موسوعة كلمات الامام الحسن عليه السلام

اشارة

المولف:مجله حوزه
الناشر:مجله حوزه

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
من نعم الله جل جلاله علي الانسان نعمة العقل الثمينة، و لارادة و حكمة و رحمة رب العالمين لم يجعل هذه النعمة ناقصة، و هو وسيلة للوصول الي معرفة الله ولكنه لا يستطيع وحده و لذا لم يترك الانسان حيران في طريق معرفته، بل أرسل علي مدي التأريخ الطويل الأنبياء الذين هم نور الهداية و مشعل نجاة الانسان من الضلالة و الضياع، و لا نقاذه من الجهل و الأنانية، و لكي يوصلوا الناس الي صراط المستقيم.
و قد أتم هذه النعمة عندما أرسل خاتم الأنبياء محمد صلي الله عليه و آله بأكمل الأديان، و أخلد الكتب، و ختم به الأنبياء.
و من هنا فقد أقسم أعداء الناس بان يتربصوا بأولئك الذين يسيرون في طريق السعادة لاضلالهم [1] .
و كتاب بهذه المنزلة، و دين بهذا الكمال يحتاج الي مفسرين أمناء، ولديهم المعرفة بالأسرار الالهية، و أن يكونوا حماة أقوياء.
و قد من الله عزوجل علي أمة النبي صلي الله عليه و آله، و أوصل في ذلك الزمان الدين الي أكمل مراحله، و النعمة الي أعلي درجاتها [2] ، حيثما أمر الله عزوجل، رسول الرحمة صلي الله عليه و آله في آخر سنة من حياته، في حجة الوداع بأن يعرف و بصورة علنية و قانونية

[ صفحه 6]

الخليفة، و الامام لهذه الأمة من بعده [3] .
و قد يئس الأعداء من هذا الأمر، لما أمر الله عزوجل رسوله صلي الله عليه و آله بأن لا يخشي الأعداء من ابلاغ هذا الأمر [4] ، قام رسول الله صلي الله عليه و آله بهذا الأمر و بلغ الرسالة علي أكمل وجه.
و بعد سبعين يوما من تبليغ رسالة ربه هذه لبي نداء ربه عزوجل و انتقل الي رحمة الله الواسعة.
و في هذه المرحلة جند الشيطان جنوده و استخدم جميع حيله و مكائده، وبدأ باثارة النزعات الدنيوية للانانيين و الحاسدين، و التابعين لهوي أنفسهم، ممن يتطلعون الي الرئاسة و حب الدنيا، و لكي يحرفوا الأمة عن الطريق الذي عينه لهم الله و رسوله، غصبوا الامامة التي هي حق من حقوق أميرالمؤمنين علي عليه‌السلام، فحرموا البشرية من عدالة الامام عليه‌السلام بعد رسول الله صلي الله عليه و آله.
و لاقصاء أميرالمؤمنين عليه‌السلام عن الخلافة آثار سلبية تبقي الي قيام يوم الدين، و ما دام الانسان علي سطح الأرض حتي قيام الساعة فان كل ظلم وقع علي مظلوم، و كل انسان انحرف عن الصراط المستقيم فان الله سبحانه و تعالي قد جعل ذنوبهم علي أولئك الذين منعوا اشراق الحق و ظهور كنوز العدل الالهي.
و تشمل لعنات العترة الطاهرة و أهل الحق و العدالة أولئك المسببين لهذا الظلم من الأولين و الآخرين بقولهم المتكرر علي طول التاريخ: «اللهم اللعن أول ظالم ظلم حق محمد و آل محمد...»
و يمكننا أن ندعي و نقول: بأن الشيطان نجح مرتين في استغفال و اضلال الانسان منذ أن خلق الله، آدم أباالبشر و الي يوم القيامة.
ففي المرة الأولي: أضل آدم و حواء بحجة الخلود [5] فغضب الله علي

[ صفحه 7]

الشيطان و طرده [6] .
و في المرة الثانية: استطاع الشيطان و بكل قدراته و جنوده أن يحرك المنافقين الذين اتبعوه، فقد حرموا الأمة الاسلامية، من الاستفادة من الامامة المفترضة التي جاءت لتعطي استمرارية لرسالة الرسول صلي الله عليه و آله.
و من هنا فقد اعتبر هذا منشأ الظلم و الجرائم المتعددة علي المسلمين خاصة، و علي الانسانية بصورة عامة.
و يا ليت لم تتحمل هذه الأمة المتعطشة للامامة و العدالة الخسارة و الأضرار كل هذه الفترة الطويلة.
نعم ان فترة الخمسة و عشرين عاما قد مرت علي الامام علي عليه‌السلام كما يصفها هو: و جرعت ريقي علي الشجا، و صبرت من كظم الغيظ علي أمر من العلقم، و آلم للقلب من و خز الشفار، و كم من مصائب و فتن قد حلت بالمسلمين، و كم من بدع ابتدعت و دست في الدين، الي أن انفجر الناس من الظلم و فقدان العدالة، فطلبوا العدالة العلوية و باصرارهم علي الامام علي عليه‌السلام بقبول الخلافة و التصدي لها.
و من أهم المشاكل التي واجهت الامام عليا عليه‌السلام في بداية خلافته، ما كان سائدا في ذلك الوقت و قبل مجي‌ء الامام علي عليه‌السلام للحكم من النهب الذي كان يتعرض له بيت المال، و أولئك الذين كانوا و لسنوات طويلة يرتعون في بيت المال و من دون أن يكون عليهم رقيب، فأولئك لم يتحملوا عدالة الامام علي عليه‌السلام لذا قاموا بنقض البيعة، و اثارة الفتن.
و مرت هذه الفترة المليئة بالمصائب و الفتن، و نقض البيعة، و البغض و العداوة، الي أن لبي نداء ربه ليلة القدر بضربة علي هامته الشريفة و عرج بروحه الي الرفيق الأعلي و استراح من آلام الدنيا و مصائبها.

[ صفحه 8]

و بما أنه لا يمكن للأرض أن تبقي من دون حجة لذا انتقلت الامامة بعد شهادة الامام علي عليه‌السلام الي ابنه الحسن عليه‌السلام ليقوم بقيادة سفينة الأمة التي كانت تسير في بحر هائج، و كانت قيادة الامام الحسن عليه‌السلام في وقت كان فيه معاوية قد سيطر علي بلاد الشام لسنوات طويلة، و كان معه كل أولئك المعاندين، و الذين هربوا من الحق، و الذين امتلئت بطونهم بالحرام، و كذلك الذين نهبوا بيت المال، و هربوا من العدالة، و يمكننا أن نعبر عن هؤلاء و من نهج نهجهم في جملة واحدة و هي: انهم كانوا أهل الباطل.
و قد كان الامام الحسن عليه‌السلام يواجه جبهتين: الأولي هم أعداؤه الذين تقدم ذكرهم، و الجبهة الثانية: هم أصحابه الذين فقدوا الاستقامة و المساعدة له، كما هو واضح من خطابه الي أهل الكوفة حيث يقول: «قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي» [7] .
و لقد وصلت مظلومية الامام الحسن عليه‌السلام الي حد تجرأ بعض قادة جيشه و هرب الي معاوية، و تجرأ البعض الآخر من قادته بالهجوم علي خيمته و سحبوا مصلاه من تحته، و جروه من قميصه و جرحوه.
و في هذه الموسوعة ذكرنا جانبا من هذه الواقعة المؤلمة التي جرت علي هذا الامام المظلوم عليه‌السلام.
و في مثل هذه الظروف لم تكن لدي الامام الحسن عليه‌السلام أية وسيلة الا قبول الصلح. و مع ذلك فقد كان بشروط لو نفذها معاوية لكان انتصار للامام الحسن عليه‌السلام.
و هكذا كانت مواقف أولئك الذين أظهروا الاسلام علي ألسنتهم و ابطنوا الكفر و هم للعهد ناقضون.
و استطاع الامام الحسن عليه‌السلام بهذه السياسة و التدبير العقلائي و في تلك الظروف الحساسة أن يحافظ علي بيضة الاسلام، و فشل الذين كانوا يريدون هدم الاسلام

[ صفحه 9]

بمهاجمتهم سياسة الامام الحسن عليه‌السلام الحكيمة، والله عزوجل أعلم حيث يجعل رسالته.
و لو مر الامام الحسين عليه‌السلام، أو أحد الأئمة عليهم‌السلام بمثل الظروف التي مر بها الامام الحسن عليه‌السلام لا تخذ نفس الموقف الذي اتخذه الامام الحسن عليه‌السلام، لأن الأئمة عليهم‌السلام كانوا يعملون حسب تعاليم الله عزوجل، سواءا نهضوا أو اخفوا تحركهم لظروف معينة، كما قال رسول الله صلي الله عليه و آله: «الحسن و الحسين امامان قاما أو قعدا» [8] .
و لمعرفة أبعاد شخصية و حياة الامام الحسن عليه‌السلام، و ملابسات مظلوميته في تلك الظروف و كيف تعامل معه أصحابه و أعداؤه، يجب ذكر كل ما ورد عن الامام عليه‌السلام من خطب و كلمات و رسائل و كل شي‌ء صدر عن الامام عليه‌السلام، و لكي يستفاد منها الدروس و العبر، و من شخصية الامام عليه‌السلام سواء الأخلاقية أو العبادية، أو السياسية... و نأخذ دروسا من تقواه و صبره و مقاومته و شجاعته، و نستضي‌ء بهذا النور لاجتياز المخاطر الموجودة علي الصراط المستقيم.
و لما لم يكن هناك كتاب جامع لكلمات و أقوال الامام الحسن عليه‌السلام أو مصادرها، أخذ معهد باقر العلوم عليه‌السلام للأبحاث علي عاتقه جمع كلمات السبط الأكبر و الامام المعصوم الثاني عليه‌السلام و بحمد الله و بجهود قسم الحديث في معهد باقر العلوم للأبحاث تم استخراجها و تنظيمها علي هذا النحو:
الجزء الأول: في كلماته حسب التاريخ.
الفصل الأول: كلماته في زمن النبي صلي الله عليه و آله.
الفصل الثاني: كلماته في زمن أبيه علي عليه‌السلام.
الفصل الثالث: كلماته في زمن امامته.
الجزء الثاني: في كلماته حسب الموضوعات:
الفصل الأول: في العقائد.

[ صفحه 10]

الفصل الثاني: في الأحكام.
الفصل الثالث: في الأخلاق.
الفصل الرابع: في الأدعية.
طريقة العمل:
أما طريقة العمل فقد كانت كما هي في موسوعة كلمات الامام الحسين عليه‌السلام و التي ذكرناها هناك، و لا حاجة لتكرارها، و نذكر هنا فقط الأمور المستحدثة في طريقة عمل هذه الموسوعة، و هي:
1- حاولنا عدم ذكر الأحاديث المشتركة بين الامام الحسن و الحسين عليهماالسلام و التي أوردناها في موسوعة كلمات الامام الحسين عليه‌السلام تجنبا للتكرار.
2- قمنا في هذه الموسوعة بجمع كلمات و أعمال الامام عليه‌السلام و تجنبنا ذكر سيرته الكاملة لأنها سوف تخرج عن قريب تحت عنوان موسوعة سنن المعصومين عليهم‌السلام.
3- و بما أنه لم ينقل عن الامام الحسن عليه‌السلام أشعار كثيرة لذا لم نجعل لها فصلا مستقلا، و انما ذكرناها في المواضيع التي وردت فيها.
و نرجوا من عملنا هذا أن نكون مورد عناية و نظر و قبول ذلك الامام المظلوم عليه‌السلام، و نستلهم العبر من خطاباته، و نتأسي بشجاعته و صبره و أخلاقه و عبادته، و أن نكون علي الخط الواقعي لولاية أهل البيت عليهم‌السلام و من السائرين علي الصراط المستقيم.
و في الختام نشكر كافة الأخوة الذين ساهموا في نشر هذه الموسوعة القيمه، و نرجو بل نطلب من جميع الباحثين الأجلاء و القرآء الكرام، ارسال ارشاداتهم و نصائحهم لا كمال هذا الأثر في الطبعات اللاحقة و آخر دعواهم ان الحمدلله رب العالمين.
قسم الحديث في معهد باقر العلوم عليه‌السلام للأبحاث قم المقدسة

[ صفحه 15]

كلماته حسب التاريخ

كلمات الامام الحسن في زمن النبي

استماعه الوحي في صغره

[9] - 1 - روي ابن شهرآشوب:
عن أبي‌السعادات في «الفضائل» أنه أملي الشيخ أبوالفتوح في مدرسة الناجية ان الحسن بن علي عليهماالسلام كان يحضر مجلس رسول الله صلي الله عليه و آله و هو ابن سبع سنين فيسمع الوحي فيحفظه فيأتي أمه فيلقي اليها ما حفظه، كلما دخل علي عليه‌السلام وجد عندها علما بالتنزيل فيسألها عن ذلك فقالت: من ولدك الحسن، فتخفي يوما في الدار، و قد دخل الحسن و قد سمع الوحي فأراد أن يلقيه اليها فأرتج عليه، فعجبت أمه من ذلك، فقال: لا تعجبين [لا تعجبي] يا أماه فان كبيرا يسمعني، فاستماعه قد أوقفني، فخرج علي عليه‌السلام فقبله.
و في رواية: يا أماه قل بياني و كل لساني لعل سيدا يرعاني [9] .

جزاء زيارة النبي و علي و سبطيه

[11] - 2 - قال الصدوق:
حدثنا محمد بن موسي بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن الحسين

[ صفحه 16]

السعد آبادي، عن أحمد بن أبي‌عبدالله البرقي، عن عثمان بن عيسي، عن المعلي ابن [أبي] شهاب عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام، قال: قال الحسن بن علي عليهماالسلام لرسول الله صلي الله عليه و آله: يا أبتاه ما جزاء من زارك؟ فقال رسول الله صلي الله عليه و آله: يا بني من زارني حيا و ميتا أو زار أباك أو زار أخاك أو زارك كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة فاخلصه من ذنوبه. [10] .
[12] - 3 - قال ابن‌قولويه:
حدثني علي بن الحسين عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسي، عن المعلي بن أبي‌شهاب، عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال: قال الحسن لرسول الله صلي الله عليه و آله: يا أبه ما جزاء من زارك؟ فقال رسول الله صلي الله عليه و آله: يا بني من زارني حيا و ميتا أو زار أباك كان حقا علي الله عزوجل أن أزوره يوم القيامة فاخلصه من ذنوبه [11] .
[13] - 4 - قال الصدوق:
حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس رحمه الله، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي‌الخطاب، قال: حدثني عثمان بن عيسي، عن العلاء بن المسيب، عن أبي‌عبدالله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم‌السلام، قال: قال الحسن بن علي عليهماالسلام لرسول الله صلي الله عليه و آله: يا أبه، ما جزاء من زارك؟ فقال: من زارني أو زار أباك أو زارك أو زار أخاك، كان حقا علي أن أزوره يوم القيامة حتي اخلصه من ذنوبه [12] .
[14] - 5 - روي الشيخ الطوسي:
عن محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن علي الكوفي، قال: حدثنا أبوعمرو عثمان بن أحمد بن عبدالله، قال: حدثني القاضي أبواسحاق ابراهيم بن محمد بن

[ صفحه 17]

عبدالله الرازي، قال: حدثنا عبدالرحمن بن محمد الحسني، قال: حدثنا محمد بن الحسن الفارسي، قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا ابراهيم بن عبدالله بن حسين بن عثمان بن معلي بن جعفر، قال: قال الحسن بن علي عليهماالسلام: يا رسول الله ما لمن زارنا؟ قال: من زارني حيا أو ميتا أو زار أباك حيا أو ميتا أو زار أخاك حيا أو ميتا أو زارك حيا أو ميتا كان حقا علي أن استنقذه يوم القيامة [13] .
[6] - 6 - روي الشيخ الطوسي:
عن سعد بن عبدالله بن أبي‌خلف، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن محمد بن خالد البرقي، عن القاسم بن يحيي، عن جده الحسن بن راشد، عن عبدالله بن سنان، عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام، قال: بينا الحسن بن علي عليهماالسلام في حجر رسول الله صلي الله عليه و آله اذ رفع رأسه فقال: يا أبه لمن زارك بعد موتك؟ فقال يا بني من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنة، و من أتي أباك زائرا بعد موته فله الجنة، و من أتي أخاك زائرا بعد موته فله الجنة، و من أتاك زائرا بعد موتك فله الجنة [14] .

مكانته عند النبي

[7] - 7- روي الطوسي:
عن الحسن بن علي عليهماالسلام انه قال: حباني النبي صلي الله عليه و آله بكلتا يديه بالورد و قال: هذا سيد ريحان أهل الدنيا و الآخرة [15] .

[ صفحه 18]

طعام الجنة

[8] - 8 - قال الراوندي:
ان سلمان قال: ان فاطمة قالت: يا رسول الله ان الحسن و الحسين جائعان. فقال صلي الله عليه و آله لهما: ما لكما يا حبيبي؟
قالا: نشتهي طعاما.
فقال صلي الله عليه و آله: اللهم أطعمهما طعاما.
قال سلمان: فنظرت فاذا بيد النبي صلي الله عليه و آله سفر جلة مشبهة بالجرة الكبيرة أشد بياضا من اللبن، ففركها بابهامه فصيرها نصفين، و دفع نصفها للحسن و نصفها للحسين، فجعلت أنظر اليها و اني أشتهي، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله: هذا طعام من الجنة لا يأكله أحد - حتي ينجو من الحساب - غيرنا، و انك علي خير [16] .

اوامر النبي في الأضحية

[9] - 9 - قال الطبراني:
حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي، حدثنا عبدالله بن صلاح، حدثني الليث، حدثني اسحاق بن بزرخ، عن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال:
أمرنا رسول الله صلي الله عليه و آله أن نلبس أجود ما نجد، و أن نتطيب بأجود ما نجد، و أن نضحي بأسمن ما نجد، البقرة عن سبعة، و الجزور عن عشرة و أن نظهر التكبير و علينا السكينة و الوقار [17] .

[ صفحه 19]

اسماء الأئمة

[10] - 10 - قال الخزاز:
حدثني علي بن الحسين بن محمد، قال: حدثنا عتبة بن عبدالله الحصمي بمكة قراءة عليه سنة ثمانين و ثلاثمائة [قال: حدثنا موسي القطقطاني [الغطغاني] ، قال حدثنا أحمد بن يوسف] ، قال: حدثنا حسين بن زيد بن علي، قال: حدثنا عبدالله ابن حسين [حسن] بن حسن، عن أبيه، عن الحسن عليه‌السلام قال: خطب رسول الله صلي الله عليه و آله يوما فقال بعد ما حمد الله و أثني عليه: معاشر الناس كأني أدعي فأجيب، و اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي، ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا، فتعلموا منهم و لا يتعلموهم فانهم أعلم منكم، لا يخلو الارض منهم، و لو خلت اذا لساخت بأهلها.
ثم قال عليه‌السلام اللهم اني أعلم أن العلم لا يبيد و لا ينقطع، و انك لا تخلي أرضك من حجة لك علي خلقك ظاهر ليس بالمطاع أو خائف مغمور [18] لكيلا تبطل [يبطل] حجتك و لا تضل [يضل] أولياؤك بعد اذ هديتهم، أولئك الأقلون عددا الأعظمون قدرا عند الله.
فلما نزل عن منبره قلت: يا رسول الله أما أنت الحجة علي الخلق كلهم؟ قال صلي الله عليه و آله: يا حسن ان الله يقول: (انما أنت منذر و لكل قوم هاد) [19] فأنا المنذر و علي الهادي.

[ صفحه 20]

قلت: يا رسول الله فقولك ان الأرض لا تخلو من حجة؟ قال: نعم علي هو الامام و الحجة بعدي، و أنت الحجة و الامام بعده، و الحسين الامام و الحجة بعدك، و لقد نبأني اللطيف الخبير أنه يخرج من صلب الحسين غلام يقال له علي سمي جده علي، فاذا مضي الحسين أقام بالأمر بعده علي ابنه و هو الحجة و الامام، و يخرج الله من صلبه ولدا سمي و أشبه الناس بي، علمه علمي، و حكمه حكمي هو الامام و الحجة بعد أبيه، و يخرج الله تعالي من صلبه مولودا يقال له جعفر أصدق الناس قولا و عملا هو الامام و الحجة بعد أبيه، و يخرج الله تعالي من صلب جعفر مولودا [يقال له موسي] سمي موسي بن عمران عليه‌السلام أشد الناس تعبدا فهو الامام و الحجة بعد أبيه، و يخرج الله تعالي من صلب موسي ولدا يقال له علي، معدن علم الله و موضع حكمه فهو الامام و الحجة بعد أبيه، و يخرج الله تعالي من صلب علي مولودا يقال له محمد، فهو الامام و الحجة بعد أبيه، و يخرج الله تعالي من صلب محمد مولودا يقال له علي، فهو الحجة و الامام بعد أبيه، و يخرج الله تعالي من صلب علي مولودا يقال له الحسن، فهو الامام و الحجة بعد أبيه، و يخرج الله تعالي من صلب الحسن الحجة القائم امام شيعته [زمانه] و منقذ أوليائه، يغيب حتي لا يري فيرجع عن أمره [قوم] و يثبت آخرون و يقولون: (متي هذا الوعد ان كنتم صادقين)، و لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله عزوجل ذلك حتي يخرج قائمنا فيملأها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما، فلا تخلوا الأرض [منكم] ، أعطاكم الله علمي و فهمي و لقد دعوت الله تبارك و تعالي أن يجعل العلم و الفقه في عقبي و عقب عقبي و مزرعي [زرعي] وزرع زرعي [20] .

[ صفحه 21]

ذكره كلام النبي بتوبيخ اليهود

[11] - 11 - عن التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام:
قال الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام: ان الله تعالي لما وبخ [هؤلاء] اليهود علي لسان رسول الله صلي الله عليه و آله، و قطع معاذيرهم، و أقام عليهم الحجج الواضحة بأن محمدا سيد النبيين و خير الخلائق أجمعين و أن عليا سيد الوصيين، و خير من يخلفه بعده في المسلمين، و أن الطيبين من آله هم القوام بدين الله، و الأئمة لعباد الله، و انقطعت معاذيرهم و هم لا يمكنهم ايراد حجة و لا شبهة فجاؤوا [فلجأوا] الي أن كابروا، فقالوا: لا ندري ما تقول، و لكنا نقول ان الجنة خالصة لنا من دونك يا محمد، و دون علي و دون أهل دينك و أمتك، انا بكم مبتلون ممتحنون و نحن أولياء الله المخلصون، و عباده الخيرون، و مستجاب دعاؤنا، غير مردود علينا بشي‌ء، من سؤالنا ربنا فلما قالوا ذلك الله تعالي لنبيه صلي الله عليه و آله، قل يا محمد لهؤلاء اليهود (ان كانت لكم الدار الآخرة) الجنة و نعيمها (خالصة من دون الناس) محمد و علي و الأئمة و سائر الأصحاب و مؤمني الأمة و أنكم بمحمد و ذريته ممتحنون و أن دعاءكم مستجاب غير مردود (فتمنوا الموت) للكاذبين منكم و من مخالفيكم، فان محمدا و عليا و ذويهما يقولون: انهم أولياء الله عزوجل من دون الناس الذين يخالفونهم في دينهم، و هم المجاب دعاؤهم فان كنتم معاشر اليهود كما تدعون فتمنوا الموت للكاذب منكم و من مخالفيكم (ان كنتم صادقين) [21] بأنكم [أنكم] أنتم المحقون المجاب دعاؤكم علي مخالفيكم فقولوا:

[ صفحه 22]

اللهم أمت الكاذب منا و من مخالفينا ليستريح منه الصادقون، و ليزداد حجتك وضوحا بعد أن قد صحت و وجبت، ثم قال لهم رسول الله صلي الله عليه و آله بعد ما عرض هذا عليهم: لا يقولها أحد منكم الا غص بريقه فمات مكانه و كانت اليهود عالمين بأنهم هم الكاذبون و أن محمدا و عليا و مصدقيهما هم الصادقون، فلم يجسروا أن يدعوا بذلك، لعلمهم بأنهم ان دعوا فهم الميتون، فقال الله تعالي: (و لن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم) يعني اليهود لن يتمنوا الموت بما قدمت أيديهم من الكفر بالله و بمحمد و رسوله و نبيه و صفيه، و بعلي أخي نبيه و وصيه، و بالطاهرين من الأئمة المنتجبين، فقال تعالي: (و الله عليم بالظالمين) [22] يعني اليهود أنهم لا يجسرون أن يتمنوا الموت للكاذب، لعلمهم بأنهم هم الكاذبون، و لذلك أمرتك أن تبهرهم بحجتك، و تأمرهم أن يدعوا علي الكاذب ليمتنعوا من الدعاء، و يتبين للضعفاء أنهم هم الكاذبون... [23] .

هداية الاعرابي

[12] - 12 - قال ابن‌حمزة:
[روي] عن الباقر عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام، عن حذيفة، قال: بينا رسول الله صلي الله عليه و آله علي جبل احد في جماعة من المهاجرين و الأنصار اذ أقبل الحسن بن علي عليه‌السلام يمشي علي هدوء و وقار، فنظر اليه رسول الله صلي الله عليه و آله فرمقه من كان معه، فقال له بلال: يا رسول الله صلي الله عليه و آله ما تري أحدا بأحد؟! فقال صلي الله عليه و آله: «ان جبرئيل عليه‌السلام يهديه،

[ صفحه 23]

و ميكائيل يسدده، و هو ولدي و الطاهر من نفسي، و ضلع من أضلاعي، هذا سبطي و قرة عيني بأبي هو.»
و قام، و قمنا معه، و هو يقول: «أنت تفاحي و أنت حبيبي و بهجة قلبي» و أخذ بيده، [فمشي معه] و نحن نمشي حتي جلس و جلسنا حوله، فنظرنا الي رسول الله صلي الله عليه و آله و هو لا يرفع بصره عنه، ثم قال: «انه سيكون بعدي هاديا مهديا، هدية من رب العالمين لي، ينبي‌ء عني، و يعرف الناس آثاري و يحيي سنتي، و يتولي أموري في فعله، و ينظر الله تعالي اليه، و يرحمه، رحم الله من عرف له ذلك و برني فيه، و أكرمني فيه». فما قطع صلوات الله عليه و آله كلامه حتي أقبل الينا أعرابي يجر هراوة له، فلما نظر اليه صلي الله عليه و آله قال: «قد جاءكم رجل يكلمكم بكلام غليظ تقشعر منه جلودكم، و أنه يسألكم عن أمور الا أن لكلامه جفوة».
فجاء الأعرابي فلم يسلم، فقال: أيكم محمد؟ قلنا: ما تريد؟ فقال صلي الله عليه و آله: «مهلا» فقال: يا محمد، قد كنت أبغضك و لم أرك، و الآن قد ازددت لك بغضا، فتبسم رسول الله صلي الله عليه و آله و غضبنا لذلك فأردنا للأعرابي ارادة، فأومأ الينا رسول الله صلي الله عليه و آله أن أمسكوا، فقال الأعرابي يا محمد انك تزعم أنك نبي، أنك قد كذبت علي الأنبياء و ما معك من دلائلهم شي‌ء.
فقال النبي صلي الله عليه و آله: «يا أعرابي، و ما يدريك؟» قال: فخبرني ببراهينك.
قال: «ان أحببت أخبرتك كيف خرجت من منزلك، و كيف كنت في نادي قومك، و ان أردت أخبرك عضو من أعضائي، فيكون ذلك أوكد لبرهاني» قال: أو يتكلم العضو؟! قال: «نعم، يا حسن قم».

[ صفحه 24]

فازدري الأعرابي نفسه [24] و قال: هو لا يأتي و يأمر صبيا يكلمني؟! قال: «انك ستجده عالما بما تريد» فابتدر الحسن فقال: «مهلا يا أعرابي»

ما غبيا سألت و بن غبي
بل فقيها اذن و أنت الجهول

فان تك قد جهلت فان عندي
شفاء الجهل ما سأل السؤول

و بحرا لا تقسمه الدوالي
تراثا كان أورثه الرسول

لقد بسطت لسانك، و عدوت طورك و خادعتك نفسك، غير أنك لا تبرح حتي تؤمن ان شاء الله تعالي» فتبسم الأعرابي و قال: هيهات.
فقال له الحسن عليه‌السلام: «قد اجتمعتم في نادي قومك، و قد تذاكرتم ما جري بينكم علي جهل، و خرق منكم فزعمتم أن محمدا صنبور [25] ، و العرب قاطبة تبغضه، و لا طالب له بثاره، و زعمت أنك قاتله و كاف قومك مؤونته، فحملت نفسك علي ذلك و قد أخذت قضائك [26] بيدك تؤمه و تريد قتله، تعسر عليك مسلكك، و عمي عليك بصرك و أبيت الا ذلك فأتيتنا خوفا من أن يستهزؤا بك، و انما جئت لخير يراد بك.
أنبئك عن سفرك: خرجت في ليلة ضحياء، اذ عصفت ريح شديدة اشتد منها ظلماؤها و أطبقت سماؤها و أعصر سحابها و بقيت محرنجما كالأشقر ان تقدم نحر، و ان تأخر عقر، لا تسمع لواطي‌ء حسا، و لا لنافخ خرسا تدالت عليك غيومها، و توارت عنك نجومها، فلا تهتدي بنجم طالع، و لا بعلم لامع، تقطع محجة و تهبط لجة بعد لجة في ديمومة قفر، بعيدة القعر، مجحفة بالسفر، اذا علوت مصعدا و أرادت الريح تخطفك، و الشوك تخبطك، في ريح عاصف و برق خاطف، قد

[ صفحه 25]

أوحشتك قفارها، و قطعتك سلامها، فانصرفت فاذا أنت عندنا، فقرت عينك و ظهر زينك، و ذهب أنينك»
قال: من أين قلت - يا غلام - هذا؟! كأنك قد كشفت عن سويداء قلبي، و كأنك كنت شاهدي، و ما خفي عليك شي‌ء من أمري، و كأنك علم الغيب، يا غلام لقني الاسلام.
فقال الحسن عليه‌السلام: «الله اكبر، قل: أشهد أن لا اله الا الله، وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله»
فأسلم الرجل و حسن اسلامه و سر رسول صلي الله عليه و آله، و سر المسلمون و علمه رسول الله صلي الله عليه و آله شيئا من القرآن فقال: يا رسول الله أرجع الي قومي و أعرفهم ذلك. فأذن له، فانصرف ثم رجع و معه جماعة من قومه، فدخلوا في الاسلام و كان الحسن عليه‌السلام اذا نظر اليه الناس قالوا: لقد أعطي هذا ما لم يعط أحد من العالمين [27] .

حمله ذوالفقار الي أمه لتغسله من دم ابن عبدود

[13] - 13 - قال الراوندي:
روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال: لما قتل علي عليه‌السلام عمرو بن عبدود أعطي سيفه الحسن عليه‌السلام و قال: قل لأمك تغسل هذا الصيقل، فرده و علي عليه‌السلام عند النبي صلي الله عليه و آله و في وسطه نقطة لم تنق، قال: أليس قد غسلته الزهراء؟ قال: نعم، قال: فما هذه النقطة؟ قال النبي صلي الله عليه و آله: يا علي سل ذا الفقار يخبرك، فهزه و قال: أليس قد غسلتك

[ صفحه 26]

الطاهرة من دم الرجس النجس؟ فأنطق الله السيف فقال: بلي، ولكنك ما قتلت بي أبغض الي الملائكة من عمرو بن عبدود، فأمرني ربي فشربت هذه النقطة من دمه، و هو حظي منه، فلا تنتضيني يوما الا ورأته الملائكة وصلت عليك [28] .

ذكره كلام النبي بعد فتح خيبر

[14] - 14 - قال السيوطي:
[روي] عن الحسن بن علي عليهماالسلام قال: لما فتح الله علي نبيه صلي الله عليه و آله خيبر دعا بقوسه فاتكأ علي سيتها و حمد الله و ذكر ما فتح الله عليه و نصره و نهي عن خصال عن مهر البغي و عن خاتم الذهب و عن المياثر الحمر و عن لبس الثياب القسي و عن ثمن الكلب و عن أكل لحوم الحمر الأهلية و عن صرف الذهب بالذهب و الفضة بالفضة و بينهما فضل و عن النظر في النجوم [29] .

اشتراطه بالشفاعة لأبي‌سفيان

[15] - 15 - قال الراوندي:
روي محمد بن اسحاق قال: ان أباسفيان جاء الي المدينة ليأخذ تجديد العهد من رسول الله صلي الله عليه و آله فلم يقبل، فجاء الي علي عليه‌السلام قال: هل لابن عمك أن يكتب لنا أمانا؟ فقال: ان النبي صلي الله عليه و آله عزم علي أمر لا يرجع فيه أبدا، و كان الحسن بن علي عليهماالسلام ابن أربعة عشر شهرا، فقال بلسان عربي مبين: «يا ابن‌صخر قل لا اله الا الله محمد

[ صفحه 27]

رسول الله، حتي أكون لك شفيعا الي جدي رسول الله» فتحير أبوسفيان.
فقال علي عليه‌السلام: «الحمدلله الذي جعل في ذرية محمد نظير يحيي بن زكريا»
- و كان الحسن عليه‌السلام يمشي في تلك الحالة - [30] .
[16] - 16 - روي ابن شهرآشوب:
عن محمد بن اسحاق بالاسناد جاء أبوسفيان الي علي عليه‌السلام فقال يا أباالحسن جئتك في حاجة قال: و فيم جئتني قال: تمشي معي الي ابن عمك محمد فتسأله أن يعقد لنا عقدا و يكتب لنا كتابا فقال: يا أباسفيان لقد عقد لك رسول الله عقدا لا يرجع عنه أبدا و كانت فاطمة من وراء الستر و الحسن يدرج بين يديها و هو طفل من أبناء أربعة عشر شهرا فقال لها يا بنت محمد قولي لهذا الطفل يكلم لي جده فيسود بكلامه العرب و العجم فأقبل الحسن عليه‌السلام الي أبي‌سفيان و ضرب احدي يديه علي أنفه و الأخري علي لحيته ثم أنطقه الله عزوجل بأن قال: يا أباسفيان قل لا اله الا الله محمد رسول الله حتي أكون شفيعا.
فقال عليه‌السلام الحمدلله الذي جعل في آل محمد من ذرية محمد المصطفي نظير يحيي ابن زكريا (و آتيناه الحكم صبيا) [31] .

كلامه بعد فتح مكة

[17] - 17 - روي المجلسي عن التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام:
في قوله عزوجل: (و من أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه و سعي

[ صفحه 28]

في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها الا خائفين لهم في الدنيا خزي و لهم في الآخرة عذاب عظيم) [32] قال الامام: قال الحسن بن علي عليهماالسلام لما بعث الله محمدا صلي الله عليه و آله بمكة و أظهر بها دعوته و نشر بها كلمته، وعاب أعيانهم في عبادتهم الأصنام، و أخذوه و أساؤا معاشرته، و سعوا في خراب المساجد المبنية كانت للقوم من خيار أصحاب محمد و شيعة علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام كان بفناء الكعبة مساجد يحيون فيها ما أماته المبطون، فسعي هؤلاء المشركون في خرابها، و أذي محمدا و أصحابه، و ألجاؤه الي الخروج من مكة نحو المدينة التفت خلفه اليها و قال «الله يعلم انني أحبك و لو لا أن أهلك أخرجوني عنك لما آثرت عليك بلدا، و لا ابتغيت عليك بدلا، و اني لمغتم علي مفارقتك» فأوحي الله اليه: يا محمد العلي الأعلي يقرأ عليك السلام، و يقول: سنردك الي هذا البلد ظافرا غانما سالما قادرا قاهرا و ذلك قوله تعالي (ان الذي فرض عليك القرآن لرداك الي معاد) [33] .
يعني الي مكة غانما ظافرا، فأخبر بذلك رسول الله صلي الله عليه و آله أصحابه فاتصل بأهل مكة فسخروا منه، فقال الله تعالي لرسوله سوف يظفرك الله بمكة، و يجري عليهم حكمي، و سوف أمنع عن دخولها المشركين حتي لا يدخلها أحد منهم الا خائفا أو دخلها مستخفيا من أنه ان عثر عليه قتل، فلما حتم قضاء الله بفتح مكة و استوسقت له أمر عليهم عتاب بن أسيد، فلما اتصل بهم خبره قالوا: ان محمد لا يزال يستخف بنا حتي ولي علينا غلاما حدث السن ابن ثمانية عشر سنة، و نحن مشايخ ذوي الأسنان، و جيران حرم الله الآمن، و خير بقعة علي وجه الأرض و كتب رسول الله صلي الله عليه و آله

[ صفحه 29]

لعتاب بن أسيد عهدا علي مكة و كتب في أوله:
من محمد رسول الله صلي الله عليه و آله الي جيران بيت الله الحرام، و سكان حرم الله، أما بعد: فمن كان منكم بالله مؤمنا، و بمحمد رسوله في أقواله مصدقا، و في أفعاله مصوبا، و لعلي أخي محمد رسوله و نبيه و صفيه و وصيه و خير خلق الله بعده مواليا فهو منا و الينا و من كان لذلك أو لشي‌ء منه مخالفا فسحقا و بعدا لأصحاب السعير لا يقبل الله شيئا من أعماله و ان عظم و كبر يصليه نار جهنم خالدا مخلدا أبدا و قد قلد محمد رسول الله عتاب بن أسيد أحكامكم و مصالحكم و قد فوض اليه تنبيه غافلكم، و تعليم جاهلكم، و تقويم أود مضطربكم، و تأديب من زال عن أدب الله منكم لما علم من فضله عليكم من موالاة محمد رسول الله صلي الله عليه و آله و من رجحانه في التعصب لعلي ولي الله فهو لنا خادم و في الله أخ و لأوليائنا موال، و لأعدائنا معاد، و هو لكم سماء ظليلة و أرض زكية، و شمس مضيئة، قد فضله الله علي كافتكم بفضل موالاته و محبته لمحمد و علي و الطيبين من آلهما و حكمه عليكم يعمل بما يريد الله فلن يخليه من توفيقه. كما أكمل من موالاة محمد و علي عليهماالسلام شرفه و حظه لا يؤامر رسول الله و لا يطالعه، بل هو السديد الأمين، فليطمع المطيع منكم بحسن معاملته شريف الجزاء و عظيم الحباء و ليتوقي المخالف له شديد العذاب، و غضب الملك العزيز الغلاب، و لا يحتج محتج منكم في مخالفته بصغر سنه، فليس الأكبر هو الأفضل، بل الأفضل هو الأكبر، و هو الأكبر في موالاتنا و موالاة أوليائنا، و معاداة أعدائنا، فلذلك جعلناه الأمير عليكم و الرئيس عليكم، فمن أطاعه فمرحبا به و من خالفه الله فلا يبعد الله غيره.
قال: فلما وصل اليهم عتاب وقرأ عهده و وقف فيهم موقفا ظاهرا نادي في

[ صفحه 30]

جماعتهم حتي حضروه، و قال لهم: معاشر أهل مكة ان رسول الله صلي الله عليه و آله رماني بكم شهابا محرقا لمنافقكم، و رحمة و بركة علي مؤمنكم و اني أعلم الناس بكم و بمنافقكم و سوف آمرك بالصلاة فيقام بها، ثم أتخلف أراعي الناس فمن وجدته قد لزم الجماعة التزمت له حق المؤمن علي المؤمن و من وجدته قد بعد عنها فتشته فان وجدت له عذرا عذرته، و ان لم أجد له عذرا ضربت عنقه حكما من الله مقضيا علي كافتكم لأطهر حرم الله من المنافقين، أما بعد: فان الصدق أمانة و الفجور خيانة، و لن تشيع الفاحشة في قوم الا ضربهم الله بالذل، قويكم عندي ضعيف حتي آخذ الحق منه و ضعيفكم عندي قوي حتي آخذ الحق له، اتقوا الله و شرفوا بطاعة الله أنفسكم و لا تذلوها بمخالفة ربكم.
ففعل و الله كما قال، و عدل و أنصف و أنفذ الأحكام مهتديا بهدي الله، غير محتاج الي مؤامرة و لا مراجعة [34] .

حشر الناس يوم القيامة

[18] - 18 - قال الطبراني:
حدثنا الحسين بن اسحاق التستري، حدثنا محمد بن أبان الواسطي، حدثنا محمد بن الحسن المزني، عن سعيد بن المرزبان أبي‌سعد، عن عطاء، عن الحسن ابن علي عليهماالسلام، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله: «يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة»، فقالت امرأة: يا رسول الله فكيف يري بعضنا بعضا؟ قال: «ان الأبصار يومئذ

[ صفحه 31]

شاخصة» فرفع بصره الي السماء، فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يستر عورتي، قال: «اللهم استر عورتها» [35] .

اسلام اليهودي علي يده

[19] - 19 - روي الطريحي:
عن الفخري، أن النبي [صلي الله عليه و آله] خرج من المدينة غازيا و أخذ معه عليا [عليه‌السلام] و بقي الحسن و الحسين عليهماالسلام عند أمهما لأنهما صغيران فخرج الحسين عليه‌السلام ذات يوم من دار أمه يمشي في شوارع المدينة و كان عمره يومئذ ثلاث سنين فوقع بين نخيل و بساتين حول المدينة فجعل يسير في جوانبها و يتفرج في مضاربها فمر عليه يهودي يقال له صالح بن رقعة [زمعة] اليهودي فأخذه الي بيته و أخفاه عن أمه حتي بلغ النهار الي وقت العصر و الحسين لم يتبين له أثر فقاد قلب فاطمة بالهم و الحزن علي ولدها الحسين عليه‌السلام فصارت تخرج من دارها الي باب مسجد النبي صلي الله عليه و آله سبعين مرة فلم تر أحدا تبعثه في طلب الحسين عليه‌السلام.
ثم أقبلت الي ولدها الحسن عليه‌السلام و قالت له: يا مهجة قلبي و قرة عيني قم فاطلب أخاك الحسين فان قلبي يحترق من فراقه.
فقام الحسن و خرج من المدينة و أتي الي دور حولها نخل كثير و جعل ينادي يا حسين بن علي يا قرة عين النبي أين أنت يا أخي؟
قال فبينما الحسن ينادي اذ بدت له غزالة في تلك الساعة فألهم الله الحسن أن يسأل الغزالة فقال: يا ظبية هل رأيت أخي حسينا؟ فأنطق الله الغزالة ببركات رسول

[ صفحه 32]

الله، و قالت: يا حسن يا نور عين المصطفي و سرور قلب المرتضي و يا مهجة فؤاد الزهراء اعلم أن أخاك أخذه صالح اليهودي و أخفاه في بيته، فسار الحسن حتي أتي دار اليهودي فناداه فخرج صالح فقال له الحسن: الي الحسين من دارك و سلمه الي و الا أقول لأمي تدعو عليك في أوقات السحر و تسأل ربها حتي لا يبقي علي وجه الأرض يهودي ثم أقول لأبي يضرب بحسامه لجمعكم حتي يلحقكم بدار البوار؛ و أقول لجدي يسأل الله سبحانه أن لا يدع يهوديا الا و قد فارق روحه.
فتحير صالح اليهودي من كلام الحسن، و قال له: يا صبي من أمك؟ فقال: أمي الزهراء بنت محمد المصطفي، قلادة الصفوة و درة صدف العصمة و عزة جمال العالم [العلم] و الحكمة و هي نقطة دائرة المناقب و المفاخر و لمعة من أنوار المحامد و المآثر، ثمرة طينة وجودها من تفاحة من تفاح الجنة و كتب الله في صحيفتها عتق عصاة الأمة، و هي أم السادة النجباء و سيدة النساء البتول العذراء فاطمة الزهراء عليهاالسلام.
فقال اليهودي: أما أمك فعرفتها، فمن أبوك؟ فقال الحسن عليه‌السلام: ان أبي أسدالله الغالب علي بن أبي‌طالب الضارب بالسيفين و الطاعن بالرمحين و المصلي مع النبي في القبلتين و المفدي نفسه لسيد الثقلين أبوالحسن و الحسين.
فقال صالح: يا صبي قد عرفت أباك فمن جدك؟ فقال جدي درة من صف [صدف] الجليل، و ثمرة من شجرة ابراهيم الخليل، الكوكب الدري و النور المضي‌ء من مصباح التبجيل المعلقة في عرش الجليل سيد الكونين و رسول الثقلين و نظام الدارين و فخر العالمين و مقتدي الحرمين و امام المشرقين و المغربين و جد السبطين أنا الحسن و أخي الحسين.

[ صفحه 33]

قال: فلما فرغ الحسن من تعداد مناقبه انجلي صداه [صدي] الكفر عن قلب صالح و هملت عيناه بالدموع و جعل ينظر كالمتحير متعجبا من حسن منطقه و صغر سنه وجودة فهمه.
ثم قال: يا ثمرة فؤاد المصطفي و يا نور عين المرتضي و يا سرور صدر الزهراء يا حسن أخبرني من قبل أن أسلم اليك أخاك عن أحكام دين الاسلام حتي أذعن لك و أنقاد الي الأسلام.
ثم ان الحسن عرض عليه أحكام الاسلام و عرفه الحلال و الحرام فأسلم صالح و أحسن الاسلام علي يد الامام و سلمه أخاه الحسين ثم نثر علي رأسيهما طبقا من الذهب و الفضة و تصدق به علي الفقراء و المساكين ببركة الحسن و الحسين عليهماالسلام.
ثم ان الحسن أخذ بيد أخيه الحسين و أتيا الي أمهما، فلما رأتهما اطمأن قلبها و زاد سرورها بولديها.
قال: فلما كان اليوم الثاني أقبل صالح و معه سبعون رجلا من رهطه و أقاربه و قد دخلوا جميعهم في الاسلام علي يد الامام ابن الامام أخي الامام عليهم أفضل الصلاة و السلام.
ثم تقدم صالح الي الباب باب الزهراء رافعا صوته بالثناء للسادة الأمناء و جعل يمرغ وجهه و شيبته علي عتبة دار فاطمة و هو يقول:
يا بنت محمد المصطفي عملت سوءا بابنك و آذيت ولدك و أنا علي فعلي نادم فاصفحي عن ذنبي فأرسلت اليه فاطمة تقول يا صالح أما أنا فقد غفرت عنك من حقي و نصيبي و صفحت عما سوءتني به لكنهما ابناي و ابنا علي المرتضي فاعتذر اليه مما آذيت ابنه.

[ صفحه 34]

ثم ان صالحا انتظر عليا، حتي أتي من سفره و عرض عليه حاله و اعترف عنده بما جري له و بكي بين يديه و اعتذر مما أساء اليه فقال له: يا صالح أما أنا فقد رضيت عنك و صفحت عن ذنبك لكن هؤلاء ابناي و ريحانتا رسول الله صلي الله عليه و آله فامض اليه و اعتذر مما أسأت بولده، قال: فأتي صالح الي رسول الله صلي الله عليه و آله باكيا حزينا و قال: يا سيد المرسلين أنت قد أرسلت رحمة للعالمين و اني قد أسأت و أخطأت و اني قد سرقت ولدك الحسين و أدخلته داري و أخفيته عن أخيه و أمه و قد سوءتهما في ذلك و أنا الآن قد فارقت الكفر و دخلت في دين الاسلام.
فقال له النبي صلي الله عليه و آله: أما أنا فقد رضيت عنك و صفحت عن جرمك لكن يجب عليك أن تعتذر الي الله و تستغفره مما أسأت به قرة عين الرسول و مهجة فؤاد البتول حتي يعفو الله عنك سبحانه.
قال: فلم يزل صالح يستغفر ربه و يتوسل اليه و يتضرع بين يديه في أسحار الليل و أوقات الصلاة حتي نزل جبرائيل علي النبي بأحسن التبجيل و هو يقول: يا محمد قد صفح الله عن جرم صالح حيث دخل في دين الاسلام علي يد الامام ابن الامام عليهم أفضل الصلاة و السلام [36] .

[ صفحه 37]

كلمات الامام الحسن في زمن الامام علي

جوابه عن أسئلة الخضر

[20] - 1 - قال الصدوق:
حدثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبي‌هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي‌جعفر الثاني عليه‌السلام قال:
أقبل أميرالمؤمنين عليه‌السلام و معه الحسن بن علي عليهماالسلام و هو متكي‌ء علي يد سلمان، فدخل المسجد الحرام فجلس اذ أقبل رجل حسن الهيئة و اللباس فسلم علي أميرالمؤمنين فرد عليه‌السلام فجلس.
ثم قال: يا أميرالمؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل ان أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم انهم ليسوا بمأمونين في دنياهم و لا في آخرتهم، و ان تكن الأخري علمت أنك و هم شرع سواء.
فقال له أميرالمؤمنين عليه‌السلام: سلني عما بدا لك.
قال: أخبرني عن الرجل اذا نام أين تذهب روحه، و عن الرجل كيف يذكر و ينسي، و عن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام و الأخوال؟
فالتفت أميرالمؤمنين عليه‌السلام الي الحسن بن علي عليهماالسلام فقال يا أبامحمد أجبه.

[ صفحه 38]

فقال الحسن عليه‌السلام: أما ما سألت عنه من أمر الرجل اذا نام أين تذهب روحه فان روحه معلقه بالريح و الريح معلقة بالهواء الي وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة فاذا أذن الله عزوجل برد تلك الروح علي صاحبها جذبت الروح الريح و جذبت الريح الهواء فأسكنت الروح في بدن صاحبها و اذا لم يأذن الله برد تلك الروح علي صاحبها جذب الهواء الريح و جذبت الريح الروح فلم ترد علي صاحبها الي وقت ما يبعث.
و أما ما سألت عنه من أمر الذكر و النسيان فان قلب الرجل في حق و علي الحق طبق فان هو صلي علي النبي صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فذكر الرجل ما كان نسي.
و أما ما ذكرت من أمر الرجل يشبه ولده أعمامه و أخواله فان الرجل اذا أتي أهله بقلب ساكن و عروق هادئة و بدن غير مضطرب استكنت [فاسكنت] تلك النطفة في تلك الرحم فخرج الولد يشبه أباه و أمه، و ان هو أتاها بقلب غير ساكن و عروق غير هادئة و بدن مضطرب اضطربت تلك النطفة في جوف تلك الرحم فوقعت علي عرق من العروق فان وقعت علي عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه، و ان وقعت علي عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله.
فقال الرجل: أشهد أن لا اله الا الله و لم أزل أشهد بذلك و أشهد أن محمدا رسول الله و لم أزل أشهد بذلك، و أشهد أنك وصي رسول الله و القائم بحجته بعده و أشار الي أميرالمؤمنين عليه‌السلام، و لم أزل أشهد بذلك و أشهد أنك وصيه و القائم بحجته و أشار الي الحسن و أشهد أن الحسين وصي أبيه و القائم بحجته بعدك، و أشهد علي علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده، و أشهد علي محمد بن علي أنه القائم

[ صفحه 39]

بأمر علي بن الحسين، و أشهد علي جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي، و أشهد علي موسي بن جعفر أنه القائم بأمر جعفر بن محمد، و أشهد علي علي بن موسي أنه القائم بأمر موسي بن جعفر، و أشهد علي محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسي، و أشهد علي علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي، و أشهد علي الحسن بن علي أنه القائم بأمر علي بن محمد، و أشهد علي رجل من ولد الحسين لا يكني و لا يسمي حتي يظهر أمره فيملأها عدلا كما ملئت جورا و السلام عليك يا أميرالمؤمنين و رحمة الله و بركاته.
ثم قام فمضي فقال أميرالمؤمنين للحسن عليه‌السلام: يا أبامحمد اتبعه فانظر أين يقصد فخرج الحسن بن علي عليهماالسلام فقال: ما كان الا أن وضع رجله خارج فما دريت أين أخذ من أرض الله عزوجل فرجعت الي أميرالمؤمنين عليه‌السلام فأعلمته.
فقال: يا أبامحمد أتعرفه؟ قلت الله و رسوله و أميرالمؤمنين أعلم فقال: هو الخضر عليه‌السلام [37] .

خطبته و سماع أبيه

[21] - 2 - قال الفرات:
روي أبوجعفر الحسني، و الحسن بن حباش معنعنا عن جعفر بن محمد عليهماالسلام قال: قال علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام للحسن يا بني قم فاخطب حتي أسمع كلامك قال:

[ صفحه 40]

يا أبتاه كيف أخطب و أنا أنظر الي وجهك أستحيي منكم قال: فجمع علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام أمهات أولاده ثم تواري عنه حيث يسمع كلامه فقام الحسن عليه‌السلام فقال:
الحمد لله الواحد بغير تشبيه، الدائم بغير تكوين، القائم بغير كلفة، الخالق بغير منصبة، الموصوف بغير غاية، المعروف بغير محدودية، العزيز لم يزل قديما في القدم، ردعت القلوب لهيبته، و ذهلت العقول لعزته، و خضعت الرقاب لقدرته، فليس يخطر علي قلب بشر مبلغ جبروته، و لا يبلغ الناس كنه جلاله، و لا يفصح الواصفون منهم - لكنه - عظمته، و لا تبلغه العلماء بألبابها، و لا أهل التفكر بتدبير أمورها، أعلم خلقه به الذي بالحد لا يصفه، يدرك الأبصار و لا تدركه الأبصار و هو اللطيف الخبير.
أما بعد: فان عليا باب من دخله كان مؤمنا و من خرج منه كان كافرا أقول قولي هذا و أستغفر الله العظيم لي و لكم.
فقام علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام و قبل بين عينيه ثم قال: (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) [38] .

ذؤابة سيف علي

[22] - 3 - روي المفيد:
قال أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي‌حمزة، عن عمران بن علي الحلبي، عن أبان بن تغلب،

[ صفحه 41]

قال: حدثني أبوعبدالله عليه‌السلام أنه كان في ذؤابة سيف علي عليه‌السلام صحيفة [صغيرة] ، و ان عليا دعا اليه الحسن فرفعها [فدفعها] اليه و دفع اليه سكينا و قال له: افتحها، فلم يستطع أن يفتحها ففتحها له، ثم قال له: اقرأ فقرأ الحسن عليه‌السلام: الألف و الباء و السين و اللام و الحرف بعد الحرف.
ثم طواها فدفعها الحسين عليه‌السلام فلم يقدر علي أن يفتحها ففتحها له ثم قال له: اقرأ يا بني فقرأها كما قرأ الحسن عليه‌السلام.
ثم طواها فدفعها الي محمد بن الحنفية فلم يقدر علي أن يفتحها ففتحها له فقال له: اقرأ فلم يستخرج منها شيئا، فأخذها و طواها ثم علقها من [39] ذؤابة السيف.
فقلت لأبي عبدالله عليه‌السلام: و أي شي‌ء كان في تلك الصحيفة؟ فقال: هي الأحرف التي يفتح كل حرف ألف حرف، قال أبوبصير: قال أبوعبدالله عليه‌السلام فما خرج منها الي الناس حرفان الي الساعة [40] .
[23] - 4 - قال ابن‌عساكر:
أخبرنا أبوبكر الأنصاري، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبوعمر ابن حيويه، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن الفهم، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا عبيدالله ابن موسي، أنبأنا اسرائيل، عن أبي‌اسحاق، عن حارثة، عن علي أنه خطب الناس، ثم قال: ان ابن أخيكم الحسن بن علي قد جمع مالا و هو يريد أن يقسمه بينكم، فحضر الناس، فقام الحسن فقال: انما جمعته للفقراء فقام نصف الناس ثم كان أول من أخذ منه الأشعث بن قيس [41] .

[ صفحه 42]

[24] - 5 - قال ابن شهرآشوب:
حدثني محمد الشوهاني، باسناده أنه قدم أبوالصمصام [42] العبسي الي النبي صلي الله عليه و آله و قال متي يجي‌ء المطر؟ و أي شي‌ء في بطن ناقتي هذه؟ و أي شي‌ء يكون غدا؟ و متي أموت؟ فنزل (ان الله عنده علم الساعة) [43] الآيات فأسلم الرجل و وعد النبي أن يأتي بأهله، فقال: اكتب يا أباالحسن:
بسم الله الرحمن الرحيم
«أقر محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف و أشهد علي نفسه في صحة عقله و بدنه و جواز أمره أن لأبي الصمصام العبسي عليه و عنده و في ذمته ثمانين ناقة حمر الظهور بيض العيون سود الحدق، عليها من طرائف اليمن و نقط الحجاز»
و خرج أبوالصمصام ثم جاء في قومه بني عبس كلهم مسلمين و سأل عن النبي صلي الله عليه و آله فقالوا: قبض، قال: فمن الخليفة من بعده؟ فقالوا: أبوبكر، فدخل أبوالصمصام المسجد و قال: يا خليفة رسول الله صلي الله عليه و آله ان لي علي رسول الله صلي الله عليه و آله ثمانين ناقة حمر الظهور بيض العيون سود الحدق، عليها من طرائف اليمن و نقط الحجاز.
فقال: يا أخا العرب سألت ما فوق العقل و الله ما خلف رسول الله الا بغلته الدلدل و حماره اليعفور و سيفه ذا الفقار و درعه الفاضل أخذها كلها علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام و خلف فينا فدك فأخذناها بحق، و نبينا صلي الله عليه و آله لا يورث.
فصاح سلمان: كردي و نكردي، و حق از أميرالمؤمنين عليه‌السلام ببردي، ردوا العمل

[ صفحه 43]

الي أهله ثم ضرب بيده الي أبي‌الصمصام فأقامه الي منزل علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام فقرع الباب فنادي علي ادخل يا سلمان ادخل أنت و أبوالصمصام.
فقال أبوالصمصام: هذه أعجوبة من هذا الذي سماني باسمي و لم يعرفني؟ فعد سلمان فضائل علي عليه‌السلام فلما دخل و سلم عليه قال:
يا أباالحسن ان لي علي رسول الله صلي الله عليه و آله ثمانين ناقة و وصفها.
فقال علي عليه‌السلام: أمعك حجة؟ فدفع اليه الوثيقة.
فقال علي عليه‌السلام: يا سلمان ناد في الناس ألا من أراد أن ينظر الي دين رسول الله صلي الله عليه و آله فليخرج غدا الي خارج المدينة، فلما كان الغد خرج الناس و خرج علي عليه‌السلام و أسر الي ابنه الحسن سرا و قال: امض يا أباالصمصام مع ابني الحسن الي الكثيب من الرمل، فمضي عليه‌السلام و معه أبوالصمصام، فصلي الحسن عليه‌السلام ركعتين عند الكثيب، و كلم الأرض بكلمات لا ندري ما هي، و ضرب الكثيب بقضيب رسول الله صلي الله عليه و آله فانفجر الكثيب عن صخرة ململمة، مكتوب عليها سطران من نور، السطر الأول: «بسم الله الرحمن الرحيم» و الثاني: «لا اله الا الله محمد رسول الله صلي الله عليه و آله»
فضرب الحسن عليه‌السلام الصخرة بالقضيب فانفجرت عن خطام ناقة، فقال الحسن عليه‌السلام: اقتد يا أباالصمصام، فاقتاد أبوالصمصام ثمانين ناقة حمر الظهور بيض العيون سود الحدق، عليها من طرائف اليمن و نقط [44] الحجاز، و رجع الي علي بن أبي‌طالب فقال عليه‌السلام: أستوفيت يا أباالصمصام؟ قال: نعم، قال: فسلم الوثيقة فسلمها الي علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام فأخذها و خرقها، ثم قال: هكذا أخبرني أخي

[ صفحه 44]

و ابن عمي رسول الله صلي الله عليه و آله ان الله خلق هذه النوق من هذه الصخرة قبل أن يخلق ناقة صالح بألفي عام فقال المنافقون هذا من سحر علي قليل [45] .

عيادة أبيه له

[25] - 6 - قال الطبراني:
حدثنا ابراهيم بن هاشم البغوي، حدثنا اسماعيل بن سيف، حدثنا جعفر بن سليمان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت مع علي بن أبي‌طالب رضي الله عنه الي الحسن بن علي نعوده، فقال له علي رضي الله عنه: كيف أصبحت يا ابن رسول الله؟
قال: أصبحت بحمد الله بارئا قال: كذلك ان شاء الله، ثم قال الحسن رضي الله عنه: أسندوني: فأسنده علي رضي الله عنه الي صدره، فقال سمعت جدي رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: «ان في الجنة شجرة يقال لها شجرة البلوي يؤتي بأهل البلاء يوم القيامة فلا يرفع لهم ديوان و لا ينصب لهم ميزان، يصب عليهم الأجر صبا» وقرأ (انما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب [46] ) [47] .

كساؤه عمه عقيل

[26] - 7 - قال الخوارزمي:
أخبرني الامام الحافظ سيد الحفاظ أبومنصور شهردار بن شيرويه الديلمي فيما

[ صفحه 45]

كتب الي من همدان، أخبرنا أبوعلي المقري، أخبرنا أبونعيم الاصبهاني، أخبرت عن الحسين بن حكم الحيري، حدثنا حسن بن حسين العرني، حدثني عيسي بن عبدالله بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده عليه‌السلام قال:
ما سماني الحسن و الحسين يا أبتي حتي توفي رسول الله صلي الله عليه و آله كانا يقولان لرسول الله صلي الله عليه و آله: يا أبتي و كان الحسن يقول لي يا أباالحسين، و كان الحسين يقول لي يا أباالحسن [48] .
[27] - 8 - قال الطوسي:
أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن القاسم أبوجعفر الأكفاني من أصل كتابه، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا أبومعاذ زياد بن رستم بياع الأدم، عن عبدالصمد، عن جعفر بن محمد عليهماالسلام قال: قلت: يا أباعبدالله، حدثنا حديث عقيل قال:
نعم، جاء عقيل اليكم بالكوفة، و كان علي عليه‌السلام جالسا في صحن المسجد، و عليه قميص سنبلاني، قال: فسأله فقال: اكتب لك الي ينبع. قال: ليس غير هذا؟ قال: لا.
فبينما هو كذلك اذ أقبل الحسين [الحسن] عليه‌السلام فقال: اشتر لعمك ثوبين؛ فاشتري له، قال: يابن أخي ما هذا؟ قال: هذه كسوة أميرالمؤمنين؛ ثم أقبل حتي انتهي الي علي عليه‌السلام فجلس، فجعل يضرب يده علي الثوبين و جعل يقول: ما ألين هذا الثوب يا أبايزيد!
قال: يا حسن، اخد عمك قال و الله ما أملك صفراء و لا بيضاء. قال: فمر له

[ صفحه 46]

ببعض ثيابك. قال: فكساه بعض ثيابه.
قال ثم قال: يا محمد، اخد عمك قال: و الله ما أملك درهما و لا دينارا. قال: فاكسه بعض ثيابك....
قال عقيل: يا أميرالمؤمنين ائذن لي الي معاوية. قال: في حل محلل؛ فانطلق نحوه، و بلغ ذلك معاوية، فقال: أركبوا أفره دوابكم و ألبسوا من أحسن ثيابكم، فان عقيلا قد أقبل نحوكم؛ و أبرز معاوية سريره فلما انتهي اليه عقيل قال معاوية؛ مرحبا بك يا أبايزيد، ما نزع بك؟ قال: طلب الدنيا من مظانها. قال: وفقت و أصبت، قد أمرنا لك بمائة ألف، فأعطاه المائة ألف.
ثم قال: أخبرني عن العسكرين اللذين مررت بهما، عسكري و عسكر علي. قال: في الجماعة أخبرك، أو في الوحدة؟ قال: لابل في الجماعة. قال: مررت علي عسكر علي، فاذا ليل كليل النبي صلي الله عليه و آله و نهار كنهار النبي صلي الله عليه و آله، الا أن رسول الله ليس فيهم.
و مررت علي عسكرك فاذا أول من استقبلني أبوالأعور و طائفة من المنافقين و المنفرين برسول الله صلي الله عليه و آله الا أن أباسفيان ليس فيهم.
فكف عنه حتي اذا ذهب الناس قال له: يا أبايزيد، أيش صنعت بي؟ قال: ألم أقل لك: في الجماعة أو في الوحدة، فأبيت علي؟ قال: أما الآن فاشفني من عدوي. قال: ذلك عند الرحيل.
فلما كان من الغد شد غرائره و رواحله، و أقبل نحو معاوية و قد جمع معاوية حوله، فلما انتهي اليه قال: يا معاوية، من ذا عن يمينك؟ قال: عمرو بن العاص، فتضاحك ثم قال: لقد علمت قريش أنه لم يكن احصي لتيوسها من أبيه، ثم قال: من هذا؟ قال: هذا أبوموسي، فتضاحك ثم قال: لقد علمت قريش بالمدينة أنه لم

[ صفحه 47]

يكن بها أمرأة أطيب ريحا من قب أمه.
قال: أخبرني عن نفسي يا أبايزيد. قال: تعرف حمامة؛ ثم سار، فألقي في خلد معاوية، قال: أم من أمهاتي لست أعرفها! فدعا بنسابين من أهل الشام، فقال: أخبراني عن أم من أمهاتي يقال لها حمامة لست أعرفها. فقالا: نسألك بالله لا تسألنا عنها اليوم. قال: أخبراني أو لأضربن أعناقكما، لكما الأمان. قالا: فان حمامة جدة أبي‌سفيان السابعة و كانت بغيا، و كان لها بيت توفي فيه.
قال جعفر بن محمد عليه‌السلام و كان عقيل من أنسب الناس [49] .

محاورته مع أبيه حول ولاء ابن‌زياد

[28] - 9 - روي الطوسي:
عن حمدويه، و ابراهيم قالا: حدثنا أيوب، عن حنان بن سدير، عن أبيه عن جده، قال لي ميثم التمار ذات يوم: يا أباحكيم اني أخبرك بحديث و هو حق، قال: فقلت يا أباصالح بأي شي‌ء تحدثني؟ قال: اني أخرج العام الي مكة فاذا قدمت القادسية راجعا أرسل الي هذا الدعي ابن‌زياد رجلا في مائة فارس حتي يجي‌ء بي اليه، فيقول لي: أنت من هذه السبائية الخبيثة المحترقة التي قد يبست عليها جلودها، و أيم الله لأقطعن يدك و رجلك.
فأقول: لا رحمك الله فوالله لعلي كان أعرف بك من حسن حين ضرب رأسك بالدرة، فقال له الحسن: يا أبه لا تضربه فانه يحبنا و يبغض عدونا، فقال له علي عليه‌السلام مجيبا له اسكت يا بني فوالله لأنا أعلم به منك، فوالذي فلق الحبة و برأ النسمة انه

[ صفحه 48]

لولي لعدوك و عدو لوليك.
قال: فيأمر بي عند ذلك فأصلب فأكون أول هذه الأمة ألجم بالشريط في الاسلام فاذا كان يوم الثالث، فقلت: غابت الشمس أو لم تغب ابتدر منخراي دما علي صدري و لحيتي.
قال: فرصدناه فلما كان يوم الثالث، فقلت: غابت الشمس أو لم تغب ابتدر منخراه علي صدره و لحيته دما.
قال: فاجتمعنا سبعة من التمارين فاتعدنا لحمه فجئنا اليه ليلا و الحراس يحرسونه، و قد أوقدوا النار فحالت بيننا و بينهم، فاحتملناه بخشبته حتي انتهينا به الي فيض من ماء في مراد فدفناه فيه، و رمينا بخشبته في مراد في الخراب، و أصبح فبعث الخيل فلم يجد شيئا.
قال: و قال يوما يا أباحكيم تري هذا المكان ليس يؤدي فيه طسق. و الطسق أداء الاجر، ولئن طالت بك الحياة لتؤدين طسق هذا المكان الي رجل في دار الوليد ابن عقبة اسمه زرارة.
قال سدير: فأديته علي خزي الي رجل في دارالوليد بن عقبة يقال له: زرارة [50] .

سؤاله أبيه عن عاقبة الأشعث بن قيس

[29] - 10 - قال المجلسي:
روي عن الحسن بن علي عليه‌السلام في خبر أن الأشعث بن القيس الكندي بني في داره مأذنة، فكان يرقي اليها اذا سمع الأذان في أوقات الصلاة في مسجد جامع الكوفة

[ صفحه 49]

فيصيح في أعلي مأذنته: يا رجل انك لكاذب ساحر، و كان أبي‌يسميه عنق النار، و في رواية عرف النار فيسأل عن ذلك، فقال: ان الأشعث اذا حضرته الوفاة دخل عليه عنق من النار ممدودة من السماء فتحرقه، فلا يدفن الا و هو فحمة سوداء، فلما توفي نظر سائر من حضر الي النار و قد دخلت عليه كالعنق الممدود حتي أحرقته و هو يصيح و يدعو بالويل و الثبور [51] .

في ظلامة أبيه

[30] - 11 - قال الراوندي:
روي أن أعرابيا أتي أميرالمؤمنين عليه‌السلام و هو في المسجد فقال: مظلوم قال: ادن مني، فدنا حتي وضع يديه علي ركبتيه، قال: ما ظلامتك؟ فشكا ظلامته، فقال: يا أعرابي أنا أعظم ظلامة منك، ظلمني المدر و الوبر و لم يبق بيت من العرب الا و قد دخلت مظلمتي عليهم، و ما زلت مظلوما حتي قعدت مقعدي هذا، ان كان عقيل بن أبي‌طالب يومه ليرمد فما يدعهم يذرونه حتي يأتوني فاذر و ما بعيني رمد.
ثم كتب له بظلامته و رحل، فهاج الناس و قالوا: قد طعن علي الرجلين، فدخل عليه الحسن عليه‌السلام فقال: قد علمت ما شرب قلوب الناس من حب هذين، فخرج فقال: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فصعد المنبر فحمد الله و اثني عليه فقال:
أيها الناس ان الحرب خدعة، فاذا سمعتموني أقول: «قال رسول الله» فوالله لئن أخر من السماء أحب الي من أن أكذب علي رسول الله كذبة، و اذا حدثتكم أن الحرب خدعة؛ ثم ذكر غير ذلك، فقام رجل يساوي برأسه رمانة المنبر فقال: أنا أبرء من

[ صفحه 50]

الاثنين و الثلاثة، فالتفت اليه أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال: بقرت العلم في غير ابانه، لتبقرن كما بقرته، فلما قدم ابن سمية أخذه فشق بطنه وحشا فوقه حجارة و صلبه [52] .

اجراء الحد علي الوليد

[31] - 12 - روي الطبري:
عن أبي‌ساسان حصين بن المنذر، قال: شهدت عثمان بن عفان و قد أتي بالوليد و قد شرب الخمر فقال: يا علي قم فاجلده، فقال: علي قم يا حسن فاجلده فقال الحسن ول حارها من تولي قارها [53] فكانه وجد عليه.
فقال يا عبدالله بن جعفر قم فاجلده فجلده و علي يعد حتي بلغ أربعين فقال امسك ثم قال جلد رسول الله صلي الله عليه و آله أربعين، و أبوبكر أربعين، و عمر ثمانين و كل سنة و هذا أحب الي [54] .

كلامه عند وداعه لأبي‌ذر

[32] - 13 - روي الكليني:
عن سهل، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن حفص التميمي، قال: حدثني أبوجعفر الخثعمي، قال: قال لما سير عثمان أباذر الي الربذة شيعه أميرالمؤمنين و عقيل و الحسن و الحسين عليهم‌السلام و عمار بن ياسر رضي الله فلما كان عند الوداع قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام: يا أباذر انك انما غضبت لله عزوجل فأرج من غضبت له ان القوم

[ صفحه 51]

خافوك علي دنياهم و خفتهم علي دينك....
ثم تكلم الحسن عليه‌السلام فقال: يا عماه ان القوم قد أتوا اليك ما قد تري و ان الله عزوجل بالمنظر الأعلي فدع عنك ذكر الدنيا بذكر فراقها و شدة ما يرد عليك لرخاء ما بعدها و اصبر حتي تلقي نبيك صلي الله عليه و آله و هو عنك راض ان شاء الله [55] .

موقفه من محاصرة عثمان، و معرفة قاتله

[33] - 14 - روي الطوسي:
باسناده عن عبدالرحمن بن أبي‌عمرة الأنصاري في حديث أنه قال: و قال الحسن بن علي لعلي عليهماالسلام (حين أحاط الناس بعثمان) اخرج من المدينة و اعتزل، فان الناس لابد لهم منك، و ان هم ليأتونك و لو كنت بصنعاء اليمن، و أخاف أن يقتل هذا الرجل و أنت حاضره فقال: يا بني، اخرج عن دار هجرتي؟! و ما أظن أحدا يجتري‌ء علي هذا القول كله... [56] .
[34] - 15 - قال الطبري:
حدثنا أبومحمد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، قال: قال فقير بن عبدالله بن مجاهد [كذا] ، عن [ابن] الأشعث، قال: كنت مع الحسن بن علي عليهماالسلام حين حوصر عثمان في الدار، و أرسله أبوه ليدخل اليه الماء، فقال لي: يابن الأشعث الساعة يدخل عليه من يقتله و انه لا يمسي. فكان كذلك، ما أمسي يومه ذلك [57] .

[ صفحه 52]

[35] - 16 - و أيضا:
قال أبوجعفر، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، قال: قال محمد بن صالح: رأيت الحسن بن علي يوم الدار [58] و هو يقول: أنا أعلم من يقتل عثمان، فسماه قبل أن يقتله بأربعة أيام، و كان أهل الدار يسمونه الكاهن [59] .

استئذانه للفارس علي أبيه

[36] - 17 - السيد ابن‌طاووس:
حدثنا الشريف أبوالحسين زيد بن جعفر العلوي المحمدي، قال: حدثنا أبوالحسن محمد بن عبدالله بن البساط قرائة عليه قال: حدثنا المغيرة بن عمرو بن الوليد العزرمي المكي بمكة قرائة عليه قال: حدثنا أبوسعيد مفضل بن محمد الحسيني قرائة عليه قال: حدثنا أبواسحاق ابراهيم بن محمد الشافعي، و محمد بن يحيي بن أبي‌عمر العبدي، قال: حدثنا فضيل بن فياض، عن عطاء بن السائب عن طاووس عن ابن‌عباس قال: كنت ذات يوم جالسا عند أميرالمؤمنين علي بن أبي‌طالب صلوات الله عليه نتذاكر فدخل ابنه الحسن صلوات الله عليه فقال: يا أميرالمؤمنين بالباب فارس يطلب الاذن عليك قد سطع منه رائحة المسك و العنبر. فقال: ائذن له، فدخل رجل جسيم وسيم حسن الوجه و الهيئة عليه لباس الملوك فقال: السلام عليك يا أميرالمؤمنين و رحمة الله و بركاته، فقال علي عليه‌السلام: و عليك السلام... [60] .

[ صفحه 53]

خطبته في بداية خلافة أبيه

[37] - 18 - قال الصدوق:
حدثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي، قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان و علي بن أحمد بن موسي الدقاق و محمد بن أحمد السنائي، قالوا: حدثنا أبوالعباس أحمد بن يحيي بن زكريا القطان، قال: حدثنا محمد بن العباس، قال: حدثني محمد بن أبي السري، قال: حدثنا أحمد بن عبدالله بن يونس [61] ، عن سعد بن طريف الكناني، عن الأصبغ بن نباته، قال: لما جلس علي عليه‌السلام في الخلافة و بايعه الناس خرج الي المسجد متعمما بعمامة رسول الله صلي الله عليه و آله لابسا بردة رسول الله صلي الله عليه و آله متنعلا نعل رسول الله صلي الله عليه و آله متقلدا سيف رسول الله صلي الله عليه و آله فصعد المنبر فجلس عليه متحنكا ثم شبك بين أصابعه فوضعها أسفل بطنه ثم قال:
يا معشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني هذا سفط العلم هذا لعاب رسول الله هذا ما زقني رسول الله زقا زقا، سلوني فان عندي علم الأولين و الآخرين....
فلم يقم اليه أحد فحمد الله و اثني عليه و صلي علي نبيه صلي الله عليه و آله، ثم قال للحسن عليه‌السلام: يا حسن قم فاصعد المنبر فتكلم بكلام له يجهلك قريش من بعدي فيقولون ان الحسن لا يحسن شيئا قال الحسن عليه‌السلام: يا أبه كيف أصعد و أتكلم و أنت في الناس تسمع و تري، قال له بأبي و أمي أواري نفسي عنك و أسمع و أري و لا تراني.

[ صفحه 54]

فصعد الحسن عليه‌السلام المنبر فحمد الله بمحامد بليغة شريفة و صلي علي النبي و آله صلاة موجزة ثم قال:
أيها الناس سمعت جدي رسول الله صلي الله عليه و آله يقول أنا مدينة العلم و علي بابها، و هل تدخل المدينة الا من بابها ثم نزل، فوثب اليه علي عليه‌السلام فتحمله و ضمه الي صدره ثم قال للحسين يا بني قم فاصعد فتكلم بكلام لا يجهلك قريش من بعدي، فيقولون ان الحسين بن علي لا يبصر شيئا و ليكن كلامك تبعا لكلام أخيك، فصعد الحسين عليه‌السلام فحمد الله و أثني عليه و صلي علي نبيه و آله صلاة موجزة، ثم قال: معاشر الناس سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و هو يقول: ان عليا مدينة هدي فمن دخلها نجي و من تخلف عنها هلك، فوثب اليه علي عليه‌السلام فضمه الي صدره و قبله.
ثم قال: معاشر الناس اشهدوا انهما فرخا رسول الله صلي الله عليه و آله و هو سائلكم عنهما [62] .

كلامه في مقالة ابن‌الزبير

[38] - 19 - قال ابن أعثم الكوفي:
و بلغ عليا عليه‌السلام ما تكلم به عبدالله بن الزبير، و قد خطب الناس و ذكر لهم أني أنا الذي قتلت عثمان بن عفان، و زعم لهم أني أريد أن أبين [أبتز] للناس أمورهم، و قد بلغني أنه شتمني، فقم يا بني فاخطب لنا خطبة بليغة موجزة و لا تشتمن أحدا من الناس.
قال: فوثب الحسن بن علي عليهماالسلام فحمدالله و اثني عليه ثم قال: أيها الناس! انه قد بلغنا مقالة عبدالله بن الزبير، فأما زعمه أن عليا قتل عثمان فقد علم المهاجرون

[ صفحه 55]

و الأنصار بأن أباه الزبير بن العوام لم يزل يجتني عليه الذنوب و يرميه بفضيحات العيوب، و طلحة بن عبيدالله راكد [راكز] رايته علي باب بيت ماله و هو حي؛ و أما شتيمته لعلي فهذا ما لا يضيق به الحلقوم لمن أراده، و لو أردنا أن نقول لفعلنا؛ و أما قوله: ان عليا أبتر [63] الناس أمورهم، فان أعظم حجة أبيه الزبير أنه زعم أنه بايعه بيده دون قلبه، فهذا اقرار بالبيعة، و أما تورد أهل الكوفة علي أهل البصرة فما يعجب من أهل حق و ردوا علي أهل باطل، و لعمري ما نقاتل أنصار عثمان، و لعلي أن يقاتل أتباع الجمل و السلام [64] .
[39] - 20 - و قال المفيد:
فبلغ ذلك [مقالة ابن‌الزبير] أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال لولده الحسن عليه‌السلام: قم يا بني فاخطب فقام خطيبا فحمد الله و أثني عليه و قال:
أيها الناس قد بلغنا مقالة ابن‌الزبير و قد كان والله أبوه يتجني علي عثمان الذنوب و قد ضيق عليه البلاد حتي قتل.
و أن طلحة راكز رايته علي بيت ماله و هو حي.
و أما قوله: ان عليا ابتز الناس أمورهم فانه أعظم حجة لأبيه زعم أنه بايعه بيده و لم يبايعه بقلبه فقد أقر بالبيعة و أدعي الوليجة فليأت علي ما ادعاه ببرهان و أني له ذلك؟! و أما تعجبه من تورد أهل الكوفة علي أهل البصرة فما عجبه من أهل حق توردوا علي أهل باطل، و لعمري والله ليعلمن أهل البصرة فميعاد ما بيننا و بينهم يوم نحاكمهم الي الله فيقضي الله بالحق و هو خير الفاصلين.

[ صفحه 56]

فلما فرغ الحسن عليه‌السلام من كلامه قام رجل يقال له عمر بن محمود [65] فقال شعرا يمدح الحسن عليه‌السلام فيه علي خطبته [66] .

رأيه من مواقف العرب من أبيه

[40] - 21 - روي أحمد بن عبدالله الطبري:
عن مالك بن الجون قال: قام علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام بالربذة قال: من أحب أن يلحقنا فليلحقنا و من أحب أن يرجع فليرجع مأذون له غير حرج فقام الحسن بن علي [عليهماالسلام] فقال: يا أبت أو يا أميرالمؤمنين: لو كنت في جحر و كان للعرب فيك حاجة لاستخرجوك من جحرك.
فقال: الحمد لله الذي يبتلي من يشاء بمن يشاء و يعافي من يشاء بما يشاء، أما والله لقد ضربت هذا الأمر ظهرا لبطن أو ذنبا و رأسا فوالله او وجدت له الا القتال أو الكفر بالله فحلف بالله عليه أجلس يا بني و لا تحن علي حنين الجارية. أخرجه أبوالجهم [67] .
[41] - 22 - قال الاربلي:
قال الحسن لأبيه عليه‌السلام: ان للعرب جولة و لقد رجعت اليها عوازب أحلامها و لقد ضربوا اليك أكباد الابل حتي يستخرجوك و لو كنت في مثل و جار [68] الضبع [69] .

[ صفحه 57]

كلامه لأهل الكوفة في حرب الجمل

[42] - 23 - روي الطوسي:
باسناده عن عبدالله بن أبي‌بكر، قال: حدثني أبوجعفر محمد بن علي عليه‌السلام قال: حدثني عبدالرحمن بن أبي‌عمرة الأنصاري، قال: سماني رسول الله صلي الله عليه و آله عبدالرحمن قال:
لما بلغ عليا عليه‌السلام مسير طلحة و الزبير خطب الناس... و حض الناس علي الخروج في طلبهما [ثم تكلم بعض الحاضرين مثل مالك الأشتر و غيره] فلما هم علي عليه‌السلام بالنهوض، قام اليه أبوأيوب خالد بن زيد صاحب منزل رسول الله صلي الله عليه و آله فقال:
يا أميرالمؤمنين، لو أقمت بهذه البلدة فانها مهاجر رسول الله صلي الله عليه و آله و بها قبره و منبره، فان استقامت لك العرب كنت كمن كان قبلك، و ان وكلت الي المسير فقد أعذرت. فأجابه علي عليه‌السلام بعذره في المسير.
ثم خرج لما سمع توجه طلحة و الزبير الي البصرة و تمكث حتي عظم جيشه، و أغذ [70] السير في طلبهم، فجعلوا لا يرتحلون من منزل الا نزله حتي نزل بذي قار، فقال: والله انه ليحزنني أن أدخل علي هؤلاء في قلة من معي؛ فأرسل الي الكوفة الحسن بن علي عليه‌السلام، و عمار بن ياسر، و قيس بن سعد، و كتب اليهم كتابا، فقدموا الكوفة فخطب الناس الحسن بن علي عليهماالسلام: فحمد الله و أثني عليه و ذكر عليا عليه‌السلام و سابقته في الاسلام، و بيعة الناس له، و خلاف من خالفه، ثم أمر بكتاب علي عليه‌السلام فقرأ عليهم.

[ صفحه 58]

«بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فاني أخبركم عن أمر عثمان حتي يكون سمعه عيانه، ان الناس طعنوا عليه، و كنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه، و أقل عيبه، و كان هذان الرجلان أهون سيرهما فيه الوجيف، و قد كان من أمر عائشة فلتة علي غضب، فأتيح له قوم فقتلوه، ثم ان الناس بايعوني غير مستكرهين، و كان هذان الرجلان أول من فعل علي ما بويع عليه من كان قبلي، ثم انهما استأذناني في العمرة، و ليس يريدانها، فنقضا العهد، و آذنا بحرب، و أخرجا عائشة من بيتها، ليتخذانها فئة، و قد سارا الي البصرة اختيارا لها، و قد سرت اليكم اختيارا لكم، و لعمري ما اياي تجيبون، ما تجيبون الا الله و رسوله، و لن أقاتلهم و في نفسي منهم حاجة، و قد بعثت اليكم بالحسن بن علي و عمار بن ياسر و قيس بن سعد مستنفرين فكونوا عند ظني بكم، و لا حول و لا قوة الا بالله».
فلما قرأ الكتاب علي الناس قام خطباء الكوفة، شريح بن هانئ و غيره، فقالوا: و الله لقد أردنا أن نركب الي المدينة حتي نعلم علم عثمان، فقد أنبأنا الله به في بيوتنا؛ ثم بذلوا السمع و الطاعة، و قالوا: رضينا بأميرالمؤمنين عليه‌السلام و نطيع أمره، و لا نتخلف عن دعوته، والله لو لم يستنصرنا لنصرناه سمعا و طاعة.
فلما سمع الحسن بن علي عليه‌السلام ذلك قام خطيبا فقال: أيها الناس انه قد كان من أميرالمؤمنين علي ما تكفيكم جملته، و قد أتيناكم مستنفرين لكم، لأنكم جبهة الأمصار، و رؤساء العرب، و قد كان من نقض طلحة و الزبير بيعتهما و خروجهما بعائشة ما قد بلغكم و هو ضعف النساء و ضعف رأيهن، و قد قال الله تعالي (الرجال قوامون علي النساء) [71] و أيم الله لو لم ينصره أحد لرجوت أن يكون له

[ صفحه 59]

فيمن أقبل معه من المهاجرين و الأنصار، و من يبعث الله له من نجباء الناس كفاية، فانصروا الله ينصركم. ثم جلس.
و قام عمار بن ياسر، فقال: يا أهل الكوفة، ان كانت غابت عنكم أبداننا فقد انتهت اليكم أمورنا، ان قاتلي عثمان لا يعتذرون الي الناس و قد جعلوا كتاب الله بينهم و بين محاجيهم [فبه] أحيا الله من أحيا، و قتل من قتل، و ان طلحة و الزبير أول من طعن، و آخر من أمر، ثم بايعا أول من بايع، فلما اخطأهما ما أملا نكثا بيعتهما علي غير حدث كان، و هذا ابن رسول الله صلي الله عليه و آله يستنفركم و قد أظلكم في المهاجرين و الأنصار، فانصروه ينصركم الله.
و قام قيس بن سعد، فحمد الله و أثني عليه، ثم قال: أيها الناس، ان هذا الأمر لو استقبلنا به الشوري لكان علي أحق الناس به في سابقته و هجرته و علمه، و كان قتال من أبي ذلك حلالا، فكيف و الحجة قامت علي طلحة و الزبير، و قد بايعاه و خلعاه حسدا؟! [72] .
[43] - 24 - قال سبط ابن‌الجوزي:
ثم بعث علي عليه‌السلام الحسن و عمارا الي الكوفة فالتقاهما أبوموسي فقال له الحسن عليه‌السلام: لم ثبطت القوم عنا فوالله ما أردنا الا الاصلاح فقال صدقت و لكني سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول ستكون فتنة يكون القاعد فيها خيرا من القائم و الماشي خيرا من الراكب فغضب عمار و سبه، و تكلم عمار فقال:
أيها الناس هذا ابن عم رسول الله صلي الله عليه و آله يستنفركم الي عائشة... و تكلم الحسن بمثل هذا و قال أعينونا علي ما ابتلينا به فخرج معه تسعة آلاف في البر و الماء؛ و قد

[ صفحه 60]

أخرج البحاري معني هذا عن أبي وائل شقيق بن سلمة.
[44] - 25 - قال ابن‌الصباغ:
لما متنع أبوموسي أهل الكوفة لنصرة علي عليه‌السلام قام اليه الحسن بن علي عليهماالسلام فسكته، و قال: اعتزل عملنا يا شيخ لا أم لك، فقال أجلني هذه العشية فقال: هي لك، ثم قام الحسن عليه‌السلام فصعد المنبر فخطب، فقال:
أيها الناس أجيبوا دعوة أميركم فانفروا الي اخوانكم و الله لئن بلي [يلي] هذا الأمر أولو النهي فانه مثل في العاجل و الآجل، و خير لكم في العاقبة فأجيبوا دعوتنا علي ما ابتلينا به و ابتليتم، فان أميرالمؤمنين يقول:
قد خرجت مخرجي هذا ظالما أو مظلوما، و اني أذكر الله تعالي رجلا رعي حق الله بفرقان ان كنت مظلوما أعانني، و ان كنت ظالما أخذ مني والله ان طلحة و الزبير أول من بايعني، و أول من خرج علي فهل استأثرت بمال أو بدلت حكما، فانفروا فأمروا بالمعروف و انهوا عن المنكر، و قام عمار رضي الله عنه فتكلم أيضا....
فقال الحسن: أيها الناس انا عازمون فمن شاء منكم أن يخرج معنا علي الظهر، و من شاء في المساء فنفر معهم قريب تسعة آلاف و مائتان في البر، و ألفان و ثمانمائة في البحر [73] .
[45] - 26 - قال أبومخنف:
حدثني جابر بن يزيد، قال: حدثني تميم بن حذيم الناجي، قال: قدم علينا الحسن بن علي عليهماالسلام و عمار بن ياسر، يستنفران الناس الي علي عليه‌السلام، و معهما كتابه، فلما فرغا من قراءة كتابه، قام الحسن - و هو فتي حدث، والله اني لأرثي له من

[ صفحه 61]

حداثة سنة و صعوبة مقامه - فرماه الناس بأبصارهم و هم يقولون:
اللهم سدد منطق ابن بنت نبينا! فوضع يده علي عمود يتساند اليه، و كان عليلا من شكوي به، فقال:
الحمد لله العزيز الجبار، الواحد القهار، الكبير المتعال (سواء منكم من أسر القول و من جهر به و من هو مستخف بالليل و سارب بالنهار) [74] أحمده علي حسن البلاء، و تظاهر النعماء، و علي ما أحببنا و كرهنا من شدة و رخاء، و أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله، امتن علينا بنبوته و اختصه برسالته، و أنزل عليه وحيه، و اصطفاه علي جميع خلقه، و أرسله الي الانس و الجن، حين عبدت الأوثان و أطيع الشيطان، و جحد الرحمن، فصلي الله عليه و آله و جزاه افضل ما جزي المسلمين.
أما بعد: فاني لا أقول لكم الا ما تعرفون، ان أميرالمؤمنين علي بن أبي‌طالب - أرشد الله أمره، و أعز نصره - بعثني اليكم يدعوكم الي الصواب، و الي العمل بالكتاب، و الجهاد في سبيل الله، و ان كان في عاجل ذلك ما تكرهون، فان في آجله ما تحبون ان شاء الله. و لقد علمتم أن عليا صلي مع رسول الله صلي الله عليه و آله وحده، و انه يوم صدق به لفي عاشرة من سنة، ثم شهد مع رسول الله صلي الله عليه و آله جميع مشاهده. و كان من اجتهاده في مرضاة الله و طاعة رسوله و آثاره الحسنة في الاسلام ما قد بلغكم، و لم يزل رسول الله صلي الله عليه و آله راضيا عنه، حتي غمضه بيده و غسله وحده، و الملائكة أعوانه، و الفضل ابن عمه ينقل اليه الماء ثم ادخله حفرته، و أوصاه بقضاء دينه و عداته، و غير ذلك من أموره، كل ذلك من من الله عليه. ثم والله ما دعا الي نفسه،

[ صفحه 62]

و لقد تداك الناس عليه تداك الابل اليهم عند ورودها، فبايعوه طائعين، ثم نكث منهم ناكثون بلا حدث أحدثه، و لا خلاف أتاه حسدا له و بغيا عليه. فعليكم عباد الله بتقوي الله و طاعته، و الجد و الصبر و الاستعانة بالله و الخفوف الي ما دعاكم اليه أميرالمؤمنين. عصمنا الله و اياكم بما عصم به أولياءه و أهل طاعته، و ألهمنا و اياكم تقواه، و أعاننا و اياكم علي جهاد أعدائه. و استغفر الله العظيم لي و لكم.
ثم مضي الي الرحبة، فهيأ منزلا لأبيه أميرالمؤمنين.
قال جابر: فقلت لتميم: كيف أطاق هذا الغلام ما قد قصصته من كلامه؟ فقال: و ما سقط عني من قوله أكثر، و لقد حفظت بعض ما سمعت [75] .

خطبته في الجمعة

[46] - 27 - قال الصدوق:
أخبرنا أبوعبدالله محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبوالحسن علي بن محمد الكاتب، قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني، قال: حدثنا ابراهيم بن محمد الثقفي، قال: حدثنا أبوالوليد العباس بن بكار الضبي، قال: حدثنا أبوبكر الهذلي، قال: حدثنا محمد بن سيرين، قال: سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة يقولون: لما فرغ علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام من الجمل، عرض له مرض، و حضرت الجمعة، فتأخر عنها، و قال لابنه الحسن عليه‌السلام: انطلق يا بني فجمع بالناس. فأقبل الحسن عليه‌السلام الي المسجد، فلما استقل علي المنبر حمد الله و أثني عليه و تشهد و صلي علي رسول الله صلي الله عليه و آله و قال:

[ صفحه 63]

أيها الناس، ان الله اختارنا بالنبوة، و اصطفانا علي خلقه، و أنزل علينا كتابه و وحيه، و أيم الله لا ينتقصنا أحد من حقنا شيئا الا تنقصه الله في عاجل دنياه و آجل آخرته، و لا يكون علينا دولة الا كانت لنا العاقبة (و لتعلمن نبأه بعد حين) [76] .
ثم جمع الناس، و بلغ أباه كلامه، فلما انصرف الي أبيه عليه‌السلام نظر اليه و ما ملك عبرته أن سألت علي خديه، ثم استدناه اليه فقبل بين عينيه و قال: بأبي أنت و أمي (ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم [77] ) [78] .
[47] - 28 - روي المسعودي:
و قد كان علي كرم الله وجهه اعتل، فأمر ابنه الحسن عليه‌السلام أن يصلي بالناس يوم الجمعة، فصعد المنبر فحمد الله و أثني عليه، ثم قال:
ان الله لم يبعث نبيا الا اختار له نقيبا و رهطا و بيتا، فوالذي بعث محمدا بالحق نبيا لا ينتقص من حقنا أهل البيت أحد الا نقصه الله من عمله مثله، و لا تكون علينا دولة الا و تكون لنا العاقبة، (و لتعلمن نبأه بعد حين) [79] [80] .

خطبته في الكوفة

[48] - 29 - قال المجلسي:
قيل طعن أقوام من أهل الكوفة في الحسن بن علي عليهماالسلام فقالوا: انه عي لا يقوم بحجة فبلغ ذلك أميرالمؤمنين عليه‌السلام فدعا الحسن فقال: يا ابن رسول الله ان أهل

[ صفحه 64]

الكوفة قد قالوا فيك مقالة أكرهها قال: و ما يقولون يا أميرالمؤمنين قال: يقولون ان الحسن بن علي عي اللسان لا يقوم بحجة و ان هذه الاعواد، فأخبر الناس فقال: يا أميرالمؤمنين لا أستطيع الكلام و أنا أنظر اليك فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام اني متخلف عنك فناد أن الصلاة جامعة فاجتمع المسلمون فصعد عليه‌السلام المنبر فخطب خطبة بليغة وجيزة فضج المسلمون بالبكاء ثم قال:
أيها الناس اعقلوا عن ربكم (ان الله اصطفي آدم و نوحا و آل ابراهيم و آل عمران علي العالمين - ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) [81] .
فنحن الذرية من آدم و الأسرة من نوح و الصفوة من ابراهيم و السلالة من اسماعيل و آل من محمد صلي الله عليه و آله نحن فيكم كالسماء المرفوعة و الأرض المدحوة و الشمس الضاحية كالشجرة الزيتونة لا شرقية و لا غربية التي بورك زيتها النبي أصلها و علي فرعها و نحن والله ثمرة تلك الشجرة فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا و من تخلف عنها فالي النار هوي فقام أميرالمؤمنين عليه‌السلام من أقصي الناس يسحب رداءه من خلفه حتي علا المنبر مع الحسن عليه‌السلام فقبل بين عينيه ثم قال يا ابن رسول الله أثبت علي القوم حجتك أوجبت عليهم طاعتك فويل لمن خالفك [82] .
[49] - 30 - قال ابن‌عساكر:
أخبرنا أبوبكر الشاهد، أنبأنا الحسن بن علي العدل، أنبأنا محمد بن العباس الخزاز، أنبأنا أحمد بن معروف الخشاب، أنبأنا الحسين بن محمد الفقيه، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا الفضل بن دكين، أنبأنا معمر بن يحيي بن سام، قال: سمعت

[ صفحه 65]

جعفرا قال: سمعت أباجعفر قال: قال علي [للحسن] عليهماالسلام: قم فاخطب الناس يا حسن.
قال: اني أهابك أن أخطب و أنا أراك. فتغيب [أميرالمؤمنين عليه‌السلام] عنه حيث يسمع كلامه و لا يراه، فقام الحسن فحمد الله و أثني عليه و تكلم ثم نزل. فقال علي عليه‌السلام: (ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم) [83] .
[50] - 31 - قال الاربلي:
روي أن أباه عليا عليه‌السلام قال له: قم فأخطب لأسمع كلامك، فقام و قال:
الحمد لله الذي من تكلم سمع كلامه و من سكت علم ما في نفسه، و من عاش فعليه رزقه و من مات فاليه معاده [و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و سلم] .
أما بعد: فان القبور محلتنا، و القيامة موعدنا، و الله عارضنا و أن عليا باب من دخله كان مؤمنا، و من خرج عنه كان كافرا فقام اليه علي عليه‌السلام فالتزمه فقال: بأبي أنت و أمي (ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم) [84] .

استنفاره الناس الي صفين

[51] - 32 - روي ابن‌أبي‌الحديد:
قال نصر: خطب علي عليه‌السلام في الجهاد و استنفار الناس الي الصفين، ثم قام ابنه الحسن بن علي عليهماالسلام، فقال: الحمد لله لا اله غيره و لا شريك له.
ثم قال: ان مما عظم الله عليكم من حقه، و أسبغ عليكم من نعمه ما لا يحصي

[ صفحه 66]

ذكره؛ و لا يؤدي شكره، و لا يبلغه قول و لا صفة؛ و نحن انما غضبنا لله و لكم؛ انه لم يجتمع قوم قط علي أمر واحد الا اشتد أمرهم، و استحكمت عقدتهم، فاحتشدوا في قتال عدوكم معاوية و جنوده، و لا تخاذلوا، فان الخذلان يقطع نياط القلوب؛ و ان الاقدام علي الأسنة نخوة و عصمة، لم يتمنع [85] [يمتنع] قوم قط الا رفع الله عنهم العلة، و كفاهم جوائح الذلة [86] ، و هداهم الي معالم الملة، ثم أنشد:

و الصلح تأخذ منه ما رضيت به
و الحرب يكفيك من أنفاسها جرع [87] .

دوره في صفين‌

[52] - 33 - روي الطبرسي:
ان أميرالمؤمنين عليه‌السلام يطوف بين الصفين بصفين في غلالة [88] قال له الحسن ابنه عليه‌السلام: ما هذا زي الحرب، فقال: يا بني ان أباك لا يبالي وقع علي الموت أو وقع الموت عليه [89] .
[53] - 34 - قال الاربلي:
و كان لعثمان مولي اسمه أحمر فخرج يطلب البراز فخرج اليه كيسان مولي علي عليه‌السلام فحمل عليه فقتله، فقال علي عليه‌السلام: قتلني الله ان لم أقتلك، ثم حمل عليه فاستقبله بالسيف فاتقي علي ضربته بالحجفة، ثم قبض ثوبه و أقلعه من سرجه و ضرب به الأرض فكسر منكبيه و عضديه، و دنا منه أهل الشام فما زاده قربهم

[ صفحه 67]

اسراعا فقال له ابنه الحسن عليه‌السلام: ما ضرك لو سعيت حتي تنتهي الي أصحابك؟ فقال: يا بني ان لأبيك يوما لن يعدوه و لا يبطي‌ء به عنه السعي، و لا يعجل به اليه المشي و ان أباك و الله لا يبالي أوقع علي الموت أم وقع الموت عليه [90] .
[54] - 35 - قال الخوارزمي:
في واقعة صفين: و قتل الأشتر من [قوم] عك خلقا كثيرا، و فقد أهل العراق أميرالمؤمنين عليه‌السلام و ساءت الظنون و قالوا: لعله قتل، فعلا البكاء و النحيب، و نهاهم الحسن من ذلك و قال: ان علمت الأعداء ذلك منكم، اجترؤا عليكم و أن أميرالمؤمنين عليه‌السلام أخبرني بأن قتله يكون بالكوفة، و كانوا علي ذلك اذ أتاهم شيخ يبكي و قال: قتل أميرالمؤمنين عليه‌السلام و قد رأيته صريعا بين القتلي، فكثر البكاء و الانتحاب، فقال الحسن: يا قوم هذا الشيخ يكذب فلا تصدقوه و ان أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال: يقتلني رجل من مراد في كوفتكم هذه [91] .
[55] - 36 - قال ابن‌سعد:
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمر بن محمد بن عمر، عن عبدالله بن محمد ابن عقيل، عن سعد ابي‌الحسن مولي الحسن بن علي قال: خرجت مع الحسن بن علي ليلة بصفين في خمسين رجلا من همدان يريد أن يأتي عليا، و كان يومنا يوما قد عظم فيه الشر بين الفريقين، فمررنا برجل أعور من همدان يدعي مذكورا قد شد مقود فرسه برجل رجل مقتول فوقف الحسن بن علي علي الرجل فسلم ثم قال:
من أنت؟ فقال: رجل من همدان، فقال له الحسن: ما تصنع هاهنا؟ فقال:

[ صفحه 68]

أضللت أصحابي في هذا المكان في أول الليل فأنا أنتظر رجعتهم. قال: ما هذا القتيل؟ قال: لا أدري غير أنه كان شديدا علينا يكشفنا كشفا شديدا و بين ذلك يقول أنا الطيب بن الطيب، و اذا ضرب قال: أنا ابن‌الفاروق، فقتله الله بيدي. فنزل الحسن اليه فاذا عبيدالله بن عمر و اذا سلاحه بين يدي الرجل فأتي به عليا فنفله علي سلبه و قومه أربعة آلاف [92] .

اجوبته لملك الروم، و الشامي

[56] - 37 - قال علي بن ابراهيم:
حدثني الحسين، عن عبدالله السكيني، عن أبي‌سعيد البجلي، عن عبدالملك بن هارون عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام، عن آبائه عليهم‌السلام قال: لما بلغ أميرالمؤمنين أمر معاوية و أنه في مائة ألف قال: من أي القوم؟ قالوا: من أهل الشام قال: لا تقولوا من أهل الشام و لكن قولوا من أهل الشوم من أهل مصر لعنوا علي لسان داود فجعل الله منهم القردة و الخنازير.
ثم كتب عليه‌السلام الي معاوية لا تقتل الناس بيني و بينك ولكن هلم الي المبارزة فان أنا قتلتك فالي النار أنت و تستريح الناس منك و من ضلالتك و ان أنت قتلتني فأنا في الجنة و تغمد عنك السيف الذي لا يسعني غمده حتي أرد مكرك وخديعتك و بدعتك و أنا الذي ذكر الله اسمه في التوراة و الانجيل بموازرة رسول الله صلي الله عليه و آله و أنا أول من بايع رسول الله تحت الشجرة في قوله تعالي: (لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة) [93] .

[ صفحه 69]

فلما قرأ معاوية كتابه عليه‌السلام و عنده جلساؤه قالوا: قد والله أنصفك قال معاوية: والله ما أنصفني والله لأرمينه بمائة ألف سيف من أهل الشام من قبل أن يصل الي، و الله ما أنا من رجاله و لقد سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: والله يا علي لو بارزك أهل المشرق و المغرب لقتلتهم أجمعين.
فقال رجل من القوم: فما يحملك يا معاوية علي قتال من تعلم و تخبر فيه عن رسول الله صلي الله عليه و آله بما تخبر ما أنت و نحن في قتاله الا علي ضلالة فقال: انما هذا بلاغ من الله و رسالاته و الله ما أستطيع أنا و أصحابي رد ذلك حتي يكون هو ما كائن (ما كان - خ)
قال: و بلغ ذلك ملك الروم و أخبر أن رجلين قد خرجا يطلبان الملك فسأل من أين خرجا؟ فقيل له:
رجل بالكوفة و رجل بالشام فأمر الملك و زراءه فقال تخللوا هل تصيبون من تجار العرب من يصفهما لي فأتي برجلين من تجار الشام و رجلين من تجار مكة فسألهم من صفتهما فوصفوهما له ثم قال لخزان بيوت خزائنه اخرجوا الي الأصنام فأخرجوها فنظر اليها فقال الشامي ضال و الكوفي هاد.
ثم كتب الي معاوية أن ابعث الي أعلم أهل بيتك و كتب الي أميرالمؤمنين عليه‌السلام أن ابعث الي أعلم أهل بيتك فأسمع منهما ثم أنظر في الانجيل كتابنا ثم أخبركما من أحق بهذا الأمر وخشي علي ملكه فبعث معاوية يزيد ابنه و بعث أميرالمؤمنين، الحسن ابنه عليهماالسلام فلما دخل يزيد علي الملك أخذ بيده فقبلها ثم قبل رأسه ثم دخل عليه الحسن بن علي صلوات الله عليهما فقال:
الحمد لله الذي لم يجعلني يهوديا و لا نصرانيا و لا مجوسيا و لا عابد الشمس

[ صفحه 70]

و القمر و لا الصنم و البقر و جعلني حنيفا مسلما و لم يجعلني من المشركين تبارك الله رب العرش العظيم و الحمد لله رب العالمين.
ثم جلس لا يرفع بصره فلما نظر ملك الروم الي الرجلين أخرجهما ثم فرق بينهما ثم بعث الي يزيد فأحضره ثم أخرج من خزائنه ثلاثمائة و ثلاث عشر صندوقا فيها تماثيل الأنبياء و قد زينت بزينة كل نبي مرسل فأخرج صنما فعرضه علي يزيد فلم يعرفه ثم عرضه عليه صنما فلا يعرف منها شيئا و لا يجيب منها بشي‌ء ثم سأله عن أرزاق الخلائق و عن أرواح المؤمنين أين تجتمع و عن أرواح الكفار أين تكون اذا ماتوا فلم يعرف من ذلك شيئا.
ثم دعا الحسن بن علي عليهماالسلام فقال: انما بدأت بيزيد بن معاوية كي يعلم أنك تعلم ما لا يعلم و يعلم أبوك ما لا يعلم أبوه فقد وصف لي أبوك و أبوه فنظرت في الانجيل فرأيت فيه محمدا رسول الله صلي الله عليه و آله و الوزير عليا و نظرت في الأوصياء فرأيت فيها أباك وصي محمد [صلي الله عليه و آله] .
فقال له الحسن عليه‌السلام: سلني عما بدا لك مما تجده في الانجيل و عما في التوراة و عما في القرآن أخبرك به ان شاء الله تعالي فدعا الملك بالأصنام فأول صنم عرض عليه في صفة القمر فقال الحسن عليه‌السلام: صفة آدم أبوالبشر، ثم عرض عليه آخر في صفة الشمس فقال الحسن عليه‌السلام: هذه صفة حواء أم‌البشر، ثم عرض عليه آخر في صفة حسنة فقال: هذه صفة شيث بن آدم و كان أول من بعث و بلغ عمره في الدنيا ألف سنة و أربعين عاما، ثم عرض عليه صنم آخر فقال: هذه صفة نوح صاحب السفينة و كان عمره ألفا و أربعمائة سنة و لبث في قومه ألف سنة الا خمسين عاما، ثم عرض عليه صنم آخر فقال: هذه صفة ابراهيم عريض الصدر طويل الجبهه، ثم

[ صفحه 71]

أخرج اليه صنم آخر فقال: هذه صفة اسرائيل و هو يعقوب، ثم أخرج اليه صنم آخر فقال: هذه صفة اسماعيل، ثم أخرج اليه صنم آخر فقال: هذه صفة يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم، ثم أخرج اليه صنم آخر فقال: هذه صفة موسي بن عمران و كان عمره مائتين و أربعين سنة و كان بينه و بين ابراهيم خمسمائة عام، ثم أخرج اليه صنم آخر فقال: هذه صفة داود صاحب الحرب، ثم أخرج اليه صنم آخر فقال: هذه صفة شعيب ثم زكريا ثم يحيي ثم عيسي بن مريم روح الله و كلمته و كان عمره في الدنيا ثلاثة و ثلاثون سنة ثم رفعه الله الي السماء و يهبط الأرض بدمشق و هو الذي يقتل الدجال، ثم عرض عليه صنم صنم فيخبر باسم نبي نبي، ثم عرض عليه الأوصياء و الوزراء فكان يخبرهم باسم وصي وصي و وزير وزير، ثم عرض عليه أصنام بصفة الملوك فقال الحسن عليه‌السلام:هذه أصنام لم نجد صفتها في التوراة و لا في الانجيل و لا في الزبور و لا في القرآن فلعلها من صفة الملوك فقال الملك: أشهد عليكم يا أهل بيت محمد انكم قد أعطيتم علم الأولين و الآخرين و علم التوراة و الانجيل و الزبور و صحف ابراهيم و ألواح موسي، ثم عرض عليه صنم يلوح فلما نظر اليه بكي بكاء شديدا فقال له الملك: ما يبكيك فقال: هذه صفة جدي محمد صلي الله عليه و آله كث اللحية عريض الصدر طويل العنق عريض الجبهة أقني الأنف أفلج الأسنان حسن الوجه قطط الشعر طيب الريح حسن الكلام فصيح اللسان كان يأمر بالمعروف و ينهي عن المنكر بلغ عمره ثلاث و ستين سنة و لم يخلف بعده الا خاتما مكتوب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله و كان يتختم بيمينه و خلف سيفه ذوالفقار و قضيبه و جبة صوف و كساء صوف كان يتسرول به لم يقطعه و لم يخطه حتي لحق بالله.

[ صفحه 72]

فقال الملك: انا نجد في الانجيل أنه يكون له ما يتصدق علي سبطيه فهل كان ذلك فقال له الحسن عليه‌السلام: قد كان ذلك فقال الملك: فبقي لكم ذلك؟ فقال: لا، فقال الملك: لهذه أول فتنة هذه الأمة عليها ثم علي ملك نبيكم و اختيارهم علي ذرية نبيهم منكم القائم بالحق الآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر قال: ثم سأل الملك الحسن عليه‌السلام عن سبعة أشياء خلقها الله لم تركض في رحم فقال الحسن عليه‌السلام:
أول هذا آدم، ثم حواء، ثم كبش ابراهيم ثم ناقة صالح ثم ابليس الملعون ثم الحية ثم الغراب التي ذكرها الله في القرآن.
ثم سأله عن أرزاق الخلائق فقال الحسن عليه‌السلام: أرزاق الخلائق في السماء الرابعة تنزل بقدر و تبسط بقدر.
ثم سأله عن أرواح المؤمنين أين يكونون اذا ماتوا؟! قال: تجتمع عند صخرة بيت المقدس في كل ليلة الجمعة و هو عرش الله الأدني منها يبسط الله الأرض و اليه يطويها و منها المحشر و منها استوي ربنا الي السماء و الملائكة.
ثم سأله عن أرواح الكفار أين تجتمع قال: تجتمع في وادي حضرموت وراء مدينة اليمن ثم يبعث الله نارا من المشرق و نارا من المغرب و يتبعهما بريحين شديدتين فيحشر الناس عند صخرة بيت المقدس فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة و يزلف الميعاد و تصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الأرضين السابعة و فيها الفلق و السجين فتفرق الخلائق من عند الصخرة فمن وجبت له الجنة دخلها و من وجبت له النار دخلها و ذلك قوله: (فريق في الجنة و فريق في السعير) [94] .

[ صفحه 73]

فلما أخبر الحسن عليه‌السلام بصفة ما عرض عليه من الأصنام و تفسير ما سأله التفت الملك الي يزيد بن معاوية و قال: أشعرت أن ذلك علم لا يعلمه الا نبي مرسل أو وصي موازر قد أكرمه الله بموازرة نبيه أو عترة نبي مصطفي و غيره المعادي فقد طبع الله علي قلبه و آثر دنياه علي آخرته أو هواه علي دينه و هو من الظالمين.
قال: فسكت يزيد وخمد، قال: فأحسن الملك جائزة الحسن عليه‌السلام و أكرمه و قال: له أدع ربك حتي يرزقني دين نبيك فان حلاوة الملك قد حالت بيني و بين ذلك و أظنه شقاء مرديا و عذابا أليما.
قال: فرجع يزيد الي معاوية و كتب اليه الملك أنه يقال من آتاه الله العلم بعد نبيكم و حكم التوراة و ما فيها و الانجيل و ما فيه و الزبور و ما فيه و الفرقان و ما فيه فالحق و الخلافة له.
و كتب الي علي عليه‌السلام أن الحق و الخلافة لك و بيت النبوة فيك و في ولدك فقاتل من قاتلك يعذبه الله بيدك ثم يخلده الله نار جهنم فان من قاتلك نجده في الانجيل أن عليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين و عليه لعنة أهل السماوات و الأرضين [95] .
[57] - 38 - قال الحراني:
بعث معاوية رجلا متنكرا يسأل أميرالمؤمنين عليه‌السلام عن مسائل سأله عنها ملك الروم فلما دخل الكوفة و خاطب أميرالمؤمنين عليه‌السلام أنكره فقرره فاعترف له بالحال فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام: قاتل الله ابن آكلة الأكباد ما أضله و أضل من معه، قاتله الله

[ صفحه 74]

لقد أعتق جارية ما أحسن أن يتزوجها، حكم الله بيني و بين هذه الأمة قطعوا رحمي و صغروا عظيم منزلتي و أضاعوا أيامي. علي بالحسن و الحسين و محمد، فدعوا، فقال عليه‌السلام: يا أخا أهل الشام هذان ابنا رسول الله صلي الله عليه و آله و هذا ابني فأسئل أيهم أحببت، فقال الشامي: أسئل هذا، يعني الحسن عليه‌السلام ثم قال:
كم بين الحق و الباطل؟ و كم بين السماء و الأرض؟ و كم بين المشرق و المغرب؟ و عن هذا المحو الذي في القمر و عن قوس قزح، و عن هذه المجرة، و عن أول شي‌ء انتضح علي وجه الأرض، و عن أول شي‌ء اهتز عليها و عن العين التي تأوي اليها أرواح المؤمنين و المشركين و عن المؤنث [الخنثي] و عن عشرة أشياء بعضها أشد من بعض؟
فقال الحسن عليه‌السلام: يا أخا أهل الشام بين الحق و الباطل أربع أصابع؛ ما رأيت بعينيك فهو الحق و قد تسمع بأذنيك باطلا كثيرا. و بين السماء و الأرض دعوة المظلوم و مد البصر فمن قال غير هذا فكذبه و بين المشرق و المغرب يوم مطرد للشمس تنظر الي الشمس حين تطلع و تنظر اليها حين تغرب من قال غير هذا فكذبه.
و أما هذه المجرة في أشراج السماء مهبط الماء المنهمر علي نوح عليه‌السلام. و أما قوس قزح: فلا تقل: قزح فان قزح شيطان و لكنها قوس الله و أمان من الغرق. و أما المحو الذي في القمر فان ضوء القمر كان مثل ضوء الشمس فمحاه الله. و قال في كتابه: (فمحونا آية الليل و جعلنا آية النهار مبصرة) [96] .
و أما أول شي‌ء انتضح علي وجه الأرض فهو وادي دلس. و أما أول شي‌ء اهتز

[ صفحه 75]

علي وجه الأرض فهي النخلة. و أما العين التي تأوي اليها أرواح المؤمنين فهي عين يقال: لها سلمي. و أما العين التي تأوي اليها أرواح الكافرين فهي عين يقال لها: برهوت. و أما المؤنث فانسان لا يدري امرأة هو أو رجل فينتظر به الحلم، فان كانت امرأة بانت ثدياها و ان كان رجلا خرجت لحيته و الا قيل له يبول علي الحائط فان أصاب الحائط بوله فهو رجل و ان نكص كما ينكص بول البعير فهي امرأة.
و أما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض: فأشد شي‌ء خلق الله الحجر و أشد من الحجر الحديد و أشد من الحديد النار و أشد من النار الماء و أشد من الماء السحاب و أشد من السحاب الريح و أشد من الريح الملك و أشد من الملك ملك الموت و أشد من ملك الموت الموت و أشد من الموت أمر الله.
قال الشامي: أشهد أنك ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و أن عليا وصي محمد ثم كتب هذا الجواب و مضي به الي معاوية و أنفذه معاوية الي ابن الأصفر فلما أتاه قال: أشهد أن هذا ليس من عند معاوية و لا هو الا من معدن النبوة [97] .
[58] - 39 - قال ابن شهرآشوب:
كتب ملك الروم الي معاوية يسأله عن ثلاث، عن مكان بمقدار وسط السماء و عن أول قطرة دم وقعت علي الأرض و عن مكان طلعت فيه الشمس مرة؟ فلم يعلم ذلك فاستغاث بالحسن بن علي عليهماالسلام فقال: ظهر الكعبة و دم حواء و أرض البحر حين ضربه موسي.

[ صفحه 76]

و عنه عليه‌السلام في جواب ملك الروم ما لا قبلة له فهي الكعبة و ما لا قرابة له فهو الرب تعالي، و سأل شامي الحسن بن علي عليهماالسلام فقال: كم بين الحق و الباطل؟ فقال: أربع أصابع فما رأيت بعينك فهو الحق و قد تسمع بأذنيك باطلا كثيرا و قال: كم بين الايمان و اليقين؟ قال: أربع أصابع الايمان ما سمعناه و اليقين ما رأيناه قال: و كم بين السماء و الأرض؟ قال دعوة المظلوم و مد البصر قال: كم بين المشرق و المغرب؟ قال: مسيرة يوم للشمس [98] .

كلامه في أبي‌موسي‌

[59] - 40 - قال الدينوري:
تشاتم أبوموسي، و عمرو ثم انصرف عمرو الي معاوية، و لحق أبوموسي بمكة و انصرفت القوم الي علي [عليه‌السلام] فقال عدي: أما والله يا أميرالمؤمنين، لقد قدمت القرآن، و أخرت الرجال، و جعلت الحكم لله. فقال علي:
أما اني قد أخبرتكم أن هذا يكون بالأمس و جهدت أن تبعثوا غير أبي‌موسي، فأبيتم علي، و لا سبيل الي حرب القوم حتي تنقضي المدة، فصعد المنبر، فحمد الله و أثني عليه، ثم قال: قم يا حسن فتكلم في أمر هذين الرجلين: أبي‌موسي و عمرو. فقام الحسن، فتكلم فقال:
أيها الناس، قد أكثرتم في أمر أبي‌موسي و عمرو، و انما بعثا ليحكما بالقرآن دون الهوي، فحكما بالهوي دون القرآن، فمن كان هكذا لم يكن حكما، ولكنه محكوم عليه، و قد كان من خطأ أبي‌موسي أن جعلها لعبدالله بن عمر، فأخطأ في

[ صفحه 77]

ثلاث خصال. خالف - يعني أباموسي - أباه عمر، اذ لم يرضه لها، و لم يره أهلا لها، و كان أبوه أعلم به من غيره، و لا أدخله في الشوري الا علي أنه لا شي‌ء له فيها، شرطا مشروطا من عمر علي أهل الشوري، فهذه واحدة.
و ثانية: لم تجمع عليه المهاجرون و الأنصار، الذين يعقدون الامامة، و يحكمون علي الناس.
و ثالثة: لم يستأمر الرجل في نفسه، و لا علم ما عنده من رد أو قبول. ثم جلس.
ثم قال علي لعبدالله بن عباس: قم فتكلم. فقام عبدالله بن عباس، و قال: أيها الناس، ان للحق أناسا أصابوه بالتوفيق و الرضا، و الناس بين راض به، و راغب عنه، و انما سار أبوموسي بهدي الي ضلال، و سار عمرو بضلالة الي هدي، فلما التقيا رجع أبوموسي عن هداه، و مضي عمرو علي ضلاله، فوالله لو كانا حكما عليه بالقرآن لقد حكما عليه، و لئن كانا حكما بهواهما علي القرآن، و لئن مسكا بما سارا به، لقد سار أبوموسي و علي امامه، و سار عمرو و معاوية امامه ثم جلس.
فقال علي لعبدالله بن جعفر: قم فتكلم. فقام و قال: أيها الناس هذا أمر كان النظر فيه لعلي، و الرضا فيه الي غيره، جئتم بأبي موسي، فقلتم قد رضينا هذا، فارض به، و أيم الله ما أصلحا بما فعلا الشام و لا أفسدا العراق و لا أماتا حق علي، و لا أحييا باطل معاوية، و لا يذهب الحق قلة رأي و لا نفخة شيطان، و انا لعلي اليوم كما كنا أمس عليه. ثم جلس [99] .

[ صفحه 78]

قوله في مكان قبر هود

[60] - 41 - نصر بن مزاحم:
عن عمر بن سعد، حدثني سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي عليه‌السلام، قال: قال علي: ما يقول الناس في هذا القبر؟ - و في النخيلة قبر عظيم يدفن اليهود موتاهم حوله - فقال الحسن بن علي: يقولون هذا قبر هود النبي عليه‌السلام لما أن عصاه قومه جاء فمات هاهنا. قال: كذبوا، لأنا أعلم به منهم، هذا قبر يهودا بن يعقوب ابن اسحاق بن ابراهيم، بكر يعقوب. ثم قال: هاهنا أحد من مهرة؟ قال: فأتي بشيخ كبير، فقال: أين منزلك؟ قال: علي شاطي‌ء البحر. قال: أين من الجبل الأحمر؟ قال: [أنا] قريب منه. قال: فما يقول قومك فيه؟ قال: يقولون: قبر ساحر. قال: كذبوا، ذاك قبر هود، و هذا قبر يهودا بن يعقوب بكره. [ثم قال عليه‌السلام] :
يحشر من ظهر الكوفة سبعون ألفا علي غرة الشمس يدخلون الجنة بغير حساب [100] .

ملازمته لأبيه ليلة شهادته

[61] - 42 - قال ابن‌شاذان القمي:
[روي] عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام لما بايعه الملعون عبدالرحمن بن ملجم لعنه الله قال له: تالله انك غير و في ببيعتي، و لتخضبن هذه من هذا - و أشار بيده الي كريمته و كريمه - فلما أهل شهر رمضان جعل يفطر ليلة عند الحسن و ليلة عند الحسين عليهماالسلام

[ صفحه 79]

فلما كان بعض الليالي قال: كم مضي من رمضان؟ قالا له: كذا و كذا، فقال لهما عليهماالسلام: في العشر الأخير تفقدان أبيكما، فكان كما قال عليه‌السلام [101] .
[62] - 43 - روي الاربلي:
عن كمال الدين بن طلحة في مناقبه فقال: فخرج [أميرالمؤمنين عليه‌السلام] في تلك الليلة و في داره اوز، فلما صار في صحن الدار تصايح في وجهه فقال عليه‌السلام: صوائح تتبعها نوائح - و قيل: صوارخ - فقال ابنه الحسن عليه‌السلام: ما هذه الطيره فقال: يا بني لم أتطير و لكن قلبي يشهد أني مقتول [102] .
[63] - 44 - قال المجلسي:
... قالت أم‌كلثوم: فجئت الي أخي الحسن عليه‌السلام فقلت يا أخي: قد كان من أمر أبيك الليلة كذا و كذا، و هو قد خرج في هذا الليل الغلس فألحقه، فقام الحسن بن علي عليهماالسلام و تبعه، فلحق به قبل أن يدخل الجامع فقال يا أباه: ما أخرجك في هذه الساعة و قد بقي من الليل ثلثه؟ فقال:
يا حبيبي و يا قرة عيني خرجت رؤيا رأيتها في هذه اليلة أهالتني و أزعجتني و أقلقتني.
فقال له: خيرا رأيت و خيرا يكون فقصها علي، فقال عليه‌السلام: يا بني رأيت كأن جبرئيل عليه‌السلام قد نزل عن السماء علي جبل أبي‌قبيس فتناول منه حجرين و مضي بهما الي الكعبة و تركهما علي ظهرها، و ضرب أحدهما علي الآخر فصارت كالرميم، ثم ذرهما في الريح، فما بقي بمكة و لا بالمدينة بيت الا و دخله من ذلك الرماد، فقال

[ صفحه 80]

له: يا أبت و ما تأويلها؟ فقال: يا بني ان صدقت رؤياي فان أباك مقتول و لا يبقي بمكة حينئذ و لا بالمدينة بيت الا و يدخله من ذلك غم و مصيبة من أجلي.
فقال الحسن عليه‌السلام: و هل تدري متي يكون ذلك يا أبت؟ قال: يا بني ان الله يقول: (و ما تدري نفس ماذا تكسب غدا و ما تدري نفس بأي أرض تموت) [103] و لكن عهد الي حبيبي رسول الله صلي الله عليه و آله أنه يكون في العشر الأواخر من شهر رمضان، يقتلني ابن‌ملجم المرادي، فقلت له: يا أبتاه، اذا علمت منه ذلك فاقتله، قال: يا بني لا يجوز القصاص الا بعد الجناية، و الجناية لم تحصل منه، يا بني لو اجتمع الثقلان الانس و الجن علي أن يدفعوا ذلك لما قدروا، يا بني ارجع الي فراشك، فقال الحسن عليه‌السلام:
يا أبتاه أريد أمضي معك الا موضع صلاتك، فقال له: أقسمت بحقي عليك الا ما رجعت الي فراشك لئلا يتنغص عليك نومك، و لا تعصني في ذلك، قال: فرجع الحسن عليه‌السلام فوجد أخته أم‌كلثوم قائمة خلف الباب تنتظره، فدخل فأخبرها بذلك، و جلسا يتحادثان و هما محزونان حتي غلب عليهما النعاس، فقاما و دخلا الي فراشهما و ناما [104] .
[64] - 45 - قال ابن‌الصباغ:
قال الحسن بن علي عليهماالسلام: قمت ليلا فوجدت أبي قائما يصلي في مسجد داره، فقال: يا بني أيقظ أهلك يصلون فانها ليلة الجمعة صبيحة بدر، و لقد ملكتني نفسي فنمت فرأيت رسول الله صلي الله عليه و آله فقلت يا رسول الله ماذا لقيت من امتك من اللأواء

[ صفحه 81]

و اللدد، فقال صلي الله عليه و آله أدع عليهم، فقلت اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم، و أبدلهم بي من هو شر منهم، فجاء المؤذن فأذنه بالصلاة فخرج و خرجت خلقه، فضربه ابن‌ملجم لعنه الله فقتله [105] .
[65] - 46 - قال ابن‌أعثم:
فلما كان يوم السابع و العشرين من شهر رمضان خرجت أم‌كلثوم الي [كذا] عند أبيها، فقال لها علي: أي بنية! اخفي عليك الباب، ففعلت ذلك. قال الحسن: و كنت جالسا علي باب البيت فسمعت هاتفا آخر و هو يقول: (أفمن يلقي في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة) [106] . قال: سمعت هاتفا آخر و هو يقول: توفي النبي صلي الله عليه و آله... و الآن فقد قتل علي بن أبي‌طالب اذا تضعضع ركن الاسلام، قال الحسن:
فلم أصبر أن فتحت الباب و دخلت؛ فاذا أبي‌فارق الدنيا، فأحصرنا أكفانه [107] .

كلامه لابن ملجم

[66] - 47 - قال المجلسي:
قال الشعبي... فلما جاؤوا به [ابن‌ملجم] أوقفوه بين يدي أميرالمؤمنين عليه‌السلام فلما نظر اليه الحسن عليه‌السلام قال له:
يا ويلك يا لعين يا عدو الله أنت قاتل أميرالمؤمنين و مثكلنا امام المسلمين هذا جزاؤه منك حيث آواك و قربك و أدناك و آثرك علي غيرك؟ و هل كان بئس الامام

[ صفحه 82]

لك حتي جازيته هذا الجزاء يا شقي؟
قال: فلم يتكلم بل دمعت عيناه! فانكب الحسن عليه‌السلام علي أبيه يقبله، و قال له: هذا قاتلك يا أباه قد أمكن الله منه، فلم يجبه و كان نائما، فكره أن يوقظه من نومه، ثم التفت الي ابن‌ملجم و قال له:
يا عدو الله هذا كان جزاؤه منك بوأك و أدناك و قربك و حباك و فضلك علي غيرك؟ هل كان بئس الامام لك حتي جازيته بهذا الجزاء يا شقي الأشقياء؟
فقال له الملعون: يا أبامحمد أفأنت تنقذ من في النار؟ فعند ذلك ضجت الناس بالبكاء و النحيب، فأمرهم الحسن عليه‌السلام بالسكوت، ثم التفت الحسن عليه‌السلام الي الذي جاء به حذيفة رضي الله عنه، فقال له: كيف ظفرت بعدو الله و أين لقيته؟ فقال: يا مولاي ان حديثي معه لعجيب، و ذلك اني كنت البارحة نائما في داري و زوجتي الي جانبي و هي من غطفان، و أنا راقد و هي مستقيظة، اذ سمعت هي الزعقة و ناعيا ينعي أميرالمؤمنين عليه‌السلام و هو يقول:
«تهدمت و الله أركان الهدي و انطمست والله أعلام التقي، قتل ابن عم محمد المصطفي، قتل علي المرتضي، قتله أشقي الأشقياء»
فأيقظتني و قالت لي: أنت نائم و قد قتل امامك علي بن أبي‌طالب؟! فانتبهت من كلامها فزعا مرعوبا و قلت لها: يا ويلك ما هذا الكلام رض الله فاك لعل الشيطان قد ألقي في سمعك هذا أو حلم ألقي عليك، يا ويلك ان أميرالمؤمنين ليس لأحد من خلق الله تعالي قبله تبعة و لا ظلامة، و انه لليتيم كالأب الرحيم، و للأرملة كالزوج العطوف، و بعد ذلك فمن ذا الذي يقدر علي قتل أميرالمؤمنين و هو الأسد الضرغام و البطل الهمام و الفارس القمقام؟ فأكثرت علي و قالت: اني سمعت ما لم تسمع

[ صفحه 83]

و علمت ما لم تعلم... فقال الحسن عليه‌السلام [بعد الاتيان بابن ملجم الي حضرته] .
الحمد لله الذي نصر وليه و خذل عدوه، ثم انكب الحسن عليه‌السلام علي أبيه يقبله و قال له: يا أباه هذا عدو الله و عدوك قد أمكن الله منه، فلم يجبه و كان نائما، فكره أن يوقظه من نومه، فرقد ساعة ثم فتح عليه‌السلام عينيه و هو يقول: ارفقوا بي يا ملائكة ربي فقال له الحسن عليه‌السلام: هذا عدو الله و عدوك ابن‌ملجم قد أمكن الله منه و قد حضر بين يديك قال:
ففتح أميرالمؤمنين عليه‌السلام عينيه و نظر اليه و هو مكتوف و سيفه معلق في عنقه، فقال له بضعف و انكسار صوت و رأفة و رحمة: يا هذا لقد جئت عظيما و ارتكبت أمرا عظيما و خطبا جسيما أبئس الامام كنت لك حتي جازيتني بهذا الجزاء؟ ألم أكن شفيقا عليك و آثرتك علي غيرك و أحسنت اليك و زدت في اعطائك؟ ألم يكن يقال لي فيك كذا و كذا فخليت لك السبيل و منحتك عطائي و قد كنت أعلم أنك قاتلي لا محالة؟ و لكن رجوت بذلك الاستظهار من الله تعالي عليك يا لكع و عل أن ترجع عن غيك، فغلبت عليك الشقاوة فقتلتني يا شقي الأشقياء، قال: فدمعت عينا ابن‌ملجم لعنه الله تعالي و قال:
يا أميرالمؤمنين أفأنت تنقذ من في النار؟ قال له: صدقت ثم التفت عليه‌السلام الي ولده الحسن عليه‌السلام و قال له: ارفق يا ولدي بأسيرك و ارحمه، و أحسن اليه و أشفق عليه، ألا تري الي عينيه قد طارتا في أم رأسه، و قلبه يرجف خوفا و رعبا و فزعا، فقال له الحسن عليه‌السلام:
يا أباه قد قتلك هذا اللعين الفاجر و أفجعنا فيك و أنت تأمرنا بالرفق به؟! فقال

[ صفحه 84]

له: نعم يا بني نحن أهل بيت لا نزداد علي الذنب الينا الا كرما و عفوا... [108] .

كلام علي له في قاتله

[67] - 48 - قال غياث الدين:
أخبرني الوزير السعيد خاتم العلماء نصير الدين الطوسي... عن والده عن السيد الامام فضل الله الحسني الراوندي، عن ذي الفقار ابن معبد، عن الطوسي، و من خطه نقلت عن محمد بن النعمان، عن أحمد بن محمد بن الحسن الطوسي، عن محمد بن داود، عن محمد بن بكار النقاش، عن الحسن بن محمد الفزاري، عن الحسن بن علي النحاس، عن جعفر بن محمد الرماني، عن يحيي الحماني، عن محمد بن عبيد الطيالسي، عن مختار التمار، عن أبي‌مطر، قال لما ضرب ابن‌ملجم الفاسق لعنه الله أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال له الحسن عليه‌السلام أقتله؟ قال عليه‌السلام: لا ولكن احسبه فاذا مت فاقتلوه، و اذا مت فادفنوني في هذا الظهر في قبر أخوي هود و صالح [109] .

كلامه مع الناس بعد ضربة ابن‌ملجم

[68] - 49 - قال المجلسي:
[روي] عن الأصبغ بن نباتة أنه قال: لما ضرب أميرالمؤمنين عليه‌السلام الضربة التي كانت وفاته فيها اجتمع اليه الناس بباب القصر، و كان يراد قتل ابن‌ملجم لعنه الله، فخرج الحسن عليه‌السلام فقال:

[ صفحه 85]

معاشر الناس ان أبي أوصاني أن أترك أمره الي وفاته، فان كان له الوفاة و الا نظر هو في حقه، فانصرفوا يرحمكم الله.
قال: فانصرف الناس و لم انصرف، فخرج ثانية و قال لي: يا أصبغ أما سمعت قولي عن قول أميرالمؤمنين؟ قلت: بلي ولكني رأيت حاله فأحببت أن أنظر اليه فأسمع منه حديثا، فاستأذن لي رحمك الله فدخل و لم يلبث أن خرج فقال لي: ادخل، فدخلت فاذا أميرالمؤمنين عليه‌السلام معصب بعصابة و قد علت صفرة وجهه علي تلك العصابة و اذا هو يرفع فخذا و يضع أخري من شدة الضربة و كثرة السم... [110] .

نقل وصية أبيه

[69] - 50 - قال الطوسي:
حدثنا أبوعبدالله محمد بن محمد بن النعمان في شهر رمضان سنة تسع و أربعمائة، قال: حدثنا أبوحفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي، المعروف بابن الزيات، قال: حدثنا أبوعلي محمد بن همام الاسكافي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك، قال: حدثنا أحمد بن سلامة الغنوي، قال: حدثنا محمد بن الحسين العامري، قال: حدثنا أبومعمر، عن أبي‌بكر بن عياش، عن الفجيع العقيلي، قال: حدثني الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهم‌السلام، قال:
لما حضرت والدي الوفاة أقبل يوصي، فقال: هذا ما أوصي به علي بن أبي‌طالب أخو محمد رسول الله صلي الله عليه و آله و ابن عمه و صاحبه، أول وصيتي اني أشهد أن لا اله

[ صفحه 86]

الا الله، و أن محمدا رسوله و خيرته اختاره بعلمه و ارتضاه لخيرته، و أن الله باعث من في القبور، وسائل الناس عن أعمالهم عالم بما في الصدور... [111] .

قوله في عمر أبيه عند شهادته

[70] - 51 - قال الطبري:
و حدثت عن مصعب بن عبدالله، قال: كان الحسن بن علي عليهماالسلام يقول: قتل أبي و هو ابن‌ثمان و خمسين سنة [112] .

تجهيزه لأبيه

[71] - 52 - قال المجلسي:
قال محمد بن الحنفية، ثم أخذنا في جهازه ليلا و كان الحسن عليه‌السلام يغسله و الحسين عليه‌السلام يصب الماء عليه، و كان عليه‌السلام لا يحتاج الي من يقلبه، بل كان يتقلب كما يريد الغاسل يمينا و شمالا و كانت رائحته أطيب من رائحة المسك و العنبر، ثم نادي الحسن عليه‌السلام بأخته زينب و أم‌كلثوم و قال: يا أختاه هلمي بحنوط جدي رسول الله صلي الله عليه و آله، فبادرت زينب مسرعة حتي أتته به.
قال الراوي: فلما تحته فاحت الدار و جميع الكوفة و شوارعها لشدة رائحة ذلك الطيب، ثم لفوه بخمسة أثواب كما أمر عليه‌السلام ثم وضعوه علي السرير [113] .

[ صفحه 87]

[72] - 53 - قال ابن شهرآشوب:
روي أبوبكر الشيرازي في كتابه عن الحسن البصري، قال: أوصي علي عليه‌السلام عند موته للحسن و الحسين عليهماالسلام و قال لهما: ان أنا مت فانكما ستجدان عند رأسي حنوطا من الجنة و ثلاثة أكفان من استبرق الجنة، فغسلوني و حنطوني بالحنوط و كفنوني؛
قال الحسن عليه‌السلام فوجدنا عند رأسه طبقا من الذهب عليه خمس شمامات من كافور الجنة و سدرا من سدر الجنة، فلما فرغوا من غسله و تكفينه أتي البعير فحملوه علي البعير بوصية منه، و كان قال عليه‌السلام: فسيأتي البعير الي قبري فيقيم عنده، فأتي البعير حتي وقف علي شفير القبر، فوالله ما علم أحد من حفره، فألحد فيه بعد ما صلي عليه، و أظلت الناس غمامة بيضاء و طيور بيض، فلما دفن ذهبت الغمامة و الطيور [114] .
[73] - 54 - قال المجلسي:
روي البرسي في «مشارق الأنوار» عن محدثي أهل الكوفة أن أميرالمؤمنين عليه‌السلام لما حمله الحسن و الحسين عليهماالسلام علي سريره الي مكان البئر المختلف فيه الي نجف الكوفة وجدوا فارسا يتضوع منه رائحة المسك، فسلم عليهما ثم قال للحسن عليه‌السلام:
أنت الحسن بن علي رضيع الوحي و التنزيل و فطيم العلم و الشرف الجليل خليفة أميرالمؤمنين و سيد الوصيين؟ قال: نعم، قال:
و هذا الحسين بن أميرالمؤمنين و سيد الوصيين سبط الرحمة و رضيع العصمة و ربيب الحكمة و والد الأئمة؟ قال: نعم، قال: سلماه الي وامضيا في دعة الله، فقال

[ صفحه 88]

له الحسن عليه‌السلام: انه أوصي الينا أن لا نسلم الا الي أحد رجلين: جبرئيل أو الخضر فمن أنت منهما؟ فكشف النقاب فاذا هو أميرالمؤمنين عليه‌السلام ثم قال للحسن عليه‌السلام: يا أبامحمد انه لا تموت نفس الا و يشهدها أفما يشهد جسده؟ [115] .
قال: و روي عن الحسن بن علي عليهماالسلام أن أميرالمؤمنين قال للحسن و الحسين عليهماالسلام اذا وضعتماني في الضريح فصليا ركعتين قبل أن تهيلا علي التراب، و انظرا ما يكون، فلما وضعاه في الضريح المقدس فعلا ما أمرا به، و نظرا و اذا الضريح مغطي بثوب من سندس، فكشف الحسن عليه‌السلام مما يلي وجه أميرالمؤمنين، فوجد رسول الله صلي الله عليه و آله و آدم و ابراهيم يتحدثون مع أميرالمؤمنين عليه‌السلام، و كشف الحسين مما يلي رجليه فوجد الزهراء و حواء و مريم و آسية عليهن‌السلام ينحن علي أميرالمؤمنين عليه‌السلام و يندبنه [116] .
[74] - 55 - قال ابن‌سعد:
مكث علي يوم الجمعة و ليلة السب و توفي، رحمة الله عليه و بركاته، ليلة الأحد لاحدي عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين، و غسله الحسن و الحسين و عبدالله بن جعفر، و كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص [117] .
[75] - 56 - و قال أيضا:
أخبرنا وكيع بن الجراح، عن يحيي بن مسلم أبي‌الضحاك، عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: و أخبرنا عبدالله بن نمير عن عبدالسلام رجل من بني‌مسيلمة عن بيان

[ صفحه 89]

عن عامر الشعبي قال: و أخبرنا عبدالله بن نمير، عن سفيان عن أبي‌روق عن رجل قال: و أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا خالد بن الياس عن اسماعيل بن عمرو ابن سعيد بن العاص قال: و أخبرنا شبابة بن سوار الفزاري قال: أخبرنا قيس بن الربيع، عن بيان عن الشعبي أن الحسن بن علي صلي علي علي بن أبي‌طالب فكبر عليه أربع تكبيرات، و دفن علي بالكوفة عند مسجد الجماعة في الرحبة مما يلي أبواب كندة قبل أن ينصرف الناس من صلاة الفجر، ثم انصرف الحسن بن علي من دفنه فدعا الناس الي بيعته فبايعوه [118] .

محل دفن علي

[76] - 57 - روي الطوسي:
عن محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن بكران، عن علي بن يعقوب، عن علي بن الحسن، عن أخيه، عن أحمد بن محمد بن عمر الجرجاني، عن الحسن بن علي بن أبي‌طالب، عن جده أبي‌طالب [119] ، قال: سألت الحسن بن علي عليهماالسلام أين دفنتم أميرالمؤمنين قال: علي شفير الجرف و مررنا به ليلا علي مسجد الأشعث و قال: ادفنوني في قبر أخي هود عليه‌السلام [120] .
[77] - 58 - قال أبوالفرج:
حدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيي بن الحسن العلوي، قال: حدثنا

[ صفحه 90]

يعقوب بن زيد، قال: حدثني ابن أبي‌عمير، عن الحسن بن علي الخلال، عن جده، قال:
قلت للحسن بن علي: أين دفنتم أميرالمؤمنين؟ قال: خرجنا به ليلا من منزله حتي مررنا به علي مسجد الأشعث، حتي خرجنا به الي الظهر بجنب الغري [121] .
[78] - 59 - روي الكليني:
عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبدالله بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام أنه سمعه يقول:
لما قبض أميرالمؤمنين عليه‌السلام أخرجه الحسن و الحسين عليهماالسلام و رجلان آخران حتي اذا خرجوا من الكوفة تركوها عن أيمانهم ثم أخذوا تفي الجبانة حتي مروا به الي الغري فدفنوه و سووا قبره فانصرفوا [122] .
[79] - 60 - روي الكليني:
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن صفوان الجمال، قال: كنت أنا و عامر و عبدالله بن جذاعة الأزدي عند أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال: فقال له عامر: جعلت فداك ان الناس يزعمون أن أميرالمؤمنين عليه‌السلام دفن بالرحبة قال: لا، قال: فأين دفن؟ قال: انه لما مات احتمله الحسن عليه‌السلام، فأتي به ظهر الكوفة قريبا من النجف يسرة عن الغري يمنة عن الحيرة فدفنه بين ذكوات [123] بيض، قال: فلما كان بعد ذهبت الي الموضع فتوهمت موضعا منه، ثم أتيته

[ صفحه 91]

فأخبرته، فقال: لي أصبت رحمك الله ثلاث مرات [124] .

قضاؤه دين أبيه

[80] - 61 - علي بن موسي بن طاووس:
في كتاب «كشف المحجة» نقلا من كتاب «ابراهيم بن محمد الأشعري» الثقة باسناده عن أبي‌جعفر عليه‌السلام، قال: قبض علي عليه‌السلام و عليه دين ثمانمائة ألف درهم، فباع الحسن عليه‌السلام ضيعة له بخمسمائة ألف، فقضاها عنه، و باع ضيعة له بثلاثمائة ألف، فقضاها عنه و ذلك أنه لم يكن يرزأ من الخمس شيئا و كانت تنوبه نوائب [125] .

[ صفحه 95]

كلمات الامام الحسن في زمن امامته

خطبته بعد شهادة أبيه

[81] - 1 - قال الطوسي:
أخبرنا أبوعمر عبدالواحد بن محمد بن مهدي، في منزله بدرب الزعفراني ببغداد في الكرخ، سنة عشر و أربعمائة، قال: أخبرنا أبوالعباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة، في يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة املاء، في مسجد براثا، لثمان بقين من جمادي الأولي سنة ثلاثين و ثلاثمائة، قال: حدثنا علي بن الحسين بن عبيد، قال: حدثنا اسماعيل بن أبان، عن سلام بن أبي‌عمرة، عن معروف، عن أبي‌الطفيل، قال: خطب الحسن بن علي عليهماالسلام بعد وفاة علي عليه‌السلام و ذكر أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال: خاتم الوصيين، وصي خاتم الأنبياء، و أمير الصديقين و الشهداء و الصالحين، ثم قال:
يا أيها الناس، لقد فارقكم رجل ما سبقه الأولون، و لا يدركه الآخرون، لقد كان رسول الله صلي الله عليه و آله يعطيه الراية فيقاتل جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، فما يرجع حتي يفتح الله عليه، ما ترك ذهبا و لا فضة الا شيئا علي صبي له، و ما ترك في بيت المال الا سبعمائة درهم، فضلت من عطائه، أراد أن يشتري بها خادما لأم

[ صفحه 96]

كلثوم، ثم قال:
من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد النبي صلي الله عليه و آله، ثم تلا هذه الآية، قول يوسف (و اتبعت ملة آبائي ابراهيم و اسحاق و يعقوب) [126] أنا ابن‌البشير، أنا ابن‌النذير، و أنا ابن الداعي الي الله، و أنا ابن‌السراج المنير، و أنا ابن الذي أرسل رحمة للعالمين، و أنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و أنا من أهل البيت الذين كان جبرئيل ينزل عليهم و منهم كان يعرج، و أنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم و ولايتهم، فقال فيما أنزل علي محمد صلي الله عليه و آله (قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربي و من يقترف حسنة) [127] و اقتراف الحسنة: مودتنا [128] .
[82] - 2 - روي الكليني:
عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد؛ و علي بن محمد، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن‌محبوب، عن أبي‌حمزة، عن أبي‌جعفر عليه‌السلام قال:
لما قبض أميرالمؤمنين عليه‌السلام قام الحسن بن علي عليهماالسلام في مسجد الكوفة فحمد الله و أثني عليه و صلي علي النبي صلي الله عليه و آله ثم قال:
أيها الناس انه قد قبض في هذه الليلة رجل ما سبقه الأولون و لا يدركه الآخرون، انه كان لصاحب راية رسول الله صلي الله عليه و آله عن يمينه جبرئيل و عن يساره

[ صفحه 97]

ميكائيل لا ينثني [129] حتي يفتح الله له والله ما ترك بيضاء و لا حمراء الا سبعمائة درهم فضلت عن عطائه أراد أن يشتري بها خادما لأهله و الله لقد قبض في الليلة التي فيها قبض وصي موسي، يوشع بن نون و الليلة التي عرج فيها بعيسي بن مريم، و الليلة التي نزل فيها القرآن [130] .
[83] - 3 - قال ابن‌أعثم:
فلما كان الغد أذن الحسن و أقام، و تقدم فصلي بالناس صلاة الفجر، ثم وثب فصعد المنبر فحمد الله، و أثني عليه، و قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، و من جهلني أنبأته باسمي علي أن الناس بي عارفون، أيها الناس قد دفن في هذه الليلة رجل لم يدركه الأولون بعلم و لا الآخرون بحلم، و لقد كان النبي صلي الله عليه و آله اذا قدمه للحرب فجبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره، فما يلبث أن يفتح الله علي يديه. أيها الناس انه ما خلف صفراء و لا بيضاء الا سبعمائة درهم قد كان أراد أن يبتاع بها لاختي أم‌كلثوم خادما و قد أمرني أن أردها الي بيت المال [131] .
[84] - 4 - قال الراوندي:
روي عن الحارث الهمداني قال: لما مات علي عليه‌السلام جاء الناس الي الحسن بن علي عليهماالسلام فقالوا له أنت خليفة أبيك و وصيه و نحن السامعون المطيعون لك فمرنا بأمرك قال عليه‌السلام:
كذبتم و الله ما وفيتم لمن كان خيرا مني فكيف تفون لي أو كيف أطمئن اليكم و لا

[ صفحه 98]

أثق بكم ان كنتم صادقين فموعد ما بيني و بينكم معسكر المدائن فوافوني هناك.
فركب و ركب معه من أراد الخروج و تخلف عنه خلق كثير لم يفوا بما قالوه و بما و عدوه و غروه كما غروا أميرالمؤمنين عليه‌السلام من قبله. فقام خطيبا و قال: قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي مع أي امام تقاتلون بعدي؟! مع الكافر الظالم الذي لم يؤمن بالله و لا برسوله قط و لا أظهر الاسلام هو و لا بنو أمية الا فرقا [132] من السيف! و لو لم يبق لبني أمية الا عجوز درداء [133] لبغت دين الله عوجا و هكذا قال رسول الله صلي الله عليه و آله [134] .
[85] - 5 - قال الدولابي:
حدثنا أحمد بن يحيي الأودي، حدثنا اسماعيل بن أبان الوراق، حدثنا عمر، عن جابر، عن أبي‌الطفيل؛ و زيد بن وهب، و عبدالله بن نجي؛ و عاصم بن ضمرة، عن الحسن بن علي [عليهماالسلام] قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه أحد كان قبله و لم يخلف بعده مثله و هوعلي بن أبي‌طالب حبيب رسول الله و أخوه [135] .
[86] - 6 - قال ابن‌سعد:
أخبرنا عبدالله بن نمير؛ و عبيدالله بن موسي قالا: أخبرنا اسماعيل بن أبي‌خالد، عن أبي‌اسحاق، عن هبيرة بن يريم قال: سمعت الحسن بن علي [عليهماالسلام] قام يخطب الناس فقال:
يا أيها الناس لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الأولون و لا يدركه الآخرون، لقد

[ صفحه 99]

كان رسول الله صلي الله عليه و آله يبعثه المبعث فيعطيه الراية فما يرد حتي يفتح الله عليه، ان جبريل عن يمينه و ميكائيل عن يساره، ما ترك صفراء و لا بيضاء الا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما [136] .
[87] - 7 - قال الطبري:
حدثني ابن‌سنان الفزاز، قال: حدثنا أبوعاصم، قال: حدثنا سكين بن عبدالعزيز، قال: أخبرنا حفص بن خالد، قال: حدثني أبي‌خالد بن جابر، عن أبيه قال: لما قتل علي عليه‌السلام و قد قام خطيبا، فقال:
لقد قتلتم الليلة رجلا في ليلة فيها نزل القرآن و فيها رفع عيسي بن مريم عليه‌السلام، و فيها قتل يوشع بن نون [وصي] موسي عليهماالسلام. و الله ما سبقه أحد كان قبله، و لا يدركه أحد يكون بعده، و الله ان كان رسول الله صلي الله عليه و آله ليبعثه في السرية و جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره و الله ما ترك صفراء و لا بيضاء الا ثمانمائة - أو سبعمائة - أرصدها لخادمه [137] .
[88] - 8 - قال الخزاز القمي:
أخبرنا أبوعبدالله الحسين بن محمد بن سعيد الخزاعي، قال: حدثنا عبدالعزيز ابن يحيي الجلودي، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، قال: حدثنا عتبة بن الضحاك، عن هشام بن محمد، عن أبيه، قال: لما قتل أميرالمؤمنين عليه‌السلام رقي الحسن ابن علي عليهماالسلام المنبر، فأراد الكلام فحنقته العبرة، فقعد ساعة ثم قام فقال:

[ صفحه 100]

الحمد لله الذي كان في أوليته وحدانيا، و في أزليته متعظما بالالهية متكبرا بكبريائه، و جبروته، [خلق جميع] ما خلق علي غير مثال كان سبق مما خلق، ربنا اللطيف بلطف ربوبيته و بعلم خبره فتق، و باحكام قدرته خلق جميع ما خلق، و لا زوال لملكه، و لا انقطاع لمدته، فوق كل شي‌ء علا و من كل شي‌ء دنا، فتجلي لخلقه من غير أن يكون يري، و هو بالمنظر الأعلي، احتجب بنوره و سما في علوه و استتر عن خلقه و بعث اليهم شهيدا عليهم، و بعث فيهم النبيين مبشرين و منذرين ليهلك عن هلك عن بينة، و يحيي من حي عن بينة و ليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه فيعرفوه بربوبيته بعد ما أنكروه، و الحمد لله الذي أحسن الخلافة علينا أهل البيت، و عند الله نحتسب عزاءنا في خير الآباء رسول الله صلي الله عليه و آله و عند الله نحتسب عزاءنا في أميرالمؤمنين و قد اصبت [لقد اصيب] به الشرق و الغرب، و الله ما خلف درهما و لا دينارا الا أربعمائة درهم أراد أن يبتاع لأهله خادما، و لقد حدثني جدي رسول الله صلي الله عليه و آله ان الأمر يملكه اثنا عشر اماما من أهل بيته و صفوته ما منا الا مقتول أو مسموم [138] .

قتل ابن‌ملجم

[89] - 9 - قال ابن‌أعثم:
أمر الحسن [عليه‌السلام] فأتي بابن ملجم من السجن و ضربه الحسن علي رأسه ضربة، و بادرت اليه الشيعة من كل ناحية فقطعوه بسيوفهم اربا اربا... [139] .

[ صفحه 101]

[90] - 10 - قال الحميري:
روي أبوالبختري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: أخبرني أبي: ان الحسن [عليه‌السلام] قدمه ليضرب عنقه بيده، فقال: فقد عاهدت الله عهده أن أقتل أباك و قد وفيت، فان شئت فاقتل، و ان شئت فاعف، فان عفوت ذهبت الي معاوية، فقتلته [فأقتله] و أرحتك منه، ثم جئتك [140] .
[91] - 11 - قال أبوالفرج:
حدثني أحمد بن عيسي، قال: حدثنا الحسن بن نصر، قال: حدثنا زيد بن المعذل، عن يحيي بن شعيب، عن أبي‌مخنف، عن فضيل بن خديج، عن الأسود الكندي و الأجلح قالا [قالوا] :
توفي أميرالمؤمنين علي عليه‌السلام و هو ابن أربع و ستين سنة، سنة أربعين في ليلة الأحد لاحدي و عشرين ليلة مضت من شهر رمضان، و ولي غسله ابنه الحسن بن علي و عبدالله بن عباس، و كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص. و صلي عليه ابنه الحسن و كبر عليه خمس تكبيرات، و دفن في الرحبة مما يلي أبواب كندة عند صلاة الصبح.
و دعا الحسن بعد دفنه بابن ملجم - لعنه الله - فأتي به، فأمر بضرب عنقه، فقال له: ان رأيت أن تأخذ علي العهود أن أرجع اليك حتي أضع يدي في يديك بعد أن أمضي الي الشام فأنظر ما صنع صاحباي بمعاوية فان كان قتله و الا قتلته [أقتله] ثم أعود اليك. تحكم في بحكمك، فقال له الحسن:
هيهات والله لا تشرب الماء البارد أو تلحق روحك بالنار، ثم ضرب عنقه

[ صفحه 102]

فاستوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته منه فوهبها لها فأحرقتها بالنار [141] .
[92] - 12 - قال الاربلي:
و روي أحمد بن حنبل في «مسنده» قال: لما ضرب ابن‌ملجم لعنه الله، عليا عليه‌السلام الضربة قال علي: افعلوا به كما أراد رسول الله صلي الله عليه و آله أن يفعل برجل أراد قتله...
فلما قضي أميرالمؤمنين عليه‌السلام نحبه و فرغ أهله من دفنه جلس الحسن عليه‌السلام و أمر أن يؤتي بابن ملجم فجي‌ء به فلما وقف بين يديه قال:
يا عدو الله قتلت أميرالمؤمنين و أعظمت الفساد في الدين؟ ثم أمر به فضربت عنقه و استوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته منه لتتولي احراقها فوهبها لها فأحرقتها بالنار [142] .
[93] - 13 - قال السيد ابن‌طاووس:
أخبرني عبدالصمد بن أحمد، عن أبي‌الفرج الجوزي، قال: قرأت بخط أبي‌الوفاء بن عقيل قال: لما جي‌ء بابن ملجم الي الحسن عليه‌السلام قال اني أريد أن أسارك بكملة. فأبي الحسن عليه‌السلام و قال: انه يريد أن يعض أذني، فقال ابن‌ملجم: و الله لو أمكنني منها لأخذتها من صماخه [143] .

بيعة الناس له

[94] - 14 - قال ابن‌أعثم:
قال: فلما مضي علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام الي سبيل الله اجتمع الناس الي ابنه

[ صفحه 103]

الحسن [عليه‌السلام] ، فبايعوه و رضوا به و بأخيه الحسين من بعده.
قال: فنادي الحسن [عليه‌السلام] في الناس فجمعهم في مسجد الكوفة، ثم صعد المنبر فحمد الله و أثني عليه، ثم قال:
أيها الناس! ان الدنيا دار بلاء و فتنة، و كل ما فيها نائل الي زوال و اضمحلال، و قد نبأنا الله عنها لكي نعتبه [نتنبه] ، و تقدم الينا فيها بالوعد [بالوعيد] لكي نزدجر، فلا يكون له [لنا] علينا [عليه] حجة بعد الاعذار و الانذار، فازهدوا فيما يفني، و ارغبوا فيما يبقي، و خافوا الله في السر و العلانية؛ ألا! و قد علمتم أن أميرالمؤمنين عليا رحمه الله حيا و ميتا، عاش بقدر و مات بأجل، و اني أبايعكم علي أن تحاربوا من حاربت، و تسالموا من سالمت.
فقال الناس: سمعنا و أطعنا، فمرنا بأمرك يا أميرالمؤمنين.
قال: فأقام الحسن بالكوفة بعد وفاة أبيه شهرين كاملين لا ينفذ الا معاوية أحدا، و لا ذكر المسير الي الشام [144] .
[95] - 15 - قال الطبري:
و في هذا السنة - أعني سنة أربعين - بويع للحسن بن علي عليهماالسلام بالخلافة؛ و قيل: ان أول من بايعه قيس بن سعد قال له: ابسط يدك أبايعك علي كتاب الله عزوجل، و سنة نبيه، و قتال المحلين فقال له الحسن رضي الله عنه:
علي كتاب الله و سنة نبيه، فان ذلك يأتي من وراء كل شرط، فبايعه و سكت و بايعه الناس [145] .

[ صفحه 104]

[96] - 16 - قال الدينوري:
ذكروا أنه لما قتل علي بن أبي‌طالب، ثار الناس الي الحسن بن علي بالبيعة؛ فلما بايعوه قال لهم:
تبايعون لي علي السمع و الطاعة، و تحاربون من حاربت، و تسالمون من سالمت؛ فلما سمعوا ذلك ارتابوا و أمسكوا أيديهم و قبض هو يده.
فأتوا الحسين [عليه‌السلام] ، فقالوا له: ابسط يدك نبايعك علي ما بايعنا عليه أباك، و علي حرب المحلين الضالين أهل الشام، فقال الحسين [عليه‌السلام] : معاذ الله أن أبايعكم ما كان الحسن حيا.
قال: فانصرفوا الي الحسن [عليه‌السلام] ، فلم يجدوا بدا من بيعته، علي ما شرط عليهم [146] .

خطبته بعد بيعة الناس له

[97] - 17 - قال الطوسي:
أخبرنا أبوعبدالله محمد بن محمد، قال: قال أخبرني أبوالقاسم اسماعيل بن محمد الأنباري الكاتب، قال: حدثنا أبوعبدالله ابراهيم بن محمد الأزدي، قال: حدثنا شعيب بن أيوب، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن هشام بن حسان، قال: سمعت أبامحمد الحسن بن علي عليهماالسلام يخطب الناس بعد البيعة له بالأمر، قال:
نحن حزب الله الغالبون، و عترة رسوله الأقربون، و أهل بيته الطيبون الطاهرون، و أحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله صلي الله عليه و آله في أمته، و الثاني كتاب الله،

[ صفحه 105]

فيه تفصيل كل شي‌ء، لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، فالمعول علينا في تفسيره، لا نتظني تأويله، بل نتيقن حقائقه، فأطيعونا فان طاعتنا مفروضة، اذا كانت بطاعة الله عزوجل و رسوله مقرونة، قال الله عزوجل: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم فان تنازعتم في شي‌ء فردوه الي الله و الرسول) [147] ، (و لو ردوه الي الرسول و الي أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) [148] و أحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان، فانه لكم عدو مبين فتكونوا أولياءه الذين قال لهم: (لا غالب لكم اليوم من الناس و اني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص علي عقبيه و قال اني بري‌ء منكم اني أري ما لا ترون) [149] فتلقون الي الرماح وزرا، و الي السيوف جزرا، و للعمد حطما، و للسهام غرضا، ثم (لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا) [150] [151] .
[98] - 18 - قال ابن‌الجوزي:
ذكر هشام بن محمد الكلبي، عن محمد بن اسحاق قال: بعث مروان بن الحكم و كان واليا علي المدينة رسولا الي الحسن عليه‌السلام فقال له: يقول لك مروان أبوك الذي فرق الجماعة، و قتل أميرالمؤمنين عثمان، و أباد العلماء و الزهاد - يعني الخوارج - و أنت تفجر بغيرك فاذا قيل لك من أبوك تقول خالي الفرس فجاء الرسول الي الحسن فقال له:

[ صفحه 106]

يا أبامحمد اني أتيتك برسالة ممن يخاف و يحذر سيفه فان كرهت لم أبلغك اياها و وقيتك بنفسي فقال الحسن: لا بل تؤديها و نستعين عليه بالله فأداها فقال له: تقول لمروان: ان كنت صادقا فالله يجزيك بصدقك و ان كنت كاذبا فالله أشد نقمة.
فخرج الرسول من عنده فلقيه الحسن [عليه‌السلام] فقال من أين أقبلت؟ فقال من عند أخيك الحسن [عليه‌السلام] فقال: و ما كنت تصنع؟ قال أتيت برسالة من عند مروان فقال: و ما هي؟ فامتنع الرسول من أدائها فقال لتخبرني أو لأقتلنك فسمع الحسن [عليه‌السلام] فخرج و قال لأخيه: خل عن الرجل فقال: لا والله حتي أسمعها فأعادها الرسول عليه فقال: قل له يقول لك الحسين بن علي بن فاطمة، يابن الزرقاء الداعية الي نفسها بسوق ذي المجاز، صاحبة الراية بسوق عكاظ، و يابن طريد رسول الله و لعينه اعرف من أنت و من أمك و من أبوك، فجاء الرسول الي مروان فأعاد عليه ما قالا فقال له: ارجع الي الحسن و قال له: أشهد أنك ابن رسول الله و قل للحسين: أشهد أنك ابن علي بن أبي‌طالب فقال للرسول قل له كلاهما لي ورغما [152] .

حلمه

[99] - 19 - قال الخوارزمي:
قال رجل من أهل الشام قدمت المدينة بعد صفين فرأيت رجلا حضرنا فسألت عنه فقيل الحسن بن علي [عليهماالسلام] فحسدت عليا أن يكون له ابن مثله فقلت له أنت ابن أبي‌طالب قال أنا ابنه فقلت له بك و بابيك فشتمته و شتمت أباه و هو لا يرد شيئا فلما فرغت أقبل علي، قال: أظنك غريبا و لعل لك حاجة فلو استعنت بنا لأعناك

[ صفحه 107]

و لو سألتنا لأعطيناك و لو استرشدتنا أرشدناك و لو استحملتنا حملناك.
قال الشامي فوليت عنه و ما علي الأرض أحد أحب الي منه فما فكرت بعد ذلك فيما صنع و فيما صنعت الا صاغرت الي نفسي [153] .
[100] - 20 - قال ابن شهرآشوب:
و من حلمه ما روي المبرد، و ابن‌عائشة أن شاميا رآه راكبا فجعل يلعنه و الحسن لا يرد فلما فرغ أقبل الحسن عليه‌السلام فسلم عليه و ضحك فقال: أيها الشيخ أظنك غريبا، و لعلك شبهت؛ فلو استعتبتنا أعتبناك، و لو سألتنا أعطيناك، و لو استرشدتنا أرشدناك، و لو استحملتنا أحملناك، و ان كنت جائعا أشبعناك، و ان كنت عريانا كسوناك، و ان كنت محتاجا أغنيناك، و ان كنت طريدا آويناك، و ان كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حركت رحلك الينا و كنت ضيفنا الي وقت ارتحالك كان أعود عليك، لأن لنا موضعا رحبا وجاها عريضا و مالا كثيرا.
فلما سمع الرجل كلامه، بكي ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته و كنت أنت و أبوك أبغض خلق الله الي و الآن أنت أحب خلق الله الي و حول رحله اليه، و كان ضيفه الي أن ارتحل، و صار معتقدا لمحبتهم [154] .
[101] - 21 - قال الاربلي:
روي ابن‌عائشة قال: دخل رجل من أهل الشام المدينة فرأي رجلا راكبا بغلة حسنة، قال: لم أر أحسن منه، فمال قلبي اليه فسألت عنه؟ فقيل لي: أنه الحسن ابن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام، فامتلأ قلبي غيظا و حنقا و حسدا أن يكون لعلي عليه‌السلام ولد

[ صفحه 108]

مثله فقمت اليه فقلت أنت ابن علي بن أبي‌طالب؟ فقال: أنا ابنه، فقلت: أنت ابن من، و من و من؟ و جعلت اشتمه و أنال منه و من أبيه، و هو ساكت حتي استحييت منه فلما انقضي كلامي، ضحك و قال:
أحسبك غريبا شاميا؟ فقلت: أجل، فقال: فمل معي ان احتجت الي منزل أنزلناك، و الي مال أرفدناك و الي حاجة عاوناك، فاستحييت منه و عجبت من كرمه أخلاقه فانصرفت و قد صرت أحبه ما لا أحب أحدا غيره [155] .

جوده

[102] - 22 - قال الخوارزمي:
روي أن مروان قال يوما لابن أبي‌عتيق و هو محمد بن عبدالرحمن بن أبي‌بكر اني مشغوف ببغلة الحسن بن علي فقال له: ان دفعتها اليك أتقضي لي ثلاثين حاجة؟ قال: نعم، قال: فاذا اجتمع الناس عندك العشية فاني آخذ في مناقب قريش و أمسك عن الحسن فلمني علي ذلك، فلما أخذ القوم مجالسهم تلك العشية أخذ في أولية قريش فقال له مروان: أو لا تذكر مناقب أبي‌محمد فله في هذا ما ليس لأحد، فقال ابن أبي‌عتيق: انا كنا في ذكر الأشراف و لو كنا في ذكر الأنبياء، لقدمنا أبامحمد فلما خرج الحسين ليركب بغلته تبعه ابن أبي‌عتيق، فقال له الحسن [عليه‌السلام] و تبسم: ألك حاجة؟ قال: نعم هذه البغلة، فنزل عنها الحسن من ساعته و قال: هي لك فخذها، فأخذها [156] .

[ صفحه 109]

[103] - 23 - و قال أيضا:
ان معاوية قدم المدينة و جلس للعطاء فكان يعطي ما بين خمسين ألف الي مائة ألف فأبطأ عليه الحسن فلما كان آخر النهار دخل عليه فقال معاوية: أبطأت علينا يا أبامحمد لعلك أردت أن تبخلنا ثم قال: أعطه يا غلام مثل ما أعطيت اليوم أجمع ثم قال خذها يا أبامحمد و أنا ابن‌هند.
فقال الحسن: لقد رددتها عليك و أنا ابن‌فاطمة [157] .

دسيسة معاوية و كتابه اليه

[104] - 24 - قال المفيد:
فلما بلغ معاوية بن أبي‌سفيان وفاة أميرالمؤمنين عليه‌السلام و بيعة الناس ابنه الحسن عليه‌السلام دس رجلا من حمير الي الكوفة، و رجلا من بني القين الي البصرة ليكتبا اليه بالأخبار، و يفسدا علي الحسن عليه‌السلام الأمور.
فعرف ذلك الحسن عليه‌السلام فأمر باستخراج الحميري من عند لحام بالكوفة فأخرج و أمر بضرب عنقه و كتب الي البصرة، باستخراج القيني من بني‌سليم فأخرج و ضربت عنقه و كتب الحسن [عليه‌السلام] الي معاوية:
أما بعد، فانك دسست الرجال للاحتيال و الأغتيال و أرصدت العيون كأنك تحب اللقاء و ما أوشك ذلك، فتوقعه ان شاء الله و بلغني أنك شمت بما لا يشمت به ذوحجي، و انما مثلك في ذلك كما قال الأول:

فقل للذي يبغي خلاف الذي مضي
تجهز لأخري مثلها فكأن قد


[ صفحه 110]


فانا و من قد مات منا لكالذي
يروح فيمسي في البيت ليغتدي [158] .

[105] - 25 - قال الثقفي:
و أقبل جارية [بن قدامة] حتي دخل علي الحسن بن علي عليهماالسلام فضرب علي يده فبايعه و عزاه و قال:
ما يجلسك؟ [سر يرحمك الله] سر بنا الي عدوك قبل أن يسار اليك فقال:
لو كان الناس كلهم مثلك سرت بهم و لم يحمل علي الرأي شطرهم أو عشرهم [159] .
[106] - 26 - قال ابن‌أعثم:
و اذا بكتاب عبدالله بن عباس قد ورد عليه من البصرة و اذا فيه: لعبدالله الحسن أميرالمؤمنين من عبدالله بن عباس.
أما بعد يا ابن رسول الله! فان المسلمين ولوك أمرهم بعد أبيك رضي الله عنه، و قد أنكروا أمر قعودك عن معاوية و طلبك لحقك، فشمر للحرب و جاهد عدوك، و دار أصحابك و ول أهل البيوتات و الشرف ما تريد من الأعمال، فانك تشتري بذلك قلوبهم، و اقتد بما جاء عن أئمة العدل من تأليف القلوب و الاصلاح بين الناس.
و اعلم بأن الحرب خدعة و لك في ذلك سعة ما كنت محاربا ما لم تنتقص مسلما حقا هو له، و قد علمت أن أباك عليا انما رغب الناس عنه و صاروا الي معاوية لأنه واسي بينهم في الفي‌ء و سوي بينهم في العطاء، فثقل ذلك عليهم، و اعلم بأنك انما تحارب من قد حارب الله و رسوله حتي أظهره الله أمره، فلما أسلموا

[ صفحه 111]

و وحدوا الرب، و محق الله الشرك و أعز الدين، أظهروا الايمان و قرأوا القرآن و هم بآياته مستهزؤن و قاموا الي الصلاة وهم كسالي، و أدوا الفرائض و هم لها كارهون، فلما رأوا أنه لا يغزو في هذا الدين الا الأنبياء الأبرار و العلماء الأخيار و سموا أنفسهم لسيما الصالحين، ليظن بهم المسلمون خيرا، و هم عن آيات الله معرضون.
و قد منيت أبامحمد بأولئك القوم و أبنائهم و أشباههم، و الله ما زادهم طول العمر الا غيا، و لا زادهم في ذلك لأهل الدين الا غشاء فجاهدهم رحمك الله، و لا ترض منهم بالدنية، فان أباك عليا رضي الله عنه لم يجب الي الحكومة في حقه حتي غلب علي أمره فأجاب و هو يعلم أنه أولي بالأمر، ان حكم القوم بالعدل، فلما حكم بالهوي رجع الي ما كان عليه، و عزم علي حرب القوم حتي وافاه أجله، فمضي الي ربه رحمه الله، فانظر رحمك الله أبامحمد! و لا تخرجن من حق أنت أولي به من غيرك و ان أتاك دون ذلك - و السلام عليك و رحمة الله و بركاته.
قال: فلما ورد كتاب عبدالله بن عباس و قرأه سره ذلك، و علم أنه قد بايعه و أنه قد أمره بما يجب عليه في حق الله، دعا بكتاتبه و أمره أن يكتب الي معاوية [160] .

الكتب المتبادلة بينه و معاوية

[107] - 27 - قال أبوالفرج:
و كتب الحسن [عليه‌السلام] الي معاوية مع جندب بن عبدالله الأزدي:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبدالله الحسن أميرالمؤمنين الي معاوية بن أبي‌سفيان، سلام عليك، فاني

[ صفحه 112]

أحمد الله الذي لا اله الا هو، أما بعد:
فان الله تعالي عزوجل بعث محمدا صلي الله عليه و آله رحمة للعالمين، و منة علي المؤمنين، و كافة الي الناس أجمعين (لينذر من كان حيا و يحق القول علي الكافرين) [161] فبلغ رسالات الله، و قام علي أمر الله حتي توفاه الله غير مقصر و لاوان، حتي أظهر الله به الحق، و محق به الشرك، و نصر به المؤمنين، و أعز به العرب، و شرف به قريشا خاصا، فقال تعالي: (و انه لذكر لك و لقومك) [162] فلما توفي صلي الله عليه و آله تنازعت سلطانه العرب فقالت قريش: نحن قبيلته و أسرته و أولياؤه، و لا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد [صلي الله عليه و آله] في الناس حقه، فرأت العرب أن القول كما قالت قريش، و أن الحجة لهم في ذلك علي من نازعهم أمر محمد صلي الله عليه و آله فأنعمت [163] لهم العرب و سلمت ذلك، ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجت به العرب، فلم تنصفنا قريش انصاف العرب لها، انهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف و الاحتجاج فلما صرنا أهل بيت محمد [صلي الله عليه و آله] و أولياؤه الي محاجتهم، و طلب النصف منهم باعدونا، و استولوا بالاجتماع علي ظلمنا و مراغمتنا، و العنت منهم لنا، فالموعد الله، و هو الولي النصير.
و قد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا، و سلطان نبينا صلي الله عليه و آله و ان كانوا ذوي فضيلة و سابقة في الاسلام، فأمسكنا عن منازعتهم مخافة علي الدين أن يجد المنافقون و الأحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به، أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا به من فساده، فاليوم فليعجب المتعجب من توثبك يا معاوية علي أمر لست من

[ صفحه 113]

أهله، لا بفضل في الدين معروف، و لا أثر في الاسلام محمود، و أنت ابن حزب من الأحزاب، و ابن أعدي قريش لرسول الله صلي الله عليه و آله، و لكن الله خيبك و سترد فتعلم لمن عقبي الدار، تالله لتلقين عن قليل ربك، ثم ليجزينك بما قدمت يداك، و ما الله بظلام العبيد.
ان عليا عليه‌السلام لما مضي لسبيله يوم قبض، و يوم من الله عليه بالاسلام و يوم يبعث حيا - و لاني المسلمون الأمر بعده، فأسأل الله أن لا يزيدنا في الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامته، و انما حملني علي الكتاب اليك الاعذار فيما بيني و بين الله سبحانه و تعالي في أمرك، و لك في ذلك ان فعلت الحظ الجسيم، و للمسلمين فيه صلاح، فدع التمادي في الباطل و ادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي، فانك تعلم اني أحق بهذا الأمر منك عند الله و عند كل أواب حفيظ، و من له قلب منيب، و اتق الله، ودع البغي، و احقن دماء المسلمين، فوالله ما لك من خير في أن تلقي الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به، فادخل في السلم و الطاعة، و لا تنازع الأمر أهله، و من هو أحق به منك، ليطفي‌ء الله النائرة بذلك، و تجمع الكلمة، و تصلح ذات البين، و ان أنت أبيت الا التمادي في غيك نهدت اليك بالمسلمين، فحاكمتك حتي يحكم الله بيننا و هو خير الحاكمين.
فكتب اليه معاوية:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبدالله أميرالمؤمنين الي الحسن بن علي، سلام عليك فاني أحمد اليك الله الذي لا اله الا هو.
أما بعد، فقد بلغني كتابك، و فهمت ما ذكرت به رسول الله صلي الله عليه و آله من الفضل، و هو أحق الأولين و الآخرين بالفضل كله، قديمه و حديثه، و صغيره و كبيره، فقد والله بلغ

[ صفحه 114]

فأدي، و نصح و هدي، حتي أنقذ الله به من التهلكة، و أنار به من العمي، و هدي به من الضلالة، فجزاه الله أفضل ما جزي نبيا عن أمته، و صلوات الله عليه يوم ولد و يوم قبض و يوم يبعث حيا. و ذكرت وفاة النبي صلي الله عليه و آله، و تنازع المسلمين من بعده، فرأيتك صرحت بتهمة أبي‌بكر الصديق، و عمر الفاروق، و أبي‌عبيدة الأمين، و حواري الرسول صلي الله عليه و آله، و صلحاء المهاجرين و الأنصار، فكرهت ذلك لك، فانك امرؤ عندنا و عند الناس غير ظنين، و لا المسي‌ء و لا اللئيم، و أنا أحب لك القول السديد و الذكر الجميل.
ان هذه الأمة لما اختلفت بعد نبيها لم تجهل فضلكم و لا سابقتكم و لا قرابتكم من النبي، و لا مكانتكم في الاسلام و أهله، فرأت الأمة أن تخرج من هذا الأمر لقريش لمكانها من نبيها، و رأي صلحاء الناس من قريش و الأنصار و غيرهم من سائر الناس و عامتهم أن يولوا هذا الأمر من قريش أقدمها اسلاما و أعلمها بالله و أحبها له و أقواها علي أمر الله، و اختاروا أبابكر، و كان ذلك رأي ذوي الحجي و الدين و الفضيلة و الناظرين للأمة، فأوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة، و لم يكونوا بمتهمين، و لا فيما أتوا بمخطئين، و لو رأي المسلمون فيكم من يغني غناءه أو يقوم مقامه، أو يذب عن حريم المسلمين ذبه، ما عدلوا بذلك الأمر الي غيره رغبة عنه، ولكنهم عملوا في ذلك بما رأوه صلاحا للاسلام و أهله، فالله يجزيهم عن الاسلام و أهله خيرا.
وقد فهمت الذي دعوتني اليه من الصلح، و الحال فيما بيني و بينك اليوم مثل الحال التي كنتم عليها أنتم و أبوبكر بعد النبي صلي الله عليه و آله و لو علمت أنك أضبط مني للرعية، و أحوط علي هذه الأمة، و أحسن سياسة، و أقوي علي جمع الأموال و أكيد للعدو،

[ صفحه 115]

لأجبتك الي ما دعوتني اليه، و رأيتك لذلك أهلا، ولكني قد علمت أني أطول منك ولاية، و أقدم منك لهذه الأمة تجربة، و أكثر منك سياسة، و أكبر منك سنا، فأنت أحق أن تجيبني الي هذه المنزلة التي سألتني، فادخل في طاعتي و لك الأمر من بعدي، و لك ما في بيت مال العراق من مال بالغا ما بلغ تحمله الي حيث أحببت و لك خراج أي كور العراق شئت، معونة لك علي نفقتك، يجيبها لك أمينك، و يحملها اليك في كل سنة، و لك ألا يستولي عليك بالاساءة و لا تقضي دونك الأمور، و لا تعصي في أمر أردت به طاعة الله عزوجل، أعاننا الله و اياك علي طاعته انه سميع مجيب الدعاء، والسلام.
قال جندب: فلما أتيت الحسن بن علي بكتاب معاوية قلت له: ان الرجل سائر اليك، فابدأ أنت بالمسير حتي تقاتله في أرضه و بلاده و عمله، فاما أن تقدر أنه يتناولك فلا والله حتي يري يوما أعظم من يوم صفين، فقال: أفعل ثم قعد عن مشورتي و تناسي قولي.
و قال أيضا: و كتب معاوية الي الحسن بن علي:
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد، فان الله عزوجل يفعل في عباده ما يشاء (لا معقب لحكمه و هو سريع الحساب) [164] فاحذر أن تكون منيتك علي يد رعاع من الناس، و ايئس من أن تجد فينا غميزة، و ان أنت أعرضت عما أنت فيه و بايعتني وفيت لك بما وعدت، و أجزت لك ما شرطت، و أكون في ذلك كما قال أعشي بني قيس بن ثعلبة:

و ان أحد أسدي اليك أمانة
فأوف بها تدعي اذا مت وافيا


[ صفحه 116]


و لا تحسد المولي اذا كان ذا غني
و لا تجفه ان كان في المال فانيا

ثم الخلافة لك من بعدي، فأنت أولي الناس بها، والسلام [165] .
[108] - 28 - قال أبوالفرج:
فأجابه الحسن بن علي:
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد، وصل الي كتابك تذكر فيه ما ذكرت، فتركت جوابك خشية البغي عليك،و بالله أعوذ من ذلك، فاتبع الحق تعلم أني من أهله، و علي اثم أن أقول فأكذب، و السلام.
فلما وصل كتاب الحسن [عليه‌السلام] الي معاوية قرأه، ثم كتب الي عماله علي النواحي نسخة واحدة:
بسم الله الرحمن الرحيم
من معاوية أميرالمؤمنين الي فلان بن فلان و من قبله من المسلمين، سلام عليكم، فاني أحمد اليكم الله الذي لا اله الا هو.
أما بعد، فالحمد لله الذي كفاكم مؤنة عدوكم و قتلة خليفتكم، ان الله بلطفه و حسن صنعه أتاح لعلي بن أبي‌طالب رجلا من عباده فاغتاله فقتله، فترك أصحابه متفرقين مختلفين، و قد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم و عشائرهم، فاقبلوا الي حين يأتيكم كتابي هذا بجندكم و جهدكم و حسن عدتكم، فقد أصبتم بحمد الله الثأر، و بلغتم الأمل، و أهلك الله أهل البغي و العدوان، و السلام

[ صفحه 117]

عليكم و رحمة الله و بركاته.
قال: فاجتمعت العساكر الي معاوية بن أبي‌سفيان، و سار قاصدا الي العراق و بلغ الحسن خبر مسيره، و أنه بلغ [جسر] منبج، فتحرك لذلك، و بعث حجر بن عدي يأمر العمال و الناس بالتهيؤ للمسير، و نادي المنادي: الصلاة جامعة، فأقبل الناس يثوبون و يجتمعون، فقال الحسن [عليه‌السلام] : اذا رضيت جماعة الناس فاعلمني و جاء سعيد بن قيس الهمداني، فقال: اخرج، فخرج الحسن عليه‌السلام فصعد المنبر، فحمد الله و أثني عليه، ثم قال:
أما بعد، فان الله كتب الجهاد علي خلقه، و سماه كرها، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين: (و اصبروا ان الله مع الصابرين) [166] ، فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون، الا بالصبر علي ما تكرهون، انه بلغني أن معاوية بلغه أنا كنا أزمعنا علي المسير اليه، فتحرك لذلك، فاخرجوا - رحمكم الله - الي معسكركم بالنخيلة حتي ننظر و تنظروا و نري و تروا.
قال: و انه في كلامه ليتخوف خذلان الناس اياه. قال: فسكتوا فما تكلم منهم أحد، و لا أجاب بحرف.
فلما رأي ذلك عدي بن حاتم قال:
أنا ابن حاتم، سبحان الله، ما أقبح هذا المقام؟ ألا تجيبون امامكم، و ابن بنت نبيكم، أين خطباء مضر؟ أين المسلمون؟ أين الخواضون من أهل المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة، فاذا جد الجد فرواغون كالثعالب، أما تخافون مقت الله، و لا عيبها و عارها.

[ صفحه 118]

ثم استقبل الحسن بوجهه فقال:
أصاب الله بك المراشد، و جنبك المكاره، و وفقك لما يحمد ورده و صدره، فقد سمعنا مقالتك، و انتهينا الي أمرك، و سمعنا منك، و أطعناك فيما قلت و ما رأيت، و هذا وجهي الي معسكري، فمن أحب أن يوافيني فليواف.
ثم مضي لوجهه، فخرج من المسجد و دابته بالباب، فركبها و مضي الي النخيلة، و أمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه، و كان عدي أول الناس عسكرا.
ثم قام قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري و معقل بن قيس الرياحي، و زياد بن صعصعة التيمي فأنبوا الناس و لاموهم و حرضوهم، و كلموا الحسن بمثل كلام عدي ابن حاتم في الاجابة و القبول:
فقال لهم الحسن، صدقتم - رحمكم الله - ما زلت أعرفكم بصدق النية، و الوفاء بالقول و المودة الصحيحة، فجزاكم الله خيرا ثم نزل و خرج الناس، فعسكروا، و نشطوا للخروج، و خرج الحسن الي معسكره، و استخلف علي الكوفة المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب، و أمره باستحثاث الناس و اشخاصهم اليه، فجعل يستحثهم و يخرجهم، حتي التأم العسكر [167] .

توبيخه لأهل الكوفة

[109] - 29 - قال الراوندي:
روي [عن] الحارث الهمداني قال: لما مات علي عليه‌السلام، جاء الناس الي الحسن بن علي عليهماالسلام فقالوا له: أنت خليفة أبيك، و وصيه، و نحن السامعون المطيعون لك، فمرنا

[ صفحه 119]

بأمرك. قال عليه‌السلام: كذبتم، والله ما وفيتم لمن كان خيرا مني فكيف تفون لي؟! أو كيف أطمئن اليكم و لا أثق بكم ان كنتم صادقين؟ فموعد ما بيني و بينكم معسكر المدائن، فوافوني هناك.
فركب، و ركب معه من أراد الخروج، و تخلف عنه خلق كثير لم يفوا بما قالوه، و بما وعدوه، و غروه كما غروا أميرالمؤمنين عليه‌السلام من قبله.
فقام خطيبا و قال: قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي، مع أي امام تقاتلون بعدي؟! مع الكافر الظالم، الذي لم يؤمن بالله، و لا برسوله قط، و لا أظهر الاسلام هو و لا بنوأمية الا فرقا من السيف؟! و لو لم يبق لبني أمية الا عجوز درداء بلغت دين الله عوجا، و هكذا قال رسول الله صلي الله عليه و آله.
ثم وجه اليه قائدا في أربعة آلاف، و كان من كندة، و أمره أن يعسكر بالأنبار و لا يحدث شيئا حتي يأتيه أمره. فلما توجه الي الأنبار، و نزل بها، و علم معاوية بذلك بعث اليه رسلا، و كتب اليه معهم.
انك ان أقبلت الي وليتك بعض كور الشام، أو الجزيرة، غير منفس عليك، و أرسل اليه بخمسمائة ألف درهم، فقبض الكندي - عدو الله - المال، و قلب علي الحسن عليه‌السلام و صار الي معاوية، في مائتي رجل من خاصته و أهل بيته.
و بلغ الحسن عليه‌السلام [ذلك] فقام خطيبا و قال: هذا الكندي توجه الي معاوية و غدر بي و بكم، و قد أخبرتكم مرة بعدي أخري انه لا وفاء لكم، أنتم عبيد الدنيا، و أنا موجه رجلا آخر مكانه، و أنا أعلم أنه سيفعل بي و بكم ما فعل صاحبه، لا يراقب الله في و لا فيكم. فبعث اليه رجلا من مراد في أربعة آلاف و تقدم اليه بمشهد من الناس، و تؤكد عليه، و أخبره انه سيغدر كما غدر الكندي، فحلف له بالأيمان التي لا

[ صفحه 120]

تقوم لها الجبال انه لا يفعل. فقال الحسن عليه‌السلام:
انه سيغدر. فلما توجه الي الأنبار، أرسل معاوية اليه رسلا، و كتب اليه بمثل ما كتب الي صاحبه و بعث اليه بخمسمائة ألف درهم، و مناه أي ولاية أحب من كور الشام، أو الجزيرة، فقلب علي الحسن عليه‌السلام، و أخذ طريقه الي معاوية، و لم يحفظ ما أخذ عليه من العهود، و بلغ الحسن عليه‌السلام ما فعل المرادي.
فقام خطيبا و قال: قد أخبرتكم مرة بعد مرة انكم لا تفون بالله بعهود، و هذا صاحبكم المرادي غدر بي و بكم، و صار الي معاوية [168] .

تحريضه الناس و ارسالهم الي حرب معاوية

[110] - 30 - قال ابن‌أعثم:
و كتب الحسن بن علي [عليهماالسلام] الي عماله يأمرهم بالاحتراس، ثم ندب الناس الي حرب معاوية و دعا بالمغيرة بن نوفل بن الحارث فاستخلفه علي الكوفة و خرج في نيف عن أربعين ألفا حتي نزل بدير عبدالرحمن، ثم دعا قيس بن سعد بن عبادة و ضم اليه ألف رجل و جعله علي مقدمته. قال: فمضي قيس و أخذ علي الفرات يريد الشام، و خرج الحسن بن علي حتي أتي ساباط المدائن، فأقام بها أياما.
فلما أراد الرحيل قام في الناس خطيبا، فحمد الله و أثني عليه، ثم قال: أيها الناس! انكم قد بايعتموني علي أن تسالموا من سالمت و تحاربوا من حاربت، و الله لقد أصبحت و ما أنا محتمل علي أحد من هذه الأمة ضغنة في شرق و لا غرب و لما تكرهون في الجاهلية، و الألفة و الأمن و صلاح ذات البين خير مما تحبون من

[ صفحه 121]

الفرقة و الخوف و التباغض و العداوة - و السلام [169] .
[111] - 31 - قال أبوالفرج:
ثم ان الحسن بن علي [عليهماالسلام] سار في عسكر عظيم و عدة حسنة حتي أتي دير عبدالرحمن فأقام به ثلاثا حتي اجتمع الناس، ثم دعا عبيدالله بن العباس بن عبدالمطلب فقال له: يابن عم، اني باعث معك اثنا عشر ألفا من فرسان العرب وقراء المصر، الرجل منهم يزن الكتيبة فسربهم، و ألن لهم جانبك، و ابسط وجهك، و افرش لهم جناحك، وادنهم من مجلسك فانهم بقية ثقة أميرالمؤمنين عليه‌السلام، و سر بهم علي شط الفرات حتي تقطع بهم الفرات، ثم تصير الي مسكن ثم امض حتي تستقبل معاوية، فان أنت لقيته فاحبسه حتي آتيك فاني في أثرك وشيكا، وليكن خبرك عندي كل يوم و شاور هذين، يعني قيس ابن سعد، و سعيد بن قيس، فاذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتي يقاتلك، فان فعل فقاتل، فان أصبت فقيس بن سعد علي الناس، و ان أصيب قيس فسعيد بن قيس علي الناس، ثم أمره بما أراد.
و سار عبيدالله حتي انتهي الي شينور حتي خرج الي شاهي، ثم لزم الفرات و الفلوجة حتي أتي مسكن [170] .

خطبته في ساباط و مواقف أصحابه في الصلح

[112] - 32 - روي أبوالفرج:
و أخذ الحسن علي حمام عمر، حتي أتي دير كعب [ثم بكر] فنزل ساباط دون

[ صفحه 122]

القنطرة فلما أصبح نادي في الناس: الصلاة جامعة، فاجتمعوا، و صعد المنبر، فخطبهم، فحمد الله فقال:
الحمد لله كلما حمده حامد، و أشهد أن لا اله الا الله كلما شهد له شاهد، و أشهد أن محمدا رسول الله أرسله بالحق، و ائتمنه علي الوحي صلي الله عليه و آله.
أما بعد، فوالله اني لأرجوا أن أكون قد أصبحت بحمد الله و منه و أنا أنصح خلق الله لخلقه، و ما أصبحت محتملا علي مسلم ضغينة و لا مريدا له سوءا و لا غائلة، ألا و ان ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، ألا و اني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري، و لا تردوا علي رأيي، غفر الله لي و لكم و أرشدني و اياكم لما فيه المحبة و الرضا.
قال: فنظر الناس بعضهم الي بعض، و قالوا: ما ترونه، يريد [بما قال؟] قالوا: نظنه والله يريد أن يصالح معاوية و يسلم الأمر اليه، فقالوا: كفر والله الرجل ثم شدوا علي فسطاطه فانتهبوه حتي أخذوا مصلاه من تحته، ثم شد عليه عبدالرحمن بن عبدالله بن جعال الأزدي، فنزع مطرفه من عاتقه، فبقي جالسا متقلدا السيف بغير رداء، ثم دعا بفرسه فركبه، و أحدق به طوائف من خاصته و شيعته، و منعوا منه من أراده، و لاموه و ضعفوه لما تكلم به.
فقال: ادعوا لي ربيعة و همدان، فدعوا له، فأطافوا به، و دفعوا الناس عنه، و معهم شوب [171] من غيرهم، فقام اليه رجل من بني‌أسد من بني‌نصر بن قعين يقال له الجراح بن سنان [172] ، فلما مر في مظلم ساباط قام اليه فأخذ بلجام بغلته و بيده

[ صفحه 123]

معول، فقال: الله أكبر يا حسن، أشركت كما أشرك أبوك [من قبل] ، ثم طعنه، فوقعت الطعنة في فخذه، فشقته حتي بلغت أربيته [173] فسقط الحسن الي الأرض بعد أن ضرب الذي طعنه بسيف كان بيده و اعتنقه، وخرا جميعا الي الأرض، فوثب عبدالله بن الخطل فنزع المعول من [جراح بن سنان] فخضخضه به، و أكب ظبيان ابن عمارة عليه، فقطع أنفه ثم أخذوا الاجر [الآخر] فشدخوا وجهه و رأسه، حتي قتلوه.
و حمل الحسن [عليه‌السلام] علي سرير الي المدائن، و بها سعد بن مسعود الثقفي واليا عليها من قبله، و كان علي ولاه فأقره الحسن بن علي [عليهماالسلام] [فأقام عنده يعالج بنفسه] قال: ثم ان معاوية وافي حتي نزل قرية يقال لها الحبوبية بمسكن، فاقبل عبيدالله بن العباس حتي نزل بازائه [فلما كان من غد وجه معاوية بخيله اليه فخرج اليهم عبيدالله بن العباس فيمن معه، فضربهم حتي ردهم الي معسكرهم] ، فلما كان الليل أرسل معاوية الي عبيدالله بن العباس أن الحسن قد راسلني [أرسلني] في الصلح و هو مسلم الأمر الي، فان دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا، و الا دخلت و أنت تابع، و لك ان جئتني الآن أن أعطيك ألف ألف درهم، يعجل [لك] في هذا الوقت النصف، و اذا دخلت الكوفة النصف الآخر، فانسل عبيدالله ليلا فدخل عسكر معاوية، فوفي بما وعده، فأصبح الناس ينتظرون أن يخرج فيصلي بهم فلم يخرج حتي أصبحوه فطلبوه فلم يجدوه فصلي بهم قيس بن سعد [بن عباده] ... ثم بعث معاوية الي الحسن للصلح فأجابه الحسن الي ذلك [174] .

[ صفحه 124]

كتاب معاوية اليه

[113] - 33 - قال الراوندي:
كتب معاوية الي الحسن عليه‌السلام: يا ابن عم، لا تقطع الرحم الذي بيني و بينك، فان الناس قد غدروا بك و بأبيك من قبلك.
فقالوا: ان خانك الرجلان و غدرا، فانا مناصحون لك.
فقال لهم الحسن عليه‌السلام: لأعودن هذه المرة فيما بيني و بينكم و اني لأعلم أنكم غادرون، و الموعد ما بيني و بينكم، ان معسكري بالنخيلة، فوافوني هناك، والله لا تفون لي بعهد، و لتنقضن الميثاق بيني و بينكم.
ثم ان الحسن عليه‌السلام أخذ طريق النخيلة، فعسكر عشرة أيام، فلم يحضره الا أربعة آلاف، فانصرف الي الكوفة فصعد المنبر و قال: يا عجبا من قوم لا حياء لهم و لا دين مرة بعد مرة، و لو سلمت الي معاوية الأمر فأيم الله لا ترون فرجا أبدا مع بني‌أمية والله ليسو منكم سوء العذاب حتي تتمنون أن يلي عليكم حبشيا و لو وجدت أعوانا ما سلمت له الأمر، لأنه محرم علي بني‌أمية، فأف و ترحا يا عبيد الدنيا.
و كتب أكثر أهل الكوفة الي معاوية بأنا معك، و ان شئت أخذنا الحسن و بعثناه اليك ثم أغاروا علي فسطاطه، و ضربوه بحربة، فأخذ مجروحا.
ثم كتب جوابا لمعاوية: «ان هذا الأمر لي و الخلافة لي و لأهل بيتي، و انها لمحرمة عليك و علي أهل بيتك، سمعته من رسول الله صلي الله عليه و آله، لو وجدت صابرين عارفين بحقي غير منكرين، ما سلمت لك و لا أعطيتك ما تريد»، و انصرف الي الكوفة [175] .

[ صفحه 125]

[114] - 34 - روي ابن‌ابي‌الحديد:
كان [الحسن عليه‌السلام] خرج اليهم و عليه ثياب سود ثم وجه عبد [عبيد] الله [176] بن عباس و معه قيس بن سعد بن عبادة مقدمة له في اثني عشر ألف الي الشام و خرج و هو يريد المدائن فطعن بساباط و انتهب متاعه و دخل المدائن و بلغ ذلك معاوية فأشاعه و جعل أصحاب الحسن الذين وجههم مع عبد [عبيد] الله يتسللون الي معاوية الوجوه و أهل البيوتات فكتب عبيدالله بن العباس بذلك الي الحسن عليه‌السلام فخطب الناس و وبخهم و قال:
خالفتم أبي حتي حكم و هو كاره ثم دعاكم الي قتال أهل الشام بعد التحكيم فأبيتم حتي صار الي كرامة الله ثم بايعتموني علي أن تسالموا من سالمني و تحاربوا من حاربني و قد أتاني أن أهل الشرف منكم قد أتوا معاوية و بايعوه فحسبي منكم لا تغروني من ديني و نفسي و أرسل عبدالله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب - و أمه هند بنت أبي‌سفيان بن حرب - الي معاوية يسأله المسالمة و اشترط عليه العمل بكتاب الله و سنة نبيه و ألا يبايع لأحد من بعده و أن يكون الأمر شوري و أن يكون الناس أجمعون آمنين [177] .
[115] - 35 - قال ابن‌أعثم:
فلما سمع الناس هذا الكلام من الحسن [عليه‌السلام] كأنه وقع بقلوبهم أنه خالع نفسه من الخلافة و مسلم الأمر لمعاوية، فغضبوا لذلك، ثم بادروا اليه من كل ناحية فقطعوا

[ صفحه 126]

عليه الكلام و نهبوا عامة أثقاله و خرقوا ثيابه... و تفرقت عنه عامة أصحابه فقال الحسن [عليه‌السلام] : لا حول و لا قوة الا بالله. قال: فدعا بفرسه فركب و سار و هو مغموم لما قد نزل به من كلامه.
و أقبل رجل من بني‌أسد يقال له سنان بن الجراح [178] حتي وقف في مظلم ساباط المدائن، فلما مر به الحسن بادر اليه فجرحه بمعول كان معه جراحة كادت تأتي عليه، قال: فصاح الحسن صيحة و خر عن فرسه مغشيا عليه، و ابتدر الناس الي ذلك الأسدي فقتلوه.
قال: و أفاق الحسن من غشائه و قد ضعف، فعصبوا جراحه و أقبلوا به الي المدائن، قال: و عامل المدائن يومئذ سعد بن مسعود الثقفي عم المختار بن أبي‌عبيدة، قال: فأنزل الحسن في القصر الأبيض، و أرسل الي الأطباء فنظروا الي جراحته و قالوا: ليس عليك بأس يا أميرالمؤمنين. قال: فأقام الحسن بالمدائن يداوي [179] .

القتال بين عسكر قيس و معاوية

[116] - 36 - و قال ابن‌أعثم:
و أقبل معاوية من الشام حتي صار الي موضع يقال له جسر منبج ثم عبر الفرات، حتي نزل بازاء قيس بن سعد بن عبادة، فأمر أصحابه بمحاربته. قال: فتناوش القوم يومهم ذلك، و كانت بينهم مساولة، ثم انهم تحاجزوا عن غير قتل الا جراحات يسيرة.
قال: و جعل قيس بن سعد ينتظر الحسن بن علي أن يقدم عليه، و هو لا يعلم ما

[ صفحه 127]

الذي نزل به. قال: فبينا هو كذلك اذ وقع الخبر في العسكرين ان الحسن بن علي قد طعن في فخذه و انه قد تفرق عنه أصحابه، فاغتم قيس بن سعد و أراد أن يشغل الناس بالحرب لكي لا يذكروا هذا الخبر، فزحف القوم بعضهم الي بعض فاختلطوا للقتال، فقتل من أصحاب معاوية جماعة و جرح منهم بشر كثير، و كذلك من أصحاب قيس بن سعد، ثم تحاجزوا.
و أرسل معاوية الي قيس فقال: يا هذا! علي ماذا تقاتلنا و تقتل نفسك؟ و قد أتانا الخبر اليقين بأن صاحبك قد خلعه أصحابه. و قد طعن في فخذه طعنة أسفي منها علي الهلاك، فيجب أن تكف عنا و نكف عنك الي أن يأتيك علم ذلك.
قال: فامسك قيس بن سعد عن القتال ينتظر الخبر. قال: و جعل أهل العراق يتوجهون الي معاوية قبيلة بعد قبيلة، حتي خف عسكره.
فلما رأي ذلك كتب الي الحسن بن علي يخبره بما هو فيه، فلما قرأ الحسن الكتاب أرسل الي وجه أصحابه فدعاهم، ثم قال: يا أهل العراق! ما أصنع بجماعتكم معي و هذا كتاب قيس بن سعد يخبرني بأن أهل الشرف منكم قد صاروا الي معاوية، أما والله ما هذا بمنكر منكم لأنكم أنتم الذين أكرهتم أبي يوم صفين علي الحكمين، فلما أمضي الحكومة و قبل منكم اختلفتم، ثم دعاكم الي قتال معاوية ثانية فتوانيتم، ثم صار الي ما صار اليه من كرامة الله اياه، ثم انكم بايعتموني طائعين غير مكرهين، فأخذت بيعتكم و خرجت في وجهي هذا والله يعلم ما نويت فيه، فكان منكم الي ما كان، يا أهل العراق! فحسبي منكم لا تغروني في ديني فاني مسلم هذا الأمر الي معاوية [180] .

[ صفحه 128]

دسيسة معاوية و اغتياله الحسن

[117] - 37 - قال الصدوق:
دس معاوية الي عمرو بن حريث و الأشعث بن قيس و الي حجر بن الحارث و الي شبث بن ربعي دسيسا أفرد كل واحد منهم بعين من عيونه انك ان قتلت الحسن ابن علي فلك مائتا ألف درهم و جند من أجناد الشام و بنت من بناتي فبلغ الحسن عليه‌السلام فاستلآم و لبس درعا و كفرها و كان يحترز و لا يتقدم للصلاة بهم الا كذلك فرماه أحدهم في الصلاة بسهم فلم يثبت فيه لما عليه من اللآمه فلما صار في مظلم ساباط ضربه أحدهم بخنجر مسموم فعمل فيه الخنجر فأمر عليه‌السلام أن يعدل به الي بطن جريحي و عليها عم المختار بن أبي‌عبيدة [بن مسعود بن] قيلة فقال المختار لعمه: تعال حتي نأخذ الحسن و نسلمه الي معاوية فيجعل لنا العراق فبدر [فنذر] بذلك الشيعة من قول المختار لعمه فهموا بقتل المختار فتلطف عمه لمسئلة الشيعة بالعفو عن المختار ففعلوا فقال الحسن عليه‌السلام:
ويلكم والله ان معاوية لا يفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي و اني أظن اني ان وضعت يدي في يده فأسالمه لم يتركني أدين لدين جدي صلي الله عليه و آله و اني أقدر أن أعبد الله عزوجل وحدي و لكني كأني أنظر الي أبناءكم واقفين علي أبواب أبنائهم يستسقونهم و يستطعمونهم بما جعله الله لهم فلا يسقون و لا يطعمون فبعدا و سحقا لما كسبته أيديكم و (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [181] فجعلوا يعتذرون بما لا عذر لهم فيه [182] .

[ صفحه 129]

[118] - 38 - قال الطبراني:
حدثنا محمود بن محمد الواسطي، حدثنا وهب بن بقية أخبرنا خالد عن حصين عن أبي‌جميلة ان الحسن بن علي عليهماالسلام - حين قتل علي عليه‌السلام - استخلف، فبينما هو يصلي بالناس اذ وثب عليه رجل، فطعنه بخنجر في وركه، فتمرض منها أشهرا ثم قام علي المنبر يخطب فقال: يا أهل العراق اتقوا الله فينا، فانا أمراؤكم و ضيفانكم، و نحن أهل البيت الذي قال الله عزوجل (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) [183] فما زال يومئذ يتكلم حتي ما يري في المسجد الا باكيا [184] .
[119] - 39 - قال الطبرسي:
[روي] عن زيد بن وهب الجهني، قال: لما طعن الحسن بن علي عليهماالسلام بالمدائن أتيته و هو متوجع فقلت ما تري يابن رسول الله فان الناس متحيرون؟ فقال: أري و الله أن معاوية خير لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي و انتهبوا ثقلي و أخذوا مالي و الله لئن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي و آمن به في أهلي، خير من أن يقتلوني فتضيع أهل بيتي و أهلي، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتي يدفعوني اليه سلما. فوالله لان أسالمه و أنا عزيز خير من أن يقتلني و أنا أسير، أو يمن علي فتكون سبة علي بني‌هاشم الي آخر الدهر و معاوية لا يزال يمن بها و عقبه علي الحي منا و الميت.
قال: قلت تترك يا ابن رسول الله شيعتك كالغنم ليس لهم راع؟ قال: و ما أصنع يا أخا جهينه؟ اني والله أعلم بأمر قد أدي به الي عن ثقاته ان أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال لي

[ صفحه 130]

- ذات يوم و قد رآني فرحا - يا حسن أتفرح كيف بك اذا رأيت أباك قتيلا؟! أم كيف بك اذا ولي هذا الأمر بنوأمية و أميرها الرحب البلعوم الواسع الأعفاج يأكل و لا يشبع، يموت و ليس له في السماء ناصر و لا في الأرض عاذر، ثم يستولي علي غربها و شرقها، تدين له العباد و يطول ملكه، يستن بسنن البدع و الضلال و يميت الحق و سنة رسول الله صلي الله عليه و آله.
يقسم المال في أهل ولايته و يمنعه من هو أحق به، و يذل في ملكه المؤمن، و يقوي في سلطانه الفاسق، و يجعل المال بين أنصاره دولا و يتخذ عباد الله خولا.
يدرس في سلطانه الحق و يظهر الباطل، و يلعن الصالحون، و يقتل من ناواه علي الحق، و يدين من والاه علي الباطل.
فكذلك حتي يبعث الله رجلا في آخر الزمان و كلب من الدهر و جهل من الناس، يؤيده الله بملائكته و يعصم أنصاره و ينصره بآياته و يظهره علي الأرض حتي يدينوا طوعا و كرها، يملأ الأرض عدلا و قسطا و نورا و برهانا، يدين له عرض البلاد و طولها حتي لا يبقي كافر الا آمن و لا طالح الا صلح، و تصطلح في ملكه السباع، و تخرج الأرض نبتها، و تنزل السماء بركتها، و تظهر له الكنوز، يملك ما بين الخافقين أربعين عاما، فطوبي لمن أدرك أيامه و سمع كلامه [185] .

خطبته في الصلح أو الحرب و خياره أصحابه

[120] - 40 - قال الديلمي:
من كلام الحسن بن علي عليهماالسلام لأصحابه بعد وفاة أبيه، و قد خطب عليه‌السلام فحمد الله

[ صفحه 131]

و أثني عليه [ثم قال:]
«أما والله ما ثنانا عن قتال أهل الشام ذلة و لا قلة. و لكن كنا نقاتلهم بالسلامة و الصبر، فشيبت السلامة بالعداوة، و الصبر بالجزع، و كنتم تتوجهون معنا و دينكم أمام دنياكم، و قد أصبحتم الآن و دنياكم أمام دينكم، فكنا لكم و كنتم لنا، و قد صرتم اليوم علينا، ثم أصبحتم تعدون قتيلين: قتيلا بصفين تبكون عليه، و قتيلا بالنهروان تطلبون بثاره فأما الباكي فخاذل، و أما الطالب فثائر.
و ان معاوية قد دعا الي أمر ليس فيه عز و لا نصفة، فان أردتم الحياة قبلناه منه، و أغضضنا علي القذي، و ان أردتم الموت بذلناه في ذات الله و حاكمناه [الي] الله» فنادي القوم بأجمعهم: بل البقية و الحياة [186] .

كتابه في الصلح

[121] - 41 - قال الصدوق:
فكتب الحسن عليه‌السلام من فوره ذلك الي معاوية أما بعد فان خطبي انتهي الي اليأس من حق أحييه و باطل أميته و خطبك خطب من انتهي الي مراده و انني أعتزل هذا الأمر و أخليه لك و ان كان تخليتي اياه شرا لك في معادك و لي شروط أشترطها لا تبهظنك ان وفيت لي بها بعهد و لا تخف ان غدرت - و كتب الشروط في كتاب آخر فيه يمنيه بالوفاء و ترك الغدر - و ستندم يا معاوية كما ندم غيرك ممن نهض في الباطل أو قعد عن الحق حين لم ينفع الندم و السلام [187] .

[ صفحه 132]

شروطه في الصلح

[122] - 42 - قال الطبري:
فلما رأي الحسن عليه‌السلام تفرق الأمر عنه بعث الي معاوية يطلب الصلح، و بعث معاوية اليه عبدالله بن عامر و عبدالرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبدشمس، فقدما علي الحسن عليه‌السلام بالمدائن، فأعطياه ما أراد، و صالحاه علي أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف في أشياء اشترطها. ثم قام الحسن عليه‌السلام في أهل العراق فقال:
يا أهل العراق، انه سخي بنفسي عنكم ثلاث: قتلكم أبي، و طعنكم اياي، و انتهابكم متاعي [188] .
[123] - 43 - قال ابن‌أعثم:
ثم دعا الحسن بن علي عليهماالسلام بعبدالله بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب بن هاشم و هو ابن أخت معاوية، فقال له: صر [سر] الي معاوية فقل له عني: انك ان أمنت الناس علي أنفسهم و أموالهم و أولادهم و نسائهم بايعتك، و ان لم تؤمنهم لم أبايعك.
قال: فقدم عبدالله بن نوفل بن الحارث علي معاوية، فخبره بمقالة الحسن عليه‌السلام. فقال له معاوية: سل ما أحببت! فقال له: أمرني أن أشرط عليك شروطا، فقال معاوية: و ما هذه الشروط؟ فقال: انه مسلم اليك هذا الأمر علي أن له ولاية الأمر من بعدك، و له في كل سنة خمسة آلاف ألف درهم من بيت المال، و له خراج دار

[ صفحه 133]

ابجرد من أرض فارس، و الناس كلهم آمنون بعضهم من بعض. فقال معاوية: قد فعلت ذلك.
قال: فدعا معاوية بصحيفة بيضاء، فوضع عليها طينة و ختمها بخاتمه، ثم قال: خذ هذه الصحيفة فانطلق بها الي الحسن، و قل له فليكتب فيها ما شاء و أحب و يشهد أصحابه علي ذلك، و هذا خاتمي باقراري.
قال: فأخذ عبدالله بن نوفل الصحيفة و أقبل الي الحسن و معه نفر من أصحابه من أشراف قريش، منهم عبدالله بن عامر بن كريز و عبدالرحمن بن سمرة و من أشبههما من أهل الشام. قال: فدخلوا فسلموا علي الحسن، ثم قالوا: أبامحمد! ان معاوية قد أجابك الي جميع ما أحببت، فاكتب الذي تحب. فقال الحسن: أما ولاية الأمر من بعده فما أنا بالراغب في ذلك، و لو أردت هذا الأمر أسلمه اليه، و أما المال، فليس لمعاوية أن يشرط لي في المسلمين، و لكن أكتب غير هذا و هذا كتاب الصلح [189] .
[124] - 44 - قال ابن‌أعثم:
ثم دعا الحسن بن علي بكاتبه فكتب: «هذا ما اصطلح عليه الحسن بن علي بن أبي‌طالب معاوية بن أبي‌سفيان، صالحه علي أن يسلم اليه ولاية أميرالمؤمنين علي أن يعمل فيهم بكتاب الله و سنة نبيه محمد صلي الله عليه و آله و سيرة الخلفاء الصالحين، و ليس لمعاوية بن أبي‌سفيان أن يعهد لأحد من بعده عهدا، بل يكون الأمر من بعده شوري بين المسلمين، و علي أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله في شامهم و عراقهم و تهامهم و حجازهم، و علي أن أصحاب علي و شيعته آمنون علي أنفسهم

[ صفحه 134]

و أموالهم و نسائهم و أولادهم و علي معاوية بن أبي‌سفيان بذلك عهد الله و ميثاقه، و ما أخذ الله علي أحد من خلقه بالوفاء بما أعطي الله من نفسه، و علي أنه لا يبغي للحسن بن علي و لا لأحد من أهل بيت النبي صلي الله عليه و آله غائلة سرا و علانية، و لا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق، شهد علي ذلك عبدالله بن نوفل بن الحارث و عمر بن أبي‌سلمة و فلان و فلان.
ثم رد الحسن بن علي هذا الكتاب الي معاوية مع رسل من قبله ليشهدوا معه بما في هذا الكتاب.
و بلغ ذلك قيس بن سعد، فقال لأصحابه: اختاروا الآن واحدة من ثنتين: قتالا مع غير امام أو بيعة لضلال! قالوا بل البيعة أيسر علينا من سفك الدماء. قال: فعندها نادي قيس بن سعد فيمن بقي من أصحابه، فانصرف بهم نحو العراق و هو يقول:

أتاني بأرض العال من أرض مسكن
بأن امام الحق أضحي مسلما

فما زلت مذ نبئته متلددا
أراعي نجوما خاشع القلب ناجما

ثم أقبل قيس بن سعد حتي دخل الكوفة و الحسن بن علي عليهماالسلام بها [190] .
[125] - 45 - قال الطبرسي:
و كتب اليه معاوية في الهدنة و الصلح و بعث بكتب أصحابه اليه فأجابه الي ذلك بعد أن شرط عليه شروطا كثيرة منها:
أن يترك سب أميرالمؤمنين عليه‌السلام و القنوت عليه في الصلاة، و أن يؤمن شيعته و لا يتعرض لأحد منهم بسوء و يوصل الي كل ذي حق حقه [191] .

[ صفحه 135]

[126] - 46 - قال ابن‌أعثم:
و سار معاوية في جيشه حتي وافي الكوفة، فنزل بها في قصر الامارة، ثم أرسل الي الحسن بن علي فدعاه، و قال: هلم أبامحمد الي البيعة، فأرسل اليه الحسن أبايعك علي أن الناس كلهم آمنون. فقال معاوية: الناس كلهم آمنون الا قيس بن سعد، فانه لا أمان له عندي. فأرسل الحسن اليه اني لست مبايعا، أو تؤمن الناس جميعا، و الا لم أبايعك. قال: فأجابه معاوية الي ذلك.
فاقبل اليه الحسن عليه‌السلام فبايعه، فأرسل معاوية الي الحسين بن علي عليهماالسلام فدعاه الي البيعة، فأبي الحسين أن يبايع، فقال الحسن: يا معاوية! لا تكرهه فانه لن يبايع أبدا، أو يقتل، و لن يقتل حتي يقتل أهل بيته، و لن يقتل أهل بيته حتي تقتل شيعته، و لن تقتل شيعته حتي يبيد أهل الشام، فسكت معاوية عن الحسين و لم يكرهه.
ثم أرسل الي قيس بن سعد فدعاه الي البيعة، فأبي أن يبايع، فدعاه الحسن و أمره أن يبايع معاوية، فقال له قيس: يابن رسول الله! ان لك في عنقي بيعة، و اني والله لا أخلعها أبدا حتي تكون أنت الذي تخلعها! فقال له الحسن: فأنت في حل وسعة من بيعتي، فبايع! فاني قد بايعت، فعندها بايع قيس لمعاوية. فقال له معاوية: يا قيس! اني قد كنت أكره أن تجتمع الناس الي و أنت حي. فقال قيس: و أنا والله يا معاوية قد كنت أكره أن يصير هذا الأمر اليك و أنا حي [192] .
[127] - 47 - قال الطوسي:
حدثني جعفر بن معروف، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي‌الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن ذريح، قال: سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يقول دخل قيس بن سعد بن

[ صفحه 136]

عبادة الأنصاري صاحب شرطة الخميس علي معاوية، فقال له معاوية بايع! فنظر قيس الي الحسن عليه‌السلام فقال: أبامحمد بايعت؟ فقال له معاوية: أما تنتهي أما والله اني، فقال له قيس: ما شئت أما والله لان شئت لتناقصن، فقال، و كان مثل البعير جسيما، و كان خفيف اللحية، قال، فقام اليه الحسن فقال له: بايع يا قيس فبايع [193] .

خطبته عند معاوية بعد البيعة

[128] - 48 - قال الدينوري:
فلما تمت البيعة لمعاوية... صعد الحسن الي المنبر، فحمد الله و أثني عليه، ثم قال:
أيها الناس، ان الله هدي أولكم بأولنا، و حقن دماءكم بآخرنا، و كانت لي في رقابكم بيعة، تحاربون من حاربت، و تسالمون من سالمت، و قد سالمت معاوية، و بايعته فبايعوه (و ان أدري لعله فتنة لكم و متاع الي حين) [194] و أشار الي معاوية [195] .
[129] - 49 - قال ابن‌أعثم:
ثم انصرف الناس يومهم ذلك، فلما كان من الغد أقبل الحسن الي معاوية حتي دخل عليه، فلما اطمأن به المجلس قال له معاوية: أبامحمد: انك قد جدت بشي‌ء لا تجود به أنفس الرجال، و لا عليك ان تتكلم و تعلم الناس بأنك قد بايعت حتي يعلموا ذلك! قال الحسن [عليه‌السلام] : فاني أفعل.

[ صفحه 137]

ثم تكلم الحسن، و قال: أيها الناس! ان أكيس الكيس التقي، و ان أحمق الحمق الفجور، و انكم لو طلبتم ما بين جابلق و جابرص [196] رجلا جده رسول الله صلي الله عليه و آله ما وجدتموه غيري و غير أخي الحسين، و قد علمتم أن الله تعالي هداكم بجدي محمد، و أنقذكم به من الضلالة و رفعكم به من الجهالة و أعزكم به بعد الذلة، و كثركم به بعد القلة، و أن معاوية نازعني علي حق هو لي دونه، فنظرت صلاح الأمة، و قد كنتم بايعتموني علي أن تسالموا من سالمت و تحاربوا من حاربت، و ان معاوية واضع الحرب بيني و بينه، و قد بايعته و رأيت أن ما حقن الدماء خير مما سفكها، و لم أرد بذلك الا صلاحكم و بقاءكم (و ان أدري لعله فتنة لكم و متاع الي حين) [197] .

تركه الخلافة خوفا علي دماء المسلمين

[130] - 50 - روي الاصبهاني:
حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة قال: سمعت يزيد بن خمير يحدث، عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه. قال قلت للحسن [عليه‌السلام] : ان الناس يقولون انك تريد الخلافة؟ فقال [عليه‌السلام] :
قد كانت جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت، و يسالمون من سالمت،

[ صفحه 138]

فتركتها ابتغاء وجه الله و حقن دماء أمة محمد صلي الله عليه و آله [198] .

كلامه عند معاوية بعد البيعة

[131] - 51 - قال ابن‌أعثم:
ثم تكلم معاوية فقال: أيها الناس! انه لم تتنازع أمة كانت قط من قبلنا في شي‌ء من أمرها بعد نبيها الا ظهر أهل باطلها علي أهل حقها الا هذه الأمة، فان الله تعالي أظهر خيارها علي أشرارها، و أظهر أهل الحق علي أهل الباطل ليتم لها بذلك ما أسداها من نعمة عليها فقد استقر الحق قراره، و قد كنت شرطت لكم شروطا أردت بذلك الألفة و اجتماع الكلمة و صلاح الأمة و اطفاء النائرة، و الآن قد جمع الله لنا كلمتنا و أعز دعوتنا، فكل شرط شرطته لكم فهو مردود، و كل وعد وعدته أحدا منكم فهو تحت قدمي، قال: فغضب الناس من كلام معاوية و ضجوا و تكلموا، ثم شتموا معاوية و هموا به في وقتهم ذلك، و كادت الفتنة تقع، و خشي معاوية علي نفسه فندم علي ما تكلم به أشد الندم.
و قام المسيب بن نجبة الفزاري الي الحسن بن علي فقال: لا والله جعلني الله فداك، ما ينقضي تعجبي منك، كيف بايعت معاوية و معك أربعون ألف سيف، ثم لم تأخذ لنفسك و لا لأهل بيتك و لا لشيعتك منه عهدا و ميثاقا في عقد طاهر، لكنه أعطاك أمرا بينك و بينه ثم انه تكلم بما قد سمعت، والله ما أراد بهذا الكلام أحدا سواك، فقال له الحسن: صدقت يا مسيب! قد كان ذلك فما تري الآن؟ فقال: أري

[ صفحه 139]

و الله أن ترجع الي ما كنت عليه و تنقض هذه البيعة، فقد نقض ما كان بينك و بينه! قال: و نظر الحسن بن علي الي معاوية و الي ما قد نزل به من الخوف و الجزع، فجعل يسكن الناس حتي سكنوا، ثم قال للمسيب:
يا مسيب! ان الغدر لا يليق بنا لا خير فيه، و لو أني أردت بما فعلت الدنيا لم يكن معاوية بأصبر مني علي اللقاء و لا أثبت عند الوغاء، و لا أقوي علي المحاربة اذا استقرت الهيجاء، و لكني أردت بذلك صلاحكم و كف بعضكم عن بعض، فارضوا بقضاء الله و سلموا الأمر لله حتي يستريح بر و يستراح من فاجر.
قال: فبينما الحسن بن علي يكلم المسيب بهذا الكلام اذا برجل من أهل الكوفة يقال له: عبيدة بن عمرو الكندي قد دخل، و في وجهه ضربة منكرة قال: و عرفه الحسن فقال: ما هذا الذي بوجهك يا أخا كندة؟ قال: هذه ضربة أصابتني مع قيس ابن‌سعد. فقال حجر بن عدي الكندي: أما والله لقد وددت انك مت في ذلك و متنا معك، ثم لم نر هذا اليوم. فانا رجعنا راغمين بما كرهنا، و رجعوا مسرورين بما أحبوا.
قال: فتغير وجه الحسن ثم قام عن مجلس معاوية و صار الي منزله، ثم أرسل الي حجر بن عدي فدعاه، ثم قال له: يا حجر! اني قد سمعت كلامك في مجلس معاوية، و ليس كل انسان يحب ما تحب و لا رأيه كرأيك، و اني لم أفعل ما فعلت الا ابقاء عليكم و الله تعالي كل يوم في شأن.
قال: فبينا الحسن يكلم حجر بن عدي اذا برجل من أصحابه قد دخل عليه يقال له: سفيان بن الليل البهمي فقال له: السلام عليك يا مذل المؤمنين، فلقد جئت بأمر عظيم، هلا قاتلت حتي تموت و نموت معك! فقال له الحسن:

[ صفحه 140]

يا هذا! ان رسول الله صلي الله عليه و آله لم يخرج من الدنيا حتي رفع له ملك بني‌أمية، فنظر اليهم يصعدون منبره و أحدا بعد واحد، فشق ذلك عليه، فأنزل الله تعالي في ذلك قرآنا فقال: (انا أنزلناه في ليلة القدر - و ما أدراك ما ليلة القدر - ليلة القدر خير من ألف شهر) [199] يقول: ان ليلة القدر خير من ألف شهر من سلطان بني‌أمية.
قال: فالتفت الحسين الي أخيه الحسن فقال: والله لو اجتمع الخلق طرا علي أن لا يكون الذي كان اذا ما استطاعوا، و لقد كنت كارها لهذا الأمر و لكني لم أحب أن أغضبك، اذ كنت أخي و شقيقي...، قال: فقال المسيب: أما والله يابن رسول الله! ما يعظم علينا هذا الأمر الذي صار الي معاوية، و لكنا نخاف عليكم أن تضاموا بعد هذا اليوم، و أما نحن فانهم يحتاجون الينا و سيطلبون المودة منا كلما قدروا عليه. فقال له الحسن [عليه‌السلام] :
لا عليك يا مسيب! فانه من أحب قوما كان معهم. ثم رحل معاوية و أصحابه الي الشام و رحل الحسن بن علي عليهماالسلام و من معه الي المدينة و هو عليل [200] .
[132] - 52 - قال الطوسي:
أخبرنا جماعة عن أبي‌المفضل، قال: حدثنا عبدالرحمن بن محمد بن عبيدالله العرزمي، عن أبيه، عن عثمان بن أبي‌اليقظان، عن أبي‌عمر زاذان، قال: لما وداع الحسن بن علي عليهماالسلام معاوية، صعد معاوية المنبر، و جمع الناس فخطبهم، و قال: ان الحسن بن علي رآني للخلافة أهلا و لم ير نفسه لها أهلا، و كان الحسن عليه‌السلام أسفل منه بمرقاة، فلما فرغ من كلامه، قام الحسن عليه‌السلام فحمد الله تعالي بما هو أهله، ثم ذكر

[ صفحه 141]

المباهلة فقال:
جاء رسول الله صلي الله عليه و آله من الأنفس بأبي، و من الأبناء بي و بأخي، و من النساء بأمي و كنا أهله و نحن له، و هو منا و نحن منه.
و لما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلي الله عليه و آله في كساء لأم‌سلمة رضي الله عنها خيبري، ثم قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا» فلم يكن أحد في الكساء غيري و أخي و أبي و أمي، و لم يكن أحد يجنب في المجسد و يولد له فيه الا النبي صلي الله عليه و آله و أبي تكرمة من الله تعالي لنا، و تفضيلا منه لنا.
و قد رأيتم مكان منزلنا من رسول الله صلي الله عليه و آله، و أمر بسد الأبواب فسدها و ترك بابنا، فقيل له في ذلك، فقال: «أما اني لم أسدها و أفتح بابه، و لكن الله عزوجل أمرني أن أسدها و أفتح بابه».
و أن معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا و لم أر نفسي لها أهلا، فكذب معاوية، نحن أولي الناس بالناس في كتاب الله و علي لسان نبيه صلي الله عليه و آله و لم نزل أهل البيت مظلومين منذ قبض الله تعالي نبيه صلي الله عليه و آله، فالله بيننا و بين من ظلمنا حقنا، و توثب علي رقابنا، و حمل الناس علينا، و منعنا سهمنا من الفي‌ء، و منع أمنا ما جعل لها رسول الله صلي الله عليه و آله.
و أقسم بالله لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله صلي الله عليه و آله لأعطتهم السماء قطرها، و الأرض بركتها و ما طمعت فيها يا معاوية، فلما خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها، فطمعت فيها الطلقاء و أبناء الطلقاء أنت و أصحابك، و قد قال رسول الله صلي الله عليه و آله:

[ صفحه 142]

«ما ولت أمة أمرها رجلا و فيهم من هو أعلم منه الا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتي يرجعوا الي ما تركوا»
و قد ترك بنواسرائيل هارون و هم يعلمون أنه خليفة موسي عليه‌السلام فيهم و اتبعوا السامري، و قد تركت هذه الأمة أبي و بايعوا غيره، و قد سمعوا رسول الله صلي الله عليه و آله يقول:
«أنت مني بمنزلة هارون من موسي الا النبوة»، و قد رأوا رسول الله صلي الله عليه و آله نصب أبي يوم غدير خم، و أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، و قد هرب رسول الله صلي الله عليه و آله من قومه و هو يدعوهم الي الله تعالي حتي دخل الغار، و لو وجد أعوانا ما هرب، و قد كف أبي يده حين ناشدهم و استغاث فلم يغث، فجعل الله هارون في سعة حين استضعفوه و كادوا يقتلونه، و جعل الله النبي صلي الله عليه و آله في سعة حين دخل الغار و لم يجد أعوانا، و كذلك أبي و أنا في سعة من الله حين خذلتنا الأمة و بايعوك يا معاوية، و انما هي السنن و الأمثال يتبع بعضها بعضا.
أيها الناس، انكم لو التمستم فيما بين المشرق و المغرب أن تجدوا رجلا ولده نبي غيري و أخي لم تجدوه، و اني قد بايعت هذا: (و ان أدري لعله فتنة لكم و متاع الي حين) [201] [202] .
[133] - 53 - و قال أيضا:
حدثنا الشيخ أبوجعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (قدس سره) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي‌المفضل، قال: حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبدالرحمن الهمداني بالكوفة و سألته، قال: حدثنا محمد بن المفضل بن ابراهيم بن

[ صفحه 143]

قيس الأشعري، قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي، قال: حدثنا عبدالرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين عليهماالسلام قال: لما أجمع الحسن بن علي عليهماالسلام علي صلح معاوية خرج حتي لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا، فصعد المنبر و أمر الحسن عليه‌السلام أن يقوم أسفل منه بدرجة، ثم تكلم معاوية، فقال: أيها الناس، هذا الحسن بن علي و ابن‌فاطمة، رآنا للخلافة أهلا، و لم ير نفسه لها أهلا، و قد أتانا ليبايع طوعا، ثم قال: قم يا حسن، فقام الحسن عليه‌السلام فخطب فقال:
الحمد لله المستحمد بالآلاء، و تتابع النعماء، و صارف الشدائد و البلاء، عند الفهماء و غير الفهماء، المذعنين من عباده لا متناعه بجلاله و كبريائه، و علوه عن لحوق الأوهام ببقائه، المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين، و من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين، و أشهد أن لا اله الا الله وحده في ربوبيته، و وجوده و وحدانيته، صمدا لا شريك له، فردا لا ظهير له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله، اصطفاه و انتجبه و ارتضاه، و بعثه داعيا الي الحق و سراجا منيرا، و للعباد مما يخافون نذيرا، و لما يأملون بشيرا، فنصح للأمة، و صدع بالرسالة، و أبان لهم درجات العمالة، شهادة عليها أموت و أحشر، و بها في الآجلة أقرب و أحبر.
و أقول معشر الخلائق فاسمعوا، و لكم أفئدة و أسماع فعوا: انا أهل بيت أكرمنا الله بالاسلام، و اختارنا و اصطفانا و اجتبانا، فأذهب عنا الرجس و طهرنا تطهيرا، و الرجس هو الشك، فلا نشك في الله الحق و دينه أبدا و طهرنا من كل أفن و غية، مخلصين الي أدم نعمة منه، لم يفترق الناس قط فرقتين الا جعلنا الله في خيرهما، فأدت الأمور و أفضت الدهور الي أن بعث الله محمدا صلي الله عليه و آله للنبوة، و اختار للرسالة، و أنزل عليه كتابه، ثم أمره بالدعاء الي الله عزوجل فكان أبي عليه‌السلام أول من استحباب

[ صفحه 144]

لله تعالي و لرسوله صلي الله عليه و آله و أول من آمن و صدق الله و رسوله، و قد قال الله تعالي في كتابه المنزل علي نبيه المرسل (أفمن كان علي بينة من ربه و يتلوه شاهد منه) [203] فرسول الله الذي علي بينة من ربه، و أبي الذي يتلوه، و هو شاهد منه و قد قال له رسول الله صلي الله عليه و آله حين أمره أن يسير الي مكة و الموسم ببراءة:
«سر بها يا علي، فاني أمرت أن لا يسير بها الا أنا أو رجل مني، و أنت هو يا علي» فعلي من رسول الله، و رسول الله منه، و قال له نبي الله صلي الله عليه و آله حين قضي بينه و بين أخيه جعفر بن أبي‌طالب و مولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة:
«أما أنت يا علي فمني و أنا منك، و أنت ولي كل مؤمن بعدي».
فصدق أبي رسول الله صلي الله عليه و آله سابقا و وقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول الله صلي الله عليه و آله في كل موطن يقدمه، و لكل شديدة يرسله ثقة منه و طمأنينة اليه، لعلمه بنصيحته لله و رسوله صلي الله عليه و آله، و أنه أقرب المقربين من الله و رسوله و قد قال الله عزوجل: (و السابقون السابقون - أولئك المقربون) [204] و كان أبي‌سابق السابقين الي الله عزوجل و الي رسوله صلي الله عليه و آله و أقرب الأقربين، فقد قال الله تعالي: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح و قاتل أولئك أعظم درجة) [205] .
فأبي كان أولهم اسلاما و ايمانا و أولهم الي الله و رسوله هجرة و لحوقا و أولهم علي وجده و وسعه نفقة، قال سبحانه: (و الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا و لاخواننا الذين سبقونا بالايمان و لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا

[ صفحه 145]

ربنا انك رءوف رحيم) [206] .
فالناس من جميع الأمم يستغفرون له بسبقه اياهم الايمان نبيه صلي الله عليه و آله و ذلك أنه لم يسبقه الي الايمان أحد، و قد قال الله تعالي: (و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم باحسان) [207] .
فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله عزوجل فضل السابقين علي المتخلفين و المتأخرين، فكذلك فضل سابق السابقين علي السابقين، و قد قال الله عزوجل:
(أجعلتم سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله و اليوم الآخر) [208] .
[فكان أبي المؤمن بالله و اليوم الآخر] و المجاهد في سبيل الله حقا، و فيه نزلت هذه الآية.
و كان ممن استحباب لرسول الله صلي الله عليه و آله عمه حمزة و جعفر ابن عمه، فقتلا شهيدين رضي الله عنهما في قتلي كثيرة معهما من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله، فجعل الله تعالي حمزة سيدالشهداء من بينهم و جعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، و ذلك لمكانهما من رسول الله صلي الله عليه و آله، و منزلتهما و قرابتهما منه صلي الله عليه و آله، و صلي رسول الله صلي الله عليه و آله علي حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.
و كذلك جعل الله تعالي لنساء النبي صلي الله عليه و آله للمحسنة منهن أجرين، و للمسيئة منهن وزرين ضعفين، لمكانهن من رسول الله صلي الله عليه و آله، و جعل الصلاة في مسجد رسول الله بألف صلاة في سائر المساجد الا مسجد خليله ابراهيم عليه‌السلام بمكة و ذلك لمكان

[ صفحه 146]

رسول الله صلي الله عليه و آله من ربه.
و فرض الله عزوجل الصلاة علي نبيه صلي الله عليه و آله علي كافة المؤمنين، فقالوا: يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا: «اللهم صل علي محمد و آل محمد» فحق علي كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة علي النبي صلي الله عليه و آله فريضة واجبة و أحل الله تعالي خمس الغنيمة لرسوله صلي الله عليه و آله و أوجبها له في كتابه، و أوجب لنا من ذلك ما أوجب له، و حرم عليه الصدقة، و حرمها علينا معه، فأدخلنا - فله الحمد - فيما أدخل فيه نبيه صلي الله عليه و آله و أخرجنا و نزهنا مما أخرجه منه و نزهه عنه، كرامة أكرمنا الله عزوجل بها، و فضيلة فضلنا بها علي سائر العباد، فقال الله تعالي لمحمد صلي الله عليه و آله حين جحده كفرة أهل الكتاب و حاجوه:
(فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين) [209] .
فأخرج رسول الله من الأنفس، معه أبي، و من البنين اياي و أخي، و من النساء أمي فاطمة من الناس جميعا فنحن أهله و لحمه و دمه و نفسه، و نحن منه و هو منا و قد قال الله تعالي: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) [210] .
فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلي الله عليه و آله أنا و أخي و أمي و أبي، فجللنا و نفسه في كساء لأم سلمة خيبري، و ذلك في حجرتها و في يومها، فقال:
اللهم هؤلاء أهل بيتي، و هؤلاء أهلي و عترتي، فأذهب عنهم الرجس و طهرهم

[ صفحه 147]

تطهيرا. فقالت أم‌سلمة رضي الله عنها أدخل معهم يا رسول الله؟ فقال لها صلي الله عليه و آله يرحمك الله، أنت علي خير و الي خير، و ما أرضاني عنك! و لكنها خاصة لي و لهم.
ثم مكث رسول الله صلي الله عليه و آله بعد ذلك بقية عمره حتي قبضه الله اليه، يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر فيقول: «الصلاة يرحمكم الله، (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا)»
و أمر رسول الله صلي الله عليه و آله بسد الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا، فكلموه في ذلك، فقال: «اني لم أسد أبوابكم و أفتح باب علي من تلقاء نفسي، و لكني أتبع ما يوحي الي، و ان الله أمر بسدها و فتح بابه» فلم يكن من بعد ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و يولد فيه الأولاد غير رسول الله و أبي علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام تكرمة من الله تعالي لنا، و فضلا اختصنا به علي جميع الناس.
و هذا باب أبي قرين باب رسول الله صلي الله عليه و آله في مسجده، و منزلنا بين منازل رسول الله صلي الله عليه و آله و ذلك ان الله أمر نبيه صلي الله عليه و آله أن يبني مسجده، فبني فيه عشرة أبيات تسعة لبنيه و أزواجه و عاشرها و هو متوسطها لأبي فما هو لبسبيل مقيم، و البيت هو المسجد المطهر، و هو الذي قال الله تعالي: (أهل البيت) فنحن أهل البيت، و نحن الذين أذهب الله عنا الرجس و طهرنا تطهيرا.
أيها الناس، اني لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا الله عزوجل و خصنا به من الفضل في كتابه و علي لسان نبيه صلي الله عليه و آله لم أحصه، و أنا ابن النبي النذير البشير، السراج المنير، الذي جعله الله رحمة للعالمين، و أبي علي، ولي المؤمنين، و شبيه هارون، و ان معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا، و لم أر نفسي لها أهلا، فكذب معاوية، و أيم الله لأنا أولي الناس بالناس في كتاب الله و علي

[ صفحه 148]

لسان رسول الله صلي الله عليه و آله غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله صلي الله عليه و آله فالله بيننا و بين من ظلمنا حقنا، و نزل علي رقابنا، و حمل الناس علي أكتافنا، و منعنا سهمنا في كتاب الله [من الفي‌ء] و الغنائم، و منع أمنا فاطمة ارثها من أبيها.
انا لا نسمي أحدا، و لكن أقسم بالله قسما تاليا، لو أن الناس سمعوا قول الله عزوجل و رسوله، لأعطتهم السماء قطرها، و الأرض بركتها، و لما اختلف في هذه الأمة سفيان، و لأكلوا خضراء خضرة الي يوم القيامة، و ما طمعت فيها يا معاوية، و لكنها لما أخرجت سالفا من معدنها، و زحزحت عن قواعدها، تنازعتها قريش بينها، و ترامتها كترامي الكرة حتي طمعت فيها أنت يا معاوية و أصحابك من بعدك، و قد قال رسول الله [صلي الله عليه و آله] :
«ما ولت أمة أمرها رجلا قط و فيهم من هو أعلم منه الا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتي يرجعوا الي ما تركوا.»
و قد تركت بنواسرائيل - و كانوا أصحاب موسي عليه‌السلام - هارون أخاه و خليفته و وزيره، و عكفوا علي العجل و أطاعوا فيه سامريهم، و هم يعلمون أنه خليفة موسي، و قد سمعت هذه الأمة رسول الله صلي الله عليه و آله يقول ذلك لأبي عليه‌السلام «انه مني منزلة هارون من موسي الا أنه لا نبي بعدي» و قد رأوا رسول الله صلي الله عليه و آله حين نصبه لهم بغدير خم و سمعوه، نادي له بالولاية، ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب و قد خرج رسول الله صلي الله عليه و آله حذارا من قومه الي الغار - لما أجمعوا أن يمكروا به، و هو يدعوهم - لما لم يجد عليهم أعوانا، و لو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم.
و قد كف أبي يده و ناشدهم و استغاث أصحابه فلم يغث و لم ينصر، و لو وجد

[ صفحه 149]

عليهم أعوانا ما أجابهم، و قد جعل في سعة كما جعل النبي صلي الله عليه و آله في سعة.
و قد خذلتني الأمة و بايعتك يابن حرب، و لو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، و قد جعل الله عزوجل هارون في سعة حين استضعفه قومه و عادوه، كذلك أنا و أبي في سعة حين تركتنا الأمة و بايعت غيرنا، و لم نجد عليهم أعوانا و انما هي السنن و الأمثال تتبع بعضها بعضا.
أيها الناس، انكم لم التمستم بين المشرق و المغرب رجلا جده رسول الله صلي الله عليه و آله و أبوه وصي رسول الله صلي الله عليه و آله لم تجدوا غيري و غير أخي، فاتقوا الله و لا تضلوا بعد البيان و كيف بكم و أني ذلك منكم! الا و اني قد بايعت هذا - و أشار بيده الي معاوية (و ان أدري لعله فتنة لكم و متاع الي حين) [211] .
أيها الناس، انه لا يعاب أحد بترك حقه، و انما يعاب أن يأخذ ما ليس له، و كل صواب نافع، و كل خطأ ضار لأهله، و قد كانت القضية (ففهمناها سليمان) [212] فنفعت سليمان و لم تضر داود.
فأما القرابة فقد نفعت المشرك و هي والله للمؤمن أنفع، قال رسول الله صلي الله عليه و آله لعمه أبي‌طالب و هو في الموت: «قل لا اله الا الله، أشفع لك بها يوم القيامة» و لم يكن رسول الله صلي الله عليه و آله يقول له الا ما يكون منه علي يقين، و ليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا - أعني أباطالب - يقول الله عزوجل: (و ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتي اذا حضر أحدهم الموت قال اني تبت الآن و لا الذين يموتون و هم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما) [213] .

[ صفحه 150]

أيها الناس، اسمعوا و عوا، و اتقوا الله و راجعوا، و هيهات منكم الرجعة الي الحق، و قد صارعكم النكوص، و خامركم الطغيان و الجحود؟! (أنلزمكموها و أنتم لها كارهون) [214] و السلام علي من اتبع الهدي.
قال: فقال معاوية: والله ما نزل الحسن حتي أظلمت علي الأرض و هممت أن أبطش به، ثم علمت أن الاغضاء أقرب الي العافية [215] .
[134] - 54 - قال ابن‌أبي‌الحديد:
روي أبوالحسن المدائني، قال: سأل معاوية الحسن بن علي عليهماالسلام بعد الصلح أن يخطب الناس فامتنع، فناشده أن يفعل، فوضع له كرسي، فجلس عليه، ثم قال:
الحمد لله الذي توحد في ملكه، و تفرد في ربوبيته يؤتي الملك من يشاء، و ينزعه عمن يشاء، و الحمد لله الذي أكرم بنا مؤمنكم، و أخرج من الشرك أولكم، و حقن دماء آخركم، فبلاؤنا عندكم قديما و حديثا أحسن البلاء، ان شكرتم أو كفرتم.
أيها الناس ان رب علي كان أعلم بعلي حين قبضه اليه، و لقد اختصه بفضل لن تعتادوا بمثله، و لن تجدوا مثل سابقته.
فهيهات هيهات! طالما قلبتم له الأمور حتي أعلاه الله عليكم و هو صاحبكم، غزاكم في بدر و أخواتها، جرعكم رنقا، و سقاكم علقا، و أذل رقابكم و أشرقكم بريقكم فلستم بملومين علي بغضه. و أيم الله لا تري أمة محمد [صلي الله عليه و آله] خفضا ما كانت سادتهم و قادتهم في بني‌أمية و لقد وجه الله اليكم فتنة لن تصدوا عنها حتي

[ صفحه 151]

تهلكوا، لطاعتكم طواغيتكم، و انضوائكم الي شياطينكم، فعند الله أحتسب ما مضي و ما ينتظر من سوء دعتكم، و حيف حكمكم، ثم قال:
يا أهل الكوفة لقد فارقكم بالأمس سهم من مرامي الله، صائب علي أعداء الله، نكال علي فجار قريش، لم يزل آخذا بحناجرها، جاثما علي أنفاسها، ليس بالملومة في أمر الله، و لا بالسروقة لمال الله، و لا بالفروقة في حرب أعداء الله، أعطي الكتاب خواتيمه و عزائمه، دعاه فأجابه، و قاده فاتبعه لا تاخذه في الله لومة لائم فصلوات الله عليه و رحمته ثم نزل.
فقال معاوية أخطا عجل أو كاد، و أصاب مثبت أو كاد، ماذا أردت من خطبة الحسن عليه‌السلام! [216] .

حقن دماء المسلمين

[135] - 55 - قال الاربلي:
لما خرج حوثرة الأسدي علي معاوية وجه معاوية الي الحسن عليه‌السلام يسأله أن يكون هو المتولي لقتاله فقال: والله لقد كففت عنك لحقن دماء المسلمين و ما أحسب ذلك يسعني أن أقاتل عنك قوما أنت والله أولي بقتالي منهم [217] .

كلامه مع معاوية في التخريص

[136] - 56 - قال المجلسي:
... حدثنا أبومحمد عبدالله بن محمد الأحمري المعروف بابن داهر الرازي، قال:

[ صفحه 152]

حدثني أبوجعفر محمد بن علي الصيرفي القرشي أبوسمينه، قال: حدثني داود بن كثير الرقي، عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال: لما صالح الحسن بن علي عليهماالسلام معاوية جلسا بالنخيلة فقال معاوية:
يا أبامحمد بلغني أن رسول الله صلي الله عليه و آله كان يخرص النخل فهل عندك من ذلك علم؟ فان شيعتكم يزعمون أنه لا يعزب عنكم علي شي‌ء في الأرض و لا في السماء فقال الحسن عليه‌السلام:
ان رسول الله صلي الله عليه و آله كان يخرص كيلا و أنا أخرص عددا فقال معاوية: كم في هذه النخلة؟ فقال الحسن عليه‌السلام: أربعة آلاف بسرة و أربع بسرات [218] .
ثم قال: أقول: و وجدت قد انقطع من المختصر المذكور كلمات فوجدتها في رواية ابن‌عباس الجوهري:
فأمر معاوية بها فصرمت و عدت فجاءت أربعة آلاف و ثلاث بسرات، ثم صح الحديث بلفظها فقال:
و الله ما كذبت و لا كذبت فنظر فاذا في يد عبدالله بن عامر بن كريز بسرة ثم قال: يا معاوية أما والله لولا أنك تكفر لأخبرتك بما تعمله و ذلك أن رسول الله صلي الله عليه و آله كان في زمان لا يكذب و أنت تكذب و تقول: متي سمع من جده علي صغر سنه، والله لتدعن زيادا و لتقتلن حجرا و لتحملن اليك الرؤوس من بلد الي بلد فادعي زيادا و قتل حجرا و حمل اليه رأس عمرو بن الحمق الخزاعي.

[ صفحه 153]

احتجاجه مع معاوية و أصحابه

[137] - 57 - قال الخوارزمي:
(و روي) يزيد بن أبي‌حبيب و الحارث بن يزيد و ابن‌هبيرة قالوا اجتمع عند معاوية، عمرو بن العاص، و عتبة بن أبي‌سفيان، و الوليد بن عقبة و المغيرة بن شعبة، فقالوا لمعاوية أرسل لنا الي الحسن لنسب أباه و نصغره بذلك فقال: اني أخاف أن لا تنتصروا منه و اعلموا أني أرسلت اليه أمرته أن يتكلم كما تتكلمون، فقالوا افعل فوالله لنخزينه اليوم فأرسل اليه يدعوه و الحسن لا يدري لما دعاه فلما قد تكلم معاوية فقال: اني لم أدعك و لكن هؤلاء أزعجوني حتي أرسلت اليك و هم دعوك ليخبروك ان عثمان قتل مظلوما و ان أباك قتله فاسمع منهم ثم أجبهم و لا تمنعك هيبتي أن تجيبهم بلسانك كله فقال الحسن عليه‌السلام:
ألا أعلمتني حتي أجي‌ء بعدتهم من بني‌عبدالمطلب، و ما بي أن أكون متوحشا الي أحد، فان الله معي اليوم و فيما قبل اليوم و فيما بعده فليتكلموا أسمع منهم.
فتكلم عمرو بن العاص فقال انكم بني‌عبدالمطلب لم يكن الله ليعطيكم الملك بقتلكم الخلفاء و استحلالكم ما حرم الله من الدماء... ثم تكلم عتبة بن أبي‌سفيان فقال: انكم بني‌عبدالمطلب قتلة عثمان فوالله ان لنا فيكم دم عثمان... ثم تكلم المغيرة... فتكلم الحسن بن علي [عليه‌السلام] فقال:
الحمدلله الذي هدي أولكم بأولنا و آخركم بآخرنا اسمعوا مني مقالتي و أعيروني فهمكم، و بك أبدا يا معاوية فوالله ما هؤلاء سبوني و لكنك يا معاوية سببتني فحشاء، و خلقا سيئا، و بغيا علينا، و عداوة لمحمد صلي الله عليه و آله و لأهل بيته عليهم‌السلام قديما

[ صفحه 154]

و حديثا و أيم الله لو أني و اياهم في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و حولنا أهل المدينة ما استطاعوا أن يتكلموا بما تكلموا به؛ و لكن بك يا معاوية أبدا فاسمع مني و ليسمع الملأ فاسمعوا أيها الملأ و لا تكتموا حقا علمتوه و لا تصدقوا باطلا ان نطقت به، أنشدكم الله هل تعلمون أن الرجل الذي تشتمونه صلي القبلتين كلتيهما.
و أنت يا معاوية كافر بهما تراهما ضلالا؛ و تعبد اللات و العزي؛ و بايع البيعتين كلتيهما بيعة الفتح و بيعة الرضوان.
و أنت يا معاوية بالأولي كافر؛ و بالثانية ناكث ثم أنشدكم الله هل تعلمون، أن نبي الله صلي الله عليه و آله لعنكم يوم بدر و مع علي راية النبي و المؤمنين، و لعنكم يوم الأحزاب و مع علي راية النبي و المؤمنين، و معك يا معاوية راية المشركين من بني‌أمية فعلي بذلك يفلج الله حجته و يحق الله دعوته؛ و ينصر دينه و يصدق حديثه، و علي بذلك رسول الله راض عنه و المسلمون عنه راضون.
ثم أنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله صلي الله عليه و آله حاصر أهل خيبر فبعث عمر بن الخطاب براية المهاجرين؛ و بعث سعد بن معاذ براية الأنصار؛ فأما سعد فجي‌ء به جريحا؛ و أما عمر فجاء يجبن أصحابه حتي قال رسول الله صلي الله عليه و آله:
لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله و رسوله؛ و يحب الله و رسوله ثم لا ينثني حتي يفتح الله له ان شاء الله فتعرض لها أبوبكر و عمر و من ثم من المهاجرين و الأنصار و علي يومئذ أرمد شديد الرمد فدعاه رسول الله فتفل في عينيه و أعطاه الراية و قال:
اللهم قه الحر و البرد فلم ينثن حتي فتح الله له و استنزلهم علي حكم الله و حكم رسوله و أنت يومئذ يا معاوية مشرك بمكة عدو لله و لرسوله، ثم أنشدكم الله هل

[ صفحه 155]

تعلمون أن عليا ممن حرم الشهوات من أصحاب محمد صلي الله عليه و آله فأنزل الله فيه:
(يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) [219] .
و أما أنت يا معاوية فلا أذكر لك الا حقا قد علمته و علمه أصحابك الذين حولك، أنك كنت ذات يوم تسوق بأبيك و يقود به أخوك هذا القاعد و هو علي جمل أحمر بعد ما عمي أبوسفيان فلعن رسول الله صلي الله عليه و آله الجمل و راكبه و قائده و سائقه و كان أبوك الراكب، و أخوك القائد و أنت السائق.
ثم أنشدكم الله هل تعلمون أن معاوية كان يكتب بين يدي رسول الله فأرسل اليه ذات يوم ليكتب الي بني خليد فقالوا انه يأكل فقال لا أشبع الله بطنه.
و أنشدك الله يا معاوية هل تعرف تلك الدعوة في أكلك و بهمتك و رغبتك.
ثم أنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله صلي الله عليه و آله لعن أباسفيان في سبعة مواطن:
أولهن: يوم خرج الي المدينة فلعنه.
و الثانية: يوم العير حين طردها ليحرزها من رسول الله.
و الثالثة: يوم أحد اذ قال: «أعل هبل أعل هبل» فقال رسول الله: «الله علي و أجل» فقال ان لنا عزي و لا عزي لكم» فقال رسول الله «الله مولانا و لا مولي لكم» فلعنه الله يومئذ و رسوله و المؤمنون.
و الرابعة: يوم الأحزاب حين جاء أبوسفيان بجميع قريش فانزل الله آيتين في سورة الأحزاب كل آية منها يسمي أباسفيان و أصحابه الذين كفروا.
و الخامسة: يوم الهدي معكوفا أن يبلغ محله اذ رددتم رسول الله صلي الله عليه و آله أنت و مشركو قريش عن المسجد الحرام فرجع لم يقض نسكه و لم يطف بالبيت.

[ صفحه 156]

و السادسة: يوم جاء أبوسفيان بجميع قريش؛ و عيينة بن حصن بجميع غطفان: فلعن رسول الله صلي الله عليه و آله القادة و الاتباع.
و السابعة: يوم حملوا علي رسول الله صلي الله عليه و آله و هموا به في الثنية و هم اثنا عشر رجلا سبعة من بني‌أمية، و خمسة من سائر الناس؛ و قد كان من حقك يا معاوية أن تستحي من كتابك الي أبيك حين أراد أن يسلم و أنت كافر فكتبت اليه:

يا صخر لا تسلمن طوعا فتفضحنا
بعد الذين ببدر أصبحوا مزقا

جدي و عمي و خال الأم يا لهم
قوما و حنظلة المهدي لنا الأرقا

لا تركنن الي أمر تقلدنا
و الراقصات به في مكة الخرقا

فالموت أيسر من قول الصباة لنا
خلي معاونة العزي لنا فرقا

فهل تستطيع يا معاوية أن ترد شيئا مما قلت.
و أما أنت يا عمرو بن العاص فما أحسبك الا لزنية احتج فيها خمسة من قريش كلهم يزعم أنك ابنه فغلب عليك جزار قريش؛ ألأمهم حسبا؛ و أشرهم منصبا و أعظمهم لعنة؛ ثم قمت خطيبا فقلت أنا شاني‌ء محمد صلي الله عليه و آله فأنزل الله في كتابه: (ان شانئك هو الأبتر) ثم هجوت نبي الله صلي الله عليه و آله بسبعين بيتا فقال: اللهم اني لا أحسن الشعر فالعنه بكل بيت لعنة؛ ثم كنت في أصحاب السفينة الذين أتو النجاشي يكذبون جعفرا عنده؛ فكذبك الله بغيظك فأنت عدو بني‌هاشم في الجاهلية و الاسلام فلست ألومك علي ذلك و لا أعاتبك عليه؛ و بعد فأنت القائل في مسيرك الي النجاشي:

يقولن لي أين هذا المسير
و ما السير مني بمستنكر

فقلت دعوني فاني امرؤ
أريد النجاشي في جعفر

لاكويه عنده كية
أقيم بها نخوة الأصعر


[ صفحه 157]


و لا أنثني عن بني‌هاشم
بما اسطعت في الغيب و المحضر

و أما أنت يا عتبة فما أنت بحصيف فأجيبك؛ و لا عاقل فأعاتبك؛ و ما فيك من خير يرجي و لا من شر يتقي و ما أنت و أمك الا سواء فأما وعيدك لي بالقتل أفلا قتلت الذي وجدته علي فراشك و شركك في عرسك؛ و لو كنت قاتلا أحدا لقتلته ثم أمسكتها عندك من بعد ما كان من بغيها ما كان؛ و والله ما ألومك علي سبك عليا؛ و قد قتل خالك مبارزة؛ و اشترك هو و حمزة في قتل جدك فقتلاه.
و أما أنت يابن أبي‌معيط فوالله ما ألومك ان سببت عليا و قد جلدك في الخمر ثمانين؛ وحدك في الزنا مثلها؛ و قتل أباك صبرا بأمر رسول الله صلي الله عليه و آله و هو يقول لرسول الله و القريش علام أقتل؛ فقال له رسول الله لعداوتك لله و لرسوله فقال من للصبية فقال النار و قتل؛ فأنت من صبية النار و كيف تسب عليا و من حولك يعلمون أن عليا مؤمن و أنت كافر فاسق، و كيف تسب رجلا سماه الله مؤمنا في عشر آيات، و رضي عنه في عشر آيات و سماك تعالي في القرآن فاسقا حتي قال فيك شاعر المسلمين و فيه طبقا لقول الله تعالي:

انزل الله في الكتاب علينا
في علي و في الوليد بيانا

فتبوأ الوليد حادث فسق
و علي تبوأ الايمانا

ليس من كان مؤمنا عمرك الله
كمن كان فاسقا خوانا

سوف يدعي الوليد بعد قليل
و علي الي الجزاء عيانا

فعلي يجزي هناك جنانا
و وليد يجزي هناك هوانا

ثم انما أنت علج من أهل صفورية؛ و أقسم بالله لأنت أكبر من أبيك الذي تدعي له.

[ صفحه 158]

و أما أنت يا مغيرة؛ فانما مثلك مثل البقة قالت للنخلة استمسكي فاني أريد أن أنزل عنك؛ فقالت والله ما شعرت بوقوعك علي فكيف أهتم بنزولك عني؛ فقل لي علي أي الخصال تسب عليا لبعده من رسول الله؛ أم لسوء بلائه في الاسلام؛ أم لرغبته في الدنيا؛ أم لجوره في الأحكام؛ فان قلت بواحدة منهن فقد كذبك الله و رسوله.
فأما زعمك أن عليا قتل عثمان فلست من ذلك في شي‌ء؛ و أما قولك في الملك فان الله تعالي يقول لنبيه عليه‌السلام: (و ان أدري لعله فتنة لكم و متاع الي حين) و يقول تعالي: (و اذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها) [220] ثم انه عليه‌السلام نفض رداءه و قام.
فقال معاوية لأصحابه: ذوقوا و بال أمركم فقالوا: والله ما ذقنا مثل ما ذقت فقال: ألم أقل لكم انكم لم تنتصروا من الرجل فلا أطعتموني اذ نهيتكم و لا انتصرتم اذ فضحكم؛ و الله ما قام حتي أظلم علي البيت و هممت أن أبطش به؛ فليس فيكم خير اليوم و لا قبل اليوم و لا بعده.
و سمع مروان بن الحكم ما لقي معاوية و أصحابه من الحسن [عليه‌السلام] فأتي معاوية فوجد عنده عمرو؛ و الوليد بن عقبة؛ و عمرو بن عثمان؛ و عتبة؛ و المغيرة؛ فسألهم عما بلغه من أمر الحسن فقالوا: قد كان ذلك؛ فقال لهم مروان أفلا أحضرتموني فلو حضرت لسببته و أهل بيته سبا تتغني به الاماء و العبيد فقالوا له الآن لم يفتك شي‌ء لما يعلمون من ذرابة لسان مروان و فحش منطقه؛ فأرسل اليه معاوية؛ فأتي الحسن فجلس علي السرير بين معاوية و عمرو فقال معاوية ما أرسلت اليك و لكن مروان

[ صفحه 159]

أرسل اليك؛ فقال مروان أنت يا حسن الساب رجال قريش؛ فوالله لأسبنك و أباك و أهل بيتك سبا تتغني به الاماء و العبيد؛ فقال الحسن:
الحمد لله، ما زادك الله يا مروان بما خوفت الا طغيانا كما قال الله عزوجل: (و نخوفهم فما يزيدهم الا طغيانا كبيرا) [221] ألست أنت و ذريتك يا مروان الشجرة الملعونة في القرآن الكريم؛ سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يلعنك ثلاث مرات.
فكبر معاوية و خر ساجدا؛ و كان ذلك نصرة للحسن بن علي عليهماالسلام ثم قاموا و تفرقوا؛ و لبعض شعراء أهل البيت عليهم‌السلام فيهم من المدح:

اليكم كل منقبة تأول
اذا ما قيل جدكم الرسول

و فيكم كل مكرمة تجلي
اذا ما قيل أمكم البتول

فلا يبقي لمادحكم كلام
اذا تم الكلام فما يقول [222] .

[138] - 58 - قال الاربلي:
و لما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فخطب و نال من علي عليه‌السلام فقام الحسن عليه‌السلام فحمد الله و أثني عليه ثم قال:
ان الله لم يبعث نبيا الا جعل له عدوا من المجرمين قال الله: (و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين) [223] فأنا ابن‌علي و أنت ابن‌صخر، و أمك عند و أمي فاطمة، و جدتك قتيلة وجدتي خديجة، فلعن الله الامنا حسبا و أخملنا ذكرا و أعظمنا كفرا و أشدنا نفاقا.
فصاح أهل المسجد: آمين آمين فقطع معاوية خطبته و دخل منزله [224] .

[ صفحه 160]

تفاخر معاوية و جوابه

[139] - 59 - روي ابن شهرآشوب:
ان معاوية فخر يوما، فقال: أنا ابن بطحاء مكة، أنا ابن أعززها جودا و أكرمها جدودا، أنا ابن من ساد قريشا فضلا ناشيا و كهلا.
فقال الحسن بن علي عليهماالسلام: أعلي تفخر يا معاوية! أنا ابن عروق الثري، أنا ابن مأوي التقي، أنا ابن من جاء بالهدي، أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالفضل السابق، و الحسب الفائق، أنا ابن من طاعته طاعة الله و معصيته معصية الله، فهل لك أب كأبي تباهيني به؟ و قديم كقديمي تساميني به؟ تقول نعم أو لا؟
قال معاوية: بل أقول لا وهي لك تصديق، فقال الحسن عليه‌السلام:

الحق أبلج ما تخيل سبيله
و الحق يعرفه ذووا الالباب [225] .

[140] - 60 - قال أيضا:
و قال معاوية للحسن بن علي عليه‌السلام: أنا أخير منك يا حسن، قال: و كيف ذاك يا ابن هند قال: لأن الناس قد أجمعوا علي و لم يجمعوا عليك، قال: هيهات هيهات لشر ما علوت يا ابن آكلة الأكباد المجتمعون عليك رجلان بين مطيع و مكره فالطائع لك عاص الله و المكره معذور بكتاب الله و حاش لله أن أقول أنا خير منك فلا خير فيك و لكن الله برأني من الرذائل كما برأك من الفضائل [226] .

[ صفحه 161]

كتابه الي زياد بترك التعرض لأصحابه

[141] - 61 - قال ابن‌أبي‌الحديد:
قال أبوالحسن [المدائني] : طلب زياد رجلا من أصحاب الحسن، ممن كان في كتاب الأمان فكتب اليه الحسن:
من الحسن بن علي الي زياد أما بعد، فقد علمت ما كنا أخذنا من الأمان لأصحابنا، و قد ذكر لي فلان أنك تعرضت له فاحب أن لا تعرض له الا بخير و السلام.
فلما أتاه الكتاب - و ذلك بعد ادعاء معاوية اياه - غضب حيث لم ينسبه الي أبي‌سفيان، فكتب اليه:
من زياد بن أبي‌سفيان الي الحسن، أما بعد فانه أتاني كتابك في فاسق تؤويه الفساق من شيعتك و شيعة أبيك، و أيم الله لأطلبنه بين جلدك و لحمك و ان أحب الناس الي لحما أن آكله للحم أنت منه و السلام.
فلما قرأ الحسن الكتاب بعث به الي معاوية فلما قرأه غضب و كتب:
من معاوية بن أبي‌سفيان الي زياد أما بعد، فان لك رأيين رأيا من أبي‌سفيان و رأيا من سمية فأما رأيك من أبي‌سفيان فحلم و حزم، و أما رأيك من سمية فما يكون من مثلها ان الحسن بن علي كتب الي أنك عرضت لصاحبه فلا تعرض له فاني لم أجعل لك عليه سبيلا... [227] .

[ صفحه 162]

كتابه لمعاوية في يزيد

[142] - 62 - روي قاضي النعمان:
ان الحسن بن علي عليهماالسلام كتب الي معاوية كتابا يقرعه فيه و يبكته [228] بامور صنعها كان فيه: ثم وليت ابنك و هو غلام يشرب الشراب و يلهو بالكلاب فخنت أمانتك و أخزيت رعيتك و لم تود نصيحة ربك فكيف تولي علي أمة محمد صلي الله عليه و آله من يشرب المسكر و شارب المسكر من الفاسقين و شارب المسكر من الأشرار و ليس شارب المسكر بأمين علي درهم فكيف علي الأمة؟ فعن قليل ترد علي عملك حين تطوي صحائف الاستغفار [229] .

خطبته عند معاوية في المدينة

[143] - 63 - قال الخوارزمي:
(و روي) ان معاوية نظر الي الحسن بن علي عليهماالسلام و هو بالمدينة و قد احتف به خلق من قريش يعظمونه فتداخله حسد فدعا أباالأسود الدؤلي، و الضحاك بن قيس الفهري فشاورهما في أمر الحسن و الذي يهم به من الكلام.
فقال له أبوالأسود: رأي أميرالمؤمنين أفضل و أري الا يفعل فان أميرالمؤمنين لن يقول فيه قولا الا أنزله سامعوه منه به حسدا، و رفعوا به صعدا، و الحسن يا أميرالمؤمنين معتدل شبابه، و أحضر ما هو كائن جوابه فأخاف أن يرد عليك

[ صفحه 163]

كلامك، بنوافذ تردع سهامك، فيقرع بذلك ظنبوبك و بيدي به عيوبك، فاذن كلامك فيه صار له فضلا و عليك كلا، الا أن تكون تعرف له عيبا في أدب، أو وقيعة في حسب، و أنه لهو المهذب، قد أصبح من صريح العرب، في عز لبابها، و كريم محتدها، و طيب عنصرها، فلا تفعل يا أميرالمؤمنين.
و قال الضحاك بن قيس الفهري: امض يا أميرالمؤمنين فيه برأيك، و لا تنصرف عنه بدائك، فانك لو رميته بقوارص كلامك، و محكم جوابك، لذل لك كما يذل البعير الشارف من الابل، فقال أفعل و حضرت الجمعة فصعد معاوية علي المنبر فحمد الله و أثني عليه و صلي علي نبيه و ذكر علي بن أبي‌طالب فتنقصه، ثم قال:
أيها الناس ان صبية من قريش، ذوي سفه و طيش، و تكدر من عيش، أتعبتهم المقادير، فأتخذ الشيطان رؤوسهم مقاعد و ألسنتهم مبارد، فباض و فرخ في صدورهم، و درج في نحورهم، فركب بهم الزلل؛ و زين لهم الخطل؛ و أعمي عليهم السبل؛ و أرشدهم الي البغي و العدوان؛ و الزور و البهتان؛ فهم له شركاء و هو لهم قرين: (و من يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا) [230] و كفي لهم مؤدبا؛ و المستعان الله.
فوثب الحسن بن علي و أخذ بعضادتي المنبر؛ فحمد الله و صلي علي نبيه ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي‌طالب، أنا ابن نبي الله، أنا ابن من جعلت له الأرض مسجدا و طهورا، أنا ابن‌السراج المنير؛ أنا ابن‌البشير النذير؛ أنا ابن خاتم النبيين و سيد المرسلين و امام المتقين و رسول رب العالمين؛ أنا ابن من بعث الي الجن و الأنس؛ أنا ابن من بعث

[ صفحه 164]

رحمة للعالمين.
فلما سمع كلامه معاوية غاظه منطقه و أراد أن يقطع عليه فقال يا حسن عليك بصفة الرطب.
فقال الحسن: الريح تلقحه و الحر ينضجه؛ و الليل يبرده؛ و يطيبه علي رغم أنفك يا معاوية؛ ثم أقبل علي كلامه فقال:
أنا ابن‌المستجاب للدعوة، أنا ابن الشفيع المطاع؛ أنا ابن أول من ينفض رأسه من التراب؛ و يقرع باب الجنة؛ أنا ابن من قاتلت الملائكة معه و لم تقاتل مع نبي قبله؛ أنا ابن من نصر علي الأحزاب؛ أنا ابن من ذل له قريش رغما.
فقال معاوية: أما أنك تحدث نفسك بالخلافة و لست هناك.
فقال الحسن: أما الخلافة فلمن عمل بكتاب الله و سنة نبيه ليست الخلافة لمن خالف كتاب الله و عطل السنة؛ انما مثل ذلك رجل أصاب ملكا فتمتع به و كأنه انقطع عنه و بقيت تبعاته عليه.
فقال معاوية ما في قريش رجل الا و لنا عنده نعم جزيلة؛ و يد جميلة؛ قال:
بلي من تعززت به بعد الذلة و تكثرت به بعد القلة؛ فقال معاوية: من أولئك يا حسن؟ قال: من يلهيك عن معرفته. ثم قال الحسن: أنا ابن من ساد قريش شابا و كهلا؛ أنا ابن من ساد الوري كرما و نبلا؛ أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالجود الصادق؛ و الفرع الباسق و الفضل السابق؛ أنا ابن من رضاه رضي الله و سخطه سخطه؛ فهل لك أن تساميه يا معاوية؟ فقال أقول لا تصديقا لقولك.
فقال له الحسن: الحق أبلج؛ و الباطل لجلج؛ و لم يندم من ركب الحق؛ و قد خاب من ركب الباطل (و الحق يعرفه ذوو الألباب)

[ صفحه 165]

ثم نزل معاوية و أخذ بيد الحسن و قال: لا مرحبا بمن ساءك [231] .

جوابه عن مسائل ابن‌العاص

[144] - 64 - قال الراوندي:
... فقال [له] ابن‌العاص: اجلس فاني أسألك عن مسائل. قال عليه‌السلام:
سل عما بدا لك، قال عمرو: أخبرني عن الكرم، و النجدة، و المروة. فقال:
أما الكرام فالتبرع بالمعروف و الاعطاء قبل السؤال، و أما النجدة فالذب عن المحارم، و الصبر في المواطن عند المكاره، و أما المروة فحفظ الرجل دينه، و احرازه نفسه من الدنس، و قيامه بأداء الحقوق، و افشاء السلام.
فخرج، فعذل [232] معاوية عمرو، فقال: أفسدت أهل الشام. فقال عمرو: اليك عني ان أهل الشام لم يحبوك محبة [ايمان و] دين، انما أحبوك للدنيا ينالونها منك، و السيف و المال بيدك، فما يغني عن الحسن كلامه [233] .

خطبته في جواب معاوية بعد الصلح

[145] - 65 - روي الحراني:
انه عليه‌السلام حين قال له معاوية: اذكر فضلنا، قال: فحمد الله و أثني عليه و صلي علي محمد النبي و آله، ثم قال: من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فانا الحسن بن

[ صفحه 166]

رسول الله، أنا ابن‌البشير النذير، أنا ابن‌المصطفي بالرسالة، أنا ابن من صلت عليه الملائكة، أنا ابن من شرفت به الأمة، أنا ابن من كان جبرئيل السفير من الله اليه، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين [صلي الله عليه و آله أجمعين] .
فلم يقدر معاوية أن يكتم عداوته و حسده، فقال: يا حسن عليك بالرطب فانعته لنا. قال: نعم يا معاوية! الريح تلقحه و الشمس تنفخه و القمر يلونه و الحر ينضجه و الليل يبرده، ثم أقبل علي منطقه فقال: أنا ابن المستجاب الدعود، أنا ابن من كان من ربه كقاب قوسين أو أدني، أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن مكة و مني، أنا ابن من خضعت له قريش رغما، أنا ابن من سعد تابعه و شقي خاذله، أنا ابن من جعلت الأرض له طهورا و مسجدا، أنا ابن من كانت أخبار السماء اليه تتري، أنا ابن من أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.
فقال معاوية: أظن نفسك يا حسن تنازعك الي الخلافة؟ فقال:
ويلك يا معاوية انما الخليفة من سار بسيرة رسول الله صلي الله عليه و آله و عمل بطاعة الله، و لعمري أنا لأعلام الهدي و منار التقي و لكنك يا معاوية ممن أبار السنن و أحيا البدع و اتخذ عباد الله خولا و دين الله لعبا فكان قد أخمل ما أنت فيه، فعشت يسيرا و بقيت عليك تبعاته.
يا معاوية: والله لقد خلق الله مدينتين احديهما بالمشرق و الأخري بالمغرب أسماها جابلقا و جابلسا، ما بعث الله اليهما أحدا غير جدي رسول الله صلي الله عليه و آله.
فقال معاوية: يا أبامحمد أخبرنا عن ليلة القدر. قال:
نعم عن مثل هذا فسأل، ان الله خلق السماوات سبعا و الأرضين سبعا و الجن من سبع و الانس من سبع فتطلب من ليلة ثلاث و عشرين الي ليلة سبع و عشرين. ثم

[ صفحه 167]

نهض عليه‌السلام [234] .

اجتنابه عن سفك الدماء

[146] - 66 - قال ابن‌كثير:
قال محمد بن سعد: أخبرنا علي بن محمد، عن ابراهيم بن محمد، عن زيد بن أسلم، قال: دخل رجل علي الحسن بن علي عليهماالسلام و هو بالمدينة و في يده صحيفة فقال: ما هذه؟
فقال: ابن [من] معاوية يعدنيها و يتوعد، قال: قد كنت علي النصف منه.
قال: أجل و لكن خشيت أن يجي‌ء يوم القيامة سبعون ألفا أو ثمانون ألفا، أو أكثر أو أقل، تنضح أوداجهم دما كلهم يستعدي الله فيم هريق [أهريق] دمه [235] .

خلافة معاوية و سوء أدبه

[147] - 67 - قال ابن‌أبي‌الحديد:
قال أبوجعفر: و روي ابن‌عباس، قال: دخل الحسن بن علي عليهماالسلام علي معاوية بعد عام الجماعة و هو جالس في مجلس ضيق فجلس عند رجليه، فتحدث معاوية بما شاء أن يتحدث، ثم قال:
عجبا لعائشة! تزعم أني في غير ما أنا أهله، و ان الذي أصبحت فيه ليس لي بحق ما لها و لهذا! يغفر الله لها، انما كان ينازعني في هذا الأمر أبو هذا الجالس و قد استأثر الله به، فقال الحسن عليه‌السلام:

[ صفحه 168]

أو عجب ذلك يا معاوية! قال: اي والله، قال: أفلا أخبرك بما هو أعجب من هذا؟ قال: ما هو قال: جلوسك في صدر المجلس و أنا عند رجليك فضحك معاوية، و قال: يا ابن أخي بلغني أن عليك دينا، قال: ان علي دينا، قال: كم هو؟ قال عليه‌السلام: مائة ألف فقال: قد أمرنا لك بثلاثمائة ألف مائة منها لدينك، و مائة تقسمها في أهل بيتك، و مائة لخاصة نفسك، فقم مكرما فاقبض صلتك، قال يزيد بن معاوية لأبيه: تالله ما رأيت رجلا استقبلك بما استقبلت به؛ ثم أمرت له بثلاثمائة ألف! قال: يا بني، ان الحق حقهم، فمن أتاك منهم فاحث له [236] .
[148] - 68 - قال ابن شهرآشوب:
و ذكروا ان الحسن بن علي عليهماالسلام دخل علي معاوية فجلس عند رجله و هو مضطجع فقال له: ألا أعجبك من عائشة تزعم أني لست للخلافة أهلا، فقال الحسن عليه‌السلام: و أعجب من ذلك جلوسي عند رجلك و أنت نائم، فاستحي معاوية و استوي قاعدا و استعذره [237] .

كلامه في ما يجب علي الحاكم

[149] - 69 - روي اليعقوبي:
قال له معاوية يوما [أي للحسن عليه‌السلام] : ما يجب لنا في سلطاننا؟ قال: ما قال سليمان بن داود، قال معاوية: و ما قال سليمان بن داود؟ قال: قال لبعض أصحابه: أتدري ما يجب علي الملك في ملكه، و ما لا يضره؟ اذا أدي الذي عليه منه، و اذا

[ صفحه 169]

خاف الله في السر و العلانية، و عدل في الغضب و الرضي، و قصد في الفقر و الغني، و لم يأخذ الأموال غصبا، و لم يأكلها اسرافا و بذارا لم يضره ما تمتع به من دنياه، اذا كان ذلك من خلته [238] .
[150] - 70 - قال الدينوري:
ذكروا انه لما تمت البيعة لمعاوية بالعراق، و انصرف راجعا الي الشام، أتاه سليمان بن صرد، و كان غائبا عن الكوفة، و كان سيد أهل العراق و رأسهم، فدخل علي الحسن، فقال:
السلام عليك يا مذل المؤمنين، فقال الحسن: و عليك السلام، اجلس، لله أبوك؛ قال: فجلس سليمان، فقال: أما بعد، فان تعجبنا لا ينقضي من بيعتك معاوية و معك مائة ألف مقاتل من أهل العراق، و كلهم يأخذ العطاء مع مثلهم من أبنائهم و مواليهم، سوي شيعتك من أهل البصرة و أهل الحجاز، ثم لم تأخذ لنفسك ثقة في العهد، ولا حظا من القضية، فلو كنت اذ فعلت ما فعلت، و أعطاك ما أعطاك بينك و بينه من العهد و الميثاق، كنت كتبت عليك بذلك كتابا، و أشهدت عليه شهودا من أهل المشرق و المغرب أن هذا الأمر لك من بعده، كان الأمر علينا أيسر، و لكنه أعطاك هذا فرضيت به من قوله، ثم قال:
و زعم علي رؤوس الناس ما قد سمعت؛ اني كنت شرطت لقوم شروطا، و وعدتهم عدات، و منيتهم أماني، ارادة اطفاء نار الحرب، و مداراة لهذه الفتنة، اذ جمع الله لنا كلمتنا و ألفتنا، فان كل ما هنالك تحت قدمي هاتين، و والله ما عني بذلك الا نقض ما بينك و بينه، فعد للحرب خدعة و اذن لي أشخص الي الكوفة، فأخرج

[ صفحه 170]

عامله منها، و أظهر فيها خلعه، و أنبذ اليه علي سواء ان الله لا يهدي كيد الخائنين. ثم سكت.
فتكلم كل من حضر مجلسه بمثل مقالته، و كلهم يقول: ابعث سليمان بن صرد، و ابعثنا معه، ثم ألحقنا اذا علمت أنا قد أشخصنا عامله، و أظهرنا خلعه.
فتكلم الحسن عليه‌السلام، فحمدالله، ثم قال:
أما بعد، فانكم شيعتنا و أهل مودتنا و من نعرفه بالنصيحة و الصحبة و الاستقامة لنا، و قد فهمت ما ذكرتم و لو كنت بالحزم في أمر الدنيا و للدنيا أعمل و أنصب، ما كان معاوية بأبأس مني بأسا، و أشد شكيمة، و لكان رأيي غير ما رأيتم، و لكني أشهد الله و اياكم اني لم أرد بما رأيتم الا حقن دمائكم، و اصلاح ذات بينكم، فاتقوا الله و ارضوا بقضاء الله، و سلموا لأمر الله، و الزموا بيوتكم، و كفوا أيديكم، حتي يستريح بر، أو يستراح من فاجر، مع أن أبي كان يحدثني ان معاوية سيلي الأمر، فوالله لو سرنا اليه بالجبال و الشجر، ما شككت أنه سيظهر، ان الله لا معقب لحكمه، و لا راد لقضائه.
و أما قولك: يا مذل المؤمنين، فوالله لأن تذلوا و تعافوا أحب الي من أن تعزوا و تقتلوا، فان رد الله علينا حقنا في عافية قبلنا، و سألنا الله العون علي أمره، و ان صرفه عنا رضينا، و سألنا الله أن يبارك في صرفه عنا، فليكن كل رجل منكم حلسا من أحلاس بيته، ما دام معاوية حيا، فان يهلك و نحن و أنتم أحياء، سألنا الله العزيمة علي رشدنا، و المعونة علي أمرنا، و أن لا يكلنا الي أنفسنا، فان الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون [239] .

[ صفحه 171]

[151] - 71 - روي الطبرسي:
عن حنان بن سدير، عن أبيه سدير بن حكيم، عن أبيه، عن أبي‌سعيد عقيصا، قال: لما صالح الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام معاوية بن أبي‌سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم علي بيعته فقال عليه‌السلام:
و يحكم ما تدرون ما عملت، و الله للذي عملت لشيعتي خير مما طلعت عليه الشمس أو غربت ألا تعلمون أني امامكم، و مفترض الطاعة عليكم، و أحد سيدي شباب أهل الجنة بنص من رسول الله [صلي الله عليه و آله] علي؟ قالوا: بلي.
قال: أما علمتم ان الخضر لما خرق السفينة، و أقام الجدار، و قتل الغلام كان ذلك سخطا لموسي بن عمران عليه‌السلام اذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك، و كان ذلك عند الله تعالي ذكره حكمة و صوابا؟
أما علمتم أنه ما منا أحد الا و يقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه الا القائم الذي يصلي خلفه روح الله عيسي بن مريم عليه‌السلام فان الله عزوجل يخفي ولادته و يغيب شخصه لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة اذا خرج، ذاك التاسع من ولد أخي الحسين، ابن سيدة الاماء، يطيل الله عمره في غيبته ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة، ذلك ليعلم أن الله علي كل شي‌ء قدير [240] .
[152] - 72 - قال الصدوق:
حدثنا علي بن أحمد بن محمد، عن محمد بن موسي بن داود الدقاق، عن الحسن بن أحمد بن الليث، عن محمد بن حميد، عن يحيي بن أبي‌بكير، قال: حدثنا أبوالعلاء الخفاف، عن أبي‌سعيد عقيصا، قال: قلت للحسن بن علي بن أبي‌طالب

[ صفحه 172]

عليهماالسلام يا ابن رسول الله لم داهنت معاوية و صالحته و قد علمت أن الحق لك دونه و ان معاوية ضال باغ فقال: يا أباسعيد ألست حجة الله تعالي ذكره علي خلقه و اماما عليهم بعد أبي عليه‌السلام، قلت: بلي.
قال: ألست الذي قال رسول الله صلي الله عليه و آله لي و لأخي: «الحسن و الحسين امامان قاما أو قعدا» قلت: بلي.
قال: فأنا اذن امام لو قمت و أنا امام اذا لو قعدت
يا أباسعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله صلي الله عليه و آله لبني ضمرة، و بني أشجع، و لأهل مكة حين انصرف من الحديبية أولئك كفار بالتنزيل، و معاوية و أصحابه الكفار بالتأويل
يا أباسعيد اذا كنت اماما من قبل الله تعالي ذكره لم يجب أن يسفه رأيي فيما أتيته من مهادنة أو محاربة و ان كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا، ألا تري الخضر عليه‌السلام لما خرق السفينة و قتل الغلام و أقام الجدار سخط موسي عليه‌السلام فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه حتي أخبره فرضي.
هكذا أنا، سخطتم علي بجلهكم بوجه الحكمة فيه و لو لا ما أتيت لما ترك من شيعتنا علي وجه الأرض أحد الا قتل [241] .
[153] - 73 - روي الطبرسي:
و عن الأعمش، عن سالم بن أبي‌الجعد، قال: حدثني رجل منا، قال: أتيت الحسن بن علي عليهماالسلام فقلت: يا ابن رسول الله أذللت رقابنا، و جعلتنا معشر الشيعة عبيدا، ما بقي معك رجل.

[ صفحه 173]

قال: و مم ذاك؟
قال: قلت: بتسليمك الأمر لهذا الطاغية.
قال: و الله ما سلمت الأمر اليه الا أني لم أجد أنصارا، و لو وجدت أنصارا لقاتلته ليلي و نهاري حتي يحكم الله بيني و بينه، و لكني عرفت أهل الكوفة و بلوتهم، و لا يصلح لي منهم من كان فاسدا انهم لا وفاء لهم و لا ذمة في قول و لا فعل، انهم لمختلفون، و يقولون لنا: ان قلوبهم معنا و ان سيوفهم لمشهورة علينا، قال: و هو يكلمني اذ تنخع الدم، فدعا بطست فحمل من بين يديه مللآنا مما خرج من جوفه من الدم.
فقلت له: ما هذا يا ابن رسول الله صلي الله عليه و آله اني لأراك وجعا؟
قال: أجل دس الي هذا الطاغية من سقاني سما فقد وقع علي كبدي و هو يخرج قطعا كما تري.
قلت: أفلا تتداوي؟
قال: قد سقاني مرتين و هذه الثالثة لا أجد لها دواء، و لقد رقي الي: أنه كتب الي ملك الروم يسأله أن يوجه اليه من السم القتال شربة: فكتب اليه ملك الروم: أنه لا يصلح لنا في ديننا أن نعين علي قتال من لا يقاتلنا.
فكتب اليه ان هذا ابن الرجل الذي خرج بأرض تهامة، و قد خرج يطلب ملك أبيه، و أنا أريد أن أدس اليه من يسقيه ذلك فأريح العباد و البلاد منه، و وجه اليه بهدايا و ألطاف فوجه اليه ملك الروم بهذه الشربة التي دس بها الي فسقيتها و اشترط عليه في ذلك شروطا [242] .

[ صفحه 174]

[154] - 74 - روي ابن‌حمزة:
عن جابر بن عبدالله، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله: «حدثوا عن بني‌اسرائيل و لا حرج، فانه قد كانت فيهم الأعاجيب، ثم أنشأ يحدث صلي الله عليه و آله فقال:
«خرجت طائفة من بني‌اسرائيل حتي أتوا مقبرة لهم، و قالوا: لو صلينا فدعونا الله تعالي فأخرج لنا رجلا ممن مات نسأله عن الموت، ففعلوا، فبينا هم [كذلك] ، اذ أطلع [رجل] رأسه من قبر، بين عينيه أثر السجود. فقال: يا هؤلاء ما أردتم مني؟ لقد مت منذ [سبعين] عام، ما [كان] سكنت [عني] حرارة الموت، حتي كأن الآن، فادعوا الله أن يعيدني كما كنت.»
قال جابر بن عبدالله: و لقد رأيت و حق الله و حق رسول الله من الحسن بن علي عليهماالسلام أفضل و أعجب منها، و من الحسين بن علي عليهماالسلام أفضل: و أعجب منها.
أما الذي رأيته من الحسن عليه‌السلام فهو: أنه لما وقع عليه من أصحابه ما وقع، و ألجأه ذلك الي مصالحة معاوية، فصالحه، و اشتد ذلك علي خواص أصحابه، فكنت أحدهم فجئته فعذلته، فقال:
يا جابر، لا تعذلني و صدق رسول الله في قوله: ان ابني هذا سيد، و ان الله تعالي يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.
فكأنه لم يشف ذلك صدري فقلت: لعل هذا شي‌ء يكون بعد، و ليس هذا هو الصلح مع معاوية، فان هذا هلاك المؤمنين و اذلالهم فوضع يده علي صدري و قال: «شككت و قلت كذا».
قال: «أتحب أن أستشهد رسول الله صلي الله عليه و آله الآن حتي تسمع منه؟!» فعجبت من قوله، اذ سمعت هدة، و اذا بالأرض من تحت أرجلنا انشقت، و اذا رسول الله، و علي

[ صفحه 175]

و جعفر و حمزة عليهم‌السلام قد خرجوا منها، فوثبت فزعا مذعورا، فقال الحسن:
«يا رسول الله، هذا جابر، و قد عذلني بما قد علمت».
فقال صلي الله عليه و آله لي: «يا جابر، انك لا تكون مؤمنا حتي تكون لأئمتك مسلما، و لا تكون عليهم برأيك معترضا، سلم لا بني الحسن ما فعل، فان الحق فيه، أنه دفع عن حياة المسلمين الاصطلام بما فعل، و ما كان فعله الا عن أمر الله و أمري».
فقلت: قد سلمت يا رسول الله، ثم ارتفع في الهواء هو و علي و حمزة و جعفر، فما زلت أنظر اليهم حتي انفتح لهم باب [من السماء] و دخلوها، ثم باب السماء الثانية، الي سبع سماوات يقدمهم سيدنا و مولانا محمد صلي الله عليه و آله [243] .
[155] - 75 - قال الطبراني:
حدثنا أحمد بن عمرو البزار و العباس بن حمدان الحنفي قالا: حدثنا زيد بن أخزم، حدثنا أبوداود، حدثنا القاسم بن الفضل، عن يوسف بن مازن الراسبي، قال: قام رجل الي الحسن بن علي فقال: سودت وجوه المؤمنين، فقال:
لا تؤنبني رحمك الله، فان رسول الله قد أري بني‌أمية يخطبون علي منبره رجلا فرجلا، فساءه ذلك، فنزلت هذه الآية (انا أعطيناك الكوثر) نهر في الجنة، و نزلت (انا أنزلناه في ليلة القدر - و ما أدراك ما ليلة القدر - ليلة القدر خير من ألف شهر) تملكه بني‌أمية.
قال القاسم: فحسبنا ذلك، فاذا هو ألف لا يزيد و لا ينقص [244] .

[ صفحه 176]

[156] - 76 - قال الطبري:
ثم ان الحسن و الحسين و عبدالله بن جعفر خرجوا بحشمهم و أثقالهم حتي أتوا الكوفة، فلما قدمها الحسن و برأ من جراحته، خرج الي مسجد الكوفة فقال: يا أهل الكوفة، اتقوا الله في جيرانكم و ضيفانكم، و في أهل بيت نبيكم صلي الله عليه و آله الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.
فجعل الناس يبكون ثم تحملوا الي المدينة، قال: و حال أهل البصرة بينه و بين خراج دارابجرد؛ و قالوا: فيئنا، فلما خرج الي المدينة تلقاه ناس بالقادسية فقالوا: يا مذل العرب! [245] .
[157] - 77 - روي ابن شهرآشوب:
عن تفسير الثعلبي، و مسند الموصلي، و جامع الترمذي و اللفظ له عن يوسف بن مازن الراسبي انه لما صالح الحسن بن علي عليهماالسلام عذل و قيل له يا مذل المؤمنين و مسود الوجوه فقال عليه‌السلام لا تعذلوني فان فيها مصلحة و لقد رأي النبي صلي الله عليه و آله في منامه يخطب بنوأمية واحد بعد واحد فحزن فأتاه جبرئيل بقوله: (انا أعطيناك الكوثر) و (انا أنزلناه في ليلة القدر).
و في خبر عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام فنزل: (أفرأيت ان متعناهم سنين) الي قوله: (يمتعون) [246] ثم أنزل (انا أنزلناه) يعني جعل الله ليلة القدر لنبيه خيرا من ألف شهر ملك بني‌أمية [247] .

[ صفحه 177]

[158] - 78 - قال ابن‌عساكر:
أنبأنا ابن أبي‌خيثمة، أنبأنا هارون بن معروف، أنبأنا ضمرة، عن ابن‌شوذب، قال: لما قتل علي سار الحسن في أهل العراق و سار معاوية في أهل الشام، قال: فالتقوا، فكره الحسن القتال و بايع معاوية علي أن جعل العهد للحسن من بعده، قال: فكان أصحاب الحسن يقولون [له] يا عار المؤمنين. قال: فيقول لهم: العار خير من النار [248] .
[159] - 79 - قال الطبري:
حدثنا أبومحمد، قال: أخبرنا عمارة بن زيد، قال: حدثنا ابراهيم بن سعد، قال: حدثنا محمد بن جرير، قال: أخبرني ثقيف البكاء، قال: رأيت الحسن بن علي عليهماالسلام عند منصرفه من معاوية و قد دخل عليه حجر بن عدي، فقال: السلام عليك يا مذل المؤمنين.
فقال: مه، ما كنت مذلهم بل أنا معز المؤمنين و انما أردت البقاء عليهم، ثم ضرب برجله في فسطاطه، فاذا أنا في ظهر الكوفة و قد خرج الي دمشق و مصر حتي رأينا عمرو بن العاص بمصر، و معاوية بدمشق و قال: لو شئت لنزعتهما، و لكن هاه هاه، مضي محمد علي منهاج، و علي علي منهاج، و أنا أخالفهما؟! لا يكون ذلك مني [249] .
[160] - 80 - قال الطوسي:
روي عن علي بن الحسن الطويل، عن علي بن النعمان، عن عبدالله بن مسكان،

[ صفحه 178]

عن أبي‌حمزة، عن أبي‌جعفر عليه‌السلام قال: جاء رجل من أصحاب الحسن عليه‌السلام يقال له: سفيان بن ليلي و هو علي راحلة له، فدخل علي الحسن عليه‌السلام و هو محتب [250] في فناء داره، قال: فقال له: السلام عليك يا مذل المؤمنين!
فقال له الحسن عليه‌السلام: انزل و لا تعجل، فنزل فعقل راحلته في الدار، و أقبل يمشي حتي انتهي اليه، قال: فقال له الحسن عليه‌السلام: ما قلت؟ قال: قلت: السلام عليك يا مذل المؤمنين، قال: و ما علمك بذلك؟ قال: عمدت الي أمر الأمة فخلعته عن عنقك و قلدته هذه الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله.
قال: فقال له الحسن عليه‌السلام: ما خبرك لم فعلت ذلك قال: سمعت أبي يقول: قال رسول الله صلي الله عليه و آله: لن تذهب الأيام و الليالي حتي لي أمر هذه الأمة رجل واسع البلعوم رحب الصدر يأكل و لا يشبع و هو معاوية، فلذلك فعلت، ما جاء بك؟ قال: حبك قال: الله، قال: الله، فقال الحسن عليه‌السلام: و الله لا يحبنا عبد أبدا و لو كان أسيرا في الديلم الا نفعه الله بحبنا، و ان حبنا ليساقط الذنوب من بني آدم، كما تساقط الريح الورق من الشجر [251] .

اخباره عن زوال حكومة معاوية

[161] - 81 - قال ابن شهرآشوب:
[روي] اسماعيل بن أبان باسناده، عن الحسن بن علي عليه‌السلام انه مر في مسجد رسول الله بحلقة فيها قوم من بني‌أمية فتغامزوا به و ذلك عند ما تغلب معاوية علي

[ صفحه 179]

ظاهر أمره فرآهم و تغامزهم به فصلي ركعتين ثم قال:
قد رأيت تغامزكم أما والله لا تملكون يوما الا ملكنا يومين و لا شهرا الا ملكنا شهرين و لا سنة الا ملكنا سنتين و أنا لنأكل في سلطانكم، و نشرب و نلبس و ننكح و نركب و أنتم لا تأكلون في سلطاننا و لا تشربون و لا تنكحون.
فقال له رجل: فكيف يكون ذلك يا أبامحمد و أنتم أجود الناس و أرأفهم و أرحمهم تأمنون في سلطان القوم و لا يأمنون في سلطانكم. فقال:
لأنهم عادونا بكيد الشيطان و كيد الشيطان ضعيف و عاديناهم بكيد الله و كيد الله شديد [252] .

كلامه مع حبيب بن مسلمة

[162] - 82 - قال ابن شهرآشوب:
قال الحسن بن علي عليهماالسلام لحبيب بن مسلمة الفهري: رب مسير لك في غير طاعة، قال: أما مسيري الي أبيك فلا، قال: بلي و لكنك أطعت معاوية علي دنيا قليلة فلئن قام بك في دنياك لقد قعدبك في آخرتك فلو كنت اذ فعلت شرا قلت خيرا كنت كما قال الله عزوجل: (خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا) [253] و لكنك كما قال: (كلا بل ران علي قلوبهم ما كانوا يكسبون) [254] [255] .

[ صفحه 180]

اظهاره عليه‌السلام فتنة معاوية

[163] - 83 - قال الاربلي:
و لما وصفهم معاوية وصف بني‌هاشم بالسخاء و آل الزبير بالشجاعة و بني‌مخزوم بالتيه و بني‌أمية بالحلم فبلغ ذلك الحسن بن علي عليهماالسلام فقال: قاتله الله أراد أن يجود بني‌هاشم بما في أيديهم فيحتاجوا اليه، و أن يشجع آل الزبير فيقتلون، و أن يتيه المخزوميون فيمقتوا، و أن تحلم بنوأمية فيحبهم الناس [256] .
[164] - 84 - قال ابن‌عساكر:
و أنبأنا الأصمعي، أنبأنا عيسي بن سليمان، عن أبيه قال: قال معاوية يوما في مجلسه اذا لم يكن الهاشمي سخيا لم يشبه حسبه، و اذا لم يكن الزبيري شجاعا لم يشبه حسبه، و اذا لم يكن المخزومي تائها لم يشبه حسبه، و اذا لم يكن الأموي حليما لم يشبه حسبه.
فبلغ ذلك الحسن بن علي عليه‌السلام فقال: و الله ما أراد الحق و لكنه أراد أن يغري بني‌هاشم بالسخاء فيفنوا أموالهم و يحتاجون اليه، و يغري آل الزبير بالشجاعة فيفنوا بالقتل، و يغري بني‌مخزوم بالتيه فيبغضهم الناس و يغري بني‌أمية بالحلم فيحبهم الناس [257] .

[ صفحه 181]

رفضه بيع ما أوقفه أبيه

[165] - 85 - قال الديلمي:
كان أميرالمؤمنين يغرس النخل و يبيعها و يشتري بثمنها العبيد و يعتقهم و يعطيهم مع ذلك ما يغنيهم عن الناس و أخبره بعض عبيده انه قد نبع في بستانه عين ينبع الماء منها مثل عنق البعير، فقال: بشر الوارث بشر الوارث بشر الوارث ثم أحضر شهودا فأشهدهم أنه أوقفها في سبيل الله حتي يرث الله الأرض و من عليها، و قال: انما فعلت ذلك ليصرف الله عن وجهي النار.
و أعطي معاوية للحسن عليه‌السلام فيها مائتي ألف دينار، فقال: ما كنت لأبيع شيئا أوقفه أبي في سبيل الله، و ما عرض له أمران الا عمل بأشدهما طاعة.
و كان اذا سجد سجدة الشكر غشي عليه من خشية الله تعالي، و كانت فاطمة عليهاالسلام تنهج في صلاتها من خوف الله تعالي [258] .

استلامه جوائز معاوية

[166] - 86 - قال الراوندي:
روي عن الصادق، عن آبائه عليهم‌السلام ان الحسن عليه‌السلام قال [يوما] لأخيه الحسين [عليه‌السلام] و لعبدالله بن جعفر: ان معاوية قد بعث اليكم بجوائزكم و هي تصل اليكم يوم كذا لمستهل الهلال. و قد أضافا، فوصلت في الساعة التي ذكر لما كان رأس الهلال فلما وافاهم المال كان علي الحسن عليه‌السلام دين كثير فقضاه مما بعثه اليه، و فضلت

[ صفحه 182]

فضلة ففرقها في أهل بيته و مواليه، و قضي الحسين عليه‌السلام أيضا دينه، و قسم ثلث ما بقي في أهل بيته و مواليه، و حمل الباقي الي عياله.
و أما عبدالله فقضي دينه، و ما فضل دفعه الي الرسول ليتعرف معاوية من الرسول ما فعلوا، فبعث الي عبدالله أموالا حسنة [259] .

احتجاجه علي عمرو بن العاص

[167] - 87 - قال ابن‌أبي‌الحديد:
روي المدائني قال: لقي عمرو بن العاص الحسن عليه‌السلام في الطواف، فقال له: يا حسن، زعمت أن الدين لا يقوم الا بك و بأبيك، فقد رأيت الله أقامه بمعاوية، فجعله راسيا بعد ميله، و بينا بعد خفائه، أفرضي الله بقتل عثمان، أو من الحق أن تطوف بالبيت كما يدور الجمل بالطحين، عليك ثياب كغرقي‌ء [260] البيض، و أنت قاتل عثمان، و الله انه لألم للشعث و أسهل للوعث، أن يوردك معاوية حياض أبيك؛ فقال الحسن عليه‌السلام:
ان لأهل النار علامات يعرفون بها، الحادا لأولياء الله؛ و موالاة لأعداء الله، و الله انك لتعلم أن عليا لم يرتب في الدين، و لا يشك في الله ساعة و لا طرفة عين قط، و أيم الله لتنتهين يابن أم عمرو أو لأنفذن حضينك بنوافذ أشد من القعضبية [261] : فاياك و التهجم علي، فإني من قد عرفت؛ لست بضعيف الغمزة، و لا هش

[ صفحه 183]

المشاشة [262] ؛ و لا مري الماكلة، و اني من قريش كواسطة القلادة يعرف حسبي، و لا أدعي لغير أبي، و أنت من تعلم و يعلم الناس، تحاكمت فيك رجال قريش، فغلب عليك جزاروها، ألأمهم حسبا، و أعظمهم لؤما، فاياك عني، فانك رجس، و نحن أهل بيت الطهارة، أذهب الله عنا الرجس، و طهرنا تطهيرا. فأفحم عمرو و انصرف كئيبا [263] .

احتجاجه علي عمرو بن العاص و أبي‌الأعور

[168] - 88 - قال الطبراني:
حدثنا محمد بن عون السيرافي، حدثنا الحسن بن علي الواسطي، حدثنا يزيد ابن هارون أنبأنا حريز بن عثمان، عن عبدالرحمن بن أبي‌عوف، قال: قال عمرو ابن العاص و أبوالأعور السلمي لمعاوية: ان الحسن بن علي رضي الله عنهما رجل عيي فقال معاوية: لا تقولا ذلك، فان رسول الله صلي الله عليه و آله قد تفل في فيه، و من تفل رسول الله صلي الله عليه و آله في فيه فليس بعيي.
فقال الحسن بن علي رضي الله عنه: أما أنت يا عمرو فانه تنازع فيك رجلان، فانظر أيهما أباك؟
و أما أنت يا أباالأعور فان رسول الله لعن رعلا و ذكوانا و عمرو بن سفيان [264] .

[ صفحه 184]

احتجاجه مع عمرو بن العاص و المغيرة

[169] - 89 - قال الطبراني:
حدثنا زكريا بن يحيي الساجي، حدثنا محمد بن بشار پندار، حدثنا عبدالملك ابن الصباح المسمعي، حدثنا عمران بن حدير أظنه، عن أبي‌مجلز، قال: قال عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة لمعاوية: ان الحسن بن علي عيي، و ان له كلاما و رأيا و أنه قد علمنا كلامه فيتكلم كلاما فلا يجد كلاما، فقال: لا تفعلوا فأبوا عليه، فصعد عمرو المنبر فذكر عليا و وقع فيه، ثم صعد المغيرة بن شعبة فحمدالله و أثني عليه، ثم وقع في علي رضي الله عنه، ثم قيل للحسن بن علي: أصعد.
فقال لا أصعد و لا أتكلم حتي تعطوني ان قلت حقا أن تصدقوني، و ان قلت باطلا أن تكذبوني.
فأعطوه، فصعد المنبر فحمد الله و أثني عليه، فقال: بالله يا عمرو و أنت يا مغيرة تعلمان أن رسول الله قال: «لعن الله السائق و الراكب» أحدهما فلان؟ قال: اللهم نعم بلي، قال: أنشدك الله يا معاوية و يا مغيرة أتعلمان أن رسول الله لعن عمرو بكل قافية قالها لعنة؟ قالا: اللهم بلي، قال: أنشدك الله يا عمرو و أنت يا معاوية بن أبي‌سفيان أتعلمان أن رسول الله لعن قوم هذا؟ قالا: بلي قال الحسن: فاني أحمد الله الذي وقعتم فيمن تبرأ من هذا [و ذكر الحديث] [265] .

[ صفحه 185]

احتجاجه مع مروان

[170] - 90 - قال الفقيه الأندلسي:
أن مروان بن الحكم، قال: للحسن بن علي عليهماالسلام بين يدي معاوية: أسرع الشيب الي شاربك يا حسن، و يقال ان ذلك من الخرق فقال عليه‌السلام: ليس كما بلغك، ولكنا معشر بني‌هاشم طيبة أفواهنا عذبة شفاهنا، فنساءنا يقبلن علينا بأنفاسهن و قبلهن؛ و أنتم معشر بني‌أمية فيكم بخر شديد، فنساءكم يصرفن أفواههن و أنفاسهن الي أصداغكم فانما يشيب منكم موضوع العذار من أجل ذلك.
قال مروان: ان فيكم يا بني‌هاشم خصلة سوء، قال: و ما هي؟ قال: الغلمة قال: أجل نزعت الغلمة من نساءنا و وضعت في رجالنا، و نزعت الغلمة من رجالكم و وضعت في نساءكم فما قام لأموية الا هاشمي! فغضب معاوية و قال: قد كنت أخبرتكم فأبيتم حتي سمعتم ما أظلم عليكم بيتكم و أفسد عليكم مجلسكم فخرج الحسن [عليه‌السلام] و هو يقول:

و ما رست هذا الدهر خمسين حجة
و خمسا أرجي قابلا بعد قابل

فلا أنا في الدنيا بلغت جسيمها
و لا في الذي أهوي كدحت بطائل

و قد أشرعت في المنايا أكفها
و أيقنت أني رهن موت بعاجل [266] .

[171] - 91 - قال ابن‌عساكر:
أنبأنا الفضل بن دكين، أنبأنا مسافر الجصاص، عن رزيق بن سوار، قال: كان

[ صفحه 186]

بين الحسن بن علي [عليهماالسلام] و بين مروان كلام فأقبل عليه مروان فجعل يغلظ له و حسن ساكت، فامتخط مروان بيمينه فقال له الحسن [عليه‌السلام] : ويحك: أما علمت أن اليمين للوجه و الشمال للفرج؟ أف لك فسكت مروان [267] .
[172] - 92 - قال ابن‌كثير:
قال له [أي لمروان بن الحكم] الحسن بن علي عليهماالسلام: لقد لعن الله أباك الحكم و أنت في صلبه علي لسان نبيه فقال: لعن الله الحكم و ما ولد [268] .
[173] - 93 - قال الطبراني:
حدثنا علي بن عبدالعزيز و أبومسلم الكشي، قالا: حدثنا حجاج بن المنهال الأنماطي و حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثنا ابراهيم بن الحجاج السامي، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبي‌يحيي قال: كنت بين الحسن و الحسين و مروان يتسابان، فجعل الحسن يسكت الحسين، فقال مروان: أهل بيت ملعونون، فغضب الحسن، و قال: قلت أهل بيت ملعونون، فوالله لقد لعنك الله علي لسان نبيه، و أنت في صلب أبيك [269] .

احتجاجه علي ابن حديج

[174] - 94 - قال الطبراني:
حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، و حدثنا عبدالرحمن بن سلم الرازي، قالا: حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي، حدثنا علي بن عباس، عن بدر بن الخليل أبي

[ صفحه 187]

الخليل، عن أبي‌كبير قال: كنت جالسا عند الحسن بن علي رضي الله عنه، فجاءه رجل فقال: لقد سب عند معاوية عليا رضي الله عنه سبا قبيحا رجل يقال له معاوية يعني ابن‌حديج، تعرفه؟ قال: نعم، قال: اذا رأيته فائتني به، قال: فرآه عند دار عمرو بن حريث، فأراه اياه قال: أنت معاوية بن حديج؟ فسكت فلم يجبه ثلاثا، ثم قال: أنت السباب عليا عند ابن آكلة الأكباد، أما لئن وردت عليه الحوض، و ما أراك ترده، لتجدنه مشمرا حاسرا ذراعيه يذود الكفار و المنافقين عن حوض رسول الله كما تذاد غريبة الأبل عن صاحبها قول الصادق المصدوق أبي‌القاسم [270] .

نصه علي امامة أخيه الحسين

[175] - 95 - روي الكليني:
عن محمد بن الحسن و علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن بعض أصحابنا عن المفضل بن عمر، عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال: لما حضرت الحسن بن علي عليهماالسلام الوفاة قال:
يا قنبر انظر هل تري من وراء بابك مؤمنا من غير آل محمد عليهم‌السلام فقال: الله تعالي و رسوله و ابن رسوله أعلم به مني، قال: أدع لي محمد بن علي، فأتيته فلما دخلت عليه قال: هل حدت الا خير قلت: أجب أبامحمد فعجل علي شسع نعله فلم يسوه و خرج معي يعدو، فلما قام بين يديه سلم.
فقال له الحسن بن علي عليهماالسلام اجلس فانه ليس مثلك يغيب عن سماع كلام يحيي به الأموات و يموت به الأحياء كونوا أوعية العلم و مصابيح الهدي فان ضوء النهار

[ صفحه 188]

بعضه أضوء من بعض أما علمت أن الله جعل ولد ابراهيم عليه‌السلام أئمة و فضل بعضهم علي بعض و آتي داود عليه‌السلام زبورا و قد علمت بما استأثر به محمدا صلي الله عليه و آله.
يا محمد بن علي اني أخاف عليك الحسد و انما وصف الله به الكافرين فقال الله عزوجل: (كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق) [271] و لم يجعل الله عزوجل للشيطان عليك سلطانا.
يا محمد بن علي ألا أخبرك بما سمعت من أبيك فيك قال: بلي. قال: سمعت أباك عليه‌السلام يقول يوم البصرة من أحب أن يبرني في الدنيا و الآخرة فليبر محمدا ولدي.
يا محمد بن علي لو شئت أن أخبرك و أنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك.
يا محمد بن علي أما علمت أن الحسين بن علي عليهماالسلام بعد وفاة نفسي و مفارقة روحي جسمي، امام من بعدي و عند الله جل اسمه في الكتاب وراثة من النبي صلي الله عليه و آله أضافها الله عزوجل له في وراثة أبيه و أمه فعلم الله أنكم خيرة خلقه فاصطفي منكم محمدا صلي الله عليه و آله و اختار محمد عليا عليه‌السلام و اختارني علي عليه‌السلام بالامامة و اخترت أنا الحسين عليه‌السلام.
فقال له محمد بن علي: أنت امام و أنت وسيلتي الي محمد صلي الله عليه و آله و الله لوددت أن نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام ألا و ان في رأسي كلاما لا تنزفه الدلاء و لا تغيره نغمة الرياح كالكتاب المعجم في الرق المنمنم أهم بابدائه فأجدني سبقت اليه سبق الكتاب المنزل أو ما جائت به الرسل و أنه لكلام يكل به لسان الناطق و يد الكاتب حتي لا يجد قلما و يؤتوا بالقرطاس حمما فلا يبلغ الي فضلك، و كذلك يجزي الله المحسنين و لا قوة الا بالله.

[ صفحه 189]

الحسن أعلمنا علما و أثقلنا حملا و أقربنا من رسول الله صلي الله عليه و آله رحما كان فقيها قبل أن يخلق و قرأ الوحي قبل أن ينطق و لو علم الله في أحد خيرا ذما اصطفي محمدا صلي الله عليه و آله فلما اختار الله محمدا و اختار محمد عليا و اختارك علي اماما و اخترت الحسين سلمنا و رضينا من هو بغيره يرضي و من غيره كنا نسلم به من مشكلات أمرنا [272] .
[176] - 96 - و روي أيضا:
عن علي بن محمد، عن بعض أصحابنا ذكر اسمه، قال: حدثنا محمد بن ابراهيم، قال: أخبرنا موسي بن محمد بن اسماعيل بن عبيدالله بن العباس بن علي ابن أبي‌طالب، قال: حدثني جعفر بن زيد بن موسي، عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قالوا: جاءت أم أسلم يوما الي النبي صلي الله عليه و آله و هو في منزل أم‌سلمه فسألتها عن رسول الله صلي الله عليه و آله فقالت خرج في بعض الحوائج و الساعة يجي‌ء فانتظرته عند أم‌سلمة حتي جاء صلي الله عليه و آله فقالت أم أسلم:
بأبي أنت و أمي يا رسول الله اني قد قرأت الكتب و علمت كل نبي و وصي فموسي كان له وصي في حياته و وصي بعد موته و كذلك عيسي فمن وصيك يا رسول الله فقال لها يا أم أسلم وصيي في حياتي و بعد مماتي واحد ثم قال لها: يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي ثم ضرب بيده الي حصاة من الأرض ففركها باصبعه فجعلها شبه الدقيق ثم عجنها بخاتمه ثم قال: من فعل فعلي هذا فهو وصيي في حياتي و بعد مماتي.
فخرجت من عنده فأتيت أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقلت بأبي أنت و أمي أنت وصي

[ صفحه 190]

رسول الله صلي الله عليه و آله قال: نعم يا أم أسلم ثم ضرب بيده الي حصاة ففركها فجعلها كهيئة الدقيق ثم عجنها و ختمها بخاتمه ثم قال: يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي.
فأتيت الحسن و هو غلام فقلت له: يا سيدي أنت وصي أبيك فقال: نعم يا أم أسلم فضرب بيده و أخذ حصاة ففعل بها كفعلهما.
فخرجت من عنده فاتيت الحسين عليه‌السلام و اني لمستصغره لسنه فقلت له بأبي أنت و أمي أنت وصي أخيك فقال نعم يا أم أسلم ايتيني بحصاة ثم فعل كفعلهم فعمرت أم أسلم حتي لحقت بعلي بن الحسين بعد قتل الحسين عليه‌السلام في منصرفه فسألته أنت وصي أبيك فقال نعم ثم فعل كفعلهم صلوات الله عليهم أجمعين [273] .

كلامه في مدفنه قبل موته

[177] - 97 - قال أبوالفرج:
أخبرني أحمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيي بن الحسن بن بكار، عن محمد بن اسماعيل، عن قائد مولي عباد، و حدثنا جرمي، عن زبير، فقال: عبادك و هو الصواب، و قال: أحمد بن سعيد هو عبادك و لكن هكذا، قال: يحيي بن عبيدالله بن علي، أخبره و غيره أخبره. ان الحسن بن علي أرسل الي عائشة أن تأذن له أن يدفن مع النبي صلي الله عليه و آله فقالت: نعم ما كان بقي الا موضع قبر واحد، فلما سمعت بذلك بنوأمية اشتملوا بالسلاح هم و بنوهاشم للقتال، و قالت بنوأمية: والله لا يدفن مع النبي صلي الله عليه و آله أبدا، فبلغ ذلك الحسن فأرسل الي أهله أما اذا كان هذا فلا حاجة لي فيه

[ صفحه 191]

ادفنوني الي جانب أمي فاطمة، فدفن الي جنب أمه فاطمة عليهاالسلام [274] .

كلماته عند احتضاره‌

[178] - 98 - قال ابن‌الجوزي:
و قال أبونعيم: أنبأنا محمد بن علي، حدثنا أبوعروبة الحراني، عن سليمان بن عمرو بن خالد، عن ابن‌علية، عن ابن‌عون، عن عمير بن اسحاق، قال: دخلت أنا و رجل علي الحسن نعوده في مرض موته فقال:
يا فلان سلني حاجة، فقال: لا والله لا نسألك حتي يعافيك الله، فقال: سلني قبل أن لا تسألني فلقد القيت طائفة من كبدي و اني سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذه المرة.
قال: ثم دخلت عليه من الغد و هو يجود بنفسه و الحسين عند رأسه فقال له يا أخي من تتهم؟ قال لم لتقتله؟ قال: نعم. قال: ان يكن الذي اظن فالله أشد بأسا و أشد تنكيلا و ان لم يكن فما أحب أن يقتل بي بري‌ء ثم قضي نحبه.
و في رواية: انه جزع و بكي بكاء شديدا فقال له الحسين عليه‌السلام: يا أخي ما هذا الجزع و ما هذا البكاء و انما تقدم علي رسول الله صلي الله عليه و آله و علي أبيك و عمك جعفر و فاطمة و خديجة و قد قال لك جدك: انك سيد شاب أهل الجنة و لك سوابق كثيرة منها انك حججت ماشيا خمس عشرة مرة و قاسمت لله مالك مرتين و فعلت و فعلت و عدد مكارمه فوالله ما زاده ذلك الا بكاء و انتحابا ثم قال:
يا أخي ألست أقدم علي هول عظيم و خطب جسيم لم أقدم علي مثله قط و لست

[ صفحه 192]

أدري أتصير نفسي الي النار فأعزيها، أو الي الجنة فأهنيها.
و أخبرنا جدي أبوالفرج رحمه الله قال: أنبأنا محمد بن أبي‌منصور و علي بن أبي‌عمر قال: قالا أنبأنا رزق الله و طراد بن محمد الزيني، قال: أنبأنا علي بن بشران، أنبأنا أبوبكر القرشي: عن اسحاق بن اسماعيل، عن أحمد بن عبدالجبار، عن سفيان بن عيينة، عن رؤبة [275] بن مصقلة قال: لما نزل بالحسن عليه‌السلام الموت قال:
أخرجوا فراشي الي صحن الدار فأخرجوه فرفع رأسه الي السماء و قال: اللهم اني أحتسب عندك نفسي فانها أعز الأنفس علي لم أصب بمثلها اللهم أرحم صرعتي و آنس في القبر وحدتي. ثم توفي عليه‌السلام.
و لما توفي تولي أمره أخوه الحسين و أخرجه الي المسجد و كان سعيد بن العاص أمير المدينة، فقالت بنوهاشم لا يصلي عليه الا الحسين فقدمه الحسين و قال لو لا السنة لما قدمتك.
و قال ابن‌سعد عن الواقدي: لما احتضر الحسن قال: ادفنوني عند أبي يعني رسول الله صلي الله عليه و آله فأراد الحسين أن يدفنه في حجرة رسول الله صلي الله عليه و آله فقامت بنوأمية و مروان بن الحكم و سعيد بن العاص و كان واليا علي المدينة فمنعوه و قامت بنوهاشم لتقاتلهم فقال أبوهريرة أرأيتم لو مات ابن لموسي أما كان يدفن مع أبيه [276] .
[179] - 99 - قال الصدوق:
حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد

[ صفحه 193]

الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي‌الحسن علي بن موسي الرضا، عن آبائه، عن الحسين بن علي عليهم‌السلام قال: لما حضرت الحسن ابن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام الوفاة بكي فقيل يابن رسول الله أتبكي و مكانك من رسول الله صلي الله عليه و آله الذي أنت به و قد قال فيك رسول الله صلي الله عليه و آله ما قال و قد حججت عشرين حجة ماشيا و قد قاسمت ربك مالك ثلاث مرات حتي النعل و النعل؟ فقال عليه‌السلام: انما أبكي لخصلتين لهول المطلع و فراق الأحبة [277] .
[180] - 100 - قال الطبراني:
حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، حدثنا عثمان بن أبي‌شيبة، حدثنا أبوأسامة، عن سفيان بن عيينة، عن رقبة بن مصقلة، قال: لما حضر الحسن بن علي رضي الله عنه قال:
أخرجوني الي الصحراء لعلي أنظر في ملكوت السماوات يعني الآيات، فلما أخرج به قال: اللهم اني أحتسب نفسي عندك فانها أعز الأنفس علي، و كان مما صنع الله له أنه احتسب نفسه [278] .
[181] - 101 - قال محب الدين الطبري:
قال أبوعمر روينا من وجوه ان الحسن بن علي لما حضرته الوفاة قال للحسين أخيه: يا أخي ان أباك حين قبض رسول الله صلي الله عليه و آله استشرف لهذا الأمر و رجا أن يكون صاحبه فصرفه الله عنه و وليها أبوبكر فلما حضرت أبابكر الوفاة تشرف لها أيضا

[ صفحه 194]

فصرفت عنه الي عمر فلما قبض عمر جعلها شوري بين ستة هو أحدهم فلم يشك أنها [لا تعدوه] فصرفت عنه الي عثمان فلما هلك عثمان بويع له ثم نوزع حتي جرد السيف و طلبها فما صفا له شي‌ء منها و اني و الله ما أري أن يجمع الله فينا أهل البيت النبوة و الخلافة فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفة فأخرجوك، و قد كنت طلبت الي عائشة اذا مت أن أدفن في بيتها مع رسول الله صلي الله عليه و آله فقالت نعم و اني لا أدري لعله كان ذلك منها حياء فاذا أنا مت فاطلب ذلك اليها فان طابت نفسها فادفني في بيتها و ما أظن الا القوم سيمنعونك اذا أردت ذلك فان فعلوا فلا تراجعهم في ذلك و ادفني في بقيع الغرقد فان لي بمن فيه أسوة.
فلما مات الحسن أتي الحسين عائشة يطلب ذلك اليها فقالت: نعم حبا و كرامة فبلغ ذلك مروان فقال: مروان كذب و كذبت والله لا يدفن هناك أبدا منعوا عثمان من دفنه في المقبرة و يريدون دفن حسن في بيت عائشة فبلغ ذلك حسينا فدخل هو و من معه في السلاح فبلغ ذلك مروان فاستلام في الحديد أيضا فبلغ ذلك أباهريرة فقال: والله ما هو الا ظلم يمنع حسن أن يدفن مع أبيه و الله أنه لابن رسول الله صلي الله عليه و آله ثم انطلق الي حسين فكلمه و ناشده الله و قال له: أليس قد قال أخوك: ان خفت أن يكون قتال فردني الي مقبرة المسلمين و لم يزل به حتي فعل و حمله الي البقيع و لم يشهده يومئذ من بني‌أمية الا سعيد بن عاص [279] .
[182] - 102 - قال الراوندي:
روي عن الصادق عليه‌السلام، عن آبائه عليهم‌السلام ان الحسن عليه‌السلام قال لأهل بيته: اني أموت بالسم، كما مات رسول الله صلي الله عليه و آله فقالوا: و من يفعل ذلك؟

[ صفحه 195]

قال: امرأتي جعدة بنت الأشعث بن قيس، فان معاوية يدس اليها و يأمرها بذلك. قالوا: أخرجها من منزلك و باعدها من نفسك. قال: كيف أخرجها و لم تفعل بعد شيئا و لو أخرجتها ما قتلني غيرها، و كان لها عذر عند الناس.
فما ذهبت الأيام حتي بعث اليها معاوية مالا جسيما، و جعل يمنيها بأن يعطيها مائة ألف درهم أيضا و يزوجها من يزيد، و حمل اليها شربة سم لتسقيها الحسن فانصرف الي منزله و هو صائم فأخرجت [له] وقت الافطار - و كان يوما حارا - شربة لبن و قد ألقت فيها ذلك السم، فشربها و قال: يا عدوة الله قتلتيني قتلك الله، و الله لا تصيبن مني خلفا و لقد غرك و سخر منك، و الله يخزيك و يخزيه.
فمكث عليه‌السلام يومين، ثم مضي، فغدر معاوية بها، و لم يف لها بها عاهد عليه [280] .
[183] - 103 - قال ابن‌حمزة:
[روي] عن داود الرقي، عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام، عن آبائه عليهم‌السلام، قال: «ان الحسن بن علي عليهماالسلام قال لولده عبدالله: يا بني اذا كان في عامنا هذا يدفع الي هذا الطاغي جارية تسمي (أنيس) فتسمني بسم قد جعله الطاغي تحت فص خاتمها. قال له عبدالله: فلم لا تقتلها قبل ذلك؟ قال: يا بني جف القلم، و أبرم الأمر فانعقد، و لا حل لعقد الله [المبرم] .
فلما كان في العام القابل أهدي اليه جارية اسمها (أنيس) فلما دخلت عليه ضرب بيده علي منكبها، ثم قال: يا أنيس، دخلت النار بما تحت فص خاتمك [281] .
[184] - 104 - قال ابن شهرآشوب:
[روي] عن الحسن بن أبي‌العلاء، عن جعفر بن محمد، قال الحسن بن علي

[ صفحه 196]

لأهل بيته: اني أموت بالسم كما مات رسول الله صلي الله عليه و آله فقال له أهل بيته: و من الذي يسمك؟ قال: جاريتي أو امرأتي فقالوا له: أخرجها من ملكك عليها لعنة الله، فقال: هيهات من اخراجها و منيتي علي يدها مالي منها محيص و لو أخرجتها ما يقتلني غيرها كان قضاء مقضيا و أمرا واجبا من الله.
فما ذهبت الأيام حتي بعث معاوية الي امرأته قال: فقال الحسن: هل عندك من شربة لبن؟ فقالت: نعم، و فيه ذلك السم بعث به معاوية، فلما شربه وجد مس السم في جسده فقال: يا عدوة الله قتلتيني قاتلك الله أما و الله لا تصيبين مني خلفا و لا تنالين من الفاسق عدو الله اللعين خيرا أبدا [282] .
[185] - 105 - قال ابن‌الجوزي:
و قال الشعبي: انما دس اليها معاوية فقال: سمي الحسن و أزوجك يزيد و أعطيك مائة ألف درهم. فلما مات الحسن بعثت الي معاوية تطلب انجاز الوعد، فبعث اليها بالمال و قال: اني أحب يزيد و أرجوا حياته لو لا ذلك لزوجتك اياه.
و قال الشعبي: و مصداق هذا القول: ان الحسن كان يقول عند موته و قد بلغه ما صنع معاوية: لقد عملت شربته و بلغ أمنيته والله لا يفي بما وعد و لا يصدق فيما يقول [283] .
[186] - 106 - روي المجلسي:
عن كتاب «الأنوار» انه [الحسن] قال عليه‌السلام: سقيت السم مرتين و هذه الثالثة و قيل: انه سقي برادة الذهب [284] .

[ صفحه 197]

[187] - 107 - قال المسعودي:
و ذكر ان امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي سقته السم، و قد كان معاوية دس اليها: انك احتلت في قتل الحسن وجهت اليك بمائة ألف درهم، و زوجتك [من] يزيد، فكان ذلك الذي بعثها علي سمه، فلما مات و في لها معاوية بالمال و أرسل اليها: انا نحب حياة يزيد، و لو لا ذلك لوفينا لك بتزويجه.
و ذكر ان الحسن قال عند موته: لقد حاقت شربته، و بلغ أمنيته والله لا وفي [لها] بما وعد، و لا صدق فيما قال [285] .
[188] - 108 - روي الطبرسي:
عن عبدالله بن ابراهيم، عن زياد المحاربي، قال: لما حضرت الحسن عليه‌السلام الوفاة استدعي الحسين عليه‌السلام و قال له: «يا أخي انني مفارقك و لاحق بربي، و قد سقيت السم و رميت بكبدي في الطشت، و اني لعارف بمن سقاني و من أين دهيت، و أنا أخاصمه الي الله عزوجل، فبحقي عليك ان تكلمت في ذلك بشي‌ء، و انتظر ما يحدث الله تبارك و تعالي في، فاذا قضيت فغسلني و كفني، و احملني علي سريري الي قبر جدي رسول الله صلي الله عليه و آله لأجدد به عهدا، ثم ردني الي قبر جدتي فاطمة فادفني هناك، و ستعلم يابن أم ان القوم يظنون أنكم تريدون دفني عند رسول الله صلي الله عليه و آله فيجلبون في منعكم من ذلك و بالله اقسم عليكم أن تهريق في أمري محجمة من دم» [286] .
[189] - 109 - قال الخزاز القمي:
حدثني محمد بن وهبان البصري، قال: حدثني داود بن الهيثم بن اسحاق

[ صفحه 198]

النحوي، قال: حدثني جدي اسحاق بن البهلول بن حسان، قال: حدثني طلحة بن زيد الرقي، عن الزبير بن عطاء، عن عمير بن هاني‌ء العبسي، عن جنادة بن أبي‌أمية قال: دخلت علي الحسن بن علي عليهماالسلام في مرضه الذي توفي فيه و بين يديده طشت يقذف فيه الدم و يخرج كبده قطعة قطعة من السم الذي أسقاه معاوية لعنه الله، فقلت: يا مولاي مالك لا تعالج نفسك؟ فقال: يا عبدالله بماذا أعالج الموت؟ قلت: انا لله و انا اليه راجعون، ثم التفت الي و قال: و الله انه لعهد عهده الينا رسول الله صلي الله عليه و آله ان هذا الأمر يملكه انثا عشر اماما من ولد علي عليه‌السلام و فاطمة عليهاالسلام، ما منا ألا مسموم أو مقتول. ثم رفعت الطشت و اتكي صلوات الله عليه فقلت: عظني يابن رسول الله. قال: نعم استعد لسفرك، و حصل زادك قبل حلول أجلك، و اعلم أنه تطلب الدنيا و الموت يطلبك [و لا كمل يومك الذي له باب علي يومك [287] ] الذي أنت فيه.
و اعلم أنك لا تكسب من المال شيئا فوق قوتك الا كنت فيه خازنا لغيرك، و اعلم أن في حلالها حسابا و في حرامها عقابا و في الشبهات عتاب، فانزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فان كان ذلك حلالا كنت قد زهدت فيها و ان كان حراما لم تكن قد أخذت من الميتة [لم يكن فيه وزر فأخذت كما أخذت من الميتة] و ان كان العتاب فان العقاب [العتاب] يسير. و اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا و اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.
و اذا أردت عزا بلا عشيرة و هيبة بلا سلطان فاخرج من ذل معصية الله الي عز طاعة الله عزوجل، و اذا نازعتك الي صحبة الرجال حاجة فاصحب من اذا صحبته

[ صفحه 199]

زانك، و اذا خدمته صانك و اذا أردت منه معونة أعانك، و ان قلت صدق قولك، و ان صلت شد صولك، و ان مددت يدك بفضل جدها [مدها] ، و ان بدت منك ثلمة سدها، و ان رأي منك حسنة عدها، و ان سألته أعطاك و ان سكت عنه ابتدأك، و ان نزلت بك أحد الملمات و اساك [ساءك] ، من لا يأتيك منه البوائق و لا يختلف عليك منه الطوالق [الطرائق] و لا يخذلك عند الحقائق، و ان تنازعتما منفسا [منقسما] آثرك.
قال: ثم انقطع نفسه و اصفر لونه حتي خشت عليه، و دخل الحسين عليه‌السلام و الأسود ابن أبي‌الأسود فانكب عليه حتي قبل رأسه و بين عينيه، ثم قعده عنده و تسارا جميعا، فقال أبوالأسود [الأسود بن أبي‌الأسود] : انا لله ان الحسن قد نعيت اليه نفسه و قد أوصي الي الحسين عليه‌السلام، و توفي عليه‌السلام في يوم الخميس في آخر صفر سنة خمسين من الهجرة و له سبعة و أربعون سنة [288] .
[190] - 110 - قال الراوندي:
[روي] ان الصادق عليه‌السلام قال: لما أن حضرت الحسن بن علي عليهماالسلام الوفاة بكي بكاء شديدا و قال: اني أقدم علي أمر عظيم و هول لم أقدم علي مثله قط. ثم أوصي أن يدفنوه بالبقيع، فقال: يا أخي احملني علي سريري الي قبر جدي رسول الله صلي الله عليه و آله لأجدد به عهدي ثم ردني الي قبر جدتي فاطمة بنت أسد فادفني هناك، فستعلم يا ابن أم أن القوم يظنون أنكم تريدون دفني عند رسول الله، فيجلبون في منعكم ذلك، و بالله اقسم عليك أن لا تهرق في أمري محجمة دم.
فلما غسله و كفنه الحسين عليه‌السلام حمله علي سريره، و توجه به الي قبر جده

[ صفحه 200]

رسول الله صلي الله عليه و آله ليجدد به عهدا، أتي مروان بن الحكم و من معه من بني‌أمية فقال: أيدفن عثمان في أقصي المدينة و يدفن الحسن مع النبي؟ لا يكون ذلك أبدا و لحقت عائشة علي بغل و هي تقول: ما لي و لكم [يا بني‌هاشم] ؟ تريدون ان تدخلوا بيتي من لا أحب [289] .

نقل كلام أبيه في ذم الأشعث بن قيس

[191] - 111 - قال البحراني:
روي انه لما حضرت الحسن عليه‌السلام الوفاة، قال لأخيه الحسين عليه‌السلام ان جعدة - لعنها الله و لعن أباها و جدها - أن أباها قد خالف أميرالمؤمنين عليه‌السلام وقعد عنه الكوفة بعد الرجوع من صفين مغاليا منحرفا لطاعته بعد أن خلفه بالكوفة من الامامة، و لا يجتمع معه في جماعة و لا من شيعته، و لا يصلي عليهم منذ تسمع أميرالمؤمنين عليه‌السلام علي منبره، و هو يقول في خطبته: ويح الفرخ فرخ آل محمد صلي الله عليه و آله و ريحانته و قرة عينه ابني هذا الحسين عليه‌السلام من ابنك الذي من صلبك و هو مع ملك متمرد جبار يملك بعد أبيه.
فقام اليه أبوبحر الأحنف بن قيس التميمي فقال له: يا أميرالمؤمنين، ما اسمه؟ قال: نعم يزيد بن معاوية و يؤمر علي قتل الحسين عليه‌السلام عبيدالله بن زياد علي الجيش السائر الي ابني من الكوفة فتكون وقعتهم بنهر كربلاء في غربي (الفرات) فكأني أنظر مناخ ركابهم، و حط رحالهم، و احاطة جيوش أهل الكوفة بهم، و اعمال سيوفهم و رماحهم و قسيهم في جسومهم و دمائهم و لحومهم، و سبي أولادي و ذراري

[ صفحه 201]

رسول الله صلي الله عليه و آله، و حملهم علي شرس الأقتاب، و قتل الشيوخ و الكهول و الشباب و الأطفال.
فقام الأشعث بن قيس علي قدميه و قال: ما ادعي رسول الله صلي الله عليه و آله ما تدعيه من العلم من أين لك هذا؟
فقال له أميرالمؤمنين: ويلك يا عنق النار ابنك محمد و الله من قوادهم اي والله و شمر بن ذي الجوشن، و شبث بن ربعي و عمرو بن الحجاج الزبيدي، و عمرو بن حريث فأسرع الأشعث في قطع الكلام، فقال: يابن أبي‌طالب، أفهمني ما تقول حتي أجيبك.
فقال: ويلك هو ما سمعت يا أشعث.
فقال: يابن أبي‌طالب ما يساوي كلامك عندي تمرتين، و ولي و قام الناس علي أقدامهم و مدوا أعينهم الي أميرالمؤمنين عليه‌السلام ليأذن لهم في قتله.
فقال لهم: مهلا رحمكم الله، و الله اني لأقدر علي هلاكه منكم و لابد أن تحق كلمة العذاب علي الكافرين.
و مضي الأشعث - لعنه الله - و تشاغل في بنيان حيلته بالكوفة و بني في داره مئذنة عالية، فكان اذا ارتفعت أصوات مؤذني أميرالمؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة صعد الأشعث بن قيس مئذنته فنادي نحو المسجد يريد أميرالمؤمنين: يا رجل و ما هي حتم انك ساحر كذاب، فاجتاز أميرالمؤمنين عليه‌السلام في جماعة من أصحابه بخطة الأشعث بن قيس - لعنه الله - و هو علي ذروة بنيانه، فلما بصر بأميرالمؤمنين عليه‌السلام أعرض بوجهه فقال له: ويلك يا أشعث، حسبك ما أعد الله لك من عنق النار.
فقال له أصحابه: يا أميرالمؤمنين، ما معني عنق النار؟

[ صفحه 202]

قال: ان الأشعث اذا حضرته الوفاة دخلت عليه عنق من نار ممدودة حتي تصل اليه و عشيرته ينظرون اليه فتبتلعه، فاذا خرجت به عنق من النار لم يجدوه في مضجعه، فيأخذون عليهم أبوابهم، و يكتمون أمرهم، و يقولون لا تقرون بما رأيتم فيشمت بكم علي بن أبي‌طالب.
فقالوا: يا أميرالمؤمنين، و ما تصنع به عنق النار بعد ذلك؟
قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام: يكون فيها حيا معذبا الي أن تورده النار في الآخرة.
فقالوا: يا أميرالمؤمنين، و كيف عجلت له النار في الدنيا؟
فقال عليه‌السلام: لأنه كان لا يخاف الله و يخاف النار، فعذبه الله بالذي كان يخاف منه.
فقالوا: يا أميرالمؤمنين و أين يكون عنق النار هذه؟
قال: في هذه الدنيا و الأشعث فيها تورده علي كل مؤمن، فتقذفه بين يديه، فيراه بصورته و يدعوه الأشعث و يستخبره و يقول: أيها العبد الصالح أدع لي ربك يخرجني من هذه النار التي (ما) جعلها الله عذابي في الدنيا و يعذبني بها في الآخرة (الا) ببعضني علي بن أبي‌طالب و شكي في محمد عليهماالسلام.
فيقول له المؤمن:، لا أخرجك الله منها لا في الدنيا و لا في الآخرة اي والله، و تقذفه عند عشيرته و أهله ممن شك أن عنق النار أخذته حتي يناجيهم و يناجونه و يقولون له: قل لنا بما صرت معذبا بهذه النار؟ فيقول لهم: بشكي في محمد، و بغضي لعلي بن أبي‌طالب عليه‌السلام و كراهتي بيعته، و خلافي عليه، و خلعي بيعته، و مبايعتي لضب دونه، فليعنونه، و يتبرؤون منه، و يقولون له: ما نحب أن نصير الي ما صرت اليه [290] .

[ صفحه 203]

وصاياه

[192] - 112 - روي الكليني:
عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح وعدة من أصحابنا، عن سهل، عن محمد بن سليمان، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أباجعفر عليه‌السلام يقول: لما احتضر الحسن بن علي عليهماالسلام قال للحسين: يا أخي اني أوصيك بوصية فاحفظها، فاذا أنا مت فهيئني ثم وجهني الي رسول الله صلي الله عليه و آله لأحدث به عهدا ثم أصرفني الي أمي فاطمة عليهاالسلام ثم ردني فادفني بالبقيع، و اعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها و عداوتها لله و لرسوله صلي الله عليه و آله و عداوتها لنا أهل البيت، فلما قبض الحسن عليه‌السلام [و] وضع علي سريره فانطلقوا به الي مصلي رسول الله صلي الله عليه و آله الذي كان يصلي فيه علي الجنائز فصلي علي الحسن عليه‌السلام فلما ان صلي عليه حمل فأدخل المسجد، فلما اوقف علي قبر رسول الله بلغ عائشة الخبر و قيل لها: انهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ليدفن مع رسول الله فخرجت مبادرة علي بغل بسرج - فكانت أول امرأة ركبت في الاسلام سرجا - فوقفت و قالت: نحوا ابنكم عن بيتي، فانه لا يدفن فيه شي‌ء و لا يهتك علي رسول الله حجابه، فقال لها الحسين بن علي عليهماالسلام قديما هتكت أنت و أبوك حجاب رسول الله و أدخلت بيته من لا يحب رسول الله قربه، و ان الله سائلك عن ذلك يا عائشة ان أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول الله صلي الله عليه و آله ليحدث به عهدا و اعلمي أن أخي أعلم الناس بالله و رسوله و أعلم بتاويل كتابه من أن يهتك علي رسول الله ستره، لأن الله تبارك و تعالي يقول: (يا

[ صفحه 204]

أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا أن يؤذن لكم) [291] و قد أدخلت أنت بيت رسول الله صلي الله عليه و آله الرجال بغير اذنه و قد قال الله عزوجل: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) [292] و لعمري لقد ضربت أنت لأبيك و فاروقه عند أذن رسول الله صلي الله عليه و آله المعاول، و قال الله عزوجل: (ان الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوي) [293] و لعمري قد أدخل أبوك و فاروقه علي رسول الله صلي الله عليه و آله بقربهما منه الأذي، و ما رعيا من حقه ما أمرهما الله به علي لسان رسول الله صلي الله عليه و آله، ان الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء، و تالله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه رسول الله صلي الله عليه و آله جائزا فيما بيننا و بين الله لعلمت أنه سيدفن و ان رغم معطسك.
قال: ثم تكلم محمد بن الحنفية و قال: يا عائشة يوما علي بغل، و يوما علي جمل، فما تملكين نفسك و لا تملكين الأرض عداوة لبني‌هاشم، قال: فأقبلت عليه فقالت: يا ابن‌الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلمون فما كلامك؟ فقال لها الحسين عليه‌السلام و أني تبعدين محمدا من الفواطم، فوالله لقد ولدته ثلاث فواطم: فاطمة بنت عمران ابن عائذ بن عمرو بن مخزوم، و فاطمة بنت أسد بن هاشم، و فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبدمعيص بن عامر، قال: فقالت عائشة للحسين عليه‌السلام نحوا ابنكم و اذهبوا به فانكم قوم خصمون قال: فمضي الحسين عليه‌السلام الي قبر أمه ثم أخرجه فدفنه بالبقيع [294] .

[ صفحه 209]

كلماته حسب الموضوع

في العقائد

التوحيد

اوصاف الله تعالي

[193] - 1 - قال الصدوق:
حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار، و أحمد بن ادريس جميعا، قالا: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيي، عن بعض أصحابنا رفعه، قال: جاء رجل الي الحسن بن علي عليهماالسلام فقال له: يابن رسول الله صف لي ربك حتي كأني أنظر اليه، فأطرق الحسن بن علي عليهماالسلام مليا، ثم رفع رأسه، فقال:
الحمد لله الذي لم يكن له أول معلوم و لا آخر متناه، و لا قبل مدرك و لا بعد محدود، و لا أمد بحتي و لا شخص فيتجزأ، و لا اختلاف صفة فيتناهي فلا تدرك العقول و أوهامها، و لا الفكر و خطراتها و لا الألباب و أذهانها صفته، فتقول: متي و لا بدي‌ء مما، و لا ظاهر علي ما، و لا باطن فيما، و لا تارك فهلا، خلق الخلق فكان بديئا بديعا، ابتدأ ما ابتدع، و ابتدع ما ابتدأ، و فعل ما أراد، و أراد ما استزاد، ذلكم الله رب العالمين [295] .

[ صفحه 210]

القدر و الاستطاعة

[194] - 2 - قال الحراني:
كتب الحسن بن أبي‌الحسن البصري، الي أبي‌محمد الحسن بن علي عليهماالسلام أما بعد فانكم معشر بني‌هاشم الفلك الجارية في اللجج الغامرة و الأعلام النيرة الشاهرة أو كسفينة نوح عليه‌السلام التي نزلها المؤمنون و نجا فيها المسلمون. كتبت اليك يابن رسول الله عند اختلافنا في القدر و حيرتنا في الاستطاعة فأخبرنا الذي عليه رأيك و رأي آبائك عليهم‌السلام؟ فان من علم الله علمكم و أنتم شهداء علي الناس و الله الشاهد عليكم، (ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم) [296] ، فأجابه الحسن عليه‌السلام:
بسم الله الرحمن الرحيم وصل الي كتابك و لو لا ما ذكرته من حيرتك و حيرة من مضي قبلك اذا ما أخبرتك.
أما بعد، فمن لم يؤمن بالقدر خيره و شره أن الله يعلمه فقد كفره، و من أحال المعاصي علي الله فقد فجر، ان الله لم يطع مكرها و لم يعص مغلوبا و لم يهمل العباد سدي من المملكة بل هو المالك لما ملكهم و القادر علي ما عليه أقدرهم، بل أمرهم تخييرا و نهاهم تحذيرا فان ائتمروا بالطاعة لم يجدوا عنها صادا و ان انتهوا الي معصية فشاء أن يمن عليهم بأن يحول بينهم و بينها فعل و ان لم يفعل فليس هو الذي حملهم عليها جبرا و لا ألزموها كرها بل من عليهم بأن بصرهم و عرفهم و حذرهم و أمرهم و نهاهم لا جبرا لهم علي ما أمرهم به فيكونوا كالملائكة و لا جبرا لهم علي ما نهاهم عنه و لله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم

[ صفحه 211]

أجمعين و السلام علي من اتبع الهدي [297] .

الرضا بما قدر الله

[195] - 3 - قال ابن‌عساكر:
أخبرنا أبوبكر رستم بن ابراهيم بن أبي‌بكر الطبري بطابران، أنبأنا أبوالقاسم سهل بن ابراهيم بن أبي‌القاسم السبعي - و أجازه لي سهل - أنبأنا الشيخ العارف أبوسعيد فضل الله بن أبي‌الحسين، أنبأنا الشيخ أبوعلي زاهر بن أحمد السرخسي، أنبأنا أبوعلي اسماعيل بن محمد، أنبأنا محمد بن يزيد المبرد، قال:
قيل للحسن بن علي [عليهماالسلام] : ان أباذر يقول: الفقر أحب الي من الغني، و السقم أحب الي من الصحة. فقال:
رحم الله أباذر، أما أنا فأقول: من اتكل علي حسن اختيار لله له لم يتمن أنه في غير الحالة التي اختار الله تعالي له، و هذا حد الوقوف علي الرضا بما تصرف به القضاء [298] .
[196] - 4 - قال الكليني:
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن علي ابن أسباط، عمن ذكره، عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال: لقي الحسن بن علي، عبدالله بن جعفر فقال:

[ صفحه 212]

يا عبدالله كيف يكون المؤمن مؤمنا و هو يسخط قسمه [299] و يحقر منزلته و الحاكم عليه الله فأنا الضامن لمن لا يهجس [300] في قلبه الا الرضا أن يدعو الله فيستجاب له [301] .

[ صفحه 213]

القرآن

اتخاذ القرآن اماما

[197] - 1 - قال الديلمي:
قال الحسن عليه‌السلام: ما بقي في الدنيا بقية غير هذا القرآن فاتخذوه اماما يدلكم علي هداكم، و ان أحق الناس بالقرآن من عمل به و ان لم يحفظه، و أبعدهم منه من لم يعمل به و ان كان يقرأه.
و قال: من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ.
و قال: ان هذا القرآن يجي‌ء يوم القيامة قائدا و سائقا يقود قوما الي الجنة أحلوا حلاله و حرموا حرامه و آمنوا بمتشابهه و يسوقف قوما الي النار ضيعوا حدوده و أحكامه و استحلوا محارمه [302] .
[198] - 2 - قال الاربلي:
و من كلامه عليه‌السلام: ان هذا القرآن فيه مصابيح النور و شفاء الصدور، فليجل جال بضوءه، و ليلجم الصفة قلبه، فان التفكير حياة القلب البصير، كما يمشي المستنير

[ صفحه 214]

في الظلمات بالنور [303] .

جزاء قراءة القرآن

[199] - 3 - قال قطب الدين الراوندي:
قال الحسن بن علي عليهماالسلام:
من قرأ القرآن كان له دعوة مجابة اما معجلة و اما مؤجلة [304] .

تفسير: (و شاركهم في الأموال و الأولاد)

[200] - 4 - قال ابن شهرآشوب:
نقلا عن كتاب الشيرازي، روي سفيان الثوري عن واصل، عن الحسن، عن ابن‌عباس قوله: (و شاركهم في الأموال و الأولاد) [305] انه جلس الحسن بن علي عليهماالسلام و يزيد بن معاوية بن أبي‌سفيان يأكلان الرطب فقال يزيد: يا حسن اني منذ كنت أبغضك قال الحسن [عليه‌السلام] :
اعلم يا يزيد ان ابليس شارك أباك في جماعة فاختلط الماءان فأورثك ذلك عداوتي لأن الله تعالي يقول: (و شاركهم في الأموال و الأولاد) و شارك الشيطان حربا عند جماعه فولد له صخر فلذلك كان يبغض جدي رسول الله [صلي الله عليه و آله] [306] .

[ صفحه 215]

القرآن و أهل البيت

[201] - 5 - قال فرات الكوفي:
حدثني جعفر بن محمد بن هشام [عن عبادة بن زياد، عن أبي‌معمر سعيد بن خثيم، عن محمد بن خالد الضبي و عبدالله بن شريك العامري، عن سليم بن قيس]
عن الحسن بن علي عليهماالسلام انه حمد الله تعالي و أثني عليه و قال: (و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم باحسان) [307] فكما أن للسابقين فضلهم علي من بعدهم كذلك لأبي علي بن أبي‌طالب [عليه‌السلام] فضيلته [فضله] علي السابقين بسبقه السابقين.
و قال: (أجعلتم سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله و اليوم الآخر و جاهد في سبيل الله) [308] و استجاب لرسول الله صلي الله عليه و آله و واساه بنفسه، ثم عمه حمزة سيدالشهداء و قد كان قتل معه كثير فكان حمزة سيدهم بقرابته من رسول الله صلي الله عليه و آله، ثم جعل الله لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة حيث يشاء و ذلك لمكانهما و قرابتهما من رسول الله [صلي الله عليه و آله] و منزلتهما منه، و صلي رسول الله صلي الله عليه و آله علي حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه، و جعل لنساء النبي فضلا علي غيرهم لمكانهن من رسول الله [صلي الله عليه و آله] و فضل الله الصلاة في مسجد النبي [صلي الله عليه و آله] بألف صلاة علي سائر المساجد الا المسجد الذي بناه ابراهيم [النبي عليه‌السلام] عليه‌السلام، بمكة لمكان رسول الله [صلي الله عليه و آله] و فضله و علم رسول الله صلي الله عليه و آله [الناس الصلوات] فقال:

[ صفحه 216]

قولوا: اللهم صل علي محمد و آل محمد كما صليت علي ابراهيم و آل ابراهيم انك حميد مجيد، فحقنا علي كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة فريضة واجبة من الله، و أحل الله لرسوله الغنيمة و أحلها لنا و حرم الصدقات عليه و حرمها علينا، كرامة أكرمنا الله و فضيلة فضلنا الله بها [309] .
[202] - 6 - قال المجلسي:
وصح عن الحسن بن علي عليهماالسلام انه خطب الناس فقال في خطبته: أنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم علي كل مسلم، فقال: (قل لا أسألكم عليه أجرا الا المودة في القربي و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) [310] و اقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت [311] .
[203] - 7 - قال الطبرسي:
حدثنا السيد أبوالحمد عن أبي‌القاسم باسناده عن زاذان عن الحسن بن علي عليهماالسلام قال: لما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلي الله عليه و آله و اياه في كساء لأم‌سلمة خيبري ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي و عترتي [312] .

تفسير قوله: (فاستوي علي سوقه)

[204] - 8 - روي العلامة الحلي:
في تفسير قوله تعالي: (فاستوي علي سوقه) [313] عن الحسن عليه‌السلام قال: استوي

[ صفحه 217]

الاسلام بسيف علي عليه‌السلام [314] .

تفسير قوله: (انا كل شي‌ء خلقناه بقدر)

[205] - 9 - قال الصدوق:
حدثنا أبوالحسين محمد بن ابراهيم بن اسحاق الفارسي العزائمي قال: حدثني أبوسعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي، قال: حدثنا عبدالعزيز بن يحيي التميمي بالبصرة و أحمد بن ابراهيم بن معلي بن أسد العمي، قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، قال: حدثنا أحمد بن عيسي بن زيد، قال: حدثنا عبدالله بن موسي ابن عبدالله بن حسن، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام انه سئل عن قول الله عزوجل: (انا كل شي‌ء خلقناه بقدر) [315] فقال: يقول عزوجل: (انا كل شي‌ء خلقناه لأهل النار بقدر أعمالهم) [316] .

تفسير قوله: (و أدبار السجود)

[206] - 10 - قال النوري:
[روي] عن قطب الراوندي في فقه القرآن عن الحسن بن علي عليهماالسلام في قوله تعالي: (و أدبار السجود) [317] أنها الركعتان بعد المغرب تطوعا [318] .

[ صفحه 218]

فضيلة قراءة آيات من سورة الحشر

[207] - 11 - روي السيوطي:
عن الحسن بن علي عليهماالسلام قال من قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر اذا أصبح فمات من يومه ذلك طبع بطابع الشهداء و ان قرأ اذا أمسي فمات في ليلته طبع بطابع الشهداء [319] .

تفسير قوله: (شاهد و مشهود)

[208] - 12 - قال الاربلي:
قال الشيخ كمال الدين بن طلحة: كان الله عز و علا قد رزقه [الحسن عليه‌السلام] الله الفطرة الثاقبة في ايضاح مراشد ما يعاينه، و منحه الفطنة الصائبة لاصلاح قواعد الدين و مبانيه، و خصه بالجبلة التي ردد لها أخلاف مادتها بسور العلم و معانيه و مرت له أطباء الاهتداء من نجدي جده و أبيه فجني بفكرة منجبة نجاح مقاصد ما يقتفيه، و قريحة مصحبة في كل مقام يقف فيه، و كان يجلس في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و يجتمع الناس حوله، فيتكلم بما يشفي غليل السائلين، و يقطع حجج القائلين.
و روي الامام أبوالحسن علي بن أحمد الواحدي رحمه الله في تفسير «الوسيط» ما يرفعه بسنده ان رجلا قال: دخلت مسجد المدينة فاذا أنا برجل يحدث عن رسول الله صلي الله عليه و آله و الناس حوله فقلت له:

[ صفحه 219]

أخبرني (عن شاهد و مشهود) [320] فقال: نعم، أما الشاهد فيوم الجمعة، و أما المشهود فيوم عرفة.
فجزته الي آخر يحدث فقلت له: أخبرني عن (شاهد و مشهود) فقال: نعم أما الشاهد فيوم الجمعة، و أما المشهود فيوم النحر.
فجزتهما الي غلام كان وجهه الدينار و هو يحدث عن رسول الله صلي الله عليه و آله فقلت: أخبرني عن (شاهد و مشهود) فقال:
نعم، أما الشاهد فمحمد صلي الله عليه و آله و أما المشهود فيوم القيامة، أما سمعته يقول (يا أيها النبي انا أرسلناك شاهدا) [321] و قال تعالي: (ذلك يوم مجموع له الناس و ذلك يوم مشهود) [322] .
فسألت عن الأول؟ فقالوا: ابن‌عباس، و سألت عن الثاني؟ فقالوا: ابن‌عمر، و سألت عن الثالث؟ فقالوا: الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام و كان قول الحسن أحسن [323] .

تفسير قوله: (أصحاب الأخدود)

[209] - 13 - قال المتقي الهندي:
قال الحسن بن علي عليهماالسلام في قوله: (أصحاب الأخدود) [324] قال: هم الحبشة.

[ صفحه 220]

[عن] ابن المنذر، و ابن‌أبي‌حاتم [325] .

تفسير قوله: (في أي صورة ما شاء ركبك)

[210] - 14 - قال ابن شهرآشوب:
روي الشيرازي في كتابه باسناده الي الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام قال في قوله: (في أي صورة ما شاء ركبك) [326] قال:
صور الله عزوجل علي بن أبي‌طالب في ظهر أبي‌طالب علي صورة محمد فكان علي بن أبي‌طالب أشبه الناس برسول الله صلي الله عليه و آله، و كان الحسين بن علي أشبه الناس بفاطمة و كنت أشبه الناس بخديجة الكبري [327] .

[ صفحه 221]

كلماته في جده

[211] - 1 - قال اليعقوبي:
مر الحسن يوما وقاص يقص علي باب مسجد رسول الله، فقال الحسن: ما أنت؟ فقال: أنا قاص يابن رسول الله. قال: كذبت، محمد القاص، قال الله عزوجل: (فاقصص القصص) [328] . قال: فأنا مذكر قال: كذبت محمد المذكر، قال الله عزوجل: (فذكر انما أنت مذكر) [329] قال: فما أنا؟ قال: المتكلف من الرجال [330] .
[212] - 2 - قال الدولابي:
حدثني اسحاق بن يونس، حدثنا محمد بن سليمان، حدثنا حديج بن معاوية عن أبي‌اسحاق، عن شقيق بن سلمة، عن الحسن بن علي عليهماالسلام، قال: جاءت امرأة الي النبي صلي الله عليه و آله و معها ابناها، فسألته، فأعطاها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحد

[ صفحه 222]

منهما تمرة، فأكلاها، ثم نظرا الي أمهما فشقت التمرة باثنتين فأعطت كل واحد منهما شق تمرة.
فقال رسول الله صلي الله عليه و آله: رحمها الله برحمتها ابنيها. [331] .
[213] - 3 - قال الطبرسي:
[روي] عن الحسن عليه‌السلام قال: كان النبي صلي الله عليه و آله اذا شرب اللبن قال: اللهم بارك لنا فيه و زدنا منه... و ان رسول الله صلي الله عليه و آله قال: ذاك الأطيبان يعني التمر و اللبن و ان رسول الله صلي الله عليه و آله كان لما شرب لبنا يتمضمض و قال: ان له لدسما و في رواية: قال عليه‌السلام: اذا شربتم اللبن فتمضمضوا فان له دسما [332] .
[214] - 4 - قال المجلسي:
قال مولانا الحسن عليه‌السلام: ان الله عزوجل أدب نبيه أحسن الأدب فقال: (خذ العفو و أمر بالعرف و أعرض عن الجاهلين) [333] فلما وعي الذي أمره قال تعالي: (و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا) [334] فقال لجبرئيل عليه‌السلام: و ما العفو؟ قال: أن تصل من قطعك، و تعطي من حرمك، و تعفو عمن ظلمك، فلما فعل ذلك أوحي الله اليه: (و انك لعلي خلق عظيم) [335] [336] .
[215] - 5 - قال أيضا:
و روي عن الحسن بن علي عليهماالسلام في كلام له:

[ صفحه 223]

و أعز به العرب عامة، و شرف من شاء منهم خاصة، فقال: (و انه لذكر لك و لقومك) [337] [338] .
[216] - 6 - في التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام:
قال الحسن بن علي عليهماالسلام: محمد و علي أبوا هذه الأمة فطوبي لمن كان بحقهما عارفا و لهما في كل أحواله مطيعا، يجعله الله من أفضل سكان جنانه و يسعده بكراماته و رضوانه [339] .
[217] - 7 - عن التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام:
قال الحسن بن علي عليهماالسلام: عليك بالاحسان الي قرابات أبوي دينك محمد و علي و ان أضعت قرابات أبوي نسبك و اياك و اضاعة قرابات أبوي دينك بتلافي قرابات أبوي نسبك فان شكر هؤلاء الي أبوي دينك: محمد و علي أثمر لك من شكر هؤلاء الي أبوي نسبك، ان قرابات أبوي دينك اذا شكروك عندهما بأقل قليل نظرهما لك، يحط ذنوبك و لو كانت مل ما بين الثري الي العرش، و ان قرابات أبوي نسبك ان شكروك عندهما و قد ضيعت قرابات أبوي دينك لم يغنيا عنك فتيلا [340] .

[ صفحه 224]

كلماته في أهل البيت

اهل البيت و شيعتهم‌

[218] - 1 - قال فرات الكوفي:
حدثني علي بن الحسين [معنعنا] : عن الأصبغ بن نباتة! قال: كتب عبدالله بن جندب الي علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام: جعلت فداك اني [ب: ان] في ضعف فقوني: قال: فأمر علي الحسن ابنه أن اكتب اليه كتابا قال: فكتب الحسن:
ان محمدا صلي الله عليه و آله كان أمين الله في أرضه فلما أن قبض محمد [صلي الله عليه و آله] و كنا أهل بيته فنحن أمناء الله في أرضه، عندنا علم المنايا و البلايا، و انا لنعرف الرجل اذا رأيناه بحقيقة الايمان و حقيقة النفاق، و ان شيعتنا لمعروفون [المعروفون] بأسمائهم و أنسابهم، أخذ الله الميثاق علينا و عليهم [ر: منا (ظ) و منهم] يردون مواردنا و يدخلون مداخلنا، ليس علي ملة أبينا ابراهيم غيرنا و غيرهم، انا يوم القيامة آخذين بحجزة نبينا و ان نبينا آخذ بحجزة [ربه و الحجزة. ب] النور، و ان شيعتنا آخذين بحجزتنا.
من فارقنا هلك و من اتبعنا [ر: تبعنا] لحق بنا، و التارك لولايتنا كافر و المتبع

[ صفحه 225]

لولايتنا مؤمن، لا يحبنا كافر و لا يبغضنا مؤمن، و من مات و هو محبنا كان حقا [ر، أ: حقيق!] علي الله أن يبعثه معنا.
نحن نور لمن تبعنا و هدي لمن اقتدي بنا و من رغب عنا فليس منا، و من لم يكن منا فليس من الاسلام في شي‌ء.
بنا فتح الله الدين و بنا يختمه و بنا أطعمكم الله عشب الأرض و بنا من الله عليكم [ب: أمنكم الله] من الغرق و بنا ينقذكم الله في حياتكم و في قبوركم و في محشركم و عند الصراط و الميزان و عند ورود [كم. ب، ر] الجنان.
و ان مثلنا في كتاب الله كمثل المشكاة و المشكاة هي [ر، أ: هو] القنديل و فينا المصباح و المصباح محمد صلي الله عليه و آله و أهل بيته و المصباح في زجاجة [نحن. أ] (الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة) علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام.
(لا شرقية و لا غربية) معروفة لا يهودية و لا نصرانية (يكاد زيتها يضي‌ء و لو لم تمسسه نار نور علي نور يهدي الله لنوره من يشاء) [341] .
و حقيق [ب: حق] علي الله أن يأتي ولينا يوم القيامة مشرقا وجهه نيرا برهانه عظيمة عند الله [تعالي. ر] حجته.
و حقيق [ب: حق] علي الله أن يجعل ولينا رفيق الأنبياء و الشهداء و الصديقين و الصالحين و حسن أولئك رفيقا.
و حقيق [ب: حق] علي الله أن يجعل عدونا و الجاحد لولايتنا رفيق الشياطين و الكافرين و بئس أولئك رفيقا.
و لشهيدنا فضل علي شهداء غيرنا بعشر درجات و لشهيد شيعتنا فضل علي

[ صفحه 226]

شهيد [ب، ر: الشهداء] غير شيعتنا بسبع درجات.
فنحن [أ: نحن] النجباء، و نحن أفراط الأنبياء و نحن خلفاء [الله في. ب] الأرض، و نحن المخصوصون [ب: المخلصون] في كتاب الله، و نحن أولي الناس بنبي الله، و نحن الذين شرع الله لنا الدين فقال في كتابه: (شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا و الذي أوحينا اليك و ما وصينا به ابراهيم موسي و عيسي أن أقيموا الدين و لا تتفرقوا فيه) [342] و كونوا علي جماعة محمد صلي الله عليه و آله (كبر علي المشركين) [343] .

اطاعة أهل البيت

[219] - 2 - قال المسعودي:
و من خطب الحسن رضي الله عنه في أيامه في بعض مقاماته انه قال: نحن حزب الله المفلحون و عترة رسول الله صلي الله عليه و آله الأقربون، و أهل بيته الطاهرون الطيبون، و أحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله صلي الله عليه و آله، و الثاني كتاب الله، فيه تفصيل كل شي‌ء، لا يأتيه الباطل من بين يديه، و لا من خلفه، و المعول عليه في كل شي‌ء، لا يخطئنا تأويله، بل نتيقن حقائقه، فأطيعونا؛ فان طاعتنا مفروضة اذ كانت بطاعة الله و الرسول و أولي الأمر مقرونة (فان تنازعتم في شي‌ء فردوه الي الله و الرسول) [344] (و لو ردوه الي الرسول و الي أولي الأمر منهم لعلمه الذين

[ صفحه 227]

يستنبطونه منهم) [345] و أحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان انه لكم عدو مبين؛ فتكونون كأوليائه الذين قال لهم: (لا غالب لكم اليوم من الناس و اني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص علي عقبيه و قال اني بري‌ء منكم اني أري ما لا ترون) [346] فتلقون للرماح أزرا، و للسيوف جزرا، و للعمد خطأ، و للسهام غرضا ثم لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا، و الله أعلم [347] .

الأبرار هم أهل البيت

[220] - 3 - روي ابن شهرآشوب:
عن الشيرازي في كتابه بالاسناد عن الهذيل، عن مقاتل، عن محمد بن الحنفية، عن الحسن بن علي عليهماالسلام، قال: كل ما في كتاب الله عزوجل: ان الأبرار فوالله ما أراد به الا علي بن أبي‌طالب و فاطمة و أنا و الحسين، لأنا نحن أبرار بآبائنا و أمهاتنا، و قلوبنا علت بالطاعات و البر و تبرأت من الدنيا و حبها و أطعنا الله في جميع فرائضه، و آمنا بوحدانيته و صدقنا برسوله [348] .
[221] - 4 - قال الطوسي:
[روي] عن الحسن بن علي انه قال: سمعت جدي رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: خلقت من نور الله عزوجل و خلق أهل بيتي من نوري، و خلق محبوهم من نورهم و سائر

[ صفحه 228]

الخلق في [349] النار [350] .

اهل البيت هم الحجة

[222] - 5 - قال الخزاز القمي:
حدثني علي بن الحسين بن محمد، قال حدثنا عتبة بن عبدالله الحمصي بمكة قراءة عليه سنة ثمانين و ثلاثمائة [قال حدثنا موسي القطقطاني، قال حدثنا أحمد ابن يوسف] قال حدثنا حسين بن زيد بن علي، قال: حدثنا عبدالله بن حسين بن حسن، عن أبيه، عن الحسن عليه‌السلام قال:
خطب رسول الله صلي الله عليه و آله يوما فقال بعد ما حمد الله و أثني عليه: معاشر الناس كأني أدعي فأجيب، و اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن نتضلوا، فتعلموا منهم و لا تعلموهم فانهم أعلم منكم، لا يخلو الأرض منهم، و لو خلت اذا لساخت بأهلها.
ثم قال عليه‌السلام: اللهم اني أعلم أن العلم لا يبيد و لا ينقطع، و أنك لا تخلي أرضك من حجة لك علي خلقك ظاهر ليس بالمطاع أو خائف مغمور لكيلا تبطل حجتك و لا تضل أولياؤك بعد اذ هديتهم، أولئك الأقلون عددا الأعظمون قدرا عندالله.
فلما نزل عن منبره قلت: يا رسول الله أما أنت الحجة علي الخلق كلهم؟ قال: يا حسن ان الله يقول: (انما أنت منذر و لكل قوم هاد) [351] فأنا المنذر و علي

[ صفحه 229]

الهادي. قلت: يا رسول الله فقولك ان الأرض لا تخلو من حجة؟
قال: نعم علي هو الامام و الحجة بعدي و أنت الحجة و الامام بعده و الحسين الامام و الحجة بعدك و... [352] .

حب أهل البيت

[223] - 6 - قال المفيد:
أخبرني الشريف أبومحمد الحسن بن حمزة قال: حدثنا أحمد بن عبدالله، عن جده أحمد بن عبدالله قال: حدثني أبي، عن داود بن النعمان، عن عمرو بن أبي‌المقدام، عن أبيه، عن الحسن بن علي عليهماالسلام أنه قال:
من أحبنا بقلبه و نصرنا بيده و لسانه فهو معنا في الغرفة التي نحن فيها، و من أحبنا بقلبه و نصرنا بلسانه فهو دون ذلك بدرجة، و من أحبنا بقلبه و كف بيده و لسانه فهو في الجنة [353] .

منزلة أهل البيت

[224] - 7 - قال ابن شهرآشوب:
[روي] عن ابن‌سنان عن رجل من أهل الكوفة ان الحسن بن علي عليهماالسلام كلم رجلا فقال: من أي بلد أنت؟ قال: من الكوفة. قال: لو كنت بالمدينة لأريتك منازل جبرئيل عليه‌السلام من ديارنا [354] .

[ صفحه 230]

غصب حق أهل البيت

[225] - 8 - قال المفيد:
أخبرني أبوحفص عمر بن محمد قال: حدثنا أبوعبدالله جعفر بن محمد قال: حدثنا عيسي بن مهران قال: حدثنا مخول قال: حدثنا الربيع بن المنذر، عن أبيه قال: سمعت الحسن بن علي عليهماالسلام يقول: ان أبابكر و عمر عمدا الي هذا الأمر و هو لنا كله، فأخذاه دوننا و جعلا لنا فيه سهما كسهم الجدة، أما والله لتهمنهما [355] أنفسهما يوم يطلب الناس فيه شفاعتنا [356] .
لزوم المعرفة بما أصاب أهل البيت عليهم‌السلام
[226] - 9 - قال الخوارزمي:
(و قال) الحسن: من لم يعرف سوء ما أتينا كان شريك من أساء الينا [357] .

كفالة يتيم من أهل البيت

[227] - 10 - قال ابن‌أبي‌جمهور:
قال الشيخ أبوالفضائل الطبرسي المفسر باسناده حدثني السيد أبوجعفر مهدي ابن أبي‌حرب الحسني المرعشي، عن الشيخ أبوعبدالله جعفر بن محمد الدوريسي، قال: حدثني أبي‌محمد بن أحمد، عن الشيخ أبوجعفر، محمد بن علي

[ صفحه 231]

ابن الحسين بن بابويه، عن أبي‌الحسن محمد بن القاسم الاسترآبادي، قال: حدثني أبويعقوب يونس بن محمد بن زياد، و أبوالحسن علي بن محمد بن سيار، عن الامام الحسن العسكري عليه‌السلام قال: قال الحسن بن علي عليهماالسلام:
من كفل لنا يتيما، قطعته عنا محنتنا باستتارنا، فواساه من علومنا التي سقطت اليه. حتي أرشده و هداه، قال الله عزوجل: يا أيها العبد الكريم المواسي أنا أولي بالكرم منك، اجعلوا له ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر، و ضموا اليها ما يليق بها من سائر النعم [358] .

[ صفحه 232]

كلماته في أبيه

ذكره قول كعب الأحبار أعلم الأمة و وصي الرسول صلي الله عليه و آله

[228] - 1 - قال فرات الكوفي:
حدثني عبيد بن كثير معنعنا: عن الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام [عليهماالسلام] قال: شهدت [مع أ. ب] أبي عند عمر بن الخطاب و عنده كعب الأحبار و كان رجلا قد قرأ التوراة و كتب الأنبياء عليهم [الصلاة و] السلام فقال له عمر: يا كعب من كان أعلم بني‌اسرائيل بعد موسي [بن عمران. ر. عليه (الصلاة.) و السلام. ب، ر] ؟ قال: [كان أعلم بني‌اسرائيل بعد مويس. ر، ب] [بن عمران] يوشع بن نون و كان وصي موسي [بن عمران. ر. من. أ، ب] بعده و كذلك كل نبي خلا من قبل موسي [بن عمران. ر] و من بعده كان له وصي يقوم في أمته من بعده.
فقال له عمر: فمن وصي نبينا و عالمنا؟ أبوبكر؟ قال: و علي ساكت لا يتكلم، فقال كعب: مهلا [يا عمر. ب] فان السكوت عن هذا أفضل، كان أبوبكر رجلا حظي [ب: حظيا] بالصلاح فقدمه المسلمون لصلاحه، و لم يكن بوصي. فان موسي [بن عمران صلي الله عليه و آله. ر] لما توفي أوصي الي يوشع بن نون فقبله طائفة من بني

[ صفحه 233]

اسرائيل و أنكرت فضله طائفة فهي التي ذكر الله [ذكرت] في القرآن: (فآمنت طائفة من بني‌اسرائيل و كفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا علي عدوهم فأصبحوا ظاهرين) [359] و كذلك الأنبياء [السالفة. ر] و الأمم الخالية لم يكن نبي الا و قد كان له وصي يحسده قومه و يدفعون فضله.
فقال: ويحك يا كعب فمن تري وصي نبينا؟ قال كعب: معروف في جميع كتب الأنبياء و الكتب المنزلة من السماء علي أخو النبي العربي [ص. ر] يعينه علي أمره [يؤازره] و يبارز [ه.] علي من ناواه، له زوجة مباركة و له منها ابنان يقتلهما أمته من بعده و يحسد وصيه كما حسدت الأمم أوصياء أنبيائها، فيدفعونه عن حقه و يقتلون ولده من بعده كحذو الأمم الماضية.
قال: فأفحم عمر عندها و قال: يا كعب لئن صدقت في كتاب الله المنزل قليلا لقد كذبت كثيرا. فقال [أ، ب: قال] كعب: والله ما كذبت في كتاب الله قط و لكن سالتني عن أمر لم يكن لي بد من تفسيره و الجواب فيه، فاني لأعلم أن أعلم هذه الأمة [أميرالمؤمنين. ر] علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام بعد نبيها لأني [الا أني] لم أسأله عن شي‌ء الا وجدت عنده علما تصدقه به التوراة و جميع كتب الأنبياء.
فقال له عمر: أسكت يا ابن اليهودية فوالله انك لكثير التخرص بالكذب [أ: و الكذب. ر: بكذب] فقال كعب: والله ما علمت أني كذبت في شي‌ء من كتاب الله منذ جري لله علي الحكم، و لئن شئت لألقين عليك [اليك] شيئا من علم التوراة فان فهمته فأنت أعلم منه و ان فهمه فهو أعلم منك. فقال له عمر: هات بعض هناتك.

[ صفحه 234]

فقال كعب: أخبرني عن قول الله [تعالي] : (و كان عرشه علي الماء) [360] فأين كانت الأرض و أين كانت السماء و أين كان جميع خلقه فقال [له. ر] عمر: و من يعلم غيب الله منا الا ما سمعه رجل من نبينا. قال: و لكن أخاك أباحسن [أ: الحسن] لو سئل عن ذلك لشرحه بمثل ما قرأناه في التوراة، فقال له عمر: فدونكه اذا اختلف [اختلا] المجلس.
قال: فلما دخل علي عمر أصحابه أراد [أرادوا] اسقاط (أميرالمؤمنين. ر) علي [بن أبي‌طالب عليه‌السلام] فقال كعب: يا أباالحسن أخبرني عن قول الله عزوجل [ر: تعالي في كتابه] : (و كان عرشه علي الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا) قال [أميرالمؤمنين] علي [بن أبي‌طالب] عليه‌السلام.
نعم، كان عرشه علي الماء حين لا أرض مدحية و لا سماء مبنية، و لا صوت يسمع، و لا عين تنبع، و لا ملك مقرب، و لا نبي مرسل، و لا نجم يسري، و لا قمر يجري، و لا شمس تضي‌ء، و عرشه علي الماء، غير مستوحش الي أحد من خلقه يمجد نفسه و يقدسها كما شاء أن يكون [كان. ر، أ] .
ثم بدأ أن يخلق الخلق فضرب بزارخ [بامواج] البحور فثار منها مثل الدخان كأعظم ما يكون من خلق الله فبني بها سماء رتقا، ثم دحي [انشق] الأرض من موضع الكعبة و هي وسط [الأرض. أ ر] فطيقت [فطبقت] الي [ب: علي] البحار، ثم فتقها بالبنيان و جعلها سبعا بعد اذ كانت واحدة ثم استوي الي السماء و هي دخان من ذلك الماء الذي أنشأه من تلك البحور فخلقها سبعا طباقا بكلمته التي لا يعلمها غيره، و جعل في كل سماء ساكنا من الملائكة خلقهم [مصمتين. ب. أ: مضمنين]

[ صفحه 235]

معصومين من نور من بحور عذبة و هو بحر الرحمة، و جعل طعامهم التسبيح و التهليل و التقديس.
فلما قضي أمره و خلقه استوي علي ملكه فمدح كما ينبغي له أن يمدح [يحمد] ، ثم قدر ملكه فجعل في كل سماء شهب معلقة كواكب كتعليق القناديل من [ب: في] المساجد ما لا يحصيها غيره تبارك و تعالي، و النجم من نجوم السماء كأكبر مدينة في الأرض.
ثم خلق الشمس و القمر فجعلهما شمسين فلو تركهما تبارك و تعالي كما كان [في] ابتدائهما في أول مرة لم يعرف خلقه الليل من النهار و لا عرف الشهر و لا السنة و لا عرف الشتاء من الصيف و لا عرف الربيع من الخريف، و لا علم أصحاب الدين متي يحل دينهم، و لا علم العامل متي ينصرف في معيشته، و متي يسكن لراحة بدنه، فكان الله تبارك أرأف بعباده و أنظر لهم، فبعث جبرئيل [عليه‌السلام. ر] الي احدي الشمسين فمسح بها جناحه فأذهب منها الشعاع و النور و ترك فيها الضوء فذلك قوله: (و جعلنا الليل و النهار آيتين فمحونا آية الليل و جعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم و لتعلموا عدد السنين و الحساب و كل شي‌ء فصلناه تفصيلا) [361] و جعلهما يجريان في الفلك، و الفلك يجري فيما بين السماء و الأرض مستطيل في السماء استطالته. [أ: استطالة] ثلاثة فراسخ يجري في غمرة الشمس و القمر، كل واحد منهما [علي عجلة. ر، ب] يقودهما ثلاثمائة ملك بيد كل ملك منها [ر: منها] عروة يجرونها في غمرة ذلك البحر. لهم زجل بالتهليل و التسبيح و التقديس، لو يدان [لو برز] واحد منها [منهما] من غمر ذلك البحر لاحترق كل

[ صفحه 236]

شي‌ء علي وجه الأرض حتي الجبال و الصخور و ما خلق الله من شي‌ء.
فلما خلق الله السماوات و الأرض و الليل و النهار و النجوم و الفلك جعل [ن: و جعل] الأرضين علي ظهر حوت [ف] أثقلها فاضطربت فأثبتها بالجبال.
فلما استكمل خلق ما في السماوات - و الأرض يومئذ خالية ليس فيها أحد - قال للملائكة: (اني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك قال اني أعلم ما لا تعلمون) [362] ، فبعث الله جبرئيل عليه‌السلام فأخذ من أديم الأرض قبضة فعجنه بالماء العذب و المالح و ركب فيه الطبائع قبل أن ينفخ فيه الروح فخلقه من أديم الأرض فلذلك سمي آدم لأنه لما عجن بالماء استأدم فطرحه في الجبل! كالجبل العظيم و كان ابليس يومئذ خازنا علي السماء الخامسة يدخل في منخر آدم ثم يخرج من دبره ثم يضرب بيده فيقول لأي أمر خلقت لئن جعلت فوقي لا أطعتك و لئن جعلت أسفل مني لا أبقيتك [أ: لأبقيتك. ر: لا أعبينك] فمكث في الجنة ألف سنة ما بين خلقه الي أن ينفخ فيه الروح فخلقه من ماء و طين و نور و ظلمة و ريح، و النور من نور الله، فاما النور فيورثه الايمان، و أما الظلمة فتورثه الضلال و الكفر، و أما الطين فيورثه الرعدة و الضعف و القشعريرة [ر: و الاقشعراريرة!] عند اصابة الماء فينبعث به علي أربع الطبائع علي الدم و البلغم و المرار و الريح فذلك قوله تبارك و تعالي: (أولا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل و لم يك شيئا) [363] .
قال: فقال كعب: يا عمر بالله أتعلم كعلم علي؟ فقال: لا. فقال كعب: علي [بن

[ صفحه 237]

أبي‌طالب. ر] وصي الأنبياء و محمد خاتم الأنبياء [عليهم الصلاة والسلام. ر] علي [خاتم أ. ب] الأوصياء [عليه‌السلام. ر] و ليس علي الأرض اليوم منفوسة الا و علي [بن أبي‌طالب. ر] أعلم منه، و الله ما ذكر من خلق الانس و الجن و السماء و الأرض و الملائكة شيئا الا و قد قرأته في التوراة كما قرأت.
قال: فما رئي عمر غضب قط مثل غضبه ذلك اليوم [364] .

قوله في شجاعة أبيه

[229] - 2 - روي الراوندي:
باسناده عن موسي بن جعفر، عن آبائه عليهم‌السلام قال: قال الحسن بن علي عليهماالسلام: كان علي عليه‌السلام يباشر القتال بنفسه و لا يأخذ السلب [365] .

فضائل علي

[230] - 3 - عن التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام:
قال الامام عليه‌السلام: و قال الحسن بن علي عليهماالسلام: من دفع فضل أميرالمؤمنين عليه‌السلام علي جميع من بعد النبي صلي الله عليه و آله فقد كذب بالتوراة و الانجيل و الزبور و صحف ابراهيم و سائر كتب الله المنزلة، فانه ما نزل شي‌ء منها الا و أهم ما فيه بعد الأمر بتوحيد الله تعالي و الاقرار بالنبوة: الاعتراف بولاية علي و الطيبين من آله عليه‌السلام [366] .

[ صفحه 238]

[231] - 4 - قال ابن شهرآشوب:
وطاف الحسن بن علي عليهماالسلام بالبيت فسمع رجلا يقول: هذا ابن‌فاطمة الزهراء فالتفت اليه فقال: قل علي بن أبي‌طالب فأبي خير من أمي [367] .
[232] - 5 - قال الاربلي:
روي زيد بن الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهم‌السلام عن أبيه قال:
لما آخي رسول الله صلي الله عليه و آله بين أصحابه آخي بين أبي‌بكر و عمر، و بين طلحة و الزبير، و بين حمزة بن عبدالمطلب و بين زيد بن حارثة، و بين عبدالله بن مسعود و بين المقداد بن عمرو، فقال علي عليه‌السلام: آخيت بين أصحابك و أخرتني؟ فقال: ما أخرتك الا لنفسي [368] .

اسم علي بن أبي‌طالب في القرآن

[233] - 6 - روي المجلسي:
عن الحسن بن علي عليهماالسلام انه قال للوليد: كيف تشتم عليا و قد سماه الله مؤمنا في عشر آيات و سماك فاسقا [369] .

سيد العرب علي

[234] - 7 - قال الطبراني:
حدثنا محمد بن عثمان بن أبي‌شيبة، حدثنا ابراهيم بن اسحاق الصيني، حدثنا

[ صفحه 239]

قيس بن الربيع عن ليث، عن أبي‌ليلي، عن الحسن بن علي [رضي الله عنه] قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله: «يا أنس انطلق فادع لي سيد العرب» يعني عليا فقالت عائشة: ألست سيد العرب؟ قال: «أنا سيد ولد آدم، و علي سيد العرب» فلما جاء علي رضي الله عنه أرسل رسول الله صلي الله عليه و آله الي الأنصار، فأتوه فقال لهم: «يا معشر الأنصار ألا أدلكم علي ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعده؟» قالوا: بلي يا رسول الله قال: «هذا علي فأحبوه بحبي و كرموه لكرامتي، فان جبريل أمرني بالذي قلت لكم عن الله عزوجل.» [370] .

[ صفحه 240]

كلماته في أمه

[235] - 1 - روي الصدوق:
عن علي بن محمد بن الحسن القزويني، عن محمد بن عبدالله الحضرمي، عن جندل بن والق عن محمد بن عمر المازني، عن عباد الكلبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين عن فاطمة الصغري، عن الحسين بن علي، عن أخيه الحسن بن أبي‌طالب عليهم‌السلام قال: رأيت أمي فاطمة عليهاالسلام قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتي اتضح عمود الصبح و سمعتها تدعو للمؤمنين و المؤمنات و تسميهم و تكثر الدعاء لهم و لا تدعو لنفسها بشي‌ء فقلت لها: يا أماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني الجار ثم الدار [371] .
[236] - 2 - قال الحر العاملي:
[روي] عن الحسن بن علي عليهماالسلام: ان عليا غسل فاطمة عليهاالسلام [372] .

[ صفحه 241]

فيما يرتبط بنفسه

نسبه، و حلمه، و عزته

[237] - 1 - قال الطبراني:
حدثنا اسحاق بن ابراهيم الدبري، حدثنا عبدالرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، ان الحسن بن علي [رضي الله عنه] ، قال: لو نظرتم ما بين جابرس الي جابلق ما وجدتم رجلا جده نبي غيري و أخي، و اني أري أن تجتمعوا علي معاوية (و ان أدري لعله فتنة لكم و متاع الي حين) [373] .
قال معمر: جابرس و جابلق المشرق و المغرب [374] .
[238] - 2 - قال ابن عبدربه:
وفد الحسن بن علي علي معاوية، فقال عمرو لمعاوية، يا أميرالمؤمنين، ان الحسن لفة، فلو حملته علي المنبر فتكلم و سمع الناس كلامه عابوه و سقط من عيونهم. ففعل، فصعد المنبر و تكلم و أحسن؛ ثم قال: أيها الناس، لو طلبتم ابنا

[ صفحه 242]

لنبيكم ما بين لا بتيها لم تجدوه غيري و غير أخي. (و ان أدري لعله فتنة لكم و متاع الي حين). فساء ذلك عمرو و أراد أن يقطع كلامه، فقال له: أبامحمد، اتصف الرطب؟ فقال: أجل، تلقحه الشمال و تخرجه الجنوب، و تنضجه الشمس، و يصبغه القمر [375] .
قال: يا أبامحمد، هل تنعت الخراءة؟ قال: نعم، تبعد المشي في الأرض الصحصح حتي تتواري من القوم، و لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها و لا تستنج بالقمة و الرمة - يريد الروث و العظم - و لا تبل في الماء الراكد [376] .
[239] - 3 - قال الاربلي:
و قيل له عليه‌السلام فيك عظمة، قال: لا بل في عزة قال الله تعالي: (و لله العزة و لرسوله و للمؤمنين) [377] [378] .
و في رواية انه قال رجل للحسن عليه‌السلام ان فيك كبرا فقال: كلا، الكبر لله وحده و لكن في عزة [379] .
[240] - 4 - و قال أيضا:
أتاه رجل فقال: ان فلانا يقع فيك؟ فقال: ألقيتني في تعب أريد الآن أن أستغفر الله لي و له [380] .

[ صفحه 243]

[241] - 5 - قال اليعقوبي:
قال معاوية: ما تكلم عندي أحد كان أحب الي اذا تكلم أن لا يسكت من الحسن بن علي عليهماالسلام، و ما سمعت منه كلمة فحش قط الا مرة، فانه كان بين الحسن بن علي و بين عمرو بن عثمان بن عفان خصومة في أرض، فعرض الحسن بن علي أمرا لم يرضه عمرو، فقال الحسن: ليس له عندنا الا ما أرغم أنفه فهذه أشد كلمة فحش سمعتها منه قط [381] .

معجزاته

[242] - 6 - قال الصفار القمي:
حدثنا الهيثم النهدي، عن اسماعيل بن مروان، عن عبدالله الكناسي، عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال: خرج الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام في بعض عمره و معه رجل من ولد الزبير كان يقول بامامته قال فنزلوا في منهل من تلك المناهل، قال: نزلوا تحت نخل يابس فقد يبس من العطش قال: ففرش للحسن تحت نخلة و للزبيري بحذائه تحت نخلة أخري قال: فقال الزبيري: و رفع رأسه لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه قال: فقال له الحسن: و انك لتشتهي الرطب قال نعم فرفع الحسن عليه‌السلام يده الي السماء فدعا بكلام لم يفهمه الزبيري فاخضرت النخلة ثم صارت الي حالها و فارقت [فاروقت] و حملت رطبا قال: فقال له الجمال الذي اكتروا منه، سحر والله قال: فقال له الحسن: ويلك ليس بسحر و لكن دعوة ابن

[ صفحه 244]

النبي صلي الله عليه و آله مجابة قال: فصعدوا الي النخلة حتي يصرموا مما كان فيها فأكفاهم [382] .

اخراجه ثمانين ناقة من الأرض

[243] - 7 - قال الطبري:
قال أبوجعفر: حدثنا أبومحمد سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن ابراهيم، عن منصور، قال: رأيت الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام و قد خرج مع قوم يستسقون، فقال للناس: أيما أحب اليكم: المطر أم البرد أم اللؤلؤ؟
فقالوا: يابن رسول الله، ما أحببت.
فقال: علي أن لا يأخذ أحد منكم لدنياه شيئا فأتاهم بالثلاث.
و رأيناه يأخذ الكواكب من السماء، ثم يرسلها، فتطير كما تطير العصافير الي مواضعها [383] .
[244] - 8 - روي ابن شهرآشوب:
عن محمد الفتال النيسابوري في «المؤنس الحزين» بالاسناد، عن عيسي بن الحسن عن الصادق عليه‌السلام: قال بعضهم: للحسن بن علي عليهماالسلام في احتماله الشدائد عن معاوية فقال عليه‌السلام كلاما معناه:
لو دعوت الله تعالي لجعل العراق شاما و الشام عراقا و جعل المرأة رجلا و الرجل امرأة فقال الشامي: و من يقدر علي ذلك؟ فقال عليه‌السلام: انهضي ألا تستحين أن تقعدي بين الرجال، فوجد الرجل نفسه امرأة ثم قال: و صارت عيالك رجلا

[ صفحه 245]

و تقاربك و تحمل عنها و تلد ولدا خنثي فكان كما قال عليه‌السلام، ثم انهما تابا و جاء اليه فدعا الله تعالي فعادا الي الحالة الأولي [384] .
[245] - 9 - قال ابن‌حمزة:
وجدت في بعض كتب أصحابنا الثقات رضي الله عنهم ان رجلا من أهل الشام أتي الحسن عليه‌السلام و معه زوجته، فقال: يا ابن أبي‌تراب - و ذكر بعد ذلك كلاما نزهت عن ذكره - ان كنتم في دعواكم صادقين فحولني امرأة و حول امرأتي رجلا. كالمستهزي‌ء في كلامه، فغضب عليه‌السلام، و نظر اليه شزرا [و حرك شفتيه] و دعا بما لم يفهم، ثم نظر اليهما، و أحد النظر، فرجع الشامي الي نفسه و أطرق خجلا و وضع يده علي وجهه، ثم ولي مسرعا و أقبلت امرأته، و قالت: والله اني صرت رجلا.
و ذهبا حينا من الزمان، ثم عادا اليه و قد ولد لهما مولود، و تضرعا الي الحسن عليه‌السلام تائبين و معتذرين مما فرطا فيه، و طلبا منه انقلابهما الي حالتهما الأولي، فأجابهما الي ذلك، و رفع يده، و قال: اللهم ان كانا صادقين في توبتيهما فتب عليهما، و حولهما الي ما كانا عليه فرجعا الي ذلك لا شك فيه و لا شبهة [385] .
[246] - 10 - قال الصفار القمي:
حدثنا محمد بن عيسي، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن سماعة قال: دخلت علي أبي‌عبدالله عليه‌السلام و أنا أحدث نفسي فرآني فقال: ما لك تحدث نفسك تشتهي أن تري أباجعفر عليه‌السلام قلت: نعم قال: قم فأدخل البيت فاذا هو أبوجعفر عليه‌السلام.
قال: أتي قوم من الشيعة الحسن بن علي عليهماالسلام بعد قتل أميرالمؤمنين عليه‌السلام فسألوه

[ صفحه 246]

فقال: تعرفون أميرالمؤمنين اذا رأيتموه؟ قالوا: نعم. قال: فارفعوا الستر فعرفوه فاذا هم بأميرالمؤمنين لا ينكرونه و قال أميرالمؤمنين: يموت من مات منا و ليس بميت، و يبقي من بقي منا حجة عليكم [386] .
[247] - 11 - قال الطبري:
حدثنا اسماعيل بن جعفر بن كثير، قال حدثنا محمد بن محرز بن يعلي، عن أبي‌أيوب الواقدي، عن محمد بن هامان، قال: رأيت الحسن بن علي عليه‌السلام ينادي الحيات فتجيبه و يلفها علي يده و عنقه و يرسلها، قال: فقال رجل من ولد عمر: أنا أفعل ذلك فأخذ حية فلفها علي يده فهرمته حتي مات [387] .
[248] - 12 - و قال أيضا:
و روي علي بن أبي‌حمزة، عن علي بن معمر، عن أبيه، عن جابر، عن أبي‌جعفر عليه‌السلام، قال: جاء أناس الي الحسن عليه‌السلام فقالوا له: أرنا ما عندك من عجائب أبيك التي كان يريناها قال: و تؤمنون بذلك؟ قالوا كلهم: نعم، نؤمن به و الله.
قال: فأحيا له ميتا باذن الله (تعالي)، فقالوا بأجمعهم: نشهد أنك ابن أميرالمؤمنين حقا و انه كان يرينا مثل هذا كثيرا [388] .
[249] - 13 - روي الراوندي:
عن سعد بن عبدالله: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسي: حدثنا علي بن محمد، عن علي بن معمر، عن أبيه، عن جابر الجعفي، عن أبي‌جعفر عليه‌السلام قال: جاء ناس

[ صفحه 247]

الي الحسن بن علي عليهماالسلام فقالوا: أرنا بعض ما عندك من عجائب أبيك الذي كان يريناها. فقال: أتؤمنون بذلك؟ قالوا: نعم، نؤمن به والله.
قال: أليس تعرفون أميرالمؤمنين؟ قالوا: بلي كلنا نعرفه.
قال: فرفع لهم جانب الستر و قال: أتعرفون [هذا الجالس] ؟ قالوا بأجمعهم: هذا - والله - أميرالمؤمنين، و نشهد أنك ابنه، و أنه [كان] يرينا مثل ذلك كثيرا [389] .
[250] - 14 - و روي أيضا:
عن فرات بن أحنف، عن يحيي بن أم الطويل، عن رشيد الهجري، قال: دخلنا علي أبي‌محمد عليه‌السلام بعد مضي أبيه أميرالمؤمنين عليه‌السلام فتذاكرنا له شوقنا اليه فقال الحسن: أتريدون أن تروه؟ قلنا: نعم و أني لنا بذلك و قد مضي لسبيله! فضرب بيده الي ستر كان معلقا علي باب في صدر المجلس، فرفعه فقال:
أنظروا من في هذا البيت. فاذا أميرالمؤمنين جالس كأحسن ما رأيناه في حياته فقال: هو هو. ثم خلي الستر من يده فقال بعضنا: هذا [الذي رأيناه] من الحسن كالذي نشاهد من دلائل أميرالمؤمنين و معجزاته [390] .
[251] - 15 - قال الطبري:
حدثنا سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن سويد الأزرق، عن سعد بن منقذ، قال:
رأيت الحسن بن علي عليهماالسلام بمكة و هو يتكلم بكلام، و قد رفع البيت - أو قال:

[ صفحه 248]

حول - فتعجبنا منه، فكنا نحدث و لا نصدق، حتي رأيناه في المسجد الأعظم بالكوفة، فحدثناه: يابن رسول الله ألست فعلت كذا و كذا؟!
فقال: لو شئت لحولت مسجدكم هذا الي فم بقة [391] و هو ملتقي النهرين: نهر الفرات، و النهر الأعلي.
فقلنا: افعل ففعل ذلك، ثم رده، فكنا نصدق بعد ذلك بالكوفة بمعجزاته [392] .
[252] - 16 - و قال أيضا:
حدثنا أبومحمد عبدالله بن محمد، و الليث بن محمد بن موسي الشيباني، قالا: أخبرنا ابراهيم بن كثير، عن محمد بن جبرئيل، قال: رأيت الحسن ابن علي عليه‌السلام و قد استسقي ماء، فأبطأ عليه الرسول، فاستخرج من سارية المسجد ماء فشرب و سقي أصحابه، ثم قال: لو شئت لسقيتكم لبنا و عسلا.
فقلنا: فاسقنا. فسقانا لبنا و عسلا من سارية المسجد، مقابل الروضة التي فيها قبر فاطمة عليهاالسلام [393] .
[253] - 17 - و أيضا:
حدثنا سفيان، عن وكيع، عن الأعمش، عن قدامة بن رافع، عن أبي‌الأحوص مولي سلمة، قال: اني مع الحسن عليه‌السلام بعرفات، و معه قضيب و هناك أجراء يحرثون، فكلما هموا بالماء أجبل [394] عليهم، فضرب بقضيبه الي الصخرة، فنبع لهم منها ماء، و استخرج لهم طعاما [395] .

[ صفحه 249]

[254] - 18 - و قال أيضا:
حدثنا أبومحمد سفيان، عن وكيع، عن الأعمش، عن سهل بن أبي‌اسحاق، عن كدير بن أبي‌كدير، قال:
شهدت الحسن بن علي عليهماالسلام و هو يأخذ الريح فيحسبها في كفه، ثم يقول: أين تريدون أن أرسلها؟ فيقولون: نحو بيت فلان و فلان. فيرسلها ثم يدعوها فترجع [396] .
[255] - 19 - و قال أيضا:
حدثنا أبومحمد، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن مروان، عن جابر، قال: رأيت الحسن بن علي عليهماالسلام و قد علا في الهواء، و غاب في السماء فأقام بها ثلاثا ثم نزل بعد الثلاث و عليه السكينة و الوقار فقال:
بروح آبائي نلت ما نلت [397] .
[256] - 20 - و قال أيضا:
حدثنا سفيان، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي‌بريدة، عن محمد بن حجارة، قال: رأيت الحسن بن علي عليهماالسلام و قد مرت به صريمة [398] من الظباء، فصاح بهن فأجابته كلها بالتلبية حتي أتت بين يديه.
فقلنا: يابن رسول الله، هذا وحش، فأرنا آية من أمر السماء.
فأومأ نحو السماء، ففتحت الأبواب، و نزل نور حتي أحاط بدور المدينة، و تزلزلت الدور حتي كادت أن تخرب، فقلنا: يابن رسول الله ردها.
فقال لي: نحن الأولون و الآخرون، و نحن الآمرون، و نحن النور، ننور

[ صفحه 250]

الروحانيين، ننور بنور الله و نروح بروحه، فينا مسكنه، و الينا معدنه، الآخر منا كالأول و الأول كالآخر [399] .
[257] - 21 - روي ابن‌حمزة:
عن علي بن رئاب، قال: سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يحدث عن آبائه انه أتي آت الحسن بن علي عليهماالسلام فقال: ما عجز عنه موسي عليه‌السلام من مسألة الخضر عليه‌السلام، فقال: من الكنز الأعظم.
ثم ضرب بيده علي منكب الرجل فقال: «ايه» ثم ركض ما بين يديه، فانفلق عن انسانين علي صخرة، يرتفع منهما بخار أشد نتنا من الخبال و في عنق كل واحد منهما سلسلة و شيطان مقرون به، و هما يقولان: يا محمد، يا محمد. و الشيطانان يردان عليهما: كذبتما.
ثم قال: «انطبقي عليهما الي الوقت المعلوم الذي لا يقدم و لا يؤخر» و هو خروج القام المنتظر عليه‌السلام، فقال الرجل: سحر. ثم ولي علي أن يخبر بضد ذلك فخرس [400] .

ادبه

[258] - 22 - روي المجلسي:
من بعض كتب المناقب المعتبرة باسناده، عن نجيح قال رأيت الحسن بن علي عليهماالسلام يأكل و بين يديه كلب كلما أكل لقمة طرح للكلب مثلها فقلت له: يابن رسول الله ألا أرجم هذا الكلب عن طعامك قال: دعه اني لأستحيي من الله عزوجل

[ صفحه 251]

أن يكون ذو روح ينظر في وجهي و أنا آكل ثم لا أطعمه [401] .
[259] - 23 - قال الخوارزمي:
(و قيل) كان للحسن بن علي عليهماالسلام شاة تعجبه فوجدها يوما مكسورة الرجل فقال للغلام: من كسر رجلها قال: أنا قال: لم؟ قال: لأغمنك قال الحسن: لأفرحنك أنت حر لوجه الله تبارك و تعالي.
(و في رواية) أخري قال: لأغمن من أمرك بغمي، يعني ان الشيطان أمره أن يغمه [402] .

حلمه و عفوه

[260] - 24 - قال الخوارزمي:
و ذكر الثقة ان مروان بن الحكم شتم الحسن بن علي عليهماالسلام فلما فرغ قال الحسن: اني والله لا أمحو عنك شيئا و لكن موعدك الله فلئن كنت صادقا فجزاك الله بصدقك و ان كنت كاذبا فجزاك الله بكذبك و الله أشد نقمة مني [403] .
[261] - 25 - و قال أيضا:
و روي ان غلاما للحسن جني جناية يوجب العقاب فأمر به أن يضرب فقال:
يا مولاي و العافين عن الناس.
قال: عفوت عنك.
قال: والله يحب المحسنين قال: أنت حر لوجه الله و لك ضعف ما أعطيتك [404] .

[ صفحه 252]

[262] - 26 - قال ابن‌عساكر:
... و أنبأنا ابن أبي‌الدنيا، حدثني: سليمان بن أبي شيخ، حدثني: أبي و صالح بن سليمان، قالا: قدم رجل المدينة و كان يبغض عليا فقطع به فلم يكن له زاد و لا راحلة، فشكي ذلك الي بعض أهل المدينة فقال له: عليك بحسن بن علي. فقال له الرجل: ما لقيت هذا الا في حسن و أبي‌حسن فقيل له: فانك لا تجد خيرا [الا] منه فأتاه فشكي اليه فأمر له بزاد و راحلة، فقال الرجل: (الله أعلم حيث يجعل رسالته)
و قيل للحسن: أتاك رجل يبغضك و يبغض أباك فأمرت له بزاد و راحلة؟
قال: أفلا أشتري عرضي منه بزاد و راحلة؟! [405] .

علمه

[263] - 27 - قال الطبري:
قال أبوجعفر: حدثنا أبومحمد عبدالله بن محمد البلوي، قال: قال عمارة بن زيد المدني، حدثني ابراهيم بن سعد، و محمد بن مسعر، كلاهما عن محمد بن اسحاق صاحب المغازي، عن عطاء بن يسار، عن عبدالله بن عباس، قال: مرت بالحسن بن علي عليهماالسلام بقرة، فقال: هذه حبلي بعجلة أنثي، لها غرة في جبهتها، و رأس ذنبها أبيض.
فانطلقنا مع القصاب حتي ذبحها فوجدنا العجلة كما وصف علي صورتها، فقلنا

[ صفحه 253]

له: أو ليس الله عزوجل: (و يعلم ما في الأرحام) [406] فكيف علمت هذا؟
فقال عليه‌السلام: انا نعلم المكنون المخزون المكتوم، الذي لم يطلع عليه ملك مقرب و لا نبي مرسل غير محمد صلي الله عليه و آله و ذريته عليهم‌السلام [407] .
[264] - 28 - و قال أيضا:
قال أبوجعفر: حدثنا سليمان بن ابراهيم النصيبيني، قال: حدثنا زر بن كامل، عن أبي‌نوفل محمد بن نوفل العبدي، قال: شهدت الحسن بن علي عليهماالسلام و قد أوتي بظبية، فقال: هي حبلي بخشفين اناث، احداهما في عينها عيب، فذبحها فوجدناهما كذلك [408] .
[265] - 29 - قال الشيرواني:
روي عن الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام انه قال: اذا صاح القبر قال: اللهم العن مبغضي آل محمد صلي الله عليه و آله [409] .
[266] - 30 - روي الطوسي:
عن محمد بن مسعود، قال: حدثني جعفر بن أحمد بن أيوب قال حدثني: حمدان بن سليمان أبوالخير، قال حدثني: أبومحمد عبدالله بن محمد اليماني، قال حدثني: محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الكوفي، عن أبيه الحسين، عن طاووس قال: كنا علي مائدة ابن عباس، و محمد بن الحنفية حاضر، فوقعت جرادة فأخذها محمد، ثم قال: هل تعرفون ما هذه النقط السود في جناحها؟ قالوا الله

[ صفحه 254]

أعلم. فقال: أخبرني أبي‌علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام أنه كان مع النبي صلي الله عليه و آله ثم قال: هل تعرف يا علي هذه النقط السود في جناح هذه الجرادة؟ قال: قلت الله و رسوله أعلم.
فقال عليه‌السلام: مكتوب في جناحها أنا الله رب العالمين، خلقت الجراد جندا من جنودي أصيب به من أشاء من عبادي، فقال ابن‌عباس: فما بال هؤلاء القوم يفتخرون علينا يقولون: انهم أعلم منا، فقال محمد: ما ولدهم الا من ولدني.
قال: فسمع ذلك الحسن بن علي عليهماالسلام فبعث اليهما و هما في المسجد الحرام، فقال لهما: أما أنه قد بلغني ما قلتما اذ وجدتما جرادة، فأما أنت يابن عباس ففيمن نزلت هذه الآية: (لبئس المولي و لبئس العشير) [410] في أبي أو في أبيك؟ و تلي عليه آيات من كتاب الله كثيرا.
ثم قال: أما والله لو لا ما نعلم لأعلمتك عاقبة أمرك ما هو و ستعلمه، ثم انك بقولك هذا مستنقص في بدنك، و يكون الجرموز من ولدك، و لو أذن لي في القول لقلت: ما لو سمع عامة هذا الخلق لجحدوه و أنكروه [411] .
[267] - 31 - قال الراوندي:
[روي] ان الحسن عليه‌السلام [و اخوته] و عبدالله بن العباس كانوا علي مائدة، فجاءت جرادة و وقعت علي المائدة.
فقال عبدالله للحسن: أي شي‌ء مكتوب علي جناح الجرادة؟
فقال: مكتوب عليه: أنا الله لا اله الا أنا، ربما أبعث الجراد رحمة لقوم جياع ليأكلوه و ربما أبعثها نقمة علي قوم فتأكل أطعمتهم.

[ صفحه 255]

فقام عبدالله، و قبل رأس الحسن، و قال: هذا من مكنون العلم [412] .
[268] - 32 - و قال أيضا:
روي عن صندل، عن أبي‌أسامة، عن الصادق، عن آبائه عليهم‌السلام ان الحسن عليه‌السلام خرج الي مكة ماشيا من المدينة، فتورمت قدماه فقيل له: لو ركبت لسكن عنك هذا الورم. فقال:
كلا و لكنا اذا أتينا المنزل فانه يستقبلنا أسود معه دهن يصح لهذا الورم، فاشتروا منه و لا تماكسوه.
فقال له بعض مواليه: ليس أمامنا منزل فيه أحد يبيع مثل هذا الدواء؟
فقال: بلي انه أمامنا. و ساروا أميالا فاذا الأسود قد استقبلهم.
فقال الحسن لمولاه: دونك الأسود، فخذ الدهن منه بثمنه. فقال الأسود: لمن تأخذ هذا الدهن؟ قال: للحسن بن علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام. قال: انطلق بي اليه. فصار الأسود اليه، فقال: يابن رسول الله اني مولاك لا آخذ له ثمنا، و لكن ادع الله أن يرزقني ولدا سويا ذكرا يحبكم أهل البيت فاني خلفت امرأتي تمخض فقال: انطلق الي منزلك، فان الله تعالي قد وهب لك ولدا سويا.
فرجع الأسود من فوره فاذا امرأته قد ولدت غلاما سويا، ثم رجع الأسود الي الحسن عليه‌السلام و دعا له بالخير بولادة الغلام له، و ان الحسن قد مسح رجليه بذلك الدهن فما قام من موضعه حتي زال الورم [413] .

[ صفحه 256]

[269] - 33 - روي الصفار القمي:
حدثنا محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، و عن عبدالغفار الجاري، عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال: ان حسنا كان معه رجلان فقال لأحدهما: فلانا بما حدثتك البارحة، فقال الرجل الذي قال له: انه يقول: قد كان [عليه‌السلام] قال: انا لنعلم ما يجري في الليل و النهار و قال: ان الله تبارك و تعالي علم رسول الله صلي الله عليه و آله الحلال و الحرام، و [التنزيل] و التأويل، فعلم رسول الله صلي الله عليه و آله عليا [علمه] كله [414] .
[270] - 34 - قال الاربلي:
قال الامام لأبيه عليه‌السلام: ان للعرب جولة و لقد رجعت اليها عوازب أحلامها، و لقد ضربوا اليك أكباد الابل حتي يستخرجوك، و لو كنت في مثل جار الضبع [415] .
[271] - 35 - قال ابن شهرآشوب:
[روي] عن أبي‌حمزة الثمالي، عن زين‌العابدين عليه‌السلام قال: كان الحسن بن علي جالسا فأتاه آت فقال: يابن رسول الله قد احترقت دارك. قال: لا ما احترقت.
اذ أتاه آت فقال: يابن رسول الله: قد وقعت النار في دار الي جنب دارك حتي ما شككنا انها ستحرق دارك ثم ان الله صرفها عنها [416] .

علمه بجميع اللغات

[272] - 36 - روي الكليني:
عن أحمد بن محمد؛ و محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسن، عن يعقوب بن

[ صفحه 257]

يزيد، عن ابن أبي‌عمير عن رجاله عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال: ان الحسن عليه‌السلام قال: ان لله مدينتين احداهما بالمشرق و الأخري بالمغرب عليهما سور من حديد و علي كل واحد منهما ألف ألف مصراح و فيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبها و أنا أعرف جميع اللغات و ما فيهما و ما بينهما و ما عليهما حجة غيري و غير الحسين أخي [417] .

وصفه النجوم

[273] - 37 - قال المجلسي:
نقلا عن كتاب «النجوم» روي ابن‌جمهور العمي في كتاب «الوحدة» في أوائل أخبار مولانا الحسن بن علي عليهماالسلام من خطبة له في صفة النجوم ما هذا لفظة:
ثم أجري في السماء مصابيح ضوؤها في مفتحه و حارثها بها و جال شهابها من نجومها الدراري المضيئة التي لو لا ضوؤها ما أنفذت أبصار العباد في ظلم الليل المظلم بأهواله المدلهم بحنادسه و جعل فيها أدلة علي منهاج السبل لما أحوج اليه الخليقه من الانتقال و التحول و الاقبال و الادبار [418] .

[ صفحه 258]

علمه بالغائب و بما في النفس

[274] - 38 - روي البحراني:
عن علي بن الحسين المقرئ الكوفي، عن محمد بن حليم التمار، عن المخول ابن ابراهيم، عن زيد بن كثير الجمحي، عن يونس بن ظبيان، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن أبي‌عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام قال: لما قدم أبومحمد الحسن ابن علي عليهماالسلام من الكوفة تلقاه أهل المدينة معزين بأميرالمؤمنين عليه‌السلام و مهنين بالقدوم و دخلت عليه أزواج رسول الله صلي الله عليه و آله فقالت عائشة: [والله] يا أبامحمد ما فقد جدك الا حيث فقد أبوك (و لقد) قلت يوم قام عندنا ناعية قولا صدقت فيه و ما كذبت.
فقال لها الحسن عليه‌السلام: عسي هو تمثلك بقول لبيد بن ربيعة حيث يقول:

فبشرتها و استعجلت عن خمارها
و قد تستخف المعجلين البشائر

و أخبرها الركبان أن ليس بينها
و بين قري نجران و الشام كافر

و ألقت عصاها و استقر بها النوي
كما قر عينا بالاياب مسافر

ثم أتبعت الشعر بقولك أما اذا قتل علي فقولوا للعرب تعمل ما تشاء.
فقالت [له] : يابن فاطمة حذوت حذو جدك و أبيك في علم الغيب من الذي أخبرك (بهذا) عني؟
فقال لها: ما هذا غيب لانك أظهرته و سمع منك و الغيب نبشك عن جرد أخضر في وسط بيتك بلا قبس و ضربت بالحديدة كفك حتي صار جرحا و الا فاكشفي عنه و أريه من حولك من النساء، ثم اخراجك الجرد و فيه ما جمعته من خيانة و أخذت منه أربعين دينارا عددا لا تعلمين ما وزنها و تفريقك لها في مبغضي [معصية]

[ صفحه 259]

أميرالمؤمنين عليه‌السلام (من تيم و عدي شكرا لقتل أميرالمؤمنين عليه‌السلام).
فقالت: يا حسن والله لقد كان ما قلته فالله ابن هند، لقد شفي و أشفاني.
فقالت لها أم‌سلمة زوجة رسول الله صلي الله عليه و آله: ويحك يا عائشة ما هذا منك بعجب و اني لأشهد عليك أن رسول الله صلي الله عليه و آله قال لي و أنت حاضرة و أم أيمن و ميمونة: يا أم‌سلمة كيف تجديني في نفسك؟
فقلت: يا رسول الله أجده قربا و لا أبلغه و صفا.
فقال: فكيف تجدي عليا في نفسك؟
فقلت: لا يتقدمك (يا رسول الله) و لا يتأخر عنك و أنتما في نفسي بالسواء.
فقال: شكرا لله لك ذلك يا أم‌سلمة فلو لم يكن علي في نفسك مثلي لبرأت منك في الآخرة و لم ينفعك قربي منك في الدنيا، فقلت أنت لرسول الله صلي الله عليه و آله و كذا كل أزواجك يا رسول الله؟ فقال: لا، فقلت: [لا] والله ما أجد لعلي في موضعا قربتنا فيه أو أبعدتنا.
فقال لك: حسبك يا عائشة.
فقالت: يا أم‌سلمة يمضي محمد و يمضي علي و يمضي الحسن مسموما و يمضي الحسين مقتولا كما خبرك جدهما رسول الله صلي الله عليه و آله.
فقال لها الحسن عليه‌السلام: فما أخبرك جدي رسول الله صلي الله عليه و آله بأي موتة تموتين و الي ما تصيرين؟
قالت له: ما أخبرني الا بخير.
فقال الحسن عليه‌السلام: (والله) لقد أخبرني جدي رسول الله صلي الله عليه و آله تموتين بالداء و الدبيلة و هي ميتة أهل النار و انك تصيرين أنت و حزبك الي النار.

[ صفحه 260]

فقالت: يا حسن و متي؟
فقال الحسن عليه‌السلام: حيث أخبرك بعداوتك عليا أميرالمؤمنين عليه‌السلام و انشاءك حربا تخرجين فيها عن بيتك متأمرة علي جمل ممسوخ من مردة الجن يقال له بكير و أنك تسفكين دم خسمة و عشرين ألف رجل من المؤمنين الذين يظنون أنك أمهم، قالت له: جدك أخبرك بهذا أم هذا من علم غيبك؟ قال: لا من علم [غيب] الله و (علم) رسوله و علم أميرالمؤمنين عليه‌السلام.
[قال:] فأعرضت عنه بوجهها و قالت في نفسها: و الله لأتصدقن بأربعين و أربعين دينارا و نهضت.
فقال لها الحسن عليه‌السلام: و الله لو تصدقت (بأربعين) قنطارا ما كان ثوابك عليها الا النار [419] .

جوده

[275] - 39 - قال الاربلي:
روي سعيد بن عبدالعزيز قال: ان الحسن عليه‌السلام سمع رجلا يسأل ربه تعالي أن يرزقه عشر آلاف درهم فانصرف الحسن الي منزله فبعث بها اليه [420] .

تقسيم ماله

[276] - 40 - قال ابن شهرآشوب:
دخل الغاضري عليه فقال: اني عصيت رسول الله صلي الله عليه و آله فقال: بئس ما عملت

[ صفحه 261]

كيف؟ قال: قال عليه‌السلام لا يفلح قوم ملكت عليهم امرأة و قد ملكت علي امرأتي و أمرتني أن أشتري عبدا فاشتريته فأبق مني فقال عليه‌السلام: اختر أحد ثلاثة ان شئت فثمن عبد فقال: ههنا و لا تتجاوز! قد اخترت، فأعطاه ذلك [421] .
[277] - 41 - قال أيضا:
و دخل عليه جماعة و هو يأكل فسلموا و قعدوا فقال عليه‌السلام: هلموا فانما وضع الطعام ليؤكل [422] .
[278] - 42 - قال ابن‌عساكر:
أخبرنا أبوبكر محمد بن عبدالباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا محمد بن العباس، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن محمد بن الفهم، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا مسلم بن ابراهيم، عن القاسم بن الفضل، أنبأنا أبوهارون، قال:
انطلقنا حجاجا فدخلنا المدينة فقلنا: لو دخلنا علي ابن رسول الله صلي الله عليه و آله الحسن فسلمنا عليه، فدخلنا عليه فحدثناه بمسيرنا و حالنا، فلما خرجنا من عنده بعث الي كل رجل منا بأربعمأة أربعمأة، فقلنا للرسول: انا أغنياء و ليس بنا حاجة، فقال: لا تردوا عليه معروفه.
فرجعنا اليه فأخبرناه بيسارنا و حالنا، فقال: لا تردوا علي معروفي فلو كنت علي غير هذه الحال كان هذا لكم يسير أما أني مزودكم: ان الله [تبارك و تعالي] يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة فيقول: عبادي جاؤني شعثا تتعرضون لرحمتي فأشهدكم أني قد غفرت لمحسنهم و شفعت محسنهم في مسيئهم و اذا كان يوم

[ صفحه 262]

الجمعة فمثل ذلك [423] .
[279] - 43 - قال ابن شهرآشوب:
و للحسن بن علي عليهماالسلام:

ان السخاء علي العباد فريضة
لله يقرأ في كتاب محكم

وعد العباد الأسخياء جنانه
و أعد للبخلاء نار جهنم

من كان لا تندي يداه بنائل
للراغبين فليس ذاك بمسلم

و له أيضا:

خلقت الخلائق من قدرة
فمنهم سخي و منهم بخيل

فاما السخي ففي راحة
و أما البخيل فحزن طويل

و من همته عليه‌السلام ما روي أنه قدم الشام أي عند معاوية فأحضر بارنامجا بحمل عظيم و وضع قبله ثم ان الحسن عليه‌السلام لما أراد الخروج خصف خادم نعله فأعطاه البارنامج [424] [425] .
[280] - 44 - قال ابن‌عساكر:
أخبرنا أبوالقاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبومحمد الصريفيني، أنبأنا أبوحفص عمر بن ابراهيم بن أحمد الكناني، أنبأنا أبوسعيد الحسن بن علي العدوي، أنبأنا كامل بن طلحة، أنبأنا أبوهشام القناد، قال: كنت أحمل المتاع من البصرة الي الحسن بن علي [عليهماالسلام] و كان يماكسني فلعلي لا أقوم من عنده حتي يهب عامته،

[ صفحه 263]

و يقول: ان أبي حدثني ان رسول الله صلي الله عليه و آله قال: المغبون لا محمود و لا مأجور [426] .
[281] - 45 - قال الاربلي:
ان رجلا جاء اليه عليه‌السلام و سأله حاجة فقال له: يا هذا حق سؤالك يعظم لدي، و معرفتي بما يجب لك يكبر لدي، و يدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله، و الكثير في ذات الله عزوجل قليل، و ما في ملكي وفاء لشكرك، فان قبلت الميسور، و رفعت عني مؤنة الاحتفال و الاهتمام بما أتكلفه من واجبك فعلت.
فقال: يا ابن‌رسول الله صلي الله عليه و آله أقبل القليل، و أشكر العطية، و أعذر علي المنع، فدعا الحسن عليه‌السلام بوكيله و جعل يحاسبه علي نفقاته حتي استقصاها [ف] قال: هات الفاضل من الثلاثمائة ألف درهم فأحضر خمسين ألفا قال: فما فعل الخمسمائة دينار؟ قال: [هي] عندي، قال: أحضرها فأحضرها فدفع الدراهم و الدنانير الي الرجل و قال: هات من يحملها لك فأتاه حمالين، فدفع الحسن عليه‌السلام اليه رداءه لكري الحمالين، فقال مواليه: والله ما عندنا درهم فقال عليه‌السلام: لكني أرجو أن يكون لي عند الله أجر عظيم [427] .
[282] - 46 - قال ابن شهرآشوب:
و من سخائه عليه‌السلام ما روي أنه سأل الحسن بن علي عليهماالسلام رجل فأعطاه خمسين ألف درهم و خمس مائة دينار، و قال: ائت بحمال يحمل لك فأتي بحمال فأعطي طيلسانه فقال: هذا كري الحمال.
و جاءه بعض الأعراب فقال: أعطوه ما في الخزانة فوجد فيها عشرون ألف

[ صفحه 264]

دينار فدفعها الي الأعرابي فقال الأعرابي: يا مولاي الا تركتني أبوح بحاجتي و أنشر مدحتي فأنشأ الحسن عليه‌السلام:

نحن أناس نوالنا خضل
يرتع فيه الرجاء و الأمل

تجود قبل السؤال أنفسنا
خوفا علي ماء وجه من يسل

لو علم البحر فضل نائلنا
لغاض من بعد فيضه خجل [428] .

[283] - 47 - روي المجلسي عن كتاب العدد القوية انه قال:
قيل وقف رجل علي الحسن بن علي عليهماالسلام، فقال: يابن أميرالمؤمنين بالذي أنعم عليك بهذه النعمة التي ما تليها منه بشفيع منك اليه بل أنعاما منه عليك الا ما أنصفتني من خصمي فانه غشوم ظلوم لا يوقر الشيخ الكبير و لا يرحم الطفل الصغير و كان متكئا فاستوي جالسا و قال له: من خصمك حتي أنتصف لك منه؟ فقال له: الفقر فأطرق عليه‌السلام ساعة ثم رفع رأسه الي خادمه و قال له: أحضر ما عندك من موجود، فاحضر خمسة آلاف درهم، فقال: ادفعها اليه ثم قال له: بحق هذا الأقسام التي أقسمت بها علي متي أتاك خصمك جائرا الا ما أتيتني منه متظلما [429] .
[284] - 48 - عن التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام:
انه قال: قال الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام و قد حمل اليه رجل هدية فقال له: أيما أحب اليك؟ أن أرد عليك بدلها عشرين ضعفا عشرين ألف درهم أو أفتح لك بابا من العلم تقهر فلانا الناصبي في قريتك تنقذ به ضعفاء أهل قريتك؟ [و] ان أحسنت الاختيار جمعت لك الأمرين و ان أسأت الاختيار خيرتك

[ صفحه 265]

لتأخذ أيهما شئت.
فقال: يابن رسول الله فثوابي في قهري لذلك الناصب و استنقاذي لأولئك الضعفاء من يده قدره عشرون ألف درهم؟ قال عليه‌السلام: بل أكثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرة.
فقال: يابن رسول الله فكيف أختار الأدون بل أختار الأفضل، الكلمة التي أقهر بها عدو الله و أذوده عن أولياء الله، فقال الحسن بن علي عليهماالسلام: قد أحسنت الأختيار و علمه الكلمة و أعطاه عشرين ألف درهم، فذهب فأفحم الرجل فأتصل خبره به فقال له اذ حضر: يا عبدالله ما ربح أحد مثل ربحك و لا اكتسب أحد من الأوداء مثل ما اكتسبت، اكتسبت مودة الله أولا، و مودة محمد و علي ثانيا، و مودة الطيبين من آلهما ثلاثا، و مودة ملائكة الله تعالي المقربين رابعا، و مودة اخوانك المؤمنين خامسا، و اكتسبت بعدد كل مؤمن و كافر ما هو أفضل من الدنيا ألف مرة فهنيئا لك هنيئا [430] .
[285] - 49 - قال الراوندي:
روي عن أبي‌بصير [قال] حدثني علي بن دراج عند الموت أنه دخل علي أبي‌جعفر عليه‌السلام و قال: ان المختار استعملني علي بعض أعماله و أصبت مالا فذهب بعضه، و أكلت و أعطيت بعضا، فانا أحب أن تجعلني في حل من ذلك. قال: أنت منه في حل.
فقلت: ان فلانا حدثني أنه سأل الحسن بن علي عليه‌السلام أن يقطعنا أرضا في الرجعة فقال له الحسن عليه‌السلام: أنا أصنع بك ما هو خير لك من ذلك: أضمن لك الجنة علي و علي آبائي، فهل كان هذا؟ قال: نعم. فقلت لأبي جعفر عليه‌السلام عند ذلك: اضمن لي

[ صفحه 266]

الجنة عليك و علي آبائك عليهم‌السلام كما ضمن الحسن عليه‌السلام لفلان؟ قال: نعم.
قال أبوبصير: حدثني هو بهذا ثم مات و ما حدثت بهذا أحدا، ثم خرجت و دخلت المدينة فدخلت علي أبي‌جعفر عليه‌السلام، فلما نظر الي قال: مات علي؟ قلت: نعم.
قال: حدثك بكذا و كذا، فلم يدع شيئا مما حدثني به عليا الا حدثني به. فقلت: و الله ما كان عندي حين حدثني هو بهذا أحد، و لا خرج مني الي أحد فمن أين علمت هذا؟ فغمز فخذي بيده فقال: هيه هيه أسكت الآن [431] .
[286] - 50 - قال ابن‌ابي‌الحديد:
روي أبوجعفر محمد بن حبيب ان الحسن عليه‌السلام أعطي شاعرا، فقال له رجل من جلسائه: سبحان الله أتطعي شاعرا يعصي الرحمن و يقول البهتان فقال: يا عبدالله ان خير ما بذلت من مالك ما وقيت به عرضك و ان من ابتغاء الخير اتقاء الشر [432] .

فضله

[287] - 51 - روي الاربلي:
عن علي بن عقبة عن أبيه قال: دخل الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام علي معاوية و عنده شباب من قريش يتفاخرون، و الحسن ساكت، فقال له:
يا حسن والله ما أنت بكليل اللسان و لا بمأشوب الحسب فلم لا تذكر فخركم و قديمكم؟ فأنشأ الحسن يقول:

[ صفحه 267]


فيم الكلام و قد سبقت مبرزا
سبق الجواد من المدي المتباعد

نحن الذين اذ القروم تخاطروا
طبنا علي رغم العدو الحاسد [433] .

[288] - 52 - قال ابن شهرآشوب:
و تفاخرت قريش و الحسن بن علي حاضر لا ينطق فقال معاوية: يا أبامحمد مالك لا تنطق؟ فوالله ما أنت بمشوب الحسب و لا بكليل اللسان، قال الحسن: ما ذكروا فضيلة الا ولي محضها و لبابها ثم قال:

فيم الكلام و قد سبقت مبرزا
سبق الجواد من المدي المتنفس [434] .

[289] - 53 - و روي أيضا:
عن محمد بن اسحاق بالاسناد جاء أبوسفيان الي علي عليه‌السلام فقال: يا أباالحسن جئتك في حاجة قال: و فيم جئتني؟ قال: تمشي معي الي ابن عمك محمد فتسأله ان يعقد لنا عقدا و يكتب لنا كتابا، فقال: يا أباسفيان لقد عقد لك رسول الله عقدا لا يرجع عنه أبدا و كانت فاطمة من وراء الستر و الحسن يدرج بين يديها و هو طفل من أبناء أربعة عشر شهرا فقال لها: يا بنت محمد! قولي لهذا الطفل يكلم لي جده فيسود بكلامه العرب و العجم، فأقبل الحسن عليه‌السلام الي أبي‌سفيان و ضرب احدي يديه علي أنفه و الأخري علي لحيته ثم أنطقه الله عزوجل بأن قال: يا أباسفيان! قل لا اله الا الله محمد رسول الله حتي أكون شفيعا فقال عليه‌السلام: الحمد لله الذي جعل في آل محمد من ذرية محمد المصطفي نظير يحيي بن زكريا (و آتيناه الحكم صبيا) [435] [436] .

[ صفحه 268]

اصفرار لونه عند الوضوء

[290] - 54 - و قال أيضا:
ان الحسن بن علي عليهماالسلام كان اذا توضأ ارتعدت مفاصله، و اصفر لونه، فقيل له في ذلك فقال: حق علي كل من وقف بين يدي رب العرش أن يصفر لونه و ترتعد مفاصله [437] .

تواضعه

[291] - 55 - روي ابن شهرآشوب:
عن كتاب «الفنون» عن أحمد بن المؤدب «و نزهة الأبصار»، عن ابن‌مهدي انه مر الحسن بن علي عليهماالسلام علي فقراء و قد وضعوا كسيرات علي الأرض و هم قعود يلتقطونها و يأكلونها فقالوا له: هلم يابن بنت رسول الله الي الغداء، قال: فنزل و قال: ان الله لا يحب المستكبرين، و جعل يأكل معهم حتي اكتفوا و الزاد علي حاله ببركته ثم دعاهم الي ضيافته و أطعمهم و كساهم [438] .
[292] - 56 - قال الخوارزمي:
أخبرنا الامام سيف الدين أبوجعفر الجمحي كتابة، أخبرنا الشيخ الامام أبوالحسين زيد بن الحسن بن علي البيهقي، أخبرنا السيد الامام علي بن محمد الحسيني، حدثنا السيد الامام زين الاسلام أبوجعفر محمد بن جعفر بن علي

[ صفحه 269]

الحسيني، حدثنا السيد الامام أبوطالب يحيي بن الحسن بن هارون الحسني رحمه الله، أخبرنا محمد بن زيد الحسيني، حدثنا الناصر للحق الحسن بن علي، حدثنا بشر ابن عبدالوهاب، حدثنا عبيدالله بن موسي، حدثنا قطري الخشاب، عن مدرك بن راشد، قال:
كنا في حيطان لابن عباس فجاء الحسن و الحسين عليهماالسلام فطافا بالبستان فقال الحسن: أعندك غداء يا مدرك؟ فقلت له: طعام الغلمان، فجئته بخبز و ملح جريش و طاقات بقل، فأكل ثم جي‌ء بطعامه و كان كثير الطعام طيبة فقال:
يا مدرك اجمع غلمان البستان فجمعتهم فأكلوا و لم يأكل فقلت له في ذلك فقال: ذاك كان عندي أشهي من هذا ثم توضأ ثم جي‌ء له بدابته فأمسك ابن‌عباس له بالركاب و سوي عليه ثم مضي فقلت لابن عباس: أنت أسن منهما أفتمسك لهما؟ قال يالكع أما تدري من هذان؟ هذان ابنا رسول الله، أو ليس مما أنعم الله علي أن أمسك لها و أسوي عليهما [439] .

نقش خاتمه

[293] - 57 - قال ابن‌عساكر:
أخبرنا أبوالقاسم محمود بن أحمد بن الحسن التبريزي بها، أنبأنا أبوالفضائل محمد بن أحمد بن عمر بن الحسن بن يونس باصبهان، أنبأنا أبونعيم أحمد بن عبدالله الحافظ، أنبأنا محمد بن محمد بن عبدالله، أنبأنا عيسي بن سليمان الوراق، أنبأنا داود بن عمرو الضبي: أنبأنا موسي بن محمد بن جعفر الصادق، عن أبيه، عن

[ صفحه 270]

جده قال: قال الحسن بن علي بن أبي‌طالب [عليهماالسلام] : رأيت عيسي بن مريم عليهماالسلام في النوم، فقلت: يا روح الله اني أريد أن أنقش علي خاتمي فما أنقش عليه؟ قال: أنقش عليه «لا اله الا الله الحق المبين» فانه يذهب الهم و الغم. [440] .

مقامه عند النبي

[294] - 58 - قال الطبراني:
حدثنا أبومسلم الكشي، حدثنا أبوعاصم، عن ابن‌عون، عن عمير بن اسحاق، ان أباهريرة رضي الله عنه لقي الحسن بن علي [عليهماالسلام] فقال: ارفع ثوبك حتي أقبل حيث رأيت النبي صلي الله عليه و آله يقبل، فرفع عن بطنه و وضع يده علي سرته [441] .

تنبئه بخيانة أهل العراق لأخيه الحسين

[295] - 59 - قال الطبراني:
حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، حدثنا عبدالله بن الحكم بن أبي‌زياد، حدثنا أبوأسامة، عن سفيان بن عيينة، عن عبيدالله بن عبدالله بن الأصم، عن عمه يزيد بن الأصم، قال: خرجت مع الحسن و جارية تحت شيئا من الحناء عن أظفاره، فجاءته اضبارة من كتب، فقال: يا جارية هات المخضب فصب فيه ماء و ألقي الكتب في الماء، فلم يفتح منها شيئا و لم ينظر اليه، فقلت: يا أبامحمد ممن هذه الكتب؟ قال:

[ صفحه 271]

من أهل العراق من قوم لا يرجعون الي حق و لا يقصرون عن باطل، أما اني لست أخشاهم علي نفسي و لكني أخشاهم علي ذلك و أشار الي الحسين [عليه‌السلام] [442] .

[ صفحه 272]

كلامه في المهدي

اشاره

[296] - 1 - قال الخزاز القمي:
حدثنا علي بن محمد، قال حدثنا محمد بن عمر القاضي الجعابي، قال حدثني أحمد بن واقد، عن ابراهيم بن عبدالله بن عبدالحميد، عن أبي‌ضمرة، عن عباية، عن الأصبغ قال: سمعت الحسن بن علي يقول: الأئمة بعد رسول الله صلي الله عليه و آله اثنا عشر، تسعة من صلب أخي الحسين، و منهم مهدي هذه الأمة [443] .
[297] - 2 - و قال أيضا:
حدثنا الحسين بن علي عليهماالسلام [قال حدثنا هارون بن موسي، قال حدثنا محمد بن همام] قال حدثني جعفر بن مالك الفزاري، قال: حدثني الحصين، علي بن فرات ابن أحنف، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن محمد بن علي الباقر، عن علي بن الحسين زين‌العابدين، قال: قال الحسن بن علي عليهماالسلام: الأئمة عدد نقباء بني‌اسرائيل، و منا مهدي هذه الأمة [444] .

[ صفحه 273]

ذكره علائم ظهور المهدي

[298] - 3 - روي الطوسي:
عن الفضل بن شاذان، عن عبدالله بن جبلة، عن أبي‌عمار، عن علي بن أبي‌المغيرة، عن عبدالله بن شريك العامري، عن عميرة بنت نفيل، قالت:
سمعت الحسن بن علي عليهماالسلام يقول: لا يكون هذا الأمر الذي تنتظرون حتي يبرأ بعضكم من بعض، و يلعن بعضكم بعضا و يتفل بعضكم في وجه بعض، و حتي يشهد بعضكم بالكفر علي بعض.
قلت: ما في ذلك خير؟
قال: الخير كله في ذلك، عند ذلك يقوم قائمنا، فيرفع ذلك كله [445] .

[ صفحه 274]

اسماء الشيعة في الديوان عند الأئمة

اشاره

[299] - 1 - قال الصفار القمي:
حدثنا أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن سليمان، عن عمرو بن أبي‌بكر، عن رجل، عن حذيفة بن اسيد الغفاري، قال: لما وادع الحسن عليه‌السلام معاوية و انصرف الي المدينة صحبته في منصرفه و كان بين عينيه حمل بعير لا يفارقه حيث توجه فقلت ذات يوم: جعلت فداك يا أبامحمد هذا الحمل لا يفارقك حيث ما توجهت فقال: يا حذيفة أتدري ما هو؟ قلت: لا. قال: هذا الديوان قلت: ديوان ماذا؟ قال: ديوان شيعتنا فيه أسماؤهم قلت: جعلت فداك فأرني اسمي قال: اغد بالغداة قال: فغدوت اليه و معي ابن أخ لي و كان يقرأ و لم أكن أقرأ، فقال: ما غدا بك؟ قلت: الحاجة التي وعدتني قال: و من ذا الفتي معك؟ قلت: ابن أخ لي و هو يقرأ و لست أقرأ قال: فقال لي اجلس فجلست فقال: علي بالديوان الأوسط قال: فأتي به قال: فنظر الفتي فاذا الأسماء تلوح قال: فبينما هو يقرأ اذ قال: هو يا عماه هو ذا اسمي قلت: ثكلتك أمك أنظر أين اسمي؟ قال: فصفح

[ صفحه 275]

ثم قال: هو ذا اسمك فاستبشرنا و استشهد الفتي مع الحسين بن علي عليهماالسلام [446] .

الشيعي الحقيقي

[300] - 2 - في التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام:
قال رجل للحسن بن علي عليه‌السلام أنا من شيعتكم فقال الحسن بن علي عليهماالسلام: يا عبدالله ان كنت لنا في أوامرنا و زواجرنا مطيعا فقد صدقت، و ان كنت بخلاف ذلك فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبة شريفة لست من أهلها لا تقل لنا أنا من شيعتكم و لكن قل أنا من مواليكم و محبيكم و معادي أعدائكم، و أنت في خير و الي خير [447] .
[301] - 3 - قال الديلمي:
قال الحسن بن علي عليهماالسلام: «ما يضر الرجل من شيعتنا أي ميتة مات: أكله سبع، أو أحرق بنار، أو غرق، أو صلب، أو قتل هو والله صديق شهيد» [448] .

[ صفحه 276]

في الامامة

اشاره

[302] - 1 - قال الطبرسي:
روي سليم بن قيس قال: سمعت عبدالله بن جعفر بن أبي‌طالب، قال: قال لي معاوية: ما أشد تعظيمك للحسن و الحسين، ما هما بخير منك، و لا أبوهما بخير من أبيك، لو لا أن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله لقلت ما أمك أسماء بنت عميس بدونها، قال: فغضبت من مقالته، و أخذني ما لا أملك، فقلت: انك لقليل المعرفة بهما و بأبيهما و أمهما بلي والله هما خير مني، و أبوهما خير من أبي، و أمهما خير من أمي، و لقد سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: فيهما و في أبيهما و أنا غلام فحفظته منه و وعيته.
فقال معاوية - و ليس في المجلس غير الحسن و الحسين عليهماالسلام و ابن‌جعفر رحمه الله و ابن‌عباس و أخيه الفضل - هات ما سمعت، فوالله ما أنت بكذاب، فقال: انه أعظم مما في نفسك، قال: و ان كان أعظم من أحد و حري، فانه ما لم يكن أحد من أهل الشام لا أبالي، أما اذا قتل طاغيتكم، و فرق جمعكم و صار الأمر في أهله و معدنه، فلا نبالي ما قلتم، و لا يضرنا ما ادعيتم.

[ صفحه 277]

قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: أنا أولي بالمؤمنين من أنفسهم، من كنت أولي به من نفسه فأنت يا أخي أولي به من نفسه - و علي بين يديه في البيت و الحسن و الحسين و عمر بن أم‌سلمة و أسامة بن زيد و في البيت فاطمة عليهاالسلام و أم أيمن و أبوذر و المقداد و الزبير بن عوام، و ضرب رسول الله صلي الله عليه و آله علي عضده و أعاد ما قال فيه ثلاثا ثم نص بالامامة علي الأئمة تمام الاثني عشر عليهم‌السلام.
ثم قال صلوات الله عليه: و لامتي اثنا عشر امام ضلالة كلهم ضال مضل عشرة من بني‌أمية و رجلان من قريش، وزر جميع الاثني عشر و ما أضلوا، في أعناقهما ثم سماهما رسول الله صلي الله عليه و آله و سمي العشرة معهما.
قال: فسمهم لنا، فلان و فلان و فلان و صاحب السلسلة و ابنه من آل أبي‌سفيان و سبعة من ولد الحكم بن أبي‌العاص أولهم مروان.
قال معاوية: لئن كان ما قلت حقا لقد هلكت و هلكت الثلاثة قبلي، و جميع من تولاهم من هذه الأمة، و لقد هلك أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله من المهاجرين و الأنصار و التابعين غيركم أهل البيت و شيعتكم، قال ابن‌جعفر: فان الذي قلت والله حق سمعته من رسول الله. صلي الله عليه و آله.
قال معاوية للحسن و الحسين و ابن‌عباس: ما يقول ابن‌جعفر؟ قال ابن‌عباس - و معاوية بالمدينة أول سنة اجتمع عليه الناس بعد قتل علي عليه‌السلام -: أرسل الي الذين سمي، فأرسل الي عمر بن أم‌سلمة و أسامة فشهدوا جميعا أن الذي قال ابن‌جعفر حق قد سمعوا من رسول الله صلي الله عليه و آله كما سمعه.
ثم أقبل معاوية الي الحسن و الحسين و ابن‌عباس و الفضل و ابن أم‌سلمة و أسامة فقال: كلكم علي ما قال ابن‌جعفر؟ قالوا: نعم قال معاوية: فانكم يا بني

[ صفحه 278]

عبدالمطلب لتدعون أمرا عظيما و تحتجون بحجة قوية، فان كانت حقا فانكم لتصبرون علي أمر و تسترونه، و الناس في غفلة و عمي، و لئن كان ما تقولون حقا لقد هلكت الأمة، و رجعت عن دينها، و كفرت بربها و جحدت نبيها الا أنتم أهل البيت و من قال بقولكم، فأولئك قليل في الناس.
فأقبل ابن‌عباس علي معاوية فقال: قال الله: (و قليل من عبادي الشكور) [449] و قال: (و قليل ما هم) [450] و ما تعجب [تتعجب] مني يا معاوية أعجب من بني‌اسرائيل ان السحرة قالوا لفرعون (فاقض ما أنت قاض) [451] فآمنوا بموسي و صدقوه ثم سار بهم و من اتبعهم من بني‌اسرائيل فأقطعهم البحر، و أراهم العجائب، و هم مصدقون بموسي و بالتوراة يقرون له بدينه، ثم مروا بأصنام تعبد، فقالوا: (اجعل لنا الها كما لهم آلهة قال انكم قوم تجهلون) [452] و عكفوا علي العجل جميعا غير هارون فقالوا: (هذا الهكم و اله موسي) [453] و قال لهم موسي بعد ذلك (ادخلوا الأرض المقدسة) [454] فكان من جوابهم ما قص الله عزوجل عليهم فقال موسي عليه‌السلام: (رب اني لا أملك الا نفسي و أخي فافرق بيننا و بين القوم الفاسقين) [455] .
فما اتباع هذه الأمة رجالا سودوهم و أطاعوهم، لهم سوابق مع رسول الله

[ صفحه 279]

و منازل قريبة منه، و أصهار مقرين بدين محمد و بالقرآن، حملهم الكبر و الحسد أن خالفوا امامهم و وليهم، بأعجب من قوم صاغوا من حليهم عجلا ثم عكفوا عليه يعبدونه و يسجدون له، و يزعمون أنه رب العالمين و اجتمعوا علي ذلك كلهم غير هارون وحده.
و قد بقي مع صاحبنا الذي هو من نبينا بمنزلة هارون من موسي من أهل بيته ناس، سلمان و أبوذر و المقداد و الزبير، ثم رجع الزبير و ثبت هؤلاء الثلاثة مع امامهم حتي لقوا الله.
و تتعجب يا معاوية أن سمي الله من الأئمة واحدا بعد واحد؟ قد نص عليهم رسول الله صلي الله عليه و آله (بغدير خم) و في غير موطن و احتج بهم عليهم و أمرهم بطاعتهم و أخبر أن أولهم علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام ولي كل مؤمن و مؤمنة من بعده، و أنه خليفته فيهم و وصيه، و قد بعث رسول الله صلي الله عليه و آله جيشا يوم مؤتة فقال: عليكم بجعفر فان هلك فزيد فان هلك فعبدالله بن رواحة فقتلوا جميعا أفتراه يترك الأمة و لم يبين لهم من الخليفة بعده، ليختاروا هم لأنفسهم الخليفة، كأن رأيهم لأنفسهم أهدي لهم و أرشد من رأيه و اختياره، و ما ركب القوم ما ركبوا الا بعد ما بينه و ما تركهم رسول الله صلي الله عليه و آله في عمي و لا شبهة.
فاما ما قال الرهط الأربعة الذين تظاهروا علي علي عليه‌السلام و كذبوا علي رسول الله صلي الله عليه و آله و زعموا أنه قال: ان الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة و الخلافة فقد شبهوا علي الناس بشهادتهم و كذبهم و مكرهم.
قال معاوية: ما تقول يا حسن؟ قال: يا معاوية سمعت ما قلت و ما قال ابن‌عباس، العجب منك يا معاوية و من قلة حيائك و من جرأتك علي الله حين قلت: قد

[ صفحه 280]

قتل الله طاغيتكم و رد الأمر الي معدنه فأنت يا معاوية معدن الخلافة دوننا!؟ ويل لك يا معاوية و للثلاثة قبلك الذين أجلسوك هذا المجلس، و سنوا لك هذه السنة لأقولن كلاما ما أنت أهله و لكني أقول لتسمعه بنو أبي هؤلاء حولي.
ان الناس قد اجتمعوا علي أمور كثيرة، ليس بينهم اختلاف فيها و لا تنازع و لا فرقة، علي شهادة أن لا اله الا الله، و أن محمدا رسول الله و عبده، و الصلوات الخمس و الزكاة المفروضة، و صوم شهر رمضان، و حج البيت، ثم أشياء كثيرة من طاعة الله التي لا تحصي و لا يعدها الا الله؛ و اجتمعوا علي تحريم الزنا، و السرقة و الكذب و القطيعة، و الخيانة، و أشياء كثيرة من معاصي الله لا تحصي و لا يعدها الا الله.
و اختلفوا في سنن اقتتلوا فيها، و صاروا فرقا يلعن بعضهم بعضا، و هي: «الولاية» و يبرأ بعضهم من بعض، و يقتل بعضهم بعضا، أيهم أحق و أولي بها، الا فرقة تتبع كتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه و آله فمن أخذ بما عليه أهل القبة الذي ليس فيه اختلاف و رد علم ما اختلفوا فيه الي الله، سلم و نجا به من النار، و دخل الجنة، و من وفقه الله و من عليه و احتج عليه بأن نور قلبه بمعرفة ولاة الأمر من أئمتهم، و معدن العلم أين هو؟ فهو عند الله سعيد، و لله ولي، و قد قال رسول الله صلي الله عليه و آله: رحم الله امرء علم حقا فقال فغنم، أو سكت فسلم.
نحن نقول أهل البيت: ان الأئمة منا، و ان الخلافة لا تصلح الا فينا و ان الله جعلنا أهلها في كتابه و سنة نبيه صلي الله عليه و آله و ان العلم فينا و نحن أهله، و هو عندنا مجموع كله، بحذافيره، و أنه لا يحدث شي‌ء الي يوم القيامة حتي أرش الخدش الا و هو عندنا مكتوب باملاء رسول الله صلي الله عليه و آله و خط علي عليه‌السلام بيده.

[ صفحه 281]

و زعم قوم أنهم أولي بذلك منا، حتي أنت يابن هند تدعي ذلك، و تزعم أن عمر أرسل الي أبي: اني أريد أن أكتب القرآن في مصحف فابعث الي بما كتبت من القرآن، فأتاه فقال: تضرب والله عنقي قبل أن يصل اليك، قال: و لم؟ قال: لأن الله تعالي قال: (و الراسخون في العلم) [456] [قال:] اياي عني و لم يعنك، و لا أصحابك فغضب عمر.
ثم قال: ان ابن‌أبي‌طالب يحسب أن أحدا ليس عنده علم غيره، من كان يقرأ من القرآن شيئا فليأتني، فاذا جاء رجل فقرأ شيئا معه فيه آخر كتبه و الا لم يكتبه، ثم قالوا: قد ضاع منه قرآن كثير، بل كذبوا والله، بل هو مجموع محفوظ عند أهله.
ثم أمر عمر قضاته و ولاته: اجتهدوا آراءكم و اقضوا بما ترون أنه الحق فلا يزال هو و بعض ولاته قد وقعوا في عظيمة فيخرجهم منها أبي‌ليحتج عليهم بها فتجتمع القضاة عند خليفتهم و قد حكموا في شي‌ء واحد بقضايا مختلفة فأجازها لهم لأن الله لم يؤته الحكمة و فصل الخطاب، و زعم كل صنف من مخالفينا من أهل هذه القبلة ان معدن الخلافة و العلم دوننا، فنستعين بالله علي من ظلمنا، و جحدنا حقنا و ركب رقابنا، و سن للناس علينا ما يحتج به مثلك، و حسبنا الله و نعم الوكيل.
انما الناس ثلاثة: مؤمن يعرف حقنا، و يسلم لنا، و يأتم بنا، فذلك ناج محب لله ولي، و ناصب لنا العداوة يتبرأ منا و يلعننا و يستحل دماءنا و يجحد حقنا و يدين الله بالبراءة منا، فهذا كافر مشرك فاسق و انما كفر و أشرك من حيث لا يعلم كما سبوا الله [عدوا] بغير علم كذلك يشرك الله بغير علم، و رجل آخذ بما [لا] يختلف فيه ورد علم ما أشكل عليه الي الله مع ولايتنا، و لا يأتم بنا و لا يعادينا و لا يعرف حقنا،

[ صفحه 282]

فنحن نرجوا أن يغفر الله له و يدخله الجنة، فهذا مسلم ضعيف.
فلما سمع ذلك معاوية، أمر لكل احد منهم بمأة ألف درهم، غير الحسن و الحسين و ابن‌جعفر فانه أمر لكل واحد منهم بألف ألف درهم [457] .

عدد الأئمة

[303] - 2 - قال الخزاز القمي:
حدثني محمد بن الحسن بن الحسين بن أيوب، قال حدثنا محمد بن الحسين البزوفري، عن أحمد بن محمد الهمداني، عن القاسم بن محمد بن حماد، عن غياث ابن ابراهيم، قال حدثني اسماعيل بن أبي‌زياد، قال: أخبرني يونس بن أرقم، عن أبان بن أبي‌عياش، قال حدثني سليمان القصري، قال: سألت الحسن بن علي عليهماالسلام عن الأئمة قال: عدد شهور الحول [458] .

[ صفحه 283]

المعاد

الدنيا سجن المؤمن

[304] - 1 - قال الاربلي:
و نقل انه اغتسل و خرج من داره في حلة فاخرة، و بزة طاهرة و محاسن سافرة و قسمات ظاهرة و نفحات ناشرة، و وجهه يشرق حسنا و شكله قد كمل صورة و معني و الاقبال يلوح من أعطافه و نضرة النعيم تعرف في أطرافه، و قاضي القدر قد حكم أن السعادة من أوصافه.
ثم ركب بغلة فارهة غير قطوف و سار مكتنفا من حاشيته و غاشيته بصفوف فلو شاهده عبدمناف لأرغم بمفاخرته به معاطس أنوف و عده و آبائه و جده في احراز خصل الفخار يوم التفاخر بألوف فعرض له في طريقه من محاويج اليهود هم في همدم قد انهكته العلة و ارتكبته الذلة و أهلكته القلة، و جلده يستر عظامه و ضعفه يقيد أقدامه، و ضره قد ملك زمامه و سوء حاله قد حبب اليه حمامه و شمس الظهيرة تشوي شواه و أخمصه تصافح ثري ممشاه و عذاب عر عريه قد عراه و طول طواه قد أضعف بطنه و طواه و هو حامل جر مملوء ماء علي مطاه و حاله يعطف عليه القلوب

[ صفحه 284]

القاسيه عند مرآه فاستوقف الحسن و قال: يابن رسول الله انصفني فقال عليه‌السلام: في أي شي؟ فقال: جدك يقول: الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر و أنت مؤمن و أنا كافر فما أري الدنيا الا جنة لك تتنعم بها و تستلذ فيها؟ و ما أراها الا سجنا لي قد أهلكني ضرها و أتلفني فقرها؟
فلما سمع الحسن عليه‌السلام كلامه أشرق عليه نور التأييد؛ و استخرج الجواب بفهمه من خزانة علمه و أوضح لليهودي خطأ ظنه، و خطل زعمه، و قال: يا شيخ لو نظرت الي ما أعد الله لي و للمؤمنين في الدار الآخرة مما لا عين رأت و لا أذن سمعت، لعلمت اني قبل انتقالي اليه في هذه الدنيا في سجن ظنك و لو نظرت الي ما أعد الله لك و لكل كافر في الدار الآخرة من سعير نار الجحيم، و نكال عذاب المقيم، لرأيت انك قبل مصيرك اليه الآن في جنة واسعة؛ و نعمة جامعة.
فانظر الي هذا الجواب الصادع بالصواب كيف قد تفجرت بمستعذبه عيون علمه، و أينعت بمستغربه فنون فهمه، فياله جوابا ما امتنه، و صوابا ما أبينه، و خطابا ما أحسنه، صدر عن علم مقتبس من مشكاة نور النبوة، و تأييد موروث من آثار معالم الرسالة [459] .

كراهة الموت

[305] - 2 - قال الصدوق:
حدثنا محمد بن ابراهيم، عن أحمد بن يونس المعاذي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، قال: حدثنا محمد بن محمد بن الأشعث، عن موسي بن

[ صفحه 285]

اسماعيل، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمد عليهماالسلام، قال: كان للحسن بن علي عليهماالسلام صديق و كان ماجنا فتباطأ عليه أياما فجاءه يوما فقال له الحسن عليه‌السلام: كيف أصبحت فقال: يابن رسول الله أصبحت بخلاف ما أحب و يحب الله و يحب الشيطان فضحك الحسن عليه‌السلام ثم قال: و كيف ذاك قال: لأن الله عزوجل يحب أن أطيعه و لا أعصيه و لست كذلك و الشيطان يحب أن أعصي الله و لا أطيعه و لست كذلك و أنا أحب أن لا أموت و لست كذلك فقام اليه رجل فقال: يابن رسول الله ما بالنا نكره الموت و لا نحبه قال: فقال الحسن عليه‌السلام: أنكم أخربتم آخرتكم و عمرتم دنياكم فأنتم تكرهون النقلة من العمران الي الخراب [460] .

الخوف من الموت

[306] - 3 - قال اليعقوبي:
قال رجل للحسن عليه‌السلام: اني أخاف الموت! قال: ذاك أنك أخرت مالك، و لو قدمته لسرك أن تلحق به [461] .
[307] - 4 - قال الصدوق:
سئل الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام: ما الموت الذي جهلوه؟ قال: أعظم سرور يرد علي المؤمنين اذا نقلوا عن دار النكد الي نعيم الأبد، و أعظم ثبور يرد علي الكافرين اذا نقلوا عن جنتهم الي نار لا تبيد و لا تنفد [462] .

[ صفحه 286]

عذاب أهل النار

[308] - 5 - قال الديلمي:
قال الحسن عليه‌السلام: ان الله تعالي لم يجعل الأغلال في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوه و لكن اذا أطفي‌ء بهم اللهب أرسبهم في قعرها ثم غشي عليه فلما أفاق من غشوته قال:
يابن آدم نفسك فانما هي نفس واحدة ان نجت نجوت و ان هلكت لم ينفعك نجاة من نجا [463] .
[309] - 6 - قال ابن شهرآشوب:
و للحسن بن علي عليهماالسلام:

ذري كدر الأيام ان صفاءها
تولي بأيام السرور الذواهب

و كيف يغر الدهر من كان بينه
و بين الليالي محكمات التجارب

و له عليه‌السلام:

قيل للمقيم بغير دار اقامة
حان الرحيل فودع الأحبابا

ان الذين لقيتهم و صحبتهم
صاروا جميعا في القبور ترابا

و له عليه‌السلام:

يا أهل لذات دنيا لا بقاء لها
ان المقام بظل زائل حمق

و له عليه‌السلام:

[ صفحه 287]


لكسرة من خسيس الخبز تشبعني
و شربة من قراح الماء تكفيني

و طمرة من رقيق الثوب تسترني
حيا و ان مت تكفيني لتكفيني [464] .

[310] - 7 - و قال أيضا:
و له [الحسن عليه‌السلام] :

ان لم أمت أسفا عليك فقد
أصبحت مشتاقا الي الموت [465] .

منزلة علماء الشيعة في القيامة

[311] - 8 - في التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام:
قال الحسن بن علي عليهماالسلام: يأتي علماء، شيعتنا القوامون لضعفاء محبينا و أهل ولايتنا يوم القيامة و الأنوار تسطع من تيجانهم علي رأس كل واحد منهم تاج قد انبثت تلك الأنوار في عرصات القيامة و دورها مسيرة ثلاثمائة ألف سنة فشعاع تيجانهم ينبث فيها كلها فلا يبقي هناك يتيم قد كفلوه و من ظلمته الجهل و حيرة التيه أخرجوه الا تعلق بشعبة من أنوارهم فرفعتهم في العلو حتي يحاذي بهم ربض غرف الجنان ثم ينزلهم علي منازلهم المعدة لهم في جوار أستاديهم [أساتذتهم] و معلميهم و بحضرة أئمتهم الذين كانوا اليهم يدعون و لا يبقي ناصب من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان الا عميت عيناه و صمت أذناه و خرس لسانه و يحول عليه أشد من لهب النيران فيحملهم حتي يدفعهم الي الزبانية فيدعوهم الي سواء الجحيم. [466] .

[ صفحه 288]

الضحك المذموم

[312] - 9 - قال السبزواري:
مر الحسن عليه‌السلام بشاب يضحك فقال: هل مررت علي الصراط؟ قال: لا، قال: و هل تدري الي الجنة تصير أم الي النار؟ قال: لا، قال: فما هذا الضحك؟ قال: فما رؤي هذا الضاحك بعد ضاحكا [467] .

[ صفحه 291]

في الاحكام

باب الطهارة

آداب الوضوء

[313] - 1 - قال الدولابي:
حدثني أحمد بن يحيي الصوفي، حدثنا عبدالله بن سالم، حدثنا حسن بن زيد، عن أبيه، عن الحسن بن علي عليهماالسلام: ان النبي صلي الله عليه و آله كان اذا توضأ اتصل بموضع سجوده ما يسيله علي موضع السجود [468] .

مبطلات الوضوء

[314] - 2 - قال الدولابي:
حدثنا أحمد بن يحيي، حدثنا ضرار بن صرد، حدثنا ابن‌فضيل، عن محمد بن اسحاق، عن أبيه، عن الحسن بن علي عليهماالسلام: ان النبي صلي الله عليه و آله دخل علي فاطمة فناولته كتفا فأكل منها و لم يتوضأ [469] .

[ صفحه 292]

[315] - 3 - قال الطبراني:
حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل البغدادي، حدثنا عبدالله بن عمرو بن أبان، حدثنا محمد بن فضيل، عن محمد بن اسحاق، عن أبيه، عن الحسن بن علي عليهماالسلام انه دخل علي رسول الله صلي الله عليه و آله في بيت فاطمة، فناولته كتف شاة مطبوخة، فأكلها ثم قام يصلي، فأخذت ثيابه فقالت: ألا توضأ يا رسول الله؟ قال: «مم يا بنية؟» قالت: قد أكلت مما مسته النار قال: «ان أطهر طعامكم لما مسته النار» [470] .

دخوله الماء بثوب

[316] - 4 - قال ابن شهرآشوب:
[روي] عن عبدالرحمن بن أبي‌ليلي قال: دخل الحسن بن علي عليهماالسلام الفرات في بردة كانت عليه، قال: فقلت له: لو نزعت ثوبك، فقال لي: يا أباعبدالرحمن ان للماء سكانا [471] .

آداب الكفن

[317] - 5 - روي الكليني
عن سهل بن زياد، عن أيوب بن نوح عمن رواه عن أبي‌مريم الأنصاري، عن أبي‌جعفر عليه‌السلام أن الحسن بن علي عليهماالسلام كفن أسامة بن زيد ببرد أحمر حبرة و أن عليا عليه‌السلام كفن سهل بن حنيف ببرد أحمر حبرة [472] .

[ صفحه 293]

القيام عند مرور الجنازة

[318] - 6 - روي الحميري:
عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن آبيه عليهماالسلام أن الحسن بن علي عليهماالسلام كان جالسا و معه أصحاب له فمر بجنازة فقام بعض القوم و لم يقم الحسن عليه‌السلام، فلما مضوا بها قال بعضهم: ألا قمت عافاك الله؟ فقد كان رسول الله صلي الله عليه و آله يقوم للجنازة اذا مروا بها عليه، فقال الحسن عليه‌السلام: انما قام رسول الله صلي الله عليه و آله مرة واحدة، و ذلك أنه مر بجنازة يهودي و قد كان المكان ضيقا فقام رسول الله صلي الله عليه و آله و كره أن تعلو رأسه [473] .
[319] - 7 - قال الدولابي:
حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، أخبرنا عبدالله بن وهب، أخبرني سليمان بن بلال، حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: كان الحسن بن علي عليهماالسلام جالسا في نفر فمر عليه بجنازة فقام الناس حين طلعت. فقال الحسن بن علي عليهماالسلام: انه مر بجنازة يهودي، و كان النبي صلي الله عليه و آله علي طريقها فقام حين طلعت، كراهية أن تعلو رأسه [474] .
[320] - 8 - قال الطبراني:
حدثنا اسحاق بن ابراهيم الدبري، عن عبدالرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن محمد بن سيرين أن الحسن بن علي و ابن‌عباس رضي الله عنهما كانا جالسين،

[ صفحه 294]

فمرت جنازة، فقام أحدهما و لم يقم الآخر، فقال أحدهما: ألم يقم رسول الله صلي الله عليه و آله؟ فقال الآخر: بلي، ثم قعد [475] .
[321] - 9 - و قال أيضا:
حدثنا علي بن عبدالعزيز، حدثنا عارم أبوالنعمان، حدثنا حماد بن زيد عن أيوب، عن محمد بن سيرين، قال: مرت جنازة بابن عباس و الحسن بن علي عليهماالسلام فقام الحسن و قعد ابن‌عباس، فقال الحسن: أليس قد قام النبي صلي الله عليه و آله لجنازة يهودي أو يهودية مرت به؟ فقال ابن‌عباس: بلي و جلس [476] .

[ صفحه 295]

باب الصلاة

الصلاة خلوة بين الرب و العبد

[322] - 10 - قال الديلمي:
و كان الحسن عليه‌السلام يقول: يا ابن آدم من مثلك و قد خلي ربك بينه و بينك متي شئت أن تدخل اليه توضأت و قمت بين يديه و لم يجعل بينك و بينه حجابا و لا بوابا، تشكوا اليه همومك و فاقتك و تطلب منه حوائجك و تستعينه علي أمورك.
و كان عليه‌السلام يقول: أهل المسجد زوار الله و حق علي المزور التحفة لزائره، و روي ان المنتخم [477] في المسجد يجد بها خزيا في وجهه يوم القيامة، و كان الناس في المساجد ثلاثة أصناف،: صنف في الصلاة، و صنف في تلاوة القرآن، و صنف في تعلم العلوم، فأصبحوا: صنف في البيع و الشراء، و صنف في غيبة الناس، و صنف في الخصومات و أقوال الباطل.
و قال عليه‌السلام: ليعلم الذي ينتخم في القبلة أنه يبعث و هي في وجهه.

[ صفحه 296]

و قال: يقول الله تعالي: المصلي يناجيني و المنفق يقرضني في الغنا و الصائم يتقرب الي.
و قال: ان الرجلين يكونان في صلاة واحدة و بينهما مثل ما بين السماء و الأرض من فضل الثواب [478] .

استحباب الصلاة في الثوب الجديد

[323] - 11 - قال العياشي:
عن خيثمة بن أبي‌خيثمة قال: كان الحسن بن علي عليهماالسلام انه كان اذا قام الي الصلاة لبس أجود ثيابه فقيل له يابن رسول الله لم تلبس أجود ثيابك فقال: ان الله جميل يحب الجمال فأتجمل لربي و هو يقول: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) [479] فاحب أن ألبس أجمل ثيابي. [480] .

صلاة النهار عجماء

[324] - 12 - و قال الصدوق:
أخبرنا أبوالحسن محمد بن هارون الزنجاني، قال: حدثنا علي بن عبدالعزيز، عن القاسم بن سلام انه، قال: العجماء هي البهيمة و انما سميت عجماء لأنها لا تتكلم و كل من لا يقدر علي الكلام فهو عجم و مستعجم و منه قول الحسن عليه‌السلام «صلاة

[ صفحه 297]

النهار عجماء» [481] .

ثواب الجلوس بعد صلاة الصبح

[325] - 13 - روي الطوسي:
عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن السكوني، عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام، عن أبيه عن الحسن بن علي عليه‌السلام: انه، قال: من صلي فجلس في مصلاه الي طلوع الشمس كان له سترا من النار [482] .

الصلاة بين يدي الطائفين

[326] - 14 - قال الطبراني:
حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، حدثنا مصرف بن عمرو اليامي، حدثنا عبدالرحمن بن محمد بن طلحة، عن أبيه، عن ياسين الزيات أبي‌معاذ، عن أبي‌عبدالله المكي، عن عبدالله بن الحسن بن الحسن عن أبيه [عليه‌السلام] عن جده: ان رسول الله صلي الله عليه و آله صلي و الرجال و النساء يطوفون بين يديه بغيره سترة مما يلي الحجر الأسود [483] .

قرائته سورة ابراهيم في خطبة الجمعة

[327] - 15 - قال ابن‌عساكر:
أخبرنا أبوبكر الأنصاري، أنبأنا أبومحمد العدل، أنبأنا محمد بن العباس، أنبأنا

[ صفحه 298]

أبوالحسن الخشاب، أنبأنا الحسين بن محمد، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا الفضل ابن دكين، أنبأنا شريك عن عاصم، عن أبي‌زرين، قال: خطبنا الحسن بن علي يوم الجمعة فقرأ [سورة] ابراهيم علي المنبر حتي ختمها [484] .
[328] - 16 - قال الطبراني:
حدثنا علي بن عبدالعزيز، حدثنا أبونعيم، حدثنا سفيان، عن نسير بن ذعلوق، عن مسلم بن عياض قال: سألت الحسن بن علي رضي الله عنه عن ركعتي الجمعة فقال: هما قاضيتان عما سواهما [485] .
[329] - 17 - قال الكفعمي:
و صلاة الحسنين عليه‌السلام أربع ركعات بالحمد و التوحيد خمسا و عشرين مرة فاذا سلم صلي علي النبي صلي الله عليه و آله مائتي مرة [486] .
[330] - 18 - قال سيد بن طاووس:
ذكر صلاة لمولانا الحسن بن مولانا علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام في يوم الجمعة: و هي أربع ركعات مثل صلاة أميرالمؤمنين عليه‌السلام، صلاة أخري للحسن عليه‌السلام يوم الجمعة و هي أربع ركعات كل ركعة بالحمد مرة و الاخلاص خمس و عشرون مرة [487] .

صلاة التراويح

[331] - 19 - روي الطوسي:
عن علي بن الحسن بن فضال، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد

[ صفحه 299]

المدائني، عن مصدق بن صدقة، عن عمار، عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال: سألته عن الصلاة في رمضان في المساجد قال: لما قدم أميرالمؤمنين عليه‌السلام الكوفة أمر الحسن ابن علي عليهماالسلام أن ينادي في الناس لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة، فنادي في الناس الحسن بن علي عليهماالسلام بما أمره به أميرالمؤمنين عليه‌السلام فلما سمع الناس مقالة الحسن بن علي صاحوا وا عمراه وا عمراه، فلما رجع الحسن الي أميرالمؤمنين عليه‌السلام قال له: ما هذا الصوت؟ فقال: يا أميرالمؤمنين الناس يصيحون: وا عمراه وا عمراه، فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام: قل لهم صلوا.
ثم قال الطوسي: فكان أميرالمؤمنين عليه‌السلام أيضا لما أنكر، أنكر الاجتماع و لم ينكر نفس الصلاة، فلما رأي أن الأمر يفسد عليه و يفتتن الناس أجاز و أمرهم بالصلاة علي عادتهم فكل هذا واضح بحمد الله [488] .

المسجد

[332] - 20 - قال الحراني:
و قال عليه‌السلام من أدام الاختلاف الي المسجد أصاب احدي ثمان: آية محكمة، و أخا مستفادا، و علما مستطرفا، و رحمة منتظرة، و كلمة دله علي الهدي أو ترده عن ردي، و ترك الذنوب حياء أو خشية [489] .

[ صفحه 300]

باب الصوم

فضيلة رمضان

[333] - 21 - روي الصدوق:
عن علي بن الحسن بن الفرج المؤذن رضي الله عنه، عن محمد بن الحسن الكرخي، قال: سمعت الحسن بن علي عليهماالسلام يقول لرجل في داره: يا أباهارون من صام عشرة أشهر رمضان متواليات دخل الجنة [490] .

تحفة الصائم

[334] - 22 - قال الصدوق:
حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي‌عبدالله البرقي، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن عبدالله بن أيوب، عن عبدالسلام الاسكافي، عن عمير بن مأمون و كانت ابنته تحت الحسن، عن الحسن بن علي عليهماالسلام قال:

[ صفحه 301]

تحفة الصائم أن يدهن لحيته و تجمر ثوبه، و تحفة المرأة الصائمة أن تمشط رأسها و تجمر ثوبها [491] .
[335] - 23 - روي الطبرسي:
عن عمير بن مأمون - و كانت ابنة عمير تحت الحسن عليه‌السلام - قال: قالت دعا ابن‌الزبير الحسن الي وليمة فنهض الحسن عليه‌السلام و كان صائما فقال له ابن‌الزبير: كن كما أنت حتي نتحفك بتحفة الصائم: فدهن لحيته و جمر ثيابه. و قال الحسن عليه‌السلام: و كذلك تحفة المرأة تمشط و تجمر ثوبها [492] .

[ صفحه 302]

باب الزكاة

الزكاة المفروضه علي الناس

[336] - 24 - قال الفتال النيسابوري:
روي ان الحسن بن علي عليهماالسلام سئل عن بدو الزكاة فقال: ان الله عزوجل أوحي الي آدم أن زك عن نفسك يا آدم قال: رب و ما الزكاة قال: صلي لي عشر ركعات فصلي، ثم قال: رب هذه الزكاة علي و علي الخلق؟ فقال الله عزوجل: هذه الزكاة عليك في الصلاة و علي ولدك في المال من جمع من ولدك مالا [493] .
[337] - 25 - قال القاضي النعمان:
عن الحسن بن علي صلوات الله عليه انه قال: ما نقصت زكاة من مال قط [494] .
[338] - 26 - قال اليعقوبي:
و كان الحسن بن علي جوادا كريما و أشبه برسول الله خلقا و خلقا و سئل الحسن: ماذا سمعت من رسول الله؟ فقال: سمعته يقول لرجل: دع ما يريبك، فان الشر

[ صفحه 303]

ريبة و الخير طمأنينة. و عقلت عنه أني بينا أنا أمشي معه الي جنب جرن الضيقة، تناولت تمرة فأدخلتها فمي. قال: فأدخل رسول الله اصبعه في فمي فاستخرجها، فألقاها، و قال: ان محمدا و آل محمد لا تحل لهم الصدقة. و عقلت عنه الصلاة الخمس. [495] .
[339] - 27 - قال الدولابي:
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، و حدثنا يوسف بن سعيد، حدثنا حجاج بن محمد، قال: سمعت شعبة يحدث عن بريد بن أبي‌مريم، عن أبي‌الحوراء، قال: قلت للحسن بن علي ماذا تذكر من رسول الله صلي الله عليه و آله؟
قال: أذكر من رسول الله صلي الله عليه و آله اني أخذت تمرة من تمر الصدقة، فجعلتها في فمي، قال: فنزعها بلعابها فجعلها في تمر الصدقة.
فقيل: يا رسول الله ما كان عليك من هذه التمرة لهذا الصبي؟!
فقال: انا آل محمد لا تحل لنا الصدقة [496] .
[340] - 28 - قال القاضي النعمان:
روينا عن الحسن بن علي عليه‌السلام انه قال: أخذ رسول الله صلي الله عليه و آله بيدي فمشيت معه فمررنا بتمر مصبوب من تمر الصدقة و أنا يومئذ غلام، فجمزت و تناولت تمرة فجعلتها في في فجاء رسول الله حتي أدخل اصبعه في في فأخرجها بلعابها فرمي بها في التمر ثم قال: انا أهل البيت، لا تحل لنا الصدقة [497] .

[ صفحه 304]

[341] - 29 - و قال أيضا:
[روي] عن أبي‌جعفر محمد بن علي عليهماالسلام انه قال: تصدق الحسين بن علي بدار فقال له الحسن بن علي [عليهماالسلام] : تحول عنها [498] .
[342] - 30 - روي الكليني:
عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن‌فضال، و ابن‌محبوب عن يونس بن يعقوب، عن أبي‌بصير، عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال: ان ناسا بالمدينة قالوا: ليس للحسن عليه‌السلام مال فبعث الحسن عليه‌السلام الي رجل بالمدينة فاستقرض منه ألف درهم فأرسل بها الي المصدق و قال: هذه صدقة مالنا فقالوا: ما بعث الحسن عليه‌السلام هذه من تلقاء نفسه الا و عنده مال [499] .
[343] - 31 - روي أبونعيم الاصفهاني:
عن محمد بن علي [عليهماالسلام] قال: قال الحسن [عليه‌السلام] : اني لأستحي من ربي أن ألقاه و لم أمش الي بيته، فمشي عشرين مرة من المدينة علي رجليه [500] .

الاهلال و التلبية في الحج

[344] - 32 - قال الطبراني:
حدثنا علان بن عبدالصمد ما غمة، حدثنا عمر بن محمد بن الحسن، حدثني أبي، حدثنا حماد بن شعيب، عن حبيب بن أبي‌ثابت، عن الحسن بن علي قال:

[ صفحه 305]

كلا قد فعل رسول الله صلي الله عليه و آله قد أهل حين استوت به راحلته، و قد أهل و هو بالبيداء بالأرض قبل أن تستوي به راحلته [501] .

الحجامة في الاحرام

[345] - 33 - قال الصدوق:
احتجم الحسن بن علي عليهماالسلام و هو محرم [502] .
بيان: هذا الحكم جائز حال الضرورة.

[ صفحه 306]

باب الجهاد

الحرب خدعة

[346] - 34 - قال الدولابي:
حدثنا أحمد بن يحيي - أبوجعفر الأودي - حدثنا علي بن حكيم، و حمدان بن سعيد، قالا: حدثنا عبدالله بن بكير، عن حكيم بن جبير، عن سوار بن أوس، و قال: حمدان بن سعيد: عن سوار - أبي‌ادريس - عن المسيب بن نجبة، عن الحسن بن علي بن أبي‌طالب: ان رسول الله صلي الله عليه و آله سمي الحرب خدعة [503] .

آثار التقية

[347] - 35 - عن التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام:
قال الحسن بن علي عليهماالسلام: ان التقية يصلح الله بها أمة، لصاحبها مثل ثواب أعمالهم، و ان تركها ربما أهلك أمة، و تاركها شريك من أهلكهم، و ان معرفة حقوق الاخوان تحبب الي الرحمن، و تعظم الزلفي لدي الملك الديان، و ان ترك قضاءها يمقت الي الرحمن، و يصغر الرتبة عند الكريم المنان [504] .

[ صفحه 307]

باب النكاح

المشورة مع البنت للزواج

[348] - 36 - قال الطبراني:
حدثنا أبومسلم الكشي، حدثنا عبدالله بن عمرو الواقفي، حدثنا شريك، عن محمد بن يزيد، عن معاوية بن حديج قال أرسلني معاوية بن أبي‌سفيان الي الحسن ابن علي رضي الله عنهم، أخطب علي يزيد بنتا له أو أختا له، فأتيته فذكرت له يزيد، فقال: انا قوم لا تزوج نساءنا حتي نستأمرهن فأتيها، فأتيتها فذكرت لها يزيد، فقالت: والله لا يكون ذاك حتي يسير فينا صاحبك كما سار فرعون في بني‌اسرائيل، يذبح أبناءهم و يستحيي نساءهم، فرجعت الي الحسن، فقلت: أرسلتني الي فلقة من الفلق تسمي أميرالمؤمنين فرعون، فقال: يا معاوية اياك و بغضنا، فان رسول الله صلي الله عليه و آله قال: «لا يبغضنا و لا يحسدنا أحد الا زيد يوم القيامة بسياط من نار» [505] .

[ صفحه 308]

[349] - 37 - روي الطبرسي:
من كتاب «تهذيب الأحكام» انه جاء رجل الي الحسن عليه‌السلام يستشيره في تزويج ابنته؟ فقال: زوجها من رجل تقي، فانه ان أحبها أكرمها و ان أبغضها لم يظلمها [506] .

[ صفحه 309]

باب الطلاق

[350] - 38 - روي ابن شهرآشوب:
عن الحسن بن سعيد، عن أبيه قال: كان تحت الحسن بن علي عليه‌السلام امرأتان تميمية و جعفية فطلقهما جميعا و بعثني اليهما، و قال: أخبرهما فليعتدا و أخبرني بما تقولان، و متعهما العشرة الآلاف و كل واحدة منهما بكذا و كذا من العسل و السمن، فأتيت الجعفية فقلت: اعتدي، فتنفست الصعداء ثم قالت: متاع قليل من حبيب مفارق، و أما التميمية فلم تدر ما «اعتدي» حتي قال لها النساء فسكتت، فأخبرته عليه‌السلام بقول الجعفية فنكت في الأرض ثم قال: لوكنت مراجعا لامرأة لراجعتها [507] .
[351] - 39 - قال أيضا:
روي «فضائل العكبري» بالاسناد عن أبي‌اسحاق ان الحسن بن علي عليهماالسلام تزوج جعدة بنت الأشعث بن قيس علي سنة النبي صلي الله عليه و آله و أرسل اليها ألف دينار.
و روي «التفسير الثعلبي» و«حلية أبي‌نعيم» قال محمد بن سيرين: ان الحسن بن

[ صفحه 310]

علي عليهماالسلام تزوج امرأة فبعث اليها مائة جارية مع كل جارية ألف درهم [508] .
[352] - 40 - قال أيضا:
في الاحياء انه خطب الحسن بن علي عليهماالسلام الي عبدالرحمن بن الحارث بنته فأطرق عبدالرحمن ثم رفع رأسه: فقال الله ما علي وجه الأرض من يمشي عليها أعز علي منك ولكنك تعلم ان أبنتي بضعة مني و أنت مطلاق فأخاف أن تطلقها و ان فعلت خشيت أن يتغير قلبي عليك لأنك بضعة من رسول الله صلي الله عليه و آله فان شرطت أن لا تطلقها زوجتك فسكت الحسن عليه‌السلام و قام و خرج فسمع منه يقول: ما أراد عبدالرحمن الا أن يجعل ابنتة طوقا في عنقي [509] .
[353] - 41 - قال ابن‌أبي‌الحديد:
قال أبوجعفر محمد بن حبيب كان الحسن عليه‌السلام اذا أراد أن يطلق امرأة جلس اليها فقال: أيسرك أن أهب لك كذا و كذا فتقول له ما شئت أو نعم فيقول هو لك فاذا قام أرسل اليها بالطلاق و بما سمي لها [510] .
و لقد تعددت القصص عن زوجات الحسن عليه‌السلام و طلاقه! و الذي يبدو أنها حيكت بعده بفترة، و الا فطيلة حياته عليه‌السلام لم نر معاوية و لا واحدا من زبانيته عاب الحسن عليه‌السلام بذلك و لا بكته بشي‌ء من هذا القبيل و هو الذي كان يتسقط عثرات الحسن عليه‌السلام فلم يجد فيه ما يشينه و هو ممن أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.
و لو كان هناك بعض الشي‌ء لزمر له معاوية و طبل هو وكل أجهزة اعلامه، أضف الي ذلك كله أن المراجع التاريخية و كتب الأنساب و الرجال بين أيدينا لا تعد له من

[ صفحه 311]

النساء و الأولاد أكثر من المعتاد في ذلك العصر، فلا نساؤه أكثر من نساء أبيه - مثلا - و لا أولاده أكثر من أولاده، فلو كان أحصن سبعين امرأة أو تسعين لكان أولاده يعدون بالمئات.
و هذا ابن‌سعد، اقرأ صدر هذه الترجمة لا تجده سمي للحسن عليه‌السلام أكثر من ست نساء و أربع أمهات أولاد.
و المدائني كذلك لم يعد للحسن عليه‌السلام أكثر من عشر نساء كما في شرح «نهج‌البلاغة» لابن‌أبي‌الحديد [511] .
و قد بسط علماؤنا القول في ذلك و دفعوا كل الشبه و التمويهات فاقرأ مثلا: حياة الامام الحسن عليه‌السلام [512] للعلامة النقاد الشيخ باقر شريف القريشي [513] .
بيان: رد السيد عبدالعزيز الطباطبائي رحمه الله علي هذه الأحاديث.

[ صفحه 312]

باب الارث

[354] - 42 - روي الكليني:
عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن ابن‌محبوب، عن حماد بن عيسي، عن سوار، عن الحسن قال: ان عليا عليه‌السلام لما هزم طلحة و الزبير أقبل الناس منهزمين فمروا بامرأة حامل علي الطريق ففزعت منهم فطرحت ما في بطنها حيا فاضطرب حتي مات، ثم ماتت أمه من بعده فمر بها علي عليه‌السلام و أصحابه و هي مطروحة و ولدها علي الطريق فسألهم عن أمرها، فقالوا له: انها كانت حاملا ففزعت حين رأت القتال و الهزيمة قال: فسألهم أيهما مات قبل صاحبه فقالوا: ان ابنها مات قبلها قال: فدعا بزوجها أبي‌الغلام الميت فورثه من ابنه ثلثي الدية، و ورث أمه ثلث الدية، ثم الزوج من امرأته الميته نصف ثلث الدية الذي ورثته من ابنها الميت و ورث قرابة الميت الباقي.
قال: ثم ورث الزوج أيضا من دية المرأة الميتة نصف الدية و هو ألفان

[ صفحه 313]

و خمسمائة درهم [514] و ذلك أنه لم يكن لها ولد غير الذي رمت به حين فزعت قال: و أدي ذلك كله من بيت مال البصرة [515] .

[ صفحه 314]

باب القضاء

قوله في كيفية قضاء أبيه

[355] - 43 - قال الكراجكي:
روي عن الحسن بن علي انه سئل فقيل له بماذا كان يحكم أميرالمؤمنين عليه‌السلام؟ قال: بكتاب الله فان لم يجد فسنة رسول الله فان لم يجد رجم فأصاب [516] .

الحلف في القضاء

[356] - 44 - قال ابن شهرآشوب:
ادعي رجل علي الحسن بن علي عليهماالسلام ألف دينار كذبا و لم يكن له عليه فذهبا الي شريح فقال للحسن عليه‌السلام: أتحلف؟ قال: ان حلف خصمي أعطيه فقال شريح للرجل: قل بالله لا اله الا هو عالم الغيب و الشهادة. فقال الحسن: لا أريد مثل هذا لكن قل: بالله ان لك علي هذا، و خذ الألف. فقال الرجل ذلك و أخذ الدنانير فلما قام خر الي الأرض و مات، فسئل الحسن عليه‌السلام عن ذلك، فقال: خشيت انه لو تكلم بالتوحيد

[ صفحه 315]

يغفر له يمينه ببركة التوحيد و يحجب عنه عقوبة يمينه [517] .

اخراج دية المقتول من بيت المال

[357] - 45 - روي الكليني:
عن علي بن ابراهيم عن أبيه قال: أخبرني بعض أصحابنا رفعه الي أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال: أتي أميرالمؤمنين عليه‌السلام برجل وجد في خربة و بيده سكين ملطخ بالدم و اذا رجل مذبوح يتشحط في دمه فقال له أميرالمؤمنين عليه‌السلام ما تقول؟ قال: يا أميرالمؤمنين أنا قتلته. قال: اذهبوا به فاقتلوه به فلما ذهبوا به ليقتلوه به أقبل رجل مسرعا فقال: لا تعجلوا وردوه الي أميرالمؤمنين عليه‌السلام فردوه فقال: والله يا أميرالمؤمنين ما هذا صاحبه أنا قتلته فقال أميرالمؤمنين للأول: ما حملك علي اقرارك علي نفسك و لم تفعل؟ فقال:
يا أميرالمؤمنين و ما كنت أستطيع أن أقول و قد شهد علي أمثال هؤلاء الرجال و أخذوني و بيدي سكني ملطخ بالدم و الرجل يتشحط في دمه و أنا قائم عليه و خفت الضرب فأقررت و أنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة و أخذني البول فدخلت الخربة فرأيت الرجل يتشحط في دمه فقمت متعجبا فدخل علي هؤلاء فاخذوني فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام: خذوا هذين فاذهبوا بهما الي الحسن و قصوا عليه قصتهما و قولوا له: ما الحكم فيهما، فذهبوا الي الحسن عليه‌السلام و قصوا عليه قصتهما. فقال الحسن عليه‌السلام:
قولوا لأميرالمؤمنين عليه‌السلام ان هذا ان كان ذبح ذلك فقد أحيا هذا و قد قال الله

[ صفحه 316]

عزوجل: (و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) [518] يخلي عنهما و تخرج دية المذبوح من بيت المال [519] .

الحدود لا ترد

[358] - 46 - روي ابن شهرآشوب:
و أخذ [علي] عليه‌السلام رجلا من بني‌أسد في حد فاجتمع قومه ليكلموا فيه و طلبوا الي الحسن عليه‌السلام أن يصحبهم فقال: ائتوه و هو أعلي بكم عينا [520] فدخلوا عليه و سألوه فقال: لا تسألوني شيئا أملك الا أعطيتكم فخرجوا يرون أنهم قد أنجحوا فسألهم الحسن عليه‌السلام فقالوا: أتينا خير مأتي و حكوا له قوله فقال: ما كنتم فاعلين اذ جلد صاحبكم فاصغوه فأخرجه علي عليه‌السلام فحده ثم قال هذا و الله لست أملكه [521] .

حكمه في القذف

[359] - 47 - روي الكليني:
عن علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسي بن عبيد، عن يونس، عن بعض أصحابه رفعه قال: كان علي عهد أميرالمؤمنين عليه‌السلام رجلان متواخيان في الله عزوجل فمات أحدهما و أوصي الي الأخر في حفظ بنية كانت له، فحفظها الرجل

[ صفحه 317]

و أنزلها منزلة ولده في اللطف و الاكرام و التعاهد ثم حضره سفر فخرج و أوصي امرأته في الصبية فأطال السفر حتي اذا أدركت الصبية و كان لها جمال و كان الرجل يكتب في حفظها و التعاهد لها فلما رأت ذلك امرأته خافت أن يقدم فيراها قد بلغت مبلغ النساء فيعجبه جمالها فيتزوجها فعمدت اليها هي و نسوة معها قد كانت اعدتهن فأمسكنها لها، ثم افترعتها [522] باصبعها فلما قدم الرجل من سفره و صار في منزله دعا الجارية فأبت أن تجيبه استحياء مما صارت اليه فألح عليها بالدعاء، كل ذلك تأبي أن تجيبه فلما أكثر عليها قالت له امرأته: دعها فانها تستحي أن تأتيك من ذنب كانت فعلته قال لها: و ما هو؟ قالت: كذا و كذا و رمتها بالفجور فاسترجع الرجل ثم قام الي الجارية فوبخها و قال لها:
ويحك أما علمت ما كنت أصنع بك من الألطاف و الله ما كنت أعدك الا لبعض ولدي أو اخواني و ان كنت لابنتي فما دعاك الي ما صنعت فقالت الجارية:
أما اذا قيل لك ما قيل فوالله ما فعلت الذي رمتني به امرأتك و لقد كذبت علي و ان القصة لكذا و كذا، وصفت له ما صنعت بها امرأته قال:
فأخذ الرجل بيد امرأته و يد الجارية فمضي بهما حتي أجلسهما بين يدي أميرالمؤمنين عليه‌السلام و أخبره بالقصة كلها و أقرت المرأة بذك قال: و كان الحسن عليه‌السلام بين يدي أبيه قال له أميرالمؤمنين: اقض فيها، فقال الحسن عليه‌السلام:
نعم علي المرأة الحد لقذفها الجارية و عليها القيمة لافتراعها اياها. قال فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام: صدقت ثم قال: أما لو كلف الجمل الطحن لفعل [523] .

[ صفحه 318]

حد المساحقة

[360] - 48 - روي الكليني:
عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عمرو بن عثمان، عن أبيه جميعا عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم قال سمعت أباجعفر و أباعبدالله عليهماالسلام يقولان: بينا الحسن بن علي عليهماالسلام في مجلس أميرالمؤمنين عليه‌السلام اذ أقبل قوم فقالوا:
يا أبامحمد أردنا أميرالمؤمنين عليه‌السلام، قال: و ما حاجتكم؟ قالوا: أردنا أن نسأله عن مسألة و قال: و ما هي تخبرونا بها؟ فقالوا: امرأه جامعها زوجها فلما قام عنها قامت بحموتها فوقعت علي جارية بكر فساحقتها فألقت النطفة فيها فحملت فما تقول في هذا؟ فقال الحسن عليه‌السلام:
معظلة و أبوالحسن لها و أقول فان أصبت فمن الله ثم من أميرالمؤمنين عليه‌السلام و ان أخطات فمن نفسي فأرجو أن لا أخطي‌ء ان شاء الله يعمد الي المرأة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في أول وهلة لان الولد لا يخرج حتي تشق فتذهب عذرتها ثم ترجم المرأة لأنها محصنة ثم ينتظر بالجارية حتي تضع ما في بطنها و يرد الولد الي أبيه صاحب النطفة ثم تجلد الجارية الحد.
قال: فانصرف القوم من عند الحسن عليه‌السلام فلقوا أميرالمؤمنين عليه‌السلام فقال: ما قلتم لأبي محمد و ما قال لكم فأخبروه فقال: لو انني المسؤول ما كان عندي فيها أكثر مما قال ابني [524] .

[ صفحه 319]

دين العبد

[361] - 49 - قال الشيخ الطوسي:
روي محمد بن علي بن محبوب، عن علي بن محمد بن يحيي، عن الحسن بن علي، عن أبي‌اسحاق، عن فيض، عن أشعث، عن الحسن عليه‌السلام في الرجل يموت و عليه دين و قد أذن لعبده في التجارة و علي العبد دين قال: يبدأ بدين السيد [525] .

الاطعمة و الاشربة

[362] - 50 - روي البرقي:
عن بعض أصحابنا، رفعه الي الحسن بن علي عليهماالسلام قال: اثناعشر خصلة ينبغي للرجل أن يتعلمها علي الطعام: أربعة منها فريضة، و أربعة منها سنة، و أربعة منها أدب.
فأما الفريضة: فالمعرفة، و التسمية، و الشكر، و الرضا.
و أما السنة: فالجلوس علي الرجل اليسري، و الأكل بثلاث أصابع، و الأكل مما يليه، و مص الأصابع.
و أما الأدب: فغسل اليدين، و تصغير اللقمة، و المضغ الشديد، و قلة النظر في وجوه القوم [526] .

[ صفحه 320]

[363] - 51 - قال الطبراني:
حدثنا علي بن عبدالعزيز، حدثنا أبونعيم، حدثنا سفيان، عن جحش، عن معاوية بن قرة، عن الحسن بن علي عليهماالسلام أنه سئل عن الجبن فقال:
ضع السكين، و سم وكل [527] .
[364] - 52 - روي ابن‌كثير:
عن هشيم، عن منصور، عن ابن‌سيرين قال: كان الحسن بن علي عليهماالسلام لا يدعو الي طعامه أحدا يقول: هو أهون من أن يدعي اليه أحد [528] .
[365] - 53 - قال أبونعيم الاصفهاني:
حدثنا محمد بن ابراهيم، حدثنا الحسين بن حماد، حدثنا سليمان بن سيف، حدثنا سلم بن ابراهيم، حدثنا قرة بن خالد، قال: أكلت في بيت محمد بن سيرين طعاما، فلما أن شبعت أخذت المنديل و رفعت يدي. فقال محمد: ان الحسن بن علي قال: ان الطعام أهون من أن يقسم فيه [529] .

[ صفحه 323]

في الاخلاق

الخلق الحسن

[366] - 1 - روي الصدوق:
عن أبي‌الحسن علي بن عبدالله الأسواري، عن أحمد بن محمد بن قيس، عن عبدالعزيز بن علي السرخسي، عن أحمد بن عمران البغدادي قال: حدثنا أبوالحسن قال: حدثنا أبوالحسن قال: حدثنا أبوالحسن قال: حدثنا الحسن، عن الحسن بن أبي‌الحسن البصري، عن الحسن عليه‌السلام: أن أحسن الحسن الخلق الحسن.
ثم قال الصدوق: فأما أبوالحسن الأول: فمحمد بن عبدالرحيم التستري.
و أما أبوالحسن الثاني: فعلي بن أحمد البصري التمار.
و أما أبوالحسن الثالث: فعلي بن محمد الواقدي.
و أما الحسن الأول: فالحسن بن عرفة العبدي.
و أما الحسن الثاني: فالحسن بن أبي‌الحسن البصري.
و أما الحسن الثالث: فالحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام [530] .

[ صفحه 324]

[367] - 2 - قال ابن‌عساكر:
أخبرنا أبوالقاسم ابن السمرقندي، أنبأنا محمد بن علي بن الحسين بن سكينة، أنبأنا محمد بن فارس بن محمد الغوري، أنبأنا محمد بن جعفر بن أحمد العسكري، أنبأنا عبدالله بن محمد القرشي، أنبأنا يوسف بن موسي، أنبأنا أبوعثمان، عن سهل ابن شعيب: عن قنان النهمي، عن جعيد بن همدان أن الحسن بن علي عليهماالسلام قال له:
يا جعيد بن همدان ان الناس أربعة: فمنهم من له خلاق و ليس له خلق، و منهم من له خلق و ليس له خلاق، و منهم من ليس له خلق و لا خلاق - فذاك أشر الناس - و منهم من له خلق و خلاق فذاك أفضل الناس [531] .

اخلاق المؤمنين

[368] - 3 - قال السبزواري:
قال الحسن بن علي عليهماالسلام: ان من أخلاق المؤمنين: قوة في دين، و كرما في لين، و حزما في علم و علما في حلم، و توسعة في نفقة، و قصدا في عبادة، و تحرجا في طمع، وبرا في استقامة، لا يحيف علي من يبغض و لا يأثم فيمن يحب، و لا يدعي ما ليس له و لا يجحد حقا هو عليه، و لا يهمز و لا يلمز و لا يبغي، متخشع في الصلاة، متوسع في الزكاة، شكور في الرخاء، صابر عند البلاء، قانع بالذي له، و لا يطمح به الغيظ و لا يجمح به الشح، يخالط الناس ليعلم و يسكت ليسلم، يصبر ان بغي عليه ليكون الهه الذي يجزيه ينتقم له [532] .

[ صفحه 325]

صفات المتقين

[369] - 4 - روي الكليني:
عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن بعض أصحابه من العراقيين رفعه قال: خطب الناس الحسن بن علي عليهماالسلام فقال: أيها الناس أنا أخبركم عن أخ لي كان من أعظم الناس في عيني، و كان رأس ما عظم به في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجا من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد و لا يكثر اذا وجد، كان خارجا من سلطان فرجه فلا يستخف له عقله و لا رأيه، كان خارجا من سلطان الجهالة فلا يمد يده الا علي ثقة لمنفعة، كان لا يتشهي و لا يتسخط و لا يتبرم، كان أكثر دهره صماتا فاذا قال بذ القائلين، كان لا يدخل في مراء و لا يشارك في دعوي و لا يدلي بحجة حتي يري قاضيا، و كان لا يغفل عن اخوانه و لا يخص نفسه بشي‌ء دونهم، كان ضعيفا مستضعفا فاذا جاء الجد كان ليثا عاديا، كان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله حتي يري اعتذارا كان يفعل ما يقول و يفعل ما لا يقول، كان اذا ابتزه أمران لا يدري أيهما أفضل نظر الي أقربهما الي الهوي فخالفه، كان لا يشكو وجعا الا عند من يرجو عنده البرء و لا يستشير الا من يرجو عنده النصيحة، كان لا يتبرم و لا يتسخط و لا يتشكي و لا يتشهي و لا ينتقم و لا يغفل عن العدو، فعليكم بمثل هذه الأخلاق الكريمة ان أطقتموها فان لم تطيقوها كلها فأخذ القليل خير من ترك الكثير و لا حول و لا قوة الا بالله [533] .

[ صفحه 326]

[370] - 5 - قال الاربلي:
و من كلامه عليه‌السلام: يابن آدم عف عن محارم الله تكن عابدا، و ارض بما قسم الله سبحانه تكن غنيا، و أحسن جوار من جاورك تكن مسلما، و صاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك به تكن عدلا، انه كان بين أيديكم أقوام يجمعون كثيرا و يبنون مشيدا و يأملون بعيدا، أصبح جمعهم بوارا و عملهم غرورا و مساكنهم قبورا.
يابن آدم انك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك فخذ مما في يديك لما بين يديك فان المؤمن يتزود الكافر يتمتع و كان عليه‌السلام يتلوا بعد هذه الموعظه (و تزودوا فان خير الزاد التقوي) [534] [535] .
[371] - 6 - قال الراوندي:
قال الحسن بن علي عليه‌السلام: عجب لمن يتفكر في مأكوله كيف لا يتفكر في معقوله فيجنب بطنه ما يؤذيه و يودع صدره ما يرديه [536] .

اهمية التفكر

[372] - 7 - قال الديلمي:
قال الحسن بن علي عليهماالسلام: المصائب مفاتيح الأجر.
و قال عليه‌السلام: تجهل النعم ما أقامت فاذا ولت عرفت.
و قال عليه‌السلام: عليكم بالفكر فانه حياة قلب البصير، و مفاتيح أبواب الحكمة.

[ صفحه 327]

و قال عليه‌السلام: أوسع ما يكون الكريم بالمغفرة اذا ضاقت بالمذنب المعذرة [537] .

اهمية العلم

[373] - 8 - قال اليعقوبي:
دعا الحسن بن علي عليهماالسلام بنيه و بني أخيه، فقال: يا بني و بني أخي! انكم صغار قوم، و توشكون أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن لم يستطع منكم يرويه أو يحفظه، فليكتبه، و ليجعله في بيته [538] .
[374] - 9 - قال الاربلي:
قال عليه‌السلام علم الناس و تعلم علم غيرك، فتكون قد أتقنت علمك و علمت ما لم تعلم [539] .
[375] - 10 - و قال أيضا:
قال عليه‌السلام: حسن السؤال نصف العلم [540] .

حب الدنيا

[376] - 11 - قال الديلمي:
و قال الحسن عليه‌السلام: من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه، و من ازداد حرصا علي الدنيا لم يزدد منها الا بعدا و ازداد هو من الله بغضا، و الحريص الجاهد،

[ صفحه 328]

و الزاهد القانع كلاهما مستوف أكله غير منقوص من رزقه شيئا فعلام التهافت في النار و الخير كله في صبر ساعة واحدة تورث راحة طويلة و سعادة كثيرة و الناس طالبان: طالب يطلب الدنيا حتي اذا أدركها هلك و طالب يطلب الآخرة حتي اذا أدركها فهو ناج فائز، و اعلم أيها الرجل أنه لا يضرك ما فاتك من الدنيا و أصابك من شدائدها اذا ظفرت بالآخرة و ما ينفعك ما أصبت من الدنيا اذا حرمت الآخرة [541] .
[377] - 12 - قال المتقي الهندي:
[روي] عن الحسن بن علي عليهماالسلام قال: من طلب الدنيا قعدت به، و من زهد فيها لم يبال من أكلها، الراغب فيها عبد لمن يملكها أدني ما فيها يكفي، و كلها لا تغني، من اعتدل يومه فيها فهو مغرور، و من كان يومه خيرا من غده فهو مغبون، و من لم يتفقد النقصان عن نفسه فانه في نقصان، و من كان في نقصان فالموت خير له [542] .

طلب الحاجة من أهلها

[378] - 13 - روي الكليني:
عن أبي‌عبدالله الأشعري: عن بعض أصحابنا، رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبوالحسن موسي بن جعفر عليه‌السلام في حديث: يا هشام... قال الحسن بن علي عليهماالسلام: اذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها قيل: يابن رسول الله و من أهلها؟ قال: الذين قص الله في كتابه و ذكرهم فقال: (انما يتذكر أولوا الالباب) [543] قال:

[ صفحه 329]

هم أولوا العقول [544] .
[379] - 14 - قال اليعقوبي:
و قال الحسن: فوت الحاجة خير من طلبها الي غير أهلها، و أشد من المصيبة سوء الخلق، و العبادة انتظار الفرج.
و قال الحسن: كان رسول الله صلي الله عليه و آله اذا سأله أحد حاجة لم يرده الا بها و بميسور من القول [545] .

فضل قضاء حاجة المؤمن

[380] - 15 - قال ابن‌عساكر:
أخبرنا أبوالقاسم الشحامي، أنبأنا أبوبكر البيهقي، أنبأنا أبوبكر ابن شاذان ببغداد، أنبأنا عبدالله بن جعفر، أنبأنا يعقوب بن سفيان، أنبأنا عمرو بن خالد الأسدي: أنبأنا أبوحمزة الثمالي عن علي بن الحسين قال: خرج الحسن يطوف بالكعبة فقام اليه رجل فقال: يا أبامحمد اذهب معي في حاجتي الي فلان. فترك الطواف و ذهب معه، فلما ذهب خرج اليه رجل حاسد للرجل الذي ذهب معه، فقال،:
يا أبامحمد تركت الطواف و ذهبت مع فلان الي حاجته؟ قال: فقال له الحسن عليه‌السلام: و كيف لا أذهب معه؟ و رسول الله صلي الله عليه و آله قال: من ذهب في حاجة أخيه المسلم فقضيت حاجته كتبت له حجة و عمرة و ان لم تقض له كتبت له عمرة. فقد اكتسبت حجة و عمرة و رجعت الي طوافي [546] .

[ صفحه 330]

[381] - 16 - قال الديلمي:
روي ابن‌عباس قال: كنت مع الحسن بن علي عليهماالسلام في المسجد الحرام - و هو معتكف به، و هو يطوف بالكعبة - فعرض له رجل من شيعته، فقال: يابن رسول الله، ان علي دينا لفلان، فان رأيت أن تقضيه عني.
فقال: «و رب هذه البنية، ما أصبح عندي شي‌ء»
فقال: ان رأيت [أن] تستمهله عني، فقد تهددني بالحبس.
قال ابن‌عباس: فقطع الطواف و سعي معه، فقلت: يابن رسول الله أنسيت أنك معتكف؟
فقال: «لا ولكن سمعت أبي عليه‌السلام يقول: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: من قضي لأخيه المؤمن حاجة، كان كمن عبدالله تسعة آلاف سنة، صائما نهاره قائما ليله» [547] .
[382] - 17 - قال الصدوق:
روي، عن ميمون بن مهران قال: كنت جالسا عند الحسن بن علي عليهماالسلام فأتاه رجل فقال له: يابن رسول الله ان فلانا له علي مال و يريد أن يحبسني فقال:
والله ما عندي مال فأقضي عنك قال فكلمه قال: فلبس عليه‌السلام نعله فقلت له: يابن رسول الله أنسيت اعتكافك؟ فقال له: لم أنس ولكني سمعت أبي عليه‌السلام يحدث عن جدي رسول الله صلي الله عليه و آله انه قال: من سعي في حاجة أخيه المسلم فكانما عبدالله عزوجل تسعة آلاف سنة صائما نهاره قائما ليله [548] .

[ صفحه 331]

[383] - 18 - قال ابن أبي‌جمهور:
روي عن مولانا الحسن عليه‌السلام انه قال: اذا تعارض الاعتكاف و الاشتغال بقضاء حوائج الاخوان نرجحها عليه [549] .
[384] - 19 - قال اليعقوبي:
و قيل للحسن: من أحسن الناس عيشا؟ قال: من أشرك الناس في عيشه. و قيل من شر الناس عيشا؟ قال: من لا يعيش في عيشه أحد [550] .

مواعظه

[385] - 20 - روي الحراني:
... عن الحسن عليه‌السلام انه قال: اعلموا أن الله لم يخلقكم عبثا و ليس بتارككم سدي كتب آجالكم و قاسم بينكم معائشكم ليعرف كل ذي لب منزلته و أن ما قدر له أصابه، و ما صرف عنه فلن يصيبه، قد كفاكم مؤونة الدنيا و فرغكم لعبادته، و حثكم علي الشكر و افترض عليكم الذكر، و أوصاكم بالتقوي، و جعل التقوي منتهي رضاه، و التقوي باب كل توبة و رأس كل حكمة و شرف كل عمل، بالتقوي فاز من فاز من المتقين. قال الله تبارك و تعالي: (ان للمتقين مفازا) [551] و قال: (و ينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء و لا هم يحزنون) [552] فاتقوا الله عباد الله و اعلموا أنه من يتق الله يجعل له مخرجا من الفتن و يسدده في أمره

[ صفحه 332]

و يهيي‌ء له رشده و يفلجه بحجته و يبيض وجهه و يعطه رغبته، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا [553] .
[386] - 21 - و قال الحراني:
و سأله [الحسن عليه‌السلام] رجل أن يخيله [554] قال: اياك أن تمدحني فأنا أعلم بنفسي منك أو تكذبني فانه لا رأي لمكذوب أو تغتاب عندي أحدا، فقال له الرجل: ائذن لي في الانصراف، فقال عليه‌السلام: نعم اذا شئت.
و قال عليه‌السلام: ان من طلب العبادة تزكي لها. اذا أضرت النوافل بالفريضة فارفضوها، اليقين معاذ للسلامة، من تذكر بعد السفر اعتد، و لا يغش العاقل من استنصحه، بينكم و بين الموعظة حجاب العزة، قطع العلم عذر المتعلمين، كل معاجل يسار النظرة، و كل مؤجل يتعلل بالتسويف.
و قال عليه‌السلام: اتقوا الله عباد الله وجدوا في الطلب و تجارة الهرب، و بادروا العمل قبل مقطعات النقمات و هادم اللذات فان الدنيا لا يدوم نعيمها و لا تؤمن فجيعها و لا تتوقي مساويها، غرور حائل، و سناد مائل، فاتعظوا عباد الله بالعبر، و اعتبروا بالأثر، و ازدجروا بالنعيم، و انتفعوا بالمواعظ، فكفي بالله معتصما و نصيرا، و كفي بالكتاب حجيجا و خصيما، و كفي بالجنة ثوابا، و كفي بالنار عقابا و وبالا [555] .
[387] - 22 - و قال أيضا:
أيها الناس انه من نصح لله و أخذ قوله دليلا هدي للتي هي أقوم و وفقه الله للرشاد و سدده للحسني فان جار الله آمن محفوظ و عدوه خائف مخذول،

[ صفحه 333]

فاحترسوا من الله بكثرة الذكر، و اخشوا الله بالتقوي، و تقربوا الي الله بالطاعة فانه قريب مجيب، قال الله تبارك و تعالي: (و اذا سألك عبادي عني فاني قريب أجيب دعوة الداعي اذا دعان فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) [556] فاستجيبوا لله و آمنوا به فانه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعاظم، فان رفعة الذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا و (عز) الدين يعرفون ما جلال الله أن يتذللوا (له)، و سلامة الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له، و لا ينكروا أنفسهم بعد المعرفة، و لا يضلوا بعد الهدي، و اعلموا علما يقينا أنكم لن تعرفوا التقي حتي تعرفوا صفة الهدي، و لن تمسكوا بميثاق الكتاب حتي تعرفوا الذي نبذه، و لن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتي تعرفوا الذي حرفه، فاذا عرفتم ذلك عرفتم البدع و التكلف و رأيتم الفرية علي الله و التحريف و رأيتم كيف يهوي من يهوي، و لا يجهلنكم الذين لا يعلمون، و التمسوا ذلك عند أهله، فانهم خاصة نور يستضاء بهم و أئمة يقتدي بهم، بهم عيش العلم و موت الجهل، و هم الذين أخبركم حلمهم عن جهلهم [557] و حكم منطقهم عن صمتهم، و ظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الحق و لا يختلفون فيه، و قد خلت لهم من الله سنة و مضي فيهم من الله حكم، ان في ذلك لذكري للذاكرين و اعقلوه اذا سمعتموه عقل رعاية و لا تعقلوه عقل رواية، فان رواة الكتاب كثير و رعاته قليل والله المستعان [558] .
[388] - 23 - قال الاربلي:
قال الحسن بن علي عليهماالسلام: لا أدب لمن لا عقل له و لا مروة لمن لا همة له، و لا

[ صفحه 334]

حياء لمن لا دين له، و رأس العقل معاشرة الناس بالجميل، و بالعقل تدرك الداران جميعا، و من حرم من العقل حرمهما جميعا.
و قال عليه‌السلام: علم الناس علمك و تعلم علم غيرك فتكون قد أتقنت علمك و علمت ما لم تعلم.
و سئل عليه‌السلام عن الصمت فقال: هو ستر الغي، و زين العرض و فاعله في راحة، و جليسه آمن.
و قال عليه‌السلام: هلاك الناس في ثلاث: الكبر و الحرص و الحسد، فالكبر هلاك الدين و به لعن ابليس، و الحرص عدو النفس و به أخرج آدم من الجنة و الحسد رائد السوء و منه قتل قابيل هابيل.
و قال عليه‌السلام: لا تأت رجلا الا أن ترجوا نواله و تخاف يده أو يستفيد من علمه أو ترجو بركة دعائه أو تصل رحما بينك و بينه [559] .
[389] - 24 - و روي أيضا:
قال عليه‌السلام: دخلت علي أميرالمؤمنين عليه‌السلام و هو يجود بنفسه لما ضربه ابن‌ملجم فجزعت لذلك فقال لي: أتجزع؟ فقلت و كيف لا أجزع و أنا أراك علي حالك هذه؟
فقال عليه‌السلام: ألا أعلمك خصالا أربع ان أنت حفظتهن نلت بهن النجاة، و ان أنت ضيعتهن فاتك الداران، يا بني لا غني أكبر من العقل، و لا فقر مثل الجهل، و لا وحشة أشد من العجب، و لا عيش ألذ من حسن الخلق فهذه سمعت عن الحسن يرويها عن أبيه عليه‌السلام فأروها ان شئت في مناقبه أو مناقب أبيه [560] .

[ صفحه 335]

[390] - 25 - و روي أيضا:
انه عليه‌السلام قال: ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد و قال عليه‌السلام: اجعل ما طلبت من الدنيا فلن تظفر به بمنزلة مالم يخطر ببالك، و اعلم أن مروة القناعة و الرضا أكثر من مروة الاعطاء و تمام الصنيعة خير من ابتدائها.
و سئل عن العقوق فقال: ان تحرمهما و تهجرهما [561] .
[391] - 26 - روي المجلسي:
انه عليه‌السلام قال: العقل حفظ قلبك ما استودعته، و الحزم أن تنتظر فرصتك و تعاجل ما أمكنك، و المجد حمل المغارم و ابتناء المكارم، و السماحة اجابة السائل و بذل النائل، و الرقة طلب اليسير و منع الحقير، و الكلفة ألتمسك لمن لا يؤاتيك و النظر بما لا يعنيك، و الجهل سرعته الوثوب علي الفرصة قبل الاستمكان منها، و الامتناع عن الجواب، و نعم العون الصمت في مواطن كثيرة، و ان كنت فصيحا.
و قال عليه‌السلام: ما فتح الله عزوجل علي أحد باب مسألة فخزن عنه باب الاجابة و لا فتح الرجل باب عمل فخزن عنه باب القبول و لا فتح لعبد باب شكر فخزن عنه باب المزيد.
و قيل له عليه‌السلام كيف أصبحت يابن رسول الله صلي الله عليه و آله قال: أصبحت و لي رب فوقي، و النار أمامي، و الموت يطلبني، و الحساب محدق بي، و أنا مرتهن بعملي لا أجد ما أحب، و لا أدفع ما أكره، و الأمور بيد غيري فان شاء عذبني و ان شاء عفا عني فأي فقير أفقر مني.
و قال عليه‌السلام المعروف ما لم يتقدمه مطل و لا يتبعه من و الاعطاء قبل السؤال من

[ صفحه 336]

أكبر السؤدد.
و سئل عليه‌السلام عن البخل فقال: هو أن يري الرجل ما أنفقه تلفا و ما أمسكه شرفا.
و قال عليه‌السلام: من عدد نعمه محق كرمه.
و قال عليه‌السلام: الوحشة من الناس علي قدر الفطنة بهم.
و قال عليه‌السلام: الوعد مرض في الجود و الانجاز دواؤه.
و قال عليه‌السلام: الانجاز دواء الكرم.
و قال عليه‌السلام: لا تعاجل الذنب بالعقوبة، و اجعل بينهما للاعتذار طريقا.
و قال عليه‌السلام: المزاح يأكل الهيبة و قد أكثر من الهيبة الصامت.
و قال عليه‌السلام: المسؤول حر حتي يعد، و مسترق المسؤول حتي ينجز [562] .
و قال عليه‌السلام: المصائب مفاتيح الأجر.
و قال عليه‌السلام: النعمة محنة فان شكرت كانت نعمة، فان كفرت صارت نقمة.
و قال عليه‌السلام: الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود.
و قال عليه‌السلام: لا يعرف الرأي الا عند الغضب.
و قال عليه‌السلام: من قل ذل و خير الغني القنوع، و شر الفقر الخضوع.
و قال عليه‌السلام: كفاك من لسانك ما أوضح لك سبيل رشدك من غيك [563] .
[392] - 27 - قال ابن‌عساكر:
أخبرنا أبوالقاسم علي بن ابراهيم، أنبأنا أبوالحسن رشاء بن نظيف، أنبأنا الحسن بن اسماعيل، أنبأنا أحمد بن مروان، أنبأنا محمد بن موسي، أنبأنا محمد

[ صفحه 337]

ابن الحارث عن المدائني: قال: قال معاوية للحسن بن علي بن أبي‌طالب ما المرءوة يا أبامحمد؟ فقال:
فقه الرجل في دينه و اصلاح معيشته و حسن مخالفته، قال: فما النجدة؟ قال: الذب عن الجار و الاقدام علي الكريهة، و الصبر علي النائبة. قال: فما الجود؟ قال: التبرع بالمعروف، و الاعطاء قبل السؤال و الاطعام في المحل [564] [565] .
[393] - 28 - و قال أيضا:
أخبرنا أبونصر أحمد بن عبدالله بن رضوان، أنبأنا أبومحمد الحسن بن علي، أنبأنا أبوعمر بن حيويه، أنبأنا محمد بن خلف بن المرزبان، أنبأنا أحمد بن منصور - و ليس بالرمادي - أنبأنا العتبي، قال:
سأل معاوية الحسن بن علي عليهماالسلام عن الكرم و المروءة؟! فقال الحسن عليه‌السلام: أما الكرم فالتبرع بالمعروف، و الاعطاء قبل السؤال، و الاطعام في المحل، و أما المروءة فحفظ الرجل دينه و احراز نفسه من الدنس و قيامه بضيفه و أداء الحقوق و افشاء السلام [566] .
[394] - 29 - و قال أيضا:
أخبرنا أبوالقاسم ابن‌السمرقندي، أنبأنا أبوالحسين ابن النقور، و أبومنصور ابن العطار، قالا: أنبأنا أبوطاهر المخلص، أنبأنا أبومحمد عبيدالله بن عبدالرحمن، أنبأنا أبويعلي زكريا بن يحيي، أنبأنا الأصمعي، أخبرني عيسي بن سليمان، قال:
سأل معاوية الحسن بن علي عن الكرم و النجدة و المروءة؟ فقال الحسن:

[ صفحه 338]

الكرم: التبرع بالمعروف و العطاء قبل السؤال، و اطعام الطعام في المحل.
و أما النجدة: فالذب عن الجار و الصبر في المواطن، و الاقدام عند الكريهة.
و أما المروءة: فحفظ الرجل دينه و احراز نفسه من الدنس و قيامه بضيفه و أداء الحقوق و افشاء السلام [567] .
[395] - 30 - و قال الصدوق:
حدثنا أبي رحمه الله قال حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حفص الجوهري و لقبه القرشي، عن رجل من الكوفيين من أصحابنا يقول له: ابراهيم قال: سئل الحسن عليه‌السلام عن المروءة فقال: العفاف في الدين، و حسن التقدير في المعيشة، و الصبر علي النائبة [568] .
[396] - 31 - قال اليعقوبي:
و قال معاوية للحسن عليه‌السلام: يا أبامحمد ثلاث خصال ما وجدت من يخبرني عنهن. قال: و ما هن؟ قال: المروة، و الكرم، و النجدة. قال أما المروة فاصلاح الرجل أمر دينه، و حسن قيامه علي ماله، و لين الكف، و افشاء السلام و التحبب الي الناس، و الكرم العطية قبل السؤال، و التبرع بالمعروف، و الاطعام في المحل، ثم النجدة الذب عن الجار، و المحاماة في الكريهة، و الصبر عند الشدائد [569] .
[397] - 32 - و قال أيضا:
قال جابر: سمعت الحسن يقول: مكارم الأخلاق عشر: صدق اللسان، و صدق البأس، و اعطاء السائل، و حسن الخلق، و المكافأة بالصنائع، و صلة الرحم،

[ صفحه 339]

و التذمم علي الجار، و معرفة الحق للصاحب، و قري الضيف، و رأسهن الحياء [570] .
[398] - 33 - قال الطبراني:
حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، حدثنا علي بن المنذر الطريقي، حدثنا عثمان بن سعيد الزيات، حدثنا محمد بن عبدالله أبورجاء الحبطي التستري، حدثنا شعبة بن الحجاج، عن أبي‌اسحاق، عن الحارث ان عليا رضي الله عنه سأل ابنه الحسن بن علي رضي الله عنه عن أشياء من أمر المروءة فقال:
يا بني ما السداد؟ قال: يا أبه السداد دفع المنكر بالمعروف.
قال: فما الشرف؟قال: اصطناع العشيرة و حمل الجريرة و موافقة الاخوان و حفظ الجيران.
قال: فما المروءة؟ قال: العفاف و اصلاح المال.
قال: فما الدقة؟ قال: النظر في اليسير و منع الحقير.
قال: فما اللؤم؟ قال: احراز المرء نفسه و بذله عرسه.
قال: فما السماحة؟ قال: البذل من العسير و اليسير.
قال: فما الشح؟ قال: أن تري ما أنفقته تلفا.
قال: فما الاخاء؟ قال: المواساة في الشدة و الرخاء.
قال: فما الجبن؟ قال: الجرأة علي الصديق و النكول عن العدو.
قال: فما الغنيمة؟ قال: الرغبة في التقوي، و الزهادة في الدنيا هي الغنيمة الباردة.
قال: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ و ملك النفس.
قال: فما الغني؟ قال: رضي النفس بما قسم الله تعالي لها و أن قل، و انما الغني

[ صفحه 340]

غني النفس.
قال: فما الفقر؟ قال: شره النفس في كل شي‌ء.
قال: فما المنعة؟ قال: شدة البأس، و منازعة أعزاء الناس.
قال: فما الذل؟ قال: الفزع عند المصدوقة [الصدمة] .
قال: فما العي؟ قال: العبث باللحية و كثرة البزق عند المخاطبة.
قال: فما الجرأة؟ قال: موافقة الأقران.
قال: فما الكلفة؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك.
قال: فما المجد؟ قال: أن تعطي في الغرم و تعفو عن الجرم.
قال: فما العقل؟ قال: حفظ القلب كلما استوعيته.
قال: فما الخرق؟ قال: معاداتك امامك و رفعك عليه كلامك.
قال: فما حسن الثناء؟ قال: اتيان الجميل و ترك القبيح.
قال: فما الحزم؟ قال: طول الأناة و الرفق بالولاة.
قال: فما السفه؟ قال: اتباع الدناءة و مصاحبة الغواة.
قال: فما الغفلة؟ قال: تركك المسجد، و طاعتك المفسد.
قال: فما الحرمان؟ قال: تركك حظك و قد عرض عليك.
قال: فما المفسد؟ قال: الأحمق في ماله المتهاون في عرضه [571] .
[399] - 34 - قال الحراني:
روي عن الامام السبط التقي أبي محمد الحسن بن علي صلوات الله عليهما

[ صفحه 341]

و رحمته و بركاته في طوال هذه المعاني في أجوبته عن مسائل سأله عنها أميرالمؤمنين عليه‌السلام أو غيره في معان مختلفة.
قيل له عليه‌السلام ما الزهد؟ قال: الرغبة في التقوي و الزهادة في الدنيا.
قيل: فما الحلم؟ قال: كظم الغيظ و ملك النفس.
قيل: ما السداد؟ قال: دفع المنكر بالمعروف.
قيل: فما الشرف؟ قال: اصطناع العشيرة و حمل الجريرة.
قيل: فما النجدة؟ قال: الذب عن الجار و الصبر في المواطن و الاقدام عند الكريهة.
قيل: فما المجد؟ قال: أن تعطي في الغرم و أن تعفو عن الجرم. قيل: فما المروءة؟ قال: حفظ الدين و اعزاز النفس و لين الكنف و تعهد الصنيعة و أداء الحقوق و التحبب الي الناس. قيل: فما الكرام؟ قال: الابتداء بالعطية قبل المسألة و اطعام في المحل. قيل: فما الدنيئة؟ قال: النظر في اليسير و منع الحقير. قيل: فما اللؤم؟ قال: قلة الندي و أن ينطق بالخني. قيل: فما السماح؟ قال: البذل في السراء و الضراء. قيل: فما الشح؟ قال: أن تري ما في يديك شرفا و ما أنفقته تلفا. قيل: فما الاخاء؟ قال: الاخاء في الشدة و الرخاء. قيل: فما الجبن؟ قال: الجرأة علي الصديق و النكول عن العدو. قيل: فما الغني؟ قال: رضي النفس بما قسم لها و ان قل. قيل: فما الفقر؟ قال: شره النفس الي كل شي‌ء. قيل: فما الجود؟ قال: بذل المجهود. قيل: فما الكرم؟ قال: الحفاظ في الشدة و الرخاء. قيل: فما الجرأة؟ قال: موافقة الأقران. قيل: فما المنعة؟ قال: شدة البأس و منازعة أعزاء الناس. قيل: فما الذل؟ قال: الفرق عند المصدوقة. قيل: فما الخرق؟ قال: مناوأتك

[ صفحه 342]

أميرك و من يقدر علي ضرك. قيل: فما السناء؟ قال: اتيان الجميل و ترك القبيح. قيل: فما الحزم؟ قال: طول الأناة و الرفق بالولاة و الاحتراس من جميع الناس. قيل: فما الشرف؟ قال: موافقة الاخوان و حفظ الجيران. قيل: فما الحرمان؟ قال: تركك حظك و قد عرض عليك. قيل: فما السفه؟ قال: اتباع الدناة و مصاحبة الغواة. قيل: فما العي؟ قال: العبث باللحية و كثرة التنحنح عند المنطق. قيل: فما الشجاعة؟ قال: موافقة الأقران و الصبر عند الطعان. قيل: فما الكلفة؟ قال: كلامك فيما لا يعنيك. قيل: و ما السفاه؟ قال: الأحمق في ماله المتهاون بعرضه. قيل: فما اللؤم؟ قال: احراز المرء نفسه و اسلامه عرسه [572] .
[400] - 35 - قال الاربلي:
و قال [الحسن] عليه‌السلام: التبرع بالمعروف و الاعطاء قبل السؤال من أكبر السؤدد. و سئل عن البخل فقال: هو أن يري الرجل ما أنفقه تلفا و ما أمسكه شرفا؟ [573] .
[401] - 36 - روي المجلسي:
عن الحسن بن علي عليه‌السلام قال: المعروف ما لم يتقدمه مطل و لم يتعقبه من، و البخل أن يري الرجل ما أنفقه تلفا و ما أمسكه شرفا و قال عليه‌السلام: من عدد نعمه محق كرمه و قال عليه‌السلام: الانجاز دوام الكرم [574] .
[402] - 37 - قال الصدوق:
قال أبي رحمه الله حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن أبي‌عبدالله، قال: حدثني

[ صفحه 343]

العوني الجوهري، عن ابراهيم الكوفي، عن رجل من أصحابنا رفعه، قال: سئل الحسن بن علي عليهماالسلام عن العقل فقال: التجرع للغصة و مداهنة الأعداء [575] .
[403] - 38 - قال الحراني:
و سئل عن المروءة؟ فقال عليه‌السلام: شح الرجل علي دينه، و اصلاحه ماله، و قيامه بالحقوق.
و قال عليه‌السلام: ان أبصر الأبصار ما نفذ في الخير مذهبه، و أسمع الأسماع ما وعي التذكير و انتفع به. و أسلم القلوب ما طهر من الشبهات [576] .
[404] - 39 - قال الصدوق:
حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق - رضي الله عنه - قال: حدثنا محمد بن سعيد بن يحيي البزوفري، قال: حدثنا ابراهيم بن الهيثم [عن أمية] البلدي، قال: حدثنا أبي، عن المعافا بن عمران، عن اسرائيل، عن المقدام بن شريح بن هاني‌ء، عن أبيه شريح، قال: سأل أميرالمؤمنين عليه‌السلام ابنه الحسن بن علي فقال: يا بني ما العقل؟
قال: حفظ قلبك ما استودعته.
قال: فما الحزم؟
قال: أن تنتظر فرصتك و تعاجل ما أمكنك.
قال: فما المجد؟
قال: حمل المغارم و ابتناء المكارم.
قال: فما السماحة؟

[ صفحه 344]

قال: اجابة السائل و بذل النائل.
قال: فما الشح؟
قال: أن تري القليل سرفا و ما أنفقت تلفا.
قال: فما الرقة؟
قال: طلب اليسير و منع الحقير.
قال: فما الكلفة؟
قال التمسك بمن لا يؤمنك و النظر فيما لا يعنيك.
قال: فما الجهل؟
قال: سرعة الوثوب علي الفرصة قبل الاستمكان منها و الامتناع عن الجواب، و نعم العون الصمت في مواطن كثيرة و ان كنت فصيحا... [577] .
[405] - 40 - قال الديلمي:
و روي أن الحسن بن علي عليهماالسلام قال في خطبة له: اعلموا أن العقل حرز و الحلم زينة و الوفاء مروءة و العجلة سفه و السفه ضعف، و مجالسة أهل الدنيا شين، و مخالطة أهل الفسوق ريبة، و من استخف باخوانه فسدت مروءته و لا يهلك الا المرتابون و ينجو المهتدون الذين لم يتهموا الله في آجالهم طرفة عين و لا في أرزاقهم فمروتهم كاملة و حياؤهم كامل يصبرون حتي يأتي لهم الله برزق و لا يبيعون شيئا من دينهم و مروءتهم بشي‌ء من الدنيا، و لا يطلبون منه شيئا منها بمعاصي الله، و من عقل المرء [و] مروءته أن يسرع الي قضاء حوائج اخوانه، و ان لم ينزلوها به و العقل أفضل ما و هبه الله تعالي للعبد اذ به نجاته في الدنيا من آفاتها

[ صفحه 345]

و سلامته في الآخرة من عذابها [578] .
[406] - 41 - قال المجلسي:
قال الحسن بن علي عليهماالسلام اذا سمعت أحدا يتناول أعراض الناس فاجتهد أن لا يعرفك فان أشقي الأعراض به معارفه [579] .
[407] - 42 - قال الحراني:
قال [الحسن] : ما تشاور قوم الا هدوا الي رشدهم.
و قال عليه‌السلام: اللؤم أن لا تشكر النعمة.
و قال عليه‌السلام: لبعض ولده: يا بني لا تؤاخ أحدا حتي تعرف موارده و مصادره فاذا استنبطت الخبرة و رضيت العشرة فآخه علي اقالة العثرة و المواساة في العسرة.
و قال عليه‌السلام: لا تجاهد الطلب جهاد الغالب و لا تتكل علي القدر اتكال المستسلم فان ابتغاء الفضل من السنة، و الاجمال في الطلب من العفة و ليست العفة بدافعة رزقا و لا الحرص بجالب فضلا، فان الرزق مقسوم و استعمال الحرص استعمال المأثم [580] .
[408] - 43 - و قال أيضا:
قال عليه‌السلام: من اتكل علي حسن الاختيار من الله له لم يتمن أنه في غير الحال التي اختارها الله له.
و قال عليه‌السلام: العار أهون من النار.

[ صفحه 346]

و قال عليه‌السلام: الخير الذي لا شر فيه: الشكر مع النعمة و الصبر علي النازلة.
و قال عليه‌السلام لرجل أبل من علة: ان الله قد ذكرك فاذكره و أقالك فاشكره.
و قال عليه‌السلام عند صلحه مع معاوية: انا والله ما ثنانا عن أهل الشام [شك و لا ندم انما كنا نقاتل أهل الشام] بالسلامة و الصبر، فسلبت السلامة بالعداوة و الصبر بالجزع و كنتم في منتدبكم الي صفين و دينكم أمام دنياكم، و قد أصبحتم اليوم و دنياكم أمام دينكم.
و قال عليه‌السلام: ما أعرف أحدا الا و هو أحمق فيما بينه و بين ربه [581] .
[409] - 44 - قال الفتال النيسابوري:
قال أبوليلي: شيعنا الحسن بن علي عليهماالسلام فلما ذهبنا ننصرف قلنا له أوصنا قال: اتقوا الله و اياكم و الطمع فان الطمع يصير طبعا [582] .

السلام قبل الكلام

[410] - 45 - قال الاربلي:
قال عليه‌السلام: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه [583] .

عون الظالم

[411] - 46 - قال الديلمي:
قال الحسن عليه‌السلام: لقد أصبحت أقوام كانوا ينظرون الي الجنة و نعيمها و النار

[ صفحه 347]

و جحيمها، يحسبهم الجاهل مرضي و ما بهم مرض، أوقد خولطوا و انما خالطهم أمر عظيم خوف الله و مهابته في قلوبهم، كانوا يقولون ليس لنا في الدنيا من حاجة، و ليس لها خلقنا و لا بالسعي لها أمرنا، أنفقوا أموالهم و بذلوا دماءهم و اشتروا بذلك رضي خالقهم، علموا أن الله اشتري منهم أموالهم و أنفسهم بالجنة فباعوه و ربحت تجارتهم و عظمت سعادتهم و أفلحوا و أنجحوا، فاقتفوا آثارهم - رحمكم الله - و اقتدوا بهم، فان الله تعالي وصف لنبيه صلي الله عليه و آله صفة آبائه ابراهيم و اسماعيل و ذريتهما و قال: فبهداهم اقتده، و اعلموا عباد الله أنكم مأخوذون بالاقتداء بهم و الاتباع لهم فجدوا و اجتهدوا و احذروا أن تكونوا أعوانا للظالم فان رسول الله صلي الله عليه و آله قال:
من مضي مع ظالم يعينه علي ظلمه فقد خرج من ربقة الاسلام، و من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد حاد الله و رسوله، و من أعان ظالما ليبطل حقا لمسلم فقد بري‌ء من ذمة الاسلام و ذمة الله و ذمة رسوله و من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصي الله، و من ظلم بحضرته مؤمن أو أغتيب و كان قادرا علي نصره و لم ينصره فقد باء بغضب من الله و من رسوله، و من نصره فقد استوجب الجنة من الله تعالي، و ان الله تعالي أوحي الي داود عليه‌السلام: قل لفلان الجبار اني لم أبعثك لتجمع الدنيا علي الدنيا و لكن لترد عني دعوة المظلوم و تنصره، فاني آليت علي نفسي أن أنصره و أنتصره له ممن ظلم بحضرته و لم ينصره [584] .

المودة تقرب البعيد

[412] - 47 - روي الكليني:
عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن

[ صفحه 348]

صالح بن عقبه، عن سليمان بن زياد التميمي، عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال الحسن بن علي عليهماالسلام القريب من قربته المودة و ان بعد نسبه، و البعيد من بعدته المودة و ان قرب نسبه، لا شي‌ء أقرب الي شي‌ء من يد الي جسد و ان اليد تغل فتقطع و تقطع فتحسم [585] .

ثواب عيادة المريض

[413] - 48 - روي الطوسي:
عن أبيه، عن حمويه بن علي البصري، عن محمد بن بكر، عن الفضل بن حباب، عن محمد بن كثير، عن شعبة، عن الحكم بن عبدالله بن نافع أن أباموسي عاد الحسن بن علي عليهماالسلام فقال الحسن عليه‌السلام: أعائدا جئت أو زائرا؟ فقال: عائدا، فقال: ما من رجل يعود مريضا ممسيا الا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتي يصبح و كان له خريف [586] في الجنة [587] .

التهنئة بالمولود

[414] - 49 - روي الكليني:
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح عمن ذكره عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال: هنا رجل رجلا أصاب ابنا فقال يهنئك الفارس فقال له الحسن عليه‌السلام: ما علمك يكون فارسا أو راجلا؟ قال: جعلت فداك فما أقول قال: تقول: شكرت

[ صفحه 349]

الواهب و بورك لك في الموهوب و بلغ أشده و رزقك بره [588] .
[415] - 50 - و روي أيضا:
عن علي بن محمد بن بندار، عن ابراهيم بن اسحاق الأحمر، عن عبدالله بن حماد، عن أبي‌مريم الأنصاري، عن أبي‌برزة الأسلمي قال: ولد للحسن بن علي عليهماالسلام مولود، فأتته قريش فقالوا: يهنئك الفارس فقال: و ما هذا من الكلام؟ قولوا: شكرت الواهب و بورك لك في الموهوب و بلغ الله به أشده و رزقك بره [589] .

كتابه في جواب التسلية

[416] - 51 - روي الطوسي:
عن المفيد، عن محمد بن محمد بن طاهر، عن ابن‌عقدة، عن أحمد بن يوسف، عن الحسن بن محمد، عن أبيه، عن عاصم بن عمر، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يقول:
كتب الي الحسن بن علي عليهماالسلام قوم من أصحابه يعزونه عن ابنة له، فكتب اليهم: أما بعد: فقد بلغني كتابكم تعزوني بفلانة، فعند الله أحتسبها تسليما لقضاءه، و صبرا علي بلاءه، فان أوجعتنا المصائب، و فجعتنا النوائب بالأحبة المألوفة التي كانت بنا حفية، و الاخوان المحبين الذين كان يسربهم الناظرون و تقربهم العيون.
أضحوا قد اخترمتهم الأيام و نزل بهم الحمام [590] ، فخلفوا الخلوف، و أودت بهم

[ صفحه 350]

الحتوف، فهم صرعي في عساكر الموتي، متجاورون في غير محلة التجاور، و لا صلاة بينهم و لا تزاور، و لا يتلاقون عن قرب جوارهم، أجسامهم نائية من أهلها خالية من أربابها، قد أخشعها اخوانها فلم أر مثل دارها دارا، و لا مثل قرارها قرارا في بيوت موحشة، و حلول مضجعة، قد صارت في تلك الدار الموحشة، و خرجت عن الدار المؤنسة، ففارقتها من غير قلي [591] ، فاستودعتها للبلاء، و كانت أمة مملوكة، سلكت سبيلا مسلوكة صار اليها الأولون، و سيصير اليها الآخرون و السلام [592] .

في الاستحمام

[417] - 52 - روي الكليني:
عن محمد بن الحسن؛ و علي بن محمد بن بندار، عن ابراهيم بن اسحاق النهاوندي، عن عبدالرحمن بن حماد، عن أبي‌مريم الأنصاري رفعه قال: ان الحسن بن علي عليهماالسلام خرج من الحمام فلقيه انسان فقال: طاب استحمامك فقال: يا لكع و ما تصنع بالاست ههنا فقال: طاب حميمك فقال: أما تعلم أن الحميم العرق؟ قال: فطاب حمامك، قال: و اذا طاب حمامي فأي شي‌ء لي؟ و لكن قل: طهر ما طاب منك و طاب ما طهر منك [593] .

[ صفحه 353]

في الادعية

شرط استجابة الدعاء

[418] - 1 - روي الكليني:
عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن علي بن اسباط عمن ذكره عن أبي‌عبدالله عليه‌السلام قال لقي الحسن بن علي عليهماالسلام عبدالله بن جعفر فقال: يا عبدالله كيف يكون المؤمن مؤمنا و هو يسخط قسمه و يحقر منزلته و الحاكم عليه الله و أنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه الا الرضا أن يدعو الله فيستجاب له [594] .

ادعيته

[419] - 2 - قال ابن‌طاووس:
دعاء الحسن عليه‌السلام: اللهم اني أتقرب اليك بجودك و كرمك، و أتقرب اليك بمحمد عبدك و رسولك، و أتقرب اليك بملائكتك المقربين و أنبيائك و رسلك أن تصلي علي محمد عبدك و رسولك و علي آل محمد و أن تقيلني عثرتي و تستر علي ذنوبي

[ صفحه 354]

و تغفرها لي و تقضي لي حوائجي، و لا تعذبني بقبيح كان مني، فان عفوك و جودك يسعني، انك علي كل شي‌ء قدير [595] .
[420] - 3 - و قال أيضا:
دعاء لمولانا الحسن بن علي عليهماالسلام: يا من اليه يفر الهاربون و به يستأنس المستوحشون صل علي محمد و آله و اجعل أنسي بك فقد ضاقت عني بلادك و اجعل توكلي عليك فقد مال علي أعداؤك، اللهم صل علي محمد و آل محمد و اجعلني بك أصول و بك أحول و عليك أتوكل و اليك أنيب اللهم و ما وصفتك من صفة أو دعوتك من دعاء يوافق لك محبتك و رضوانك و مرضاتك فأحيي علي ذلك و أمتني عليه و ما كرهت من ذلك، فخذ بناصيتي الي ما تحب و ترضي، أتوب اليك ربي من ذنوبي و أستغفرك من جرمي و لا حول و لا قوة الا بالله لا اله الا هو الحليم الكريم و صلي الله علي محمد و آله و اكفنا مهم الدنيا و الآخرة في عافية يا رب العالمين [596] .
[421] - 4 - و قال أيضا:
دعاء لمولانا الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام: اللهم انك الخلف من جميع خلقك و ليس في خلقك خلف منك الهي من أحسن فبرحمتك و من أساء فبخطيئته فلا الذي أحسن استغني عن رفدك و معونتك و لا الذي أساء استبدل بك و خرج من قدرتك الهي بك عرفتك و بك اهتديت الي أمرك، و لو لا أنت لم أدر ما أنت فيا من هو هكذا و لا هكذا غيره صل علي محمد و آل محمد و ارزقني الاخلاص في عملي

[ صفحه 355]

و السعة في رزقي، اللهم اجعل خير عمري آخره، و خير عملي خواتمه، و خير أيامي يوم ألقاك الهي أطعتك و لك المن علي في أحب الأشياء اليك، الايمان بك و التصديق برسولك، و لم أعصك في أبغض الأشياء الشرك بك و التكذيب برسولك فاغفر لي ما بينهما يا أحم الراحمين و يا خير الغافرين [597] .

تسبيحه

[422] - 5 - قال الراوندي:
تسبيح الحسن بن علي عليهماالسلام في اليوم الرابع: سبحان من هو مطلع علي خوازن القلوب، سبحان من هو محصي عدد الذنوب، سبحان من لا يخفي عليه خافية في السماوات و الأرض، سبحان المطلع علي السرائر عالم الخفيات، سبحان من لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض و لا في السماء، سبحان من السرائر عنده علانية و البواطن عنده ظواهر، سبحان الله بحمده [598] .

حجابه

[423] - 6 - قال ابن‌طاووس:
حجاب الحسن بن علي عليهماالسلام: اللهم يا من جعل بين البحرين حاجزا و برزخا و حجرا محجورا يا ذا القوة و السلطان يا علي المكان كيف أخاف و أنت أملي و كيف أضام و عليك متكي، فغطني من أعدائك بسترك و أظهرني علي أعدائي بأمرك

[ صفحه 356]

و أيدني بنصرك، اليك اللجأ و نحوك الملتجأ، فاجعل لي من أمري فرجا و مخرجا، يا كافي أهل الحرم من أصحاب الفيل و المرسل عليهم طيرا أبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل، ارم من عاداني بالتنكيل، اللهم اني أسئلك الشفاء من كل داء و النصر علي الأعداء و التوفيق لما تحب و ترضي يا اله من في السماء و الأرض و ما بينهما و ما تحت الثري بك أستشفي و بك أستعفي و عليك أتوكل (فسيكفيكهم الله و هو السميع العليم) [599] [600] .

حرزه

[424] - 7 - و قال أيضا:
حرز للامام الحسن عليه‌السلام: بسم الله الرحمن الرحيم اللهم اني أسئلك بمكانك و معاقد عزك و سكان سمواتك و أنبيائك و رسلك أن تستجيب لي فقد رهقني من أمري عسر اللهم اني أسئلك أن تصلي علي محمد و آل محمد و أن تجعل لي من عسري يسرا [601] .

دعاؤه عند ورود المسجد

[425] - 8 - قال ابن شهرآشوب:
و كان [الحسن] عليه‌السلام اذا بلغ باب المسجد رفع رأسه و يقول: الهي ضيفك ببابك، يا

[ صفحه 357]

محسن قد أتاك المسي‌ء، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم [602] .

دعاؤه في قنوته

[426] - 9 - قال ابن‌طاووس:
و دعا عليه‌السلام في قنوته: اللهم انك الرب الرؤوف الملك العطوف، المتحنن المألوف و أنت غياث الحيران الملهوف، و مرشد الضال المكفوف، تشهد خواطر أسرار المسرين كمشاهدتك أقوال الناطقين، أسألك بمغيبات علمك في بواطن أسرار المسرين، اليك أن تصلي علي محمد و آله صلاة يسبق بها من اجتهد من المتقدمين و يتجاوز فيها من يجتهد من المتأخرين و أن تصل الذي بيننا و بينك صلة من صنعته لنفسك و اصطنعته لغيبك فلم تتخطفه خاطفات الظنن و لا واردات الفتن حتي نكون لك في الدنيا مطيعين و في الآخرة في جوارك خالدين [603] .
[427] - 10 - و قال أيضا:
قنوت سيدنا الحسن عليه‌السلام: يا من بسلطانه ينتصر المظلوم، و بعونه يعتصم المكلوم، سبقت مشيتك و تمت كلمتك و أنت علي كل شي‌ء قدير، و بما تمضيه خبير، يا حاضر كل غيب، و عالم كل سر، و ملجأ كل مضطر، ضلت فيك الفهوم، و تقطعت دونك العلوم، و أنت الله الحي القيوم الدائم الديموم، قد تري ما أنت به عليم و فيه حكيم و عنه عليم، و أنت بالتناصر علي كشفه، و العون علي كفه غير ضائق، و اليك مرجع كل أمر كما عن مشيتك مصدره و قد أبنت عن عقود كل قوم

[ صفحه 358]

و أخفيت سرائر آخرين و أمضيت ما قضيت و أخرت ما لا فوت عليك فيه و حملت العقول ما تحملت في غيبك ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و انك أنت السميع العليم الأحد البصير و أنت الله المستعان و عليك التوكل و أنت ولي من توليت لك الأمر كله تشهد الانفعال و تعلم الاختلال و تري تخاذل أهل الخبال و جنوحهم الي ما جنحوا اليه من عاجل فان، و حطام عقباه حميم آن، و قعود من قعد و ارتداد من ارتد و خلوي من النصار، و انفرادي من الظهار، و بك اعتصم، و بحبلك أستمسك، و عليك أتوكل، اللهم فقد تعلم أني ما ذخرت جهدي و لا منعت وجدي حتي انفل حدي و بقيت و حدي فأتبعت طريق من تقدمني في كف العادية و تسكين الطاغية عن دماء أهل المشايعة و حرست ما حرسه أوليائي من أمر آخرتي و دنياي فكنت ككظمهم أكظم و بنظامهم أنتظم و لطريقهم أتسنم و بميسهم أتسم، حتي يأتي نصرك و أنت ناصر الحق، و عونه و ان بعد المدي من المرتاد و نأي الوقت عن افناء الأضداد، اللهم صل علي محمد و آله و أمرجهم مع النصاب في سرمد العذاب و أعم عن الرشد أبصارهم و سكعهم في غمرات لذاتهم حتي تأخذهم بغته و هم غافلون، و سحرة و هم نائمون بالحق الذي تظهره و اليد التي تبطش بها و العلم الذي تبديه انك كريم عليم [604] .
[428] - 11 - قال الدولابي:
حدثني الفضل بن العباس - أبوالعباس الحلبي - حدثنا أبوصالح الفراء، حدثنا أبواسحاق الفزاري، عن الحسن بن عبيدالله، عن بريد بن أبي‌مريم، عن أبي‌الحوراء قال: قلت للحسن بن علي عليهماالسلام: مثل من كنت في عهد رسول الله صلي الله عليه و آله؟ و ماذا

[ صفحه 359]

عقلت عنه؟
قال: عقلت عنه اني سمعت رجلا يسأل رسول الله صلي الله عليه و آله فسمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: دع ما يريبك الي ما لا يريبك، فان الشر ريبة و الخير طمأنينة.
و عقلت عنه الصلاة الخمس، و كلمات علمنيهن قال: قل: «اللهم اهدني فيمن هديت، و عافني فيمن عافيت، و تولني فيمن توليت، و بارك لي فيما أعطيت، و قني شر ما قضيت، فانك تقضي و لا يقضي عليك، و انه لا يذل من واليت، تباركت ربنا و تعاليت.»
قال بريد بن أبي‌مريم: فدخلت علي محمد بن علي في الشعب فحدثته بهذا الحديث عن أبي‌الحوراء، فقال: صدق، هن كلمات علمناهن، يقولهن في القنوت [605] .
[429] - 12 - و قال أيضا:
حدثنا محمد بن اسحاق أبوبكر البكائي، حدثنا عبدالله بن موسي، عن اسرائيل، عن أبي‌اسحاق، عن بريد بن أبي‌مريم، عن أبي‌الحوراء، عن الحسن بن علي [عليهماالسلام] ، قال:
علمني رسول الله صلي الله عليه و آله كلمات أقولهن في القنوت: «اللهم اهدني فيمن هديت، و عافني فيمن عافيت و تولني فيمن توليت و بارك لي فيما أعطيت و قني شر ما قضيت، انك تقضي و لا يقضي عليك، و انه لا يذل من واليت، تباركت ربنا و تعاليت.» [606] .

[ صفحه 360]

دعاؤه في الاستسقاء

[430] - 13 - روي الحميري:
عن أبي‌البختري وهب بن وهب القرشي عن الصادق عن أبيه عن جده عليه‌السلام قال: اجتمع عند علي بن أبي‌طالب عليه‌السلام قوم فشكوا اليه قلة المطر و قالوا يا أباالحسن ادع لنا بدعوات الاستسقاء قال فدعا علي عليه‌السلام الحسن و الحسين عليهماالسلام، فقال للحسن عليه‌السلام: ادع لنا بدعوات في الاستسقاء فقال الحسن عليه‌السلام: اللهم هيج لنا السحاب تفتح الأبواب بماء عباب و رباب بانصباب و اسكاب يا وهاب اسقنا مغدقة مونقة بروقة فتح أغلاقها و يسر أطباقها و سهل اطلاقها و عجل سياقها بالأندية في بطون الأوديه بصوب الماء يا فعال اسقنا مطرا قطرا طلا مطلا مطبقا طبقا عاما معما دهما بهما رحيما رشا مرشا واسعا كافيا عاجلا طيبا مريئا مباركا سلاطحا بلاطحا يناطح الأباطح مغدودقا مطبوبقا مغرورقا واسق سهلنا و جبلنا و بدونا و حضرنا حتي ترخص به أسعارنا و تبارك لنا في صاعنا و مدنا أرنا الرزق موجودا و الغلاء مفقودا آمين رب العالمين [607] .

دعاؤه عند الركن

[431] - 14 - قال المجلسي:
و قيل ان الحسن بن علي بن أبي‌طالب عليهماالسلام التزم الركن فقال: الهي أنعمت علي فلم تجدني شاكرا و ابتليتني فلم تجدني صابرا فلا أنت سلبت النعمة بترك الشكر

[ صفحه 361]

و لا أنت أدمت الشدة بترك الصبر الهي ما يكون من الكريم الا الكرم [608] .

آداب طلب الولد

[432] - 15 - قال الطبرسي:
عن الحسن بن عليهماالسلام أنه وفد علي معاوية، فلما خرج تبعه بعض حجابه و قال: اني رجل ذو مال و لا يولد لي فعلمني شيئا لعل الله يرزقني ولدا؟ فقال: عليك بالاستغفار، فكان يكثر الاستغفار حتي ربما استغفر في اليوم سبعمائة مرة، فولد له عشرة بنين، فبلغ ذلك معاوية فقال: هلا سألته مم قال ذلك؟ فوفده وفدة أخري فسأله الرجل، فقال: ألم تسمع قول الله عز اسمه في قصة هود عليه‌السلام (و يزدكم قوة الي قوتكم) [609] ، و في قصة نوح عليه‌السلام (و يمددكم بأموال و بنين) [610] [611] .

الدعاء لرفع الحمي

[433] - 16 - قال الطبرسي:
عن الحسن الزكي عليه‌السلام قال: اكتب علي ورقة: (يا نار كوني بردا و سلاما علي ابراهيم) [612] و علقه علي المحموم و اذا أخذته الحمي يكتب في قرطاس هذه الآية و يشد علي عضده: (قل ألله أذن لكم أم علي الله تفترون) [613] و يكتب «بطلط،

[ صفحه 362]

بطلطلط» و يقول: عقدت علي اسم الله حمي فلان و يشده علي ساقه اليسري [614] .

الدعاء و الصلاة لرفع الأذي

[434] - 17 - روي ابن‌طاووس:
عن كتاب أحمد بن داوود النعماني، قال: شكي رجل الي الحسن بن علي صلوات الله عليهما جارا يؤذيه فقال له الحسن عليه‌السلام:
اذا صليت المغرب فصل ركعتين ثم قل: يا شديد المحال يا عزيزا أذللت بعزتك جميع خلقك اكفني شر فلان بما شئت. قال: ففعل الرجل ذلك، فلما كان في جوف الليل سمع الصراخ و قيل فلان مات الليلة [615] .

الدعاء علي العدو

[435] - 18 - قال ابن شهرآشوب:
و استغاث الناس من زياد الي الحسن بن علي عليهماالسلام، فرفع يده و قال: اللهم خذ لنا و لشيعتنا من زياد بن أبيه و أرنا فيه نكالا عجالا انك علي كل شي‌ء قدير.
قال: فخرج خراج في ابهام يمينه فقال لها السلعة، و ورم الي عنقه، فمات [616] .
[436] - 19 - قال الطبراني:
حدثنا علي بن عبدالعزيز، حدثنا أبونعيم، حدثنا سفيان، عن يونس بن عبيد،

[ صفحه 363]

عن الحسن قال: كان زياد يتتبع شيعة علي عليه‌السلام فيقتلهم، فبلغ ذلك الحسن بن علي رضي الله عنه فقال: اللهم تفرد بموته فان القتل كفارة [617] .

دعاؤه عند اتيانه معاوية

[437] - 20 - روي ابن‌طاووس:
باسناده الي أبي‌المفضل محمد بن عبدالله المطلب الشيباني، قال أخبرنا رجاء ابن يحيي أبوالحسن العبرتائي، قال: كتبت هذا الدعاء في دار سيدنا أبي‌محمد الحسن بن علي صاحب العسكر عليهماالسلام و هو دعاء الحسن بن علي عليهماالسلام لما أتي معاوية:
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله العظيم الأكبر اللهم سبحانك يا قيوم سبحان الحي الذي لا يموت أسئلك كما أمسكت عن دانيال أفواه الأسد [618] و هو في الجب فلا يستطيعون اليه سبيلا الا باذنك، أسألك أن تمسك عني أمر هذا الرجل و كل عدو لي في مشارق الأرض و مغاربها من الانس و الجن خذ بآذانهم و أسماعهم و أبصارهم و قلوبهم و جوارحهم و اكفني كيدهم بحول منك و قوة فكن لي جارا منهم و من كل جبار عنيد و من كل شيطان مريد لا يؤمن بيوم الحساب ان وليي الله الذي نزل الكتاب و هو يتولي الصالحين فان تولوا فقل حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت و هو رب العرش العظيم [619] .

[ صفحه 364]

دعاؤه الذي علمه النبي

[438] - 21 - روي ابن‌عساكر:
دعاء علمه النبي صلي الله عليه و آله [الي الحسن عليه‌السلام] في النوم انه قال... اللهم اني أسألك من كل أمر ضعفت عنه قوتي [و] حيلتي و لم تنته اليه رغبتي و لم يخطر ببالي و لم يبلغه أملي و لم يجر علي لساني من اليقين الذي أعطيته أحدا من المخلوقين الأولين و الآخرين الا خصصتني به يا أرحم الراحمين... [620] .
و في رواية أخري قال:
اللهم اقذف في قلبي رجاءك، و اقطع رجائي عمن سواك، حتي لا أرجو أحدا غيرك، اللهم ما ضعفت عنه قوتي و قصر عنه عملي و لم تنته اليه رغبتي و لم تبلغه مسألتي و لم يجر علي لساني مما أعطيت أحدا من الأولين و الآخرين من اليقين فخصني به يا رب العالمين [621] انتهي.
و الحمد لله رب العالمين

پاورقي

[1] قال الله عزوجل: (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم...) الأعراف: 16.
[2] قال الله عزوجل: (اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي...) المائدة: 3.
[3] قال الله عزوجل: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك...) المائدة: 67.
[4] قال الله عزوجل: (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم...) المائدة: 3.
[5] قال الله عزوجل: (فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما...) - (فدلهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما...) الأعراف: 20 و 22.
[6] قال الله عزوجل: (قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها...) الأعراف: 13.
[7] الخرائج و الجرائح: 574 / 2.
[8] المناقب: 394 / 3، و علل الشرائع: 211، و دعائم الاسلام: 37 / 1.
[9] المناقب 7:4، بحارالأنوار 338:43، الأنوار البهية: 76.
[10] علل الشرايع 460:2 ح 5، عنه بحارالأنوار 140:100 ح 7.
[11] كامل الزيارات: 91 ح 92، بحارالأنوار 259:100 ح 6.
[12] الأمالي: 114 ح 94، بحارالأنوار 141:100 ح 12.
[13] تهذيب الأحكام 40:6 ح 1، وسائل الشيعة 258:10 ح 19.
[14] تهذيب الأحكام 20:6 ح 1، جامع الأخبار، 75 ح 99، وسائل الشيعة 258:10 ح 19، بحارالأنوار 161:44 ح 30.
[15] مكارم الأخلاق: 42.
[16] الخرائج و الجرائح 536:2 ح 12، بحارالأنوار 101:37 ح 5.
[17] المعجم الكبير 90:3 ح 2756، كنز العمال 224:5 ح 12687 عن علي عليه‌السلام.
[18] المغمور: المجهول الخامل الذكر.
[19] الرعد: 7.
[20] كفاية الأثر: 162، عنه بحارالأنوار 338:36 ح 201.
[21] البقرة: 94.
[22] البقرة: 95.
[23] تفسير الامام العسكري: 442 ح 294 بحارالأنوار 220:17 ح 24 و 321:9 ح 15 مختصرا.
[24] أي احتقره الأعرابي لصغر سنة عليه‌السلام. عن هامش البحار.
[25] صنبر فيه: أن قريشا كانوا يقولون: ان محمدا صنبور أي أبتر لا عقب له. النهاية لابن الأثير الجزري.
[26] كذا في الثاقب في المناقب، و في البحار: «قناتك».
[27] الثاقب في المناقب: 316 ح 264، بحارالأنوار: 333:43 ح 5 مع اختلاف يسير في بعض الالفاظ و جاء أوله: في جبل أظنه حراء أو غيره و معه أبوبكر و عمر و عثمان و علي عليه‌السلام و جماعة من المهاجرين...، العوالم: 103:16 ح 1.
[28] الخرائج و الجرائح 215:1 ح 59، عنه بحارالأنوار 249:20 ح 18.
[29] الدر المنثور 35:3، عنه بحارالأنوار 277:58 ح 81.
[30] الخرائج و الجرائح 236:1 ح 1.
[31] المناقب 6:4، بحارالأنوار 326:43 ح 6، العوالم 85:16 ح 1، و الآية: 12 من سورة مريم.
[32] البقرة: 114.
[33] القصص: 85.
[34] بحارالأنوار 121:21 ح 20، تفسير البرهان 144:1 ح 1 مع اختلاف كثير في آخر الحديث، التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام: 554 ح 329 عن علي بن الحسين و في هامشه عن الحسن بن علي في نسخة.
[35] المعجم الكبير 90:3 ح 2755، كنز العمال 364:14 ح 38950 مختصرا.
[36] المنتخب: 163، مدينة المعاجز 294:3 ح 899.
[37] علل الشرايع: 96 ح 6، كمال الدين: 313، المحاسن 59:2 ح 99 عن أبي‌جعفر الثاني مختصرا، دلائل الامامة: 174 ح 95، الاحتجاج 9:2 ح 148، الغيبة للطوسي: 154 ح 114، الغيبة للنعماني: 58، أعلام الوري 191:2، ارشاد القلوب: 400، وسائل الشيعة 1215:4 ح 1 مختصرا، حلية الأبرار 510:1، بحارالأنوار 414:36 ح 1، و 359:60 ح 48 قطعة منه و 36:61 ح 8 و 39 ح 9، تفسير البرهان 728:1 ح 125 و 489:4 ح 64.
[38] تفسير الفرات: 79 ح 55، عنه بحارالأنوار: 350:43 ح 24 و ح 112:7823 مختصرا.
[39] كذا في الأصل، و لعل الصواب: في.
[40] الاختصاص: 284، بحارالأنوار 55:26 ح 115.
[41] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 147: ح 248.
[42] في المصدر أبوالضمضام.
[43] لقمان: 34.
[44] قال المجلسي: الظاهر انه تصحيف باللام، قال الفيروزآبادي: اللقط محركة: ما يلتقط من السنابل و قطع ذهب توجد في المعدن.
[45] المناقب 332:2، الثاقب في المناقب: 133 ح 128 و 127 مع اختلاف، الخرائج و الجرائح: 175:1 ح 8 و 558:2 ح 16 مختصرا، بحارالأنوار: 36:42 و 193:41، اثبات الهداة: 545:4 ح 190.
[46] الزمر: 10.
[47] المعجم الكبير 92:3 ح 2760، مجمع الزوائد: 305:2.
[48] مقتل الحسين عليه‌السلام: 107، عنه كشف الغمة: 65:1 مع اختلاف يسير.
[49] الأمالي: 723 ح 1524، بحارالأنوار 111:42 ح 3.
[50] اختيار معرفة الرجال 294:1 ح 138، بحارالأنوار 129: 42 ح 12.
[51] المناقب 263:2، بحارالأنوار: 306:41 و اللفظ منه.
[52] الخرائج و الجرائح 180:1، بحارالأنوار 187:42 ح 5.
[53] أي ول الجلد من يلزم الوليد و يعينه شأنه، و القار ضد الحار.
[54] ذخائر العقبي: 96.
[55] الكافي 206:8 ح 251، شرح ابن‌أبي‌الحديد 252:8 و 253 مع اختلاف، بحارالأنوار 435:22 ح 51، الغدير 8: 301، موسوعة كلمات الامام الحسين عليه‌السلام باب كلماته عليه‌السلام في زمن أبيه.
[56] الأمالي: 714 ضمن حديث 1517.
[57] دلائل الامامة: 167 ح 79، مدينة المعاجز 235:3 ح 855، اثبات الهداة 157:5 ح 28.
[58] أي يوم حوصر عثمان في الدار.
[59] دلائل الامامة: 168 ح 81، اثبات الهداة 157:5 ح 27، مدينة المعاجز 236:3 ح 856 و في هامشه جاء: و هكذا ينسب لآل بيت العصمة و الطهارة ما لا يليق بهم - صلوات الله عليهم - فهو من صنائع الخوارج و بني‌أمية و بني‌العباس.
[60] مهج الدعوات: 114، بحارالأنوار 246:95 ح 32.
[61] في الاختصاص: أحمد بن أبي‌عبدالله، عن يونس.
[62] الأمالي: 280، الاختصاص: 235، ينابيع المودة: 82 مختصرا، حلية الأبرار 513:1، بحارالأنوار 117:10 ح 1.
[63] كذا في الأصل، و في كتاب الجمل للمفيد: ابتز.
[64] الفتوح 470:2.
[65] كذا في الأصل، و في شرح نهج‌البلاغة: 146 / 1 «عمرو بن أحيحة».
[66] الجمل: 327.
[67] ذخائر العقبي: 111.
[68] الوجار - بالكسر -؟؟؟ الضبع عن هامش كشف الغمة.
[69] كشف الغمة 5: 1، بحارالأنوار 330:43 ح 11.
[70] أي أسرع.
[71] النساء: 34.
[72] الأمالي: 718 ح 1518، بحارالأنوار 68:32 ح 48.
[73] الفصول المهمة: 71، تاريخ الطبري 27:3 الي 35 متفرقا، مسند الامام المجتبي: 248 ح 50.
[74] الرعد: 10.
[75] شرح ابن‌أبي‌الحديد 11:14، بحارالأنوار 88:32.
[76] ص: 88.
[77] آل عمران: 34.
[78] الأمالي: 82 ح 121، بحارالأنوار 228:32 ح 179.
[79] ص: 88.
[80] مروج الذهب 9:3، بحارالأنوار 114:78 ح 9، و كشف الغمة 573:1.
[81] آل عمران: 33.
[82] بحارالأنوار 358:43 ح 37، عن العدد القوية: 31.
[83] تاريخ ابن‌عساكر (ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام): 144 ح 243.
[84] كشف الغمة 572:1، بحارالأنوار 114:78 ح 8.
[85] التمنع و الامتناع: العزة و القوة.
[86] الجوائح: الدواهي و الشدائد.
[87] شرح ابن‌أبي‌الحديد 185:3، وقعة صفين: 113، بحارالأنوار 405:32 ح 371.
[88] شعار يلبس تحت الدرع.
[89] مجمع البيان 320:1، تفسير نور الثقلين 103:1 ح 289، بحارالأنوار 2:41 ح 4.
[90] كشف الغمة 251:1، بحارالأنوار 180:70 ح 50 مختصرا.
[91] مناقب الخوارزمي: 245، مدينة المعاجز 45:3 ح 710.
[92] الطبقات الكبري 13:5، مقاتل الطالبيين: 22 أشار الي القصة و فيه عن الحسن عليه‌السلام: انظروا من هذا؟.
[93] الفتح: 18.
[94] الشوري: 7.
[95] تفسير القمي 268:2، الخصال 353:2 ح 34 قطعة منه، بحارالأنوار 286:6 ح 8 و 116:7 ح 52 و 132:10 ح 2 و 385:11 ح 10 و 7:12 ح 18 و 129 ح 5 و 146:16 ح 2 و 334:33 ح 517 و في بعضها مختصرا، حلية الأبرار 505:2، مدينة المعاجز 346:3 ح 924.
[96] الاسراء: 12.
[97] تحف العقول: 228، الخرائج و الجرائح 572:2 ح 2، الثاقب في المناقب: 319 ح 265، بحارالأنوار 325:43 ح 5، روضة الواعظين: 46 مع اختلاف في الألفاظ.
[98] المناقب 12:4، بحارالأنوار 357:43 ح 35.
[99] الامامة و السياسة: 138.
[100] وقعة صفين: 126، مستدرك الوسائل 224:10 ح 11902.
[101] الفضائل: 104، عنه بحارالأنوار 329:41.
[102] كشف الغمة 436:1.
[103] لقمان: 34.
[104] بحارالأنوار 278:42.
[105] الفصول المهمة: 132.
[106] فصلت: 40.
[107] الفتوح: 4 و 282:3.
[108] بحارالأنوار 284:42.
[109] فرحة الغري: 38، وسائل الشيعة 308:10 ح 1، بحارالأنوار 218:42 ح 20.
[110] بحارالأنوار 44:40 ح 82، و 204:42 ح 8 مع اختلاف يسير.
[111] الأمالي: 7 ح 8، كشف الغمة 535:1، الفصول المهمة: 128، و فيه تفصيل وصيته عليه‌السلام، وسائل الشيعة 90:3 ح 19 و 331:18 ح 42، مستدرك الوسائل 130:1 ح 176 مع اختلاف يسير.
[112] تاريخ الطبري 160:3 و المشهور انه عليه‌السلام استشهد و هو ابن ثلاث و ستين سنة.
[113] بحارالأنوار 294:42.
[114] المناقب 348:2، عنه البحار 234:42 ح 44، مدينة المعاجز 58:3 ح 720.
[115] هكذا في المصدر، و الصحيح: «و أشهدها أفما أشهد جسدي».
[116] بحارالأنوار 300:42، مدينة المعاجز 60:3 ح 724.
[117] الطبقات الكبري 27:3، الامامة و السياسة: 161، تاريخ الطبري 158:3 و زاد فيه: و كبر عليه الحسن تسع تكبيرات ثم ولي الحسن ستة أشهر.
[118] الطبقات الكبري 27:3، مروج الذهب 426:2 و فيه كبر عليه سبعا.
[119] اتفق اسم هذا الراوي و أبيه وجده مع اسم الامام الحسن بن علي بن أبي‌طالب.
[120] التهذيب 34:6 ح 11، وسائل الشيعة 309:10 ح 2، بحارالأنوار 218:42 ح 21 و 239:100 ح 10، جامع الأخبار: 72 ح 92.
[121] مقاتل الطالبيين: 42، بحارالأنوار 245:100 ح 30.
[122] الكافي 458:1 ح 11، بحارالأنوار 222:42 ح 29.
[123] جمع ذكاة: الجمرة الملتهبة من الحصي مجمع البحرين.
[124] الكافي 456:1 ح 5، كامل الزيارات: 81 ح 77، بحارالأنوار 240:100 ح 12.
[125] وسائل الشيعة 82:13 ح 11.
[126] يوسف: 38.
[127] الشوري: 23.
[128] الأمالي: 269، مسائل علي بن جعفر: 328 ح 818 و 817 مختصرا، تفسير الفرات: 197 ح 256 و 257، أعلام الوري 406:1 مع اختلاف في بعض الألفاظ، كشف الغمة 538:1 و 547، ذخائر العقبي: 138، الذرية الطاهرة: 109 ح 114، بحارالأنوار 361:43 ح 4.
[129] أي لا ينصرف ذمن الشي‌ء بمعني الرجوع يعني لا يرجع، عن الكافي.
[130] الكافي 457:1 ح 8، كشف الغمة 179:1 و 532 و 533 مع اختلاف في بعض الألفاظ، كشف اليقين: 103 ح 96 مع اختلاف في الألفاظ، الفصول المهمة: 152، بحارالأنوار 202:42 و 361:43 ح 3.
[131] الفتوح 4 و 283:3.
[132] فرق: جزع و اشتد خوفه.
[133] التي سقطت أسنانها كلها. عن الخرائج.
[134] الخرائج و الجرائح 574:2 ح 4، بحارالأنوار 43:44 ح 4، العوالم 141:16 ح 1.
[135] الذرية الطاهرة: 111 ح 117.
[136] الطبقات الكبري 28:3، الامامة و السياسة: 162، الذرية الطاهرة: 114 ح 122 و 123، كنز العمال 192:13، حلية الأولياء 65:1، المعجم الكبير 79:3 ح 2719 و 80 ح 2725، تذكرة الخواص: 167 مختصرا.
[137] تاريخ الطبري 164:3، الذرية الطاهرة: 115 ح 124، البداية و النهاية 368:7، كنز العمال 192:13 ح 36575، بحارالأنوار 359:43 ح 1.
[138] كفاية الأثر: 160، عنه بحارالأنوار 363:43 ح 6، العوالم 140:16 ح 5.
[139] الفتوح 3 و 284:4.
[140] قرب الاسناد: 143 ح 516، عنه بحارالأنوار 302:42 ح 1 و مثله مع اختلاف يسير 246:42.
[141] مقاتل الطالبيين: 41، بحارالأنوار 338:42 ح 22 الي قوله: عند صلاة الصبح.
[142] كشف الغمة 439:1، تاريخ الطبري 159:3 مع اختلاف يسير، بحارالأنوار 231:42 و 232.
[143] فرحة الغري: 19، عنه بحارالأنوار 307:42 ح 6.
[144] الفتوح 3 و 284:4، المناقب لابن شهرآشوب 31:4 مختصرا، عنه البحار 54:44 ح 6.
[145] تاريخ الطبري 164:3.
[146] الامامة و السياسة: 163.
[147] النساء 59:4.
[148] النساء 59:4.
[149] الأنفال: 48.
[150] الأنعام: 158.
[151] الأمالي: 691 ح 1469، بحارالأنوار 359:43 ح 2.
[152] تذكرة الخواص: 188.
[153] مقتل الخوارزمي: 131، تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 149 ح 250.
[154] المناقب 19:4، بحارالأنوار 344:43.
[155] كشف الغمة 561:1.
[156] مقتل الحسين عليه‌السلام: 132، بحارالأنوار 343:43 ح 16.
[157] مقتل الحسين عليه‌السلام: 132، و قريب منه في المناقب 18:4، بحارالأنوار 343:43 ح 16، العوالم 114:16 ح 3.
[158] الارشاد: 188، مقاتل الطالبيين: 52، كشف الغمة 538:1 مع اختلاف في بعض الألفاظ فيهما، بحارالأنوار 45:44 ح 5.
[159] الغارات: 443، بحارالأنوار 18:34.
[160] الفتوح 3 و 285:4.
[161] يس: 70.
[162] الزخرف: 44.
[163] أي قالت لهم نعم.
[164] الرعد: 41.
[165] مقاتل الطالبيين: 55، الفتوح لابن اعثم 286:4، شرح نهج‌البلاغة لابن‌أبي‌الحديد 33:16، المناقب لابن شهرآشوب 31:4 مختصرا، بحارالأنوار 54:44 ح 6 مع اختلاف و اختصار.
[166] الأنفال: 46.
[167] مقاتل الطالبيين: 59، شرح ابن‌أبي‌الحديد 36:16، بحارالأنوار 50:44 ح 5.
[168] الخرائج و الجرائح 4574:2، عنه بحارالأنوار 43:44 ح 4.
[169] الفتوح 289:3.
[170] مقاتل الطالبيين: 62، بحارالأنوار 51:44 ح 5.
[171] شرب: خليط، من مقاتل الطالبين.
[172] كذا في مقاتل الطالبيين، و في الفتوح لابن‌اعثم 289:4، سنان بن الجراح.
[173] الأربية: أصل الفخذ.
[174] مقاتل الطالبيين: 63، بحارالأنوار 47:44 ذ ح 5.
[175] الخرائج و الجرائح 575:2، بحارالأنوار 44:44 ح 4.
[176] و الصحيح عبيدالله كما هو المشهور.
[177] شرح ابن‌ابي‌الحديد 22:16.
[178] كذا في الفتوح، و في تاريخ اليعقوبي 215:2، و مقاتل الطالبيين: 63، جراح بن سنان.
[179] الفتوح 289:4.
[180] الفتوح 290:4.
[181] الشعراء: 227.
[182] علل الشرايع: 220 ح 1، عنه بحارالأنوار 33:44 ح 1.
[183] الأحزاب: 33.
[184] المعجم الكبير 93:3 ح 2761، مجمع الزوائد 172:9.
[185] الاحتجاج 69:2 ح 158، عنه بحارالأنوار 20:44 ح 4 و 280:52 ح 6 مختصرا.
[186] أعلام الدين: 292، عنه بحارالأنوار 21:44 ح 5.
[187] علل الشرايع: 221، عنه بحارالأنوار 33:44 ح 1.
[188] تاريخ الطبري 165:3.
[189] الفتوح 3 و 292:4.
[190] الفتوح 3 و 293:4، كشف الغمة 570:1 الي قوله فلان و فلان.
[191] أعلام الوري 403:1، الارشاد: 191، كشف الغمة 515:1.
[192] الفتوح 3 و 294:4.
[193] اختيار معرفة الرجال 326:1 ح 177، بحارالأنوار 61:44 ح 10.
[194] الانبياء: 111.
[195] الامامة و السياسة: 163، كشف الغمة 566:1 مع اختلاف يسير.
[196] كذا في المصدر و في معجم الكبير للطبراني: 2748 / 87 / 3 جابرس.
[197] الفتوح 3 و 295:4، حلية الأولياء 37:2، المعجم الكبير 26:3 ح 2559 ذكر كلمات الحسن عليه‌السلام فقط مع اختلاف في بعض الألفاظ، كشف الغمة 571:1 و بحارالأنوار 65:44 و فيه بعد قوله: «و تحاربوا من حاربت» «فرأيت أن أسالم معاوية و أضع الحرب...».
[198] حلية الأولياء 36:2، الذرية الطاهرة: 104 ح 103، كشف الغمة 523:1 و 529 و 566، بحارالأنوار 25:44 ح 8، ذخائر العقبي: 139، البداية و النهاية 46:8.
[199] القدر: 3 - 1.
[200] الفتوح 3 و 295:4.
[201] الأنبياء: 111.
[202] الأمالي: 559 ح 1173، الاحتجاج 66:2 ح 156 مختصرا، حلية الأبرار 259:1، بحارالأنوار 22:44 ح 6 و فيه: لم تجدوا من ولد نبي غيري و غير أخي، و 62:45 ح 12 و 151:72 ح 29 مفصلا.
[203] هود: 17.
[204] الواقعة: 11 - 10.
[205] الحديد: 10.
[206] الحشر: 10.
[207] التوبة: 100.
[208] التوبة: 19.
[209] آل عمران: 61.
[210] الأحزاب: 33.
[211] الأنبياء: 111.
[212] الأنبياء: 79.
[213] النساء: 18.
[214] هود: 28.
[215] الأمالي: 561 ح 1174، حلية الأبرار 253:1، تفسير البرهان 315:3 ح 26، بحارالأنوار 138:10 ح 5.
[216] شرح ابن‌أبي‌الحديد 28:16، بحارالأنوار ج 42:44 ح 3.
[217] كشف الغمة 573:1، بحارالأنوار 106:44 ح 15.
[218] بحارالأنوار 329:43 ح 9، العوالم 91:16 ح 7.
[219] المائدة: 87.
[220] الاسراء: 16.
[221] الاسراء: 60.
[222] مقتل الحسين عليه‌السلام 114:1، الاحتجاج للطبرسي 17:2 ح 150 مع اختلاف يسير.
[223] الفرقان: 31.
[224] كشف الغمة 573:1، الاحتجاج 53:2 ح 153 عن الشعبي مع اختلاف يسير، بحارالأنوار 90:44 ح 4 و 49 د ح 5 مع اختلاف في بعض الألفاظ و فيه أنه قال في الكوفة.
[225] المناقب 21:4، كشف الغمة 175:1، بحارالأنوار 103:45 ح 11.
[226] المناقب 22:4، عنه بحارالأنوار 104:44 ح 12.
[227] شرح ابن‌أبي‌الحديد 18:16، بحارالأنوار 92:44، ح 7، العوالم 236:16 ح 1.
[228] التبكيت: التقريع و التعنيف... و بكته اذا قرعه بالعزل تقريبا. لسان العرب 11:2 عن هامش مستدرك الوسائل.
[229] دعائم الاسلام 133:2 ح 468، بحارالأنوار 495:66، مستدرك الوسائل 17:14 ح 15984.
[230] النساء: 38.
[231] مقتل الحسين عليه‌السلام: 125، الخرائج و الجرائح 237:1 ح 2 مع اختلاف في بعض الألفاظ، حلية الأبرار 520:1 الي قوله «فخشي معاوية».
[232] عذل: لام، عن الخرائج.
[233] الخرائج و الجرائح 238:1.
[234] تحف العقول: 232، بحارالأنوار 353:43 ح 31 مع اختلاف يسير و 41:44 ح 3 من تحف العقول، و 88:45 ح 2.
[235] البداية و النهاية 46:8، تاريخ مدينة دمشق (دار الفكر) 281:13 و فيه «من معاوية يعد فيها...».
[236] شرح نهج‌البلاغة ابن أبي الحديد 16 :12، بحار الانوار 108:44 ح 16.
[237] المناقب 23:4، كشف الغمة 573:1.
[238] تاريخ اليعقوبي 227:2.
[239] الامامة و السياسة: 163، تفسير نور الثقلين 193:5 ح 31 مختصرا.
[240] الاحتجاج 67:2 ح 157، كمال الدين: 315 ح 2، كفاية الأثر: 224، عنه بحارالأنوار 19:44 ح 3.
[241] العدل: 211، بحارالأنوار 1:44 ح 2، تفسير نور الثقلين 290:3 ح 192.
[242] الاحتجاج 71:2 ح 159، عنه بحارالأنوار 147:44 ح 14، العوالم 281:16 و فيه فسقانيها.
[243] الثاقب في المناقب: 306 ح 257، مدينة المعاجز 71:3 ح 737.
[244] المعجم الكبير 89:3 ح 2754، أعلام الوري 98:1، البداية و النهاية 237:6، البحار 127:18 ح 36.
[245] تاريخ الطبري 168:3.
[246] الشعراء: 207 - 205.
[247] المناقب 35:4، بحارالأنوار 58:44 ح 7، تفسير نور الثقلين 683:5 ح 14.
[248] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 171 ح 291، ذخائر العقبي: 139.
[249] دلائل الامامة: 166 ح 77، مدينة المعاجز 233:3 ح 852.
[250] الاحتباء: هو أن يضم الانسان رجليه الي بطنه بثوب يجمعها به مع ظهره و يشده عليها، و قد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب عن النهاية لابن الأثير.
[251] اختيار معرفة الرجال 327:1 ح 178، شرح ابن‌ابي‌الحديد 16:16، بحارالأنوار 23:44 ح 7.
[252] المناقب 8:4، عنه بحارالأنوار 90:44 ح 3.
[253] التوبة: 102.
[254] المطففين: 14.
[255] المناقب 24:4، تفسير نور الثقلين 532:5 ح 25، بحارالأنوار 106:44 ح 14.
[256] كشف الغمة 25:2، عنه بحارالأنوار 106:44 ح 15.
[257] تاريخ ابن‌عساكر: 166 ح 281، كشف الغمة 574:1 و بحارالأنوار 106:44 مع اختلاف يسير.
[258] ارشاد القلوب: 105.
[259] الخرائج و الجرائح 238:1 ح 3، بحارالأنوار 323:43 ح 2.
[260] الغرقي‌ء: القشرة الملتزقة ببياض البيض، عن هامش شرح ابن‌ابي‌الحديد.
[261] القعضبية: الأسنة، منسوبة الي قعضب اسم رجل كان يعمل الأسنة في الجاهلية عنه أيضا.
[262] المشاش في الاصل: رؤوس العظام و عنه أيضا.
[263] شرح ابن‌ابي‌الحديد 27:16، بحارالأنوار 102:44، العوالم 232:16 ح 1.
[264] المعجم الكبير 72:3 ح 2699، مجمع الزوائد 178:9، كنز العمال 648:13 ح 37638 الي قوله: فليس بعيي.
[265] المعجم الكبير 71:3 ح 2698، مجمع الزوائد 247:7.
[266] العقد الفريد 19:4، المناقب لابن شهرآشوب 23:4، عنه البحار 105:44 ح 13، العوالم 233:16 ح 1، تفسير نور الثقلين 321:3 ح 14.
[267] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 158 ح 270، البداية و النهاية 43:8.
[268] البداية و النهاية 284:8.
[269] المعجم الكبير 85:3 ح 2740، مجمع الزوائد 240:5.
[270] المعجم الكبير 81:3 ح 2727 و 91 ح 2758، شرح ابن‌أبي‌الحديد 18:16 مع اختلاف.
[271] البقرة: 109.
[272] الكافي 300:1 ح 2، اعلام الوري 422:1، بحارالأنوار 174:44 ح 2.
[273] الكافي 355:1 ح 15، مرآة العقول 105:4 ح 15، مدينة المعاجز 250:3 ح 872 و مقتضب الأثر: 21 مع اختلاف في الالفاظ و السند.
[274] مقاتل الطالبيين: 75.
[275] كذا في الأصل و الصواب: رقبة و قد صحف رقبة الي رؤبة، انظر الجرح و التعديل: 2358 / 522 / 3.
[276] تذكرة الخواص: 192، كشف الغمة 584:1 مختصرا و مع اختلاف في بعض الالفاظ، الفصول المهمة: 156، بحارالأنوار 138:44، مدينة المعاجز 375:3 ح 934 الي قوله «ثم قضي».
[277] الأمالي: 290 ح 325، روضة الواعظين: 451، بحارالأنوار 50:44 ح 19.
[278] المعجم الكبير 2692:3، كشف الغمة 587:1، البداية و النهاية 47:8، حلية الأولياء 38:2.
[279] ذخائر العقبي: 142.
[280] الخرائج و الجرائح 241:1 ح 7، عنه بحارالأنوار 153:44 ح 23.
[281] الثاقب في الناقب: 314 ح 262، مدينة المعاجز 269:3 ح 889.
[282] المناقب 8:4، بحارالأنوار 327:43، العوالم 90:16 ح 5.
[283] تذكرة الخواص: 192.
[284] المناقب 42:4، بحارالأنوار 158:44 ح 28.
[285] مروج الذهب 5:3.
[286] اعلام الوري 414:1، كشف الغمة 585:1، وسائل الشيعة 835:2 ح 10، بحارالأنوار 70:82 ح 9 مع اختلاف يسير.
[287] و في هامش الكتاب جاء في نسخة: و لا تحمل هم يومك الذي لم يأت علي يومك و كذلك جاء ايضا في متن البحار و غيره و هو الصحيح.
[288] كفاية الأثر: 226، عنه بحارالأنوار 138:44 ح 6، العوالم 280:16 ح 5، مستدرك الوسائل 211:8 ح 9278.
[289] الخرائج و الجرائح 242:1 ح 8، عنه بحارالأنوار 154:44 ح 24، العوالم 291:16 ح 6.
[290] مدينة المعاجز 196:3 ح 826 عن هداية الحضيني.
[291] الأحزاب: 53.
[292] الحجرات: 2.
[293] الحجرات: 3.
[294] الكافي 302:1 ح 3، بحارالأنوار 174:44 ح 1 و 264:102 ح 1 صدر الحديث.
[295] التوحيد: 45 ح 6، بحارالأنوار 289:4 ح 2، تفسير نور الثقلين 236:5 ح 24 مختصرا.
[296] آل عمران: 34.
[297] تحف العقول: 231، ارشاد القلوب: 162، أعلام الدين: 316، بحارالأنوار 136:10 ح 3 مع اختلاف.
[298] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 158 ح 271، البداية و النهاية 43:8 و فيه و هذا أحد الوقوف علي الرضا بما تعرف به القضاء، كنزالعمال 712:3 ح 8538.
[299] القسم بالكسر: الحظ و النصيب و البارز فيه و في «منزلته» للمؤمن و في بعض النسخ قسمته، من هامش الكافي.
[300] في القاموس هجس الشي‌ء في صدره يهجس، خطر بباله أو هو أن يحدث نفسه في صدره مثل الوسواس، عنه أيضا.
[301] الكافي 62:2 ح 11، مشكاة الأنوار 34، بحارالأنوار 351:43 ح 25 و 159:71 ح 75 و 335:72 ح 23 العوالم 121:16 ح 2.
[302] ارشاد القلوب: 79، كشف الغمة 573:1.
[303] كشف الغمة 573:1، بحارالأنوار 112:78، و 32:92 ح 35.
[304] الدعوات: 24 ح 31، بحارالأنوار 204:92 ح 31.
[305] الاسراء: 64.
[306] المناقب 22:4، عنه بحارالأنوار 104:44 ح 12.
[307] التوبة: 100.
[308] التوبة: 19.
[309] تفسير فرات الكوفي: 169 ح 217، عنه بحارالأنوار 253:26 ح 28.
[310] الشوري: 23.
[311] بحارالأنوار 232:23 ح 251 ح 26 و فيه: خطب الحسن حين قتل علي عليه‌السلام و 4424 ح 9 عن المناقب.
[312] مجمع البيان 560:8، بحارالأنوار 232:35.
[313] الفتح: 29.
[314] كشف اليقين: 368 ح 438، عنه بحارالأنوار 180:36 ح 174.
[315] القمر: 49.
[316] التوحيد: 382 ح 30.
[317] ق: 40.
[318] مستدرك الوسائل 62:3 ح 3029.
[319] الدر المنثور 202:2، بحارالأنوار 310:92 ح 3.
[320] البروج: 3.
[321] الأحزاب: 45.
[322] الأحزاب: 45.
[323] كشف الغمة 543:1، الفصول المهمة: 147، بحارالأنوار 345:43 ح 19، العوالم 105:16 ح 2.
[324] البروج: 4.
[325] كنزالعمال 549:2 ح 4700.
[326] الانفطار: 8.
[327] المناقب 2:4، تفسير نور الثقلين 522:5 ح 11، بحارالأنوار 316:24 ح 21.
[328] الأعراف: 176.
[329] الغاشية: 21.
[330] تاريخ اليعقوبي 136:2.
[331] الذرية الطاهرة: 119 ح 132.
[332] مكارم الأخلاق: 202 عنه بحارالأنوار 103:66 ح 35 مختصرا.
[333] الأعراف: 199.
[334] الأعراف: 199.
[335] القلم: 4.
[336] بحارالأنوار 114:78 ح 8، (عن العدد القوية: 52) كشف الغمة 150:2 مختصرا.
[337] الزخرف: 44.
[338] بحارالأنوار 173:23.
[339] تفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام: 330 ح 192، تفسير البرهان 245:3 ح 3، بحارالأنوار 259:23 ضمن حديث 9:36 - 8 ضمن حديث 11.
[340] التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام: 334 ح 204، بحارالأنوار 262:23، مستدرك الوسائل 378:12 ح 14342.
[341] النور: 35.
[342] الشوري: 13.
[343] الشوري: 13.
[344] النساء: 58.
[345] النساء: 58.
[346] الانفال: 48.
[347] مروج الذهب 9:3، الأمالي للمفيد: 349، بحارالأنوار 359:43 ح 2، مع اختلاف في بعض الالفاظ.
[348] المناقب 2:4، بحارالأنوار 3:24 ح 9، تفسير نور الثقلين 473:5 ح 22، و 526 ح 27.
[349] في نسخة من النار و هو الصحيح.
[350] الأمالي: 655 ذيل حديث 5، و في هامشه جاء: لعل قوله: سمعت جدي الي آخره حديث مستقل سقط اسناده و قد اخرجه العلامة المجلسي في البحار 20:1 ح 32 مستقلا.
[351] الرعد: 7.
[352] كفاية الأثر: 162، بحارالأنوار 338:36 ح 201.
[353] الأمالي: 33 ح 8، عنه بحارالأنوار 101:27 ح 64.
[354] المناقب 11:4، بحارالأنوار 355:43 ح 33.
[355] أهمه الأمر: أقلقه و أخرته.
[356] الأمالي: 48 ح 8.
[357] مقتل الحسين عليه‌السلام: 122.
[358] عوالي اللئالي 17:1 ح 3.
[359] الصف: 14.
[360] هود: 7.
[361] الاسراء: 12.
[362] البقرة: 30.
[363] مريم: 67.
[364] تفسير فرات الكوفي: 183 ج 235، بحارالأنوار 90:57 ح 79.
[365] النوادر 184:74، بحارالأنوار 454:33 ح 669 و 34:100 ح 17.
[366] التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام: 88 ح 46، بحارالأنوار 285:68 ح 43.
[367] المناقب 21:4، عنه بحارالأنوار 345:43، العوالم 129:16 ح 2.
[368] كشف الغمة 581:1.
[369] بحارالأنوار 339:35، المناقب للشيرواني: 70.
[370] المعجم الكبير 88:3 ح 2749، ذخائر العقبي: 70.
[371] علل الشرايع: 181، دلائل الامامة: 151 ح 65 وسائل الشيعة 1150:4 ح 7، بحارالأنوار 81:43 ح 3.
[372] وسائل الشيعة 717:2 ح 17، بحارالأنوار 188:43.
[373] الأنبياء: 111.
[374] المعجم الكبير 87:3 ح 2748، مجمع الزوائد 207:4، تقدم في ص 133: عن ابن‌اعثم.
[375] مرت هذه القطعة من الحديث في ص 159 و كان يخاطب معاوية و ليس عمرو كما هنا.
[376] العقد الفريد 19:4، بحارالأنوار 356:43 ح 33.
[377] المنافقون: 8.
[378] كشف الغمة 574:1، تحف العقول: 234، بحارالأنوار 338:43 ح 12 و 106:44 ح 15.
[379] بحارالأنوار 24: 235 ح 40.
[380] كشف الغمة 575:1، بحارالأنوار 350:43.
[381] تاريخ اليعقوبي 136:2، تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام 158 ح 269 عن عمير بن اسحاق، البداية و النهاية 43:8، بحارالأنوار 43: 358 ح 36 و 345 ضمن حديث 17 مثله.
[382] بصائر الدرجات: 276 ح 10، الكافي 462:1 ح 4، الخرائج و الجرائح 571:2، الثاقب في المناقب: 308 ح 258، كشف الغمة 557:1، بحارالأنوار 323:43 ح 1، نور الثقلين 332:3 ح 57.
[383] دلائل الامامة: 167 ح 78، مدينة المعاجز 234:3 ح 853.
[384] المناقب 7:4، بحارالأنوار 327:43، العوالم 87:16 ح 2.
[385] الثاقب في المناقب: 311 ح 260، مدينة المعاجز 260:3 ح 880.
[386] بصائر الدرجات: 295 ح 4، بحارالأنوار: 303:27 ح 4، الخرائج و الجرائح 818:2 ح 29، مدينة المعاجز 76:3 ح 741.
[387] دلائل الامامة: 170 ح 87، اثبات الهداة 159:5 ح 33، مدينة المعاجز 240:3 ح 862.
[388] دلائل الامامة: 173 ح 94، الثاقب في المناقب 305 ح 256.
[389] الخرائج و الجرائح 810:2 ح 18 و نحوه في البحار 311:42 و 328:43 ح 8 و فيه: و نشهد أنك أنت ولي الله حقا و الامام من بعده و لقد أريتنا أميرالمؤمنين عليه‌السلام بعد موته كما أري أبوك أبابكر رسول الله صلي الله عليه و آله في مسجد قبا بعد موته فقال الحسن عليه‌السلام: ويحكم أما سمعتم قول الله عزوجل: (و لا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء و لكن لا تشعرون) [لبقرة: 154] فاذا كان هذا نزل فيمن قتل في سبيل الله ما تقولون فينا؟ قالوا: أمنا و صدقنا يا ابن رسول الله. مدينة المعاجز 257:3 ح 877.
[390] الخرائج و الجرائح 810:2 ح 19، مدينة المعاجز 258:3 ح 878.
[391] بقة: مدينة علي شاطي‌ء الفرات، هي حد العراق. عن هامش دلائل الامامة عن معجم ما استعجم 264:1.
[392] دلائل الامامة: 169 ح 85، مدينة المعاجز 238:3 ح 860.
[393] دلائل الامامة: 170 ح 87، مدينة المعاجز 239:3 ح 861.
[394] أجبل القوم اذا حفروا فبلغوا المكان الصلب، عن هامش دلائل الامامة نقلا عن الصحاح.
[395] دلائل الامامة: 171 ح 91، اثبات الهداة 160:5 ح 37، مدينة المعاجز 242:3 ح 866.
[396] دلائل الامامة: 171 ح 88، اثبات الهداة 159:5 ح 34، مدينة المعاجز 240:3 ح 863.
[397] دلائل الامامة: 166 ح 76، عنه مدينة المعاجز 232:3 ح 851.
[398] صريمة: تصغير الصرمه و هي القطيع من الابل و الغنم، قيل هي من العشرين الي الثلاثين و الأربعين. النهاية: صرم.
[399] دلائل الامامة 82:168، اثبات الهداة 157:5 ح 28 الي قوله: أن تخرب. مدينة المعاجز 236:3 ح 857.
[400] الثاقب في المناقب 310 ح 259، مدينة المعاجز 259:3 ح 879.
[401] بحارالأنوار 352:43 ح 29، مستدرك الوسائل 192:7 ح 8005 و 295:8 ح 9485، العوالم 123:16 ح 2.
[402] مقتل الحسين عليه‌السلام ج 127:1.
[403] مقتل الحسين عليه‌السلام: 131، بحارالأنوار 352:43 ذيل حديث 29.
[404] مقتل الحسين عليه‌السلام: 131، بحارالأنوار 352:43 ح 29.
[405] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 149 ح 251.
[406] لقمان: 34.
[407] دلائل الامامة: 171 ح 89، اثبات الهداة 160:5 ح 35، بحارالأنوار 328:43 ح 7 و 273:58 ح 61، العوالم 88:16 ح 1، مدينة المعاجز 241:3 ح 864.
[408] دلائل الامامة: 171 ح 90، اثبات الهداة 160:5 ح 36، مدينة المعاجز 242:3 ح 865.
[409] مناقب أهل البيت: 83.
[410] الحج: 13.
[411] اختيار معرفة الرجال 275:1 ح 105.
[412] الخرائج و الجرائح 241:1 ح 6، بحارالأنوار 337:43 ح 8، و 193:65 ح 9 و 206 ح 34، صحيفة الامام الرضا عليه‌السلام 259 ح 194 مع اختلاف في الالفاظ، مدينة المعاجز 266:3 ح 930.
[413] الخرائج و الجرائح 239:1 ح 4، المناقب لابن شهرآشوب 8:4، الثاقب في المناقب: 314 ح 263 مع اختلاف فيهما في بعض الالفاظ. كشف الغمة 557:1 و فيه ذكرا سويا و هو من شيعتنا و ليس ما بعده.
[414] بصائر الدرجات: 290 ح 2، الخرائج و الجرائح 573:2 ح 3، بحارالأنوار 330:43 ح 10، العوالم 90:16 ح 6.
[415] كشف الغمة 574:1، بحارالأنوار 330:43 ح 11.
[416] المناقب 6:4، بحارالأنوار 326:43، العوالم 88:16 ح 2.
[417] الكافي 462:1 ح 5، بصائر الدرجات: 512 ح 5 و 514 ح 12 مع سند آخر و زاد في آخره و أنا الحجة عليهم، الاختصاص: 7، المناقب لابن شهرآشوب 9:4، بحارالأنوار 41:27 ح 1 و 4:44 عن البصائر 192:26 ح 7 و 337:43 ح 7 و 326:57 ح 6 و 329 ح 14، نور الثقلين 176:4 ح 31، العوالم 109:16 ح 3، مدينة المعاجز 253:3 ح 874.
[418] بحارالأنوار 92:58 ح 12، فرج الهموم: 96 و فيه: «مصابيح ضوءها في حندسها و جعلها حرسها من النجوم الدراري المضيئة...».
[419] مدينة المعاجز 410:3 ح 946.
[420] كشف الغمة 558:1، المناقب لابن شهرآشوب 17:4، عنه بحارالأنوار 342:43 ضمن حديث 16 و 347 ضمن حديث 20.
[421] المناقب 17:4، بحارالأنوار 342:43.
[422] المصدر السابق.
[423] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 151 ح 254.
[424] بارنامج معرب بارنامه، أي تفصيل الأمتعه، البحار.
[425] المناقب 18:4، بحارالأنوار 343:43، العوالم 114:16 و ليس فيهما البيتين الاخرتين، العوالم 114:16.
[426] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 146 ح 245.
[427] كشف الغمة 558:1، بحارالأنوار 347:43، العوالم 15:16، مستدرك الوسائل 270:7 ح 8210.
[428] المناقب 16:4، بحارالأنوار 341:43، العوالم 112:16 ح 1.
[429] بحارالأنوار 350:43 ح 22 و 237:77، العوالم 119:16 ح 8.
[430] التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام: 347، الاحتجاج 19:1، بحارالأنوار 8:2 ح 16.
[431] الخرائج و الجرائح 730:2 ح 36.
[432] شرح ابن‌أبي‌الحديد 10:16، بحارالأنوار 357:43، العوالم 134:16 ح 9.
[433] كشف الغمة 551:1.
[434] المناقب 21:4، تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 146 ح 244، بحارالأنوار 103:44 ح 10.
[435] مريم: 12.
[436] المناقب 6:4، بحارالأنوار 326:43 ح 6 و في هامشه جاء: هذه القصة في كتب السير عند ذكر فتح مكة سنة ثمان للهجرة حين جاء أبوسفيان الي رسول الله ليبرم عهد المشركين و يزيد في مدته... فقد كان - علي هذا - لحسن بن علي عليهماالسلام عامئذ خمس سنين، لا أربعة عشر شهرا كما زعم.
[437] المناقب 14:4، عنه بحارالأنوار 339:43 ح 13 و 346:80 ح 30، احقاق الحق 112:11 و فيه «اذا فرغ من وضوئه تغير لونه»، مستدرك الوسائل 354:1 ح 830 مع اختلاف في بعض الألفاظ، العوالم 130:16 ح 1.
[438] المناقب 23:4، بحارالأنوار 351:43 ح 28، العوالم 123:16 ح 1.
[439] مقتل الحسين عليه‌السلام 128:1.
[440] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 113 ح 185، جامع الأخبار: 372 ح 1030، مستدرك الوسائل 307:3 ح 3643 نقلا عن الرضا عن الحسن عليهماالسلام.
[441] المعجم الكبير 94:3 ح 2764 و 2765، مجمع الزوائد 177:9 و فيه: فكشف عن بطنه فقبله و في رواية فقبل سرته.
[442] المعجم الكبير 70:3 ح 2691، مستدرك الوسائل 436:8 ح 9222 مع اختلاف يسير.
[443] كفاية الأثر: 223، بحارالأنوار 383:36 ح 1، العوالم 53:23 ح 2.
[444] كفاية الأثر: 224، بحارالأنوار 383:36 ح 2، العوالم 53:23 ح 3.
[445] كتاب الغيبة 437 ح 429، الخرائج و الجرائح 1153:3 ح 59.
[446] بصائر الدرجات: 192 ح 6، بحارالأنوار: 26 ح 19، مدينة المعاجز 336:3 ح 920.
[447] التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام: 308 ح 153، بحارالأنوار 156:68.
[448] أعلام الدين: 457.
[449] سبأ: 13.
[450] ص: 24.
[451] المصدر السابق.
[452] الاعراف: 138.
[453] طه: 88.
[454] المصدر السابق.
[455] المائدة: 25.
[456] آل عمران: 7.
[457] الاحتجاج 56:2، بحارالأنوار 97:44، الكافي 529:1 ح 4، بحارالأنوار 231:36 ح 13 مختصرا.
[458] كفاية الأثر: 224، بحارالأنوار 383:36 ح 3، العوالم 52:23 ح 1.
[459] كشف الغمة 544:1، الفصول المهمة: 147، بحارالأنوار 346:43.
[460] معاني الأخبار 389 ح 29، بحارالأنوار 129:6 ح 18 و 110:44 ح 1، العوالم 265:16 ح 1.
[461] تاريخ اليعقوبي 136:2.
[462] معاني الأخبار: 288 ح 3، بحارالأنوار 154:6 و 167 ح 140 مختصرا، العوالم 282:23 ح 6.
[463] ارشاد القلوب: 36، شرح نهج‌البلاغة لابن‌أبي‌الحديد 36:10 عن الحسن البصري، مجموعة ورام 66:1 فيه عن الحسن و ص 301 عن بعضهم و فيه كل نعيم دون الجنة حقير و كل بلاء دون النار يسير.
[464] المناقب 15:4، بحارالأنوار 340:43.
[465] المناقب 45:4، بحارالأنوار 161:44.
[466] التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام: 345 ح 226، الاحتجاج 16:1 ح 12 عن العسكري عليه‌السلام، الصراط المستقيم 56:3 عنه عليه‌السلام أيضا مختصرا و مع اختلاف في بعض الالفاظ، بحارالأنوار 225:7 ح 143، و 6:2 ح 13 و فيه عن العسكري عن أبيه.
[467] جامع الأخبار: 262 ح 709.
[468] الذرية الطاهرة: 113 ح 120، المعجم الكبير 85:3 ح 2739، مجمع الزوائد 234:1.
[469] الذرية الطاهرة: 118 ح 130.
[470] المعجم الكبير 86:3 ح 2742، مجمع الزوائد 252:1.
[471] المناقب 15:4، بحارالأنوار 340:43، مستدرك الوسائل 380:1 ح 920.
[472] الكافي 149:3 ح 9، التهذيب 296:1 ح 37، عنه بحارالأنوار 134:22 ح 115.
[473] قرب الاسناد: 88 ح 292، وسائل الشيعة 839:2 ح 3، بحارالأنوار 272:81 ح 32.
[474] الذرية الطاهرة: 112 ح 119.
[475] المعجم الكبير 86:3 ح 2743.
[476] المعجم الكبير 86:3 ح 2744 و مثله 87 ح 2745 و 2746 و 2747 و 2748.
[477] دفع بشي‌ء من صدره أو أنفه.
[478] ارشاد القلوب: 77.
[479] الأعراف: 31.
[480] تفسير العياشي 14:2 ح 29، مجمع البيان 637:4، وسائل الشيعة 331:2 ح 6، بحارالأنوار 168:83 و 175 ح 2، عوالي اللئالي 321:1 ح 54.
[481] معاني الأخبار: 303 ذيل حديث 1، بحارالأنوار 391:104 ح 25 عن الحسين عليه‌السلام.
[482] تهذيب الأحكام 321:2 ح 1310، عوالي اللئالي 322:1 ح 88، وسائل الشيعة 1035:4 ح 1.
[483] المعجم الكبير 84:3 ح 2734، مجمع الزوائد 63:2.
[484] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 155 ح 264.
[485] المعجم الكبير 2689:70:3.
[486] البلد الأمين: 163.
[487] جمال الاسبوع: 175، وسائل الشيعة 297:5، بحارالأنوار 185:91 ح 11.
[488] تهذيب الأحكام 70:3 ح 227، بحارالأنوار 181:34.
[489] تحف العقول: 235، بحارالأنوار 108:78 ح 14.
[490] الخصال: 445 ح 42، وسائل الشيعة 176:7 ح 11، بحارالأنوار 365:96 ح 39.
[491] الخصال 61:1 ح 86، عنه وسائل الشيعة 67:7 ح 17، بحارالأنوار 289:96 ح 2.
[492] مكارم الأخلاق: 40، بحارالأنوار 143:76.
[493] روضة الواعظين: 357، المناقب لابن شهرآشوب 10:4، بحارالأنوار 10:96 ح 9، مستدرك الوسائل 11:7 ح 7503.
[494] دعائم الاسلام 241:1، بحارالأنوار 23:96 ح 56 و ص: 28.
[495] تاريخ اليعقوبي 135:2، تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام 7: ح 3 و 23 ح 40 مع اختلاف الألفاظ.
[496] الذرية الطاهرة: 116 ح 126، كشف الغمة 535:1.
[497] دعائم الاسلام: 258:1، بحارالأنوار: 76:96 ذيل ح 14.
[498] دعائم الاسلام 344:2 ح 1289، مستدرك الوسائل 48:14 ح 16077.
[499] الكافي 440:6 ح 12، بحارالأنوار 351:43 ح 26.
[500] حلية الأولياء 37:2، تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 141، تذكرة الخواص: 178، كشف الغمة 556:1، ذخائر العقبي: 137، البداية و النهاية 42:8، الفصول المهمة: 148، حلية الأبرار 523:1، بحارالأنوار 339:43 ضمن ح 13.
[501] المعجم الكبير 89:3 ح 2752، مجمع الزوائد 221:3.
[502] من لا يحضره الفقيه 348:2، وسائل الشيعة 144:9 ح 7.
[503] الذرية الطاهرة: 118 ح 129.
[504] التفسير المنسوب الي الامام العسكري عليه‌السلام: 321 ح 164، جامع الأخبار: 252 ح 651، وسائل الشيعة 473:11 ح 4، بحارالأنوار 230:74.
[505] المعجم الكبير 81:3 ح 2726.
[506] مكارم الأخلاق: 214، لم نعثر عليها في تهذيب الأحكام.
[507] المناقب 17:4، بحارالأنوار 242:43، مستدرك الوسائل 91:15 ح 17636.
[508] المناقب 117:4، بحارالأنوار 341:43 ح 15.
[509] المناقب 38:4، بحارالأنوار 171:44 ح 5.
[510] شرح نهج‌البلاغة 12:6: بحارالأنوار 173:44 ح 9.
[511] شرح نهج‌البلاغة 21:6.
[512] حياة الامام الحسن عليه‌السلام لباقر القرشي 451:2.
[513] ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام من الطبقات الكبري 69 الهامش.
[514] بزيادة: «و ورث قرابة المرأة الميتة نصف الدية و هو ألفان و خمسمأة درهم» في التهذيب و البحار.
[515] الكافي 354:7 ح 2، من لا يحضره الفقيه 308:4 ح 5663، تهذيب الأحكام 376:9 ح 13، بحارالأنوار 214:32 ح 171.
[516] كنز الفوائد: 292، بحارالأنوار 310:2 ح 75.
[517] المناقب 7:4، بحارالأنوار 327:43.
[518] المائدة: 32.
[519] الكافي 289:7 ح 2، حلية الأبرار 512:1، بحارالأنوار 412:104 ح 22، مستدرك الوسائل 265:18 ح 2271 مع اختلاف يسير في الألفاظ.
[520] روي في هامش البحار عن النهاية: أي أبصر بهم و أعلم بحالهم و ضمير «ائتوه» لعلي عليه‌السلام أي فقال الحسن عليه‌السلام: ارجعوا الي علي عليه‌السلام فهو أميركم و أعلم بحالكم، أولي برعايتكم و اشفاقكم.
[521] المناقب 147:2، بحارالأنوار 98:79 ح 8.
[522] الافتراع: ازالة البكارة.
[523] الكافي 207:7 ح 12، عنه بحارالأنوار 296:40 ح 52.
[524] الكافي 202:7 ح 1، المناقب لابن شهرآشوب 10:4، بحارالأنوار 352:43 ح 30، وسائل الشيعة 426:18 ح 1 و 437 ح 3 مع اختلاف في بعض الألفاظ.
[525] الاستبصار 20:4 ح 3، تهذيب الأحكام 248:8 ح 129.
[526] المحاسن 248:2 ح 409، من لا يحضره الفقيه 359:3 ح 4270، الخصال: 485 ح 60، روضة الواعظين: 311، الدعوات للراوندي: 137 ح 339، مكارم الأخلاق: 144، وسائل الشيعة 648:16 ح 1، بحارالأنوار 413:66 ح 13 و 420 ح 35.
[527] المعجم الكبير 68:3 ح 2686.
[528] البداية و النهاية 43:8.
[529] حلية الأولياء 38:2، كشف الغمة 567:1، بحارالأنوار 349:43.
[530] الخصال: 29 ح 102، بحارالأنوار 386:71 ح 30، مستدرك الوسائل 443:8 ح 9941.
[531] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 159 ح 272، تفسير نور الثقلين 357:1 ح 206، كنز العمال 270:16 ح 44401.
[532] جامع الأخبار: 339 ح 949.
[533] الكافي 237:2 ح 26، تحف العقول: 234 مع اختلاف في الألفاظ، تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 16 ح 273، البداية و النهاية 43:8 و فيهما: كان اذا جامع العلماء يكون علي أن يسمع أحرص منه علي أن يتكلم و كان اذا غلب علي الكلام لم يغلب علي الصمت، مشكاة الأنوار: 240، أعلام الدين: 113، بحارالأنوار 294:69 ح 24.
[534] البقرة: 197.
[535] كشف الغمة 572:1، بحارالأنوار 112:78.
[536] الدعوات: 144 ح 375، بحارالأنوار 218:1 ح 43.
[537] أعلام الدين: 297، بحارالأنوار 115:78 ح 12.
[538] تاريخ اليعقوبي 227:2، تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 167 ح 283، البداية و النهاية 45:8، كنزالعمال 257:10 ح 29369.
[539] كشف الغمة 571:1.
[540] كشف الغمة 575:1، الفصول المهمة: 152.
[541] ارشاد القلوب: 24.
[542] كنزالعمال 214:16 ح 44236.
[543] الزمر: 9.
[544] الكافي 19:1 ح 12، تفسير نور الثقلين 479:4 ح 19.
[545] تاريخ اليعقوبي 136:2.
[546] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 151 ح 253.
[547] أعلام الدين: 442، عدة الداعي: 179، مستدرك الوسائل 564:7 ح 8900.
[548] من لا يحضره الفقيه 189:2 ح 2108، وسائل الشيعة 409:7 ح 14096.
[549] عوالي اللئالي 39:1 ح 26.
[550] تاريخ اليعقوبي 135:2.
[551] النبأ: 31.
[552] الزمر: 61.
[553] تحف العقول: 232، بحارالأنوار 110:78 ح 5.
[554] يعظه.
[555] تحف العقول: 236، بحارالأنوار 109:78 ح 20 و 19 و 18.
[556] البقرة: 186.
[557] لعل الضمير في جهلهم راجع الي المخالفين كما يظهر من السياق و المعني أخبرهم حلمهم عن جهل مخالفيهم.
[558] تحف العقول: 227، بحارالأنوار 104:78 ح 3.
[559] كشف الغمة 571:1، الفصول المهمة: 151، بحارالأنوار 111:78 ح 6.
[560] كشف الغمة 572:1، الفصول المهمة: 151، الي قوله: من حسن الخلق، بحارالأنوار 111:78 ح 6.
[561] كشف الغمة 572:1، الفصول المهمة: 152 من قوله «و اعلم أن...» بحارالأنوار 111:78.
[562] «يعد» مضارع وعد، و المسترق هو السائل يعني هو الذي يطلب الرق، عن هامش البحار.
[563] بحارالأنوار 112:78 ح 7.
[564] المحل: القحط و الجدب.
[565] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 165 ح 276.
[566] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 165 ح 277 و 278، كنزالعمال 788:3 ح 8764.
[567] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 166 ح 280.
[568] معاني الأخبار: 258 ح 5، بحارالأنوار 312:76 ح 6.
[569] تاريخ اليعقوبي 226:2، مشكاة الأنوار: 210 فيه معني المروءة فقط.
[570] تاريخ اليعقوبي 135:2.
[571] حلية الأولياء 35:2، المعجم الكبير 68:3 ح 2688، تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 161 ح 274 و 275، كشف الغمة 568:1 الي قوله: و قد عرض عليك، البداية و النهاية 44:8، الفصول المهمة: 150، حلية الأبرار 518:1 مع اختلاف و اختصار في بعضها.
[572] تحف العقول: 225، معاني الأخبار: 244 و 245 و 247 و 256 و 257، بحارالأنوار 102:78 ح 2 و 114 ذيل حديث 10 متفرقا.
[573] كشف الغمة 565:1.
[574] بحارالأنوار 417:74 ح 38، و 115:78 ح 16 بعضه.
[575] معاني الأخبار: 380 ح 7، روضة الواعظين، 4، بحارالأنوار 130:1 ح 13 و 394:75 ح 5 و 116:1 ح 9 و فيه بدل «مداهنة الأعداء» حتي تنال الفرصة».
[576] تحف العقول: 235، بحارالأنوار 109:78 ح 16.
[577] معاني الأخبار: 401، عنه بحارالأنوار 193:72 ح 101:78 - 14 ح 1.
[578] ارشاد القلوب: 199، تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 167 ح 282 و 168 ح 283 مع اختلاف كثير، كنز العمال 269:16 ح 44400 الي قوله: و مخالطة أهل الفسوق ريبة.
[579] بحارالأنوار 198:74.
[580] تحف العقول: 233، بحارالأنوار 105:78 ح 4 و 35:103 1 ح 66 من قوله: لا تجاهد....
[581] تحف العقول: 234.
[582] روضة الواعظين: 420.
[583] كشف الغمة 575:1، الفصول المهمة: 152.
[584] ارشاد القلوب: 76.
[585] الكافي 643:2 ح 7، تحف العقول: 234، وسائل الشيعة 433:8 ح 4، بحارالأنوار 106:78 ح 5.
[586] في الحديث: الخريف زاوية في الجنة يسير الراكب فيها أربعين عاما، الكافي 120:3 ح 3.
[587] الأمالي: 403 ح 901، وسائل الشيعة 637:2 ح 3، بحارالأنوار 215:81 ح 7.
[588] الكافي 17:6 ح 3، من لا يحضره الفقيه 480:3 ح 4687، التهذيب 437:7 ح 8، مكارم الأخلاق: 232، بحارالأنوار 111:44 ح 4، العوالم 266:16 ح 4.
[589] الكافي 17:6 ح 2، تحف العقول: 235 مع اختلاف في بعض الألفاظ، بحارالأنوار 111:44 ح 3 و 109:78 ح 15 عن تحف العقول، العوالم 266:16 ح 1.
[590] الحمام: الموت.
[591] القلي: البغض و الهجران.
[592] الأمالي: 202 ح 345، بحارالأنوار 336:43 ح 6 و 109:82 ح 54، مستدرك الوسائل 478:2 ح 2512، العوالم 119:16 ح 1.
[593] الكافي 500:6 ح 21، من لا يحضره الفقيه 125:1 ح 297، مكارم الأخلاق: 52، وسائل الشيعة 383:1 ح 2، بحارالأنوار 111:44 ح 5 و 78:76، العوالم 266:16 ح 1.
[594] الكافي 62:2 ح 11.
[595] جمال الاسبوع: 175، بحارالأنوار 185:91 ح 11.
[596] مهج الدعوات: 143، بحارالأنوار 408:95 ح 40.
[597] مهج الدعوات: 144، بحارالأنوار 190:95 ح 3.
[598] الدعوات: 91، بحارالأنوار 206:94 ح 3.
[599] البقرة: 137.
[600] مهج الدعوات: 297، بحارالأنوار 373:94.
[601] مهج الدعوات: 10.
[602] المناقب 14:4، بحارالأنوار 339:43، العوالم 130:16 ح 1.
[603] مهج الدعوات: 48، بحارالأنوار 213:85 ح 1.
[604] مهج الدعوات: 47، بحارالأنوار 212:85.
[605] الذرية الطاهرة: ص 117 ح 127.
[606] الذرية الطاهرة: 117 ح 128 و 126 مع اختلاف، تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 6 ح 1 و 2، كشف الغمة 535:1، بحارالأنوار 209:85 ح 28.
[607] قرب الاسناد: 156 ح 576، من لا يحضره الفقيه 535:1 ح 1504 مع اختلاف يسير، بحارالأنوار 321:91 ح 9، مستدرك الوسائل 197:6 ح 6750.
[608] بحارالأنوار 197:99 ح 13، نقلا عن العدد القوية: 35.
[609] هود: 52.
[610] هود: 52.
[611] مكارم الأخلاق: 237، وسائل الشيعة 108:15 ح 4، بحارالأنوار: 104 ح 51.
[612] الأنبياء: 69.
[613] يونس: 59.
[614] مكارم الأخلاق: 391، بحارالأنوار 26:95.
[615] مهج الدعوات: 368، كتاب المجتبي من الدعاء المجتبي: 1، المصباح للكفعمي: 275، بحارالأنوار 103:87 ح 20، مستدرك الوسائل 260:5 ح 5825.
[616] المناقب 8:4، بحارالأنوار 327:43، العوالم 87:16 ح 3.
[617] المعجم الكبير 70:3 ح 2690، مجمع الزوائد 266:6.
[618] كذا في الأصل.
[619] مهج الدعوات: 143، بحارالأنوار 407:95 ح 39.
[620] تاريخ ابن‌عساكر ترجمة الامام الحسن عليه‌السلام: 9 ح 6، مهج الدعوات (من كتاب المجتني عن الدعاء المجتبي) 13 مع اختلاف في بعض الالفاظ.
[621] تاريخ ابن‌عساكر ترجمه الامام الحسن عليه‌السلام: 7:10.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.