مكاتيب الائمة عليهم السلام

اشارة

المولف:مجله حوزه
الناشر:مجله حوزه

مكاتيب الامام الحسن بن علي

مكاتيبه في حياة ابيه

كتابه في قوة الايمان

اشاره

في تفسير فرات الكوفي: قال: حدثني علي بن الحسين عليه‌السلام - معنعنا -: عن الأصبغ بن نباتة [1] ، قال: كتب عبدالله بن جندب [2] الي علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام:

[ صفحه 12]

جعلت فداك اني [3] في ضعف، فقوني.
قال: فأمر علي الحسن ابنه أن: اكتب اليه كتابا، قال: فكتب الحسن عليه‌السلام:

في علم اهل البيت وصفة شيعتهم

«ان محمدا صلي الله عليه و اله كان أمين الله في أرضه فلما أن قبض محمد صلي الله عليه و اله، و كنا أهل‌بيته، فنحن أمناء الله في أرضه، عندنا علم المنايا و البلايا، و انا لنعرف الرجل اذا رأيناه بحقيقة الايمان و حقيقة النفاق، و ان شيعتنا لمعروفون بأسمائهم و أنسابهم، أخذ الله الميثاق علينا و عليهم [4] ، يردون مواردنا و يدخلون مداخلنا، ليس علي ملة أبينا ابراهيم غيرنا و غيرهم، انا يوم القيامة آخذين بحجزة نبينا، و ان نبينا آخذ بحجزة النور، و ان شيعتنا آخذون [5] بحجزتنا.
من فارقنا هلك، و من اتبعنا لحق بنا، و التارك لولايتنا كافر، و المتبع لولايتنا مؤمن، لايحبنا كافر و لا يبغضنا مؤمن، و من مات و هو محبنا كان حقا علي الله أن يبعثه معنا.
نحن نور لمن تبعنا، و هدي لمن اقتدي بنا، و من رغب عنا فليس منا، و من لم يكن منا فليس من الاسلام في شي‌ء.
بنا فتح الله الدين، و بنا يختمه، و بنا أطعمكم الله عشب الأرض، و بنا من الله

[ صفحه 13]

عليكم [6] من الغرق، و بنا ينقذكم الله في حياتكم و في قبوركم و في محشركم و عند الصراط و الميزان، و عند ورودكم الجنان.

مثل اهل البيت في الكتاب

و ان مثلنا في كتاب الله كمثل المشكوة، و المشكوة هي القنديل، و فينا المصباح، و المصباح محمد صلي الله عليه و اله و أهل‌بيته، و المصباح في زجاجة (الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة)، علي بن أبي‌طالب (لاشرقية و لاغربية)، معروفة لايهودية و لانصرانية، (يكاد زيتها يضي‌ء و لو لم تمسسه نار نور علي نور يهدي الله لنوره من يشآء). [7] .

حق وليهم

و حقيق علي الله أن يأتي ولينا يوم القيامة مشرقا وجهه، نيرا برهانه، عظيمة عند الله تعالي حجته، و حقيق علي الله أن يجعل ولينا رفيق الأنبياء و الشهداء و الصديقين و الصالحين، و حسن أولئك رفيقا.

جزاء عدوهم

و حقيق علي الله أن يجعل عدونا و الجاحد لولايتنا رفيق الشياطين و الكافرين، و بئس اولئك رفيقا.

منزلة شهداء اهل البيت و شيعتهم

و لشهيدنا فضل علي شهداء غيرنا بعشر درجات، و لشهيد شيعتنا فضل علي

[ صفحه 14]

شهيد [8] غير شيعتنا بسبع درجات.

من صفاتهم

فنحن النجباء، و نحن أفراط الأنبياء، و نحن خلفاء الأرض، و نحن المخصوصون [9] في كتاب الله، و نحن أولي الناس بنبي الله، و نحن الذين شرع الله لنا الدين، فقال في كتابه: «شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا والذي أوحينا اليك و ما وصينا به ابراهيم و موسي و عيسي أن أقيموا الدين و لاتتفرقوا فيه)، و كونوا علي جماعة محمد صلي الله عليه و اله، (كبر علي المشركين) [10] . [11] .

[ صفحه 15]

مكاتيبه بعد شهادة ابيه و قبل الصلح

كتابه الي الحسين ينعي اباه

قال البلاذري: قالوا: و كان الحسين عليه‌السلام بالمدائن، قد قدمه أبوه اليها، و هو يريد المسير الي الشام، فكتب اليه الحسن بما حدث من أمر أبيه مع زحر بن قيس الجعفي، فلما أتاه زحر بالكتاب انصرف بالناس الي الكوفة... [12] .
و في الكافي:
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن اسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن عبدالله بن الوليد الجعفي، عن رجل، عن أبيه، قال: لما أصيب أميرالمؤمنين عليه‌السلام نعي الحسن الي الحسين عليهماالسلام، و هو بالمدائن، فلما قرأ الكتاب، قال - الحسين عليه‌السلام -:
يا لها من مصيبة ما أعظمها، مع أن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: من أصيب منكم بمصيبة فليذكر مصابه بي، فانه لن يصاب بمصيبة أعظم منها، و صدق صلي الله عليه و اله. [13] .

[ صفحه 16]

كتابه الي معاوية في تحذيره و انظاره

اشاره

كتاب كتبه عليه‌السلام الي معاوية [14] بعد وفاة أميرالمؤمنين عليه‌السلام - و قد بايعه الناس - و هو:

[ صفحه 17]

بسم الله الرحمن الرحيم
من عبدالله الحسن أميرالمؤمنين الي معاوية بن صخر:
أما بعد؛ فان الله بعث محمدا صلي الله عليه و اله رحمة للعالمين، فأظهر به الحق، و رفع به الباطل، و أذل به أهل الشرك، و أعز به العرب عامة، و شرف به من شاء منهم خاصة، فقال تعالي: (و انه لذكر لك و لقومك) [15] ، فلما قبضه الله تعالي تنازعت العرب الأمر بعده، فقالت الأنصار: منا أمير و منكم أمير؛ و قالت قريش: نحن أولياؤه و عشيرته، فلاتنازعوا سلطانه، فعرفت العرب ذلك لقريش، و نحن الآن أولياؤه و ذووا القربي منه.و جاحدتنا قريش ما عرفت لها العرب، فهيهات! ما أنصفتنا قريش، و قد كانوا ذوي فضيلة في الدين، و سابقة في الاسلام. [16] .
و لا غرو [17] ، أن منازعتك ايانا بغير حق في الين معروف، و لا أثر في الاسلام

[ صفحه 18]

محمود، و الموعد الله تعالي بيننا و بينك، و نحن نسأله تبارك و تعالي أن لا يؤتينا في هذه الدنيا شيئا ينقصنا به في الآخرة.
و بعد؛ فان أميرالمؤمنين علي بن أبي‌طالب لما نزل به الموت و لاني هذا الأمر من بعده، فاتق الله يا معاوية؛ وانظر لامة محمد صلي الله عليه و اله ما تحقن به دماءهم، و تصلح به أمورهم، والسلام. [18] .
و بعث بالكتاب مع الحارث بن سويد التيمي، تيم الرباب، و جندب الأزدي، فقدما علي معاوية فدعواه الي بيعة الحسن عليه‌السلام فلم يجبهما. [19] .
و كتب معاوية جوابه برواية المناقب:
فهمت ما ذكرت به محمدا صلي الله عليه و اله، و هو أحق الأولين و الآخرين بالفضل كله، و ذكرت تنازع المسلمين الأمر من بعده، فصرحت بنميمة فلان و فلان و أبي‌عبيدة و غيرهم، فكرهت ذلك لك، لأن الأمة قد علمت أن قريشا أحق بها، و قد علمت ما جري من أمر الحكمين فكيف تدعوني الي أمر، انما تطلبه بحق أبيك و قد خرج أبوك منه. [20] .
نص آخر علي رواية ابن أعثم:
أما بعد؛ فقد فهمت كتابك و ما ذكرت به محمدا صلي الله عليه و اله، و هو خيرالأولين و الآخرين فالفضل كله فيه صلي الله عليه و اله؛ و ذكرت تنازع المسلمين الأمر من بعده، فصرحت منهم بأبي‌بكر الصديق، و عمر الفاروق، و أبي‌عبيدة الأمين، و طلحة، و الزبير، و صلحاء

[ صفحه 19]

المهاجرين، و كرهت ذلك لك أبامحمد، و ذلك أن الأمة لما تنازعت الأمر من بعد نبيها محمد صلي الله عليه و اله علمت أن قريشا أحقها بهذا الشأن؛ لمكان نبيها منها؛ ثم رأت قريش و الأنصار و ذووالفضل و الدين من المسلمين أن يولوا هذا الأمر أعلمها بالله، و أخشاها له، و أقدمها اسلاما، فاختاروا أبابكر الصديق ولو علموا مكان رجل هو أفضل من أبي‌بكر يقوم مقامه و يذب عن حوزة الاسلام كذبه لما عدلوا ذلك عنه، فالحال بيني و بينك علي ما كانوا عليه، ولو علمت أنك أضبط لأمر الرعية و أحوط علي هذه الأمة، و أحسن سياسة، و أكيد للعدو، و أقوي علي جميع الأمور، لسلمت لك هذا الأمر بعد أبيك، لأني قد علمت بأنك انما تدعي ما تدعيه نحو أبيك، و قد علمت أن أباك سار الينا فحاربنا، ثم صار من أمره الي أن اختار رجلا و اخترنا رجلا، ليحكما بما يصلح عليه أمر الأمة، و تعود به الألفة و الجماعة، و أخذنا علي الحكمين بذلك عهد الله و ميثاقه، و أخذا منا مثل ذلك علي الرضي بما حكما، ثم أنهما اتفقا علي خلع أبيك فخلعاه، فكيف تدعوني الي أمر انما تطلبه بحق أبيك، و قد خرج أبوك منه؟ فانظر لنفسك أبامحمد و لدينك، والسلام. [21] .
نص آخر علي رواية ابن أبي الحديد:
أما بعد؛ فقد فهمت ما ذكرت به رسول الله، و هو أحق الأولين و الآخرين بالفضل كله، و ذكرت تنازع المسلمين الأمر بعده، فصرحت بتهمة أبي‌بكر الصديق، و عمر، و أبي عبيدة الأمين، و صلحاء المهاجرين، فكرهت لك ذلك؛ ان الأمة لما تنازعت الأمر بينها رأت قريشا أخلقها [22] به؛ فرأت قريش و الأنصار و ذوو الفضل و الدين من المسلمين أن يولوا من قريش أعلمها بالله، و أخشاها له، و أقواها علي الأمر، فاختاروا

[ صفحه 20]

أبابكر و لم يألوا، ولو علوا مكان رجل غير أبي‌بكر يقوم مقامه و يذب عن حرم الاسلام ذبه ما عدلوا بالأمر الي أبي‌بكر، و الحال اليوم بيني و بينك علي ما كانوا عليه، فلو علمت أنك أضبط لأمر الرعية و أحوط علي هذه الأمة، و أحسن سياسة، و أكيد للعدو، و أقوي علي جمع الفي‌ء، لسلمت لك الأمر بعد أبيك، فان أباك سعي علي عثمان حتي قتل مظلوما، فطالب الله بدمه؛ و من يطلبه الله فلن يفوته.
ثم ابتز الأمة أمرها، و فرق جماعتها، فخالفه نظراؤه من أهل السابقة و الجهاد و القدم في الاسلام، وادعي أنهم نكثوا بيعته، فقالتهم فسفكت الدماء؛ و استحلت الحرم، ثم أقبل الينا لايدعي علينا بيعة؛ ولكنه يريد أن يملكنا اغترارا، فحاربناه و حاربنا، ثم صارت الحرب الي أن اختار رجلا و اخترنا رجلا، ليحكما بما تصلح عليه الأمة، و تعود به الجماعة و الألفة، و أخذنا بذلك عليهما ميثاقا و عليه مثله و علينا مثله، علي الرضي بما حكما، فأمضي الحكمان عليه الحكم بما علمت، و خلعاه، فوالله ما رضي بالحكم، و لا صبر لأمر الله؛ فكيف تدعوني الي أمر انها تطلبه بحق أبيك، و قد خرج منه! فانظر لنفسك و لدينك، والسلام. [23] .
نص آخر علي رواية لأبي الفرج الاصفهاني:
كتب الحسن عليه‌السلام الي معاوية مع جندب [24] بن عبدالله الأزدي:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبدالله الحسن أميرالمؤمنين الي معاوية بن أبي‌سفيان:

في بعثة النبي

سلام عليك، فاني أحمد اليك الله الذي لا اله الا هو، أما بعد؛ فان الله تعالي عز و جل

[ صفحه 21]

بعث محمدا صلي الله عليه و اله رحمة للعالمين، و منه علي المؤمنين، و كافة الي الناس أجمعين، (لينذر من كان حيا و يحق القول علي الكافرين) [25] ، فبلغ رسالات الله و قام علي أمرالله حتي توفاه الله غير مقصر و لا وان، حتي أظهر الله به الحق و محق به الشرك، و نصر به المؤمنين، و أعز به العرب، و شرف به قريشا خاصة، فقال تعالي: (و انه لذكر لك و لقومك) [26] .

في بيان ما حدث بعد وفاة النبي

فلما توفي صلي الله عليه و اله تنازعت سلطانه العرب، فقالت قريش: نحن قبيلته و أسرته و أولياؤه، و لا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد في الناس و حقه، فرأت العرب أن القول كما قالت قريش، و أن الحجة لهم في ذلك علي من نازعهم أمر محمد صلي الله عليه و اله، فأنعمت لهم العرب، و سلمت ذلك.
ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجت به العرب فلم تنصفنا قريش انصاف العرب لها، انهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف و الاحتجاج، فلما صرنا أهل‌بيت محمد و أولياءه الي محاجتهم، و طلب النصف [27] منهم باعدونا و استولوا بالاجماع علي ظلمنا و مراغمتنا [28] و العنت [29] منهم لنا، فالموعد الله، و هو الولي النصير؟
و قد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا و سلطان نبينا صلي الله عليه و اله، و ان كانوا ذوي فضيلة و سابقة في الاسلام، فأمسكنا عن منازعتهم مخافة علي الدين أن يجد

[ صفحه 22]

المنافقون و الأحزاب بذلك مغمزا [30] يثلمونه به، أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا به فساده.

العجب من طلب معاوية امرا ليس هو من اهله

فاليوم فليعجب المتعجب من توثبك يا معاوية علي أمر لست من أهله، لابفضل في الدين معروف، و لا أثر في الاسلام محمود، و أنت ابن حزب من الأحزاب، و ابن أعدي قريش لرسول الله صلي الله عليه و اله، ولكن الله خيبك، و سترد فتعلم لمن عقبي الدار، تالله لتلقين عن قليل ربك، ثم ليجزينك بما قدمت يداك، و ما الله بظلام للعبيد.

احقيته بالخلافة

ان عليا - رضوان الله عليه - لما مضي لسبيله - رحمة الله عليه يوم قبض و يوم من الله عليه بالاسلام، و يوم يبعث حيا - [31] و لاني المسلمون الأمر بعده، فأسأل الله ألا يزيدنا في الدينا الزائلة شيئا ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامته، و اما حملني علي الكتاب اليك الاعذار فيما بيني و بين الله سبحانه و تعالي في أمرك، و لك في ذلك ان فعلت الحظ الجسيم، و للمسلمين فيه صلاح، فدع التمادي في الباطل وادخل فيا دخل فيه الناس من بيعتي، فانك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عندالله و عند كل أواب حفيظ، و من له قلب منيب.

حث معاوية علي التقوي

واتق الله، ودع البغي، واحقن دماء المسلمين، فوالله ما لك من خير في أن تلقي

[ صفحه 23]

الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به، فادخل في السلم و الطاعة، و لاتنازع الأمر أهله، و من هو أحق به منك، ليطفي الله النائرة [32] بذلك، و تجمع الكلمة، و تصلح ذات البين، و ان أنت أبيت الا التمادي في غيك نهدت [33] اليك بالمسلمين فحاكمتك، حتي يحكم الله بيننا، و هو خيرالحاكمين.
فكتب اليه معاوية:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبدالله أميرالمؤمنين الي الحسن بن علي:
سلام عليك؛ فاني أحمد اليك الله الذي لا اله الا هو.
أما بعد؛ فقد بلغني كتابك، و فهمت ما ذكرت به رسول الله صلي الله عليه و اله من الفضل، و هو أحق الأولين و الآخرين بالفضل كلمه قديمه و حديثه، صغيره و كبيره، فقد والله بلغ و أدي، و نصح و هدي؛ حتي أنقذ الله به من التهلكة، و أنار به من العمي، و هدي به من الضلالة، فجزاه الله أفضل ما جزي نبيا عن أمته، و صلوات الله عليه يوم ولد، و يوم قبض، و يوم يبعث حيا.
و ذكرت وفاة النبي صلي الله عليه و اله و تنازع المسلمين من بعده، فرأيتك صرحت بتهمة أبي‌بكر الصديق، و عمر الفاروق، و أبي‌عبيدة الأمين، و حواري الرسول صلي الله عليه و اله، و صلحاء المهاجرين و الأنصار، فكرهت ذلك لك، فانك امرؤ عندنا و عند الناس غير ظنين و لا المسي‌ء، و لا اللئيم، و أنا أحب لك القول السديد، و الذكر الجميل.
ان هذه الأمة لما اختلفت بعد نبيها لم تجهل فضلكم ولا سابقتكم، و لا قرابتكم من النبي صلي الله عليه و اله، و لا مكانتكم في الاسلام و أهله، فرأت الأمة أن تخرج هذا الأمر

[ صفحه 24]

لقريش لمكانها من نبيها، و رأي صلحاء الناس من قريش و الأنصار و غيرهم من سائر الناس و عامتهم أن يولوا هذا الأمر من قريش أقدمها اسلاما و أعلمها بالله، و أحبها له و أقواها علي أمر الله، و اختاروا أبابكر، و كان ذلك رأي ذوي الحجي و الين و الفضيلة، و الناظرين للأمة، فأوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة و لم يكونوا بمتهمين، و لا فيما أتوا بمخطئين، و لو رأي المسلمون فيكم من يغني غناؤه، أو يقوم مقامه، أو يذب عن حريم المسلمين ذبه، ما عدلوا بذلك الأمر الي غيره رغبة عنه، ولكنهم عملوا [34] في ذلك بما رأوه صلاحا للاسلام و أهله، فالله يجزيهم عن الاسلام و أهله خيرا.
و قد فهمت الذي دعوتني اليه من الصلح، و الحال فيما بيني و بينك اليوم مثل الحال التي كنتم عليها أنتم و أبوبكر بعد النبي صلي الله عليه و اله، ولو علمت أنك أضبط مني للرعية، و أحوط علي هذه الأمة، و أحسن سياسة، و أقوي علي جمع الأموال، و أكيد للعدو، لأجبتك الي ما دعوتني اليه، و رأيتك لذلك أهلا، ولكني قد علمت أني أطول منك ولاية، و أقدم منك لهذه الأمة تجربة، و أكثر منك سياسة، و أكبر منك سنا، فأنت أحق أن تجيبني الي هذه المنزلة التي سألتني، فادخل في طاعتي، و لك الأمر من بعدي، و لك ما في بيت مال العراق من مال بالغا ما بلغ، تحمله الي حيث أحببت، و لك خراج أي كور العراق شئت؛ معونة لك علي نفقتك، يجيبها لك أمينك، و يحملها اليك في كل سنة؛ و لك ألا يستولي عليك بالاساءة، و لاتقضي دونك الأمور، و لاتعصي في أمر أردت به طاعة الله عز و جل.أعاننا الله و اياك علي طاعته، انه سميع مجيب الدعاء، والسلام. [35] .

[ صفحه 25]

أقول: الذي يقوي في النظر هو تعدد الكتابين لما بين مضمونيهما من الاختلاف، و كذا بين جوابي معاوية اختلاف شديد، و ان كان بينهما تشابه أيضا، هذا و ان نقلهما المعتزلي أحدها برواية المدائني و الآخر برواية الاصبهاني، و ظاهر كلامه الاتحاد كما فهمه في معني ذلك، و ظاهر كلمات الأعلام عدا المعتزلي التعدد أيضا، كما أن الاربلي رحمه الله نقل الكتاب الأول، كما أسلفنا عنه، و قال و كان بينه و بين الحسن عليه‌السلام مكاتبات، واحتج عليه الحسن عليه‌السلام في استحقاقه الأمر و توثب من تقدم علي أبيه عليه‌السلام وابتزازه [36] ؛ كأنه يشير الي هذا الكتاب.

كتابه الي معاوية في ترغيبه باتباع الحق

كتب معاوية الي الحسن بن علي عليهماالسلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد؛ فان الله عز و جل يفعل في عباده ما يشاء (لامعقب لحكمه و هو سريع الاحساب) [37] فاحذر أن تكون منيتك علي يد رعاع من الناس، وايأس من أن تجد فينا غميزة [38] ، و ان أنت أعرضت عما أنت فيه و بايعتني، و فيت لك بما وعدت، و أجزت لك ما شرطت، و أكون في ذلك كما قال أعشي بني قيس بن ثعلبة:

و ان أحد أسدي اليك أمانة
فأوف بها تدعي اذا مت وافيا


[ صفحه 26]


و لا تحسد المولي اذا كان ذا غني
و لا تجفه ان كان في المال فانيا

ثم الخلافة لك من بعدي، فأنت أولي الناس بها، والسلام.
فأجابه الحسن بن علي عليهماالسلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد؛ وصل الي كتابك، تذكر فيه ما ذكرت، فتركت جوابك خشية البغي عليك، و بالله أعوذ من ذلك، فاتبع الحق تعلم أني من أهله، و علي اثم أن أقول فأكذب، والسلام.
فلما وصل كتاب الحسن الي معاوية قرأه، ثم كتب الي عماله علي النواحي نسخة واحدة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من معاوية أميرالمؤمنين الي فلان بن فلان، و من قبله من المسلمين.
سلام عليكم، فاني أحمد اليكم الله الذي لا اله الا هو، أما بعد؛ فالحمدلله الذي كفاكم مؤنة عدوكم، و قتلة خليفتكم، ان الله بلطفه، و حسن صنعه، أتاح لعلي بن أبي‌طالب رجلا من عباده، فاغتاله فقتله، فترك أصحابه متفرقين مختلفين، و قد جاءتنا كتب أشرافهم و قادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم و عشائرهم؛ فأقبلوا الي حين يأتيكم كتابي هذا بجندكم و جهدكم و حسن عدتكم، فقد أصبتم بحمدالله الثأر، و بلغتم الأمل، و أهلك الله أهل البغي و العدوان، والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته. [39] .

[ صفحه 27]

كتابه الي معاوية في اظهار دسائسه

عمرو بن ثابت قال
كنت أختلف الي أبي‌اسحاق السبيعي [40] سنة أسأله عن خطبة الحسن بن علي عليه‌السلام، فلا يحدثني بها، فدخلت اليه في يوم شات و هو في الشمس و عليه برنسه كأنه غول، فقال لي: من أنت؟ فأخبرته، فبكي و قال: كيف أبوك؟ و كيف أهلك؟ قلت: صالحون، قال: في أي شي‌ء تردد منذ سنة؟ قلت: في خطبة الحسن بن علي بعد وفاة أبيه.
قال: (حدثني هبيرة بن بريم [41] ) [42] ، و حدثني محمد بن محمد الباغندي،

[ صفحه 28]

و محمد بن حمدان الصيدلاني، قالا: حدثنا اسماعيل بن محمد العلوي، قال: حدثني عمي علي بن جعفر بن محمد، عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن الحسن، عن أبيه، دخل حديث بعضهم في حديث بعض، و المعني قريب، قالوا: خطب الحسن بن علي عليهماالسلام بعد وفاة أميرالمؤمنين عليه‌السلام، فقال:
لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل، ولا يدركه الآخرون بعمل، و لقد كان يجاهد مع رسول الله صلي الله عليه و اله فيقيه [43] بنفسه، و لقد كان يوجهه برايته، فيكتنفه جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، فلايرجع حتي يفتح الله عليه، و لقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها بعيسي بن مريم، و لقد توفي فيها يوشع بن نوح وصي موسي، و ما خلف صفراء و لا بيضاء الا سبعمائة درهم من عطائه، أراد أن يبتاع بها خادما لأهله.ثم خنقته العبرة، فبكي و بكي الناس معه، ثم قال:
أيها الناس من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد صلي الله عليه و اله، أنا ابن‌البشير، أنا ابن‌النذير، أنا ابن‌الداعي الي الله عز و جل باذنه، و أنا ابن‌السراج المنير، و أنا من أهل‌البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، والذين افترض الله مودتهم في كتابه اذ يقول: (و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) [44] .فاقتراف الحسنة مودتنا أهل‌البيت.
قال أبومخنف [45] عن رجاله:

[ صفحه 29]

ثم قام ابن‌عباس بين يديه، فدعا الناس الي بيعته، فاستجابوا له، و قالوا: ما أحبه الينا و أحقه بالخلافة فبايعوه.ثم نزل عن المنبر.
قال: ودس معاوية رجلا من بني‌حمير الي الكوفة، و رجلا من بني‌القين الي البصرة يكتبان اليه بالأخبار، فدل علي الحميري عند لحام جرير، و دل علي القيني بالبصرة في بني‌سليم، فأخذوا وقتلا.
و كتب الحسن الي معاوية:
أما بعد؛ فانك دسست الي الرجال، كأنك تحب اللقاء؛ و ما أشك في ذلك فتوقعه ان شاء الله، و قد بلغني أنك شمت بما لايشمت به ذوو الحجي؛ و انما مثلك في ذلك كما قال الأول:

و قل للذي يبغي خلاف الذي مضي
تجهز لأخري مثلها فكأن قد

و انا و من قد مات منا لكالذي
يروح و يمسي في المبيت ليغتدي

فأجابه معاوية:
أما بعد؛ فقد وصل كتابك، و فهمت ما ذكرت فيه؛ و لقد علمت بما حدث فلم أفرح و لم أحزن، و لم أشمت و لم آس، و ان علي بن أبي‌طالب كما قال أعشي بني‌قيس بن ثعلبة:

و أنت الجواد و أنت الذي
اذا ما القلوب ملأن الصدورا

جدير بطعنة يوم اللقا
ءتضرب منها النساء النحورا

و ما مزبد [46] من خليج البحا
ر يعلو الاكام و يعلو الجسورا

بأجود منه بما عنده
فيعطي الألوف و يعطي البدورا [47] .


[ صفحه 30]

كتابه الي اهل الكوفة بعد نقضهم العهد

روي الحارث الهمداني [48] قال: لما مات علي عليه‌السلام، جاء الناس الي الحسن بن

[ صفحه 31]

علي عليهماالسلام فقالوا له: أنت خليفة أبيك، و وصيه، و نحن السامعون المطيعون لك، فمرنا بأمرك.
قال عليه‌السلام: كذبتم، والله، ماوفيتم لمن كان خيرا مني فكيف تفون لي؟! أو كيف أطمئن اليكم؟ و لا أثق بكم.ان كنتم صادقين فموعد ما بيني و بينكم معسكر المدائن، فوافوني هناك.
فركب، و ركب معه من أراد الخروج، و تخلف عنه خلق كثير لم يفوا بما قالوه، و بما وعدوه، و غروه كما غروا أميرالمؤمنين عليه‌السلام من قبله.فقام خطيبا و قال:
قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي، مع أي امام تقاتلون بعدي! مع الكافر الظالم، الذي لم يؤمن بالله، و لا برسوله قط، و لا أظهر الاسلام هو و لا بنو أمية الا فرقا [49] من السيف؟! ولو لم يبق لبني أمية الا عجوز درداء [50] لبغت ين الله عوجا، و هكذا قال رسول الله صلي الله عليه و اله.

[ صفحه 32]

ثم وجه اليه قائدا في أربعة آلاف، و كان من كندة، و أمره أن يعسكر بالأنبار [51] و لا يحدث شيئا حتي يأتيه أمره.فلما توجه الي الأنبار، و نزل بها، و علم معاوية بذلك بعث اليه رسلا، و كتب اليه معهم.
انك ان أقبلت الي وليتك بعض كور الشام، أو الجزيرة، غير منفس عليك.
و أرسل اليه بخمسمائة ألف درهم، فقبض الكندي - عدو الله - الال، و قلب علي الحسن عليه‌السلام و صار الي معاوية، في مائتي رجل ن خاصته و أهل‌بيته.
و بلغ الحسن عليه‌السلام ذلك فقام خطيبا و قال:
هذا الكندي توجه الي معاوية و غدر بي و بكم، و قد أخبرتكم مرة بعد أخري، أنه لاوفاء لكم، أنتم عبيدالدنيا، و أنا موجه رجلا آخر مكانه، و أنا أعلم أنه سيفعل بي و بكم ما فعل صاحبه، لايراقب الله في ولافيكم.
فبعث اليه رجلا من مراد في أربعة آلاف، و تقدم اليه بمشهد من الناس، و توكد عليه، و أخبره أنه سيغدر كما غدر الكندي، فحلف به بالأيمان التي لاتقوم لها الجبال أنه لايفعل.
فقال الحسن عليه‌السلام: انه سيغدر.
فلما توجه الي الأنبار، أرسل معاوية اليه رسلا، و كتب اليه بمثل ما كتب الي صاحبه، و بعث اليه بخمسمائة ألف درهم، و مناه أي ولاية أحب من كور الشام، أو الجزيرة، فقلب علي الحسين عليه‌السلام، و أخذ طريقه الي معاوية، و لم يحفظ ما أخذ عليه من العهود، و بلغ الحسين عليه‌السلام ما فعل المرادي، فقام خطيبا و قال:
قد أخبرتكم مرة بعد مرة أنكم لاتفون لله بعهود، و هذا صاحبكم المرادي غدر بي و بكم، و صار الي معاوية.

[ صفحه 33]

ثم كتب معاوية الي الحسن عليه‌السلام.
يا ابن عم، لاتقطع الرحم الذي بيني و بينك، فان الناس قد غدروا بك و بأبيك من قبلك.
فقالوا ]أصحاب الحسن عليه‌السلام[: ان خانك الرجلان و غدرا، فانا مناصحون لك.فقال لهم الحسن عليه‌السلام:
لأعودن هذه المرة فيما بيني و بينكم، و اني لأعلم أنكم غادرون، و الموعد ما بيني و بينكم، ان معسكري بالنخيلة، فوافوني هناك، والله لاتفون لي بعهد، و لتنقضن الميثاق بيني و بينكم.
ثم ان الحسن عليه‌السلام أخذ طريق النخيلة، فعسكر عشرة أيام، فلم يحضره الا أربعة آلاف، فانصرف الي الكوفة فصعد المنبر، و قال:
يا عجبا من قوم لاحياء لهم و لا دين مرة بعد مرة، و لو سلمت الي معاوية الأمر فأيم الله لاترون فرجا أبدا مع بني‌أمية، والله، ليسومنكم سوء العذاب، حتي تتمنون أن يلي عليكم حبشيا، و لو وجدت أعوانا ما سلمت له الأمر، لأنه محرم علي بني‌أمية، فاف و ترحا يا عبيدالدنيا.
و كتب أكثر أهل الكوفة الي معاوية بأنا معك، و ان شئت أخذنا الحسن و بعثناه اليك.ثم أغاروا علي فسطاطه، و ضربوه بحربة، فأخذ مجروحا.
ثم كتب جوابا لمعاوية:
ان هذا الأمر لي، و الخلافة لي و لأهل‌بيتي، و انها لمحرمة عليك و علي أهل‌بيتك، سمعته من رسول الله صلي الله عليه و اله، لو وجدت صابرين عارفين بحقي غير منكرين، ما سلمت لك و لا أعطيتك ما تريد.
وانصرف الي الكوفة. [52] .

[ صفحه 34]

كتابه لاصحابه جوابا علي تعزيتهم له في ابنة

أخبرنا محمد بن محمد، قال: أخبرنا الشريف أبوعبدالله محمد بن محمد بن طاهر، قال: أخبرنا أبوالعباس أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، قال: حدثنا الحسين بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن عاصم بن عمر الجعفي، عن محمد بن مسلم العبدي، قال: سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يقول:
كتب الي الحسن بن علي عليه‌السلام قوم من أصحابه يعزونه عن ابنة له.فكتب اليهم:
أما بعد؛ فقد بلغني كتابكم تعزوني بفلانة، فعند الله أحتسبها تسليما لقضائه، و صبرا علي بلائه، فان أو جعتنا المصائب، و فجعتنا النوائب بالأحبة المألوفة التي كانت بنا حفية [53] ، و الاخوان المحبين [54] الذين كان يسر بهم الناظرون، و تقربهم العيون، أضحوا قد اخترمتهم الأيام، و نزل بهم الحمام، فخلفوا الخلوف [55] ، و أودت بهم الحتوف [56] ، فهم صرعي في عساكر الموتي، متجاورون في غير محلة التجاور، و لا صلات بينهم و لا تزاور، و لايتلاقون عن قرب جوارهم، أجسامهم نائية من أهلها، خالية من أربابها، قد أخشعها اخوانها [57] ، فلم أر مثل دارها دارا،

[ صفحه 35]

و لا مثل قرارها قرارا، في بيوت موحشة، و حلول مخضعة، قد صارت في تلك الديار الموحشة، و خرجت عن الدار المؤنسة، ففارقتها من غير قلي [58] ، فاستودعتها البلاء! و كانت أمة مملوكة، سلكت سبيلا مسلوكة، صار اليها الأولون، و سيصير اليها الآخرون، والسلام. [59] .

كتابه الي معاوية في تخويله الامر اليه

دس معاوية الي عمرو بن حريث، و الأشعث بن قيس، و الي حجر بن الحجر، و شبث بن ربعي دسيسا، أفرد كل واحد منهم بعين من عيونه، أنك ان قتلت الحسن بن علي فلك مائتا ألف درهم، و جند من أجناد الشام، و بنت من بناتي.
فبلغ الحسن عليه‌السلام ذلك، فاستلأم و لبس درعا و كفرها [60] ، و كان يحترز و لا يتقدم للصلاة بهم الا كذلك، فرماه أحدهم في الصلاة بسهم فلم يثبت فيه لما عليه من اللامة.
فلما صار في مظلم ساباط ضربه أحدهم بخنجر مسموم، فعمل فيه الخنجر، فأمر عليه‌السلام أن يعدل به الي بطن جريحي، و عليها عم المختار بن أبي‌عبيد مسعود بن

[ صفحه 36]

قيلة، فقال المختار لعمه: تعال حتي نأخذ الحسن و نسلمه الي معاوية فيجعل لنا العراق، فبدر بذلك الشيعة من قول المختار لعمه، فهموا بقتل المختار، فتلطف عمه لمساءلة الشيعة بالعفو عن المختار، ففعلوا، فقال الحسن عليه‌السلام.
ويلكم، والله، ان معاوية لايفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي، و اني أظن أني ان وضعت يدي في يده فاسالمه لم يتركني أدين لدين جدي صلي الله عليه و اله، و اني أقدر أن أعبدالله وحدي، ولكني كأني أنظر الي أبنائكم واقفين علي أبواب أبنائهم يستسقونهم و يستطعمونهم بما جعله الله لهم فلايسقون و لايطعمون، فبعدا وسحقا لما كسبته أيديكم! (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [61] .
فجعلوا يعتذرون بما لاعذر لهم فيه.
فكتب الحسن عليه‌السلام من فوره ذلك الي معاوية:
أما بعد؛ فان خطبي انتهي الي اليأس من حق أحييه، و باطل اميته، و خطبك خطب من انتهي الي مراده، و انني أعتزل هذا الأمر و اخليه لك، و ان كان تخليتي اياه شرا لك في معادك.
ولي شروط أشرطها لاتبهظنك ان وفيت لي بها بعهد، و لا تخف ان غدرت.
- و كتب الشرط في كتاب آخر فيه يمنيه بالوفاء و ترك الغدر - و ستندم يا معاوية كما ندم غيرك ممن نهض في الباطل أو قعد عن الحق، حين لم ينفع الندم، والسلام. [62] .

[ صفحه 37]

مكاتيبه من الصلح حتي الاستشهاد

كتابه الي معاوية في الصلح و شروطه

و من كلامه عليه‌السلام ما كتبه في كتب الصلح الذي استقر بينه و بين معاوية، حيث رأي حقن الدماء و اطفاء الفتنة، و هو:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما صالح [63] عليه الحسن بن علي بن أبي‌طالب معاوية بن أبي‌سفيان، صالحه علي:
(أولا): أن يسلم اليه ولاية أمرالمسلمين [64] علي أن يعمل فيهم بكتاب الله تعالي، و سنة رسول الله صلي الله عليه و اله، و سيرة الخلفاء الراشدين. [65] .

[ صفحه 38]

(ثانيا): و ليس لمعاوية بن أبي‌سفيان أن يعهد الي أحد من بعده عهدا، بل يكون الأمر من بعده شوري بين المسلمين.
(ثالثا): و علي أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله، شامهم، و عراقهم، و حجازهم، و يمنهم [66] .
(رابعا): و علي أن أصحاب علي و شيعته آمنون علي أنفسهم، و أموالهم، و نسائهم، و أولادهم.
و علي معاوية بن أبي‌سفيان بذلك عهد الله و ميثاقه، و ما أخذ الله علي أحد من خلقه بالوفاء بما أعطي الله من نفسه.
(خامسا): و علي أن لايبغي للحسن بن علي، و لا لأخيه لاحسين، و لا لأحد من أهل‌بيت رسول الله صلي الله عليه و اله غائلة سرا و لاجهرا، و لايخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق.
شهد عليه بذلك [67] ، و كفي بالله شهيدا؛ فلان و فلان، والسلام.
و لما تم الصلح، وانبرم الأمر، التمس معاوية من الحسن عليه‌السلام أن يتكلم بمجمع من الناس، و يعلمهم أنه قد بايع معاوية، و سلم الأمر اليه، فأجابه الي ذلك، فخطب - و قد حشد الناس خطبة، حمدالله تعالي و صلي علي نبيه صلي الله عليه و اله فيها، و هي من كلامه المنقول عنه عليه‌السلام و قال:
أيها الناس ان أكيس الكيس التقي، و أحمق الحمق الفجور، و انكم لو طلبتم ما بين جابلق و جابرس [68] رجلا جده رسول الله صلي الله عليه و اله ما وجدتموه غيري، و غير أخي الحسين، و قد علمتم أن الله

[ صفحه 39]

هداكم بجدي محمد فأنقذكم به من الضلالة، و رفعكم به من الجهالة، و أعزم به بعد الذلة، و كثركم به بعد القلة.
ان معاوية نازعني حقا هو لي دونه، فنظرت لصلاح الأمة و قطع الفتنة، و قد كنتم بايعتموني علي أن تسالمون من سالمت، و تحاربون من حاربت، فرأيت أن أسالم معاوية، و أضع الحرب بيني و بينه و قد بايعته، و رأيت حقن الدماء خيرا من سفكها، و لم أرد بذلك الا صلاحكم و بقاءكم، و ان أدري لعله فتنة لكم و متاع الي حين. [69] .
أقول: كتب معاوية كتابا الي الحسن عليه‌السلام مشتملا علي الصلح، و بنوده و شروطه و أرسله اليه أن لو أمنت الناس بايعتك:
قال البلاذري: و وجه معاوية الي الحسن عبدالله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس - ثم ذكر ما جري بينه و بين الحسن عليه‌السلام فقال: و بعث أي الحسين عليه‌السلام - معهما عمرو بن سلمة الهمداني ثم الأرحبي، و محمد بن الأشعث الكندي، ليكتبا علي معاوية الشرط و يعطياه الرضي.
فكتب معاوية كتابا نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب للحسن بن علي من معاوية بن أبي‌سفيان.
اني صالحتك علي أن لك الأمر من بعدي، و لك عهد الله و ميثاقه و ذمته و ذمة رسوله صلي الله عليه و اله، و أشد ما أخذوه الله علي أحد من خلقه من عهد و عقد، لاأبغيك غائلة و لا مكروها، و علي أعطيك في كل سنة ألف ألف درهم من

[ صفحه 40]

بيت‌المال، و علي أن لك خراج فسا، و در أبجرد، تبعث اليهما عمالك و تصنع بهما ما بدا لك.
شهد عبدالله بن عامر، و عبدالله بن سلمة الهمداني، و عبدالرحمن بن سمرة، و محمد بن الأشعث الكندي.
و كتب في شهر ربيع الآخر سنة احدي و أربعين.
فلما قرأ الحسن الكتاب قال:
يطمعني معاوية في أمر لو أردت لم أسلمه اليه.
ثم بعث الحسن عبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب، و امه هند بنت أبي‌سفيان، فقال له:
ائت خالك، فقل له: ان أمنت بالناس بايعتك.
فدفع معاوية اليه صحيفة بيضاء قد ختم في أسفلها، و قال: اكتب فيها ما شئت، فكتب الحسن:
بسم الله الرحمن الرحيم...الحديث. [70] .
أقول: هذا ما عثرنا عليه من نص كتاب الصلح باملاء الحسن عليه‌السلام، والذي يصرح به المحققون من مواد الصلح، أكثر مما ذكر فيه، أو مخالف لما ذكر فيه، فمن الملائم أن نذكر شروط الصلح علي ما نقله المؤرخون و المحدثون حتي يتضح مقدار الخلاف:
1 - شرط عليه‌السلام أن يعمل بكتاب الله تعالي و سنة رسول الله صلي الله عليه و اله.
2 - و أن يعمل علي سيرة الخلفاء الراشدين.

[ صفحه 41]

3 - ليس لمعاوية أن يعهد الي أحد من بعده. [71] .
4 - أن يكون الأمر بعده للحسن عليه‌السلام. [72] .
5 - فان حدث للحسن حدث فالأمر للحسين عليهماالسلام. [73] .
6 - الأمن العام لعموم الناس الأسود و الأحمر، بالعراق و الحجاز، و أن يحتمل عنهم معاوية ما كان فيما مضي، و أن لايؤخذ أهل العراق باحنة. [74] .
7 - أن لا يسميه أميرالمؤمنين [75] ؛ أي الحسن عليه‌السلام لايسمي معاوية بلقب أميرالمؤمنين، أولا لايتسمي معاوية بهذا اللقب في مكاتباته و مخاطباته.
8 - أن لا يقيم عهده الشهادة. [76] .
9 - أن يترك سب أميرالمؤمنين عليه‌السلام، و أن لا يذكره الا بخير، و أن يعدل عن القنوت عليه. [77] .

[ صفحه 42]

10 - أن يوصل الي كل ذي حق منهم حقه. [78] .
11 - أن يؤمن شيعته و لايتعرض لأحد منهم بسوء. [79] .
هذا بعد ما اشترط الأمن لجميع الناس، أحمرهم و أسودهم تأكيدا و توثيقا، و ذلك لما يعلم من الضغائن في صدر الأموي اللعين، حتي قيل أنه راجعه في عشرة منهم قيس بن سعد بن عبادة [80] ؛ الذي توعده معاوية قائلا: اني حلفت أني متي ظفرت

[ صفحه 43]

بقيس بن سعد أن أقطع لسانه و يده، فراجعه الحسن عليه‌السلام اني لاأبايعك أبدا و أنت تطلب قيسا أو غير قيس بتبعة قلت أو كثرت، فبعث اذ ذاك اليه معاوية برق أبيض. [81] .
12 - أن يفرق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل، و أولاد من قتل مع أبيه بصفين ألف ألف درهم، و أن يجعل ذلك من خراج دار أبجرد. [82] .
13 - أن لايبتغي للحسن بن علي، و لا لأخيه الحسين (عليهماالسلام)، و لا لأحد من أهل‌بيت رسول الله صلي الله عليه و اله، قائلة سرا و لاجهرا، و لايخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق. [83] .
14 - أن يعطيه ما في بيت مال الكوفة، و يقضي عنه ديونه، و يدفع اليه في كل

[ صفحه 44]

عام مائة ألف. [84] .
و قد اهتموا بذكر هذا الشرط لأسباب و أهداف لاتخفي علي المتأمل، و اليك عبائر القوم:
ففي تاريخ الخلفاء: و علي أن يقضي عنه ديونه. [85] .
و في المناقب: و يوفر عليه حقه، كل سنة خمسون ألف درهم. [86] .
و في مقاتل الطالبيين نقلا عن كتاب معاوية اليه عليه‌السلام: و لك ما في بيت مال العراق من مال بالغا ما بلغ، تحمله الي حيث أحببت، و لك خراج أي كور العراق شئت، معونة لك علي نفقتك، يجبيها لك أمينك، و يحملها اليك في كل سنة. [87] .
]وروي[ عبدالله بن نوفل بن الحارث الذي بعثه الحسن عليه‌السلام الي معاوية، قال له في ذكر الشروط: و له في كل سنة خمسة الآف درهم من بيت‌المال، و له خراج دار أبجرد من أرض فارس؛ و هذا لاينافيه رده عليه‌السلام المال، لما قاله عبدالله بن نوفل لمعاوية. [88] .
و في فتح الباري في ذكر مجي‌ء رسولي معاوية: و صالحاه علي أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة الآف ألف في أشياء اشترطها [89] .

[ صفحه 45]

و عن طريق عوانة بن الحكم: و قد كان صالح الحسن معاوية علي أن يجعل له ما في بيت ماله، و خراج دار أبجرد [90] .
و في تاريخ مدينة دمشق: يسلم له بيت‌المال، فيقضي منه دينه و مواعيده التي عليه، و يتحمل منه هو و من معه ]من[ عيال أهل أبيه و ولده و أهل‌بيته...و أن يحمل اليه خراج فسا، و دار أبجرد من أرض فارس، كل عام الي المدينة مابقي. [91] .
هذا ما نص عليه أهل التاريخ من مناوئي أهل‌البيت، أو مدافعي آل امية لعنة الله عليهم، و قد أسلفنا عن فتوح ابن أعثم، أن الحسن عليه‌السلام قال في جواب معاوية حيث عرض عليه اشتراط الأموال:
و أما المال فليس لمعاوية أن يشترط لي في‌ء المسلمين. [92] .
و هذا هو الحق، و لنعم ما قال هاشم معروف الحسني في كتابه:
أما الروايات التي تنص علي أنه اشترط لنفسه ما في بيت مال المسلمين في الكوفة، و مائتي ألف درهم في كل عام بالاضافة الي ذلك، و خراج بعض المقاطعات في الأهواز، و تفضيل الهاشميين علي بني عبد شمس و غيرهم في العطاء، هذه الروايات بالاضافة الي ضعف أسانيدها - و مع أن الناقلين لها من أعداء أهل‌البيت عليهم‌السلام، أو من المحامين لأعدائهم و المدافعين عن الأمويين، و من أصحاب الأقلام المستأجرة -، فمن غير البعيد أن تكون من موضوعات الأمويين أو العباسيين، الذين وضعوا حوله عشرات الأحاديث، ليضعوا في الأذهان، أن الحسن قد باع الخلافة بالأموال، و كان منصرفا الي الملذات و الشهوات عن عظائم

[ صفحه 46]

الأمور، كما قالها أحد حكام العباسيين في محاولة منه لانتقاص بعض الحسنيين، الذين كانوا لايتحملون الضيم، و يثورون بين الحين و الآخر علي الظلم و الطغيان في أواخر العصر الأموي و العصر العباسي. [93] .
أقول: بل هو نسيج زمن معاوية لاظهار أن الحسن عليه‌السلام أيضا ليس زاهدا في الدنيا، بل هو من أهل الدنيا و ملاذها و هواها، كما أشاعوا عن علي عليه‌السلام أنه قال:
لاتزوجوا الحسن فانه رجل مطلاق [94] ، و ان الحسن أهل عيش و خوان.
فاذا حمي الوطيس فليس هو من أهله، و انه تزوج عشرات من النساء علي مهور غالية و متاع كثير، لكل زوجة طلقها، و ذلك ليسقطوه عن أعين الناس، سيما شيعة أهل‌البيت عليهم‌السلام، حتي لايكون أهلا للخلافة في نظرهم فيكون ذلك مبررا لعهد معاوية الي يزيد بالخلافة، و بعد ذلك كلمه ينقلونه في الصلح علي نحو يشعر أو يفيد بأنه لايري الحرب تعريضا بأميرالمؤمنين عليه‌السلام.
و يحتمل أن يكون الناقلون أخذوا هذه الترهات من رسالة معاوية اليه عليه‌السلام، كما أشرنا اليه، و لم يعثروا علي ما نقله ابن أعثم من رده عليه‌السلام لما عرضه معاوية، و غفلوا عن أن هذا ليس في لفظ كتاب الصلح المنقول عنه عليه‌السلام، مع تأكيد الاعتبار العقلي بالنقل، و لو فرضنا صحة ما نقل فلا اشكال عقلا و شرعا، و ذلك لينقذه من أيدي الطغاة و ينفقه علي أيتام المسلمين و فقرائهم في الكوفة و غيرها، كما كان ينفق أكثر أمواله في هذا السبيل، و قد صح عنه أنه قاسم الفقراء أمواله ثلاث مرات، و خرج منها بكاملها مرتين، ولو بقيت في تصرف معاوية ستصرف علي الفجور و المنكرات، و علي أعوانه الذين باعوا

[ صفحه 47]

دينهم كابن العاص و الأشعث بن قيس [95] والمغيرة و غيرهم من الأنصار و الأتباع

[ صفحه 48]

و المفسدين في الأرض. [96] .
و علي كل حال لم يف معاوية بما عاهد و صالح، كما شهد به التاريخ.

كتابه الي معاوية بعد نقضه الشروط

في الكامل

لما سلم الحسن الأمر الي معاوية، قالوا - الخوارج -: قد جاء الآن ما لا شك فيه، فسيروا الي معاوية فجاهدوه.
فأقبلوا و عليهم فروة بن نوفل، حتي حلوا بالنخيلة عند الكوفة، و كان الحسن بن علي قد سار يريد المدينة، فكتب اليه معاوية يدعوه الي قتال فروة، فلحقه رسوله بالقادسية أو قريبا منها، فلم يرجع و كتب الي معاوية:

[ صفحه 49]

لو آثرت أن أقاتل أحدا من أهل القبلة لبدأت بقتالك، فاني تركتك لصلاح الأمة، و حقن دمائها. [97] .

كتابه الي زياد بعد تعرضه لشيعة علي

روي الشرقي بن القطامي، قال: كان سعيد بن سرح مولي حبيب بن عبد شمس شيعة لعلي بن أبي‌طالب عليه‌السلام، فلما قدم زياد الكوفة طلبه و أخافه، فأتي الحسن بن علي عليه‌السلام مستجيرا به، فوثب زياد علي أخيه و ولده و امرأته فحبسهم، و أخذ ماله، و نقض داره.فكتب الحسن بن علي عليه‌السلام الي زياد:
أما بعد؛ فانك عمدت الي رجل من المسلمين له ما لهم و عليه ما عليهم، فهدمت داره، و أخذت ماله، و حبست أهله و عياله، فان أتاك كتابي هذا فابن له داره، واردد عليه عياله و ماله، و شفعني فيه، فقد أجرته.والسلام.
فكتب اليه زياد:
من زياد بن أبي‌سفيان الي الحسن بن فاطمة:
أما بعد؛ فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي، و أنت طالب حاجة، و أنا سلطان و أنت سوقة، و تأمرني فيه بأمر المسلط علي رعيته.
كتبت الي في فاسق آويته، اقامة منك علي سوء الرأي، و رضي منك بذلك، و أيم الله لاتسبقني به ولو كان بين جلدك و لحمك، و ان نلت بعضك غير رفيق بك و لا مرع عليك، فان أحب لحم علي أن آكله للحم الذي أنت منه، فسلمه بجريرته

[ صفحه 50]

الي من هو أولي به منك، فان عفوت عنه لم أكن شفعتك فيه، و ان قتلته لم أقتله الا لحبه أباك الفاسق؛ والسلام.
فلما ورد الكتاب علي الحسن عليه‌السلام قرأه و تبسم، و كتب بذلك الي معاوية، و جعل كتاب زياد عطفه، و بعث به الي الشام. [98] .

كتابه الي زياد يفضح فيه نسبه

و كتب جواب كتابه كلمتين لاثالثة لهما:
من الحسن بن فاطمة الي زياد بن سمية:
أما بعد؛ فان رسول الله صلي الله عليه و اله قال: الولد للفراش، و للعاهر الحجر؛ والسلام.
فلما قرأ معاوية كتاب زياد الي الحسن ضاقت به الشام، و كتب الي زياد:
أما بعد؛ فان الحسن بن علي بعث الي بكتابك اليه جوابا عن كتاب كتبه اليك في ابن‌سرح؛ فأكثرت العجب منك، و علمت أن لك رأيين:
أحدهما من أبي‌سفيان، و الآخر من سمية، فأما الذي من أبي‌سفيان فحلم و حزم، و أما الذي من سمية، فما يكون من رأي مثلها! من ذلك كتابك الي الحسن تشتم أباه، و تعرض له بالفسق، و لعمري انك الأولي بالفسق من أبيه.
فأما أن الحسن بدأ بنفسه ارتفاعا عليك، فان ذلك لايضعك لو عقلت، و أما تسلطه عليك بالأمر فحق لمثل الحسن أن يتسلط.

[ صفحه 51]

و أما تركك تشفيعه فيما شفع فيه اليك، فحظ دفعته عن نفسك الي من هو أولي به منك.فاذا ورد عليك كتابي فخل ما في يديك لسعيد بن أبي‌سرح، وابن له داره، واردد عليه ماله، و لا تعرض له.
فقد كتبت الي الحسن أن يخيره، ان شاء أقام عنده، و ان شاء رجل الي بلده، و لا سلطان لك عليه لابيد و لا لسان.
و أما كتابك الي الحسن باسمه و اسم أمه، و لاتنسبه الي أبيه، فان الحسن ويحك! من يرمي به الرجوان [99] ؟ و الي أي أم وكلته لا أم لك! أما علمت أنها فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و اله، فذاك أفخر له لو كنت تعلمه و تعقله!
و كتب في أسفل الكتاب شعرا من جملته:

أما حسن فابن الذي كان قبله
اذا سار سار الموت حيث يسير

و هل يلد الرئبال الا نظيره
و ذا حسن شبه له و نظير

ولكنه لو يوزن الحلم و الحجا
بأمر لقالوا يذبل و ثبير [100] ..

كتابه الي زياد بعد نقضه الشروط

قال أبوالحسن: طلب زياد رجلا من أصحاب الحسن، ممن كان في كتاب

[ صفحه 52]

الأمان، فكتب اليه الحسن:
من الحسن بن علي الي زياد
أما بعد؛ فقد علمت ما كنا أخذنا من الأمان لأصحابنا، و قد ذكر لي فلان أنك تعرضت له، فأحب ألا تعرض له الا بخير، والسلام.
فلما أتاه الكتاب، و ذلك بعد ادعاء معاوية اياه غضب حيث لم ينسبه الي أبي‌سفيان، فكتب اليه:
من زياد بن أبي‌سفيان الي الحسن:
أما بعد؛ فانه أتاني كتابك في فاسق تؤويه الفساق من شيعتك و شيعة أبيك، و ايم الله لأطلبنه بين جلدك و لحمك، و ان أحب الناس الي لحما أن آكله للحم أنت منه، والسلام.
فلما قرأ الحسن عليه‌السلام الكتاب، بعث به الي معاوية، فلما قرأه غضب و كتب: من معاوية بن أبي‌سفيان الي زياد:
أما بعد؛ فان لك رأيين: رأيا من أبي‌سفيان، و رأيا من سمية، فأما رأيك من أبي‌سفيان فحلم و حزم، و أما رأيك من سمية فما يكون من مثلها.
ان الحسن بن علي عليه‌السلام كتب الي بأنك عرضت لصاحبه، فلا تعرض له، فاني لم أجعل لك عليه سبيلا، و ان الحسن ليس ممن يرمي به الرجوان، و العجب من كتابك اليه، لاتنسبه الي أبيه أو الي أمه، فالآن حين اخترت له، والسلام. [101] .

[ صفحه 53]

في مكاتيبه مجهولة التاريخ

كتابه في القضاء و القدر

جاء في الحديث أن الحسن بن أبي الحسن البصري [102] كتب الي الامام الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام:
من الحسن البصري الي الحسن ابن رسول الله صلي الله عليه و آله:
أما بعد؛ فانكم معاشر بني‌هاشم، الفلك الارية في اللجج الغامرة، و مصابيح الدجي، و أعلام الهدي، و الأئمة القادة، الذين من اتبعهم نجا، و السفينة التي يؤول اليها المؤمنون، و ينجو فيها المتمسكون، قد كثر - يا ابن رسول الله صلي الله عليه و اله - عندنا الكلام في القدر، و اختلافنا في الاستطاعة، فتعلمنا ما نري عليه رأيك و رأي آبائك، فانكم ذرية بعضها من بعض، من علم الله علمتم، و هو الشاهد عليكم،

[ صفحه 54]

و أنتم شهداء علي الناس، والسلام.
فأجابه الحسن بن علي صلوات الله عليهما:
من الحسن بن علي الي الحسن البصري:
أما بعد؛ فقد انتهي الي كتابك عند حيرتك و حيرة من زعمت من أمتنا، و كيف ترجعون الينا، و أنتم بالقول دون العمل.
واعلم، أنه لولا ما تناهي الي من حيرتك و حيرة الأمة قبلك لأمسكت عن الجواب، ولكني الناصح وابن الناصح الأمين.
والذي أنا عليه أنه من لم يؤمن بالقدر خيره و شره، فقد كفر، و من حمل المعاصي علي الله عز و جل فقد فجر.
ان الله لايطاع باكراه، و لايعصي بغلبة، [103] ولكنه عز و جل المالك لما ملكهم، و القادر علي ما عليه أقدرهم، فان ائتمروا بالطاعة لم يكن الله عز و جل لهم صادا، و لا عنها مانعا، و ان ائتمروا بالمعصية فشاء سبحانه أن يمن عليهم فيحول بينهم و بيها فعل، و ان لم يفعل فليس هو الذي حملهم عليها اجبارا، و لم ألزمهم بها اكراها، بل احتجاجه - جل ذكره - عليهم أن عرفهم، و جعل لهم السبيل الي فعل ما دعاهم اليه، و ترك ما نهاهم عنه، و لله الحجة البالغة، والسلام. [104] .
و نص الكتاب علي رواية تحف العقول:
كتب الحسن بن أبي‌الحسن البصري، الي أبي‌محمد الحسن بن علي عليهماالسلام:
أما بعد؛ فانكم معشر بني‌هاشم الفلك الجارية في اللجج الغامرة، و الأعلام

[ صفحه 55]

النيرة الشاهرة، أو كسفينة توح عليه‌السلام، التي نزلها المؤمنون، و نجا فيها المسلمون.
كتبت اليك يا ابن رسول الله عند اختلافنا في القدر و حيرتنا في الاستطاعة، فأخبرنا بالذي عليه رأيك و رأي آبائك عليهم‌السلام، فان من علم الله علمكم، و أنتم شهداء علي الناس، و الله الشاهد عليكم، ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم.
فأجابه الحسن عليه‌السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم
وصل الي كتابك، ولولا ما ذكرته من حيرتك و حيرة من مضي قبلك اذا ما أخبرتك، أما بعد: فمن لم يؤمن بالقدر خيره و شره أن الله يعلمه فقد كفر، و من أحال المعاصي علي الله فقد فجر، ان الله لم يطع مكرها، و لم يعص مغلوبا، و لم يهمل العباد سدي من المملكة، بل هو المالك لما ملكهم، و القادر علي ما عليه أقدرهم، بل أمرهم تخييرا، و نهاهم تحذيرا، فان ائتمروا بالطاعة لم يجدوا عنها صادا، و ان انتهوا الي معصية فشاء أن يمن عليهم بأن يحول بينهم و بينها فعل، و ان لم يفعل فليس هو الذي حملهم عليها جبرا، و لا ألزموها كرها، بل من عليهم بأن بصرهم و عرفهم و حذرهم و أمرهم و نهاهم، لاجبلا لهم علي ما أمرهم به فيكونوا كالملائكة، و لا جبرا لهم علي ما نهاهم عنه، ولله الحجة البالغة، فلو شاء لهداكم أجمعين، والسلام علي من اتبع الهدي. [105] .
و نص الكتاب علي رواية العدد القوية:
كتب الحسن البصري الي الحسن بن علي عليهماالسلام:
أما بعد؛ فأنتم أهل‌بيت النبوة، و معدن الحكمة، و أن الله جعلكم الفلك الجارية

[ صفحه 56]

في اللجج الغامرة، يلجأ اليكم اللاجي، و يعتصم بحبلكم القالي، من اقتدي بكم اهتدي و نجا، و من تخلف عنكم هلك و غوي، و أني كتبت اليك عند الحيرة و اختلاف الأمة في القدر، فتفضي الينا ما أفضاه الله اليكم أهل‌البيت، فنأخذ به.
فكتب اليه الحسن بن علي عليهماالسلام:
أما بعد؛ فانا أهل‌بيت كما ذكرت عند الله و عند أوليائه، فأما عندك و عند أصحابك، فلو كنا كما ذكرت ما تقدمتمونا، و لا استبدلتم بنا غيرنا، و لعمري لقد ضرب الله مثلكم في كتابه، حيث يقول: (أتستبدلون الذي هو أدني بالذي هو خير) [106] ، هذا لأوليائك فيما سألوا، و لكم فيما استبدلتم، ولولا ما أريد من الاحتجاج عليك و علي أصحابك ما كتبت اليك بشي‌ء مما نحن عليه.
و لئن وصل كتابي اليك لتجدن الحجة عليك و علي أصحابك مؤكدة، حيث يقول الله عز و جل: (أفمن يهدي الي الحق أحق أن يتبع أمن لايهدي الا أن يهدي فمالكم كيف تحكمون) [107] .
فاتبع ما كتبت اليك في القدر، فانه من لم يؤمن بالقدر خيره و شره فقد كفر، و من حمل المعاصي علي الله فجر، ان الله عز و جل لايطلع (يطع) [108] باكراه، و لايعصي بغلبة، و لا يهمل العباد من الملكة، ولكنه المالك لما ملكهم، و القادر علي ما أقدرهم.
فان ائتمروا بالطاعة يكن عنها صادا مثبطا، و ان ائتمروا بالمعصية، فشاء أن يحول بينهم و بين ما ائتمروا به فعل، و ان لم يفعل فليس هو حملهم عليها،

[ صفحه 57]

و لا كلفهم اياها جبرا، بل تمكينه اياهم و اعذاره اليهم طرقهم و مكنهم، فجعل لهم السبيل الي أخذ ما أمرهم به و ترك ما نهاهم عنه، و وضع التكليف عن أهل النقصان و الزمانة، والسلام. [109] .

كتابه الي الحسين حول كثرة بذله

قال في كشف الغمة في مكارم الحسين عليه‌السلام:
و كتب اليه الحسن عليه‌السلام يلومه [110] علي اعطاء الشعراء، فكتب اليه:
أنت أعلم مني بأن خيرالمال ما وقي به العرض. [111] .

[ صفحه 59]

في وصاياه

وصيته الي محمد بن الحنفية

محمد بن الحسن و علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن بعض أصحابنا، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال:
لما حضرت الحسن بن علي عليهماالسلام الوفاة، قال:
يا قنبر انظر هل تري من وراء بابك مؤمنا من غير آل محمد عليهم‌السلام؟
فقال: الله تعالي و رسوله وابن رسوله، أعلم به مني.
قال: ادع لي محمد بن علي [112] .
فأتيته، فلما دخلت عليه، قال:

[ صفحه 60]

هل حدث الا خير؟
قلت: أجب أبامحمد، فجعل علي شسع نعله، فلم يسوه.
و خرج معي يعدو، فلما قام بين يديه سلم، فقال له الحسن بن علي عليهماالسلام:
اجلس؛ فانه ليس مثلك يغيب عن سماع كلام، يحيا به الأموات، و يموت به الأحياء.
كونوا أوعية العلم و مصابيح الهدي، فان ضوء النهار، بعضه أضوأ من بعض، أما علمت أن الله جعل ولد ابراهيم عليه‌السلام أئمة، و فضل بعضهم علي بعض، و آتي داود عليه‌السلام زبورا، و قد علمت بما استأثر به محمدا صلي الله عليه و اله.
يا محمد بن علي، اني أخاف عليك الحسد، و انما وصف الله له به الكافرين، فقال الله عز و جل: (كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق) [113] ، و لم يجعل الله عز و جل للشيطان عليك سلطانا.
يا محمد بن علي، ألا أخبرك بما سمعت من أبيك فيك؟
قال: بلي.
قال: سمعت أباك عليه‌السلام يقول يوم البصرة: من أحب أن يبرني في الدنيا و الآخرة فليبر محمدا ولدي.
يا محمد بن علي، لو شئت أن أخبرك و أنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك.
يا محمد بن علي، أما علمت أن الحسين بن علي عليه‌السلام بعد وفاة نفسي و مفارقة روحي جسمي امام من بعدي، و عند الله جل اسمه في الكتاب وراثة من النبي صلي الله عليه و اله أضافها الله عز و جل له في وراثة أبيه و أمه، فعلم الله أنكم خيرة خلقه، فاصطفي منكم محمدا صلي الله عليه و اله، واختار محمد (صلي الله عليه و اله) عليا عليه‌السلام، واختارني علي عليه‌السلام بالامامة، واخترت أنا الحسين عليه‌السلام.
فقال له محمد بن علي: أنت امام، و أنت وسيلتي الي محمد صلي الله عليه و اله، والله لوددت أن نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام.

[ صفحه 61]

ألا و ان في رأسي كلاما لاتنزفه الدلاء، و لا تغيره نغمه الرياح، كالكتاب المعجم في الرق المنمنم، أهم بابدائه، فأجدني سبقت اليه سبق الكتاب المنزل، أو ما جاءت به الرسل، و انه لكلام يكل به لسان الناطق، و يد الكاتب، حتي لايجد قلما، و يؤتوا بالقرطاس حمما، فلا يبلغ الي فضلك، و كذلك يجزي الله المحسنين، و لا قوة الا بالله.
الحسين أعلمنا علما، وأثقلنا حلما، و أقربنا من رسول الله صلي الله عليه و اله رحما، كان فقيها قبل أن يخلق، و قرأ الوحي قبل أن ينطق، ولو علم الله في أحد خيرا ما اصطفي محمدا صلي الله عليه و اله، فلما اختار الله محمدا، واختار محمد عليا، واختارك علي اماما، واخترت الحسين، سلمنا و رضينا من هو بغيره يرضي، و من غيره كنا نسلم به من مشكلات أمرنا. [114] .

وصيته الي الحسين وابن الحنفية

في الاخبار الطوال

ان الحسن رضي الله عنه اشتكي بالمدينة، فثقل، و كان أخوه محمد بن الحنفية في ضيعة له، فأرسل اليه، فوافي، فدخل عليه، فجلس عن يساره، و الحسين عن يمينه، ففتح الحسن عينه، فرآهما، فقال للحسين:
يا أخي، أوصيك بمحمد أخيك خيرا، فانه جلدة ما بين العينين.
ثم قال: يا محمد، و أنا أوصيك بالحسين، كانفه و وازره.
ثم قال: ادفنوني مع جدي صلي الله عليه و اله، فان منعتم فالبقيع.
ثم توفي، فمنع مروان أن يدفن مع النبي صلي الله عليه و اله، فدفن في البقيع. [115] .

[ صفحه 62]

وصيته الي جنادة بن ابي امية

في كفاية الاثر

حدثني محمد بن وهبان البصري، حدثني داود بن الهيثم بن اسحاق النحوي، قال: حدثني جدي اسحاق بن البهلول بن حسان، قال: حدثني طلحة بن زيد الرقي، عن الزبير بن عطا، عن عمير بن هاني العيسي [116] ، عن جنادة بن أبي‌أميد [117] قال:
دخلت علي الحسن بن علي عليهماالسلام في مرضه الذي توفي فيه، و بين يديه طشت يقذف فيه [118] الدم، و يخرج كبده قطعة قطعة من السم الذي أسقاه معاوية لعنه الله [119] ، فقلت: يا مولاي مالك لاتعالج نفسك؟
فقال: يا عبدالله بماذا أعالج الموت؟
قلت: انا لله و انا اليه راجعون.ثم التفت الي، و قال:
و الله، انه لعهد عهده الينا رسول الله صلي الله عليه و اله، أن هذا الأمر يملكه اثنا عشر اماما من ولد علي عليه‌السلام

[ صفحه 63]

و فاطمة عليهاالسلام، ما منا الا مسموم أو مقتول.
ثم رفعت الطشت، واتكي صلوات الله عليه فقلت [120] : عظني يابن رسول الله.
قال: نعم، استعد لسفرك، و حصل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنه تطلب الدينا و الموت يطلب، لاتحمل يومك الذي له باب علي يومك الذي أنت فيه. [121] .
واعلم، أنك لاتكسب من المال شيئا فوق قوتك، الا كنت فيه خازنا لغيرك.
واعلم، أن في حلالها حسابا [122] و حرامها عقابا، و في الشبهات عتاب، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فان كان ذلك حلالا كنت قد زهدت فيها، و ان كان حراما لم تكن قد أخذت من الميتة، و ان كان العتاب، فان العقاب [123] يسير.
واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.
و اذا أردت عزا بلا عشيرة وهيبة بلا سلطان فاخرج من ذل معصية الله الي عز طاعة الله عز و جل.
و اذا نازعتك الي صحبة الرجال حاجة فاصحب من اذا صحبته زانك، و اذا خدمته صانك، و اذا أردت منه معونة فاتك [124] ، و ان قلت صدق قولك، و ان صلت شد صولتك، و ان مددت يدك بفضل [125] جدها [126] ، و ان بدت منك ثلمة سدها، و ان رأي منك حسنة عدها، و ان سألته أعطاك، و ان سكت عنه ابتداك، و ان نزلت بك أحد الملمات أسالك [127] ، من لايأتيك منه البوائق، و لا يختلف

[ صفحه 64]

عليك منه الطوالق [128] ، و لا يخذلك عند الحقائق، و ان تنازعتما منفسا [129] آثرك.
قال: ثم انقطع نفسه، واصفر لونه حتي خشت [130] عليك، و دخل الحسين صلوات الله عليه و الأسود بن أبي‌الأسود، فانكب عليه حتي قبل رأسه و بين عينيه، ثم قعد عنده [131] و تسارا جميعا، فقال [132] أبوالأسود:
ان الله [133] ، ان الحسن قد نعيت اليه نفسه، و قد أوصي الي الحسين عليه‌السلام:
و توفي عليه‌السلام في يوم الخميس في آخر صفر، سنة خمسين من الهجرة، و له سبعة و أربعون سنة [134] . [135] .

وصيته الي الحسين

علي بن ابراهيم، عن أبيه عن بكر بن صالح، قال الكليني و عدة من أصحابنا عن ابن‌زياد، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم، قال:
سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول:
لما حضر الحسن بن علي عليهماالسلام الوفاة، قال للحسين عليه‌السلام:

[ صفحه 65]

يا أخي، اني أوصيك بوصية فاحفظها: اذا أنا مت فهيئني، ثم وجهني الي رسول الله صلي الله عليه و اله لأحدث به عهدا، ثم اصرفني الي أمي عليهاالسلام، ثم ردني فادفني بالبقيع، و اعلم أنه سيصيبني من عائشة ما يعلم الله، و الناس صنيعها عداوتها لله و لرسوله، و عداوتها لنا أهل‌البيت.
فلما قبض الحسن عليه‌السلام و وضع علي السرير ثم انطلقوا به الي مصلي رسول الله صلي الله عليه و اله الذي كان يصلي فيه علي الجنائز، فصلي عليه الحسين عليه‌السلام، و حمل و أدخل الي المسجد.
فلما أوقف علي قبر رسول الله صلي الله عليه و اله، ذهب ذوالعوينين الي عائشة، فقال لها:
فلما أوقف علي قبر رسول الله صلي الله عليه و اله، ذهب ذو العوينين الي عائشة، فقال لها:
انهم قد أقبلوا بالحسن ليدفنوا مع النبي صلي الله عليه و اله، فخرجت مبادرة علي بغل بسرج، فكانت أول امرأة ركبت في الاسلام سرجا.
فقالت: نحوا ابنكم عن بيتي، فانه لايدفن في بيتي، و يهتك علي رسول الله حجابه.
فقال لها الحسين عليه‌السلام: قديما هتكت أنت و أبوك حجاب رسول الله صلي الله عليه و اله، و أدخلت عليه بيته من لايحب قربه، و ان الله سائلك عن ذلك يا عائشة. [136] .
و في رواية اخري:
عن سهل، عن محمد بن سليمان، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أباجعفر عليه‌السلام قال:
لما احتضر الحسن بن علي عليهماالسلام، قال للحسين:
يا أخي، اني أوصيك بوصية فاحفظها، فاذا أنا مت فهيئني، ثم وجهني الي رسول الله صلي الله عليه و اله، لأحدث به عهدا، ثم اصرفني الي أمي فاطمة عليهاالسلام، ثم ردني فادفني بالبقيع، واعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها، و عداوتها لله و لرسوله صلي الله عليه و اله، و عداوتها لنا أهل‌البيت.
فلما قبض الحسن عليه‌السلام، و وضع علي سريره، فانطلقوا به الي مصلي رسول الله صلي الله عليه و اله الذي كان يصلي فيه علي الجنائز، فصلي علي الحسن عليه‌السلام، فلما أن صلي عليه حمل، فأدخل المسجد فلما

[ صفحه 66]

أوقف علي قبر رسول الله صلي الله عليه و اله بلغ عائشة الخبر، و قيل لها: انهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ليدفن مع رسول الله، فخرجت مبادرة علي بغل بسرج فكانت أول امرأة ركبت في الاسلام سرجا، فوقفت، و قالت: نحوا ابنكم عن بيتي، فانه لايدفن فيه شي‌ء ولايهتك علي رسول الله حجابه.
فقال لها الحسين بن علي صلوات الله عليهما: قديما هتكت أنت و أبوك حجاب رسول الله، و أدخلت بيته من لا يحب رسول الله قربه، و ان الله سائلك عن ذلك يا عائشة، ان أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول الله صلي الله عليه و اله ليحدث به عهدا.
واعلمي أن أخي أعلم الناس بالله و رسوله، و أعلم بتأويل كتابه من أن يهلك علي رسول الله ستره، لأن الله تبارك و تعالي يقول: (يأيها الذين ءامنوا لاتدخلوا بيوت النبي الا أن يؤذن لكم) [137] ، و قد أدخلت أنت بيت رسول الله صلي الله عليه و اله الرجال بغير اذنه، و قد قال الله عز و جل: (يأيها الذين ءامنوا لاترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) [138] ، و لعمري لقد ضربت أنت لأبيك و فاروقه عند أذن رسول الله صلي الله عليه و اله المعاول، و قال الله عز و جل: (ان الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوي) [139] ، و لعمري لقد أدخل أبوك و فاروقه علي رسول الله صلي الله عليه و اله بقربهما منه الأذي، و ما رعيا من حقه ما أمرهما الله به علي لسان رسول الله صلي الله عليه و اله، ان الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء، و تالله يا عائشة، لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه رسول الله صلوات الله عليهما جائزا فيما بيننا و بين الله لعلمت أنه سيدفن، و ان رغم معطسك.
قال: ثم تكلم محمد بن الحنفية، و قال: يا عائشة يوما علي بغل، و يوما علي جمل فما تملكين نفسك، و لا تمليكن الأرض عداوة لبني‌هاشم.
قال: فأقبلت عليه، فقالت: يا ابن الحنفية، هؤلاء الفواطم يتكلمون، فما كلامك؟

[ صفحه 67]

فقال لها الحسين عليه‌السلام: و أني تبعدين محمدا من الفواطم؟ فوالله لقد ولدته ثلاث فواطم، فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم، و فاطمة بنت أسد بن هاشم، و فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر.
قال: فقالت عائشة للحسين عليه‌السلام: نحو ابنكم، و اذهبوا به فانكم قوم خصمون.
قال: فمضي الحسين عليه‌السلام الي قبر أمه، ثم أخرجه فدفنه بالبقيع. [140] .
و في تاريخ مدينة دمشق:
أبوحازم: لما حضر الحسن، قال للحسين:
ادفنوني عند أبي يعني النبي صلي الله عليه و اله، أما أن تخافوا الدماء، فان خفتم الدماء فلا تهريقوا في دما، ادفنوني عند مقابر المسلمين.
قال: فلما قبض تسلح الحسين، و جمع مواليه، فقال له أبوهريرة [141] : أنشدك الله و وصية أخيك، فان القوم لن يدعوك حتي يكون بينكم دما [142] .
قال: فلم يزل به حتي رجع، قال: ثم دفنوه في بقيع الغرقد. [143] .
و في دلائل الامامة:
و لما حضرته الوفاة قال لأخيه الحسين عليه‌السلام:

[ صفحه 68]

اذا مت فغسلني، و حنطني، و كفني، و صلي علي، واحملني الي قبر جدي حتي تلحدني الي جانبه، فان منعت من ذلك فبحق جدك رسول الله و أبيك أميرالمؤمنين و أمك فاطمة، و بحقي عليك ان خاصمك أحد ردني الي البقيع، فادفني فيه، و لا تهرق في محجمة دم. [144] .

ما زعم انه اوصي به اخاه الحسين

قال أبوعمر: روينا من وجوه: أن الحسن بن علي لما حضرته الوفاة، قال للحسين أخيه:
يا أخي، ان أباك حين قبض رسول الله صلي الله عليه و اله استشرف لهذا الأمر، و رجا أن يكون صاحبه، فصرفه الله عنه، و وليها أبوبكر، فلما حضرت أبابكر الوفاة تشوف لها أيضا، فصرفت عنه الي عمر، فلما قبض عمر جعلها شوري بين ستة هو أحدهم، فلم يشك أنها تعدوه، فصرفت عنه الي عثمان، فلما هلك عثمان بويع له، ثم نوزع حتي جرد السيف و طلبها، فما صفا له شي‌ء منها، و اني والله ما أري أن يجمع الله فينا أهل‌البيت النبوة و الخلافة، فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك.
و قد كنت طلبت الي عائشة اذا مت أن أدفن في بيتها مع رسول الله صلي الله عليه و اله.
فقالت: نعم و اني لا أدري، لعله كان ذلك منها حياء، فاذا أنا مت فاطلب ذلك اليها، فان طابت نفسها فادفني في بيتها، و ما أظن الا القوم سيمنعونك اذا أردت ذلك، فان فعلوا فلا تراجعهم في ذلك، وادفني في بقيع الغرقد [145] ، فان لي بمن فيه أسوة.
فلما مات الحسن أتي الحسين عائشة يطلب ذلك اليها، فقالت: نعم حبا و كرامة.

[ صفحه 69]

فبلغ ذلك مروان، فقال مروان: كذب و كذبت، والله، لايدفن هناك أبدا، منعوا عثمان من دفنه في المقبرة، و يريدون دفن حسن في بيت عائشة!
فبلغ ذلك حسينا، فدخل هو من معه في السلاح، فبلغ ذلك مروان فاستلأم في الحديد أيضا، فبلغ ذلك أباهريرة، فقال:
والله، ما هو الا ظلم، يمنع حسن أن يدفع مع أبيه، والله انه لابن رسول الله صلي الله عليه و اله.
ثم انطلق الي حسين، فكلمه و ناشده الله، و قال له: أليس قد قال أخوك:
ان خفت أن يكون قتال فردني الي مقبرة المسلمين؟
و لم يزل به حتي فعل، و حمله الي البقيع، و لم يشهده يومئذ من بني‌أمية الا سعيد بن العاص، و كان يومئذ أميرا علي المدينة، قدمه الحسين في الصلاة عليه، و قال: هي السنة. [146] .
و قد قال في خلاصة عبقات الأنوار ما نصه: لقد افتروا كذبا فزعموا أن الامام الحسن أوصي الي أخيه الامام الحسين عليه‌السلام (ج 4 ص 244).
و الواقع أن هذه الوصية تتضمن تناقضات واضحة، و يمكن أن نشير اليها كالآتي:
1 - طريقة خطابه عليه‌السلام لأخيه الحسين «ان أباك» غير مستساغة.
2 - استشراق أميرالمؤمنين عليه‌السلام للخلافة، و كأن النبي صلي الله عليه و اله لم ينص عليه.
3 - كيف يصرف الله الحق عن أهله؟ و هو الذي قال في محكم كتابه مخاطبا رسوله الكريم - في حجة الوداع - في شأن تبليغ ولاية علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام: (و ان لم تفعل فما بلغت رسالته).

[ صفحه 70]

4 - عدم امكان صدور عبارة مثل: «حتي جرد السيف و طلبها فما صفا له شي‌ء منها» عن الامام الحسن عليه‌السلام بحق والده، و هو يعلم عصمته و حكمته و اتباعه لأمر الله.
5 - «و اني والله لا أري أن يجمع الله فينا أهل‌البيت النبوة و الخلافة» هل يعقل أن يقول الحسن ذلك؟ و أن يجهل أميرالمؤمنين عليه‌السلام هذه الحقيقة؟
6 - قوله: «فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك...الخ» أليس في هذا - ان صح - حجة علي الحسين عليه‌السلام في خروجه الي الكوفة؟ و اذا كان الأمر كذلك فلما ذا خالف الحسين وصية أخاه؟
7 - نفت هذه الرواية ما اجمع عليه المؤرخون في العامة و الخاصة، من أن عائشة ركبت علي بغل و قالت: «نحوا ابنكم عن بيتي» و قالت: «لاتدخلوا بيتي من لا أحب» و هذه الرواية تثبت البراءة لعائشة و ان التقصير من مروان لامنها.
8 - ما نقله صاحب ذخائرالعقبي من أن أباهريرة كان يتوسل بالحسين عليه‌السلام في سبيل عدم تضييع وصية أخيه الحسن، و هذا أعجب العجب، أفيكون الحسين محتاجا لمثل هذا النصح؟ أو يكون أبوهريرة أحرص من الحسين علي انفاذ وصية أخيه.و هو الذي نفذها كاملة و لم يرق في أمر أخيه محجمة من دم.
هذا كله ما يخص مناقشة أقسام من متن هذه الوصية التي نسبت الي الامام الحسن المجتبي عليه‌السلام.
و أما ما يخص سند هذه الوصية فنقول:
ان الأسانيد التي نقلت بها هذه الوصية ضعيفة جدا، مع اضطراب متونها، و لم تذكر في مصادر أبناء العامة المعتبرة عندهم، مضافا الي كونها لم ترد في مصدر واحد من مصادر الشيعة، بل علي العكس عدها بعض علماء الشيعة من الافتراءات.

[ صفحه 71]

وصيته لاخيه الحسين

في الأمالي: حدثنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أبوالحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا مزاحم بن عبدالوارث بن عباد البصري بمصر، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، قال: حدثنا العباس بن بكار، قال: حدثنا أبوبكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن‌عباس. [147] .

[ صفحه 77]

قال الغلابي: و حدثنا أحمد بن محمد الواسطي، قال: حدثنا محمد بن صالح بن النطاح، و محمد بن الصلت الواسطي، قالا: حدثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي‌صالح، عن ابن‌عباس.
قال: وحدثنا أبوعيسي عبيدالله بن الفضل الطائي، قال: حدثنا الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي‌طالب (عليهم‌السلام)، قال: حدثني محمد بن سلام الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن محمد الواسطي، قال: حدثنا محمد بن صالح، و محمد بن الصلت، قالا: حدثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي‌صالح، عن ابن‌عباس، قال:
دخل الحسين بن علي (عليهم‌السلام) علي أخيه الحسن بن علي (عليهماالسلام) في مرضه الذي توفي فيه، فقال له:
كيف تجدك يا أخي؟
قال: أجدي في أول يوم من أيام الآخرة، و آخر يوم من أيام الدنيا، واعلم أني لا أسبق أجلي، و أني وارد علي أبي‌وجدي عليهماالسلام، علي كره مني لفراقك و فراق اخوتك و فراق الأحبة، و استغفر الله من مقالتي هذه و أتوب اليه، بل علي محبة مني للقاء رسول الله صلي الله عليه و اله و أميرالمؤمنين علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام، و لقاء فاطمة، و حمزة، و جعفر عليهم‌السلام، و في الله عز و جل خلف من كل هالك، و عزاء من كل مصيبة، و درك من كل مافات.

[ صفحه 78]

رأيت يا أخي كبدي آنفا في الطست، و لقد عرفت من دهاني، و من أين أتيت، فما أنت صانع به يا أخي؟
فقال الحسين عليه‌السلام: أقتله والله.
قال: فلا أخبرك به أبدا حتي نلقي رسول الله صلي الله عليه و اله، ولكن اكتب:
هذا ما أوصي به الحسن بن علي الي أخيه الحسين بن علي:
أوصي أنه يشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، و أنه يعبده حق عبادته، لاشريك له في الملك، و لا ولي له من الذل، و أنه خلق كل شي‌ء فقدره تقديرا، و أنه أولي من عبد، و أحق من حمد، من أطاعه رشد، و من عصاه غوي، و من تاب اليه اهتدي.
فاني أوصيك يا حسين: بمن خلفت من أهلي، و ولدي، و أهل‌بيتك، أن تصفح عن مسيئهم، و تقبل من محسنهم، و تكون لهم خلفا و والدا، و أن تدفنني مع جدي رسول الله صلي الله عليه و اله، فاني أحق به و ببيته ممن أدخل بيته بغير اذنه، و لا كتاب جاءهم من بعده، قال الله تعالي فيما أنزله علي نبيه صلي الله عليه و اله في كتابه:
(يأيها الذين ءامنوا لاتدخلوا بيوت النبي الا أن يؤذن لكم) [148] ، فوالله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير اذنه، و لا جاءهم الاذن في ذلك من بعد وفاته، و نحن مأذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده، فان أبت عليك الامرأة فأنشدك بالقرابة التي قرب الله عز و جل منك، و الرحم الماسة من رسول الله صلي الله عليه و اله أن لا تهريق في محجمة [149] من دم حتي نلقي رسول الله صلي الله عليه و اله فنختصم اليه، و نخبره بما كان من الناس الينا بعده.
ثم قبض عليه‌السلام. [150] .

[ صفحه 79]

وصيته الي القاسم بن الحسن

الفخري قال: روي أنه لما آل أمر الحسين عليه‌السلام الي القتال بكربلاء، و قتل جميع أصحابه و وقعت النوبة علي أولاد أخيه الحسن عليه‌السلام، جاء القاسم بن الحسن عليهماالسلام، و قال: يا عم الاجازة لأمضي الي هؤلاء الكفار.
فقال له الحسين عليه‌السلام: يابن أخي، أنت من أخي علامة، و أريد أن تبقي لي لأتسلي بك.
ولم يعطه اجازة للبراز.فجلس مهموما مغموما باكي العين، حزين القلب، و أجاز الحسين عليه‌السلام اخوته للبراز و لم يجزه، فجلس القاسم متألما، و وضع رأسه علي رجليه، و ذكر أن أباه قد ربط له عوذة في كتفه الأيمن، و قال له اذا أصابك ألم و هم، فعليك بحل العوذة و قراءتها، فافهم معناها و اعمل بكل ما تراه مكتوبا فيها، فقال القاسم لنفسه: مضي سنون علي و لم يصبني مثل هذا الألم، فحل العوذة وفضها، و نظر الي كتابتها، و اذا فيها:
يا ولدي يا قاسم، أوصيك انك اذا رأيت عمك الحسين عليه‌السلام في كربلاء، و قد أحاطت به الأعداء، فلا تترك البراز و الجهاد لأعداء الله و أعداء رسوله، و لا تبخل عليه بروحك، و كلما نهاك عن البراز عاوده ليأذن لك في البراز، لتحظي في السعادة الأبدية.
فقام القاسم من ساعته، و أتي الي الحسين عليه‌السلام، و عرض ما كتب أبوه الحسن عليه‌السلام علي عمه الحسين عليهماالسلام، فلما قرأ الحسين عليه‌السلام العوذة، بكي بكاء شديدا، و نادي بالويل و الثبور، و تنفس الصعداء، و قال:

[ صفحه 80]

يا ابن الأخ، هذه الوصية لك من أبيك، و عندي وصية أخري منه لك، و لابد من انفاذها... [151] و هذا هو ما عثرنا عليه من مكاتيب الامام الحسن المجتبي عليه‌السلام و الحمدلله رب العالمين.

پاورقي

[1] أصبغ بن نباتة
أصبغ بن نباتة التميمي الحنظلي المجاشعي.كان من خاصة الامام أميرالمؤمنين علي عليه‌السلام، و من الوجوه البارزة بين أصحابه، و أحد ثقاته عليه‌السلام، و هو مشهور بثباته و استقامته علي حبه عليه‌السلام.وصفته النصوص التاريخية القديمة بأنه شيعي، و أنه مشهور بحب علي عليه‌السلام.و كان من شرطة الخميس، و من امرائهم.عاهد الامام عليه‌السلام، علي التضحية و الفداء و الاستشهاد.
و شهد معه الجمل، و صفين.و كان معدودا في أنصاره الأوفياء المخلصين.و هو الذي روي عهده الي مالك الأشتر؛ ذلك العهد العظيم الخالد!
و كان من القلائل الذين اذن لهم بالحضور عند الامام عليه‌السلام، بعد ضربته، وعد الأصبغ في أصحاب الامام الحسن عليه‌السلام، أيضا.(راجع: رجال الطوسي: ص 93 الرقم 919، تهذيب المقال: ج 1 ص 204 - 198).
[2] أقول: الصحيح جندب بن عبدالله، و عبدالله بن جندب من أصحاب الكاظم و الرضا عليهماالسلام، و لايوجد في أصحاب علي عليه‌السلام من اسمه عبدالله بن جندب، و قد عنونه كتب المعاجم و الرجال و التاريخ كقاموس الرجال ج: 2، و معجم الحديث ج 4، و تنقيح المقال: ج 1، و أعيان الشيعة ج 4، و الاصابة ج 1، و أسد الغابة: ج 1.و روي هذا الكتاب عن الامام الرضا عليه‌السلام كتبه الي عبدالله جندب، راجع: مكاتيب الامام الرضا عليه‌السلام: ص 156.
[3] في نسخة: «ان» بدل «اني».
[4] و في نسخة: «منا، و منهم».
[5] في المصدر: «آخذين» و ما أثبتناه هو الصحيح، كما في بحارالانوار.
[6] و في نسخة: «آمنكم الله».
[7] النور: 35.
[8] و في نسخة «الشهداء».
[9] و في نسخة «المخلصون».
[10] الشوري: 13.
[11] تفسير فرات الكوفي: ص 285 ح 385، بحارالأنوار: ج 23 ص 313 ح 20 و راجع: تفسير القمي: ج 2 ص 104، تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 360 ح 6 كلاهما عن الامام الرضا عليه‌السلام.
[12] أنساب الأشراف: ج 3 ص 258.
[13] الكافي: ج 2 ص 220 ح 3، مسكن الفؤاد: ص 110، بحارالأنوار: ج 42 ص 247 و ج 82 ص 143.
[14] معاوية
في أسد الغابة: معاوية بن صخر بن حرب بن أمية بن عبدشمس بن عبد مناف القرشي الاموي، و هو معاوية بن أبي‌سفيان، و امه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، يجتمع أبوه و أمه في: عبد شمس.و كنيته أبو عبدالرحمن.
أسلم هو و أبوه و أخوه يزيد و أمه هند في الفتح، و كان معاوية يقول: انه أسلم عام القضية...و كان هو و أبوه من المؤلفة قلوبهم...
و لما سير أبوبكر الجيوش الي الشام سار معاوية مع أخيه يزيد بن أبي‌سفيان، فلما مات يزيد استخلفه علي عمله بالشام، و هو دمشق.
أخبرنا يحيي بن محمود و غيره باسنادهما عن مسلم قال: أخبرنا محمد بن مثني و محمد بن بشار - و اللفظ لابن مثني - حدثنا أمية بن خالد حدثنا شعبة، عن أبي‌حمزة القصاب، عن ابن‌عباس قال:
كنت ألب مع الصبيان، فجاء رسول الله صلي الله علي و اله فتواريت خلف باب، قال: فجاء فحطأني حطأة (الحطأة: لاتكون الا ضربة بالكف بين الكتفين أو علي الصدر أو علي الكتد.) و قال:
اذهب فادع لي معاوية.
قال: فجئت فقلت: هو يأكل.ثم قال:
اذهب فادع لي معاوية.
قال: فجئت فقلت: هو يأكل.فقال:
لا أشبع الله بطنه.
و لم يزل واليا علي ما كان أخوه يتولاه بالشام خلافة عمر، فلما استخلف عثمان جمع له الشام جميعه.و لم يزل كلك الي أن قتل عثمان، فانفرد بالشام، و لم يبايع عليا، و أظهر الطلب بدم عثمان، فكان وقعة صفين بينه و بين علي، و هي مشهورة...
ثم لما قتل علي و استخلف الحسن بن علي، سار معاوية الي العراق، و سار اليه الحسن بن علي، فلما رأي الحسن الفتنة، و أن الأمر عظيم تراق فيه الدماء، و رأي اختلاف أهل العراق، سلم الأمر الي معاوية، و عاد الي المدينة، و تسلم معاوية العراق، و أتي الكوفة فبايعه الناس و اجتمعوا عليه، فسمي عام الجماعة.
فبقي خليفة عشرين سنة، و أميرا عشرين سنة، لأنه ولي دمشق أربع سنين من خلافة عمر، و اثنتي عشرة سنة خلافة عثمان مع أضاف اليه من باقي الشام، و أربع سنين تقريبا أيام خلافة علي، و ستة أشهر خلافة الحسن، و سلم اليه الحسن الخلافة سنة احدي و أربعين، و قيل سنة أربعين.
و توفي معاوية في النصف من رجب سنة ستين، و هو ابن‌ثمان و سبعين سنة، و قيل ابن ست و ثمانين سنة، و قيل: توفي يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة تسع و خمسين، و هو ابن اثنتين و ثمانين سنة، و الأصح في وفاته أنها سنة ستين...
و لما نزل به الموت، قال: ليتني كنت رجلا من قريش بذي طوي، و اني لم أل ن هذا الأمر شيئا.(أسد الغابة: ج 5 ص 201 الرقم 4984 و راجع: التاريخ الكبير للبخاري: ج 5 ص 240 و ج 7 ص 327، تاريخ بغداد: ج 1 ص 207 و ج 7 ص 54، الطبقات الكبري: ج 1 و 2، حلية الأولياء: ج 8 ص 358 و...).
[15] الزخرف: 44.
[16] ما بين المعقوفين نقلناه من شرح نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد، و الفتوح.
[17] لاغرو: أي لا عجب.
[18] كشف الغمة: ج 2 ص 196، بحارالأنوار: ج 44 ص 54 ح 6 و المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 31، أعيان الشيعة: ج 1 ص 567، معادن الحكمة: ج 2 ص 3، جمهرة رسائل العرب: ج 2 ص 12؛ مقاتل الطالبيين: ص 65، الفتوح لابن أعثم: ج 4 ص 284، شرح نهج‌البلاغة لابن أبي الحديد: ج 16 ص 24 كلها نحوه.
[19] شرح نهج‌البلاغة لابن أبي الحديد: ج 16 ص 25.
[20] المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 31.
[21] الفتوح لابن أعثم: ج 4 ص 285.
[22] أحقها.
[23] شرح نهج‌البلاغة لابن أبي الحديد: ج 16 ص 25.
[24] في شرح نهج‌البلاغة: «حرب» بدل «جندب».
[25] يس: 70.
[26] الزخرف: 44.
[27] النصف: الانصاف.
[28] راغمهم: نابذهم و عاداهم.
[29] العنت: المشقة.
[30] و ليس في فلان مغمز أي: ما فيه ما يغمز فيعاب به و لا مطعن، و المغامز: المعايب (لسان العرب: ج 15 ص 390).
[31] كذا في المصدر.
[32] النائرة: العداواة و الشحناء.
[33] في شرح نهج‌البلاغة: «سرت» بدل «نهدت».
[34] في شرح نهج‌البلاغة: «علموا» بدل «عملوا».
[35] مقاتل الطالبيين: ص 64، شرح نهج‌البلاغة لابن أبي الحديد: ج 16 ص 33 نحوه؛ بحارالأنوار: ج 44 ص 39.
[36] كشف الغمة: ج 2 ص 165.
[37] الرعد: 41.
[38] الغميزة: المطعن.
[39] مقاتل الطالبيين: ص 68، شرح نهج‌البلاغة لابن أبي الحديد: ج 16 ص 37؛ المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 32، بحارالأنوار: ج 44 ص 55 كلها مع اختلاف يسير.
[40] أبو اسحاق السبيعي
قال في الكني و الألقاب: عمرو بن عبدالله بن علي الكوفي الهمداني من أعيان التابعين، و في البحار عن الاختصاص روي محمد بن جعفر المؤدب، أن أبااسحاق صلي أربعين سنة صلاة الغداة بوضوء العتمة...، و كان يختم القرآن في كل ليلة، و لم يكن في زمانه أعبد منه و لا أوثق في الحديث عند الخاص و العام.
كان من ثقات علي بن الحسين عليهماالسلام...، و قبض و له تسعون سنة (الكني و الألقاب: ج 1 ص 6).
قال ابن‌حجر: عمرو بن عبدالله بن عبيد أبواسحاق السبيعي الهمداني، و السبع من الهمدان، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان (راجع: لسان الميزان: ج 7 ص 326 الرقم 4266).
و روي عن علي بن أبي‌طالب، و عن جماعة، و مات سنة تسع و عشرين و مائة (راجع: الغارات: ج 2 ص 702).
[41] هبيرة بن بريم
قال في تهذيب التهذيب: هبيرة بن بريم الشيباني، و يقال: الخازني أبوالحارث الكوفي، روي عن علي و طلحة و ابن‌مسعود و الحسن بن علي و ابن‌عباس، و عنه أبواسحاق السبيعي و أبوفاختة، قال الأثرم عن أحمد: لا بأس بحديثه، هو أحسن استقامة من غيره...، قال عيسي بن يونس: كان هبيرة خال العالية زوجة أبي اسحاق السبيعي (تهذيب التهذيب: ج 6 ص 18 الرقم 8521).
و ذكره ابن‌حبان في الثقات: مات سنة ست و ستين (الثقات: ج 5 ص 511).
[42] في شرح نهج‌البلاغة: «مريم» بدل «بريم»، أقول: ما وجدنا له بهذا العنوان اسما في كتب رجال الحديث.
[43] في شرح نهج‌البلاغة: «فيسبقه» بدل «فيقيه».
[44] الشوري: 23.
[45] أبومخنف
قال في جامع الرواة: لوط بن يحيي بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزدي الغامدي، أبومخنف شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة و وجههم، و كان يسكن الي ما يرويه (جامع الرواة: ج 2 ص 33 الرقم 291).
قال في الخلاصة: من أصحاب أميرالمؤمنين و الحسن و الحسين عليهم‌السلام، و قال الكشي: والصحيح أن أباه كان من أصحابه و هو لم يلقه (راجع: خلاصة الأقوال: ص 233 الرقم 797).
[46] في شرح نهج‌البلاغة: «مزيد» بدل «مزبد».
[47] مقاتل الطالبيين: ص 61، شرح نهج‌البلاغة لابن أبي الحديد: ج 16 ص 31 نحوه و راجع: الارشاد: ج 2 ص 9، كشف الغمة: ج 2 ص 164، الفصول المهمة: ص 47، بحارالأنوار: ج 44 ص 45 ح 5.
[48] الحارث الهمداني
هو الحارث بن عبدالله بن كعب الأعور الهمداني الكوفي، أبوزهير.كان من أصحاب الامام علي (راجع: رجال الطوسي: ص 60 الرقم 513؛ المحبر: 303) و الامام الحسن عليهماالسلام (رجال الطوسي: ص 94 الرقم 927) و من الشيعة الاول (سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 153 الرقم 54؛ الجمل: 109)، كثير العلم (سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 152 الرقم 54)، من أفقه الناس و أفرض الناس، و أحسب الناس، تعلم الفرائض من الامام علي عليه‌السلام (تهذيب الكمال: ج 5 ص 252 الرقم 1025، تهذيب التهذيب: ج 1 ص 471 الرقم 1210، سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 153 الرقم 54).
كان من وجوه الناس بالكوفة، و من الذين ثاروا علي عثمان، و طالبوا بعزل سعيد بن العاص (تاريخ الاسلام للذهبي: ج 3 ص 430).و ممن سيرهم عثمان (وقعة صفين: ص 121).
توفي سنة 65 ه بالكوفة (سير أعلام النبلاء: ج 4 ص 155 الرقم 54، ميزان الاعتدال: ج 1 ص 437 الرقم 1627)..
الطبقات الكبري عن علباء بن أحمر: ان علي بن أبي‌طالب خطب الناس فقال: من يشتري علما بدرهم؟ فاشتري الحارث الأعور صحفا بدرهم، ثم جاء بها عليا، فكتب له علما كثيرا، ثم ان عليا خطب الناس بعد فقال: يا أهل الكوفة! غلبكم نصف رجل (الطبقات الكبري: ج 6 ص 168، سير أعلام النبلاء، ج 4 ص 153 الرقم 54 نحوه).
و في شرح الأخبار عن أبي‌الحجاف: بلغني أن الحارث أتي علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام ليلا، فقال له: يا حارث ما جاء بك هذه الساعة؟
فقال: حبك يا أميرالمؤمنين.
قال: والله ما جاء بك الا حبي؟
قال: والله ما جاء بي الا حبك.
قال عليه‌السلام: فأبشر يا حارث، لن تموت نفس تحبني الا رأتني حيث تحب، والله لاتموت نفس تبغضني الا رأتني حيث تبغضني (شرح الأخبار: ج 3 ص 451 الرقم 1320 و راجع: الأمالي للمفيد: ص 271).
الأمالي للمفيد عن جميل بن صالح: أنشدني أبوهاشم السيد الحميري (هو اسماعيل بن محمد الحميري، لقب بالسيد و لم يكن علويا و لاهاشميا):
قول علي لحارث عجب
كم ثم اعجوبة له حملا
يا حار همدان من يمت يرني
من مؤمن أو منافق قبلا
يعرفني طرفه و أعرفه
بنعته و اسمه و ما عملا
و أنت عند الصراط تعرفني
فلا تخف عثرة و لا زللا
أسقيك من بارد علي ظمأ
تخاله في الحلاوة العسلا
أقول للنار حين توقف لل
عرض دعيه لا تقربي الرجلا
دعيه لاتقربيه ان له
حبلا بحبل الوصي متصلا
(الأمالي للمفيد: ص 7 ح 3، الأمالي للطوسي: ص 627 ح 1292، بشارة المصطفي: ص 5).
[49] فرق: جزع و اشتد خوفه.
[50] الدرداء: التي سقطت أسنانها كلها.
[51] الأنبار: مدينة علي نهر الفرات، غربي بغداد.
[52] الخرائج و الجرائح: ج 2 ص 574 الرقم 4، بحارلانوار: ج 44 ص 44، الصراط المستقيم، ج 2 ص 178.
[53] الحفي: البر اللطيف.
[54] في المصدر: «المحبون»، و ما أثبتناه هو الصحيح، كما في بحارالانوار.
[55] خلوف: جمع خلف، أي عوض، يقال: خلف الله لك خلفا بخير، و أخلف عليك خيرا (النهاية: ج 2 ص 66).
[56] الحتوف: جمع الحتف بمعني الموت.
[57] أحزانها.
[58] القلي: البغض و الهجران.
[59] الأمالي للطوسي: ص 202 ح 345، بحارالأنوار: ج 43 ص 336 ح 6 ص 109 ح 54.
[60] كل من ستر شيئا، فقد كفره و كفره (لسان العرب: ج 15 ص 146).
[61] الشعراء: 227.
[62] علل الشرائع: ص 220، بحارالأنوار: ج 44 ص 33 و راجع: الارشاد: ج 2 ص 12، كشف الغمة: ج 1 ص 166؛ شرح نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد: ج 16 ص 41.
[63] في الفتوح: «اصطلح» بدل «صالح».
[64] في الفتوح: «المؤمنين» بدل «المسلمين».
[65] في الفتوح و الأنساب: «الصالحين» بدل «الراشدين».
[66] في الفتوح: «تهامهم» بدل «يمنهم».
[67] و في الفتوح: (شهد علي ذلك، عبدالله بن نوفل بن الحارث، و عمر بن أبي‌سلمة، و فلان و فلان) بدل (شهد عليه بذلك، و كفي بالله شهيدا؛ فلان و فلان، والسلام)، و في الأنساب: (شهد عبدالله بن الحارث، و عمرو بن سلمة) بدل (شهد عليه بذلك، و كفي بالله شهيدا؛ فلان و فلان، والسلام).
[68] جابلق مدينة بأقصي المغرب، و أهلها من ولد عاد.و جابرس مدينة في أقصي المشرق، و أهل جابرس من ولد ثمود (معجم البلدان ج 2 ص 91 - 90).
[69] كشف الغمة: ج 2 ص 196، بحارالأنوار: ج 44 ص 65 ح 13؛ الفتوح لابن أعثم: ج 4 ص 291 نحوه و راجع: أنساب الأشراف: ج 3 ص 287، الصواعق المحرقة: ص 136، الفصول المهمة: ص 161، ينابيع المودة: ج 2 ص 425 الرقم 173.
[70] أنساب الأشراف: ج 3 ص 285.
[71] كشف الغمة: ج 2 ص 196، المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 33، بحارالانوار: ج 44 ص 65 ح 13؛ الفتوح لابن أعثم: ج 4 ص 291، أنساب الأشراف: ج 3 ص 287.
[72] راجع: الاصابة: ج 2 ص 65 الرقم 1724، أسدالغابة: ج 2 ص 18 الرقم 1165، فتح الباري: ج 13 ص 65، الامامة و السياسة لابن قتيبة: ج 1 ص 184، تاريخ مدينة دمشق: ج 13 ص 267، تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 227، الصواعق المحرقة: ص 136، تهذيب التهذيب: ج 1 ص 561؛ عمدة الطالب: ص 67.
[73] راجع: الفتوح لابن أعثم: ج 5 ص 12؛ عمدة الطالب: 67، حياة الامام الحسن عليه‌السلام للقرشي: ج 2 ص 229، صلح الحسين عليه‌السلام لآل ياسين: ص 259.
[74] راجع: تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 227، أسدالغابة: ج 2 ص 18 الرقم 1165، الأنساب الأشراف: ج 3 ص 287.
[75] علل الشرائع: ص 212، بحارالانوار: ج 44 ص 2 ح 3، أعيان الشيعة: ج 1 ص 570، معادن الحكمة: ج 2 ص 14.
[76] علل الشرائع: ص 215، بحارالأنوار: ج 44 ص 3، أعيان الشيعة: ج 1 ص 570، معادن الحكمة: ج 2 ص 13.
[77] راجع: الارشاد: ج 2 ص 14، المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 33، كشف الغمة: ج 2 ص 141، بحارالأنوار: ج 44 ص 48 ح 5؛ تاريخ مدينة دمشق: ج 13، ص 266، الفصول المهمة: ص 161.
[78] الارشاد: ج 2 ص 14، المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 33، كشف الغمة: ج 2 ص 141، بحارالأنوار: ج 44 ص 48 ح 5؛ الفصول المهمة: ص 161.
[79] الارشاد: ج 2 ص 14، المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 33، كشف الغمة: ج 2 ص 141، اعلام الوري: ج 1 ص 403، بحارالأنوار: ج 44 ص 48 ح 5؛ الفصول المهمة: ص 161 و راجع: الصواعق المحرقة: ص 139، مقاتل الطالبيين: ص 75؛ علل الشرائع: ص 212.
[80] قيس بن سعد بن عبادة
قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي الساعدي، هو أحد الصحابة و من كبار الأنصار.و كان يحظي باحترام خاص بين قبيلته و الأنصار و عامة المسلمين، و كان شجاعا، كريم النفس، عظيما، مطاعا في قبيلته.
و كان طويل القامة، قوي الجسم، معروفا بالكرم، مشهورا بالسخاء.حمل اللواء في بعض حروب النبي صلي الله عليه و اله.و هو من السباقين الي رعاية حرمة الحق، و الدفاع عن خلافة الحق و حق الخلافة و امامة الامام أميرالمؤمنين عليه‌السلام بعد رسول الله صلي الله عليه و اله.
و كان من صحابة الامام عليه‌السلام المقربين و حماته الثابتين في أيام خلافته عليه‌السلام.ولاه عليه‌السلام علي مصر، فاستطاع بحنكته أن يسكت المعارضين و يقضي علي جذور المؤامرة.
حاول معاوية آنذاك أن يعطفه اليه، بيد أنه خاب و لم يفلح.و بعد مدة استدعاء الامام عليه‌السلام و أشخص مكانه محمد بن أبي‌بكر لحوادث وقعت يومئذ.
و كان قيس قائدا لشرطة الخميس، و أحد المراء في صفين، اذ ولي رجالة البصرة فيها.
تولي قيادة الأنصار عند احتدام القتال و كان حضوره في الحرب مهيبا.و خطبه في تمجيد شخصية الامام عليه‌السلام، و رفعه علم الطاعة لأوامره عليه‌السلام، و حث اولي الحق و تحريضهم علي معاوية، دليلا علي وعيه العميق، و شخصيته الكبيرة، و معرفته بالتيارات السياسية و الاجتماعية و الامور الجارية، و طبيعة الوجوه يومذاك.
ولاه الامام عليه‌السلام علي أذربيجان.و شهد قيس معه صفين و النهروان، و كان علي ميمنة الجيش.
و لما عزم الامام عليه‌السلام علي قتال معاوية بعد النهروان، و رأي حاجة الجيش الي قائد شجاع مجرب متمرس، أرسل اليه ليشهد معه الحرب.
و كان قيس أول من بايع الامام الحسن عليه‌السلام بعد استشهاد أميرالمؤمنين عليه‌السلام، و دعا الناس الي بيعته من خلال خطبة واعية له.و كان علي مقدمة جيشه عليه‌السلام.و لما كان عبيدالله بن العباس أحد امراء الجيش، كان قيس مساعدا له، و حين فر عبيدالله الي معاوية صلي قيس بالناس الفجر، و دعا المصلين الي الجهاد و الثبات و الصمود، ثم أمرهم بالتحرك.
و بعد عقد الصلح بايع قيس معاوية بأمر الامام عليه‌السلام.فكرمه معاوية، و أثني عليه.
وعد قيس أحد الخمسة المشهورين بين العرب بالدهاء.و فارق قيس الحياة في السنين الأخيرة من حكومة معاوية.(راجع: رجال الطوسي 6 ص 272 الرقم 3931، رجال البرقي: ص 65، رجال الكشي: ج 1، وقعة صفين، تاريخ اليعقوبي: ج 2، الغارات: ج 1؛ أنساب الأشراف: ج 3، تهذيب الكمال: ج 4، الاستيعاب: ج 3، سير أعلام النبلاء: ج 3، تاريخ خليفة بن خياط، تاريخ مدينة دمشق: ج 49، تاريخ بغداد: ج 1، تاريخ الطبري: ج 4، اسدالغابة، ج 4، تاريخ الاسلام للذهبي: ج 4، مقاتل الطالبيين، شرح نهج‌البلاغة: ج 16، البداية و النهاية: ج 8).
و ذكر تفصيلا مع مصادرها في مكاتيب الامام علي عليه‌السلام.
[81] راجع: الدرجات الرفيعة: ص 347؛ ذخائرالعقبي: ص 240.
[82] علل الشرائع: ص 212 عن يوسف بن مازن الراشي، بحارالأنوار: ج 44 ص 2 ح 2، أعيان الشيعة: ج 1 ص 570 و راجع: الفتوح لابن أعثم: ج 4 ص 290، تاريخ مدينة دمشق: ج 13 ص 266، فتح الباري: ج 13 ص 55.
[83] راجع: شرح نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد: ج 11 ص 43، حياة الامام الحسن عليه‌السلام: ص 320.
[84] حياة الامام الحسن عليه‌السلام للقرشي: ج 2 ص 230 و راجع: المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 33؛ تاريخ الطبري: ج 4 ص 122، تاريخ مدينة دمشق: ج 13 ص 266، تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 227، فتح الباري: ج 13 ص 55، الامامة و السياسة: ج 1 ص 185، البداية و النهاية: ج 8 ص 17.
[85] تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 227.
[86] المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 33.
[87] مقاتل الطالبيين: ص 67 و راجع: الفتوح لابن بن أعثم: ج 4 ص 290، أنساب الأشراف: ج 3 ص 286.
[88] راجع: الفتوح لابن أعثم: ج 4 ص 290؛ سيرة الائمة الاثني عشر: ج 1 ص 525.
[89] فتح الباري: ج 13 ص 65.
[90] تاريخ الطبري: ج 5 ص 160 و راجع: الكامل في التاريخ: ج 2 ص 446.
[91] تاريخ مدينة دمشق: ج 13 ص 264.
[92] الفتوح لابن أعثم: ج 4 ص 290.
[93] سيرة الأئمة الاثني عشر: ج 1 ص 526.
[94] الكافي: ج 6 ص 56 ح 4.
[95] الأشعث بن قيس
الأشعث بن قيس بن معديكرب الكندي، يكني أبامحمد، واسمه معديكرب.من كبار اليمن، و أحد الصحابة.عورت عينه في حرب اليرموك.و هو وجه مشبوه مريب متلون، ردي‌ء الطبع، سيي‌ء العمل في التاريخ الاسلامي.ارتد بعد رسول الله صلي الله عليه و اله عن الدين و اسر، فعفا عنه أبوبكر، و زوجه اخته.و كان أبوبكر يعرب عن ندمه، و يتأسف لعفوه.
زوج بنته لابن عثمان في أيام خلافته.و نصبه عثمان واليا علي آذربايجان.و كان يهبه مئة ألف درهم من خراجها سنويا.
عزل الامام علي عليه‌السلام الأشعث عن آذربايجان، و دعاه الي المدينة، فهم بالفرار في البداية، ثم قدم المدينة بتوصية أصحابه، و وافي الامام عليه‌السلام.
تولي رئاسة قبيلته كندة في حرب صفين، و كان علي ميمنة الجيش.
قامت بنته جعدة بسم الامام الحسن عليه‌السلام.و تولي ابنه محمد القاء القبض علي مسلم بن عقيل بالكوفة، بعد أن آمنه زورا، ثم غدر به و كل اناء بالذي فيه ينضح.و كان ابنه الآخر قيس من امراء جيش عمر بن سعد بكربلاء، و لم يقل عن أبيه ضعة و نذالة؛ اذ سلب قطيفة الامام الحسين عليه‌السلام فاشتهر بقيس القطيفة.
هلك الأشعث سنة 40 ه، فختم ملف حياته الدنس الملوث بالعار.
و قال الامام علي عليه‌السلام: أما هذا الأعور - يعني الأشعث - فان الله لم يرفع شرفا الا حسده، و لا أظهر الا عابه، و هو يمني نفسه و يخدعها، يخاف و يرجو، فهو بينهما لايثق بواحد منهما، و قد من الله عليه بأن جعله جبانا، ولو كان شجاعا لقتله الحق.(شرح نهج‌البلاغة: ج 2 ص 286 ح 277؛ نثر الدر: ج 1 ص 325 نحوه).
و قال الامام الصادق عليه‌السلام: ان الأشعث بن قيس شرك في دم أميرالمؤمنين عليه‌السلام، وابنته جعدة سمت الحسن عليه‌السلام، و محمد ابنه شرك في دم الحسين عليه‌السلام (الكافي: ج 8 ص 167 ح 187 عن سليمان كاتب علي بن يقطين عمن ذكره).
و في شرح نهج‌البلاغة: كل فساد كان في خلافة علي عليه‌السلام، و كل اضطراب حدث فأصله الأشعث، ولولا محاقته أميرالمؤمنين عليه‌السلام في معني الحكومة في هذه المرة لم تكن حرب النهروان، و لكان أميرالمؤمنين عليه‌السلام ينهض بهم الي معاوية، و يملك الشام؛ فانه صلوات الله عليه حاول أن يسلك معهم مسلك التعريض و المواربة.
و في المثل النبوي صلوات الله علي قائله: الحرب خدعة، و ذاك أنهم قالوا له: تب الي الله مما فعلت كما تبنا ننهض معك الي حرب أهل الشام، فقال لهم كلمة مجملة مرسلة يقولها الأنبياء و المعصومون، و هي قوله: أستغفرالله من كل ذنب، فرضوا بها، و عدوها اجابة لهم الي سؤلهم، وصفت له عليه‌السلام نياتهم، و استخلص بها ضمائرهم، من غير أن تتضمن تلك الكلمة اعترافا بكفر أو ذنب.
فلم يتركه الأشعث، و جاء اليه مستفسرا و كاشفا عن الحال، و هاتكا ستر التورية و الكناية، و مخرجا لها من ظلمة الاجمال و ستر الحيلة الي تفسيرها بما يفسد التدبير، و يوغر الصدور، و يعيد الفتنة، و لم يستفسره عليه‌السلام عنها الا بحضور من لا يمكنه أن يجعلها معه هدنة علي دخن، و لا ترقيقا عن صبوح، و ألجأه بتضييق الخناق عليه الي أن يكشف ما في نفسه، و لايترك الكلمة علي احتمالها، و لا يطويها علي غرها، فخطب بما صدع به عن صورة ما عنده مجاهرة، فانتقض ما دبره، و عادت الخوارج الي شبهتها الاولي، و راجعوا التحكيم و المروق.
و هكذا الدول التي تظهر فيها أمارات الانقضاء و الزوال، يتاح لها أمثال الأشعث من اولي الفساد في الأرض (سنة الله في الذين خلوا من قبل و لن تجد لسنة الله تبديلا).(شرح نهج‌البلاغة: ج 2 ص 279).
و قد ذكرنا ترجمته مفصلا مع مصادرها في مكاتيب الامام علي عليه‌السلام.
[96] سيرة الأئمة الاثني عشر: ج 1 ص 526 و راجع: شرح نهج‌البلاغة: ج 614 و ج 6 ص 88 و ص 280 و 286 و 288 و ج 7 ص 151 و ج 13 ص 220 و ج 11 ص 44 و ج 20 ص 16 و 17، أنساب الأشراف: ج 3 ص 47؛ بحارالأنوار: ج 44 ص 123، الغدير: ج 11 ص 3، حياة الحسن عليه‌السلام: ج 2 ص 372 - 289.
[97] الكامل لابن الأثير: ج 2 ص 449؛ الغدير: ج 10 ص 173 الرقم 72.
[98] شرح نهج‌البلاغة: ج 16 ص 194.
[99] الرجا: ناحية كل شي‌ء، و خص بعضهم به ناحية البئر من أعلاها الي أسفلها و حافتيها؛ و يقال: رمي به الرجوان: استهين به، فكأنه رمي به هناك؛ أرادوا أنه طرح في المهالك.
[100] شرح نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد: ج 16 ص 194، تاريخ مدينة دمشق: ج 19 ص 198؛ أعيان الشيعة: ج 1 ص 573 كلاهما نحوه وراجع: أنساب الأشراف: ج 3 ص 294.
[101] شرح نهج‌البلاغة لابن أبي‌الحديد: ج 16 ص 18 و راجع: العقد الفريد: ج 5 ص 11 و البيان و التبيين: ج 2 ص 298؛ الايضاح: ص 548، المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 22، بحارالأنوار: ج 44 ص 92 ح 7، أعيان الشيعة: ج 1 ص 573.
[102] هو الحسن بن يسار مولي زيد بن ثابت أخو سعيد و عمارة، المعروف بالحسن البصري، و هو من رؤساء القدرية، و المنحرفين عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام، و قعد في منزله و لم ينصر الامام عليه‌السلام، و كان من تلامذته ابن أبي العوجاء، مات سنة 110 ه و له تسع و ثمانون سنة.
[103] و في نسخة: «و لم يهمل العباد سدي من المملكة».
[104] كنزالفوائد: ج 1 ص 365.
[105] تحف العقول: ص 231، ارشا دالقلوب: ص 198 نحوه، بحارالأنوار: ج 5 ص 40 ح 63 و راجع: الفقه المنسوب للامام الرضا عليه‌السلام: ص 408، جمهرة رسائل العرب: ج 2 ص 27.
[106] البقرة: 61.
[107] يونس: 35.
[108] هكذا في المصدر، و الصواب: «لايطاع» كما في نصوص المصادر الأخري.
[109] العدد القوية: ص 33 ح 25، تحف العقول: ص 231، بحارالأنوار: ج 10 ص 137 ح 3.
[110] في البحار: لعل لومه عليه‌السلام ليظهر عذره للناس.
[111] كشف الغمة: ج 2 ص 243، نزهة الناظر: ص 83، بحارالأنوار: ج 44 ص 195 و راجع: تاريخ مدينة دمشق: ج 14 ص 181، الفصول المهمة لابن الصباغ: ص 163، تهذيب الكمال: ج 6 ص 407، كنز العمال: ج 16 ص 204 ح 44226.
[112] محمد بن الحنفية
هو محمد بن علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام المعروف بابن الحنفية، أبوالقاسم أمه خولة بنت جعفر بن قيس من بني حنفية، روي عن أبيه، و روي عنه أولاده و جماعة، مات سنة ثلاث و سبعين (راجع: شرح نهج‌البلاغة: ج 19 ص 366، الطبقات الكبري: ج 5 ص 91، تاريخ مدينة دمشق: ج 45 ص 323).
[113] البقرة: 109.
[114] الكافي: ج 1 ص 300 ح 2.
[115] الأخبار الطوال: ص 221.
[116] و في نسخة: «العبسي».
[117] و في نسخة: «أمية» بدل «أميد».
جنادة بن أبي‌أمية
ذكره في جامع الرواة: جنادة بن أبي‌أمية الأزدي سكن مصر (جامع الرواة: ج 1 ص 186 الرقم 1335)، قال ابن‌حجر: جنادة بن أبي‌أمية الأزدي ثم الزهراني، و يقال: الدوسي أبوعبدالله الشامي مختلف في صحبته، روي عن النبي صلي الله عليه و اله و عن جماعة من الصحابة، و روي عنه ابنه سليمان و جماعة.
قال ابن‌يونس: كان من الصحابة، شهد فتح مصر، و ولي البحرين، قال العجلي: شامي تابعي ثقة من كبار التابعين، و سكن الأردن، قال الواقدي: و خليفة مات سند ثمانين (راجع: تهذيب التهذيب: ج 1 ص 452 الرقم 1146).
[118] و في نسخة: «طست يقذف عليه» بدل «طشت يقذف فيه».
[119] و في نسخة: ليس «معاوية لعنه الله».
[120] و في نسخة: «فقلت له».
[121] و في نسخة: «و لا تمحل هم يومك الذي لم يأت علي يومك».
[122] و في نسخة: «حساب و عقاب».
[123] و في نسخة: «العتاب».
[124] و في نسخة: «أعانك» و في نسخة أخري: «عانك»، و كلاهما أفضل من متن المصدر.
[125] و في نسخة: «يفصل».
[126] و في نسخة: «مدها».
[127] في نسخة: «آساك من لا ناسك منه»، و في نسخة أخري: «واساك من لا تاتيك».
[128] و في نسخة: «الطرائق».
[129] و في نسخة: «نفسا».
[130] و في نسخة: «خشيت».
[131] و في نسخة: «عنه جميعا» و ليس فيه «و تسارا».
[132] و في نسخة: «فقال أسود بن أبي‌الأسود: انا لله و انا اليه راجعون».
[133] و في نسخة: «انا لله».
[134] و في نسخة: «و دفع بالبقيع».
[135] كفاية الأثر: ص 226.
[136] الكافي: ج 1 ص 300 ح 1، مدينة المعاجز: ج 2 ص 340 الرقم 922 نحوه.
[137] الأحزاب: 53.
[138] الحجرات: 2.
[139] الحجرات: 3.
[140] الكافي: ج 1 ص 302 ح 3 و راجع: دلائل الامامة: ص 160.
[141] أبوهريرة
هو الصحابي المعروف، اختلف في اسمه، و أسلم بعد الهجرة بسبع سنين، قال الفيروزآبادي: رأي النبي صلي الله عليه و اله في كمه هرة، فقال: يا أباهريرة، فاشتهر به، له أخبار كثيرة و قصص و حكايات، و قد طعن كثير من أهل الحديث في رواياته و أخباره، و هو متهم بوضع الأحاديث و جعلها (راجع: الايضاح لابن شاذان: ص 537).
قال الزمخشري: و كان يعجبه المضيرة جدا، فيأكلها مع معاوية، و اذا حضرت الصلاة صلي خلف علي، فاذا قيل له، قال: مضيرة معاوية أدسم و أطيب، و الصلاة خلف علي أفضل (الكني و الألقاب: ج 1 ص 180 (.
[142] هكذا في المصدر، و الصواب: «دم».
[143] تاريخ مدينة دمشق: ج 13 ص 288، تهذيب الكمال: ج 6 ص 254، تهذيب التهذيب: ج 2 ص 260.
[144] دلائل الامامة: ص 160 ح 72، بحارالأنوار: ج 44 ص 141.
[145] بقيع الغرقد: هو مقبرة أهل المدينة، و سمي بذلك لانه كان فيه غرقد، و هو ضرب من شجر العضاه و شجرالشوك.
[146] ذخائر العقبي للطبري: ص 244 و راجع: سير أعلام النبلاء: ج 3 ص 278.
[147] عبدالله بن عباس
عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب أبوالعباس القرشي الهاشمي، من المفسرين و المحدثين المشهورين في التاريخ الاسلامي، ولد بمكة في الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين.و ذهب الي المدينة سنة 8 ه، عام الفتح.كان عمر يستشيره في أيام خلافته.و عندما ثار الناس علي عثمان، كان مندوبه في الحج.و لما آلت الخلافة الي الامام أميرالمؤمنين علي عليه‌السلام كان صاحبه.و نصيره، و مستشاره، و أحد ولاته و امرائه العسكريين.
كان علي مقدمة الجيش في معركة الجمل، ثم ولي البصرة بعدها.و قبل أن تبدأ حرب صفين، استخلف أباالأسود الدؤلي علي البصرة و توجه مع الامام عليه‌السلام لحرب معاوية.
كان أحد امراء الجيش في الأيام السبعة الاولي من الحرب.و لازم الامام عليه‌السلام بثبات علي طول الحرب.
اختاره الامام عليه‌السلام ممثلا عنه في التحكيم، بيد أن الخوارج و الأشعث عارضوا ذلك قائلين: لافرق بينه و بين علي عليه‌السلام.
حاور الخوارج مندوبا عن الامام عليه‌السلام في النهروان مرارا.و أظهر في مناظراته الواعية عدم استقامتهم، و تزعزع موقفهم، كما بين منزلة الامام الرفيعة السامية.كان واليا علي البصرة عند استشهاد الامام عليه‌السلام.
بايع الامام الحسن المجتبي عليه‌السلام، و توجه الي البصرة من قبله.و لم يشترك مع الامام الحسين عليه‌السلام في كربلاء.و علل البعض ذلك بعماه.
لم يبايع عبدالله بن الزبير حين استولي علي الحجاز، والبصرة، و العراق.
و محمد بن الحنفية لم يبايعه أيضا، فكبر ذلك علي ابن الزبير حتي هم باحراقهما.
كان ابن‌عباس عالما له منزلته الرفيعة العالية في التفسير، و الحديث، والفقه.و كان تلميذ الامام عليه‌السلام في العلم مفتخرا بذلك أعظم افتخار.
توفي ابن‌عباس في منفاه بالطائف سنة 68 ه و هو ابن‌احدي و سبعين، و هو يكثر من قوله: اللهم اني أتقرب اليك بمحمد و آله، اللهم اني أتقرب اليك بولاية الشيخ علي بن أبي‌طالب و في رواية: لما حضرت عبدالله بن عباس الوفاة قال: اللهم اني أتقرب اليك بولاية علي بن أبي‌طالب.
خلفاء بني‌العباس من ذريته و أخبر الامام عليه‌السلام بهذا في خطابه لابن‌عباس أبا الأملاك.
المستدرك علي الصحيحين عن الزهري: قال المهاجرون لعمر بن الخطاب: ادع أبناءنا كما تدعو ابن‌عباس.
قال: ذاكم فتي الكهول، ان له لسانا سؤولا و قلبا عقولا.
أنساب الأشراف: ان ابن‌عباس خلا بعلي حين أراد أن يبعث أباموسي فقال: اني أخاف أن يخدع معاوية و عمرو أباموسي فابعثني حكما و لا تبعثه و لاتلتفت الي قول الأشعث و غيره ممن اختاره فأبي، فلما كان من أمر أبي‌موسي و خديعة عمرو له ما كان، قال علي: لله در ابن‌عباس ان كان لينظر الي الغيب من ستر رقيق.
مختصر تاريخ دمشق عن المدائني: قال علي بن أبي‌طالب في عبدالله بن عباس: انه ينظر الي الغيب من ستر رقيق لعقله و فطنته بالأمور.
الجمل عن أبي‌مخنف لوط بن يحيي: لما استعمل أميرالمؤمنين عليه‌السلام عبدالله بن العباس علي البصرة، خطب الناس فحمدالله و أثني عليه و صلي علي رسوله، ثم قال:
يا معاشر الناس! قد استخلفت عليكم عبدالله بن العباس، فاسمعوا له و أطيعوا أمره ما أطاع الله و رسوله، فان أحدث فيكم أو زاغ عن الحق فأعلموني أعزله عنكم، فاني أرجو أن أجده عفيفا تقيا ورعا، و اني لم اوله عليكم الا و أنا أظن ذلك به، غفر الله لنا ولكم.
وقعة صفين: كان علي قد استخلف ابن‌عباس علي البصرة، فكتب عبدالله بن عباس الي علي يذكر له اختلاف أهل البصرة، فكتب اليه علي:
من عبدالله علي أميرالمؤمنين الي عبدالله بن عباس.
أما بعد، فالحمدلله رب العالمين، و صلي الله علي سيدنا محمد عبده و رسوله.
أما بعد، فقد قدم علي رسولك، و ذكرت ما رأيت و بلغك عن أهل البصرة بعد انصرافي، و ساخبرك عن القوم:
هم بين مقيم لرغبة يرجوها، أو عقوبة يخشاها، فأرغب راغبهم بالعدل عليه، و الانصاف له و الاحسان اليه، و حل عقدة الخوف عن قلوبهم، فانه ليس لامراء أهل البصرة في قلوبهم عظم الا قليل منهم.وانته الي أمري ولاتعده، و أحسن الي هذا الحي من ربيعة، و كل من قبلك فأحسن اليهم ما استطعت ان شاء الله، والسلام.
الامام علي عليه‌السلام - من كتاب له الي عبدالله بن عباس و هو عامله علي البصرة --: واعلم أن البصرة مهبط ابليس، و مغرس الفتن، فحادث أهلها بالاحسان اليهم، واحلل عقدة الخوف عن قلوبهم، و قد بلغني تنمرك لبني تميم، و غلظتك عليهم، و ان بني‌تميم لم يغب لهم نجم الا طلع لهم آخر، و انهم لم يسبقوا بوغم في جاهلية و لا اسلام، و ان لهم بنا رحما ماسة، و قرابة خاصة، نحن مأجورون علي صلتها و مأزورون علي قطيعتها.فاربع أباالعباس - رحمك الله - فيما جري علي لسانك و يدك من خير و شر! فانا شريكان في ذلك، و كن عند صالح ظني بك، و لايفيلن رأيي فيك، والسلام.
مختصر تاريخ دمشق عن سفيان بن عيينة: ورد صعصعة بن صوحان علي علي بن أبي‌طالب من البصرة، فسأله عن عبدالله بن عباس، و كان علي خلافته بها، فقال صعصعة: يا أميرالمؤمنين، انه آخذ بثلاث و تارك لثلاث: آخذ بقلوب الرجال اذا حدث، و بحسن الاستماع اذا حدث، و بأيسر الأمرين اذا خولف.تارك للمراء، و تارك لمقاربة اللئيم، و تارك لما يعتذر منه.
رجال الكشي عن الحارث: استعمل علي عليه‌السلام عليه البصرة عبدالله بن عباس، فحمل كل مال في بيت‌المال بالبصرة، و لحق بمكة و ترك عليا عليه‌السلام، و كان مبلغه ألفي ألف درهم.
فصعد علي عليه‌السلام المنبر حين بلغه ذلك فبكي، فقال: هذا ابن عم رسول الله صلي الله عليه و اله في علمه و قدره يفعل مثل هذا، فكيف يؤمن من كان دونه؟ اللهم اني قد مللتهم فأرحني منهم، واقبضني اليك غير عاجز و لاملول.
رجال الكشي عن الشعبي: لما احتمل عبدالله بن عباس بيت مال البصرة و ذهب به الي الحجاز، كتب اليه علي بن أبي‌طالب: من عبدالله علي بن أبي‌طالب الي عبدالله بن عباس، أما بعد، فاني قد كنت أشركتك في أمانتي، و لم يكن أحد من أهل‌بيتي في نفسي أوثق منك لمواساتي و موازرتي و أداء الأمانة الي، فلما رأيت الزمان علي ابن عمك قد كلب، و العدو عليه قد حرب، و أمانة الناس قد خربت، و هذه الامور قد قست، قلبت لابن عمك ظهر المجن، و فارقته مع المفارقين، و خذلته أسوأ خذلان الخاذلين.
فكأنك لم تكن تريد الله بجهادك، و كأنك لم تكن علي بينة من ربك، و كأنك انما كنت تكيد امة محمد صلي الله عليه و اله علي دنياهم، و تنوي غرتهم، فلما أمكنتك الشدة في خيانة امة محمد أسرعت الوثبة و عجلت العدوة، فاختطفت ما قدرت عليه اختطاف الذئب الأزل رمية المعزي الكسير.
كأنك - لا أبا لك - انما جررت الي أهلك تراثك من أبيك و امك، سبحان الله! أما تؤمن بالمعاد؟! أوما تخاف من سوء الحساب؟! أوما يكبر عليك أن تشتري الاماء، و تنكح النساء بأموال الأرامل و المهاجرين الذين أفاء الله عليهم هذه البلاد؟!
اردد الي القوم أموالهم، فوالله لئن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لأعذرن الله فيك، فوالله لو أن حسنا و حسينا فعلا مثل ما فعلت، لما كان لهما عندي في ذلك هوادة، و لا لواحد منهما عندي فيه رخصة، حتي آخذ الحق، و ازيح الجور عن مظلومها، والسلام.
قال: فكتب اليه عبدالله بن عباس: أما بعد، فقد أتاني كتابك، تعظم علي اصابة المال الذي أخذته من بيت مال البصرة، و لعمري ان لي في بيت مال الله أكثر مما أخذت، والسلام.
قال: فكتب اليه علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام: أما بعد، فالعجب كل العجب من تزيين نفسك، أن لك في بيت مال الله أكثر مما أخذت، و أكثر مما لرجل من المسلمين، فقد أفلحت ان كان تمنيك الباطل، و ادعاؤك ما لا يكون ينجيك من الاثم، و يحل لك ما حرم الله عليك، عمرك الله انك لأنت العبد المهتدي اذا.
فقد بلغني أنك اتخذت مكة و طنا و ضربت بها عطنا، تشتري مولدات مكة و الطائف، تختارهن علي عينك، و تعطي فيهن مال غيرك، و اني لأقسم بالله ربي و ربك رب العزة، ما يسرني أن ما أخذت من أموالهم لي حلال أدعه لعقبي ميراثا، فلا غرو، و أشد باغتباطك تأكله رويدا رويدا، فكأن قد بلغت المدي، و عرضت علي ربك، و المحل الذي يتمني الرجعة، و المضيع للتوبة كذلك و ما ذلك، ولات حين مناص! والسلام.
قال: فكتب اليه عبدالله بن عباس: أما بعد، فقد أكثرت علي، فوالله لأن ألقي الله بجميع ما في الأرض من ذهبها و عقيانها أحب الي من أن ألقي الله بدم رجل مسلم.
الامام علي عليه‌السلام - من كتاب له الي بعض عماله -: أما بعد، فاني كنت أشركتك في أمانتي، و جعلتك شعاري و بطانتي، و لم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي لمواساتي و موازرتي، و أداء الأمانة الي، فلما رأيت الزمان علي ابن‌عمك قد كلب، و العدو قد حرب، و أمانة الناس قد خزيت، و هذه الامة قد فنكت و شغرت، قلبت لابن عمك ظهر المجن، ففارقته مع المفارقين، و خذلته مع الخاذلين، و خنته مع الخائنين، فلا ابن‌عمك آسيت، و لا الأمانة أديت.
و كأنك لم تكن الله تريد بجهادك، و كأنك لم تكن علي بينة من ربك، و كأنك انما كنت تكيد هذه الامة عن دنياهم، و تنوي غرتهم عن فيئهم، فلما أمكنتك الشدة في خيانة الامة أسرعت الكرة، و عاجلت الوثبة، و اختطفت ما قدرت عليه من أموالهم المصونة لأراملهم و أيتامهم اختطاف الذئب الأزل دامية المغزي الكسيرة، فحملته الي الحجاز رحيب الصدر بحمله، غير متأثم من أخذه، كأنك - لا أبا لغيرك - حدرت الي أهلك تراثك من أبيك و امك، فسبحان الله! أما تؤمن بالمعاد؟ أو ما تخاف نقاش الحساب؟ أيها المعدود - كان - عندنا من اولي الألباب، كيف تسيغ شرابا و طعاما، و أنت تعلم أنك تأكل حراما، و تشرب حراما، و تبتاع الاماء و تنكح النساء من أموال اليتامي و المساكين و المؤمنين و المجاهدين، الذين أفاء الله عليهم هذه الأموال، و أحرز بهم هذه البلاد! فاتق الله واردد الي هؤلاء القوم أموالهم، فانك ان لم تفعل ثم أمكنني الله منك لاعذرن الي الله فيك، و لأضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحدا الا دخل النار!
و والله لو أن الحسن و الحسين فعلا مثل الذي فعلت، ما كانت لهما عندي هوادة، و لا ظفرا مني بارادة، حتي اخذ الحق منهما، و ازيح الباطل عن مظلمتهما، و اقسم بالله رب العالمين ما يسرني أن ما أخذته من أموالهم حلال لي، أتركه ميراثا لمن بعدي، فضح رويدا، فكأنك قد بلغت المدي، و دفنت تحت الثري، و عرضت عليك أعمالك بالمحل الذي ينادي الظالم فيه بالحسرة، و يتمني المضيع فيه الرجعة، و لات حين مناص!.
عيون الأخبار لابن قتيبة: وجدت في كتاب لعلي بن أبي‌طالب كرم الله وجهه ابن‌عباس حين أخذ من مال البصرة ما أخذ:
اني أشركتك في أمانتي و لم يكن رجل من أهلي أوثق منك في نفسي، فلما رأيت الزمان علي ابن عمك قد كلب، و العدو قد حرب، قلبت لابن عمك ظهر المجن بفراقه مع المفارقين، و خذلانه مع الخاذلين، و اختطفت ما قدرت عليه من أموال الامة اختطاف الذئب الأزل دامية المعزي.
و في الكتاب: ضح رويدا فكأن قد بلغت المدي، و عرضت عليك أعمالك بالمحل الذي به ينادي المغتر بالحسرة، و يتمني المضيع التوبة، و الظالم الرجعة.
تاريخ الطبري: خرج عبدالله بن العباس من البصرة و لحق مكة في قول عامة أهل السير، و قد أنكر ذلك بعضهم، و زعم أنه لم يزل بالبصرة عاملا عليها من قبل أميرالمؤمنين علي عليه‌السلام حتي قتل، و بعد مقتل علي حتي صالح الحسن معاوية، ثم خرج حينئذ الي مكة.
تاريخ اليعقوبي: كتب أبوالأسود الدؤلي - و كان خليفة الله عبدالله بن عباس بالبصرة - الي علي يعلمه أن عبدالله أخذ من بيت‌المال عشرة آلاف درهم، فكتب اليه يأمره بردها، فامتنع، فكتب يقسم له بالله لتردنها.
فلما ردها عبدالله بن عباس، أو رد أكثرها، كتب اليه علي: أما بعد، فان المرء يسره درك ما لم يكن ليفوته، و يسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه، فما أتاك من الدنيا فلا تكثر به فرحا، و ما فاتك منها فلا تكثر عليه جزعا، و اجعل همك لما بعد الموت، والسلام.
فكان ابن‌عباس يقول: ما اتعظت بكلام قط اتعاظي بكلام أميرالمؤمنين..
«كلام فيما نسب الي ابن‌عباس من الخيانة»
من الملاحظات المهمة في حياة ابن‌عباس موضوع بيت‌المال بالبصرة؛ فقد جاء في المصادر التاريخية و الحديثية كتاريخ الطبري، و الكامل في التاريخ، و أنساب الأشراف، و رجال الكشي، و نهج‌البلاغة و أمثالها أنه أخذ من بيت مال البصرة، و تختلف أنظار الباحثين حول هذا الموضوع علي أقوال:
أ - أنكره بعض الباحثين و علماء الرجال نظرا الي:
- ضعف الأسانيد.
- جلالة ابن‌عباس و علمه و فضله.
- ارتباطه الوثيق بالامام علي عليه‌السلام و اخلاصه له وحبه اياه.
- دور الامويين في تشويه سمعة أصحاب الامام عليه‌السلام.
ب - اعترف قسم منهم ببعض ما حصل، لأنه ورد في كتب كثيرة، و تناقله الناس آنذاك، وانتقد ابن‌عباس عليه يومئذ، فلم ير هؤلاء أن انكاره أمر سهل.
ج - أقر بعضهم بأصل الموضوع و بتذكير الامام عليه‌السلام اياه، فذهبوا الي أنه وقف علي خطئه، و أعاد أكثر الأموال أو بعضها.و هذا ما ذكره اليعقوبي في تاريخه.و يبدو أن اليعقوبي قد تفرد في نقله، غير أنه يمكن أن يكون مفيدا في تحليل الموضوع.
النقطة المهمة التي ينبغي ألا ننساها في مثل هذه الموضوعات هي دورالمفتعلين للحوادث و المرجفين.و قد وقف حسن بن زين الدين المشهور بصاحب المعالم علي دور الأمويين في اختلاق هذه الحادثة، و أكده باحثون مثل السيد جعفر مرتضي العاملي.
و سيتيسر علينا فهم هذه النقطة اذا عرفنا أن ابن‌عباس - نظرا الي مكانته السامية و سمعته العلمية التي لاتنكر - ان المدافع الشجاع عن علي و آل علي: في ذلك العهد الأموي الأسود، كما كان المنتقد الجري‌ء للأمويين و الكاشف عن فضائحهم.علما أننا لانقول بعصمته، و لا ننكر احتمال خطئه، بيد أنا نستبعد قبول جميع ما جاء في كتب التاريخ حول هذا الموضوع، و لا نراه لائقا بشأن ابن‌عباس.
و لذا قال ابن أبي‌الحديد: قد أشكل علي أمر هذا الكتاب، فان أنا كذبت النقل و قلت: هذا كلام موضوع علي أميرالمؤمنين عليه‌السلام، خالفت الرواة، فانهم قد أطبقوا علي رواية هذا الكلام عنه، و قد ذكر في أكثر كتب السير، و ان صرفته الي عبدالله بن عباس صدني عنه ما أعلمه من ملازمته لطاعة أميرالمؤمنين عليه‌السلام في حياته و بعد وفاته، و ان صرفته الي غيره لم أعلم الي من أصرفه من أهل أميرالمؤمنين عليه‌السلام، و الكلام يشعر بأن الرجل المخاطب من أهله و بني عمه، فأنا في هذا الموضوع من المتوقفين!
(راجع: أنساب الأشراف: ج 4، حلية الأولياء: ج 1، فضائل الصحابة لابن‌حنبل: ج 2، التاريخ الكبير: ج 5، سير أعلام النبلاء: ج 3، تاريخ بغداد: ج 1، تاريخ مدينة دمشق: ج 29، سير أعلام النبلاء: ج 3، تاريخ الطبري: ج 4، العقد الفريد: ج 3، الامامة و السياسة: ج 1، مروج الذهب: ج 2، الأخبار الطوال، الفتوح: ج 4، عيون الأخبار لابن قتيبة: ج 1، البداية و النهاية: ج 8؛ الارشاد، الجمل، وقعة صفين، كفاية الأثر، بشارة المصطفي، المناقب لابن شهر آشوب: ج 3، نهج الحق،...) و قد ذكرنا هذا الموضوع مفصلا مع مصادره في كتاب «مكاتيب الامام علي عليه‌السلام».
[148] الأحزاب: 53.
[149] المحجمة: أداة الحجم، و القارورة التي يجمع فيها دم الحجامة.
[150] الأمالي للطوسي: ص 158 ح 267، بحارالانوار: ج 44 ص 151، اثبات الهداة: ج 5 ص 170، أعيان الشيعة: ج 4 ص 79.
[151] مدينة المعاجز: ج 3 ص 366 الرقم 931.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.