الكبائر من الذنوب

اشارة

سرشناسه : شاکری حسین 1304 - عنوان و نام پديدآور : الکبایر من الذنوب/ تالیف حسین الشاکری. مشخصات نشر : قم: موسسة الاسلامیة العامة التبلیغ و الارشاد 1433 ق. 1390. مشخصات ظاهری : 157 ص. ؛ 12 × 17 س م. فروست : سلسله الثقافه الاسلامیه. شابک : 978-600-266-017-6 وضعیت فهرست نویسی : فیپا يادداشت : عربی. يادداشت : چاپ دوم. يادداشت : کتاب حاضر در سالهای مختلف توسط ناشرین متفاوت منتشر شده است. موضوع : گناهان کبیره رده بندی کنگره : BP225/6 /ش2ک2 1390 رده بندی دیویی : 297/464 شماره کتابشناسی ملی : 2627158

الإهداء

‹ صفحه 3 ›

الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا

وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا

‹ صفحه 2 ›

إلى أولادي وأعزائي . .

إلى من يهمني أمره . .

إلى كل من هرب بدينه مهاجرا إلى الله

ورسوله . .

إلى كل من هجر من وطنه وأخرج من دياره . .

إلى كل من عانى مرارة الهجرة وشظف

العيش والحرمان . .

أقدم لهم رسالة نصح وتوجيه آملا أن

تعينهم في دنياهم وتنفعهم في أخراهم

حسين الشاكري

‹ صفحه 5 ›

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد

لنعمل معا تمهيدا لعصر الظهور

الهدف من إحياء التراث الإسلامي ، وإشاعة العقيدة

الحقة لمذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) في أوساط شبابنا الحائر

بين تيارات الثقافات الغربية ، الغريبة المشبعة بسموم

أفكار الصهيونية والصليبية والماركسية ، بتخطيط من

الماسونية العالمية .

وكذلك غزو الآراء الشاذة الضالة ، من بعض المذاهب

التي تدعي الإسلام زورا وبهتانا ، بدفع من الاستعمار

والماسونية العالمية ، بهدف التخريب والتفرقة وقطع

الجسور الممتدة بين المسلمين كافة ، وتكفير مذهب شيعة

أهل البيت ( عليهم السلام ) خاصة . .

والغرض من تسليح شبابنا الناهض للوقوف بوجه

تلكم التيارات المنحرفة الضالة ، ليدافع عن مبادئه

‹ صفحه 6 ›

وعقيدته كما دافع عنها سلفنا الصالح وتحمل العنت

والعذاب في سبيل ذلك ، لا سيما شبابنا

الذين قهرتهم الظروف العصبية والالتجاء إلى أحضان دول

الكفر ، لسد حاجاتهم البايولوجية ، كالمستجير من

الرمضاء بالنار . .

وحتى لا تكون هجرتهم هجرة تعرب ( 1 ) ، بل تكون

هجرتهم إلى الله بقصد التبليغ والدعوة إلى دين الإسلام ،

ومذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) .

حسين الشاكري

الفاتح من شهر الصيام 1418

00000000000000000

( 1 ) التعرب : أي الهجرة من دار الإسلام إلى دار الكفر أينما

صارت .

‹ صفحه 7 ›

توطئة

قد يتصور الإنسان أو يوسوس له الشيطان أنه ليس بعد

الموت نشور ولا حساب ، وليس هناك ثواب أو عقاب .

وحتى لو كان ذلك ، من الذي يستطيع ضبط أعماله

وإحصاء آثامه لدى اقترافه لها في خلواته طوال أيام حياته

في الدنيا ، وكيف السبيل إلى ذلك ؟

أقول . . وأنا العبد المذنب ، إعلم بأن الله تبارك وتعالى

حين خلق الإنسان وفطره يعلم ما توسوس به نفسه لذلك

جعل معها رقيبا وشاهدا ، لضبط حركاته وسكناته : ( ولقد

خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب

إليه

من حبل الوريد * إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن

الشمال قعيد ) ( 1 )

000000000000000000

( 1 ) ق / 16 - 17 .

‹ صفحه 8 ›

نعم جعل الله تعالى مع الإنسان ، حينما خلقه ،

الضوابط الذاتية وأجهزة الرقابة التي لا تخطر على بال

بشر لتكون شاهدا عليه يوم القيامة وساعة حسابه ، وما

الاختراعات العلمية التي هدى الله إليها الإنسان هذه

الأيام ، من أجهزة ضبط الصورة والصوت الألكترونية

وتقريب البعيد وأجهزة حفظ المعلومات ( الكمبيوتر ) إلا

واحدة - ونموذج بشري مبسط - من أجهزة الخالق جل

شأنه العديدة الحسية لتقريب الصورة إلى أذهاننا لتكون

حجة علينا .

وربما توفرت على شرح وتوضيح بعض من الرقابة

الإلهية ووسائل إثبات الذنوب والمعاصي يوم القيامة

بصورة مختصرة وموجزة ، استنتاجا من الآيات الواردة

بهذا الشأن في كتاب الله المجيد ، نذكر منها أمورا خمسة :

الأول : الضبط الصوتي ، والذي عبر عنه تعالى بقوله :

( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ( 1 ) .

0000000000000000

( 1 ) ق / 18 .

‹ صفحه 9 ›

وقال أيضا : ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ) ( 1 ) .

الثاني : الضبط السجلي ، قال تعالى : ( وكل إنسان

ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه

منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك

حسيبا ) ( 2 ) .

الثالث : الضبط التلفزي ، أشار القرآن إلى ذلك بقوله :

( يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم ) ( 3 ) .

إذ يشاهدون نفس أعمالهم بناء على تجسم الأعمال

وظهورها لنا معشر الخلائق ظهورا لا ريب فيه ( 4 ) .

وقال تعالى : ( ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم

ربك أحدا ) ( 5 ) .

00000000000000000

( 1 )

الجاثية / 29 .

( 2 ) الإسراء / 13 - 14 .

( 3 ) الزلزلة / 6 .

( 4 ) تفسير الميزان / العلامة الطباطبائي في تفسيره للآيتين .

( 5 ) الكهف / 49 .

‹ صفحه 10 ›

وعليه فالحاضر عندهم نفس الأعمال بصورها

المناسبة لها لا كتابتها كما هو الظاهر ( 1 ) .

الرابع : الضبط الجرمي ، وهو شهادة أعضاء الإنسان

نفسه ، بقوله تعالى : ( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا

أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) ( 2 ) .

الخامس : الضبط المكاني والزماني ، بقوله تعالى :

( يومئذ تحدث أخبارها * بأن ربك أوحى لها ) ( 3 ) .

هذا وصف موجز لوسائل الضبط والتسجيل وعرض

الأعمال عند الله سبحانه لإثبات جرائم الإنسان وذنوبه ،

وعندئذ لا يستطيع إنكارها والتهرب من تبعاتها ، وأنى له

ذلك ؟

فإذا اعتقدنا أن الله سبحانه مطلع وشاهد علينا وهو

00000000000000000

( 1 ) تفسير الميزان / العلامة الطباطبائي في تفسيره للآيتين .

( 2 ) يس / 65 .

( 3 ) الزلزلة / 4 - 5 .

‹ صفحه 11 ›

معنا في كل حركاتنا وسكناتنا ، فكيف يسوغ لنا التجرؤ

عليه سبحانه بارتكاب المعاصي أمامه ؟ ( يستخفون من

الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم . . . ) ( 1 ) .

أما آن لنا أن نستحي منه سبحانه وتعالى ؟ وكيف

نعتذر وهو المنعم علينا والمتفضل ، وقد نهانا عن ارتكاب

الذنوب والمعاصي فخالفناه ؟ !

أستغفرك اللهم وأتوب إليك من كل ذنب أذنبته ، وكل

جرم أجرمته ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

000000000000000000

( 1 ) النساء / 108 .

‹ صفحه 13 ›

المقدمة

أعزائي . . من دواعي خلق الله سبحانه الخلق ليمتحنهم

في دنياهم

، ليميز الخبيث من الطيب ، والمطيع من

العاصي ، وليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حيي عن

بينة ، وليجزي الصابر منهم والمطيع الثواب العظيم - كما

روي في بعض الأخبار - بما لا عين رأت ولا أذن سمعت

ولا خطر على قلب بشر ، وليعذب الظالمين منهم

والعاصين أشد العذاب .

ومن الواجب على المخلوق أن يعبد الخالق سبحانه

وتعالى ، ويؤدي شكر ما أنعم عليه من نعمه التي لا تعد ،

كما قال سبحانه : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) ( 1 ) ،

00000000000000000

( 1 ) إبراهيم / 34 ، النحل / 18 .

‹ صفحه 14 ›

وقال : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ( 1 ) .

إذن . . فالله تعالى خلقنا ، ورزقنا ، وأنعم علينا من نعمه

الظاهرة والباطنة في حياتنا الدنيا يريد منا إطاعة أوامره

والتعبد له ، والتقرب إليه سبحانه ، ولنسلك سلوكا يرضاه

حتى نعيش حياة رغيدة هانئة سعيدة ضمن الحدود التي

رسمها وبينها لنا سبحانه وتعالى وهي لصالحنا ، فإنه

سبحانه لا يضره عصيان من عصاه ، ولا تنفعه عبادة من

عبده ، ليجزينا في الآخرة بما أعده للمؤمنين من النعيم

المقيم والفوز العظيم ثوابا من عنده ولطفا من رحمته ،

وما كلفنا سبحانه بأكثر من طاقتنا ، وما ألزمنا وحملنا

بأكثر من الملكات العقلية والجسمية التي منحها لنا ،

حيث قال سبحانه في آخر سورة البقرة ( لا يكلف الله

نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) .

أعزائي . . إن أهم ما لفت نظري في هذا البحث مادة التعرب بعد الهجرة " واعتبرها الشارع المقدس من

0000000000000000

( 1 ) الذاريات / 56 .

‹ صفحه 15 ›

الكبائر ، وهي الهجرة من دار

الإسلام إلى دار الكفر أينما

تقع ، أو تكون ، أرجو أن لا تشملكم هذه المادة ، أيها

المهاجرون إلى بلاد الكفر وأرجو أن تكون هجرتكم

بقصد التبليغ والارشاد وبث تعاليم الإسلام والقيم

والأخلاق التي أمر الله سبحانه بها ، لتحصلوا على ثواب

المهاجرين المجاهدين في سبيل الله تعالى . إن الفرائض

والواجبات التي أمر الله تعالى بها يجب تعلمها ويجب

دراستها ، وذلك فريضة على كل مسلم ومسلمة أينما

كانوا ، وحيثما حلوا أو ارتحلوا ، ومتى ما حرص المسلم

على تعلمها قربة إليه تعالى ، خرج عن كونه أعرابيا ،

وخرج سفره عن كونه تعربا .

فأرجو أن تحرصوا وتثابروا على تعلم الفقه في

الشريعة ، والتعمق في أصول العقائد وخاصة في الفروض

الواجبة والمستحبة المؤكدة ، لتنجوا إن شاء الله من

العقاب ، وتخلصوا أنفسكم من المسؤولية كما قال الله

تبارك وتعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم

‹ صفحه 16 ›

نارا وقودها الناس والحجارة . . . ) ( 1 ) .

و ( لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) ( 2 ) .

ولتفوزوا برضى الله سبحانه وثوابه ، ولا تنسوا

التأكيدات الواردة عن الله سبحانه ورسوله الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم )

وأهل بيت العصمة ( عليهم السلام ) ، في الحث على طلب العلم

بأساليب مختلفة في الترغيب تارة ، والترهيب أخرى ،

فقد قال سبحانه في محكم كتابه الكريم :

( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) ( 3 ) .

( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم

درجات ) ( 4 ) .

ويروى عن النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إن طالب العلم يحبه

0000000000000000

( 1 ) التحريم / 6 .

( 2 ) المائدة / 105 .

(

3 ) الزمر / 9 .

( 4 ) المجادلة / 11 .

‹ صفحه 17 ›

الله وتحبه الملائكة والنبيون ، ولا يحب العلم إلا السعيد ،

وطوبى لطالب العلم ، ومن أحب العلم وجبت له الجنة ،

ويصبح ويمسي في رضى الله . . . " إلى آخر الحديث

النبوي الشريف .

وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : " إن كمال الدين طلب

العلم والعمل به ، وأن طلب العلم أوجب عليكم من طلب

المال . . . الخ " .

وعن الإمام السجاد ( عليه السلام ) قال : " لو يعلم الناس ما في

طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج " .

وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : " طلب العلم فريضة على

كل مسلم ، فاطلبوا العلم من مظانه ، واقتبسوه من أهله " .

إلى غير ذلك من الروايات والأحاديث الكثيرة الواردة

عنهم ( عليهم السلام ) والتي تعظم أهل العلم وتمدح المعلمين

والمتعلمين ومذاكرات العلم ، فجعلوه فريضة على كل

مسلم ، وجعلوا العلماء أمناء الله سبحانه وودائعه ، وخلفاء

الرسل وورثة الأنبياء ، وفضلوهم على جميع الخلق ،

‹ صفحه 18 ›

وجعلوا مدادهم أفضل من دماء الشهداء ، وكثيرا ما كانوا

يرددون ( سلام الله عليهم ) - وأنا أردد معهم - طوبى لطالب

العلم ، طوبى لطالب العلم ، طوبى لطالب العلم .

أعزائي . . هذه رسالة موجزة جمعتها ونقلتها من

بعض المصادر المهمة ، ومن خلال دراستي للرسالة

العملية في بحث الكبائر من الذنوب ، لتكون درسا لي

وتذكرة وعظة أعرضها عليكم على ما فيها عسى أن

ينفعكم الله بها ( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع

الناس فيمكث في الأرض ) ( 1 ) .

وإني . . والله يشهد على ما

أقول ، ما أسفت على شئ

في حياتي كأسفي على ما فرطت مما سلف مني أيام

شبابي وفراغي من الغفلة والسهو ، والركض وراء سراب

زائل ، ومتاع راحل ، باتباع هوى النفس ، والخضوع

للغريزة وحب الشهوات ، والغرور بالدنيا ، والركون إليها ،

حتى انتبهت لأرى نفسي في خريف عمري ، فريسة

00000000000000000

( 1 ) الرعد / 17 .

‹ صفحه 19 ›

الشيخوخة والعجز ، أعض أصابع الندم على ما فرطت مما

فات من أيام شبابي وعزة قوتي وقدرتي ، ولو أني - ولله

الحمد - ما أتذكر إني تركت فرضا من الفروض الواجبة ،

ولا ارتكبت كبيرة من كبائر الذنوب حسب الظاهر والله

العالم . ولكني أشعر بتقصير في كثير من الواجبات ،

وعدم حسن أدائها ، وحرماني من الفرص الثمينة التي

مرت علي مر السحاب ، والتي لا تعود أبدا ، خاصة

ساعات وأماكن مظان استجابة الدعاء ، للتعبد والتقرب

منه سبحانه ، ولم انتهزها أو استفيد منها . . وقد ترك ذلك

في نفسي حسرة وندما لا يعوض ، بالإضافة إلى صدور

الكثير الكثير من الذنوب والمآثم مني ، غفلة وتهاونا ،

لا عصيانا وتمردا ، كما أن الشيطان ( لعنه الله ) دعاني

فوجدني مستجيبا له ومسرعا .

أعزائي . . هذه رسالة نادم منيب ، قد نغص عليه عيشه

مما سلف من ذنوبه وآثامه ، وأرقه كثرة عصيانه ، فأرجو أن

تتعضوا بها وتستفيدوا منها ، لأن السعيد من اتعظ بغيره ،

قبل فوات الأوان ، ومرور السنين والأعوام ، وإني

‹ صفحه 20 ›

أستميحكم عذرا عما صدر مني اتجاهكم ، وأرجو أن

تهبوني ما لكم من الحقوق علي قربة إلى الله تعالى ، كما

وأني وهبت وأبرأت ذمة كل من كان لي عليه من الحقوق

قربة إلى الله تعالى .

والله أسأل أن يحفظكم جميعا

ولا يريكم ذل المعصية ،

وحسرة الندامة ، وإن كان ذلك مفيدا ومحبوبا عند الله

تعالى التوبة بعد حصول المعصية - والعياذ بالله - فالحسرة

والندم على المعاصي يعدان من العبادات .

كما أرجو أن لا تنسوا العبد المذنب المنيب الراجي

عفو ربه ، وشفاعة رسوله والأئمة الطاهرين ( عليهم السلام ) من آله ،

من صالح دعائكم . . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

العبد المنيب

حسين بن محمد الشاكري

‹ صفحه 21 ›

كبائر الذنوب

[تمهيد]

وقد فسرها الإمام الصادق كما روي في الكافي بقوله ( عليه السلام ) :

" إنها ما أوعد الله عليها النار في كتابه " ، وقد حث الله

سبحانه على الاجتناب عنها لغرض نيل رضاه وتحقيق

السعادة الأبدية بقوله تعالى : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون

عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) ( 1 ) .

والكبائر من الذنوب عديدة ، منها :

00000000000000000000

( 1 ) النساء / 31 .

‹ صفحه 23 ›

( 1 )

الشرك بالله

وهو من أعظم المهلكات ، وقد وردت فيه آيات عديدة من

القرآن الكريم المجيد ، فقوله تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك

به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى

إثما عظيما ) ( 1 ) .

وقوله تعالى : ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه

الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) ( 2 ) .

وقوله تعالى : ( لا تشرك بالله إن الشرك لظلم

عظيم ) ( 3 ) .

000000000000000000

( 1 ) النساء / 48 .

( 2 ) المائدة / 72 .

( 3 ) لقمان / 13 .

‹ صفحه 24 ›

إن اعتبار هذا الذنب من الكبائر هو أمر بديهي كما قال

تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا .

. . ) ( 1 ) .

وروي في البحار عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :

" يا بن مسعود إياك أن تشرك بالله طرفة عين وإن نشرت

بالمنشار ، أو قطعت ، أو صلبت أو حرقت بالنار " .

وروي عن بعضهم قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن أدنى

ما يكون به الإنسان مشركا ، قال : فقال : " من ابتدع رأيا

فأحب عليه أو أبغض عليه " .

( 2 )

اليأس من روح الله

أي القنوط من رحمة الله تعالى ، وهو من الكبائر ، ويعد

بمنزلة الكفر . . بقوله تعالى : ( إنه لا ييأس من روح الله إلا

القوم الكافرون ) ( 2 ) .

0000000000000000

( 1 ) النساء / 36 .

( 2 ) يوسف / 87 .

‹ صفحه 25 ›

وذلك أن سبب اليأس من رب العالمين هو فقدان

الاعتقاد بقدرته وكرمه ورحمته غير المتناهية ، قال : ( ومن

يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ) ( 1 ) .

وقد اعتبر الأئمة الأطهار - ( الصادق ، الكاظم ، الرضا ،

الجواد ) صلوات الله وسلامه عليهم - اليأس من الذنوب

الكبيرة التي يقترفها المذنب هو أكبر من كل الذنوب .

( 3 )

الأمن من مكر الله

وهو الأمن من عقوبة الله وبطشه غرورا وعجبا واعتمادا على

عمل نفسه . . يقول تعالى : ( أفأمن أهل القرى أن يأتيهم

بأسنا بياتا وهم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم

بأسنا ضحى وهم يلعبون * أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر

الله إلا القوم الخاسرون ) ( 2 ) .

000000000000000000

( 1 ) الحجر / 56 .

( 2 ) الأعراف / 97 - 99 .

‹ صفحه 26 ›

مثل إبليس ( لعنه الله ) فقد أمن مكر الله اعتمادا على قربه

وعبادته التي دامت سنين طويلة - فعصاه لحظة واحدة -

فسخط الله عليه وأنزله منزلة الهالكين .

وقال الإمام علي ( عليه السلام ) : " من أمن مكر الله هلك " .

وقال ( عليه السلام ) : " لا تأمنن على خير هذه الأمة من عذاب

الله ، لقوله تعالى : ( فلا يأمن مكر الله إلا القوم

الخاسرون ) ( 1 ) ولا ييأس لشر هذه الأمة من روح الله

لقوله تعالى : (

إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم

الكافرون ) " .

( 4 )

عقوق الوالدين

وهو من أشد وأفضع أنواع قطيعة الرحم التي حث الله تعالى

على برها ووصلها ، وقد قرنها الله تعالى بعبادته وتوحيده

. . بقوله تعالى : ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا

0000000000000000000

( 1 ) الأعراف / 99 .

‹ صفحه 27 ›

تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى

والمساكين وقولوا للناس حسنا ) ( 1 ) .

وقوله تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا

وبالوالدين إحسانا وبذي القربى . . . ) ( 2 ) .

وقوله تعالى على لسان عيسى بن مريم ( عليه السلام ) : ( وبرا

بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا ) ( 3 ) .

وكذلك قوله تعالى في وصف يحيى ( عليه السلام ) : ( وبرا بوالديه

ولم يكن جبارا عصيا ) ( 4 ) .

( إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل

لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ) ( 5 ) .

" وآلاف هو أدنى العقوق ، ولو علم الله شيئا أهون من

آلاف لنهى عنه "

0000000000000000000

( 1 ) البقرة / 83 .

( 2 ) النساء / 36 .

( 3 ) مريم / 32 .

( 4 ) مريم / 14 .

( 5 ) الإسراء / 23 .

‹ صفحه 28 ›

هكذا ورد عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) كما ورد التصريح في كثير

من الروايات عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .

" إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الإشراك بالله

وعقوق الوالدين " .

وقال ( عليه السلام ) : " ومن العقوق أن ينظر إلى والديه فيحد النظر

إليهما " .

وقد ورد التصريح في كثير

من الروايات عن

النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وعن الأئمة

الطاهرين ( عليهم السلام ) : " إن أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق

الوالدين " .

وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من أدرك والديه ولم يؤد

حقهما فلا غفر الله له " .

وروي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " ملعون ملعون من

ضرب والديه ، ملعون ملعون من عق والديه " .

وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أيضا : " من نظر إلى أبويه نظر

ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة " .

فكيف إذا لم يكونا ظالمين له ؟

‹ صفحه 29 ›

( 5 )

قتل النفس المحترمة

قتل من لم يأذن الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقتله حيث يقول الله

سبحانه في كتابه المجيد : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه

جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا

عظيما ) ( 1 ) .

وفي هذه الآية الشريفة خمس تهديدات للقاتل ، جهنم ،

الخلود فيها ، الغضب ، اللعنة ، والعذاب العظيم ، استجير

بالله .

ووردت في جريمة القتل آيات وروايات كثيرة فليراجع

مظانها ، والجدير بالذكر أن هذه الكبيرة تشمل قتل إنسان

نفسه اختيارا ( المعروف بالانتحار ) الذي يتصور بعض

الجهلة أن فيه راحة للنفس وخلاصا من المشاكل والمآزق ،

ولكنه عدوان وظلم على نفس محترمة لقوله تعالى : ( ولا

تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك

00000000000000000

( 1 ) النساء / 93 .

‹ صفحه 30 ›

عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله

يسيرا ) ( 1 ) .

فقوله تعالى : عدوانا وظلما ، أي

عمله بدون حق

شرعي .

وروي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " من قتل نفسه متعمدا

فهو في نار جهنم خالدا فيها " .

( 6 )

قذف المحصنة

وهو نسبة الزنا للمسلمة المحصنة ، بل حتى لو كان واقعا ،

فكيف إذا كانت المؤمنة عفيفة ؟ لأنه مناف لما أراده الله تعالى

من الستر على عباده ، كما في قوله تعالى في كتابه المجيد : ( إن

الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في

الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم * يوم تشهد عليهم

ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ) ( 2 ) .

000000000000000000

( 1 ) النساء / 29 - 30 .

( 2 ) النور / 23 - 24 .

‹ صفحه 31 ›

وقوله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا

بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم

شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون ) ( 1 ) .

ويلحق بذلك قذف المسلم البالغ العاقل بالزنا واللواط ،

ومنه قوله للرجل يا بن الفاعلة ، أو يا بن الزانية وإن كان

مازحا . . .

وقد وردت آيات وروايات كثيرة بشأنها ، منها من قذف

امرأة أو رجلا بريئا بالزنا ، فإنه مطرود وملعون ومردود من

قبل العباد في الدنيا ، وفي الآخرة ملعون ومغضوب عليه من

الله تعالى ، يعاقب في الدنيا بعقوبة الحد ، ورد شهادته ، وفي

الآخرة يبتلى بأنواع العذاب وأقسامه .

( 7 )

أكل مال اليتيم

قال تعالى في كتابه المجيد : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى

00000000000000000

( 1 ) النور / 4 .

‹ صفحه 32 ›

ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) ( 1 ) .

وقد جاء في التفسير الكبير ( 2 ) " إن آكل مال اليتيم حينما

يرد المحشر يوم القيامة تلتهب ألسنة النار في جوفه حتى

يخرج دخانها من فمه وعينيه ولسانه وأنفه .

وقال تعالى في موضع آخر : ( وآتوا اليتامى أموالهم ولا

تتبدلوا الخبيث بالطيب ) ( 3 ) .

ولهذا

فإن لآكل مال اليتيم بغير حق عقابان ، في الآخرة

عذاب الله ، وفي الدنيا سوف تظلم يتاماه بعد موته مثلما ظلم

يتامى الناس .

( 8 )

الفرار من الزحف

قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا

زحفا فلا تولوهم الأدبار * ومن يولهم يومئذ دبره إلا

0000000000000000

( 1 ) النساء / 10 .

( 2 ) ج 9 ، ص 200 .

( 3 ) النساء / 2 .

‹ صفحه 33 ›

متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله

ومأواه جهنم وبئس المصير ) ( 1 ) .

وليعلم المنهزم بأنه مسخط ربه ، وموبق نفسه ، وإن في

الفرار غضب الله والذل اللازم والعار الباقي ، وأن الفار غير

مزيد في عمره ، ولا محجوز بينه وبين يومه ، إذ الفرار يسبب

الانكسار للجيش الإسلامي ، وانتصار الأعداء ، وانتشار

الباطل ، وما يتبعه مما يقع على المسلمين من خذلان وقتل

وسبي ووقيعة .

( 9 )

أكل الربا

وهو مقارن للكفر ، بل إن فاعله أشد عذابا يوم القيامة ،

وهو شديد الإثم كما جاء في قوله تعالى : ( الذين يأكلون

الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من

المس . . . * يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب

0000000000000000

( 1 ) الأنفال / 15 - 16 .

‹ صفحه 34 ›

كل كفار أثيم ) ( 1 ) .

وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما

بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا

بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا

تظلمون ولا تظلمون ) ( 2 ) .

وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا

أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون * واتقوا النار

التي أعدت للكافرين ) ( 3 ) .

فقد قرن الله تعالى أكل الربا بالكفر كما أسلفنا .

وهناك آيات وروايات كثيرة عن النبي ( صلى

الله عليه وآله وسلم ) وعن أهل

بيته الطاهرين تدل على بشاعة جريمة أكل الربا ، منها ما

رواه الصدوق عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من أكل الربا ملأ الله بطنه

من نار جهنم بقدر ما أكل وإن اكتسب منه مالا لا يقبل الله

تعالى منه شيئا من عمله ، ولم يزل في لعنة الله والملائكة ما

00000000000000000

( 1 ) البقرة / 275 - 276 .

( 2 ) البقرة / 278 - 279 .

( 3 ) آل عمران / 130 - 131 .

‹ صفحه 35 ›

كان عنده قيراطا واحدا " .

والجدير بالذكر هنا أن الربا ليس منحصرا فقط في أن

يقرض الإنسان غيره لمدة بزيادة ، وإنما هناك معاملات يقع

فيها الربا حتى في البيع والشراء وغيرها ، والتي تخفى على

أكثر الناس ، وقد أفرد مراجعنا الأعلام ( جزاهم الله خير

الجزاء ) في رسائلهم العملية بابا خاصا للمعاملات الربوية

ملحقا بأحكام البيع والشراء والمكاسب المحرمة ، فمن

الواجب على كل مسلم مراجعتها والتعرف عليها للتحرز من

الوقوع بهذه الكبيرة الشنعاء علما بأن الجاهل كالعامد لا

يعذر لجهله إذا كان قادرا على التعلم والتفقه ولم يتعلم ، وقد

دلت على ذلك الروايات الكثيرة ، منها :

" التاجر فاجر ما لم يتفقه "

( 10 )

السحت

يؤدي إلى عدة معان منها : التطفيف في الميزان ، أكل لحم

الميتة ، أكل الحرام .

‹ صفحه 36 ›

وهو الأجر المأخوذ على العمل المحرم ، والثمن المبذول في

مقابل الشئ المحرم ، فقد ورد :

" كلما حرم عمله ، حرم ثمنه ، وحرمت أجرته كثمن

الميتة ، والخمر ، والمسكر ، وأجر الزانية وثمن الكلب الذي لا

يصطاد ، والرشوة على الحكم ولو بالحق ، وأجر الكاهن ،

وما أصيب من أعمال

الولاة الظلمة ، وثمن الجارية المغنية ،

وثمن الشطرنج ، وغيرها فإن جميع ذلك سحت " .

وروي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) كما جاء في تحف العقول

أنه قال : " إنما حرم الله الصناعات التي هي حرام كلها والتي

يجئ منها الفساد محضا ، نظير البرابط - أي العود -

والمزامير ، والشطرنج ، وكل ملهو به ، والصلبان ،

والأصنام ، وما أشبه ذلك إلى أن قال ( عليه السلام ) : فحرام تعليمه

وتعلمه والعمل به وأخذ الأجرة عليه وجميع التقلب فيه من

جميع الوجوه والحركات " .

والروايات الواردة في الرشوة تؤكد على شناعتها كما أكد

سبحانه بقوله : ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا

بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم

‹ صفحه 37 ›

وأنتم تعلمون ) ( 1 ) .

وقوله تعالى : ( وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم

والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون ) ( 2 ) .

روى الصدوق في الخصال : " من تكهن أو تكهن له فقد

برئ من دين محمد " .

وفي مستطرفات السرائر لابن إدريس ( رحمه الله ) عن

النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " من مشى إلى كاهن أو ساحر أو كذاب

يصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل الله تعالى " .

وفي تفسير العياشي عن سليمان الجعفري : " إن الدخول

في أعمالهم - أي الظلمة - والعون لهم والسعي في حوائجهم

عديل الكفر ، وما استحصل من أموالهم سحت " .

وعن الشيخ الأنصاري في المكاسب : سئل الإمام

الرضا ( عليه السلام ) عن الجارية المغنية ، قال : " قد تكون للرجل

الجارية تلهيه وما ثمنها إلا ثمن كلب ، وثمن الكلب سحت ،

00000000000000000

( 1 )

البقرة / 188 .

( 2 ) المائدة / 62 .

‹ صفحه 38 ›

والسحت في النار " .

وهناك كثير من الآيات والروايات ، يراجع بها الكتب

المختصة ، منها الذنوب الكبيرة للشهيد السيد دستغيب .

( 11 )

البخس في المكيال والميزان

ويسمى بالتطفيف ، ولشدة حرمته أفرد الله سبحانه له سورة

خاصة في كتابه المجيد ، سماها سورة المطففين ، وابتدأها بقوله

تعالى : ( ويل للمطففين . . . ) إلى آخر السورة ، وقال

تعالى : ( فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس

أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير

لكم إن كنتم مؤمنين ) ( 1 ) .

وقال أيضا : ( ولا تنقضوا المكيال والميزان إني أراكم

بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ) ( 2 ) .

00000000000000000

( 1 ) الأعراف / 85 .

( 2 ) هود / 84 .

‹ صفحه 39 ›

وأذكر هنا بعض آيات سورة المطففين : ( ويل للمطففين

* الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو

وزنوهم يخسرون ) ( 1 ) . وفي آيات أخر : ( كلا إن كتاب

الفجار لفي سجين * وما أدراك ما سجين * كتاب مرقوم

* ويل يومئذ للمكذبين ) ( 2 ) . فقرنهم الله تعالى مع

الكافرين والفاسقين ، و ( سجين ) واد في جهنم .

وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " يحشر الخائن في الوزن

والكيل في قعر جهنم بين جبلين من نار ، ويقال له زن هذين

الجبلين فهو دائما مشغول بوزنهما " .

وهناك آيات وروايات كثيرة بهذا الشأن .

( 12 )

الزنى

وهو من الأمراض الاجتماعية الخطيرة ، لأنه سبب في قطع

0000000000000000000

( 1 ) المطففين / 1 - 3 .

( 2 ) المطففين / 7 - 10 .

‹ صفحه 40 ›

الأنساب ، وهيجان الفتنة ، وإبطال المواريث ، وقطع صلة

الرحم ، وضياع حقوق الآباء على الأبناء وحقوق الأبناء

على الآباء ، إذن فهو مفسدة عظيمة كما وصفه الله

سبحانه

وتعالى في كتابه الكريم بقوله : ( ولا تقربوا الزنى إنه كان

فاحشة وساء سبيلا ) ( 1 ) .

وقد قرنه الله تعالى بالشرك وقتل النفس المحترمة في قوله

سبحانه : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون

النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك

يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه

مهانا ) ( 2 ) .

في بعض التفاسير ، منها " منهج الصادقين " أن ( أثاما )

واد في جهنم يعذب فيه أهل الزنا ، وجاء في الروايات أن

( أثاما و ( غيا ) كما في آية أخرى : ( فسوف يلقون غيا ) ( 3 )

00000000000000000

( 1 ) الإسراء / 32 .

( 2 ) الفرقان / 68 - 69 .

( 3 ) مريم / 59 .

‹ صفحه 41 ›

بئران في جهنم إذا القي فيهما حجر لا يصل إلى قعرهما إلا بعد

سبعين عاما .

وقد وردت آيات وأحاديث وروايات بشأن فضاعة

الزنا ، كما أن الله تعالى أنزل منزلة الزاني إلى حضيض

الشرك ، إذ قال سبحانه وتعالى في كتابه المبين : ( الزانية

والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم

بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر

وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين * الزاني لا ينكح إلا

زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم

ذلك على المؤمنين ) ( 1 ) .

وقد ورد عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " في الزنا ست خصال ،

ثلاثة في الدنيا وثلاثة منها في الآخرة ، فأما في الدنيا :

فيذهب بالبهاء ، ويعجل الفناء ، ويقطع الرزق ، وأما التي في

الآخرة فسوء الحساب ،

وسخط الرحمن ، والخلود في النار " .

وروي عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إذا كثر الزنا بعدي كثر موت الفجأة " .

00000000000000000

( 1 ) النور / 2 - 3 .

‹ صفحه 42 ›

وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أيضا : " الزنا يورث الفقر ويدع الديار

بلاقع " .

وأقل حد للزنا مائة جلدة .

هذا نزر يسير من الأحاديث الواردة في الزنا - استجير

بالله - .

( 13 )

اللواط

وهو من أبشع الأمراض الاجتماعية ، كما روي عن الإمام

الصادق والإمام الرضا ( عليه السلام ) : " حرمة الدبر أعظم من حرمة

الفرج ، إن الله تعالى أهلك أمة لحرمة الدبر ولم يهلك أحدا

لحرمة الفرج " .

وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من جامع غلاما جاء يوم

القيامة جنبا لا ينقيه ماء الدنيا ، وغضب الله عليه ولعنه

وأعد له جهنم وساءت مصيرا " .

واللواط كفر ، إذ روي عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " اللواط

ما دون الدبر ، والدبر هو الكفر " .

‹ صفحه 43 ›

وروي عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) : " واتق الزنا ، واللواط

وهو أشد من الزنا وهما يورثان صاحبهما اثنين وسبعين داء

في الدنيا والآخرة " .

وقال تعالى في كتابه الكريم : ( ولوطا إذ قال لقومه

أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين *

إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم

مسرفون ) ( 1 ) .

كما ذكر سبحانه في سورة الأعراف ، وهود ، والنحل ،

والعنكبوت ، والقمر ، قوم لوط وكيفية عذابهم ، ولبشاعته

كان أقل حده القتل على تفصيل في باب الحدود .

( 14

)

السحر

وقد ورد أن حرمته كحرمة الكفر ، كما ذكر سبحانه وتعالى

بقوله : ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما

000000000000000000

( 1 ) الأعراف / 80 - 81 .

‹ صفحه 44 ›

كفر سليمان ( 1 ) ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر و ما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما

يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ( 2 )

فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم

بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا

ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق

ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون * ولو أنهم

آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون ) ( 3 ) .

روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ثلاثة لا يدخلون الجنة : مدمن

الخمر ، ومدمن السحر ، وقاطع الرحم " .

وروي عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا فقد كفر وكان آخر عهده بربه أن يقتل

إلا أن يتوب " .

000000000000000000

( 1 ) أي لم يستعمل السحر .

( 2 ) أي لا تستعمل السحر .

( 3 ) البقرة / 102 - 103 .

‹ صفحه 45 ›

وروي عنه ( عليه السلام ) أيضا : " الساحر كالكافر في النار . . . " .

وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من مشى إلى ساحر أو كاهن

أو كذاب يصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله في كتابه " .

وهناك أحاديث وروايات في السحر يعسر حصرها .

( 15 )

اليمين الكاذب " الغموس "

قالوا في تحديدها - كما

هو مفاد الروايات - أنها الحلف بالله

تعالى كذبا على وقوع أمر ، والحلف على استحلال مال الغير

ظلما وعدوانا ، أو الحلف لمنع حق الغير ظلما ، وروي عن

الأئمة ( عليهم السلام ) في سبب تسميتها بالغموس أنها ( تغمس صاحبها

في الإثم ثم في النار " وليس فيها كفارة لعظم الذنب كما قال

سبحانه : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا

أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر

إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) ( 1 ) .

0000000000000000

( 1 ) آل عمران / 77 .

‹ صفحه 46 ›

واليمين الغموس الكاذبة يعني : أنها تغمس صاحبها في

المعصية ، أو في جهنم ، فقد روي عن الصادق ( عليه السلام ) : " من

حلف على يمين وهو يعلم أنه كاذب فقد بارز الله عز وجل " .

وروي عن الباقر ( عليه السلام ) أنه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :

" إن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم تذران الديار بلاقع من

أهلها وتنفل في الرحم " .

وهناك أحاديث وروايات كثيرة لا مجال لذكرها جميعا .

( 16 )

منع الزكاة

هي من المهلكات ، وهي شاملة للحقوق المفروضة الواجبة

كما عبر سبحانه وتعالى بقوله : ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا

مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا

شفاعة والكافرون هم الظالمون ) ( 1 ) .

وقوله أيضا : ( يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار

000000000000000000

( 1 ) البقرة / 254 .

‹ صفحه 47 ›

والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل

الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل

الله فبشرهم بعذاب أليم * يوم

يحمى عليها في نار جهنم

فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم

لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ) ( 1 ) .

وقوله تعالى : ( ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم

الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما

بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله

بما تعملون خبير ) ( 2 ) .

كما أن حبس الحقوق من غير عسر ولا عذر وتأخيرها

يعد أيضا من الكبائر ، أي أن الحقوق الواجبة عند تحققها

وحلول موعدها يجب المبادرة إلى دفعها ولا يجوز التصرف

بها ، لأنه لا يملكها ، وتصرفه بها كتصرف الغاصب فيعد

مانعا لها في مدة تأخيرها ، وفي جريمة منع الزكاة أحاديث

0000000000000000 1 ) التوبة / 34 - 35 .

( 2 ) آل عمران / 180 .

‹ صفحه 48 ›

وروايات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال ما روي عن

الإمام الباقر ( عليه السلام ) : " إن الله قرن الزكاة بالصلاة ، فقال

سبحانه : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) ( 1 ) فمن أقام

الصلاة ولم يؤت الزكاة فكأنه لم يقم الصلاة " .

وقوله ( عليه السلام ) : " ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلا جعل

الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من

لحمه حتى يفرغ من الحساب ، وهو قول الله : ( سيطوقون

ما بخلوا به يوم القيامة ) " ( 2 ) .

وروي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) في تفسير قوله تعالى :

( كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم ) ( 3 ) قال : هو

الرجل يدع ماله ولا ينفقه في طاعة الله بخلا [ أو تهاونا ] ثم

يموت . .

. إلى آخر الرواية كما جاء في باب الزكاة من وسائل

الشيعة ( 4 ) .

0000000000000000000

( 1 ) البقرة / 43 ، 83 ، 110 . النساء / 77 . النور / 56 . المزمل / 20 .

( 2 ) وسائل الشيعة : ص 11 . آل عمران / 180 .

( 3 ) البقرة / 167 .

( 4 ) ج 6 ، ص 21 .

‹ صفحه 49 ›

( 17 )

شهادة الزور

هي من أخطر أنواع الكذب ، وقد قرن سبحانه وتعالى شهادة الزور بالشرك في كتابه المجيد : ( فاجتنبوا الرجس

من الأوثان واجتنبوا قول الزور ) ( 1 ) .

وقوله تعالى في وصفه المؤمنين : ( والذين لا يشهدون

الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما ) ( 2 ) .

وقد روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله : " عدلت شهادة الزور

الشرك بالله " قالها ثلاثا ثم قرأ قوله تعالى : ( فاجتنبوا

الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ) .

والتزوير هو إظهار الباطل بمظهر الحق .

( 18 )

كتمان الشهادة

معناه إخفاء ما علم به في مورد يجب الإدلاء به لإثبات الحق

00000000000000000

( 1 ) الحج / 30 .

( 2 ) الفرقان / 72 .

‹ صفحه 50 ›

أو إبطال باطل ، وقد وصفها الله تعالى بالظلم ، فقال :

( ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل

عما تعملون ) ( 1 ) .

وفي مورد آخر وصفها بالإثم :

( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله

بما تعملون عليم ) ( 2 ) .

وهناك أحاديث وروايات كثيرة ، منها ما روي عن

رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من رجع عن شهادته أو كتمها أطعمه

الله لحمه على رؤوس الخلائق ويدخله النار وهو يلوك

لسانه " .

وروي عن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، قال : " من كان في عنقه

شهادة فلا يأب إذا دعي لإقامتها ، وليقمها ، ولينصح

فيها ، ولا تأخذه فيها لومة لائم وليأمر بالمعروف ولينه عن

المنكر " .

000000000000000000

( 1 ) البقرة / 140 .

( 2 ) البقرة / 283 .

‹ صفحه 51 ›

( 19 )

شرب الخمر

ولشدة إثمه قرنه الله بعبادة الأوثان ، كما جاء في قوله تعالى :

( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب

والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون

* إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في

الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم

منتهون ) ( 1 ) .

ولشدة حرمته وخباثته خص سبحانه الخمر والميسر

بالرجس وقرنها بالأصنام والأزلام وجعلها من عمل

الشيطان ، وأمر باجتنابها وجعل الاجتناب سبب الفلاح ،

ثم بين مفاسدها في الدين والدنيا ، ثم أنهى سبحانه وتعالى

هذا الكلام الذي يعتبر من أشد عبارات التحريم ، أنهاه

بأسلوب التهديد

بقوله : ( فهل أنتم منتهون ) ، وعبارة :

( فاجتنبوه ) تدل على أكثر من التحريم ، ومن هنا ورد

0000000000000000000

( 1 ) المائدة / 90 - 91 .

‹ صفحه 52 ›

عن بيت العصمة ( عليهم السلام ) النهي عن الجلوس إلى مائدة فيها خمر

أو في مكان يلعب فيه القمار .

وهناك آيات وروايات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال

ما روي عن الصادق ( عليه السلام ) قوله : " كل مسكر حرام ، فما أسكر

كثيره فقليله حرام " .

وقد جاء في الوسائل للحر العاملي ( قدس سره ) أنه ورد عن

النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " لا ينال شفاعتي من استخف بصلاته

فلا يرد علي الحوض لا والله ، ولا ينال شفاعتي من شرب

المسكر لا يرد علي الحوض لا والله " .

وفي حديث آخر عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إن الخمر رأس كل إثم ،

يلقى الله يوم يلقاه كافرا " .

وقد ورد عن الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) : " ما عصي الله بشئ

أشد من شرب المسكرات ، ا حدهم يدع الصلاة الفريضة

ويثب على أمه أو ابنته أو أخته وهو لا يعقل " .

وروي عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) : " لعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في

الخمر عشرة : غارسها ، وحارسها ، وعاصرها ، وشاربها ،

وساقيها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وبائعها ، ومشتريها ،

‹ صفحه 53 ›

وآكل ثمنها " .

وروي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " من شرب جرعة من

خمر لعنه الله عز وجل وملائكته ورسله والمؤمنون ، فإن

شربها حتى يسكر

منها نزع روح الإيمان من جسده " .

وعنه ( عليه السلام ) : " مدمن الخمر يلقى الله يوم القيامة كعابد

وثن " .

وأما حد شارب الخمر ، فإنه لو شربها العاقل البالغ عالما

متعمدا مختارا - ولو قطرة واحدة - وثبت عليه بالإقرار أو

الشهود العدول ، وجب إجراء الحد عليه وهو ثمانون جلدة ،

وإذا تكرر منه ذلك يتكرر عليه الحد ثلاث مرات ، وفي المرة

الرابعة يكون حده القتل إذا لم يتب ، قبل أن تقوم عليه

البينة ، وهذا يشمل سائر المسكرات .

وهنا لا بد لي أن أتوقف قليلا لأذكر نفسي ومن سمع

مقالتي بالحديث المشهور عن الرسول الأمين ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من

رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطيع فبلسانه ، فإن

لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " .

‹ صفحه 54 ›

واذكر أولادي والشباب الذين يعيشون في البلدان غير

الإسلامية التي تكثر فيها جلسات شرب الخمر في المطاعم

والنوادي والمتنزهات والأماكن العامة ، وتكثر فيها مناظر

الفسق والفجور والخلاعة بأجلى صورها وأفضعها ، فإذا

تعذر عليهم تحصيل الدرجتين الأوليين من إنكار المنكر فلا

أقل يجب عليهم أن يحافظوا على الدرجة الثالثة ، وهو

الإنكار القلبي ، الذي يعني التألم والتأثر النفسي على ذلك

المنكر الذي يواجهون به الله عز وجل ، وحذار ثم حذار من

فقدان هذه الدرجة الضعيفة من الإيمان بأن تكون هذه

المناظر طبيعية ومألوفة عندكم ، لا تحرك قلوبكم ولا تحزن

نفوسكم ، وبالتالي النزول إلى الحضيض والانقلاب عن

حقيقة الإنسانية وهذا ما تدلنا عليه الروايات ، فقد روي

عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في الجزء الأخير من نهج البلاغة ،

الحكمة رقم 375 - 380 قوله :

" إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ،

ثم بألسنتكم

، ثم بقلوبكم ، فمن لم يعرف بقلبه معروفا

ولم ينكر منكرا ، قلب فجعل أعلاه أسفله ، وأسفله أعلاه " .

‹ صفحه 55 ›

( 20 )

ترك الصلاة

أو ترك شئ مما فرضه الله تعالى . يأمر سبحانه المؤمنين

بالصلاة وينهى عن تركها بقوله تعالى : ( منيبين إليه واتقوه

وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين ) ( 1 ) .

فقد قرن سبحانه تاركي الصلاة بالمشركين ، وقال أيضا :

( في جنات يتسائلون عن المجرمين * ما سلككم في

سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين

* وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين *

حتى أتانا اليقين ) ( 2 ) .

وقوله تعالى في موضع آخر : ( فلا صدق ولا صلى *

ولكن كذب وتولى ) ( 3 ) .

وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من ترك الصلاة متعمدا فقد

كفر " .

0000000000000000000

( 1 ) الروم / 31 .

( 2 ) المدثر / 40 - 47 .

( 3 ) القيامة / 31 - 32 .

‹ صفحه 56 ›

وعنه أيضا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ما بين المسلم وبين أن يكفر إلا أن

يترك الصلاة الفريضة متعمدا أو يتهاون بها فلا يصليها " .

وعنه أيضا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ليس مني من استخف بصلاته

وليس مني من شرب مسكرا لا يرد علي الحوض لا والله " .

ومن وصيته للإمام الصادق ( عليه السلام ) حينما حضرته الوفاة :

" لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة " .

وعن المفضل بن عمر عن الصادق ( عليه السلام ) قال : " من ترك

الصلاة متعمدا فقد برء

من ذمة الله عز وجل وذمة

رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " .

وعن الصدوق بسنده عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال :

" لا ينظر الله عز وجل إلى عبد ولا يزكيه إذا ترك فريضة من

فرائض الله أو ارتكب كبيرة من الكبائر ، قال : قلت : لا

ينظر الله إليه ؟

قال : " نعم وقد أشرك ، قلت : أشرك ؟ قال : نعم ، إن الله

عز وجل أمر بأمر وأمره إبليس بأمر فترك ما أمر الله عز

وجل به وصار إلى ما أمر إبليس به فهو مع إبليس في الدرك

السابع من النار " .

‹ صفحه 57 ›

( 21 )

المستخف بالحج

ويحصل بالتسويف به بدون عذر .

فقد روى الصدوق عن محمد بن فضيل قال : سألت

الإمام أبا الحسن ( عليه السلام ) عن قوله تعالى : ( ومن كان في هذه

أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ) ( 1 ) قال ( عليه السلام ) :

" نزلت في من سوف الحج وعنده ما يحج به ، فقال العام أحج

ويكررها كل سنة حتى يموت قبل أن يحج " .

وقوله تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع

إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) ( 2 ) .

ويكفي في إثمه أنه من الذنوب الكبيرة ، فقد عبر سبحانه

عن ترك الحج بالكفر ، كما أن الكفر والشرك لا يغتفر فكذلك

ترك الحج ، وفي حديث آخر : " من سوف الحج حتى يموت

بعثه الله يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا " . وهناك آيات

0000000000000000

( 1 ) الإسراء / 72 .

( 2 ) آل عمران / 97 .

‹ صفحه 58 ›

وروايات كثيرة بهذا الشأن

.

( 22 )

نقض العهد

هو أن تعاهد الله سبحانه على شئ وتنقضه ، كذلك النذر

الشرعي الذي يجب الوفاء به ، فقال تعالى : ( بلى من أوفى

بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين * إن الذين يشترون

بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في

الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا

يزكيهم ولهم عذاب أليم ) ( 1 ) .

وقال تعالى : ( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم

لا يؤمنون * الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في

كل مرة وهم لا يتقون ) ( 2 ) .

وقال تعالى أيضا : ( والذين ينقضون عهد الله من بعد

000000000000000

( 1 ) آل عمران / 76 - 77 .

( 2 ) الأنفال / 55 - 56 .

‹ صفحه 59 ›

ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في

الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) ( 1 ) .

وقال تعالى في آية أخرى : ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان

مسؤولا ) ( 2 ) . كما أن هناك روايات كثيرة منها ما روي عن

النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لا دين لمن لا عهد له " .

وعن السجاد ( عليه السلام ) ، قال : " قول الحق ، والحكم بالعدل ،

والوفاء بالعهد ، هي جميع شرائع الدين " .

( 23 )

قطع الرحم

قال تبارك وتعالى : ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في

الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله

فأصمهم وأعمى أبصارهم ) ( 3 ) .

000000000000000000

( 1 ) الرعد / 25 .

( 2 ) الإسراء / 34 .

( 3 ) محمد / 22 - 23 .

‹ صفحه 60 ›

وقال أيضا :

( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه

ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض

أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) ( 1 ) .

وروي عن الصادق ( عليه السلام ) ، أنه قال : " اتقوا الحالقة فإنها

تميت الرجال ، قلت : وما الحالقة ؟ قال : قطيعة الرحم " .

جاء رجل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فسأله أي الأعمال أبغض إلى الله ؟

قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الشرك بالله ، قال : ثم ماذا ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : قطيعة

الرحم ، قال : ثم ماذا ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الأمر بالمنكر والنهي عن

المعروف " .

وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لا تقطع رحمك وإن قطعك " .

وروي عن الباقر ( عليه السلام ) ، قال : " ثلاث خصال لا يموت

صاحبها حتى يرى وبالهن : البغي ، وقطيعة الرحم ، واليمين

الكاذبة " .

وهناك آيات وأحاديث كثيرة بهذا الصدد يعسر

حصرها في هذه العجالة .

000000000000000000

( 1 ) الرعد / 25 .

‹ صفحه 61 ›

( 24 )

التعرب بعد الهجرة

التعرب بعد الهجرة ، معناه الهجرة إلى البلاد التي تكون سببا

لنقص الدين ولا يتمكن المسلم من إقامة شعائره الدينية

والمحافظة على إيمانه من الضعف والتناقص ، وبذلك يعود إلى

وضعه السابق من الجهل وعدم المبالاة بأحكام الدين قبل أن

يتعلم ما ينبغي أن يتعلمه .

وقد روي عن أهل البيت ( عليهم السلام ) كما ورد في مجمع البحرين :

" من الكفر التعرب بعد الهجرة " .

وروي في الكافي : " تفقهوا في الدين ولا تكونوا أعرابا ،

ومن لم

يتفقه في الدين فهو أعرابي " .

وهذا الحديث يدلنا على أن أحد مصاديق التعرب هو

ترك التفقه في الدين ، لأن من ترك التفقه لا يتمكن من أداء

واجباته العبادية بالشكل الصحيح كما أمر الله عز وجل بها ،

فتكون عبادته باطلة ، لأن الجاهل كالعامد لا يكون

معذورا ، وكذلك معاملاته مع الغير قد تكون ربوية وغررية

محرمة فاسدة من حيث لا يشعر ، ويترتب على ذلك التصرف

‹ صفحه 62 ›

الغصبي بما انتقل إليه بهذه المعاملات الفاسدة أو الدخول في

كبيرة الربا .

والتعرب لا يراد منه السكنى في البادية مع أهل البوادي

فحسب ، بل يشمل الهجرة والسكن والمخالطة في جميع البقاع

التي لم ينشر فيها دين الإسلام وشعائره ، ويعجز المسلم عن

القيام بمراسيم دينه والمحافظة على إيمانه وقد وردت روايات

كثيرة تنهى أشد النهي عن هذا العمل ، علما بأن التعرب بعد

الهجرة لا يشمل الهجرة إلى تلك البلدان لأجل الدعوة إلى

الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع المحافظة على

الدين والإيمان ، بل على العكس هذا النوع من الهجرة

ممدوح ومحبوب عند الله تعالى والنبي الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة

الطاهرين ( عليهم السلام ) وتعتبر هجرة إلى الله ورسوله ، كما بينه الله

تعالى في محكم كتابه : ( . . . فلولا نفر من كل فرقة منهم

طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم

لعلهم يحذرون ) ( 1 ) .

00000000000000000 1 ) التوبة / 122 .

‹ صفحه 63 ›

كما روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " من فر بدينه من

أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض استوجبت له

الجنة وكان رفيق أبيه إبراهيم ( عليه السلام ) ونبيه محمد (

صلى الله عليه وآله وسلم ) " .

وعلى العكس من ذلك كما تروي لنا الأخبار أن عددا من

المسلمين الذين يقولون : " لا إله إلا الله " مثل قيس بن

الفاكه ، وقيس بن الوليد ، وأمثالهم من المسلمين الذين لم

يهاجروا من مكة إلى المدينة مع قدرتهم على ذلك ، ولما جاء

رؤساء قريش إلى بدر لمحاربة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمسلمين ،

حضروا معهم وقتلوا بسيوف المسلمين فنزل قوله تعالى

فيهم : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا

فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن

أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم

وساءت مصيرا ) ( 1 ) .

وقد روي عن عكرمة أن جمعا من المسلمين في مكة لم

يقدروا على الهجرة استثنتهم الآية الثانية ، وهي قوله تعالى :

00000000000000000

( 1 ) النساء / 97 .

‹ صفحه 64 ›

( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا

يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا * فأولئك عسى الله أن

يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا ) ( 1 ) .

وقد سمع رجل من المسلمين الآيات السالفة وكان اسمه

جندع بن ضمرة وكان بمكة فقال : والله ما أنا مما استثنى الله ،

وإني لأجد قوة وإني لعالم بالطريق وكان مريضا شديد

المرض ، فقال لبنيه : والله لا أبيت بمكة حتى أخرج منها فإني

أخاف أن أموت فيها ، فخرجوا يحملونه على سرير حتى بلغ

التنعيم ظهرت عليه آثار الموت ، فوضع يده اليمنى في

اليسرى ، وقال : اللهم هذه لك وهذه لرسولك ، أبايعك على

ما بايعك عليه ، ثم مات ، ولما وصل خبر وفاته إلى المدينة

قال بعض الأصحاب لو وصل إلى المدينة لنال ثواب الهجرة ،

فأنزل الله سبحانه فيه

قرآنا ، حيث يقول : ( ومن يخرج من

بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع

أجره على الله وكان الله غفورا رحيما ) ( 2 ) .

00000000000000000

( 1 ) النساء / 98 - 99 .

( 2 ) النساء / 100 .

‹ صفحه 65 ›

( 25 )

السرقة

معناها أخذ مال الغير بحالة تستر ، ومن حرز ، وقد وعد

تعالى عليها القطع حيث يقول : ( والسارق والسارقة

فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز

حكيم * فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب

عليه إن الله غفور رحيم ) ( 1 ) .

وأما ما كان من أخذ المال ظاهرا فهو اختلاس أو

انتهاب ، وإن منعها صاحبها فأخذها بالقوة فهو الغصب ،

وإن أخذ المال عن طريق التزوير فهو محتال ، وهؤلاء ليس

عليهم حد كما في باب الحدود ، وإنما يعزرون فقط .

روي أن أبا العلاء المعري قال للشيخ المفيد أو السيد

المرتضى مستهزئا بهذا الحكم :

يد بخمس مئين عسجد فديت * ما بالها قطعت في ربع دينار

00000000000000000

( 1 ) المائدة / 38 - 39 .

‹ صفحه 66 ›

فأجابه الشيخ المفيد ( قدس سره ) أو السيد المرتضى :

عز الأمانة أغلاها ، وأرخصها * ذل الخيانة ، فاعرف حكمة الباري

وروى الصدوق عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " أربعة لا تدخل

بيتا واحدة منها إلا خرب ولم يعمر بالبركة : الخيانة ، السرقة ، شرب الخمر ، الزنى " .

وكما روي عن محمد بن مسلم أنه قال : قلت لأبي

عبد الله ( عليه السلام ) : في كم تقطع يد السارق ؟

فقال : " في ربع " ، قلت له :

في درهمين ؟

فقال ( عليه السلام ) : " في ربع دينار بلغ الدينار ما بلغ " ، قال :

فقلت له : أرأيت من سرق أقل من ربع دينار هل يقع عليه

اسم السارق ؟

فقال ( عليه السلام ) : " كل من سرق من مسلم شيئا قد حواه

وأحرزه فهو يقع عليه اسم السارق وهو عند الله سارقا

ولكن لا تقطع يده إلا في ربع دينار أو أكثر ولو قطعت يد

السارق فيما هو أقل من ربع دينار لألفيت عامة الناس

مقطعين " .

‹ صفحه 67 ›

( 26 )

الخيانة

وهي على أنواع ، أهمها خيانة أمانات الغير بأكلها ظلما

والتصرف فيها غصبا ، فإنها شبيهة بالسرقة وقريبة منها ،

وقد جاءت فيها آيات وأحاديث كثيرة ، كما عبر عنها

سبحانه بقوله تعالى : ( وما كان لنبي أن يغل ( 1 ) ومن يغلل

يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم

لا يظلمون * أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله

ومأواه جهنم وبئس المصير ) ( 2 ) .

وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله

والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) ( 3 ) .

وقوله تعالى : ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم

على سواء إن الله لا يحب الخائنين ) ( 4 ) .

0000000000000000

( 1 ) أي يخون .

( 2 ) آل عمران / 161 - 162 .

( 3 ) الأنفال / 27 .

( 4 ) الأنفال / 58 .

‹ صفحه 68 ›

وقال تعالى : ( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح

وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين

فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار

مع الداخلين ) (

1 ) .

وقال تعالى : ( فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي

أؤتمن أمانته وليتق الله ربه ) ( 2 ) .

وقال تعالى : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى

أهلها ) ( 3 ) .

وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من كان مسلما فلا يمكر ولا

يخدع ، فإني سمعت جبرئيل ( عليه السلام ) يقول : " إن المكر والخديعة

في النار " ، ثم قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ليس منا من غش مسلما وليس

منا من خان مؤمنا " .

وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ثلاثة من كن فيه كان منافقا وإن صام

وصلى وزعم أنه مسلم ، من إذا ائتمن خان ، وإذا حدث

000000000000000000

( 1 ) التحريم / 10 .

( 2 ) البقرة / 283 .

( 3 ) النساء / 58 .

‹ صفحه 69 ›

كذب ، وإذا وعد أخلف " .

وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " الأمانة تجلب الغنى ، والخيانة تجلب

الفقر " .

إلى ما هنالك من أحاديث وروايات كثيرة .

( 27 )

إنكار ما أنزل الله

هو التكذيب لما أنزل الله سبحانه من آيات وأحكام ، أما كليا

كما هو شأن الكافرين والملحدين ، وأما جزئيا بأن ينكر آية

من آيات الله أو حكما من أحكامه الثابتة ، كما عبر سبحانه في

كتابه الكريم بقوله : ( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك

أصحاب النار هم فيها خالدون ) ( 1 ) .

وهذه الآية تشير إلى التكذيب الكلي ، أما الآيات

الناظرة إلى التكذيب الجزئي ، فمنها قوله تعالى : ( يا أيها

الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا

000000000000000000

( 1 )

البقرة / 39 .

‹ صفحه 70 ›

إن الله لا يحب المعتدين ) ( 1 ) .

( 28 )

الكذب على الله و رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم )

إن الكذب هو أقبح الذنوب وأفحشها ، وأخبث العيوب

وأشنعها ، وهو من أكبر الكبائر ، لأن الكذب العادي على

سائر الناس يعتبر من الكبائر فكيف إذا كان على الله سبحانه

وخلفائه وسفرائه في الأرض ، وذلك قوله تبارك وتعالى :

( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا

يفلح الظالمون ) ( 2 ) .

وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ألا من كذب علي فليتبوء

مقعده من النار " .

وروى الصدوق عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : " الكذب على

الله عز وجل وعلى رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلى الأوصياء ( صلوات

00000000000000000000

( 1 ) المائدة / 87 .

( 2 ) الأنعام / 21 .

‹ صفحه 71 ›

الله عليهم ) من الكبائر " .

وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من قال علي ما لم أقل فليتبوء

مقعده من النار " .

ولشدة حرمتها أنها تفطر الصائم ، وقال تبارك وتعالى :

( إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك

هم الكاذبون ) ( 1 ) .

ويلحق بالكذب على الله سبحانه ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن

يروي الإنسان رواية لا يعلم صدقها دون أن يسندها إلى

صاحبها الذي رواها ، سواء عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أو الأئمة

الطاهرين ( عليهم السلام ) ، كما يلحق به الفتوى بدون علم ، أو ينقل

الفتوى عن مجتهد بدون علم ، ولأهمية هذا المطلب تجدر

الإشارة والتنبيه إلى كل مسلم ،

وخصوصا من يشغل مركزا

من مراكز التبليغ والدعوة ، أن يتحرز أشد التحرز ويحترس

كل الاحتراس من الوقوع في بيان فتوى من دون أن يعلم بها

مائة بالمائة ، حتى يكون معذورا في حالة الاشتباه والخطأ ،

000000000000000000

( 1 ) النحل / 105 .

‹ صفحه 72 ›

وإلا فتلك الطاعة الكبرى ، أن يهلك الإنسان نفسه وينجو

الآخرون به ، فقد روي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) كما ورد في

الجزء الأول من بحار الأنوار للمجلسي أنه ( عليه السلام ) قال إلى عنوان

البصري :

" واهرب من الفتيا هربك من الأسد ولا تجعل رقبتك

للناس جسرا " .

ومن مضمون ما روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " من

أفتى بغير علم فعليه وزر من عمل بفتواه إلى يوم القيامة " .

وهذه النصيحة هي التي كان مراجعنا الأعلام ينصحون

بها طلاب العلوم الدينية ويوصوهم أن يعودوا أنفسهم على

قول لا أعلم وينشروها بين الطلبة حتى يكون التريث في

الفتيا وعدم التسرع بها من دون تأكد هي طريقهم وديدنهم ،

وأن كلمة لا أدري تعتبر نصف العلم ، كما تعلمون .

أما مطلق الكذب فحرمته أعظم من كثير من الكبائر فقد

وصف الله سبحانه الكاذب في كتابه المجيد بأنه كافر بآيات الله

بقوله : ( إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله

‹ صفحه 73 ›

وأولئك هم الكاذبون ) ( 1 ) .

أي أنهم الكاذبون في أيمانهم ، فلو كانوا يؤمنون بالله

واليوم الآخر حقا لما كذبوا ، فإنما يليق الكذب بالذين

لا يؤمنون ، وفي مكان آخر قرنه الله تعالى بعبادة الأوثان

بقوله سبحانه :

( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول

الزور ) ( 2 ) .

وقد سبق أن عبارة - اجتنبوا - تفيد شدة الحرمة لتضمنها

معنى

الابتعاد عن الذنب ، فقد روى الكليني عن الأصبغ بن

نباتة ، قال :

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " لا يجد طعم الإيمان حتى يترك

الكذب جده وهزله " .

وهناك آيات وروايات كثيرة بهذا الشأن ومن أراد

الاطلاع فليراجعها في مظانها .

0000000000000000

( 1 ) النحل / 105 .

( 2 ) الحج / 30 .

‹ صفحه 74 ›

( 29 )

أكل الميتة

ويلحق بها الدم ، ولحم الخنزير ، وما أهل لغير الله ، وغيرها

مما ذكرها القرآن الكريم مفصلا ، وقد ورد النهي عنها مكررا

في القرآن المجيد بقوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة والدم

ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة

والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح

على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلك فسق ) ( 1 ) .

وتفسير هذه الآية مفصل في كتب الفقه والأخلاق .

وقال سبحانه وتعالى في موضع آخر : ( إنما حرم عليكم

الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر

غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم ) ( 2 ) .

ومثلها في سورة الأنعام ، آية 145 ، وفي سورة النحل آية

115 ، وآيات أخرى غيرها .

00000000000000000

( 1 ) المائدة / 3 .

( 2 ) البقرة / 173 .

‹ صفحه 75 ›

( 30 )

القمار

حرمة القمار كحرمة شرب الخمر ، فكل ما تقدم من شدة

النكير من الله سبحانه على شرب الخمر فإنها تنطبق على القمار كما مر بنا في آية ( إنما الخمر والميسر . . . ) ( 1 ) في

مادة 17 شرب الخمر .

وروي عن أبي بصير عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " بيع

الشطرنج حرام ، وأكل ثمنه سحت ، والإتجار به كفر ، واللعب

به شرك ، والسلام على اللاعب بها معصية كبيرة موبقة ،

ومن جلس على اللعب فقد تبوء مقعده من النار . . . " إلى

آخر الحديث .

( 31 )

معونة الظالم

قال تبارك وتعالى : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم

000000000000000000

( 1 ) المائدة / 90 .

‹ صفحه 76 ›

النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ) ( 1 ) .

وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " من مشى إلى ظالم

ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام " .

وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : " من دعا لظالم بالبقاء ، فقد أحب أن

يعصي الله في أرضه " .

وعن الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) قال : " إن أهون ما

يصنع الله عز وجل بمن تولى لهم عملا أن يضرب عليه

سرادقا من نار إلى أن يفرغ الله من حساب الخلائق " .

وهناك روايات كثيرة واردة في ذم الظالمين والولاية لهم ،

بأن ينصب واليا للسلطان الجائز سواء كان العمل محرما أو

محللا ، ويستثنى من ذلك :

أولا : الإكراه على قبول الولاية على أن لا يؤدي عملا

محرما .

ثانيا : أن يقصد من ذلك قضاء حوائج المؤمنين

ودفع

العدوان عنهم ، وهذه رواية عجيبة ، حيث روى أنه كتب

000000000000000000

( 1 ) هود / 113 .

‹ صفحه 77 ›

الإمام الصادق ( عليه السلام ) في جواب رسالة عبد الله النجاشي وهو

من أصحابه ومواليه ، وكان حاكما في الأهواز ما نصه :

" زعمت أنك بليت بولاية الأهواز ، فسرني ذلك وساءني ،

فأما سروري بولايتك فقلت : عسى أن يغيث الله بك ملهوفا

من آل محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، ويعز بك ذلهم ، ويكسو بك عاريهم ،

ويتقوى بك ضعيفهم ، ويطفئ بك نار المخالفين عنهم . وأما

الذي ساءني من ذلك فإن أدنى ما أخاف عليك أن تعثر بولي

لنا فلا تشم حظيرة القدس " .

وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من تولى عرافة قوم أتي به يوم

القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه فإن قام فيهم بأمر الله عز

وجل أطلقه ، وإن كان ظالما هوى به في نار جهنم وبئس

المصير " . وهناك روايات وأمثلة عديدة في ذلك أعرضنا

عنها روما للاختصار .

( 32 )

الكبر

قالوا هو أن يرى الإنسان نفسه فوق غيره ، واعتقاده المزية

‹ صفحه 78 ›

والرجحان على الغير ، والعجب مقدمة الكبر ، والتكبر

نتيجة الكبر ، وهو أفعال وأقوال تظهر ترفعه عن الغير ، في

المشي ، والمأكل ، والمجالسة والمصاحبة ، والمفاخرة ،

والاستنكاف عن مجالسة الفقراء أو زيارتهم إلى غير ذلك من

الأفعال .

والتكبر على أنواع ، وأفحش أنواعه التكبر عن عبادة

الله سبحانه ، ودعائه والتوسل به ، كما ذكر ذلك تبارك

وتعالى حيث يقول : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن

الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم

داخرين ) ( 1 ) .

ومنها التكبر على الناس كما ورد في

الذكر الحكيم : ( ولا

تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا

يحب كل مختال فخور ) ( 2 ) .

وروي في الكافي عن الباقر ( عليه السلام ) قوله : " الكبر رداء الله

0000000000000000000

( 1 ) غافر / 60 .

( 2 ) لقمان / 18 .

‹ صفحه 79 ›

والمتكبر ينازع الله رداءه ، فمن تناول شيئا منه أكبه الله في نار

جهنم " .

وهناك آيات في كتابه المجيد كثيرة ، نذكر منها على سبيل

المثال قوله تعالى : ( إن في صدورهم إلا كبر ما هم

ببالغيه ) ( 1 ) .

وقال في موضع آخر : ( فالذين لا يؤمنون بالآخرة

قلوبهم منكرة وهم مستكبرون ) ( 2 ) .

وكنموذج للمتكبرين الذين ذكرهم القرآن الكريم

( فرعون ) الطاغية ، حيث قادته حماقته وكبرياءه إلى

القول : ( أنا ربكم الأعلى ) ( 3 ) و ( أليس لي ملك مصر

وهذه الأنهار تجري من تحتي ) ( 4 ) ( ما علمت لكم من

إله غيري ) ( 5 ) ، و ( نمرود ) الظالم ، إذ حاج إبراهيم ( عليه السلام ) في

000000000000000000

( 1 ) غافر / 56 .

( 2 ) النحل / 22 .

( 3 ) النازعات / 24 .

( 4 ) الزخرف / 51 .

( 5 ) القصص / 38 .

‹ صفحه 80 ›

ربه ، فقال : ( أنا أحيي وأميت ) ( 1 ) ، فانظر إلى أي مآل آل

إليه ، وإلى أي مصير سحيق هوى فيه .

وعلى العكس من ذلك فقد ضرب لنا تبارك وتعالى في

كتابه الكريم مثلا رائعا للذين لا يستنكفون عن عبادته ولا

يستكبرون ، ذلك هو ( عيسى بن مريم )

خلقه الله تعالى من

روحه القدسية التي نفخها في مريم ، فهو بذلك السمو

والرفعة ، إذ هو الروح القدس التي نعجز عن إدراك ماهيتها ،

تمثلت بصورة بشر ، ومع ذلك يقول عنه الجليل جل شأنه :

( لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة

المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم

إليه جميعا ) ( 2 ) . كما أن هناك آيات عديدة وروايات كثيرة

بهذا الشأن ، منها ما ورد في بعض الروايات : " التكبر عن

الحق ، والبقاء على الجهل به ، والترفع عن التعلم " .

فينبغي على الإنسان أن يتعلم ما يجهله عند أي شخص

00000000000000000000

( 1 ) البقرة / 258 .

( 2 ) النساء / 172 .

‹ صفحه 81 ›

يمكن أن يستفيد منه ولو كان أصغر منه سنا ، وأقل منه شأنا ،

فقد جاء في نهج البلاغة بأن : " الحكمة ضالة المؤمن ، فخذ

الحكمة ولو من أهل النفاق " .

( 33 )

الإسراف

وقد فسروا الإسراف بأنه :

أولا : أكل ما لا يحل لك والانفاق في غير طاعة الله

تعالى .

ثانيا : أن يأكل أو ينفق أكثر مما ينبغي ، فقد روي عن

أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : " للمسرف ثلاث علامات : يأكل ما

ليس له ، ويلبس ما ليس له ، ويشتري ما ليس له " .

وقال سبحانه وتعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه

لا يحب المسرفين ) ( 1 ) .

وقال تعالى : ( كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم

00000000000000000

( 1 ) الأعراف / 31 .

‹ صفحه 82 ›

حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) ( 1 ) .

وقال تعالى : ( كذلك يضل الله من هو مسرف

مرتاب

) ( 2 ) .

وقال تعالى : ( وأن المسرفين هم أصحاب النار ) ( 3 ) .

وقال تعالى : ( وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن

بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ) ( 4 ) .

والقرآن الكريم يجعل من الإسراف مفهوما عاما شاملا

لكل انحراف أو فساد ، فيعد أي تجاوز في أي عمل كان

إسرافا فيقول : ( كذلك زين للمسرفين ما كانوا

يعملون ) ( 5 ) .

فالآية تعد الإسراف مما يزين العمل ويحسنه في عين

المسرف كائنا ما كان العمل ، فعند تجاوز حد الاعتدال

00000000000000000

( 1 ) الأنعام / 141 .

( 2 ) المؤمن / 34 .

( 3 ) المؤمن / 43 .

( 4 ) طه / 127 .

( 5 ) يونس / 12 .

‹ صفحه 83 ›

والقصد والالتزام ، ينزلق الإنسان إلى هوة سحيقة من

التسول والتوهم ورؤية الواقع على خلاف ما هو عليه ،

فيرى الفاسد صالحا والصالح فاسدا .

وهكذا فإن " من لم يحسن الاقتصاد أهلكه الإسراف "

وعلم أن المسرف ظالم لنفسه أولا وظالم للناس أيضا .

( 34 )

التبذير

قال تعالى في وصف المبذرين : ( وآت ذا القربى حقه

والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا * إن المبذرين

كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ) ( 1 ) .

وهو قريب من الإسراف ، فقد قيل إن الفرق بينهما هو :

أن التبذير عبارة عن الانفاق فيما لا ينبغي وفي غير موضعه ،

والاسراف عبارة عن الصرف زيادة على ما ينبغي ، وقد

يطلق أحدهما على الآخر . وقد جاء في هذه الآية :

0000000000000000000

( 1 ) الإسراء / 26 - 27 .

‹ صفحه 84 ›

( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط

فتقعد ملوما محسورا )

( 1 ) .

تفسيرا للآيتين السابقتين ، والمغلولة - أي الشحيحة -

يعني لا تكون بخيلا إلى حد الشح ، ولا تبسط يديك في

الانفاق إلى حد الإسراف ، وبذلك بإعطائك إلى شخص لا

يستحق ، أو أكثر مما يستحق ، وهناك آيات وروايات كثيرة

بهذا الشأن ، منها ما روي عن الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : " رب

فقير هو أسرف من الغني ، الغني ينفق ما أوتي ، والفقير ينفق

من غير ما أوتي " .

وعنه ( عليه السلام ) : " ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر " ( 2 ) .

وروي عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " لا يذوق المرء حقيقة

الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال : الفقه في الدين ،

والصبر على المصائب ، وحسن التدبير في المعاش " .

وروي عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) أنه قال : " وأما المنجيات

000000000000000000

( 1 ) الإسراء / 29 .

( 2 ) وسائل الشيعة .

‹ صفحه 85 ›

فخوف الله في السر والعلانية ، والقصد في الغنى والفقر ،

وكلمة العدل في الرضا والسخط " ( 1 ) .

( 35 )

محاربة أولياء الله

أي محاربة المؤمنين ، قال سبحانه وتعالى : ( إنما جزاء

الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن

يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو

ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة

عذاب عظيم ) ( 2 ) .

وهذه الآية نزلت في قطاع الطرق الذين يشهرون السلاح

في وجوه المؤمنين ويخيفونهم ، فعن الباقر والصادق ( عليهما السلام ) ،

قالا : " إنما جزاء المحارب على قدر استحقاقه ، فإن قتل

فجزاؤه أن يقتل ، وإن قتل وأخذ المال فجزاؤه

أن يقتل

000000000000000

( 1 ) سفينة البحار .

( 2 ) المائدة / 33 .

‹ صفحه 86 ›

ويصلب ، وإن أخذ المال ولم يقتل فجزاؤه أن تقطع يده

ورجله من خلاف ، أي أن تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى

مثلا ، وإن أخاف السبيل فقط فجزاؤه النفي لا غير " .

ومن مصاديق المحارب من يحمل السلاح ويسلب

المسلمين أمنهم واطمئنانهم في المال أو العرض أو الأنفس ،

ومن جهة أخرى أن الله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد حرما إيذاء

المسلمين والعدوان على أموالهم وأعراضهم وأنفسهم ، ومن

يخالف هذا الحكم فهو محارب لله ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وروي عن

الصادق ( عليه السلام ) أنه قال :

" قال الله عز وجل : ليأذن بحرب مني من آذى عبدي

المؤمن ، وليأمن من غضبي من أكرم عبدي المؤمن " .

وقال ( عليه السلام ) : " من أهاب لي وليا فقد بارزني بالمحاربة " .

وقوله تعالى :

( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا

فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) ( 1 ) .

00000000000000000

( 1 ) الأحزاب / 58 .

‹ صفحه 87 ›

( 36 )

الاصرار على الذنوب الصغيرة

روي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " لا صغيرة مع الاصرار ،

ولا كبيرة مع الاستغفار " .

روي عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول :

" لا والله لا يقبل الله شيئا من طاعة مع الاصرار على شئ

من معاصيه " ( 1 ) .

يغفر الله الذنب الصغير بمجرد ترك الكبائر وأداء

الواجبات ، كما في قوله سبحانه وتعالى : ( إن تجتنبوا كبائر

ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) ( 2 ) .

وقوله تعالى :

( ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا

على ما فعلوا وهم يعلمون ) ( 3 ) .

وروي عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " أعظم الذنوب ذنب أصر

00000000000000000

( 1 ) الكافي .

( 2 ) النساء / 31 .

( 3 ) آل عمران / 135 .

‹ صفحه 88 ›

عليه عامله " .

وعن الباقر ( عليه السلام ) قوله في تفسير : ( ولم يصروا على ما

فعلوا ) " الإصرار أن يذنب فلا يستغفر الله ولا يحدث نفسه

بالتوبة ، فذلك الإصرار " ويسمى بالإصرار " الحكمي "

والمداومة على الصغير يسمى بالإصرار " الفعلي " .

( 37 )

سب المؤمن و إهانته

وهو من الكبائر بأي نحو كان ، سواء بالشتم أو السخرية ، أو

سوء القول ، أو الإذلال والاحتقار ، أو الاستخفاف و الإهانة ، أو الهجو ، أو غيرها .

المؤمن عزيز عند الله سبحانه ، وأن شرفه وحرمته أعلى

من كل الحرمات ، وهتك حرمته من كبائر الذنوب ، وهي

بمنزلة سفك دمه ، وقد أنزل سبحانه وتعالى في المؤمنين

والمؤمنات آيات كثيرة في كتابه المجيد ، منها قوله تعالى :

( الله ولي الذين آمنوا ) ( 1 ) .

000000000000000000

( 1 ) البقرة / 257 .

‹ صفحه 89 ›

ومنها قوله تعالى : ( وكان حقا علينا نصر

المؤمنين ) ( 1 ) .

ومنها قوله عز وجل : ( ذلك بأن الله مولى الذين

آمنوا ) ( 2 ) .

ومنها قوله تعالى : ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) ( 3 ) .

ومنها قوله جل شأنه : ( إن الذين آمنوا وعملوا

الصالحات أولئك هم خير البرية ) ( 4 ) .

وأمر سبحانه الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالتواضع للمؤمنين بقوله :

(

واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ) ( 5 ) .

وأوجب تعالى على نفسه الرحمة بهم بقوله تعالى :

( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) ( 6 ) .

000000000000000

( 1 ) الروم / 47 .

( 2 ) محمد ( ص ) / 11 .

( 3 ) المنافقون / 8 .

( 4 ) البينة / 7 .

( 5 ) الشعراء / 215 .

( 6 ) الأنعام / 54 .

‹ صفحه 90 ›

وغيرها من الآيات التي يعسر حصرها .

وعن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : " ما أعظم حقك يا كعبة ! والله

إن حق المؤمن لأعظم من حقك " .

وهناك آيات وروايات كثيرة بشأن المؤمن وحرمته منها

قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم

عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن

يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ( 1 ) ولا تنابزوا

بالألقاب ( 2 ) بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب

فأولئك هم الظالمون ) ( 3 ) .

وما روى الصدوق عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنه قال :

" ليأذن بحرب مني من أذل عبدي المؤمن ، وليأمن من

غضبي من أكرم عبدي المؤمن " .

وروي في الكافي عن الباقر ( عليه السلام ) ، قال :

000000000000000000

( 1 ) أي لا تعيبوا المؤمنين فإنهم كأنفسهم .

( 2 ) أي لا تدعوا أحدا من المؤمنين بلقب يكرهه .

( 3 ) الحجرات / 11 .

‹ صفحه 91 ›

قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " سباب المؤمن كالمشرف على

الهلكة " .

وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أيضا : " سباب المؤمن فسوق

" .

وفي الكافي عن الصادق ( عليه السلام ) أيضا :

" من أنب مؤمنا أنبه الله في الدنيا والآخرة " .

وفي حديث آخر : " من عير مؤمنا بذنب لم يمت حتى

يركبه " .

وفي عقاب الأعمال للصدوق عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) :

" لا تحقروا مؤمنا فقيرا ، فإنه من حقر مؤمنا فقيرا

واستخف به حقره الله تعالى ولم يزل ماقتا له حتى يرجع عن

محقرته أو يتوب " .

والروايات في ذم إيذاء المؤمن وخذلانه وظلمه وعدم

نصرته كثيرة ، وكثيرة جدا ، لأن الله سبحانه يحب أن يكون

المؤمنون إخوة متحابين ، يساعد بعضهم بعضا ، وينصح

بعضهم بعضا ، وينصر بعضهم بعضا ، حتى ينالوا رضاه

والسعادة في الدنيا والآخرة .

‹ صفحه 92 ›

( 38 )

الغيبة

وقد عبر سبحانه عن حرمة الغيبة بأبلغ تعبير في قوله

سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن

بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا

أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله

إن الله تواب رحيم ) ( 1 ) .

وقد وردت الروايات الكثيرة في تشديد النهي والنكير

على هذا الفعل الشنيع ، فقد روى صاحب الجواهر في

جواهره أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أوصى أبا ذر فقال :

" إياك والغيبة ، فإن الغيبة أشد من الزنا " .

وفي خبر آخر : " إن المغتاب في يوم القيامة يأكل

لحمه " .

وروي في الكافي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : " من قال في

مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه فهو من الذين قال الله عز

00000000000000000

( 1 ) الحجرات / 12 .

‹ صفحه 93 ›

وجل فيهم : ( إن الذين

يحبون أن تشيع الفاحشة في

الذين آمنوا لهم عذاب أليم ) ( 1 ) " .

وتتحقق الغيبة بأمور : منها أن يذكر المؤمن بعيب في

غيبته ، سواء أكان بقصد الانتقاص أم لم يكن ، وسواء أكان

العيب في بدنه ، أم في نسبه ، أم في خلقه ، أم في فعله ، أم في

قوله ، أم في دينه ، أم في دنياه ، أم في غير ذلك مما يكون عيبا

مستورا عن الناس ، كما لا فرق في الذكر أن يكون بالقول ، أم

بالفعل الحاكي عن وجود العيب ، كما جاء في الرسائل

العملية وهو المستفاد من الروايات والأحاديث ، فقد روي

عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعدة طرق أنه قال : " أن الغيبة أشد من

الزنا ، وأن الرجل يزني فيتوب ويتوب الله عليه ، وأن

صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبها " .

وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " الغيبة ذكرك أخاك بما يكره " .

وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " الغيبة أن تقول في أخيك ما

ستر الله عليه " .

000000000000000000

( 1 ) النور / 19 .

‹ صفحه 94 ›

وعن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : " من ذكر رجلا من خلفه بما

هو فيه مما يعرفه الناس لم يغتبه ، وذكره من خلفه بما هو فيه

مما لم يعرفه الناس فقد اغتابه ، ومن ذكره بما ليس فيه فقد

بهته " .

ويجب عند وقوع الغيبة الندم ، والتوبة ، والاستحلال من

الشخص المغتاب إذا لم تترتب على ذلك مفسدة ، أو

الاستغفار له كلما ذكره ، وتستثنى من حرمة الغيبة أمور يمكن

مراجعتها في الرسائل العملية ، والتجسس المذكور في

الآية

المتقدمة ، هو تتبع عورات المؤمنين ، فهو مقدمة للغيبة ، إذ

روي أنه سئل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :

" ما كفارة الاغتياب ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : تستغفر الله لمن

استغبته كما ذكرته " .

" من اغتيب عنده أخوه المؤمن وهو يستطيع نصره

فنصره ، نصره الله تعالى في الدنيا والآخرة ، ومن خذله وهو

يستطيع نصره ، خذله الله في الدنيا والآخرة " .

وهناك آيات وروايات كثيرة بهذا الشأن .

وبواعث الغيبة غالبا ما يكون من الغضب ، أو الحقد ، أو

‹ صفحه 95 ›

الحسد ، فهو من الرذائل ، وباعثه القوة السبعية وله بواعث

كثيرة أخرى يأتي في مقدمتها ، بل على رأسها ضعف الإيمان

أو انعدامه لدى الشخص .

( 39 )

البهتان

وهو أشد حرمة من الغيبة ، بل يشمل ذنبين كبيرين ، هما

الكذب والغيبة ، كما عبر عن ذلك سبحانه وتعالى بقوله :

( ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل

بهتانا وإثما مبينا ) ( 1 ) .

وقوله تعالى : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات

بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) ( 2 ) .

وفي البحار روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " من بهت

مؤمنا أو مؤمنة أو قال ما ليس فيه ، أقامه الله تعالى يوم

0000000000000000000

( 1 ) النساء / 112 .

( 2 ) الأحزاب / 58 .

‹ صفحه 96 ›

القيامة على تل من النار حتى يخرج مما قال فيه " .

( 40 )

النميمة

يقول الله سبحانه وتعالى : ( ولا تطع كل حلاف مهين *

هماز مشاء بنميم * مناع للخير معتد أثيم * عتل بعد ذلك

زنيم ) ( 1 ) .

وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " ألا أنبئكم بشراركم ؟

قالوا : بلى يا رسول الله ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : المشاؤون بالنميمة ،

المفرقون بين الأحبة ، الباغون للبراء المعاييب " .

وفي الكافي عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من مشى في نميمة بين الاثنين

سلط الله عليه في قبره نارا تحرقه ، وإذا خرج من قبره سلط

الله عليه تنينا أسود ينهش لحمه حتى يدخل النار " .

وفي الكافي عن الباقر ( عليه السلام ) أيضا : " محرمة الجنة على

القتاتين والمشائين بالنميمة " .

0000000000000000

( 1 ) القلم / 10 - 13 .

‹ صفحه 97 ›

وقال تعالى

: ( والفتنة أشد من القتل ) ( 1 ) .

وقال سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق

بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم

نادمين ) ( 2 ) .

ونقل الشهيد الثاني ( قدس سره ) حكاية عجيبة ، وهي تكفي في

الدلالة على خطورة النميمة ، قيل : باع أحدهم ( بعضهم )

عبدا وقال للمشتري : ما فيه عيب إلا النميمة ، قال : رضيت

به ، فاشتراه فمكث الغلام أياما ، ثم قال لزوجة مولاه : إن

زوجك لا يحبك وهو يريد أن يتسرى ( 3 ) عليك ، فخذي

الموس واحلقي من قفاه شعرات حتى أسحر عليها فيحبك ،

ثم قال لمولاه - الزوج - : إن امرأتك اتخذت خليلا وتريد أن

تقتلك ، فتناوم لها حتى تعرف ، فتناوم الرجل ، وجاءت

المرأة بالموس فظن أنها تريد قتله ، فقام وقتلها ، فجاء أهل

0000000000000000

( 1 ) البقرة / 191 .

( 2 ) الحجرات / 6 .

( 3 ) التسري : هو نكاح الأمة .

‹ صفحه 98 ›

المرأة وقتلوا الزوج ، فوقع القتال بين القبيلتين وطال ، هذه

واحدة من آلاف المشاكل التي تحدثها النميمة .

إلى غير ذلك من الآيات والروايات والحوادث الرهيبة

التي حدثت ، ومن يرد التفصيل فليراجع كتب الأخلاق .

( 41 )

القيادة

وهي السعي بين اثنين لجمعهما على الوطء ء المحرم ، فقد روى

الصدوق في عقاب الأعمال عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من قاد بين

رجل وامرأة حراما ، حرم الله عليه الجنة ومأواه جهنم

وساءت مصيرا ، ولم يزل في سخط الله حتى يموت " .

وهناك روايات كثيرة بهذا الشأن .

( 42 )

استحقار الذنب

استحقار الذنب وإن كان صغيرا ، فإن أشد الذنوب من استهان به صاحبه ، روي في الكافي عن الصادق ( عليه السلام ) :

‹ صفحه 99 ›

" اتقوا المحقرات من الذنوب ، فإنها لا تغفر ، قلت : وما

المحقرات ؟ قال ( عليه السلام ) : " الرجل يذنب الذنب فيقول طوبى لي

لو لم يكن لي غير ذلك " .

وعن محمد بن مسلم عن الباقر ( عليه السلام ) قال : " إن العبد

يسأل الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها فيذنب العبد ذنبا ،

فيقول الله تبارك وتعالى للملك لا تقض حاجته وأحرمه

إياها ، فإنه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان مني " .

وعن سماعة قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : " ما أنعم

الله على عبد نعمة سلبها إياه ( 1 ) حتى يذنب ذنبا يستحق

بذلك السلب " .

( 43 )

الرياء

وهو باب من أبواب الشرك .

روى الصدوق في عقاب الأعمال عن الصادق ( عليه السلام ) عن

0000000000000000000

( 1 ) أي أن الله لا يسلب أي نعمة ينعم بها .

‹ صفحه 100 ›

آبائه ( عليهم السلام ) ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سئل فيما النجاة غدا ؟

قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إنما النجاة في أن لا تخادعوا الله فيخدعكم فإنه

من يخادع الله يخدعه ، ويتبرأ منه الإيمان ، ونفسه يخدع لو

يشعر ، قيل له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : فكيف نخادع الله عز وجل ؟

قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يعمل بما أمر الله تعالى ، ثم يريد به غيره ، فاتقوا

الله في الرياء ، فإنه

شرك بالله ، إن المرائي يدعي يوم القيامة

بأربعة أسماء : يا كافر ، يا فاجر ، يا غادر ، يا خاسر ، حبط

عملك وبطل أجرك ولا خلاق لك اليوم ، والتمس أجرك ممن

كنت تعمل له " .

وروي في الكافي عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " ثلاث علامات

للمرائي : ينشط إذا رأى الناس ، ويكسل إذا كان وحده ،

ويحب أن يحمد في جميع أموره " .

والجدير بالذكر ، أن عمل المرائي لا يقبل ، لأنه لم يأت

بالنية المطلوب خلوصها منه لله تعالى ، وهي شرط في كل

عبادة ، وفي كل عمل سواء كان الواجب منه أو المستحب ،

وحتى لو كان الرياء في بعض العبادات فإنها لا تقبل ، وذهب

بعض الفقهاء إلى بطلان العبادة بالرياء بعد العمل ، ولعله لما

0000000000000000000

( 1 ) التحريم / 8 .

‹ صفحه 101 ›

روي عن الباقر ( عليه السلام ) أنه قال : " الابقاء على العمل أشد من

العمل ، قيل : وما الابقاء على العمل ؟ قال ( عليه السلام ) : يصل

الرجل بصلة وينفق لله وحده لا شريك له وتكتب له سرا ،

ثم يذكرها فتمحى فتكتب له علانية ، ثم يذكرها فتمحى

وتكتب له رياء " .

فعلى هذا أصبحت كل أعمالنا رياء في رياء ، اللهم عفوك

ورضاك .

( 44 )

الغش

روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " من غش أخاه المؤمن

نزع الله تعالى بركة رزقه وسد عليه معيشته ووكله إلى

نفسه " .

وروى الصدوق عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من غش مسلما في بيع أو

شراء فليس منا ، ويحشر مع اليهود يوم القيامة ، لأنه من

غش

مسلما فليس بمسلم " .

ويكون الغش بإخفاء الأدنى في الأعلى من السلعة ،

‹ صفحه 102 ›

كمزج الجيد في الردئ ، ومزج الماء باللبن ، وبإظهار الشئ

على خلاف جنسه ، وغيرها من هذه الصفات .

وأخيرا فالغش ليس من خلق المؤمنين وشيمتهم ، فهو

خلاف الإنصاف ، وأكل بالباطل ، وهو بعد هذا وذاك غدر

وخيانة .

فالإنسان المؤمن إنما هو أكثر بعدا عن هذه الرذيلة

وأمثالها ، فلا يصدر منه سوى الصدق ، والإخلاص ،

والنصح في القول والفعل .

( 45 )

التوبة

اعلموا يا أولادي ، ويا إخواني ، ويا أعزائي أن العدالة التي

يجب على كل مسلم أن يتحلى بها ، وهي المطلوب توفرها في

مرجع التقليد ، وفي إمام الجماعة وفي الشهود ، وفي كل

وقت ، هي الاستقامة على جادة الشريعة الإسلامية ،

والالتزام بأوامر الله سبحانه ونواهيه ، وأنها تزول بارتكاب

واحدة أو أكثر من الذنوب الكبيرة ، لا بل حتى الصغيرة ،

‹ صفحه 103 ›

أي بمجرد وقوع المعصية ، لكنها تعود بالتوبة والندم .

والتوبة معناها الرجوع إلى الله تعالى والندم على ما صدر

من العبد من الإساءة في جنب الله سبحانه ، وتعتبر نعمة من

نعم الله تعالى ، وهبة منه سبحانه ، وفضل ورحمة لا تعوض ،

فإنها سبب لمحو الذنوب وإبدالها بالحسنات ، وسبب لرفع

الدرجات ، فإنه تعالى يحب التائبين من عباده ، ويحب

الذين يكثرون من التوبة والاستغفار في كل يوم ، وبذلك

وردت الآيات والأحاديث الكثيرة والمتواترة ، فقد قال

تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا

عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات

تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين

آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم . . . ) ( 1 ) .

هذه منزلة

التوبة ، ومنزلة التوابين عند الله سبحانه ، وقد

أوجب الله تعالى على نفسه قبول التوبة من عباده التائبين كما

في الآيات الكثيرة ، منها قوله تعالى : ( إنما التوبة على الله

‹ صفحه 104 ›

للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك

يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما ) ( 1 ) .

وفي آية أخرى : ( إن الله كان توابا رحيما ) ( 2 ) .

وفي أخرى : ( إن الله هو التواب الرحيم ) ( 3 ) .

وفي آية أخرى : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل

صالحا ثم اهتدى ) ( 4 ) .

وفيما روي عن الإمام علي ( عليه السلام ) : " إن التوبة يجمعها ستة

أشياء : على الماضي من الذنوب الندامة ، وللفرائض

الإعادة ، ورد المظالم ، واستحلال الخصوم ، وأن تعزم أن لا

تعود ، وأن تربي نفسك في طاعة الله كما ربيتها في معصية الله ،

وأن تذيقها مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية " .

والجدير بالإشارة هنا أن الإنسان بعد أن يعرف ربه

الكريم ، الرحمن الرحيم ، ويلتفت إلى النعم التي أنعم الله بها

0000000000000000000

( 1 ) النساء / 17 .

( 2 ) النساء / 16 . 3 ) التوبة / 118 .

( 4 ) طه / 82 .

‹ صفحه 105 ›

عليه والتي لا تعد ولا تحصى ، وأن شكره سبحانه واجب

عقلي ، تكون الطاعات عنده محبوبة إلى نفسه ويتذوق فيها

حلاوة ، ويشعر في أدائها بأنس وراحة ، أما في بداية الطريق

فيشعر في أدائها بمرارة ، وهذا ما يشير إليه الإمام ( عليه السلام ) ، إذا لا

بد من الندم على ما مضى من المعاصي والتقصير في

جنب الله

تعالى ، وسوء الأدب ، وقلة الحياء مع الله سبحانه ، ومع

الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته الطاهرين ( عليهم السلام ) .

فقد روي عن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " الندامة توبة " .

وروي في الكافي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " ما من عبد

أذنب ذنبا فندم عليه إلا غفر الله له قبل أن يستغفر " .

كما روي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر ( عليه السلام ) ، قال : " يا

محمد بن مسلم ، أترى العبد المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر

الله تعالى منه ويتوب [ إليه ] ، ثم لا يقبل الله توبته ؟ ! قلت :

فإن فعل ذلك مرارا يذنب ثم يتوب يستغفر ، فقال : كلما عاد

المؤمن بالاستغفار والتوبة ، عاد الله عليه بالمغفرة ، وإن الله

غفور رحيم ، يقبل التوبة ويعفو عن السيئات فإياك أن تقنط

المؤمنين من رحمة الله " .

‹ صفحه 106 ›

فينبغي للإنسان أن يبادر إلى التوبة ، ولا يسوف بها لئلا

يسجل من الذين يستهينون بالذنوب ويستصغرونها ، كما

تقدم في كبيرة استصغار الذنب ، وأن الدرجات الرفيعة التي

تنال بالتوبة ، إنما تنال بالتوبة العاجلة القريبة ، فلنبادر إلى التوبة ، و لا تفوتنا الفرصة ، ولنتدبر قوله تعالى : ( إلا من

تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم

حسنات وكان الله غفورا رحيما ) ( 1 ) .

ولا نسوف بالتوبة ، ونؤخرها فيفاجئنا الموت فيحول

بيننا وبين التوبة فينطبق علينا ما في وصية أمير المؤمنين ( عليه السلام )

في نهج البلاغة : " وإنك طريد الموت الذي لا ينجو منه

هاربه ، ولا يفوته طالبه

، ولا بد أنه مدركه ، فكن منه على

حذر أن يأتيك وأنت على حال سيئة ، قد كنت تحدث نفسك

منها بالتوبة ، فيحول بينك وبين ذلك ، فإذا أنت قد أهلكت

نفسك " .

وفي الختام أسأل المولى العلي القدير أن يوفقني وإياكم

00000000000000000

( 1 ) الفرقان / 70 .

‹ صفحه 107 ›

لاجتناب الذنوب والمعاصي ، كبيرة كانت أو صغيرة ،

ونتوسل إليه سبحانه بمحمد وأهل بيته المعصومين المنتجبين

( صلوات الله عليهم أجمعين ) أن يعينوننا على مجاهدة نفوسنا

الأمارة بالسوء ، والميالة إلى الشهوات والملذات ، وتطهيرها

من الرذائل والصفات الذميمة الوضيعة ، وتحليتها بالفضائل

والصفات الحميدة لترتفع عن أفق البهائم ، وتعلو إلى أفق

الملائكة ، وأن ننال السعادة الحقيقية ، ومرافقة الأولياء في

الدنيا والآخرة ، إنه نعم المولى ونعم النصير .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين

‹ صفحه 109 ›

من وصايا الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم )

إتماما للفائدة رأيت من المناسب أن أذكر في نهاية رسالتي

مقتطفات من وصايا وحكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى أمير

المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وإلى الصحابي الجليل عبد الله

ابن مسعود ( رضي الله عنه ) وأبو ذر الغفاري ( رضي الله عنه ) منقولة في آخر كتاب

مكارم الأخلاق للعلامة الجليل الشيخ أبي الفضل الحسن بن

الفضل الطبرسي ( رضي الله عنه ) ، وكتاب " تنبيه الخواطر " ،

و " مجموعة ورام الحلي " وكتابنا " النجاة من الذنوب " .

‹ صفحه 111 ›

وصاياه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي ( عليه السلام )

يا علي ! أفضل الجهاد من أصبح لا يهم بظلم أحد .

يا علي ! من

خاف الناس بلسانه فهو من أهل النار .

يا علي ! شر الناس من أكرمه الناس اتقاء شره .

يا علي ! شر الناس من باع آخرته بدنياه ، وشر من ذلك

من باع آخرته بدنيا غيره .

يا علي ! من لم يقبل العذر من متنصل صادقا كان أو

كاذبا لم ينل شفاعتي .

يا علي ! إن الله عز وجل أحب الكذب في الصلاح

وأبغض الصدق في الفساد .

يا علي ! شارب الخمر كعابد وثن .

‹ صفحه 112 ›

يا علي ! شارب الخمر لا يقبل الله عز وجل صلاته

أربعين يوما ، فإن مات في الأربعين مات كافرا .

يا علي ! كل مسكر حرام وما أسكر كثيره فالجرعة منه

حرام .

يا علي ! جعلت الذنوب كلها في بيت وجعل مفتاحها

شرب الخمر .

يا علي ! يأتي على شارب الخمر ساعة لا يعرف فيها ربه

عز وجل .

يا علي ! إن إزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة ملك

مؤجل لم تنقص أيامه .

يا علي ! من لم تنتفع بدينه ودنياه فلا خير لك في

مجالسته ، ومن لم يوجب لك فلا توجب له ولا كرامة .

يا علي ! أربعة لا ترد لهم دعوة : إمام عادل ، ووالد

لولده ، والرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب ، والمظلوم ، يقول

الله عز وجل : " وعزتي وجلالي لأنتصرن لك ولو بعد حين " .

‹ صفحه 113 ›

يا علي ! حرم الله الجنة على كل فاحش بذي لا يبالي ما

قال ولا ما قيل له .

يا علي ! طوبى لمن طال عمره وحسن عمله .

يا علي ! لا تمزح فيذهب بهاؤك ، ولا تكذب فيذهب

نورك ، وإياك وخصلتين : الضجر والكسل ، فإنك إن

ضجرت لم تصبر على حق وإن كسلت لم تؤد حقا

.

يا علي ! لكل ذنب توبة إلا سوء الخلق ، فإن صاحبه

كلما خرج من ذنب دخل في ذنب .

يا علي ! أربعة أسرع شئ عقوبة : رجل أحسنت إليه

فكافأك بالإحسان إساءة ، ورجل لا تبغي عليه وهو يبغي

عليك ، ورجل عاهدته على أمر فوفيت له وغدر بك ،

ورجل وصل قرابته فقطعوه .

يا علي ! من استولى عليه الضجر رحلت عنه الراحة .

يا علي ! لا وليمة إلا في خمس : في عرس أو خرس أو

عذار أو وكار أو زكار ، فالعرس التزويج ، والخرس النفاس

‹ صفحه 114 ›

بالولد ، والعذار الختان ، والوكار في شراء الدار ، والزكار

الرجل يقدم من مكة .

يا علي ! لا ينبغي للعاقل أن يكون ظاعنا إلا في ثلاث :

مرمة لمعاش ، أو تزود لمعاد ، أو لذة في غير محرم .

يا علي ! ثلاثة من مكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة :

أن تعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ، وتحلم عمن جهل

عليك .

يا علي ! بادر بأربع قبل أربع : شبابك قبل هرمك ،

وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وحياتك قبل

موتك .

يا علي ! آفة الحسب الافتخار .

يا علي ! من خاف الله عز وجل أخاف منه كل شئ ،

ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ .

يا علي ! ثمانية لا تقبل منهم صلاة : العبد الآبق حتى

يرجع إلى مولاه ، والناشزة وزوجها عليها ساخط ، ومانع

‹ صفحه 115 ›

الزكاة ، وتارك الوضوء ، والجارية المدركة تصلي بغير

خمار ، وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون ، والسكران ،

والزبين وهو الذي يدافع البول والغائط .

يا علي ! أربع من كن فيه بنى الله له بيتا في

الجنة : من آوى

اليتيم ، ورحم الضعيف ، وأشفق على والديه ، ورفق

بمملوكه .

يا علي ! ثلاث من لقي الله عز وجل بهن فهو من أفضل

الناس : من أوفى الله بما افترض عليه فهو من أعبد الناس ،

ومن ورع عن محارم الله فهو من أورع الناس ، ومن قنع بما

رزقه الله فهو من أغنى الناس .

يا علي ! سبعة من كن فيه فقد استكمل حقيقة الإيمان

وأبواب الجنة مفتحة له : من أسبغ وضوءه ، وأحسن

صلاته ، وأدى زكاة ماله ، وكف غضبه ، وسجن لسانه ،

واستغفر لذنبه ، وأدى النصيحة لأهل بيته .

يا علي ! ثلاث من حقائق الإيمان : الانفاق مع الاعسار ،

وإنصافك الناس من نفسك ، وبذل العلم للمتعلم .

‹ صفحه 116 ›

يا علي ! ثلاث من لم تكن فيه لم يتم عمله : ورع يحجزه

عن معاصي الله عز وجل ، وخلق يداري به الناس ، وحلم

يرد به جهل الجاهل .

يا علي ! ثلاثة فرحات للمؤمن في الدنيا : لقاء الإخوان ،

وتفطير الصائم ، والتهجد من آخر الليل .

يا علي ! أربع خصال من الشقاء : جمود العين ، وقسوة

القلب ، وبعد الأمل ، وحب البقاء .

يا علي ! ثلاث درجات وثلاث كفارات وثلاث مهلكات

وثلاث منجيات ، فأما الدرجات : فإسباغ الوضوء في

السبرات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، والمشي بالليل

والنهار إلى الجماعات .

وأما الكفارات : فإفشاء السلام ، وإطعام الطعام ،

والتهجد بالليل والناس نيام .

وأما المهلكات : فشح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب

المرء بنفسه .

‹ صفحه 117 ›

وأما المنجيات : فخوف الله في السر والعلانية ، والقصد في

الغنى والفقر ، وكلمة العدل في الرضا والسخط .

يا علي ! لا رضاع بعد

فطام ولا يتم بعد احتلام .

يا علي ! للمؤمن ثلاث علامات : الصلاة والزكاة

والصيام ، وللمتكلف ثلاث علامات : يتملق إذا حضر ،

ويغتاب إذا غاب ، ويشمت بالمصيبة ، وللظالم ثلاث

علامات : يقهر من دونه بالغلبة ، ومن فوقه بالمعصية ،

ويظاهر الظلمة ، وللمرائي ثلاث علامات : ينشط إذا كان

عند الناس ، ويكسل إذا كان وحده ، ويحب أن يحمد في

جميع أموره ، وللمنافق ثلاث علامات : إذا حدث كذب ،

وإذا وعد خلف ، وإذا ائتمن خان .

يا علي ! والله لو أن المتواضع في قعر بئر لبعث الله عز

وجل إليه ريحا ترفعه فوق الأخيار في دولة الأشرار .

يا علي ! من انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله ، ومن

منع أجيرا أجره فعليه لعنة الله ، ومن أحدث حدثا أو آوى

محدثا فعليه لعنة الله ، فقيل : يا رسول الله ! وما ذلك

‹ صفحه 118 ›

الحدث ؟ قال : القتل .

يا علي ! المؤمن من آمنه المسلمون على أموالهم

ودمائهم ، والمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه ،

والمهاجر من هجر السيئات .

يا علي ! أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله .

يا علي ! من أطاع امرأته أكبه الله على وجهه في النار ،

فقال ( عليه السلام ) : وما تلك الطاعة ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يأذن له في الذهاب

إلى الحمامات والعرسات والنائحات ولبس الثياب الرقاق .

يا علي ! إن الله تبارك وتعالى قد أذهب بالإسلام نخوة

الجاهلية وتفاخرهم بآبائهم ألا إن الناس من آدم وآدم من

تراب ، وأكرمهم عند الله أتقاهم .

يا علي ! من السحت ثمن الميتة ، وثمن الكلب ، وثمن

الخمر ، ومهر الزانية

، والرشوة في الحكم وأجر الكاهن .

يا علي ! من تعلم علما ليماري به السفهاء أو يجادل به

العلماء أو ليدعو الناس إلى نفسه فهو من أهل النار .

‹ صفحه 119 ›

يا علي ! إذا مات العبد قال الناس : ما خلف وقالت

الملائكة : ما قدم .

يا علي ! الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر .

يا علي ! موت الفجأة راحة للمؤمن وحسرة للكافر .

يا علي ! أوحى الله تبارك وتعالى إلى الدنيا اخدمي من

خدمني ، وأتعبي من خدمك .

يا علي ! إن الدنيا لو عدلت عند الله عز وجل جناح

بعوضة لما سقى الكافر منها شربة من ماء .

يا علي ! ما أحد من الأولين والآخرين إلا وهو يتمنى

يوم القيامة أنه لم يعط من الدنيا إلا قوته .

يا علي ! شر الناس من اتهم الله في قضائه .

يا علي ! أنين المؤمن المريض تسبيح ، وصياحه تهليل ،

ونومه على الفراش عبادة ، وتقلبه من جنب إلى جنب جهاد

في سبيل الله ، فإن عوفي يمشي في الناس وما عليه ذنب .

يا علي ! ليس على النساء جمعة ولا جماعة ، ولا أذان

‹ صفحه 120 ›

ولا إقامة ، ولا عيادة مريض ولا اتباع جنازة ، ولا هرولة

بين الصفا والمروة ، ولا استلام الحجر ، ولا حلق ولا تولي

القضاء ، ولا أن تستشار ، ولا تذبح إلا عند الضرورة ، ولا

تجهر بالتلبية ، ولا تقيم عند قبر ، ولا تسمع الخطبة ، ولا

تتولى التزويج ، ولا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه فإن

خرجت بغير إذنه لعنها الله وجبرئيل وميكائيل ، ولا تعطي

من بيت زوجها شيئا إلا بإذنه ، ولا تبيت وزوجها عليها

ساخط وإن كان ظالما لها .

يا علي ! الإسلام

عريان ولباسه الحياء ، وزينته الوفاء ،

ومروته العمل الصالح ، وعماده الورع ، ولكل شئ أساس

وأساس الإسلام حبنا أهل البيت .

يا علي ! سوء الخلق شؤم ، وطاعة المرأة ندامة .

يا علي ! إن كان الشؤم في شئ ، ففي لسان المرأة .

يا علي ! نجا المخففون ، وهلك المثقلون .

يا علي ! من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار .

‹ صفحه 121 ›

يا علي ! ثلاث يزدن في الحفظ ويذهبن البلغم : اللبان

والسواك وقراءة القرآن .

يا علي ! النوم أربعة : نوم الأنبياء على أقفيتهم ، ونوم

المؤمنين على أيمانهم ، ونوم الكفار والمنافقين على أيسارهم ،

ونوم الشياطين على وجوههم .

يا علي ! ما بعث الله عز وجل نبيا إلا وجعل ذريته من

صلبه وجعل ذرتي من صلبك ، ولولاك ما كانت لي ذرية .

يا علي ! أربعة من قواصم الظهر : إمام يعصي الله عز

وجل ويطاع أمره ، وزوجة يحفظها زوجها وهي تخونه ،

وفقر لا يجد صاحبه مداويا ، وجار سوء في دار المقام .

يا علي ! إن عبد المطلب كان لا يستقسم بالأزلام ولا

يعبد الأصنام ولا يأكل ما ذبح على النصب ويقول : أنا على

دين أبي إبراهيم ( عليه السلام ) .

يا علي ! أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم يكونون

في آخر الزمان لم يلحقوا النبي وحجب عنهم الحجة فآمنوا

‹ صفحه 122 ›

بسواد على بياض .

يا علي ! ثلاث يقسين القلب : استماع اللهو ، وطلب

الصيد ، وإتيان باب السلطان .

يا علي ! كل من البيض ما اختلف طرفاه ، ومن السمك

ما كان له قشور ، ومن الطير ما دف ، واترك منه ما صف ،

وكل من طير الماء ما كانت له قانصة

أو صيصة .

يا علي ! كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير فحرام

أكله .

يا علي ! ليس على زان عقر ، ولا حد في التعريض ، ولا

شفاعة في حد ، ولا يمين في قطيعة رحم ، ولا يمين لولد مع

الوالدة ، ولا لامرأة مع زوجها ، ولا للعبد مع مولاه ، ولا

صمت يوم إلى الليل ، ولا وصال في صيام ولا تعرب بعد

هجرة .

يا علي ! لا يقتل والد بولده .

يا علي ! لا يقبل الله عز وجل دعاء قلب ساه .

‹ صفحه 123 ›

يا علي ! نوم العالم أفضل من عبادة العابد الجاهل .

يا علي ! ركعتان يصليهما العالم أفضل من ألف ركعة

يصليها العابد .

يا علي ! لا تصوم المرأة تطوعا إلا بإذن زوجها ولا

يصوم العبد تطوعا إلا بإذن مولاه ، ولا يصوم الضيف تطوعا

إلا بإذن صاحبه .

يا علي ! صوم يوم الفطر وصوم يوم الأضحى حرام ،

وصوم الوصال حرام ، وصوم الصمت حرام ، وصوم نذر

المعصية حرام ، وصوم الدهر حرام .

يا علي ! في الزنى ست خصال ، ثلاث منها في الدنيا

وثلاث منها في الآخرة ، فأما التي في الدنيا : فيذهب

بالبهاء ، ويعجل الفناء ، ويقطع الرزق ، وأما التي في الآخرة :

فسوء الحساب ، وسخط الرحمن ، والخلود في النار .

يا علي ! الربا سبعون جزء أيسره مثل أن ينكح الرجل

أمه في بيت الله الحرام .

‹ صفحه 124 ›

يا علي ! من منع قيراطا من زكاة ماله فليس بمؤمن ولا

مسلم ولا كرامة له .

يا علي ! تارك الحج وهو يستطيع كافر ، قال الله تبارك

وتعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه

سبيلا ومن كفر فإن الله

غني عن العالمين ) ( 1 ) .

يا علي ! من سوف بالحج حتى يموت بعثه الله يوم القيامة

يهوديا أو نصرانيا .

يا علي ! الصدقة ترد القضاء الذي قد أبرم إبراما .

يا علي ! صلة الرحم تزيد في العمر .

يا علي ! افتتح الطعام بالملح واختتمه بالملح فإن فيه

شفاء من اثنين وسبعين داء .

يا علي ! أنا ابن الذبيحين ، أنا دعوة أبي إبراهيم ( عليه السلام ) .

يا علي ! أحسن العقل ما اكتسب به الجنة وطلب به

00000000000000000

( 1 ) آل عمران / 97 .

‹ صفحه 125 ›

رضا الرحمن .

يا علي ! إن أول خلق خلقه الله عز وجل العقل فقال له :

أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر فأدبر ، فقال : " وعزتي وجلالي

ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك ، بك آخذ وبك أعطي وبك

أثيب وبك أعاقب .

يا علي ! لا صدقة وذو رحم محتاج .

يا علي ! لا خير في قول إلا مع الفعل ولا في نظر إلا مع

الخبرة ولا في المال إلا مع الجود ولا في الصدق إلا مع الوفاء

ولا في العفة إلا مع الورع ولا في الصدقة إلا مع النية ، ولا في

الحياة إلا مع الصحة ، ولا في الوطن إلا مع الأمن والسرور .

يا علي ! حرم الله من الشاة سبعة أشياء : الدم والمذاكير

والمثانة والنخاع والغدد والطحال والمرارة .

يا علي ! ألا أخبركم بأشبهكم بي خلقا ؟ قال : بلى يا

رسول الله ، قال : أحسنكم خلقا وأعظمكم حلما وأبركم

لقرابته وأشدكم من نفسه إنصافا .

‹ صفحه 126 ›

يا علي ! رحم الله والدين حملا ولدهما على برهما .

يا علي ! من أحزن والديه فقد عقهما

.

يا علي ! من اغتيب عنده أخوه المسلم واستطاع نصره

فلم ينصره خذله الله في الدنيا والآخرة .

يا علي ! من كفل يتيما في نفقته بماله حتى يستغني وجبت

له الجنة البتة .

يا علي ! لا فقر أشد من الجهل ، ولا مال أعون من

العقل ، ولا وحدة أوحش من العجب ، ولا عقل كالتدبير ،

ولا ورع كالكف عن محارم الله وعما لا يليق ولا حسب

كحسن الخلق ، ولا عبادة مثل التفكر .

يا علي ! آفة الحديث الكذب ، وآفة العلم النسيان ، وآفة

العبادة الفترة ، وآفة الجمال الخيلاء ، وآفة الحلم الحسد .

يا علي ! أربعة يذهبن ضياعا : الأكل على الشبع ،

والسراج في القمر ، والزرع في السبخة ، والصنيعة عند غير

أهلها .

‹ صفحه 127 ›

يا علي ! من نسي الصلاة علي فقد أخطأ طريق الجنة .

يا علي ! إن أعتى الناس على الله القاتل غير قاتله

والضارب غير ضاربه .

يا علي ! من تولى غير مواليه فقد كفر بما أنزل الله عز

وجل .

يا علي ! إن الله تعالى أعطاني فيك سبع خصال : أنت أول

من ينشق عنه القبر معي ، وأنت أول من يقف على الصراط

معي ، وأنت أول من يكسى إذا كسيت ويحيى إذا حييت ،

وأنت أول من يسكن معي في العليين ، وأنت أول من يشرب

معي من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك .

‹ صفحه 129 ›

وصاياه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لابن مسعود

عن عبد الله بن مسعود قال : دخلت أنا وخمسة رهط من

أصحابنا يوما على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وقد أصابتنا مجاعة

شديدة ولم يكن رزقنا منذ أربعة أشهر إلا الماء واللبن وورق

الشجر ، فقلنا

: يا رسول الله ! إلى متى نحن على هذه المجاعة

الشديدة ؟

فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لا تزالون فيها ما عشتم

فأحدثوا لله شكرا ، فإني قرأت كتاب الله الذي أنزل علي

وعلى من كان قبلي فما وجدت من يدخلون الجنة إلا

الصابرون " .

يا بن مسعود ! قال الله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون

‹ صفحه 130 ›

أجرهم بغير حساب ) ( 1 ) ، ( أولئك يجزون الغرفة بما

صبروا ) ( 2 ) ، ( إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم

الفائزون ) ( 3 ) .

يا بن مسعود ! عليهم الخشوع والوقار والسكينة والتفكر

واللين والعدل والتعليم والاعتبار والتدبير والتقوى

والاحسان والتحرج والحب في الله والبغض في الله وأداء

الأمانة والعدل في الحكمة وإقامة الشهادة ومعاونة أهل الحق

والعفو عمن ظلم .

يا بن مسعود ! إذا ابتلوا صبروا ، وإذا أعطوا شكروا ،

وإذا حكموا عدلوا ، وإذا قالوا صدقوا ، وإذا عاهدوا وفوا ،

وإذا أساؤوا استغفروا ، وإذا أحسنوا استبشروا ، ( وإذا

خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) ( 4 ) ، ( وإذا مروا باللغو

0000000000000000

( 1 ) الزمر / 10 .

( 2 ) الفرقان / 75 .

( 3 ) المؤمنون / 111 .

( 4 ) الفرقان / 62 .

‹ صفحه 131 ›

مروا كراما ) ( 1 ) ، ( والذين يبيتون لربهم سجدا

وقياما ) ( 2 ) ، ( وقولوا للناس حسنا ) ( 3 ) .

يا بن مسعود ! والذي بعثني بالحق أن هؤلاء هم

الفائزون .

يا بن مسعود ! من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات ،

ومن خاف النار ترك الشهوات ، ومن ترقب الموت أعرض

عن اللذات ، ومن زهد في

الدنيا هانت عليه المصيبات .

يا بن مسعود ! محاريبهم نساؤهم ، وشرفهم الدراهم

والدنانير ، وهمتهم بطونهم ، أولئك هم شر الأشرار ، الفتنة

منهم وإليهم تعود .

يا بن مسعود ! اقرأ قوله تعالى : ( أفرأيت إن متعناهم

سنين * ثم جاءهم ما كانوا يوعدون * ما أغنى عنهم ما

000000000000000000

( 1 ) فرقان / 72 .

( 2 ) الفرقان / 64 .

( 3 ) البقرة / 83 .

‹ صفحه 132 ›

كانوا يمتعون ) ( 1 ) .

يا بن مسعود ! أجسادهم لا تشبع وقلوبهم لا تخشع .

يا بن مسعود ! الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ،

فطوبى للغرباء .

يا بن مسعود ! يأتي على الناس زمان الصابر فيه على

دينه مثل القابض على الجمر بكفه ، فإن كان في ذلك الزمان

ذئبا ، وإلا أكلته الذئاب .

يا بن مسعود ! عليك بخشية الله تعالى وأداء الفرائض ،

فإنه يقول : ( هو أهل التقوى وأهل المغفرة ) ( 2 ) ،

ويقول : ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي

ربه ) ( 3 ) .

يا بن مسعود ! دع عنك ما لا يغنيك وعليك بما يغنيك ،

000000000000000000

( 1 ) الشعراء / 205 - 207 .

( 2 ) المدثر / 56 .

( 3 ) البينة / 8 .

‹ صفحه 133 ›

فإن الله تعالى يقول : ( لكل امرئ منهم يومئذ شأن

يغنيه ) ( 1 ) .

يا بن مسعود ! لا تغترن بالله ولا تغترن بصلاحك

وعلمك وعملك وبرك وإحسانك .

يا بن مسعود ! لا تحقرن ذنبا ولا تصغرنه واجتنب

الكبائر فإن العبد إذا نظر يوم القيامة إلى ذنوبه دمعت عيناه

قيحا ودما ، ويقول الله تعالى : ( يوم تجد كل نفس

ما

عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها

وبينه أمدا بعيدا ) ( 2 ) .

يا بن مسعود ! إذا قيل لك : اتق الله فلا تغضب ، فإنه

يقول : ( وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه

جهنم ) ( 3 ) .

00000000000000000

( 1 ) عبس / 37 .

( 2 ) آل عمران / 30 .

( 3 ) البقرة / 206 .

‹ صفحه 134 ›

يا بن مسعود ! إذا عملت عملا فاعمله لله خالصا ، لأنه

لا يقبل من عباده الأعمال إلا ما كان له خالصا ، فإنه يقول :

( وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه

الأعلى * ولسوف يرضى ) ( 1 ) .

يا بن مسعود ! لا تلهيينك الدنيا وشهواتها فإن الله تعالى

يقول : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا

ترجعون ) ( 2 ) .

يا بن مسعود ! إذا عملت عملا من البر وأنت تريد بذلك

غير الله فلا ترج بذلك منه ثوابا فإنه يقول : ( فلا نقيم لهم

يوم القيامة وزنا ) ( 3 ) .

يا بن مسعود ! أكثر من الصالحات والبر ، فإن المحسن

والمسئ يندمان ، يقول المحسن : يا ليتني ازددت من

0000000000000000

( 1 ) الليل / 19 - 21 .

( 2 ) المؤمنون / 115 .

( 3 ) الكهف / 105 .

‹ صفحه 135 ›

الحسنات ، ويقول المسئ : قصرت وتصديق ذلك قوله

تعالى : ( ولا أقسم بالنفس اللوامة ) ( 1 ) .

يا بن مسعود ! إياك أن تسن سنة بدعة ، فإن العبد إذا

سن سنة سيئة لحقه وزرها ووزر من عمل بها ، قال الله

تعالى : ( ونكتب

ما قدموا وآثارهم ) ( 2 ) ، وقال سبحانه :

( ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر ) ( 3 ) .

يا بن مسعود ! لا تقدم الذنب ولا تؤخر التوبة ولكن قدم التوبة و أخر الذنب ، فإن الله تعالى يقول في كتابه : ( بل

يريد الإنسان ليفجر أمامه ) ( 4 ) .

يا بن مسعود ! إياك والذنب سرا وعلانية ، صغيرا

وكبيرا ، فإن الله تعالى حيثما كنت يراك و ( وهو معكم أين

0000000000000000000000

( 1 ) القيامة / 2 .

( 2 ) يس / 12 .

( 3 ) القيامة / 13 .

( 4 ) القيامة / 5 .

‹ صفحه 136 ›

ما كنتم ) ( 1 ) .

يا بن مسعود ! اتق الله في السر والعلانية والبر والبحر

والليل والنهار ، فإنه يقول : ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا

هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا

أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ) ( 2 ) .

يا بن مسعود ! لا تخونن أحدا من مال يضعه عندك أو

أمانة ائتمنك عليها فإن الله تعالى يقول : ( إن الله يأمركم أن

تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) ( 3 ) .

يا بن مسعود ! احذر يوما تنشر فيه الصحائف وتظهر

فيه الفضائح ، فإنه تعالى يقول : ( ونضع الموازين القسط

ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من

خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) ( 4 ) .

000000000000000000

( 1 ) الحديد / 4 .

( 2 ) المجادلة / 7 .

( 3 ) النساء / 58 .

( 4 ) الأنبياء / 47 .

‹ صفحه 137 ›

يا بن مسعود ! اخش الله

بالغيب كأنك تراه فإن لم تكن

تراه فإنه يراك ، ويقول الله تعالى : ( من خشي الرحمن

بالغيب وجاء بقلب منيب * ادخلوها بسلام ذلك يوم

الخلود ) ( 1 ) .

00000000000000000

( 1 ) ق / 33 - 34 .

‹ صفحه 139 ›

وصاياه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأبي ذر

يا أبا ذر ! إياك والسؤال ، فإنه ذل حاضر وفقر تتعجله

وفيه حساب طويل يوم القيامة .

يا أبا ذر ! تعيش وحدك ، وتموت وحدك ، وتدخل الجنة

وحدك ، يسعد بك قوم من أهل العراق يتولون غسلك

وكفنك ودفنك .

يا أبا ذر ! لا تسأل بكفك شيئا وإن أتاك شئ فاقبله .

ثم قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأصحابه : ألا أخبركم بشراركم ؟ قالوا :

بلى يا رسول الله ، قال : المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين

الأحبة ، الباغون للبراء العيب .

‹ صفحه 140 ›

يا أبا ذر ! اعبد الله كأنك تراه ، فإن كنت لا تراه فإنه

يراك ، واعلم أن أول عبادة الله المعرفة به .

يا أبا ذر ! اعلم أن الله عز وجل جعل أهل بيتي في أمتي

كسفينة نوح من ركبها نجا ومن رغب عنها غرق ، ومثل باب

حطة في بني إسرائيل من دخلها كان آمنا .

يا أبا ذر ! احفظ ما أوصيك به تكن سعيدا في الدنيا

والآخرة .

يا أبا ذر ! نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة

والفراغ .

يا أبا ذر ! اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ،

وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل

شغلك ، وحياتك قبل موتك .

يا أبا ذر ! إياك والتسويف بعملك فإنه بيومك ولست بما

بعده .

يا أبا ذر ! كم من

مستقبل يوما لا يستكمله ومنتظر

‹ صفحه 141 ›

غدا لا يبلغه .

يا أبا ذر ! لو نظرت إلى الأجل ومسيره لأبغضت الأمل

وغروره .

يا أبا ذر ! كن كأنك في الدنيا غريب أو كعابر سبيل ، وعد

نفسك من أصحاب القبور .

يا أبا ذر ! إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء وإذا

أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح ، وخذ من صحتك قبل

سقمك ، ومن حياتك قبل موتك ، فإنك لا تدري ما اسمك

غدا .

يا أبا ذر ! إياك أن تدركك الصرعة عند العثرة فلا تقال

العثرة ، ولا تمكن من الرجعة ، ولا يحمدك من خلفت بما

تركت ، ولا يعذرك من تقدم عليه بما اشتغلت به .

يا أبا ذر ! كن على عمرك أشح منك على درهمك

ودينارك .

يا أبا ذر ! هل ينتظر أحدكم إلا غنى مطغيا ، أو فقرا

‹ صفحه 142 ›

منسيا ، أو مرضا مفسدا ، أو هرما مقعدا ، أو موتا مجهزا ، أو

الدجال ، فإنه شر غائب ينتظر ، أو الساعة أدهى وأمر ، إن

شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه ،

ومن طلب علما ليصرف به وجوه الناس إليه لم يجد ريح

الجنة .

يا أبا ذر ! من ابتغى العلم ليخدع به الناس لم يجد ريح

الجنة .

يا أبا ذر ! إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل : لا أعلمه ،

تنج من تبعته ، ولا تفت بما لا علم لك به ، تنج من عذاب الله

يوم القيامة .

يا أبا ذر ! لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من

عصيته .

يا أبا ذر ! من وافق قوله فعله فذاك الذي أصابه حظه ،

ومن خالف قوله فعله فإنما يوبق نفسه .

يا أبا ذر !

إن الرجل ليحرم رزقه بالذنب يصيبه .

‹ صفحه 143 ›

يا أبا ذر ! دع ما لست منه في شئ ، فلا تنطق بما لا

يعنيك ، واخزن لسانك كما تخزن ورقك .

يا أبا ذر ! أيما رجل تطوع في يوم وليلة اثنتي عشر ركعة

سوى المكتوبة كان له حقا واجبا بيت في الجنة .

يا أبا ذر ! إنك ما دمت في الصلاة فإنك تقرع باب الملك

الجبار ، ومن يكثر قرع باب الملك يفتح له .

يا أبا ذر ! يقول الله تعالى : " لا أجمع على عبد خوفين ولا

أجمع له أمنين ، فإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة ، وإذا

خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة .

يا أبا ذر ! لو أن رجلا كان له كعمل سبعين نبيا لاحتقره

وخشي أن لا ينجو من شر يوم القيامة .

يا أبا ذر ! الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ،

والعاجز من اتبع نفسه وهواها وتمنى على الله عز وجل

الأماني .

يا أبا ذر ! إن أول شئ يرفع من هذه الأمة : الأمانة

‹ صفحه 144 ›

والخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعا .

يا أبا ذر ! إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا فقهه في الدين

وزهده في الدنيا وبصره بعيوب نفسه .

يا أبا ذر ! إن الله تبارك وتعالى لم يوح إلي أن أجمع المال

ولكن أوحي إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين

واعبد ربك حتى يأتيك اليقين .

يا أبا ذر ! حرث الآخرة العمل الصالح ، وحرث الدنيا

المال البنون .

يا أبا ذر ! اتق الله ولا تر الناس أنك تخشى الله فيكرموك

وقلبك فاجر .

يا أبا ذر ! ليكن لك في كل شئ نية صالحة حتى في النوم

والأكل .

يا أبا

ذر ! إذا تبعت جنازة فليكن عقلك فيها مشغولا

بالتفكر والخشوع ، واعلم أنك لاحق به .

يا أبا ذر ! حاسب نفسك قبل أن تحاسب فهو أهون

‹ صفحه 145 ›

لحسابك غدا ، وزن نفسك قبل أو توزن وتجهز للعرض

الأكبر يوم تعرض لا تخفى منك على الله خافية .

يا أبا ذر ! ما من شاب ترك الدنيا وأفنى شبابه في طاعة

الله إلا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صديقا .

يا أبا ذر ! الجليس الصالح خير من الوحدة ، والوحدة

خير من جليس السوء ، وإملاء الخير خير من السكوت ،

والسكوت خير من إملاء الشر .

يا أبا ذر ! لا تصاحب إلا مؤمنا ، ولا يأكل طعامك إلا

تقي ، ولا تأكل طعام الفاسقين .

يا أبا ذر ! أطعم طعامك من تحبه في الله ، وكل طعام من

يحبك في الله عز وجل .

يا أبا ذر ! إن الله عز وجل عند لسان كل قائل ، فليتق الله

امرؤ وليعلم ما يقول .

يا أبا ذر ! اترك فضول الكلام وحسبك من الكلام ما تبلغ

به حاجتك .

‹ صفحه 146 ›

يا أبا ذر ! كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما يسمع .

يا أبا ذر ! ما من شئ أحق بطول السجن من اللسان .

يا أبا ذر ! إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ،

وإكرام حملة القرآن العاملين ، وإكرام السلطان المقسط .

يا أبا ذر ! ما عمل من لم يحفظ لسانه .

يا أبا ذر ! لا تكن عيابا ولا مداحا ولا طعانا ولا مماريا .

يا أبا ذر ! لا يزال العبد يزداد من الله بعدا ما ساء خلقه .

يا أبا ذر ! الكلمة الطيبة صدقة ، وكل خطوة تخطوها إلى

الصلاة صدقة

.

يا أبا ذر ! لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه

أشد من محاسبة الشريك شريكه ، فيعلم من أين مطعمه

ومن أين مشربه ومن أين ملبسه ، أمن حل أم من حرام .

يا أبا ذر ! من لم يبال من أين يكتسب المال لم يبال الله عز

وجل من أين أدخله النار .

‹ صفحه 147 ›

يا أبا ذر ! من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله عز

وجل .

يا أبا ذر ! إن أحبكم إلى الله جل ثناؤه أكثركم ذكرا له ،

وأكرمكم عند الله عز وجل أتقاكم له ، وأنجاكم من عذاب الله

أشدكم له خوفا .

يا أبا ذر ! من أطاع الله عز وجل فقد ذكر الله وإن قلت

صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن .

يا أبا ذر ! ملاك الدين الورع ورأسه الطاعة .

يا أبا ذر ! كن ورعا تكن أعبد الناس ، وخير دينكم

الورع .

يا أبا ذر ! لو أن الناس كلهم أخذوا بهذه الآية لكفتهم :

( ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا

يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ

أمره ) ( 1 ) .

0000000000000000

( 1 ) الطلاق / 2 - 3 .

‹ صفحه 148 ›

يا أبا ذر ! لو أن ابن آدم فر من رزقه كما يفر من الموت

لأدركه كما يدركه الموت .

يا أبا ذر ! استغن بغنى الله يغنك الله ، فقلت : وما هو يا

رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : غداء يوم وعشاء ليلة ، فمن قنع بما

رزقه الله فهو أغنى الناس .

يا أبا ذر ! إن الله تبارك وتعالى لا ينظر إلى صوركم ولا

إلى أموالكم وأقوالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم

وأعمالكم .

يا أبا ذر ! التقوى ههنا التقوى ههنا ، وأشار إلى صدره .

يا أبا ذر ! من ذب عن أخيه المسلم الغيبة كان حقا على

الله أن يعتقه من النار .

يا أبا ذر ! لا يدخل الجنة قتات ، قلت : وما القتات ؟

قال : النمام .

يا أبا ذر ! صاحب النميمة لا يستريح من عذاب الله عز

وجل في الآخرة .

يا أبا ذر ! من كان ذا وجهين ولسانين في الدنيا فهو ذو

‹ صفحه 149 ›

لسانين في النار .

يا أبا ذر ! المجالس بالأمانة وإفشاء سر أخيك خيانة

فاجتنب ذلك واجتنب مجلس العشيرة .

يا أبا ذر ! إياك وهجران أخيك ، فإن العمل لا يتقبل مع

الهجران .

خاتمة المطاف

إلى هنا اختتم هذا البحث الأخلاقي ، وهناك أحاديث وروايات

وقصص مهمة كثيرة يعسر حصرها ، غير إنا اقتطفنا اليسير منها ،

ومن يرد المزيد فليراجع كتب الأخلاق ، وكتابنا النجاة من

الذنوب .

ختاما نسأل المولى القدير ، أن يتقبل منا هذا اليسير ويعفو

عنا الكثير فإنه سميع بصير ، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه ،

ويعيننا على أنفسنا بما يعين الصالحين على أنفسهم في

‹ صفحه 150 ›

مجاهدة النفس الأمارة بالسوء ، وتخليتها من الرذائل والصفات

الذميمة ، وتحليتها بالصفات الحميدة والفضائل المجيدة ،

لترتفع إلى مصاف أوليائه من التجلي ، مصاف عباده الصالحين ،

لننال بذلك الحضور عنده ، في سعادة الدارين فإنه أرحم

الراحمين .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على خير خلقه محمدا وآله الطاهرين

دار الهجرة - قم المقدسة العبد المنيب

الطبعة الخامسة حسين الشاكري

1418 ه. ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.