المسح علی الرجلین فی الوضوء

اشارة

سرشناسه : حسینی میلانی، علی 1326 - عنوان و نام پديدآور : المسح علی الرجلین فی الوضوء/ علی الحسینی المیلانی مشخصات نشر : قم مرکز الابحاث العقائدیه 1421ق = 1379. مشخصات ظاهری : 51 ص. فروست : سلسله الندوات العقائدیه ؛ 27 شابک : 964-319-266-0 يادداشت : عربی یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس موضوع : مسح موضوع : Mash* موضوع : مسخ-- احادیث موضوع : Metamorphosis--Hadiths موضوع : وضو موضوع : وضو -- احادیث رده بندی کنگره : BP185/5 /ح 47م 5 1379 رده بندی دیویی : 297/352 شماره کتابشناسی ملی : م 79-16432

مقدّمة المركز

لا يخفى أنّنا لازلنا بحاجة إلى تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والافهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة، ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الاُمّة وقيمها الحقّة، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث.

وانطلاقاً من ذلك، فقد بادر مركز الابحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني _ مدّ ظلّه _ إلى اتّخاذ منهج ينتظم على عدّة محاور بهدف طرح الفكر الاسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن.

ومن هذه المحاور: عقد الندوات العقائديّة المختصّة، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين، التي تقوم نوعاً على الموضوعات الهامّة، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد

--- ... الصفحة 6 ... --

والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها، ثم يخضع ذلك الموضوع _ بطبيعة الحال _ للحوار المفتوح والمناقشات الحرّة لغرض الحصول على أفضل النتائج.

ولاجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الانترنت العالمية صوتاً وكتابةً.

كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها على المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتى

أرجاء العالم.

وأخيراً، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها على شكل كراريس تحت عنوان «سلسلة الندوات العقائدية» بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة عليها.

وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من السلسلة المشار إليها.

سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله.

مركز الابحاث العقائدية

فارس الحسّون

--- ... الصفحة 7 ... --

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الاوّلين والاخرين.

بحثنا في مسألة المسح على الرجلين في الوضوء.

وهي مسألة علمية تحقيقيّه فقهيّة، مطروحة في كتب العلماء في الفقه والكلام والحديث والتفسير.

وأُلّفت في هذه المسألة رسائل كثيرة، لكون المسألة تتعلّق بالوضوء، والوضوء مقدّمة الصلاة، والصلاة عمود الدين، فريضة يقوم بها كلّ فرد من المكلّفين في كلّ يوم خمس مرّات.

ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصلّي بالناس، ولعلّه كان يتوضّأ أمامهم وفي حضورهم، والصحابة أيضاً لا سيّما الملازمون له، المطّلعون

--- ... الصفحة 8 ... --

على جزئيّات حالاته، لابدّ وأن يكونوا على اطّلاع من وضوئه (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومع هذه التفاصيل، وتعليم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)الوضوء للناس، نرى هذا الخلاف الشديد بين المسلمين في كيفيّة الوضوء.

ومسألتنا مسألة المسح، وبحثنا الان في مسألة المسح على الرجلين في الوضوء، وإلاّ فالمسائل الاُخرى المتعلّقة بالوضوء، التي وقع النزاع فيها بين المسلمين أيضاً موجودة، لكنّا نتعرّض الان لمسألة المسح على الرجلين أو غسل الرجلين على الخلاف الموجود.

--- ... الصفحة 9 ... --

الاقوال في المسألة

الاقوال في هذه المسألة متعدّدة، فأجمعت الشيعة الاماميّة الاثنا عشريّة على أنّ الحكم الشرعيّ في الوضوء هو المسح على الرجلين على التعيين، بحيث لو أنّ المكلّف غسل رجله، وحتّى لو جمع بين الغسل والمسح بعنوان أنّه الواجب والتكليف الشرعي، يكون وضوؤه باطلاً بالاجماع.

هذا رأي الطائفة الاماميّة، ولهم على هذا الرأي أدلّتهم من الكتاب والسنّة المرويّة عن أئمّة أهل البيت سلام الله عليهم، وقد ادّعي التواتر في الروايات الدالّة على وجوب المسح دون الغسل، بل ذكر أنّ المسح في الوضوء من ضروريّات هذا المذهب.

إذن، لا خلاف بين

الشيعة الاماميّة في وجوب المسح على التعيين، ولهم أدلّتهم.

وأمّا الاخرون، فقد اختلفوا:

--- ... الصفحة 10 ... --

منهم من قال بوجوب الغسل على التعيين، وهذا قول الائمّة الاربعة، والقول المشهور بين أهل السنّة.

ومنهم من قال: بوجوب الجمع بين المسح والغسل، وينسب هذا القول إلى بعض أئمّة الزيديّة وإلى بعض أئمّة أهل الظاهر.

ومن أهل السنّة من يقول بالتخيير، فله أن يغسل وله أن يمسح.

وسنذكر أصحاب هذه الاقوال في خلال البحث.

إلاّ أنّ المهمّ هو البحث عن المسح على وجه التعيين والغسل على وجه التعيين، فالقول بالغسل على وجه التعيين قول جمهور أهل السنّة، والقول بالمسح على التعيين قول الطائفة الشيعيّة الاماميّة الاثنى عشرية.

فلننظر ماذا يقول هؤلاء، وماذا يقول أولئك، ولنحقق في أدلّة القولين على ضوء الكتاب والسنّة، لنتوصّل إلى النتيجة التي نتوخّاها.

--- ... الصفحة 11 ... --

الاستدلال بالقرآن على المسح

أمّا في الكتاب، فقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلى الْكَعْبَيْنِ)(1) .

ومحل الشاهد والاستدلال في هذه الاية كلمة (وَأَرْجُلَكُمْ) .

في هذه الكلمة ثلاثة قراءات، قراءتان مشهورتان: الفتح والجر (وَأَرْجُلَكُمْ) (وَأَرْجُلِكُمْ) ، وقراءة شاذّة وهي القراءة بالرفع: (وَأَرْجُلُكُمْ) .

القراءة بالرفع وصفت بالشذوذ، يقال: إنّها قراءة الحسن البصري وقراءة الاعمش، ولا يهمّنا البحث عن هذه القراءة، لانّها قراءة شاذّة، ولو أردتم الوقوف على هذه القراءة ومن قرأ بها،

____________

(1) سورة المائدة: 6.

--- ... الصفحة 12 ... --

فارجعوا إلى تفسير القرطبي(1) ، وإلى أحكام القرآن لابن العربي المالكي(2) وإلى غيرهما من الكتب، كتفسير الالوسي، وتفسير أبي حيّان البحر المحيط، وفتح القدير للشوكاني، يمكنكم الوقوف على هذه القراءة.

والوجه في الرفع (وَأَرْجُلُكُمْ) قالوا بأنّ الرفع هذا على الابتداء (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ

وَأَرْجُلُكُمْ) هذا مبتدأ يحتاج إلى خبر، فقال بعضهم: الخبر: مغسولة، وأرجلكم مغسولة، فتكون هذه الاية بهذه القراءة دالّة على وجوب الغسل.

لاحظوا كتاب إملاء ما منّ به الرحمن في إعراب القرآن لابي البقاء، وهو كتاب معتبر، هُناك يدّعي بأنّ كلمة (وَأَرْجُلُكُمْ) بناء على قراءة الرفع مبتدأ والخبر مغسولة، فتكون الاية دالّة على وجوب الغسل(3) .

لكنّ الزمخشري(4) وغير الزمخشري من كبار المفسّرين

____________

(1) الجامع لاحكام القرآن 6/94.

(2) أحكام القرآن لابن العربي 2/72.

(3) إملاء ما منّ به الرحمن 1 / 210.

(4) الكشاف 1 / 611.

--- ... الصفحة 13 ... --

يقولون بأنّ تقدير مغسولة لا وجه له، لانّ للطرف الاخر أن يقدّر ممسوحة.

ومن هنا يقول الالوسي(1) : وأمّا قراءة الرفع فلا تصلح للاستدلال للفريقين، إذ لكلّ أن يقدّر ما شاء، القائل بالمسح يقدّر ممسوحة والقائل بالغسل يقدّر مغسولة.

نرجع إلى القراءتين المشهورتين أو المتواترتين، بناء على تواتر القراءات السبع.

أمّا قراءة الجر (وَأَرْجُلِكُمْ) وجه هذه القراءة واضح، لانّ الواو عاطفة، تعطف الارجل على الرؤوس، الرؤوس ممسوحة فالارجل أيضاً ممسوحة (وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ) ، بناء على هذه القراءة تكون الواو عاطفة، والارجل معطوفة على الرؤوس، وحينئذ تكون الاية دالّة على المسح بكلّ وضوح.

أمّا بناء على القراءة بالنصب (وَأَرْجُلَكُمْ) الواو عاطفة، وأرجلكم معطوفة على محلّ الجار والمجرور، على محلّ رؤوسكم، ومحلّ رؤوسكم منصوب، والعطف على المحل مذهب مشهور في علم النحو وموجود، ولا خلاف في هذا على المشهور

____________

(1) روح المعاني 6 / 77.

--- ... الصفحة 14 ... --

بين النحاة، وكما أنّ الرؤوس ممسوحة، فالارجل أيضاً تكون ممسوحة.

فبناء على القراءتين المشهورتين تكون الاية دالّة على المسح دون الغسل.

وهذا ما يدّعيه علماء الاماميّة في مقام الاستدلال بهذه الاية المباركة.

ولننظر هل لاهل السنّة أيضاً رأي في هاتين

القراءتين أو لا ؟ وهل علماؤهم يوافقون على هذا الاستنتاج، بأنْ تكون القراءة بالنصب والقراءة بالجرّ كلتا القراءتان تدلاّن على وجوب المسح دون الغسل أو لا ؟

أمّا الاماميّة فلهم أدلّتهم، وهذا وجه الاستدلال عندهم بالاية المباركة كما قرأنا.

تجدون الاعتراف بدلالة الاية المباركة _ على كلتا القراءتين _ على وجوب المسح دون الغسل، تجدون هذا الاعتراف في الكتب الفقهيّة، وفي الكتب التفسيريّة، بكلّ صراحة ووضوح، وأيضاً في كتب الحديث من أهل السنّة، أعطيكم بعض المصادر: المبسوط

--- ... الصفحة 15 ... --

في فقه الحنفيّة للسرخسي(1) ، شرح فتح القدير في الفقه الحنفي(2) ، المغني لابن قدامة في الفقه الحنفي(3) ، تفسير الرازي(4) ، غنية المتملّي(5) ، حاشية السندي على سنن ابن ماجة(6) ، تفسير القاسمي(7) .

هذه بعض المصادر التي تجدون فيها الاعتراف بدلالة الاية المباركة على كلتا القراءتين بوجوب المسح، وحتّى أنّ الفخر الرازي يوضّح هذا الاستدلال، ويفصّل الكلام فيه ويدلّل عليه ويدافع عنه، وكذا غير الفخر الرازي في تفاسيرهم.

وفي هذه الكتب لو نراجعها نرى أموراً مهمّة جدّاً:

الامر الاول:

إنّ الكتاب ظاهر _ على القراءتين _ في المسح على وجه التعيين.

الامر الثاني:

يذكرون أسماء جماعة من كبار الصحابة

____________

(1) المبسوط 1 / 8.

(2) شرح فتح القدير 1 / 11.

(3) المغني 1 / 151.

(4) تفسير الرازي 11 / 161.

(5) غنية المتملي: 16.

(6) حاشية السندي 1 / 88.

(7) تفسير القاسمي 6 / 1894.

--- ... الصفحة 16 ... --

والتابعين وغيرهم القائلين بالمسح دون الغسل، وسنذكر بعضهم.

الامر الثالث:

إنّهم يصرّحون بأنّ الكتاب وإنْ دلّ على المسح، فإنّا نقول بالغسل لدلالة السنّة على الغسل.

فإذن، يعترفون بدلالة الكتاب على المسح، إلاّ أنّهم يستندون إلى السنّة في القول بوجوب الغسل.

لكنّ الملفت للنظر أنّهم يعلمون بأنّ الاستدلال بالسنّة للغسل

سوف لا يتمّ، لوجود مشكلات لابدّ من حلّها وبعضها غير قابلة للحل، فالاستدلال بالسنّة على وجوب الغسل لا يتم، والاعتراف بدلالة الاية على وجوب المسح ينتهي إلى ضرورة القول بوجوب المسح، لدلالة الكتاب ولعدم دلالة تامّة من السنّة، حينئذ يرجعون ويستشكلون ويناقشون في دلالة الكتاب على المسح.

--- ... الصفحة 17 ... --

مناقشات القوم في الاستدلال بالقرآن وردّها

أذكر لكم بعض المناقشات، وهذه المناقشات تجدونها في كتبهم، وتجدون أيضاً الردّ على هذه المناقشات في كتبهم أيضاً، فأقرأ لكم بعض المناقشات وبعض الردود على تلك المناقشات من أنفسهم.

المناقشة الاُولى:

إنّ قراءة النصب في أرجلكم ليس هذا النصب بالعطف على محلّ رؤوسكم كما ذكرنا، وإنّما هو لاجل العطف على الوجوه والايدي، فكأنّه قال: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم.

فإذن يجب الغسل لا المسح، والنصب ليس للعطف على محل رؤوسكم، وإنّما العطف على لفظ الوجوه والايدي، ولفظ الوجوه

--- ... الصفحة 18 ... --

والايدي منصوب، وأرجلكم منصوب.

إذن، يسقط الاستدلال بالاية المباركة _ على قراءة النصب _ لوجوب المسح دون الغسل، بل تكون الاية دالة على الغسل دون المسح، بناء على صحّة هذا الوجه.

هذا الاشكال تجدونه في أحكام القرآن لابن العربي المالكي يقول: جاءت السنّة قاضيّة بأنّ النصب يوجب العطف على الوجه واليدين، النصب في أرجلكم بمقتضى دلالة السنّة لابدّ وأنْ يكون لاجل العطف على الوجه واليدين، لا لاجل العطف على محلّ رؤوسكم، وقد ذكر ابن العربي المالكي بأنّ هذا الذي أقوله هو طريق النظر البديع(1) .

ردّ المناقشة الاُولى:

لكنّ المحققين منهم يردّون هذا الوجه، ويجيبون عن هذا الاشكال، ويقولون: بأنّ الفصل بين المتعاطفين بجملة غير معترضة خطأ في اللغة العربية، والقرآن الكريم منزّه من كلّ خطأ وخلط، وكيف يحمل الكتاب على خطأ في اللغة العربيّة.

____________

(1)

أحكام القرآن 2 / 72.

--- ... الصفحة 19 ... --

لاحظوا، يقول أبو حيّان _ وهو مفسر كبير ونحوي عظيم، وآراؤه في الكتب النحويّة مذكورة ينظر إليها بنظر الاحترام، ويبحث عنها ويعتنى بها _ يقول معترضاً على هذا القول: بأنّه يستلزم الفصل بين المتعاطفين بجملة ليست باعتراض بل هي منشئة حكماً.

قال: قال الاُستاذ أبوالحسن ابن عصفور [ وهذا الاسم نعرفه كلّنا، من كبار علماء النحو واللغة ] وقد ذكر الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه قال: وأقبح ما يكون ذلك بالجمل، فدلّ قوله هذا على أنّه ينزّه كتاب الله عن هذا التخريج(1) .

وتجدون هذا الاعتراض على هذه المقالة أيضاً في عمدة القاري، وفي الغنية للحلبي، وفي غير هذين الكتابين أيضاً.

المناقشة الثانية:

قال بعضهم بأنّ لفظ المسح مشترك بين المسح المعروف والغسل، أي في اللغة العربية أيضاً يسمى الغسل مسحاً، وإذا كان اللفظ مشتركاً حينئذ يسقط الاستدلال.

____________

(1) البحر المحيط 3/438.

--- ... الصفحة 20 ... --

قال القرطبي: قال النحّاس: هذا من أحسن ما قيل في المقام، أي لانْ تكون الاية غير دالّة على المسح، نجعل كلمة المسح مشتركة بين الغسل والمسح المعروف.

ثمّ قال القرطبي: وهو الصحيح.

فوافق على رأي النحّاس(1) .

وراجعوا أيضاً: البحر المحيط(2) ، وتفسير الخازن(3) ، وابن كثير(4) ، يذكرون هذا الرأي.

ردّ المناقشة الثانية:

لكنّ المحقّقين لا يوافقون على هذا الرأي، وهذه المناقشة عندهم مردودة، ولا يصدّقون أن يقول اللغويون بمجيء كلمة المسح بمعنى الغسل، وأن تكون هذه الكلمة لفظاً مشتركاً بين المعنيين.

لاحظوا مثلاً: عمدة القاري في شرح البخاري يقول بعد نقل

____________

(1) الجامع لاحكام القرآن 6/94.

(2) البحر المحيط 3 / 438.

(3) تفسير الخازن 2 / 441.

(4) ابن كثير 2 / 35.

--- ... الصفحة 21 ... --

هذا الرأي: وفيه نظر(1) .

ويقول

الصاوي في حاشية البيضاوي: وهو بعيد(2) .

وصاحب المنار يقول: وهو تكلّف ظاهر(3) .

فتكون هذه المناقشة أيضاً مردودة من قبلهم.

المناقشة الثالثة:

إنّ قراءة الجرّ ليست بالعطف على لفظ برؤوسكم ليدلّ قوله تعالى في هذه الاية المباركة على المسح، لا، وإنّما هو كسر على الجوار.

عندنا في اللغة العربيّة كسر على الجوار، ويمثّلون له ببعض الكلمات أو العبارات العربيّة مثل: هذا جحر ضبٍّ خرب، يقال: هذا كسر على الجوار.

فليكن كسر (وَأَرْجُلِكُمْ) أيضاً على الجوار، فحينئذ يسقط الاستدلال.

أورد هذه المناقشة: العيني في عمدة القاري، وأبو البقاء في

____________

(1) عمدة القاري في شرح صحيح البخاري 2/239.

(2) الصاوي على البيضاوي 1/270.

(3) تفسير المنار 6/233.

--- ... الصفحة 22 ... --

إملاء ما منّ به الرحمن، والالوسي في تفسيره، ودافع الالوسي عن هذا الرأي.

ردّ المناقشة الثالثة:

لكنّ أئمّة التفسير لا يوافقون على هذا.

لاحظوا، يقول أبو حيّان: هو تأويل ضعيف جدّاً(1) .

ويقول الشوكاني: لا يجوز حمل الاية عليه(2) .

ويقول الرازي وكذا النيسابوري: لا يمكن أن يقال هذا في الاية المباركة(3) .

ويقول القرطبي قال النحّاس: هذا القول غلط عظيم(4) .

وهكذا يقول غيرهم كالخازن والسندي والخفاجي في حاشيته على البيضاوي وغيرهم من العلماء الاعلام.

فهذه المناقشة أيضاً مردودة.

____________

(1) البحر المحيط 3 / 438.

(2) فتح القدير 2 / 16.

(3) غرائب القرآن 6 / 53.

(4) الجامع لاحكام القرآن 6 / 94.

--- ... الصفحة 23 ... --

المناقشة الرابعة:

يقولون إنّ الاية بكلتا القراءتين تدلّ على المسح، يعترفون بهذا، فقراءة النصب تدلّ على المسح، وقراءة الجر تدلّ على المسح، لكن ليس المراد من المسح أنْ يمرّ الانسان يده على رجله، بل المراد من المسح المسح على الخفّين، حينئذ تكون الاية أجنبيّة عن البحث.

إختار هذا الوجه جلال الدين السيوطي، واختاره أيضاً المراغي صاحب التفسير.

ردّ المناقشة الرابعة:

لكن هذه

المناقشة تتوقّف:

أوّلاً: على دلالة السنّة على الغَسل دون المسح، وهذا أوّل الكلام.

ثانياً: إنّ جواز المسح على الخفّين في حال الاختيار أيضاً أوّل الكلام، فكيف نحمل الاية المباركة على ذلك الحكم.

وفي هذه المناقشة أيضاً إشكالات أُخرى.

--- ... الصفحة 24 ... --

وتلخّص إلى الان: أنّهم اعترفوا بدلالة الاية المباركة بكلتا القراءتين على وجوب المسح دون الغسل، اعترفوا بهذا ثمّ قالوا بأنّنا نعتمد على السنّة ونستند إليها في الفتوى بوجوب الغسل، ونرفع اليد بالسنّة عن ظاهر الكتاب.

وحينئذ، تصل النوبة إلى البحث عن السنّة، والمناقشات في الاية ظهر لنا اندفاعها بكلّ وضوح، فنحن إذن والسنّة.

--- ... الصفحة 25 ... --

الاستدلال بالسنّة على المسح

وفي السنّة النبويّة _ بغضّ النظر عن روايات أهل البيت ومافي كتاب وسائل الشيعة وغير وسائل الشيعة من روايات أهل البيت (عليهم السلام) _ ننظر إلى روايات أهل السنّة في هذه المسألة.

وفي كتبهم المعروفة المشهورة، نجد أنّ الروايات بهذه المسألة على قسمين، وتنقسم إلى طائفتين، منها ما هو صريح في وجوب المسح دون الغسل، أقرأ لكم بعض النصوص عن جمع من الصحابة الكبار، وننتقل إلى أدلّة القول الاخر.

الرواية الاُولى:

عن علي (عليه السلام): إنّه توضّأ فمسح على ظهر القدم وقال: لولا أنّي رأيت رسول الله فعله لكان باطن القدم أحقّ من ظاهره.

هذا نصّ في المسح عن علي (عليه السلام) أخرجه أحمد

--- ... الصفحة 26 ... --

والطحاوي(1) .

الرواية الثانية:

عن علي (عليه السلام) قال: كان النبي يتوضّأ ثلاثاً ثلاثاً إلاّ المسح مرّةً مرّة.

في المصنّف لابن أبي شيبة وعنه المتقي الهندي(2) .

الرواية الثالثة:

عن علي (عليه السلام) إنّه توضّأ ومسح رجليه، في حديث مفصّل وقال: أين السائل عن وضوء رسول الله ؟ كذا كان وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

هذا في مسند

عبد بن حميد وعنه المتقي الهندي(3) .

وهذا الخبر الاخير تجدونه بأسانيد أُخرى عند ابن أبي شيبة وأبي داود وغيرهما، وعنهم المتقي(4) ، وبسند آخر تجدون هذا

____________

(1) مسند أحمد 1 / 95، 114، 124، شرح معاني الاثار 2 / 372.

(2) كنز العمال 9 / 444.

(3) كنز العمال 9 / 448.

(4) كنز العمال 9 / 448، 605.

--- ... الصفحة 27 ... --

الحديث الاخير في أحكام القرآن(1) .

فأميرالمؤمنين (عليه السلام) يروي المسح عن رسول الله، وهم يروون خبره وأخباره في كتبهم المعتبرة بأسانيد عديدة.

الرواية الرابعة:

عن ابن عبّاس: أبى الناس إلاّ الغسل ولا أجد في كتاب الله إلاّ المسح.

رواه عبدالرزّاق الصنعاني وابن أبي شيبة وابن ماجة، وعنهم الحافظ الجلال السيوطي(2) .

الرواية الخامسة:

عن رفاعة بن رافع عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين.

وهذا نص صريح أخرجه أبو داود في سننه(3) ، والنسائي في

____________

(1) أحكام القرآن للجصّاص 1 / 347.

(2) الدر المنثور 2 / 262.

(3) سنن أبي داود 1 / 86.

--- ... الصفحة 28 ... --

سننه(1) ، وابن ماجه في سننه(2) ، والطحاوي(3) ، والحاكم(4) ، والبيهقي، والسيوطي في الدر المنثور(5) .

قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.

قال الذهبي: صحيح.

وقال العيني: حسّنه أبو علي الطوسي وأبو عيسى الترمذي وأبو بكر البزّار، وصحّحه الحافظ ابن حبّان وابن حزم.

الرواية السادسة:

عن عبدالله بن عمر، كان إذا توضّأ عبدالله ونعلاه في قدميه، مسح ظهور قدميه برجليه ويقول: كان رسول الله يصنع هكذا(6) .

الرواية السابعة:

عن عبّاد بن تميم عن عمّه: إنّ النبي توضّأ ومسح على

____________

(1) سنن النسائي 1 / 161.

(2) سنن ابن ماجة 1 / 156.

(3) الطحاوي 1 / 35.

(4) المستدرك 1 / 241.

(5) الدر المنثور 2

/ 262.

(6) شرح معاني الاثار 1 / 35.

--- ... الصفحة 29 ... --

القدمين، وإنّ عروة بن الزبير كان يفعل ذلك.

هذا الحديث رواه كثيرون من أعلام القوم، فلاحظوا في شرح معاني الاثار(1) ، وفي الاستيعاب(2) وصحّحه صاحب الاستيعاب.

وقال ابن حجر: روى البخاري في تاريخه وأحمد وابن أبي شيبة وابن أبي عمرو والبغوي والباوردي وغيرهم كلّهم من طريق أبي الاسود عن عبّاد بن تميم المازني عن أبيه قال: رأيت رسول الله يتوضّأ ويمسح الماء على رجليه.

قال ابن حجر: رجاله ثقات(3) .

وروى هذا أيضاً ابن الاثير في أُسد الغابة عن ابن أبي عاصم وابن أبي شيبة(4) .

الرواية الثامنة:

عن عبدالله بن زيد المازني: إنّ النبي توضّأ ومسح بالماء على

____________

(1) شرح معاني الاثار 1 / 35.

(2) الاستيعاب 1 / 159.

(3) الاصابة في معرفة الصحابة 1 / 185.

(4) أسد الغابة في معرفة الصحابة 1 / 217.

--- ... الصفحة 30 ... --

رجليه.

ابن أبي شيبة في المصنَّف وعنه في كنز العمّال(1) ، وابن خزيمة في صحيحه وعنه العيني في عمدة القاري(2) .

الرواية التاسعة:

عن حمران مولى عثمان بن عفّان قال: رأيت عثمان بن عفّان دعا بماء، فغسل كفّيه ثلاثاً، ومضمض واستنشق وغسّل وجهه ثلاثاً وذراعيه، ومسح برأسه وظهر قدميه.

رواه أحمد والبزّار وأبو يعلى وصحّحه أبو يعلى(3) .

الرواية العاشرة:

ابن جرير الطبري بسنده عن أنس بن مالك: وكان أنس إذا مسح قدميه بلّهما.

قال ابن كثير: إسناده صحيح(4) .

____________

(1) كنز العمال 9 / 451.

(2) عمدة القاري في شرح البخاري 2 / 240.

(3) كنز العمال 9 / 442.

(4) تفسير ابن كثير 2 / 25.

--- ... الصفحة 31 ... --

الرواية الحادية عشرة:

عن عمر بن الخطّاب.

أخرج ابن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ عنه حديثاً في المسح، ولاحظ عمدة القاري(1) .

الرواية

الثانية عشرة:

عن جابر بن عبدالله الانصاري كذلك.

أخرجها الطبراني في الاوسط وعنه العيني(2) .

وهناك أحاديث وآثار أُخرى لا أُطيل عليكم بذكرها، وإلاّ فهي موجودة عندي وجاهزة.

ومن هنا نرى أنّهم يعترفون بذهاب كثير من الصحابة والتابعين إلى المسح.

لاحظوا أنّه اعترف بذلك ابن حجر العسقلاني في فتح الباري، وابن العربي في أحكام القرآن، وابن كثير في تفسيره، هؤلاء كلّهم

____________

(1) عمدة القاري في شرح البخاري 2 / 240.

(2) عمدة القاري في شرح البخاري 2 / 240.

--- ... الصفحة 32 ... --

اعترفوا بذهاب جماعة من الصحابة والتابعين والسلف إلى المسح، وفي بداية المجتهد لابن رشد: ذهب إليه قوم، أي المسح.

وأمّا رأي محمّد بن جرير الطبري صاحب التاريخ والتفسير، فقد نقلوا عنه الردّ على القول بتعيّن الغسل، وهذا القول عنه منقول في تفاسير: الرازي والبغوي والقرطبي وابن كثير والشوكاني في ذيل آية الوضوء، وكذا في أحكام القرآن، وفي شرح المهذّب للنووي، والمغني لابن قدامة أيضاً، وفي غيرها من الكتب.

وإلى الان ظهر دليل القول بالمسح من الكتاب والسنّة، على أساس كتب السنّة ورواياتهم، وظهر أنّ عدّة كثيرة من الصحابة والتابعين يقولون بتعيّن المسح، ويروون هذا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإذا فشل القوم من إثبات مذهبهم _ الغسل _ عن الكتاب والسنّة ماذا يفعلون ؟

القرآن لا يمكنهم تكذيبه، لكنَّ الروايات يكذّبونها:

في روح المعاني للالوسي: إنّ هذه الروايات كذب...!! وسأقرأ لكم نصّ عبارته في روح المعاني.

أمّا ابن حجر العسقلاني، ففي فتح الباري(1) يقول: نعم،

____________

(1) فتح الباري في شرح صحيح البخاري 1 / 213.

--- ... الصفحة 33 ... --

الكتاب والسنّة يدلاّن على المسح وإنّ كثيراً من الصحابة قالوا بالمسح، لكنّهم عدلوا عن هذا الرأي.

ومن أين يقول عدلوا ؟ لا يوضّح

هذا ولا يذكر شيئاً !!

ومنهم من يناقش في بعض أسانيد هذه الاحاديث كي يتمكّن من ردّها، وإلاّ لخسر الكتاب والسنّة كليهما، فهؤلاء مشوا على هذا الطريق، وسأذكر بعضهم.

ومنهم الذين حرّفوا هذه الاحاديث، الاحاديث الدالّة على المسح، وجعلوها دالّة على الغسل، وهذه طريقة أُخرى، سجّلت بعضهم وبعض ما فعلوا.

فمثلاً في إحدى الروايات عن علي (عليه السلام)، الرواية التي قرأناها، كانت تلك الرواية دالّة على المسح، فجعلوها دالّة على الغسل، يقول الراوي: إنّ عليّاً مسح رجليه، فحُرّف إلى: غسل رجليه، فارجعوا إلى كنز العمال(1) وقارنوا بين هذا الخبر في هذه الصفحة وبين رواية أحمد(2) ، وأيضاً الطحاوي في معاني الاثار.

ومن ذلك أيضاً الحديث الذي قرأناه عن حمران مولى عثمان، فقد حرّفوه وجعلوه دالاًّ على الغسل، فبدل ما يقول إنّه مسح على

____________

(1) كنز العمال 9 / 444.

(2) مسند أحمد 1 / 95.

--- ... الصفحة 34 ... --

قدميه، جعلوا اللفظ: غسل قدميه، وهذا الحديث في مسند أحمد(1) .

وأكتفي بهذا المقدار لانّ هناك بحوثاً أُخرى.

____________

(1) مسند أحمد 1 / 95.

--- ... الصفحة 35 ... --

النظر في أدلّة القائلين بالغسل

ننتقل الان إلى دليل القائلين بالغسل من أهل السنّة.

أمّا من الكتاب، فليس عندهم دليل.

قالوا: نستدلّ بالسنّة، فما هو دليلهم ؟

إنّ المتتبع لكتب القوم لا يجد دليلاً على القول بالغسل إلاّ دليلين:

الاوّل:

ما اشتمل من ألفاظ الحديث عندهم على جملة: «ويل للاعقاب من النار»، وسأقرأ نصّ الحديث، فهم يستدلّون بهذا الحديث على وجوب الغسل دون المسح.

الثاني:

ما يروونه في بيان كيفيّة وضوء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وسأقرأ لكم بعض تلك الاحاديث.

إذن، لا يدلّ على وجوب الغسل إلاّ ما ذكرت من الاحاديث:

أوّلاً: ما اشتمل على «ويل للاعقاب من النار».

--- ... الصفحة 36 ... --

وثانياً: ما يحكي لنا

كيفيّة وضوء رسول الله.

لاحظوا كتبهم التي يستدلّون فيها بهذين القسمين من الاحاديث على وجوب الغسل، كلّهم يستدلّون، أحكام القرآن لابن العربي، فتح الباري، تفسير القرطبي، المبسوط، معالم التنزيل للبغوي، الكواكب الدراري في شرح البخاري، وغير هذه الكتب، تجدونهم يستدلّون بهذين القسمين من الحديث فقط على وجوب الغسل دون المسح، وعلينا حينئذ أنْ نحقق في هذين الخبرين.

الاستدلال بحديث «ويل للاعقاب من النار»

[تمهيد]

والعمدة هي رواية: «ويل للاعقاب من النار»، وهي رواية عبدالله بن عمرو بن العاص، هذه الرواية موجودة في البخاري، وموجودة عند مسلم، فهي في الصحيحين، أقرأ لكم الحديث بالسند، ولاحظوا الفوارق في السند والمتن:

قال البخاري: حدّثنا موسى، حدّثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف ابن ماهك، عن عبدالله بن عمرو قال: تخلّف النبي (صلى الله عليه وسلم)عنّا في سفرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقتنا العصر _ أي صلاة العصر _ فجعلنا نتوضّأ ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته:

--- ... الصفحة 37 ... --

«ويل للاعقاب من النار، ويل للاعقاب من النار، ويل للاعقاب من النار». مرّتين أو ثلاثاً كرّر هذه العبارة.

هذا الحديث في البخاري بشرح ابن حجر العسقلاني(1) .

وأمّا مسلم فلاحظوا: حدّثني زهير بن حرب، حدّثنا جرير وحدّثنا إسحاق أخبرنا جرير، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي يحيى، عن عبدالله بن عمرو قال: رجعنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)من مكّة إلى المدينة _ هذه السفرة كانت من مكّة إلى المدينة _ حتّى إذا كنّا بماء بالطريق تعجّل قوم عند العصر، فتوضّؤوا وهم عجال، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسّها الماء [ وهذه القطعة من الحديث غير موجودة عند البخاري، وهي المهم ومحل الشاهد هذه القطعة ] فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسّها الماء، فقال رسول الله:

«ويل للاعقاب من النار أسبغوا الوضوء»(2) .

مناقشة الاستدلال بحديث «ويل للاعقاب من النار»

نقول: عندما نريد أن نحقّق في هذا الموضوع _ ولنا الحقّ أنْ

____________

(1) فتح الباري في شرح البخاري 1 / 213.

(2) شرح النووي على صحيح مسلم 2 / 128، هامش ارشاد الساري.

--- ... الصفحة 38 ... --

نحقق _ فأوّلاً نبحث عن حال هذين السندين وفيهما من تكلّم فيه، لكنّا نغضّ النظر عن البحث السندي، لانّ أكثر القوم على صحّة الكتابين.

إذن، ننتقل إلى البحث عن فقه هذا الحديث:

لاحظوا في صحيح البخاري: فجعلنا نتوضّأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته «ويل للاعقاب من النار، ويل للاعقاب من النار» لكنْ لابدّ وأنْ يكون الكلام متعلّقاً بأمر متقدّم، رسول الله يقول: «ويل للاعقاب من النار» وليس قبل هذه الجملة ذكر للاعقاب، هذا غير صحيح.

أمّا في لفظ مسلم: فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسّها الماء فقال: «ويل للاعقاب من النار» وهذا هو اللفظ الصحيح.

إذن، من هذا الحديث يظهر أنّ أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يغسلوا أرجلهم في الوضوء، وإنّما مسحوا، لكنّهم لمّا مسحوا لم يمسحوا كلّ ظهر القدم وبقيت الاعقاب لم يمسّها الماء، فاعترض عليهم رسول الله، لماذا لم تمسحوا كلّ ظهر القدم، ولم يقل رسول الله لماذا لم تغسلوا، قال: لماذا لم تمسحوا كلّ ظهر القدم.

لابد وأنّكم تشكّون فيما أقول، ولا تصدّقون، ولا توافقوني في دلالة الحديث على المعنى الذي ذكرته، وتريدون أن آتي لكم

--- ... الصفحة 39 ... --

بشواهد من القوم أنفسهم، فيكون هذا الحديث دالاًّ على المسح دون الغسل !! مع إنّهم يستدلون بحديث عبدالله بن عمرو بن العاص على وجوب الغسل دون المسح !! لاحظوا:

يقول ابن حجر العسقلاني بعد أن يبحث عن هذا الحديث ويشرحه، ينتهي إلى

هذه الجملة ويقول: فتمسّك بهذا الحديث من يقول بإجزاء المسح.

ويقول ابن رشد _ لاحظوا عبارته _: هذا الاثر وإنْ كانت العادة قد جرت بالاحتجاج به في منع المسح، فهو أدلّ على جوازه منه على منعه، وجواز المسح أيضاً مروي عن بعض الصحابة والتابعين(1) .

رسول الله لم يقل لماذا لم تغسلوا أرجلكم، قال: لماذا لم تمسحوا على أعقابكم، يعني: بقيت أعقابكم غير ممسوحة، وقد كان عليكم أن تمسحوا على ظهور أرجلكم وحتّى الاعقاب أيضاً يجب أنْ تمسحوا عليها، ويل للاعقاب من النار.

يقول صاحب المنار: هذا أصحّ الاحاديث في المسألة، وقد يتجاذب الاستدلال به الطرفان.

____________

(1) بداية المجتهد 1 / 16.

--- ... الصفحة 40 ... --

أي القائلون بالمسح والقائلون بالغسل(1) .

ولاحظوا بقيّة عباراتهم، فهم ينصّون على هذا.

والحاصل: إنّ رسول الله لم يعترض على القوم في نوع ما فعلوا، أي لم يقل لهم لماذا لم تغسلوا، وإنّما قال لهم: لماذا لم تمسحوا أعقابكم «ويل للاعقاب من النار» وهذا نصّ حديث مسلم، إلاّ أنّ البخاري لم يأت بهذه القطعة، فأُريد الاستدلال بلفظه على الغسل.

ولا أدري هل لم يأت بالقطعة من الحديث عمداً أو سهواً، وهل أنّه هو الساهي أو المتعمّد، أو الرواة هم الساهون أو المتعمّدون ؟

ولمّا كان هذا الحديث الذي يريدون أن يستدلّوا به للغسل، كان دالاً على المسح، اضطرّوا إلى أن يحرّفوه، لاحظوا التحريفات، تعمّدت أن أذكرها بدقّة:

فالحديث بنفس السند الذي في صحيح مسلم الدالّ على المسح لا الغسل، بنفس السند، يرويه أبو داود في سننه ويحذف منه ما يدلّ على المسح(2) .

____________

(1) تفسير المنار 6 / 228.

(2) سنن ابي داود 1 / 15.

--- ... الصفحة 41 ... --

وهكذا صنع الترمذي في صحيحه، والنسائي في صحيحه، وابن ماجة

في صحيحه، كلّهم يروون الحديث عن منصور عن هلال بن يسار عن يحيى عن عبدالله بن عمرو، نفس السند الذي في صحيح مسلم، لكنّه محرّف، قارنوا بين الالفاظ، وهذا غريب جدّاً.

أمّا النسفي، فلو تراجعون تفسيره في ذيل الاية المباركة يقول هكذا: قد صحّ أنّ النبي رأى قوماً يمسحون على أرجلهم فقال: «ويل للاعقاب من النار»(1) وكم فرق بين هذا اللفظ ولفظ مسلم.

أمّا في مسند أحمد وتبعه الزمخشري في الكشّاف، فجعلوا كلمة الوضوء بدل المسح.

ففي صحيح مسلم يقول: فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم تمسّها الماء.

يقول أحمد في المسند وفي الكشّاف ينقل: وعن ابن عمرو بن العاص كنّا مع رسول الله فتوضّأ قوم وأعقابهم بيض تلوح فقال: «ويل للاعقاب من النار»(2) .

قارنوا بين اللفظين لتروا كيف يحرّفون الكلم عن مواضعها متى ما كانت تضرّهم.

____________

(1) تفسير النسفي (هامش الخازن) 2 / 441.

(2) مسند أحمد 2 / 193، الكشاف 1 / 611.

--- ... الصفحة 42 ... --

الاستدلال بحديث كيفية وضوء رسول الله ومناقشته

وأمّا الحديث الثاني، الحديث الذي يروونه في كيفية وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، استدلّوا به على الغسل دون المسح، وهو الحديث الذي يرويه حمران عن عثمان بن عفّان.

فظهر أنّ الحديث الذي يروونه عن حمران عن عثمان بن عفّان يروونه على شكلين: تارة يدلّ على المسح، وتارة يدلّ على الغسل، والسند نفس السند والراوي حمران نفسه.

لاحظوا في البخاري: حدّثنا عبدالعزيز بن عبدالله الاويسي، حدّثني إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب _ هذا الزهري _ أنّ عطاء بن يزيد أخبره: أنّ حمران مولى عثمان أخبره: أنّه رأى عثمان بن عفّان دعا بإناء فأفرغ على كفّه ثلاث مرّات فغسلهما، ثمّ أدخل يمينه في الاناء فمضمض واستنشق، ثمّ غسّل وجهه ثلاثاً ويديه إلى

المرافق ثلاث مرّات، ثمّ مسح برأسه ثمّ غسل رجليه [ والحال قرأنا: مسح رجليه ] ثمّ غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين، ثمّ قال: قال رسول الله: «من توضّأ نحو وضوئي هذا ثمّ صلّى ركعتين

--- ... الصفحة 43 ... --

لا يحدّث فيهما نفسه، غفر الله ما تقدّم من ذنبه».

هذا الحديث في البخاري بشرح ابن حجر(1) وفي مسلم أيضاً بنفس السند عن الزهري، عن عطاء، عن حمران، عن عثمان بن عفّان.

وإذا لاحظتم الاسناد، عبدالعزيز بن عبدالله الاويسي: مذكور في المغني في الضعفاء للذهبي(2) ، وقال أبو داود: ضعيف، وذكره ابن حجر العسقلاني في مقدّمة فتح الباري فيمن تكلّم فيه(3) .

ثمّ إبراهيم بن سعد: ذكره ابن حجر فيمن تكلّم فيه(4) ، وأورده ابن عدي في الكامل في الضعفاء(5) ، وعن أحمد كأنّه يضعّفه، وقال صالح جزرة: ليس حديثه عن الزهري بذاك.

وأمّا ابن شهاب الزهري: ففيه ما فيه.

وأمّا حمران نفس الراوي عن عثمان _ مولى عثمان هذا _: قال ابن سعد صاحب الطبقات: لم أرهم يحتجّون بحديثه، غضب عليه

____________

(1) فتح الباري 1 / 208.

(2) المغني في الضعفاء، ميزان الاعتدال 2 / 630.

(3) هدي الساري _ مقدمة فتح الباري: 419.

(4) هدي الساري _ مقدمة فتح الباري: 385.

(5) الكامل في الضعفاء 1 / 399.

--- ... الصفحة 44 ... --

عثمان فنفاه(1) ، وأورده البخاري في الضعفاء.

وكذا الكلام في سند حديث مسلم وهو ينتهي إلى حمران أيضاً.

وبعد التنزّل عن المناقشة السنديّة في هذا الحديث المخرّج في الصحيحين، والتسليم بصحة هذا السند، تكون رواية حمران الدالّة على الغسل معارضة لرواية حمران الدالّة على المسح، ويكون الخبران متعارضين، حينئذ يعرضان على الكتاب، وقد رأينا الكتاب دالاًّ على المسح دون الغسل، فالكتاب إذن يكذّب ما

يدلّ على الغسل.

____________

(1) انظر: ميزان الاعتدال 1 / 604، تهذيب التهذيب 3 / 21.

--- ... الصفحة 45 ... --

خاتمة البحث

إذن، أصبحوا صفر اليدين من الكتاب والسنّة.

وحينئذ، تصل النوبة إلى السبّ والشتم، تصل النوبة إلى ما لا يتفوّه به عالم، لا يتفوّه به فاضل، فكيف وهو يدّعي أنّه من كبار العلماء !

لاحظوا ابن العربي المالكي(1) يقول: إتفقت العلماء على وجوب غسلهما _ أي الرجلين _ وما علمت من ردّ ذلك، سوى الطبري من فقهاء المسلمين والرافضة من غيرهم.

فما معنى هذا الكلام ؟

ويقول شهاب الدين الخفاجي في حاشيته على تفسير البضاوي: ومن أهل البدع من جوّز المسح على الرجل(2) .

____________

(1) أحكام القرآن 2 / 72.

(2) الشهاب على البيضاوي 3 / 220.

--- ... الصفحة 46 ... --

ويقول الالوسي _ الكلام الذي وعدتكم بقراءته: لا يخفى أنّ بحث الغسل والمسح ممّا كثر فيه الخصام، وطالما زلّت فيه الاقدام، وما ذكره الامام [ الرازي ] يدلّ على أنّه راجل في هذا الميدان [ ذكرت لكم أنّ الرازي يوضّح كيفيّة دلالة الاية على المسح بالقراءتين ] فلنبسط الكلام في تحقيق ذلك رغماً لاُنوف الشيعة السالكين من السبل كلّ سبيل حالك، ما يزعمه الاماميّة من نسبة المسح إلى ابن عبّاس وأنس بن مالك وغيرهما كذب مفترى عليهم، ونسبة جواز المسح إلى أبي العالية وعكرمة والشعبي زور وبهتان، وكذلك نسبة الجمع بين الغسل والمسح أو التخيير بينهما إلى الحسن البصري عليه الرحمة، ومثله نسبة التخيير إلى محمّد بن جرير الطبري صاحب التاريخ الكبير والتفسير الشهير. وقد نشر رواة الشيعة هذه الاكاذيب المختلقة ورواها بعض أهل السنّة ممّن لم يميّز الصحيح والسقيم من الاخبار، بلا تحقّق ولا سند، واتسع الخرق على الراقع، ولعلّ محمّد

بن جرير القائل بالتخيير هو محمّد بن جرير رستم الشيعي صاحب المسترشد في الامامة أبو جعفر، لا أبو جعفر محمّد بن جرير بن غالب الطبري الشافعي الذي هو من أعلام السنّة، والمذكور في تفسير هذا هو الغسل فقط، لا المسح

--- ... الصفحة 47 ... --

ولا الجمع ولا التخيير الذي نسبه الشيعة إليه(1) .

يكفي هذا المقدار من السبّ ؟ أو تريدون أكثر ؟ يكفيكم هذا المقدار !

لكن نرى بعضهم لا يتحمّل هذا السبّ على الشيعة وهو ليس من الشيعة.

يقول صاحب المنار(2) : إنّ في كلامه عفا الله عنه تحاملاً على الشيعة وتكذيباً لهم في نقل وجد مثله في كتب أهل السنّة كما تقدّم، وظاهره أنّه لم يطّلع على تفسير ابن جرير الطبري.

فالالوسي إذن أصبح جاهلاً لم يطّلع على تفسير ابن جرير الطبري، وهو صاحب التفسير روح المعاني على كبره ! هذا دفاع أو توجيه وتبرير لسبّ جناب الالوسي، هذا السيّد الذي يدّعي أنّه من ذريّة رسول الله.

قد ظهر إلى الان: أنّ الصحيح بالكتاب والسنّة هو المسح دون الغسل، وعليه الاماميّة كلّهم، وعليه من صحابة رسول الله كثيرون، على رأسهم أميرالمؤمنين (عليه السلام) وابن عبّاس وأنس بن مالك وجماعة آخرون.

____________

(1) روح المعاني 6 / 77.

(2) المنار في تفسير القرآن 6 / 229.

--- ... الصفحة 48 ... --

أمّا أهل السنّة، فالمشهور بينهم الغسل، وقد عرفنا أنّهم لا دليل لهم على هذه الفتوى، ولذا اضطرّ بعضهم إلى أن يقول بالجمع بين الغسل والمسح، وبعضهم خيّر بين الامرين.

لاحظوا في المرقاة في شرح المشكاة للقاري يقول بأنّ أحمد والاوزاعي والثوري وابن جبير يقولون بالتخيير بين المسح والغسل(1) .

هذه مرحلة من الحقّ، التخيير مرحلة من الحقّ، الحقّ هو المسح على التعيين، لكن

نفي تعيين الغسل والتخيير بينه وبين المسح مرحلة على كلّ حال، فهو يدلّ على أنّهم لا دليل لهم على تعيّن الغسل.

نعم السبّ فوق كلّ دليل، الشتم أعظم من كلّ دليل.

نعم، إن كان الشتم دليلاً فهو من أعظم الادلّة.

وأمّا الحسن البصري، فقد اختلفوا في رأيه ماذا كان رأيه ؟ وأيضاً الطبري صاحب التفسير والتاريخ، خلطوا لئلاّ يتبيّن واقع أمره، لاحظوا عباراتهم في حقّ الطبري.

فأبو حيّان أخرج الطبري من أهل السنّة وجعله من علماء

____________

(1) المرقاة في شرح المشكاة 1/315.

--- ... الصفحة 49 ... --

الشيعة أصلاً، لاحظوا لسان الميزان لابن حجر العسقلاني(1) ، والسليماني _ وهو من كبار علمائهم في الجرح والتعديل _ لم ينكر كون الطبري من أهل السنّة وإنّما قال: كان يضع للروافض. أي يكذب على رسول الله لصالح الشيعة، وهذا تجدونه في ميزان الاعتدال(2) .

والذهبي هنا له نوع من الانصاف، نزّه الطبري من كونه وضّاعاً للشيعة، وعن كونه من الروافض قال: هذا من كبار علماء السنّة وما هذا الكلام في حقّه، نعم له رأي في مسألة المسح على الرجلين(3) .

الرازي وجماعة ينسبون إلى الطبري القول بالتخيير، آخرون ينسبون إليه القول بالجمع، لاحظوا كتاب المنار(4) ، وابن حجر العسقلاني إحتمل أن يكون هذا الطبري المذكور في الكتب هو الطبري الشيعي، واختلط الامر عليهم والطبري الشيعي أيضاً قائل بالمسح فتصوّر الكتّاب والمؤلّفون والمطالعون أنّ هذا الطبري

____________

(1) لسان الميزان 5 / 100.

(2) ميزان الاعتدال 3 / 499.

(3) سير اعلام النبلاء 14 / 277.

(4) تفسير المنار 6 / 228.

--- ... الصفحة 50 ... --

صاحب التفسير والتاريخ، وهل يصدّق بهذا ؟!

إذن، لماذا رماه ذاك بالرفض، ولماذا رماه ذاك بالوضع، ولماذا قال الاخر قولاً آخر في حقّه، ولماذا كلّ هذا ؟

عرفتم

أنّ القول بالمسح رأي كثير من الصحابة والتابعين، وقول الحسن البصري أيضاً كذلك، وقول الطبري صاحب التفسير والتاريخ أيضاً كذلك، وهناك علماء آخرون أيضاً يقولون بهذا القول.

أذكر لكم قضيّة، لاحظوا، ذكروا(1) بترجمة أبي بكر محمّد بن عمر بن الجعابي _ هذا الامام الحافظ الكبير، والمحدّث الشهير _ ذكروا بترجمته أنّهم قد وضعوا علامة على رجله حينما كان نائماً، وبعد أن راجعوا تلك العلامة بعد ثلاثة أيّام وجدوها باقية موجودة ! خطّوا على رجله بقلم أو بشيء آخر وهو نائم لا يشعر، وبعد ثلاثة أيّام رأوا الخطّ موجوداً على رجله، فقالوا بأنّ هذا الشخص لم يصلّ، لانّه إنْ كان قد صلّى فقد توضّأ، وإن كان قد توضّأ فقد غسل رجله، وحينئذ تزول العلامة عن رجله، ولمّا كانت باقيةً فهو إذنْ لم يصلّ هذه المدّة.

____________

(1) سير أعلام النبلاء 16 / 90.

--- ... الصفحة 51 ... --

أقول:

إن كان أبوبكر الجعابي تاركاً للصلاة حقيقةً، فهذا ليس غريباً، فكم له من نظير في كبار علمائهم، ولي مذكّرات من كبار علمائهم الاعلام ينصّون بتراجمهم أنّه كان يترك الصلاة، من جملتهم زاهر بن طاهر الشحّامي النيسابوري، يصرّحون بأنّ هذا المحدّث كان يترك الصلاة مع أنّهم يعتبرونه من كبار الحفّاظ، يعتمدون على روايته بل يجعلونه من جملة الشهود عند الحكّام، والشاهد يجب أن يكون عادلاً، وكأنّ ترك الصلاة لا يضرّ بالعدالة.

فإن كان الجعابي تاركاً للصلاة فكم له من نظير.

أمّا إذا كان يمسح على رجله كالشيعة ولا يغسل رجله، فتبقى العلامة على رجله لا ثلاثة أيّام ولربّما خمسين يوماً إذا لم يذهب إلى الحمام ليغسل، فيبقى الخطّ على رجله، فيدور أمر الجعابي، إمّا أنّه كان تاركاً للصلاة فكم له من نظير، وإمّا أنّه من

أصحابنا الاماميّة أو موافق لاصحابنا الاماميّة في هذه المسألة.

وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.