البارقه الحیدریه فی الاسرار العلویه

اشارة

سرشناسه : علوی عادل - 1955 عنوان و نام پديدآور : البارقه الحیدریه فی الاسرار العلویه تالیف عادل العلوی مشخصات نشر : قم موسسه الاسلامیه العامه للتبلیغ و الارشاد، 1421ق = 2000م = 1379. مشخصات ظاهری : ص 30 فروست : (موسوعه رسالات اسلامیه شابک : 964-5915-45-7 وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی يادداشت : عربی يادداشت : فهرستنویسی براساس اطلاعات فیپا. يادداشت : عنوان دیگر: رساله البارقه الحیدریه فی الاسرار العلویه یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس عنوان دیگر : رساله البارقه الحیدریه فی الاسرار العلویه عنوان دیگر : رساله البارقه الحیدریه فی الاسرار العلویه موضوع : علی بن ابی طالب ع ، امام اول 23 قبل از هجرت - 40ق -- فضایل موضوع : غلاه شیعه رده بندی کنگره : BP37/4 /ع 77ب 2 رده بندی دیویی : 297/951 شماره کتابشناسی ملی : م 79-22031

المقدمة

الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمّد وآله الطاهرين ، واللعن الدائم على أعدائهم ومنكري فضائلهم من الآن إلى قيام الدين.

أمّا بعد :

فاعلم أنّ الحديث والكلام عن أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين أسد الله الغالب الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) من الأمر الصعب المستصعب الذي لا يتحمّله إلاّ ملك مقرّب أو نبيّ مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه بالإيمان ، فإنّ ابن عمّ الرسول وزوج البتول إمام المتّقين ويعسوب الدين عليّ (عليه السلام) إنّما هو سرّ الله وسرّ الأسرار ، وإنّه جوهرة الوجود قد صنعها الله سبحانه وتعالى بيدي العلم والقدرة ، وصاغها النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) بروحه النوريّة ونفسه الملكوتية ، بل المولى الأمير (عليه السلام) هو شجرة التوحيد[3] كان لله عزّ وجلّ

أن يتجسّد ولن يتجسّد، لتجسّد في مثل مولانا الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، وقد ورد نظير هذا في إذن الدخول على الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ، كما أ نّهم نور واحد وكلّهم محمّد كما ورد : «أوّلنا محمّد ، أوسطنا

محمّد ، وآخرنا محمّد ، كلّنا محمّد»[5] ، وهذا يعني أيضاً أنّ (أوّلهم عليّ ، وأوسطهم عليّ ، وآخرهم عليّ ، وكلّهم عليّ) ، كلّهم شؤونات متجلّية حسب الظروف والزمان للحقيقة المحمّدية الواحدة التي تجلّت في الأنبياء والأوصياء والأولياء.

وأمّا الذي ورد في إذن الدخول فإليك المقطع التالي شاهداً : «... والحمد لله الذي مَنَّ علينا بحكّام يقومون مقامه لو كان حاضراً في المكان ولا إله إلاّ الله»[7].

هذا وربما يتبادر إلى ذهن بعض القرّاء أنّ مثل هذه المقولات ، وكذلك ما يذكر من فضائل أهل البيت (عليهم السلام) ومقاماتهم القدسيّة وفيضهم الأقدس ، إنّما هو من الغلوّ المنهيّ عنه.

فإنّه ورد عن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) : « هلك فيَّ رجلان : محبٌّ غال ، ومبغضٌ قال»[9] ، بنا يلحق التالي ، وإلينا يرجع

الغالي»[11].

وقال (صلى الله عليه وآله) مخاطباً أمير المؤمنين (عليه السلام) : يا عليّ مَثَلك في اُمّتي مثل المسيح ابن مريم ، افترق قومه ثلاث فرق : فرقة مؤمنون وهم الحواريون ، وفرقة عادوه وهم اليهود ، وفرقة غلوا فيه فخرجوا عن الإيمان ، وإنّ اُمّتي ستفترق فيك ثلاث فرق : ففرقة شيعتك وهم المؤمنون ، وفرقة عدوّك وهم الشاكّون ، وفرقة غلوا فيك وهم الجاحدون ، وأنت في الجنّة يا عليّ وشيعتك و محبّو شيعتك ، وعدوّك والغالي في النار[13] ... وهناك أحاديث كثيرة في هذا المضمار لم نتعرّض لها طلباً

للاختصار.

ولكن لا بدّ لنا من توضيح معنى الغلوّ ومعرفة الغلاة ولو على نحو الإشارة والإجمال وبمقدار ما يناسب هذه العجالة ، حتّى يتبيّن الحقّ ، ويعلم أنّ ما يقال ونقول فيهم ليس إلاّ قطرة من بحار مقاماتهم الشامخة ، وإنّما هو بمقدار عقولنا و وجودنا ، لا بمقدار ما هم عليه ، فإنّه في عالم الإمكان والممكنات لا يقاس بهم أحد ، وأ نّهم دون الخالق وفوق المخلوق في كلّ عوالمهم ومعالمهم ومقاماتهم الرفيعة.

---

[2]إشارة إلى الحديثين الشريفين : «لا إله إلاّ الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي» و «ولاية عليّ بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي» ، ومع حذف الحدّ الوسط المتكرّر تكون النتيجة : كلمة التوحيد ولاية عليّ (عليه السلام).

[4]بحار الأنوار 26 : 3.

[6]مفاتيح الجنان لخاتم المحدّثين الشيخ عبّاس القمّي : 312.

[8]نهج البلاغة : الحكمة 117.

[10]نهج البلاغة : الحكمة 109.

[12]البحار 25 : 265.

javascript:if(confirm('http://al-shia.com/

ما هو الغلوّ ؟ ومن هم الغلاة ؟[1]

اعلم أنّ الغلاة فِرَق حُسبت على الشيعة في كتب الملل والنحل ، وشيعة أهل البيت (عليهم السلام) _ تبعاً لأئمتهم الأطهار (عليهم السلام) _ براء منهم ، والغلاة إنّما ظهرت في عصر الأئمة الأطهار (عليهم السلام) من أجل حبّ الجاه والمقام والإباحية ومآرب اُخرى ، ثمّ حملت عقائد فاسدة من اُلوهية عليّ والأئمة الأطهار (عليهم السلام) أو نبوّتهم ، أو نسبت الصفات الإلهية إليهم استقلالا وبالذات ، إلاّ أنّ الأئمة (عليهم السلام) أنكروا عليهم ذلك غاية الإنكار ، ولعنوهم أشدّ اللعن ، وتبرّأوا منهم ، وحذّروا الشيعة من مفاسدهم وخطرهم وألاعيبهم ، ومن بعدهم (عليهم السلام) تصدّى علماؤنا الأعلام في مصنّفاتهم ومواقفهم الحاسمة ضدّ تيّارات الغلاة وإلى يومنا هذا.

ولا يخفى أنّ أساس الفِرَق كما هو

مذكور في كتب الملل والنحل ، إنّما يرجع إلى الجهل وحبّ الدنيا وزخارفها من حبّ الرئاسة والإطراء والسمعة وغير ذلك.

وقد ورد في الحديث النبويّ الشريف المشهور عند الفريقين السنّة والشيعة أ نّه : «ستفترق اُمّتي ثلاث وسبعين فرقة ، وكلّها هالكة إلاّ واحدة» ، فعند العامّة : «ما عليه أنا وأصحابي» ، وهذا مردود لاختلاف الأصحاب فيما بينهم ، وكذلك ما ورد في بعض الأخبار : «ما عليه الجماعة» ، فإنّهم لم يتّفقوا على كلمة واحدة ، ولا يصحّ صحّة الروايات جميعاً لاختلافها ، فيبقى ما ورد فيها كلمة «أهل البيت (عليهم السلام)» ، وإنّ الداني والقاصي ليشهد بفضلهم ومقامهم السامي ، كما يدلّ على صحّة ذلك العقل والنقل من الآيات القرآنية ، كآية التطهير والولاية ، وكذلك الأحاديث الثابتة المتواترة كحديث الثقلين والغدير والسفينة وغيرها.

ثمّ المراد من السبعين وما زاد ليس خصوص العدد ، بل المراد الكثرة.

ومن الفرق الأساسية الشيعة ، فمنهم من قسّمهم إلى الغالية والرافضة والزيدية ، ومنهم إلى خمسة وعشرين فرقة ، ومنهم من زاد حتّى أوصل فرق الغلاة إلى اثنتين وستّين ، ومنهم إلى مئة فرقة ، ومنهم من زاد . وإنّما تكثّرت فرق الغلاة لعلل وأسباب مذكورة في محلّها ، وتسمّت بأسماء باعتبار عقائدها الفاسدة ، أو أصحابها وروّادها الأوائل.

والغلوّ على وزن فعول مصدر (غلى يغلو) ، وهو لغةً : بمعنى الإفراط والارتفاع وتجاوز الحدّ في كلّ شيء والخروج عن القصد ، ولو زاد ثمن المتاع عن المتعارف في الأسواق فإنّه يُسمّى (غالياً) ، وإن تجاوز العصير عند إسخانه عن حدّه يعبّر عنه بالغليان ، والسهم الذي يتجاوز القوس يسمّى بالغَلو ، ومنه (غلوة سَهم) ، فتستعمل كلمة الغلوّ

فيما يتجاوز عن حدّه مع الإفراط ، وربما يستعمل مع التفريط أيضاً.

وقد ذكر الغلوّ في القرآن الكريم في أربع مواضع ، في آيتين بمعنى الغلوّ في الدين ، وفي آية بمعنى الفوران والغلي في وصف شجرة الزقّوم ، واستعمل في الروايات والأخبار بالمعنيين أيضاً.

والمراد من الغلوّ اصطلاحاً هو المروق والخروج عن الدين والانحراف عن مذهب الحقّ باعتقاد الإلوهيّة في شخص أو حلول الله فيه ، ويسمّى بالغلوّ في الذات ، أو اعتقاد من لم يكن نبيّاً أ نّه نبيّ ، أو نسبة الأوصاف الإلهية كالعلم الذاتي المطلق والخالقية والرازقية على نحو الاستقلال وبالذات لغير الله ، ويسمّى : الغلوّ في الصفات.

فينقسم الغلوّ حينئذ إلى قسمين : الغلوّ في الذات والغلوّ في الصفات ، وكان الغلوّ بقسميه في الاُمم السابقة قبل الإسلام كما كان بعده ، فمن يرى الاُلوهيّة في شخص كالعزير بن الله عند اليهود ، أو المسيح عيسى كما عند النصارى ، أو عليّ بن أبي طالب كما عند الغلاة ، فهذا من الغلوّ في الذات ، ومن يرى الصفات الإلهيّة على نحو الاستقلال وبالذات لواحد من البشر ، فهذا من الغلوّ في الصفات ، ولكن من يرى ذلك لشخص في طول الله لا في عرضه حتّى يلزم الشرك ، وأ نّه بإذنه وبالتبع لإرادته سبحانه ، كأن يخلق من الطين طيراً بإذن الله عزّ وجلّ ، فهذا من الحقّ الحقيق ودونه من التقصير والتفريط . وما نقوله في أئمّتنا (عليهم السلام) إنّما هو من هذا الباب.

---

[1]أشرت إلى ذلك بالتفصيل في رسالة (ماذا تعرف عن الغلوّ والغلاة ؟) ، فراجع.

الغلوّ في الصفات

ثمّ الغلوّ في الصفات قد اختلف علماؤنا الأوائل في بطلانه ، وفي بداية الغيبة

الكبرى وقع نزاع بين مدرستين :

1 _ المدرسة البغدادية : التي تتمثّل بالفقهاء الفطاحل والمحدّثين الكبار كالشيخ الكليني والشيخ المفيد وشيخ الطائفة وعلم الهدى عليهم الرحمة ، وغيرهم ، والتي كانت تجابه مدارس العامّة ومذاهبهم الذين انحرفوا بالانحراف التفريطي وقصّروا في حقّ أهل البيت (عليهم السلام) ، حيث أزاحوهم عن مراتبهم الحقّة ، وخلافتهم الصادقة.

2 _ المدرسة القمّية : والتي تتمثّل بالمحدّثين ، ومنهم الشيخ الصدوق وشيخه ابن الوليد عليهم الرحمة ، وقد ابتلوا آنذاك بالغلاة والانحراف الإفراطي.

ثمّ كان محور النزاع بين المدرستين حول علم الإمام وعصمته ، وبعض مقاماته الغيبية.

فالشيخ الصدوق يرى من لم يعتقد بسهو النبيّ فهو من الغلاة ، ومن يقول بالشهادة الثالثة في أذانه فهو من المفوّضة وهم طائفة من الغلاة ، ولكنّ المدرسة البغدادية ترى القول بذلك من التقصير في الاعتقاد ، بل يجوز عندهم كما هو الحقّ ، أن يقال في حقّ أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كلّ شيء إلاّ الربوبيّة ، كما ورد عنهم (عليهم السلام) : «نزّلونا عن الربوبيّة وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا»[1] ، ففي علم الإمام تذهب المدرسة البغدادية إلى أ نّه يعلم الإمام (عليه السلام) بما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، إلاّ أ نّه لا على نحو الاستقلال وبالذات ، بل بإذن من الله سبحانه ، فعلمهم من العلم الإمكاني وإنّه رشحة من رشحات العلم الإلهي الوجوبي المطلق ، فشذّ الشيخ الصدوق ببعض معتقداته ، حتّى اشتهر بين علمائنا الأعلام خلال ألف عام ، أنّ القول بسهو الصدوق في هذا الباب أولى من القول بسهو النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فأمسى ما يعتقده الشيخ الصدوق عليه الرحمة

في سهو النبيّ وفي الشهادة الثالثة من الشاذّ النادر ، والنادر كالمعدوم لا وقع له.

---

[1]ذكرت تفصيل ذلك في رسالة (جلوة من ولاية أهل البيت (عليهم السلام” ، مطبوع في المجلّد الخامس من موسوعة (رسالات إسلامية) ، فراجع.

وقفة مع بعض المنحرفين

لقد ذكرنا أنّ من فرق الغلاة (المفوّضة) القائلون بأنّ الله سبحانه قد فوّض الأمر والخلق إلى الأئمة الأطهار على نحو الاستقلاليّة وأوّلا وبالذات ، وكانت مدرستهم رائجة في إيران في عصر شيخنا الصدوق (قدس سره) ، وقد انبرت المدرسة القمّية وعلى رأسها الشيخ الصدوق لمحاربة الغلاة بفرقها الضالّة ، ومنهم المفوّضة آنذاك ، وكان من شعارهم وجوب الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة كما يظهر من ردّ الصدوق العنيف ، ومن الواضح أنّ من يقول بالوجوب والجزئية آنذاك فإنّه قد خالف الإجماع وما عليه المشهور ، والشيخ الصدوق يرى القول بالوجوب من مثل المفوّضة الغلاة بدعة وضلال ، ويعلم أ نّه إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه ، فأنكر عليهم مذهبهم المنحرف غاية الإنكار ، انطلاقاً من إنكار قولهم بالجزئية في الشهادة الثالثة بصورة خاصّة.

ثمّ علمائنا الأعلام تلامذة الصدوق ومن عصر شيخنا المفيد وشيخنا الطوسي شيخ الطائفة وسيّدنا علم الهدى السيّد المرتضى عليهم الرحمة ، وإلى يومنا هذا _ أي أكثر من ألف سنة _ أجمعوا على صحّة الأذان والإقامة بالشهادة الثالثة ، إلاّ أ نّه لا بقصد الجزئيّة ، تمسّكاً بالأدلّة الفقهيّة العامّة الدالّة على ذلك ، كما هو ثابت في محلّه[1].

إلاّ أ نّه وللأسف الشديد أخيراً ظهرت بعض النعرات الضالّة والمضلّة من حناجر أصحاب النفوس الضعيفة ، التي تحبّ الشهرة والظهور بين الناس ولو على حساب الدين والمذهب والمقدّسات _ فكانوا كالذي أراد أن يشتهر

بين الناس بأيّ ثمن كان ، فأشاروا إليه _ معذرةً _ أن يبول في بئر زمزم ، فإنّ هذا البئر مقدّس عند جميع المسلمين ، ومن يفعل تلك الشنيعة فإنّه سرعان ما يشتهر بين الناس _ كذلك ضعاف النفوس ومن كان في قلبه مرض فزاده الله مرضاً ، وأصحاب العقول

الهزيلة ، طلباً للشهرة ولما عندهم من العقد النفسيّة ، والنفوس المريضة ، اختاروا تهديم مقدّسات الاُمّة وعقائدهم الثابتة بنقدهم الهدّام وبالتشكيك والتضليل بتلاعب الألفاظ والتزوير واتّباع المتشابهات ، ومنها مقولة الشيخ الصدوق عليه الرحمة ، وهو يجهل تلك الظروف الخاصّة وشأن صدور تلك المقولة ، وإنّي لأعلم أنّ بعض من يتمسّك بكلام الصدوق عليه الرحمة لا يؤمن بالشيخ نفسه أبداً ، وإنّه يتغافل _ لما في قلبه من مرض _ عن الإجماع المحقّق بعد الشيخ وإلى يومنا هذا ، فهو كالسامري سوّلت له نفسه ليضلّ الناس ، فيتبجّح بمقولة الشيخ الصدوق في الشهادة الثالثة . فما الحيلة لمن كان قلبه مريضاً ، وعقله سقيماً ، وأساء السوء حتّى كذّب بآيات الله سبحانه ، فيترك الأمر المحكم والبيّن الواضح كوضوح الشمس في رائعة النهار ، ويختار المتشابه ليضلّ به البسطاء والسذّج من الناس . ولكن فليعلم أنّ الله لبالمرصاد ، وأنّ الصبح لقريب ، وأنّ الساعة لآتية لا ريب فيها ، فيتميّز الخبيث من الطيّب ، وأهل النار من أهل الجنّة.

وتبقى صرخة (أشهد أنّ عليّاً وأولاده المعصومين حجج الله) على المآذن في كلّ ربوع الأرض ، رغماً على الأعداء والخصماء.

سيبقى أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) وصوته الحقّ واسمه المبارك يدوّي على المآذن في عالم الوجود وفي الكون الرحب الوسيع ، وإنّ الله ليتمّ نوره ، وهو

عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام) ، ولو كره المشركون والمنحرفون.

واعلم أيّها الضالّ المنحرف عن الحقّ _ عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ _ إنّك لتحتاط جهلا بعدم ذكر الشهادة الثالثة في أذانك وإقامتك ، إلاّ أنّ الأحوط عندنا في خلافه ، فإنّ الشهادة الثالثة التي هي روح الأذان والإقامة ، قد أصبحت شعاراً للمؤمنين الموالين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، وإنّهم يفدون الرقاب من أجل الولاية ، وهيهات هيهات أن تمحو _ أنت ومن مثلك وفي خطّك _ اسمه الشريف ولو كان بعضكم لبعض ظهيراً ، فإنّ الله ليتمّ نوره ، ولو كره الضالّون والمضلّون.

وإنّي لأترفّع أن أقصد بكلامي هذا شخص خاصّ ، بل مقصودي بيان الحقّ الحقيق وإنارة الطريق ، ودعوة الناس جميعاً إلى أن يعرفوا الحقّ بالحقّ ، ويعرفوا الرجال بالحقّ ، لا الحقّ بالرجال ، فاعرف الحقّ تعرف أهله ، والذين جاهدوا في الله خالصاً ، فإنّه سيهديهم السُّبل والصراط المستقيم.

---

[1]جاء في كتاب (القطرة من بحار مناقب النبي والعترة) للعلاّمة السيّد أحمد المستنبط ، المجلّد الأوّل ، الصفحة 368 : قال :

ثمّ إنّي أختم هذا الباب (الباب الثامن) بذكر تشهّد الصلاة للصادق (عليه السلام) حيث اشتهر في ألسنة بعض الناس إنكار الشهادة بالولاية في الأذان والإقامة مع ما ورد في خبر القاسم بن معاوية المروي عن احتجاج الطبرسي عن أبي عبد الله (عليه السلام) : «إذا قال أحدكم لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله فليقل عليّ أمير المؤمنين وليّ الله» غافلا عن كونها جزءاً من الصلاة استحباباً على ما روي عن الصادق (عليه السلام) ، وإنّما اُورد الرواية لندرة وجودها وشرافة مضمونها ، وكثرة فوائدها في زماننا هذا لمن

تدبّر فيها ، حتّى أنّ العلاّمة النوري (قدس سره) غفل عنها فلم ينقلها في المستدرك ، والرواية مذكورة في رسالة معروفة بفقه المجلسي (قدس سره) مطبوعة في صفحة (29) ما هذا لفظه : ويستحبّ أن يزاد في التشهّد ما نقله أبو بصير عن الصادق (عليه السلام)وهو: (بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء كلّها لله أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، أرسله بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ، وأشهد أنّ ربّي نعم الربّ ، وأنّ محمّداً نعم الرسول ، وأنّ علياً نعم الوصيّ ونعم الإمام ، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وتقبّل شفاعته في اُمّته وارفع درجته ، الحمد لله ربّ العالمين).

ولا يخفى أنّ علماءنا الأعلام قد صنّفوا وأ لّفوا في الشهادة الثالثة مؤلّفات كثيرة وبلغات مختلفة ، وحتّى ذهب بعض إلى جزئيّتها في الأذان.

اهدنا الصراط المستقيم

قد ورد في الصحيح عند الفريقين _ السنّة والشيعة[1] _ أنّ الصراط المستقيم هو ولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) . والمؤمن في كلّ صلاة وفي فاتحة الكتاب يدعو ويطلب من ربّه أن يهديه الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين.

(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَاُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أ نْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ اُوْلَئِكَ رَفِيقاً)[2].

والصراط يتمثّل في عبادة الله أيضاً فإنّه من مصاديقه :

(وَأنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)[3].

كما يطلق على الدين الإسلامي الحنيف :

(إنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إلَى صِرَاط مُسْتَقِيم دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفاً)[4].

(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)[5].

وبالصراط المستقيم يصل العبد إلى سعادة الدارين :

(وَأنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ)[6].

ولا يخفى أنّ الصراط

صراطان : صراط في الدنيا ، وصراط في الآخرة ، وأحدهما يعبّر عن الآخر ، وبينهما تلازم في العلم والعمل.

عن المفضّل بن عمر قال : «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصراط فقال : هو الطريق إلى معرفة الله عزّ وجلّ ، وهما صراطان : صراط في الدنيا وصراط في الآخرة ، فأمّا الصراط الذي في الدنيا فهو الإمام المفروض الطاعة ، من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مرّ على الصراط الذي هو جسر جهنّم في الآخرة ، ومن لم يعرفه في الدنيا زلّت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردّى في نار جهنّم»[7].

والإمام السجّاد يعرّف المصداق الأتمّ للصراط المستقيم في قوله (عليه السلام) : «ليس بين الله وحجّته ستر ، نحن أبواب الله ، ونحن الصراط المستقيم ، ونحن عيبة علمه ، ونحن تراجمة وحيه ، وأركان توحيده ، وموضع سرّه»[8].

عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ : (قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ)[9] ، قال : والله عليّ (عليه السلام) هو والله الميزان والصراط المستقيم[10].

عن أبي عبد الله في حديث ، قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : إنّ الله تبارك وتعالى لو شاء لعرّف العباد نفسه ، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه ، فمن عدل عن ولايتنا ، أو فضّل علينا غيرنا فإنّهم عن الصراط لناكبون[11].

(وَإنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إلَى صِرَاط مُسْتَقِيم * وَإنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ)[12].

ومن نكب عن الصراط المستقيم فإنّه في جهنّم داخراً وبئس المهاد.

عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : الصراط الذي قال إبليس

(لأقعدنّ لهم الصراط المستقيم) ، فهو عليّ (عليه السلام)[13].

فالشيطان منذ اليوم الأوّل أقسم بعزّة الله سبحانه أ نّه يغوي ويضلّ الناس جميعاً إلاّ عباد الله المخلصين ، وقليل من عباد الله المخلصين ، فارتدّ الناس بعد رسول الله عن ولاية أمير المؤمنين ويعسوب الدين أسد الله الغالب الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إلاّ القليل ، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ولايته وحقّه : «فوَعزّة ربّي وجلاله إنّه لباب الله الذي لا يؤتى إلاّ منه ، وإنّه الصراط المستقيم ، وإنّه الذي يسأل الله عن ولايته يوم القيامة»[14].

وقال (صلى الله عليه وآله) : أتاني جبرئيل (عليه السلام) فقال : اُبشّرك يا محمّد بما تجوز على الصراط ؟ قال : قلت : بلى ، قال : تجوز بنور الله ، ويجوز عليّ بنورك ، ونورك من نور الله ، وتجوز اُمّتك بنور عليّ ، ونور عليّ من نورك (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُور)[15].

وقال (صلى الله عليه وآله) : إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنّم لم يجز عليه إلاّ من كان معه جواز فيه ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، وذلك قوله تعالى : (وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ)[16] ، يعني عن ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)[17].

وقال (صلى الله عليه وآله) : إذا جمع الله الأوّلين والآخرين يوم القيامة ونصب الصراط على جسر جهنّم لم يجز بها أحد إلاّ من كانت معه براءة بولاية عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام)[18].

وفي حديث وكيع ، قال أبو سعيد : يا رسول الله ، ما معنى براءة عليّ (عليه السلام) ؟ قال : لا إله إلاّ

الله ، محمّد رسول الله ، عليّ وليّ الله[19].

وقال (صلى الله عليه وآله) في حديث طويل : وإنّ ربّي عزّ وجلّ أقسم بعزّته أ نّه لا يجوز عقبة الصراط إلاّ من معه براءة بولايتك وولاية الأئمة من ولدك.

وعنه (صلى الله عليه وآله) : إذا كان يوم القيامة يقعد عليّ بن أبي طالب على الفردوس _ وهو جبل قد علا على الجنّة فوقه عرش ربّ العالمين ، ومن سفحه تنفجر أنهار الجنّة وتتفرّق في الجنان _ وهو جالس على كرسي من نور يجري بين يديه التسنيم ، لا يجوز أحد الصراط إلاّ ومعه براءة بولايته وولاية أهل بيته ، يشرف على الجنّة فيدخل محبّيه الجنّة ومبغضيه النار[20].

عن أبي عبد الله (عليه السلام) : (ربّنا آمنّا واتّبعنا مولانا ووليّنا وهادينا وداعينا وداعي الأنام وصراطك المستقيم السويّ ، وحجّتك وسبيلك الداعي إليك على بصيرة هو ومن اتّبعه ، سبحان الله عمّا يشركون بولايته وبما يلحدون باتّخاذ الولائج دونه ، فاشهد يا إلهي أ نّه الإمام الهادي المرشد الرشيد عليّ أمير المؤمنين الذي ذكرته في كتابك وقلت : (وَإنَّهُ فِي اُمِّ الكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)[21]لا اُشركه إماماً ولا أتّخذ من دونه وليجة)[22].

فحقيقة الصراط المستقيم وسرّه هو ولاية أمير المؤمنين عليّ وأولاده الأئمة المعصومين الأحد عشر (عليهم السلام) ، وولايتهم تمثّل ولاية الرسول الأعظم خاتم الأنبياء محمّد (صلى الله عليه وآله) ، وإنّ ولايتهم جميعاً تمثّل ولاية الله العظمى جلّ جلاله ، وبهذه الولاية وتجلّياتها وظهوراتها وشؤونها يصل الإنسان إلى سعادة الدارين.

قال الإمام الصادق (عليه السلام) : الصراط المستقيم أمير المؤمنين (عليه السلام).

وقال أمير المؤمنين مولانا الإمام عليّ (عليه السلام) : أنا الصراط الممدود بين الجنّة والنار ، وأنا الميزان.

فسلام

الله أبد الآبدين على الصراط المستقيم والميزان القويم ، مولانا أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، الذي أخذ الله ميثاق النبيّين والوصيّين والأولياء الصالحين على ولايته وولاية أولاده الأئمة الطاهرين (عليهم السلام).

---

[1]راجع في ذلك كتاب (إحقاق الحقّ وتعليقاته) لسيّدنا الاُستاذ السيّد النجفي المرعشي (قدس سره)7 : 114 _ 125 ، وكتاب بحار الأنوار لشيخنا العلاّمة المجلسي (قدس سره) 24 : 9 _ 25.

[2]النساء : 69.

[3]يس : 61.

[4]الأنعام : 161.

[5]آل عمران : 85.

[6]الأنعام : 153.

[7]البحار 8 : 66.

[8]البحار 8 : 70.

[9]الحجر : 41.

[10]تفسير البرهان 2 : 344.

[11]الكافي 1 : 184.

[12]المؤمنون : 73 _ 74.

[13]شواهد التنزيل 1 : 61.

[14]المصدر 1 : 59.

[15]النور : 40.

[16]الصافّات : 24.

[17]البحار 8 : 69.

[18]فرائد السمطين 1 : 298.

[19]مناقب آل أبي طالب 2 : 156.

[20]فرائد السمطين 1 : 292.

[21]الزخرف : 4.

[22]البحار 24 : 23.

أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) سرّ النبوّة

عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : ولاية عليّ (عليه السلام) مكتوبة في جميع صحف الأنبياء ، ولن يبعث الله نبيّاً إلاّ بنبوّة محمّد (صلى الله عليه وآله) وولاية وصيّه عليّ (عليه السلام).

فلا تتمّ النبوّة لنبيّ من آدم وما دونه إلاّ أن يقرّ بنبوّة خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد (صلى الله عليه وآله) وولاية وصيّه وخليفته بلا فصل أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين عليّ (عليه السلام).

وفي حديث المعراج قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لمّا اُسري بي في ليلة المعراج واجتمع عليّ الأنبياء في السماء ، أوحى الله تعالى إليَّ : سلهم يا محمّد ، بماذا بعثتم ؟ فقالوا : بعثنا على شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده ، وعلى الإقرار بنبوّتك ، والولاية لعليّ (عليه السلام)[1].

وفي حديث آخر عن ابن مسعود قال

: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لمّا اُسري بي إلى السماء إذا ملك قد أتاني فقال لي : يا محمّد (وَاسْألْ مَنْ أرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا)[2] على ما بعثوا ؟ قلت : يا معاشر الرسل والنبيّين ، على ما بعثكم الله ؟ قالوا : على ولايتك وولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)[3].

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ما تكاملت النبوّة لنبيّ في الأظلّة حتّى عرضت عليه ولايتي وولاية أهل بيتي ومثلوا له فاُمروا بطاعتهم وولايتهم.

قال أبو جعفر (عليه السلام) : ولايتنا ولاية الله التي لم يبعث نبيّاً قط إلاّ بها[4].

وستقف أ يّها القارئ الكريم على بعض معارف هذه الأحاديث الشريفة من خلال الكتاب القيّم (الأسرار العلويّة) وأ نّه كيف كان أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) مع الأنبياء سرّاً ومع خاتمهم النبيّ المصطفى محمّد (صلى الله عليه وآله) جهراً.

واعلم أنّ ولايته عرضت على الخلق كلّه ، على السماوات وما فيها ، وعلى الأرض ومن عليها ، فمنهم من قبل وآمن فتقرّب من الله ، وكان من أهل الجنّة في مقعد صدق . ومنهم من أنكر وكفر كما كفر بالله وبرسوله الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله)[5] ، فكان وقوداً لجهنّم وبئس المصير.

أجل إنّ أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) قد اشتقّ اسمه المبارك من العليّ الأعلى سبحانه وتعالى ، وقد تجلّى ربّه فيه ، وظهرت أسماؤه الحسنى وصفاته العليا في وجوده المبارك ، فكان خليفة الله في الأرض وفي عالم الوجود بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو سرّ الله في الكون.

ومن الجهل أن يُعرف ونثبت إمامته في مثل يوم الغدير فحسب ، حتّى تنكر في مثل

السقيفة الطاغية الظالمة . بل الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إمام الخلق قبل خلق الخلق ، وإنّه إمام الكلّ بالكلّ ، وافتقار الكلّ إليه وغناه عن الكلّ بعد

رسول الله محمّد (صلى الله عليه وآله) ، لدليل واضح وبرهان قاطع على أ نّه إمام الكلّ بالكلّ . وهذه سنّة تكوينية ثابتة منذ بدء الخلق ، ولن تجد لسنّة الله تبديلا ولا تحويلا ، كما أ نّها فريضة تشريعيّة بنصٍّ من الله ورسوله.

وفي حديث طويل عن الإمام الرضا (عليه السلام) في معرفة الإمام وأنّ اختياره بيد الله وبالنصّ[6] ، قال : إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء ، إنّ الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول (صلى الله عليه وآله) ومقام أمير المؤمنين (عليه السلام) وميراث الحسن والحسين (عليهما السلام) ، إنّ الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعزّ المؤمنين ، إنّ الإمامة اُسّ الإسلام النامي وفرعه السامي ، بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحجّ والجهاد وتوفير الفيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف . الإمام يحلّ حلال الله ويحرّم حرام الله ويقيم حدود الله ويذبّ عن دين الله ، ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجّة البالغة . الإمام كالشمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم وهي في الاُفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار.

الإمام البدر المنير والسراج الزاهر والنور الساطع والنجم الهادي في غياهب الدجى وأجواز البلدان والقفار ولجج البحار . الإمام الماء العذب على الظماء والدالّ على الهدى والمنجي من الردى ... الإمام المطهّر من الذنوب والمبرّأ عن العيوب ، المخصوص بالعلم الموسوم بالحلم ، نظام الدين وعزّ المسلمين وغيظ المنافقين وبوار الكافرين ، الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد ، ولا يعادله

عالم ، ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير ، مخصوص بالفضل كلّه من غير طلب منه له ولا اكتساب ، بل اختصاص من المفضّل الوهّاب.

فمن الذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره ، هيهات هيهات ، ضلّت العقول وتاهت الحلوم وحارت الألباب وخسئت العيون وتصاغرت العظماء وتحيّر الحكماء وتقاصرت الحلماء وحصرت الخطباء وجهلت الألبّاء وكلّت الشعراء وعجزت الاُدباء وعييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه ، أو فضيلة من فضائله ، وأقرّت بالعجز والتقصير ، وكيف يوصف بكلّه ، أو ينعت بكنهه ، أو يفهم شيء من أمره ، أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناه . لا وكيف وأ نّى ؟ وهو بحيث النجم من يد المتناولين ووصف الواصفين ، فأين الاختيار من هذا ؟ وأين العقول عن هذا ؟ وأين يوجد مثل هذا ؟

أجل ، سيّدي ومولاي هيهات هيهات للبشرية جمعاء أن تصف شأن من شأنكم ومن شأن جدّكم أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) ، أو فضيلة من فضلكم ، أو يدرك شيء من أمركم وأسراركم كما هي ؟ لا كيف وأ نّى وأنتم كواكب الوجود ونجوم الكون ، وأين العقول عن هذا ؟ وأين يوجد مثل هذا ؟ ! !

سيّدي و مولاي ، أ يّها الإمام المفترض الطاعة والولاية ، يا ثامن الحجج عليّ بن موسى الرضا عليك صلوات الله أبد الآبدين ، كلّما نقول أو يقال من فضائلكم ومقاماتكم الشامخة ، فإنّما هو معشار عشر ، وواحد من مئة ، وقطرة من بحار ، ولمعة من شمس وضّاءة ، وهل يمكن للبشر أن يكشف سرّ من أسراركم ؟ ! هيهات هيهات ...

إلاّ أ نّه سيّدي ومولاي ووليّ نعمتنا

، إذا كتبنا شيئاً فهو منكم وإليكم ، وما الأسرار الفاطمية والعلوية وتتلوها المحمّدية والحسنية والحسينية وبقيّة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) إن شاء الله ، إلاّ لطف من ألطافكم وكأس ماء من بحار علومكم ومعارفكم ، وإنّها كلمات قد صاغتها يراع موال ومتفان في حبّكم ومودّتكم ...

---

[1]ينابيع المودّة 2 : 62.

[2]الزخرف : 45.

[3]تأريخ دمشق 2 : 97.

[4]بصائر الدرجات : 85.

[5]ذكرت تفصيل ذلك في كتاب (هذه هي الولاية) المجلّد الخامس من رسالات إسلامية ، مطبوع ، فراجع.

[6]الكافي 1 : 200.

ختاماً

وما أسعدني أن أرى مرّة اُخرى أنّ الجهود قد أثمرت ، حينما يفوح الولاء الخالص من يراع ولدنا قرّة العين فضيلة الاُستاذ الفاضل سماحة الحجّة الشيخ محمّد فاضل المسعودي دام موفّقاً ، ودامت إفاضاته العلمية والعملية ، ليتحف العالم الإسلامي والمكتبة العربية مرّةً اُخرى بكتاب بديع وقيّم ، وقد قرأته بتمامه ، وأبديت بعض التعليقات ، ووجدته يحمل بين طيّاته الحبّ الخالص والولاء المتسامي لأهل البيت (عليهم السلام) ، وفي طليعتهم مولانا وإمامنا أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).

فما أسعدك أ يّها المسعودي ، فإنّك بالأمس جئتنا بكتاب قيّم قد فتح طريقه ليدخل في قلوب المؤمنين رغم الحسّاد والأعداء ، وما أروع اسمه المبارك (الأسرار الفاطميّة) متحدّثاً عن نبذة من أسرار اُمّنا المظلومة الشهيدة سيّدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، واليوم تقدّم كتاباً آخر باسم (الأسرار العلويّة) لتحدّثنا مرّةً اُخرى عن بعض أسرار سيّد المظلومين أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) ، بمقدار وسعك وطاقتك البشرية ، وإنّه لعمري ينبئ عن ودّك الشامخ وعطشك للولاء ، فسقاك الله من الرحيق المختوم ، ومن حوض الكوثر ، من يد جدّنا الأطهر أمير المؤمنين

وسيّد الوصيّين عليّ (عليه السلام) ، وإنّي بكلّ خضوع وأدب أطلب منك الشفاعة لي ولإخوانك في الدين في ذلك اليوم العصيب ، بما حباك الله من العلم النافع والرائع ، وأعطاك من السريرة الطاهرة من أبوين كريمين.

وما أروع ما يقوله الوزير الصاحب بن عبّاد :

لا عذّب الله اُمّي إنّها شربتْ *** حبّ الوصيّ وغذّتنيهِ باللَّبَنِ

وكان لي والدٌ يهوى أبا حسن *** فَصِرتُ من ذي وذا أهوى أبا حسنِ

وأخيراً :

نادِ علياً مظهر العجائب[1] *** تجده عوناً لكَ في النوائب

كلّ همٍّ وغمٌّ سينجلي *** بولايتك يا علي يا علي يا علي

ثبّتني الله وإيّاك وجميع المؤمنين والمؤمنات بالقول الثابت ، والتمسّك بولاية أمير المؤمنين وأهل بيته الطاهرين ، وجعل محيانا محياهم ، ومماتنا مماتهم ، وخلّقنا بأخلاقهم وآدابهم ، ورزقنا الشهادة في سبيل ولائهم والبراءة من أعدائهم ، وحشرنا في زمرة محمّد وآله ، ورزقنا شفاعتهم آمين آمين لا أرضى بواحدة حتّى يضاف إليه ألف آميناً ، ورحم الله عبداً قال : آمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

العبد

عادل العلوي

الحوزة العلمية _ قم المقدّسة

23 شعبان المعظّم 1421 ه_

---

[1]مظهر العجائب إمّا أن يقرأ (مُظهِر) _ بضمّ الميم وكسر الهاء _ أي الذي يُظهر العجائب في كلّ أبعاده الوجودية كقضاياه (عليه السلام) المشهورة في القضاء والحكم ، أو (مَظْهَر) _ بفتح الميم وفتح الهاء _ كما هو المشهور بمعنى الذي ظهرت العجائب عليه كما ترى ذلك بوضوح في هذا الكتاب القيّم (الأسرار العلويّة) وربما بعض مباحثه يثقل فهمه على عامّة الناس ، فالمفروض من أهل العلم والفضيلة شرح وتبسيط ذلك للناس ، ولا بدّ من توعيتهم ورفع مستوى الثقافة الجماهيرية في المجتمع الشيعي الإسلامي ، فإنّه ورد عن الإمام زين

العابدين (عليه السلام) : «يأتي في آخر الزمان أقوام يتعمّقون» ، وما في هذا الكتاب إنّما هو من المطالب العميقة والدقيقة ، فلا بدّ من التأمّل والتدبّر وشرح وبيان ذلك لعامّة الناس ، وجزاكم الله عن أهل البيت (عليهم السلام) خير الجزاء .العلوي.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.