مكاتيب الائمه (مكاتيب الامام علي بن الحسين)

اشارة

سرشناسه : احمدي ميانجي، علي، 1304 - 1379.، گردآورنده

عنوان و نام پديدآور : مكاتيب الائمه/ علي الاحمدي الميانجي؛ تحقيق و مراجعه مجتبي فرجي.

مشخصات نشر : قم: موسسه دار الحديث العلميه و الثقافيه، مركز الطباعه و النشر ، 1427ق. =1385 -

مشخصات ظاهري : ج.

فروست : مركز بحوث دارالحديث ؛ 93.

شابك : دوره : 964-493-021-5 ؛ 34000ريال : ج. 1، چاپ دوم : 964-493-019-3 ؛ 32000ريال : ج. 2 : 964-493-021-5 ؛ 28000 ريال : ج.3 964-493-028-2: ؛ 32000 ريال : ج.4 : 964-493-165-3 ؛ 50000 ريال : ج.5 : 978-964-493-254-0

يادداشت : عربي.

يادداشت : كتاب حاضر همراه با شرح و توضيح نامه هاي حضرت علي (ع) است كه توسط علي احمدي ميانجي گردآوري و تنظيم شده است.

يادداشت : ج.1 - 3 ( چاپ دوم ).

يادداشت : ج.1 تا 3(چاپ اول: 1384).

يادداشت : ج.4 ( چاپ اول: 1385 ).

يادداشت : ج.5 (چاپ اول: 1387).

يادداشت : كتابنامه.

يادداشت : نمايه.

مندرجات : ج.1و2 . مكاتيب الامام علي .-- ج.3. مكاتيب الامام الحسن والحسين و علي بن الحسين و محمدبن علي .-- ج.4. مكاتيب الامام جعفربن محمدالصادق والامام موسي بن جعفرالكاظم عليهما السلام.-- ج.5. مكاتيب الامام علي بن موسي الرضا عليهما السلام و مكاتيب الامام محمد بن علي الجواد عليهما السلام

موضوع : ائمه اثناعشر -- نامه ها

شناسه افزوده : فرجي، مجتبي، 1346 - ، محقق

شناسه افزوده : موسسه علمي - فرهنگي دارالحديث. سازمان چاپ و نشر

رده بندي كنگره : BP39/5/ن2 الف3 1385

شماره كتابشناسي ملي : 1203857

مكاتيبه

كتابه في الزهد

محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسي و علي بن ابراهيم، عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة، قال: ما سمعت بأحد من الناس كان أزهد من علي بن الحسين عليهماالسلام الا ما بلغني من علي بن أبي طالب عليه السلام. قال أبوحمزة: كان الامام علي بن الحسين عليهماالسلام اذا تكلم في الزهد و وعظ أبكي من بحضرته. قال أبوحمزة:

و قرأت صحيفة فيها كلام زهد من كلام علي بن الحسين عليهماالسلام، و كتبت ما فيها ثم أتيت علي بن الحسين صلوات الله عليه فعرضت ما فيها عليه، فعرفه و صححه و كان ما فيها: بسم الله الرحمن الرحيم كفانا الله و اياكم كيد الظالمين، و بغي الحاسدين، و بطش الجبارين. [ صفحه 160] أيها المؤمنون لا يفتننكم الطواغيت، و أتباعهم من أهل الرغبة في هذه الدنيا، المائلون اليها، المفتتنون بها المقبلون عليها و علي حطامها الهامد، و هشيمها البائد غدا، و احذروا ما حذركم الله منها، و ازهدوا فيما زهدكم الله فيه منها، و لا تركنوا الي ما في هذه الدنيا ركون من اتخذها دار قرار و منزل استيطان. و الله ان لكم مما فيها عليها لدليلا و تنبيها، من تصريف أيامها و تغير انقلابها و مثلاتها و تلاعبها بأهلها، انها لترفع الخميل، و تضع الشريف، و تورد أقواما الي النار غدا؛ ففي هذا معتبر، و مختبر، و زاجر لمنتبه، ان الأمور الواردة عليكم في كل يوم و ليلة من مظلمات الفتن، و حوادث البدع، و سنن الجور، و بوائق الزمان، و هيبة السلطان، و وسوسة الشيطان، لتثبط القلوب عن تنبهها، و تذهلها عن موجود الهدي، و معرفة أهل الحق الا قليلا ممن عصم الله، فليس يعرف تصرف أيامها، و تقلب حالاتها، و عاقبة ضرر فتنتها الا من عصم الله، و نهج سبيل الرشد، و سلك طريق القصد؛ ثم استعان علي ذلك بالزهد، فكرر الفكر، و اتعظ بالصبر، فازدجر، و زهد في عاجل بهجة الدنيا و تجافي عن لذاتها، و رغب في دائم نعيم الآخرة، و سعي لها سعيها و راقب الموت، و شنأ

الحياة مع القوم الظالمين. نظر الي ما في الدنيا بعين نيرة حديدة البصر، و أبصر حوادث الفتن، و ضلال البدع، و جور الملوك الظلمة. فلقد لعمري استدبرتم الامور الماضية في الأيام الخالية من الفتن المتراكمة، و الانهماك فيما تستدلون به علي تجنب الغواة و أهل البدع و البغي و الفساد في الأرض بغير الحق، فاستعينوا بالله، و ارجعوا الي طاعة الله، و طاعة من هو أولي بالطاعة ممن اتبع فأطيع. فالحذر الحذر من قبل الندامة و الحسرة، و القدوم علي الله، و الوقوف بين يديه. [ صفحه 161] و تالله ما صدر قوم قط عن معصية الله الا الي عذابه، و ما آثر قوم قط الدنيا علي الآخرة الا ساء منقلبهم، و ساء مصيرهم، و ما العلم بالله و العمل الا الفان مؤتلفان، فمن عرف الله خافه و حثه الخوف علي العمل بطاعة الله، و ان أرباب العلم و أتباعهم، الذين عرفوا الله فعملوا له و رغبوا اليه، و قد قال الله: (انما يخشي الله من عباده العلماء) [1] . فلا تلتمسوا شيئا مما في هذه الدنيا بمعصية الله، و اشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة الله، و اغتنموا أيامها، واسعوا لما فيه نجاتكم غدا من عذاب الله، و فان ذلك أقل للتبعة، و أدني من العذر، و أرجي للنجاة، فقدموا أمر الله، و طاعة من أوجب الله طاعته بين يدي الامور كلها، و لا تقدموا الامور الواردة عليكم من طاعة الطواغيت من زهرة الدنيا بين يدي الله و طاعته، و طاعة أولي الأمر منكم، و اعلموا أنكم عبيدالله و نحن معكم يحكم علينا و عليكم، سيد حاكم غدا و هو موقفكم و مسائلكم؛ فأعدوا الجواب

قبل الوقوف و المساءلة و العرض علي رب العالمين، يومئذ لاتكلم نفس الا باذنه. و اعلموا أن الله لا يصدق يومئذ كاذبا، و لا يكذب صادقا، و لا يرد علي مستحق، و لا يعذر غير معذور، له الحجة علي خلقه بالرسل، و الأوصياء بعد الرسل. فاتقوا الله عباد الله، و استقبلوا في اصلاح أنفسكم، و طاعة الله، و طاعة من تولونه فيها، لعل نادما، قد ندم فيما فرط بالأمس في جنب الله، وضيع من حقوق الله، و استغفروا الله، و توبوا اليه، فانه يقبل التوبة، و يعفو عن السيئة، و يعلم ما تفعلون. و اياكم و صحبة العاصين، و معونة الظالمين، و مجاورة الفاسقين، احذروا فتنتهم، و تباعدوا من ساحتهم، و اعلموا أنه من خالف أولياء الله و دان بغير دين الله، [ صفحه 162] و استبد بأمره دون أمر ولي الله، كان في نار تلتهب، تأكل أبدانا قد غابت عنها أرواحها، و غلبت عليها شقوتها، فهم موتي، لا يجدون حر النار، و لو كانوا أحياء لوجدوا مضض حر النار. و اعتبروا يا أولي الأبصار، و احمدوا الله علي ما هداكم، و اعلموا أنكم لا تخرجون من قدرة الله الي غير قدرته، و سيري الله عملكم و رسوله، ثم اليه تحشرون، فانتفعوا بالعظة، و تأدبوا بآداب الصالحين. [2] .

كتابه في المواعظ يوم الجمعة

اشاره

حدثني محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسي و علي بن ابراهيم، عن أبيه جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن غالب الأسدي، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، [3] قال: كان علي بن الحسين عليهماالسلام يعظ الناس [ صفحه 166] و يزهدهم في الدنيا و يرغبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام

في كل جمعة، في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و حفظ عنه و كتب، كان يقول:

الوصية بالتقوي

«أيها الناس اتقوا الله، و اعلموا أنكم اليه ترجعون، فتجد كل نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير محضرا، و ما عملت من سوء تود لو أن بينها و بينه أمدا بعيدا، و يحذركم الله نفسه، ويحك يا ابن آدم الغافل، و ليس بمغفول عنه. [ صفحه 167]

التحذير من الموت

يا ابن آدم ان أجلك أسرع شي ء اليك، قد أقبل نحوك حثيثا يطلبك، و يوشك أن يدركك، و كأن قد أوفيت أجلك، و قبض الملك روحك، و صرت الي قبرك وحيدا، فرد اليك فيه روحك، و اقتحم عليك فيه ملكان، ناكر و نكير لمسائلتك و شديد امتحانك. ألا و ان أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده، و عن نبيك الذي أرسل اليك، و عن دينك الذي كنت تدين به، و عن كتابك الذي كنت تتلوه، و عن امامك الذي كنت تتولاه، ثم عن عمرك فيما كنت أفنيته، و مالك بن أين اكتسبته و فيما أنت أنفقته، فخذ حذرك، و انظر لنفسك، و أعد الجواب قبل الامتحان و المسائلة و الاختبار. فان نك مؤمنا عارفا بدينك، متبعا للصادقين، مواليا لأولياء الله لقاك الله حجتك، و أنطق لسانك بالصواب، و أحسنت الجواب، و بشرت بالرضوان و الجنة من الله عزوجل، و استقبلتك الملائكة بالروح و الريحان، و ان لم تكن كذلك تلجلج لسانك، و دحضت حجتك، و عييت عن الجواب، و بشرت بالنار، و استقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم، و تصلية جحيم.

التذكير بالمعاد

و اعلم يا ابن آدم أن من وراء هذا أعظم و أفظع و أوجع للقوب يوم القيامة، ذلك يوم مجموع له الناس، و ذلك يوم مشهود يجمع الله عزوجل فيه الأولين و الآخرين، ذلك يوم ينفخ في الصور، و تبعثر فيه القبور، و ذلك يوم الآزفة اذ القلوب لدي الحناجر كاظمين، و ذلك يوم لا تقال فيه عثرة، و لا يؤخذ من أحد فدية، و لا تقبل من أحد معذرة، و لا لأحد فيه مستقبل توبة، ليس الا الجزاء بالحسنات و

الجزاء بالسيات. [ صفحه 168]

الترغيب في الخير و الترهيب و التحذير من الغفلة

فمن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من خير وجده، و من كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من شر وجده، فاحذروا ايها الناس من الذنوب و المعاصي ما قد نهاكم الله عنها، و حذركموها في كتابه الصادق و البيان الناطق، و لا تأمنوا مكر الله و تحذيره و تهديده عند ما يدعوكم الشيطان اللعين اليه من عاجل الشهوات و اللذات في هذه الدنيا، فان الله عزوجل يقول: (ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون) [4] ، و أشعروا قلوبكم خوف الله، و تذكروا ما قد وعدكم الله في مرجعكم اليه من حسن ثوابه، كما قد خوفكم من شديد العقاب، فانه من خاف شيئا حذره، و من حذر شيئا تركه. و لا تكونوا من الغافلين المائلين الي زهرة الدنيا الذين مكروا السيئات فان الله يقول في محكم كتابه: (أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون - أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين - أو يأخذهم علي تخوف فان ربكم لرءوف رحيم) [5] ، فاحذروا ما حذركم الله بما فعل بالظلمة في كتابه، و لا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما تواعد به القوم الظالمين في الكتاب.

في ذم الركون الي الدنيا

و الله، لقد وعظكم الله في كتابه بغيركم، فان السعيد من وعظ بغيره، و لقد أسمعكم الله في كتابه ما قد فعل بالقوم الظالمين من أهل القري قبلكم، حيث قال: (و كم قصمنا من قرية كانت ظالمة) و انما عني بالقرية أهلها حيث يقول: (و أنشأنا بعدها قوما ءاخرين)، فقال عزوجل: (فلمآ احسوا بأسنآ اذا هم منها

يركضون)، يعني يهربون، قال: (لا تركضوا و ارجعوا الي مآ أترفتم فيه و مساكنكم لعلكم تسألون)، [ صفحه 169] فلما أتاهم العذاب (قالوا يا ويلنآ ان كنا ظالمين - فما زالت تلك دعويهم حتي جعلناهم حصيدا خامدين) [6] . و أيم الله، ان هذه عظة لكم و تخويف، ان اتعظتم و خفتم، ثم رجع القول من الله في الكتاب علي أهل المعاصي و الذنوب، فقال عزوجل: (و لئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنآ انا كنا ظالمين) [7] . فان قلتم أيها الناس: ان الله عزوجل انما عني بهذا أهل الشرك، فكيف ذلك و هو يقول: (و نضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا و ان كان مثقال حبة من خردل أتينا بها و كفي بنا حاسبين) [8] . اعلموا عباد الله، أن أهل الشرك لا ينصب لهم الموازين، و لا ينشر لهم الدواوين، و انما يحشرون الي جهنم زمرا، و انما نصب الموازين و نشر الدواوين لأهل الاسلام. فاتقوا الله عباد الله، و اعلموا أن الله عزوجل لم يحب زهرة الدنيا و عاجلها لأحد من أوليائه، و لم يرغبهم فيها و في عاجل زهرتها و ظاهر بهجتها، و انما خلق الدنيا و خلق أهلها ليبلوهم فيها أيهم أحسن عملا لآخرته. و أيم الله، لقد ضرب لكم فيه الأمثال و صرف الآيات لقوم يعقلون، و لا قوة الا بالله. فازهدوا فيما زهدكم الله عزوجل فيه من عاجل الحياة الدنيا، فان الله عزوجل يقول و قوله الحق: (انما مثل الحياة الدنيا كمآء أنزلناه من السمآء فاختلط به نبات الأرض [ صفحه 170] مما يأكل الناس و الأنعام حتي اذا أخذت الأرض زخرفها

و ازينت و ظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كان لم تغن بالأمس كذلك نفصل الأيات لقوم يتفكرون) [9] . فكونوا عباد الله من القوم الذين يتفكرون، و لا تركنوا الي الدنيا، فان الله عزوجل قال لمحمد صلي الله عليه و آله: (و لا تركنوا الي الذين ظلموا فتمسكم النار) [10] ، و لا تركنوا الي زهرة الدنيا و ما فيها، ركون من اتخذها دار قرار و منزل استيطان، فانها دار بلغة، و منزل قلعة، و دار عمل. فتزودوا الأعمال الصالحة فيها قبل تفرق أيامها، و قبل الاذن من الله في خرابها، فكأن قد أخربها الذي عمرها أول مرة و ابتدأها، و هو ولي ميراثها، فأسأل الله العون لنا و لكم علي تزود التقوي، و الزهد فيها، جعلنا الله و اياكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا، الراغبين لآجل ثواب الآخرة، فانما نحن به و له و صلي الله علي محمد النبي و آله و سلم؛ و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. [11] .

كتابه الي عبدالملك بن مروان في التزويج

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي عبدالله، [ صفحه 171] عن عبد الرحمان بن محمد، عن يزيد بن حاتم، قال: كان لعبد الملك بن مروان عين بالمدينة، يكتب اليه بأخبار ما يحدث فيها، و ان علي بن الحسين عليهماالسلام أعتق جارية ثم تزوجها، فكتب العين الي عبدالملك، فكتب عبدالملك الي علي بن الحسين عليهماالسلام: أما بعد؛ فقد بلغني تزويجك مولاتك، و قد علمت أنه كان في أكفائك من قريش، من تمجد به الصهر، و تستنجبه في الولد، فلا لنفسك نظرت، و لا علي ولدك أبقيت؛

و السلام. فكتب اليه علي بن الحسين عليهماالسلام: أما بعد؛ فقد بلغني كتابك تعنفني بتزويجي مولاتي، و تزعم أنه كان في نساء قريش من أتمجد به في الصهر، و أستنجبه في الولد، و أنه ليس فوق رسول الله صلي الله عليه و آله مرتقي في مجد، و لا مستزاد في كرم، و انما كانت ملك يميني خرجت متي أراد الله عزوجل مني بأمر ألتمس به ثوابه، ثم ارتجعتها علي سنة، و من كان زكيا في دين الله فليس يخل به شي ء من أمره، و قد رفع الله بالاسلام الخسيسة و تمم به النقيصة، و أذهب اللؤم، فلا لؤم علي امرئ مسلم، انما اللؤم لؤم الجاهلية، و السلام. فلما قرأ الكتاب رمي به الي ابنه سليمان، فقرأه، فقال: يا أميرالمؤمنين لشد ما فخر عليك علي بن الحسين عليهماالسلام. فقال: يا بني لا تقل ذلك، فانها [12] ألسن بني هاشم، التي تفلق الصخر، و تغرف من بحر، ان علي بن الحسين عليهماالسلام يا بني، يرتفع من حيث يتضع الناس. [13] . [ صفحه 172] و في الكافي أيضا نص آخر: علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عمن يروي، عن أبي عبدالله عليه السلام: أن علي بن الحسين عليهماالسلام تزوج سرية كانت للحسين بن علي عليهماالسلام، فبلغ ذلك عبدالملك بن مروان، فكتب اليه في ذلك كتابا؛ أنك صرت بعل الاماء. فكتب اليه علي بن الحسين عليهماالسلام: أن الله رفع بالاسلام الخسيسة، و أتم به الناقصة، فأكرم به من اللؤم، فلا لؤم علي مسلم، انما اللؤم لؤم الجاهلية، ان رسول الله صلي الله عليه و آله أنكح عبده و نكح أمته. فلما انتهي الكتاب الي عبدالملك، قال

لمن عنده: خبروني عن رجل اذا أتي ما يضع الناس لم يزده الا شرفا؟ قالوا: ذاك أميرالمؤمنين. قال: لا و الله، ما هو ذاك. قالوا: ما نعرف الا أميرالمؤمنين. قال: فلا و الله، و ما هو بأميرالمؤمنين، و لكنه علي بن الحسين عليهماالسلام. [14] . و في تهذيب الأحكام: علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن عبدالله بن زرارة، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهماالسلام قال: «لما زوج علي بن الحسين عليه السلام أمه مولاه، و تزوج هو مولاته كتب اليه عبدالملك بن مروان كتابا يلومه فيه، و يقول له: [ صفحه 173] انك قد وضعت شرفك و حسبك. فكتب اليه علي بن الحسين عليه السلام: ان الله تعالي رفع بالاسلام كل خسيسة، و أتم به الناقصة، و أذهب به اللؤم، فلا لؤم علي مسلم، و انما اللؤم لؤم الجاهلية. و أما تزويج أمي، فاني انما أردت بذلك برها. فلما انتهي الكتاب الي عبدالملك، قال: لقد صنع علي بن الحسين أمرين، ما كان يصنعهما أحد الا علي بن الحسين، فان بذلك قد زاد شرفا. [15] . و في كتاب الزهد: النضر بن سويد، عن حسين بن موسي، عن زرارة، عن أحدهما عليهماالسلام قال: ان علي بن الحسين عليهماالسلام تزوج أم ولد عمه الحسن عليه السلام، و زوج أمه مولاه، فلما بلغ ذلك عبدالملك بن مروان كتب اليه: يا علي بن الحسين، كأنك لا تعرف موضعك من قومك و قدرك عند الناس، تزوجت مولاة، و زوجت مولاك بأمك! فكتب اليه علي بن الحسين: فهمت كتابك، و لنا أسوة برسول الله صلي الله عليه و آله، فقد زوج زينب بنت

عمه زيدا مولاه، و تزوج مولاته صفية بنت حيي بن أخطب». [16] . و قال ابن قتيبة: تزوج علي بن الحسين أم ولد لبعض الأنصار، فلامه عبد الملك في ذلك. فكتب اليه: «ان الله قد رفع بالاسلام الخسيسة، و أتم النقيصة، و أكرم به من اللؤم، فلا عار علي مسلم، هذا رسول الله صلي الله عليه و آله قد تزوج أمته و امرأة عبده». [ صفحه 174] فقال عبدالملك: ان علي بن الحسين يتشرف من حيث يتضع الناس [17] . و في المعارف: روي علي بن محمد بن عثمان بن عثمان قال: زوج علي بن الحسين أمه من مولاه، و أعتق جارية له و تزوجها، فكتب اليه عبدالملك يعيره بذلك، فكتب اليه علي عليه السلام: «قد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، قد أعتق رسول الله صلي الله عليه و آله صفية بنت حيي [18] و تزوجها، و أعتق زيد بن حارثة و زوجه ابنة عمته زينب بنت جحش» [19] . و أصل هذا الموضوع ناشي ء من وهم؛ لأن السيدة أم الامام توفيت في نفاسها، و قد ذكر ذلك جمهور المؤرخين و الرواة. و أن الامام الرضا عليه السلام صرح بذلك في حديثه مع سهل بن القاسم النوشجاني، فقد قال عليه السلام: «... و كانت صاحبة الحسين عليه السلام نفست بعلي بن الحسين عليهماالسلام، فكفل عليا عليه السلام بعض أمهات ولد [20] أبيه، فنشأ و هو لا يعرف أما غيرها، ثم علم أنها مولاته، فكان الناس يسمونها أمه، و زعموا أنه زوج أمه، و معاذ الله انما زوج هذه.... و كان سبب ذلك أنه واقع بعض نسائه، ثم خرج يغتسل، فلقيته أمه هذه، فقال لها: ان كان في نفسك من

هذا الأمر شي ء فاتقي الله و أعلميني. فقالت: نعم. فزوجها؛ فقال الناس: زوج علي بن الحسين عليه السلام أمه... [21] . [ صفحه 175]

كتابه الي عبدالملك بن مروان و اخباره بمكتوبة الحجاج

ان الحجاج بن يوسف كتب الي عبدالملك بن مروان: ان أردت أن يثبت ملكك فاقتل علي بن الحسين. فكتب عبدالملك اليه: أما بعد؛ فجنبني دماء بني هاشم و احقنها، فاني رأيت آل أبي سفيان لما أولعوا فيها لم يلبثوا أن أزال الله الملك عنهم. و بعث بالكتاب اليه سرا. فكتب علي بن الحسين عليه السلام الي عبدالملك من الساعة التي أنفذ فيها الكتاب الي الحجاج: «وقفت علي ما كتبت في حقن دماء بني هاشم، و قد شكر الله لك ذلك و ثبت ملكك، و زاد في عمرك». و بعث به مع غلام له بتاريخ الساعة التي أنفذ فيها عبدالملك كتابه الي الحجاج بذلك. فلما قدم الغلام و أوصل الكتاب اليه، نظر عبدالملك في تاريخ الكتاب فوجده موافقا لتاريخ كتابه، فلم يشك في صدق زين العابدين عليه السلام ففرح بذلك، و بعث اليه بوقر دنانير، و سأله أن يبسط بجميع حوائجه و حوائج أهل بيته و مواليه. و كان في كتابه عليه السلام: «ان رسول الله صلي الله عليه و آله أتاني في النوم فعرفني ما كتبت به الي الحجاج و ما شكر الله لك من ذلك». [22] . [ صفحه 176] و الكتاب علي رواية كشف الغمة: أبوعبدالله عليه السلام قال: «لما ولي عبدالملك بن مروان الخلافة كتب الي الحجاج بن يوسف: بسم الله الرحمن الرحيم من عبدالملك بن مروان أميرالمؤمنين الي الحجاج بن يوسف، أما بعد؛ فانظر دماء بني عبدالمطلب فاحتقنها و اجتنبها، فاني رأيت آل أبي سفيان لما ولغوا فيها لم يلبثوا الا قليلا و السلام. قال: و

بعث بالكتاب سرا، و ورد الخبر علي علي بن الحسين ساعة كتب الكتاب، و بعث به الي الحجاج، فقيل له: ان عبدالملك قد كتب الي الحجاج كذا و كذا، و ان الله قد شكر له ذلك، و ثبت ملكه، و زاده برهة، قال: فكتب علي بن الحسين: بسم الله الرحمن الرحيم الي عبدالملك بن مروان أميرالمؤمنين من علي بن الحسين عليهماالسلام: أما بعد، فانك كتبت يوم كذا و كذا، من ساعة كذا و كذا، من شهر كذا و كذا، بكذا و كذا،و ان رسول الله صلي الله عليه و آله أنبأني و خبرني، و ان الله قد شكر لك ذلك، و ثبت ملكك و زادك فيه برهة. و طوي الكتاب و ختمه، و أرسل به مع غلام له علي بعيره، و أمره أن يوصله الي عبدالملك ساعة يقدم عليه؛ فلما قدم الغلام أوصل الكتاب الي عبدالملك، فلما نظر في تاريخ الكتاب وجده موافقا لتلك الساعة التي كتب فيها الي الحجاج، فلم يشك في صدق علي بن الحسين عليهماالسلام، و فرح فرحا شديدا، و بعث الي علي بن الحسين عليهماالسلام بوقر راحلته دراهم ثوابا لما سره من الكتاب. [23] . [ صفحه 177]

كتابه الي عبدالملك بن مروان في جواب تهديده

محاسن البرقي [24] : بلغ عبدالملك أن سيف رسول الله صلي الله عليه و آله عند زين العابدين، فبعث يستوهبه منه و يسأله الحاجة، فأبي عليه، فكتب اليه عبدالملك يهدده و أنه يقطع رزقه من بيت المال. فأجابه عليه السلام: «أما بعد؛فان الله ضمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون، و الرزق من حيث لا يحتسبون، و قال جل ذكره: (ان الله لا يحب كل خوان كفور) [25] ، فانظر أينا أولي بهذه الآية؟» [26]

.

كتابه الي ملك الروم جوابا علي كتابه لعبد الملك بن مروان

كتب ملك الروم الي عبدالملك: أكلت لحم الجمل الذي هرب عليه أبوك من المدينة، لأغزونك بجنود مائة ألف و مائة ألف و مائة ألف. فكتب عبدالملك الي الحجاج أن يبعث الي زين العابدين عليه السلام، و يتوعده و يكتب اليه ما يقول ففعل. [ صفحه 178] فقال علي بن الحسين: «ان لله لوحا محفوظا يلحظه في كل يوم ثلاثمائة لحظة، ليس منها لحظة الا يحيي فيها و يميت و يعز و يذل، و يفعل ما يشاء، و اني لأرجو أن يكفيك منها لحظة واحدة». فكتب بها الحجاج الي عبدالملك، فكتب عبدالملك بذلك الي ملك الروم، فلما قرأه قال: ما خرج هذا الا من كلام النبوة. [27] .

كتابه الي محمد بن مسلم الزهري

اشاره

محمد بن مسلم محمد بن مسلم بن عبيدالله بن شهاب الزهري علي ما يظهر من كتب التراجم. من المنحرفين عن أميرالمؤمنين و أبنائه: كان أبوه مسلم مع مصعب بن الزبير، و جده عبيدالله مع المشركين يوم بدر، و هم لم يزل عاملا لبني مروان، و يتقلب في دنياهم، جعله هشام بن عبدالملك معلم أولاده، و أمره أن يملي علي أولاده أحاديث، فأملي عليهم أربعمائة حديثا. و أنت خبير بأن الذي خدم بني أمية منذ خمسين سنة ما مبلغ علمه، و ماذا حديثه، و معلوم أن كل ما أملي من هذه الأحاديث هو ما يروق القوم، و لا يكون فيه شي ء من فضل علي عليه السلام و ولده، و من هنا أطراه علماؤهم و رفعوه فوق منزلته بحيث تعجب ابن حجر من كثرة ما نشره من العلم. و روي ابن أبي الحديد في شرح النهج: و كان الزهري من المنحرفين عن (أميرالمؤمنين) عليه السلام. و روي عن جرير بن عبدالحميد، عن محمد بن شيبة، قال:

شهدت مسجد المدينة، فاذا الزهري و عروة بن الزبير جالسان يذكران عليا عليه السلام، فنالا منه، فبلغ ذلك علي بن الحسين عليهماالسلام؛ فجاء حتي وقف عليهما، فقال: أما أنت يا عروة، فان أبي حاكم أباك الي الله، فحكم لأبي علي أبيك، و أما أنت يا زهري، فلو كنت بمكة لأريتك كير أبيك.(ج: 4 ص 102). و في رجال الطوسي: محمد بن مسلم الزهري المدني، تابعي، و هو محمد بن مسلم بن عبيدالله بن عبدالله بن الحارث بن شهاب بن زهرة بن كلاب، ولد سنة اثنتين و خمسين، و مات سنة أربع و عشرين و مائة، و له اثنتان و سبعون سنة، و قيل: سبعون سنة. (ص 294 الرقم 317.( و في رجال ابن داود: محمد بن مسلم الزهري تابعي مهمل. (ص 184 الرقم 1506). و في نقد الرجال: محمد بن مسلم الزهري: المدني، تابعي، و هو محمد بن مسلم بن عبيدالله بن عبدالله بن الحارث بن شهاب بن زهرة بن كلاب، ولد سنة اثنتين و خمسين، و مات سنة أربع و عشرين و مائة و له اثنتان و سبعون سنة، من أصحاب الصادق عليه السلام، رجال الشيخ. و كأنه هو المذكور بعنوان: محمد بن شهاب الزهري. (ج: 4 ص 324 الرقم 5077). و في خلاصة الأقوال: محمد بن شهاب الزهري، من أصحاب علي بن الحسين عليهماالسلام، عدو. (ص 392). و في ميزان الاعتدال: محمد بن مسلم الزهري الحافظ الحجة. كان يدلس في النادر. (ج 4 ص 40 الرقم 8171). و قال في معجم رجال الحديث: محمد بن مسلم الزهري المدني: تابعي، و هو محمد بن مسلم بن عبيدالله بن عبدالله بن الحارث بن شهاب بن زيرة بن كلاب،

ولد سنة اثنتين و خمسين، و مات سنة أربع و عشرين و مائة، و له اثنتان و سبعون سنة، و قيل سبعون سنة، من أصحاب الصادق عليه السلام. روي الزهري، عن علي بن الحسين عليهماالسلام، و اسمه محمد بن مسلم بن شهاب، ذكره الصدوق في المشيخة في طريقه الي الزهري، و تقدم الكلام في ترجمته بعنوان محمد بن شهاب الزهري. (ج: 17 ص 257 الرقم 11786). و قال ايضا: محمد بن شهاب الزهري مساوي محمد بن مسلم بن شهاب: عده، من أصحاب السجاد عليه السلام، رجال الشيخ. وعد البرقي محمد بن شهاب، من أصحاب علي بن الحسين عليهماالسلام. أقول: هو محمد بن مسلم الزهري الآتي، فان شهاب جد محمد بن مسلم، كما صرح به الصدوق في طريقه الي الزهري، حيث قال: و ما كان فيه عن الزهري: فقد رويته علي أبي (رضي الله عنه)، عن سعد بن عبدالله، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، و اسمه محمد بن مسلم بن شهاب، عن علي بن الحسين. قال ابن شهر آشوب: و كان الزهري عاملا لبني أمية فعاقب رجلا، فمات الرجل في العقوبة، فخرج هائما و توحش، و دخل الي غار، فطال مقامه تسع سنين. قال: و حج علي بن الحسين عليه السلام فأتاه الزهري، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: اني أخاف عليك من قنوطك ما لا أخاف عليك من ذنبك، فابعث بدية مسلمة الي أهله، و اخرج الي أهلك و معالم دينك، فقال له: فرجت عني يا سيدي (الله أعلم حيث يجعل رسالته) و رجع الي بيته و لزم علي بن الحسين عليهماالسلام، و كان يعد من أصحابه، و

لذلك قال له بعض بني مروان: يا زهري ما فعل نبيك؟ يعني (علي بن الحسين) عليه السلام... أقول: الزهري و ان كان من علماء العامة، الا انه يظهر من هذه الرواية و غيرها، أنه كان يحب علي بن الحسين عليه السلام و يعظمه. و قد روي الصدوق باسناده، عن عمران بن سليم، قال: كان الزهري اذا حدث عن علي بن الحسين عليهماالسلام، قال: حدثني زين العابدين علي بن الحسين، فقال له سفيان بن عيينة: و لم تقول له زين العابدين؟ قال: لأني سمعت سعيد بن المسيب يحدث عن ابن عباس أن رسول الله صلي الله عليه و آله، قال: اذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين؟ فكأني أنظر الي ولدي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يخطو بين الصفوف... و روي باسناده، عن سفيان بن عيينة، قال: قيل للزهري: من أزهد الناس في الدنيا؟ قال: علي بن الحسين عليهماالسلام... و عنه، قال: قلت للزهري: لقيت علي بن الحسين عليه السلام؟ قال: نعم، لقيته و ما لقيت أحدا أفضل منه... و عنه قال: رأي الزهري علي بن الحسين عليه السلام ليلة باردة مطيرة، و علي ظهره دقيق و حطب، و هو يمشي، فقال له: يابن رسول الله ما هذا؟ فقال عليه السلام: أريد سفرا أعد له زادا أحمله الي موضع حريض. فقال الزهري: و هذا غلامي يحمله عنك، فأبي، قال: أنا أحمله عنك فاني أرفعك عن حمله، فقال علي بن الحسين: لكني لا أرفع نفسي عما تنجيني في سفري - الي أن قال -: قال له: يابن رسول الله، لست أدري لذلك السفر الذي ذكرته أثرا، قال: بلي يا زهري، ليس ما ظننت، و لكنه الموت، و له كنت أستعد، انما الاستعداد للموت

تجنب الحرام، و بذل الندي و الخير. و للزهري عدة روايات مذكورة في الكافي، و الفقيه، و التهذيب. و بما ذكرنا يظهر أن نسبة العداوة اليه علي ما ذكره الشيخ لم تثبت، بل الظاهر عدم صحتها. بقي هنا شي ء، و هو أن ابن داود ذكر مسلم بن شهاب الزهري من القسم الأول، قال: أحد أئمة الحديث (بن - جخ) يكني أبابكر، و ما ذكره سهو جزما، فان الزهري اسمه محمد بن مسلم بن شهاب علي ما عرفت من الصدوق، و كذلك صرح به في بعض نسخ الكافي. فقد روي محمد بن يعقوب باسناده عن معمر بن راشد، عن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب، قال: سئل علي بن الحسين عليه السلام، أي الأعمال أفضل عندالله عزوجل... و فيه محمد بن مسلم بن عبيدالله...(ج 16 ص 181 الرقم 10960).

في الحث علي شكر النعمة

«كفانا الله و اياك من الفتن و رحمك من النار، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن [ صفحه 180] عرفك بها أن يرحمك، فقد أثقلتك نعم الله بما أصح من بدنك، و أطال من عمرك، و قامت عليك حجج الله بما حملك من كتابه، وفقهك فيه من دينه، و عرفك من [ صفحه 181] سنة نبيه محمد صلي الله عليه و آله، فرض [28] لك في كل نعمة أنعم بها عليك، و في كل حجة احتج بها عليك الفرض بما قضي. فما قضي الا ابتلي شكرك في ذلك، و أبدي فيه فضله عليك [29] ، فقال: (لئن شكرتم لأزيدنكم و لئن كفرتم ان عذابي لشديد) [30] . فانظر أي رجل تكون غدا اذا وقفت بين يدي الله، فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها، و عن حججه عليك كيف قضيتها،

و لا تحسبن الله قابلا منك بالتعذير، و لا راضيا منك بالتقصير، هيهات هيهات ليس كذلك، أخذ علي العلماء في كتابه اذ قال: (لتبيننه للناس و لا تكتمونه) [31] .

التحذير من الركون الي الظلمة

و اعلم أن أدني ما كتمت و أخف ما احتملت أن آنست وحشة الظالم، و سهلت له طريق الغي بدنوك منه حين دنوت، و اجابتك له حين دعيت، فما أخوفني أن تكون تبوء باثمك غدا مع الخونة، و أن تسأل عما أخذت باعانتك علي ظلم الظلمة، انك أخذت ما ليس لك ممن أعطاك، و دنوت ممن لم يرد علي أحد حقا، و لم ترد باطلا حين أدناك. و أحببت [32] من حاد الله، أو ليس بدعائه اياك حين دعاك، جعلوك قطبا أداروا بك رحي مظالمهم، و جسرا يعبرون عليك الي بلاياهم و سلما الي ضلالتهم، [ صفحه 182] داعيا الي غيهم، سالكا سبيلهم، يدخلون بك الشك علي العلماء، و يقتادون بك قلوب الجهال اليهم، فلم يبلغ أخص وزرائهم، و لا أقوي أعوانهم الا دون ما بلغت من اصلاح فسادهم و اختلاف الخاصة و العامة اليهم، فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك، و ما أيسر ما عمروا لك، فكيف ما خربوا عليك. فانظر لنفسك فانه لا ينظر لها غيرك، و حاسبها حساب رجل مسؤول.

في التزهيد بالدنيا

و انظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرا و كبيرا، فما أخوفني أن تكون كما قال الله في كتابه: (فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدني و يقولون سيغفر لنا) [33] ، انك لست في دار مقام، أنت في دار قد آذنت برحيل، فما بقاء المرء بعد قرنائه. طوبي لمن كان في الدنيا علي و جل، يا بؤس لمن يموت و تبقي ذنوبه من بعده. احذر فقد نبئت، و بادر فقد أجلت، انك تعامل من لا يجهل، و ان الذي يحفظ عليك لا يغفل، تجهز

فقد دنا منك سفر بعيد، و داو ذنبك فقد دخله سقم شديد. و لا تحسب أني أردت توبيخك و تعنيفك [34] و تعييرك، لكني أردت أن ينعش الله ما قد فات من رأيك، و يرد اليك ما عزب [35] من دينك، و ذكرت قول الله تعالي في كتابه: (و ذكر فان الذكري تنفع المؤمنين) [36] . أغفلت ذكر من مضي من أسنانك و أقرانك، و بقيت بعدهم كقرن أعضب [37] . [ صفحه 183] انظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت، أم هل وقعوا في مثل ما وقعت فيه، أم هل تراهم ذكرت خيرا أهملوه [38] ، و علمت شيئا جهلوه، بل حظيت بما حل من حالك في صدور العامة و كلفهم بك، اذ صاروا يقتدون برأيك، و يعملون بأمرك، ان أحللت أحلوا، و ان حرمت حرموا، و ليس ذلك عندك، ولكن أظهرهم عليك رغبتهم فيما لديك، ذهاب علمائهم، و غلبة الجهل عليك و عليهم، و حب الرئاسة، و طلب الدنيا منك و منهم. أما تري ما أنت فيه من الجهل و الغرة، و ما الناس فيه من البلاء و الفتنة، قد ابتليتهم و فتنتهم بالشغل عن مكاسبهم مما رأوا، فتاقت نفوسهم الي أن يبلغوا من العلم ما بلغت، أو يدركوا به مثل الذي أدركت، فوقعوا منك في بحر لا يدرك عمقه، و في بلاء لا يقدر قدره، فالله لنا و لك و هو المستعان.

في الحث علي ترك من هو فيه و توبيخه علي رغبته في الدنيا

أما بعد؛ فأعرض عن كل ما أنت فيه حتي تلحق بالصالحين، الذين دفنوا في أسمالهم [39] ، لا صقة بطونهم بظهورهم، ليس بينهم و بين الله حجاب، و لا تفتنهم الدنيا، و لا يفتنون بها، رغبوا فطلبوا فما لبثوا أن

لحقوا، فاذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا المبلغ مع كبر سنك، و رسوخ علمك، و حضور أجلك، فكيف يسلم الحدث في سنه، الجاهل في علمه، المأفون في رأيه [40] ، المدخول في عقله؛ انا لله و انا اليه راجعون، علي من المعول [41] ؟ و عند من المستعتب؟ نشكو الي الله بثنا [ صفحه 184] و ما نري فيك، و نحتسب عند الله مصيبتنا بك. فانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرا و كبيرا، و كيف اعظامك لمن جعلك بدينه في الناس جميلا، و كيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته في الناس ستيرا، و كيف قربك أو بعدك ممن أمرك أن تكون منه قريبا ذليلا. ما لك لا تنتبه من نعستك، و تستقيل من عثرتك فتقول: و الله ما قمت لله مقاما واحدا أحييت به له دينا أو أمت له فيه باطلا، فهذا شكرك من استحملك [42] ما أخوفني أن تكون كمن قال الله تعالي في كتابه: (اضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) [43] ، استحملك كتابه و استودعك علمه فأضعتها، فنحمد الله الذي عافانا مما ابتلاك به و السلام». [44] .

كتابه في المواعظ

عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: «وجدنا في كتاب علي بن الحسين عليهماالسلام (ألا ان أوليآء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون) [45] ، قال: اذا أدوا فرايض الله، و أخذوا بسنن رسول الله صلي الله عليه و آله، و تورعوا عن محارم الله، و زهدوا في عاجل زهرة الدنيا، و رغبوا فيما عندالله، و اكتسبوا الطيب من رزق الله، لا يريدون به التفاخر و التكاثر، ثم انفقوا فيما يلزمهم من حقوق واجبة، فأولئك الذين بارك

الله لهم فيما اكتسبوا، و يثابون علي ما قدموا لآخرتهم». [46] . [ صفحه 185]

كتابه الي عبدالملك بن مروان في هدية المختار

في البداية و النهاية: قال محمد بن سعد: أنبأ علي بن محمد، عن سعيد بن خالد، عن المقبري قال: بعث المختار الي علي بن الحسين بمائة ألف، فكره أن يقبلها، و خاف أن يردها، فاحتبسها عنده، فلما قتل المختار كتب الي عبدالملك بن مروان: «ان المختار بعث الي بمائة ألف، فكرهت أن أقبلها، و كرهت أن أردها، فابعث من يقبضها». فكتب اليه عبدالملك: يابن عم! خذها فقد طيبتها لك. فقبلها. [47] .

رسالته في الحقوق

اشاره

الحقوق الخمسون التي كتب بها علي بن الحسين سيد العابدين عليهماالسلام الي بعض أصحابه. حدثنا علي بن أحمد بن موسي رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، قال: حدثنا خيران بن داهر، قال: حدثني أحمد بن علي بن سليمان الجبلي، عن أبيه، عن محمد بن [ صفحه 186] علي، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي [48] ، قال: هذه رسالة علي بن [ صفحه 187] الحسين عليه السلام الي بعض أصحابه: «اعلم أن لله عزوجل عليك حقوقا محيطة بك في كل حركة تحركتها، أو سكنة سكنتها، أو حال حلتها، أو منزلة نزلتها، أو جارحة قلبتها، أو آلة تصرفت فيها، فأكبر حقوق الله تبارك و تعالي عليك ما أوجب عليك لنفسه من حقه الذي هو أصل الحقوق، ثم ما أوجب الله عزوجل عليك لنفسك من قرنك الي قدمك علي اختلاف جوارحك. فجعل عزوجل للسانك عليك حقا، و لسمعك عليك حقا، و لبصرك عليك حقا، وليدك عليك حقا، و لرجلك عليك حقا، و لبطنك عليك حقا، و لفرجك عليك حقا؛ فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال، ثم جعل عزوجل لأفعالك عليك حقوقا. فجعل

لصلاتك عليك حقا، و لصومك عليك حقا، و لصدقتك عليك حقا، [ صفحه 188] و لهديك عليك حقا، و لأفعالك عليك حقوقا. ثم يخرج الحقوق منك الي غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك، فأوجبها عليك حقوق أئمتك، ثم حقوق رعيتك، ثم حقوق رحمك، فهذه حقوق تتشعب منها حقوق. فحقوق أئمتك ثلاثة أوجبها عليك: حق سائسك [49] بالسلطان، ثم حق سائسك بالعلم، ثم حق سائسك بالملك، و كل سائس امام. و حقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك: حق رعيتك بالسلطان، ثم حق رعيتك بالعلم، فان الجاهل رعية العالم، ثم حق رعيتك بالملك من الأزواج و ما ملكت الأيمان. و حقوق رعيتك كثيرة، متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة: و أوجبها عليك حق أمك، ثم حق أبيك، ثم حق ولدك، ثم حق أخيك، ثم الأقرب فالأقرب، و الأولي فالأولي، ثم حق مولاك المنعم عليك، ثم حق مولاك الجارية نعمته عليك [50] ، ثم حق ذوي المعروف لديك، ثم حق مؤذنك لصلاتك، ثم حق امامك في صلاتك، ثم حق جليسك، ثم حق جارك، ثم حق صاحبك، ثم حق شريكك، ثم حق مالك، ثم حق غريمك الذي تطالبه، ثم حق غريمك الذي يطالبك، ثم حق خليطك، ثم حق خصمك المدعي عليك، ثم حق خصمك الذي تدعي عليه، ثم حق مستشيرك، ثم حق المشير عليك، ثم حق مستنصحك، ثم حق الناصح لك، ثم حق من هو أكبر منك، ثم حق من هو أصغر منك، ثم حق سائلك، ثم حق من سألته، ثم حق من جري لك علي يديه مساءة بقول أو فعل [51] عن تعمد منه أو غير تعمد، ثم حق أهل ملتك عليك، ثم حق أهل ذمتك، ثم الحقوق الجارية

بقدر [ صفحه 189] علل الأحوال و تصرف الأسباب. فطوبي لمن أعانه الله علي قضاء ما أوجب عليه من حقوقه، و وفقه لذلك و سدده. فأما حق الله الأكبر عليك: فأن تعبده لا تشرك به شيئا، فاذا فعلت بالاخلاص جعل لك علي نفسه أن يكفيك أمر الدنيا و الآخرة. و حق نفسك عليك: أن تستعملها بطاعة الله عزوجل. و حق اللسان: اكرامه عن الخني، و تعويده الخير، و ترك الفضول التي لا فائدة لها، و البر بالناس، و حسن القول فيهم. و حق السمع: تنزيهه عن سماع الغيبة، و سماع ما لا يحل سماعه. و حق البصر: أن تغضه عما لا يحل لك، و تعتبر بالنظر به. و حق يدك: أن لا تبسطها الي ما لا يحل لك. و حق رجليك: أن لا تمشي بهما الي ما لا يحل لك، فبهما تقف علي الصراط، فانظر أن لا تزل بك فتردي في النار؟ و حق بطنك: أن تجعله و عاء للحرام، و لا تزيد علي الشبع. و حق فرجك: أن تحصنه عن الزنا، و تحفظه من أن ينظر اليه. و حق الصلاة: أن تعلم أنها وفادة الي الله عزوجل و أنت فيها قائم [52] بين يدي الله عزوجل، فاذا علمت ذلك، قمت مقام العبد الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون و الوقار، و تقبل عليها بقلبك، و تقيمها بحدودها و حقوقها. و حق الحج: أن تعلم أنه وفادة الي ربك، و فرار اليه من ذنوبك، و به [53] قبول توبتك، و قضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك. [ صفحه 190] و حق الصوم: أن تعلم أنه حجاب ضربه

الله عزوجل علي لسانك و سمعك و بصرك و بطنك و فرجك ليسترك به من النار، فان تركت الصوم خرقت ستر الله عليك. و حق الصدقة: أن تعلم أنها ذخرك عند ربك عزوجل، و وديعتك التي لا تحتاج الي الاشهاد عليها، فاذا علمت ذلك كنت بما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه علانية، و تعلم أنها تدفع البلايا و الأسقام عنك في الدنيا، و تدفع عنك النار في الآخرة. و حق الهدي: أن تريد به وجه الله عزوجل، و لا تريد به خلقه، و لا تريد به الا التعرض لرحمة الله، و نجاة روحك يوم تلقاه. و حق السلطان: أن تعلم أنك جعلت له فتنة، و أنه مبتلي فيك بما جعله الله عزوجل له عليك من السلطان، و أن عليك أن لا تتعرض لسخطه فتلقي بيدك الي التهلكة، و تكون شريكا له فيما يأتي اليك من سوء. و حق سائسك بالعلم: التعظيم له، و التوقير لمجلسه، و حسن الاستماع اليه، و الاقبال عليه، و أن لا ترفع عليه صوتك، و أن لا تجيب أحدا يسأله عن شي ء حتي يكون هو الذي يجيب، و لا تحدث في مجلسه أحدا، و لا تغتاب عنده أحدا، و أن تدفع عنه اذا ذكر عندك بسوء، و أن تستر عيوبه، و تظهر مناقبه، و لا تجالس له عدوا، و لا تعادي له وليا، فاذا فعلت ذلك شهدت لك ملائكة الله بأنك قصدته، و تعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس. و أما حق سائسك بالملك: فأن تطيعه، و لا تعصيه الا فيما يسخط الله عزوجل، فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. و أما حق رعيتك بالسلطان: فأن تعلم أنهم

صاروا رعيتك لضعفهم و قوتك، فيجب أن تعدل فيهم، و تكون لهم كالوالد الرحيم، و تغفر لهم جهلهم، و لا تعاجلهم بالعقوبة، و تشكر الله عزوجل علي ما آتاك من القوة عليهم. [ صفحه 191] و أما حق رعيتك بالعلم: فأن تعلم أن الله عزوجل انما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم، و فتح لك من خزائنه، فان أحسنت في تعليم الناس و لم تخرق بهم و لم تضجر عليهم، زادك الله من فضله، و ان أنت منعت الناس علمك، أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك، كان حقا علي الله عزوجل أن يسلبك العلم و بهاءه، و يسقط من القلوب محلك. و أما حق الزوجة: فأن تعلم أن الله عزوجل جعلها لك سكنا و أنسا، فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك، فتكرمها و ترفق بها، و ان كان حقك عليها أوجب، فان لها عليك أن ترحمها، لأنها أسيرك، و تطعمها و تكسوها، و اذا جهلت عفوت عنها. و أما حق مملوكك: فأن تعلم أنه خلق ربك، و ابن أبيك و أمك و لحمك و دمك، لم تملكه، لأنك صنعته دون الله، و لا خلقت شيئا من جوارحه، و لا أخرجت له رزقا، ولكن الله عزوجل كفاك ذلك، ثم سخره لك، و ائتمنك عليه، و استودعك اياه ليحفظ لك ما تأتيه من خير اليه، فأحسن اليه كما أحسن الله اليك، و ان كرهته استبدلت به، و لم تعذب خلق الله عزوجل، و لا قوة الا بالله. و حق أمك: فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا، و أعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا، و وقتك بجميع جوارحها، و

لم تبال أن تجوع و تطعمك و تعطش و تسقيك، و تعري و تكسوك، و تضحي و تضللك، و تهجر النوم لأجلك، و وقتك الحر و البرد لتكون لها، فانك لا تطيق شكرها الا بعون الله تعالي و توفيقه. و أما حق أبيك: فأن تعلم أنه أصلك، و أنه لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك، فاعلم أن أباك اصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله و اشكره علي قدر ذلك، و لا قوة الا بالله. و أما حق ولدك: فأن تعلم أنه منك، و مضاف اليك في عاجل الدنيا بخيره [ صفحه 192] و شره، و أنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب، و الدلالة علي ربه عزوجل، و المعونة علي طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب علي الاحسان اليه، معاقب علي الاساءة اليه. و أما حق أخيك: فأن تعلم أنه يدك و عزك و قوتك، فلا تتخذه سلاحا علي معصية الله، و لا عدة للظلم لخلق الله، و لا تدع نصرته علي عدوه و النصيحة له، فان أطاع الله، و الا فليكن الله اكرم عليك منه، و لا قوة الا بالله. و أما حق مولاك المنعم عليك: فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله، و أخرجك من ذل الرق، و وحشته الي عز الحرية و أنسها، فأطلقك من أسر الملكة، وفك عنك قيد العبودية، و أخرجك من السجن، و ملكك نفسك، و فرغك لعبادة ربك، و تعلم أنه أولي الخلق بك في حياتك و موتك، و أن نصرته عليك واجبة بنفسك و ما احتاج اليه منك، و لا قوة الا بالله. و أما حق مولاك الذي أنعمت عليه: فأن تعلم

أن الله عزوجل جعل عتقك له وسيلة اليه، و حجابا لك من النار، و أن ثوابك في العاجل ميراثه اذا لم يكن له رحم، مكافأة بما أنفقت من مالك، و في الآجل الجنة. و أما حق ذي المعروف عليك: فأن تشكره، و تذكر معروفه، و تكسبه المقالة الحسنة، و تخلص له الدعاء فيما بينك و بين الله عزوجل، فاذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا و علانية، ثم ان قدرت علي مكافأته يوما كافيته. و أما حق المؤذن: أن تعلم أنه مذكر لك ربه عزوجل، و داع لك الي حظك، و عونك علي قضاء فرض الله عليك، فاشكره علي ذلك شكرك للمحسن اليك. و أما حق امامك في صلاتك: فأن تعلم أنه تقلد السفارة فيما بينك و بين ربك عزوجل، و تكلم عنك و لم تتكلم عنه،تن و دعا لك و لم تدع له، و كفاكن هول المقام بين يدي الله عزوجل، فان كان به نقص كان به دونك، و ان كان تماما كنت شريكه، و لم يكن له [ صفحه 193] عليك فضل، فوقي نفسك بنفسه و صلاتك بصلاته، فتشكر له علي قدر ذلك. و أما حق جليسك: فأن تلين له جانبك، و تنصفه في مجازاة اللفظ، و لا تقوم من مجلسك الا باذنه، و من يجلس اليه يجوز له القيام عنك بغير اذنك، و تنسي زلاته، و تحفظ خيراته، و لا تسمعه الا خيرا. و أما حق جارك: فحفظه غائبا، و اكرامه شاهدا، و نصرته اذ كان مظلوما، و لا تتبع له عورة فان علمت عليه سوءا سترته عليه، و ان علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك و بينه، و لا تسلمه

عند شديدة، و تقيل عثرته، و تغفر ذنبه، و تعاشره معاشرة كريمة، و لا قوة الا بالله. و أما حق الصاحب: فأن تصحبه بالتفضل و الانصاف، و تكرمه كما يكرمك، [54] و كن عليه رحمة، و لا تكن عليه عذابا، و لا قوة الا بالله. و أما حق الشريك: فان غاب كفيته، و ان حضر رعيته، و لا تحكم دون حكمه، و لا تعمل برأيك دون مناظرته، و تحفظ عليه ماله، و لا تخونه فيما عز أو هان من أمره، فان يدالله تبارك و تعالي علي الشريكين ما لم يتخاونا، و لا قوة الا بالله. و أما حق مالك: فأن لاتأخذه الا من حله، و لا تنفقه الا في وجهه، و لا تؤثر علي نفسك من لا يحمدك، فاعمل به بطاعة ربك، و لا تبخل به فتبوء بالحسرة و الندامة مع السعة [55] ، و لا قوة الا بالله. و أما حق غريمك الذي يطالبك: فان كنت موسرا أعطيته، و ان كنت معسرا أرضيته بحسن القول، و رددته عن نفسك ردا لطيفا. و حق الخليط: أن لا تغره، و لا تغشه، و لا تخدعه، و تتقي الله تبارك و تعالي [ صفحه 194] في أمره. و حق الخصم المدعي عليك: فان كان ما يدعي عليك حقا كنت شاهده علي نفسك و لم تظلمه، و أوفيته حقه، و ان كان ما يدعي باطلا رفقت به، و لم تأت في أمره غير الرفق، و لم تسخط ربك في أمره، و لا قوة الا بالله. و حق خصمك الذي تدعي عليه: ان كنت محقا في دعوتك أجملت مقاولته، و لم تجحد حقه، و ان كنت مبطلا في دعوتك

اتقيت الله عزوجل و تبت اليه، و تركت الدعوي. و حق المستشير: ان علمت أن له رأيا أشرت عليه، و ان لم تعلم أرشدته الي من يعلم. و حق المشير عليك: أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه، فان وافقك حمدت الله عزوجل. و حق المستنصح: أن تؤدي اليه النصيحة، و ليكن مذهبك الرحمة له، و الرفق به. و حق الناصح: أن تلين له جناحك، و تصغي اليه بسمعك، فان أتي بالصواب حمدت الله عزوجل، و ان لم يوافق رحمته، و لم تتهمه و علمت أنه أخطأ، و لم تؤاخذه بذلك الا أن يكون مستحقا للتهمة، فلا تعبأ بشي ء من أمره علي حال، و لا قوة الا بالله. و حق الكبير: توقيره لسنه، و اجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك، و ترك مقابلته عند الخصام، و لا تسبقه الي طريق، و لا تتقدمه، و لا تستجهله، و ان جهل عليك احتملته و أكرمته لحق الاسلام و حرمته. و حق الصغير: رحمته في تعليمه، و العفو عنه، و الستر عليه، و الرفق به، و المعونة له. [ صفحه 195] و حق السائل: اعطاؤه لي قدر حاجته. و حق المسئول: ان أعطي فاقبل منه بالشكر و المعرفة بفضله، و ان منع فاقبل عذره. و حق من سرك لله تعالي ذكره: أن تحمد الله عزوجل أولا، ثم تشكره. و حق من أساءك: أن تعفو عنه، و ان علمت أن العفو يضر انتصرت، قال الله تبارك و تعالي: (و لمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) [56] . و حق أهل ملتك: اضمار السلامة و الرحمة لهم، و الرفق بمسيئهم، و تألفهم، و استصلاحهم، و شكر محسنهم،

و كف الأذي عنهم، و تحب لهم ما تحب لنفسك، و تكره لهم ما تكره لنفسك، و أن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك، و شبانهم بمنزلة اخواتك، و عجائزهم بمنزلة أمك، و الصغار بمنزلة أولادك. و حق الذمة: أن تقبل منهم ما قبل الله عزوجل، و لا تظلمهم ما وفوا لله عزوجل بعهده». [57] . أقول: نقلها العلامة المجلسي رحمه الله عن الخصال أولا، ثم عن الأمالي للصدوق رحمه الله، ثم عن تحف العقول، و قال: انما أوردناه مكررا للاختلاف الكثير بينهما، و قوة سند الأول، و كثر فوائد الثاني. أري أن نقتفي أثره في نقل النصين: نص الأمالي: حدثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن موسي رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي الأسدي، قال: حدثنا محمد بن اسماعيل البرمكي، قال: حدثنا عبدالله بن [ صفحه 196] أحمد، قال: حدثنا اسماعيل بن الفضل، عن ثابت بن دينار الثمالي، عن سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال: «حق نفسك عليك: أن تستعملها بطاعة الله عزوجل. و حق اللسان: اكرامه عن الخني، و تعويده الخير، و ترك الفضول التي لا فائدة لها.... [58] . نص تحف العقول: الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول، في مواعظ السجاد عليه السلام، قال في رسالته عليه السلام المعروفة برسالة الحقوق: اعلم رحمك الله، أن لله عليك حقوقا محيطة بك، في كل حركة تحركتها، أو سكنة سكنتها، أو منزلة نزلتها، أو جارحة قلبتها، أو آلة تصرفت بها بعضها أكبر من بعض، و أكبر حقوق الله عليك ما أوجبه لنفسه تبارك و تعالي من

حقه الذي هو أصل الحقوق و منه تفرع، ثم أوجبه عليك لنفسك من قرنك الي قدمك علي اختلاف جوارحك. فجعل لبصرك عليك حقا، و لسمعك عليك حقا، و للسانك عليك حقا، و ليدك عليك حقا، و لرجلك عليك حقا، و لبطنك عليك حقا، و لفرجك عليك حقا، فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال، ثم جعل عزوجل لأفعالك عليك حقوقا، فجعل لصلاتك عليك حقا، و لصومك عليك حقا، و لصدقتك عليك حقا، و لهديك عليك حقا، و لأفعالك عليك حقا، ثم تخرج الحقوق منك الي غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك، و أوجبها عليك حقوق أئمتك، ثم حقوق رعيتك، ثم حقوق رحمك؛ فهذه حقوق يتشعب منها حقوق. [ صفحه 197] فحقوق أئمتك ثلاثة: أوجبها عليك: حق سائسك بالسلطان، ثم سائسك بالعلم، ثم حق سائسك بالملك؛ و كل سائس امام. و حقوق رعيتك ثلاثة أوجبها عليك: حق رعيتك بالسلطان، ثم حق رعيتك بالعلم، فان الجاهل رعية العالم، و حق رعيتك بالملك من الأزواج و ما ملكت من الأيمان. و حقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة فأوجبها عليك: حق أمك، ثم حق أبيك، ثم حق ولدك، ثم حق أخيك ثم الأقرب فالأقرب، و الأول فالأول، ثم حق مولاك المنعم عليك، ثم حق مولاك الجارية نعمتك عليه، ثم حق ذي المعروف لديك، ثم حق مؤذنك بالصلاة، ثم حق امامك في صلاتك، ثم حق جليسك، ثم حق جارك، ثم حق صاحبك، ثم حق شريكك، ثم حق مالك، ثم حق غريمك الذي تطالبه، ثم حق غريمك الذي يطالبك، ثم حق خليطك، ثم حق خصمك المدعي عليك، ثم حق خصمك الذي تدعي عليه، ثم حق مستشيرك، ثم حق

المشير عليك، ثم حق مستنصحك، ثم حق الناصح لك، ثم حق من هو أكبر منك، ثم حق من هو أصغر منك، ثم حق سائلك، ثم حق من سألته، ثم حق من جري لك علي يديه مساءة بقول، أو فعل، أو مسرة بذلك بقول أو فعل، عن تعمد منه، أو غير تعمد منه، ثم حق أهل ملتك عامة، ثم حق أهل الذمة، ثم الحقوق الجارية بقدر علل الأحوال، و تصرف الأسباب؛ فطوبي لمن أعانه الله علي قضاء ما أوجب عليه من حقوقه و وفقه و سدده.

فأما حق الله الأكبر

فانك تعبده لا تشرك به شيئا، فاذا فعلت ذلك باخلاص جعل لك علي نفسه أن بكفيك أمر الدنيا و الآخرة، و يحفظ لك ما تحب منها. [ صفحه 198]

و أما حق نفسك عليك

فأن تستوفيها في طاعة الله فتؤدي الي لسانك حقه، و الي سمعك حقه، و الي بصرك حقه، و الي يدك حقها، و الي رجلك حقها، و الي بطنك حقه، و الي فرجك حقه، و تستعين بالله علي ذلك.

و أما حق اللسان

فاكرامه عن الخني، و تعويده علي الخير، و حمله علي الأدب، و اجماله الا لموضع الحاجة، و المنفعة للدين و الدنيا، و اعفاؤه من الفضول الشنعة القليلة الفائدة التي لا يؤمن ضررها مع قلة عائدتها و بعد شاهد العقل و الدليل عليه، و تزين العاقل بعقله حسن سيرته في لسانه، و لا قوة الا بالله العلي العظيم.

و أما حق السمع

فتنزيهه أن تجعله طريقا الي قلبك الا لفوهة كريمة تحدث في قلبك خيرا، أو تكسب خلقا كريما، فانه باب الكلام الي القلب يؤدي اليه ضروب المعاني علي ما فيها من خير أو شر، و لا قوة الا بالله.

و أما حق بصرك

فغضه عما لا يحل لك، و ترك ابتذاله الا لموضع عبرة تستقبل بها بصرا، أو تستفيد بها علما، فان البصر باب الاعتبار.

و أما حق رجليك

فأن لاتمشي بهما الي ما لا يحل لك، و لا تجعلهما مطيتك في الطريق المستخفة بأهلها فيها، فانها حاملتك و سالكة بك مسلك الدين و السبق لك، و لا قوة الا بالله. [ صفحه 199]

و أما حق يدك

فأن لا تبسطها الي ما لا يحل لك فتنال بما تبسطها اليه من الله العقوبة في الآجل، و من الناس بلسان اللائمة في العاجل، و لا تقبضها مما افترض الله عليها، و لكن توقرها بقبضها عن كثير مما لا يحل لها، و تبسطها [59] الي كثير مما ليس عليها، فاذا هي قد عقلت و شرفت في العاجل، و وجب لها حسن الثواب في الآجل.

و أما حق بطنك

فأن لا تجعله وعاء لقليل من الحرام و لا لكثير، و أن تقتصد له في الحلال، و لا تخرجه من حد التقوية الي حد التهوين، و ذهاب المروة، و ضبطه اذا هم بالجوع و الظما، فان الشبع المنتهي بصاحبه الي التخم مكسلة و مثبطة و مقطعة عن كل بر و كرم، و أن الري المنتهي بصاحبه الي السكر مسخفة و مجهلة و مذهبة للمروة.

و أما حق فرجك

فحفظه مما لا يحل لك، و الاستعانة عليه بغض البصر، فانه من أعون الأعوان، و كثرة ذكر الموت، و التهدد لنفسك بالله، و التخويف لها به، و بالله العصمة و التأييد، و لا حول و لا قوة الا به.

فأما حق الصلاة

فأن تعلم انها وفادة الي الله، و أنك قائم بها بين يدي الله، فاذا علمت ذلك كنت خليقا أن تقوم مقام الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي المسكين المتضرع، المعظم من قام بين يديه بالسكون و الاطراق، و خشوع الأطراف، و لين [ صفحه 200] الجناح، و حسن المناجاة له، في نفسه و الطلب اليه في فكاك رقبتك التي أحاطت به خطيئتك و استهلكتها ذنوبك، و لا قوة الا بالله.

و أما حق الصوم

فأن تعلم أنه حجاب ضربه الله علي لسانك، و سمعك، و بصرك، و فرجك، و بطنك ليسترك به من النار، و هكذا جاء في الحديث: «الصوم جنة من النار» فان سكنت أطرافك في حجبتها رجوت أن تكون محجوبا، و ان أنت تركتها تضطرب في حجابها، و ترفع جنبات الحجاب، فتطلع الي ما ليس لها بالنظرة الداعية للشهوة و القوة الخارجة عن حد التقية لله، لم تأمن أن تخرق الحجاب و تخرج منه، و لا قوة الا بالله.

و أما حق الصدقة

فأن تعلم أنها ذخرك عند ربك، و وديعتك التي لا تحتاج الي الاشهاد، فاذا علمت ذلك كنت بما استودعته سرا، أوثق بما استودعته علانية، و كنت جديرا أن تكون أسررت اليه أمرا أعلنته، و كان الأمر بينك و بينه فيها سرا علي كل حال، و لم تستظهر عليه فيما استودعته منها باشهاد الأسماع و الأبصار عليه بها، كأنها أوثق في نفسك لا كأنك لا تثق به في تأدية وديعتك اليك، ثم لم تمتن بها علي أحد لأنها لك، فاذا امتننت بها لم تأمن أن تكون بها مثل تهجين حالك منها الي من مننت بها عليه، لأن في ذلك دليلا علي أنك لم ترد نفسك بها، و لو أردت نفسك بها لم تمتن به علي أحد، و لا قوة الا بالله.

و أما حق الهدي

فأن تخلص بها الارادة الي ربك، و التعرض لرحمته و قبوله، و لا تريد عيون [ صفحه 201] الناظرين دونه، فاذا كنت كذلك لم تكن متكلفا و لا متصنعا، و كنت انما تقصد الي الله، و اعلم أن الله يراد باليسير و لا يراد بالعسير، كما أراد بخلقه التيسير و لم يرد بهم التعسير، و كذلك التذلل أولي بك من التدهقن؛ لأن الكلفة و المؤنة في المتدهقنين، فأما التذلل و التمسكن فلا كلفة فيهما، و لا مؤنة عليهما، لأنهما الخلقة، و هما موجودان في الطبيعة، و لا قوة الا بالله.

فأما حق سائسك بالسلطان

فأن تعلم أنك جعلت له فتنة، و أنه مبتلي فيك بما جعله الله له عليك من السلطان و أن تخلص له في النصيحة، و أن لا تماحكه و قد بسطت يده عليك، فتكون سبب هلاك نفسك و هلاكه و تذلل و تلطف لاعطائه من الرضي ما يكفه عنك، و لا يضر بدينك، و تستعين عليه في ذلك بالله، و لا تعازه و لا تعانده، فانك ان فعلت ذلك عققته و عققت نفسك، فعرضتها لمكروهه و عرضته للهلكة فيك، و كنت خليقا أن تكون معينا له علي نفسك، و شريكا له فيما أتي اليك، و لا قوة الا بالله.

و أما حق سائسك بالعلم

فالتعظيم له و التوقير لمجلسه، و حسن الاستماع اليه، و الاقبال عليه، و المعونة له علي نفسك فيما لا غني بك عنه من العلم، بأن تفرغ له عقلك، و تحضره فهمك، و تذكي له قلبك، و تجلي له بصرك بترك اللذات، و نقص الشهوات، و أن تعلم أنك فيما ألقي اليك رسوله الي من لقيك من أهل الجهل، فلزمك حسن التأدية عنه اليهم، و لا تخنه في تأدية رسالته و القيام بها عنه، اذا تقلدتها، و لا حول و لا قوة الا بالله. [ صفحه 202]

و أما حق سائسك بالملك

فنحو من سائسك بالسلطان الا أن هذا يملك ما لا يملكه ذاك، تلزمك طاعته فيما دق و جل منك، الا أن يخرجك من وجوب حق الله، و يحول بينك و بين حقه و حقوق الخلق، فاذا قضيته رجعت الي حقه فتشاغلت به، و لا قوة الا بالله. ثم حقوق الرعية

فأما حقوق رعيتك بالسلطان

فأن تعلم أنك انما استرعيتهم بفضل قوتك عليهم، فانه انما أحلهم محل الرعية لك ضعفهم و ذلهم، فما أولي من كفاكه ضعفه و ذله، حتي صيره لك رعية، و صير حكمك عليه نافذا لا يمتنع منك بعزة و لا قوة، و لا يستنصر فيما تعاظمه منك الا بالله بالرحمة و الحياطة و الأناة، و ما أولاك اذا عرفت ما أعطاك الله من فضل هذه العزة، و القوة التي قهرت بها أن تكون لله شاكرا، و من شكر الله أعطاه فيما أنعم عليه، و لا قوة الا بالله.

و أما حق رعيتك بالعلم

فأن تعلم أن الله قد جعلك لهم فيما آتاك من العلم و ولاك من خزانة الحكمة، فان أحسنت فيما ولاك الله من ذلك، و قمت به لهم مقام الخازن الشفيق الناصح لمولاه في عبيده، الصابر المحتسب الذي اذا رأي ذا حاجة أخرج له من الأموال التي في يديه كنت راشدا، و كنت لذلك آملا معتقدا، و الا كنت له خائنا، و لخلقه ظالما، و لسلبه و عزه متعرضا.

و أما حق رعيتك بملك النكاح

فأن تعلم أن الله جعلها سكنا، و مستراحا، و أنسا و واقية، و كذلك كل واحد [ صفحه 203] منكما يجب أن يحمد الله علي صاحبه، و يعلم أن ذلك نعمة منه عليه، و وجب أن يحسن صحبة نعمة الله، و يكرمها و يرفق بها، و ان كان حقك عليها أغلظ و طاعتك بها ألزم فيما أحببت و كرهت، ما لم تكن معصية فان لها حق الرحمة و المؤانسة، و موضع السكون اليها قضاء اللذة التي لابد من قضائها، و ذلك عظيم، و لا قوة الا بالله.

و أما حق رعيتك بملك اليمين

فأن تعلم أنه خلق ربك و لحمك و دمك، و أنك تملكه لا أنت صنعته دون الله، و لا خلقت له سمعا و لا بصرا، و لا أجريت له رزقا، و لكن الله كفاك ذلك. ثم سخره لك و ائتمنك عليه، و استودعك اياه لتحفظه فيه، و تسير فيه بسيرته، فتطعمه مما تأكل، و تلبسه مما تلبس، و لا تكلفه ما لا يطيق، فان كرهته خرجت الي الله منه، و استبدلت به، و لم تعذب خلق الله، و لا قوة الا بالله.

فحق أمك

فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحد أحدا، و أطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحدا، و انها وقتك بسمعها و بصرها و يدها و رجلها و شعرها و بشرها و جميع جوارحها، مستبشرة بذلك، فرحة موابلة، محتملة لما فيه مكروهها و ألمها و ثقلها و غمها، حتي دفعتها عنك يد القدرة، و أخرجتك الي الأرض، فرضيت أن تشبع و تجوع هي، و تكسوك و تعري و ترويك و تظمأ و تظلك و تضحي، و تنعمك ببؤسها، و تلذذك بالنوم بأرقها، كان بطنها لك وعاء، و حجرها لك حواء، و ثديها لك سقاء، و نفسها لك وقاء، تباشر حر الدنيا و بردها لك و دونك، فتشكرها علي قدر ذلك، و لا تقدر عليه الا بعون الله و توفيقه. [ صفحه 204]

و أما حق أبيك

فتعلم أنه أصلك، و أنك فرعه، و أنك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك، فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، و احمد الله و اشكره علي قدر ذلك. و لا قوة الا بالله.

و أما حق ولدك

فتعلم أنه منك، و مضاف اليك في عاجل الدنيا بخيره و شره، و أنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب و الدلالة الي ربه، و المعونة له علي طاعته فيك و في نفسه، فمثاب علي ذلك و معاقب، فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا، المعذر الي ربه فيما بينك و بينه بحسن القيام عليه و الأخذ له منه، و لا قوة الا بالله.

و أما حق أخيك

فتعلم أنه يدك التي تشبسطها، و ظهرك الذي تلتجي ء اليه، و عزك الذي تعتمد عليه، و قوتك التي تصول بها، فلا تتخذه سلاحا علي معصية الله، و لا عدة للظلم بحق الله، و لا تدع نصرته علي نفسه، و معونته علي عدوه، و الحول بينه و بين شياطينه، و تأدية النصيحة اليه، و الاقبال عليه في الله، فان انقاد لربه و أحسن الاجابة له، و الا فليكن الله آثر عندك، و أكرم عليك منه.

و أما حق المنعم عليك بالولاء

فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله، و أخرجك من ذل الرق، و وحشته الي عز الحرية و أنسها، و أطلقك من أسر الملكة، و فك عنك حلق العبودية، و أوجدك رائحة العز، و أخرجك من سجن القهر، ودفع عنك العسر، و بسط لك لسان الانصاف، [ صفحه 205] و أباحك الدنيا كلها، فملكك نفسك، و حل أسرك، و فرغك لعبادة ربك، و احتمل بذلك التقصير في ماله، فتعلم أنه أولي الخلق بك بعد أولي رحمك في حياتك و موتك، و أحق الخلق بنصرك و معونتك، و مكانفتك في ذات الله، فلا تؤثر عليه نفسك ما احتاج اليك.

و أما حق مولاك الجارية عليه نعمتك

فأن تعلم أن الله جعلك حامية عليه، و واقية و ناصرا و معقلا، و جعله لك وسيلة و سببا بينك و بينه، فبالحري أن يحجبك عن النار، فيكون في ذلك ثواب منه في الآجل، و يحكم لك بميراثه في العاجل، اذا لم يكن له رحم مكافأة لما أنفقته من مالك عليه، و قمت به من حقه بعد انفاق مالك، فان لم تقم بحقه خيف عليك أن لا يطيب لك ميراثه، و لا قوة الا بالله.

و أما حق ذي المعروف عليك

فأن تشكره و تذكر معروفه و تنشر له المقالة الحسنة، و تخلص له الدعاء فيما بينك و بين الله سبحانه، فانك اذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا و علانية، ثم ان أمكن مكافأته بالفعل كافأته، و الا كنت مرصدا له موطنا نفسك عليها.

و أما حق المؤذن

فأن تعلم أنه مذكرك بربك، و داعيك الي حظك، و أفضل أعوانك علي قضاء الفريضة التي افترضها الله عليك، فتشكره علي ذلك شكرك للمحسن اليك، و ان كنت في بيتك مهتما لذلك لم تكن لله في أمره متهما، و علمت أنه نعمة من الله عليك، لاشك فيها، فأحسن صحبة نعمة الله بحمد الله عليها علي كل حال، و لا قوة الا بالله. [ صفحه 206]

و أما حق امامك في صلاتك

فأن تعلم أنه قد تقلد السفارة فيما بينك و بين الله، و الوفادة الي ربك، و تكلم عنك و لم تتكلم عنه، و دعا لك و لم تدع له، و طلب فيك و لم تطلب فيه، و كفاك هم المقام بين يدي الله، و المساءلة له فيك، و لم تكفه ذلك، فان كان في شي ء من ذلك تقصير كان به دونك، و ان كان آثما لم تكن شريكه فيه و لم يكن له عليك فضل، فوقي نفسك بنفسه، و وقي صلاتك بصلاته، فتشكر له علي ذلك، و لا حول و لا قوة الا بالله.

و أما حق الجليس

فأن تلين له كنفك، و تطيب له جانبك، و تنصفه في مجاراة اللفظ، و لا تغرق في نزع اللحظ اذا لحظت، و تقصد في اللفظ الي افهامه اذا لفظت، و ان كنت الجليس اليه كنت في القيام عنه بالخيار، و ان كان الجالس اليك كان بالخيار، و لا تقوم الا باذنه، و لا قوة الا بالله.

و أما حق الجار

فحظه غائبا، و كرامته شاهدا، و نصرته و معونته في الحالين جميعا، لا تتبع له عورة، و لا تبحث له عن سوأة لتعرفها، فان عرفتها منه من غير ارادة منك و لا تكلف، كنت لما علمت حصنا حصينا، و سترا ستيرا، لو بحثت الأسنة عنه ضميرا لم تتصل اليه، لانطوائه عليه، لا تستمع عليه من حيث لا يعلم، لا تسلمه عند شديدة، و لا تحسده عند نعمة، تقيل عثرته، و تغفر زلته، و لا تدخر حلمك عنه اذا جهل عليك، و لا تخرج أن تكون سلما له ترد عنه لسان الشتيمة، و تبطل فيه كيد حامل النصيحة، و تعاشره معاشرة كريمة، و لا حول و لا قوة الا بالله. [ صفحه 207]

و أما حق الصاحب

فأن تصحبه بالفضل ما وجدت اليه سبيلا، و الا فلا أقل من الانصاف، و أن تكرمه كما يكرمك، و تحفظه كما يحفظك، و لا يسبقك فيما بينك و بينه الي مكرمة، فان سبقك كافأته، و لا تقصر به عما يستحق من المودة تلزم نفسك نصيحته و حياطته، و معاضدته علي طاعة ربه، و معونته علي نفسه، فيما لا يهم به من معصية ربه، ثم تكون عليه و رحمة، و لا تكون عليه عذابا، و لا قوة الا بالله.

و أما حق الشريك

فان غاب كفيته، و ان حضر ساويته، و لا تعزم علي حكمك دون حكمه، و لا تعمل برأيك دون مناظرته، و تحفظ عليه ماله، و تنفي عنه خيانته فيما عز أو هان، فانه بلغنا أن يد الله علي الشريكين ما لم يتخاونا، و لا قوة الا بالله.

اما حق المال

فأن لا تأخذه الا من حله، و لا تنفقه الا في حله، و لا تحرفه عن مواضعه، و لا تصرفه عن حقائقه، و لا تجعله اذا كان من الله الا اليه، و سببا الي الله لا تؤثر به علي نفسك من لعله لا يحمدك، و بالحري أن لا يحسن خلافته في تركتك، و لا يعمل فيه بطاعة ربك فتكون معينا له علي ذلك، أو بما أحدث في مالك أحسن نظرا لنفسه، فيعمل بطاعة ربه فيذهب بالغنيمة، و تبوء بالاثم و الحسرة و الندامة مع التبعة، و لا قوة الا بالله.

و أما حق الغريم الطالب لك

فان كنت موسرا أوفيته و كفيته و أغنيته، و لم تردده و تمطله، فان رسول الله صلي الله عليه و آله [ صفحه 208] قال: مطل الغني ظلم. و ان كنت معسرا أرضيته بحسن القول، و طلبت اليه طلبا جميلا، ورددته عن نفسك ردا لطيفا، و لم تجمع عليه ذهاب ماله و سوء معاملته، فان ذلك لؤم، و لا قوة الا بالله.

و أما حق الخليط

فأن لا تغره، و لا تغشه، و لا تكذبه، و لا تغفله، و لا تخدعه، و لا تعمل في انتقاضه عمل العدو الذي لا يبقي علي صاحبه، و ان اطمأن اليك استقصيت له علي نفسك، و علمت أن غبن المسترسل ربا. و لا قوة الا بالله.

و أما حق الخصم المدعي عليك

فان كان ما يدعي عليك حقا لم تنفسخ في حجته، و لم تعمل في ابطال دعوته و كنت خصم نفسك له، و الحاكم عليها، و الشاهد له بحقه دون شهادة الشهود، فان ذلك حق الله عليك، و ان كان ما يدعيه باطلا رفقت به، و روعته و ناشدته بدينه، و كسرت حدته عنك بذكر الله، و ألقيت حشو الكلام، و لغطه الذي لا يرد عنك عادية عدوك، بل تبوء باثمه، و به يشحذ عليك سيف عداوته، لأن لفظة السوء تبعث الشر، و الخير مقمعة للشر، و لا قوة الا بالله.

و أما حق الخصم المدعي عليه

فان كان ما تدعيه حقا أجملت في مقاولته بمخرج الدعوي، فان للدعوي غلظة في سمع المدعي عليه، و قصدت قصد حجتك بالرفق، و أمهل المهلة، و أبين البيان، و ألطف اللطف، و لم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل و القال، فتذهب عنك حجتك، و لا يكون لك في ذلك درك، و لا قوة الا بالله. [ صفحه 209]

وأما حق المستشير

فان حضرك له وجه رأي جهدت له في النصيحة، و أشرت عليه بما تعلم، أنك لو كنت مكانه عملت به، و ذلك ليكن منك في رحمة و لين، فان اللين يؤنس الوحشة، و ان الغلظ يوحش موضع الأنس و ان لم يحضرك له رأي، و عرفت له من تثق برأيه، و ترضي به لنفسك دللته عليه، و أرشدته اليه، فكنت لم تأله خيرا، و لم تدخره نصحا، و لا حول و لا قوة الا بالله.

و أما حق المشير عليك

فلا تتهمه فيما لا يوافقك عليه من رأيه اذا أشار عليك، فأنما هي الآراء و تصرف الناس فيها و اختلافهم، فكن عليه في رأيه بالخيار اذا اتهمت رأيه، فأما تهمته فلا تجوز لك اذا كان عندك ممن يستحق المشاورة، و لا تدع شكره علي ما بدا لك من اشخاص رأيه و حسن وجه مشورته، فاذا وافقك حمدت الله، و قبلت ذلك من أخيك بالشكر و الارصاد بالمكافأة في مثلها ان فزع اليك، و لا قوة الا بالله.

و أما حق المستنصح

فان حقه ان تؤدي اليه النصيحة علي الحق الذي تري له أنه يحمل، و يخرج المخرج الذي يلين علي مسامعه، و تكلمه من الكلام بما يطيقه عقله، فان لكل عقل طبقة من الكلام يعرفه و يجتنبه، و ليكن مذهبك الرحمة، و لا قوة الا بالله.

و أما حق الناصح

فأن تلين له جناحك، ثم تشرئب له قلبك، و تفتح له سمعك حتي تفهم عنه [ صفحه 210] نصيحته، ثم تنظر فيها، فان كان وفق فيها للصواب حمدت الله علي ذلك و قبلت منه، و عرفت له نصيحته، و ان لم يكن وفق لها [60] فيها رحمته، و لم تتهمه، و علمت أنه لم يألك نصحا، الا أنه أخطأ، الا أن يكون عندك مستحقا للتهمة، فلا تعبأ بشي ء من أمره علي كل حال، و لا قوة الا بالله.

و أما حق الكبير

فان حقه توقير سنه، و اجلال اسلامه اذا كان من أهل الفضل في الاسلام بتقديمه فيه، و ترك مقابلته عند الخصام، و لا تسبقه الي طريق، و لا تؤمه في طريق و لا تستجهله، و ان جهل عليك تحملت، و أكرمته بحق اسلامه مع سنه، فانما حق السن بقدر الاسلام، و لا قوة الا بالله.

و أما حق الصغير

فرحمته و تثقيفه و تعليمه و العفو عنه، و الستر عليه، و الرفق به، و المعونة له، و الستر علي جرائر حداثته، فانه سبب للتوبة، و المداراة له، و ترك مماحكته، فان ذلك أدني لرشده.

و أما حق السائل

فاعطاؤه اذا تيقنت صدقه، و قدرت علي سد حاجته، و الدعاء له فيما نزل به، و المعاونة له علي طلبته، و ان شككت في صدقه و سبقت اليه التهمة له، و لم تعزم علي ذلك لم تأمن أن يكون من كيد الشيطان، أراد أن يصدك عن حظك، و يحول بينك و بين التقرب الي ربك فتركته بستره، و رددته ردا جميلا، و ان غلبت نفسك في أمره و أعطيته علي ما عرض في نفسك منه، فان ذلك [ صفحه 211] من عزم الامور.

و أما حق المسؤول

فحقه ان أعطي قبل منه ما أعطي بالشكر له و المعرفة لفضله، و طلب وجه العذر في منعه، و أحسن به الظن، و اعلم أنه ان منع فماله منع، و أن ليس التثريب في ماله و ان كان ظالما، فان الانسان لظلوم كفار.

و أما حق من سرك الله به و علي يديه

فان كان تعمدها لك حمدت الله أولا، ثم شكرته علي ذلك بقدره في موضع الجزاء، و كافأته علي فضل الابتداء، و أرصدت له المكافأة، و ان لم يكن تعمدها حمدت الله و شكرته و علمت أنه منه توحدك بها، و أحببت هذا اذ كان سببا من أسباب نعم الله عليك، و ترجو له بعد ذلك خيرا، فان أسباب النعم بركة حيث ما كانت و ان كان لم يتعمد، و لا قوة الا بالله.

و أما حق من ساءك القضاء علي يديه بقول أو فعل

فان كان تعمدها كان العفو أولي بك لما فيه له من القمع و حسن الأدب مع كثير أمثاله من الخلق، فان الله يقول: (و لمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) الي قوله: (لمن عزم الأمور) [61] ، و قال عزوجل: (و ان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به و لئن صبرتم لهو خير للصابرين) [62] ، هذا في العمد، فان لم يكن عمدا لم تظلمه بتعمد الانتصار منه، فتكون قد كافأته في تعمد علي خطا، و رفقت به ورددته بألطف ما تقدر عليه، و لا قوة الا بالله. [ صفحه 212]

و أما حق أهل ملتك عامة

فاضمار السلامة، و نشر جناح الرحمة، و الرفق بمسيئهم، و تألفهم، و استصلاحهم، و شكر محسنهم الي نفسه و اليك، فان احسانه الي نفسه احسانه اليك اذا كف عنك أذاه، و كفاك مؤونته، و حبس عنك نفسه، فعمهم جميعا بدعوتك، و انصرهم جميعا بنصرتك، و أنزلهم جميعا منك منازلهم، كبيرهم بمنزلة الوالد، و صغيرهم بمنزلة الولد، و أوسطهم بمنزلة الأخ، فمن أتاك تعاهدته بلطف و رحمة، وصل أخاك بما يجب للأخ علي أخيه.

و أما حق أهل الذمة

فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله، و تفي بما جعل الله لهم من ذمته و عهده، و تكلهم اليه فيما طلبوا من أنفسهم، و أجبروا عليه، و تحكم فيهم بما حكم الله به علي نفسك فيما جري بينك و بينهم من معاملة، و ليكن بينك و بين ظلمهم من رعاية ذمة الله، و الوفاء بعهده و عهد رسول الله صلي الله عليه و آله حائل، فانه بلغنا أنه قال: من ظلم معاهدا كنت خصمه فاتق الله، و لا حول و لا قوة الا بالله. فهذه خمسون حقا محيطا بك، لا تخرج منها في حال من الأحوال، يجب عليك رعايتها، و العمل في تأديتها، و الاستعانة بالله جل ثناؤه علي ذلك، و لا حول و لا قوة الا بالله، و الحمد لله رب العالمين. [63] . [ صفحه 213]

المكاتيب التي لم يعثر علي نصها و الكتب المنسوبة اليه

كتابه الي يزيد بعد واقعة الحرة

قال عبدالملك بن نوفل: حدثني حبيب، أنه بلغه في عشرة، قال: فلم أبرح حتي رأيت يزيد بن معاوية خرج الي الخيل يتصفحها و ينظر اليها... و فصل ذلك الجيش من عند يزيد و عليهم مسلم بن عقبة، و قال له: ان حدث بك حدث فاستخلف علي الجيش حصين بن نمير السكوني، و قال له: ادع القوم ثلاثا، فان هم أجابوك و الا فقاتلهم، فاذا أظهرت عليهم فأبحها ثلاثا، فما فيها من مال أورقة [64] أو سلاح أو طعام فهو للجند، فاذا مضت الثلاث فاكفف عن الناس؛ و انظر علي بن الحسين، فاكفف عنه و استوص به خيرا، و أدن مجلسه، [ صفحه 214] فانه لم يدخل في شي ء مما دخلوا فيه، و قد أتاني كتابه.... [65] . أقول: لم يذكر لفظ الكتاب.

كتابه الي المختار جوابا لكتاب وصله منه

أبوحمزة الثمالي قال: كنت أزور علي بن الحسين عليه السلام في كل سنة مرة في وقت الحج، فأتيته سنة من ذاك و اذا علي فخذه صبي، فقعدت اليه و جاء الصبي فوقع علي عتبة الباب فانشج، فوثب اليه علي بن الحسين عليه السلام... و يقول له: «يا بني أعيذك بالله أن تكون المصلوب في الكناسة». قلت: بأبي أنت و أمي و أي كناسة؟ قال: «كناسة الكوفة». قلت: جعلت فداك أو يكون ذلك؟ قال: «اي و الذي بعث محمدا بالحق، ان عشت بعدي لترين هذا الغلام في ناحية من نواحي الكوفة مقتولا مدفونا منبوشا مسلوبا مسحوبا مصوبا في الكناسة، ثم ينزل و يحرق و يدق و يذري في البر». قلت: جعلت فداك و ما اسم هذا الغلام؟ قال: «هذا ابني زيد». ثم دمعت عيناه، ثم قال: «ألا أحدثك بحديث ابني هذا؟ بينا أنا ليلة ساجد

و راكع اذ ذهب بي النوم في بعض حالاتي، [ صفحه 215] فرأيت كأني في الجنة، و كأن رسول الله صلي الله عليه و آله و فاطمة و الحسن و الحسين قد زوجوني جارية من حور العين، فواقعتها فاغتسلت عند سدرة المنتهي و وليت، و هاتف بي يهتف: ليهنك زيد، ليهنك زيد، ليهنك زيد، فاستيقظت فأصبت جنابة، فقمت فتطهرت [66] للصلاة، و صليت صلاة الفجر، و دق الباب، و قيل لي: علي الباب رجل يطلبك، فخرجت فاذا أنا برجل معه جارية ملفوف كمها علي يده، مخمرة بخمار. فقلت: حاجتك؟ فقال: أردت علي بن الحسين. قلت: أنا علي بن الحسين. فقال: أنا رسول المختار بن أبي عبيد الثقفي، يقرؤك السلام و يقول: وقعت هذه الجارية في ناحيتنا فاشتريتها بستمائة دينار، و هذه ستمائة دينار فاستعن بها علي دهرك. و دفع الي كتابا، فأدخلت الرجل و الجارية، و كتبت له جواب كتابه و أتيت به الي الرجل....» [67] . و لم يذكر نص الجواب.

كتابه الي عبدالملك بن مروان يحذره من الاغترار

في البصائر و الذخائر: كتب علي بن الحسين عليهماالسلام الي عبدالملك بن مروان: [ صفحه 216] «أما بعد؛ انك أعز ما تكون بالله، أحوج اليه، فان عززت به فاعف له، فانك به مقدر و اليه ترجع» [68] . [69] . [ صفحه 217]

وصاياه الامام علي بن الحسين

وصيته لابنه في الدعاء لكشف البلاء

علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن ابن أبي حمزة، قال: سمعت علي بن الحسين عليهماالسلام يقول لابنه: يا بني من أصابه منكم مصيبة أو نزلت به نازلة فليتوضأ و ليسبغ الوضوء، ثم يصلي ركعتين أو أربع ركعات، ثم يقول في آخرهن: «يا موضع كل شكوي، و يا سامع كل نجوي و شاهد كل ملا، و عالم كل خفية، و يا دافع ما يشاء من بلية، و يا خليل ابراهيم، و يا نجي موسي، و يا مصطفي محمد صلي الله عليه و آله، أدعوك دعاء من اشتدت فاقته، و قلت حيلته، و ضعفت قوته، دعاء الغريق الغريب المضطر الذي لايجد لكشف ما هو فيه الا أنت، يا أرحم الراحمين». فانه لا يدعو به أحد كشف الله عنه ان شاء الله. [70] . [ صفحه 218]

وصيته لابنه و فيها مواعظ له

محمد بن أحمد بن يزيد الجمحي قال: حدثني هارون بن يحيي الخاطبي قال: حدثني علي بن عبدالله بن مالك الواسطي، قال: حدثني عثمان بن عثمان بن خالد، عن أبيه، قال: مرض علي بن الحسين عليه السلام مرضه الذي توفي فيه، فجمع أولاده محمد، و الحسن، و عبدالله، و عمر، و زيد، و الحسين، و أوصي الي ابنه محمد و كناه بالباقر، و جعل أمرهم اليه، و كان فيما وعظه في وصيته أن قال: «يا بني ان العقل رائد الروح، و العلم رائد العقل، و العقل ترجمان العلم. و اعلم أن العلم أتقي، و اللسان أكثر هذرا. و اعلم يا بني أن صلاح شأن الدنيا بحذافيرها في كلمتين: اصلاح شأن المعاش مل ء مكيال، ثلثاه فطنة، و ثلثه تغافل، لأن الانسان لا يتغافل عن شي ء قد عرفه ففطن فيه. و اعلم

أن الساعات يذهب [71] غمك، و انك لا تنال نعمة الا بفراق أخري، فاياك و الأمل الطويل، فكم من مؤمل أملا لا يبلغه، و جامع مال لا يأكله، و مانع مال سوف يتركه، و لعله من باطل جمعه و من حق منعه، أصابه حراما، و ورثه عدوا، احتمل اصره و باء بوزره، ذلك هو الخسران المبين». [72] .

وصيته لابنه في شكر النعمة

في الأمالي: [ صفحه 219] أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبوبشر حيان بن بشر الأسدي القاضي بالمصيصة، قال: حدثني خالي أبوعكرمة عامر بن عمران الضبي الكوفي، قال: حدثنا محمد بن المفضل الضبي، عن أبيه المفضل بن محمد، عن مالك بن أعين الجهني، قال: أوصي علي بن الحسين (عليهماالسلام) بعض ولده فقال: «يا بني اشكر الله فيما أنعم عليك، و أنعم علي من شكرك، فانه لا زوال للنعمة اذا شكرت عليها، و لا بقاء لها اذا كفرتها، و الشاكر بشكره أسعد منه بالنعمة التي وجب عليه الشكر بها، و تلا - يعني علي بن الحسين عليهماالسلام - قول الله تعالي: (و اذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم و لئن كفرتم أن عذابي لشديد) [73] - الي آخر الآية-». [74] . و في كفاية الأثر: حدثنا محمد بن عبدالله بن المطلب، قال: حدثنا أبوبشر الأسدي القاضي بالمصيصة، قال: حدثني خالي أبوعكرمة بن عمران الضبي الكوفي، قال: حدثني محمد بن المفضل الضبي، عن أبيه المفضل بن محمد، عن مالك بن أعين الجهني، قال: أوصي علي بن الحسين عليه السلام ابنه محمد بن علي صلوات الله عليهما فقال: «يا بني اني جعلتك خليفتي من بعدي، لا يدعي فيما بيني و بينك أحد الا قلده الله يوم القيامة طوقا من نار،

فاحمد الله علي ذلك و اشكره. يا بني اشكر لمن أنعم عليك، و أنعم علي من شكرك، فانه لا تزول نعمة اذا شكرت، و لا بقاء لها اذا كفرت، و الشاكر بشكره، أسعد منه بالنعمة التي وجب عليه بها الشكر. - و تلا علي بن الحسين عليهماالسلام - (لئن شكرتم لأزيدنكم و لئن كفرتم ان عذابي لشديد)» [75] [76] . [ صفحه 220]

وصيته لابنه في من ينبغي اجتنابه

أبوالمفضل قال: أخبرنا رجاء بن يحيي أبوالحسين العبر تائي الكاتب، قال: حدثنا هارون بن مسلم بن سعدان الكاتب بسر من رأي، عن مسعدة بن صدقه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي (عليهم السلام)، قال: أردت سفرا، فأوصاني أبي علي بن الحسين (عليه السلام)، فقال في وصيته: «اياك يا بني أن تصاحب الأحمق أو تخالطه، و اهجره و لا تحادثه، فان الأحمق هجنة [77] غائبا كان أو حاضرا، ان تكلم فضحه حمقه، و ان سكت قصر بن عيه، و ان عمل أفسد، و ان استرعي أضاع، لا علمه من نفسه يغنيه، و لا علم غيره ينفعه، و لا يطيع ناصحه، و لا يستريح مقارنه، تود أمه، انها ثكلته، و امرأته أنها فقدته، و جاره بعد داره، و جليسه الوحدة من مجالسته، ان كان أصغر من في المجلس أعيي [78] من فوقه، و ان كان أكبرهم أفسد من دونه». [79] .

وصيته لابنه في فعل الخير

محمد بن أبي عبدالله، عن موسي بن عمران، عن عمه الحسين بن عيسي بن عبدالله، عن علي بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن موسي عليه السلام قال: [ صفحه 221] «أخذ أبي بيدي ثم قال: يا بني ان أبي محمد بن علي عليه السلام أخذ بيدي كما أخذت بيدك و قال: ان أبي علي بن الحسين عليهماالسلام أخذ بيدي، و قال: يا بني افعل الخير الي كل من طلبه منك، فان كان من أهله فقد أصبت موضعه، و ان لم يكن من أهله كنت أنت من أهله، و ان شتمك رجل عن يمينك ثم تحول الي يسارك، فاعتذر اليك فاقبل عذره». [80] .

وصيته لابنه و فيها مواعظ له

قال العتبي: قال علي بن الحسين عليهماالسلام و كان من أفضل بني هاشم لابنه: «يا بني اصبر علي النوائب، و لا تتعرض للحقوق، و لا تجب [81] أخاك الي الأمر الذي مضرته عليك أكثر من منفعته له». [82] .

وصيته لابنه في المجالسة

روي علي بن جعفر عن أبيه عن جده عن علي بن الحسين عليه السلام أنه كان يقول لبنيه: «جالسوا أهل الدين و المعرفة، فان لم تقدروا عليهم فالوحدة آنس و أسلم، فان أبيتم الا مجالسة الناس، فجالسوا أهل المروات فانهم لا يرفثون في مجالسهم». [83] . [ صفحه 222]

وصيته لابنه في من لاينبغي مصاحبته

أبوعلي المقرئ: أنبأنا أبونعيم، ثنا محمد بن علي بن حبيش، ثنا أحمد بن يوسف الضحاك، ثنا محمد بن يزيد، ثنا محمد بن عبدالله القرشي، ثنا محمد بن عبدالله الزبيري، عن أبي حمزة الثمالي حدثني أبوجعفر محمد بن علي عليه السلام قال: «أوصاني أبي فقال لا تصحبن خمسة، و لا تحادثهم و لا ترافقهم في طريق. قال قلت: جعلت فداك يا أبة، من هولاء الخمسة؟ قال: لا تصحبن فاسقا، فانه بايعك بأكلة فما دونها. قال قلت: يا أبة، و ما دونها؟ قال: يطمع فيها ثم لا ينالها. قال قلت: يا أبة، و من الثاني؟ قال: لا تصحبن البخيل، فانه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت اليه. قال قلت: يا أبة، و من الثالث؟ قال: لا تصحبن كذابا، فانه بمنزلة السراب، يبعد منك القريب، و يقرب منك البعيد. قلت: يا أبة و من الرابع؟ قال: لا تصحبن أحمق، فانه يريد أن ينفعك فيضرك. قال قلت: يا أبة و من الخامس؟ قال: لا تصحبن قاطع رحم، فاني وجدته ملعونا في كتاب الله عزوجل في ثلاثة مواضع». [84] . [ صفحه 223]

وصيته لأصحابه في الاهتمام بالآخرة

قال: أخبرني أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي حمزة الثمالي رحمه الله عن علي بن الحسين زين العابدين عليهماالسلام أنه قال يوما لأصحابه: «اخواني! أوصيكم بدار الآخرة، و لا أوصيكم بدار الدنيا، فانكم عليها حريصون و بها متمسكون، أما بلغكم ما قال عيسي بن مريم عليهماالسلام للحواريين؟ قال لهم: الدنيا قنطرة فاعبروها و لا تعمروها. و قال: ايكم يبني علي موج البحر دارا؟ تلكم الدار

الدنيا، فلا تتخذوها قرارا». [85] .

وصيته لابنه في ناقته

حدثني محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن يونس بن يعقوب، عن الصادق عليه السلام قال: «قال علي بن الحسين عليهماالسلام لابنه محمد عليه السلام حين حضرته الوفاة: انني قد حججت علي ناقتي هذه عشرين حجة فلم أقرعها بسوط قرعة، فاذا نفقت فادفنها لا تأكل لحمها السباع، فان رسول الله صلي الله عليه و اله قال: ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة صبع حجج الا جعله الله من نعم الجنة، و بارك في نسله». [ صفحه 224] فلما نفقت حفر لها أبوجعفر عليه السلام و دفنها. [86] .

وصيته لابنه في الصبر علي الحق

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن اسماعيل بن مهران، عن درست بن أبي منصور، عن عيسي بن بشير، عن أبي حمزة قال: قال أبوجعفر عليه السلام: «لما حضرت أبي علي بن الحسين عليهماالسلام الوفاة ضمني الي صدره و قال: يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة، و بما ذكر أن أباه أوصاه به يا بني اصبر علي الحق و ان كان مرا [87] [88] .

وصيته لابنه في التحذير عن الظلم

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن اسماعيل بن مهران، عن درست بن أبي منصور، عن عيسي بن بشير، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: «لما حضر علي بن الحسين عليهماالسلام الوفاة ضمني الي صدره، ثم قال: يا بني اوصيك بما أوصاني به أبي عليه السلام حين حضرته الوفاة، و بما ذكر أن أباه أوصاه به، قال: [ صفحه 225] يا بني اياك و ظلم من لا يجد عليك ناصرا الا الله». [89] .

وصيته لابنه في تغسيله

أبوبصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: «كان فيما أوصي به الي أبي علي بن الحسين عليهماالسلام: أن قال: يا بني اذا أنا مت فلا يلي غسلي غيرك، فان الامام لا يغسله الا امام مثله. و اعلم يا بني أن عبدالله أخاك سيدعو الناس الي نفسه، فامنعه، فان أبي فدعه، فان عمره قصير». قال الباقر عليه السلام: «فلما مضي أبي أدعي عبدالله الامامة فلم أنازعه، فلم يلبث الا شهورا يسيرة حتي قضي نحبه» [90] .

وصيته لابنه في الترغيب بحسن الخلق

الزهري قال: دخلت علي علي بن الحسين عليهماالسلام في المرض الذي توفي فيه... ثم دخل عليه محمد ابنه فحدثه طويلا بالسر، فسمعته يقول فيما يقول: [ صفحه 226] «عليك بحسن الخلق». قلت: يابن رسول الله [من [1] الأمر من الله] ما لا بد لنا منه - و وقع في نفسي أنه قد نعي نفسه - فالي من نختلف بعدك؟ قال: «يا أباعبدالله، الي ابني هذا و أشار الي محمد ابنه، أنه وصيي، و وارثي، و عيبة علمي، و معدن العلم، و باقر العلم». قلت: يابن رسول الله ما معني باقر العلم؟ قال: «سوف يختلف اليه خلاص [91] شيعتي و يبقر العلم عليهم بقرا». قال: ثم أرسل محمدا ابنه في حاجة له الي السوق، فلما جاء محمد، قلت: يابن رسول الله هلا أوصيت [92] أكبر أولادك؟ فقال: «يا أباعبدالله، ليست الامامة بالصغر و الكبر، هكذا عهد الينا رسول الله صلي الله عليه و اله، و هكذا وجدنا مكتوبا في اللوح و الصحيفة». قلت: يابن رسول الله فكم عهد اليكم نبيكم أن تكون الأوصياء بعده؟ قال: «وجدنا في الصحيفة و اللوح اثني عشر أسامي مكتوبة بامامتهم و أسامي آبائهم و أمهاتهم». ثم قال: «يخرج من

صلب محمد ابني سبعة من الأوصياء فيهم المهدي». [93] . و هذا هو ما عثرنا عليه من مكاتيب الامام زين العابدين عليه السلام و الحمد لله رب العالمين.

پاورقي

[1] فاطر: 28.

[2] الكافي: ج 8 ص 14 ح 2، الأمالي للمفيد، ص 198 ح 32، العدد القوية: ص 59 ح 79 كلاهما نحوه، بحارالأنوار: ج 78 ص 151 ح 12.

[3] سعيد بن المسيب في الكافي: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن عبدالله بن أحمد، عن ابراهيم بن الحسن قال: حدثني وهب بن حفص، عن اسحاق بن جرير قال أبوعبدالله عليه السلام: كان سعيد بن المسيب و القاسم بن محمد بن أبي بكر و أبوخالد الكابلي من ثقات علي بن الحسين عليهماالسلام. (ج 1 ص 472 ح 1). و في رجال الكشي: قال الفضل بن شاذان: و لم يكن في زمن علي بن الحسين عليه السلام في أول أمره الا خمسة أنفس: سعيد بن جبير، سعيد بن المسيب، محمد بن جبير بن مطعم، يحيي بن أم الطويل، أبوخالد الكابلي و اسمه وردان و لقبه كنكر، سعيد بن المسيب رباه أميرالمؤمنين عليه السلام، و كان حزن جد سعيد أوصي أميرالمؤمنين عليه السلام (ج 1 ص 332 ح 184). و حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبدالله القمي، عن القاسم بن محمد الاصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن محمد بن عمر، قال: أخبرني أبومروان، علي أبي جعفر، قال: سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: سعيد بن المسيب أعلم الناس بما تقدمه من الآثار، و أفهمهم في زمانه. (ج 1 ص 335 ح 189). و في تقريب التهذيب: سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن

مخزوم القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار من كبار الثانية، اتفقوا علي أن مرسلاته أصح المراسيل، و قال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما منه، مات بعد التسعين و قد ناهز الثمانين. (ج 1 ص 364). و في الطبقات الكبري: و كان لسعيد بن المسيب عن الناس قدر كبير عظيم لخصال: ورع يابس، و نزاهة، و كلام بحق عند السلطان، و غيرهم و مجانبة السلطان، و علم لا يشاكله علم أحد، و رأي بعد صليب، و نعم العون الرأي الجيد، و كان ذلك عند سعيد بن المسيب رحمه الله من رجل فيه عزة لا تكاد تراجع الا الي محك ما استطعت أن أواجهه بمسألة حتي أقول قال فلان كذا و كذا و قال فلان كذا و كذا فيجيب حينئذ. (ج 2 ص 383). و في تذكرة الحفاظ: روي أسامة بن زيد عن نافع أن ابن عمر قال: سعيد بن المسيب (هو و الله) أحد المفتين، و قال أحمد بن حنبل و غيره: مرسلات سعيد صحاح، و قال قتادة ما رأيت أحدا أعلم من سعيد بن المسيب، و كذا قال الزهري و مكحول و غير واحد (و صدقوا). قال علي ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما من سعيد، هو عندي أجل التابعين. و قال العجلي و غيره: كان لا يقبل جوائز السلطان... (ج 1 ص 54) و... و في معجم رجال الحديث: سعيد بن المسيب: ابن حزن أبومحمد المخزومي، سمع منه (علي بن الحسين عليه السلام) و روي عنه عليه السلام، و هو من الصدر الأول، و في رجال الشيخ في أصحاب السجاد عليه السلام. و عدة البرقي أيضا في أصحاب السجاد عليه السلام. و قال

الكشي... ثم ان الروايات قد اختلفت في الرجل قدحا و مدحا. أما المادحة: فمنها: ما تقدم في ترجمة أويس القرني في رواية أسباط بن سالم، عن أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام، من عد سعيد بن المسيب من حواري السجاد عليه السلام، و قد ذكرنا أنها ضعيفة السند. و منها: ما رواه الكشي في ذيل ترجمته (54): (محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا محمد بن الوليد بن خالد الكوفي، قال: حدثنا العباس بن هلال، قال: ذكر أبوالحسن الرضا عليه السلام: أن طارقا مولي لبني أمية نزل ذا المروة عاملا علي المدينة، فلقيه بعض بني أمية و أوصاه بسعيد بن المسيب و كلمه فيه و أثني عليه، و أخبره طارق أنه أمر بقتله و أعلم سعيدا بذلك و قال له: تغيب، و قيل له تنح عن مجلسك فانه علي طريقه فأبي، فقال سعيد: اللهم ان طارقا عبد من عبيدك ناصيته بيدك و قلبه بين أصابعك تفعل فيه ما تشاء فانسه ذكري و اسمي، فلما عزل طارق عن المدينة لقيه الذي كان كلمه في سعيد من بني أمية بذي المروة، فقال: كلمتك في سعيد لتشفعني فيه فأبيت و شفعت فيه غيري فقال: و الله ما ذكرته بعد أن فارقتك حتي عدت اليك. أقول: هذه الرواية أيضا ضعيفة بالعباس بن هلال. و منها: ما رواه أيضا عن محمد بن قولويه قال: حدثني سعد بن عبدالله القمي، عن القاسم بن محمد الاصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن محمد بن عمر، قال أخبرني أبومروان، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سمعت علي بن الحسين صلوات الله عليهما يقول: سعيد بن المسيب أعلم الناس بما تقدمه من الآثار و أفهمهم في

زمانه. أقول: هذه الرواية أيضا ضعيفة، بالقاسم بن محمد الاصفهاني، و بمحمد بن عمر، و بأبي مروان. و منها: ما رواه الحميري في قرب الاسناد:... عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: و ذكر عندالرضا عليه السلام القاسم بن محمد خال أبيه، و سعيد بن المسيب، فقال عليه السلام، كانا علي هذا الأمر. أقول: هذه الرواية لا تدل علي حسن الرجل فضلا عن وثاقته، بل تدل علي أنه كان شيعيا مواليا لأهل البيت عليهم السلام. و منها: ما رواه الكليني عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن عبدالله ابن أحمد، عن ابراهيم بن الحسن، قال: حدثني وهب بن حفص، عن اسحاق بن جرير، قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: كان سعيد بن المسيب، و القاسم بن محمد بن أبي بكر، و أبوخالد الكابلي، من ثقات علي بن الحسين عليه السلام... أقول: هذه الرواية ضعيفة بابراهيم بن الحسن فانه مجهول. و منها: ما رواه في المناقب:... سأل ليث الخزاعي سعيد بن المسيب عن انهاب المدينة قال: نعم شدوا الخيل الي أساطين مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله،و رأيت الخيل حول القبر، و انتهبت المدينة ثلاثا، فكنت أنا و علي بن الحسين عليه السلام نأتي قبر النبي صلي الله عليه و آله، فيتكلم علي بن الحسين عليه السلام بكلام لم أقف عليه، فيحال ما بيننا و بين القوم و نصلي و نري القوم و هم لا يروننا، و قام رجل عليه حلل خضر علي فرس محذوف أشهب بيده حربة مع علي بن الحسين عليهماالسلام، فكان اذا أومأ الرجل الي حرم رسول الله صلي الله عليه و آله، يشير ذلك الفارس بالحربة نحوه فيموت قبل أن يصيبه... الحديث. أقول: هذه الرواية مرسلة لا يعتمد

عليها في شي ء. و منها: ما رواه الشيخ المفيد في الارشاد... قال: أخبرني أبومحمد الحسن بن محمد، قال: حدثني جدي، قال. حدثنا أبويونس محمد بن أحمد، قال: حدثني أبي و غير واحد من أصحابنا أن فتي من قريش جلس الي سعيد بن المسيب فطلع علي بن الحسين عليهماالسلام فقال القرشي لابن المسيب: من هذا يا أبامحمد قال: هذا سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. أقول: الرواية ضعيفة، و لا أقل من أن راويها الحسن بن محمد (ابن يحيي) و هو كذاب و ضاع علي ما تقدم. هذه هي عمدة ما ورد في مدح سعيد بن المسيب، و قد عرفت أنها غير تامة، و ما قال له الفضل بن شاذان - لو اعتمدنا عليه - لا دلالة فيه علي وثاقة سعيد، و الله العالم. و أما الروايات الذامة: فمنها ما اشتهر عنه من الرغبة عن الصلاة علي زين العابدين عليه السلام. و الجواب: أن ذلك لم يثبت، فانه لم يرد الا في روايتين مرسلتين ذكرهما الكشي في ترجمته (54) قال: و روي عن بعض السلف: أنه لما مر بجنازة علي بن الحسين عليهماالسلام انجفل الناس فلم يبق في المسجد الا سعيد بن المسيب، فوقف عليه خشرم مولي أشجع قال: يا أبامحمد ألا تصلي علي هذا الرجل الصالح في البيت الصالح فقال: أصلي ركعتين في المسجد أحب الي من أن أصلي علي هذا الرجل الصالح في البيت الصالح!. أقول: الرواية مرسلة لا يعتمد عليها. ثم قال: (و روي عن عبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، و عبدالرزاق، عن معمر، عن علي بن زيد، قال: قلت لسعيد بن المسيب: انك أخبرتني أن علي بن

الحسين النفس الزكية، و أنك لا تعرف له نظيرا؟ قال: كذلك و ما هو مجهول ما أقول فيه و الله مارئي مثله، قال علي بن زيد: فقلت: و الله ان هذه الحجة الوكيدة عليك يا سعيد، فلم لم تصل علي جنازته! فقال: ان القوم كانوا لا يخرجون الي مكة حتي يخرج علي بن الحسين، فخرج و خرجنا معه ألف راكب، فلما صرنا بالسقيا نزل فصلي و سجد سجدة الشكر فقال فيها... و في رواية الزهري: عن سعيد بن المسيب، قال: كان القوم لا يخرجون من مكة حتي يخرج علي بن الحسين سيد العابدين، فخرج فخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلي ركعتين فسبح في سجوده فلم يبق شجر و لا مدر الا سبحوا معه ففزعنا فرفع رأسه، و قال: يا سعيد افزعت فقلت: نعم يا بن رسول الله، فقال: هذا التسبيح الأعظم، حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله صلي الله عليه و آله أنه قال: لا تبقي الذنوب مع هذا التسبيح، فقلت: علمناه. و في رواية علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب: أنه سبح في سجوده فلم تبق حوله شجرة و لا مدرة الا سبحت بتسبيحه، ففزعت، من ذلك و أصحابي، ثم قال: يا سعيد ان الله جل جلاله لما خلق جبرئيل ألهمه هذا التسبيح فسبح فسبحت السماوات و من فيهن لتسبيحه، و هو اسم الله الأعز الأكبر. يا سعيد أخبرني أبي الحسين، عن أبيه، عن رسول الله صلي الله عليه و آله، عن جبرئيل عن الله جل جلاله انه قال: ما من عبد من عبادي آمن بي و صدق بك فصلي في مسجدك ركعتين علي خلا من الناس الا غفرت له ما تقدم

من ذنبه و ما تأخر، فلم أر شاهدا أفضل من علي بن الحسين عليهماالسلام حيث حدثني بهذا الحديث، فلما أن مات شهد جنازته البر و الفاجر، و أثني عليه الصالح و الطالح، و انهالت الناس يتعبونه حتي وضع الجنازة، فقلت: ان أدركت الركعتين يوما من الدهر فاليوم هو، و لم يبق الا رجل و امرأة ثم خرجا الي الجنازة، و و ثبت لأصلي فجاء تكبير من السماء فأجابه تكبير من الأرض فأجابه تكبير من السماء فأجابه تكبير من الأرض، ففزعت و سقطت علي وجهي فكبر من في السماء سبعا و كبر من في الأرض سبعا، و صلي علي علي بن الحسين صلوات الله عليهما، و دخل الناس المسجد فلم أدرك الركعتين و لا الصلاة علي علي بن الحسين صلوات الله عليهما، فقلت: يا سعيد لو كنت أنا لم أختر الا الصلاة علي علي بن الحسين صلوات الله عليهما، ان هذا هو الخسران المبين، قال: فبكي سعيد ثم قال: ما أردت الا الخير ليتني كنت صليت عليه فانه ما ربي مثله... أقول: هذه الرواية أيضا مرسلة، و يزيد علي ذلك أن جميع رواتها بين مهمل و مجهول، علي أنه قد ذكر غير واحد: أن سعيد بن المسيب مات سنة 94 أو قبل ذلك، فهو قد مات قبل وفاة السجاد عليه السلام، فانه سلام الله عليه توفي سنة 95. و منها: أنه كان يفتي بقول العامة، و بذلك نجا من الحجاج فلم يقتله، و كان هو آخر أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله. رواه الكشي في ترجمة يحيي بن أم الطويل في حديث، عن أحمد بن علي (بن كلثوم السرخسي)، عن أبي سعيد الآدمي، عن الحسين بن يزيد

النوفلي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفر الأول عليه السلام. أقول: الرواية ضعيفة بأبي سعيد الآدمي، و علي تقدير صحتها فهي لاتكون قادحة، اذ من المحتمل أن فتواه بقول العامة كان لأجل التقية، و الرواية أيضا مشعرة بذلك. ثم ان ما اشتملت عليه الرواية من كون سعيد بن المسيب من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله ينافيه ما عن غير واحد من أنه ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر، أو أنه عاش تسعا و سبعين سنة و مات سنة 94. ثم ان العلامة و ابن داود عدا سعيد بن المسيب في القسم الأول (قسم المعتمدين)... (معجم رجال الحديث: ج 8 ص 132 الرقم 5180).

[4] الأعراف: 201.

[5] النحل، 45 الي 47.

[6] الأنبياء: 15 -11.

[7] الأنبياء: 46.

[8] الأنبياء، 47.

[9] يونس: 24. [

[10] هود: 113.

[11] الكافي: ج 8 ص 72 ح 29، الأمالي للصدوق: ص 593 ح 822، تحف العقول: ص 249 كلاهما نحوه، بحارالأنوار: ج 6 ص 223 ح 24 و ج 78 ص 143 ح 6.

[12] في المصدر: «فانه» و الصواب ما أثبتناه كما في بحارالأنوار.

[13] الكافي: ج 5 ص 344 ح 4، بحارالأنوار: ج 46 ص 164 ح 6 نقلا عنه و راجع: المناقب لابن شهر آشوب: ج 3 ص 300.

[14] الكافي: ج 5 ص 346 ح 6، بحارالأنوار: ج 46 ص 105 ح 94 نقلا عنه.

[15] تهذيب الأحكام: ج 7 ص 397 ح 1587.

[16] الزهد للحسين بن سعيد: ص 60 ح 159، بحارالأنوار: ج 22 ص 214 ح 47، و ج 46 ص 139 ح 30.

[17] عيون الأخبار لابن قتيبة: ج 4 ص 8.

[18] و في وفيات: حيي بن أخطب.

[19] المعارف لابن قتيبة: ص

215، وفيات الأعيان لابن خلكان: ج 3 ص ص 269 نقلا عنه، البداية و النهاية: ج 9 ص 108.

[20] و في نسخة: «أولاد» بدل «ولد».

[21] عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 128 ح 6، بحارالأنوار: ج 46 ص 8 ح 19.

[22] الخرائج و الجرائح: ج 1 ص 256 الرقم 2، اثبات الهداة: ج 5 ص 234 الرقم 26، بحارالأنوار: ج 46 ص 28 ح 19.

[23] كشف الغمة: ج 2 ص 324، بحارالأنوار: ج 46 ص 44 ح 44 نقلا عنه و راجع: ينابيع المودة لذوي القربي: ج 3 ص 105.

[24] لم نعثر عليه في المحاسن.

[25] الحج: 38.

[26] المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 165، بحارالأنوار: ج 46 ص 95.

[27] المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 161، بحارالأنوار: ج 46 ص 132.

[28] في المصدر: «فرضي» و التصويب من بحارالأنوار.

[29] في بعض النسخ: «فرض لك في كل نعمة أنعم بها عليك، و في كل حجة احتج بها عليك الفرض، فما قضي الا ابتلي شكرك...».

[30] ابراهيم: 7.

[31] آل عمران: 187.

[32] في بعض النسخ: «و أجبت» بدل «و أحببت».

[33] الأعراف: 169.

[34] عنفه: لامه و عتب عليه و لم يرفق به، و ينعش الله ما فات أي يجبر و يتدارك.

[35] عزب: بعد.

[36] الذاريات: 55.

[37] العضباء: الشاة المكسورة القرن.

[38] في بعض النسخ: «أم هل تري ذكرت خيرا علموه و عملت شيئا جهلوه»، و في بعضها «أم هل تراه ذكرا خيرا عملوه، و عملت شيئا جهلوه».

[39] الأسمال - جمع سمل بالتحريك -: الثوب الخلق البالي.

[40] المأفون: الذي ضعف رأيه، و المدخول في عقله: الذي دخل في عقله الفساد.

[41] المعول: المعتمد و المستغاث، و استعتبه: استرضاه، و البث: الحال، الشتات، أشد الحزن.

[42]

استحملك: سألك أن يحمل. و في بعض النسخ «من استعملك» بدل «من استحملك»، أي سألك أن يعمل.

[43] مريم: 59.

[44] تحف العقول: ص 274، بحارالأنوار: ج 78 ص 132 ح 2.

[45] يونس: 62.

[46] تفسير العياشي: ج 2 ص 124 ح 31، بحارالأنوار: ج 69 ص 277 ح 11 نقلا عنه و راجع: التبيان: ج 5 ص 401.

[47] البداية و النهاية: ج 9 ص 106.

[48] ثابت بن دينار في الفقيه: فقد رويته عن أبي - رضي الله عنه - عن سعد بن عبدالله، عن ابراهيم بن هاشم، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي. و دينار يكني أباصفية، و هو من حي من بني ثعل، و نسب الي ثمالة لأن داره كانت فيهم، و توفي سنة خمسين و مائة، و هو ثقة عدل قد لقي أربعة من الأئمة: علي بن الحسين، و محمد بن علي، و جعفر بن محمد، و موسي بن جعفر عليهم السلام (من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 444). و في معجم رجال الحديث: ثابت بن دينار: ثابت بن أبي صفية، قال الشيخ: ثابت بن دينار يكني أباحمزة الثمالي، و كنية دينار أبوصفية: ثقة، له كتاب، أخبرنا به عدة من أصحابنا، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، و محمد بن الحسن و موسي بن المتوكل، عن سعد بن عبدالله، و الحميري، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة. و أخبرنا أحمد بن عبدون عن أبي طالب الأنباري، عن حميد بن زياد، عن يونس بن علي العطار عن أبي حمزة، و له كتاب النوادر، و كتاب الزهد، رواهما حميد بن زياد، عن محمد

بن عياش بن عيسي أبي جعفر، عن أبي حمزة. و قال النجاشي: ثابت بن أبي صفية أبوحمزة الثمالي، و اسم أبي صفية: دينار، مولي، كوفي، ثقه. و كان آل المهلب يدعون ولاءه و ليس من قبيلهم، لأنهم من القنيك (العتيك)، قال محمد بن عمر الجعابي ثابت بن أبي صفية مولي المهلب بن أبي صفرة. و أولاده نوح، و منصور، و حمزة، قتلوا مع زيد، لقي علي بن الحسين و أباجعفر و أباعبدالله و أباالحسن عليهم السلام، و روي عنهم، و كان من خيار أصحابنا و ثقاتهم و معتمديهم في الرواية و الحديث، و روي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: أبوحمزة في زمانه، مثل سلمان في زمانه، و روي عنه العامة و مات في سنة خمسين و مائة، له كتاب تفسير القرآن.... و قال الصدوق في المشيخة، عند ذكر طريقه اليه: أبوحمزة ثابت بن دينار الثمالي، و دينار يكني أباصفية، و هو من حي (طي) (من) بني ثعل، و نسب الي ثمالة، لأن داره كانت فيهم، و توفي سنة (150)، و هو ثقة، عدل، قد لقي أربعة من الأئمة علي بن الحسين، و محمد بن علي، و جعفر بن محمد، و موسي بن جعفر عليهم السلام. و قال الكشي: حدثنا حمدويه بن نصير قال: حدثنا أيوب بن نوح، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي حمزة، قال: كانت صبية لي، سقطت، فانكسرت يدها، فأتيت بها التيمي، فأخذها، فنظر الي يدها، فقال: منكسرة، فدخل يخرج الجبائر، و أنا علي الباب، فدخلتني رقة علي الصبية، فبكيت و دعوت، فخرج بالجبائر فتناول بيد الصبية، فلم يربها شيئا، ثم نظر الي الأخري، فقال: ما بها شي ء. قال: فذكرت ذلك لأبي عبدالله عليه السلام، فقال يا أباحمزة، وافق الدعاء الرضا

فاستجيب لك، في أسرع من طرفة عين. حدثني محمد بن اسماعيل، قال: حدثنا الفضل، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: دخلت علي أبي عبدالله عليه السلام فقال: ما فعل أبوحمزة الثمالي؟ قلت: خلفته عليلا، قال: اذا رجعت اليه فاقرأه مني السلام، و أعلمه أنه يموت في شهر كذا في يوم كذا. قال أبوبصير: قلت: جعلت فداك، و الله لقد كان لكم فيه أنس، و كان لكم شيعة. قال: صدقت، ما عندنا خير له. قلت: شيعتكم معكم؟ قال: نعم ان هو خاف الله و راقب نبيه و توقي الذنوب، فاذا هو فعل كان معنا في درجاتنا. قال علي: فرجعنا تلك السنة فما لبث أبوحمزة الا يسيرا حتي توفي... وعده الشيخ في رجاله، مع توصيفه بالأزدي الكوفي، في أصحاب السجاد عليه السلام، و قال فيه، مات سنة 150، و في أصحاب الباقر عليه السلام و في أصحاب الصادق عليه السلام قائلا: ثابت بن أبي صفية: دينار الأزدي التمالي الكوفي، يكني أباحمزة، مات سنة 150. و في أصحاب الكاظم عليه السلام قائلا: اختلف في بقائه الي وقت أبي الحسن موسي عليه السلام، روي عن علي بن الحسين عليه السلام و من بعده، له كتاب. وعده البرقي في أصحاب الحسن و الحسين و السجاد و الباقر عليهم السلام. وعده ابن شهر آشوب: من خواص أصحاب الصادق عليه السلام... و يقع الكلام فيه من جهات:... معجم رجال الحديث: ج 3 ص 385 الرقم 1953.

[49] السائس: القائم بامر و المدبر له.

[50] كذا و الظاهر تصحيفه، و الصواب كما سيأتي في تفصيله عليه السلام هذه الحقوق: «حق مولاك الجارية نعمتك عليه».

[51] زاد في التحف: «أو مسرة بقول أو فعل» و لعله سقط من النساخ.

[52] في المصدر «قائما» و الصحيح ما

أثبتناه كما في بحارالأنوار.

[53] و في الفقيه: «فيه» بدل «به».

[54] و زاد في الفقيه: «... يكرمك، و لا تدعه يسبق الي مكرمة، فان سبق كافأته و توده كما يودك، و تزجره عما يهم به من معصيته.

[55] في الفقيه: «التبعة» بدل «السعة».

[56] الشوري: 41.

[57] الخصال: ص 564 ح 1، بحارالأنوار: ج 74 ص 2 ح 1 و راجع من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 619.

[58] الأمالي للصدوق: ص 451 ح 610.

[59] في المصدر: «و بسطها» و الصواب ما أثبتناه.

[60] هكذا في المصدر، و الصواب: «له».

[61] الشوري: 41 الي 43.

[62] النحل: 126.

[63] تحف العقول: ص 255.

[64] في حديث: «فهاتوا صدقة الرقة» يريد الفضة و الدراهم المضروبة منها (النهاية: ج 2 ص 254 «رقه»).

[65] تاريخ الطبري: ج 5 ص 484، الكامل في التاريخ: ج 4 ص 112.

[66] في المصدر: «و طهرت» و ما أثبتناه هو الصحيح كما في بحارالأنوار.

[67] فرحة الغري: ص 115، بحارالأنوار: ج 46 ص 183 ح 48 نقلا عنه، ذوب النضار: ص 63.

[68] البصائر و الذخائر لأبي حيان التوحيدي: ج 1 ص 208 الرقم 636.

[69] في تاريخ مدينة دمشق: قال أبوبكر بن دريد: و كتب عبدالملك الي الحجاج بن أيام ابن الأشعث، انك أعز ما تكون بالله، أحوج ما تكون اليه، و اذا عززت بالله فاعف له، فانك به تعز و اليه ترجع. (ج 37 ص 141 و راجع: البداية و النهاية: ج 9 ص 79.(.

[70] الكافي: ج 2 ص 560 ح 15، الدعوات: ص 129 ح 323، كشف الغمة: ج 2 ص 176 و كلاهما نحوه مع اختلاف يسير.

[71] هكذا في المصدر، و الصواب: تذهب».

[72] كفاية الأثر: ص 239، بحارالأنوار: ج 46 ص 230 ح 7

نقلا عنه.

[73] ابراهيم: 7.

[74] الأمالي للطوسي: ص 501 ح 1096.

[75] ابراهيم: 7.

[76] كفايةالأثر: ص 240، بحارالأنوار: ج 46 ص 231 ح 8 نقلا عنه.

[77] الهجنة في الكلام: العيب و القبح، و في العلم: اضاعته.

[78] في المصدر: «أعني» و الصواب ما أثبتناه كما في بحارالأنوار.

[79] الأمالي للطوسي: ص 613 ح 1268، بحارالأنوار: ج 74 ص 197 ح 33 نقلا عنه.

[80] الكافي: ج 8 ص 152 ح 141، مسائل علي بن جعفر: ص 342 ح 843.

[81] في البداية و النهاية: «تخيب» بدل «تجب».

[82] المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 165، بحارالأنوار: ج 46 ص 95؛ تهذيب الكمال: ج 20 ص 399، تاريخ مدينة دمشق: ج 41 ص 408، البداية و النهاية: ج 9 ص 133.

[83] رجال الكشي: ج 2 ص 788 ح 954.

[84] تاريخ مدينة دمشق:ج 54 ص 292؛ كشف الغمة: ج 2 ص 293، العدد القوية: ص 319 ح 22 كلاهما نحوه مع اختلاف.

[85] الأمالي للمفيد: ص 43 ح 1، بحارالأنوار: ج 73 ص 107 ح 107.

[86] ثواب الأعمال: ص 74 ح 1، المحاسن: ج 2 ص 479 ح 2662، بحارالأنوار: ج 46 ص 70 ح 46.

[87] وزاد في الفقيه: «يوف اليك أجرك بغير حساب».

[88] الكافي: ج 2 ص 91 ح 13، من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 410 ح 5891، بحارالأنوار: ج 70 ص 184.

[89] الكافي: ج 2 ص 331 ح 5، الخصال: ص 16 ح 59، الأمالي للصدوق: ص 249 ح 272، تحف العقول: ص 246.

[90] الخرائج و الجرائح: ج 1 ص 264 الرقم 8، كشف الغمة: ج 2 ص 351، بحارالأنوار، ج 46 ص 166 ح 9.

[91] و في نسخة: «ان كان من أمر الله» بدل «من

الأمر من الله».

[92] و في نسخة: «ملاء من شيعتي» بدل «خلاص شيعتي».

[93] و في نسخة: «هذا أوصيت اليه» بدل «هلا أوصيت».

[94] كفايةالأثر: ص 241، بحارالأنوار: ج 46 ص 232 ح 9.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.