الامام الحسن العسكري عليه السلام من المهد الي اللحد

اشارة

سرشناسه : قزويني، محمدكاظم، 1373 - 1308

عنوان و نام پديدآور : الامام الحسن العسكري عليه السلام من المهد الي اللحد/ محمدكاظم القزويني

مشخصات نشر : تهران : فرصاد، 1385.

مشخصات ظاهري : ص 342

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : كتاب حاضر در سالهاي مختلف توسط ناشران مختلف منتشر شده است

يادداشت : فهرست نويسي براساس اطلاعات فيپا

يادداشت : عربي

يادداشت : كتابنامه به صورت زيرنويس

موضوع : حسن بن علي (ع)، امام يازدهم، ق 260 - 232

رده بندي كنگره : BP50/ق 42 الف 8 1385

رده بندي ديويي : 297/9584

شماره كتابشناسي ملي : م 85-7762

ص: 1

اشارة

ص: 2

الاهداء

بسم الله الرحمن الرحيم أحمد الله تعالي و أشكره علي نعمائه و أياديه اذ وفقني لامتثال أمر سيدي و مولاي الامام أبي الحسن علي بن موسي الرضا (صلوات الله عليه و علي آبائه الطاهرين و أبنائه المعصومين) ففي الليلة السابعة عشرة من شهر ربيع الثاني - ليلة الجمعة - سنة ألف أربعمائة و اثنتين من الهجرة رأيت في المنام قائلا يقول لي: «الامام الرضا يقول لك: اكتب عن الأئمة الأربعة من بعدي». و كنت - يومذاك - قد شرعت بتأليف كتاب (الامام المهدي من المهد الي الظهور) فتم تأليف الكتاب ثم قمت بتأليف كتاب عن الامام الجواد (عليه السلام) ثم عن الامام الهادي (عليه السلام) و هذا الكتاب الرابع الذي قدر الله تعالي لي تأليفه و الحمدلله أولا و آخرا. ايران - قم - محمد كاظم القزويني 1412 ه ق

ص: 3

المقدمه

بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين، و صلي الله علي سيدنا و مولانا و نبينا محمد و آله الطاهرين و اللعنة علي أعدائهم أجمعين من الآن الي يوم الدين. اللهم صل علي سيدنا محمد و أهل بيته، و صل علي الحسن بن علي، الهادي الي دينك و الداعي الي سبيلك، علم الهدي، و منار التقي، و معدن الحجي، و مأوي النهي، و غيث الوري، و سحاب الحكمة، و بحر الموعظة، و وارث الأئمة، و الشهيد علي الامة، المعصوم المهذب، و الفاضل المقرب و المطهر من الرجس؛ الذي ورثته علم الكتاب، و ألهمته فصل الخطاب، و نصبته علما لأهل قبلتك، و قرنت طاعته بطاعتك، و فرضت مودته علي جميع خليقتك؛ اللهم فكما أناب بحسن الاخلاص في توحيدك، و أردي من خاض في تشبيهك و حامي عن أهل الايمان بك، فصل - يا رب - عليه صلاة يلحق بها محل الخاشعين، و يعلو في الجنة بدرجة جده: خاتم النبيين، و بلغه منا تحية و سلاما، و آتنا من لدنك في موالاته فضلا و احسانا، و مغفرة و رضوانا، انك ذو فضل عظيم، و من جسيم. و بعد، فهذه صفحات مشرقة، تتلألأ بحياة الامام من ائمة الهدي، و سيد من سادات الوري، و هو الامام الحادي عشر من أهل بيت النبوة، و معدن

ص: 4

الرسالة و الوحي، و مختلف الملائكة. ذاك أبومحمد الحسن العسكري، ابن الامام أبي الحسن علي بن محمد الهادي النقي، صلوات الله عليهما. و من الواضح انه والد مولانا صاحب الزمان، الامام المهدي المنتظر صلوات الله و سلامه علي الوالد و ما ولد. ان من الحق أن أقول: ان القلم يخونني في التعبير، و الفكر يعجز عن التصور ليملي علي هذه الصفحات كل ما يتطلبه الواجب، و كل ما يجب أداؤه و يليق بهذا المولي العظيم. لا أستطيع أن أعرف كيف يتم تأليف هذا الكتيب مع قلة المواد التاريخية الموجودة في التراجم و السير، و في بطون التواريخ و الأحاديث؟ و لقد تكرر مني القول بأن التاريخ قد ظلم آل رسول الله (صلي الله عليه و آله) بجميع أنواع الظلم، و منها: اهمال ترجمة حياتهم، و عدم ذكر انجازاتهم و انتاجاتهم، و تغطية فضائلهم و مناقبهم، ولو أردنا أن نذكر - هنا - بعض جنايات التاريخ لطال بنا الكلام، و خرج الكتاب عن اسلوبه. نعم، ان تاريخ البشر أسود، كسواد الليل المظلم، فلا تجد في التاريخ فضيلة مشرقة الا وجدت الي جنبها فاجعة أو جناية تاريخية تعكر لذة الحياة و صفو العيش. و لا تقرأ في تاريخ العظماء عطاء و انتاجا، و فضيلة و موهبة الا وجدتها مشفوعة بالمآسي و الآلام. أليس من أعجب الأعاجيب أن العظماء كلما أزدادوا فضائل و مكارم ارتفع عدد أعدائهم، و تزايد حسادهم؟ فهل تعرف في تاريخ الحياة أشرف و أفضل و أتقي من محمد و آله الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين)؟

ص: 5

ثم هل تعرف في العالم كله عائلة و اسرة أكثر أعداء و حسادا من هذه الأسرة؟ كلا، لا أظن أنك تجد غيرهم بهذه الصفات، و هذه المضاعفات و الملابسات. و ستقرأ في هذه الأوراق ما كان يتمتع به الامام الحسن العسكري (عليه السلام) من انواع الفضائل، و مكارم الأخلاق، و شتي آيات العظمة، و تقرأ الي جانب ذلك ما قام به المناوئون ضد هذا الامام العظيم. فالأفضل أن نشرع في ترجمة حياته المستنيرة، و نذكر مواقف الحكومات ضد هذا الامام المظلوم المضطهد، الذي قتله الأعداء و هو في سن الثامنة و العشرين التي تعتبر من عنفوان الشباب، و غضارة العمر. فيا سيدنا أيها الامام الحسن يا أبامحمد اقدم اليك - مسبقا - الف مليون معذرة من قلمي العاجز و بياني القاصر، و ادراكي الضعيف، فعندك يقبل العذر يابن الأكرمين.

ص: 6

مولده

قال الشيخ المفيد: كان مولد أبي محمد (عليه السلام) بالمدينة [المنورة] في شهر ربيع الآخر من سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين (1) و قيل: يوم العاشر من شهر ربيع الآخر سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين من الهجرة كان مولد أبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا (عليهم السلام) (2) . و قيل: مولده في سنة احدي و ثلاثين و مائتين للهجرة (3) . و قال المسعودي...: و حملت امه به بالمدينة، و ولدته بها، فكانت ولادته و منشئوه مثل ولادة آبائه (صلي الله عليهم) و منشئهم، و ولد سنة احدي و ثلاثين و مائتين من الهجرة... الي اخره. (4) . و قال الكليني: ولد (عليه السلام) في شهر [رمضان و في نسخة اخري في شهر] ربيع الآخر سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين (5) . و قال الكفعمي: ولد (عليه السلام) يوم الاثنين رابع ربيع الثاني، سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين، و قيل: في عاشر ربيع الثاني. (6) . و قال الحافظ عبدالعزيز الجنابذي: مولده سنة احدي و ثلاثين و مائتين. (7) .

ص: 7


1- 1. الارشاد / 335.
2- 2. مصباح الطوسي و الكفعمي.
3- 3. كشف الغمة ج 2 / 402.
4- 4. مروج الذهب.
5- 5. الكافي ج 1 / 503.
6- 6. مصباح الكفعمي / 523.
7- 7. كشف الغمة ج 2 / 403.

و ذكر غير هؤلاء من المؤرخين و المحدثين أقوالا مختلفة، و هذا الاختلاف ليس عجيبا في تاريخ مواليد الأئمة الطاهرين و وفياتهم بعد أن اختلف المسلمون في تاريخ مولد رسول الله (صلي الله عليه و آله) و وفاته. والده هو الامام العاشر من أئمة أهل البيت: الامام أبي الحسن علي بن محمد، الهادي النقي، و قد ذكرنا بعض ما يتعلق به في كتاب (الامام الهادي من المهد الي اللحد). والدته قال المفيد: و امه ام ولد يقال لها: حديثه (1) . و قال ابن شهراشوب: امه ام ولد يقال لها: حديث (2) . و قال الاربلي: و امه ام ولد يقال لها: سوسن (3) . و قال - (في عيون المعجزات) -: اسم امه - علي مارواه أصحاب الحديث -: سليل (رضي الله عنها) و قيل: حديث. و الصحيح سليل و كانت من العارفات الصالحات. و روي المسعودي: و روي عن العالم (عليه السلام) انه قال: «لما ادخلت سليل: ام أبي محمد (عليه السلام) علي أبي الحسن [الهادي] (عليه السلام) قال: «سليل: مسلولة من الآفات و العاهات و الأرجاس و الأنجاس» ثم قال لها: «سيهب الله حجته علي خلقه، يملأ الأرض عدلا، كما ملئت جورا» (4) . أقول: قد ذكرنا في كتاب (الامام المهدي من المهد الي الظهور) كلمة حول تعدد أسماء بعض امهات الأئمة (عليهم السلام) و الحكمة في ذلك (5) .

ص: 8


1- 8. الارشاد / 335.
2- 9. مناقب ابن شهرآشوب ج 4 / 421. [
3- 10. كشف الغمة ج 2 / 402.
4- 11. اثبات الوصية / 207.
5- 12. الامام المهدي من المهد الي الظهور / 118.

كنيته و ألقابه

يكني أبامحمد، و يلقب ب (الصامت و الهادي، و الرفيق، و الزكي و السراج و الخالص و النقي) و كان هو و أبوه و جده يعرف كل منهم - في زمانه - بابن الرضا. و قال الشيخ الصدوق في (علل الشرائع): سمعت مشايخنا (رضي الله عنهم): أن المحلة التي يسكنها الامامان: علي بن محمد و الحسن بن علي (عليهماالسلام) بسر من رأي كانت تسمي عسكر، فلذلك قيل لكل واحد منهما: العسكري (1) . نقش خاتمه: قال ابن الصباغ المالكي: خاتمه «سبحان من له مقاليد السموات و الأرض». (2) . و في (مصباح الكفعمي): ان الله شهيد.

ص: 9


1- 13. علل الشرائع / 241، باب 176.
2- 14. الفصول المهمة / 285.

نشأة الامام

استقبل بيت الامام الهادي (عليه السلام) مولودا طاهرا في جو من القداسة، و فضاء متلألي ء بأنوار الله تعالي، معطر بأريج الملائكة المقربين الذين شاركوا أهل البيت في استقبال المولود الجديد. و فتح المولود عينيه في ذلك البيت المحاط بالروحانية و النورانية، و الذي قد تشربت جدرانه بتلاوة القرآن، و انتشر دوي أصوات العبادة في فضائه، لأنه من بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيه اسمه. في ذلك البيت المنزه عن كل شائبة، و المبرء عن كل ما لا يلائم قدسيته؛ و كيف لا يكون كذلك؟ و هو مهبط ملائكة السموات العلي، و مركز ثقل الكرة الأرضية و من أشرف بقاعها. في ذلك البيت نمي ذلك المولود المطوق بهالة الشرف الأرفع، و ترعرع في حجر والده الأقدس الأطهر، يشم نسيم الامامة الكبري، و تغمر قلبه انوار الولاية العظمي، و يرتضع من صدر ام هي من أطهر امهات ذلك العصر، و يتغدي بأنواع الحكمة و المعرفة. قد اكمل الله له العقل و الادراك، و أتم له العلم (بجميع معني الكلمة). قد بلغ ذروة العظمة منذ خلقه الله، و امتاز عن أبناء زمانه بفضائله و فواضله.

ص: 10

جعله الله امتدادا لخط الاسلام الصحيح، و انتخبه حاملا لشريعته، و اصطفاه حافظا لدينه و كتابه، و اختاره اماما و نورا لبريته، و منارا و ملاذا لعباده و بلاده.

ص: 11

النصوص علي امامته

قد ذكرنا في كل من كتابنا: عن (الامام المهدي و الامام الجواد و الامام الهادي (عليهم السلام)) شيئا من النصوص الدالة علي امامة الأئمة الاثني عشر بصورة عامة، و علي امامة كل من الأئمة المذكورين بصورة خاصة؛ و ذكرنا أن النص من الامام السابق علي الامام اللاحق ضروري جدا، اتماما للحجة و بيانا للحقيقة، و انقاذا للناس من الجهالة و حيرة الضلالة. و من الطبيعي ان تلك النصوص كانت تختلف من حيث الاعلان و الاسرار، و الاجمال و التفصيل، و حسب الظروف، فقد كانت الظروف لا تسمح بالتجاهر بالتنصيص علي امامة الامام بصورة علنية، و بكل وضوح، حفظا لحياته، و حقنا لدمه! فكان كل امام يراعي هذه الظروف بكل دقة اذا أراد أن ينص علي الامام الذي بعده، و هذا أيضا من آثار الضغط و الكبت الذي كان الأئمة الطاهرون يعانونه من الجبابرة الطغاة، المعاصرين لهم. و الامام الهادي (عليه السلام) - الذي كان له النصيب الأوفر و الحظ الاكثر من الاضطهاد، و الرقابة المشددة علي - أقواله و أفعاله - ايضا كان يعاني هذه المأساة، فقد نص علي امامة ولده: الامام الحسن العسكري (عليه السلام) كلما اتيحت له الفرصة، و ساعدته الظروف، بتعابير متعددة، و كلمات مختلفة

ص: 12

مضمونها و مفهومها واحد. و قد ذكرنا شيئا من النصوص علي امامة الامام الحسن العسكري (عليه السلام) في كل من الكتب التي مر ذكرها آنفا. و اسلوب الكتاب يفرض علينا أن نذكر تلك النصوص - هنا - أيضا، رعاية للمقام و تتميما للفائدة؛ و من الواضح ان النصوص العامة التي تتحدث عن امامة الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)تشمل الامام العسكري (عليه السلام) بصفته: أحد الأئمة الاثني عشر. و أما النصوص الخاصة، فقد نص عليه جده: الامام الجواد و ابوه: الامام الهادي (عليهماالسلام)، و اليك بعض تلك النصوص:

ص: 13

النصوص

1 - روي الصدوق بسنده عن الصقر بن دلف قال: سمعت أباجعفر: محمد بن علي الرضا (عليه السلام) يقول: «ان الامام بعدي ابني: علي، أمره أمري، و قوله قولي، و طاعته طاعتي، و الامامة بعده في ابنه الحسن (1) أمره أمر أبيه، و قوله: قول أبيه و طاعته طاعة أبيه... الي آخره». (2) . و بسنده عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني، عن علي [الهادي] بن محمد (عليه السلام) أنه قال - في حديث طويل - «و من بعدي: الحسن ابني، فكيف للناس بالخلف من بعده؟... الي آخره» (3) . و عن الصقر بن دلف قال: سمعت علي [الهادي] بن محمد بن علي الرضا (عليهم السلام) يقول: «ان الامام بعدي: الحسن ابني، و بعد الحسن ابنه القائم، الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما». (4) . و عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: سمعت اباالحسن [الهادي] صاحب العسكر (عليه السلام) يقول: «الخلف من بعدي: ابني

ص: 14


1- 15. في المصدر: و الامام بعده: ابنه الحسن.
2- 16. اكمال الدين / 378، باب 36 حديث 3.
3- 17. اكمال الدين / 380، باب 37 حديث 1.
4- 18. اكمال الدين / 383، باب 37 حديث 10.

الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: و لم؟ جعلني الله فداك! فقال: «لأنكم لا ترون شخصه، و لا يحل لكم ذكره باسمه» قلت: فكيف نذكره؟ قال: قولوا: «الحجة من آل محمد (صلي الله عليه و آله)». (1) . و في (بصائر الدرجات) بسنده عن علي بن عبدالله بن مروان الأنباري قال: كنت حاضرا عند مضي [وفاة] أبي جعفر [السيد محمد] ابن أبي الحسن [الهادي]، فجاء أبوالحسن (عليه السلام) فوضع له كرسي، فجلس عليه، و أبومحمد [الحسن العسكري] قائم في ناحية، فلما فرغ من [تجهيز] أبي جعفر [السيد محمد] التفت أبوالحسن [الهادي] (عليه السلام) الي أبي محمد [الحسن العسكري] (عليه السلام) فقال: «يا بني أحدث لله شكرا، فقد أحدث فيك أمرا». (2) . و عن علي بن عمرو النوفلي قال: كنت مع أبي الحسن [الهادي] العسكري (عليه السلام) في داره، فمر علينا أبوجعفر [السيد محمد] فقلت له: هذا صاحبنا [امامنا]؟ فقال: «لا، صاحبكم [امامكم]: الحسن». (3) . و عن أحمد بن عيسي العلوي - من ولد علي بن جعفر - قال: دخلت علي أبي الحسن [الهادي] بصريا (4) فسلمنا عليه، فاذا نحن بأبي جعفر [السيد محمد] و أبي محمد [الحسن العسكري] قد دخلا، فقمنا الي أبي جعفر لنسلم عليه، فقال أبوالحسن [الهادي] (عليه السلام): «ليس هذا صاحبكم [امامكم] عليكم بصاحبكم» و أشار الي أبي محمد (عليه السلام). (5) . و عن شاهويه بن عبدالله الجلاب قال: كنت رويت علي أبي الحسن [الهادي] العسكري (عليه السلام) في أبي جعفر [السيد محمد]: ابنه روايات

ص: 15


1- 19. اكمال الدين / 381، باب 37 حديث 5.
2- 20. بصائر الدرجات / 92 حديث 13.
3- 21. غيبة الطوسي / 120.
4- 22. صريا: اسم قرية أسسها الامام موسي بن جعفر (عليه السلام) تبعد عن المدينة المنورة ثلاثة أميال.
5- 23. غيبة الطوسي / 120.

تدل عليه، فلما مضي [توفي] أبوجعفر قلقت لذلك و بقيت متحيرا، لا أتقدم و لا أتأخر، و خفت أن أكتب اليه في ذلك، فلا أدري ما يكون؟ فكتبت اليه أسأله الدعاء أن يفرج عنا في أسباب من قبل السلطان كنا نغتم بها في غلماننا فرجع الجواب بالدعاء، ورد الغلمان علينا، و كتب في آخر الكتاب: «أردت أن تسأل عن الخلف - بعد مضي أبي جعفر - و قلقت لذلك، فلا تغتم، فان الله لا يضل قوما بعد اذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقون؛ صاحبكم بعدي: أبومحمد ابني، و عنده ما تحتاجون اليه، يقدم الله ما يشاء، و يؤخر ما يشاء، ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها؛ قد كتبت بما فيه بيان و قناع لذي عقل يقظان». (1) . أقول: قد ذكرنا في كتاب (الامام الهادي من المهد الي اللحد) نصوصا كثيرة علي امامة الامام العسكري (عليه السلام).

الامام العسكري في حياة والده

لقد رافق الامام العسكري (عليه السلام) أباه: الامام الهادي (عليه السلام) في ترحيله، و ابعاده من المدينة المنورة الي سامراء، و عمره سنتان أو أربع سنوات، و عاش مع والده في سر من رأي أحدي و عشرين سنة، و قد خيمت علي حياة والده سحائب المآسي و الآلام. فهو (عليه السلام) يري والده العظيم يعيش في أجواء الاضطهاد و الكبت، من ابعاده من مدينة جده الأقدس (صلي الله عليه و آله) و مسقط رأسه، و وطن آبائه الطاهرين، و اقامة جبرية في بيته، و في معترك الفتن و المشاغبات و المؤامرات. و من الواضح أن المشاكل التي عاناها الامام الهادي من اولئك الطواغيت شملت ابنه الامام العسكري أيضا، لأنه عاصر تلك القضايا و الحوادث في حياة والده.

ص: 16


1- 24. غيبة الطوسي / 121.

فالسلطات الغاشمة - بدء بالمتوكل الي المنتصر، الي المستعين، الي المعتز - ما كان يهدؤ لهم بال من وجود الامام الهادي (عليه السلام). فالمتوكل الذي جلب الامام الهادي الي سامراء (بأنواع الحيلة و المكر) ليكون تحت الرقابة المشددة، ممنوعا عن كل تصرف، و لتكون حركاته و سكناته، و لقاءاته، بمرأي و مسمع من السلطة و ليكون في متناول يد المتوكل متي ما شاء أن يقتله قتله، مع ذلك كان ينزعج هو و حاشيته من وجود الامام الهادي. و قد ذكرنا بعض ما يتعلق بهذه المواضيع في كتاب (الامام الهادي). و لهذا من الصحيح أن نقول: ان الامام العسكري (عليه السلام) منذ نعومة أظفاره كان يعيش مع والده العظيم حياة مشفوعة بأنواع المآسي و الآلام، و الحرمان عن أبسط حقوق الانسان؛ و اخيرا: فجع بوالده الذي قضي نحبه مسموما، و منعت السلطات من تشييع جثمانه الطاهر بسبب كثرة بكاء الناس و ضجيجهم، و أجبروا أولاده أن يدفنوه في بيته. و قد ذكرنا هذه الامور في الكتاب المذكور. و لما استقل بأعباء الامامة بعد شهادة ابيه: الامام الهادي (عليه السلام) توجهت سهام الأعداء اليه مباشرة، وقام المناوئون بمحاولات شيطانية، و جهود كافرة لاطفاء نور الله. و ستقرأ - في هذا الكتاب - أن الكثيرين من الناس ما كانوا يستطيعون الحضور و المثول عند الامام في بيته بسبب الرقابة المشددة عليه من قبل السلطة، بل كان أرباب الحوائج يقفون في أثناء طريق الا مام لعلهم يستطيعون بيان حوائجهم، و السؤال عن قضايا دينهم و دنياهم و آخرتهم! و قد فرضت السلطة عليه أن يحضر في دار الخلافة في كل اسبوع مرتين، لا لشي ء سوي اثبات وجوده في سامراء، كما تفرض السلطات - اليوم علي المحكوم عليه بالابعاد عن بلده، و الاقامة الجبرية في بلد آخر - الحضور في دائرة الشرطة يوميا، مرة أو أكثر، ليوقع - هناك - اثباتا لوجوده في تلك البلدة.

ص: 17

و في نفس الوقت كان الامام في مسيره الي دار الخلافة محاطا بالجواسيس الذين يراقبون حركاته و اتصال الناس به، الي درجة أن الذي كان يسلم علي الامام كان يخاطر بحياته. و كان الامام يكتب في ورقة: «ألا: لا يسلمن علي أحد، و لا يشير الي بيده، و لا يومي ء فانكم لا تومنون علي انفسكم» و يرسلها الي الذين ينتظرون خروجه من بيته ليلتقوا به في أثناء الريق؛ و بالرغم من ذلك الجو المكهرب المكفهر، و مع وجود ذلك الضغط و الكبت المنبعث من تلك القلوب المليئة بالحقد و العداء، بالرغم من هذه الامور كان الامام العسكري (عليه السلام) ينتهز كل فرصة ليؤدي بعض متطلبات الامامة الكبري، و لوازم القيادة العظمي التي القيت علي كاهله في حدود القدرة و الاستطاعة، و مع التحفظ علي جميع الجوانب التي ينبغي مراعاتها. فمثلا: كان أكثر الناس (بما فيهم العباسيون) قد سمعوا الكثير أو القليل من الأحاديث المروية عن رسول الله (صلي الله عليه و آله) و الأئمة (عليهم السلام) حول الامام المهدي (عليه السلام) و أنه الثاني عشر من أئمة أهل البيت، و أنه الذي يملأ الدنيا قسطا و عدلا، بعد أن تملأ ظلما و جورا. و كان اولئك الظالمون الجائرون يعرفون أنفسهم و أعمالهم، و يعلمون ان الامام المهدي الموعود هو الذي يقوض عروشهم، و يدمر كيانهم، و يحطم حكوماتهم. فكان اولئك المساكين المجانين يبذلون أقصي جهودهم و مساعيهم للحيلولة دون ذلك. فتارة: كان الحاكم العباسي يأمر بحبس الامام في السجون العامة، و تارة كان يسلمه الي جلاوزته ليحبسوه في بيوتهم كيلا يري أحدا و لا يراه أحد، و تارة كان يأمر بتسيير الامام الي الكوفة و اغتياله في أثناء الطريق تغطية للجريمة، و خوفا من نقمة الشعب الموالي للامام (عليه السلام).

ص: 18

كل ذلك للحيلولة دون ولادة الامام المهدي (عليه السلام).

الامام العسكري و الحكومات المعاصرة

ولكن هذه المحاولات أكثرها كانت تبوء بالفشل، و استمع الي الامام العسكري (عليه السلام) الذي يصرح بهذه الحقيقة: عن الفضل بن شاذان قال: حدثنا عبدالله بن الحسين بن سعد الكاتب قال: قال أبومحمد (عليه السلام): «قد وضع بنوامية و بنوالعباس سيوفهم علينا لعلتين: احداهما: أنهم كانوا يعلمون انه ليس لهم في الخلافة حق، فيخافون من ادعائنا اياها و تستقر في مركزها. و ثانيهما: أنهم قد وقفوا [علموا] من الأخبار المتواترة علي أن زوال ملك الجبابرة و الظلمة علي يد القائم منا، و كانوا لا يشكون أنهم من الجبابرة و الظلمة، فسعوا في قتل أهل بيت رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و ابادة نسله، طمعا منهم في الوصول الي منع تولد القائم (عليه السلام) أو قتله، فأبي الله أن يكشف أمره لواحد منهم، الا أن يتم نوره ولو كره الكافرون» (1) . في تلك الظروف القاسية ولد مولانا صاحب الزمان، الامام المهدي (سلام الله عليه). و بولادة الامام المهدي (عليه السلام) صار الامام العسكري (عليه السلام) بين محذورين شديدين، و أمرين خطيرين: 1 - الاعلان عن ولادة الامام المهدي (عليه السلام) بصورة واسعة؛ قد ذكرنا - قبل قليل - ان الأعداء كانوا يعلمون ان الامام المهدي سيولد من الامام العسكري، اذن، فمن الطبيعي أنه كان قد قرب وقت ولادة الامام المهدي الذي يخافه الجبابرة. و ذكرنا ان محاولاتهم - للحيلولة دون ولادة الامام المهدي - فشلت.

ص: 19


1- 25. اثبات الهداة ج 570 / 3 عن (اثبات الرجعة) للفضل بن شاذان.

فلو علموا بأن الذي كانوا يخافونه قد ولد، فما الذي كانوا يصنعون؟ ان نتيجة الاعلان عن ولادة الامام المهدي هي ايقاظ الأعداء، و التمهيد لقتله (حسب الظاهر) و معني ذلك - فرضا - ان الامام العسكري (عليه السلام) يسبب (معاذ الله) قتل الامام المهدي، و قطع خط الامامة، و تفنيد عشرات الآيات القرآنية المأولة بالامام المهدي، و كذا تفنيد مئات الأحاديث المبشرة بالامام المهدي، المروية عن رسول الله (صلي الله عليه و آله) و الأئمة الطاهرين (عليهم السلام)و غير ذلك من المضاعفات و النتائج غير المرضية. 2 - كتمان ولادته، و هذا يكون مشكلة كبري، و مصيبة عقائدية عظمي، لأن الأوامر الالهية، تفرض علي كل امام أن ينص علي الامام الذي بعده، و يعرفه - في حدود الامكان - للخط الموالي، حفظا للامة الاسلامية في الضياع و الضلال. و قد قام الأئمة الطاهرون (عليهم السلام)بهذه المهمة، بالرغم من ظروفهم الصعبة، و كثرة المخاوف (كما هو مذكور في محله). و ظروف الامام العسكري (عليه السلام) أصعب من ظروف أجداده حول النص علي الامام الذي بعده للسبب المذكور. ثم ان كتمان ولادة الامام يكون تعتيما علي الشيعة، و اهدارا لأهم اصول المذهب، فقد ورد في الحديث - المتفق عليه بين الفريقين - عن رسول الله (صلي الله عليه و آله) انه قال: «من مات و لم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية» (1) . اليس معني ذلك أن يترك الامام العسكري (عليه السلام) طائفة اسلامية كبري تعيش في حيرة، و تموت في ضلال و ميتة جاهلية؟ لقد اختار الامام العسكري (عليه السلام) الحد الوسط، فلا اعلان عام، و لا كتمان تام.

ص: 20


1- 26. مصادر هذا الحديث في كتب العامة كثيرة جدا، منها: صحيح مسلم ج 6 / 22 سنن البيهقي ج 8 / 156 مسند أحمد بن حنبل ج 3 / 446 و غيرها.

و هذا هو الحل الوحيد لهاتين المشكلتين؛ فقد أخبر الامام العسكري بعض شيعته بولادة الامام المهدي، و نص عليه بالامامة، بمحضر من ثقاة شيعته، بل و أراهم ولده و هو في سن الطفولة. كل ذلك اداء للواجب الشرعي المقدس، و اتماما للحجة، و بيانا للحقيقة. و ستجد في خلال هذا الكتاب النصوص و التصريحات من الامام العسكري حول امامة ولده الامام المهدي (عليه السلام) و اليك بعض تلك النصوص: روي الشيخ الصدوق في (اكمال الدين) بسنده عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري قال: حدثني معاوية بن حكيم، و محمد بن ايوب بن نوح، و محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) قالوا: عرض علينا أبومحمد: الحسن بن علي (عليهماالسلام) ابنه، و نحن في منزله، و كنا اربعين رجلا، فقال: «هذا امامكم من بعدي، و خليفتي عليكم، أطيعوه و لا تتفرقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا؛ أما: انكم لا ترونه بعد يومكم هذا. قالوا: فخرجنا من عنده، فما مضت الا أيام قلائل حتي مضي أبومحمد (عليه السلام) (1) . و روي الشيخ الطوسي في (الغيبة) بسنده عن الحسين بن أحمد [حمدان] الخصيبي قال: حدثني محمد بن اسماعيل و علي بن عبدالله الحسنيان (السجستاني) قالا: دخلنا علي أبي محمد الحسن (عليه السلام) بسر من رأي، و بين يديه جماعة من أوليائه و شيعته، حتي دخل عليه بدر: خادمه، فقال: يا مولاي! بالباب قوم شعث غبر (2) فقال [الامام] لهم [للحاضرين]: «هؤلاء نفر من شيعتنا باليمن».

ص: 21


1- 27. الكمال الدين / 435 باب من شاهد القائم حديث 2.
2- 28. شعث غبر: جمع أشعث و أغبر أي عليهم آثار السفر من التراب و الغبار و غيرهما.

الي أن قال الحسن (عليه السلام) لبدر: «فامض فأتنا بعثمان بن سعيد العمري» فما لبثنا الا يسيرا حتي دخل عثمان، فقال له سيدنا أبومحمد (عليه السلام): «امض يا عثمان، فانك الوكيل و الثقة المأمون علي مال الله، و اقبض من هؤلاء النفر اليمنيين ما حملوه من المال». (ثم ساق الحديث) الي أن قالا: ثم قلنا - بأجمعنا -: «يا سيدنا، و الله ان عثمان لمن خيار شيعتك، و لقد زدتنا علما بموضعه من خدمتك، و أنه وكيلك و ثقتك علي مال الله تعالي». قال: «نعم، و أشهدوا علي أن عثمان بن سعيد العمري وكيلي، و أن ابنه محمدا وكيل ابني: مهديكم» (1) . و روي أيضا بسنده عن جماعة من الشيعة (ذكر اسماءهم) قالوا جميعا: اجتمعنا الي أبي محمد: الحسن بن علي (عليهماالسلام)نسأله عن الحجة من بعده، و في مجلسه أربعون رجلا، فقام اليه عثمان بن سعيد بن عمرو العمري فقال له: يابن رسول الله! اريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به مني، فقال له: اجلس يا عثمان. فقام [الامام] مغضبا ليخرج فقال: «لا يخرجن أحد» فلم يخرج منا أحد، الي أن كان بعد ساعة، فصاح بعثمان، فقام علي قدميه فقال [الامام]: اخبركم بما جئتم به؟ قالوا: نعم، يابن رسول الله. قال: «جئتم تسألوني عن الحجة من بعدي» قالوا: نعم. فاذا غلام كأنه قطع قمر، أشبه الناس بأبي محمد (عليه السلام) فقال: «هذا امامكم من بعدي، و خليفتي عليكم، أطيعوه، و لا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم. ألا: و انكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتي يتم له عمر، فاقبلوا من عثمان [بن سعيد] ما يقوله. و انتهوا الي أمره، و اقبلوا قوله، فهو خليفة امامكم، و الأمر اليه» (2) .

ص: 22


1- 29. غيبة الطوسي / 215.
2- 30. غيبة الطوسي / 217.

الامام العسكري في وفاة أخيه

السيد محمد كان أبوجعفر محمد ابن الامام الهادي (عليه السلام) - و هو المعروف بالسيد محمد - أكبر أولاد الامام و كان الشيعة يظنون أنه الامام بعد أبيه، حسب الأدلة الثابتة عندهم: الامامة في الولد الأكبر اذا لم تكن فيه عاهة، ولكنه توفي في حياة أبيه، و كانت مصيبة وفاته كارثة حلت بالاسرة الطاهرة بصورة عامة، و فاجعة مؤلمة لقلب الامام العسكري (عليه السلام) بصورة خاصة. و قد اجتمع - يوم وفاة السيد محمد - في دار الامام الهادي (عليه السلام) أكثر من مائة و خمسين رجلا من بني هاشم و غيرهم، و وضعوا للامام الهادي كرسيا في صحن داره جلس عليه. اذ خرج الامام الحسن العسكري من داخل البيت، و هو مشقوق الجيب، يبكي من صدمة الفاجعة، لأنه فقد أخا في ريعان شبابه و غضارة عمره. و لا نعلم سبب وفاة السيد محمد في تلك السن، و نعتبر موته - حتف أنفه - مشكوكا فيه لأن الأعداء كانوا ينتهزون كل فرصة لقطع خط الامامة في أهل البيت، فلعلهم لما عرفوا أن السيد محمد هو أكبر أولاد أبيه و هو المرشح للامامة بعد أبيه قتلوه كما قتلوا اسلافه من قبل و أباه بعد ذلك. و انتهز الامام الهادي (عليه السلام) الفرصة لينص علي الامام العسكري بالامامة بمحضر من اولئك الناس، فقال له: «يا بني أحدث لله شكرا، فقد أحدث فيك أمرا».

ص: 23

السيدة نرجس

زوجة الامام الحسن العسكري (عليه السلام) و والدة الامام المهدي (عليه السلام). لقد اختار الله لها شرف الدنيا و الآخرة، و السعادة العظمي التي لا يلقاها الا ذو حظ عظيم. و من عجيب قدرة الله تعالي و تدبيره: أن فتاة من عائلة مالكة قيصرية رومية مسيحية يدفعها تيار السعادة الي البلاد الاسلامية و الي أطهر و أشرف اسرة علي وجه الأرض، و تجذبها دواعي الشرف و اسباب العظمة الي بيوت اذن الله ان ترفع و يذكر فيه اسمه، و يساعدها التوفيق الالهي في تطور حياتها العقائدية، و يمهد لها التقدير الرباني حياة زوجية و عائلية لم يكن لها نظير و مثيل. و قد ذكرنا - في كتاب (الامام المهدي من المهد الي الظهور) شيئا من ترجمتها، و اسلوب الكتاب يفرض علينا ان نذكر - هنا - أيضا ما ذكرناه في ذلك الكتاب: و الآن - و قبل كل شي ء - نذكر أسماءها، فقد ذكر المحدثون لها ثمانية أسماء: نرجس، سوسن، صيقل أو صقيل، حديثة، حكيمة، مليكة، ريحانة، و خمط.

ص: 24

و أشهر أسمائها: نرجس... و كنيتها: أم محمد. و تعدد الأسماء لا يدل علي تعدد المسمي، فالسيدة فاطمة الزهراء (عليهاالسلام) كانت لها أسماء عديدة لأسباب و مناسبات متنوعة، و هكذا الكلام هنا، فان نرجس: اسم لبعض الأزهار العطرة، و الخمط: نوع من شجر الأراك له حمل و ثمر يؤكل قال تعالي: (ذواتي أكل خمط) (1) و سوسن: أيضا من أنواع الأزاهير ذات الرائحة الطيبة و الفوائد الكثيرة المذكورة في كتب الطب، و الصقيل: هو الشي ء الأملس، فلا مانع من أن تسمي المرأة بأسماء متعددة لمناسبات مختلفة، و لعل هناك أسباب و حكم و مصالح سياسية أو اجتماعية قد خفيت علينا. و لا يضر الاختلاف في حسبها و نسبها، فالشخصية واحدة، و الأقوال حولها مختلفة، و نحن نذكر - هنا - قولين لأصحابنا و علمائنا المحدثين: روي عن بشر بن سليمان النخاس، و هو من ولد أبي أيوب الأنصاري، و أحد موالي (2) أبي الحسن - الهادي - و أبي محمد العسكريين (3) و جارهما بسر من رأي، قال: كان مولانا أبوالحسن الهادي (عليه السلام) فقهني في علم الرقيق (4) فكنت لا أبتاع (5) و لا أبيع الا باذنه، فاجتنبت بذلك موارد الشبهات حتي كملت معرفتي فيه، و أحسنت الفرق بين الحلال و الحرام، فبينما أنا ذات ليلة في منزلي بسر من رأي، و قد مضي هوي (أي: ساعة) من الليل اذا قرع الباب قارع، فاذا أنا بكافور الخادم، رسول مولانا أبي الحسن علي بن محمد (عليهماالسلام) يدعوني اليه فلبست ثيابي و دخلت عليه، فرأيته يحدث ابنه أبامحمد و أخته حكيمة من وراء الستر، فلما جلست قال:

ص: 25


1- 31. سورة سبأ 34: 16.
2- 32. أي أحد الموالين للامام.
3- 33. العسكري: لقب الامام الحادي عشر، و قد يطلق علي أبيه الامام الهادي (عليه السلام).
4- 34. الرقيق: المملوك من الجواري و العبيد.
5- 35. لا أبتاع: أي لا أشتري.

يا بشر: انك من ولد الأنصار، و هذه الموالاة لم تزل فيكم، يرثها خلف عن سلف، و أنتم ثقاتنا أهل البيت، و اني مزكيك و مشرفك بفضيلة تسبق بها سائر الشيعة في الموالاة بها: بسر أطلعك عليه، و انفذك في ابتياع (1) أمة. فكتب كتابا ملصقا بخط رومي و لغة رومية، و طبع عليه بخاتمه، و أخرج شنتقة (أي صرة توضع فيها النقود) صفراء فيها مائتان و عشرون دينارا، فقال: خذها و توجه بها الي بغداد، و احضر معبر الصراة (2) ضحوة يوم كذا، (3) فاذا وصلت الي جانبك زوارق (4) السبايا، و برزن الجواري منها، فستحدق بهن طوائف المبتاعين (5) من وكلاء قواد بني العباس، و شراذم (6) من فتيان العراق، فاذا رأيت ذلك فأشرف من البعد علي المسمي عمر بن يزيد النخاس (7) عامة نهارك الي أن تبرز للمبتاعين جارية صفتها كذا و كذا، لابسة حريرتين صفيقتين (8) تمتنع من السفور و لمس المعترض و الانقياد لمن يحاول لمسها، و يشغل نظره بتأمل مكاشفها من وراء الستر الرقيق. فيضربها النخاس، فتصرخ صرخة رومية،

ص: 26


1- 36. ابتياع:أي شراء.
2- 37. معبر: أي الجسر الذي يعبر الناس عليه. الصراة: اسم لنهرين في بغداد، هما: الصراة الكبري، و الصراة الصغري. ذكر ذلك ياقوت الحموي في كتابه (معجم البلدان). هذا.. و الموجود في المصدر: «معبر الفرات» لكن يبدو أن ذلك من اخطاء النساخ أو المطبعة، اذ من الواضح أن النهر الذي يجري في بغداد هو: دجلة.. لا الفرات.
3- 38. «ضحوة كذا»: أي وقت الضحي من يوم كذا.
4- 39. زوارق - جمع زورق -: السفينة الصغيرة و الموجود في المصدر الزواريق، ولكن لم نجد ذلك في اللغة.
5- 40. المبتاعين - جمع مبتاع -: و هو المشتري. قوله «فستحدق»: يقال حدق القوم به: أي أطافوا و أحاطوا به من كل جهة.
6- 41. شراذم - جمع شرذمة -: و هي الجماعة القليلة من الناس.
7- 42. النخاس: بياع الجواري و العبيد.
8- 43. «صفيقتين»: يقال ثوب صفيق: أي كثيف نسجه.

فاعلم أنها تقول: و اهتك ستراه. فيقول بعض المبتاعين: علي بثلاثمائة دينار، فقد زادني العفاف فيها رغبة. فتقول له - بالعربية -: لو برزت في زي سليمان بن داود و علي مثل سرير ملكه ما بدت لي فيك رغبة، فأشفق علي مالك. فيقول النخاس: فما الحيلة؟ و لابد من بيعك؟. فتقول الجارية: و ما العجلة؟ و لابد من اختيار مبتاع يسكن قلبي اليه و الي وفائه و أمانته. فعند ذلك.. قم الي عمر بن يزيد النخاس و قل له: ان معي كتابا ملصقا لبعض الأشراف، كتبه بلغة رومية و خط رومي و وصف فيه كرمه و وفاءه و نبله و سخاءه، فناولها لتتأمل منه أخلاق صاحبه، فان مالت اليه و رضيته فأنا وكيله في ابتياعها منك. قال بشر: فامتثلت جميع ما حده (1) لي مولاي أبوالحسن (عليه السلام) في أمر الجارية. فلما نظرت في الكتاب بكت بكاءا شديدا، و قالت لعمر بن يزيد: بعني من صاحب هذا الكتاب. و حلفت بالمحرجة المغلظة (2) أنه متي امتنع من بيعها منه قتلت نفسها. فما زلت أشاحه (3) في ثمنها حتي استقر الأمر فيه علي مقدار ما كان أصحبنيه مولاي (عليه السلام) من الدنانير في الشنتقة (أي الصرة) الصفراء، فاستوفاه مني و تسلمت منه الجارية ضاحكة مستبشرة، و انصرفت بها الي حجرتي التي كنت آوي اليها ببغداد.

ص: 27


1- 44. حده: أي عرفه و بينه.
2- 45. المحرجة: أي القسم و اليمين التي تضيق علي الحالف، بحيث لا يبقي له مجال عن بر قسمه. قوله «المغلظة»: أي المؤكدة من اليمين و القسم.
3- 46. قوله «أشاحه» يقال: تشاح الرجلان علي كذا: أي لا يريدان أن يفوتهما، و المقصود أنه كان يساوم في ثمن الجارية و يطلب منه التخفيض في قيمتها.

فما أخذها القرار حتي أخرجت كتاب مولاها (عليه السلام) من جيبها و هي تللثمه (1) و تضعه علي خدها، و تطبقه علي جفنها (2) و تمسحه علي بدنها. فقلت - تعجبا منها - أتلثمين كتابا لا تعرفين صاحبه؟ فقالت: أيها العاجز، الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء! أعرني سمعك و فرغ فلي قلبك: أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، و أمي من ولد الحواريين (3) تنتسب الي وصي المسيح: شمعون. أنبئك العجب العجيب: ان جدي قيضر أراد أن يزوجني من ابن أخيه، و أنا من بنات ثلاث عشرة سنة، فجمع في قصره من نسل الحواريين و من القسيسين و الرهبان ثلاثمائة رجل، و من ذوي الأخطار (4) سبعمائة رجل، و جمع من امراء الأجناد و قواد العساكر و نقباء الجيوش و ملوك العشائر أربعة آلاف، و أبرز من بهو (5) ملكه عرشا مصنوعا (6) من أصناف الجواهر الي صحن القصر، فرفعه فوق أربعين مرقاة. فلما صعد ابن أخيه و أحدقت به الصلبان (7) و قامت الأساقفة (8) عكفا، و نشرت أسفار الانجيل (9) تساقطت الصلبان من الأعالي فلصقت بالأرض، و تقوضت الأعمدة فانهارت الي القرار، و خر الصاعد من العرش مغشيا

ص: 28


1- 47. تلثمه: أي تقبله.
2- 48. تطبقة علي جفنها: أي تضعه علي عينها.
3- 49. الحواريون: هم خواص أصحاب النبي عيسي (عليه السلام).
4- 50. ذوي الأخطار - جمع الخطر - أصحاب الشرف، و الشخصيات البارزة.
5- 51. البهو: هو البيت المقدم أمام البيوت، و الذي يعبر عنه ب (قاعة الاستقبال).
6- 52. و في نسخة: مصوغا.
7- 53. الصلبان: جمع صليب.
8- 54. الأساقفة - جمع اسقف -: هو الرئيس الديني عند النصاري. و هو أعلي مرتبة من القسيس.
9- 55. أسفار - جمع سفر -: جزء من اجزاء الانجيل.

عليه (1) فتغيرت ألوان الأساقفة و ارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم - لجدي: أيها الملك أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة علي زوال هذا الدين المسيحي و المذهب الملكاني (2) . فتطير جدي من ذلك تطيرا شديدا (3) و قال للأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة و ارفعوا الصلبان و أحضروا أخا هذا المدبر العاثر المنكوس جده (4) لأزوج منه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده. فلما فعلوا ذلك حدث علي الثاني ما حدث علي الأول، و تفرق الناس، و قام جدي قيصر مغتما، و دخل قصره، و أرخيت الستور. فأريت في تلك الليلة كأن المسيح و شمعون و عدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي، و نصبوا فيه منبرا يباري السماء علوا و ارتفاعا في الموضع الذي كان جدي نصب فيه عرشه، فدخل عليهم محمد (صلي الله عليه و آله) مع فتية و عدة من بنيه، فتقدم المسيح اليه فاعتنقه، فقال (5) له محمد (صلي الله عليه و آله و سلم): يا روح الله اني جئتك خاطبا من وصيك شمعون فتاته مليكة لابني هذا، - و أومأ بيده الي أبي محمد ابن صاحب هذا الكتاب. فنظر المسيح الي شمعون و قال له: قد أتاك الشرف، فصل رحمك برحم رسول الله (صلي الله عليه و آله).، قال: قد فعلت. فصعد ذلك المنبر و خطب محمد (صلي الله عليه و آله) و زوجني من ابنه و شهد المسيح (عليه السلام)

ص: 29


1- 56. يقال لهذا النوع من الحوادث: الارهاص: و معناه الاخبار عن حادث عظيم قبل وقوعه بفترة طويلة، كما حدث شبيه هذا.. ليلة ميلاد نبي الاسلام الرسول الأعظم (صلي الله عليه و آله) و سقطت شرفات من طاق كسري و خمدت نار فارس و أمثال ذلك.
2- 57. الملكانية: من المذاهب المسيحية.
3- 58. تطير: أي تشاءم.
4- 59. المنكوس جده: أي المقلوب خطه،. و المقصود: أن قيصر لما رأي ما جري في زواج ابن أخيه أراد أن يزوج السيدة نرجس من أخ ذلك العريس.
5- 60. الموجود في المصدر: «فيقول» عوضا عن «فقال».

و شهد أبناء محمد (صلي الله عليه و آله) (1) و الحواريون. فلما استيقظت من نومي أشفقت أن أقص هذه الرؤيا علي أبي و جدي مخافة القتل. و ضرب صدري بمحبة أبي محمد (2) حتي أمتنعت من الطعام و الشراب، و ضعفت نفسي، و دق شخصي، و مرضت مرضا شديدا، فما بقي في مدائن الروم طبيب الا أحضره جدي و سأله عن دوائي، فلما برح به اليأس قال: يا قرة عيني هل تشتهين شيئا؟. فقلت: يا جدي أري أبواب الفرج علي مغلقة، فلو كشفت العذاب عمن في سجنك من أساري المسلمين، و فككت عنهم الأغلال، و تصدقت عليهم، و مننت عليهم بالخلاص، لرجوت أن يهب المسيح و امه لي عافية و شفاءا. فلما فعل ذلك جدي تجلدت في اظهار الصحة في بدني، و تناولت يسيرا من الطعام، فسر بذلك جدي، و أقبل علي اكرام الأساري و اعزازهم. فرأيت أيضا - بعد أربع ليال -: كأن سيدة النساء قد زارتني و معها مريم بنت عمران و ألف وصيفة من وصائف الجنان، فتقول لي مريم: هذه سيدة نساء العالمين، و أم زوجك أبي محمد. فأتعلق بها و أبكي و أشكو اليها امتناع أبي محمد من زيارتي. فقالت لي سيدة النساء: ان ابني لا يزورك و أنت مشركة بالله و علي مذهب النصاري، و هذه أختي مريم تبرأ الي الله من دينك، فان ملت (3) الي رضي الله عزوجل و رضي المسيح و مريم عنك و زيارة أبي محمد اياك فقولي: أشهد أن لا اله الا الله و أن أبي محمدا رسول الله. فلما تكلمت بهذه الكلمة ضمتني سيدة النساء الي صدرها، فطيبت لي

ص: 30


1- 61. و في نسخة «بنو محمد».
2- 62. ضرب صدري: أي ألزم و أحيط بمحبة أبي محمد.
3- 63. ملت: أي رغبت.

نفسي و قالت: الآن توقعي زيارة أبي محمد اياك فاني منفذته اليك. فانتبهت و أنا أقول: و اشوقاه الي لقاء أبي محمد. فلما كانت الليلة القابلة جاءني أبومحمد (عليه السلام) في منامي، فرأيته كأني أقول له: جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبك؟. فقال: ما كان تأخيري عنك الا لشركك، و اذ قد أسلمت فاني زائرك في كل ليلة الي أن يجمع الله شملنا في العيان. فما قطع عني زيارته بعد ذلك الي هذه الغاية. قال بشر: فقلت لها: و كيف وقعت في الأسر؟. فقالت: أخبرني أبومحمد ليلة من الليالي أن جدك سيسير جيشا الي قتال المسلمين يوم كذا، ثم يتبعهم، فعليك باللحاق بهم متنكرة في زي الخدم مع عدة من الوصائف من طريق كذا. ففعلت، فوقعت علينا طلائع المسلمين حتي كان من أمري ما رأيت و شاهدت، و ما شعر أحد - بي بأني ابنة ملك الروم الي هذه الغاية - سواك، و ذلك باطلاعي اياك عليه. و لقد سألني الشيخ - الذي وقعت اليه في سهم الغنيمة - عن اسمي، فأنكرته و قلت: نرجس. فقال: اسم الجواري. فقلت: العجب انك رومية و لسانك عربي؟ (1) . قالت: بلغ من ولوع (2) جدي و حمله اياي علي تعلم الآداب أن أوعز الي امرأة ترجمانة في الاختلاف الي، فكانت تقصدني صباحا و مساءا، و تفيدني العربية حتي استمر عليها لساني و استقام. قال بشر: فلما انكفأت (3) بها الي (سر من رأي) دخلت علي مولانا

ص: 31


1- 64. هذا كلام بشر و سؤاله منها.
2- 65. الولع: شدة الحب و التعلق بشي ء. الاختلاف الي: أي الترد يقال: اختلف الي المكان: أي تردد، و جاء اليه المرة بعد الأخري.
3- 66. انكفأت: أي رجعت.

أبي الحسن العسكري (عليه السلام) (1) فقال لها: كيف أراك الله عز الاسلام و ذل النصرانية (2) و شرف أهل بيت محمد (صلي الله عليه و آله و سلم)؟ قالت: كيف أصف لك - يابن رسول الله - ما أنت أعلم به مني؟. قال: فاني أريد (3) أن أكرمك، فأيما أحب اليك،: عشرة آلاف درهم؟ أم بشري لك بشرف الأبد؟. قالت: بل البشري. قال (عليه السلام): فأبشري بولد يملك الدنيا شرقا و غربا، و يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا. قالت: ممن؟ قال (عليه السلام) ممن خطبك رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) له، ليلة كذا من شهر كذا، من سنة كذا بالرومية (4) . قالت: من المسيح و وصيه؟. قال: ممن زوجك المسيح و وصيه؟. قالت: من ابنك أبي محمد؟. فقال: هل تعرفينه؟. قالت: و هل خلت ليلة لم يرني فيها منذ الليلة التي أسلمت علي يد سيدة النساء: أمه؟. (5) . فقال أبوالحسن الهادي (عليه السلام): يا كافور أدع لي أختي حكيمة، فلما دخلت عليه قال لها: ها هيه. فاعتنقتها طويلا، و سرت بها كثيرا، فقال لها أبوالحسن (عليه السلام): يا بنت رسول الله خذيها الي منزلك، و علميها

ص: 32


1- 67. سبق أن ذكرنا أن لقب «العسكري» قد يطلق علي الامام الهادي والد الامام الحسن العسكري (عليهماالسلام).
2- 68. اشارة الي انتصار المسلمين علي جيش قيصر جد نرجس.
3- 69. و في نسخة: اني أحب.
4- 70. أي بالتاريخ الميلادي... لا التاريخ الهجري.
5- 71. يعبر عن السيدة فاطمة الزهراء (عليهاالسلام) ب «أم الأئمة» لأن الأئمة الأحد عشر أبناؤها.

الفرائض و السنن، فانها زوجة أبي محمد و أم القائم (عليه السلام) (1) .

كلمة حول المنامات

أيها القاري ء الكريم: لعل هذا الحديث يحتاج الي شي ء من التعليق و التحليل و التحقيق فأقول: الرؤيا الصادقة حقيقة ثابتة في القرآن و السنة، و استيعاب هذا البحث يحتاج الي تأليف خاص، كما فعل ذلك شيخنا النوري (عليه الرحمة) في كتابه: (دار السلام) و يمكن أن نلخص القول فيما يلي: لقد ذكر الله تعالي في القرآن الكريم منامات عديدة للأنبياء و غيرهم، فذكر في سورة الصافات رؤيا النبي ابراهيم (عليه السلام) (2) و في سورة يوسف تجد أربع منامات أحدها ليوسف بن يعقوب (عليهماالسلام) و اثنين للشابين اللذين دخلا معه السجن، و رؤيا للملك يومذاك، و كانت هذه الأحلام و المنامات صادقة، فقد تحقق تأويلها و تعبيرها في الخارج (3) . و في الأحاديث النبوية و أحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السلام) تجد كمية كثيرة من المنامات و الأحلام الصادقة التي تحقق تأويلها و تعبيرها، فلقد رأي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في المنام: أن رجالا ينزون علي منبره نزو القردة، و يردون الناس علي أعقابهم القهقري، فاستوي رسول الله جالسا و الحزن يعرف في وجهه، فأتاه جبرئيل بهذه الآية: (و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس، و الشجرة الملعونة في القرآن، و نخوفهم فما يزيدهم الا طغيانا كبيرا) يعني بني أمية (4) .

ص: 33


1- 72. روي هذا الحديث الشيخ الصدوق في (اكمال الدين) و الشيخ الطوسي في (كتاب الغيبة) بألفاظ متقاربة، و نحن جمعنا بين الروايات بقدر المستطاع و اخترنا احسن الوجوه.
2- 73. سورة الصافات 37: 102.
3- 74. تجد ذلك في سورة يوسف 12: 4، 36 - 37، 40، 42.
4- 75. بعض مصادر الحديث: السيوطي في (الدر المنثور) في تفسير الآية، مقدمة الصحيفة السجادية، البيهقي في (الدلائل)، و ابن عساكر، و الألوسي في تفسيره (روح البيان) ج 15 / 100، و ابن كثير في تفسيره ج 3 / 49، و الفخر الرازي في تفسيره.

و رأي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) منامات أخري و فسرها فكانت كما أخبر بها، و تجد التفاصيل في الكتب التي تتحدث عن سيرته (صلي الله عليه و آله). و السيدة فاطمة الزهراء (عليهاالسلام) رأت أباها رسول الله في المنام في يوم وفاتها، فقال لها النبي (صلي الله عليه و آله و سلم): أنت الليلة عندي. فتوفيت (عليهاالسلام) في ذلك اليوم، و كذلك الامام علي أميرالمؤمنين و الامام الحسين (عليهماالسلام)كل منهما رأي رسول الله (صلي الله عليه و آله) في المنام، فأخبر النبي كلا منهما باقتراب شهادته و تعيين يومها. فالرؤيا الصادقة تعتبر للانسان الرائي مكاشفة و مكالمة و مخابرة من عالم ما وراء الطبيعة، و لقد ثبت في الأحاديث الصحيحة كلام رسول الله (صلي الله عليه و آله) حيث قال: «من رأني فقد رأني، فان الشيطان لا يتمثل بي» و روي الحديث أيضا هكذا: «من رأنا فقد رأنا». لقد كانت رؤيا السيدة نرجس رؤيا صادقة، بل تعتبر رؤياها نوعا من المكاشفة، فقد خطبها رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في عالم الرؤيا، و أسلمت في عالم الرؤيا بعد أن لقنتها السيدة فاطمة الزهراء (عليهاالسلام)كلمة الشهادتين، و كانت السيدة نرجس تري الامام الحسن العسكري في منامها في كل ليلة، و أخيرا أخبرها الامام بأن جدها قيصر ينوي محاربة المسلمين، و أمرها أن تجعل نفسها مع الوصائف و الخدم و ترافق الجيش ليكون ذلك وسيلة لوصولها الي البلاد الاسلامية، ثم تحظي بشرف المثول و الحضور عند الامام العسكري (عليه السلام). كل هذه الأشياء تعتبر من الامور الممكنة، و قد وقعت أمثالها بكثرة علي مر التاريخ. و اختص الله تعالي السيدة نرجس بهذا الشرف الأرفع الخالد، بعد أن خلق فيها المؤهلات و المواهب من: نفسية شريفة، و فضائل شخصية، و مزايا

ص: 34

جمة، كالحياء و العفة، و قوة الشخصية، و الايمان و الأصالة و غيرها، و هذه الفضائل و الامتيازات قد أهلتها لتكون والدة لسيدنا صاحب الزمان الحجة بن الحسن، المهدي (عليهماالسلام)فان الوراثة لها كل الأثر في الطفل... و الا فما هي الدوافع و الدواعي لأن يخطبها رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) في المنام و هي في بلاد الروم؟؟. أما وجد الامام العسكري (عليه السلام) في البلاد الاسلامية امرأة مسلمة يتزوجها، أو جارية مسلمة يشتريها؟؟. فلماذا هذه المقدمات الطويلة العريضة، و هذه التشريفات الخاصة العجيبة؟. من الواضح أننا لا نستطيع الاحاطة و الاطلاع بصورة مفصلة عن حياة السيدة نرجس من حيث نفسيتها الممتازة و شخصيتها المثالية! و لما تزوج بها الامام العسكري (عليه السلام) و حملت بالامام المهدي (عليه السلام) بشرها الامام العسكري بذلك كما ذكر الصدوق بسنده عن علان الرازي قال: أخبرني بعض أصحابنا انه لما حملت جارية أبي محمد (عليه السلام) قال [الامام لها]: ستحملين ذكرا، اسمه محمد، و هو القائم من بعدي. (1) .

ص: 35


1- 76. اكمال الدين / 408 باب 38 حديث 4.

الامام العسكري في وفات والده

فجع الامام العسكري (عليه السلام) بمصيبة وفاة والده: الامام الهادي (عليه السلام) و كانت صدمة مؤلمة، و فاجعة عظمي، و كارثة كبري، و انتهت تلك الحياة المقدسة مشفوعة بالآلام و الضغط. و مما زاد في أبعاد المصيبة، و كانت تأثيرها - علي قلب الامام العسكري - أشد و أوجع هو: 1 - ان الامام الهادي قضي نحبه مسموما. 2 - و خاصة و ان الامام العسكري لم يستطع أن يخبر أحدا عن سبب وفاة والده نظرا للظروف القاهرة. و قد ذكرنا بعض ما يتعلق بهذا الموضوع في كتاب (الامام الهادي من المهد الي اللحد). و من اللازم أن نذكر - هنا - أيضا، رعاية لاسلوب الكتاب: قضي الامام الهادي (عليه السلام) نحبه مسموما و هو ابن اربعين سنة. أو احدي و اربعين سنة، في أوائل سن الكهولة، و لم يبلغ من الكبر عتيا. و من الواضح ان السلطة العباسية الغاشمة كانت - و هي تقوم بهذه الجرائم و الجنايات - تبذل كل ما في وسعها في كتمان الجريمة، و أن تقع في منتهي السرية، خوفا من نقمة الشعب الموالي للامام، فقد كان في جهاز الدولة

ص: 36

العباسية، و حتي في البلاط العباسي رجال يحملون الولاء لأئمة أهل البيت (عليهم السلام) و يتعاطفون معهم، بالرغم من المناصب و الأعمال التي فوضت اليهم، و كان العباسيون يعلمون ذلك، و لا حول لهم و لا قوة، لأنهم ما كانوا يستغنون عن اولئك الرجال، بل كانوا يستعينون بهم في مهام الدولة، و نظام الحكومة بسبب مواهبهم و كفاءاتهم. لهذا السبب و لغيره من الأسباب كانت الجناية تقع في جو من الكتمان و التقية مشفوعة بالتهديد الشديد فيما اذا انكشفت المؤامرة و انتشر الخبر! أليست هذه مصيبة، ان الانسان يقتل ابوه ظلما و عدوانا، و لا يستطيع الابن أن يتكلم أو يتظلم أو يشكو مصيبته الي أحد؟؟ و لهذا خفيت علينا كيفية دس السم الي الامام الهادي (عليه السلام). و أما قضايا وفات الامام الهادي (عليه السلام): في اليوم الثالث من شهر رجب (علي المشهور) سنة مائتين و اربع و خمسين من الهجرة فارق الامام الهادي الحياة مسموما و قد صرح الكثيرون من المؤرخين و المحدثين بذلك، منهم: 1 - المسعودي في (مروج الذهب): و قيل: انه مات مسموما (1) . 2 - الشبلنجي في (نور الأبصار): يقال: انه مات مسموما (2) . 3 - ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة)... لأنه يقال: انه كان مات مسموما (3) . 4 - الطبري في (دلائل الامامة)... و في آخر ملكه [المعتز] استشهد ولي الله... مسموما... الي آخره (4) . و روي الراوندي في (الخرائج) بسنده عن أبي هاشم الجعفري قال: لما مضي أبوالحسن [الهادي] عليه السلام صاحب العسكر، اشتغل أبومحمد:

ص: 37


1- 77. مروج الذهب ج 4 / 86.
2- 78. نور الأبصار / 166.
3- 79. الفصول المهمة / 282.
4- 80. دلائل الامامة / 216.

ابنه بغسله و شأنه، و أسرع بعض الخدم الي أشياء احتملوها من ثياب و دراهم و غيرها... الي آخره. أقول: قد ذكرنا في كتاب (الامام الجواد من المهد الي اللحد) بحثا حول تغسيل الامام و الصلاة عليه، و أن الامام لا يغسله و لا يصلي عليه الا الامام. قال المسعودي: حدثنا جماعة، كل واحد منهم يحكي: انه دخل الدار [دار الامام الهادي] يوم وفاته، و قد اجتمع فيها جلة بني هاشم: من الطالبيين، و العباسيين، و اجتمع خلق من الشيعة، و لم يكن ظهر عندهم أمر أبي محمد (1) و لا عرف خبره الا الثقات الذين نص أبوالحسن [الهادي] عندهم، عليه؛ فحكوا: أنهم كانوا في مصيبة و حيرة، فهم في ذلك - اذ خرج من الدار الداخلة خادم، فصاح بخادم آخر: يا رياش! خذ هذه الرقعة، و امض بها الي دار أميرالمؤمنين، و ادفعها الي فلان، و قل له: هذه رقعة الحسن بن علي؛ فاستشرف الناس لذلك، ثم فتح - من صدر الرواق - باب، و خرج خادم أسود، ثم خرج - بعده - أبومحمد (عليه السلام) حاسرا، مكشوف الرأس، مشقوق الثياب، و عليه مبطنة (2) بيضاء، و كأن وجهه وجه أبيه (عليه السلام) لا يخطي ء منه شيئا؛ و كان - في الدار - أولاد المتوكل، و بعضهم ولاة العهود، فلم يبق أحد الا قام علي رجليه، و وثب اليه أبومحمد [الموفق] فقصده أبومحمد [العسكري] عليه السلام، فعانقه، ثم قال له: مرحبا بابن العم! و جلس بين بابي الرواق، و الناس كلهم بين يديه. و كانت الدار كالسوق بالأحاديث (3) فلما خرج [الحسن العسكري] أمسك الناس، فما كنا نسمع الا العطسة و السعلة!!

ص: 38


1- 81. أي لم يشتهر أمر امامته بين الناس.
2- 82. نوع من الثياب له بطانة.
3- 83. أي كان الناس يتحدث بعضهم مع بعض بأصوات مرتفعة كما هو شأنهم في الأسواق.

و خرجت جارية تندب أباالحسن [الهادي] عليه السلام، فقال أبومحمد (عليه السلام): «ما ههنا من يكفي مؤنة هذه الجاهلة؟!». (1) . فبادر الشيعة اليها، فدخلت الدار، ثم خرج خادم فوقف بحذاء (2) أبي محمد (عليه السلام) فنهض (صلي الله عليه) و اخرجت الجنازة، و خرج يمشي حتي اخرج بها الي الشارع الذي بازاء دار موسي بن بغا. و كان أبومحمد [الحسن] صلي عليه قبل أن يخرج الي الناس، و صلي عليه - لما اخرج - المعتمد، ثم دفن في دار من دوره؛ و اشتد الحر علي أبي محمد (عليه السلام) و ضغط عليه الناس في طريقه و منصرفه من الشارع بعد الصلاة عليه، فصار - في طريقه - الي دكان لبقال، رآه مرشوشا، فسلم و استأذنه في الجلوس فاذن له و جلس، و وقف الناس حوله. و خرج - في تلك العشية الي الناس - ما كان يجري عن أبي الحسن [الهادي] عليه السلام، حتي لم يفقدوا منه الا الشخص؛ (3) . و تكلمت الشيعة في شق ثيابه، و قال بعضهم (4) : أرايتم أحدا من الأئمة شق ثوبه في مثل هذا الحال؟ فوقع - الي من قال ذلك -: يا أحمق! ما يدريك ما هذا؟ قد شق موسي [بن عمران] علي هارون (عليهماالسلام) (5) . فبينا نحن كذلك اذ أتاه شاب حسن الوجه، نظيف الكسوة، علي بغلة

ص: 39


1- 84. ذكر المسعودي - أيضا - في ج 4 / 84: و سمع في جنازته جارية تقول: «ماذا لقينا من يوم الاثنين قديما و حديثا؟» اشارة منها الي يوم وفاة النبي (صلي الله عليه و آله) و ما تبعها من مؤامرة السقيفة و قضاياها.
2- 85. أي وقف بجنبه.
3- 86. أي قال الامام العسكري (عليه السلام) بأعمال أبيه التي كان يقوم بها تجاه الشيعة من الاجابة علي المسائل و غير ذلك.
4- 87. الذي اعترض علي الامام العسكري هو ابوعون الأبرش.
5- 88. اثبات الوصية / 205.

شهباء، فنزل عنها و سأله أن يركبها، فركبها حتي أتي الدار و نزل؛. أقول: ربما يتبادر الي الذهن أنه لماذا دفن الامام الهادي في داره؟ و لماذا لم يدفن في المقابر العامة كما هي العادة؟ و السبب في ذلك - علي ما ذكره المؤرخون، و منهم اليعقوبي -: أن اجتماع الناس في دار الامام الهادي و خارجها كان عظيما جدا، و لم تتسع الدار لاقامة الصلاة علي جثمان الامام، و لهذا تقرر أن يخرجوا الجثمان الطاهر الي الشارع المعروف بشارع أبي أحمد، و هو من أطول شوارع سامراء و أعرضها، حتي يسع المكان لأداء الصلاة. فلما أخرجوا الجثمان الشريف ارتفعت أصوات الناس بالبكاء و الضجيج؛ و كان أبوأحمد ابن هارون الرشيد، المبعوث من قبل المعتز العباسي للصلاة علي جثمان الامام، لما رأي اجتماع الناس و ضجتهم أمر برد النعش الي الدار حتي يدفن هناك (1) . كل ذلك لمنع الناس عن مراسم التشييع، و التجليل عن جثمان الامام، و خوفا من هياج عواطف الناس، و تعبيرهم عن ولائهم للامام؛

ص: 40


1- 89. تاريخ اليعقوبي ج 3 / 240.

الحكام المعاصرون للامام العسكري

اشاره

لقد عاصر الامام العسكري (عليه السلام) - في حياة والده: الامام الهادي (عليه السلام) - كلا من الواثق و المتوكل و المنتصر و المستعين و المعتز؛ و عاصر في أيام امامته شهورا من ايام المعتز، ثم المهتدي، ثم المعتمد. و قد ذكرنا في كتاب (الامام الهادي من المهد الي اللحد) شيئا من تراجم المعتصم و الواثق و المتوكل و المنتصر و المستعين و المعتز، و نذكر - هنا - شيئا من ترجمة المستعين و المعتز و المهتدي و المعتمد: لما مات المنتصر ابن المتوكل، قرر بعض النصاري الذين كانوا في جهاز الدولة و الأتراك - و هم قواد الجيش، و قد استولوا علي شؤون الدولة في البلاد، و امور العباد - أن لا ينتخبوا أحدا من أولاد المتوكل للخلافة، لئلا ينتقم منهم و يأخذ بثار أبيه المتوكل. فانتخبوا أحمد بن المعتصم، و لقبوه بالمستعين بالله، و وقع الخلاف و الاختلاف بين الأتراك، و شرع بعض يشاغب علي بعض، و يتهم بعضهم الآخر بالمؤامرة ضد الخليفة؛ و كان باغر التركي - و هو الذي قتل المتوكل - قد قويت شوكته، فقرر بعض الأتراك ازالته عن القدرة، فعرف باغر ذلك، فعزم علي قتل المستعين و بعض رؤساء الأتراك؛

ص: 41

لكن الأتراك قتلوه قبل أن يقتلهم، فوقعت الفتنة، و هاجت الأتراك، فخرج المستعين مع خواص أصحابه الأتراك بالسفينة من سامراء الي بغداد؛ و اصبح الصباح، و انتشر الخبر، فهجم الأتراك علي بيوت النصاري - الذين كانوا في الحكم - و شرعوا بالقتل و النهب و الافساد؛ و جاء الي بغداد بقية رؤساء الجيش من الأتراك، و اجتمعوا بالمستعين، و اعتذروا اليه عن نواياهم السيئة و مشاغباتهم، فعاتبهم المستعين عتابا لاذعا، فطلبوا منه العفو فعفا عنهم، و طلبوا منه الرجوع الي سامراء فلم يجبهم، فرجعوا الي سامراء آيسين، و قرروا خلع المستعين و البيعة للمعتز، و هو محمد بن جعفر المتوكل؛ و كان المعتز و اخوه المؤيد مسجونين، فأخرجوهما من السجن، و بايعوا المعتز باخلافة، و لابراهيم المؤيد بولاية العهد، و أخذوا لهما البيعة من الناس في سامراء. و وصل الخبر الي المستعين و هو في بغداد، فأمر محمد بن عبدالله بن طاهر باتخاذ التدابير اللازمة، فكتبوا الي البلاد يجمعون الجيوش و العساكر لتحصين بغداد، و قطعوا ارسال المواد الغذائية الي سامراء، و شرعوا بحفر الخنادق، و نصب الوسائل الدفاعية المتعارفة في ذلك الزمان، و بنوا علي باب من أبواب مدينة بغداد سورا، و صرفوا مئات الآلاف من الدنانير في هذه الامور، و وزعوا الجيوش علي مداخل بغداد، و نصبوا المنجنيق علي كل باب من أبواب البلد، و كتبوا الي أتراك سامراء يأمرونهم بالطاعة و الانقياد للمستعين، و نقض بيعة المعتز؛ و كتب كل من المستعين و المعتز كتبا الي البلاد، و كل منهما يأمر الناس بالبيعة له و عدم الاعتراف بالبيعة للآخر. فاضطربت الأحوال، و اختلت الامور، و شرع بعض الناس بالنهب و السلب و هدم المنازل و غير ذلك من المفاسد، بسبب ضعف الدولة و اختلاف الكلمة.

ص: 42

و خرج جيش من سامراء الي بغداد لمحاربة المستعين، و اقترب الجيش الي بغداد و اشتعلت نار الحرب، و استعمل البغداديون الاسلحة و المعدات و الوسائل الدفاعية لحراسة بغداد، وقام الجيش القادم من سامراء باحراق خيام الجيش، و الأماكن التي كمن فيها البغداديون، و طالت المدة علي هذا المنوال، و الفريقان بين كر و فر، و في كل يوم كان يسقط عدد من القتلي من الفريقين. و لما نزح الجيش من سامراء الي بغداد ضعف جانب المعتز، فقام - هناك - اناس من السفلة بنهب الأسواق، و محلات بيع الذهب و غير ذلك. و هكذا انتشر الفوضي في البلاد، و اضطربت الأحوال، و زال الأمن و الأمان من الناس. و حاول محمد بن عبدالله بن طاهر الصلح مع المعتز، ولكن محاولاته باءت بالفشل. و أخيرا أجبروا المستعين علي أن يخلع نفسه، فخلع نفسه من الخلافة، و اراد المستعين أن يخرج الي مكة فمنعوه عن ذلك، فاختار أن ينزل البصرة؛ و أخذوا منه الأحجار الكريمة التي لا تثمن بثمن من الجواهر و اليواقيت و امثالها، و أخذوا منه البردة و القضيب و الخاتم، و كانوا يزعمون أنها بردة رسول الله (صلي الله عليه و آله) و هكذا القضيب و الخاتم؛ و أخيرا ارسلوا المستعين مع اربعمائة رجل الي مدينة واسط، و خلا الجو للمعتز و مدحه الشعراء، و ذموا المستعين بأقبح هجاء؛ و بعد فترة: قتل المعتز أخاه ابراهيم المؤيد، ثم أمر بالقاء القبض علي المستعين و ارساله الي سامراء، و في أثناء الطريق قتلوا المستعين بعد التعذيب، و جائوا برأس المستعين الي المعتز و هو يلعب بالشطرنج! و لما فرغ من اللعب نظر الي رأس المستعين و أمر بدفنه و دفع الي قاتله خمسين الف درهم،!! و كانت أيام حكم المعتز أربع سنوات و ستة أشهر و أياما، و خلعوه ثم قتلوه، و السبب في ذلك كما ذكره الطبري:

ص: 43

ان ام المعتز و جماعة من حاشيته كانوا يستلمون الأموال الواصلة من البلاد من الخراج و الغنائم و الهدايا، فكانت تحمل الي بيوت أموالهم، منهم: أحمد بن اسرائيل، و الحسن بن مخلد، و أبونوح عيسي بن ابراهيم، و كانت لام المعتز حصة الأسد. من الذهب و افخر الأمتعة و نفائس الجواهر و الدراهم و الدنانير و غير ذلك، و كان اسمها قبيحة، و كانت قد اتخذت في الطابق من تحت الأرض من بيتها خزانة لجمع تلك الأموال؛ و كان الجيش يطالبون برواتبهم، و لم يوجد في بيت المال ما يكفيهم، و تبين أن الأموال قد اجتمعت عند هؤلاء، فالقي القبض علي الثلاثة المذكورة اسماؤهم، و ضربوهم و عذبوهم بأنواع التعذيب حتي يعترفوا بالأموال و يردوها، ولكنهم لم يعترفوا بذلك. و اجتمع الأتراك و هم الجيوش علي باب دار المعتز يطالبون بأرزاقهم، فأرسل المعتز الي امه يطلب منها خمسين الف دينار للانفاق علي الجيوش، و يخبرها بالخطر المتوجه الي حياته ولكنها قالت: ما عندي مال!! و أخيرا هجم الجيش علي المعتز، و جروه برجله الي باب الحجرة، و تناولوه بالضرب، و خرقوا قميصه، و لطموه، و احضروا القاضي، و أجبروا المعتز علي أن يخلع نفسه، فخلع نفسه، و كتبوا كتاب الخلع، و دفعوا المعتز الي من يعذبه، فمنعوه الطعام و الشراب ثلاثة أيام، ثم وضعوه في سرداب و بنوا عليه، فأصبح ميتا، و كان عمره اربعا و عشرين سنة. و بايع الناس محمد بن الواثق، و سموه المهتدي بالله.

المهتدي

استلم المهتدي زمام الحكم في رجب سنة خمس و خمسين و مائتين، و استولي الأتراك علي أموال قبيحة ام المعتز تحت الطابق الأرضي من بيتها،

ص: 44

فوجدوا حوالي مليون دينار، و من الجواهر النفيسة و الأحجار الكريمة التي لا توجد في خزائن الملوك ما كانت قيمتها مليوني دينار، و قتلوا أحمد بن اسرائيل و أبانوح بعد الضرب الشديد، و مصادرة أموالهما المنقولة و غير المنقولة، و أشد أنواع التعذيب و الضرب المستمر حتي ماتا، و نسبوا اليهما كل خيانة و فساد في البلاد و ارتكاب المحرمات. و في أيام المهتدي انتشرت الفتن في اكثر البلاد، من شتي الطوائف، و سلب الامان من الناس، و من جملة الخارجين علي النظام في عهد المهتدي هو صاحب الزنج الذي ادعي - كذبا - أنه علوي النسب و لم يكن علويا، و كان اسمه علي بن محمد بن عبدالرحيم، و ينتهي نسبه الي عبدالقيس و كان متصلا بجماعة المنتصر يأكل علي موائدهم؛ فانه خرج في البحرين يدعو الناس الي طاعته، فاتبعه جماعة، و امتنعت عنه جماعة فوقع القتال بين الفريقين، فخرج اللعين من البحرين و توجه الي الأحساء، ثم الي البادية، و ادعي ادعاءات باطلة عظيمة: من ادعاء الامامة و الالهام و الخطاب من السماء و غير ذلك. فانخدع بذلك جماعة كثيرة، و اجتمعوا حوله، فتوجه بهم الي البحرين فأقام هناك مذبحة عظيمة، و قتل فيها من أصحابه عدد كثير، فرجع مذموما مكروها، و تفرقت عنه العرب؛ فتوجه الي البصرة، فاتبعه جماعة، و كثير منهم من الزنوج، و لهذا عرف بصاحب الزنج و حدثت قضايا عظيمة و فجائع مؤلمة تشيب منها النواصي من أنواع الافساد و القتل و الحرق و الغرق و السلب و النهب مما هو مذكور في موسوعات التاريخ، و لا مجال - هنا - لذكرها. و خرجت جماعة من الخوارج و شرعوا بالقتل و أنواع الفساد، فكانت الحروب قائمة و الاضطرابات دائمة و مستمرة، و رجال الحكم مشغولون بخمورهم و فجورهم.

ص: 45

و كتب المهتدي الي رجل من قواد الأتراك يقال له: بايكباك كان في جبهة الحرب. أن يقتل اكبر قواد الأتراك و هو موسي بن بغا، و امتنع بايكباك و جاء الي سامراء معتذرا، فأمر المهتدي بقتله و اجتمع الأتراك علي باب دار المهتدي و خافوا علي رئيسهم: بايكباك، فأراد المهتدي اطفاء نار الفتنة فأمر أن يرمي رأس بايكباك الي الأتراك ففعلوا؛ فما رأي الأتراك ذلك هاجوا و جاشوا و حملوا علي الذي رمي الرأس و قتلوه. و اجتمع أصحاب المهتدي للدفاع عنه، فوقعت الحرب بين الفريقين، و قتل من الأتراك أربعة آلاف، و قيل: أقل من ذلك. و بعد ذلك اجتمع الأتراك بقيادة أخي بايكباك و اسمه: طغوتيا، و اجتمعت كلمة الأتراك، و اجتمعوا لمحاربة المهتدي، و جمع المهتدي أصحابه من الأتراك و غيرهم، و اشتعلت نار الحرب، ولكن الأتراك الذين كانوا مع المهتدي انضموا الي الطرف الآخر، فحمل طغوتيا علي أصحاب المهتدي للطلب بثار أخيه، و حمي الوطيس و اشتد القتال، و قتل الكثيرون من أصحاب المهتدي، و انهزم الباقون، و انهزم المهتدي يركض و ينادي: يا معشر الناس انصروا خليفتكم!! و ذهب الي بيت من بيوت حاشيته، و أراد أن يتسلق الحائط الي بيت آخر، ولكن القوم أدر كوه، و رماه أحدهم بسهم، و ضربه آخر بالسيف، و القي عليه القبض، و حمل جريحا، و بايع الناس أحمد بن المتوكل، و سموه المعتمد علي الله. و أصبح المهتدي ميتا، و قيل في كيفية قتله قول آخر، و صلوا عليه و دفنوه. و كانت جميع أيام حكم المهتدي احد عشر شهرا و خمسة و عشرين يوما!!

ص: 46

المعتمد

بايع الناس المعتمد العباسي، و ما خلت ايامه من اضطرابات و حروب داخلية، من الخوارج، و صاحب الزنج، و اضيف اليهم يعقوب بن الليث الصفار الذي تمرد - أيضا - علي النظام و تبعه جماعة كثيرة، و اظهروا أنواع الفساد في الأماكن و المناطق التي وصلوا اليها مما يطول الكلام بذكره. و هكذا هجم النصاري علي البلاد الاسلامية، فكانت الدماء - هنا و هناك تراق، و النفوس تزهق حرقا و غرقا، و الأموال تنهب، و النساء تسلب، و الأطفال المساكين كانوا لا ينجون من شرور تلك الحوادث. و عاش المعتمد الي سنة تسع و سبعين و مائتين، و في يوم من الأيام شرب المعتمد شرابا كثيرا، و تعشي فأكثر فمات ليلا، و انتهت حياته بشرب الخمور و الافراط من الأكل. نقلنا هذه الحوادث من تاريخ الطبري مع الاختصار و التلخيص (1) . و سوف تقرأ في هذا الكتاب ان المعتمد تضرع الي الامام العسكري (عليه السلام) و سأله أن يدعو له أن يبقي في الحكم عشرين سنة، لأنه رأي من سبقه من أسلافه من الحكام العباسيين كيف كانت أيام حكمهم قصيرة، و كيف خلعوا و قتلوا شر قتله؟! فدعا له الامام العسكري (عليه السلام) و استجاب الله دعاء الامام (2) ، فكان جزاؤ الامام من المعتمد أن قام بما قام ضد الامام العسكري من الحبس

ص: 47


1- 90. تاريخ الطبري ج 7.
2- 91. بناء علي صحة الحديث، لعل الحكمة في دعاء الامام (عليه السلام) للمعتمد بطول العمر اتمام الحجة عليه لانه كان يعتقد بأن دعاء الامام مستجاب، فاذا امتنع الامام عن الدعاء له فلعله كان يبرر قتل الامام بسبب امتناعه عن الدعاء له.

و الاهانة، و اخيرا دس اليه السم و قتله في ريعان شبابه، و غضارة عمره؛ أقول: انما تطرقنا الي ذكر هؤلاء الحكام المعاصرين للامام العسكري (عليه السلام) حتي يظهر للقاري ء الذكي ان الامام العسكري كان يعيش تحت سيطرة الحكومات التي كانت بمعزل عن الدين و انما كان همهم و همتهم اشباع غرائزهم، و امتصاص دماء شعوبهم، و تسليم امور المسلمين الي النصاري أو أمثالهم ممن لا يعبأون بالاسلام و لا بالمسلمين. و في تلك الظروف مع تلك الاضطرابات الداخلية، و الحروب الدامية كان الحكام العباسيون لا ينفكون من ايذاء الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) و لا يهتمون بعواطف الشعب، و كرامة المجتمع، و لا يغيثون من استغاث بهم من ظلم الولاة، و لا يفسحون المجال للناس أن يرفعوا شكاواهم و ظلامتهم الي السلطة؛ و اما الملاهي و المناهي و المنكرات فقد أصبحت مباحة عندهم، و قصورهم كانت تشبه حانات الخمارين و الخلافة الاسلامية انقلبت الي ملوكية مترفة، يحيط بها الفجور و الدعارة؛ اذن، فمن الطبيعي ان ينتشر - بين الناس - التذمر و الانزجار من السلطة، و عن كل من يدور في فلكهم، فأنتجت تلك الأعمال استياءا عاما في شرق الأرض و غربها من البلاد التي كانت تحت سيطرتهم؛ و لهذا كان اذا قام أحد ضد السلطة ثائرا اتبعه خلق كثير من الناس؛ و الا، فكيف استطاع صاحب الزنج أو يعقوب الصفار، أو الخوارج أو أمثالهم أن يثوروا ضد النظام، و يجدوا التجاوب و التعاون من الناس؟ و ان كانت تلك الثورات تبوء بالفشل، ولكن بعد اراقة دماء الآلاف من الناس و زهق الأرواح و نهب الأموال، و تدمير المساكن و غير ذلك من المفاسد التي عم شرها و شؤمها أكثر طبقات الناس؛ و من الواضح: ان الخط الشيعي - الذي لم يعترف بتلك الأنظمة من أول

ص: 48

يوم - كان يزداد غيظا و حنقا علي تلك الأنظمة، بسبب مواقفها العدائية لأهل البيت (عليهم السلام) بصورة عامة و للأئمة الطاهرين بصورة خاصة؛ و كانوا يعيشون حياة الخوف و الضغط و الحرمان بسبب انتمائهم الي الأئمة الطاهرين و تعاطفهم معهم؛ و ستقرأ - في هذا الكتاب - شيئا عن هذه القضايا بالرغم من كونها ملخصة و موجزة.

ص: 49

اصحاب الامام الحسن العسكري

اشاره

لقد ذكرنا - في كتاب (الامام الجواد) - مقدمة لا يستغني عنها، حول أصحاب الأئمة بصورة عامة، و نفس الكلام يأتي - هنا - أيضا. فبالرغم من قصر عمر الامام العسكري (عليه السلام) و بالرغم من التضييق و الرقابة المشددة علي الامام، فانك تجد طائفة غير كثيرة (طبعا) من الذين كان لهم شرف الصحبة، و تلقي الأحكام الشرعية من الامام، و الاستضاءة بنوره، و الارتواء من معارفه. فلا عجب اذا كان بعضهم بلغ ذروة المجد، و ساعده الحظ و التوفيق لنيل الدرجات العالية، و المراتب السامية. و بعضهم اختار لنفسه العاقبة السيئة، و السيرة البشعة، و ارتكب أعظم الجنايات، و انحرف عن الصراط المستقيم، فكان جزاؤه اللعن و الخزي، و لعذاب الآخرة أخزي، و أشد و أبقي. و اليك اسماء بعضهم حسب حروف الهجاء:

حرف الالف

ابراهيم بن ادريس

عده الشيخ الطوسي من أصحاب الامام الهادي (عليه السلام).

ص: 50

و ذكره الزنجاني في (الجامع في الرجال) قال: و رأيت في بعض الطرق [الرجالية] ان الرجل [ابراهيم بن ادريس] كان صاحب نفقة أبي محمد (عليه السلام).

ابراهيم بن أبي حفص الكاتب

يكني أبااسحاق، شيخ من أصحاب أبي محمد العسكري (عليه السلام) ثقة، وجيه له كتب في الرد علي أهل الباطل.

ابراهيم بن اسماعيل الخلنجي، الجرجاني

يكني أبااسحاق، في كشف الغمة: بسنده عن أحمد بن محمد عن جعفر بن الشريف الجرجاني قال: حججت سنة، فدخلت علي أبي محمد (العسكري) عليه السلام. بسر من رأي، و قد كان أصحابنا حملوا معي شيئا... الي أن قال: فقلت: يابن رسول الله، ان ابراهيم بن اسماعيل الخلنجي و هو من شيعتك، كثير المعروف الي أوليائك، يخرج اليهم في السنة من ماله أكثر من مائة ألف درهم. فقال (الامام): شكر الله - لأبي اسحاق ابراهيم بن اسماعيل - صلته الي شيعتنا و غفر له ذنوبه، و رزقه ذكرا سويا، قائلا بالحق، فقل له: يقول لك الحسن بن علي: «سم ابنك أحمد» (1) . و سنذكر بقية الرسالة في ترجمة جعفر بن الشريف الجرجاني.

ابراهيم بن الخضيب الأنباري

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و هو الذي يروي

ص: 51


1- 92. كشف الغمة ج 2 / 427.

قصة أبي عون الأبرش، كما رواها الكشي بسنده عن ابراهيم بن الخضيب الأنباري قال: كتب أبوعون الأبرش - قرابة نجاح بن سلمة - الي أبي محمد (عليه السلام): «ان الناس قد استوحشوا من شقك ثوبك علي أبي الحسن». قال (الامام): يا أحمق! ما أنت و ذاك؟ قد شق موسي (عليه السلام) علي هارون (عليه السلام). ان من الناس من يولد مؤمنا، و يحيي مؤمنا، و يموت مؤمنا، و منهم: من يولد كافرا، و يحيي كافرا، و يموت كافرا، و منهم: من يولد مؤمنا، و يموت كافرا، و انك لا تموت حتي تكفر، و يغير عقلك. فما مات حتي حجبه ولده عن الناس، و حبسوه في منزله من ذهاب العقل و الوسوسة، و كثرة التخليط، و يرد علي أهل الامامة (1) . أقول: أبوعون الأبرش هو الحسن بن النضر.

ابراهيم بن رجاء الجحدري

قال ابن داود: انه ثقة، بصري له مجلس يصف فيه أبامحمد العسكري (عليه السلام).

ابراهيم بن سيابة

روي الشهيد في (الذكري) باسناده عن ابراهيم بن سيابة قال: كتب بعض أهل بيتي الي أبي محمد (عليه السلام) في صلاة المسافر، أول الليل صلاة الليل؟

ص: 52


1- 93. رجال الكشي / 479.

فكتب: «فضل صلاة المسافر من أول الليل كفضل (صلاة خ ل) المقيم في الحضر من آخر الليل» (1) . أقول: المقصود من السؤال هو أن يصلي المسافر نافلة الليل في أول الليل لا في آخره.

ابراهيم بن عبده. النيسابوري

عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام). قد ذكرناه في كتاب (الامام الهادي عليه السلام) و وعدنا ان نذكر - في هذا الكتاب - بعض الرسائل الصادرة من الامام العسكري (عليه السلام) الي ابراهيم بن عبده، حتي يتبين لنا شي ء من مكانة الرجل، و جلالة قدره، و علو شأنه، فنقول: روي الكشي عن بعض الثقاة أن أبامحمد (صلوات الله عليه) كتب الي ابراهيم بن عبده: «و كتابي الذي ورد علي ابراهيم بن عبده بتوكيلي اياه، بقبض حقوقي من موالينا هناك، نعم، هو كتابي، بخطي اليه، أقمته (اعني ابراهيم بن عبده) لهم ببلدهم، حقا غير باطل، فليتقوا الله حق تقاته، و ليخرجوا من حقوقي، و ليدفعوها اليه، فقد جوزت له ما يعمل به فيها، وفقه الله، و من - عليه بالسلامة من التقصير - برحتمه». و كتب الامام (عليه السلام) كتابا الي عبدالله بن حمدويه البيهقي: «و بعد: فقد نصبت لكم ابراهيم بن عبده، ليدفع النواحي، و اهل ناحيتك - حقوقي الواجبة - عليكم - اليه، و جعلته ثقتي و أميني عند موالي هناك؛

ص: 53


1- 94. الذكري / 125. الطبعة الحجرية.

فليتقوا الله، و ليراقبوا، و ليؤدوا الحقوق، فليس لهم عذر في ترك ذلك و لا تأخيره، و لا أشقاهم الله بعصيان أوليائه، و رحمهم الله - و اياك معهم - برحمتي لهم، ان الله واسع كريم» (1) . و للامام العسكري (عليه السلام) رسالة الي اسحاق بن اسماعيل نذكرها في ترجمته و هناك كلمات بتوثيق ابراهيم بن عبده و الاشادة بفضله.

ابراهيم بن عبدالله بن سعيد

راوي دعاء الامام لاهل قم روي الشيخ الطوسي في رجاله، في باب من لم يرو عنهم: محمد بن محمد بن رباط الكوفي، قال: حدثنا أبوجعفر محمد بن الحسين بن عبدالله بن سعيد الطبري ببغداد، قال: حدثنا عمي: ابراهيم بن عبدالله بن سعيد، قال: «لما توجه موسي بن بغا الي قم، فوطأها وطئة خشنة، و عظم بها ما كان فعل بأهلها، فكتبوا بذلك الي أبي محمد (عليه السلام) صاحب العسكر، يسألونه الدعاء لهم، فكتب اليهم: «أن ادعوا بهذا الدعاء في و تركم». أقول: الدعاء مذكور في ترجمة محمد بن عثمان بن سعيد (في حرف الميم) في هذا الكتاب.

ابراهيم بن عبيدالله ابن ابراهيم النيسابوري

عده ابن شهراشوب في (المناقب) من ثقاة الامام العسكري (عليه السلام).

ص: 54


1- 95. رجال الكشي / 485.

ابراهيم بن علي

عده الشيخ من أصحاب الامام ابي محمد العسكري (عليه السلام).

ابراهيم بن محمد بن فارس، النيسابوري

عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام). في كتاب (اثبات الهداة) عن (اثبات الرجعة) بسنده قال: حدثنا ابراهيم بن محمد بن فارس النيسابوري قال: لما هم الوالي (عمرو بن عوف) بقتلي، و هو رجل شديد، و كان مولعا بقتل الشيعة، فاخبرت بذلك، و غلب علي خوف عظيم. فودعت أهلي و أحبائي، و توجهت الي دار أبي محمد (عليه السلام) لاودعه، و كنت أردت الهرب؛ فلما دخلت عليه رأيت غلاما جالسا في جنبه، كان وجهه مضيئا كالقمر ليلة البدر، فتحيرت من نوره و ضيائه، و كاد أن أنسي ما كنت فيه من الخوف و الهرب. فقال: يا ابراهيم لا تهرب، فان الله (تبارك و تعالي) سيكفيك شره. فازداد تحيري، فقلت لأبي محمد (عليه السلام) [أسأله عن الغلام]: يا سيدي جعلني الله فداك، من هو؟ و قد أخبرني بما كان في ضميري. فقال: هو ابني، و خليفتي من بعدي، و هو الذي يغيب غيبة طويلة، و يظهر بعد امتلاء الأرض جورا و ظلما، فيملؤها قسطا و عدلا. فسألته عن اسمه؟ فقال: هو سمي رسول الله (صلي الله عليه و آله)

ص: 55

و كنيه، و لا يحل لأحد أن يسميه، أو يكنيه بكنيته الي أن يظهر الله دولته، و سلطنته. فاكتم - يا ابراهيم - ما رأيت و سمعت منا - اليوم - الا عن أهله، فصليت عليهما و ابائهما و خرجت مستظهرا بفضل الله تعالي، واثقا بما سمعت من الصاحب [الامام المهدي] (عليه السلام) فبشرني عمي علي بن فارس بأن المعتمد قد أرسل أباأحمد - أخاه - و أمره بقتل عمرو بن عوف، فأخذه أحمد في ذلك اليوم و قطعه عضوا عضوا (1) .

ابراهيم بن محمد الهمداني

ذكره ابن داود في رجاله أنه كان وكيلا للامام العسكري (عليه السلام) (2) .

ابراهيم بن مهزيار الأهوازي

الأهوازي، عده الشيخ من أصحاب الامام الجواد و الامام الهادي (عليهماالسلام). قال النجاشي: ابراهيم بن مهزيار، ابواسحاق الأهوازي، له كتاب (البشارات). و لعلماء الرجال أقوال في حال الرجل، بين توثيق و اسناد السفارة و الوكالة اليه، و الاعتماد عليه، و بين تضعيف لهذه الامور. و قد روي عن الامام العسكري (عليه السلام) كما في (الكافي) عن محمد بن يحيي، عمن حدثه، عن ابراهيم بن مهزيار، قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام):

ص: 56


1- 96. اثبات الهداة ج 3 / 700.
2- 97. رجال ابن داود / 18.

«ان مولاك (1) علي بن مهزيار أوصي أن يحج عنه من ضيعة - صير ربعها لك - في كل سنة حجة الي عشرين دينارا، و انه قد انقطع طريق البصرة، فتضاعف المؤونة علي الناس، فليس يكتفون بعشرين دينارا، و كذلك أوصي عدة من مواليك في حججهم؟». فكتب: «يجعل ثلاث حجج حجتين، ان شاء الله» (2) أي يعطي ثلاثون دينارا لمن يحج عنه. و روي الصدوق في (الفقيه): كتبت ابراهيم بن مهزيار الي أبي محمد: الحسن (عليه السلام) يسأله عن الصلاة في القرمز (3) ، فان أصحابنا يتوفون (يتوقفون خ ل) عن الصلاة فيه؟ فكتب: «لا بأس، مطلق و الحمدلله» (4) . نعم، روي الشيخ الطوسي نحوه هذا الحديث في (التهذيب) عن علي بن مهزيار (5) ، و الله العالم. و لابراهيم بن مهزيار قصة مفصلة حول لقائه بالامام المهدي (عليه السلام) في ضواحي مكة، و حيث انها لا ترتبط بالامام العسكري (عليه السلام) أعرضنا عن ذكرها.

ابراهيم بن يزيد

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

ص: 57


1- 98. المولي: له معان و منها العبد المعتق، و في الكتب الفقهية بحوث مفصلة حول الولاء.
2- 99. الكافي ج 4 / 310. [
3- 100. القرمز بكسر القاف و الميم -: صبغ أرمني من عصارة دود يكون في آجامهم.
4- 101. الفقيه ج 2 حديث 810.
5- 102. التهذيب ج 2 / 363، حديث 1502.

ابراهيم من أهل كفرتوثا

في كتاب (اقبال الأعمال) للسيد ابن طاووس روي حديثا باسناده عن أبي الهيثم محمد بن ابراهيم المعروف بابن أبي رمثه من أهل كفرتوثا بنصيبين قال: حدثني أبي قال: دخلت علي الحسن العسكري (صلوات الله عليه) في أول يوم من شهر رمضان و الناس بين متيقن و شاك فلما بصر بي قال لي: يا اباابراهيم في أي الحزبين أنت في يومك، قلت: جعلت فداك يا سيدي اني في هذا قصدت قال: فاني اعطيك أصلا اذا ضبطته لم تشك بعد هذا أبدا قلت: يا مولاي من علي بذلك فقال: تعرف أي يوم يدخل المحرم فانك اذا عرفته كفيت طلب هلال شهر رمضان. قلت: و كيف يجزي معرفة هلال محرم عن طلب هلال شهر رمضان؟ قال: و يحك انه يدلك عليه فتستغني عن ذلك. قلت: بين لي يا سيدي كيف ذلك؟ قال: فانتظر أي يوم يدخل المحرم، فان كان اوله الأحد فخذ واحد، فان كان اوله الاثنين فخذ اثنين، و ان كان الثلثا فخذ ثلثه، و ان كان الاربعاء فخذ اربعة، و ان كان الخميس فخذ خمسة، و ان كان الجمعة فخذ ستة، و ان كان السبت فخذ سبعة، ثم احفظ ما يكون و زد عليه عدد ائمتك و هي اثنا عشر ثم اطرح مما معك سبعة فما بقي مما لايتم سبعة فانظر كم هو فان كان سبعة فالصوم السبت، و ان كان الستة فالصوم الجمعة، و ان كان خمسة فالصوم الخميس، و ان كان اربعا فالصوم الاربعاء و ان كان ثلاثه فالصوم الثلثا، و ان كان اثنين فالصوم يوم الاثنين، و ان كان واحدا فالصوم يوم الأحد و علي هذا فابن حسابك تصبه موافقا للحق ان شاء الله تعالي (1) .

ص: 58


1- 103. اقبال الأعمال / 14.

احمد بن ابراهيم، المراغي

يكني أباحامد، عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) ممدوح عظيم الشأن.

احمد بن ابراهيم بن اسماعيل، الكاتب، النديم

كان شيخ أهل اللغة و وجههم، له مؤلفات عديدة، كان شيعيا و مع تشيعه كان نديما للمتوكل العباسي، و كان خصيصا بسيدنا أبي محمد العسكري و أبي الحسن (الهادي) عليهماالسلام، و عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليهماالسلام).

احمد بن ادريس القمي الأشعري

يكني أباعلي، عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) كان ثقة فقيها، كثير الحديث، صحيح الرواية، له كتاب (نوادر).

احمد بن اسحاق الرازي

عده الشيخ الطوسي و العلامة من أصحاب الامام الهادي (عليه السلام) و وثقه العلامة و كان من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و ذكر ابن طاووس في (ربيع الشيعة) انه من وكلاء الامام المهدي (عليه السلام). و قد ورد اسمه في رسالة الامام العسكري (عليه السلام) الي ابراهيم بن

ص: 59

عبده النيشابوري، و قد ذكرناها في ترجمة ابراهيم بن عبده.

احمد بن اسحاق بن عبدالله بن سعد بن مالك

الأحوص، الأشعري، القمي (أبوعلي). عده الشيخ من أصحاب الامام الجواد و الامام الهادي و الامام العسكري (عليه السلام). بل هو من خواص الامام العسكري، و تشرف برؤية الامام الحجة المهدي (عليه السلام). و كان شيخ القميين و وافدهم (1) و كان من الوكلاء و السفراء؛ له مؤلفات عديدة في علل الصلاة و (المسائل) التي سأل عنها الرجال من الامام الهادي (عليه السلام). و يوجد في مدينة قم مسجد يعرف بمسجد الامام العسكري (عليه السلام) و المشهور بين الناس انه اجتمع عند أحمد بن اسحاق مقدار من الأموال العائدة الي الامام العسكري، و لم يكن للشيعة - يومذاك - مسجد في مدينة قم، فكتب أحمد بن اسحاق الي الامام العسكري (عليه السلام) يستأذنه في أن يصرف تلك الأموال في بناء مسجد للشيعة، فأذن له الامام، و بني المسجد، و قد اضيفت الي ذلك المسجد اضافات كثيرة، و هو اليوم من المساجد الكبيرة المشهورة، و بينه و بين مرقد السيدة فاطمة المعصومة بنت الامام موسي بن جعفر (عليهماالسلام) حوالي خمسمائة متر. في (اكمال الدين) بسنده عن أحمد بن اسحاق بن سعد الأشعري قال: «دخلت علي أبي محمد: الحسن بن علي (عليهم السلام) و أنا اريد أن أسألة عن الخلف بعده؟.

ص: 60


1- 104. الوافد: الذي يأتي الأئمة (عليهم السلام) من جانب القوم و يأخذ المسائل من الأئمة.

فقال لي - مبتدئا -: يا أحمد بن اسحاق! ان الله (تبارك و تعالي) لم يخل الأرض - منذ خلق آدم (عليه السلام) و لا يخليها الي أن تقوم الساعة - من حجة لله علي خلقه، به يدفع البلاء من أهل الأرض، و به ينزل الغيث، و به يخرج بركات الأرض؛ فقلت له: يابن رسول الله! فمن الامام و الخليفة بعدك؟ فنهض (عليه السلام) مسرعا، فدخل البيت ثم خرج، و علي عاتقه غلام كأن وجهه القمر ليلة البدر، من أبناء ثلاث سنين؛ فقال: يا أحمد بن اسحاق! لولا كرامتك علي الله (عزوجل) و علي حججه ما عرضت عليك ابني هذا!! انه سمي رسول الله (صلي الله عليه و آله) و كنيه، و الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما؛ يا أحمد بن اسحاق! مثله في هذه الامة مثل الخضر (عليه السلام)، و مثله: مثل ذي القرنين؛ و الله ليغيبن غيبة لا ينجو من الهلكة فيها الا من ثبته الله (عزوجل) علي القول بامامته، و وفقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه. فقال أحمد بن اسحاق: فقلت: فهل من علامة يطمئن اليها قلبي؟ فنطق الغلام [الامام المهدي] (عليه السلام) بلسان عربي فصيح فقال: «أنا بقية الله في أرضه، و المنتقم من أعدائه، و لا تطلب أثرا بعد عين، يا أحمد بن اسحاق! قال أحمد بن اسحاق: فخرجت مسرورا فرحا؛ فلما كان من الغد عدت اليه، فقلت: يابن رسول الله! لقد عظم سروري بما مننت علي فما السنة الجارية فيه من الخضر و ذي القرنين؟ قال: طول الغيبة، يا أحمد. قلت: يابن رسول الله! و ان غيبته لتطول؟

ص: 61

قال: اي و ربي، حتي يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به، و لا يبقي الا من أخذ الله (عزوجل) عهده بولايتنا، و كتب في قلبه الايمان، و أيده، بروح منه؛ يا أحمد بن اسحاق! هذا أمر من أمر الله، و سر من سر الله، و غيب من غيب الله فخذ ما آتيتك و كن من الشاكرين، تكن معنا غدا في عليين (1) . و روي الصدوق في (اكمال الدين) بسنده عن أحمد بن الحسن (2) بن اسحاق القمي، قال: «لما ولد الخلف الصالح [الامام المهدي] عليه السلام ورد عن مولانا أبي محمد، الحسن بن علي - (عليهماالسلام) - الي جدي أحمد بن اسحاق كتاب، فاذا فيه مكتوب بخط يده (عليه السلام) الذي كان ترد به التوقيعات عليه، و فيه: «ولد لنا مولود، فليكن عندك مستورا، و عن جميع الناس مكتوما، فانا لم نظهر عليه الا الأقرب لقرابته، و الوالي لولايته، احببنا اعلامك ليسرك الله به مثل ما سرنا به، و السلام» (3) . و عن أحمد بن اسحاق بن عبدالله الأشعري قال: سمعت أبامحمد: الحسن بن علي العسكري (سلام الله عليه) يقول: «الحمدلله الذي لم يخرجني من الدنيا حتي أراني الخلف من بعدي، أشبه الناس برسول الله (صلي الله عليه و آله) خلقا و خلقا، يحفظه الله (تبارك و تعالي) في غيبته، ثم يظهره فيملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و جورا» (4) .

ص: 62


1- 105. اكمال الدين / 384، باب 38.
2- 106. و في نسخة أحمد بن الحسن بن أحمد بن اسحاق.
3- 107. اكمال الدين / 433 باب 42 ما روي في ميلاده ح 16.
4- 108. اثبات الهداة ج 3 / 569 عن اثبات الرجعة، و رواه في (اكمال الدين) باب ما أخبر به العسكري حديث 7.

و في (الكافي) بسنده عن أحمد بن اسحاق قال: دخلت علي أبي محمد (عليه السلام) فسألته أن يكتب لي لأنظر الي خطه فأعرفه اذا ورد. فقال: نعم، ثم قال: يا أحمد! ان الخط سيختلف عليك من بين القلم الغليظ الي القلم الدقيق، فلا تشكن؛ ثم دعا بالدواة، فكتب، و جعل يستمد الي مجري الدواة (1) فقلت - في نفسي (و هو يكتب) -: أستوهبه القلم الذي يكتب به. فلما فرغ من الكتابة أقبل يحدثني و هو يمسح القلم بمنديل الدواة ساعة، ثم قال: «هاك يا أحمد» فناولنيه؛ فقلت: جعلت فداك! اني مغتم لشي ء يصيبني في نفسي، و قد أردت أن أسأل أباك فلم يقض لي؛ فقال: و ما هو يا أحمد؟ فقلت: يا سيدي! روي لنا عن آبائك: ان نوم الأنبياء علي أقفيتهم (2) و نوم المؤمنين علي أيمانهم، و نوم المنافقين علي شمائلهم، و نوم الشياطين علي وجوههم! فقال: «كذلك هو» فقلت: يا سيدي! فاني أجتهد أن أنام علي يميني فما يمكنني و لا يأخذني النوم عليها؛ فسكت ساعة ثم قال: «يا أحمد ادن مني» فدنوت منه فقال: «أدخل يدك تحت ثيابك» فأدخلتها، فأخرج يده من تحت ثيابه، و أدخلها تحت ثيابي فمسح بيده اليمني علي جانبي الأيسر، و بيده اليسري علي جانبي الأيمن ثلاث مرات؛

ص: 63


1- 109. اي يطلب المداد (الحبر) من قعر الدواة و هي المحبرة أي يدخل القلم الي قعر الدواة حتي ينغمس في الحبر.
2- 110. أقفية جمع قفا، أي ينامون علي ظهورهم، لتوجههم الي السماء انتظارا للوحي.

فقال أحمد: فما أقدر أن أنام علي يساري منذ فعل ذلك بي (عليه السلام) و ما يأخذني نوم عليها أصلا (1) . و في (تاريخ قم) للحسن بن محمد القمي قال: رويت عن مشايخ قم: ان الحسين بن الحسن بن جعفر بن محمد بن اسماعيل بن جعفر الصادق (عليه السلام) كان بقم، يشرب الخمر علانية، فقصد يوما، لحاجة - باب أحمد بن اسحاق الأشعري و كان وكيلا في الأوقات بقم، فلم يأذن له، و رجع [الحسين] الي بيته مهموما؛ فتوجه أحمد بن اسحاق الي الحج، فلما بلغ سر من رأي [في طريقه الي الحج أو رجوعه منه] استأذن علي أبي محمد: الحسن العسكري (عليه السلام) فلم يأذن له؛ فبكي أحمد لذلك طويلا، و تضرع حتي أذن له، فلما دخل قال: يابن رسول الله لم منعتني الدخول عليك؟ و أنا من شيعتك و مواليك. قال (عليه السلام): طردت ابن عمنا عن بابك! فبكي أحمد، و حلف بالله انه لم يمنعه من الدخول عليه الا لأن يتوب من شرب الخمر. قال: «صدقت، ولكن لابد من اكرامهم و احترامهم علي كل حال، و ان لا تحقرهم، و لا تستهين بهم، لانتسابهم الينا فتكون من الخاسرين». فلما رجع أحمد [بن اسحاق] الي قم أتاه أشرافهم، و كان الحسين معهم، فلما رآه أحمد و ثب اليه و استقبله و أكرمه، و أجلسه في صدر المجلس. فاستغرب الحسين ذلك منه و استبدعه، و سأله عن سببه، فذكر [أحمد] له ما جري بينه و بين العسكري (عليه السلام) في ذلك. فلما سمع [الحسين] ذلك، ندم من أفعاله القبيحة و تاب منها، و رجع الي بيته و أهرق الخمور، و كسر آلاتها، و صار من الأتقياء المتورعين، و الصلحاء

ص: 64


1- 111. الكافي ج 1 / 513.

المتعبدين، و كان ملازما للمساجد، معتكفا فيها حتي أدركه الموت، و دفن قريبا من فاطمة [المعصومة] رضي الله عنها في قم (1) . و في (اكمال الدين) بسنده عن أحمد بن اسحاق قال: دخلت علي مولانا أبي محمد: الحسن بن علي (عليه السلام) فقال: «يا أحمد! ما كان حالكم فيما كان فيه الناس من الشك و الارتياب؟» فقلت له: يا سيدي! لما ورد الكتاب لم يبق منا رجل و لا امرأة و لا غلام بلغ الفهم الا قال بالحق. فقال: أحمد الله علي ذلك، يا أحمد! أما علمتم ان الأرض لاتخلو من حجة؟ و انا ذلك الحجة أو قال: أنا الحجة (2) . و في كتاب (عيون المعجزات) هذا الخبر هكذا: «لما ورد الكتاب بخبر مولد سيدنا (عليه السلام)... الي آخره.

احمد بن الحارث القزويني

كان من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) كما في (الكافي) بسنده عن أحمد بن الحارث القزويني قال: كنت مع أبي بسر من رأي، و كان أبي يتعاطي البيطرة (3) في مربط أبي محمد. قال: و كان عند المستعين بغل لم ير مثله حسنا، و كبرا، و كان يمنع ظهره، و اللجام و السرج (4) و قد كان قد جمع عليه الراضة (5) فلم يمكن لهم حيلة في ركوبه.

ص: 65


1- 112. البحار ج 50 / 323.
2- 113. اكمال الدين 1 / 222 باب 22 حديث 9.
3- 114. البيطرة: معالجة الدابة، و تسمير نعالها، و يقال للذي يقوم بهذا العمل: بيطار.
4- 115. أي كان يمنع ان يركبه أحد و أن يضع أحد السرج علي ظهره و اللجام في فمه.
5- 116. الراضة: جمع رائض و هو الذي يذلل المهر و يسخره و يجعله مطيعا، و يعلمه السير.

فقال له بعض ندمائه: يا أميرالمؤمنين! ألا تبعث الي الحسن بن الرضا (أي الامام العسكري) حتي يجي ء، فاما أن يركبه [الامام]، و اما أن يقتله أي (البغل يقتله) فتستريح منه! قال: فبعث الي أبي محمد، و مضي معه أبي، فقال أبي: لما دخل أبومحمد الدار كنت معه، فنظر أبومحمد الي البغل واقفا في صحن الدار، فعدل اليه، فوضع بيده علي كفله. قال: فنظرت الي البغل، و قد عرق، حتي سال العرق منه. ثم صار الي المستعين، فسلم عليه، فرحب به و قرب، فقال: يا أبامحمد ألجم هذا البغل! فقال أبومحمد - لأبي -: ألجمه يا غلام. فقال المستعين: ألجمه أنت. فوضع طيلسانه (1) ثم قام فألجمه، ثم رجع الي مجلسه و قعد. فقال له (المستعين): يا أبامحمد أسرجه. فقال - لأبي -: يا غلام اسرجه. فقال (المستعين): أسرجه أنت. فقام ثانية فأسرجه و رجع، فقال له: تري أن تركبه؟ فقال: نعم. فركبه من غير أن يمتنع عليه، ثم ركضه في الدار، ثم حمله علي الهملجة (2) فمشي أحسن مشي يكون، ثم رجع، و نزل. فقال له المستعين: يا أبامحمد كيف رأيته؟ قال: يا أميرالمؤمنين (3) ما رأيت مثله حسنا و فراهة (4) و ما يصلح أن يكون مثله الا لأميرالمؤمنين. قال: فقال (المستعين): يا أبامحمد، فان أميرالمؤمنين قد حملك عليه (5) . فقال أبومحمد - لأبي -: يا غلام خذه. فأخذه أبي فقاده (6) .

ص: 66


1- 117. الطيلسان: ثوب يحيط بالبدن، خال عن التفصيل و الخياطة.
2- 118. الهملجة: نوع من المشي، و هو السهل السريع.
3- 119. قد ذكرنا - فيما مضي - كلمة حول خطاب الأئمة (عليهم السلام) الحكام بكلمة: (يا أميرالمؤمنين).
4- 120. الفراهة: النشاط و الخفة.
5- 121. حملك: أي اعطاك لتركبه.
6- 122. الكافي ج 1 / 507.

أقول: الظاهر وقوع السهو في (المستعين) و الأصح: المعتز، لأن المستعين قتل في عصر الامام الهادي (عليه السلام) و لم يدرك عصر الامام العسكري أي أيام امامته.

احمد بن الحسن بن علي بن محمد بن فضال

يكني أباالحسين أو أباعبدالله. عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام) قال النجاشي...: يقال: انه كان فطحيا، و كان ثقة في الحديث... يعرف من كتبه: كتاب الصلاة، كتاب الوضوء مات أحمد سنة ستين و مائتين. و قد وقع اسمه في مئات الأحاديث في الكتب الأربعة بعناوين مختلفة.

احمد بن الحسن، الحسيني

في كتاب (عيون أخبار الرضا) (عليه السلام) بسنده عن أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي العسكري، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال الصادق (عليه السلام): ان الرجل ليكون بينه و بين الجنة أكثر مما بين الثري الي العرش لكثرة ذنوبه، فما هو الا أن يبكي من خشية الله (عزوجل) ندما عليه، حتي يصير بينه و بينها [الجنة] أقرب من جفنه الي مقلته (1) .

احمد بن حماد المحمودي

المحمودي، يكني أباعلي، عده الشيخ من أصحاب الامام أبي محمد (عليه السلام).

ص: 67


1- 123. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج 1 / 3، ح 4.

و قد ذكرناه في كل من كتاب (الامام الجواد و الامام المهدي) (عليهماالسلام).

احمد بن صالح

له حديث في (الهداية الكبري) حول دخوله علي الامام العسكري (عليه السلام). (1) .

احمد بن عبدالله السبيعي

في كتاب (تذكرة الخواص) روي حديثا، باسناده عن محمد بن عبدالله السبيعي قال: أشهد بالله لقد سمعت الحسن بن علي العسكري يقول: اشهد بالله لقد سمعت أبي علي بن محمد يقول: أشهد بالله لقد سمعت أبي محمد ابن علي بن موسي الرضا يقول: أشهد بالله لقد سمعت أبي علي بن موسي يقول: أشهد بالله لقد سمعت أبي موسي يقول: أشهد بالله لقد سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: أشهد بالله لقد سمعت أبي محمد بن علي يقول: أشهد بالله لقد سمعت أبي علي بن الحسين يقول: أشهد بالله لقد سمعت أبي الحسين ابن علي يقول: أشهد بالله لقد سمعت أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: أشهد بالله لقد سمعت محمدا رسول الله (صلي الله عليه و آله) يقول: أشهد بالله لقد سمعت جبرئيل يقول: أشهد بالله لقد سمعت ميكائيل يقول: أشهد بالله لقد سمعت اسرافيل يقول: أشهد بالله علي اللوح المحفوظ انه قال: سمعت الله يقول: شارب الخمر كعابد الوثن (2) .

ص: 68


1- 124. الهداية الكبري / 341.
2- 125. تذكرة الخواص / 362. فصل في ذكر العسكري (عليه السلام).

احمد بن عبدالله

روي الشيخ الطوسي في (الغيبة) بسنده عن أحمد بن عبدالله الهاشمي (من ولد العباس) قال: حضرت دار أبي محمد: الحسن بن علي (عليهماالسلام) بسر من رأي يوم توفي، و اخرجت جنازته، و وضعت، و نحن تسعة و ثلاثون رجلا قعود ننتظر، حتي خرج الينا غلام عشاري، حاف، عليه رداء قد تقنع به؛ فلما أن خرج قمنا هيبة له من غير أن نعرفه، فتقدم، و قام الناس فاصطفوا خلفه، فصلي عليه [جثمان الامام العسكري] و مشي فدخل بيتا غير الذي خرج منه. قال أبوعبدالله الهمداني: فلقيت بالمراغة رجلا من أهل تبريز، يعرف بابراهيم بن محمد التبريزي، فحدثني بمثل حديث الهاشمي، لم يخرم [ينقص] منه شي ء. قال: فسألت الهمداني فقلت: غلام عشاري القد أو عشاري السن؟ لأنه روي ان الولادة [ولادة الامام المهدي] كانت سنة ست و خمسين و مائتين، و كانت غيبة [وفاة] أبي محمد (عليه السلام) سنة ستين و مائتين، بعد الولادة بأربع سنين فقال: لا أدري، هكذا سمعت، فقال لي شيخ معه - حسن الفهم، من أهل بلده، له رواية و علم - عشاري القد (1) .

احمد بن عبيدالله أو (عبدالله) بن يحيي بن خاقان

في الكافي بسنده عن الحسين بن محمد الأشعري، و محمد بن يحيي،

ص: 69


1- 126. غيبة الطوسي / 155 عشاري القد أي طوله عشرة أشبار، و عشاري السن أي عمره عشر سنوات.

و غيرهما، قالوا: كان أحمد بن عبيدالله بن خاقان علي الضياع (المزارع) و الخراج بقم (1) ؛ فجري في مجلسه - يوما - ذكر العلوية و مذاهبهم، و كان شديد النصب (أي العداوة) فقال: ما رأيت، و لا عرفت بسر من رأي رجلا من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا (اي الامام العسكري) في هديه و سكونه، و عفافه و نبله، و كرمه عند أهل بيته و بني هاشم، و تقديمهم اياه علي ذوي السن منهم و الخطر (2) و كذلك القواد و الوزراء و عامة الناس؛ فاني كنت يوما قائما علي رأس أبي و هو في مجلسه للناس، اذ دخل عليه حجابه (جمع حاجب) فقالوا: أبومحمد ابن الرضا بالباب. فقال (ابي) - بصوت عال -: ائذنوا له! فتعجبت مما سمعت منهم أنهم جسروا يكنون علي أبي بحضرته (أي تعجبت كيف يذكرون أحدا بالكنية، و هي قولهم! أبومحمد). و لم يكن (اي لم يذكر أحد بالكنية) عنده (اي عند أبي) الا خليفة، أو ولي عهد و من أمر السلطان أن يكني (اي يذكر بالكنية احتراما). فدخل رجل، أسمر، حسن القامة، جميل الوجه، جيد البدن، حدث السن، له جلالة و هيبة. فلما نظر اليه قام يمشي اليه خطا، و لا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم و القواد، فلما دنا منه عانقه، و قبل وجهه و صدره، و أخذ بيده و أجلسه علي مصلاه الذي كان عليه، و جلس الي جنبه، مقبلا عليه بوجهه، و جعل يكلمه، و يفديه بنفسه (أي يقول له: جعلت فداك). و أنا متعجب مما أري منه، اذ دخل (عليه الحاجب) فقال: «الموفق قد جاء» الموفق اخو المعتمد الحاكم العباسي.

ص: 70


1- 127. أي كان في مدينة قم موظفا و مشرفا علي المزارع و الاراضي و أخذ الزكوات.
2- 128. أي كان العلويون يقدمون الامام العسكري علي كبار السن و علي الشخصيات و المحترمين.

و كان الموفق اذا دخل علي أبي، تقدم حجابه و خاصة قواده، فقاموا بين مجلس أبي، و بين باب الدار سماطين (اي يصطفون صفين) الي أن يدخل و يخرج. فلم يزل أبي مقبلا علي أبي محمد يحدثه، حتي نظر الي غلمان الخاصة، فقال: - حينئذ -: اذا شئت، جعلني الله فداك. (أي ان شئت ان تذهب فاذهب). ثم قال - لحجابه -: خذوا به خلف السماطين حتي لا يراه هذا (يعني الموفق) فقام، و قام أبي و عانقه، و مضي. فقلت - لحجاب أبي و غلمانه -: ويلكم! من هذا الذي كنيتموه علي أبي و فعل أبي هذا الفعل (أي الاحترام)؟ فقالوا: هذا علوي، يقال له: الحسن بن علي، يعرف بابن الرضا. فازددت تعجبا، و لم أزل يومي ذلك قلقا، متفكرا في أمره، و أمر أبي، و ما (أي الذي) رأيت فيه، حتي كان الليل. و كانت عادته أن يصلي العتمة (صلاة العشاء) ثم يجلس، فينظر فيما يحتاج اليه من المؤامرات (أي المشاورات) و ما يرفعه الي السلطان. فلما صلي و جلس، جئت فجلست بين يديه، و ليس عنده أحد فقال لي: يا أحمد لك حاجة؟ قلت: نعم، يا أبة، فان أذنت لي سألتك عنها؟ فقال: قد أذنت لك يا بني، فقل ما أحببت. فقلت: يا أبة من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال و الكرامة و التبجيل، و فديته بنفسك و أبويك؟ (أي قلت له: فداك نفسي، و أبي و امي). فقال: يا بني ذاك امام الرافضة، ذاك الحسن بن علي، المعروف بابن الرضا!! فسكت ساعة، ثم قال: يا بني لو زالت الامامة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غير هذا. و ان هذا ليستحقها في فضله و عفافه، و هديه و صيانته، و زهده و عبادته

ص: 71

و جميل أخلاقه و صلاحه. ولو رأيت أباه، رأيت رجلا جزلا، نبيلا فاضلا... الي آخر الحديث (1) . أقول: و ذكر الشيخ المفيد هذا الخبر في (الارشاد) و النجاشي في (الفهرست).

احمد بن محمد

في (الكافي) بسنده عن أحمد بن محمد قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام) - حين أخذ المهتدي في قتل الموالي -: «يا سيدي! ألحمدلله الذي شغله عنا، فقد بلغني أنه يتهددك، و يقول: و الله لأجلينهم عن جديد الأرض» (2) . فوقع أبومحمد (عليه السلام) بخطه: «ذاك أقصر لعمره، عد من يومك هذا خمسة أيام، و يقتل في اليوم السادس بعد هوان و استخفاف يمر به». فكان كما قال (عليه السلام) (3) .

احمد بن محمد بن ابراهيم

ابن هاشم، أبومحمد، الحافظ روي في (العيون) باسناده عنه قال: حدثنا الحسن [العسكري] بن علي ابن محمد بن علي بن موسي بن جعفر، أبوالسيد المحجوب: امام عصره [الامام المهدي] بمكة، قال: حدثني أبي: علي [الهادي] بن محمد النقي قال: حدثني

ص: 72


1- 129. الكافي ج 1 / 503، و نذكر بقية الخبر في أواخر الكتاب في باب وفاته (عليه السلام).
2- 130. جديد الأرض: وجهها.
3- 131. الكافي ج 1 / 510.

أبي: محمد بن علي التقي، قال: حدثني أبي: علي بن موسي الرضا، قال: حدثني أبي: موسي بن جعفر الكاظم قال: حدثني أبي: جعفر بن محمد الصادق قال: حدثني أبي: محمد بن علي الباقر، قال: حدثني أبي: علي بن الحسين السجاد، زين العابدين، قال: حدثني أبي: الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة قال: حدثني أبي: علي بن أبي طالب سيد الأوصياء قال: حدثني محمد بن عبدالله سيد الأنبياء (صلي الله عليه و آله) قال: حدثني جبرئيل سيد الملائكة، قال: قال الله سيد السادات (عزوجل): «اني انا الله لا اله الا أنا، فمن أقر لي بالتوحيد دخل حصني، و من دخل حصني أمن من عذابي» (1) .

احمد بن محمد بن الأقرع

كان من المراسلين للامام العسكري (عليه السلام) كما في (الكافي) بسنده عن الأقرع قال: كتبت الي أبي محمد أسأله عن الامام هل يحتلم؟ و قلت - في نفسي (بعد ما فصل الكتاب -: الاحتلام شيطنة و قد أعاذ الله (تبارك و تعالي) أولياءه من ذلك. فورد الجواب: «حال الأئمة في المنام حالهم في اليقظة، لا يغير النوم منهم شيئا، و قد أعاذ الله أولياءه من لمة الشيطان كما حدثتك نفسك» (2) .

احمد بن محمد بن سيار

كان من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام) و قيل في حقه أقوال من تضعيف و علو و غير ذلك، له مؤلفات كثيرة، و خلاصة القول:

ص: 73


1- 132. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج 2 / 135 باب 37، ح 3.
2- 133. الكافي ج 1 / 509.

أن أقوال الرجاليين و المحدثين مختلفة في حقه و الله العالم.

احمد بن محمد الحضيني

نزل الأهواز، عدة الشيخ و البرقي من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و في (جامع الرواة) عدة من أصحاب الامام الهادي (عليه السلام).

احمد بن محمد، السياري، البصري

عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام) ضعيف في حديثه، له كتاب (النوادر) و قيل باتحاده مع أحمد بن محمد ابن سيار المتقدم.

احمد بن محمد بن عبدالله بن مروان، الأنباري

عده الشيخ و البرقي من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و هو من رواة النص علي امامة الامام العسكري (عليه السلام).

احمد بن محمد بن مطهر

عده الشيخ من أصحاب الأمام الهادي (عليه السلام) و له روايات عن الامام العسكري (عليه السلام) نذكر بعضها: في التهذيب، بسنده عن أحمد بن محمد بن مطهر قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام): «ان رجلا روي عن آبائك (عليهم السلام): ان رسول الله (صلي الله عليه و آله)

ص: 74

ما كان يزيد من الصلاة في شهر رمضان علي ما كان يصليه في سائر الأيام». فوقع (عليه السلام): «كذب، فض الله فاه، صل في كل ليلة من شهر رمضان عشرين ركعة الي عشرين من الشهر، و صل ليلة احدي و عشرين مائة ركعة، و صل ليلة ثلاث و عشرين مائة ركعة، و صل في كل ليلة من العشر الأواخر ثلاثين ركعة (1) . أقول: و في بعض النسخ بدل (صل): (صلي). و في كتاب (من لا يحضره الفقيه) بسنده عن أبي علي: أحمد بن محمد ابن مطهر قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام): «اني دفعت الي ستة أنفس مائة دينار و خمسين دينارا، ليحجوا بها، فرجعوا، و لم يشخص بعضهم، و أتاني بعض فذكر أنه قد انفق بعض الدنانير، و بقيت بقية و انه يرد علي ما بقي، و اني قد رمت مطالبة من لم يأتني بما دفعت اليه». فكتب (عليه السلام): «لا تعرض لمن لم يأتك، و لا تأخذ ممن أتاك شيئا مما يأتيك به، و الأجر قد وقع علي الله عزوجل (2) . و في (الخرائج) بسنده عن أحمد بن مطهر قال: كتب بعض أصحابنا - الي أبي محمد (عليه السلام) - من أهل الجبل يسأله عمن وقف علي أبي السحن [الرضا] عليه السلام [الواقفية]: «أتولاهم، أم أتبرء منهم؟». فكتب: «أتترحم علي عمك؟ لارحم الله عمك، و تبرء منه، أنا الي الله منهم بري ء؛ فلا تتولاهم، و لا تعد مرضاهم، و لا تشهد جنائزهم، و لا تصل علي أحد منهم مات أبدا.

ص: 75


1- 134. التهذيب ج 3 / 68 حديث 221.
2- 135. من لا يحضره الفقيه ج 2 / 68 حديث 1266.

سواء من جحد اماما من الله، أو زاد اماما ليست امامته من الله، و جحد و قال: ثالث ثلاثة؛ ان جاحد أمر آخرنا جاحد أمر أولنا، و الزايد فينا كالناقص الجاحد أمرنا». و كان هذا السائل لم يعلم أن عمه كان منهم، فأعلمه ذلك (1) .

احمد بن محمد بن مهران الرازي

في (ميزان الاعتدال) عن أحمد بن محمد بن مهران الرازي: حدثنا مولاي الحسن بن علي صاحب العسكر، حدثني علي بن محمد ابن علي، حدثنا أبي عن علي بن موسي الرضا، حدثني أبي، حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه عن جابر - مرفوعا -: «لما خلق الله آدم و حوا تبخترا في الجنة، و قالا: من أحسن منا؟ فبينما هما كذلك اذهما بصورة جارية لم ير مثلها، لها نور شعشعاني، يكاد يطفي نور الأبصار، قالا: يا رب، ما هذه؟ قال: صورة فاطمة سيدة نساء ولدك، قال: ما هذا التاج علي رأسها؟ قال: علي بعلها قال: فما القرطان؟ قال: ابناها وجد ذلك في غامض علمي قبل أن أخلقك بألفي عام» (2) .

احمد بن هلال، العبرتائي

كان من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام) و أدرك الغيبة الصغري، و كان مذموما، ملعونا بسبب انحرافاته العقائدية. و قد ذكرناه في كتاب (الامام المهدي من المهد الي الظهور) و لا داعي للتكرار.

ص: 76


1- 136. الخرائج و الجرائح ج 1 / 452.
2- 137. ميزان الاعتدال ج 2 / 495.

احمد بن يزيد

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام)

ادريس بن زياد

الكفر توثائي (1) يكني أباالفضل. قال: كنت أقول فيهم قولا عظيما [من الغلو] فخرجت الي العسكر [سر من رأي] للقاء أبي محمد (عليه السلام) فقدمت و علي أثر السفر و وعثاؤه [التعب و المشقة] فألقيت نفسي علي دكان حمام (2) فذهب بي النوم فما انتبهت الا بمقرعة (3) أبي محمد قد قرعني بها حتي استيقظت، فعرفته، فقمت قائما اقبل قدميه و فخذه و هو راكب، و الغلمان من حوله، فكان أول ما تلقاني به أن قال: «يا ادريس! بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون». فقلت: حسبي يا مولاي، و انما جئت أسألك عن هذا. فتركني و مضي (4) . أقول: و روي في (الذكري) خبرا شبيها بهذا الخبر مع الامام الهادي (عليه السلام).

اسحاق بن أبان

لم أجد في كتب الرجال هذا الاسم، و انما يوجد: اسحاق بن محمد بن

ص: 77


1- 138. كفر توثا: اسم قرية كبيرة من أعمال الجزيرة، و اسم قرية في فلسطين و قيل غير ذلك.
2- 139. دكان حمام: أي دكة بباب الحمام.
3- 140. المقرعة: السوط، و كل ما ضربت به.
4- 141. مناقب ابن شهرآشوب: ج 4 / 428.

أحمد بن أبان بن مرار بن عبدالله، و لعله هو، و علي كل تقدير فقد ورد في كتاب (عيون المعجزات). و حدثني أبوالتحف المصري، يرفع الحديث برجاله الي أبي يعقوب: اسحاق بن أبان (رضي الله عنه) قال: كان أبومحمد (عليه السلام) يبعث الي أصحابه و شيعته: «صيروا الي موضع كذا و كذا، و الي دار فلان بن فلان، العشاء و العتمة في ليلة كذا، فانكم تجدوني هناك». و كان الموكلون به لا يفارقون باب الموضع - الذي حبس فيه - بالليل و النهار و كان يعزل في كل خمسة ايام الموكلين (الموكلون صح) به و يولي آخرين (آخرون صح) بعد أن يجدد عليهم الوصية بحفظه، و التوفر علي ملازمة بابه؛ فكان أصحابه و شيعته يصيرون الي الموضع، و كان (عليه السلام) قد سبقهم اليه فيرفعون حوائجهم اليه، فيقضي لهم علي منازلهم و طبقاتهم، و ينصرفون الي أماكنهم بالآيات و المعجزات، و هو (عليه السلام) في حبس الأضداد (1) .

اسحاق بن اسماعيل، النيسابوري

ثقة، عده الشيخ و البرقي من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام). و للامام العسكري (عليه السلام) رسالة مفصلة الي اسحاق بن اسماعيل، رواها الكشي: «يا اسحاق بن اسماعيل، سترنا الله و اياك بستره، و تولاك في جميع امورك بصنعه، قد فهمت كتابك، يرحمك الله.

ص: 78


1- 142. ينقل عنه في (مدينة المعاجز) / 571.

و نحن - بحمدلله و نعمته - أهل بيت نرق علي موالينا، و نسر بتتابع احسان الله اليهم، و فضله لديهم، و نعتد بكل نعمة أنعمها الله - عزوجل - عليهم. فأتم الله عليكم بالحق - و من كان مثلك ممن قد رحمه الله، و بصره بصيرتك، و نزع عن الباطل، و لم يقم في طغيانه - نعمه. فان تمام النعمة دخولك الجنة، و ليس من نعمة و ان جل أمرها، و عظم خطرها الا و الحمدلله - تقدست اسماؤه - عليه مؤدي شكرها. و أنا أقول: الحمدلله مثل ما حمدالله به حامد الي أبد الأبد، بما من به عليك من نعمته، و نجاك من الهلكة، و سهل سبيلك علي العقبة. و أيم الله، انها لعقبة كؤود، شديد أمرها، صعب مسلكها عظيم بلاؤها، طويل عذابها، قديم في الزبر الاولي ذكرها؛ و لقد كانت منكم امور في أيام الماضي (أي الامام الهادي) عليه السلام، الي أن مضي لسبيله، صلي الله علي روحه. و في أيامي - هذه - كنتم فيها غير محمودي الرأي، و لا مسددي التوفيق. و اعلم - يقينا - يا اسحاق: أن من خرج من هذه الحياة الدنيا أعمي، فهو في الآخرة أعمي و أضل سبيلا؛ انها - يابن اسماعيل - ليس تعمي الأبصار، ولكن تعمي القلوب التي في الصدور و ذلك قول الله عزوجل في محكم كتابه: للظالم: «رب لم حشرتني أعمي، و قد كنت بصيرا» قال الله عزوجل: «كذلك أتتك أياتنا فنسيتها، و كذلك اليوم تنسي». و أية آية - يا اسحاق - اعظم من حجة الله - عزوجل - علي خلقه، و أمينه في بلاده، و شاهده علي عباده من بعد ما سلف من آبائه الأولين من النبيين، و آبائه الآخرين من الوصيين (عليهم السلام أجمعين و رحمة الله و بركاته)؟ فاين يتاه بكم؟، و أين تذهبون كالأنعام علي وجوهكم؟ عن الحق

ص: 79

تصدفون، و بالباطل تؤمنون، و بنعمة الله تكفرون أو تكذبون؟؟ فمن يؤمن ببعض الكتاب، و يكفر ببعض، فما جزاؤه من يفعل ذلك منكم و من غيركم: الا خزي في الحياة الدنيا الفانية، و طول عذاب في الآخرة الباقية، و ذلك - والله - الخزي العظيم. ان الله - بفضله و منه - لما فرض عليكم الفرائض، لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه اليكم، بل برحمة منه - لا اله الا هو - عليكم، ليميز الخبيث من الطيب، و ليبتلي الله ما في صدور كم، و ليمحص ما في قلوبكم، و لتتسابقوا الي رحمته، و تتفاضل منازلكم في جنته؛ ففرض عليكم الحج و العمرة، و اقام الصلاة و ايتاء الزكاة، و الصوم و الولاية، و كفاهم (1) لكم بابا لتفتحوا أبواب الفرائض، و مفتاحا الي سبيله. و لولا محمد رسول الله (صلي الله عليه و آله) و الأوصياء من بعده، لكنتم حياري كالبهائم، لا تعرفون فرضا من الفرائض، و هل يدخل قرية الا من بابها؟ فلما من الله عليكم باقامة الأولياء - بعد نبيه محمد (صلي الله عليه و آله) - قال الله عزوجل - لنبيه: «اليوم أكملت لكم دينكم، و أتممت عليكم نعمتي، و رضيت لكم الاسلام دينا» (2) . و فرض عليكم لأوليائه حقوقا أمركم بأدائها اليهم، ليحل ما وراء ظهوركم: من أزواجكم و أموالكم، و مآكلكم، و مشاربكم، و معرفتكم بذلك النماء و البركة و الثروة، و ليعلم من يطيعه منكم بالغيب. قال الله عزوجل: «قل لا اسألكم عليه أجرا الا المودة في القربي» (3) . و اعلموا: أن من يبخل فانما يبخل علي نفسه، و ان الله هو الغني، و أنتم الفقراء اليه، لا اله الا هو.

ص: 80


1- 143. و في نسخة: و جعل لكم بابا، و في نسخة: و كفا بهم بابا.
2- 144. المائدة 3: 5.
3- 145. الشوري 42: 23.

و لقد طالت المخاطبة فيما بيننا و بينكم، فيما هو لكم و عليكم، فلولا ما نحب (يجب خ ل) من تمام النعمة من الله (عزوجل) عليكم لما أتاكم مني خط (1) ، و لا سمعتم مني حرفا، من بعد الماضي (عليه السلام). أنتم في غفلة عما اليه معادكم، و من بعد الثاني (2) رسولي، و ما ناله منكم، حين أكرمه الله بمصيره اليكم، و من بعد اقامتي لكم ابراهيم بن عبده (وفقه الله لمرضاته و أعانه علي طاعته) و كتابي الذي حمله محمد بن موسي النيسابوري، والله المستعان علي كل حال. و اني أراكم مفرطين (3) في جنب الله، فتكونون من الخاسرين، فبعدا، و سحقا لمن رغب عن طاعة الله، و لم يقبل مواعظ أوليائه، و قد أمركم الله - جل و عز - بطاعته لا اله الا هو، و طاعة رسوله (صلي الله عليه و آله) و بطاعة اولي الأمر (عليهم السلام) فرحم الله ضعفكم، و قلة صبركم عما أمامكم. فما أغر الانسان بربه الكريم و استجاب الله دعائي فيكم، و أصلح اموركم علي يدي، فقد قال الله - عزوجل -: «يوم ندعوا كل اناس بامامهم» (4) و قال تعالي: «و كذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس، و يكون الرسول عليكم شهيدا» (5) و قال الله تعالي: «كنتم خير امة اخرجت للناس، تأمرون بالمعروف، و تنهون عن المنكر» (6) . فما احب أن يدعو الله بي و لا بمن هو في أيامي (آبائي) الا حسب رقتي عليكم، و ما أنطوي لكم عليه من حب بلوغ الأمل في الدارين جميعا، و الكينونة معنا في الدنيا و الآخرة. فقد - يا اسحاق: يرحمك الله، و يرحم من هو وراءك - بينت لكم بيانا، و فسرت لكم تفسيرا، و فعلت بكم فعل من لم يفهم هذا الأمر قط، و لم يدخل

ص: 81


1- 146. و في نسخة: لما أريتكم لي خطا.
2- 147. و في نسخة: (النابي).
3- 148. و في نسخة: تفرطون.
4- 149. الاسراء 7: 71.
5- 150. البقرة 2: 143.
6- 151. آل عمران 3: 110.

فيه طرفة عين. ولو فهمت الصم الصلاب بعض ما في هذا الكتاب لتصدعت قلقا، و خوفا من خشية الله، و رجوعا الي طاعة الله عزوجل؛ فاعملوا من بعده ما شئتم، فسيري الله عملكم و رسوله و المؤمنون، و ستردون (1) الي عالم الغيب و الشهادة، فينبئكم بما كنتم تعملون، و العاقبة للمتقين، و الحمدلله رب العالمين. و أنت رسولي - يا اسحاق - الي ابراهيم بن عبده (وفقه الله) أن يعمل بما ورد عليه في كتابي، مع محمد بن موسي النيسابوري، ان شاء الله. و رسولي (أي و انت رسولي) الي نفسك، و الي كل من خلفت ببلدك، أن يعملوا بما ورد عليكم في كتابي مع محمد بن موسي ان شاء الله. و يقرأ ابراهيم بن عبده، كتابي هذا علي من خلفه ببلده، حتي لايسألوني و بطاعة الله يعتصمون، و الشيطان بالله من أنفسهم يجتنبون، و لا يطيعون. و علي ابراهيم بن عبده، سلام الله و رحمته، و عليك - يا اسحاق - و علي موالي السلام كثيرا، سددكم الله جميعا بتوفيقه. و كل من قرأ كتابنا هذا من موالي، من أهل بلدك، و من هو بناحيتكم، و نزع عما هو عليه من الانحراف عن الحق، فليؤد حقنا (حقوقنا خ ل) الي ابراهيم بن عبده، و ليحمل ذلك ابراهيم بن عبده الي الرازي (رضي الله عنه) أو الي من يسمي له الرازي، فان ذلك عن أمري و رأيي، ان شاء الله. و يا اسحاق: اقرأ كتابنا علي البلالي (رضي الله عنه) فانه الثقة، المأمون العارف بما يجب عليه، و اقرأه علي المحمودي (عافاه الله) فما أحمدنا له لطاعته. فاذا وردت بغداد فاقرأه علي الدهقان: وكيلنا، و ثقتنا، و الذي يقبض من موالينا؛ و كل من أمكنك من موالينا فأقرأهم هذا الكتاب، و ينسخه من أراد منهم

ص: 82


1- 152. ثم تردون خ ل.

نسخه ان شاء الله تعالي، و لا يكتم - ان شاء الله - أمر هذا عمن شاهده من موالينا، الا من شيطان يخالف كلم؛ فلا تنثرن الدر بين أظلاف الخنازير، و لا كرامة لهم. و قد وقعنا في كتابك بالوصول و الدعاء لك، و لمن شئت، و قد أجبنا سعيدا (شيعتنا خ ل) عن مسألته (عن مسألة خ ل) و الحمدلله. فما بعد الحق الا الضلال، فلا تخرجن من البلد، حتي تلقي العمري (رضي الله برضائي عنه) فتسلم عليه، و تعرفه و يعرفك، فانه الطاهر الأمين، العفيف، القريب منا و الينا. فكل ما يحمل الينا من شي ء من النواحي فاليه يصير آخر أمره، ليوصل ذلك الينا، و الحمدلله كثيرا. سترنا الله و اياكم - يا اسحاق - بستره، و تولاك في جميع امورك بصنعه، و السلام عليك و علي جميع موالي، و رحمة الله و بركاته، و صلي الله علي سيدنا محمد النبي، و آله، و سلم كثيرا.

اسحاق بن جعفر

الزبيري، يكني اباالقاسم، و هو الذي كتب اليه الامام العسكري (عليه السلام) كتابا قبل موت المعتز بعشرين يوما، و سوف نذكر الكتاب في ترجمة محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن موسي في حرف الميم.

اسحاق الجلاب

عده في (جامع الرواة) من أصحاب الامام الحسن العسكري (عليه السلام) و قد ذكرناه في كتاب (الامام الهادي).

ص: 83

اسحاق بن الربيع

الكوفي، ذكره ابن شهراشوب في (المناقب) من ثقاة الامام الحسن العسكري (عليه السلام).

اسحاق الكندي

في كتاب (المناقب) لابن شهراشوب: ابوالقاسم الكوفي في كتاب (التبديل): ان اسحاق الكندي كان فيلسوف العراق في زمانه، أخذ في تأليف (تناقض القرآن) و شغل نفسه بذلك، و تفرد به في منزله؛ و ان بعض تلامذته دخل يوما علي الامام الحسن العسكري فقال له أبومحمد (عليه السلام): «أما فيكم رجل رشيد يردع (يمنع) استاذكم الكندي عما أخذ فيه من تشاغله بالقرآن؟». فقال التلميذ: «نحن من تلامذته، كيف يجوز منا الاعتراض عليه في هذا أو غيره؟». فقال أبومحمد: «أتؤدي اليه ما القيه اليك؟» قال: نعم. قال: «فصر اليه، و تلطف في مؤانسته و معونته علي ما هو بسبيله [تأليف الكتاب] فاذا وقعت الانسة في ذلك فقل: قد حضرتني مسألة أسألك عنها». فانه [الكندي] يستدعي [يطلب] ذلك منك، فقل له: ان أتاك هذا المتكلم بهذا القرآن هل يجوز أن يكون مراده بما تكلم به منه غير المعاني التي قد ظننتها أنك ذهبت اليها؟ (1) .

ص: 84


1- 153. لعل معني هذه العبارة: ان قال لك - الذي انزل القرآن و هو الله تعالي أو جبرئيل الذي تكلم بهذه الآيات للنبي (صلي الله عليه و آله) أو النبي نفسه -: بأن المقصود من هذه الآيات معاني اخري غير التي ظننتها، و تبادرت الي ذهنك. فما جوابك له؟.

فانه [الكندي] سيقول: «انه من الجائز» لأنه رجل يفهم اذا سمع، فاذا أوجب ذلك (أي قبل هذا الاحتمال» فقل له: فما يدريك، لعله قد اراد غير الذي ذهبت أنت اليه، فتكون واضعا لغير معانيه؟ فصار الرجل الي الكندي، و تلطف الي أن ألقي عليه هذه المسألة، فقال [الكندي] له: «أعد علي» فأعاد [الرجل الكلام] عليه، فتفكر في نفسه، و رأي ذلك محتملا في اللغة، و سائغا في النظر، فقال: أقسمت عليك الا أخبرتني من أين لك؟ فقال: انه شي ء عرض بقلبي، فأوردته عليك، فقال: كلا، ما مثلك من اهتدي الي هذا، و لا من بلغ هذه المنزلة، فعرفني من أين لك هذا؟ فقال: أمرني به أبومحمد. فقال: الآن جئت به، و ما كان ليخرج مثل هذا الا من ذلك البيت. ثم انه دعا بالنار و أحرق جميع ما كان ألفه. (1) . أقول: توجد في القرآن الكريم آيات قد يتصور البعض انها متناقضة بعضها مع بعض و كان الذين في قلوبهم مرض يتشبثون بتلك الآيات للتهريج و التشكيك، مثل قوله تعالي: «اعدلوا هو اقرب للتقوي» و قوله عزوجل: «و لن تستطيعوا أن تعدلو» فيعتبرون هاتين الآيتين متناقضتين، و هم لا يعلمون ان الآية الاولي أمر بالعدل بين الزوجتين أو أكثر في المأكل و الملبس و المسكن و أمثالها، و الآية الثانية تنفي العدل في الحب بين الزوجتين بأن يحبهما حبا متساويا، لأنه خارج عن قدرة الانسان، و لهذا قال تعالي: «و لن تستطيعوا أن تعدلوا» و أمثال هاتين الآيتين كثيرة في القرآن. و قد شرح الأئمة الطاهرون (عليهم السلام) تلك الآيات، و رفعوا التناقض منها.

ص: 85


1- 154. مناقب ابن شهرآشوب ج 4 / 424.

اسحاق بن محمد

البصري، يكني أبايعقوب، عده الشيخ من أصحاب الامام الجواد و الامام الهادي و الامام العسكري (عليهم السلام) ينسب الي الغلو، و لم يثبت ذلك، فانه يوجد في كتب الرجال: اسحاق بن محمد بن أحمد النخعي، و قد اشتبه هذان الاسمان علي بعضهم، و ظن بعض الأعلام ان اسحاق بن محمد البصري و النخعي واحد.

اسماعيل بن علي بن اسحاق بن أبي سهل بن نوبخت

يكني أباسهل، كان شيخ المتكلمين من الشيعة، له مؤلفات كثيرة في شتي المواضيع، ذكره في كتاب (تأسيس الشيعة) من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) (1) . و روي الشيخ الطوسي في (الغيبة) بسنده عن ابي سليمان: داود بن عنان البحراني، قال: قرأت علي أبي سهل: اسماعيل بن علي النوبختي مولد محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا بن موسي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم أجمعين): ولد (عليه السلام) سنة ست و خمسين و مائتين، امه: صقيل، و يكني اباالقاسم، بهذه الكنية أوصي النبي (صلي الله عليه و آله) أنه قال: اسمه كاسمي، و كنيته كنيتي، لقبه: المهدي، و هو الحجة، و هو المنتظر، و هو صاحب الزمان؛ قال اسماعيل بن علي، دخلت علي أبي محمد الحسن [العسكري] بن

ص: 86


1- 155. تأسيس الشيعة ص 163.

علي (عليهماالسلام) في المرضة التي مات فيها، - و انا عنده - اذ قال لخادمه: عقيد (و كان الخادم أسودا نوبيا، قد خدم من قبله علي [الهادي]ابن محمد و هو ربا الحسن [العسكري] عليه السلام فقال: يا عقيد اغل لي ماء بمصطكي، فأغلي له، ثم جاءت به صقيل: الجارية، أم الخلف (عليه السلام). فلما صار القدح في يديه، و هم بشربه، فجعلت يده ترتعد، حتي ضرب القدح ثنايا الحسن، فتركه من يده، و قال لعقيد: ادخل البيت فانك تري صبيا ساجدا فأتني به. قال ابوسهل: قال عقيد: فدخلت أتحري [أجتهد في الطلب] فاذا أنا بصبي ساجد، رافع سبابته نحو السماء لله فسلمت عليه، فأوجز في صلاته، فقلت: ان سيدي يأمرك بالخروج اليه. اذ جاءت امه صقيل، فأخذت بيده، و أخرجته الي أبيه الحسن (عليه السلام). قال أبوسهل: فلما مثل الصبي بين يديه سلم، و اذا هو دري اللون، و في شعر رأسه قطط (1) مفلج الأسنان، فلما رآه الحسن بكي، و قال: يا سيد أهل بيته! اسقني الماء فاني ذاهب الي ربي! و أخذ الصبي القدح المغلي بالمصطكي بيده، ثم حرك شفتيه، ثم سقاه فلما شربه قال: هيئوني للصلاة، فطرح في حجره منديل، فوضاه الصبي، واحدة واحدة (2) و مسح علي رأسه و قدميه. فقال له أبومحمد [العسكري]: ابشر - يابني - فأنت صاحب الزمان، و انت المهدي و أنت حجة الله علي أرضه، و أنت ولدي و وصيي، و انت م ح م د بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب.

ص: 87


1- 156. أي مجعد الشعر.
2- 157. أي صب الامام الماء علي كل عضو مرة واحدة.

ولدك رسول الله، و أنت خاتم الأئمة الطاهرين، و بشر بك رسول الله (صلي الله عليه و آله) و سماك، و كناك، بذلك عهد الي أبي عن آبائك الطاهرين، صلي الله علي أهل البيت، ربنا انه حميد مجيد. و مات الحسن بن علي من وقته (صلوات الله عليهم أجمعين) (1) . أقول: و روي الصدوق في (اكمال الدين) هذا الخبر بكيفية اخري:. و وجدت مثبتا في بعض الكتب المصنفة في التواريخ (و لم اسمعه الا عن محمد بن الحسين بن عباد) أنه قال: مات أبومحمد: الحسن بن علي (عليهماالسلام) يوم جمعة مع صلاة الغداة، و كان في تلك الليلة قد كتب بيده كتبا [رسائل] كثيرة الي المدينة، و ذلك في شهر ربيع الأول لثمان خلون منه، سنة ستين و مائتين من الهجرة؛ و لم يحضر (ه) في ذلك الوقت الا صقيل [نرجس] الجارية، و عقيد الخادم و من علم الله (عزوجل) غيرهما؟! قال عقيد: فدعا بماء قد أغلي بالمصطكي، فجئنا به اليه، فقال: أبدأ بالصلاة، هيئوني. فجئنا به، و بسطنا في حجره المنديل، فأخذ من صقيل الماء، فغسل به وجهه و ذراعيه، مرة مرة، و مسح علي رأسه و قدميه مسحا، و صلي صلاة الصبح علي فراشه، و أخذ القدح ليشرب، فأقبل القدح يضرب ثناياه، و يده ترتعد، فأخذت صقيل القدح من يده، و مضي من ساعته، صلوات الله عليه.... الي آخره. (2) .

اسماعيل بن محمد بن علي

ابن اسماعيل بن علي بن عبدالله بن العباس، عده الشيخ من أصحاب

ص: 88


1- 158. غيبة الطوسي في الأخبار المتضمنه لمن رآه / 164.
2- 159. اكمال الدين / 473 باب 43.

الامام العسكري يروي عن الامام العسكري (عليه السلام) كما في (الكافي) بسنده عن اسحاق، قال: حدثني اسماعيل بن محمد بن علي بن اسماعيل بن علي بن عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب قال: قعدت لأبي محمد (عليه السلام) علي ظهر الطريق، فلما مر بي شكوت اليه الحاجة، و حلفت له أنه ليس عندي درهم فما فوقها، و لا غداء و لا عشاء. قال: فقال [الامام]: تحلف بالله كاذبا؟ و قد دفنت مائتي دينار. و ليس قولي هذا دفعا لك عن العطية، أعطه يا غلام ما معك. فأعطاني غلامه مائة دينار، ثم أقبل علي فقال لي: انك تحرمها أحوج ما تكون اليها. يعني الدنانير التي دفنت. و صدق (عليه السلام) و كان كما قال، دفنت مائتي دينار، و قلت: يكون ظهرا و كهفا لنا. فاضطررت ضرورة شديدة الي شي ء انفقه، و انغلقت علي أبواب الرزق، فنبشت عنها، فاذا ابن لي قد عرف موضعها، فأخذها و هرب. فما قدرت علي شي ء (1) .

اسماعيل بن يسار

الهاشمي، عده الشيخ بعنوان اسماعيل هاشمي، عباسي من أصحاب العسكري (عليه السلام). و قال النجاشي انه مولي (عبد معتق) اسمعيل بن علي بن عبدالله بن العباس (عم النبي) صلي الله عليه و آله.

اشجع بن الأقرع

في (المناقب): أشجع بن الأقرع قال:

ص: 89


1- 160. الكافي ج 1 / 510.

كتبت الي أبي محمد أسأله أن يدعو الله لي من وجع عيني، و كانت احدي عيني ذاهبة، و الاخري علي شرف هار، فكتب الي: «حبس الله عليك عينك» فأقامت الصحيحة، و وقع في آخر الكتاب: «آجرك الله، و أحسن ثوابك». فاغتممت بذلك، و لم أعرف في أهلي أحدا مات، فلما كان بعد أيام جاءني خبر وفاة ابني: طيب، فعلمت أن التعزية له (1) .

ايوب بن الباب

ذكره الكشي من وكلاء الامام العسكري (عليه السلام) في ترجمة الفضل بن شاذان. (2) .

ايوب بن نوح بن دراج

النخعي، كان من أصحاب الامام الجواد و الامام الهادي و الامام العسكري (عليهم السلام) و قد ذكرناه في كتاب (الامام الجواد) و (الامام الهادي) و كان وكيلا للامامين العسكريين، و كان عظيم المنزلة عندهما، مأمونا، شديد الورع كثير العبادة، ثقة في رواياته، و كان من عباد الله الصالحين.

حرف الباء

بدل أو بدر

مولي (مولاة) الامام العسكري (عليه السلام).

ص: 90


1- 161. مناقب ابن شهراشوب ج 4 / 433.
2- 162. رجال الكشي / 454.

في (كشف الغمة): و عن بدل مولاة أبي محمد قال: رأيت - عند رأس أبي محمد - نورا - ساطعا الي السماء و هو نائم (1) .

بشر بن سليمان

النخاس، من ولد أبي ايوب الأنصاري هو أحد موالي أبي الحسن و أبي محمد العسكري (عليهماالسلام) و قد مر حديثه في ترجمة السيدة نرجس.

بكر بن أحمد

ابن محمد بن ابراهيم، القصري، غلام الخليل المحلمي. في (عيون أخبار الرضا) بسنده عن بكر بن أحمد قال: حدثنا الحسن [العسكري] بن علي بن محمد بن علي بن موسي، عن علي بن موسي، عن أبيه موسي بن جعفر بن محد (عليهم السلام) قال: لا يكون القائم الا امام ابن امام، و وصي ابن وصي. (2) . و بهذا الاسناد: عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي (عليهم السلام) قال: أوصي النبي (صلي الله عليه و آله) الي علي و الحسن و الحسين (عليهم السلام). ثم قال: في قول الله (عزوجل): «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم» قال: «الأئمة من ولد علي و فاطمة الي أن تقوم الساعة (3) .

ص: 91


1- 163. كشف الغمة ج 2 / 426.
2- 164. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج 2 / 129.
3- 165. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج 2 / 130.

و عن بكر بن أحمد القصري قال: حدثني أبومحمد الحسن [العسكري] ابن علي بن محمد بن علي بن موسي، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: سمعت رسول الله (صلي الله عليه و آله) يقول: ليلة أسري بي (عزوجل) رأيت في بطنان العرش ملكا بيده سيف من نور، يلعب به كما يلعب علي بن أبي طالب بذي الفقار. و ان الملائكة اذا اشتاقوا الي وجه علي بن أبي طالب نظروا الي وجه ذلك الملك. فقلت: يا رب، هذا أخي علي بن أبي طالب، و ابن عمي؛ فقال: يا محمد، هذا ملك خلقته علي صورة علي، يعبدني في بطنان عرشي، تكتب حسناته و تسبيحه و تقديسه لعلي بن أبي طالب الي يوم القيامة (1) .

بهلول

لعله والد تميم، فهو يروي عن أبي الحسن العبدي عن سليمان بن مهران عن الامام الصادق (عليه السلام) كما في (الفقيه) ج 2 حديث 668. و يمكن أن يكون معاصرا للامام العسكري (عليه السلام) كما ذكره ابن حجر في (الصواعق المحرقة). احقاق الحق - الصواعق المحرقة (ص 124 ط البابي بحلب) قال: و وقع لبهلول معه (أي الحسن بن علي عليهماالسلام) أنه رأي و هو صبي يبكي و الصبيان يلعبون، فظن أنه يتحسر علي ما في أيديهم، فقال: أشتري لك ما تلعب به، فقال: يا قليل العقل ماللعب خلقنا، فقال له: فلماذا خلقنا؟ قال: للعلم و العبادة. فقال له: من أين لك ذلك، قال: من قول الله (عزوجل): (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا و انكم الينا لا ترجعون) (2) ، ثم سأله أن يعظه، فوعظه

ص: 92


1- 166. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) ج 2 / 130.
2- 167. سورة المؤمنون 23: 115.

بأبيات ثم خر الحسن مغشيا عليه، فلما أفاق قال له: ما نزل بك و أنت صغير لاذنب لك؟ فقال: اليك عني يا بهلول اني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار، فلا تتقد الا بالصغار و اني أخشي أن اكون من صغار حطب نار جهنم (1) .

بورق البوشنجاني

روي الكشي بسنده عن محمد بن ابراهيم الوراق السمرقندي قال: خرجت الي الحج، فأردت أن أمر علي رجل كان من أصحابنا معروف بالصدق، و الصلاح و الورع و الخير، يقال له: بورق البوشنجاني (قرية من قري هراة) (2) و أزوره و احدث به عهدي... الي آخره (3) نذكر الخبر في ترجمة الفضل ابن شاذان في حرف الفاء.

حرف الجيم

جابر بن يزيد، الفارسي

يكني أباالقاسم، عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

جعفر بن ابراهيم بن نوح

عده الشيخ و البرقي من أصحاب الامام الحسن العسكري (عليه السلام).

ص: 93


1- 168. احقاق الحق ج 12 / 473.
2- 169. هرات من بلاد أفغانستان.
3- 170. رجال الكشي / 451.

جعفر بن سهيل، الصيقل

عده الشيخ من وكلاء الامام الهادي و الامام العسكري و الامام المهدي (عليهم السلام).

جعفر بن الشريف، الجرجاني

كان من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و قد روي للامام العسكري (عليه السلام) معجزة طي الأرض، و قد ذكرنا شيئا من هذا الحديث في ترجمة ابراهيم بن اسماعيل الجرجاني من هذا الكتاب، و هنا نذكر الحديث كله، عن (كشف الغمة): عن أحمد بن محمد، عن جعفر بن الشريف الجرجاني، قال: حججت سنة فدخلت علي أبي محمد (عليه السلام) بسر من رأي، و قد كان أصحابنا حملوا معي شيئا من المال، فأردت أن أسأل (الامام) الي من أدفعه؟ فقال - قبل أن أقول ذلك -: ادفع ما معك الي المبارك خادمي. قال: ففعلت، و خرجت و قلت: ان شيعتك بجرجان يقرأون عليك السلام قال: أولست منصرفا بعد فراغك من الحج؟ قلت: بلي. قال: فانك تصير الي جرجان من يومك هذا الي مائة و سبعين (تسعين خ ل) يوما و تدخلها (أي جرجان) يوم الجمعة لثلاث ليال يمضين من شهر ربيع الآخر في أول النهار، و أعلمهم أني اوافيهم في ذلك اليوم، في آخر النهار، و امض راشدا فان سيسلمك، و يسلم ما معك، فتقدم علي أهلك و ولدك، و يولد لولدك الشريف ابن فسمه الصلت بن الشريف بن جعفر بن الشريف، و سيبلغ الله به، و يكون من أوليائنا؛

ص: 94

فقلت: يابن رسول الله، ان ابراهيم بن اسماعيل الخلنجي الجرجاني و هو من شيعتك كثير المعروف الي أوليائك، يخرج اليهم في السنة من ماله أكثر من مائة ألف درهم، و هو أحد المتقلبين في نعم الله بجرجان. فقال: شكر الله، - لأبي اسحاق: ابراهيم بن اسماعيل - صنيعه الي شيعتنا و غفر له ذنوبه، و رزقه ذكرا سويا، قائلا بالحق، فقل له: يقول لك الحسن بن علي: سم ابنك أحمد؛ فانصرفت من عنده، و ححجت، فسلمني الله حتي وافيت جرجان يوم الجمعة في أول النهار لثلاث ليال مضين من شهر ربيع الآخر، علي ما ذكره (عليه السلام). و جاءني أصحابنا يهنؤني، فأعلمتهم أن الامام (عليه السلام) وعدني أن يوافيكم في آخر هذا اليوم، فتأهبوا لما تحتاجون اليه، و أعدوا مسائلكم و حوائجكم كلها. فلما صلوا الظهر و العصر، اجتمعوا كلهم في داري، فوالله ما شعرنا الا وافانا أبومحمد (عليه السلام) فدخل الينا، و نحن مجتمعون، فسلم هو أولا علينا فاستقبلناه، و قبلنا يده، ثم قال: اني كنت وعدت جعفر بن الشريف أن اوافيكم في آخر هذا اليوم، فصليت الظهر و العصر بسر من رأي، و صرت اليكم لا جدد بكم عهدا، و ها أنا قد جئتكم الآن، فاجمعوا مسائلكم و حوائجكم كلها؛ فأول من ابتدأ (انتدب خ ل) لمسألته: النضر بن جابر، قال: يابن رسول الله ان ابني جابرا اصيب ببصره منذ شهر، فادع الله له أني يرد اليه عينيه. قال: فهاته. فمسح بيده علي عينيه، فعاد بصيرا. ثم تقدم رجل فرجل، يسألونه حوائجهم، فأجابهم الي كل ما سألوه، حتي قضي حوائج الجميع، و دعا لهم بخير، فانصرف من يومه ذلك (1) .

ص: 95


1- 171. كشف الغمة ج 2 / 427.

أقول: ان دار جعفر بن الشريف التي حضر فيه الامام العسكري (عليه السلام) صارت مسجدا.

جعفر بن محمد بن القصير

القصير، له حديث مع الامام العسكري (عليه السلام) كما في كتاب (الهداية الكبري) (1) .

جعفر بن محمد بن القلانسي

القلانسي، في (التعليقة) أنه من أصحاب أبي محمد (عليه السلام) و يظهر من الأخبار حسن عقيدته، و عدم كونه مخالفا. و في (كشف الغمة) عن جعفر بن محمد القلانسي قال: كتب محمد: أخي، الي أبي محمد [العسكري] - و امرأته حامل مقرب - أن يدعو الله أن يخلصها، و يرزقه ذكرا، و يسميه [الامام]. فكتب يدعو الله بالصلاح و يقول: رزقك الله ذكرا سويا، و نعم الاسم محمد و عبدالرحمن. فولدت اثنين في بطن، أحدهما في رجله زوائد في أصابعه، و الآخر سوي، فسمي واحدا محمدا، و الآخر - صاحب الزوائد - عبدالرحمن (2) . و عن جعفر بن محمد القلانسي قال: كتبت الي أبي محمد [العسكري] مع محمد بن عبدالجبار (3) و كان خادما

ص: 96


1- 172. الهداية الكبري / 334.
2- 173. كشف الغمة ج 2 / 418.
3- 174. و في نسخة: كتب رجل الي أبي محمد (عليه السلام) مع محمد بن عبدالجبار.

يسأله عن مسائل كثيرة، و يسأله الدعاء لأخ له خرج الي ارمينية، و يجلب غنما. فورد الجواب بما سأل، و لم يذكر أخاه فيه بشي ء، فورد الخبر - بعد ذلك - أن أخاه مات يوم كتب أبومحمد جواب المسائل. فعلمنا انه لم يذكره لأنه علم بموته. (1) .

جعفر بن محمد بن عمر

في (الغيبة) للشيخ الطوسي: و روي الشلمغاني في كتاب الأوصياء: أبوجعفر المروزي قال: خرج جعفر بن محمد بن عمر و جماعة الي العسكر و رأوا أيام أبي محمد (عليه السلام) في الحياة و فيهم علي بن أحمد بن طنين فكتب جعفر بن محمد بن عمر يستأذن في الدخول الي القبر فقال له علي بن أحمد: لا تكتب اسمي فاني لا أستأذن فلم يكتب اسمه، فخرج الي جعفر أدخل انت و من لم يستأذن. (2) .

جعفر بن محمد بن موسي

قال: كنت قاعدا بالعشي، فمر [الامام العسكري] بي و هو راكب، و كنت أشتهي الولد شهوة شديدة، فقلت - في نفسي - تري هل ارزق ولدا؟ فقال - برأسه - أي نعم، فقلت: ذكرا؟ فقال - برأسه -: لا. فولدت لي ابنة (3) . و يروي هذا الخبر في (الخرائج) عن ابن الفرات مع تغيير يسير (4) .

ص: 97


1- 175. كشف الغمة ج 2 / 418.
2- 176. غيبة الطوسي / 208.
3- 177. كشف الغمة ج 2 / 426.
4- 178. الخرائج و الجرائح ج 2 / 438.

جعفر بن محمد المكي

احتمل بعض الأعلام اتحاده مع جعفر بن محمد بن موسي المتقدم.

جنيد

قاتل فارس بن حاتم القزويني، و قد ذكرنا قصته في كتاب (الامام الهادي) و أدرك جنيد أيام الحسن العسكري (عليه السلام) و كان من خواص أصحابه. و في (الكافي) بسنده عن الحسين بن محمد الأشعري قال: كان يرد كتاب أبي محمد (عليه السلام) في الاجراء علي الجنيد قاتل فارس و أبي الحسن و آخر، فلما مضي أبومحمد(عليه السلام) ورد استيناف من الصاحب لاجراء أبي الحسن و صاحبه، و لم يرد في أمر الجنيد بشي ء. قال: فاغتممت لذلك، فورد نعي الجنيد بعد ذلك (1) . أقول: معني الحديث ان الامام العسكري (عليه السلام) عين راتبا شهريا أو سنويا للجنيد و لرجلين آخرين و لما توفي الامام العسكري (عليه السلام) ورد كتاب من الامام المهدي (عليه السلام) بتعيين الراتب للرجلين و لم يذكر الامام اسم الجنيد في رسالته، فوصل الخبر بموت الجنيد.

حرف الحاء

حاجز بن يزيد، الوشا

في كتاب (ربيع الشيعة) انه من وكلاء الناحية، و في الارشاد و الكافي

ص: 98


1- 179. الكافي ج 1 / 524.

حديثان يدلان علي انه كان من الوكلاء في الغيبة الصغري، ولكننا نجد حاجز الوشاء موجودا حين الصلاة علي جنازة الامام العسكري (عليه السلام) فانه لما تقدم جعفر الكذاب للصلاة علي جنازة الامام العسكري (عليه السلام) خرج الامام المهدي (عليه السلام) و هو صبي؛ و جذب برداء جعفر و قال: «تأخر يا عم، فأنا أحق بالصلاة علي أبي». فتأخر جعفر و قد اربد وجهه، و اصفر... فقال له حاجز الوشاء: يا سيدي من الصبي؟ ليقيم حاجز الحجة علي جعفر. فقال: و الله ما رأيته قط، و لا أعرفه. و قد ذكرنا ذلك في كتاب (الامام المهدي) ص 181.

حجاج بن سفيان العبدي

له مكاتبة مع الامام العسكري (عليه السلام) كما ذكرها في (كشف الغمة). عن الحجاج بن سفيان العبدي، قال:خلفت ابني بالبصرة عليلا، و كتبت الي أبي محمد (أي الامام العسكري) أسأله الدعاء، فكتب: «رحم الله ابنك، انه كان مؤمنا». قال حجاج: فورد علي كتاب من البصرة: ان ابني مات في اليوم الذي كتب الي أبومحمد بموته، و كان ابني شك في الامامة للاختلاف الذي جري بين الشيعة.

الحسن بن أحمد المالكي

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

ص: 99

الحسن بن ايوب بن نوح

هو أحد الحاضرين في مجلس الامام العسكري (عليه السلام) الذين جاؤا يسألونه عن الحجة من بعده.

الحسن بن جعفر، أبي طالب الفافاني

عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام)

الحسن بن الحسن، الأفطس

ذكرناه في كتاب (الامام الهادي) عليه السلام و هو أحد الذين حضروا دار الامام الهادي ليعزوه بوفاة ابنه: السيد محمد، و دخل الامام الحسن العسكري (عليه السلام)... الي آخره.

الحسن بن الحسين

العلوي، يكني أباالفضل روي الصدوق بسنده عن عبدالله بن العباس العلوي قال: حدثنا أبوالفضل الحسن بن الحسين العلوي قال: دخلت علي أبي محمد الحسن بن علي (عليهماالسلام) بسر من رأي فهنأته بولادة ابنه: القائم (1) .

ص: 100


1- 180. اكمال الدين / 434، باب 42.

الحسن بن خالد بن محمد بن علي، البرقي

يكني أباعلي، قال ابن شهراشوب: من كتبه: تفسير العسكري (عليه السلام) من املاء الامام (عليه السلام) مائة و عشرون مجلدا. أقول: حيث وصل بنا الكلام الي هنا كان من المناسب ان نذكر كلمة موجزة حول التفسير المنسوب الي الامام العسكري (عليه السلام): ولكن الأنسب أن نذكرها في ترجمة محمد بن القاسم المفسر، الاسترابادي.

الحسن الشريعي

قال الشيخ في (الغيبة)... كان الشريعي... من أصحاب أبي الحسن علي ابن محمد (الهادي) ثم الحسن بن علي (العسكري) بعده، عليهماالسلام. و هو أول من ادعي مقاما لم يجعله الله فيه، و لم يكن أهلا له، و كذب علي الله، و علي حججه (عليهم السلام) و نسب اليهم ما لا يليق بهم، و ما هم منه برآء، فلعنته الشيعة، و تبرأت منه، و خرج توقيع الامام (عليه السلام) بلعنه و البراءة منه. و قد ذكرناه في كتاب (الامام المهدي من المهد الي الظهور) ص 212.

الحسن بن ظريف

ابن ناصح، كوفي، يكني أبامحمد، ثقة. له مكاتبات مع الامام العسكري (عليه السلام) كما في (الكافي) بسنده

ص: 101

عن الحسن بن ظريف قال: اختلج في صدري مسألتان، أردت الكتاب فيهما الي أبي محمد (عليه السلام) فكتبت أسأله عن القائم (عليه السلام) اذا قام بما يقضي؟ و أين مجلسه الذي يقضي فيه بين الناس؟ و أردت أن أسأله عن شي ء لحمي الربع (1) فاغفلت خبر الحمي، فجاء الجواب: سألت عن القائم: فاذا قام قضي بين الناس بعلمه، كقضاء داود (عليه السلام) لا يسأل البينة؛ و كنت أردت أن تسأل لحمي الربع، فانسيت، فاكتب في ورقة و علقه (علقها ظ) علي المحموم فانه يبرأ باذن الله ان شاء الله: «يا نار كوني بردا و سلاما علي ابراهيم». فعلقنا عليه ما ذكر أبومحمد (عليه السلام) فأفاق (2) . و في (كشف الغمة) عن الحسن بن ظريف قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام) أسأله ما معني قول رسول الله (صلي الله عليه و آله) لأميرالمؤمنين (عليه السلام): «من كنت مولاه فهذا مولاه»؟ قال: أراد بذلك أن يجعله علما يعرف به حزب الله عند الفرقة (3) . و في (كشف الغمة) عن الحسن بن ظريف، قال: و كتبت الي أبي محمد - و قد تركت التمتع منذ ثلاثين سنة، و قد نشطت لذلك و كان في الحي امرأة وصفت لي بالجمال، فمال قلبي اليها، و كانت عاهرا لا تمنع يد لامس فكرهتها، ثم قلت: قد قال: «تمتع بالفاجرة، فانك تخرجها من حرام الي حلال». فكتبت الي أبي محمد اشاوره في المتعة، و قلت: أيجوز بعد هذه السنين

ص: 102


1- 181. حمي الربع: أن تأخذ يوما و تدع يومين، و تجيئي في اليوم الرابع. (مجمع البحرين).
2- 182. الكافي ج 1 / 509.
3- 183. كشف الغمة ج 2 / 423.

أن أتمتع؟ فكتب: «انما تحيي سنة، و تميت بدعة، فلا بأس، و اياك و جارتك المعروفة بالعهر (أي الفجور) و ان حدثتك نفسك أن آبائي قالوا: «تمتع بالفاجرة فانك تخرجها من حرام الي حلال» فهذه امرأة معروفة بالهتك، و هي جارة، و أخاف عليك استفاضة الخبر فيها». فتركتها، و لم أتمتع بها، و تمتع بها شاذان بن سعد: رجل من اخواننا و جيراننا، فاشتهر بها، حتي علا أمره، و صار الي السلطان، و اغرم بسببها مالا نفيسا، و أعاذني الله من ذلك ببركة سيدي. (1) .

الحسن بن علي بن النعمان، الأعلم، الكوفي

ثقة، و له كتاب، عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام). و قال النجاشي:... له كتاب نوادر، صحيح الحديث، كثير الفوائد ثقة، ثبت.

الحسن بن محمد بن بابا، القمي

عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام) كان من الغلاة الكذابين. و ذكر العلامة في (الخلاصة) عن بعض كتب الفضل بن شاذان ان من الكذابين المشهورين: ابن بابا القمي.

ص: 103


1- 184. كشف الغمة ج 2 / 423.

الحسن بن محمد بن صالح البزاز

البزاز، يروي عن الامام العسكري (عليه السلام). روي الصدوق في (اكمال الدين) بسنده عن الحسن بن محمد بن صالح البزاز قال: سمعت الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) يقول: «ان ابني هو القائم من بعدي، و هو الذي يجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام) بالتعمير [طول العمر] و الغيبة حتي تقسو القلوب لطول الأمد، فلا يثبت علي القول به الا من كتب الله (عزوجل) في قلبه الايمان، و أيده بروح منه» (1) . أقول: و يأتي بعض ما يتعلق به في ترجمة داود بن القاسم (أبي هاشم الجعفري).

الحسن بن موسي، الخشاب

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و له مؤلفات عديدة. قال النجاشي: الحسن بن موسي الخشاب، من وجوه أصحابنا، مشهور، كثير العلم و الحديث له مصنفات منها: كتاب الرد علي الواقفة، و كتاب النوادر، و قيل: ان له كتاب الحج، و كتاب الأنبياء. و روي عنه جماعة كثيرة من الرواة.

الحسن بن النضر

اشاره

أبوعون، الأبرش، عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

ص: 104


1- 185. اكمال الدين / 524 باب 46 حديث 4.

و هو لا يليق أن يعد من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) مع خبث سريرته، و سوء عقيدته، فقد روي الكشي بسنده عن محمد بن الحسن بن شمون (ميمون) و غيره قال: خرج أبومحمد (عليه السلام) في جنازة أبي الحسن [الهادي] عليه السلام و قميصه مشقوق، فكتب اليه أبوعون الأبرش، قرابة نجاح بن سلمة: «من رأيت أو بلغك من الأئمة شق ثوبه في مثل هذا؟». فكتب اليه أبومحمد (عليه السلام): «يا أحمق! و ما يدريك ما هذا؟ قد شق موسي [بن عمران] علي هارون أخيه». و روي أيضا عن ابراهيم بن الخضيب الأنباري قال: كتب أبوعون الأبرش قرابة نجاح بن سلمة الي أبي محمد (عليه السلام): «ان الناس قد استوحشوا من شقك ثوبك علي أبي الحسن [الهادي] عليه السلام». فقال [الامام]: يا أحمق! ما أنت و ذاك؟ قد شق موسي علي هارون، ان من الناس من يولد مؤمنا و يحيي مؤمنا، و يموت مؤمنا، و منهم من يولد كافرا و يحيي كافرا، و يموت كافرا، و منهم من يولد مؤمنا و يحيي مؤمنا و يموت كافرا، و انك لا تموت حتي تكفر و يتغير عقلك». فما مات حتي حجبه ولده عن الناس، و حبسوه في منزله من ذهاب العقل و كثرة التخلط، و يرد علي أهل الامامة، و نكث عما كان عليه (1) .

كلمة حول شق الجيب

المشهور عند الأطباء القدامي: أن الانسان اذا حدثت له حادثة مؤلمة

ص: 105


1- 186. الكشي ج 2 / 842.

لقلبه، تشتد حرارة قلبه، و لا يكفي الهواء الموجود في الرئتين لتخفيف حرارة القلب، فيضطر الانسان - بفطرته - الي أن يشق جيبه (فتحة الثوب علي الصدر) حتي يصل الهواء الي قلبه من الخارج. ان مصيبة شهادة الامام الهادي (عليه السلام) من حيث الكيفية و الزمان و المكان كانت شديدة التأثير علي قلب الامام العسكري (عليه السلام). فلقد قضي والده نحبه مسموما، و لم يمت حتف أنفه، و في سن الكهولة لا الشيخوخة، و بلاد الغربة المحاطة بالأعداء الألداء، لا في وطنه و مسقط رأسه؛ و كانت حياته مليئة بالمآسي و المكاره، و أنواع الأذي و الاهانة، و انتهت تلك الحياة بدس السم اليه، أفلا تعظم هذه الفاجعة علي قلب الامام العسكري (عليه السلام) بحيث يلتهب قلبه من صدمة الواقعة؟ افلا يحق له أن يشق جيبه من شدة المصيبة؟ و لا ينافي هذا العمل الصبر في المصيبة، و التسليم أمام المقدرات، فان المطلوب من الانسان المفجوع أن لا يتكلم بكلام فيه سخط الله تعالي، و اما اظهار آثار الفاجعة علي النفس فلا مانع منه.

الحسين بن اشكيب، المروزي

عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام) و كان ثقة عالما، فاضلا، جليلا، متكلما، له مؤلفات عديدة، منها: كتاب النوادر، و كتاب الرد علي الزيدية، و قال العلامة: ثقة ثقة، ثبت، متكلم، مصنف الكتب، و له كتب ذكرناها في كتابنا الكبير.

الحسين بن الحسن بن أبان

ذكره الشيخ في أصحاب الأمام العسكري (عليه السلام) و قال: أدركه،

ص: 106

و لم نعلم أنه روي عنه. و وثقه ابن داود في رجاله، و اعتبره بعضهم صحيح الحديث لكونه من مشايخ الاجازة.

الحسين بن غياث

ذكره الحسين بن حمدان الحضيني في (الهداية الكبري) انه ممن خرج الي سر من رأي لتهنئة الامام الحسن العسكري (عليه السلام) بولادة الامام المهدي (عليه السلام).

الحسين بن محمد، الأشعري، القمي

يروي عن الامام الرضا و الامام العسكري و الامام المهدي (عليهم السلام). يقال: انه الحسين بن محمد بن عامر أو عمران بن أبي بكر، من مشايخ الكليني، و هو ثقة.

الحسين بن محمد ابن سعيد

قال الزنجاني في (الجامع): من أصحاب أبي محمد (عليه السلام). و لعله: الهاشمي الذي من مشايخ الصدوق كما في (الأمالي) مجلس 63.

الحسين بن مسعود

في (الجامع) من أصحاب أبي محمد (عليه السلام) حديثه جيد مقرون.

ص: 107

حفص بن عمرو

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و قد اختلفت كلمات علماء الرجال حول لقب حفص بالعمري، و من هو المقصود بالعمري؟ و لا داعي لنقل تلك الأقوال، و هي مذكورة في ترجمة الرجل في كتب الرجال و التراجم.

السيدة حكيمة

اشاره

بنت الامام الجواد. و اخت الامام الهادي، و عمة الامام العسكري (عليهم السلام). لقد ذكرنا شيئا يسيرا من ترجمة حياتها في كل من كتاب (الامام الجواد و الامام الهادي و الامام المهدي) (عليهم السلام). قال الشيخ المجلسي (رحمه الله) في (مزار البحار): «ان في القبة الشريفة (يعني قبة العسكري (عليه السلام) قبرا منسوبا الي الكريمة النجيبة العالمة الفاضلة، التقية الرضية: حكيمة بنت أبي جعفر (عليه السلام) و ما أدري لماذا لم يتعرضوا لزيارتها مع ظهور فضلها و جلالتها؟ و أنها كانت مخصوصة بالأئمة (عليهم السلام) و مودعة أسرارهم؟ و كانت ام القائم [المهدي] عندها، و كانت حاضرة عند ولادته [المهدي] و كانت تراه حينا بعد حين، في حياة أبي محمد العسكري (عليه السلام) و كانت من السفراء و الأبواب بعد وفاته... الي آخر كلامه. (1) . أقول: ان السيدة حكيمة مطوقة بهالات من الشرف و محاطة بأنواع من

ص: 108


1- 187. بحارالأنوار ج 102 / 79.

السعادة، حسبا و نسبا، و الحظ العظيم من التوفيق و الكرامة. فهي التي حضرت ولادة الامام المهدي (عليه السلام) و شاهدت الامور العجيبة. و ننقل - هنا - ما ذكرناه في كتاب (الامام المهدي من المهد الي الظهور) لئلا يخلو - هذا الكتاب - من هذا البحث الشريف:

ص: 109

ميلاد الامام المهدي

روي الشيخ الصدوق في (اكمال الدين) باسناده: عن حكيمة (بنت الامام الجواد عليه السلام) قالت: بعث الي أبومحمد الحسن بن علي (عليهماالسلام) فقال: يا عمة اجعلي افطارك الليلة عندنا، فانها ليلة النصف من شعبان، و ان الله تبارك و تعالي سيظهر في هذه الليلة الحجة، و هو حجته في أرضه، و في رواية: فانه سيولد - الليلة - المولود الكريم علي الله عزوجل، الذي يحيي الله (عزوجل) به الأرض بعد موتها. قالت (حكيمة): فقلت: و من أمه؟ قال لي: نرجس. قلت له: جعلني الله فداك ما بها أثر (1) ؟. فقال: هو ما أقول لك. قالت: فجئت فلما سلمت و جلست جاءت (نرجس) تنزع خفي (2) و قالت لي: يا سيدتي و سيدة أهلي كيف أمسيت؟ (3) .

ص: 110


1- 188. أي: ما بها أثر من الحمل، لأن الله تعالي أخفي فيها أثر الحمل، كما صرحت بذلك الأحاديث، كما أخفي الله ذلك في أم النبي موسي (عليه السلام) و لم يظهر عليها أثر الحمل و لم يعلم بها أحد الي وقت ولادتها، لأن فرعون كان يشق بطون النساء الحبالي في طلب موسي.
2- 189. كانت العادة المتعارفة في ذلك الزمان أن صاحبة البيت كانت تنزع خف المرأة الزائرة التي جاءت الي بيتها احتراما و اكراما و تقديرا لها.
3- 190. كلمة «كيف أصبحت» أو «كيف امسيت» كانت تستعمل في ذلك الزمان مكان كلمة «كيف حالك» في زماننا.

فقلت: بل أنت سيدتي و سيدة أهلي. فأنكرت قولي و قالت: ما هذا يا عمة؟ (1) و في رواية أخري: فجاءتني نرجس تخلع خفي، فقالت: يا مولاتي ناوليني خفك، فقلت: بل أنت سيدتي و مولاتي، و الله لا أدفع اليك خفي لتخلعيه، و لا لتخدميني، بل أنا أخدمك، علي بصري (2) فسمع أبومحمد (عليه السلام) ذلك، فقال: جزاك الله - يا عمة - خيرا. قالت حكيمة: فقلت لها: يا بنية ان الله سيهب لك - في ليلتك هذه - غلاما سيدا في الدنيا و الآخرة. فجلست (نرجس) و استحيت، فلما أن فرغت من صلاة العشاء أفطرت و أخذت مضجعي فرقدت، فلما كان في جوف الليل قمت الي الصلاة، ففرغت من صلاتي و هي (أي: نرجس) نائمة ليس بها حادث، ثم جلست معقبة (3) ، ثم اضطجعت، ثم انتبهت فزعة و هي راقدة، ثم قامت فصلت. فدخلتني الشكوك، فصاح بي أبومحمد (عليه السلام) من المجلس (أي: من حجرته التي كان جالسا فيها): لا تعجلي يا عمة فان الأمر قد قرب. و في رواية: فوثبت سوسن (أي: نرجس) فزعة، و خرجت و أسبغت الوضوء، ثم عادت فصلت صلاة الليل حتي بلغت الوتر (4) فوقع في قلبي أن الفجر قد قرب، فقمت لأنظر، فاذا بالفجر الأول قد طلع (5) فتداخل قلبي الشك

ص: 111


1- 191. «فأنكرت»: أي تعجبت من قولي لها: «بل أنت سيدتي و سيدة أهلي» أي: كيف يسوغ للسيدة حكيمة و هي بنت الامام و أخت الامام و عمة الامام أن تخاطب جارية بهذه الكلمات؟. و أما قول نرجس: «يا عمة» فهو باعتبار أن السيدة حكيمة عمة زوجها، فكما كان الامام العسكري يخاطبها «يا عمة» كذلك خاطبتها نرجس بكلمة «يا عمة».
2- 192. قولها: «علي بصري» كالقول المتعارف في هذا الزمان (علي عيني).
3- 193. معقبة: أي مشتغله بتعقيبات الصلاة كالأدعية و الأوراد و تلاوة القرآن و غيرها.
4- 194. الوتر: آخر ركعة من صلاة الليل.
5- 195. الفجر الأول: هو البياض «الضوء» الذي يظهر في الأفق - في جانب المشرق - ثم يزول و يأتي مكانه الظلام، و يعبر عنه أيضا ب «الفجر الكاذب».

من وعد أبي محمد (عليه السلام) (1) فناداني من حجرته: لا تشكي. فاستحييت من أبي محمد و مما وقع في قلبي، و رجعت الي البيت (2) و أنا خجلة، فاذا هي (أي: نرجس) قد قطعت الصلاة، و خرجت فزعة، فلقيتها علي باب البيت، فقلت لها: هل تحسين شيئا مما قلت لك؟. قالت: نعم يا عمة (3) اني أجد أمرا شديداً. قلت: اسم الله عليك، اجمعي نفسك، و اجمعي قلبك فهو ما قلت لك، لا خوف عليك انشاء الله، فأخدت و سادة فالقيتها في وسط البيت، و أجلستها عليها، و جلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة، فقبضت علي كفي و غمزت غمزا شديدا (4) ثم أنت أنة (5) و تشهدت، فصاح بي أبومحمد (عليه السلام) و قال: اقرئي عليها: (انا أنزلناه في ليلة القدر) (6) فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ كما أقرأ، ففزعت لما سمعت، فصاح بي أبومحمد (عليه السلام): لا تعجبي من أمر الله (عزوجل) ان الله (تبارك و تعالي) ينطقنا بالحكمة صغارا، و يجعلنا حجة في أرضه كبارا، فلم يستتم الكلام حتي غيبت عني نرجس، فلم أرها، كأنه ضرب بيني و بينها حجاب

ص: 112


1- 196. كان سبب الشك أن الامام العسكري (عليه السلام) كان قد أخبرها بأن المولود يولد ليلا، و كانت تلك الليلة علي و شك الانتهاء، و قد قرب طلوع الفجر، و المولود لم يكن يولد بعد، و لهذا صاح بها الامام - من حجرته حتي تسمع صوته - و نهاها عن الشك.
2- 197. البيت: أي الحجرة.. و كذا فيما يأتي، فان المراد من «اليبت»: الحجرة... لا الدار المستقلة.
3- 198. حيث أن السيدة حكيمة كانت عمة الامام العسكري (عليه السلام) و كان الامام يخاطبها «يا عمة» كذلك خاطبتها نرجس مجازا.. لا حقيقة.
4- 199. غمزت: أي كبست و عصرت يدي عصرا شديدا.
5- 200. «أنت أنة» الأنين: الصوت من ألم أو مرض.
6- 201. و في رواية: أمرها أن تقرأ سورة الدخان التي أولها: (بسم الله الرحمن الرحيم حم و الكتاب المبين انا أنزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم) و لا يخفي ما في هذه الآيات من التناسب بينها و بين الولادة أو المولود.

(و في رواية: ثم أخذتني فترة، و أخذتها فترة) (1) فعدوت نحو أبي محمد (عليه السلام) و أنا صارخة، فقال لي: ارجعي يا عمة، فانك ستجدينها في مكانها. فرجعت فلم ألبث أن كشف الحجاب الذي كان بيني و بينها، و اذ أنا بها و عليها من أثر النور ما غشي بصري، و اذا أنا بولي الله (صلوات الله عليه) متلقيا الأرض بمساجده (2) - و علي ذراعه الأيمن مكتوب: (جاء الحق و زهق الباطل، ان الباطل كان زهوقا) (3) - و هو (أي الامام حال كونه ساجدا) يقول: «أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، و أن جدي محمدا رسول الله، و أن أبي أميرالمؤمنين ولي الله» ثم عد الأئمة اماما اماما الي أن بلغ الي نفسه، ثم قال: «اللهم أنجز لي ما وعدتني، و أتمم لي أمري، و ثبت وطأتي (4) و املأ الأرض بي عدلا و قسطا» ثم رفع رأسه - من الأرض - و هو يقول: (شهد الله أنه لا اله الا هو و الملائكة و أولوا العلم، قائما بالقسط، لا اله الا هو العزيز الحكيم. ان الدين عند الله الاسلام) (5) ثم عطس فقال: «الحمدلله رب العالمين، و صلي الله علي محمد و آله، زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة (6) لو أذن لنا في الكلام لزال الشك.

ص: 113


1- 202. سنذكر معني كلمة «فترة» بعد انتهاء حديث ولادة الامام (عليه السلام).
2- 203. أي قد وضع مواضع السجود السبعة علي الأرض.
3- 204. سورة الاسراء 17: 81.
4- 205. «و ثبت وطأتي»: يقال: وطأه برجله: أي داسه، فالوطي ء: هو الدوس بالقدم. و يعبر عن الغزو و الغلبة و القتل ب «الوطي ء» لأن من يطأ علي الشي ء برجله فقد استقصي في هلاكه و اهانته، فيكون معني «ثبت وطأتي»: أي ثبت و أحكم ما وعدتني من محاربة المخالفين و استئصالهم، و سهل لي ذلك.
5- 206. سورة آل عمران 3: 18 - 19.
6- 207. داحضة: أي زائلة و باطلة. و ذلك لأن أعداء الأئمة الطاهرين كانوا يظنون أن الامام الحسن العسكري (عليه السلام) لا عقب له، و كانوا يقولون: ان العسكري يموت و تنتهي سلسلة «أئمة أهل البيت»، زاعمين أن بموته تنقطع حجة الله علي الأرض، دون أن يعلموا أن له ولدا هو الأمام المهدي (عليه السلام) ولكن الله تعالي لم يأذن له بالاعلان عن نفسه حتي يعلم الجميع أن الامامة مستمرة من خلاله، ولو أذن الله له بالاعلان عن نفسه لزال الشك في انقطاع سلسلة الأئمة الطاهرين (عليهم السلام). و لعل المقصود ب «حجة الله داحضة» ان الامامة منقطعة، و لا ولد للامام الحسن العسكري (عليه السلام) و «لو أذن لنا» بالظهور بين الناس لزال الشك.

قال حكيمة: فأخذت بكتفيه فضممته الي، و أجلسته في حجري، فاذا هو نظيف منظف، فصاح بي أبومحمد (عليه السلام): هلمي الي بابني يا عمه، فجئت به اليه، فأجلسه علي راحته اليسري، و جعل راحته اليمني علي ظهره، ثم أدخل - الامام العسكري - لسانه في فيه، و أمر يده علي رأسه و عينيه و سمعه و مفاصله، ثم قال له: تكلم يا بني!! (و في رواية: يا بني انطق بقدرة الله تكلم يا حجة الله و بقية الأنبياء، و خاتم الأوصياء، تكلم يا خليفة الأتقياء.. فتشهد الشهادتين و صلي علي النبي و الأئمة الطاهرين واحدا واحدا، ثم سكت بعد وصوله الي اسم أبيه، ثم استعاذ من الشيطان الرجيم و تلي هذا الآية: (بسم الله الرحمن الرحيم، و نريد أن نمن علي الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين، و نمكن لهم في الأرض و نري فرعون و هامان و جنودهما منهم ما كانوا يحذرون) (1) . فناولنيه أبومحمد (عليه السلام) و قال: يا عمة رديه الي أمه كي تقر عينها و لا تحزن و لتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثر الناس لا يعلمون. فرددته الي أمه، و قد انفجر الفجر الثاني (2) فصليت الفريضة، ثم ودعت أبامحمد و انصرفت (3) .

ص: 114


1- 208. سورة القصص 28: 5 - 6.
2- 209. الفجر الثاني: و يعبر عنه ب «الفجر الصادق»: - هو البياض «الضوء» الذي يظهر في عرض الأفق - في جانب المشرق - و يمتد و ينتشر حتي يعم السماء كلها، و هو علامة دخول وقت صلاة الصبح.
3- 210. لقد نقلنا كيفية ولادة الامام المهدي (عليه السلام) من روايات متعددة و من عدة مصادر مع رعاية الترابط و التناسق، و كان من بين المصادر: كتاب (اكمال الدين) للشيخ الصدوق / 424 - 433. طبع ايران 1395. ه. و كتاب (بحارالأنوار) للشيخ المجلسي ج 51 ص 13 - 28 من الطبعة الحدبثة، طبع ايران 1393 ه.

أقول: ليس في هذا شي ء من الغلو أو الخرافة، و ليس الامام المهدي (عليه السلام) هو الطفل الأول - في العالم - الذي تكلم فبيل ولادته أو بعدها مباشرة، بل تجد القرآن الكريم يصرح بأن عيسي بن مريم تكلم يوم ولادته... بل ساعة ولادته (بناءا علي بعض الروايات) فقد ذكر بعض المفسرين - في تفسير قوله تعالي: (فناداها من تحتها أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا، و هزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا، فكلي و اشربي و قري عينا، فاما ترين من البشر أحدا فقولي اني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم انسيا) (1) أن هذا كله: كلام عيسي ساعة انفصاله عن بطن أمه، كما روي ذلك عن مجاهد، و سعيد بن جبير، و الحسن، و وهب بن منبه، و ابن جرير، و ابن زيد، و الجبائي (2) و في رواية: ناداها جبرئيل. و ان كان - هناك - اختلاف - في المنادي - في قوله تعالي: (فناداها) أنه هل هو عيسي أو جبرئيل - فلا خلاف و لا اختلاف في كلام عيسي لليهود - حين قالوا: كيف نكلم من كان في المهد صبيا -؟ «قال: اني عبدالله، آتاني الكتاب، و جعلني نبيا، و جعلني مباركا أينما كنت، و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيا...» أنه كلام عيسي (عليه السلام). قد يقال: ان هذه معجزة أوجدها الله تعالي لعيسي بن مريم تثبيتا لنبوته. و نحن نقول: ان هذه معجزة أوجدها الله سبحانه للامام المهدي تثبيتا لامامته، و هو (عليه السلام) امام عيسي بن مريم في الصلاة. و قد تكررت هذه الظاهرة في آل البيت النبوي، و قد ذكرنا في كتاب (فاطمة الزهراء من المهد الي اللحد) حديثا مرويا عن الدهلوي الحنفي في كتاب

ص: 115


1- 211. سورة مريم 19: 24 - 26. أما الآيات التي بعدها فهي كالتالي: (فأتت به قومها تحمله، قالوا: يا مريم لقد جئت شيئا فريا!! يا أخت هارون ما كان أبوك أرا سوء و ما كانت أمك بغيا!! فأشارت اليه، قالوا: كيف نكلم من كان في المهد صبيا؟ قال: اني عبدالله...) الي آخر الآيات» سورة مريم 19: 26 - 30.
2- 212. مجمع البيان للطبرسي في تفسير الآية، تفسير التبيان للشيخ الطوسي، أيضا في تفسير الآية.

(تجهيز الجيش) عن كتاب (مدح الخلفاء الراشدين): «أنه لما حملت خديجة بفاطمة كانت تكلمها ما في بطنها» و حديثا آخر مرويا عن شعيب بن سعد المصري في كتابه (الروض الفائق): «... قالت خديجة: و اخيبة من كذب محمدا و هو رسول ربي. فنادت فاطمة - من بطنها - يا أماه لا تحزني و لا ترهبي فان الله مع أبي (1) . و الآن نعود الي ولادة الامام المهدي (عليه السلام). لقد ولد الامام في جو من الكتمان و الخفاء، في وقت السحر من ليلة النصف من شهر شعبان، قبيل الفجر، في تلك اللحظات التي كان جبابرة بني العباس و أتباعهم في نوم عميق، كعادتهم في كل ليلة. تلك اللحظات التي كان البيت العلوي الطاهر (و أخص بيت الامام العسكري) عامرا بأصوات الدعاء و الابتهال و الصلاة و تلاوة القرآن. ما أشرف تلك اللحظة من سحر ليلة الجمعة النصف من شعبان!! و ما أسعد تلك الليلة التي لا يولد فيها مولود الا كان مؤمنا، و ان ولد في أرض الشرك نقله الله الي الايمان ببركة الامام المهدي (عليه السلام)!! (2) و ما أنسب ذلك الوقت لولادة الامام حيث روعيت فيه جوانب الحكمة كلها!

ص: 116


1- 213. و قد روي الحافظ محب الدين احمد الطبري الشافعي - في كتابه (ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي) ص 45، طبع مصر سنة 1356 - حديثا عن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) أن السيدة فاطمة (عليهاالسلام) كانت تكلم أمها و هي في بطنها.
2- 214. نقل الشيخ المجلسي في كتابه (بحارالأنوار) ما نصه: «نقل من خط الشهيد عن الصادق (عليه السلام) قال: ان الليلة التي يولد فيها القائم (عليه السلام) لا يولد فيها مولود الا كان مؤمنا، و ان ولد في أرض الشرك نقله الله الي الايمان ببركة الامام عليه السلام» راجع (بحارالأنوار) ج 51 ص 28 من الطبعة الحديثة في ايران سنة 1393 ه. أقول: من المحتمل أن يكون المقصود: هم الذين ولدوا في نفس الليلة التي ولد فيها الامام المهدي (عليه السلام) من نفس السنة (أي: سنة 256 هجرية). و يمكن أن يكون ذلك في كل سنة، و علي هذا فيمكن أن يكون المقصود: هم الذين تولدوا من آباء مسلمين. و الله العالم.

و قد حضرت السيدة حكيمة ولادة الامام (عليه السلام) و شاهدت المراحل كلها في تلك الليلة، و من الطبيعي أن الولادة انما تثبت بشهادة نساء الاسرة أو القابلة المولدة، و السيدة حكيمة: هي بنت الامام و أخت الامام و عمة الامام (1) و هل كانت - في ذلك العصر - امرأة أصدق منها قولا؟ و أوثق منها كلاما؟ و أطهر منها لسانا؟ و أكثر منها اطمئنانا؟ و هي السيدة الشريفة العابدة المتهجدة الصالحة، فمن أين يأتي الشك في صدق كلامها؟ و صحة حديثها؟. ان بعض المنحرفين عن الحق، المعاندين للصواب يشك أو يشكك في ولادة الامام المهدي (عليه السلام) و يقول: ان مصدر هذا الخبر هي السيدة حكيمة، فكيف يثبت هذا الأمر بشهادة امرأة!!. ان هذا المعاند قد ضرب الرقم القياسي في الحمق و الجهل، فكأنه يتوقع أن يولد الامام المهدي (عليه السلام) في ساحة من الساحات المزدحمة بالناس، أو في مسجد غاص بالمصلين، أو في مكان آخر يكثر فيه المتفرجون، و تقع ولادة الامام المهدي (عليه السلام) بمرأي من الجماهير المتجمهرة، و السيل البشري حتي تثبت ولادته (عليه السلام) عند هذا الأعوج!!. قبحا لهذه النفسية القذرة، و تعسا لهذه العقلية السافلة الساقطة، و لعنة التاريخ علي هذا المستوي النازل المنحط، و علي كل معقد بعقدة الحقارة الجهنمية. هذا.. بالاضافة الي أن شهادة السيدة حكيمة بولادة الامام المهدي (عليه السلام) ليست الدليل الأول و الاخير، فالامام الحسن العسكري (عليه السلام) لم يتهاون في اعلام الشيعة بودلادة ابنه الامام المهدي، رغم الظروف القاسية، و عدم توفر الامكانيات الاعلامية، و كثرة الموانع.

ص: 117


1- 215. السيدة حكيمة: هي بنت الامام التاسع محمد الجواد (عليه السلام) و أخت الامام العاشر علي الهادي (عليه السلام) و عمة الامام الحادي عشر أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام).

أما كلمة «الفترة» التي ذكرتها السيدة حكيمة، أو كلمة «السبات» و أمثالها، فهي تشير الي حالة نفسية تعرض نادرا لبعض الأفراد، في حالات خاصة، و لحظات محدودة. و هي حالة تشبه فقدان الوعي بصورة سريعة، و في مدة قصيرة، تتعطل خلالها المشاعر، و يتصور الانسان أنه علي و شك الاغماء، فيحاول أن يتغلب علي تلك الحالة، و يحافظ علي مشاعره، كالانسان الذي يغلب عليه النوم و هو يحاول أن لا ينام. و هذه الحالة - التي يعجز القلم عن وصفها - تعتري الانسان في حالة التوجه القوي الي الله تعالي، أو في حالة الاتصال بعالم الأرواح أو الروحانيات. و انما يفهم هذا الكلام أهل المعني الروحيون الذين تكثر اتصالاتهم بعوالم ماوراء الطبيعة. استولت حالة «الفترة» أو «السبات» علي السيدة حكيمة في اللحظات و الثواني التي سبقت ولادة الامام المهدي (عليه السلام) و انفصاله عن بطن أمه، و شعرت السيدة نرجس بنفس الحالة، في نفس تلك اللحظات. و من الواضح أن لحظة ولادة الامام المهدي (عليه السلام) وانتقاله الي هذا العالم، لحظة رهيبة، تتجلي فيه القدسية و النورانية و الروحانية، و يغشي النور الباهر القوي السيدة نرجس، بحيث لا يمكن رؤيتها في تلك اللحظة، لأنها مغمورة بنور لا يشبه أنوار الدنيا، و لم تستطع أن تراها السيدة حكيمة لهذا السبب. و من الطبيعي أن هذه الحالة تورث في الانسان الذعر و الذهول و الدهشة، فلا عجب اذا خرجت السيدة حكيمة و هي صارخة، من جراء حالتها النفسية المريعة، و لفقدان السيدة نرجس.

حمدان بن سليمان، النيشابوري

يكني أباسعيد و أباالخير، عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام

ص: 118

العسكري (عليهماالسلام) له كتاب.

حمزة ابن أبي الفتح

روي الشيخ الصدوق بسنده عن الحسن بن المنذر عن حمزة ابن أبي الفتح قال: جاءني يوما فقال لي: البشارة! ولد البارحة مولود لأبي محمد (عليه السلام) و أمر بكتمانه، و أمر أن يعق عنه ثلاثمائة شاة. قلت: و ما اسمه؟ قال: سمي بمحمد، و كني بجعفر. (1) . أقول: ان كنية الامام المهدي (عليه السلام) هو أبوجعفر و قد ذكرنا ذلك في كتاب (الامام المهدي من المهد الي الظهور).

حمزة بن محمد

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و كان من أصحاب الامام الهادي (عليه السلام) أيضا، و روي الشيخ الصدوق في (من لا يحضره الفقيه) و الكليني في (الكافي): كتاب حمزة بن محمد الي أبي محمد (العسكري) (عليه السلام): لم فرض الله الصوم؟ فورد في الجواب: ليجد الغني مس (مضض خ ل) الجوع، فيمن (فيحن. أو يحنو خ ل) علي الفقير (2) .

ص: 119


1- 216. اكمال الدين / 432 باب 42 حديث 11.
2- 217. الكافي: ج 4 / 181، ح 6.

حمزة ابن نصر

روي الشيخ الطوسي في (الغيبة): و روي محمد بن علي الشلمغاني في كتاب (الأوصياء). قال: حدثني حمزة ابن نصر - غلام أبي الحسن [الهادي] عليه السلام - عن أبيه، قال: لما ولد السيد [الامام المهدي] عليه السلام تباشر أهل الدار بذلك، فلما نشأ خرج الي الأمر: أن ابتاع كل يوم - مع اللحم - قصب مخ، و قيل: ان هذا لمولانا الصغير [الامام المهدي] عليه السلام. (1) . أقول: المقصود من قصب مخ هو عظم الغنم أو البقر، يطبخ و يكسر لاستخراج اللب منه للأكل.

حيان بن حيان

عده في (الجامع) من أصحاب الامام أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام).

حرف الدال

داود بن أبي زيد

النيسابوري، يكني أباسليمان، عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي

ص: 120


1- 218. غيبة الطوسي / 148.

و الامام العسكري (عليهماالسلام) كان من أهل نيسابور، و كان صادق اللهجة من أهل الدين.

داود بن الأسود

في (المناقب) عن أبي هاشم الجعفري عن داود بن الأسود (و قاد حمام أبي محمد عليه السلام) قال: دعاني سيدي أبومحمد. فدفع الي خشبة كأنها رجل باب، مدورة طويلة، ملاء الكف، فقال: صر بهذه الخشبة الي العمري. فمضيت، فلما صرت الي بعض الطريق عرض لي سقاء معه بغل، فزاحمني البغل علي الطريق، فناداني السقاء: «ضح عن البغل» (1) . فرفعت الخشبة التي كانت معي فضربت بها البغل، فانشقت [الخشبة] فنظرت الي كسرها، فاذا فيها كتب، فبادرت سريعا، فرددت الخشبة الي كمي، فجعل السقاء يناديني و يشتمني و يشتم صاحبي؛ فلما دنوت من الدار راجعا استقبلني عيسي الخادم عند الباب الثاني فقال: يقول لك مولاي - أعزه الله -: «لم ضربت البغل، و كسرت رجل الباب؟». فقلت له: يا سيدي! لم أعلم ما في رجل الباب. فقال: «و لم احتجت أن تعمل عملا تحتاج الي أن تعتذر منه؟ اياك بعدها أن تعود الي مثلها؛ و اذا سمعت لنا شاتما فامض لسبيلك التي امرت بها، و أياك أن تجاوب من يشتمنا أو تعرفه من أنت، فاننا ببلد سوء، و مصر سوء؛ و امض في طريقك، فان أخبارك ترد الينا، فأعلم ذلك» (2) .

ص: 121


1- 219. ضح: تنح.
2- 220. مناقب بن شهرآشوب ج 4 / 427.

داود بن عامر، الأشعري

قمي، عده الشيخ و البرقي من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

داود بن القاسم (أبوهاشم الجعفري)

كان من أصحاب الامام الرضا و الامام الجواد و الامام الهادي و الامام العسكري و صاحب الأمر (عليهم السلام) و قد ذكرناه في كتاب (الامام الجواد) و (الامام الهادي). كان من أهل بغداد، و كان جليل القدر، عظيم المنزلة عند الأئمة (عليهم السلام) و يروي عن الأئمة الذين عاصرهم أحاديث و كرامات و معاجز كثيرة. و في التهذيب: بسنده عن أبي هاشم الجعفري قال: قال لي أبومحمد: الحسن بن علي (العسكري) عليه السلام: قبري بسر من رأي أمان لأهل الجانبين (1) . و في (الكافي) بسنده عن ابي هاشم الجعفري قال: قلت لأبي محمد [الحسن] (عليه السلام): جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سل، قلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم، فقلت: فان حدث بك حدث فأين أسأل عنه؟ قال: بالمدينة (2) . و في (الكافي) أيضا بسنده عن أبي هاشم الجعفري قال: شكوت الي أبي محمد (عليه السلام) الحاجة، فحك بسوطه الأرض، قال: و أحسبه غطاه بمنديل، و أخرج خمسمائة دينار فقال: يا اباهاشم خذ، و اعذرنا (3) .

ص: 122


1- 221. التهذيب ج 6 / 93 حدث 176.
2- 222. الكافي ج 1 / 328.
3- 223. الكافي ج 1 / 507.

و في (الكافي) أيضا: عن اسحاق قال: حدثني أبوهاشم الجعفري قال: شكوت الي أبي محمد ضيق الحبس، و كتل القيد (1) فكتب الي: أنت تصلي اليوم الظهر في منزلك. فاخرجت وقت الظهر، فصليت في منزلي كما قال (عليه السلام)؛ و كنت مضيقا فأردت أن أطلب منه دنانير في الكتاب، فاستحييت، فلما صرت الي منزلي وجه الي بمائة دينار، و كتب الي: اذا كانت لك حاجة فلا تستحي و لا تحتشم، و اطلبها، فانك تري ما تحب ان شاء الله (2) . و أما أحاديثه عن الامام العسكري (عليه السلام) فقد روي في الكافي بسنده عن أبي هاشم الجعفري قال: دخلت علي أبي محمد (العسكري) يوما، و أنا اريد أن أسأله ما أصوغ به خاتما أتبرك به، فجلست، و انسيت ما جئت له؛ فلما ودعت و نهضت، رمي الي بالخاتم، فقال: أردت فضة فأعطيناك خاتما، ربحت الفص و الكرا (أي اجرة الصائغ). هناك الله يا اباهاشم، فقلت: يا سيدي، أشهد أنك ولي الله و امامي الذي أدين الله بطاعته. فقال: غفر الله لك يا اباهاشم (3) . و في الكافي أيضا: بسنده عن اسحاق بن محمد النخعي عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: كنت عند أبي محمد (العسكري) عليه السلام، فاستؤذن لرجل - من أهل اليمن - عليه، فدخل رجل عبل (أي ضخم) طويل، جسيم، فسلم عليه بالولاية (أي قال: السلام عليك يا ولي الله) أو (السلام عليك يا مولاي) فرد عليه بالقبول، و أمره بالجلوس، فجلس ملاصقا لي. فقلت - في نفسي -: ليت شعري من هذا؟ فقال أبومحمد (عليه السلام): هذا من ولد الأعرابية، صاحبة الحصاة التي طبع آبائي (عليهم السلام) فيها بخواتيمهم فانطبعت، و قد جاء بها، معه، يريد أن أطبع فيها؛

ص: 123


1- 224. و في نسخة (كلب القيد) و هو مسماره الذي يشد به.
2- 225. الكافي ج 1 / 508.
3- 226. الكافي ج 1 / 512.

ثم قال: هاتها. فأخرج حصاة، و في جانب منها موضع أملس، فأخذها أبومحمد (عليه السلام) ثم أخرج خاتمه، فطبع فيها فانطبع، فكأني اري نقش خاتمه الساعة: «الحسن بن علي». فقلت - لليماني -: رأيته قبل هذا قط؟ قال: لا والله، و اني لمنذ دهر حريص علي رؤيته، حتي كأن الساعة أتاني شاب لست أراه فقال لي: قم فادخل. فدخلت؛ ثم نهض اليماني، و هو يقول: «رحمة الله و بركاته عليكم أهل البيت، ذرية بعضها من بعض، أشهد بالله أن حقك لواجب كوجوب حق أميرالمؤمنين (عليه السلام) و الأئمة من بعده، صلوات الله عليهم أجمعين» (1) . ثم مضي، فلم أره بعد ذلك. قال: اسحاق: قال أبوهاشم الجعفري: و سألته عن اسمه؟ فقال: اسمي: مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أم غانم، و هي الأعرابية اليمانية، صاحبة الحصاة التي طبع فيها أميرالمؤمنين (عليه السلام) و السبط، الي وقت أبي الحسن (أي الامام الهادي) عليه السلام (2) . و في اعلام الوري: و قال ابوهاشم الجعفري في ذلك: بدرب الحصا مولي لنا يختم الحصي له الله أصفي بالدليل و أخلصا و أعطاه آيات الامامة كلها كموسي، و فلق البحر و اليد و العصا و ما قمص الله النبيين حجة و معجزة، الا الوصيين قمصا

ص: 124


1- 227. و في (اعلام الوري): و اليك انتهت الحكمة و الامامة، و انك ولي الله الذي لا عذر لأحد في الجهل به.
2- 228. الكافي ج 1 / 347.

فمن كان مرتابا بذاك فقصره من الأمر: أن يتلو الدليل و يفحصا قال أبوعبدالله بن عياش: هذه ام غانم صاحبة الحصاة غير تلك صاحبة الحصاة، و هي ام الندي، حبابة بنت جعفر الوالبية الأسدية، و هي غير صاحبة الحصاة الاولي التي طبع فيها رسول الله (صلي الله عليه و آله) و أميرالمؤمنين، فانها ام سليم، و كانت وارثة الكتب، فهن ثلاث، و لكل واحدة منهن خبر، قد رويته و لم اطل الكتاب بذكره (1) . و عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي محمد (عليه السلام) فقال: «اذا قام القائم [الامام المهدي] أمر بهدم المنائر و المقاصير التي في المساجد» فقلت: - في نفسي -: لأي معني هذا؟ فأقبل علي فقال: «معني هذا أنها محدثة مبتدعة لم يبنها نبي و لا حجة [امام]». (2) . و عن ابي هاشم الجعفري أيضا قال: سمعت أبامحمد (عليه السلام) يقول: «من الذنوب التي لا تغفر: قول الرجل: «ليتني لا اؤاخذ الا بهذا». فقلت - في نفسي -: ان هذا لهو الدقيق (3) و قد ينبغي للرجل أن يتفقد من نفسه كل شي ء. فأقبل علي فقال: صدقت - يا أباهاشم - الزم ما حدثتك نفسك، فان الاشراك - في الناس - أخفي من دبيب النمل علي الصفاء (4) في الليلة الظلماء، و من دبيب الذر علي المسح الأسود (5) (6) .

ص: 125


1- 229. اعلام الوري للطبرسي / 302.
2- 230. غيبة الطوسي / 123.
3- 231. لعل المقصود من الدقيق - هنا -: الشي ء الخفي الذي لا يكاد يفهمه الأذكياء، أو التدقيق في المحاسبة.
4- 232. الصفاء: الحجر الأملس.
5- 233. المسح - بكسر الميم -: كساء معروف.
6- 234. غيبة الطوسي / 123.

و عن أبي هاشم الجعفري أيضا قال: سمعت أبامحمد يقول: «ان في الجنة لبابا يقال له: (المعروف) لا يدخله الا أهل المعروف». فحمدت الله - في نفسي - و فرحت بما أتكلفه من حوائج الناس: فنظر الي أبومحمد و قال:. «نعم، فدم (1) علي ما أنت عليه، فان أهل المعروف - في الدنيا - هم أهل المعروف في الآخرة، جعلك الله منهم - يا اباهاشم - و رحمك» (2) . و عن أبي هاشم أيضا قال: سمعت أبامحمد يقول: «بسم الله الرحمن الرحيم: أقرب الي اسم الله الأعظم من سواد العين الي بياضها» (3) . و عن أبي هاشم أيضا: سئل أبومحمد: ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهما واحدا [في الارث] و يأخذ الرجل سهمين؟ فقال: «ان المرأة ليست عليها جهاد و لا نفقة، و لا عليها معقلة (4) انما ذلك علي الرجل». فقلت - في نفسي -: قد كان قيل لي: ان ابن أبي العوجاء سأل أباعبدالله [الصادق] عن هذه المسألة، فأجابه بهذا الجواب. فأقبل - أبومحمد - علي فقال: «نعم، هذه مسألة ابن أبي العوجاء، و الجواب منا واحد، اذا كان معني المسألة واحدا، جري لآخرنا ما جري لأولنا، و أولنا و آخرنا في العلم سواء، و لرسول الله (عليه و آله السلام) و لأميرالمؤمنين فضلهما» (5) . و عن أبي هاشم الجعفري قال: كتب بعض مواليه [الامام العسكري]

ص: 126


1- 235. أمره بالمداومة.
2- 236. كشف الغمة ج 2 / 420.
3- 237. كشف الغمة ج 2 / 420.
4- 238. المعقلة و العقل: دية المقتول خطأ و العاقلة هم أقارب القاتل عن طريق أبيه كالاخوة و الأعمام و أولادهم، و هم يتحملون دية المقتول خطا عن القاتل.
5- 239. كشف الغمة ج 2 / 421 و (اعلام الوري) 355.

يسأله أن يعلمه دعاء فكتب اليه: ادغ بهذا الدعاء: «يا أسمع السامعين، و يا أبصر المبصرين، و يا عز الناظرين، و يا أسرع الحاسبين و يا أرحم الراحمين، و يا أحكم الحاكمين، صل علي محمد و ال محمد، و أوسع لي في رزقي، و مد لي في عمري، و امنن علي برحمتك، و اجعلني ممن تنتصر به لدينك، و لا تستبدل بي غيري». قال أبوهاشم: فقلت - في نفسي -: اللهم اجعلني في حزبك و في زمرتك. فأقبل علي أبومحمد فقال: «أنت في حزبه و في زمرته، اذ كنت بالله مؤمنا و لرسوله مصدقا، و لأوليائه عارفا، و لهم تابعا، فابشر ثم ابشر» (1) . و قال أبوهاشم: سمعت أبامحمد يقول: «ان لكلام الله فضلا علي الكلام كفضل الله علي خلقه، و لكلامنا فضل علي كلام الناس كفضلنا عليهم» (2) . و عن أبي هاشم - داود بن القاسم - الجعفري قال: سألت أبامحمد عن قول الله (عزوجل): «ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق بالخيرات باذن الله» (3) قال [الامام]: كلهم من آل محمد؛ الظالم لنفسه الذي لا يقر بالامام؛ فدمعت عيني، و جعلت افكر في نفسي في عظم ما أعطي الله آل محمد (علي محمد و اله السلام) فنظر الي أبومحمد فقال: «الأمر أعظم مما حدثتك نفسك من عظيم شأن آل محمد فاحمد الله، فقد جعلت متمسكا بحبلهم، تدعي يوم القيامة بهم، اذا دعي كل اناس بامامهم، فابشر يا أباهاشم فانك علي خير» (4) .

ص: 127


1- 240. كشف الغمة ج 2 / 421.
2- 241. كشف الغمة ج 2 / 421.
3- 242. سورة فاطر 35: 32.
4- 243. كشف الغمة ج 2 / 419.

و عن أبي هاشم قال: سأل محمد بن صالح الأرمني [من] أبي محمد عن قول الله: «يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده ام الكتاب»؟ (1) . فقال أبومحمد: «هل يمحو الا ما كان، و هل يثبت الا ما لم يكن؟». فقلت - في نفسي -: هذا خلاف ما يقول هشام بن الحكم: لا يعلم [الله] الشي ء حتي يكون! فنظر الي أبومحمد فقال: «تعالي الجبار الحاكم العالم بالأشياء قبل كونها، الخالق اذ لا مخلوق، و الرب اذ لا مربوب، و القادر قبل المقدور عليه». فقلت: «أشهد أنك ولي الله و حجته، و القائم بقسطه، و أنك علي منهاج أميرالمؤمنين و علمه» (2) . و عن أبي هاشم أيضا: قال: كنت عند أبي محمد فسأله محمد بن صالح الأرمني عن قول الله: «و اذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، و أشهدهم علي أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي شهدنا» (3) قال أبومحمد: «ثبتت المعرفة، و نسوا ذلك الموقف، و سيذكرونه، و لولا ذلك لم يدر أحد من خالقه و لا من رازقه». قال أبوهاشم: فجعلت أتعجب - في نفسي - من عظيم ما أعطي الله وليه، و جزيل ما حمله، فأقبل - أبومحمد - علي فقال: «الأمر أعجب مما عجبت منه - يا أباهاشم - و أعظم! ما ظنك بقوم من عرفهم عرف الله، و من أنكرهم أنكر الله، فلا مؤمن الا و هو بهم مصدق، و بمعرفتهم موقن» (4) . و عن أبي هاشم ايضا قال: سأل محمد بن صالح الأرمني [من] أبي محمد عن قول الله: «لله الأمر من قبل و من بعد»؟ (5) فقال أبومحمد:

ص: 128


1- 244. سورة الرعد 13: 39.
2- 245. كشف الغمة ج 2 / 419.
3- 246. سورة الأعراف 7: 172.
4- 247. كشف الغمة ج 2 / 419.
5- 248. سورة الروم 30: 4.

«له الأمر من قبل أن يأمر به، و له الأمر من بعد أن يأمر بما يشاء». فقلت - في نفسي -: هذا قول الله: «ألا: له الخلق و الأمر تبارك الله رب العالمين» (1) قال: فنظر الي و تبسم ثم قال: «ألا: له الخلق و الأمر تبارك الله رب العالمين» قلت: أشهد أنك حجة الله و ابن حجته في خلقه» (2) . و حدث أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري قال: كنت في الحبس المعروف بحبس حسيس في الجوسق الأحمر، أنا و الحسن بن محمد العقيقي، و محمد بن ابراهيم العمري، و فلان و فلان، اذ دخل علينا أبومحمد: الحسن و أخوه جعفر [الكذاب] فخففنا له (3) . و كان المتولي لحبسه صالح بن وصيف، و كان معنا في الحبس رجل جمحي (4) يقول [يدعي] انه علوي. قال [أبوهاشم]: فالتفت أبومحمد فقال: «لولا أن فيكم من ليس منكم لأعلمتكم متي يفرج عنكم» و أومأ الي الجمحي أن يخرج، فخرج. فقال أبومحمد: هذا ليس منكم [من الشيعة] فاحذروه، فان في ثيابه قصة [تقريرا] قد كتبها الي السلطان، يخبره فيها بما تقولون فيه [السلطان]. فقام بعضهم ففتش ثيابه فوجد القصة [التقرير] يذكرنا فيها بكل عظيمة!! «و يعلمه [السلطان] أنا نريد أن ننقب الحبس و نهرب» (5) . و كان الحسن (عليه السلام) يصوم، فاذا أفطر أكلنا معه من طعام كان يحمله غلامه اليه في جونة (6) مختومة، و كنت أصوم معه؛ فلما كان ذات يوم ضعفت [عن الصوم] فأفطرت في بيت [مكان] آخر علي كعكة (7) و ما شعر - و الله - به أحد، ثم جئت فجلست معه.

ص: 129


1- 249. سورة الأعراف 7: 54.
2- 250. كشف الغمة ج 2 / 420 و الخرائج.
3- 251. خففنا له: أسرعنا الي خدمته. و في نسخة: فحففنا به.
4- 252. جمحي: منسوب الي جمح و هو ابوبطن من قريش.
5- 253. بين القوسين من كتاب (الخرائج).
6- 254. الجونة: السفط المغشي بالجلد.
7- 255. الكعكة: مفردة الكعك.

فقال [الامام] لغلامه: أطعم أباهاشم شيئا فانه مفطر! فتبسمت فقال: ما يضحكك يا أباهاشم؟ اذا أردت القوة فكل اللحم، فان الكعك لا قوة فيه. فقلت: صدق الله و رسوله و أنتم. فقال لي: افطر ثلاثا، فان المنة (1) لا ترجع - اذا انهكها الصوم - في أقل من ثلاث [ايام]. فلما كان اليوم الذي اراد الله أن يفرج عنه جاء الغلام فقال: يا سيدي! أحمل فطورك؟ (2) فقال: احمل، و ما أحسب أنا نأكل منه! فحمل الغلام الطعام للظهر، و اطلق عنه عند العصر - و هو صائم - فقال: كلوا هنأكم الله (3) . و عن أبي هاشم: خطر ببالي أن القرآن مخلوق أم غير مخلوق؟ فقال أبومحمد (عليه السلام): يا أباهاشم! الله خالق كل شي ء، و ما سواه مخلوق (4) . اقول: لقد ذكرنا في (كتاب الامام الهادي) بحثا حول هذه المحنة العقائدية التي ابتلي بها بعض المسلمين. و عن أبي هاشم الجعفري قال: لما مضي أبوالحسن [الهادي] عليه السلام صاحب العسكر اشتغل أبومحمد: ابنه بغسله و شأنه. و أخرج بعض الخدم الي أشياء احتملوها من ثياب و دراهم و غيرهما. فلما فرغ أبومحمد من شأنه [أبيه] صار الي مجلسه فجلس، ثم دعا اولئك الخدم فقال: ان صدقتموني فيما أسألكم عنه فأنتم آمنون من عقوبتي، و ان أصررتم علي الجحود دللت علي كل ما أخذه كل واحد منكم، و عاقبتكم عند ذلك بما تستحقونه مني؛ ثم قال: يا فلان أخذت كذا و كذا، و أنت يا فلان أخذت كذا و كذا قالوا: نعم. قالوا فردوه، فذكر لكل واحد منهم ما أخذه و صار اليه، حتي ردوا

ص: 130


1- 256. المنة - بضم الميم -: القوة.
2- 257. الفطور - بفتح الفاء - ما يفطر به.
3- 258. كشف الغمة ج 2 / 432.
4- 259. مناقب ابن شهرآشوب ج 4 / 436.

جميع ما أخذوه (1) . و في (الخرائج): روي أبوهاشم أنه ركب أبومحمد [العسكري] عليه السلام يوما الي الصحراء فركبت معه، فبينما يسير قدامي و أنا خلفه، اذ عرض لي فكر في دين كان علي، قد حان أجله [حضر وقت أدائه] فجعلت افكر في أي وجه قضاؤه؟ [كيفية اداء الدين] فالتفت [الامام] الي و قال: «الله يقضيه». ثم انحني علي قربوس سرجه، فخط بسوطه خطة في الأرض فقال: يا أباهاشم انزل فخذه، و اكتم. فنزلت و اذا سبيكة ذهب. قال: فوضعتها في خفي، و سرنا. فعرض لي الفكر فقلت: ان كان فيها تمام الدين، و الا فاني ارضي صاحبه بها [السبيكة] و يجب أن ننظر في وجه نفقة الشتاء، و ما نحتاج اليه فيه من كسوة و غيرها، فالتفت الي، ثم انحني ثانية، فخط بسوطه مثل الاولي، ثم قال: انزل و خذ، و اكتم. قال: فنزلت، فاذا سبيكة [فضة] فجعلتها في الخف الآخر، و سرنا يسيرا ثم انصرف الي منزله، و انصرفت الي منزلي؛ فجلست و حسبت ذلك الدين، و عرفت مبلغه، ثم وزنت سبيكة الذهب فخرج بقسط ذلك الدين، ما زادت و لا نقصت، ثم نظرت ما نحتاج اليه لشتوتي (2) من كل وجه، فعرفت مبلغه الذي لم يكن بد منه علي الاقتصاد بلا تقتير و لا اسراف ثم وزنت سبيكة الفضة، فخرجت علي ما قدرته ما زادت و لا نقصت (3) (4) . و روي السيد ابن طاووس في (مهج الدعوات) عن علي بن محمد بن

ص: 131


1- 260. الخرائج و الجرائح ج 1 / 420.
2- 261. أي لشتائي.
3- 262. أي كان وزن السبيكة و قيمتها بمقدار المال الذي قدرته لتكاليف الشتاء.
4- 263. الخرائج و الجرائح ج 1 / 421، ح 2.

زياد الصيمري، عن أبي هاشم قال: كنت محبوسا عند أبي محمد، في حبس المهتدي، فقال لي:«يا أباهاشم ان هذا الطاغي أراد أن يعبث بالله عزوجل في هذه الليلة، و قد بتر الله عمره، و جعله للمتولي بعده، و ليس لي ولد، و سيرزقني الله ولدا بكرمه و لطفه». فلما أصبحنا شغب (سعت خ ل) الأتراك علي المهتدي، و أعانهم العامة لما عرفوا من قوله بالاعتزال و القدر، و قتلوه، و نصبوا مكانه المعتمد، و بايعوا له؛ و كان المهتدي قد صحح العزم علي قتل أبي محمد (عليه السلام) فشغله الله بنفسه حتي قتل و مضي الي أليم عذاب الله (1) . و في كتاب (حديقة الشيعة) قال: حدثنا سيدنا المرتضي ابن الداعي الحسيني الرازي (رحمة الله عليه) عن الشيخ المفيد (رضوان الله عليه) عن أحمد بن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن أبيه محمد بن الحسن، عن سعيد (سعد) بن عبدالله عن عبدالجبار: ان الامام العسكري (عليه السلام) خاطب أباهاشم الجعفري فقال: يا أباهاشم! سيأتي زمان علي الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة، و قلوبهم مظلمة منكدرة السنة فيهم بدعة، و البدعة فيهم سنة، المؤمن بينهم محقر، و الفاسق بينهم موقر، امراؤهم جاهلون جائرون، و علماؤهم في أبواب الظلمة سائرون؛ أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء، و أصاغرهم يتقدمون علي الكبراء، و كل جاهل عندهم: خبير، و كل محيل عندهم: فقير، لا يتميزون (2) بين المخلص و المرتاب، و لا يعرفون الضأن من الذئاب؛ علماؤهم: شرار خلق الله علي وجه الأرض، لأنهم يميلون الي الفلسفة و التصوف، و أيم الله! انهم من أهل العدول و التحرف.

ص: 132


1- 264. مهج الدعوات / 275.
2- 265. هكذا وجدنا في المصدر، و لعل الأصح: لا يميزون.

يبالغون في حب مخالفينا، و يضلون شيعتنا و موالينا، فان نالوا منصبا لم يشبعوا عن الرشاء، و ان خذلوا عبدوا الله علي الرياء. ألا: انهم قطاع طريق المؤمنين، و الدعاة الي نحلة الملحدين، فمن أدركهم فليحذرهم، و ليصن دينه و ايمانه». ثم قال: يا أباهاشم! هذا ما حدثني أبي عن آبائه، عن جعفر بن محمد (عليهم السلام) و هو من اسرارنا، فاكتمه الا عن أهله» (1) . و روي الشيخ الطوسي في (الغيبة) عن سعد بن عبدالله قال: حدثني جماعة منهم: - أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري، و القاسم بن محمد العباسي و محمد بن عبيدالله، و محمد بن ابراهيم العمري، و غيرهم ممن كان حبس بسبب قتل عبدالله بن محمد العباسي - أن أبامحمد (عليه السلام) و أخاه جعفرا دخلا عليهم ليلا قالوا: كنا ليلة من الليالي جلوسا نتحدث ان سمعنا حركة باب السجن، فراعنا ذلك و كان أبوهاشم عليلا، فقال - لبعضنا -: اطلع و انظر ما تري؟ فاطلع الي موضع الباب، فاذا الباب قد فتح، و اذا هو برجلين قد ادخلا الي السجن، و رد الباب و اقفل. فدنا منهما فقال: من أنتما؟ (2) فقال: انا الحسن بن علي، و هذا جعفر بن علي فقال لهما: جعلني الله فداكما! ان رأيتما أن تدخلا البيت [الذي في السجن]. و بادر [الرجل] الينا و الي أبي هاشم، فأعلمنا، و دخلا [الامام و اخوه] فلما نظر اليهما أبوهاشم قام عن مضربة (3) كانت تحته، فقبل وجه أبي محمد (عليه السلام) و أجلسه عليها، و جلس جعفر قريبا منه، فقال جعفر: و اشطناه - بأعلي

ص: 133


1- 266. حديقة الشيعة / 592.
2- 267. في المصدر: فقال أحدهما: نحن قوم من الطالبية، حبسنا فقال: من أنتما.
3- 268. المضربة - بفتح الميم - فرش مصنوع من القطن.

صوته - يعني جارية له [يقصد جارية له اسمها شطن]. فزجرة أبومحمد (عليه السلام) و قال له: اسكت. و انهم رأوا فيه آثار السكر، و أن النوم غلبه و هو جالس معهم، فنام علي تلك الحال (1) .

حرف الراء

الريان بن الصلت

روي الشيخ الطوسي في (التهذيب) بسنده عن الريان بن الصلت قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام) ما الذي يجب علي يا مولاي في غلة رحي في أرض قطيعة لي، و في ثمن سمك و بردي و قصب ابيعه من أجمة هذه القطيعة؟ فكتب: يجب عليك فيه الخمس ان شاء الله تعالي (2) .

حرف الزاي

زكريا بن يحيي

الكنجي، يكني أباالقاسم، ذكر الشيخ الطوسي: انه لقي الامام العسكري (عليه السلام) و يقال انه يحيي بن زكريا.

حرف السين

سعد بن عبدالله بن أبي خلف، الأشعري، القمي

يكني أباالقاسم، قال النجاشي - في شأنه -: شيخ هذه الطائفة و فقيهها،

ص: 134


1- 269. غيبة الطوسي / 136.
2- 270. التهذيب ج 4 / 139 حديث 394.

و وجهها و لقي مولانا أبامحمد (عليه السلام) و رأيت بعض أصحابنا يضعفون لقاءه لأبي محمد، و يقولون: هذه حكاية موضوعة عليه و الله أعلم... و صنف سعد كتبا كثيرة... الي آخره. أقول: ان مؤلفات سعد بن عبدالله بعضها في أبواب الفقه، و بعضها في الردود، و بعضها في القرآن، و بعضها في الفضائل و المثالب، و غير ذلك. و حول لقائه بالامام العسكري (عليه السلام) أقوال بين علماء الرجال من اثبات و تكذيب أو تضعيف، أو توقف، و لعل سبب التضعيف هو متن الحديث الذي يروي عن الامام العسكري (عليه السلام)، و نحن نذكر الحديث، ثم ننظر في نقاط الضعف من هذا الحديث لنري هل تصلح هذه النقاط لتضعيف حديث سعد؟ و الحديث طويل، نقتطف منه بعض النقاط المهمة رعاية لاسلوب الكتاب، و نلخص شيئا من صدر الحديث حتي لا يورث السأم و الملل في القاري ء، فنقول: روي الشيخ الصدوق في الجزء الثاني من (اكمال الدين) عن محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن عيسي الوشاء البغدادي قال: حدثنا أحمد بن طاهر القمي قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني قال: حدثنا أحمد بن مسرور، عن سعد بن عبدالله القمي... و خلاصة الحديث: ان سعد بن عبدالله كان يحب جمع الكتب، و كان شديد التعصب في مذهبه و هو التشيع، و كان كثير الجدل مع الأعداء. و في بعض محاوراته مع رجل من اعداء أهل البيت (عليهم السلام) قال له ذلك الناصبي: «تبا لك يا سعد، و لأصحابك (معاشر الرفضة) تقصدون علي المهاجرين و الأنصار بالطعن عليهما (أي الشيخين) و تجحدون من رسول الله (صلي الله عليه و آله) و لايتهما و امامتهما. هذا الصديق (يعني أبابكر) الذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته؛

ص: 135

أما علمتم أن رسول الله (صلي الله عليه و آله) ما أخرجه مع نفسه الي الغار الا علما منه بأن الخلافة له من بعده، و أنه المقلد لأمر التأويل، و الملقي اليه أزمة الامة، و عليه المعول في شعب الصدع، و لم الشعث، و سد الخلل، و اقامة الحدود، و تسريب (أي ارسال) الجيوش لفتح بلاد الشرك؟ و كما أشفق علي نبوته أشفق علي خلافته، اذ ليس من حكم الاستتار و التواري أن يروم - الهارب من البشر - مساعدة الي مكان يستخفي فيه؛ و لما رأينا النبي (صلي الله عليه و آله) متوجها الي الانحجاز، و لم تكن الحال توجب الستدعاء المساعدة من أحد استبان لنا قصد رسول الله (صلي الله عليه و آله) بأبي بكر للغار للعلة التي شرحناها. و انما أبات عليا علي فراشه لما لم يكن ليكترث (أي يهتم) به، و لم يحفل به لاستثقاله، و لعلمه بأنه ان قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه، للخطوب التي كان يصلح لها!! قال سعد: فاختلست عليه أجوبة شتي، فما زال يقصد كل واحد منها بالنقض و الرد. ثم قال: يا سعد! دونكها اخري، بمثلها تحطم آناف الروافض: ألستم تزعمون أن الصديق (يعني أبابكر) المبرء من دنس الشكوك، و الفاروق (يعني عمر بن الخطاب) المحامي عن بيضة الاسلام كانا يسران النفاق؟ و استدللتم بليلة العقبة؟ أخبرني عن الصديق و الفاروق أسلما طوعا أو كرها؟ قال سعد: فاختلست لدفع هذه المسألة عني، خوفا و حذرا من أني ان أقررت له بطوعهما للاسلام احتج بأن بدء النفاق و نشوه في القلب لايكون الا عند هبوب روائح القهر و الغلبة، و اظهار البأس الشديد في حمل المرء علي من ليس ينقاد له قلبه نحو قول الله عزوجل: «فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده، و كفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا» (1) .

ص: 136


1- 271. سورة غافر 40: 84.

فان قلت: أسلما كرها كان يقصدني بالطعن اذ لم يكن - ثمة - سيوف منتضاة كانت تريهم البأس. و أخيرا قصد سعد دار أحمد بن اسحاق حتي يتعلم منه الجواب لهذه الترهات التي استدل بها ذلك الناصبي. و كان أحمد بن اسحاق قد خرج نحو مدينة سر من رأي لزيارة الامام العسكري (عليه السلام) و التشرف بلقائه، فالتحق به سعد، و رافقه الي سر من رأي، و اخيرا دخل معه علي الامام العسكري (عليه السلام). قال سعد: و كان علي عاتق أحمد بن اسحاق جراب قد غطاه بكساء طبري، فيه ستون و مائة صرة من الدنانير و الدراهم، علي كل صرة ختم صاحبها. قال سعد: فما شبهت مولانا أبامحمد (العسكري) - حين غشينا نور وجهه - الا بدرا قد استوفي من لياليه اربعا بعد عشر، و علي فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري (اسم كوكب مضي ء) في الخلقة و المنظر، علي رأسه فرق بين و فرتين، كأنه ألف بين واوين، و بين يدي مولانا (العسكري) رمانة ذهبية، تلمع بدائع نقوشها، وسط غرائب الفصوص المركبة عليها، قد كان أهداها اليه بعض رؤساء أهل البصرة، و بيده (أي الامام العسكري) قلم، اذا أراد أن يسطر به علي البياض قبض الغلام علي أصابعه، فكان مولانا يد حرج الرمانة بين يديه، و يشغله بردها، كيلا يصده عن كتبة ما اراد. فسلمنا عليه، فألطف في الجواب، و أومي الينا بالجلوس، فلما فرغ من كتبة البياض الذي كان بيده، أخرج أحمد بن اسحاق جرابه من طي كسائه، فوضعه بين يديه، فنظر أبومحمد - العسكري - عليه السلام الي الغلام (و هو الامام المهدي) و قال له: يا بني! فض الخاتم عن هدايا شيعتك و مواليك. فقال (الامام المهدي): يا مولاي! أيجوز أن أمد يدا طاهرة الي هدايا نجسة، و اموال رجسة!؟؟ قد شيب (أي أختلط) أحلها بأحرمها؟

ص: 137

فقال مولاي: يابن اسحاق! استخرج ما في الجراب، ليميز ما بين الحلال و الحرام منها؛ فأول صرة بدأ أحمد اخراجها قال الغلام: هذه لفلان بن فلان، من محلة كذا بقم، تشتمل علي اثنين و ستين دينارا، فيها ثمن حجرة باعها صاحبها، و كانت ارثا له عن أبيه خمسة و اربعون دينارا، و من أثمان تسعة أثواب، أربعة عشر دينارا، و فيها من اجرة الحوانيت ثلاثة دنانير؛ فقال مولانا: صدقت يا بني، دل الرجل علي الحرام منها. فقال: فتش عن دينار، رازي السكة، تاريخه سنة كذا (1) ، قد انطمس - من نصف احدي صفحتيه - نقشه، و قراضة آملية (2) و زنها ربع دينار. و العلة في تحريمها: أن صاحب هذه الجملة وزن في شهر كذا علي حائك من جيرانه من الغزل منا و ربع من (3) فأتت علي ذلك مدة، قيض (4) انتهاءها لذلك الغزل سارقا فأخبر به الحايك صاحبه (أي صاحب الغزل) فكذبه، و استرد منه بدل ذلك منا و نصف من غزلا أدق مما كان دفعه اليه، و اتخذ منه ثوبا، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه. فلما فتح (أحمد بن اسحاق) رأس الصرة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه، و بمقدارها علي حسب ما قال؛ و استخرج الدينار و القراضة بتلك العلامة. ثم أخرج (أحمد بن اسحاق) صرة اخري، فقال الغلام (عليه السلام): هذه لفلان بن فلان، من محلة كذا، بقم، تشتمل علي خمسين دينارا، لا يحل لنا مسها (لمسها خ ل).

ص: 138


1- 272. رازي: منسوب الي الري، أي الدينار المسكوك في الري، و عليه تاريخه سنة كذا.
2- 273. المقصود من القراضة - هنا -: قطعة من المسكوك في آمل، بلدة في مازندران.
3- 274. المن: من الأوزان المتعارفة في ذلك الزمان، يستعمل هذا الوزن في زماننا في بعض البلاد.
4- 275. قيض الله له كذا أي قدر له ان سارقا سرق ذلك الغزل.

قال (الامام العسكري): و كيف ذاك؟ قال (الامام المهدي): لأنها ثمن حنطة حاف (أي ظلم) صاحبها علي أكاره (أي فلاحه) في المقاسمة؛ و ذلك: انه قبض حصته منها بكيل واف، و كال ما خص الأكار بكيل بخس؛ فقال مولانا: صدقت يا بني؛ ثم قال: يابن اسحاق! احملها بأجمعها لتردها، أو توصي بردها علي اربابها، فلا حاجة لنا في شي ء منها، و ائتنا بثوب العجوز! قال أحمد: و كان الثوب في حقيبة لي، فنسيته. فلما انصرف أحمد بن اسحاق ليأتيه بالثوب نظر الي مولانا أبومحمد (عليه السلام) فقال: ما جاء بك يا سعد؟ فقلت: شوقني أحمد بن اسحاق الي لقاء مولانا. قال: فالمسائل التي أردت أن تسأل عنها؟ قلت: علي حالها. قال: فاسأل قرة عيني (و أومأ الي الغلام) عما بدالك منها. فقلت له (أي للامام المهدي): مولاي و ابن مولاي! انا روينا عنكم: أن رسول الله (صلي الله عليه و آله) جعل طلاق نسائه بيد أميرالمؤمنين (عليه السلام) حتي أرسل - يوم الجمل - الي عائشة: «انك قد رهجت (1) علي الاسلام و أهله بفتنتك، و أوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك، فان كففت غربك (2) و الا طلقتك». و نساء رسول الله (صلي الله عليه و آله) قد كان طلاقهن وفاته (3) . فقال (عليه السلام) لي: و ما الطلاق؟

ص: 139


1- 276. رهجت: شغبت.
2- 277. غرب اللسان: حدته.
3- 278. هذا كلام سعد بن عبدالله.

قلت: تخلية السبيل. قال: و اذا كان بوفات رسول الله (صلي الله عليه و آله) خلالهن السبيل، فلم لا يحل لهن الأزواج؟ قلت: لأن الله (تبارك و تعالي) حرم الأزواج عليهن. قال: كيف و قد خلي الموت سبيلهن؟ قلت: فأخبرني - يابن مولاي - عن معني الطلاق الذي فوض رسول الله (صلي الله عليه و آله) حكمه الي أميرالمؤمنين (عليه السلام). قال: ان الله (تبارك و تعالي) عظم شأن نساء النبي (صلي الله عليه و آله) فخصهن بشرف الامهات، فقال رسول الله (صلي الله عليه و آله): «يا أباالحسن ان هذا الشرف باق لهن ما دمن لله علي الطاعة، فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك، فأطلق لها في الأزواج و أسقطها من شرف امومة المؤمنين». قلت: فأخبرني عن الفاحشة المبينة التي اذا أتت بها في أيام عدتها حل للزوج أن يخرجها؟ قال: الفاحشة المبينة هي السحق (1) دون الزنا، فان المرأة اذا زنت و اقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزويج بها لأجل الحد؛ و اذا سحقت وجب عليها الرجم، و الرجم خزي، و من قد أمر الله برجمه فقد أخزاه، و من اخزاه فقد أبعده، و من أبعده فليس لأحد أن يقربه. قلت: فأخبرني - يابن رسول الله - عن أمر الله (تبارك و تعالي) لنبيه: موسي (عليه السلام): «فاخلع نعليك انك بالواد المقدس طوي) فان فقهاء الفريقين يزعمون انها (أي نعله) كانت من اهاب (أي جلد) الميتة!! فقال (عليه السلام): من قال ذلك فقد افتري علي موسي (عليه السلام) و استجهله في نبوته، لأنه ما خلا الأمر من خطبين (2) .

ص: 140


1- 279. السحق: المساحقة و هي ان تدلك المرأة فرجها بفرج امرأة اخري.
2- 280. أي حكم لبس النعل واحد من اثنين: اما جايز و اما غير جايز.

1 - اما أن تكون صلاة موسي (عليه السلام) فيها جايزة، أو غير جايزة، فان كان صلاته جايزة جاز له لبسهما في تلك البقعة، و ان كانت مقدسة مطهرة فليس بأقدس و أطهر من الصلاة. 2 - و ان كانت صلاته غير جايزة فيهما فقد أوجب علي موسي انه لم يعرف الحلال من الحرام، و علم ما لم تجز فيه الصلاة و ما تجوز، و هذا كفر. قلت: فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما؟ قال: ان موسي (عليه السلام) ناجي ربه بالواد المقدس، فقال: يا رب اني قد أخلصت لك المحبة مني، و غسلت قلبي عمن سواك، و كان شديد الحب لأهله. فقال الله (تبارك و تعالي): «اخلع نعليك» أي انزع حب أهلك من قلبك، ان كانت محبتك لي خالصة، و قلبك من الميل الي من سواي مغسولا. قلت: فأخبرني (يابن رسول الله) عن كهيعص؟ قال: هذه الحروف من أنباء الغيب، أطلع الله عليها عبده زكريا (عليه السلام) ثم قصها علي محمد (صلي الله عليه و آله)، و ذلك: أن زكريا سأل ربه أن يعلمه الأسماء الخمسة، فأهبط عليه جبرئيل (عليه السلام) فعلمه اياها، فكان زكريا اذا ذكر محمدا و عليا و فاطمة و الحسن (عليهم السلام) سري عنه و انجلي كربه، و اذا ذكر الحسين (عليه السلام) خنقته العبرة، و وقعت عليه البهرة (1) . فقال - ذات يوم -: الهي! ما بالي اذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي، و اذا ذكرت الحسين تدمع عيني، و تثور زفرتي؟؟ فأنبأه الله (تعالي) عن قصته، و قال: كهيعص. فالكاف اسم كربلا، و الهاء: هلاك العترة، و الياء: يزيد (لعنه الله) و هو ظالم الحسين، و العين: عطشه، و الصاد: صبره.

ص: 141


1- 281. البهرة: تتابع النفس.

فلما سمع ذلك زكريا (عليه السلام) لم يفارق مسجده ثلاثة أيام، و منع فيها الناس من الدخول عليه، و أقبل علي البكاء و النحيب، و كانت ندبته: الهي! أتفجع خير خلقك بولده؟ أتنزل بلوي هذه الرزية بفنائه؟ الهي! أتلبس عليا و فاطمة ثياب هذه المصيبة؟ الهي! أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما؟ ثم كان يقول: الهي! ارزقني ولدا تقربه عيني علي الكبر،... ثم افجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده؛ فرزقه الله يحيي (عليه السلام) و فجعه به، و كان حمل يحيي ستة أشهر، و حمل الحسين (عليه السلام) كذلك، و له قصة طويلة؛ قلت: فأخبرني - يا مولاي - عن العلة التي تمنع القوم عن اختيار امام لأنفسهم. فقال: مصلح أو مفسد؟ قلت: مصلح. قال: فهل يجوز (أي يمكن) أن تقع خيرتهم علي المفسد بعد أن لا يعلم أحد بما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ قلت: بلي. قال: فهي العلة، أوردها ببرهان يثق به عقلك: أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله، و انزل الكتب عليهم، و أيدهم بالوحي و العصمة، اذ هم أعلا الامم، و أهدي الي الاختيار منهم، مثل موسي و عيسي (عليهم السلام) هل يجوز - مع وفور عقلهما، و كمال علمهما، اذا هما بالاختيار - أن تقع خيرتهما علي المنافق، و هما يظنان أنه مؤمن؟ قلت: لا. فقال: ان موسي، كليم الله مع وفور عقله، و كمال علمه، و نزول الوحي

ص: 142

عليه، اختار من أعيان قومه، و وجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا، ممن لا يشك في ايمانهم و اخلاصهم، فوقعت خيرته علي المنافقين؛ قال الله - عزوجل -: «و اختار موسي قومه سبعين رجلا لميقاتنا... الي قوله: لن نؤمن لك حتي نري الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم» (1) . فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا علي الأفسد دون الأصلح، و هو يظن انه الأصلح، علمنا: أن لا اختيار الا لمن يعلم ما تخفي الصدور و تكن الضمائر، و تتصرف عليه السرائر. و أن لا خطر (اعتبار) لاختيار المهاجرين و الأنصار - بعد وقوع خيرة الأنبياء علي - ذوي الفساد. ثم قال مولانا - المهدي - (عليه السلام): يا سعد! و حين قال خصمك: ان رسول الله (صلي الله عليه و آله) ما أخرج معه مختار هذه الامة (يعني ابابكر) الي الغار الا علما منه أن الخلافة له من بعده، و أنه هو المقلد امور التأويل، و الملقي اليه أزمة الامة، المعول عليه في لم الشعث، و سد الخلل و اقامة الحدود، و تسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر فكما أشفق علي نبوته أشفق علي خلافته، اذ لم يكن حكم الاستتار و التواري أن يروم الهارب من البشر مساعدة من غيره الي مكان يستخفي فيه. و أنما أبات عليا علي فرشه لما لم يكن يكترث له و لا يحفل به، و لاستثقاله اياه، و علمه بأنه ان قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها». فهلا نقضت عليه دعواه بقولك: اليس قال رسول الله (صلي الله عليه و آله): «الخلافة بعدي ثلاثون سنة» فجعل هذه (المدة) موقوفة علي أعمار الأربعة

ص: 143


1- 282. أقول: هذه الآية بهذه الكيفية لا توجد في القرآن و انما صدر الآية مذكورة في سورة الأعراف آية 155، و آخرها في سورة النساء آية 153، و بناء علي صحة الخبر فاما أن جمع الامام المهدي (عليه السلام) بين الآيتين من السورتين، و اما حصلت الزيادة من الراوي أو النساخ و الله العالم.

الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم، و كان لا يجد (أي الناصبي) بدا من قوله: بلي. فكنت تقول له - حينئذ -: أليس كما علم رسول الله (صلي الله عليه و آله) أن الخلافة بعده لأبي بكر، علم أنها من بعد أبي بكر لعمر، و من بعد عمر لعثمان و من بعد عثمان لعلي؟ فكان (الناصبي) أيضا لا يجد بدا من - قولك له - نعم. ثم كنت تقول له: فكان الواجب علي رسول الله (صلي الله عليه و آله) أن يخرجهم جميعا علي الترتيب الي الغار، و يشفق عليهم كما اشفق علي أبي بكر، و لا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه اياهم، و تخصيصه أبابكر باخراجه مع نفسه دونهم؟؟ و لما قال (الناصبي): أخبرني عن الصديق و الفاروق: أسلما طوعا أو كرها لم لم تقل له: بل أسلما طمعا، لأنهما كانا يجالسان اليهود، و يستخبرانهم عما كانوا يجدون في التوراة، و ساير الكتب المتقدمة، الناطقة بالملاحم، من حال الي حال، من قصة محمد (صلي الله عليه و آله)، و من عواقب أمره؛ فكانت اليهود تذكر أن محمدا (صلي الله عليه و آله) يسلط علي العرب، كما كان بخت النصر مسلطا علي بني اسرائيل، و لابد له من الظفر بالعرب، كما ظفر بخت النصر ببني اسرائيل، غير انه كاذب في دعواه. فأتيا محمدا (صلي الله عليه و آله) فساعداه علي شهادة ان لا اله الا الله، و بايعاه طمعا في أن ينال كل واحد منهما من جهته ولاية بلد، اذا استقامت اموره، و استتبت أحواله، فلما أيسا من ذلك تلثما، و صعدا العقبة مع أمثالهما من المنافقين علي أن يقتلوه، فدفع الله كيدهم، و ردهم بغيظهم لم ينالوا خيرا؛ كما أتي طلحة و الزبير عليا (عليه السلام) فبايعاه، و طمع كل واحد منهما أن ينال من جهته ولاية، فلما أيسا نكثا بيعته، و خرجا عليه، فصرع الله كل واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين؛

ص: 144

قال (سعد): ثم قام مولانا الحسن بن علي الهادي (عليه السلام) الي الصلاة مع الغلام، فانصرفت عنهما، و طلبت أثر أحمد بن اسحاق، فاستقبلني باكيا، فقلت: ما أبطأك؟ قال: فقدت الثوب الذي سألني مولاي احضاره. فقلت: لا عليك، فأخبره. فدخل عليه، و انصرف من عنده مبتسما و هو يصلي علي محمد و آله. فقلت: ما الخبر؟ قال: وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا، يصلي عليه. قال سعد: فحمدنا الله (جل ذكره) علي ذلك، و جعلنا نختلف بعد ذلك الي منزل مولانا أياما، و الغلام (الامام المهدي) بين يديه. فلما كان يوم الوداع دخلت انا و (رجلان) كهلان من أرضنا، و انتصب أحمد بن اسحاق بين يديه قائما، و قال: يابن رسول الله! قد دنت الرحلة، و اشتدت المحنة، و نحن نسأل الله أن يصلي علي المصطفي جدك، و علي المرتضي أبيك، و علي سيدة النساء امك، و علي سيدي شباب أهل الجنة: عمك و أبيك، و علي الأئمة الطاهرين من بعدهما: أبائك، و أن يصلي عليك و علي ولدك؛ و نرغب الي الله أن يعلي كعبك (1) و يكبت عدوك، و لا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك. قال (سعد): فلما قال (أحمد بن اسحاق) هذه الكلمات، استعبر مولانا (عليه السلام) حتي استهلت دموعه و تقاطرت عبراته، ثم قال: يابن اسحاق! لا تكلف في دعائك شططا فانك ملاقي الله في صدرك (2) هذا. فخر أحمد مغشيا، فلما افاق قال: سألتك بالله، و بحرمة جدك الا شرفتني بخرقة أجعلها كفنا. فأدخل مولانا (عليه السلام) يده تحت البساط، فأخرج ثلاثة عشر

ص: 145


1- 283. معناه: الشرف و الرفعة.
2- 284. صدرك: رجوعك.

درهما، فقال: خذها، و لا تنفق علي نفسك غيرها، فانك لم تعدم ما سألت (أي الكفن) فان الله تبارك و تعالي لا يضيع أجر من أحسن عملا؛ قال سعد: فلما صرنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا (عليه السلام) من حلوان علي ثلاثة فراسخ، حم أحمد بن اسحاق (أي أصابته الحمي)، و صارت عليه علة متعبة ايس من حياته فيها. فلما وردنا حلوان، و نزلنا في بعض الخانات دعي أحمد بن اسحاق برجل من أهل بلده، كان قاطنا بها، ثم قال: تفرقوا عني هذه الليلة، و اتركوني وحدي. فانصرفنا عنه، و رجع كل واحد منا الي مرقده، فلما حال أن ينكشف الليل عن الصبح، أصابتني فكرة، و فتحت عيني فاذا أنا بكافور الخادم: خادم مولانا أبي محمد (عليه السلام) و هو يقول: أحسن الله بالخير عزاءكم، و جبر بالمحبوب رزيتكم! قد فرغنا من غسل صاحبكم و تكفينه، فقوموا لدفنه، فانه من أكرمكم محلا عند سيدكم. ثم غاب عن أعيينا، فاجتمعنا علي رأسه (أي عند جثمان أحمد) بالبكاء و العويل، حتي قضينا حقه، و فرغنا من أمره (1) . أقول: هذا الحديث ذكرناه بطوله، مع تلخيص بعض مواضعه، و انت تري انه لا يوجد فيه ما يناقض العقل أو النقل، أو الكتاب أو السنة. و اما المواضع التي اعتبرها بعض الأعلام من نقاط الضعف في هذا الحديث فهي كما يلي: 1 - ان الامام العسكري (عليه السلام) كان يد حرج الرمانة الذهبية علي الأرض حتي يلعب به الامام المهدي (عليه السلام) لأنه كان يمسك علي القلم في يد والده، و يمنعه عن كتابة الكتاب، بينما نري الامام المهدي (عليه السلام)

ص: 146


1- 285. اكمال الدين / 454 باب 43 حديث 21.

يخبر أحمد بن اسحاق عن الأموال التي جاء بها و غير ذلك من الامور المذكورة في الحديث، و هذا - و لا شك - اخبار بالمغيبات، فكيف ينسجم اللعب بالرمانة مع علم الامام و مقام الامامة؟ هذه احدي نقاط الضعف في هذا الحديث، مع العلم أن أمثال هذه الامور توجد في حياة الأئمة (عليهم السلام) كثيرة جدا. فقد وردت أحاديث كثيرة في كتب الفريقين ان الامام الحسن أو الامام الحسين (عليهماالسلام) كان يركب ظهر رسول الله (صلي الله عليه و آله) و هو ساجد في حال الصلاة، فكان رسول الله يطيل سجوده حتي ينزل عن ظهره. و هكذا وردت أحاديث كثيرة ان الامام الحسين (عليه السلام) بال في حجر رسول الله (صلي الله عليه و آله) و هو رضيع. مع العلم أن رسول الله (صلي الله عليه و آله) قال في حقهما: «الحسن و الحسين امامان، قاما أو قعدا» و قال (صلي الله عليه و آله): «ألا: ان الحسين مصباح الهدي و سفينة النجاة» و قد احضرهما رسول الله معه حين المباهلة مع النصاري، و هكذا نزلت آية التطهير في حقهما فهل تنسجم تلك الأعمال مع مقام الامام و الامامة؟ و مما لا شك فيه أن للأئمة الطاهرين (عليهم السلام) حالات في أيام صغرهم و أياهم كبرهم، فقد تكون حالاتهم طبيعية، عادية كسائر الناس، فيتجاهلون تجاهل العارف، و كأنهم لا يعلمون من الامور سوي الظاهر. و قد تكون حالاتهم غير عادية، كاخبارهم عن المغيبات، و اجابتهم عن الأحكام الشرعية و هم في سن الطفولة، و الأمثلة كثيرة، ولو اردنا ذكر بعضها لطال الكلام و خرج الكتاب عن اسلوبه. النقطة الثانية من نقاط الضعف في هذا الحديث هي وفاة أحمد بن اسحاق في حلوان و في زمن الامام العسكري (عليه السلام) مع العلم أن في بعض الأحاديث أن أحمد بن اسحاق مات سنة مائتين و ثمانين من الهجرة، أي

ص: 147

عشرين سنة بعد وفاة الامام العسكري (عليه السلام) و قيل: أكثر. و لم يمت في حياة الامام العسكري (عليه السلام). و يمكن أن نجيب علي هذا ان محمد بن جرير الطبري الامامي ذكر في (دلائل الامامة) هذا الخبر بسنده عن أبي القاسم عبدالباقي بن يزداد بن عبدالله البزاز، قال: حدثنا أبومحمد عبدالله بن محمد الثعالبي - قراءة - في يوم الجمعة مستهل رجب سنة سبعين و ثلاثمائة، قال: أخبرنا أبوعلي: أحمد بن محمد بن يحيي العطار، عن سعد بن عبدالله بن خلف القمي: قال... و لا يوجد في آخره توديع سعد بن عبدالله مع الامام العسكري (عليه السلام) و وفاته في تلك السنة في حلوان، و انما آخر الحديث هكذا: «و جعلنا نختلف الي مولانا أياما، فلا نري الغلام (عليه السلام) (1) . هذا، و قد ذكر المرحوم المامقاني في ترجمة سعد بن عبدالله، ردودا كثيرة علي الأقوال التي تضعف هذا الخبر، و الله العالم. النقطة الثالثة: ضعف السند، و هذا الضعف ينجبر بذكر الشيخ الصدوق لهذا الحديث في كتابه: (اكمال الدين). ثم ان هناك أحاديث كثيرة، رواتها ضعفاء، أو متهمون بالغلو أو ماشابه ذلك ولكن أحاديثهم مقبولة عند الأصحاب كالأحاديث المروية من ابن أبي حمزة البطائني، و الشلمغاني، و بني فضال، و أمثالهم مما يطول الكلام بذكرهم، فليكن هذا الحديث - من ناحية السند - كالأحاديث الصحيحة المروية عن بعض الغلاة. ذكرت هذه التعليقة علي هذا الحديث بصورة موجزة، مع العلم أن الحديث يتطلب المزيد من الشرح لرد نقاط الضعف المتصورة في هذا الحديث، و في هذا المقدار كفاية.

ص: 148


1- 286. دلائل الامامة / 274 - 281.

سعدان بصري

عده البرقي في أصحاب أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليهماالسلام).

سفيان بن محمد، الضبعي

روي عن الامام الحسن العسكري (عليه السلام) كما في (الكافي) بسنده عن سفيان بن محمد الضبعي قال: كتبت الي أبي محمد أسأله عن (الوليجة) و هو قول الله تعالي: «و لم يتخذوا من دون الله و رسوله و لا المؤمنين وليجة» (1) قلت - في نفسي، لا في الكتاب -: من تري المؤمنين هيهنا؟ (أي ما المقصود من المؤمنين في هذه الآية). فرجع الجواب: «الوليجة: الذي يقام دون ولي الأمر (2) ، و حدثتك نفسك عن المؤمنين: من هم في هذا الموضع؟ فهم الأئمة الذين يؤمنون علي الله، فيجيز أمانهم» (3) .

سليمان بن حفص

المروزي، قال المولي الوحيد:... و كان له مكاتبات الي الجواد و الهادي

ص: 149


1- 287. سورة التوبة 9: 16.
2- 288. الوليجة: كل شي ء ادخلته في شي ء، و ليس منه، و الرجل يكون في القوم و ليس منهم فهو وليجة فيهم.
3- 289. الكافي ج 1 / 508.

و العسكري (عليهم السلام). أقول: و حديثه عن الامام العسكري (عليه السلام) في (التهذيب): بسنده عن سليمان بن حفص المروزي، عن الرجل العسكري (عليه السلام) قال: اذا انتصف الليل ظهر بياض في وسط السماء شبه عمود من حديد تضي ء له الدنيا فيكون ساعة و يذهب ثم تظلم فاذا بقي ثلث الليل الأخير ظهر بياض من قبل المشرق فاضاءت له الدنيا فيكون ساعة ثم يذهب و هو وقت صلاة الليل ثم تظلم قبل الفجر ثم يطلع الفجر الصادق من قبل المشرق. قال: و من أراد أن يصلي في نصف الليل فيطول فذلك له (1) . و في (جامع الرواة) ج 2 / 462: «و كلما ورد عن الرجل فالظاهر انه العسكري (عليه السلام).

السندي بن الربيع، البغدادي

عده الشيخ من أصحاب الامام الرضا و الامام العسكري (عليهماالسلام).

سهل بن زياد، الآدمي، الرازي

يكني أباسعيد، عده الشيخ من أصحاب الامام الجواد و الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام) و قد اختلفت كلمات الرجاليين في توثيقه و تضعيفه، و الله العالم. في (الكافي) عن سهل، قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام) سنة خمس و خمسين و مأتين: «قد اختلف - يا سيدي - أصحابنا في التوحيد، منهم

ص: 150


1- 290. التهذيب ج 2 / 118 حديث 445.

من يقول: هو جسم. و منهم من يقول: هو صورة؛ فان رأيت - يا سيدي - أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه، و لا أجوزه فعلت متطولا علي عبدك». فوقع - بخطه - (عليه السلام): «سألت عن التوحيد، و هذا عنكم معزول، الله واحد، أحد، لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد، خالق، و ليس بمخلوق، يخلق - تبارك و تعالي - ما يشاء من الأجسام، و غير ذلك و ليس بجسم، و يصور ما يشاء و ليس بصورة، جل ثناؤه، و تقدست أسماؤه أن يكون له شبه، هو، لا غيره، ليس كمثله شي ء، و هو السميع البصير (1) . و في (الكافي) أيضا بسنده عن سهل بن زياد قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام): «رجل كان له ابنان، فمات أحدهما، و له ولد ذكور و اناث، فأوصي لهم جدهم بسهم أبيهم، فهذا السهم: الذكر و الأنثي فيه سواء؟ أم للذكر مثل حظ الانثيين؟». فوقع (عليه السلام): «ينفذون وصية جدهم كما أمر، ان شاء الله». قال: و كتبت اليه: «رجل له ولد ذكور و اناث، فأقر لهم بضيعة، أنها لولده، و لم يذكر انها بينهم علي سهام الله (عزوجل) و فرائضه، الذكر و الانثي فيه سواء؟». فوقع (عليه السلام): «ينفذون وصية أبيهم علي ما سمي، فان لم يكن سمي شيئا ردوها الي كتاب الله (عزوجل)، و سنة نبيه (صلي الله عليه و آله و سلم) ان شاءالله». (2) .

سهيل بن زياد، الواسطي

يكني أبايحيي، لقي أبامحمد العسكري (عليه السلام) له كتاب (النوادر).

ص: 151


1- 291. الكافي ج 1 / 103.
2- 292. الكافي ج 7 / 45.

سيف بن الليث

في (الكافي) بسنده عن عمر بن أبي مسلم قال: قدم علينا بسر من رأي رجل من أهل مصر، يقال له: سيف بن الليث، يتظلم الي المهتدي (العباسي) في ضيعة له قد غصبها اياه شفيع الخادم، و أخرجه منها؛ فأشرنا عليه: أن يكتب الي أبي محمد (عليه السلام) يسأله تسهيل أمرها، فكتب اليه أبومحمد (عليه السلام): «لا بأس عليك، ضيعتك ترد عليك، فلا تتقدم الي السلطان و الق الوكيل الذي في يده الضيعة، و خوفه بالسلطان الأعظم: الله رب العالمين». فلقيه، فقال له الوكيل - الذي في يده الضيعة -: قد كتب الي عند خروجك من مصر: أن أطلبك، و أرد الضيعة عليك. فردها عليه بحكم القاضي ابن أبي الشوارب، و شهادة الشهود، و لم يحتج الي أن يتقدم الي المهتدي، فصارت الضيعة له و في يده، و لم يكن لها خبر (خير خ ل) بعد ذلك؛ قال: و حدثني سيف بن الليث هذا قال: خلفت ابنا لي عليلا بمصر عند خروجي عنها، و ابنا لي آخر، أسن منه، كان وصيي، و قيمي علي عيالي و في ضياعي، فكتبت الي أبي محمد (عليه السلام) أسأله الدعاء لابني العليل؛ فكتب الي: «قد عوفي ابنك المعتل، و مات الكبير، وصيك و قيمك، فاحمد الله، و لا تجزع فيحبط أجرك». فورد علي الخبر أن ابني قد عوفي من علته، و مات الكبير يوم ورود جواب أبي محمد (عليه السلام) (1) .

ص: 152


1- 293. الكافي ج 1 / 511.

حرف الشين

شاهويه بن عبدالله الجلاب (الحلال)

عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام). و في (المناقب) عن شاهويه بن عبد ربه (1) قال: كان أخي صالح محبوسا، فكتبت الي سيدي أبي محمد (عليه السلام) أسأله عن أشياء، فأجابني عنها، و كتب: «ان اخاك يخرج من الحبس يوم يصلك كتابي هذا، و قد كنت أردت أن تسألني عن أمره فانسيت». فبينا أنا اقرأ كتابه اذا اناس يبشرونني بتخلية أخي، فتلقيته و قرأت عليه الكتاب (2) .

حرف الصاد

صاعد بن مخلد

روي السيد ابن طاووس في كتابه (فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم) انه وجد بخط الشيخ المفيد (رضوان الله عليه) ما هذا لفظه: حدثنا أبوالحسين محمد بن أبي محمد هارون بن موسي التلعكبري في يوم الجمعة السابع عشر من المحرم سنة عشر و اربعمائة بالمشهد المعروف في

ص: 153


1- 294. قد يوجد هذا الاختلاف بين كلمة: عبدالله و كلمة عبد ربه.
2- 295. مناقب ابن شهرآشوب: ج 4 / 438.

الكرخ بالعتيقة صلوات الله علي صاحبه قال: انفذني و الذي رحمه الله مع بعض أصحابه الي صاعد النصراني لأسمع منه ما روي عن أبيه من حديث مولانا أبي محمد الحسن بن علي العسكري (صلوات الله عليه) فوصلنا اليه، فرأيت رجلا معظما فأعلمته قصدي فأدناني و قال: حدثني أبي انه خرج هو و اخوته و جماعة من أهله من البصرة الي سر من رأي لأجل ظلامة من العامل فأنا بسر من رأي في بعض الأيام اذا بمولانا أبي محمد علي بغلة و علي رأسه شاشه و علي كتفه طيلسان، فقلت في نفسي: هذا الرجل الذي يدعي بعض المسلمين أنه يعلم الغيب؟ فان كان الأمر علي هذا فليحول طيلسانه الأيمن الي الأيسر و الأيسر الي الأيمن. ففعل ذلك و هو يسير، فوصل الي و قال: «يا ثابت لم لا تشتغل بأكل حيتانك عما لا أنت منه و لا اليه؟» قال: «و كنا نأكل السمك» هذا لفظ كما رأيناه و رويناه و أسلم صاعد و كان وزيرا للمعتمد (1) .

صالح بن أبي حماد، الرازي

يكني أباالخير، عده الشيخ من أصحاب الامام الجواد و الامام الهادي و الامام العسكري (عليهم السلام).

صالح بن عبدالله، الجلاب

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و يقال انه اخو شاهويه بن عبدالله الجلاب المذكور في حرف الشين.

ص: 154


1- 296. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم / ص 236.

صالح بن وصيف

كان من أكبر قواد الأتراك في زمن المستعين و المعتز و المهتدي (من حكام بني العباس) و هو من قواد الأتراك و الفراغنة و المغاربة و الشاكرية الذين حبس الامام العسكري (عليه السلام) في حبوسهم، و ان كان هذا الرجل لا يعد من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) ولكن الرجاليين ذكروه في كتبهم، لأنه روي فضيلة للامام الحسن (العسكري) (عليه السلام)، كما في (الكافي) و (الارشاد) للمفيد مع اختلاف يسير.

حرف الضاد

ضوء بن علي العجلي

روي الكليني في (الكافي) بسنده عن ضوء بن علي العجلي، عن رجل من أهل فارس سماه، قال: أتيت سر من رأي، و لزمت باب أبي محمد (عليه السلام) فدعاني من غير أن استأذن فلما دخلت و سلمت قال لي: يا ابا فلان كيف حالك؟ ثم قال لي: اقعد يا فلان، ثم سألني عن جماعة من رجال و نساء أهلي!! ثم قال لي: ما الذي أقدمك؟ قلت: رغبة في خدمتك قال: فقال [الامام]: الزم الدار. قال: فكنت في الدار مع الخدم، ثم صرت أشتري لهم الحوائج من السوق، و كنت أدخل عليه من غير اذن اذا كان في دار الرجال [المكان المعد لاستقبال الناس]. فدخلت عليه يوما و هو في دار الرجال، فسمعت حركة في البيت، فناداني: مكانك، لا تبرح.

ص: 155

فلم أجسر أن أخرج و لا أدخل، فخرجت علي جارية معها شي ء مغطي، ثم ناداني: ادخل. فدخلت، و نادي الجارية فرجعت، فقال لها: اكشفي عما معك. فكشفت عن غلام أبيض، حسن الوجه، و كشفت عن بطنه فاذا شعر نابت من لبته (1) الي سرته، أخضر ليس بأسود. فقال [الامام]: هذا صاحبكم. ثم أمرها فحملته، فما رأيته بعد ذلك حتي مضي أبومحمد (عليه السلام). فقال ضوء بن علي: فقلت - للفارسي -: كم كنت تقدر له من السنين؟ قال: سنتين قال العبدي [الراوي عن ضوء]: فقلت - لضوء -: كم تقدر له أنت؟ قال: اربع عشرة سنة، قال ابوعلي و ابوعبدالله [الراويان عن العبدي]: و نحن نقدر له احدي و عشرين سنة (2) .

حرف الطاء

طالب بن حاتم

ورد ذكره في (الهداية الكبري) أنه كان من جملة الواردين علي الامام العسكري (عليه السلام) في سامراء (3) .

حرف العين

عباس الناقد

أي الصيرفي، الناقد للدراهم و الدنانير

ص: 156


1- 297. اللبة: بفتح اللام و تشديد الباء: المنحر، و محل القلادة.
2- 298. الكافي ج 1 / 514 باب مولد الصاحب (عليه السلام) حديث 2.
3- 299. الهداية الكبري / 344.

و في (الكافي) بسنده عن عباس الناقد قال: تفرق ما كان في يدي، و تفرق عني حرفائي (1) فشكوت ذلك الي أبي محمد (عليه السلام) فقال لي: اجمع بين الصلاتين: الظهر و العصر، تري ما تحب (2) .

عبدان بن محمد، الجويمي

له نسخة فيها الأحاديث التي رواها عن الامام العسكري (عليه السلام) كما ذكره النجاشي.

عبدالله بن أبي عبدالله، محمد بن خالد، الطيالسي

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

عبدالله بن جعفر، الحميري، القمي

يكني أباالعباس، كان من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام) و له مؤلفات عديدة، أشهرها: كتاب (قرب الأسناد). في (الكافي) و (التهذيب) بسنده عن عبدالله بن جعفر قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام): «امرأة ماتت، و تركت زوجها و أبويها، و جدها أو جدتها كيف يقسم ميراثها؟» فوقع (عليه السلام): «للزوج: النصف، و ما بقي فللأبوين (3) .

ص: 157


1- 300. حرفاء علي وزن علماء، جمع حريف، و هو الذي يعاملك في البيع و الشراء.
2- 301. الكافي ج 3 / 287.
3- 302. التهذيب ج 9 حديث 1113. و الكافي ج 7 / 114 حديث 10.

و في (الكافي) بسنده عن عبدالله بن جعفر قال: كتبت الي الرجل أسأله عن رجل اشتري جزورا، أو بقرة للأضاحي، فلما ذبحها و جد في جوفها صرة فيها دراهم أو دنانير أو جوهرة لمن يكون ذلك؟ فوقع (عليه السلام): عرفها البايع، فان لم يكن يعرفها فالشي ء لك، رزقك الله اياه (1) . و ذكر الشيخ المجلسي في (البحار من الكتاب العتيق الغروي) عن عبدالله بن جعفر الحميري قال: كنت عند مولاي أبي محمد الحسن بن علي العسكري (صلوات الله عليه) اذ وردت اليه رقعة من الحبس من بعض مواليه، يذكر فيها ثقل الحديد، و سوء الحال، و تحامل السلطان. فكتب اليه: «يا عبدالله ان الله (عزوجل) يمتحن عباده ليختبر صبرهم فيثيبهم علي ذلك ثواب الصالحين فعليك بالصبر؛ و اكتب الي الله (عزوجل) رقعة، و أنفذها الي مشهد الحسين بن علي (صلوات الله عليه) و ارفعها عنده الي الله (عزوجل)، و ارفعها حيث لا يراك أحد، و اكتب في الرقعة: «الي الله الملك الديان، المتحنن المنان، ذي الجلال و الكرام، و ذي المنن العظام، و الأيادي الجسام، و عالم الخفيات، و مجيب الدعوات، و راحم العبرات، الذي لا تشغله اللغات و لا تحيره الأصوات، و لا تأخذه السنات؛ من عبده الذليل، البائس الفقير، المسكين الضعيف المستجير. اللهم أنت السلام، و اليك يرجع السلام، تباركت و تعاليت يا ذا الجلال و الاكرام و المنن العظام و الأيادي الجسام؛ الهي، مسني و أهلي الضر و أنت ارحم الراحمين، و أرأف الأرأفين، و أجود الأجودين، و أحكم الحاكمين، و أعدل الفاصلين. اللهم، اني قصدت بابك، و نزلت بفنائك، و اعتصمت بحبلك، و استعنت بك، و استجرت بك، يا غياث المستغيثين أغثني، يا جار المستجيرين أجرني، يا اله

ص: 158


1- 303. الكافي ج 5 / 139.

العالمين خذ بيدي. انه قد علا الجبابرة في أرضك، و ظهروا في بلادك، و اتخذوا أهل دينك خولا، و استأثروا بفيئي المسلمين، و منعوا ذوي الحقوق حقوقهم التي جعلتها لهم، و صرفوها في الملاهي و المعازف، و استصغروا آلاءك، و كذبوا أولياءك، و تسلطوا بجبريتهم ليعزوا من أذللت، و يذلوا من أعززت، و احتجبوا عمن يسألهم حاجة، أو ينتجع منهم فائدة؛ و انت - مولاي - سامع كل دعوة، و راحم كل عبرة، و مقيل كل عثرة، و سامع كل نجوي و موضع كل شكوي، و لا يخفي عليك ما في السموات العلي، و الأرضين السفلي، و ما بينهما و ما تحت الثري؛ اللهم اني عبدك، ابن أمتك، ذليل بين بريتك، مسرع الي رحمتك، راج لثوابك. اللهم، ان كل من أتيته فعليك يدلني، و اليك يرشدني، و فيما عندك يرغبني.. مولاي، و قد أتيتك راجيا، سيدي و قد قصدتك مؤملا، يا خير مأمول، و أكرم مقصود، صل علي محمد و آل محمد، و لا تخيب أملي، و لا تقطع رجائي، و استجب دعائي و ارحم تضرعي، يا غياث المستغيثين أغثني، يا جار المستجيرين أجرني، يا اله العالمين انقذني و استنقذني، و وفقني و اكفني؛ اللهم اني قصدتك بأمل فسيح، و أملتك برجاء منبسط، فلا تخيب أملي، و لا تقطع رجائي. اللهم انه لا يخيب منك سائل، و لا ينقصك نائل، يا رباه، يا سيداه، يا مولاه، يا عماداه يا كهفاه يا حرزاه، يا لجآه. اللهم، اياك أملت سيدي، و لك أسلمت يا مولاي، و لبابك قرعت، فصل علي محمد و آل محمد، و تردني بالخيبة محروما، و اجعلني ممن تفضلت عليه باحسانك، و أنعمت عليه بتفضلك، وجدت عليه بنعمتك، و أسبغت عليه آلاءك؛

ص: 159

اللهم أنت غياثي و عمادي، و أنت عصمتي و رجائي، مال أمل سواك، و لا رجاء غيرك. اللهم فصل علي محمد و آل محمد، وجد علي بفضلك، و امنن علي باحسانك و افعل بي ما أنت أهله، و لا تفعل بي ما أنا أهله، يا أهل التقوي و المغفرة، أنت خير لي من أبي و امي، و من الخلق أجمعين. اللهم، هذه قصتي اليك، لا الي المخلوقين، و مسألتي لك اذ كنت خير مسئول و أعز مأمول. اللهم صل علي محمد و آل محمد، و تعطف علي باحسانك، و من علي بعفوك و عافيتك و حصن ديني بالغني، و احرز أمانتي بالكفاية، و اشغل قلبي بطاعتك، و لساني بذكرك و جوارحي بما يقربني منك. اللهم ارزقني قلبا خاشعا، و لسانا ذاكرا، و طرفا غاضا، و يقينا صحيحا، حتي لا احب تعجيل ما أخرت، و لا تأخير ما أجلت، يا رب العالمين و يا ارحم الراحمين، صل علي محمد و آل محمد، و استجب دعائي، و ارحم تضرعي، و كف عني البلاء، و لا تشمت بي الأعداء، و لا حاسدا، و لا تسلبني نعمة ألبستنيها، و لا تكلني الي نفسي طرفة عين يا رب العالمين و صل علي محمد النبي و آله و سلم تسليما (1) . في (الدر النظيم) قال الحميري: كتبت اليه (عليه السلام): «يختلف علينا أخباركم، فكيف العمل بها؟» قال: فكتب الي: «من لزم رأس العين لم يختلف عليه أمره، فانها تخرج من مخرجها و هي بيضاء صافية، نقية، فتخالطها الأكدار في طريقها». قال: فكتبت اليه: «كيف لنا برأس العين، و قد حيل بيننا و بينه؟» قال: فكتب الي: «هي مبذولة لمن طلبها، الا لمن أرادها بالحاد».

ص: 160


1- 304. البحار ج 102 / 238.

و في كتاب (من لا يحضره الفقيه): و كتب عبدالله بن جعفر الحميري الي أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) في امرأة أرضعت ولدا لرجل أيحل لذلك الرجل أن يتزوج ابنة المرضعة أم لا؟ فوقع (عليه السلام): لا يحل ذلك له (1) . أيضا: و كتب عبدالله بن جعفر الحميري الي أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام): انه روي عن الصالحين (عليهم السلام): أن اختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا، فان الأرض تضج الي الله (عزوجل) من بول الأغلف. (2) . و ليس - جعلني الله فداك - لحجامي بلدنا حذق (3) بذلك، و لا يختنونه يوم السابع، و عندنا حجام من اليهود، فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين أم لا؟ فوقع (عليه السلام): يوم السابع، فلا تخالفوا السنن ان شاء الله (4) . و عن الحميري قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام) أشكو اليه: ان بي دما صفراء، فاذا احتجمت هاجت الصفراء، و اذا أخرت الحجامة أضر بي الدم، فما تري في ذلك؟ فكتب (عليه السلام) الي: احتجم، و كل علي أثر الحجامة سمكا طريا، فأعدت عليه المسألة، فكتب الي: احتجم، و كل علي أثر الحجامة سمكا طريا بماء و ملح. فاستعملت ذلك، فكنت في عافية، و صار ذلك غذائي (5) .

عبدالله بن الحسين بن سعد (سعيد) القطربلي

قال النجاشي: عبدالله بن الحسين بن سعد القطربلي، الكاتب كان من

ص: 161


1- 305. من لا يحضره الفقيه ج 3 حديث 1471.
2- 306. الأغلف: غير المختون.
3- 307. حذق: بصيرة.
4- 308. من لا يحضره الفقيه ج 3 حديث 1529.
5- 309. مكارم الأخلاق / 62.

خواص سيدنا أبي محمد (عليه السلام).... و كان من وجوه أهل الأدب، له كتاب (التاريخ).

عبدالله بن حمدويه البيهقي

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و قد تقدم ذكره في ترجمة ابراهيم بن عبده النيسابوري.

عبدالله بن محمد، الاصفهاني

قد ذكرناه في كتاب (الامام الهادي من المهد الي اللحد) و هو الذي يروي النص علي الامام الحسن العسكري (عليه السلام) كما في (الكافي) بسنده عن عبدالله بن محمد الاصفهاني قال: قال أبوالحسن (الهادي) (عليه السلام): «صاحبكم بعدي: الذي يصلي علي». قال: و لم نعرف أبامحمد (العسكري) قبل ذلك. قال: فخرج أبومحمد فصلي عليه. (أي صلي علي جنازة أبيه) (1) .

عبدالله بن محمد الشامي

يكني أبامحمد الدمشقي، عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

عبدالله بن محمد، اليماني

يروي عنه خالد بن سليمان الذي هو من أصحاب الامام الهادي و الامام

ص: 162


1- 310. الكافي ج 1 / 326.

العسكري (عليهماالسلام) مما يدل أن الرجل كان معاصرا لأحد الأمامين أو كليهما. فقد روي الشيخ الطوسي في (مصباح المتهجد) بسنده عن أبي المفضل الشيباني قال: حدثنا أبومحمد، عبدالله بن محمد العابد، بالداليه الدالية: موضع قرب سنجار لفظا. قال: سألت مولاي: أبامحمد، الحسن بن علي (عليهماالسلام) في منزله (بسر من رأي) سنة خمس و خمسين و مائتين: أن يملي علي من الصلاة علي النبي و أوصيائه (عليه و عليهم السلام) و احضرت معي قرطاسا كثيرا، فأملي علي لفظا من غير كتاب، و قال: اكتب: (الصلاة علي النبي صلي الله عليه و آله): اللهم صل علي محمد كما حمل وحيك، و بلغ رسالاتك، و صل علي محمد، كما أحل حلالك، و حرم حرامك، و علم كتابك، و صل علي محمد كما أقام الصلاة، و أتي الزكاة، و دعا الي دينك، و صل علي محمد كما صدق بوعدك، و أشفق من وعيدك، و صل علي محمد كما غفرت به الذنوب، و سترت به العيوب، و فرجت به الكروب،، و صل علي محمد كما دفعت به الشقاء، و كشفت به الغماء، و أجبت به الدعاء، و نجيت به من البلاء، اللهم صل علي محمد كما رحمت به العباد، و احييت به البلاد، و قصمت به الجبابرة، و أهلكت به الفراعنة، و صل علي محمد كما أضعفت به الأموال، و أحرزت به من الأهوال، و كسرت به الأصنام، و رحمت به الأنام، و صل علي محمد كما بعثته بخير الأديان، و اعززت به الايمان، و تبرت به الأوثان، و عظمت به البيت الحرام، و صل علي محمد و أهل بيته الطاهرين الأخيار، و سلم تسليما. (الصلاة علي أميرالمؤمنين عليه السلام): اللهم صل علي أميرالمؤمنين، علي بن أبي طالب، أخي نبيك، و وليه

ص: 163

وصفيه، (و وصيه) و وزيره، و مستودع علمه، و موضع سره، و باب حكمته و الناطق بحجته، و الداعي الي شريعته، و خليفته في امته، و مفرج الكرب عن وجهه، قاصم الكفرة، و مرغم الفجرة، الذي جعلته من نبيك بمنزلة هارون من موسي. اللهم و ال من والاه، و عاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله و العن من نصب له من الأولين و الآخرين؛ و صل عليه أفضل ما صليت علي أحد من أوصياء أنبيائك يا رب العالمين. (الصلاة علي سيدة النساء فاطمة عليهاالسلام): اللهم صل علي الصديقة فاطمة الزكية، حبيبة حبيبك و نبيك، و ام أحبائك و أصفيائك، التي انتجبتها و فضلتها، و اخترتها علي نساء العالمين. اللهم كن الطالب لها ممن ظلمها، و استخف بحقها، و كن الثائر - اللهم - بدم أولادها. اللهم و كما جعلتها ام أئمة الهدي، و حليلة صاحب اللواء، و الكريمة عند الملأ الأعلي، فصل عليها و علي امها صلاة تكرم بها وجه أبيها: محمد (صلي الله عليه و آله) و تقر بها أعين ذريتها، و أبلغهم عني في هذه الساعة أفضل التحية و السلام. (الصلاة علي الحسن و الحسين عليهماالسلام): اللهم صل علي الحسن و الحسين، عبديك، و ولييك، و ابني رسولك، و سبطي الرحمة، و سيدي شباب أهل الجنة، أفضل ما صليت علي أحد من أولاد النبيين و المرسلين. اللهم صل علي الحسن ابن سيد النبيين، و وصي أميرالمؤمنين.

ص: 164

السلام عليك يابن رسول الله، السلام عليك يابن سيد الوصيين، أشهد أنك - يابن أميرالمؤمنين - أمين الله و ابن أمينه، عشت مظلوما، و مضيت شهيدا. و أشهد أنك الامام الزكي، الهادي المهدي. اللهم صل عليه، و أبلغ روحه و جسده عني في هذه الساعة أفضل التحية و السلام. اللهم صلي علي الحسين بن علي، المظلوم الشهيد، قتيل الكفرة، و طريح الفجرة. السلام عليك يا اباعبدالله، السلام عليك يابن رسول الله، السلام عليك يابن أميرالمؤمنين، أشهد موقنا: أنك أمين الله و ابن أمينه، قتلت مظلوما، و مضيت شهيدا و أشهد أن الله تعالي الطالب بثارك، و منجز ما وعدك من النصر، و التأييد في هلاك عدوك، و اظهار دعوتك. و أشهد أنك وفيت بعهد الله، و جاهدت في سبيل الله، و عبدت الله مخلصا حتي أتاك اليقين، لعن الله امة قتلتك، و لعن الله امة خذلتك، و لعن الله امة ألبت عليك، و أبرأ الي الله، ممن أكذبك، و استخف بحقك، و استحل دمك. بأبي أنت و امي يا أباعبدالله، لعن الله قاتلك، و لعن الله خاذلك، و لعن الله من سمع و اعيتك فلم يجبك و لم ينصرك، و لعن الله من سبا نساءك. أنا الي الله منهم بري ء، و ممن والاهم، و مالأهم و أعانهم عليه. و أشهد أنك و الأئمة من ولدك كلمة التقوي، و باب الهدي، و العروة الوثقي، و الحجة علي أهل الدنيا. و أشهد أني بكم مؤمن، و بمنزلتكم موقن، و لكم تابع بذات نفسي، و شرائع ديني، و خواتيم عملي، و منقلبي في دنياي و آخرتي. الصلاة علي علي بن الحسين (عليهماالسلام): اللهم صل علي علي بن الحسين، سيد العابدين، الذي استخلصته لنفسك

ص: 165

و جعلت من أئمة الهدي، الذي يهدون بالحق و به يعدلون، اخترته لنفسك، و طهرته من الرجس، و اصطفيته، و جعلته هاديا مهديا. اللهم فصل عليه أفضل ما صليت علي أحد من ذرية أنبيائك، حتي تبلغ به ما تقر به عينه في الدنيا و الآخرة، انك عزيز حكيم. الصلاة علي محمد بن علي (عليهماالسلام): اللهم صل علي محمد بن علي، باقر العلم، و امام الهدي، و قائد أهل التقوي و المنتجب من عبادك؛ اللهم و كما جعلته علما لعبادك، و منارا لبلادك، و مستودعا لحكمتك و مترجما لوحيك. و أمرت بطاعته، و حذرت من معصيته، فصل عليه - يا رب - أفضل ما صليت علي أحد من ذرية أنبيائك، و اصفيائك و رسلك و امنائك يا رب العالمين. الصلاة علي جعفر بن محمد (عليهماالسلام): اللهم صل علي جعفر بن محمد الصادق، خازن العلم، الداعي اليك بالحق، النور المبين، اللهم و كما جعلته معدن كلامك و وحيك، و خازن علمك و لسان توحيدك و ولي أمرك، و مستحفظ دينك، فصل عليه أفضل ما صليت علي أحد من اصفيائك و حججك، انك حميد مجيد؛ الصلاة علي موسي بن جعفر (عليهماالسلام): اللهم صل علي الأمين المؤتمن، موسي بن جعفر، البر الوفي، الطاهر الزكي النور المبين (المنير) المجتهد المحتسب، الصابر علي الأذي فيك؛ اللهم و كما بلغ عن آبائه ما استودع من أمرك و نهيك، و حمل علي المحجة، و كابد أهل العزة و الشدة فيما يلقي من جهال قومه، رب فصل عليه

ص: 166

أفضل و أكمل ما صليت علي أحد ممن أطاعك، و نصح لعبادك، انك غفور رحيم. الصلاة علي علي بن موسي (عليهماالسلام): اللهم صل علي علي بن موسي، الذي ارتضيته، و رضيت به من شئت من خلقك. اللهم و كما جعلته حجة علي خلقك، و قائما بأمرك، و ناصرا لدينك، و شاهدا علي عبادك، و كما نصح لهم في السر و العلانية، و دعا الي سبيلك بالحكمة و الموعظة الحسنة، فصل عليه أفضل ما صليت علي أحد من أوليائك، و خيرتك من خلقك انك جواد كريم. الصلاة علي محمد بن علي بن موسي (عليهماالسلام): اللهم صل علي محمد بن علي بن موسي، علم التقي، و نور الهدي، و معدن الوفاء و فرع الأزكياء، و خليفة الأوصياء، و أمينك علي وحيك. اللهم فكما هديت به من الضلالة، و استنقذت به من الحيرة، و أرشدت به من اهتدي، و زكيت به من تزكي، فصل عليه أفضل ما صليت علي أحد من أوليائك، و بقية أوصيائك، انك عزيز حكيم. الصلاة علي علي بن محمد (عليهماالسلام): اللهم صل علي علي بن محمد، وصي الأوصياء، و امام الأتقياء، و خلف أئمة الدين، و الحجة علي الخلائق أجمعين. اللهم كما جعلته نورا يستضي ء به المؤمنون، فبشر بالجزيل من ثوابك و أنذر بالأليم من عقابك، و حذر بأسك، و ذكر بآياتك، و أحل حلالك، و حرم حرامك، و بين شرائعك و فرائضك، و حض علي عبادتك، و أمر بطاعتك، و نهي

ص: 167

عن معصيتك فصل عليه أفضل ما صليت علي احد من أوليائك و ذرية انبيائك يا اله العالمين. قال أبومحمد اليمني: فلما انتهيت الي الصلاة عليه، امسك، فقلت له في ذلك، فقال: لولا أنه دين أمرنا الله تعالي أن نفعله و نؤديه الي أهله لا حببت الامساك ولكنه الدين، اكتب: الصلاة علي الحسن بن علي بن محمد (عليهم السلام): اللهم صل علي الحسن بن علي بن محمد، البر التقي، الصادق الوفي، النور المضيئي، خازن علمك، و المذكر بتوحيدك، و ولي أمرك، و خلف أئمة الدين، الهداة الراشدين، و الحجة علي أهل الدنيا. فصل عليه يا رب أفضل ما صليت علي أحد من أصفيائك، و حججك و أولاد رسلك يا اله العالمين. الصلاة علي ولي الأمر المنتظر صاحب الزمان، محمد ابن الحسن بن علي (عليهم السلام): اللهم صل علي وليك، و ابن أوليائك الذين فرضت طاعتهم، و أوجبت حقهم و أذهبت عنهم الرجس و طهرتهم تطهيرا. اللهم انصره و انتصر به لدينك، و انصر به اوليائك و أوليائه، و شيعته و أنصاره، و اجعلنا منهم؛ اللهم أعذه من شر كل باغ و طاغ، و من شر جميع خلقك، و احفظه من بين يديه و من خلفه، و عن يمينه و عن شماله، و احرسه و امنعه أن يوصل اليه بسوء، و احفظ فيه رسولك و آل رسولك، و أظهر به العدل، و أيده بالنصر، و انصر ناصريه، و اخذل خاذليه، و اقصم به جبابرة الكفر، و اقتل به الكفار و المنافقين، و جميع الملحدين، حيث كانوا من مشارق الأرض و مغاربها، و برها

ص: 168

و بحرها، و املأ به الأرض عدلا، و أظهر به دين نبيك. عليه و آله السلام، و اجعلني - اللهم - من أنصاره و أعوانه، و أتباعه و شيعته، و أرني في آل محمد ما يأملون، و في عدوهم ما يحذرون، اله الحق آمين. (1) .

عبيدالله بن عبدالله بن طاهر

ذكره السيد حسن الصدر في (تأسيس الشيعة) من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و ذكر ابن طاووس في (مهج الدعوات) عن كتاب (الأوصياء) لعلي بن محمد بن زياد الصيمري قال: دخلت علي أبي أحمد عبيدالله بن عبدالله بن طاهر، و بين يديه رقعة أبي محمد (عليه السلام) فيها: «اني نازلت الله - عزوجل - في هذا الطاغي (يعني المستعين) و هو آخذه بعد ثلاث». فلما كان في اليوم الثالث خلع [المستعين]، و كان من أمره ما رواه الناس في احداره الي واسط و قتله (2) .

عبدوس العطار

الكوفي، عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام) و احتمل البعض اتحاده مع عبدوس بن ابي عبيدة الذي يروي عن الامام الرضا (عليه السلام).

عثمان بن سعيد العمري

العمري، الزيات، يكني اباعمرو، السمان، الأسدي، ذكرناه في كتاب

ص: 169


1- 311. مصباح المتهجد / 399.
2- 312. مهج الدعوات / 274.

(الامام الهادي) و (الامام المهدي) عليهماالسلام، قام بخدمة الامام الهادي (عليه السلام) يوم كان عمره احدي عشرة سنة، و كان جليل القدر، ثقة، و وكيلا للامام الهادي و الامام العسكري و الامام المهدي (عليهم السلام) و هو أول النواب الأربعة في الغيبة الصغري؛ و في الكافي...: و سأل أبوعلي (أحمد بن اسحاق) أبامحمد (عليه السلام) عن مثل ذلك فقال له: «العمري و ابنه ثقتان، فما أديا اليك عني فعني يؤديان و ما قالا فعني يقولان، فاسمع لهما و أطعهما، فانهم الثقتان المأمونان» (1) . و في (اكمال الدين) بسنده عن أبي جعفر العمري [محمد بن عثمان بن سعيد]. قال: لما ولد السيد [الامام المهدي] (عليه السلام) قال أبومحمد (عليه السلام): ابعثوا الي أبي عمرو. [عثمان بن سعيد]. فبعث اليه، فصار اليه فقال له: اشتر عشرة آلاف رطل خبز، و عشرة آلاف رطل لحم، و فرقه حسبة علي بني هاشم، و عق عنه بكذا و كذا شاة (2) . و في (اكمال الدين) بسنده عن محمد بن عثمان العمري عن أبيه [عثمان بن سعيد] عن أبي محمد الحسن بن علي [العسكري] (عليه السلام) في الخبر الذي روي عن آبائه (عليهم السلام): «ان الأرض لا تخلو من حجة لله علي خلقه الي يوم القيامة، و أن من مات و لم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية». فقال [الامام] (عليه السلام): ان هذا حق، كما أن النهار حق. فقيل له: يابن رسول الله فمن الحجة و الامام بعدك؟ فقال: ابني محمد هو الامام و الحجة بعدي، من مات و لم يعرفه مات ميتة جاهلية؛

ص: 170


1- 313. الكافي ج 1 / 329 باب تسمية من رآه.
2- 314. اكمال الدين / 430 باب 42 حديث 6.

أما ان له غيبة، يحار فيها الجاهلون، و يهلك فيها المبطلون و يكذب فيها الوقاتون. ثم يخرج، فكأني أنظر الي الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفة (1) .

عروة بن يحيي، النخاس، الدهقان

خبيث و أي خبيث، منحرف أيما انحراف، ملعون، رجس، كان يكذب علي الامام العسكري (عليه السلام) و كان الامام العسكري يلعنه، و يأمر شيعته بلعنه و دعا عليه بقطع الأموال (أي بسبب أخذه أموال الامام). في (الكشي): قال علي بن سليمان بن رشيد العطار البغدادي: كان يلعنه أبومحمد (عليه السلام) و ذكر انه كانت لأبي محمد (عليه السلام) خزانة، و كان يليها أبوعلي بن راشد (رضي الله عنه) فسلمت [الخزانة] الي عروة [اللعين] فأخذ منها لنفسه ثم أحرق باقي ما فيها يغايظ بذلك أبامحمد (عليه السلام). فلعنه [الامام]، و برأ منه، و دعا عليه، فما أمهله يومه ذلك و ليلته حتي قبضه الله الي النار. فقال [الامام] (عليه السلام): جلست لربي في ليلتي هذه كذا و كذا جلسة، فما انفجر عمود الصبح، و لا انطفا تلك النار حتي قتل الله عروة، لعنه الله (2) . أقول: انني أظن انه لما سرق الأموال و الهدايا من خزانة الامام العسكري (عليه السلام) أراد اللعين تغطية جريمته، و ستر سرقته، فأحرق الخزانة حتي

ص: 171


1- 315. اكمال الدين / 409 باب 38 حديث 9. و رواه في (اعلام الوري) / 442 باختلاف يسير.
2- 316. رجال الكشي / 480.

يحترق كل ما فيها، فلا يعلم شي ء من محتوياتها، فلا يعرف أحد أن اللعين سرق شيئا منها.

علي بن أحمد بن حماد

في (المناقب): علي بن أحمد بن حماد قال: خرج أبومحمد في يوم مصيف راكبا، و عليه جفاف [تجفاف] (1) و ممطر، فتكلموا [اعترضوا عليه] في ذلك، فلما انصرفوا من مقصدهم امطروا في طريقهم و ابتلوا، سواه [سوي الامام عليه السلام]. (2) .

علي بن بلال، البغدادي

يكني أباالحسن، عده الشيخ من أصحاب الامام الجواد و الامام الهادي و الامام العسكري (عليهم السلام).

علي بن جعفر الحلبي

في (الخرائج): روي عن علي بن جعفر الحلبي [قال]: اجتمعنا بالعسكر، و ترصدنا لأبي محمد (عليه السلام) يوم ركوبه (3) فخرج توقيعه: «ألا: لا يسلمن علي أحد، و لا يشير الي بيده، و لا يومي ء أحدكم، فانكم لا تؤمنون «تأمنون خ ل» علي أنفسكم».

ص: 172


1- 317. التجفاف: آلة للحرب تلبسها الفرس، و الانسان يتقي بها كأنها درع.
2- 318. مناقب ابن شهراشوب ج 4 / 439.
3- 319. أي ركوبه الي دار الخلافة.

قال: و الي جانبي شاب، فقلت: من أين أنت؟ قال: من المدينة قلت: ما تصنع ههنا؟ قال: اختلفوا - عندنا - في أبي محمد (عليه السلام) فجئت لأراه و أسمع منه، أو اري منه دلالة ليسكن قلبي، و اني من ولد ابي ذر الغفاري. فبينما نحن كذلك اذ خرج أبومحمد (عليه السلام) مع خادم له، فلما حاذانا نظر الي الشاب الذي بجنبي فقال: أغفاري أنت؟ قال: نعم. قال: ما فعلت امك: حمدويه؟ قال: صالحة. و مر [الامام]. فقلت للشباب: أكنت رأيته قط، و عرفته بوجهه قبل اليوم؟ قال: لاقلت: فينفعك (1) هذا؟ قال: و من دون هذا (2) .

علي بن جعفر بن العباس، الخزاعي، المروزي

ذكره الشيخ من أصحاب الأمام العسكري و كان واقفيا.

علي بن جعفر، الهماني، البرمكي

منسوب الي همينا، قرية في ضواحي بغداد.

علي بن جعفر، الوكيل

اختلف علماء الرجال في هذين الاسمين، هل هما اثنان أو اسمان لرجل واحد؟ و بعبارة اخري اختلفوا في التعدد أو الاتحاد. و علي كل تقدير لقد ذكرنا في كتاب (الامام الهادي من المهد الي اللحد) بعض ما يتعلق بالهماني، و ذكرنا - هناك - ان الامام الهادي (عليه السلام)

ص: 173


1- 320. فيقنعك هذا؟ خ ل.
2- 321. الخرائج و الجرائح ج 1 / 439 ح 20.

أمره أن يسكن في مكة، وعد الشيخ الطوسي في أصحاب الامام الهادي (عليه السلام) علي بن جعفر وكيل ثقة و في أصحاب الامام العسكري (عليه السلام): علي بن جعفر، قيم لأبي الحسن [الهادي] (عليه السلام)، ثقة. و ذكر الطوسي في (الغيبة) بسنده عن أبي جعفر العمري (رضي الله عنه) قال: حج أبوطاهر بن بلال، فنظر الي علي بن جعفر و هو ينفق النفقات العظيمة، فلما انصرف، كتب بذلك الي أبي محمد (عليه السلام) فوقع [الامام] في رقعته [الي أبي طاهر]: «قد كنا أمرنا له بمائة ألف دينار، ثم أمرنا له بمثلها، فأبي قبوله، ابقاء علينا، ما للناس و الدخول في أمرنا فيما لم ندخلهم فيه؟». وعده ابن شهراشوب من رواة النص علي امامة الامام العسكري (عليه السلام) و من ثقاته.

علي بن الحسن (الحسين) السائح

روي الصدوق بسنده عن علي بن الحسن السائح قال: سمعت الحسن بن علي العسكري يقول: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلي الله عليه و آله) - لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): «يا علي! لا يحبك الا من طابت ولادته، و لا يبغضك الا من خبثت ولادته، و لا يواليك الا مؤمن، و لا يعاديك الا كافر». فقام اليه عبدالله بن مسعود فقال: يا رسول الله! قد عرفنا علامة خبيث الولادة و الكافر في حياتك ببغض علي و عداوته، فما علامة خبيث الولادة و الكافر بعدك، اذا أظهر الاسلام بلسانه و أخفي مكنون سريرته؟ فقال (صلي الله عليه و آله): يابن مسعود! علي بن أبي طالب امامكم

ص: 174

بعدي، و خليفتي عليكم فاذا مضي فابني: الحسن امامكم بعده، و خليفتي عليكم، فاذا مضي فابني: الحسين امامكم بعده و خليفتي عليكم ثم تسعة من ولد الحسين، واحد بعد واحد، ائمتكم و خلفائي عليكم، تاسعهم قائم امتي، يملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت جورا و ظلما، لا يحبهم الا من طابت ولادته، و لا يبغضهم الا من خبثت ولادته و لا يواليهم الا مؤمن، و لا يعاديهم الا كافر؛ من أنكر واحدا منهم فقد أنكرني، و من أنكرني فقد أنكر الله (عزوجل) و من جحد واحدا منهم فقد جحدني، و من جحدني فقد جحد الله (عزوجل) لأن طاعتهم طاعتي، و طاعتي طاعة الله، و معصيتهم معصيتي و معصيتي معصية الله (عزوجل)؛ يابن مسعود! اياك أن تجد في نفسك حرجا مما أقضي فتكفر، فوعزة ربي! ما أنا متكلف، و لا ناطق عن الهوي في علي و الأئمة من ولده؛ ثم قال (صلي الله عليه و آله) - و هو رافع يديه الي السماء -: «اللهم و ال من والي خلفائي، و أئمة امتي بعدي، و عاد من عاداهم، و انصر من نصرهم، و اخذل من خذلهم، و لا تخل الأرض من قائم منهم بحجتك ظاهرا أو خافيا مغمورا، لئلا يبطل دينك و حجتك [و برهانك] و بيناتك». ثم قال (صلي الله عليه و آله): «يابن مسعود! قد جمعت لكم - في مقامي هذا - ما ان فارقتموه هلكتم، و ان تمسكتم به نجوتم، و السلام علي من اتبع الهدي» (1) .

علي بن الحسن بن سابور

في البحار عن (الخرائج) و (المناقب):

ص: 175


1- 322. اكمال الدين / 261 باب 24 حديث 8.

روي عن علي بن الحسن بن سابور قال: قحط الناس بسر من رأي من زمن الحسن الأخير [العسكري] (عليه السلام)، فأمر الخليفة الحاجب و أهل مملكته أن يخرجوا الي الاستسقاء، فخرجوا ثلاثة أيام متوالية الي المصلي و يدعون، فما سقوا! فخرج الجاثليق في اليوم الرابع الي الصحراء، و معه النصاري و الرهبان، و كان فيهم راهب، فلما مد يده هطلت السماء بالمطر، فشك أكثر الناس، و تعجبوا، و صبوا [مالوا] الي دين النصرانية؛ فأنفذ الخليفة الي الحسن (عليه السلام) و كان محبوسا، فاستخرجه من محبسه، و قال: الحق امة جدك فقد هلكت!! فقال [الامام]: اني خارج في الغد، و مزيل الشك ان شاء الله تعالي. فخرج الجاثليق في اليوم الثالث، و الرهبان معه، و خرج الحسن (عليه السلام) في نفر من أصحابه، فلما بصر بالراهب و قد مد يده أمر [الامام] بعض مماليكه أن يقبض علي يده اليمني و يأخذ ما بين اصبعيه، ففعل و أخذ من بين سبابتيه عظما أسودا، فأخذه الحسن (عليه السلام) بيده، ثم قال له [للجاثليق]: استسق الآن. فاستسقي، و كانت السماء متغيمة فتقشعت، و طلعت الشمس بيضاء؛ فقال الخليفة: ما هذا العظم يا أبامحمد؟ قال (عليه السلام): هذا رجل مر بقبر نبي من الأنبياء، فوقع الي يده هذا العظم، و ما كشف عن عظم نبي الا و هطلت السماء بالمطر (1) . أقول و روي بعض علماء العامة هذا الخبر مع زيادة، منهم: ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) و الشبلنجي في (نور الأبصار) و ابن حجر في (الصواعق) و القندوزي في (ينابيع المودة) و غيرهم. و ننقل - هنا - ما ذكره ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) ففيه

ص: 176


1- 323. البحار ج 50 / 270 عن الخرائج و المناقب و كشف الغمة.

اضافات نافعة و مفيدة: قال أبوهاشم [الجعفري]: ثم لم تطل مدة أبي محمد: الحسن في الحبس الا أن قحط الناس - بسر من رأي - قحطا شديدا، فأمر الخليفة - المعتمد علي الله، ابن المتوكل - بخروج الناس الي الاستسقاء، فخرجوا ثلاثة ايام يستسقون و يدعون، فلم يسقوا؛ فخرج الجاثليق (1) في اليوم الرابع الي الصحراء، و خرج معه النصاري و الرهبان، و كان فيهم راهب كلما مده يده الي السماء و رفعها هطلت بالمطر، ثم خرجوا في اليوم الثاني و فعلوا كفعلهم أول يوم فهطلت السماء بالمطر و سقوا سقيا شديدا، حتي استعفوا. فعجب الناس من ذلك، و ادخلهم الشك، و صبا [مال] بعضهم الي النصرانية، فشق ذلك علي الخليفة، فأنفذ الي صالح بن وصيف: أن أخرج أبامحمد: الحسن بن علي من السجن و اتني به. فلما حضر أبومحمد: الحسن عند الخليفة قال [الخليفة] له: أدرك امة محمد فيما لحق بعضهم في هذه النازلة. فقال أبومحمد: دعهم يخرجون غدا اليوم الثالث. قال [الخليفة]: قد استعفي الناس من المطر و استكفوا، فما فائدة خروجهم؟ قال [الامام]: لازيل الشك عن الناس و ما وقعوا فيه من هذا الورطة التي أفسدوا فيه عقولا ضعيفة!! فأمر الخليفة الجاثليق و الرهبان أن يخرجوا أيضا في اليوم الثالث علي جاري عادتهم، و ان يخرجوا الناس. فخرج النصاري، و خرج لهم أبومحمد الحسن، و معه خلق كثير، فوقف النصاري علي جاري عادتهم يستسقون، الا ذلك الراهب، مد يديه رافعا لهما

ص: 177


1- 324. الجاثليق: عالم النصاري.

الي السماء، و رفعت النصاري و الرهبان أيديهم علي جاري عادتهم، فغيمت السماء في الوقت، و نزل المطر!! فأمر أبومحمد الحسن القبض علي يد الراهب، و أخذ مافيها، فاذا بين أصابعها [يده] عظم آدمي، فأخذه أبومحمد الحسن، و لفه في خرقة، و قال [للراهب]: استسق!! فانكشف السحاب، و انقشع الغيم، و طلعت الشمس!! فعجب الناس من ذلك، و قال الخليفة: ما هذا يا أبامحمد؟ فقال: «عظم نبي من انبياء الله (عزوجل) ظفر به هؤلاء من بعض قبور الأنبياء، و ما كشف عن عظم نبي تحت السماء الا هطلت بالمطر». و استحسوا (استحسنوا ظ) ذلك، فامتحنوه، فوجدوه كما قال. فرجع أبومحمد الحسن الي داره بسر من رأي، و قد ازال عن الناس هذه الشبهة، و قد سر الخليفة و المسلمون من ذلك، و كلم أبومحمد الحسن الخليفة في اخراج أصحابه الذين كانوا معه في السجن، فأخرجهم، و أطلقهم له... الي آخره. (1) .

علي بن الحسن بن فضال، التيمي

أو التيملي، أو الميثمي، كوفي، ثقة، كثير العلم، واسع الأخبار، جيد التصانيف فطحي غير معاند، له حوالي ثلاثين كتابا في الفقه و الطب و التفسير و المواعظ، و الفضائل. و غير ذلك. عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام) و بنو فضال بيت معروفون و مشهورون بالحديث و العبادة و المؤلفات العديدة.

ص: 178


1- 325. الفصول المهمة / 287.

علي بن الحسن بن الفضل، اليماني

يوجد في (الكافي) ج 1 / باب مولد أبي محمد الحسن بن علي (عليهماالسلام) حديث 7. حديث يذكره علي بن الحسن بن الفضل، ولكنه غير واضح المراد، بسبب الابهام و الغموض و لم أجد فائدة في ذكر ذلك الحديث.

علي بن رميس

عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام).

علي بن الريان بن الصلت، الأشعري، القمي

عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام).

علي بن زيد

ابن علي بن الحسين بن زيد بن علي [زين العابدين] بن الحسين [السبط] (عليهماالسلام). هو علي الأحول، و ابوه: زيد هو الملقب بالشبيه، النسابة، كان فاضلا، صنف كتاب (المقاتل) و (المبسوط) في علم النسب...

ص: 179

و علي أبوه كان من ولد الحسين الملقب بذي الدمعة ابن زيد الشهيد ابن زين العابدين (عليه السلام) (1) . عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام). و في (الكافي) بسنده عن علي بن زيد بن علي بن الحسين قال: كان لي فرس، و كنت به معجبا، اكثر ذكره في المحال، فدخلت علي أبي محمد (العسكري) يوما فقال لي: ما فعل فرسك؟ فقلت: هو عندي، و هو ذا علي بابك، و عنه نزلت. فقال لي: استبدل به قبل السماء، ان قدرت علي مشتري، و لا تؤخر ذلك. و دخل علينا داخل، و انقطع الكلام، فقمت متفكرا، و مضيت الي منزلي فاخبرت أخي الخبر، فقال: ما أدري ما أقول في هذا؟ و شحت به، و نفست علي الناس ببيعه، و أمسينا، فأتانا السائس، و قد صلينا العتمة، فقال: يا مولاي نفق (أي مات) فرسك! فاغتممت، و علمت أنه (أي الامام) عني هذا بذلك القول (أي امرني ببيع الفرس لهذا السبب). قال: ثم دخلت علي أبي محمد بعد أيام، و أنا أقول - في نفسي -: ليته أخلف علي دابة. اذ كنت اغتممت بقوله. فلما جلست قال: نعم، نخلف دابة عليك. يا غلام أعطه برذوني: الكميت. هذا خير من فرسك، و اوطأ، و أطول عمرا (2) . في (البحار) عن (الخرائج) عن علي بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي. قال: صحبت أبامحمد من دار العامة الي منزله، فلما صار الي الدار و أردت الانصراف قال: أمهل. فدخل ثم أذن لي، فدخلت فاعطاني مائتي دينار و قال: «اصرفها في ثمن جارية، فان جاريتك فلانة قد ماتت».

ص: 180


1- 326. مرآة العقول ج 6 / 159.
2- 327. الكافي ج 1 / 510.

و كنت خرجت من المنزل و عهدي بها [الجارية] أنشط ما كانت، فمضيت فاذا الغلام قال: ماتت جاريتك - فلانة - الساعة. قلت: ما حالها؟ قيل: شرقت (1) فماتت (2) .

علي بن سليمان بن داود، الرقي

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

علي بن سليمان رشيد العطار

ابن رشيد، العطار، البغدادي، عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي (عليه السلام) و هو الذي يروي ان عروة بن يحيي الدهقان (لعنه الله) أحرق خزانة الامام العسكري (عليه السلام) مما يدل علي انه ادرك الامام العسكري أيضا، و قد ذكرنا كلامه في ترجمة عروة بن يحيي في حرف العين من هذا الكتاب.

علي بن شجاع النيسابوري

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و قد يذكر بعلي بن محمد بن شجاع.

علي بن عاصم

الكوفي، كان علي بن عاصم شيخ الشيعة في وقته، و مات في حبس

ص: 181


1- 328. شرقت: أي شربت ماء فشرقت أي غصت.
2- 329. البحار ج 50 / 246.

المعتضد، و كان حمل من الكوفة مع جماعة من أصحابه، فحبس من بينهم بالمطامير، فمات علي سبيل ماء و اطلق الباقون. أقول: روي عن الامام الجواد (عليه السلام) و عاش الي زمان الغيبة، كما ذكره الصدوق في (اكمال الدين) باب 49. و في البحار: حديث عن بعض مؤلفات أصحابنا: عن علي بن عاصم الكوفي الأعمي قال: دخلت علي سيدي: الحسن العسكري، فسلمت عليه فرد علي السلام و قال: مرحبا بك يابن عاصم، اجلس، هنيئا لك... الي آخره (1) .

علي بن عبدالغفار

عده الشيخ و البرقي من أصحاب الامام الهادي (عليه السلام) و عاش الي زمان الامام العسكري (عليه السلام). في (الكافي) بسنده عن علي بن عبدالغفار قال: دخل العباسيون علي صالح بن وصيف، و دخل صالح بن علي، و غيره (من المنحرفين عن هذه الناحية) علي صالح بن وصيف عندما حبس أبامحمد (عليه السلام) فقال لهم صالح: و ما أصنع؟ قد وكلت به رجلين من أشر من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة و الصلاة و الصيام الي أمر عظيم؛ فقلت لهما: ما فيه؟ فقالا: ما تقول في رجل يصوم النهار، و يقوم الليل كله، لا يتكلم، و لا يتشاغل، و اذا نظرنا اليه ارتعدت فرائصنا، و يداخلنا مالا نملكه من أنفسنا. فلما سمعوا (العباسيون و غيرهم) ذلك، انصرفوا خائبين (2) .

ص: 182


1- 330. البحار ج 5 / 316.
2- 331. الكافي ج 1 / 512.

علي بن عبدالله بن مروان

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

علي بن عمرو العطار

القزويني، عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي (عليه السلام) و هو من رواة النص علي الامام الحسن العسكري (عليه السلام) كما في (الكافي): بسنده عن علي بن عمرو العطار قال: دخلت علي أبي الحسن [الهادي] العسكري (عليه السلام) و أبوجعفر ابنه في الأحياء، و انا أظن انه هو [الامام]. فقلت له: جعلت فداك من أخص من ولدك؟ فقال: لا تخصوا احدا حتي يخرج اليكم أمري. قال: فكتبت اليه بعد: فيمن يكون الأمر؟ قال: فكتب الي: «في الكبير من ولدي» قال: و كان أبومحمد أكبر من جعفر (1) .

علي بن عمر، النوفلي

ذكرناه في كتاب (الامام الهادي عليه السلام) و حيث أنه من رواة النص علي الامام الحسن العسكري (عليه السلام) نذكر حديثه - هنا - أيضا. في (الكافي) بسنده عن علي بن عمر النوفلي قال: كنت مع أبي الحسن (الهادي) عليه السلام في صحن داره، فمر بنا محمد ابنه (هو السيد محمد اخو الامام العسكري).

ص: 183


1- 332. الكافي ج 1 / 326.

فقلت له: جعلت فداك! هذا صاحبنا بعدك؟ فقال: لا، صاحبكم بعدي: الحسن (1) .

علي بن محمد بن الياس

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

علي بن محمد، الحضيني

في (الكافي) بسنده عن ابراهيم بن مهزيار قال: كتب اليه (الي أبي محمد العسكري) علي بن محمد الحضيني: ان ابن عمي أوصي أن يحج عنه بخمسة عشر دينارا في كل سنة، فليس يكفي، فما تأمر في ذلك؟ فكتب: يجعل حجتين في حجة، (أي يعطي ثلاثون دينارا عن كل حجة) ان الله عالم بذلك (2) .

علي بن محمد بن الحسن

في (كشف الغمة): عن علي بن محمد بن الحسن قال: وافت جماعة من الأهواز من أصحابنا، و كنت معهم، و خرج السلطان الي صاحب البصرة (3) فخرجنا لننظر الي أبي محمد (عليه السلام) فنظرنا اليه ماضيا معه و قعدنا بين الحائطين بسر من رأي ننتظر رجوعه؛ فرجع، فلما حاذانا و قرب منا وقف و مد يده الي قلنسوته فأخذها عن

ص: 184


1- 333. الكافي ج 1 / 326.
2- 334. الكافي ج 4 / 310.
3- 335. لعل المقصود من صاحب البصرة هو صاحب الزنج.

رأسه، و أمسكها بيده، و أمر يده الاخري علي رأسه، و ضحك في وجه رجل منا. فقال الرجل: أشهد أنك حجة الله و خيرته. فقلنا: يا هذا ما شأنك؟ قال: كنت شاكا فيه، فقلت - في نفسي -: ان رجع و أخذ القلنسوة عن رأسه قلت بامامته (1) .

علي بن محمد بن زياد الصيمري

و قد يعبر عنه بعلي بن زياد الصيمري، عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام) ادرك الرجل عشرين سنة من الغيبة الصغري، لأنه كتب الي الامام المهدي (سلام الله عليه) يسأله كفنا فكتب اليه الامام: انك تحتاج اليه سنة ثمانين. فمات في سنة ثمانين و بعث [الامام] اليه بالكفن قبل موته بأيام (2) .

علي بن محمد بن سيار

و قد يعبر عنه بالسياري، و نذكر ترجمته في حرف الياء ترجمة يوسف بن محمد بن زياد، انشاء الله.

علي بن يزيد

المعروف بابن رمش، قال:

ص: 185


1- 336. كشف الغمة ج 2 / 425.
2- 337. الكافي ج 1 / 524.

اعتل ابني أحمد، و ركبت بالعسكر [ذهبت الي سامراء] و هو [أحمد] ببغداد، فكتبت الي أبي محمد أسأله الدعاء، فخرج توقيعه: «أوما علم علي أن لكل أجل كتابا؟» فمات الابن (1) .

عمر بن أبي مسلم

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) مرتين. قد ذكرنا حديثه في ترجمة سيف بن الليث، في حرف السين من هذا الكتاب. و في (كشف الغمة): قال عمر بن أبي مسلم: كان سميع المسمعي يؤذيني كثيرا، و يبلغني عنه ما أكره، و كان ملاصقا لداري، فكتبت الي أبي محمد أسأله الدعاء بالفرج منه، فرجع الجواب: «أبشر بالفرج سريعا، و أنت مالك داره». فمات بعد شهر، و اشتريت داره، فوصلتها بداري، ببركته [الامام] (2) . و في (الخرائج): «ابشر بالفرج سريعا، و يقدم عليك مال من ناحية فارس» و كان لي بفارس ابن عم تاجر، لم يكن له وارث غيري، فجاءني ماله بعد ما مات بأيام يسيرة. و وقع [الامام] في الكتاب: «استغفر الله و تب مما تكلمت به» و ذلك أني كنت يوما مع جماعة من النصاب [النواصب] فذكروا أباطالب، حتي ذكروا مولاي [الامام] فخضت معهم لتضعيفهم أمره؛ فتركت الجلوس مع القوم، و علمت أنه اراد [من الاستغفار و التوبة] ذلك (3) .

ص: 186


1- 338. الخرائج و الجرائح ج 1 / 438.
2- 339. كشف الغمة ج 2 / 422.
3- 340. الخرائج و الجرائح ج 1 / 447 باب 12 حديث 33.

عمرو، الأهوازي

في (الكافي) بسنده عن عمرو الأهوازي قال: أراني أبومحمد (أي العسكري) ابنه، و قال: هذا صاحبكم من بعدي. (1) .

عمرو بن سويد، المدائني

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

عمرو (عمر) بن محمد بن زياد

أو (ريان خ ل) الصيمري. قال: دخلت علي أبي أحمد: عبيدالله بن عبدالله بن طاهر، و بين يديه رقعة [مكتوب] أبي محمد (عليه السلام) فيها: «اني نازلت الله في هذا الطاغي (يعني المستعين) و هو (الله) آخذه بعد ثلاث». فلما كان اليوم الثالث خلع [المستعين] و كان من أمره ما كان الي أن قتل (2) . أقول: يقال: نازلت ربي في أمر كذا أي راجعته و سألته مرة بعد مرة، و المعني: اني دعوت الله علي المستعين، و الله تعالي سيأخذه بعد ثلاثة أيام. أقول: هكذا وجدنا الحديث في كتاب (الغيبة) للشيخ الطوسي / 122. و لنا ملاحظات حول هذا الحديث: فان المستعين خلع سنة اثنتين و خمسين و مائتين من الهجرة أي قبل وفاة الامام الهادي (عليه السلام) بسنتين

ص: 187


1- 341. الكافي ج 1 / 328.
2- 342. غيبة الطوسي / 122 و كشف الغمة ج 2 / 428.

(كما ذكره الطبري)، لا في عصر الامام العسكري (عليه السلام). فاما أن نقول: ان الحديث يتعلق بالامام الهادي (عليه السلام) و كلمة: «مكتوب أبي محمد» من سهو النساخ، أو نقول: ان المخلوع - في هذا الحديث - هو المعتز لا المستعين. و يحتمل احتمالا ضعيفا ان الامام العسكري دعا علي المستعين في عصر الامام الهادي و هو بعيد. و قد ذكر الاربلي في (كشف الغمة) هذا الحديث بصورة اخري: حدث محمد بن علي الصيمري قال: دخلت علي أبي أحمد: عبيدالله بن عبدالله، و بين يديه رقعة أبي محمد (عليه السلام) فيه: «اني نازلت الله في هذا الطاغي (يعني الزبيري) و هو آخذه بعد ثلاث» فلما كان في اليوم الثالث فعل به ما فعل. و يمكن أن يكون المقصود من (الزبيري) هو نصر بن أحمد الزبيري الذي قتل يوم قتل المهتدي، كما ذكره الطبري ج 8 / 587 فانه كان من قواد المغاربة، فلعله كان يسيي ء الي الامام العسكري (عليه السلام) بأمر من المهتدي. و في (دلائل الامامة) بدل كلمة: «الزبيري» توجد كلمة: «يعني الزبير بن جعفر» و الله العالم.

العمركي بن علي بن محمد، البوفكي، النيسابوري

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) له كتاب (الملاحم) و (نوادر)، يقال انه اشتري غلمانا أتراكا بسمرقند للعسكري (عليه السلام). و قال النجاشي: شيخ من أصحابنا، ثقة. و يروي أحاديث كثيرة عن أصحاب الائمة (عليهم السلام).

ص: 188

عيسي بن صبيح

(سيح) (شج) (الفتح) (1) . في (الخرائج) بسنده عن عيسي بن صبيح قال: دخل الحسن العسكري (عليه السلام) علينا الحبس، و كنت به عارفا، فقال لي: لك خمس و ستون سنة و شهر و يومان!! و كان معي كتاب دعاء عليه تاريخ مولدي، و اني نظرت فيه فكان كما قال، و قال: هل رزقت ولدا؟ قلت: لا. فقال: اللهم ارزقه ولدا يكون له عضدا، فنعم العضد الولد. ثم تمثل (عليه السلام): من كان ذا عضد يدرك ظلامته ان الذليل الذي ليست له عضد قلت: ألك ولد؟ قال: اي والله سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطا و عدلا، فأما الآن فلا، ثم تمثل: لعلك يوما أن تراني كأنما بني حوالي الاسود اللوابد فان تميما قبل أن يلد الحصي اقام زمانا و هو في الناس واحد (2) .

عيسي بن مهدي الجوهري

الجوهري، ورد ذكره في (الهداية الكبري) انه كان من جملة الواردين علي الامام العسكري (عليه السلام) في سامراء (3) .

ص: 189


1- 343. أقول: لايوجد في أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) من يسمي (بعيسي بن صبيح) و قد روي هذا الحديث في نسخة اخري: عيسي بن سيح و في كشف الغمة: عيسي بن شبح. و في الفصول المهمة: عيسي بن الفتح.
2- 344. الخرائج و الجرائح ج / 478 باب 13 حديث 19.
3- 345. الهداية الكبري / 344.

حرف الفاء

الفضل بن الحارث

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و روي الكشي بسنده عن اسحاق بن محمد البصري قال: حدثني الفضل بن الحارث قال: كنت بسر من رأي وقت خروج (أي وفاة) سيدي ابي الحسن (الهادي) فرأينا أبامحمد (العسكري) عليهماالسلام ماشيا، قد شق ثيابه، فجعلت أتعجب من جلالته، و ما هو له أهل، و من شده اللون و الأدمة (1) و اشفق عليه من التعب؛ فلما كان الليل، رأيته (عليه السلام) في منامي، فقال: اللون الذي تعجبت منه اختيار من الله لخلقه، يختبر به كيف يشاء، انها لعبرة لاولي الأبصار، لا يقع فيه علي المختبر ذم، و لسنا كالناس فنتعب كما يتعبون، نسأل الله الثبات و التفكر في خلق الله، فان فيه متسعا. و اعلم أن كلامنا في النوم مثل كلامنا في اليقظة (2) . قال الكشي: فدل هذا الخبر علي أن الفضل (بن الحارث) مؤتمن في القول. والله العالم. أقول: لعل الحديث يحتاج الي شي ء من الشرح: لقد تعجب الفضل بن الحارث من سمرة لون الامام العسكري (عليه السلام) ان صح كلامه، و كان يتوقع أن يكون لون الامام أبيضا أو أحمرا، لمكانته العالية عند الله تعالي، لأن ذلك يقتضي ان يختار الله تعالي أحسن الألوان لوليه، فرأي الفضل في المنام الامام العسكري (عليه السلام) و قال له الامام.

ص: 190


1- 346. يستفاد من هذا الكلام ان الامام العسكري (عليه السلام) كان أسمر اللون.
2- 347. رجال الكشي / 481.

«ان الله تعالي اختار لي هذه اللون، و لا يقع ذم و لا لوم علي فعل خارج عن اختيار العبد، و لسنا نتعب بالأعمال التي تتعب الناس، بسبب قوة الروح و تصرفها في البدن.

الفضل بن شاذان، النيسابوري

يكني أبامحمد، ذكرناه في كتاب (الامام الجواد) و (الامام الهادي) عليهماالسلام. و قد عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) أيضا، و لم يرو عن الامام العسكري (عليه السلام) شيئا. و روي الكشي، قال: سمعت محمد بن ابراهيم الوراق السمرقندي، يقول: خرجت الي الحج، فأردت أن أمر علي رجل كان من أصحابنا، معروف بالصدق و الصلاح، و الورع و الخير، يقال له: بورق البوشنجاني (قرية من قري هرات) و أزوره و احدث به عهدي. قال: فأتيته، فجري ذكر الفضل بن شاذان رحمه الله، فقال بورق: كان الفضل به بطن (أي اسهال)، شديد العلة، و يختلف (أي يذهب الي المرافق) في الليلة مائة مرة الي مائة و خمسين مرة، فقال له (أي للراوي) بورق: خرجت حاجا، فأتيت محمد بن عيسي العبيدي، فرأيته شيخا فاضلا «في أنفه اعوجاج، و هو القنا (أي أقني الأنف) و معه عدة، و رأيتهم مغتمين، محزونين فقلت لهم: مالكم؟ فقال: ان أبامحمد (العسكري) قد حبس؛ قال بورق: فحججت، و رجعت، ثم أتيت محمد بن عيسي، فوجدته قد انجلي ما كنت رأيت به، فقلت: ما الخبر؟ قال: قد خلي عنه (أي اطلق سراح الامام). قال بورق: فخرجت الي سر من رأي، و معي كتاب (يوم و ليلة) «تصنيف

ص: 191

الفضل بن شاذان» فدخلت علي أبي محمد (عليه السلام) و أريته ذلك الكتاب، فقلت له: جعلت فداك، ان رأيت أن تنظر فيه؛ قال: فنظر فيه، و تصفحه ورقة ورقة، فقال: هذا صحيح، ينبغي أن يعمل به. فقلت له: الفضل بن شاذان شديد العلة، و يقولون: انها من دعوتك بموجدتك (1) عليه، لما ذكروا عنه انه قال: ان وصي ابراهيم خير من وصي محمد (صلي الله عليه و آله). و لم يقل - جعلت فداك - هكذا، كذبوا عليه. فقال: نعم، كذبوا عليه، رحم الله الفضل، رحم الله الفضل!! قال بورق: فرجعت، فوجدت الفضل قد مات في الأيام التي قال أبومحمد (عليه السلام): «رحم الله الفضل» (2) . و روي الكشي بعض هذا الخبر مع اختلاف يسير، و ملخصه: ان الامام العسكري (عليه السلام) تناول الكتاب من تصنيف الفضل بن شاذان، و ترحم عليه، و ذكر أنه قال: أغبط أهل خراسان بمكان الفضل بن شاذان، و كونه بين أظهرهم (3) . و قد قام بعض الأفراد بمشاغبات ضد الفضل بن شاذان، مذكورة في كتب التراجم. و لا فائدة في ذكرها - هنا -.

حرف القاف

القاسم بن العلاء

الهمداني من أهل اذربايجان، و عاش مائة سنة و سبع عشرة سنة منها ثمانون سنة صحيح العينين، لقي مولانا اباالحسن [الهادي] و أبامحمد [الحسن] العسكريين (عليهماالسلام) و كف بصره بعد الثمانين.

ص: 192


1- 348. الموجدة: الغضب.
2- 349. رجال الكشي / 451.
3- 350. رجال الكشي / 454.

القاسم بن هشام، اللؤلؤي

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) له كتاب (النوادر).

حرف الكاف

كافور الخادم

في (المناقب) عن كافور الخادم: كان يونس النقاش يغشي [يقصد] سيدنا الامام و يخدمه، فجاءه يوما يرعد [يرتجف] فقال: يا سيدي! اوصيك بأهلي خيرا!! قال [الامام]: و ما الخبر؟ قال: عزمت علي الرحيل [الموت] قال [الامام]: و لم يا يونس؟ و هو يتبسم! قال [يونس]: وجه الي ابن بغا بفص ليس له قيمة، أقبلت انقشه، فكسرته باثنين، و موعده غدا، و هو ابن بغا! اما الف سوط، أو القتل!! قال [الامام]: امض الي منزلك الي غد، فرح فما يكون الا خيرا! فلما كان من الغد و افاه بكرة يرعد فقال: قد جاء الرسول يلتمس الفص! فقال [الامام]: امض اليه، فلن تري الا خيرا. قال: و ما أقول له يا سيدي؟ قال: فتبسم [الامام] و قال: امض اليه و اسمع ما يخبرك به، فلا يكون الا خيرا. قال: فمضي و عاد يضحك و قال: قال لي - يا سيدي -: «الجواري اختصمن [في الفص] فيمكنك أن تجعله اثنين حتي نغنيك؟

ص: 193

فقال الامام (عليه السلام): «اللهم لك الحمد، اذ جعلتنا ممن يحمدك حقا». فأي شي ء قلت له؟ قال: قلت له: أمهلني حتي أتأمل أمره؟ قال [الامام]: أصبت!! (1) .

كامل بن ابراهيم، المدني

روي الشيخ الطوسي في (الغيبة) بسنده عن ابي نعيم، محمد بن أحمد الأنصاري قال: وجه قوم - من المفوضة و المقصرة - كامل بن ابراهيم، المدني الي أبي محمد (عليه السلام). قال كامل: فقلت - في نفسي -: أسأله: هل يدخل الجنة الا من عرف معرفتي، و قال بمقالتي؟ قال: فلما دخلت علي سيدي أبي محمد (عليه السلام) نظرت الي ثياب ناعمة عليه، فقلت - في نفسي -: ولي الله، و حجته يلبس الناعم من الثياب، و يأمرنا نحن بمواساة الاخوان، و ينهانا عن لبس مثله! فقال - مبتسما -: يا كامل - و حسر عن ذراعيه، فاذا مسح (2) أسود خشن علي جلده، فقال: هذا لله، و هذا لكم. فسلمت، و جلست الي باب، عليه ستر مرخي، فجاءت الريح فكشفت طرفه، فاذا أنا بفتي. كأنه فلقة قمر، من أبناء أربع سنين، أو مثلها، فقال لي: يا كامل بن ابراهيم. فاقشعررت من ذلك، و الهمت أن قلت: لبيك يا سيدي. فقال: جئت الي ولي الله و حجته، و بابه، تسأله: هل يدخل الجنة الا من

ص: 194


1- 351. مناقب ابن شهرآشوب ج 4 / 427.
2- 352. المسح - بكسر الميم -: كساء من الشعر، أو البلاس.

عرف معرفتك، و قال بمقالتك؟ فقلت: اي والله. فقال: اذن - والله - يقل داخلها، والله انه ليدخلها قوم يقال لهم: (الحقية). قلت: يا سيدي و من هم؟ قال: قوم: من حبهم لعلي يحلفون بحقه و لا يدرون ما حقه و فضله؟، ثم سكت (صلوات الله عليه) عني ساعة. ثم قال: و جئت تسأل عن مقال المفوضة. كذبوا، بل قلوبنا أوعية (1) لمشيئة الله، فاذا شاء شئنا، والله يقول: «و ما تشاؤن الا أن يشاء الله» (2) . ثم رجع الستر الي حالته، فلم استطع كشفه. فنظر الي أبومحمد (عليه السلام) مبتسما فقال: يا كامل! ما جلوسك؟ و قد أنبأك - بحاجتك - الحجة من بعدي. فقمت و خرجت، و لم اعاينه بعد ذلك (3) .

حرف الميم

محمد بن أبان

ابن لاحق، النخعي، وقع في بعض طرق المرتضي، و قال - بعد اسمه -: (رفع الله درجته) و هو يروي عن ابي محمد (عليه السلام) و حديثه مشعر بحس عقيدته / الجامع في الرجال (للزنجاني).

محمد بن أبي الصهبان عبدالجبار، القمي

و اسم أبي الصهبان: عبدالجبار، له روايات، و قد يعبر عن عبدالجبار

ص: 195


1- 353. أوعية: جمع وعاء و هو الظرف.
2- 354. سورة الانسان 76: 30.
3- 355. غيبة الطوسي / 148.

بالسدوسي و الشيباني. عده الشيخ من أصحاب الامام الجواد و الامام الهادي و الامام العسكري (عليهم السلام) و قال فيه: قمي، ثقة. و قد ذكرناه في كتاب (الامام الجواد) و (الامام الهادي) عليهماالسلام.

محمد بن ابراهيم

العمري، ورد اسمه في ترجمة داود بن القاسم.

محمد بن ابراهيم الكوفي

في (اكمال الدين) بسنده عن محمد بن ابراهيم الكوفي: ان أبامحمد (عليه السلام) بعث الي بعض من سماه لي شاة مذبوحة، و قال: هذه عقيقة ابني محمد (1) .

محمد بن ابراهيم بن مهزيار

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

محمد بن أحمد بن جعفر، القمي، العطار

يكني أباجعفر، عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و وكلائه.

ص: 196


1- 356. اكمال الدين / 432 باب 42، حديث 10.

محمد بن أحمد بن مطهر

عده الشيخ في أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و قال: بغدادي يونسي.

محمد بن أحمد بن نعيم، الشاذاني، النيسابوري

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) يكني أباعبدالله. و ذكر الكشي: و الصدوق و غيره روايات حول ارساله الأموال الي مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه، و حيث انها لا علاقة لها بموضوع الكتاب فلا داعي لذكرها.

محمد بن اسماعيل بن موسي بن جعفر

يكني أباعلي، و قد تشرف بلقاء الامام المهدي (عليه السلام) كما في (غيبة الطوسي) / 162. و يقال في نسبه: محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن موسي بن جعفر (عليه السلام) و قد يعبر عنه ب (محمد بن اسماعيل العلوي). روي عن الامام العسكري كما في (الكافي) بسنده عن محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن موسي بن جعفر قال: كتب أبومحمد (عليه السلام) الي أبي القاسم اسحاق بن جعفر الزبيري قبل موت المعتز بنحو عشرين يوما: «الزم بيتك. حتي يحدث الحادث».

ص: 197

فلما قتل بريحة (1) كتب (محمد بن اسماعيل) اليه (أي الي العسكري): «قد حدث الحادث فما تأمرني؟» فكتب (أي الامام): «ليس هذا الحادث، هو الحادث الآخر» فكان من أمر المعتز ما كان. و عنه قال: كتب (أي الامام) الي رجل آخر: «يقتل ابن محمد بن داود عبدالله» - قبل قتله بعشرة أيام - فلما كان اليوم العاشر قتل (2) . و في (الكافي) أيضا بسنده عن محمد بن اسماعيل العلوي قال: حبس أبومحمد (أي العسكري) عند علي بن نارمش، و هو أنصب الناس، و أشدهم علي آل أبي طالب و قيل له: افعل به و افعل (أي امروه بايذاء الامام) فما أقام (الامام) عنده الا يوما حتي وضع (علي بن نارمش) خديه له، و كان لا يرفع بصره اليه، اجلالا و اعظاما، فخرج (الامام) من عنده و هو [علي بن نارمش] أحسن الناس بصيرة، و أحسنهم فيه قولا (3) .

محمد بن أيوب بن نوح

كان من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و ممن تشرف بلقاء الامام المهدي (عليه السلام) كما ذكره الصدوق في (اكمال الدين) بسنده عن محمد بن ايوب بن نوح، و محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) قالوا: عرض علينا أبومحمد الحسن بن علي (عليه السلام) ابنه و نحن في منزله، و كنا أربعين رجلا، فقال: هذا امامكم من بعدي، و خليفتي عليكم... الي آخره. (4) .

ص: 198


1- 357. بريحة هو عبدالله بن محمد بن داود بن عيسي الذي كان واليا علي المدينة في زمن الامام الهادي (عليه السلام).
2- 358. الكافي ج 1 / 506.
3- 359. الكافي ج 1 / 508.
4- 360. اكمال الدين / 435 الباب 43، ح 2.

محمد بن بلال

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و قال في حقه: ثقة.

محمد بن بلبل

في (المناقب): أبوطاهر، قال محمد بن بلبل: تقدم المعتز الي سعيد الحاجب: أن أخرج أبامحمد الي الكوفة، ثم اضرب عنقه في الطريق. فجاء توقيعه [الامام] الينا: «الذي سمعتموه تكفونه» فخلع المعتز بعد ثلاث، و قتل (1) .

محمد بن حجر

في كتاب (مناقب ابن شهراشوب): علي بن محمد، عن بعض أصحابنا قال: كتب محمد بن حجر الي أبي محمد (عليه السلام) يشكو عبدالعزيز بن دلف، و يزيد بن عبدالله، فكتب [الامام] اليه: «أما عبدالعزيز فقد كفيته، و أما يزيد فان لك و له مقاما بين يدي الله عزوجل». فمات عبدالعزيز، و قتل يزيد [بن عبدالله] محمد بن حجر (2) .

ص: 199


1- 361. مناقب ابن شهرآشوب: ج 4 / 433.
2- 362. مناقب ابن شهرآشوب: ج 4 / 433.

محمد بن الحسن بن شمون

يكني أباجعفر، يقال: انه كان واقفيا ثم رجع الي الحق، و قد ذكرناه في كتاب (الامام الجواد) و (الامام الهادي) عليهماالسلام و عاش مائة و اربع عشرة سنة و له مكاتبة مع الامام العسكري (عليه السلام) كما ذكرها الكشي بسنده عن محمد بن الحسن بن شمون انه قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام) أشكو اليه الفقر، ثم قلت: - في نفسي -: اليس قال ابوعبدالله (الصادق) عليه السلام: الفقر معنا خير من الغني مع عدونا، و القتل معنا خير من الحياة مع عدونا؟ فرجع الجواب: «ان الله يمحص أولياءنا - اذا تكاثفت ذنوبهم - بالفقر، و قد يعفو عن كثير، و هو كما حدثتك نفسك: الفقر معنا خير من الغني مع عدونا؛ و نحن كهف لمن التجأ الينا، و نور لمن استضاء بنا، و عصمة لمن اعتصم بنا، من أحبنا كان معنا في السنام الأعلي، و من انحرف عنا فالي النار؛ قال أبوعبدالله (الصادق) عليه السلام: «تشهدون علي عدوكم بالنار و لا تشهدون لوليكم بالجنة؟ ما يمنعكم من ذلك الا الضعف. و قال محمد بن الحسن أيضا: لقيت من علة عيني شدة، و كتبت الي أبي محمد (عليه السلام) أسأله أن يدعو لي، فلما نفذ الكتاب قلت - في نفسي -: ليتني كنت أسأله أن يصف لي كحلا أكحلها به. فوقع بخطه، يدعو لي بسلامتها، اذ كانت احداهما ذاهبة. و كتب بعده: أردت أن أصف لك كحلا: عليك بصبر مع الاثمد، و كافور أو توتيا، فانه يجلو ما فيها من الغشاء، و ييبس الرطوبة. قال: فاستعملت ما أمرني، فصحت (عيني) و الحمدلله (1) .

ص: 200


1- 363. رجال الكشي / 448.

و في (الكافي) بسنده عن محمد بن الحسن بن شمون قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام) أسأله أن يدعو الله لي من وجع عيني، و كانت احدي عيني ذاهبة، و الاخري علي شرف ذهاب. فكتب الي: «حبس الله عليك عينك» فأفاقت الصحيحة. و وقع في آخر الكتاب: «آجرك الله، و أحسن ثوابك» فاغتممت لذلك، و لم أعرف في أهلي أحدا مات، فلما كان بعد ايام جاءتني وفاة ابني: طيب، فعلمت ان التعزية له (1) . و في (المناقب): و كتب محمد بن شمون البصري فسأل أبامحمد [العسكري] عن الحال، و قد اشتد علي الموالي من محمد المهتدي؛ فكتب [الامام] اليه: «عد من يومك خمسة ايام، فانه يقتل في اليوم السادس، من بعد هوان يلاقيه» فكان كما قال (2) .

محمد بن الحسن بن فروخ، الصفار القمي

يكني اباجعفر، كان ثقة، عظيم القدر، راجحا، قليل السقط في الرواية، له حوالي ثلاثين مؤلفا، أكثرها في الفقه، و أشهرها، كتاب (بصائر الدرجات) و له مسائل كتب بها الي الامام العسكري (عليه السلام)، و عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام). و نذكر بعض أحاديثه التي رواها عن الامام العسكري (عليه السلام). في كتاب (من لا يحضره الفقيه) و (الكافي) و (التهذيب) بسنده عن محمد بن الحسن الصفار (رضي الله عنه) انه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي (عليهماالسلام): في رجل مات و عليه قضاء من شهر رمضان عشرة أيام،

ص: 201


1- 364. الكافي ج 1 / 510 و في المناقب روي هذا الحديث بعينه عن اشجع ابن الأقرع ج 4 / 432.
2- 365. مناقب ابن شهرآشوب ج 4 / 436.

و له وليان، هل يجوز لهما أن يقضيا عنه جميعا، خمسة أيام أحد الوليين، و خمسة أيام الآخر؟ فوقع (عليه السلام): «يقضي عنه أكبر ولييه، عشرة ايام ولاء، ان شاء الله. (1) . و فيه أيضا: و كتب محمد بن الحسن الصفار (رضي الله عنه) الي أبي محمد الحسن بن علي (عليهماالسلام) في رجل أراد أن يشهد علي امرأة ليس لها بمحرم، هل يجول له أن يشهد عليها من وراء الستر، و يسمع كلامها، اذا شهد عدلان: انها فلانة بنت فلان، التي تشهدك، و هذا كلامها، أو لا تجوز الشهادة عليها حتي تبرزن (تبرز ظ) و تثبتها بعينها؟ فوقع (عليه السلام): تتنقب، و تظهر للشهود ان شاء الله». و هذا التوقيع عندي بخطه (عليه السلام) (2) . و فيه أيضا: و كتب محمد بن الحسن الصفار (رضي الله عنه) الي أبي محمد الحسن بن علي (عليهماالسلام): هل تقبل شهادة الوصي للميت بدين له علي رجل مع شاهد آخر عدل؟ فوقع (عليه السلام): اذا شهد معه آخر عدل، فعلي المدعي يمين. و كتب اليه: أيجوز للوصي أن يشهد لوارث الميت صغيرا أو كبيرا بحق له علي الميت أو علي غيره، و هو القابض للوارث الصغير، و ليس للكبير بقابض؟ فوقع (عليه السلام): نعم، و ينبغي للوصي أن يشهد بالحق، و لا يكتم شهادته. و كتب اليه: أو تقبل شهادة الوصي علي الميت بدين مع شاهد آخر عدل؟ فوقع (عليه السلام) نعم، من بعد يمين (3) .

ص: 202


1- 366. من لا يحضره الفقيه ج 2 / 98 حديث 441. و الكافي ج 4 / 124 حديث 5. و التهذيب ج 4 / 347 حديث 732.
2- 367. من لا يحضره الفقيه ج 3 / 40 حديث 132.
3- 368. من لا يحضره الفقيه ج 3 / 43 حديث 147.

و فيه أيضا: و كتب محمد بن الحسن الصفار (رضي الله عنه) الي أبي محمد الحسن بن علي (عليهماالسلام) يقول: رجل يبذرق (1) القوافل من غير أمر السلطان، في موضع مخيف، و يشارطونه علي شي ء مسمي، أله أن يأخذ منهم أم لا؟ فوقع (عليه السلام): اذا و اجر نفسه بشي ء معروف أخذ حقه، ان شاء الله. (2) . و فيه أيضا: و كتب محمد بن الحسن الصفار (رحمه الله) الي أبي محمد الحسن بن علي (عليهماالسلام) في رجل اشتري من رجل بيتا في دار بجميع حقوقه، و فوقه بيت، هل يدخل البيت الأعلي في حقوق البيت الأسفل؟ فوقع (عليه السلام): ليس له الا ما اشتراه باسمه و موضعه. ان شاء الله (3) . و كتب اليه في رجل. قال لرجلين: اشهدا أن جميع الدار التي له في موضع كذا و كذا بحدودها كلها لفلان بن فلان، و جميع ماله في الدار من المتاع. و البينة لا تعرف المتاع أي شي ء هو؟ فوقع (عليه السلام): يصلح اذا أحاط الشراء بجميع ذلك، ان شاء الله (4) . و كتب اليه في رجل كانت له قطاع أرضين، فحضره الخروج الي مكة، و القرية علي مراحل من منزله، و لم يكن له من المقام ما يأتي بحدود أرضه، و عرف حدود القرية الأربعة، فقال - للشهود -: اشهدوا أني قد بعت من فلان - يعني المشتري - جميع القرية التي حد منها كذا و الثاني و الثالث و الرابع؛ و انما له في هذه القرية قطاع أرضين، فهل يصلح للمشتري ذلك؟ و انما له

ص: 203


1- 369. و في نسخة: (يبدرق) أي يتعرضهم، من البدرقة و هي الجماعة التي تتقدم القافلة و تكون معها تحرسها من العدو.
2- 370. من لا يحضره الفقيه ج 3 / 106 حديث 440.
3- 371. من لا يحضره الفقيه ج 3 / 153 حديث 672 و 673.
4- 372. من لا يحضره الفقيه ج 3 / 153 حديث 672 و 673.

بعض هذه القرية، و قد أقر له بكلها؟ فوقع (عليه السلام): لا يجوز بيع ما ليس يملك، و قد وجب الشراء من البائع علي ما يملك. (1) . و كتب اليه في رجل يشهده أنه قد باع ضيعة من رجل آخر، و هي قطاع أرضين، و لم يعرف الحدود في وقت ما أشهده، و قال: اذا أتوك بالحدود فاشهد بها، هل يجوز ذلك؟ أو لايجوز له أن يشهد؟ فوقع (عليه السلام): نعم، يجوز، و الحمدلله (2) . و كتب اليه: هل يجوز أن يشهد علي الحدود اذا جاء قوم آخرون من أهل تلك القرية، فشهدوا أن حدود هذه القرية التي باعها الرجل هي هذه فهل يجوز لهذا الشاهد الذي أشهده بالضيعة، و لم يسم الحدود أن يشهد بالحدود بقول هؤلاء الذين عرفوا هذه الضيعة و شهدوا له؟ ام لا يجوز لهم أن يشهدوا و قد قال لهم البائع: اشهدوا بالحدود اذا أتوكم بها؟ فوقع (عليه السلام): لا يشهد الا علي صاحب الشي ء، و بقوله ان شاء الله (3) . و فيه أيضا: و كتب محمد بن الحسن الصفار (رضي الله عنه) الي أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام): رجل حلف بالبرائة من الله عزوجل، أو من رسوله (صلي الله عليه و آله) فحنث، ما توبته و ما كفارته؟ فوقع (عليه السلام): يطعم عشرة مساكين، لكل مسكين مد، و يستغفر الله (عزوجل). (4) . و فيه أيضا: و كتب محمد بن الحسن الصفار (رضي الله عنه) الي

ص: 204


1- 373. من لا يحضره الفقيه ج 3 / 153 حديث 674.
2- 374. من لا يحضره الفقيه ج 3 / 153 حديث 675.
3- 375. من لا يحضره الفقيه ج 3 / 153 حديث 676.
4- 376. من لا يحضره الفقيه ج 3 / 237 حديث 1127.

أبي محمد الحسن بن علي (عليهماالسلام) في امرأة طلقها زوجها، و لم يجر عليها النفقة للعده، و هي محتاجة فهل يجوز لها أن تخرج و تبيت عن منزلها للعمل و الحاجة؟ فوقع (عليه السلام): لا بأس بذلك، اذا علم الله الصحة منها (1) . و في (التهذيب) عن محمد بن الحسن الصفار قال: كتبت الي أبي محمد (الحسن العسكري) (عليه السلام): أيجوز أن يجعل الميتين علي جنازة واحدة في موضع الحاجة و قلة الناس؟ و ان كان الميتان: رجلا و امرأة، يحملان علي سرير واحد، و يصلي عليهما؟ فوقع (عليه السلام): لا يحمل الرجل مع المرئة علي سرير واحد (2) .

محمد بن الحسن المكفوف

في (الكافي) بسنده عن محمد بن الحسن المكفوف قال: حدثني بعض أصحابنا، عن بعض فصادي العسكر (3) من النصاري: أن أبامحمد (عليه السلام) بعث الي يوما في وقت صلاة الظهر، فقال لي: افصد هذا العرق؛ فقال: و ناولني عرقا لم أفهمه من العروق التي تفصد، فقلت - في نفسي -: ما رأيت أمرا أعجب من هذا! يأمرني أن أفصد في وقت الظهر، و ليس بوقت فصد، و الثانية: عرق لا أفهمه؛ ثم قال لي: انتظر، و كن في الدار. فلما أمسي دعاني و قال لي: سرح الدم. فسرحت، ثم قال لي: أمسك. فأمسكت.

ص: 205


1- 377. من لا يحضره الفقيه ج 3 / 322 حديث 1566.
2- 378. التهذيب ج 1 / 454 حديث 1480.
3- 379. فصادين: جمع فصاد و هو الذي يفصد، و نذكر شرح الحديث في آخره.

ثم قال لي: كن في الدار. فلما كان نصف الليل أرسل الي و قال: سرح الدم. قال: فتعجبت أكثر من عجبي الأول، و كرهت أن أسأله؛ قال: فسرحت، فخرج دم أبيض كأنه الملح! قال: ثم قال لي: احبس. قال: فحبست؛ قال: ثم قال: كن في الدار، فلما أصبحت أمر قهرمانه أن يعطيني ثلاثة دنانير، فأخدتها و خرجت حتي أتيت ابن بختيشوع النصراني فقصصت عليه القصة: قال: فقال لي: والله ما أفهم ما تقول، و لا أعرفه في شي ء من الطب و لا قرأته في كتاب، و لا أعلم في دهرنا أعلم بكتب النصرانية من فلان الفارسي فاخرج اليه. قال: فاكتريت زورقا الي البصرة، و أتيت الأهواز، ثم صرت الي فارس، الي صاحبي، فأخبرته الخبر؛ قال: و قال: أنظرني [أمهلني] أياما، فأنظرته، ثم أتيته متقاضيا. قال: فقال لي: ان هذا الذي تحكيه عن هذا الرجل فعله المسيح في دهره مرة. (1) . أقول: في كل من اليدين اربعة عروق تفصد عند الحاجة - كما في الطب القديم - و هي: الباسليق و الاكحل، و القيفال و اسيلم. و كل عرق من هذه العروق يتصل ببعض أعضاء الانسان، كالرأس و القلب، و الصدر و الكبد. كما هو مشروح في كتب الطب القديم. و كان الأطباء القدامي يعتبرون الفصد و الحجامة نوعا من انواع علاج بعض الأمراض. هذه هي العروق المعروفة للفصد، ولكن الامام العسكري أمر الفصاد أن

ص: 206


1- 380. الكافي ج 1 / 512.

يفصد عرقا غير معروف عند الفصاد، و في وقت غير مناسب للفصد، حسب رأي الفصاد. أقول: و يروي هذا الحديث بكيفية اخري، كما في (الخرائج): و منها: ما حدث به نصراني متطبب بالري، يقال له: مر عبدا (فطرس خ ل) و قد أتي عليه مائة سنة و نيف و قال: كنت تلميذ بختيشوع: طبيب المتوكل، و كان يصطفيني، فبعث اليه الحسن بن علي بن محمد بن الرضا (عليه السلام) أن يبعث اليه بأخص أصحابه عنده ليفصده، فأختارني و قال: قد طلب مني ابن الرضا من يفصده، فصر اليه، و هو أعلم - في يومنا هذا - ممن تحت السماء فاحذر أن تعترض عليه فيما يأمرك به؛ فمضيت اليه فأمر بي الي حجرة و قال: كن [ههنا] الي أن أطلبك: قال: و كان الوقت - الذي دخلت اليه فيه - جيدا، محمودا للفصد، فدعاني في وقت غير محمود له، و أحضر طشتا عظيما، ففصدت الاكحل، فلم يزل الدم يخرج حتي امتلأ الطشت؛ ثم قال لي: اقطع الدم، فقطعت، و غسل يده و شدها، و ردني الي الحجرة، و قدم من الطعام الحار و البارد شي ء كثير، و بقيت الي العصر؛ ثم دعاني فقال: سرح (1) و دعا بذلك الطشت، فسرحت، و خرج الدم الي أن امتلأ الطشت، فقال: اقطع. فقطعت، و شد يده، و ردني الي الحجرة، فبت فيها. فلما أصبحت، و ظهرت الشمس دعاني، و احضر ذلك الطشت، و قال: سرح. فسرحت فخرج من يده (من العرق) مثل اللبن الحليب، الي أن امتلأ الطشت، ثم قال: اقطع. فقطعت، و شد يده، و قدم الي تخت ثياب و خمسين دينارا، و قال: خذها، و اعذر، و انصرف. فأخذت و قلت: يأمرني السيد بخدمة؟

ص: 207


1- 381. سرح الدم: أي أفصد أيضا، و أرسل الدم حتي يخرج.

قال: نعم، تحسن صحبة من يصحبك من دير العاقول فصرت الي بختيشوع، و قلت له القصة. فقال: أجمعت الحكماء علي أن أكثر ما يكون في بدن الانسان سبعة أمنان من الدم، و هذا الذي حكيت لو خرج من عين ماء لكان عجبا؛ و اعجب ما فيه: اللبن! ففكر ساعة، ثم مكثنا ثلاثة أيام نقرأ الكتب علي أن نجد لهذه الفصدة (القصة خ ل) ذكرا في العالم فلم نجد، ثم قال: لم يبق - اليوم - في النصرانية أعلم بالطب من راهب بدير العاقول فكتب اليه كتابا يذكر فيه ما جري؛ فخرجت، و ناديته فأشرف علي و قال: من أنت؟ قلت: صاحب بختيشوع، قال: معك كتابه؟ قلت: نعم. فأرخي زنبيلا، فجعلت الكتاب فيه، فرفعه فقرأ الكتاب، و نزل من ساعته فقال: أنت الذي فصدت الرجل؟ قلت: نعم. قال: طوبي لامك!! و ركب بغلا، و سرنا، فوافينا سر من رأي، و قد بقي من الليل ثلثه. قلت: أين تحب: دار استاذنا، أم دار الرجل [الامام]؟ قال: دار الرجل. فصرنا الي بابه قبل الأذان الأول، ففتح الباب، و خرج الينا خادم اسود و قال: أيكما راهب دير العاقول؟ فقال [الراهب]: أنا، جعلت فداك. فقال: انزل. و قال لي الخادم: احتفظ بالبغلتين. و أخذ بيده و دخلا، فأقمت الي أن أصبحنا، و ارتفع النهار، ثم خرج الراهب، و قد رمي بثياب الرهبانية، و لبس ثيابا بيضا، و قد أسلم، فقال: خذني (بي خ ل) الآن الي دار استاذك. فصرنا الي دار بختيشوع، فلما رآه بادر يعدو اليه ثم قال: ما الذي ازالك عن دينك؟ قال: وجدت المسيح! فأسلمت علي يده! قال: وجدت المسيح؟! قال: أو نظيره، فان هذه الفصدة لم يفعلها في العالم الا المسيح، و هذا

ص: 208

نظيره في آياته و براهينه. ثم انصرف [الراهب] اليه، و لزم خدمته الي أن مات (1) .

محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الهمداني

الهمداني، الزيات، يكني أباجعفر، عده الشيخ من أصحاب الامام الجواد و الامام الهادي و الامام العسكري (عليهم السلام) و قد ذكرناه في كتاب (الامام الجواد) و (الامام الهادي). كان ثقة، عظيم القدر، كثير الرواية، حسن التصانيف له مؤلفات عديدة. و عده ابن شهراشوب من ثقاة الامام العسكري (عليه السلام). في (التهذيب) بسنده عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن علي عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال النبي (صلي الله عليه و آله): اذا انكشف أحدكم للبول أو غير ذلك فليقل: (بسم الله) فان الشيطان يغض بصره (2) . و في (الكافي) بسنده عن محمد بن الحسين قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام): رجل دفع الي رجل وديعة، فوضعها في منزل جاره، فضاعت فهل يجب عليه اذا خالف أمره، و أخرجها من ملكه؟ فوقع (عليه السلام): هو ضامن لها. ان شاء الله (3) . و في (الكافي) أيضا بسنده عن محمد بن الحسين قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام): رجل كانت له قناة في قرية، فاراد رجل أن يحفر قناة اخري الي قرية له، كم يكون بينهما في البعد حتي لا يضر بالاخري في الأرض اذا كانت صلبة أو رخوة؟ فوقع (عليه السلام): علي حسب أمر لا يضر احداهما بالاخري ان شاء الله

ص: 209


1- 382. الخرائج و الجرائح ج 1 / 422.
2- 383. التهذيب ج 1 حديث 1047.
3- 384. الكافي ج 5 / 239.

قال: و كتبت اليه (عليه السلام): رجل كانت له رحي علي نهر قرية، و القرية لرجل، فأراد صاحب القرية أن يسوق الي قريته الماء في غير هذا النهر، و يعطل الرحي، أله ذلك ام لا؟ فوقع (عليه السلام): يتقي الله، و يعمل في ذلك بالمعروف، و لا يضر أخاه المؤمن (1) .

محمد بن الحسين الكرخي

في (الخصال) روي بسنده عن محمد بن الحسين الكرخي قال: سمعت الحسن بن علي (عليهماالسلام) يقول - لرجل في داره -: يا اباهارون، من صام عشرة أشهر رمضان متواليات (أي عشر سنوات) دخل الجنة (2) .

محمد بن حفص بن عمرو، العمري

يكني أباجعفر عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام). و قال الكشي: و حفص بن عمرو كان وكيل أبي محمد (عليه السلام) و أما أبوجعفر محمد بن حفص بن عمرو فهو ابن العمري و كان وكيل الناحية، و كان الأمر يدور عليهم (3) .

محمد بن حمزة السروري

السروري قال: كتبت علي يد أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري،

ص: 210


1- 385. الكافي ج 5 / 293.
2- 386. الخصال، باب العشرة حديث 42.
3- 387. رجال الكشي / 447.

و كان لي مؤاخيا لأبي محمد الحسن: أسأله أن يدعو الله لي بالغني، و كنت قد املقت و خفت الفضيحة، فخرج الجواب علي يده: «أبشر، فقد أتاك الغني من الله تعالي، مات ابن عمك يحيي بن حمزة، و خلف مائة الف درهم، و لم يترك وارثا سواك، و هي واردة عليك عن قريب، فاشكر الله، و عليك بالاقتصاد، و اياك و الاسراف». فورد علي المال، و الخبر بموت ابن عمي - كما قال - عن ايام قلائل، و زال عني الفقر، و أديت حق الله تعالي فيه، و بررت اخواني، و تماسكت بعد ذلك، و كنت قبل مبذرا (1) . أقول: و في (مناقب ابن شهراشوب حديث نظير هذا مروي عن حمزة بن محمد السروي.

محمد بن درياب، الرقاشي

في (كشف الغمة): عن محمد بن درياب الرقاشي قال: كتبت الي أبي محمد أسأله عن المشكاة (أي المذكورة في آية النور) و أن يدعو الله لامرأتي - و كانت حاملا، علي رأس ولدها - أن يرزقني الله ولدا ذكرا، و سألته أن يسميه لي؛ فرجع الجواب: المشكاة: قلب محمد (عليه و آله السلام) و لم يجبني عن امرأتي بشي ء، و كتب في آخر الكتاب: «عظم الله أجرك، و أخلف عليك» فولدت ولدا ميتا و حملت بعده، فولدت غلاما (2) .

ص: 211


1- 388. نورالأبصار / 168 (كشف الغمة) ج 2 / 424 باختلاف يسير.
2- 389. كشف الغمة ج 2 / 422.

محمد بن الربيع بن السويد، السائي

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و في (الكافي) بسنده عن محمد بن الربيع الشائي (السائي خ ل) قال: ناظرت رجلا من الثنوية (1) بالأهواز، ثم قدمت سر من رأي، و قد علق بقلبي شي ء من مقالته فاني لجالس علي باب أحمد بن الخضيب، اذ أقبل أبومحمد (عليه السلام) من دار العامة (2) يوم الموكب، فنظر الي، و أشار بسباحته (بسبابته خ ل): «أحد، أحد، فرد» فسقطت مغشيا علي (3) .

محمد بن زياد

والد يوسف، روي الشيخ الصدوق في (من لا يحضره الفقيه) حديثا مرويا عن محمد بن القاسم الاسترابادي، عن يوسف بن محمد بن زياد و علي بن محمد بن يسار، عن أبويهما عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) عن أبيه، عن آبائه... الي آخره (4) .

محمد بن زيد

روي المسعودي في (اثبات الوصية) بسنده عن محمد بن الحسن بن

ص: 212


1- 390. الثنوية: من يثبت مع القديم قديما غيره، و قيل هم فرق المجوس، يثبتون مبدأين: مبدأ للخير و مبدء للشر.
2- 391. دار الخلافة.
3- 392. الكافي ج 1 / 511.
4- 393. من لا يحضره الفقيه ج 2 / 211 باب التلبية، الحديث 967.

الحسن بن شمون قال: كتب اليه ابن عمنا محمد بن زيد يشاوره في شراء جارية نفيسة بمائتي دينار لابنه فكتب لا تشترها فان بها جنونا و هي قصيرة العمر مع جنونها قال: فاضربت عن أمرها ثم مررت بعد أيام و معي ابني علي مولاها، فقلت: أشتهي استعيد عرضها و اراها فاخرجها الينا فبينما هي واقفة بين ايدينا حتي صار وجهها في قفاها فلبثت علي تلك الحال ثلاثة أيام و ماتت. (1) .

محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير الزراري

يكني أباطاهر، حسن الطريقة، ثقة، عين، له الي مولانا أبي محمد (عليه السلام) مسائل و الجوابات، و له من المؤلفات: كتاب (الآداب و المواعظ) و كتاب (الدعاء).

محمد (أبوعبدالله)

شاكري [خادم] الامام العسكري (عليه السلام) روي الشيخ الطوسي في (الغيبة) عن أبي محمد: هارون بن موسي التلعكبري (رحمه الله) قال: كنت في دهليز أبي علي محمد بن همام (رحمه الله) علي دكة، اذ مر بنا شيخ كبير، عليه دراعة فسلم علي أبي علي ابن همام، فرد عليه السلام، و مضي؛ فقال لي: أتدري من هو هذا؟ فقلت: لا. فقال: هذا شاكري (2) لسيدنا أبي محمد (عليه السلام) أفتشتهي أن تسمع من أحاديثه عنه شيئا؟ قلت: نعم. فقال لي: معك شي ء تعطيه؟ فقلت له: معي درهمان صحيحان. فقال: هما يكفيانه؛

ص: 213


1- 394. اثبات الوصية / 213.
2- 395. الشاكري: الأجير، المستخدم، معرب چاكر.

فمضيت خلفه، فلحقته فقلت له: أبوعلي يقول لك: تنشط (1) للمصير الينا؟ فقال: نعم. فجئنا الي أبي علي ابن همام، فجلس اليه، فغمزني أبوعلي أن اسلم اليه الدرهمين، فقال [الشاكري]: ما يحتاج الي هذا. ثم أخذهما. فقال له أبوعلي: يا با عبدالله: محمد، حدثنا عن أبي محمد (عليه السلام) ما رأيت، قال: «كان استادي (2) صالحا من العلويين، لم أر قط مثله، و كان يركب بسرج صفته (3) بزيون مسكي و أزرق؛ قال: و كان يركب الي دار الخلافة بسر من رأي في كل اثنين و خميس: قال: و كان يوم النوبة يحضر من الناس شي ء عظيم، و يغص الشارع بالدواب و البغال و الحمير و الضجة، فلا يكون لأحد موضع يمشي و لا يدخل بينهم؛ قال: فاذا جاء استاذي سكنت الضجة، و هدأ صهيل الخيل، و نهاق الحميرا! قال: و تفرقت البهائم حتي يصير الطريق واسعا لا يحتاج أن يتوقي من الدواب تحفه ليزحمها، ثم يدخل فيجلس في مرتبته التي جعلت له؛ فاذا أراد الخروج و صاح البوابون: «هاتوا دابة أبي محمد» سكن صياح الناس و صهيل الخيل، و تفرقت الدواب، حتي يركب و يمضي؛ و قال الشاكري: و استدعاه يوما الخليفة، و شق ذلك عليه، و خاف أن يكون قد سعي به اليه بعض من يحسده - علي مرتبته - من العلويين و الهاشميين، فركب و مضي اليه، فلما حصل في الدار قيل له: ان الخليفة قد قام، ولكن اجلس في مرتبتك أو انصرف. قال: فانصرف و جاء الي سوق الدواب، و فيها من الضجة و المصادمة

ص: 214


1- 396. تنشط: تخرج أو تنتقل أو تطيب نفسك.
2- 397. الاستاذ: المعلم: المدبر، العالم.
3- 398. الصفة الثوب الذي يلقي علي الدابة. و بزيون علي وزن عصفور: السندس.

و اختلاف الناس شي ء كثير؛ فلما دخل اليها سكن الناس، و هدأت الدواب؛ قال: و جلس الي نخاس كان يشتري له الدواب؛ قال: فجي ء له بفرس كبوس لا يقدر ان يدنو منه. قال: فباعوه اياه بوكس (1) فقال لي: يا محمد، قم فاطرح السرج عليه؛ قال: فقلت: انه [الامام] لا يقول لي [يكلفني] ما يوذيني. فحللت الحزام، و طرحت السرج فهدأ و لم يتحرك، و جئت به [الفرس] لأمضي به فجاء النخاس فقال لي: ليس يباع فقال [الامام] لي: سلمه اليهم؛ فجاء النخاس ليأخذه فالتفت [الفرس] اليه التفاتة، ذهب منه منهزما. قال: و ركب [الامام] و مضينا، فلحقنا النخاس فقال: صاحبه يقول: اشفقت أن يرد (2) ، فان كان علم ما به من الكبس فليشتره. فقال لي استاذي [الامام]: قد علمت. قال: قد بعتك. فقال [الامام]: خذه. فأخذته، فجئت به الي الاصطبل، فما تحرك و لا آذاني، ببركة استاذي. فلما نزل [الامام] جاء اليه و أخذ اذنه اليمني فرقاه (3) ثم أخذ اذنه اليسري فرقاه، فوالله لقد كنت أطرح الشعير، فافرقه بين يديه فلا يتحرك، هذا ببركة استاذي؛ قال محمد الشاكري: كان استاذي أصلح من رأيت من العلويين و الهاشميين، ما كان يشرب هذا النبيذ، كان يجلس في المحراب، و يسجد فأنام و أنتبه و انام و هو ساجد، و كان قليل الأكل كان يحضره التين و العنب و الخوخ و ما شاكله، فيأكل منه الواحدة و الثنتين، و يقول: شل (4) هذا يا محمد الي صبيانك. فأقول: هذا كله؟ فيقول: خذه. ما رأيت قط أسدي منه. (5) .

ص: 215


1- 399. الوكس: الناقص أي بثمن رخيص.
2- 400. اشفقت: أي ما أجبت ان استرجع الفرس.
3- 401. رقاه: عوذه بالله.
4- 402. شل: ارفع.
5- 403. غيبة الطوسي / 129.

محمد بن صالح، الأرمني

منسوب الي بلدة ارمينية، عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

محمد بن صالح، الخثعمي

عده الشيخ من اصحاب الامام العسكري (عليه السلام). و في (كشف الغمة): و عن محمد بن صالح الخثعمي قال: كتبت الي أبي محمد أسأله عن البطيخ، و كنت به مشغوفا، فكتب الي: «لا تأكله علي الريق فانه يولد الفالج». و كنت اريد ان أسأله عن صاحب الزنج خرج بالبصرة فنسيت حتي نفذ كتابي اليه فوقع (الامام): «صاحب الزنج ليس من اهل البيت» (1) .

محمد بن صالح بن محمد، الهمداني، الدهقان

عده الشيخ و العلامة من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و تشرف بلقاء الامام المهدي (عليه السلام) و روي بعض معجزات الامام المهدي، و كان وكيلا لهما أو لأحدهما.

محمد بن عبدالجبار

في كتاب (اثبات الهداة) عن كتاب (اثبات الرجعة) للفضل بن شاذان قال:

ص: 216


1- 404. كشف الغمة ج 2 / 424.

حدثنا محمد بن عبدالجبار قال: قلت - لسيدي: الحسن بن علي -: يابن رسول الله، جعلني الله فداك! احب أن أعلم من الامام، و حجة الله علي عباده من بعدك؟ قال (عليه السلام): «ان الامام و الحجة بعدي: ابني، سمي رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و كنيه، الذي هو خاتم حجج الله، و آخر خلفائه». قال: ممن هو (1) يابن رسول الله؟ قال: من ابنة ابن قيصر ملك الروم. ألا، انه سيولد، فيغيب عن الناس غيبة طويلة، ثم يظهر و يقتل الدجال، فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، فلا يحل لأحد أن يسميه باسمه أو يكنيه بكنيته قبل خروجه (صلوات الله عليه) (2) .

محمد بن عبدالحميد بن سالم، العطار

يكني أباجعفر، عده الشيخ من أصحاب الامام الرضا و الامام العسكري (عليهما السلام) و عده النجاشي من ثقاة الأصحاب.

محمد بن عبدالعزيز، البلخي

في (كشف الغمة): عن محمد بن عبدالعزيز البلخي قال: أصبحت يوما، فجلست في شارع الغنم (اسم شارع في سامراء) فاذا بأبي محمد قد أقبل من منزله يريد دار العامة (3) . فقلت - في نفسي -: تري ان صحت: أيها الناس! هذا حجة الله عليكم،

ص: 217


1- 405. أي من امه؟.
2- 406. اثبات الهداة ج 3 / 569.
3- 407. دار العامة: دار الخلافة.

فاعرفوه. يقتلونني؟ فلما دني مني أومأ باصبعه السبابة علي فيه (أي وضع اصبعه علي فمه): أن اسكت. و رأيته تلك الليلة يقول: انما هو الكتمان أو القتل. فاتق الله علي نفسك (1) .

محمد بن عبدوس

روي الشيخ الطوسي في (التهذيب) حديثا عن محمد بن عبدوس حول الوصية و لا اري حاجة الي ذكره. (2) .

محمد بن عبيدالله

في (اثبات الوصية) عنه قال: كنت يوما كتبت اليه أخبره باختلاف الموالي، و أسأله اظهار دليل [علي امامته] فكتب: «انما خاطب الله (عزوجل) ذوي الألباب (العاقل خ ل) و ليس أحد يأتي بآية أو يظهر دليلا أكثر مما جاء به خاتم النبيين و سيد المرسلين، فقالوا: كاهن و ساحر كذاب. فهدي الله من اهتدي، غير أن الأدلة يسكن اليها كثير من الناس، و ذلك ان الله (جل جلاله) يأذن لنا فنتكلم، و يمنع فنصمت؛ ولو أحب الله أن لا يظهر حقا لما بعث النبيين مبشرين و منذرين، يصدعون بالحق في حال الضعف و القوة في أوقات، و ينطقون في أوقات، ليقضي الله أمره، و ينفذ حكمه؛

ص: 218


1- 408. كشف الغمة ج 2 / 422.
2- 409. التهذيب ج 9 / 195 الحديث 785.

و الناس في: طبقات شتي: فالمستبصر علي سبيل نجاة، متمسك بالحق، متعلق بفرع أصيل، غير شاك و لا مرتاب، لا يجد عنه ملجا؛ و طبقة: لم تأخذ الحق من أهله، فهم كراكب البحر، يموج عند موجه، و يسكن عند سكونه؛ و طبقة: استحوذ عليهم الشيطان، شأنهم الرد علي أهل الحق، و دفعهم الحق بالباطل، حسدا من عند أنفسهم؛ فدع من ذهب (يذهب خ ل) يمينا و شمالا، فان الراعي اذا أراد أن يجمع غنمه جمعها بأهون سعي؛ ذكرت ما اختلف فيه موالي، فاذا كانت الوصية و الكتب (الكبر خ ل) فلا ريب، و من جلس مجلس (مجالس خ ل) الحكم فهو أولي بالحكم؛ أحسن رعاية من استرعيت، و اياك و الاذاعة و طلب الرئاسة فانهما يدعوان الي الهلكة؛ ثم قال [كتب]: ذكرت شخوصك [سفرك] الي فارس، فاشخص [سافر] (خار الله لك) و تدخل مصر ان شاء الله آمنا، و اقرأ من تثق به من موالينا السلام، و مرهم بتقوي الله العظيم، و أداء الأمانة؛ و أعلمهم أن المذيع علينا: حرب لنا». قال [محمد بن عبيدالله]: فلما قرأت: «خار الله لك في دخولك مصر ان شاء الله آمنا» لم أعرف المعني فيه، قدمت بغداد عازما علي الخروج الي فارس، فلم يقيض [يتهيأ] لي و خرجت الي مصر (1) .

محمد بن عثمان بن سعيد، العمري، الأسدي

يكني أباجعفر، و كان هو و أبوه من وكلاء الامام العسكري و من نواب

ص: 219


1- 410. اثبات الوصية / 210 و في تحف العقول / 361 مع زيادة و نقيصة.

الامام المهدي (عليهماالسلام) و لكل منهما منزلة جليلة و مكانة سامية، و قد ذكرناهما في كتاب (الامام المهدي من المهد الي الظهور) و نكتفي هنا بما رواه أحمد بن اسحاق انه سأل أبامحمد الحسن بن علي (العسكري) عليهماالسلام فقال: من اعامل؟ أو عمن آخذ؟ و قول من أقبل؟ فقال (عليه السلام) له: العمري (عثمان بن سعيد) و ابنه (محمد بن عثمان) ثقتان فما أديا اليك فعني يؤديان، و ما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما، و أطعهما، فانهما الثقتان المأمونان (1) . و كان محمد بن عثمان قد حفر لنفسه قبرا، و سواه بالساج، فسئل عن ذلك؟ فقال: للناس أسباب. ثم سئل بعد ذلك فقال: قد امرت أن أجمع أمري. فمات بعد ذلك بشهرين في جمادي الاولي سنة خمس و ثلاثمائة. و كان له شرف خدمة الأئمة منذ خمسين سنة. كما ذكره العلامة رحمه الله. و قد روي الشيخ الطوسي في (الغيبة) هذا الخبر بصورة أوسع: بسنده عن أبي الحسن علي بن أحمد الدلال القمي قال: دخلت علي أبي جعفر: محمد بن عثمان رضي الله يوما، لاسلم عليه فوجدته و بين يديه ساجة (2) و نقاش ينقش عليها، و يكتب آيا من القرآن، و أسماء الأئمة (عليهم السلام) علي حواشيها (3) . فقلت له: يا سيدي ما هذه الساجة؟ فقال لي: هذه لقبري، تكون فيه اوضع عليها. أو قال: «اسند اليها» و قد فرغت منه، و أنا في كل يوم أنزل فيه، فأقرأ جزءا من القرآن فيه، فأصعد. (و أظنه قال [الراوي]: فأخذ بيدي و أرانيه). فاذا كان يوم كذا و كذا من شهر كذا و كذا من سنة كذا و كذا (4) صرت

ص: 220


1- 411. الكافي ج 1 / 329.
2- 412. نوع من الخشب لا تكاد تبليه الأرض.
3- 413. حواشيها: جوانبها.
4- 414. أي ذكر تاريخ اليوم و الشهر و السنة.

الي الله (عزوجل)، و دفنت فيه، و هذه الساجة معي. قال [الراوي]: فلما خرجت من عنده أثبت ما ذكره، و لم أزل مترقبا به ذلك، فما تأخر الأمر حتي اعتل أبوجعفر، فمات في اليوم الذي ذكره من الشهر الذي ذكره، من السنة التي ذكرها، و دفن فيه (1) . و قد روي السيد ابن طاووس في (مهج الدعوات) خبرا حاصله: انه لما توفي الشيخ محمد بن عثمان العمري، و فرغوا من تجهيزه جلس الشيخ أبوالقاسم الحسين بن روح (النائب الثالث للامام المهدي) و أخرج اليه ذكاء الخادم مدرجا، و عكازا، و حقه (2) خشب مدهونة. فأخذ العكاز فجعلها في حجره علي فخذيه، و أخذ المدرج بيمينه، و الحقة بشماله فقال - لورثة [محمد بن عثمان]: «في هذا المدرج ودائع» فنشره، فاذا هي أدعية، و قنوت موالينا (الأئمة من آل محمد (صلي الله عليه و آله) فأضربوا [ورثة محمد بن عثمان] عنها [أعرضوا عنها]. و قالوا: ففي الحقة جوهر لا محالة! فقال [الحسين بن روح] لهم: تبيعونها؟ فقالوا: بكم؟ قال [الحسين بن روح]: يا اباالحسن (يعني ابن شبيب الكوثاري) ادفع اليهم عشرة الدنانير. فامتنعوا، فلم يزل يزيدهم [في القيمة] و يمتنعون، الي أن بلغ مائة دينار، فقال لهم: ان بعتم، و الا ندمتم! فاستجابوا للبيع، و قبضوا المائة دينار، و استثني عليهم المدرج و العكاز. فلما انفصل الأمر قال [الحسين بن روح]: هذه عكاز مولانا أبي محمد الحسن [العسكري] بن علي بن محمد بن علي الرضا (عليهم السلام) التي

ص: 221


1- 415. غيبة الطوسي / 222.
2- 416. المدرج: الكتاب الملفوف المطوي، و العكازة: عصا في أسفلها زج، يتوكأ عليها الرجل، و الحقة - بضم الحاء -: وعاء منحوت من الخشب أو العاج و غيرهما.

كانت في يده يوم توكيله سيدنا الشيخ عثمان بن سعيد العمري (رحمه الله) و وصيته اليه، و غيبته الي يومنا هذا؛ و هذه الحقة فيها خواتيم الأئمة (عليهم السلام) فأخرجها، فكانت - كما ذكرت من جواهرها و نقوشها و عددها؛ و كان في المدرج قنوت موالينا: الأئمة (عليهم السلام) و فيه قنوت مولانا: أبي محمد الحسن [المجتبي] ابن أميرالمؤمنين (عليهماالسلام) و أملاها علينا من حفظه، و كتبناها علي ما سطر في هذه المدرجة، و قال: احتفظوا بها كما تحتفظون بمهمات الدين، و عزمات رب العالمين (جل و عز) و فيها بلاغ الي حين. قنوت سيدنا الحسن [المجتبي] عليه السلام «يا من بسلطانه ينتصر المظلوم، و بعونه يعتصم المكلوم سبقت مشيتك و تمت كلمتك، و أنت علي كل شي ء قدير، و بما تمضيه خبير. يا حاضر كل غيب، و يا عالم كل سر، و ملجأ كل مضطر، ضلت فيك الفهوم، و تقطعت دونك العلوم، و انت الله الحي القيوم، الدائم الديموم. قد تري ما أنت به عليم، و فيه حكيم، و عنه حليم، و أنت بالتناصر علي كشفه و العون علي كفه غير ضائق، و اليك مرجع كل أمر، كما عن مشيتك مصدره، و قد أبنت عن عقود كل قوم، و أخفيت سرائر آخرين، و أمضيت ما قضيت، و أخرت ما لا فوت عليك فيه، و حملت العقول ما تحملت في غيبك، ليهلك من هلك عن بينة، و يحيي من حي عن بينة. و انك أنت السميع العليم، و الأحد البصير. و أنت - اللهم - المستعان، و عليك التوكل، و أنت ولي ما (من خ ل) توليت، لك الأمر كله، تشهد الانفعال، و تعلم الاختلال، و تري تخاذل أهل الخبال، و جنوحهم الي ما جنحوا اليه من عاجل فان، و حطام عقباه حميم آن،

ص: 222

و قعود من قعد، و ارتداد من ارتد، و خلوي من النصار، و انفرادي من الظهار، و بك أعتصم و بحبلك استمسك، و عليك أتوكل؛ اللهم قد تعلم أني ما ذخرت جهدي، و لا منعت و جدي، حتي انفل حدي و بقيت و حدي، فاتبعت طريق من تقدمني في كف العادية، و تسكين الطاغية، عن دماء أهل المشايعة، و حرست ما حرسه أوليائي من أمر آخرتي و دنياي. فكنت لغيظهم أكظم، و بنظامهم أنتظم، و لطريقهم أتسنم، و بميسمهم أتسم حتي يأتي نصرك، و أنت ناصر الحق و عونه، و ان بعد المدي عن المرتاد، و نأي الوقت عن افناء الأضداد؛ اللهم صل علي محمد و آله، و امرجهم [الأعداء] مع النصاب في سرمد العذاب، و أعم عن الرشد أبصارهم، و سكعهم في غمرات لذاتهم، حتي تأخذهم بغتة و هم غافلون و سحرة و هم نائمون، بالحق الذي تظهره، و اليد التي تبطش بها، و العلم الذي تبديه، انك كريم عليم». و دعا (عليه السلام) في قنوته: «اللهم انك الرب الرؤف الملك العطوف، المتحنن المألوف، و أنت غياث الحيران الملهوف، و مرشد الضال المكفوف، تشهد خواطر أسرار المسرين كمشاهدتك أقوال الناطقين؛ أسألك بمغيبات علمك في بواطن اسرار سرائر المسرين اليك أن تصلي علي محمد و آله، صلاة تسبق بها من اجتهد من المتقدمين، و تتجاوز فيها من يجتهد من المتأخرين، و أن تصل الذي بيننا و بينك صلة من صنعته لنفسك، و اصطنعته لغيبك، فلم تتخطفه خاطفات الظنن، و لا واردات الفتن، حتي نكون لك في الدنيا مطيعين، و في الآخرة في جوارك خالدين». قنوت الامام الحسين بن علي (عليه السلام) «اللهم منك البدء و لك المشية، و لك الحول و لك القوة، و أنت الله الذي

ص: 223

لا اله الا أنت، جعلت قلوب أوليائك مسكنا لمشيتك، و مكمنا لارادتك و جعلت عقولهم مناصب أوامرك و نواهيك؛ فأنت - اذا شئت ما تشاء - حركت من أسرارهم كوامن ما أبطنت فيهم، و أبدأت من ارادتك - علي ألسنتهم - ما أفهمتهم به عنك في عقودهم، بعقول تدعوك، و تدعو اليك بحقائق ما منحتهم به؛ و اني لأعلم مما علمتني مما أنت المشكور علي مامنه أريتني، و اليه آويتني؛ اللهم و اني - مع ذلك كله - عائذ بك، لائذ بحولك و قوتك، راض بحكمك الذي سقته الي في علمك، جار بحيث أجريتني، قاصد ما أممتني، غير ضنين بنفسي فيما يرضيك عني، اذ به قد رضيتني، و لا قاصر بجهدي عما اليه ندبتني مسارع لما عرفتني، شارع فيما أشرعتني، مستبصر فيما بصرتني، مراع ما أرعيتني، فلا تخلني من رعايتك، و لا تخرجني من عنايتك، و لا تقعدني عن حولك و لا تخرجني عن مقصد أنال به ارادتك؛ و اجعل علي البصيرة مدرجتي، و علي الهداية محجتي، و علي الرشاد مسلكي حتي تنيلني و تنيل بي امنيتي، و تحل بي علي ما به أردتني، و له خلقتني و اليه آويتني (آويت بي خ ل). واعذ أوليائك من الافتنان بي، و فتنهم برحمتك لرحمتك في نعمتك تفتين الاجتباء، و الاستخلاص بسلوك طريقتي، و اتباع منهجي، و ألحقني بالصالحين من آبائي، و ذوي رحمي (لحمتي خ ل)؛ و دعا (عليه السلام) في قنوته: «اللهم من آوي الي مأوي فأنت مأواي، و من لجأ الي ملجأ فأنت ملجأي، اللهم صل علي محمد و آل محمد، و اسمع ندائي، و أجب دعائي، و اجعل مآبي عندك و مثواي و احرسني في بلواي من افتنان الامتحان، و لمة الشيطان، بعظمتك التي لا يشوبها ولع نفس بتفتين، و لا وارد طيف بتظنين، و لا يلم بها فرح حتي تقلبني اليك بارادتك غير ظنين و لا مظنون، و لا مراب و لا مرتاب انك

ص: 224

ارحم الراحمين». دعاء الامام زين العابدين (عليه السلام) اللهم ان جبلة البشرية، و طباع الانسانية، و ما جرت عليه تركيبات النفسية و انعقدت به عقود النسبية (النشئية خ ل) تعجز عن حمل واردات الأقضية الا ما وفقت له أهل الاصطفاء، و أعنت عليه ذوي الاجتباء؛ اللهم و ان القلوب في قبضتك، و المشية لك في ملكتك، و قد تعلم - أي رب - ما الرغبة اليك في كشفه واقعة لأوقاتها بقدرتك، واقفة بحدك من ارادتك، و اني لأعلم أن لك دار جزاء من الخير و الشر، مثوبة و عقوبة، و أن لك يوما تأخذ فيه بالحق، و أن أناتك أشبه الأشياء بكرمك، و أليقها بما وصفت به نفسك في عطفك و تراؤفك، و أنت بالمرصاد لكل ظالم في وخيم عقباه و سوء مثواه؛ اللهم و انك قد أوسعت خلقك رحمة و حلما، و قد بدلت أحكامك، و غيرت سنن نبيك، و تمرد الظالمون علي خلصائك، و استباحوا حريمك، و ركبوا مراكب الاستمرار علي الجرأة عليك؛ اللهم فبادرهم بقواصف سخطك، و عواصف تنكيلاتك، و اجتثاث غضبك و طهر البلاد منهم، و عف عنها آثارهم، و احطط من قاعاتها و مظانها منارهم، و اصطلمهم ببوارك، حتي لا تبقي منهم دعامة لناجم، و لا علما لآم، و لا مناصا لقاصد، و لا رائدا لمرتاد؛ اللهم امح آثارهم، و اطمس علي أموالهم، و ديارهم، و امحق اعقابهم، و افكك أصلابهم، و عجل الي عذابك السرمد انقلابهم، و أقم للحق مناصبه، و اقدح للرشاد ناره، و أثر للثار مثيره، و أيد بالعون مرتاده، و وفر من النصر زاده، حتي يعود الحق بجدته (بحدبه خ ل) و ينير معالم مقاصده، و يسلكه أهله بالأمنة حق سلوكه انك علي كل شي ء قدي».

ص: 225

و دعا (عليه السلام) في قنوته: «اللهم أنت المبين البائن، و أنت المكين الماكن الممكن، اللهم صل علي آدم بديع فطرتك، و بكر حجتك، و لسان قدرتك، و الخليفة في بسيطتك، و أول مجتبي للنبوة برحمتك، و ساحف شعر رأسه تذللا لك في حرمك لعزتك، و منشئي من التراب نطق اعرابا بوحدانيتك، و عبد لك أنشأته لامتك، و مستعيذ بك من مس عقوبتك؛ و صل علي ابنه الخالص من صفوتك، و الفاحص عن معرفتك، و الغائص المأمون عن مكنون سريرتك بما أوليته من نعمك و معونتك، و علي من بينهما من النبيين و المرسلين و الصديقين و الشهداء و الصالحين؛ و أسألك - اللهم - حاجتي التي بيني و بينك، لا يعلمها أحد غيرك، أن تأتي قضائها و امضائها في يسر منك، و شد أزر، و حط وزر؛ يامن له نور لا يطفي، و ظهور لا يخفي، و امور لا تكفي. اللهم اني دعوتك دعاء من عرفك، و تبتل (تسبل خ ل) اليك، و آل بجميع بدنه اليك، سبحانك، طوت الأبصار في صنعتك مديدتها، و ثنت الألباب عن كنهك أعنتها، فأنت المدرك غير المدرك، و المحيط غير المحاط، و عزتك لتفعلن، و عزتك لتفعلن [و عزتك لتفعلن]. قنوت الامام أبي جعفر محمد بن علي الباقر اللهم ان عدوك قد استسن في غلوائه (غلوانه خ ل)، و استمر في عدوانه، و أمن - بما شمله من الحلم - عاقبة جرأته عليك، و تمرد في مباينتك؛ و لك - اللهم - لحظات سخط بياتا و هم نائمون، و نهارا و هم غافلون، و جهرة و هم يلعبون، و بغتة و هم ساهون؛ و ان الخناق قد اشتد، و الوثاق قد احتد، و القلوب شجيت (محيت خ ل) و العقول قد تنكرت، و الصبر قد أودي، و كاد تنقطع حبائله، فانك لبالمرصاد من

ص: 226

الظالم، و مشاهدة من الكاظم [للغيظ] لا يعجلك فوت درك، و لا يعجرك احتجاز محتجز، و انما مهلته استثباتا، و حجتك - علي الأحوال - البالغة الدامغة؛ و بعبيدك ضعف البشرية، و عجز الانسانية، و لك سلطان الالهية و ملكة الربوبية، و بطشة الأناة، و عقوبة التأبيد. اللهم فان كان في المصابرة لحرارة المعان من الظالمين، و كيد من نشاهد من المبدلين، رضي لك، و مثوبة منك فهب لنا مزيدا من التأييد، و عونا من التسديد الي حين نفوذ مشيتك فيمن أسعدته أشقيته من بريتك، و امنن علينا بالتسليم لمحتويات أقضيتك، و التجرع لواردات أقدارك، و هب لنا محبة لما أحببت في متقدم و متأخر، و متعجل و متأجل، و الايثار لما اخترت في مستقرب و مستبعد، و لا تخلنا - اللهم - مع ذلك من عواطف رأفتك و رحمتك، و كفايتك و حسن كلاءتك، بمنك و كرامك». و دعا (عليه السلام) في قنوته: «يا من يعلم هو اجس السرائر، و مكامن الضمائر، و حقائق الخواطر، يا من هو لكل غيب حاضر، و لكل منسي ذاكر، و علي كل شي ء قادر، و الي الكل ناضر؛. بعد المهل، و قرب الأجل، و ضعف العمل، و أرأب الأمل، و آن المنتقل أنت - يا الله - الآخر كما أنت الأول، مبيد ما أنشأت و مصيرهم الي البلي، و مقلدهم أعمالهم، و محملها ظهورهم، الي وقت نشورهم، من بعثة قبورهم، عند نفخة الصور، و انشقاق السماء بالنور، و الخروج بالمنشر الي ساحة المحشر؛ لا يرتد اليهم طرفهم، و أفئدتهم هواء، متراطمين في غمة مما أسلفوا، و مطالبين بما احتقبوا، و محاسبين - هناك - علي ما ارتكبوا؛ الصحائف في الأعناق منشورة، و الأوزار علي الظهور مأزورة، لا انفكاك و لا مناص، و لا محيص عن القصاص، قد أفحمتهم الحجة، و حلوا في حيرة المحجة، و همس الضجة، معدول بهم عن المحجة، الا من سبقت له من الله

ص: 227

الحسني، فنجي من هول المشهد، و عظيم المورد، و لم يكن ممن في الدنيا تمرد، و لا علي أولياء الله تعند، و لهم استعبد، و عنهم تفرد؛ اللهم فان القلوب قد بلغت الحناجر، و النفوس قد علت التراقي، و الأعمار قد نفدت بالانتظار، لا عن نقص استبصار، و لا عن اتهام مقدار، ولكن لما تعاني من ركوب معاصيك، و الخلاف عليك في أوامرك و نواهيك، و التلعب بأوليائك و مظاهرة أعدائك؛ اللهم فقرب ما قد قرب، و أورد ما قد دني، و حقق ظنون الموقنين، و بلغ المؤمنين، تأميلهم من اقامة حقك، و نصر دينك، و اظهار حجتك، و الأنتقام من أعدائك». قنوت الامام جعفر الصادق (عليه السلام) يامن سبق علمه، و نفذ حكمه، و شمل حلمه، صل علي محمد و آل محمد، أزل حلمك عن ظالمي، و بادره بالنقمة، و عاجله بالاستيصال، و كبه لمنخره، و اغصصه بريقه، و اردد كيده في نحره، و حل بيني و بينه بشغل شاعل مؤلم، و سقم دائم، و امنعه التوبة، و حل بينه و بين الانابة، و اسلبه روح الراحة، و اشدد عليه الوطأة، و خذ منه بالمخنق، و حشرجه في صدره، و لا تثبت له قدما، و أثكله، و نكله، و اجتثه، و اجتث راحته و استأصله، و جثه، و جث نعمتك عنه، و ألبسه الصغار، و اجعل عقباه النار، بعد محو آثاره، و سلب قراره، و اجهار قبيح آصاره، و أسكنه دار بواره و لا تبق له ذكرا، و لا تعقبه من مستخلف أجرا؛ اللهم بادره (ثلاث مرات) اللهم عاجله (ثلاث مرات) اللهم لا تؤجله (ثلاث مرات، اللهم خذه (ثلاث مرات) اللهم اسلبه التوفيق (ثلاث مرات) اللهم لا تنهضه، اللهم لا ترثه اللهم لا تؤخره، اللهم عليك به، اللهم اشدد قبضتك عليه؛ اللهم بك اعتصمت عليه، و بك استجرت منه، و بك تواريت عنه، و بك

ص: 228

استكففت (استكهفت خ ل) دونه، و بك استترت من ضرائه؛ اللهم احرسني - بحراستك - منه و من عداتك (عذابك خ ل) و اكفني - بكفايتك - كيده و كيد بغاتك، اللهم احفظني بحفظ الايمان، و أسبل علي سترك الذي سترت به رسلك عن الطواغيت، و حصني بحصنك الذي وقيتهم من الجوابيت، اللهم أيدني منك بنصر لاينفك، و عزيمة صدق لا تحل (لا تختل خ ل) و جللني بنورك، و اجعلني متدرعا بدرعك الحصينة الواقية، و اكلأني بكلاءتك الكافية، انك واسع لما تشاء، و ولي من لك توالي، و ناصر من اليك آوي، و عون من بك استعدي، و كافي من بك استكفي، و العزيز الذي لا يمانع عما يشاء، و لا قوة الا بالله، و هو حسبي، عليه توكلت و هو رب العرش العظيم». و دعا (عليه السلام) في قنوته: «يا مأمن الخائف، و كهف اللاهف، و جنة العائذ، و غوث اللائذ، خاب من اعتمد سواك، و خسر من لجأ الي دونك، و ذل من اعتز بغيرك، و افتقر من استغني عنك؛ اليك - اللهم - المهرب، و منك - اللهم - المطلب، اللهم قد تعلم عقد ضميري عند مناجاتك، و حقيقة سريرتي عند دعائك، و صدق خالصتي باللجأ اليك، فأفزعني اذا فرغت اليك، و لا تخذلني اذا اعتمدت عليك، و بادرني بكفايتك، و لا تسلبني وفق «رفق خ ل» عنايت، و خذ ظالمي - الساعة الساعة - أخذ عزيز مقتدر عليه مستأصل شافته، مجتث قائمته، حاط دعامته، متبر (مبير خ ل) له، مدمر عليه، اللهم بادره قبل أذيتي، و اسبقه - بكفايتك - كيده و شره و مكروهه، و غمزه، و سوء عقده و قصده؛ اللهم اني اليك فوضت أمري، و بك تحصنت منه، و من كل من يتعمدني بمكروهه، و يترصدني بأذيته، و يصلت لي بطانته، و يسعي علي بمكائده؛

ص: 229

اللهم كدلي و لا تكد علي، و امكر و لا تمكر بي، و أرني الثار من كل عدو أو مكار، و لا يضرني ضار و أنت وليي، و لا يغلبني مغالب و أنت عضدي، و لا تجري علي مساءة و أنت كنفي، اللهم بك استذرعت (استدرعت خ ل) و اعتصمت، و عليك توكلت، و لا حول و لا قوة الا بك». قنوت الامام موسي بن جعفر (عليه السلام) «يا مفزع الفازع، و مأمن الهالع، و مطمع الطامع، و ملجأ الضارع، يا غوث اللهفان، و مأوي الحيران، و مروي الظمآن، و مشبع الجوعان، و كاسي العريان، و حاضر كل مكان بلادرك و لا عيان، و لا صفة و لا بطان؛ عجزت الأفهام، و ضلت الأوهام عن موافقة صفة دابة من الهوام فضلا عن الأجرام العظام مما أنشأت حجابا لعظمتك، و أني يتغلغل الي ما وراء ذلك (مما خ ل) بما لا يرام. تقدست يا قدوس عن الظنون و الحدوس، و أنت الملك القدوس، باري ء الأجسام و النفوس، و منخر العظام، و مميت الأنام، و معيدها بعد الفناء و التطميس؛ أسألك يا ذا القدرة و العلاء، و العزة و الثناء أن تصلي علي محمد و آله اولي النهي، و المحل الأوفي، و المقام الأعلي، و أن تعجل ما قد تأجل، و تقدم ما قد تأخر، و تأتي بما قد وجب اتيانه (قد أوجبت اثباته) و تقرب ما قد تأخر - في النفوس الحصرة - أوانه، و تكشف البأس، و سوء اللباس، و عوارض الوسواس الخناس في صدور الناس و تكفينا ما قد رهقنا، و تصرف عنا ما قد ركبنا، و تبادر اصطلام الظالمين، و نصر المؤمنين و الادالة من المعاندين (العاندين خ ل) آمين رب العالمين». و دعا (عليه السلام) في قنوته: «اللهم اني و فلان بن فلان: عبدان من عبيدك، نواصينا بيدك، تعلم

ص: 230

مستقرنا و مستودعنا، و منقلبنا و مثوانا، و سرنا و علانيتنا، تطلع علي نياتنا، و تحيط بضمائرنا؛ علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه، و معرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره و لا ينطوي عنك شي ء من امورنا، و لا يستتر دونك حال من أحوالنا، و لا منك معقل يحصننا، و لا حرز يحرزنا، و لا مهرب لنا نفوتك به، و لا يمنع الظالم منك حصونه، و لا يجاهدك عنه جنوده، و لا يغالبك مغالب بمنعة، و لا يعازك معاز بكثرة، أنت مدركه أينما سلك، و قادر عليه أينما لجأ؛ فمعاذ المظلوم منا بك، و توكل المقهور منا عليك، و رجوعه اليك، و يستغيث بك اذا خذله المغيث، و يستصرخك اذا قعد عنه النصير، و يلوذ بك اذا نفته الأفنية، و يطرق بابك اذا اغلقت عنه الأبواب المرتجة، و يصل اليك اذا احتجبت عنه الملوك الغافلة، تعلم ما حل به قبل أن يشكوه اليك، و تعلم ما يصلحه قبل أن يدعوك له: فلك الحمد سميعا لطيفا عليما خبيرا؛ و انه قد كان في سابق علمك، و محكم قضائك، و جاري قدرك، و نافذ أمرك و قاضي حكمك، و ماضي مشيتك في خلقك أجمعين: شقيهم و سعيدهم، و برهم و فاجرهم أن جعلت - لفلان بن فلان - علي قدرة فظلمني بها و بغي علي بمكانها، و استطال و تعزز بسلطانه الذي خولته اياه، و تجبر و افتخر بعلو حاله الذي نولته، و غره املاؤك له، و أطغاه حلمك عنه، فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه، و تعمدني بشر ضعفت عن احتماله، و لم أقدر علي الانتصاف (الاستنصاف خ ل) منه لضعفي، و لا علي الانتصار منه لقلتي و ذلي، فوكلت أمره اليك، و توكلت - في شأنه - عليك، و توعدته بعقوبتك، و حذرته ببطشك، و خوفته نقمتك، فظن أن حلمك عنه من ضعف و حسب أن املاءك له عن عجز، و لم تنهه واحدة عن اخري، و لا انزجر عن ثانية باولي. لكنه تمادي في غيه، و تتابع في ظلمه، و لج في عدوانه، و استشري في طغيانه جرأة عليك يا سيدي و مولاي، و تعرضا لسخطك الذي لا ترده عن

ص: 231

الظالمين، و قلة اكتراث ببأسك الذي لا تحبسه عن الباغين؛ فها أنا ذا - يا سيدي - مستغصف في يده، مستضام تحت سلطانه، مستذل بفنائه، مبغي علي، مرعوب و جل، خائف مروع مقهور، قد قل صبري، و ضاعت حيلتي، و انغلقت علي المذاهب الا اليك، و انسدت عني الجهات الا جهتك، و التبست علي اموري في دفع مكروهه عني، و اشتبهت علي الآراء في ازالة ظلمه، و خذلني من استنصرته من خلقك، و أسلمني من تعلقت به من عبادك؛ فاستثرت نصيحي فأشار علي بالرغبة اليك، و استرشدت دليلي فلم يدلني الا اليك، فرجعت اليك - يا مولاي - صاغرا راغما مستكينا، عالما أنه لا فرج لي الا عندك، و لا خلاص لي الا بك، أتنجز وعدك في نصرتي و اجابة دعائي، لأن قولك الحق الذي لا يرد و لا يبدل، و قد قلت - تباركت و تعاليت: «و من بغي عليه لينصرنه الله» (1) و قلت - جل ثناؤك، و تقدست اسماؤك -: «ادعوني أستجب لكم». فانا فاعل ما أمرتني به، لامنا عليك، و كيف أمن به و أنت عليه دللتني فصل علي محمد و آل محمد و استجب لي كما وعدتني، يا من لا يخلف الميعاد؛ و اني لأعلم - يا سيدي - أن لك يوما تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، و أتيقن أن لك وقتا تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب، لأنك لا يسبقك معاند، و لا يخرج من قبضتك منابذ، و لا تخاف فوت فائت، ولكن جزعي و هلعي لا يبلغان الصبر علي أناتك و انتظار حلمك؛ فقدرتك - يا سيدي - فوق كل قدرة، و سلطانك غالب كل سلطان، و معاد كل أحد اليك و ان أمهلته، و رجوع كل ظالم اليك و ان أنظرته، و قد أضرني - يا سيدي - حلمك عن فلان، و طول أناتك له، و امهالك اياه، فكاد

ص: 232


1- 417. الآية هكذا: «ذلك و من عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله» و لعل الامام (عليه السلام) نقل الآية بالمعني.

القنوط يستولي علي لولا الثقة بك، و اليقين بوعدك؛ فان كان في قضائك النافذ، و قدرتك الماضية أنه ينيب أو يتوب، أو يرجع عن ظلمي، و يكف عن مكروهي، و نتقل عن عظيم ما ركب مني، فصل علي محمد و آل محمد و أوقع ذلك في قلبه، الساعة الساعة الساعة، قبل ازالة نعمتك التي أنعمت به علي، و تكدير معروفك الذي صنعته عندي؛ و ان كان في علمك به غير ذلك من مقامه علي ظلمي فاني أسألك - يا ناصر المظلومين المبغي عليهم - اجابة دعوتي، فصل علي محمد و آل محمد، و خذه من مأمنه أخذ عزيز مقتدر، و افجأه في غفلته مفاجاة مليك منتصر، و اسلبه نعمته و سلطانه، و افضض عنه جموعه و أعوانه، و مزق ملكه كل ممزق، و فرق أنصاره كل مفرق، و أعره من نعمتك التي لا يقابلها بالشكر، و انزع عنه سربال عزك الذي لم يجازه باحسان؛ و اقصمه يا قاصم الجبابرة، و أهلكه يا مهلك القرون الخالية، و أبره يا مبير الامم الظالمة، و اخذ له يا خاذل الفرق الباغية، و ابتر عمره، و ابتز ملكه، و عف أثره، و اقطع خبره، و أطف ناره، و أظلم نهاره، و كور شمسه، و أزهق نفسه و اهشم سوقه [جمع ساق] وجب سنامه، و ارغم أنفه، و عجل حتفه، و لا تدع له جنة الا هتكتها، و لا دعامة الا قصمتها، و لا كلمة مجتمعة الا فرقتها، و لا قائمة علو الا وضعتها، و لا ركنا الا وهنته، و لا سببا الا قطعته؛ و أرنا أنصاره عباديد بعد الالفة، و شتي بعد اجتماع الكلمة، و مقنعي الرؤس بعد الظهور علي الامة، و اشف - بزوال أمره - القلوب الوجلة، و الافئدة اللهفة؛ و الامة المتحيرة، و البرية الضائعة؛ و أدل - ببواره - الحدود المعطلة، و السنن الدائرة، و الأحكام المهملة، و المعالم المغبرة (المغيرة خ ل) و الآيات المحرفة، و المدارس المهجورة، و المحاريب المجفوة، و المشاهد المهدومة، و أشبع به الخماص الساغبة، و أرو به اللهوات اللاغبة، و الأكباد الظامئة و أرح به الأقدام المتعبة، و اطرقه بليلة لا اخت لها،

ص: 233

و بساعة لا مثوي فيها، و بنكبة لا انتعاش معها، و بعثرة لا اقالة منها، و أبح حريمه و نغص نعيمه، و أره بطشتك الكبري، و نقمتك المثلي، و قدرتك التي فوق قدرته، و سلطانك الذي هو أعز من سلطانه؛ و اغلبه لي بقوتك القوية، و محالك الشديد، و امنعني منه بمنعك الذي كل خلق فيه ذليل، و ابتله بفقر لا تجبره، و بسوء لا تستره، و كله الي نفسه فيما يريد، انك فعال لما تريد، و ابرأه من حولك، و قوتك، و لكه الي حوله و قوته؛ و أزل مكره بمكرك، و ادفع مشيته بمشيتك، و اسقم جسده، و أيتم ولده و انقص (اقض خ ل) أجله، و خيب أمله، و أزل دولته، و أطل عولته، و اجعل شغله في بدنه، و لا تفكه من حزنه، و صير كيده في ضلال، و أمره الي زوال، و نعمته الي انتقال و جده في سفال، و سلطانه في اضمحلال، و عاقبته الي شر مآل، و أمته بغيظه الي أمته، و أبقه بحسرته ان أبقيته، و قني شره و همزه و لمزه و سطوته و عداوته، و المحه لمحة تدمر بها عليه، فانك أشد بأسا و أشد تنكيلا». أقول: قد ذكرنا هذا الدعاء في كتاب (الامام الهادي من المهد الي اللحد) و ذكرنا - هناك - كلام الامام الهادي (عليه السلام) انه قال: «لما بلغ مني الجهد رجعت الي كنوز نتوارثها من آبائنا هي أعز من الحصون و السلاح و الجنن [جمع جنة] و هو دعاء المظلوم علي الظالم فدعوت به عليه [المتوكل] فأهلكه الله...». قنوت الامام علي بن موسي الرضا (عليه السلام) الفزع الفزع اليك، يا ذا المحاضرة، و الرغبة الرغبة اليك يا من المفاخرة و أنت - اللهم - مشاهد هواجس النفوس، و مراصد حركات القلوب، و مطالع مسرات السرائر من غير تكلف و لا تعسف؛ و قد تري - اللهم - ما ليس عنك بمنطوي، ولكن حلمك آمن أهله عليه جرأة و تمردا و عتوا و عنادا، و ما يعانيه أولياؤك من تعفية آثار الحق، و دروس

ص: 234

معالمه، و تزيد الفواحش، و استمرار أهلها عليه، و ظهور الباطل، و عموم التغاشم و التراضي بذلك في المعاملات و المتصرفات، قد جرت به العادات، و صار كالمفروضات و المسنونات؛ اللهم فبادرنا منك بالعون الذي من أعنته به فاز، و من أيدته لم يخف لمز لماز و خذ الظالم أخذا عنيفا، و لا تكن له راحما و لا به رؤفا؛ اللهم اللهم اللهم بادرهم، اللهم عاجلهم، اللهم لا تمهلهم، اللهم غادرهم بكرة و هجيرة و سحرة و بياتا و هم نائمون، و ضحي و هم يلعبون، و مكرا و هم يمكرون، و فجأة و هم آمنون؛ اللهم بددهم، و بدد أعوانهم، و اغلل أعضادهم، و اهزم جنودهم، و افلل حدهم، و اجتث سنامهم، و اضعف عزائمهم، اللهم امنحنا أكتافهم، و ملكنا أكنافهم، و بدلهم بالنعم النقم و بدلنا من محاذرتهم و بغيهم السلامة، و اغنمناهم أكمل المغنم، اللهم لا ترد عنهم بأسك الذي اذا حل بقوم فساء صباح المنذرين». قنوت الامام محمد بن علي بن موسي (عليه السلام) «اللهم منائحك متتابعة، و أياديك متوالية، و نعمك سابغة، و شكرنا قصير و حمدنا يسير، و أنت - بالتعطف علي من اعترف - جدير؛ اللهم و قد غص أهل الحق بالريق، و ارتبك أهل الصدق في المضيق، و أنت - اللهم - بعبادك و ذوي الرغبة اليك شفيق، و باجابة دعائهم و تعجيل الفرج عنهم حقيق؛ اللهم فصل علي محمد و آل محمد، و بادرنا منك بالعون الذي لا خذلان بعده، و النصر الذي لا باطل يتكأده، و أتح لنا من لدنك متاحا فياحا، يأمن فيه وليك، و يخيب فيه عدوك، و تقام فيه معالمك، و تظهر فيه أوامرك، و تنكف فيه عوادي عداتك. اللهم بادرنا منك بدار الرحمة، و بادر أعدائك من بأسك بدار النقمة،

ص: 235

اللهم أعنا و أغثنا، و ارفع نقمتك عنا، و أحلها بالقوم الظالمين». و دعا (عليه السلام) في قنوته: اللهم أنت الأول بلا أولية معدودة، و الآخر بلا آخرية محدودة، أنشأتنا لا لعلة اقتسارا، و اخترعتنا لا لحاجة اقتدارا، و ابتدعتنا بحكمتك اختيارا و بلوتنا - بأمرك و نهيك - اختبارا، و أيدتنا بالآلات، و منحتنا بالأدوات، و كلفتنا الطاقة، و جشمتنا الطاعة، فأمرت تخييرا، و نهيت تحذيرا، و خولت كثيرا، و سألت يسيرا؛ فعصي أمرك فحلمت، و جهل قدرك فتكرمت، فأنت رب العزة و البهاء و العظمة و الكبرياء، و الاحسان و النعماء، و المن و الآلاء، و المنح و العطاء، و الانجاز و الوفاء، لا تحيط القلوب لك بكنه، و لا تدرك الأوهام لك صفة، و لا يشبهك شي ء من خلقك، و لا يمثل بك شي ء من صنعتك، تباركت أن تحس أو تمس، أو تدركك الحواس الخمس، و أني يدرك مخلوق خالقه؟ و تعاليت - يا آلهي - عما يقول الظالمون علوا كبيرا؛ اللهم أدل لأوليائك من أعدائك الظالمين، الباغين الناكثين القاسطين المارقين الذين أضلوا عبادك، و حرفوا كتابك، و بدلوا أحكامك، و جحدوا حقك، و جلسوا مجالس أوليائك، جرأة منهم عليك، و ظلما منهم لأهل بيت نبيك (عليهم سلامك و صلواتك و رحمتك و بركاتك) فضلوا و أضلوا خلقك، و هتكوا حجاب سترك من عبادك، و اتخذوا - اللهم - مالك دولا، و عبادك خولا، و تركوا - اللهم - عالم أرضك في بكماء عمياء ظلماء مدلهمة، فأعينهم مفتوحة، و قلوبهم عمية، و لم تبق لهم - اللهم - عليك من حجة، لقد حذرت - اللهم - عذابك، و بينت نكالك، و وعدت المطيعين احسانك و قدمت اليهم بالنذر، فآمنت طائفة، و أيدت - اللهم - الذين آمنوا علي عدوك، و عدو أوليائك، فأصبحوا ظاهرين، و الي الحق داعين، و للامام المنتظر القائم بالقسط تابعين، و جدد - اللهم - علي أعدائك و أعدائهم نارك، و عذابك الذي لا تدفعه عن القوم الظالمين؛

ص: 236

اللهم صل علي محمد و آل محمد، و قو ضعف المخلصين لك بالمحبة، المشايعين لنا بالموالاة، و المتبعين لنا بالتصديق و العمل، المؤازرين لنا بالمواساة فينا، المحيين ذكرنا عند اجتماعهم، و شد - اللهم - ركنهم، و سدد لهم - اللهم - دينهم الذي ارتضيته لهم، و أتمم عليهم نعمتك، و خلصهم و استخلصهم، و سد - اللهم - فقرهم، و المم - اللهم - شعث فاقتهم، و اغفر - اللهم - ذنوبهم و خطاياهم، و لا تزغ قلوبهم بعد اذ هديتهم، و لا تخلهم - أي رب - بمعصيتهم، و احفظ لهم ما منحتهم به من الطهارة بولاية أوليائك، و البرائة من اعدائك انك سميع مجيب، و صلي الله علي محمد و آله الطيبين الطاهرين أجميعن». قنوت الامام مولانا الزكي علي بن محمد بن علي الرضا (عليه السلام) «مناهل كراماتك بجزيل عطياتك مترعة، و أبواب مناجاتك لمن أمك مشرعة و عطوف لحظاتك لمن ضرع اليك غير منقطعة، و قد الجم الحذار، و اشتد الاضطرار و عجز عن الاصطبار أهل الانتظار (الانتصار خ ل) و أنت - اللهم - بالمرصد من المكار؛ اللهم و غير مهمل مع الامهال، و اللائذ بك آمن، و الراغب اليك غانم و القاصد - اللهم - لبابك - سالم. اللهم فعاجل من قد استن في طغيانه، و استمر علي جهالته لعقباه في كفرانه، و أطمعه حلمك عنه في نيل ارادته، فهو يتسرع الي أوليائك بمكارهه و يواصلهم بقبائح مراصده، و يقصدهم في مظانهم بأذيته؛ اللهم اكشف العذاب عن المؤمنين، و ابعثه جهرة علي الظالمين، اللهم اكفف العذاب عن المستجيرين، واصببه علي المغترين (المفترين، المغيرين خ ل) اللهم بادر عصبة الحق بالعون، و بادر أعوان الظلم بالقصم، اللهم اسعدنا بالشكر و امنحنا النصر، و أعذرنا من سوء البداء و العاقبة و الختر».

ص: 237

و دعا (عليه السلام) في قنوته: «يا من تفرد بالربوبية، و توحد بالوحدانية، يا من أضاء باسمه النهار، و أشرقت به الأنوار، و أظلم بأمره حندس الليل، و هطل بغيثه وابل السيل يا من دعاه المضطرون فأجابهم، و لجأ اليه الخائفون فآمنهم، و عبده الطائعون فشكرهم، و حمده الشاكرون فأثابهم، ما أجل شأنك، و أعلي سلطانك، و أنفذ أحكامك؛ أنت الخالق بغير تكلف، و القاضي بغير تحيف، حجتك البالغة، و كلمتك الدامغة بك اعتصمت و تعوذت من نفثات العندة، و رصدات الملحدة، الذين ألحدوا في أسمائك و رصدوا بالمكاره لأوليائك، و أعانوا علي قتل أنبيائك و أصفيائك، و قصدوا لاطفاء نورك باذاعة سرك، و كذبوا رسلك، و صدوا عن آياتك، و اتخذوا - من دون رسولك و دون المؤمنين - وليجة رغبة عنك، و عبدوا طواغيتهم و جوابيتهم بدلا منك، فمننت علي أوليائك بعظيم نعمائك، و جدت عليهم بكريم آلائك، و أتممت لهم ما أوليتهم بحسن جزائك، حفظا لهم من معاندة الرسل، و ضلال السبل، و صدقت لهم بالعهود ألسنة الاجابة، و خشعت لك بالعقود قلوب الانابة؛ أسألك - اللهم - باسمك الذي خشعت له السموات و الأرض، و أحييت به موات الأشياء، و أمت به جميع الأحياء، و جمعت به كل متفرق، و فرقت به كل مجتمع، و أتممت به الكلمات، و أريت به كبري الآيات، و تبت به علي التوابين و أخسرت به عمل المفسدين، فجعلت عملهم هباء منثورا، و تبرتهم تتبيرا أن تصلي علي محمد و آل محمد، و أن تجعل شيعتي من الذين حملوا فصدقوا، و استنطقوا فنطقوا آمنين مأمونين؛ اللهم اني أسألك - لهم - توفيق أهل الهدي، و أعمال أهل اليقين، و مناصحة أهل التوبة، و عزم أهل الصبر، و تقية أهل الورع، و كتمان الصديقين، حتي يخافوك - اللهم - مخافة تحجزهم عن معاصيك، و حتي يعملوا بطاعتك،

ص: 238

لينالوا كرامتك و حتي يناصحوا لك، و فيك خوفا منك، و حتي يخلصوا لك النصيحة في التوبة حبا لك فتوجب لهم محبتك التي أوجبتها للتوابين، و حتي يتوكلوا عليك في امورهم كلها حسن ظن بك، و حتي يفوضوا اليك امورهم ثقة بك؛ اللهم لا تنال طاعتك الا بتوفيقك، و لا تنال درجة من درجات الخير الا بك، اللهم يا مالك يوم الدين، العالم بخفايا صدور العالمين، طهر الأرض من نجس أهل الشرك، و أخرس الخراصين عن تقولهم علي رسولك الافك؛ اللهم اقصم الجبارين، و أبر المفترين، و أبد الأفاكين، الذين اذا تتلي عليهم آيات الرحمن قالوا أساطير الأولين؛ و أنجز لي وعدك انك لا تخلف الميعاد، و عجل فرج كل طالب مرتاد، انك لبالمرصاد للعباد، و أعوذ بك من كل لبس ملبوس، و من كل قلب عن معرفتك محبوس، و من كل نفس تكفر اذا أصابها بؤس، و من واصف عدل عمله عن العدل معكوس، و من طالب للحق و هو عن صفات الحق منكوس، و من مكتسب اثم باثمه مركوس، و من وجه عند تتابع النعم عليه عبوس، أعوذ بك من ذلك كله و من نظيره و أشكاله و أمثاله، انك علي عليم حكيم». قنوت مولانا الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) «يا من غشي نوره الظلمات، يا من أضاءت بقدسه الفجاج المتوعرات يا من خشع له أهل الأرض و السموات، يا من بخع له بالطاعة كل متجبر عات، يا عالم الضمائر المستخفيات، وسعت كل شي ء رحمة و علما، فاغفر للذين تابوا و اتبعوا سبيلك، و قهم عذاب الجحيم، و عاجلهم بنصرك الذين وعدتهم، انك لا تخلف الميعاد، و عجل - اللهم - اجتياح أهل الكيد، و آوهم (أوبهم خ ل) الي شر دار في أعظم نكال و أقبح مثاب (متاب خ ل). اللهم انك حاضر أسرار خلقك، و عالم بضمائرهم، و مستغن - لولا

ص: 239

الندب باللجأ الي تنجز ما وعدت اللاجين (وعدته اللاجي) - عن كشف مكامنهم، و قد تعلم - يا رب - ما اسره و ابديه، و أنشره و أطويه، و أظهره و اخفيه، علي متصرفات أوقاتي، و أصناف حركاتي في جميع حاجاتي؛ و قد تري - يا رب - ما قد تراطم فيه أهل ولايتك، و استمر عليهم من اعدائك، غير ظنين في كرم، و لا ضنين بنعم، لكن الجهد يبعث علي الاستزادة، و ما أمرت به من الدعاء - اذا أخلص لك اللجأ يقتضي احسانك - شرط الزيادة، و هذه النواصي و الأعناق خاضعة لك بذل العبودية، و الاعتراف بملكة الربوبية، داعية بقلوبها، و مشخصات (محصنات خ ل) اليك في تعجيل الانالة، و ما شئت كان، و ما تشاء كائن؛ أنت المدعو المرجو، المأمول المسئول، لا ينقصك نائل و ان اتسع، و لا يلحفك سائل و ان ألح و ضرع، ملكك لا يلحقه التنفيد، و عزك الباقي علي التأبيد، و ما في الأعصار من مشيتك بمقدار، و أنت الله لا اله الا أنت الرؤف الجبار، اللهم أيدنا بعونك، و اكنفنا بصونك، و أنلنا منال المعتصمين بحبلك المستظلين بظلك». و دعا (عليه السلام) في قنوته، و أمر أهل قم بذلك لما شكوا من موسي بن بغا. «الحمدلله (شكرا خ ل) شاكرا لنعمائه، و استدعاء لمزيده، و استخلاصا له و به (استجلابا لرزقه خ ل) دون غيره، و عياذا به من كفرانه، و الالحاد في عظمته و كبريائه؛ حمد من يعلم أن ما به من نعماء فمن عند ربه، و ما مسه من عقوبة فبسوء جناية يده، و صلي الله علي محمد عبده و رسوله، و خيرته من خلقه، ذريعة المؤمنين الي رحمته، و آله الطاهرين ولاة أمره؛ اللهم انك ندبت الي فضلك، و أمرت بدعائك، و ضمنت الاجابة لعبادك و لم تخيب من فزع اليك برغبة، و قصد اليك بحاجة، و لم ترجع يد طالبة صفرا

ص: 240

من عطائك، و لا خائبة من نحل هباتك، و أي راحل رحل اليك فلم يجدك قريبا أو أي وافد وفد عليك فاقتطعته عوائد الرد دونك، بل أي محتفر من فضلك لم يمهه فيض جودك، و أي مستنبط لمزيدك أكدي دون استماحة سجال عطيتك. اللهم و قد قصدت اليك برغبتي، و قرعت باب فضلك يد مسئلتي، و ناجاك بخشوع الاستكانة قلبي، و وجدتك خير شفيع لي اليك، و قد علمت ما يحدث من طلبتي قبل أن يخطر بفكري، أو يقع في خلدي، فصل - اللهم - دعائي اياك باجابتي، و اشفع مسألتي بنجح طلبتي؛ اللهم و قد شملنا زيغ الفتن، و استولت علينا غشوة الحيرة، و قارعنا الذل و الصغار، و حكم علينا غير المأمونين في دينك، و ابتز امورنا معادن الابن!! ممن عطل حكمك، و سعي في اتلاف عبادك، و افساد بلادك؛ اللهم و قد عاد فيئنا دولة بعد القسمة، و امارتنا غلبة بعد المشورة، و عدنا ميراثا بعد الاختيار للامة، فاشتريت الملاهي و المعازف بسهم اليتيم و الأرملة و حكم في أبشار المؤمنين أهل الذمة، و ولي القيام بامورهم فاسق كل قبيلة، فلا ذائد يذودهم عن هلكة، و لا راع ينظر اليهم بعين الرحمة، و لا ذو شفقة يشبع الكبد الحري من مسغبة، فهم اولو ضرع بدار مضيعة، و اسراء مسكنة، و حلفاء كآبة و ذلة. اللهم و قد لا استحصد زرع الباطل، و بلغ نهايته، و استحكم عموده، و استجمع طريده، و خذرف وليده، و بسق فرعه، و ضرب بجرانه، اللهم فأتح له من الحق يدا حاصدة تضرع (تصدع خ ل) قائمة، و تهشم سوقه [جمع ساق] و تجب سنامه و تجدع مراغمه، ليستخفي الباطل بقبح صورته، و يظهر الحق بحسن حليته؛ اللهم و لا تدع للجور دعامة الا قصمتها، و لا جنة الا هتكتها، و لا كلمة مجتمعة الا فرقتها، و لا سرية ثقل الا خففتها، و لا قائمة علو الا حططتها، و لا رافعة علم الا نكستها، و لا خضراء الا أبرتها؛

ص: 241

اللهم فكور شمشه، و حط نوره، و اطمس ذكره، و أرم بالحق رأسه و فض جيوشه، و أرعب قلوب أهله، اللهم و لا تدع منه بقية الا أفنيت، و لا بنية الا سويت، و لا حلقة الا قصمت، و لا سلاحا الا أكللت، و لا حدا الا أفللت، و لا كراعا الا اجتحت، و لا حاملة علم الا نكست؛ اللهم و أرنا أنصاره عباديد بعد الالفة، و شتي بعد اجتماع الكلمة، و مقنعي الرؤس بعد الظهور علي الامة، و اسفر لنا عن نهار العدل، و أرناه سرمدا لا ظلمة فيه و نورا لا شوب معه، و اهطل علينا ناشئته، و أنزل علينا بركته، و أدل له ممن ناواه و انصره علي من عاداه؛ اللهم و أظهر به الحق، و أصبح به في غسق الظلم، و بهم الحيرة، اللهم و أحي به القلوب الميتة، و اجمع به الأهواء المتفرقة، و الآراء المختلفة، و أقم به الحدود المعطلة و الأحكام المهملة، و أشبع به الخماص الساغبة، و أرح به الأبدان اللاغبة المتعبة، كما ألهجتنا بذكره، و أخطرت ببالنا دعاءك له، و وفقتنا للدعاء اليه و حياشة أهل الغفلة عنه (اليه خ ل) و أسكنت في قلوبنا محبته و الطمع فيه، و حسن الظن بك لاقامة مراسمه، اللهم فآت لنا منه علي أحسن يقين، يا محقق الظنون الحسنة، و يا مصدق الآمال المبطنة (المبطئة خ ل)؛ اللهم و أكذب به المتألين عليك فيه، و اخلف به ظنون القانطين من رحمتك و الآيسين منه، اللهم اجعلنا سببا من أسبابه، و علما من أعلامه، و معقلا من معاقله، و نضر وجوهنا بتحليته، و أكرمنا بنصرته، و اجعل فينا خيرا تظهرنا له و به، و لا تشمت بنا حاسدي النعم، و المتربصين بنا حلول الندم، و نزول المثل؛ فقد تري - يا رب - براءة ساحتنا، و خلو ذرعنا من الاضمار لهم علي احنة و التمني لهم وقوع جائحة، و ما تنازل من تحصينهم بالعافية، و ما أضبوا لنا من انتهاز الفرصة، و طلب الوثوب بنا عند الغفلة؛ اللهم و قد عرفتنا من أنفسنا، و بصرتنا من عيوبنا خلالا نخشي أن تقعد بنا عن استيهال اجابتك، و أنت المتفضل علي غير المستحقين، و المبتدي ء

ص: 242

بالاحسان غير السائلين، فأت لنا من أمرنا علي حسب كرمك و جودك و فضلك و امتنانك انك تفعل ما تشاء و تحكم ما تريد، انا اليك راغبون، و من جميع ذنوبنا تائبون؛ اللهم و الداعي اليك، و القائم بالقسط من عبادك، الفقير الي رحمتك، المحتاج الي معونتك علي طاعتك، اذ ابتدأته بنعمتك، و ألبسته أثواب كرامتك، و ألقيت عليه محبة طاعتك، ثبت و طأته في القلوب من محبتك، و وفقته للقيام بما أغمض فيه - أهل زمانه - من أمرك، و جعلته مفزعا لمظلومي عبادك، و ناصرا لمن لا يجد له ناصرا غيرك، و مجددا لما عطل من أحكام كتابك، و مشيدا لما رد (دثر خ ل) من أعلام دينك و سنن نبيك (عليه و آله سلامك و صلواتك و رحمتك و بركاتك) فاجعله - اللهم - في حصانة من بأس المعتدين، و أشرق به القلوب المختلفة من بغاة الدين، و بلغ به أفضل ما بلغت به القائمين بقسطك من أتباع النبيين؛ اللهم و أذلل به من لم تسهم له في الرجوع الي محبتك، و من نصب له العداوة و ارم بحجرك الدامغ من أراد التأليب علي دينك باذلاله، و تشتيت أمره، و اغضب لمن لا ترة له و لا طائلة، و عادي الأقربين و الأبعدين فيك، منا منك عليه، لا منا منه عليك؛ اللهم فكما نصب نفسه غرضا فيك للأبعدين، و جاد ببذل مهجته لك في الذب عن حريم المؤمنين، و رد شر بغاة المرتدين المريبين، حتي اخفي ما كان جهر به من المعاصي، و أبدي ما كان نبذه العلماء وراء ظهورهم، مما أخذت ميثاقهم علي أن يبينوه للناس و لا يكتموه؛ و دعا الي افرادك بالطاعة، و ألا يجعل لك شريكا من خلقك، يعلو أمره علي أمرك، مع ما يتجرعه فيك من مرارات الغيظ، الجارحة بحواس القلوب و ما يعتوره من الغموم، و يفزع عليه من أحداث الخطوب، و يشرق به من الغصص التي لا تبتلعها الحلوق، و لا تحنو عليها الضلوع، من نظرة الي أمر من أمرك،

ص: 243

و لا تناله يده بتغييره و رده الي محبتك. فاشدد - اللهم - أزره بنصرك، و أطل باعه فيما قصر عنه من اطراد الراتعين في حماك، و زده في قوته بسطة من تأييدك، و لا توحشنا من انسه، و لا تخترمه دون أمله من الصلاح الفاشي في أهل ملته، و العدل الظاهر في امته؛ اللهم و شرف بما استقبل به من القيام بأمرك لدي موقف الحساب مقامه و سر نبيك محمدا (صلواتك عليه و آله) برؤيته، و من تبعه علي دعوته، و أجزل له - علي ما رأيته قائما به من أمرك - ثوابه، و ابن قرب دنوه منك في حياته، و ارحم استكانتنا من بعده، و استخذاءنا لمن كنا نقمعه به اذ أفقدتنا وجهه، و بسطت أيدي من كنا نبسط أيدينا عليه لنرده عن معصيته، و افتراقنا (افترقنا خ ل) بعد الالفة و الاجتماع تحت ظل كنفه، و تلهفنا عند الفوت علي ما أقعدتنا عنه من نصرته، و طلبنا من القيام بحق ما لا سبيل لنا الي رجعته؛ و اجعله - اللهم - في أمن مما يشفق عليه منه، ورد عنه من سهام المكايد ما يوجهه أهل الشنآن اليه، و الي شركائه في أمره، و معاونيه علي طاعة ربه، الذين جعلتهم سلاحه و حصنه، و مفزعه و انسه، الذين سلوا عن الأهل و الأولاد، و جفوا الوطن، و عطلوا الوثير من المهاد، و رفضوا تجاراتهم، و أضروا بمعايشهم، و فقدوا في أنديتهم بغير غيبة عن مصرهم، و خاللوا البعيد ممن عاضدهم، و قلوا القريب ممن صد عنهم و عن جهتهم (و جهتهم خ ل)، فائتلفوا بعد التدابر و التقاطع في دهرهم، و قطعوا الأسباب المتصلة بعاجل حطام الدنيا؛ فاجعلهم - اللهم - في أمن حرزك، و ظل كنفك، و رد عنهم بأس من قصد اليهم بالعداوة من عبادك، و أجزل لهم علي دعوتهم من كفايتك و معونتك و أمدهم (أيدهم خ ل) بتأييدك و نصرك، و أزهق - بحقهم - باطل من أراد اطفاء نورك. اللهم و املأ بهم كل افق من الآفاق، و قطر من الأقطار قسطا و عدلا، و مرحمة و فضلا، و اشكرهم علي حسب كرمك، وجودك ما مننت به علي

ص: 244

القائمين بالقسط من عبادك، و ادخرت لهم من ثوابك ما ترفع لهم به الدرجات، انك تفعل ما تشاء و تحكم ما تريد». قنوت مولانا الحجة ابن الحسن (عليهماالسلام) «اللهم صل علي محمد و آل محمد، و أكرم أولياءك بانجاز وعدك، و بلغهم درك ما يأملونه من نصرك، و اكفف عنهم بأس من نصب الخلاف عليك، و تمرد بمنعك علي ركوب مخالفتك، و استعان برفدك علي فل حدك، و قصد لكيدك بأيدك، و وسعته حلما لتأخذه علي جهرة، و تستأصله علي غرة، فانك - اللهم - قلت - و قولك الحق -: «حتي اذا أخذت الأرض زخرفها و ازينت و ظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناهم حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون» و قلت: «فلما آسفونا انتقمنا منهم»: و ان الغاية - عندنا- قد تناهت، و انا لغضبك غاضبون، و انا علي نصر الحق متعاصبون، و الي ورود أمرك مشتاقون، و لانجاز وعدك مرتقبون، و لحلول و عيدك - بأعدائك - متوقعون؛ اللهم فأذن بذلك، و افتح طرقاته، و سهل خروجه، و وطأ مسالكه و اشرع شرائعه، و أيد جنوده و أعوانه، و بادر بأسك القوم الظالمين، و ابسط سيف نقمتك علي أعدائك المعاندين، و خذ بالثار انك جواد مكار. و دعا (عليه السلام) في قنوته بهذا الدعاء: اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، و تنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء، بيدك الخير انك علي كل شي ء قدير، يا ماجد يا جواد، يا ذا الجلال و الأكرام، يا بطاش، يا ذا البطش الشديد، يا فعالا لما يريد، يا ذا القوة المتين، يا رؤف يا رحيم، يا لطيف يا حي حين لا حي؛ اللهم أسألك باسمك المخزون المكنون، الحي القيوم الذي استأثرت به في

ص: 245

علم الغيب عندك، و لم يطلع عليه أحد من خلقك، و أسألك باسمك الذي تصور به خلقك في الأرحام كيف تشاء، و به تسوق اليهم أرزاقهم في أطباق الظلمات، من بين العروق و العظام و أسألك باسمك الذي ألفت به بين قلوب أوليائك، و ألفت بين الثلج و النار، لا هذا يذيب هذا، و لا هذا يطفي ء هذا!!؛ و اسألك باسمك الذي كونت به طعم المياه، و أسألك باسمك الذي أجريت به الماء في عروق النبات بين أطباق الثري، و سقت الماء الي عروق الأشجار بين الصخرة الصماء، و أسألك باسمك الذي كونت به طعم الثمار و ألوانها، و اسألك باسمك الذي به تبدي ء و تعيد، و أسألك باسمك الفرد الواحد المتفرد بالوحدانية، المتوحد بالصمدانية و اسألك باسمك الذي فجرت به الماء من الصخرة الصماء و سقته من حيث شئت، و أسألك باسمك الذي خلقت به خلقك، و رزقتهم كيف شئت. يا من لا تغيره الأيام و الليالي، أدعوك بما دعاك به نوح حين ناداك فأنجيته و من معه، و أهلكت قومه، و أدعوك بما دعاك به موسي كليمك حين ناداك، ففرقت (ففلقت خ ل) له البحر، فأنجيته و بني اسرائيل، و أغرقت فرعون و قومه في اليم، و ادعوك بما دعاك به عيسي روحك حين ناداك فنجيته من أعدائه، و اليك رفعته، و ادعوك بما دعاك به حبيبك و صفيك و نبيك محمد (صلي الله عليه و آله) فاستجبت له، و من الأحزاب نجيته و علي أعدائك نصرته، و أسألك باسمك الذي اذا دعيت به أجبت، يا من له الخلق و الأمر يا من أحاط بكل شي ء علما، و أحصي كل شي ء عددا؛ يا من لا تغيره الأيام و الليالي، و لا تتشابه عليه الأصوات، و لا تخفي عليه اللغات و لا يبرمه الحاج الملحين، أسألك أن تصلي علي محمد و آل محمد خيرتك من خلقك فصل عليهم بأفضل صلواتك، و صل علي جميع النبيين و المرسلين، الذين بلغوا عنك الهدي، و عقدوا لك المواثيق بالطاعة، و صل علي عبادك الصالحين؛

ص: 246

يا من لا يخلف الميعاد، أنجز لي ما وعدتني، و اجمع لي أصحابي، و صبرهم و انصرني علي أعدائك و أعداء رسولك، و لا تخيب دعوتي، فاني عبدك ابن عبدك، ابن أمتك، أسير بين يديك؛ سيدي أنت الذي مننت علي بهذا المقام، و تفضلت به علي دون كثير من خلقك أسألك أن تصلي علي محمد و آل محمد، و أن تنجز لي ما وعدتني، انك انت الصادق و لا تخلف الميعاد، و أنت علي كل شي ء قدير» (1) .

محمد بن علي بن ابراهيم الهمداني

قال: كتبت الي أبي محمد اسأله أن يدعو الله أن ارزق ولدا ذكرا من ابنة عمي: فوقع: «رزقك الله ذكرانا» فولد لي اربعة (2) .

محمد بن علي بن ابراهيم بن موسي بن جعفر

كان واقفيا، و رأي معجزة من الامام العسكري (عليه السلام) و مع ذلك لم يعتبر، و لم يهتد الي الصراط المستقيم. في (الكافي) بسنده عن محمد بن ابراهيم، المعروف بابن الكردي، عن محمد بن علي بن ابراهيم بن موسي بن جعفر قال: ضاق بنا الأمر، فقال أبي: امض بنا حتي نصير الي هذا الرجل (يعني أبامحمد) فانه قد وصف عنه سماحة. فقلت: تعرفه؟ فقال: ما أعرفه، و لا رأيته قط. قال: فقصدناه، فقل لي (ابي) و هو في طريقه: ما أحوجنا الي أن يأمر لنا

ص: 247


1- 418. مهج الدعوات / 45 - 69.
2- 419. كشف الغمة ج 2 / 428.

بخمسمائة درهم، مائتا درهم للكسوة، و مائتا درهم للدين، و مائة للنفقة؛ فقلت - في نفسي - ليته أمر لي بثلاثمائة درهم، مائة درهم اشتري بها حمارا، و مائة للنفقة، و مائة للكسوة، و أخرج الي الجبل؛ قال: فلما وافينا الباب، خرج الينا غلامه فقال: يدخل علي بن ابراهيم، و محمد ابنه! فلما دخلنا عليه و سلمنا، قال لأبي: يا علي! ما خلفك عنا الي هذا الوقت؟ فقال: يا سيدي! استحييت أن ألقاك علي هذه الحال. فلما خرجنا من عنده جاءنا غلامه، فناول أبي صرة فقال: هذه خمسمائة درهم، مائتان للكسوة، و مائتان للدين، و مائة للنفقة!! و أعطاني صرة فقال: هذه ثلاثمائة درهم، اجعل مائة في ثمن حمار، و مائة للكسوة، و مائة للنفقة، و لا تخرج الي الجبل، و صر الي سوراء!! فصار الي سوراء، و تزوج بامرأة، فدخله اليوم ألف دينار، و مع هذا يقول بالوقف (أي واقفي المذهب). فقال محمد بن ابراهيم: فقلت له: ويحك!! أتريد أمرا أبين من هذا؟ (أي اتريد دلالة أوضح من هذا علي امامة الامام العسكري؟). فقال: هذا أمر قد جرينا عليه (1) . نعم، انها لا تعمي الأبصار، ولكن تعمي القلوب التي في الصدور.

محمد بن علي بن بلال

و قد يعبر عنه بأبي طاهر بن بلال. كان الرجل من ثقاة أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) بحيث أن الامام العسكري (عليه السلام) كتب اليه مرتين يخبره بولادة الامام المهدي (عليه السلام)

ص: 248


1- 420. الكافي ج 1 / 506 و (كشف الغمة) ج 2 / 410.

مع العلم ان الامام العسكري كان يكتم ولادة ابنه الا عن خواص أصحابه، فقد روي في الكافي بسنده عن محمد بن علي بن بلال قال: خرج الي من أبي محمد قبل مضيه (أي وفاته) بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثم خرج الي من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده (1) . و كان الرجل مستقيما في أيام حياة الامام العسكري (عليه السلام) فقد كتب الامام العسكري الي اسحاق بن اسماعيل النيسابوري...: «يا اسحاق اقرأ كتابنا علي البلالي (رضي الله عنه) فانه الثقة المأمون، العارف بما يجب عليه...». ولكن الرجل - بالرغم من سوابقه المشرقة - اختار لنفسه سوء العاقبة فادعي البابية، فخرج التوقيع باللعن عليه و البراءة منه. في ضمن جماعة من نظرائه، و قد ذكرناهم في كتاب (الامام المهدي من المهد الي الظهور).

محمد بن علي التستري

من أهل تستر من بلاد خوزستان، عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

محمد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيدالله بن أبي الفضل العباس

يكني أباعبدالله، و كان ثقة، صحيح الاعتقاد، يروي عن الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام). عن الفضل بن شاذان قال: حدثنا محمد بن علي بن حمزة بن الحسن بن

ص: 249


1- 421. الكافي ج 1 / 328.

عبيدالله بن العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: سمعت أبامحمد (عليه السلام) يقول: «و قد ولد - ولي الله و حجته علي عباده، و خليفتي من بعدي - مختونا، ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين عند طلوع الفجر، و كان أول من غسله رضوان خازن الجنان، مع جمع من الملائكة المقربين بماء الكوثر و السلسبيل، ثم غسلته عمتي: حكيمة بنت محمد بن علي الرضا (عليهم السلام)». فسئل محمد بن علي بن حمزة عن امه (عليه السلام) قال: امه: مليكة التي يقال لها: في بعض الأيام: سوسن، و في بعضها: ريحانه، و كان صقيل و نرجس ايضا من اسمائها» (1) .

محمد بن علي بن عيسي، القمي، الطلحي

كان من وجهاء قم، و كان اميرا عليها من قبل السلطان، و عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي (عليه السلام) و قال النجاشي: له مسائل لأبي محمد العسكري (عليه السلام).

محمد بن علي، الذراع

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

محمد بن علي، القسري

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

ص: 250


1- 422. اثبات الهداة ج 3 / 570 عن كتاب (اثبات الرجعة) للفضل بن شاذان.

محمد بن علي، الكاتب

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

محمد بن عياش

في (المناقب: محمد بن عياش قال: تذاكرنا آيات [علائم] الامام فقال ناصبي: ان أجاب عن كتاب بلا مداد علمت أنه حق!! فكتبنا مسائل، و كتب الرجل بلا مداد علي ورق، و جعل [الورقة] في الكتب، و بعثنا اليه [الامام]. فأجاب عن مسائلنا، و كتب علي ورقه اسمه [الناصبي] و اسم أبويه. فدهش الرجل، فلما أفاق اعتقد الحق (1) .

محمد بن عيسي ابن أحمد أبوجعفر، الزرجي

قال: رأيت بسر من رأي رجلا شابا في المسجد المعروف بمسجد زبيد، في شارع السوق، و ذكر أنه هاشمي، من ولد موسي بن عيسي - لم يذكر أبوجعفر اسمه - و كنت اصلي، فلما سلمت قال لي: أنت قمي أو رازي؟ قلت: أنا قمي، مجاور بالكوفة في مسجد أميرالمؤمنين (عليه السلام). قال لي: تعرف دار موسي بن عيسي التي بالكوفة؟ فقلت: نعم. فقال: انا من ولده؛

ص: 251


1- 423. مناقب ابن شهرآشوب: ج 4 / 440.

قال: كان لي أب و له أخوان، و كان أكبر الأخوين ذا مال، و لم يكن للصغير مال، فدخل [الصغير] علي أخيه الكبير، فسرق منه ست مائة دينار. فقال الأخ الكبير: أدخل علي الحسن [العسكري] بن علي بن محمد بن الرضا (عليهم السلام) و أسأله أن يلطف للصغير لعله أن يرد مالي، فانه [الامام] حلو الكلام؛ فلما كان وقت السحر بدالي [تبدل رأيي] عن الدخول علي الحسن بن علي (عليهماالسلام) و قلت: أدخل علي اشناس التركي (1) صاحب السلطان، و أشكو اليه. قال: فدخلت علي اشناس التركي، و بين يديه نرد [نوع من القمار] يلعب به فجلست أنتظر فراغه؛ فجاءني رسول الحسن بن علي (عليهماالسلام) فقال: أجب. فقمت معه، فلما دخلت علي الحسن بن علي (عليهماالسلام) قال لي: «كان لك الينا - أول الليل - حاجة، ثم بدا لك فيه (عنها) وقت السحر، اذهب، فان الكيس الذي اخذ من مالك قد رد، و لا تشك أخاك، و أحسن اليه و أعطه، فان لم تفعل فابعثه الينا لنعطيه». فلما خرج (خرجت) تلقاه غلامه (تلقاني غلامي) يخبره (يخبرني) بوجود الكيس... الي آخر الحديث (2) .

محمد بن عيسي بن عبيد بن يقطين، العبيدي

يكني أباجعفر، جليل، ثقة، كثير الرواية، حسن التصانيف، روي عن الامام الجواد و الامام الهادي و الامام العسكري (عليهم السلام) له مؤلفات عديدة في الامامة و ابواب النفقه و غير ذلك.

ص: 252


1- 424. من قواد الأتراك في عصر العباسيين.
2- 425. اكمال الدين / 517 باب 45 حديث 46.

محمد بن القاسم

المفسر الاسترابادي، الجرجاني، يكني أباالحسن، و هو الذي يروي التفسير المنسوب الي الامام الحسن العسكري (عليه السلام) عن رجلين من أصحاب الامام. و قد وعدنا القراء أن نذكر كلمة حول هذا التفسير الذي وقع مورد الخلاف بين العلماء الرجاليين منذ قرون، و اليك هذه الكلمة المتواضعة: يوجد تفسير ينسب الي الامام العسكري (عليه السلام) و قد اضطربت الأقوال، و اختلفت الأقلام من المحدثين و المفسرين و الفقهاء و الرجاليين حوله، مع العلم انه لا يوجد منه سوي تفسير سورة الحمد، و شي ء من سورة البقرة، و أما بقية أجزاء التفسير فهي مفقودة؛ و التفسير يروي عن الحسن بن خالد البرقي عن الامام العسكري (عليه السلام) و يروي عن محمد بن القاسم الاسترابادي الجرجاني، عن يوسف بن محمد، و علي بن محمد بن يسار أو سيار عن الامام العسكري (عليه السلام)؛ فهناك ثلة من علماء الرجال و المحدثين الذين قد ضعفوا هذا التفسير من ناحية السند و بعضهم من ناحية المتن، و بعضهم من ناحية السند و المتن جميعا؛ و بعضهم يوثقون التفسير، و يعتمدون علي السند و المتن. و لكل من الفريقين أدلة و حجج و براهين قابلة للمناقشة، و هذا معركة علمية بين أبطال العلم و المعرفة، و علماء الرجال و الدراية، فالأفضل نقل آراء الفريقين، فأقول: ان أول من ضعف هذا التفسير من ناحية السند و المتن: هو أحمد بن الحسين الغضائري في كتابه (الضعفاء) فان قال: محمد بن القاسم المفسر الاسترابادي - روي عنه أبوجعفر ابن بابويه [الصدوق] - ضعيف كذاب، روي

ص: 253

[الصدوق] عنه [محمد بن القاسم] تفسيرا عن رجلين مجهولين، أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد، و الآخر علي بن محمد بن سيار، عن أبيهما، عن ابي الحسن الثالث [الهادي] (عليه السلام)، و التفسير موضوع عن سهل الديباجي عن أبيه، بأحاديث منكرة. أقول: لا يخفي أن هذا الكلام مضطرب و مشوش و غير واضح، لما يلي: 1 - المعروف بين علماء الرجال ان اسناد الكتاب الي ابن الغضائري غير ثابت، اذن، فكل كلام في كتاب ابن الغضائري مشكوك فيه لعدم ثبوت اسناد الكتاب اليه، فلا اعتماد علي ما نقل عنه توثيقا أو تضعيفا؛ 2 - ان التفسير غير مروي عن سهل الديباجي عن أبيه، و ليس سهل الديباجي في سند الحديث حتي يطعن فيه من هذه الناحية. 3 - ان التفسير منسوب الي الامام الحسن العسكري (عليه السلام) لا الي الامام أبي الحسن الثالث [الهادي] (عليه السلام) كما زعمه ابن الغضائري في الكتاب المنسوب اليه، و ياليته ذكر مصدر قوله من ان محمد بن القاسم المفسر ضعيف كذاب!! مع العلم أن كتب الرجال خالية عن تضعيفه و توثيقه، و آخر ما يقال في حقه: انه مجهول. فكيف يكون المجهول كذابا ضعيفا؟! و تبعه علي هذا التضعيف أكثر من تأخر عنه من علماء الرجال، كالعلامة الحلي في (الخلاصة) و التفرشي في (نقد الرجال) و المحقق الداماد في (شارع النجاة) و الاسترابادي في (منهج المقال) و الأردبيلي في (جامع الرواة) و القهبائي في (مجمع الرجال) و الشيخ محمد جواد البلاغي في رسالة خاصة حول التفسير، و التستري (المعاصر) في (الأخبار الدخيلة) و السيد الخوئي في (معجم رجال الحديث) و غير هؤلاء. و أكثر هؤلاء يتبعون ابن الغضائري في تضعيف هذا التفسير سندا و متنا، ولكل من هولاء آراء و تعليقات مشروحة في كتبهم، و لا مجال - هنا - للتفصيل.

ص: 254

و اما القائلون بصحة هذا التفسير سندا و متنا، فأولهم: الشيخ الصدوق في كثير من مؤلفاته، فانه روي عن هذا التفسير الشي ء الكثير، لانه يعتمد علي التفسير، و لا يري تضعيفه. و أكثر من تأخر عن الشيخ الصدوق انما اعتمد علي التفسير تبعا للشيخ الصدوق الثقة، أمثال: القطب الراوندي، و ابن شهراشوب، و المحقق الكركي و الشهيد الثاني، والمجلسيان: الأول و الثاني، و الحر العاملي، و الفيض الكاشاني، و البحراني صاحب (البرهان) و صاحب (الذريعة) و غيرهم من الرجاليين. و بين هذين الجانبين كر و فر، و تزييف و تضعيف لأقوال كل منهما؛ و لعل خير الأقوال و أصحها أن نقول: ان التفسير فيه غث و سمين، و صحيح و سقيم، و مقبول و مردود، فلا يمكن توثيقه بالكلية، و لا تضعيفه بالكلية. و كل ما كان من الأحاديث الموجودة في هذا التفسير مطابقا للأحاديث الصحيحة أو مؤيدة بها يعمل بها. و كل ما كان فيها من الأحاديث الشاذة التي تثير الشك فينبغي التوقف فيها!! هذه كلمة ملخصة موجزة حول التفسير المنسوب الي الامام العسكري (عليه السلام) ذكرناها مع الحياد و عدم التطرف، والله العالم.

محمد بن القاسم، ابوالعيناء

الهاشمي، في (الكافي) بسنده عن محمد بن القاسم أبي العيناء الهاشمي، مولي عبدالصمد بن علي (عتاقة) قال: كنت أدخل علي أبي محمد (عليه السلام) فأعطش و أنا عنده، فاجله أن أدعو بالماء، فيقول [الامام]: يا غلام اسقه. و ربما حدثت نفسي بالنهوض، فافكر في ذلك فيقول: يا غلام دابته. (أي

ص: 255

أحضر دابته). (1) .

محمد بن محمد القلانسي

القلانسي، ذكرنا كتابه الي الامام العسكري (عليه السلام) في ترجمة أخيه جعفر بن محمد القلانسي.

محمد بن معاوية بن حكيم

لقد ورد حديثه في باب ولادة الامام المهدي (عليه السلام).

محمد بن موسي بن فرات

عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام). و احتمل بعض الأعلام المعاصرين انه محمد بن موسي بن الحسن بن فرات، الذي كان يعضد محمد بن نصير الفهري النميري، فان صح هذا الاحتمال فالرجل منحرف شديد الانحراف.

محمد بن موسي، السريعي أو الشريعي

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) كان من الغلاة و المنحرفين و هو أول من ادعي مقاما لم يجعله الله فيه، و هو مقام النيابة

ص: 256


1- 426. الكافي ج 1 / 512.

و السفارة، و قد ذكرناه في كتاب (الامام المهدي) باسم ابي محمد الحسن الشريعي ص 212 و في هذا الكتاب في حرف الحاء.

محمد بن موسي، النيسابوري

كان من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و هو الذي ارسل الامام العسكري كتابه معه الي ابراهيم بن عبده، و قد تقدم في ترجمة ابراهيم بن عبده.

محمد بن نصر أو نصير، النميري

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) و قد ذكرناه أيضا في كتاب (الامام الهادي) و (الامام المهدي) كان يدعي النبوة، و يعتقد بالتناسخ، و له انحرافات عقائدية و شذوذ جنسي.

محمد بن يحيي بن زياد

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

محمد بن يحيي، المعاذي

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

محمد بن يزداد، الرازي

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

ص: 257

معاوية بن حكيم بن معاوية بن عمار

الدهني، عده النجاشي من أصحاب الامام الرضا (عليه السلام). و عده الشيخ من أصحاب الامام الجواد و الامام الهادي (عليهماالسلام). أقول: و كان من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) أيضا كما في رواية (اكمال الدين) يروي عنه جعفر بن محمد بن مالك الفزاري انه أحد الذين حضروا مجلس الامام العسكري (عليه السلام) و عرض عليهم الامام ولده الامام المهدي (عليه السلام) و ذكرنا الحديث في ترجمة محمد بن عثمان العمري.

معلي بن محمد البصري

في (اكمال الدين) بسنده عن معلي بن محمد البصري قال: خرج عن أبي محمد (عليه السلام) - حين قتل الزبيري (1) -: «هذا جزاء من افتري علي الله في أوليائه، يزعم انه يقتلني و ليس لي عقب، فكيف رأي قدرة الله «تبارك و تعالي». و ولد له ولد، سماه م ح م د سنة ست و خمسين و مائتين (2) .

المعمر بن غوث السنبسي

في كتاب (جنة الماوي) عن (غوالي اللئالي) بسنده عن المعمر بن غوث

ص: 258


1- 427. قد ذكرنا - فيما مضي - ان الزبيري هو نصر بن أحمد الزبيري الذي قتل يوم قتل المهتدي.
2- 428. اكمال الدين / 430 الباب 42 حديث 3.

السنبسي عن الامام الحسن بن علي العسكري (عليهماالسلام)انه قال: «أحسن ظنك ولو بحجر، يطرح الله شره فيه، فتتناول حظك منه». فقلت: «أيدك الله، حتي بحجر؟» قال: «أفلا تري الحجر الاسود؟».

موسي بن جعفر

ابن وهب البغدادي، أبوالحسن، ذكره النجاشي و قال: له كتاب نوادر، و روي عنه سعد بن عبدالله و جماعة ذكرهم في (جامع الرواة). في (اكمال الدين) بسنده عن سعدالله بن عبدالله قال: حدثنا موسي بن جعفر بن وهب البغدادي انه خرج من أبي محمد (عليه السلام) توقيع: «زعموا أنهم يريدون قتلي، و يقطعون هذا النسل، و قد كذب الله (عزوجل) قولهم، و الحمدلله». (1) . أيضا بسنده عن موسي بن جعفر بن وهب البغدادي قال: سمعت ابامحمد الحسن بن علي (عليه السلام) يقول: كأني بكم و قد اختلفتم بعدي في الخلف مني. أما: ان المقر بالأئمة بعد رسول الله (صلي الله عليه و آله) المنكر لولدي كمن أقر بجميع انبياء الله و رسله، ثم انكر نبوة رسول الله (صلي الله عليه و آله) و المنكر لرسول الله (صلي الله عليه و آله) كمن انكر جميع انبياء الله، لأن طاعة آخرنا كطاعة أولنا، و المنكر لآخرنا كالمنكر لأولنا. اما ان لولدي غيبة يرتاب فيها الناس الا من عصمه الله (عزوجل). (2) .

مهجع بن الصلت

ابن عقبة بن سمعان، ذكرنا حديثه في ترجمة داود بن القاسم.

ص: 259


1- 429. اكمال الدين / 407 الباب 38 حديث 3.
2- 430. اكمال الدين / 409 الباب 38 حديث 8.

حرف النون

نحرير

في (الكافي) بسنده عن بعض أصحابنا، قال: سلم أبومحمد (عليه السلام) الي نحرير، فكان يضيق عليه و يؤذيه؛ قال: فقالت له امرأته: ويلك! اتق الله، [فانك] لا تدري من في منزلك؟ و عرفته صلاحه، و قالت: اني أخاف عليك منه. فقال: لأرمينه بين السباع! ثم فعل ذلك به، فرئي (عليه السلام) قائما يصلي و هي حوله (1) .

نسيم الخادم

خادمة الامام العسكري (عليه السلام) و كان لها شرف رؤية الامام المهدي (عليه السلام). في (الكافي) بسنده عن نسيم الخادم... الخ) مما يستفاد ان نسيم اسم رجل ولكن الصدوق روي في (اكمال الدين) الحديث هكذا: ... حدثتني نسيم خادمة أبي محمد (عليه السلام) قالت: دخلت علي صاحب هذا الأمر (عليه السلام) بعد مولده بليلة، فعطست عنده فقال لي: يرحمك الله! قالت نسيم: ففرحت بذلك، فقال لي (عليه السلام): ألا ابشرك في العطاس؟ قلت: بلي. قال: هو أمان من الموت ثلاثة أيام (2) .

ص: 260


1- 431. الكافي ج 1 / 513.
2- 432. اكمال الدين / 441 الباب 43 حديث 11.

نصر بن علي

الجهضمي، و قد ذكرناه في كتاب (الامام الهادي) و هو الذي حدث المتوكل بحديث عن النبي (صلي الله عليه و آله) أنه أخذ بيد الحسن و الحسين (عليهماالسلام) و قال: «من أحبني و أحب هذين و أباهما و امهما كان معي في درجتي يوم القيامة» فأمر المتوكل بضربه ألف سوط! الي أن كلمه جعفر بن عبدالواحد بأن نصرا لم يكن شيعيا، و انما هو من أهل السنة، فضرب خمسمائة سوط، و عفي عن الباقي (1) . و في (مهج الدعوات): و ذكر نصر بن علي الجهضمي - و هو من ثقات المخالفين - في (مواليد الأئمة) عليهم السلام: و من الدلائل ما جاء عن الحسن بن العسكري عند ولادة م ح م د ابن الحسن: «زعمت الظلمة أنهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل، كيف رأوا قدرة القادر؟» و سماه المؤمل (2) .

نصير، الخادم

يكني اباحمزة، في (الكافي) بسنده عن أحمد بن محمد بن الأقرع قال: حدثني أبوحمزة نصير (نصر خ ل) الخادم قال: سمعت أبامحمد غير مرة يكلم غلمانه بلغاتهم: ترك، و روم و صقالبة، فتعجبت من ذلك، و قلت: هذا ولد بالمدينة، و لم يظهر لأحد حتي مضي أبوالحسن (أي الهادي) (عليه السلام)، و لا رآه أحد فكيف هذا؟ احدث نفسي بذلك؛

ص: 261


1- 433. تاريخ بغداد ج 2 / 281.
2- 434. مهج الدعوات / 343.

فأقبل علي فقال: ان الله تبارك و تعالي يبين حجته من سائر خلقه بكل شي ء و يعطيه اللغات، و معرفة الأسباب و الآجال و الحوادث. و لولا ذلك لم يكن بين الحجة و المحجوج فرق (1) .

حرف الهاء

هارون بن مسلم

عده النجاشي من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام). و في (كشف الغمة): حدث هارون بن مسلم قال: ولد لابني أحمد ابن، فكتبت الي أبي محمد، و ذلك بالعسكر [سر من رأي] اليوم الثاني من ولادته، أسأله أن يسميه و يكنيه و كان محبتي أن اسميه جعفرا، و اكنيه بأبي عبدالله؛ فوافاني رسوله في صبيحة اليوم السابع، و معه كتاب: «سمه جعفرا، و كنه بأبي عبدالله» و دعا لي (2) .

همام بن سهيل

يكني ابابكر، و هو والد محمد الثقة؛ و قال الشيخ: و همام يكني أبابكر، جليل القدر، ثقة، روي عنه التلكعبري...الي آخره.

ص: 262


1- 435. الكافي ج 1 / 509.
2- 436. كشف الغمة ج 2 / 416.

و روي النجاشي: عن هارون بن موسي: قال أبوعلي محمد بن همام: كتب أبي الي أبي محمد: الحسن العسكري (عليه السلام) يعرفه أن له حملا (1) و يسأله أن يدعو الله في تصحيحه (2) و سلامته، و أن يجعله ذكرا، نجيبا من مواليهم. فوقع [الامام] - علي رأس الرقعة بخط يده -: «قد فعل الله ذلك». فصح الحمل ذكرا. قال هارون بن موسي: أراني أبوعلي بن همام الرقعة و الخط، و كان محققا (3) . و كان مولد محمد بن همام سنة 258 و احتمل البعض ان محمدا هو المولود الذي دعا له الامام.

حرف الياء

يحيي البصري

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

يحيي بن بشار أو يسار، القنبري

هو من رواة النص من الامام الهادي علي امامة العسكري (عليهماالسلام).

يحيي بن المرزبان

(الخرائج): روي يحيي بن المرزبان قال: التقيت مع رجل من أهل السيب

ص: 263


1- 437. أي يخبر الامام بأن زوجته حامل.
2- 438. كونه تام الخلقة، غير ناقص و لا مشوه.
3- 439. رجال النجاشي / 267.

(السبت خ ل) سماه اباالخير. فأخبرني انه كان له ابن عم ينازعه في الامامة و القول في [امامة] أبي محمد (عليه السلام) و غيره. فقلت: لا أقول به [امامته] أو أري علامة! فوردت العسكر [سر من رأي] في حاجة، فأقبل أبومحمد (عليه السلام) فقلت - في نفسي متعنتا - ان مد يده الي رأسه فكشفه، ثم نظر الي، ورده قلت به [بامامته]. فلما حاذاني مد يده الي رأسه فكشفه، ثم برق عينيه في، ثم ردهما ثم قال: «يا يحيي ما فعل ابن عمك الذي تنازعه في الامامة؟». قلت: خلفته صالحا. قال: لا تنازعه. ثم مضي (1) .

يعقوب بن اسحاق

عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

يعقوب بن منقوش

عده الشيخ من أصحاب الامام الهادي و الامام العسكري (عليهماالسلام) و قد تشرف بلقاء الامام المهدي (عليه السلام) ايضا، كما روي الصدوق في (اكمال الدين) بسنده عن يعقوب بن منقوش قال: دخلت علي أبي محمد الحسن بن علي (عليهماالسلام) و هو جالس علي دكان في الدار، و عن يمينه بيت عليه ستر مسبل، فقلت: يا سيدي من صاحب هذا الأمر؟ فقال (عليه السلام): ارفع الستر. فرفعته، فخرج الينا غلام خماسي (2) له

ص: 264


1- 440. الخرائج و الجرائح ج 1 / 440، ح 21.
2- 441. خماسي: طول خمسة اشبار.

عشر أو ثمان، أو نحو ذلك، واضح الجبينين، ابيض الوجه، دري المقلتين، شثن الكفين معطوف الركبتين، في خده الأيمن خال، و في رأسه ذؤابة. فجلس علي فخذ أبي محمد (عليه السلام) ثم قال لي: هذا صاحبكم. ثم وثب، فقال له: يا بني ادخل الي الوقت المعلوم. فدخل البيت، و أنا أنظر اليه، ثم قال لي: يا يعقوب انظر من في البيت؟ فدخلت، فما رأيت أحدا (1) .

يوسف بن السخت

أبويعقوب، البصري، بياع الارز. عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام). و يستفاد من رواية الكشي كونه من أصحاب الامام الهادي (عليه السلام) بل من ثقاة أصحابه، و قد ذكرناه في كتاب (الامام الهادي).

يوسف بن محمد بن زياد

لقد ورد اسمه - في هذا الكتاب - في ترجمة محمد بن علي بن سيار، و محمد بن القاسم المفسر الجرجاني، و هو أحد الرجلين اللذين رويا التفسير المنسوب الي الامام العسكري (عليه السلام) و اليك التفصيل: في مفتتح التفسير المنسوب الي الامام العسكري (عليه السلام) - بعد حذف الاسناد -: «أخبرنا محمد بن القاسم الاسترابادي الخطيب قال: حدثني أبويعقوب: يوسف بن محمد بن زياد، و أبوالحسن علي بن محمد بن سيار - و كانا من

ص: 265


1- 442. اكمال الدين / 407 الباب 38 حديث 2.

الشيعة الامامية - قال: و كانا أبوانا اماميين، و كانت الزيدية هم الغالبون باستراباد، و كانا في امارة الحسن بن زيد الملقب بالداعي الي الحق، امام الزيدية، و كان كثير الاصغاء اليهم، يقتل الناس بسعاياتهم؛ فخشيناهم علي أنفسنا، فخرجنا بأهلينا الي حضرة الامام الحسن بن علي بن محمد (عليه السلام) ابي القائم (عليه السلام) فأنزلنا عيالاتنا في بعض الخانات، ثم استأذنا علي الامام الحسن بن علي (عليه السلام) فلما رءانا قال: مرحبا بالأوابين الينا، الملتجئين الي كنفنا، قد تقبل الله سعيكما، و آمن روعكما، و كفا كما أعدائكما، فانصرفا آمنين علي أنفسكما و أموالكما؛ فعحبنا من قوله ذلك لنا، مع أنا لم نشك في صدقه في مقاله، فقلنا: بماذا تأمرنا ايها الامام أن نصنع في طريقنا الي أن ننتهي الي بلد خرجنا من هناك؟ و كيف ندخل ذلك البلد و منه هربنا؟ و طلب السلطان لنا حثيث، و وعيده ايانا شديد. فقال: خلفا علي ولديكما هذين لأفيدهما العلم الذي يشرفهما الله تعالي به، ثم لا تحفلا بالسعاة، و لا بوعيد المسعي اليه، فان الله تعالي يقصم السعاة، و يلجئهم الي شفاعتكم فيهم عند من قد هربتم منه؛ قال ابويعقوب و ابوالحسن: فأتمرا بما امرا و قد خرجا و خلفنا هناك، و كنا نختلف اليه فيتلقانا ببر الآباء و ذوي الأرحام الماسة... الي آخره. أقول: و قد ذكرنا كلمة موجزة حول هذا التفسير في ترجمة محمد بن القاسم.

يونس النقاش

و قد ذكرنا قصته في كتاب (الامام الهادي من المهد الي اللحد) / 364 و في ترجمة كافور الخادم من هذا الكتاب.

ص: 266

و حيث ان الراوي هو كافور و كان من اصحاب الامام العسكري (عليه السلام) فمن المحتمل ان هذه القصة كانت مع الامام العسكري (عليه السلام).

باب الكني

اشاره

يوجد في أصحاب الأئمة (عليهم السلام) رجال عرفوا بالكنية، و لم يعلم اسماؤهم أو اشتهرت كناهم علي اسمائهم، نذكرهم - هنا - تبعا لعلماء الرجال.

ابوالأديان

في (اكمال الدين): و حدث أبوالأديان قال: كنت أخدم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) و أحمل كتبه الي الأمصار، فدخلت عليه في علته التي توفي فيها (صلوات الله عليه) فكتب معي كتبا، و قال: امض بها الي المدائن، فانك ستغيب خمسة عشر يوما، و تدخل الي سر من رأي يوم الخامس عشر [من خروجك] و تسع الواعية [الصراخ] في داري، و تجدني علي المغتسل؛ قال أبوالأديان: فقلت: يا سيدي فاذا كان ذلك فمن؟ [فمن الامام بعدك؟] قال: من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم من بعدي! فقلت: زدني. قال: من يصلي علي فهو القائم من بعدي! فقلت: زدني. قال: من أخبر بما في الهميان فهو القائم من بعدي. ثم منعتني هيبته أن أسأله عما في الهميان! و خرجت بالكتب الي المدائن، و أخذت جواباتها، و دخلت سر من رأي

ص: 267

يوم الخامس عشر [من سفري] كما ذكر لي (عليه السلام). فاذا أنا بالواعية في داره، و اذا به علي المغتسل، و اذا أنا بجعفر [الكذاب] بن علي [الهادي]: أخيه بباب الدار، و الشيعة من حوله يعزونه و يهنئونه!! فقلت - في نفسي - ان يكن هذا [جعفر] اماما فقد بطلت الامامة!! لأني كنت أعرفه بشرب النبيذ، و يقامر في الجوسق، و يلعب بالطنبور!! فتقدمت، فعزيت، و هنئت [بالامامة] فلم يسألني عن شي ء [جوابات الكتب]، ثم خرج عقيد فقال [لجعفر]: يا سيدي! قد كفن أخوك، فقم، و صل عليه. فدخل جعفر بن علي، و الشيعة من حوله، يقدمهم السمان [عثمان بن سعيد] و الحسن بن علي قتيل المعتصم، المعروف بسلمة. فلما صرنا في الدار، اذا نحن بالحسن بن علي (صلوات الله عليه) علي نعشه، مكفنا، فتقدم جعفر بن علي ليصلي علي أخيه، فلما هم بالتكبير خرج صبي، بوجهه سمرة بشعره قطط، بأسنانه تفليج، فجبذ [جذب] برداء جعفر بن علي، و قال: «تأخر يا عم، فأنا أحق بالصلاة علي أبي!!». فتأخر جعفر، و قد اربد وجهه، و اصفر. فتقدم الصبي و صلي عليه، و دفن الي جانب قبر أبيه (عليهماالسلام). ثم قال [الامام المهدي]: يا بصري! هات جوابات الكتب التي معك! فدفعتها اليه، فقلت - في نفسي -: «هذه بينتان» (1) بقي الهميان. ثم خرجت الي جعفر بن علي، و هو يزفر (2) فقال له حاجز الوشاء: «يا سيدي من هذا الصبي؟» ليقيم الحجة عليه فقال [جعفر]: والله ما رأيته قط و لا أعرفه!!

ص: 268


1- 443. هذه اثنتان.
2- 444. الزفير: اخراج النفس بعد مدة مما يدل علي الغم.

فنحن جلوس اذ قدم نفر من قم، فسألوا عن الحسن [العسكري] بن علي (عليهماالسلام) فعرفوا موته، فقالوا: فمن [نعزي]؟ فأشار الناس الي جعفر [الكذاب] ابن علي. فسلموا عليه، و عزوه و هنئوه و قالوا: ان معنا كتبا و مالا، فتقول ممن الكتب؟ و كم المال؟ فقام ينفض أثوابه و يقول: تريدون منا أن نعلم الغيب؟!! قال [أبو الأديان]: فخرج الخادم، فقال: معكم كتب فلان و فلان و فلان، و هميان فيه الف دينار، و عشرة دنانير منها مطلية. فدفعوا اليه الكتب و المال، و قالوا: الذي وجه بك لأخذ ذلك هو الامام. فدخل جعفر بن علي علي المعتمد، و كشف له ذلك، فوجد المعتمد بخدمه فقبضوا علي صقيل الجارية فطالبوها بالصبي، فأنكرته، و ادعت حبلا [حملا] بها، لتغطي حال الصبي، فسلمت الي ابن أبي الشوارب: القاضي؛ و بغتهم موت عبيدالله بن يحيي بن خاقان فجأة، و خروج صاحب الزنج بالبصرة فشغلوا بذلك عن الجارية، فخرجت عن ايديهم، و الحمدلله رب العالمين. (1) .

ابوالبختري

مؤدب ولد الحجاج، عده الشيخ من أصحاب الامام العسكري (عليه السلام).

ابوبكر الفهفكي

في (الخرائج) روي عن أبي بكر الفهفكي قال: أردت الخروج بسر من

ص: 269


1- 445. اكمال الدين / 475، الباب 43.

رأي لبعض الامور، و قد طال مقامي بها، فغدوت يوم الموكب، و جلست في شارع قطيعة ابن أبي دؤاد، اذ طلع أبومحمد (عليه السلام) يريد دار العامة، فلما رأيته قلت - في نفسي - أقول له: يا سيدي ان كان الخروج عن سر من رأي خيرا فأظهر التبسم في وجهي. فلما دنا مني تبسم تبسما جيدا، فخرجت من يومي فأخبرني بعض أصحابنا أن غريما لي كان له عندي مال، قدم يطلبني، ولو ظفر بي لهتكني، لأن ماله لم يكن عندي شاهدا (1) .

ابوبكر

في (كشف الغمة): و عن أبي بكر قال: عرض علي صديق أن أدخل معه في شراء ثمار من نواحي شتي فكتبت الي أبي محمد (عليه السلام) اشاوره، فكتب: «لا تدخل في شي ء من ذلك، ما أغفلك عن الجراد و الحشف»؟ (2) . فوقع الجراد فأفسده، و ما بقي منه تحشف، و اعاذني الله من ذلك ببركته. (3) .

ابوخلف العجلي

عده الشيخ في كني باب أصحاب الامام العسكري (عليه السلام) روي عنه علي بن الحسين بن بابويه عن أبي محمد الحسن بن علي.

ص: 270


1- 446. الخرائج و الجرائح ج 1 / 446، ح 30.
2- 447. الحشف: اليابس الفاسد من التمر.
3- 448. كشف الغمة: ج 2 / 423.

ابوسليمان المحمودي

البحار - الخرائج روي أبوسليمان المحمودي (1) قال: كتبت الي أبي محمد (عليه السلام) أسأله الدعاء بأن ارزق ولدا، فوقع: «رزقك الله ولدا، و اصبرك عليه». فولد لي ابن و مات (2) .

ابوسليمان، مولي أبي الحسن العسكري

في (علل الشرائع) بسنده عن أبي سليمان مولي أبي الحسن العسكري قال: سأله بعض مواليه و أنا حاضر عن الصلاة يقطعها شي ء يمر بين يدي المصلي؟ فقال: لا، ليست الصلاة تذهب هكذا بحيال صاحبها انما تذهب مساوية لوجه صاحبها (3) .

ابوسهل البلخي

في (كشف الغمة): عن أبي سهل البلخي قال: كتب رجل الي أبي محمد يسأله الدعاء لوالديه، و كانت الام غالية (4) و الأب مؤمنا.

ص: 271


1- 449. في الخرائج ابوسليمان عن المحمودي ج 1 / 439 حديث 18 و في كشف الغمة روي عن المحمودي ج 2 / 428.
2- 450. كشف الغمة: ج 2 / 428.
3- 451. علل الشرائع / 349 باب 58 حديث 1.
4- 452. من الغلاة.

فوقع [الامام]: «رحم الله والدك». و كتب آخر يسأله الدعاء لوالديه، و كانت الام مؤمنة و الأب ثنويا (1) . فوقع [الامام]: «رحم الله والدتك، و التاء منقوطة بنقطتين من فوق». (2) .

ابوطاهر

و روي الشيخ الطوسي في (الغيبة) بسنده عن أبي جعفر العمري (رضي الله عنه) ان أباطاهر بن بلبل حج، فنظر الي علي بن جعفر الهماني و هو ينفق النفقات العظيمة... الحديث. و قد ذكرناه في ترجمة علي جعفر الهماني.

ابوعلي الخيزراني

روي الصدوق بسنده عن محمد بن يحيي العطار قال: حدثني أبوعلي الخيزراني، عن جارية له، كان أهداها لأبي محمد (عليه السلام). الي أن يقول: و سمعت هذه الجارية تذكر أنه لما ولد السيد [الامام المهدي] (عليه السلام) رأت لها نورا ساطعا قد ظهر منه و بلغ افق السماء، و رأيت طيورا بيضاء تهبط من السماء، و تمسح أجنحتها علي رأسه و وجهه، و سائر جسده، ثم تطير، فأخبرنا أبامحمد (عليه السلام) فضحك، ثم قال: تلك ملائكة نزلت للتبرك بهذا المولود، و هي أنصاره اذا خرج. (3) .

ابوعلي المطهري

روي الشيخ المفيد في (الارشاد) و الكليني في (الكافي) بسنده

ص: 272


1- 453. هم فرقة من المجوس.
2- 454. كشف الغمة ج 2 / 426.
3- 455. اكمال الدين / 431، باب 42، حديث 7.

عن أبي علي المطهري انه كتب اليه من القادسية (1) يعلمه انصراف الناس عن المضي الي الحج، و أنه يخاف العطش، فكتب (عليه السلام) اليه: «امضوا، فلا خوف عليكم ان شاء الله» فمضوا سالمين، و لم يجدوا عطشا (2) . أقول: من المحتمل ان أباعلي المطهري هو أحمد بن محمد بن مطهر المذكور في حرف الألف، فان كنيته أبوعلي والله العالم.

ابوغانم (حاتم خ ل)

روي الصدوق في (اكمال الدين) بسنده عن أبي غانم قال: سمعت أبامحمد الحسن بن علي (عليهماالسلام) يقول: «في سنة مائتين و ستين تفترق شيعتي». ففيها قبض [توفي] أبومحمد (عليه السلام) و تفرقت الشيعة و أنصاره، فمنهم: من انتمي الي جعفر [الكذاب] و منهم: من تاه و [منهم من] شك، و منهم: من وقف علي تحيره، و منهم: من ثبت علي دينه، بتوفيق الله (عزوجل). (3) . و روي أيضا بسنده عن أبي غانم الخادم قال: ولد لأبي محمد (عليه السلام) ولد، فسماه محمدا، فعرضه علي أصحابه يوم الثالث، و قال: «هذا صاحبكم من بعدي، و خليفتي عليكم، و هو القائم الذي تمتد اليه الأعناق بالانتظار، فاذا امتلأت الأرض جورا و ظلما خرج فملأها قسطا و عدلا» (4) .

ص: 273


1- 456. في الكافي: سنة القادسية. و القادسية بلدة قرب الكوفة في العراق.
2- 457. الارشاد / 322 و الكافي ج 1 / 507.
3- 458. اكمال الدين / 408، باب ما أخبر به العسكري (عليه السلام)، حديث 6.
4- 459. اكمال الدين / 431، باب ما روي في ميلاد القائم (عليه السلام) حديث 8.

ابوالقاسم (كاتب راشد)

في (كشف الغمة): حدث أبوالقاسم (كاتب راشد) قال: خرج رجل من العلويين من سر من رأي - في أيام أبي محمد - الي الجبل يطلب الفضل فتلقاه رجل بحلوان، فقال: من أين أقبلت؟ قال: من سر من رأي. قال: هل تعرف درب كذا و موضع كذا؟ قال: نعم. فقال: عندك من أخبار الحسن بن علي [العسكري] شي ء؟ قال: لا. قال: فما أقدمك الجبل؟ قال: طلب الفضل. قال: فلك عندي خمسون دينارا، فاقبضها، و انصرف معي الي سر من رأي حتي توصلني الي الحسن بن علي، فقال: نعم. فأعطاه خمسين دينارا، و عاد العلوي معه، فوصلا الي سر من رأي، فاستأذنا علي أبي محمد [العسكري] فأذن لهما، فدخلا و أبومحمد قاعد في صحن الدار فلما نظر الي الجبلي قال له: أنت فلان بن فلان؟ قال: نعم. قال: أوصي اليك أبوك، و أوصي لنا بوصية، فجئت تؤديها، و معك أربعة آلاف دينار؟ هاتها. فقال الرجل: نعم. فدفع اليه المال، ثم نظر [الامام] الي العلوي فقال: خرجت الي الجبل تطلب الفضل، فأعطاك هذا الرجل خمسين دينارا فرجعت معه، و نحن نعطيك خمسين دينارا. فأعطاه (1) .

ابوهارون

روي الصدوق بسنده عن محمد بن الحسين الكرخي قال: سمعت أباهارون (رجلا من أصحابنا) يقول: رأيت صاحب الزمان، و وجهه يضي ء كأنه القمر ليلة البدر، و رأيت علي

ص: 274


1- 460. كشف الغمة ج 2 / 426.

سرته شعرا يجري كالخط، و كشفت الثوب عنه فوجدته مختونا، فسألت أبامحمد (عليه السلام) عن ذلك فقال: «هكذا ولد، و هكذا ولدنا، ولكنا سنمر الموسي عليه لاصابة السنة» (1) .

ابوالهيثم بن سيابة، أو سبانة

روي الشيخ الطوسي في (الغيبة) بسنده عن أحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد قال: أخبرني أبوالهيثم بن سبانة أو (سيابة) انه كتب اليه (أي الي الامام العسكري) - لما أمر المعتز بدفعه الي سعيد الحاجب، عند مضيه الي الكوفة، و أن يحدث فيه ما يحدث به الناس، بقصر ابن هبيرة -: «جعلني الله فداك، بلغنا خبر قد أقلقنا، و بلغ منا». فكتب (عليه السلام) اليه: «بعد ثالث يأتيكم الفرج» فخلع المعتز اليوم الثالث) (2) .

ابويوسف (الشاعر القصير)

و في (كشف الغمة): و حدث أبويوسف (الشاعر القصير) شاعر المتوكل، قال: ولد لي غلام، و كنت مضيقا، فكتبت رقاعا الي جماعة أسترفدهم، فرجعت بالخيبة، قال: قلت: أجي ء فأطوف حول الدار [دار الامام] طوفة. و صرت الي الباب، فخرج أبوحمزة و معه صرة سوداء فيها اربعمائة درهم فقال: يقول لك سيدي: «أنفق هذه علي المولود، بارك الله لك فيه» (3) .

ص: 275


1- 461. اكمال الدين / 434 باب من شاهد القائم (عليه السلام) حديث 1.
2- 462. غيبة الطوسي / 124، و البحار ج 50 / 251.
3- 463. كشف الغمة ج 2 / 426.

رسائل الامام و كلماته

كان الامام العسكري (عليه السلام) بالرغم من الضغط و الكبت و الاضطهداد الذي كان يعانيه و بالرغم من الرقابة المشددة علي بيته و علي حركاته و سكناته و علي من يدخل و يخرج، و علي من له صلة بالامام، بالرغم من هذه الامور كلها،كان ينتهز الفرص ليؤدي بعض ما يلزم في حدود القدرة و الامكان؛ فتارة كان يجيب السائل علي سؤاله شفويا، و تارة كان يجيب علي الرسائل الموجهة اليه من شيعته أو غيرهم، و تارة كان يكتب بعض الرسائل حول القضايا الشرعية و الامور العقائدية و غيرها. و قد ذكرنا - فيما مضي - ما ظفرنا به من الأخبار و الأحاديث حول هذه المواضيع، في تراجم أصحابه، مما يدل علي اهتمام الامام العسكري بامور شيعته في شتي الجوانب. و نجعل ختام هذا الفصل بذكر بعض رسائل الامام و كلماته المفصلة منها و القصار؛ و قد ذكرنا في كل من كتاب الامام الجواد و الامام الهادي (عليهماالسلام) كلمة حول الكلمات القصار المروية عن النبي (صلي الله عليه و آله) و الأئمة الطاهرين، و لا داعي للتكرار، و انما نجلب انتباه القاري ء الذكي ان هذه

ص: 276

الكلمات أحسن تعاليم للحياة الدنيوية و الدينية و الاخروية، و كلها حكم و مواعظ و نصائح تعالج جميع مشاكل الحياة، الفردية و الاجتماعية: و كتب أبومحمد (عليه السلام) الي أهل قم و آبة: (1) . ان الله تعالي - بجوده و رأفته - قد من علي عباده بنبيه: محمد (صلي الله عليه و آله) بشيرا و نذيرا، و وفقكم لقبول دينه، و أكرمكم بهدايته، و غرس في قلوب أسلافكم الماضين (رحمة الله عليهم) و أصلابكم الباقين (تولي الله كفايتهم، و عمرهم طويلا في طاعته) حب العترة الهادية، فمضي من مضي علي و تيرة (2) الصواب، و منهاج الصدق، و سبيل الرشاد، فوردوا موارد الفائزين، و اجتنوا ثمرات ما قدموا و وجدوا غب (3) ما أسلفوا؛ و منها: فلم تزل نيتنا مستحكمة، و نفوسنا الي طيب آرائكم ساكنة، و القرابة الراسخة، بيننا و بينكم قوية، وصية أوصي بها أسلافنا و أسلافكم، و عهد عهد الي شبابنا و مشايخكم، فلم يزل علي جملة كاملة من الاعتقاد، لما جمعنا الله عليه من الحال القريبة، و الرحم الماسة، يقول العالم (سلام الله عليه) اذ يقول: «المؤمن أخو المؤمن لامه و أبيه» (4) . و قال (عليه السلام) - لشيعته - في سنة ستين و مائتين -: «أمرناكم بالتختم باليمين، و نحن بين ظهرانيكم، و الآن نأمركم بالتختم بالشمال لغيبتنا عنكم، الي أن يظهر الله أمرنا و أمركم؛ فانه من أدل دليل عليكم في ولايتنا - أهل البيت -». فخلعوا خواتيمهم من أيمانهم بين يديه، و لبسوها في شمائلهم، و قال (عليه السلام) - لهم -: «حدثوا بهذا شيعتنا» (5) .

ص: 277


1- 464. آبة بلدة تبعد عن ساوة خمس كيلومترات، و ساوة تبعد عن قم عشرة فراسخ.
2- 465. الوتيرة: الطريقة.
3- 466. الغب - بكسر الغين -: العاقبة.
4- 467. مناقب ابن شهراشوب ج 4 / 425.
5- 468. تحف العقول / 362.

أقول: كان التختم باليد اليمني من السنة النبوية، و استمر الأمر علي هذا المنوال الي يوم تحكيم الحكمين في صفين!! فان عمرو بن العاصي الذي كان يمثل معاوية بن أبي سفيان، و أباموسي الأشعري الذي فرضه الأشعث بن قيس - و أصحابه المنافقون ليكون ممثلا عن الامام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) - قررا خلع معاوية و الامام أميرالمؤمنين حتي يختار الناس لأنفسهم خليفة حسب رغبتهم. و تقدم أبوموسي الأشعري و خلع الامام عليا - حسب زعمه - عن الخلافة، ثم تقدم ابن العاصي و قال: «ان أباموسي خلع صاحبه، ولكنني اثبت صاحبي [معاوية] علي الخلافة». و نزع الخاتم من يده اليمني، و تختم بيده اليسري؛ فصار التختم باليد اليسري سنة أموية. و أما الشيعة فلم يعبأوا بهذا التلاعب، فكانوا يتختمون باليد اليمني عملا بالسنة النبوية. فصار التختم باليد اليمني شعارا و علامة فارقة للشيعة، و التختم باليد اليسري شعارا لغيرهم و الي يومنا هذا لا يزال الطرفان ملتزمين بذلك. و بناء علي هذا الخبر: أمر الامام العسكري (عليه السلام) - في أواخر أيام حياته - شيعته أن يتركوا هذا الشعار و العلامة حتي لا يعرفوا بها، خوفا من السلطات التي كانت تطارد الشيعة في عصور الأئمة الطاهرين، فكيف بعد وفاة الامام العسكري (عليه السلام)؟ حيث أصبح الشيعة بلا ملاذ و لا معاذ، لأنهم كانوا في عصر الغيبة الصغري، التي اشتدت المحنة، و عظم البلاء، حيث لم يكن الطريق مفتوحا لهم للتوصل و التشرف عند الامام المهدي (عليه السلام) الغائب عن الأبصار. و قال (عليه السلام) - لشيعته -:

ص: 278

«اوصيكم بتقوي الله، و الورع في دينكم، و الاجتهاد لله، و صدق الحديث، و أداء الأمانة الي من ائتمنكم من بر و فاجر، و طول السجود و حسن الجوار، فبهذا جاء محمد (صلي الله عليه و آله). صلوا في عشائرهم، و اشهدوا جنائزهم، و عودوا مرضاهم، و أدوا حقوقهم (1) . فان الرجل منكم اذا ورع في دينه، و صدق في حديثه، و أدي الأمانة، و حسن خلقه مع الناس قيل: «هذا شيعي» فيسرني ذلك. اتقوا الله، و كونوا زينا، و لا تكونوا شينا، جروا الينا كل مودة، و ادفعوا عنا كل قبيح، فانه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله، و ما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك؛ لنا حق في كتاب الله، و قرابة من رسول الله، و تطهير من الله، و لا يدعيه أحد - غيرنا - الا كذاب. أكثروا ذكر الله، و ذكر الموت، و تلاوة القرآن، و الصلاة علي النبي (صلي الله عليه و آله) فان الصلاة علي رسول الله: عشر حسنات. احفظوا ما وصيتكم به، و استودعكم الله، و أقرأ عليكم السلام» (2) . روي الشيخ الطوسي في (التهذيب) و الشيخ المفيد في (المقنعة) و الشيخ الحر، في (الوسائل): روي عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليهماالسلام) أنه قال: «من زار جعفرا [الصادق] و أباه (و آباءه خ ل) لم يشتك عينه، و لم يصبه سقم، و لم يمت مبتلي» (3) . و في (التهذيب) أيضا: روي عن أبي محمد العسكري (عليه السلام) انه قال:

ص: 279


1- 469. و في نسخة: عشائركم، جنائزكم، مرضاكم، حقوقكم.
2- 470. تحف العقول / 362.
3- 471. التهذيب ج 6 / 78 حديث 154، (المقنعة) / 474.

«علامات المؤمن خمس: صلاة الخمسين، و زيارة الأربعين، و التختم في اليمين، و تعفير الجبين، و الجهر ببسم الله الرحمن الرحين». (1) . و في (مصباح المتهجد): فروي عن أبي محمد العسكري (عليه السلام) انه قال: «علامات المؤمن (المؤمنين خ ل) خمس: صلاة الاحدي و الخمسين، و زيارة الأربعين، و التختم في أ (با) ليمين، و تعفير الجبين، و الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم». اقول: المقصود من صلاة احدي و خمسين: الفرائض الخمس، و النوافل، و من زيارة الأربعين: زيارة مرقد الامام الحسين ابن الامام علي بن أبي طالب (عليهماالسلام) في اليوم العشرين من شهر صفر المعروف بيوم الأربعين و المقصود من تعفير الجبين السجود علي التراب، و المقصود من الجهر (ببسم الله الرحمن الرحيم) في الصلاة الجهرية و الاخفاتية. و خرج في بعض توقيعاته (عليه السلام) عند اختلاف قوم من شيعته في أمره: «ما مني [ابتلي] أحد من آبائي بمثل ما منيت به من شك هذه العصابة في، فان كان هذا الأمر أمرا اعتقدتموه، و دنتم به الي وقت، ثم ينقطع، فللشك موضع، و ان كان متصلا ما اتصلت امور الله فما معني هذا الشك؟» (2) . و في (اكمال الدين) بسنده عن أحمد بن اسحاق قال: خرج عن أبي محمد (عليه السلام) الي بعض رجاله في عرض كلام له: «مامني أحد من آبائي... الخ» (3) . البحار - المحتضر للحسن بن سليمان: روي أنه وجد بخط مولانا

ص: 280


1- 472. التهذيب ج 6 / 52 حديث 122، (اقبال القلوب) / 588.
2- 473. تحف العقول / 361.
3- 474. اكمال الدين / 222 باب 22 حديث 10.

أبي محمد العسكري (عليه السلام): «أعوذ بالله من قوم حذفوا محكمات الكتاب، و نسوا الله رب الأرباب، و النبي و ساقي - الكوثر في مواقف الحساب، و لظي و الطامة الكبري، و نعيم دار الثواب؛ فنحن السنام الأعظم، و فينا النبوة و الولاية و الكرم، و نحن منار الهدي، و العروة الوثقي و الأنبياء كانوا يقتبسون من أنوارنا، و يقتفون آثارنا؛ و سيظهر حجة الله علي الخلق بالسيف المسلول لاظهار الحق. و هذا خط الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أميرالمؤمنين». و روي أنه وجد أيضا بخطه (عليه السلام) ما صورته: «قد صعدنا ذري الحقائق بأقدام النبوة و الولاية، و نورنا سبع طبقات أعلام الفتوي (الفتوة) بالهداية (و الهداية خ ل) فنحن ليوث الوغي، و غيوث الندي، و طعان العدي، و فينا السيف و القلم في العاجل، و لواء الحمد و الحوض في الآجل، و أسباطنا حلفاء الدين، و خلفاء النبيين، و مصابيح الامم، و مفاتيح الكرم: فالكليم البس حلة الاصطفاء لما عهدنا منه الوفاء، و روح القدس في جنان الصاغورة (الصاقورة) (1) ذاق من حدائقنا الباكورة، و شيعتنا: الفئة الناجية، و الفرقة الزاكية صاروا لنا ردأ و صونا، و علي الظلمة البا (2) و عونا، و سينفجر (3) لهم ينابيع الحيوان بعد لظي النيران، لتمام آل حم و طه و الطواسين؛ و هذا الكتاب درة من درر الرحمة (4) و قطرة من بحر الحكمة؛ و كتب الحسن بن علي العسكري، في سنة اربع و خمسين و مائتين» (5) .

ص: 281


1- 475. الصاقورة: السماء الثالثة / اقرب الموارد.
2- 476. الالب: القوم تجمعهم عداوة واحدة.
3- 477. و في نسخة: «و سيسفر لنا».
4- 478. و في نسخة: من جبل الرحمة.
5- 479. البحار ج 26 / 265.

الكلمات القصار

«ان للسخاء مقدارا، فان زاد عليه فهو سرف؛ و للحزم مقدارا، فان زاد عليه فهو جبن. و للاقتصاد مقدارا، فان زاد عليه فهو تهور؛ كفاك أدبا: تجنبك ما تكره من غيرك؛ احذر كل ذكي (ذكر خ ل) ساكن الطرف؛ ولو عقل أهل الدنيا خربت؛ خير اخوانك من نسي ذنبك اليه (من نسب ذنبك اليك خ ل). أضعف الأعداء كيدا: من أظهر عداوته؛ حسن الصورة: جمال ظاهر، و حسن العقل: جمال باطن. من آنس بالله استوحش من الناس. من لم يتق وجوه الناس لم يتق الله. جعلت (حطت خ ل) الخبائث في بيت، و جعل مفتاحه الكذب. اذا نشطت القلوب فأودعوها، و اذا نفرت فودعوها؛ أللحاق بمن ترجو: خير من المقام مع من لا تأمن شره؛ من أكثر المنام رأي الأحلام. الجهل خصم، و الحلم حكم.

ص: 282

و لم يعرف راحة القلب من لم يجرعه الحلم غصص الغيظ؛ اذا كان المقضي كائنا فالضراعة لماذا؟ نائل الكريم يحببك اليه، و نائل اللئيم يضعك لديه (يحببك اليه، و يقربك منه، و نائل اللئيم يباعدك منه، و يبغضك اليه خ ل) (1) . من كان الورع سجيته، و الافضال حليته: انتصر من أعدائه بحسن الثناء عليه، و تحصن (تخصص خ ل) بالذكر الجميل من وصول نقص اليه» (2) . «من مدح غير المستحق فقد قام مقام المتهم؛ لا يعرف النعمة الا الشاكر، و لا يشكر النعمة الا العارف؛ ادفع المسألة ما وجدت التحمل يمكنك، فان لكل يوم رزقا جديدا. و اعلم أن الالحاح في المطالب يسلب البهاء، و يورث التعب و العناء، فاصبر حتي يفتح الله لك بابا يسهل الدخول فيه، فما أقرب الصنيع من الملهوف، و الأمن من الهارب المخوف، فربما كانت الغير نوعا من أدب الله، و الحظوظ مراتب، فلا تعجل علي ثمرة لم تدرك و انما تنالها في أوانها؛ و اعلم أن المدبر لك: أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه، فثق بخيرته في جميع امورك، يصلح حالك؛ و لا تعجل بحوائجك قبل وقتها فيضيق قلبك و صدرك، و يغشاك القنوط» (3) . «لا تمار فيذهب بهاؤك، و لا تمازح فيجترأ عليك؛ من رضي بدون الشرف من المجلس لم يزل الله و ملائكته يصلون عليه حتي يقوم؛

ص: 283


1- 480. اعيان الشيعة و اعلام الدين / 314.
2- 481. الدرة الباهرة، و في اعلام الدين: من كان الورع سجيته، و الكرم طبيعته، و الحلم خلته، كثر صديقه و الثناء عليه و انتصر من اعدائه بحسن الثناء عليه».
3- 482. اعلام الدين / 313.

حب الأبرار للأبرار: ثواب للأبرار. و حب الفجار للأبرار: فضيلة للأبرار. و بغض الفجار للأبرار: زين للأبرار. و بغض الأبرار للفجار: خزي علي الفجار؛ من الجهل: الضحك من غير عجب! من الفواقر (1) التي تقصم الظهر: جار ان رأي حسنة أخفاها، و ان رأي سيئة أفشاها. من التواضع: السلام علي كل من تمر به، و الجلوس دون شرف المجلس؛ ليست العبادة: كثرة الصيام و الصلاة، و انما العبادة: كثرة التفكر في أمر الله. بئس العبد: عبد يكون ذا وجهين، و ذا لسانين، يطري أخاه شاهدا، و يأكله غائبا، ان اعطي حسده، و ان ابتلي خانه؛ الغضب مفتاح كل شر؛ أقل الناس راحة: الحقود؛ أورع الناس: من وقف عند الشبهة؛ أعبد الناس: من أقام علي الفرائض؛ أزهد الناس: من ترك الحرام. أشد الناس اجتهادا: من ترك الذنوب. انكم في آجال منقوصة، و أيام معدودة، و الموت يأتي بغتة؛ من يزرع خيرا، يحصد غبطة. و من يزرع شرا: يحصد ندامة. لكل زارع: ما زرع. بسم الله الرحمن الرحيم: أقرب الي اسم الله الأعظم من سواد العين الي بياضها.

ص: 284


1- 483. الفواقر: الدواهي.

لا يسبق بطيي ء بحظه؛ و لا يدرك حريص ما لم يقدر له؛ من اعطي خيرا: فالله أعطاه؛ و من وقي شرا: فالله وقاه؛ المؤمن: بركة علي المؤمن، و حجة علي الكافر؛ قلب الأحمق: في فمه، و فم الحكيم في قلبه؛ لا يشغلك رزق مضمون عن عمل مفروض؛ من تعدي في طهوره: كان كناقضه؛ ما ترك الحق عزيز الا ذل؛ و لا أخذ به ذليل الا عز؛ صديق الجاهل: تعب؛ خصلتان ليس فوقهما شي ء: الايمان بالله، و نفع الاخوان؛ جرأة الولد علي والده في صغره: تدعوه الي العقوق في كبره؛ ليس من الأدب: اظهار الفرح عند المحزون؛ خير من الحياة: ما اذا فقدته بغضت الحياة، و شر من الموت: ما اذا انزل بك أحببت الموت؛ رياضة الجاهل، و رد المعتاد عن عادته: كالمعجز؛ التواضع: نعمة لا يحسد عليها؛ لا تكرم الرجل بما يشق عليه؛ من وعظ أخاه سرا: فقد زانه، و من وعظه علانية: فقد شانه ما من بلية الا ولله فيها نعمة تحيط بها. ما أقبح بالمؤمن: أن تكون له رغبة تذله (1) .

ص: 285


1- 484. تحف العقول / 360 - 364.

وفاته

لم تكتف الطغمة الغاشمة من العباسيين من اراقة دماء آل رسول الله (صلي الله عليه و آله) فقد بدء المنصور الدوانيقي باراقة دماء العلويين، و تبعه أبناؤه، الي الهادي العباسي، الي هارون الرشيد، الي المأمون، الي المعتصم، الي المعتز، و الذين كانوا يدورون في فلك هؤلاء من عملائهم و نظرائهم كالبرامكة و امثالهم. فلقد أقاموا المجازر و المذابح في العلويين بصورة وحشية، فتلك مجزرة الفخ، و تلك مجزرة الجوزجان، و غيرها من الفجائع التي قام بها العباسيون طيلة قرن و نصف تقريبا، عدي الذين قضوا حياتهم في السجون، و ماتوا فيها و السلاسل و القيود في أعناقهم و أرجلهم. و قد تعلم العباسيون من أشباههم من الأمويين و اقتدوا بهم في دس السم الي الأئمة الطاهرين و حاولوا أن تقع جناياتهم بصورة سرية. حتي لا يطلع عليها أحد، ولكن الجريمة كانت تنكشف و تظهر و يطلع عليها الناس؛ و قد وصلت النوبة الي الامام الحسن العسكري (عليه السلام) و قد قرأت - فيما مضي - ما تحمله الامام من أنواع الأذي و الضغط و الكبت، و السجون التي دخلها، و المحاولات العديدة للقضاء علي حياته، فكانت محاولاتهم تبوء بالفشل، و تحدث اضطرابات داخلية تشغلهم عن تنفيذ خططهم، أو يحول

ص: 286

الموت دون الوصول الي آمالهم؛ و أخيرا: لما تربع المعتمد العباسي علي منصة الحكم سار علي سيرة أسلافه في ايذاء الامام: في كتاب (المناقب): و روي أنه سلم الي يحيي بن قتيبة و كان يضيق عليه، فقالت له امرأته: اتق الله! فاني أخاف عليك منه. قال: والله لأرمينه بين السباع، ثم استأذن في ذلك فاذن له، فرمي به اليها و لم يشكوا في أكلها اياه، فنظروا الي الموضع فوجدوه قائما يصلي، فأمر [يحيي] باخراجه الي داره؛ و روي: أن يحيي بن قتيبة الأشعري أتاه بعد ثلاث مع الاستاذ، فوجداه يصلي، و الاسود حوله، فدخل الاستاذ الغيل (1) فمزقوه و أكلوه، و انصرف يحيي في قومه الي المعتمد، فدخل المعتمد علي العسكري، و تضرع اليه، و سأل أن يدعو له بالبقاء عشرين سنة في الخلافة؛ فقال (عليه السلام): مد الله في عمرك. فاجيب [دعاء الامام] و توفي [المعتمد] بعد عشرين سنة (2) . فكان جزاؤ الامام العسكري (عليه السلام) من المعتمد العباسي أن دس السم الي الامام. و الآن استمع الي أحمد بن عبيدالله بن الخاقان، الذي كان هو و أبوه من عملاء العباسيين، و ممن باعوا دينهم و آخرتهم للعباسيين في مقابل حطام الدنيا، و متاعها الفاني الزائل: قد ذكرنا - في باب أصحابه (عليه السلام) في حرف الألف - كلاما لأحمد بن عبيدالله بن خاقان و نذكر - هنا بقية الخبر، تتميما للفائدة:

ص: 287


1- 485. الغيل: موضع الأسد.
2- 486. مناقب ابن شهرآشوب ج 4 / 430.

... ولو رأيت أباه رأيت رجلا، جزيلا، نبيلا، فاضلا (1) . فازددت قلقا و تفكرا و غيظا علي أبي و ما سمعت منه و استزدته في فعله و قوله فيه ما قال (2) . فلم يكن لي همة - بعد ذلك - الا السؤال عن خبره، و البحث عن أمره، فما سألت أحدا من بني هاشم و القواد و الكتاب و القضاة و الفقهاء و سائر الناس الا وجدته عنده في غاية الاجلال و الاعظام، و المحل الرفيع، و القول الجميل، و التقديم له علي جميع أهل بيته، و مشايخه؛ فعظم قدره عندي، اذ لم أر له وليا و لا عدوا الا و هو يحسن القول فيه و الثناء عليه! فقال له [لأحمد بن عبيدالله] بعض من حضر مجلسه من الأشعريين: «يا أبابكر! فما خبر أخيه جعفر» [الكذاب]؟ فقال: و من جعفر، فتسأل عن خبره؟ أو يقرن بالحسن؟ جعفر معلن الفسق، فاجر، ما جن شريب للخمور، أقل من رأيته من الرجال، و أهتكهم لنفسه، خفيف، قليل في نفسه؛ و لقد ورد علي السلطان و أصحابه - في وقت وفاة الحسن بن علي - ما تعجبت منه، و ما ظننت أنه يكون؛ و ذلك: انه لما اعتل [الامام العسكري] بعث [جعفر] الي أبي: «ان ابن الرضا قد اعتل». فركب [أبي] من ساعته، فبادر (مبادرا خ ل) الي دار الخلافة، ثم رجع مستعجلا، و معه خمسة من خدم أميرالمؤمنين! كلهم من ثقاته! و خاصته! فيهم: نحرير!! فأمرهم بلزوم دار الحسن، و تعرف خبره و حاله، و بعث الي نفر من

ص: 288


1- 487. الي هنا انتهي كلام عبيدالله بن الخاقان، و ما ياتي كلام ابنه أحمد.
2- 488. أي كلمات التبجيل التي سمعها من أبيه عبيدالله.

المتطببين فأمرهم بالاختلاف [التردد] اليه، و تعاهده صباحا و مساء!! فلما كان - بعد ذلك - بيومين أو ثلاثة اخبر [أبي] أنه قد ضعف! فركب حتي نظر اليه، ثم أمر المتطببين بلزوم داره، و بعث الي قاضي القضاة، فأحضره مجلسه، و أمره أن يختار من أصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه! و أمانته! و ورعه! فأحضرهم، فبعث بهم الي دار الحسن و أمرهم بلزومه ليلا و نهارا، فلم يزالوا هناك حتي توفي؛ (لأيام مضت من شهر ربيع الأول سنة ستين و مائتين) (1) . فصارت سر من رأي ضجة واحدة (: مات ابن الرضا) (2) ، و بعث السلطان الي داره من فتشها، و فتش حجرها [جمع حجرة] و ختم علي جميع ما فيها، و طلبوا أثر ولده، و جائوا بنساء يعرفن الحمل، فدخلن الي جواريه ينظرن اليهن؛ فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حمل، فجعلت في حجرة، و وكل بها نحرير الخادم!! و أصحابه، و نسوة معهم!! ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته [تغسيله و تحنيطه و تكفينه] و عطلت الأسواق، و ركبت بنوهاشم و القواد، و أبي، و سائر الناس الي جنازته. فكانت سر من رأي - يومئذ - شبيها بالقيامة؛ فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان الي أبي عيسي ابن المتوكل، فأمره بالصلاة عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة عليه دنا أبوعيسي منه فكشف وجهه، فعرضه علي بني هاشم من العلوية و العباسية، و القواد و الكتاب، و القضاة و المعدلين!! و قال: هذا الحسن بن علي بن محمد ابن الرضا، مات حتف أنفه

ص: 289


1- 489. ما بين القوسين من كتاب (الغيبة) للطوسي / 122.
2- 490. بعد الشهرة العالمية التي حصلت للامام الرضا (عليه السلام) و ضربت الدنانير و الدراهم باسمه، و كان الخطباء يذكرونه في خطبة الجمعة و العيدين، و كان الناس يسمون الامام الجواد ب (ابن الرضا) و هكذا انتقل هذا اللقب أو الكنية الي الامام الهادي ثم الامام العسكري (عليهماالسلام).

علي فراشه!! حضره من حضره من خدم أميرالمؤمنين و ثقاته: فلان و فلان، و من القضاة: فلان و فلان، و من المتطببين: فلان و فلان. ثم غطي وجهه، و أمر بحمله، فحمل من وسط داره، و دفن في البيت الذي دفن فيه أبوه. لما دفن أخذ السلطان و الناس في طلب ولده، و كثر التفتيش في المنازل و الدور، و توقفوا عن قسمة ميراثه، و لم يزل الذين و كلوا بحفظ الجارية - التي توهم عليها الحمل - لازمين، حتي تبين بطلان الحمل، فلما بطل الحمل عنهن قسم ميراثه بين امه و أخيه جعفر، و ادعت امه وصيته، و ثبت ذلك عند القاضي؛ و السلطان علي ذلك يطلب أثر ولده، فجاء جعفر - بعد ذلك - الي أبي، فقال: اجعل لي مرتبة أخي، و اوصل اليك في كل سنة عشرين ألف دينار!! فزبره (1) أبي، و أسمعه. و قال له: يا أحمق!! السلطان جرد سيفه في الذين زعموا أن أباك و أخاك أئمة، ليردهم عن ذلك، فلم يتهيأ له ذلك، فان كنت - عند شيعة أبيك و أخيك - اماما، فلا حاجة بك الي السلطان أن يرتبك مراتبهما، و لا غير السلطان، و ان لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا. و استقله أبي عند ذلك، و استضعفه، و أمر أن يحجب عنه، فلم يأذن له في الدخول عليه حتي مات أبي، و خرجنا و هو علي تلك الحال، و السلطان يطلب أثر ولد الحسن بن علي (حتي اليوم)!! (2) . أقول كلمة «حتي اليوم» مذكورة في (اكمال الدين). انظر الي جملات هذا الخبر، ثم ضعها علي طاولة التشريح.

ص: 290


1- 491. زبره: زجره.
2- 492. الكافي ج 1 / 503.

هذه اعترافات أحد اولئك المجرمين، الذين امتلأوا حقدا و عداء لآل رسول الله (صلي الله عليه و آله) فانه يعترف بالقلق و الغيظ علي أبيه: عبيدالله بن الخاقان، بسبب ما سمعه و رآه (أحمد) من أبيه - في حق الامام العسكري (عليه السلام) من الاحترام و التعظيم في حضوره و الثناء عليه في غيابه؛ و لما سأله أحد الأشعريين عن جعفر (الكذاب) أجابه بأن جعفرا كان فاجرا ماجنا شريبا للخمور... الي آخره. فياليت ذلك الأشعري سأله: هل كان العباسيون (الذين ادعوا الخلافة) عبادا، زهادا، و صلحاء و أتقياء؟ و أي واحد منهم خلا قصره من الخمور و الفجور؟ الواثق؟ المتوكل؟ المنتصر؟ المستعين؟ المعتز؟ و حتي أحمد (المتحدث بهذا الحديث) هل كانت صفحة حياته بيضاء نقية؟ أما كانت بيوتهم مراكز للملاهي و المناهي و المنكرات، حتي يعيب علي جعفر بالفجور و المجون و شرب الخمر؟ نعم، انهم كانوا هم أظلم و أطغي. و بعد ذلك: ما كان مرض الامام العسكري حتي يستدعي هذا الاهتمام؟ و ما هو سبب استعجال عبيدالله (والد أحمد) في الذهاب الي دار الخليفة؟ و ما هي الأوامر التي تلقاها، و التدابير التي اتخذها؟ و لماذا رافقه من خدم الخليفة و ثقاته و خاصته، و فيهم نحرير؟ و من نحرير؟ اليس هو الذي حبس عنده الامام العسكري، و كان يؤذيه، فخوفته زوجته من سوء عمله، فقال: لأرمينه بين السباع، ثم استأذن في ذلك فاذن له؟ و قد ذكرنا الحديث في حرف النون في ترجمة نحرير. نعم، هؤلاء الخاصة! الثقاة! الذين ارسلهم الخليفة الي دار الامام و أمرهم بلزوم داره، و تعرف خبره.

ص: 291

فلنفرض ان الامام العسكري مرض مرضا طبيعيا، فما الداعي الي ارسال المتطببين و القضاة و حاشية الخليفة لملازمته ليلا و نهارا؟ فهل كان الامام العسكري عزيزا مكرما عندهم؟ فلماذا أدخلوه السجون؟ و لماذا جعلوه تحت الرقابة؟ و لماذا أمروا باغتياله؟ و ما الداعي الي احضار قاضي القضاة، و انتخاب عشرة من أصحابه؟ فهل كان هناك ترافع أو مشكلة قضائية تتطلب حضور هؤلاء و ملازمتهم لدار الامام؟ و لماذا حاصروا الامام و طوقوه؟ اليس معني ذلك عدم السماح لأحد بالدخول علي الامام حتي لا ينكشف أمرهم؟ و حتي لا يخبر الامام أحدا من شيعته بأنه سقي السم؟ و هل كان أحد يتجرأ أن يخبر عن مسمومية الامام، مع وجود تلك السلطة الغاشمة؟ لقد ورد في أحاديثنا انه لم يحضر عند وفاة الامام العسكري (عليه السلام) أحد سوي زوجته السيدة نرجس و الامام المهدي (عليه السلام) و عقيد الخادم و اسماعيل بن علي، و قد ذكرنا الحديث في حرف الألف في ترجمة اسماعيل بن علي النوبختي، مما يدل علي أن اولئك العملاء و الجواسيس خرجوا من دار الامام بعد أن تأكدوا من قرب وفاته. ليحملوا البشري الي الخليفة بأن الهدف قد تحقق و أن الامام العسكري علي أعتاب المنية؛ و لعلهم كانوا نائمين في تلك الساعة من أول الفجر، و لم يحضروا ساعة وفاته، فالذي قاله أحمد بن عبيدالله: أن [الموكلين بالامام]: لم يزالوا هناك حتي توفي لا ينسجم - مع ما رواه الشيخ الطوسي في (الغيبة) عن اسماعيل بن علي - الا بهذا التوجيه و التحليل. نعود الي حديث أحمد بن عبيدالله فنقول:

ص: 292

لماذا هذا التحري و التفتيش الدقيق عن ولده قبل حمل الجنازه؟ و لماذا الاستيلاء علي الحجرات، و غلق أبوابها، و الختم عليها؟ و لماذا تفتيش الجواري و المعاينة الطبية التي قامت بها النساء لمعرفة الحامل من الجواري؟ و لماذا حبسوا الجارية - التي ادعت انها حامل - في حجرة، و وكلوا بها نحرير الخادم و أصحابه، و نسوة معهم؟ و لماذا كشفوا عن وجه الامام - قبل دفنه - للناس؟ فهل كانوا يتهمون أنفسهم، أو كانوا متهمين عند الناس، فحاولوا دفع التهمة بهذا الاسلوب؟ و لماذا و لماذا؟؟!! أليست هذه المحاولات و التدابير تدل علي نواياهم السيئة؟ أليست هذه الأعمال أدلة اثبات علي دس السم للامام العسكري؟ أليست هذه التحريات الدقيقة تدل علي قصدهم قتل ابن الامام العسكري؟ و لماذا وضعوا الجنين تحت المراقبة حتي يولد، ثم يصدر الحكم في حقه؟ هذه اسئلة نحيل - الاجابة عليها - علي القاري ء النبيه الذكي الحر، حتي يحكم فيها. روي محمد بن الحسن الصفار بسنده عن محمد بن أبي الزعفران عن ام أبي محمد (عليه السلام) قالت: قال [الامام] لي يوما: تصيبني سنة ستين حزازة (1) ، أخاف أن انكب فيها نكبة (2) ، فان سلمت منها فالي سنة و سنتين. (الي سنة سبعين خ ل). قالت: فأظهرت الجزع و بكيت، فقال: لابد من وقوع أمر الله، فلا تجزعي.

ص: 293


1- 493. الحزازة، وجع في القلب من غيظ و نحوه / مجمع البحرين و في نسخة: حرارة.
2- 494. النكبة - بفتح النون -: ما يصيب الانسان من الحوادث. و بضم النون: الجراحة.

فلما كان أيام صفر أخذها المقيم و المقعد، و جعلت تقوم و تقعد، و تخرج في الأحايين الي الجبل، و تجسس الأخبار حتي ورد عليها الخبر (1) . أقول: أخذها المقيم و المقعد أي الحزن الذي يقيمها و يقعدها، أي سلب الحزن منها القرار و الاستقرار، فما كانت تستقر بالجلوس و لا بالقيام من شدة القلق و الحزن علي ولدها: الامام العسكري. و في (عيون المعجزات)... «ثم أمر أبومحمد (عليه السلام) والدته بالحج في سنة تسع و خمسين و مائتين و عرفها ما يناله في سنة ستين، ثم سلم الاسم الأعظم، و المواريث و السلاح الي القائم الصاحب (عليه السلام). وخرجت ام أبي محمد الي مكة، و قبض (عليه السلام) في شهر ربيع الآخر (الأول صح) سنة ستين و مائتين،... الي آخره.

ص: 294


1- 495. اثبات الهداة ج 3 / 416.

الأقوال في تاريخ وفاته

في (المناقب)... و كان في سني امامته بقية أيام المعتز أشهرا، ثم ملك المهتدي و المعتمد، و بعد مضي خمس سنين من ملك المعتمد قبض (عليه السلام) و يقال: استشهد، و دفن مع أبيه بسر من رأي، و قد كمل عمره تسعة و عشرين سنة، و يقال: ثمان و عشرين سنة؛ مرض في أول شهر ربيع الأول سنة ستين و مائتين، و توفي يوم الجمعة لثمان خلون منه (1) . و قال عبدالعزيز الجنابذي... و توفي سنة ستين و مائتين... و قبره الي جانب قبر أبيه بسر من رأي. و في (اعلام الوري) و قبض (عليه السلام) بسر من رأي لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين و مائتين، و له يومئذ ثمان و عشرون سنة. و هناك أقوال اخري للمحدثين، أمثال: الطبري الامامي و الشيخ المفيد، و الخشاب، و الشهيد و الكليني و الفتال و غيرهم، و كلهم متفقون علي تاريخ وفاة الامام في الثامن من شهر ربيع الأول سنة ستين و مائتين، و ان اختلفت أقوالهم في يوم الجمعة أو الأربعاء، و الأمر سهل.

ص: 295


1- 496. المناقب ج 4 / 422.

و في اليوم الثامن من شهر ربيع الأول في كل سنة تقام الآلاف من المجالس و المآتم في ذكري وفاة الامام العسكري (عليه السلام) في البلاد الشيعية، الواعية أهلها، المثقفة بالثقافة الدينية، و تعطل الاسواق و المحلات التجارية، و تخرج مواكب العزاء، و يقوم الخطباء بذكر فضائل الامام و ترجمة حياته و مصائبه و شهادته. و في العراق تتوجه مواكب العزاء الي مدينة سامراء لاحياء هذه الذكري، و تكتظ المدينة بالزوار و يغص المشهد الشريف بالناس، و ترتفع أصوات المؤمنين بالبكاء حزنا علي ما جري علي الامام، و تعبيرا عن حبهم و ولائهم لآل رسول الله (سلام الله عليهم). قال الطبرسي في (اعلام الوري)...: و ذهب كثير من أصحابنا الي أنه (عليه السلام) قبض مسموما و كذلك أبوه وجده، و جميع الأئمة (عليهم السلام) خرجوا من الدنيا علي الشهادة؛ و استدلوا في ذلك بما روي عن الصادق (عليه السلام) من قوله: «والله ما منا الا مقتول أو شهيد» (1) . و ذكر ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) كلاما قريبا من هذا الكلام. أقول: من الامور الثابتة المشهورة عند الشيعة أن الأئمة الطاهرين لم يموتوا حتف أنفهم، و انما قتلوا اما بالسيف و اما بالسم، و قذ ذكرنا شيئا يتعلق بهذا الموضوع في كتاب (الامام الجواد من المهد الي اللحد). و روي الشيخ الطوسي في (الغيبة) عن ابي نصر هبة الله ابن أحمد الكاتب ابن بنت أبي جعفر العمري (قدس الله روحه و أرضاه) عن شيوخه: انه لما مات الحسن بن علي (عليهماالسلام) حضر غسله عثمان بن سعيد (رضي الله عنه و أرضاه) و تولي جميع أمره في تكفينه و تحنيطه و تقبيره، مأمورا

ص: 296


1- 497. اعلام الوري / 367.

بذلك للظاهر من الحال التي لا يمكن جحدها و لا دفعها... الي آخره (1) . و قد ذكرنا في كتاب (الامام المهدي من المهد الي الظهور) كلمة حول الصلاة علي جثمان الامام و نقول - هنا -: ان من جملة عقائد الشيعة - قديما و حديثا - ان الامام لايغسله الا الامام، و لا يصلي عليه الا الامام. و ذكر الكليني في (الكافي) «باب: ان الامام لا يغسله الا امام من الأئمة (عليهم السلام)». 1- بسنده عن أحمد بن عمر الحلال أو غيره عن الرضا (عليه السلام) قال: قلت له [الامام]: «انهم يحاجوننا، يقولون: ان الامام لا يغسله الا الامام... الي أن قال [الامام الرضا]: قل لهم: اني غسلته. فقلت له: أقول لهم: انك غسلته؟ فقال: نعم (2) . 2 - بسنده عن أبي معمر قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن الامام يغسله الامام؟ قال: سنة موسي بن عمران. (عليه السلام) (3) . أي غسله وصيه و حضر عند موته. و أما الحديث الذي رواه الطوسي في (الغيبة) فانه يدل علي حضور عثمان بن سعيد عند غسل الامام لا مباشرته بتغسيل الامام. و أما الذي قام بتغسيل الامام العسكري (عليه السلام) فهو ابنه الامام المهدي (عليه السلام) كما أنه قام بالصلاة علي جثمان والده، و قد ذكرنا ذلك في ترجمة أبي الأديان من فصل الكني من هذا الكتاب.

ص: 297


1- 498. غيبة الطوسي / 216.
2- 499. الكافي ج 1 / 384.
3- 500. الكافي ج 1 / 385.

ما بعد وفاة الامام العسكري

لقد ذكرنا - في فصل ولادة الامام المهدي (عليه السلام) - بعض الظروف التي فرضت علي الامام العسكري (عليه السلام) أن يكتم ولادة ولده الا عن الموثوقين من شيعته، و هكذا لم تساعده الظروف الصعبة التي مر بها لينص علي امامة ولده الامام المهدي (عليه السلام) بصورة علنية، بل اكتفي باخبار خواص الثقاة من الشيعة؛ و من الطبيعي: ان هذا السر بقي مكتوما، و معلوما في نطاق ضيق، و هذا الأمر سبب مضاعفات كثيرة عند ضعفاء العقيدة و الايمان من الشيعة في بعض الأقطار، الذين لم يتأكدوا من ولادة الامام المهدي، و لم يتحقق عندهم صدور النص عليه؛ فاختلق أفراد منهم: كل فرد منهم فكرة، و تبعه اناس علي فكرته، فتكونت مذاهب عديدة، و آراء مختلفة حول الامام العسكري و ابنه الامام المهدي (عليهماالسلام) و تحقق كلام الامام العسكري حيث قال: «في سنة مائتين و ستين تفترق شيعتي». و مما زاد في الطين بلة ان جعفر [الكذاب] ادعي الامامة، فتبعه شرذمة من الناس لأهداف يعلمها الله، و خفيت الحقائق، و التبست الامور علي الكثيرين من الشيعة الذين لم تساعدهم الظروف لاكتساب المعلومات من المنابع الصافية

ص: 298

المعتمد عليها؛ و طائفة قالت بحياة الامام العسكري و انه لم يمت، و أنه القائم الذي أخبر به النبي و الأئمة (عليهم السلام) و هولاء هم الفطحية الذين اعتقدوا بامامة عبدالله الأفطح ابن الامام الصادق (عليه السلام) في ضمن الأئمة الاثني عشر، و تم العدد - عندهم - بالامام العسكري. و طائفة قالت: ان الامام العسكري لا عقب له، و انكروا وجود الامام المهدي. و طائفة قالت بالفترة، و معناها خلو الزمان من الامام، و قد وردت كلمة (الفترة) في القرآن، و معناها: انقطاع النبوة، و المقصود من (الفترة) في كلام تلك الطائفة هو انقطاع الامامة. و طائفة قالت: ان الامام هو السيد محمد الذي توفي في حياة أبيه: الامام الهادي ثم انتقلت الامامة الي ولده، و جماعة تاهت، و جماعة تحيرت. أساطير و اباطيل - بغير حساب - انتشرت في الأوساط الشيعية، ففرقتهم تفريقا. ولكن الأكثرية من الشيعة ثبتت علي امامة المهدي (عليه السلام) و هم الذين سمعوا أو بلغهم النص من الامام العسكري علي ولده الامام المهدي (عليهماالسلام). أما تلك المذاهب فانقرضت بموت أصحابها، و تبخرت بمرور الزمان، و حتي أتباع جعفر أيضا تفرقوا عنه، و بقي وحده في الساحة، و اخيرا كان يعيش حياة الاعتزال. لأن تلك الآراء و الأفكار المستحدثة كانت علي خلاف المقاييس الشرعية الثابتة عند الشيعة، و لم يقدر لها البقاء و الدوام؛ و ليس معني ذلك أن المشكلة انتهت نهائيا بالسرعة، بل حدثت قضايا و مشاكل موسفة؛

ص: 299

فقد ذكر الشيخ المفيد في (الارشاد) في ذكر وفاة الامام العسكري (عليه السلام): «و خلف [الامام العسكري] ابنه المنتظر لدولة الحق، و قد كان [العسكري] قد أخفي مولده [الامام المهدي] و ستر أمره لصعوبة الوقت، و شدة طلب سلطان الزمان له، و اجتهاده في البحث عن أمره؛ و لما شاع من مذهب الشيعة الامامية فيه، و عرف من انتظارهم له، فلم بظهر ولده (عليه السلام) في حياته [العسكري] و لا عرفه الجمهور بعد وفاته [العسكري] و تولي جعفر [الكذاب] بن علي - أخو أبي محمد (عليه السلام) - اخذ تركته، و سعي في حبس جواري أبي محمد (عليه السلام) و اعتقال حلائله، و شنع علي أصحابه انتظارهم ولده، و قطعهم [اعتقادهم] بوجوده و القول بامامته؛ و أغري بالقوم [الشيعة] حتي أخافهم و شردهم، و جري علي مخلفي أبي محمد (عليه السلام) بسبب ذلك كل عظيمة: من اعتقال و حبس و تهديد و تصغير و استخفاف و ذل؛ و لم يظفر السلطان منهم بطائل، و حاز جعفر - ظاهرا - تركة أبي محمد (عليه السلام) و اجتهد في القيام عند الشيعة مقامه [العسكري] و لم يقبل أحد منهم ذلك. و لا اعتقده فيه! فصار الي سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه، و بذل مالا جليلا، و تقرب بكل ما ظن انه يتقرب به، فلم ينتفع بشي ء من ذلك... الي آخره» (1) . و يستفاد من الخبر الآتي ان هذه المشكلة العقائدية بقيت مدة من الزمان عقدة لا تنحل، و السبب في ذلك: فقدان المرجع الذي يرجع الشيعة اليه لتعرف الحقيقة، لأن الامام العسكري (عليه السلام) فارق الحياة، و الامام المهدي (عليه السلام) غاب عن الأبصار، و علماء الطائفة - و هم وكلاء الامام العسكري (عليه السلام)

ص: 300


1- 501. الارشاد / 345.

و ثقاة أصحابه - اشتدت عليهم الرقابة، و مرت بهم ظروف صعبة، و فرضت التقية عليهم السكوت، ريثما ينقشع السحاب، و تنجلي الغبرة؛ و كانت السيدة ام الامام العسكري قد رجعت من الحج بعد وفاة ولدها الامام، و نزلت في دار زوجها الامام الهادي، و ولدها: الامام العسكري (عليهماالسلام) و كانوا يعبرون عنها ب (الجدة) لأنها جدة الامام المهدي (عليه السلام). و السيدة حكيمة عمة الامام العسكري (عليه السلام) أيضا كانت لها مكانة مرموقة، و منزلة علمية عند الشيعة، و قد استطاع بعض الشيعة أن يزورها للتعرف عن الحقيقة، و سماع الخبر القطعي حول الموضوع، و اليك الحديث: روي الشيخ الصدوق في (اكمال الدين) بسنده عن أحمد بن ابراهيم قال: دخلت علي حكيمة بنت محمد [الجواد] ابن علي الرضا، اخت أبي الحسن [الهادي] صاحب العسكر (عليه السلام) في سنة اثنتين و ستين و مائتين، فكلمتها من وراء حجاب، و سألتها عن دينها [الامامة] فسمت لي من تأتم به، ثم قالت: «و الحجة ابن الحسن بن علي» (فلان ابن الحسن خ ل) فسمته؛ فقلت لها: جعلني الله فداك! معاينة أو خبرا؟ فقالت: خبرا عن أبي محمد (عليه السلام) كتب به الي امه؛ فقلت لها: فأين الولد (المولود خ ل)؟ فقالت: مستور. فقلت: الي من تفزع الشيعة؟ فقالت: الي الجدة: ام أبي محمد (عليه السلام). فقلت: أقتدي بمن وصيته الي امرأة؟ فقالت: اقتداء بالحسين بن علي (عليهماالسلام) فان الحسين بن علي أوصي الي اخته زينب بنت علي، سترا (تسترا) علي علي بن الحسين (عليهماالسلام). ثم قالت: انكم قوم أصحاب أخبار، أما رويتم ان التاسع من ولد الحسين (عليه السلام)

ص: 301

يقسم ميراثه و هو في الحياة؟ (1) . و روي الصدوق - ايضا - بسنده عن محمد بن الطهوي (2) قال: قصدت حكيمة بنت محمد [الجواد] (عليه السلام)، بعد مضي [وفاة] أبي محمد (عليه السلام) أسألها عن الحجة، و ما قد اختلف فيه الناس من الحيرة التي هم فيها؟ فقالت لي: اجلس. فجلست، ثم قالت: «يا محمد! ان الله (تبارك و تعالي) لا يخلي الأرض من حجة ناطقة أو صامتة، و لم يجعلها في أخوين بعد الحسن و الحسين (عليهماالسلام) تفضيلا للحسن و الحسين، و تنزيها لهما أن يكون في الأرض عديلهما (عديل لهما خ ل) (3) . الا أن الله (تبارك و تعالي) خص ولد الحسين بالفضل علي ولد الحسن (عليهماالسلام) كما خص ولد هارون علي ولد موسي [بن عمران] (عليه السلام) و ان كان موسي حجة علي هارون، و الفضل لولده الي يوم القيامة؛ و لابد للامة من حيرة يرتاب فيها المبطلون، و يخلص فيها المحقون، كيلا يكون للخلق علي الله حجة، و ان الحيرة - لابد - واقعة بعد مضي [وفاة] أبي محمد الحسن (عليه السلام). فقلت: يا مولاتي! هل كان للحسين (عليه السلام) ولد؟ فتبسمت ثم قالت: «اذا لم يكن للحسن (عليه السلام) عقب فمن الحجة من بعده؟ و قد أخبرتك انه لا امامة لاخوين بعد الحسن و الحسين (عليهماالسلام)... و قالت - في آخر كلامها -:

ص: 302


1- 502. اكمال الدين / 501 و 507، باب 45، حديث 27 و 36.
2- 503. و في نسخة: المطهري أو الطهري و غيرهما.
3- 504. لعل المقصود من كلامها: «و لم يجعلها في اخوين» ابطال امامة جعفر الكذاب الذي ادعي الامامة، و هو اخو الامام العسكري.

«فمضي أبومحمد (عليه السلام) بعد ذلك بأيام قلائل، و افترق الناس كما تري؛ و والله اني لأراه [الامام المهدي] صباحا و مساء، و انه لينبئني عما تسالون عنه فاخبركم!! و والله اني لاريد أن أسأله عن الشي ء، فيبدأني به، و انه ليرد علي الأمر، فيخرج الي منه جوابه من ساعته من غير مسألتي؛ و قد أخبرني - البارحة - بمجيئك الي، و أمرني أن اخبرك بالحق». قال محمد بن عبدالله [راوي الحديث]: فوالله لقد اخبرتني حكيمة بأشياء لم يطلع عليها أحد الا الله (عزوجل) فعلمت أن ذلك صدق و عدل من الله (عزوجل) لأن الله (عزوجل) قد أطلعه (الامام المهدي) علي ما لم يطلع عليه أحدا من خلقه» (1) . أقول: بعد المقارنة بين هذين الحديثين ينكشف لنا ان راوي الحديث الأول لم يكن بتلك المنزلة من الثقة و الاعتماد، و لهذا لما سألها: معاينة أو خبرا؟ قالت: خبرا. و لم تخبره بالمعاينة، و أما الراوي الآخر للحديث فكان يليق بأن تخبره السيدة حكيمة بهذه الخصوصيات، و لقاءاتها بالامام المهدي (عليه السلام) و اتصالها الدائم به.

ص: 303


1- 505. اكمال الدين / 426، باب 42، حديث 2.

كلمات المدح و الثناء

ان الأئمة الطاهرين من آل رسول الله (صلي الله عليه و آله) في غني عن مدح الناس لهم، و قد أثني عليهم القرآن الكريم بأحسن الثناء، و أجمل المدح في آيات كثيرة. و عرفهم الرسول الصادق الأمين (صلي الله عليه و آله) في أحاديث لا تحصي، و جعلهم عدل القرآن، و جعل ولايتهم شرط قبول الأعمال و شرط دخول الجنة. ولكن القلوب العامرة بولائهم و حبهم و مودتهم تظهر آثارها علي الألسن، نظما و نثرا و قولا و فعلا؛ فلا عجب اذا تفتحت القرائح بمدائح الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) و رثائهم، و ذكر فضائلهم و فواضلهم و مكارم أخلاقهم، و علو منزلتهم و سمو شرفهم: و هذه باقات عطرة منثورة و منظومة نجعلها ختام هذا السفر الشريف: قال علي بن عيسي الاربلي في (كشف الغمة): قلت: «مناقب سيدنا أبي محمد الحسن بن علي العسكري دالة علي أنه السري ابن السري، فلا يشك في امامته أحد و لا يمتري؛ و اعلم أنه متي بيعت مكرمة أو اشتريت، فسواه بائعها و هو المشتري،

ص: 304

يضرب في السؤدد و الفخار بالقداح الفائزة، و اذا اجيز كريم للشرف و المجد فاز بالجائزة، واحد زمانه غير مدافع، و نسيج وحده غير منازع، و سيد أهل عصره، و امام أهل دهره فالسعيد: من وقف عند نهيه و أمره؛ فله العلاء الذي علا علي النجوم الزاهرة، و المحتد الذي فرع العظماء عند المنافرة و المفاخرة، و المنصب الذي ملك به معادتي الدنيا و الآخرة، فمن الذي يرجو اللحاق بهذه الخلال الفاخرة، و المزايا الظاهرة، و الأخلاق الشريفة الطاهرة؟! أقواله سديدة، و أفعاله رشيدة، و سيرته حميدة، و عهوده في ذات الله و كيدة، فالخيرات منه قريبة، و الشرور عند بعيدة، اذا كان أفاضل زمنه قصيدة كان (عليه السلام) بيت القصيدة، و ان انتظموا عقدا كان مكان الواسعة و الفريدة؛ و هذه عادة قد سلكها الأوائل، و جري علي منهاجها الأفاضل، و الا كيف تقاس النجوم بالجنادل؟ و اين فصاحة قس من فهاهة باقل؟ فارس العلوم الذي لا يجاري، و مبين غوامضها فلا يجادل و لا يماري؛ كاشف الحقائق بنظره الصائب، مظهر الدقائق بفكره الثاقب؛ المطلع - بتوقيف الله - علي أسرار الكائنات، المخبر - بتوفيق الله - عن الغائبات، المحدث - في سره - بما مضي و بما هو آت، الملهم بالامور الخفيات، الكريم الأصل و النفس و الذات صاحب الدلائل و الآيات و المعجزات؛ مالك أزمة الكشف و النظر، مفسر الايات مقرر الخبر، وارث السادة الخير ابن الأئمة، أبوالمنتظر، فانظر الي الفرع و الأصل و جدد النظر، و اقطع بأنهما (عليهماالسلام) أضوء من الشمس و أبهي من القمر، و اذا تبين زكاء الأغصان تبين طيب الثمر، فأخبارهم و نعوتهم (عليهم السلام) عيون التواريخ و عنوان السير؛ شرف تتابع كابر عن كابر كالرمح، انبوبا علي انبوب

ص: 305

و والله أقسم قسما برا: أن من عد محمدا جدا، و عليا أبا، و فاطمة اما، و الأئمة اباء، و المهدي ولدا. لجدير أن يطول السماء علا و شرفا، و الأملاك سلفا و ذاتا و خلفا؛ و الذي ذكرته من صفاته: دون مقداره، فكيف لي باستقصاء نعوته و أخباره؟ و لساني قصير، و طرف بلاغتي حسير، فلهذا يرجع عن شأو صفاته كليلا، و يتضاءل لعجزه و قصوره و ما كان عاجزا و لا ضئيلا، و ذنبه أنه وجد مكان القول ذاسعة فما كان قؤلا، و رأي سبيل الشرف واضحا، و ما وجد الي حقيقة مدحه سبيلا؛ فقهقر، و كان من شأنه الاقدام، و أحجم مقرا بالقصور و ما عرف منه الاحجام؛ ولكن قوي الانسان لها مقادير تنتهي اليها، و حدود تقف عندها، و غايات لا تتعداها. يفني الزمان و لا يحيط بوصفهم أيحيط ما يفني بما لا ينفد؟ و قد نظمت - علي العادة - شعرا في مدحه، غرضي فيه: ما قدمته في مدح آبائه (عليهم السلام) و لا خلد لي ذكرا مع ذكرهم علي بقايا الأيام، و هو: يا راكبا يسري علي جسرة (1) . قد غبرت في أوجه الضمر عرج بسامراء، و الثم ثري أرض الامام الحسن العسكري عرج علي من جده صاعد و مجده عال علي المشتري علي الامام الطاهر المجتبي علي الكريم، الطيب العنصر علي ولي الله في عصره و ابن خيار الله في الأعصر علي كريم، صوب معروفه يربي علي صوب الحيا الممطر علي امام عدل أحكامه يسلط العرف علي المنكر و بلغا عن عبد الآئه تحية أزكي من العنبر

ص: 306


1- 506. جسرة: العظيم من الابل.

و قل: سلام الله وقف علي ذاك الجناب الممرع الأخضر دار: بحمد الله قد أسست علي التقي و الشرف الأظهر من جنة الخلد ثري أرضها و ماؤها من أنهر الكوثر حل بها شخصان من دوحة أغصانها: طيبة المكسر العسكريان، هما: ما هما فطول التقريض أو قصر عصنا علاء، قمرا سدقة شمسا نهار، فارسا منبر من معشر فاقوا جميع الوري جلالة، ناهيك من معشر هم الاولي شادوا بناء العلي بالأبيض الباتر و الأسمر هم الاولي لولاهم في الوري لم يؤمن العبد و لم يكفر هم الاولي سنوا لنا منهجا بواضح من سعيهم نير هم الاولي دلوا علي مذهب مثل الصباح الواضح المسفر فاتضح الحق لوراده و لاح قصد الطالب المبصر أخلاقهم، أني أتي سائل : مثل الربيع اليانع المزهر يا سادتي! ان ولائي لكم من خير ما قدمت للمحشر أرجو بكم نيل الأماني غدا في مبعثي، و الأمن في مقبري فأنتم قصدي، و حبي لكم : تجارتي، و الربح في متجري و الحمدلله علي أنه وفقني للفرض الأكبر» (1) . و للمرحوم السيد صالح النجفي المعروف بالقزويني: أيا صفوة الهادي، و يا محيي الهدي و محكم دين المصطفي و هو دارس فكم للعدي من نعمة قد غرستها فلم تجن الا عكس ما أنت غارس و لما مضي الهادي أريت معاجزا بها ارغمت من شانئيك المعاطس و لما جفاك المستعين، و ما اكتفي بأفعاله، و هو الحسود المنافس

ص: 307


1- 507. كشف الغمة: ج 2 / 435.

أبنت بأن الرجس بعد ثلاثة علي الرأس في قعر الجحيم لناكس و بشرت في بشري حكيمة نرجسا بمولودها المولي الذي لا يقايس و وافتك بالمهدي انوار وجهه تضيي ء، و تجلي من سناها الحنادس و طبع الحصي في خاتم منك معجز كعلمك بالأموات و هي داورس و لولاك لارتاب الأنام براهب تصوب اذا استسقي عليها الرواجس و أظهرت ما أخفاه من عظم مرسل فبانت لدي الناس الامور اللوابس بوجهك يستسقي الغمام، و للعدي بحبسك عنها الله للقطر حابس بنفسي من نالت به سر من رأي فخارا، له تعنو النجوم الكوانس بنفسي من أبكي النبي مصابه و أظلم فيه دينه و هو شامس بنفسي محبوسا علي حبس حقه مضي، و عليه المكرمات حبائس بنفسي من في كل يوم تسومه هوانا، بنوالعباس و هي عوابس بنفسي من قاسي أذي الضيم منهم زمانا، و ما فيهم به من يقايس بنفسي مسموما تشفت به الهدي قضي و بها لم تشف منه النسائس بنفسي مكروبا قضي بعد سمه بكاه الموالي و العدو المشاكس و شاب - لما قد ناله - كل مفرق و كل فؤاد فيه شبت مقابس فلا كان يوم العسكري، فانه ليوم علي الدين الحنيفي ناحس حكي جده عمرا و سما و غربة و مارس من أعدائه ما يمارس الي آخر القصيدة. و قال المرحوم السيد محسن الأمين العاملي: أبكي و هل يشفي الغليل بكائي بدرين قد غربا بسامراء علمين من رب البرية للوري نصبا، بأعلي قنة (1) العلياء نجمين يهدي السالكون لربهم بهداهما في الفتنة العمياء

ص: 308


1- 508. القنه: بالضم: اعلي الجبل، مثل القلة.

قد ضل من لا يتهدي بهداهما و متي هداية خابط الظلماء؟ و هما سبيل الله حقا، من يحد عنه، يته في ظلمة طخياء بعلي الهادي، و بالحسن: ابنه كشف الكروب و مدفع اللأواء يا آل أحمد ما ببعض صفاتكم - ولو اجتهدت - يفي جميع ثنائي أني و قد نطق الكتاب بمدحكم نصا، فأخرس ألسن - البلغاء و عليكم الصلوات في صلواتنا تتلي بكل صبيحة و مساء و قال المرحوم الشيخ محمد حسين الاصفهاني في مدحه و رثائه، منها: لقد بدا سر المليك الأكبر في قائد الحق الزكي العسكري سر النبي في محاسن الشيم و من يشابه أبه فما ظلم بل هو في كل معانيه حسن فانه سر النبي المؤتمن و وجهه كتاب حسن ذاته و فهرس الأسماء في صفاته و جنة النعيم في و جنته كل نعيم هو في جنته له من المعروف و الأيادي ما هو معروف بكل نادي له من العلوم و المعارف ما جل عن توصيف أي واصف رغما لمن أنكره و لم يحط خبرا بما رووه عنه، و ضبط فكيف و هو حجة الله علي عباده؟ فجل عن أن يجهلا و علمه تراثه من جده لا أنه بكسبه و جده و هو أمين الله في الأنام و صدره مستودع الأحكام حاز من النبي كل مكرمة فهي له بكل معني الكلمة فاز بأقصي رتب الولاية ولاية الارشاد و الهداية و هو أبوالمهدي و ابن الهادي فلا أحق منه بالارشاد فهو سليل خاتم الرسالة و صاحب الرفعة و الجلالة و هو أبوالخاتم للولاية من هو مأمول لكل غاية قاسي عظيما في عظيم شأنه من خلفاء الجور في زمانه

ص: 309

حتي اذا القي في السباع و هو ابن ليث غابة الابداع شبل علي أسد الله، و لا يري لديه الأسد الا مثلا لقد بكاه الروح و الأرواح لما استحلوا منه و استباحوا لرزئه اقشعرت الأظلة بكاه كل ملة و نحلة و كم رأي في عمره القصير منهم من التوهين و التحقير ايطلب الاسراج و الالجام للبغل منه و هو الامام؟ (1) . فبتر الله به أعمارهم كما محي من بعدهم آثارهم حتي قضي العمر بما يقاسي فسمه المعتمد العباسي قضي علي شبابه مسموما مضطهدا، محتسبا مظلوما فناحت الحور علي شبابه و صبت الدموع في مصابه تضعضعت لرزئه السبع العلي و الملأ الأعلي نحيبه علي و انصدعت لرزئه الجبال كأنه الساعة و الأهوال بكته عين الحق و الحقيقة و شرعة المختار و الطريقة

ص: 310


1- 509. اشارة الي رواية أحمد بن الحارث القزويني.

المشهد الشريف و المرقد المنيف

اشاره

بعد أن دفن الامام الهادي (عليه السلام) في حجرة من حجرات بيته، أو في صحن داره بأمر المعتمد العباسي، و ازداد المكان به شرفا و قداسة، و كرامة، دفن ابنه الامام العسكري (عليه السلام) أيضا بجنب مرقد والده. ثم توفي منهم من توفي كالسيدة الجدة والدة الامام العسكري، ثم السيدة حكيمة عمة الامام، و السيدة نرجس، و الحسين بن الامام علي الهادي، و أبي هاشم الجعفري و غيرهم، و دفنوا بجوار المرقدين الشريفين. و من ذلك اليوم الي هذا اليوم دفن حوالي تلك المراقد جم غفير، و جمع كثير من العلماء و الامراء، و الشخصيات المرموقة؛ و قد طرأت تغييرات علي ذلك المشهد، من هدم و بناء و توسيع، نذكر بعض ذلك مع رعاية الاختصار: ان الدار التي كان الامام الهادي (عليه السلام) يسكنها مع عائلته في سامراء اشتراه من دليل بن يعقوب النصراني، و عاش فيها، و دفن في وسط الدار، ثم دفن بعض رجالات الاسرة و سيداتها. و حدثت حوادث في مدينة سامراء في ايام المعتمد، و هاجر الكثيرون من الناس، فبعد أن كانت مدينة سامراء من اكبر بلاد العالم و أجملها، و أكثرها ازدهارا فاذا بها انقلبت الي مدينة مهجورة، قل ساكنوها، و بقيت محله

ص: 311

(العسكر) مأهولة. و كانت دار الامام التي انتقلت الي اولاده، و أحفاده لم يسكن فيها أحد من الاسرة سوي مولانا الامام المهدي (عليه السلام). ففي سنة 280 أرسل المعتضد العباسي من بغداد جماعة الي سامراء لاقتحام دار الامام، و القاء القبض علي الامام المهدي و حمله الي بغداد. فاستعان الامام المهدي (عليه السلام) بالمعجزة، فترائي البيت - لتلك الجماعة - كأنه بحر، و رأوا في أقصي البيت الامام المهدي و هو قائم يصلي علي حصير. فاقتحم أحد الجماعة البحر، فغرق في الماء و اضطرب، فأنقذه أصحابه، و أراد الثاني أن يفعل ما فعله الأول، فجري عليه ما جري علي الأول. فرجعت الجماعة خائبين، و بائوا بالفشل، و بعد ذلك مات المعتضد. فنصبوا علي حائط الدار شباكا مشرفا علي الشارع، و كان بعض الناس يزور الامامين (عليهماالسلام) من وراء الشباك، و لا يدخل البيت. حتي صارت سنة 328 و لم يبق من مدينة سامراء الا خان و بقال للمارة، و سقطت سامراء عن مركزيتها، و فقدت جمالها و بهاءها؛ فتعين بعض الناس في بغداد ليقوموا بسدانة تلك الروضة، فكان اولئك الأفراد يرافقون الزوار الي سامراء، و يرجعون معهم.

العمارة الثانية

و قام ناصر الدولة الحمداني و هو أخو سيف الدولة الحمداني، و بني قبة علي القبرين الشريفين، و جعل لسامراء سورا، و جعل علي مرقد الامامين ضريحين جللهما بالستور؛ و بني دورا حول دار الامام و أسكنها جماعة. و لآل حمدان تاريخ مشرق مفصل يطلب من مظانه.

ص: 312

العمارة الثالثة

و في سنة 337 قام معز الدولة البويهي بعمارة المشهد الشريف، فانه دخل سامراء، و أنفق اموالا جليلة، و رتب للروضة المباركة القوام و الحجاب، و عين لهم رواتب، و عمر القبة الشريفة.

العمارة الرابعة

و في سنة 368 قام عضد الدولة البويهي بعمارة المشهد المقدس، فانه جاء الي سامراء، و بني الروضة بالأخشاب من الساج، و وسع الصحن الشريف؛

العمارة الخامسة

و في سنة 445 قام الأمير أرسلان البساسيري بعمارة المرقد، و أمر بعمارة عالية علي مرقد الامامين، و نصب ضريحا من خشب الساج علي المرقدين.

العمارة السادسة

و في سنة 495 جاء الملك بركياروق السلجوقي، فجدد أبواب الروضة من أغلي أنواع الخشب، و بني سورا للروضة المقدسة، و قام بترميم القبة و الرواق و الصحن؛

العمارة السابعة

قام أحمد، الناصر لدين الله العباسي في سنة 606 فعمر القبة و المآذن

ص: 313

و زين الروضة الشريفة، و جدد بناء السرداب المعروف ب (سرداب الغيبة). و قد ذكرنا في كتاب (الامام المهدي من المهد الي الظهور) كلمة حول هذا السرداب نذكرها هنا رعاية للمناسبة. ان أكثر البيوت و المساكن في المناطق الحارة في العراق، كانت و لا تزال مزودة بالسرداب، (و هو الطابق المبني تحت الأرض، يلجأ اليه من حر الصيف). و كانت دار الامامين العسكريين (عليهماالسلام) في مدينة سامراء أيضا مزودة بالسرداب. و السرداب لا يزال موجودا في جوار مرقد الامامين: الهادي و العسكري (عليهماالسلام) و من الطبيعي أن بناءه قد تجدد خلال هذه القرون، ولكن المكان لم يتغير، و الزوار يحترمون هذا السرداب لشرافته و قدسيته، و يتبركون به لأنه كان مسكنا لثلاثة من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) و هذا هو الشأن في بيوت النبي و الأئمة (عليهم الصلاة و السلام) حيث أنها بيوت مباركة، و قد أذن الله أن ترفع و يذكر فيه اسمه؛ و لهذا فان المسلمين الشيعة يصلون لله هناك و يزورون، و لا يعتقد أحد منهم أن الامام المهدي (عليه السلام) يعيش و يسكن في ذلك السرداب، أو أنه يظهر منه؛ فالسرداب ليس الا مكان اكتسب الشرف و البركة، و كأنهم يتمثلون بقول الشاعر: «و ما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا» هذه خلاصته قضية السرداب و حديثه، ولكن تعال معي و انظر الي الكذابين الدجالين الذين كانوا و لا يزالون يهرجون باسم السرداب، و يستهزئون بالشيعة الذين يعتقدون بغيبة الامام المهدي (عليه السلام) في السرداب، مع العلم أنه لا يوجد - و لم يوجد - أحد من الشيعة يعتقد بأن الامام المهدي (عليه السلام)

ص: 314

غاب في السرداب، أو أنه ساكن و مقيم فيه. ولكن المنحرفين و المستهزئين يكتبون ما يريدون، و يقولون ما يشتهون بلارادع ديني، و لا حياء و لا خجل من الناس، و لا خوف من الله تعالي. و قد بلغ الجهل و الحقد بأحدهم الي أن ينظم شعرا في هذا الموضوع، و يقول: «ما آمن للسرداب أن يلد الذي سميتموه بزعمكم انسانا»؟ و قد بقيت هذه الاكذوبة - خلال هذه القرون - تنتقل من كاتب الي مؤلف، و من جاهل الي حاقد، و من كذاب الي دجال، و تتطور في عالم الوهم و الخيال، حتي بلغ الجهل بأحدهم أن يذكر في كتابه: ان السرداب (المزعوم!) في مدينة الحلة في العراق! مع العلم ان المسافة بين الحلة و سامراء حوالي 300 كيلوم متر. و يأتي آخر، و يضيف الي هذه الاكذوبة - من نسج خياله - تهمة اخري و افتراء آخر، فيقول: ان الشيعة يأتون - في كل جمعة - بالسلاح و الخيول الي باب السرداب، و يصرخون و ينادون: يا مولانا اخرج الينا! و ياليت هؤلاء المنحرفين اتفقوا - في هذه الاكذوبة - علي قول واحد، حتي لا تنكشف سوءتهم، و لا تتساقط أقنعتهم المزيفة، ولكن أبي الله الا أن يظهر الحق و يدمغ الباطل و يفضحه؛ فتراهم يتفرقون علي أقوال متناقضة، فيقول أحدهم: ان هذا السرداب في الحلة، و يقول آخر: انه في بغداد، و يقول ثالث: انه في سامراء، و يأتي القصيمي من بعدهم، فلا يدري اين هو؟ فيطلق لفظ السرداب. ليستر سوءته. أما نحن فلا نعلق علي هذه الأكاذيب و الافترائات الا بكلمة: «ألا: لعنة الله علي الكاذبين... ألا: لعنة الله علي كل مفتر أفاك. و توجد في آخر السرداب صفة، عليها باب خشبي قديم، باق الي يومنا هذا منقوش عليه من داخل الصفة:

ص: 315

«بسم الله الرحمن الرحيم، محمد رسول الله، أميرالمؤمنين، علي ولي الله، فاطمة، الحسن بن علي، الحسين بن علي، علي بن الحسين، محمد بن علي، جعفر بن محمد، موسي بن جعفر، علي بن موسي، محمد بن علي، علي بن محمد، الحسن بن علي، القائم بالحق (عليهم السلام) هذا عمل علي بن محمد، ولي آل محمد رحمه الله». و منقوش علي ظاهر الشباك: «بسم الله الرحمن الرحيم، قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربي، و هذا ما أمر بعمله: سيدنا و مولانا... أبوالعباس أحمد الناصر لدين الله، أميرالمؤمنين... من سنة ست و ستمائة الهلالية، و حسبنا الله و نعم الوكيل، و صلي الله علي سيدنا خاتم النبيين، و علي آله الطاهرين، و عترته و سلم تسليما». و كانت هذه الصفة موضع حوض في أيام الامامين العسكريين (عليهماالسلام).

العمارة الثامنة

و في سنة 640 قام المستنصر العباسي ابن الناصر لدين الله العباسي بعمارة المشهد الشريف، و أمر بذلك السيد أحمد ابن الطاووس أن يتولي ذلك. و السبب في ذلك وقوع حريق في داخل الروضة المنورة، فاحترق الضريحان اللذان أهداهما البساسيري المتقدم ذكره. و من الواضح أن أمثال هذه الحوادث لها تأثير سي ء في نفوس ضعفاء الايمان، فيشكون في جلالة قدر الامامين العسكريين عندالله تعالي؛ و هم في غفلة ان التواريخ ذكرت ان الصاعقة نزلت في المسجد الحرام، و لم يقدح ذلك في شرافة المسجد الحرام، و هكذا وقع حريق عظيم في المسجد النبوي سنة 654، و السبب في ذلك أن أحد القوام دخل الي خزانته و معه نار،

ص: 316

فتعلقت به الأشياء الموجودة في الخزانة، و اتصلت بالنار بالسقف، ثم انتقلت الي بقية السقوف حتي وصلت النار الي سقف الحجرة النبوية، و وقع منه شي ء في الحجرة، و استطاعوا أن يخمدوا النار؛ و هكذا القرامطة، هدموا الكعبة، و نقلوا الحجر الأسود الي مدينة هجر، و بقي الحجر الأسود عندهم الي عشرين سنة؛ الي غير ذلك من انواع الحوادث التي حدثت في الأماكن المقدسة سهوا أو عمدا.

العمارة التاسعة

و في سنة (750) قام الأمير ابواويس الجلايري، و قام بخدمات جليلة، و آثار عظيمة في المشهد المقدس.

العمارة العاشرة

و في سنة (1106) وقع حريق آخر في الروضة المباركة في ليلة من الليالي، لأن بعض الخدم - من الذين لا يعبأون بالأماكن المقدسة - تركوا سراجا في مكان غير مناسب فوقعت النار من الفتيلة علي بعض الفرش، فاحترقت الفرش و الصناديق المنصوبة علي المرقدين، و الأبواب، فكانت فتنة عقائدية عند ضعفاء الايمان، و مورد شماتة الأعداء من المخالفين النواصب؛ فوصل الخبر الي الشاه حسين الصفوي آخر ملوك الصفوية؛ ذكر المجلسي في آخر الجزء الخمسين من البحار: ... فأمر [السلطان] باتمام صناديق أربعة في غاية الترصيص و التزيين و ضريح مشبك كالسماء ذات الحبك، زينة للناظرين، و رجوما للشياطين.

ص: 317

و أمر السلطان جماعة من العلماء و الأعيان أن يرافقوا الصناديق و الضريح الي سامراء، و كان دخولهم يوما مشهودا؛ و اسم الشاه حسين مكتوب علي جبهة باب الضريح.

العمارة الحادية عشرة

و في سنة (1200) قام الأمير أحمد خان الدنبلي و هو من حكام آذربايجان بعمارة الروضة، و أمر بذلك الميرزا محمد رفيع الذي كان من أفاضل عصره؛ أمره بعمارة الروضة و السرداب و الرواق، و الايوان و الصحن علي ترتيب بناء مرقد الامام أميرالمؤمنين (عليه السلام) في النجف. و أضاف صحنا آخر، و رواقا ينتهي الي السرداب المذكور، و بني الروضة الشريفة بأجمل بناء، و أحسن في هندسي، و هكذا الأبواب و الصندوق؛ و أضاف صندوقا و ضريحا للسيدة نرجس (عليهاالسلام) و ضريحا و صندوقا للسيدة حكيمة (عليهاالسلام)، و صرف أموالا لا تحصي في هذا المشروع المقدس.

العمارة الثانية عشرة

و قتل أحمد خان في سنة (1200) وقام ابنه حسين قلي خان، و أكمل البناء. و الدنبلي (الدنابلة) بيت عريق فيهم الملوك و الامراء و غيرهم مذكورون في كتب التواريخ.

ص: 318

العمارة الثالثة عشرة

و في سنة (1282) قام الملك ناصر الدين شاه القاجاري بالتعمير و التجديد و حمل الي الروضة، أحسن انواع الرخام الأخضر، و رصفوا داخل الشباك، و كذلك الروضة و الرواق و الصحن، وقام بتذهيب القبة المنورة، و ترميم بعض جوانب الصحن. أقول: اقتطفنا و اقتبسنا هذه المواد التاريخية من الجزء الأول و الثاني من كتاب (مآثر الكبراء في تاريخ سامراء) للمرحوم العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي انتهي. و البناء الموجود حاليا صرح جميل بهيج يملأ القلوب انشراحا، و يشعر الزائر بالروحانية و المهابة حينما ينظر الي المنظر الداخلي و الخارجي. قد ذكرنا ان في كل مرة كان المشهد يزداد اتساعا، و يضاف اليها اضافات حتي صارت مساحة الصحن الشريف حوالي ثلاثة عشر الف متر. لأن طول الصحن 112 متر و عرضه 108 متر، و ارتفاع السور سبعة أمتار، و هو مفروش بالرخام الأبيض، و الجدران مكسوة بالرخام الأبيض حوالي مترين، و الباقي مكسو بالقاشاني ذي الالوان البديعة. و من الصحيح أن نقول: ان روضة الامامين العسكريين (عليهماالسلام) أوسع من جميع روضات الأئمة الطاهرين المدفونين في العراق. و قد اهديت الي تلك الناحية خلال هذه القرون هدايا ثمينة من الملوك و العظماء و الامراء و غيرهم، من انواع الفرش و المعلقات و المصاحف و غيرها و لا تسأل عن مصير تلك الهدايا!! أقول: و لقد ظهرت كرامات كثيرة جدا لا تحصي من ذلك المشهد المبارك

ص: 319

خلال هذه القرون، من شفاء المرضي و قضاء الحوائج، و كشف المهمات ولو اردنا استعراض تلك الامور لطال بنا الكلام، و حجم الكتاب لا يسع أكثر من هذا، و يمكن لمن يريد التفاصيل مراجعة كتاب (تاريخ سامراء) للمرحوم المحلاتي.

ص: 320

وداع و اعتذار

لقد وصلنا الي آخر المطاف في هذا الكتاب، و قضينا مع القراء الكرام ساعات و ساعات في رحاب امام من الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) و كأننا عشنا حياته الشريفة و رافقناه في مراحل حياته الطيبة، و شاركناه في آلامه و مصائبه، و شاهدنا أنواع الأذي و الاضطهداد التي عاناها. حتي انتهت تلك الحياة المباركة، و انطفي كوكب الامامة في سماء المجد و العظمة و حرم الملايين من المسلمين من بركات ذلك الامام العظيم. فصلوات الله عليه يوم ولد فأشرقت الأرض بنور ربها، و سلام الله عليه يوم قضي نحبه مسموما مظلوما مهضوما، و سلام الله و رحمته و بركاته عليه يوم يبعث حيا، شاكيا الي الله من الظالمين، و شفيعا لشيعته و الموالين. و معذرة الي الله و رسوله (صلي الله عليه و آله) و الي الامام الحسن العسكري (عليه السلام) و الي شبله الأعز و نجله الأغر مولانا و سيدنا و امامنا الحجة بن الحسن المهدي - عجل الله تعالي فرجه - عن كل قصور أو تقصير، أو سهو أو خطأ أو نقص في تأليف هذا الكتاب فان الهدايا علي مقدار مهديها، و آخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي سيدنا محمد و آله الطاهرين. محمد كاظم القزويني ربيع الثاني 1412 قم

ص: 321

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.