مناسك الحج

اشارة

سرشناسه : مکارم شیرازی ناصر، - 1305 عنوان و نام پديدآور : مناسک الحج مطابقه لفتاوی مکارم شیرازی مشخصات نشر : قم هدف [1373؟]. مشخصات ظاهری : ص 256 شابک : 1000ریال وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی موضوع : حج موضوع : فقه جعفری -- رساله عملیه رده بندی کنگره : BP188/8 /م 75م 8 1373 رده بندی دیویی : 297/357 شماره کتابشناسی ملی : م 73-3384

ملحوظة

كان القسم الاكبر من مسائل هذه «المناسك» جاهزاً للطبع في العام الماضي ولكن طُلِبَ من المؤلف الجليل نظراً لتشرّفه بحج بيت اللَّه الحرام في تلك السنة ومشاهدته عن كثب للمسائل الحديثة، ومشاكل حجاج بيت اللَّه الحرام، أن يضيف إلى مسائل هذه المناسك ما يكون موضع الحاجة منها، ولبّى سماحته هذا الطلب، فكانت هذه المناسك التي جاءت وللَّه الحمد في صورة اكثر جامعية وشمولية (وقد جاء بعض هذه المسائل الحديثة في آخر المناسك قبل المستحبات) وأملنا أن لا تنسونا من صالح دعواتكم.

كلمة الدار

مناسك الحج، ص: 4

بسمه تعالى العمل بهذه الرسالة الشريفة (مناسك الحج) مجزٍ ان شاء اللَّه تعالى قم- ناصر مكارم الشيرازى مناسك الحج، ص: 5

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ*

الحمد للَّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين

اهمية الحج في الاسلام

الحجُّ من أركان الإسلام المهمّة ومن أكبر الفرائض الدينيّة.

ولقد عبّر القرآن الكريم عن الأهمية الفائقة للحج في عبارة قصيرة بليغة اذ قال: «وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» ثم قال معقّباً على ذلك: «وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ» «1»

مناسك الحج، ص: 6

أي من ترك الحج فقد أضرّ بنفسه.

إنّ جملة «وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ» بضميمة لفظة «كَفَرَ» الناظرة إلى من يَترك الحج الواجب عليه، تكشف عن الأهمية القصوى لفريضة الحجّ في الاسلام، وتوضحها تماماً.

والمُلفت للنظر أنه روي في تفسير قوله تعالى في الآية الكريمة 2 من سورة الاسراء: «وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّ سَبِيلًا». «1»

عن الامام الصادق عليه السلام أن أحد معاني هذه الآية هو تسويف الحج الواجب حتى يحل الأجل ويدرك المسوّفَ الموتُ، فإِنّ مثل هذا الشخص سيحشر يوم القيامة أعمى «2».

وقد جاء في

حديث آخر: أن «من ترك الحج الواجب من دون عذر حُشِر يوم القيامة يهودياً أو نصرانياً».

وفي المقابل، ورد في الأحاديث الاسلامية لمن يحج من المثوبات العظيمة ما قلّ نظيره في عمل آخر من الأعمال.

مناسك الحج، ص: 7

فاننا نقرأ في حديث عن الامام الصادق عليه السلام:

«الحاج والمعتمر وفد اللَّه إن سألوه أعطاهم وإن دعوه أجابهم وان شُفعوا شفعهم، ... وإن مات متوجهاً غفر اللَّه له ذنوبه».

كما ونقرأ في حديث آخر:

«إنّ الحج المبرُور لا يعدلُه شي ءٌ، ولا جزاء له إلّاالجنة»!

«وأن الحاج يكون كيوم ولدته امّه»!

وهذه أكبر موهبة، وأعلى مفخرة، وأعظم مثوبة.

***

اسرار الحج

إنّ المثوبات العظيمة والاستثنائية المذكورة للحج التي وردت في الأحاديث السالفة، وغيرها من الأحاديث، وكذا العقوبات الشديدة الّتي ذُكرت في القرآن الكريم، والأحاديث الشريفة لمن يترك هذه الفريضة تحكي في الحقيقة عمّا في هذه العبادة الاسلامية الكبرى من أسرار، وحكم، ومن فلسفة وهدف.

فالقرآن الكريم يتحدث عن الحج في عبارة مقتضبة وغنيّة بالمعانى قائلًا: «لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ». «1»

وهذه المنافع عديدةٌ وكثيرةٌ وقد اشير إليها في أحاديث مناسك الحج، ص: 10

المعصومين عليهم السلام، ومنها:

1- تربية النفوس، وتهذيب الأخلاق وتقوية اسس التقوى والاخلاص.

إن العبارة التي مرّت قبل قليل وهي أن الحج المقبول يوجب تساقط الذنوب، ونقاء الانسان منها كاملًا، وان الحاج يكون كيوم ولدته امُّه، دليل واضح على ما للحجّ من تأثير في مجال صفاء النفس وطهارة الروح، وإزالة آثار الذنوب التي ارتكبها الانسان طيلة عمره.

ولا شكّ أنّ هذه الفائدة الأخلاقية الكبرى إنما تحصل وتتحقق إذا التفت حُجّاج بيت اللَّه الحرام، وزُوّاره الكرام إلى أسرار الأعمال والمناسك التي يؤدونها بصورة دقيقة حتى يكون كل عمل يقومون به خطوة يخطونها نحو اللَّه تعالى، المعبود الحقيقي، والمحبوب الواقعي، وتكون هذه العبادة

الكبرى والغنيّة بالنسبة إليهم بمثابة «ولادة ثانية» وجديدة.

إنّ الذين يأتون بهذه العبادة الروحية الكبرى بمنتهى مناسك الحج، ص: 11

الإخلاص، ومع الالتفات إلى أسرارها وحِكَمِها، يعيشون آثارها العميقة في أعماق أنفسهم إلى نهاية حياتهم، وكلّما تذكروا أحداث هذه الرحلة الروحانية، ووقائعها المفعمة بالصفاء والإخلاص والمعنوية شعروا بروح جديدة تسري في عروقهم.

(هذا عن الآثار التربوية والأخلاقية للحج).

2- إن «الآثار السياسيّة» التي يَنطوي عليها الحجُ إلى جانب الآثار التربويّة، مهمة هي الاخرى أيضاً لأن الحج لو اتي به- كما أمر به الاسلام ودعى إليه محطم الاوثان النبىّ ابراهيم الخليل الناس جميعاً- لكان سبباً لغزة المسلمين، ودعم اسس الدين، ولأدى إلى وحدة الكلمة، وتعاظم قوة المسلمين وشوكتهم أمام الأعداء وجَسَّد البراءة من مشكري العالم أجمع.

إن هذا المؤتمر الإلهيّ الذي يقام عند بيت اللَّه المعظَّم لهو خير فرصةٍ للمسلمين حتى يستعيدوا تنظيم صفوفهم، واعادة بناء قوتهم الذاتية وتقوية قواعد اخوّتهم، وابطال مناسك الحج، ص: 12

مكائد أعداءِ الإسلام ومؤامراتهم طوال سنة كاملة.

ولكن- وللأسف- كما أن بعض المسلمين لم يدرك عمق الفلسفة الأخلاقية للحج، لم يدرك كذلك الفلسفة السياسية لهذه الفريضة العظيمة، بل اكتفى بظواهرها، وغفل عن روحها، وغايتها الجوهرية.

وكما قال أحد الساسة الأجانب: «ويل للمسلمين إذا لم يعرفوا معنى الحج، وويلٌ لأعداءِ الإسلام إذا أدرك المسلمون معنى الحج!».

3- إن «الآثار العلميّة والثقافية» هي الاخرى من آثار الحج الهامّة التي وردت الإشارة إليها في أحاديث المعصومين عليهم السلام، فان الحاج يرى آثار رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم والأئمة المعصومين في كلِ شبرٍ من أرض مكة والمدينة ومواقف الحج.

كما أن حضور علماء الاسلام الكبار من جميع البلدان، سواء علماء الدين، أو الاساتذة من ذوي الاختصاص في العلوم الاخرى، والخطباء

والمؤلفون الذين يشاركون مناسك الحج، ص: 13

في الحج كل عام، كل ذلك فرصة طيّبة لمسلمي العالم لتبادل المعلومات، في جميع الأصعدة الدينية والعلمية.

كما وأنهم يحصلون- مضافاً إلى ذلك- معلومات هامة عن اوضاع المسلمين في كل نقاط العالم في ذلك المكان، الأمر الذى لو خطِّط له بعناية لظهرت له آثار عظيمة في العالم الاسلامي كل عام.

4- ولقد عَدَّت الأحاديثُ الاسلاميةُ «الغايات الاقتصاديّة» من الآثار المترتبة على الحج، وأحد أهداف هذه الفريضة الكبرى.

ومن الممكن أن يتصور أحد عدم ارتباط الحج بالقضايا الإقتصادية، فيقول وأي علاقة للحج بالاقتصاد؟

ولكنه لو علم أنّ أهم مشكلة يعانيها المسلمون اليوم هو «التبعيّة الاقتصادية» أي ارتباطهم الشديد- في الإقتصاد بأعداء الإسلام، وأنه يمكن أن تقام- على هامش الحج- مؤتمرات وندوات عظيمة من المختصّين في الشؤون الإقتصادية، لمعالجة المشاكل الإقتصادية ودارسة

مناسك الحج، ص: 14

الطروح المفيدة في هذا المجال بحيث يستطيع المسلمون التحرر من سيطرة الأجانب، وسلطتهم في هذا المجال، لاتّضحت أهمية هذا الموضوع «1»

وخلاصة القول: أنّ للحجّ أسراراً هامّة وعديدة ينبغي أن تُبحث وتدوَّن في كتب مستقلَّة، ويتم تعليمها للمسلمين، والشباب منهم خاصّة.

***

شرائط وجوب الحج

(المسألة 1) يجب الحج في العمر مرّةً واحدةً بالشروط التالية:

1- البلوغ 2- العقل 3- أن لا يؤدي الحج إلى ترك واجبٍ أهمٍّ، أو الإتيان بحرام تكون أهميّته في الشرع أكبر.

4- الإستطاعة وهي تحصل بعدة امور هي:

1/ أن يكون عنده ما ينفقه في السفر مثل تكاليف النقل والطعام والشراب وغير ذلك مما يحتاج إليه.

2/ أن يكون عنده جواز سفر، ولا يكون هناك مانع مناسك الحج، ص: 16

في الطريق، وما يخاف منه على النفس والمال والعرض.

3/ أن يكون قادراً بدنياً على الإتيان بأعمال الحج.

4/ أن يكون هناك وقتٌ كافٍ للوصول إلى مكة، والإتيان

بأعمال الحج.

5/ أن يكون عنده ما ينفق على زوجته وأولاده ومن تجب نفقتُهم عليه شرعاً أو عرفاً، طوال مدة الحج.

6/ أن يكون عنده مال أو شغل يستطيع أن يدير به معيشته بعد العودة من الحج.

(المسألة 2) لا يجب الحجُّ على من كان محتاجاً إلى منزلٍ ومسكنٍ شخصيٍّ، إلّابعدَ أن يملك ثمن المسكن.

ولكن إذا أمكنه رفع حاجته بمسكن مستأجَر أو موقوفٍ، أو ما شابه ذلك صارَ في هذه الحالة مستطيعاً لو كان عنده نفقة الحج.

(المسألة 3) إذا لم يكن يملك نفقة الحجّ ولكن وَهَبَ له أحدٌ مالًا، أو جعل تحت تصرّفه ما يستطيع أن يذهب مناسك الحج، ص: 17

به إلى الحج، وأنفق على عياله في هذه المدة، وجب عليه الحج، وان كان مديناً ولم يكن عنده المال الكافي للإنفاق على نفسه وعياله بعد العودة من الحج. ويجب قبولُ مثل هذه الهديّة، الّا أن يكون مقروناً بمنة أو ضرر أو مشقة لا تتحمَّل.

وتكفي هذه الحِجة عن حجة الإسلام الواجبة.

(المسألة 4) من يُستخدَم في الحج سواء كان كعالم ديني (مرشد القافلة) أو كمدير القافلة أو معاونه أو كعضو في بعثة الحج أو كطبيب أو ممرّض أو ممرضة أو كمسؤل عن إقرار النظم (بوليس) أو مسؤول بنك وغير ذلك، إذا أتى بالحج، كفت حجّته عن الحجة الواجبة بشرط أن تكون نفقة عياله في هذه المدة مكفولة، ولكن لا يجب قبول مثل هذا الاستخدام.

(المسألة 5) لا يجب الحج على من يمكنه إقتراض نفقة الحج، وإن أمكنه دفع و تسديد دينه فيما بعد دفعة واحدة أو على نحو الأقساط.

مناسك الحج، ص: 18

(المسألة 6) لا يجوز الإتيان بالحج بالمال الحرام أو غير المُخمَّس، ولو أحرم أو طاف أو سعى في لباس الاحرام

الذي يكون من مال حرام أو غير مُخمَّس، أو كان ثمن اضحيته أو اجرة خيمته، أو فراشه الذى يقف عليه في عرفات أو يبيت عليه في منى من هذا المال كان حجّه باطلًا على الأحوط.

الحج المندوب (الاستحبابي)

(المسألة 7) يُستحبّ لمن لا تتوفر فيه الاستطاعة أو بقية الشروط المعتبرة، أو كان قد أدّى الحج الواجب، أن يحجّ. بل يستحب تكرار الحج كل عام، ولكن ينبغي إذا كان الزحام كبيراً جداً بحيث يوجب مزاحمة شديدة للّذين لم يحجّوا بعد، أن يترك الحج الاستحبابي المندوب مؤقتاً.

وهكذا إذا كان الحج بالدور، فانّه ينبغي أن يترك الدور لمن يجب عليه الحج لأول مرة.

ولكن إذا خلي بيت اللَّه- افتراضاً- من الزوّار والحجيج في سنةٍ من السنين بحيث لم يبلغ العدد الكافي وجب مناسك الحج، ص: 20

على الحاكم الشرعي أن يبعث جماعة إلى الحج، وإن كانوا قد أدوا فرضهم من قبل.

(المسألة 8) لا يُشترط في الحج الواجب إذن الزوج، ولكن يشترط ذلك في الحج المندوب، بل لا يصحّ الحج المندوب (الاستحبابي) فيما لو أوجب أن يتأذّى الأبُ أو الامّ.

***

الحجّ النيابيّ (الاستيجاريّ)

(المسألة 9) يجوز استئجار أحدٍ ليقومَ بالحجّ الواجب أو المستحب نيابةً عن الميت.

وأما النيابة عن الحي فيصحّ الاستيجار لها للحجّ المستحبّ فقط، إلّااذا كان الحي ممن وجب عليه الحج ولكنه أخّره تقصيراً، ثم تعذّر عليه الحجُ لمرضٍ أو شيخوخةٍ أو عجزٍ، ففي هذه الصورة يجب أن يستنيب أحداً ليحجّ عنه.

أما إذا لم يكن الانسان مستطيعاً بدنياً يوم استطاع ماليّاً، أو كان طريق الحج مسدودةً لم يجب عليه الحج ولم تجب عليه الاستنابة لا في حال الحياة ولا بعد الممات.

(المسألة 10) يجوز للمرأة أن تنوب عن الرجل، وكذا يجوز للرجل أن ينوب عن المرأة في الإتيان بالحج، ويعمل كل واحدٍ حسب وظيفته في مثل هذه الحجة (أي الحجة النيابية)

مناسك الحج، ص: 22

فإذا كانت المرأة هي النائبة تعمل حسب وظيفة النساء، وإذا كان الرجل هو النائب يعمل حسب وظيفة الرجال.

ولكن الأفضل

أن تنوب المرأة عن المرأة والرجل عن الرجل.

(المسألة 11) لا يجوز لمن وَجَبَ عليه الحجُّ أن يؤجّر نفسه للاتيان بالحج، ولكن لو فعل ذلك صحَ الحجّ النيابيّ الذى أتى به، وإن أثم و عصى

(المسألة 12) إذا استؤجر أحدٌ للحج، ولم يُعيّن متى وفي أية سنة يأتي بالحج، كانت وظيفة الإتيان بالحج في أول سنة.

(المسألة 13) يجوز استيجار أحد للاتيان بالحج الواجب نيابةٍ عن الميت من «ميقات» الحجّ وتُخرَج الاجرة من اصل تركة الميت.

ولكن إذا أذِنَ الورثة جاز الإتيان بالحج عن الميت من بلده (ويسمى بالحج البلدي) ولكن التفاوت بين الحج الميقاتي والبلدي يدفعه الورثة الكبار فقط.

(المسألة 14) يجب أن يعرف النائبُ مسائل الحج وأحكامه، ولا يشترط أن يكون قد حجّ قبل ذلك.

***

الحج المنذور

(المسألة 15) مَن نَذَرَ الحجّ عن قصد وإختيار وهو بالغٌ عاقلٌ وجب عليه الحج.

ولكن إذا نَذَرت المرأة الحجّ، من دون إذن زوجها، فان تنافى مع حقّه لم يجز، وإلّا صحّ.

(المسألة 16) إذا نَذر الحجّ ولم يعيّن له زماناً جاز له التأخير، وإذا عيّن الزمان وجب الإتيان به في ذلك الزمان، وإذا لم يات به في ذلك الزمان عمداً وجبت عليه الكفارة والأحوط أن يقضيه أيضاً.

(المسألة 17) لو نذر أحدٌ: أنّه إذا قضيت حاجته الفلانية حجّ، ثم مات قبل أن تُقضى حاجته لم يجب قضاءُ النذر.

مناسك الحج، ص: 24

وأما إذا مات بعد قضاء الحاجة وجب على الورثة الحجّ عنه، أو استيجار من يأتي به نيابةً عن ذلك الميت، والأحوط أن تدفع الاجرة من أصل تركة الميّت برضا الورثة إذا كان كلهم كباراً.

***

أقسام الحج

(المسألة 18) الحجّ ثلاثة أقسام: «حجُّ التمتّع»، «حجّ القرآن» و «حجّ الإفراد».

و «حجّ التمتع» وظيفة من يبعد مسكنه عن مكة المكرمة بثمان و أربعين ميلًا أو أكثر (أي ما يقارب ستة وثمانين كيلومتراً).

والقسم الثاني والثالث (أي القران والإفراد) وظيفة أهل مكة، ومن يبعد مسكنه عن مكة بأقل من المسافة المذكورة.

(المسألة 19) من كان مِن أهل مكة ثم سافر إلى خارج مكة ثم عاد إليها جاز له أن يأتي بِحجّ التمتّع أو القران أو الإفراد.

مناسك الحج، ص: 26

ومن كان من الذين يسكنون خارج المسافة المذكورة إذا أقام في مكة أكثر من سنتين كانت وظيفتُه نفس وظيفة أهل مكة سواء استطاع قبل هذه المدة أو لم يستطع، وسواء كانت إقامته بقصد التوطن، أو بقصد البقاء مدةً محدودةً ولكنه بقي أكثر من سنتين.

(المسألة 20) حيث أن أكثر المسلمين في جميع نقاط العالم تشملهم وظيفة «حجّ التمتع» لهذا

فان الأحكام المذكورة في هذه المناسك ترتبط بحج التمتّع.

***

كيفية حجّ التمتّع

اشارة

(المسألة 21) كيفيّة حج التمتع هي على نحو الاجمال كالتالي:

1- عمرة التمتّع:

يجب أن تقع عمرة التمتع في أشهر الحج حتماً (وهذه الأشهر هي شوال وذو القعدة وذو الحجة)، ويجب فيها الأعمال التالية:

1- الاحرام من الميقات بنيّة عمرة التمتع.

2- الطواف حول الكعبة المعظمة سبعة أشواط.

3- ركعتا صلاة الطواف عند مقام ابراهيم عليه السلام.

4- السعى بين الصفا والمروة.

5- التقصير، يعني أخذ شي ءٍ من الشعر أو الظفر.

وبعد الاتيان بهذه الأعمال الخمسة يخرج من حالة

مناسك الحج، ص: 28

الإحرام، ويحلّ له كل ما حرم عليه بسبب الإحرام.

2- حج التمتّع:

حجّ التمتّع عبارة عن الأعمال التالية:

1- الاحرام من مكة.

2- الوقوف (أي البقاء) في عرفات من الظهر إلى الغروب من اليوم التاسع من ذي الحجة.

3- الوقوف في المشعر الحرام والبقاء هناك من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من يوم العيد (عيد الأضحى).

4- الإفاضة إلى منى ورمي جمرة العقبة (يعني رمى العمود الموجود في آخر منى والمسمى بجمرة العقبة أو الجمرة القصوى بسبع حصيات صغيرة).

5- ذبح الأضحية في منى يوم العيد (اى العاشر من شهر ذي الحجة).

6- التقصير، أي حلق الرأس، أو أخذ شي ءٍ من الشعر والظفر وقصّه.

بعد الانتهاء من هذه الأعمال الستة، يحلّ عليه كلُّ ما

مناسك الحج، ص: 29

حرم عليه بسبب الإحرام إلّاالنساء والطيب.

7- الطواف حول الكعبة (ويسمى هذا الطواف بطواف الزيارة).

8- الاتيان بركعتى صلاة الطواف.

9- السعي بين الصفا والمروة (أي الذهاب والإياب بين هاتين النقطتين).

واذا أتى بهذه الأعمال حلّ له الطيب.

10- طواف آخر حول الكعبة (ويسمَّى طواف النساء).

11- ركعتا صلاة الطواف (أي طواف النساء). وبهذا العمل تحل له النساء أيضاً.

12- العودة إلى منى والمبيت هناك ليلة الحادي العشر وليلة الثاني عشر (وفي بعض الحالات ليلة الثالث عشر هناك).

13- رمي الجمار الثلاثة (يعني رجم كل واحد من الاعمدة الثلاثة الموجودة في منى بسبع حصيات) في

اليوم الحادي عشر والثاني عشر.

مناسك الحج، ص: 30

وبعد ظهر اليوم الثاني عشر وبعد الانتهاء من هذه الأعمال يجوز العودة إلى مكة، ويكون الحاج قد أتم حجّه.

تلك الأعمال الخمسة هي أعمال عمرة التمتع، وهذه الأعمال الثلاثة عشرة هي أعمال حج التمتع، وقد ذكرناها على سبيل الاجمال، وسيأتي بيان تفاصيلها وجزئياتها في المسائل الآتية مستقبلًا.

***

شرائط حجّ التمتّع

(المسألة 22) يُشترط في حجّ التمتّع خمسة امور:

1- النيّة، وهي أن يقصد بأنه يأتي بهذه الأعمال بعنوان «حجّ التمتّع» قربة إلى اللَّه، وبناء على هذ لو أتى بالأعمال المذكورة بعنوان آخر، أو كان قصده مردَّداً بين «حجّ التمتّع» وحج آخر، أو لم يكن قصده خالصاً لوجه اللَّه لم يصحّ حجُّه.

2- يجب أن تقع العمرة والحج كلاهما في أشهر الحج (شهر شوّال وذي القعدة وذي الحجة، وعلى هذا إذا وقعت العمرة كلها أو قسم منها قبل شهر شوال لم يكف.

3- يجب أن يأتى بعمرة التمتع وحجه في سنة واحدة، فاذا أتى بأحدهما في هذه السنة والآخر في سنة اخرى في أشهر الحج لم يصح.

مناسك الحج، ص: 32

4- يجب أن يكون الاحرام لحجّ التمتّع- كما قلنا- من نفس مكّة المكرّمة، ولا فرق بين محلّاتها ومناطقها المختلفة، فلا إشكال في أن يقصد الإحرام للحجّ من منزله، أو من المسجد الحرام أو حتى من أزقة مكّة وأسواقها وشوارعها، ولكن أفضل الأماكن للإحرام للحجّ هو «المسجد الحرام».

5- إذا كانت النيابة لحج التمتع وجب أن يؤتى بالعمرة والحج كليهما بواسطة شخص واحد، وعلى هذا لو أتى شخصٌ بالعمرة وأتى شخصٌ آخر بالحج لم يكف.

(المسألة 23) الأحوط جوباً أن لا يخرج بعد الاتيان بعمرة التمتع، من مكة المكرمة إلى أن يحين وقت الحج ثم يأتي بالحج إلّاأن تحدث حاجة

أو ضرورة، ففي هذه الصورة يجب أن يحرم بنية الحج، ويخرج من مكة محرماً ويبقى على هذه الحالة عند الرجوع إلى مكة إلى أن يحين وقت الحج.

أما إذا كان الاحرام للحجّ موجباً للمشقة والحرج الشديدين جاز له تركه، ولا فرق في هذا الحكم بين الحجّ الواجب والمندوب.

(المسألة 24) عدم جواز الخروج من مكة لمن أتى مناسك الحج، ص: 33

بعمرة التمتع يختص بالذهاب إلى النقاط البعيدة.

وعلى هذا لا مانع من الخروج إلى المناطق القريبة مثل الخروج إلى فرسخ أو فرسخين، ومن كان منزله خارج مكة جاز له الخروج إلى منزله بعد الفراغ من عمرة التمتع.

(المسألة 25) مدينة مكة أصبحت اليوم كبيرة جداً، مع ذلك فانّ كلّ ما يُسمى الآن مكة تشمله أحكام مكة. وكذا بالنسبة إلى التوسعة التي لحقت بالمسجد الحرام، فان أحكام المسجد الحرام تشملها بأجمعها.

(المسألة 26) إذا خرج من مكة- بعد الإتيان بعمرة التمتع- من دون إحرام، واجتاز الميقات، وجب أن يُحرمَ- عند العودة- من الميقات ويأتي بالعمرة ثانية، إلّاأن تكون عودتهُ في نفس الشهر الذي خرج فيه (مثلًا أن يخرج من مكة في شهر ذي القعدة ويعود إليها في نفس الشهر).

(المسألة 27) لا يجوز لمن كانت وظيفته حجُّ التمتّع أن يبدّلَ حجَّه إلى حجّ الإِفراد، أو القران إلّاإذا ضاق الوقتُ بحيث لا يمكن الإتيان بالعمرة، ويدرِك الحجّ، ففي هذه الصورة يجوز له أن يترك «عمرة التمتع»، وينوي حجّ مناسك الحج، ص: 34

الافراد أو القِران ويأتي بوظائف الحج وبعد الانتهاء من الحج يأتي بالعمرة المفردة (على غرار من تكون وظيفتُه الأصلية حجّ القِران والإفراد) والمراد من ضيق الوقت للحج هو أن لا يمكنه الوقوف في «عرفات» من ظهر يوم عرفة إلى غروبه.

(المسألة 28) إذا

ابتليت المرأة بالعادة الشهريّة ولم يمكنها الطواف والإتيان بصلاته التي يشترط فيها الطهارة، قبل حلول موسم الحجّ (والوقوف في عرفات) وجب عليها أن تنوي حج الافراد، ثم تذهب بذلك الإحرام إلى عرفات وتأتي بأعمال الحجّ، وبعد العودة إلى مكة تأتي بطوافي الحجّ والنساء وصلاتهما، وبعد إتمام الحج تذهب إلى مسجد التنعيم للإتيان بالعمرة المفردة، وتحرم من هناك ثم تأتي بأعمال العمرة المفردة، والأحوط أن تأتي بطواف النساء في نهاية تلك الأعمال أيضاً.

(المسألة 29) لا مانع من أن تؤخر النساء عادتهن الشهرية بواسطة الأقراص والحبوب وما شابه ذلك ليتمكّنَّ من الإتيان بأعمال حجّ التمتع ومناسكه في حال الطهارة.

***

مواقيت الإحرام

اشارة

(المسألة 30) المقصود من الميقات هو المحلّ الذي يجب أن يحرم فيه الإنسان للحجّ أو العمرة ولا يجوز له أن يتجاوزه من دون الإحرام.

(المسألة 31) مواقيت الإحرام عشرة، خمسة منها مواقيت أصلية:

1- مسجد الشّجرة:

(المسألة 32) مسجد الشجرة على مقربة من المدينة المنورة، ويُعرف اليوم ب «آبار عليّ».

وعلى جميع الذين يريدون الحج من طريق المدينة المنورة أن يحرموا من هذا المكان، ولا يجوز تأخيره عن مناسك الحج، ص: 36

ذلك مثل أن يحرموا من «الجحفة» الواقعة بين مكة والمدينة، ويستثنى من ذلك المرضى والضعفاء ومن لهم أعذارٌ وموانع اخرى.

(المسألة 33) لا يجب الإحرام من داخل مسجد الشجرة، بل يكفي الإحرام من جوار المسجد أيضاً.

ثم لا فرق بين المسجد بحدوده السابقة والمسجد الفعليّ الذي وسّع كثيراً.

وعلى هذا يجوز للنساء اللاتي يمررن بالعادة الشهرية أن يحرمن من خارج مسجد الشجرة.

2- الجحفة

(المسألة 34) «الجُحفة» وهو موضع بين المدينة ومكة على بعد 15 كيلومتراً من مكة، ويبعد عن الشارع الأصلي قليلًا، وهو ميقات من يأتون إلى الحجّ من مصر وشمال أفريقيا وسورية والاردن ولبنان (عن طريق البرّ) بل هو ميقات كل من يعبر من هناك.

مناسك الحج، ص: 37

(المسألة 35) يجوز لمسلمي ايران وغيرها من المناطق ممّن يدخلون إلى الحجاز بالطائرة عن طريق مطار جدّة ولا يريدون الذهاب إلى المدينة المنوّرة، أن يذهبوا إلى الجحفة ويُحرموا من هناك، ثم يذهبوا إلى مكة المكرمة.

(المسألة 36) في الجحفة مسجد يجوز الإحرام من داخله أو خارجه، والأفضل أن يكون من داخله.

3- وادي العقيق

(المسألة 37) يقع وادي العقيق في الشمال الشرقيّ من مكة، ويبعد عن مكة بما يقرب من 94 كيلومتراً، وهو ميقات أهل «العراق» وسكان «نجد» ويجوز لِكلّ من يعبر من هناك أن يحرم من ذلك الميقات.

ولهذا الميقات أقسام ثلاثة: يسمى القسم الأوّل:

«المسلخ» والقسم الثاني: «الغمرة»، والقسم الثالث: «ذات عرق» ويجوز الإحرام من كلّ هذه الأقسام، وإن كان الأفضل الإحرام من «المسلخ» وهو القسم الأوّل.

4- قرن المنازل

(المسألة 38) «قرن المنازل» وهو موضع قريب من الطائف، ويبعد عن مكة بما يقرب من 94 كيلومتراً، وهو ميقات كلّ من يعبر من هناك، بل كل من يدخل إلى جدّة يجوز له أن يذهب إلى ذلك الميقات ويُحرِمَ منه.

5- يلملم

(المسألة 39) «يلملم» إسم جَبَلٍ يقع في جنوبي مكة (ويبعد عن مكة بما يقرب من 84 كيلومتراً) وهو ميقات كلِّ من يقصد مكّة المكرّمة من جنوب الجزيرة العربية كاليمن، وكذا كلّ من يعبر من هناك يجوز له أن يُحرم من ذلك الميقات.

هذه هي المواقيت الأصليّة.

6- مدينة مكة

(المسألة 40) «مكة» ميقاتٌ لحجّ التمتّع، يعني أن على مناسك الحج، ص: 39

الحاج- بعد أداءِ العمرة- أن يُحرِم من مدينة مكة لأداء مناسك الحجّ التي تبدأ بالذهاب إلى عرفات.

(المسألة 41) لا فرق بين محلّات مكة، ولهذا يجوز الإحرام من أية نقطة من نقاطها، حتى تلك النقاط التي اضيفت إلى مكة بسبب التوسعة في مدينة مكة، ولكن الأحوط وجوباً أن لا يكون الإحرام من خارج حدود الحرام. مثلًا لو امتدّت توسعة مكة بحيث تجاوزت مسجد التنعيم الذي هو أقرب المناطق إلى حدود الحرم، فلو أن أحداً أحرم لحج التمتع من موضع خارج من الحرم لم يخل عمله من إشكال، والأفضل من جميع الاماكن للإحرام هو «المسجد الحرام».

7- منزل الشخص نفسه

(المسألة 42) من كان منزله أقرب من الميقات إلى مكة كان ميقاته هو منزلُه، ولكن يجوز له بل الأفضل أن يحرم من أحد المواقيت الخمسة التي مَرَّ ذكرها أوّلًا.

8- الجعرانة

(المسألة 43) «الجعرانة» موضعٌ في منتهى الحرم بين الطائف ومكة، وعلى أهل مكة على الأحوط وجوباً- أن يُحرموا منه، وهكذا من أقام في مكة مدة سنتين.

9- ما يحاذى أحد المواقيت

(المسألة 44) من لا يعبر على المواقيت نفسها إذا عبر من نقطة محاذية للمواقيت وجب أن يُحرم منها، ولا يجب حتماً أن يذهب إلى أحد المواقيت الخمسة (الاولى) ليحرم من هناك.

ولو عبر من نقطة بين ميقاتين أحرم ممّا يحاذي أوّل ميقات منهما.

(المسألة 45) إذا علم بصُورة قَطعية ما يحاذي الميقات، أو حصل له الظن من قول أهل المعرفة كفاه أن يُحرم من تلك المنطقة.

مناسك الحج، ص: 41

وأما إذا شكّ، ولم يكن في مقدوره التحقق من ذلك فالأفضل أن ينذر الإحرام من موضع قبل أن يصل إلى المنطقة المشكوك في محاذاتها ويُحرِمَ من هناك.

(المسألة 46) إذا عَبَر من مكانٍ لا يحاذي أيَّ واحدٍ من المواقيت، فالأحوط أن يذهب إلى الميقات ويُحرم من هناك، أو يذهب إلى مكان يحاذي أحد المواقيت لذلك.

وإذا لم يمكن ذلك أيضاً أحرم من أي موضع يحاذي أحد المواقيت، ثم عندما يصل إلى أول نقطة من الحرم (في أطراف مكة وحواليها) يُجدّد إحرامه (يعني أن ينوي الاحرام من جديد ويكرّر التلبية).

(المسألة 47) لا فرق- في مسألة المحاذاة للميقات- بين الصحراء والبحر والهواء، وعلى هذا الأساس إذا عبر بالطائرة من نقطة محاذية لأحد المواقيت، وجب أن يحرم من هناك ويلبّى فوراً ومن دون تأخير، (وأما حكم التظليل في حالة الإحرام فيأتي فيما بعد).

10- أدنى الحِل

(المسألة 48) «أدنى الحِلّ» يعني أوّل نقطة خارجَ الحرم، وهو ميقات من يأتون بالعمرة المفردة (سواء عمرة حج القران أو الإفراد، أو العمرة المفردة التي تؤدّى في أيّ وقت من أوقات السنة).

(المسألة 49) الأفضل أن يُحرِمَ للعمرة المفردة من أحد المواضع الثلاثة التالية: «الحديبية» أو «الجعرانة» أو «التنعيم» المعروف عند أهل مكة، والاسهل لمن يريد الاتيان بالعمرة المفردة بعد الحج أن

يذهب إلى مسجد «التنعيم» الذى يبعد عن المسجد الحرام بثمان كيلومترات تقريباً ويقع ضمن مدينة مكة حالياً، ويحرم من هناك.

(المسألة 50) يجب على من يذهب إلى مكة للعمرة المفردة من طريق جدّة، أن يُحرم من «الحديبية» (الذى يبعد عن مكة 50 كيلومتراً تقريباً) (والحديبية أبعد حدود الحرم).

(المسألة 51) الأفضل أن يكون الإحرام للعمرة

مناسك الحج، ص: 43

المفردة من أحد المواقيت الخمسة الاولى (مسجد الشجرة، الجحفة، قرن المنازل، وادي العقيق، ويلملم) أيضاً، وعلى هذا فإنّ الأفضل لمن يقصدون العمرة المفردة، ويذهبون إلى المدينة المنورة قبل ذلك، أن يحرموا من مسجد الشجرة أو من الجحفة على الأقلّ.

(المسألة 52) ترتيب المواقيت- باختصار- هو على النحو الآتي:

1- ميقات «عمرة حج التمتع» أحدُ المواقيت الخمسة الاولى سواء كان الحج واجباً أو مستحباً.

2- ميقات «حجّ التمتع» مكة.

3- ميقات «حجّ الإفراد أو القرآن» أحد المواقيت الخمسة.

4- ميقات «العمرة المفردة» أدنى الحلّ، يعني أقرب موضع خارج الحرم المكّي (مثل التنعيم والجعرانة والحديبية).

5- ميقات من يكون منزلُه بعد الميقات نفس منزله، فيجوز له أن يحرم منه لعمرة التمتّع أو حج «الإفراد» أو «القرآن»، ولكنَّ الأفضل أيضاً أن يُحرِمَ من أحد المواقيت الخمسة.

***

أحكام المواقيت

(المسألة 53) لا يجوز عقد الإحرام قبل الميقات كما يحرم تجاوز الميقات من دون الإحرام، فيجب الإحرام في الميقات فقط إلّافي صورتين:

1- إذا نذر أن يحرم قبل الميقات ففي هذه الصورة يجب أن يفي بنذره، أينما كان، ولا حاجة إلى تجديد نيّة الإحرام في الميقات، ولهذا يجوز لمن يشك في الميقات أو محاذاته أن ينذر الإحرام قبل الوصول إلى الموضع المشكوك، ويحرم من هناك ولا فرق بين الحجّ الواجب والمستحب.

2- من يريد أن يأتي بعمرة شهر رجب «العمرة الرجبية» ويخشى أن ينقضي

شهر رجب قبل الوصول إلى الميقات، جاز له أن يحرم قبل الميقات حتى يدرك فضل العمرة الرجبية، ولا يفوته.

مناسك الحج، ص: 45

(المسألة 54) الوصول إلى الميقات يجب أن يثبت على نحو اليقين أو الإطمئنان، أو بالشهرة بين سُكّان المنطقة، أو بشهادة شخص واحد عادل على الأقلّ، ولا يجوز عقد الإحرام في صورة الشكّ (إلّا على نحو النذر، كما اشير إليه في المسألة السابقة).

(المسألة 55) لا يجوز أن يجتاز الانسان الميقات من دون الاحرام، إلّاأن يكون أمامَه ميقاتٌ آخر، ففي هذه الصورة فقط يصحّ الإحرامُ من الميقات الآخر وإن كان الأحوط وجوباً الإحرام من الميقات الاوّل.

(المسألة 56) إذا اجتاز الميقاتَ من دون الإحرام عالماً عامَداً، وجب أن يعود إلى الميقات ويحرم منه.

وإذا لم يمكنه ذلك بَطَلَ حجه، ويجب أن يأتي بالحج في السنة القادمة.

(المسألة 57) إذا لم يُحرم من الميقات جهلًا أو نسياناً، وجب عند التذكّر أن يُحرِمَ من مكانه إذا كان خارج الحرم.

وإذا كان قد دخل في الحرم خرج إلى خارج الحرم مناسك الحج، ص: 46

(مثل التنعيم) وأحرم من هناك وإذا لم يمكنه الخروج من الحرم أحرم من حيث هو فيه.

(المسألة 58) اذا كانت المرأة في عادتها الشهريّة وظنت بأنّه لا يجوز لها عقد الإحرام، فلم تحرم في الميقات وجب- إذا استطاعت- أن ترجع إلى الميقات وتُحرم منه، وإذا لم تستطع الخروج إلى خارج الحرم أحرمت من حيث هي وصحّ حجُّها وعمرتها.

(المسألة 59) مكان الإحرام لحجّ التمتّع كما قلنا فيما سبق نفس مكة، فاذا تحرك صوب «عرفات» من دون إحرام جهلًا أو نسياناً فان أمكن عاد إلى مكة وأحرم منها، واذا لم يمكنه ذلك أحرم في عرفات أو «المشعر الحرام» أو «منى (قبل رمي

الجمرة والذبح).

وإذا تذكّر بعد رمي الجمرة والذبح يكون قد انقضى وقت الإحرام وصحّ حجُّه.

(المسألة 60) إذا ترك الإحرام عن جهل أو نسيان، والتفت إلى ذلك بعد إتمام الأعمال، صحَّت أعمالُه سواء كان في عمرة التمتّع، أو الحجّ، أو العمرة المفردة.

***

واجبات عمرة التمتع

الأوّل: الإحرام

اشارة

أوّل أعمال العمرة والحجّ- كما أسلفنا- هو «الإحرام»

و واجباته ثلاثة:

الاوّل: النيّة

(المسألة 61) نيّة الإحرام هي أن يقصد تحريم امورٍ- سنذكرها فيما بعد- على نفسه، ثم يأتي بأعمال العمرة والحج بعد ذلك.

ويكفي أن يقول- وهو يلاحظ هذا المعنى بلسانه مناسك الحج، ص: 48

أو في قلبه: احرِمُ لعمرة التمتّع من الحج الواجب (أو المستحب) لنفسي (أو بالنيابة عن فلان) قربةً إلى اللَّه، ويكون مقصوده من «احرم» هو تحريم الأعمال والامور المذكورة على نفسه.

ويقول في إحرام الحج: «احرِمُ للحج الواجب قربةً إلى اللَّه» ويقول في العمرة المفردة: «احْرِمُ للعمرة المفردة قربة إلى اللَّه».

(المسألة 62) لا يجب إجراء النيّة على اللِّسان والنطق بها بل يكفي وجود مثل هذا القصد في قلبه وضميره، ولكن الأفضل مضافاً إلى القصد القلبي التلفّط به.

(المسألة 63) المقصود من قصد القربة هو قصد جلب رضا اللَّه تعالي، والتقرب إلى ذاته المقدسة، ويجب أن يقصد في نفس الوقت الاتيان بمناسك العمرة أو الحج.

والأفضل أن يعيّن من البداية أنه يقصد العمرة، أو الحج، وأن مراده مثلًا «حجّة الاسلام» (أي الحج الذي وجب مناسك الحج، ص: 49

عليه للاستطاعة) أو «الحج الاستحبابي»، أو «الحج المنذور»، أو «الحج النيابي».

ولا مانع أيضاً إذا نوى الإحرام في البداية على أن يكون قصده أن يعيّن نوع العمل فيما بعد.

(المسألة 64) إذا قصد ونوى حين عقد نيّة الإحرام- أن يرتكب بعض محرمات الإحرام (مثل أن يكون في ذلك الحين في حال السفر ويكون تحت سقف السيارة أو الطائرة من دون ضرورة)، وفإحرامه لا يخلو عن إشكال.

وإذا كان في نيّته من الأول ترك جميع المحرمات ثم تغيّرت نيّته بعد عقد الإحرام أو ارتكب بعض تلك المحرّمات لم يضر ذلك باحرامه وان وجبت عليه الكفارة في

بعض الموارد.

(المسألة 65) لا يجب العلم بجميع الامور المحرَّمة على المحرم تفصيلًا بل يكفي العلم بها إجمالًا.

الثاني: التلبية

(المسألة 66) يجب التلبية عند الإحرام وهي أن يقول بالعربية الصحيحة:

«لَبَّيْكَ اللّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لاشرِيْكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ والنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لاشَرِيكَ لَكَ».

وهذه الصورة هي الأحوط وجوباً.

والأفضل أن يجتنب ما زاد عن هذه العبارت، إلّاما سيأتي ذِكرُه في المستحبات.

(المسألة 67) إذا لم يمكنه أن يؤَدّى بنفسه هذه العبارات بالعربية الصحيحة يكفيه أن يقرأها أحدٌ بتؤدة ثم يكرّرها هو بعده.

وإذا لم يكن قادراً على التلفّظ الصحيح، فالأحوط أن يقول ويقرأ ما يقدر عليه، ثم يقول ترجمته أيضاً، ويستنيب شخصاً قادراً على ذلك ليلبي نيابة عنه أيضاً.

مناسك الحج، ص: 51

(المسألة 68) يجب في الاحرام الإتيان بالتلبية (على النحو الذى مرّ) مرة واحدة، ويستحب بعد ذلك تكرار التلبية في الحالات المختلفة بقدر الإمكان، يعني أن يكرر التلبية عند الركوب والنزول وعند كل علوة وكل منخفض وبعد الاستيقاظ من النوم وبعد الصَلَوات، والأفضل أن يرفع الرجال أصواتهم بالتلبية.

(المسألة 69) يجب على المحرم- لعمرة التمتّع- أن يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة، وفي إحرام الحج عند ظهر يوم عرفة، وفي العمرة المفردة عند مشاهدة الكعبة المعظمة (هذا اذا كان قد خرج من مكة للإحرام، وأما إذا كان متوجهاً إلى مكة من خارجها فإنّ عليه أن يقطع التلبية عند الدخول إلى منطقة الحرم).

(المسألة 70) يشير الأخرس- بدل النطق بالتلبية- بيده، ويحرّك لسانه حسب المعمول، والأفضل- مضافاً إلى ذلك- الإستنابة في التلبية أيضاً، ولكن لا يجب ذلك.

مناسك الحج، ص: 52

(المسألة 71) يجوز للصبيان أيضاً أن يُحرموا للعمرة أو للحج، فإن الصبي إن كان مميزاً لبّى مع النية بنفسه، وان لم يكن كذلك نوى ولبّي

نيابة عنه.

ولو غُشي على أحد في الميقات جاز أن يُنوى ويُلبّى نيابةً عنه أيضاً.

(المسألة 72) لا يَحرُمُ شي ءٌ من المحرّمات الاربعة والعشرين التي تَحرم على المحرم على الشخص قبل التلبية وان كان قد نوى الإحرام ولبس ثوبيه أيضاً.

وعلى هذا إذا ارتكب أيَّ واحدٍ من محرمات الاحرام قبل التلبية لا تجب عليه كفارة، وفي الحقيقة تكون التلبية بمثابة تكبيرة الإحرام في الصلاة التي مالم يقلها المصلّي لا يقال عنه أنه دخل في الصلاة.

وإذا شك هل لبّى أم لا لم يُحرم عليه شي ءٌ أيضاً.

(المسألة 73) إذا كان في الميقات وشكَّ هل لبّى أم لا، وجب عليه أن يلبّيَ، وإذا كان قد تجاوز الميقات فالأحوط أن يعود إلى الميقات إذا امكنه ذلك ويلبّى، وأما إذا لم يمكنه مناسك الحج، ص: 53

لبّى حيث هو.

ولو كان قد لبى ولكن لا يدرى هل لبَّى صحيحاً أم لا، بنى على الصحّة، وصح إحرامه.

الثالث: لبس ثوبي الإحرام

(المسألة 74) يجب على من يريد لبس ثوبي الإحرام أن ينزع قبل ذلك الثياب التي يحرم على المحرم لبسها، ثم يلبس ثوبي الإحرام: يأتزر بأحدهما ويسمى «الإزار»، ويرتدي الآخر مثل العباءة ويسمى «الرداء».

وهذا الحكم خاصٌ بالرّجال ولا يجب على النساء لبس هذين الثوبين لا تحت لباسهن ولا فوق لباسهن.

(المسألة 75) الأحوط وجوباً أن يكون ثوبا الإحرام وطريقة لبسهما على النحو المتعارف الآن، أي أن يجعل أحدهما إزاراً يغطي البدن من السرة إلى الركبة على الأقلّ، والآخر رداءً يلقى على الكتفين بحيث يغطي بقيّة البدن، ولكن لا يشترط نوع أو لون خاصّ في ثوبي الإحرام،

مناسك الحج، ص: 54

ولكن يجب أن لا يكونا مخيطين على كل حال.

(المسألة 76) الأحوط أن يكون لبس ثوبي الإحرام قبل النية والتلبية.

(المسألة 77) الأحوط وجوباً أن

لا يعقد الإزار وراء الرقبة، (أما عقده عند الظهر أو الخاصرة فلا مانع منه ولا إشكال فيه: وأفضل الطرق هو شد حزام فوق الإزار.

أما عقد الرداء من الجانبين فلا إشكال فيه وهكذا شدّه بواسطة الدُّبوس، أو وضع حجر في جانب من القماس (القطيفة) ثم شد خيط أو حبل حوله في الطرف الآخر منه (كما يفعله بعض الحجاج) وإن كان ترك جميع هذه الامور أولى

(المسألة 78) إذا أحرم من دون أن يتجرد من ثيابه العادية جهلًا أو نسياناً صح احرامه ولكن يجب فوراً نزع ثيابه العادية، وارتداء ثوبي الإحرام لا غير.

وإذا فعل هذا عالماً عامداً فالأحوط أن يجدّد نية الاحرام والتلبية بعد أن ينزع ثيابه العادية ويلبس ثوبي الإحرام.

مناسك الحج، ص: 55

(المسألة 79) إذا عاد إلى لبس الثياب العادية بعد الإحرام جهلًا بالمسألة أو نسياناً وجب نزع الثياب العادية من أسفل، وإذا لم يمكن ذلك شقها ونزعها عن بدنه.

(المسألة 80) لا يجب ارتداء ثوبي الإحرام دائماً، بل يجوز نزعهما للغسل أو التبديل أو لغرض آخر.

(المسألة 81) إذا مرض المُحرِمُ ولم يمكنه نزعُ الثياب العادية عن بدنه في الميقات كفاه نية الإحرام والتلبية.

وإذا أمكن ذلك مؤقّتاً، نزع الثياب العادية ولبس ثوبي الإحرام وأحرم، وإذا اضطرّ إلى لبس الثياب العادية فعل ذلك.

وإذا لم يمكن ذلك في الميقات، ثم صلحت حالته الصحيّة لارتداء ثوبي الإحرام فالأحوط وجوباً العودة إلى الميقات إذا استطاع وتجديد الإحرام، وإذا تعذّرت العودة إلى الميقات بدّل ثيابه هناك (حيث هو) وجدّد الإحرام.

مناسك الحج، ص: 56

(المسألة 82) لا إشكال في لبس أكثر من ثوبي الإحرام، للتوقّي من البرد أو الحرّ أو غير ذلك.

(المسألة 83) كلّما يُشتَرَط في لباس المصلّي يُشتَرَط أيضاً في ثوبي الإحرام، وعلى

هذا يجب أن يكون ثوبا الاحرام طاهرين، وأن لا يكونا من أجزاء الحيوان الحرام اللحم (التي تحلّها الحياة) أو الحرير الخالص: أو المُذهبّ (ولا فرق في هذا الحكم- على الأحوط وجوباً- بين الرجل والمرأة، وإن كان هناك فرق بين الرجل والمرأة في الحرير، والمُذَهّب).

(المسألة 84) يُعفى في لباس الإحرام ما يعفى في لباس المصَلّي ايضاً.

(المسألة 85) يجب أن لا يكون الإزار شَفافاً يُرى ما تحته، والاحوط أن لا يكون الرداء كذلك أيضاً.

(المسألة 86) إذا تنجَّسَ لباسُ الإحرام يجب غسلُه وتطهيره فوراً، وإذا تعذر ذلك، وجب تطهيره متى أمكنه ذلك، (وإذا تنجس الرداءُ جاز رَفْعُهُ عن بدنه موقتاً).

***

محرمات الاحرام

اشارة

عندما يُحرِمُ الانسان تحرمُ عليه امورٌ، ويستوجب إرتكابُ بَعضِها الكفّارة.

وقد أنهاها بعض الفقهاء إلى 25 عملًا ولكن بعضها- حسب اعتقادنا- مكروه غير محرَّم، وسيأتي بيان ذلك فيما يأتي.

وهذه الأعمال هي:

1- لبس الثوب المخيط (للرجال).

2- لبس ما يستر ظهرَ القدم (للرجال)

3- تغطية الرأس (للرجال)

4- تغطية الوجه (للنساء)

مناسك الحج، ص: 58

5- الزينة

6- الإكتحال 7- النظر في المرآة

8- إستعمال الطيب 9- تدهين البَدَن بالأدهان 10- تقليم الظفر

11- التظليل في حال السفر (للرجال)

12- إزالة الشعر من البدن 13- عقد النكاح 14- النظر إلى الزوجه عن شهوة.

15- اللمس 16- التقبيل 17- المقاربة الجنسية (الجماع)

18- الاستمناء

19- قتل الحشرات 20 و 21- قلع السن، وإدماء الجسم مناسك الحج، ص: 59

22- الجدال 23- الكذب 24- صيد الحيوانات البريّة.

25- حمل الأسلحة.

وسيأتي شرح هذه الامور الخمسة والعشرين في المسائل القادمة.

1- لبس الثوب المخيط

(المسألة 87) يحرم على الرجال ليس الألبسة المخيطة مثل القميص، والقباء والبيجاما (السروال) والفانيلة، في حال الإحرام، بل الأحوط وجوباً الاجتناب عن كل ثوب مخيط، وهكذا الالبسة المنسوجة يدوياً، والألبسة التي تصنع من خياطة القطع المختلفة ووصل بعضها ببعض أو مثل البسط، وما كان على غرار الثوب والبالتو والسروال وما شابه ذلك وإن لم يكن مخيطاً، ولم يُستخدم فيه المخيط والإبرة، فالاحوط الاجتناب عن كل ذلك.

مناسك الحج، ص: 60

(المسألة 88) لا فرق في الألبسة المخيطة بين الألبسة الصغيرة والكبيرة، ولكن لا إشكال في وضع البطانيات التي خيطت أطرافها، على الاكتاب توقياً من البرد أو ما شابه ذلك أو الالتحاف بلحاف مخيط (بشرط أن لا يغطي الرأس) بل لا يضر إذا كانت أطراف ثوبي الاحرام مخيطة أيضاً، وان كان الأحوط تركه.

(المسألة 89) لا إشكال في شدّ الهميان (محفظة النقود وغيرهما المصنوعة على شكل المنطقة والحزام) على

الوسط.

وهكذا شدّ الحزام فوق الإزار أيضاً سواء كان الحزام مخيطاً أو غير مخيط وهكذا لا إشكال في إلقاء الشال على ثوب الإحرام أيضاً وإن كان مصنوعاً من القماش المخيط، ولكن الأحوط استحباباً أن تكون جميع الأشياء غير مخيطة.

(المسألة 90) لا إشكال في لبس حزام الفتق، وكذا حمل المحفظة المخيطة التي تعلّق على الرقبة أو الكتف أحياناً، وتوضع فيما الحاجيات كالأوراق والمستندات والوثائق والأموال وما شابه ذلك، ولا يضر كونها مخيطة.

مناسك الحج، ص: 61

(المسألة 91) الأحوط وجوباً- كما قلنا- أن لا يُعقَد الإزار وراء العنق، ولكن لا إشكال في عقده حول الظهر خاصة اذا دعت الحاجة إلى ذلك.

وهكذا لا إشكال في عقد الرداء، أو استخدام الدُّبوس لربط الإزار أو الرداء، ولكن الأفضل ترك ذلك، وكذا يجوز ما تعارف فعله عند بعض الحجاج من وضع حجر في جانب من الازار أو الرداء وشده بخيطٍ من القطن أو البلاستيك.

(المسألة 92) لا إشكال ولا مانع من لبس المرأة المُحرِمة كل أنواع اللباس المخيط إلّاالقفازات، فلا يجوز لبسها.

(المسألة 93) من لبس اللباس المخيط عمداً، أو عن إضطرار، وجبت عليه كفارة وهي شاة. أما إذا فعل ذلك عن نسيانٍ أو جهلٍ فلا يجب عليه شي ءٌ.

2- ما يغطي تمام ظهر القدم (الحذاء والجورب)

(المسألة 94) لبس الأحذية التي تَغطّي ظهر القدم كالجزمة وما شابهها، وكذا الجورب غير جائز في حال مناسك الحج، ص: 62

الإحرام سواء غطّى هذا النوع من الأحذية الساق أم لا.

وأما إذا غطى شيئاً من ظهر القدم مثل سيور النعال، ومثل الأحذية التي يظهر منها شي ءٌ من ظهر القدم فلا إشكال فيها.

وهذا الحكم خاص بالرجال، ولا إشكال في لبس الحذاء الذى يغطي ظهر القدم، والجورب للنساء.

(المسألة 95) لا إشكال إذا كان الازار أو الرداء (أي ثوبي الاحرام)

طويلين بحيث يستران ظهر القدم، أو اضطر إلى وضع قماشةٍ مُسخَّنةٍ على ظهر القدم لمعالجة وجع الرِجل.

(المسألة 96) إذا لبس الرجلُ حذاءً يغطّي ظهر القدم أو جورباً عمداً أو اضطراراً لم تجب عليه كفارة. والأحوط إستحباباً أن يشق ظهرهما إذا اضطر إلى لبس الجورب أو مثل هذا الحذاء.

3- تغطية الرأس للرجال

(المسألة 97) يحرم للرجال تغطية تمام الرأس حال مناسك الحج، ص: 63

الإحرام، والأحوط وجوباً عدم ستر حتى بعض الرأس، ولكن سَتر الرأس وتغطيته باليد أو في حال النوم بواسطة المخدة جائزة، وهكذا يجوز وضع سير القربة والحقيبة وما شابه ذلك على الرأس.

وكذا لا اشكال في ستر الوجه للرجال.

(المسألة 98) الأحوط وجوباً عدم تغطية الاذنين أيضاً.

(المسألة 99) لا إشكال في العصابة التي يشد بها الرأس بسبب الصداع والوجع.

(المسألة 100) يُستحب للمحرم الذى غطّى رأسه نسياناً أن يكرّر التلبية، ولكن لا يجب ذلك.

(المسألة 101) الأحوط وجوباً أن لا يغطّي المحرم رأسه بالطين والحناء وما شاكل ذلك أو بوضع ما يشبه الطَّبَق عليه.

(المسألة 102) لا يجوز للمحرم غمس رأسه في الماء سواء كان بقية البدن في الماء أم لا، ولا إشكال في صبّ الماء

مناسك الحج، ص: 64

على الرأس للغسل أو غيره وهكذا لا إشكال في الوقوف تحت ماء الدوش ولكن لا يغمس رأسه في ماء الحوض الذى يوضع في الحمام.

(المسألة 103) كفارة تغطية الرأس عمداً للرجال شاة (على الأحوط وجوباً) ولا كفارة في صورة الجهل والنسيان.

4- تغطية الوجه للنساء

(المسألة 104) لا يجوز للمرأة المُحرمة تغطية وجهها، سواء كان بواسطة النقاب أو البوشية أو المروحة أو ما شابه ذلك بل الأحوط وجوباً أن لا تغطي الوجه بواسطة الطين وما شابه ذلك ايضاً.

(المسألة 105) لا يحرم تغطية بعض الوجه بحيث لا يقال أن عليه نقاباً أو برقعاً، وهكذا لا إشكال في تغطية الوجه حال النوم ووضع الوجه على المخدّة أو ستره بواسطة اليد.

(المسألة 106) يجوز للمرأة المحرمة أن تُنَزّل طرف مناسك الحج، ص: 65

عباءتها بحيث يغطّي نصف الوجه أو تمامه سواء التصق بالوجه أولًا، ولكن الأحوط وجوباً ان تفعل هذا عندما تريد

أن تستر نفسها من الرجال فقط، وفي غير هذه الحالة تبقي على وجهها مكشوفاً (وبقاء قرص الوجه في غير حال الإحرام مكشوفاً جائز أيضاً).

(المسألة 107) كفارة تغطية الوجه للنساء شاة على الأحوط استحباباً.

5- الزينة

(المسألة 108) لا يجوز للرجال لبس الخاتم للزينة، ولا إشكال في الخواتيم التي تلبس لأجل الثواب إذا لم يكن فيها جهة زينة، وعلى هذا إذا كان الخاتم يُستخدم للزينة وجب الاجتناب عن لبسه سواء لُبِس بقصد الزينة أولًا.

(المسألة 109) لا يجوز لبس الحُلّي للنِساء في حال الإحرام مطلقاً، أمّا الحُلّي التي اعتادت المرأة على لبسها

مناسك الحج، ص: 66

قبل ذلك فلا إشكال فيها إذا أخفَتها ولم تظهرها للناس حال الإحرام.

(المسألة 110) لا يجوز استعمالُ الحناء للرّجال والنّساء في حال الإحرام إذا كان للزينة.

(المسألة 111) الأحوط وجوباً إجتناب المحرم عن لبس أىّ نوع من أنواع الحلّي، وآلات الزينة أيضاً من دون فرق بين الرجال والنساء، بل لا يلبس حتى الإحرام المزيَّن، أو النعال المزيّن، وأن يجتنب اىّ نوع من تزيين الوجه والرأس وسائر أعضاء البدن.

(المسألة 112) في صبغ المُحرِم شعره إذا وصف بأنه تزيين إشكال وإن لم يقصد التزيين.

ولا إشكال إذا لم يكن فيه جهة تزيين (مثل إستعمال الحناء للدواء والعلاج).

وهكذا لا إشكال في صبغ الشعر واستعمال الحناء قبل الإحرام بحيث يبقى أثره إلى حين الإحرام، إلّاأن يكون قصدُه من البداية هو التزيين في حالة الإحرام.

6- الاكتحال

(المسألة 113) يحرم الإكتحال في حال الإحرام على النساء والرجال بالمواد السوداء أو غيرها إذا كان للزينة.

ولا إشكال اذا لم يكن للزينة- كما لو اكتحل لعلاج داءٍ في العين، ولم يتخذ صفة التزيين، والتجمّل.

7- النظر في المرآة

(المسألة 114) لا يجوز النظر في المرآة للتزين، وتجمل الرأس والوجه في حال الإحرام، من دون فرق بين الرجل والمرأة، ولا إشكال إذا كان لأهداف اخرى مثل نظر السائق في المرآة عند قيادة السيارة، أو نظر الطبيب المعالج بهدف فحص الفم والاسنان أو النظر في المرآة من دون أن يرى الناظرُ نفسَه فيها، أو النظر في المرآة لمشاهدة موضع الجرح في الوجه وما شابه ذلك.

مناسك الحج، ص: 68

(المسألة 115) حكم النظر في الماء الصافي أو شى ء صقيل لإصلاح وتجميل الشعر والوجه حكم النظر في المرآة، فلا يجوز ذلك في حال الإحرام.

(المسألة 116) لا إشكال إذا وقع بصره في المرآة من دون اختيار منه، والأفضل أن يُلقى شي ء ساتر على المرايا في الغرف التي ينزل فيها المُحرمون في أيام الحج، حتى لا تقع عيونهم في تلك المرايا من دون اختيار.

(المسألة 117) لا مانع من النظر في حال الإحرام في زجاج النافذة، أو زجاج المنظارة التي لا تنعكس الصورة فيها.

8- استعمال الطيب

(المسألة 118) يحرم على المحرم- رجلًا كان أو امرأة- استعمال الرائحة الطيبة مثل أنواع العطور والمسك والزعفران وماء الورد، وغير ذلك سواء عن طريق الشمّ أو بوضعها على البدن أو اللباس أو نشرها في جوّ الغرفة وفضائها بواسطة

مناسك الحج، ص: 69

رشاشات العطور (الإسپرى) أو أكل الأطعمة المعطَّرة.

(المسألة 119) لا مانع من أكل الفواكه ذات الرائحة الطيبة كالتفاح والبرتقال وغيرهما، ولكن الأفضل الإجتنابُ عن شمّها.

(المسألة 120) لا يجوز للمحرم أن يغسل بالصابون المعطَّر أو يستخدم الشامبو المعطَّر ويلزم على الإنسان تجنب وضع هذه الأشياء على مقربة من إحرامه حتى لا يكتسب من رائحتها وعلى الحجاج أن يتجنبوا وضع هذه الأشياء في الحقائب التي فيها إحراماتهم.

(المسألة 121) إذا استقر

المُحرم في مكان فيه رائحة طيبة أو مرّ به يجب أن يضع على أنفه شيئاً حتى لا يشمَّ الرائحة الطيبة إِلّا أن يوجب ذلك عسراً وحرجاً له.

ولكن إذا مرّ على مكان فيه رائحة كريهة يجب أن لا يكمَّ أنفه، ولكن له أن يجوز بسرعة من ذلك المكان.

(المسألة 122) لا يجوز للمحرم شم الأزاهير على الأحوط وجوباً.

9- التدهين بكل أنواع الدهون

(المسألة 123) يحرم- على المُحرم- تدهين بدنه بكل أنواع الدُّهون سواء المعطَّرة منها وغير المعطَّرة، بل يمنع حتى التدهين بالدّهون المعطَرَة قبل الإحرام، اذا كانت رائحتُها تبقى حالَ الإحرام، ولكن لا إشكال في التدهين بالدُهون غير المعطّرة قبلَ الإحرام.

(المسألة 124) يجوز للمحرم أكل الأطعمة الدسمة وإن جلب الدسومة إلى اليد وأطراف الفم.

(المسألة 125) لا إشكال في التدهين بأنواع الدهانات الطيبة التي تستعمل بهدف العلاج.

10- تقليم الظفر

(المسألة 126) يَحرُم على المُحرِم تقليم ظفر اليد والرجل حتى ظُفراً واحداً وبعض الظُفر أيضاً.

ولكن إذا كان الظفر مصاباً وكان في بقائه على هذه الحال مناسك الحج، ص: 71

ضررٌ أو كان موجباً للإنزعاج والألم الشديدين جاز قطعه.

(المسألة 127) إذا قلّم ظُفره عن نسيان أو جهلٍ بالحكم لم يكن عليه شى ء.

وإذا فعل ذلك عن عَمْد وجبت عليه كفارة وهي مد طعام عن كلِّ ظفرٍ (والمدّ أقلّ من كيلو بقليل).

وإذا قلّم أظافِرَ يديه جميعاً، كانت كفّارته شاة.

وهكذا إذا قلّم أظافر يديه ورجليه جميعاً في جلسة واحدة كانت كفارته شاة واحدة.

أما إذا قلّم أظافر يديه في جلسة، وأظافر رجليه في جلسة اخرى وجبت عليه كفارتان وهما شاتان.

(المسألة 128) لا فرق في تقليم الظفر بين أن يكون بالمقص أو بالمقراض أو بالاسنان.

(المسألة 129) يجوز للمحرم في حال الاضطرار تقليم الظفر، ولكن الأحوط وجوباً أن يدفع الكفارة المناسبة.

(المسألة 130) إذا قَلَّمَ مُحرِمٌ ظُفره بفتوى شخص (أو بفتوى منقولة عن أحدٍ) وأدمى وجبت كفارة (وهي شاة)

مناسك الحج، ص: 72

على المفتي (أو ناقل الفتوى)، بل الأحوط دفع مثل هذه الكفارة (اى شاة) حتى اذا لم يؤدِ إلى الإدماء.

11- التظليل حال السفر

(المسألة 131) لا يجوز للرجل المحرم التظليل حال السير والسفر، بأن يرفع فوق رأسه مظلّة أو يسير تحت سقف، ولهذا لا يجوز للمحرم ركوب ماله سقف كالطائرة أو السيارة المسقفة وإن جاز ذلك للمرأة.

(المسألة 132) لا اشكال في الدُّخول تحت الخيمة أو في منزلٍ مسقوفٍ في منازل الطريق أو في مكة، وعرفات، والمشعر، ومنى

(المسألة 133) لا بأس للمحرم بالسير- حال السفر- تحت سقوف لا أثر لها في الحفظ عن الشمس والمطر والبرد.

وعلى هذا يجوز للرَجُل المحرم السَفَر- في اللَيالي أو بين الطلوعين

أو في الأيام الغائمة- بالسيارات المسقوفة، أو الطائرة.

مناسك الحج، ص: 73

(المسألة 134) لا إشكال في السير تحت الجسور الموجودة في أثناء الطريق، وهكذا يجوز التظليل بظلال جدران السيارات المكشوفة.

(المسألة 135) يجوز للمرضى ومن تؤذيه حرارة الشمس أذى شديداً، أو تضرّه أشعة الشمس، أن يركب السيارة المسقوفة وما شابه ذلك في حال الإحرام، ولكن تجب عليه كفارة (وسيأتي بيانها فيما بعد).

(المسألة 136) لا كفارة على المحرم إذا دخل تحت ظلٍ عن نسيان أو سهو أو جهل في حال السير والسفر.

أما إذا فعل ذلك ك عمداً أو لضرورة وجبت عليه الكفارة، وهي شاة لكل إحرام، يعني انه تجب شاة لمجموع إحرام العمرة، وشاة لمجموع إحرام الحج.

(المسألة 137) الأفضل أن يذبح الشاة التي تجب عليه من باب الكفارة في احرام العمرة في مكة، وفي إحرام الحج في منى

ولكن يجوز تأخيره إلى حين العودة إلى الوطن، بل مناسك الحج، ص: 74

الأولى- في الظروف الحالية التي يصعب تحصيل المستحق لها هناك- ذبحها في الوطن، ولكن عليه أن لا ينسى ذلك.

(المسألة 138) يجب أن يُعطى لحم الشاة التي تجب من باب الكفارة للفقراء تماماً، ولا يجوز له الأكل منها.

12- إزالة الشعر من البدن

(المسألة 139) لا يجوز للمحرم إزالة الشعر عن بدنه، سواء بالحلق أو القص أو القلع أو بأية وسيلة اخرى سواء فَعَل ذلك بنفسه أو بواسطة شخص آخر يقوم بتجميله اصلاحه، بل لا يجوز حتى إزالةَ شعرةٍ واحدةٍ من البدن، ولا فرق بين أعضاء البدن ومواضعه.

(المسألة 140) لا يجوز تمشيط شعر الرأس والوجه اذا علم أن ذلك يؤول إلى إنفصال الشعر من البدن، بل الأحوط أن يتجنّب التمشيط في حال الاحرام مطلقاً، وهكذا في حكّ البدن يجب أن يواظب حتى لا يسبّب

ذلك في انفصال الشعر من البدن.

مناسك الحج، ص: 75

(المسألة 141) يجوز إزالة الشعر عن البدن إذا كان بقاؤه على البدن يوجب مرضاً، أو يسبب أذىً شديداً، ولكن تجب كفارة في ذلك، وسيأتي بيانها في المسألة القادمة.

(المسألة 142) اذا حَلَقَ رأسه عمداً أو أزال شعر إبطيه كلتيهما أو إحديهما كانت كفارته شاةً، ولكن اذا حَلَقَ رأسه لضرورة كان مخيّراً بين ذبح شاة، أو صوم ثلاثة أيام أو إطعام ست فقراء، لكلّ فقير مدّان من الطعام (أي كيلواً ونصف الكيلو تقريباً)- والأحوط وجوباً- وجوب مثل هذه الكفارة في إزالة الشعر من الأبطين كذلك.

وأما إذا أزال شيئاً من شعر الوجه أو الرأس أو تحت الحنك أو الإبط وما شابه ذلك كفاه إطعام فقير واحدٍ.

(المسألة 143) إذا أزال شعر بدنه جهلًا بالحكم، أو نسياناً، وغفلة لم تجب عليه كفارة وإذا انفصلت شعراتٌ من البدن عند الوضوء والغسل وإمرار اليد على البدن لم يجب عليه شي ءٌ.

أما إذا أمرَّ يَدَهُ على رأسِه ووجهِه أو بدنِه من دُون مناسك الحج، ص: 76

هدفٍ، وسقطت شعرات بسبب ذلك فالأحوط وجوباً إعطاء شي ءٌ من الطعام للفقير.

(المسألة 144) لا يجوز للمحرم إزالة الشعر عن بَدن شخص آخر سواء كان ذلك الشخص في حال الإحرام أولًا، فَعَل ذلك بالموسى أو المقص، أو بوسيلة اخرى (ولكن لا يوجب ذلك كفارة).

وعلى هذا لا يجوزُ لمن يكون في حال الإحرام أن يحلق رأسَ من خَرَجَ من الإحرام في مني أو يجمّله ويزيّنه بقصّ شي ءٍ من شعر وجهه ورأسه بل يجب ان يخرج هو أوّلًا من الإحرام ثم يفعل ذلك إن أراد.

13- عقد النكاح

(المسألة 145) لا يجوز للمحرم عقد النكاح سواء أجرى صيغة النكاح بنفسه أو وكّل شخصاً لاجرائه، وسواء كان الزواج

دائماً، أو موقّتاً، وعقده في هذه الحالة باطل.

مناسك الحج، ص: 77

ولو أقدم على هذا العمل مع العلم بحرمته حرمت عليه تلك المرأة حرمة أبدية.

وهكذا لا يجوز للمحرم أن يُجري صيغة عقد النكاح لشخص آخر سواء كان ذلك الشخص في حالة الإحرام أولًا، والعقد في هذه الصورة باطل أيضاً، ولكن لا تحرم المرأة حرمةً أبديةً، ولا تجب كفارة في أي واحدٍ من هاتين الصورتين.

(المسألة 146) لا يجوز للمحرم الحضور في مجلس عقد النكاح للشهادة، وكذا لا يجوز (على الأحوط وجوباً) الشهادة على وقوع النكاح، وكذا خطبة امرأة لنفسه أو لغيره.

14 و 15 و 16- النظر واللمس والتقبيل

(المسألة 147) لا يجوز للمحرم النظر إلى زوجته أو لمس بدنها أو تقبيلها بشهوة، ولكن لا إشكال في النظر واللمس من دون قصد اللذة، والأحوط ترك التقبيل حتى لو كان من دون قصد اللّذة أيضاً.

مناسك الحج، ص: 78

(المسألة 148) اذا نظر إلى زوجته أو لمس بدنها بقصد الالتذاذ وجبت عليه كفارة وهي شاة ولو اقترن ذلك بانزال المنيّ منه، فالاحوط وجوبا وجوب بعير عليه واذا قبّل زوجته بقصد الالتذاذ وجب عليه بعير أيضاً سواء أمنى أو لم يمنِ.

17- المقاربة الجنسية (الجماع)

(المسألة 149) يحرم على المُحرِم مقاربة زوجته جنسياً، ولهذا ثلاث حالات هي:

1- إذا فعل ذلك في إحرام الحج عن علم وعمد، فان كان قبل الوقوف في المشعر الحرام فسد حجُه، ولكن يجب عليه إتمامه، ويعيده في السنة القادمة، وكفارة ذلك بعير. ويجب (على الأحوط وجوباً) ان يفترق الزوجان إلى آخر مناسك الحج، أو يكون معهما شخص ثالث، وفي السنة المقبلة عندما يصلان إلى ذلك المكان الذى فعلا فيه ذلك الفعل يجب أن يفترقا فيه، إلى تمام مناسك الحج.

وهذا هو حكم المرأة أيضاً إذا فعلت ذلك عن علم مناسك الحج، ص: 79

وعمد واختيار.

ولكن إذا أجبرها زوجُها على ذلك لم تجب عليها كفارة، بل وجب على زوجها كفارتان.

وإذا وقع هذا الفعل بعد الوقوف في المشعر الحرام وقبل طواف النساء صح حجهما، ولكنهما أثما وعَصَيا، ووجبت عليه كفارةٌ وهي بعير واحد.

2- اذا وقع الجماع عمداً في عمرة التمتع وجبت عليه كفارة وهي بعير على الأحوط وجوباً، ولكن لا تبطل عمرته، سواء كان قبل السعي بين الصفا والمروة، أو قبل التقصير والخروج من حالة الإحرام.

ولكن الأحوط استحباباً إذا كان قبل السعي أن يتم عمرَته، في صورة الإمكان، ثم يعيد عمرته.

وإذا لم

يمكن ذلك أعاد حجّ التمتّع في العام المقبل من جديد.

3- إذا وقع الجماع في العمرة المفردة فان كان قبل إتمام السعي بين الصفا والمروة بطلت عمرته، ووجبت عليه مناسك الحج، ص: 80

كفارة وهي بعير، والأحوط وجوباً أن يتم عمرته التي هو فيها ثم يصبر شهراً ثم يذهب إلى أحد المواقيت ويحرم من جديد ويعيد العمرة المفردة، ولا فرق في هذا الحكم بين العمرة المفردة الواجبة والمستحبة.

أما إذا كان ذلك بعد الطواف والسعي (وقبل التقصير) بطل عمرته.

(المسألة 150) إذا جامع زوجته نسياناً أو غفلة أو جهلًا بالحكم لم يضر ذلك بحجه أو عمرته، كما لا تجب عليه كفارة أيضاً.

(المسألة 151) إذا قارب زوجته من دون جماع وجبت عليه كفارة وهي بعير ولكن لا يجب عليه اعادة الحج في السنة المقبلة، وهذا هو حكم المرأة أيضاً.

وصورة الاكراه تكون كما مرّ في المسائل السابقة.

(المسألة 152) الكفارة في جميع هذه الموارد- بناء على الإحتياط الوجوبي- بعير واحد (بَدَنة) ولا فرق بين الزوجة الدائمة أو المؤقتة (المتمتع بها) وكذا لا فرق بين مناسك الحج، ص: 81

إتيانها في القُبُل أو الدُبُر، فجميع هذه الموارد في الاحكام المذكورة سواء.

(المسألة 153) الأحكام المذكورة جارية في الحج الواجب والمستحب والحج النيابي، ولكن في صورة ارتكاب هذا العمل لا يسقط حق الأجير في الاجرة، إنما يجب عليه أن يعمل حسب الوظائف المذكورة في المسائل السالفة. (كل هذا في صورة العمد).

18- الاستمناء

(المسألة 154) إذا لعب المحرم بآلته الجنسية إلى حدّ الإمناء كان حكمه حكم من قارب الزوجة، والذى ذكر في المسائل السابقة.

وإذا لاعب زوجته حتى أمنى أو خرج منه المني بسبب النظر أو تخيل مشاهِد جنسية وجبت عليه الكفارة.

بل الأحوط وجوباً أن له جميع احكام

الجماع التي ذُكِرت في المسائل السابقة.

19- قتل الحشرات

(المسألة 155) الأحوط وجوباً أن لا يقتل الْمحرِمُ الحشراتِ مثل البعوض والبق والذباب وما شابهها سواء كانت على بدنه أو لباسه أو لم تكن، بل لا يقتل أي ذى حياة الا إذا كان يوجب أذاه، وإلّا الحيوانات الخطرة كالحية والعقرب وما شابههما، بل والأحوط وجوباً أن لا يلقي هذه الحشرات عن بدنه، ولو فعل ذلك خطأً أعطى مقداراً من الطعام إلى الفقير.

20- ادماء البدن

(المسألة 156) يُكره إدماء البدن سواء بالحجامة أو الجراحة أو السواك أو الحكّ من غير حاجة أو ضرورة.

وحيث أن جماعة من الفقهاء اعتبروا ذلك من المحرمات كان الاحوط إستحباباً، تركه بل الأفضل الاجتناب عن التبرع بالدم بالطريقة المتبّعة اليوم في حال الإحرام أيضاً إلا عند الضرورة ولحفظ حياة مسلم.

21- قلع السِن

(المسألة 157) حكم قلع السنّ اذا أوجب النزيف الدموي حكم ما ذكر في المسألة السابقة، يعني أن هذا العمل مكروه في حال الإحرام، ولكن إذا لم يوجب النزيف لم يكن فيه إشكال، وإن كان الأحوط إستحباباً تركه.

22- الكذب والسب والتفاخر

(المسألة 158) يحرم الكذب والسب مطلقا وفي كل حال، وقد نهي عنه في خصوص حال الإحرام، يعني أنه من الأعمال التي يجب على المحرم تركها، بل الأحوط وجوباً الاجتناب عن إظهار التفوق على الآخرين أو انتقاصهم أيضاً، وهذه الأعمال اجتمعت حسب بعض الروايات الّتى رويت عن المعصومين عليهم السلام في معنى الفسوق الذي ورد في الآية الشريفة: «فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي مناسك الحج، ص: 84

الْحَجِّ» «1» ولو فعل أحد هذه الأعمال يكون قد ارتكب آثاماً ولكنها لا تُبطِل إحرامَه، وليست لها كفارة إلا الاستغفار.

والأفضل أن يمسك المحرم لسانَه في تلك الحال عن كل كلام قبيح، بذى ء، ولا يتكلم إلّابما هو حسن وجميل من القول.

23- الجدال والمنازعة

(المسألة 159) يحرم «الجدال» في حال الاحرام كما اشير إليه في الآية السابقة. والمراد من «الجدال» هنا هو الحلف باللَّه لإثبات موضوع لشخص آخر بدافع الخصومة والعداء والقول: «بلى وَاللَّهِ» ولنفي موضوع آخر كذلك والقول: «لا وَاللَّهِ».

ولا فرق بين اللغة العربية واللغة الفارسية واللغات الاخرى في هذا المجال ... فكل عبارة تتضمن هذا المفهوم مناسك الحج، ص: 85

حرام في حال الإحرام.

(المسألة 160) اليمين الصادقة، والكاذبة سواء في هذا الحكم.

ولكن إذا أقسم كذباً كانت كفارته في المرة الاولى شاة، واذا كانت يميناً صادقة فان كرّر اليمين ثلاثاً كانت كفارته شاة واحدة، ولا كفارة في هذه الصورة في أقل من ثلاث مرات، وان كان ذلك إثماً ووجب الاستغفار له.

(المسألة 161) الأفضل أن يَجتنب المحرم من كل أنواع المجادلة والمخاصمة وان لم تتضمن عبارات القسم واليمين المذكورة في المسألة السابقة، ولكن لا إشكال في إظهار البرائة والنفرة من أعداء الاسلام، فان ذلك ليس غير مضرّ بالإحرام فحسب، بل هو

من وظائف المسلمين تجاه الكفار.

(المسألة 162) إذا قال بدافع المحبة (لا بدافع الخصومة):

واللَّه ما فعلت هذا الفعل، أو قال: واللَّه دعني أقوم بهذا العمل لك، لم يكن حراما، وليس فيه كفارة أيضاً.

24- صيد الحيوانات البرّيّة

(المسألة 163) يحرم على المحرم صيد الحيوانات البرية أو ذبحها، وهكذا يحرم صيد الطيور ولا فرق في الصيد بين التفرد بذلك وبين المشاركة مع الآخرين واعانتهم على ذلك.

وهكذا تحرم دلالة شخص آخر على حيوان، لصيده، أو سدّ الطريق على الصيد أو المحافظة عليه أو أكل لحمه (وان كان قد صاده شخص آخر أو صاده المحرم نفسه قبل أن يحرم).

(المسألة 164) لا يجوز للمحرم قتل الجراد أيضاً وعلى هذا اذا مرّ من طريق فيه جراد فان استطاع أن يغيّر طريقه فعل ذلك، والّا وجب أن يواظب حتى لا يسحق الجراد، ولكن لا إشكال إذا اضطر إلى ذلك ولزم العسر والحرج والمشقة.

وهكذا يجوز قتل الحشرات المؤذية كالحية والعقرب، والمفترسة التي تسبب الخطر، وتهدّد حياة الانسان وسلامته.

مناسك الحج، ص: 87

(المسألة 165) لا إشكال في ذبح الحيوانات الأهليّة في حال الإحرام كالدجاج والبقرة والشاة والإبل الداجنة الاليفة.

(المسألة 166) يجوز للمحرم صيد الحيوانات البحرية.

(المسألة 167) لقتل أو صيد كلّ واحد من الحيوانات البرية كفارة معيّنة، ولكن حيث أن هذه المسألة ليست محل الابتلاء في الوقت الحاضر إلّانادراً جداً لهذا نعرض عن ذكر تفاصيلها في هذا الموجز.

25- حمل السلاح

(المسألة 168) يجب أن لا يحمل المحرم السلاح معه من دون فرق بين الأسلحة النارية أو السلاح الابيض، بل الأحوط عدم استصحاب حتى الأسلحة والآلات الدفاعية كالدرع والترس وما شابه ذلك.

ويجوز استصحاب اى نوع من الاسلحة لدى الضرورة وعند الخطر، والخوف من السراق، والحيوانات المفترسة والعدو.

مناسك الحج، ص: 88

(المسألة 169) المحرَّم على المُحرم حمله السلاح مع نفسه كالسيف، والبندقية بلبسه أو حمله على الكتف. أما إذا كان في خيمته، وبين متاعه، أو في سيارته لم يضر باحرامه وإن كان الأحوط استحباباً ترك ذلك أيضاً إلّافي

موارد الضرورة.

(المسألة 170) كفّارة مَن يحمل معه السلاح عمداً في حال الإحرام شاة.

***

الثاني: الطواف

اشارة

(المسألة 171) الثاني من واجبات العمرة هو الطواف حول الكعبة المعظّمة (بيت اللَّه) سبعة أشواط، وهو واجب في العمرة والحج على السواء (في العمرة مرةً، وفي الحج مرتان).

[شرائط الطواف

اشارة

(المسألة 172) يجب في الطواف خمسة امور:

الأول: «النية»

لأن الطواف من العبادات، ولا يصحّ من دون قصد القربة.

الثاني: الطهارة من الحدث يعني أن يكون على وضوء، وأن يكون طاهراً من الجنابة والحيض والنفاس

، وهذا إذا كان الطواف واجباً.

مناسك الحج، ص: 90

أما الطواف الاستحبابي فلا يشترط فيه الطهارة، وان كان الأفضل ان يكون على طهارة.

ولو كان جنباً ولكنه نسي ذلك وطاف استحباباً صحّ طوافه أيضاً.

ولكن لو طاف جُنُباً مع العلم بذلك فحيث أنّ الدخول في المسجد الحرام جُنباً حرام لم يصح طوافه.

(المسألة 173) إذا فَقَد الماءَ ولم يتمكن منه أو لم يمكنه استعماله لعذر جاز له أن يتيمم بدله، سواء كان بَدَلَ الوضوء أو بَدَل الغسل، ثم يأتي بالطواف.

(المسألة 174) إذا كانت المرأة حائضاً ولم يمكنها الطواف والإتيان بصلاته مع الطهارة قبل الوقوف في عرفات وجب عليها العدول إلى حج الإفراد، وبعد إتمام الحج، تأتي بعمرة مفردة على طهارة، سواء كانت قد حاضت قبل الإحرام أو حاضت بعد الإحرام.

وحكم النفساء هكذا أيضاً.

(المسألة 175) من كان مشتغلًا بالطواف الواجب و

مناسك الحج، ص: 91

بطل وضوؤُه، جدّد الوضوء ثم عاد، فان كان قد طاف أربعة أشواط على الأقل، أتمه.

وان كان قد طافَ أقلّ من أربعة أشواط أتى بالطواف من جديد.

وإذا رأت المرأة العادة الشهرية وهي في حال الطواف كان حكمها بعد الطهر من الحيض كذلك.

(المسألة 176) إذا قطع طوافه الواجب لقضاء حاجة ضرورية ترتبط به، أو باخوانه وأخواته في الدين عمل وفق المسألة السابقة.

(المسألة 177) إذا مرض في أثناء الطواف مرضاً شديداً أفقده القدرة على مواصلة الطواف وإتمامه، قطع طوافه، فان كان قد أكمل أربعة اشواط منه، أتمه بعد عودة العافية إليه.

وان كان قد أتى بأقل من ذلك أتى بالطواف من جديد.

واذا استمر مرضُه ولم يمكنه الإتيانُ بالطواف بشخصه، اطيف به، وإذا لم يمكنه ذلك أيضاً استناب أحداً ليطوف عنه.

مناسك الحج،

ص: 92

(المسألة 178) إذا ترك الطواف الإستحبابي وذهب إلى القيام بعمل (سواء كان ضرورياً أو غير ضروري) جاز له إذا عاد أن يكمل طوافه من حيث تركه سواء كان قد أتى باربعة اشواط أم لا.

(المسألة 179) لا إشكال في الجلوس أثناء الطواف للاستراحة ودفع التعب، ولكن الأحوط وجوباً أن لا تزول الموالاة العرفية (يعني ان يأتي بالطواف وفق المتعارف على التتابع والتوالي ومن دون فاصلة كبيرة).

الثالث: «الطهارة» من الخبث.

(المسألة 180) يجب أن يكون بدن الطائف ولباسه طاهرين من كل أنواع النجاسة حتى بعض النجاسات المعفوّ عنها في الصلاة (مثل الدم الأقل من درهم)، فان ذلك غير معفوّ عنه في الطواف.

ولكن لا بأس بدم الجروح التي يستلزم غسلها مشقة وعسراً وحرجاً.

(المسألة 181) لا بنجاسة الألبسة الصغيرة

مناسك الحج، ص: 93

(كالجورب والقلنسوة والهميان وغير ذلك) مما لا يمكن ستر العورة به بمفرده.

(المسألة 182) اذا تنجس اللباس أو البدن ولم يعلم بذلك أو علم ولكنه نسي فإن علم بعد الطواف صح طوافه.

وإذا علم في حال الطواف بدّل لباسه وأتم طوافه في لباس طاهر.

وإذا لم يكن معه لباس طاهر قطع طوافه وطهّر بدنه أو لباسه، ثم أتم طوافه، وصح، سواء فعل ذلك قبل تكميل أربعة أشواط أو بعده.

الرابع: الختان

(المسألة 183) إذا لم يكن الرجل مختوناً كان طوافه باطلًا، والأحوط وجوباً أن يكون الصبيّ مختوناً ايضاً.

(المسألة 184) إذا طاف غير مختون عمداً أو نسياناً أو جهلًا بالمسألة كان طوافه باطلًا.

(المسألة 185) إذا استطاع المكلف ولم يكن مختوناً بعد (مثل حديث الاسلام) فإن أمكن ختانه وجب عليه الحج مناسك الحج، ص: 94

في نفس العام وإذا لم يمكن ذلك أخر الحج ريثما يختتن.

وإذا كان الاختتان مضرّاً به دائماً وجب عليه الحج مع تلك الحال (ولكن الأحوط استحباباً أن يستنيب من يطوف عنه مضافا إلى طوافه هو ايضاً).

الخامس: ستر العورة

(المسألة 186) يجب على الطائف ستر العورة، بل يلزم ستر بدنه بنحو لا يقال انه عاري البدن.

(المسألة 187) الأحوط وجوباً مراعاة جميع الشرائط المعتبرة في لباس المصلّي في حال الطواف.

واجبات الطواف

اشارة

(المسألة 188) يشترط في الطواف سبعة امور:

الأول والثاني: يجب أن يُبدأ الطواف من «الحجر الاسود» ويُختم ب «الحجر الأسود»

ويكفي أن يقال عرفاً أنه بدأ بالحجر الاسود وختم به، ولا يلزم الدقة في محاذاة كل أجزاء البدن لأجزاء الحجر الأسود، ولكن الأحوط وجوباً

مناسك الحج، ص: 95

أن يبدأ بما قبل الحجر الأسود قليلًا ويختم بما بعد الحجر الاسود قليلًا ليحصل له اليقين بانه أتى بسبعة أشواط تماماً.

الثالث: يجب أن يجعل الكعبة المعظمة في طوافه على يساره

كما هو معمول به الآن بين المسلمين.

(المسألة 189) لا يلزم أن تحاذي الكتف اليسرى الكعبة المعظمة في جميع الحالات بل يكفي ان يدور حول الكعبة بصورة متعارفة حتى أنه إذا واجه الكعبة بوجهه أحياناً ثم واصل سيره لم يكن فيه مانع ولا حاجة إلى ما يفعله بعض العوام في السعي لإبقاء الكتف اليسرى محاذية للكعبة دائماً (حتى عند الوصول إلى حجر إسماعيل) بل إذا أوجب ذلك وهناً في الدين كان في طوافهم إشكال.

والافضل أن يحرص الطائف على حضور القلب والمناجاة والدعاء والضراعة إلى اللَّه، بدل هذه الإحتياطات غير اللازمة في الإبقاء على الكتف اليسرى لفي محاذاة الكعبة المعظمة، والطواف حول البيت مثل سائر المسلمين.

الرابع: يجب أن يجعل حجر اسماعيل داخل مَطافه،

يعني أن يطوف خارج حجر اسماعيل، فاذا اطاق من داخل حجر اسماعيل وجب أن لا يعتبر بذلك الشوط من الطواف، ويعود إلى الحجر الأسود (ولكن حيث أن الرجوع إلى الوراء في هذه الموارد وفي ذلك الزحام أمر في غاية الصعوبة لذلك فان الأفضل أن يجري مع الطائفين ويتم ذلك الشوط من دون نيّة إلى أن يصل إلى الحجر الأسود ثم ينوي من جديد ويبدأ الشوط المُعاد).

الخامس: يجب أن يكون الطواف خارج الكعبة المعظمة

، ولهذا لا يجوز الطواف داخل الكعبة، وهكذا لا يجوز المشي على ذلك القسم الناتي ء في أسفل جدار الكعبة المعظمة والمسمى (بالشاذروان) (وان كان الطواف والمشي على الشاذروان اليوم غير ممكن عمليّاً لكونه مصنوعاً بنحو لا يمكن المشي عليه).

وكذا لا يجوز الطواف والمشي فوق جدار «حجر اسماعيل».

مناسك الحج، ص: 97

(المسألة 190) لا يضر بالطواف وضع الطائف يده على جدار الكعبة أو جدار حجر اسماعيل أو فوقه، ولكن الأحوط استحباباً أن لا يضع يده حال الطواف على ذلك القسم من جدار الكعبة الذي يوجد في أسفله الشاذروان.

(المسألة 191) اذا دخل الكعبة في أثناء الطواف بطل طوافه ووجب إعادته كله.

واذا دخل حجر اسماعيل بطل ذلك الشوط حسب، ووجب اعادته خاصة وذلك بدءً من حجر الأسود.

اما اذا مشى على جدار حجر اسماعيل أو مشى على الشاذروان اعاد ذلك القسم فقط، لا الشوط كله.

(المسألة 192) إذا قطع طوافه عمداً ولكن لم يخرج من المسجد، وعاد إلى المطاف قبل فوت الموالاة وزوالها، واستمر من ذلك الموضع الذي قطع فيه الطواف صحّ طوافه.

السادس: المشهور بين الفقهاء أنه يجب أن يكون الطواف في الفاصلة بين مقام إبراهيم والبيت المعظم

(وهذه الفاصلة عبارة عن ست و عشرين ذراعاً ونصف الذراع مناسك الحج، ص: 98

يعنى أقل من ثلاثة عشر متراً). ويجب أن يُراعى هذا المقدار من الفاصلة من كل جهة.

وعلى هذا تكون محدودة الطواف (المطاف) عند حجر اسماعيل ستة أذرع ونصف الذراع (أي أقلّ من ثلاثة أمتار ونصف المتر) لانه ينقص منه مقدار المسافة التي يشغلها حجر اسماعيل وهو عشرون ذراعاً.

ولكن الحق هو جواز الطواف في المسجد الحرام كله، وإن كان الأفضلُ أن لا يُترك الإحتياط، يعني أنه إذا لم يكن الطواف في الفاصلة المذكورة صعباً، أن لا يخرج من ذلك الحدّ.

السابع: تشترط الموالاة في الطواف

، وتعني «الموالاة» أن تؤتى بأشواط الطواف السبعة الواحد تلو الآخر من دون تأخر، ولا يكفي أقلّ من سبعة أشوط، ولكن لا تشترط «الموالاة» في الطواف المستحب كما قلنا.

(المسألة 193) إذا كان مشتغلًا بالطواف الواجب وحضر وقت صلاة الفريضة أو نافلة «الوتر» جاز قطع مناسك الحج، ص: 99

الطواف، وإقامة الصلاة ثم تكميل الطواف بعد الصلاة سواء كان قد أتى بأربعة أشواطام لا.

أحكام الطواف

اشارة

(المسألة 194) لا يجوز الزيادة والنقصان في الطواف، ولو أضاف أحد عمداً على سبعة أشواط بطل طوافه، ولو نقص من طوافه شيئاً عمداً بطل طوافه أيضاً، فان عاد قبل فوت «الموالاة» وأتم طوافه صحّ، وإلّا بطل طوافه ووجب إعادته من جديد.

(المسألة 195) إذا نقص في الطواف الواجب عن سهو ونسيان، وان كان بعد أن أتى باربعة أشواط عاد إلى المطاف وأتمّ طوافه (سواء فاتت الموالاة أو لم تفت).

وإذا كان ذلك قبل أن يأتى باربعة أشواط فان لم تفت الموالاة بعدُ جاز له تكميله وإلّا وجب الشروع فيه من جديد.

(المسألة 196) لمن ترك «طواف عمرة التمتع» عدة صور:

مناسك الحج، ص: 100

1- إذا ترك الطواف عمداً إلى أن ضاق وقت الوقوف في «عرفات» فالأحوط وجوباً أن ينوي حج الإفراد، ثم يأتي بعد الحج بعمرة مفردة ويعيد حج التمتع في السنة المقبلة (وقت الوقوف في عرفات على الأحوط من ظهر يوم عرفة يعني التاسع من شهر ذي الحجة إلى غروب الشمس من ذلك اليوم).

2- من ترك الطواف عن جهل انقلب حجه إلى حج الإفراد، والأحوط وجوباً أن يأتي بعمرة مفردة بعد ذلك ثم يعيد حج التمتع في السنة المقبلة والأحوط استحباباً ذبح بعير كفارةً.

3- من ترك الطواف عن سهو ونسيان صح حجه وإذا تذكر أتى بالطواف

(والأحوط استحباباً أن يعيد السعي بعد ذلك أيضاً).

واذا كان قد عاد إلى وطنه أو خرج من مكة وصعب عليه الرجوع استناب أحداً ليطوف عنه، ولا يحرم عليه شي ءٌ في هذه المدة والأحوط أن يبعث بشاة إلى مكة للذبح مناسك الحج، ص: 101

وإذا لم يستطع ذلك، ذبحها في وطنه.

4- إذا ترك «طواف الحج» إلى آخر ذي الحجة فان فعل ذلك عمداً أو جهلًا (سواء كان جاهلًا مقصّراً أو غير مقصّر) بطل حجُه، ووجب عليه إعادة الحج في السنة المقبلة، والأحوط أن يذبح بعيراً.

واذا فعل ذلك عن سهو ونسيان قضى طوافه وصح حجه، وإذ تذكر بعد الرجوع عن الحج، أو بعد الخروج من مكة وشقّ عليه الرجوع استناب أحداً ليطوف عنه (ويستحب أن يأتي بالسعي ايضاً بعد ذلك وأن يضحّي بشاةٍ في منى واذا لم يمكن ذلك ضحّى بشاة في وطنه ولا يحرم عليه شي ءٌ في هذه المدة).

5- إذا ترك «طواف النساء» سواء عمد أو نسياناً أو جهلًا حرمت زوجتُه عليه إلى أن يعود ويأتي بهذا الطواف.

مناسك الحج، ص: 102

واذا لم يمكن ذلك أو شُقّ عليه استناب احداً ليطوف عنه. وإذا مات قضى عنه وَليُّه.

ولا فرق في هذا الحكم (أي ترك طواف النساء) بين الرجل والمرأة والصغير الكبير لأن طواف النساء واجب على الجميع، وبدونه لا تحلّ زوجته عليه. (كما لا يحلّ زوجها عليها).

الزيادة والنقصان في الطواف

(المسألة 197) إذا نقص شيئاً من الطواف عمداً، وفاتت «الموالاة» بطل طوافه، ووجب إعادته، وإذا أتى بالنقيصة قبل فوت الموالاة صحَّ طوافه.

(المسألة 198) إذا أتى في طوافه بأكثر من سبعة أشواط عمداً بطل طوافه سواء قصد الزيادة من البداية، أو أضاف شيئاً بعد إتمام الطواف، وسواء كانت الزيادة بمقدار شوط كامل أو اقل

أو اكثر.

أما إذا لم يأت بالزيادة بقصد الطواف مثل أن يدور

مناسك الحج، ص: 103

مع الطائفين ابتداءً بمقدار شوط حتى يتعرف على الطواف والمطاف ثم عندما يحاذي الحجر الأسود يقصد الطواف لم يضر هذا العمل بطوافه.

وهكذا لا بأس إذا طاف شوطاً أو بعض شوط من دون قصد الطواف بعد أن أتم طوافه بسبب كثرة الزحام، ولم يمكنه الخروج من المطاف فوراً، ثم خرج فيما بعد.

(المسألة 199) إذا أتى- في الطواف- بزيادة عن سبعة أشواط، فان كان أقلّ من شوط قطعه وصح طوافه.

وإذا كان شوطاً كاملًا أو أكثر من شوط فالأحوط وجوباً أن يضيف إليه حتى تصير سبعة اشواط بقصد القربة ليصير طوافاً كاملًا ثم يأتي بركعتي الطواف الواجب ثم يسعى (إذا كان يجب السعي) ثم يأتي بركعتي الطواف المستحب (ولا يلزم أن يقصد وينوي أن الطواف الاول واجب والطواف الثاني مستحب بل يكفي أن يأتي بذلك بقصد القربة).

مناسك الحج، ص: 104

(المسألة 200) يحرم القران في الطواف الواجب (أي أن يأتي بطوافين كاملين تباعاً بدون أن تفصل بينهما صلاة الطواف)، ولكن لا يبطل الطواف الأول إلّاأن يكون هذا قصده من البداية، ففي هذه الصورة تكون صحة الطواف الأول محل إشكال.

أما القران في الطواف المستحب فمكروه وليس بحرام ولا باطل.

(المسألة 201) إذا نقص من الطواف سهواً عمل وفق المسألة رقم 195.

الشكّ في مقدار الطواف

(المسألة 202) إذا شك بعد الفراغ من الطواف في عدد الأشواط لم يعتن بشكه.

وهكذا إذا شك بعد الفراغ من الطواف في أنه هل أتى بالشرائط اللازمة- مثل الوضوء وغيره- على الوجه الصحيح أم لا، لم يعتن بشكه.

مناسك الحج، ص: 105

(المسألة 203) إذا شك بعد الوصول إلى «الحجر الأسود» في أنه هل طاف سبعة أشواط أم ثمانية أشواط

أو اكثر لم يعتن بشكه وصحّ طوافه.

وهكذا إذا شك في أثناء الشوط هل هذا هو الشوط السابع أم أكثر أكمل ذلك الشوط، وصح طوافه.

(المسألة 204) إذا شك في أثناءِ الطواف الواجب في الأقل (اى شك مثلًا بين الستة والسبعة أو بين الخمسة والستة وما شابه ذلك) فالأحوط وجوباً أن يترك ذلك الطواف ويبدأ من جديد (هذا إذا كان الطواف واجباً).

أما في الطواف المستحب فيبني على الأقلّ ثم يُتم، ويصح طوافه.

(المسألة 205) الظن في حكم الشك في المسائل السابقة فليعمل بحكم الشكّ.

(المسألة 206) لا بأس أن يعتمد الطائف على صديق له في عدّ أشواط الطواف وحفظ حسابها (إذا كان موضع ثقة).

مناسك الحج، ص: 106

(المسألة 207) كثير الشك (الذي يشك في طوافه كثيراً) يجب أن لا يعتني بشكه، فيأخذ بالجانب الذي يناسبه أكثر.

مثلًا إذا شك بين الخمسة والستة بنى على الستة، واذا شك بين السبعة والثمانية بنى على السبعة.

(المسألة 208) الكلام والضحك وحتى الأكل في حال الطواف لا يبطل الطواف، ولكن الأفضل عدم التكلّم في حال الطواف (واجباً كان أو مستحباً) إلّابذكر اللَّه والدعاء، والإتيان بهذه العبادة الكبيرة مع حضور القَلب والاجتناب عن كل عمل يقلّل من حضور القلب والتوجه إلى الحق سبحانه.

***

الثالث: صلاة الطواف

(المسألة 209) يجب- بعد الطواف الواجب- الإتيان بركعتين من الصلاة، والأحوط وجوباً أن يأتي بهذه الصلاة خلف مقام إبراهيم عليه السلام، ولا يجب أن يكون متصلًا به بل يكفي أن يقال عنه أنه صلى خلف مقام ابراهيم عليه السلام.

(المسألة 210) محل صلاة الطواف- كما قلنا- خلف مقام إبراهيم عليه السلام، ولكن إذا كان الزحام شديداً يجوز الإتيان بهذه الصلاة على أحد جانبي مقام ابراهيم أو خلفه مع فاصلة (وخاصة إذا كانت جماعة الطائفين حول

البيت المعظم كبيرة جداً بحيث تصل دوائر الطائفين إلى خلف مقام إبراهيم، فيكون الإتيان بصلاة الطواف هناك صعباً.

مناسك الحج، ص: 108

ففي هذه الصورة ينبغي عدم الإصرار على الاتيان بصلاة الطواف على مقربة من مقام إبراهيم، بل يصليها حيث لا توجد فيه هذه المشكلة، وما يفعله بعض العوام من شدّ الأيدي والسواعد بعضها ببعض لا يجاد طوق حول المصلّي حتى يأتي بصلاة الطواف قريباً من مقام إبراهيم لا ضرورة له، بل لا يخلو عن إشكال إذا كان فيه مزاحمة للطائفين أو لسائر المصلين).

(المسألة 211) يجوز الإتيان بصلاة الطواف المستحب في أي موضع كان من المسجد الحرام، ولا يشترط فيه أن يكون خلف مقام إبراهيم عليه السلام.

(المسألة 212) يجوز الجهر أو الإخفات في صلاة الطواف، ولا أذان فيها ولا إقامة، وهي في الأمور الاخرى مثل صلاة الصبح.

(المسألة 213) مَن ترك صلاة الطواف عمداً وجب أن يعود ويأتي بها، وإذا لم يأت بها في موقعها لم يبطل حجه، إنما يكون قد عصى وأثم فقط.

مناسك الحج، ص: 109

(المسألة 214) إذا ترك صلاة الطواف سهواً أو جهلًا بالحكم فان أمكن أن يعود ويصلّي خلف مقام إبراهيم فعل، وإذا شقّت عليه العودة صلّى حيث هو، حتى إذا كان في وطنه.

وإذا مات ولم يؤدّ صلاة الطواف قضى عنه وليَّه (ولو قضاها عنه غير الولي كفى أيضاً).

(المسألة 215) إذا نَسي صلاة الطواف واشتغل بالسعى بين الصفا والمروة ثم تذكّر في أثناء السعي، ترك السعي من حيث هو، وعاد إلى المسجد وصلّي صلاة الطواف ثم عاد إلى المسعى وأتمّ سعيه من حيث ترك. (لا أن يستأنف من جديد).

(المسألة 216) الأحوط وجوباً أن يأتي بصلاة الطواف عقيب الانتهاء من الطواف من دون تأخير، إلّاإذا نسي،

وقد مرّ حكمه في المسألة السابقة.

(المسألة 217) يجوز الإتيان بالطواف الواجب وصلاته في أي ساعة شاء من الليل أو النهار، بل يجوز الاتيان بصلاة الطواف حتى لحظة طلوع الشمس أو غروبها

مناسك الحج، ص: 110

ولا كراهة في ذلك.

(المسألة 218) إذا لم يتمكن من الاتيان بصلاة الطواف عقيب الطواف فوراً، لمانعٍ مثل بطلان الوضوء أو تنجس اللباس أو البدن أو بسبب الزحام، أو قيام صلاة الجماعة اليوميّة، أتى بها بعد رفع أو ارتفاع هذه الموانع وصحّ طوافه وصلاته.

(المسألة 219) يجب على كل مكلّف أن يتعلم قراءة الصلاة (اي الحمد والسورة) وسائر أذكارها بصورة صحيحة، ولكن إذا لم يتمكن من القراءة بصورةٍ صحيحة كاملًا بسبب الاميّة أو لأسباب اخرى رغم السعي والجهد اللازم كفاه المقدار الذي يقدر عليه.

وإذا تمكّن من التعلم ولكنه قصّر عصى، ولكن إذا ضاق الوقت ولم تبق فرصة للتعلم وجب أن يأتي بصلاة الطواف بالمقدار الذي يقدر عليه، ولا حاجة إلى الاستنابة، وفي الإتيان بصلاة الطواف جماعةً إشكال.

(المسألة 220) إذا كان لا يدري هل أن قراءته (التي مناسك الحج، ص: 111

يأتي بها في الصلاة) صحيحة أم لا، وكان معذوراً في جهله صحّت صلاته ولا حاجة إلى الإعادة.

أما اذا كان مقصّراً وجب- بعد تعلّم القراءة الصحيحة- أن يعيدها، وإلّا أثم وعصى.

(المسألة 221) يجب أن تكون قراءة جميع الصلوات صحيحة، ويجب على حجاج بيت اللَّه الحرم اغتنام هذه الفرصة، وعرض قراء تهم بصورة دقيقة على رجل من أهل العلم والدين للتأكد من صحتها وهم يريدون السفر إلى الحج، والإقدام على هذه الرحلة الروحانية العظيمة، فاذا كان هناك نقصان وإشكال في قراء تهم صحّحوه، ليكون حجّهم خالياً عن أي إشكال.

(المسألة 222) لا يُشترط في صحة القراءة تدقيقات علماء

التجويد، بل يكفي أن يقال في العرف العربي أنه أدى الكلمات بصورة صحيحة.

***

[الرابع السعي بين الصفا والمروة

اشارة

(المسألة 223) السعي بين الصفا والمروة من واجبات «عمرة التمتع» و «الحج» وذلك بأن يبدأ المشي من جبل الصفا متجهاً نحو «المروة» ثم يعود من «المروة» إلى «الصفا» إلى سبعة مرات (وكل ذهاب يُعدّ شوطاً وكل عودة شوطاً).

وعلى هذا يذهب من الصفا إلى المروة أربع مرات ومن المروة إلى الصفا ثلاث مرات ولا يعود إلى الصفا من المروة مرة رابعة فيكون المجموع سبعة أشواط. (على أن نهاية السعي تكون في المروة).

(المسألة 224) من ترك هذه الأشواط السبعة أو بعضها

مناسك الحج، ص: 114

عمداً فان كان ذلك في عمرة التمتّع ولم يمكنه جبران ما فات قبل الوقوف في عرفات فالأحوط وجوباً أن يبدل حجه إلى حج الافراد يعني أن ينوي حج الإفراد ويتم أعمال الحج ويعيد في السنة المقبلة حجّ التمتع.

وإذا ترك السعي في الحجّ ولم يدرك ما فاته في الوقت بطل حجه ووجب عليه اعادةُ حجه في العام المقبل.

(المسألة 225) إذا تَرَكَ السعيَ عن جَهل بالمسألة فالأحوط وجوباً أنّ حكمه حكمُ العمد، الذى مرّ في المسألة السابقة، فعليه أن يقوم بالوظيفة المذكورة هناك.

واذا ترك السعي نسياناً وسهواً وجب أن يأتي به كلّما تذكر وإن كان بعد شهر ذي الحجة، وإذا شقت عليه العودة استناب أحداً ليأتي بالسعي نيابة عنه، ولا يحرم عليه شي ءٌ في هذه المدة.

(المسألة 226) إذا سعى أكثر من سبعة أشواط عمداً بقصد السعي الواجب بطل سعيُه.

وإذا أضاف إلى أشواط السعي سهواً، شوطاً واحداً

مناسك الحج، ص: 115

أو أكثر ثم تذكّر فيما بعد لم يعتن وصح سعيه ولا حاجة إلى أن يلحق بذلك الشوط الزائد أشواطاً اخرى إلى تمام السبعة، بل الأحوط

ترك ذلك.

(المسألة 227) إذا زاد على الاشواط جهلًا بالمسألة فحكمه حكم العمد ولابد من الاعادة.

(المسألة 228) إذا نقص شيئاً من السعي سهواً ونسياناً سواء كان ذلك قبل تمام أربعة اشواط أو بعده أتى بالناقص متى تذكر، وصحّ سعيه.

وإذا كان قد خرج من مكة أو عاد إلى وطنه وشق عليه الرجوع إلى مكة لجبران مافات استناب أحداً ليأتي بالناقص، ولا تجب عليه كفارة وإن كان قد أتى بأعمال محرمة على المحرم.

(المسألة 229) إذا ظن أنه اكمل السعي يجب ان لا يقنع بهذا الظن، ويحقق، فاذا لم يتوصل فكره إلى شي ء أتى بالمقدار الّذي لا يعلم انه أتى به.

واذا قصّر (أي قصّ شيئاً من شعره أو ظفره) من دون مناسك الحج، ص: 116

تحقيق وانما بمجرد الظن بأنه أدّى السعي بصورة كاملة، ثم جامع زوجته بعد ذلك فالأحوط وجوباً أن يذبح بقرة علاوة على تكميل السعي (ويذبحها في مكة إن استطاع واذا لم يتمكن ذبحها في بلده).

(المسألة 230) إذا كان مشغولًا بالسعي بين الصفا والمروة وحلّ وقت الصلاة قطع سعيه- مهما كان المقدار الذي أتى به من السعي قليلًا أو كثيراً- وأدى الصلاة، ثم أتى ببقية السعي.

(المسألة 231) إذا طرأت له حاجة ضروريّة لنفسه أو لأحد اخوته وأخواته في الدين جاز له قطع السعي، والذهاب للقيام بتلك الحاجة، ثم يعود ويأتي ببقية السعي من حيث ترك وصحّ سعيُه.

وهكذا إذا تعب جاز له ان يجلس في أثناء السعي للاستراحة، ثم يقوم ويواصل سعيه (سواء كان في الصفا أو في المروة أو بينهما).

(المسألة 232) إذا كان مشغولًا بالسعي وتذكّر في مناسك الحج، ص: 117

الأثناء أنه لم يأتِ بالطواف عاد وأتى بالطواف وأدّى صلاته خلف مقام إبراهيم، ثم واصل السعي من

حيث ترك.

(المسألة 233) الأحوط أن يراعي «الموالاة» في السعي في غير ما ذكر من الموارد، يعني أن يأتي بأشواط السعي السبعة تباعاً ومن دون فاصلة كثيرة.

واجبات السعي

اشارة

(المسألة 234) فيجب في السعي عدة امور:

الأول: النيّة

يجب أن يأتي بالسعي مع القصد وابتغاءً لمرضاة اللَّه. ويكفي في هذا المجال أن يعرف إجمالًا ماذا يفعل، وأنه يسعى للعمرة أو الحج، ولا يلزم النطق باللسان.

الثاني: الشروع من «الصفا».
الثالث: الانتهاء بالمروة

. (والصفا والمروة كما قلنا جبلان صغيران قريبان من المسجد الحرام، وعند الخروج من المسجد الحرام يقع «الصفا» على الجانب الأيمن و «المروة» على الجانب الايسر، ولهذا فان الحاج أول ما

مناسك الحج، ص: 118

يأتي إلى الصفا ويبدأ منه).

والذهاب من الصفا إلى المروة يُعدُّ شوطاً والعودة من المروة إلى الصفا يُعدّ شوطاً آخر، ولهذا فان الشوط السابع ينتهي بالمروة.

(المسألة 235) يجب أن يقطع جميع المسافة بين جبلي الصفا والمروة، وحيث أن قسماً من هذين الجبلين قد غُطيا ولهذا يكفي الصعود على قسم من المرتفع، ولا يجب أن يذهب إلى القسم المكشوف من الجبلين ويُمِسَّ رجله بالجبل، ويفعل ما يفعله بعض العوام من الأعمال الموهنة.

الرابع: يجب أن يكون السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط لا أقل ولا أكثر

، ولو زاد فيه أو نقص عمداً بطل سعيه.

وإذا فعل ذلك سهواً عمل وفق الأحكام التي ذكرناها في المسائل السابقة.

الخامس: يجب أن يكون السعي بين الصفا والمروة من الطريق المتعارف

، وبناء على هذا إذا أتى بمقدارٍ من السعي مناسك الحج، ص: 119

من داخل المسجد الحرام أو من خارج المسجد والمسعى لم يصح سعيه.

وهكذا يشكل السعي في الطابق العلوى المبنّي فوق المسعى اليوم إلا أن تكون هناك ضرورة شديدة، ولم يمكن الإتيان بالسعي في الطابق السفليّ، ففي هذه الصورة يجوز السعي في الطابق العلوي.

السادس: يجب أن يكون متوجّهاً إلى المروة عند الذهاب إليها من الصفا

، ومتوجها إلى الصفا حين الذهاب إليه من المروة، ولو عكس بأن سعى بصورة قهقرائية أو مشى بالعرض من الجانب الأيمن أو الأيسر كان في سعيه إشكال.

ولكن هذه المسألة يجب أن لا تصير مبعثاً للوسواس، بل يكفي أن يتحرك حسب المتعارف وإن التفت احياناً إلى اليمين أو إلى اليسار أو التفت إلى الوراء لمشاهدة أصدقائه ورفقائه.

السابع: الأحوط [عدم غصبية لباس الساعي

وجوباً لصحة السعي أن لا يكون مناسك الحج، ص: 120

لباس الساعي وما يستصحبه معه غصبياً وكذا الأحوط ستر العورة للرجال، والحجاب الشرعي للنساء.

(المسألة 236) لا يلزم أن يأتي بالسعي بعد الطواف وصلاته فوراً ومن دون فاصلة بل يجوز له- إذا كان تعباناً أن كان الهواء حاراً- أن يؤخّر سعيه إلى الليل، بل ويجوز تأخير السعي حتى من دون التعب والحرارة، ولكن لا يجوز تأخيره إلى الغد من غير ضرورةٍ ولو أخره إلى الغد من دون ضرورة أثم وعصى ولكن لا يبطل سعيه.

مستحبات السعي

(المسألة 237) يُستحب في السعي امور:

1- الأفضل أن يكون- حال السعي- على وضوء، ولكن لا يجب ذلك، بل يجوز حتى للمرأة أن تسعى بين الصفا والمروة في حالة الحيض.

2- يستحب إذا لم يمنع الزحام أن يستلم «الحجر الأسود» بعد إتمام الطواف وصلاته. ويقبّله، ثم يعمد إلى مناسك الحج، ص: 121

ماء زمزم ويشرب مقداراً منه، ويصبّ منه على رأسه وبدنه ثم يشتغل بالسعي.

ولو كان استلام الحجر الاسود يوجب- بسبب الزحام- أذى الآخرين وجب تركه.

3- يجوز الإتيان بالسعي راجلًا أو راكباً سواء كان سالماً قادراً أو مريضاً وعاجزاً، ولكن الأفضل للقادر على المشي السعي راجلًا.

4- يستحب لدى الذهاب من الصفا إلى المروة أو العودة من المروة إلى الصفا «الهرولة» في المنطقة المعلَّمة (والهرولة هي الحركة السريعة التي تكون بين المشي العادي والركض).

ولا تستحب الهرولة للنساء. وكذا لو نسيها الرجال فالأحوط أن لا يعود ولا يستدركها.

5- يجوز التكلّم وحتى شرب الماء أو أكل شي ء من الطعام في حال السعي، ولكن الأفضل الاشتغال في هذا الحال بالدعاء وبذكر اللَّه تعالى، والإتيان بالسعي في وقارٍ وسكينةٍ وتوجّهٍ إلى ذات الحق تعالى.

مناسك الحج، ص: 122

(المسألة 238) لا إشكال في

الإستراحة في اثناء السعي بين الصفا والمروة للتخلص من التعب والارهاق، أو لغير ذلك سواء كان في الصفا أو المروة أو في الوسط بينهما.

ولكن الأفضل أن لا يجلس ولا يستريح من دون تعب.

(المسألة 239) إذا شك- بعد إتمام السعي والتقصير- هل أتى بالأشواط السبعة بصورة صحيحةٍ أم لا، أو هل توفّرت فيها الشروط المعتبرة أم لا؟ لم يعتن بشكه.

ولكن إذا شكّ- قبل التقصير- هل أتى بالسعي بصورة كاملة أو ناقصة؟ وجب إعادة السعي من الاول.

أما إذا علم أنه سعى سبعة أشواط كاملة وشكّ في الأكثر صحّ سعيُه ولم يعتن بشكه.

(المسألة 240) إذا أيقن أنه أتى بسعي ناقص، مثلًا ايقن انه أتى بستة اشواط أو أقلّ من ذلك عاد وأتمّه (أي أتى بالمقدار الناقص) وصحّ سعيُه.

***

[الخامس التقصير

(المسألة 241) الخامس من واجبات العمرة التقصير، يعني قصّ شي ء من شعر الرأس أو الوجه (اللحية أو الشارب) والظفر، ويكفي أن يقص شيئاً من شعر الرأس أو الوجه، دون قصّ شي ء من الظفر، ولكن الأحوط أن لا يكتفي بقصّ شي ء من الظفر فقط.

(المسألة 242) لا فرق في تقصير شعر الرأس أو الوجه بأية وسيلة كانت ولكن لا يكفي نتف الشعر.

(المسألة 243) التقصير من العبادات ويجب أن يؤتى به بقصد القربة، وللَّه تعالى.

(المسألة 244) لا يُشترط للتقصير من عمرة التمتع مكان مناسك الحج، ص: 124

خاص ومعيّن، فيجوز التقصير عند المروة بعد إتمام الشوط الاخير من السعي، أو بعد الرجوع إلى المنزل، وهكذا لا فرق بين أن يقصر هو بنفسه أو يطلب من شخص آخر بأن يقصّ شيئاً من شعره.

(المسألة 245) لا يجوز حلق الرأس في «عمرة التمتع» بدل التقصير، ولو فعل عمداً، وكان في شهر ذي القعدة فما بعد فالأحوط وجوباً

أن يكفرّ عن ذلك بذبح شاة، ول كان ذلك عن غير عمد لم تكن فيه كفارة.

(المسألة 246) بعد التقصير من «عمرة التمتع» يخرج من الإحرام، ويحل له كل ما يحرم على المحرم، إلا الصيد فانه يبقى حراماً عليه، لحرمة الصيد في الحرم على الجميع.

(المسألة 247) إذا نسي التقصير وبدأ بأعمال الحج (يعني أحرم وذهب إلى عرفات) صحّت عمرته، وصحّ حجّه، ولا شي ء عليه، ولكن الأفضل أن يكفّر عن ذلك بذبح شاة.

(المسألة 248) إذا ترك التقصير عمداً وبدأ بأعمال الحج، بطلت عمرته، وتبدّل حجّه إلى حجّ الإفراد، ووجب عليه مناسك الحج، ص: 125

إتمام حجه، والأحوط وجوباً أن يأتي بعمرةٍ مفردةٍ بعد إتمام الحج وإن كان الأحوط إستحباباً إعادة الحجّ في السنة اللاحقة.

(المسألة 249) مَن ترك التقصير جهلًا كان حكمه حكم العمد أيضاً.

(المسألة 250) لا يجب طوافُ النساء في عمرة التمتع، بل ليس من الضروري الإتيان بطواف النساء حتى بقصد رجاء المطلوبية.

***

حجّ التمتّع

[واجباته

اشارة

(المسألة 251) يجب الإتيان بحجّ التمتّع بعد عمرة التمتع- كما قلنا ذلك سابقاً- وأعماله ثلاثة عشر على النحو الاتي:

1- الإحرام من مكة.

2- الوقوف (أي الكَون) في «عرفات» من ظهر اليوم التاسع من ذي الحجة إلى غروب الشمس من ذلك اليوم.

3- الوقوف في المشعر الحرام (أي الكَون فيه) من طلوع فجر يوم عيد الأضحى إلى طلوع الشمس من ذلك اليوم.

4- الذهاب إلى منى ورمي جمرة العقبة (أي رجم العمود الذي في آخر منى والّذي يسمى بجمرة العقبة

مناسك الحج، ص: 128

أو الجمرة القُصوى بسبع حصيات صغار).

5- ذبح الأضحية في منى يوم العيد (اي اليوم العاشر من ذي الحجة).

6- حلق شعر الرأس أو تقصيره.

7- الطواف حول الكعبة (ويسمّى هذا الطواف طواف الزيارة).

8- الإتيان بركعتي صلاة الطواف.

9- السعي بين

الصفا والمروة.

10- طواف آخر (ويسمَّى طواف النساء).

11- ركعتا صلاة طواف النساء

12- المبيت في منى ليلة الحادى عشر والثاني عشر.

13- رمي الجمار الثلاث (أي رجم كلٍ من الجمرة الاولى والوسطى والعقبة التي في منى بسبع حصيات) في اليوم الحادي عشر والثاني عشر.

وسيأتي تفصيل وشرح كل واحد من الأعمال في المسائل القادمة.

1- الإحرام من مكة

(المسألة 252) ميقات الإحرام لحجّ التمتّع- كما قلنا سابقاً- هو مكة، سواء من المسجد الحرام أو مساجد مكة الاخرى، أو أزقتها أو شوارعها ويكفي الاحرام من المنزل، ولا فرق بين مكة القديمة ومكة الموسَّعة، بل يجوز الإحرام حتى من محلّات مكة اليوم التي تمتد إلى منى وعرفات ولكن الأحوط وجوباً هو أن لا يحرم من النقاط التي تبتعد أكثر من مسجد «التنعيم» يعني أن تكون خارج حدود الحرم (مسجد التنعيم اقرب حدود الحرم). وأفضل الأماكن للإحرام هو المسجد الحرام.

(المسألة 253) أفضل وقت للإحرام للحجّ هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، ولكن يجوز الإحرام قبل ذلك بثلاثة أيام أيضاً والذهاب إلى منى حتى يذهب من هناك إلى عرفات، خاصة الشيوخ والمرضى إذا خافوا الزحام، فانه يجوز لهم أن يتحرّكوا قبل هذا أيضا.

مناسك الحج، ص: 130

(المسألة 254) آخر وقت الإحرام للحجّ هو ما يوجب تأخيرُه عنه أن لا يدرك الوقوف بعرفات الذي يكون من ظهر اليوم التاسع إلى الغروب منه.

وعلى هذا يجوز أن يحرم صبح اليوم التاسع أيضاً ثم يوصل نفسَه إلى عرفات (إذا كان في مقدوره الوصول إلى ذلك الوقت).

2- الوقوف في عرفات

(المسألة 255) الثاني من واجبات الحج هو الوقوف في عرفات. و «عرفات» صحراء تبتعد عن مكة بمسافة عشرين كيلومتراً تقريباً، وهي اليوم نصف مشجرة والواجب على الحجاج أن يلبثوا هناك بعد ظهر اليوم التاسع من ذي الحجة.

(المسألة 256) الأحوط الوقوف في عرفات من أول ظهر اليوم التاسع إلى غروب الشمس سواء راجلًا أو راكباً، في حال السكون أو الحركة، في حال اليقظة أو النوم، أو بعضه نائماً وبعضه يقظاً.

مناسك الحج، ص: 131

ويستحب أن يكون الانسان في هذه المدة مشتغلًا بذكر اللَّه، ومتوجهاً إليه تعالى وفي

حال التوبة والدعاء والضراعة، وفضل الدعاء والمناجاة في هذا المكان والزمان لا نظير له في العظمة والأهميّة.

(المسألة 257) الوقوف في عرفات عبادة، ويجب أن يقترن بالنية وقصد القربة، وليست للنية عبارة خاصة بل يكفي أن يقصد في قلبه.

(المسألة 258) إذا خرج من عرفات قبل غروب الشمس فان كان ذلك عن نسيان أو جهلٍ بالمسألة لم يكن عليه شي ء.

وإذا فعل ذلك عمداً عصى وأثم ويجب أن يذبح بعيراً في منى (وإذا لم يمكنه أن يذبح بعيراً وجب أن يصوم ثمانية عشر يوماً) وحجّه صحيح على كل حال.

(المسألة 259) إذا عاد إلى عرفات مرة اخرى قبل غروب الشمس وبقي هناك إلى الغروب ثم خرج منها لم تجب عليه الكفارة.

مناسك الحج، ص: 132

(المسألة 260) الوقوف في عرفات في تمام المدة المذكورة سابقاً وإن كان واجباً وكان تركه عصياناً وإثماً ولكنه ليس من أركان الحج، بل ركن الحج هو التوقف في عرفات فقط مقداراً من الزمان الذي بدايته الظهر ونهايته غروب الشمس.

فلو وقف مقداراً من تلك المدة صحّ حجّه واذا ترك كل هذه المدة عمداً بطل حجه.

(المسألة 261) من لم يدرك الوقوف في عرفات من الظهر إلى الغروب يجب عليه أن يقف في ذلك المكان مقداراً من ليلة العيد وإن قلّ.

وعلى هذا إذا وصل إلى عرفات في الوقت الذي غادرها الناس، بقي مقداراً من الليل هناك بشرط أن يوصل نفسَه إلى المشعر الحرام قبل طلوع الشمس من يوم العيد ويسمَّى هذا بالوقوف الإضطراري في عرفات.

وإذا لم يُوفَّق لدرك هذا الوقوف الإضطراري في مناسك الحج، ص: 133

عرفات أيضاً، يعني أنه لم يستطع البقاء في عرفات شيئاً من تلك الليلة كفاه أن يدرك شيئاً من الوقوف في المشعر الحرام الذي سوف

يأتي ذكرُه فيما بعد، وفي هذه الصورة يصح حجُّه.

3- الوقوف في المشعر الحرام

اشارة

(المسألة 262) المشعر الحرام الذي له اسم آخر هو «المزدلفة» و «الجُمَع» موضع معروف بين منى وعرفات (و حدوده ما بين جبل المأزمين والحياض ووادي محسّر) ويجب على من يحج أن يفيض إليه بعد الوقوف في عرفات.

والأحوط- في صورة الإمكان- أن لا يؤخّر الإفاضة إلى المشعر الحرام.

(المسألة 263) الوقوف في المشعر الحرام من طلوع الفجر إلى طُلوع الشمس واجب، بل الأحوط وجوباً أن يبيت ويكون في الليل هناك أيضاً، ويذكر اللَّه بعض الذِكر، ويجب أن ينوي لجميع هذه الامور ويقصد القربة.

مناسك الحج، ص: 134

(المسألة 264) إذا غادر المشعر الحرام قبل طلوع الشمس من دون عُذر شرعيّ، وذهب إلى منى، فإن كان عن جَهلٍ بالمسألة لم يكن عليه شي ءٌ، وإذا كان عن عمدٍ أثم وعصى وكفّر عن ذلك بشاة ولكن يصحّ حجُّه.

(المسألة 265) الوقوف في المشعر الحرام ركنٌ وكلُ من ترك الوقوف عمداً بطل حجُّه.

(المسألة 266) الوقوف في المشعر الحرام في تمام الفاصلة الزمنية بين طلوع الفجر وطلوع الشمس وإن كان واجباً (وحتى الكون فيه ليلة العيد واجب أيضاً على الأحوط) ولكن لو بقي الليل هناك فقط كفى في صحة حجّه، ولكن لو فعل ذلك (أي ترك الوقوف بين الطلوعين عمداً) أثِم وعصى ووجبت عليه كفارة وهي شاة.

(المسألة 267) يجوز لعدة طوائف الوقوف قليلًا في المشعر الحرام ثم الإفاضة إلى منى:

1- النساء.

2- المرضى مناسك الحج، ص: 135

3- الشيوخ 4- كل المعذورين وعلى هذا يجوز لمن له عذر أن يقف في المشعر الحرام شيئاً من الوقت ثم يفيض إلى منى.

وبناءً على هذا يجوز للشيوخ والنساء والأطفال وكلّ من كان معهم ممّن يقوم بخدمتهم ورعايتهم أو إرشادهم ويخافون الأذى

صبح يوم العيد بسبب الزحام، أن يذهبوا ليلًا إلى منى (بعد توقفٍ قليل وذكر اللَّه تعالى في المشعر الحرام) ورمي جمرة العقبة في نفس تلك الليلة.

ولكن الأحوط استحباباً أن لا يتحرّك من المشعر الحرام قبل نصف الليل.

***

أحكام الوقوف في عرفات والمشعر الحرام

(المسألة 268) لكل واحد من الوقوف في «عرفات» و «المشعر الحرام»- كما قلنا- قسمان:

1- الوقوف الإختيارى.

مناسك الحج، ص: 136

2- الوقوف الإضطرارى.

«والوقوف الاختيارى في عرفات» من حوالي الظهر إلى غروب الشمس.

«والوقوف الإختياري في المشعر الحرام» من طلوع صبح يوم العيد إلى طلوع الشمس.

و «الوقوف الإضطرارى في المشعر الحرام» من طلوع صبح يوم العيد إلى طلوع الشمس.

و «الوقوف الإضطرارى في المشعر الحرام» من طلوع الشمس إلى ظهر يوم العيد.

نعم للمشعر وقوف اضطرارى آخر أيضا يرتبط بالنساء والضعفاء والمرضى وهو التوقف في المشعر مقداراً من ليلة العيد ثم الذهاب منه إلى منى.

وسنأتي هنا بأحكام من يدرك كل هذه الوقوفات أو يدرك بعضها على نحو التفصيل:

1- من أدرك الوقوفين الإختياريين في عرفات والمشعر الحرام (أي من الظهر إلى الغروب من اليوم التاسع مناسك الحج، ص: 137

في عرفات، ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من يوم العيد في المشعر الحرام) صح حجّه قطعاً.

2- من لم يُدرك أي واحد من الوقوفين الإختياري والاضطراري المذكورين اعلاه لا في المشعر ولا في عرفات بطل حجه قطعاً.

3- من أدرك «الوقوف الاضطراري في عرفات» و «الوقوف الاختيارى في المشعر الحرام» (يعني أنه لم يصل إلى عرفات في نهار اليوم التاسع، وإنما أدرك مقداراً من الليل في عرفات ثم وقف في المشعر الحرام من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) صحّ حجّه أيضاً ولم يكن فيه إشكال.

4- من أدرك «الوقوف الإختيارى في عرفات» و «الإضطراريّ في المشعر» (يعني وقف من

ظهر يوم عرفة إلى غروبه في عرفات، ولكنه لم يتمكن البقاء في المشعر الحرام من طلوع الفجر إلى الشمس ووقف بعض الوقت قبل الظهر في المشعر) وفحجّه صحيح أيضاً.

5- من أدرك «الوقوف الإختيارى في عرفات» فقط

مناسك الحج، ص: 138

(يعني أنه كان بعد ظهر يوم عرفة إلى الغروب في عرفات ولكنه لم يستطع الوقوف مقداراً من الزمان في المشعر الحرام حتى قبل الظهر من يوم العيد) فحجّه صحيح أيضاً (مهما كانت العلة).

6- من أدرك «الوقوف الاختيارى في المشعر الحرام» فقط (يعني أنه لم يصل إلى عرفات أصلًا، ولكنه توقّف في المشعر الحرام من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) كان حجّه صحيحاً أيضاً.

7- من أدرك «الوقوف الإضطراري في عرفات» في ليلة العيد و «الوقوف الإضطراري في المشعر» قبل ظهر العيد فحجّه صحيح أيضاً.

8- من أدرك «الوقوف الإضطرارى في المشعر» فقط (يعني أنه استطاع أن يوصل نفسه إلى المشعر الحرام قبل ظهر يوم العيد) فان هذا يكون ممن فات حجُه، ويجب أن ينوى العمرة المفردة وبعد الإتيان بأعمال العمرة المفردة يخرج من الاحرام، ويجب أن يعيد حجّ التمتّع في السنة القادمة.

مناسك الحج، ص: 139

9- من أدرك «الوقوف الإضطراري في عرفات» فقط فقد فات حج هذا أيضاً وعليه أن يعمل وفق الوظيفة المذكورة في الصورة المتقدمة.

10- من لم يدرك أيّ واحد من الوقوفات الاختيارية والإضطرارية (يعني أنه وصل إلى المشعر بعد ظهر يوم العيد) بطل حجُه وعليه أن يعمل حسب الصورة المتقدمة.

4- رمي جمرة العقبة

(المسألة 269) الواجب الرابع من واجبات الحجّ هو رمي «جمرة العقبة» يوم عيد الأضحى، والمراد منه هو رجم موضعٍ في آخر منى (صوب مكة» يدعى «جمرة العقبة» «1» بسبع حصيات صغار.

مناسك الحج، ص: 140

(المسألة 270) يجب في

رمي جمرة العقبة امور هي:

1- النيّة وقصد القربة، ويكفي أن يقصد في قلبه أنه يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات إمتثالًا لأمر اللَّه، وأداءً لمناسك الحج، ولا يلزم النطق بالنيّة.

2- يجب أن يكون عدد الحصيات سبع حصيات (لا كبيرة جداً ولا صغيرة جداً، بل يكفي أن يكون حجم كلِّ واحدةٍ منها قدر أنملة).

3- يجب أن يراعي «الموالاة» في رمي الحصيات أي أن يرجم بها تباعاً من دون فاصلة، وإذا رمى حصوتين أو اكثر معاً لم يكف، وعُدّت واحدةً.

4- يجب أن تصيب الحصيات موضع الجمرة، فلا يكفي إذا شك في اصابتها، وعليه أن يعيد رمي كلّ ما شك في اصابته للجمرة.

5- يجب أن يرمي بالحصيات لا أن يضعها على الجمرة، وإذا استعان بشخص أو شي ء في رمي الجمرة لم يكف وإن أصابتها. (مثلًا إذا أصابت الحصاة التي رمى بها الجمرة

مناسك الحج، ص: 141

بمعونة حصاةٍ اخرى رمى بها شخص آخر لم يكف) أمّا إذا وقعت حصاته على الأرض أو على أطراف الجمرة ثم انطلقت من هناك وأصابت الجمرة كفى.

6- وقت رمي الجمرة ما بين طلوع الشمس من يوم العيد وغروب الشمس من ذلك اليوم، ولكن يجوز «للنساء» و «الشيوخ» ومن يخافون الزحام يوم العيد أن يرموا الجمرة ليلة العيد.

7- يُشترط في الحصيات ثلاثة امور:

«الاول»: أن تكون حجراً وصخراً لا مدراً أو شيئاً آخر.

«الثاني» أن يجمعها من «الحرم» (ويجب أن يُعلَم أن المشعر الحرام ومنى كلها داخل في حدود الحرم، وأما عرفات فخارج عن حدود الحرم).

ولكن الأفضل أن يجمعها ليلة العيد من المشعر الحرام، ولا مانع من جمعها من منى ومكة أيضاً.

«الثالث» أن تكون الحصيات «بكراً» يعني أنه لم يرم بها الجمرة أحدٌ قبل ذلك.

مناسك الحج، ص: 142

وعلى هذا

لا يجوز الإستفادة من الحصيات المتجمعة حول الجمرة.

ولكن إذا رأي حصيات في غير ذلك المكان وشكّ هل استفيد منها في رمي الجمرات أم لا جاز له الاستفادة منها في الرمي.

ويجب الإلتفات إلى أن عدد الاحجار التي يحتاج إليها في الأيام الثلاثة هي (49) حصاةً، والأفضل أن يجمعها ليلة العيد من المشعر الحرام، ويضعها في كيس عنده.

ولكن حيث انه يمكن أن لا تصيب بعض الحصيات الجمرة (أو ربما اضطر إلى البقاء في منى اليوم الثالث عشر أيضا فيحتاج إلى سبعين حصاة» لذلك من الأفضل أن يجمع أكثر من العدد الذي ذكرناه أولًا.

(المسألة 271) الأحوط وجوباً أن لا يجمع تلك الحصيات من المساجد.

(المسألة 272) يجوز رمي الجمرات راجلًا أو راكباً، باليد اليمني أو اليسرى وليس للرمي طريقة مخصوصة

مناسك الحج، ص: 143

أيضاً، كما لا يشترط فيه الوضوء، وإن كان الأفضل أن يكون راجلًا وأن يكون على وضوء، وأن يذكر اللَّه تعالى، ويحمده ويدعوه في تلك الحال.

(المسألة 273) لا يجوز رمي الجمرة في الليل إلّاللنساء والمرضى ومن يخشى الزحام في النهار، وإلّا الذين يقومون بشؤون الحجاج ولا يقدرون على الرمي أثناء النهار، (ولا فرق بين أن يرموا في الليلة السابقة أو الليلة المقبلة).

(المسألة 274) يجوز رمي جمرة العقبة وغيرها من الجمار من جميع جهاتها وإن كان يُستحب- حسب المشهور- أن يكون الرامي في جمرة العقبة مستدبراً القبلة ومستقبلًا الجمرة. ولكن يستحب في الجمار الاخرى أن يستقبل الرامي القبلة.

(المسألة 275) إذا شكَّ في عدد الحصيات التي رمى بها الجمرة بنى على الأقل، وأتى بالمشكوك.

وإذا تيقّن أنه رمي أقل، فان لم تفت «الموالاة» بعدُ أتى بالبقية. وأما ذا كانت «الموالاة» قد فاتت فالأحوط

مناسك الحج، ص: 144

أن يكملها ثم يعيد الرمي بسبع

حصيات جديدة.

(المسألة 276) إذا ترك رمي الجمرة نسيان أو جهلًا بالمسألة وجب قضاؤه كلّما تذكّر أو عرف المسألة إلى اليوم الثالث عشر.

والأفضل أن يأتي بما يتعلق بقضاء اليوم السابق قبل الظهر، ويأتي بوظيفة اليوم الحاضر بعد الظهر.

ولكن لا مانع أن يأتي بهما معاً في وقتٍ واحدٍ (بأن يأتي بالقضاء أولًا ثم يأتي بوظيفة اليوم الحالي بعده).

(المسألة 277) إذا التفت بعد العودة من منى إلى مكة أنه لم يرمِ الجمرة وجب أن يعود إلى منى ويأتي بالرمي.

ولكن إذا كان اليوم الثالث عشر قد انقضى وجب أن يقضي ما فاته من الرمي بنفسه في العام القادم، وإذا لم يمكنه ذلك استناب من يقضيه عنه.

(المسألة 278) إذا ترك رمى الجمرة عمداً أثِم وعصى ولكن لا يبطل حجه، ويجب أن يعمل حسب المسألة المتقدمة.

مناسك الحج، ص: 145

(المسألة 279) يجب رمي الجمار الثلاثة في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، ويجب أن يراعي الترتيب بين الجمار، يعني أن يبدأ برمي «الجمرة الأولى» ثم يرمي «الجمرة الوسطى» ثم «جمرة العقبة» التي هي آخر الجمار (و هذا يرتبط باليوم الحادي عشر والثاني عشر، أما اليوم العاشر، أي يوم العيد، فيرمي جمرة العقبة فقط).

(المسألة 280) إذا لم يراع الترتيب في رمي الجمار الثلاث وجب أن يعود ورمي على نحو يحصل معه الترتيب المطلوب.

أما إذا كان قد رمى كل واحدة من الجمار بأربع حصيات أو اكثر عاد ورمى الباقي على الترتيب.

وإذا كان قد رمى كلّ واحدة من الجمار بأقلّ من أربع حَصيات، عاد وبدأ من الأول ورمى كلّ واحدة بسبع حصيات كاملة.

وإذا كان قد ترك ثلاث حصيات أو أقلّ من إحدى الجمرات كمّل تلك الجمرة فقط، ولا يجب عليه اكثر من ذلك.

مناسك الحج، ص: 146

(المسألة

281) إذا لم يراع الترتيب المطلوب عمداً فالأحوط وجوباً أن يعود ويستأنف الرمي من جديد، ولا فرق في هذه الحالة بين أن يكون رمى بأربع حصيات أو أقل.

(المسألة 282) الأحوط وجوباً أن يراعي «الموالاة» في رمي الجمرة، يعني أن يرمي الجمرة بالحصيات تباعاً وبفواصل قليلة.

ولكن لا اشكال إذا رمى بأربع حصيات متتالية وترك الباقي نسياناً أو جهلًا بالحكم، كما أسلفنا، ولا مانع من ان يتم الرمي فيما بعد وإن فاتت الموالاة.

(المسألة 283) من لا يقدر على الرمي في أثناء النهار (ممن سمّيناهم سابقاً) يجب أن يرمي في الليل.

وإذا عجز حتى عن الرمي في أثناء الليل، أو خاف خطراً أو ضرراً وجب أن يستنيب من يرمي نيابة عنه في أثناء النهار.

(المسألة 284) لا مانع ظاهراً من الرمي في الطابق العُلوي للجمار الذي بني مؤخّراً، وذلك عند الزحام.

5- ذبح الاضحية

(المسألة 285) الثاني من واجبات منى ذبح الأضحية، وأفضل الأضاحي البعير ومتوسطها بقرة وأقلها شاة، وهو يجب فقط على من يأتون بحج التمتع، ولا يجب على غيرهم.

(المسألة 286) الأحوط وجوباً أن تكون كل اضحية لشخصٍ واحدٍ حتى في حال الضرورة.

وإذا كان عدة أشخاص قادرين على اضحية واحدة فقط فالأحوط أن يجمعوا بين الاضحية والصوم الذي سوف نشير إليه فيما يأتي.

ولكن في الأضاحي المندوبة (المستحبة) التي يؤتى بها يوم عيد الاضحى لا مانع من مشاركة عدة أشخاص في اضحيةٍ واحدة، حتى ولو بلغوا سبعين شخصاً.

(المسألة 287) الأفضل ذبح الاضحية في يوم عيد الأضحى، ولكن يجوز أيضاً تأخيره إلى اليوم الثالث عشر.

(المسألة 288) إذا أخَّر التضحية لعذر أو بدون عذر بل مناسك الحج، ص: 148

عمداً وجب أن يضحي إلى آخر ذي الحجة حتماً. وإذا لم يفعل ذلك استناب من يضحي نيابة

عنه في أيام العيد من السنة القادمة.

(المسألة 289) يشترط في الأضحية امور:

1- أن تكون من حيث السن في البعير على الاقل خمس سنوات كاملة، وفي البقر على الأقل سنتان كاملتان، وفي الشاة سنة واحدة كاملة على الأقل (على الأحوط وجوباً).

2- أن تكون سليمة العينين، وأن لا تكون مقطوعة الاذن، ولا عرجاء (ولا يضرّ العرج القليل) ولا ما انكسر قرنها الداخل، أما القرن الخارج فلا عبرة به، ولا يمنع إذا كان مكسوراً.

(المسألة 290) لا بأس إذا كانت الاضحية مشقوقة الاذن أو مثقوبتها لأجل العَلامة، كما لا يضر إذا كانت مقطوعة الاذن قليلًا لذلك.

(المسألة 291) لا بأس إذا كانت الاضحية من نوع مناسك الحج، ص: 149

خاص، أي من المواشي التي لا قرن أولا إلية لها أو كانت بلا اذُن بأصلِ الخِلقة.

(المسألة 292) لا يجوز أن تكون الاضحية مخصيّة (أي ما سلّت خصيته) ولكن لا إشكال في الموجؤَة (اي رضت خصيته أو عُطِّلت عروقها لتفسُد) في فُحول الأضاحي.

(المسألة 293) الشرط الثالث في الاضحية هو أن لا تكون هزيلة، ويكفي أن يقول الناس أنها ليست هزيلة، بل إذا كانت هزيلة ولكن كان على كليتها شحم كَفَتْ وأجزأت.

(المسألة 294) لا يبعد قبول قول البائع في سن الاضحية وعدم كونها مخصية وسائر الأمور الخفية التي لا يستطيع المشتري الاطلاع عليها عادة.

(المسألة 295) إذا اشترى اضحية على أنها سمينة، وبعد الذبح أو بعد الشراء ودفع الثمن وقبل الذبح تبيّن أنها مهزولة كفى.

وهكذا إذا اشترى اضحيةً على أنها مهزولة ثم تبيّن أنها سمينة كفاه ذلك سواء تبين قبل الذبح أو بعده.

مناسك الحج، ص: 150

(المسألة 296) إذا اشترى حيواناً لا يظهر فيه عيبٌ ونقصٌ، وبعد الذبح أو بعد الشراء ودفع الثمن تبين أنه ناقص،

كفاه ذلك، وإن كان الأحوط إستحباباً أن لا يكتفي بتلك الأضحية.

(المسألة 297) يُستحب أن تقسَّم الأضحية إلى ثلاثة أقسام، يأخذ ثلثه لنفسه ويتصدق بثلثه الآخر في سبيل اللَّه، ويهدي الثالث إلى أحِبّائه والمؤمنين ولكن التصدق بقسم منه على الفقراء واجب وان لم يكن الأكل منه واجباً على الحاج نفسه.

(المسألة 298) لا يجب تقسيم الاضحية إلى ثلاثة أقسام مساوية.

(المسألة 299) إذا لم يكن في منى من المستحقين أحدٌ جاز اخراج لحم الاضحية إلى خارج منى بل إلى خارج الحجاز وإيصاله إلى فقراء المسلمين.

وأما أخذ الوكالة من بعض المستحقين أو المؤمنين لتقبّل سهم الفقراء (من الصدقة) أو سهم المؤمنين (من الهدية) ثم مناسك الحج، ص: 151

ايصالها إليهم ثم ترك اللحوم هناك، وإن كان مطابقاً للاحتياط لكنه غير واجب.

كما أَن الأكل من لحم الاضحية غير واجب على الحاج وإن كان موافقاً للاحتياط.

(المسألة 300) الأحوط عدم إخراج لحم الاضحية من منى ما دام هناك فقراء ومحتاجون في منى، ويجوز ذلك إذا لم يكن هناك مستحقون.

(المسألة 301) يجوز إعطاء لحم الاضحية لجميع فقراء المسلمين شيعةً وسنةً ولكن يشكل إعطاؤه إلى غير المسلم، وإلى الناصبي.

(المسألة 302) إذا لم يحصل على اضحية إلى وقت العَودة من مراسم الحج ولكن كان عنده ثمنها، وجب أن يترك الثمن عند شخص ثقة حتى يشتري أضحية إلى آخر ذي الحجة من نفس العام ويذبحها في منى إن أمكن، واذا لم يمكن ذلك ذبحها في نفس مكة.

وإذا لم يمكن ذلك إلى آخر ذي الحجة أيضاً وجب مناسك الحج، ص: 152

أن يذبح الأضحية في شهر ذي الحجة من العام القادم.

وإذا لم يحصل على شخص يُطمئن إليه هناك يجوز أن يطلب ممّن يطمئن إليه من بعض الحجاج في السنة

القادمة ليذبح عنه أضحية.

(المسألة 303) الأحوط أن لا يبيع صاحبُ الاضحية جلدها وما شابه ذلك ولو احتفظ به لنفسه أعطى ثمنه للفقراء.

(المسألة 304) يكفي ذبح الاضحية في المذابح الموجودة الآن وان كان المعروف في الحال الحاضر أن جميعها خارجة عن حدود منى أو أن قسماً صغيراً منها يقع في منى، ولا يجب الذبح في جانب منى خفية أو يؤخر الذبح لأيام اخرى.

(المسألة 305) يجب أن يقوم المسلمون بعمل ما ليمكن الاستفادة من لحوم الأضاحي حتى لا تتلف، ولا يضطروا لدفنها أو حرقها لأن هذا العمل إسراف وحرام ومخالف لتعاليم الاسلام.

وإذا لم يحصل على مستحقين في منى جاز ارسال لحوم الأضاحي إلى سائر البلاد وإعطاؤها إلى الفقراء والمؤمنين،

مناسك الحج، ص: 153

ولو احتاج هذا العمل إلى نفقات معينة وميزانية خاصة وجب على الحكومة الاسلامية، أو المسلمين توفير ذلك.

(المسألة 306) لا بأس ولا إشكال في الاستفادة من الأجهزة الميكانيكية لذبح الأضاحي ولكن يجب أن تراعى شرائط الذبح الشرعي مثل استقبال القبلة، والتسمية وغير ذلك (ممّا ذكرناه في توضيح المسائل).

(المسألة 307) إذا لم تحصل وسيلة للاستفادة من لحوم الأضاحي بعد السعي والجهد اللازمين، واضطُرَّ إلى إتلافها وافنائها وجب في هذه الصورة الكفُّ عن ذبح الأضاحي في منى مؤقتاً وعزل ثمنها جانباً ريثما يضحي الحاج في وطنه بعد العودة من الحج والعمل وفق وظيفتها.

(المسألة 308) في الفرض المذكور في المسألة المتقدمة يجب ذبح الأضحية فيما تبقى من شهر ذي الحجة، و إذا تأخّرت العودة إلى ما بعد ذي الحجة يستنيب أحداً ليذبح عنه في الوطن، في ذي الحجة.

مناسك الحج، ص: 154

وإذا لم يوفّق للذبح في شهر ذي الحجّة من تلك السنة، يقوم بذلك في أيام عيد الأضحى من السنة القادمة.

(المسألة

309) يجوز للحاج أن يذبح اضحيته بنفسه أو ينيب من يذبحها عنه، وفي هذه الصورة ينوي الحاج نفسُه، ولا يلزم أن يكون النائبُ معروفاً بمشخَّصاته بصورةٍ دقيقةٍ، بل تكفي المعرفة الإجمالية.

كما لا يلزم أيضاً أن يكون الذابح شيعيّاً بل يجوز لكلّ من تكون ذبيحته طاهرة وحلالًا، أن يذبح الاضحية وان كان الأفضل أن يكون شيعياً.

(المسألة 310) لا يلزم أن يُجري الوكيل على لسانه اسم موكِّلِه حين ذبح الاضحية (وإن كان ذِكر إسمه أفضل) بل حتى إذا ذكر اسمَ غيره إشتباهاً لم يضرّ، ووقع لموكله الأصلي.

6- حلق شعر الرأس أو تقصيره وتقليم الظفر

(المسألة 311) يجب على الحاج- بعد التضحية أن يقصّ شيئاً من شعر رأسه، أو يحلقه بتمامه، ولو كانت مناسك الحج، ص: 155

الحجة حجتَه الاولى كان الحَلقُ أفضل، ولكن لا يجب ذلك، ويخرج الحاج بالحَلق أو التقصير عن حالة الإحرام، يعني أنه يحلّ له لبس الألبسة المخيطة، كما يحلُ له سائر ما حَرُم عليه بسبب الإحرام الا استعمال الطيب (العطور) والنساء، حيث سنذكر حكم ذلك في الأعمال التالية.

(المسألة 312) الأحوط وجوباً لمن عقد شعر رأسه أو ألصق بعضه ببعض بِموادٍّ لاصقةٍ أن يحلق شعر رأسه.

والاحوط استحبابا لمن كانت سَفرته الاولى إلى الحج أن يحلق شعر رأسه، ولكن يجوز الإكتفاء بتقصير شي ء منه.

وفي السفرات التالية يخير بين الحلق والتقصير.

على أن مسألة الحلق خاصة بالرجال دون النساء، إذ لا يجوز في مورد النساء حلق شعر الرأس، وإنما يجب عليهن للخروج من حالة الإحرام، التقصير وقصّ شي ء من الشعر.

(المسألة 313) يُحبّذ تقليم الظفر مضافاً إلى تقصير شعر الرأس للرجال، والنساء، ولكن لا يكتفى بتقليم الظفر على الأحوط وجوباً.

مناسك الحج، ص: 156

(المسألة 314) يجب الإتيان بمناسك منى وواجباتها الثلاثة على الترتيب يعني:

أولًا: رمي الجمرة العقبة،

ثانياً: ذبح الاضحية. ثالثاً:

حلق أو تقصير شعر الرأس وتقليم مقدار من الظفر.

ولو خالف هذا الترتيب جهلًا أو نسياناً صحّ عملُه. بل يصحّ حتى إذا تعمَّدَ مخالفة الترتيب ولكنه يأثم وليس عليه شي ء من الكفارة.

(المسألة 315) يجب حَلق أو تقصير شعر الرأس قبل طواف الحج (طواف الزيارة) وإذا طاف قبل أن يحلق أو يقصّر عمداً وجب إعادة طوافه بعد الحلق أو التقصير ثم ذبح شاةً كفارةً.

أما إذا قدّم الطواف نسياناً أو جهلًا لم تجب عليه كفارة، ولكن الأحوط وجوباً أن يعيد الطواف بعد الحلق أو التقصير.

(المسألة 316) لا يَلزم على الحاج أن يحلقَ أو يقصر نفسَه بنفسِه بل يجوزُ أن يأمر غيره بأن يفعل ذلك- شيعياً

مناسك الحج، ص: 157

كان ذلك الغير أو سُنياً.

ويجب على كلّ حال أن ينوي هو نفسه بأن يقول مثلًا:

أحلق أو اقصّر شعري لحجّة الاسلام الواجبة قربة إلى اللَّه تعالى.

(المسألة 317) يجب أن يكون الحلق أو التقصير في منى، فلو لم يفعل ذلك في منى عمداً أو نسياناً أو جهلًا وجب عليه الرجوع إلى منى والقيام بهذه الوظيفة هناك، وإذا لم يمكنه الرجوع إلى منى أو كان فيه مشتقة شديدة فعل ذلك حيث هو.

والأحوط وجوباً أن يبعث بشعره إلى منى- إن امكنه ذلك- ويستحب أن يدفنه هناك.

(المسألة 318) لا يجوز لمن لم يقصّر بعد، ولا يزال محرماً أن يحلق أو يقصّر شعر شخص آخر بل عليه أن يحلق أو يقصر شعره هو أولًا، ثم يجوز له أن يقوم بذلك للآخرين.

(المسألة 319) الأحوط لمن كان يعلم بأنه لو حلق رأسه اصابته جراحات، (والجرح والإدماء في حال الاحرام مناسك الحج، ص: 158

خلاف الاحتياط) أن يقصر شيئاً من شعره أوّلًا ثم يحلقه بتمامه بعد ذلك.

7- إلى 11- واجبات مكة الخمسة

(المسألة

320) يجب على الحاج بعد الإتيان بأعمال منى الثلاثة أن يعود إلى مكة للقيام ببقية اعمال الحج التي هي خمسة اشياء، وهي عبارة عن:

1- «طواف الحج» والذي يسمّى «طواف الزيارة» أيضاً.

2- صلاة طواف الزيارة.

3- السعي بين الصفا والمروة.

4- طواف النساء.

5- صلاة طواف النساء.

على الحاج أن يأتي بهذه الأعمال الخمسة بنفس الطريقة التي بيناها في عمرة التمتع من دون أيّ فرق إلّافي النية، فانه يجب أن يأتي بالطواف والصلاة والسعي مناسك الحج، ص: 159

هنا بنية طواف الزيارة وصلاة طواف الزيارة وسعي الحج، أولًا، ثم يأتي بالطواف وصلاته بنية طواف النساء وصلاة طواف النساء.

(المسألة 321) يجوز للحاج أن يذهب إلى مكة بعد أعمال منى يوم عيد الأضحى بلا فاصلة ويأتي بالأعمال المذكورة في المسألة المتقدمة.

والأفضل ألّا يؤخرها عن اليوم الحادي عشر، وإذا أخر فلا يؤخرها عن اليوم الثالث عشر، ولكن لا يبعد جواز أن يأتي بهذه الأعمال إلى آخر ذي الحجة وإن كان الأحوط استحباباً عدم تأخيرها عن اليوم الثالث عشر.

(المسألة 322) يجب الإتيان بأعمال مكة يعني طواف الزيارة وصلاة الطواف والسعي بين الصفا والمروة، وطواف النساء وصلاة الطواف، بعد أعمال منى ولكن يجوز لعدة طوائِف الإتيان بهذه الأعمال قبل الذهاب إلى عرفات والوقوف فيها:

1- المرأة التي تخشى أن تبتلى بالعادة الشهرية،

مناسك الحج، ص: 160

أو المخاض ووضع الحمل ولا تستطيع أن تبقى حتى تطهر.

2- المريض الذي لا يستطيع أن يأتي بالطواف والسعي في الزحام.

3- الشيخ والشيخة اللذان لا يستطيعان القيام بهذه الأعمال بعد العودة من منى بسبب شدّة الزحام أو خوفاً من الضرر أو الخطر.

4- كلُ من يعلم بأنه لا يقدر على القيام بهذه الأعمال بعد الرجوع من منى، أو أنه يقع في مشقة لا تُطاق.

(ولا

فرق في هذه المسألة بين طواف النساء وطواف الحج).

(المسألة 323) في الموارد التى تُقدَّم هذه الأعمال الأحوط وجوباً أن يحرم بإحرام الحج ثم يقوم بهذه الأعمال.

(المسألة 324) إذا عوفي المريض بعد العَودة من «منى» أو برئت المرأة من دم الحيض، أو حصلت القدرة على الطواف والسعي فالأحوط وجوباً إعادة هذه الأعمال.

مناسك الحج، ص: 161

(المسألة 325) يجب الإتيان بطواف النساء على الرجل والمرأة والمتزوج وغير المتزوج، بل وحتى الصبيان المميزين والخناثى، وبدون ذلك لا تحل المرأة على الرجل، ولا الرجل على المرأة بل الأحوط وجوباً اذا اتي بالصبي غير المميز إلى الحج واحرِمَ أن يطوف معه وليُه طواف النساء.

(المسألة 326) لا يجب طواف النساء في عمرة حج التمتع، ولكن يجب هذا الطواف في حج التمتع والعمرة المفردة.

(المسألة 327) إذا حاضت المرأة التي لم تأت بطواف الحج، وطواف النساء بعدُ، وكانت مضطرةً لمغادرة مكة قبل البرء من الحيض (مثل أن لا تمهلها القافلة والحملة حتى تبرأ من الحيض) يجب أن تستنيب لطواف الحج وصلاة الطواف، ثم تسعى هي بنفسها ثم تستنيب لطواف النساء وصلاة الطواف (وهكذا يستنيب كلُ من لا يكون قادراً على الإتيان بالطواف والسعي لمرض أو عذر آخر).

(المسألة 328) لا يجوز الإتيان بطواف النساء وصلاته مناسك الحج، ص: 162

عقيب طواف الحجّ وصلاته بلافاصلة وقبل السعي بل يجب الإتيان به بعد السعي كاملًا.

ولكن إذا أتى به قبلَ السعي نِسياناً أو جهلًا بالمسألة صحّ حجّه.

(المسألة 329) يخرج الحاج من حالة الإحرام بعد الإتيان بأعمال منى الثلاثة، والاتيان بأعمال مكّة الخمسة ويحل له كل ما كان يحرم في حالة الاحرام في ثلاثة مراحل:

1- بعد حلق شعر الرأس أو تقصيره يحل كُل ما كان يحرم عليه إلا الطيب والنساء.

2-

بعد طواف الزيارة وصلاة الطواف والسعي بين الصفا والمروة يحل استعمال الطيب.

3- بعد طواف النساء وصلاته تحل النساء أيضاً.

12- المبيت في منى (الكون فى منى ليلًا)

(المسألة 330) يجب على الحاج أن يبيت الليلة الحادية عشرة والثانية عشرة في منى (وفي بعض الموارد الليلة

مناسك الحج، ص: 163

الثالثة عشرة ايضاً).

وإذا بات في هاتين الليلتين في غير منى وجب عليه ذبح شاة كفارة والأحوط وجوباً أن يذبح عن كل ليلةٍ شاة واحدة كفارةً.

(المسألة 331) يكفي أن يبيت نصفاً من الليلة في منى سواء كان النصف الأول أو الثاني.

(المسألة 332) لا بأس أن يأتي الحاج إلى مكة للإتيان بأعمالها ليلة الحادي عشر قبل منتصف الليل أو نفس يوم العيد بعد الإتيان بأعمال منى الثلاثة، ويعود إلى منتصف الليل، بل يكفي حتى إذا وصل إلى منى قبل طلوع الصبح.

(المسألة 333) المبيت في منى مثل سائر أعمال الحج يحتاج إلى النية وقصد القربة، ويكفى أن ينوي في قلبه أنه يبيت في منى لحجّ التمتع من حجة الإسلام أو الحج المندوب.

(المسألة 334) إذا اضطرّ أن لا يبيت في منى لم يكن عاصياً، ولا تجب عليه كفارة وصح حجه.

مناسك الحج، ص: 164

(المسألة 335) تُعفى عدة طوائف من المبيت في منى.

1- الشيخ والشيخة والمريض وممرّضه الذين يكون المبيت في منى شاقاً عليهم.

2- المسؤولون عن الحملات وقوافل الحجاج وخدمتها إذا اضطروا إلى المجي ء إلى مكة لحلّ مشاكل الحجاج.

3- من يخشى بسبب الزحام عند عودة الناس إلى مكة- الخطر أو الضرر.

4- من يشتغل طوال الليل في مكة بأعمال الطواف أو عبادة أخرى، ولا يشتغل بعمل آخر إلّاالحاجات الضرورية.

5- من يأتي إلى مكة للاتيان بالمناسك ويعود إلى منى قبل طلوع الفجر.

(المسألة 336) لا بأس عند المبيت في منى في البيتوتة في سفوح

الجبال التي في نواحي منى (وخاصة في حالة الزحام) كذلك يجوز عند الوقوف في المشعر الحرام ليلة العيد الوقوف في سفوح الجبال التي فى أطراف المشعر، ولكن مناسك الحج، ص: 165

يشكل الوقوف في سفوح جبال المأزمين التي تقع في بداية المشعر وخارج حدود المشعر إلّافي مواقع الزحام والضرورة.

(المسألة 337) يجب على ثلاث طوائف البيتوتة في منى ليلة الثالث عشر ورمي الجمار الثلاث في اليوم الثالث عشر (على الأحوط وجوباً):

1- من ارتكب صيد الحيوان في حالة الإحرام.

2- من جامَعَ زوجته في حال الإحرام.

3- من لم يغادر منى اليوم الثاني عشر إلى أن تغرب الشمس ويحلّ الليل.

في هذه الصورة الثلاث يجب المبيت في منى ليلة ثالثة، وفي غير هذه الصورة يجوز الرجوع إلى مكة في اليوم الثاني عشر.

(المسألة 338) يجب أن تكون مغادرة منى والعودة إلى مكة في اليوم الثاني عشر بعد أذان الظهر، ولكن من يغادرها في اليوم الثالث عشر يجوز له الخروج منها قبل الظهر.

13- رمي الجمار في اليوم 11 و 12

من واجبات الحج كما أسلفنا رمي كلّ الجمار الثلاثة في اليوم الحادي عشر والثاني عشر. على النحو والترتيب الذي مرّ في المسائل السابقة.

***

المصدود والمحصور الممنوعون عن مواصلة اعمال العمرة أو الحج لمانع

(المسألة 339) يُطلَق «المصدود» على من منعه شخص (سواء العدو أو عُمّال الدولة) بعد الإحرام للعمرة أو الحج من مواصلة أعمالها.

ويُطلَق «المحصور» على من لايستطيع بسبب المرض وما شابهه على القيام بأعمال الحج أو العمرة.

(المسألة 340) من أحرم باحرام «الحجّ» أو «العمرة» ولكن مَنَعه عدوٌّ أو شخص آخر مثل الدولة أو السارقين أو غيرهم من الذهاب إلى مكة، ولم يكن هناك طريق آخر للذهاب إلى مكة، أو كان ولكن ليس عنده ما ينفق على مناسك الحج، ص: 168

الذهاب من ذلك الطريق، ضحَّى هناك، وخرج من الإحرام.

والأحوط أن يذبح الأضحية بقصد الخروج من الإحرام.

وهكذا الأحوط أن يقصّر شعر رأسه، واذا لم يحصل على اضحية، نوى هناك الخروج عن الإحرام، والأحوط أن يصوم عشرة أيام بدل الاضحية (كما سيذكر في مسألة 344) وإذا لم يمكنه الصيام هناك صام تمام تلك الايام لدى العودة إلى وطنه.

(المسألة 341) يتحقق عنوان «الصَدّ» بالمنع من الذهاب إلى مكة، أو المنع من الإتيان بجميع أعمال الحج بعد المجي ء إلى مكة، بسبب الحبس والتوقيف أو اي عامل آخر، أو المنع من الوقوف في عرفات أو المشعر الحرام.

أما إذا مُنِع فقط من أعمال منى استناب احداً للرمي، والذبح ثم حَلَق شعر رأسه أو قصره، وخرج من الإحرام، وأتى ببقية أعمال مكة بشخصه.

مناسك الحج، ص: 169

وإذا كان قد أتى بالوقوفات ومُنِعَ فقط من الاتيان بأعمال منى وأعمال مكة إستناب أحداً للرمي والذبح، ثم قصّر هو بنفسه ثم استناب شخصاً للقيام بأعمال مكة.

وحجه في جميع هذه الصور صحيح، ويخرج من الإحرام إلّاإذا مُنِعَ

من دخول مكة أو الوقوف في عرفات والمشعر.

وبعبارة اخرى، إذا مُنِعَ من الاتيان بالأعمال التي يبطل الحج بتركها (حتى عن غير عمد) ففي هذه الصورة إذا كان قد استطاع قبل ذلك، أو استمرت استطاعته إلى السنة المقبلة وجب عليه الحجّ، وإلّا لم يجب عليه الحجّ.

(المسألة 342) «للمحصور» وهو الذى عجز عن الإتيان بأعمال الحج والعمرة بسبب مرض أو جراحة أو كسر في أعضائه وما شابه ذلك أربع حالات:

1- إذا كان محرماً للعمرة المفردة ولكن اضطر على أثر

مناسك الحج، ص: 170

المرض وما شابه ذلك إلى العودة إلى وطنه، أو ملازمة سرير المستشفى هناك، ولم يعد قادراً على الإتيان بأعمال العمرة.

مثل هذا الشخص يجب أن يبعث بثمن الاضحية إلى مكة، ويتفق مع زملائه بأن يذبحوا عنه الاضحية في مكة في اليوم الفلاني والساعة الفلانية، ثم يقصّر هو في ذلك الوقت المقرّر، ويخرج من الإحرام، ويحل له كلُ شي ء إلّاالنساء إلى أن يُعافى ويأتي بالعمرة المفردة بنفسه.

وإذا عوفي من مرضه ولكنه لم يستطيع الإتيان بالعمرة المفردة بنفسه استناب من يقوم بذلك نيابةً عنه.

وإذا لم يحصل على من يضحّي نيابة عنه في مكة، ذبح اضحيةً حيث هو، وخرج من الإحرام، وإذا لم يمكنه ذلك ضحّى عند العودة في وطنه، وعمل وفق ما جاء في الصورة المتقدمة.

2- إذا كان محرماً لعمرة حج التمتع عمل وفق الفرع مناسك الحج، ص: 171

المتقدّم (على الأحوط وجوباً) واذا كان الحج حجّه الواجب وجب الإتيان به في السنة التالية.

3- إذا أحرم لحجّ التمتّع من مكة ثم عَجَز عن الإتيان بأحد الوقوفين في «عرفات» أو في «المشعر» بسبب أحد هذه الموانع، بعث ثمن اضحيته بواسطة أحد زملائه إلى منى ليذبحها عنه يوم العيد (أو بعد ذلك

إلى اليوم الثالث عشر من ذلك الشهر) ويقصّر هو في ذلك اليوم والساعة التي تواعد مع زملائه وفقها وخرج من الإحرام، وحلّ له كل شي ء إلّا النساء (على الأحوط وجوباً)، وتحلّ له النساء إذا حجّ في السنة القادمة أو أتى بعمرةٍ مفردةٍ في السنة القادمة، وإذا لم يتمكن من ذلك استناب.

إن مثل هذا الشخص إذا كان واجبَ الحج، وجب عليه أن يأتي بالحج الواجب في السنة القادمة.

4- إذا أدرك الوقوفين (في عرفات أو المشعر) صحّ حجُه، وعليه أن يقومَ بما يستطيع من بقية الأعمال، بنفسه ويستنيب لكل ما لا يستطيع القيام به.

مناسك الحج، ص: 172

(المسألة 343) إذا عوفي من مرضه وقدر على أن يدرك الحجَ كلَه، أو يدرك أحد الوقوفين على الأقلّ وجب أن يذهب ويأتي ببقية الأعمال ايضاً.

***

مسائل الحج المتفرقة

(المسألة 344) يجب على من ليس عنده اضحية ولا ثمنها أن يصوم عشرة أيّام بدل الاضحيّة، ثلاثة أيام متوالية في أيام الحجّ (اليوم السابع والثامن والتاسع من شهر ذي الحجة) وسبعة أيام بعد العودة إلى الوطن.

وإذا لم يمكنه الصوم في اليوم السابع صام اليومَ الثامنَ والتاسعَ على التوالي، ويصوم يوماً واحداً بعد اليوم الثالث عشر، وهذه الأيام يجب أن تكون في شهر ذي الحجة (ولا يضر السفر بذلك).

أما الأيام السبعة الباقية فيجوز صومها في الأشهر الاخرى بصورة متتالية أو متفرقة.

مناسك الحج، ص: 174

(المسألة 345) إذا أتى بعمرة التمتّع وخرج من الإحرام وأراد أن لا يأتي بأعمال الحجّ سواءً لمرض أو اي سبب آخر لم يكن بذلك آثماً وعاصياً.

وإذا كانت السنة الأولى التي يستطيع فيها على الحج، فالظاهر أنّه غير مستطيع.

أما إذا كان قد وجب عليه الحج من قبل، وجب عليه أن يأتي بحج التمتع بصورةٍ كاملةٍ

في السنة اللاحقة.

أما إذا انصرف عن الإتيان بالحج من دون عذر أثم وعصى (سواء كان الحجُ واجباً أو مندوباً) ولا شي ء عليه من الكفارة، إنما يجب أن يأتي بحجّه في السنة الاخرى.

وعلى كل حال يجب عليه أن يأتي بطواف النساء وصلاته.

(المسألة 346) لا يجوز قتل الزنبور والحشرات الاخرى مثل الذباب والبعوض في حال الإحرام- على الاحوط وجوباً- وإذا قتلها عمداً وجبت عليه كفارة، وكفارته مقدار من الطعام (مثلًا إعطاء قرص من الخبز إلى الفقير).

أما اذا استوجبت هذه الحشرات الأذى والإزعاج جاز

مناسك الحج، ص: 175

قتلها، ولا كفارة.

(المسألة 347) يجب على من أتى بعمرة التمتّع أن يبقى في مكة حتى يقوم بمراسم الحج- سواء كان الحج واجباً أو مندوباً- وإنما يجوز له الخروج من مكة إذا حصل له الإطمئنان بأنه يستطيع أن يعود إلى مكة، ويقوم بالحج.

وعلى هذا لا إشكال في الذهاب إلى المناطق القريبة من مكة مثل غار حراء وما شابه ذلك، اذا لم يُوجد مشكلةً في أمر الحج.

وهكذا يجوز لَخَدمة القوافل وغيرهم أو يخرجوا من مكة- بعد أداء عمرة التمتع- إلى جدة أو المدينة المنورة وغيرها للأعمال الضرورية، بشرط أن يطمئنوا إلى أنهم يعودون في الوقت المناسب إلى مكة لأداء مناسك الحجّ.

والأحوط وجوباً إذا أرادوا الخروج أن يحرموا بإحرام الحجّ ويبقوا في حال الإحرام إلى حين أداء مناسك الحج.

أما اذا استوجب هذا مشقةً لهم جازَ الخروج من مكة بدون الإحرام.

مناسك الحج، ص: 176

(المسألة 348) إذا خرج من مكة للقيام بعمل بعد أداء عمرة التمتع فان عاد في نفس الشهر لم يجب عليه الإحرام (مثلًا اذا أدى عمرة التمتع في أوائل شهر ذي القعدة وخرج من مكة إلى جدّة، أو أي مكان آخر ثم عاد في

نفس شهر ذي القعدة إلى مكة).

اما إذا دخل مكة في الشهر اللاحق وجب أن يحرم ويأتي بالعمرة مرةً ثانيةً وتُعدُّ هذه العمرة عمرته الثانية.

والأحوط أن يأتي لعمرته السابقة بطوافِ النساء وصلاته.

(المسألة 349) لا بأس في ركوب السيارات المسقَفَة في حال الإحرام داخل مكة (سواء في أثناء النهار أو الليل) ولكن يلزم الاجتناب من الذهاب إلى المناطق الخارجة عن حدود الحرم في هذه الحال (يعني تلك المنطقة التي تتجاوز مسجد التنعيم).

***

العمرة المفردة

(المسألة 350) العمرة المفردة واحد من أفضل الأعمال، ولها فضل عظيم، وقد وَرَد عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: «العُمرة كفارةٌ لِكُلِّ ذَنْب». وأنها «تخفف من الذنوب».

(المسألة 351) يجوز الإتيان بالعمرة المفردة في كل شهر من شهور السنة، ولكن الأفضل أن تكون في شهر رجب، وقد وَرَدَت في الروايات والأحاديث الإسلامية تأكيدات كثيرة على ذلك.

(المسألة 352) الأحوط وجوباً لمن يقدر على العمرة المفردة أن يأتي بها وإن لم يكن مستطيعاً على الحج.

ولا تجب في العمر إلّامرة واحدة.

مناسك الحج، ص: 178

وعلى هذا فان الأحوط وجوباً لمن يأتي بالحجّ نيابة عن الآخرين أن يأتي بعمرة مفردة لنفسه بعد أن ينتهي من أعمال الحج النيابي.

(المسألة 353) لا يجوز الدخول في مكة من دون الإحرام لأيّ سببٍ كان، ويجب بعد الإحرام أن يأتي بعمرةٍ مفردةٍ، ولا يخرج من الاحرام من دون عمرة مفردة.

ولكن يُستثنى من ذلك عدة طوائف: سُوّاق السيارات وخَدَمَةِ قوافل الحجيج وكل من يتكرر تردّده وذهابه وايابه بين مكة، والمدن الاخرى مثل جدّة والمدينة.

(المسألة 354) تستحب في كل شهر عمرةٌ واحدةٌ، وعلى هذا إذا دخل مكة في أواخر شهر رجب وأتى بعمرة مفردة ثم حلّ شهرُ شعبان جاز له أن يأتي بعمرة مفردة

اخرى.

ولكن يشكل الإتيان بعمرتين مفردتين في شهر واحد، ولو أراد أن يأتي بعمرتين مفردتين في شهرٍ واحدٍ أتى بها بقصد رجاءِ المطلوبية (لا بنية الأمر القطعي المسلّم).

مناسك الحج، ص: 179

(المسألة 355) أعمال العمرة المفردة سبعة امور:

1- الإحرام من الميقات.

2- الطواف بالبيت المعظّم (سبعة اشواط)

3- صلاة الطواف.

4- السعي بين الصفا والمروة.

5- التقصير (قص شي ء من الشعر والظفر).

6- طواف النساء.

7- صلاة طواف النساء.

وكيفية هذه الأعمال (الإحرام والطواف وغيرهما) تماماً مثل ما مرّ في هذه الرسالة عند ذكر أعمال عمرة التمتع بفارق واحد هو أنه ينوي هنا «العمرة المفردة» في جميع الأعمال.

(المسألة 356) يجوز أن يحرم للعمرة المفردة من أي المواقيت المعروفة وبخاصة مسجد الشجرة (قريب المدينة).

وكذا يجوز أن يحرم من أدنى الحلّ، يعني أول نقطة من نقاط الحرم.

مناسك الحج، ص: 180

والأفضل أن يكون الاحرام للعمرة المفردة من أحد المناطق التالية: «الحديبية» أو «الجعرانة» أو «التنعيم» المعروف عند أهل الكعبة.

ولكن الأسهل للذين يريدون الإتيان بالعمرة المفردة بعد الحج أن يذهبوا إلى مسجد «التنعيم» الذي صار الآن ضمن مكة ويبعد عن المسجد الحرام، بثمان كيلومترات تقريباً ويحرموا من هناك.

وحيث إن هذا المسجد قد أصبح جزءً من مدينة مكة لذلك يجوز لهم أن يركبوا للذهاب والاياب في سيارات مسقفة حتى في أثناء النهار.

(المسألة 357) يجب على من يأتي إلى مكة للعمرة المفردة عن طريق جدّة أن يحرم من «الحديبية» (التي تبعد عن مكة بحوالي خمسين كيلومتراً).

وإذا ذهب إلى مكة من المدينة أحرم من مسجد الشجرة الذي هو أفضل من جميع هذه المواقيت.

***

عدة مسائل مهمّة وكثيرة الابتلاء في الحج والعمرة

1- يجوز ركوب السيارات المسقَّفة في حال الإحرام في أثناء الليل أو بين الطلوعين أو في الايام الغائمة تماماً والتي لا تؤثر المظلات فيها للوقاية عن الشمس أو

المطر أو البرد.

2- لا يلزم أن يكون الطواف في الفاصلة بين مقام إبراهيم والكعبة المعظمة (أي حدود 13 متراً) بل يجوز في جميع المسجد الحرام (خاصة عند الزحام) ولكن الأفضل- في صورة الإمكان- أن لا يتجاوز الفاصلة المذكورة.

مناسك الحج، ص: 182

3- لا يلزم أن يكون الكتف الايسر محاذٍ للكعبة المعظمة في جميع الحالات، بل يكفي ان يطوف حول الكعبة وفق المتعارف.

4- إذا كانت جماعة الطائفين كبيرة جداً بحيث يتقدم الانسان إلى الامام في سيره في المطاف من دون اختياره وتحت ضغط الطائفين لا يضر ذلك بطوافه، بل يكفي أن ينوي في البداية الطواف ويدخل ضمن جماعة الطائفين بهذه النية.

5- موضع صلاة الطواف الواجب هو خلف مقام إبراهيم، ولكن يجوز- عند الزحام الشديد- الصلاة بعيداً عنه، خاصة إذا كانت جماعة الطائفين كبيرة جداً بحيث تصل إلى خلف مقام ابراهيم، ففي هذه الحالة ينبغي عدم الإصرار على الإتيان بصلاة الطواف خلف مقام ابراهيم وعلى مقربة منه، وما يفعله بعض العوام مما يسبب مزاحمة الطائفين ليس بصحيح. (وأما صلاة الطواف الاستحبابي فيجوز الإتيان بها في أي موضع كان من المسجد الحرام من الأول).

مناسك الحج، ص: 183

6- لا يجوز السعي في الطابق العلوي (الذي انشي ء مؤخراً) فوق المسعى إلا إذا كان الزحام شديداً وكبيراً بحيث يستوجب السعيُ في الطابق السفليّ مشقة شديدة.

7- يكفي في السعي بين الصفا والمروة المشي على مقدار من القسم المرتفع المبنيّ على جبلي الصفا والمروة ولا يجب أن يمسّ برجله القسمَ المكشوف من صخور الجبلين المذكورين. (فالقسم المفروش على الصفا والمروة جزء من الجبلين المذكورين).

8- لا بأس في الجلوس حال الطواف الواجب لدفع التعب، ولكن الأحوط أن لا تنهدم الموالاة العرفية، ولا تقع فاصلة كبيرة

بين الأشواط.

وكذلك لا بأس في الجلوس حال السعي للتخلص من التعب وما شابهه مهما كان مقداره وسواء كان على الصفا أو المروة أو بينهما.

9- لا بأس في رمي الجمار (أي رجم الأعمدة الثلاثة في منى) في الطابق العُلوي عند الزحام، كما يجوز

مناسك الحج، ص: 184

لمن لا يستطيع الرمي في أثناء النهار، الرمي في اللّيل قبل أو بعد ذلك اليوم.

10- بجوز ذبح الاضحية في أي واحد من المذابح الموجودة الآن في منى وإن كانت خارجة من حدود منى غالباً.

11- الأفضل ان تُذبح الاضحية يوم العيد، ولكن يجوز تأخيره إلى اليوم الثالث عشر أيضاً.

12- لا يلزم أن يكون الذابح شيعياً حتماً بل يجوز أن يقوم بالذبح كل مسلم تكون ذبيحته حلالًا وظاهراً.

13- لا بأس ولا اشكال في ذبح الحيوان للأضحية في الحج أو في غير الحج بسكاكين الاستيل، والفلزات المشابهة الاخرى.

14- يجوز للحاج نفسه أن يذبح اضحيته أو يستنيب في الذبح من يطمئن إليه، سواء كان مسؤولَ القافلة، أو بعثة الحجّ، أو بعض رفقائه (والمعيار هو الاطمئنان إلى فعل النائب) ولا يجب أن يعرف النائبُ والوكيلُ اسمَ صاحب مناسك الحج، ص: 185

الاضحية وإن كان يجوز ذكرُ اسمه.

ولكن إذا ضحّى أحدٌ عن شخص آخر من دون أخذ الوكالة منه لم يصح.

15- يجب أن يقوم المسلمون بعملٍ مّا لكيلا تتلف لحومُ القرابين والأضاحي، ولا يُضطَرَّ إلى حرقها ودفنها، لأن هذا اسراف ومحرّم، وإذا لم يحصل على مستحقين في منى جاز إرسال هذه اللحوم إلى البلاد الاسلامية واعطاؤها للفقراء والمؤمنين، وإذا احتاج ذلك إلى ميزانية تعهّد المسلمون والحكومة الاسلامية تأمين ذلك.

16- يجب ذبح الاضحية في منى مهما أمكن والمنع من تلفها، ولكن إذا ايقن بعد الفحص والجهد أنه لا يوجد

طريق للاستفادة الصالحة من لحوم الأضاحي وعلم أنها تضيع وتتلف جاز أن يصرف النظر مؤقتاً عن ذبح الأضحية في مني وبعزل ثمنها، والتضحية عند عودته في وطنه ومحله.

(في شهر ذي الحجة من تلك السنة أو شهر ذي الحجة من السنة اللاحقة)، ثم يعمل بالنسبة إلى مناسك الحج، ص: 186

لحم الاضحية وفق الوظيفة المذكورة في المسائل السابقة.

17- لا بأس ولا إشكال في الاستفادة من الأجهزة الميكانيكية لذبح الأضاحى ولكن يجب أن تراعى شرائط الذبح الشرعي مثل استقبال القبلة، والتسمية وغير ذلك (ممّا ذكرناه في توضيح المسائل).

18- الأفضل ترك الطواف الاستحبابي عند الزحام، وترك محل الطواف (المطاف) لمن يؤدي الطواف الواجب.

19- الميقات لإحرام حجّ التمتع هو مكة، ويكفي الإحرام من اي موضع من مواضعها ولا فرق بين مكة القديمة أو الموسّعة، حتى تلك المناطق من مكة التي امتدت إلى منى.

ولكن الأحوط وجوباً أن لا يُحرم من مناطق تتجاوز «مسجد التنعيم» وتبعد عنه (وتكون خارجة عن حدود الحرم) (ومسجد التنعيم هو اقرب المناطق إلى حدود الحرم) ولكن المسجد الحرام افضل من جميع هذه المناطق للإحرام.

مناسك الحج، ص: 187

20- يجوز للعاملين في القوافل وبعثة الحج وكلّ من أتى بحجّه الواجب من قبل، وإذا أشكل عليه الإتيان بجميع مناسك الحج أن ينوي العمرة المفردة من البداية، ويقوم بأعمالها كاملة ويخرج من الاحرام، وحينئذ يكونون أحراراً في الذهاب إلى عرفات ومنى (من دون نية) أو الذهاب أو البقاء في مكة، لمتابعة أعمالهم.

21- الصلاة جماعة مع أهل السنة والمشاركة في جماعاتهم في أيام الحج من المستحبات المؤكدة، ومما يوجب تقوية شوكة المسلمين وتوحيد صفوفهم أمام الأعداء، وقد وردت تأكيدات كثيرة في احاديث أهل البيت المعصومين عليهم السلام على ذلك.

والحق أن مثل هذه

الصلاة تجزى عن الصلاة الواجبة ولا حاجة إلى الاعادة وينبغي متابعتهم في مسألة الوقت وما شابه ذلك مثل السجود على بلاط المسجد (لأن جميع هذه الصخور المفروشة يجوز السجود عليها)، واذا لم يتمكن سجد على الفراش ولكن لا يجب التكتف حال الصلاة ولا

مناسك الحج، ص: 188

قول آمين، بعد قراءة الحمد.

22- يجوز الاستفادة من المروحة المصنوعة من الخوص أو الحُصُر الخالية عن الخيوط أو الحُصُر المتعارفَة التي استخدمت فيها خيوط دقيقة، للسجود عليها على كل حال، ولا حاجة إلى الاستفادة من التربة التي تثير حساسية المخالفين الذين أساؤوا فهمها بسبب الدعايات غير الصحيحة، بل في استعمال التربة في بعض الموارد إشكال.

23- لا بأس في الذهاب إلى غار حراء والمناطق المشابهة لذلك خارج مكة بعد إتمام العمرة وقبل الحج، ولكن لا يذهب إلى نقاط أبعد إلّالضرورة.

24- يجوز لمرشدي الحجاج الدينيّين (الروحانيّين) وخدمة القوافل والعاملين في البعثات والموظفين في البنوك والمصارف والأطباء والممرضين والممرضات وكل من يُدعى إلى الحج لأمر مّا أن يقصدوا الحج الواجب وان لم يكونوا مستطيعن ولا يجب عليه حجٌ آخر بعد ذلك.

مناسك الحج، ص: 189

25- الأحوط وجوباً على النائب عن غيره في الإتيان بالحج وتكون سفرته الاولى أن يأتي لنفسه بعمرة مفردة (مع طواف النساء وصلاته) بعد إتمام الحج.

26- الأحوط وجوباً أن لا ينوب ويؤجر نفسه للحج من يكون معذوراً ومضطراً إلى ترك بعض أعمال الحج ولكن الأعذار التي تحصل وتطرأ للأشخاص العاديين في سفرة الحج مثل التيمّم والجبيرة، وعدم درك بعض الوقوفات الإختيارية وامثالها لا تمنع من عمل النائب، بل يعمل النائب وفق وظيفته، ويصح حجه.

وهكذا إذا اضطُرّ- على أثر ضيق الوقت إلى العدول بحجّ التمتع إلى حج الإفراد.

ولكن ينبغي أن لا يتعرض

للنيابة الاميّون أو قليوا العلم الذين لا يقدرون على إصلاح قراء تهم (الحمد والسورة) وإن صحّ حَجُّهم أنفسهم في صورة الاضطرار.

مناسك الحج، ص: 190

27- على النائب والأجير الاتيان بأعمال الحج ومناسكه وفق اجتهادهم أو تقليدهم لا اجتهاد المستنيب أو تقليده.

28- يتخير المسافرون في مكة والمدينة بين التمام والقصر في الصلاة، إذا أتوا بها في المسجد الحرام أو مسجد النبي صلى الله عليه و آله و سلم بل في كل نقاط مكة المكرمة والمدينة المنورة وان كان التمام أفضل، ولا فرق بين مكة والمدينة القديمة والموسعتين.

29- من قصد إِقامة عشرة أيام في مكة المكرمة قبل الذهاب إلى عرفات يجب أن يتمَّ الصلاة عند التوجه إلى عرفات والانتقال إلى المشعر ومنى، وهذه المسافة وإن كانت فيما مضى مقدار اربعة فراسخ إلا أنّها قلّت الآن بسبب توسعة مكة.

30- يجوز الإحرام من جميع ما يعدّ اليوم جزءً من مسجد الشجرة، وكل ما يُعَدُّ جز من المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه و آله و سلم له هذا الحكم أيضاً.

مناسك الحج، ص: 191

31- على الحجاج الشيعة وأتباع أهل البيت عليهم السلام أن لا يقيموا صلوات جماعة خاصة بهم في مراكز قوافلهم أو في المسجد الحرام أو في مسجد النبي الاكرم صلى الله عليه و آله و سلم، وفي مثل هذه الجماعات إشكال.

32- على زوّار بيت اللَّه الإجتناب عن كل عمل يوجب وهن وهتك المذهب مثل:

الف: الخروج من المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه و آله و سلم وحين اصطفاف جماعتهم عند الأذان أو قريباً من الأذان.

ب: الإشتغال بالبيع والشراء في الاسواق والشوارع، أو العودة في حال اصطحاب البضائع والمشتريات باتجاه مراكز نزول وسكن القوافِل في مثل هذه الساعات.

ج:

الاجتماع خلف جدار مقبرة البقيع لزيارة قبور المعصومين عليهم السلام عند قيام صلاة الجماعة.

د: إرتداء الالبسة غير المناسبة التي توجب الوهن في الملأ العام.

ه: التعامل بخشونة- في الكلام والسلوك- مع بقية زوار

مناسك الحج، ص: 192

بيت اللَّه الحرام أو سكّان مكة والمدينة.

والخلاصة: يجب أن يكون سلوكُهم بحيث يشعر الجميع بأن هذا من فضل التأسي بأهل البيت عليهم السلام وأثره، وأن من يتبعهم يكون على أعلى مستوى من الأدب والتربية والأخلاق، ولا يعطي ذريعة بأيدي المخالفين فإِنّ هذا مما يضاعف ثواب حجِّهم ويزيد في أجرهم.

***

آداب الحج والعمرة و مستحباتهما

اشارة

ذكرت في الأحاديث الاسلامية وكلمات الفقهاء العظام (رضوان اللَّه تعالى عليهم) لكل من أعمال «الحج» و «العمرة» آداب ومستحبات كثيرة ندرج قسماً مهماً منها هنا عيناً.

ولكن حيث أن بعضَ هذه الآداب والمستحبات ليس لها دليلٌ كاف (ونحن ممن لا يذهب إلى صحّة أصل التسامح في أدلة السنن والمستحبات) لذلك فان من الأفضل أن يؤتى بجميع هذه الأعمال بقصد رجاء المطلوبية (أي برجاء أن تكون مطلوبة للشارع المقدس).

و «النقطة الاخرى» هي أن الإتيان ببعض هذه المستحبات في عصرنا الحاضر وخاصة في وسط هذه مناسك الحج، ص: 194

الجماعة الكبيرة والزحام العظيم غير ممكن لكثير من الناس، ولهذا يأتي بما أمكنه الإتيان به من هذه الأعمال وينوي الإتيان بما لا يمكن الإتيان به بسبب الزحام إذا كان موضع رغبة الحاج في صورة الإمكان ويُؤجر عليه حسب نيّته كَما جاء ذلك في أحاديث المعصومين عليهم السلام.

مستحبّات السَفَر

يستحب لمن قصد السفر إلى مكة أو أي سفر آخر، أن يطلب الخير من الحق تعالى شأنه، ويوصي، ويتصدق ليضمن بذلك سلامته.

ويُستحب عندما يتهيّأ للسفر أن يصلّي في منزله أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة منها فاتحة الكتاب وسورة التوحيد. ثم يقول بعد الصلاة.

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِهِنَّ فَاجْعَلْهُنَّ خَلِيفَتِي فِي أَهْلِي وَمالِي».

ويُستحب أن يقف عند باب بيته ويقرأ سورة الحمد ثلاث مرات أمامه وثلاث مرات عن يمينه وثلاث مرات عن شماله وثلاث مرات آية الكرسي ثم يقول بعد ذلك:

مناسك الحج، ص: 195

«اللَّهُمَّ احْفَظْنِي وَاحْفَظْ ما مَعِيَ وَسَلِّمْنِي وَسَلِّمْ ما مَعِيَ، وَبَلِّغْنِي وَبَلِّغْ ما مَعِيَ بِبَلاغِكَ الْحَسَنِ الجَمِيلِ»

***

مستحبات الإحرام

مستحبات الإحرام امور: أن ينظف قبل ذلك جسمه ويقلّم أظفاره ويقص شاربه، ويزيل شعر إبطيه وعانته بالنورة.

2- من يقصد الحج يرسل شعره ولحيته من أول شهر ذى القعدة، ومن يقصد العمرة المفردة يرسل شعره ولحيته قبل شهر ولا يحلقهما، وقال بعض الفقهاء بوجوب ذلك وهذا القول وإن كان ضعيفاً إلّاأنه أحوط.

3- أن يغتسل في الميقات قبل الإحرام غسلَ الإحرام، ويصحّ هذا الغسل من الحائض والنفساء أيضاً.

مناسك الحج، ص: 196

ويجوز تقديم هذا الغسل خاصة إذا خاف أن لا يجد الماء في الميقات.

وفي صورة التقديم إذا وجد الماء في الميقات يُستحب إعادة الغسل، وبعد هذا الغسل إذا لبس المكلّف لباساً أو أكل شيئاً يحرم على المحرم أكلُه استحب اعادة الغسل أيضاً.

وإذا اغتسل المكلَّف في النهار كفاه إلى آخر الليلة القادمة.

وهكذا اذا اغتسل في الليل كفاه إلى آخر اليوم القادم.

ولكن إذا أحدث بعد الغسل وقبل الإحرام حدثاً صغيراً أعاد الغسل.

4- ان يقول عند لبس ثوبي الإحرام:

«الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي رَزَقَنِي ما اوارِي بِهِ عَوْرَتِي وَأوَدِي فِيْهِ فَرْضي وَأَعْبُدُ فِيْهِ رَبِي وَأَنْتَهِي

فِيْهِ إِلى ما أَمَرَني، الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي قَصَدْتُهُ فَبَلَّغَنِي وَأَرَدْتُهُ فَأعانَنِي وَقَبِلَنِي وَلَمْ يَقْطَعْ بِي وَوَجْهَهُ أَرَدْتُ مناسك الحج، ص: 197

فَسَلَّمَنِي فَهُوَ حِصْنِي وَكَهْفِي وَحِرْزِي وَظَهْرِي وَمَلاذِي وَرَجائي وَمَنْجايَ وَذُخْرِي وَعُدَّتي فِي شِدَّتِي وَ رَخائي».

5- أن يكون ثوبا الإحرام من القطن.

6- أن يحرم على النحو التالي:

أن يحرم- في صورة الإمكان- عقيب فريضة الظهر- وفي صورة عدم التمكن- عقيب أية فريضة اخرى وفي صورة عدم التمكن حتى من ذلك عقيب ست ركعات أو ركعتين من الصلاة النوافل يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة التوحيد وفي الركعة الثانية بعد الحمد سورة الجحد.

وست ركعات أفضل.

وبعد الصلاة يحمد اللَّه تعالى ويثني عليه ويصلي على النبي وآله الاطهار ثم يقول:

«اللّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِي مِمَنْ إِسْتَجابَ لَكَ وَآمَنَ بِوَعْدِكَ وَاتّبَعَ أَمْرَكَ فَإِنِي عَبْدُكَ مناسك الحج، ص: 198

وَفِي قَبْضَتِكَ لا اوقِى إِلَّا ما وَقَيْتَ و لا آخِذُ إِلَّا ما أَعْطَيْتَ وَقَدْ ذَكَرْتَ الحَجَ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَعْزِمَ لِي عَلَيهِ عَلى كِتابِكَ وَ سُنَّةِ نَبيِّكَ صَلواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَتُقَوِّيَني عَلى ما ضَعُفْتُ وَتُسَلِّمَ لي مَناسِكِي في يُسرٍ مِنْكَ وَعافِيَةٍ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَفْدِكَ الَّذِي رَضِيْتَ وَارْتَضَيْتَ وَسَمَيّتَ وَكَتَبْتَ، اللّهُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ مِنْ شُقِةٍ بَعيِدَةٍ وَأَنْفَقْتُ مالِي ابِتِغاءَ مَرْضاتِكَ، اللّهُمَّ فَتَمِمْ لِي حَجَّتِي وَعُمْرَتِي، اللّهُمَّ إِنِّي ارِيْدُ التَّمَتُعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الحَجِ عَلى كِتابِكَ وَسُنَّةِ نَبِيَّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ و آلِهِ فإنْ عَرَضَ لِي عارِضٌ يَحْبِسُنِي فَخَلِّنِي حَيْثُ حَبِسْتَنِي بِقَدرِكَ الَّذي قَدَرْتَ عَلَيَّ، اللّهُمَّ إِنْ لَمْ تَكُنْ حَجَةٌ فَعُمْرَةً أَحْرَمَ لَكَ شَعْرِي وَبَشَرِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَعِظامِي وَمُخْي وَعَصَبِي مِن النِساءِ وَالثِّيابِ وَالطِّيِبِ إِبْتَغِي بِذلِكَ وَجْهَكَ وَالدّارَ الآخِرَةِ».

7- أن يتلفَّظ بنية الإحرام ولا يكتفي بمجرد الإخطار

مناسك الحج، ص: 199

بالقلب، ومجرد الداعي النفسي.

ويُستحب للرجال رفع الصوت بالتلبية.

8- ذكرنا

فيما سبق أن التلبية الواجبة التي يتحقق بها الإحرام هي على الأحوط ما يأتي:

«لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لاشَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لا شَرِيكَ لَكَ».

ويستحب ان يقول بعد ذلك:

«لَبَّيْكَ ذَاْ المَعارِجِ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ دَاعِياً إِلى دَارِ السَّلامِ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ غَفارُ الذُنُوبِ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ أَهْلُ التَّلْبِيَةِ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ذَا الجَلالِ وَالاكرامِ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ تُبْدِي وَالمَعادُ إِلَيْكَ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ تَسْتَغْنِي وَيُفْتَقَرُ إِلَيْكَ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ مَرْعُوباً وَمَرْهُوباً إِلَيْكَ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ ذَا النَّعْماءِ وَ الْفَضْلِ الْحَسَنِ الجَميلِ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ كَشّافَ الكُرَبِ العِظامِ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ يا كَريمُ لَبَّيْكَ».

مناسك الحج، ص: 200

ويُحبَّذ ان يقول هذه العبارات:

«لَبَّيْكَ أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَ عُمْرَةٍ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَ هذِهِ عُمْرَةُ مُتَعَةٍ إِلَى الْحَجِ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ أَهْلَ التَّلْبَيِةِ، لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ تَلْبَيةً تَمامُها وَ بَلاغُها عَلَيْكَ».

9- أن يكرّر التلبيات في حال الإخرام ويقولها في الموارد التالية أيضا:

عند الاستيقاظ من النوم، بعد كل صلاة واجبة أو مستحبة، عند رؤية راكب، عند الصعود على تل، وعند الهبوط منها، عند الركوب وعند الترجل ويكثر من ذكر التلبية وتكرارها في أوقات السحر.

وتقول المرأة الحائض والنفساء هذه التلبيات أيضاً.

وتستمر تلبيات المتمتّع في العمرة إلى أن يشاهد بيوت مكة وينقطع بعدها.

وأما الحج فتستمرّ التلبية فيه إلى ظهر يوم عرفة ثم تنقطع بعد ذلك.

مكروهات الإحرام

مكروهات الإحرام عدة امور هي: 1- الإحرام في ثياب سوداء بل الأحوط ترك ذلك، والأفضل أن يكون الإحرام في ثياب بيضاء.

2- نوم المحرم في الثوب والمخدّة الصفراء اللون.

3- الإحرام في ثياب وسخة، ولو توسّخ ثوبا الإحرام فالأفضل للمكلف أن لا يغسلهما ما دام في حالة الإحرام، ويجوز له تبديلهما.

4- الإحرام في ثياب

مقلّمة (مخططة).

5- استعمال الحناء قبل الإحرام فيما إذا كان لونه يبقى إلى حين الإحرام.

6- الأولى بل الأحوط أن لا يدلك المحرم جسده بكيس الحمّام وما يشابهه.

7- يجيب من يناديه بالتلبية بل الأحوط ترك ذلك.

مستحبات دخول الحرم

1- عند ما يصل الحاج إلى الحرم يترجّل، ويغتسل لدخول الحرم.

2- أن يخلع نعليه تواضعاً للَّه تعالى ويأخذهما بيده ويدخل الحرم فان لهذا العمل ثواباً عظيماً:

3- أن يقرأ هذا الدعاء عند دخول الحرم:

«اللّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ في كِتابِكَ وَقَوْلُكَ الْحَقُ «وَأَذِّنْ فِي النّاسِ بِالْحَجِ يَأتُوكَ رِجالًا وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأتِينَ مِنْ كُلِ فَجٍ عَميقٍ» اللّهُمَّ إِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِمَنْ أَجابَ دَعْوَتَكَ قَدْ جِئْتُ مِنْ شُقَّةٍ بَعيِدةٍ وَفَجٍّ عَميقٍ سامِعاً لِندائِكَ وَمُسْتَجِيباً لَكَ مُطِيعاً لِامْرِكَ وَكُلُّ ذلِكَ بِفَضْلِكَ عَلَيِّ وَإِحْسانِكَ إِليَّ فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما وَفَقَتْني لَهُ أَبْتَغِي بِذلِكَ الزُلْفَةَ عِنْدَكَ وَالقُرْبَةَ إِلَيْكَ وَالْمَنْزِلَةَ لَدَيْكَ وَالْمَغْفِرَةَ لِذُنُوبِي مناسك الحج، ص: 203

وَالتَّوْبَةَ عَلَيّ مِنْها بِمَنِّك اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَحَرِّمْ بَدَنِي عَلَى النّارِ وَآمِنّي مِنْ عَذابِكَ وَعِقابِكَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرّاحمِينَ».

مستحبات دخول مكة المعظمة

يستحب- لدخول مكة المكرمة- أن يغتسل المكلّف، وأن يدخل مكة في حالة الخضوع والتواضع.

ومن سافر إلى مكة عن طريق المدينة يدخلُ مكة من أعلاها وعندما يخرج منها من أسفلها.

آداب المسجد الحرام ومكة المعظمة

يستحب للمكلّف أن يغتسل لدخول المسجد الحرام.

وكذا يُستحب أن يدخل المسجد حافي القدمين في سكينة ووقار، ويقال أن باب بني شيبة يحاذي الآن باب مناسك الحج، ص: 204

السلام، ولهذا يُحبَّذ أن يدخل الشخص من باب السلام ويتوجّه بصورة مستقيمة إلى أن يتجاوز الاسطوانات، ويستحب أن يقف عند باب المسجد الحرم ويقول:

«السَّلامُ عَلَيكَ أَيّهَا النَّبِيُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ بِسْمِ اللَّهِ وَ باللَّهِ وَ ما شاء اللَّهُ السَّلامُ عَلى أَنْبِياءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ السّلامُ عَلى إِبراهيمَ خَلِيلِ اللَّهِ وَالْحَمْدُللَّهِ رَبِّ العالَمينَ».

ثم يدخل المسجد الحرام ويرفع يديه تجاه الكعبة المعظمة ويقول:

«اللّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ فِي مَقامِي هذا وَفِي أَوَّلِ مَناسِكِي أَنْ تَقْبَلَ تَوْبَتِيِ وَأَنْ تَتَجاوَزَ عَنْ خَطَيئتىِ وَأَنْ تَضَعَ عَنِي وَزْرِي الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي بَلَّغَنِي بَيْتَهُ الْحَرامَ، اللّهُمَّ إِنِّي اشْهِدُكَ أَنَّ هذا بَيْتُكَ الحرامَ الَّذِي جَعَلْتَهُ مَثابَةً لِلنّاسِ وَأَمْناً مُباركاً وَهُدىً لِلْعالَمينَ، اللّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَالْبَلَدُ بَلَدُكَ وَالبَيْتُ بَيْتُكَ جِئْتُ أَطْلُبُ رَحْمَتَكَ وأؤمُّ طاعَتَكَ مُطيعاً لِامْرِكَ راضِياً

مناسك الحج، ص: 205

بِقَدَرِكَ أَسَأَلُكَ مَسْألَة الْفَقِيرِ إِلَيْكَ الخائِفُ لِعُقُوبَتِكَ اللّهُمَّ افْتَحْ لِيَ أَبْوابَ رَحْمَتِكَ وَاْستَعْمِلْنِي بِطاعَتِكَ وَمَرْضاتِكَ».

وفي رواية اخرى يقول عند باب المسجد الحرام:

«بِسمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَإِلَى اللَّهِ وَما شاءَ اللَّهُ وَعَلى مِلةِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم وَخَيْرُ الاسْماءِ للَّهِ وَالْحَمْدُللَّهِ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ السّلامُ عَلى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُ اللَّهِ السّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ السَّلامُ عَلى أَنْبِياءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ السّلامُ عَلى خَليلِ اللَّهِ الرّحمنِ السّلامُ عَلى المُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُللَّهِ رَبِّ العالَمين السّلامُ

عَلَيْنا وَعَلى عِبادِ اللّهِ الصَّالِحِينَ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبارَكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَمْتَ عَلى إِبراهيِمَ وَآلِ إِبراهيمَ وَإِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ اللّهُمَّ صَلِ عَلى مناسك الحج، ص: 206

إِبراهيمَ خَلِيلِكَ وَعَلى أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَسَلِمّ عَلَيْهِمْ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرسَليِنَ وَالْحَمْدُللَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، اللّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوابَ رَحْمَتِكَ وَاسْتَعْمَلِنْي فِي طاعَتِكَ وَمَرْضاتِكَ وَاحْفَظْنِي بِحِفظِ الإيمانِ أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي جَلَّ ثَناءُ وَجْهِكَ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذي جَعَلنِي مِنْ وَفْدِهِ وَزُوّارِهِ وَجَعَلَنِي مِمَّن يَعْمُرُ مَساجِدَهُ وَجَعَلَنِي مِمَنْ يُناجِيهِ، اللّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَزائِرُكَ فِي بَيْتِكَ وَعَلى كُلِ مَأتيٍ حَقٌ لِمَنْ أَتاهُ وَزارَهُ وَأَنْتَ خَيْرَ مَأتِىٍ وَأَكْرَمُ مَزُورٍ فَأَسْأَلُكَ يا اللَّهُ يا رَحْمنُ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَاإِلَهَ إِلّا أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيْكَ لَكَ بِأَنَّكَ واحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ تَلِدَ وَلَمْ تُوَلد وَلَمْ يَكُن لَهُ (لَكَ خ ل) كُفُواً أَحَدٌ وَ أَنَ مُحَمّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ يا جَوادُ يا كَريمُ يا ماجِدُ يا جَبارُ يا كَريمُ أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ تُحْفَتَكَ إِيَّايَ إِيايَ بِزِيارَتِي إِياكَ أَوَّلَ شَىْ ءٍ تُعْطِيَني فَكاكَ رَقَبَتِي مِن النارِ».

مناسك الحج، ص: 207

ثم يقول ثلاث مرات:

«اللَّهُمَّ فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النارِ».

ثم يقول:

«وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ الطَّيِّبِ وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ شَياطينِ الْجِنِّ وَالْانْسِ وَشَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ».

ويستحب أن يقول عندما يحاذي حجر الاسود:

«أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ وَأَنَ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ آمَنْتَ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالِجْبتِ وَالطاغُوتِ وَأَلّلاتِ وَالعُزّى وَبِعِبادَةِ الشّيطانِ وَبِعبادَةِ كُلِّ نِدٍّ يُدْعى مِنْ دُونِ اللَّهِ».

ثم يقترب إلى الحجر الأسود ويستلمه ويقول:

«الْحَمْدُللَّهِ الَّذِي هَدَانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ سُبحانَ اللَّهِ

وَالحَمْدُ للَّهِ وَلا إِلهَ إِلّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِهِ واللَّهُ أَكْبَرُ مِمَّا أَخْشى وَأَحْذَرُ لَاإِلهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيُمِيتُ وَيُحْيِي وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ».

مناسك الحج، ص: 208

ثم يصلّي على محمد وآله ويسلّم على الأنبياء كما كان يسلم وقت دخول المسجد، ثم يقول:

«إِنِّي اؤْمِنُ بِوَعْدِكَ وَاوفِي بِعَهْدِكَ».

وقد ورد في رواية معتبرة إنك إذا اقتربت من الحجر الأسود ترفع يديك وتحمد اللَّه وتثني عليه وتصلي على النبي وتسأل اللَّه أن يتقبل حجك ثم تقبل الحجر الاسود وتستلمه.

وإذا لم يمكن التقبيل تستلمه بيدك وإذا لم يمكن ذلك تشير إليه وتقول:

«اللّهُمَّ أَمانَتِي أَدَّيْتُها وَمِيثاقِي تَعاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوافاةِ اللّهُمَّ تَصْدِيقاً بِكِتابِكَ وَعَلى سُنَّةِ نَبيّكَ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وَآلِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَاإِلهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَاللّاتِ وَالْعُزَّى وَعِبادَةِ الشَّيطانِ وَعِبادَة كُلِّ نِدٍّ يُدْعى مِنُ دُونَ اللَّه».

وإذا لم تستطع أن تقرأ كلّه فاقرأ بعضه وقل:

مناسك الحج، ص: 209

«اللّهُمَّ إِلَيْكَ بَسَطُتُ يَدِي وَفِيما عِنْدَكَ عَظُمَتْ رَغْبَتِي فَاقبَلْ سُبْحَتِي وَ أَغْفِرْ لِي وَأَرْحَمْني اللّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالفَقْرَ وَمَواقِفِ الْخِزْي في الدُّنْيا وَ الآخِرَةِ».

آداب الطواف ومستحباته

ويُستحب أن يقول في حال الطواف:

«اللّهُمَّ إِنّيِ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذيِ يُمْشى بِهِ عَلى ظُلَلِ الماءِ كَما يُمْشى بِهِ عَلى جُدَدِ الارْضِ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذيِ تَهْتَزُ لَهُ عَرْشُكَ، وَأَسْأَلُكَ بِاْسمِكَ الَّذيِ تَهْتَزُّ لَهُ أَقْدامُ مَلائِكَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذيِ دَعاكَ بِهِ مُوسى مِنْ جانِبِ الطُّورِ فَاسَتَجْبَتَ لَهُ وَأَلْقَيَتَ عَلَيْهِ مُحَبَّةً مِنْكَ، وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذىِ غَفَرْتَ بِهِ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله و سلم ما تَقَدَمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَما

تَأَخَرَ وَأَتَمَمْتَ عَلَيْهِ نِعْمَتَكَ أَنْ تَفْعَلَ بي كَذا وَ كَذا ...»

ويطلب حاجته.

مناسك الحج، ص: 210

وكذا يستحب أن يقول حال الطواف:

«اللّهُمَّ إِنّي إِلَيْكَ فَقيرٌ وَإِنّي خائِفٌ مُسْتَجِيرٌ فَلا تُغَيِّرْ جِسْمِي وَلا تُبَدِّلْ إِسْمِي».

ويصلي على محمد وآله خاصة عند ما يصل إلى باب الكعبة.

وعندما يصل إلى حجر اسماعيل ينظر الي الميزاب ويقول:

«اللّهُمَّ أَدْخِلنِي الْجَنَّةَ وَأَجِرْنِي مِنَ النّارِ بِرَحْمَتِكَ وَعافِنِي مِنَ السُّقْمِ وَأَوْسِعْ عَليَّ مِنَ الرِّزْقِ الحَلالِ وَادْرَأ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الجِنِّ وَالإِنْسِ وَشَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَم».

وعند ما يتجاوز الحجر الاسود ويصل إلى خلف الكعبة يقول:

«يا ذَا المَنِّ وَالطَّولِ يا ذَا الْجُوادِ وَالْكَرَمِ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضاعِفْهُ لِي وَتَقَبَّلُهُ مِنّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّميعُ الْعَليمُ».

وعند ما يصل إلى الركن اليمانيّ يرفع يده ويقول:

مناسك الحج، ص: 211

«يا اللَّهُ يا وَلِيَّ الْعافِيَةِ وَخالِقَ الْعافِيَةِ وَالمُتَفَضِّلُ بِالْعافِيِةِ عَلَىَّ وَعَلى جَميعِ خَلْقِكَ يا رَحْمنُ الّدُنْيا وَالآخِرَةِ وَرَحيمَهُما صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَارْزَقْنا العافِيَةَ وَتَمامَ الْعافِيِةِ وَشُكَرَ الْعافِيِةِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ يا أَرْحَمُ الرَّاحِمين».

ثم يرفع رأسه إلى جانب الكعبة ويقول:

«الْحَمْدُللَّهِ الَّذي شَرَّفَكِ وَعَظَّمَكِ، وَالْحَمْدُللَّهِ بَعَثَ مُحَمَّداً نَبيّاً وَجَعَلَ عَلِيّاً إِماماً، اللّهُمَّ اهدِ لَهُ خِيارَ خَلْقِكَ وَجَنِّبْهُ شِرارَ خَلْقِكَ».

وعندما يصير بين الركن اليماني والحجر الاسود يقول:

«رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةَ وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ».

وفي الشوط السابع عند ما يصل إلى المستجار «1» يُستحب ان يبسط يديه صوب جدار الكعبة ويلصق بطنه مناسك الحج، ص: 212

ووجهه بجدار الكعبة ويقول:

«اللّهُمَّ البَيْتُ بَيْتُكَ وَالعَبْدُ عَبْدُكَ وَهذا مَكانُ العائِذِ بِكَ مِنَ النّارِ».

ثم يعترف بذنوبه وخطاياه ويسأل اللَّه أن يغفرها له، فانه يستجاب له إن شاء اللَّه، ثم يقول:

«اللّهُمَّ مِنْ قَبِلكَ الرَّوْحُ وَالفَرَجُ وَالعافِيَةُ، اللّهُمَّ إِنَّ عَمَلِي ضَعِيفٌ فَضاعِفْهُ لِي وَاغْفِرْ لِي ما اطَلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي وَخَفِيَ

عَلى خَلْقِكَ أَسْتَجِيرُ باللَّهِ مِنَ النّارِ».

ويدعو ما شاء، ثم يستلم الركن اليماني ويأتي إلى الحجر الأسود ويتم طوافه ويقول:

«اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِما رَزَقْتَنِي وَبارِكْ لِي فِيْما آتَيْتَنِي».

ويُستحب للطائف أن يستلم الأركان الأربعة للكعبة والحجر الاسود في كلِّ شوط ويقول عند استلام الحجر الاسود:

«أَمانَتِي أَدَّيْتُها وَمِيثاقِي تَعاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوافاةِ».

***

مستحبات صلاة الطواف

يُستحب في صلاة الطواف بعد الحمد الاتيان بركعتين من الصلاة يقرأ في الركعة الاولي بعد الحمد سورة التوحيد وفي الركعة الثانية بعد الحمد سورة الجحد.

وبعد الصلاة يحمد اللَّه ويثني عليه ويصلي على محمد وآل محمد ويسأل اللَّه القبول.

وفي بعض الروايات أن الامام الصادق عليه السلام سجد بعد صلاة الطواف وكان يقول هكذا:

«سَجَدَ لَكَ وَجْهِي تَعَبُّداً وَرِقّاً لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ حَقّاً حَقّاً الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَىْ ءٍ وَالْاخِرُ بَعْدَ كُلِّ شَىْ ءٍ وَها أَنَا ذا بَيْنَ يَدَيْكَ ناصِيَتِي بِيَدِكَ فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لايَغْفِرُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ غَيْرُكَ فَاغْفِرْ لِي فَإِنِّي مُقِرٌّ بِذُنُوبِي عَلى نَفْسِي وَلا يَدْفَعُ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ غَيْرُكَ».

مناسك الحج، ص: 214

وبعد السجود كان وجهُه الشريف من البكاء كأنه غمس في الماء.

وبعد الفراغ من صلاة الطواف، وقبل السعي يستحب أن يذهب إلى بئر زمزم ويستقي دلواً ودلوين من مائه، ويَصبّه على رأسه وظهره وبطنه ويقول:

«اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عِلْماً نافِعاً وَرِزْقاً واسِعاً وَشِفاءً مِنْ كُلِّ داءٍ وَسُقْمٍ».

ثم يأتي عند الحجر الأسود، ويستحب أن يتوجّه إلى الصفا من الباب المحاذي للحجر الأسود، ويصعد عليه في وقار وطمأنينة الروح والجسد وينظر إلى الكعبة، ويستقبل الركن الذى فيه الحجر الأسود ويحمد اللَّه ويثني عليه ويتذكر نعمه تعالى ثم يقول هذه الأذكار:

«اللَّهُ أَكْبَرُ»

سبع مرات.

«الْحَمْدُ لِلَّهِ»

. سبع مرات.

«لا إِلهَ إِلّا اللَّهُ»

. سبع مرات.

«لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شِرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ مناسك الحج، ص: 215

الْحَمْدُ

يُحْيي وَيُمِيتُ وَيُمِيتُ وَيُحْيي وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَىْ ءٍ قَديرٌ»

. ثلاث مرات.

ثم يصلى على النبى وآل محمّد ثم يقول:

«اللَّهُ أَكْبَرُ عَلى ما هَدانا والحَمْدُ لِلَّهِ عَلى ما أَبْلانا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ والْحَمْدُ لِلَّهِ الدَّائِمِ».

ثم يقول:

«أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهِ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ لا نَعْبُدُ إِلَّا إِياهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»

ثلاث مرات.

ثم يقول:

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعافِيَةَ وَالْيَقِينَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ».

ثلاث مرات.

ويقول:

«اللَّهُمَّ آتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النارِ».

ثلاث مرات.

ثم يقول:

مناسك الحج، ص: 216

«اللَّهُ أَكْبَرُ»

مائة مرة.

«لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ»

مائة مرة.

«الْحَمْدُ لِلَّهِ»

مائة مرة.

«سُبْحانَ اللَّهِ»

مائة مرة.

ثم يقول:

«لا إِلهَ إلَّااللَّهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ فَلَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَحْدَهُ اللَّهُمَّ بارِكْ لِي فِي الْمَوْتِ وَفِيما بَعْدَ الْمَوْتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَوَحْشَتِهِ اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي فِي ظِلِّ عَرْشِكَ يَوْمَ لاظِلَّ إِلَّا ظِلُّكَ».

ويكثر من أن يستودع ربه دينَه ونفسَه وأهله.

ثم يقول:

«أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ الرَّحْمنَ الرَّحِيمَ الَّذِي لاتَضِيعُ وَدائِعُهُ دِينِي وَنَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوَلَدِي اللَّهُمَّ اسْتَعْمِلْنِي عَلى كِتابِكَ وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ وَتَوَفَّنِي عَلى مِلَّتِهِ وَأَعِذْنِي مِنَ الْفِتْنَةِ».

مناسك الحج، ص: 217

ثم يقول:

«اللَّهُ أَكْبَرُ»

ثلاث مرات، ثم يعيده مرتين ثم يعيده مرةً واحدة ثم يعيد كل هذا مرة اخرى.

وإذا لم يمكنه الإتيان بهذا العمل كلِّه يأتي بما يقدر عليه.

ويُستحب أن يقرأ هذا الدعاء:

«اللَّهُمَّ إغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ قَطُّ فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، اللَّهُمَّ افْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ تَرْحَمُنِي وَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَنْتَ غَنِيُّ عَنْ عَذابِي وَأَنا مُحْتاجٌ إِلى رَحْمَتِكَ، فَيا مَنْ أَنا مُحْتاجٌ إِلى رَحْمَّتِهِ إرْحَمْنِي، لا تَفْعَلْ بِي ما أَنَا أَهْلُهُ فَإِنَّكَ إِنْ

تَفْعَلْ بِي ما أَنَا أَهْلُهُ تُعَذِّبْنِي وَلَمْ تَظْلِمْنِي، أَصْبَحْتُ أَتَّقِي عَدْلَكَ وَلا أخافُ جَوْرَكَ فَيا مَنْ هُوَ عَدْلٌ لَايَجُورُ ارْحَمْنِي».

**

مستحبات السعي

ورد في حديث شريف أن مَن أرادَ أن يكثرَ مالُه فليطلِ الوقوفَ على الصَّفا.

مناسك الحج، ص: 218

واعلم أنه يُستحبُّ أن يَسْعى راجلًا وأن يُهرولَ في الفاصلة ما بَين العَلامتين ويمشي بصورةٍ عاديةٍ فيما عَدا ذلك (والهرولة هو الحركة المتوسطة بين المشي البطي ء والركض) وإذا كان راكباً يسرع في هذه المسافة في الجملة، ولدى المراجعة من هناك إلى المروة والعودة من المروة إلى الصفا يسير سيراً متوسطاً.

ولا هرولة للنساء، ويستحب السعي في حال البكاء، أو الإبكاء، ويدعو في السعي كثيراً.

ويستحب أن يخرج إلى الصفا من الباب المقابل للحجر الأسود (مع السكينة والوقار، وعند ما يقف على الصف ينظر إلى الكعبة ويتوجّه صوب الركن الذى فيه الحجرُ الأسود، ويحمد اللَّه ويثني عليه ويتذكر نعمه تعالى ثم يقول سبع مرات:

(اللَّهُ أَاكْبَرُ).

مناسك الحج، ص: 219

وسبع مرات (الْحَمْدُ لِلَّهِ).

وسبع مرات (لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ).

وثلاث مرات:

«لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحيي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَي ءٍ قَدِيرٌ».

ثم يصلّى على محمّد وآل محمد ثم يقول بعد ذلك ثلاث مرات:

«اللَّهُ أَكْبَرُ عَلى ما هَدانا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلى ما أَوْلانا والْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الدَّائِمِ».

ثم يقول ثلاث مرات:

«أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، لا نَعْبُدُ إِلَّا إِياهُ، مُخْلُصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ».

ثم يقول ثلاث مرات:

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعافِيَةَ وَالْيَقِينَ فِي مناسك الحج، ص: 220

الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ».

ثم يقول مائة مرة:

«اللَّهُ أَكْبَرُ»

ومائة مرة:

«لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ»

ومائه مرة:

«الْحَمْدُ لِلَّهِ»

ومائة مرة:

«سُبْحانَ اللَّهِ»

ثم يقول بعد ذلك:

«لا إِلهَ إلَّااللَّهُ

وَحْدَهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ فَلَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَحْدَهُ اللَّهُمَّ بارِكْ لِي فِي الْمَوْتِ وَفِيما بَعْدَ الْمَوْتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَوَحْشَتِهِ اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي فِي ظِلِّ عَرْشِكَ يَوْمَ لاظِلَّ إِلَّا ظِلُّكَ».

ويستودعُ اللَّه دينَه ونفسَه وأهلَه (ويكثر من هذا) ثم يقول:

«أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ الرَّحْمنَ الرَّحِيمَ الَّذِي لاتَضِيعُ وَدائِعُهُ دِينِي وَنَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوَلَدِي اللَّهُمَّ اسْتَعْمِلْنِي عَلى كِتابِكَ وَسُنَّةِ نَبِيِّكَ وَتَوَفَّنِي عَلى مِلَّتِهِ وَأَعِذْنِي مناسك الحج، ص: 221

مِنَ الْفِتْنَةِ».

ثم يقول ثلاثَ مرات:

(اللَّهُ أَكْبَرُ)

ثم يعيد التكبير مرّتين ثم يعيدُه مرةً وحدةً ثم يعيد ذلك مرةً اخرى، وإذا لم يتمكن من الإتيان بهذا العمل كلِه يأتي بما يقدر عليه.

وقد رُوى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه عندما كان يصعد على الصفا يستقبل الكعبة ثم يرفع يديه ثم يقول:

«اللَّهُمَّ إغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ قَطُّ فَإِنْ عُدْتُ فَعُدْ عَلَيَّ بِالْمَغْفِرَةِ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، اللَّهُمَّ افْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ بِي ما أَنْتَ أَهْلُهُ تَرْحَمُنِي وَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذابِي وَأَنا مُحْتاجٌ إِلى رَحْمَتِكَ، فَيا مَنْ أَنا مُحْتاجٌ إِلى رَحْمَّتِهِ إرْحَمْنِي، لا تَفْعَلْ بِي ما أَنَا أَهْلُهُ فَإِنَّكَ إِنْ تَفْعَلْ بِي ما أَنَا أَهْلُهُ تُعَذِّبْنِي وَلَمْ تَظْلِمْنِي، أَصْبَحْتُ أَتَّقِي عَدْلَكَ وَلا أخافُ جَوْرَكَ فَيا مَنْ هُوَ عَدْلٌ لَايَجُورُ ارْحَمْنِي».

وروى عن الامام الصادق عليه السلام أنّه قال: «إن اردتَ أن مناسك الحج، ص: 222

يكثر مالك فأكثر الوقوف على الصفا».

ويستحب أن يسعي راجلًا ويمشي بتؤدة ووقار حتى يصلَ إلى محلِّ العلامة الاولى ثم يهرول إلى العلامة الثانية، ثم يمشي في وقار وسكينة إلى أن يصل إلى المروة ويصعد عليها ويفعل على المروة ما فعله على الصفا ثم يتوجّه من المروة إلى

الصفا على النحو الذى قلنا.

واذا سعى راكباً أسرع فيما بين العلامتين.

ثم انه ينبغي أن يحاول البكاء (ويتباكي) ويدعو اللَّه كثيراً.

ولا هرولة على النساء.

مستحبات الاحرام الى الوقوف في عرفات

ما كان يستحب في احرام العمرة يستحب أيضاً في إحرام الحج. وبعد أن يُحرم الانسانُ يخرج من مكة، فإذا اشرفَ على الأبطح رفع صوته بالتلبية، وعندما يتوجّه إلى مني ويقول:

«اللَّهُمَّ إِياكَ أَرْجُو وَإِياكَ أَدْعُو فَبَلِّغْنِي أَمَلِي مناسك الحج، ص: 223

وَأَصْلِحْ لِي عَمَلِي».

ثم يمضى بسكينةٍ ووقارٍ مسبّحاً ذاكراً اللَّهَ تعالى حتى إذا بلغ منى قال:

«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَقْدَمَنِيها صالِحاً فِي عافِيَةٍ وَبَلَّغَنِي هذَا الْمَكانَ».

ثم يقول:

«اللَّهُمَّ هذِه مِنى وَهِيَ مِما مَنَنْتَ بِهِ عَلَيْنا مِنَ الْمَناسِكِ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِما مَنَنْتَ عَلى أَنْبِيائِكَ فَإِنَّما أَنَا عَبْدُكَ وَفِي قَبْضَتِكَ».

ويُستحب أن يكون ليلة عرفة في منى ويشتغل بعبادة اللَّه، وطاعته.

والأفضل انْ يأْتي بالعبادات وبخاصّة الصلوات في مسجد الخيف، وفاذا صلى الصبح عقّب إلى طلوع الشمس ثم توجّه نحو عرفات، ولا بأس في التوجّه إلى عرفات بعد طلوع الفجر إذا أراد ذلك.

ولكن السنة بل الأحوط أن يعبر من وادى محسَّر ما لم تطلع الشمس، ويُكره الذهاب إلى عرفات قبل مناسك الحج، ص: 224

طلوع الفجر.

ونقلت الحرمة في بعض الروايات الّا للضرورة كالمرض والخوف من زحام الناس.

فاذا توجّه إلى عرفات قرأ هذا الدعاء:

«اللَّهُمَّ إِلَيْكَ صَمَدْتُ وَإِياكَ اعْتَمَدْتُ، وَوَجْهَكَ أَرَدْتُ أَسْأَلُكَ أَنْ تُبارِكَ لِي فىِ رِحْلَتِي وَأَنْ تَقْضِيَ لِي حاجَتِي وَأَنْ تَجْعَلْنِي مِمَّنْ تُباهِي بِهِ الْيَوْمَ مَنْ هَوَ أَفْضَلُ مِنِّي».

ويكرِّر التلبية إلى أن يصلَ إلى عرفات.

***

مستحبات الوقوف في عرفات

يستحب في الوقوف بعرفات عدة امور:

1- أن يكون على طُهرٍ حالَ الوقوف.

2- الغُسل والأفضل أن يكون قبيلَ الظهر.

3- أن يجنّب نفسَه ما يشتّت بالَه حتى يتوجّه قلبُه إلى مناسك الحج، ص: 225

الحق تقدس اسمُه.

4- أن يقف الشخصُ على اليسار من الجبل إذا أتى من مكة.

5- أن يقف في أسفل الجبل وفي أرض سَهلة، ويكره الصعود على الجبل.

6-

أن يأتي بصلاة الظهر والعصر باذانٍ واحدٍ واقامتين.

7- أن يوجّه قلبَه نحو الحق تعالى ويحمد اللَّه ويهلّله ويمجده ويثني عليه ثم يقول مائة مرة:

(اللَّهُ أَكبر)

ويقرأ سورة التوحيد مائة مرة، ويدعو ما شاء ويعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم ويقرأ هذا الدعاء:

«اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَشاعِرِ كُلِّها فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلَالِ وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالإْنْسِ. اللَّهُمَّ لا تَمْكُرْ بِي وَلا تَخْدَعْنِي وَلا تَسْتَدْرِجْنِي يا أَسْمَعَ السّامِعينَ وَيا أَبْصَرَ النّاظِرينَ وَيا أَسْرَعَ الْحاسِبينَ وَيا أَرْحَمَ الراحِمينَ أَسأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَفْعَلَ مناسك الحج، ص: 226

بِى كَذا وَ كَذا ...»

ويذكر حاجته ثم يرفع يديه إلى السماء ويقول:

«اللّهُمَّ حاجَتِى إِلَيْكَ الَّتي إِنْ أَعْطَيْتَنِيها لَمْ يَضُرُّنِي ما مَنَعْتَنِي وَإِنْ مَنَعْتَنيها لَمْ يَنْفَعْنِي ما أَعْطَيْتَنِي أَسأَلُكَ خَلاصَ رَقَبَتِي مِنَ النّارِ، اللّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَمِلْكُ ناصِيَتِي بِيَدِكَ وَأَجَلِي بِعِلْمِكَ أَسأَلُكَ أَنْ تُوَفِّقِني لِما يُرضِيكَ عَنِّي وَأَنْ تُسَلِّمَ مِنِّي مَناسِكِي الَّتي أَرَيْتَها خَليلَكَ إِبْراهِيمَ صَلَواتُ اللَّهِ عَليْهِ وَدَلَلتَ عَلَيها نَبِيَّكَ مُحَمَّداً صَلّى اللَّهُ عَلَيهِ وَ آلهِ، اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ رَضِيتَ عَمَلَهُ وَأَطَلْتَ عُمْرَهُ وأَحيَيتَهُ بَعْدَ المَوتِ».

8- ثم يقرأ هذا الدعاء:

«لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاشَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيُمِيتُ وَيُحْيِي وَهُوَ حَيٌّ لايَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمدُ كالّذِي تَقُولُ وَخَيْراً مِما نَقُولُ وَفَوْقَ ما يَقُولُ القائِلُونَ اللَّهُمَ مناسك الحج، ص: 227

لَكَ صَلاتِي ونُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَماتِي وَلَكَ تُراثِي (بَراءَ تي خ ل) وَبِكَ حَوْلِي وَمِنْكَ قُوَّتِي اللَّهُمَّ إِنَّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَمِنْ وَساوِسِ الصُّدُورِ وَمِنْ شَتاتِ الْامْرِ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ إِنَّي أَسأَلُكَ مِنْ خَيْرِ ما تَأْتِي بِهِ الرِّيَاحُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما تَأْتِي

بِهِ الرِّياحُ، وَأَسْأَلُكَ خَيْرَ اللَّيْلِ وَخَيْرَ النَّهارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُوراً وَفِي سَمْعِي نُوراً وَفِي بَصَرِي نُوراً وَفِي لَحْمِي وَدَمِي وَعظامِي وَعُرُوقِي وَمَقْعَدِي وَمُقامِي وَمَدْخَلِي وَمَخْرَجِي نُوراً وَأَعْظِمْ لِي نُوراً يَا رَبِّ يَوْمَ أَلْقَاكَ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ.»

ولا يقصر في هذا اليوم ما قدر في الانفاق وإعطاء الصدقة.

وأيضا يتوجّه إلى القبلة ويقول (سُبْحانَ اللَّهِ) مائة مرة و (اللَّهُ أَكْبَرُ) مائة مرة، ويقرأ هذا الدعاء:

«ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيي وَ

مناسك الحج، ص: 228

يُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَي ءٍ قَدِيرٌ».

9- ثم يستقبل الكعبة ويقول هذه الاذكار:

(الْحَمْدُ لِلَّهِ)

مائة مرة.

(اللَّهُ أَكْبَرُ)

مائة مرة.

(ما شاءَ اللَّهُ وَلَا قُوَّهَ إِلَّا بِاللَّهِ)

مائة مرة:

و «أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحيي وَيُمِيتُ وَيُمِيتُ وَيُحْيي وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَي ءٍ قَدِيرٌ»

. مائة مرة.

ثم يقرأ الايات العشر الأوائل من سورة البقرة ثم يقرأ سورة التوحيد ثلاث مرات، وآية الكرسي إلى الآخر:

ثم يقرأ هذه الآيات:

«إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ مناسك الحج، ص: 229

بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ* ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدينَ* وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ».

ثم يقرء سورة «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» وسورة «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ».

ثم يحمد اللَّه عزوجل على كل نعمةً أنعم بها عليه، ويذكر أنعمه واحدةً واحدةً ما احصى وعرف منها

ويحمده على ما أنعم عليه من أهلٍ ومالٍ ويحمد اللَّه على ما أبلاه ويقول:

«اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى نَعْمائِكَ الَّتي لا تُحْصى بِعَدَدٍ وَلا تُكافى بِعَمَلٍ».

ويحمده بكل آيةً ذكر فيها الحمدَ لنفسِه في القرآن ويسبّحه بكلِ تسبيح ذكر به نفسَه في القرآن، ويكبّره بكل تكبير كبر به نفسَه في القرآنِ ويهلّله بكلِّ تهليلٍ هَلَّلَ به مناسك الحج، ص: 230

نفسَه في القرآن ويصلّى على محمد وآل محمّد ويكثر منه ويجتهد فيه، ويدعو اللَّه عزوجل بكل اسم سمّى به نفسه في القرآن ويدعوه بأسمائه التي في آخر سورة الحشر وهي:

«اللَّهُ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ. الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ. لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبارُ الْمُتَكَبِّرُ الْخالِقُ الْبارِي ءُ الْمُصَوِّرُ».

ويقرأ هذا:

«أَسْأَلُكَ يا اللَّهُ يا رَحْمنُ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ وَأَسْأَلُكَ بِقُوَّتِكَ وَقُدْرَتِكَ وَعِزَّتِكَ وَبَجَمِيعِ ما أَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ وَبَجَمْعِكَ وَبَأَرْكانِكَ كُلَّها وَبِحَقِّ رَسُولِكَ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَبِاسْمِكَ الْأَكْبَرِ الْأَكْبَرِ وَبِاسْمِكَ الْعَظِيمِ الَّذِي مَنْ دَعاكَ بِهِ كانَ حَقّاً عَلَيْكَ أَنْ لا تُخَيِّبَهُ وَبِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الَذِي مَنْ دَعاكَ بِهِ كانَ حَقّاً عَلَيْكَ أَنْ لا تَرُدَّهُ وَأَنْ تُعْطِيَهُ ما سَأَلَ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي جَمِيعَ ذُنُوبِي فِي جَمِيعِ عِلْمِكَ فِيَّ».

مناسك الحج، ص: 231

ويطلب من اللَّه تعالى كل حاجة عنده. ويطلب من اللَّه سبحانه أن يوفّقه للحجّ في السّنة القادمة وكل سنة.

ويقول سبعين مرّة:

«أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ»

وسبعين مرّة:

(أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ رَبِّي وَأَتُوبُ إِلَيْهِ».

ثم يقرأ هذا الدعاء:

«اللَّهُمَّ فُكَّنِي مِنَ النارِ وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ الطَيِّبِ وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْانْسِ وَشَرَّ فَسَقَةِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ».

10- ويقولُ قبيل غروب الشمس:

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ وَمِنْ تَشَتُّتِ الأُمورِ وَمِنْ شَرِّ ما يَحْدُثُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَمْسى ظُلْمِي مُسْتَجِيراً بِعَفْوِكَ وَأَمْسى خَوْفِي مُسْتَجِيراً بِأَمانِكَ وَأَمْسى ذُنُوبِي مُسْتَجِيرةً

بِمَغْفِرَتِكَ وَأَمْسى ذُلِّي مُسْتَجِيراً بِعِزِّكَ وَأَمْسى وَجْهِي الْفانِي الْبالِي مُسْتَجِيراً بِوَجْهِكَ الْباقِي يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ وَيا أَجْوَدَ مَنْ أَعْطى جَلِّلْنِي بِرَحْمَتِكَ وَأَلْبِسْنِي عافِيَتَكَ مناسك الحج، ص: 232

وَاصْرِفْ عَنِّي شَرَّ جَمِيعِ خَلْقِكَ»

واعلم أنَّ الأدعية الواردة في هذا المكان الشريف كثيرة، وقراءة ما تيسر من الدعاء أمر مناسب ويُحبَّذَ كثيراً أن يُقرأ في هذا اليوم دعاءُ الصحيفة السجادية، ودعاء الامام الحسين سيد الشهداء عليه السلام والإمام زين العابدين سلام اللَّه عليه ثم يقول بعد غروب الشمس:

«اللَّهُمَّ لاتَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ هذَا الْمَوْقِفِ وَارْزُقْنِيهِ مِنْ قابِلٍ أَبَداً ما أَبْقَيْتَنِي وَاقْلِبْنِي الْيَوْمَ مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجَاباً لِي مَرْحُوماً مَغْفُوراً لِي بِأَفْضَلِ ما يَنْقَلِبُ بِهِ الْيَوْمَ أَحَدٌ مِنْ وَفْدِكَ وَحُجَّاجِ بَيْتِكَ الْحَرامِ وَاجْعَلْنِي الْيَوْمَ مِنْ أَكْرَمِ وَفْدِكَ عَلَيْكَ وَاعْطِنِي أَفْضَلَ ما أَعْطَيْتَ أَحَداً مِنْهُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ وَالْمَغْفِرَةِ وَبارِكْ لِي فِيما أرْجَعُ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ أَوْ مالٍ أَوْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَبارِكْ لَهُمْ فِيَّ.»

ويقول كثيراً:

«اللَّهُمَّ اعْتِقْنِي مِنَ النارِ».

***

مستحبات الوقوف بالمشعر

اعلم أنه يُستحب التوجّه من عرفات إلى المزد لفة في سكينة ووقار ويستغفر اللَّه، ويقول عند ما يصل إلى اليمين من التلّ الأحمر:

«اللَّهُمَّ ارْحَمْ تَوَقُّفَي وَزِدْهُ فِي عَمَلِي وَسَلِّمْ لِي دِينِي وَتَقَبَّلْ مَناسِكِي».

ويتوسّط في المشي، ولا يُؤذى أحَداً ويُستحب أن يؤخّر الإتيان بصلاة المغرب والعشاء إلى المزدلفة، وإن انقضى ثلثُ الليل أيضاً، ويجمع بين الصلاتين باذانٍ واحد وإقامتين ويأتي بنوافل المغرب بعد صلاة العشاء وان حصل مانع من أن يَصِلَ إلى المزدلفة قبل نصف الليل وجب أن يؤخّر صلاتي المغرب والعشاء، ويأتي بهما في وسط الطريق.

ويُستحب أن ينزل في وسط الوادى على يمين الطريق، وإذا كان حَجّة صرورةً (أي سفرته الاولى) استحبّ أن مناسك الحج، ص: 234

يطأ أرضَ المشعر بقدمه،

كما يُستحب أن يحيي تلك الليلة بما يتيسر من العبادات والطاعات الإلهية ويقرأ هذا الدعاء:

«اللَّهُمَّ هذِهِ جَمْعٌ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْمَعَ لِي فِيها جَوامِعَ الْخَيْرِ اللَّهُمَّ لا تُؤْيِسْنِي مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي سَأَلْتُكَ أَنْ تَجْمَعَهُ لِي فِي قَلْبِي وَأَطْلُبُ إِلَيْكَ أَنْ تُعَرِّفَنِي ما عَرَّفْتَ أَوْلِيائَكَ فِي مَنْزِلِي هذا وَأَنْ تَقِيَنِي جَوامِعَ الشَّرِّ».

ويُستحب- بعد صلاة الفجر- أن يحمد اللَّه ويثني عليه على طهارة، ويذكر ما تيسّر من نعم اللَّه وتفضّلاته ويصلي على محمّدٍ وآل محمّد ثم يدعو. وقال بعضٌ بوجوب ذلك.

ويقرأ هذا الدعاء أيضاً:

«اللَّهُمَّ رَبَّ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ فُكَّ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وَأَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلَالِ الطَّيِّبِ وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالإْنْسِ. اللَّهُمَّ أَنْتَ خَيْرُ مَطْلُوبٍ إِلَيْهِ وَخَيْرُ مَدْعُوٍّ وَخَيْرُ مَسْؤُلٍ وَلِكُلِّ وَافِدٍ جائِزَةٌ فَاجْعَلْ جائِزَتِي فِي مَوْطِنِي هذا أَنْ تُقِيلَني عَثْرَتِي وَتَقْبَلَ مناسك الحج، ص: 235

مَعْذِرَتِي وَأنْ تَتَجاوَزَ عَنْ خَطِيئَتِي ثُمَّ اجْعَلِ التَّقْوى مِنَ الدُّنْيَا زادِي».

ويُستحب التقاط الحصيات الصغار التي يريد أن يرميها في منى من المشعر الحرام ومجموعها سبعون حصاة.

ويستحب السعي في وادي محسَّر بمقدار مائة خطوة سريعاً عند الذهاب من المزدلفة إلى منى والوصول إلى ذلك الوادي، هذا إن كان راجلًا، وأما إذا كان راكباً فيحرّك مركوبَه ويقول:

«اللَّهُمَّ سَلِّمْ لِي عَهْدِي وَاقْبَلْ تَوْبَتِي وَأَجِبْ دَعْوَتِي وَاخْلُفْنِي فِيمَنْ تَرَكْتُ بَعْدِي».

مستحبات رمي الجمار

يُستحبُّ في رمي الجمار عدة امور هي:

1- أن يكون على طهارة حال الرمي.

2- أن يقرأ الدعاء الآتي والحصى في يده:

«اللَّهُمَّ هذِهِ حَصَياتِي فَأَحْصِهِنَّ لِي وَارْفَعْهُنَ مناسك الحج، ص: 236

فِي عَمَلِي».

3- أن يكبر مع رمي كل حصاة.

4- أن يقرأ هذا الدعاء حينما يرمي الحصاة.

«اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ ادْحَرْ عَنِّي الشَّيْطانَ اللَّهُمَّ تَصْدِيقاً بِكِتابِكَ وَعَلى سُنَّةِ نَبِيِّكَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِي حَجّاً مَبْرُوراً وَعَمَلًا مَقْبُولًا وَسَعْياً مَشْكُوراً

وَذَنْباً مَغْفُوراً».

5- أن يكون بينه وبين الجمرة قدر عشرة أو خمسة عشرة ذراعاً. أما الاولى والوسطى فيقف عندها.

6- أن يستقبل الجمرة في «العقبة» ويَستدبر القبله، وأما في الاولى والوسطى فيستقبل عند رميهما القبلة.

7- أن يضع الحصاة على إبهامه ويرميها بالإصبع السبّابة.

8- أن يقرأ هذا الدعاء بعد العودة إلى مكانه في منى:

«اللَّهُمَّ بِكَ وَثِقْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ فَنِعْمَ الرَّبُّ وَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ».

مستحبات الاضحية

يُستحب في الاضحية امور:

1- أن تكون الاضحية بعيراً- عند التمكن- وفي صورة عدم التمكن بقرة، وإلّا شاة.

2- أن تكون الاضحية سمينة.

3- أن تكون من اناث الإبل أو البقر أو الذكران من الغنم أو المعز.

4- أن ينحر الإبل وهي واقفة، بعد أن يعقل يديها، ويقف الناحر على يمين الاضحية، ويطعن بسكينه أو رمحه أو خنجره في لبتها ويقرأ هذا الدعاء عند النحر:

«وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلّذي فَطَرَ السَماواتِ والأرضَ حَنيفاً مُسْلِماً وَما أنا مِن المُشْرِكِينَ إِنّ صَلاتِي ونُسُكِي ومَحْياي وَمَماتِي للَّهِ رَبِّ العالمينَ لا شَرِيْكَ لَهُ وبِذلِكَ أُمرْتُ وأنا مِنَ المُسلمين. اللّهُمَ مناسك الحج، ص: 238

مِنْكَ وَلَكَ بِسم اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنّي».

5- أن يتولى بنفسه ذبح اضحيته إذا أمكنه ذلك، وإذا لم يمكنه ذلك يضع يده على يد الذابح.

مستحبات الحلق

يستحب في الحلق عدة امور:

1- أن يبدأ بالحلق من قرنه الأيمن (أي الجانب الايمن من مقدّم رأسه) ويقرأ هذا الدعاء:

«اللَّهُمَّ اعْطِنِي بِكُلِّ شَعْرَةٍ نُوراً يَوْمَ الْقِيامَةِ».

2- ان يدفن شعر راسه في منى في خيمته.

والأولى أن يقصَّ أطراف لحيته وشاربه بعد الحلق، كما ويقلّم أظفاره.

مستحبات طواف الحج وصلاته والسعي

ما ذَكِرَ من المستحبات في طواف العمرة وصلاته مناسك الحج، ص: 239

والسعي جار هنا أيضا.

ويستحب لمن يأتي إلى مكة للإتيان بطواف الحج أن يأتي يوم عيد الأضحى، فيقف على باب المسجد ويقرأ هذا الدعاء:

«اللَّهُمَّ أعِنّي عَلى نُسُكِكَ وسَلِّمْنِي لَهُ وسَلِّمْهُ لِي أسْأَلُكَ مَسْألَةَ العَلَيل الذَليلِ المُعْتَرِفِ بِذَنْبِهِ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي وأنْ تُرْجعَنِي بحاجَتِي اللَّهُمَّ إِنّي عَبْدُكَ والبَلْدُ بَلَدُكَ والبَيْتُ بَيْتُكَ جئْتُ أطْلِبُ رَحْمَتَكَ وأؤُمُ طاعَتَكَ مُتَّبِعاً لأمرِكَ راضِياً بِقَدَرِكَ أسْأَلُكَ مَسْألَةَ الْمُضْطَرِّ إِلَيْكَ المُطيعُ لأمْرِكَ المُشْفِقُ مِنْ عَذابِكَ الخائِفُ لِعُقُوبَتِكَ أَنْ تُبَلِّغنِي عَفْوَكَ وتُجِيرَنِي مِنَ النارِ بِرَحْمَتِكَ».

ثم يأتي عند الحجر الأسود ويستلمه ويقبّله وإذا لم يمكن تقبيله مسح بيده عليه، ثم قبّل يده، وإذا لم يمكن ذلك أيضاً وقف أمام الحَجَر الأسود وكبّر، ثم أتى بعد ذلك بما قد أتى به في طواف العمرة.

مستحبّات منى

إعلم أنه يستحب للحاجّ أن يبقى في منى اليوم الحادى عشر والثاني عشر والثالث عشر بل ويُستحب عدم الخروج من منى حتى للطواف.

كما يستحب التكبير في منى عقيب خمس عشرة صلاة، وفي غير منى عقيب عشر صلوات أولها صلاة الظهر من يوم العيد، وقد ذهب البعضُ إلى وجوب ذلك، والأولى في كيفية التكبير ان تكون هكذا:

«اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لا إِلهَ إِلّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، واللّه أَكْبَرُ وَ لَهُ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلى ما هَدانا اللَّهُ أَكْبَرُ عَلى ما رَزَقَنا مِنَ بَهيِمَةِ الأَنعامِ وَالْحَمْدُللَّهِ عَلى ما أَبْلانا.»

ويُستحب أن يأتي بصلواته اليومية الواجبة وكذا النوافل في مسجد الخيف ما دام يقيم بمنى

وجاء في الحديث أن مائة ركعة من الصلاة في مسجد

مناسك الحج، ص: 241

الخيف تعادل عبادة سبعين سنة، وأن كلّ من قال «سُبْحانَ اللَّهِ»

مائة مرّة كان ثوابُه يعادل ثواب عتق

رقبة وكل من قال- هناك- مائة مرة

(لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ)

عادل ثوابه ثوابَ من أحيى نفساً.

ومَن قال مائة مرة

(وَالْحَمْدُ لِلَّهِ)

عادَلَ ثوابُهُ ثوابَ من تصدّق بخراج العراقين في سبيل اللَّه.

مستحبات اخرى لمكة المكرمة

الآداب والمستحبات الاخرى لمكة المكرمة عبارة عن الامور التالية:

1- ذكر اللَّه كثيراً وقراءة القرآن.

2- ختم القرآن مرة واحدة في مكة.

3- الشراب من ماء زمزم، وقراءة الدعاء التالي بعد الشرب:

«اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عِلْماً نافِعاً وَرِزْقاً واسِعاً وَشِفاءً مِنْ مناسك الحج، ص: 242

كُلِّ داءٍ وَسُقْمٍ».

وأن يقول أيضاً:

«بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَالشُّكْرُ لِلَّهِ».

4- النظر الي الكعبة.

5- الطواف عشر مرّات كل يوم وليلة في أول الليل ثلاث طوافات، وفي آخر الليل ثلاث طوافات وبعد الفجر طوافان، وبعد الظهر طوافان.

6- الإتيان بثلاثمائة وستين طافاً بعدد أيام السنة عند التوقف في مكة وإذا لم يمكن ذلك يأتي باثنين وخمسين طوافاً، وإذا تعذر ذلك أيضاً يأتي بما يقدر من الطواف.

7- يستحب للصرورة أن يدخلَ داخل الكعبة المعظمة، ويُستحب أن يغتسل قبل دخولها، وأن يقول عند الدخول:

«اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً فامِنِّي مِنْ عَذابِ النارِ».

ثم الإتيان بركعتين من الصلاة يقرأ في الركعة الاولى بعد

مناسك الحج، ص: 243

الحمد سورة (حم السجدة) وفي الركعة الثانية بعدالحمد سورة واحدة وخمسين آية من موضع من مواضع القرآن بين العمودين على الصخرة الحمراء.

8- الإتيان بركعتين من الصلاة في كل زواية من زوايا الكعبة المعظمة، ثم يقرأ الدعاء التالي بعد هذه الصلاةَ:

«اللّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ أَوْ تَعَبّأَ أَوْ أَعَدَّ أَوْ اسْتَعَدَّ لِوَفادَةٍ إلى مَخْلُوقٍ رَجاءَ رِفْدِهِ وَجائِزَتِهِ وَنَوافِلِهِ وَفَواضِلِهِ فَإِلْيَكَ يا سَيّدِي تَهْيِئَتِي وَتَعْبِئَتِي وَإِعْدادِي وَإِسْتتِعْدادِي رَجاءَ رِفْدِكَ وَنَوافِلِكَ وَجائِزَتِكَ فَلا تُخَيِّبْ اليَوْمَ رَجائِي يا مَنْ لا يَخيِبُ عَلَيْهِ سائلٌ وَلا يَنْقُصُهُ نائِلٌ فَإِنِّي لَمْ آتِكَ الْيَوْمَ بِعَمَلٍ صالِحٍ قَدَّمْتُهُ وَلا شَفاعَةِ

مَخْلُوقٍ رَجَوْتُهُ وَلكِنِّي أَتَيْتُكَ مُقِرّاً بِالظّلمِ وَالإِساءَ ةِ عَلى نَفْسِى فَإِنّهُ لا حُجّةَ لِى وَلا عُذْرَ فَأَسَالُكَ يا مَنْ هُوَ كَذلِكَ أَنْ تُصِلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَتُعْطِيَنِي مَسْألَتِي وَتَقْلِبَنِي بِرَغْبَتي وَلا تَرُدِّنِي مَجْبُوهاً مَمْنُوعاً وَلا خائِباً يا عَظِيمُ يا

مناسك الحج، ص: 244

عَظِيمُ يا عَظِيمُ أَرْجُوكَ لِلْعَظِيِمِ أَسْالَكَ يا عَظيِمُ أَنْ تَغْفِرَ لِيَ الذَّنْبَ الْعَظيمَ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ».

ويُستحَبُّ- عند الخروج من الكعبة المعظمة- أن يقول ثلاث مرات:

(اللَّهُ أَكْبَرُ)

ثم يقول:

«اللَّهُمَّ لا تَجْهَدْ بَلاءَ نا رَبَّنا وَلا تُشْمِتْ بِنا أَعْداءَ نا فَإِنَّكَ أَنْتَ الضارُّ النافِعُ».

ثم ينزل ويجعل السُلَّم على طرفه الأيسر ويستقبل الكعبة ويصلي عند السُلّم ركعتين.

طواف الوداع

اعلم أنه يُستحب لمن يريد أن يخرج من مكة أن يطوف طوافَ الوِداع، وأن يستلم الحَجَر الأسود والركن اليمانى في كلّ شوطٍ إن أمكن، وعند ما يصل إلى المستجار يأتي بالمستحبات التي ذكرناها لهذا المكان فيما سبق ويلصق بطنَه بالكعبة المعظمة ويضع يداً على الحَجَر الاسود ويداً على باب الكعبة ويحمد اللَّه تعالى ويثني عليه ويصلّى على النّبي مناسك الحج، ص: 245

وآله ويقرأ هذا الدعاء:

«اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَأَمينِكَ وَحَبيبِكَ وَنَجِيبِكَ وَخَيْرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ اللّهُمَّ كَما بَلَّغَ رِسالاتِكَ وَجاهَدَ فِي سَبيلِكَ وَصَدَعَ بِأَمْرِكَ وَاوذِيَ فِي جَنْبِكَ وَعَبَدكَ حَتى أَتاهُ الْيَقِينُ اللّهُمَّ أقلِبْنِي مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجاباً بِأَفْضَلِ ما يَرْجَعُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ وَفْدِكَ مِنَ المَغْفِرَةِ وَالبَرَكِةِ وَالرَّحْمَةِ وَالرِّضوانِ وَالعافِيَةِ.»

ويستحب- عند الخروج- أن يخرج من باب الحناطين الذي يحاذى الركن الشاميّ وأن يطلب من اللَّه تعالى التوفيق للعودة، وأن يشتري عند الخروج دِرهماً من التمر ويتصدّق به على الفقراء.

***

زيارة الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم

«السَّلامُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا حَبِيبَ اللَّهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا صَفوَةَ اللَّهِ، السّلامُ عَلَيكَ يا أمينَ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ نَصَحْتَ لِامَّتِكَ وَجاهَدْتَ فِي سِبيلِ اللَّهِ وَعَبَدْتَهُ حَتّى أَتاكَ اليَقِينُ، فَجَزاكَ اللَّهُ أَفْضَلَ ما جَزى نَبِيّاً عَنْ امَّتِهِ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَفْضلَ ما صَلَّيتَ علَى إِبراهِيمَ وَآلِ إِبراهِيمَ إِنَّكَ حمِيدٌ مَجِيدٌ»

زيارة الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام ابنة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم

يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنِكِ اللَّهُ الَّذي خَلَقكِ قَبْلَ أَنْ مناسك الحج، ص: 247

يَخْلُقَكِ فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً وَزَعَمْنا أَنا لَكِ أَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما أَتانا بِهِ أَبُوكِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَ أَتانا بِهِ وَصِيُّهُ عَلَيهِ السَّلامُ فِإِنا نَسْأَلُكَ إِنْ كُنا صَدَّقْناكِ إِلَّا أَلْحَقِتِنا بِتَصْدِيقِنا لَهُما (بِالبُشرى خ ل) لِنَبَشِّرَ أَنْفُسَنا بِأَنا قَدْ طَهُرْنا بِوِلايَتِكِ».

***

الزيارة الجامعة

السَّلامُ عَلَى أَولِياءِ اللَّه وأَصْفِيائِهِ، السَّلامُ عَلَى امَناءِ اللَّهِ وأَحِبائِهِ، السَّلامُ عَلَى أَنْصارِ اللَّهِ وَخُلَفائِهِ، السَّلامُ عَلَى مَحالِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَى مَسَاكِنِ ذِكْرِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَى مُظْهِرِي أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ، السَّلامُ عَلَى الدُّعَاةِ إِلى اللَّهِ، السَّلامُ عَلَى المُسْتَقِرِّينَ فِي مَرضاةِ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَى المُخْلِصِينَ فِي طاعَةِ اللَّه، السَّلامُ عَلَى الأدِلّاءِ عَلى للَّهِ، السَّلامُ عَلَى الَّذينَ مَنْ مناسك الحج، ص: 248

والاهمْ والَى اللَّهَ وَمَنْ عاداهُمْ فَقَدْ عادَى اللَّهَ وَمَنْ عَرَفَهمْ فَقَدْ عِرَفَ اللَّهَ وَمَنْ جَهِلَهُمْ فَقَدْ جَهِلَ اللَّهَ وَمنْ اعْتَصَمَ بِهِمْ فَقَدْ اعْتَصَمَ باللَّهِ وَمَنْ تَخَلّى مِنْهُمْ فَقَدْ تَخَلَّى مِنَ اللَّهَ، اشْهِدُ اللَّهَ إِنِّي سِلمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ مُؤمْنٌ بِسِرِّكُمْ وَعَلانِيتَكُمْ مُفَوِّضٌ فِي ذَلِكَ كُلَّهُ إِلَيكُمْ لَعَنَ اللَّهُ عَدُوَّ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الجِنِ والإِنْسِ مَنَ الأَولِينَ وَالآخَرِينَ وَأَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْهُمْ وَصَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٌ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ».

***

دعاى امام حسين عليه السلام درروزعرفه

بِسْمِ اللَّهِ الرّحمنِ الرَّحيمِ الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضآئِهِ دافِعٌ، وَلا لِعَطائِهِ مانِعٌ، وَلا كَصُنْعِهِ صُنْعُ صانِعٍ، وَهُوَ الْجَوادُ الْواسِعُ، فَطَرَ أَجْناسَ الْبَدائِعِ، وَأَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ الصَّنائِعَ، لاتَخْفى عَلَيْهِ الطّلائعُ، وَلا تَضِيعُ عِنْدَهُ الْوَدائِعُ، جازي كُلِّ صانِعٍ، وَرائِشُ كُلِّ قانِعٍ، وَراحِمُ كُلِّ ضارِعٍ، مُنْزِلُ الْمَنافِعِ وَالْكِتابِ الجامِعِ بِالنُّورِ الساطِعِ، وهو لِلدَّعَواتِ سامِعٌ، وَلِلْكُرُباتِ دافِعٌ وَلِلدَّرَجاتِ رافِعٌ، وَلْلجِبابِرَةِ قامِعٌ، فَلا إِلهَ غَيْرُهُ،

مناسك الحج، ص: 250

وَلا شْي ءَ يَعْدِلُهُ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ، وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيرُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، وَهْوَ عَلى كُلِّ شَي ءٍ قَديرٌ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ وَأَشْهَدُ بالرَّبُوبِيَّةِ لَكَ مُقِرَّاً بِأَنَّكَ رَبِّي وأَنَّ إِلَيْكَ مَرَدّي، إِبْتَدَأتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوْراً، خَلَقْتَنِي مِنَ التّرابِ ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي الأصْلابَ آمِناً لِرَيْبِ الْمَنوُنِ، وَاخْتِلافِ الدُّهُورِ وَالسِّنينَ، فَلَمْ أَزَلْ. ظاعِناً مِنْ صُلْبِ إِلى رَحِمٍ فِي تَقادُمٍ مِنَ الأيامِ الماضِيَةِ وَالقُرُونِ الْخالِيَةِ لَمْ

تُخْرِجْنِي لِرَأفَتِكَ بِي وَلُطْفِكَ لِي (بي خ ل) وَإِحْسانِكَ إِلَيَّ فِي دَوْلَةِ أَئمَّةِ الْكْفْرِ الَّذِينَ مناسك الحج، ص: 251

نَقَضُوا عَهْدَكَ وَكَذَّبُوا رُسْلَكَ لكِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي (رَأَفَة مِنّك وتَحنُّناً علَيّ خ ل) لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الهُدَى الَّذِي لَهُ يَسَّرْتَنِي وَفِيهِ أَنْشَأتَنِي، وَمِنْ قَبْلِ ذلِكَ رَؤُفْتَ بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ وَسَوابِغِ نِعَمِكَ فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى وَأَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ بَيْنَ لَحْمِ وَدَمٍ وَجِلْدٍ (تُشهِرِنِي بِخلقِي خ ل) لَمْ تُشْهِدْنِي خَلْقِي، وَلَمْ تَجْعَلْ إِلَيَّ شَيْئاً مِنْ أَمْري، ثُمَّ أَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لي مِنَ الْهُدى إِلَى الدُّنْيا تامّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَنِي فِي الْمَهْدِ طِفْلًا صَبِيّاً، وَرَزْقَتِني مِنَ الْغِذاءِ لَبَناً مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الْحَواضِنِ، وَكَفَّلْتَنِي الأُمَّهاتِ الرَّواحِمَ (الرَّحائِم خ ل)

مناسك الحج، ص: 252

وَكَلأَتَنِي مِنْ طَوارِقِ الجآنِّ، وَسَلَّمْتَنِي مِنَ الزِّيادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَتَعالَيْتَ يا رَحِيمُ يا رَحْمنُ حَتّى إذَا اسْتَهْلَلْتُ ناطِقاً بِالْكَلامِ أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوابِغَ الإِنعامِ، وَرَبَّيْتَنِي زائِداً فِي كُلِّ عامٍ حَتّى إذَا إكْتَمَلَتْ فِطْرَتِي وَاعْتَدَلَتْ مِرَّتِي (سَرِيرَتِي خ ل) أَوْجَبْتَ عَليَّ حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلهْمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ وَرَوَّعْتَنِي بِعَجائِبِ حِكْمَتِكَ (فِطرَتِك خ ل) وَأَيْقَظْتَنِي لِما ذَرَأْتَ فِي سَمائِكَ وَأَرْضِكَ مِنْ بدائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَنِي لِشُكْرِكَ وَذِكْرِكَ، وَأَوْجَبْتَ عَلَيَّ طاعَتَكَ وَعِبادَتَكَ، وَفَهَّمْتَنِي ما جاءَ تْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ مناسك الحج، ص: 253

ذلِكَ بِعَوْنِكَ وَلُطْفِكَ، ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ خَيْرِ (حِرِّ خ ل) الثّرى لَمْ تَرْضَ لِي يا إِلهي نِعْمَةً (بِنِعمِةٍ خ ل) دُونَ اخرْى وَرَزَقْتَنِي مِنْ أَنْواعِ المَعاشِ وَصُنُوفَ الرِّياشِ بِمَنِّكَ الْعَظِيمِ الأعْظَمِ عَلَيَّ وَإِحْسانِكَ الْقَدِيمِ إِلَيَّ حَتّى إِذا أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ وَصَرَفْتَ عَنِّي كُلّ النِّقَمِ لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وَجُرْأَتِي عَلَيْكَ أَنْ دَلَلْتَنِي إلى (عَلى خ ل) ما يُقَرّبُنِي إِلَيْكَ، وَوَفَّقْتَنِي لِما يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ،

فَانْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي، وَإِنْ سَأَلْتُكَ أَعْطَيْتَنِي، وَإِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي، وَإِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنِي كُلَّ ذلِكَ إِكْمالًا (اكمالٌ خ ل) لأَنْعُمِكَ عَلَيَّ وَإِحْسانِكَ إِلَيَّ، فَسُبْحانَكَ سُبْحانَكَ مِنْ مُبْدِي ءٍ

مناسك الحج، ص: 254

مُعيدٍ حَمِيدٍ مَجِيدٍ تَقَدَّسَتْ أَسْماؤُكَ، وَعَظُمَتْ الآءُ كَ، فَأَيُّ نِعَمِكَ يا إِلهِي احْصِي عَدَداً وَذِكرْاً أَمْ أَيُّ عَطاياكَ أَقُومُ بِها شُكْراً وَهِيَ يا رَبِّ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا الْعادُّونَ، أَوْ يَبْلُغَ عْلِماً بِهَا الْحافِظُونَ ثُمَّ ما صَرَفْتَ وَدَرأتَ عَنِّي اللَّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرّآءِ أَكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ العافِيَةِ وَالسَّرَّاءِ، وَأَنَا أَشْهَدُ يا إِلهي بِحَقِيقَةِ إِيمانِي وَعَقْدِ عَزَماتِ يَقينِي، وَخالِصِ صَريِحِ تَوْحِيدِي، وَباطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي، وَعَلائِقِ مَجارِي نُورِ بَصَرِي، وَأَسارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِي، وَخُرْقِ مَسارِبِ نَفْسِي (نَفَسي خ ل)، وَخَذارِيفِ مَارِنِ عِرنِينِي،

مناسك الحج، ص: 255

وَمَسارِبِ صِماخِ (سِماخَ خ ل) سَمْعِي وَما ضُمَّتْ وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتاي وَحَرَكاتِ لَفْظِ لِسانِي، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي وَفَكِّي، وَمَنابِتِ أَضْراسِي، وَمَساغِ مَطْعَمِي وَمَشْرَبِي، وَحِمالَةِ امّ رَأْسِي، وَبَلُوعِ فارِغِ حَبائِلِ عُنْقِي، وَمَا إشْتَمَلَ عَلَيْهِ تامُورُ صَدْرِي وَحَمائِلِ (جُمِلِ خ ل) حَبْلِ وَتِينِي وَنِياطِ حِجَابِ قَلْبِي، وَأَفْلاذِ حَواشِي كَبِدِي، وَما حَوَتْهُ شَراسيفُ أَضْلاعِي، وَحِقاقُ مَفاصِلي، وَقَبْضُ عَوامِلِي، وَأَطْرافُ أَنامِلِي، وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعْرِي وَبَشَرِي وَعَصَبِي وَقَصَبِي وَعِظامِي وَمُخّي وَعُرُوقِي وَجَمِيعِ جَوارِحِي وَمَا انْتَسَجَ عَلى ذلِكَ مناسك الحج، ص: 256

أَيَّامَ رِضاعِي، وَما أَقَلَّتِ الأَرْضُ مِنِّي وَنَوْمِي وَيَقْظَتِي وَسُكُونِي وَحَرَكاتِ رُكُوعِي وَسُجودِي أَنْ لَوْ حاوَلْتُ وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الأْعْصارِ وَالأَحْقابِ لَوْ عُمِّرْتُها أَنْ أُؤَدِّيَ شُكْرَ واحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذلِكِ إِلّا بِمَنِّكَ الْمُوجَبِ عَلَيَّ بِهِ شُكْرَكَ أَبَداً جَدِيداً وَثَناءً طارِفاً عَتِيداً أَجَلْ وَلَوْ حَرَصْتُ أَنَا وَالْعادُّونَ مِنْ أَنامِكَ أَنْ نُحْصِيَ مَدى إِنْعامَكَ سالِفِهِ (سالفةً خ ل) وَآنِفِهِ (آنفةً خ ل) ما حَصَرْناهُ عَدَداً، وَلا أحْصَيْناهُ أَمَداً، هَيْهاتَ أَنّى ذلِكَ

وَأَنْتَ المُخْبِرُ فِي كِتابِكَ النّاطِقِ وَالنَّبَاءِ الصادِقِ «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاتُحْصوْها» صَدَقَ كِتابُكَ مناسك الحج، ص: 257

اللَّهُمَّ وَإِنْبآؤُكَ، وَبَلَّغَتْ أَنْبِياؤُكَ وَرُسُلُكَ ما أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَحْيِكَ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دِينِكَ غَيْرَ أَنِّي يا إِلهي أَشْهَدُ بِحُهْدِي وَجِدّي وَمَبْلَغِ طاعَتِي (طاقَتِي خ ل) وِوُسْعِي، وَأَقولْ مُؤمِناً مُوقِناً الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَ مَورُوثاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيْكٌ فِي مُلْكِهِ فَيُضادُّهُ فِيَما إبْتَدَعَ، وَلا وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ فَيُرْفِدَهُ (فيُرفِدَه خ ل) فِيما صَنَعَ، فَسُبْحانَهُ سُبْحانَهُ لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتا، سُبْحانَ اللَّهِ الْواحِدِ الأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدُ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، الْحَمْدُ للَّهِ حَمْداً يُعادِلُ حَمْدَ مَلائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيآئِهِ مناسك الحج، ص: 258

الْمُرْسَلَينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلى خِيرَتِهِ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الطَّيِبينَ الطّاهِرِينَ الُمخْلِصينَ وَسَلَّمَ»

ثمّ اندفع في المسألة والدعاء وقال وعيناه تنهمر بالدموع:

«اللَّهُمَّ إجْعَلْنِي أَخْشاكَ كَأَنِّي أَراكَ، وَأَسْعِدْنِي بِتَقْواكَ، وَلا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ، وَخِرْ لِي فِي قَضائِكَ، وَبارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ حَتّى لااحِبَّ تَعْجِيلَ ما أَخَّرْتَ وَلا تأخْيرَ ما عَجَّلْتَ، اللَّهُمَّ إجْعَلْ غِنايَ فِي نَفْسِي، وَالْيَقِينَ فِي قَلْبِي، وَالاخْلاصَ فِي عَمَلِي، وَالنّورَ فِي بَصَرِي، وَالْبَصيرَةَ فِي دِينِي، وَمَتِّعْنِي بِجِوارِ حِي، وَاجْعَلْ سَمْعِي وَبَصَرِي الْوارِثَيْنِ مِنّي، وَانْصُرْنِي عَلى مناسك الحج، ص: 259

مَنْ ظَلَمَنِي، وَأَرِنِي فِيهِ ثارِي وَمأرِبِي، وَأَقِرَّ بِذلِكَ عَيْنِي.

اللَّهُمَّ إِكْشِفْ كُرْبَتِي، وَاسْتُرْ عَوْرَتِي، وَاغْفِرْ لِي خَطيئَتِي، وَاخْسَأ شَيْطانِي، وَفكَّ رِهانِي وَاجْعَلْ لِي يا إِلهِي الدَّرَجَةَ الْعُلْيا فِي الآخِرَةِ وَالأُولى اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَميعاً بَصيراً، وَلَكَ الْحَمْدُ كَما خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي خَلقْاً (حيّاً خ ل) سَوِيّاً رَحْمَةً بِي وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً، رَبِّ بِما بَرَأتَنِي فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِي، رَبِّ بِما أَنْشَأتَنِي فَاحْسَنْتَ صْورَتِي، رَبِّ بِما

أَحْسَنْتَ إلَيَّ (بي خ ل) وَفِي نَفْسِي عافَيْتَنِي رَبِّ بِما كَلأْتَنِي وَوَفَّقْتَنِي، رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَهَدَيْتَنِي، رَبِّ بِما أَوْلَيْتَنِي وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَعْطَيْتَنِي، رَبِّ بِما أَطْعَمْتَنِي مناسك الحج، ص: 260

وَسَقَيْتَنِي، رَبِّ بِما أَغْنَيْتَنِي وَأَقْنِيْتَنِي، رَبِّ بِما أَعَنْتَنِي وَأَعْزَزْتَنِي، رَبِّ بِما أَلْبْسْتَنِي مِنْ سِتْرِكَ الصافِي وَيَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الْكافِي صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعِنّي عَلى بَواثِقِ الدُّهُورِ وَصُرُوفِ الَّليالِي وَالأيامِ وَنَجِّنِي مِنْ أَهْوالِ الدُّنْيا وَكُرُباتِ الآخِرَةِ وَاكْفِنِي شَرَّ ما يَعْمَلُ الظالِمُونَ فِي الأرْضِ، اللَّهُمَّ ما أَخافُ فَاكْفِني، وَما أَحْذَرُ فَقِنِي، وَفِي نَفْسِي وَدِينِي فَاحْرُسْنِي، وَفِي سَفَرِي فاحْفَظْنِي، وَفِي أَهْلِي وَمالِي فَاخْلُفْنِي، وَفِيما رَزَقْتَنِي فَبارِكْ لِي، وَفِي نَفْسِي فَذَلِّلْنِي، وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالإنْسِ فَسَلِّمْنِي، وَبِذْنُوبِي فَلا تَفْضَحْنِي،

مناسك الحج، ص: 261

وَبِسَرِيْرَتِي فَلا تُخْزِنِي، وَبِعَمَلِي فَلا تَبْتَلْنِي، وَنِعَمِكَ فَلا تَسْلُبْنِي، وَإِلى غَيْرِكَ فَلا تَكِلْنِي، إِلهي إِلى مَنْ تَكِلْنِي إِلى قَرِيْبٍ فَيَقْطَعُنِي، أَمْ إِلى بَعِيْدٍ فَيَتَجَهَّمُنِي، أَمْ إِلَى الْمُسْتَضْعَفينَ لِي وَأَنْتَ رَبِّي وَمَلِيكِ أَمْري أَشْكو إِلَيْكَ غُرْبَتِي، وَبُعْدَ دارِي، وَهَوانِي على مَنْ مَلَّكتَهُ أَمْرِي، إِلهي فَلا تُحْلِلْ عَلَيَّ غَضَبَكَ فَانْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلا ابالِي، سُبْحانَكَ غَيْرَ أَنَّ عافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي، فَاسْأَلُكَ يارَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذي أَشْرَقَتْ لَهُ الارْضُ وَالسَّمواتُ وَكُشِفَتْ (وانكَشَفَتْ خ ل) بِهِ الظُّلُماتُ، وَصَلُحَ بِهِ أَمْرُ الاوّلِينَ وَالآخِرينَ أَنْ لاتُميتَني عَلى غَضَبِكَ مناسك الحج، ص: 262

وَلا تُنْزِلَ بِي سَخَطَكَ، لَكَ العُتْبى لَكَ، الْعُتْبى حَتّى تَرْضى قَبْلَ ذلِكَ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ رَبَّ الْبَلَدِ الحَرامِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ الَّذي أَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ وَجَعَلْتَهُ لِلناسِ أمْناً، يا مَنْ عَفا عَنْ عَظيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ، يا مَنْ أَسْبَغَ النَّعْمآءِ بِفَضْلِهِ، يا مَنْ أَعْطَى الجَزِيلَ بِكَرَمِهِ، يا عُدَّتي فِي شِدَّتِي، يا صاحِبِي فِي وَحْدَتِي

يا غِياثِي فِي كُرْبَتِي يا وَليّي نِعْمَتِي يا إِلهي وَإِلهَ آبائي إبرهيمَ وَإِسْماعيلَ وَإِسْحقَ وَيَعْقُوبَ وَرَبَّ جَبْرَئيلَ وَمِيكائِيلَ (ميكال خ ل) وَإِسَرافِيلَ وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِّيينَ وآلِهِ الْمُنْتَجَبَينَ مُنْزِلَ التَّوْريةِ

مناسك الحج، ص: 263

وَالانْجِيلِ وَالزّبُورِ وَالْفُرْقانِ وَمُنْزِلَ كهيعص وَطه وَيس وَالْقُرْآنِ الحْكِيمِ أَنْتَ كَهفي حينَ تُعِيْيَنِي الْمَذاهِبُ فِي سَعَتِها وَتَضِيقُ بِيَ الأَرْضُ بِرُحْبِها (بما رَحُبتْ خ ل) وَلَوْلا رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهالِكِيْنَ وَأَنْتَ مُقِيلُ عَثْرَتِي وَلَوْلا سَتْرُكَ إِيّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمُفَضُوحِينَ وَأَنْت مَؤَيِّدي بالنَّصرِ عَلى أَعْدآئي وَلَولا نَصْرُكَ إِيايَ (لي خ ل) لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبِينَ يا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُوَ وَالرِّفْعَةِ فَأَوْلِيآؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ يا مَنْ جَعَلَتْ لَهُ الْمُلُوكُ نَيرَ الْمَذَلّةِ عَلى أَعْناقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطَواتِهِ خائِفُونَ يَعْلَمُ خائِنَةَ الأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ وَغَيْبَ ما تأتي بِهِ الأَزْمِنَةُ وَالدُّهُورُ

مناسك الحج، ص: 264

يا مَنْ لايَعْلَمُ كَيفَ هُوَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لايَعْلَمُ ما هُوَ إِلّا هُوَ، يا مَنْ لا يَعْلَمُ مَا يَعْلَمُهُ إلّاهُو، يا مَنْ كبَسَ الأَرْضَ عَلَى المآءَ وَسَدَّ الْهَوآءَ بِالسَّمآءِ يا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ الاسْمآءِ يا ذَا المَعرُوفِ الَّذي لايَنْقَطِعُ أَبَداً يا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ وَمُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ وَجاعِلَهُ بَعْدَ العُبُودِيَّةِ مَلِكاً يا رآدَّهُ عَلى يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنِ ابْيَضّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظيمٌ يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالْبَلْوى عَنْ أَيُّوبَ وَمُمْسِكَ (ويا مُمْسك خ ل) يَدَي إِبْراهيمَ عَنْ ذَبْحِ إِبْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَفَنآءِ عُمْرِهِ يا مَنِ اسْتَجابَ لِزَكَريّاءَ فَوَهَبَ لَهُ يَحْيى وَلَمْ يَدَعْهُ فَرداً وَحِيْداً يا مَنْ أَخْرَجَ مناسك الحج، ص: 265

يُونِسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ وَيا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرائِيلَ فَأَنْجاهُمْ وَجَعَلَ فِرعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقِينَ يا مَنْ أَرْسَلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ بَيْنَ يَدَي رَحْمَتِهِ يا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلى مَنْ

عَصاهُ مِنْ خَلْقِهِ يا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ وَقَدْ غَدَوُا فِي نِعْمَتِهِ يَأكُلُونَ رِزْقَهُ وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ وَقَدْ حآدُّوهُ وَنادُّوهُ وكَذَّبُوا رُسُلَهُ، يا اللَّهُ يا اللَّهُ يا بَدي ءُ يا بَديعاً لانِدَّ (لا بِدء خ ل) لَكَ، يا دآئِمُ لا نَفادَ لَكَ، يا حَيُّ حينَ لاحَيَّ، يا مُحِييَ الْمَوتى يا مَنْ هُوَ قائمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ، يا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرى فَلَمْ يَحْرِمْنِي، وَعَظُمَتْ خَطِيْئَتِي مناسك الحج، ص: 266

فَلَمْ يَفْضَحْنِي، وَرء آني عَلى الْمَعاصِي فَلَمْ يَشْهَرْنِي، يا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي، يا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَري، يا مَنْ أَيادِيهِ عِنْدِي لاتُحْصِى وَنِعَمُهُ لاتُجازى يا مَنْ عارَضَنِي بِالْخَيْرِ وَالإحْسانِ وَعارَضْتُهُ بِالإساءَ ةِ وَالْعِصْيانِ، يا مَنْ هَدانِي لِلايمانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الامْتِنانِ، يا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفانِي، وَعُرْياناً فَكَسانِي، وَجائعاً فَاشْبَعَنِي، وَعَطْشاناً فَأَرْواني، وَذَلِيلًا فَأَعَزَّنِي، وَجاهِلًا فَعَرَّفَنِي، وَوَحِيداً فَكَثَّرَنِي، وَغايباً فَرَدَّنِي، وَمُقِلًّا فَاغْنانِي، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي، وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي، وَأَمْسَكْتُ مناسك الحج، ص: 267

عَنْ جَميعِ ذلِكَ فَابْتَدَأَني، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالشُّكرُ يا مَنْ أَقالَ عَثْرَتِي، وَنَفَّسَ كُرْبَتِي، وَأَجابَ دَعوَتِي، وَسَتَرَ عَوْرَتِي، وَغَفَرَ ذُنُوبِي، وَبَلَّغَنِي طَلِبَتِي، وَنَصَرَنِي عَلى عَدُوّي، وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرائِمَ مِنَحِكَ لااحصيها، يا مَوْلايَ أَنْتَ الَّذي مَنَنْتَ، أَنْتَ الَّذي أَنْعَمْتَ، أَنْتَ الَّذي أَحْسَنْتَ، أَنْتَ الَّذي أَجْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذي أَفْضَلْتَ، أَنْتَ الَّذي أَكْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذي رَزَقْتَ، أَنْتَ الَّذي وَفَّقْتَ، أَنْتَ الَّذي أَعْطَيْتَ، أَنْتَ الَّذي أَغْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذي آوَيْتَ، أَنْتَ الَّذي كَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذي مناسك الحج، ص: 268

هَدَيْتَ، أَنْتَ الَّذي عَصَمْتَ، أَنْتَ الَّذي سَتَرتَ، أَنْتَ الَّذي غَفَرْتَ، أَنْتَ الَّذي أَقَلْتَ، أَنْتَ الَّذي مَكَّنْتَ، أَنْتَ الَّذي أَعْزَزْتَ، أَنْتَ الَّذي أَعَنْتَ، أَنْتَ الَّذي عَضَدْتَ، أَنْتَ الَّذي أَيَّدْتَ، أَنْتَ الَّذي نَصَرْتَ، أَنْتَ الَّذي

شَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذي عافَيْتَ، أَنْتَ الَّذي أَكْرَمتَ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ فَلَكَ الْحَمْدُ دائَماً، وَلَكَ الشُّكْرُ واصِباً أَبَداً، ثُمَّ أَنا يا إِلهي الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي، أَنَا الَّذي أسأتُ أَنا الّذي أَخْطأتُ، أَنا الَّذي هَمَمْتُ، أَنا الَّذي جَهِلْتُ، أَنا الَّذي غَفَلْتُ، أَنَا الَّذي سَبَوْتُ، أَنَا الَّذي اعْتَمَدْتُ، أَنَا الَّذي تَعَمَّدْتُ، أَنَا الَّذي وَعَدْتُ،

مناسك الحج، ص: 269

وَأَنَا الَّذي أَخْلَفْتُ، أَنَا الَّذي نَكَثْتُ، أَنَا الَّذي أَقْرَرْتُ، أَنَا الَّذي اعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَعِنْدِي وَأَبُوءُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْها لِي يا مَنْ لاتَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْ طاعَتِهِمْ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْهُمْ بِمَعوُنَتِهِ وَرَحْمَتِهِ فَلَكَ الْحَمْدُ إِلهي وَسَيِّدي. إِلهي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ وَنَهَيْتَنِي فارْتَكَبْتُ نَهيَكَ، فَاصْبَحْتُ لا ذا بَرءَ ةٍ لِي فَاعْتَذِرُ وَلا ذا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ (فِأَنْتصِرْ) فَبأِيِّ شَي ءٍ أَسْتَقْبِلُكَ (استقيلُلك خ ل) يا مَوْلايَ أَبِسَمْعي أَمْ بِبَصَري أَمْ بِلِسانِي أَمْ بِيَدي أَمْ بِرِجْلِي أَلَيْسَ كُلَّها نِعَمَكَ عِنْدِي وَبِكُلِّها عَصَيْتُكَ يا مَوْلايَ فَلَكَ الحُجَّةُ وَالسَّبيلُ مناسك الحج، ص: 270

عَلَيَّ يا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الآبآء وَالامَّهاتِ أَنْ يَزْجُرُوني، وَمِنَ الْعَشائِرِ وَالأخْوانِ أَنْ يُعَيِّرُونِي، وَمِنَ السَّلاطِينِ أَنْ يُعاقِبُونِي وَلَوِ اطَّلَعُوا يا مَوْلايَ عَلى مَا اطَّلَعْتَ عَلَيهِ مِنّي إِذاً ما أَنْظَرُونِي وَلَرَفَضُونِي وَقَطَعُونِي فَها أَنَا ذا يا إِلهي بَيْنَ يَدَيْكَ يا سَيِّدي خاضِعٌ ذلِيلٌ حَصِيرٌ حَقِيرٌ لاذوُ بَرائَةٍ فَا عْتَذِرَ وَلا ذُو قُوَّةٍ فَانْتَصِر (فَانْتَصر)، ولا حُجَّةٍ فَا حْتَجُّ بِها وَلا قائِلٌ لَمْ أَجْتَرحْ وَلَمْ أَعْمَلْ سُوءً وَما عَسَى الْجُحُودُ وَلَوْ جَحَدْتُ يا مَوْلايَ يَنْفَعُنِي كَيْفَ وَأَنّى ذلِكَ وَجوارِحِي كُلُّها شاهِدَةٌ عَلَيَّ بِما قَدْ عَمِلْتُ وَعَلِمْتُ يَقِيناً غَيْرَ ذِي شَكٍّ أَنّكَ سائِلي مِنْ عَظائِمِ مناسك الحج، ص: 271

الأُمُورِ وَأَنَّكَ الحَكَمُ (الحَكيمُ خ ل) الْعَدْلُ الَّذي لاتَجُورُ وَعَدْلُكَ مُهْلِكِي، وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي، فَانْ تُعَذِّبْنِي يا

إلهي فَبِذُنُوبِي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَليَّ، وَإِنْ تَعْفُ عَنّي فَبِحَلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمينَ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الْمُستَغْفِرينَ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ المُوَحِّدينَ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الْخائفينَ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الْوَجِلِينَ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ مناسك الحج، ص: 272

سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبينَ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الْمُهَلِّلِينَ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ السائِلينَ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ المُسَبِّحِيْنَ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ المُكَبِّرِينَ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ رَبّي وَرَبُّ آبائِي الأَوَّلينَ. اللَّهُمَّ هذا ثَنائي عَلَيْكَ مُمَجِّدَاً، وَإِخْلاصي لِذِكْرِكَ مُوَحِّداً، وَإِقراري بِالآئِكَ مُعَدِّداً، وَإِنْ كُنْتُ مُقِرّاً أَنّي لَمْ احْصِها لِكَثْرَتِها وَسُبُوغِها وَتَظاهُرِها وَتَقادُمِها إِلى حادِثٍ ما لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُنِي (تَتَغَمَّدنِي خ ل) بِهِ مَعَها مُنْذُ خَلَقْتَنِي مناسك الحج، ص: 273

وَبَرَأتَنِي مِنْ أَوَّلِ العُمْرِ مِنَ الإغنآءِ (بَعْدَ خ ل) مِنَ الْفَقْرِ، وَكَشْفِ الضُّرِّ، وَتَسْبِيبِ اليُسْرِ، وَدَفعِ الْعُسْرِ، وَتَفْرِيجِ الْكَرْبِ، وَالْعافِيَةِ فِي الْبَدَنِ، وَالسَّلامَةِ فِي الدّينِ، وَلَوْ رَفَدنِي عَلى قَدْرِ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ جَمِيعُ الْعالَميْنَ مِنَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ما قَدَرْتُ وَلا هُم عَلى ذلكَ تَقَدَّسْتَ وَتَعالَيْتَ مِنْ رَبٍّ كَرِيمٍ عَظيمٍ رَحيمٍ لاتُحْصى آلأؤكَ، وَلا يُبْلَغُ ثَنآؤُكَ، وَلا تُكافى نَعْمآؤُكَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَتْمِمْ عَلَيْنا نَعِمَكَ، وَأَسْعِدْنا بِطاعَتِكَ سُبْحانَكَ لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ. اللَّهُمَّ إِنَّكَ تُجيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ السُّوءَ، وَتُغِيثُ الْمَكْرُوبِ، وَتَشْفِي السَّقِيمَ،

مناسك الحج، ص: 274

وَتُغْنِي الْفَقيِرَ، وَتَجْبُرُ الكِسِيْرَ، وَتَرْحَمُ الصَّغِيرَ، وَتُعِينُ الكَبِيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ، وَلا فَوْقَكَ قَدِيرٌ، وَأَنْتَ الْعَليُّ الكَبيرُ، يا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الأسِيرِ، يا رازِقَ الطِّفِلِ الصَّغِيرِ،

يا عِصْمَةَ الْخائِفِ المُستَجِيرِ، يا مَنْ لا شَرِيْكَ لَهُ وَلا وَزِيرَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعْطِنِي فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ أَفْضَلَ ما أَعْطَيْتَ وَأَنلْتَ أَحَداً مِنْ عِبادِكَ مِنْ نِعْمَةٍ تُولِيها، وآلاءٍ تُجَدِّدُها، وَبَليِّةٍ تَصْرِفُها، وَكُربَةٍ تَكْشِفُها، وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُها، وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُها، وَسَيِّئَةٍ تَتَغَمَّدُها، إِنَّكَ لَطيفٌ بِما تَشآءُ خَبيرٌ وَعَلى كُلِّ شَي ءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مناسك الحج، ص: 275

مَنْ دُعِيَ، وَأَسْرَعُ مَنْ أَجابَ، وَأَكْرَمُ مَنْ عَفى وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطى وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ، يا رَحمنَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَرَحيمَهُما، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْؤولٌ وَلا سِواكَ مَأمُولٌ، دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي، وَسَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي، وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَني، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنِي، وفَزِعْتُ إِليَكَ فَكَفَيْتَني. اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبيِّكَ وَعَلى آلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ أَجْمَعينَ، وَتَمِّمْ لَنا نَعْمائَكَ وَهَنِّئْنا عَطائَكَ وَاكْتُبْنا لَكَ شاكِرِينَ وَلآلائكَ ذاكِرينَ آمينَ آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ. اللَّهُمَّ يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَر، وَقَدَرَ فَقَهَرَ، وَعُصِيَ مناسك الحج، ص: 276

فَسَتَرَ، وَاسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ، يا غايَةَ الطّالِبينَ الرّاغِبينَ وَمُنْتَهى أَمَلِ الرّاجينَ، يا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شي ءٍ عِلْماً وَوَسِعَ الْمُسْتَقيلِينَ رَأفَةً وَرَحْمَةً وَحِلْماً.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَتوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتي شَرَّفْتَها وَعَظَّمتَها بِمُحَمَّدٍ نَبيِّكَ وَرَسُولِكَ وَخِيرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَأمينكَ عَلى وَحْيِكَ الْبَشيرِ النَّذيرِ، السِّراجِ الْمُنيرِ، الَّذي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمينَ وَجَعَلْتَهُ رَحْمةً لِلْعالَمينَ.

اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَما مُحَمَّدٌ أَهْلٌ لِذلكَ مِنْكَ يا عَظيمٌ فَصَلِّ عَلَيهِ وَعَلى آلِهِ الْمُنْتَجَبينَ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ مناسك الحج، ص: 277

أَجْمَعينَ، وَتَغَمَّدنا بِعَفْوِكَ عَنّا فَالَيْكَ عَجَّتِ الأَصْواتُ بِصُنُوفِ اللُغاتِ، فَاجْعَلْ لَنَا اللَّهُمَّ فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصِيباً مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبادِكَ، وَنُورٍ تَهْدِي بِهِ، وَرَحْمَةً تَنْشُرُها، وَبَرَكَةً تُنْزِلُها، وَعافِيَةً تُجَلِّلُها وَرِزقاً تَبْسُطُهُ، يا أَرْحَمْ الرَّاحِمينَ.

اللَّهُمَّ أَقْلِبْنا فِي هذَا الوَقْت مُنْجِحِينَ مُفْلِحينَ مَبرُورِينَ غانِمِينَ، وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْقانِطينَ،

وَلا تُخْلِنا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلا تَحْرِمْنا ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلا تَجْعَلْنا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ، وَلا لِفَضْلِ ما نُؤَمِّلُهُ مِنْ عَطائِكَ قانِطِينَ، وَلا تَرُدَّنا

مناسك الحج، ص: 278

خائِبِينَ، وَلا مِنْ بابِكَ مَطْرُودِينَ، يا أَجْوَدَ الأَجْوَدينَ، وَأَكْرَمَ الأكْرَمِينَ، إِلَيْكَ أَقْبَلْنا مُوقِنينَ، وَلِبَيْتِكَ الْحَرامِ آمّينَ قاصِدِينَ فَأَعِنّا عَلى مَناسِكِنا، وَأَكْمِلْ لَنا حَجَّنا واعْفُ عَنّا وَعافِنا فَقَدْ مَدَدْنا إِلَيْكَ أَيْدِيَنا فَهِي بِذلَّةِ الإعْترافِ مَوْسُومَةٌ. اللَّهُمَّ فَاعْطِنا فِي هذِهِ الْعَشِيَّةِ ما سَأَلْناكَ، وَاكْفِنا مَا اسْتَكْفَيْناكَ، فَلا كافَي لَنا سِواكَ، وَلا رَبَّ لَنا غَيْرُكَ، نافِذٌ فينا حُكْمُكَ، مُحيطٌ بِنا عِلْمُكَ، عَدْلٌ فِينا قَضاؤُكَ، اقْضِ لَنَا الْخَيْرَ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ.

اللَّهُمَّ أَوْجِبْ لَنا بِجُودِكَ عَظيمَ الأجْرِ، وَكَرِيمَ الذُّخْرِ، وَدَوامَ مناسك الحج، ص: 279

الْيُسْرِ، وَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا أَجْمَعينَ، وَلا تُهْلِكْنا مَعَ الْهالِكِينَ، وَلا تَصْرِفْ عَنّا رَأفَتَكَ وَرَحْمَتَكَ يا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنا فِي هذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ وَثابِ (وتاب خ ل) إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ، وَتَنصّلَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كُلِّها فَغَفَرْتَها لَهُ، يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرامِ. اللَّهُمَّ وَنَقِّنا (ووَفّقنا خ ل) وَسَدِّدْنا (واعصِمنا خ ل) وَاقْبَلْ تَضَرُّعَنا يا خَيْرَ مَنْ سُئلَ يا مَنْ لايَخْفى عَليْهِ إِغْماضُ الْجُفُونِ، وَلا لَحْظُ الْعُيونِ وَلا مَا اسْتَقَرّ فِي الْمَكْنُونِ وَلا مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَراتُ الْقُلُوبِ، أَلا كُلُّ ذلِكَ مناسك الحج، ص: 280

قَدْ أَحْصاهُ عِلُمُكَ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ سُبْحانَكَ وَتَعالَيْتَ عَمّا يَقولُ الظّالِمُونَ عُلُوّاً كَبيراً تُسبِّحُ لَكَ السَّمواتُ السَّبْعُ وَالأرَضُونَ وَمَنْ فيهنَّ وَإِنْ مِنْ شَي ءٍ إِلّا يُسَبَّحُ بِحَمْدِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالَمجْدُ وَعُلُوُّ الجَدِّ يا ذَا الْجَلالِ وَالإِكرامْ، وَالْفَضْلِ وَالإِنْعامِ، وَالأيادي الْجِسامِ وَأَنْتَ الجَوادُ الكَريمُ، الرَّؤُفُ الرَّحيمُ. اللَّهُمَّ أَوُسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ، وَعافِني فِي بَدَني وَديني وَآمِنْ خَوفي، وَأَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النّارِ.

اللَّهُمَّ لاتمكَرُ بي وَلا تَسْتَدْرِجْنِي وَلا تَخْدَعْنِي،

وَادْرَأ عَنّي شَرَّ فَسَقَة الجِنِّ وَالأنْس».

مناسك الحج، ص: 281

ثمّ رفع رأسه وبصره إلى السماء وعيناه تفيضان بالدمع كأنّهما مزادتان وقال:

يا أَسْمَعَ السّامِعينَ، وَيا ابْصَرَ النّاظِرِينَ، وَيا أَسْرَعَ الْحاسِبِينَ، وَيا أَرْحَمَ الرَّحِمِينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ السّادَةِ الْمَيامينَ، وَأَسألُكَ اللَّهُمَّ حاجَتِي الَّتي إِنْ أَعْطَيتَنِيها لَمْ يَضُرَّنِي ما مَنَعْتَني، وَإِنْ مَنَعْتَنيها لَمْ يَنْفَعْني ما أَعْطَيْتَني، أَسْأَلُكَ فَكاكَ رَقْبَتي مِنَ النارِ، لاإِلهَ إِلّا أَنْتَ وَحْدَكَ لاشَريكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكُ، وَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَي ءٍ قَديَرٌ يا رَبُّ يا رَبُّ.

مناسك الحج، ص: 282

وكان يكرر قوله «يا ربِّ»

فشغل من حوله عن الدعاء لأنفسهم وأقبلوا على الاستماع له والتأمين على دعائه ثمّ علت أصواتهم بالبكاء معه حتّى غربت الشمس وأفاض الناس معه. إلى هنا انتهى دعاء الحسين عليه السلام يوم عرفه كما أورده الكفعمي وكذا المجلسي في كتاب زاد المعاد، إلّاأنّ السيّد ابن طاووس اضاف بعد

«يا ربِّ يا ربِّ يا ربِّ»

هذه الزيادة .........

«إِلهِي أَنَا الفَقِيرُ فِي غِنايَ فَكَيفَ لاأَكُونُ فَقِيراً فِي فَقْري إِلهِي أَنَا الْجاهِلُ فِي عِلْمِي فَكَيْفَ لاأَكُونُ جَهُولًا فِي جَهْلي إِلهِي إِنَّ اخْتلافَ تَدْبِيرِكَ وَسُرْعَةَ طَوآءَ مَقادِيرِكَ مناسك الحج، ص: 283

مَنَعا عِبادَكَ الْعارِفينَ بِكَ عَنِ السُّكُونِ إِلى عَطاءٍ، وَالْيَأسِ مِنْكَ فِي بَلآءٍ، إِلهي مِنّي ما يَليِقُ بِلُؤُمِي وَمِنْكَ ما يَلِيقُ بِكَرَمِكَ، إِلهِي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بالِلُّطْفِ وَالرَّأفَةِ لِي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِي أَفَتَمْنَعُني مِنْهُما بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفِي إِلهِي إِنْ ظَهَرَتِ الَمحاسِنُ مِنّي فَبِفَضْلِكَ وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَيَّ، وَإِنْ ظَهَرتِ الْمَساوي ءُ مِنّي فَبِعَدْلِكَ وَلَكَ الحُجَّةُ عَلَيَّ، إِلهي كَيْفَ تَكِلُنِي وَقَدْ تَكَفَّلْتَ (تَوكّلتُ خ ل) لي وَكَيْفَ اضامُ وَأَنْتَ الناصِرُ لي أَمْ كَيْفَ أَخيبُ وَأَنْتَ الْحَفِيُّ بِي ها أَنَا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْري إِلَيْكَ، وَكَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِما هُوَ محالٌ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ

أَمْ كَيْفَ مناسك الحج، ص: 284

أَشكُو إِليْكَ حالِي وَهُوَ لايَخْفى عَليْكَ أَمْ كَيْفَ اتَرْجِمُ بِمَقالي وَهُوَ مِنكَ بَرَزٌ إِلَيْكَ أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ آمالِي وَهِيَ قَدْ وَفَدَتْ إِلَيْكَ أَمْ كَيْفَ لاتُحْسِنُ أَحْولِي وَبِكَ قامَتْ إِلهِي ما أَلْطَفَكَ بِي مَعَ عَظِيمِ جَهْلِي وَما أَرْحَمَكَ بِي مَعَ قَبِيحِ فِعْلِي إِلهي ما أَقْرَبَكَ مِنّي وَأَبْعَدَني عَنْكَ وَما أَرْأَفَكَ بي فَمَا الَّذي يَحْجُبُنِي عَنْكَ، إِلهِي عَلِمْتُ بِاخْتِلافِ الآثارِ وَتَنقُّلاتِ الاطْوارِ أَنَّ مُرادَكَ مِنّي أَنْ تَتَعَرَّفَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَي ءٍ حَتّى لاأَجْهَلَكَ فِي شَي ءٍ، إِلهِي كُلّما أَخْرَسَنِي لُؤمِي أَنْطَقَني كَرَمُكَ، وَكُلَّما آيَسَتْنِي أَوْصافي أَطْمَعَتْنِي مناسك الحج، ص: 285

مِنَنُكَ، إِلهِي مَنْ كانَتْ مَحاسِنُهُ مَساوِى ءَ فَكَيْفَ لاتَكُونُ مساوِؤُهُ مَساوِي ءَ! وَمَنْ كانَتْ حَقائِقُهُ دَعاوِيَ فَكَيْفَ لاتَكُونُ دَعاويهِ دَعاوِيَ! إِلهِي حُكْمُكَ النّافِذُ، وَمَشِيّتُكَ الْقاهِرَةُ، لَمْ يَتْرُكا لِذي مَقالٍ مَقالًا، وَلا لِذِي حالٍ حالًا، إِلهي كَمْ مِنْ طاعَةٍ بَنَيْتُها، وَحالَةٍ شَيَّدْتُها هَدَمَ اعتِمادي عَلَيْها عَدْلُكَ، بَلْ أَقالَني مِنْها فَضْلُكَ إِلهِي إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنّي وَإِنْ لَمْ تَدُمِ الطّاعَةُ مِنّي فِعْلًا جَزْماً فَقَدْ دامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً، إِلهِي كَيْفَ أَعْزَمُ وَأَنْتَ الْقاهِرُ وَكَيْفَ لاأَعْزِمُ وَأَنْتَ الامِرُ إِلهِي تَرَدُّدِي فِي الآثارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزارِ

مناسك الحج، ص: 286

فَاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ توصِلُنِي إِلَيْكَ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِما هُوَ فِي وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ، أَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ ما لَيْسَ لَكَ حَتّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرُ لَكَ مَتى غبِتَ حَتّى تَحْتاجَ إِلى دَليلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ وَمَتى بَعُدْتَ حَتى تَكُونَ الآثارُ هِيَ الَّتي تُوصِلُ إِلَيْكَ عَمِيَتْ عَيْنٌ لاتَراكَ عَلَيْها رَقِيباً، وَخَسِرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْ حُبِّكَ نَصِيباً، إِلهِي أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلى الآثارِ فَأَرْجِعْنِي إِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الأَنْوارِ وَهِدايَةِ الإِسْتِبْصارِ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنْها كَما دَخَلْتُ إِلَيْكَ مِنْها مَصُونَ مناسك الحج، ص: 287

السِّرِّ عَنِ

النَّظَرِ إِلَيْها، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الإِعْتِمادِ عَلَيْها إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَي ءٍ قَدِيرٌ، إِلهِي هذا ذُلِّي ظاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَهذ حالِي لايَخْفى عَلَيْكَ، مِنْكَ أَطْلُبُ الْوُصُولَ إِلَيْكَ، وَبِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ، فَاهْدِني بِنُورِكَ إِلَيْكَ، وَأَقِمْنِي بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ، إِلهِي عَلِّمْنِي مِنْ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ وَصُنِّي بِسِتِركَ الْمَصُونِ، إِلهِي حَقِّقنِي بِحَقائِقِ أَهْلِ القُرْبِ، وَاسْلُكْ بِي مَسْلَكَ أَهْلِ الْجَذْبِ، إِلهِي أَغْنِني بِتَدبيرِكَ لِي عَنْ تَدْبيرِي وَبِاخْتِيارِكَ عَنْ إِخْتِياري، وَأَوْقِفْني عَلى مَراكِزِ إِضْطراري، إِلهِي أَخْرِجْنِي مِنْ ذُلِّ نَفْسي،

مناسك الحج، ص: 288

وَطَهِّرْنِي مِنْ شَكّي وَشِرْكِي قَبْلَ حُلوْلِ رَمْسي، بِكَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْنِي، وَعَلَيْكَ أَتَوَكَلُ فَلا تَكِلْنِي، وَإِياكَ اسْأَلُ فَلا تُخيَّبْنِي، وَفِي فَضْلِكَ أَرْغَبُ فَلا تَحْرِمْنِي، وَبِجَنابِكَ أَنْتَسِبُ فَلا تُبْعِدْنِي، وَبِبابِكَ أَقِفُ فَلا تَطْرُدْنِي، إِلهِي تَقَدَّسَ رِضاكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِلّةٌ مِنْكَ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنّي إِلهِي أَنْتَ الْغَنِيُّ بِذاتِكَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ فَكَيْفَ لا تَكُونُ غَنِيّاً عَنِّي إِلهي إِنَّ القَضآءَ وَالْقَدَرَ يُمَنّينِي وَإِنّ الْهَوى بِوَثآئِق الشّهَوَةِ أَسَرَنِي، فَكُنْ أَنْتَ النَّصِيرَ لِي حَتّى تَنصُرَنِي وَتُبَصِّرَنِي، وَأَغْنِني بِفَضلِكَ حَتّى أَسْتَغْنِي بِكَ عَنْ مناسك الحج، ص: 289

طَلَبِي أَنْتَ الَّذي أَشْرَقْتَ الأنْوارَ فِي قُلُوبِ أَوْلِيائكَ حَتّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدُوكَ، وَأَنْتَ الَّذي أَزَلْتَ الأغْيارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبائِكَ حَتّى لَمْ يُحِبُّوا سِواكَ وَلَمْ يَلْجِئُوا إِلى غَيْرِكَ، أَنْتَ المُؤنِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ الْعَوالِمُ، وَأَنْتَ الَّذي هَديتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبانَتْ لَهُمُ الْمَعالِمُ، ماذا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ وَمَا الَّذي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ لَقَدْ خابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلًا، وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغى عَنْكَ مُتَحَوّلًا، كَيْفَ يُرْجى سِواكَ وَأَنْتَ ما قَطَعْتَ الإِحْسانَ وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِكَ وَأَنْتَ ما بَدَّلْتَ عادَةَ الأمْتِنانِ يا مَنْ أَذاقَ مناسك الحج، ص: 290

أَحِبائَهُ حَلاوَةَ الْمُؤانَسَةِ فَقامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقينَ وَيا مَنْ أَلْبَسَ أَوْلِيآءَهُ مَلابِسَ هَيْبَتِهِ فَقامُوا

بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرينَ، أَنْتَ الذّاكِرُ قَبْلَ الذّاكِرينَ، وَأَنْتَ الْبادي بالإِحْسانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعابِدِيْنَ، وَأَنْتَ الْجَوادُ بِالْعَطآءِ قَبْلَ طَلَبِ الطّالِبينَ، وَأَنْتَ الْوَهابُ ثُمَّ لِما وَهَبْتَ لَنا مِنَ الْمُسْتَقْرِضِينَ، إِلهِي اطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتّى أَصِلَ إِليكَ، واجْذِبْنِي بِمَنِّكَ حتّى أُقْبِلَ عَلَيْكَ، إِلهي إِنَّ رَجآئي لايَنْقَطِعُ عَنْكَ وَإِنْ عَصَيْتُكَ، كَما أَنَّ خَوْفي لايُزايِلُني وَإِنْ أَطَعْتُكَ، فَقَدْ

مناسك الحج، ص: 291

دَفَعَتْنِي الْعَوالِمُ إِلَيْكَ، وَقَدْ أَوْقَعني عِلْمِي بِكَرَمِكَ عَلَيْكَ، إِلهِي كَيْفَ أَخِيْبُ وَأَنْتَ أَمَلِي أَمْ كَيْفَ أُهانُ وَعَلَيْكَ مُتَّكَلِي إِلهي كَيْفَ أَسْتَعِزُّ وَفِي الذِّلَّةِ أَرْكَزْتَنِي أَمْ كَيْفَ لاأَسْتَعِزُّ وَإِلَيْكَ نَسْبَتَني إِلهي كَيْفَ لاأَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذي فِي الْفُقَرآءِ أَقَمْتَنِي أَمْ كَيْفَ أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذي بِجُودِكَ أَغْنَيْتَنِي وَأَنْتَ الَّذي لاإِلهَ غَيْرُكَ تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَي ءٍ فَما جَهِلَكَ شَي ءٌ وَأَنْتَ الَّذي تَعَرَّفْتَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَي ءٍ فَرَأيْتُكَ ظاهِراً فِي كُلِّ شي ءٍ وَأَنْتَ الظّاهِرُ لِكُلِّ شَي ءٍ يا مَنِ اسْتَوى مناسك الحج، ص: 292

بِرَحْمانِيتهِ فَصارَ الْعَرْشُ غَيْباً فِي ذاتِهِ مَحَقْتَ الآثارَ بالآثارِ، وَمَحْوتَ الأَغْيارَ بِمُحيطاتِ أَفْلاكِ الأنْوارِ، يا مَنْ احْتَجَبَ فِي- سُرادِقاتِ عَرْشِهِ عَنْ أَنْ تُدرِكَهُ الأبْصارُ، يا مَنْ تَجَلّى بِكَمالِ بَهائِهِ فَتَحَقَّقَتْ عَظَمْتُهُ الاسْتواءَ كَيْفَ تَخْفى وَأَنْتَ الظّاهِرُ أَمْ كَيْفَ تَغيبُ وَأَنْتَ الرَّقيبُ الْحاضِرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شي ءٍ قَديرٌ والْحَمْدُ للَّهِ وَحْدَهُ.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.