منهاج التحرك عند الامام الهادي (ع)

اشارة

سرشناسه : نجف علي

عنوان و نام پديدآور : منهاج التحرك عند الامام الهادي (ع) / المولف ع . نجف

مشخصات نشر : وزاره ارشاد الاسلامي ، الدائره العامه للاعلام و النشر[تهران .

مشخصات ظاهري : ص 183

وضعيت فهرست نويسي : فهرستنويسي قبلي

يادداشت : عربي

يادداشت : كتابنامه ص 181 - 172

شماره كتابشناسي ملي : 23579

كلمة الناشر

الولاء لخط أهل بيت رسول الله عليه و عليهم أفضل الصلاة والسلام ليس ولاء عاطفيا محضا كما حاولت بعض الدراسات التاريخية أن تصور ذلك. بل انه كان منذ العصر الاسلامي الاول ولاء قائما علي أساس قاعدة فكرية اسلامية تستقي من القرآن الكريم و سنة رسول الله (ص). و من هنا نجد أتباع مدرسة أهل البيت يشكلون في فكرهم و سلوكهم و تحركهم خطا متميزا في التاريخ الاسلامي، و هذا الخط المتميز يتصف بالمحافظة علي الاسلام من أهواء السلاطين و وعاظهم، و بصيانة كتاب الله و سنة رسوله من التحريف و التلاعب، و بابعاد الرسالة الاسلامية عن الاجتهادات السطحية الذوقية، و بتربية أبناء الامة الاسلامية تربية تقيهم من الانحراف و من الانجراف وراء الشهوات، و من الرضوخ لظلم الجبابرة والطغاة. ائمة هذه المدرسة الاثنا عشر - أو خلفاء رسول الله الاثنا عشر كما تواتر ذكرهم في الاحاديث الصحيحة لدي الفريقين - يشكلون فيما رووه عن رسول الله من حديث و ما بينوه من احكام و أفكار و عقائد، و ما اتخذوه من مواقف عملية فردية أو اجتماعية، مدرسة تعتبر بحق الامتداد الطبيعي الصحيح لرسالة الاسلام، والموضح لمعالم هذه الرسالة. ان أمتنا اليوم بأمس الحاجة الي أن تعود الي اسلامها، و الي أن تخلص رسالتها الالهية من المخلفات السلبية

التي تركتها سنون الانحطاط علي تراثنا الخالد. بحاجة الي تلك المعنويات الاسلامية التي دفعت بتلك الفئة القليلة لان تنتصر علي فئة كثيرة، و لان تحطم بعد فترة عروش كسري و قيصر و تعلي كلمة الله في الارض. أهل بيت رسول الله مشاعل تنير الدرب لكل المسلمين. و تستطيع هذه الصفوة أن تكون اليوم أفضل قدوة لمسيرة أمتنا و لتطلعاتها الجديدة نحو غد اسلامي مشرق، و أفضل ضمان لصيانة هذه المسيرة الاسلامية من الانحراف أو التلكوء أو التراجع والنكول. الكتاب الذي بين يدي القاري يتناول واحدة من حلقات تلك السلسلة الهادية المهدية، و يلقي الضوء علي حياة الامام «علي بن محمد الهادي» الامام العاشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام. مؤلف الكتاب الاخ المحقق «علي نجف» بذل جهودا مشكورة في اخراج هذا الكتاب، سيما و أن المصادر المتوفرة عن الامام الهادي قليلة، فجزاه الله خير الجزاء. وزارة الارشاد الاسلامي، اسهاما منها في نشر الحقائق الاسلامية، و بث التوعية الرسالية بين صفوف الامة، تنشر هذا الكتاب، آملة أن تقدم في المستقبل للقاري باللغة العربية مزيدا من الدراسات حول مدرسة أهل بيت رسول الله (ص)، والله سبحانه الموفق. وزارة الارشاد الاسلامي الدائرة العامة للاعلام والنشر

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام علي اشرف الانبياء و المرسلين و علي اهل بيته الطاهرين. في هذه الاوراق حاولنا ان نكشف جوانب من حياة الامام الهادي (ع) مع التركيز علي المجالات الحركية منها بصفته قائد للتشيع في وقته و اماما معصوما. ان الدراسات عن الامام الهادي (ع) قليلة جدا لذلك فهناك متسع لمن يريد ان يكتب عن حياته و هكذا كان فأدلينا بدلونا مع المدلين. و كم نتمني ان

نري عشرات البحوث و بمختلف المستويات و وجهات النظر تتناول حياة كل امام خصوصا الذين قلت الكتابة عنهم حتي تنجلي حجب الجهل بحياة الائمه عن الناس و المسلمين عامة فيأخذوا بالانتهال من نميرهم الصافي فان علي من عاش في كنف آل محمد حقا يجب عليه ان يؤديه اليهم كرد لجميل انقاذهم اياه من الضلال و هذا الرد يكون في احد صوره تعريف الناس بهم. و كم يؤلمنا ان نري عشرات الكتب ان لم نقل المئات تتناول حياة الوضيع او السخيف من الرؤساء و الشعراء و الكتاب و العلماء و اناس أحط من ان يذكروا و لا نري مثل هذا الاهتمام بحياة الرسل و الائمة الربانيين مصابيح الدجي و انوار الهدي و يتحمل جزءا كبيرا من عدم الكتابة عن هؤلاء الاخيار من يستطيع الكتابة من الباحثين. نامل ان نكون قد اسهمنا ولو بشكل بسيط في عملية التنبيه الي كنوز اهل البيت و حياتهم الطافحة بالمثل و الدروس في هذه الاوراق التي [ صفحه 4] تناولت الجوانب التالية من حياة الهادي (ع): 1) نظرة عامة عن حياة الامام كمولده و وفاته و امه و ولده و ما شاكل. 2) نظرات في الوضع السياسي الذي عاش الامام (ع) في ظله. 3) نظرات في الوضع الداخلي للشيعة زمن الامام (ع). 4) نظرات في التربية الاخلاقية العامة و الاعداد الحركي عند الامام (ع). 5) متابعة للافكار الاسلامية التي طرحها الامام (ع). 6) ذكر كوكبة من تلاميذ الامام الذين كانت لهم ادوار قيادية عند الشيعة. و املنا ان نعود لبحث هذا الموضوع مرة اخري لاكمال مافاتنا في هذه المرة و آخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين. [ صفحه 7]

نظرة عامة علي حياة الامام

نسبه الشريف

هو

الامام العاشر علي الهادي (ع) بن محمد الجواد (ع) بن علي الرضا (ع) بن موسي الكاظم (ع) بن محمد الباقر (ع) بن علي السجاد (ع) بن الحسين (ع) السبط الشهيد بن علي (ع) المرتضي بن ابي طالب (ع) بن عبدالمطلب (ع) بن هاشم القرشي العدناني العربي.

امه الطاهرة

أم الامام (ع) أم ولد يقال لها سمانة [1] و يذهب الي ذلك الكثير من فطاحل اهل العلم و الرواية. و في تاريخ الائمة مدنب و يقال غزالة ام ولد قال ابن ابي الثلج سألت أباعلي محمد بن همام عن اسمها فقال حدثتني ماجن مولاة ام محمد و جماعد الحانية ان اسمها حديث [2] .

ولادته المباركة

ولد (ع) بصربا من المدينة في النصف من ذي الحجة سنة أثنتي عشرة و مائتين و في رواية ابن عياشي يوم الثلاثاء الخامس من رجب [3] . و في اصول الكافي ولد (ع) للنصف من ذي الحجة سنة أثنتي عشرة و مائتين و في تاج المواليد «يوم الثلاثاء في رجب و يقال في النصف من ذي الحجة و يقال ولد لليلة بقين من سنة 212 ه» [4] . و روي انه ولد (ع) في رجب سنة اربع عشرة و مائتين. [ صفحه 8]

وفاته

قبض بسر من رأي في رجب سنة اربع و خمسين و مائتين [5] و له يومئذ احدي و اربعون سنة و اشهر و كان المتوكل قد اشخصه مع يحيي بن هرثمة بن أعين من المدينة الي سر من رأي فأقام بها حتي مضي لسبيله و كانت امامته ثلاثا و ثلاثين سنة [6] و في رواية اخري انه مضي لاربع بقين من جمادي الآخرة و قد دفن في داره [7] بسر من رأي [8] .

ابناؤه

(الارشاد ص 377.) خلف الامام من الولد: أ) الامام الحسن العسكري (ع) ب) السيد محمد ج) السيد حسين د) السيد جعفر و من البنات السيدة عايشة و في اعلام الوري علية. و عقب الامام الهادي كثير و منحصر برجلين هما: الامام الحسن العسكري الذي انحصر عقبه بالحجة القائم محمد المهدي (عج) و السيد جعفر يقول صاحب زهرة المقول: «عقب جعفر بن علي و يلقب كرينا لانه انسل مائة و عشرين ولدا و يلقب زق الخمر ايضا. قلت: لانه كان يشرب الخمر ظاهرا و تحمل الشموع بين يديه بالنهار و نادم المتوكل و كان المتوكل يريد بمنادمته الغض من اخيه الحسن عليه السلام. و يلقب عند الامامية (الكذاب) لانه ادعي ميراث اخيه الحسن... و يحكي: انه فارق ما كان و تاب و رجع عنه قاله في العمدة فجعفر خلف ستة بنين: 1) عليا 2) هارون 3) طاهرا 4) اسماعيل 5) يحيي الصوفي [ صفحه 9] 6) ادريس و لكل عقب» [9] .

اخوته و اخواته

1) موسي المبرقع و له عقب 2) السيدة حكيمة 3) السيدة خديجة [10] .

القابه

لقب الامام علي بن محمد بعدة القاب تكشف جوانب رفيعة من خلقه النبوي العلوي السامق فقد كان (ع) يلقب بالعالم و النقي و الفقيه و الامين و الطيب [11] و الهادي. و اما القابه فالناصح و المتوكل و الفتاح و النقي و المرتضي و اشهرها المتوكل و كان يخفي ذلك و يأمر اصحابه ان يعرضوا عنه لكونه كان لقب الخليفة اميرالمؤمنين المتوكل يومئذ [12] . و يقال له العسكري لان المتوكل اخرجه الي سر من رأي و أسكنه بها مع الاهل و الولد. [13] .

كناه

يكني بأبي الحسن الثالث. [14] .

نقش خاتمه الشريف

الله وليي و هو عصمتي من خلقه. [15] .

سلاطين زمانه

عاصر الامام من الحكام الخلفاء التالية اسماؤهم [16] ففي امامته ا) بقية ملك المعتصم. ب) ملك الواثق خمس سنين و سبعة اشهر. ج) ملك المتوكل اربع عشرة سنة. د) ملك ابنه المنتصر ستة اشهر. ه) ملك المستعين و هو احمد بن محمد بن المعتصم سنتان و تسعة [ صفحه 10] اشهر. و) ملك المعتز و هو الزبير بن المتوكل ثماني سنين و ستة اشهر. و هو الذي استشهد في اخر ملكه ولي الله علي بن محمد الهادي.

النص علي امامته

اشاره

كانت امامة الهادي (ع) ثلاثا و ثلاثين سنة و سنذكر في هذا المجال النصوص التي خصته بالامامة بعد ابيه محمد الجواد (ع). يقول الشيخ المفيد أعلي الله مقامه «و كان الامام بعد أبي جعفر عليه السلام ابنه أبوالحسن علي بن محمد (ع) لاجتماع خصال الامامة و تكامل فضله و انه لا وارث لمقام ابيه سواه و ثبوت النص عليه بالامامة و الاشارة اليه من ابيه بالخلافة [17] و نكتفي بايراد نصين علي امامته لتبيان المقصد.

النص الاول

«مارواه محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن ابيه، عن اسماعيل بن مهران قال: لما اخرج ابوجعفر في الدفعة الاولي من المدينة الي بغداد فقلت له: اني اخاف عليك في هذا الوجه فالي من الامر بعدك؟ قال: فكر بوجهه الي ضاحكا و قال: ليس حيث ظننت في هذه السنة، فلما استدعي به المعتصم صرت اليه فقلت: جعلت فداك انت خارج فالي من الامر بعدك؟ فبكي حتي اخضلت لحيته، ثم التفت الي فقال: عند هذه يخاف علي، الامر من بعدي الي ابني علي. [18] .

النص الثاني

محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد، عن الخيراني، عن ابيه - و كان يلزم ابي جعفر للخدمة التي و كل بها - قال: كان احمد بن محمد بن عيسي الاشعري يجي ء في السحر ليعرف خبر علة ابن جعفر، و كان الرسول الذي يختلف بين ابي جعفر و بين أبي اذا حضر قام احمد بن عيسي و خلا به ابي فخرج ذات ليلة و قام أحمد عن المجلس و خلا أبي بالرسول و استدار احمد بن محمد و وقف حيث يسمع الكلام، فقال الرسول لابي: ان مولاك يقرء عليك السلام و يقول اني ماض و الامر صار [ صفحه 11] الي ابني علي و له عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد ابي، ثم مضي الرسول فرجع احمد بن محمد بن عيسي الي موضعه و قال لابي: ما الذي قال لك؟ قال: خيرا، قال: فانني قد سمعت ما قال لك و اعاد اليه ما سمع فقال له ابي: قد حرم الله عليك ذلك لان الله يقول: «و لا تجسسوا» فاما اذا سمعت فاحفظ هذه الشهادة لعلنا نحتاج اليها يوما، و اياك ان تظهرها

لاحد الي وقتها. فلما أصبح أبي كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع بلفظها و ختمها و دفعها الي عشرة من وجوه العصابة و قال لهم: ان حدث بي حدث الموت قبل ان أطالبكم بها فافتحوها و اعملوا بما فيها. قال: فلما مضي ابوجعفر (ع) لبث ابي في منزله فلم يخرج حتي اجتمع رؤساء الامامية عند محمد بن الفرج الرخجي يتفاوضون في القائم بعد ابي جعفر و يخوضون في ذلك، فكتب محمد بن ابي الفرج الي ابي يعلمه باجتماع القوم عنده و انه لولا مخافة الشهرة لصار معهم اليه و سأله ان ياتيه، فركب ابي و صار اليه فوجد القوم مجتمعين عنده فقالوا لابي: ما تقول في هذا الامر؟ فقال ابي لمن عنده الرقاع احضروها، فأحضروها و فضها و قال: هذا ما امرت به، فقال بعض القوم: قد كنا نحب ان يكون معك في هذا الامر شاهد آخر فقال لهم ابي: قد اتاكم الله ما تحبون، هذا ابوجعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة، و سأله ان يشهد فتوقف ابوجعفر فدعاه ابي الي المباهلة و خوفه بالله فلما حقق عليه القول قال: قد سمعت ذلك ولكنني توقفت لأني احببت ان تكون هذه المكرمة لرجل من العرب فلم يبرح القوم حتي اعترفوا بامامة ابي الحسن و زال عنهم الريب في ذلك. [19] .

علمه باللغات

و من خلال بعض الروايات نستدل علي علم الامام باللغات و ذلك لعالمية الدور الذي يحتله الامام فقد روي عنه انه كان يعرف التركية ففي رواية عن ابي هاشم الجعفري... فمر بنا تركي فكلمه ابوالحسن (ع) بالتركية فنزل عن فرسه فقبل حافر دابته... [20] و قد روي كذلك عنه علمه باللغة الهندية فقد روي عن أبي هاشم الجعفري

ذلك يقول: دخلت علي ابي الحسن [ صفحه 12] عليه السلام فكلمني بالهندية فلم احسن ان ارد عليه [21] . و عن علي بن مهزيار قال ارسلت غلاما الي ابي الحسن في حاجة و كان سقلابيا قال: فرجع الغلام الي متعجبا فقلت: مالك يا بني؟ فقال لي: و كيف لا اتعجب مازال يكلمني بالسقلابية كأنه واحد منا. [22] . [ صفحه 15]

الوضع السياسي زمن الامام

اشاره

من العناصر المهمة في فهم حركة كل امام (ع). فهم الظروف السياسية المحيطة به. لذلك ففي استعراضنا و تحليلنا للوضع السياسي نكون قد وضعنا مدخلا لفهم طبيعة حركة الامام. لقد عاصر امامنا الهادي (ع) من الحكام العباسيين: المعتصم فقد كان في عهد امامته بقية حكمه ثم الواثق ثم المتوكل ثم المنتصر ثم المستعين و قد جاء بعده المعتز فكانت شهادة الامام في اواخر عهده. و سنلقي نظرة سريعة لتوضيح الجو السياسي في عهد هؤلاء الخلفاء لاكتشاف طبيعة المرحلة.

المعتصم

معلومات عامة

1- شخصه: هو أبواسحاق محمد بن الرشيد ولد سنة ثمانين و مائة. كذا قال الذهبي و قال الصولي: في شعبان ثمان و سبعين. و أمه ام ولد من مولدات الكوفة اسمها ماردة و كانت احظي الناس عند الرشيد، و كان ذا شجاعة و قوة و همة و كان عريا من العلم [23] لقبه بالمعتصم و هو أبعد ما يكون عن الاعتصام بالله عزوجل. 2- فساده: و من مظاهر اختلال المفاهيم عند الامة و الانحراف الخلقي عند من يدعون بالخلفاء ما روي في تاريخ الخلفاء [24] عن [ صفحه 16] المعتصم انه «كان للمتعصم غلام يقال له عجيب لم ير الناس مثله قط و كان مشغوفا به فعمل فيه ابياتا...» يقال فيها: لقد رأيت عجيبا يحكي الغزال الربيبا الوجه منه كبدر و القد يحكي القضيبا و ان تناول سيفا رأيت ليثا حريبا و ان رمي بسهام كان المجيد المصيبا طبيب ما بي من الحب فلا عدمت الطبيبا اني هويت عجيبا هوي أراء عجيبا 3- و قد شجع المعتصم الشعراء ان يقولوا فيه المدح و ذلك لان الشاعر عنصر مهم في الاعلام السياسي انذاك فان كان مخلصا ذا

عقيدة سليمة نشر الحق و دافع عنه و ان كان منافقا مدح الباطل ليقبض منه «اخرج الصولي عن الفضل اليزيدي قال: وجه المعتصم الي الشعراء ببابه: من منكم يحسن أن يقول فينا كما قال منصور النمري في الرشيد؟: أن المكارم و المعروف أودية أحلك الله منها حيث تجتمع من لم يكن بامين الله معتصما فليس بالصلوات الخمس ينتفع ان اخلف القطرلم تخلف فواصله أوضاق امر ذكرناه فيتسع فقال ابووهيب: فينا من يقول خيرا منه فيك و قال: ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها شمس الضحي و ابوأسحاق و القمر تحكي افاعيله في كل نائبة الليث و الغيث و الصمصامة الذكر [25] . بويع للمعتصم ثامنهم: ثامن الخلفاء و العباسيين - بالخلافة بعد موت المامون فشغب الجند و نادوا بالعباس بن المامون [26] . فخرج اليهم و قال لهم: اي شي ء تريدون مني؟ قالوا نبايعك بالخلافة قال: قد بايعت انا قد بايعت عمي و رضيت به و هو كبيري و عندي بمنزلة المامون فانصرفوا خائبين. [27] .

الوضع السياسي العام

استمراره بامتحان الناس بفتنة خلق القرآن

لقد ابتدع المأمون العباسي هذه الفتنة لأشغال الناس عن النظر فيما يهمهم من الامور التي تقصر السلطة فيها و لاحداث انشقاقات [ صفحه 17] جديدة في المجتمع تؤدي الي اضعافه امام الحاكم ليسيطر عليه و قد سار علي هذا النهج المعتصم العباسي «فسلك ما كان المأمون عليه و ختم به عمره من امتحان الناس بخلق القرآن فكتب الي البلاد بذلك و امر المعلمين ان يعلموا الصبيان ذلك و قاسي الناس منه مشقة في ذلك و قتل عليه خلقا من العلماء و ضرب الامام احمد بن حنبل و كان ضربه في سنه عشرين. [28] قيل فجلده حتي غاب عقله و تقطع

جلده و قيده و حبسه. [29] .

نقل العاصمة الي سامراء
اشاره

نقل المعتصم عاصمة الحكم الي سامراء سنة 220 كما يقول السيوطي و سنة 221 كما يقول اليعقوبي و هو تاريخ مقارب للتاريخ الذي اعتلي به الامام الهادي دست الامامة المقدسة. و فيها - اي سنة (220) - تحول المعتصم من بغداد و بني سر من رأي و ذلك انه اعتني بأقتناء الترك فبعث الي سمرقند و فرغانة و النواحي في شرائهم و بذل فيهم الاموال و البسهم انواع الديباج و مناطق الذهب فكانوا يطردون خيلهم في بغداد و يؤذون الناس و ضاقت البلد فاجتمع اليه اهل بغداد و قالوا: ان لم تخرج عنا جندك حاربناك قال: و كيف تحاربونني؟ قالوا بسهام الاسحار قال لاطاقة لي بذلك فكان ذلك سبب بنائه «سر من رأي» و تحوله اليها. [30] و في تاريح اليعقوبي و خرج المعتصم الي القاطول في النصف من ذي القعدة سند 220 فاختط موضع المدينة التي بناها و اقطع الناس المقاطع وجد في البناء حتي بني الناس القصور و الدور و قامت الاسواق ثم ارتحل من القاطول الي سر من رأي فوقف في الموضع الذي فيه دار العامة و هناك دير النصاري فاشتري من اهل الدير الارض و اختط فيه و صار الي موضع القصر المعروف ب(الجوسق) و الانهار في شرقي دجلة و عمر العمارات و نصب الدواليب علي الانهار و حملت النخيل و الغروس من سائر البلدان و كان ابتداء ذلك في سنة 221 و بني القري و حمل اليها الناس من كل بلد و امرهم ان يعمروا عمارة بلدهم و حمل قوما من ارض مصر يعلمون القراطيس فعلموها فلم تات في تلك الجودة. [31] . ان

نقل العاصمة الي سامراء نابع من الاسباب التالية: [ صفحه 18]

تغيير بنية الحكم

ففي فترة المعتصم ادخل الاتراك للسلطة بصورة واسعة ليضرب بهم العناصر المتنفذة من بقايا الادوار السابقة و هذا واضح من اسراف المعتصم بجلب الاتراك و شرائهم و الاعتناء بهم و تحويل جيشه الي جيش جرار من العناصر التركية و لعل السبب الاساسي في اعتماد المعتصم علي الاتراك هو كون امه منهم.

التركيب الاجتماعي لبغداد

ان التركيب الاجتماعي في بغداد لايصلح بل يتعارض مع النظام الجديد و ذلك لوجود البني التالية به: أ) العناصر الحكومية السابقة من عباسيين و عرب و فرس من الذين لا يرضون و ليس من مصالحهم ان تتحول مراكز القوي للاتراك. ب) الشيعة: نتيجة لعمل الائمة المتواصل في بغداد كثرت بها القواعد الشيعية خصوصا في منطقة الكرخ و كانت تشكل قوة ضاربة في المجتمع البغدادي و يبرز ذلك واضحا في تشييع جنازة الامام الكاظم (ع) لذلك فليس من مصلحة الدولة و ليس من الحكمة السياسية ان تكوت مثل هذه القوة المناوءة في عاصمة ملكها. ج) لذلك فكر المعتصم بالانتقال من بغداد فاختار القاطول و من ثم سامراء. د) اما ما اشيع من ان المعتصم يخشي من دعوات اهل بغداد في الاسحار اذا لم يتحول بجيشه الي مدينة اخري فأمر لا يعتد به كثيرا يقول ابن الطقطقا: كانت بغداد دار الملك و بها سرير الخلافة بعد المنصور و من ولي بعده من الخلفاء كان سرير ملكهم ببغداد. فلما كانت أيام المعتصم خاف من بها من العسكر و لم يثق بهم فقال اطلبوا لي موضعا اخرج اليه و ابني فيه مدينة و أعسكر به فان رابني من عساكر بغداد حادث كنت بنجوة و كنت قادرا علي ان آتيهم في البر و في الماء فوقع اختياره علي سامراء

فبناها و خرج اليها. [32] .

القضاء علي حركة بابك

و اشتدت شوكة بابك و كان معه محمد بن البعيث قد شايعه و عصمه الكردي صاحب مرند في طاعته فوجه المعتصم طاهر بن ابراهيم... و امره بمحاربة القوم فلما قدم البلد كتب ابن البعيث الي المعتصم انه في الطاعة و انه في التدبير علي بابك و اصحابه ثم مكر بعصمه الكردي صاحب مرند فتزوج ابنته [ صفحه 19] و صار الي مرند ثم دعاه الي منزله فحمل عليه و علي من معه في الشراب فلما سكروا حملهم في الليل الي قلعته التي يقال لها شاهي ثم انفذهم الي المعتصم فاجازه المعتصم و حباه و اعطاه... و وجه الأفشين حيدر بن كاوس الاشروسني و عقد له علي جميع ما اجتاز به من الاعمال و حملت معه الاموال و خزائن السلاح فلما صار الأفشين الي الجبل أخذ ما كان به من الصعاليك و الوجوه فنفذ فكانت بينه و بين بابك وقائع... و هرب بابك و ستة من اصحابه... فصار الي رجل من البطارقة... فأخذه و كتب الي الافشين بخبره فانفذ فأخذه و كتب بالفتح و بما كان من تدبيره فقري ء الفتح و كتب به الي الاوقاف... و قدم علي المعتصم و هو بسر من رأي فتلقاه القواد و الناس علي مراحل و دخلها لليلتين خلتا من صفر سنة 223 و بابك بين يديه علي القيل حتي دخل الي المعتصم فأمر بقطع يدي بابك و رجليه ثم قتله و صلبه بسر من رأي... [33] .

غزو الروم

و في سنة ثلاث و عشرين و مائتين خرج توقبل بن [34] ميخائيل ملك الروم الي بلاد الاسلام فبلغ زبطرة فقتل من بها من الرجال و سبي الذرية و النساء و اغار علي

ملطية و غيرها و سبي المسلمات و مثل بمن صار في يده من المسلمين فسمل اعينهم و قطع آنافهم و اذانهم. [35] فلما انتهي الخبر الي المعتصم قام من مجلسه نافرا حتي جلس علي الارض و ندب الناس للخروج و وضع الاعطاء و عسكر من يومه بموضع يعرف بالعيون من غربي دجلة و قدم اشناس التركي علي مقدمته... و دخل ارض الروم فقصد ارض عمورية و كانت من اعظم مدائنهم. [36] فأنكاهم نكاية عظيمة لم يسمع بمثلها لخليفة و شتت جموعهم و خرب ديارهم و فتح عمورية بالسيف و قتل منهم ثلاثين الف و سبي مثلهم... [37] .

تعليل

تطالعنا في حياة الكثير من الخلفاء هذه المظاهر: - 1) وجود الانحراف الخلقي عندهم. 2) ارهاب الجماهير و الضغط عليهم. 3) قيامهم بالفتح و الدفاع عن ديار الاسلام. [ صفحه 20] و لتعليل هذا التناقض نقول ان الدفاع و الفتح عمل مشروع بحد ذاته مؤيد من القيادة الشرعية في كل وقت و الذي يدفع الحكام للقيام به آنذاك عدة اسباب منها: 1- اعطاء الحكم مظهرا اسلاميا يقوي مركزه امام الجماهير المسلمة بعد تشبع هذه الجماهير بالجهاد نتيجة التربية النبوية للأمة. 2- التوسع و الدفاع عمليتان يستطيع بهما الخليفة تثبيت ملكه و توطيد اركانه بالتخلص من العدو الخارجي الذي يريد اسقاط الدولة التي يرأسها الحاكم. 3- الدفع الجيوش علي الحدود يخلص الحاكم من عنصر من عناصر الثورة و التمرد ضده.

مع الشيعة

اشاره

انطلاقا من العداء العقائدي الشديد بين ائمة اهل البيت و شيعتهم المؤمنين من جهة و الخلافة العباسية و اتباعها من جهة اخري نري استمرار العداء بين الخطين و ان اتخذ في كل فترة لونا او درجة من الشدة و ليس المعتصم ببدع عن اسلافه المعادين لاهل البيت و حزبهم و فيما يلي نماذج لصور العداء بين الخطين.

اغتياله للامام الجواد

بعد سنتين تقريبا من حكم المعتصم لطخ يديه باغتيال الامام الجواد (ع) عن طريق ابنة اخيه ام الفضل بنت المامون زوج الامام الجواد (ع) فنفذت هذه المرأة بدوافع الحسد و الحث المؤامرة بسمها للامام (ع). و كان قبل ذلك قد اقدمه من المدينة الي بغداد ليكون تحت نظره و لتسهل مراقبته. و قد كان المعتصم اشخصه الي بغداد في اول هذه السنة التي توفي فيها. [38] .

ثورة محمد بن القاسم بن علي

هو محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب و كانت العامة تلقبه بالصوفي لانه كان يدمن علي لبس [ صفحه 21] الثياب من الصوف الابيض. و كان من اهل العلم و الفقه و الدين و الزهد و حسن المذهب... خرج ايام المعتصم بالطالقان فأخذه عبدالله بن طاهر و وجه به الي المعتصم بعد وقائع كانت بينه و بينه. [39] . و يبدو ان هذا السيد الجليل كان يري رأي الزيدية في الثورة علي الظلم و قد تمكن من الهرب من السلطة و قد اختلفت الروايات في نهايته فقد روي. 1- خرج محمد بن القاسم الصوفي بطالقان من خراسان في ايام المعتصم و اقام بها اربعة اشهر ثم حاربه عبدالله بن طاهر و أبعده الي بغداد الي المعتصم ثم حبسه اياما و هرب من حبسه فأخذه و رب عنقه صبرا و صلبه بالشماسية و هو ابن ثلاث و خمسين سنة. [40] . 2- و قيل انه بعد هربه من سجن المعتصم رجع الي الطالقان فمات بها و قيل انه انحدر الي واسط و ذلك الصحيح. [41] . 3- و قد روي تواري محمد بن القاسم ايام المعتصم و ايام الواثق ثم اخذ

في ايام المتوكل فحمل اليه فحبس حتي مات في محبسه قال: و يقال انه دس اليه سما فمات منه. [42] و لاجل التفصيل راجع مقاتل الطالبيين. [43] . 4- محنة عبدالله بن الحسين بن عبدالله بن اسماعيل بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب. و قد اجبرته السلطة علي لبس شعارها و هو السواد فرفض ذلك فقد روي عنه انه امتنع من لبس السواد و خرقه لما طولب بلبسه فحبس بسر من رأي حتي مات في حبسه رضوان الله عليه. [44] .

الحرب الفكرية

لقد استعملت السلطة العباسية للطعن بالأئمة طريقة توجيه الاسئلة المحرجة لهم لتعجيزهم امام الناس و هذا واضح في حياة الامام الجواد (ع). و كان المتصدي لهذا الدور و المرشح من قبل السلطة يحيي بن أكثم قاضي القضاة. [45] . و قد مارس هذا الدور مع الامام الهادي فقد وجه مجموعة من الاسئلة المعقدة لموسي بن محمد الجواد بن علي الرضا فرد عليها الامام الهادي (ع). قال موسي بن محمد بن الرضا [46] : لقيت يحيي بن اكثم في دار العامة، [ صفحه 22] فسألني عن مسائل، فجئت الي اخي علي بن محمد عليهماالسلام فدار بيني و بينه من المواعظ ما حملني و بصرني طاعته، فقلت له: جعلت فداك ان ابن اكثم كتب يسألني عن مسائل لأفتيه فيها، فضحك عليه السلام ثم قال: لا، لم اعرفها، قال عليه السلام: و ما هي، قلت: كتب يسألني عن قول الله: قال الذي عنده علم من الكتاب انا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك. نبي الله كان محتاجا الي علم آصف،. و عن قوله: و رفع ابويه علي العرش و خروا له سجدا سورة يوسف آية 100. سجد يعقوب

و ولده ليوسف و هم انبياء. و عن قوله: فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب سورة يونس آية 94. من المخاطب بالاية، فان كان المخاطب النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقد شك. و ان كان المخاطب غيره فعلي من اذن انزل الكتاب، و عن قوله: ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام و البحر يمده من بعده سبعة ابحر مانفدت كلمات الله سورة لقمان آية 26. ماهذه الابحر و اين هي، و عن قوله: و فيها ما تشتهيه الانفس و تلذ الاعين سورة الزخرف آية 71. فاشتهت نفس ادم عليه السلام اكل البر فاكل و اطعم (و فيها ما تشتهي الانفس) فكيف عوقب؟. و عن قوله: او يزوجهم ذكرانا و اناثا سورة الشوري آية 49 يزوج الله عباده الذكران و قد عوقب قسوم فعلوا ذلك، و عن شهادة المرأة جازت وحدها و قد قال الله: و اشهدوا ذوي عدل منكم سورة الطلاق آية 2، و عن الخنثي و قول علي عليه السلام: يورث من المبال، فمن ينظر اذا بال اليه، مع انه عسي ان يكون امرأة و قد نظر اليها الرجال، او عسي ان يكون رجلا و قد نظرت اليه النساء و هذا مالا يحل. و شهادة الجار الي نفسه لاتقبل، و عن رجل اتي الي قطيع غنم فرأي الراعي ينزو علي شاة منها فلما بصر بصاحبها خلي سبيلها، فدخلت بين الغنم كيف تذبح و هل يجوز اكلها ام لا، و عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة و هي من صلاة النهار و انما يجهر في صلاة الليل. و عن قول علي عليه السلام لابن جرموز: بشر قاتل

ابن صفية بالنهار [47] فلم يقتله و هو امام، و اخبرني عن علي عليه السلام لم قتل اهل صفين و أمر بذلك مقبلين و مدبرين و اجاز علي الجرحي، و كان حكمه يوم الجمل انه لم يقتل موليا و لم يجز علي جريح و لم يأمر بذلك، و قال من دخل داره فهو امن، و من ألقي سلاحه فهو آمن، لم فعل ذلك، فان [ صفحه 23] كان الحكم الاول صوابا فالثاني خطأ. و اخبرني عن رجل اقر باللواط علي نفسه ايحد، ام يدرا عنه الحد؟. قال عليه السلام: اكتب اليه، قلت: و ما اكتب، قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم و انت فالهمك الله الرشد اتاني كتابك فامتحنتنا به من تعنتك لتجد الي الطعن سبيلا ان قصرنا فيها، و الله يكافيك علي نيتك و قد شرحنا مسائلك فاضع اليها سمعك و ذلل لها فهمك و اشغل بها قلبك، فقد لزمتك الحجة و السلام. سألت: عن قول الله جل و عز: قال الذي عنده علم من الكتاب فهو آصف بن برخيا و لم يعجز سليمان عليه السلام عن معرفة ما عرف آصف لكنه صلوات الله عليه احب ان يعرف امته من الجن و الانس انه الحجة من بعده، و ذلك من علم سليمان عليه السلام اودعه عند اصف بأمر الله، ففهمه ذلك لئلا مختلف عليه في امامته و دلالته كما فهم سليمان عليه السلام في حياة داود عليه السلام لتعرف نبوته و امامته من بعد لتأكد الحجة علي الخلق. و اما سجود يعقوب عليه السلام و ولده كان طاعة لله و محبة ليوسف عليه السلام كما ان السجود من الملائكة لادم عليه السلام لم يكن لادم عليه السلام و انما كان ذلك طاعة لله و محبة

منهم لادم عليه السلام فسجود يعقوب عليه السلام و ولده يوسف عليه السلام معهم كان شكرالله باجتماع شملهم، الم تره يقول في شكره ذلك الوقت: رب قد اتيتني من الملك و علمتني من تأويل الاحاديث - الي اخر الاية سورة يوسف آية 102. و اما قوله: فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب فان المخاطب به رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و لم يكن في شك مما انزل اليه ولكن قالت الجهلة كيف لم يبعث الله نبيا من الملائكة، اذ لم يفرق بين نبيه و بيننا في الاستغناء عن المآكل و المشارب و المشي في الاسواق، فأوحي الله الي نبيه فاسأل الذين يقرؤون الكتاب بمحضر الجهلة، هل بعث الله رسولا قبلك الا و هو يأكل الطعام و يمشي في الاسواق ولك بهم اسوة. و انما قال. فان كنت في شك و لم يكن شك ولكن للنصفة كما قال. تعالوا ندع ابناءنا و ابناءكم و نساءنا و نساءكم و انفسنا و انفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين سورة ال عمران 20 ولو قال. عليكم [ صفحه 24] لم يجيبوا الي المباهلة، و قد علم الله ان نبيه يؤدي عنه رسالاته و ماهو من الكاذبين، فكذلك عرف النبي انه صادق فيما يقول ولكن احب ان ينصف من نفسه. و اما قوله ولو أن ما في الارض من شجرة أقلام و البحر يمده من بعده سبعة ابحر مانفدت كلمات الله فهو كذلك لو ان اشجار الدنيا اقلام و البحر يمده سبعة ابحر و انفجرت الارض عيونا لنفدت قبل ان تنفد كلمات الله و هي عين الكبريت و عين النمر و عين

(ال) برهوت و عين طبرية و حمة ما سبندان و حمة افريقية يدعي لسان [48] و عين بحرون، و نحن كلمات الله لاتنفد و لا تدرك فضائلنا. و اما الجنة فان فيها من المآكل و المشارب و الملاهي ما تشهتي الانفس و تلذ الاعين و أباح الله ذلك كله لآدم عليه السلام و الشجرة التي نهي الله عنها آدم عليه السلام و زوجته ان يأكلا منها شجرة الحسد عهد اليهما ان لا ينظروا الي من فضل الله علي خلائقه بعين الحسد فنسي ونظر بعين الحسد و لم يجد له عزما، و اما قوله: او يزوجهم ذكرانا و اناثا اي يولد له ذكور و يولد له اناث، يقال لكل اثنين مقرنين زوجان كل واحد منهما زوج، و معاذ الله ان يكون عني الجليل ما لبست به علي نفسك تطلب الرخص لارتكاب الماثم و من يفعل ذلك يلق اثاما - يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيها مهانا سورة الفرقان آية 69 ، 68 ان لم يتب. و اما شهادة المرأة وحدها التي جازت فهي القابلة جازت شهادتها مع الرضا، فان لم يكن رضي فلا اقل من امرأتين تقوم المرأتان بدل الرجل للضرورة، لان الرجل لايمكنه ان يقوم مقامها، فان كانت وحدها قبل قولها مع يمينها. و اما قول علي عليه السلام في الخنثي فهي كما قال: ينظر قوم عدول ياخذ كل واحد منهم مرآة و تقوم الخنثي خلفهم عريانة و ينظرون في المرايا فيرون الشبح فيحكمون عليه. و اما الرجل الناظر الي الراعي و قد نزا علي شاة فان عرفها ذبحها و احرقها. و ان لم يعرفها قسم الغنم نصفين و ساهم بينهما، فاذا وقع علي احد النصفين

فقد نجا النصف الاخر، ثم يفرق النصف الاخر فلا [ صفحه 25] يزال كذلك حتي تبقي شاتان فيقرع بينهما فايتها وقع السهم بها ذبحت و احرقت و نجا سائر الغنم. و أما صلاة الفجر فالجهر فيها بالقراءة، لان النبي صلي الله عليه و سلم كان يغلس بها فقراءتها من الليل. و اما قول علي عليه السلام: بشر قاتل ابن صفية بالنار فهو لقول رسول الله صلي الله عليه و سلم و كان ممن خرج يوم النهروان فلم يقتله اميرالمؤمنين صلي الله عليه و آله و سلم بالبصرة، لانه علم انه يقتل في فتنة نهروان. و اما قولك: ان عليا عليه السلام قتل اهل صفين مقبلين و مدبرين و اجاز علي جريحهم و انه يوم الجمل لم يتبع موليا و لم يجز علي جريح و من القي سلاحه آمنه و من دخل داره امنه، فان اهل الجمل قتل امامهم و لم تكن لهم فئة يرجعون اليها و انما رجع القوم الي منازلهم غير محاربين و لا مخالفين و لا منابذين، رضوا بالكف عنهم، فكان الحكم فيها رفع السيف عنهم و الكف عن اذاهم، اذ كم يطلبوا عليه اعوانا، و اهل صفين كانوا يرجعون الي فئة مستعدة و امام يجمع لهم السلاح الدروع و الرماح و السيوف و يسني لهم العطاء، يهيي ء لهم الانزال و يعود مريضهم و يجبر كسيرهم و يداوي جريحهم و يحمل راجلهم و يكسو حاسرهم و يردهم فيرجعون الي محاربتهم و قتالهم، فلم يساو بين الفريقين في الحكم لما عرف من الحكم في قتل اهل التوحيد لكنه شرح ذلك لهم، فمن رغب عرض علي السيف او يتوب من ذلك. و اما الرجل الذي اعترف باللواط فانه

لم تقم عليه بينة و انما تطوع بالاقرار من نفسه و اذا كان للامام الذي من الله اين يعاقب عن الله كان له ان يمن عن الله، اما سمعت قول الله: هذا عطاؤنا الاية قد انبأناك بجميع ما سألتنا عنه فاعلم ذلك. [49] .

التعليق

1) علمت السلطة العباسية من تجربتها المسبقة مع الامام الجواد عندما ارادت ان تحرجه بتوجيه الاسئلة الصعبة اليه لتثبت للناس عجزه فتبطل امامته. كيف انه رد علي ممثلها الفكري [ صفحه 26] ابن اكثم فاثبت عجزه و جهله المطبق قياسا لعلم الامام. 2) لذلك لجأت الي تكليف نفس الرجل في مرحلة الامام الهادي لاحراج القيادة باثبات عجز ابن الامام و اخيه موسي المبرقع ابن الجواد و هذا التعجيز للمبرقع و ان كان لا يعني شيئا بالنسبة لعلم الامام المعصوم الهادي لسكنه مع ذلك سيتخذ وسيلة للطعن علي البيت الذي ينتمي اليه الهادي باثبات جهل اخيه. 3) عندما لم يستطع المبرقع الاجابة علي اسئلة ابن اكثم توجه بالاسئلة لاخيه و قد نبهه الامام في النقاش الذي دار بينهم و ماحواه من مواعظ بلزوم طاعته. 4) الموقف العملي للامام ازاء هذه اللعبة: أ- تصدي الامام الهادي للرد علي اسئلة ابن اكثم. ب- كشف الامام ان دافع الاسئلة لم يكن طلبا للعلم و الاستفادة بل لايجاد وسيلة للطعن علي اهل بيت النبوه ان قصروا في الاجابة. ج- اجابة الامام لالقاء الحجة عليه و علي من بعثه و علي من يطلع علي الاجابة و هذا هو شأن الائمة جميعا في اثبات حقهم و اعلانهم ذلك. حتي امام السلطات الحكومية.

هجاء دعبل للمعتصم

و لقد تصدي دعبل للمعتصم فذمه و كشف انحرافه، ان ذم دعبل لهذا الحكم يمثل رأي الائمة به و ان لم ينطقوا بذلك بالسنتهم لان ذلك يتنافي مع الحكمة و الدقة التي يمتاز بها الائمة (ع). هجا دعبل المعتصم ثم نذر به فخاف و هرب حتي قدم مصر ثم خرج الي المغرب و الابيات التي هجاه بها هذه. ملوك بني العباس في الكتب سبعة و

لم يأتنا في ثامن منهم الكتب كذلك اهل الكهف في الكهف سبعة غداة ثووا فيها و ثامنهم كلب و اني لازهي كلبهم عنك رغبه لانك ذو ذنب و ليس له ذنب لقد ضاع امر الناس حيث يسوسهم وصيف و اشناس و قد عظم الخطب و اني لارجو ان تري من مغيبها مطالع شمس قد يغص بها الشرب و همك تركي عليه مهانه فانت له ام و انت له أب [50] . [ صفحه 27]

موته

توفي يوم الخميس لاحدي عشرة ليلة بقيت من شهر بيع الاول سنة 227 و صلي عليه ابنه هارون و دفن في قصره المعروف بالجوسق و كانت سنه 39 سنة و كانت ولايته ثماني سنين و خلف من الولد الذكور ستة: هارون الواثق و جعفر المتوكل و محمد و احمد و علي و العباس [51] .

الواثق

المعلومات العامة

شخصه

هو ابوجعفر و قيل ابوالقاسم بن المعتصم بن الرشيد امه ام ولد رومية اسمها قراطيس ولد لعشر بقين من شعبان سنة ست و تسعين و مائة و ولي الخلافة من بعد ابيه بويع له في تاسع عشر ربيع الاول سنة سبع و عشرين و مائتين [52] و كان أبيض اللون تعلوه صفرة حسين اللحية في عينه نكتة [53] لقبة الاعلام الرسمي بالواثق.

فساده
اشاره

و كأسلافه الحاكمين سار علي سنة الفاسقين و نذكر في هذا الموضوع جانبا من مفاسده الاخلاقية.

ميله للغلمان

فقد روي عنه كان الواثق وافر الادب مليح الشعر و كان يحب خادما اهدي له من مصر فاغضبه الواثق يوما ثم انه سمعه يقول لبعض الخدم و الله انه ليروم ان اكلمه من امس فما افعل فقال الواثق: - ياذا الذي بعذ ابي ظل مختفرا ما انت الا مليك جار اذ قدرا لولا الهوي لتجارينا علي قدر و ان اقف منه يوماما فسوف تري و من شعر الواثق في خادمه: - مهج يملك المهج بسجي اللحظ و الدعج حسن القد مخطف ذو دلال و ذو غنج [ صفحه 28] ليس للعين ان بدا عنه باللحظ منعرج [54] . و قد روي كنا بين يدي الواثق و قد اصطبح فناوله خادمه مهج وردا و نرجسا فانشد في ذلك بعد يوم لنفسه: - حياك بالنرجس و الورد معتدل القامة و القد فالهبت عيناه نار الهوي و زاد في اللوعة و الوجد املت بالملك له قربة فصار ملكي سبب البعد و رنحته سكرات الهوي فمال بالوصل الي الصد ان سئل البذل ثني عطفه و اسبل الدمع علي الخد غر بما تجنيه الحاظه لايعرف الانجاز للوعد مولي تشكي الظلم من عبده فانصفوا المولي من العبد [55] . و انشدنا بعض اهلنا للواثق و كان يهوي خادمين لهذا يوم يخدمه و لهذا يوم يخدمه فيه: قلبي قسيم بين نفسين فمن رأي روحا بجسمين يغضب ذا ان جاد ذا بالرضا فالقلب مشغول بجوشين [56] .

شغفه بالغناء

و كان اعلم الخلفاء بالغناء. و له اصوات و الحان عملها نحو مائة صوت و كان حاذقا بضرب العود رواية للاشعار و الخبار. [57] .

كثرة اكله

كان الواثق كثير الاكل جدا. [58] .

تبذيره لاموال المسلمين

فقال له الواثق: اريد شاهدا من الشعر في المرت فبادر بعض من حضر فانشد بيتا لبني اسد... فضحك ابومحلم و قال: و الله لا ابرح حتي انشدك فانشده للعرب مائة قافية معروفة لمائة شاعر معروف و في كل بيت ذكر المرت فامر له الواثق بمائة الف دينار. [59] . و من مظاهر تبذيره لاموال المسلمين: - و اخرج عن الحزنبل: قال غني في مجلس الواثق بشعر الاخطل و شادن مرمج بالكاس نادمني لا بالحصور و لا فيها بسوار [ صفحه 29] فقال: اسوار او سأر؟ فوجه الي ابن الاعرابي يسأل عن ذلك فقال: سوار وثاب يقول لايثب علي ندمائه و سأر مفضل في الكاس سؤرا و قد رويا جميعا فامر الواثق لابن الاعرابي بعشرين الف درهم. [60] .

الوضع السياسي العام

استمراره بامتحان الناس بخلق القرآن
اشاره

و امتحن الواثق الناس في خلق القرآن فكتب الي القضاة ان يفعلوا ذلك في سائر البلدان و ان لايجيزوا الا شهادة من قال بالتوحيد فحبس بهذا السبب عالما كثيرا. [61] و في سنة احدي و ثلاثين ورد كتاب الي امير البصرة يامره ان يمتحن الائمة و المؤذنين بخلق القرآن و كان قد تبع اباه في ذلك ثم رجع في اخر امره. و في هذه السنة قتل احمد بن نصر الخزاعي و كان من اهل الحديث. [62] . و قد استفتي الواثق جماعة من فقهاء المعتزلة بقتله فاجازوا له ذلك و قال اذا قمت اليه فلايقومن احد معي فاني احتسب خطاي الي هذا الكافر الذي يعبد ربا لانعبده و لانعرفه بالصفة التي وصفه بها ثم امر بالنطع فاجلس عليه و هو مقيد فمشي اليه فضرب عنقه و امر بحمل راسه الي بغداد فصلب بها و صلبت جثته في

سر من رأي و استمر ذلك ست سنين الي ان ولي المتوكل فانزله و دفنه و لما صلب كتب ورقة و علقت في اذنه فيها: هذا راس احمد بن نصر بن مالك دعاه عبدالله الامام هارون الي القول بخلق القرآن و نفي التشبيه فابي الا المعاندة فعجله الله الي ناره و وكل بالراس من يحفظه.» «و في هذه السنة استفك من الروم الفا و ستمائة اسير مسلم فقال ابن ابي داود -قبحه الله -! من قال من الاساري «القرآن مخلوق» خلصوه و اعطوه دينارين و من امتنع دعوه في الاسر. قال الخطيب: كان احمد بن ابي داود قد استولي علي الواثق و حمله علي التشدد في المحنة و دعا الناس الي القول بخلق القرآن.» [63] . و من جملة من شملهم ظلم الواثق «ابويعقوب بن يوسف بن يحيي البوطي صاحب الشافعي - الذي مات سنة 231 - محبوسا في محنة الناس بالقرآن و لم يجب الي القول بانه مخلوق و كان من الصالحين». [64] . [ صفحه 30] و السؤال الذي يطرح هو حل تستحق هذه المسألة كل هذه المشقة كالسجن و القتل و الضرب و عدم فك الاسري.

موقف الامام الهادي من مسألة خلق القرآن

لقد عمت الامة فتنة كبري زمن المامون و المعتصم و الواثق بامتحان الناس بخلق القرآن و كأن هذه المسألة مسألة يتوقف عليها مصير الامة الاسلامية و قد بين الامام الهادي (ع) الرأي السديد في هذه المناورة السياسية التي ابتدعتها السلطة فقد روي عنه: - حدثنا محمد بن عيسي بن عبيد اليقطين قال كتب علي بن محمد ابن علي بن موسي الرضا عليه السلام الي بعض شيعته ببغداد: بسم الله الرحمن الرحيم عصمنا الله و اياك من الفتنة فان يفعل

فاعظم بها نعمة و الا يفعل فهي الهلكة نجن نري ان الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السايل و المجيب فتعاطي السائل ما ليس له و تكلف المجيب ما ليس عليه و ليس الخالق الا الله و ماسواه مخلوق و القرآن كلام الله لا تجعل له اسما من عندك فتكون من الضالين جعلنا الله و اياك من الذين يخشون ربهم بالغيب و هم من الساعة مشفقون. [65] و بذلك يتحدد الموقف بالشكل التالي: 1) ان الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل و المجيب. 2) الكلمة التي تقال في الموضوع و تحسمه الله هو الخالق و ما سواه مخلوق و القرآن كلام الله.

اشناس التركي

و في عهد الواثق سلمت صلاحيات واسعة للاتراك فقد روي: - و في سنة ثمان و عشرين و مائتين استخلف علي السلطنة اشناس التركي و البسه و شاحين مجوهرين و تاجا مجوهرا و اظن انه اول خليفة استخلف سلطانا فان الترك انما كثروا في ايام ابيه. [66] . و بعد وفاته صارت الامور الي ايتاخ التركي [67] حاجبه [68] . [ صفحه 31]

الوضع في بلاد الشام

و ثبت ابن بيهس بدمشق في جمع من بطون قيس و وثب بفلسطين رجل يقال له تميم اللخمي و يعرف بأبي حرب و يلقب بالمبرقع في لخم و جذام و عامله و بلقين و صار الي كورة الاردن.. فوجه الواثق رجاء ابن ايوب الحضاري فبدأ بدمشق فأوقع بابن بيهس فأسره و سار الي فلسطين فأوقع بتميم اللخمي و أسره و حمله الي سر من رأي فوقف بباب العامة و نودي عليه. [69] .

وثبة في برقة

و خلع قوم من البربر ببرقة و معهم قوم من قريش من بني اسد ابن ابي العيص و وثبوا بعاملهم محمد بن عبدويه بن جبلة. فسار اليهم نفس الجيش الرمسل للبلاد الشام و صار رجاء الي مصر سنة 228 منزل الجيزة ثم توجه الي برقة فهرب من كان فيها و ظفر بجماعة منهم فحملهم ثم انصرف. [70] .

طريق الحجاز

و كانت بطون قيس قد عاثت في طريق الحجاز و قطعوا الطريق حتي تخلف الناس علي الحج و نصبوا رجلا من سليم يقال له عزيزة الخفافي و سلموا عليه بالخلافة فوجه الواثق بغا الكبير سنة 230 و امره ان يقاتل كل من وجده من الاعراب فشخص قبل او ان الحج فاجتمعت قيس من كل ناحية و اكثرهم بنوسليم و رئيسهم عزيزة فلقيهم فقتل منهم خلقا عظيما و صلبهم علي الشجر و اسر منهم عالما حبسهم في دار يزيد بن معاوية بالمدينة فنقبوا و خرجوا علي اهل المدينة فوثب عليهم اهل المدينة فقتلوا عامتهم و حمل بغا الباقين في الاغلال. [71] .

ارمينيا

و قد حدثت اضطرابات في ارمينيا فقد تحرك بها العرب و البطاركة و تغلب ملوك الجبال علي مايليهم. [72] .

الخوارج

و خرج محمد بن عمرو الشيباني الخارجي بديار ربيعة و ابوسعيد [ صفحه 32] محمد بن يوسف بها فخرج مع الجند و محمد بن عمرو ثلثمائة او اربعمائة من الخوارج فصار الي سنجار ثم انهزم الي ناحية الموصل فتبعه ابوسعيد فأسره و أدخله نصيبين علي بقرة و حمله.. الي الواثق فكتب اليه ماينبغي ان يقتل فانه لن يخرج مادام حيا فلم يزل محبوسا ايام الواثق. [73] .

معاملته بصورة عامة

و مع كل مامر بنا فان الواثق لك يكن شديدا علي الناس لاقتضاء السياسة انذاك ذلك فقد روي عنه انه: - [74] . 1) فرق اموالا جمة بمكة و المدينة و سائر البلدان علي الهاشميين و ساير قريش و الناس كافة. 2) قسم في اهل بغداد قسما كثيرة مرة بعد اخري علي اهل البيوتات و علي عامة الناس و فرق علي اقوام من التجار اموالا جمة. 3) بني الدور لقوم. 4) اسقط ما كان يؤخذ ممن يرد في بحر الصين من العشر.

مع الشيعة

سياسته العامة مع الطالبيين

كانت سياسة الواثق تتسم باللين مع آل ابي طالب فقد روي عن ابي الفرج قوله لا نعلم احدا قتل في ايامه الا ان علي بن محمد بن حمزة ذكر ان عمرو بن منيع قتل علي بن محمد بن عيسي بن زيد بن علي بن الحسين و لم يذكر السبب في ذلك.. فقتل في الواقعة التي كانت بين محمد بن ميكال و محمد بن جعفر هذا في الري. و كان آل ابي طالب مجتمعين بسر من رأي في ايامه تدر الارزاق عليهم حتي تفرقوا ايام المتوكل. [75] قال ابن طقطقا و لما ولي الخلافة احسن الي بني عمه الطالبيين. [76] كما قال ابن الكازروني عنه كان كثير الاحسان الي العلويين. [77] و يمكن تحديد سياسة الواثق مع الشيعة و العلويين بمايلي: - [ صفحه 33] أ) ان موقف اللين من مقتضيات السياسية آنذاك كوسيلة لامتصاص النقمة الجماهيرية علي الخط الحاكم. ب) الطبيعة العامة للحكم زمن الواثق: فقد فرق الاموال علي عموم الناس و قريش و بني هاشم و من جملتهم العلويين. ج) ان سياسة اللين لاتعني السماح بممارسة العمل السياسي فحصر الطابيين في سامراء ليجعلهم قريبين من رقابة الدولة

و اغنائهم سياسة تسد بها الكثير من الثورات التي يمكن ان يقوم بها العلويون و اتباعهم بدافع الحرمان و هو دافع مشروع. د) و قد قتل من العلويين في هذه الفترة علي بن محمد بن عيسي في الري و هذا يعني ان السلطة تضرب العلويين لو وجدت في ذلك ضرورة.

رصد الامام لحكومة الواثق

كان الامام الهادي (ع) يتابع التطورات السياسية و يرصد الاحداث بدقة. عن خيران الخادم قال: قدمت علي ابي الحسن عليه السلام المدينة فقال لي: ماخبر الواثق عندك؟ قلت: جعلت فداك خلفته في عافية انا من اقرب الناس عهدا به عهدي به منذ عشرة ايام قال: فقال لي: ان اهل المدينة يقولون: انه مات فلما ان قال لي: الناس علمت انه هو ثم قال لي: ما فعل جعفر؟ قلت تركته اسوء الناس حالا في السجن قال: فقال: اما انه صاحب الامر مافعل ابن الزيات؟ قلت جعلت فداك الناس معه و الامر امره قال: فقال: اما انه شؤم عليه قال: ثم سكت و قال لي: لابد ان تجري مقادير الله تعالي و احكامه ياخيران مات الواثق و قد قعد المتوكل جعفر و قد قتل ابن الزيات فقلت: متي جعلت فداك؟ قال: بعد خروجك بستة ايام [78] . و يمكن لهذه الرواية ان تفسر علي اساس انها معجزة ولكن مجمل الظروف المحيطة بها لاتقول بضرورتها فلا داعي للمعجزة في هذه الحالة لذلك ينبغي ان تفسر تفسيرا طبيعيا و هو وجود العيون و الارصاد الدقيقة علي الوضع السياسي تبلغ الامام ما يجب تبليغه من الاخبار و في هذه الروايات تأكيد علي وجود عناصر موالية للامام تتبوأ [ صفحه 34] مناصب حساسة في الدولة لذلك فمن المنطقي جدا ان تصل الاخبار للامام قبل

وقوعها او باسرع وقت بعد وقوعها. يقول الرجل الموكل بتسفير الامام من الحجاز الي سامراء فلما قدمت به بغداد بدأت بأسحاق بن ابراهيم الطاطري و كان واليا علي بغداد فقال لي يا يحيي ان هذا الرجل قد ولده رسول الله و المتوكل من تعلم فان حرضته عليه قتله و كان رسول الله خصمك يوم القيامة [79] و عندما قدم هذا الرجل الي سامراء يروي لنا الخبر التالي ثم صرت به الي سرمن رأي فبدأت بوصيف التركي فأخبرته بوصوله فقال والله لئن سقط منه شعرة لايطالب بها سواك قال فعجبت كيف وافق قوله قول اسحاق. [80] . بعد ذكر هذه الروايات نحب ان نثبت النقاط التالية: 1- وجود عناصر قريبة من السلطة الحاكمة توصل الاخبار للامام و مثالهم خير ان الخادم زمن الامام الهادي الذي يقول «انا اقرب الناس عهدا به» 2- تتبع الامام للاحداث و ذلك لتأثيرها الشديد علي التخطيط و التحرك فمثلا يهم الامام كثيرا ان يعرف مصير الحاكم الحالي و من سيخلفه و مصير وزراء الحاكم السابق. 3- وجود عناصر في مناصب حساسة في الدولة لها موقف ايجابي من الامام و لعل هذه العناصر تساعد في تقديم المعلومات الضرورية له و قد استنتجنا هذا من خلال وجود عنصرين حكوميين أبديا الولاء للامام مع خطورة ذلك عليهما لكبر مناصبهم وهم والي بغداد و حاجب الخليفة. صحيح ان هذا الحدث وقع قبل تسلم هذين الشخصين لمناصبهم ولكنه قرينة تشير الي وجود العناصر الموالية للامام في السلطة و مثال علي بن يقطين اوضح لكنه في فترة امام آخر.

وفاته

توفي الواثق يوم الاربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة 232 و سنه يومئذ اربع و ثلاثون سنة

و كانت خلافته خمس سنين و تسعة اشهر و ثلاثة عشر يوما [81] . [ صفحه 35]

المتوكل

معلومات عامة حوله

شخصه

هو جعفر أبوالفضل بن المعتصم بن الرشيد امه ام ولد أسمها شجاع ولد سنة خمس و قيل: سبع و مائتين و بويع له في ذي الحجة سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين بعد الواثق [82] .

صيغة مستحدثه في التلفيق

لقد روج الاعلام الخلافي قصة ذات طابع قدسي في لقب هذه الخليفة فقد روي في سبب تلقيبه بالمتوكل ان المتوكل رأي في النوم كأن سكرا سليما نيئا سقط عليه من السماء مكتوبا عليه جعفر المتوكل علي الله فلما خاض الناس في تسميته فقال بعضهم: نسميه المنتصر فحدث المتوكل احمد بن ابي داود بما رأي في منامه فوجده موافقا فأمضي و كتب به الي الافاق [83] . و قد مرمعنا في الفصل الاول ان المتوكل لقب الامام فينبغي النظر في هذه النقطة.

فساده

أ- كثرة شهواته: و كان منهمكا في اللذات و الشراب و كان له اربعة الاف سرية و وطي ء الجميع [84] . ب- تبذيره لاموال المسلمين علي السفاف من الامور: فقد روي: و كان المتوكل جوادا ممدحا يقال ما اعطي خليفة شاعرا ما اعطي المتوكل وفيه يقول مروان بن ابي الجنوب: فامسك ندي كفيك عني و لا تزد فقد خفت ان اطغي و ان اتجبرا فقال: لا امسك حتي يفرقك جودي و كان أجازه علي قصيدة بمائة الف و عشرين الف. [ صفحه 36] و دخل عليه علي بن الجهم يوما و بيديه درتان يقلبهما فأنشده قصيدة له فرمي اليه بدرة فقلبها فقال تستنقص بها و هي و الله خير من مائة الف فقال: لا ولكني فكرت في ابيات اعملها آخذ بها الاخري فقال قل: قال: بسر من رأي امام عدل تغرف من بحره البحار الملك فيه و في بنيه ما اختلف الليل و النهار يرجي و يخشي لكل خطب كأنه جنة و نار يداه في الجود ضرتان عليه كلتاهما تغار لم تأت منه اليمين شيئا الا اتت مثلها اليسار [85] . كما انه اسرف في

بناء القصور و صرف الاموال عليها فقد روي و بني المتوكل قصورا انفق عليها اموالا عظاما منها: الشاه و العروس و الشبداز و البديع و الغريب و البرج و انفق علي البرج الف الف و سبعمائة الف دينار. [86] . ان ذكر مثل هذه الروايات يكشف جانبا من اسباب تحركات القوي السياسية المختلفة في المجتمع ضد هذا الخليفة.

الوضع السياسي العام

الخطه السياسي للسلطة

المأمون: - اعتمد علي الفرس - اظهر الميل الي العلويين و الشيعة - استخدم التفكير المعتزلي كفكر رسمي للدولة المعتصم: - اعتمد علي الاتراك كذلك - اظهر العداء للعلويين و الشيعة - استخدم التفكير المعتزلي كفكر رسمي للدولة كذلك الواثق: - اعتمد علي الاتراك - لم يظهر العداء للعلويين و الشيعة - استخدم التفكير المعتزلي كفكر رسمي للدولة كذلك [ صفحه 37] اما في عصر المتوكل فقد استمرت في عهده بنيه السلطة كعهد سابقيه من حيث سيطرة الاتراك و نفوذهم في الحكم و اما من حيث المعتقد فقد اظهر ما يسمي بمذهب اهل السنة و الجماعة (المذهب الاشعري) لذلك يمكن تثبيت الخط السياسي للحكم زمن المتوكل بالشكل التالي: أ- الاعتماد علي الاتراك في السلطة و كان اول من بايعه سيما المعروف بالدمشقي و وصيف التركي [87] و يبدو ان المتوكل اراد التخلص من الاتراك في اواخر حكمه ولكن بعد فوات الاوان فقد استفحل امرهم و تمكنوا من المرافق الحيوية فتخلصوا منه قبل ان يتخلص منهم ففي اليعقوبي دخل جماعة من الاتراك منهم بغا الصغير و اوتامش صاحب المنتصر و باغو بغلوا و بريد باسيافهم و قتلوا الفتح بن خاقان معه [88] . ب- اظهار العداء الشديد و النصب للعلويين و الشيعة. و نهي المتوكل الناس عن الكلام

في خلق القرآن و اطلق من كان في السجون من اهل البلدان و من اخذ في خلافة الواثق فخلاهم جميعا و كساهم جميعا و كتب الي الافاق كتبا ينهي عن المناظرة و الجدل و امسك الناس [89] و قد قيل عنه فاظهر الميل الي السنة و نصر اهلها و رفع المحنة و كتب بذلك الي الآفاق و ذلك سنة أربع و ثلاثين و مائتين و استقدم المحدثين الي سامراء و أجزل عطاياهم و أكرمهم و أمرهم بان يحدثوا باحاديث الصفات و الروية. [90] .

مع اهل الذمة
اشاره

لقد تشدد المتوكل مع اهل الذمة و من مظاهر هذا التشدد الامور التالية:

اللباس الخاص

و في هذه السنة 235 امر المتوكل بلبس اهل الذمة الطيالسة العسلية و ركوبهم البغال و الحمير بركب الخشب و السروج التي فيها الاكر و لا يركبوا الخيل و البراذين و يصيروا علي ابوابهم خشبا فيها صور الشياطين [91] . و الظاهر ان هذه الاجراءات كانت موجهة للنصاري من اهل الذمة اكثر [ صفحه 38] مما كانت موجهة لليهود «في سنة خمس و ثلاثين و مائتين ألزم المتوكل النصاري بلبس الغل». [92] .

هدم الكنائس

فقد امر المتوكل ان تهدم الكنائس و البيع المحدثة و منعوا من العمارة و كتب بذلك في الافاق [93] .

منعهم من الخدمة في الدولة

و امر المتوكل في هذا الوقت ان لا يستعين باحد من اهل الذمة في شي ء من عمل السلطان [94] . و يبدو ان سبب هذه المواقف من النصاري هو: 1- روح التعصب الذميم التي كان يتميز بها المتوكل املت عليه نوعا من التصرفات غير الصحيحة مع اهل الذمة كتميزهم باللباس و اذلالهم بالصورة التي ذكرناها في النقطة (أ) 2- الاعتداءات التي قام بها النصاري الروم علي الدولة الاسلامية كما حدث في هجومهم علي دمياط «حتي اناخت الروم علي دمياط في خمسة و ثمانين مركبا فقتلوا خلقا من المسلمين و احرقوا الفاو اربعمائة منزل و كان رئيس القوم يقال له فطوناريس». [95] . 3- وجود تورات مسيحية كما حدث في ارمينية علي يد البطاركة. «و اضطرب امر أرمينيا و تحرك بها جماعة من البطارقة و غيرهم و تغلبوا علي نواحيهم». [96] .

وثبة اهل حمص

«و وثب اهل حمص سنة 240 و اخرجوا عاملهم و كان اباالبعيث موسي بن ابراهيم فخرج الي حماه فوجه المتوكل عتاب بن عتاب و محمد بن عبدوية بن جبلة و صير محمدا عامل البلد فسكنهم و اقام بديارهم عدة شهور ثم و ثبوا فشغبوا عليه فسكنهم و مكر بهام فاخذ جماعة من وجوههم و اوثقهم في الحديد فحملوا الي باب المتوكل ثم ردوا اليه فضربهم بالسياط حتي ماتوا وصلبهم علي ابواب منازلهم و تتبع رجال الفتنة فأفناهم و ولي المتوكل احمد بن محمد خراج دمشق و الاردن. [97] . [ صفحه 39]

الانتقال الي دمشق

«عزم المتوكل علي السير الي دمشق و وصف له برد هوائها و كان محرورا فكتب الي محمد بن احمد بن مدبر يأمره باتخاذ القصور و اعداد المنازل و كتب في أصلاح الطريق و اقامة المنازل و المرافد و سار من سر من رأي يوم الاثنين لعشر بقين من ذي القعدة سنة 243 و نزل دمشق يوم الاربعاء لثمان بقين من صفر سنة 244 فنزل تلك القصور فأقام ثمانية و ثلاثين يوما و بلغه عن بعض الموالي من الاتراك امر كرهه فشخص عن دمشق الي العراق... و انتقل المتوكل الي موضع يقال له الماحوزة علي ثلاثة فراسخ من قصر سر من رأي و بني هناك مدينة سماها الجعفرية و حفر فيها نهرا من القاطول و نقل الكتاب و الدواوين و الناس كافة اليها و بني فيها قصرا لم يسمع بمثله و ذلك في محرم سنة 246 [98] . ان تحركات المتوكل هذه لم تكن وليدة الصدفة او الرغبة الشخصية بل انها كانت خاضعة للظروف السياسية. فقد سيطر الاتراك علي السلطة سيطرة كبيرة فحاول تقليصها

و كانت من جملة الوسائل: 1- نقل العاصمة الي دمشق لكثرة وجود النواصب فيها المشابهين له في المعتقد و كان ذلك سنة 244. 2- صدور تحركات من الاتراك جعلته يرجع بعد 38 يوما من اقامته. 3- بعد رجوعه عمل علي بناء مدينة جديدة تبعد 3 فراسخ عن مكانه السابق و انتقل اليها سنة 246 و قد قتل سنة 247 علي يد الاتراك.

موقفه من الشيعة

اشاره

لقد بالغ هذا الرجل بمطاردته للشيعة و العلويين ايما مبالغة فحاربهم علي كل جبهة قتلا و ضربا و سجنا و تشريدا و افقارا و سنعرض لجوانب من هذا الاضطهاد من زمن المتوكل. اول امر نشير اليه في خصوص علاقة المتوكل بالشيعة في الفترة موضع البحث هو ان المتوكل حكم من سنة 232 الي سنة 247 اي (15) سنة تقريبا. و ثاني امر نشير اليه هو ان الامام الهادي تولي الامامة زمن [ صفحه 40] المعتصم و دامت امامته بحدود 33 سنة. و هذا يعني ان 46 درصد من مدة قيادة الامام الهادي للامة الاسلامية وقعت في خلافة المتوكل و هي نسبة عالية.

طبيعة تفكير السلطة مع الشيعة
اشاره

قال ابوالفرج «و كان المتوكل شديد الوطأة علي آل ابي طالب غليظا علي جماعتهم مهتما بامورهم شديد الغيظ و الحقد عليهم و سوء الظن و التهمة لهم و اتفق له ان عبيد الله بن يحيي بن خاقان وزير يسي ء الرأي فيهم فحسن له القبيح في معاملتهم فبلغ فيهم مالم يبلغه احد من خلفاء بني العباس قبله». من هذه الفقرة يتبين لنا المنهاج الرسمي في التعامل مع آل ابي طالب و هو نفسه النهج المستعمل مع الشبعة: أ- الحقد الشديد ب- سوء الظن ج - استعمال القوة ضدهم د- دقة التتبع لامورهم ه- مضافا لما سبق فقد كان وزير المتوكل يسابق سيده في الحقد علي العلويين فكان يسدي المعاملة القبيحة لهم. و سيتضح لنا في الصفحات القادمة التنفيذ لهذا النهج في التعامل مع آل محمد و حزبهم.

ثورة العلويين في طبرستان و نواحي الديلم

لما ولي المتوكل تفرق آل ابي طالب في النواحي. فغلب الحسن بن زيد بن محمد بن اسماعيل بن زيد علي طبرستان و نواحي الديلم [99] . كما قامت ثورة علوية في الري يقول ابوالفرج «و خرج بالري محمد بن جعفر بن الحسن به عمر بن علي بن الحسين يدعو الي الحسن بن زيد فاخذه عبدالله بن طاهر فحبسه بنيسابور فلم يزل في حسبه حتي هلك... و كان ممن خرج معه عبدالله بن اسماعيل بن ابراهيم بن محمد بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب. ثم خرج من بعده بالري احمد بن عيسي بن علي بن الحسين بن علي [ صفحه 41] بن الحسين بن علي بن ابي طالب يدعو الي الحسن بن زيد و خرج الكوكبي و هو الحسن بن احمد بن محمد بن اسماعيل بن محمد بن عبدالله الارقط بن علي بن الحسين

بن علي بن ابي طالب. [100] . و حول هذه النقطة نذكر الملاحظات التالية: 1- سبب قيام التورات عداء المتوكل لال محمد و ظلمه لهم و انحرافه عن الاسلام. 2- هرب العلويين من مركز السلطة و الحكم في سامراء و توجههم الي نواح تتصف ب: أ) بعدها عن المركز. ب) وجود قواعد موالية فيها. لذلك اختاروا منطقة طبرستان و الديلم و الري.

ظلم المتوكل للشيعة

لقد اذاق المتوكل اتباع آل الرسول الامرين وفاق بذلك اشد اعداء آل محمد فصار للناصبيين اماما و علما. و هذه نماذج من ظلمه للموالين: 1- عمر الرخجي و آل ابي طالب: ان عمر الرخجي من المعروفين بحقدهم و بغضهم للعلويين و قد ارسله المتوكل للمدينة و مكة لارهابهم لانه عنصر يعتمد عليه في مثل هذه الامور يقول ابوالفرج «و استعمل علي المدينة و مكة عمر بن الفرج الرخجي فمنع آل ابي طالب من التعرض لمسألة الناس و منع الناس من البر بهم و كان لايبلغه ان احدا ابر احدا منهم بشي ء و ان قل الا انهكه عقوبة و اثقله غرما حتي كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة ثم يرقعنه و يجلسن علي مغازلهن عواري حواسر الي ان قتل المتوكل. [101] . لقد قامت السياسة العباسية حينئذ علي مبدأ المقاطعة الاقتصادية للعلويين كما فعل ذلك اهل الجاهلية مع بني هاشم و المطلب فالسلطة: 1) تمنع الطالبيين من كسب الرزق و لاتساعدهم. 2) تمنع الناس من مساعدتهم و تنزل اقصي العقوبات علي من يساعدهم. [ صفحه 42] ان الهدف من سياسة التجويع هو تضعيف العلويين و انهاكهم لئلا يتحركوا او يثوروا ضد الحكم الفاسد.

اجبار الشيعة علي لبس شعار الحكومة

و قد اجبرت السلطة القاسم بن عبدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب «عليهم السلام» علي لبسي السواد فقد روي «كان عمر بن الفرج الرخجي حمله الي سر من رأي فأمر بلبس السواد فامتنع فلم يزالوا به حتي لبس شيئا يشبه السواد فرضي منه بذلك» [102] يمكننا ان نثبت في خصوص هذا الموضوع مايلي: 1) اضافة الي فرض الرقابة الصارمة علي العلويين في مختلف مناطق الدولة

تلجأ الدولة الي صيغ احترازية اكثر دقة مع كبار العلويين فتنقلهم كاقامة اجبارية الي العاصمة مركز الحكم و قد كان القاسم بن عبدالله من كبارهم فانطبق عليه الحكم فقد روي «ما رأيت الطابيين انقادوا لرياسة احد كانقيادهم للقاسم بن عبدالله.» [103] . 2) اجبار هذه العناصر علي اظهار الولاء للسلطة و كان الاسلوب المستعمل انذاك هو لبس السواد شعار الدولة العباسية. 3) التصفية الجسدية للعناصر انفعالة خوفا من التحركات غير المتوقعة فقد روي «اعتل مولاي القاسم بن عبدالله فوجه اليه بطبيب يسأله عن خبره وجهه اليه السلطان فجس يده فحين وضع الطبيب يده عليها يبست من غير علة و جعل وجعها يزيد عليه حتي قتله قال: سمعت اهله يقولون: انه دس اليه السم مع الطبيب.» [104] .

مطاردة العناصر الفعالة من الشيعة

و قد اختفت بعض العناصر القوية من العلويين لقيامهم باعمال توجب قتلهم في قوانين الدولة العباسية و في خلافة المتوكل نستشهد [ صفحه 43] بمثالين قاما بتحركات في ادوار سابقة و بقيا مختفيين زمن المتوكل و هما: - 1) احمد بن عيسي بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (ع) ذكره ابوالفرج فيمن تواري و مات ايام المتوكل «و كان ابتداء تواريه في غير هذه الايام الا انه توفي بعد تواريه بمدة طويلة في ايام المتوكل.» [105] . 2) هو عبدالله بن موسي بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب (ع) «و كان عبدالله تواري ايام المأمون... و لم يزل عبدالله متواريا الي ان مات في ايام المتوكل.» [106] . لقد كان المتوكل يتوجس خيفة من هذين السيدين لعلو مكانتهما «نعي عبدالله بن موسي الي المتوكل صبح اربع عشر ليلة من

يوم مات و نعي له احمد بن عيسي فاغتبط بوفاتهما و سر و كان يخافهما خوفا شديدا و يحذر حركتهما لمايعلم من فضلهما و استنصار الشيعة الزيدية بهما و طاعتهما لهما لو ارادوا الخروج عليه فلما ماتا امن و اطمأن فما لبث بعدهما الا اسبوعا حتي قتل.» و لا نستبعدان يكون المتوكل قد بعث اليهما من سمهما خصوصا و انهما ماتا في وقت متقارب من جهة و لانه كان يخشاهما لامكانيتهما الكبيرة في التحرك الثوري ضده.

قتل كبار الشيعة
قتل عيسي بن جعفر بن عاصم

قتل هذا الشهيد بضربة (300) سوط ثم رمي بعد ذلك في دجلة و هو من اصحاب الامام الهادي (ع). [107] .

قتل ابن بند

و قد ضرب الشهيد ابن بند بالعمود حتي مات. و سئل الامام الهادي (ع) عنهما «عن محمد بن الفرج قال كتبت الي ابي الحسن (ع) اسئلة عن ابي علي بن راشد و عن عيسي بن جعفر ابن عاصم و ابن بند فكتب الي الي ان قال «و دعي لابن بند [ صفحه 44] و العاصمي و ابن بند ضرب بالعمود حتي قتل و ابن جعفر ثلاث مائة سوط و رمي به في دجلة.» [108] .

قتل يعقوب بن السكيت

«و في سنة أربع و أربعين و مائتين قتل المتوكل يعقوب بن السكيت الامام في العربية فانه ندبه الي تعليم اولاده فنظر المتوكل يوما الي ولديه المعتز و المؤيد فقال لابن السكيت: من احب اليك هما او الحسن و الحسين؟ فقال: قنبر - يعني مولي علي - خير منهما فأمر الاتراك فداسوا بطنه حتي مات و قيل امر بسل لسانه. [109] قال عنه النجاشي كان مقدما عند ابي جعفر الثاني و ابي الحسن (ع) و كان يختصانه.» [110] .

سجن الشيعة
سجن محمد بن الفرج

و قد سجنه المتوكل ثماني سنين قال محمد بن الفرج «ان اباالحسن كتب اليه يا محمد اجمع امرك و خذ حذرك قال: فانا في جمع امري و ليس ادري ماكتب الي حتي ورد علي رسول حملني من مصر مقيد او ضرب علي كل ما املك و كنت في السجن ثمان سنين.» [111] .

سجن علي بن جعفر

كان علي بن جعفر وكيلا لابن الحسن «صلوات الله عليه» و كان في حبس المتوكل. [112] .

المتوكل عدو الحسين السبط الشهيد

قيل ان السبب في كرب قبر الحسين ان بعض المغنيات كانت تبعث بجواريها اليه قبل الخلافة يغنين له اذا شرب فلما وليها بعث الي تلك المغنية فعرف انها غائبة و كانت قد زارت قبر الحسين و بلغها خبره فأسرعت الرجوع و بعثت اليه بجارية من جواريها كان يألفهافقال لها: اين كنتم؟ قالت: خرجت مولاتي الي الحج و اخرجتنا معها و كان ذلك في شعبان فقال: الي اين حججتم في شعبان؟ قالت: [ صفحه 45] الي قبر الحسين فاستطير غضبا و امر بمولاتها فحبست و استصفي املاكها و بعث برجل من اصحابه يقال له الديزج و كان يهوديا فاسلم الي قبر الحسين و امره بكرب قبره و محوه و اخراب كل ماحوله فمضي لذلك و ضرب ماحوله و هدم البناء و كرب ماحوله نحو مائتي جريب فلما بلغ الي قبره لم يتقدم اليه احد فاحضر قوما من اليهود فكربوه و اجري الماء حوله و وكل به مسالح بين كل مسلحتين ميل لايزوره زائر الا اخذوه و وجهوا به اليه. من هذه الرواية نستشف النقاط التالية: - 1) محاولة الحكومة اختلاق اسباب كاذبة لتسويغ هدم و كرب قبر الحسين (ع) و ما ذكر في الرواية يفيد السلطة في ناحيتين هما: أ) خلق بلبلة فكرية عند الناس تقصد عدم تبيان الاهداف الحقيقية لعملية الهدم و المحاربة. ب) محاولة تشويه سمعة زوار الحسين. 2) ينبغي ان يلاحظ ان المتكفل بهدم القبر الشريف و محو اثره رجل يهودي اسمه الديزج اظهر الاسلام لغايات خبيثة في نفسه و قد برزت بعمله الاثم. 3)

ضرب زوار الحسين بالقوة المسلحة و هذا واضح من وضع المسالح علي الطريق لاخذ زوار الحسين و عقابهم زمن المتوكل. 4) و لم يقبل المسلمون هذه السياسة المعادية للحسين فظهرت انواع المقاومة ضدها و من نماذجها: - أ) الكتابة المضادة له علي الحيطان و المساجد. ب) ذم الشعراء له. فقد روي «كان المتوكل معروفا بالتعصب فتألم المسلمون من ذلك و كتب اهل بغداد شتمه علي الحيطان و المساجد و هجاه الشعراء فمما قيل في ذلك: - بالله ان كانت امية قد أتت قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد اتاه بنو ابيه بمثله هذا لعمري قبره مهدوما اسفوا علي ان لايكونوا شاركوا في قتله فتتبعوه رميما» [113] . ج) استمرار الشيعة بالزيارة مع كل الضغوط الموجودة و التضحيات اللازمة «حدثني محمد بن الحسين الاشناني قال: بعد عهدي بالزيارة في تلك الايام خوفا ثم عملت علي المخاطرة بنفسي [ صفحه 46] فيها و ساعدني رجل من العطارين علي ذلك فخرجنا زائرين نكمن النهار و نسير الليل حتي اتينا نواحي الغاضرية و خرجنا منها نصف الليل فسرنا بين مسلحين و قد ناموا حتي اتينا القبر» [114] .

الضغط المباشر علي الامام الهادي

مما مر معنا يتبين لنا كيد السلطة التي يرأسها المتوكل للمؤمنين و هو كيد للامام في الوقت نفسه فقتل احد اصحابه او سجنه يؤثر علي مجمل حركته كما ان الاعتداء علي اهله امر يمسه. ولكن مع وجود هذه الالوان من الاعتداءات غير المباشرة علي الامام وجدت اعتداءات اخري علي الامام مباشرة لادراك السلطة ولو علي سبيل الظن موقع الامام الهادي (ع) و خشيتها منه. و سنعرض في هذا المورد مجموعة من هذه الاعتداءات لتوضيح المقصد.

رسالة المتوكل الي الامام الهادي

«محمد بن يحيي عن بعض اصحابنا قال: اخذت نسخة كتاب المتوكل الي ابي الحسن الثالث عليه السلام من يحيي بن هرثمة في ستة ثلاث و اربعين و مائتين و هذه نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فان اميرالمؤمنين عارف بقدرك راع لقرابتك موجب لحقك يقدر من الامور فيك و في اهل بيتك ما اصلح الله به حالك و حالهم و ثبت به عزك و عزهم و ادخل اليمن و الامن عليك و عليهم يبغي بذلك رضاء ربه و اداء ما افترض عليه فيك و فيهم و قد رأي اميرالمؤمنين صرف عبدالله بن محمد عما كان يتولاه من الحرب و الصلاة بمدينة رسول الله «صلي الله عليه و آله» اذ كان علي ماذكرت من جهالته بحقك و استخفافه بقدرك و عندما قدمك به و نسبك اليه من الامر الذي قد علم اميرالمؤمنين براءتك منه و صدق نيتك في ترك محاولته و انك لم تؤهل نفسك له و قد ولي اميرالمؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل و امره باكرامك و تبجيلك و الانتهاء الي امرك و رايك و التقرب الي الله و الي اميرالمؤمنين بذلك و اميرالمؤمنين مشتاق اليك

يجب احداث العهد بك و النظر اليك فان نشطت لزيارته و المقام [ صفحه 47] قبله ما رايت شخصته و من احببت من اهل بيتك و مواليك و حشمك علي مهلة و طمأنينة ترحل اذا شئت و تنزل اذا شئت و تسير كيف شئت و ان احببت ان يكون يحيي بن هرثمة مولي اميرالمؤمنين و من معه من الجند مشيعين لك يرحلون برحيلك و يسيرون بسيرك و الامر في ذلك اليك حتي توافي اميرالمؤمنين فما احد من اخوته و ولده و اهل بيته و خاصته الطف منه منزلة و لا احمد له اثرة و لا هو لهم انظر و عليهم اشفق و بهم ابر و اليهم اسكن منه اليك ان شاء الله تعالي و السلام عليك و رحمة الله و بركاته: و كتب ابراهيم بن العباس و صلي الله علي محمد و آله و سلم. [115] .

التعليق

1) يمكن اعتبار هذه الرسالة المدخل لخطة التعامل الحكومي مع الامام. 2) اسلوبها: يمكن اعتباره صيغة دبلوماسية متبعة للالتفاف حول الامام باظهار مسالمة السلطة و حبها لاهله فقد ورد في هذه الرسالة: - أ) ان المتوكل عارف بقدر الامام. ب) ان المتوكل راع لقرابته. ج) ان المتوكل موجب لحقه. د) ان المتوكل يحسن اليه في التعامل بما يصلح حاله و حال اهله. و تدعي هذه الرسالة ان هذه المعاملة المزعومة نابغة من معرفة المتوكل بقدره و ابتغاء لمرضاة الله. 3) عزل والي المدينة المعادي للعلويين عبدالله بن محمد الذي كان يتولي بها امور الحرب و الصلاة و تعيين محمد بن الفضل محله و امره باكرام آل ابي طالب علي حد زعم السلطة و كأن الوالي كان يتصرف بهذا

الشكل بامر من نفسه لا بامر من السلطان و الذي يؤكد ان تعامل المتوكل لايعدو المناورة. انه عين عمر بن فرج الرخجي المعروف بعدائه الشديد لآل علي (ع) بعد ذلك. اراد المتوكل عزل هذا الوالي لان الامام شكا منه فوجدها فرصة [ صفحه 48] مناسبة لعزله لتمهيد الطريق لاحتواء عمل الامام عن طريق تنفيذ بعض مطالبه غير الاساسية من قبيل عزل و ال مسي ء. 4) ادعاء المتوكل انه قد تبين له ان الامام غير معاد للسلطة و انه بري ء مما نسب اليه من التحرك ضدها و هذه وسيلة لفتح صفحة جديدة للتعاون مع الامام لابعاده عن نشاطاته الاسلامية كما تظن السلطة. 5) و بعد كل العروض السابقة من المتوكل للامام يدخل الي بيت القصيد و هو ابداء محاولة جس النبض لتطويق الامام و فرض الاقامة الجبرية عليه فقد عرض: - أ) ان المتوكل مشتاق اليه و يرغب ان يزوره الامام في سامراء. ب) اما المطلب العملي الذي تريده السلطة حسب ادعائها فهو: 1) ان يقدم هو و اهل بيته و مواليه ان رغب بذلك و سيكون يحيي بن هرثمة و عسكره بخدمته علي طول الطريق حتي يصل الي المتوكل و اهل بيته الذين سيجد منهم مايسره من المعاملة. 2) و ان لم يرغب بالقدوم فالامر اليه. 6) الذي ببدو ان الامام لم يستجب لهذه الرسالة لعلمه ان الكلام المعمول في هذه الرسالة يحمل معاني اخري اراد الامام كشفها بعدم استجابته حتي ينقل السلطة في التعامل معه الي المرحلة الثانية التي تكشف بها عن طبيعتها و لا يمكن الجزم بذلك فلعل الامام استجاب للرسالة رأسا كما يقول صاحب اعلام الوري. 7) ملاحظة اخيرة نذكرها وحي ان

الذي رفع امر الامام الي السلطة هو عبدالله بن محمد نفسه الذي اظهر المتوكل انه ضده بعزله و قد انكشف مخططه بعد ذلك ففي اعلام الوري: و اشخص ابا الحسن المتوكل من المدينة الي سر من رأي و كان السبب في ذلك ان عبدالله بن محمد كان والي المدينة سعي به اليه... [116] .

اشخاصه الي سامراء

قال علماء السير: و انما اشخصه المتوكل من مدينة رسول الله الي بغداد لان المتوكل كان يبغض عليا و ذريته فبلغه مقام علي [ صفحه 49] بالمدينة و ميل الناس اليه فخاف منه فدعي يحيي بن هرثمة و قال اذهب الي المدينة و انظر في حاله و اشخصه الينا. قال يحيي فذهبت الي المدينة فلما دخلتها ضج اهلها ضجيجا عظيما ما سمع الناس بمثله خوفا علي علي وقامت الدنيا علي ساق لأنه كان محسنا اليهم ملازما للمسجد لن يكن عنده ميل الي الدنيا قال فجعلت اسكنهم و احلف لهم اني لم اومر فيه بمكروه و انه لابأس عليه ثم فتشت منزله فلم اجد فيه الا مصاحف و ادعية و كتب العلم فعظم في عيني و توليت خدمته بنفسي و احسنت عشرته فلما قدمت به بغداد بدأت باسحاق بن ابراهيم الطاهري و كان واليا علي بغداد فقال لي يا يحيي ان هذا الرجل قد ولده رسول الله و المتوكل من تعلم فان حرضته عليه قتله و كان رسول الله خصمك يوم القيامة فقلت له و الله ما وقعت منه الا علي كل امر جميل ثم صرت به الي سر من رأي فبدأت بوصيف التركي فاخبرته بوصوله فقال والله لئن سقط منه شعره لايطالب بها سواك قال فعجبت كيف وافق قوله قول

اسحاق فلما دخلت علي المتوكل سألني عنه فاخبرته بحسن سيرته و سلامة طريقه و ورعه و زهادته و اني فتشت داره فلم اجد فيها غير المصاحف و كتب العلم و ان اهل المدينة خافوا عليه فاكرمه المتوكل و احسن جايزته و اجزل بره و انزله معه سرمن رأي... [117] و من خلال هذا الكلام يمكن تثبيت النقاط التالية: 1- حدوث ضجة جماهيرية في المدينة لخوفهم عليه من بطش السلطة لانهم يعرفون واقعها و ممارساتها. 2- تم امتصاص الضجة الجماهيرية عن طريق تقديم الوعود بعدم منه و اذيته و هذا واقع الحال فالسلطة لا تريد قتله بصورة علنية واضحة فهذا ليس من مصلحتها بل اهم هدف عندها تجميد نشاطه و اغتياله ان كان من الضرورة ذلك. 3- دقة الامام في تخلية منزله من الوثائق و الادلة التي تدينه لذلك فلم تجد السلطة ماتدينه به. 4- وجود عناصر في السلطة لها ميل للامام. أ) اسحاق بن ابراهيم الطاهري والي بغداد. ب) وصيف التركي حاجب المتوكل. 5) تأثر المكلف باشخاص الامام للمتوكل باحواله و شخصيته الباهرة [ صفحه 50] و قد قدم افادة جيدة عن الامام للمتوكل. 6- لم يستقبل المتوكل الامام بل احتجب عنه كعملية اذلال. فلما وصل اليها تقدم المتوكل ان يحتجب عنه في منزله [118] .

انزال الامام في خان الصعاليك

الحسين بن محمد عن معلي بن محمد عن احمد بن محمد بن عبدالله عن محمد بن يحيي عن صالح بن سعيد قال: دخلت علي ابي الحسن عليه السلام فقلت له: جعلت فداك في كل الامور ارادوا اطفاء نورك و التقصير بك حتي انزلوك هذا الخان الاشنع خان الصعاليك؟ فقال: ههنا انت يا ابن سعيد ثم اومأ بيده و قال: انظر فنظرت

فاذا انا بروضات آنفاك و رضات باسرات فهن خيرات عطرات و ولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون و اطيار و ظبار و انهار تفور فحار بصري و حسرت عيني فقال: حيث كنا فهذا لنا عتيد لسنا في خان الصعاليك. [119] . يتضح لنا من هذا انه: 1- وجود سلسلة من الامور ارادوا بها اذلال الامام الهادي و هذا واضح من قول صاحبه له «جعلت فداك في كل الامور ارادوا اطفاء نورك» 2- انزال الامام في خان الصعاليك وسيلة لتقليل قدر الامام امام الناس و قد انعكست هذه الحائة كمعاناة نفسية عند اصحابه حينما يرونه امامهم بهذه الحالة. 3- اثبت الامام لشيعته و بالاسلوب المعجز المذكور علو مقامه حتي لو انزلوه بمثل هذا الخان.

القيام بعمليات التفتيش المفاجي ء للامام

علي بن محمد عن ابراهيم بن محمد الطاهري قال: مرض المتوكل من خراج خرج به و اشرف منه علي الهلاك فلم يجسر احد ان يمسه بحديدة فنذرت امه ان عوفي ان تحمل الي ابي الحسن علي بن محمد مالا جليلا من مالها و قال له الفتح بن خاقان: لو بعثت الي هذا الرجل فسألته فانه لا يخلو ان يكون عنده صفة يفرج بها عنك فبعث اليه و وصف له علته فرد اليه الرسول بان يؤخذ كسب الشاة فيداف بماء [ صفحه 51] ورد فيوضع عليه فلما رجع الرسول فاخبرهم اقبلوا يهزؤون من قوله فقال له الفتح: هو والله اعلم بما قال و احضر الكسب و عمل كما قال و وضع عليه فغلبه النوم وسكن ثم انفتح و خرج منه ما كان فيه و بشرت امه بعافيته فحملت اليه عشرة الاف دينار تحت خاتمها ثم استقل من علته فسعي اليه البطحائي العلوي بان اموالا تحمل

اليه و سلاحا فقال لسعيد الحاجب: اهجم عليه بالليل و خذ ما تجد عنده من الاموال و السلاح و احمله الي قال ابراهيم بن محمد: فقال لي سعيد الحاجب صرت الي داره بالليل و معي سلم فصعدت السطح فلما نزلت علي بعض الدرج في الظلمة لم ادر كيف اصل الي الدار فناداني يا سعيد مكانك حتي ياتوك بشمعة فلم البث ان اتوني بشمعة فنزلت فوجدته: عليه جبة صوف و قلنسوة منها و سجادة علي حصير بين يديه فلم اشك انه كان يصلي فقال لي: دونك البيوت فدخلتها و فتشتها فلم اجد فيها شيئا و وجدت البدرة في بيته مختومة بخاتم ام المتوكل و كيسا مختوما و قال لي: دونك المصلي فرفعته فوجدت سبقا في جفن غير ملبس فاخذت ذلك وصرت اليه فلما نظر الي خاتم امه علي البدرة بعث اليها فخرجت اليه فاخبرني بعض خدم الخاصة انها قالت له: كنت قد نذرت في علتك لما ايست منك ان عوفيت حملت اليه من مالي عشرة الاف دينار فحملتها اليه و هذا خاتمي علي الكيس و فتح الكيس الآخر فاذا فيه اربعمائة دينار فضم الي البدرة بدرة اخري و امرني بحمل ذلك اليه فحملته ورددت السيف و الكيسين و قلت له: يا سيدي عن علي فقال لي: سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.. [120] .

ملاحظات

أ) نتيجة لدعوة الامام الصامتة بين اهل العسكر عرف قدره عند انصار الحكومة و من امثلة ذلك. 1- معرفة ام المتوكل بقدره و اعتقادها بقدسيته لحد النذر اليه. 2- معرفة الفتح بن خاقان بعلو قدره مع كونه من اعداء اهل البيت. ب) وجود جو اسيس علي الامام حتي من العلويين كالبطحائي العلوي

الذي اخبر عن الامام انه تحمل اليه الاموال و الاسلحة. ج) ايعاز السلطة لجنودها بالهجوم المفاجي ء علي الامام و حمل ما يوجد في بيته لغرض ادانته بالادلة القاطعة. د) فشل السلطة في عملها هذا لدقة الامام و توقعه لمثل هذه [ صفحه 52] الظروف. ه) كمحاولة من السلطة للتغطية علي عملها الاثم اعطت الهدايا للامام بعد ذلك للتعمية علي الناس.

محاربة أخري للامام

و قد دعاه المتوكل يوما الي الشراب و هذا استخفاف بشخص الامام (ع) فاجابه الامام باسلوب احال عليه محلس مجونه الي مجلس وعظ فقد روي «و كان المتوكل جالسا في مجلس الشراب فأدخل عليه و الكأس في يد المتوكل فلما رآه هابه و عظمه و اجلسه الي جانبه و ناوله الكأس التي كانت في يده فقال والله ماخامر لحمي و دمي قط فاعفني فقال له انشدني شعرا فقال علي انا قليل الرواية للشعر فقال لابد فأنشده علي عليه السلام. باتوا علي قلل الاجبال تحرسهم غلب الرجال فما اغنتهم القلل و استنزلوا بعد عز من معاقلهم و اسكنوا حفرا يابئس مانزلوا ناداهم صارخ من بعد دفنتم اين الاساور و التيجان و الحلل اين الوجوه التي كانت منعمة من دونها تضرب الاستار و الكلل فافصح القبر عنهم فيه سائله تلك الوجوه عليها الدود يقتتل قد طال ما اكلوا دهرا و ماشربوا فاصبحوا بعد طول الاكل قد اكلوا فبكي المتوكل حتي بلت لحيته دموع عينه و بكي الحاضرون و رفع الي علي اربعة الاف دينار ثم رده الي منزله مكرما.» [121] . و من نماذج محاولة استهزاء المتوكل بالامام ماروي عن زراقة حاجب المتوكل قال «وقع مشعبد هندي يلعب بالحقة لم ير مثله و كان المتوكل لعابا فاراد

ان يخجل عليا (ع) فقال المتوكل: ان اخجلته فلل الف دينار قال: فتقدم ان يخبز رقاق خفاق تجعل علي المائدة و انا الي جنبه ففعل و حضر علي (ع) للطعام و جعل له مسورة عليها صورة اسد و جلس اللاعب الي جنب المسورة فمد علي (ع) يده الي رقاقة فطيرها اللاعب كذا ثلاث مرات فتضاحكوا فضرب علي (ع) يده علي تلك الصورة و قال: خذه فوثبت الصورة من المسورة و ابتلعت الرجل و عادت الي المسورة فتحيروا و نهض علي بن محمد فقال له المتوكل: سألتك بالله الا جلست ورددته؟ فقال: والله لا يري بعدها اتسلط اعداء الله علي اوليائه؟ و خرج من عنده و لم ير الرجل بعدها.» [122] و من [ صفحه 53] هذه الرواية نستفيد الامور التالية: - 1) حرص السلطة علي الاستخفاف بالامام و يتجلي ذلك ب: أ) اختيار اشخاص حاذقين بالامور المفيدة في الاستخفاف. ب) اعطاء المبالغ المالية لهذا الغرض. 2) صرامة موقف الامام من امثال هذه المحاولات المؤدي الي رد كيد السلطة.

محاولة السلطة الطعن بالامام من خلال اخيه

الحسين بن الحسن الحسني قال: حدثني ابوالطيب المثني يعقوب بن ياسر قال: كان المتوكل يقول: و يحكم قد اعياني امر ابن الرضا ابي ان يشرب معي او ينادمني او اجد منه فرصة في هذا فقالوا له: فان لم تجد منه فهذا اخوه موسي قصاف عزاف ياكل و يشرب و يتعشق قال: ابعثوا اليه فجيئوا به حتي نموه به علي الناس و نقول ابن الرضا فكتب اليه و اشخص مكرما و تلقاه جميع بني هاشم و القواد و الناس علي انه اذا وافي اقطعه قطيعة و بني له فيها و حول الخمارين و القيان اليه و وصله و بره و

جعل له منزلا سريا حتي يزوره هو فيه فلما وافي موسي تلقاه ابوالحسن في قنطرة وصيف و هو موضع يتلقي فيه القادمون فسلم عليه و وفاه حقه ثم قال له: ان هذا الرجل قد احضرك ليهتك و يضع منك فلا تقر له انك شربت نبيذا قط فقال له موسي: فاذا كان دعاني لهذا فماحيلتي؟ قال: فلاتضع من قدرك و لا تفعل فانما اراد هتكك فأبي عليه فكرر عليه فلما رأي انه لا يجيب قال: اما ان هذا مجلس لاتجمع انت و هو عليه ابدا فاقام ثلاث سنين يبكر كل يوم فيقال له: قد تشاغل اليوم فرح فيروح فيقال: قد سكر فبكر فيبكر فيقال: شرب دواء فما زال علي هذا ثلاث سنين حتي قتل المتوكل و لم يجتمع معه عليه.. [123] .

ملاحظات

أ) اعلان المتوكل فشله في الايقاع بالامام الهادي بفخ يستطيع بواسطته التشهير به و الطعن بامامته ب) الاشارة عليه باتخاذ اخيه موسي المبرقع لهذا الغرض فاقتنع [ صفحه 54] المتوكل بذلك. ج) الخطة: - تتكون الخطة المزمع تنفيذها من العناصر التالية: - 1) ان الامام الهادي (ع) يسمي بابن الرضا و هو المقصود بهذه التسمية ان أطلقت. 2) موسي المبرقع من ولد الرضا كذلك فمن هذه الجهة يمكن ان يطلق عليه اسم ابن الرضا. 3) الكتابة للمبرقع بالقدوم و ان يتلقاه جميع بني هاشم و القواد و الناس و هذا التعظيم لاجل ترسيخ معني كونه ابن الرضا من جهة و لاجل السيطرة عليه بحسن الاستقبال و ضخامته من جهة اخري. 4) اعطاؤه مقاطعة بها انواع الملاهي من خمر و قيان. 5) اقامة منزل سري يلتقي معه المتوكل به للشراب و ليوحي له بما يريد. د) استقبال

الامام الهادي (ع) له عند قدومه لسامراء و تحذيره من المؤامرة. ه) عدم استجابة المبرقع لامر الامام (ع) ولكن لم تنجح الخطة فلم يحصل الاجتماع بين الخليفة و المبرقع

اعتقال الامام

لقد روي «حبس اميرالمؤمنين هذا الذي يقولون ابن الرضا اليوم و دفعه الي علي بن كركر و سمعته يقول: انا اكرم علي الله من ناقة صالح» تمتعوا في داركم ثلاثة ايام ذلك وعد غير مكذوب «و ليس يفصح بالاية و لا بالكلام اي شي ء هذا قال: قلت اعزك الله توعد انظر ما يكون بعد ثلاثة ايام فلما كان من الغد اطلقه و اعتذر اليه فلما كان في اليوم الثالث وثب عليه باغر و بغلون و تامش و جماعة معهم فقتلوه و اقعدوا المنتصر ولده خلفه.» [124] و في هذه الرواية عدة معان: 1) ان الامام الهادي اعتقل زمن المتوكل. 2) ان الخليفة اطلق سراحه بعد ثلاثة ايام من اعتقاله مع الاعتذار. 3) مقتل المتوكل علي يد جماعة من الاتراك بعد اعتقال الامام [ صفحه 55] بثلاثة ايام و مجي ء المنتصر للحكم المعروف بموقفه الجيد من العلويين.

محاولة قتله

و قد دبرت السلطة الحاكمة انذاك موامرة لقتل الامام (ع) ولكنها لم تنجح فقد روي «قال حدثنا ابوالعباس فضل بن احمد بن اسرائيل الكاتب و نحن بداره بسر من رأي فجري ذكر ابي السحن (ع) فقال يا أباسعيد أحدثك بشي ء حدثني به ابي قال: كنا مع المنتصر و أبي كاتبه فدخلنا و المتوكل علي سريره فسلم المنتصر و وقف و وقفت خلفه و كان اذا دخل رحب به و اجلسه فأطال القيام و جعل يرفع رجلا و يضع اخري و هو لايأذن له في القعود و رأيت وجهه يتغير ساعة بعد ساعة و يقول للفتح بن خاقان: هذا الذي يقول فيه ما تقول و يرد عليه القول و الفتح يسكنه و يقول: هو مذكوب عليه و هو يتلظي و يستشيط

و يقول: والله لاقتلن هذا المرائي الزنديق و هو الذي يدعي الكذب و يطعن في دولتي ثم طلب اربعة من الخزر اجلافا و دفع اليهم اسيافا و امرهم ان يقتلوا اباالحسن اذا دخل و قال: والله لاحرقنه بعد قتله و انا قائم خلف المنتصر من وراء الستر فدخل ابوالحسن و شفتاه تتحركان و هو غير مكترث و لا جازع فلما رآه المتوكل رمي بنفسه عن السرير اليه و انكب عليه يقبل بين عينيه و يديه و احتمل شقه بيده و هو يقول: يا سيدي يابن رسول الله يا خير خلق الله يابن عمي يا مولاي يا أباالحسن و ابوالحسن (ع) يقول اعيذك يا اميرالمؤمنين من هذا فقال: ماجاء بك يا سيدي في هذا الوقت؟ قال: جاءني رسولك قال: كذب ابن الفاعلة ارجع يا سيدي يا فتح يا عبيد الله يا منتصر شيعوا سيدكم و سيدي فلما بصر به الخزر خروا سجدا فدعاهم المتوكل و قال: لم لم تفعلوا ما امرتكم به: قالوا: شدة هيبته و رأينا حوله اكثر من مائة سيف لم نقدر ان نتأملهم و امتلأت قلوبنا من ذلك فقال: يا فتح هذا صاحبك و ضحك في وجهه و قال: الحمدلله الذي بيض وجهه و انا حجته.» [125] . و من هذا الحديث نستفيد الامور التالية: - 1) وضع خطة لقتل الامام (ع) في ديوان الخليفة. [ صفحه 56] 2) سبب المحاولة ورود اخبار للخليفة عن الامام انه يطعن بدولته و حكمه مما أثار حفيظته و اطلق لسانه ببذي ء القول. 3) وجود عناصر في الحكم تحاول تهدئة الخليفة عن القيام بعمل متهور ضد الامام. 4) تراجع الخليفة عن موقفه نتيجة لرهبته من الامام (ع) و

فشل الخطة المقترحة.

نصيحة الامام للمتوكل

روي عن الامام نصيحة للمتوكل و هي في حقيقتها تهديد له نتيجة لما اقترف فقد «قال للمتوكل في حوار جري بينهما: لا تطلب الصفاء ممن كدرت عليه عيشه و لا الوفاء ممن غدرت به و لا النصح ممن صرفت سوء ظنك اليه فانما قلب غيرك لك كقلبك له.» [126] و في هذه الكلمة نقاط نلفت اليها: - 1) ظلم المتوكل: - و قد بينه الامام من خلال نصيحته هذه و من خلال مواقف: أ) الغدر بالناس. ب) تكدير عيشهم. ج) سوء الظن بهم. 2) تهديد الامام: و قد بينه من خلال سنة طبيعية عند البشر و هو ميلهم الي مقابلة الذي يسي ء اليهم بالاساءة و نتيجة لافعاله التي يعرفها فهو يعيش التهديد دائما. 3) و قد صح توقع الامام فقد شارك بقتله اقرب الناس اليه و هو ولده.

موته

مات المتوكل مقتولا علي يد ابنه المنتصر سنة 247 ه. «كان المتوكل بايع بولاية العهد لابنه المنتصر ثم المعتز ثم المؤيد ثم انه اراد تقديم المعتز لمحبته لأمه فسأل المنتصر ان ينزل عن العهد فأبي فكان يحضره مجلس العامة و يحط منزلته و بتهدده و يشتمه و يتوعده و اتفق ان الترك انحرفوا عن المتوكل لامور فاتفق [ صفحه 57] الاتراك مع المنتصر علي قتل ابيه فدخل عليه خمسة و هو في جوف الليل في مجلس لهوه فقتلوه هو و ويزره الفتح بن خاقان و ذلك في خامس شوال سنة سبع و اربعين و مائتين.» يقول اليعقوبي: «و كان المتوكل جفا ابنه محمدا المنتصر فأغروه به و دبروا علي الوثوب عليه فلما كان يوم الثلاثاء لثلاث خلون من شوال سنة 247 دخل جماعة من الاتراك منهم

بغا الصغير و اوتامش صاحب المنتصر و باغر و بغلوا و بريد بأسيافهم و قتلوا الفتح بن خاقان معه.» [127] و قد توقع الامام (ع) مقتله فقد روي عنه: «ما روي عن ابن أرومة قال: خرجت الي سر من رأي ايام المتوكل فدخلت الي سعيد الحاجب و دفع المتوكل اباالحسن (ع) اليه ليقتله فقال لي: اتحب ان تنظر الي الهك؟ فقلت سبحان الله الهي لا تدركه الابصار. فقال: الذي تزعمون انه امامكم؟ قلت: ما اكره ذلك قال: قد امرت بقتله و انا فاعله غدا فاذا خرج صاحب البريد فادخل عليه فخرج و دخلت و هو جالس و هناك قبر يحفر فسلمت عليه و بكيت بكاء شديدا فقال ما يبكيك؟ قلت: ما اري، قال: لاتبك انه لايتم لهم ذلك و انه لايلبث اكثر من يومين حتي يسفك الله دمه و دم صاحبه فوالله ما مضي غير يومين حتي قتل. [128] . و قد بينا في حديثنا عن علم الامام بمقتل الواثق ماينبغي تذكره عند ايراد هذه الرواية بخصوص المتوكل.

المنتصر

معلومات عامة عنه

هو المنتصر بالله محمد ابوجعفر و قيل ابوعبدالله بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد. امه ام ولد رومية اسمها حبشية و كان مليح الوجه اسر اعين اقني جسيما بطينا مليحا مهيبا وافر العقل راغبا في الخير... [ صفحه 58] بويع له بعد قتل ابيه في شوال سنة سبع و اربعين و مائتين فخلع اخويه المعتز و المؤيد من ولاية العهد الذي عقمه لهما المتوكل بعده و اظهر العدل و الانصاف في الرعية فمالت اليه القلوب مع شدة هيبتهم له و كان كريما حليما.»

مع الشيعة

من الامور المعروفة عند حدوث الانقلابات السياسية هي احسان السلطة الجديدة للقوي المظلومة في العهد السابق و هكذا كان المنتصر مع العلويين المظلومين في عصر ابيه «فعطف المنتصر عليهم و وجه بمال فرقه عليهم و كان يؤثر مخالفة ابيه في جميع احواله و مضادة مذهبه طعنا عليه و نصرة لفعله.» [129] فقد كان «محسنا الي العلويين وصولا لهم ازال عن آل ابي طالب ماكانوا فيه من الخوف و المحنة بمنعهم من زيارة قبر الحسين ورد علي آل الحسين فدكا. فقال يزيد المهلبي في ذلك: - و لقد بررت الطالبية بعدما ذموا زمانا بعدها و زمانا ورددت الفة هاشم فرأيتهم بعد العداوة بينهم اخوانا» [130] . يقول ابوالفرج عنه «و كان المنتصر يظهر الميل الي اهل البيت و يخالف اباه في افعاله فلم يجر منه علي احد منهم قتل او حبس او مكروه.» [131] و قد ورد في الطبري «ان المنتصر لما ولي الخلافة كان اول شي ء احدث من الامور عزل صالح بن علي عن المدينة و تولية علي بن الحسين بن اسماعيل بن العباس بن محمد اياها فذكر عن علي بن الحسين انه

قال: دخلت عليه اودعه فقال لي: يا علي اني اوجهك الي لحمي و دمي و مد جلد ساعده و قال الي هذا وجهتك فانظر كيف تكون للقوم و كيف تعاملهم يعني آل ابي طالب.»

موته

«و لما ولي صار يسب الاتراك و يقول: هؤلاء قتلة الخلفاء فعملوا عليه و هموا به فعجزوا عنه لانه كان مهيبا شجاعا فطنا متحرزا فتحيلوا الي ان دسوا الي طبيبه ابن طيفور ثلاثين الف دينار في مرضه فأشار بفصده ثم فصده بريشة مسمومة فمات و يقال ان ابن طيفور [ صفحه 59] نسي ذلك و مرض فأمر غلامه بفصده بتلك الريشة فمات ايضا و قيل بل سم في كمثراة و قيل مات بالخوانيق.» [132] .

المستعين

معلومات عامة عنه

هو المستعين بالله: ابوالعباس احمد بن المعتصم بن الرشيد و هو اخو المتوكل ولد سنة احدي و عشرين و مائتين و امه ام ولد اسمها مخارق. و لما مات المنتصر اجتمع القواد و تشاوروا و قالوا متي وليتم احدا من اولاد المتوكل لا يبقي منا باقية فقالوا ما لها الا احمد بن المعتصم ولد استاذنا فبايعوه و له ثمان و عشرون.»

السياسة العامة

وضعه العام

و كان المستعين ضعيفا امام الاتراك ولكنه اراد ان يتخلص من هذه الحالة فقتل بعض كبارهم «فتنكر له الاتراك لما قتل وصيفا و بغا و نفي باغر التركي الذي فتك بالمتوكل و لم يكن للمستعين مع مصيف و بغا امر حتي قيل في ذلك: خليفة في قفص بين وصيف و بغا يقول ماقالا له كما تقول الببغا و لما تنكر له الاتراك خاف و انحدر من سامراء الي بغداد» [133] فخلعه الاتراك و بايعوا اخاه المعتز بدلا عنه و تتبعوه حتي قتلوه.

الثورات في زمانه

(تاريخ اليعقوبي ج 3 ايام احمد المستعين.) أ) وثبة في الاردن بقياة رجل من لخم ب) وثب في حمص اهلها بعاملهم كيدر الاشروسني ج) وثبة الجند في سامراء و ضربه لاوتاش التركي و هو احد القادة. د) وثبة المعرة بقيادة القصيص و هو يوسف بن ابراهيم [ صفحه 60] التنوخي. ه) وثبة الجند بفارس بعاملهم الحسين بن خالد. و) وثبة اسماعيل بن يوسف الجعفري الطالبي في المدينة.

ثورة علوية

اشاره

لقد وقعت زمن المستعين ثورة علوية تعد من الثورات الاسلامية المهمة الاصيلة.

قائد الثورة

هو السيد الجليل الشهيد يحيي بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسن بن علي بن ابي طالب (ع) يكني بأبي الحسن. امه ام الحسن بنت عبدالله بن اسماعيل بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب (ع). و كان «رضوان الله عليه» رجلا فارسا شجاعا شديد البدن مجتمع القلب بعيدا عن رهق الشباب و مايعاب به مثله. [134] .

عقيدة الثورة
اشاره

ان ثورة يحيي بن عمر ثورة اسلامية حسينية امامية لم يقصد منها الا رضا الله و رضا رسوله و لعل النصوص التالية توضح المقصد: -

ثورة اسلامية

«حدثنا محمد بن الحسين بن السميدع قال: قال لي عمي: مارايت رجلا اورع من يحيي بن عمر اتيته فقلت له: يابن رسول الله لعل الذي حماك علي هذا الامر الضيقة و عندي الف دينار ما املك سواها فخذها فهي لك و اخذ لك من اخوان لي الف دينار اخر. قال: فرفع رأسه ثم قال: فلانة بنت فلان - يعني زوجته - طالق ثلاثا ان كان خروجي الا غضا لله عزوجل: فقلت له: امدد يدك فبايعته و خرجت معه.» [135] . من هذه الكلمة نعلم ان دافع يحيي بن عمر لم يكن الا غضبا لله لانحراف السلطة العباسية عن الاسلام. [ صفحه 61]

ثورة حسينية

ان حسينية ثورة يحيي واضحة من اعلانه ثورته من كربلاء عند زيارته للحسين «ان يحيي بن عمر لما اراد الخروج بدأ فزار قبر الحسين (ع) و اظهر لمن حضر من الزوار ما أراده فاجتمعت اليه جماعة مجتمع

ثورة امامية

و مانقصده بالثورة الامامية هي الثورة التي لا يدعي قائدها لنفسه القيمومة علي الامة الاسلامية فيكذب علي الله و يدعي حقا ليس له لقد أيد الائمة ثورة زيد بن علي (ع) لان شعارها الدعوة للرضا من آل محمد و هكذا كانت ثورة يحيي بن عمر حفيده فلم يدعو لنفسه بل دعا الي الرضا من ال محمد يقول ابوالفرج «حتي خرج الي الكوفة فدعا الي الرضا من آل محمد «صلي الله عليه و آله» و اظهر العدل و حسن السيرة الي ان قتل.» [136] . و من القرائن الدالة علي سلامة موقفه كلمة ابي هاشم الجعفري الرجل الخصيص بأهل البيت و معتمدهم و مؤتمنهم فقد قال عندما دخل علي قاتله محمد بن عبدالله بن طاهر: «ايها الامير قد جئتك مهنئا بما لو كان رسول الله «صلي الله عليه و آله» حيا لعزي به.» [137] . و هذا التهكم من قبل الجعفري يدل علي استنكار القيادة الشرعية لجريمة قتل يحيي بن عمر و لا يستنكر الائمة و الخواص من اصحابهم امرا الا لانحرافه.

تسلسل الاحداث فيها

(المصدر السابق.) أ) سجن يحيي بن عمر زمن المتوكل في دار الفتح بن خاقان. ب) اطلق سراحه بعد ذلك فمضي الي بغداد و الكوفة. ج) انطلقت الثورة من كربلاء ثم انتقلت للكوفة. د) نداء انصاره ايها الناس اجيبوا داعي الله حتي اجتمع اليه خلق كثير.» ه) بعد استقامة امره حدثت بينه و بين محمد بن عبدالله بن طاهر معارك و مناوشات كانت نهايتها بقتله و قطع رأسه و رؤوس اهل [ صفحه 62] بيته و حملها الي بغداد. و) ادخل الاساري الي بغداد و لم يكن فيما رئي قبل ذلك من الاساري احد لحقه

مالحقهم من العسف و سوء الحال و كانوا يساقون و هم حفاة سوقا عنيفا فمن تأخر ضربت عنقه. ز) صدر امر من المستعين باطلاق سراح الاسري الا صاحب شرطة يحيي بن عمر فانه ابقي بالحبس حتي مات و منع من دفنه بمقابر المسلمين او غسله و تكفينه و الصلاة عليه.

رثاء الشعراء له

و لقد اكثر الشعراء من رثاء يحيي بن عمر لماله من المحبة و التقدير و ابن الرومي مثال للشعراء الذين رثوا يحيي. قال علي بن العباس الرومي [138] . امامك فانظر اي نهجيك تنهج طريقان شتي مستقيم و اعوج الا ايهذا الناس طال ضريركم بال رسول الله فاخشوا او ارتجوا ا كل او ان للنبي محمد قتيل زكي بالدماء مضرج تبيعون فيه الدين شر ائمة فلله دين الله قد كاد يمرج لقد الحجو كم في الحبائل فتنة و للحجو كم في الحبائل الحج بني المصطفي كم ياكل الناس شلوكم لبلواكم عما قليل مفرج اما فيهم راع لحق نبيه و لا خائف من ربه يتحرج لقد عمهوا ما انزل الله فيكم كأن كتاب الله فيهم ممجمج الا خاب من انساه منكم نصيبه متاع من الدنيا قليل و زبرج ابعد المكني بالحسين شهيدكم تضاء مصابيح السماء فتسرج لنا و علينا، لا عليه و لا له تسجسج اسراب الدموع و تنشج و كيف نبكي فائزا عند ربه له في جنان الخلد عيش مخرفج فان لا يكن حيا لدينا فانه لدي الله حي في الجنان مزوج و قد نال في الدنيا سناء وصية وقام مقاما لم يقمه مزلج شوي ما اصابت اسهم الدهر بعده هوي ما هوي اومات بالرمل بحرج

نهاية المستعين

بعد عزله و تنصيب المعتز محله وقعت «بينما وقعات و دام القتال [ صفحه 63] اشهر او كثر و غلت الاسعار و عظم البلاء و انحل امر المستعين فسعوا في الصلح علي خلعه وقام في ذلك اسماعيل القاضي و غيره بشروط مؤكدة فخلع المستعين في اول سنة اثنتين و خمسين و مئتين. و اشهد عليه القضاة و غيرهم فاحدر

الي واسط فاقام بها تسعة اشهر محبوسا موكلا به امين ثم رد الي سامراء و ارسل المعتز الي احمد بن طولون ان يذهب الي المستعين فيقتله فقال: والله لا اقتل اولاد الخلفاء فندب له سعيد الحاجب فذبحه في ثالث شوال من السنة و له احدي و ثلاثون سنة. [139] .

المعتز

معلومات عامة عنه

«المعتز بالله محمد - و قيل الزبير - ابوعبدالله بن المتوكل أبن المعتصم بن الرشيد، ولد سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين، و امه ام ولد رومية تسمي قبيحة، و بويع له عند خلع المستعين في سنة اثنتين و خمسين و له تسع عشرة سنة، و لم يل الخلافة قبله احد اصغر منه، و كان بديع الحسن، قال علي بن حرب، احد شيوخ ابن المعتز في الحديث: ما رايت خليفة احسن منه، و هو اول خليفة احدث الركوب بحلية الذهب، و كان الخلفاء قبله يركبون بالحلية الخفيفة من الفضة.» [140] .

نظرة عامة علي سياسته

و كان مستضعفا من قبل الاتراك و العوبة بأيديهم. و اول سنة تولي مات اشناس الذي كان الواثق استخلفه علي السلطة، و خلف خمسمائة الف دينار، فاخذها المعتز، و خلع خلعة الملك علي محمد بن عبدالله بن طاهر، و قلده سيفين، ثم عزله و خلع خلعة الملك علي اخيه - اعني اخا المعتز ابااحمد - و توجه بتاج من ذهب و قلنسوة مجوهرة، و وشاحين مجوهرين، و قلده سيفين، ثم عزله من عامه و نفاه [ صفحه 64] الي واسط، و خلع علي بغا الشرابي، و البسه تاج الملك فخرج علي المعتز بعد سنة فقتل و جي ء اليه برأسه. و في رجب من هذه السنة خلع المعتز اخاه المؤيد من العهد، و ضربه و قيده فمات بعد ايام، فخشي المعتز ان يتحدث عنه انه قتله او احتال عليه، فاحضر القضاة حتي شاهدوه و ليس به اثر، و كان المعتز مستضعفا مع الاتراك فاتفق ان جماعة من كبارهم اتوه و قالوا: يا اميرالمؤمنين اعطنا ارزاقنا لنقتل صالح بن وصيف، و كان المعتز يخاف منهم فطلب من امه

مالا لينفقه فيهم، فأبت عليه وشحت نفسا، و لم يكن بقي في بيوت المال شي ء، فاجتمع الاتراك علي خلعه، و وافقهم صالح بن وصيف، و محمد بن بغا، فلبسوا السلاح و جاءوا الي دار الخلافة فبعثوا الي المعتز ان اخرج الينا،فبعث يقول: قد شربت دواء و انا ضعيف، فهجم عليه جماعة، و جروا برجله و ضربوه بالدبابيس، و اقاموه في الشمس في يوم صائف، و هم يلطمون وجهه و يقولون: اخلع نفسك، ثم احضروا القاضي ابن ابي الشوارب و الشهود و خلعوه، ثم احضروا من بغداد الي دار الخلافة - و هي يومئذ سامراء - محمد بن الواثق، و كان المعتز قد ابعده الي بغداد، فسلم المعتز اليه الخلافة و بايعه [141] . و مات بعد خلعه من الخلافة بطريقة مستحدثة اذ «ان الملأ اخذوا المعتز بعد خمس ليال من خلعه، فادخلوه الحمام فلما اغتسل عطش، فمنعوه الماء، ثم اخرج - و هو اول ميت مات عطشا - فسقوه ماء بثلج، فشربه و سقط ميتا، و ذلك في شهر شعبان المعظم سنة خمس و خمسين و مائتين.» [142] .

مع الشيعة

اضطهاد الشيعة زمن المعتز
اشاره

و يروي لنا التاريخ جملة من الاعمال الارهابية ضد آل محمد علي يد جلاوزة المعتز و هذه نماذج من جرائمه ضد الشيعة:

قتل جعفر بن محمد الحسيني

قتل بالري جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن علي بن [ صفحه 65] الحسين، في وقعة كانت بين احمد بن عيسي بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب، و بين عبدالله بن عزيز، عامل محمد بن طاهر بالري.» [143] .

قتل ابراهيم بن محمد العلوي العباسي

«قتل ابراهيم بن محمد بن عبدالله بن عبيد الله بن الحسن بن عبيدالله بن العباس بن علي. و امه ام ولد. قتله طاهر بن عبدالله في وقعة كانت بينه و بين الكوكبي بقزوين.» [144] .

قتل احمد بن عبدالله الحسني

«و قتل عبدالرحمن خليفة ابي الساج بمكة: احمد بن عبدالله أبن موسي بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي.» [145] .

و ممن مات في حبسه

1- عيسي بن اسماعيل الجعفري «توفي في الحبس عيسي بن اسماعيل بن جعفر بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب. و امه فاطمة بنت سليمان بن محمد بن يعقوب بن ابراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيدالله. كان ابوالساج حمله فحبس بالكوفة فمات هناك.» [146] . 2- احمد بن محمد الحسيني «حبس الحرث بن اسد عامل ابي الساج بالمدينة: احمد بن يحيي أبن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب في دار مروان، فمات في محبسه.» [147] .

مع الامام الهادي

«و توفي الامام علي بن محمد بن علي (ع)... بسر من رأي يوم الاربعاء لثلاث بقين من جمادي الاخر سنة 254 و بعث المعتز باخيه ابي احمد بن المتوكل فصلي عليه في الشارع المعروف بشارع أبي احمد فلما كثر الناس و اجتمعوا و كثر بكاؤهم و ضجتهم فرد النعش الي داره فدفن فيها و سنه اربعون سنة.» [148] . [ صفحه 66] و قد ذكر صاحب اعلام الوري استشهاده فقال «ثم ملك المعتز و هو الزبير بن المتوكل... و في اخر ملكه استشهد ولي الله علي بن محمد» [149] و قد قيل انه مات مسموما. [150] . [ صفحه 69]

الوضع الداخلي للشيعة زمن الامام

اشاره

في هذا الفصل سنتطرق الي جوانب من الوضع الداخلي للشيعة زمن الامام الهادي (ع) لاعطاء صورة علي تركيبة التحرك و الاتجاهات المنسوبة اليه و بمعرفة نقاط القوة و الضعف نتمكن من تكوين تصور معين للامكانيات.

الخط الثوري في الحركة الشيعية

اشاره

لقد تصدي للعمل المسلح ضمن التشيع زمن الامام اتجاهات و حركات متعددة سنعرض لها ادناه.

الثورة ثم الدولة

تعرضنا في فصل سابق الي ثورة العلويين في طبرستان ضد السلطة العباسية عهد المتوكل. و نحب ان نثبت في هذا الموضع النقاط التالية بخصوص هذه الثورة و مثيلاتها: 1- بحكم الموقع الرفيع الذي يتبوؤه العلويون في المجتمع الاسلامي انذاك و الامكانيات الذاتية: العلمية و الاخلاقية و غيرها يترشح في كل وقت قائد او مجموعة من القادة العلويين المخلصين الذين يشعرون بظلم الدولة و انحرافها عن الدين الحنيف فيشرعون بالتحرك فيتجمع حولهم الناس فيقوموا بثورة فينجحوا او يفشلوا. 2- مع اخلاص اولئك القادة للاسلام بشكل عام لا يشترط ان يكونوا من اتباع الائمة و لعلهم ينطلقون من وجهة نظر معينة في [ صفحه 70] التحرك و العمل و لايمنع ذلك من احترامهم للائمة المعصومين و الاخذ منهم بحدود معينة. ان تحرك مثل هؤلاء ضد الدولة الحاكمة ينفع التحرك العام للتشيع و من هذه النقطة يلتقي اولئك الثوار مع خط الائمة علي الاقل. 3- لاينكر وجود عناصر من الشيعة ممن يذهب الي المقولة الزيدية في التحرك في الثورات العلوية بحكم ايمان هذا الصنف من الشيعه بالثورة علي الظالم و اعتبار الامامة فيمن يثور من آل الرسول. 4- اما القطاع الاعظم من المشاركين في التحرك و الثورة فالمعتقد انهم من عموم الشيعة الذين يسيرون خلف كل ناهض من آل محمد يهدف الي رفع كلمة الاسلام و نشر دعوة التشيع و رفع الظلم عن المستضعفين فلذلك لايمكن اعتبارهم من الزيديين عقيدة بل لايبعد ان نجد منهم من يحب الائمة الاثني عشر و يوالي الثوار و لا يجد فرقا في اتباعه لأي رجل صالح

من آل محمد و هذا هو التشيع بمعناه العام. 5- برزت زمن الامام الهادي حركة ثورية علوية ادت الي قيام دولة علوية في طبرستان.

ثورة يحيي بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن ابي طالب

و قد بينا في فصل سابق ان ثورة يحيي رحمه الله ثورة نقية لرفعها شعار الدعوة للرضا من آل محمد و هو نفس الشعار الذي رفعه جده زيد بن علي بن الحسين (ع) و قد زكاه الائمة عليهم السلام. كما ان موقع يحيي بن عمر عند الشيعة و تقواه و دفاعه عن المظلوم ضد الظالم صفات تؤيد مطابقة مسيرته مع مسيرة الائمة لذلك فالتصور حول ثورته انها كباقي الثورات العلوية التي قادها الائمة بشكل غير مباشر لتقوم بمهمة تخدم المسيرة الشيعية. [ صفحه 71]

الامام الهادي و الثورات

و بحكم ترصد السلطة العباسية لتحركات الامام كانت تشك بوجود علاقات بين الامام و الثورات ولكن دقة الامام حالت دون ادانته بالدليل المشهود و يمكن ايضاح هذا المعني من خلال مثالين: - 1) المهاجمة المسلحة لبيت الامام بعد ورود مخابرات تفيد بوجود اسلحة و اموال عند الامام لغرض قيام الثورات و نحن لايمكننا ان ننفي وجود مثل هذا التحرك عند الامام بل كل ما يمكن قوله ان السلطة بعد مهاجمتها للامام لم تجد عنده شيئا تدينه به و لا يستبعد ان الامام قد اخفي الاسلحة في مكان ما «روي» قال سعيد الحاجب صرت الي دار ابي الحسن (ع) بالليل و معي سلم فصعدت منه علي السطح و نزلت من الدرجة الي بعضها في الظلمة فلم ادر كيف اصل الي دار فناداني ابوالحسن من الدار يا سعيد مكانك حتي ياتوك بشمعة فنزلت فوجدت عليه جبة صوف و قلنسوة منها و سجادة علي حصير بين يديه و هو مقبل علي القبلة فقال لي: دونك البيت فدخلتها و فتشتها فلم اجد فيها شيئا. [151] كما قيل «فلما كان بعد ايام سعي البطائحي بابي الحسن (ع)

الي المتوكل و قال: عنده اموال و سلاح فتقدم المتوكل الي سعيد الحاجب ان يهجم عليه ليلا و ياخذ مايجده عنده الاموال و السلاح و يحمله اليه.. [152] . 1) و قد مارست السلطة العباسية نوعا اخر من الحذر خوفا من قيام الامام بتوجيه بعض اهل بيته للقيام بثورة و ذلك بتخويفه باظهار القوة له في محاولة لارهابه فقد روي «ان المتوكل عرض عسكره و امر ان كل فارس يملا مخلاة فرسه طينا و يطرحوه في موضع واحد فصار كالجبل و اسمه تل المخالي و صعد هو و ابوالحسن (ع) و قال: انما طلبتك لتشاهد خيولي و كانوا لبسوا التجافيف و حملوا السلاح و قد عرضوا باحسن زينة و اتم عدة و اعظم هيئة و كان غرضه كسر قلب من يخرج عليه و كان يخاف من ابي الحسن ان يأمر احدا من اهل بيته بالخروج عليه... [153] . [ صفحه 72]

انحراف بعض الثورات

اشاره

ليست كل الثورات التي قادها العلويون اتسمت بالمبدئية و العقائدية. فان بعضا منها شابتها الوان من الانحرافات الاخلاقية التي ابعدتها عن الروح الاسلامية و من امثلة ذلك: -

حركة الحرون

و هي بقيادة الحسين بن محمد بن حمزة بن عبدالله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب (ع). قام الحسين بن محمد بثورة علوية في الكوفة بعد ثورة يحيي بن عمر زمن المستعين فمات و افسد فشوه بذلك الوجه الناصع لحركات العلويين الرسالية يقول ابوالفرج «و يعرف بالحرون خرج بالكوفة بعد يحيي بن عمر فوجه اليه المستعين مزاحم بن خاقان في عسكر عظيم فلما قارب الكوفة خرج الحسين عنها و خالفه الطريق حتي صار الي سر من رأي و قد بويع المعتز فبايع له و انصرف مزاحم عن الكوفة فمكث الحسين الحرون مدة ثم هرب و اراد الخروج ثانية فرد و حبس لبضع عشرة سنة فاطلقه المعتمد بعد ذلك في سنة ثمان و ستين و مائتين. فخرج ايضا بسواد الكوفة فعاث و افسد فظفر به في اخر سنة تسع و ستين و مائتين فحمل الي الموقف فحبسه بواسط فمكث في محبسه سنة سبعين و مئتين و واحد و سبعين و مئتين ثم توفي فأمر الموفق بدفنه و الصلاة عليه. و لم يكن ممن يحمد مذهبه في خروجه فنسوق خبره و لقد رايت جماعة من الكوفيين يعيرون من خرج معه بذلك و يسبونه به.» [154] .

حركة اسماعيل بن يوسف

و قد خرج ايام المعتز فلم يكن ممدوح السيرة و لم يسر علي نهج العلويين في نقاء ثوراتهم يقول ابوالفرج: - و خرج في هذه ايام: اسماعيل بن يوسف بن ابراهيم بن موسي بن عبدالله بن الحسن، فعاث و افسد، و عرض للحجاج، و تبعه امثال له، [ صفحه 73] و قطع الميره عن الحرم، و كرهت ذكره، اذ كان غرضي غير ذلك. و قتل في

هذه الايالة اخوه: الحسن بن يوسف بن ابراهيم بن موسي بن عبدالله بن الحسن بن الحسن و امه ام سلمة بنت محمد بن عبدالله بن موسي بن عبدالله بن الحسن بن الحسن، في حرب كانت بين اخيه اسماعيل و بين اهل الكوفة اصابه سهم فقتله. و قتل في هذه الواقعة ايضا: جعفر بن عيسي بن اسماعيل بن جعفر بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن جعفر بن ابي طالب. و امه ام ولد.» [155] .

شيعة الامام

اشاره

ورد في كتاب الزينة القسم الثالث للشيخ ابي حاتم احمد بن حمدان الرازي [156] . و فرقة يقال لهم القطيعة و هم الذين قالوا بامامة علي بن موسي بعد موت موسي بن جعفر و قطعوا علي وفاة موسي و علي امامه علي بن موسي بعده و رضوا به و سموه الرضا... ثم بواحد بعد الواحد من ولد علي بن موسي حتي انتهي الامر بهم الي علي بن محمد العسكري فلم يزالوا علي ذلك الا قوم منم شذوا فشكوا في محمد بن علي و رجعوا عن القول به و قالوا مات ابوه و هو صغير غير مستحق للامامة و لا علم عنده و ثبت قوم علي القول بامامته.» و قد بين صاحب فرق الشيعة انه قد نزل معظم اصحاب الجواد الي القول بامامة الهادي سوي نفر يسير قالوا بامامة المبرقع ثم رجعوا الي القول بامامة الهادي [157] .

موقف الامام الهادي من المغالين و المنحرفين

اشاره

من الاتجاهات الهدامة للاسلام و التشيع اتجاه المغالين و قد تطفلوا في الاوساط الشيعية فاصطادوا السذج منهم و سمموا افكارهم. ان الغلاة من اصحاب كل مقولة يهدفون اول ما يهدفون الي هدم الاسلام. و قد علم هؤلاء القوم بذلك فهاجموا الاسلام من خلال تحريف التشيع فطعنوه في قلبه. [ صفحه 74] ان مايمكن ان يقوم به الغلاة من دور في حرب الاسلام هو: - 1) تفتيت الحركة الشيعية المجاهدة بزرع الافكار المسببة للتنافر و التناحر بين الشيعة و بذلك تضعف القوة الحقيقية المدافعة عن الاسلام. 2) محاولة ابعاد المسلمين عن قيادتهم الشرعية (التشيع) بتشويه وجهه الناصع بافكارهم المنحرفة المسمومة التي تكرهه لهم فتبعدهم عنه. 3) ادخال الافكار البعيدة عن الاسلام و المشتقة من الزندقة و الشرك و الفساد

في الفكر الاسلامي. لقد تصدي الامام العاشر لمحاربة الغلاة و تسفيه ارائهم و هذه نماذج من الصراع: -

علي بن الحسكة

و هو رجل قمي و كان له تلميذ يسير علي خطاه في الغلو هو القاسم ابن يقطين القمي. «قال نصر بن الصباح علي بن حسكة الحوار كان استاذ القاسم الشعراني اليقطيني من الغلاة الكبار ملعون.» [158] . و عن «احمد بن محمد بن عيسي كتبت اليه في قوم يتكلمون و يقرؤون احاديث ينسبونها اليك و الي ابائك فيها ماتشمئز منها القلوب و لا يجوز لنا ردها ان كانوا يروون عن ابائك عليهم السلام و لا قبولها لما فيها و ينسبون الارض الي قوم يذكرون انهم من مواليك و هو رجل يقال له علي بن حسكة و اخر يقال له القاسم البقطيني و من اقاويلهم انهم يقولون ان قول الله تعالي (ان الصلاة تنهي عن الفحشاء و المنكر) معناها رجل لا سجود و لا ركوع و كذلك الزكاة معناها ذلك الرجل لاعدد دراهم و لا اخراج مال و اشياء من الفرائض و السنن و المعاصي فأولوها و صيروها علي هذا الحد الذي ذكرت لك فان رايت ان تبين لنا و ان تمن علي مواليك بما فيه سلامتهم و نجاتهم من الاقاويل التي تصيرهم الي المعطب و الهلاك و الذين ادعوا هذه الاشياء ادعوا انهم اولياء و ادعوا الي طاعتهم منهم علي بن حسكة و القاسم اليقطيني فما تقول في القبول منهم جميعا. فكتب (ع)، ليس هذا ديننا فاعتزله.» [159] . [ صفحه 75] «و عن محمد بن عيسي قال: كتب الي ابوالحسن العسكري ابتداءا منه: لعن الله القاسم اليقطيني و لعن الله علي بن حسكه القمي أن شيطانا يتراءي

للقاسم فيوحي اليه زخرف القول غرورا... و كتب بعض اصحابنا الي ابي الحسن العسكري (ع) جعلت فداك يا سيدي ان علي بن حسكة يدعي انه من اوليائك و انك انت الاول القديم و انه بابك و نبيك امرته ان يدعو الي ذلك و يزعم ان الصلاة و الزكاة و الحج و الصوم كل ذلك معرفتك و معرفة من كان في مثل حال ابن حسكة فيما يدعي من البابية و النبوة فهو مؤمن كامل سقط عنه الاستبعاد بالصلاة و الصوم و الحج و ذكر جميع شرائع الدين ان معني ذلك كله ما ثبت لك و مال الناس اليه كثيرا من رأيت ان تمن علي مواليك بجواب في ذلك تنجيهم من الهلكة؟ قال: فكتب (ع) كذب ابن حسكة عليه لعنة الله او بحسبك اني لا اعرفه في موالي ماله لعنه الله فوالله ما بعث الله محمدا و الانبياء قبله الا بالحنيفية و الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و الولاية و ما دعي محمد (ص) الا الي الله وحده لا شريك له و كذلك نحن الاوصياء من ولده لا نشرك به شيئا ان اطعناه رحمنا و ان عصيناه عذبنا مالنا علي الله من حجة بل الحجة لله علينا و علي جميع خلقه ابرأ الي الله من يقول ذلك و انتفي الي الله من هذا القول فاهجروهم لعنهم الله و الجؤوهم الي ضيق الطريق فان وجدتم احدا منهم فاخدش رأسه بالحجر.» (الكشي ص 437). من هذه الروايات نستفيد النقاط التالية: 1- ظهور جماعة مغالية في قم و قد نجحت في كسب بعض السذج من الناس. 2- يرأس هذه الجماعة علي بن حسكة و الرجل الذي يأتي بعده تلميذه القاسم بن

يقطين. 3- ادعاء رئيس هذه الجماعة أنه من موالي الامام الهادي و معتمديه. 4- مبادي ء هذه الجماعة الافسادية: أ) تأليه الامام الهادي (ع) ب) ادعاء ابن حسكة انه نبي ارسله الامام الهادي و انه بابه. ج) اختلاق تأويل ينسف به المعتقدات الاساسية للاسلام و به [ صفحه 76] يتخلص من الصلاة و الصوم و الزكاة و العبادات الاسلامية الاخري. 4- تحذير الشيعة المخلصين من الغلاة عندما راسلوه حول الموضوع كما انه ارسل لهم ابتداء حول المغالين. 5- رد الامام علي هؤلاء الغلاة: أ) تكذيب مقالتهم الفاسدة فكريا و ذلك: 1- ان الله بعث جميع الانبياء و المرسلين بالحنيفية و بالصلاة و الصوم و الحج و الزكاة و الولاية. 2- دعوة محمد (ص) تخصيصا قائمة علي انه لا اله الا الله 3- ان اهل البيت هم اوصياء محمد (ص) و لايشركون بالله احدا. 4- ان قيمة الائمة بطاعة الله و الابتعاد عن معصيته. 5- ان لله الحجة علي الائمة و علي جميع الكائنات و لا حجة لاحد عليه. ب) تكذيب الامام كون رئيس المغالين من مواليه و انه لا يعرفه منهم. ج) الدعوة الي اجتنابهم و اعتزالهم. د) الدعوة الي مضايقتهم و ضربهم.

محمد بن نصير النميري

«و قالت فرقة بنبوة محمد بن نصير الفهري النميري و ذلك انه ادعي انه نبي رسول و ان علي بن محمد العسكري (ع) ارسله و كان يقول بالتناسخ و الغلو في ابي الحسن (ع) و يقول فيه بالربوبية و يقول باباحة المحارم و يحلل نكاح الرجال بعضهم بعضا في ادبارهم و يقول: انه من الفاعل و المفعول به احد الشهوات و الطيبات و ان الله لم يحرم شيئا من ذلك و كان محمد بن

موسي بن الحسن بن فرات يقوي اسبابهم و يعضدهم و ذكر انه رأي بعض الناس محمد بن نصير عيانا و غلام له علي ظهره فرآه علي ذلك فقال: ان هذا من الذات و هو من التواضع لله و ترك التجبر و افترق الناس فيه بعده فرقا.» [160] . و قد لعنه الامام الهادي (ع) «... و محمد بن نصير النميري... لعن هؤلاء الثلاثة علي بن محمد العسكري (ع).» [ صفحه 77]

غلاة اخرون

أ) موسي السواق. ب) محمد بن موسي الشريقي. ج) العباس بن صدقة. د) ابوالعباس الطرناني. ه) ابوعبدالله الكندي المعروف بشاه رئيس. و) الحسن بن محمد بن بابا. روي «قال نصر بن الصباح: موسي السواق له اصحاب علياوية يقعون في السيد محمد رسول الله، و علي بن حسكة الحواري القمي كان استاذ الشعراني يقطيني، و ابن بابا و محمد بن موسي الشريقي كانا من تلامذة علي بن حسكة، ملعونون لعنهم الله. قال نصر بن الصباح: العباس بن صدقة و ابوالعباس الطرناني و ابوعبدالله الكندي المعروف بشاه رئيس كانوا من الغلاة الكبار الملعونين.» [161] . و روي «محمد بن مسعود قال: حدثني علي بن محمد قال: حدثني محمد عن محمد بن موسي عن سهل بن خلف عن سهل بن محمد: و قد اشتبه يا سيدي علي جماعة من مواليك امر الحسن بن محمد بن بابا فما الذي تأمرنا يا سيدي في امره نتولاه ام نتبرأ منه ام نمسك عنه فقد كثر القول فيه؟ فكتب بخطه و قرأته: ملعون هو و فارس تبرأوا منهما لعنهما الله و ضاعف ذلك علي فارس.» [162] . ز) الحسين بن علي الخواتيمي: «فهو متهم قال نصر بن الصباح: ان الحسين بن

علي الخواتيمي كان غاليا ملعونا و كان قد ادرك الرضا» [163] .

فارس بن حاتم القزويني

و هو رجل له مركز مهم يؤهله لقبض الاموال من الشيعة ولكنه خان الامانة و اسرف في ذلك فشكل خطرا علي التحرك. و قد وقف له الامام الهادي (ع) بالمرصاد و يمكن تبيان موقفه بالتالي: - أ) دعوة الشيعة الي الاستخفاف به و عدم الاهتمام. ب) عدم الخوض معه بالكلام و المناقشات خوفا من افساده. [ صفحه 78] ج) عدم ادخاله بشي ء من امور الشيعة او مشاورته. د) هتكه و مكاتبة اقطاب الشيعة بامره و امرهم بكشفه امام الشيعة مع مراعاة عدم تسرب الامر الي المخالفين. و ما يجدر ذكره هو وجود مجموعة من الكتب الفها فارس ابن حاتم. روي «فارس بن حاتم بن ماهويه القزويني نزيل العسكر قل ما روي الحديث الا شاذا. له: 1) كتاب الرد علي الواقفة. 2) كتاب الحروب. 3) كتاب التفضيل. 4) كتاب عدد الائمة من حساب الجمل. 5) كتاب الرد علي الاسماعيلية.» [164] . و قد تعرض له الكشي في رجاله فذكر عنه [165] . «عن ابراهيم بن داود اليعقوبي قال: كتبت اليه - يعني اباالحسن (ع) - اعلمه امر فارس بن حاتم. فكتب: لاتحفلن به و ان اتاك فاستخف به. و كتب عروة الي ابي الحسن (ع) في امر فارس بن حاتم، فكتب: كذبوه و اهتكوه ابعده الله و اخزاه، فهو كاذب في جميع ما يدعي و يصف ولكن صونوا انفسكم عن الخوض و الكلام في ذلك و توقوا مشاورته و لاتجعلوا له السبيل الي طلب الشر، كفانا الله مؤنته و مؤنة من كان مثله. و عن ابراهيم بن محمد انه قال / كتبت اليه جعلت فداك

قبلنا اشياء يحكي عن فارس و الخلاف بينه و بين علي بن جعفر حتي صاريبرأ بعضهم من بعض، فان رايت ان تمن علي بما عندك فيهما و ايهما يتولي حوائج قبلك حتي لا اعدوه الي غيره فقد احتجت الي ذلك فعلت متفضلا ان شاء الله؟ فكتب: ليس عن مثل هذا يسأل و لا في مثله يشك، قد عظم الله قدر علي بن جعفر متعنا الله تعالي به عن ان يقايس اليه فاقصد علي بن جعفر بحوائجك و اخشوا فارسا و امتنعوا من ادخاله في شي ء من اموركم تفعل ذلك و انت و من اطاعك من اهل بلادك، فانه قد بلغني ماتموه به علي الناس فلا تلتفوا اليه ان شاء الله. و عن محمد بن عيسي بن عبيد ان اباالحسن العسكري (ع) امر بقتل فارس بن حاتم و ضمن لم قتله الجنة، فقتله جنيدو كان فارس فتانا يفتن الناس و يدعوهم الي البدعة، فخرج من ابي الحسن (ع) هذا فارس لعنه الله يعمل من قبلي فتانا داعيا الي البدعة و دمه هدر لكل من [ صفحه 79] قتله، فمن هذا الذي يريحني منه و يقتله و انا ضامن له علي الله الجنة. قال جنيد ارسل الي ابوالحسن العسكري (ع) يأمرني بقتل فارس بن حاتم لعنه الله، فقلت لاخي: اسمعته منه يقول لي ذلك يشافهني به؟ قال: فبعث الي فدعاني فصرت اليه فقال: امرك بقتل فارس بن حاتم، فناولني دراهم من عنده و قال اشتر بهذه سلاحا فاعرضه علي، فاشتريت سيفا فعرضته عليه فقال: رد هذا و خذ غيره، قال فرددت و اخذت مكانه ساطورا فعرضته عليه فقال: هذا نعم، فجئت الي فارس و قد خرج من المسجد

بين الصلاتين المغرب و العشاء، فضربت علي رأسه فصرعته فثنيت عليه فسقط ميتا اذ لم يوجد هناك احد غيري، فلم يروا معي سلاحا و لا سكينا و طلبوا الزقاق و الدور فلم يجدوا شيئا و لم يروا اثر الساطور بعد ذلك. و عن محمد بن عيسي بن عبيد انه كتب الي ايوب بن نوح يسأله عما خرج اليه في الملعون فارس بن حاتم في جواب الجبلي علي بن عبيدالله الدنيوري؟ فكتب اليه ايوب: سألتني ان اكتب اليك بخبر ما كتب به الي في امر القزويني فارس، فقد نسخت لك في كتابي هذا امره و كان سبب ذلك خيانته ثم صرفته الي اخيه، فلما كان في سنتنا هذه اتاني و سألني و طلب الي في حاجة و في الكتاب الي ابي الحسن اعزه الله، فدفعت ذلك عن نفسي فلم يزل يلح في ذلك حتي قبلت ذلك منه و انفذت الكتاب و مضيت الي الحج، ثم دفعت فلم يات جوابات الكتب التي انفذتها قبل خروجي، فوجهت رسولا في ذلك فكتب به الي الجبلي يذكر انه وجه باشياء علي يدي الفارس الخائن لعنه الله متقدمة و متجددة لها قدر فاعلمناه انه لم يصل الينا اصلا و امرناه ان لا يوصل الي الملعون شيئا ابدا و ان يصرف حوائجه اليك، و وجه بتوقيع من فارس بخط له بالوصول لعنه الله و ضاعف عليه العذاب فما اعظم ما اجترأ علي الله عزوجل و علينا في الكذب علينا و اختيان اموال موالينا و كفي به معاقبا و منتقما فاشتهر فعل فارس في اصحابنا الجبليين و غيرهم من موالينا و لا تجاوز بذلك الي غيرهم من المخالفين كيما تحذر ناحية فارس لعنه الله،

و تجنبوه و تحرسوا منه كفي الله مؤنته، و نحن نسأل الله السلامة في الدين و الدنيا و ان يمتعنا بها و السلام. [ صفحه 80] قال ابونصر: سمعت ابايعقوب يوسف بن السخت قال: كنت بسر من رأي اتنفل في وقت الزوال اذ جاء الي علي بن عبدالغفار فقال لي: اتاني العمري رحمه الله فقال لي: يامرك مولاك ان توجه رجلا ثقة في طلب رجل يقال له علي بن عمرو العطار قدم من قوم قزوين و هو ينزل في جنبات دار احمد ابن الخضيب فقلت: سماني؟ فقال: لا ولكن لم اجد اوثق منك، فدفعت الي الدرب الذي فيه علي فوقفت علي منزله فاذا هو عند فارس، فاتيت عليا فاخبرته فركب و ركبت معه فدخل علي فارس فقام اليه و عانقه و قال: كيف اشكر هذا البر؟ فقال: لاتشكرني فاني لم اتك انما بلغني ان علي بن عمرو قدم يشكو ولد سنان و انا اضمن له مصيره الي مايحب فدله عليه فاخذ بيده فاعلمه اني رسول ابي الحسن (ع) و امره ان لايحدث في المال الذي معه حدثا، و اعلمه ان لعن فارس قد خرج و وعده ان يصير اليه من غد، ففعل فأوصله العمري و سأله عما اراد و امر بلعن فارس و حمل ما معه. عن ابي محمد الرازي قال: ورد علينا رسول من قبل الرجل: اما القزويني فارس فانه فاسق منحرف و يتكلم بكلام خبيث فيلعنه الله. و كتب ابراهيم بن محمد الهمداني مع جعفر ابنه في سنة اربعين و مائتين يسأله عن العليل و عن القزويني أيهما يقصد بحوائجه و حوائج غيره، فقد اضطرب الناس فيهما و صار يبرأ بعضهم من بعض؟ فكتب اليه ليس

عن مثل هذا يسأل و لا في مثله يشك، و قد عظم الله من حرمة العليل ان يقاس عليه القزويني سمي باسمهما جميعا، فاقصد اليه بحوائجك و من اطاعك من اهل بلادك ان يقصدوا الي العليل بحوائجهم و ان يجتنبوا القزويني ان يدخلوه في شي ء من امورهم، فانه قد بلغني ماتموه به عند الناس فلا تلتفتوا اليه ان شاء الله، و قد قرأ منصور بن العباس هذا الكتاب و بعض اهل الكوفة. عن محمد بن عيسي قال: قرأنا في كتاب الدهقان و خط الرجل في القزويني و كان كتب اليه الدهقان يخبره باضطراب الناس في هذا الامر و ان الموادعين قد امسكوا عن بعض ما كانوا فيه لهذه العلة من الاختلاف، فكتب: كذبوه و اهتكوه ابعده الله و اخزاه فهو كاذب في جميع ما يدعي و يصف، ولكن صونوا انفسكم عن الخوض و الكلام في ذلك و توقوا مشاورته و لا تجعلوا له السبيل الي طلب الشر، كفي الله مؤنته و مؤنة من كان مثله.» [ صفحه 83]

التربية و الاعداد عند الامام

اشاره

سنتناول في هذا الفصل طرفا من الممارسات الحركية عند الامام و لا يخفي علي الباحث ان مثل هذه الامور تحاط باقصي درجات التكتم و السرية من قبل الائمة و هذا هو تفسير قلة الشواهد الحركية عند الامام علما ان مدة امامته كانت طويلة و مرحلته كانت مرحلة متقدمة في المسيرة الايمانية. روي صاحب اعلام الوري «و كذلك كانت سبيل ابي الحسن و أبي محمد العسكريين عليهماالسلام و انما كانت الرواية عنهما أقل لانهما كانا محبوسين في عسكر السلطان ممنوعين من الانبساط و المعاشرة و ان يلقاهما كل احد من الناس.» [166] .

من افكار الامام التربوية

حول النقد بين المؤمنين

قال عليه السلام لبعض مواليه: عاتب فلانا و قل له: ان الله اذا اراد بعبد خيرا اذا عوتب قبل. [167] و من خلال كلمة الامام هذه يتضح لنا مايلي: 1- يامر الامام احد اتباعه بمعاتبة رجل اخر فقرر بذلك مبدأ النقد الذي عبر عنه الحديث بالعتب. 2- بين ان قبول النقد (العتب) طريق للوصول الي خير. [ صفحه 84]

طاعة الله عزوجل

قال: عليه السلام من اتق الله يتقي. و من اطاع الله يطاع. و من اطاع الخالق لم يبال سخط المخلوقين، و من اسخط الخالق فلييقن ان يحل به سخط المخلوقين. [168] . في هذا الحديث يبين الامام حقائق اجتماعية مهمة ترتبط بطاعة الله و يعرضها بتسلسل بديع فقد اوضح النقاط التالية. 1- الخوف من الله يعطي للانسان الهيبة فمن يتقيه يتقي و كذلك الذي يطيع الله فان الناس تطيعه. 2- مصداق طاعة الله عدم المبالات بسخط المخلوقين عندما يكون رضاهم بسخط الله و سخطهم رضا الله. 3- من اسخط الله لنيل رضا الناس فانه سوف لا ينال ذلك بل سيتعرض لسخطهم قطعيا.

طاعة الناس

ثال عليه السلام: من..لك وده و رايه فاجمع له طاعتك. [169] يبين الامام علاقة مهمة بين الناس و هي طاعة احدهم الاخر و ما ينبغي تثبيته ازاء هذه الكلمة الامور التالية: 1- ان الطاعة المقصودة لا تعني الطاعة فيما لا يرضي الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. 2- بعد التاكد من تحقق رضا الله في الامور تبقي مسائل تفصيلية تتعلق بالنصح و التوجيه المثمر السليم لبلوغ المقصود و هو رضا الله و بذلك تكون الطاعة هنا من باب الاستفادة من ذي الخبرة و الرأي السليم. 3- لمن يطاع ينبغي تحقق صفتين عنده تقوم عليهما الاسس السليمة للطاعة و هما: أ) الحب (الود) للطرف الاخر. ب) ان يبذل الجهد في تحري النصح للطرف الاخر. و هذه الكلمة تفيدنا في تحديد صيغة سليمة للتعاون بين المؤمنين فلأجل ان تتم الطاعة بين رجل و اخر فلا بد ان تسود بينهما علاقة الحب... [ صفحه 85]

مع من يشعر بالضعة

قال عليه السلام: من هانت عليه نفسه فلا تأمن شره. [170] . هناك مرض نفسي مهم يصاب به قطاع من الناس و هو الشهور بالضعة ففي هذه الحالة يشعر ذلك الانسان بضحالته و تفاهته من الداخل و يتصور ان الناس كلهم ينظرون اليه علي انه تافه حقير فيقوم بجملة من التصرفات العدوانية الخبيثة للاعلان عن قدرته و تسلطه و هذه سنة معظم الظالمين اما من يعتز بنفسه و يؤمن بقيم الشرف و الكرامة فانه ينزهها عما يشينها من سفاسف الاعمال و الرذيل من الافعال لذلك حذر الامام الهادي (ع) من هذه الظاهرة فبين ان من هانت عليه نفسه ينبغي الحذر في التعامل معه خوفا من خيانته و اذيته و شروره.

الدنيا

من ميزة التجارة الربح و الخسارة و كذلك صفة الدنيا فهي سوق كبير ربح به قوم و خسر اخرون. قال عليه السلام: الدنيا سوق، ربح فيها قوم و خسر اخرون. [171] .

الحلم و السفه

قال عليه السلام: ان الظالم يكاد ان يعفي علي ظلمه بحلمه. و ان المحق السفيه يكاد ان يطفي ء نور حقه بسفهه. [172] . هناك مسألة مهمة في التصور الاسلامي و هي الربط بين الفكرة و الاسلوب و كم من المسلمين افترضوا لنفسهم صحة المسيرة لصحة الافكار في الوقت الذي لايتبعون به الاسلوب الجيد المناسب. لقد اشار الامام (ع) الي هذه الفكرة المهمة فبين ان السفه الذي يتصف به اهل الحق يكاد ان يقضي علم حقهم و يطفي ء نورهم و يحبط عملهم. و من كلام الامام نحدد المنهج في التحرك و هو: الحق و الحلم والابتعاد عن السفه.

صفة من عرف الله

قال عليه السلام: من امن مكر الله و أليم اخذه تكبر حتي يحل به [ صفحه 86] قضاؤه و نافذ امره. و من كان علي بينه من ربه هانت عليه مصائب الدنيا ولو قرض و نشر. [173] . يمر المؤمن في حياته الاسلامية بمحن و عقبات كثيرة يتعرض بها لمختلف انواع الابتلاءات و قد ينهار في كثير من الاحيان امام الضغط الشديد. و الحصانة من هذه الحالة هو الذوبان في ذات الله و التفاني في حبه و الي هذا يشير الامام فيبين ان هذا الصنف من الناس لا يبالي بكل انواع مصائب الدنيا مهما عظمت. فخلاصة القول ان معرفة الله اهم قاعدة يستند عليها المؤمنون في مجالدة الكافرين. و ذلك لان المؤمن قد اتضح عنده مفهوم مهم اخر اشار اليه الامام الهادي: فقال عليه السلام: ان الله جعل الدنيا دار بلوي و الاخرة دار عقبي و جعل بلوي الدنيا لثواب الاخرة سببا و ثواب الاخرة من بلوي الدنيا عوضا. [174] .

الشكر علي المعروف

من الصفات الضرورية للمؤمن و الانسان الكامل الشكر علي النعم و هذا الشكر علي نوعين هما: 1- شكر الله علي مطلق النعم التي انعم بها علي عبده. 2- شكر المحسنين من الناس الذين جعلهم الله وسائل للنعم. و قد كشف الامام معني ايمانيا مهما عندما قال: 1- ان الشكر عند النعمة انفع للانسان من النعمة نفسها. 2- و ذلك لان النعمة متعة مصيرها الفناء و بالشكر يبني دار الخلود يقول عليه السلام: الشاكر اسعد بالشكر منه بالنعمة التي اوجبت الشكر، لان النعم متاع و الشكر نعم و عقبي. [175] .

الجهل في نسبة الامور الي غير مسبباتها

قال الحسن بن مسعود: دخلت علي ابي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام و قد نكبت اصبعي و تلقاني راكب و صدم كتفي و دخلت في زحمة فخرقوا علي بعض ثيابي فقلت: كفاني الله شرك من يوم فما ايشمك. فقال عليه السلام لي: يا حسن هذا و انت تغشانا ترمي بذنبك من لا [ صفحه 87] ذنب له، قال الحسن: فاثاب الي عقلي و تبينت خطئي، فقلت: يا مولاي استغفرالله، فقال: يا حسن ما ذنب الايام حتي صرتم تتشأمون بها اذا جوزيتم باعمالكم فيها، قال الحسن: انا استغفر الله ابدا و هي توبتي يا ابن رسول الله؟ قال عليه السلام: والله ما ينفعكم ولكن الله يعاقبكم بذمها علي مالاذم عليها فيه، اما علمت يا حسن ان الله هو المثيب و المعاقب و المجازي بالاعمال عاجلا و آجلا؟ قلت: بلي يا مولاي. قال عليه السلام: لاتعد و لاتجعل للايام صنعا في حكم الله، قال الحسن: بلي يا مولاي. [176] .

النفاق مع الاخوان

«و قال لشخص و قد افرط في الثناء عليه: اقبل علي شانك فأن كثرة الملق يهجم علي الظنة و اذا حللت من اخيك في محل الثقة فاعدل عن الملق الي حسن التية.» [177] . يحدد الامام في هذا الحديث افكارا تربوية مهمة تحدد العلاقة بين المؤمنين و هي: 1- ترك الملق في العلاقة لان الملق يورث الظنة. 2- اما الدليل الذي يقدمه الرجل لاخيه لاشعاره بالحب هو حسن النية و الاخلاص في النصح فان ذلك هو الطريق لتحصيل الثقة.

مدح النفس

من الامراض الخطيرة علي الانسان مدح الانسان نفسه فان مضار هذا المرض هو سخط الناس عليه و انفضاضهم من حوله و علي هذا الاساس ينبغي للمرء الا يرضي عن نفسه و يبرر افعالها. يقول (ع) «و من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه.» [178] .

من اساليب الحركة الشيعية زمن الامام

اتخاذ اماكن سرية للقاءات

عن اسحاق الجلاب قال: اشترينا لابي الحسن (ع) غنما كثيرة فدعاني فادخلني من اصطبل داره الي موضع واسع لا اعرفه فجعلت افرق تلك الغنم [179] . و موضع الشاهد في هذه الرواية هو اتخاذ الامام (ع) مواضع سرية [ صفحه 88] للالتقاء بأصحابه للقيام بما يحتاجونه من الاعمال و قد تبين لنا من الرواية وجود موضع خاص من بيت الامام يتصل بالاصطبل يدخل به اصحابه و في المثال قام اسحاق الجلاب بقسم فيه لمجوعة من الشيعة.

استعمال القوة ضد العدو

اشاره

و قد شجع الامام استعمال القوة مع المنحرفين الذين يشكلون خطرا اكيدا يستهدف وجود الحركة الشيعية و سنذكر في استعمال القوة مثلين يوضحان درجة القوة الموصي باستعمالها.

الضرب و الخدش

«كتب بعض اصحابنا الي ابي الحسن العسكري جعلت فداك يا سيدي ان علي بن حسكة يدعي انه من اوليائك و انك انت القديم. فأجابه الامام ابرء الي الله من يقول بذلك و انتفي الي الله من هذا القول فاهجرهم لعنهم الله و الجوءهم الي ضيق الطريق فان وجدتم احدا منهم فاخدش راسه بالحجر «و قد مر معنا ذكر هذه الرواية و منها نفسهم توصية الامام باستعمال القوة مع الاعداء الذين لا تنفع معهم غيرها.

الاغتيال

قال سعد: و حدثني جماعة من اصحابنا من العراقين و غيرهم هذا الحديث عن جنيد قال سمعته انا بعد ذلك من جنيد ارسل الي ابوالحسن العسكري (ع) يأمرني بقتل فارس بن حاتم». و قد مرت معنا هذه الرواية التي نستنتج منها: - 1- وجود عنصر يشكل خطرا كبيرا علي المسيرة. 2- امر الامام احد انصاره بتدبير قتله. 3- الاستعداد للعملية. أ) اعداد المال للسلاح. ب) اختيار السلاح المناسب و قد قرر الجنيد استعمال الساطور بدلا من السيف في عملية القتل. ج) اختفاء الساطور بعد اغتيال فارس بن حاتم يفيدنا علي وجود طرف اخر في العملية مكلف باخفاء السلاح الدليل الوحيد علي اخي جنيد. [ صفحه 89]

وجود العناصر الناقلة للاخبار

ان وجود جهاز متخصص لنقل الاخبار للقيادة مسألة مهمة لكل حركة تضع امامها اهدافها ضخمة ترغب الوصول اليها و بحكم موقع الائمة في الامة الاسلامية اقتضت الضرورة وجود مثل هذه العناصر المعنية بنقل الاخبار للامام و الشي ء الذي يجب تبيانه في هذا المجال هو: 1) ان العناصر المكلفة بنقل الاخبار من العناصر الخفية التي لا يمكن كشفها بسهولة. 2) ان امكانية وجود هذه العناصر سهلة بحكم سعة انتشار الحركة الشيعية بقيادة الامام في اماكن واسعة من الدولة الاسلامية. 3) اخبار الامام عن بعض الامور التي لم تحدث و تحقق وقوعها بعد ذلك يرتبط غالبا بالجانب الغيبي في الوقت الذي يمكن القيام بها بالطرق غير الاعجازية لذلك يمكن تفسيرها بغير الاعجاز و من نماذج وجود هذا الجهاز ان صح التعبير او الافراد المكلفين بهذه المهمة علي وجهة الدقة نذكر: - سؤال الامام (ع) لخيران الخادم القراطيسي عن اخبار الواثق و عند الاجابة بين له الامام حدوث امور اخري غير

ما نقل خيران و هي موت الواثق و قتل محمد الزيات و تولي المتوكل للسلطة و قد مرت معنا. - توقعه باعتقال محمد بن فرج في مصر و ارسال الامام اليه رسالة يحذره فيها من ذلك ثم توقع وقت اطلاق سراحه و اخباره بذلك. - توقعه لقتل المتوكل علي يد الاتراك.» [180] .

الحذر من تدوين الامور خوفا من انكشافها

قال داود الصرمي: امرني سيدي بحوائج كثيرة، فقال عليه السلام لي: قل: كيف تقول؟ فلم احفظ مثل ما قال لي، فمد الدواة و كتب بسم الله الرحمن الرحيم اذكره ان شاء الله و الامر بيد الله، فتبسمت، فقال عليه السلام: ما لك؟ قلت: خير، فقال: اخبرني؟ قلت: جعلت فداك ذكرت حديثا حدثني به رجل من اصحابنا عن جدك الرضا عليه السلام اذا امر بحاجة كتب بسم الله الرحمن الرحيم اذكر ان شاء الله، فتبسمت، فقال عليه السلام: لي يا داود ولو قلت: ان تارك التقية [ صفحه 90] كتارك الصلاة لكنت صادقا. [181] . من هذه الكلمة يتبين لنا: 1- عدم تسجيل اوامر الامام خوف انكشافها و اعتماد الحفظ في ذلك. 2- استعمل الامام اسلوبا نفسيا للتحفيظ و هو الايحاء بالحفظ عن طريق الدعاء و هو ما كتبه الامام علي الورقة اذكره ان شاء الله و الامر بيد الله. 3- ربط الامام هذه المسألة بالتقية لتبيان الدافع للعملية.

حذر الامام من السلطة

كان الامام يتوقع الهجوم المفاجي ء من السلطة لذلك احتاط بتخلية البيت من المستندات التي تدينه كالسلاح او المبالغ الكبيرة من المال او اسماء الشيعة فهاجموا داره ليلا فلم يجدوا فيها شيئا و وجدوه في بيت مغلق عليه، و عليه مدرعة من صوف و هو جالس علي الرمل و الحصي و هو متوجه الي الله تعالي يتلوايا من القرآن فحمل علي حاله تلك الي المتوكل و قالوا للمتوكل لم نجد في بيته شيئا و وجدناه يقرأ القرآن.. و كان هذا في سامراء. «ثم فتشت منزله فلم اجد فيه الا مصاحف و ادعية و كتب العلم...» و كان هذا في المدينة.

استعمال الاسماء السرية

- ال اعين من اكابر بيوت الشيعة و كانوا يعرفون ببني الجهم ولكن الامام الهادي (ع) سماهم باولاد زرارة لاخفاء امرهم و قد روي عن احدهم «و كان جدنا لا ادني الحسن بن الجهم من الادني سيدنا ابي الحسن الرضا عليه السلام و له كتاب به معروف و كان للحسن بن الجهم جدنا سليمان و محمد و الحسين و لم يبق لمحمد و الحسين ولد و كانت ام الحسن بن الجهم ابنة عبيد بن زرارة و من هذه الجهة نسبنا الي زرارة و نحن من ولد بكير و كنا قبل ذلك نعرف بولد الجهم و اول من نسب منا الي زرارة جدنا سليمان نسبه اليه سيدنا ابوالحسن علي بن محمد عليهماالسلام صاحب العسكر كان اذا ذكره في توقيعاته الي غيره. [ صفحه 91] قال الزراري توريه عنه و سترا له ثم اتسع ذلك و سمينا به و كان عليه السلام يكاتبه في امور له بالكوفة و بغداد. [182] .

اتخاذ المكان المناسب للكلام

كعلامة علي دقة العمل الاسلامي انذاك تحت لواء الامام الهادي (ع) اتخاذه المكان المناسب للكلام. فقد روي عنه (ع) «حدث محمد ابن شرف قال: كنت مع ابي الحسن (ع) امشي في المدينة فقال لي: الست ابن شرف؟ قلت: بلي فاردت ان اسأله عن مسألة فابتدأني من غير ان اسأله فقال: نحن علي قارعة الطريق و ليس هذا موضع مسألة.

عدم القيام بأعمال اكبر من الامكانية

ان الامام (ع) يوجه شيعته الي استخدام الاساليب المناسبة في الاوقات المناسبة لذلك فمن خلال عملية اغتيال فارس بن حاتم القزويني لاحظنا حث الامام لاستعمال القوة ضد احد الناس ولكنه يمنع استعمال هذا الاسلوب مع شخص آخر يستحقه. و قد روي عن محمد ابن الريان بن الصلت قال «كتبت الي ابي الحسن استأذنه في كيد عدو لم يمكن كيده فنهاني عن ذلك و قال كلاما معناه تكفاه فكفيته و الله احسن كفاية ذل و افتقر و مات في اسوء الناس حالا في دنياه و دينه».

الاساليب المتبعة في الطرح الفكري عند الامام

اشاره

لقد استعمل الامام اساليب معينة لنقل افكاره و كقاعدة عامة نلاحظ تطابق الاسلوب مع الظروف المتوفرة و سنعرض في هذا المجال نماذج من اساليب الامام (ع): -

اسلوب الرسائل

لصعوبة الاتصالات المباشرة مع الامة اهتم الامام (ع) باسلوب الرسائل التي توصل الفكر الي آية نقطة يرغب بها دون الانتقال اليها بل يكفي لذلك جهاز معد لمهمة نقل الفكر الاسلامي للقواعد المؤمنة و من امثلة هذه الرسائل: 1) «سئل ابوالحسن «عليه السلام» عن التوحيد فقيل له: لم يزل [ صفحه 92] الله وحده لا شي ء معه ثم خلق الاشياء بديعا و اختار لنفسه اسماء لم تزل الاسماء و الحروف له معه قديمة؟ فكتب: - لم يزل الله وحده موجودا ثم كون ما اراده لقضائه و لا معقب لحكمه تاهت اوهام المتوهمين و قصر طرف الطارفين و تلاشت اوصاف الواصفين و اضمحلت اقاويل المبطلين عن الدرك لعجيب شأنه او الوقوع بالبلوغ علي علو مكانه فهو بالموضع الذي لايتناهي و بالمكان الذي لم يقع عليه عيون باشارة و لاعبارة هيهات هيهات!!.» [183] . 2) «وحدثنا احمد بن اسحاق قال: كتبت الي ابي الحسن علي بن محمد العسكري اسأله عن الروية و مافيه الخلق فكتب: لاتجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائي و المرئي هواء ينفذه البصر فمتي انقطع الهواء و عدم الضياء لم تصح الرؤية و في جواب اتصال الضياءين الرائي و المرئي وجوب الاشتباه و الله تعالي منزه عن الاشتباه فثبت انه لا يجوز عليه سبحانه الرؤية بالابصار لان الاسباب لابد من اتصالها بالمسببات.» [184] . 3) و من النماذج علي استعمال الرسائل في نشر الفكر رسالة الامام الهادي الطويلة في الجبر و التفويض بعد ان كتب اليه بعض الشيعة

عن اختلافهم في الموضوع. [185] .

اسلوب الزيارات

و قد اهتم الامام الهادي بطرح خطه الفكري عن طريق زيارات الائمة و قد خلف لنا في هذا المجال مجموعة رائعة من الوثائق الفكرية و من امثلة هذه الزيارات: - 1) زيارة الجامعة الكبري. 2) زيارة قبر اميرالمؤمنين يوم الغدير. 3) زيارات مختصرة للائمة: علي بن ابي طالب (ع) و الحسين (ع) و الكاظمين (ع).

الاحاديث

و قد نشر الامام بعض افكاره عن طريق الكلام الاعتيادي ان استطاع [ صفحه 93] الي ذلك سبيلا و في هذا المجال نري للامام احاديث مع مختلف الطبقات في المجتمع مثل 1) اقطاب السلطة. 2) الشيعة. 3) عموم المسلمين.

اساليب اخري

و هناك اساليب اخري يتبعها الامام حسب ما يراه ضروريا فعلي سبيل المثال نذكر الاساليب التالية: - 1) عندما استقدم المتوكل الامام الهادي ليلا استعمل الامام الشعر في وعظ المتوكل و قد ذكرت الرواية في الفصل السابق. 2) و قد يكون الاسلوب المتبع عبارة عن اجابة لسؤال من قبل الحاكم فقد روي: - «كان المتوكل نذر ان يتصدق بمال كثير ان عافاه الله من علته، فلما عوفي سأل العلماء عن حد المال الكثير فاختلفوا و لم يصيبوا المعني، فسأل ابالحسن «عليه السلام» عن ذلك فقال «عليه السلام» يتصدق بثمانين درهما، فسأل عن علة ذلك؟ فقال: ان الله قال لنبيه «صلي الله عليه و آله» «لقد نصركم الله في مواطن كثيرة» فعددنا مواطن رسول الله «صلي الله عليه و آله» فبلغت ثمانين موطنا و سماها الله كثيرة فسر المتوكل بذلك و تصدق بثمانين درهما.» [186] .

شعراء العقيدة

و قد كان الشعراء الموالون بمثابة اجهزة اعلام لكشف فساد النظام المنحرف و مثالهم في امامة الهادي ابن الرومي في قصيدته الجيمية الطويلة في ذم العباسيين ورثاء يحيي بن عمر. و من جملة ذلك استعمال الامام للشعر في مجلس المتوكل العباسي لتبيان قضية اهل البيت سأل المتوكل ابن الجهم من اشعر الناس؟ فذكر شعراء الجاهلية و الاسلام ثم انه سأل الحسن الامام علي بن محمد الهادي فقال الحماني [187] حيث يقول: - لقد فاخرتنا من قريش عصابة بمد خدود و امتداد اصابع [ صفحه 94] فلما تنازعنا المقال قضي لنا عليهم بما يهوي نداء الصوامع ترانا سكوتا و الشهيد بفضلنا عليهم جهير الصوت في كل جامع فان رسول الله احمد جدنا و نحن بنوه كالنجوم الطوالع قال و مانداء الصوامع يا أباالحسن؟ قال

أشهد ان لا اله الا الله و أشهد ان محمدا رسول الله جدي أم جدك؟ فضحك المتوكل ثم قال: هو جدك لاندفعك عنه. [188] . و من هذه الرواية نستفيد: 1) استعمال الامام للشعر في الوقت المناسب لطرح معني رسالي يريده. 2) تقييم الشاعر من خلال القضية الاسلامية فقد فضل الامام الهادي السيد الحماني علي شعراء الجاهلية و الاسلام لقوله السابق.

تأثير الامام علي الناس

اشاره

للأمام دور مباشر في التأثير علي بعض الناس و كسبهم للاسلام و التشيع او لزيادة تمسكهم بالاسلام و التشيع و من امثلة ذلك:

دعوته للمنحرفين من الشيعة

حدثني ابوالحسين سعيد بن سهيل البصري و كان يلقب بالملاح قال: و كان يقول بالوقف جعفر بن القاسم الهاشمي البصري و كنت معه بسر من رأي اذ رآه ابوالحسن في بعض الطرق فقال له: الي كم هذه النومة؟ اما آن لك ان تنتبه منها؟... فقلت و الله لاوقفت بعد هذا و قطعت عليه. [189] و من هذه الرواية نجد ان الامام كان يحرص علي تنبيه هذه الرجل الذي لم يتضح له الطريق بكل معالمه فقال بالوقف. و قد آمن بامامة الهادي (ع) بعد ان تبين له ذلك و ترك الوقف و قطع بصحة مسيرة التشيع تحت قيادة الامام الهادي (ع).

دعوته للتركي

و من نماذج دعوة الامام للناس تأثيره علي رجل تركي من عموم المسلمين فجعله يؤمن بامامته روي ابوهاشم الجعفري «قال كنت بالمدينة حين مر بها بغا ايام الواثق في طلب الاعراب فقال ابوالحسن عليه السلام: اخرجوا بنا حتي ننظر الي تعبية هذا [ صفحه 95] التركي فخرجنا فوقفنا فمرت بنا تعبيته فمر بنا تركي فكلمه ابوالحسن (ع) بالتركية فنزل عن فرسه فقبل حافر دابته قال: فحلفت التركي و قلت له ما قال لك الرجل؟ قال هذا نبي؟ قلت: ليس هذا بنبي قال: دعاني باسم سميت به في صغري في بلاد الترك ما علمه احد الي الساعة.» [190] .

مع الأعرابي

و من خلال موقف الامام من الاعرابي نلمح رحمته و رقته مع الموالين لآل محمد و هذه صفة مهمة للقائد مع اتباعه فقد روي «ان ابالحسن (ع) كان يوما قد خرج من سر من رأي الي قرية لمهم عرض له فجاء رجل من الاعراب يطلبه فقيل له: قد ذهب الي الموضع الفلاني فقصده فلما وصل اليه قال له: ماحاجتك؟ فقال انا رجل من اعراب الكوفة المتمسكين بولاء جدك علي بن ابي طالب و قد ركبني دين فادح فأثقلني حمله و لم أر من اقصده لقضائه سواك فقال له ابوالحسن طب نفسا و قرعينا ثم انزله فلما اصبح ذلك اليوم قال له ابوالحسن: اريد منك حاجة الله الله ان تخالفني فيها فقال الاعرابي: لا اخالفك فكتب ابوالحسن ورقة بخطه معترفا فيها ان عليه للاعرابي مالأعينه فيها يرجع علي دينه و قال: خذ هذا الخط فاذا وصلت الي سرمن رأي احضر الي و عندي جماعة فطالبني به و اغلظ القول علي في ترك ايفائك اياه الله الله في مخالفتي. فقال:

افعل و اخذ الخط فلما وصل ابوالحسن الي سر من رأي و حضر عنده جماعة كثيرون من اصحاب الخليفة و غيرهم حضر ذلك الرجل و أخرج الخط و طالبه و قال كما اوصاه فألان ابوالحسن له القول و رفقه و جعل يعتذر اليه و وعده بوفائه و طيبة نفسه فنقل ذلك الي الخليفة المتوكل فأمر ان يحمل الي أبي الحسن ثلاثون الف درهم فلما حملت اليه تركها الي ان جاء الرجل فقال: خذ هذا المال فاقضي منه دينك و انفق الباقي علي عيالك و اهلك و اعذرنا فقال له الاعرابي: يابن رسول الله و الله ان املي كان يقصر عن ثلث هذا ولكن الله اعلم حيث يجعل رسالته و اخذ المال و انصرف [191] . [ صفحه 96]

تأثيره علي الاصفهاني

حدث جماعة من اهل اصفهان منهم ابوالعباس احمد بن النصر و ابوجعفر محمد بن علوية قالوا كان باصفهان رجل يقال له عبدالرحمن و كان شيعيا فقيل له: ما السبب الذي اوجب عليك القول بامامة علي النقي دون غيره من اهل الزمان فقال: شاهدت ما يوجب علي ذلك و ذلك اني كنت رجلا فقيرا و كان لي لسان و جرأة فأخرجني اهل اصفهان سنة من السنين مع قوم آخرين الي باب المتوكل متظلمين و كنا بباب المتوكل يوما اذ خرج الامر باحضار علي بن محمد بن الرضا فقلت لبعض من حضر: من هذا الرجل الذي قد امر باحضاره فقيل: هذا رجل علوي تقول الرافضة بامامته ثم قيل: و نقدر ان المتوكل يحضره للقتل فقلت: لا ابرح من هيهنا حتي انظر الي هذا الرجال اي رجل هو قال: فأقبل راكبا علي فرس و قد قام الناس صفين يمنة الطريق

و يسرتها ينظرون اليه فلما رأيته وقفت فأبصرته فوقع حبه في قلبي فجعلت ادعو له في نفسي بأن يدفع الله عنه شر المتوكل فأقبل يسير بين الناس و هو ينظر الي عرف دابته لا يلتفت و انا دائم الدعاء له فلما صار الي اقبل علي بوجهه و قال: استجاب الله دعاءك و طول عمرك و كثر مالك و ولدك قال: فارتعدت و وقعت بين اصحابي فسألوني ماشأنك فقلت: خير و لم اخبرهم فانصرفنا بعد ذلك الي اصفهان ففتح الله علي وجوها من المال حتي ان اغلق بابي علي ما قيمته الف الف درهم سوي مالي خارج داري و رزقت عشرة من الاولاد و قد بلغت من عمري نيفا و سبعين سنة و انا اقول بامامة هذا الذي علم ما في قلبي و استجاب الله دعاءه لي.» [192] .

تأثيره علي نصراني

و قد أثر الامام علي احد النصاري فأقام له الدليل علي امامته و قد بقي هذا الرجل علي نصرانيته ولكن دعوة الامام وصلت الي ابنه فصار مسلما مواليا كما اخبر الامام (ع) و لعل الواقع هوان الاب اخفي اسلامه عن الناس و اكتفي بالايمان الداخلي و الا فما معني اعتقاده بولاية ذلك فمات و الناس تظن به النصرانية حتي اقرب الناس اليه و هو ولده. روي هبة الله بن منصور الموصلي قال: «كان بديار ربيعة كاتب لها نصراني يسمي يوسف بن يعقوب [ صفحه 97] و كان بينه و بين والدي صداقة قال: فوافانا منزل عند والدي فقال له والدي: فيم قدمت في هذا الوقت؟ قال: دعيت الي حضرة المتوكل و لا ادري ما يراد مني الا اني اشتريت نفسي من الله بمأة دينار و قد

حملتها لعلي بن محمد الرضا عليهم السلام معي فقال له والدي قد وفقت في هذا و خرج الي حضرة المتوكل و جاءنا بعد ايام قلائل فرحا مسرورا مستبشرا فقال له والدي حدثني حديثك قال صرت الي سر من رأي و ما دخلتها قط فنزلت في دار و قلت يجب ان اوصل هذه المأة دينار الي ابن الرضا قبل مصيري الي دار المتوكل و قبل ان يعرف احد قدومي و عرفت ان المتوكل قد منعه من الركوب و انه ملازم لداره فقلت: كيف اصنع رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا لا امن ان ينذر بي فيكون ذلك زيادة فيما احاذره قال: ففكرت ساعة في ذلك فوقع في قلبي ان اركب حماري في البلد فلا امنعه حيث يذهب لعلي اقف علي معرفة داره من غير ان اسال احدا فجعلت الدنانير في كاغذ و جعلتها في كمي و ركبت و كان الحمار يتخرق في الشوارع و الاسواق يمر حيث يشاء الي ان صرت الي باب دار فوقفت الحمار فجهدت ان يزول فلم يزل فقلت للغلام سل لمن هذه الدار فسأل فقيل: انت يوسف بن يعقوب؟ قلت نعم قال: فانزل فاقعدني في الدهليز و دخل فقلت: هذه دلالة اخري من اين عرف اسمي و اسم ابي و ليس في البلد من يعرفني و لا دخلته قط؟ فخرج الخادم فقال: المأة دينار التي في كمك في الكاغذ هاتها فناولته اياها و قلت هذه ثالثة: و جاء فقال ادخل فدخلت و هو وحده فقال: يا يوسف ما آن لك فقلت: يا مولاي قد بان لي من البرهان مافيه كفاية لمن اكتفي فقال: هيهات انك لاتسلم ولكن سيسلم و لدك فلان و هو من

شيعتنا يا يوسف ان اقواما يزعمون ان ولايتنا لا تنفع امانك كذبوا والله انها لتنفع امض فيما وافيت له فانك ستري ما تحب فمضيت الي باب المتوكل فنلت كما اردت و انصرفت. قال هبة الله: «فلقيت ابنه بعد هذا و هو مسلم حسن التشيع فأخبرني ان اباه مات علي النصرانية و انه اسلم بعد موت ابيه و كان يقول: انا مؤمن ببشارة مولاي (ع).» [193] . [ صفحه 98]

من نماذج عمل الامام في التربية و الاعداد الفكري

قال فتح بن يزيد الجرجاني قال ضمني و اباالحسن الطريق حين منصرفي من مكة الي خراسان و هو صائر الي العراق فسمعته و هو يقول: من اتقي الله يتقي و من أطاع الله و يطاع قال: فتلطفت في الوصول اليه فسلمت عليه فرد علي السلام و أمرني بالجلوس و اول ما ابتدأني به ان قال: يا فتح من اطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق و من اسخط الخالق فايقن ان يحل به الخالق سخط المخلوق و ان الخالق لا يوصف الا بما وصف به نفسه و أني يوصف الخالق الذي تعجز الحواس ان تدركه و الاوهام ان تناله و الخطرات ان تحده و الابصار عن الاحاطة به جل عما يصفه الواصفون و تعالي عما ينعته الناعتون نأي في قربه و قرب في نأيه فهو في نأيه قريب و في قربه بعيد كيف الكيف فلا يقال كيف و أين الأين فلا يقال اين اذ هو منقطع الكيفية و الأينية هو الواحد الاحد الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد فجل جلاله ام كيف يوصف بكنهه محمد صلي الله عليه و آله و قد قرنه الجليل باسمه و شركه في عطائه و

اوجب لمن اطاعه جزاء طاعته اذ يقول: «و ما نقموا الا أن أغناهم الله و رسوله من فضله». و قال يحكي: قول من ترك طاعته و هو يعذبه بين اطباق نيرانها و سرابيل قطرانها: «يا ليتنا اطعنا الرسولا» ام كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال: «اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و أولي الامر منكم»و قال: «ولو ردوه الي الرسول و الي أولي الامر منهم و قال: ان الله يأمركم أن تؤدوا الامانات الي اهلها» و قال «فسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون». يا فتح كما لا يوصف الجليل جل جلاله و الرسول و الخليل و ولد البتول فكذلك لا يوصف المؤمن المسلم لامرنا فنبينا افضل الانبياء و خليلنا افضل الاخلاء و وصيه اكرم الاوصياء اسمها افضل الاسماء و كنيتهما افضل الكني و اجلاها لو لم يجالسنا الا كفو لم يجالسنا احد ولو لم يزوجنا الاكفو لم يزوجنا احد، اشد الناس تواضعنا اعظمهم حلما و انداهم كفا و امنعهم كنفا ورث عنهما اوصياؤهما علمهما فاردد اليهم الامر و سلم اليهم، اماتك الله مماتهم و احياك حياتهم اذا شئت رحمك الله. [ صفحه 99] قال فتح: فخرجت فلما كان من الغد تلطفنا في الوصول اليه فسلمت عليه فرد علي السلام فقلت: يابن رسول الله اتذن لي في مسألة اختلج في صدري امرها ليلتي؟ قال سل و ان شرحتها فلي و ان أمسكتها فلي فصحح نظرك و تثبت في مسألتك واضع الي جوابها سمعك و لا تسأل مسألة تعينت و اعن بما تعتني به فان العالم و المتعلم شريكان في الرشد مأموران بالنصيحة منهيان عن الغش و اما الذي اختلج في صدرك

ليلتك فان شاء العالم انبأك ان الله لم يظهر علي غيبه احدا الا من ارتضي من رسول فكل ما كان عند الرسول كان عند العالم و كل ما اطلع عليه الرسول فقد اطلع اوصياؤه عليه لئلا تخلو ارضه من حجة يكون معه علم يدل علي صدق مقالته و جواز عدالته يا فتح عسي الشيطان اراد اللبس عليك فادهمك في بعض ما اودعتك و شككك في ما انبأتك حتي اراد ازالتك عن طريق الله و صراطه المستقيم فقلنا: متي ايقنت انهم كذا فهم ارباب معاذ الله أنهم مخلوقون مربوبون مطيعون لله داخرون راغبون فاذا جاءك الشيطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما انبأتك به، فقلت له: جعلت فداك فرجت عني و كشفت ما لبس الملعون علي بشرحك فقد كان اوقع في خلدي انكم ارباب. قال: فسجد ابوالحسن و هو يقول في سجوده: راغما لك يا خالقي داخرا خاضعا قال: فلم يزل كذلك حتي ذهب ليلا ثم قال: يا فتح كدت ان تهلك و تهلك و ماضر عيسي اذا هلك من هلك فاذهب اذا شئت رحمك الله. فقال: فخرجت و انا فرح بما كشف الله عني من اللبس فانهم هم و حمدت الله علي ما قدرت عليه فلما كان في المنزل الاخر دخلت عليه و هو متك و بين يديه حنطة مقلوة يعبث بها و قد كان اوقع الشيطان في خلدي انه لا ينبغي ان يأكلوا و يشربوا اذ كان ذلك آفة و الامام غير مأوف فقال: اجلس يا فتح فان لنا بالرسل أسوة كانوا يأكلون و يشربون و يمشون في الاسواق و كل جسم مغذو بهذا الا الخالق الرازق لانه جسم الأجسام و هو لم يجسم

و لم يجز ابتناه و لم يتزايد و لم يتناقص مبرء من ذاته ماركب في ذات من جسمه الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد منشي ء الاشياء مجسم الاجسام و هو السميع العليم اللطيف الخبير الرؤوف الرحيم تبارك و تعالي [ صفحه 100] عما يقول الظالمون علوا كببرا لو كان كما وصف لم يعرف الرب من المربوب و لا الخالق من المخلوق و لا المنشي ء من المنشأ ولكنه فرق بينه و بين من جسمه و شيأ الاشياء اذ كان لا يشبهه شي ء يري و لا يشبه شيئا.» (كشف لغمة في معرفة الائمة ص 388 - 386).

تقييم الامام لدعاة الاسلام

أ) «روي عن الحسن العسكري عليه السلام: انه اتصل بأبي الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلام: ان رجلا من فقهاء شيعته كلم بعض النواصب فأفحمه بحجته حتي ابان عن فضيحته فدخل الي علي بن محمد عليه السلام و في صدر مجلسه دست عظيم منصوب و هو قاعد خارج الدست و بحضرته خلق من العلويين و بني هاشم فمازال يرفعه حتي اجلسه في ذلك الدست و أقبل عليه فاشتد ذلك علي اولئك الاشراف فاما العلوية فأجلوه عن العتاب و اما الهاشميون فقال له شيخهم: يابن رسول الله هكذا تؤثر عاميا علي سادات بني هاشم من الطالبيين و العباسيين؟ فقال عليه السلام: اياكم و ان تكونوا من الذين قال الله تعالي فيهم: «الم تر الي الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يدعون الي كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولي فريق منهم و هم معرضون» أترضون بكتاب الله حكما؟ قالوا: بلي. قال: اليس الله يقول: «يا ايها الذين امنوا اذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم

الي قوله يرفع الله الذين امنوا منكم و الذين اوتوا العلم درجات» فلم يرض للعالم المؤمن الا ان يرفع علي من ليس بمؤمن اخبرني عنه قال: «يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين اوتوا العلم درجات» او قال: «يرفع الذين اتوا شرف النسب درجات» او ليس قال الله: «هل يستوي الذين يعلمون و الذين لايعلمون» فكيف تنكرون رفعي لهذا لما رفعه الله ان كسر هذا (لفلان) الناصب بحجج الله التي علمه اياها لأفضل له من كل شرف في النسب. فقال العباسي: يابن رسول الله قد اشرفت علينا هو ذا تقصير بنا عمن ليس له نسب كنسبنا و ما زال منذ اول الاسلام يقدم الافضل [ صفحه 101] في الشرف علي من دونه فيه. فقال عليه السلام: سبحان الله اليس عباس بايع ابابكر و هو (تيمي) و العباس (هاشمي) او ليس عبدالله بن عباس كان يخدم عمر بن الخطاب و هو (هاشمي) ابوالخلفاء و عمر (عدوي) و ما بال عمر ادخل البعداء من قريش في الشوري و لم يدخل العباس فان كان رفعنا لمن ليس بهاشمي علي هاشمي منكرا فانكروا علي عباس بيعته لابي بكر و علي عبدالله بن عباس خدمته لعمر بعد بيعته فان كان ذلك جائزا فهذا جائز فكانما القم الهاشمي حجرا» (الاحتجاج ص 260 - 259). و ما نفهمه من هذه الرواية: 1- موقفنا لرجل من فقهاء الشيعة يتحدد برده علي رجل معاد منحرف و فضحه 2- تعظيم الامام لهذا الرجل و تقديمه علي الهاشميين من العلويين و العباسيين و اجلاسه في صدر المجلس. 3- تضايق الأشراف من هذا التقييم الاسلامي الرفيع لهذا الفقيه الجليل لعدم استيعابهم للقيمة الاسلامية للانسان. 4- رد الامام (ع)

علي هذا الموقف اللا اسلامي للأشراف فقد بين درجات الناس كما يلي: - 1- الدرجة الاولي المؤمن العالم. 2- الدرجة الثانية المؤمن غير العالم. 3- الدرجة الثالثة غير المؤمن. لذلك فالفضل كل الفضل للمؤمن العالم و لا يرفع النسب من وضعه ايمانه و علمه. ب) «روي عن علي بن محمد الهادي عليه السلام انه قال: لولا من يبقي بعد غيبة قائمكم عليه السلام من العلماء الداعين اليه والدالين عليه و الذابين عن دينه بحجج الله و المنقذين لضعفاء عبادالله من شباك ابليس و مردته و من فخاخ النواصب لما بقي احد الا ارتد عن دين الله ولكنهم الذين يمسكون ازمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها اولئك هم الافضلون عندالله عزوجل» [194] . و في هذا الحديث اثبت الامام قيمة العالم الداعي للقائم من ال محمد و انه هو القائد المنقذ للامة من شرور ابليس و المعادين للحق. [ صفحه 102]

نظرات في العلاقات الحركية زمن الامام الهادي

ملاحظات

أ) لعلاقة الموضوع بروايات الكشي حول فارس بن حاتم القزويني لذلك ينبغي مراجعتها. ب) من هذه الروايات نكتشف عدة علاقات حركية بين الامام و شيعته تتضح لنا من خلال توصيل الاوامر حول قضية معينة تهم التشيع ج) ان هذه العلاقات امثلة علي الموضوع و تعطي فكرة عنه ولكنها لا تستوعبه و تضع بعض النقاط ولكنها لاترسم كل الصورة فان مثل هذه المواضيع لخصوصيتها تعتبر من الامور التي لا تكشف علي صعيد واسع.

العلاقة الاولي

1) ابراهيم بن محمد يكتب رسالة للامام الهادي (ع) بخصوص فتنة فارس و خلافاته مع علي بن جعفر [195] التي وصلت الي حد تبرأ بعضهم من بعض ليعرف رأي الامام في الموضوع. 2) جواب الامام: - أ) التأييد لعلي بن جعفر و انه لا يمكن ان يقاس بفارس المنحرف. ب) التحذير من فارس و عدم ادخاله بشي ء من امور الشيعة. ج) دعوة الامام (ع) ابراهيم ان يقصد علي بن جعفر فيما يحتاج اليه. د) ان لابراهيم مركزا شيعيا مهما في بلده لذلك يقول له الامام و من اطاعك. ه) من الممكن ان يكون هناك عدة رجال في ذلك البلد لهم مركز ابراهيم و لهم من يطيعهم. و عدم ذكر ذلك في الرواية لا يعني عدمه بل القرينة تشير الي وجود مثل هذا فلو كان ابراهيم هو القائد لجميع الشيعة في بلده فما هو دور علي بن جعفر؟ لذلك فمن المتوقع ان يكون هناك عدة رجال غيره. 3) من خلال التحليل السابق و مراجعة النص نستدل علي وجود علاقة في تلك المنطقة يمكن تركيبها باشكل التالي: [ صفحه 103] الامام الهادي (ع) علي بن جعفر الهمداني (ممثل الامام في ذلك البلد) ابراهيم بن

محمد (قائد شيعي في ذلك البلد) المطيعون لابراهيم (بعض من القواعد الشيعية في ذلك البلد) س 1 و ص 00 الخ (قادة شيعة في ذلك البلد مثل ابراهيم) المطيعون لهم (بعض من القواعد الشيعية في ذلك البلد)

العلاقة الثانية

1) الامر الصادر للشيعة: قتل الفاسق المنحرف فارس بن حاتم. 2) ارسل الامام الهادي رسالة لرجل من الشيعة اسمه جنيد لتنفيذ المهمة المطلوبة. 3) قام جنيد المذكور بمايلي: - أ) اختيار رجل اخر لتنفيذ العملية و كان هذا الرجل اخوه. ب) وضع خطة دقيقة لتنفيذ العملية. ج) من خلال الرواية التي تبين اختفاء الساطور و هواداة القتل المستعمل تبين وجود عنصر اخر لاخفاء السلاح لايعرفه اخو جنيد. 4) من خلال التحليل السابق و مراجعة النص ينكشف لنا وجود عناصر مكلفة بمهمة الاغتيال للذين يشكلون مخاطر قوية علي المسيرة و يمكننا ان نوضح مخططا لهذه العلاقة بالشكل التالي: [ صفحه 104] الامام الهادي (ع) (الامر بالعملية) جنيد (المخطط للعملية) اخو الجنيد (المنفذ للعملية) عنصر اخر (لاخفاء السلاح ومساعدة المنفذ)

العلاقة الثالثة

1) وجود مجموعة من الشيعة منهم ابومحمد الرازي و لا نعرف هل هو رئيس القوم او انه رجل منهم. 2) تبليغ الامام رسالة بواسطة رسول منه حول امر تفسيق فارس القزويني. 3) يمكن صياغة العلاقة

العلاقة الرابعة

1) الامام يأمر العمري بأمر يتعلق بقضية فارس بن حاتم. 2) العمري يوصل امر الامام الي علي بن عبدالغفار بتوجيه رجل ثقة في طلب رجل اخر اسمه علي بن عمرو العطار دون تحديد العمري لاسم الرجل الذي سيقوم بالمهمة و قد حدد للمكلف الدار التي ينزل بها علي العطار. 3) اختيار علي بن عبدالغفار لابي يعقوب يوسف بن السخت للقيام بالمهمة لانه اوثق من يعرفه من اصحابه. 4) دخل الرجل الي الدار فوجد فارسا فأخفي المهمة المكلف بها [ صفحه 105] بدعوي انه جاء ليحل مشكلة لعلي بن عمر مع جماعة سماهم بأولاد سنان. 5) بعد توفر المجال المناسب اخبر ابويعقوب علي بن عمر بالواقع و ان امر الامام قد صدر بلعن فارس القزويني و ان لا يدفع له من المال الذي يحمله شيئا. 6) من خلال التحليل السابق يمكننا تصور العلاقة باشكل التالي: الامام الهادي (ع) العمري (رح) علي بن عبد الغفار ابو يعقوب يوسف بن السخت (الرجل المكلف بمهمة اخبار علي بن عمر و العطار بامر القزويني)

ملاحظة

ان العلاقات الحركية المذكورة آنفا لاتكشف الهيكل الحركي العام للتشيع ولكنها تؤشر فقط علي بعض المعالم و الذي نميل اليه. هو ان دقة عمل الائمة المعصومين (ع) حالت دون انكشاف ذلك.

التنظيم الاسماعيلي

و نحب هنا ان نذكر السلسلة التنظيمية التي وصلتنا عن الاسماعيليين الذين تربطهم علاقة الاصل المشترك مع الخط الشرعي الامامي فانهم يختلفون عن خط الامامة من الامام الكاظم (ع). و نحن اذ ذكرنا هذه السلسلة لا نقول بأنها هي نفس السلسلة الامامية الحركية ولكن ما نقوله هو وجود تشابه بين السلسلتين بحكم الاصل المشترك و الظروف المشابهة مع وجود الاختلافات التابعة من الخلافات العقائدية. يقول مصطفي غالب الاسماعيلي المعاصر و أحد المهتمين المختصين [ صفحه 106] بالدراسات الاسماعيلية «و عمد رئيس الدعوة اي الامام الي تقسيم الدعاة الي اقسام عديدة كل حسب مقدرته و ضمن اختصاصه و كان هذا التقسيم مشابها لنظام دورة الفلك و لتقسيمات السنة فجعل الامام السنة الزمنية التي تجمع الشهور و الايام مثلا علي النبي في عصره او الامام الذي يجمع مراتب الدعوة و الاثني عشر شهرا مثلا علي رؤساء الدعوة في الجزائر و يسمون حجج الجزائر ولكل من هؤلاء الحجج ثلاثين داعيا او نقيبا و لكل داع من هؤلاء الدعاة اربعة و عشرين داعيا ماذونا او مكاسرا و لكل مرتبة من هذه المراتب عملا خاصا به فالامام يختار من اتباعه اقواهم لسانا و اصدقهم جنانا و الحنهم بالحجة و اغزرهم علما فيجعله في مرتبة داعي الدعاة او باب الابواب و هذه المرتبة أعلي مراتب الدعوة و لكل جزيرة حجة و هو كبير دعاة الجزيرة و المشرف علي الدعوة فيها و ينوب عن باب الابواب في عقد مجالس الحكمة

و تلاوة المجالس و الثلاثون داعيا او نقيبا يقومون بهداية الناس و بث الدعوة في نفوس المستجيبين و هم الذين يفاتحون الذين دخلوا في الدعوة بالعلم ياخذوا عليهم العهد و الميثاق و لكل نقيب من هؤلاء اربعة و عشرون داعيا مأذونا مكاسرا و يشترط في من يتولي هذه المرتبة ان يكون علي علم وافر بمذاهب الفرق الاسلامية جميعا متمكنا من اصول مذهبية و ان يكون لسنا مجادلا.» [196] .

العلاقات الخاصة من خلال رسائل الامام الهادي لاصحابه

اشاره

سنذكر ثلاثة رسائل [197] بين الامام و بعض وكلائه تبين العلاقات بينهم تكشف نمطا من العلاقات الحركية في العمل الشيعي و باضافتها لغيرها من المفردات تتكون بعض من ملامح الصورة.

الرسالة الاولي

«وجدت بخط جبرئيل بن احمد حدثني محمد بن عيسي اليقطيني قال: كتب (ع) الي ابي علي بن بلال في سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين: بسم الله الرحمن الرحيم. احمد الله اليك و اشكر طوله و عوده و أصلي علي محمد النبي و آله صلوات الله و رحمته عليهم، ثم اني اقمت اباعلي مقام الحسين بن عبد ربه، و ائتمنته علي ذلك بالمعرفة بما عنده [ صفحه 107] الذي لا يقدمه احد، و قد اعلم انك شيخ ناحيتك فأحببت افرادك و اكرامك بالكتاب بذلك، فعليك بالطاعة لم و التسليم اليه جميع الحق قبلك و ان تحض موالي علي ذلك و تعرفهم من ذلك ما يصير سببا الي عونه و كفايته، فذلك موفور و توفير علينا و محبوب لدينا، و لك به جزاء من الله و اجر فان الله يعطي من يشاء ذو الاعطاء و الجزاء برحمته، و انت في وديعة الله. و كتبت بخطي و احمد الله كثيرا.»

الرسالة الثانية

«محمد بن مسعود قال: حدثني محمد بن نصير قال: حدثني احمد بن محمد بن عيسي قال: نسخت الكتاب مع ابن راشد الي جماعة الموالي الذين هم ببغداد المقيمين بها و المدائن و السواد و مايليها» أحمد الله اليكم ما انا عليه من عافيته و حسن عادته و أصلي علي نبيه و آله افضل صلاته و اكمل رحمته و رأفته، و اني اقمت اباعلي بن راشد مقام (علي بن) الحسين بن عبد ربه و من كان قبله من وكلائي، و صار في منزلته عندي و وليته ما كان يتولاه غيره من وكلائي قبلكم ليقبض حقي، و ارتضيته لكم و قدمته في ذلك و هو اهله و موضعه، فصيروا رحمكم

الله الي الدفع اليه ذلك و الي، و ان لاتجعلوا له علي انفسكم علة فعليكم بالخروج عن ذلك و التسرع الي طاعة الله و تحليل اموالكم و الحقن لدمائكم، و تعاونوا علي البر و التقوي و اتقوا الله لعلكم ترحمون، و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تموتن الا و انتم مسلمون، فقد اوجبت في طاعته طاعتي و الخروج الي عصيانه عصياني فالزموا الطريق ياجركم الله من فضله فان الله بما عنده واسع كريم متطول علي عباده رحيم، نحن و انتم في وديعة الله و حفظه و كتبته بخطي و الحمدلله كثيرا».

الرسالة الثالثة

«و في كتاب آخر: و انا آمرك يا ايوب بن نوح ان تقطع الاكثار بينك و بين ابي علي، و ان يلزم كل واحد منكما ما و كل به و أمر بالقيام فيه بأمر ناحيته، فانكم اذا انتهيتم الي كل ما أمرتم به استغنيتم بذلك عن معاودتي، و آمرك يا أباعلي بمثل ما امرك به ايوب ان لا تقبل من احد من اهل بغداد و المدائن شيئا يحملونه و [ صفحه 108] لايلي لهم استيذانا علي، و مر من اتاك بشي ء من غير اهل ناحيتك ان يصيره الي الموكل بناحيته، و آمرك يا اباعلي في ذلك بمثل ما امرت به ايوب، و ليعمل كل واحد منكما مثل ما امرته به.»

حول الرسالة الاولي

أ) الامام الهادي يصدر امرا بتنصيب ابي علي بن بلال مسؤولا عن احدي النواحي الشيعية بدلا من الحسين بن عبد ربه. ب) امر الحسين بن عبد ربه. 1- الطاعة لأبي علي بن بلال. 2- تسليمه جميع الحقوق التي عنده. 3- ان يحض الموالي علي طاعته. ج) يعتبر الامام اخباره للحسين بن عبد ربه بمثابة اكرام له لانه يستطيع ان يعزله دون ان يعلمه و يأمر الشيعة بتركه لكنه لجلالة قدره تعامل معه الامام بالصورة المذكورة.

حول الرسالة الثانية

أ) الامام الهادي يصدر امرا بتنصيب ابي علي بن راشد مسؤولا عن الشيعة المقيمين ببغداد و المدائن و السواد و مايليه بدلا من علي بن الحسين بن عبد ربه. ب) توليته ما كان يتولاه مثل: 1- اخذ الحقوق الشرعية منهم. 2- طاعته و الاخذ عنه. 3- الاستفادة من علمه.

حول الرسالة الثالثة

أ) يشير الامام الي وجود حالة سلبية في العمل ظهرت بين وكيلين هما ايوب بن نوح و أبوعلي. ب) الظاهرة السلبية هي كثرة الاختلاط بينهما. ج) يأمرهما الامام: 1- بتقليل الاتصال بينهما. [ صفحه 109] 2- عدم قبول اي منهما الحقوق او اي شي ء آخر من اهل ناحية الاخر. د) يبين الامام لهما انهما لو اتبعا نصحة فلا حاجة لهما بمراجعته لعدم حدوث المشاكل. [ صفحه 113]

البناء الفكري عند الامام

الدعوة الي التشيع في زيارة الجامعة الكبري

اشاره

زيارة الجامعة الكبري من النتاجات الفكرية المهمة للامام الهادي (ع) و من الوثائق التي نستل منها ملامح التصور السليم و في استعراضنا للزيارة المذكورة و تأشيرنا علي الافكار الاساسية فيها تنجلي لنا المنهجية الحركية الفكرية.

اصطفاء اهل البيت

يقول (ع) «السلام عليكم يا اهل بيت النبوة و موضع الرسالة و مختلف الملائكة و مهبط الوحي و معدن الرحمة و خزان العلم و منتهي الحلم و اصول الكرم و قادة الامم و اولياء النعم و عناصر الابرار و دعائم الاخيار و ساسة العباد و اركان البلاد و ابواب الايمان و امناء الرحمن و سلالة النبيين و صفوة المرسلين و خيرة رب العالمين و رحمة الله و بركاته.» يحدد الامام في هذه الكلمة المعاني التالية. أ) ان الله اختص اهل البيت بكرامته فجعلهم موضع الرسالة و مختلف الملائكة و مهبط الوحي. ب) ان هذا الجعل الالهي نابع من الصفات الكمالية التي يبلغون القمة فيها كالعلم و الحلم و الكرم و الرحمة. ج) كون اهل البيت موضع الرسالة و ذلك لاختيار الله لهم نتيجة لتكاملهم لمنصب القيادة العليا للبشرية و المسلمين فهم دعائم الاخيار و ساسة العباد و اركان البلاد و ابواب الايمان و امناء الرحمن و سلالة النبيين. [ صفحه 114]

حركة اهل البيت

يقول الهادي (ع) «السلام علي ائمة الهدي و مصابيح الدجي و اعلام التقي و ذوي النهي و أولي الحجي و كهف الوري و ورثة الانبياء و المثل الاعلي و الدعوة الحسني و حجج الله علي اهل الدنيا و الآخرة و الاولي و رحمة الله و بركاته السلام علي محال معرفة الله و مساكن بركة الله و معادن حكمة الله و حفظة سر الله و حملة كتاب الله و اوصياء نبي الله و ذرية رسول الله صلي الله عليه و آله و رحمة الله و بركاته السلام علي الدعاة الي الله و الأدلاء علي مرضات الله و المستقرين في امر الله و التامين في

محبة الله و المخلصين في توحيد الله و المظهرين لأمر الله و نهيه و عباده المكرمين الذين لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون و رحمة الله و بركاته.» من هذه الكلمات نستفيد الامور التالية: - أ) في المسيرة البشرية ينفرز دائما خطان همان خط الهدي و خط الضلالة و قيادتيهما: ائمة الهدي و ائمة الضلالة، و ائمة اهل البيت هم ائمة الهدي اما غيرهم ممن يتصدي للامامة مخالفا لهم فهو من ائمة الضلال فلذلك لا يكون التلقي الا منهم و لا يكون نهج التحرك الا نهجهم. ب) اما واقع الائمة فهم ذوو الحجي و كهف الوري و ورثة الانبياء و المثل الاعلي و الدعوة الحسني التي يحتذي بها. ج) من خلال ما مر نعرف ان حركة اهل البيت حركة اصيلة ذات عمق في المسيرة النبوية الراشدة و كل حركة تدعي المنهج الديني او الاصلاح الدنيوي و لا تسير علي خطاهم فهمي منحرفة. فأهل البيت محل معرفة الله و مساكن بركته و معادن حكمته و حفظة سره و حملة كتابه و اوصياء نبيه. د) و من مظاهر اصالة اهل البيت في المسيرة الالهية: 1) الدعوة الي الله و الادلال الي مرضاته. 2) الثبات علي امر الله. 3) الحب التام لله. 4) الاخلاص في التوحيد. 5) الاظهار لشعائر الله من امره و نهيه. [ صفحه 115] 6) عدم سبق الله بقول و العمل بأمره.

الاسس الفكرية للتشيع

و نستطيع ان نحدد نقاطا توضح الاسس الفكرية التي تقوم عليها دعوة اهل البيت و التي يجب ان تسير الحركة الشيعية عليها و تلتزم بحدودها، يقول (ع): «السلام علي الائمة الدعاة و القادة الهداة و السادة الولاة و الذادة الحماة و اهل

الذكر و أولي الامر و بقية الله و خيرته و حزبه و عيبة علمه و حجته و صراطه و نوره و برهانه و رحمة الله و بركاته». «اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له كما شهد الله لنفسه و شهدت له ملائكته و أولوا العلم من خلقه لا اله الا هو العزيز الحكيم و أشهد ان محمدا عبده المنتجب و رسوله المرتضي ارسله بالهدي و دين الحق ليظهره علي الدين كله ولو كره المشركون و اشهد انكم الائمة الراشدون المهديون المعصومون المكرمون المقربون المتقون الصادقون المصطفون المطيعون لله القوامون بأمره العاملون بارادته الفائزون بكرامته اصطفاكم بعلمه و ارتضاكم لغيبه و اختاركم لسره و اجتبكم بقدرته و اعزكم بهداه و خصكم ببرهانه و انتجبكم لنوره و أيدكم بروحه و رضيكم خلفاء في ارضه و حججا علي بريته و انصار الدينه و حفظة لسره و خزنة لعلمه و مستودعا لحكمته و تراجمة لوحيه و اركانا لتوحيده و شهداء علي خلقه و اعلاما لعباده و منارا في بلاد و ادلا علي صراطه عصمكم الله من الزلل و آمنكم من الفتن و طهركم من الدنس و أذهب عنكم الرجس و طهركم تطهيرا فعظمتم جلاله و اكبرتم شانه و مجدتم كرمه و ادمتم ذكره و وكدتم مثاقه و أحكمتهم عقد طاعته و نصحتم له في السر و العلانية و دعوتم الي سبيله بالحكمة و الموعظة الحسنة و بذلتم انفسكم في مرضاته و صبرتم في جنبه و أقمتم الصلوة و اتيتم الزكوة و أمرتم بالمعروف و نهيتم عن المنكر و جاهدتم في الله حق جهاده حتي أعلنتم دعوته و بينتم فرائضه و أقمتم حدوده و نشرتم شرايع احكامه

و سننتم سنته وصرتم في ذلك منه الي الرضا و سلمتم له القضاء و صدقتم من رسله من مضي.» [ صفحه 116] و مما مر نستفيد النقاط التالية: أ) الائمة هم الدعاة الي الله و القادة الهداة و السادة و الولاة و هم حزب الله و حجته و برهانه. ب) العناصر الفكرية الاساسية للتشيع. 1- الايمان بالله وحده لا شريك له. 2- محمد عبده المنتخب و رسوله المنتجب. 3- الائمة هم بشر راشدون مهديون معصومون مكرمون. قيمتهم نابغة من تكريم الله لهم. ج) الجانب العملي لحركة الائمة. 1- تعظيم الله و اكبار شانه و تمجيد كرمه. 2- توكيد ميثاقه و احكام عقد طاعته. 3- النصح له بالسر و العلن. 4- الدعوة له بالحكمة و الموعظة الحسنة. 5- التضحية المستمرة في سبيل الله ببذل النفس و الصبر علي المكروه. 6- اقامة الصلاة و ايتاء الزكاة و ممارسة باقي العبادات و الحدود الاسلامية. 7- الحفاظ عل سلامة الشريعة من التحريف 8- التسليم بالقضاء و القدر. 9- التأكيد علي وحدة المسيرة النبوية و تصديق الرسل.

الموالون

و بين الامام انه: أ) هناك صنفان من الناس قسم يوالي اهل البيت فيسير في طريق الهدي و اخر يوالي اعداءهم فيسير في طريق الضلال يقول (ع): «فالراغب عنكم مارق و اللازم لكم لاحق و المقصر في حقكم زاهق و الحق معكم و فيكم و منكم و اليكم و انتم اهله و معدنه و ميراث النبوة عندكم و اياب الخلق اليكم و حسابهم عليكم و فصل الخطاب عندكم و آيات الله لديكم و عزائمه فيكم و نوره و برهانه عندكم و امره اليكم، من و الاكم فقد والي الله و من عاداكم

فقد عاد الله و من أحبكم فقد أحب [ صفحه 117] الله و من ابغضكم فقد ابغض الله و من اعتصم بكم فقد اعتصم بالله و انتم الصراط الأقوم و شهداء دار الفناء و شفعاء دار البقاء و الرحمة الموصولة و الآية المخزونة و الامانة المحفوظة و الباب المبتلي به الناس من أتيكم نجي و من لم يأتكم هلك، الي الله تدعون و عليه تدلون و به تؤمنون و له تسلمون و بأمره تعملون و الي سبيله ترشدون و بقوله تحكمون سعد من والاكم و هلك من عاداكم و خاب من جحدكم و ضل من فارقكم و فاز من تمسك بكم و امن من لجأ اليكم و سلم من صدقكم و هدي من اعتصم بكم من اتبعكم فالجنة مأوية و من خالفكم فلنار مثوية و من جحدكم كافر و من حاربكم مشرك و من رد عليكم في اسفل درك من الجحيم. ب) كما ان الموالي لاهل البيت يعلم قيمتهم الحقيقية عندالله لذلك يقول: «أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضي و جارلكم فيما بقي و ان ارواحكم ونوركم و طينتكم واحدة طابت و طهرت بعضها من بعض خلقكم الله انوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتي من علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن الله ان ترفع و يذكر فيها اسمه و جعل صلواتنا عليكم و ما خصنا به من ولايتكم طيبا لخلقنا و طهارة لأنفسنا و تزكية لنا و كفارة لذنوبنا فكنا عنده مسلمين بفضلكم و معروفين بتصديقنا اياكم. ج) الرغبة في انتشار امرهم و تشعشع فضلهم فلا يبقي خير الا و أضاءه نورهم الشريف. - «فبلغ الله بكم اشرف محل المكرمين و أعلي منازل المقربين و

أرفع درجات المرسلين حيث لا يلحقه لاحق و لا يفوقه فائق و لا يسبقه سابق و لا يطمع في ادراكه طامع حتي لا يبقي ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا صديق و لا شهيد و لا عالم و لا جاهل و لا دني و لا فاضل و لا مؤمن صالح و لا فاجر طالح و لا جبار عنيد و لا شيطان مريد و لا خلق فيما بين ذلك شهيد الا عرفهم جلالة امركم و عظم خطركم و كبر شانكم و تمام نوركم و صدق مقاعدكم و ثبات مقامكم و شرف محلكم و منزلتكم عنده و كرامتكم عليه و خاصتكم لديه و قرب منزلتكم منه.» [ صفحه 118] د) الاقرار الدائم بمعتقدات اهل البيت و العمل بموجبها: «بأبي أنتم و أمي و أهلي و مالي و أسرتي أشهد الله و أشهدكم اني مؤمن بكم و بما آمنتم به كافر بعدوكم و بما كفرتم به متبصر بشأنكم و بضلالة من خالفكم موال لكم و لاوليائكم مبغض لاعدائكم و معاد لهم سلم لمن سالمكم و حرب لمن حاربكم محقق لما حققتم مبطل لما ابطلتم مطيع لكم عارف بحقكم مقر بفضلكم محتمل لعلمكم.» و من مصاديق الايمان بقضية اهل البيت قول الامام: «محتجب بذمتكم و معترف بكم مؤمن بأيابكم مصدق برجعتكم منتظر لأمركم مرتقب لدولتكم آخذ بقولكم عامل بأمركم مستجير بكم زائر لكم عائذ بقبوركم مستشفع الي الله عزوجل بكم متقرب بكم اليه و مقدمكم امام طبلتي و حوائجي و ارادني في كل احوالي و اموري مؤمن بسركم و علانيتكم و شاهدكم و غائبكم و أولكم و آخركم و مفوض في ذلك كله اليكم و مسلم فيه

معكم و قلبي لكم مسلم و رأيي لكم تبع و نصرتي لكم معدة حتي يحيي الله تعالي دينه بكم و يردكم في ايامه و يظهركم لعدله و يمكنكم في ارضه فمعكم معكم لامع غيركم آمنت بكم و توليت آخركم بما توليت به أولكم و برئت الي الله عزوجل من اعدائكم و من الجبت و الطاغوت و الشياطين و حزبهم الظالمين لكم الجاحدين لحقكم و المارقين من ولايتكم الغاصبين لأرثكم الشاكين فيكم المنحرفين عنكم ومن كل وليجة دونكم و كل مطاع سواكم و من الائمة الذين يدعون الي النار فثبتني الله ابدا ما حييت علي موالاتكم و محبتكم و دينكم و وفقني لطاعتكم و رزقني شفاعتكم و جعلني من خيار مواليكم التابعين لما دعوتم اليه و جعلني ممن يقتص آثاركم و يسلك سبيلكم و يهتدي بهديكم و يحشر في زمرتكم و يكر في رجعتكم و يملك في دولتكم و يشرف في عافيتكم و يمكن في ايامكم و تقر عينه غدا برؤيتكم، بأبي انتم و امي و نفسي و اهلي و مالي من اراد الله بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم موالي لا أحصي ثناءكم و لا ابلغ من المدح كنهكم و من الوصف قدركم و انتم نور الاخيار و هداة الابرار و حجج الجبار بكم فتح الله و بكم يختم و بكم ينزل الغيث و بكم يمسك السماء ان تقع علي الارض الا باذنه و بكم ينفس الهم و يكشف الضر و عندكم ما نزلت به رسله و هبطت به ملائكته و الي جدكم - و ان كانت الزيارة لاميرالمؤمنين فعوض و الي جدكم قل و الي اخيك بعث الروح

الامين [ صفحه 119] آتاكم الله ما لم يؤت احدا من العالمين طأطأ كل شريف لشرفكم و بخع كل متكبر لطاعتكم و خضع كل جبار لفضلكم و ذل كل شي ء لكم و اشرقت الارض بنوركم و فاز الفائزون بولايتكم بكم يسلك الي الرضوان و علي من جحد ولايتكم غضب الرحمن بأبي أنتم و أمي و نفسي و أهلي و مالي ذكركم في الذاكرين و اسماؤكم في الأسماء و أجسادكم في الاجساد و أرواحكم في الأرواح و أنفسكم في النفوس و آثاركم في الآثار قبوركم في القبور فما أحلي اسماءكم و أكرم انفسكم و أعظم شأنكم و أجل خطركم و أوفي عهدكم و أصدق وعدكم كلامكم نور و أمركم رشد و وصيتكم التقوي و فعلكم الخير و عادتكم الأحسان و سجيتكم الكرم و شأنكم الحق و الصدق و الرفق و قولكم حكم و حتم و رأيكم علم و حلم و حزم، ان ذكر الخير كنتم اوله و أصله و فرعه و معدنه و مأويه و منتهاه بأبي انتم و أمي و نفسي كيف أصف حسن ثنائكم و احصي جميل بلائكم و بكم أخرجنا الله من الذل و فرج عنا غمرات الكروب و أنقذنا من شفا جرف الهلكات و من النار بأبي أنتم و أمي و نفسي بموالاتكم علمنا الله معالم ديننا و أصلح ما كان فسد من دنيانا و بموالاتكم تمت الكلمة و عظمت النعمة و ائتلفت الفرقة و بموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة و لكم المودة الواجبة و الدرجات الرفيعة و المقام المحمود و المكان المعلوم عندالله عزوجل و الجاه العظيم و الشأن الكبير و الشفاعة المقبولة، ربنا آمنا بما انزلت و اتبعنا الرسول فاكتبنا مع

الشاهدين ربنا لاتزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعولا، يا ولي الله ان بيني و بين الله عزوجل ذنوبا لا يأتي عليها الا رضاكم فبحق من ائتمنكم علي سره و استرعاكم امر خلقه و قرن طاعتكم بطاعته لما استوهبتم ذنوبي و كنتم شفعائي فاني لكم مطيع من أطاعكم فقد أطاع الله و من عصاكم فقد عصي الله و من أحبكم فقد أحب الله و من أبغضكم فقد أبغض الله اللهم اني لووجدت شفعاء اقرب اليك من محمد و أهل بيته الأخيار و الائمة الابرار لجعلتهم شفعائي فبحقهم الذي اوجبت لهم عليك اسألك ان تدخلني في جملة العارفين بهم و بحقهم و في زمرة المرحومين بشفاعتهم انك ارحم الراحمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين و سلم كثيرا و حسبنا الله و نعم الوكيل.» - من هذه الفقرات نحدد النقاط التالية: [ صفحه 120] 1- الايمان بايابهم و قيام دولتهم. 2- زيارة قبورهم. 3- الايمان بالرجعة. 4- الايمان بسرهم و علانيتهم. 5- الاستعداد لنصرة دولتهم لحد التمكين في الارض. 6- البراءة من عدوهم. 7- فرح المؤمن بما رزقه الله علي يد اهل البيت و اعتقاده لهذا المعني. 8- وحدة المسلمين السليمة لاتتم الا تحت لوائهم (ع). 9- الايمان بهم لا يكون عاطفيا بل يكون عن وعي و ادراك و بحث و تمحيص «اللهم اني لو وجدت شفعاء اقرب اليك من محمد و اهل بيته...»

الامام علي بن ابي طالب و يوم الغدير

أ) لقد طرح الامام الهادي (ع) في زيارة اميرالمؤمنين يوم الغدير [198] مفاهيم مهمة تتعلق باميرالمؤمنين و خطه و هي مما ينبغي للرسالي ان يعرفها

و يعيشها. ب) من هو الامام علي (ع). يقول الهادي (ع). «السلام علي محمد رسول الله خاتم النبيين و سيد المرسلين و صفوة رب العالمين امين الله علي وحيه و عزائم امره و الخاتم لما سبق و الفاتح لما استقبل و المهيمن علي ذلك كله و رحمة الله و بركاته و صلواته و تحياته. السلام علي انبياء الله و رسله و ملائكته المقربين و عباده الصالحين السلام عليك يا أميرالمؤمنين و سيد الوصيين و وارث علم النبيين و ولي رب العالمين و مولاي و مولي المؤمنين و رحمة الله و بركاته.» و من هذا القول نعرف من هو الامام علي و كما اراد الله ان يعرفنا به فهو: 1- سيد الوصيين. 2- وارث علم النبين. [ صفحه 121] 3- ولي رب العالمين. 4- مولي المؤمنين و بضمنهم الائمة كما يصرح بذلك الهادي (ع). ج) علاقة الامام (ع) بالله عزوجل: يقول (ع): «السلام عليك يا مولاي يا اميرالمؤمنين يا أمين الله في ارضه و سفيره في خلقه و حجته البالغة علي عباده السلام عليك يا دين الله القويم و صراطه المستقيم السلام عليك ايها النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون و عنه يسألون.» و من هذا القول نعرف انه: 1- امين الله في ارضه. 2- سفيره الي خلقه. 3- حجته البالغة علي عباده. 4- دين الله القويم و صراطه المستقيم. د) علاقة الامام (ع) بالرسول (ص) يقول (ع) «السلام عليك يا سيد المسلمين يعسوب المؤمنين و امام المتقين و قائد الغر المحجلين و وارث علمه و امينه علي شرعه و خليفته في امته و اول من آمن بالله و صدق بما أنزل علي نبيه و اشهد

انه قد بلغ عن الله ما أنزله فيك فصدع بأمره و أوجب علي أمته فرض طاعتك و ولايتك و عقد عليهم البيعة لك و جعلك أولي بالمؤمنين من انفسهم كما جعله الله كذلك ثم أشهد الله تعالي عليهم فقال الست قد بلغت فقالوا اللهم بلي فقال: اللهم اشهد و كفي بك شهيدا و حاكما بين العباد فلعن الله جاحد ولايتك بعد الاقرار و ناكث عهدك بعد الميثاق و اشهد انك وفيت بعهد الله تعالي و ان الله تعالي موف لك بعهده و من اوفي بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجرا عظيما و اشهد انك اميرالمؤمنين الحق الذي نطق بولايتك التنزيل و اخذ لك العهد علي الامة بذلك الرسول.» و من هذا القول نعرف انه: 1- اخو رسول الله. [ صفحه 122] 2- وصي رسول الله. 3- وارث علمه. 4- امينه علي شرعه. 5- خليفته في امته. 6- و قد بلغ الرسول (ص) ما انزل اليه بحق اميرالمؤمنين (ع) فقد: - صرح بامره. - اوجب علي الامة طاعته. - عقد البيعة له. - جعله أولي بالمؤمنين من انفسهم. - أشهد علي ذلك الله امام الالاف المتحشدة. ه) المقارنة بين الامام و غيره من المسلمين: يقول (ع): «السلام عليك يا اميرالمؤمنين آمنت بالله و هم مشركون و صدقت بالحق و هم مكذبون و جاهدت و هم محجمون و عبدت الله مخلصا له الدين صابرا محتسبا حتي اتيك اليقين الا لعنة الله علي الظالمين.» و) تجارة الامام و اهله. و قد باع الامام علي و اخوه و عمه انفسهم لله فاشتراها منهم انزل بحقهم آيه مباركة مدون بها عقد البيع و الشراء. «و اشهد انك و عمك و

اخاك الذين تاجرتم بنفوسكم فأنزل الله فيكم (ان الله اشتري من المؤمنين انفسهم و اموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون وعدا عليه حقا في التورية و الانجيل و القرآن و من أوفي بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به و ذلك هو الفوز العظيم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الامرون بالمعروف و الناهون عن المنكر و الحافظون لحدود الله و بشر المؤمنين).» ز) تقييم الناس من خلال علاقتهم بأميرالمؤمنين (ع). يقول الهادي (ع) «اشهد يا اميرالمؤمنين أن الشاك فيك ما آمن بالرسول الامين و ان العادل بك غيرك عاند عن الدين القويم الذي [ صفحه 123] ارتضاه لنا رب العالمين و أكلمه بولايتك يوم الغدير.» ج) نفسية اميرالمؤمنين في المسيرة الاسلامية: يقول (ع): «و اشهد انك لم تزل للهوي مخالفا و للتقي محالفا و علي كظم الغيظ قادرا و عن الناس عافيا غافرا و اذا عصي الله ساخطا و اذا اطيع الله راضيا و بما عهد اليك عاملا راعيا لما استحفظت حافظا لما استودعت مبلغا ما حملت منتظرا ما وعدت اشهد انك ما تقيت ضارعا و لا أمسكت عن حقك جازعا و لا أحجمت عن مجاهدة غاصبيك ناكلا و لا اظهرت الرضي بخلاف ما يرضي الله مداهنا و لا وهنت لما اصابك في سبيل الله و لا ضعفت و لا استكنت عن طلب حقك مراقبا معاذ الله ان تكون كذلك بل اذ ظلمت احتسبت ربك و فوضت اليه امرك و ذكرتهم فما اذكروا و وعظتهم فما اتعظوا و خوفتهم الله فما تخوفوا و أشهد انك يا اميرالمؤمنين جاهدت في الله حق جهاده حتي دعاك الله الي جواره و

قبضك اليه باختياره و ألزم اعداءك الحجة بقتلهم اياك لتكون الحجة لك عليهم مع مالك من الحجج البالغة علي جميع خلقه.» لقد قل انصار الامام لانه هو الحق و طلاب الحق قليل في كل زمان ولكن مع هذه القلة سار الامام في طريقه مستلهما العزة و النصر من الله. يقول الهادي (ع): «و انت القائل لا تزيدني كثرة الناس حولي عزة و لا تفرقهم عني وحشة ولو أسلمني الناس جميعا لم اكن متضرعا اعتصمت بالله فعززت و اثرت الاخرة علي الاولي فزهدت و أيدك الله و هداك و اخلصك و اجتبيك فما تناقضت افعالك و لا اختلفت اقوالك و لا تقلبت احوالك و لا ادعيت و لا افتريت علي الله كذبا و لا شرهت الي الحطام و لا دنسك الاثام و لم تزل علي بينة من ربك و يقين من امرك تهدي الي الحق و الي صراط مستقيم اشهد شهادة حق و أقسم بالله قسم صدق ان محمدا و آله صلوات الله عليهم سادات الخلق و انك مولاي و مولي المؤمنين و انك عبدالله و وليه و اخو الرسول و وصيه و وارثه و انه القائل لك و الذي بعثني بالحق ما آمن بي من كفر بك و لا أقر بالله من جحدك و قد ضل من صدعنك و لم يهتد الي الله و لا الي من لا يهتدي بك هو قول ربي عزوجل (و اني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدي) الي ولايتك مولاي فضلك [ صفحه 124] لا يخفي و نورك لايطفأ و ان من جحدك الظلوم الاشقي مولاي انت الحجة علي العباد و الهادي الي الرشاد و العدة

للمعاد مولاي لقد رفع الله في الاولي منزلتك و أعلي في الاخرة درجتك و بصرك ما عمي علي من خالفك و حال بينك و بين مواهب الله لك.» ط) اعمال اميرالمؤمنين. لقد اوضح الامام الهادي القانون الذي يتحكم بحياة اميرالمؤمنين او المبادي ء التي تقوم عليها حياته بقوله: السلام عليك يا اميرالمؤمنين عبدت الله مخلصا و اتبعت سنة نبيه و أقمت الصلوة و اتيت الزكوة و امرت بالمعروف و نهيت عن المنكر ما استطعت مبتغيا ما عندالله راغبا فيما وعدالله لا تحفل بالنوائب و لا تهن عند الشدائد و لا تحجم عن محارب.» ان هذه الاسس هي: 1- الاخلاص في العبادة. 2- الاخلاص في سبيل الله و الصبر علي مصائب الطريق. 3- العمل بكتاب الله و سنة نبيه. 4- اقامة شعار الدين كاقامة الصلاة و ايتاء الزكاة و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر. ي) افك من نسب فضائل اميرالمؤمنين لغيره: يقول الهادي (ع) «افك من نسب غير ذلك اليك و افتري باطلا عليك و اولي لمن عند عنك لقد جاهدت في الله حق الجهاد و صبرت علي الاذي صبر احتساب و انت اول من آمن بالله و صلي له و جاهد و ابدي صفحته في دار الشرك و الارض مشحونة ظلالة و الشيطان يعبد جهرة.» لقد عمل المنحرفون علي اضفاء الصفات التي امتاز بها الامام علي (ع) عن غيره و انه من الافك نسب صفات امين الله في ارضه لغيره. فعلي اولئك الذين ذادوا الحق عن اميرالمؤمنين لعنة الله يقول الهادي (ع): «فلعن الله مستحلي الحرمة منك و ذائدي الحق عنك و اشهد انهم الأخسرون الذين تلفح وجوههم النار و هم فيها كالحون.» [ صفحه

125] ك) ذكر الامام في القرآن: و قد تطرق الامام الهادي الي نماذج من الآيات القرآنية الكريمة التي ذكرت مواقف و فضائل اميرالمؤمنين فقال (ع): «و اشهد انك المعني بقول العزيز الرحيم و ان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ضل والله و أضل من اتبع سواك و عند عن الحق من عاداك. «و الذي نطق القرآن بتفضيله قال الله تعالي (و فضل الله المجاهدين علي القاعدين اجرا عظيما درجات منه و مغفرة و رحمة و كان الله غفورا رحيما) و قال الله تعالي (أجعلتم سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله و اليوم الآخر و جاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله و الله لا يهدي القوم الظالين الذين آمنوا و هاجرو و جاهدوا في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم اعظم درجة عندالله و اولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه و رضوان و جنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها ابدا ان الله عنده أجر عظيم) اشهد انك المخصوص بمدحة الله المخلص لطاعة الله لم تبغ بالهدي بدلا و لم تشرك بعبادة ربك احدا و ان الله تعالي استجاب لنبيه صلي الله و عليه و آله فيك دعوته ثم امره باظهار ما اولاك لأمته اعلاء لشأنك و أعلانا لبرهانك و دحضا للأباطيل و قطعا للمعاذير فلما اشفق من فتنة الفاسقين و اتقي فيك المنافقين أوحي اليه رب العالمين (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك و ان لم تفعل فما بلغت رسالته و الله يعصمك من الناس) فوضع علي نفسه اوزار المسير و نهض في رمضاء الهجير فخطب و اسمع و نادي

فأبلغ ثم سألهم اجمع فقال هل بلغت؟ فقالوا اللهم بلي فقال اللهم: اشد ثم قال الست أولي بالمؤمنين من انفسهم؟ فقالوا بلي فأخذ بيدك و قال من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم و ال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله فما آمن بما انزل الله فيك علي نبيه الا قليل و لا زاد اكثرهم غير تخسير و لقد انزل الله تعالي فيك من قبل و هم كارهون يا ايها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف ياتي الله بقوم يحبهم و يحبونه اذلة علي المؤمنين اعزة علي الكافرين يجاهدون في سبيل الله و لا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله واسع عليم انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة [ صفحه 126] و يؤتون الزكاة و هم راكعون و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون ربنا آمنا بما أنزلت و اتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب اللهم انا نعلم ان هذا هو الحق من عندك فالعن من عارضه و استكبر و كذب به و كفر و سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون. السلام عليك يا أميرالمؤمنين و سيد الوصيين و أول العابدين و أزهد الزاهدين و رحمة الله و بركاته و صلواته و تحياته انت مطعم الطعام علي حبه مسكينا و يتيما و أسيرا لوجه الله و لا نزيد منهم جزاء و لا شكورا و أنزل فيك الله تعالي و يؤثرون علي انفسهم ولو

كان بهم خصاصة و من يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون و انت الكاظم للغيظ و العافي عن الناس و الله يحب المحسنين و انت الصابر في البأساء و الضراء و حيت البأس و انت القاسم بالسوية و العادل في الرعية و العالم بحدود الله من جميع البرية و الله تعالي أخبر عما أولاك من فضله بقوله أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون اما الذين امنوا و عملوا الصالحات فلهم جنات المأوي نزلا بما كانوا يعملون و انت المخصوص بعلم التنزيل و حكم التأويل و نص الرسول. لا تأخذك في الله لومة لائم في مدح الله تعالي لك غني عن مدح المادحين و تقريظ الواصفين قال الله تعالي «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا» و لما رايت ان قتلت الناكثين و القاسطين و المارقين.» ل) ثقة الامام بمسيرته: لقد سار الامام بطريق الجهاد و كله ثقة بحقه و صدق دعوته يصف الامام الهادي (ع) هذه الحالة فيقول (ع): «و أشهد أنك ما أقدمت و لا أحجمت و لا نطقت و لا أمسكت الا بأمر من الله و رسوله قلت و الذي نفسي بيده لقد نظر الي رسول الله صلي الله عليه و آله اضرب بالسيف قدما فقال يا علي انت مني بمنزلة هارون من موسي الا انه لا نبي بعدي و اعلمك ان موتك و حيوتك معي و علي سنتي فوالله ما كذبت و لا كذبت و لا ضللت و لا ضل بي و لا نسيت ماعهد الي ربي و اني لعلي بينة من ربي بينها لنبيه و بينها

النبي لي و اني لعلي الطريق الواضح الفظه لفظا، صدقت والله و قلت الحق فلعن الله من [ صفحه 127] ساواك بمن ناواك والله جل اسمه يقول هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون فلعن الله من عدل بك من فرض الله عليه ولايتك و انت ولي الله و اخو رسوله و الذاب عن دينه.» و من هذه الكلمة نعرف التلاحم و الترابط التام بين الرسول و الامام فهو منه بمنزلة هارون من موسي الا انه لانبي بعده و كفي بهذه الكلمة تأييدا علي تلاحم الامام بالرسول. م) الامام (ع) و حروب الرسول (ص) و قد بين الامام (ع) دور الامام علي (ع) في حروب رسول الله و كيف كان السباق الي سوح الجهاد في يوم بدر و الاحزاب و غيرها... «و لك المواقف المشهودة و المقامات المشهورة و الأيام المذكورة يوم بدر و يوم الاحزاب اذ زاغت الأبصار و بلغت القلوب الحناجر و تظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون و زلزلوا زلزالا شديدا و اذ يقول المنافقون و الذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله و رسوله الا غرورا و اذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا و يستأذن فريق منهم النبي يقولون ان بيوتنا عورة و ما هي بعورة ان يريدون الا فرارا و قال الله تعالي و لما رأي المؤمنون الاحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله و رسوله و صدق الله و رسوله و ما زادهم الا ايمانا و تسليما فقتلت مرهم و هزمت جمعهم ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا و كفي الله المؤمنين القتال و كان الله قويا عزيزا، و يوم أحد اذ

يصعدون و لا يلوون علي احد و الرسول يدعوهم في اخريهم و انت تذود بهم المشركين عن النبي ذات اليمين و ذات الشمال حتي ردهم الله تعالي عنكما خائفين و نصر بك الخاذلين و يوم حنين علي ما نطق به التنزيل اذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم انزل الله سكينته علي رسوله و علي المؤمنين و المؤمنون انت و من يليك و عمك العباس ينادي المنهزمين يا أصحاب سورة البقرة يا أهل بيعة الشجرة حتي استجاب له قوم كفيتهم المؤونة و تكفلت دونهم المعونة فعادوا آيسين من المثوبة راجين وعد الله تعالي بالتوبة و ذلك قول الله جل ذكره ثم يتوب الله من بعد ذلك علي من يشاء و انت حائز درجة الصبر فائز بعظيم الأجر و يوم خيبر اذ أظهر الله خور [ صفحه 128] المنافقين و قطع دابر الكافرين و الحمدلله رب العالمين و لقد كانوا عاهدوا الله من قبل لايولون الأدبار و كان عهد الله مسؤولا مولاي انت الحجة البالغة و المحجة الواضحة و النعمة السابغة و البرهان المنير فهنيئا لك بما آتيك الله من فضل و تبا لشانئك ذي الجهل شهدت مع النبي صلي الله عليه و آله جميع حروبه و مغازيه تحمل الراية امامه و تضرب بالسيف قدامه ثم لحزمك المشهور و بصيرتك في الامور أمرك في المواطن و لم يكن عليك امير.» ن) سنة الامام في الحرب مع اعدائه: يقول الامام الهادي (ع) «و كم من امر صدك عن امضاء عزمك فيه التقي و اتبع غيرك في مثله الهوي فظن الجاهلون انك عجزت عما اليه انتهي ضل و

الله الظان لذلك و ما اهتدي و لقد اوضحت ما أشكل من ذلك لمن توهم و امتري بقولك صلي الله عليك قد يري الحول القلب وجه الحيلة و دونها حاجز من تقوي الله فيدعها رأي العين و ينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين صدقت و خسر المبطلون، و اذ ما كرك الناكثان فقالا نريد العمرة فقلت لهما لعمركما ما تريد ان العمرة لكن تريد ان الغدرة فأخذت البيعة عليهما و جددت الميثاق فجدا في النفاق فلما نبهتهما علي فعلهما أغفلا و عادا و ما انتفعا و كان عاقبة امرهما خسرا، ثم تلاهما اهل الشام فسرت اليهم بعد الاعذار و هم لا يدينون دين الحق و لا يتدبرون القرآن همج رعاع ضالون و بالذي أنزل علي محمد فيك كافرون و لأهل الخلاف عليك ناصرون و قد امر الله تعالي باتباعك و ندب المؤمنين الي نصرك و قال عزوحل يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين مولاي بك ظهر الحق و قد نبذه الخلق اوضحت السنن بعد الدروس و الطمس فلك سابقة الجهاد علي تصديق التنزيل ولك فضيلة الجهاد علي تحقيق التأويل و عدوك و عدو الله جاحد لرسول الله يدعي باطلا و يحكم جائرا و يتأمر غاصبا و يدعو حزبه الي النار و عمار يجاهدو ينادي بين الصفين الرواح الرواح الي الجنة و لما استسقي فسقي اللبن كبر و قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه و آله و آخر شرابك من الدنيا ضياح من لبن تقتلك الفئة الباغية فاعترضه ابوالعادية الفزاري فقتله فعلي ابي العادية لعنة الله و لعنة ملائكته و رسله [ صفحه 129] اجمعين و علي من

سل سيفه عليك و سللت عليه يا اميرالمؤمنين من المشركين و المنافقين الي يوم الدين و علي من رضي بما ساءك و لم يكرهه و أغمض عينه و لم ينكر أو اعان عليك بيد او لسان او قعد عن نصرك او خذل عن الجهاد معك او غمط فضلك و جحد حقك او عدل بك من جعلك الله اولي به من نفسه، ثم محنتك يوم صفين و قد رفعت المصاحف حيلة و مكرا فأعرض الشك و عرف الحق و اتبع الظن اشبهت محنة هرون اذ أمره موسي علي قومه فتفرقوا عنه و هرون ينادي بهم و يقول يا قوم انما فتنتم به و ان ربكم الرحمن فاتبعوني و أطيعوا أمري قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتي يرجع الينا موسي و كذلك انت لما رفعت المصاحف قلت يا قوم انما فتنتم بها و خدعتم فعصوك و خالفوا عليك و استدعوا نصب الحكمين فأبيت عليهم و تبرأت الي الله من فعلهم و فوضته اليهم فلما أسفر الحق و سفه المنكر و اعترفوا بالزلل و الجور عن القصد اختلفوا من بعده و الزموك علي سفه التحكيم الذي ابيته و أحبوه و حظرته و اباحوا ذنبهم الذي اقترفوه و انت علي نهج بصيرة و هدي و هم علي سنن ضلالة و عمي فما زالوا علي النفاق مصرين و في الغي مترددين حتي أذاقهم الله و بال أمرهم فأمات بسيفك من عاندك فشقي و هوي و احيي بحجتك من سعد فهدي صلوات الله عليك غادية و رائحة و عاكفة و ذاهبة فما يحيط المادح وصفك و لا يحبط الطاعن فضلك انت احسن الخلق عبادة و اخلصهم زهادة و أذبهم عن الدين

اقمت حدود الله بجهدك و فللت عساكر المارقين بسيفك تخمد لهب الحروب ببنانك و تهتك ستور الشبه ببيانك و تكشف لبس الباطل عن صريح الحق.» س) صيغ غير مباشرة في حرب الامام: و قد لجأ الاعداء الي صيغ غير مباشرة لحرب اميرالمؤمنين يقول الهادي (ع): «صلوات الله عليك و رحمة الله و بركاته و سلامه و تحياته و علي الائمة من الك الطاهرين انه حميد مجيد و الامر الاعجب و الخطب الافظع بعد جحدك حقك غصب الصديقة الطاهرة الزهراء سيدة النساء فدكا ورد شهادتك و شهادة السيدين سلالتك عترة المصطفي صلي الله عليكم و قد أعلي الله تعالي علي الامة درجتكم و رفع منزلتكم و أبان [ صفحه 130] فضلكم و شرفكم علي العالمين فأذهب عنكم الرجس و طهركم تطهيرا قال الله عزوجل ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا و اذا مسه الخير منوعا الا المصلين فاسثني الله تعالي نبيه المصطفي و انت يا سيد الاوصياء من جميع الخلق فما أعمه من ظلمك عن الحق ثم افرضوك سهم ذوي القربي مكرا و احادوه عن اهله جورا فلما آل الأمر اليك اجريتهم علي ما أجريا رغبة عنهما بما عندالله لك فأشبهت محنتك بهما محن الانبياء عليهم السلام عند الوحدة و عدم الانصار و اشبهت في البيات علي الفراش الذبيح عليه السلام اذ اجبت كما اجاب و اطعت كما اطاع اسمعيل صابرا اذ قال له يا بني اني اري في المنام اني اذبحك فانظر ماذا تري قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين و كذلك انت لما أباتك النبي صلي الله عليه و آله و أمرك ان تضجع في مرقده واقيا له

بنفسك أسرعت الي اجابته مطيعا و لنفسك علي القتل موطنا فشكر الله تعالي طاعتك و أبان عن جميل فعلك بقوله جل ذكره و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله.» و من هذه الاساليب: 1- غصب الصديقة الطاهرة الزهراء فدكا. 2- رد شهادته بخصوص فدك. 3- قتل ولديه الحسنين انتقاما منه. 4- منع سهم ذوي القربي عنه و لم يستطع اعادته عندما آل الحكم اليه لرسوخ سنة المنافقين و قلة المناصرين. ص) نهايته (ع). و قد اعلم الرسول اميرالمؤمنين بمصيره و هو القتل و الي هذا يشير الامام الهادي (ع) فيقول: «و صدقك رسول الله صلي الله عليه و آله وعده فأوفيت بعهده قلت اما آن ان تخضب هذه من هذه أم متي يبعث اشقاها و اثقا بأنك علي بينة من ربك و بصيرة من امرك قادم علي الله مستبشر ببيعك الذي بايعته به و ذلك هو الفوز العظيم.» ق) نهج المؤمنين في مخالفة اعداء اميرالمؤمنين. و قد بين الامام الهادي اصناف المعادين لاميرالمؤمنين و لعنهم [ صفحه 131] بقوله: «اللهم العن قتلة انبيائك و اوصياء انبيائك بجميع لعناتك و اصلهم حر نارك و العن من غصب وليك حقة و أنكر عهده و جحده بعد اليقين و الاقرار بالولاية له يوم اكملت له الدين اللهم العن قتلة اميرالمؤمنين و من ظلمه و اتباعهم و انصارهم اللهم العن ظالمي الحسين و قاتليه و المتابعين عدوه و ناصريه و الراضين بقتله و خاذليه لعنا و بيلا اللهم ألعن اول ظالم ظلم آن محمد و ما نعيهم حقوقهم اللهم خص اول ظالم و غاصب لآل محمد باللعن و كل مستن بما سن الي يوم القيمة اللهم صل علي

محمد و ال محمد خاتم النبيين و علي علي سيد الوصيين و آله الطاهرين و اجعلنا بهم متمسكين و بولايتهم من الفائزين الآمنين الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون.»

الزيارة تعبير عن التلاحم بين القاعدة و القيادة

اشاره

الزيارة من الممارسات العبادية التي ركز الائمة عليها و المتتبع لتراثهم يشخص هذه الحقيقة بوضوح تام لا لبس فيه. و قد سار الهادي (ع) علي المنهاج نفسه فترك لنا تراثا غنيا في هذا المجال. و سندرس دور الامام الهادي في تعميق المفاهيم و الخط من خلال الزيارات:

الحث علي زيارة الائمة

لقد حث الامام علي الزيارة مع تركيز علي زيارة الحسين (ع) فقد روي عن الصدوق ان «ابراهيم بن عقبة قال كتبت الي الامام علي النقي (ع) عن زيارة الحسين عليه السلام و زيارة الامام موسي بن جعفر و الامام محمد النقي عليهماالسلام اي اسأله عن أيهما افضل فكتب الي ابوعبدالله (ع) المقدم و زيارتهما اجمع و اعظم اجرا. [199] . قال عليه السلام: ان لله بقاعا يحب ان يدعي فيها فيستجيب لمن دعاه و الحير منها. [200] . و الحير هو الحائر الحسيني. لقد علم الامام مواليه و انصاره صيغا لزيارة الائمة فقد روي عنه [ صفحه 132] مايلي: 1- الزيارة الجامعة الكبري و هي عامة و شاملة لجميع الائمة (ع) 2- الزيارة التي زار بها الامام جده اميرالمؤمنين يوم الغدير و هي طويلة. 3- زيارة مختصرة لاميرالمؤمنين. 4- زيارة مختصرة للحسين الشهيد. 5- زيارة مختصرة للكاظمين. و قد اراد الامام ان يربط بين المؤمنين و بين آل محمد عن طريق زيارتهم فحث علي زيارة المخلصين من آل محمد في الاماكن التي لم يدفن بها امام معصوم فقد حث اهل الري علي زيارة عبدالعظيم الحسني و عادلها بزيارة الحسين (ع) بالنسبة لاهل الري. [201] .

صيغة الزيارة

و لم يكتف الامام باعداد هذه الزيارات المفيدة بل حدد صيغا لكيفية الزيارة تربط الانسان بالله ربطا عميقا. «روي الصدوق ايضا في الفقيه و العيون عن موسي بن عبدالله النجفي انه قال للامام علي النقي عليه السلام علمني يا ابن رسول الله (ص) قولا اقوله بليغا كاملا اذا زرت واحدا منكم فقال اذا صرت الي الباب فقف و اشهد الشهادتين اي قل اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له و

اشهد ان محمدا صلي الله عليه و آله عبده و رسوله و انت علي غسل فاذا دخلت و رأيت القبر فقف و قل الله اكبر ثلاثين مرة ثم امش قليلا و عليك السكينة و الوقار و قارب بين خطاك ثم قف و كبر الله عزوجل ثلاثين مرد ثم ادن من القبر و كبر الله اربعين مرة تمام مائة تكبيرة.»

الزيارة في ظروف الارهاب

اشاره

لقد عاني الشيعة زمن لمتوكل الوانا من الخسف و الارهاب و القتل و السجن ولكن و مع كل هذه الظروف القاسية استمر الامام بالحث علي الزيارة. و قد وجدنا في تراث الامام زيارات مختصرة نعتقد ان سبب اختصارها كونها معدة لتلك الظروف التي لا تحتمل ان يطيل المؤمن مكوثه قريبا من قبر الامام. و قد مر معنا في فصل سابق [ صفحه 133] ما فعله المتوكل بقبر الحسين و كيف وضع المسالح علي الطريق لمطاردة الزوار. و هذه نماذج من الزيارات: -

زيارة اميرالمؤمنين

«روي الكليني عن ابي الحسن الثالث الامام علي بن محمد النقي (ع) قال: تقول عند قبر اميرالمؤمنين (ع) السلام عليك يا ولي الله انت اول مظلوم و اول من غصب حقه صبرت و احتسبت حتي اتاك اليقين فاشهد انك لقيت الله و انت شهيد عذب الله قاتلك بأنواع العذاب و جدد عليه العذاب جئتك عارفا بحقك مستبصرا بشأنك معاديا لأعدائك و من ظلمك القي علي ذلك ربي ان شاء الله يا ولي ان لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي الي ربك فان لك عندالله مقاما و ان لك عندالله جاها و شفاعة و قد قال الله تعالي و لا يشفعون الالمن ارتضي.» [202] .

زيارة الحسين

«روي الكليني عن الامام علي النقي (ع) قال تقول عند الحسين (ع): السلام عليك يا أباعبدالله السلام عليك يا حجة الله في ارضه و شاهده علي خلقه السلام عليك يابن رسول الله السلام عليك يابن علي المرتضي السلام عليك يابن فاطمة الزهراء اشهد انك قد اقمت الصلوة و اتيت الزكوة و امرت بالمعروف و نهيت عن المنكر و جاهدت في سبيل الله حتي اتاك اليقين فصلي الله عليك حيا و ميتا.» ثم تضع خدك الأيمن علي القبر و تقول «اشهد انك علي بينة من ربك جئت مقرا بالذنوب لتشفع لي عند ربك يابن رسول الله.» [203] .

زيارة الكاظمين

«روي الشيخ الجليل جعفر بن محمد بن قولوية القمي في كتاب كامل الزيارة عن الامام علي النقي (ع) قال: في زيارة كل من الامامين: السلام عليك يا من بد الله في شانه أتيتك زائرا عارفا بحقك معاديا لاعدائك مواليا لاوليائك فاشفع لي عند ربك يا مولاي» [204] . [ صفحه 134] و قد ذهب الي ما ذهبنا اليه بخصوص هذه الزيارات الحجة الشيخ عباس القمي فقال «اقول كان عصر صدور هذه الزيارات عصر التقية الشديدة و لاجل ذلك كان المعصومون عليهم السلام يعلمون الشيعة زيارات قصيرة صيانه لهم عن طاغية الزمان.» [205] .

تعين القبور

و قد دأب الاعداء علي تشكيل الامة المؤمنة بالبديهيات و مثال ذلك تشكيكهم بموضع قبر اميرالمؤمنين (ع) و قد وقف الائمة أمام هذه المحاولات فرسخوا الحق و ثبتوا الواقع. و قد شارك الامام الهادي (ع) في تثبيت موضع قبر جده اميرالمؤمنين كباقي الائمة لجعل الموضوع بديهية لا يرقي اليها شك [206] .

الدعوة الي الامام الذي يأتي بعده

ان الدعوة الي الامام القادم عمل اساس في مسيرة الائمة لذلك حرص الرسول (ص) الاعظم علي تثبيت الوصي الذي من بعده و هكذا استمر الائمة امام بعد امام و هذا شأن امامنا الهادي (ع) فقد نص علي الامام الحسن العسكري (ع) لتوضيح معالم المسيرة و القيادة الشرعية. بعض النصوص الدالة علي امامة ابي محمد العسكري (ع). 1- النص الاول: عن علي بن عمر النوفلي قال: كنت مع ابي الحسن (ع) في صحن داره فمر بنا محمد ابنه، فقلت: جعلت فداك هذا صاحبنا بعدك؟ فقال لا، صاحبكم بعدي ابني الحسن. 2- النص الثاني: عن علي بن جعفر قال: كنت حاضرا حين توفي ابوالحسن (ع) دعا ابنه الحسن فقال يابني احدث لله شكرا فقد احدث فيك امرا. 3- النص الثالث: عن عبدالله بن مروان الانباري قال: كنت حاضرا عند مضي ابي جعفر محمد بن علي فجاء ابوالحسن فوضع له كرسي فجلس عليه و حوله اهل بيته و ابومحمد ابنه قائم بناحيته فلما فرغ من امر أبي جعفر [ صفحه 135] التفت الي ابي محمد (ع) فقال يا بني احدث لله شكرا فقد احدث فيك امرا. 4- النص الرابع: عن علي بن عمرو العطار قال: دخلت علي ابي الحسن و ابوجعفر ابنه - اعني محمدا - في الاحياء و انا اظنه هو القائم من بعده فقلت له: جعلت فداك من اخص

من ولدك؟ فقال: لا تخصوا احدا حتي يخرج اليكم امري؟ قال: فكتب الي في الاكبر من ولدي، قال: و كان ابومحمد اكبر من جعفر. 5- النص الخامس: عن سعد بن عبدالله، عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن بن الحسن الافطس انهم حضروا يوم توفي محمد بن علي بن محمد دار أبي الحسن (ع) ليعزوه و قد بسط له في صحن داره و الناس جلوس حوله قالوا: فقدرنا ان يكون حوله يومئذ من آل ابي طالب و سائر بني هاشم و بني عباس مائة و خمسون رجلا سوي مواليه و سائر الناس اذ نظر الي الحسن بن علي ابنه فقد جاء مشقوق الجيب حتي قام عن يمينه و نحن لا نعرفه فنظر اليه ابوالحسن عليه السلام ساعة، ثم قال: يا بني احدث لله شكرا فقد احدث فيك امرا، فبكي الفتي و استرجع و قال: الحمدلله رب العالمين و قدرنا ان له في ذلك الوقت عشرين سنة، فيومئذ عرفناه و علمنا انه قد اشار اليه بالامامة و اقام مقامه. 6- النص السادس: و بهذا الاسناد، عن اسحاق بن محمد، بن يحيي، عن ابي بكر الفهفكي قال: كتب الي ابوالحسن عليه السلام ابومحمد ابني اصح آل محمد غريزة و اوثقهم حجة و هو الاكبر من ولدي و هو الخلف، و اليه ينتهي عري الامامة و احكامها و ما كنت سائلي عنه فسله عنه، فعنده ما تحتاج اليه و معه آلة الامامة.

التبشير بالامام المهدي

ان تبشير كل امام بالقائم من آل محمد عمل مركزي يشترك به جميع الائمة (ع) يسبقهم في ذلك جدهم رسول الله (ص) و قد بين [ صفحه 136] الامام الهادي هوية الامام المهدي القائم و انه حفيده ابن الحسن العسكري. و فيما يلي من

الروايات تبيان للمقصود: النص الاول: «روي علي بن ابراهيم عن عبد (الله) احمد الموصلي عن الصقر ابن ابي دلف قال: لما حمل المتوكل سيدنا ابي الحسن جئت اسأل عن خبره قال فنظر الي حاجب المتوكل فأصر ان ادخل اليه فادخلت فقال: يا صقر مأشانك فقلت: خيرا ايها الاستاذ قال: اقعد قال الصقر: و اخذ بي ما تقدم و ما تاخر و قلت: اخطأت في المجي ء و قال: فنحوا الناس عنه ثم قال ما شأنك و فيم جئت لعلك جئت تسأل خبر مولاك فقلت له و من مولاي مولاي اميرالمؤمنين فقال: اسكت مولاك هو الحق فلا تحتشني فاني علي مذهبك فقلت: الحمدلله فقال: تحب ان تراه فقلت نعم فقال اجلس حتي يخرج صاحب البريد قال: فلما خرج قال لغلام له: خذ بيد الصقر فأدخله الي الحجرة التي فيها العلوي المحبوس و دخل بينه و بينه قال فأدخلني الحجرة و أومأ الي بيت فدخلت فاذا هو جالس علي صدر حصير و بحذاه قبر محفور قال: فسلمت فرد ثم امرني بالجلوس فجلست ثم قال لي: يا صقر ما أتي بك قلت: يا سيدي جئت أتعرف خبرك قال: ثم نظرت الي القبر فبكيت فنظر الي ثم قال: يا صقر لا عليك لن يصلوا الينا بسوء فقلت: الحمدلله: ثم قلت: يا سيدي حديث يروي عن النبي لا ادري معناه قال و ما هو قلت قوله: «لا تعادوا الايام فتعاديكم» ما معناه فقال: نعم الايام نحن ما قامت السماوات و الارض فالسبت اسم رسول الله صلي الله عليه و آله و الاحد اميرالمؤمنين و الاثنين الحسن و الحسين و الثلاثاء علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و الاربعاء

موسي بن جعفر و علي بن موسي و محمد بن علي و انا و الخميس ابني الحسن و الجمعة ابن ابني اليه يجتمع عصابة الحق و هو الذي يملؤها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما فهذا معني الايام فلا تعادوهم فيعادوكم في الاخرة ثم قال: ودع و اخرج فلا آمن عليك.» [207] . النص الثاني: و بهذا الاستناد عن الصقر بن ابي دلف قال: سمعت علي بن [ صفحه 137] محمد بن علي الرضا عليهم السلام يقول: الامام بعدي الحسن ابني و بعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الارض قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما.» [208] . النص الثالث: «روي علي بن ابرهيم عن ابيه عن علي بن صدقة عن علي بن عبدالغفار قال: لما مات ابوجعفر الثاني كتبت الشيعة الي ابي الحسن صاحب العسكر يسألونه عن الاخر فكتب (ع): الامر بي مادمت حيا فاذا نزلت بي مقادير الله تبارك و تعالي اتاكم الخلف مني فاني لكم بالخلف من بعد الخلف. و روي اسحاق بن محمد بن ايوب قال: سمعت اباالحسن علي بن محمد (ع) يقول: صاحب هذا الامر من يقول الناس لم يولد بعد.» [209] .

الرد علي الشبهات الفلسفية (رسالة الامام في الجبر و التفويض)

ان الرد علي الشبهات الفلسفية و الانحرافات الفكرية من المجالات المهمة لعمل الائمة و قد ابتلي العالم الاسلامي بظهور طبقة من المتفلسفين الذين يحاولون زعزعة الامة بأفكارها الاسلامية و قد تصدي الائمة (ع) للرد علي هذه الشبهات و للامام الهادي (ع) رد علي شبهة الجبر و التفويض. في رسالة طويلة و مركزة افتتحها بقوله: من علي بن محمد، سلام عليكم و علي من اتبع الهدي و رحمة الله و بركاته، فانه ورد علي كتابكم و فهمت

ماكتبتم من اختلافكم في دينكم و خوضكم في القدر و مقالة من يقول منكم بالجبر و من يقول بالتفويض و تفرقكم في ذلك و تقاطعكم و م اظهر من العداوة بينكم، ثم سألتموني عنه و بيانه لكم و فهمت ذلك كله. [210] . و قد تعرض الامام عليه السلام فيها الي مفاهيم عميقة تدخل في فهم قضية الجبر و التفويض و بعد الاحالة علي قراءة هذه الرسالة المهمة (انظر ملحق هذا الكتاب) تثبت النقاط التالية حولها: - أ) لوجود اختلافات فكرية بين اتباع الامام في موضع الجبر و التفويض نتيجة لرواج الفكر الفلسفي آنذاك. كتبوا الي الامام الهادي (ع) يشرحون له حالهم و يطلبون منه تبيان النظرة الصحيحة [ صفحه 138] في الموضوع. ب) منهج الامام في الرد علي المستفسرين. وضع الامام (ع) مقدمات قبل الرد علي مسألة الجبر و التفويض و هذه المقدمات: 1- القاعدة الاولي: «ان الامور لاتخلو من معنيين اما حق فيتبع او باطل فيجتنب» 2- القاعدة الثانية: «اجتمعت الامة علي ان القرآن حق لاريب فيه» 3- القاعدة الثالثة: «اذا شهد القرآن بتصديق خبر و تأكيده و أنكر الخبر طائفة من الأمة لزمهم الأقرار به ضرورة حيث اجتمعت في الاصل علي تصديق الكتاب» 4- القاعدة الرابعة: بعد ذلك يضع الامام قاعدة اخري مفادها: «الاخذ عن اهل البيت لأنهم معدن العلم و الحكمة و عندهم الاجابة علي المهمات» وضع الامام هذه المقدمات كمدخل لمناقشة قضية الجبر و التفويض علي اسس ثابته قويمة. ج) الاجابة: يعتمد الامام الهادي (ع) علي كلمة مختصرة للامام الصادق (ع) بخصوص الموضوع فيستفيض بشرحها فيقدم للمسلمين خير بحث في الجبر و التفويض. و يبين الامام ان هناك ثلاثة اتجاهات في

التعامل مع المسألة هي: 1- القول بالجبر. 2- القول بالتفويض. [ صفحه 139] 3- القول بالمنزلة بين المنزلتين لاجبر و لا تفويض بل أمر بين أمرين و هذه المدرسة هي مدرسة أهل البيت و قد أقام الامام الهادي الأدلة علي هذه النظرة. 4- العناصر التي تقوم فكرة المنزلة بين المنزلتين و هي خمسة نثبتها ادناه: أ) صحة الخلق: كمال الخلق للانسان و كمال الحواس و ثبات العقل و التمييز و اطلاق اللسان بالنطق. ب) تخلية السرب: عدم وجود الرقيب عليه يمنعه او يجبره علي عمل و الا فهو في حل من امره. ج) المهلة في الوقت: العمر و هو من حد ما تجب عليه المعرفة الي اجل الوقت اي من وقت تمييزه و بلوغ الحلم الي ان يأتيه الأجل. د) الزاد و الراحة: هو الجدة و البلغة التي يستعين بها العبد علي ما امره الله به. ه) السبب المهيج للفاعل علي فعله: و هو النية التي هي داعية الانسان الي جميع الافعال و حاستها القلب فمن فعل فعلا لم يعقد قلبه عليه لم يقبل الله منه عملا الا بصدق النية.

التشيع و التصوف الكاذب

في رواية ابن حمزة و السيد المرتضي عن الشيخ المفيد باسناده عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب انه قال: كنت مع الهادي علي بن محمد (ع) في مسجد المدينة فأتاه جماعة من أصحابه منهم ابوهاشم الجعفري و كان رجلا بليغا و كانت له منزلة عظيمة عنده ثم دخل المسجد جماعد من الصوفية و جلسوا في جانبه حلقة مستديرة ثم اخذوا بالتهليل فقال (ع): لا تلتفتوا الي هؤلاء الخداعين، فانهم خلفاء الشياطين و مخربوا قواعد الدين، يتزهدون لراحة الاجسام، و يتهجدون لتقييد الانام و يتجوعون عمرا

حتي يذبحوا للايكاف حمرا لا يهللون الا لغرور الناس و لا يقللون الغذاء الا للالتباس و الاختلاف اورادهم الرقص و التصدية و اذكارهم الترنم و تغتية فلا يتبعهم الا السفهاء لا يعتقد بهم الا الحمقاء فمن ذهب الي زيارة واحد منهم حيا أو ميتا فكأنما ذهب [ صفحه 140] الي زيارة الشيطان و عبادة الاوثان و من اعان احدا منهم فكأنما اعان يزيد و معاوية و أباسفيان. فقال رجل من اصحابه: من كان معترفا بحقوقكم؟ قال: فنظر اليه شبه المغضب و قال (ع): دع ذا من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا. اما تدري ان اخس الطوائف الصوفية و الصوفية كلهم من مخالفينا و طريقتهم مغايرة لطريقتنا و ان هم الا نصاري و مجوس هذه الامة اولئك الذين يجهدون في اطفاء نور الله و الله متم نوره ولو كره الكافرون.» [211] . دأب بعض المسلمين علي اتخاذ طقوس و اعمال لا تلتقي مع روح الاسلام المشرقة و عبادته المربية فلجؤا الي دق الدفوف وهز الرؤوس و الاجسام و التكلم بمبهم الكلام من التمتمات و الهمسات و النفخات و الهلوسات و اطلقوا علي انفسهم الصوفية المأخوذ من لبس الصوف المشير الي الزهد و الابتعاد عن سفاسف الدنيا الزائلة يعلم بابتعاد مثل اولئك عن الزهد اما من زهد حقا و لبس الصوف و دعا وقام لله ساجدا و قاعدا و ذكره بلسانه فارتعشت فرائصه و اهتزت جوارحه و دمعت عينه فذلك حبيب للائمة منار للأمة سر من اسرار الله و نور من انوار الايمان. لذلك ففي كلمة الامام تحديد لموقف التشيع من التظاهر بالتصوف و ابطان حب الدنيا. لقد حدد الامام النقاط التالية: 1- عدم اعطاء الاهمية

و الاحترام للمرائين من ادعياء التصوف. 2- ان هؤلاء القوم من حزب الشيطان و دورهم تخريب الدين 3- اسباب مظاهر زهدهم. أ) اظهار الزهد لراحة الاجسام و الهرب من الجهاد ب) اظهار التهجد لكسب قلوب الناس. ج) اظهار الجوع لكسب التخمة في المستقبل. د) اعمالهم الغناء و الرقص و هي امور محرمة. 4- اتباعهم السفهاء و الحمقي. 5- عدم زيارة ائمتهم احياء و امواتا لانها كزيارة [ صفحه 141] الشيطان و عبادة الاوثان. 6- عدم مساعدتهم فانها كمساعدة الامويين امثال معاوية و يزيد و ابي سفيان 7- شبه قد يدعي الصوفي الكاذب الذي حدد الامام صفاته محبة اهل البيت فهل يعتبر مثل هذا الرجل مؤمنا و لا يدخل ضمن المنحرفين ان جواب الامام في هذا الخصوص يتحدد بأن من عرف حقوق اهل البيت لايتجه الي عقوقهم بمخالفة الشرع و قد خالف الصوفية الشرع فلا يعتبر ادعاؤهم.

حول علم الائمة

لقد بين الامام الهادي (ع) علم الائمة في بعض احاديثه ليبين المصدر الذي يؤخذ منه العلم الالهي الصحيح. يقول علي بن محمد النوفلي عن الامام الهادي (ع) «سمعته يقول: اسم الله الاعظم ثلاثة و سبعون حرفا و انما كان عند آصف منه حرف واحد تكلم به فانخرقت له الارض فيما بينه و بين سبأ فتناول عرش بلقيس حتي صيره الي سليمان ثم بسطت له الارض في اقل من طرفة عين و عندنا منه اثنان و سبعون حرفا و حرف عندالله جل و عز استأثر به في علم الغيب [212] . [ صفحه 145]

عمل الامام من خلال نشاطات اصحابه

اشاره

ان الكثير من ملامح عمل الامام تنكشف من خلال أنشطة اتباعه المعتمدين و تتعمق هذه المقولة بمقدار اشتداد الظروف الداعية للسرية في عمل الامام. و في هذا الفصل سنتناول جوانب من نشاطات اصحاب الامام الهادي (ع) علنا نستطيع القاء ضوء علي جزء من المسيرة في عهد الامام علي الهادي (ع). و في دراسة هذا الجانب سنتبع النهج التالي: 1) يشترك بعض اصحاب الامام الهادي (ع) بالصحبة للامام الجواد في مثل هذه الحالة سنكتفي بالاشارة السريعة لاسم هذا الصاحب مع ذكر ماقام به في فترة الامام الهادي ان استطعنا. 2) اما الاصحاب في فترة الامام الهادي (ع) او الذين لهم نشاط متميز في هذه الفترة فسينظر لهم بالصيغة التالية: أ- ذكر المعلومات الشخصية العامة. ب) ذكر النشاطات التي قام بها ذلك الصاحب: الحركية منها او الفكرية ان استطعنا.

السيد عبدالعظيم الحسني

هو السيد الجليل عبدالعظيم بن عبدالله بن علي بن الحسن بن زيد أبن الحسن السبط بن علي بن ابي طالب كانت له منزلة رفيعة عند الامام الهادي (ع) فقد روي عمن دخل علي الامام الهادي من اهل الري ان الامام (ع) قال له «اين كنت قلت: كنت زرت الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام فقال اما انك لوزرت قبر عبدالعظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين بن علي بن ابي طالب. [213] . [ صفحه 146] و في رجال الشيخ محمد طه نجف انه من اصحاب الجواد (ع) و الهادي (ع). و يبدو ان السيد عبدالعظيم كانت له الوكالة عن الامامة في نواحي الري فقد روي [214] «قال ايضا الصاحب بن عباد في وصف علم عبدالعظيم انه روي ابوتراب الروياني قال سمعت اباحماد الرازي يقول دخلت علي الامام النقي عليه السلام في

سر من رأي فسألته عن اشياء من حلالي و حرامي فأجابني فلما ودعته قال لي يا حماد اذا أشكل عليك شي ء من امور دينك بناحيتك أي في بلدة الري - فسل عنه عبدالعظيم بن عبدالله الحسني و اقرأه مني السلام.» و هو الذي عرض دينه علي امام زمانه الهادي عليه السلام فأقره و صدقه و قال يا أباالقاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه فاثبت عليه ثبتك الله بالقول الثابت في الدنيا و الاخرة. [215] . و من هذه النقول نستدل علي ما يلي: 1- ان السيد عبدالعظيم الحسني كان وكيل الامام الهادي في منطقة الري. 2- ان الامام الهادي زكاه و رفع قدره امام الشيعة حيا و بارك خطه للقواعد الشيعية حتي بعد وفاته لتطابقه مع منهج الائمة و هذا يبرز من النقاط التالية: أ) امر الموالين بأخذ معالم دينهم و ما يشكل عليهم من السيد المذكور كما في رواية أبي حماد الرازي. ب) تصويب و تأييد السيد الحسني من قبل الامام الهادي الذي بين ان دين السيد عبدالعظيم هو دين الله. ج) اما تأييد خطه و منهجه بعد وفاته فهذا بين من اقتران زيارته بزيارة الحسين لاهل المناطق المجاورة له.

ابوهاشم الجعفري

هو السيد الجليل داود بن القاسم بن اسحاق بن عبدالله بن جعفر ابن ابي طالب يكني اباهاشم الجعفري (ره) من اهل بغداد ثقة جليل القدر عظيم المنزلة عند الائمة عليهم السلام شاهد أباجعفر و أباالحسن و أبامحمد عليهم السلام و كان شريفا عندهم له موقع جليل عندهم. [216] . [ صفحه 147] و كان للجعفري اختصاص بالامام الهادي «خرجت مع ابي الحسن الي ظاهر سر من راي نتلقي بعض الطالبيين فابطا حرس فطرحت لابي الحسن غاشية السرج فجلس عليها

و نزلت عن دابتي و جلست بين يديه و هو يحدثني.. [217] ولو عرفنا بالقيود المفروضة علي الشيعة عموما و علي الطالبيين خصوصا و نظرنا للرواية من خلال هذه الفكرة لعرفنا ان الامام الهادي كان يعتمد علي الجعفري و ياخذه معه في لقاءاته الخاصة. و في رواية اخري «ان اباهاشم الجعفري شكي الي مولانا ابي الحسن علي بن محمد مايلقي من الشوق اليه اذا انحدر من عنده الي بغداد و قال له: يا سيدي ادع الله لي فمالي مركوب سوي برذوني هذا علي ضعفه فقال: قواك الله يا اباهاشم و قوي برذونك قال: فكان ابوهاشم يصلي الفجر ببغداد و يسير علي البرذون فيدرك الزوال من يومه ذلك عسكر سر من رأي و يعود من يومه الي بغداد اذا شاء...» [218] . و ما يهمنا من هذه الرواية هو تردد الجعفري المستمر بين بغداد و سامرا الذي يكشف لنا معني خفيا من كون الجعفري حلقه الصلة بين الامام و قواعده في بغداد. و بذلك نعرف ان هذا الرجل من قياديي المسيرة حينذاك و كان شاعرا له في الامام الهادي (ع) و قد اعتل: مادت الارض و ادت فوادي و اعترتني موارد العرواء حين قيل الامام نضو عليل قلت نفسي فدته كل الفداء مرض الدين لاعتلالك و اعتل و غارت له نجوم السماء عجبا ان منيت بالداء و السقم و انت الامام جسم الداء [219] .

علي بن مهزيار

هو علي بن مهزيار الاهوازي ابوالحسن الدورقي «اختص بابي جعفر الثاني عليه السلام و توكل له و عظم محله و كذلك ابوالحسن الثالث عليه السلام و توكل له في بعض النواحي و خرجت الي الشيعة فيه توقيعات بكل خير و كان ثقة في

روايته لا يطعن عليه صحي الاعتقاد» [220] و من هذه الرواية نعرف ان مركزه في التحرك [ صفحه 148] زمن الامامين الجواد و الهادي عليهماالسلام هو الوكالة لهما في بعض النواحي و هو مركز كبير و منصب خطير.

يعقوب بن اسحاق بن السكيت

و كان مقدما عند ابي جعفر الثاني (ع) و ابي الحسن (ع) و كانا يختصانه... قتله المتوكل لاجل التشيع.» [221] فكان من شهداء المسيرة زمن الامام الهادي (ع).

احمد بن اسحاق القمي

هو احمد بن اسحاق بن عبدالله بن سعد القمي. و كان وافد القمين و روي عن ابي جعفر الثاني (ع) و ابي الحسن (ع)... من كتبه كتاب علل الصوم كبير، مسائل الرجال لابي الحسن الثالث (ع) جمعه... [222] و هو شيخ القميين. [223] .

احمد بن محمد الاشعري

هو احمد بن محمد بن عيسي بن سعد بن الاحوص بن السايب بن مالك ابن عامر الاشعري من بني ذخران. يكني اباجعفر القمي. شيخ قم و وجهها و فقيهها غير مدافع و كان ايضا الرئيس الذي يلقي السلطان بها و لقي اباالحسن الرضا و اباجعفر الثاني و اباالحسن العسكري عليهم السلام و كان ثقة و له كتب. [224] .

ابوالحصين بن الحصين

من اصحاب ابي جعفر الجواد عليه السلام ثقة نزل الاهواز و هو من اصحاب ابي الحسن الثالث عليه السلام ايضا. [225] .

الحسين بن سعيد بن حماد بن مهران الاهوازي

روي عن الرضا و الجواد و الهادي عليهم السلام. [226] .

علي بن الحسين بن عبد ربه

كان من وكلاء الامام الهادي (ع) و قد نصب بعده ابوعلي بن راشد «حدثنا علي بن الحسين بن عبد ربه قال: سألته ان ينسي ء في [ صفحه 149] اجلي قال (ع): او تلقي ربك ليغفر لك خير لك فحدث بذلك علي بن الحسين اخوانه بمكة ثم مات بالخزيمية في المنصرف من سنته و هذا في سنة تسع و عشرين و مائتين رحمه الله فقال: فقد نعي الي نفسي قال: و كان وكيل الرجل (ع) قبل ابن علي بن راشد» [227] .

داود الصرمي

هو داود بن مافنة الصرمي مولي بني قرة ثم بني صرمة فهو كوفي روي عن الرضا (ع) يكني اباسليمان و بقي الي ايام ابي الحسن صاحب العسكر (ع) و له مسائل اليه...» [228] .

ايوب بن نوح بن دراج النجفي

هو ابوالحسن ثقة له كتب و روايات و مسائل عن ابي الحسن الثالث (ع) و كان وكيلا لابي الحسن و ابي محمد عليهماالسلام عظيم المنزلة عندهما مامونا شديد الورع كثير العبادة ثقة في رواياته» [229] . روي عن جماعة من اصحاب ابي عبدالله و له كتاب نوادر و قد تعرض هذا الرجل الجليل للضغوط في حياته فقد روي عند قوله: «كتبت الي ابي الحسن قد تعرض لي جعفر بن عبدالواحد القاضي و كان يؤذيني بالكوفة اشكو اليه ما ينالني منه من الاذي فكتب الي تكفي امره الي شهرين فعزل عن الكوفة في شهرين و استرحت منه» [230] .

احمد الكاتب

هو احمد بن ابراهيم بن اسماعيل بن داود بن حمدون الكاتب النديم ابوعبدالله و شيخ اهل اللغة و وجههم و استاذ ابي العباس ثعلب قرأ عليه قبل ابن الاعرابي و تخرج من يده و كان خصصيا بابي محمد الحسن بن علي عليهماالسلام و ابي الحسن قبله» [231] و يبدو ان هذا الرجل من العناصر الموالية البارزة فهو وجهة علمي في مجال العلوم العامة له كتب منها: [232] . 1- كتاب اسماء الجبال و المياه و الاودية 2- كتاب بني مرة بن عوف. 3- كتاب بني النمر بن قاسط. [ صفحه 150] 4- كتاب بني عقيل. 5- كتاب بني عبدالله بن غطفان. 6- كتاب طي ء. 7- شعر العجير السلولي. 8- صنعة شعر ثابت قطنة. 9- صنعة كتاب بني كليب بن يربوع. 10- اشعار بني مرة بن همام. 11- نوادر الاعراب.

جعفر الصيقل

هو جعفر بن سهيل الصيقل وكيل ابي الحسن و ابي محمد و صاحب الدار عليهم السلام. [233] .

علي بن الريان

هو علي بن الريان بن الصلت الاشعري القمي. ثقة له عن ابي الحسن الثالث (ع) نسخه و كان وكيلا [234] و له كتاب منثور الاحاديث [235] . اخوه محمد بن الريان من اصحاب ابي الحسن الثالث الهادي ثقة [236] .

علي بن جعفر

كان علي بن جعفر وكيلا لأبي السن (ع) من اهل همينا قرية من قري سواد بغداد فسعي به الي المتوكل فحبسه فطال حبسه و احتال من قبل عبدالله بن خاقان بمال ضمنه عنه بثلاثة الاف دينار فكلمه عبدالله فعرض جامعة علي المتوكل فقال يا عبدالله لو شككت فيك لقلت انك رافضي هذا وكيل فلان و انا عازم علي قتله قال: فتأدي الخبر الي علي بن جعفر فكتب الي ابي الحسن (ع) يا سيدي الله الله في فقد و الله خفت ان ارتاب فوقع في رقعته اما اذا بلغ بك الامر ما اري فساقصد الله فيك و كان هذا في ليلة الجمعة فأصبح المتوكل محموما فازدادت عليه حتي صرخ عليه يوم الاثنين فأمر [ صفحه 151] بتخلية كل محبوس عرض عليه اسمه حتي ذكر هو علي بن جعفر فقال: لعبدالله لم تعرض علي امره؟ فقال: لا اعود الي ذكره ابدا قال: خل سبيله الساعة و سله ان يجعلني في حل فخلي سبيله و صار الي مكة بأمر ابي الحسن (ع) فجاور بها.» [237] . و في امر الامام لهذا الوكيل بالتوجه الي مكة و مجاورتها امر بتغير ساحة العمل بالنسبة له و علي صعيد النشاط الفكري فله مسائل لأبي الحسن العسكري. [238] .

محمد بن الفرج

من خواص الامام الهادي و قد سجن علي هذا الامر و قد اخبره الامام بأنه سيسجن ففي اصول الكافي «ان أباالحسن (ع) كتب اليه يا محمد اجمع امرك و خذ حذرك قال فانا في جمع امري و ليس ادري ما كتب الي حتي ورد علي رسول حملني من مصر مقيدا و ضرب علي كل ما املك و كنت في السجن ثمان سنين ثم ورد

علي منه في السجن كتاب فيه: يا محمد لا تنزل في ناحية الجانب الغربي فقرأت الكتاب فقلت: يكتب الي بهذا و أنا في السجن ان هذا لعجب فما مكثت ان خلي عني و الحمدلله.» [239] ان مانلحظه من هذه الرواية هو الظروف العصيبة التي كان يعاني منها انصار الامام. و من خلال الرواية يمكننا ان نستل معني حركيا و هو المراسلة بين الامام و اصحابه فيما يتعلق بهم من سجن او اطلاق سراح و مما يلفت النظر حقا وصول رسالة الامام الي محمد بن الفرج و هو في السجن فلا بدأن تكون ثمة ايد سرية توصل توجيهات الامام الي هذا المكان الخطير.

خيران الخادم القراطيسي

من اصحاب ابي الحسن الثالث ثقة (رجال العلامة ص 66) و مولي الرضا و له كتاب (انظر رجال النجاشي ص 119) و يبدو انه من خواص الامام من رواية الكليني ان خيران قال: «قدمت علي ابي الحسن (ع) المدينة فقال لي: ماخبر الواثق عندك؟ قلت جعلت فداك خلفته في عافية انا من اقرب الناس عهدا به. عهدي به منذ عشرة ايام» و قد مرذكر الحديث بكامله في الفصل الثاني. ان وجه الخصوصية [ صفحه 152] في العلاقة هو التداول في الامور المتعلقة بسياسة الدولة و مصير اقطابها و هذا ما لا يفعله الامام مع اي شخص كان.

محمد بن جعفر بن ابراهيم بن محمد الهمداني

في رجال الكشي «كان ابراهيم وكيلا و حج اربعين حجة» [240] .

ابوالحسين بن هلال

من اصحاب ابي الحسن الثالث الهادي. [241] .

محمد بن عبدالجبار

و هو ابن ابي الصهبان قمي من اصحاب ابي الحسن الثالث الهادي عليه السلام ثقة. [242] .

الحسن بن مالك القمي

من اصحاب ابي الحسن الثالث الهادي (ع) ثقة [243] .

ابوطاهر القمي

هو ابوطاهر بن حمزة بن اليسع القمي الاشعري ثقة من اصحاب الهادي [244] و له عن الامام الهادي (ع) رواية فقد «روي عن ابي الحسن الثالث نسخة.» [245] .

داود بن ابي زيد

هو زنكار يكني اباسليمان النيسابوري من النجارين في سكة طرخان في دار سختويه [246] ثقة صادق اللهجة من اصحاب علي بن محمد و له كتب ذكرها الكشي و ابن النديم في كتابيهما [247] .

علي بن بلال البغدادي

ثقة بغدادي انتقل الي واسط و روي عن ابي الحسن الثالث (ع) له كتاب عنه. كتب اليه الهادي سند مائتين و اثنتين و ثلاثين كتابا فيه تنويه مابه. [248] . [ صفحه 153]

محمد بن علي العلوي

هو السيد محمد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيدالله ابن العباس بن علي بن ابي طالب ابوعبدالله ثقة عين في الحديث صحيح الاعتقاد له رواية عن ابي الحسن (ع) و ابي محمد (ع) و ايضا له مكاتبته.» [249] .

ملاحظات عامة

من خلال استعراض طائفة من اسماء اصحاب الامام (ع) و ذكرنا لجوانب من واقعهم نثبت النقاط التالية لبلورة الفكرة: 1- استمرار و بروز و تعمق ظاهرة الوكلاء عند الامام كقياديين في مناطقهم و في هذا العمل تمهيد لبناء كيان المرجعية التي ستقود الامة بعد الائمة و من خلال الاسماء التي ذكرت عرفنا الوكلاء التالية اسمائهم: أ) الوكيل السيد عبدالعظيم الحسني - في منطقة الري -. ب) الوكيل السيد داود الجعفري - في بغداد -. ج) الوكيل علي بن مهزيار - في بعض النواحي -. د) الوكيل علي بن الريان - في قم -. ه) الوكيل علي بن الحسين بن عبد ربه. و) الوكيل ايوب بن نوح بن دراج النخعي. ز) الوكيل جعفر بن سهيل الصيقل. ح) الوكيل علي بن جعفر وكيله في قرية من قري سواد بغداد ثم مبعوثه الي مكة بعد اطلاق سراحه من السجن. ط) الوكيل محمد بن جعفر الهمداني. 2- لاحظنا في تحرك الامام الهادي دخول بعض اصحابه للسجون و شهادة بعضهم الاخر دفاعا عن الخط الصحيح و تعزيزا لمسيرة الحق. 3- خط القميين: لقد اهتم الامام الجواد في تعميق التحرك عند القميين و قد استمر هذا الخط في امامة الهادي (ع) و علي سبيل المثال نذكر اسماءا من القادة القميين انذاك: أ) احمد بن اسحاق القمي. [ صفحه 154] ب) احمد بن محمد القمي الاشعري. ج) علي بن الريان بن الصلت القمي الاشعري.

د) محمد بن الريان بن الصلت القمي الاشعري. ه) الحسن بن مالك القمي. و) ابوطاهر بن حمزة بن اليسع القمي الاشعري. ز) محمد بن عبدالجبار القمي. 4- و مما يلاحظ قلة النشاط الثقافي لاصحاب الامام لانشغالهم كما نعتقد بالاعداد المركز للدخول بالمرحلة الحاسمة و هي مرحلة الغيبة الصغري و من ثم الكبري. [ صفحه 157]

رسالة الامام في الجبر و التفويض

اشاره

بسم الله الرحمن الرحيم اعلموا رحمكم الله انا نظرنا في الاثار و كثرة ما جاءت به الاخبار فوجدناها عند جميع من ينتحل الاسلام ممن يعقل عن الله جل و عز لاتخلو من معنيين: اما حق فيتبع و اما باطل فيجتنب. و قد اجتمعت الامة قاطبة لا اختلاف بينهم ان القرآن حق لاريب فيه عند جميع اهل الفرق و في حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب و تحقيقه، مصيبون، مهتدون، و ذلك بقول رسول الله صلي الله عليه و آله: «لا تجتمع امتي علي ضلالة» فاخبر ان جميع ما اجتمعت عليه الامة كلها حق، هذا اذا لم يخالف بعضها بعضا. و القرآن حق لا اختلاف بينهم في تنزيله و تصديقه: فاذا شهد القرآن بتصديق خبر و تحقيقه و أنكر الخبر طائفة من الامة لزمهم الاقرار به ضرورة حين اجتمعت في الاصل علي تصديق الكتاب، فان (هي) جحدت و أنكرت لزمها الخروج من الملة. فأول خبر يعرف تحقيقه من الكتاب و تصديقه و التماس شهادته عليه خبر ورد عن رسول الله صلي الله عليه و آله و وجد بموافقة الكتاب و تصديقه بحيث لاتخالفه اقاويلهم، حيث قال: «اني مخلف فيك الثقلين كتاب الله و عترتي - اهل بيتي. لن تضلوا ما تمسكتم بهما و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض». فلما

وجدنا شواهد هذا الحديث في كتاب الله نصا مثل قوله عزوجل: «انما وليكم الله و رسوله [ صفحه 158] و الذين امنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون.» (سورة المائدة آية 61 ، 60) وردت العامة في ذلك اخبارا لاميرالمؤمنين عليه السلام انه تصدق بخاتمه و هو راكع فشكر الله ذلك له و أنزل الآية فيه. فوجدنا رسول الله صلي الله عليه و آله قد اتي بقوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه» و بقوله: «انت مني بمنزلة هارون من موسي الا انه لانبي بعدي» و وجدناه يقول: «علي يقضي ديني و ينجز موعدي و هو خليفتي عليكم من بعدي.» فالخبر الاول الذي استنبطت منه هذه الاخبار خبر صحيح مجمع عليه لا اختلاف فيه عندهم، و هو ايضا موافق للكتاب، فلا شهد الكتاب بتصديق الخبر و هذه الشواهد الاخر لزم علي الامة الأقرار بها ضرورة اذ كانت هذه الاخبار شواهدها من القرآن ناطقة و وافقت القرآن و القرآن وافقها. ثم وردت حقائق الاخبار من رسول الله صلي الله عليه و آله عن الصادقين عليهم السلام و نقلها قوم ثقات معروفون فصار الاقتداء بهذه الاخبار فرضا واجبا علي كل مؤمن و مؤمنة لايتعداه الا اهل العناد. ذلك ان أقاويل آل رسول الله صلي الله عليه و آله متصلة بقول الله و ذلك مثل قوله في محكم كتابه: «ان الذين يؤذون الله و رسوله لعنهم الله في الدنيا و الآخرة واعد لهم عذابا مهينا» (سورة الاحزاب آية 57). و وجدنا نظير هذه الآية قول رسول الله صلي الله علي و آله: «من آذي

عليا فقد آذاني و من آذاني فقد آذي الله و من آذي الله يوشك ان ينتقم منه». و كذلك قوله صلي الله عليه و آله: «من احب عليا فقد احبني و من أحبني و من أحبني فقد أحب الله». و مثل قوله صلي الله عليه و آله في بني وليعة: «لأبعثن اليهم رجلا كنفسي يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله قم يا علي فسر اليهم» (بنو وليعة - كفينة - حي من كندة). و قوله صلي الله عليه و آله يوم خيبر: «لأبعثن اليهم غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتي يفتح الله عليه». فقضي رسول الله صلي الله عليه و آله بالفتح قبل التوجيه فاستشرف لكلامه اصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله فلما كان من الغد دعا عليا عليه السلام [ صفحه 159] فبعثه اليهم فاصطفاه بهذه المنقبة و سماه كرارا غير فرار، فسماه الله محبا لله و لرسوله، فاخبر ان الله و رسوله يحبانه. و انما قدمنا هذا الشرح و البيان دليلا علي ما اردنا و قوة لما نحن مبينوه من امر الجبر و التفويض و المنزلة بين المنزلتين و بالله العون و القوة و عليه نتوكل في جميع امورنا. فاذا نبدأ من ذلك بقول الصادق عليه السلام: «لاجبر و لا تفويض ولكن منزلة بين المنزلتين و هي صحة الخلقة و تخلية للسرب» (السرب - بالفتح -: الطريق و الصدر - و بالكسر - الطريق و القلب - و بالتحريك - الماء السائل -). و المهلة في الوقت و الزاد مثل الراحلة و السبب المهيج للفاعل علي فعله»، فهذه خمسة

اشياء جمع به الصادق عليه السلام جوامع الفضل، فاذا نقص العبد منها خلة كان العمل عنه مطروحا بحسبه، فاخبر الصادق عليه السلام باصل مايجب علي الناس من طلب معرفته و نطق الكتاب بتصديقه فشهد بذلك محكمات آيات رسوله، لأن الرسول صلي الله عليه و آله، و آله (ع) لا يعدو شي ء، من قوله و اقاويلهم حدود القرآن، فاذا وردت حقائق الاخبار و التمست شواهدها من التنزيل فوجد لها موافقا و عليها دليلا كان الاقتداء بها فرضا لايتعداه الا اهل العناد، ذكرنا في اول الكتاب و لما التمسنا تحقيق ما قاله الصادق عليه السلام من المنزلة بين المنزلتين و انكاره الجبر و التفويض وجدنا الكتاب قد شهد و صدق مقالته في هذا و خبر عنه ايضا موافق لهذا، ان الصادق عليه السلام سئل هل أجبر الله العباد علي المعاصي؟ فقال الصادق عليه السلام: هو اعز و اقهر لهم من ذلك. و روي عنه انه قال: الناس في القدر علي ثلاثة اوجه: رجل يزعم ان الامر مفوض اليه فقد وهن الله في سلطانه فهو هالك. و رجل يزعم ان الله جل و عز أجبر العباد علي المعاصي و كلفهم ما لايطيقون فقد ظلم الله في حكمه فهو هالك. و رجل يزعم ان الله كلف العباد ما يطيقون و لم يكلفهم ما لايطيقون، فاذا احسن حمد الله و اذا اساء استغفرالله فهذا مسلم بالغ، فأخبر عليه السلام ان من تقلد الجبر و التفويض ود ان بهما فهو علي خلاف الحق فقد شرحت الحبر الذي من دان به يلزمه الخطأ، و ان الذي يتقلد التفويض بلزمه الباطل، فصارت المنزلة بين المنزلتين بينهما. ثم قال عليه السلام: و أضرب لكل باب من هذه الابواب مثلا يقرب [

صفحه 160] المعني للطالب و يسهل له البحث عن شرحه، تشهد به محكمات ايات الكتاب و تحقق تصديقه عنه ذوي الالباب و بالله التوفيق و العصمة. فاما الخبر الذي يلزم من دان به الخطأ فهو قول من زعم ان الله جل و عز أجبر العباد علي المعاصي و عاقبهم عليها و من قال بهذا القول فقد ظلم الله في حكمه و كذبه ورد عليه قوله: «و لا يظلم ربك احدا» (سورة الكهف آية 47). و قوله: «ذلك بما قدمت يداك و ان الله ليس بظلام للعبيد» (سورة الحج آية 10). و قوله: «ان الله لايظلم الناس شيئا ولكن الناس انفسهم يظلمون» (سورة يونس آية 45). مع آي كثيرة في ذكر هذا. فمن زعم انه مجبر علي المعاصي فقد احال بذنبه علي الله و قد ظلمه في عقوبته. و من ظلم الله فقد كذب كتابه. و من كذب كتابه فقد لزمه الكفر باجماع الامة. و مثل ذلك مثل رجل ملك عبدا مملوكا لا يملك نفسه و لا يملك عرضا من عرض الدنيا و يعلم مولاه ذلك منه فأمره علي علم منه بالمصير الي السوق لحاجة يأتيه بها و لم يملكه ثمن ما يأتيه به من حاجته و علم المالك ان علي الحاجة رقيبا لا يطمع احد في اخذها منه الابما يرضي به من الثمن و قد وصف مالك هذا العبد نفسه بالعدل و النصفة و اظهار الحكمة و نفي الجور و أوعد عبده ان لم يأته بحاجته أن يعاقبه علي علم منه بالرقيب الذي علي حاجته انه سيمنعه و علم ان المملوك لا يملك ثمنها و لم يملكه ذلك، فلما صار العبد الي السوق و جاء

ليأخذ حاجته التي بعثه المولي لها وجد عليها مانعا يمنع منها الا بشراء و ليس يملك العبد ثمنها، فانصرف الي مولاه خائبا بغير قضاء حاجته فاغتاظ مولاه من ذلك و عاقبه عليه. اليس يجب في عدله و حكمه ان لا يعاقبه و هو يعلم ان عبده لا يملك عرضا من عروض الدنيا و لم يملكه ثمن حاجته، فان عاقبه عاقبه ظالما متعديا عليه مبطلا لما وصف من عدله و حكمته و نصفته و ان لم يعاقبه كذب نفسه في وعيده اياه حين أوعده بالكذب و الظلم اللذين ينفيان العدل و الحكمة. تعالي عما يقولون علوا كبيرا، فمن دان بالجبر او بما يدعو الي الجبر فقد ظلم الله و نسبه الي الجور و العدوان، اذ أوجب علي من أجبره العقوبة. و من زعم ان الله اجبر العباد فقد اوجب علي قياس قوله ان الله يدفع عنهم العقوبة. و من زعم ان الله يدفع [ صفحه 161] عن اهل المعاصي العذاب فقد كذب الله في وعيده حيث يقول: «بلي من كسب سيئة و أحاطت به خطيئته فأولئك اصحاب النار هم فيها خالدون» (سورة البقرة آية 76). و قوله: «ان الذين يأكلون اموال اليتامي ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا و سيطون سعيرا» (سورة النساء آية 11). و قوله: «ان الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ان الله كان عزيزا حكيما» (سورة النساء آية 59). مع آي كثيرة في هذا الفن ممن كذب وعيدالله و يلزمه في تكذيبه آية من كتاب الله الكفر و هو ممن قال الله: «افتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم

الا خزي في الحيوة الدنيا و يوم القيمة يردون الي اشد العذاب و ما الله بغافل عما يعملون» (سورة البقرة آية 79). بل نقول: ان الله جل و عز يجازي العباد علي اعمالهم و يعاقبهم علي افعالهم بالاستطاعة التي ملكهم اياها، فأمرهم و نهاهم بذلك و نطق كتابه: «من جاء بالحسنة فله عشر امثالها و من جاء بالسيئة فلا يجزي الا مثلها و هم لا يظلمون» (سورة الانفال آية 161). و قال جل ذكره: «يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء تود لو ان بينها و بينه امدا بعيدا و يحذركم الله نفسه» (سورة آل عمران آية 28). و قال: «اليوم تجزي كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم» (سورة المؤمن آية 17). فهذه آيات محكمات تنفي الجبر و من دان به. و مثلها في القرآن كثير، اختصرنا ذلك لئلا يطول الكتاب و بالله التوفيق. و اما التفويض الذي أبطله الصادق عليه السلام و أخطأ من دان به و تقلده فهو قول القائل: ان الله جل ذكره فوض الي العباد اختيار أمره و نهيه و أهملهم. و في هذا كلام دقيق لمن يذهب الي تحريره و دقته. والي هذا ذهبت الائمة المهتدية من عترة الرسول صلي الله عليه و آله، فانهم قالوا: لو فوض اليهم علي جهة الاهمال لكان لازما له رضي ما اختاروه و استوجبوا منه الثواب و لم يكن عليهم فيما جنوه العقاب اذ كان الاهمال واقعا. و تنصرف بآرائهم ضرورة كره ذلك ام احب فقد لزمه الوهن، او يكون جل و عز عجز عن تعبدهم بالأمر و النهي علي ارادته كرهوا او احبوا ففوض امره و

نهيه اليهم [ صفحه 162] و اجراهما علي محبتهم اذ عجز عن تعبدهم، بارادته فجعل الاختيار اليهم في الكفر و الايمان و مثل ذلك مثل رجل ملك عبدا ابتاعه ليخدمه و يعرف له فضل ولايته و يقف عند امره و نهيه، و ادعي مالك العبد انه قاهر عزيز حكيم، فأمر عبده و نهاه و وعده علي اتباع امره عظيم الثواب و أوعده علي معصيته اليم العقاب، فخالف العبد ارادة مالكه و لم يقف عند أمره و نهيه فأي أمر أمره أو أي نهي نهاه عنه لم يأته علي ارادة الموالي بل كان العبد يتبع ارادة نفسه و اتباع هواه و لا يطيق المولي ان يرده الي اتباع امره و نهيه و الوقوف علي ارادته، ففوض اختيار امره و نهيه اليه و رضي منه بكل ما فعله علي ارادة العبد لا علي ارادة المالك و بعثه في بعض حوائجه و سمي له الحاجة فخالف علي مولاه و قصد لارادة نفسه و اتبع هواه، فلما رجع الي مولاه نظر الي ما اتاه به فاذا هو خلاف ما امره به، فقال له: لم اتيتني بخلاف ما أمرتك؟ فقال العبد: اتكلت علي تفويضك الامر الي فاتبعت هواي و ارادتي، لان المفوض اليه غير محضور عليه فاستحال التفويض. او ليس يجب علي هذا السبب اما ان يكون المالك للعبد قادر يأمر عبده باتباع امره و نهيه علي ارادته لا علي ارادة العبد و يملكه من الطاقة بقدر ما يأمره به و ينهاه عنه، فاذا أمره بأمر و نهاه عن نهي عرفه الثواب و العقاب عليهما. و حذره و رغبه بصفة ثوابه و عقابه ليعرف العبد قدرة مولاه بما يملكه من

الطاقة لامره و نهيه و ترغيبه و ترهيبه، فيكون عدله و انصافه شاملا له و حجته واضحة عليه للاعذار و الانذار. فاذا اتبع العبد امر مولاه جازاه و اذا لم يزدجر عن نهيه عاقبه او يكون عاجزا غير قادر ففوض أمره اليه أحسن أم أساء، أطاع أم عصي، عاجز من عقوبته ورده الي اتباع امره، و في اثبات العجز نفي القدرة و التأله و ابطال الامر و النهي و الثواب و العقاب و مخالفة الكتاب اذ يقول: «و لا يرضي لعباده الكفر و ان تشكروا يرضه لكم» (سورة الزمر آية 9). و قوله عزوجل: «اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن الا و انتم مسلمون» (سورة آل عمران آية 79). و قوله و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون. ما أريد منهم من رزق و ما أريد أن يطعمون» (سورة الذاريات آية 57 ، 56) و قوله: «اعبدوا الله و لا [ صفحه 163] تشركوا به شيئا» (سورة النساء آية 40). و قوله: «و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و لا تولوا عنه و انتم تسمعون. فمن زعم ان الله تعالي فوض امره و نهيه الي عباده فقد اثبت عليه العجز و أوجب عليه قبول كل ماعملوا من خير و شر وأبطل أمر الله و نهيه و وعده و وعيده، لعلة ما زعم ان الله فوضها اليه لان المفوض اليه يعمل بمشيئته، فان شاء الكفر او الايمان كان غير مردود عليه و لا محظور، فمن دان بالتفويض علي هذا المعني فقد ابطل جميع ما ذكرنا من وعده و وعيده و أمره و نهيه و هو من اهل هذه الآية «افتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون

ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا و يوم القيامة يردون الي اشد العذاب و ما الله بغافل عما تعملون (سورة النساء آية 79)» تعالي عما يدين به اهل التفويض علوا كبيرا. لكن نقول: ان الله جل و عز خلق الخلق بقدرته و ملكهم استطاعة تعبدهم بها، فأمرهم و نهاهم بما اراد فقبل منهم اتباع امره و رضي بذلك لهم و و نهاهم عن معصيته و ذم من عصاه و عاقبه عليها ولله الخيرة في الامر و النهي، يختار مايريد و يأمر به و ينهي عما يكره و يعاقب عليه بالاستطاعة التي ملكها عباده لاتباع امره و اجتناب معاصيه، لانه ظاهر العدل و النصفة و الحكمة البالغة، بالغ الحجة بالأعذار و الأنذار و اليه الصفوة يصطفي من عباده من يشاء لتبليغ رسالته علي عباده، اصطفي محمدا صلي الله عليه و آله و بعثه برسالاته الي خلقه، فقال من قال من كفار قومه حسدا و استكبارا: «لولا نزل هذا القرآن علي رجل من القريتين عظيم» (سورة الزخرف آية 30). يعني بذلك أمية بن ابي الصلت و ابامسعود الثقفي، فأبطل الله اختيارهم و لم يجز لهم اراءهم حيث يقول: «أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا و رفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا و رحمة ربك خير مما يجمعون» (سورة الزخرف آية 31). و لذلك اختار من الامور ما احب و نهي عما كره، فمن اطاعه اثابه. و من عصاه عاقبه، ولو فوض اختيار امره الي عباده لأجاز لقريش اختيار امية بن ابي الصلت و ابي مسعود الثقفي، اذ كانا عندهم افضل من محمد صلي الله عليه و

آله. [ صفحه 164] فلما أدب الله المؤمنين بقوله: و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضي الله و رسوله امرا أن يكون لهم الخيرة من امرهم» (سورة الاحزاب آية 36). فلم جز لهم الاختيار باهوائهم و لم يقبل منهم الا اتباع امره و اجتناب نهيه علي يدي من اصطفاه، فمن اطاعه رشد و من عصاه ضل و غوي و لزمته الحجة بما ملكه من الاستطاعة لاتباع امره و اجتناب نهيه، فمن اجل ذلك حرمه ثوابه و أنزل به عقابه. و هذا القول بين القولين ليس بجبر و لا تفويض و بذلك اخبر اميرالمؤمنين صلوات الله عليه عباية بن ربعي الاسدي حين سأله عن الاستطاعة التي بها يقوم و يقعد و يفعل، فقال له اميرالمؤمنين عليه السلام: سألت عن الاستطاعة تملكها من دون الله او مع الله فسكت عباية، فقال له اميرالمؤمنين عليه السلام: قل يا عباية، قال و ما اقول؟ قال عليه السلام: ان قلت: انك تملكها مع الله قتلتك. و ان قلت: تملكها من دون الله قتلتك قال عباية: فما اقول يا اميرالمؤمنين؟ قال عليه السلام: تقول انك تملكها بالله الذي يمكها من دونك، فان يملكها اياك كان ذك من عطائه، و ان يسلبكها كان ذلك من بلائه، هو المالك لما ملك و القادر علي ما عليه أقدرك، اما سمعت الناس يسألون الحول و القوة حين يقولون لا حول و لا قوة الا بالله. قال عباية: و ما تأويلها يا اميرالمؤمنين؟ قال عليه السلام: لا حول عن معاصي الله الا بعصمة الله و لا قوة لنا علي طاعة الله الا بعون الله، قال: فوثب عباية فقبل يديه و رجليه. و روي عن اميرالمؤمنين عليه السلام حين اتاه نجدة

يسأله عن معرفة الله، قال: يا اميرالمؤمنين بماذا عرفت ربك؟ قال عليه السلام: بالتمييز الذي خولني و العقل الذي دلني، قال افمجبول انت عليه قال: لو كنت مجبولا ما كنت محمودا علي احسان و لا مذموما علي اساءة و كان الحسن اولي باللائمة من المسي ء فعلمت ان الله قائم باق و ما دونه حدث حائل زائل، و ليس القديم الباقي كالحدث الزائل، قال نجدة أجدك اصبحت حكيما يا اميرالمؤمنين، قال: أصبحت مخيرا، قال اتيت السيئة (ب) مكان السيئة فأنا المعاقب عليها. و روي عن اميرالمؤمنين عليه السلام انه قال لرجل سأله بعد انصرافه من الشام، فقال: يا اميرالمؤمنين اخبرنا عن خروجنا الي [ صفحه 165] الشام بقضاء و قدر؟ قال عليه السلام: نعم يا شيخ، ما علوتم تلعة (التلعة: ما علا من الارض) و لا هبطتم و اديا الا بقضاء و قدر من الله، فقال الشيخ: عندالله احتسب عنائي يا أميرالمؤمنين؟ فقال عليه السلام: مه يا شيخ، فان الله قد عظم اجركم في مسيركم و انتم سائرون، و في مقامكم و انتم مقيمون، و في انصرافكم و انتم منصرفون و لم تكونوا في شي ء من اموركم مكرهين و لا اليه مضطرين، لعلك ظنت انه قضاء حتم و قدر لازم، لو كان كذلك لبطل الثواب و العقاب و لسقط الوعد و الوعيد و لما الزمت الاشياء اهلها علي الحقائق ذلك مقالة عبدة الاوثان و اولياء الشيطان، ان الله جل و عز أمر تخييرا و نهي تحذيرا و لم يطع مكرها و لم يعص مغلوبا و لم يخلق السموات و الارض و ما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار فقام الشيخ فقبل رأس اميرالمؤمنين عليه السلام و

انشأ يقول: انت الامام الذي نرجوا بطاعته يوم النجاة من الرحمن غفرانا اوضحت من ديننا ما كان ملتبسا جزاك ربك عنا فيه رضوانا فليس معذرة في فعل فاحشة قد كنت راكبها ظلما و عصيانا فقد دل اميرالمؤمنين عليه السلام علي موافقة الكتاب و نفي الجبر و التفويض اللذين يلزمان من دان بهما و تقلدهما الباطل و الكفر و تكذيب الكتاب و نعوذ بالله من الضلالة و الكفر، و لسنا ندين بجبر و لا تفويض لكنا نقول بمنزلة بين المنزلتين و هو الامتحان و الاختبار بالاستطاعة التي ملكنا الله و تعبدنا بها علي ما شهد به الكتاب و دان به الائمة الابرار من آل الرسول صلوات الله عليهم. و مثل الاختبار بالاستطاعة مثل رجل ملك عبدا و ملك مالا كثيرا أحب ان يختبر عبده علي علم منه بما يؤول اليه، فملكه من ماله بعض ما احب و وقفه علي امور عرفها العبد فأمره ان يصرف ذلك المال فيها و نهاه عن اسباب لم يحبها و تقدم اليه ان يجتنبها و لا ينفق من ماله فيها، و المال يتصرف في اي الوجهين، فصرف المال احدهما في اتباع امر المولي و رضاه، و الاخر صرفه في اتباع نهيه و سخطه. و اسكنه دار اختيار اعلمه انه غير دائم له السكني في الدار و ان له دارا غيرها و هو مخرجه اليها فيها ثواب و عقاب دائمان، فان انفذ العبد المال الذي ملكه مولاه في الوجه الذي امره به جعل له ذلك [ صفحه 166] الثواب الدائم في تلك الدار التي اعلمه انه مخرجه اليها، و ان انفق المال في الوجه الذي نهاه عن انفاقه فيه جعل له ذلك العقاب

الدائم في دار الخلود. و قد حد المولي في ذلك حدا معروفا و هو المسكن الذي اسكنه في الدار الاولي، فاذا بلغ الحد استبدل المولي بالمال و بالعبد علي انه لم يزل مالكا للمال و العبد في الاوقات كلها الا انه وعد ان لا يسلبه ذلك المال ما كان في تلك الدار الا ان يستتم سكناه فيها فوفي له لان من صفات المولي العدل و الوفاء و النصفة و الحكمة، أوليس يجب ان كان ذلك العبد صرف ذلك المال في الوجه الماجور به أن يفي له بما وعده من الثواب و تفضل عليه بأن استعمله في دار فانية و أثابه علي طاعته فيها نعيما دائما في دار باقية دائمة. و ان صرف العبد المال الذي ملكه مولاه ايام سكناه تلك الدار الاولي في الوجه المنهي عنه و خالف امر مولاه كذلك تجب عليه العقوبة الدائمة التي حذره اياها، غير ظالم له لما تقدم اليه و اعلمه و عرفه و أوجب له الوفاء بوعده و وعيده، بذلك يوصف القادر القاهر. و اما المولي فهو الله جل و عز، و اما العبد فهو ابن آدم المخلوق، و المال قدرة الله الواسعة، و محنته اظهار (ه)؟ الحكمة و القدرة. و الدار الفانية و بعض المال الذي ملكه الله هو الاستطاعة التي ملك ابن آدم. و الامور التي امر الله بصرف المال اليها هو الاستطاعة لاتباع الانبياء و الاقرار بما اوردوه عن الله جل و عز و اجتناب الاسباب التي نهي عنها هي طرق ابليس. و اما وعده بالنعيم الدائم و هي الجنة. و اما الدار الفانية فهي الدنيا. و اما الدار الاخري فهي الدار الباقية و هي الآخرة و القول

بين بين الجبر و التفويض هو الاختبار و الامتحان و البلوي بالاستطاعة التي ملك العبد. و شرحها في الخمسة الامثال التي ذكرها الصادق عليه السلام (اي صحة الخلقة، و تخلية السرب، و المهلة في الوقت، و الزاد و السبب المهيج) انها جمعت جوامع الفضل و انا مفسرها بشواهد من القرآن و البيان ان شاء الله.

تفسير صحة الخلقة

اما قول الصادق عليه السلام: فان معناه كمال الخلق للانسان و كمال الحواس و ثبات العقل و التمييز و اطلاق اللسان بالنطق، و ذلك قول [ صفحه 167] الله: «و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا» (سورة الاسراء آية 72). فقد أخبر عزوجل عن تفضيله بني آدم علي سائر خلقه من البهائم و السباع و دواب البحر و الطير و كل ذي حركة تدركه حواس بني آدم بتمييز العقل و النطق، و ذلك قوله: «لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم» (سورة التين آية 4). و قوله: «يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم - الذي خلقك فسواك فعدلك - في اي صورة ماشاء ركبك» (سورة الانفطار آيات 8 ، 7 ، 6). و في آيات كثيرة، فأول نعمة الله علي الانسان صحة عقله و تفضيله علي كثير من خلقه بكمال العقل و تمييز البيان، و ذلك ان كل ذي حركة علي بسيط الارض هو قائم بنفسه بحواسه مستكمل في ذاته، ففضل بني آدم بالنطق الذي ليس في غيره من الخلق المدرك بالحواس، فمن اجل النطق ملك الله ابن آدم غيره من الخلق حتي صار آمرا ناهيا و غيره مسخر له كما قال الله: «كذلك سخرها لكم لتكبروا الله

علي ماهداكم» ( سورة الحج آية 38). و قال: «و هو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا و تستخرجوا منه حلية تلبسونها» (سورة النحل آية 14). و قال: «و الانعام خلقها لكم فيها دف ء و منافع و منها تأكلون. و لكم فيها جمال حين تريحون و حين تسرحون. و تحمل اثقالكم الي بلد لم تكونوا بالغيه الا بشق الانفس» (سورة النحل آية 8. و الدف ء: السخانة و هي ما يستدفأ به من اللباس المعمول من الصوف و الوبر.). فمن اجل ذلك دعا الله الانسان الي اتباع امره والي طاعته بتفضيله اياه باستواء الخلق و كمال النطق و المعرفة بعد ان ملكهم استطاعة ما كان تعبدهم به بقوله: «فاتقوا الله ما استطعتم و اسمعوا و اطيعوا» (سورة التغابن آية 16). و قوله: «لا يكلف الله نفسا الا وسعها» (سورة البقرة). و قوله: «لا يكلف الله نفسا الا ما آتيها» (سورة الطلاق آية 7). و في آيات كثيرة. فاذا سلب من العمل حاسة من حواسه رفع العمل عنه بحاسته كقوله: «ليس علي الاعمي حرج و لا علي الاعرج حرج» (سورة النور آية 60). فقد رفع عن كل من كان بهذه الصفة الجهاد و جميع الاعمال التي لايقوم بها، و كذلك اوجب علي ذي اليسار الحج و الزكاة لما ملكه من استطاعة ذلك و لم يوجب علي الفقير الزكاة [ صفحه 168] و الحج، قوله: «ولله علي الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا» (سورة آل عمران آية 91). و قوله في الظهار: «و الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة - الي قوله: فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا» (سورة المجادلة آية 5

، 4). كل ذلك دليل علي ان الله تبارك و تعالي لم يكلف عباده الا ما ملكهم استطاعته بقوة العمل به و نهاهم عن مثل ذلك فهذه صحة الخلقة. و اما قوله: تخلية السرب. فهو الذي ليس عليه رقيب يحظر عليه و يمنعه العمل بما أمره الله به و ذلك قوله فيمن استضعف و حظر عليه العمل فلم يجد حيلة و لا يهتدي سبيلا كما قال الله تعالي: الا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا» (سورة النساء آية 100). . فأخبر ان المستضعف لم يخل سربه و ليس عليه من القول شي ء اذا كان مطمئن القلب بالايمان. و اما المهلة في الوقت فهو العمر الذي يمتع الانسان من حد ما تجب عليه المعرفة الي اجل الوقت، و ذلك من وقت تمييزه و بلوغ الحلم الي ان يأتيه اجله. فمن مات علي طلب الحق و لم يدرك كماله فهو علي خير، و ذلك قوله: « و من يخرج من بيته مهاجرا الي الله و رسوله - الآية -» (سورة النساء آية 100). و ان كان لم يعمل بكمال شرايعه لعلة ما لم يمهله في الوقت الي استتمام امره. و قد حظر علي البالغ ما لم يحظر علي الطفل اذا لم يبلغ الحلم في قوله: «و قل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن - الآية -»(سورة النور آية 31). فلم يجعل عليهن حرجا في ابداء الزينة للطفل و كذلك لا تجري عليه الاحكام. و اما قوله: الزاد. فمعناه الجدة و البلغة التي يستعين بها العبد علي ما امره الله به. و ذلك قوله: «ما علي المحسنين من سبيل - الاية -»

(سورة التوبة آية 91). ألا تري انه قبل عذر من لم يجد ما ينفق و الزم الحجة كل من امكنته البلغة و الراحلة للحج و الجهاد و أشباه ذلك. و كذلك قبل عذر الفقراء و اوجب لهم حقا في مال الاغنياء بقوله: «للفقراء الذين احصروا في سبيل الله - الاية -» (سورة البقرة آية 273). فأمر باعفائهم و لم يكلفهم الاعداء لما لا يستطيعون و لا يملكون. و اما قوله: في السبب المهيج. فهو النية التي هي داعية الانسان [ صفحه 169] الي جميع الافعال و حاستها القلب فمن فعل و كان بدين لم يعقد قلبه علي ذلك لم يقبل الله منه عملا الا بصدق النية و لذلك اخبر عن المنافقين بقوله: « يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم و الله اعلم بما يكتمون» (سورة آل عمران آية 166). ثم انزل علي نبيه صلي الله عليه و آله و سلم توبيخا للمؤمنين. « يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون - الآية -» (سورة الصف آية 2). فاذا قال الرجل قولا و اعتقد في قوله دعته النية الي تصديق القول باظهار الفعل. و اذا لم يعتقد القول لم تتبين حقيقته. و قد اجاز الله صدق النية و ان كان الفعل غير موافق لها لعلة مانع يمنع اظهار الفعل في قوله: «الا من أكره و قلبه مطمئن بالأيمان» (سورة النحل آية 106). و قوله: «لايؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم» (سورة البقرة آية 225). فدل القرآن و اخبار الرسول صلي الله عليه و آله و سلم ان القلب مالك لجميع الحواس يصحح افعالها و لا يبطل ما يصحح القلب شي ء. فهذا شرح جميع الخمسة الامثال

التي ذكرها الصادق عليه السلام انها تجمع المنزلة بين المنزلتين و هما الجبر و التفويض. فاذا اجتمع في الانسان كمال هذه الخمسة الامثال وجب عليه العمل كما لما امر الله عزوجل به و رسوله، و اذا نقص العبد منها خلة كان العمل عنها مطروحا بحسب ذلك. فاما شواهد القرآن علي الاختبار و البلوي بالاستطاعة التي تجمع القول بين القولين فكثيرة. و من ذلك قوله: «و لنبلونكم حتي نعلم المجاهدين منكم و الصابرين و نبلو اخباركم» (سورة محمد - اي لنعاملكم معاملة المختبر). و قال: «سنستدرجهم من حيث لا يعلمون» (سورة الاعراف آية 181). و قال: «الم - أحسب الناس ان يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون» (سورة العنكبوت آية 1) و قال في الفتن التي معناها الاختبار «و لقد فتنا سليمان - الآية -» (سورة ص آية 33). و قال في قصة موسي عليه السلام: «فانا قد فتنا قومك من بعدك و اضلهم السامري» (سورة طه آية 87). و قول موسي: «ان هي الا فتنتك» (سورة الاعراف آية 154). اي اختبارك فهذه الايات يقاس بعضها ببعض و يشهد بعضها لبعض. و اما آيات البلوي بمعني الأختبار قوله: «ليبلوكم فيما آتاكم» [ صفحه 170] (سورة المائدة آية 48). و قوله: «ثم صرفكم عنهم ليبتليكم» (سورة آل عمران آية 152). و قوله: «انا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة» (سورة القلم آية 17). و قوله: «خلق الموت و الحيوة ليبلوكم أيكم احسن عملا» (سورة الملك آية 2). و قوله: «و اذ ابتلي ابراهيم ربه بكلمات» (سورة البقرة آية 123). و قوله: «ولو يشاء الله لا نتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض» (سورة محمد آية 5). و كلما في

القرآن من بلوي هذه الايات التي شرح اولها فهي اختبار و امثالها في القرآن كثيرة. فهي اثبات الاختبار و البلوي: ان الله جل و عز لم يخلق الخلق عبثا و لا اهملهم سدي و لا اظهر حكمته لعبا و بذلك اخبر في قوله: «أفحسبتم انما خلقناكم عبثا» (سورة المؤمنون آية 110). فان قال قائل: فلم يعلم الله ما يكون من العباد حتي اختبرهم؟ قلنا: بلي، قد علم ما يكون منهم قبل كونه و ذلك قوله: «ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه» (سورة الانعام آية 28). و انما اختبرهم ليعلمهم عدله و لا يعذبهم الا بحجة بعد الفعل. و قد اخبر بقوله: «ولو انا اهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا ارسلت الينا رسولا» (سورة طه آية 134). و قوله: «و ما كنا معذبين حتي نبعث رسولا» (سورة الاسراء آية 16). و قوله: «رسلا مبشرين و منذرين» (سورة النساء آية 163). فالاختبار من الله بالاستطاعة التي ملكها عبده و هو القول بين الجبر و التفويض. و بهذا نطق القرآن و جرت الاخبار عن الائمة من آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم. فان قالوا: ما الحجة في قول الله: «يهدي من يشاء و يضل من يشاء ما أشبهها؟ قيل: مجاز هذه الآيات كلها علي معنيين: اما احدهما فاخبار عن قدرته اي انه قادر علي هداية من يشاء و ضلال من يشاء و اذا اخبرهم بقدرته علي احدهما لم يجب لهم ثواب و لا عليهم عقاب علي نحو ما شرحنا في الكتاب. و المعني الاخر ان الهداية منه تعريفه كقوله: «و اما ثمود فهديناهم» اي عرفناهم « فاستحبوا العمي علي الهدي» فلو أجبرهم علي الهدي

لم يقدروا ان يضلوا و ليس كلما وردت آية مشتبهة كانت الآية حجة علي محكم الآيات اللواتي امرنا بالاخذ بها، من ذلك قوله: «منه آيات محكمات هن أم الكتاب [ صفحه 171] و أخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله و ما يعلم - الآية -» و قال: «فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه» اي أحكمه و اشرحه «اولئك الذين هداهم الله و اولئك هم اولوا الالباب». وفقنا الله و اياكم الي القول و العمل لما يحب و يرضي و جنبنا و اياكم معاصيه بمنه و فضله و الحمدلله كثيرا كما هو اهله و صلي الله علي محمد و آله الطيبين و حسبنا الله و نعم الوكيل.

پاورقي

[1] الارشاد للمفيد ص 369. و اصول الكافي كتاب الحجة باب الامام الهادي. واعلام الوري لابي علي الطبرسي ص 355. و تاج المواليد للطبرسي ص 131.

[2] تاريخ الائمة لابن ابي الثلج البغدادي المتوفي سنة 325 و ممن له حق رواية هذا الكتاب السيد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي. و مواليد الائمة للمفيد ص 11.

[3] انطر اعلام الوري ص 355.

[4] تاج المواليد في مواليد الائمة و وفياتهم للطبرسي ص 55.

[5] مسار الشيعة للمفيد ص 34.

[6] اعلام الوري ص 355. و الارشاد ص 368.

[7] انظر اصول الكافي كتاب الحجة باب الامام الهادي.

[8] تاريخ الائمة ص 31.

[9] زهرة المقول في نسب ثاني فرعي الرسول للسيد علي بن الحسن بن شدقم ص 61.

[10] انظر اعلام الوري ص 355.

[11] المصدر السابق.

[12] كشف الغمة ج 2 ص 374 و بخصوص تلقيبه بالهادي راجع ص 376.

[13] كتاب القاب الرسول و عترته برواية السيد شهاب الدين المرعشي النجفي

ص 23.

[14] اعلام الوري.

[15] انظر سبائك الذهب لمحمد امين السويدي ص 77.

[16] انظر اعلام الوري ص 355.

[17] الارشاد ص 368.

[18] اعلام الوري ص 356.

[19] اعلام الوري ص 359 و الارشاد.

[20] اعلام الوري ص 360.

[21] المصدر السابق.

[22] كشف الغمة ج 2 ص 389.

[23] انظر تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 335 / سنعتمد بدرجة كبيرة علي هذا الكتاب في هذا الفصل لاعتبارين هما: أ) كون المؤلف من مدرسة الخلفاء و ان توجهه العام هو مدحهم و الدفاع عنهم لذلك فما يرد في كتابه من قدح فيهم يعتبر الحد الادني و الشي ء الذي لا يمكن اخفاؤه. ب) كون الكتاب من الكتب المتأخرة لذلك أتيح لمؤلفة الاطلاع علي تواريخ الذين من قبله مما يجعله اشمل. علي اننا سنستعين بمصادر اخري لدراسة الوضع السياسي.

[24] المصدر السابق ص 338.

[25] المصدر السابق.

[26] تاريخ ابن الوردي ج 1 ص 232.

[27] الانباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني ص 104.

[28] تاريخ الخلفاء ص 338.

[29] تاريخ ابن الوردي ج 1 ص 232.

[30] تاريخ الخلفاء ص 336 - 335.

[31] تاريخ اليعقوبي ص 212.

[32] تاريخ الدول الاسلامية او الفخري في الاداب السلطانية و الدول الاسلامية لمحمد بن علي بن طباطبا ص 231.

[33] تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 214 - 212.

[34] في تاريخ ابن الوردي اسم الملك الرومي (نوفيل) ج 1 ص 232.

[35] تاريخ مختصر الدول لغريغورس الملطي المعروف بابن العبري.

[36] تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 215.

[37] تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 366.

[38] اصول الكافي كتاب الحجة باب الامام الجواد.

[39] انظر مقاتل الطالبيين ص 384.

[40] سر السلسلة العلوية ص 56.

[41] مقاتل الطالبيين ص 391.

[42] المصدر السابق ص 392.

[43] ص 391 - 384.

[44] المصدر السابق ص 393.

[45] ذكر ابن الكازروني في مختصر التاريخ تحقيق د. مصطفي

جواد تحت عنوان قضاة المعتصم ص 141 «و لم يعزل قضاة اخيه المأمون..» و ذكر في قضاة المأمون ص 137 اسم يحيي بن أكثم.

[46] هو ابومحمد موسي المبرقع اخو ابي الحسن الهادي عليه السلام من طرف الاب و الام كانت أمهما ام ولد تسمي سمانه المغربية و كان موسي جد السادات الرضوية، قدم قم سنة 256 و هو اول من انتقل من الكوفة الي قم من السادات الرضوية و كان يسدل علي وجهه برقعا دائما و لذلك يسمي بالمبرقع. و اقام بقم حتي مات سنة 266 و دفن في داره.

[47] ابن صفية هو الزبير بن العوام المعروف الذي قتله يوم الجمل ابن جرموز و القصة مشهورة مذكورة في التواريخ.

[48] الحمة: بالفتح فالتشديد، العين الحارة التي يستشفي بها الاعلاء المرضي.

[49] انظر نص الحديث في تحف العقول ص 352. و الاختصاص للمفيد ص 88.

[50] تاريخ الخلفاء ص 335.

[51] تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 218.

[52] تاريخ الخلفاء ص 340.

[53] المصدر السابق ص 342.

[54] المصدر السابق.

[55] المصدر السابق ص 345.

[56] المصدر السابق.

[57] المصدر السابق ص 343.

[58] المصدر السابق.

[59] المصدر السابق و المرت القفر الذي لا ينبت شيئا.

[60] المصدر السابق ص 345.

[61] تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 221.

[62] تاريخ الخلفاء ص 340.

[63] المصدر السابق ص 341.

[64] تاريخ ابن الوردي ص 335.

[65] امالي الصدوق ص 489.

[66] تاريخ الخلفاء ص 340.

[67] تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 220.

[68] مختصر التاريخ لابن الكازروني ص 144.

[69] تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 219.

[70] المصدر السابق.

[71] المصدر السابق ص 219.

[72] المصدر السابق ص 220.

[73] المصدر السابق ص 221.

[74] المصدر السابق ص 222.

[75] مقاتل الطالبيين ص 394.

[76] الفخري لابن طقطقا ص 236.

[77] مختصر التاريخ ص 142.

[78] اصول الكافي كتاب الحجة الامام الهادي.

[79] تذكرة الخواص

ص 360.

[80] المصدر السابق.

[81] انظر تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 222.

[82] تاريخ الخلفاء ص 346.

[83] المصدر السابق ص 351.

[84] المصدر السابق ص 349.

[85] المصدر السابق.

[86] تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 229.

[87] المصدر السابق ص 222.

[88] المصدر السابق ص 230.

[89] المصدر السابق ص 223.

[90] تاريخ السيوطي ص 346.

[91] تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 225.

[92] تاريخ السيوطي ص 347.

[93] تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 226.

[94] المصدر السابق.

[95] المصدر السابق ص 227.

[96] المصدر السابق.

[97] المصدر السابق ص 228.

[98] المصدر السابق ص 230.

[99] مقاتل الطالبيين لابي الفرج الاصبهاني ص 406. [

[100] المصدر السابق.

[101] مقاتل الطالبيين ص 396.

[102] المصدر السابق ص 407.

[103] المصدر السابق.

[104] المصدر السابق.

[105] المصدر السابق ص 408.

[106] المصدر السابق.

[107] المصدر السابق ص 417.

[108] اتقان المقال للحجة الشيخ محمد طه نجف ص 214.

[109] تاريخ السيوطي ص 348.

[110] رجال النجاشي ص 349.

[111] اصول الكافي كتاب الحجة باب الامام الهادي.

[112] رجال العلامة ص 99.

[113] تاريخ الخلفاء ص 347.

[114] مقاتل الطالبيين ص 396.

[115] اصول الكافي كتاب الحجة باب الامام الهادي.

[116] اعلام الوري ص 366.

[117] تذكرة الخواص ص 360 - 359.

[118] اعلام الوري ص 366.

[119] اصول الكافي كتاب الحجة باب الامام الهادي.

[120] المصدر السابق.

[121] تذكرة الخواص ص 361.

[122] كشف الغمة ج 2 ص 394.

[123] اصول الكافي كتاب الحجة باب الامام الهادي.

[124] اعلام الوري ص 364.

[125] كشف الغمة ج 2 ص 396.

[126] سيرة الائمة الاثني عشر ج 3 ص 494.

[127] تاريخ الخلفاء ص 350.

[128] كشف الغمة ج 2 ص 394.

[129] مقاتل الطالبيين ص 396.

[130] تاريخ الخلفاء ص 356.

[131] مقاتل الطالبيين ص 419.

[132] تاريخ الخلفاء ص 357.

[133] المصدر السابق ص 358.

[134] مقاتل الطالبيين ص 420.

[135] المصدر السابق ص 430.

[136] المصدر السابق.

[137] المصدر السابق ص

422.

[138] مقاتل الطالبيين ص 424.

[139] تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 359.

[140] المصدر السابق.

[141] المصدر السابق ص 360.

[142] المصدر السابق.

[143] مقاتل الطالبيين ص 434.

[144] المصدر السابق.

[145] المصدر السابق ص 433.

[146] المصدر السابق ص 434.

[147] المصدر السابق.

[148] تاريخ اليعقوبي ج 3.

[149] اعلام الوري ص 355.

[150] تذكرة الخواص ص 362.

[151] اعلام الوري ص 362.

[152] كشف الغمة ج 2 ص 378.

[153] المصدر السابق ص 395.

[154] مقاتل الطالبيين ص 432.

[155] المصدر السابق ص 433.

[156] الغلو و الفرق المغالية في الحضارة الاسلامية الملحق ص 290.

[157] انظر فرق الشيعة للنوبختي ص 100.

[158] رجال الكشي ص 436.

[159] المصدر السابق.

[160] المصدر السابق ص 438.

[161] المصدر السابق ص 439.

[162] المصدر السابق ص 444.

[163] المصدر السابق ص 437.

[164] رجال النجاشي ص 238.

[165] انظر المصدر السابق ص 444 - 440.

[166] اعلام الوري ص 411.

[167] تحف العقول من كلام الامام الهادي.

[168] المصدر السابق.

[169] المصدر السابق.

[170] المصدر السابق.

[171] المصدر السابق.

[172] المصدر السابق.

[173] المصدر السابق.

[174] المصدر السابق.

[175] المصدر السابق.

[176] المصدر السابق.

[177] سيرة الائمة الاثني عشر ج 2 ص 494.

[178] المصدر السابق.

[179] اصول الكافي كتاب الحجة باب الامام الهادي.

[180] دلائل الامامة للطبري ص 219.

[181] تحف العقول.

[182] تاريخ الكوفة ص 393.

[183] الاحتجاج ج 2، ص 250.

[184] المصدر السابق ص 251.

[185] راجع تحف العقول ص 352 - 339. و الاحتجاج ج 2 ص 251.

[186] تحف العقول.

[187] السيد الحماني: هو ابو حسين علي بن محمد بن جعفر بن محمد ابن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب الكوفي المعروف بالافوه المتوفي سنة 301 ه.

[188] انظر الغدير ج 3 ص 58.

[189] اعلام الوري ص 364.

[190] اعلام الوري ص 360.

[191] كشف الغمة ج 2 ص 333.

[192] المصدر السابق ج 2 ص 390.

[193] كشف الغمة

ج 2 ص 392.

[194] الاحتجاج ج 2 ص 260.

[195] هو العليل علي بن جعفر الهمداني كما بين المامقاني في رجاله.

[196] الثائر الحميري الحسن بن الصباح لمصطفي غالب ص 58.

[197] راجع رجال الكشي ص 433 - 432.

[198] زيارة مروية باسناد معتبرة عن الامام علي بن محمد النقي عليهماالسلام قد زار (ع) بها الامير (ع) يوم الغدير في السنة التي اشخصه المعتصم.

[199] مفاتيح الجنان.

[200] تحف العقول ص 357.

[201] انظر اتقان المقال نقلا عن ثواب الاعمال.

[202] مفاتيح الجنان ص 359.

[203] المصدر السابق ص 425.

[204] المصدر السابق ص 483.

[205] المصدر السابق ص 484.

[206] انظر فرحة الغري ص 111.

[207] اعلام الوري ص 438 - 437.

[208] المصدر السابق ص 438.

[209] المصدر السابق ص 439 - 438.

[210] انظر تحف العقول ص 352 - 338.

[211] انظر ذرايع اللسان لمحمد رضا الطبسي ج 2 ص 37.

[212] كشف الغمة ج 2 ص 385.

[213] ثواب الاعمال للصدوق ص 99.

[214] انظر مفاتيح الجنان للشيخ عباس القمي ص 565.

[215] انظر المصدر السابق. و قد ذكر حديث عرض دينه في اعلام الوري ص 436.

[216] رجال العلامة الحلي ص 68.

[217] اعلام الوري ص 360.

[218] المصدر السابق ص 361.

[219] المصدر السابق ص 366.

[220] رجال العلامة ص 92.

[221] رجال النجاشي ص 392.

[222] المصدر السابق ص 71.

[223] اتقان المقال ص 12.

[224] انظر رجال العلامة ص 14.

[225] المصدر السابق ص 187.

[226] المصدر السابق ص 49.

[227] رجال الكشي ص 430.

[228] رجال النجاشي ص 123.

[229] رجال العلامة ص 12.

[230] كشف الغمة ج 2 ص 386.

[231] رجال العلامة ص 16.

[232] انظر رجال النجاشي ص 72.

[233] انظر رجال العلامة ص 31.

[234] المصدر السابق ص 99.

[235] النجاشي ص 214.

[236] انظر رجال العلامة ص 142.

[237] رجال الكشي ص 506.

[238] رجال

النجاشي ص 215.

[239] اصول الكافي كتاب الحجة باب الامام الهادي.

[240] رجال الكشي ص 506.

[241] رجال العلامة ص 188.

[242] المصدر السابق ص 142.

[243] المصدر السابق ص 39.

[244] المصدر السابق ص 187.

[245] رجال النجاشي ص 357.

[246] رجال العلامة ص 68.

[247] انظر الفهرست للطوسي ص 68.

[248] اتقان المقال محمد طه نجف ص 91.

[249] رجال النجاشي ص 208.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.