاطمة والحسن سري عنه همه وانجلي كربه، وإذا ذكر اسم الحسين (عليه السلام) خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة، فقال ذات يوم: (إلهي، ما بالي إذا ذكرت أربعاً منهم تسليت بأسمائهم من همومي وإذا ذكرت الحسين (عليه السلام) تدمع عيني وتثور زفرتي)؟ فأنبأه الله تعالي عن قصته وقال: (كهيعص) فالكاف اسم كربلاء والهاء هلاك العترة، والياء وهو يزيد ظالم الحسين (عليه السلام) والعين عطشه، والصاد صبره. فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام، ومنع فيها الناس من الدخول عليه، وأقبل علي البكاء والنحيب وكانت ندبته (إلهي أتفجع خير خلقك بولده؟ إلهي أتنزل بلوي هذه الرزية بفنائه؟ إلهي أتلبس علياً وفاطمة ثياب هذه المصيبة؟ إلهي أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما). ثم كان يقول: (إلهي ارزقني ولداً تقر به عيني علي الكبر واجعله لي وارثاً ووصياً واجعل محله مني محل الحسين فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم فجّعني به كما تفجع محمد (صلي الله عليه وآله) حبيبك بولده) فرزقه الله بيحيي وفجعه به وكان حمل يحيي ستة أشهر وحمل الحسين كذلك.قلت: فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم:قال (عجل الله فرجه): مصلح أو مفسد.قلت: مصلح.قال (عجل الله فرجه): فهل يجوز أن تقع خيرتهم علي المفسد بعد أن لا يعلم أحد بما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد.قلت: بلي.قال: فهي العلة، أوردتها لك ببرهان يثق به عقلك.قلت: نعم.قال: أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله وأنزل الكتب عليهم وأيدهم بالوحي والعصمة وهم أعلي الأمم وأهدي إلي الاختيار منهم مثل موسي وعيسي هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال عملهما إذا همّا بالاختيار أن تقع خيرتهما علي المنافق وهما

يظنان أنه مؤمن.قلت: لا.قال: فهذا موسي كليم الله مع وفور عقله وكمال عمله ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلاً ممن لا يشك في إيمانهم وإخلاصهم فوقعت خيرته علي المنافقين، قال الله عز وجل: (واختار موسي قومه سبعين رجلاً لميقاتنا) [539] إلي قوله: (لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) [540] فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعاً علي الأفسد دون الأصلح وهو يضن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن لا اختيار إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور وتكن الضمائر ويتصرف عليه السرائر وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء علي ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح [541] .

رموز كبري

الغيبة - أبو جعفر محمد بن الحسين الطوسي عن جماعة عن التلعكبري عن أحمد بن علي الرازي عن علي بن الحسين عن رجل ذكر أنه من أهل قزوين لم يذكر اسمه عن حبيب بن محمد بن يونس بن شاذان الضمائي قال: دخلت إلي علي بن إبراهيم بن مهزيار فسألته عن آل أبي محمد (عليهم السلام) فقال: يا أخي لقد سألت عن أمر عظيم. حججت عشرين حجة كلاًّ أطلب به عيان الإمام (عليه السلام) فلم أجد إلي ذلك سبيلاً، فبينما أنا ليلة نائم في مرقدي إذ رأيت قائلاً يقول: يا علي بن إبراهيم قد أذن لك الله في الحج فلم أعقل ليلتي حتي أصبحت فأنا مفكر في أمري أرقب الموسم ليلي ونهاري فلما كان وقت الموسم أصلحت أمري وخرجت متوجهاً نحو المدينة فما زلت كذلك حتي دخلت يثرب فسألت عن آل أبي محمد (عليه السلام) فلم أجد له أثراً، ولا سمعت له خبراً

فأقمت مفكراً في أمري حتي خرجت من المدينة أريد مكة فدخلت الجحفة وأقمت بها يوماً وخرجت منها متوجهاً نحو الغدير - وهو علي أربعة أميال من الجحفة - فلما أن دخلت المسجد صليت وغرت واجتهدت في الدعاء وابتهلت إلي الله لهم وخرجت أريد عسفان، فما زلت كذلك حتي دخلت مكة فأقمت بها أياماً أطوف البيت وأعتكف، فبينا أنا ليلة في الطواف إذا أنا بفتي حسن الوجه طيب الرائحة، يتبختر في مشيته، طائف حول البيت، فحس قلبي به فقمت نحوه فحككته، فقال لي: من أين الرجل؟ فقلت من أهل العراق؟ فقال لي: من أي العراق؟ قلت من الأهواز فقال لي: تعرف بها ابن الخطيب؟ فقلت رحمه الله دعي فأجاب، فقال: رحمه الله فما كان أطول ليلته وأكثر تبتله وأغزر دمعته، أفتعرف علي بن إبراهيم المازيار؟ فقلت: أنا علي بن إبراهيم فقال: حياك الله أبا الحسن ما فعلت بالعلامة التي بينك وبين أبي محمد الحسن بن علي؟ فقلت: معي قال: أخرجها، فأدخلت يدي في جيبي فاستخرجتها فلما أن رآها لم يتمالك أن تغرغرت عيناه وبكي منتحباً حتي بل أطماره ثم قال: أذن لك الآن يا بن المازيار صر إلي رحلك وكن علي أهبة من أمرك حتي إذا لبس الليل جلبابه وغمر الناس ظلامه صر إلي شعب بن عامر فإنك ستلقاني هناك.فصرت إلي منزلي فلما أن أحسست بالوقت أصلحت رحلي وقدمت راحلتي وعكمتها شديداً وصرت في متنه وأقبلت مجداً في السير حتي وردت الشعب فإذا أنا بالفتي قائم ينادي إلي يا أبا الحسن إلي فما زلت أدلف نحوه فلما قربت بدأني بالسلام وقال لي: سر بنا يا أخي، فما زال يحدثني وأحدثه حتي تخرقنا جبال عرفات وسرنا إلي

جبال مني وانفجر الفجر الأول ونحن قد توسطنا جبال الطائف، فلما أن كان هناك أمرني بالنزول وقال لي: انزل فصل صلاة الليل، فصليت وأمرني بالوتر فأوترت وكانت فائدة منه ثم أمرني بالسجود والتعقيب ثم فرغ من صلاته وركب وأمرني بالركوب وسار وسرت معه حتي علا ذروة الطائف فقال: هل تري شيئاً قلت: نعم أري كثيب رمل عليه بيت شعر يتوقد البيت نوراً فلما أن رأيته طابت نفسي فقال لي: هناك الأمل والرجاء. ثم قال: سر بنا يا أخي فسار وسرت بمسيره إلي أن انحدر من الذروة وسار في أسفله فقال: انزل فها هنا يذل كل صعب ويخضع كل جبار.ثم قال: خل عن زمام الناقة، فعلي من أخلفها؟ فقال: حرم القائم (عليه السلام) لا يدخله إلا مؤمن ولا يخرج منه إلا مؤمن. فخليت عن زمام راحلتي وسار وسرت معه إلا أن دنا من باب الخباء فسبقني بالدخول وأمرني أن أقف حتي يخرج إلي ثم قال لي: أدخل هناك السلامة فدخلت فإذا أنا به (عليه السلام) جالس قد اتشح ببردة وائتز بأخري وقد كسر بردته علي عاتقه وهو كأقحوانة أرجوان قد تكاثف عليها الندي وأصابها ألم الهوي وإذا هو كغصن بان أو قضيب ريحان سمح سنحي تقي نقي ليس بالطويل الشامخ ولا بالقصير اللازق بل مربوع القامة مدور الهامة صلت الجبين أزج الحاجبين أقني الأنف سهل الخدين علي خده الأيمن خال كأنه فتات مسك علي رضراضة عنبر، فلما أن رأيته بدرته بالسلام فرد علي أحسن ما سلمت عليه وشفهي:.وسألني عن أهل العراق؟فقلت: سيدي قد ألبسوا جلباب الذلة وهم بين القوم أذلاء.فقال لي: (يا بن المازيار لتملكونهم كما ملكوكم [542] وهم يومئذ أذلاء).فقلت: سيدي لقد بعد الوطن وطال

المطلب [543] .فقال: (يا بن المازيار أبي أبو محمد [544] عهد إلي أن لا أجاور قوماً غضب الله عليهم ولعنهم ولهم الخزي في الدنيا والآخرة ولهم عذاب أليم [545] وأمرني أن لا أسكن من الجبال إلا وعرها ومن البلاد إلا فقرها والله - مولاكم [546] - أظهر التقية فوكلها فأنا في التقية إلي يوم يؤذن لي فأخرج).فقلت: يا سيدي متي يكون هذا الأمر؟فقال: (إذا حيل بينكم وبين الكعبة، واجتمع الشمس والقمر [547] واستدار بهما الكواكب والنجوم [548] .فقلت: متي يا بن رسول الله؟فقال لي: (في سنة كذا وكذا [549] تخرج دابة الأرض [550] من بين الصفا والمروة [551] ومعه عصي موسي وخاتم سليمان تسوق الناس إلي المحشر) [552] ، [553] .

قائم الزمان

(أ): ينابيع المودة - سليمان بن إبراهيم البلخي القندوزي ص464.(ب): الغيبة - أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي.(ج): كمال الدين وتمام النعمة - أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي الصدوق عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني علي بن أحمد الخديجي عن الأزدي قال:...بينما أنا في الطواف قد طفت ستاً وأنا أريد أن أطوف السابع فأنا بحلقة عن يمين الكعبة وشاب حسن الوجه طيب الرائحة هيوب مع هيبة متقرب إلي الناس يتكلم أر أحسن من كلامه ولا أعذب من نطقه وحسن جلوسه فذهبت أكلمه فزبرني الناس فسألت بعضهم: من هذا؟ فقالوا هذا ابن رسول يظهر في كل سنة يوماً لخواصه يحدثهم.فقلت: يا سيدي مسترشداً أتيتك فأرشدني هداك الله فناولني حصاة فحولت وجهي فقال لي بعض جلسائه: ما الذي دفع إليك؟فقلت: حصاة وكشفت عنها فإذا أنا بسبيكة ذهب فذهب فإذا أنا به قد لحقني فقال لي: ثبتت عليك الحجة

وذهب عليك العمي وظهر لك الحق. أتعرفني؟فقلت: لا، فقال:....أنا المهدي؛ وأنا قائم الزمان [554] وأنا الذي أملؤها عدلاً كما ملئت جوراً.إن الأرض لا تخلو من حجة ولا يبقي الناس في فترة [555] .وهذه أمانة لا تحدث بها إلا إخوانك من أهل الحق [556] .

جعل أنبياءه بشراً

الاحتجاج: أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص285 - 288: عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (قدس سره) قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال: كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه مع جماعة منهم علي بن عيسي القصري، فقام إليه رجل فقال له: أريد أن أسألك عن شيء.فقال له: سل عما بدا لك.فقال الرجل: أخبرني عن الحسين بن علي (عليه السلام) أهو ولي الله؟قال: نعم.قال: أخبرني عن قاتله؟ لعنه الله أهو عدو لله؟قال: نعم.قال الرجل: فهل يجوز أن يسلط الله تعالي عدوه علي وليه؟فقال أبو القاسم قدس الله روحه:...افهم عني ما أقول لك: اعلم أن الله تعالي لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان [557] ولا يشافههم بالكلام [558] ولكنه جلت عظمته يبعث إليهم من أجناسهم وأصنافهم بشراً مثلهم، ولو بعث إليهم رسلاً من غير صنفهم وصورهم لنفروا عنهم، ولم يقبلوا منهم [559] فلما جاءوهم وكانوا من جنسهم يأكلون الطعاه ويمشون في الأسواق، قالوا لهم: أنتم بشر مثلنا لا نقبل منكم حتي تأتونا بشيء نعجز من أن نأتي بمثله، فنعلم أنكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه، فجعل الله عز وجل لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها [560] .فمنهم: من جاء بالطوفان بعد الإعذار والإنذار فغرق جميع من طغي وتمرد [561] .ومنهم: من ألقي في النار فكانت

عليه برداً وسلاماً [562] .ومنهم: من أخرج من الحجر الصلب الناقة، وأجري من ضرعها لبناً [563] ومنهم: من فُلق له البحر وفجر له من العيون وجعل له العصا اليابسة ثعباناً تلقف ما يأفكون [564] .ومنهم: من أبرأ الأكمه والأبرص وأحيي الموتي بإذن الله، وأنبأهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم [565] .ومنهم: من انشق له القمر وكلمته البهائم، مثل البعير والذئب وغير ذلك [566] .فلما أتوا بمثل ذلك وعجز الخلق من أممهم عن أن يأتوا بمثله، وكان من تقدير الله جل جلاله، ولطفه بعباده وحكمته: أن جعل أنبيائه مع هذه المعجزات في حال غالبين وأخري مغلوبين وفي حال قاهرين وأخري مقهورين، ولو جعلهم الله في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين، ولم يبتلهم ولم يمتحنهم لاتخذهم الناس آلهة من دون الله عز وجل، ولما عرف فضل صبرهم علي البلاء والمحن والاختيار، ولكنه جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم، ليكونوا في حال المحنة والبلوي صابرين، وفي حال العافية والظهور علي الأعداء شاكرين، ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين، غير شامخين ولا متجبرين، وليعلم العباد: أن لهم (عليهم السلام) إلهاً هو خالقهم ومدبرهم فيعبدوه ويطيعوا رسله، وتكون حجة الله ثابتة علي من تجاوز الحد فيهم، وادعي لهم الربوبية، أو عاند وخالف، وعصي وجحد [567] بما أتت به الأنبياء والرسل، وليهلك من هلك عن بينة، ويحيي من حي عن بينة [568] .

الائمة يسألون

الاحتجاج - أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ج2 ص284 - 285: أبو الحسن علي بن أحمد الدلال القمي قال: اختلف جماعة من الشيعة في أن الله عز وجل فوض إلي الأئمة صلوات الله عليهم أن يخلقوا ويرزقوا، فقال قوم: هذا محال لا يجوز علي الله

تعالي، لأن الأجسام لا يقدر علي خلقها غير الله عز وجل، وقال آخرون: بل الله أقدر الأئمة علي ذلك وفوض إليهم فخلقوا ورزقوا. وتنازعوا عن ذلك نزاعاً شديداً، فقال قائل: ما بالكم لا ترجعون إلي أبي جعفر محمد بن عثمان؟ فتسألوه عن ذلك ليوضح لكم الحق فيه، فإنه الطريق إلي صاحب الأمر. فرضيت الجماعة بأبي جعفر وسلمت وأجابت إلي قوله، فكتبوا المسألة وأنفذوها إليه، فخرج إليهم من جهته توقيع نسخته:...إن الله تعالي هو الذي خلق الأجسام، وقسم الأرزاق لأنه ليس بجسم ولا حال في جسم [569] ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير.وأما الأئمة (عليهم السلام) فإنهم يسألون الله تعالي فيخلق، ويسألونه فيرزق [570] إيجاباً لمسألتهم، وإعظاماً لحقهم [571] .

نعي عثمان العمري

منتهي الآمال: الشيخ عباس القمي: صدر إلي محمد بن عثمان العمري، وبعد وفاة أبيه عثمان بن سعيد العمري من الناحية المقدسة هذا التوقيع:...إنا لله وإنا إليه راجعون. تسليماً لأمره، ورضاً بقضائه وبفعله [572] عاش أبوك سعيداً ومات حميداً [573] فرحمه الله وألحقه بأوليائه ومواليه (عليهم السلام) [574] فلم يزل في أمرهم ساعياً فيما يقربه الله عز وجل وإليهم. نضّر الله وجهه، وأقاله عثرته، وأجزل الله لك الثواب، وأحسن لك العزاء. ورزيت ورزينا، وأوحشك فراقه وأوحشنا [575] . فسره الله في منقلبه.وكان من كمال سعادته أن رزقه الله ولداً مثلك، يخلفه من بعده، ويقوم مقامه، ويترحم عليه [576] .وأقول: الحمد لله. فإن الأنفس طيبة بمكانك وما جعله الله عز وجل فيك وعندك [577] أعانك وقواك، وعضدك ووفقك وكان لك ولياً وحافظاً وراعياً [578] .

وثيقة محمد بن عثمان

منتهي الآمال، الشيخ عباس القمي: ولما توفي عثمان بن سعيد العمري صدر توقيع من الناحية المقدسة إلي ابنه محمد بن عثمان جاء فيه:...... والابن - وقاه الله - لم يزل ثقتنا في حياة الأب - رضي الله عنه وأرضاه، ونضر وجهه - يجري عندنا مجراه، ويسد مسده، وعن أمرنا يأمر الابن وبه يعمل، تولاه الله [579] .

وثيقة الحسين بن روح

منتهي الآمال، الشيخ عباس القمي: صدر من الناحية المقدسة إلي الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح جاء فيه:...... نعرفه - عرفه الله الخير كله ورضوانه، وأسعده بالتوفيق - وقفنا علي كتابه، وثقتنا بما هو عليه [580] وأنه عندنا بالمنزلة والمحل الذين يسرانه - زاد الله في إحسانه إليه، إنه ولي قدير - والحمد لله الذي لا شريك له، وصلي الله علي رسوله محمد وآله، وسلم تسليماً كثيراً.

انا بقية الله

الشيخ علي اليزدي الحائري، إلزام الناصب ج1 ص352 - 353 عن البحار عن أحمد بن إسحاق:...أنا بقية الله في أرضه [581] والمنتقم من أعدائه، فلا تطلب أقرأ بعد عين [582] يا أحمد بن إسحاق [583] .

انا خاتم الأوصياء

الشيخ علي اليزدي الحائري في كتاب (إلزام الناصب) ج1 ص340 قال: في كشف الغمة للأردبيلي (قدس سره) عن أبي بصير الخادم [يعني: خادم الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)] قال: دخلت علي صاحب الزمان وهو في المهد فقال لي: علي بالصندل الأحمر فأتيته به فقال: أتعرّفني؟ قلت: أنت سيدي وابن سيدي فقال: ليس عن هذا سألت فقلت: فسر لي فقال:(الصندل الأحمر): صندل اسم شجرة هندي طيب الرائحة كان يتخذ عوده للاشتمام بمنزلة العطور، ولعله كان في دار الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) قطعة حمراء اللون من عود هذا الشجر طلبها الإمام المهدي (عليه السلام).أنا خاتم الأوصياء وبي يرفع الله البلاء عن أهلي وشيعتي [584] .

يزري بحده

رياض العلماء - الشيخ عبد الله الأصفهاني (من تلامذة العلامة المجلسي) في قصة طويلة. أن الإمام المهدي (عليه السلام) أنشد هذين البيتين:...متي ما أقل مولاي أفضل منهما أكن لل_ذي فضلته منتقصاألم تري أن السيف يزري بحده مقالك هذا السيف أجدي من العصا [585] .

من أخر الصلاة

الاحتجاج - أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ج2 ص297: عن محمد بن يعقوب الكليبي، رفعه عن الزهري قال:طلبت هذا الأمر طلباً شافياً حتي ذهب لي فيه مال صالح، فوقفت إلي العمري، وخدمته ولزمته، فسألته بعد ذلك عن صاحب الزمان (عليه السلام)، قال: ليس إلي ذلك وصول. فخضعت له فقال لي: بكر بالغداة، فوافيت، فستقبلني ومعه شاب من أحسن الناس وجهاً، وأطيبهم ريحاً، وفي كمه شيء كهيئة التجار، فلما نظرت إليه دنوت من العمري، فأومأ إليه، فعدلت إليه، وسألته فأجابني عن كل ما أردت، ثم مر ليدخل الدار، وكانت من الدور التي لا يكترث بها، فقال العمري: إن أردت أن تسأل فاسأل، فإنك لا تراه بعد ذا. فذهبت لأسأل فلم يستمع، ودخل الدار، وما كلمني بأكثر من أن قال:...ملعونٌ ملعونٌ من أخر العشاء إلي إن تشتبك النجوم [586] ملعونٌ ملعونٌ من أخر الغداة إلي أن تنقضي النجوم [587] .

من أكل من مالنا

الاحتجاج - أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2ص300: عن أبي الحسين الأسدي، قال: ورد علي توقيع الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري - قدس الله روحه - ابتداءً لم يتقدمه سؤال عنه، نسخته: (بسم الله الرحمن الرحيم، لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، علي من استحل من أموالنا درهماً).وقال أبو الحسين الأسدي (قدس سره): فوقع في قلبي أن ذلك من استحل من مال الناحية درهماً دون من أكل منه غير مستحل. وقلت في نفسي: إن ذلك في جميع من استحل محرماً، فأي فضل في ذلك للحجة (عليه السلام) علي غيره؟قال: فوالذي بعث محمداً صلي الله عليه وآله بالحق بشيراً لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب إلي

ما كان في نفسي:...بسم الله الرحمن الرحيم، لعنة الله، والملائكة والناس أجمعين، علي من أكل من مالنا درهماً حراماً [588] .

امان من الموت

(أ): الشيخ علي اليزدي الحائري، إلزام الناصب، ص341 ج1 ط النجف 1383 هجري.(ب): كمال الدين - أبو طالب المظفر بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن جعفر بن مسعود عن أبي النصر محمد بن مسعود عن آدم بن محمد البلخي عن علي بن الحسين الدقاق عن إبراهيم بن أحمد العلوي.(ج): الغيبة - أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي عن الكليبي.(د): إثبات الوصية - أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي عن علان.(ه_): الخرايج - قطب الدين أبو الحسين سعيد بن هبة الله الرواندي عن نسيم (خادم أبي محمد العسكري) عن الإمام المهدي (عليه السلام) أنه قال:...ألا أبشرك في العطاس وهو أمان من الموت ثلاثة أيام [589] .

لو أذن الله لنا

الشيخ علي اليزدي الحائري، إلزام الناصب ص304 ج1 ط النجف 1383 هجري: عن نسيم الخادم قال: لما خرج صاحب الزمان من بطن أمه سقط جاثياً علي ركبتيه رافعاً سبابتيه نحو السماء فعطس فقال:...الحمد لله رب العالمين، وصلي الله علي محمد وآله. عبد الله أولاً وآخر [590] غير مستنكف ولا مستكبر [591] .زعمت الظلمة: أن حجة الله داحضة، ولو أذن الله لنا لزال الشك [592] .

دعاء بالولد

نقل العلامة المجلسي (قدس سره) في البحار بإسناده إلي أبي جعفر الطبري من كتابه عن أبي المفضل عن الكليبي: قال القاسم بن العلا: كتبت إلي صاحب الزمان ثلاثة كتب في حوائج لي وأعلمته أنني رجل قد كبر سني ولا ولد لي فأجابني عن الحوائج ولم يجيبني في الولد شيء، فكتبت إليه في الرابعة كتاباً وسألته أن يدعو إلي الله أن يرزقني ولداً فأجابني وكتبت حوائجي، وكتب:...اللهم ارزقه ولداً ذكراً تقر به عينه واجعل هذا الحمل الذي له ولداً ذكراً [593] .

آجرك الله

بحار الأنوار (ج51 - ص299) نقلاً عن الإرشاد عن أبي قولويه عن الكليني، عن علي بن محمد، عن الحسن بن عيسي العريضي قال: لما مضي أبو محمد الحسن بن علي (عليه السلام) ورد رجل من مصر بمال إلي مكة لصاحب الأمر (عليه السلام) فاختلف عليه، وقال بعض الناس: إن أبا محمد قد مضي من غير خلف، وقال آخرون: الخلف من بعده ولده، فبعث رجلاً يكني أبو طالب إلي العسكر (يعني: سامراء) يبحث عن الأمر وصحته، ومعه كتاب، فصار الرجل إلي جعفر، وسأله عن برهان. فقال له جعفر: لا يتهيأ لي في هذا الوقت، فصار الرجل إلي الباب، ونفذ الكتاب إلي أصحابنا الموسومين بالسفارة فخرج إليه:...آجرك الله في صاحبك فقد مات وأوصي بالمال الذي كان معه إلي ثقة يعمل فيها بما يحب [594] .

انا القائم

الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي (قدس سره) في كتابه (إكمال الدين وإتمام النعمة): ج2 ص129.قال: سمعنا شيخاً من أصحاب الحديث يقال له أحمد بن فارس الأديب يقول: سمعت بهمذان حكاية حكيتها كما سمعتها لبعض إخواني فسألني أن أثبتها له بخطي فلم أجد إلي مخالفته سبيلاً، وقد كتبتها وعهدتها إلي من حكاها وذلك: أن بهمذان ناساً يعرفون ببني راشد وهم كلهم يتشيعون، ومذهبهم مذهب أهل الإمامة، فسألة عن سبب تشيعهم من بني أهل همذان؟فقال لي شيخاً منهم رأيت فيها صلاحاً وسمتاً: أن سبب ذلك أن جدنا الذي ننسب إليه خرج حاجاً فقال: إنه لما صدر من الحج وساروا منازل في البادية قال: فشطت في النزول والمشي فمشيت طويلاً حتي أعييت وتعبت، وقلت في نفسي: أنام نومة تريحني فإذا جاء أواخر القافلة قمت: قال: فما انتبهت إلا

بحر الشمس ولم أر أحداً، فتوحشت ولم أر طريقاً ولا أثراً، فتوكلت علي الله عز وجل وقلت أسير حيث وجهني ومشيت غير طويل فوقعت في أرض خضراء نضرة كأنها قريبة عهد بغيث، وإذا تربتها أطيب تربة، ونظرت في سواء تلك الأرض إلي قصر يلوح كأنه سيف فقلت: يا ليت شعري ما هذا القصر الذي لم أعهده ولم أسمع به؟ فقصدت، فلما بلغت الباب رأيت خادمين أبيضين، فسلمت عليهما فردا علي رداً جميلاً، وقالا: اجلس فقد أراد الله بك خيراً.وقام أحدهما فدخل واحتبس غير بعيد ثم خرج فقال: قم فادخل، فدخلت قصراً لم أر بناءً أحسن من بنائه، ولا أضوأ منه، وتقدم الخادم إلي ستر علي بيت فرفعه ثم قال لي: ادخل، فدخلت فإذا فتي جالس في وسط البيت، وقد علق علي رأسه من السقف سيفه طويل تكاد ظبته تمس رأسه، والفتي بدر يلوح في ظلام، فسلمت، فرد السلام بألطف الكلام وأحسنه.ثم قال لي: أتدري من أنا؟ فقلت: لا والله، فقال:...أنا القائم من آل محمد (صلَي الله عليه وآله) أنا الذي أخرج في آخر الزمان بهذا السيف -وأشار إليه - فأملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً (قال) فسقطت علي وجهي وتعفرت (فقال) لا تفعل أرفع رأسك، أنت فلان من مدينة بالجبل يقال لها همذان (قلت) صدقت يا سيدي ومولاي.(قال) فتحب أن تؤوب إلي أهلك؟ (قلت) نعم يا سيدي وأبشرهم بما أتاح الله عز وجل لي [595] .

من يحاجني في الله

نقل العلامة المجلسي رحمة الله عليه عن (تفسير العياشي) مرسلاً عن عبد الأعلي الحلبي قال قال أبو جعفر (عليه السلام) (تفسير علي بن إبراهيم القمي) في بحار الأنوار (ج52 - ص315) قال: أبي عن ابن أبي عمر،

عن منصور بن يونس، عن أبي خالد الكالبي قال، قال أبو جعفر (عليه السلام): والله لكأني أنظر إلي القائم (عليه السلام) وقد أسند ظهره إلي الحجر ثم ينشد الله حقه ثم يقول:...من يحاجني في الله فأنا أولي بالله.أيها الناس: من يحاجني في آدم فأنا أولي بآدم.أيها الناس: من يحاجني في نوح فأنا أولي بنوح.أيها الناس: من يحاجني في إبراهيم فأنا أولي بإبراهيم.أيها الناس: من يحاجني في موسي فأنا أولي بموسي.أيها الناس: من يحاجني في عيسي فأنا أولي بعيسي.أيها الناس: من يحاجني في محمد فأنا أولي بمحمد.أيها الناس: من يحاجني في كتاب الله فأنا أولي بكتاب الله [596] .

بعد ثلاثين سنة

الشيخ علي بن عيسي الأربلي في كتابه (كشف الغمة في معرفة الأئمة) ج3 ص411 عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه قال: ولما وصلت بغداد في سنة سبعة وثلاثين للحجة وهي السنة التي رد القرامطة فيها الحجر إلي مكانه من البيت، كان أكبر همي من ينصب الحجر، لأنه مضي في أثناء الكتب قصة أخذه وأنه إنما ينصبه في مكانه الحجر في الزمان - كما في زمن الحجاج وضعه زين العابدين (عليه السلام) في مكانه واستقر - فاعتللت علة صعبة خفت منها علي نفسي ولم يتهيأ لي ما قصدته فاستنبت المعروف ب_(ابن هاشم) وأعطيته رقعة مختومة أسأل فيها عن مدة عمري، وهل تكون الموتة في هذه العلة أم لا؟ وقلت همي إيصال هذه الرقعة إلي واضع الحجر في مكانه وأخذ جوابه، إنما أندبك لهذا.قال: فقال المعروف بابن هاشم: لما حصلت بمكة وعزم علي إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكنت معها من الكون بحيث أري واضع الحجر في مكانه فأقمت معي منهم من يمنع عني ازدحام الناس.،

فكلما عمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم.فأقبل غلام أسمر اللون حسن الوجه فتناوله ووضعه في مكانه فاستقام كأنه لم يزل عنه وعلت لذلك الأصوات فأنصرف خارجاً من الباب فنهضت من مكاني أتبعه وأدفع الناس عني يميناً وشمالاَ حتي ظن بي الاختلال في العقل والناس يفرجون لي وعيني لا تفارقه حتي انقطع عن الناس فكنت أسرع الشد خلفه وهو يمشي علي تؤدة السير ولا أدركه، فلما حصل بحيث لا أحد يراه غيري وقف والتفت إلي فقال:...هات ما معك.فناولته الرقعة، فقال من غير أن ينظر إليها: قل له لا خوف عليك في هذه العلة ويكون ما لابد منه بعد ثلاثين سنة.قال: فوقع علي الدمع حتي لم أطق حراكاً وتركني وانصرف [597] .

الرفعة لله عزوجل

العلامة المجلسي (رضوان الله عليه) في بحار الأنوار: ج52 - ص324 عن الشيخ الصدوق (قدس سره) في إكمال الدين ج2 ص369:روي أنه يكون في راية المهدي (عليه السلام):الرفعة لله عز وجل [598] .

لا تخرج

العلامة المجلسي في البحار نقلاً عن شيخ الطائفة الشيخ الطوسي (قدس سره) في كتاب (الغيبة) ج51 ص293 قال: حدثني جماعة عن الحسين بن علي بن بابويه (وهو والد الشيخ الصدوق قدس سره) قال: حدثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد بالسنة التي خرجت القرامطة علي الحاج وهي سنة تناثر الكواكب أن والدي رضي الله عنه كتب إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (قدس الله روحه) يستأذن في الخروج إلي الحج فخرج في الجواب:...لا تخرج في هذه السنة.فأعاد وقال: هو نذر واجب أفيجوز لي القعود عنه؟فخرج من الجواب: إن كان ولا بد فكن في القافلة الأخيرة [599] .

اقبض الحوانيت

بحار الأنوار - للعلامة المجلسي (رضوان الله عليه) نقلاً عن الخرائج (ص294: ج51) عن محمد بن هارون الهمداني قال: كان علي خمسمائة دينار وضقت بها ذزعاً ثم قلت في نفسي: لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة دينار وثلاثين ديناراً قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار - ولا والله ما نطقت بذلك ولا قلت - فكتب (عليه السلام) إلي محمد بن جعفر:...اقبض الحوانيت من محمد بن هارون بخمسمائة دينار التي لنا عليه [600] .

وثيقة حاجز

روي العلامة المجلسي (قدس سره) في البحار عن الشيخ المفيد (قدس سره) في الإرشاد عن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الحميد قال: شككت في أمر حاجز، فجمعت شيئاً ثم صرت إلي العسكر - يعني: سامراء - فخرج إليه:...ليس فينا شك. ولا فيمن يقوم مقامنا بأمرنا ترد ما معك إلي حاجز بن يزيد [601] .

طالبهم

العلامة المجلسي (رضوان الله عليه) نقل عن الكافي والإرشاد في بحار الأنوار (ج51 - ص297) عن علي بن محمد عن محمد بن صالح قال: لما مات أبي فصار الأمر إلي كان لأبي علي الناس سفاتج من مال الغريمة، يعني صاحب الأمر (عليه السلام). قال الشيخ المفيد: هذا رمز كانت الشيعة تعرفه قديماً بينها، ويكون خطابها عليه للتقية، قال: فكتبت إليه أعلمه فكتب إلي:...طالبهم واستقض عليهم [602] .

علامة الظهور

بحار الأنوار: ج51 - ص320 عن غيبة الطوسي (قدس سره) في قصة طويلة لرجل توفق للقاء صاحب الأمر (عليه السلام) في الإسكندرية - بالعراق إلي أن قال: فقلت له ذات يوم: من أنت أعزك الله؟ ومتي تظهر؟ فقال:...أنا صاحب الحق، ليس هذا أوان ظهوري وقد بقي مدة من الزمن ثم قلت له: يا سيدي متي يظهر أمرك؟قال: علامة ظهور أمري كثرة الهرج والمرج والفتن، وآتي مكة فأكون في المسجد الحرام.فيقال: انصبوا لنا إماماً.ويكثر الكلام حتي يقدم رجل من الناس فينظر في وجهي ثم يقول: يا معشر الناس هذا المهدي انظروا إليه [603] .

خبر أوليائنا

العلامة المجلسي (رضوان الله عليه) في بحار الأنوار: ج52 ص68 قال: وروي في بعض تأليفات أصحابنا عن الحسين بن حمدان عن أبي محمد عيسي بن مهدي الجوهري قال: خرجت في سنة ثمان وستين ومائتين إلي الحجة وكان قصدي المدينة حيث صح عندنا أن صاحب الزمان قد ظهر. فاعتللت، وقد خرجنا من فيد (قلعة قرب مكة المكرمة) فتعلقت نفسي بشهوة السمك، والثمر فلما وردت المدينة ولقيت بها إخواننا بشروني بظهوره (عليه السلام) بصابر.فصرت إلي صابر فلما أشرفت علي الوادي رأيت عنيزات عجافاً، فدخلت القصر ووقفت أرقب الأمر إلي أن صليت العشائين وأنا أدعو وأتضرع وأسأل فإذا أنا ببدر الخادم يصيح لي: يا عيسي بن مهدي الجوهري ادخل فكبرت وهلهلت وأكثرت من حمد الله عز وجل والثناء عليه.فلما صرت في صحن القصر رأيت مائدة منصوبة، فمر لي الخادم إليها فأجلسني عليها، وقال لي: مولاك يأمرك أن تأكل ما اشتهيت في علتك وأنت خارج من قيد. فقلت: حسبي بهذا برهاناً، فكيف آكل ولم أري سيدي ومولاي.فصاح (عليه السلام): يا عيسي كل من طعامك فإنك تراني.فجلست

علي المائدة ففطرت فإذا عليها سمك حار يفور وتمر إلي جانبه أشبه التمور بتمورنا وبجانب التمر لبن فقلت في نفسي: عليل وسمك وتمر ولبن.فصاح لي: يا عيسي أتشك في أمرنا؟ أفأنت أعلم بما ينفعك ويضرك؟فبكيت واستغفرت الله تعالي وأكلت من الجميع، وكلما رفعت يدي منه لم يبتني موضعها فيه، فوجدته أطيب ما ذقته في الدنيا، فأكلت منه كثيراً حتي استحييت.فصاح لي: لا تستحي يا عيسي فإنه من طعام الجنة ولم تصنعه يد مخلوق.فأكلت، فرأيت نفسي لا تنتهي من أكله.فقلت: يا مولاي حسبي؟فصاح لي: أقبل إلي.فقلت في نفسي: آتي مولاي ولم أغسل يدي.فصاح لي: يا عيسي هل لما أكلت غمر؟فشممت يدي فإذا هي أعطر من المسك والكافور.فدنوت منه (عليه السلام) فبدا لي نور غشي بصري، ورهبت حتي ظننت أن عقلي قد اختلط فقال لي:...يا عيسي: ما كان لك أن تراني لولا المكذبون القائلون: أين هو، وقد كان؟ وأين ولد؟ ومن الذي رآه؟ وما الذي خرج إليكم منه؟ وبأي شيء نبأكم؟ وأي معجز أتاكم؟أما والله لقد دفعوا أمير المؤمنين (عليه السلام) - مع ما رووه - وقدموا عليه، وكادوه وقتلوه، وكذلك آبائي (عليهم السلام)، لم يصدقوهم ونسبوهم إلي السحر وخدمة الجن إلي ما تبين.يا عيسي فخبر أوليائنا ما رأيت، وإياك أن تخبر عدونا فتسلبه.فقلت: يا مولاي أدع لي بالثبات.فقال: لو لم يثبتك الله ما رأيتني وامض بنجمك راشداً.فخرجت أكثر حمداً لله وشكراً.

يا معشر الخلائق

العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار: ج53 ص9، في رواية المفضل بن عمر عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) في حديث طويل جاء فيه: وسيدنا القائم مسند ظهره إلي الكعبة ويقول:...يا معشر الخلائق ألا من أراد أن يظهر إلي آدم وشيت فها أنا

ذا آدم وشيت.ألا ومن أراد أن ينظر إلي إبراهيم وإسماعيل فها أنا ذا إبراهيم وإسماعيل.ألا ومن أراد أن ينظر إلي موسي ويوشع فها أنا ذا موسي ويوشع.ألا ومن أراد أن ينظر إلي عيسي وشمعون فها أنا ذا عيسي وشمعون.ألا ومن أراد أن ينظر إلي محمد وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهما) فها أنا ذا محمد (صلي الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام).ألا ومن أراد أن ينظر إلي الأئمة من ولد الحسين (عليهم السلام) فها أنا ذا الأئمة (عليهم السلام) [604] .أجيبوا إلي مسألتي فإني أنبئكم بما نبئتم وما لم تنبئوا به [605] .ومن كان يقرأ الكتاب والصحف فليسمع مني [606] .

معاشر نقبائي

العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار: ج53 ص7 - في رواية المفضل بن عمر عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) - في حديث طويل - وجاء فيه: قال الصادق (عليه السلام): يا مفضل يظهر وحده، يأتي البيت وحده، ويلج الكعبة، ويجن عليه الليل وحده، فإذا نامت العيون، وغسق الليل ونزل إليه حبرئيل وميكائيل والملائكة صفوفاً فيقول له جبرئيل: يا سيدي قولك مقبول، وأمرك جائز فيمسح (أي: الإمام المهدي) (عليه السلام) يده علي وجهه ويقول: (الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين) سورة الزمر آية74.ويقف بين الركن والمقام، فيصرخ صرخة فيقول:...يا معاشر نقبائي وأهل خاصتي ومن ذخرهم الله لنصرتي قبل ظهوري علي وجه الأرض ائتوني طائعين [607] .

لا يدخلك الشك

الشيخ الصدوق (قدس سره) في كمال الدين ج2 ص164 عن ابن الوليد عن سعد عن علان، عن محمد بن جبرئيل، عن إبراهيم ومحمد ابني الفرج، عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار، أنه ورد العراق شاكاً مرتاداً فخرج إليه:...قل للمهزيار [608] قد فهمنا ما حكيته عن موالينا بناحيتكم [609] فقل لهم: أما سمعتم الله عز وجل يقول: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) [610] .هل أمر إلا بما هو كائن إلي يوم القيامة؟أوَ لم ترو أن الله عز وجل جعل لهم معاقل يأوون إليها؟ وأعلاماً يهتدون بها؟ من لدن آدم إلي أن ظهر الماضي (يعني: أباه الحسن العسكري) صلوات الله عليه، كلما غاب علم بدا علم وإذا أفل نجم طلع نجم، فلما قبضه الله تعالي عز وجل إليه ظننتم أن الله قد قطع السبب بينه وبين خلقه؟كلا ما كان ذلك، ولا يكون حتي تقوم

الساعة ويظهر أمر الله وهم كارهون [611] .يا محمد بن إبراهيم: لا يدخلك الشك فيما قدمت له [612] فإن الله لا يخلي الأرض من الحجة. أليس قال لك أبوك قبل وفاته: احضر الساعة من يعيّر هذه الدنانير التي عندي فلما أبطأ ذلك عليه وخاف الشيخ [613] علي نفسه الوحي [614] قال لك: عيرها علي نفسك وأخرج إليك كيساً كبيراً وعندك بالحضرة ثلاثة أكياس، وصرة فيها دنانير مختلفة النقد فعيرتها وختم الشيخ عليها بخاتمه وقال لك: اختم مع خاتمي، فإن أعش فأنا أحق بها وإن أمت فاتق الله في نفسك أولاً ثم فيّ فخلصني وكن عند ظني بك.أخرج رحمك الله الدنانير التي استفضلتها من بين النقدين من حسابنا وهي بضعة عشر ديناراً، واسترد من قبلك [615] فإن الزمان أصعب ما كان، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

طلب دعاء و مسائل

أ: الميرزا حسين النوري (قدس سره) في مستدرك وسائل الشيعة: ج1 ص201 نقلاً عن الخرائج.ب: العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار (ج53 ص197) نقلاً عن القطب الراوندي في الخرائج أيضاً روي عن أحمد بن أبي روح قال: خرجت إلي بنواد في مال لأبي الحسن الخضر بن محمد لأوصله وأمرني أن أدفعه إلي أبي جعفر محمد بن عثمان العمري فأمرني أن (لا) أدفعه إلي غيره وأمرني أن أسأل الدعاء للعلة التي هو فيها وأسأل عن الوبر يحل لبسه؟ فدخلت بغداد، وصرت إلي العمري فأبي أن يأخذ المال وقال: صر إلي أبي جعفر محمد بن أحمد وأدفع إليه فإنه أمر بأن يأخذه، وقد خرج الذي طلبت فجئت إلي أبي جعفر فأوصلته إليه فأخرج إلي رقعة فيها:...ويستحب لنا أن نقف علي ملاحظات في هذه المقدمة.(الأولي) لا يبعد أن يكون (فأمرني أن أدفع إلي

غيره) هكذا: وأمرني أن لا أدفعه إلي غيره، ويعني: أمرني صاحب المال أن أسلمه إلي العمري وأمرني أن لا أسلمه إلي غيره، إذ بدون (لا) لا يعرف المعني.(الثانية) (وأمرني أن أسأل الدعاء) أي: أسأل من العمري أن يطلب لي من الحجة صلوات الله عليه أن يدعو لي بالشفاء.(الثالثة) (فإنه أمره أن يأخذه) يعني: العمري أمر محمد بن أحمد أن يأخذ المال.(الرابعة) يظهر من ذاك كله أن أبا جعفر محمد بن أحمد هو من الوكلاء للناحية المقدسة نظير القاسم بن العلاء وغيره.(لكن) من هو أبو جعفر محمد بن أحمد؟هذا ما لم نستطيع أن نجزم به في هذه العجالة، إذ هذا الاسم وهذه الكنية في زمان الغيبة الصغري، معاصراً للنائب الثاني محمد بن عثمان العمري رضوان الله عليه، تنطبق علي عدة أشخاص مذكورين في كتب الرجال، ممن ذكر عدداً منهم:الأردبيلي في (جامع الرواة): ج2 ص58 - 63، وص371 - 373 أيضاً.الحر العاملي (قدس سره) في (وسائل الشيعة): ج20 ص312 - 315، وص372 أيضاً.الميرزا حسين النوري (قدس سره) في (مستدرك وسائل الشيعة) ج3 ص472 - 523 ذكر في هذه الصفحات أسماء عدد ممن يسمي ب_(محمد بن أحمد) يكني بأبي جعفر، وكذلك ج3 ص839 - 840.بسم الله الرحمن الرحيم سألت الدعاء عن العلة التي تجدها، وهب الله لك العافية ودفع عنك الآفات، وصرف عنك بعض ما تجده من الحرارة [616] وعافاك وصح جسمك.وسألت ما يحل أن يصلي فيه من الوبر، والسمور، والسنجاب، والفتك والدلق والحواصل [617] ؟فأما السمور والثعالب فحرام عليك وعلي غيرك الصلاة فيه، ويحل لك جلود المأكول من اللحم إذا لم يكن فيه غيره [618] وإن لم يكن لك ما تصلي فيه فالحواصل جائز لك أن تصلي

فيه [619] .الفرا متاع الغنم ما لم يذبح بأرمينية يذبحه النصاري علي الصليب فجائز لك أن تلبسه إذا ذبحه أخ لك (أو مخالف تثق به) [620] .

دعاء بالعاقبة

نقله العلامة المجلسي عن الكافي والخرايج والإرشاد، في بحار الأنوار: ج51 ص297) عن علي بن محمد، عن نصر بن مزاحم، عن محمد بن يوسف الشاشي قال: خرج لي ناسور فأريته الأطباء وأنفقت عليه مالاً فلم يصنع الدواء فيه شيئاً، فكتبت رقعة أسأل الدعاء، فوقع لي:...ألبسك الله العافية وجعلك معنا في الدنيا والآخرة [621] .

الي الحسين بن الفضل اليماني

الميرزا حسين النوري - نور الله مضجعه - في مستدرك الوسائل: ج3 ص791 عن الشيخ الصدوق (قدس سره) في كمال الدين، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن علان، عن الحسن بن الفضل اليماني، ورواه أيضاً عن الكليني (قدس سره) في الكافي قال: قصدت سر من رأي فخرج إلي (يعني: من طرف صاحب الأمر (عليه السلام)) صرة فيها دنانير وثوبان، فرددتها، فقلت في نفسي: أنا عندهم بهذه المنزلة، فأخذتني العزة ثم ندمت بعد ذلك، وكتبت رقعة اعتذر واستغفر، ودخلت الخلا وأنا أحدث نفسي وأقول: والله لأن ردت الصرة لم أحلها ولم أنفقها حتي أحملها إلي والدي فهو أعلم مني:هنا ملاحظات:(الأولي) الحسن بن الفضل هذا، وأبوه الفضل بن يزيد قد عدوهما فيمن رأي صاحب الأمر (عليه السلام) ووقف علي بعض معجزاته.(الثانية) (فأخذتني العزة) قد يستنبط من هذه الجملة أن الحسن بن الفضل كان غنياً، فلعله تصور أنه (عليه السلام) اعتبره فقيراً فأرسل إليه الصرة والثوبين، ولذلك ردهما.(الثالثة) (ودخلت الخلا) أي: مكان خلوة فيها إلا أنا حتي أتأمل الأمر وما فعلته من القبيح من رد هدايا صاحب الأمر (عليه السلام) (أحملها إلي والدي) لكي يفرح بهذه الهدية ولأني لست محتاجاً حتي أتصرف أنا فيها.فخرج إلي الرسول: أخطأت إذ لم تعلمه أنا وبما فعلنا ذلك بموالينا وربما سألونا ذلك يتبركون به.وخرج إلي: أخطأت

بردك بدنا، وإذ استغفرت الله فالله يغفر لك، وإذا كان عزيمتك وعقد نيتك أن لا تحدث فيها حدثاً، ولا تنفقها في طريقك فقد صرفناها عنك [622] .وأما الثوبان [623] فلا بد منهما لتحرم فيهما [624] .

الشرطة للجارية

أخرج الشيخ الصدوق (قدس سره) في كمال الدين (ج2 ص176) قال الحسين بن إسماعيل الكندي: كنت جعفر بن حمدان فخرجت إليه هذه المسائل:استحللت بجارية وشرطت عليها أن لا أطلب ولدها ولم ألزمها منزلي، قلما أتي لذلك مدة قالت لي: قد حبلت.فقلت لها: كيف ولا أعلم أني طلبت منك الولد؟ثم غبت وانصرفت، وقد أتت بولد ذكر، فلم أنكره ولا قطعت عنها الإجراء والنفقة.ولي ضيعة قد كنت قبل أن تصير إلي هذه المرأة سبلتها علي وصاياي وعلي سائر ولدي علي أن الأمر في الزيادة أو النقصان منه إلي أيام حياتي.وقد أتت هذه بهذا الولد فلم ألحقه في الوقف المتقدم المؤيد، وأوصيت إن حدث لي الموت أن يجري عليه ما دام صغيراً، فإذا كبر أعطي من هذه الصيغة مائتي دينار غير مؤبد ولا يكون له ولا لعقبه بعد إعطائه ذلك في الوقف شيء.فرأيك - أعزك الله في إرشادي - فيما عملته؟ وفي هذا الولد بما أمتثله.والدعاء لي بالعافية وخير الدنيا والآخرة.جوابها:هنا وفي هذا السؤال ملاحظات:(الأولي) بحثت شيئاً في بعض كتب الرجال فلم أجد ذكر صاحب الرسالة (جعفر بن حمدان) ولا ذكر الحسين بن إسماعيل الكندي ولذا لم أذكرهما بحياتهما.(الثانية) (استحللت بجارية) إما بمعني التحليل فيكون المقصود ب_(الجارية) الأمة، أو بمعني العقد الدائم أو المنقطع، فالمقصود ب_(الجارية) قد يكون أمة، وقد يكون حرة.(الثانية) (سبّلتها) أي: وقفتها.أتاني - أبقاك الله - كتابك الذي أنفذته.أما الرجل الذي استحل بالجارية، وشرط عليها أن لا يطلب ولدها

فسبحان من لا شريك له في قدرته، شرطه علي الجارية شرط علي الله عز وجل؟ هذا ما لا يؤمن أن يكون، وحيث عرض في هذا الشك وليس يعرف الوقت الذي أتاه فيه فليس ذلك بموجب لبراءة في ولده [625] .وأما إعطاء المائتي دينار وإخراجه من الوقف فالمال ماله فعل فيه ما أراد [626] .قال أبو الحسين: حسب الحساب فجاء الولد مستوياً [627] .

عهدا من رسول الله

أخرج العلامة المجلسي (قدس سره) عن تفسير العياشي، في بحار الأنوار (ج52 - ص343) عن عبد الأعلي الحلبي، قال قال أبو جعفر (عليه السلام): يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذا الشعاب (وذكر ظهوره (عليه السلام) إلي أن قال) ثم ينطلق - أي المهدي (عليه السلام) - يدعو الناس إلي كتاب الله وسنة نبيه والولاية لعلي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) والبراءة من عدوه، حتي إذا بلغ إلي (الثعلبية) قام إليه الرج... فيقول: يا هذا ما تصنع فو الله إنك لتجفل الناس إجفال النعم أفبعهد من رسول الله (صلي الله عليه وآله) أم بماذا...؟ فيقول له القائم:...اسكت يا فلان، إي والله إن معي عهداً من رسول الله (صلي الله عليه وآله).هات يا فلان العيبة أو الزنفيلجة.فيأتيه بها فيقرئه العهد من رسول الله (صلي الله عليه وآله).فيقول: جعلني الله فداك أعطني رأسك أقبله.فيعطيه رأسه فيقبل بين عينيه ثم يقول: جعلني الله فداك جدد لنا بيعة، فيجدد لهم بيعة [628] .

يا جداه

العلامة المجلسي (رحمة الله عليه) في بحار الأنوار (ج53 - ص32) في المفضل بن عمر عن الصادق (عليه السلام) في حديث طويل جاء في وصف مفصل لرجعة رسول الله (صلّي الله عليه وآله) ورجعة الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) وشكاياتهم واحداً واحداً إلي جدهم النبي (صلي الله عليه وآله) إلي أن قال الصادق (عليه السلام): ثم يقول المهدي (عليه السلام) سمي جدي رسول الله (صلي الله عليه وآله) وعليه قميص رسول الله (صلّي الله عليه وآله) مضرجاً بدم رسول الله (صلّي الله عليه وآله) يوم شج جبينه وكسرت رباعيته، والملائكة تحفه حتي يقف بين يدي جده رسول الله (صلّي الله عليه وآله) فيقول:...يا جداه وصفتني

ودللت علي، نسبتني، وسميتني، وكنيتني، فجحدتني الأمة وتمددت وقالت: ما ولد، ولا كان، وأين هو؟ ومتي كان؟ وأين يكون؟ وقد مات ولم يعقب، ولو كان صحيحاً ما أخره الله إلي هذا الوقت المعلوم.فصبرت متحسباً، وقد أذن الله فيها بإذنه يا جداه [629] .

عليك بالأسدي

العلامة المجلسي (رحمة الله) في بحار الأنوار: ج51 - ص294 نقلاً عن الخرائج قال: روي محمد بن يوسف الشاشي: أنني لما انصرفت من العراق كان عندنا رجل بمرو يقال له (محمد بن حصين الكاتب) وقد جمع مالاً للغريم (أي: للإمام المهدي (عليه السلام)) قال: فسألني عن أمره فأخبرته بما رأيته من الدلائل فقال: عندي مال للغريم فما تأمرني؟ فقلت: وجهه إلي حاجز، فقال لي: فوق حاجز أحد؟ فقلت: نعم الشيخ، فقال: إذا سألني الله عن ذلك أقول إنك أمرتني، قلت: نعم، وخرجت من عنده.فلقيته بعد سنين فقال: هو ذا أخرج إلي العراق ومعي مال للغريم، وأعلمك أني وجهت بمائتي دينار علي يد العابدين يعلي الفارسي، وأحمد بن علي الكلثومي، وكتبت إلي الغريم بذلك، وسألته الدعاء، فخرج الجواب بما وجهت ذكر:...إنه كان له [630] قبلي ألف دينار وإني وجهت إليه بمائتي دينار لأني شككت وأن الباقي له عندي فكان كما وصف وقال: إن أردت أن تعامل أحداً فعليك بأبي الحسين الأسدي بالري [631] .

الموجزات الأجوبة الموجزة من الناحية المقدسة

اشاره

رسائل كثيرة كانت تكتب إلي الناحية المقدسة، فيها حوائج وأسئلة كان يصدر الجواب عليها باختصار، نثبت هنا نماذج منها - من غير استيعاب - مقتصرين علي الأجوبة فقط، دون تفاصيل الرسائل والحوائج:

ستلد ابنا

كتب رجل يسأل الدعاء في حمل له فورد عليه الدعاء في الحمل قبل الأربعة الأشهر:فجاء كما قال (عليه السلام) [632] .

نعي إلي نفسي

وكتب أحمد بن إسحاق - وكيل الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) - بعد موت الإمام العسكري، إلي الناحية المقدسة يستأذن الإمام المهدي (عليه السلام) في الحج.فورد الإذن له، وبعث إليه بثوب.فقال أحمد بن إسحاق: نعي إلي نفسي.فانصرف من الحج فمات بحلوان [633] .

ولادة الصدوق

وبعث الحسين بن علي بن بابويه - والدة الشيخ الصدوق (قدس سرهما) - مع أبي القاسم الحسين بن روح برقعة إلي صاحب الأمر (عليه السلام) يسأله فيه الولد، فكتب (عليه السلام) في الجواب: (قد دعونا الله لك بذلك، وسترزق ولدين ذكرين خيرين).فولد له أبو جعفر (الصدوق) وأبو عبد الله من أم ولد.وكان أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله يقول: سمعت أبا جعفر (يعني الشيخ الصدوق قدس سره) يقول: أنا ولدت بدعوة صاحب الأمر (عليه السلام) ويفتخر بذلك [634] .

مات الولد

وعن علي بن محمد قال: حدثني بعض أصحابنا قال: ولد لي ولد فكتبت - أي: إلي الناحية المقدسة - أستأذن في تطهيره يوم السابع فورد:(لا تفعل).فمات يوم السابع أو الثامن.ثم كتبت بموته ثم ورد الجواب:(ستخلف غيره، وغيره، فسمي الأول أحمد، ومن بعد أحمد جعفرَ).فجاءا كما قال [635] .

ثوبان للكفن

وعن سعد بن عبد الله أن الحسن بن النضر - في قصة طويلة - قال:... وإذ بيت عليه ستر فنوديت منه:(يا حسن بن النضر أحمد الله علي ما منّ به عليك ولا تشكن فود الشيطان إنك شككت).وأخرج إلي ثوبين وقيل لي:(خذهما فتحتاج إليهما).فأخذتهما وخرجت.قال سعد: فانصرف الحسن بن النضر، ومات في شهر رمضان (يعني: من نفس تلك السنة) وكفن في الثوبين [636] .

يبقي

وعن القاسم بن العلاء قال: ولد لي عدة بنين فكنت أكتب وأسأل الدعاء فلا يكتب إلي لهم بشيء، فلما ولد لي الحسن ابني كتبت أسأل الدعاء فأجبت:(يبقي والحمد لله) [637] .وظاهر الخبر: أن من سبعة من الأولاد كانوا يموتون.

تحول قرمطياً

وعن الحسن بن الفضل بن زياد اليماني قال: كتب أبي بخطه كتاباً فورد جوابه، ثم كتب بخطي فورد جوابه، ثم كتب بخط رجل من فقهاء أصحابنا فلم يرد جوابه.فنظرنا فكانت العلة: أن الرجل تحول قرمطياً [638] .

حصانة الوكلاء

وعن الحسن بن الحسين العلوي قال: كان رجل من ندماء روز حسني وآخر معه فقال له: هو ذا يجبي الأموال (يقصد صاحب الأمر صلوات الله عليه) وله وكلاء وسموا جميع الوكلاء في النواحي وأنهي ذلك إلي عبيد الله بن سليمان الوزير، فهم الوزير بالقبض عليهم.فقال السلطان: اطلبوا أين هذا الرجل فإن هذا أمر غليظ.فقال عبيد الله بن سليمان: نقبض علي الوكلاء. فقال السلطان: لا، ولكن دسوا لهم قوماً لا يعرفون بالأموال فمن قبض منهم شيئاً قبض عليه.قال: فخرج (يعني: من الناحية المقدسة إلي بعض الوكلاء).(بأن يتقدم إلي جميع الوكلاء: أن لا يأخذوا من أحد شيئاً وأن يمتنعوا عن ذلك ويتجاهلوا الأمر).فاندس بمحمد بن أحمد رجل لا يعرفه وخلا به فقال: معي مال أريد أن أوصله فقال له محمد: غلطت أنا لا أعرف من هذا شيئاً، فلم يزل يتلطفه ومحمد يتجاهل عليه، وبثوا الجواسيس وامتنع الوكلاء كلهم لما كان تقدم إليهم [639] .

مقام أبيك

وعن محمد بن إبراهيم بن مهزيار قال: اجتمع عند أبي مال كثير - بعد مضي أبي محمد (عليه السلام) - وكان اجتمع عند أبي مال جليل، فحمله وركب في السفينة وخرجت معه مشيعاً له، فوعك وعكاً شديداً، فقال: يا بني ردني فهو الموت، واتق الله في هذا المال وأوصي إلي ومات.فقلت في نفسي: لم يكن أبي يوصي بشيء غير صحيح أحمل هذا المال إلي العراق وأكتري داراً علي الشط، ولا أخبر أحداً، فإن وضح لي شيئاً كوضوحه أيام أبي محمد (عليه السلام) أنفذته وإلا تصدقت به.فقدمت العراق، واكتريت داراً علي الشط وبقيت أياماً فإذا أنا برسول معه رقعة فيها:(يا محمد معك كذا وكذا في جوفاً كذا وكذا).حتي قص علي الجميع ما معي مما

لم أحط به علماً، فسلمت المال إلي الرسول، وبقيت أياماً لا يرفع لي رأس، فاغتممت، فخرج إلي:(قد أقمناك مقام أبيك فأحمد الله) [640] .

جواب الثلاثة

وقال الحسن بن فضل بن زيد اليماني:كتبت في معنيين (أي: في موضوعين) وأردت أن أكتب في الثالث وامتنعت منه مخافة أن يكره ذلك، فورد جواب:المعنيين والثالث الذي طويته، مفسراً [641] .

الي أحمد بن الحسن

وقال أحمد بن الحسن: وردت الجبل (أي: إيران) وأنا لا أقول بالإمامة، أحبهم جملة إلي أن مات يزيد بن عبد الملك (وفي نسختي الكافي، وإرشاد المفيد: يزيد بن عبد الملك) فأوصي إلي في علته: أن يدفع الشهري السمند. وسيفه، ومنطقته إلي مولاه (يعني: صاحب الأمر عليه السلام) فخفت إن لم أدفع الشهري إلي (اذكوتكين) (حاكم الجبل آنذاك) فالتي منه استخفاف، فقومت الدابة والسيف والمنطقة بألف دينار في نفسي، ولم أطلع عليه أحداً، فإذا الكتاب قد ورد علي من العراق:(يا أحمد بن حسن الألف دينار التي لنا عندك ثمن الفرس والسيف سلمها إلي أبي الحسن الأسدي).قال: فخررت لله ساجداً شكراً لما منّ علي وعرفت أنه حجة الله حقاً لأنه لم يكن وقف علي هذا أحد غيري، فأضفت إلي ذلك المال ثلاثة آلاف دينار أخري سروراً بما منّ الله علي بهذا الأمر [642] .الشهري السمند: نوع من الفرس.

اماماً لك

وبعد موت القاسم بن العلاء خرج التوقيع إلي ابنه الحسن كتاب تعزية وفي آخره دعاء.(ألهمك الله طاعته، وجنبك معصيته).(قد جعلنا أباك إماماً لك، وفعله لك مثلاً) [643] .

كفن لآخر

وكتب محمد بن زياد الصيمري يسأل صاحب الزمان (عليه السلام) كفناً يتيمن بما يكون من عنده فورد:(إنك تحتاج إليه سنة إحدي وثمانين).فمات رحمه الله في الوقت الذي حده، وبعث إليه بالكفن قبل موته بشهر [644] سنة إحدي وثمانين أي بعد المائتين الهجرية.

اصلح الله ذات بينهما

وعن أبي غالب الرازي قال - في حديث طويل - كانت منازعة بيني وبين زوجتي وأهلها مدة طويلة وكانت في بيت أبيها، لا تأتيني، فضقت لذلك، فكتبت إلي صاحب الأمر (عليه السلام) أسأله الدعاء فورد الجواب:(وأما الزراري وحال الزوج والزوجة فأصلح الله ذات بينهما).فجاءت إلي، فاسترضتني، واعتذرت ووافقتني ولم تخالفني حتي فرق الموت بيننا [645] .

انك تحتاج إليها

وقال أبو غالب: وقد كتبت رقعة أسأل فيها أن يقبل ضيعتي، وألححت في ذلك فكتب إلي:(اختر من تثق به فاكتب الضيعة باسمه فإنك تحتاج إليها).فكتبتها باسم أبي القاسم موسي بن الحسن الزجوزجي ابن أخي أبي جعفر، ثقتي به وموضعه من الديانة والنعمة.فلم تمض الأيام حتي أسروني الأعراب، ونهبوا الضيعة التي كنت أملكها، وذهبت فيها من غلاتي ودوابي وآلتي نحواً من ألف دينار، وأقمت في أسرهم مدة إلي أن اشتريت نفسي بمائة دينار وألف وخمسمائة درهم ولزمني من أجرة الرسل نحو من خمسمائة درهم، فخرجت واحتجت إلي الضيعة فبعتها [646] .

لك فيها عشرون درهماً

قال محمد بن شاذان بن نعيم: اجتمع عندي مال للغريم (صلي الله عليه) خمسمائة درهم تنقص عشرين درهم، فأبيت أن أبعثها ناقصة هذا المقدار، فأتممتها من عندي فبعثت بها إلي محمد بن جعفر ولم أكتب مالي فيها، فأنفذ إلي محمد بن جعفر القبض وفيه:(وصلت خمسمائة درهم لك فيها عشرون درهماً) [647] .الغريم: كناية عن مولانا صاحب الزمان (عليه الصلاة والسلام وعجل الله تعالي فرجه).

و هو أربعمائة درهم

قال الشيخ العمري - نائب الناحية المقدسة -: صحبت رجلاً من أهل السواد (يعني: أهل العراق) ومعه مال للغريم (عليه السلام)، فأنفذه فرد عليه وقيل له:(أخرج حق ابن عمك منه وهو أربعمائة درهم).فبقي الرجل باهتاً متعجباً ونظر في حساب المال، وكانت في يده ضيعة لولد عمه قد كان رد عليهم بعضها وذوي عنهم بعضاً، فإذا الذي نص لهم من ذلك المال أربعمائة درهم كما قال (عليه السلام). فأخرجه وأنفذ الباقي فقبل [648] .

كذب الوقاتون

قال علي بن عاصم الكوفي:خرج في توقيعات صاحب الزمان (عليه السلام):(ملعون ملعون من سماني في محفل من الناس) [649] .وقال الشيخ محمد بن عثمان العمري - نائب الناحية المقدسة - قدس الله روحه: خرج توقيع بخطه (عليه السلام) أعرفه:(من سماني في مجمع من الناس باسمي فعليه لعنة الله).وكتبت أسأله عن ظهور الفرج؟ فخرج في التوقيع:(كذب الوقاتون) [650] .وعن أبي عبد الله الصالحي قال: سألني أصحابنا بعد مضي أبي محمد (عليه السلام) أن أسأل عن الاسم والمكان فخرج الجواب: (إن دللتم علي الاسم أذاعوه، وإن عرفوا المكان دلوا عليه) [651] .

عن قوامهم

عن محمد بن صالح الهمداني [652] قال: كتبت إلي صاحب الزمان (عليه السلام): إن أهل بيتي يؤذوني ويقرعونني بالحديث المروي عن آبائك (عليهم السلام) أنهم قالوا: (قوامنا وخدامنا شرار خلق الله) فكتب (عليه السلام):(ويحكم أما قرأتم قول الله عز وجل: (وجعلنا بينهم وبين القري التي باركنا فيها قري ظاهرة) [653] ونحن والله القري التي بارك الله فيها وأنتم القري الظاهرة [654] .

پاورقي

[1] يلاحظ قوله تعالي: (وكانوا يستفتحون علي الذين كفروا) - إلي آخره - وغيره ويلاحظ تفاسير القرآن عند الحديث عن ذلك.

[2] إنما ذكرنا لفظ الكفاءات أيضاً تمشياً مع من يفرون من الألفاظ لنستوقفهم كي يتذكروا ويتدبروا وإلا فالمعجزة كفاءة خاصة جعلها الله تعالي في أفراد معينين من البشر.

[3]. وبلغ في مقدرته علي حمل السيف، أن أعاد الجزيرة إلي صوابها دون أن يقتل سبعمائة رجل، وكانت قبله دولاب دم، ومفرمة بشرية. وإذا استعرضنا مجتمعات الأنبياء نجد التجانس بينها وبينهم، بفارق واحد، وهو أنها كانت علي باطل، وأنهم كانوا علي حق. إذن فالتجانس بين الأنبياء ومجتمعاتهم موجود وواضح: والسؤال هو: هل المجتمعات هي الأصل، والأنبياء كانوا امتداداتها؟ أو أن الأنبياء هم الأصل والمجتمعات كانت امتداداتهم؟ مع العلم أن ما يؤيده الاختبار الخارجي والقرآن والكريم والسنة المطهرة هو الثاني دون الأول. وبتعبير أوضح: هل المجتمع هو الذي يتقلب في أطواره المختلفة، فتقوده محركاته الذاتية في كل بضعة قرون إلي طور معين، نتيجة لتفاعلاته الداخلية المعقدة، كما يغير النهر مجراه بعوامله الخاصة، وكما تغير الأرض مظاهرها الجغرافية وفق معادلاتها الباطنية، فتجعل من قاعات بحار قمم جبال، وتجعل قمم جبال قاعات بحار. أو أن الأنبياء - وأصحاب الولاية منهم بصورة خاصة - طاقات كونية كبيرة، فهم المحركات الأساسية

للمجتمعات، فحينما يتجه أي واحد منهم إلي الوجود البشري، تسبقه موجاته وخصائصه إلي المسرح البشري - وهذه ما تسمي في لغة العصر الحديث ب_(الارهاصات) - فتلقفها المشاعر المرهفة في الناس، وإن كانت محطات الاستقبال الشعورية، تلونها في كل فرد بطابعها الخاص، فتظهر موجاته وخصائصه من خلال كل واحد بشكل، فينال كل فرد زخماً جديداً يرفعه إلي مستوي أعلي من مستواه الذي كان عليه قبل اتجاه نبي زمانه إلي الوجود البشري، ولا ينافي ذلك أن يزداد السعيد سعادة وأن يزداد الشقي شقاوة. تماماً كالنجوم، فكل نجمة تقترب من الأرض، تسبقها كهربتها الخاصة إلي سطح الأرض، فتكون زخماً جديداً ينشط الكائنات الحية وإن كانت تلك الكهربة - نتيجة للتفاعلات المختلفة - تصطنع في كل كائن حي بطابعه، فتكون حدة في الشوك وسماً في الأفعي، وروعة في الوردة، ووهجاً في المعادن. أرأيت الشمس، كيف يبادر شعاعها إلي الأفق؟ ثم كيف يعزز ذلك الشعاع في المواشير؟ وكيف يطبع بطابع الزجاجات المختلفة التي يمر عبرها؟ وكيف يمنح العيون صفاءً ويزيد الفحم عتمة، ويعطي الصخر صلابة، ويعقد في السنبلة حبة، ويخلع علي الأشجار وشاحاً أخضر؟ هكذا نجد خصال كل نبي في قومه، والسؤال الذي بدأنا به: هل النبي أخذ خصاله من قومه، وبلورها في صيغة نبوية؟ أو أن النبي منح خصاله لقومه، فطبعها كل واحد منهم بطابعه الخاص به؟.. ولا شك أن الثاني هو الصحيح الذي دلت عليه الآيات والروايات والواقع الخارجي. وإذا أردنا الانتقال من أوضاع الأنبياء وتفاعلاتهم مع مجتمعاتهم إلي وضع الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام) وتفاعلاته مع مجتمعه، نجد أن خصائصه بدأت تظهر علي المسرح البشري منذ أوائل القرن العشرين، فأبرز خصائصه (العلم والقوة) علم يستثمر كل طاقات

الأرض والفضاء، فيعيش كل فرد حتي يري ابناً من صلبه دون أن يكتسحه بؤس أو عناء، وقوة تلف الأرض براية واحدة، وتدع الذئب يرعي مع الغنم في قطيع، وقد بدأ العلم والقوة يطبعان المجتمع البشري كله وفي كل المجالات، بشكل سريع يوحي بأن نجمة العلم والقوة قد اقتربت من الأفق، وحان ظهورها للأبصار.

[4] سورة العنكبوت: الآية 14.

[5]. ولا يمكن أن يعلن القرآن هذا القرار بمثل هذا الزخم، ثم يخرج القرآن ذاته علي هذا القرار فيستخدم المفهوم الجاهلي للسنة.

[6] قد يناقش في ذكر عيسي ابن مريم مع بقية العمرين، بأنه يعيش في السماء، فهو خارج عن نطاق هذا البحث، الذي يدرس حدود حياة إنسان الأرض، ولا يحاول دراسة حدود حياة إنسان السماء التي قد تكون حياة روحية أشبه بحياة الملائكة. وقد نجيب علي هذه المناقشة بما يلي: الأول: صحيح أن الحديث مكرس لمعرفة دود حياة إنسان الأرض، ولكن عيسي ابن مريم إنسان الأرض، وقد عاش فترة من عمره علي الأرض، وسيعيش فترة أخري من عمره علي الأرض، وبين هاتين الفترتين يمضي فترة من عمره في السماء وهذا لا يخرجه من نطاق إنسان الأرض. الثاني: إن أرضنا هذه وكل الأجرام السابحة في الفضاء وكل السماوات داخلة في نطاق الدنيا، فعالم الأرض وعالم السماء عالم واحد، ولعل مقاييس الجسم البشري فيهما واحدة. الثالث: إن عيسي ابن مريم يعيش الآن في السماء مجسمة الترابي، ولا يعيش بروحه عيشة روحية كالملائكة، وحينما يرجع من السماء إلي الأرض يرجع بجسمه الترابي، وتأكيد القرآن علي أن لم يقتل ولم يصلب، للدلالة علي أن الله رفعه إليه بجسمه الترابي، وإلا لم تكن مزية لعيسي ابن مريم علي غيره، فكل الأموات يرفعون بأرواحهم إلي

الله.

[7] سورة الصافات: الآية 147.

[8] سورة سبأ: الآية 28.

[9] سورة طه: الآية 43. [

[10] سورة طه: الآية 42.

[11] سورة يس: الآية 14.

[12] سورة مريم: الآية 54.

[13] سورة البقرة: الآية 124.

[14] لعل القدماء تلقوا معلومات مشابهة لذلك من الأنبياء، وبسبب انحرافهم عن تعاليم الأنبياء، ومع تفاعل غريزة العبادة بالمعلومات الناقصة أو المشوهة اتجهوا إلي تسمية الملائكة الموكلين بالاقسام التكوينية (آلهة) ثم اتجهوا إلي نحت التماثيل لهم لذلك نجد الشبه بين اختصاصات (آلهة) القداس ومهمات الملائكة الموكلين بالأقسام التكوينية.

[15] سورة آل عمران: الآية 20.

[16] سورة الغاشية: الآية 21.

[17] سورة طه: الآيات 2 و3.

[18] سورة الإسراء: الآية 39.

[19] سورة الإسراء: الآيات 74 و75.

[20] سورة الحاقة: الآيات 44 - 47.

[21] سورة النجم: الآية 3-4.

[22] سورة الأعراف: الآية 155.

[23] سورة الأعراف: الآية 143.

[24] سورة البلد: الآية 10.

[25] سورة الشوري: الآية 51.

[26] سورة النجم: الآية 9.

[27] سورة النمل: الآية 16.

[28] سورة النازعات: الآية 5. يلاحظ أن هذه مصطلحات لا نكاد نعرف مغزاها، فإنها غالباً أعمق من تفكير البشر، وقدرته المعنوية...

[29] سورة الأعراف: الآياات 175 - 176.

[30] سورة الشعراء: الآية 219.

[31] من زيارة وارث التي يزار بها الحسين (عليه السلام).

[32] سورة آل عمران: الآية 39.

[33] سورة البقرة: الآية 37.

[34] سورة التحريم: الآية 12.

[35] سورة الكهف: الآية 65.

[36] سورة النمل: الآية 40.

[37] سورة الرعد: الآية 43.

[38] سورة البقرة: الآية 124.

[39] سورة النساء: الآية 171.

[40] سورة آل عمران: الآية 45.

[41] سورة البقرة: الآية 31.

[42] سورة طه: الآية 115.

[43] سورة البقرة: الآية 37.

[44] البقرة: الآية 253.

[45] سورة يونس: الآية 38.

[46] سورة يونس: الآية 38.

[47] سورة هود: الآية 13.

[48] غيبة الطوسي: ص243.

[49] غيبة الطوسي: ص257.

[50] جامع الرواة: ج2 ص153. (أقول) يتكرر هنا في هذا الفصل ذكر

كتاب (ربيع الشيعة) ونسبته إلي السيد ابن طاووس (قدس سره) لكن في النسبة إشكالاً يظهر مما ذكره المحقق النوري (قدس سره) في المستدرك (ج 3 ص469) كما يلي: عد العلامة المجلسي في أول البحار من كتبه ربيع الشيعة وقال بعد ذلك وكتب السادة الأعلام ابنا طاوس كلها معروفة وتركنا منها كتاب ربيع الشيعة لموافقته لكتاب أعلام الوري في جميع الأبواب والترتيب وهذا مما يقضي منه العجب، وقال العالم الجليل المولي عبد النبي الكاظمي في حاشية كتابه (تكملة الرجال) قد وقفت علي أعلام الوري للطبرسي وربيع الشيعة لابن طاوس وتتبعتهما من أولهما إلي آخرهما فوجدتهما واحداً من غير زيادة ولا نقصان ولا تقديم ولا تأخير أبداً إلا الخطبة وهو عجيب من ابن طاوس علي جلالته وقدرته وعن هذا العمل ولتعجبي واستغرابي صرت احتمل احتمالات فتارة أقول لعل ربيع الشيعة غيره ونحو هذا حتي رأيت المجلسي (رحمه الله) في البحار ذكر الكتابين ونسبها إليهما ثم قال هما واحد وهو عجيب وقال في حاشية أخري كنت أنقل عن ربيع الشيعة لابن طاوس وأعلام الوري فرأيتهما من أولهما إلي آخرهما متحدان لا ينقصان شيئاً ولا يتغيران لا عنواناً ولا ترتيباً ولا غير ذالك إلا خطبتهما فأخذ في العجب العجاب وحدست أن لا يكونا كتابين واحتملت أن يكون اشتباهاً من الناس تسمية أحدهما ربيع الشيعة فتتبعت كتب الرجال فلم أجد أحداًٍ ذكر اتحادهما حتي وقفت علي البحار فوجدت ذكر كتاب ربيع الشيعة أنه هو بعينه أعلام الوري وتعجب هو من اتحادهما انتهي. قلت هذا الكتاب غير مذكور في فهرست كتبه في كتاب إجازاته ولا في كشف المحجة وما عثرت علي محل أشار إليه وأحال عليه كما هو دأبه غالباً في

مؤلفاته بالنسبة إليها وهذان الجليلان مع عثورهما علي الاتحاد واستغرابهما لم يذكرا له وجهاً وقد ذاكرت في ذلك مع شيخنا الأستاذ طاب ثراه فقال وأصاب في حدسه أن الظاهر أن السيد عثر علي نسخة من الأعلام لم يكن لها خطبة فأعجبه فكتبه بخطه ولم يعرفه وبعد موته وجدوه في كتبه بخطه ولم يكن لهم علم بأعلام الوري فحسبوا أنه من مؤلفاته فجعلوا له خطبة علي طريقة السيد في مؤلفاته ونسبوه إليه ولقد أجاد فيما أفاد.

[51] رجال الكشي: ص485.

[52] جامع الرواة: ج1 ص44.

[53] غيبة الطوسي: ص171.

[54] جامع الرواة: ج1 ص35 ومستدرك الوسائل: ج3 ص550.

[55] رجال النجاشي: ص71.

[56] الغيبة: ص258.

[57] إكمال الدين: ص189.

[58] جامع الرواة: ج1 ص42- 131.

[59] إكمال الدين.

[60] جامع الرواة: ج1 ص42- 131.

[61] إكمال الدين.

[62] عن رجال الكشي: ص485.

[63] جامع الرواة: ج1 ص42- 131.

[64] جامع الرواة: ج2 ص427- 83.

[65] جامع الرواة: ج2 ص427- 83.

[66] إكمال الدين.

[67] فهرست الشيخ (قدس سره): ص179.

[68] نقلاً عن غيبة الطوسي: ص257.

[69] رجال النجاشي: ص257.

[70] رجال النجاشي: ص257.

[71] إكمال الدين.

[72] جامع الرواة: ج2 ص19.

[73] غيبة الشيخ: ص188 وبعدها.

[74] جامع الرواة: ج2 ص130.

[75] جامع الرواة: ج1 ص61.

[76] جامع الرواة: ج1 ص61.

[77] هو السفير الثاني أو الثالث علي الظاهر.

[78] كتاب الغيبة للطوسي (قدس سره): ص187.

[79] جامع الرواة: ج1 ص33.

[80] عن رجال الكشي: ص508.

[81] الغيبة: ص258.

[82] ترجم له في (خلاصة الرجال) ص9، والوسائل ج20 ص122 ومستدرك الوسائل: ج3 ص550.

[83] الوسائل: ج20 ص133.

[84] جامع الرواة: ج1 ص41.

[85] جامع الرواة: ج1 ص42، ترجم له رجال النجاشي: ص66 وخلاصة الرجال: ص8، والغيبة: ص258.

[86] الوسائل: ج20 ص145.

[87] الغيبة: ص212، ترجم له أيضاً رجال النجاشي: ص74، والفهرست للطوسي: ص40 وخلاصة الرجال: ص7.

[88] جامع الرواة: ج1 ص307.

[89] إلزام الناصب: ج1

ص427.

[90] وسائل الشيعة: ج20 ص190.

[91] جامع الرواة: ج1 ص307.

[92] رجال النجاشي: ص113- ومعالم العلماء: ص41- وخلاصة الرجال: ص34- ورجال الشيخ الطوسي (قدس سره): ص414.

[93] الجهة المقدسة قد تكون كناية عن ناحية صاحب الأمر (عليه السلام).

[94] فيكون المقصود ب_(أبي محمد) الإمام الرضا (عليه السلام)، وإلا لو كان المراد به الإمام الحسن العسكري فهو غير صحيح إذ لا أخ لصاحب الأمر (عليه السلام).

[95] جامع الرواة: ج1 ص41.

[96] بحار الأنوار: ج53 ص197.

[97] جامع الرواة: ج2 ص58- 63.

[98] إلزام الناصب: ج1 ص427.

[99] جامع الرواة: ج1 ص618.

[100] هنا انتهي المؤلف الشهيد (قدس سره) من وضع هذه المقدمة ولم ينته بعد ما أراد إثباته فيها، فهذه المقدمة تعاني من عدم إكمال نتيجة رصاصات الغدر من بعث العراق عصر يوم الجمعة 16 جمادي الثانية 1400 هجرية فإنا لله وإنا إليه راجعون. الناشر.

[101] في إعطاء المفيد هذه الأوصاف (الأخ السديد والولي الرشيد) والأوصاف التالية في الرسالة، والدعاء له بالدوات المتعددة في غضون الرسالة، ثم في تقديم اسمه علي اسم الإمام المهدي، تكريم ما فوقه تكريم. والمعروف أن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) هو الذي أطلق عليه لقب المفيد.

[102] الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام البغدادي، أول من جسد المرجعية الشيعية، بعد انتهاء الغيبة الصغري وابتداء الثيبة الكبري فانعكست الصيغة المرجعية علي الطبيعة من خلاله، بعد أن بقيت برهة من الزمان فكرة فضفاضة لا تتراهي علي أحد. ولكن المفيد تصدي للقيادة المرجعية - وبتوجيه مباشر من الإمام المهدي (عجل الله فرجه) - واجتمعت فيه مؤهلات جمعت عليه كلمة الشيعة بلا منازع. فكان أولي من تجتمع عليه كلمة الشيعة بعد الأئمة الأطهار (عليهم السلام). وهذه الظاهرة تعبر عن مدي

عظمة الرجل إذ الرجل إذا أخذنا بنظر الاعتبار ما يلي: 1- إن المطامح الشيعية - تعلقت من خلال قيادات النبي والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) - تعلقت بنوع فريد من القيادات السماوية، عز نظيرها في الكون كله، لا في التاريخ المنظر وغير المنظر فحسب، ولذلك كانوا أشد الناس علي القيادات الأرضية. وفي الغيبة الصغري بقي النواب الأربعة - بتوجيهات الإمام المهدي (عجل الله فرجه) - يهدهدون تلك المطامح، فيبادرون بعض مراجعيهم بالجواب قبل أن يبدأ بالسؤال، أو يخبرونه بحين موته أو موعد شفائه من مرضه. بالإضافة إلي أنهم كانوا يعتبرون أنفسهم مجرد وسطاء بين الإمام المهدي وشعته، وربما يرافقون بعض الأشخاص لمقابلة الإمام فكانوا يتجاوبون مع المطامح الشيعية بشكل أو بآخر. وبوفاة علي بن محمد السمري، وجد الشيعة أن قيادتهم انحصرت في فقهائهم، وفقهائهم لا يتميزون عنهم إلا بقسط من المعلومات، فأصيبوا بفراغ قيادي ضاغط. فإجماعهم علي الشيخ المفيد دليل علي أنهم وجدوا فيه أكثر من مجرد فقيه. 2- بمجرد إعلان الإمام المهدي (عليه السلام) الغيبة الكبري والقيادة اللامركزية انقطاع الأبواب إليه من خلال التوقيع الذي صدر إلي إسحاق بن يعقوب علي يد محمد بن عثمان العمري عادت أفكار الفقهاء إلي ما لديها من تراث روائي في الفقه والتفسير والعقائد وغيرها وبدأوا عملية الاعتماد علي النفس في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها. فتفرق العلم بين أهله وكان يري رأيه حجة فيما بينه وبين الله، فاجتماعهم علي الشيخ المفيد دليل علي أنهم وجدوا فيه أكثر من مجرد فقيه. وقد بدأ الشيخ المفيد يتجاوب مع المطامح القيادية الشيعية بعض الشيء، ويملأ شيئاً من الفراغ القيادي الذي أصيبت به الشيعة علي أثر بدء الغيبة الكبري من خلال ما يلي:

1- مواهبه الشخصية، فقد كان لغوياً جامعاً، وفقيهاً بارعاً، ومتكلماً لم ينهزم في خصام. ونكتفي في هذا المجال بتسجيل بعض ما كتب عنه أو قيل: كتب الشيخ الطوسي في رجاله ص514: (محمد بن محمد بن النعمان جليل ثقة). وكتب الشيخ الطوسي في (الفهرست) ص186: (محمد بن محمد بن النعمان المفيد يكني (أبا عبد الله) المعروف بابن المعلم من جملة متكلمي الإمامية، انتهت إليه رئاسة الإمامية في وقته، وكان مقدماً في العلم، وصناعة الكلام، وكان فقيهاً متقدماً فيه حسن الخاطر، دقيق الفطنة حاضر الجواب). وكتب النجاشي في رجاله ص311: (شيخنا وأستاذنا رضي الله عنه، فضله أشهر من أن يوصف في الفقه، والكلام، والرواية). وكتب العلامة الحلي في (خلاصة الرجال) القسم الأول ص147: (محمد بن محمد بن النعمان... من أچل مشايخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم، وكل من تأخر عنه استفاد منه). وكتب الشيخ عباس القمي في كتاب (الكني والألقاب) ج3 ص164: (أبو عبد الله محمد بن النعمان... كثير المحاسن، جم المناقب، حديد الخاطر، حاضر الجواب، بلغ الرواية، خبير بالأخبار والرجال والأشعار. وكان أوثق أهل زمانه بالحديث، وأعرفهم بالفقه والكلام). وكتب بعض علماء العامة عنه: (شيخ مشايخ الإمامية، ورئيس الكلام والفقه والجدل. وكان يناظر أهل كل عقيدة، وكان كثير الصدقات عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم خشن اللباس، وكان شيخاً ربعة نحيفاً أسمر... وكان كثير التقشف والانكباب علي العلم، وكان يقال: له علي كل إمامي منّة...). قال عنه الشريف أبو يعلي الجعفري - وكان قد تزوج بنت المفيد -: (ما كان ينام الليل إلا هجعة، ثم يقوم، يصلي أو يطالع أو يدرس أو يتلو). وكتب عنه ابن النديم: (في عهدنا انتهت رياسة متكلمي الشيعة إليه، مقدم في صناعة الكلام علي

مذهب أصحابه، دقيق الفطنة ماضي الخاطر، شاهدته فرأيته بارعاً). 2- مؤلفاته: فلعل الشيخ المفيد أول من ألف بالأسلوب الموسوعي في معارف الشيعة ومجموعة مؤلفاته تعتبر موسوعة شيعية تناول فيها أكثر المواضيع التي يحتاج إليها الفقهاء والرواة والمفسرون. وقد أكثر من التأليف وأحسن. فقد أثبت النجاشي في ترجمته قائمة بأسماء كتبه، فبلغت (174) كتاباُ. وقال الشيخ الطوسي والعلامة الحلي وغيرهما: له قريب مائتي مصنف كبار وصغار. 3- تلامذته، فقد عهد بنفسه تربية طلابه، وكانت له حوزة واسعة تضم خيرة مثقفي الشيعة في عهده حتي نصب له منبر عديد الدرجات للدرس، ولم يكن يكتفي بتثقيفهم فحسب، وإنما يعتني بتربيتهم علي التقوي والصلاح، ويكفي أنه ظهر في تلامذته الشريفان: الرضي، والمرتضي، والشيخ الطوسي... 4- جهاده، فحيث أنه جسد الشيعة علماً، ومثلهم قيادة، تركزت ضده التحديات الطائفية، وقد هاجم المتطرفون السنة أكثر من مرة مسجده، وفتكوا بالشيعة وهم يؤدون فريضة الصلاة، وذات مرة هاجموا منزله وأحرقوا مكتبته التي كانت تضم مخطوطات نفيسة جداً، ولكنه صمد في كل تلك الأزمات واستطاع أن يتغلب - بحكمته - علي الموقف دون أن يثير حرباً طائفية. 5- علاقته بالإمام المهدي، فقد كان يتردد علي من عاصرهم من النواب الأربعة، وبقي بعدهم علي علاقته بالإمام المهدي بالمراسلة - وربما بالمشاهدة - ويذكر العلامة الحلي - في الرجال الكبير - قصة خلاصتها أن الإمام المهدي هو الذي أطلق عليه لقب: (المفيد)، والمعروف أنه هو الذي أمره بالفتوي، وعندما أخطأ في فتوي صحح الإمام فتواه، وعندما اعتزل الفتوي قال له الإمام: (أيها الشيخ المفيد منك الفتوي ومنا التسديد) ويقال: أنه عندما توفي وقف الإمام المهدي (عليه السلام) علي قبره وأبنه بهذه الأبيات: لا صوت الناعي بفقدك

إنه يوم علي آل الرسول عظيم إن كن_ت قد غيبت في جدث الثري فالعلم والتوح_يد فيك مقيم والحجة المه_دي يفرح كلما تليت عليك من الدروس علوم وهكذا كان الشيخ المفيد نموذجاً رائعاً للمرجع الديني في ذلك الوقت المبكر، واستطاع أن يوحد كلمة الشيعة بعد أن تمكنت منهم عوامل التمزق والانهيار. ولعل الأسباب التي وجهت اهتمام الإمام المهدي (عليه السلام) إلي الشيخ المفيد تتلخص في أمرين: 1- قابلياته النفسية، وإخلاصه الكبير وعلمه الغزير، وجهاده المتواصل وسائر المواهب التي توفرت فيه بزخم. فالمؤهلات التي جعلته أفضل أهل زمانه كان من الطبيعي أن يعطف عليه اهتمام الإمام، حتي ولو تكن قضيته المرجعية مطروحة. 2- محاولة الإمام المهدي - من خلاله - توظيف القيادة اللامركزية في إبراز ظاهرة المرجع الأعلي، الذي لا يمنع تنمية القابليات المرجعية ضمن نظام هرمي يحافظ علي القمة، في الوقت الذي يشجع حركة التصعيد في المتوهجة من القواعد، حتي لا ينتهي أمر المرجعية إلي إظهار عدد من الفقهاء، تتمزق بينهم الطائفة إلي كتل متنافسة أو متعايشة لا تتمكن منها إرادة شمولية واحدة تستطيع التوجيه العام في أحيان السلم، والتعبئة العامة في مواجهة التحديات. وعندئذ يكون الفارق بين القيادتين: أن القيادة اللامركزية تعني استناد القيادة إلي مواصفات معينة، في أي شخص توفرت، وفي أي مكان وجد. فيما القيادة المركزية لا تكتفي بمجرد المواصفات، وإنما تنتظر تعيين الأسماء بدلالة واضحة لا لبس فيها ولا غموض. ولد (رحمه الله) ببغداد سنة 338ه_، وتوفي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة 413 عن عمر يناهز السادسة والسبعين، واشترك في تشييع جثمانه ثمانون ألف نسمة، وأدي الصلاة علي جثمانه الشريف المرتضي بميدان (الاشنان) ببغداد حيث ازدحم بالمصلين علي سعته ووري جثمانه

الثري في جوار الإمامين الكاظمين (عليهما السلام)، بمدينة الكاظمية، حيث مزاره الآن. ورثاه الإمام المهدي بأبيات من الشعر - مر نقلها - وقد كتبها علي ضريحه، ورثاء الشريف المرتضي ومهيار الديلمي بقصيدتين من روائع الشعر فرحمه الله وطيب ثراه.

[103] في مجموعة من آيات القرآن إشارة إلي (العهد) و(الميثاق) والإهابة بالالتزام بهما، والتأنيب علي نقض ذلك العهد، كقوله تعالي: (الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق) سورة الرعد، آية 20. (ولا تشتروا بعهد الله ثمناً قليلاً) سورة النمل، آية 95. (ألم عهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان) سورة يس، آية 60. (ومن أوفي بما عاهد عليه الله، فسيؤتيه أجراً عظيماً) سورة الفتح، آية 10. (والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) سورة الرعد، آية 25. ولقد أخذ الله العهد والميثاق من الناس في عالم سابق علي هذا العالم، لعله عالم الذر الذي تحدث عنه القرآن بقوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم علي أنفسهم ألست بربكم قالوا بل شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) سورة الأعراف، آية 172. وصيغة العهد كانت تحتوي علي بنود عديدة يمكن تبين بعضها من خلال بعض الروايات وآيات العهد والميثاق، أولها: الإيمان بالله ونبذ كل ما يعبد من دون الله. وثانيها: الإقرار بنبوة الأنبياء ووصاية أوصيائهم. وسائر أصول الدين وبعض فروعه حتي الجهاد في سبيل الله، وعدم الفرار من الزحف، كما يظهر من قوله عز وجل: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر) سورة الأحزاب، آية 23. (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤولاً) سورة الأحزاب،

آية 15. بناءً علي أن (عهد الله) - كلما ورد في القرآن - هو العهد الذي سبق خلق الأجساد. وهذا العهد وإن لم يدخل في ذاكرة الجسد، إلا أنه مخزون في ذاكرة الروح، التي قد يصح التعبير عنها بالعقل الباطن، ونتيجة لتفاعل الروح والجسد ينعكس هذا العهد عليهما وقد يعبر عن نفسه فيما يسمي بالضمير. والذين يجسدون علي الأرض هذا العهد - نيابة عن الله - هم الأنبياء والأوصياء كل منهم في دوره وهذا الدور الذي نعيشه دور الإمام المهدي فهو الذي يجسد ذلك العهد. فقوله: (مستودع العهد المأخوذ علي العباد) يعني نفسه.

[104] أحمد إليك الله: أحمد معك الله. هكذا ورد في اللغة. والمعني: أحمد الله موجهاً حمدي إليك. لأن الإنسان قد يحمد الله بينه وبين الله، وربما يحمد الله بينه وبين الناس تعليماً أو شعاراً كما قد يلبي سراً وربما يجهر بها.

[105] يظهر من هذا النص ما يلي: أ: إن قرارات الإمام المهدي - باعتباره وصياً معصوماً - ليست قراراته الشخصية وإنما هي قرارات السماء، فهو لم يراسل الشيخ المفيد إلا بإذن من مصدر القرار، وليس معني إذنه نزول الوحي إليه بمراسلة المفيد، لأن (إذن الله) هو الاستمرار في السماح باستخدام الصلاحيات المخولة، بعدم وضع حد لها، بينما (أمر الله) هو التأسيس، عن طريق التكوين في المجال الكوني، وعن طريق الطلب في المجال الشرعي. وبهذا توحي موارد استخدام كلمة (الإذن) في القرآن: (فهزموهم بإذن الله) سورة البقرة، آية 251. (وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب) سورة الرعد، آية 38. (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) سورة البقرة، آية 249. فإذن الله للإمام المهدي أن يطلق

له حرية استخدام الصلاحيات التي خولها إياه، ضمن المقاييس المقررة له. ب: إن هذه الرسالة فاتحة رسائل عديدة تلقاها المفيد من قبل الإمام المهدي (عليه السلام) وإن لم يصل إلينا منها إلا هذه الرسالة وتاليتها. فقوله: (أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة، وتكليفك ما تؤديه عنا إلي موالينا... واعمل في تأديته إلي من تسكن إليه بما نرسمه) يدل علي أن الإمام المهدي (عليه السلام) اختار المفيد للقيام بدور معين مدي تبقي من حياة الثاني. ج: إن غيبة الإمام المهدي تدرجت في ثلاث مراحل: الأولي: مرحلة القيادة بالوسائل حيث غيّر الإمام المهدي القيادة المباشرة إلي القيادة بالوسائط فقلص إطلالاته علي جماهير الشيعة واكتفي باستقبال من يختار من علماء الشيعة ومحدثيهم، ولكن بلا موعد مسبق، وبدون مكان محدد من قبل، وذلك خلال السنوات الأخيرة من حياة والده العسكري وبعد وفاته بقليل. الثانية: مرحلة السفراء الأربعة، حيث كان يتصل بالشيعة عبرهم، فيكتب الجواب علي رسائلهم بخطه وتوقيعه. وقد يستقبل بعض الشيعة بواسطتهم وذلك خلال ثلاثة أرباع قرن تقريباً. الثالثة: مرحلة المراسلة، حيث حصر اتصالاته في مراسلة شخص معين هو الشيخ المفيد وهي مرحلة وسطي بين النيابة الخاصة التي تولاها النواب الأربعة، ومرحلة النيابة العامة التي يتولاها الفقهاء المراجع. وبعدها أصبحت الغيبة الكبري، حيث لا اتصال بعامة الشيعة وإنما يتصل ببعض خواص الشيعة عبر لقاءات سريعة ومتباعدة وخاصة للغاية، مكتفياً بالقيادة المرجعية.

[106] لعله يعني ب_(ما تذكره) الروايات المتوفرة لديه.

[107] منزل الإمام المهدي وعائلته في (جزيرة خضراء) ولكنها ليست معروفة بين الجزء المنتشرة علي صخار البحار، كل ما هنالك أنها ليست خاضعة لسلطة سياسية، لأن الإمام المهدي هو الوحيد الذي يظهر وليست في عنقه بيعة لأحد ولا يعني ذلك أنه لا

ينتقل في المدن ولا يلتقي الناس كل ما هنالك أنه لا يعلن عن نفسه. فعندما يظهر يقول بعض الناس: أهذا هو الإمام المهدي؟ لقد كنا نراه ولا نعرفه.

[108] إحاطة الإمام المهدي بأبناء شيعته يمكن أن تكون بإحدي الطرق التالية: أ: الرؤية الثاقبة الشاملة التي وهبها لرسله وأوصيائهم المعصومين، وتحدث عنها في مقام استعراض المرحلة الأولي من مراحل انفتاح إبراهيم الرسالي قائلاً: (... وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) سورة الأنعام، آية 75. أو كما في الحديث الشريف الذي مضمونه: (إن الأرض لدي الإمام كالدرهم في كف أحدكم، يقلبها كيف يشاء). ب: الوسائط الملكوتية التي يتعامل معها الإمام المعصوم بمقتضي مقام الولاية ففي الحديث الشريف - ما معناه -: إن الملائكة تعرض أعمال الخلائق علي ولي الله كل أسبوع مرتين. ج: الأجهزة البشرية المؤلفة من كبار الصالحين - الذين يعبر عنهم بأوتاد الأرض - وهم علي اتصال شبه مستمر بالإمام المهدي، ويتعامل معهم تعامل الأنبياء والأوصياء مع حواريهم. وعلي أي حال، الإمام المهدي لا يعدم الوسيلة للاطلاع علي أوضاع شيعته، إن لم تكن الوسيلة السماوية فالوسيلة الأرضية، فهو في أدني الاحتمالات - لا يقل عن أي قائد عادي يتابع أوضاع أتباعه.

[109] أي نعرف الذل الذي أصابكم، ولعل كلمة (معرفتنا) مبتدأ لخبر محذوف هو (ثابتة) أو ما بمعناه.

[110] أي من السلف، باعتبار أن السلف هو الذي عاهد النبي (صلّي الله عليه وآله) وبايعه، والخلف أقر ما عليه السلف باستمراره في الإسلام كما قبله السلف ما لم يصدر منه اعتراض.

[111] فالإمام المهدي يرعي شيعته ويدافع عنهم بمختلف الأساليب المتاحه له، وبشتي قدراته المادية والمعنوية، كما يجند أي إمام طاقاته لحماية جماعته. ولا شك أن لحماية

الإمام المهدي أثراً بالغاً في صرف الأخطار عن شيعته.

[112] اللأواء: الشدة وضيق المعيشة.

[113] اصطلمكم: استأصلكم.

[114] انتياشكم: انتشالكم.

[115] أناف علي الشيء: طال وارتفع عليه.

[116] الأزوف: الاقتراب.

[117] سورة الصف: آية 8.

[118] أي اتقوا من إشعال نار الجاهلية، فإنكم إن أشعلتموها تستغلها عصابات أموية، إن لم تكن أموية النسب فأموية المسلك، وترعب بالنار ذاتها فرقة مهدية هي أنتم، فتكونوا أنتم الذين أشعلتم النار علي غيركم ثم لا تخمد إلا وتكونوا أنتم الذين احترقتم بها. وقال: (اعتصموا بالتقية) بدلاً من الاعتصام بالمسبقات الموروثة التي تتجمع في المذهب والمراد من التقية - هنا - ليس كتمان العقيدة التي يحاربها المجتمع وإنما الهروب من الفتنة التي يشجعها المجتمع. وعبر ب_(نار الجاهلية) عن الحرب الطائفية تشديداً في استنكارها.

[119] حش - وحشاً الحرب: هيجها. و- النار: أوقدها وحركها بالمحش. والمحش: حديدة تحرك بها النار. والعصب: جمع عصبة، وهي الجماعة من الرجال والخيل والطير.

[120] المواطن الخفية هي العورات أي النقاط الحساسة، لأن الإنسان الذي نازل قوماً قد يرميهم في مظاهرهم فلا يوجعهم فلا يبالون به، أو لا يكلفون أنفسهم عناء الرد عليه، وربما يناضلهم فيستهدف مقاتلتهم فلا يملكون الإعراض عليه، فيكون موقفه هو موقف من يدعوهم إلي الإجهاض عليه.

[121] الظعن منها هو الارتحال عنها. وقد يكون في طبائع الناس شيء يوزعهم إلي تجار حروب ومصلحين، فهنالك من إذا رأي الحرائق تشتعل يروق له أن يلعب علي تناقضاتها، فلا بد أن تمتد ألسنة اللهيب إليه لتخطفه وتزج به الحومة، وإلي جانبه من إذا رأي أزمة تحيط به لا يسمح للأمر الواقع أن يأخذه إلي ما لم يخطط له، وإنما يحاول فرض موقفه علي الأزمة - بسحب مبرراتها حتي تنطفئ - أو حسن التخلص منها أن

عجز عن الإصلاح. وقد يلاحظ الفرق بين كلام الإمام المهدي - هذا - وموقفه المبدئي الثابت، فهو هنا يوجه إلي حسن التخلص من الأزمات، بينما هو يهيئ لثورة عالمية شاملة تغطي جميع مظاهر الحياة. ولكنها ملاحظة ساذجة نتجاوز العوامل المبدئية التي تفرز المواقف والتوجيهات، فقد تكون قضية مقدسة مطروحة علي الساحة، تفرض علي القيمين عليها الكفاح دونه بلا هوادة، وربما تكون الأنانيات الانفصالية هي التي تنزف مجتمعاً لا خط له ولا هدف فعلي كل قادر أن يعجل لإيقاف النزيف أو النجاة بنفسه من النزف المهدور..

[122] المارق: النافذ من كل شيء. - ومنه المارق الخارجي لمروقه من الدين الجمع: مارقون ومراق.

[123] في هذه الرسالة وفي الرسالة التالية تنبؤات لم نحاول استباق القراء إليها، وفضلنا تركها مفتوحة ليفسر كل حسب معلوماته ومستواه.

[124] ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) يفاجئ العالم غير المؤمن به والمؤمن به علي حد سواء، فالعلائم المروية نظمت بشكل تحتمل تطبيقات مختلفة، ولعل الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) تعمدوا صياغها بهذا الشكل - بأمر الله تعالي - لإبقاء كل الأجيال التي عاصرت فترة الغيبة في حالة تهيؤ وترقب، ففي أي يوم يظهر فيه يكون ظهوره مسبوقاً بعلامات ومفاجئة في الوقت ذاته. وكما يكون ظهوره مفاجئة، تكون تلبيته لنداءات المتوسلين به مفاجئة، فمن الثابت أنه يجيب بعض المتوسلين به ولا يجيب البعض الآخر، فكل متوسل به لا يعلم هل هو ممن يجيبهم أو ممن لا يحبهم، فإذا أجابه كان مسبوقاً بوعد ومفاجئة في الوقت ذاته. وهذه ظاهرة طبيعية في حالة الغيبة، حيث لا يستطيع أكثر الناس مقابلته ومشافهته، ليعرفوا ما إذا كان علي استعداد لإجابتهم أو لا؟

[125] لعل هذا النص يفسر بيوم الظهور (بعض آيات ربك) في

قوله سبحانه: (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً قل انتظروا إنا منتظرون) سورة الأنعام، آية 158. وكأن القرآن يقول: لماذا لا يعود الكفار والفساق إلي الإيمان والصلاح، مع تكاثر البراهين والدلائل؟ هل ينتظرون أحد الأيام الثلاثة الحاسمة؟ إذا كانوا ينظرون ذلك فعليهم أن يعرفوا أنه إذا جاء أحد تلك الأيام فلا تنفع أوبة الكفار ولا توبة الفساق. فليبادروا إلي الإيمان والصلاح قبلها. وهذه الأيام الثلاثة هي: 1- يوم الموت، حيث يكشف الغطاء عن المحتضر فيري الملائكة. وقد رمز إليه القرآن بقوله: (... أن تأتيهم الملائكة). 2- يوم القيامة، حيث تظهر كل الحقائق والأسرار التي بشر أو أنذر بها الرسل والرسالات وتفعم الأجواء بأكبر قدر من الآيات الواضحة، حتي كأن الله - بكل ما يرمز إليه - قد أتي. وقد أشار إليه القرآن بقوله: (... أو يأتي ربك). 3- يوم ظهور الإمام المهدي الذي هو التحول الكبير، وقد عبر عنه القرآن بقوله: (... أو يأتي بعض آيات ربك). فلا يمكن التشكيك في أن الظهور - باعتباره مبدأ الرجعة - أهم المنعطفات في حياة البشر، لأنه تحول من مرحلة التعامل بمقتضي الظاهر إلي مرحلة التعامل بمقتضي الواقع، وانتقال من فترة الانفلات إلي فترة الانضباط، وقفزة من دورة السكون النسبي إلي دورة الانطلاق، أي من دورة التكامل إلي دورة الكمال. مضافاً إلي أنه حد فاصل بين التجربة الحرة والتجربة المرة. فالظهور - بطبيعته - آية من آيات الله، علي أنه يرافق ويستتبع آيات عظيمة، منها طوارئ جوية وتغييرات جيولوجية في الأرض

لم يعرفها البشر من قبل، وخروج الأموات من قبورهم، وانكشاف سرائر الناس... إلي آخر ما تدل علية أحاديث الرجعة.

[126] لأمر ما كان الإمام المهدي (عليه السلام) يحرص علي أن لا يطلع علي رسائله إلا من يراسلهم، فالسفراء الأربعة لم يطلعوا علي رسائل الإمام المهدي إلا شخصين أو ثلاثة أشخاص فقط من آلاف الناس الذين كانوا يرجعون إليهم خلال ثلاثة أرباع قرن - تقريباُ - وفي هاتين الرسالتين نجد التأكيد علي الشيخ المفيد أن لا يطلع عليهما أحداً، مع أن الرسالة التالية لم تكن بخط الإمام المهدي نفسه، وإنما بخط ثقة من ثقاته. ويلاحظ: أن النبي (صلّي الله عليه وآله) لم يكتب بيده شيئاً، وقد برره القرآن بقوله: (وما كنت تتلو من قبله من كتاب، ولا تخطه بيمينك، إذن لارتاب المبطلون) سورة العنكبوت، آية 48. والإمام علي (عليه السلام) رغم تفجر نشاطات في مختلف مجالات الحياة، ورغم أنه كان من كتاب الوحي، كتب عدة كتب بخط يده وباملاء رسول الله (صلّي الله عليه وآله) أو باملاء الملائكة علي فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعد وفاة رسول الله ولكن تلك الكتب صارت من تراث الإمامة مع عصا موسي وخاتم سليمان ومزامير داوود ودرع رسول الله وسيف ذي الفقار، يتوارثها الأئمة فيما بينهم ويحرصون علي عدم تسرب شيء منها إلي غيرهم. ورسائله إلي ولاته إمام لم تكن بخط يده، وإما جمعها الأئمة من بعده بطرقهم الخاصة، والنتيجة أنه لم ينتشر خط يده في الناس. كما لم يحفظشيءمن خطوط سائر الأئمة (عليهم السلام) رغم أنهم كانوا يراسلون كثيراً من أوليائهم، ويجيبون علي رسائل ومسائل تتوارد عليهم من مختلف الأقطار، ورغم أن الرواة كانوا حريصين علي ضبط كل لفتة منهم. وأما

الإمام المهدي نجده - من خلال هاتين الرسالتين - صريحاً في تأكيده عدم انتشار رسائله حتي ولو كانت بخط كاتبه. إن لذلك سبباً لا نعرفه، وإن كان من الممكن القول بأن الإمام المهدي منع عن انتشار رسائله تعميقاً الغيبة.

[127] يلاحظ أيضاً - من خلال هاتين الرسالتينإلي الشيخ المفيد - أن الإمام المهدي يضع لرسائله مقدمة وخاتمة، وربما يكرر بعض العبارات، وهذا النوع من الضبط من ظواهر من يتقنون إحكام السيطرة علي الأمور بالشكل الذي يرتأون حتي لا يحدث أي خلل فيما يحاولون، ولعل لذلك لم تظهر الصيغ الحرفية الكاملة لرسائل الإمام المهدي إلي نوابه الأربعة وإنما كانوا يكتفون بنقل الفقرات الضرورية منها إلي المراجعين. وبهذه الصبغة أحكم الإمام المهدي غيبته فلم تعثر أجهزة الحكومات في الدنيا علي أثر له. وبهذه الصفة يحكم الإمام المهدي سيطرة علي الدنيا، ويضبط حتي الأمور الداخلية لجميع الناس، في عهده بعد الظهور. ولعل الأمر بكتمان هذه الرسالة كان موقتاً بما قبل تلك الأحداث، وأما بعد انقضائها فلم تكن الدواعي ملحة علي كتمانها، ولذلك أذاعها المفيد ووصلت إلينا.

[128] الاحتجاج - أبو منصور: أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص324 - 325: ... وورد عليه (الشيخ المفيد) كتاب آخر، من قبله صلوات الله عليه، يوم الخميس الثالث والعشرين من ذي الحجة، سنة اثنتي عشرة وأربعمائة، نسخته.

[129] الإمام يقصد نفسه من (عبد الله المرابط في سبيله) كما يقصد المفيد من (مهلهم الحق ودليله).

[130] أي شفعنا مناجاتك، فدعمناها من الموقع الذي نحن فيه.

[131] شمراخ: هو العذق عليه بسر أو عنب. رأس الجبل. أعالي السحاب. والبهماء: المشكلة المبهمة. الصحراء وإذا فسرنا البهماء بالصحراء وفسرنا الشمراخ برأس الجبل يكون المعني أن الإمام اختار مسكنه

في قمة جبل في صحراء ومن هناك دعم مناجاة المفيد..

[132] الغماليل: الأمور المستورة المتراكبة.

[133] السباريت: المساكين.

[134] وهذا النص قد يدل علي أن سابيات بعض الشيعة تنعكس علي الإمام فيضطر إلي تغيير بعض أوضاعه السكنية والاجتماعية.

[135] الضحضح: الماء اليسير.

[136] وهذا النص يدل علي أن الشيخ المفيد سيبقي علي اتصال بالإمام بعد تاريخ هذه الرسالة.

[137] تبسل نفوس قوم: توردها الهلكة، واسترهاب المبطلين: تخويفهم، وربما المعني أن جانبي الفتنة من أهل الباطل، فتترك دماراً يفرج به المؤمنون ويحزن المجرمون.

[138] اللوثة - بالضم - الاسترخاء والبطء ومنه. (التأثت راحلته): أبطأت في سيرها، وفي الحديث: (إن النفس قد تلتأث علي صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه) المعني قد تضطرب ولم تنبعث مع صاحبها - مجمع البحرين. ولعل المقصود من (اللوثة): الغيبة، ومن (حركتنا): الظهور، والحرم المعظم هو المسجد الحرام، فتكون حادثة المسجد الحرام من علامات الظهور.

[139] الحوادث التي وقعت في المسجد الحرام عديدة، فلا نستطيع التأكد من الحادثة التي يعنيها الإمام هنا، فربما عني بها حادثة يوم أول محرم عام 1400 هو ربما عني بها غيرها.

[140] هذا النص عهد من الإمام المهدي (عليه السلام) بأن دفع الحقوق الشرعية ضمان للأمن من المحنة في الدنيا والفتنة في الدين، وأن البخل بها يعرض الدنيا والآخرة للبوار. ولعل سبب تشديد الإمام المهدي في هذه الرسالة، وفي التوقيع الذي رواه أبو الحسن الأسدي، وفي أجوبته علي أسئلة الحميري وغيره: أن العنصر الاقتصادي أهم العناصر في استمرار الحركة الدينية - في غيبته - بعد العنصر البشري.

[141] المعني الظاهر لهذه العبارة: أن عدم اجتماع قلوب الشيعة علي الوفاء بالعهد الذي أخذه الله عليهم هو الذي يؤدي إلي تأخير الظهور، ولو اجتمعت قلوب

العدد الكافي منهم علي التضحية المخلصة في سبيل الله - بما لا يقل عن ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً - يظهر الإمام المهدي (عليه السلام)، ولكن عدم توفر مثل هذا العدد حتي الآن - في المستوي المطلوب - هو الذي أدي إلي بقاء الإمام المهدي (عليه السلام) رهن الغيبة. ويحتمل أن يكون المعني: أن مشاهدة الإمام علي حق المعرفة يتوقف علي إخلاص القلب للوفاء بالعهد وطهارته من الذنوب. ويضعف هذا الاحتمال: أن كل من يكون مخلص القلب طاهراً من الذنوب يوفق لمشاهدة الإمام عارفاً به، ولو لم يكن علي الأرض إلا إنسان واحد من هذا النوع، ولا يحتاج إلي اجتماع القلوب.

[142] يظهر من هاتين الرسالتين مدي تعظيم الإمام المهدي (عليه السلام) للمخلصين من أوليائه. وقد كان دأب آبائه المهديين، كما قال ضرار لمعاوية ابن أبي سفيان - في وصف الإمام علي (عليه السلام): (... يعظم أهل الدين، ويحب المساكين). ولعل الإمام المهدي كان يؤدي عملاً تربوياً من خلال مدحه للشيخ المفيد، ليشعره بأنه في هذا المستوي فعليه أن يحرص علي أن يرتفع لا أن ينحدر، والتعظيم يصعد النابهين كما يغر التافهين.

[143] هذا النص ناظر إلي وقت المعاطاة - علي ما هو المعروف بين الفقهاء من عدم لزومه - باعتبار أن أكثر الناس يوقفون بالمعاطاة، وهي لا تتم إلا بالتسليم. أو لاشتراط القبض فيه وأما الوقف بالصيغة الشرعية فلا يصح العدول عنه.

[144] سورة الأعراف: آية 43.

[145] يمكن تفسير هذا النص وأمثاله باعتبارات كيماوية، ويمكن تفسيرها باعتبارات روحية لما ثبت بالكتاب والسنة: إن للجمادات كافة الأرواح والمشاعر - وإن كانت أرواحها ومشاعرها تختلف عن أرواح ومشاعر الإنسان والحيوان والنبات - وأنها مكلفة بتكاليف معينة من قبل الله تعالي

- وإن كانت تكاليفها مختلفة عن تكاليف الإنسان والحيوان والنبات: (... ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات وأوحي في كل سماء أمرها...) سورة فصلت، آية 11-12. (ولقد آتينا داوود منا فضلاً يا جبال أوبي معه...) سورة سبأ، آية 10. (قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً علي إبراهيم) سورة الأنبياء، آية 69. (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) سورة الإسراء، آية 44.

[146] لا يجوز - هنا - محمول علي الكراهة. ولعل الحكمة فيها أن (العرق دساس) كما يقول الحديث الشريف - فالناس يتعصبون لآبائهم وإن لم يكونوا علي نهجهم، ويغارون علي كل ما أورثوا من عادات وتقاليد وإن لم يؤمنوا بها. ذلك أن العوائد تطبع النفوس، فتورث كما تورث الصفات، والذكري تهيج ذبذبة التراث. فلابد من حجها حتي تطمئن النفوس إلي ما استقرت عليه.

[147] ذلك أن الناس تعودوا أن يتصرفوا في أموال الله بلا تحرج متناسين أن الله جعلها للأمة، ثم يقيسون عليها أموال الإمام وكأنها من المباحات العامة، غير مكترثين بأن الله جعلها للإمام حتي تصرف في الخدمات الدينية أو علي المتفرغين لها. وهذه الظاهرة هي دفعت عدداً من العلماء إلي السؤال وركز الإمام في أكثر من توقيع علي أنه حرمتها أشد من حرمة أموال سائر الناس، لأن من يتطاول علي مال غيره ينتهك حق شخص وفي التطاول علي مال الإمام ينتهك حق الأمة.

[148] أي جعل موتي قبل موتك. وهذا دعاء له بطول العمر.

[149] لم نعثر علي ترجمته.

[150] الخَتَن - بفتحتين - قريب الزوجة من أب وأخ.

[151] الشيعة كانوا يرمزون ب_(العالم) عن الإمام موسي بن جعفر (عليه السلام).

[152]

أي مات في أثناء الصلاة.

[153] أي إن لم يقم المأموم الذي تولي تنحية إمام الجماعة عن المحراب بحركات ماحية لصورة الصلاة، يتابع مع الجماعة، فيقوم بدور الإمام.

[154] فأصل الخروج من البيت لحاجة - لا يوجد من ينظر فيها - يجوز، إنما المهم أن لا تبيت خارج بيتها.

[155] سورة التكوير، آيات 19- 21.

[156] يبدو أن الإمام المهدي (عليه السلام) كان يتبع الأسلوب النبوي في عدم الإجابة علي الأسئلة التي لا ضرورة منها للسائلين أو هي فوق مستوياتهم.

[157] الاحتجاج - أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص303: كتاب آخر لمحمد بن عبد الله الحميري أيضاً إليه عليه الصلاة والسلام في مثل ذلك.

[158] هذه الرسالة - كالرسالة التي تليها - حذفت منها المقدمة استغناءً عنها بالمسائل وأجوبتها.

[159] كلمة معربة تطلق علي نوع من الحديد. وفي بعض النسخ (الجوهر) وإذا صح فالمراد غير الجواهر التي يستحب الصلاة فيها.

[160] من عادة الأئمة (عليهم السلام) أنهم كانوا يعملون علي تربية المواهب لدي أصحابهم، ولعل التفصيل في الجوابين السابقين لتربية ملكة الاجتهاد لدي الحميري.

[161] حصيرة صغيرة كانت تضع ليسجد عليها - كالسجدة المعمولة من التراب - سميت خمرة لأنها تستر الوجه من الأرض.

[162] العمارية رقعة مزينة تخاط في المظلة، وتطلق علي قماش المظلة، والكنيسية: نوع من المحمل تشبه هندسته الكنيسة. وفي مجمع البحرين: الكنيسة شيء يغرز في المحمل أو الرحل ويلقي عليه ثوب يستظل به الراكب ويستتر به.

[163] أي عليه أن يكفر بذبح شاة والتصدق بها.

[164] الظاهر أن هذين جوابان عن سؤالين دمجا معاً (ويذكره) أي: المنوب عنه في عقد الإحرام. والهدي من الأنعام: ما يسوقه الحاج المقرن معه، فالقارن يسوق الهدي عند إحرامه، ويتخيّر بين التلبية والإشعار

أو التقليد، ويختص البقر والغنم بتقليدها بنعل قد صلي فيه. وأما إن ساق الإبل فيتخير بين تقليدها، وبين إشعارها بأن يشق الجانب الأيمن من سنامها ويلطخ صفحتها بدمها. وإذا ساق الهدي قرن بين عمرته وحجه بإحرام واحد، وإذا لم يسق تمتع بالعمرة إلي الحج وضحي يوم العيد بما يشتريه من مني.

[165] البطيط: نوع من الأحذية مفلطح مفتوق عند قبة القدم.

[166] وادي العقيق، ثاني المواقيت التي يحرم منها الحجاج، ويبعد عن مكة المكرمة مائة كيلومتراً تقريباً، وهو ميقات أهل العراق وأهل نجد، وكل من يمر به في طريقه إلي مكة. وأول هذا الميقات - من جهة العراق - موضع يقال له: (المسلخ) ووسطه (غمرة) وآخره (ذات عرق). والشيعة يحرمون من (المسلخ) والسنة يحرمون من (ذات عرق). فإذا اقتضت التقية تأخير الإحرام إلي (ذات عرق) وجب علي الحاج أن يلبس ثوبي الإحرام ويلبي سراً من (المسلخ) ثم يلبس المخيط تقية وإن لم يمكنه ذلك أحرم بثيابه ولبي فإذا بلغ (ذات عرق) ينزع المخيط ويفدي للبسه في حالة الإحرام. والحاصل: إن الواجب هو الإحرام من المسلخ.

[167] أي يخاف التشهير به.

[168] عطن الجلد: وضع في الدباغ وترك فأنتن، فهو عطين ومعطون، والدباغ ملح يجعل فيه الجلد إلي أن يتفسخ صوفه.

[169] وجاء في (غيبة الطوسي) بعد تمام الكتاب ما يلي - مخاطباً الحسين بن روح رضوان الله عليه -: (فإن رأيت - أدام الله عزك - أن تسأل لي عن ذلك وتشرحه لي وتجيب في كل مسألة بما العمل به وتقلدني المنة في ذلك - جعلك الله السبب في كل خير وأجراه علي يدك - فعلت مثاباً إن شاء الله تعالي. أطال الله بقاءك وأدام عزك وتأييدك وسعادتك وسلامتك وكرامتك

وأتم نعمته عليك وزاد في إحسانه إليك وجعلني من السوء فداك وقدمني عنك وقبلك والحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد النبي وآله وسلم كثيراً.

[170] الاحتجاج - أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص306 - 309. وفي كتاب آخر لمحمد بن عبد الله الحميري إلي صاحب الزمان (عليه السلام)، من جوابات مسائله التي سأله عنها في سنة سبع وثلاثمائة.

[171] يمكن أن يكون المراد من (الفقيه) هو الإمام الصادق، باعتبار الرواية عنه في السؤال ويمكن أن يكون المراد من (الفقيه) الإمام الكاظم لأن الشيعة كانوا يعبرون عنه ب_(الفقيه) أو ب_(فقيه أهل البيت). ويمكن أن المراد غيرهما من الأئمة، لأن هذا اللقب كان يطلق علي كل منهم في زمانه.

[172] لابد من التوقف علي هذه الكلمات بالعودة إلي أصول هذه الكلمات. فالملة من الإملال، والإملال والإملاء بمعني واحد. والملة في الأصل ما شرع الله لعباده علي ألسنة الأنبياء وقولهم: (ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة) سورة صآية 7. أي في ديانة عيسي. لأن الدين يكون إملاءً من الله وحياً أو من وراء حجاب أو بواسطة الملائكة. والإسلام ملة إبراهيم (... وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم) سورة الحج آية 78. لأن أصول الإسلام نزلت علي إبراهيم وحفظت عنه لتتابع الرسل والأنبياء، بعده.. والدين: ما يدان، فيحاسب ويجازي، ويطلق الدين علي مجمل الشرائع التي يأتي بها رسول من قبل الله، فيجازي ويحاسب الذين يعاصرونه بمقتضاه في الآخرة. ودين الإسلام لمحمد بن عبد الله (صلّي الله عليه وآله) لأنهه هو الرسول الذي أتي به. والهداية: الدلالة: وهي - في كل دين - لأوصياء رسوله. وفي الإسلام للأئمة الاثني عشر (عليهم السلام).

س: إبراهيم الخليل ومحمد بن عبد الله وأوصيائه كلهم كانوا يهدون إلي الله وإلي صراط مستقيم، فكيف صارت الهداية للأئمة فقط؟ ج: إن الله يهدي (... ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاًّ هدينا ونوحاً هدينا من قبل) سورة الأنعام، آية 84. (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) سورة القصص، آية 56. وجميع أولياء الله يهدون (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا) سورة السجدة، آية 24. (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات) سورة الأنبياء، آية 73. (ومن قوم موسي أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) سورة الأعراف، آية 159. (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) سورة الأعراف، آية 181. ... ولكن الاختصاصات تختلف، فاختصاص الرسل تلقي رسالات السماء وتفريغها علي القاعدة البشرية العريضة. فدورهم يشبه دور المؤسسين الكبار أو رؤساء البلاد. واختصاص الأنبياء تنبؤاتهم التي تدخل الحياة الخاصة لكل فرد حتي يبقي في ظل شخصية تؤكد له تداخل العالمين المادي والمعنوي، وسيادة عالم الروح علي عالم المادة. فدورهم يشبه دور الحزب الحاكم الذي يملأ دائماً الفجوة التي تحدث - عادة - بين الشعب والدولة. واختصاص الأوصياء تفصيل المجمل، وإيضاح الغامض، وبلورة الأفكار، وشرح المواقف، فدورهم يشبه دور المسؤولين عن التوجيه المعنوي. وهكذا يمكن أن نقول: أن دور إبراهيم كان دور التأسيس بعد انقراض شريعة، نوح، ودور الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) دور التكميل، ودور الأئمة دور الهداية.

[173] يقصد من أصحابنا: علماء الشيعة.

[174] عمل في الصلاة، أي عمل خارج عن الصلاة، والعمل الخارج عنها - إذا دخل فيها - يفسدها.

[175] أي العمل بالخبر المذكور أعلاه في النوافل أفضل فيرد يديه من القنوت علي وجهه وصدره، ولا يفعل ذلك في الفرائض

وإنما يرد راحتي يديه مع صدره سوية مقابل ركبتيه للركوع.

[176] لأنها مستحبة، فتقديمها علي النافلة أفضل، وتأخيرها لا يضر كما أن تركها ليس حراماً.

[177] لأن ما يغتصبه السلطان يبقي ملكاً لمالكه الشرعي، فشراؤه من السلطان ليس أكثر من عملية صورية لرفع سلطته، وأما شراؤه الحقيقي فلا يتم إلا من مالكه.

[178] الاحتجاج - أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي: ج2 ص309 - 315. وكتب (الحميري) إليه صلوات الله عليه أيضاً في سنة ثمان وثلاثمائة كتاباً سأله فيه عن مسائل أخر. كتب.

[179] أي جعل وفاتي قبل وفاتك.

[180] قبلنا: عندنا.

[181] الفقيه في مصطلح الحديث - هو الإمام موسي بن جعفر (عليه السلام) ففي عهد الإمام الكاظم كان الإرهاب الرشيدي يلاحق الشيعة، ويكفي دليلاً علي مدي إرهاب هارون الرشيد، أن ذرية النبي تنكروا وهربوا إلي أفريقيا وإن الإمام الكاظم بقي سبع سنوات - علي المشهور - مسجوناً في الزنزانات الانفرادية تحت الأرض، ثم توفي مسموماً وحمل جثمانه أربعة من الحمالين. فكان الشيعة يرمزون عن الإمام الكاظم (عليه السلام) ب_(الفقيه) وب_(العالم) وربما ب_(الرجل). وفي مجمع البحرين: (قد يطلق العالم ويراد به أحد الأئمة من غير تعيين) ولعل أحدهم من غير تعيين هو المعني ب_(العالم) في بعض الأحاديث التالية، لأنها تشير إلي روايات مأثورة عن غير الإمام الكاظم (عليه السلام). ويلاحظ أن الإمام المهدي (عليه السلام) يستشهد بعض الروايات أو بعض الأئمة - كما نجد في هذا الحديث وأحاديث أخري - رغم أن قوله حجة كأقوالهم. ولعل سبب ذلك: 1: توجيه العلماء إلي الاعتماد علي الروايات المأثورة عن أهل البيت جميعاً وعدم محاولة استقصاء المعارف الإسلامية عن طريق مراسلته فقط، وكأنه يريد إشعارهم بأن أهل البيت جميعاً خطوط

متوازية إلي الإسلام وهو واحد نزل من عند الأحد. 2: تكريم آبائهم (عليهم السلام)، شأن كل الأئمة والأنبياء الذين كانوا يروون عن أسلافهم: لا لقصور فيهم وإنما تخليداً لأولئك الأسلاف في سلسلة الأقداس. كما نجد القرآن الكريم وسائر كتب السماء تروي عن الأنبياء السابقين وربما عن غيرهم كلقمان رغم أنها هبطت من عند الله الذي هو مرسل الرسل ومصدر الرسالات، ولكنه أراد أن يلم البشر بالترابط الوثيق بين شجرة النبوة وجذورها الممتدة حتي المظهر الأولي للإنسان، وأن يتواكب مع توجهات السماء إلي الأرض وتجاوب الرسالات مع تطور الإنسان، حتي لا يحسبها أطروحة مرتجلة أو تجربة مجهولة النتائج والأبعاد. 3: إن الإمام المهدي (عليه السلام) حيث لم يكن حاضراً يحاور أنصاره وأعدائه حتي الإقناع والإفحام اختار الاستناد إلي المسلمات العقلية أو الإسلامية أحياناً، وأحياناً الاعتماد علي الروايات المأثورة عن آبائه ليكون أبعد عن التفنيد والتشكيك.

[182]: اسم أبي الخطاب زيد، قال ابن الغضايري: إنه مولي بني أسد لعنه الله، وأمره شهير وأري ترك ما يقول أصحابنا حدثنا أبو الخطاب في أيام استقامته جامع الرواة: ج2 ص203. قال المحدث القمي (قدس سره) في سفينة البحار: (كان أبو الخطاب في عصر جعفر بن محمد (عليهما السلام) فكفر وادعي أيضاً النبوة وزعم أن جعفرَ (عليه السلام) إله (تعالي الله عز وجل عن قوله) واستحل المحارم كلها ورخص لأصحابه فيها، وكانوا كلما ثقل عليهم أداء فرض أتوه فقالوا: يا أبا الخطاب خفف عنا فيأمرهم بتركه حتي تركوا جميع الفرائض واستحلوا جميع المحارم وأباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور قال: من عرف الإمام حل له كل شيء كان حرم عليه فبلغ أمره جعفر بن محمد (عليه السلام) فلم يقدر عليه بأكثر

من أن لعنه وتبرأ منه وجمع أصحابه فعرفهم ذلك وكتب إلي البلدان بالبراءة منه واللعنة عليه وعظم أمره علي أبي عبد الله (عليه السلام) واستفظعه واستهاله انتهي. سفينة البحار: ج1 ص401.

[183] الفتوي علي أن من أدرك الإمام في حالة الركوع اعتد بتلك الركعة وإن لم يدرك تسبيحه ولا تكبير الركوع، استناداً إلي أحاديث صحيحة معمول بها فيحمل مثل هذا التوقيع علي ضروب من الفضيلة أو غيرها إذ لم ينقل القول به عن أحد من الفقهاء قديماً وحديثاً سوي الشيخ في نهاية الأحكام والعلامة في التذكرة مع موافقتهما للمشهور في سائر كتبهما، بل عبارة التذكرة غير ظاهرة في مخالفة المشهور، فلا يبعد تحقق الإجماع عليه، قال في الجواهر: (الأشهر، بل لا أجد فيه خلافاً بين المتأخرين كما اعترف به في الذكري والرياض فنسباه فيهما إليهم، بل نسبه في السرائر إلي المرتضي ومن عدا الشيخ من الأصحاب، بل في الغنية نفي الخلاف عنه مطلقاً بل الشيخ نفسه حكي عليه الإجماع في الخلاف مكرراً) الخ جواهر الكلام: ج13 ص14. وقال الأخ الأكبر في (الفقه) - بعد كلام طويل (خلافاً للمحكي عن التذكرة ونهاية الأحكام فاشترطا إدراك المأموم ذكراً قبل رفع الإمام رأسه وكأن مستندهما خبر الحميري المروي في الاحتجاج عن صاحب الزمان (عليه السلام) ثم ذكر الخبر إلي أن قال: وفيه مضافاً إلي ضعف هذا الخبر مسنداً وإعراض المشهور منه) الخ. الفقه: ج15 ص337. وقال في المستمسك: (لكنه - أي: خبر الحميري - ضعيف لا يصلح لتقييد غيره، مع وهنه بإعراض الأصحاب ولاسيما مع آباء بعض ما سبق عن التقييد) الخ المستمسك: ج7 ص201. وقال الفقيه الهمداني في مصباح الفقيه - بعد أن ذكر خبر الحميري -: (وفيه

بعد تسليم السندان ظهور صحيحتي الحلبي وسليمان بن خالد في الإطلاق وكون الرفع سبباً للفوات وحداً للإدراك أي إناطة الحكم وجوداً وعدماً بإدراكه راكعاً وعدمه أقوي من ظهور هذه الشرطية المسوقة لنفي اعتبار سماع التكبير في المفهوم فيحتمل أن تكون الشرطية جارية مجري العادة من عدم حصول الجزم بإدراكه راكعاً في الغالب إلا في مثل الفرض، أو أريد به التمثيل بالفرد الواضح الذي لا يتطرق إليه شبهة عدم اللحوق المانعة عن الاعتداد به - كما ستعرف - الخ. مصباح الفقيه، كتاب الصلاة ص627. ولعل أفضل الاحتمالات الحمل علي الفضيلة الذي ليس نادراً - بل هو كثير غايتها - في أخبار الأوامر والنواهي التكليفية والوضعية، الشرطية وغيرها، وقد احتمله أخيراً الفقيه الهمداني (قدس سره) أيضاً فراجع. وقال المحقق النراقي (قدس سره) في صلاة الجمعة من المستند: (إن خبر الاحتجاج يفيد بالمفهوم عدم الاعتداد لو لم يدرك تسبيحة واحدة ولكن في إفادتها الوجوب نظر فيمكن أن يراد المرجوحية وقلة الكمال) وقد ختم النراقي كلامه بقوله: (ومراعاة مدلوله أحوط). مستند الشيعة ج1 ص413.

[184] بعض الفتاوي لا يعتمد هذا النص بوجود نصوص معارضة. وعلي العموم هذا الحديث معرض للاجتهاد كبقية الأحاديث. وعملية الاستنباط تتوقف علي جميع النصوص الواردة في القضية المطروحة للاجتهاد، والنظر فيها وفق المقاييس المأثورة التي نقحت في علم (أصول الفقه). ولكي يجلو الأمر لا بأس بتوسع في المسألة. قال الحجة اليزدي في (العورة الوثقي): (إذا تذكر في أثناء العصر أنه ترك من الظهر ركعة قطعها وأتم الظهر، ثم أعاد الصلاتين، ويحتمل العدول إلي الظهر بجعل ما بيده رابعة لها إذا لم يدخل في الركوع الثانية ثم إعادة الصلاتين) العروة الوثقي، كتاب الصلاة - ختام فيه مسائل

متفرقة - المسألة السابعة. وطرح بعض الفقهاء المعاصرين احتمالاً آخر هو إلغاء ما صلاها بنية الظهر من أجل إبطال التكبير له، وإتمام ما صلاها عصراً بنية الظهر، ثم قال: وهذا الاحتمال أقرب الوجوه.. وما اعتمده هذا التوقيع الرفيع لصاحب الزمان (عليه السلام) لعله هو الأوفق بالقواعد الشرعية، إذ ليس من المؤكد أن مثل هذا التكبير بنية صلاة أخري يكون مبطلاً لصلاة الظهر، لانصراف إبطال الركن بزيادته - علي فرض تسليم أصله - عن مثل المقام الذي هو بنية صلاة أخري، هذا إذا قلنا بوجود إطلاق في المسألة، وإلا فالإجمال أو الإهمال لا تكون نتيجته أكثر من الجزئية، دون الكلية. إذن في مسألة التوقيع الشريف فمقتضي القاعدة: أنه إذا لم يأت بالمنافي يجعل الركعتين اللتين صلاهما بنية العصر يجعلهما أخرتي الظهر، ويكمل الصلاة بنية الظهر، ويسجد سجدتي السهو للسلام الزائد، ولذا أفتي بذلك جمع من فقهاء العصر من أمثال أستاذنا الميلاني والحجة الكوهكمره أي (قدس سرهما) وأخي الأكبر وآخرون غيرهم أيضاً. ومن الغريب رد جمع له من أمثال البروجردي، والحكيم - طاب ثراهما - فقد علق الأول علي المتن بقوله: (هذا - أي احتمال المصنف - ضعيف وإن وردت به رواية شاذة) ويقصد بها هذا التوقيع لعدم ثبوت شق صحيح له يعتمد عليه في الحكم الشرعي. وقال الثاني: في المستمسك: (وهذا الاحتمال لا وجه له ظاهراً... نعم قد يشهد له التوقيع المروي عن الاحتجاج عن محمد بن عبد الله الحميري عن صاحب الزمان (عليه السلام)... إلي أن قال مع ظهور هجره عند الأصحاب وكونه مرسلا فتأمل) المستمسك: ج7 ص604. (وأما لو كان) قد أتي بالمنافي فمقتضي القواعد الشرعية بطلان الركعتين اللتين صلاهما بنية الظهر لعدم قابلية

الاتصال بينها وبين ما صلاها بنية العصر، يبقي افتتاح الصلاة بنية العصر لمن عليه الظهر، فيعول بالنية، ويكملها ظهراً، فالتوقيع نصفه معمول به عندنا لموافقته للقواعد الشرعية، ونصفه غير معمول به عندنا لعدم تطابقه للقواعد الشرعية، مع كونه غير حجة سنداً لبناء الأحكام الشرعية، ولم يعمل الفقهاء حتي يجبره عملهم وتفصيل المسألة محله الكتب المفصلة في الفقه.

[185] سورة الزخرف: آية 71.

[186] هذه الرواية فقهياً غير معمول بها، لمعارضتها للعمومات الدالة علي قبول شهادة غير الفاسق مطلقاً، المعمول بها قديماً وحديثاً، وعدم اعتبار سند هذه الرواية لإثبات الحكم الشرعي، وعدم عمل الفقهاء، بها حتي يجبر السند بالعمل، وعدم شاهد آخر له سوي مرسل الدعائم عن أبي جعفر (عليه السلام) الذي رواه من مستدرك الوسائل بالنسبة للأبرص فقط من هذه الثلاثة، ومطلقاً لا مقيداً بالولادة (إذن) فيجب رد علم هذه الرواية إلي أهلها - صلوات الله عليهم أجمعين - والله أعلم.

[187] أي عقد عليها ولم يدخل بها، فما لم يدخل بها لا تجب عليه نفقتها ولا تكون من عياله مع امتناعها عن الدخول بها لأنها حينئذ لا تكون ابنتها ربيبته، لقوله تعالي: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم...) سورة النساء آية 23.

[188] هذا إذا كانت الشهادات والصكوك بحيث يحتمل أن يكون الألف مجموع الديون أما إذا كانت الشهادات والصكوك بحيث تدل علي أن الفريق الأول دفع إلي الفريق الثاني مرة ألف ومرة خمسمائة وثالثة ثلاثمائة ورابعة مائتين فعلي الفريق الثاني ألفان ولا ترد اليمين علي الفريق الأول.

[189] المراد من طين القبر كلما ورد مطلقاً في الأحاديث هو طين قبر الإمام الحسين (عليه السلام).

[190] وقد ورد في

عديد الأحاديث ذلك (منها) ما ورد في كتاب آخر للحميري (رحمه الله) إلي صاحب الأمر (عليه السلام) (وسئل هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر وهل فيه فضل؟ فأجاب (عليه السلام): يسبح به فما من شيء من التسبيح أفضل منه ومن فضله أن الرجل ينسي التسبيح ويريد السبحة فيكتب له التسبيح. وعن الصادق (عليه السلام) قال: من سبح بسبحة من طين قبر الحسين (عليه السلام) تسبيحة كتب الله له أربعمائة حسنة ومحا عنه أربعمائة سيئة وقضيت له أربعمائة حاجة ورفع له أربعمائة درجة (الحديثان من كتاب: جامع أحاديث الشيعة: ج2 ص332).

[191] أي ولا صلاة زيارة، وهذه الصلاة من النوافل الخاصة التي تستحب بعد زيارات المعصومين - حسب الترتيب المأثور - وليست من النوافل العامة.

[192] ثبت في السنة: أن الإمام لا يتقدم ولا يساوي. وهذا الحكم عام يشمل إمام الجماعة مطلقاً سواء أكان معصوماً أو غير معصوم، فلا تجوز الصلاة معه في الخطوط التي بينه وبين الكعبة أو في الخط المساوي له، وإنما في الخطوط التي خلفه فقط. وثبت - أيضاً - عندنا حسب الاستدلال الفقهي عدم جواز الصلاة في حضرة المعصوم مساوياً له أو مقدماً عليه، سواء كان حياً أو ميتاً، لأن المعصومين جميعاً أحياء عند ربهم. وقد حاول بعض المغرضين التشويش علي هذا الحكم بأنه من عبادة القبور ولم ينتهوا إلي أن عدم التقدم علي شخص في الصلاة لو كان لا يعني عبادته فكل مأموم يعبد إمام جماعته. مضافاً إلي أن العبادة التي تعبر عن معني التربيب لا علاقة لها بالآداب وقد يقال أن عدم الجواز هنا محمول علي الكراهة، لمعارضة ظاهرة بما ثبت من جواز الصلاة بل استحبابها المؤكد في مسجد رسول الله،

مع أن القسم الجنوبي منه مقدم علي الإمام، وهو الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله).

[193] هذا إذا كان الوقف نوعاً من الهبة، بحيث لا يكون حبس العين الموقوفة مأخوذاً في مضمونه، وإلا فلا يجوز إلا في صور خاصة مستثناة في الفقه الإسلامي، وذلك من أجل أدلة مؤكدة عليه....

[194] المرتك، نوع من الحشيش خفيف الرائحة، والتوتيا حجر يكتحل به، ولا يعتبر من الطيوب فلا يستعمل في الاكتحال حالة الإحرام لحرمته مهما كانت المادة التي تستعمل فيه، ولا مانع من طلي الإبط به لقطع رائحة العرق.

[195] للسؤال جزءان: الأول: إذا وقع عقد بيع أو وقف أو غيرهما، وكتبت به وثيقة وحضر شاهدان وشحا وثيقة العقد بشهادتهما ثم كف بصر أحدهما، فهل تمضي شهادته الكتبية قائمة إلا ما دام صاحبها قادراً علي قراءة خطه لتقريره أو إنكاره، والحاصل هل الخط حجة إذا انفصل عن كاتبه أم لا؟ الثاني: إذا شهد إنسان حادثاً أو عقداً، ثم كف بصره فهل يبقي حاملاً للشهادة أو تعطل قابليته لحمل الشهادة؟ والجواب ناظر إلي الجزء الثاني من السؤال، حيث يركز فقط علي قابلية الضرير للشهادة مادامت تتوفر فيه شرائطها من حفظ الشهادة وحفظ الوقت، والعدالة والإيمان وما إلي ذلك. وقد خص الشرطين الأولين بالذكر لأن الإصابة بالعمي لا تفقد المرء إيمانه وعدالته - غالباً- ولكن قد تسلب منه بعض محفوظاته.

[196] بأن كان الوقف علي شخص الوكيل الأول، لا علي أمر عام يمثله الوكيل الأول حتي إذا أصيب تولاه من يخلفه لبقاء ذلك الأمر العام ممثلاً في خليفته.

[197] الخداج: النقصان، يقال: خدجت الناقة، فهي خادج إذا ألقت ولدها قبل تمام الأيام وإن كان تام الخلق. ووصفت الصلاة التي لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب بالمصدر

للمبالغة. وهذا الحديث يدل علي نقصان الصلاة بدون فاتحة الكتاب مع أنها تقرأ في الأولين فلا يبقي نقص وإن لم يقرأها في الآخرين، ولعل الاستشهاد به للقراءة في الأخيرتين دون التسبيح لما يشعر به من أهمية أم الكتاب في الصلاة ومع هذا فالمشهور بين الفقهاء أفضلية التسبيح فيهما لأدلة أخري معارضة لهذا الخبر وأقوائية تلك من وجوه عديدة.

[198] استحباب التسبيح في مادتين: الأولي: العليل، الذي يشق عليه الوقوف طويلاً لقراءة الفاتحة فيكتفي بالتسبيح. الثانية: كثير السهو الذي إن قرأ الفاتحة في الأخريين استشبههما بالأوليين. فيسبح التسبيحات الأربعة حتي يتذكر أنه في الأخريين.

[199] أي يسكر سكراً خفيفاً، ويدل علي أن المقصود من (يغير) السكر الخفيف قوله: (وإن كان لا يسكر).

[200] والحاصل أنه ليس حراماً إن لم يكن بنية التشريع، ولكنه ليس من الاستخارة، وأما الاستخارة فهي (ذات الرقاع) وإنما يدل علي أنها الاستخارة التي بينها (العالم) وهو الإمام موسي بن جعفر.

[201] مسألة كون القنوت الثاني بعد ركوع الرابعة لم يرد في غير هذا الخبر، وهو مناف للعمومات الدالة علي أن القنوت قبل الركوع إلا في صلاة الجمعة، ولذا لم يتعرض لذكره كثير من الفقهاء حتي أن صاحب العروة والوثقي علي دقته في استيعاب الفروع لم يتعرض له، ولا تعرض له المعلقون - فيما أعلم - غير أستاذنا الميلاني والحجة الكوهكمره أي من دون تأييد أو ميل. (لكن) قد يقال بجواز العمل علي هذه الرواية، إذ لم يتحقق إجماع أو شهرة علي خلافها، وقاعدة التسامح في أدلة السنن تشملها لولا أن المحقق النراقي (قدس سره) ادعي الإجماع علي خلافها قال في المستند: (يستحب القنوت فيها في الركعتين الثانية والرابعة قبل الركوع بعد القراءة والتسبيح إجماعاً للعمومات وخصوص

روايتي العيون والاحتجاج إلا أن في الأخيرة (والقنوت فيها مرتان في الثانية قبل الركوع وفي الرابعة بعده) ولم أر قائلاً به والعمل علي الأول) مستند الشيعة: ج1 ص525). لكنه إجماع منقول، مضافاً إلي عدم ظهوره في عقد السلب، مع علمنا خارجاً بعدم تعرض كثير من الفقهاء له فالعمل علي هذه الرواية لا بأس به والله العالم.

[202] لعل المصطلح حين صدور هذا التوقيع يختلف عن المصطلح اليوم. فالقرآن لم يصطلح علي كلمة (المهر) وإنما ذكر (الصداق) بصيغة الجمع مرة واحدة فقط (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) سورة النساء: الآية 4. ولعل المقصود أن ما تبني عليه عقدة النكاح - من أموال نقدية أو عينية، التي تدرج عادة في وثيقة الزواج - فهو دين لازم في الدنيا والآخرة وأما الهدايا والنقود التي تقدم إلي الخطيبة في فترة الخطوبة أو تعارف الأزواج علي القيام بها من ولائم وعزائم وما إليها، سواء كتب فيها كتاب أو لم يكتب بها كتاب، فهي تختص بفترة الخطوبة، وينتهي دورها بالدخول. ولعل اشتقاق الكلمتين - اللتين استخدمهما الإمام في التوقيع - يساعد علي فهم الحكم، و(المهر) ما يمهر عليه أي يختم عليه في وثيقة، فيكون ديناً لازماً. و(الصداق) ما يعبر عن صدق الرجل في محبة خطيبته، فيكون نافلة لها دورها المؤقت إذا لم يشترط وكان تبرعاً.

[203] المتوكل العباسي من الخلفاء العباسيين، عاصر الإمام علي الهادي، فاستدعاه ونجله الإمام الحسن العسكري (عليهما السلام) من مدينة جدهما الرسول إلي مدينة سامراء وفرض عليهم الاقامة الجبرية في المنطقة العسكرية حتي تنقطع عنهما الشيعة، فلقبا ب_(العسكريين) وقد اشتهر الإمام علي بن محمد بالهادي واشتهر نجله الحسن بالعسكري و(صاحب العسكر) يرمز إلي كل منهما دون تعيين.

[204] مسألة لحم الأرنب

من المسائل الخلافية فالسنة علي أن لحمه حلال والشيعة علي أنه من المسوخ ومن ذوات المخلب وتحيض أنثاه وفيه أدله خاصة ونصوص متعددة بالتحريم أيضاً، فلحمه حرام، وتلحقه أحكام الحيوانات المحرمة. ولعل تفصيل الإمام في الجواب لعدم اتخاذ موقف جدي مع إعطاء الإشارة للفقهاء إلي أنه من محرمات اللحوم وتبني عليه أحكامها. علماً بأن المستحصل من مجموع روايات هذا الباب عدم التفريق بين الجلد والوبر، فما حل لحمه تجوز الصلاة فيهما وما لا يحل لحمه لا تجوز الصلاة في شيء منهما. (ولا يخفي) الحيوان - سواء أكان حلال اللحم أو حرامه - إذا ذبح بالطريقة الشرعية طهر جلده وإلا كان من الميتة، وبما أن الناس لا يعنون بذبح الحيوانات المحرمة اللحوم - غالباً - يكون جلدها نجساً فإذا اتخذ منه كساءً نجس الثوب الذي يليه إذ لا تخلو ملابس الإنسان من رطوبة مسرية من عرقه أو من المياه التي يستعملها.

[205] تسبيحة الزهراء: أربعة وثلاثون تكبيرة، وثلاثة وثلاثون تحميدة، وثلاثة وثلاثون تهليلة. فإذا تجاوز الأربعة والثلاثين تكبيرة - سهواً - اعتبرها ثلاثة وثلاثين (وبني عليها) فكسر الرابعة والثلاثين ليضع خاتمتها بإرادته. وإذا حمد أكثر من ثلاثة وثلاثين فكان مجموع التكبيرات والتحميدات أكثر من سبعة وستين عاد إلي ستة وستين أي اعتبر التحميدات اثنتين وثلاثين (وبني عليها) بأن حمد الثالثة والثلاثين ليضع خاتمتها بإرادته. كل هذا لم يتجاوز التحميد مائة فإذا تجاوزها فقد تجاوز السهو حد التدارك ولا تحسب له تسبيحة الزهراء، ولكن لا شيء عليه لأن أصلها مستحب.

[206] أبو محمد هو الإمام الحسن العسكري والد الإمام المهدي (عليه السلام).

[207] مما يعتمد دعاة التفرقة المتزمتون في جميع الطوائف والفرق الدينية تكفير وتضليل جميع الناس من عداهم، والتأكيد

علي أن جميع الناس حصب جهنم سواهم. وهذه النظرة الضيقة تعبر عن انغلاق حاقد، وتنافي الشمولية المطلقة، والرحمة التي وسعت كل شيء. فشرائط الرحمة لا تتجاوز قول الله تعالي: (... قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون) سورة الأعراف، آية 156. فيكفي في الاستعداد تحمل رحمة الله أن يكون الغرر علي درجة من الواقعية تهيئة للإيمان بآيات الله، ولإنفاق بعض ماله في ما أمر الله وللتجنب عما حرم الله، ثم إذا أخطأ المسير فالله أولي به وبالتوبة عليه أو إعادة تجربته يوم القيامة، كما قال سبحانه: (وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم) سورة التوبة آية 106.

[208] المفوضة، فرقة من المسلمين قالوا: إن الله خلق الخلق، ثم ترك للأئمة إدارته، فهم يتصرفون كما يشاءون. وهؤلاء سمعوا بالولاية الكونية ولم يعرفوا أن الله لا يولي أحداً من أوليائه ولاية إلا بقدر قدرته علي تنفيذ إرادته تعالي. فأعظم أصحاب الولاية الكونية هو النبي محمد (صلّي الله عليه وآله) الذي قال الله عنه: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين) سورة الحاقة، آية 44 - 47.

[209] ذلك أن أولياء الله المعصومين حيث عرفوا مقاييس الكون، واستوعبوا حكمتها، وترفعوا عن العاطفة والأنانية، جسدوا إرادة الله، فلا يحبون إلا ما يحبه الله ولا يكرهون إلا ما يكرهه الله، ولذلك أحال الله أمر العباد عليهم، فقال في شأن الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) - قولاً يسري في شأن كل من نصبه الله حجة علي خلقه -: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم

عنه فانتهوا) سورة الحشر، آية 7.

[210] هذا النص: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) ورد في موضعين من القرآن، في سورة الإنسان، آية 30. وفي سورة التكوير، آية 29.

[211] سورة النمل، آية 65.

[212] سورة طه آية 124 - 126.

[213] الغلاة في تاريخ البشر كثيرون، فما من نبي ولا وصي ظهرت علي يده معجزات باهرة إلا وغالي فيه جمع من أتباعه في حياته أو بعد وفاته. وقد ابتدأ تاريخ عبادة الأصنام بغلاة اتخذوا أنبيائهم تماثيل توجهوا إليها بشكل من أشكال العبادة. لأن الناس لا يألفون إلا ما هو في مستواهم، ولا يصدمهم أحد بما هو أرفع إلا وترتبك مقاييسهم ثم يتخبطون في انفعال وارتجال. والناس لا يألفون سوي المتعاملين مع القوي المتاحة لجميعهم، فإذا ظهر نبي أو وصي يتعامل مع قوي أعلي كثير في محبيه من يغالي فيه وفي أعدائه من يتهمه بالسحر أو بالجنون. وقد اضطر أصحاب الرسالات التغييرية إلي إثبات ارتباطهم بالسماء بالمعجزات، فآمن بهم الحكماء وألحد فيهم الجهلاء. والأئمة (عليهم السلام) مارسوا المعجزات لأسباب لعل أهمها إلفات الرأي العام إليهم حتي يتقبل منهم الأحكام التي ما أتيح للرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) بيانها أو بيّنها ولم تحفظ عنه. فابتلوا ببلاء الأنبياء، مضافاً إلي أن تطرف أعدائهم في التنكيل بهم وبمحبيهم أدي إلي تطرف أنصارهم في التوغل في التمجيد بهم إلي غير المقبول وغير المعقول - بعامل رد الفعل - ولكن الأئمة تحملوا انقسام الناس حولهم إلي محب غال وعدو قال قل بينهما النمط الأوسط واثقين من عدالة غربال التاريخ. وأهم ما يتورط فيه الغلاة تجاه صاحب المعجزة أمران: 1- الغيب، حيث يجدونه ينبئ عما تحجبه الحواجز والمسافات أو يخبر عما لا زال

ضميراً في أحشاء المستقبل. 2- القدرة، حيث يرونه يشق القمر أو يفلق البحر أو يحيي الرميم أو يتصرف في سائر الموجودات بدون وسيلة يمكنهم تعاطيها. وعلي أثر الصدمة بهاتين الظاهرتين يفقدون توازنهم، ويستنتجون أن صاحب المعجزة هو الله أو لا أقل من أنه يشاطر الله علمه وقدرته. وفي هذا التوقيع يعالج الإمام المهدي مشكلة الغلاة، ويكشف المؤشرات التي يملكها كإمام معصوم للرد عليهم بشكل قاطع يرفض أي تفسير أو تبرير، ويركز علي الأمرين السابقين: فأولاً: علم الغيب مختص بالله، ولا يعلم الغيب غيره أحد ممن في السماوات والأرض. س: كيف ذلك وقد سجل القرآن إعلان عيسي ابن مريم لبني إسرائيل:(... وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم) سورة آل عمران، آية 49. وثبت في السنة أن جميع المعصومين كانوا يخبرون عن الحوادث التي تقع في شتي أقطار الدنيا وفي أعمق أبعاد المستقبل بذات الاطمئنان الذي يتحدثون به عن الحوادث الجارية تحت حواسهم، وقد صدقهم التاريخ إلا في موارد معدودة أسرعوا إلي بيان سبب تخلف الحادث من كلامهم، كموت العريس في ليلة زفافه في الحديث المشهور عن عيسي ابن مريم. ج: علم الغيب شيء والإطلاع علي الغيب شيء آخر، وعلم الغيب خاص بالله تعالي، وقد أعلن أوليائه ذلك، فجري علي لسان النبي قرآناً يقول: (ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب الله فانتظروا إني معكم من المنتظرين) سورة يونس، آية 20. وسئل الإمام علي (عليه السلام) عما أخبر بها من الملاحم: هل من علم الغيب؟ فقال: (كلا! وإنما هو تعلم من ذي علم). فالله واسع محيط بالغيب وبالشهود علي حد سواء، فيعلم كل شيء أولاً وبالذات، وأما غيره من الأولياء فليست لهم ذوات

شمولية حتي يحيطوا بالغيب أو بالشهود فيعلموه بإحاطتهم، وإنما ذواتهم محدودة لا تحيط بالغيب - كما لا تحيط حتي بالشهود -. ولكن الله قد يمدهم فتمتد ذواتهم عبر الغيب فيطلعون عليه، كما قال سبحانه: (عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحداً إلا من ارتضي من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً) سورة الجن، آية 26 - 27. وقال تعالي: (وما كان الله ليطلعكم علي الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء...) سورة آل عمران، آية 179. فإخبار الأولياء بالغيب لم يكن علماً بالغيب، وإنما اطلاعاً عليه بإذن الله، كما أن خلق عيسي للوطواط لم يكن بقدرته الذاتية، وإنما بالصلاحية المخوّلة له من قبل الله حسب ما روي القرآن عنه قوله: (إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله) سورة آل عمران، آية 49. وإذا أردنا التنظير لمجرد التقريب إلي الأذهان - ولا تنظير للخالق بالخلق - نستهدي إلي القول بأن من المفروض أن يكون رئيس الدولة علي علم بكل ما يجري في بلاده، عن طريق الأجهزة المتاحة له، وليس من المفروض أن يطلع الموظفون في الدولة علي المتغيرات المتوالدة في البلاد، ولكن رئيس الدولة قد يطلع موظفاً أو أكثر علي بعض المعلومات لسبب من الأسباب. ويؤكد هذه الحقيقة ما وقع من (البداء) في إخبار بعض المعصومين بحوادث لم تقع، كإخبار عيسي ابن مريم بموت العريس في ليلة زفافه. والسبب - لظاهرة البداء - أن المقتضيات الأولية لمجريات الأمور تسجل في لوح يعرف ب_(لوح المحو والإثبات) مع التحفظ تجاه المفاجآت. بينما تسجل النتائج النهائية للمتغيرات - مع مراعاة المفاجآت في لوح آخر يسمي ب_(اللوح المحفوظ) كما يطلق

عليه: (أم الكتاب). وقد أشار القرآن إلي هذين اللوحين بقوله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) سورة الرعد: الآية 39. وأرواح المعصومين قد تتصل ب_(لوح المحو والإثبات) فينقلون المثبتات الواردة فيه، وهم يعلمون أنها معرضة للمفاجآت. وربما تتطلع أرواحهم علي (اللوح المحفوظ) فينقلون عنها معلومات يؤكدون أنها حتمية. وقد عبر الإمام علي (عليه السلام) عن تعرض مثبتات لوح المحو والإثبات للمفاجآت بقوله: (لولا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما كان وما يكون وما هو كائن إلي يوم القيامة) فقالوا: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: (قوله تعالي: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)). وقد قال الإمام علي (عليه السلام) هذا ليضع احتمال المفاجآت علي كثير من المغيبات التي أخبر عنها بعض المعصومين، وإلا فالإمام علي نفسه من المطلعين علي اللوح المحفوظ بمقتضي قوله تعالي: (قل كفي بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) سورة الرعد: الآية 43 والمعني بقوله سبحانه: (ومن عنده علم الكتاب) هو الإمام علي حسب ما ثبتت روايته عن النبي (صلّي الله عليه وآله). ثانياً: أن جميع الأنبياء والأوصياء، ابتداءً من أول الأنبياء - وهو آدم - وانتهاءً بآخر الأوصياء - وهو الإمام المهدي - كلهم عبيد مخلصون لله عز وجل، وليس بينهم أحد ادعي الربوبية، ولا في أي واحد منهم أي مفهوم من مفاهيم الألوهية، كلما هنالك أنهم كانوا أكثر عبادة وإخلاصاً لله من غيرهم، فخولهم الله صلاحيات أظهروا بما المعجزات. هذا هو الحق الذي لا مراء فيه، ومن ادعي ذلك فهو مبطل مهما كانت المعجزات التي ظهرت علي أيديهم عظيمة وباهرة. إذ لا أحد أعرف بأولياء الله منهم أنفسهم، وكلهم كرسوا طاقاتهم وضحوا بأنفسهم في

سبيل الدعوة لله ونبذ الأنداد. فمن قال غير ما قالوا فهو ممن تنطبق عليه الآية الكريمة: (ومن أعرض عن ذكري...) سورة طه: الآية 124.

[214] الإمام المهدي تعرض لحملة شديدة من قبل أجهزة الخلافة العباسية وكل أعداء الإسلام والتشيع قبل ميلاده وبعده. لأنهم - جميعاً - رغم عدائهم المستحكم للنبي وآله كانوا علي يقين من صدقهم فيما يقولون، والأحاديث الواردة عن الرسول وآله حول شخصية الإمام المهدي ومواصفاته متواترة - لفظاً أو معني - وفيها تركيز علي أنه (يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً) فكل الطواغيت والمنحرفين كانوا - ولا زالوا - يحذرون مفاجئته الكبري، فيعبرون عن فزعهم منه بالتربص به والتشويش عليه. وقد استغل أعداؤه ظاهرة خفاء حمله وغيبته عن المجتمعات لتشديد النكير علي المؤمنين به. خاصة وأن أكثرهم محرومون من زيارته والخواص الذين يحضون بلقائه لا يقولون إلا لخواصهم. وقد أدي هذا الأسلوب من التعامل مع الجماهير إلي وقوع الأكثرية الساحقة حتي من الشيعة فريسة إعلام الأعداء. ولكن الله لم يأذن له إلا بهذا الأسلوب في انتظار الوقت المناسب. وقد أرسل بعض الشيعة هدايا نفيسة وعينية إلي الإمام بواسطة بعض المتصلين به، ثم شكوا في أمره ولم يلبثوا أن ندموا علي إظهار شكهم فيه، فقبل الإمام أعذارهم، ولكنه رفض قبول هداياهم بعد ذلك. واعتبر شكهم فيه شكاً في الدين، لأن الوصاية عمق طبيعي للنبوة والنبوة من أصول الدين. وعلي العموم، القيادة السماوية من الدين والشك فيها شك في الدين وقد صح عن النبي الأكرم (صلّي الله عليه وآله) قوله: (من أنكر خروج المهدي فقد أنكرني).

[215]. قال! وصرت إلي أبي جعفر العمري... الخ (قد نقلنا تفصيل هذا الحديث في المقدمة فلا نكرره). ويظهر

من هذا النقل أن الباقطاني والأحمر كانا قد ادعيا النيابة في أوائل الغيبة الصغري حيث لم تكن الشيعة بعد تعرف النواب الحقيقيين. كما يظهر منه - أي من تفصيله الذي مر في (المقدمة) - أنهما كانا يزيدان علي أنفسهما بالفخفخة، ليموها علي السذج والبسطاء الأمر، لكي يعيشا من هذا السبيل. 10- أبو دلف الكاتب: واسمه محمد بن المظفر، كان قد آمن بأبي بكر البغدادي - كما مر - ثم عند موته أوصي أبو بكر البغدادي إليه بالنيابة، وأصبح أبو دلف يدعي السفارة عن صاحب الأمر بعد وفاة (السمري) - آخر النواب الأربعة - رغم صدور التوقيع الرفيع بوقوع الغيبة الكبري، وانقطاع السفارة الخاصة. وكان أبو دلف هذا معروفاً بالإلحاد. فقد أخرج الأردبيلي في رجاله قال: (أبو دلف المجنون، روي الشيخ الطوسي عن المفيد محمد بن محمد بن النعمان عن أبي الحسن عن بلال المهلبي قال: سمعت أبا القاسم جعفر بن محمد بن قولويه يقول: أما أبو دلف الكاتب - لا حاطه الله - فكنا نعرفه ملحداً ثم أظهر الغلو، ثم صار مفوضاً وما عرفناه قط إذا حضر في مشهد إلا استخف به ولا عرفته الشيعة إلا مديدة يسيرة والجماعة تبرأ منه وممن يتنمس به... الخ) (جامع الرواة ج2 ص469). وقد مضي بعض ما يرتبط به في الحديث عن أبي بكر البغدادي.

[216] كان لابد من تكذيب مدعي المشاهدة في الغيبة الكبري، حتي لا يأتي كل يوم إلي الشيعة من يدعي المشاهدة لتمرير مأرب أو تزوير حقيقة. وهذا هو الأصل، وغيره استثناء، فلا ينافيه صدق من ادعي المشاهدة ممن لا ترقي إليه الشبهات كالصدوق والمقدس الأردبيلي وبحر العلوم كما أن الرؤيا ليست بحجة ولا تنافيه كثرة الرؤيا

الصادقة (ولعل) المقصود ادعاء المشاهدة كالنواب الأربعة: المشاهدة الدائمة والاتصال المستمر. مضافاً إلي أن النظام - شرعاً وقانوناُ - لا يمكن أن يستند إلا إلي أدلة معترف بها لدي الرأي العام، لا إلي دعاوي فردية قابلة للتشكيك وإن تطابقت مع الواقع في كثير من الأحيان، كالجفر والتنجيم والتحضير والتنويم المغناطيسي، ومن هذا النوع دعوي المشاهدة في الغيبة الكبري.

[217] ربما كانت هذه الرسالة الجوابية مفتتحة بمقدمة حذفت في النقل، فعادة الأئمة (عليه السلام) افتتاح رسائلهم ببسم الله والحمد وربما الصلاة علي النبي وآله.

[218] جعفر هو شقيق الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وقد ادعي الإمامة بعد أخيه العسكري، فخرج التوقيع بتكذيبه فلقب بالكذاب، ثم تاب فخرج بحقه هذا النص في هذا التوقيع فلقب بالتواب، وأما ولد جعفر فكانوا مع أبيهم في دعوته وتوبته، فكانوا معه في زلته وعودته. والجدير بالذكر أنه كان لجعفر من صلبه مائة وعشرون ولداً ما عدا الإناث.

[219] الفقاع: شراب يتخذ من الشعير أو من الأثمار، سمي به لما يعلوه من الزبد ويسمي (بيرة). وهو محرم أسكر أو لم يسكر. والشلحاب أو الشلماب هو ماء الشلجم كما قيل يطبخ ويعصر وهو ليس بمسكر وليس بحرام.

[220] غريزة التملك من الغرائز التي ورثها الإنسان من الأرض. وهذه الغريزة تدفعه إلي أن يحوز أكبر قدر ممكن من الأرض وما فيها وما عليها وتشعره بأن كل ما حازه فهو ملك له. وجاءت الإشعارات المتتابعة في القرآن الكريم والسنة تقول له: أيها الإنسان! أنت لست سيداً قائماً بذاته وإنما أنت عبد من عباد الله لا تملك لنفسك نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً. وكل ما تمثله من أعضاء وخلايا وطاقات ومشاعر فهي ليست لك ولا استحصلت

عليها بكد يمينك، وإنما هي من ممتلكات الله، وقد وظفك بإدارتها وفق برنامج معين. والأرض وما تمثل ليست كتلة ضائعة انفلتت من محيط ما لكها حتي تحاول استملاكها بالحيازة: (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله أفلا تذكرون) سورة المؤمنون، آية 84. (قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب علي نفسه الرحمة ليجمعنكم إلي يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون) سورة الأنعام، آية 12. وبقي الإنسان يظن أنه سيد مستقل، وأن ما استولي عليه فهو ملك له. وإذا تنازل عن شيء من اعتباراته أو مما استولي عليه فقد أعطي ما هو حر التصرف فيه، فله المنّ والفضل بما أعطي. فلما هاجر الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) واستولي علي السلطة في المدينة المنورة وجعل الناس يدخلون في دين الله قناعة أو طمعاً، بدأت غريزة التملك تتفاعل فيهم، وأخذوا يمنون علي رسول الله تخليهم عن عبادة الأصنام، رغم أن إيمان بعضهم كان إيماناً مصلحياً - ولعل المصلحين هم الذين كانوا يمنون علي رسول الله إسلامهم - فأنزل الله فيهم: (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين) سورة الحجرات، آية 17. وغريزة التملك تحركت بشكل صارخ مع فرض الضرائب في الإسلام، فبدأ بعض الذين أظهروا الإسلام يتكلمون وكأن الإسلام لم ينزل من السماء إلا لنهب أموالهم، رغم تأكيد القرآن علي أن الزكاة لأصناف منهم لا للرسول وآله، وأن الخمس لله قبل أن يكون لغيره. ثم شن الرسول والأئمة (عليهم السلام) حملة توعية واسعة النطاق لإقناع المسلمين بأن الضرائب في الإسلام من جملة الفرائض السماوية التي

لابد من الالتزام بها كدين، ولكنها لم تستوعب الذهنية العامة، فبقي الكثيرون ولا زالوا يتهربون أو يتأففون من دفعها. والإمام المهدي يواصل - من خلال هذا التوقيع - حملة التوعية تلك، ويركز علي ثلاث حقائق: الأولي: أن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) لم يكونوا بحاجة شخصية إلي الأخماس والزكوات، لأنهم - علي خلاف القادة الزمنيين والروحيين - كانوا يعملون ويسترزقون من ريع أعمالهم، حتي أن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يعمل منذ العاشرة من عمره الشريف حتي استشهد في محراب العبادة، ولم تقطعه مهام الخلافة الإسلامية عن العمل اليدوي. وهكذا كان أكثر الأئمة الطاهرين الذين ربوا الجيل الإسلامي المثالي علي الأعمال اليدوية، وعدم الاسترزاق من بيت مال المسلمين. مضافاً إلي التقشف المتناهي الذي كان يعتصر كل نفقاتهم من جميع الجهات. والإمام المهدي لم تكن له نفقات شخصية تذكر وخاصة بعد غيبته في بطون الأودية وقمم الجبال. فهم - وهو بصورة خاصة - في غني عن الضرائب الإسلامية، وقد لمح الإمام المهدي إلي هذه الحقيقة بقوله: (وما أتانا الله خير مما آتاكم). الثانية: أن الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) لم يمارسوا الضغوط لجباية الضرائب - خاصة بعد ابتعادهم عن السلطة - كل ما في الأمر أنهم أمروا بدفعها تبليغاً لأحكام الشريعة. علي أن الإمام المهدي - بصورة أخص - لم يكن في أي يوم من أيام حياته في وضع يساعد علي جباية الأموال. مضافاً إلي أن انقطاعه عن ممارسة المهام السياسية والاجتماعية بالغيبة الكبري، ساعد علي انصرافه حتي عن التشجيع علي دفع الضرائب المالية. وقد صرح بهذه الحقيقة قائلاً: (فمن شاء فليصل، ومن شاء فليقطع). الثالثة: مترتبة علي الحقيقتين السابقتين وهي أن الأئمة طالما لا يحتاجون إلي

الضرائب المالية، وطالما لا يمارسون الضغوط لاستيفائها، فلا يبقي دافع إلي قبولها إلا لتطهير الناس مما عليهم من أموال إن لم يقبلوها دخلت في النطف فخبثتها، وفي المعاملات والعبادات فأفسدتها. وقد أعلن الإمام المهدي هذه الحقيقة بقوة ووضوح في قوله: (وأما أموالكم فلا نقبلها إلا لتطهروا). وبما أن أكثر الناس حتي اليوم لا يدفعون الضرائب الإسلامية، أو يدفعون بعضاً منها تحت طائلة الوعيد بعذاب الله، أو بتأثيرات شخصية، ربما أصبح من المناسب أن ننوه إلي بعض فوائدها بصورة مقتضبة، رغم أنها ليست وثيقة الصلة بموضوع التوقيع، ونلخصها كما يلي: 1: الفوائد العبادية. أ: تنمية علاقة الفرد بالله، ومنع حيلولة المال بين الفرد وربه، لأن دفع الضرائب الإسلامية - في حد ذاته - عمل عبادي. والزكاة - التي تشمل سائر الفرائض المالية إذا لم تقابل بالخمس أو بغيره كما هو الحال في أكثر الآيات والروايات التي شفعت الصلاة بالزكاة - من أهم العبادات. فليس من باب الصدقة اقتران الصلاة بالزكاة في ست وعشرين آية من القرآن. وليس من باب الصدقة حشر الزكاة في جملة من العقائد والفرائض الأساسية - كشرط للهداية وعمارة المساجد - في قوله تعالي: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتي الزكاة ولم يخش إلا الله فعسي أولئك أن يكونوا من المهتدين) سورة التوبة، آية 18. ب: توظيف المال في سبيل تسرية المعني العبادي إلي مختلف نشاطات الفرد، لأن المال طاقة من الطاقات التي وضعها الله تحت تصرف الإنسان لامتحانه بها، فإذا تصرف فيه وفق إرادة الله كان كسبه عبادة واستثماره عبادة واستهلاكه عبادة، وإذا تصرف فيه خلاف إرادة الله كان كسبه حراماً واستثماره حراماُ واستهلاكه حراماً. والالتزام

بتحريك المال وفق إرادة الله يطلق المفهوم العبادي من رحاب المسجد إلي الحقل والسوق والمعمل. ومتي تعوّد الفرد علي العبادة في نشاطه الاقتصادي سهل عليه التسربل بالعبادة في سائر نشاطاته. ج: تصعيد الشعور بدور الدنيا من الفكرة إلي الممارسة، لأن الدنيا حلقة في سلسلة العوالم التمهيدية التي يمر بها الإنسان لاستكمال دورته التكاملية، أو كما في الحديث: (الدنيا مزرعة الآخرة) ولا يمكن توجيه الدنيا إلي هدفها إلا باستخدامها في سبيل الآخرة، لا في سبيل تورط أكثر في الدنيا ذاتها، ولا يقبل الإنسان علي الاستزادة من شيء إلا ويزداد جشعاً إليه، فإذا أقبل علي المعني زاده جشعاً وإذا أقبل علي المادة زادته جشعاً، أوَ ليس في الحديث: (منهومان لا يشبعان: طالب علم وطالب مال)؟ والمال مظهر للدنيا، فإذا استعلي علي المعني استبدت بالإنسان وإذا تذلل للمعني خضعت للإنسان، وأخذت حجمها في خدمة الآخرة. د: تجنيب الحرام، لأن الكلمات المستخدمة في النصوص القرآنية والروائية تدل علي أن الخمس والزكاة يتعلقان بالأعيان، فمقدارهما خارج عن ملك الفرد، فإذا بقي في أموال الناس دخل في النطف فخبثها وفي العبادات والمعاملات فأفسدها، إن لم يكن في ظاهر الشريعة ففي واقع الأمر. 2- الفوائد النفسية: أ: تنقية الأجواء من عبادة المال، لأن الناس بمقتضي تركيبتهم الخاصة يحتاجون إلي أشياء معينة، فإذا توفرت انصرفت اهتماماتهم عنها، وإذا ندرت تمحورت اهتماماتهم حولها. كالماء، لا يلفت انتباه أحد مادام ينساب في كل مكان، ولا يشح إلا ويتقاتل الناس عليه. كالهواء، لا يتشاحن عليه الناس مادام مشاعاً، فإذا تم احتكاره - كما يحدث في الزنزانات التي لها نافذة واحدة ضيقة - انقلب أعز ما يتشاحن الناس عليه. هكذا المال لا يستقطب ما دامت السيولة، فإذا

عز التداول قل من يعبد سواه، فيتعبد الفقراء حاجة إليه، والأغنياء استغراقاً فيه. والضرائب الإسلامية تفرض علي المال - في جميع الحالات - نوعاً من السيولة تنزله عن مقام الربوبية. ب: تسييد القيم علي المال وإخضاعها لإرادته، لأن الحياة مركبة من قوي معنوية ومظاهر مادية، فهو عنصر صالح يساعد علي عملية الحياة مادام ملتزماً بإرادة القوي المعنوية، وإذا تمرد عليها أصبح عنصراً نشازاً يفسد ويدمر. والمال لا يخضع للقوي المعنوية إلا من خلال التزام صاحبه بتوظيفه في تنشيط حركة الحياة كسباً واستثماراً واستهلاكاً - فإذا تمرد صاحبه علي فرائضه أصبح - هو الآخر - عنصراً نشازاً يفسد ويدمر. ج: تعميق الشعور بدور المال، لأن المال من جملة المواد التي يستخدمها الإنسان في مصالحه، تماماً كالطعام والشراب والهواء... فهي ضرورات لاستمرار عافيته، مادام يستفيد منها بمقدار حاجته، فإذا استزاد منها انقلبت مضرات تسلب منه عافيته. هكذا المال ضرورة حياتية مادام بمقدار تأمين حاجات الفرد، فإذا زاد أرهق صاحبه، وسلب منه نشاطه في بقية حالات الحياة. د: توسيع نفسية الفرد الغني، لأن نفس الإنسان قابلة للامتداد بلا حدود - بخلاف جسمه الذي لا يتحمل الامتداد إلا ضمن حدود ضيقة جداً - ويتم تقليص أو توسيع نفسية الفرد باهتماماته وممارساته، فمن كانت اهتماماته أو ممارساته منكفئة علي ذاته تتقوقع نفسيته في حدود شخصه، ومن تنطلق اهتماماته وممارساته في آفاق المجتمع تتسع نفسيته بمقدار من يحتضن من أفراد، ولذلك يوجد فرد يمثل نفسه إلي جانب فرد يمثل مليون شخص أو ملايين الأشخاص. والضرائب الإسلامية - الواجبة منها والمستحبة - تحاول إخراج الفرد الغني من قوقعته الشخصية، إلي الدائرة الاجتماعية. 3: الفوائد الاجتماعية: أ: تحليل عقد الحقد والكراهية المتجاوبة بين

الطبقة الفقيرة والطبقة الغنية، فالأولي تري أن الثانية تمتص ثروات المجتمع - بوسائلها المختلفة - بينما هي تعاني من أجل اليسير منها. والثانية تري أنها بالكد والجهد استطاعت أن تجمع ما لديها، وأن الأولي تريد الاستئثار بما لم تجهد في سبيله، فتتبادل الحقد والكراهية. وتأتي الضرائب الإسلامية، لتشرك الطبقة الفقيرة مع الطبقة الغنية - ولو بقسط معين ولكنه يكفي لإنقاذ الأولي من المعاناة - بدون أي جهد، ولتشعر الثانية بأن الله الذي وهب لها ما لديها هو الذي يطالبها بهذا الحق وسيعوضها بخير منه في الآخرة، وربما في الدنيا - أيضاً -. ب: تعميم فكرة وحدة المجتمع، لأن كل فرد يري نفسه وحدة متكاملة، وينطلق من هذا الموقع لتقييم كل شيء وكل فرد، فكل ماله فهو فضيل وكل ما عليه فهو سيئ، ويزداد تمسك الفرد باستقلالية نتيجة الصدمات التي يتلقاها في سبيل فرض استقلاليته علي الآخرين. والضرائب الإسلامية، تفرض علي الغني الشعور بالمسؤولية الاجتماعية، كما تفرض علي الفقير الشعور بالأخوة الاجتماعية، وتجمع الجانبين تحت شعور مشترك بأن استقلالية الفرد لا تنافي وحدة المجتمع، التي تجعل كل فرد مسؤولاً عن المجتمع بمقدار مسؤوليته عن نفسه، فلابد له من الاهتمام بالغير كالاهتمام بالنفس. 4: الفوائد السياسية: أ: تخفيف حدة التوتر بين الطبقات التي تتراوح بين طبقة مدقعة، وطبقة لا تحصي أموالها إلا بالعقول الآلية. هذا التوتر المخيف الذي أدي في كل مراحل التاريخ إلي صراع مرير، وقسم العالم أخيراً إلي كتلتين متنافستين علي تقرير مصير العالم. فالضرائب الإسلامية تؤمن الحاجات الضرورية للطبقة الفقيرة، وتحد من تصاعد ثروة الطبقة الغنية بأرقام فلكية، فتحاول التقريب بينهما مع الاحتفاظ بالوازع الداخلي لتأمين الحد الأقصي من الإنتاج. ب: تأمين المصالح العامة،

لأن الأفراد يتكلفون بالمصالح الخاصة وليس باستطاعتهم القيام بالمصالح العامة، لأن الأفراد يتكلفون بالمصالح الخاصة وليس باستطاعتهم القيام بالمصالح العامة، لأن تقديرها يحتاج إلي سلطة ذات سيادة، وتنفيذها تحتاج إلي ثروات لا ينالها الفرد مهما بلغ، فلابد أن تكفل بها الدولة. ولا تؤمن ميزانية الدول - في الغالب - إلا من الموارد العامة - كالمعدن العدو هو الذي لا ينضب - ومن الضرائب. وطالما أن الموارد العامة تختلف من أرض إلي أرض، فالوارد الثابت الذي يمكن أن يكون سنة تستند إليه حكومات العالم هو الضرائب. وجميع حكومات الدنيا تجبي الضرائب، ولكنها تتراوح بين إفراط وتفريط، فيما الضرائب الإسلامية تأخذ بالحد المعقول بين المصالح العامة وجهود التجار. ج: تأمين الحد الأدني من العدالة في توزيع الثروة. لأن المال لا يلمس حركة السوق إلا ويتوتر في مجمعات متبعثرة كقزع الخريف، فطبيعته كالرمال السائبة تمتصها الزوابع من مناطق النفوذ لتوزعها شحنة هنا وأكمة هناك، فتنحر عن جانب حتي المحل وتتكدس في جانب كالثلوج في القطبين. والضرائب الإسلامية تعالج الفقر والتضخم فيوقت واحد، لكي لا تبقي حاجات معطلة حتي الموت ولا بنوك متخمة حتي الانفجار. ويؤدي إلي إيجاد - ما يسمي - بمجتمع البورجوازية الصغيرة.

[221] إن موعد ظهور الإمام المهدي من القضايا التي أراد الله إخفاءها عن الرأي العام كموعد القيامة، وكموعد وفاة كل فرد، وإن كان أولياء الله المعصومون يعرفونها إلا أنهم أخفوها عن الرأي العام. عسي أن يتهيأ لها الناس في كل وقت وحال، ولا يتناساها من هو بعيد عنها. فكل من يحدد موعد ظهور الإمام المهدي فهو كذاب وإن صادف الواقع، لأنه لا يصدر عن مصدر الوحي، وما عداه معرض للخطأ، أو للبداء - في أفضل

الحالات - مضافاً إلي أنه حديث فيما لم يأذن الله به.

[222] كفر، لأن الكفر هو الستر، وإنكار قتل الحسين (عليه السلام) ستر لحقيقة ثابتة. وتكذيب لكل الصادقين الذين أخبروا بشهادته قبلها أو بعدها، وضلال يساوي التصدي للوقائع المحسوسة، وهو المدخل الطبيعي إلي السفسطة التي تخبط المحسوسات والمعقولات كافة. ويلاحظ التشديد في لهجة الإمام المهدي وهو يشجب إنكار قتل الإمام الحسين (عليه السلام) أكثر مما يتوقع منه لرفض فكرة ظاهرة البطلان. ولكننا لو تتبعنا اتجاهات القرنين الثاني والثالث بعد الهجرة نجد مثل هذا التشديد في محله. ففي تلك الفترة - التي كانت تودع العهد الأموي وتستقبل العهد العباسي - انتشرت فكرة تقول: بأن الأئمة ملائكة. وقد غذت هذه الفكرة أربعة تيارات: الأول: تيار المتطرفين الشيعة، الذين غالوا في أهل البيت كرد فعل طبيعي علي تطرف السلطتين الأموية والعباسية ضد أهل البيت وشيعتهم. الثاني: تيار فلاسفة السلاطين الذين وجدوا في مقاتل أهل البيت علي أيدي الأمويين والعباسيين إدانة تهيج بهم من الأعماق. الثالث: تيار الدخلاء الذين رأوا تعاظم المد الإسلامي، فحاولوا ركوب الموج والدس فيه من منطلقاته الأساسية، تشويهاً لوهج الإسلام وطمسه في المتاهات. الرابع: تيار أصحاب العقول السطحية الذين لا يستوعبون البشر إلا من خلال نماذجه العادية المتكررة. فبينما هم مأخوذون بعظمة أهل البيت فاجأتهم مآسيهم - بتلك الفظاعة التي هزت أعداءهم وأنصارهم علي حد سواء - فحاولوا الهروب من وطأة الفزع ولو عن طريق إنكار أصل المأساة. ورغم اختلاف الدواعي إلي ظهور هذه الفكرة وبراءة بعضها، بقيت الفكرة ذات خطورة قصوي تتبلور في سلبيات عديدة لعل من أهمها: الأولي: مصادرة أغني ثروات الإسلام، وهي الثروة العاطفية التي تفتح الطريق إلي القلوب قبل أن يتمكن الفكر

من العقول. الثانية: تعطيل دور أهل البيت ك_(أسوة) وإعفاء الناس من الاقتداء بهم، باعتبارهم ملائكة يتحملون ما لا يتحمله البشر. الثالثة: تجريح أنسابهم، وإثارة الضباب حول المنتمين إليهم، ومن ثم خطف الأدوار منهم باعتبارهم الامتداد الطبيعي لأهل البيت وعليهم أن يتعمقوا بأهل البيت في كل اتجاه. الرابعة: تحويل أهل البيت الذين هم من أقوي قادة الفكر في الحياة إلي أشباح ضبابية يسهل التشكيك في كل شيء من سيرهم وأصحابهم ورواة أحاديثهم. من هنا كان تشديد الأئمة - الذين عاصروا انتشار هذه الفكرة - علي شجبها وتأنيب المتعاملين بهذه، دفاعاً عن الحق، وصيانة للكفر الإسلامي من التذبذب، كما لاحظنا في لهجة الإمام المهدي من خلال هذه الكلمات: (كفر وتكذيب وضلال).

[223] إن مفهوم القيادة لدي كل فئة منتزع من عقيدتها الفلسفية، وهذا المفهوم - في الإسلام - منتزع من عقيدة التوحيد، التي تؤمن بأن الله وحده هو مصدر الكون والإنسان. ومصدر السلطة الحقيقي هو القائد الحقيقي، وبما أن الله هو المصدر الحقيقي لكل السلطات الكونية والشرعية فمن الطبيعي أن تتجه إليه المفاهيم القيادية عفوياً، فهو القائد الذي لا يمكن أن يطال. ومن ثم تكون القيادة للرسول - كل رسول في زمانه - بتخويل من الله. ومن بعد خاتم النبيين (صلي الله عليه وآله) انتقلت القيادة العامة إلي أوصيائه الذين نص عليهم بأسمائهم ومواصفاتهم. وكانت القيادة مركزية في عهود جميع الرسل، فكل رسول - في زمانه - هو القائد الوحيد الذي لا ينازع، وبقيت القيادة مركزية في عهود الأئمة الاثني عشر، وكان الإمام المهدي هو القائد الوحيد قبل أن يغيب فلما حانت غيبته الكبري أصدر هذا التوقيع المذكور أعلاه، فأرجع فيه الناس إلي الفقهاء المراجع، وكان إعلاناً منه

عن (لا مركزية القيادة) انسجاماً مع متغيرات مرحلة الغيبة الكبري التي تتاح فيها للقوي المختلفة أن تتصارع فيها بلا حجة ظاهرة، تماماً كمرحلة الجاهلية. فكل فقيه توفرت فيه شرائط معينة يجوز اتباعه (تقليده) في أمور الدين، باعتباره (نائباً عاماً) عن الإمام المهدي، ويعتمد فتواه، باعتباره (حكم الله في حقه وحق مقلديه).

[224] محمد بن عثمان العمري، هو الثاني من (النواب الأربعة) الذي اعتمدهم الإمام المهدي في غيبته الصغري.

[225] أبو الخطاب الأجدع، من الذين ادعوا النيابة عن الإمام المهدي في الغيبة كذباً، فخرج (التوقيع) لتعريتهم.

[226] قد يفسر (المتلبسون بأموالنا) بالمانعين من الخمس. ولكن قد يفهم من فصل موضوع الخمس ب_(أما): إن المقصود من (أموالنا) هي الأموال الخاصة التي تركها الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) حين وفاته، ولم يأخذها الإمام المهدي معه إلي مغيبه أو الأعم منها ومن النذورات والوقوف والهدايا التي كثرت في تلك الفترة، فيكون (المتلبسون) بها هم الذين استولوا عليها من أعوان الخليفة العباسي أو جعفر التواب وأنصاره.

[227] حمل الفقهاء هذا النص علي المناكح من الغنائم كما حملوا الأحاديث الدالة علي إباحة الخمس علي المناكح والمساكن والمتاجر. ولكن يمكن أن يقال: مبدئياً الخمس للإمام عونه علي دينه، يرمم به الثغرات ويلملم به الفرط من ذرية رسول الله (صلّي الله عليه وآله). ويكون الخمس للإمام باعتباره المسؤول الأعلي عن الشؤون الدينية وولي ذرية رسول الله (صلّي الله عليه وآله) فلو لم يدفع أو تصرف فيه غيره دخل في النطف فخبثها، وفي المعاملات فأفسدها. وفي غيبة الإمام المهدي حيث عجز الناس عن إيصال الخمس إليه أباحه لشيعته ولو ضمن مقاييس، منها التصرف فيه بتوجيه الفقهاء المراجع باعتبارهم متخصصين في مصالح الشيعة. تماماً كما لو أباح غني ثروته

لأقربائه بوضعها تحت تصرف كبارهم لصرفها في مصالح صغارهم، حتي لا يعرض للضياع، فيكون من قبيل إباحة الحق لا إباحة العين.

[228] سورة المائدة، آية 101.

[229] لابد من الاعتراف بأننا لا نعرف السبب الحقيقي للغيبة، ربما لأن العقل البشري في هذه المرحلة - غير مؤهل لاستيعابه، وإعلانه يؤدي إلي مضاعفات سلبية، كما أنه غير مؤهل لهضم أكثر الوقائع اليومية، ولذلك يحوص السياسيون في العالم كله علي كتمان أكثر التطورات الحساسة عن الشعوب، إلا بعد أن تفقد وطئتها فتذكر كقصص قديمة في المذكرات. ولقد مرت بالبشر - فيما نعرف - فترتان احتجبت فيهما عنه مصادر الوحي، الأولي فترة الجاهلية بين عيسي ابن مريم والنبي الأكرم (عليهما السلام)، والثانية فترة الغيبة الكبري. وفي الفترة الأولي كان عدد من أنبياء الله موجودين كالخضر وإلياس وبعض أوصياء عيسي ابن مريم، ولكن عمدة ولايتهم انحصرت في الجانب التكويني، وفي فترة الغيبة الكبري، يوجد الإمام المهدي إلي جانب الخضر وإلياس، ولكن معظم ولايته - أيضاً - منحصرة في الجانب التكويني. ربما لأن العناصر البشرية التي ترسل إلي الحياة الدنيا في هاتين الفترتين دون الحد الأدني لمعاشرة المعصومين. وربما لأن الزمان فاسد. والزمان شيء كالمكان بفارق أن فاعلية الزمان أكثر، وإن كان أكثر الناس لا يفهمون الزمان. وربما لأن الله أراد لوليه المدخر لتطهير الأرض أن يبقي خارجاً علي أنظمة الطواغيت. وهذا ما صرح به الإمام المهدي، ولعله من جملة الأسباب للغيبة الكبري، ولكنه ليس السبب الأساس فالغيبة أهم من ذلك، بل هي أهم من (فترة الرسل) التي سبقت الإسلام، لأنها أطول وأعمق، ولعلها أشمل إذ ربما كان - في تلك الفترة - في بعض قارات الدنيا أنبياء محليون. بينما لا يوجد في

فترة الغيبة نبي ولا وصي غير الإمام المهدي وهو غائب لا يظهر حتي يأذن الله له.

[230] هذا النص يرمز إلي الولاية الكونية، وإذا أردنا التوسع في هذا المجال نستطيع القول: أن الأنبياء والأوصياء مصنفون إلي ثلاثة أصناف: الأول: أصحاب الولاية الشرعية، ولعله كان منهم يونس وشعيب ولوط وذا الكفل واليسع وأمثالهم من النبيين الذين خولهم الله صلاحية الوساطة الشرعية بين الله وعباده. فقد كانوا مرسلين إلي أقوامهم يبشرون بشرائع الله، شأن الفقهاء في الإسلام الذين تقتصر مهمتهم علي بيان الأحكام الشرعية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. بفارق أن الأنبياء يتلقون معارفهم من الله وحياً أو من وراء حجاب أو بواسطة ملك من الملائكة، والفقهاء يتلقون معارفهم من الله بواسطة النبي وأوصيائه. الثاني: أصحاب الولاية الكونية، كالخضر وإلياس ويوشع بن نون وآصف بن برخيا، ونظرائهم الذين خولهم الله صلاحية الوساطة الكونية بين الله وخلقه ولعله اقتصرت مهمتهم علي تنظيم الروابط الكونية تلقياً من الله وتفريغاً علي الخلق. ولقد كان إبراهيم الخليل رسولاً يتمتع بالولاية الشرعية قبل أن يمتحنه الله في نفسه وماله وأهله، فلما نجح في الامتحانات الثلاثة خوله الولاية الكونية، وسجله قرآنا للأجيال التي تليه: (وإذ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) سورة البقرة، آية 124. وكان موسي صاحب الخضر رسولاً يمتاز بالشريعة - باعتباره من الرسل - ولكنه لم يؤهل للولاية الكونية فلما وجد الخضر وقد آتاه الله الولاية الكونية أراد أن يتتلمذ عليه حتي يؤهله لها، غير أن الخضر لم يجد في صاحبه موسي قابلية الولايتين في أذهان الأجيال، وربما نري ملامح هذه القصة متكاملة في سورة الكهف ابتداءً من قوله

تعالي: (وإذ قال موسي لفتاه لا أبرح حتي أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقباً) آية 60 حتي نهاية آية 82. الثالث: أصحاب الولايتين الشرعية والكونية كإبراهيم الخليل والنبي الأكرم (صلّي الله عليه وآله) وربما كان في الرسل من يتمتع بالولايتين ولكن لا أذكر دليلاً علي ذلك. وأما الأئمة الاثني عشر فإنهم من أصحاب الولاية الكونية إلي جانب الولاية الشرعية التي انتقلت إليهم من الرسول الأعظم (صلّي الله عليه وآله) - وصاية لا تأسيساً - والأدلة العقلية والنقلية علي ذلك كثيرة يمكن تتبعها في مظانها. والولي الكوني هو الذي ترمز إليه الأحاديث الواردة بمضامين تتفرغ في معني واحد: (لو خليت قلبت)، (لو انقطعت الحجة لساخت الأرض بأهلها)، (أول من خلق الله الحجة وآخر من يموت الحجة) مشيرة أن الواسطة الكونية لم تنقطع ولن تنقطع مادامت الحياة علي الأرض. ويلاحظ أن أصحاب الولاية الشرعية كانوا مضطرين إلي معايشة الناس لأداء رسالاتهم، وأما أصحاب الولاية الكونية فقط فيفضلون العكوف عليها عن المجتمعات، كالخضر وإلياس ويوشع وآصف. وعلي الإمام المهدي - باعتباره صاحب الولاية الكونية - أن ينهض بكل شؤونها، ولا تفترض عليه معايشة المجتمع وإن كان صاحب الولاية الشرعية، ولكن بما أنها استمرارية وليست تأسيسية خولها الفقهاء المراجع، واكتفي بالإشراف علي سير الشريعة ولو من وراء الغيبة فيرشد ويحذر بأساليبه المعروفة في أوساط الفقهاء والمحدثين. وقد عبر الإمام المهدي عن ولايته الكونية من خلال هذا النص - رغم اقتضابه - فهو يمارس ولايته الكونية وإن لم يعرفه الناس باسمه وشخصه، كما أن الشمس تدأب في تربية منظومتها حتي وإن حجتها قطع السحاب عن مناطق من الأرض أو من سائر كرات المنظومة.

[231] هذا النص: (النجوم أمان لأهل السماء) ورد

- بمناسبات عديدة - في مجموعة من الأحاديث، وكأنه من المسلمات الكونية لدي مصادر الوحي. ولكن العلم الحديث لم يبلغ - بعد - مستوي هذا النوع من الحقائق الكونية. ونحن لا ننتظر العلم إذا أعلن الوحي حقيقة كونية، لأن ثقتنا بالأنبياء أعمق منها بالعلماء ومتي سبق العلم الوحي أو جاراه؟ نستطيع أن نستخلص من مجموع ما يحضرنا من الأدلة ما يلي: إن الخامات الأولية للكون عبارة عن موجات ضوئية متناهية القصر والسرعة، وهي تدأب في سيرها ملايين السنين الضوئية ثم تفقد تدريجاً فاعليتها فتتوتر وتنخثر، ومن ثم تتطور إلي ذرات متناهية الصغر وحادة الفاعلية يمكن تسميتها ب_(الذرات الكونية) وهذه الذرات المختلفة - باختلاف الموجات التي تطورات إليها - تفرز إلي ساخنة وباردة فالساخنة تلتقي مثيلاتها لتشكل النجوم، والباردة تلتقي مثيلاتها لتشكل الكواكب وفاعليات النجوم عديدة وما يرتبط بهذا الموضوع اثنتان: الأولي: مغناطيستها، فالنجوم باعتبارها كتلاً ضخمة تمتاز بجاذبية هائلة تعادل دافعية الكواكب، فيمسك كل نجم بمجموعة من الكواكب في أبعاد متناسبة مع أحجامها، وهذه المغناطيسية تساهم في تنظيم المجرات ومن ثم في تثبيت النسبية العامة. الثانية: حراريتها، فالنجوم باعتبارها كتلاً ملتهبة، تبعث إلي الكواكب طاقات حرارية تصونها من الانجماد وتؤهلها للحياة. وهكذا تكون النجوم أماناً للخلائق التي تعيش علي الكواكب من الانقراض. وبما أن أصحاب الولاية الكونية، يؤدون دور الوساطة الكونية صح تشبههم بالنجوم في أنهم يقومون بدورهم للإبقاء علي حياة الخلائق.

[232] فمعرفة علة الغيبة ليست من الفرائض التي أمر الله بها، حتي يعاقب من لم يتكلف معرفتها. فمن كان في المستوي المناسب فليعرفها، ومن لم يكن في المستوي المناسب لا يفترض عليه تكلفها.

[233] هذه الجملة تحتمل تفسيرين: الأول: إن في مجرد الدعاء بتعجيل الفرج،

فرجاً للداعين. الثاني: إن في فرج الإمام المهدي فرجاً لأوليائه.

[234] من وجوه الشيعة، ومن المختصين بالناحية المقدسة.

[235] درج الشيء في الشيء: أدخله فيه، وضمنه إياه.

[236] وهذا النص يدل علي مدي اهتمام الإمام عجل الله فرجه بأوضاع شيعته، حتي يهيب بأحدهم أن لا تكون في رسالته أخطاء.

[237] إذ لا شريك له في العطاء حتي يشاركه في الحمد.

[238] علي إحسانه متعلق ب_(الحمد لله) أي الحمد لله علي إحسانه وفضله.

[239] فالله شاهد علي بما أذكره ويحاسبني إن تجاوزت الحق، وشاهد عليكم بما أقوله إن لم تأخذوا به.

[240] وهو جعفر التواب.

[241] الذمة: الحرمة. وقيل: ما يجب أن يحفظ ويحمي. وقيل: الذمة: التذمم ممن لا عهد له، وهو أن يلزم الإنسان نفسه حقاً يجري مجري المعاهدة من غير معاهدة. والمعني أنه ليس له أي حق وفضل عليكم.

[242] يقصد بالأول إبراهيم الخليل. وبالثاني موسي بن عمران. وبالثالث عيسي ابن مريم. وبالرابع سليمان بن داوود.

[243] يحاول الإمام المهدي (عليه السلام) من خلال هذه المقدمة إيضاح إحدي الحقائق الكبري التي قل من يحاول تفهمها واستيعابها، وهي أن اختيار الله تعالي لأنبيائه وأوصيائهم لم تكن عملية ارتجالية أو عفوية تعتمد علي مجرد طيبة قلب وطهارة مسلك، فإن الله لا يختار للقيادة التشريعية - التي هي أهم من القيادة التكوينية - أفراداً لأنهم طيبون فحسب، وإنما يختار لها أصلح خلقه من جميع الجهات الخلقية والنفسية. وتتم عملية الاختيار هذه بمقاييس السماء التي لا تخطئ ولا تحابي. كما لا تخطئ ولا تحابي في سائر العمليات الكونية. وقد أوضح النبي (صلّي الله عليه وآله) هذه الحقيقة في قولته الشهيرة للإمام علي (عليه السلام): (يا علي! إن الله اطلع علي الأرض اطلاعة فاختارني منها...). وهذا يعني أن الله

يختار خير أهل كل زمان لرسالته إليهم، واختار خير الخلق - علي الإطلاق - لرسالته الكبري إليهم. حتي لو لم تكن الرسالات لكان الأنبياء ثم أوصيائهم أعلي القمم البشرية، ولكان الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) أعلي القمم البشرية علي الإطلاق. فقضية الإمامة ليست قضية منصب يمكن أن يفوز به من هو أشد سعياً إليه، وإنما هي قضية تفوق في المواهب والمؤهلات التي يتم تقييمها بمعادلات السماء بعيداً عن أجواء المساعي والتزاحمات التي يمكن أن تؤثر علي حركة المناصب في الأرض.

[244] ومن خلال هذا النص يبين مظاهر ذلك التفوق الذي أدي إلي اختيارهم، ويلخصها في ستة في: الأول: أنهم معصومون من الذنوب لا يرتكبون مخالفة دينية طيلة حياتهم مهما تقلبت بهم الظروف وعصفت بهم الأزمات. الثاني: أنهم يتمتعون بالكمال الجسماني، فلا يشكون من نقص ولا عاهة. الثالث: أنهم يمتازون بشموخ الآباء وطهارة الأمهات، فهم منزهون من شرك الآباء وعهر الأمهات. الرابع: أنهم لا يخطئون في شيء، فلا يصدر منهم خطأ، ولا يتورطون في خطأ. الخامس: أنهم أعلم الناس وأحكم الناس علي الإطلاق. السادس: أنهم مؤيدون بالمعجزات التي تثبت أنهم يتعاملون مع القوي الماورائية التي لا تتوصل إليها علوم البشر إلا بواسطتهم. وقد أثبت التاريخ أنهم جميعاً - كانوا في هذا المستوي.

[245] سورة الأحقاف، الآيات 1-7.

[246] أي اطلب منه أن يأتيك بآية أو بحجة أو بدلالة علي إمامته.

[247] العوار: العيب.

[248] أي في محله الواقعي، ومحله في هذه المناسبة هو الإمام المهدي.

[249] فلا تكون في الحسن العسكري وفي أخيه جعفر.

[250] لقد اعتبر الإمام المهدي - في هذا النص - الارتياب في أحد الأئمة (عليهم السلام) ارتياباً في الدين، لأن الإمامة هي القيادة، والقيادة من صميم الذين، سواءً

كانت قيادة الأنباء أو الأوصياء، فكما أن الشك في نبوة الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) يعود إلي الشك في الدين، كذلك الشك في أي من أوصيائه يعود إلي الشك في الدين، لأن قيادته مستمرة فيهم. مضافاً إلي أن التشكيك في أي شيء مما أمر الله به تشكيك في الدين، والله تعالي أمر باتّباع النبي وأوصيائه، فالتشكيك فيهم أو في أحدهم تشكيك في ما أمر الله به.

[251] إن الله سبحانه وتعالي أراد التسلسل في الخلق، وجرت بذلك سنته - حسب تعبير القرآن - فخلق (كلمات) وجعلها الطبقة الأولي من مخلوقاته. ومن بعضها خلق النور والظلمة، وجعلهما الطبقة الثانية من مخولوقاته. ومن موجات النور والظلمة خلق العناصر الأولية الستة والتسعين - وجعلها الطبقة الثالثة من مخلوقاته. ومن العناصر الأولية خلق الأجسام - اللطيفة والكثيفة - فجعلها الطبقة الرابعة من مخلوقاته. ولو أراد الله أن يخلق الأجسام ارتجالاً من العدم لاستطاع، ولكنه أراد التسلسل في الخلق، مما أراد تسلسل البشر بالإنجاب. وهذه الإرادة لا تنافي إطلاق قدرته، لأن القدرة لم تتقيد بشيء خارج عنها، وإنما هي التي أرادت ذلك. ويستظهر من بعض الآيات والروايات: أن أرواح الأنبياء والأوصياء هي كلمات الله تلك، التي ابتدأ بها الخلق. فقد قال الله عن عيسي ابن مريم (عليه السلام): (إنما المسيح عيسي ابن مريم رسول الله، وكلمته ألقاها إلي مريم) سورة النساء، آية 171. و(إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسي ابن مريم) سورة آل عمران، آية 45. وفي الحديث عن الرسول الأعظم (صلّي الله عليه وآله): (أول ما خلق الله نوري) و(أنا أول ما خلق الله، وأول من تنشق عنه الأرض). فإذا ثبت أن أرواح الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام)

كلمات الله، ثبت أنهم الطبقة الأولي من المخلوقات، وأن الله خلق بقيت المخلوقات منهم. وهذا الموضوع ثابت في الحديث، وقد استقصي العلامة المجلسي قسماً وفيراً منه في (كتاب السماء والعالم) من موسوعته التي أسماها ب_(بحار الأنوار). وهذا القول يشبه قولنا: إن الله خلق الإنسان والحيوان والنبات من التراب والماء والهواء والشمس. وإذا ثبت أن الله خلق أرواح الأنبياء والأوصياء مباشرة، ثم خلق منها بقية خلقه، صح أنهم صنائع الله وأن الخلق صنائعهم. فهم أقرب إلي الله - في تسلسل الخلقة - من سائر الناس، فيحتاج إليهم الناس ولا يحتاجون إلي الناس. لاستغنائهم بالله عمن سواه. وقد أثبت التسلسل الرسالي أنهم أقرب إلي الله، فالله أرشدهم مباشرة وأرشدهم من سواهم بهم.

[252] سورة النساء، آية 59.

[253] يقصد بالماضي أباه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).

[254] أي ظننتم أن سلسلة أوصياء رسول الله قد انقطعت، وهذا يساوي بطلان الدين لأن سلسلة الرسل قد اختتمت بخاتم النبيين فلم تبق بعده إلا سلسلة أوصيائه الذين يؤدون دوره من بعده، فلو انتهت بوفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) لتعرض دين الله للبطلان، لأن حجة الله في الأرض عاصمة الدين تنفي عنه تحريف المبطلين وبدع الظالمين فانقطاع الحجة يؤدي إلي تعرض الدين للزوال.

[255] لأن ولي الله - كل ولي في عهده - صاحب الولاية الكونية، فهو السبب المتصل بين الله وبين للزوال.

[256] الكفر: الستر. فكل من ستر حقيقة فهو كافر لغة فإن ستر حقيقة دينية أصبح كافراً ديناً. وللكفر درجات تبدأ بإنكار أدني الحقائق الدينية، وتنتهي بإنكار أعظم الحقائق، وهو الله عز وجل، فليس كل كافر جاحداً بالله سبحانه بالضرورة، وإنما الكافر يعم الجاحد بالله والملحد في إحدي آياته، والإمامة من أهم آيات

الله، فمن حجبها أو انتحلها دون أهلها فقد كفر بهذا المعني. وقد فرق الإمام المهدي (عجل الله فرجه) بين من يتصدي لموضع الإمام أي لقيادة الأمة فاعتبره ظالماً آثماً: (ولا ينازعنا موضعه إلا ظالم آثم) وبين من يتصدي لصفة الإمام أي للسببية التكوينية والتشريعية بين الله وعباده، فاعتبره كافراً جاحداً: (ولا يدعيه دوننا إلا كافر جاحد). لأن الأول يعترض مسيرة الأمة شأن جميع الحكام بغير حق، بينما الثاني يعترض عقيدة الأمة شأن منتحلي الرسالات، وهذا شر من الأول. لأن مسيرة الأمة قابلة للتصحيح مادامت عقيدتها سليمة، فإذا فسدت عقيدتها استعصت علي العلاج.

[257] لأن في غيبة الإمام المهدي سراً يجب أن يبقي طي الكتمان، ويجب - بمقتضاه - علي الإمام المهدي أن يغيب عن الأضواء، ولولا ذلك لكان يعلن عن نفسه ويتابع خط المعجزات التي تبهر العقول، شأن جميع الأنبياء والأوصياء من قبله الذين فرضوا علي الكفر الإنساني علاقتهم المباشرة بالسماء عن طريق المعجزات، ولكن الإمام المهدي لا يمارس المعاجز - حالياً - لأن الله كتب عليه الغيبة، فاستغل غيبته المصلحيون، فنازعوه القيادة أو ادعوا دونه الإمامة.

[258] لتغطي علي حال الصبي. فسلمت إلي ابن أبي الشوارب القاضي، ونعتهم موت عبيد الله بن خاقان فجأة، وخرج صاحب الزنج بالبصرة فشغلوا بذلك عن الجارية فخرجت عن أيديهم والحمد لله رب العالمين. الثاني: أ: الخرايج، قطب الدين أبو الحسن سعيد بن هبة الله الراوندي بسنده. ب: كمال الدين وتمام النعمة، محمد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه الصدوق، عن أبي العباس أحمد بن الحسن بن عبد الله بن محمد بن مهران الأزدي، الأمي العروض رضي الله عنه بمرو، عن الحسين بن زيد بن عبد الله البغدادي عن

أبي الحسن علي بن سنان الموصلي قال: حدثنا أبي لما قبض سيدنا أبو محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليهما وقدم من قم والجبال وفود بالأموال التي كانت تحمل علي الرسم والعادة، ولم يكن عندهم خبر وفاة الحسن (عليه السلام)، فلما أن وصلوا إلي سر من رأي سألوا عن سيدنا الحسن (عليه السلام) فقيل لهم: إنه قد فقد. قالوا: ومن وارثه؟ قالوا: أخوه جعفر بن علي. فسألوا عليه فقيل لهم: أنه خرج متنزهاً، وركب زورقاً في دجلة يشرب ومعه المغنون. قال: فتشاور القوم. قالوا: هذه ليس من صفة الإمام! وقال بعضهم لبعض: امضوا بنا حتي نرد هذه الأموال علي أصحابها. فقال أبو العباس محمد بن جعفر الحميري القمي: قفوا بنا حتي ينصرف هذا الرجل، ونختبر أمره بالصحة، فلما انصرف دخلوا إليه فسلموا عليه، وقالوا: يا سيدنا نحن من قم ومعنا جماعة من الشيعة وغيرها، وكنا نحمل إلي سيدنا أبي محمد الحسن بن علي الأموال: فقال: أين هي؟ قالوا: معنا! قال: احملوها إلي! قالوا: إلا أن لهذه الأموال خبراً طريفاً: فقال: وما هو؟ قالوا: إن هذه الأموال تجمع. ويكون فيها من عامة الشيعة الدينار والديناران، ثم يجعلونها في كيس ويختمون عليه، وكنا إذا أوردنا بالمال علي سيدنا أبي محمد (عليه السلام) يقول: جملة المال كذا وكذا ديناراً من عند فلان كذا، ومن عند فلان كذا! حتي يأتي علي أسماء الناس كلهم، ويقول ما علي نقش الخواتيم. فقال جعفر: كذبتم! تقولون علي أخي ما لا يفعله؟ هذا علم الغيب ولا يعلمه إلا الله. فلما سمع القوم كلام جعفر جعل بعضهم ينظر إلي بعض، فقال لهم: احملوا هذا المال إلي. قالوا: إنا قوم مستأجرون وكلاء، وإنا لا

نسلم المال إلا بالعلامات التي كنا نعرفها من سيدنا الحسن بن علي (عليه السلام)، فإن كنت الإمام فبرهن لنا، وإلا رددنا الأموال إلي أصحابها، يرون فيها رأيهم. فدخل جعفر علي الخليفة وكان بسر من رأي، فاستدعي عليهم فلما أحضروا قال الخليفة: احملوا هذا المال إلي جعفر! قالوا: أصلح الله أمير المؤمنين! إنا قوم مستأجرون وكلاء لأرباب هذه الأموال، وهذه وداعة الجماعة، وأمرونا أن لا نسلمها إلا بعلامة ودلالة، وقد جرت بهذه العادة مع أبي محمد الحسن بن علي (عليهم السلام)، فقال الخليفة: فما كانت العلامة التي كانت مع أبي محمد؟ قال القوم: كان يصف لنا الدنانير وأصحابها، والأموال وكم هي؟ فإذا فعل ذلك سلمناها إليه، وقد وفدنا إليه مراراً فكانت هذه علامتنا معه، دلالتنا، وقد مات، فإن يكن هذا الرجل صاحب هذا الأمر فليقم لنا ما كان يقيمه لنا أخوه! وإلا رددناها علي أصحابها. فقال جعفر: يا أمير المؤمنين: إن هؤلاء قوم كذابون علي أخي، وهذا علم الغيب. فقال الخليفة: القوم رسل، وما علي الرسول إلا البلاغ المبين. قال: فبهت جعفر ولم يرد جواباً. فقال القوم: يتطول أمير المؤمنين بإخراج أمره إلي من يبدرقنا حتي نخرج من هذه البلدة. قال: فأمرهم بنقيب فأخرجهم منها. فلما أن خرجوا من البلد، خرج إليهم غلام أحسن الناس وجهاً، كأنه خادم، فصاح: يا فلان! يا فلان بن فلان! أجيبوا مولاكم! فقالوا: أنت مولانا؟ قال: معاذ الله: أنا عبد مولاكم! فسيروا إليه. قال: فسرنا إليه معه حتي دخلنا دار مولانا الحسن بن علي (عليه السلام)، فإذا ولده سيدنا القائم (عليه السلام) قاعد علي سرير، كأنه فلقة قمر، عليه ثياب خضر، فسلمنا عليه فرد علينا السلام. ثم قال: (جملة المال كذا

وكذا ديناراً! حمل فلان كذا! وحمل فلان كذا!) ولم يزل يصف حتي وصف الجميع، ثم وصف ثيابنا، ورحالنا، وما كان معنا من الدواب، فخررنا سجداً لله عز وجل شكراً لما عرفنا، وقبلنا الأرض بين يديه، وسألناه عما أردنا، فأجاب، فحملنا إليه الأموال، وأمرنا القائم (عليه السلام) أن لا نحمل إلي سر من رأي بعدها شيئاً من المال، وأنه ينصب لنا ببغداد رجلاً تحمل إليه الأموال، وتخرج من عنده التوقيعات. قالوا: فانصرفنا من عنده، ودفع إلي أبي العباس محمد بن جعفر القمي الحميري شيئاً من الحنوط والكفن. فقال له: (أعظم الله أجرك في نفسك)! قال: فما بلغ أبو العباس عقبة همدان حتي توفي رحمه الله، وكان بعد ذلك تحمل الأموال إلي بغداد، إلي النواب المنصوبين بها وتخرج من عندهم التوقيعات. (قال الصدوق مصنف كمال الدين): هذا الخبر يدل علي أن الخليفة كان يعرف هذا الأمر كيف هو؟ وأين هو؟ وأين موضعه؟، ولهذا كف عن القوم عما معهم من الأموال، ودفع جعفر الكذاب عن مطالبتهم، ولم يأمرهم بتسليمها إليه. إلا أنه كان يجب أن يخفي هذا الأمر ولا ينشره، لئلاّ يهتدي إليه الناس ويعرفونه. وقد كان جعفر الكذاب حمل عشرين ألف ديناراً إلي الخليفة لما توفي الحسن بن علي (عليه السلام)، وقال: يا أمير المؤمنين أتجعل لي مرتبة أخي الحسن ومنزلته؟ فقال الخليفة: اعلم إن منزلة أخيك لم تكن بنا، إنما كانت بالله عز وجل، ونحن كنا جهدنا في حط منزلته والوضع منها، وكان الله عز وجل يأبي إلا أن يزيده كل يوم رفعة لما كان فيه من الصيانة، وحسن السمت، والعلم، والعبادة، فإن كنت عند شيعة أخيك بمنزلته فلا حاجة بك إلينا، وإن لم تكن بمنزلته،

ولم يكن فيك ما كان في أخيك لم نغن عنك شيئاً..

[259] فقد اغتصب حق الزهراء (عليها السلام) وصبرت، واغتصب حق الإمام المهدي حيث استولي جعفر علي إرثه من أبيه فصبر، وكان باستطاعته القيام بردود فعل مختلفة أهونها أمر الشيعة بمحاربته، ولكنه لم يفعل، مكتفياً ببيان الحقيقة حتي لا يضل الباحثون عن الحق.

[260] ثم جاء النص بعد ذلك كما يلي: (قال) فرجعت إلي بغداد، وناولت الكيس حاجزاً، فوزنه فإذا فيه ألف درهم وخمسون دينار فناولني ثلاثين ديناراً، وقال أمرت بدفعها إليك لنفقتك، فأخذتها وانصرفت إلي الموضع الذي نزلت فيه، وقد جاءني من يخبرني أن عمي قد مات، وأهلي يأمروني بالانصراف إليهم فرجعت فإذا هو قد مات، وورثت منه ثلاثة آلاف دينار ومائة ألف درهم.

[261] الميثمي لعله (محمد بن الحسن بن زياد الميثمي) الذي قالوا عنه ثقة عين، ومن أصحاب الرضا (عليه السلام)، أو (أحمد بن الحسن الميثمي) الذي قال النجاشي عنه كان واقفاً وقد روي عن الرضا (عليه السلام) وهو علي كل حال ثقة صحيح الحديث معتمد عليه- إلي آخره- وتوقف آخرون في نسبته الوقف إليه، ولعله (علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم بن يحيي التمار) من وجوه المتكلمين من أصحابنا، ولعله غيرهم. يطلب تفاصيل هذه المعلومات وغيرها في جامع الرواة: ج2 ص452، وفي ص92 أيضاً وج1 ص558، وفي ص46 أيضاً، وفي الوسائل: ج20 ض390. وفي مستدرك الوسائل: ج3ص553. (وأما المختار) فهو علم لجماعة لم أثبت- في هذه العجالة- أحدهم بالخصوص. وقد ذكر عدة أسماء منها صاحب جامع الرواة في ج1ص221- 222.

[262] يعني: جعفر التواب عم مولانا وسيدنا صاحب الأمر (عليه السلام).

[263] سورة العنكبوت آية 1- 2.

[264] أي: غائباً مستوراً عن الأبصار.

[265] يعني: صاحب الأمر

صلوات الله عليه.

[266] ثم جاء النص بعد التوقيع الرفيع كما يلي: قال أحمد بن محمد الدينور: فوسوس إلي الشيطان فقلت إن سيدي أعلم بهذا مني، فما زلت أقرأ ذكره صرة صرة وذكر صاحبها حتي أتيت عليها عند آخرها. قال: فحمدت الله وشكرته علي ما من به علي من إزالة الشك من قلبي، فأمر بتسليم جميع ما حملت إلي حيث يأمرني أبو جعفر العمري، قال: فلما بصر بي أبو جعفر قال: لم لم تخرج فقلت يا سيدي من سر من رأي انصرفت. قال: فأنا أحدث أبا جعفر بهذا إذ وردت رقعة إلي أبي جعفر العمري من مولانا صاحب الأمر (صلوات الله عليه) ومعه درج مثل الدرج الذي كان معي فيه ذكر المال والثياب وأمرت أن يسلم جميع ذلك إلي أبي جعفر محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي، فليس أبو جعفر العمري ثيابه وقال لي: احمل ما معك إلي منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي. قال: فحملت المال والثياب إلي منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان، وسلمتها إليه وخرجت إلي الحج فلما رجعت إلي (دينور) اجتمع عندي الناس فأخرجت الدرج الذي أخرجه وكيل مولانا (صلوات الله عليه) إلي وقرأته علي القوم، فلما سمع بذكر الصرة باسم الذراع سقط مغشياً عليه وما زلنا نعلله حتي أفاق، فلما أفاق سجد شكراً لله عز وجل، وقال: الحمد لله الذي من علينا بالهداية، الآن علمت أن الأرض لا تخلو من حجة، هذه الصرة دفعها والله إلي هذا الذراع، لم يقف علي ذلك إلي الله عز وجل. قال: فخرجت ولقيت بعد ذلك أبا الحسن المادرائي وعرفته الخبر وقرأت عليه الدرج فقال: يا سبحان الله ما شككت في شيء

فلا تشك في أن الله عز وجل لا يخلي أرضه من حجته.

[267] في الإسلام يجوز (الإجمال) في الدعاء والقسم، وحتي في تفاصيل العقائد. أما في مجال الدعاء فقد ورد (الإجمال) من أمثال: (اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك)... (وأن تدخلني في كل خير أدخلت فيه محمداً وآل محمد، وأن تخرجني من كل سوء أخرجت منه محمد وآل محمد). والإجمال لا يفيد فائدة، ولكن قد لا يكون بد منه للجهل بالتفصيل، أو لعدم وجود مجال مناسب له. وأما في مجال القسم فقد ورد (الإجمال)- أيضاً- من أمثال: (اللهم أني أسألك بكلماتك ومعاقد عرشك وسكان سماواتك وأنبيائك ورسلك أن تستجيب لي...) (اللهم أني أسألك باسمك العظيم الأعظم الأعز الأجل الأكرم الذي إذا دعيت به علي مغالق أبواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت... وبكلمتك التي خلقت بها السماوات والأرض... وأسألك اللهم بمجدك الذي كلمت به عبدك ورسولك موسي بن عمران...). وأما في مجال العقائد فقد ورد - ما معناه- أنه إذا عرضت عليك أمور لا تعلم فيها ما هو الحق، فيكفي أن تقول: اللهم أني أؤمن بكل ما آمن به رسول الله. أو أن تقول: الله أني أشهد بكل ما أنزلت علي أنبيائك. ومن (الإجمال) في الدعاء قول الأمام المهدي: (اللهم إني أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك...).

[268] سر يسر سروراً: أعجبه. والإعجاب بالشيء هو الانشراح به. فإن كان خفيفاً يبقي في الباطن، سمي: سروراً، وإن كان شديداً يطفح علي الظاهر، سمي: فرحاً. فكل ما يؤدي إلي السرور فهو سر، ولذلك قيل- في معني السر-: إنه: خالص الشيء. أطيب الشيء وأفضله. الأرض الطيبة الكريمة. الأصل... وبما

أن أكثر الناس سطحيون يتناولون الأمور ببساطة، ولا يعنون بالتعمق فيها واستيعابها، تبقي لبابها بعيدة عنهم، فإذا كشفت لأحد لبس أمر. يقال: إنك أسررت أليه، لأنك أعجبته. حيث أعفيته عن بذل الجهد في سبيل الوصول إلي لب ذلك الأمر. فالسر: كل ما يعجب وإن لم يكن فيه غموض، ولكنك تعجب كلما تكشف لغيرك اللباب، وتحرق دونه المراحل. أما السر- مفهومه السائد، وهو أن يكون شيء غامضاً محجوباً بالطبع فلا يوجد، لأن كل ما في الكون واضح مفتوح في محله، كلما هنالك أن أكثر العقول لا تواصل البحث عن كثير من الأشياء والأمور، أو تبذل الجهد المناسب لمعرفة بعض الأشياء، ولكنها قاصرة عن إدراكها فكما أن المعادن الجوفية كانت- منذ ملايين السنين- في باطن الأرض وكان الناس منصرفين عنها، فلما توجهوا إليها وبحثوا عنها توصلوا إليها، هكذا الأشياء والأمور كلها مشاعة متروكة لجميع الخلق، وباستطاعة كل من يحاول أن يتوصل إلي ما له الاستعداد لاستيعابه، فالفارق الوحيد هو بين من يحاول ومن لا يحاول، وبين من له قابلية مناسبة ومن ليست له قابلية مناسبة. أي أن الفارق من جانبنا ليس من جانب الأشياء والأمور التي نعتبرها أسراراً. ولذلك قد يكون شيء سراً بالنسبة إلي زيد لأنه لم يبحث عنه، بينما هو ليس سراً بالنسبة إلي عمرو الذي بحث عنه. كما قد يكون شيء سراً بالنسبة إليك لأنك لا تتسع له، فيما هو ليس سراً بالنسبة إلي أستاذك لأنه يتسع له. فمثلا أبو ذر الغفاري أسبق إسلاماً من سلمان الفارسي ولكن ظرفيته كانت أقل من ظرفيه سلمان، فلم يعط له النبي (صلَي الله عليه وآله) بمقدار ما أعطي لسلمان، وحق فيهما القول المأثور: (لو علم أبو ذر

ما في قلب سلمان لقتله) أي لقتله العلم. ويصح أن نتجاوز إلي القول: ولو علم سلمان ما في قلب النبي (صلَي الله عليه وآله) لقتله العلم. وإذا أردنا الاستعانة بالأمثلة المادية نستطيع القول: إن البحر مفتوح لا حصار عليه، ولكنك قد تستقبله بإناء يتسع لرطل من الماء فتكون حصتك رطلاً منه، وربما تستقبله بإناء يسع ألف رطل من الماء فتكون حصتك ألف رطل، وإذا تكاسلت عن تجشم الذهاب إلي البحر والاغتراف منه لا تنال منه شيئاً. وفي جميع الحالات لا شح في البحر، وإنما أنت وظرفك هما الوحيدان اللذان يقرران أن لك حصة أو لا؟ ويحددان كمية حصتك علي الفريضة الأولي. وفي الحالة الأولي- أيضاً- إذا كان ظرفك يسع رطلاً واحداً من الماء وأفرغت فيه رطلاً من الماء فإنه يستوعبه بارتياح، وإذا كبست فيه رطلين فقد يستوعبهما بضغط، وإذا حاولت أن تضغط فيه ألف رطل من الماء فسرعان ما ينفجر. وهكذا كل إنسان له ظرفيه فكرية أو نفسية، فإذا حاول معرفة الأشياء والأمور، فأنه يعرف بمقدار ظرفيته، وإذا حاول المزيد تعرض للهلاك، وإذا لم يحاول شيئاً بقي فارغاً، كأكثر الناس الذين يعطلون مواهبهم. وفي كل الحالات يبقي الكون مفتوحاً، ويبقي الكسل أو العجز من جانب الإنسان. وهذان الأمران: الكسل والعجز هما اللذان أوجدا مفهوماً فوقياً أسمه: (السر) بينما الواقع أنه لا توجد لا في الماديات ولا في الماورائيات أشياء أو أمور محجوبة ممروكة بماركة (أسرار). إلا إذا كان (السر) تعبيراً عن (الغيب) الذي يقابل (الشهور) وهو- أي الغيب- ما لا يدرك بالحواس الخمس، كما يستشعر ذلك من قول الإمام علي الهادي (عليه السلام)- في زيارة الجامعة الكبيرة-: (... وارتضاكم لغيبه، واختاركم لسره...) في إشارة واضحة

إلي آيتين من القرآن. فالجملة الأولي: (ارتضاكم لغيبه) إشارة إلي قوله تعالي: (عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحداً إلا من ارتضي من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً...) سورة جن آية 27 والجملة الثانية: (واختاركم لسره) إشارة إلي قوله سبحانه: (وما كان الله ليطلعكم علي الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء)- سورة آل عمران آية 179- حيث وضع الإمام الهادي (عليه السلام) كلمة (اختاركم) موضع كلمة (يجتبي) ووضع كلمة (لسره) موضع كلمة (علي الغيب). وأولياء الله (عليهم السلام) يمتازون بأمرين: 1: مواهب متنوعة قابلة للامتداد والاستيعاب بشكل غريب لا تتصوره العقول العادية. 2: مساع متواصلة لا تعترف بالكلل والملل. وكلما انطلقت طاقات هائلة بالسرعة القصوي، وبدون أي تردد أو توقف، فإنها تحرز مكاسب ضخمة تعتبر- بالنسبة إلي غير أصحابها- أسراراً. وحيث أن أولياء الله يتجهون في سعيهم إلي اللامتناهي: إلي الله، ترتفع مطامحهم كلما تقدموا إذ تتضح لديهم آفاق جديدة تشجعهم علي الاستزادة والسرعة فلا يضعون نقطة الختام لمساعيهم مهما بلغوا، ولا ينالون مكسباً إلا ويستخدمونه في مسيرتهم نحو الكمال لمنحهم زخماً جديداً يساهم في قوة دفعهم نحو الأعلي- علي ما في هذه الألفاظ من ضيق في التعبير البشري الذي لا يناسب مقام أولياء الله-. ونحن القاصرين الذين لا نملك مثل تلك المواهب، والكسلين اللذين لا نبذل مثل تلك المساعي الحثيثة، والجامدين الذين لا نستحصل مكسباً إلا ونفرح باستهلاكه، فلا نطوره إلي طاقة دفع جديدة، لا يبقي أمامنا ألا أن نعتبر كثيراً من معارف الأولياء (أسراراً) كما لا يبقي أمامنا ألا أن نستعين ب_(الإجمال) فننشد الله بما يدعوه به ولاة أمره. ومعني (المأمونون علي سرك) أن لأولئك الولاة الظريفة

الكافية، لتلك المعارف، فلا يستخدمونها لأغراض أنانية أو غير مشروعة، ولا تتسرب منهم إلي من لا يتحملونها.

[269] يحتمل معنيان: 1: أن مشيئة الله نبضت فيهم فأصبحوا أولياء، فيكون التعبير ب_(نطقت) عن تعلق المشيئة بلاغياً، لأن النطق هو الإفصاح بوضوح، وتلك المشيئة كانت واضحة محددة، حتي كأنها نطقت فيهم. 2: أن مشيئة الله تجسدت فيهم، حتي كأن كلامهم هو نطق مشيئة الله، فيكون المعني: أنهم يعبرون عن الله، كقوله تعالي: (وما ينطق بالهوي إن هو إلا وحي يوحي) سورة النجم آية 3- 4.

[270] عدن عدناً بالمكان: أقام فيه: البلد توطنه. المعدن: المكان الذي جبل بأحد الأجسام البسيطة والحديد والزئبق. يقال: (فلان معدن الخير والكرام) إذا جبل عليهما وقول الإمام المهدي: (معادن لكلماتك) يحتمل معنيين: 1: المعني الأول، وهو أنهم موطن كلمات الله. 2: المعني الثاني، وهو أنهم مجبولون بكلمات الله.

[271] الركن جمعه أركان: ما يعتمد عليه. والمعني- هنا- أن توحيد الله وآياته ومقاماته يعتمد علي ولاة أمره، لأنهم يعطون للناس أدلة التوحيد ودلالات آيات الله ومقاماته.

[272] المقام جمعه مقامات: موضع القديمين. المنزلة: السيادة. المجلس.. وقيل في تفسير قوله سبحانه: (ولمن خاف مقام ربه جنتان) سورة الرحمان، آية 46. المراد بالمقام موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب. ولعل هذا المعني هو المراد ب_(مقاماتك) هنا، أي المواقف التي تتجلي فيها آيات الله.

[273] وأولئك الولاة دائبون في توجيه الآخرين إلي الله، فلا تعطيل لفاعليتها، فكل من كان في ذاته تجاوب مع الله فقد عرف الله بهم. وفاعليتهم ليست محصورة بمكان معين وإنما يوجهون إلي الله في كل مكان.

[274] فرق يفرق ويفرق فرقاً وفرقاً بينهما: فصل. وفرق البحر: فلقه. وفرق الشيء بدده ووزعه. وفارقه: باينه وانفصل عنه. و(تفرقت بهم الطرق)

أي ذهب كل منهم في طريق. انفرق عنهم: انفصل. والفرق: الطريق في شعر الرأس. والفرق: الجماعات المفصولة عن بعضها. وولاة أمر الله متصلون بالله، وليسوا منفصلين عن الله، فلا فرق بينهم وبين الله إلا في شيء واحد، وهو أنه واجب الوجود، وأنهم ممكن الوجود. وقد نفصل القول بأن مواد اللقاء والفراق ثلاثة. الأولي: المعرفة، فعلم الله بالأشياء والأمور وعلمهم بهما كلاهما صواب، إذ لا خطأ. الثانية: العمل، فعمل الله هو هذا الكون المتناسق تحت نظام موحد، وعملهم متناسق مع الكون تحت ذلك النظام، لأن نظام الكون منبعث من إرادة الله. وإرادتهم منشعبة من إرادة الله. الثالثة: الذات، وفي الذات يختلفون عن الله، لأن الله واجب الوجود وهم ممكن الوجود. فقول الإمام المهدي: (لا فرق بينك وبينها) أي لا فصل بتنك وبينها. وقوله: (إلا عبادك وخلقك...) تفصيل للفارق الذاتي بينهم وبين الله.

[275] يلاحظ في قوله عجل الله فرجه: (إلا أنهم عبادك وخلقك، فتقها ورقها بيدك...) استخدم ضمير الجمع المذكر السالم تارة، وضمير المفرد المؤنث أحياناً ولعله حيث عبر عنهم ب_(ولاة أمرك) استخدم ضمير الجماعة، ولما أراد أن يعبر عنهم ب_(عبادك) استخدم ضمير الجمع المذكر، فيكون الضمير أكثر انسجاماً مع المضمر إليه.

[276] أعضاء. جمع عضد وعضد، وعضد كل شيء ما شد حواليه من البناء وغيره. ويقال (فلان عضدي) أي ناصري ومعتمدي. والأشهاد: جمع شاهد. ومناة: جمع المنا: كيل أو وزن يساوي رطلين. فالمعني: أثقال أو موازين. أذود، من الذود، وهو الدفاع. رواد، جمع الرائد، وهو الرسول الذي يرسله القوم لينظر لهم مكاناً ينزلون فيه.

[277] لعل المراد بمثل هذه العبارة: أن الأولياء هم الأنوار الأولية التي خلقها الله تعالي ثم تشعبت منها شعب مختلفة وتفاعلت فخلق الله منها

بقية المخلوقات العلوية والسفلية.

[278] إن رحمة الله تقع مواقع شيء، فربما تقع مواقع الذل الدنيوي بهدف العز الأخروي كما تقع علي المقبل الأسير والبائس الفقير، مثل أيوب ويحيي وإسماعيل الصادق الوعد، وأكثر الأنبياء الذين أوذوا في الله. وقد تقع مواقع العز كما وقعت علي سليمان فآتاه الملك والحكمة، ووقعت علي يوسف فجعله الله ملكاً. والقسم هنا بالنوع الثاني من مواقع الرحمة.

[279] إن الله تعالي ظاهر بنفسه للعقل، ولكن العقل البشري يدرك (إجمالاً) وجود الله ولا يدرك الحقيقة الإلهية لأن العقل مخلوق ممكن والله سبحانه خالق واجب فلا سنخية بينهما، فهو ظاهر ظهوراً مجملاً ففي ظهوره بطون، كما أن غيابه عن العقل ليس غياباً كاملاً لأنه ظاهر الوجود وبين الدلالات. ويمكن القول بأن الله ظاهر الوجود باطن الذات، فهو ظاهر من جهة وباطن من جهة والجهتان متداخلتان بحيث لا يمكن فصلهما أو تمييزهما، فليس ظهوره كاملاً حتي يحيط به العقل وليس بطونه شاملاً حتي ينصرف عنه العقل وهذا ما يميز الله عن مخلوقاته التي لها ظهور مطلق أو بطون مطبق.

[280] كل إنسان محدود العلاقة بما حوله من الناس والأشياء، فإذا فقد شيء من تلك الأشياء افتقده، بينما علاقة الله شمولية تسع كل ما في الكون لأنه خالق كل شيء، فلا يفقد شيء إلا والله فاقده.

[281] الإنسان - باعتباره مركباً - مكيف مجالات وخواص أجزائه وفعل المؤثرات التي تختلف عليه. تختلف كيفياته باختلاف أجزائه والمؤثرات الطارئة عليه. وكما الإنسان كمل سائر المركبات. وأما البسائط- إن ثبت وجودها- فهي أيضاً- تتكيف بأوضاعها، ومراحل وجودها واستمرارها، ولا أقل من انعكاس المركبات عليها من حيثيات القرب والبعد والابتداء والإنهاء وما شابهها. وأما الله عز وجل فلا تختلف الكيفيات من داخله،

لأنه ليس مركباً، ولا تنعكس عليه الكيفيات من المركبات، لأنه ليس من نوعها، ولا يزاملها في شيء من الصفات والأوضاع حتي يكون ذلك الجامع المشترك سبب انعكاس المركبات عليه. كما أن لجميع الماديات والماورائيات ظرف معين، فكل شيء إما موجود في مكان معين أو في زمان معين أو في الفكر أو في اللاشعور، بينما الله سبحانه خالق المكان والزمان وسائر الاعتبارات الأينية، فلا ظرف له ولا وعاء يحتويه.

[282] هذا النص دليل علي وجود نوع من البشر لا يدرك بالحواس الخمس، إن لم يكن في المكون القريب منا في الكون البعيد عنا، وتسلسل الصلوات يدل علي أن ذلك النوع من البشر دون الرسل وفوق الملائكة. وطالما وردت الصلوات علي عموم ذلك النوع بدون قيد أو استثناء فهو نوع مفضل علي نوع الإنسان، لأن الإنسان ليس أفضل أنواع المخلوقات، كلما ثبت أنه أفضل من كثير من المخلوقات العاقلة، ولكن القرآن يسجل دلالة واضحة علي وجود أنواع مفضلة علي نوع الإنسان حيث يقول: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلاً) سورة الإسراء، آية 70. فهو مفضل علي أنواع كثيرة من المخلوقات العاقلة وليس علي جميعها. ويحتمل أن يكون المراد من (البشر المحتجبين) أولئك الأفراد الذين غابوا عن المجتمعات كإدريس وعيس والخضر وإلياس ونظرائهم ويضعف هذا الاحتمال أنهم من الأنبياء، فلا يصح تصنيفهم إلي جانب الأنبياء (عليهم السلام).

[283] البهم جمع أبهم وهو الأصمت الذي لا يعرف. والصافين: الذين يصفون أقدامهم وأجنحتهم فلا يحركونها. والحافين: الذين يحيطون بالشيء. والمراد هنا الملائكة الصامتون الذين لا يحركون أجنحتهم وهم يطوفون حول العرش. وإنما يكونون صامتين صافين في حالة الطواف خشوعاً لله. وقد

ذكرهم الله في قوله: (وتري الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين) سورة الزمر، آية 75.

[284] رجب: وهو الشهر السابع من السنة القمرية، كان يعظم في الجاهلية، وجعله الإسلام أول الأشهر الحرم، وندب فيه إلي العمرة المفردة. والمرجب: المهيب. المعظم.

[285] القسم، جمع قسمة: النصيب. والقسم: اليمين بالله تعالي أو غيره. وبر في قوله: صدق. وبرت اليمين صدقت. وبر الله قسمه وأبره أي صدقه. وفي الحديث: (... ولو أقسم علي الله لأبر قسمه) أي استجاب له.

[286] فكما أن النور شيء مخلوق، وليس عدم النور، ويبدو من بعض النصوص الإسلامية أن الظلمة أسبق خلقه من النور وأن أنواعها أكثر. مثل قوله تعالي: (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) سورة الأنعام، آية1.

[287] المحرمات نشوة جوهر الإنسان، كما أن المخالفات الطبية نشوة جسده، غير أن الإنسان إذ ارتكب الحرام عن سابق علم وتصميم نشوة جوهر، ولكنه لا يعتبر مجرماً يعرض للعقاب، وإن ارتكب الحرام لا عن سابق علم وإصرار، نشوة جوهر ولكنه لا يعتبر مجرماً فلا يتعرض للعقاب وفي كلتا الحالتين يحتاج إلي الغفران، وهو الستر.

[288] كلمة (المنتجب) ذات دلالات ثلاث: الأولي: دلالة المادة - التي هي النجب - وهي ذات طبيعة لازمة ذاتية من نوع الحلم والصبر والحسد. ويمكن تسميتها ب_(إيجابية ملتزمة). الثانية: دلالة الصيغة - التي هي صيغة المفعول - وهي ذات طبيعة لازمة غيرية أي لا تتحقق إلا بطرفين لأنها تعني المطاوعة التي تكشف خلفية متعدية، فالمفعول لا يتحقق إلا علي أثر صدور فعل من فاعل. ويمكن تسميتها ب_(سلبية ملتزمة). الثالثة: دلالة الباب - الذي هو باب الافتعال -

وهو ذو طبيعة متعدية غيرية مع الإيحاء والصعوبة. ويمكن تسميتها ب_(إيجابية نثرية). وقلنا: أنه ذو طبيعة متعدية رغم أنه في البعض المواد لا يردف بمفعول به كالاقتتال - حيث يقال: اقتتل زيد وعمرو - لأن الباب يعبر عن الفعل ورد فعل أي عن فعلين متعديين صادرين عن طرفين كل منهما فاعل ومفعول به في وقت واحد فيكتفي بذكر الفاعلين، وإذا أردف بمفعول به، فلمجرد الدلالة علي أن الطرف الآخر هو البادئ، لا لدلالة علي وحدة الفعل، أي للتمييز بين طرف الفعل وطرف رد الفعل. وهذه الدلالات الثلاث - في كلمة (المنتجب) - تعبر عن لزوم توفر ثلاث شروط - في الشخص (المنتجب) - وهي الأول: القابلية الذاتية للنجب. التي - بدونها - تهدر عملية الإنتجاب. الثانية: المطاوعة لعملية الإنتجاب وعدم رفضها. وعملية الإنتجاب - في حقيقتها - تشبه الاعتراف بالنجب. أو إعطائه صفة الرسمية. الثالثة: التجاوب الفعلي مع تلك العملية أي أداء رد الفعل. ويلاحظ إن الألفاظ التي استخدمت في التعبير عن عملية انتخاب الرسول الأعظم (صلّي الله عليه وآله) لمقام الرسالة الخاتمة أربعة: 1: الإنتجاب، الوارد في هذه الصلوات وأمثالها (المنتجب في الميثاق). 2: الاختيار، الوارد في الحديث المشهور بين جميع المحدثين، ونصه - حسب رواية السيوطي في شرحه علي ألفية ابن مالك -: (يا علي! إن الله اطلع علي الأرض اطلاعة فاختارني منها...). 3: الأنباء، الوارد في تتمة هذا الحديث وأمثاله: (... فجعلني نبياً...) 4: الإرسال: الوارد في كثبر من الأحاديث والآيات مثل قوله تعالي: (إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً) سورة فتح آية 8، (وما أرسلناك إلا كافة للناس) سورة سبأ آية 28 وربما نستطيع الدخول في أجواء هذه الألفاظ واستنباط المراحل التي

مر بها الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) من خلال هذه الألفاظ، ونمهد لذلك بما يلي: إن عملية تكريس أي شخص في أي منصب لا يتم إلا عبر مراحل أهمها: الأولي- اكتشاف شخصيته وتكميل الشروط اللازمة فيه. الثانية- تعريضه للامتحان ومفاضلته مع أقرانه. الثالثة- تعيينه المبدئي، أي ترشيحه ودراسة التيارات المتناقضة حوله. الرابعة- إصدار قرار بتعيينه. ويبدو - من خلال الأحاديث الواردة في هذا المجال - أن الرسول الأكرم (صلي الله عليه وآله) مر بمراحل مشابهة: فالأولي- مرحلة اكتشاف شخصيته وتنميتها وبلورتها بالشكل المناسب وقد عبر عنها بمرحلة (الانتجاب). وقد تمت في عالم الظلال. أي قبل خلق السماوات والأرض. والثانية- مرحلة الامتحان والمفاضلة التي أخبر عنها الرسول (صلّي الله عليه وآله) بقوله: (إن الله اطلع علي الأرض اطلاعة فاختارني منها... (وقد عبر عنها بمرحلة (الاختيار). وقد تمت بعد خلق السماوات والأرض، ولكن قبل إفراز الأقدار أي في الاطلاعة الأولي. والثالثة- مرحلة فتح قناة الوحي إليه (صلّي الله عليه وآله) ويعبر عنها بمرحلة (النبوة). وقد ابتدأت قبل خلق آدم (عليه السلام) كما قال (صلّي الله عليه وآله): (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين). الرابعة- مرحلة المسؤولية القيادية، ويعبر عنها بمرحلة (الرسالة) وقد ابتدأت يوم البعثة في غار حراء. وإذا تجاوزنا دلالات الألفاظ نجد في مجموعة من الأحاديث، تفصيلاً مسهباً عن (العهد) و(الميثاق) وخلاصته: أن الله استعرض الخلق في بعض العوالم السابقة علي عالم الدنيا، وعهد إليهم عهداً وأخذ منهم ميثاقاً، وقد كان (العهد) و(الميثاق) حول أصول الدين وبعض فروعه، وقد أشار القرآن في أكثر من آية إليهما، فقال: (واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به) سورة المائدة، آية 7. (الذين ينقضون عهد الله من بعد

ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون) سورة البقرة، آية 27. (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) سورة الرعد، آية25. فيكون معني قول الإمام المهدي (عليه السلام) هنا: (المنتجب في الميثاق) أن الاعتراف بنبوة النبوة الأكرم (صلّي الله عليه وآله) كان من جملة بنود (العهد) الذي أخذ الله عليه الميثاق من عباده قبل أن ينقله إلي عالم الدنيا.

[289] الظلال جمع ظله: كالتلال جمع تله. والظلة: الفيء. و(عالم الظلال) عالم سبق عالم الدنيا. وفي الحديث: (إن الله خلق الخلق، فخلق ما أحب مما أحب، وكان ما أحب أن خلقه من طينة من الجنة. وخلق ما أبغض مما أبغض، وكان ما أبغض أن خلقه في طينة من النار. ثم بعثهم في الظلال...). وفي كلام للإمام علي (عليه السلام): (... كنا تحت ظل غمامة، اضمحل في الجو متلقفها ومجتمعها). وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن الله آخي بين الأرواح في الأظلة، قبل أن يخلق الأجسام بألفي عام...). وفي حديث آخر: (... قلت: وما الظلال؟ قال: ألم تر إلي أن ظلك في الشمس شيء وليس بشيء). والمراد من (الظلال): الأرواح المجردة من الأجساد، فيكون المقصود من (عالم الظلال) عالم المجردات، أي المخلوقات اللطيفة أو (الطاقة) والتي سبقت خلق المخلوقات الكثيفة. وفي حديث إثبات الصانع: (... أزلياً صمدياً لا ظل يمسكه، وهو يمسك الأشياء بأظلها) أي ليس الله مركباً من جسم وروح، حتي يحفظه روحه، وإنما هو يحفظ الأشياء بأرواحها. وفي عدد من آيات القرآن إشارة إلي ذلك، كقوله تعالي: (ولله يسجد من في السماوات والأرض

طوعاً وكرهاً وظلالهم بالغدو والآصال) أي يسجدون هم وأرواحهم. وعلي هذا فيكون معني قول الإمام المهدي (عليه السلام): (المصطفي في الظلال) أن اختيار النبي (صلّي الله عليه وآله) لمقام النبوة الخاتمية ثم في عالم الأرواح. وهو تعبير مشابه لقول النبي (صلّي الله عليه وآله): (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين).

[290] فوض تفويضاً إليه الأمر صيره إليه وجعله الحاكم فيه. والمفوض من فوضت إليه إدارة أعمال بلد كالمفوض السامي أو دائرة كمفوض الشرطة، أو من انتدبته دولته أو جماعته ليمثلها في مؤتمر أو نحوه... (المنجد). فوض إليه أمره: رده إليه... (مجمع البحرين) والأمور علي نوعين، أمر واحد لا يتجزأ - عرفاً - مثل: (آمن بالله) وأمره واحد هدفاً ولكنه مركب من أمور عديدة، مثل: (أقم الصلاة) والنوع الأول غير القابل للتفويض، لأن المأمور إما يطيع أو لا يطيع، والنوع الثاني قابل للتفويض لأن للتطبيق أنحاء مختلفة يخير المأمور بينها. فلكل عمل من النوع الثاني جانبان، جانب محدود وجانب مطلق، فأنت عندما تكلف شخصاً بإيصال رسالة إلي شخص ثالث فإن له جانباً محدوداً بثلاثة حدود: رسالة معينة، منك بالذات، إلي شخص ثالث بالذات، فإذا التزم الرسول بهذه الحدود الثلاثة يأتي الجانب المطلق، الذي لا يفرق بين إيصالها ليلاً أو نهاراً، وسراً أو جهراً، واقفاً كان الرسول أو قاعداً... وهذان الجانبان موجدان في عمل محدد بالأصل كإيصال رسالة من شخص إلي شخص، ويتسع الجانبان كلما اتسع العمل. والله سبحانه عندما أرسل رسالته علي النبي الأكرم (صلّي الله عليه وآله) - وهي رسالة واسعة تشتمل علي تبليغ دين وتركيز دولة وبناء أمة - وضع له مقاييس ثابتة ثم أطلق له حرية التحرك في نطاق تلك المقاييس. وهذا أمر طبيعي.

فرئيس جمهورية عندما يكلف شخصاً بتشكيل وزارة، فإنه يضع لعمله حدوداً مدونة في كتب القانون، ويطلق له صلاحية التحرك في اتّباع ما يراه مناسباً خارج القانون أي في التفاصيل. ويزداد الأمر اتساعاً كلما كانت وجهات النظر متقاربة، كما لو كان المكلف بتشكيل الوزارة أكثر تلامذة رئيس الجمهورية انسجاماً معه. فإذا تم التوافق في الرأي بين الآمر والمأمور. وكانت الصلاحية في التفاصيل. يصبح الأمر أكثر من طبيعي. ونجد هذين الأمرين - بوضوح - في أحاديث التفويض، ففي بعض الحديث: (إن الله أدب نبيه بتأديبه، ففوض إليه دينه...). وفي حديث آخر: (قد فوض الله إلي النبي (صلّي الله عليه وآله) أمر دينه، ولم يفوض إليه تعدي حدوده). ومهما تكن حقيقة التفويض، وكيفما كان مفهومنا من أحاديث التفويض، فالذي لا شك فيه أن النبي (صلّي الله عليه وآله) خرج من هذا التفويض أكثر وهجاً من اليوم تحمله، فقد خرج التقرير النهائي عن مسلكية النبي (صلّي الله عليه وآله) في أداء الرسالة قرآناً: (وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي) سورة النجم، آية 3 - 4. فهذا التفويض كان نوعاً من الصلاحية تكريماً للنبي الأعظم دون سواه من الأنبياء (عليهم السلام)، ولكن النبي (صلّي الله عليه وآله) بقي ملتزماً بحرفية الوحي تعظيماً لله.

[291] إشارة إلي قوله تعالي: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) سورة المائدة، آية 35. (أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة) سورة الإسراء، آية 57. وفي الحديث عن النبي (صلّي الله عليه وآله): (سلوا الله لي الوسيلة). وروي: (إنها أعلي درجة في الجنة...). وقد تكون في معناها اللغوي أي مطلق ما يتقرب به، وما يتقرب به إلي الله كثير ودرجات القرب

كثير، فحتي النبي (صلّي الله عليه وآله) رغم قربه يطمح إلي قرب أخص فيبحث عما يتقرب به أكثر فأكثر، وما دام الله لا يتناهي فالقرب إليه لا يتناهي، فطموح المتقربين إليه لا يتناهي من جانب الله، وأما من جانب الناس فيتناهي بانتهائهم، لأن الممكن متناه مهما بلغ.

[292] المقام المحمود، قيل: هو المقام الذي يحمده في جميع الخلائق كتعجيل الحساب والإزاحة من طول الوقوف. وقيل: هو الشفاعة. ويظهر من سياق التعبيرات: أن المقام المحمود اسم لمقام معين هو أفضل مقامات عالم القيامة. ومن الطبيعي أن من يتبوأ ذلك المقام يكون سيد الموقف، فيغبطه به الأولون والآخرون.

[293] في هذا التكرار تأكيد علي أن كل منهم له هذه الصفات.

[294] المحمدة: ما يحمد المرء به أو عليه، والمحمدة لله، لأن التوفيق منه.

[295] الروح - بفتح الراء - الراحة، ويطلق علي كل ما يرتاح إليه.

[296] الإنسان وجد بإرادة الله، واعترافه بالله يساعده علي النمو والنجاة من سلبيات الكون، فله المن علي الإنسان بتوفيقه للإيمان كما له المن عليه بإيجاده. ذلك أن اعتراف الإنسان برئاسة إنسان آخر كمال للثاني دون الأول، وأما اعتراف الإنسان بالله فكمال للأول، لأن الله هو هو لا يزيده إيمان الخلق به ولا ينقصه كفرهم به. وقد ظن بعض المسلمين البدائيين أن الإسلام يشبه الخضوع لرئيس أو زعيم، فقاس القيم الإيمانية علي الاعتبارات السلطوية، فرد الله هذه المعادلة الخاطئة بإعادة كل قيمة إلي نصابها: (يمنون عليك إن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين) سورة الحجرات، آية 17. فالمنطق الصحيح أن يقول المؤمن مع أصحاب الجنة: (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله

لقد جاءت رسل ربنا بالحق...) سورة الأعراف، آية 43.

[297] المعصية - في جميع الحالات - فسوق وخروج علي النظام الصحيح. وكل معصية - في حد ذاتها - حجم معين، غير أن هذا الحجم قابل للتضاؤل والتضخم حسب الدوافع التي تكمن ورائها وهذه الدوافع تتراوح بين دركات نذكر منها ما يلي: الأولي: معصية المكره، كالتي يزني بها بالرغم منها، وهذه لا تصنف معصية، لا تصدق إلا بشيء من الممارسة الإرادية، وإنما تصنف مصيبة قد يبتلي بها الفرد لبعض الأسباب التي تؤدي إلي إصابة الإنسان بالمصائب. الثانية: معصية المجبور، كمن يشرب الخمر تحت التهديد بالسلاح. فهو يصاب بأسرها الوضعي (أي بفعلها الكوني في مجال الروح) تماماً كما يصاب بفعلها الكيماوي في مجال الجسد. فشكره، لأن الآثار الكونية - سواء منها الروحية والجسدية - تتبع المؤثرات، ولا تتبع المبررات. أقصي ما هنالك أن الله لا يعاقبه عليها، لقول النبي (صلّي الله عليه وآله): (رفع عن أمتي تسع... وما أجبروا عليه). وهذه تصنف معصية، لأن فيها قدر من الممارسة الإرادية يكفي لإسباغ صفة المعصية عليها، وإن كانت أخف درجات المعصية إذا كانت المعادلة ترجح إلي جانب الخطر، مثلاً لا يجوز تحمل القتل مقابل الامتناع عن شرب الخمر، ويجب تحمل الضرب مقابل الامتناع عن القتل. ففي الحالة الأولي لو شرب الخمر قد لا يعاقب في الآخرة ويعاقب في الدنيا من خلال آثاره الروحية والجسدية. فتكون محنة ابتلاه الله بها نتيجة لسيئة اقترفها - في ماضي حياته - بمحض اختياره، قد لا يذكرها شعورياً وإنما انطبع بها لا شعورياً، ولكنها صدرت منه قطعاً فأدت إلي هذه النتيجة، إذ لا يصدر فعل في الكون إلا وليد دوافعه، كما لا يكون شيء في

الكون إلا نتيجة أسبابه. فكما لا ينفجر نبع إلا إذا اختزنت قطرات المطر في طبقة أعلي منها، كذلك لا يتحقق عمل إلا إذا طفحت النفوس ببواعثها (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل نبرأها) سورة الحديد، آية 22. الثالثة: معصية المحتاج، كمن يسرق لسد رمقه. وهذه معصية فوق مستوي معصية المجبور، لأن فيها قدراً أكبر من الممارسة الإرادية. ولا يعاقب عليها في الآخرة ولا يقتص منه في الدنيا، ولكن المعصية تأخذ أبعادها وتترك آثارها لا في شخص العاصي فقط، وإنما في المجتمع فتترك الحقد في المقصود منه، وتفتح أمام الآخرين باب السرقة، ولو كعلاج أخير. الرابعة: معصية المغرور الذي جرفته المغريات وغرته مهلة الله، كمن يفعل المحرمات التذاذاً بها. وهذه فوق مستوي السابقتين، لأنه أقدم عليها بمحض إرادته، فيعاقب عليها في الدنيا والآخرة. وهي معصية أكثر أهل المعاصي الذين يعصون عن سابق تصميم وإصرار. الخامسة: معصية المستهتر، الذي يقترف تكبراً واستعلاء، كمن يعصي ليعلن أنه صاحب شخصية لا يحدها الدين ولا تخضع للموجهين. وهذه فوق مستوي الثلاث السابقات، ويكون عقابه في الدنيا والآخرة أشد، لأنه أضاف إلي عنصر المعصية عنصراً آخر هو عنصر الاستهتار. السادسة: معصية المعاندين، كمن يأتي الفاحشة لمجرد أن الله نهي عنها وهذه في حد الكفر بالله، وعقابه الخلود في النار، لأنه أضاف إلي عنصر المعصية عنصر العناد، والعناد يخلد في النار كما في دعاء كميل: (... وقضيت به من إخلاد معانديك...). والإمام المهدي يلقن الداعين أن يعتذروا إلي الله بأن معاصيهم معاصي المغرورين، حتي لا يفكروا في معاصي المستهترين أو المعاندين.

[298] لأن الله هو القدرة المطلقة التي لا تجد أمامها شيئاً يحد منها، وكل

شيء يجد نفسه ضئيلاً أمامها، فيترقب المفاجئات والتحويلات، فيخاف الخروج علي الله لأنه لا يقاوم، ويحذر التورط في مخالفته لأنه لا يجد مهرباً منه، فلا يطمئن شيء إلا إلي الانقياد له والانسياق في إرادته.

[299] وطالما القدرة المطلقة مختصة بالله، فإذ ضمن شخصاً حماه من غيره، أو أعطاه من القدرة ما يدفع عنه كل شر وسوء، فرفع نسبة المغناطيس فيه ليتضاءل أمامه الآخرون.

[300] يلاحظ أن هذه الجملة تتكرر في أدعية الإمام المهدي، كما يوصف في جملة من الأحاديث المبشرة به بأن الله ينتقم به من أعدائه. س: من أين وجدت عقدة الانتقام في نفوس الشيعة؟ ج: التاريخ يكشف أن جميع أئمة أهل البيت وأكثر قادة الشيعة وكثير من أفراد الشيعة قتلوا، وأن التشيع كان ولا يزل محارباً لسببين: الأول: إنه يمثل عنفوان الحق، والحق مر لأنه لا يحابي ولا يساوم. والثاني: أنه يجسد قمة الإسلام في أصالة الفكر وشمول الثقافة. وكل قمة محسودة. فأمّن التشيع الثروة العاطفية للإسلام، كما أمّن القرآن والسنة الثروة الفكرية للإسلام. ولذلك وجدت عقدة الانتقام لدي الشيعة. س: ولماذا التركيز علي الانتقام في كل البشائر والدعوات التي تتعلق بالإمام المهدي؟ ج: من جملة تضحيات أهل البيت في سبيل الإسلام، أنهم لم يندفعوا نحو الانتقام ولم يدفعوا شيعتهم إلي الانتقام، ليبقي الإسلام غنياً بالعاطفة كما هو غني بالفكر، لأن هذا البشر الهائج المائع لا يأخذ كله بالفكر، فلا بد من أخذ بعضه بالفكر وأخذ بعضه بالعاطفة، فإذا جاءت دولة الحق وتكاملت عقول الناس علي يد الإمام المهدي بحيث أصبحت الرقابة الفكرية كافية لشد الجماهير بمصالحها الحقيقية التي تتمثل في الالتزام بالقيم. استغني الإسلام عن العاطفة بالفكر، وحكم الإمام المهدي السكين في المفصل. فأئمة

أهل البيت كانوا يركزون علي أن الإمام المهدي ينتقم من أعداء الله، لينفسوا عقدة الانتقام المستفحلة في نفوس الشيعة. ولا بد هنا من التوقف عند نقطتين: الأولي: يزعم بعض المغرورين أن أئمة أهل البيت لم يندفعوا نحو الانتقام ولم يدفعوا شيعتهم إلي الانتقام، لأنهم لم يكونوا قادرين عليه. ولكن الذي يدرس أئمة أهل البيت يعرف أنهم كانوا قادرين علي الانتقام ورفضوه بمحض إرادتهم. مضافاً إلي إنه لم يتركوا في تراثهم أي توجيه إلي الانتقام، رغم إنهم بنظراتهم الثاقبة كانوا يستطلعون مستقبلاً مشرقاً للشيعة كما قالت السيدة زينب الكبري للإمام زين العابدين في اليوم الحادي عشر من المحرم لما مروا بأساري آل الرسول علي مصارع قتلاهم، وكاد الإمام زين العابدين يجود بنفسه لما رأي جثث الحسين وأصحابه علي التراب: (ما لي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي وأخوتي. فوالله إن هذا العهد من الله إلي جدك وأبيك، ولقد أخذ الله ميثاق أناس لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض وهم معروفون في أهل السماوات، إنهم يجمعون هذه الأعضاء المقطعة والجسوم المضرجة فيوارونها، وينصبون بهذا الطف علماً لقبر أبيك سيد الشهداء، لا يدرس أثره، ولا يمحي رسمه علي كرور الليالي والأيام. وليجهدن أئمة الكفر وأشياع الضلال في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا علواً) كامل الزيارات ص261. وأمثال هذا المعني يتردد في أحاديث أهل البيت، وكان باستطاعتهم أن يضمنوا أحاديثهم أي توجيه انتقامي يعمل به الشيعة عندما تستتب لهم الأمور، ولكنهم لم يفعلوا، ولذلك قامت دول عديدة للشيعة في آسيا وأفريقيا فلم ينزلوا المجازر بخصومهم عندما انتصروا، وتحملوا المجازر كلما هزموا، فكانوا - عبر التاريخ - كما قالت السيدة فاطمة الصغري بنت الحسين لأهل الكوفة: ملكنا فكان العفو

منا سجية فلما ملكتم سال بالدم أبطح فحسبكموا هذا التفاوت بيننا وكل إناء بالذي فيه ينضح الثانية: إن التأكيد علي أن الإمام المهدي ينتقم من أعداء الله قد يوحي إلي بعض الناس: أنه سيقتل عشرات الملايين أو مئات الملايين من الناس عندما يظهر، خاصة وأنه لا يظهر إلا بعد أن تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً، فيصبح كل أناس ظالماً أو مظلوماً، أو ظالماً ومظلوماً في آن واحد. وتطهير الأرض - في مثل هذه الحالة - لا يتم إلا بإبادة الملايين. ولكن الذي يدرس حياة الإمام المهدي بعد الظهور يفاجأ بخلاف ذلك، فالخط القتالي للإمام المهدي يبدأ بالحجاز ويمر بدمشق وفلسطين وينتهي بالكوفة في جنوب العراق. ثم تستسلم له حكومات الدنيا، ومن الواضح عسكرياً أن هذا الخط القصير لا يتحمل الكثير من الضحايا. مضافاً إلي أن الانتقام من أعداء الله ليس بالقتل فقط، وإنما بإزاحتهم عن السلطات في العالم، وإبطال مبادئهم، ولعل الثاني هو الانتقام العميق الصحيح في حضارة الإمام المهدي.

[301] تدل أحاديث بدء الخلقة علي أن الله أوجد كلمة، ثم قسمها قسمين... وتسللت الخلقة - بالشكل المأثور عن أهل البيت (عليهم السلام) - فالكلمة التي خلق الله منها النور، هي روح النبي، أو الحقيقة النبوية - حسب تعبير المتكلمين - فالنبي (صلّي الله عليه وآله) هو كلمة النور.

[302] الثابت - بمقتضي أحاديث الخلقة - إن أول ما خلق الله من الكلمة هو النور، وباستمرار تموجات النور وامتداداته حدث تشعب فيه، فصار كل شعبة منه شيئاً مختلفاً عن بقية شعبة، وكل شعبة: منها إذا تفاعلت مع الإنسان تطور إلي شيء، فشعبة منها تطور إلي اليقين وأخري إلي الإيمان، وثالثة إلي الثبات ورابعة إلي العلم... وهكذا. ولعل الإمام

أخذ كل تفاعلات الخلقة بنظر الاعتبار، ثم علمنا أن نسأل الله ذلك...

[303] جميع الأنبياء والأوصياء، وربما جميع الأولياء إذا سألوا الله شيئاً أجابهم، كما أنهم يملكون من أسماء الله الحسني والقدرات الروحية ما أحيوا بها الموتي ومشوا علي الماء وأبرءوا الأكمه والأبرص، وفعلوا الأعاجيب، ولكنهم لم يكونوا يستخدمون تلك القدرات في كل صغيرة وكبيرة من حياتهم، وإنما كانوا يعيشون بشراً بالوسائل والأساليب التي يتبعها البشر، فكانوا يفلحون ويصنعون ويبيعون ويشترون كما كانوا يأكلون ويلبسون مثل سائر الناس وإذا قابلهم عدو دافعوا عن أنفسهم بالطرق المألوفة. فكانوا يخافون من أعدائهم كما يخاف غيرهم من عدوه، بفارق أنهم ما كانوا يتنازلون لأعدائهم عن شيء، ويغيرون مسيرتهم نتيجة الخوف، فشأن الإمام المهدي (عليه السلام) في فترة الغيبة شأن موسي بن عمران فترة ما قبل الرسالة وكما خرج موسي بن عمران - يومئذ - من مصر خائفاً يترقب أن يلحقه الطلب هكذا غاب الإمام المهدي خائفاً يترقب أن يعرفه الأعداء فيجهزوا عليه.

[304] برح يبرح براحاً: زال. يقال: برح الخفاء: زال فوضح الأمر.

[305] انكشف الغطاء: رفع الغطاء فظهرت النوايا والسرائر، وتعزي المنافقون والمزيفون.

[306] مقتبسة من قوله تعالي: (... وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) سورة التوبة، آية 25.

[307] فعندما يتعري المجرمون ويتجاهرون بالجرائم، تكثر الذنوب، فتمنع السماء خيراتها.

[308] مستوحاة من قوله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) سورة النساء، آية 59. و(أولي الأمر) في هذه الآية، الذين قرن الله طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله. هم الأوصياء المعصومون (عليهم السلام)، لأن الطاعة المطلقة لا تكون إلا لله ولأوليائه المعصومين، وأما غير المعصومين فطاعتهم مقيدة بما إذا لم يخرجوا علي إرادة الله، فكما قيد عز

وجل طاعة الوالدين بذلك فقال: (ووصينا الإنسان بوالديه حسناً وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) سورة العنكبوت، آية 8. كذلك طاعة غير معصوم مقيدة بعدم مخالفة الله.

[309] مما لا شك فيه أن الأكرم (صلّي الله عليه وآله) والإمام علي وسائر الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) عباد مكرمون، يشفعون عند الله لأوليائهم فيشفعون وقد قال سبحانه: (يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) سورة المائدة، آية 35. وقال: (أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة...) سورة الإسراء، آية 57.

[310] أي اجعل كل شيء كما يريد.

[311] يمكن أن يكون المراد من (وليك) نفس الإمام المهدي (عليه السلام) فيكون المراد من (ولاة عهدك) ولاته علي البلاد بعد الظهور، لأنهم في الواقع ولاة عهد الله، ويكون المراد من (الأئمة من ولده) أولاده الذين هم أئمة بالمعني اللغوي، ولكنه خلاف مصطلح الحديث. ويمكن أن يكون المراد من (وليك) الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فيكون قوله: (ومد في أعمارهم وزد في آجالهم) باعتبار عهد الرجعة وهو خلاف المألوف. ولعل في النسخ المتوفرة لدينا بعض الحذف أو التعبير.

[312] الأجل: المدة، فتكون الأعمار والآجال من المترادفات.

[313] الذل: الصغار والهوان. والله تعالي لا يتجه إلي أوليائه من موقع الضعف، وإنما من موقع الرحمة، لأنه لا يحتاج إليهم، وهم لا يزيدون في كبريائه شيئاً، وهم يتجهون إليه من موقع الذل، وهو يتقبلهم رحمة بهم.

[314] العورة: كل ما يستحيي به فيحاول الإنسان ستره أنفة وحياء.

[315] فالله يقبل التوبة من عباده ويعفو عن كثير علي قدرة وغيره لا يقبل العذر - غالباً - إلا عن عجز.

[316] فلا يتماسك الإنسان ولا ينبعث عن صرعة

وانحلال إلا بالذخائر الجوفية التي يحفظها الله في أعماق الجسم والروح. للإفادة منها في حالات الضرورة القصوي.

[317] هذه الجمل مقتبسة من الآية الكريمة: (.... أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون) سورة الأحقاف، آية 16.

[318] المواليد في رجب كثيرون، سيدهم وأعظمهم هو الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلعل تخصيص الإمامين الجواد والهادي (عليهما السلام) بالذكر هنا لتوجيه الأضواء إليهما، وأما الإمام علي (عليه السلام) فقد استقطب الأضواء بشكل يغنيه عن مثل هذا التوجيه.

[319] المراد من (محمد بن علي) الثاني هو الإمام محمد الجواد (عليه السلام) باعتباره ثاني من سمي بمحمد من الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، والأول هو محمد الباقر (عليه السلام) والمقصود من ابنه الإمام علي بن محمد الهادي العسكري (عليه السلام).

[320] المنيفة: العالية المشرفة، لأن وسائل الناس قد تكون قاصرة عن أهدافها، ولكن وسائل الله عالية وفوقية مشرفة علي أهدافها.

[321] أوزعه بكذا: أغراه به، وعلي هذا يكون المعني: نعمة مغرية مرغوب فيها، لأن بعض النعم مرغوب عنها رغم أنها نعمة في أهدافها ونتائجها، مثل كثير من البلايا والمصائب التي تسمي بالنعم الخفية فيكون السؤال هنا عن النعم الظاهرة التي تتجاوب مع رغبات الداعي.

[322] الحافرة: الأرض المحفورة أي القبر، وقد جاء وزن الفاعل لمعني المفعول كعيشه راضية أي مرضية.

[323] أي جميع المراحل المستقبلية التي يمر بها الإنسان كالقبر والبرزخ والقيامة، أو ينتهي إليها كالجنة أو النار.

[324] حذفنا آداب هذا الدعاء هنا، وهي مثبتة في كتب الأدعية.

[325] الغني الكفاية واليسار. والغناء - بالفتح والمد - ما يغتني به.

[326] المشاكل التي يعاني منها الأحياء أربعة: الفقر والمرض والجفوة والغربة: والمشكلة التي يعاني منها

الأموات واحدة، وهي العذاب، فدعا الإمام المهدي (عليه السلام) لحلها. وهذا الدعاء وما يليه يعكسان اهتمامات الإمام المهدي عجل الله فرجه.

[327] الحرمة جمعه حرم وحرمات: ما وجب القيام به من حقوق الله وحرم التفريط به وما لا يحل انتهاكه وحرمة الرجل: حرمه وأهله.

[328] إلي هنا يوجه الإمام المهدي (عليه السلام) إلي ما ينبغي الاهتمام به من قبل جميع الناس، ثم يصنف الناس ويركز اهتمام كل صنف إلي أهم ما يحتاج إليه.

[329] فالفرد - في توجهاته إلي السلطة - يحتاج إلي الإنصاف في تناول الأمور وعدم الإفراط في مطالبيه التي تعجز عنها السلطة، وعدم التفريط بحقوقه حتي لا يشجع السلطة علي الاستهتار بها. تماماً كحاجة السلطة إلي العدل والشفقة.

[330] الزوار أعم من زوار المدينة المنورة وسائر المشاهد المشرفة، واكتفي في بقية الدعاء (واقض ما أوجب عليهم من الحج والعمرة) ولم يضف للزوار بالقبول، لأن الزيارة ليست واجبة، وهي تقبل بخلوص النية، وليست لها حدود معينة كالحج والعمرة.

[331] مهج الدعوات، علي بن موسي بن محمد الطاووس، طبع طهران، انتشارات سنائي ص67 - 68.

[332] يقرأ سحراً ثلاثاً إن أمكن وفي الصبح وفي المساء فإذا اشتد الأمر علي من يقرأه يقول بعد قراءته ثلاثين مرة (يا رحمان يا رحيم يا أرحم الراحمين أسألك اللطف بما جرت به المقادير).

[333] وسرد قصة مفصلة إلي أن قال: داء المهدي (عليه السلام):.

[334] قال السيد (رحمه الله): ثم صل صلاة الزيارة - وقد تقدم وصفها - ثم تدعو بما أحببت فإنك تجاب إن شاء الله تعالي. مصباح الزائر ص230 - 234. المزار الكبير ص190 - 194.

[335] ما بين العلامتين زيادة في نسخة مخطوطة نقل منها في البحار: ج102 ص87 - 88.

[336] وأهدها له (عليه

السلام). فإذا سلمت في كل ركعتين فسبح تسبيح الزهراء (عليها السلام) وقل: (وهل) تسبيح الزهراء (عليها السلام) والدعاء الذي بعده يتكرران ست مرات؟ أم مرة واحدة بعد تمام الاثني عشر ركعة؟ أم يتكرر التسبيح دون الدعاء الذي بعده؟ احتمالات، ولعل أقربها وأوسطها، وإن كان لا مانع عن الظهور في الأول - لو تم - كما قد يؤيده قول السيد ابن طاووس (قدس سره) بعد ذلك (فإذا فرغت من الصلاة الخ) أما الأخير فبعيد والله العالم.

[337] قال السيد ابن طاووس (رحمة الله عليه): فإذا فرغت من الصلاة فادع بهذا وهو دعاء مشهور يدعي به في غيبته القائم (عليه السلام) وهو:.. (ولا يخفي) أنه مر في حقل الأدعية ذكر هذا الدعاء باختلاف في بعضه.

[338] قال: ثم أدع الله بما أحببت.

[339] قال العلامة المجلسي (قدس سره) في (بحار الأنوار) ج102 ص111. (وجدت في بعض الكتب القديمة بعد ذلك: ويصفق بيده اليمني علي اليسري). (أقول) لعل هذا التصفيق بمعني تمثيل البيعة، فبدل أن يصفق بيده علي يد الإمام المهدي (عليه السلام) يصفق بإحدي يديه علي الأخري، أو لعله بمعني الالتزام بالبيعة من باب (بارك الله في صفقة يمينك) و(إذا صفق تم البيع) ونحو ذلك. والله العالم.

[340] قال السيد (رحمه الله): ثم ادع الله كثيراً وانصرف مسعوداً إن شاء الله تعالي.

[341] الشجرة: ما قام علي ساق من نبات الأرض. والدوحة: الشجرة العظيمة المتسعة. وقد ورد تشبيه السلالة النبوية بالشجرة، بينما شبهت السلالة الهاشمية بالدوحة، لأن الأرومة النبوية فرع من فروع الأصل الهاشمي. وكأن الإمام المهدي أراد استيعاب كل الذين تبرعموا عن البيت النبوي والأسرة الهاشمية، فسلم علي الشجرة النبوية والدوحة الهاشمية ليستقصيهم أصولاً وفروعاً. وأما الذين انحرفوا فهم ليسوا من

هذه الشجرة ولا من تلك الدوحة في التسلسل الروحي كما ورد في قوله تعالي بالنسبة إلي نبي الله نوح (عليه السلام) وابنه: (قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح...) سورة هود (عليه السلام): آية 46. وكما ورد عكس ذلك في الأحاديث الشريفة بالنسبة إلي بعض الأخيار الذين انحدروا من سلالات منحرفة كالسلالة الأموية.

[342] فثمرة الدوحة الهاشمية خاتم النبيين، وجمالها وحسنها بالأمة الطاهرين (عليهم السلام).

[343] فآدم ونوح (عليهما السلام) مدفونان مع الإمام علي (عليه السلام) في مكان واحد، وإن كان الفاصل بينهم من طبقات الأرض كالفاصل الزمني، وكالفاصل الرتبي (عليهم السلام).

[344] لعل هاتين الجملتين ترمزان إلي وجود طائفتين من الملائكة طائفة موكلة بالقبر الشريف وطائفة أخري مأمورون بأن يكونوا محدقين بنفس الإمام (عليه السلام)، ويكون مثل الطائفة المحدقين بنفس الإمام (عليه السلام) مثل خدم الإنسان نفسه في الدنيا ومثل الطائفة الموكلة بالقبر الشريف مثل الخدم المأمورين بكنس البيت وغسله وفتح الباب علي كل من يدقه ونحو ذلك.

[345] روي العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار (ج 102 ص210) عن جمال الأسبوع حديثاً في تفسير تسمية الأيام بأسماء المعصومين (عليهم السلام) عن أبي الحسن الهادي (عليه السلام) يرويه الصقر بن أبي دلف وجاء فيه: (ثم قلت يا سيدي حديث يروي عن النبي (صلي الله عليه وآله) لا أعرف معناه قال: وما هو؟ قلت قوله (صلّي الله عليه وآله): لا تعادوا الأيام فتعاديكم ما معناها؟ وقال (عليه السلام): نعم الأيام نحن ما قامت السماوات والأرض، فالسبت اسم رسول الله (صلي الله عليه وآله) والأحد أمير المؤمنين، والاثنين الحسن والحسين، والثلاثاء علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد والأربعاء موسي بن جعفر وعلي

بن موسي ومحمد بن علي وأنا، والخميس ابني الحسن والجمعة ابن ابني وإليه تجمع عصائب الحق، فهذا معني الأيام فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة...) الحديث.

[346] لعله إشارة إلي قوله تعالي: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتي يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) سورة التوبة آية 6 فإذا كان إجارة المشرك المستجير لازماً، فلابد أن إجارة المؤمن الموالي المستجير لازم بطريق أولي.

[347] المقصود من الشهداء هنا شهداء كربلاء، الذين استشهدوا بين يدي الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام).

[348] في التعبيرات الشرعية ورد الدعاء للآخرين- وخاصة الأموات- ب_(الرحمة) وب_(الرضوان). فما هي الرحمة؟ وما هو الرضوان؟ وما هو الفارق بينهما؟ كما ورد الدعاء للأولياء ب_(السلام) وب_(الصلاة) فما هو السلام؟ وما هو الصلاة؟ الرحمة: من الرحم، وهو الإحاطة بالشيء لتنميته وصيانته بعطف وشفقة، ومنه الرحم لوعاء الجنين، لأنه يحوطه وينميه، ومنه أرحام الرجل لأقربائه، لأنهم يحوطونه بإشفاق وانعطاف، والرحمة من الإنسان تعني الحماية من الأذي، وهي ناتجة من رقة القلب، ومن الله تعني اللطف والإحسان، وهي صفة ذاتية له، وليست وليدة من صفة أخري. ورحمة الله تعم جميع مخلوقاته، بدليل أنه أوجدها ويحيطها وينميها بمقدار استعادتها للقبول، أي بمقدار قابليتها، لأن رحمته متاحة- من قبله- بلا حدود، وإنما علي الخلائق أن تكون قابلة لتلقي والقبول أفمن كان أوسع ظرفيه وأوفر مؤهلات فهو يستوعب أكثر من كان أضيق ظرفيه، وأوفر مؤهلات فهو يستوعب أقل (ورحمتي وسعة كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون) الأعراف: آية 156. ولا يحرم من فيض الله إلا من أغلق نفسه عنها، بأن كفر به، فإن الله لا ينميه ولا يحوطه، أي يتركه لنفسه ولسلبياته، فيكون ملعوناً أي مطروداً

من محيط اللطف والإحسان، فلا يتكامل. والرضوان- من الرضا- ولكنه يدل علي أكثر من مجرد الرضا، فتوحي بالقبول، وهو الوصول إلي درجة اللياقة، لأن الله سريع الرضا، فلا يرضي بالله عبد إلا ويرضي الله به، ولكن قد يكون العبد في أدني قاعدته فيحظي بالرضا لا بالقبول، وربما يكون في أعلي قمته، فيحظي بالقبول أيضاً، فكل من كان وضعه يزحزحه عن النار ويدخله الجنة فهو ممن رضي الله عنهم أي خشي ربه فلم يتورط في اللامبالاة، ومن كان وضعه يضعه فوق مستوي الجنة- بكل ما تعني الجنة- فهو ممن يبلغون رضوان الله وأما الذين يبتغون الجنة فهم دون مستوي الرضوان (ورضوان من الله أكبر) سورة التوبة آية 72. ولذلك قد يقال يصح الدعاء بالرحمة لكل المؤمنين، ولا يصح الدعاء بالرضوان إلا لمن لم يكن عملهم سعياً وراء الجنة، وإنما بحثاً عن رضوان الله. فأطاعوا الله لا خوفاً من ناره، ولا طمعاً في جنته، وإنما تقرباً إليه فقط. وبذلك يظهر الفارق الكبير بين الرحمة والرضوان. والسلام: هو استسلام الأشياء له، بأن لا يناقضه شيء، بأن يصل العبد إلي درجة يضع الله تحت تصرفه الأشياء، كما في الحديث القدسي: (عبدي أطعني أجعلك مِثْلي- أو مَثَلي- أقول للشيء: كن، فيكون. وتقول للشيء: كن، فيكون). ومستوي السلام أصحاب الولاية الكونية كأصحاب ليلة القدر التي ورد التعبير في القرآن: (ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتي مطلع الفجر) سورة القد آية 3- 5. وأما المصائب التي وردت علي أولياء الله فلا تعبر عن تناقض الأشياء معهم لأنها من جملة الوسائل التي تساعد علي تكالمهم بصورة أسرع من العبادات التقليدية، فاتفق

معهم عليها فقبلوا بها طائعين، فلم يفاجئ أحدهم بشيء منها ولسان حالهم يقول: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا) سورة التوبة آية 51. فلا يصل أحدهم إلي مرحلة السلام إلا بعد تجاوز مرحلة الرضوان: (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبيل السلام....) سورة المائدة آية16. والصلاة هي الصلة الدائمة، بأن تكون المشاعر كلها دائمة التوجه إلي الله في جميع الحالات. وهذه أعلي الدرجات التي لا يهضمها الكثيرون، فلا نعمق الحديث عنها، لاحتياج ذلك إلي مجال واسع كبير.

[349] علي بن الحسين- المذكور هنا- هو علي الأكبر. وهو غير علي بن الحسين زين العابدين. فقد جرت العادة في بعض البلاد. ومنها جزيرة العرب علي أن الرجل إذا أحب شخصاً سمي أحد أبنائه باسمه، وإذا كان حبه أعمق من أن يملأ فراغه أحد أبنائه سمي ولدين أو ثلاثة من أولاده باسمه. والإمام الحسين حيث كان ينعكس فيه الإمام علي ويراه مثله الأعلي سمي ثلاثة من أبنائه باسمه ولقب الأول بالأكبر والثاني بالأوسط والثالث بالأصغر. وقتل الأكبر في كربلاء ودفن عند رجلي أبيه الحسين، وكان الثالث رضيعاً أصابه بسهم في نحره ودفن مع الحسين في قبره أما الثالث فقد كان مريضاً يوم عاشوراء فأسر وتولي الإمامة بعد أبيه الحسين واشتهر ب_(السجاد) وب_(زين العابدين).

[350] حام حول الشيء دار حوله، وحومة الشيء: معظمه ومركزه. ويقال: حومة الماء وحومة الرمل وحومة القتال للمكان الذي يكثر دورانه حوله. وحومة الشهداء البقعة التي دفنوا فيها. والمعروف أن الإمام زين العابدين حضر كربلاء- بطريقة معجزة- بعد ثلاثة أيام من فاجعة الطف أي يوم الثاني عشر أو الثالث عشر- علي الخلاف- من شهر محرم، واجتمع معه قوم بني أسجد، وتولي دفن أبيه

وأصحابه، فدفن الحسين وعلياً الأصغر في قبر، ودفن علياً الكبر في قبر آخر عند رجلي الحسين ثم حفر حفيرة كبيرة عند رجلي علي الأكبر، ودفن فيها بقية الشهداء، باستثناء ثلاثة منهم كانوا في وضع لا يسمح بنقلهم من مصارعهم- كما قيل- فدفنهم في مصارعهم، وهم العباس بن علي، وعون بن عبد الله، وحبيب بن مظاهر الأسدي. ف_(حومة الشهداء) هو المكان الذي دفنوا فيه، وهو مكان معرف اليوم في الجبهة الشرقية من ضريح الغمام الحسين (عليه السلام).

[351] سلالة إبراهيم الخليل ذريته الطيبة المستمرة التي انحصرت النبوة والإمامة من يومه إلي يوم القيامة. والمقصود من (خير سليل) هو النبض المحمدي الذي سله الله وأفرزه من ذريته إبراهيم الخليل وكان خير سليل لأنه خير من أنجبته حواء علي الطلاق. والمراد من (أول قتيل) علي الأكبر. فقد ورد في وقائع معركة عاشوراء: أن جبهة الحسين تقلصت في ليلة عاشوراء، إلي نيف وسبعين رجل مع الحسين نفسه،- وقد اختلف في عددهم والذي عليه أكثر الروايات والتواريخ أنهم فوق السبعين ودون لثمانين، والإمام المهدي- في هذه الزيارة- يسلم علي تسعة وسبعين شخصاًًًً. ولكن عدداً منهم كانوا صغاراً كعبد الله الرضيع، وعبد الله ابن الحسين المجتبي وبعضهم كانوا دون الحلم، فبرزوا ولكن سرعان ما تناوشتهم السهام فصرعوا. فإذا اقتصرنا علي الرجال المقاتلين قد لا يتجاوز عددهم أثنين وسبعين كما في بعض الروايات. ولعل ذلك هو السبب في اختلاف الروايات فمن عدد الشهداء رفع العدد، ومن عدد المقاتلين خفض العدد. وهم المعروفون بأصحاب الحسين- وقد تنافسوا مع بني هاشم في السبق إلي الشهادة، فرفضوا أن يبرز هاشمي وفيهم عين تطرف، وبادروا إلي الغمام الحسين يستأذنونه في القتال، فلما قتلوا جميعاً تقدم علي الأكبر،

واستأذن أباه في القتال قبل أعمامه وبني أعمامه، فكان أول قتيل يوم عاشوراء من أبناء رسول الله. وقد يظهر من بنود هذه الزيارة أن علياً الأكبر أفضل من جميع الذين استشهدوا بين يدي أبي عبد الله الحسين، حتي من أعمامه، لأن الأفضلية- علي العموم- تعتمد شموخ النفس. قبل أن تعتمد حجم العمل. ويمكن استشفاف أفضلية علي الأكبر من معاملة الحسين معه عندما برز للقتال وعندما صرع.

[352] ابن الإمام الحسين بهذا الكلام نجله علياً الأكبر، عندما حضر مصرعه فوجده مقطعاً بالسيوف إرباً إرباً.

[353] نلاحظ أن الإمام المهدي يطلق كلمة (الكافرين) علي الجيش الأموي، رغم أنهم كانوا يعلنون كلمة التوحيد، لما ثبت من أن من خرج علي إمام زمانه فهو كافر وإن صلي وصام. والجيش الأموي خرج من الإسلام يوم خروجه من الكوفة لقتال الإمام الحسين، شأنه شأن جميع من خرجوا علي أوصياء الأنبياء عبر التاريخ. لأن الله ليس ممثلاً علي الأرض بجسد يتعامل معه الناس ويحددون مواقفهم منه من خلال. وإنما هو ممثل بأنبيائه ومن ثم بأوصيائهم. فمن خرج علي أحد منهم فقد خرج علي الله، والخارج علي الله كافر، ولذا تسمي هكذا طوائف ب_(الخوارج).

[354] ارتجز علي الأكبر بهذه الأبيات عندما خرج إلي المعركة لقتال الأعداء. وقد ركز علي ثلاث نقاط: الأولي: المنطلق، وهو الشرعية لأن الحسين هو خليفة الرسول الشرعي الوحيد- يوم ذاك- ولكن بني أمية نصبوا يزيداً خليفة لرسول الله بحكم السيف، واستصدروا فتوي من (شريح) قاضي الكوفة- بحكم اثني عشر ألف درهم- بأن الحسين خارجي يحب قتاله لأنه لم يبايع يزيداً. فحاولوا إسباغ الشرعية علي الحكم اللاشرعي، والقضاء علي الشرعية بفتوي قاضياً مرتش يتصدي لقيادة الأمة باسم الدراهم. فعلي الأكبر يركز علي أن

الشرعية إلي جانبنا وليست ضدنا، فنحن أولي بالنبي من غيرنا بالنص وبالمواصفات وبالنسب (نحن- وبيت الله- أولي بالنبي). الثانية: الخط، وهو الدفاع عن إمام الزمان (أضربكم بالسيف أحمي عن أبي). الثالثة: الهدف، وهو رفض حكم الطاغوت، لأن كل من حكم في رقاب الناس بغير وجه شرعي فهو طاغوت يجب حكمه والقضاء عليه (والله لا يحكم فينا ندعي). وأعلن علي الأكبر باستخدام كلمة (ابن الدعي) ما كان الناس يتهامسون به ولا يجرئون علي إعلانه، وهو الادعاء في نسب يزيد.

[355] المقاتل: ولما قتل أصحاب الحسين تقدم علي الأكبر فتعلقن به أخواته وعماته وقلن له: ارحم غربتنا، لا طاقة لنا علي فراقك. فلم يعبأ بهن، وأستأذن أباه وبرز علي فرس للحسين يسمي: (لا حقاً). وارتجز بالأبيات المذكورة أعلاه. ولم يتمالك الحسين أن أرخي عينيه بالدموع وصاح بعمر بن سعد: ما لك؟ قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وصلت عليك من يذبحك علي فراشك. ثم رفع شيبته نحو السماء: اللهم أشهد علي هؤلاء، فقد برز إليهم أشبه الناس برسولك محمد خلقاً وخلقاً ومنطقاً، وكنا إذا اشتقنا لرؤية نبيك نظرنا إليه اللهم فامنعهم بركات الأرض، وفرقهم تفريقاً، ومزقهم تمزيقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترض الولاة عنهم أبداً، فإنهم دعونا لينصرونا، ثم عدوا علينا ليقاتلونا. ثم تلا قوله تعالي: (إن الله اصطفي آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران علي العالمين، ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم).

[356] فالحسين- باعتباره وصي رسول الله- حجة رسول الله وأمينه علي شريعته في أمته.

[357] الإمام المهدي- في هذه الزيارة- يثبت الأسماء الكاملة للشهداء من الجبهة الحسينية، كما يثبت الأسماء الكاملة لقاتليهم ويثبت ما إذا كان

فرد واحد مسؤولاً عن قتل أحد الشهداء وتعاون معه آخرون أو اشترك عدد من الأعداء في قتل أحد منهم. يسجل بعض مصائبهم وآلامهم، كوثيقة تاريخية تضاف إلي وثائق كربلاء.

[358] موافتيك (نسخة). وحمل علي الأكبر علي الميمنة، وأعادها علي الميسرة، وغاص في الأواسط فلم يقابله جحفل إلا رده، ولا برز إليه شجاع إلا قتله، حتي قتل مائة وعشرين فارساً، وقد اشتد به العطش، فرجع إلي أبيه يستريح ويذكر ما أجهده من العطش، فبكي الحسين وقال: ما أسرع الملتقي بجدك فيسقيك بكأسه شربة لا تظمأ بعدها. ورفع إليه خاتمه ليضعه في فيه. فرجع علي الأكبر إلي المعركة وهو يرتجز: الحرب قد بانت لها الحقائق وظهرت من بعدها مصادق والله رب العرش لا نفارق جموعكم أو تغمد البوارق وجعل يزأر في الميدان ويجندل الأبطال حتي أكمل تمام المائتين، فقال مرة بن منقذ العبدي: علي آثام العرب إن لم أثكل أباه به. فطعنه بالرمح في طهره، وضربه بالسيف علي رأسه ففلق هامته، فاعتنق فرسه إلي معسكر الأعداء، وأحاطوا به حتي قطعوه إرباً إرباً. فلما بلغت روحه التراق نادي رافعاً صوته: عليك مني السلام يا أبا عبد الله، هذا جدي قد سقاني بكأسه الأوفي شربة لا أظمأ بعدها أبداً، وهو يقول: العجل العجل، فإن لك كأساً مذخورة حتي تشربها الساعة. فأتاه الحسين وانكب عليه، واضعاً خده علي خده، وهو يقول: علي الدنيا بعدك العفا، ما أجرأهم علي الرحمن، وعلي انتهاك حرمة الرسول. علي الأكبر، اسمه علي، ولقبه الأكبر، وكنيته أبو الحسن، أبوه الحسين بن علي، وأمه ليلي بنت ميمونة ابنة أبي سفيان. ولذلك لما برز إلي المعركة صاح رجل من القوم: يا علي: إن لك رحماً بأمير المؤمنين (يزيد) ونريد

أن نرعي الرحم، فإن شئت آمناك. فقال علي الأكبر: إن قرابة رسول الله (صلي الله عليه وآله) أحق أن ترعي. السيد محمد بن عبد الحسين الجعفري الحائري، في أنيس الشيعة: إنه أكبر أولاد الحسين، وقد بلغ سبعة وعشرين سنة. فإنه ولد في الحادي عشر من شهر شعبان سنة ثلاث وثلاثين للهجرة وقتل في العاشر من محرم سنة إحدي وستين للهجرة. وقد كان متزوج من أم ولد، وأباً لأكثر من ولد. ففي كامل الزيارات ص239: أن الإمام الصادق قال لأبي حمزة قل في زيارته: (صلي الله عليك وعلي عترتك وأهل بيته، وآبائك وأبنائك وأمهاتك الأخيار، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً) والأبناء جمع قلة: وأقلة ثلاثة: ولقد كان جم الفضائل بارع الجمال، حتي قال فيه الشاعر: لم تر عين نظرت مثله من محتف يمشي ومن ناعل لا يؤثر الدنيا علي دينه ولا يبيع الحق بالباطل أعني ابن (ليلي) ذا ال_ندي والدي أعني بن بنت الحسب الفاضل المصباح المنير: إن ما يسقط أول الليل من البلل يقال له: سدي، وما يسقط آخره يقال له: ندي.

[359] عبد الله بن الحسين الرضيع وهو علي الأصغر، وأمه رباب. وقد روي بن شهر آشوب في المناقب ج2 ص222، والمفيد في الاختصاص ص3، وأبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين ص35. ومصعب الزبيري في نسب قريش ص59 وكثير من المؤرخين: أن الحسين لما ودع أهله دعا بولده الرضيع يودعه، فأتته زينب بابنه عبد الله، فأجلسه في حجره يقبله، ويقول: (بعداً لهؤلاء القوم إذا كان جدك المصطفي خصمهم). ثم أتي به نحو القوم يطلب له الماء، فرماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم، فذبحه، فتلقي الحسين الدم بكفه، ورمي به نحو السماء. وروي السيد

ابن طاووس في اللهوف ص66 عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: (فلم تسقط منه قطرة). اليعقوبي في تاريخه ج2 ص218: أن الحسين لواقف إذ أتي بمولود له ولد الساعة، إذن في إذنه، وجعل يحنكه إذ أتاه سهم وقع في حلق الصبي فذبحه، فنزع الحسين السهم من حلقه، وجعل يلطخه بدمه ويقول: (والله لأنت أكرم علي الله من الناقة، ولمحمد أكرم علي الله من صالح). السيد ابن طاووس في اللهوف ص66. وابن نما في مثير الأحزان ص26. الخوارزمي في مقتله ج2 ص22: ثم قال الحسين: (هون علي ما نزل بي أنه بعين الله تعالي. اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل. إلهي إن كنت حبست عنا النصر فاجعله لما هو خير منه، وانتقم لنا من الظالمين، واجعل ما حل بنا في العاجل ذخيرة لنا في الأجل). وسمع (عليه السلام) قائلاً يقول: دعه يا حسين فإن له موضعاً في الجنة. ثم نزل (عليه السلام) عن فرسه، وحفر له بجفن سيفه ودفنه مرملاً بدمه، وصلي عليه. ويقال: وضعه مع القتلي من أهل بيته. ولعله غير عبد الله الرضيع المعرف ب_(علي الأصغر).

[360] أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين ص32- 33: (ولما رأي العباس كثرة القتلي من أهله، قال لأخوته من أمه وأبيه عبد الله وعثمان وجعفر: تقدموا يا بني أمي حتي أراكم نصحتم لله ولرسوله. والتفت إلي عبد الله وكان أكبر من عثمان وجعفر، وقال: تقدم يا أخي حتي أراك قتيلاً وأحتسبك. الشيخ عباس القمي في منتهي الآمال ج1 ص381: فتقدم عبد الله وارتجز: أنا ابن ذي النجدة والأفضال ذاك علي الخير ذو الفعال سيف رسول الله ذو النكال في كل يوم ظ_اهر الأهوال فقاتل قتالاً شديداً،

فخرج إليه هاني بن ثبيت الحضرمي، فتبادلا ضربتين، فقتله هاني الحضرمي. وعمره خمسة وعشرون سنة.

[361] العلامة المجلسي في البحار. والطريحي في المنتخب، والقمي في منتهي الآمال، وعبد الرزاق المقرم في مقتل الحسين، وسائر المؤرخين ما خلاصته: (لما قتل أخوة العباس من أمه وأبيه، ذهب إلي أخيه الحسين مستأذناً وهو يقول: أخي! قد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين، وأريد أن آخذ ثأري منهم. فأمره الحسين أن يطلب الماء للأطفال. فذهب العباس إلي القوم ووعظهم وحذرهم غضب الجبار فلم ينفع، فنادي بصوت عال: يا عمر بن سعد! هذا الحسين ابن بنت رسول الله! قد قتلتم أصحابه وأهل بيته، وهؤلاء عياله وأولاده عطاشي، فاسقوهم من الماء، قد أحرق الظمأ قلوبهم... فأثر كلامه في نفوس القوم حتي بكي بعضهم، ولكن الشمر صاح بأعلي صوته: يا ابن أبي تراب: لو كان وجه الأرض كله ماءً وهو تحت أيدينا لما سقيناكم منه قطرة، إلا أن تدخلوا في بيعة يزيد. فضحك العباس ورجع إلي أخيه يخبره، فسمع الأطفال يتصارخون من العطش، فأخذ قربة وركب جواده وأتجه نحو المشرعة، فأحاط به أربعة آلاف ورموه بالنبال فلم ترعه كثرتهم، وأخذ يطردهم فلم يثبتوا له، حتي نزل إلي الفرات فاغترف غرفة ليشرب فتذكر عطش الحسين ومن معه فرمي الماء علي الماء وهو يقول: يا نفس من بعد الحسين هوني وبعده لا كنت أن تكوني هذا الحسين وارد المن_ون وتشربين بارد الم_عين تالله ما هذا فعال ديني ولا فعال صادق اليقين ثم ملأ القربة وشد وكلها، وركب جواده وتوجه نحو المخيم، فقطع عليه الطريق، وجعل يضرب حتي أكثر القتل فيهم وكشف عنه الطريق، وهو يقول: لا أرهب الموت إذا الموت زقاً حتي أواري في المصاليت لقي

نفسي لنفس المصطفي الطهر وقي إني أنا العب_اس أغدو بالسقا ولا أخاف الشر يوم الملتقي فكمن له يزيد بن الرقاد الجهني من وراء نخلة، وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسي فضريه علي يمينه فبرأها فقال: والله إن قطعتموا يميني إني أحامي أبداً عن ديني وعن إمام صادق اليقيني نجل النب_ي الطاهر الأميني ولكنه لم يعبأ بيمينه وجعل يقاتل بشماله ويواصل سيره نحو المخيم إذ كمن له نوفل وقيل حكيم بن الطفيل من وراء نخلة فلما مر به ضربه علي شماله فقطعها، فلم ييأس من إيصال الماء إلي المخيم، وجعل يناجي نفسه وربه: يا نفس لا تخشي من الكفار وابشري برحمة الجبار مع النبي السيد المختار قد قطع_وا ببغيهم يساري فأصل_هم يا رب حر النار فتكاثر عليه القوم، وأتته السهام كالمطر، فأصاب القربة سهماً وأريق ماؤها، وسهم أصاب صدره، وضربه رجل بالعمود علي رأسه ففلق هامته. وعمره خمس وثلاثون سنة.

[362] المكثور: من تكاثر عليه الناس فقهروه.

[363] جعفر بن علي خرج إلي المعركة بعد أخيه عبد الله، وهو يرتجز: إني أنا جعفر ذو المعال_ي ابن عل_ي الخير ذو النوال حسبي بعمي جعفر والخ_ال أحمي حسيناً ذا الندي المفضال فرماه خولي الأصبحي بسهم فأصاب عينه أو شقيقته وحمل عليه هاني بن ثبيت الخضرمي فقتله.

[364] عثمان بن علي برز إلي المعركة بعد أخيه جعفر، فارتجز قائلاً: إني أنا عثمان ذو المفاخر شيخي علي ذو الفعال الطاهر هذا حس_ين س_يد الأخ_اير وسيد الصغار والك_بائر فقاتل ثم رماه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم فأصاب خاصرته فسقط علي الأرض، فأسرع إليه رجل من بيت دارم فاحتز رأسه. وروي أنه لما ولد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): سميته باسم أخي عثمان بن مظعون وعثمان

بن مظعون من أجلاء صحابة رسول الله. وكان عمره إحدي وعشرين سنة. هؤلاء الثلاثة: عبد الله وجعفر وعثمان هم أخوة العباس من أبيه أمير المؤمنين والدته أم البنين.

[365] محمد بن علي، وهو المكني بأبي بكر. ابن سهر آشوب، في مناقب آل أبي طالب قال: برز محمد بن علي وهو يرتجز: شيخي علي ذو الفخار الأطول من هاشم خير الكريم المفضل هذا حسين ابن الن_بي المرسل عنه نحامي بالحسام المصقل تفديه نفسي من أخ مبجل جعل يقاتل حتي قتله الدارمي، وقيل زجر بن بدر، وقيل عقبة الغنوي. الشيخ عباس القمي منتهي الآمال ج1 ص382، روي عن المدائي: أنه وجدت جثته في ساقيه، ولم يعرف قاتله. ابن حزم في جمهرة أنساب العرب ص118، وابن الجوزي في صفوة الصفوة ج1 ص119، والخوارزمي في مقتله ج1 ص382 قالوا: إن أبا بكر بن علي أمه ليلي بنت مسعود قتل مع الحسين.

[366] أبو بكر بن الحسن بن علي، وهو عبد الله الأكبر، أمه أم ولد يقال لها (رملة) وتكني: أم أبي بكر، فهو والقاسم بن الحسن من أب وأم. قاتل حتي قتل. قتله الغنوي، وإليه أشار سليمان بن قته في قوله: وعند غني قطرة من دمائنا وفي أسد أخري تعد وتذكر

[367] المقاتل: لما صرع الحسين كان عبد الله بن الحسين بن علي- وله إحدي عشر سنة- في الخيمة، فنظر إلي عمه وقد أحدق به القوم، فأقبل يشتد نحو عمه، وأرادت زينب حسبه، فأفلت منها، وجاء إلي عمه، وأهوي بحر بن كعب بالسيف ليضرب الحسين، فصاح الغلام: يا بن الخبيثة أتضرب عمي؟ فضربه، واتقاها الغلام بيده، فأطنها عن الجلد فإذا هي معلقة، فصاح الغلام: يا عماه! ووقع في حجر الحسين، فضمه إليه

وقال: يا بن أخي اصبر علي ما نزل بك فإن الله تعالي يلحقك بآبائك الصالحين ورفع يديه قائلاً: اللهم إن متعتهم إلي حين ففريقهم تفريقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترض الولاة عنهم أبداً فإنهم دعونا لينصرونا، ثم عدوا علينا يقاتلونا. ورمي الغلام حرملة بن كاهل الأسدي بسهم فذبحه وهو في حجر عمه.

[368] إلي هنا كلام الحسين للقاسم.

[369] القاسم بن الحسن بن علي (عليه السلام): وأمه رملة. المقاتل: ولما قتل أبو بكر بن الحسن خرج القاسم بن الحسن- وهو غلام لم يبلغ الحلم- فلما نظر إليه الحسين اعتنقه وبكي (حتي أغمي عليهما) ثم أذن له فبرز وهو يقول: إن تنكروني فأنا نجل الحسين سبط النبي المصطفي والمؤتمن هذا حسين كالأسير المرتهن بين أناس لا س_قوا صوب المزن وجعل يقاتل حتي قتل خمساً وثلاثين رجلاً، إذ انقطع شسع نعله وهو يطرد الكتائب بين يديه. قال حميد بن (ودوره كان أشبه بدور الصحفيين الذين يرافقون الجيوش لتغطية أنباء المعارك): (ثم خرج القاسم بن الحسن وهو غلام لم يبلغ الحلم، كأن وجهه فلقة قمر طالع، وعليه قميص وإزار، وعلي رأسه عمامه لها ذؤابتان. وفي رجليه نعلاً قد انقطع شسع أحدهما ولا أنسي أنها كانت اليسري فوقف ليشده، غير مكترث بالجمع ولا مبال بالألوف). وبيننا هو علي ذلك إذ شد عليه عمرو بن سعد بن نفيل الأزدي، فقال له حميد بن مسلم: وما تريد من هذا الغلام؟ يكفيك هؤلاء الذين تراهم احتوشوه. فقال: والله لأشدن عليه. فما ولي حتي ضرب رأسه بالسيف، فوقع الغلام لوجهه، فقال: يا عماه! فأتاه الحسين كالليث الغضبان، فضرب عمرواً بالسيف، فاتقاه بالساعد فأطنها من المرفق، فصاح صيحة عظيمة سمعها العسكر، فحملت خيل بن سعد لتستنقذه

من الحسين، فاستقبلته بصدورها ووطئته بحوافرها فمات. وانجلت الغبرة، وإذا الحسين قائم علي رأس الغلام وهو يفحص برجليه، والحسين يقول: بعداً لقوماً قتلوك، ومن خصمهم يوم القيامة جدك وأبوك. ثم قال: يعز- والله- علي عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك ثم لا ينفعك. يوم- والله- كثر واتره، وقل ناصره. ثم احتمله، وكان صدر الغلام علي صدر الحسين، ورجلاه يخطان في الأرض، حتي ألقاه بين القتلي من أهل بيته. ورفع طرفه إلي السماء وقال: اللهم أحصهم عدداً، ولا تغادر منهم أحداً، لا غفر لهم أبداً. ثم التفت إلي أهل بيته وقال: صبراً يا بني عمومتي، صبراً يا أهل بيتي، لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً. س: كيف وقف القاسم في المعركة يشد شسع نعله؟ ج: إن هذا النوع من الأسئلة تتردد في الأواسط الجبانة المتمسكة بالحياة، وأما الأبطال فلا يهابون الموت. ولقد رأي الحسن بن علي أباه في معركة صفين وهو يسعي بين الصفين بالغلال. وصلي الحسين بمن بقي معه يوم عاشوراء صلاة الظهر بين الجبهتين. وتحدث أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني ج11 ص144 في قصة جعفر بن علية بن ربيعة بن عبد يغوث من بني الحارث بن كعب، لما جيء به ليقاد منه: بينما هو يمشي إذ انقطع شسع نعله، فوقف يصلحه، فقال له رجل: ألا يشغلك ما أنت فيه عن هذا؟ فقال جعفر: أشد قبال نعلي أن يراني عدوي لحوادث مستكينا س: وماذا عن زواج القاسم، وهو غلام لم يبلغ الحلم؟ ج: كان وما يزال من العوائد المنتشرة في بعض الأواسط تسمية صبايا بأسماء صبيان في سن مبكرة جداً- حصانة للجانبين- فلعل الحسين سمي إحدي بناته باسم القاسم، وربما كانت تلك فاطمة

الصغري.

[370] عون بن عبد الله بن جعفر الطيار. أبو فرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين قال: أمه زينب بنت علي. ابن سهر آشوب في مناقب آل أبي طالب قال: برز عون بن عبد الله وهو يرتجز: إن تنكروني فأنا ابن جعفر شهيد صدق في الجنان أزهر يطير فيها بجناح أخضر كفي بهذا شرفاً في المحشر فقاتل حتي قتل ثلاثة فرسان وثمانية عشر راجلاً. قال الطبري: فاعتورهم الناس من كل جانب فحمل عبد الله قطنه الطائي ثم النبهاني علي عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقتلاه. وقد أشار إليه سليمان بن قته بقوله: واندبي إن بكيت عون أخاهم ليس في_ما ينوبهم بخذول فلعمري لقد أصيب ذووا القر بي فبكي علي المصاب الطويل وقد زاره السيد المرتضي علم الهدي بقوله: السلام عليك يا عون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. السلام عليك يا بن الناشئ في حجر رسول الله (صلي الله عليه وآله) والمقتدي بأخلاق رسول الله والذاب عن حريم رسول الله صبياً، والذائد عن حرم رسول الله (صلي الله عليه وآله) مباشراً للحتوف مجاهداً قبل أن يقوي معه ويشتد عظمه ويبلغ أشده... إلي آخره. ولأمر ما دفن حيث مصرعه علي بعد أميال من مقام الإمام الحسين في الجانب الشمالي من كربلاء.

[371] في بعض النسخ (قطنة) وفي بعضها (قطية).

[372] ورد (النبهاني) هنا وصفاً لعبد الله بن قطبة وفي بعض التواريخ ابن قطنة طائي وأما النبهاني فقد ساعد ابن قطنة علي قتل عون بن عبد الله.

[373] محمد بن عبد الله بن جعفر الطيار. المقاتل: برز محمد بن عبد الله وهو يرتجز: أشكو إلي الله من العدوان فعال قوم في الردي عميان قد بدلوا معالم

القرآن ومحكم التنزيل والتبيان وأظهروا الكفر مع الطغيان فقتل عشرة رجال ثم قتله عامر بن نهشل التميمي. أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين: محمد أخو عبد الله من أبيه وأما أمه فهي الخوصاء بنت حفص من بكر بن وائل. وقد ذكره سليمان بن قته يقوله: وسمي النبي غودر فيهم قد علوه بصارم مصقول فإذا ما بكيت عيني فجود بدموع تسيل كل مسيل .

[374] في بعض السير: أن الإمام الحسين لما اختبر أصحابه ليلة عاشوراء ووجد منهم بوادر الصلابة والصمود مسح علي أعينهم حتي كشف عنها الغطاء فرأوا أماكنهم في الجنة. وهذا النص من الإمام المهدي يدل علي أن محمد بن عبد الله رأي- في جملة ما رأي- مكان أبيه. ولعله يقصد من (أبيه) جده جعفر الطيار.

[375] جعفر بن عقيل بن أبي طالب. برز وهو يرتجز: أنا الغلام الأبط_حي الطالبي من معشر في هاشم من غالب ونحن حقاً سادة الذوائب هذا حسين أطيب الأطايب فقتل خمسة عشر فارساً ثم قتله بشر بن سوط الهمداني.

[376] تم ضبط (خوط) في بعض النسخ (سوط).

[377] عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب: برز وهو يرتجز: أبي عقيل فاعرفوا مكاني من هاشم وهاشم إخواني كهول صدق سادة الأقران هذا حسين شامخ البنيان وسيد الشيب مع الشبان فقتل سبعة عشر فارساً ثم حمل عليه عمر بن خالد الجهمي فقتله.

[378] تم ضبط اسم قاتل عبد الرحمن في بعض المقاتل (عمير). الشيخ عباس القمي في منتهي الآمال ج1ص378: قتله عثمان بن خالد الجهني. قال الطبري: أشترك في قتل عبد الرحمن بن عقيل رجلان ثم جرداه من ثيابه وعندما ألقي المختار الثقفي القبض عليهما في الصحراء أمر أن يجردا من ثيابهما ثم تضرب أعناقهما. ابن

حبيب في النسابة في المحبر ص57: كانت خديجة بنت علي (عليه السلام) عند عبد الرحمن بن عقيل. ابن قتيبة في معارف ص89: عند ذكر أخبار علي (عليه السلام): ولدت له سعيداً.

[379] عبد الله بن مسلم بن عقيل. عبد الرزاق المقرن في مقتل الحسين ص262: وخرج من بعده: (علي الأكبر). عبد الله بن مسلم بن عقيل وقيل: هو أول من برز من الهاشميين. برز وهو يقول: اليوم ألقي مسلماً وه_و أبي وفتية بادوا علي دين النبي ليسوا بقوم عرفوا بالكذب لكن خيار وكرم النسب فقتل ثمانية وتسعين رجلاً بثلاث حملات فرماه يزيد بن الرقاد الجهني فاتقاه بيده فسمرها إلي جبهته ما استطاع أن يزيلها عن جبهته فقال: اللهم إنهم استقلونا واستذلونا فاقتلهم كما قتلونا. وبينا هو علي هذا إذ حمل عليه رجل برمحه فطعنه في قلبه فمات فجاء إليه يزيد بن الرقاد وأخرج سهمه من جبهته وبقي النصل فيها وهو ميت. أبو الفرج في مقاتل الطالبين. ومصعب الزبيري في نسب قريش ص54: عبد الله بن مسلم، وأمه رقية الكبري، وهي أم أخويه علي ومحمد.

[380] اختلف المؤرخون في قاتل عبد الله بن مسلم. في أنساب الأشراف ج5 ص238: رماه يزيد بن الرقاد الجبني بالنون بعد الجيم. الشيخ عباس القمي في منتهي الآمال ج1 ص376: قتله عمر بن صبيح. وقال آخرون: قتله أسد بن مالك. وقيل: أسيد بن مالك. والإمام المهدي ينص- هنا- علي أن المسؤول عن قتله هو عامر بن صعصة. ولعله هو الرجل الذي طعنه أو رماه في قلبه. وابن الأثير في الكامل- في قصة اقتصاص المختار الثقفي من يزيد بن الرقاد- ذكر تفصيل يدل علي إدانة يزيد بدم عبد الله بن مسلم.

[381] في بعض النسخ

(أبي عبد الله) ولعله الصحيح. فالمؤرخون متفقون علي أنه قتل اثنان من أولاد مسلم بن عقيل مع الحسين، ولا خلاف في أن أحدهما اسمه (عبد الله) وهو المذكور آنفاً. وأما الثاني فقد اختلف في اسمه: فعبد الرزاق المقرم في مقتل الحسين ص263 ذكر محمد بن مسلم بن عقيل. في جملة من قتل في حملة آل أبي طالب. والذهبي في سير أعلام النبلاء ص217 قال: قتل مع الحسين عبد الله وعبد الرحمن ابنا مسلم بن عقيل ابن أبي طالب. والإمام المهدي- في هذه الزيارة- يسلم علي عبيد الله أو أبي عبد الله بن مسلم- علي اختلاف النسخ-. ويمكن الجمع بين هذه الأقوال بأنه من باب تعدد الأسماء الذين كان متعارفاً قديماً.

[382] في بعض النسخ (عمرو).

[383] محمد بن أبي سعيد بن عقيل. بارز وقاتل قتالاً شديداً ثم رماه لقيط بن ياسر فصرعه.

[384] الموالي الذين قتلوا في الحملة الأولي اثني عشر، عشر منهم من موالي الحسين (عليه السلام) واثنان من موالي أمير المؤمنين، لم أعثر فيهم علي اسم سليمان وإنما يوجد أسلم بن عمر وكان أبوه تركياً وكان يعمل كاتب عند الإمام الحسين واستشهد في الحملة الأولي.

[385] قارب بن عبد الله الدؤلي مولي الحسين وكانت أمه أمة عند الإمام الحسين واستشهد في الحملة الأولي.

[386] منبج بن سهم مولي الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، وقد حضر معركة كربلاء مع عائلة الإمام الحسن واستشهد في الحملة الأولي.

[387] مسلم بن عوسج الأسدي كان من الرجال الأشداء ولما أرسل الحسين مسلم بن عقيل إلي الكوفة، كان مسلم بن عوسجة وكيله في أخذ البيعة من الناس وقبض الأموال وبيع الأسلحة. الدينوري في الأخبار الطوال: أن مسلم بن عوسجة كان من العباد،

وكان له مقام معلوم إلي جانب أسطوانة من أسطوانات مسجد الكوفة للصلاة. والعبادة وكنيته أبو حجل- إذ كان يعمل في جني العسل- وفيه يقول كميت الأسدي: وإن أبا حجل قتيل محجل. ولما ارتفعت الشمس صباح يوم عاشوراء تقدم عمر بن سعد نحو معسكر الحسين ورمي بسهم وقال: اشهدوا لي عند الأمير أني أول من رمي. ثم رمي الناس، فلم يبق من أصحاب الحسين أحد إلا أصابه من سهامهم، فقال الحسين لأصحابه: (قوموا رحمكم الله إلي الموت الذي لا بد منه فإن هذه السهام رسل القوم إليكم). فحمل أصحابه حملة واحدة، واقتتلوا ساعة، فما انجلت الغبرة إلا عن خمسين صريعاً، فأخذ أصحاب الحسين- بعد أن قل عددهم- يبرز الرجل منهم بعد الرجل فأكثروا القتلي في أهل الكوفة فصاح عمرو بن الحجاج الزبيدي بأصحابه: أتدرون من تقاتلون؟ تقاتلون فرسان المصر، وأهل البصائر، وقوماً مستميتين، لا يبرز إليهم أحد منكم إلا قتلوه علي قلتهم، والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم. فقال عمر بن سعد: صدقت، الرأي ما رأيت، أرسل في الناس من يعزم عليهم أن لا يبارزهم رجل منهم ولو خرجتم إليهم وحداناً لأتوا عليكم. ثم حمل عمرو بن الحجاج (وكان قائد ميمنة عمر بن سعد) علي ميمنة الحسين فثبتوا له وجثوا علي الركب وأشرعوا الرماح فلم تقدم الخيل، فلما ذهبت الخيل لترجع رشقهم أصحاب الحسين بالنبل فصرعوا رجالاً وجرحوا آخرين. ثم أن عبد الله بن حوزة التميمي صاح: يا حسين! يا حسين! فقال الحسين: وما تريد؟ قال التميمي: ابشر بالنار. فقال الحسين: كلا إني أقدم علي رب رحيم وشفيع مطاع. ثم قال: من هذا؟ قيل: أين حوزة. فقال: اللهم حزه إلي النار. فنفر الفرس بابن حوزة

وبقيت رجله اليسري معلقة في الركاب، فأسرع مسلم بن عوسجة فضرب رجله اليمني بالسيف فقطعها، وجعل الفرس يضرب به كل حجر ومدر حتي هلك. ثم حمل عمرو بن الحجاج الزبيدي حملة ثانية من نحو الفرات، فاقتتلوا ساعة وفيها قاتل مسلم بن عوسجة وهو يرتجز: إن تسألوا عني فإني ذو لبد من فرع قوم من ذري بني أسد فمن بغانا حائد عن الرشد وكافر يدين جبار صمد فشد عليه مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي، وثارت لشدة الجلاد غبرة شديدة وما انجلت الغبرة إلا ومسلم صريع وبه رمق، فمشي إليه الحسين ومعه حبيب بن مظاهر فقال له الحسين: (رحمك الله يا مسلم، فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا). ودنا منه حبيب وقال: عز علي مصرعك يا مسلم: ابشر بالجنة. فقال بصوت ضعيف: بشرك الله بخير. قال حبيب: لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إلي بما أهمك. فقال مسلم: أوصيك بهذا- وأشار إلي الحسين- أن تموت دونه. قال: افعل ورب الكعبة. وفاضت روحه بينهما. فصاحت جارية له: وا مسلماه، يا سيداه، يا بن عوسجتاه. فتنادي أصحاب ابن الحجاج: قتلنا مسلماً. فقال شبث بن ربعي (وكان قائد الرجالة في جيش عمر بن سعد): ثكلتكم أمهاتكم، أبقتل مثل مسلم تفرحون؟ لرب موقف له كريم في المسلمين. وقد رأيته يوم (أذربيجان) وقد قتل ستة من المشركين قبل تنام خيول المسلمين.

[388] لقد ظهرت في ثورة الإمام الحسين علامات فارقة تميزها عن جميع الثورات في التاريخ. لعل من أهمها أن الحسين كان يعمل باستمرار علي إبعاد أصحاب الأطماع وضعاف الإيمان عنه علي خلاف سائر القادة الذين يحاولون تكثيف الجماهير حولهم بمختلف

الأسباب والأساليب. فقبل خروجه من مكة خطب في أصحابه وكانوا- يوم ذاك- كثيرين قائلاً: (خط الموت علي ولد آدم مخط القلادة علي جيد الفتاة... (فأعطي لهم إشارة اليأس عن كل المغريات الدنيوية وأفهمهم أنه ذاهب إلي الشهادة لا إلي الخلافة فتفرق عنه عدد كبير. وفي الطريق بين الحجاز والعراق التحق به الكثيرون من طلاب الجاه والشهرة فلما وجدهم يتكاثرون حوله من غير أن يكونوا من النوعية المطلوبة، استغل وصول خبر مقتل مسلم بن عقيل، وهاني بن عروة إليه في قرية (زبالة) فخطب في الناس، وأعلمهم بالانقلاب في الكوفة وأذن لهم بالانصراف، فتفرقوا عنه يميناً وشمالاً. ثم التحق به- في الطريق إلي كربلاء- خلق كثير من الأعراب وطلاب الدنيا ظانين أنه ذاهب إلي نصر سياسي محتوم، فوصلوا معه إلي كربلاء فجمعهم الحسين للمرة الثالثة مساء يوم التاسع من المحرم، فقال: (إني غداً أقتل وكلكم تقتلون معي ولا يبقي منكم أحد حتي القاسم وعبد الله الرضيع إلا ولدي علياً زين العابدين، لأن الله لم يقطم نسلي منه وهو أبو أئمة ثمانية... وهذا الليل قد غشيكم، فاتخذوه جملاً، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعكم خيراً، وتفرقوا في سوادكم ومدائنكم، فإن القوم إنما يطلبوني، ولو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري). فجعلوا يتفرقون عنه خمسة خمسة وعشرة عشرة حتي لم يبقي معه إلا القليل من أبناء الأخوة الذين رفضوا الحياة بعده وعبر كل منهم بما تسني له عن ضمير حر وإرادة صلبة. وإلي هذا يشير الإمام المهدي بقوله: (وقد أذن له بالانصراف)...

[389] الجملة هنا حالية فالمعني: والحال أني أول من شري نفسه. والأولية كما يمكن أن تكون رتبية كذلك تكون اهتمامية باعتبار المتكلم بأن

يكون الأمر مطروح أول اهتماماته وإن لم يكن أولاً بالنسبة إلي الآخرين كما في قوله تعالي: (قل أن كان الرحمن ولد فأنا أول العابدين) سورة الزخرف آية81.

[390] كلمة (شري) تعني: باع مثل قوله تعالي: (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) سورة يوسف آية20، أي: باعوه بثمن بخس، وكلمة اشتري تعني ابتاع كقوله تعالي: (إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) سورة التوبة آية 111.

[391] أي قول هذا وقضي نحبه. وأي هنا يكون التعبير عنه بضمير الغائب ثم يلتفت إلي الحاضر فيقول له ففزت برب الكعبة- إلي آخر-.

[392] في بعض النسخ مسلم بن عبد الله الضبابي.

[393] خشكارة معربة من الفارسية وأصلها (خوش كار) أي حسن الفعل.

[394] سعيد بن عبد الله الحنفي، كان من وجوه شيعة الكوفة، وقد عرف بالشجاعة وكثرة العبادة. ولما بدأ أهل الكوفة بإرسال الوفود والرسائل إلي الحسين (عليه السلام) لاستقدامه، كان سعيد بن عبد الله وهاني بن هاني السبيعي يشكلان آخر وقد حمل إلي الحسين (عليه السلام) رسالة من أهل الكوفة. وعندما اجتمع عند الحسين ما ملأ خرجين (اثني عشر ألف رسالة أكثرها يحمل تواقيع عديدة) كتب الحسين إليهم كتاباً واحداً، دفعه إلي هاني بن هاني وسعيد بن عبد الله. وفي يوم عاشوراء عندما قام الحسين إلي الصلاة تقدم أمامه زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي يقيانه السهم والسيوف والرماح، فما أتم الحسين صلاته إلا وسقط سعيد علي الأرض، مثخناً بالجراح وهو يقول: اللهم العنهم لعن عاد وثمود، وأبلغ نبيك مني السلام، وأبلغه ما لقيت من آلم الجراح، فإني أردت بذلك ثوابك في نصرة ذرية نبيك صلي الله عليه وآله وسلم. والتفت إلي الحسين قائلاً: أوفيت؟ يا بن رسول

الله؟ قال: نعم أنت أمامي في الجنة. وقضي نحبه. فوجد فيه ثلاثة عشر سهماً، غير الضرب والطعن.

[395] العليون مقابل السفليون، وقبل الإسلام كان يطلق علي الذين ينزلون أعالي البلاد، وكانوا يقولون لأهل الشرف والثروة (أهل عليين) وللمتضعين (سفليون). وفي المصطلح الإسلامي: عليون اسم لأعلي الجنة. وهو جمع علي. والمفهوم- من التعبيرات الإسلامية- أن أفضل درجات الجنة أعاليها، كما أسوأ دركات جهنم أسافلها.

[396] بشر بن عمرو الحضرمي. عده أهل المقاتل في جملة من قتل في الحملة الأولي. السيد ابن طاووس، في اللهوف ص53 في مساء يوم التاسع من المحرم لما أذن الحسين لأصحابه بالانصراف-: وفي هذه الحال قيل لمحمد بن بشير الحضرمي: قد أسر ابنك بثغر الري، فقال: ما أحسب أن يؤسر وأنا أبقي بعده حياً، فقال له الحسين: أنت في حل من بيعتي، فاعمل في فكاك ولدك. قال: لا والله، لا أفعل ذلك، أكلتني السباع حياً إن فارقتك. فالكلام واحد، وقد يكون اختلاف الاسم من اختلاف النسخ.

[397] (المشرقي) بطن من همدان، قالوا: كان رجلاً شريفاً بطلاً من أبطال الكوفة وناسكاً من عبادها، له ذكر في الحروب والمغازي. الكشي في رجاله ص53 طبعة الهند: فيما ورد عن حوار الأصحاب ليلة عاشوراء- أن حبيب بن مظاهر خرج وهو يضحك فقال له يزيد الحصين الهمداني: ما هذه ساعة ضحك! قال حبيب: وأي موضع أحق بالسرور من هذا؟ ما هو إلا أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم فنعانق الحور. قالوا: وكان من خيار الشيعة، وممن بايع مسلماً فلما خذل مسلم بن عقيل خرج من الكوفة فمال إلي الحسين (عليه السلام) وكان معه إلي أن حالوا بين الحسين (عليه السلام) وبين الماء فقال للحسين: ائذن لي يا بن رسول الله في

أن آتي عمر بن سعد مقدم هؤلاء فأكلمه من الماء لعله أن يرتدع، فأذن له، فجاء المشرقي إلي عمر بن سعد وكلمه في الماء فامتنع ولم يجبه إلي ذلك فقال له: هذا ماء الفرات تشرب منه الكلاب والدواب وتمنعه عن ابن بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله) وأهل بيته والعترة الطاهرة يموتون عطاشاً وقد حلت بينهم وبين الماء، وتزعم أنك تعرف الله ورسوله، فأطرق عمر بن سعد ثم قال: يا أخا همدان إني لأعلم ما تقول وأنشأ: دعاني عبيد الله من دون قومه إلي بدعة فيها خرجت لحين فو الله ما أدري وإني لواقف أفكر في أمري علي خطرين أأترك ملك الري والري منيتي أم أرجع مطلوباً بقتل حسين وفي قتله النار التي ليس دونها حجاب وملك الري قرة عيني ثم قال: يا أخا همدان، ما أجد نفسي تجيبني إلي ترك ملك الري لغيري. فرجع يزيد بن حصين الهمداني المشرقي إلي الحسين وأخبره بمقالة ابن سعد، فلما سمع الحسين (عليه السلام) ذلك أمر أصحابه فاحتفروا حفيرة شبيهة بالخندق وجعلوا جبهة واحدة يكون القتال منها. ثم أن عسكر ابن سعد برزوا لمقاتلة الحسين (عليه السلام) وأصحابه، وأحدقوا بهم من كل جانب ووضعوا السيوف في أصحاب الحسين ورموهم بالنبال وهم يقاتلوهم إلي أن قتل من أصحاب الحسين (عليه السلام) نيفاً وخمسين في الحملة الأولي، والهمداني كان يقاتل معهم وقد قتل في هذه الحملة رضوان الله عليه.

[398] لم أعثر علي حياته ولعله من الذين قتلوا في الحملة الأولي (نعم) أورد في الزيارة الرجبية: (السلام علي عمرو بن كعب) وقد اختلفوا في ضبط اسمه (عمر- عمرو- عمران).

[399] نعيم بن عجلان الأنصاري. إن نعيم وأخواه نعمان بن عجلان ونضر

بن عجلان من الشجعان المعروفين ومن الشعراء البارزين وقد حضروا صفين مع الإمام أمير المؤمنين. وكان نعمان بن عجلان والياً من قبل أمير المؤمنين علي البحرين وعمان. وقد برز نعيم في الحملة الأولي وبقي يقاتل حتي استشهد فيها.

[400] زهير بن القين البجلي. خرج زهير بن القين بعدها قتل ابن عمه سلمان بن مضارب البجلي، فوضع يده علي منكب الحسين وقال مستأذناً: أقدم هديت هادياً مهدياً؟ اليوم ألقي جدك النبيا وحسناً والمرتضي علياً وذا الجناحين الفتي الكميا وأسد الله الشهيد الحيا فقال الحسين: وأنا ألقاها علي أثرك. فخرج وهو يرتجز: أنا زهير وأنا ابن القين أذودكم بالسيف عن حسين إن الحسين أحد السبطين أض_ربكم ولا أري من شين فقتل مئة وعشرين رجلاً ثم عطف عليه كثيراً بن عبد الله الشعبي والمهاجر بن آوس التميمي فقتلاه. فوقف عليه الحسين وقال: لا يبعدنك الله يا زهير ولعن قاتليك لعن الذين مسخوا قردة وخنازير. وزهير بن القين شخصية لامعة ذات مواهب متعدد يكفي أن الحسين- لما عبأ جيشه للقتال- جعل زهير بن القين علي الميمنة وحبيب بن مظاهر علي الميسرة. ولما أذن الحسين لأصحابه بالانصراف مساء اليوم التاسع من المحرم قال زهير بن القين: والله وددت أني قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتي أقتل كذا ألف مرة وأن الله عز وجل يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك. وقبل أن يشتبك الجيشان في يوم عاشوراء خرج زهير بن القين- إلي معسكر عمر بن سعد- علي فرس ذنوب وهو شاك في السلاح فخطب قائلاً: يا أهل الكوفة نذار لكم من عذاب الله، إن حقاً علي المسلم، نصيحة أخيه المسلم، ونحن حتي الآن أخوة علي دين

واحد ما لم يقع بيننا وبينكم السيف، وأنتم للنصيحة منا أهل، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة، وكنا أمة وأنتم أمة. إن الله ابتلانا وإياكم بذريته نبيه محمد لينظر ما نحن وأنتم عاملون. إنا ندعوكم إلي نصرهم وخذلان الطاغية يزيد وعبيد الله بن زياد، فإنكم لا تدركون منهما إلا سوء عمر سلطانهما، يسملان أعينكم ويقطعان أيديكم وأرجلكم ويمثلان بكم ويرفعانكم علي جذوع النخل، ويقتلان أماثلكم وقراءكم، أمثال حجر بن عدي وأصحابه، وهاني بن عروة وأشباهه. فسبوه وأثنوا علي عبيد الله بن زياد ودعوا له وقالوا: لا نبرح حتي نقتل صاحبك ومن معه أو نبعث به وبأصحابه إلي عبيد الله بن زياد سلماً. فقال زهير: عباد الله! إن ولد فاطمة أحق بالود والنصر من ابن سمية، فإن لم تنصروهم فأعيذكم بالله أن تقتلوهم، فخلوا بين هذا الرجل وبين يزيد، فلعمري أنه ليرضي من طاعتكم بدون قتل الحسين. فرماه الشمر بسهم، وقال: اسكت أسكت الله نأمتك، أبرمتنا بكثرة كلامك. فقال زهير: يا بن البوال علي عقبيه! ما إياك أخاطب إنما أنت بهيمة والله ما أضنك تحكم من كتاب الله آيتين، فابشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم. فقال الشمر: إن الله قاتلك وصاحبك، عن ساعة. فقال زهير: أفبالموت تخوفني؟ فوا الله للموت معه أحب لي من الخلد معكم. ثم أقبل علي القوم رافعاًً صوته وقال: عباد الله! لا يغرنكم عن دينكم هذا الجلف الجاني وأشباهه، فوا الله لا تنال شفاعة محمد قوماً هرقوا دماء ذريته وأهل بيته، وقتلوا من نصرهم وذب عن حريمهم. فناداه رجل من أصحابه: إن أبا عبد الله يقول لك: أقبل فلعمري لأن كان مؤمن آل فرعون نصح قومه وأبلغ في الدعاء فلقد نصحت هؤلاء وأبلغت

لو نفع النصح والإبلاغ. وعندما خرج الحر بن يزيد الرياحي، خرج معه زهير بن القين يحمي ظهره، فكان إذا شد أحدهم واستلم واستنقذه ففعلا ذلك ساعة ولما أراد الحسين إقامة للصلاة في يوم عاشوراء وقف زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي أمامه يقيانه السهام والسيوف والرماح.

[401] عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري الخزرجي. استأذن الحسين وبرز مرتجزاً: قد علمت كتيبة الأنصار أني سأحمي حوزة الذمار ضرب غلام غير ن_كس شار دون حسين مهجتي وداري فقاتل قتالاً شديداً حتي أثخن بالجراح، فرجع إلي الحسين قائلاً: يا بن رسول الله أوفيت بعهدي فقال الحسين: نعم أنت أمامي في الجنة، فابلغ رسول الله عني السلام وأخبره أني في الأثر. قرظة والد عمرو، من كبار أصحاب أمير المؤمنين، وقد اشترك في سنة 20 ه_ مع أبي موسي في فتح الري، وكان مع أمير المؤمنين في صفين، فجعله الإمام علي الأنصار. وعمرو بن قرظة هو الذي أرسله الحسين في اليوم التاسع من المحرم إلي عمر بن سعد وطلب منه الاجتماع. وعندما اجتمع الحسين بعمر بن سعد طلب منه التخلي عن ابن زياد فاعتذر عمر بن سعد بأنه يخشي من ابن زياد أن يهدم داره بالكوفة. فعرض له عمرو بن قرظة في أرجوزته: (دون حسين مهجتي وداري). وفي يوم عاشوراء كان مرافقاً للحسين لا يفارقه فكلما توجه إلي الحسين سهم أو رمح أسرع عمرو بن قرظة فاتقاه بنفسه فلم يصب الحسين بجراح إلا بعد أن قتل عمرو.

[402] حبيب بن مظاهر الأسدي. لما هم الحسين بالصلاة ظهر يوم عاشوراء التفت إلي أصحابه قائلاً: سلوهم أن يكفوا عنا. فقال الحصين بن تميم: إنها لا تقبل. فقال حبيب بن مظهر: زعمت أنها

لا تقبل من آل رسول الله، وتقبل منك يا حمار؟ فحمل عليه الحصين فضرب حبيب وجه فرسه بالسيف فشبت به ووقع عنه فاستنقذه أصحابه وحملوه، وقاتلهم حبيب قتالاً شديداً، وهو يرتجز: أقسم لو كنا لكم أعداداً أو شطركم ولستم إلا كسادا يا شر قوم حسباً وآدا وبقي يقاتل والقوم بين من يكره قتاله وبين من يشجع عليه وهو يقول: أنا حبي_ب وأبي مظهره فارس هيجاء وحرب تسعر أنتم أعد عدة وأك_ثر ونحن أوفي منكموا وأصبر ونحن أولي حجة وأظهر حقاً وأتقي منكم وأعذر فقتل- علي كبر سنه- اثنين وستين رجلاً، فحمل عليه بديل بن صريم فضربه بسيفه وطعنه آخر من تميم برمحه فسقط إلي الأرض فذهب ليقوم وإذا الحصين يضربه بالسيف علي رأسه فسقط لوجهه ونزل إليه التميمي واحتز رأسه. فهد مقتله الحسين فقال: عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي. واسترجع كثيراً. ولما جيء إليه بجثمان حبيب قال: لله درك يا حبيب فلقد كنت فاضلاً تختم القرآن بليلة. ولقد كان حبيب بن مظاهر من جملة خواص أصحاب أمير المؤمنين وكان من حملة علوم أهل البيت (أي يعرف علوم المنايا والبلايا). الشيخ عباس القمي في منتهي الآمال ج1 ص362: روي أن حبيب بن مظاهر التقي ميثم التمار فقال له: كأني أري شيخاً أصلعاً جسمياً بطيناً يبيع البطيخ عند دار الرزق: (أي محل بيع الخضار) يلقي عليه القبض فيصلب لحبه أهل بيت نبيه يشق بطنه علي المشنقة. وكان يعرض ذلك إلي مصير ميثم التمار. فقال له ميثم: وكأني بشيخ يخرج لنصرة ابن بنت نبيه فيقتل ويعلق قاتله رأسه علي عنق فرسه كلما مشي الفرس ضربه بركبتيه. وكان يعرض بهذا إلي مصير حبيب بن مظاهر. وكان حبيب ومسلم

بن عوسجة وهاني بن عروة وعبد الله بن يقطر وجابر بن عروة الغفاري من جملة صحابة رسول الله الذين قتلوا في كربلاء باستثناء هاني بن عروة الذي قتل في الكوفة مع مسلم بن عقيل. وكان حبيب من أفضل الزهاد والعباد وقد ذكره كميت الأسدي بقوله: سوي عصبة فيهم حبيب معفر قضي نحبه والكاهلي مرحل ومواقفه في الكوفة إلي جانب مسلم بن عقيل وفي كربلاء إلي جانب الحسين معروفة يكفي أن الحسين- لما عبأ جيشه للقتال- جعله علي الميسرة. ولما حمل الشمر علي ميسرة الحسين ثبت له حبيب ومن معه حتي أعادوهم إلي أعقابهم. الشيخ عباس القمي في منتهي الآمال ص361: لما قتل التميمي حبيب بن مظاهر قال الحصين: إني شاركت في قتل حبيب فناولني رأسه حتي أعلقه علي عنق جوادي ليعلم الناس أني شاركت في قتله، فدفع إليه التميمي برأس حبيب فعلقه علي عنق فرسه وجال به بين الصفوف ثم أعاده إلي التميمي فعلقه علي عنق فرسه ودخل به الكوفة إلي دار الأمارة، فرآه قاسم بن حبيب بن مظاهر- وكان غلام مراهقاً- فجعل يمشي خلف التميمي فالتفت إليه التميمي وقال له: ما تريد يا غلام فقال قاسم: هذا رأس أبي ناولني إياه حتي أدفنه. فقال التميمي: أريد الجائزة من الأمير وهو لا يرضي بذلك. فقال قاسم: ولكن الله لا يجزيك إلا شر جزاء. وبقي قاسم يراقب التميمي حتي اقتص منه فقتله في حملة مصعب بن الزبير.

[403] الحر بن يزيد الرياحي وهو بن يزيد بن ناجية بن قعنب بن عتاب الردف بن مي بن رياح يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم. وقيل ل_(عتاب): الردف، لأن الملوك تردفه.. بعدما قتل حبيب بن مظاهر

الأسدي، خرج الحر بن يزيد الرياحي ومعه زهير بن القين يحني ظهره فقاتلا ساعة، وأن فرس الحر لمضروب علي أذنيه وحاجبيه والدماء تسيل منه وهو يتمثل بقول عنترة بن شداد العبسي: ما زلت أرميهم بثغرة نحره ولبانه حتي تسربل بالدم ثم فرق الجيش بينهما، فجعل الحر يقاتل وحده ويرتجز: إني أنا الحر ومأوي الضيف أضرب في أعناقكم بالسيف عن خير من حل بأرض الخيف أضربكم ولا أري م_ن حيف فقال الحصين بن تميم ليزيد بن سفيان: هذا الحر الذي كنت تتمني قتله. قال يزيد: نعم. وخرج إليه يطلب المبارزة، فما أسرع أن قتله الحر، ثم رمي أيوب بن مشرح الخيواني فرس الحر بسهم فعقره وشب به الفرس، فوثب عنه كأنه ليث، وبيده السيف وجعل يقاتل راجلاً حتي قتل نيفاً وأربعين وهو يقول: إن تعقروا بي فأنا ابن الحر أشجع من ذي لبد هزبر فجعل الناس يهزمون من بين يديه وهو يطاردهم ويقول: آليت لا أقتل حتي أقتلا ولن أصاب اليوم إلا مقبلا أضربهم بالسيف ضرباً مقصلا لا ناكلاً منهم ولا معللا ثم شدت عليه الرجالة فصرعته وحملته أصحاب الحسين ووضعوه أمام الفسطاط الذي يقاتلون دونه- وهكذا يؤتي بكل قتيل إلي ذلك الفسطاط والحسين يقول: قتلة مثل قتلة النبيين وآل النبيين. فلما أتي بالحر وكان به رمق التفت إليه الحسين وجعل يمسح الدم عنه ويقول: أنت الحر كما سمتك أمك، وأنت الحر في الدنيا وفي الآخرة. ورثاه رجل من أصحاب الحسين وقيل علي بن الحسين وقيل الحسين نفسه بالبيتين التاليين: لنعم الحر حر بني رياح صبور عند مشتبك الرماح ونعم الحر إذ ف_ادي حسيناً وجاد بنفسه عند الصباح ولقد كان الحر من محتد كريم وكانت له

سوابقه في الكوفة، ولكن لما حدث الانقلاب في الكوفة ولم يجد مهرباً من التعاون مع ابن زياد دون أن يفقد مكانته الاجتماعية كزعيم قومه غره الشيطان فانقاد لابن زياد، فأرسل إليه ابن زياد ليخرج علي رأس ألف فارس لإلقاء القبض علي الحسين وهو في طريقه إلي الكوفة فخرج الحر وهو يعلم أنه خارج عن دينه وإمام زمانه فسمع هاتفاً يسمع صوته ولا يري شخصه: أبشر يا حر بالجنة. فقال الحر في نفسه: ويل للحر يبشر بالجنة وهو يسير إلي الحرب ابن بنت رسول الله. وما عرف الحر أن مصيره سيكون مع الحسين علي ابن زياد. ومن الجانب الآخر كان الحسين يغادر بطن العقبة إلي شراف (شراف اسم رجل استخرج عيناً علي ميلين من واقصة ثم كثرت حولها الآبار ماؤها عذب) وعند السحر أمر الحسين فتيانه أن يسقوا من الماء ويكثروا، وفي نصف النهار سمع رجلاً من أصحابه يكبر فقال الحسين: لم كبرت؟ قال رأيت النخل. فأنكر من معه أن يكون بهذا الموضع نخل وإنما هو أسنة الرماح وآذان الخيل. فقال الحسين: وأنا أراه كذلك. ثم سألهم عن ملجأ يلجئون إليه فقالوا هذا ذو حُسَم (بضم الحاء المهملة وفتح السين، جبل كان النعمان بن المنذر يصطاد به). فطلع عليهم الحر بن يزيد الرياحي مع ألف فارس بعثه ابن زياد ليحبس الحسين عن الرجوع إلي المدينة أينما يجده أو يقدم به إلي الكوفة. فوقف الحر وأصحابه أمام الحسين في حر الظهيرة وهم يتهالكون عطشاً فلما رأي الحسين ما بالقوم من عطش أمر أصحابه أن يسقوهم ويرشفوا الخيل فسقوهم وخيولهم عن آخرهم. ثم أخذوا يملأون القصاع والطساس ويدنوها من الفرس فإذا عب فيها ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً

عزلت وسقي آخر حتي سقوا الخيل كلها. وكان علي بن الطعان المحاربي مع الحر فجاء آخرهم وقد أضر به العطش فقال له الحسين: أنخ الراوية (الراوية في لغة الحجاز هي الجمل، وفي لغة الكوفة هي القربة) فلم يفهم مراده فقال له الحسين: أنخ الجمل. ولما أراد أن يشرب جعل الماء يسيل من السقاء: فقال له الحسين: أخنث السقاء. فلم يدري ما يصنع فقام الحسين وعطف السقاء حتي ارتوي وسقي فرسه. ثم أن الحسين استقبلهم فحمد الله وأثني عليه ثم قال: إن معذرة إلي الله عز وجل وإليكم، وإني لم آتكم حتي أتتني كتبكم، وقدمت بها علي رسلكم: أن أقدم علينا فإنه ليس لنا إمام، ولعل الله يجمعنا بك علي الهدي، فإن كنتم علي ذلك فقد جئتكم، فأعطوني ما اطمئن به من عهودكم ومواثيقكم، وإن كنتم لمقدمي كارهين انصرفت عنكم إلي المكان الذي جئت منه إليكم. فسكتوا جميعاً. وأذن الحجاج بن مسروق الجعفي لصلاة الظهر فقال الحسين للحر: أتصلي بأصحابك؟ قال: لا بل نصلي جميعاً بصلاتك. فصلي بهم الحسين. وبعد أن فرغ من الصلاة أقبل عليهم فحمد الله وأثني عليه، وصلي علي النبي محمد وقال: أيها الناس إنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضي لله، ونحن أهل بيت محمد أولي بولاية هذا الأمر، من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين بالجور والعدوان. وإن أبيتم إلا الكراهية لنا والجهل بحقنا، وكان رأيكم الآن علي غير ما أتتني به كتبكم انصرفت عنكم. فقال الحر: ما أدري ما هذه الكتب التي تذكرها. فأمر الحسين عقبة بن سمعان فأخرج خرجين مملوءين كتباً. قال الحر: إني لست من هؤلاء. وإني أمرت أن لا أفارقك إذ لقيتك حتي أقدمك الكوفة

علي ابن زياد. فقال الحسين: الموت أدني إليك من ذلك. وأمر أصحابه بالركوب. وركبت النساء، فحال الحر بينهم وبين الانصراف إلي المدينة. فقال الحسين للحر: ثكلتك أمك ما تريد منا؟ قال الحر: أما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو علي مثل هذا الحال ما تركت ذكر أمه بالثكل كائناً من كان، والله ما لي إلي ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما نقدر عليه. ولكن خذ طريقاً نصفاً بيننا، لا يدخلك الكوفة، ولا يردك إلي المدينة حتي أكتب إلي ابن زياد، فلعل الله، أن يرزقني العافية، ولا يبتليني بشيء من أمرك. إني أذكرك الله في نفسك، فإني أشهد لأن قاتلت لتقتلن. فقال الحسين: أفبالموت تخوفني؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟ وسأقول ما قال أخو الأوس لابن عمه وهو يريد نصرت رسول الله وآله: سأمضي وما بالموت عار علي الفتي إذا ما ن_وي حقاً وجاهد مسلما وواس الرجال الصالحين بنفسه وفارق مث_بوراً وخال_ف مجرما فإن عشت لم أندم وإن مت لم ألم كفي بك ذلاًّ أن تع_يش وترغما فلما سمع الحر هذا منه تنحي عنه. فكان الحسين يسير بأصحابه في ناحية والحر ومن معه في ناحية حتي بلغ البيضة (وهي أرض واسعة لبني يربوع بن حنظلة ما بين واقصة إلي عذيب الهجانات) فوقف الحسين في أصحاب الحر وقال- بعد الحمد لله والثناء عليه-: أيها الناس إن رسول الله قال. (من رأي سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً عهده، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عبادة الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً علي الله أن يدخله مدخله). ألا وإن هؤلاء قد لزموا الشيطان وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود،

واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله. وأنا أحق ممن غير. وقد أتتني كتبكم، وقدمت علي رسلكم ببيعتكم، أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فإن أتممتم علي بيعتكم تصيبوا رشدكم، فأنا الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله، نفسي مع أنفسكم، وأهلي مع أهليكم، ولكم في أسوة وإن لم تفعلوا، ونقضتم عهدكم، وخلعتم بيعتي من أعناقكم، فلعمري ما هي لكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم، فالمغرور من اغتر بكم، فحظكم أخطأتم، ونصيبكم ضيعتم. ومن نكث فإنما ينكث علي نفسه، وسيغني الله عنكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وفي يوم عاشوراء لما سمع الحر خطب الحسين وأصحابه أقبل علي عمر بن سعد وقال له: أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: إي والله قتالاً أيسره أن تسقط فيه الرؤوس وتطيح فيه الأيدي. قال: ما لكم فيما عرضه عليكم من الخصال؟ فقال: لو كان الأمر إلي لقبلت ولكن أميرك أبي ذلك. فتركه الحر ووقف مع الناس. وكان إلي جنبه قرة بن قيس فقال لقرة: هل سقيت فرسك اليوم؟ قال: لا، قال: فهل تريد أن تسقيه- فظن قرة من ذلك أنه يريد الاعتزال، ويكره أن يشاهده- فتركه قرة فأخذ الحر يدنو من الحسين قليلاً، فقال له مهاجر بن أوس: أتريد أن تحمل؟ فسكت، وأخذته الرعدة، فارتاب مهاجر من هذه الحال، وقال له: لو قيل لي من أشجع أهل الكوفة لما عدوتك فما هذا الذي أراه منك؟ فقال الحر: إني أخيّر نفسي بين الجنة والنار، والله لا أختار علي الجنة شيئاً، ولو أحرقت. ثم ضرب جواده نحو الحسين منكساً رمحه، قالباً ترسه، وقد طأطأ برأسه حياءً من آل الرسول مناجياً ربه: اللهم إليك أنيب فتب علي، فقد أرعبت

قلوب أوليائك وأولاد نبيك. ثم توجه نحو الحسين قائلاً: يا أبا عبد الله إني تائب فهل من توبة؟ فقال الحسين: نعم، يتوب الله عليك. فسرّه قوله. فقال للحسين: لما خرجت من الكوفة نوديت: أبشر يا حر بالجنة. فقلت: ويل للحر يبشر بالجنة وهو يسير إلي حرب ابن بنت رسول الله. فقال له الحسين: لقد أصبت خيراً وأجراً. وكان مع الحر غلام تركي انتقل معه إلي معسكر الحسين. ثم استأذن الحسين في أن يكلم القوم، فأذن له، فنادي بأعلي صوته: يا أهل الكوفة: لأمكم الهبل والعبر، إذ دعمتموه وأخذتكم بكظمه، وأحطتم به من كل جانب، فمنعتموه التوجه إلي بلاد الله العريضة، حتي يأمن وأهل بيته، وأصبح كالأسير في أيديكم، لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، وحلأتموه ونسائه وصبيته وصحبه عن ماء الفرات الجاري، الذي يشربه اليهود والنصاري والمجوس، وتمرغ فيه الخنازير السواد وكلابه: وهاهم قد صرعهم العطش. بئسما خلفتم محمداً في ذريته، لا سقاكم الله يوم الظمأ. فحملت عليه رجاله ترميه بالنبل، فتقهقر حتي وقف أمام الحسين.

[404] عبد الله بن عمير الكلبي. بعد الحملة الأولي كان عبد الله بن عمير أول من بارز واستشهد. فقد برز يسار مولي زياد بن أبيه، وسالم مولي عبيد الله بن زياد، فطلبا البراز، فوثب حبيب وبرير، فلم يأذن لهما الحسين، فقام عبد الله بن عمير واستأذن، فأذن له الحسين وقال: أحسبه للأقران قتالاً. فقالا له: من أنت؟ فانتسب لهما، فقالا: لا نعرفك، ليخرج إلينا زهير أو حبيب أو برير، وكان يسار قريباً منه، فقال له: يا بن الزانية أوَ بك رغبة عن مبارزتي؟ ثم شد عليه بسيفه يضربه، وبينا هو مشتغل به إذ شد عليه سالم، فصاح أصحابه: قد رهقك

العبد. فلم يعبأ به، فضربه سالم بالسيف، فاتقاها عبد الله بيده اليسري فأطار أصابعه، ومال عليه عبد الله فقتله، ثم أقبل الحسين وهو يرتجز: إن تنكروني فأنا ابن كلب حسبي ببيتي في عليم حسبي إني امرؤ ذو مره وع_صب ولست بالخوار عند النكب وأخذت زوجته أم وهب بنت عبد لله من النمر بن قاسط عموداً وأقبلت نحوه تقول له: فداك أبي وأمي قاتل دون الطيبين ذرية محمد صلي الله عليه وآله وسلم، فأراد أن يردها إلي الخيمة، فلم تطاوعه، وأخذت تجاذبه ثوبه وتقول: لن أدعك دون أن أموت معك. فناداها الحسين: جزيتم عن أهل بيت نبيكم خيراً. ارجعي إلي الخيمة، فإنه ليس علي النساء قتال. فرجعت. وعبد لله بن عمير الكلبي من (بني عليم) وكنيته أبو وهب، وكان طويلاً شديد الساعدين، بعيد ما بين المنكبين، شريفاً في قومه، شجاعاً مجرباً.

[405] نافع بن هلال. رمي بنبال مسمومة كتب اسمه عليها، وهو يقول: أرمي بها معلمة أفواقها مسمومة تجري بها أخفافها ليملأن أرضها رشاقها والنفس لا ينفعها إشفاقها فقتل اثني عشر رجلاً سوي من جرح، ولما فنيت سهامه جرد وطلب البراز وهو يقول: أنا ابن هلال الج_ملي أنا علي دي_ن علي فبرز إليه مزاحم بن حريث وقال: أنا علي دين عثمان. فقال نافع: أنت علي دين الشيطان، ثم حمل عليه نافع فقتله. فأرسل عمر بن سعد من يعزم علي الناس: أن لا يبارز أحد. فاقتحم نافع جموعهم وجعل يضرب بسيفه فيهم. فأحاطوا به يرمونه بالحجارة والنصال حتي كسروا عضديه وأخذوه أسيراً، فأمسك به الشمر- ومعه أصحابه- يسوقونه، فقال له ابن سعد: ما حملك علي ما صنعت بنفسك؟ قال: إن ربي يعلم ما أردت. فقال له رجل- وقد

نظر إلي الدماء تسيل علي وجهه ولحيته-: أما تري ما بك؟ فقال: والله لقد قتلت منكم اثني عشر رجلاً سوي ما جرحت، وما ألوم نفسي علي الجهد، ولو بقيت لي عضد لما أسرتموني. وجرد الشمر سيفه، فقال له نافع: والله يا شمر لو كنت من المسلمين لعظم عليك أن تلقي الله بدمائنا، فالحمد لله الذي جعل منايانا علي يدي شرار خلقه. ثم قدمه الشمر وضرب عنقه.

[406] اختلفت النسخ في ألقابه، ففي هذه الزيارة وردت ألقابه: البجلي المرادي. وفي بعض المقاتل الجملي المذحجي.

[407] أنس بن كاهل الأسدي: كان شيخاً كبيراً، فلما أراد البراز شد وسطه بعمامة، ورفع حاجبيه بعصابة، واستأذن الحسين، ولما نظر إليه الحسين بهذه الهيئة بكي، وقال: شكراً لله لك يا شيخ. فبرز وهو يقول وينشد: قد علمت كاهل_ها ودودان والخندقيون وقيس عيلان بأن قومي آفة للأقران لدي الوغي وسادة في الفرسان فقاتل وقتل- علي كبره- ثمانية عشر رجلاً ثم قتل. وأنس بن الحارث صحابي رأي النبي وسمع حديثه، وشهد معه بدراً وحنيناً. وروي: أنه رأي رسول الله- والحسين في حجره- وهو يقول: ألا إن ابني هذا يقتل في أرض من أراضي العراق، فمن أدركه فلينصره. وهو الذي ذكره الكميت في قوله: سوي عصبة فيها حبيب معفر قضي نحبه والكاهلي مرمل .

[408] اختلفت النسخ في ضبط اسمه. ففي هذه الزيارة ورد اسمه: أنس بن كاهل الأسدي. الشيخ عباس القمي في منتهي الآمال ج1 ص362: ضبط اسمه: أنس بن الحرث الأسدي الكاهلي. عبد الرزاق المقرم في مقتل الحسين ص252 ضبط اسمه: أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي. الشيخ السماوي في (أبصار العين) ص69 هكذا ضبط: (أنس بن الحرث بن بند بن كاهل بن عمرو بن

صعب بن خزيمة الأسدي). وكان قد جاء إلي الحسين (عليه السلام) عند نزوله كربلاء والتقي معه ليلاً فيمن أدركته السعادة. وكاهل، ودودان بطنان من بني أسد.

[409].

[410] قال الشيخ محمد السماوي في كتابه (أبصار العيون) ص125: عبد الله بن عروة بن حراق الغفاري وأخوه عبد الرحمن بن عروة بن حراق الغفاري كان عبد الله وعبد الرحمن من أشراف الكوفة، ومن شجعانهم وذوي الموالاة منهم وكان جدهما (حراق) من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وممن حارب معه في حروبه الثلاث. وجاء عبد الله وعبد الرحمن إلي الحسين (عليه السلام) بالطف. وقال أبو مخنف: لما رأي أصحاب الحسين (عليه السلام) أنه قد كثروا وأنهم لا يقدرون علي أن يمنعوا الحسين (عليه السلام) ولا أنفسهم تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه، فجاء عبد الرحمن وعبد الله ابنا عروة الغفارين فقالا: يا أبا عبد الله السلام عليك، حازنا العدو إليك فأحببنا أن نقتل بين يديك نمنعك وندفع عنك. فقال الحسين (عليه السلام): مرحباً بكما ادنوا، فدنوا منه، فجعلا يقاتلان قريباً منه، وأن أحدهما يرتجز ويتم له الآخر فيقولان: قد علمت بنو غفار وخندف بع_د بني نزار لنضربن معشر الفجار بكل غض_ب صارم بتار يا قوم ذودوا عن بني الأط_هار بالمشرف_ي والقنا الخطار فلم يزالا يقاتلان حتي قتلا، وقيل أن عبد الله قتل في الحملة الأولي، وعبد الرحمن قتل مبارزة وقتل من القوم عشرين فارساً.

[411] جون بن حوي بن قتاده بن الأعور بن ساعدة، بن عون بن كعب بن حوي (من أهل النبوة) مولي أبي ذر الغفاري، اشتراه أمير المؤمنين بمائة وخمسين ديناراً، ووهبه لأبي ذر الغفاري ليخدمه، وكان العبد عند أبي ذر إلي أن أمر عثمان بن عفان بنفي أبي

ذر من المدينة المنورة إلي الربذة، ولما خرج أبو ذر من المدينة، خرج العبد معه وكان هناك إلي أن توفي أبو ذر (رضوان الله عليه)- في 32 من الهجرة، ثم رجع العبد إلي المدينة، وانضم إلي بيت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ثم بعده ابنه الحسن ثم بعده إلي الحسين (عليه السلام) وصحبه في سفره من المدينة إلي مكة ثم إلي العراق (كربلاء). فلما نشب القتال وقف أمام الحسين يستأذنه في القتال؟ فقال له الحسين (عليه السلام): يا جون أنت في إذن مني قائماً تبعتنا طلباً للعافية فلا تقتل بطريقتنا، فوقع جون علي قدمي أبي عبد الله (عليه السلام) يقبلهما وهو يقول: يا بن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدة أخذلكم، إن ريحي لنتن وأن حسبي للئيم وأن لوني لأسود فتنفس علي بالجنة ليطيب ريحي، ويشرف حسبي ويبيض لوني، لا والله لا أفارقكم حتي يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم، فأذن له الحسين (عليه السلام) فبرز وهو يرتجز ويقول: كيف تري الفجار ضرب الأسود بالمشرفي القاطع المهند أذب عنهم باللسان واليد أرجو ب_ه الجنة يوم المورد فقاتل حتي قتل من القوم خمسة وعشرين رجلاً. فوقف عليه الحسين (عليه السلام) وقال: اللهم بيض وجهه، وطيب ريحه، واحشره مع الأبرار وعرف بينه وبين محمد وآله (عليهم السلام). وعن الصدوق (قدس سره) في الخصال عن الباقر عن أبيه (عليهما السلام): إن بني أسد الذين حضروا المعركة ليدفنوا القتلي وجدوا جوناً بعد عشرة أيام تفوح منه رائحة المسك.

[412] قال علماء السير: شبيب بن عبد الله النهشلي كان تابعياً من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وحضر معه حروبه الثلاثة، وبعده انضم مع

الحسن بن علي ثم مع الحسين- (عليهم السلام)- وكان من خواص أصحابه فلما خرج الحسين من المدينة إلي مكة خرج معه وكان مصاحباً له إلي أن ورد الحسين (عليه السلام) كربلاء. فلما كان يوم الطف تقدم إلي القتال فقتل في الحملة الأولي مع من قتل قبل الظهر. وفي قول: قيل مبارزة والله أعلم.

[413] حجاج بن زيد بن سعد تميمي بصري حامل كتاب أهل البصرة- ومنهم يزيد بن مسعود النهشلي- إلي الحسين (عليه السلام) في كربلاء. وبقي في كربلاء مع الحسين (عليه السلام)، وكان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) في صفين، وقتل في الحملة الأةلي يوم عاشوراء.

[414] مقسط كانوا من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومن المجاهدين بين يديه في حروبه، صحبوه أولاً، ثم صحبوا الحسن (عليه السلام)، ثم بقوا في الكوفة ولهم ذكر في الحروب ولا سيما صفين. ولما ورد الحسين (عليه السلام) كربلاء خرجوا إليه فجاءوا وقتلوا بين يديه.

[415] كنانة بن عتيق بن معاوية بن الصامت فارس رسول الله (صلي الله عليه وآله). قال علماء السير: كان كنانة بن عتيق بطلاً من أبطال الكوفة، وعابداً من عبادها، وقارئاً من قرائها جاء إلي الحسين (عليه السلام) في الطف، وجاهد بين يديه حتي قتل. واختلفوا في أنه قتل في الحملة الأولي، أو مبارزة.

[416] قال الشيخ السماوي (رحمة الله عليه) في كتابه (أبصار العين) ص(137): ضرغامة بن مالك التغلبي كان- كاسمه- ضرغاماً، وكان من الشيعة ممن بايع مسلماً فلما خذل خرج فيمن خرج مع ابن سعد إلي كربلاء، ومال إلي الحسين (عليه السلام)، فقاتل معه وقتل بين يديه مبارزة بعد صلاة الظهر (رضي الله عنه). وقال أبو مخنف: ثم برز ضرغامة بن مالك وهو يرتجز ويقول:

إليكم من مالك ض_رغام ضرب فتي يحمي عن الكرام يرج_و ثواب الله بالت_مام سبحانه من مالك علام ثم حمل علي القوم فقاتل قتال الرجل الباسل وصبر علي الخطب الهائل حتي قتل ستين فارساً سوي من جرح، ثم قتل رضوان الله عليه.

[417] قال صاحب (أبصار العين) الشيخ السماوي (قدس سره): كان جوين بن مالك التميمي نازلاً من بني تميم. فخرج فيمن خرج إلي حرب الحسين (عليه السلام)، وكان من الشيعة، فلما رأي جوين بن مالك ردت الشروط علي الحسين (عليه السلام) مال معه فيمن مال من عشيرته ورحلوا إلي الحسين (عليه السلام) ليلاً وكان عددهم سبعة. يذكر كل واحد فيهم في محلة.

[418] قال ابن حجر العسقلاني (الشافعي) في الإصابة: هو عمرو بن ضبعة بن قيس بن ثعلبة الضبعي التميمي، له ذكر في المغازي والحروب، وكان فارساً شجاعاً له إدراك. وقال أبو مخنف: حدثني فضيل بن خديج الكندي: أن عمرو بن ضبعة بن قيس كان ممن خرج مع عمر بن سعد إلي حرب الحسين (عليه السلام)، فلما ردوا الشروط علي الحسين مال إليه، ثم دخل في أنصار الحسين (عليه السلام) مع من دخل وقاتل بين يديه حتي قتل في الحملة الأولي مع من قتل (رضوان الله عليه).

[419] فدعا له الحسين (عليه السلام) بخير، ثم ظم رحله إلي رحل الحسين (عليه السلام)، وما زال معه حتي قتل بين يديه (في الطف) مبارزة. وقتل ابناه عبد الله وعبيد الله في الحملة الأولي مع من قتل رضوان الله عليهم. وسيأتي ذكر هؤلاء كلهم تباعاً.

[420] عن ابن شهر آشوب في المناقب والعلامة المجلسي في البحار والشيخ السماوي في أبصار العين أنهم قالوا: (ومن المقتولين في الحملة الأولي يوم الطف عبد الله

وعبيد الله ابنا يزيد بن ثبيط القيسي البصري). وقد ذكر بعض تاريخهما عند ذكر أبيهما.

[421] كان عامر بن مسلم العبدي من الأشراف في البصرة، فخرج إلي الحسين (عليه السلام) وهو في مكة، فالتحق معه، وظل معه حتي قتل في الحملة الأولي يوم عاشوراء (رضوان الله عليه) وقد ذكر بعض تاريخه في ترجمة يزيد بن ثبيط.

[422] ذكر المؤرخون: أن قعنباً كان رجلاً بصرياً من الشيعة الذين بالبصرة، ولما جاء الحجاج بن بدر التميمي العدوي بكتاب مسعود بن عمرو النهشلي إلي الحسين (عليه السلام)، جاء معه قعنب إلي الحسين وانضم إليه وبقي عنده إلي يوم الطف، فلما شب القتال تقدم بين يدي الحسين (عليه السلام) وجاهد حتي قتل في الحملة الأولي مع من قتل رضوان الله عليه وعليهم. وقال بعضهم قتل مبارزة.

[423] كان من الثقات التابعين، ومن شيعة البصرة، خرج هو مع مولاه وجمع آخر إلي الحسين (عليه السلام)، والتحقوا به في مكة المكرمة، وبقوا معه حتي استشهدوا يوم عاشوراء بأرض الطف في الحملة الأولي.

[424] سيف بن مالك العبدي البصري، وكان من شيعة البصرة، وخرج فيمن خرج مع يزيد بن ثبيط العبدي، والتحقوا بالحسين (عليه السلام) في مكة وما زالوا معه حتي قتلوا في يوم عاشوراء، فقيل أن سيف هذا قتل مبارزة بعد الظهر، وقيل أنه قتل في الحملة الأولي.

[425] لم أجد ذكره سوي أنه حضر كربلاء وقتل يوم عاشوراء مع الحسين (عليه السلام) في الحملة الأولي.

[426] ذكر المؤرخون: أن يزيد بن مغفل كان من الشجعان وكان من الشعراء. وله إدراك مع النبي (صلي الله عليه وآله) وشهد حرب القادسية هو مع أخيه زهير بن مغفل. وكان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وحارب معه في صفين.

ثم بعثه علي (عليه السلام) إلي حرب الخريت بن راشد الناجي من بني ناجية بأرض الأهواز، وكان يزيد الجعفي هذا علي ميمنة العسكر. والتحق بالحسين (عليه السلام) في مكة، وما زال معه حتي عاشوراء. فلما التحم القتال استأذن يزيد بن مغفل الحسين (عليه السلام) في البراز، فأذن له، فتقدم أمام القوم وهو يرتجز ويقول: أنا يزيد وأنا ابن مع_فل وفي يمي_ني نصل سيف مصقل أعلو به الهامات وسط القسطل عن الحسين الماجد المفضل فقاتل قتال الأبطال، وقتل من القوم نيفاً وعشرين رجلاً ثم قتل رضوان الله عليه.

[427] كان الحجاج بن مسروق مؤذن الحسين (عليه السلام) في أوقات الصلوات. وكان من شيعة الكوفة، صحب أمير المؤمنين (عليه السلام). ولما خرج الحسين (عليه السلام) إلي مكة، خرج إليه من الكوفة لملاقاته، فصحبه وكان مؤذناً له ولما وقع القتال يوم عاشوراء بأرض الطف، استأذن الحجاج بن مسروق الحسين (عليه السلام) في البراز فأذن له فجعل يرتجز ويقول: أقدم حسي_ناً هادياً مهدياً اليوم ألقي جدك النبيا ثم أباك ذا الندي عليا ذاك الذي نعرفه وصيا والحسن الخير الرضي وليا وأسد الله الشهيد الحيا وذا الجناحين الفتي الكميا فاطمة والطاهر الزكيا ومن مضي من قبله تقيا فالله قد ص_يرني وليا في حبك_م أقاتل الدعيا وأشهدن الشهيد الحيا لتبشروا يا عترة النبيا بجنة شرابها مريا والحوض حوض المرتضي عليا فناداه الحسين (عليه السلام): نعم وأنا ألقاهما علي أثرك. فجعل يقاتل حتي قتل من القوم ثمانية عشر رجلاً، وفي رواية أخري خمسة وعشرين رجلاً، سوي من جرح، ثم قتل رضوان الله عليه.

[428] كان مسعود وابنه عبد الرحمن من الشيعة المعروفين، ولمسعود ذكر في المغازي والحروب، وكانا شجاعين مشهورين. ولما خرج عمر بن

سعد إلي حرب الحسين (عليه السلام)، خرجا معه من الكوفة إلي كربلاء، حتي إذا وجدا فرصة جاءا إلي الحسين والتحقا به يوم السابع من محرم، وبقيا معه حتي يوم عاشوراء. فلما قامت الحرب قتلا مع من قتل في الحملة الأولي (رضوان الله عليهما).

[429] كان مجمع هذا تابعياً له ذكر في صفين، وكان أبوه عبد الله من أصحاب رسول الله (صلي الله عليه وآله) التحق مع جماعة من أهل الكوفة بالحسين (عليه السلام) وهو في طريقه إلي كربلاء عند (عذيب الهجانات) وكان هناك قد التقي بالحسين (عليه السلام) الحر بن يزيد الرياحي وأصحابه، فمانعه الحر عن الالتحاق بالحسين، لكنه وصل إلي الحسين وأدخله الحسين وأدخل أصحابه كلهم في رحاله. قالوا: برز أول القتال من يوم عاشوراء هو وعمرو بن خالد وجابر بن الحرث السلماني وسعد مولي عمرو فلما وغلوا عطف عليهم أهل الكوفة، وفصلوهم عن أصحاب الحسين، وحالوا بينهم وبين مخيم الحسين (عليه السلام)، فلما نظر الحسين إلي ذلك ندب إليهم أخاه العباس (عليه السلام)، فحمل العباس علي القوم وحده، يضرب فيهم بسيفه حتي كشفهم فاستنقذهم فجاءوا، ثم شد عليهم الأعداء، فشدوا علي الأعداء، واقتتلوا حتي قتلوا رضوان الله عليهم. وترحم عليهم الحسين صلوات الله عليه.

[430] لم أجد له ذكراً إلا أنه قتل مع الحسين بن علي (عليهما السلام) في كربلاء، يوم عاشوراء فيمن قتل معه من أصحابه وأنصاره وأهل بيته رضوان الله عليه وعليهم أجمعين.

[431] لم يذكر في كتب الرجال والتراجم- كما قيل- لكن يظهر من هذه الفقرة من هذه الزيارة أنه قتل مع الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء (رضوان الله عليه).

[432] وضبطه بعضهم: جندب بن حجير، هو من أهل الكوفة، وقيل كان له صحبة

لرسول الله (صلي الله عليه وآله) كان من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وحضر معه صفين، وكان أمير علي كندة والأزد. التحق بالحسين (عليه السلام) في الحاجز من بطن رمة قبل أن يلتقي به الحر بن يزيد الرياحي، فالتزمه إلي كربلاء حيث قتل يوم عاشوراء بين يدي الحسين (عليه السلام).

[433] هو من أهل الكوفة، من بني أسد، التحقق في جمع من أهل الكوفة بالحسين (عليه السلام) فلما بلغهم أنه في الطريق إلي كربلاء، فسلموا عليه فقال لهم الحسين (عليه السلام): أما والله إني لأرجو أن يكون خيراً ما أراد الله بنا وقتلنا أم ظفرنا (قالوا) ولما رآهم الحر بن يزيد الرياحي أقبل إليهم وقال للحسين: إن هؤلاء النفر من أهل الكوفة ليسوا ممن أقبل معك، وأنا حابسهم أو رادهم، فقال الحسين (عليه السلام) للحر: لأمنعنهم مما أمنع منه نفسي إنما هؤلاء أنصاري وأعواني، وقد كنت أعطيتني أن لا تتعرض لي بشيء حتي يأتيك كتاب من عبيد الله بن يزيد. فقال (عليه السلام): هم أصحابي وهم بمنزلة من جاء معي فإن تممت علي ما كان بيني وبينك وإلا ناجزتك فكف عنهم الحر. والتزم الحسين (عليه السلام)- قيل هو وابنه معه أيضاً- حتي ورد الحسين (عليه السلام) كربلاء كان يوم عاشوراء، فلما شب القتال تقدم عمرو بن خالد واستأذن في القتال فأذن له، فبرز إليهم وهو يقول ويرتجز: إليك يا نفس إلي الرحمن فابشري بال_روح والريحان اليوم تجزين علي الإحسان قد كان منك غابر الزمان ما خط في اللوح لدي الأديان لا تحزني فك_ل حي فان والصبر أحظي ل_ك بالإيمان فقاتل حتي قتل رضوان الله عليه.

[434] وضبط أيضاً (سعد بن عبد الله) قالوا: كان سعد شريفاً، فاضلاً،

فلما سمع بمجيء الحسين (عليه السلام) وأراد مولاه الالتحاق بالحسين صحب مولاه، وكان من الحاجز في بطن الرمة، ملازماً للحسين (عليه السلام) حتي قتل بين يديه يوم عاشوراء.

[435] وكنيته أبو الشعثاء، وكان رجلاً شريفاً شجاعاً ضرغاماً، خرج من الكوفة إلي الحسين (عليه السلام)، فصادفه في الطريق قبل أن يصل الحر بن يزيد الرياحي إليه، فلازمه حتي أتي كربلاء. وكان أبو الشعثاء عند الحسين إذا جاء رسول عبيد الله بن زياد إلي الحر يأمره بأن يجعجع بالحسين وأصحابه، فنظر أبو الشعثاء إلي رسول ابن زياد فعزله فقال: أمالك بن نسم العبدي؟ قال نعم- وكان أحد كندة- فقال له أبو الشعثاء: ثكلتك أمك ماذا جئت فيه؟ فقال ما لك: ما جئت فيه إطاعة إمامي ووفيت بيعتي، فقال له أبو الشعثاء: عصيت ربك، وأطعت إمامك من هلاك نفسك، كسبت العار والنار قال الله عز وجل: (وجعلناهم أئمةً يدعون إلي النار ويوم القيامة لا ينصرون) القصص آية41 فهو إمامك. قال الشيخ الصدوق قدس سره: فلما كان اليوم العاشر. قاتل شجعان أهل الكوفة، وكان رامياً، فرمي مائة سهم لم يسقط منها سوي خمسة أسهم، وكان الحسين (عليه السلام) يدعو له قيقول: اللهم سدد رميته واجعل ثوابه الجنة. ثم قال للحسين: أوفيت يا بن رسول الله؟ قال (عليه السلام): نعم أنت أمامي في الجنة. فحمل القوم عليه من كل جانب وقتلوه رضوان الله عليه.

[436] قالوا: كان بطلاً مجرباً شجاعاً مشهوداً محباً لأهل البيت (عليهم السلام) معروفاً، وكان قد أخذ مع مولاه عمرو بن الحمق الخزاعي إلي معاوية في الشام، لكنه أفلت في الطريق في الموصل- بأمر مولاه- وكان يعيش متوارياً حتي هلك معاوية ولحق بالحسين (عليه السلام) في مكة ولازمه حتي

كربلاء، وقاتل يوم عاشوراء، وقتل في الحملة الأولي. وضبطه أيضاً (زاهد) وكان من أصحاب رسول الله (صلّي الله عليه وآله) الذين بايعوه تحت الشجر، وشهد الحديبية وخيبر، وروي عن النبي (صلّي الله عليه وآله).

[437] كان جبلة من أصحاب علي (عليه السلام) وشهد معه صفين، وكان شجاعاً من شجعان الكوفة قام مع مسلم بن عقيل أولاً، فلما خذل وقتل مسلم فر واختفي عند قومه، فلما جاء الحسين إلي كربلاء جاء إليه أيام المهادنة ولما نشب القتال يوم الطف تقدم جبلة بين يدي الحسين (عليه السلام) فقاتل مبارزاً حتي قتل، وقيل قتل في الحملة الأولي.

[438] قال أهل السير: كان سالم فارساً شجاعاً خرج مع مسلم بن عقيل أولاً، ولما تخاذل الناس عن مسلم قبض عليه كثير بن شهاب التميمي مع جماعة من الشيعة فأراد تسليمه إلي عبيد الله بن زياد مع أصحابه الذين كانوا معه فأفلت واختفي عند قومه فلما سمع نزول الحسين بن علي إلي كربلاء خرج إليه أيام المهادنة، فانضم إلي أصحابه الذين كانوا مع الحسين من الكلبيين ثم لم يزال مع الحسين (عليه السلام) حتي قاتل فقتل رضوان الله عليه.

[439] كان من أهل الكوفة، قالوا: وأدرك صحبة النبي (صلّي الله عليه وآله) وشهد فتح مصر أيضاً، وكانت رجله قد أصيبت يوم الجمل وجرح ساقه فيه. فجاء إلي الحسين (عليه السلام) فوافاه في كربلاء، وبقي معه حتي يوم عاشوراء حيث قاتل القوم مقاتلة وقتل رضوان الله عليه.

[440] كان زهير بن سليم بن عمر الأزدي من أهل الكوفة، والتحق بالحسين (عليه السلام) في الليلة العاشرة من محرم عندما رأي عزم بن سعد علي قتال الحسين (عليه السلام)، فانضم إلي أصحابه الأزديين الذين كانوا مع الحسين (عليه

السلام).

[441] قالوا: كان القاسم بطلاً شجاعاً وفارساً معروفاً من شيعة الكوفة، خرج مع عمر بن سعد إلي كربلاء ومال إلي الحسين (عليه السلام) أيام المهادنة، وكان معه حتي التحم القتال يوم عاشوراء، فقاتل بين يدي الحسين (عليه السلام)، حتي قتل في الحملة مع من قتل من أصحاب الحسين رضوان الله عليه وعليهم أجمعين.

[442] قالوا: الحضرمي الأصل الكوفي المسكن، كان من زعماء الشيعة، وحضر مع علي بن أبي طالب الجمل وصفين، وكان من أعوان حجر بن عدي، فلما قبض زياد بن أبيه علي حجر وأصحابه وأرسلهم إلي الشام هرب عمرو بن جندب وكان متوارياً حتي هلك زياد فرجع إلي الكوفة وكان بها إلي أن هلك معاوية، وكان عمرو بن جندب ممن بايعوا مسلم بن عقيل، فلما قبض علي مسلم ولحق بالحسين (عليه السلام) في طريقه إلي كربلاء وكان معه حتي يوم عاشوراء إذ قاتل بين يدي الحسين (عليه السلام) وقتل في الحملة الأولي.

[443] وضبطه بعضهم (الصيداوي) وهو بطن من همدان. قالوا: كان تابعياً وكان من فرسان العرب ووجوه الشيعة، ومن أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد شهد معه مشاهدة كلها. وكان ممن اجتمع في دار سليمان بن صرد الخزاعي- بعد هلاك معاوية- وكتب إلي الحسين (عليه السلام) يستقدمه من مكة إلي الكوفة. ولما قتل مسلم بن عقيل، طلبه ابن زياد فاختفي أبو تمامة، والتحق بالحسين (عليه السلام) في طريق كربلاء. وعن حميد بن مسلم: أن أباه تمامة الصائدي لما رأي الشمس يوم عاشوراء زالت وأن الحرب قائمة علي ساق فلم يزل يقتل من أصحاب الحسين الواحد والاثنان فيتبين ذلك منهم لقلتهم ويقتل من أصحاب عمر بن سعد العشرة فلا يتبين فيهم ذلك لكثرتهم فقال أبو تمامة

للحسين (عليه السلام): يا أبا عبد الله نفسي لنفسك الفداء أري هؤلاء قد اقتربوا منك ولا والله حتي أقتل دونك إن شاء الله وأجد أن ألقي الله ربي وقد صليت هذه الصلوات التي قد دنا وقتها، فرفع الحسين (عليه السلام) رأسه إلي السماء ثم قال (عليه السلام): ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين، نعم هذه أول وقتها، ثم قال (عليه السلام): سلوهم أن يكفوا عنا الحرب حتي نصلي، فقال الحصين بن نمير: إنها لا تقبل منكم، فرد عليه حبيب بن مظاهر.. (ثم) أن أبا تمامة الصائدي قال للحسين (عليه السلام) وقد صلي الحسين (عليه السلام) صلاة الخوف لأن القوم كانوا مهاجمين عليهم: يا أبا عبد الله إني قد هممت أن ألحق بأصحابي وكرهت أن أتخلف وأراك وحيداً من أهلك قتيلاً، فقال الحسين (عليه السلام): تقدم فأنا لا حق بك عن ساعة، فتقدم وقاتل حتي أثخن بالجراحات ثم قتل رضوان الله عليه.

[444] وهو من همدان، وضبطه بعضهم (الشبامي) وشبام اسم جبل سكنه حنظلة بن أسعد. قالوا: كان من وجوه الشيعة ذا لسان وفصاحة، وكان قارئاً، وكان شجاعاً التحق بالحسين (عليه السلام) في كربلاء، وكان رسول الحسين (عليه السلام) إلي عمر بن سعد أيام المهادنة. وبقي يوم عاشوراء حتي قتل معظم أصحاب الحسين (عليه السلام)، ولم يبقي معه بضعة نفر، فجاء أمام الحسين يقيه السيوف والرماح بوجهه ونحره، واستأذن الحسين (عليه السلام) في البراز، وجعل يعظ أهل الكوفة فقال له الحسين (عليه السلام): (يا بن سعد رحمك الله إنهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق ونهضوا إليك ولأصحابك، فكيف بهم الآن قد قتلوا إخوانك الصالحين). قال: صدقت يا بن رسول الله

أفلا نروح إلي ربنا ونلحق بإخواننا الصالحين (فقال) له الحسين (عليه السلام): اذهب إلي ما هو خير لك من الدنيا وما فيها إلي ملك لا يبلي. فسلم علي الحسين سلام الوداع، وتقدم إلي القوم مصلتاً سيفه يضرب فيهم قدماً حتي احتوشوه وقتلوه في حومة الحرب رضوان الله عليه.

[445] كان أبوه عبد الله من أصحاب الرسول (صلّي الله عليه وآله) وكان عبد الرحمن تابعياً وجيهاً شجاعاً مقداماً. قال علماء السير: لم بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية وخرج الحسين (عليه السلام) إلي مكة اجتمع جماعة من الشيعة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي، واتفقوا علي أن يكتبوا إلي الحسين (عليه السلام) يسألونه القدوم عليهم ليسلموا الأمر إليه ويطردوا النعمان بن بشير عامل يزيد بن معاوية، فكتبوا إلي الحسين وسرحوا الكتاب إليه إلي مكة مع قيس بن مسهر الصيداوي، وعبد الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرجي- هذا- وعمارة بن عبيد السلولي، فحملوا معهم نحواً من ثلاثة وخمسين صحيفة من الرجل، والاثنين، وأربعة، يدعون فيها كل صحيفة من جماعة، وكان قاصد الثاني عبد الرحمن الأرجي... فدخل مكة هو وأصحابه الذين كانوا معه الأثني عشر ليلة خلت من شهر رمضان وتلاقت الرسل ثمة: ثم أرسل الحسين (عليه السلام) مسلم بن عقيل إلي الكوفة ومعه جماعة، ومنهم عبد الرحمن بن الكدن الأرجي، فوافوا الكوفة، فلما قتل مسلم بن عقيل رجع عبد الرحمن إلي الحسين (عليه السلام) نحو مكة والتحق به في الطريق وكان معه حتي يوم عاشوراء، فلما رأي الحال استأذن في البراز- بعد صلوة الظهر- فأذن له الحسين (عليه السلام) فتقدم أمامه يضرب فيهم بسيفه وأخذ يرتجز ويقول: صبراً علي الأسياف والأسنة صبراً عليها لدخول الجنة وحور عين ناعمات

هنه يا نفس لل_راحة فاجهدنه وفي طلاب الخير فارغبنضه ولم يزل يقاتل حتي قتل من القوم جماعة، ثم قتل رضوان الله عليه.

[446] وبعضهم ضبطه هكذا: عمارة بن أبي سلامة بن عبد الله الدالاني الهمداني. وقالوا: وبنو دالان بطن من همدان. وقالوا: كان صحابياً له إدراك، وكان مع أمير المؤمنين (عليه السلام) شهد مشاهده كلها. وفي كامل ابن الأثير: أنه من خواص أمير المؤمنين ومن المجاهدين بين يديه في حروبه الثلاث. التحق بالحسين (عليه السلام)، وقاتل دونه يوم عاشوراء حتي قتل في الحملة الأولي.

[447] وقال بعضهم: الشاكري الهمداني الكوفي، وبنو شاكر بطن من همدان، وهم معروفون بولائهم لأمير المؤمنين (عليه السلام). قالوا: كان عابس من رجال الشيعة رئيساً شجاعاً عابداً ناسكاً مجتهداً خطيباً. فلما قدم مسلم بن عقيل إلي الكوفة خطب أمامه عند جمع غفير من الناس، وأظهر تفانيه فيهم. ولما ورد الحسين (عليه السلام) كربلاء التحق به. ولما كان يوم عاشوراء وقف أمام الحسين قائلاً: السلام عليك يا أبا عبد الله، أما والله ما أمسي علي وجه الأرض قريب أو بعيد أعز علي ولا أحب إلي منك... واستأذن الحسين وبرز وقتل من القوم مقتلة عظيمة، فتعطفوا عليه من كل جانب فقتلوه واحتزوا رأسه، وتناوشه الرجال كل منهم يقول أنا قتلته، فقال عمر بن سعد: لا تختصموا هذا لم يقتله إنسان واحد كلكم قتلتموه ففرق بينهم بهذا القول.

[448] شوزب بن عبد الله الهمداني الشاكري الكوفي، كان صحابياً أدرك النبي (صلّي الله عليه وآله) واشترك مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في حروبه الثلاث، وكان عابداً، شجاعاً، من وجوه الشيعة بالكوفة، وحافظاً للحديث، وأخذ أهل الكوفة العلم والحديث عنه. قال أبو مخنف: صحب شوزب عابساً مولاه من الكوفة

إلي مكة حاملاً معه كتاب مسلم بن عقيل إلي الحسين (عليه السلام) بعد بيعة الناس لمسلم وبقي مع عابس يصحب الحسين (عليه السلام) من مكة إلي كربلاء. ونفي العلامة المامقاني (قدس سره) في رجاله أن يكون شوزب هذا مولي عابس، وقال: أن مقامه أجل من عابس من حيث العلم والتقوي. ولما التحم القتال حارب شوزب أولاً، ثم دعاه عابس فاستخبره عما في نفسه فأجاب بقوله نعم، فعاد إلي القتال، وقاتل قتال الأبطال حتي قتل من القوم جماعة كثيرة ثم قتل رضوان الله عليه.

[449] وذكر ضبطه بعضهم هكذا: شبيب بن عبد الله مولي الحرث بن سريع الكوفي وقال بعضهم هو سيف بن الحارث بن سريع الذي ستأتي ترجمته. قال أهل السير: كان صحابياً أدرك النبي (صلّي الله عليه وآله) وسمع حديثه، وشهد مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) مشاهد كلها، وكان من الكوفيين. كان بطلاً شجاعاً، والتحق بالحسين (عليه السلام) مع سيف بن الحارث ومالك بن عبد الله بن سريع. وقتل في الحملة الأولي التي قتل فيها العشرات من أصحاب الحسين (عليه السلام) قبل الظهر من يوم عاشوراء، رضوان الله عليه وعليهم أجمعين.

[450] هكذا ضبطه الاسترابادي في رجاله: مالك بن عبد الله بن سريع الهمداني الجابري. قال الشيخ محمد السماوي: بنو جابر بطن من همدان، كان سيف ومالك الجابريان ابني عم، وأخوين لأم جاءا إلي الحسين (عليه السلام)- في كربلاء أيام المهادنه- ودخلا في عسكر الحسين ومعهما شبيب مولاهما، فانضموا جميعاً إلي الحسين (عليه السلام). (وعن ابن تمام أنه لما رأيا الحسين (عليه السلام) في عاشوراء بتلك الحالة جاءا إليه وهما يبكيان، فقال لهما الحسين (عليه السلام): أي ابني أخي ما يبكيكما (فوالله إني لأرجو

أن تكون بعد ساعة قريري العين؟) فقالا: جعلنا الله فداك يا بن رسول الله ما علي أنفسنا نبكي ولكن نبكي عليك. نراك قد أحاط بك القوم كالحلقة ولا نقدر أن نمنعك بأكثر من أنفسنا، فقال الحسين (عليه السلام): جزاكم الله يا ابني أخي بوجدكما ومواساتكما إياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين، فاستقدما أمام الحسين وهما يتسابقان إلي القوم ويلتفتان إلي الحسين (عليه السلام) ويقولان: السلام عليك يا أبا عبد الله السلام عليك يا بن رسول الله (ويقول) الحسين: وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته، ثم جعلا يقاتلان جميعاً وأن أحدهما ليحمي ظهر صاحبه لأنه القريب من المخيم وهما يسمعان العويل والبكاء من النساء والأطفال فقاتلا حتي قتلا في مكان واحد رضوان الله عليهما.

[451] نقل العلامة الزنجاني في (وسيلة الدارين) أنه قد أتي الحسين (عليه السلام) من الكوفة أيام المهادنة وبقي معه وقاتل دونه حتي صرع وأخذ إلي ابن سعد أسيراً، وأراد ابن سعد قتله فتشفع له بنو عمومته حتي تركه وبقي مريضاً مات علي أثره بعد ستة أشهر.

[452] بنو جندع بطن من همدان، وكان عمرو هذا ممن أتي للحسين (عليه السلام) والتحق في كربلاء أيام المهادنة- بين ورود الحسين إلي كربلاء وبين سد المشرعة عليه- وكان ممن بقي مع الحسين (عليه السلام) بعدما قتل أصحابه وأنصاره، فلما أحاط القوم بالمخيم تقدم إلي القتال وقاتل حتي وقع إلي صريعاً مرتثاً بالجراحات، (المرتث) هو الذي حمل من المعركة رتيثاً أي مجروحاً به رمق- قد وقعت ضربة علي رأسه بلغت- فاحتمله قومه وبنو عمومته، وبقي عند قومه مريضاً من تلك الضربة طريح الفراش سنة كاملة حتي توفي علي رأس السنة رضوان الله عليه.

[453] هذه الجملة وردة في نسخة من كتاب

الاحتجاج التي نقل الشيخ عباس القمي منها هذا الحديث، ولا توجد في هذه النسخة الموجودة لدينا.

[454] إن توقيفية الأدعية والزيارات كتوقيفية الأوراد والأذكار، من المسلمات الأولية لدي أهلها، تماماً كتوقيفية النصوص السماوية وأسماء الله سبحانه وتعالي مع فارق الاختلاف في الدرجات وفي الأحكام الشرعية من الوجوب والتحريم وغيرها. وإذا حاولنا بيان السبب لا بد من تمهيد مقدمة، وهي: أن (علم الجفر) من أهم العلوم، وقد تخصص به علماء فطاحل وألفوا فيه مئات الكتب، وتوصلوا عن طريقه إلي معارف جمة. وهذا العلم يستند إلي أن كل حرف من الحروف عنصر كوني عامل، فالحروف قوي فاعلة كالعناصر الستة والتسعين، التي هي المواد الأساسية لجميع الماديات، وكما أن العناصر الستة والتسعين تتفاعل فيما بينها، وتحدث- من تركيب كل مجموعة منها- وحدة مادية لها خواصها وآثارها وتفاعلاتها الثانوية مع بقية الوحدات المادية كحبة قمح، أو إنسان، أو لؤلؤة، أو بقرة، أو نجمة. كذلك الحروف تتفاعل فيما بينها، وتحدث- من تركيب كل مجموعة منها- وحدة حرفية اسمها (كلمة) وكل كلمة لها خواصها وآثارها وتفاعلاتها الثانوية مع بقية الكلمات. وهكذا الأرقام، فكل رقم عنصر كوني عامل، والأرقام قوي فاعلة، وهي تتفاعل فيما بينها، وتحدث- من تركيب كل مجموعة منها- وحدة رقمية لها خواصها وآثارها وتفاعلاتها الثانوية. وهذا الذبذبات الصوتية، فكل ذبذبة عنصر كوني عامل، والذبذبات قوي فاعلة، وهي تتفاعل فيما بينها، وتحدث- من تركيب كل مجموعة منها- وحدة ذبذبية لها خواصها وآثارها وتفاعلاتها الثانوية. فإذا تركبت الكلمات مع الأرقام، أو تركبت مع الذبذبات، أو تركبت الأرقام مع الذبذبات، تحدث تفاعلات ثالثية. وإذا تركبت الكلمات مع الأرقام مع الذبذبات، تحدث تفاعلات رابعية. وهكذا كلما تعددت نوعية العناصر المركبة كانت تفاعلاتها أكثر تعقيداً.

مثلاً: لو كتبت جملة معينة مرة واحدة كان لها أثر معين، هو أثر تلك الأحرف، وإذا كتبت برقم معين يتفاعل معها كان لها أثر آخر، هو أثر تلك الأحرف مضافاً إلي تفاعلها مع ذلك الرقم. وإذا قرأت تلك الجملة بذلك الرقم، كان لها أثر ثالث، هو أثر تلك الأحرف، مضافاً إلي تفاعلها مع ذلك الرقم، مضافاً إلي تفاعل المجموع مع تلك الذبذبات الصوتية، فإذا أضيف إلي هذه الأنواع الثلاثة عنصر من العناصر نوع رابع من العناصر كعنصر الزمان أو اشتركت معها العناصر الروحية مثلاً بواسطة النية التي هي مساهمة روحية، أدي إلي تفاعل أكثر تعقيداً وفعالية. وهذه الأنواع كلها من (عالم الأمر) كالروح والعقل والجاذبية وسائر الطاقات وتسمي ب_(الماورائيات) وقد أشار القرآن إلي هذا العالم في العديد من آياته: (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون). سورة يس، آية82. (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا) سورة الشوري، آية52. وهذا العالم متداخل ومتفاعل مع عالم المادة الذي يسمي ب_(عالم الخلق) قد أشار القرآن إلي هذا العالم في آيات عديدة: (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور) سورة الأنعام، آية 1. وأشار إلي عالم الأمر وعالم الخلق معاً: (ألا له الخلق والأمر وتبارك الله رب العالمين) سورة الأعراف، آية54. والذين يجهلون عالم الأمر ونظامه يتعاملون مع موجوداته من موقع الجهل فقد يرشدهم العقل الباطن إلي التعامل الصحيح فيسلمون، وربما يسيئون التعامل معها فيصابون روحياً. كما أن الإنسان البدائي الذي يجهل عالم الخلق ونظامه يتعامل مع موجوداته من موقع الجهل، فقد ترشده غرائزه إلي التعامل الصحيح معها، فيسلم، وربما يسيء التعامل معها فيصاب جسدياً. وكما أن الذي يجهل نظام عالم الخلق عليه أن

لا يتعامل مع موجوداته إلا من خلال إرشاد الخبراء به، كالطبيب أو المهندس، كذلك الذي يجهل نظام عالم الأمر عليه أن لا يتعامل مع موجوداته إلا من خلال إرشاد الخبراء به وهم الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام). وقد كان الإمام المهدي (عليه السلام) واضحاً جداً عندما قال: (لا لأمره تعقلون، ولا من أوليائه تقبلون) أي لستم خبراء بنظام عالم الأمر، ولا تلتزمون بإرشاد الخبراء به، فترتجلون كلمات للتعامل مع الماورائيات دون أن تعرفوا أنها تنفع أو تضر. ومن هنا اشتهرت التوقيفية في التعامل مع الماورائيات.

[455] سورة الصافات: آية 130 لكن الآية بكسر الهمزة علي القراءة المشهورة.

[456] قد يستغرب البعض من كلمة (بقية الله) من جهة أن الله سبحانه لا أجزاء له، حتي يكون آخر جزء منه يدعي (بقية)، ولكن الذي يظهر أن المعني غير ذلك، بل المعني بقية من الله- علي سبيل الإضافة المقدرة ب_(من) الجارة، وبمعني بقية من قبل الله تعالي، فإن الله عز وجل بعث النبي (صلّي الله عليه وآله) وعين خلفاءه بأسمائهم واحداً واحداً، والآخر من الخلفاء إطلاق (بقية) عليه في محلة.... ويرتفع الاستغراب بملاحظة استعمال كلمة الله تعالي في القرآن الحكيم هذه اللفظة وهذا اللقب لنبيه شعيب (عليه السلام) حيث يقول: (بقيت الله خير لكم إن كنتم تعلمون) سورة هود آية 83، وقد ورد في كتب التفسير لمختلف مذاهب المسلمين تأويل هذه الآية الكريمة بالإمام المهدي (عليه السلام).

[457] النقاش حول الرجعة غير وارد بالنسبة إلي من يؤمن بالإمام المهدي (عليه السلام)، لأن ظهوره أول الرجعة. وقد بحثنا أصل الرجعة في كتابنا في التفسير عن تفسير قوله تعالي: (قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلي خروج من سبيل) سورة غافر،

آية11.

[458] ثم ذكر العلامة المجلسي (قدس سره) بنفس السند المذكور سابقاً دعاءً مطولاً عقيب هذه الزيارة ذكرناها في حقل الأدعية.

[459] شيت ابن آدم (عليه السلام) قال الطريحي (قدس سره) في مجمع البحرين (شيت وصي آدم وهو هبة الله ابن آدم ولد بعد هابيل بخمس سنين، ولم يعقب ولد أبيه غيره، وإليه تنتهي أنسباء الناس، عاش سبعمائة واثني عشر سنة، وقيل ألف سنة وأربعين، وروي: أن شيت أول ولد ولد لآدم (عليه السلام) ويافث ولد بعده، أنزل الله لهما حوريتين من الجنة إحداهما نزلة، والأخري منزلة، فزوج نزلة شيت، ومنزلة يافث، فولد لشيت غلام، وليافث جارية، فتزاوجا فصار النسل منهما).

[460] أي: جعله الله تعالي خليلاً لنفسه، إذ قال في القرآن الكريم: (واتخذ الله إبراهيم خليلاً) سورة النساء آية125.

[461] إشارة إلي قوله تعالي: (... وظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب، فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفي وحسن مآب) سورة ص آية 24- 25.

[462] قال في البحار: وفي رواية المفيد والمزار الكبير بعد قوله- المخصوص بأخوته- قوله: السلام علي صاحب القبة السامية.

[463] قال في أقرباء الموارد، الجيب: القلب والصدر، يقال: هو ناصح الجيب أي القلب والصدر، يعني: أمينهما (والمضرجات) أي: الملطخات بالدماء.

[464] في أقرب الموارد: اصطلمه: استأصله، واختلسه: وأخذه في نهزة ومخاتلة (والشاحبات) والمهزولات وذلك من الزهد، أو الجوع والعطش.

[465] أي: المجاورين لتلك الأجسام الطاهرة عند قبورهم.

[466] الظاهر: إن المراد بذلك الإمام الحسن الذكي (عليه السلام) الذي قتل بالسم الذي دسه معاوية (لعنه الله) إليه.

[467] المطروحين علي الأرض.

[468] المضام: المظلوم.

[469] الثغر: الفم، أو الأسنان مادامت في منابتها، وهذا كناية عن ضرب يزيد- الملعون- فم الإمام الحسين (عليه السلام) بعصاه.

[470] الذئاب، والسباع كناية عن قتلته

الظالمين لعنهم الله.

[471] أي: الباسطين أجنحتهم يحركونها، ولعله كناية عن صعودهم ونزولهم هناك، واستقبالهم للزوار.

[472] أي: سائل جاري، والحشاشة كقلامة بقية الروح في المريض والجريح، والحتوف جمع الحتف، بمعني الموت.

[473] قالوا: هذه كناية عن استمرار البكاء، وسيلان الدموع، إذ الدمع ليس سوي الدم الذي ينقلب دمعاً في الغدد الثانية داخل العيون، فإذا كثر البكاء، واستمر جريان الدموع يصيب تلك الغدد عطل عن عملها، فلا تستطيع قلب الدم إلي دمع، فيخرج الدم من العين عند البكاء. صلوات الله عليك من باك.

[474] كالئاً: حافظاً، ومرامياً: مدافعاً.

[475] أي: عالي الحسب والضرائب جمع الضريبة: الطبيعة والسجية.

[476] غبار الحرب، والجأش: رواع القلب إذا اضطرب عند الفزع، ونفس الإنسان الجأش- أقرب الموارد-.

[477] هو عبيد الله بن زياد الذي كتب إلي عمر بن سعد أن حل بين الماء وبين الحسين.

[478] الاصطلام: الاستئصال والقتل، والهبوات جمع الهبوة بمعني: الغبرة.

[479] حمحم الفرس: ردد صوته في صدره.

[480] أي: ذليلاً، وملوياً: مقلوباً.

[481] الخشبات التي تشد فوق سنام الإبل.

[482] الهملجة: سرعة مشي البرذون، وهي كناية عن تعجيل بني أمية وأتباعهم في ظلم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام. (والموتور) هو الذي قتل منه قتيل فلم يثأر لدمه.

[483] المهول: مفعول منصوب، أي: بكي قلب الرسول للأمر المهول وهو قتلك.

[484] الأنزع هو الذي ظهرت نزعتاه بانحسار الشعر عنهما، والبطين: عظيم البطن، قال بعض المحققين أن من سمات الشجعان أن تمتد بطونهم للرائي طولاً من تحت الثديين إلي تحت السرة، ولعل المراد به ذلك.

[485] أي: المجتمع الذي يلم ويجتمع عنده الزوار.

[486] شعث كفرس: الفرقة.

[487] السورتان تقرآن بعد فاتحة الكتاب، فإنه (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب).

[488] سورة الأعراف آية 157.

[489] الرهام جمع رهمة- بكسر الراء فيهما- المطر الضعيف الدائم (الآكام) جمع الأُكُم

بضمتين، وهو جمع الإكام ككتاب، وهو جمع أكم كفرس، وهو جمع الأكم كطلبة بمعني التل.

[490] ثم جاء النص كما يلي: ثم تركع وتسجد وتتشهد وتسلم، فإذا سبحت فعفر خديك وقل: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) أربعين مرة. واسأل الله العصمة والنجاة والمغفرة والتوفيق بحسن العمل والقبول لما تتقرب اليه وتبتغي به وجهه. وقف عند الرأس ثم صل ركعتين علي ما تقدم. ثم انكب علي القبر وقبله وقل: (زاد الله في شرفكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته). وادع لنفسك ولوالديك ولمن أردت.

[491] قال ابن طاووس (قدس سره) ثم تنزل مقدماً رجلك اليمني وتقول:...

[492] قال: وكبر الله وسبحه وهلله فإذا استقررت فيه فقف مستقبل القبيلة وقل:..

[493] السيد علي بن طاووس (قدس سره): في (مصباح الزائر) ص225 قال: زيارة أخري لها صلوات الله عليه، تصلي ركعتين، وتقول بعدها:..

[494] قال السيد ابن طاووس (قدس سره) بعد نقل هذه الزيارة: وادع بما أحببت وتنصرف ولا تحول وجهك حتي تخرج من الباب.

[495] السيد علي بن طاووس (قدس سره) في (مصباح الزائر) ص226: زيارة أخري له (عليه السلام)، وقد تعدي ذكر الاستئذان في أول زيارة (عليه السلام) فأغني ذلك عن الإعادة في كل زيارة، فإذا دخلت بعد الأذن فقل:.. (ويقصد) بالإذن ما مر آنفاً (اللهم وقفت علي باب بيت من بيوت نبيك الخ).

[496].

[497] أ: السيد علي بن طاووس (قدس سره) في (مصباح الزائر) ص228 قال: زيارة أخري مستحسنة يزار بها صلوات الله عليه وسلامه وتقول:... ب: الشيخ محمد بن مكي الشهيد الأول (قدس سره) في كتاب (المزار) المعروف ب_(مزار الشهيد) ص64. ج: الشيخ محمد بن المشهدي (قدس سره) في كتابه (المزار) الذي أسماه المجلسي (قدس سره) ب_(المزار

الكبير) ص194. د: العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار: ج102 ص119 نقلاً عن الشيخ المفيد (قدس سره). قالوا: وروي بطريق آخر أن تقول عند النزول السرداب:....

[498] ثم تصلي الزيارة اثني عشرة ركعة كل ركعتين بتسليمة فإذا فرغت فقل:...

[499] وانزل عليك السكينة والوقار، وصل ركعتين في عرصة السرداب وقل:... ب: الشيخ محمد بن المشهدي (قدس سره) في كتابه (المزار) الذي يسميه العلامة المجلسي (قدس سره) ب_(المزار الكبير) ص216:.

[500] فصل ركعتين وقل:...

[501] العلامة المجلسي (قدس سره) في (بحار الأنوار) ج102 ص115. قال: وجدت في نسخة قديمة من مؤلفات أصحابنا ما هذا لفظه: استئذان علي السرداب المقدس والأئمة (عليهم السلام):...

[502] الأذن، منهم صلوات الله عليهم أجمعين.

[503] أ: الشيخ محمد بن المشهدي في كتاب (المزار) الذي وصفه المجلسي (قدس سره) ب_(المزار الكبير) ص194. ب: الشيخ محمد بن مكي الشهيد الأول (قدس سره) في كتابه في (المزار) ص62. ج: العلامة المجلسي في (بحار الأنوار) ج102 ص116 نقلاً عن الشيخ المفيد (قدس سره) قال: فإذا فرغت من زيارة جده وبيه فقف علي باب حرمه فقل:... (ولعل) المقصود بباب حرمه - كما رأينا بعض الفقهاء يعمل ذلك وقد يستفاد من كلام المفيد (قدس سره) بعد تمام الزيارة - هو قبل النزول من درج السرداب المقدس، عند باب الفوقاني - والله اعلم. (ولا يخفي) أن هذه الزيارة والزيارة الثالثة كأنها زيارة واحدة نقلت بروايتين، لكن حيث كان الاختلاف في العبارات، والزيادة، أو النقيصة فيهما كثيراً لذلك آثرنا ذكرها كما رويت - آنفاً - مرة بعنوان زيارة ثالثة، ومرة - هنا - بعنوان زيارة سادسة.

[504] ثم ائت سرداب الغيب وقف بين البابين، ماسكاً جانب الباب بيدك، ثم تنحنح كالمستأذن وسم وانزل، وعليك السكينة

والوقار، وصل ركعتين في عرصة السرداب، وقل: (الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الحمد لله الذي هدانا لهذا) إلي آخر الزيارة الخامسة التي نقلناها آنفاً عن السيد بن طاووس، والشيخ محمد بن المشهدي (قدس سرهما) إلي قوله: (وانفعني بحبهم يا رب العالمين). قالوا: ثم تصلي صلاة الزيارة اثنتي عشر ركعة كل ركعتين بتسليمة ثم تدعو بعدها بالدعاء المروي عنه (عليه السلام): (إلهي عظم البلاء...). (أقول) حيث أنه سبق أن ذكرنا هذا الدعاء في حقل الأدعية فلا نكرر نقله هنا.

[505] أبعدها.

[506] جمع (ضالة).

[507] كناية عن الجبال.

[508] جبت: ردت، صرائم: الأراضي القاحلة الخالية من بناء أو زرع أو سكن.

[509] الجزع.

[510] (انبط) وصل حفار البئر إلي الماء.

[511] (خوافي) جمع: خافية (مقارعاً) منازعاً.

[512] (نزع) كركع. مشتاقون (أمت) قصدت (أوكار) جمع: وكر؛ مسكن الطائر (مخائل): فطان (الضيم) الظلم.

[513] تأييد، وتيسير بالتنوين مطوعان عن الإضافة (الكعب) الشرف والمجد.

[514] (أعطافك) أطرافك. (بترادف) توارد (يتناظم) ينتظم (مثاني العقود) العقود المثنية لا تتبدد (جنبات) أطراف (عرائك) جمع عريكة: الطبيعة (ضرائب) جمع ضريبة، حد السيف (نظرة) جميلة (عيدان) جمع: عود الغصن.

[515] (مكاثفة) الاجتماع. (تبعتك): بايعتك (دوحة) الشجرة العظيمة (بسقت) طالت (حافات) أطراف (طبرية) في أقرب الموارد: بلدة بجانب بحيرة الجليل، ولعل المقصود بها البحر الميت، وقد ورد في الأحاديث الشريفة أن صاحب الأمر (عليه الصلاة والسلام) يأتي إلي بيت المقدس فيخرج ألواح التوراة من تحت الأرض، ويري علماء اليهود اسمه الكريم وصفاته في تلك الألواح، فتؤمن به اليهود إماماً ويعترفون بنبوة نبي الإسلام محمد بن عبد الله (صلّي الله عليه وآله) ولعل هذه الجملة إشارة إلي ذلك.

[516] (أسقام الآفاق) يعني: أن أهل الآفاق من سائر الملل والأديان كانوا في أسقام وأمراض روحانية (وسلام الرفاق) أن

رفقاءك كانوا سالمين عن الأسقام الروحانية لأن عقائدهم كانت صحيحة (تواسط) أي: الوحوش الصعبة الكاسرة، كناية عن الأمن والارتياح في أكناف صاحب الأمر (عليه السلام).

[517] (بواني العز) أسسه (تؤوب) ترجع (شوارد الدين) كناية عما ترك من أحكام الله تعالي (يتهاطل) ينصب كانصباب المطر (قاسط) أي: ظالم، وهو من أضداد اللغة (غامط) محقر للحق وأهله (كاشح) الذي يعطي للحق كشحه أي: ظهره.

[518] سورة الطلاق: آية3.

[519] يعني: إذا ظهر أمر الله تعالي فكن أنت ممن تأتي إلينا بالمؤمنين، ولعل من هذا يستكشف أن إبراهيم بن مهزيار من أنصار الحجة (عليه السلام) عند الرجعة، ومن قواده (عليه السلام).

[520] اقترب.

[521] (منصرفك): مسيرك في الرجوع إلي بلدك (الشقة) الطريق. ويقال له الشقة علي السالك قطعة (قذفة) تقذف بمن يسلمها (نشره) امتداده وبسطه (أربضناه) هيأناه (نولك) أنعم الله.

[522] (الأوبة) الرجوع إلي الأهل والبلد (أكناف) أطراف (أوعث) أتعب (استودعه نفسك) أجعلك وديعة عند الله تعالي.

[523] (عوائد) متكررات (عن معاونه أوليائه) أي: لا نحتاج إلي إعانتهم لنا (أتقي) أكثر التقوي (أبقي) أكثر بقاءً (أرفع ذكراً) المقصود بذلك الإيمان الخالص.

[524] قال العلامة الحلي في القسم الأول من كتاب (خلاصة الرجال ص14:) أحمد بن إسحاق الرازي، من أصحاب أبي الحسن الثالث: علي بن محمد الهادي (عليه السلام). أورد الكشي ما يدل علي اختصاصه بالجهة المقدسة، وقد ذكرته في الكتاب الكبير). وأما سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي فهو من أجلاء العلماء. قال الشيخ الطوسي في كتاب (الغيبة) ص431 في باب أصحاب العسكري: (عاصره (عليه السلام)، ولم أعلم أنه روي عنه). وقال العلامة الحلي في كتاب (خلاصة الرجال) ص78: (يكني أبا القاسم، جليل القدر، واسع الأخبار، كثير التصانيف، ثقة، شيخ هذه الطائفة وفقيهها

ووجيهها، لقي مولانا أبا محمد العسكري (عليه السلام)). توفي رحمة الله يوم الأربعاء لسبعة وعشرين من شوال، سنة ثلاثمائة في ولاية رستم.

[525] المراد من العسكري هو مولانا أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) والمراد من الغلام نجله الإمام المهدي (عليه السلام).

[526] غلام يجلس علي فخذ أبيه كيف يمكن إرجاع علماء الشيعة إليه في مختلف شؤونهم ثم يتحملها، ويؤديها بالشكل الرسالي المطلوب؟ والشيعة هم الشيعة الذين تطاول صغارهم علي العمالقة والجبابرة، فكيف تصاغر عمالقتهم أمام هذا الغلام بتقديس؟ ثم سجلوا للأبد وفي جملة التراث الديني المقدس كلما استطاعوا أن يلتقطوا من كلماته وحركاته وتوجهاته ومواصفات هندامه حتي أوصاف الأترجة التي كان يتابعها. والجواب من جانب الشيعة ومن جانب الغلام: أما من جانب الشيعة فإن كل التضحيات التي أرخصوها مدي تاريخهم بلا هوادة كانت لسبب واحد وهو رفض الباطل مهما استعلي واستبد، والنزوع إلي الحق ولو عبر ظلمات الحياة، فيتهافتون عليه أينما وجدوه في صغير أو كبير، وفي رجل أو امرأة، وفي الحياة أو في الممات، وفوق بساط الريح أو تحت سنابك الخيول. فالمهم لديهم أن يعرفوا أين تتجسد إرادة الله حتي لا يبالوا في سبيله شيء. وأما من جانب الغلام (عليه السلام): 1: دينياً، قضية العمر محلولة - في رسالات السماء - فالله الذي جعل عيسي في المهد نبياً، وآتي يحيي الحكم صبياً، هو الذي جعل هذا الغلام في الصغر إماماً. 2: عملياً، قضية التجربة التي أجابت علي كل التساؤلات فالإمام المهدي (عجل الله فرجه) منذ صباه أثبت أنه الإمام من خلال لقاءاته لقادة الشيعة، بينما فشلت محاولات عمه جعفر التواب في تبؤ مركز الإمام رغم قربه من السلطة. 3: واقعياً، قضية التكامل الإنساني قضية الروح

وليست قضية الجسد، وقضايا الجسد من تفاعلات الحياة علي هذه الأرض، فتبدأ دورة الكمال الجسماني وتنتهي بالموت، وقضايا الروح من تفاعلات الحية عبر مختلف العوامل التي تشكل مسيرة الإنسان، وقد بدأت دورة الكمال الإنساني منذ خلق الله الأرواح وتنتهي حيث يشاء الله تعالي. والأرواح تختلف في طي مراحل التكامل، كما أن الأجساد تختلف في طي مراحل التكامل، فبعض الأرواح لم تتعرض للخطأ والتردد أو تعرضت لهما فتصل إلي مرحلة عالية من الكمال تتناسب مع محيط الجنة كما قال سبحانه: (وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً) سورة الإنسان، آية 12. وبعض الرواح تعرضت للخطأ والتردد حتي استنزفت قابلياتها التطويرية والتكميلية، فانحدرت دركاً يتناسب مع جهنم، كما قال تعالي: (ويوم يعرض الذين كفروا علي النار أذهبتم طيباتكم في الحياة الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير حق وبما كنتم تفسقون) سورة الأحقاف، آية 20. تماماً كما أن بعض الأجساد قد لا تتعرض للأمراض والآفات وتجد تغذية صحية تساعدها علي النمو والشدة فتصل إلي مرحلة عالية من الكمال تؤهلها للفوز في الحلبات، وبعض الأجساد تتعرض للأمراض والآفات حتي لا يبقي منها إلا لحم موبوء وعظام نخرة لا تصلح إلا للقبور. مضافاً إلي اختلاف المواد التي خلقت منها الأرواح، فمنها مواد نورانية لا شوائب فيها، فتفتح طريقها إلي الأعلي بسرعة النور، ومنها مواد ظلمانية لا تجد طريقاًَ إلا إلي الأسفل فتتجه نحو مركزها الحقيقي. ولذلك نجد فصيلة من الأرواح كانت متناسبة مع التراب - قبل وصولها إلي عالم الدنيا - فخلقها الله بشراً من التراب، وفصيلة أخري من الأرواح كانت متناسبة مع النار - قبل وصولها إلي عالم الدنيا - فخلقها الله جاناً من

النار، كما قال عز وجل: (خلق الإنسان من صلصال كالفخار، وخلق الجان من مارج من نار) سورة الرحمن، آية14 - 15. كما نجد بعض الأرواح قد ارتفعت إلي مرحلة العصمة قبل وصولها إلي عالم الدنيا، بينما انحدرت بعض الأرواح إلي مرحلة الكفر قبل وصولها إلي عالم الدنيا، فقال النبي (صلّي الله عليه وآله) عن نفسه: (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين) وقال عن نفسه وأهل بيته: (سبحنا فسبحت الملائكة، هللنا فهللت الملائكة...) في الوقت الذي لعن أناساً بأسمائهم وهم لما يزالوا في أصحاب آبائهم. وقد أشار القرآن الكريم إلي هاتين الحقيقتين من خلال رفع لافتة الشجرة الطيبة ولافتة الشجرة الملعونة، فقال: (ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون) سورة إبراهيم، آيه24 - 25. (وإذا قلنا لك أن ربك أحاط بالناس ما جعلنا الرؤية التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً) سورة الإسراء، آية60. وعلي هذا الأساس لا يبرر للاستغراب من وصول الإمام المهدي (عجل الله فرجه) إلي مقام الإمامة في عمر مبكر.

[527] القراضة: ما يقرض من الثوب والورق، وقراضة الذهب شيء يسير منه.

[528] المن جمعه أمنان: كيل أو ميزان أو رطلان يختلف في البلاد والأزمان. فالمن عند العرب غيره عند الفرس هكذا.

[529] وسبب حرمة ذلك أن الحائك أمين، وإذا حافظ الأمين علي ما أتمن عليه بالطرق المألوفة ثم فقد منه فهو غير ضامن، وطالما سرق من الحائك فأخذ مثله منه حرام واقعي، وإن كان ظاهراً محكوماً بالحيلة لصاحبه إذا لم يقم الحائك الحجة شرعاً علي أنه سرق

منه.

[530] الأكار، جمعه: أكره وأكارون: الحراث.

[531] المقاسمة: أن يتفق صاحب أرض أن يقدم أرضه ووسائل الزراعة، وأن يكون علي الحراث الزراعة علي أن يكون لكل منهما نصيب معين من الريع.

[532] في قوله (عجل الله فرجه): (توصي بردها علي أربابها) إشعار بأنه يموت في طريق العودة كما حدث بالفعل.

[533] (الفاحشة المبينة) ورد في ثلاث آيات من القرآن: الأولي: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن، إلا أن يأتين بفاحشة بينة وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) سورة النساء آية19. الثانية: (يا نساء النبي من يأتي منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك علي الله يسيراً) سورة الأحزاب آية33. الثالثة: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله..) سورة الطلاق، آية1. والسؤال عن الفاحشة المبينة التي وردت في الآية الثالثة، وأما التي وردت في الآية الأولي والآية الثانية فالكلام عنها طويل فليراجع المصادر المختصة في التفسير والفقه.

[534] فالمطلقة سكناها وسائر نفقاتها علي زوجها، ويستحب لها أن تتزين له حتي يعود إليها قبل انقضاء عدتها، فإذا انقضت ولم يرجع إليها خرجت عن بيته، وكان لها أن تتزوج غيره. فإذا أتت بفاحشة مبينة - وهي في العدة - حل له إخراجها من بيته.

[535] السحق: اكتفاء المرأة بالمرأة، وحده - علي المشهور بين الفقهاء قديماً وحديثاً - الجلد كالزنا مطلقاً سواء كانتا أو إحداهما محصنة أم غير محصنة، وعن الشيخ في النهاية وتبعه القاضي وابن حمزة التفصيل بلا حصان فالرجم وبغيره بالجلد

- كالزنا - وفي المسألة روايات في الوسائل والمستدرك وهي مختلفة بإطلاق الجلد، وإطلاق الرجم، والتفصيل بين المحصن وغيره، ويطلب التفصيل في مجالات الاختصاص، إلا أن القول المشهور إن لم يكن أقوي فلا ريب أنه أحوط، لتقدم الاحتياط في جانبه علي الاحتياط في أجراء الحدود كما حققناه في بعض مباحثنا.

[536] سورة طه، آية12.

[537] نبحث بمناسبة هذا النص عن عدة أمور: 1: إن الصلاة كانت في جميع الرسالات كما هي في الإسلام، وموقعها في سائر الديانات ذات موقعها في الديانة الإسلامية، أي كانت أهم العبادات ومن الواضح أن دور العبادات يأتي بعد دور العقائد - لأن الصلاة تعني التكرس أمام اللهو ولا يمكن أن يخلو توجه السماء من التوجيه إلي السماء. فالصلاة كانت في الديانة اليهودية، كما كانت في الديانات التي هبطت قبلها أو بعدها، وأن تدرجت صيغتها نحو الكمال مع درج البشرية والديانات، حتي استوفت كمالها مع كمال الديانة في الإسلام. 2: وإذا صح أن جوهر الصلاة هو التكرس أمام الله، في مطلق الصيغ التي شرعه الله - فمناجاة موسي (عليه السلام) علي جبل الطور من أفضل صلواته، فلا صلاة أفضل من توجه يعطف توجه السماء، كما أن معراج النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله) أفضل صلواته. 3: النجاسات المادية - كالمعنوية - تشد إلي الأرض، وتمنع الخلوص إلي الأعلي فدخول موسي (عليه السلام) في المناجاة علي جبل الطور بنعلين نجستين لا يعني إلا أحد المعنيين اللذين ذكرهما الإمام المهدي (عجل الله فرجه). 4: أما التعبير بالكفر عن اعتقاد عدم معرفة موسي (عليه السلام) الحلال من الحرام، فلأن تجهيل النبي بشريعته يساوي إنكار نبوته، وإنكار نبوة أيٍّ من الأنبياء من إمارات الكفر إن لم يكن

من أنواعه.

[538] هذا لا يعني أن الإنسان لا يكون مخلصاً لله إذا أحب سواه، وإنما يعني أن الإنسان لا يكون مخلصاًًًًً لله إذا كان حبه لغيره مستقلاً عن حبه لله، وأما إذا كان حبه لغير الله متشعباً من حبه لله فلا ينافي الإخلاص، فما من نبي إلا يحب جميع أولياء الله، ويتعاطف مع أقربائه والمتعايشين معه، حتي إذ اصطدموا بشيء من أحكام الله ارتفع مقياس حبه لله ليزيحهم عن الطريق.

[539] سورة الأعراف، آية 155.

[540] سورة البقرة، آية55.

[541] الحديث طويل وقد اخترنا منه هذه البنود حسب مناسبة المقام. وفي المصادر بعض الاختلاف اللفظي، وقد أثبتنا منها ما هو الأقوي والأجزل.

[542] هذه بشارة من الإمام بأنه يأتي دور يتولي فيه المؤمنون به حكم العراق، وبما أنه لم يحدث ذلك في الماضي فلا بد أن يحدث في المستقبل بإذن الله.

[543] علي بن إبراهيم قال هذا القول للإمام المهدي، وهو يعني ب_(الوطن) وطن الإمام المهدي ويعني ب_(المطلب) ظهوره الذي يضع حداً لجميع الانحرافات، وهو - بهذا الكلام - يظهر تأسفه بطول فترة تغرب الإمام المهدي وانتظار وعد الله.

[544] يعني والده الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) فهو الذي أوصاه بالهجرة من المجتمعات الفاسدة التي قتلت آبائه الطاهرين إلي المناخات البريئة والأجواء النقية من الجبال الوعرة والصحاري المقفرة التي لا تلوثها أشباح الظالمين.

[545] يقصد جميع المجتمعات - منذ الغيبة إلي الظهور - فكل هذه المجتمعات تتألف من أقوام غضب الله عليهم ولعنهم، بدليلين: الأول: أن الله أبعد حجته عنهم، وتركهم في ظلمات يعمهون، فهم في الماضي كما هم اليوم في كل مكان يعيشون شريعة الغاب، فالأقوياء يتكالبون علي دنياهم تكالب الهراش علي الجيفة، والضعفاء يتساقطون في الولايات تساقط الفراش في النار،

حتي لا يوجد إنسان إلا وهو ظالم أو مظلوم، أو ظالم ومظلوم في آن واحد، علي اختلاف درجات الظلم وأنواعه. الثاني: أنهم لا يريدون حجة الله فيهم إلا مجرد رمز يماري ويداري، ويغازل ويجامل، فيماري المظلوم ويبارك الظالم، ولو ظهر حجة الله بالأمس أو اليوم في أي مجتمع من المجتمعات البشرية، كما هو وكما يريده الله معبراً عن إرادة الله الصارمة، يكون نصيبه الشهادة، إلا إذا تسلح بقواه السماوية التي تعلو ولا يعلي عليها كما ظهر سليمان وذو القرنين. وهذان الدليلان يثبتان أن هذه المجتمعات برمتها ملعونة مغضوب عليها. وأما الأفراد الصالحون الذين يتحفزون ولا يملكون التغيير، فهم قلائل متبعثرون، ولا يشكلون شريحة يمكن الاستناد إليها في اجتياح قوي الشر أو الصمود أمامها، بدليل أنهم - في الماضي - لم يستطيعوا الدفاع عن الأنبياء والأوصياء، وهم - اليوم - يعلنون، ولا يشكلون قوي ضاربة، ولا كتلة تملك الاستقلال والخروج بنفسها من طغيان المجتمعات. إنهم - حتي اليوم - أشبه باللآلئ المتفرقة في قاع البحر، تحجبها التيارات والأمواج عن الشمس، دون أن تمثل قاعدة تستطيع التعبير عن ذاتها. فمجمل المجتمعات يمثل صف الباطل، لأن أكثر الأقوياء مصلحيون فيقفون في صف الباطل، وينسحبون علي الرعاع الذين هم مع الغالب كيفما كان وضد المغلوب مهما كان.

[546] كلمة (مولاكم) عطف بيان علي (الله) أي أن الله أعلن (التقية) في قوله عز وجل: (إلا أن تتقوا منهم تقاة) سورة آل عمران آية28. (فوكلها بي) وجعلني تحت حكم التقية. و(التقية) هي الابتعاد عن نقاط الاحتكاك في الوقت غير المناسب. وإذا كان الله قد أمر الإمام المهدي (عجل الله فرجه) بالهجرة من المجتمعات المتوترة إلي الفيافي والجبال - لما سبق في علمه

أنه يأتي وقت يظهر فيه بقوة هائلة تنهار أمامها الحكومات، فيصحح مسار المجتمعات ويربط بشر الأرض بالكون الكبير - فلا يعني ذلك أن كل الناس في سعة عن أداء واجباتهم بحجة التقية، لأن التقية حكم شرعي كبقية الأحكام الشرعية مشدود بأسباب وشروط معروفة في الأوساط الفقهية.

[547] لعله يرمز إلي قول الله تعالي: (فإذا برق البصر، وخسف القمر، وجمع الشمس والقمر، يقول الإنسان يومئذ أين المفر) سورة القيامة، آية 7 - 10.

[548] قال العلامة المجلسي في البحار: (لا يبعد أن يكون الشمس والقمر والنجوم كنايات عن الرسول وأمير المؤمنين والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين. ويحتمل أن يكون المراد قرب الأمر بقيام الساعة التي يكون فيها ذلك. ويمكن حمله علي ظاهره).

[549] هذا الحديث يثبت أن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) وسائر المعصومين يعرفون ساعات الأحداث الفاصلة في الحياة، كمواعيد ظهور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) ونزول المسيح من السماء وخروج الدجال، وانقلاب السفياني، وقيام دابة الأرض وأمثالها.

[550] (دابة الأرض) هي التي أخبر عنها الله تعالي في القرآن بقوله: (فإذا وقع عليهم القول أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) سورة النمل آية82. و(دابة الأرض) في هذه الآية ليست من أنواع الحيوان وإنما هي من نوع الإنسان، بل هو رجل من أعظم أولياء الله، وشخصيته معروفة في أوساط المحدثين والمفسرين، والدليل علي ذلك أن الله تعالي قال: (...تكلمهم) ثم لخص كلامها بقوله: (إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) وفي هذا الحديث يقول الإمام المهدي عجل الله فرجه: (ومعه عصا موسي وخاتم سليمان...) علماً أن الحيوان لا يفيد من (تراث النبوة) وإنما يستثمره الداعي إلي الله في غسل الأدمغة من الشكوك والشبهات. والتعبير عنه

ب_(دابة الأرض) ليس لتحقيره وإنما لتعظيمه، لأن الدابة (ما دب علي الأرض، وهو وحده الوحيد الذي يتحرك بإرادته علي الأرض، وإذا استثنياه وأهل بيته نجد الناس علي العموم - رمالاً متحركة تهيج وتهدأ بإرادة الرياح التي تعصف بها من الداخل أو من الخارج.

[551] يستفاد من مجمل الأحاديث الوارد حول قضية (دابة الأرض): أنها لا تخرج من بين الصفا والمروة وربما يعلن شخصيته من بين الصفا والمروة.

[552] يهيئ الناس للمحشر، ولا يسوقهم إلي المحشر مباشرة، لأن الفاصل بينه وبين المحشر فاصل كبير. وإنما يسوق الناس إلي المحشر لأنه يقوم بدور الامتحان الأخير، حيث يقضي علي الشيطان وجنوده من الجن والأنس ويتم الحجة علي الجميع، ثم يترك الناس يتصرفون دون أي مبرر للانحراف أو العصيان، حتي يحشروا يوم القيامة ولله عليهم الحجة البالغة. وقد سجل القرآن إشارة إلي دور (دابة الأرض) وهو يروي كلام أهل النار: (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فهل إلي خروج من سبيل) سورة غافر، آية11.

[553] في تتمة الحديث ما يلي: (قال): (فأقمت عنده أياماً وأذن لي بالخروج بعد أن استقصيت لنفسي وخرجت نحو منزلي. والله لقد سرت من مكة إلي الكوفة ومعي غلام يخدمني فلم أر إلا خيراً وصلي الله علي محمد وآله وسلم تسليماً).

[554] الزمان يفسر بتفاسير عديدة فقال بعض الفلاسفة القدامي: أنه الحركة. وقال آخرون: أنه حركة الفلك. وقال انشتاين: أنه البعد الرابع للأشياء. وقال آخرون: الزمان لا حقيقة له من صلة إنما هو مجرد اختلاف الأفراد في الحالات ولا زال البشر يتخبط في تفسير الزمان، لأنه يعيش داخل الزمان، والأشياء لا تعرف إلا من فوق. وعلي أي حال: الزمان واقع موجود نوعاً ما محيط بكل الأشياء المادية وبكل الطاقيات المتصلة

بالماديات، وهو يختلف من محيط إلي محيط، ويمسك بكل ما يحيط به كإمساك الجاذبية بكل ما تحتويه، وربما بفعالية أكثر. وأصحاب الولاية الكونية يوصفون بأصحاب الزمان لأن الذي يمسك بالزمان ممسك بكل ما يحيط به.

[555] من الحقائق الثابتة في الدين: أن أول من خلق الله هو الحجة، وآخر من يغادر الحياة هو الحجة، إذ لابد من وسيط كوني.

[556] لعل هذا النوع من الأمر بكتمان الحاجة إلي الحجة ورد لسان الإمام المهدي (عجل اله فرجه) لأن أكثر الناس يعيشون الفكر المادي ويحولون القضايا الروحية علي القسم المطوي من العقل فهم يصدقون إذا قيل لهم: أن الحياة تنقرض علي الأرض إذا ابتعدت عن الشمس أو فقدت الأوكسجين حولها، ولا يصدقون إذا حدثهم الأولياء عن دور الملائكة وأصحاب الولاية الكونية، رغم أن تأثير الطاقيات علي الماديات أكثر من تفاعلات الماديات فيما بينهما ولكن (ذلك مبلغهم من العلم) سورة النجم آية 30.

[557] فالله لا يخاطب الناس وجهاً لوجه، لأن الله ليس بجسم والجسم الكثيف - وحده - هو الذي يمكن مشاهدته بالرؤية البصرية إذا كان في حيز الضوء، لأن صورته تنعكس في عدسة العين التي تنقلها إلي الدماغ، حيث يتم فحصها وتميزها، وأما الأجسام اللطيفة والطاقات فلا يمكن رؤيتها بالعين، وإنما تعرف بتأثيراتها علي الأجسام الكثيفة، فكيف بالله الذي ليس بجسم ولا طاقة؟ فلا يمكن - بأي حال من الأحوال - مشاهدته عن طريق الرؤية البشرية، كل ما هنالك أنه يعرف أصل وجوده من خلال مخلوقاته، وتعرف صفاته وأسمائه بعضها بالعقل أيضاً وبعضها الآخر بواسطة رسله الذين يعرفونها بوحي منه سبحانه:...

[558] الفارق بين المشاهدة والمشافهة، أن المشاهدة مستحيلة، والمشافهة ممكنة، فإنه قد يشافه بعض رسله، كما شافه موسي بن

عمران في جبل الطور حيث خلق الكلام في شجرة الزيتون فتجاوب معه موسي بن عمران، وكما شافه الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) في ليلة المعراج حيث خلق الكلام في حجب النور، فتحاور معه النبي (صلي الله عليه وآله). ومن الممكن أن يخلق الله كلاماً في الفضاء أو في بقعة معينة كالكعبة، بحيث يسمعه كل بلغته ويتناجي معه الناس مباشرة، ولكن الأرواح العادية لا تتحمل مخاطبة الله قبل أن تتكامل، وتبلغ المستوي الذي تبلغه يوم القيامة حيث يسمعون كلام الله، علي ما يظهر من بعض الروايات.

[559] إن الناس العاديين لا يكتفون بالتوجيه الذهني المجرد، وإلا لاكتفوا برسول العقل وإنما يحتاجون إلي قائد يسير أمامهم، ويقول لهم: سيروا ورائي، وإلي أسوة يعمل ويقول لهم: اعملوا مثلما أعمل فإذا كان قائدهم وأسوتهم منهم لم يجدوا بداً من اللحاق والتأسي به، أو الاعتراف بتقصيرهم وانحرافهم، وإذا كان قائدهم وأسوتهم من غيرهم - كالملائكة مثلاً - لا يجدون حرجاً من التخلف عنه وإعذار أنفسهم - حتي فيما ليسوا معذورين - بأن هذا ملك لا يشعر بما نشعر ولا يعاني مما نعاني، وليس لنا اللحاق والتأسي به. فلذلك بعث الله رسله إلي عامة الناس بشراً، وبعث رسله إلي المتفوقين من الناس - وهم الأنبياء - ملائكة. لأن الأنبياء بلغوا مستوي يؤهلهم لتحديد قدراتهم، وتمييز ما يقدرون حقاً عما لا يقدرون حقاً، فهم يكتفون بالتوجيه الذهبي المجرد من القائد والأسوة، ويستطيعون القيام بدور القائد والأسوة.

[560] إثباتاً لعلاقتهم بالله عز وجل.

[561] وهو نوح (عليه السلام).

[562] وهو إبراهيم الخليل (عليه السلام).

[563] وهو صالح (عليه السلام).

[564] وهو موسي بن عمران (عليه السلام).

[565] وهو عيسي ابن مريم (عليه السلام).

[566] وهو الرسول الأعظم (صلّي الله عليه

وآله) ويلاحظ أن الترتيب جاء حسب التسلسل الزمني دون الدرجات الرسالية.

[567] يلاحظ أن الأنبياء والأوصياء الذين كانوا في مستوي التعامل مع الطاقات الماورائية، وبعضهم كان من أصحاب الصلاحيات الكونية، قلما كانوا يستخدمونها إلا لإثبات علاقتهم بالله أي لإثبات رسالاتهم فقط، فكانوا ينظمون حياتهم الشخصية والاجتماعية وحتي عملهم الرسالي بالوسائل العادية تماماً كسائر الأفراد، فلماذا؟ والأسباب لهذه الظاهرة كثيرة لعل أهمها: الأول: حتي لا يغالي فيهم أصحاب العقول القاصرة، فيؤلهوهم دون الله. الثاني: أن يواصلوهم سيرهم التكاملي في هذه الحياة، والسير التكاملي لا يتم بدون معاناة. وهذان السببان مذكوران في هذا الحديث. ويمكن استنتاج سبب ثالث، وهو: أن الله بعث الأنبياء وأردفهم بالأوصياء لأمرين: الأول أن يبلغوا رسالاته. الثاني أن يكونوا أسوة لمن سواهم، وإذا كانوا يعيشون حياة معجزية كان الناس يعذرون أنفسهم في التخلف عنهم.

[568] قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق (قدس سره): فعدت إلي الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (قدس سره) في الغد وأنا أقول في نفسي: أتراه ذكر لنا ما ذكر يوم أمس من عند نفسه؟ فابتدأني وقال: يا محمد بن إبراهيم لأن أخر من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحب إلي من أول أقول في دين الله برأيي، ومن عند نفسي، بل ذلك عن الأصل ومسموع من الحجة صلوات الله عليه وسلامه.

[569] لعل المراد: أن الله خلق الأجسام، لأنه ليس بجسم - لا كالأجسام الكثيفة ولا كالأجسام الشفيفة - ولا حال في الجسم - كالروح - ولو كان جسماً أو حالاًّ فيه وخلق الجسم لزم الدور وهو محال. والإمام - أي إمام - مركب من جسم هو جسده البشري ومن حال في الجسم هو روحه، فلو

خلق الأجسام بجسمه أو بروحه لزم الدور أيضاً، وهو محال. هذا إذا كان المراد من الخلق هو الإيجاد من العدم - كما يوحي به التعبير بخلق الأجسام - وأما خلق الهيئة فلا يختص بالله، لأن عيسي ابن مريم خلق من الطين كهيئة الطير، وأنت تخلق من الصخرة تمثالاً أو تخلق من قلم صورة حيوان أو إنسان. وإذا كان التعبير بأحسن الخالقين عن الله تعالي حيث يقول جل وعلا: (فتبارك الله أحسن الخالقين) المؤمنين آية14. فالله في مجال خلق الأجسام أي الخلق من العدم هو الخالق الوحيد، وفي مجال خلق الهيئات والصور أحسن الخالقين. لأنه عز وجل أنشأ الصور من لا صورة، وغيره يحتذي صور بعض المخلوقات ولو بتغييره، وفي أحسن الحالات يكرر صورة ألقاها الله في خياله.

[570] السؤال قد يكون شفوياً وربما يكون إرادياً بأن يتوجه السائل إلي الله توجه عبودية واستمداد. والأئمة (عليهم السلام) يمارسون السؤال بقسمين، فإذا نطقوا سألوا وإذا صمتوا توجهوا.

[571] هل يقتصر دور الأئمة - وسائر المعصومين من الأنبياء والأوصياء - علي السؤال من الله أم أن دورهم أوسع؟ الظاهر من القرآن والسنة أن المعصومين يمارسون المعجزات بصلاحياتهم لا عن طريق السؤال من الله، كما يوحي بذلك قول عيسي ابن مريم: (إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وأبري الأكمة والأبرص وأحيي الموتي بإذن الله...) سورة عمران، آية49. ويؤكد قول الله تعالي: (وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني) سورة المائدة، آية110، والإذن هو عدم المنع، وليس إجابة السؤال. ويشبه هذا التعبير قول آصف بن برخيا لسليمان بن داوود: (أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) سورة النمل، آية40. ولم يقل أنا أسأل الله

يأتيك به. فالمعصومون - وخاصة أصحاب الولاية الكونية - لهم صلاحيات يتحركون من خلالها بالقدرات المخولة لهم من الله، ويكفيهم إذن الله أي عدم وجود مانع يحدد صلاحياتهم، ولا يحتاجون إلي السؤال من الله ما داموا يتحركون من خلالها، فإذا أرادوا التحرك خارج نطاق صلاحياتهم كان عليهم أن يسألوا الله، وهو يجيب دعائهم لأنهم يعرفون المقاييس الكونية فلا يألون غير المقبول. تماماً كالموظف الذي يتمتع بصلاحيات معينة من قبل الدولة، وهو يتصرف يدون مراجعة المسؤول الأعلي ما دام تصرفه ضمن صلاحياته، فإذا شاء الخروج عنها احتاج إلي السؤال ويأتيه الموافقة لأنه يعرف مقاييس الدولة ولا يسأل غير المعقول. كل ما هنالك أن المعصومين قد يقارنون بالله، فهم عبيد طائعون لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، وربما يقاربون بمن سواهم من الناس، فهم أصحاب صلاحيات واسعة بالقول وهم بأمره يعملون، وإذا قارنهم بغيرهم، فهم أصحاب قدرات كونية لا يملكها كثير من مخلوقات الله. كما جاء من جبرئيل (عليه السلام) في قوله تعالي: (ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاعاً ثم أمين) سورة التكوير آية 20و21. وقد تلخص: بأن للمعصومين من البشر - كالملائكة - جانبان: جانب التأثر وجانب التأثير، فبالنسبة إلي الله هم الكف الضارعة، وبالنسبة إلي غيرهم هم اليد العليا. وقد ورد السؤال - في هذه الرسالة - من الجانب الأول، فكان من الطبيعي أن يكون الجواب كما هو مثبت أعلاه، وفي بعض الرسائل ورد السؤال عن الجانب الثاني كرسالة إسحاق بن يعقوب فكان من الطبيعي أن يكون الجواب كما سبق في جوابه.

[572] لا يجد الإنسان تجاه أمر الله سوي التسليم، كما لا يجد قضاء الله وقوله سوي الرضا،

فلا راد لأمره، ولا ناقض لقضائه وفعله، غير أنه قد يعترف بالواقع فيستقبل إرادة الله بالرضا والقبول فيأتيه ما كتب الله له وهو رابط الجأش يستطيع أن يفكر ويقرر لما بعد الحادث، وقد لا يعترف بالواقع فيحاول تحدي إرادة الله، فتصدمه في نفسه وفي مشاعره فيعجز حتي عن القرار لما بعد الحادث. وكانت سيرة المعصومين وتعاليمهم علي الترحيب بقضاء الله، والعمل علي تطويق ذيوله، وعلي النهي عن الجزع تجاهها لأنه يؤدي إلي الارتباك بلا جدوي. وفي القرآن توجيه مكثف إلي عدم الاصطدام بالأقدار، والالتفاف حولها بروح رياضية تهيئ للإفادة من إيجابياتها بقدر الإمكان، ولاستئناف النشاط بعد مرور العاصمة: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك علي الله يسير، لكي لا تأسوا علي ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم...) سورة الحديد، آية22 - 23،. (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله) سورة التغابن، آية11. (الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) سورة البقرة، آية156 - 157.

[573] في كل التغيرات الدينية تركيز يرسل إرسال المسلمات، علي أن المؤمن الملتزم سعيد وأن الكافر والفاسق شقي. (فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق،..............، وأما الذين سعدوا ففي الجنة...) سورة هود آية 106 - 108. في بعض زيارات الشهداء (السلام عليكم أيها الشهداء السعداء). مع أن المؤمنين الملتزمين أكثر بلاءً من غيرهم: ففي الحديث: (البلاء موكل بالأنبياء، ثم بالأولياء، ثم الأمثل فالأمثل). ثم أن الشهداء هم الذين عاصروا ظلمات التاريخ وطغيان الظالمين، ورأوا من الويلات ما أزهدهم في الحياة، حتي ارتضوا التضحية لإنقاذ الآخرين، وأخيراً

كللوا جهادهم بالشهادة، فكيف يصح تصنيفهم في السعداء؟ ولعل السبب في ذلك كله: أن السعادة أمر ينبع من الداخل ولا يجلب من الخارج، ويحظي الذين يظنون أن وسائل السعادة هي الرتبة والراتب والسهرة والمنصب، وأن السعادة تخلد إلي القصور المترفة والأعراش المتخمة بين الكواعب والكؤوس، فيشقون في سبيل تحصيلها، ثم يشقون في بحبوحتها، وهم في الحالتين يلهثون خلف حلم السعادة، لأنها عبء يشقي طالبه ويشقي عامله. وإذا كانت السعادة غنوة لا تنبض إلا بين أضلاع كوخ تخفق جوانحه لسبحات الفجر علي ثغاء نعجة حلوب بين نكهة السنابل ورقصة الورود للنسيم.. لأن السعادة هي الاغتباط، ولا يغتبط الإنسان إلا إذا ضمن ربحاً أكثر من جهده وأمن الخسر والضرر ولا يضمنه ولا يأمنها غير المؤمن الملتزم، الذي لا يعمل إلا عملاً مثمراً دنيوياً أو أخروياً، أو دنيوياً وأخروياً معاً فلا يضيع جهداً أبداً، ولأنه لا يعبث ولا يهزل يجد في كل خسارة ربحاً أكبر، وفي كل مصيبة ابتلاء يهيئه لقفزة أعلي، فلا ينكب أبداً. (يا أيها الذين أمنوا هل أدلكم علي تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعملون) سورة الصف، آية10 - 11. (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقض من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين...) سورة البقرة، آية 155. وإلي هذا الواقع يشير الإمام علي (عليه السلام): (إن المتقين أكلوا الدنيا بخير ما أكلت ولبسوها بخير ما لبست ونكحوها بخير ما نكحت). وبما أن المؤن الملتزم يجد أمان المقاييس الصحيحة للحياة لا يؤخذ بالعادات والتقاليد والاعتبارات الزائفة فيلبس لنفسه لا للباس ويسكن لنفسه لا للسكن ويأكل لنفسه لا للطعام فيستهلك ضروراتها ولا تستهلكه الضرورات

فيأخذ من الدنيا ما يسعد به ولا يعطي نفسه للدنيا حتي يشقي بها. وأما الذي يجهد ساعات ليجني ساعة، ويصاب مرات حتي يصيب مرة، ثم يكون حزيناً علي ما فاته، قلقاً علي ما ناله، بين التخوف من حسيب والتوجس من رقيب ممزقاً بين العادات التقاليد والاعتبارات الأنانية أو الجائزة، فإنه لا ينعم بما له ولا ينجو مما عليه. ثم أن النفوس القلقة المضطربة أشبه بالعناصر الجهنمية فلا بد أن تجتذب إليها وتتمحور فيها. وأن النفوس الوادعة المطمئنة أشبه بالعناصر الجنينية فلا بد أن تجتذب إليها وتتمحور فيها، فقد ثبت أن المحاور الكبري تجذب إليها عناصرها المنفلتة مهما تمادي الزمن وتطاول المدي. يؤكد ذلك قول الله تعالي: (... فأما الذين شقوا ففي النار... وأما الذين سعدوا ففي الجنة...) سورة هود، آية 106 - 108. ولقد عاش عثمان بن سعيد العمري سعيداً بثقة الإمامين العسكري والمنتظر (عليهما السلام) ومن ورائها ثقة الطائفة الشيعية في العالم مطمئناً إلي ما وعد الله الصالحين، حتي مات حميداً لا يذكره معارفه في أيامه عبر التاريخ إلا بالخير والفضل.

[574] أولياء عثمان بن سعيد العمري ومواليه هم النبي والأئمة الطاهرين (عليهم السلام).

[575] هذه العبارات من الإمام المهدي في تأبين عثمان ين سعيد تدل علي مكانته المتأصلة في نفس الإمام.

[576] إن الله خلق الكثير من كل ما يحتاج إليه الناس أو يطمحون، وخلق ما يحتاجون أكثر من حاجتهم، ولعله لا يتكاثر البشر حتي تضيق الأرض بحاجاتهم الضرورية، وخلق ما يطمحون أقل من مطامحهم، أمد في مطامع الناس حتي يمتدوا عبرها إلي الآخرة، وإلا لكانت الأرض تستنفد مطامحهم كرغباتهم، ولا يبقي من يفكر في الآخرة. فلو كانت البضائع توزع علي الناس بقدر الكفاية لكانت تغطي

حاجاتهم وتفيض، ولكن كان يلغي الوازع الفردي، أي السابق الذي يبلور المواهب ويلمع السهم ويؤكد تجربة الحياة فكان لا بد من وضع مقاييس وترك الناس يتسابقون من خلالها. والمقاييس التي يستطيع الأفراد أن يتسابقوا من خلالها إلي ما يحتاجون أو ما يطمحون ثلاثة أصناف: الأول: الشرع - وقد يخلفه القانون - الذي يبيح هذا، ويمنع ذاك، بفعل العقيدة أو بفعل الدولة. الثاني: العمل - سواءً كان فكرياً أو عضلياً - الذي يساعد علي بسط نفوذ الفرد علي كمية من البضائع أو رقعة من الأرض أو قطاع من البشر، مما يحتاج أو يطمح إليه. الثالث: الزاد - سواءً كان مواهب أو أقدار، وسواءً كان ركائز يحملها في شخصيته أو تراث ينتقل إليه من غيرها - ذلك الزاد الذي يأتي به من عوالم سابقة. فالإنسان لم يخلق يوم ولادته، ولا ينتهي يوم وفاته، وإنما هو خلق كان - قبل هذا العالم - في عوالم سابقة، وسيبقي - بعد هذا العالم - في عوالم لاحقة. والعوالم السابقة، عوالم عمل ما كهذا العالم - باختلاف نوعية العمل - وهكذا عالم البرزخ وعالم القيامة، ولو بالنسبة إلي من لم يكملوا دورة تكاملهم - علي الأقل -. فالذي كانت أعمالهم في العوالم السابقة سلبية، تنعكس عليه في العالم سلبياً. ومن عمل لنفسه في العوالم السابقة فعمله ينعكس عليه في هذا العالم مواهب ومقدرات، ومن عمل لغيره في العوالم السابقة فعمله ينعكس عليه في هذا العالم مذ مات أو تراث يأتيه من الآخرين. تماماً، كما أن من حمل شعاع أهل البيت إلي غيره في هذا العالم ينعكس هذا العمل عليه شفاعة يوم القيامة، ومن أطبق ظلم الطواغيت علي غيره في هذا العالم

ينعكس هذا العمل عليه ظلمات يوم القيامة. وهكذا ينتقل كل فرد حصيلة عمله من عالم إلي عالم، فتكون حصيلة العمل في كل عالم سابق أرضية العمل في العالم اللاحق، فقد يولد فرد وعليه ركام من شقاء العوالم السابقة، بينما فرد آخر وحوله هالة سعادة من العوالم السابقة. وقد سجل هذا الواقع في الحديث المعروف: (السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه). ولا بد من التنويه إلي أن الأعمال في العوالم مختلفة تؤدي نتائج متناسبة معها، فهنالك أعمال إيجابية من النوع السفلي فتكون نتائجها سفلية في هذا العالم كالثروة والشهرة والمنصب والنساء والأولاد حسب تلك الأعمال، وإلي جانبها أعمال إيجابية من النوع العلوي، تكون نتائجها علوية في هذا العالم، كالتقوي والعلم والإمامة والنبوة حسب تلك الأعمال، لأن كل عمل يؤدي إلي نتيجة متشابهة كما أن كل شجرة تثمر ثمرة مشابهة، وكما أن كل شتلة تتفتح عن ورد أو شوكة حسب تركيبها، ولذلك ثبت عن الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) أنه قال: (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين) كما ثبت أنه لعن أناساً قبل أن يولدوا. فكل ما في هذا العالم تستقي جذوره من روافد العوالم السابقة، وكل روافد هذا العالم يسقي جذورها في العوالم اللاحقة أو لم يقل الله تعالي: (والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقاً حسناً) سورة الحج، آية58؟ أوَ ليس في الحديث: الشريف: (الدنيا مزرعة الآخرة)؟ فما يسمي (خطأً) في عرف الناس ليس إلا حصيلة الأعمال السابقة إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وهذا هو الذي يعبر عنه في المصطلح الديني بالرزق. ولعل الشاعر أشار إلي هذه الحقيقة بقوله: فلأمر ما وسر غامض تسعد

النطفة ويشقي الجنين فوليد تسجد الدنيا له ووليد في زوايا المهملين والأبناء والآباء موجودون في عالم سابق في طريقهم إلي هذا العالم إلي جانب بقية الموجودات من الثروة والشهرة والمنصب والعلم وغيرها. ويوزع الله الآباء والأبناء كما يوزع بقية الموجودات، أي يأتي بهذا الابن أو ذاك إلي الدنيا عن طريق هذا الأب أو ذاك. وقد يكون تسلسل الناس في هذا العالم مختلفاً عن تسلسلهم في عالم آخر وقد يشهد لذلك النبي عن ابنته فاطمة ب_(أم أبيها) وقول الإمام علي: (محمد ابني من صلب أبي بكر). ومن الأعمال في العوالم السابقة ما يؤدي إلي العقم في الدنيا، ومنها ما يؤدي إلي الإعجاب، فإذا كان ذلك العمل صالحاً انقلب في الدنيا ولداً صالحاً وإذا كان فاسداً انقلب ولداً فاسداً. كما أن الأعمال ما ينقلب إلي الآباء، فإن كان صالحاً انقلب آباءً صالحين وإن كان فاسداً انقلب آباءً فاسدين. والابن الصالح امتداد طبيعي يكمل عمل الأب، ويعينه علي دنياه، والآباء الصالحون مقدمات تمهد لعمل الابن، وتحسن تربيته وإعداده، أو هبته كما في قوله تعالي: (فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب). سورة مريم، آية49. ولذلك فسر الرزق بالابن كما في الآية السابقة. وقد ورد التعبير بالهبة عن الأهل في قوله سبحانه: (وهبنا له أهله ومثلهم معهم) سورة ص، آية 43. وعن الأخ في قوله عز وجل: (وهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبياً) سورة مريم، آية 53. وقد ورد التعبير بالهبة عن الأولاد في ثلاثة عشر موضحاً في القرآن.

[577] ما جعله الله فيه من المواهب والطاقات التي حملها معه إلي هذا العالم، وما جعله الله عنده هي المعارف الفوقية التي نال بها شرف سفارة

الإمام المهدي. وهذه المعارف الفوقية هي التي يعبر عنها المطلعون (السر) وقد يكون لذلك عندما يترحمون علي بعض أصحابها يقولون: (قدس الله سره)..

[578] يلاحظ أن الإمام المهدي يكثر من الدعاء في وسائله. ولعل السبب أنه حيث لا يستطيع الإكثار من الاتصال بأصحابه لتركيزهم وتعميقهم يتوسل بقواه المعنوية للتعريض عنها.

[579] هذا دعاء له بأن لا يتركه الله لنفسه أو الشيطان، ومن تولاه الله من الزيغ والخطأ، وهو مرحلة من مراحل العصمة الصغري.

[580] أي نثق به كما هو. وهذا تصحيح لخطه وتقرير لمسلكيته، وإعلان لرضا الإمام عنه، وعدم وجود مآخذ في حياته، وهو توثيق يرفض التشكيك.

[581] أصل هذا التعبير ورد علي لسان النبي شعيب عن نفسه وأقره القرآن نقلاً عنه: (بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين...) سورة هود، آية 86. وتكرر هذا التعبير علي لسان عدد من المعصومين (عليهم السلام). وللعرفاء في تفسيره جولات، وليس لنا أن نحقق معناه بالضبط، كلما نستطيع قوله: إن هذا التعبير يرنو إلي أن أرواح المعصومين. خلقت من نور الله بلا وسائط. وليست كسائر الأشياء التي خلقها الله بالوسائط.

[582] كان الناس - قبل أن تتعبد طرق المواصلات - إذ افتقدوا شخصاً تتبعوا آثار أقدامه في الرمال حتي يصلوا إلي المكان الذي انتهي إليه. فيقصدون ب_(العين) ذلك الشخص المفتقد، وبالأثر أثر أقدامه في الرمل. والناس كانوا يطلبون الأثر قبل أن يجدوا الشخص، فإذا وجدوه أهملوا آثاره. ثم أصبح مثلاً يضرب لكل من يتتبع الدلائل للوصول إلي نتيجة.

[583] أحمد بن إسحاق هذا هو ابن عبد الله بن سعد بن مالك الأحوص الأشعري أبو علي القمي كان وافداً لقميين روي عن الجواد والهادي (عليهما السلام) وكان من خاصة أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام)

(جامع الرواة: ج1 ص41).

[584] البلاء كان ولا يزال معقوداً بنواصي أهل البيت (عليهم السلام) وكذلك شيعتهم ولا يرتفع عنهم إلا بمن يمحي من بين الناس الظلم كله فيقلب الأرض - بإذن الله تعالي - جنة من العدل والقسط بعد أن عاش طويلاً في جحيم الظلم والجور، وهو الإمام المهدي (عليه السلام) وعجل الله تعالي فرجه الشريف وجعلنا من أنصاره وأعوانه.

[585] كأن المقصود بذلك تفضيل علي (عليه السلام) علي الشيخين.

[586] أي أخّر صلاة العشاء حتي تظهر النجوم بشكل كامل. لأن النجوم تظهر أول الليل باهتة، وعندما يحين الغسق تظهر بحدة وتبدو للرأي وكان أشعتها متشابكة.

[587] أي أخّر صلاة الصبح حتي يطفأ ضياء الفجر فيغمر النجوم ويتم انقضاء النجوم بعد طلوع الفجر بحوالي ساعة غالباً في مثل بلادنا.

[588] يمكن المناقشة في مقالة أبي الحسين الأسدي، أولاً: بأن معني كلمة (استحل) أنه عامله معاملته للحلال بأن تصرف فيه غير متورع، وليس معناه الاستحلال المقابل للاستحرام الذي يعني إنكار ضروري من ضرورات الدين المساوي للخروج من الدين. ثانياً: محتوي كلام الأسدي: أن الإمام المنتظر كتب نصاً غير دقيق، فلما بدا للأسدي غير الإمام المنتظر نص كتابه بطريقة معجزية، ومن الممكن أن الأسدي لم يكن دقيقاً في نظرته الأولي إلي الكتاب فلما تأمله في النظرة الثانية قرأه قراءة صحيحة، ونسبة عدم الدقة إلي الأسدي أولي من نسبته إلي الإمام المنتظر، خاصة وأن الالتباس وقع في نص مكتوب والكتاب يشهد للكاتب.

[589] لعل السبب أن العطاس يحدث علي أثر انسداد في بعض الشرايين لضغط الدم وإعادته إلي جريانه العادي، فإذا كان الجسم يتمتع بقدرته الكاملة علي المقاومة يحدث العطاس وإلا يؤدي الانسداد إلي انفجار في الشرايين المصاب بالانسداد، والجسم الذي يتمتع بكامل

قدرته علي المقاومة لا تفارقه الروح قبل ثلاثة أيام إلا بعامل خارجي. ولعل للعطاس دلالة أخري غير الدلالة الصحية.

[590] يبدو أن عامة الناس لا يرون تفوقاً معجزياً في أولياء الله إلا ويجنحون إلي الغلو؟ ولذلك يوجد تركيز مؤكد من جميع أولياء الله علي أنهم عبيد الله. فقد أُله عيسي ابن مريم، فرد الله عليه بالحوار التالي: (وإذا قال الله يا عيسي ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب، ما قلت له إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت علي كل شيء شهيد...) سورة المائدة، آية116 - 117. وجنح بعض آخر إلي الغلو في شأن النبي محمد (صلي الله عليه وآله) حتي ادعوا أنه لن يموت، فأثبت قرآناً يقول: (وما محمد إلا رسول خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابكم...) سورة آل عمران، آية 144. وفرض علي المسلمين أن كرروا في جميع صلواتهم: (... وأشهد أن محمداً عبده ورسوله). ومال آخرون إلي الغلو في بعض الأئمة فأكدوا - جميعاً - أنهم عباد مكرمون، لا أكثر ولا أقل. وهذا القول من الإمام المهدي من جملة التأكيدات علي بشرية الأئمة، وعلي كونهم عباداً لله تعالي.

[591] الاستنكاف: الأنفة من الشيء، وأصله من كنف الدمعة إذا نحاها بإصبعه من خده لئلاّ يبقي أثرها عليه، كأنه يترفع عما يعبر عنه الدمع من الضعف أمام المصائب. والاستكبار: الاستعظام، بأن يري

نفسه أعظم مما يطرح عليه. والإمام المهدي اقتبس الكلمتين من الآيتين التاليتين: الأولي: (لن يستنكف المسح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون...) سورة النساء، آية 172. الثانية: (إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عباده ويسبحونه وله يسجدون) سورة الأعراف، آية 206.

[592] داحضة: زائلة. ذلك أن أعداء الأئمة الطاهرين كانوا يتصورن أن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) لا عقب له، وكانوا يقولون: إن العسكري يموت وتنتهي سلسلة الأئمة المعصومين زاعمين أن بموته تنقطع حجة الله علي الأرض دون أن يعلموا أن له ولداً هو الإمام المهدي، ولكن الله لم يأذن له بالإعلان عن نفسه. حتي يعلم الجميع أن الإمامة مستمرة من خلاله، ولو أذن الله له بالإعلان عن نفسه لزال الشك في انقطاع سلسلة الأئمة (عليهم السلام). ولعل المقصود ب_(حجة الله داحضة) أن الإمامة منقطعة، ولا ولد للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) (ولو أذن الله لنا) بالظهور بين الناس. أما مسألة تكلم الطفل الصغير فهي ليست غريبة. أولاً: بقدرة الله تعالي التي أنطلق بقدرته الجمادات كالحصي في يد رسول الله (صلي الله عليه وآله). ثانياً: بما ثبت من المعاجز بالمئات والمئات في مختلف أدوار تواريخ النبي وأهل بيته (عليه وعليهم الصلاة والسلام). وثالثاً: بما ورد في القرآن الحكيم من تكلم نبي الله عيسي ابن مريم (عليهما السلام) حين ولادته (فأشارت إليه قالوا: كيف نكلم من كان في المهد صبياً قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً ذلك عيسي ابن مريم..) سورة مريم: الآيات29 - 34. ومن الثابت بالأدلة القاطعة العديدة

أن الإمام المهدي (عليه السلام) أكرم علي الله تعالي من عيسي ابن مريم (عليهما السلام).

[593] ثم جاء النص بعده هكذا: فورد الكتاب وأنا لا أعلم أن لي حملاً، فدخلت إلي جارتي فسألتها عن ذلك فأخبرتني أن علتها قد ارتفعت فولدت غلاماً.

[594] وجاء بعده النص كما يلي: وأجيب عن كتابه وكان الأمر كما قيل له.

[595] ثم جاء النص كما يلي: فأومأ إلي الخادم فأخذ بيدي، وناولني صرة وخرج ومشي معي خطوات، فنظرت إلي ظلال وأشجار ومنارة مسجد فقال: أتعرف هذا البلد؟ قلت: إن بقرب بلدنا بلدة تعرف ب_(استاباد) وهي تشبهها قال: فقال: هذه استاباد امض راشداً، فالتفت فلم أره، ودخلت استاباد، وإذا في الصرة أربعون أو خمسون ديناراً، فوردت همذان، وجمعت أهلي وبشرتهم بما أتاح الله لي ويسره عز وجل، ولم نزل بخير ما بقي معنا من تلك الدنانير. قال العلامة المجلسي (قدس سره) بعد إيراد هذا النص: بيان: قوله (في سواء تلك الأرض) أي: وسطها. وظبة السيف: بالضم مخففاً: طرفه. ولعل (استاباد) هي التي تعرف اليوم ب_(اسداباد). ثم قال المجلسي: أقول: روي الراوندي مثل تلك القصة عن جماعة سمعوها منه.

[596] ثم جاء النص كما يلي: ثم ينتهي (عليه السلام) إلي المقام فيصلي ركعتين وينشد الله حقه أي: يطلب من الله حقه في الظهور، أو في الانتقام من أعداء الله، أو حقه في إرساء دعائم حكم الله في كل أرجاء الأرض. والظاهر: أن معني (أولي - أولي) يعني: أقرب إليهم من أي شخص آخر، فأنا أعلم بجميعهم، أعلم بأن جميعهم بشروا بي، وأنا أعلم بكتاب الله من أي شخص آخر.

[597] ثم جاء النص بعد ذلك كما يلي: قال أبو القاسم: فأعلمني بهذه الجملة فلما كان سنة

سبع وستين (أي: بعد ثلاثين سنة كما قال الإمام المهدي (عليه السلام) (والمقصود سنة سبعة وستين بعد الثلاثمائة كما هو واضح لكون ابن قولويه وفاته في تلك السنة) اعتل أبو القاسم، وأخذ يأخذ في أمره وتحصيل جهازه إلي قبره، فكتب وصيته، واستعمل الجد في ذلك، فقيل له: ما هذا الخوف؟ وترجو أن يتفضل الله بالسلامة، فما عليك بمخوفة فقال: هذه السنة التي خوفت فيها، فمات في علته.

[598] وفي بعض النسخ: (البيعة لله). البيعة بمعني: البيع، لأن الإنسان يبيع نفسه إلي من يبايعه، والبيعة لله يعني: إنما يجوز بيع الإنسان نفسه إلي الله تعالي فقط، لا إلي غيره.. و(الرفعة لله) أيضاً كذلك، إذ الرفعة الحقيقة إنما هي لله، ولا رفعة بغير الله بإذنه التشريعي، أو التكويني، أو كليهما معاً.

[599] ثم جاء في النص ما يلي: وكان في القافلة الأخيرة فسلم بنفسه وقتل من تقدمه في القوافل الأخري.

[600] الحوانيت: جمع حانوت، بمعني الدكان والمحل الذي يتخذ للبيع والشراء.

[601] قال السيد ابن طاووس (قدس سره) في ربيع الشيعة: حاجز بن يزيد من وكلاء الناحية، وقد أسلفنا بحثاً مختصراً عنه في المقدمة فلاحظ هناك، ونزيد هنا قول صاحب الرسائل (حاجز، من وكلاء الناحية علي ما في إرشاد المفيد وربيع الشيعة) ج20 ص158 وقد ترجم له جامع الرواة ج1 ص171 أيضاً.

[602] ثم جاء النص كما يلي: فقضاني الناس إلا رجل واحد وكان علية سفتجة بأربعمائة دينار، فجئت إليه أطلبه، فمطلني واستخف بي ابنه وسفه علي، فشكوته إلي أبيه فقال: وكان ماذا؟ فقبضت علي لحيته وأخذت برجله وسحبته إلي وسط الدار وركلته ركلاً كثيراً، فخرج ابنه مستغيثاً بأهل بغداد يقول: قمي رافض قد قتل والدي، فاجتمع علي منهم خلق كثير، فركبت

دابتي وقلت: أحسنتم يا أهل بغداد تميلون مع الظالم علي الغريب المظلوم، أنا رجل من أهل همذان، من أهل السنة، وهذا ينسبني إلي قم، ويرميني بالرفض فيذهب حقي ومالي. قال: فمالوا عليه وأرادوا أن يدخلوا إلي حانوته حتي سكنتهم، وطلب إلي صاحب السفتجة أن آخذ ما فيها وحلف بالطلاق أنه يوفيني مالي في الحال، فاستوفيت منه. وقد علق العلامة المجلسي (قدس سره) علي هذا الحديث مفسراً كلمة (الغريم) قال: وتكنيته (عليه السلام) به - أي: بالغريم - يحتمل الوجهين - لأنه الغريم من أضداد اللغة جاء بمعني المديون، وبمعني الدائن أيضاً -: أما علي الأول - يعني المديون - فيكون علي التشبيه لأن من عليه الديون يخفي نفسه من الناس، ويستتر منهم، أو لأن الناس يطلبونه لأخذ العلوم والشرائع منه، وهو يهرب منهم تقية فهو غريم مستتر محق صلوات الله عليه. وأما علي الثانية يعني الدائن - فهو ظاهر، لأن أمواله (عليه السلام) في أيدي الناس وذممهم لكثيرة، وهنا أنسب بالأدب (ج51 ص298).

[603] ثم جاء في النص ما يلي: فيأخذون بيدي، وينصبوني بين الركن والمقام فيبايع الناس عند إياسهم عني.

[604] المقصود بذلك كله: أنه خلاصة تعاليم السماء كلها المنزلة علي كل الأنبياء والمودعة عند كل الأوصياء، فمن أراد أن ينظر إلي آدم، ونوح، وموسي، وعيسي ومحمد (صلي الله عليهم) وغيرهم من الأنبياء في تعاليمهم وأخلاقهم وسيرتهم وسلوكهم فلينظر إليه فإنه الجامع لجميعها، وكذلك بالنسبة للأئمة المعصومين (عليهم السلام). أو لعل المقصود بذلك، أنا الذي بشر به الأنبياء والأوصياء كلهم، وقد قال تعالي: (ليظهره علي الدين كله) سورة التوبة آية 33، سورة الفتح آية 28، سورة الصف آية 9.

[605] هذا الكلام أشارة إلي أن الإمام المهدي

(عليه السلام) يأتي بأحكام جديد أخري هي مودعة عنده الآن بوصية من رسول الله (صلي الله عليه وآله) فيخبر بها وينشرها بين الناس، وقد تواردت الأحاديث الشريفة بذلك.

[606] ثم جاء قي الحديث بعد ذلك ما يلي: (ثم يبتدئ (يعني: الإمام المهدي (عليه السلام)) بالصحف التي أنزلها الله علي آدم وشيت (عليهما السلام) وتقول أمة آدم وشيت هبة الله: هذه والله هي الصحف حقاً ولقد أرانا، لم نكن نعلمه فيها وما كان خفي علينا، وما كان أسقط فيها وبدل وحرف. ثم يقرأ صحف نوح وصحف إبراهيم (عليهما السلام) والتوراة والإنجيل والزبور، فيقول أهل التوراة والإنجيل والزبور: هذه والله صحف نوح وإبراهيم (عليهما السلام) حقاً، وما أسقط منهما وبدل وحرف منهما، هذه والله التوراة الجامعة والزبور التام والإنجيل الكامل، وإنها أضعاف ما قرأنا منها. ثم يتلو القرآن كامل غير منقوص الحديث. وهنا ملاحظتان: 1- إن صحف آدم وشيت وإبراهيم وزبور داوود (عليهم السلام) لا يوجد اليوم منها عين ولا أثر سوي ما نقل عنها الرسول (صلي الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام (عليهم السلام) اللذين عندهم - بإذن الله تعالي - علم كل شيء. 2- تلاوة القرآن كاملاً (الظاهر) أن المراد به - كما تنص عليه أحاديث شريفة - الكمال والتفسير والتأويل الذين سجلهما أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) عند نزول الوحي علي رسوله الله (صلّي الله عليه وآله) وإلا فتنزيل القرآن الحكيم مصون عن التحريف والتبديل كما عليه المحققون من علماء الإسلام.

[607] ثم جاء في الحديث بعد ذلك ما يلي: (فترد صيحته عليه السلام) عليهم وهم علي محاريبهم، وعلي فرشهم في شرق الأرض وغربها فيسمعونه في صيحة واحدة في أذن كل رجل، فيجيئون نحوها (أي: نحو

الصيحة) ولا يمضي لهم إلا كلمحة بصر حتي يكون كلهم بين يديه (عليه السلام) بين الركن والمقام...) الحديث.

[608] المهزيار هذا هو محمد بن إبراهيم بن مهزيار الذي كان وأبوه وكيلين لصاحب الأمر (عليه السلام) - كما أسلفنا ذلك في المقدمة - وتشرف أخوه بلقاء الحجة (عليه السلام) بعد عشرين حجة حجها كما ذكرنا ذلك أيضاً في هذا الكتاب، وبيت المهزيار يشبه بيت زرارة، حيث أن العديد فيهم من العلماء والأوتاد والأخيار وتجد تواريخهم عند ذكر أسماء كل واحد منهم في كتب الرجال والتاريخ (رضوان الله عليهم).

[609] هذه الجملة إشارة من الإمام (عليه السلام) إلي أن ما كان قد حدث في أوائل الغيبة الصغري بعد وفاة الحسن العسكري (عليه السلام) من الاضطراب والتشويش بين بعض السذج والبسطاء من الشيعة من الجهل بإمامهم وولي أمرهم مولانا صاحب الزمان (عليه السلام)، وكان مولانا المهدي (عليه السلام) لا يفتأ يستمر في توعيتهم بمختلف الأساليب والسبل التي تضمن في نفس الوقت للشيعة الحفظ عن الأعداء والبقاء.

[610] سورة النساء آية 59.

[611] إشارة إلي قول الله: (حتي جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون) سورة التوبة آية 48.

[612] كان محمد بن إبراهيم قبل هذا الحديث الشريف بعد لم يعرف إمام زمانه بالضبط، ولذا كان شاكاً مرتاداً تري من يكون إمام هذا الزمان؟

[613] المقصود بالشيخ أبو إبراهيم بن مهزيار.

[614] الوحي: التعجل، أي: خاف أن يجعل به الموت قبل وصوله بخدمة صاحب الأمر (عليه السلام) وتسليم المال إليه.

[615] لعل المراد بهذه الجملة: إنك في هذه الأيام لا تقصد لجمع المال لنا، فمن أتاك بمال فرده إليه، وهنا المعني قد يستنبط من الجملة التي تليها (فإن الزمان أصعب ما كان) لما مر في غضون بعض

مباحث هذا الكتاب من أن الظالمين كانوا يتربصون - لفترة - بوكلاء صاحب الأمر (عليه السلام) ليؤذوهم أو يسجنوهم أو يقتلوهم.

[616] قوله (عليه السلام) (بعض) إما دعاء له لبعض الشفاء، إذ قد يري الإمام علي (عليه السلام) المصلحة في بعض الشفاء ولا في تمامه، كما قد كان (عليه السلام) يسأل الشفاء فلا يجيب علي هذا السؤال - كما في بعض التوقيعات الرفيعة - (وإما) دعاء له بكامل الشفاء، ولكن كلمة (بعض) لطرد الحرارة الزائدة عن المقدار اللازم للحياة والصحة، إذ لو ذهبت الحرارة كلها أصبح الإنسان ميتاً. وهذه لطيفة لا يبعد كونها هي المقصودة، ليتم انسجام هذه الجملة مع الجمل قبلها وبعدها.

[617] هذه أسماء حيوانات. (إما الوبر) - بفتح فسكون - ففي أقرب الموارد: دمية كالسنور أصغر منه كحلاء اللون حسنة العينين لها ذنب قصير جداً إلي الخ. (السمور) - بفتح فضم مشدد - في أقرب الموارد: حيوان بري يشبه السنور يتخذ من جلده فراء ثمينة للينها وخفتها وإدفائها وحسنها. (والسنجاب) - بضم وفتح، فسكون - في أقرب الموارد: حيوان علي حد اليربوع أكبر من الفأر وشعره في غاية النعومة تتخذ من جلده الفراء. (الفتك) - بفتحهما - في مجمع البحرين: دويبة برية غير مأكول اللحم يؤخذ منه الفرو ويقال أن فروها أطيب من جميع أنواع الفراء. (الدلق) - بفتحتين - في مجمع البحريين: علي ما قيل دويبة نحو الهرة طويل الظهر يعمل منه الفرو تشبه النمر، فارسي معرب. (الحواصل) في مجمع البحرين: وهو جمع حوصلة وهو طير كبير له حوصلة عظيمة يتخذ منها الفرو.

[618] أي: إذا لم يكن مزيجاً بأجزاء غير مأكول اللحم.

[619] مسألة الصلاة في الحواصل اختلفت فيها الأخبار، وكلمات الفقهاء، فبين مجوز

وبين عدمه، وبين مفتي بالجواز، ومفتي بالعدم، متوقف محتاط بالترك. قال الحجة الطباطبائي في العروة الوسطي: (وأما السمور والفاقم والفنك والحواصل فلا يجوز الصلاة في أجزائها علي الأقوي) العروة الوثقي: ج1 ص56 والطبعة القديمة ص199. ووافقه عليه معظم المراجع المعاصرين ومن تقدمهم ممن علقوا علي العروة الوثقي فسكتوا عن التعليق هنا غير بعض غيروا فتوي المتن إلي الاحتياط، والسيد الحجة الكوهكمره (قدس سره) الذي أفتي بالجواز في الخوارزمية منها وقد سبقه إلي القول بالجواز المبسوط والنهاية والجامع والبحار والمعتمد والمستدرك وظاهر المنتهي (نعم) المشهور قديماً وحديثاً علي عدم الجواز، وإن ادعي الشيخ في النهاية والمبسوط الإجماع علي الجواز واستظهر العلامة (قدس سره) في المنتهي من هذا الإجماع ذهاب الأكثر إليه (فتأمل) أما نحن مع الاحتياطيين والله العالم. راجع للتوسع في ذاك: مستند الشيعة: ج1 ص289، والمستمسك ج5 ص325 وغيرهما.

[620] هذه الجملة الأخيرة لا توجد في نسخة البحار، وتوجد في مستدرك الوسائل.

[621] ثم جاء النص بعد ذلك: فما أتت علي الجمعة حتي عوفيت وصار الموضع مثل راحتي، فوعدت طبيباً من أصحابنا وأريته إياه فقال: ما عرفنا لهذا دواءً وما جاءتك العافية إلا من قبل الله بغير احتساب.

[622] هذه معجزة أخري، لأنها جاءت علي أثر ما قاله الحسن في نفسه في الخلوة أنه لا يتصرف فيها، وكان الإمام صاحب الأمر عليه الصلاة والسلام يريد أن يقول: ليست الهدية لأبيك بواسطتك، وإنما هي لك، فإن كنت عزمت أن لا تتصرف فيها فلا نبعثها إليك.

[623] ويظهر من ذلك أنه كان في طريقه إلي الحج، وأن الإمام صاحب الأمر (عليه السلام) بعث إليه الثوبين لإحرامه ليكون من خالص الحلال، لما ورد عن آبائه عليهم الصلاة والسلام من أن مهور نسائهم

وحج صرورتهم وكفارة موتاهم من طهور أموالهم (عليهم السلام) (سفينة البحار: ج2 ص486).

[624] ثم قال الحسن بن الفضل: وسألت طيباً فيعث (عليه السلام) إلي بطيب في خرقة بيضاء فكانت معي في المحمل، فنفرت ناقتي بعسفان، وسقط محملي وتبدد ما كان معي، فجمعت المتاع وافتقدت الصرة واجتهدت في طلبها حتي قال بعض من معنا ما تطلب؟ فقلت: صرة كانت معي قال: وما كان فيها قلت: نفقتي، قال: رأيت من حملها، فلم أزل أسأل عنها حتي أيست منها، فلما وافيت مكة حللت عيبتي وفتحتها فإذا أول ما بدا علي منها الصرة وإنما كانت خارجاً في المحمل فسقطت حين تبدد المتاع... الحديث.

[625] القاعدة الولد للفراش، ومجرد الشك وعدم العلم لا يجوز به نفي الولد ولا نفي الإرث عنه.

[626] الروايات في هذا الباب مختلفة، وأقوال الفقهاء متعددة، ويرجع بشأن المسألة الكتب المبسوطة في ذلك كالجواهر، والمجلد الآخر من العروة الوثقي للسيد الحجة الطباطبائي اليزدي (قدس سره) والمسالك وغيرها. (وأما الدعاء) للسائل فكأنه أكتفي ب_(أبقاك الله) من الإمام (عليه السلام) وهو كاف لكون دعاؤهم جامعاً.

[627] أبو الحسين كأنه راوي الحديث - وإن لم يسبق ذكر اسمه - ومعني ذلك أن الرجل حسب المدة بين مواقعة الجارية وبين ولادة الولد فحصل له العلم بأن الولد منه.

[628] ثم جاء النص بعد ذلك كما يلي: قال أبو جعفر (عليه السلام): لكأني أنظر إليهم مصعدين من نجف الكوفة ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، كأن قلوبهم زبر الحديد، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره يسير الرعب أمامه شهراً وخلفه شهراً، أمد الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين حتي إذا صعد النجف قال لأصحابه: تعبدوا ليلتكم هذه، فيبيتون بين راكع وساجد يتضرعون إلي الله حتي إذا أصبح

قال: خذوا بنا طريق النخيلة... الحديث.

[629] وحق قول الله سبحانه وتعالي: (هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون) سورة براءة آية 34، سورة الصف آية 9. ويقرأ: (إنا فتحنا لك فتحاً مبينا...) سورة الفتح آية 1. الحديث.

[630] أي: للإمام المهدي (عليه السلام)، وضمير (إليه) أيضاً راجع إلي الإمام (عليه السلام)، والراوي نقل بعض هذه القطع بالمعني.

[631] وجاء النص بعده كما يلي: فقلت: أكان كما كنت إليك؟ قال: نعم، وجهت بمائتي دينار لأني شككت فأزال الله عني ذلك، فورد موت (حاجز) بعد يومين أو ثلاثة فصرت إليه وأخبرت بموت حاجز، فاغتم فقلت: لا تغتم. فإن ذلك في توقيعه (عليه السلام) إليك، وإعلامه أن المال ألف دينار والثانية أمره بمعاملة الأسدي لعلمه بموت حاجز.

[632] العلامة المجلسي - بحار الأنوار: ج51 - ص306 - عن كتاب النجوم.

[633] العلامة المجلسي - بحار الأنوار: ج51 - ص306 - عن رجال الكشي.

[634] العلامة المجلسي - بحار الأنوار: ج51 - ص306 - عن فهرست النجاشي.

[635] بحار الأنوار: ج51 - ص308 عن إرشاد المفيد، وغيبة الطوسي (قدس سره).

[636] بحار الأنوار: ج51 - ص308 عن الكافي.

[637] بحار الأنوار: ج51 - ص308 عن الكافي.

[638] بحار الأنوار: ج51 - ص308 عن الكافي.

[639] بحار الأنوار: ج51 - ص310 عن الكافي للكليني.

[640] بحار الأنوار: ج51 - ص310 عن غيبة الشيخ الطوسي (قدس سره) (قوله: لا يرفع لي رأس) كناية عن عدم الاعتناء به والتوجه إليه.

[641] بحار الأنوار: ج51 - ص311 عن الطوسي (قدس سره).

[642] بحار الأنوار: ج51 - ص303 عن الكافي، وإرشاد المفيد، وكتاب النجوم، باختلافات في التعبيرات.

[643] بحار الأنوار: ج51 - ص316 عن غيبة الطوسي وكتاب النجوم.

[644] بحار الأنوار: ج51

- ص317 عن غيبة الطوسي (قدس سره)، ودلائل الإمامة، وكتاب النجوم.

[645] بحار الأنوار: ج51 - ص322 عن غيبة الطوسي (قدس سره).

[646] بحار الأنوار: ج51 - ص323 عن غيبة الشيخ الطوسي (رضي الله عليه).

[647] بحار الأنوار: ج51 - ص325 عن إكمال الدين، وإرشاد المفيد، والخرايج.

[648] بحار الأنوار: ج51 - ص326 عن إكمال الدين، وإرشاد المفيد.

[649] بحار الأنوار: ج53 - ص184 عن إكمال الدين.

[650] بحار الأنوار: ج53 - ص184 عن إكمال الدين.

[651] بحار الأنوار: ج51 - ص33 عن الكافي. مسألة النهي عن تسمية الإمام المهدي (عليه السلام) باسمه الخاص صلوات الله عليه وعلي آبائه قد ورد في أحاديث عديدة عن أئمة أهل البيت بدءاً بأمير المؤمنين وانتهاءً بالإمام الحسن العسكري والإمام المهدي نفسه عليهم الصلاة والسلام. وقد جمع منها العلامة المجلسي (قدس سره) في بحار الأنوار بضعة عشرة حديثاً (ج51 ص31 - 34). وقد اختلفت كلمات الفقهاء (رضوان الله عليهم) في تفسير هذا النهي. فقد قال الشيخ الصدوق (رضوان الله عليه): (الذي أذهب إليه النهي عن تسميته) يقصد بذلك التحريم، وقال بعضهم بالكراهة، وفصل بعضهم بين أوائل الغيبة الصغري فالتحريم وبين الأزمنة المتأخرة فالكراهة. قال المحقق القمي (قدس سره) في جامع الشتات ما ترجمته: (أخبار المنع عن تسمية جنابه (عليه السلام) كثيرة، حتي أن الكليني (قدس سره) روي بسند صحيح عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: صاحب هذا الأمر لا يسميه باسمه إلا كافر، وهكذا في أحاديث أخري ورد التصريح بحرمة ذكر اسمه الشريف. ولكن ما يستفاد من سائر الأخبار هو: أن ذلك من باب التقية والاتقاء في حقه ومن الأزمنة الأولي من ولادته (عليه السلام) والأزمنة المتقاربة من أيام غيبته (عليه السلام)، وذلك لأن الفراعنة

في زمان آل محمد (صلي الله عليه وآله) كانوا دائماً يحاولون إطفاء النور الإلهي. وحيث أنهم كانوا قد سمعوا أن صاحب الأمر (عليه السلام) سيملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، وقد كان علماء السنة أيضاً رووا هذا الحديث، وكان قد ورد في أخبارهم أيضاً أن اسمه موافق لاسم جده رسول الله (صلي الله عليه آله)... إلي أن قال:... لهذه الأسباب كان فرعون ذاك الزمان يسعي حثيثاً في طلبه (عليه السلام)، ولأجل ذلك جعلوه (عليه السلام) مختفياً، ونهوا شيعتهم عن ذكر اسمه الشريف وعن مكانه، وقد ورد في بعض الأخبار التصريح بأن علة ترك ذكر الاسم الشريف هو: أنه حيث تحقق عند السلطان أن أبا محمد يعني الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) مات ولم يخلف ولداً فإذا ذكر اسمه (عليه السلام) صار في طلبه فاتقوا الله، واحفظوا ألسنتكم عن ذكر اسمه (والحاصل) أن وجه المنع ظاهراً هو هذا، وأما في أمثال زماننا فلا أري مانعاً عنه ظاهراً (ولو) لم يصرح باسمه واكتفي بالفظ (الحجة) كان أحوط) جامع الشتات: ج2 ص748. لكن العلامة المجلسي (قدس سره) بعد نقله حديث موسي بن جعفر (عليه السلام) الذي جاء فيه: (ولا يحل لهم تسميته حتي يظهره الله عز وجل فيملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً) قال في بحار الأنوار: (هذه التحديدات مصرحة في نفي قول من خص ذلك بزمان الغيبة الصغري تعويلاً علي بعض العلل المستنبطة والاستبعادات الوهمية) البحار: ج51 ص32.

[652] محمد بن صالح بن محمد الهمداني الدهقان قال في جامع الرواة (ج2 ص131): من أصحاب العسكري (عليه السلام) وكيل الناحية... حكي بعض الثقات بنيشابور أنه خرج لإسحاق بن إسماعيل عن أبي محمد (عليه السلام)

توقيع: (يا إسحاق... إلي أن قال فإذا وردت بغداد فاقرأه علي الدهقان وكيلنا وثقتنا والذي يقبض من موالينا). وقد ترجم له الشيخ الطوسي (قدس سره) في رجاله ص436. والعلامة في خلاصة الرجال ص69. والكشي في رجاله ص481. والحر العاملي (قدس سره) في وسائل الشيعة: ج20 ص331. والحاج ميرزا حسين النوري (قدس سره) ذكره في مستدرك الوسائل: ج3 ص562.

[653] سورة سبأ آية 18.

[654] كمال الدين وتمام النعمة: ج2 ص201 قال: أبي وابن الوليد جميعاً، عن الحميري....

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.