البداء

اشارة

سرشناسه : عسکری مرتضی 1293- عنوان و نام پديدآور : البداء / تالیف مرتضی العسکری مشخصات نشر : [بی جا:بی نا [1381]. مشخصات ظاهری : 24ص 5/11 × 5/16س م. فروست : علی مائده الکتاب و السنه 8. يادداشت : عربی یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس موضوع : بداء. رده بندی کنگره : BP218/44 /ع5ب4 1381 رده بندی دیویی : 297/42 شماره کتابشناسی ملی : م 81-48151

الوحدة حول مائدة الكتاب والسنّة

«يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» (الرعد/ 39)

البداء، ص: 5

بسم اللَّه الرحمن الرحيم الحمد للَّه ربّ العالمين، والصَّلاة على محمّد وآله الطاهرين، والسلام على أصحابه البررة الميامين.

وبعد: تنازعنا معاشر المسلمين على مسائل الخلاف في الداخل ففرّق أعداء الإسلام من الخارج كلمتنا من حيث لا نشعر، وضعفنا عن الدفاع عن بلادنا، وسيطر الأعداء علينا، وقد قال سبحانه وتعالى: «وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» (الأنفال/ 46).

وينبغي لنا اليوم وفي كلّ يوم أن نرجع إلى الكتاب والسنّة في ما اختلفنا فيه ونوحّد كلمتنا حولهما، كما قال تعالى: «فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ» (النساء/ 59).

وفي هذه السلسلة من البحوث نرجع إلى الكتاب والسنّة ونستنبط منها ما ينير لنا السبيل في مسائل الخلاف، فتكون بإذنه تعالى وسيلة لتوحيد كلمتنا.

راجين من العلماء أن يشاركونا في هذا المجال، ويبعثوا إلينا بوجهات نظرهم على عنوان:

بيروت- ص. ب 124/ 24 العسكري

البَداء في اللّغة والإصطلاح

البَداء في اللغة

للبَداء في اللّغة معنيان:

أ- بدا الأمر بُدُوّاً وبَداءً: ظهر ظهوراً بيّناً.

ب- بدا له في الأمر كذا: جدّ له فيه رأي، نشأ له فيه رأي.

البداء في مصطلح علماء العقائد الإسلامية

بدا للَّه في أمرٍ بَداءً، أي: ظهر له في ذلك الأمر ما كان خافياً على العباد.

وأخطأ من ظنّ أنّ المقصود من بَدا للَّه في أمر بداءً جَدَّ له في ذلك الأمر غير الأمر الذي كان له قبل البداء، تعالى اللَّه عن ذلك عُلُوّاً كبيراً.

البَداء في القرآن الكريم

أ- قال اللَّه تعالى في سورة الرعد:

«وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ» (الآيتان 7 و 27).

ثمّ قال تعالى:

«وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ الَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجْلٍ كِتَابٍ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمَّ الْكِتَابِ وَإِنْ مَا نُرِينَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ» (الآيات 38- 40).

شرح الكلمات 1- آية:

الآية في اللغة: العلامة الظاهرة كما قال الشاعر:

البداء، ص: 9

وفي كلّ شي ءٍ له آية تدلّ على أنَّه واحد

وسُمِّيت معجزات الأنبياء آيةً لأنّها علامة على صدقهم وعلى قدرة اللَّه، الذي مكّنهم من الإتيان بتلك المعجزة، مثل عصا موسى وناقة صالح، كما جاءت في الآية (67) من سورة الشعراء والآية (73) من سورة الأعراف.

وكذلك سمّى القرآن أنواع العذاب الذي أنزله اللَّه على الأُمم الكافرة بالآية والآيات، كقوله تعالى في سورة الشعراء عن قوم نوح: «ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً» (الآيتان/ 120- 121).

وعن قوم هود:

«فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً» (الآية/ 139).

وعن قوم فرعون في سورة الأعراف:

«فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ» (الآية/ 133).

2- أجل:

الأجل: مدّة الشي ء والوقت الذي يحدّد لحلول أمْرٍ وانتهائه، يقال: جاء أجله اذا حان موته، وضربت له أجلًا:

أي البداء، ص: 10

وقتاً محدَّداً لعمله.

3- كتاب:

للكتاب معانٍ متعدّدة، والمقصود منها هنا: مقدار مكتوب أو مقدّر، ويكون معنى «لِكُلِّ أَجَلٍ كِتاب»: لوقت إتيان الرسول بآية زمان مقدّر معيّن.

4- يمحو:

محاه في اللّغة: أزاله وأبطله، أو أزال أثره، مثل قوله تعالى:

أ- في سورة الإسراء:

«فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَة» (الآية/ 12).

وآية اللّيل هي اللّيل، ومحو اللّيل: إزالته.

ب- في سورة الشورى

«وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ» (الآية/ 24).

أي يذهب بآثار الباطل.

تفسير الآيات أخبر اللَّه سبحانه وتعالى في هذه الآيات أنّ كفار قريش طلبوا من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أن يأتيهم بآيات، كما بيّن طلبهم ذلك البداء، ص: 11

في قوله تعالى في سورة الإسراء: «وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تفْجرَ لَنَا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعاً ... أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا» (الآيتان/ 90 و 92).

وقال في الآية (38) من سورة الرعد: «وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ» مقترحةٍ عليه «إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ» وأنّ لكلّ أمرٍ وقتاً مُحدّداً سجّل في كتاب.

واستثنى منه في الآية بعدها وقال: «يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ» من ذلك الكتاب ما كان مكتوباً فيه من رزق وأجل وسعادة وشقاءٍ وغيرها «وَيُثْبِتُ» ما يشاء ممّا لم يكن مكتوباً في ذلك الكتاب «وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ»، أي: أصل الكتاب وهو اللّوح المحفوظ، الذي لا يتغيّر ما فيه ولا يبدل.

وبناءً على ذلك قال بعدها: «وَإِنْ مَا نُريَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ» من العذاب في حياتك «أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ» قبل ذلك «فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغ» فحسب ....

ويدلّ على ما ذكرناه ما رواه الطبري والقرطبي وابن كثير في تفسير الآية وقالوا ما موجزه:

إنّ عمر بن الخطاب كان يطوف بالبيت ويقول: اللّهمّ إن البداء، ص: 12

كنت كتبتني

في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبتني في أهل الشقاوة والذنب فامحني وأثبتني في أهل السعادة والمغفرة، فإنّك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أُمّ الكتاب.

وروي عن ابن مسعود أنّه كان يقول:

اللّهمّ إن كنت كتبتني في السعداء فأثبتني فيهم، وإن كنت كتبتني في الأشقياء فامحني من الأشقياء واكتبني في السعداء، فإنّك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أُمّ الكتاب.

وروي عن أبي وائل أنّه كان يكثر أن يدعو: اللّهمّ إن كنت كتبتنا أشقياء فامح واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنّك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أُمّ الكتاب «1».

وفي البحار: وإن كنت من الأشقياء فامحني من الأشقياء واكتبني من السّعداء، فإنّك قلت في كتابك المنزّل على نبيّك صلواتك عليه وآله: «يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُ البداء، ص: 13

الْكِتَابِ» «1».

واستدلّ القرطبي- أيضاً- على هذا التأويل بما روى عن صحيحي البخاري ومسلم أنّ رسول اللَّه (ص) قال:

«من سرَّهُ أن يُبسطَ له في رزقهِ ويُنسأَ لهُ في أثرهِ- أجلهِ- فلْيصلْ رَحِمَه».

وفي رواية: «مَن أحبّ أن يَمُدَّ اللَّه في عمره ويبسطَ له رزقهُ فليتَّق اللَّه وليصلْ رحمه» «2».

ونقل عن ابن عباس أنّه قال في جواب من سأله وقال:

كيف يزاد في العمر والأجل؟

قال اللَّه عزّوجلّ: «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ»، فالأجل الأوّل أجل العبد من حين ولادته الى حين موته، والأجل الثاني- يعني المسمّى عنده- من حين وفاته الى يوم يلقاه في البرزخ لا يعلمه إلّااللَّه، فإذا اتّقى العبد ربّه ووصل رَحِمَه، زاده اللَّه في أجل عمره الأوّل البداء، ص: 14

من أجل البرزخ ما شاء، واذا عصى وقطع رحمه، نقصه اللَّه من أجل عمره في الدنيا ما شاء، فيزيده من أجل البرزخ ...

الحديث

«1».

وأضاف ابن كثير على هذا الإستدلال وقال ما موجزه:

وقد يستأنس لهذا القول ما رواه أحمد والنسائي وابن ماجة عن النبي (ص) أنّه قال:

«إنّ الرجل ليُحرَمُ الرزقَ بالذنب يُصيبه ولا يردُّ القدر إلّا الدّعاءُ ولا يزيدُ في العمر إلّاالبرّ» «2».

وقال: وفي حديث آخر:

«إنّ الدعاء والقضاء ليعتلجان بين السّماء والأرض» «3».

كان ما ذكرناه وجهاً واحداً ممّا ذكروه في تأويل هذه الآية، وذكروا معها وجوهاً أُخر في تأويل الآية مثل قولهم:

إنّ المراد محو حكم وإثبات آخر، أي نسخ الأحكام، والصواب في القول: إنّه يعمّ الجميع، وهذا ما اختاره القرطبي البداء، ص: 15

- أيضاً- وقال:

... الآية عامّة في جميع الأشياء وهو الأظهر واللَّه أعلم «1».

وروى الطبري والسيوطي عن ابن عباس في قوله تعالى:

«يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ»، قال: يُقَدِّرُ اللَّه أمر السّنة في ليلة القدر إلّاالسعادة والشقاء «2».

«يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبتُ» قال: من أحد الكتابين هما كتابان يمحو اللَّه من أحدهما ويثبت، «وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتَاب» أي حملة الكتاب «3».

***

ب- قال سبحانه وتعالى في سورة يونس:

«فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا ايمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ» (الآية/ 98).

البداء، ص: 16

شرح الكلمات 1- كَشَفْنا:

كشف عنه الغمّ: أزاله، وكشف العذاب: أزاله.

2- الخِزْيُ:

خَزيَ خِزْيا: هان وافتضح.

3- حين:

الحين: الوقت والمدّة من غير تحديد في معناه بقلّةٍ أو كثرة.

تفسير الآية

قصة يونس بإيجاز كما في تفسير الآية بتفسير الطبري والقرطبي ومجمع البيان: «1» أنّ قوم يونس كانوا بنينوى من أرض الموصل وكانوا يعبدون الأصنام، فأرسل اللَّه اليهم يونس عليه السلام يدعوهم الى الإسلام وتَرْك ما هم عليه فأبوا، وتبعه منهم عابد وشيخ من بقيّة علمائهم، وكان العابد يشير على البداء، ص: 17

يونس

بالدعاء عليهم والعالم ينهاه ويقول له: لا تدعُ عليهم فانّ اللَّه يستجيب لك ولا يحبّ هلاك عباده، فقبل يونس قول العابد فأخبر اللَّه تعالى أنّه يأتيهم العذاب في شهر كذا في يوم كذا، فأخبرهم يونس بذلك، فلمّا قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد وبقي العالم فيهم، وقال قومه: لم نجرّب- يونس- عليه كذباً، فانظروا فإنْ باتَ فيكم الليلة فليس بشي ء، وإن لم يبت فاعلموا أنّ العذاب مصبحكم، فلمّا كان في جوف اللّيل خرج يونس من بين أظهرهم، ولمّا علموا ذلك ورأوا آثار العذاب وأيقنوا بالهلاك ذهبوا الى العالم فقال لهم: افزعوا الى اللَّه فإنّه يرحمكم ويردّ العذاب عنكم، فاخرجوا الى المفازة وفرّقوا بين النساء والأولاد وبين سائر الحيوان وأولادها ثمّ ابكوا وادعوا، ففعلوا: خرجوا الى الصعيد بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ودوابّهم، ولبسوا المسوح، وأظهروا الإيمان والتوبة، وأخلصوا النيّة، وفرّقوا بين كلّ والدة وولدها من الناس والأنعام، فحنّ بعضها الى بعض، وعلت أصواتها، واختلطت أصواتها بأصواتهم، وتضرّعوا الى اللَّه عزّوجلّ وقالوا: آمنّا بما جاء به يونس؛

البداء، ص: 18

فرحمهم ربّهم واستجاب دعاءهم وكشف عنهم العذاب بعدما أظلّهم، بعد أن بلغ من توبتهم الى اللَّه، رَدّوا المظالم بينهم، حتى أن كان الرجل ليأتي الحجر وقد وضع عليه أساس بنيانه فيقتلعه ويرده، وكذلك محا اللَّه العذاب عن قوم يونس بعد أن تابوا، وكذلك يَمحُو اللَّه ما يشاء ويثبت وعنده أمّ الكتاب.

***

ج- قال سبحانه وتعالى في سورة الأعراف:

«وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَة» (الآية/ 142).

وقال في سورة البقرة:

«وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ» (الآية/ 51).

البداء، ص: 19

البداء في روايات مدرسة الخلفاء

روى الطيالسي وأحمد وابن سعد والترمذي واللفظ للطيالسي بايجاز، قال: قال

رسول اللَّه (ص):

«إنّ اللَّه أرى آدم ذرّيّته فرأى رجلًا أزهراً ساطعاً نوره.

قال: يا ربّ من هذا؟

قال: هذا ابنك داود!

قال: يا ربّ فما عُمره؟

قال: ستّون سنة!

قال: يا ربّ زِدْ في عمره!

قال: لا إلّاأن تزيدَهُ من عمرك!

قال: وما عمري؟

قال: ألف سنة!

البداء، ص: 20

قال آدم: فقد وهبتُ له أربعين سنة من عمري.

... فلمّا حضره الموت وجاءته الملائكة قال: قد بقي من عمري أربعون سنة.

قالوا: إنّك قد وهبتها لداود ..» «1».

هذه الرواية بالإضافة إلى ما سبق إيراده من أخبار آثار صلة الرحم ونظائرها بمدرسة الخلفاء من مصاديق «يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ».

وقد سمّى أئمة أهل البيت عليهم السلام المحْوَ والاثبات بالبداء، كما سندرسه إن شاء اللَّه تعالى في ما يأتي.

البَداء في روايات أئمة أهل البيت عليهم السلام

في البحار عن أبي عبد اللَّه (الإمام الصادق) عليه السلام قال: «ما بعثَ اللَّه عزّوجلّ نبيّاً حتى يأخذ عليه ثلاث خصال: الإقرار بالعبوديّة، وخلع الأنداد، وأنّ اللَّه يُقدِّمُ ما يشاء ويؤخِّرُ ما يشاء» «1».

وفي رواية أُخرى وصف الإمام الصادق عليه السلام هذا الأمر بالمحو والاثبات وقال: «ما بعث نبيّاً قطُّ حتى يأخذ عليه ثلاثاً: الإقرار للَّه بالعبودية وخلع الأنداد، وأنّ اللَّه يمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء» «2».

وفي رواية ثالثة سمّى المحو والإثبات بالبداء، وقال ما موجزه: «ما تنبّأ نبيٌّ قطّ حتى يُقِرَّ للَّه تعالى .. بالبداء»

البداء، ص: 22

الحديث «1».

وعن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال: «ما بعث نبيّاً قطُّ إلّابتحريم الخمر، وأن يُقرّ له بالبداء» «2».

وفي رواية أُخرى أخبر الإمام الصادق عليه السلام عن زمان المحو والاثبات وقال: «اذا كان ليلة القدر نزلت الملائكةُ والروحُ والكتبةُ الى سماء الدنيا فيكتبون ما يكون من قضاء اللَّه تعالى في تلك السنة، فإذا أراد اللَّهُ أن يقدّم شيئاً أو يؤخّره

أو ينقصَ شيئاً أمر الملك أن يمحو ما يشاءُ ثمّ أثبتَ الذي أراد» «3».

وأخبر الإمام الباقر عليه السلام عن ذلك وقال ما موجزه: «تنزل فيها الملائكة والكتبةُ الى سماء الدنيا فيكتبون ما هو كائنٌ في أمر السّنة وما يصيبُ العباد فيها». قال: «وأمرٌ موقوفٌ للَّه تعالى فيه المشيئة يقدّمُ منه ما يشاء ويؤخّر ما يشاء، وهو قوله تعالى:

«يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ»» «4».

البداء، ص: 23

وفي حديث آخر له قال: في قول اللَّه: «وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا»:

«إنّ عند اللَّه كتباً موقوتة يقدّمُ منها ما يشاءُ ويؤخّرُ، فإذا كان ليلة القدر أنزل اللَّه فيها كلّ شي ء يكون الى ليلة مثلها، وذلك قوله: «لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا» إذا أنزل، وكتبهُ كتّاب السماوات وهو الذي لا يؤخّره» «1».

وروى المجلسي في هذا الباب خبر هبة آدم عليه السلام أربعين سنة من عمره لداود عليه السلام الذي أوردناه آنفاً في روايات مدرسة الخلفاء «2».

هذا هو البداء في أخبار أئمة أهل البيت عليهم السلام.

وأمّا البداء بمعنى أنّ اللَّه جدّ له رأي في الأمر لم يكن يعلمه- معاذ اللَّه- فقد قال أئمة أهل البيت عليهم السلام فيه ما رواه المجلسي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «من زعمَ أنّ اللَّه عزّوجلّ يبدو له في شي ءٍ لم يعلمهُ أمسِ فابرأوا منه» «3».

أثر الاعتقاد بالبَداء

لو اعتقد الإنسان أنّ مِنَ الناس من كتب في السعداء فلن تتبدّل حاله ولن يكتب في الأشقياء، ومنهم من كتب في الأشقياء فلن تتبدّل حاله ولن يكتب في السعداء، وجفّ القلم بما جرى لكلّ إنسان، عندئذٍ لا يتوب العاصي من معصيته، بل يستمرّ في ما هو عليه، لاعتقاده بأنّ الشقاء قد كُتب عليه ولن

تتغيّر حاله، ومن الجائز أن يوسوس الشيطان الى العبد المنيب أنّه من السعداء ولن يكتب في الأشقياء وتؤدّي به الوسوسة الى التساهل في الطاعة والعبادة، وعدم استيعاب بعض المسلمين معاني الآيات والروايات المذكورة في المشيئة، اعتقد بعضهم أنّ الإنسان مجبور على ما يصدر منه، وآخرون على أنّ الأمر كلّه مفوّض للإنسان، كما سندرسه في البحث الآتي لنعرف الحقّ في ذلك بإذنه تعالى.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.