علي الاكبر سليل الحسين علیه السلام

هویة الکتاب

بطاقة تعريف: مدرسی، سیدمحمدتقی، 1945 - م.

Mudarrisi, Muhammad Taqi

عنوان المؤلف واسمه: علی الاکبر سلیل الحسین علیهماالسلام/ السیدمحمدتقي المدرسي؛ تحقیق مرکزالعصر للثقافه والنشر بیروت.

تفاصيل النشر: قم: دفتر آیت الله العظمی حاج السیدمحمد تقي المدرسي، انتشارات راه هدایت، 1443 ق.= 2021 م.= 1400.

مواصفات المظهر: 63 ص.؛ 12×17 س م.

الصقيع: سلسله اعلام النهضةالحسینیه؛ 3.

شابک : 978-622-94271-8-7

وضعیت فهرست نویسی : فاپا

لسان : العربية.

ملحوظة : الطبعة الرابعة.

ملحوظة : ببليوغرافيا مع ترجمة.

موضوع : علی اکبر بن حسین(ع)، 37؟-61ق.

موضوع : علی اکبر بن حسین، (ع)، 37؟ - 61ق. -- شعر

موضوع : Ali Akbar ibn Hoseyn -- Poetry

معرف المضافة: مرکز العصر للثقافه و النشر(بیروت)

تصنيف الكونجرس: BP53/5

تصنيف ديوي: 297/984

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 8745834

معلومات التسجيل الببليوغرافي: فاپا

ص: 1

اشارة

ص: 2

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

يتخذ الانسان لنفسه قدوة يتأسى به في مجمل انشطته الحياتية. وتتوفر للمسلم فرص هائلة في الاقتداء. فالنبي الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) الأسوة العظمى لكل مؤمن. وأهل بيته الهداة نعم القدوات. ولكن الكثير من المسلمين اليوم يخسرون هذه الفرص. فتراهم يتيهون في الفراغ أو يتخذون من الكفار قدوات.

ولعل من أهم الأسباب جهل المسلمين بحياة قادتهم الهداة وذلك بسبب ضياع النظام التربوي والتثقيفي

ص: 3

السليم. ففي البيت لا تتوافر اية فرصة تربوية لمعرفة آفاق حياة النبي وأهل بيته وكبار قادة الأمة اما بسبب انشغال الوالدين بشؤونهم، او بعلة ضحالة معلوماتهما الدينية، أو لأن اجهزة التلفاز والالعاب الكمبيوترية ألهت الاولاد عنهما وألهتهما عنهم..

ومنذ أمد بعيد وفّقني الرب تعالى لكتابة سلسلة من الكتب الموجزة عن حياة النبي وأهل بيته عليه وعليهم افضل الصلاة والسلام. وقد اتخذت موقعها في المكتبة الاسلامية.

ومنذ عدة سنوات وفقني الله سبحانه للحديث عن ثلاثة من القمم المضيئة التي ساهمت في ملحمة عاشوراء. فكتبت عن الصديقة الصغرى زينب شقيقة الحسين عليهما السلام، وعن سيدنا العباس نصير الحسين عليهما السلام، وعن مسلم بن عقيل سفير الحسين عليهما السلام، وها انا اليوم أرجو التوفيق لتأليف كتاب عن علي الأكبر سليل الحسين عليهما السلام..

ص: 4

وانا اسأل العلي القدير أن يجعله لي ذخراً، وللقراء الكرام تبصرة وهدى.

ولعل فتياننا وفتياتنا يجدون فرصة ذهبية للتكامل بالاقتداء بهذه الصفوة ممن نصر السبط الشهيد (عليه السلام). والله المستعان.

6 / محرم الحرام / 1418 ه

محمد تقي المدرسي

ص: 5

المنايا تسير وراءهم

كانت القافلة تطوي الطريق الممتد بين مكة والكوفة بسرعة لاستباق الاحداث التي تنذر بها الظروف.

موت معاوية، واستخلاف يزيد، وتململ الامة الاسلامية من لحظة تحول الخلافة الى ملك عضوض، ذلك التحول الذي حذّر منه الرسول (صلى الله عليه وآله)..

لقد خرج الامام الحسين (عليه السلام) من مكة يوم الثامن من ذي الحجة حيث يتجه وفود الرحمن الى منى فعرفات لاداء الحج الأكبر. وكانت حركته صدمة هائلة للنظام السياسي الذي بناه الحزب الأموي طيلة اربعين

ص: 6

سنة. كما كانت فرصة كبيرة للمؤمنين للجهاد من اجل اعادة الأمة ونظامها السياسي الى الصراط المستقيم ذلك الصراط الذي رسمه الوحي وبيّنه الرسول. ومضى عليه الامام علي وأيده المخلصون من قادة المسلمين.

تتوهج شمس الظهيرة في أيام الربيع في ذلك الطريق الصحراوي والامام الحسين (عليه السلام) قد بانت على وجهه الشريف قسوة الأحداث. فاسرع اليه الشيب، والحركة السريعة تجهد الانسان فمن الطبيعي ان يغفو الامامفوق قربوس فرسه..

انتبه مرعباً، وهو يقول انا لله وانا اليه راجعون..

كان ولده علي الأكبر ومرافقه غير بعيد عنه. انه كان يلاحظ والده. ولعله كان يحرسه، بينما كان العباس (عليه السلام) يحرس قافلة النساء.

فاسرع اليه قائلاً ممَّ استرجعت يا أبه؟ لم يخف الامام عن ولده حقيقة نومه بالرغم من معرفته بايمان علي الأكبر بامامة والده وعصمته وان منامه حق.

ولكنه لم يخف عنه منامه علماً منه بمدى رسوخ

ص: 7

الايمان عند ولده فقال له: رأيت كأن هاتفاً يقول: القوم يسيرون والمنايا تسير وراءهم.

فالرحلة ليست في واقعها الى الكوفة. واقامة حكم اسلامي فيها. وازاحة الطاغوت يزيد، وحزبه الأموي. بالرغم من ان ذلك هو المخطط المرسوم والمرتقب عند الناس بل وحتى عند الكثير ممن يرافق قافلة الحسين (عليه السلام).

كلاّ انما هي رحلة الشهادة.. رحلة المنايا التي تلاحق الركب كله. استمع علي الأكبر الى والده بأدب جم فلما سكت بادره قائلاً: يا أبه أفلسنا على حق؟

قال: بلى. يا بني والذي اليه مرجع العباد.

قال: إذاً لا نبالي بالموت اوقعنا على الموت او وقع الموت علينا.(1)

تلك الكلمة كانت منتظرة من سلالة الرسالة حفيد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وكانت في ذات

ص: 8


1- بحار الأنوار / ج 44 / ص 367.

الوقت هدية ثمينة قدمها الولد لوالده في مقابل أتعابه عليه وجهده في تربيته.

انها كانت صدى لصوت الحسين (عليه السلام). ذلك الصوت الالهي الذي آنس علياً منذ ولادته. صوت الحق، صوت الايمان بالله لا بالطاغوت، والتسليم للوحي لا للهوى، وحب الحقلا المصالح..

تلك الكلمة كانت مرآة للروح الأيمانية التي انسابت من ضمير سبط رسول الله ابن فاطمة الزهراء وربيب أمير المؤمنين، إنسابت تلك الروح في وعي سلالة الرسالة، علي الأكبر منذ استهلاله.

بلى الانسان سيرة ورسالة *** سيرة الانسان تمتد عبر

حياته بينما تتجلى رسالته في موقف واحد او بضعة مواقف في حياته. ورسالة الانسان هي خلاصة سيرته.. ولأن سيرة علي الأكبر كانت الهية جاءت رسالته الهية ايضاً. وتجلت في تلك الكلمة الرائعة التي اشبهت كلمة جده الامام علي (عليه السلام) في ليلة المبيت إذ سأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينما

ص: 9

أمره بالمبيت على فراشه المحاط بسيوف قريش، سأله أنت تسلم قال: بلى، إنه لم يسأل عن سلامة نفسه بل عن سلامة الرسول.

وكما اشبهت كلمة جده الامام علي (عليه السلام) عندما أخبره النبي بشهادته. حين سأله أفي سلامة من

ديني قال: بلى، فحمد الله.

وهي بالتالي صدى لكلمة والده الامام الحسين (عليه السلام) حينما قال:

"إني لا أرى الموت إلاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ برما".

ص: 10

يا أبتاه إئذن لي بالقتال

وأوغل ركب الرسالة في الصحراء غير آبه بالمنايا التي كانت تلاحقهم. ولعل فتيان بني هاشم الذين شهدوا حوار الامام الحسين (عليه السلام) مع علي الأكبر تباشروا بالشهادة، اذ انه منذ صلح الأمام الحسن المجتبى (عليه السلام) مع معاوية. وتوقف الحرب الساخنة، قلّت فرص الشهادة لبني هاشم. وكانت تلك أسرة قد اكرمها الله بها. وكان من الصعب على فتى هاشمي ان يفكر انه يموت على فراشه. ولا يحظى بالقتل في سبيل الله. إلا انهم اليوم يجدون فرصة ذهبية. الشهادة تحت راية أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)

ص: 11

سبط الرسالة وسيد شباب أهل الجنة. إنها اعظم أمنية

للمسلم وبالذات لابناء الرسالة.

وهكذا يفترض أن تكون كلمة الامام (عليه السلام) وجواب ابنه قد اشعلت في نفوس بني هاشم جذوة الايمان. وأخذوا يستعدون للقاء الله..

وتوقف الركب في ارض كربلاء. حيث كانت واقعة عاشوراء حديثاً معروفاً في بيت الوحي. منذ ان جلس الرسول (صلى الله عليه وآله) في بيت فاطمة الزهراء ابنته الصديقة يحيط به الامام أمير المؤمنين والحسنان.. وابتسامة الشكر وبشرى الحمد تعلوان محياه.

ولِمَ لا يسر فهذه ابنته سيدة نساء العالمين. وهذا وصيه سيد الخلق بعد الرسول. وهذان سبطاه سيدا شباب أهل الجنة. انها اعظم نعمة حباها الله سبحانه لرسوله. وكان سروره بهم عظيماً. ولكن جبرئيل أخبره بما يجري على أهل بيته من

بعده وبالذات بمصرع الحسين (عليه السلام)، فقام النبي الى زاوية البيت فصلى ركعات فلما كان في آخر سجوده

ص: 12

بكى بكاءً شديداً فلم يسأله أحد منا (الحديث مأثور عن أمير المؤمنين عليه السلام واللفظ مروي عنه) اجلالاً

وإعظاماً له.

فقام الحسين في حجره وقال له: يا أبه لقد دخلت بيتنا فما سررنا بشيء كسرورنا بدخولك ثم بكيت بكاءً غمنا فما ابكاك؟ فقال: يا بني أتاني جبرئيل (عليه السلام) آنفاً فأخبرني انكم قتلى وان مصارعكم شتى(1).

وفي مناسبات عديدة اخرى أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) بواقعة الطف التي تحولت الى عهد في بيت الرسالة. وبالذات عند اقتراب رحيل فاطمة الزهراء (عليها السلام) حيث قالوا انها وصّت ابنتها زينب (عليها السلام) بالحسين في واقعة كربلاء. وعند شهادة الامام علي (عليه السلام) حيث

سألته ابنته عن حديث كربلاء، فقال لها وهو في ساعاته الأخيرة: الحديث

ص: 13


1- بحار الأنوار / ج 44 / ص 234.

كما حدثتك أم ايمن. ثم اخبرها بمصيبة سبيها. وعند وفاة الامام المجتبى (عليه السلام) كانت مناسبة للحديث عن يوم الحسين (عليه السلام) حيث قال سلام الله عليه: ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله..

فلما توقفت قافلة الشهادة في الطف. وعرف الجميع ان اسم تلك الأرض كربلاء، تماوجت في وعيهم كل تلك الأحاديث فهاهي الحقيقة ماثلة بكل عنفوانها وعظمتها، انها كربلاء؛ ارض الشهادة، ارض الملحمة الكبرى، ارض البطولات النادرة، ارض الصراع بين الحق الذي ينتصر بالرغم من شهادة دعاته. والباطل الذي يتلاشى بالرغم من نشوة اعوانه.

في ليلة عاشوراء، حيث اجتمع المجاهدون من حملة رسالة الوحي. كان بنو هاشم يطالبون بالمبادرة الى المعركة غداً. ليسبقوا الاصحاب الى شرف الشهادة. ولكن الأصحاب وفيهم

البقية من اصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) أبوا إلاّ ان يفدوا أهل بيت الرسالة بأنفسهم. واتفق الجميع على ذلك..

ص: 14

وفي يوم الواقعة وبعد أن أبلى اصحاب الامام في نصرة الحق بلاءً حسناً. واستشهدوا جميعاً، بادر علي الأكبر (عليه السلام) بالمثول أمام والده يستأذنه في البراز..

كانت تلك ساعة بالغة الروعة.. لقد وقف الفتى

الرشيد مستطيلاً على الزمن، متحدياً الحياة الدنيا، مستشرفاً آفاق الآخرة. وقف امام والده يطلب منه الاذن بأن يقتحم غابة الذئاب حيث تتموج غمرات الموت..

لم يتردد الامام الحسين (عليه السلام) في الاذن له. بل وتشجيعه، بالرغم من عمق حبه له وعظيم شفقته عليه، وبالغ منزلته عنده. إنه يمثل اسمى تطلعاته في الدنيا أن يبقى علي يمثل خطه ويحمي قيمه. ولكنه يعرف أن حماية القيم انما هي ببذل دمه. وتمزق جسده أمام عيني أبيه. وهكذا أذن له..

ص: 15

خلقاً برسول الله

بلى اذن الحسين (عليه السلام) لولده باقتحام الشهادة. ولكن طريقة اذنه كانت فريدة..

رفع بصره الى السماء. وقال: اللهم إشهد على هؤلاء القوم. فقد برز اليهم غلام اشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك، وكنا إذا اشتقنا الى نبيك نظرنا الى وجهه، اللهم امنعهم بركات الأرض، وفرقهم تفريقاً، ومزقهم تمزيقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترض الولاة عنهم أبداً، فانهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلوننا.

ثم صاح الحسين بعمر بن سعد: مالك؟ قطع الله

ص: 16

رحمك ولا بارك الله لك في أمرك، وسلّط عليك من يذبحك بعدي على فراشك كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله ثم رفع الحسين صوته وتلا: "إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم"(1).

وهكذا أعطى الامام وساماً عالياً لهذا المجاهد الأمثل عند انطلاقته في عملية استشهادية فريدة. ولم يفه الامام المعصوم (عليه السلام) بحرف باطلاً حاشا لله. إنه مصباح الهدى وسفينة نجاة كما كتب على ساق العرش، فكيف ينطق بالباطل.

في واقعة مشابهة عندما برز الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) الى عمر بن ود العامري في معركة الخندق. هناك ايضاً اعطى النبي له وساماً عظيماً حينما قال: برز الايمان كلّه الى الكفر كلّه..

منذ القديم كان الناس يعرفون بفطرتهم امكانية انتقال

ص: 17


1- بحار الأنوار / ج 45 / ص 43.

الصفات الجسدية والنفسية من الأب لإبنه او الجد لحفيده. ولكنّ البحوث العلمية الحديثة عمقت عندنا هذه المعرفة، حينما كشفت لنا عن الجينات المورثة ومدى اثرها في نقل الصفات من جيل لآخر. وهكذا كان علي الأكبر (عليه السلام) أشبه الناس برسول الله. حيث تجلت فيه شمائل الرسول الكريمة. من نبرات صوته الى ملامح وجهه الى طريقة مشيته. حتى انه نقل أن يهودياً رأى في المنام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقرر ان يعتنق الدين الاسلامي. فجاء الى الامام الحسين (عليه السلام) فادعى رؤية رسول الله. فسأله ان كان يعرفه لو شاهده. قال: بلى. فطلب علياً الأكبر. فلما رآه استغرق في العجب وقال كأنه هو.

كانت ولا تزال الأمة الاسلامية بأشد ما تكون من الشوق الى رسول الله. حتى أن من الأدعية الشائعة حتى الان بين المؤمنين الدعوة لبعضهم البعض برؤية وجه رسول الله.

وهكذا كان يتسلى المسلمون في ذلك العهد حيث ملامح الرسول لم تزل معروفة عند الكثير

ص: 18

ممن رآه او سمع كامل وصفه ممن رآه من اصحاب الرسول، كان يتسلى المسلمون بالنظر الى علي الأكبر.

ولكن هذه الصورة المشابهة جسدياً ونفسياً للرسول أصبحت مادة ثمينة للتربية المثلى. فاذا كانت صورة علي الأكبر شبيهة بالنبي، فإن نفسه أشد ما تكون مناسبة لتلقي اخلاق الرسول ايضاً..

انها ذهبة خالصة، صاغتها يد الولاية. يد الامام الحسين سبط النبي فصارت أشبه الناس خلقاً برسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنها شهادة عظيمة وعظيمة جداً ان يمتثل شخص (من غير الأئمة) صفات الرسول. كان الرسول هو القرآن بكل جماله وبهاءه وعظمته وروعته. ولقد وصفه الله سبحانه بأنه على خلق عظيم.

وقد سرى حتى اليوم عطر خلقه في حقول الايمان حتى انتشى به كل من أراد كمالاً او رام جمالاً. باخلاقه العطرة

(صلى الله عليه وآله) فتح القلوب، وملك الأفئدة حتى قلوب اعداءه..

وعلي الأكبر (عليه السلام) تمثل تلك الأخلاق بأجلى

ص: 19

صورها. فمن طلاقة الوجه، الى أدب المنطق، الى استقامة السلوك، الى العفو والصفح، الى الصبر والزهد، الى التقوى واليقين، الى الشجاعة والتوكل، وبالتالي الى الخلق الذي هو أصل كل خلق فاضل وجذر كل سمو أي الصلة بالله سبحانه.

إن بلوغ شخص درجة عالية من العلم، كمال، لاشك في اهميته وصعوبته. ولكن بلوغ انسان الى درجة عالية من الأخلاق وبهذا المستوى الأسمى من مجاهدة النفس واتباع الوحي، وتمثل الرسالة.. انها كمال لايسمو اليه كمال.. ولقد بلغه علي الأكبر بشهادة الامام الحسين (عليه السلام).

وانا وأنت. كم نخسر لو ضيعنا فرصة العمر الوحيدة ولما نتمثل خلق الرسول ولو بصورة جزئية. إن المال والجاه والزخارف الدنيوية كلها تصحبنا في أحسن الفروض الى بوابة الآخرة، أي باب القبر. بينما الخلق الفاضل يصحبنا

ليكون عوناً عند سكرات الموت، وأنيساً في بيت القبر، وأمناً عند هول المطلع، ونوراً

ص: 20

في القيامة، وثقلاً في الميزان عند الحساب، ودرجة عالية في الجنان. على أنه في الدنيا نور وذكر حسن وسعادة.

ولأن علي الأكبر (عليه السلام) كان قمة في الخلق المحمدي فقد شهد بفضله الناس وفرض شخصيته حتى على أعداءه. فهذا معاوية يزعم إن اولى الناس بالخلافة

إذا تجاوزت بني أمية انما هو علي الأكبر(1).

وكلام معاوية لا يهمنا إلا بقدر انه يعكس مدى انتشار ذكر علي الأكبر (عليه السلام) العطر في الآفاق حتى اضطر عدوه وعدو البيت الهاشمي الى الاعتراف بفضله.

ص: 21


1- بحار الأنوار / ج 45 / ص 45.

وسقاه جده بالكأس الأوفى

مشى علي الأكبر الى الميدان. كانت المعركة ابداً غير متكافئة. كان عدد المقاتلين في جبهة النفاق ثلاثين ألفاً على أقل الروايات.

ولكن علياً كان بطلاً ليس في قوته الجسدية الفائقه وتمرسه بفنون القتال فقط. ولكن ايضاً في عزمه وتوكله وبحثه عن الشهادة القاهرة. كان يريد الموت في سبيل الله ولكن يسبقه أخذ الثار من عدوه. موت المقتدر الظافر. وليس موت الذليل المقهور.

ولم تكن المعركة بعيدة عن موقع القيادة حيث يقف الامام الحسين (عليه السلام) مع الثلة الباقية من أهل بيته

ص: 22

يراقبها عن كثب.

وضع سيفه فيهم. فأرواه بدماءهم. واعاد الى المعركة صورة هجمات جده الامام علي (عليه السلام).

حتى الهم الشعراء معركته فقال بعضهم:

وما ادري اعزي أم اهنئ *** علي المرتضى بابن الشهيد

علي في الطفوف أقام حرباً *** حربك يا علي على اليهود

وكان في قتاله يرتجز ويقول:

انا علي بن الحسين بن علي *** من عصبة جد ابيهم النبي

والله لايحكم فينا ابن الدعي *** اطعنكم بالرمح حتى ينثني

ضرب غلام هاشمي علوي

وقتل منهم مقتلة عظيمة قيل أنه قتل على عطشه مائة وعشرين رجلاً.(1)

ص: 23


1- المصدر / ص 43.

فمن بعد ان جندل كل من برز إليه من ابطال الكوفة كأمثال بكر بن وائل عاد من المعركة؛ لا لكي يطالب أباه وإمامه بالجائزة، فعلي يعرف ان جائزته الجنة والرضوان. ولكن لعله ليستريح، وليتقوى على الأعداء، وربما ايضاً ليثبت هيمنته على ارض المعركة فهو يقتحمها متى شاء. ويعود منها أنى اراد.. وهدف آخر كأن علياً كان يسعى اليه هو القاء نظرة أخيرة الى والده. ان حب علي الأكبر لوالده كان عميقاً نابعاً من حبه لربه فهذا الحسين إمامه وحجة الله عليه. وقائده الى ربه وولي أمره الإلهي. وقف أمامه وقال بكل احترام:

يا أبه العطش قد قتلني وثقل الحديد قد اجهدني فهل الى شربة ماء من سبيل اتقوى بها على الأعداء؟

فبكى الحسين وقال يا بني يعز على محمد وعلى علي بن أبي طالب وعليَّ أن تدعوهم فلا يجيبوك، وتستغيث بهم فلا يغيثوك يا بني هات لسانك، فأخذ بلسانه فمصه ودفع اليه

خاتمه وقال: "امسكه في فيك وارجع الى قتال عدوك، فإني أرجو انك لاتمس حتى يسقيك جدك

ص: 24

بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبداً.(1)

اولياء الله يتسابقون الى الدرجات العلى عنده. وهكذا

يبشر الامام (عليه السلام) ولده بالكأس الأوفى عند جده والذي يشربه قبل المساء؛ أي انه بالشهادة. ومن ثم بالفوز بالشراب الذي فيه الارواء الخالد.

وهكذا استمد البطل من قائده العزيمة وعاد الى المعركة بقلب صلب، وروح طافحة باليقين، وهنا أخذ يرتجز قائلاً:

الحرب قد بانت لها الحقائق *** وظهرت من بعدها مصادق

والله رب العرش لا نفارق *** جموعكم او تغمد البوارق

فلم يزل يقاتل حتى قتل تمام المائتين.(2)

كان علي الأكبر عازماً على الشهادة، ولذلك فإن قتاله كان قتال البطل المستميت، والشجاعة الفائقة.

ص: 25


1- المصدر / ص 43.
2- المصدر / ص 43 44.

وهكذا استطاع عدوه (منقذ بن مرة العبدي، او مرة بن منقذ على اختلاف الرواة) إستطاع ان يغتاله ويسدد ضربة على رأسه صرعته..

وبمجرد ان رأى اعداءه الموتورون ان البطل قد صرع

احتوشوه وانهالوا عليه ضرباً بالسيوف. فاعتنق علي فرسه، ومن عادة الأفراس العربية ان تفهم اشارة الاعتناق. وتعيد بالفرسان عندها الى موطن آمن ولكن الجيش المعادي كان قد احاط بعليّ الأكبر، وتدفق الدماء من رأسه على عيني الجواد منعه من الاهتداء الى معسكر الحسين، فحمله الى عسكر الأعداء الذين دعاهم الحقد واللئامة الى ان ينهالوا عليه بسيوفهم ويقطعوه إرباً إرباً.(1)

في هذه الفترة العصيبة، لم يطلب علي النجدة من أبيه. وتحمّل كل تلك الطعنات بصبر ويقين. ولكن عندما بلغت روحه التراقي قال رافعاً صوته:

ص: 26


1- المصدر / ص 44.

يا أبتاه هذا جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبداً وهو يقول: العجل العجل!! فإن لك كأساً مذخورة حتى تشربها الساعة.(1)

تلك كانت الكلمات الأخيرة التي نطق بها علي الأكبر (عليه السلام). وكانت تعبيراً صادقاً عن ايمانه وعرفانه، ودرجات يقينه. وكانت زينب الكبرى (عليها السلام) تراقب المعركة عن كثب فلما سقط علي الأكبر وسمعت صوته خرجت تنادي يا حبيباه، يا ثمرة فؤاداه، يا نور عيناه، فاقبلت حتى وصلت الى جثمان الشهيد فانكبت عليه فجاء الحسين (عليه السلام) فأخذ بيدها فردها الى الفسطاط.(2)

واقبل الامام الحسين الى فتيان بني هاشم وقال: احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه فجاءوا به حتى

ص: 27


1- المصدر وتاريخ ابن الأثير / ج 3 / ص 293.
2- المصدر/ ص 44.

وضعوه عند الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه.(1)

ويظهر من ذلك ان علي الأكبر كان أول شهيد من بني هاشم. كما جاء في حديث مأثور عن الإمام الباقر (عليه السلام).(2)

ص: 28


1- المصدر.
2- المصدر / ص 45.

التسابق الى الجنة شعار كربلاء

بعد ان اكتمل عدد الشهداء، وبقي الإمام الحسين وحيداً ألقى نظرة عليهم فاذا بهم صرعى مضرجين بدماءهم، قد مزقتهم حراب الأعداء، فتنفس الصعداء والقى خطاباً دوى عبر الافاق وعلى امتداد العصور:

" يا مسلم بن عقيل ويا هاني بن عروة ويا حبيب بن مظاهر ويا زهير بن القين ويا يزيد بن مظاهر ويا فلان بن فلان يا ابطال الصفا ويا فرسان الهيجا.. مالي اناديكم فلا تجيبون وادعوكم فلا تسمعون انتم نيام ارجوكم تنتبهون أم حالت مودتكم عن امامكم فلا تنصروه هذه نساء الرسول (صلى الله عليه وآله) لفقدكم قد علاهنَّ

ص: 29

النحول فقوموا عن نومتكم ايها الكرام وادفعوا عن حرم الرسول الطغاة اللّئام. ولكن صرعكم والله ريب المنون. وغدر بكم الدّهر الخؤن، والاّ لما كنتم عن نصرتي تقصرون ولا عن دعوتي تحتجبون فها نحن عليكم مفتجعون وبكم لاحقون فإنا لله وإنا إليه راجعون ثم أنشأ يقول:

قوم اذا نودوا لدفع ملمَّةٍ *** والخيل بين مدعّس ومكردس

لبسوا القلوب على الدروع واقبلوا *** يتهافتون على ذهاب الأنفس

نصروا الحسين فيا لها من فتية *** عافوا الحياة والبسوا من سندس(1)

وقبلئذ شهد السبط الشهيد لأهل بيته واصحابه بشهادة حق حين قال فيهم ليلة عاشوراء:

أما بعد فإني لا أعلم أصحاباً اوفى، ولا خيراً من اصحابي، ولا أهل بيت أبرّ وأوصل من أهل بيتي فجزاكم

ص: 30


1- مقتل الحسين (عليه السلام) لأبي مخنف / ص 133.

الله عني خيراً.(1)

لم تكن تلك مدحة باطلة، حاشا لله، انها كانت محض الحق. ومرّ الواقع.. لقد كان الصفوة الرسالية التي اصطفاها الحسين (عليه السلام) للشهادة معه. رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. وكان ايمانهم ويقينهم وولاءهم لله سبحانه وللرسول وأهل بيته عليه وعليهم السلام. هو الذي حملهم الى كربلاء. ولذلك فقد كان تسابقهم الى الجنة شعارهم الأسمى. وإنّ ذلك هو المعيار لمعرفة مدى يقين المؤمن وصدق كلماته.

في ليلة الواقعة يجتمع الإمام باصحابه فيطلب منهم ان يتخذوا ليلتهم تلك جملاً، ويتفرقوا عنه فإن القوم لايطلبون غيره. فقال لهم: واني لأظن يوماً لنا من هؤلاء ألاّ واني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حل ليس عليكم حرج منّي ولا ذمام. هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً.(2)

ص: 31


1- بحار الأنوار / ج 44 / ص 393.
2- المصدر.

فقام أحدهم وقال:

اما والله لو علمت أني اقتل ثم احيى ثم أحرق ثم احيى ثم اذرى، يفعل ذلك بي سبعين مرة، ما فارقتك حتى القى حمامي دونك، فكيف لا افعل ذلك وانما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها ابداً.(1)

ويقوم ابن أخيه القاسم بن الحسن (عليه السلام) وكان غلاماً. فيسأل عمّه: هل هو ممن يقتل؟ وقبل ان يجيبه الامام يسأله: كيف الموت عندك. فيقول: في نصرتك أحلى من العسل..

وفي يوم الواقعة حينما يطلب القاسم الأذن بالهجوم يعتنقه السبط الشهيد ويبكيان ساعة ثم ينطلق كالصقر ويشق صفوف الجيش المعادي بسيفه ويقتل منهم جمعاً. فينقطع شسع نعله، فإذا به ينحني لإصلاحه غير آبه بحراب الذئاب

الموتورة من حوله.. انه يتسابق الى الجنة. ومطيته الشهادة.

ص: 32


1- المصدر.

وهذا عابس بن شبيب الشاكري.. تقول الروايات عنه انه كان اشجع الناس فلما برز قال احدهم: ايها الناس هذا اسد الأسود، هذا ابن شبيب، لايخرجن اليه أحد منكم فأخذ ينادي ألا رجل؟ ألا رجل؟

فقال عمر بن سعد: ارضخوه بالحجارة من كل جانب، فلما رأى ذلك القى درعه ومغفره ثم شدّ على الناس فوالله لقد رأيت يطرد اكثر من مأتين من الناس ثم انهم تعطفوا عليه من كل جانب فقتل(1) ويقال انه لمّا تجرد من اسلحته قال أحدهم له: أجننت يا بن شبيب؟ فقال: حب الحسين أجنني.

وفي ليلة العاشر: يتمازح القوم لانهم يعلمون باقتراب موعد الجنة منهم. فغداً سيكونون عند ربهم وعند من سبقوهم اليه سبحانه. تقول الرواية: إن برير بن خضير الهمداني، وعبد

الرحمن بن عبد ربه الانصاري وقفا على باب الفسطاط فجعل برير يضاحك عبد الرحمن

ص: 33


1- بحار الأنوار / ج 45 / ص 29.

فقال له عبد الرحمن يا برير اتضحك؟ ما هذه ساعة باطل، فقال برير: لقد علم قومي انني ما احببت الباطل كهلاً ولا شاباً، وإنما افعل ذلك استبشاراً بما نصير إليه، فوالله ما هو إلاّ ان نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا نعالجهم ساعة ثم نعانق الحور العين.(1)

إن هذه الروح التي تجلت في شهداء كربلاء اعطت امتنا الاسلامية وبالذات الموالين لآل الرسول منهم قوة ومناعة واقتداراً لان كل مخلص فيهم يتمنى لو ختمت حياته بالشهادة والتحق باصحاب الحسين (عليه السلام). وإنهم حين يقفون على اضرحة الشهداء يقولون: يا ليتنا كنا معكم فنفوز معكم فوزاً عظيماً.

إن روح الشهادة هي التي يستمدها المؤمن من سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته واصحابه. ومن هذا المنطلق يصر المؤمنون على اقامة الشعائر الحسينية

وبالذات في العشر الأول من شهر محرم الحرام. فترى

ص: 34


1- بحار الأنوار / ج 45 / ص 1.

كربلاء تتألق من جديد. وترى عاشوراء تضيء درب السالكين الى الحق. وتعطي الرساليين دفعات من الوعي والعزم..

ص: 35

زيارة الشهيد

السلام على أول قتيل من نسل خير سليل

لقد جذبت عظمة شخصية علي الاكبر (عليه السلام) القلوب واستقطبت الارواح.

صحيح أن علي الاكبر كجسد قد قطعته سيوف أعداء الله، وقد وري التراب الى جنب مرقد أبيه الحسين (عليه السلام) في كربلاء. إلاّ أن نهجه ومآثره لا زالت خالدة، تشع نوراً ليهتدي بها كل من يعتصم بالحق ويبرأ من الباطل.

وهاهم المؤمنون يتعاهدون زيارته، ليجددوا العهد معه

ص: 36

على مواصلة مسيرة الهدى، والاستقامة على دين الله،

والوفاء بعهده، والطاعة للقيادة الرسالية.

وفي آداب زيارته وردت مجموعة نصوص على لسان أئمة الهدى عليهم السلام؛ نذكرها هنا لتبيان علو شأن علي الاكبر، ومكانته المتميزة...

1 / جاء في كتاب مصباح الزائر لابن طاووس قال: وتأتي الى رجلي الحسين فتقف على علي بن الحسين وتقول:

السلام عليك أيها الصديق الطيب الطاهر، والزكي الحبيب المقرب، وابن ريحانة رسول الله. السلام عليك من شهيد محتسب ورحمة الله وبركاته. ما أكرم مقامك، واشرف منقلبك. اشهد لقد شكر الله سعيك، واجزل ثوابك والحقك بالذروة العالية، حيث الشرف كل الشرف، وفي الغرف السامية في الجنة فوق الغرف، كما من عليك من قبل وجعلك من أهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

والله ما ضرك القوم بما نالوا منك ومن أبيك الطاهر

ص: 37

صلوات الله عليكما، ولا ثلموا منزلتكما في البيت المقدس، ولا وهنتما بما اصابكما في سبيل الله، ولا ملتماً الى العيش في الدنيا، ولا تكرهتما مباشرة المنايا. إذ كنتما قد رأيتما منازلكما في الجنة قبل ان تصيرا اليها، فأخترتماها قبل أن تنتقلا إليها. فسررتم وسررتم فهنيئاً لكم يا بني عبد المطلب التمسك بالنبي وبالسيد السابق حمزة بن عبد المطلب، اذ قدمتما عليه وقد لحقتما باوثق عروة وأقوى سبب. صلى الله عليك أيها الصديق الشهيد المكرم والسيد المقدم الذي عاش سعيداً ومات شهيداً وذهب فقيداً فلم تتمتع من الدنيا إلاّ بالعمل الصالح ولم تتشاغل إلاّ بالمتجر الرابح.

اشهد انك من الفرحين بما اتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلقهم، أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. وتلك منزلة كل شهيد، فكيف منزلة الحبيب الى الله، القريب الى رسول الله صلى الله عليه وآله.

زادك الله من فضله في كل لفظة ولحظة وسكون و

ص: 38

حركة مزيداً يغبطه ويسعد به أهل عليين. يا كريم الأب، يا كريم الجد الى ان يتناهى رفعكم الله من ان يقال رحمكم الله وافتقر الى ذلك غيركم من كل من

خلق الله.

صلوات الله عليكم ورضوانه ورحمة الله وبركاته، فاشفع لي أيها السيد الطاهر الى ربك في حط الاثقال عن ظهري وتخفيفها عني وارحم ذلي وخضوعي لك وللسيد ابيك صلى الله عليكما.

ثم انكب على القبر وقل: زاد الله في شرفكم في الآخرة كما شرفكم في الدنيا، واسعدكم كما اسعد بكم، واشهد انكم اعلام الدين ونجوم العالمين.

2 / ذكر الشيخ الجليل ابن قولوية في كامل الزيارة ص 239 بسند صحيح عن أبي حمزة الثمالي؛ أن الامام الصادق (عليه السلام) علمه كيف يزور الامام الحسين (عليه السلام). إلى أن قال له: ثم صر إلى علي ابن الحسين، فهو عند رجلي الحسين، فإذا وقفت عليه فقل:

ص: 39

السلام عليك يا ابن رسول الله ورحمة الله وربركاته، وابن خليفة رسول الله وابن بنت رسول الله ورحمة الله وبركاته مضاعفة كلما طلعت الشمس أو غربت. السلام عليك ورحمة الله وبركاته.

بأبي أنت وأمي من مذبوح ومقتول من غير جرم، بأبي وأمي دمك المرتقى به الى حبيب الله، بأبي أنت وأمي من مقدم بين يدي أبيك يحتسبك ويبكي عليك محترقاً عليك قلبه يرفع دمك الى عنان السماء لا يرجع منه قطرة ولا تسكن عليك من أبيك زفرة حين ودعك للفراق. فمكانكما عند الله مع آبائك الماضين، ومع أمهاتك في الجنان منعمين. أبرء الى الله ممن قتلك وذبحك.

ثم إنكب على القبر وضع يدك عليه وقل: سلام الله وسلام ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين وعباده الصالحين عليك يا مولاي وابن مولاي ورحمة الله وبركاته.

صلى الله عليك وعلى عترتك وأهل بيتك وآبائك وابنائك وأمهاتك الاخيار الابرار الذين أذهب الله عنهم

ص: 40

الرجس وطهرهم تطهيراً.

السلام عليك يا ابن رسول الله وابن أمير المؤمنين وابن الحسين ابن علي ورحمة الله وبركاته.

لعن الله قاتلك ولعن الله من أستخف بحقكم وقتلكم، ولعن من بقي منهم ومن مضى. نفسي فداؤكم ولمضجعكم صلى الله عليكم وسلم تسليماً كثيراً.

ثم ضع خدك على القبر وقل: صلى الله عليك يا أبا الحسن ثلاثاً.

بأبي أنت وأمي اتيتك زائراً وافداً عائذاً مما جنيت على نفسي وأحتطبت على ظهري. أسأل الله وليك ووليي ان يجعل حظي من زيارتك عتق رقبتي من النار.

3 / روى الشيخ الكليني في الكافي عن يوسف الكناني عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: وتحول عند رأس علي بن الحسين فتقول: سلام الله وسلام ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين عليك يا مولاي وابن مولاي ورحمة الله وبركاته. صلى الله عليك وعلى أهل بيتك وعترة آبائك الاخيار الابرار الذين اذهب الله عنهم الرجس

ص: 41

وطهرهم تطهيراً.

4 / جاء في كتاب مصباح المتهجد للشيخ الطوسي؛ ان صفوان الجمال استأذن الامام الصادق (عليه السلام) في زيارة الامام الحسين (عليه السلام) وسأله أن يعلمه ما يقول. الى ان قال له: ثم صر الى رجلي الحسين، وقف عند رأس علي بن الحسين وقل: السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن نبي الله، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين، السلام عليك يا ابن الحسين الشهيد، السلام عليك يا ابن الشهيد وابن الشهيد، السلام عليك ايها المظلوم وابن المظلوم، لعن الله أمة قتلتك، ولعن الله أمة ظلمتك، ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به.

ثم انكب على القبر وقبله وقل: السلام عليك يا ولي الله وابن وليه، لقد عظمت المصيبة وجلت الرزية بك علينا وعلى جميع المسلمين. فلعن الله أمة قتلتك وأبرء الى الله واليك منهم.

5 / جاء في كتاب البحار عن المزار الكبير؛ ان صفوان

ص: 42

الجمال علمه ابو عبد الله الصادق (عليه السلام) كيفية زيارة الحسين (عليه السلام)، وفيها قال: ثم تأتي الى قبر علي بن الحسين (عليه السلام) فتقبله وتقول:

السلام عليك يا ولي الله وابن وليه، السلام عليك يا حبيب الله وابن حبيبه، السلام عليك يا خليل الله وابن خليله، عشت سعيداً ومت فقيداً وقتلت مظلوماً، يا شهيد ابن الشهيد عليك من الله السلام.

6 / وجاء في كتاب مصباح الزائر في زيارة اول رجب وليلته وليلة النصف من شعبان تقف على قبر علي بن الحسين وتقول:

السلام على أول قتيل من نسل خير سليل من سلالة ابراهيم الخليل. صلى الله عليك وعلى أبيك إذ قال فيك قتل الله قوماً قتلوك يا بني، ما اجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول. على الدنيا بعدك العفا.

اشهد انك ابن حجة الله وابن امينه، حكم الله لك على قاتليك واصلاهم جهنم وساءت مصيراً، وجعلنا يوم

ص: 43

القيامة من ملاقيك ومرافقيك ومرافقي جدك وأبيك وعمك وأخيك وأمك المظلومة الطاهرة المطهرة.

أبرء الى الله ممن قتلك وقاتلك، واسأل الله مرافقتكم في دار الخلود، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

7 / عن مزار الشيخ المفيد في النصف من رجب توجه الى علي بن الحسين وقل: السلام عليك يا مولاي وابن مولاي، لعن الله قاتليك ولعن الله ظالميك. اني اتقرب الى الله بزيارتكم وبمحبتكم، وابرء الى الله من اعدائكم. السلام عليك يا مولاي ورحمة الله وبركاته.

8 / عن الشيخ المفيد وابن طاووس والشهيد الاول في عيدي الفطر والأضحى تقف على علي بن الحسين وتقول:

السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن خاتم النبيين، السلام عليك يا ابن فاطمة سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين، السلام عليك أيها المظلوم

الشهيد. بأبي أنت وأمي، عشت سعيداً، وقتلت مظلوماً شهيداً.

ص: 44

9 / قالوا جميعاً في عرفة تقف على علي بن الحسين وتقول: السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن نبي الله، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين، السلام عليك يا ابن الحسين الشهيد، السلام عليك أيها الشهيد بن الشهيد، السلام عليك أيها المظلوم. لعن الله أمة قتلتك، ولعن الله أمة ظلمتك، ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به. السلام عليك يا ولي الله وابن وليه، لقد عظمت الرزية وجلت المصيبة بك علينا وعلى جميع المؤمنين، فلعن الله أمة قتلتك وابرء الى الله اليك منهم في الدنيا والآخرة.

ص: 45

علي الأكبر (عليه السلام) في أدب الطف

اشارة

ص: 46

يا كوكباً ما كان أقصر عمره

حكم المنية في البرية جاري *** ما هذه الدنيا بدار قرار

بينا ترى الانسان فيها مخبرا *** حتى يرى خبرا من الأخبار

طبعت على كدر وأنت تريدها *** صفوا من الاقناء والاكدار

ومكلّف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار

وإذا رجوت المستحيل فانما *** تبني الرجاء على شفير هار

ص: 47

فالعيش نوم والمنية يقظة *** والمرء بينهما خيال سار

فاقضوا مآربكم عجالاً انما *** أعماركم سفر من الاسفار

وتراكضوا خير الشباب وحاذروا *** أن تسترد فأنهن عوار

والنفس إن رضيت بذلك أو أبت *** منقادة بأزمّة الاقدار

لا تأمن الأيام يوما بعد ما *** غدرت بعترة أحمد المختار

فجعت حسينا بابنه من أشبه *** المختار في خلق وفي أطوار

لما رآه مقطّع الاوصال ملقى *** في الثرى يذري عليه الذّاري

ناداه والاحشاء تلهب *** والمدامع تستهل بدمعها المدرار

يا كوكباً ما كان أقصر عمره *** وكذا تكون كواكب الاسحار

ص: 48

وهل من شباب بعد شبه محمد

الى مَ بأرزائي أروح وأغتدي *** وتمشي بي الأيام مشية أرمد

وأمسي أسير النائبات على جوى *** ونار الاماني في الحشا المتوجد

هلكت فيا لله هل من مساعد *** بعيش رغيد أو بموت مؤبد

لعمري موت، لو يباع ويشترى *** بذلت عليه كلما ملكت يدي

ولم أبق في دار الهوان ولم أعش *** وأيام عمري تنقضي بالتنكّد

ص: 49

وقائلة لمّا رأت سوء طالعي *** وأنّ بلوغ الموت غاية مقصدي

تقول لي: ارحم من شبابك بدءه *** عليك ولا تهلك أسى وتجلّد

فقلت لها: كفّي عن اللوم والأذى *** فإني على الارزاء غير معود

ولم انتفع يوماً بشرخ حبيبتي *** وهل من شباب بعد شبه محمد

أبعد عليّ الاكبر الطهر من سما *** لأوج العلى والمجد طالب سؤدد

فلا ابيضّ وجه الدهر من بعد يومه *** ولازال في ليل من الخطب أسود

وإن انس لا أنساه عاطش مهجة *** تريب المحيا، فوق كثب وجلمد

قضى بعدما أعطى البسالة حقّها *** بعضب يماني جراز مجرّد

ودافع كالليث الهصور مشمّراً *** طليق المحيّا عن كرائم أحمد

ص: 50

الى أن أتاه السيف يهوى لرأسه *** فخرّ صريعاً، والاعادي بمرصد

ودار عليه القوم من كلّ جانب *** بأسيافهم من أشأم إثر أنكد

فنادى أباه الطهر يصرخ قائلاً: *** عليك سلام الله يا ابن محمد

ولما أتاه السبط يحنو بظهره *** رآه على حرّ الثرى المتوقّد

فأرخى عليه الدّمع من جفن كامد *** وأبدى عليه الوجد من قلب مكمد

وأحنى ضلوعاً من جوىً وصبابة *** عليه بتقبيل ورشف مردد

عليّ عزيز أن أراك مقطعاً *** صريعاً على البوغاء غير موسّد

أيدري حسام شقّ رأسك أنه *** بضربته قد شقّ رأس محمد

ص: 51

شبيه محمد خير الجدود

و ما أدري أعزي أم أهنّي *** علي المرتضى بابن الشهيد

فطوراً للوصيّ به أهنّي *** وأنظم مدحه نظم العقود

عليّ بالطفوف أقام حرباً *** كحربك يا علي مع اليهود

وقاتل بكرهم كقتال عمر *** وجندله على وجه الصعيد

وصيّر كربلاء بدراً وأُحداً *** ونادى يا حروب الجدّ عودي

ص: 52

فطوراً يا عليّ به أعزّي *** وتبكي العين كالعقد الفريد

فيانفس اذهبي وجداً وحزناً *** ويا عيني بحمر الدمع جودي

على حلو الشباب وبدر تمّ *** شبيه محمد خير الجدود

كأني بالحسين غدا ينادي *** علينا يا ليالي الوصل عودي

رجوتك يا عليّ تعيش بعدي *** لتوسد جثّتي رمس اللحود

وتمشي باكيا من خلف نعشي *** كما يبكي الوليد على الفقيد

ولم أنس النساء غداة فرّت *** إلى نعش الشهيد بن الشهيد

بنات النعش حول النعش حامت *** وقد دارت على بدر السّعود

فهذى قبّلت كفا خضيبا *** وشمّت تلك وردا في الخدود

ص: 53

وزينب قابلت ليلى وقالت *** أعيد النّوح يا ليلى أعيد

على حلو الشباب وبدر تمّ *** شبيه محمد خير الجدود

ص: 54

بأبى الحسين وفي مهابة أحمد

أقمار تمّ نالها خسف الرّدى *** واغتالها بصروفه الزمن الرّدي

شتّى مصائبهم فبين مكابد *** سماً ومنحور وبين مصفّد

سل كربلاكم مهجة لمحمد *** نهبت بها وكم ستجذت من يد

وعليّ قدر من ذؤابة هاشم *** عبقت شمائله بطيب المحتد

جمع الصفات الفرد وهي تراثه *** عن كلّ غطريف وشهم سيّد

ص: 55

في بأس حمزة في شجاعة حيدر *** بأبى الحسين وفي مهابة أحمد

وتراه في خلق وطيب خلائق *** وبليغ نطق كالنبيّ محمد

يرمي الكتائب والفلا عمّت بها *** في مثلها من عزمه المتوقد

أفديه من ريحانة ريّانة *** جفّت بحرّ ضماً وحرّ مهند

ويئوب للتوديع وهو مجاهد *** ضمأ الفؤاد وللحديد المجهد

صادي الحشا وحسامه ريّان من *** ماء الطلى وغليله لم يبرد

يشكو لخير أب ضماه وما أشتكى *** ضمأ الحشى الاّ الى الضامي الصدي

فانصاع يؤثره عليه بريقه *** لو كان ريقه لم يجمد

كلّ حشاشته كصالية الغضا *** ولسانه ضماً كشقة مبرد

ص: 56

ومذ إنثنى يلقى الكريهة باسماً *** والموت منه بمسمع وبمشهد

لفّ الوغى وأجالها جول الرحى *** بمثقف من بأسه ومهند

لم أنسه متعمداً بشبا الضّبا *** بين الكماة وبالأسنة مرتدي

خضبت ذوابله ولكن من دم *** فاحمرّ ريحان الفداء الاسود

ماء الصبا ودم الوريد تجاريا *** فيه ولاهب قلبه لم يخمد

ويح الردى يا بئسما غال الردى *** منه هلال دجى وغرة فرقد

يا نجعة الحيّين هاشم والندى *** وحمى الذمارين العلى والسؤدد

فلتذهب الدنيا على الدنيا العفا *** ما بعد يومك من زمان أرغد

ص: 57

فالنمت موت عقبان أباة

سمع السبط هاتفاً علويّاً *** ينقل الجرش عن لهاة الثكالى

قال يا سائرين شطر المنايا *** عجّلوا فالخلود يشكو الملالا

اتسرع الكوب والأرائك صفت *** وتهادت حور الجنان دلالا

قد نعينا ولا مردّ لحكم اللّ *** ه فلنقصد المنون عجالا

قال نجل الحسين وهو علي *** يا أبي هل نشدت الا الكمالا

ص: 58

أولست الذي يؤيد حقاً *** رافعاً راية الرسول مثالاً

هتف الشبل فلنمت موت عقب *** ان أباة، ولا نموت ذلالا

دمعت مقلة الحسين ابتهاجاً *** بوليد يشرّف الانجالا

فاسمه كاسم جدّه أتراه *** ذلك الضوء من شعاع سالا

ان يكن ثغره غلالة ورد *** انّ في كهف صدره رئبالا

فاذا ناء زنده الغضّ بالهن *** ديّ عضباً يفرّق الأوصالا

فهو يستمرئ الممات شهيداً *** طالبيّا ما خيّب الآمالا

ص: 59

بُني حرام عليّ الرقاد

بني اقتطعتك من مهجتي *** علام قطعت جميل الوصال

بني عراك خسوف الردى *** وشأن الخسوف قبيل الكمال

بني حرام عليّ الرقاد *** وأنت عفير بحر الرمال

بني ابيت سوى القاصرات *** وخلفت عندي سمر العوالي

بني بكتك عيون الرجال *** ليوم النزيل ويوم النزال

ص: 60

بكتك بني صفات الكمال *** وغضّ الشباب وذات الجمال

عجلت لحوض ابيك النبي *** وسارعت بعد الظمأ للزلال

سيرثيك منّي لسان السنان *** بنظم قلوب عيون الرجال

ص: 61

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.