لهذه الأسباب صالح الإمام الحسن عليه السلام

اشارة

المولف:مجله حوزه
الناشر:مجله حوزه

المقدمة

إن صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية هو بالتأكيد معالجة نظر فيها الإمام (عليه السلام) إلي المصلحة الإسلامية، وبالرجوع قليلاً إلي الوراء نجد أن هذه الحادثة لا تنفصل مطلقاً عن مجموعة أحداث شكلت فيما بعد صراعاً داخل الجسد الإسلامي الواحد، ولعل معاوية بن أبي سفيان وجد فرصة ثمينة في توجيه الاختراق الذي حصل بعد وفاة رسول الله (صلّي الله عليه وآله) مباشرة. حيث استثمر الأحداث لصالحه بعد أن أعدّ لنفسه جيشاً وسلطاناً بعيداً عن مركز الدولة الإسلامية، وقد وجد في دم عثمان ذريعة للتمرد علي قرار الحل والعقد، واستعداده للتصادم مع الإمام علي (عليه السلام) ثم مع الإمام الحسن (عليه السلام) عسكرياً.
لا شك أن معاوية قد استغرق في إعداد حكمه وجيشه فترة طويلة، وتمرن علي المناورة السياسية، واستمكانه لجيش جرار تحت قيادته بطرق مختلفة حقق من خلالها طاعة جيش الشام له، وحيث اعتمد علي كل الأساليب غير الشرعية من أجل تمويه وعي الأفراد المنخرطين في جيشه، فقد بدأ علي أهبة الاستعداد لدخول أي معركة مفاجئة.
أما الإمام الحسن (عليه السلام) فقد تولي أمة عصفت بها الأحداث والفتن، وبدأت تختلف علي الفتن وتلتقي أحياناً علي المبررات المموهة بأحابيل وسلطة الشام، وهكذا تداعت الأحداث بشكل عجيب بحيث أوصلت معاوية علي رأس سلطة تستحوذ علي كل موازين القوة، بينما جاء الإمام الحسن (عليه السلام) ليجد نفسه أمام مرحلة طويلة من الإعداد، وترميم مواقع سياسية وعسكريّة وحتي اقتصاديّة واجتماعية مرتبكة.
ولأن قرار الحرب بين السلطة الشرعية للإمام الحسن (عليه السلام) وبين التمرد الذي يمثله موقع معاوية في الشام يخدم الثاني بسب الفترة الطويلة نسبياً في إعداد سلطانه وجيشه وحتي إدارته، فإن الصلح كان نتيجة طبيعية لاختلال موازين القوي بين الطرفين وإدراكاً من الإمام الحسن (عليه السلام) بضرورة حفظ كيان الإسلام وصيانة وجوده المتمثل بالدولة الإسلامية آنذاك.
لكن قرار الصلح كغيره من قرارات القيادة الشرعية لم يكن موقف خال من المبررات الموضوعية التي تجعله قراراً صائباً وسليماً في مرحلة تعتبر من ضمن أخطر المراحل التي مرت بها التجربة الإسلامية الفتية آنذاك. ولهذا لعبت أربع عوامل في تحديد قرار الصلح سنذكرها بإيجاز.

شرعية الصلح

إذا كان الإجراء ـ أي إجراء ـ يتعلق بالمصلحة الإسلامية العليا، فمن الطبيعي أنه ينطبع بالطابع الشرعي، أي لا إشكال في اتخاذه من الناحية الشرعية، أما إذا عرفنا أن صاحب هذا الإجراء هو الإمام السن (عليه السلام) وهو إمام قام أو قعد، فلك أن تتصور الحكمة التي يتضمنها قرار بهذا المستوي.
فالإمام (عليه السلام) كان يحتل موقعاً قيادياً ليس من ذلك النوع الذي يتم الاستحواذ عليه بالقوة والقهر كما هو الحال في تمرد معاوية علي الشرعية الإسلامية، وحيث تجد العصمة والإمامة في شخصية الإمام الحسن، فضلاً عن السيرة والتربية التي نهل بها من الوحي ونبوة جده (صلّي الله عليه وآله)، ومن الإمامة وولاية أبيه (عليه السلام) فإن قيادة الإمام الحسن (عليه السلام) كانت تدرك مصلحة الإسلام من أدق تفاصيلها، ولذلك (كان الصلح أمراً ضرورياً يحتمه الشرع ويلزم به العقل) [1] .
إن الدولة الإسلامية آنذاك كانت بأمس الحاجة إلي هدوء أوضاعها الداخلية بعد أن أدت الاضطرابات التي سبقت صلح الإمام الحسن في نضوج الفتن الصفراء التي شغلت الدولة عن الجبهة الخارجية، واستمرار معاوية في البحث عن الزعامة علي حساب أشلاء المسلمين يؤدي بالتأكيد إلي إحداث شروخ عميقة في جسد الأمة، فضلاً عن الانقسامات التي تعني في نهايتها خطورة وضع الدولة أمام الأعداء الطامعين في تمزيقها وتناثرها، ولهذا كان من الطبيعي أن يدرك الإمام الحسن (عليه السلام) خطورة هذا الوضع، حيث أصبح أمام خيارين هما:
إما أن يتنازع مع معاوية فتأتي النتائج لغير صالح الإسلام بالمرة.
وإما أن يميل إلي الصلح ويحفظ الوجود الإسلامي علي الأقل، ويمارس عميلة الإصلاح خارج أداة الدولة، وهكذا فعل.
هذا وقد أدرك الإمام (عليه السلام) أن الأوضاع القائمة لا تساعده في حسم الموقف حتي إذا افترضنا أنه سيقدم تضحيات علي هذا الجانب، ذلك أن الأمة الإسلامية تعرضت لهزات عنيفة في الداخل عندما نشط المغرمون في السلطة، وأصبحت ظاهرة نشوء القيادات والأحزاب واقع قائم احتدم فيه الصراع بشكليه المسلح وغير المسلح.
ولمّا كان الإمام الحسن (عليه السلام) إمام بشهادة الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله): (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا) و(الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) [2] فليس من المعقول أن يبتعد قرار الإمامة السياسي - وفي حادثة تشكل منعطفاً خطيراً علي مستقبل الإسلام والدولة الإسلامية - عن المصلحة الإسلامية، هذا علي أن الإمام الحسن قد عاصر فترة من أشد الفترات سخونة في تاريخ الدولة الإسلامية وتابع عن كثبت التقلبات السياسية التي حصلت بعد وفاة جده (صلّي الله عليه وآله) واطلع عن قرب علي قرارات الإمامة والقيادة، ومواقفها تجاه الأحداث العاصفة، وأحاط بكل التفاصيل التي عالجها أبوه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
ومن هنا يبدو تصرف الإمام الحسن (عليه السلام) خلاصة لفهم واقعي عن وضع معقد جداً، وحكمة بالغة للحفاظ علي الدولة الإسلامية، ذلك أن حكم معاوية ووجوده علي رأس السلطة إذا كان يتضمن ضرراً واضحاً علي التجربة الإسلامية الحديثة، فإن الصراع الذي يهدد الوجود الإسلامي برمته هو بالتأكيد الضرر الأكبر، وعندئذ يكون أهون الشرين هو الصلح.
ثم إن الفترة الزمنية التي أمضاها معاوية في الحكم بدمشق مكنته من إعداد جيش قوي، وتوفير إمكانات كافية لإعلان الانفصال عن الدولة المركزية كاحتمال وارد إذا لم يستطع حسم الصراع لصالحه، أضف إلي ذلك أن واقع الأمة الإسلامية وتراكم الأحداث وتداعيها بتلك الصورة ربما كان لا يسمح للإمام الحسن الدخول في مواجهة مسلحة مع معاوية، ولهذا وذاك بقاء الدولة الإسلامية التي تتبني الإسلام كقاعدة فكرية لها أفضل من كل النتائج الأخري.

الظروف

اشاره

لا شك أن الظروف تتحكم بدرجة كبيرة في اتخاذ القرار، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن القرار السياسي يؤسس علي حسابات الظروف القائمة والمتوقعة حتي مع توفر أسبابه الموضوعية الأخري، ولذلك فإن هذه المسألة شكلت ظاهرة طبيعية حتي في قرارا الرسول (صلّي الله عليه وآله) والإمام علي (عليه السلام) الظروف غير المؤاتية هي التي أجلت قرار الحرب عند الرسول مثلاً، في حين أصبح تغيّر بعض الظروف سبباً في الانتقال إلي المواجهة العسكرية مع الكفار، وهكذا مع الإمام علي (عليه السلام) أيضاً.
فالظروف مرة تكون بهيئة عوامل مساعدة لاتخاذ القرار، ومرة أخري تكون بهيئة معوقات ضد القرار، ومن هنا يمكن تقسيمها إلي نوعين.. ظروف سلبية وأخري إيجابية.

الظروف السلبية

وهي تلك العوامل والتغيرات التي حصلت في الواقع القائم والتي كانت لغير صالح اتخاذ قرار الحرب من قبل الإمام الحسن (عليه السلام) ومنها:
1ـ عدم توفر الحشد العسكري المؤمن الذي يكافئ جيش معاوية ويتفوق عليه، ويمكن أن تلمس ذلك وبدقة من خلال قول الإمام (عليه السلام) نفسه حيث قال: (والله ما سلمت الأمر إليه إلا أني لم أجد أنصاراً، ولو وجدت أنصاراً لقاتلته ليلي ونهاري) [5] .
2ـ فقدان وحدة الرأي في جيش الإمام. إذ أن أخطر مظاهر تفكك الجيش هي توزع الرأي علي عدة اتجاهات، ولما كان جيش الإمام الحسن خليط من مختلف الاتجاهات والفئات، فإن دخول المعركة بجيش تحكمه الاجتهادات المتنوعة والآراء المختلفة وعدم انضباطه بالقرار المركزي للقيادة هو أشبه بعملية الانتحار، ولذلك نجد أن الإمام الحسن (عليه السلام) لا يعتبر أن أهل الكوفة مؤهلين كي يدخل المعركة بهم.. يقول (عليه السلام): (إني رأيت أهل الكوفة قوماً لا يوثق بهم، وما اغتر بهم إلا من ذل، ليس رأي أحد منهم يوافق الآخر) [6] .
3ـ تواطؤ كثير من أفراد الجيش مع معاوية، حيث كتب أكثر أهل الكوفة إلي معاوية: (فإنا معك وإن شئت أخذنا الحسن وبعثناه إليك) [5] .
4ـ سريان الفتن والإشاعات داخل صفوف الجيش بسبب نفوذ الدعايات التي يبثها معاوية في أوساط جيش الإمام الحسن كجزء من الحرب النفسية لتثبيط عزيمة الجيش وتفكيكه من الداخل، منها علي سبيل المثال تلك الشائعة التي سرت قبل أن يصالح الإمام الحسن (عليه السلام) معاوية والتي مفادها (إن الحسن يكاتب معاوية علي الصلح، فلم تقتلون أنفسكم) [6] .
5ـ تمايل الجيش نحو الصلح وعدم رغبته في القتال، حيث أن الحرب النفسية التي شنها معاوية عن طريق شراء الذمم وتجنيد الخونة أدت إلي تثاقل الأفراد، وهروب بعضهم إلي جانب معاوية ممّا أدي إلي خلخلة الجيش من الداخل.

الظروف الإيجابية

وهي تلك الظروف التي يمكن اعتبارها عوامل مساعدة لتحرك موقع الإمامة القيادي الذي تمثل بشخص الإمام السن (عليه السلام) وإذا استذكرنا عوامل السلب الكثيرة في حالة اتخاذ قرار الحرب، ومنازلة معاوية، لم يبق أمام الإمام الحسن (عليه السلام) إلا استثمار الظروف الإيجابية وهي تلك التي شجّعت الإمام (عليه السلام) علي الصلح أملاً في استثمار الشروط التي أدرجها الإمام في وثيقة الصلح مع معاوية.
فالإمام (عليه السلام) أمامه فرصة موافقة معاوية علي شروطه، حيث عندها يستطيع أن يصلح الأوضاع قدر المستطاع باتجاه تعزيز وجود الدولة الإسلامية وجمع شتات الأمة ورص صفوفها وتوحيد كلمتها علي النحو الذي يتم فيه تطهير مفاصل الدولة ومؤسساتها من وجود العابثين والظواهر القاتلة التي أوجدوها. هذا علي أن معاوية إذا لم يف بالشروط التي يوقعها فإن هذا النكث يشكل عاملاً مهماً في كشف زيف معاوية أمام الرأي العام، وبالتالي يكسب الإمام الحسن (عليه السلام) المعركة السياسية علي الأقل.

شروط الإمام الحسن

اشترط الإمام الحسن (عليه السلام) علي معاوية: (ترك سب أمير المؤمنين والعدول عن القنوت عليه في الصلوات، وإن يؤمن شيعته ولا يتعرض لأحد منهم بسوء ويوصل إلي كل ذي حق حقه) [7] .
وصالحه علي: (أن يسلّم إليه ولاية أمر المسلمين، علي أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة رسوله (صلّي الله عليه وآله) وسيرة الخلفاء الصالحين، وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلي أحد من بعده عهداً، وعلي أن أصحاب علي وشيعته آمنون علي أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم) [8] .
وبايعه علي أن: (لا يسميه أمير المؤمنين، ولا يقيم عنده شهادة، وعلي أن لا يتعقّب علي شيعة علي شيئاً، وعلي أن يفرّق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل وأولاد من قتل أبيه بصفين ألف ألف درهم وإن يجعل من خراج دار ابجرد) [9] .

وعود معاوية

وعد معاوية الإمام الحسن (عليه السلام) بوعود عديدة منها: لك الأمر من بعدي، ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغاً ما يبلغ تحمله إلي حيث أحببت، ولك خراج أي كور العراق شئت، ومعونة لك علي نفقتك، يجبيها أمينك ويحملها إليك في كل سنة، ولك أن لا نستولي عليك بالإساءة، ولا نقضي دونك بالأمور، ولا نعصي في أمر أردته به طاعة الله) [10] .
وهذه الشروط والوعود تفرض منطقياً علي كل من يفاضل بين الحرب والصلح، أن يختار الصلح مع تلك الظروف والموازنة العسكرية غير المتكافئة لغير صالح الإمام الحسن (عليه السلام) وإلا فإن معاوية سيستلم السلطة إما بانتصاره العسكري أو بقتل الإمام الحسن (عليه السلام) من قبل عملائه المندسين في جيش الإمام أو بسره، وفي النتيجة ستؤول السلطة إلي معاوية دون أي شروط أو قيود تقيّده أمام المسلمين.

المصلحة العامة للمسلمين

اشاره

قرار الصلح انطوي علي مصلحة عامة للمسلمين وللحركة التاريخية الإسلامية، وإذا كان لأي حكم شرعي مصلحة يتضمنها فمن باب أولي أن يكون لأخطر موقف وهو الصلح وفي تلك الظروف الحساسة المصلحة علي المدي القريب والبعيد، وأهم مصاديق المصلحة الإسلامية العامة هي:

وحدة الدولة والمجتمع

قل الإمام علي (عليه السلام): (ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم ممّا تحبون في الفرقة) [11] .
ووقوع التصادم العسكري ينتهي حتماً إلي إحدي النتيجتين وهي أمام قيام دولتين، أو انتصار أحد الطرفين وخروجه من المعركة ضعيفاً فتتشتت الدولة والمجتمع، وكلاهما خسارة فادحة.

حقن الدماء وإطفاء نار الفتنة

عندما تواجه الدولة الإسلامية أخطاراً خارجية، فإن الصراع الداخلي هو في الحقيقة كارثة تضع مستقبل الدولة في مهب الريح، وعليه فإن حقن دماء المسلمين وتوجيه قوتهم نحو الخارج لا شك إنها قضية تستوجب النظر إليها في إطار المسؤولية والحرص علي كيان الأمة والإمام الحسن (عليه السلام) يدرك النتائج التي سببها عصيان معاوية والمعارك الطاحنة التي دارت رحاها في الداخل من قبل، ويدرك أيضاً أن وضع الدولة الإسلامية ربما لا يحتمل صراعاً من هذا النوع، فأراد أن يحقن الدماء أملاً في تصحيح المسيرة، وهو مكسب بلا شك كبير وضعه الإمام (عليه السلام) من جملة أهداف الصلح.
يقول (عليه السلام): (وقد رأيت أن حقن الدماء خير من سفكها، ولم أرد بذلك إلا إصلاحكم وبقاءكم) [12] .

الحفاظ علي الوجود الإسلامي

إذا كان لكل حرب استحقاقاتها الخاصة، فإن دخول الإمام الحسن (عليه السلام) في حرب مع معاوية بن أبي سفيان يعني وضع جميع إمكانات الدولة الإسلامية وقوتها العسكرية في صراع يأكل الوجود الإسلامي من الداخل، وبالتالي سيكون هذا الوجود ضعيفاً منهكاً يتهاوي لمجرد أي ضربة متوقعة من الخارج، أو فتنة من الداخل وعليه فقد خطر الصلح في نفسه لأول مرة، كيف لا والإسلام يواجه خطر أعدائه إلي جانب خطر المفروضين عليه باسمه [13] .

المتفرغ لتصحيح المسار

الصلح يعني بقاء الصفوة الخيرة في وسط الأمة من أجل تنظيم صفوفها وتنسيق برامجها في الإصلاح والتغيير وتحكيم المفاهيم والقيم الإسلامية الأصيلة والوقوف بوجه الزيف والتدليس وتحجيم الانحراف والتآمر علي الإسلام باسمه. والإمام الحسن (عليه السلام) عندما هادن معاوية وتنازل عن الحكم اتجه إلي تغيير الأمة وتحصينها من الأخطار التي كانت تهددها والإشراف علي القاعدة الشعبية وتوعيتها بمتطلبات الشخصية الإسلامية وتعبئتها بمستوي التغيير الرسالي للإسلام ولبعث الأمة من جديد [14] .

مصلحة خط الإمامة

لقد واجه الخطر العلوي ومنذ اللحظات الأولي لوفاة الرسول إلي محاولات كثيرة لتحديده عن واقع الممارسة السياسية رغم أن وصايا الرسول الأكرم (صلّي الله عليه وآله) تتضمن إشارات ونصوص واضحة وصريحة علي ضرورة تفعيل دور الإمام في الحياة الإسلامية وتمكينها من واقع المسلمين بما يحفظ وجود الدولة وديمومة الإسلام. ولأن وجود هذا الخط هو من الضرورات التي تستوجب التضحيات فلابدّ أن يحفظ الإمام الحسن (عليه السلام) هذه القضية بدقة أثناء مواجهته مع معاوية.
وحيث أن القاعدة العريضة من الأمة التي اندرجت في خط الشرعية الإسلامية تحتاج إلي القائد الذي يوجه سلوكها وحركتها نحو أهداف الإسلام الكبري، فإن وجود القائد الإمام المعصوم يعد من أوليات حفظ هذا التيار الشرعي وتدعيم حركته نحو وضع التحرك الإسلامي العام في إطاره الصحيح، ولهذا فإن الصلح إذا كان يعني المحافظة علي الصفوة الخيرة من أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، فهو أيضاً يجعل القيادة المعصومة حاضرة في الأحداث وفي المسيرة بما يحفظ الشرعية الواعية للأمة وتوسيع قاعدتها، وتوجيه الدولة والأمة صوب المسار الصحيح لحركتها.
وبملاحظة شروط الإمام نجد أنه (عليه السلام) استطاع أن يصنع له دوراً بارزاً في حركة الواقع الإسلامي، وقد دعم هذا الوجود بلفت انتباه الأمة له من خلال عدم اعترافه بشرعية معاوية [15] وحينما نفحص الشرط الآخر للإمام (عليه السلام) وهو الذي ينص علي حرية الإمام والشيعة في الاعتراض علي معاوية وولايته فإننا سنجد أن الإمامة وقاعدتها ستوسع من نشاطها السياسي والإعلامي باتجاه توعية الأمة وتصحيح فهمها وفضح الممارسات الشاذة للسلطة الأموية. وهو عين إعداد الأمة في مناخ سياسي يسمح بالحركة السياسية.
أخيراً: إن جواز الصلح شرعاً، ولضغط الظروف القاهرة، وحفاظاً علي المصلحة الإسلامية العليا.. كل ذلك جعل الإمام يدفع الحرب بالصلح ضمن شروط وضعت علي أساس خدمة الأهداف الإسلامية، وإذا ضحي الإمام (عليه السلام) بالسلطة الفوقية من أجل سلامة البني التحتية، فإن الواقع الذي يعيشه المسلمون في العصر الراهن هو في الحقيقة استمرار لذلك الموقف المسؤول الذي اتخذته الإمامة المعصومة.

پاورقي

[1] القرشي، باقر شريف، حياة الإمام الحسن، ط4، 1399، هـ ص219.
[2] كنز العمال، ج12، ص112.
[3] بحار الأنوار، ج44، ص147، ط2 المصححة، بيروت، 1403هـ.
[4] نفس المصدر السابق، ص24.
[5] نفس المصدر السابق، ص45.
[6] شرح نهج البلاغة، ج4، ص15.
[7] بحار الأنوار، ج44، ص48.
[8] نفس المصدر، ص65.
[9] بحار الأنوار، ج44، ص3.
[10] شرح نهج البلاغة، ج16، ص36.
[11] الإرشاد للشيخ المفيد، ص169.
[12] القرشي، باقر شريف، حياة الإمام الحسن، ص264.
[13] سليمان كامل، الحسن بن علي دار الكتاب اللبناني، 1979، ص105.
[14] الأديب عادل، دور أئمة أهل البيت في الحياة الإسلامية، 1408هـ، 198.
[15] كان ذلك شرطاً من شروط الصلح حينما رفض الإمام أن يسمي معاوية أمير المؤمنين.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.