آثار الظلم في الدنيا والآخرة

هوية الکتاب

تأليف: آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله)

مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) في ظروف وأزمنة مختلفة

ناشر: مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر

الطبعة الأولى /1422ه_ 2001م / بيروت _ لبنان ص.ب: 6080 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@shiacenter.com

كلمة الناشر

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الظروف العصيبة التي تمر بالعالم...

والمشكلات الكبيرة التي تعيشها الأمة الإسلامية..

والمعاناة السياسية والاجتماعية التي نقاسيها بمضض...

وفوق ذلك كله الأزمات الروحية والأخلاقية التي يئن من وطأتها العالم أجمع...

والحاجة الماسة إلى نشر وبيان مفاهيم الإسلام ومبادئه الإنسانية العميقة التي تلازم الإنسان في كل شؤونه وجزئيات حياته وتتدخل مباشرة في حل جميع أزماته ومشكلاته في الحرية والأمن والسلام وفي كل جوانب الحياة..

والتعطش الشديد إلى إعادة الروح الإسلامية الأصيلة إلى الحياة، وبلورة الثقافة الدينية الحيّة، وبث الوعي الفكري والسياسي في أبناء الإسلام كي يتمكنوا من رسم خريطة المستقبل المشرق بأهداب الجفون وذرف العيون ومسلات الأنامل..

كل ذلك دفع المؤسسة لأن تقوم بإعداد مجموعة من المحاضرات التوجيهية القيمة التي ألقاها سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) في ظروف وأزمنة مختلفة، حول مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، وقمنا بطباعتها مساهمة منا في نشر الوعي الإسلامي، وسدّاً لبعض الفراغ العقائدي والأخلاقي لأبناء المسلمين من أجل غدٍ أفضل ومستقبل مجيد..

وذلك انطلاقاً من الوحي الإلهي القائل:

* لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ * (1).

الذي هو أصل عقلائي عام يرشدنا إلى وجوب التفقه في الدين وانذار الأمة، ووجوب رجوع الجاهل إلى العالم في معرفة أحكامه في كل مواقفه وشؤونه..

كما هو تطبيق عملي وسلوكي للآية الكريمة:

* فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ

فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ * (2).

ان مؤلفات سماحة آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (دام ظله) تتسم ب_:

أولاً: التنوّع والشمولية لأهم أبعاد الإنسان والحياة لكونها إنعكاساً لشمولية الإسلام..

فقد أفاض قلمه المبارك الكتب والموسوعات الضخمة في شتى علوم الإسلام المختلفة، آخذاً من موسوعة الفقه التي تجاوزت _ حتى الآن _ المائة والخمسين مجلداً، حيث تعد إلى اليوم أكبر موسوعة علمية استدلالية فقهية مروراً بعلوم الحديث والتفسير والكلام والأصول والسياسة والاقتصاد والاجتماع والحقوق وسائر العلوم الحديثة الأخرى.. وانتهاءً بالكتب المتوسطة والصغيرة التي تتناول مختلف المواضيع والتي قد تتجاوز بمجموعها ال_(1500) مؤلفاً.

ثانياً: الأصالة حيث إنها تتمحور حول القرآن والسنة وتستلهم منهما الرؤى والأفكار.

ثالثاً: المعالجة الجذرية والعملية لمشاكل الأمة الإسلامية ومشاكل العالم المعاصر.

رابعاً: التحدث بلغة علمية رصينة في كتاباته لذوي الاختصاص ك_(الأصول) و(القانون) و(البيع) وغيرها، وبلغة واضحة يفهمها الجميع في كتاباته الجماهيرية وبشواهد من مواقع الحياة.

هذا ونظراً لما نشعر به من مسؤولية كبيرة في نشر مفاهيم الإسلام الأصيلة قمنا بطبع ونشر هذه السلسلة القيمة من المحاضرات الإسلامية لسماحة المرجع (دام ظله) والتي تقارب التسعة آلاف محاضرة ألقاها سماحته في فترة زمنية قد تتجاوز الأربعة عقود من الزمن في العراق والكويت وإيران..

نرجو من المولى العلي القدير أن يوفقنا لإعداد ونشر ما يتواجد منها، وأملاً بالسعي من أجل تحصيل المفقود منها وإخراجه إلى النور، لنتمكن من إكمال سلسلة إسلامية كاملة ومختصرة تنقل إلى الأمة وجهة نظر الإسلام تجاه مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية الحيوية بأسلوب واضح وبسيط.. إنه سميع مجيب.

مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر

بيروت لبنان

ص.ب: 6080/13 شوران

البريد الإلكتروني: almojtaba@shiacenter.com

الطلیعة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة

على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.

عاقبة الظلم

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «الظلم في الدنيا بوار، وفي الآخرة دمار»(3).

يجب على الإنسان أن يبتعد مهما استطاع عن الظلم؛ لأن عناءه يزول عمن ظلمه ويبقى وزره عليه، فإن الظالم يرى عقوبة ظلمه في العوالم الثلاثة جميعاً:

أولاً: في الدنيا، وذلك عن طريق الأمراض والآلام التي يتعرض لها في حياته بسبب ما ارتكبه من جرائم، فان الآلام والأمراض قد تكون من باب الامتحان والاختبار، وذلك لتخفيف بعض ذنوبه التي ارتكبها في دنياه، وكلامنا لا يتضمنها، وقد تكون عقوبة دنيوية على ظلمه للناس، فكم من الظالمين أصيبوا في هذه الدنيا بأمراض نفسية وجسدية أودت بحياتهم بعد ذلّ عاشوه.

ثانياً: في البرزخ، فالظالم إذا لم ير عاقبة ظلمه في الدنيا فانه يراها في عالم البرزخ.

وثالثاً: في الآخرة، حيث تكون نار جهنم بانتظارهم * يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ * (4).

عالم البرزخ

البرزخ: ما بين كل شيئين، وقيل: هو الحاجز بين الشيئين، وهو ما بين الدنيا والآخرة قبل الحشر: من وقت الموت إلى وقت الحشر فمن مات دخل البرزخ(5)، أي هو عالم متوسط بين الموت والبعث يوم الحساب، وبين عالم الدنيا وعالم الآخرة، وقد صرّح القرآن الحكيم بالبرزخ في قوله تعالى: * حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * (6).

قال الإمام الصادق عليه السلام: «البرزخ: القبر، وفيه الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة»(7).

فإذا كانت أعمال الإنسان في الدنيا صالحة تنعّم في قبره، وان كانت غير صالحة كالظالم مثلاً كان قبره حفرة من حفر النيران _ نعوذ بالله تعالى _ .

فقد قال رسول الله صلي الله عليه و اله:

«القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران... وكان صلي الله عليه و اله يقول في آخر صلاته: وأعوذ بك من عذاب القبر»(8).

وقال صلي الله عليه و اله: «... من خان جاره شبراً من الأرض جعله الله طوقاً في عنقه من تخوم الأرضين السابعة حتى يلقى الله يوم القيامة مطوقاً إلا أن يتوب ويرجع. ألا ومن تعلم القرآن ثم نسيه لقى الله عزوجل يوم القيمة مغلولاً، ويسلط الله عزوجل عليه بكل آية منه حية تكون قرينه إلى النار إلا أن يغفر له... ألا ومن زنى بامرأة مسلمة أو يهودية أو نصرانية أو مجوسية حرة أو أمة ثم لم يتب منه ومات مصراً عليه فتح الله له في قبره ثلاث مائة باب يخرج منها حيات وعقارب وثعبان من النار، فهو يحرق إلى يوم القيامة، وإذا بعث من قبره تأذى الناس من نتن ريحه فيعرف بذلك وبما كان يعمل في دار الدنيا حتى يؤمر به إلى النار..»(9) الحديث.

عالم القيامة

العالم الثالث الذي سيراه الظالم نتيجة ظلمه ويعاقب فيه، هو يوم القيامة، فإذا لم يتخلص الإنسان من ذنوبه في الدنيا والبرزخ، بسبب عظمتها وكثرتها، فلابد من العقاب في القيامة، حيث يأتي العبد يوم القيامة وقد سرّته حسناته، فيجيء الرجل فيقول: يا رب ظلمني هذا، فيؤخذ من حسناته فيجعل في حسنات الذي سأله، فما يزال كذلك، حتى لا تبقى له حسنة، فإذا جاء من يسأله، نظر إلى سيئاته فجعلت مع سيئات الرجل، فلا يزال يستوفي منه حتى يدخل النار(10).

وفي خطبة لرسول الله صلي الله عليه و اله في المدينة قال صلي الله عليه و اله : « أيها الناس إنه من لقي الله عز وجل يشهد أن لا

إله إلا الله مخلصاً لم يخلط معها غيرها دخل الجنة، فقام علي بن أبي طالب عليه السلام فقال : يا رسول الله، بأبي أنت وأمي كيف يقول مخلصاً لا يخلط معها غيرها فسّر لنا هذا نعرفه؟

قال صلي الله عليه و اله : نعم حرصاً على الدنيا وجمعها من غير حلها ورضي بها، وأقوام يقولون أقاويل الأخيار ويعملون عمل الجبابرة والفجار، فمن لقى الله وليس فيه شيء من هذه الخصال وهو يقول: لا إله إلا الله فله الجنة، فإن أخذ الدنيا وترك الآخرة فله النار ومن تولى خصومة ظالم أو أعانه عليها نزل به ملك الموت بالبشرى بلعنة الله ونار جهنم خالداً فيها وبئس المصير ومن خف لسلطان جائر كان قرينه في النار، ومن دل سلطاناً على الجور قرن مع هامان، وكان هو والسلطان من أشد أهل النار عذاباً ومن عظّم صاحب دنيا وأحبه لطمع دنياه سخط الله عليه وكان في درجته مع قارون في الباب الأسفل، ومن بنى بيتاً رياءً وسمعة حمله يوم القيامة إلى سبع أرضين ثم يطوقه ناراً يوقد في عنقه ثم يرمى به في النار، فقيل له: يا رسول الله كيف يبني رياءً وسمعة؟ قال صلي الله عليه و اله: يبني فضلاً على ما يكفيه أو يبني مباهاة، ومن ظلم أجيراً أجره أحبط الله عمله وحرم عليه ريح الجنة وريحها يوجد من خمسمائة عام، ومن خان جاره شبراً من الأرض طوقه الله تعالى يوم القيامة إلى سبع أرضين نار حتى يدخله جنهم، ومن تعلم القرآن ثم نسيه متعمداً لقى الله يوم القيامة مجذوماً ومغلولاً يسلط الله عليه بكل آية حية موكله به، ومن تعلم القرآن فلم يعمل به وآثر عليه حب الدنيا

وزينتها أستوجب سخط الله تعالى وكان في الدرجة مع اليهود والنصارى الذي ينبذون كتاب الله وراء ظهورهم ومن نكح امرأة حراماً في دبرها أو رجلاً أو غلاماً بكل حشره الله تعالى يوم القيامة انتن من الجيفة يتأذى به الناس حتى يدخل جهنم ولا يقبل الله منه صدقا ًولا عدلاً وأحبط الله عمله ويدعه في تابوت مشدوداً بمسامير من حديد ويضرب عليه في التابوت بصفايحه حتى يبشك في تلك المسامير فلو وضع عرق من عروقه على أربعمائة أمة لماتوا جميعاً، وهو من أشد الناس عذاباً»(11).

أنواع الظلم

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: «ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لايغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب، فأما الظلم الذي لايغفر فالشرك بالله، قال الله تعالى: * إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ * (12)، وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات، وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضاً»(13).

وقال عليه السلام: «شر الزاد إلى المعاد إحتقاب ظلم العباد»(14).

يعبر الإمام عليه السلام عن الشرك بالله تعالى بالظلم الذي لا يغفر لماذا؟

لأن معنى الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، فالمشرك ظالم؛ لأنه جعل غير الله تعالى شريكاً له، ووضع العبادة في غير محلها، وهكذا العاصي ظالم؛ لأنه وضع المعصية موضع الطاعة وهذا لا يغفر له؛ لأن المغفرة تكون لمن يعتقد بالغفار، أما الذي لا يعتقد بالله أصلاً فكيف ينتظر غفرانه.

وأما الظلم الذي يغفر فهو ظلم الإنسان نفسه بارتكابه صغائر الذنوب أو الكبائر التي لا تصل إلى حد الشرك بالله تعالى قال تعالى: * إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ * (15).

وأما الظلم الذي لا يدعه الله

عزوجل، فهو ظلم الناس بعضهم لبعض، وإن تاب الظالم، لكن الله تعالى لا يتركه إلا برضا المظلوم أو التعويض للمظلوم بما لحقه من ضرر.

فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: «لا يؤمن بالمعاد من ظلم العباد»(16).

وقال عليه السلام: «من ظلم العباد كان الله خصمه»(17).

وقال عليه السلام: «... وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضاً، العقاب هناك شديد ليس جرحاً بالمدى ولا ضرباً بالسياط ولكنه ما يستصغر ذلك معه»(18).

جزاء الظالم يوم القيامة

هناك روايات كثيرة تشير إلى عذاب يوم القيامة. وسنشير إلى بعضها؛ فمثلاً: الشخص الذي يظلم أخاه المؤمن، بالتعدي عليه، سواء بجوارحه أو بلسانه، يرى رد فعل ظلمه في الآخرة.

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «... وإياكم والظلم، فان الظلم عند الله هو الظلمات يوم القيامة...»(19).

وقال أيضاً صلي الله عليه و اله: «من ضرب بسوط ظلماً اقتص منه يوم القيامة»(20).

وهناك سؤال قد يدور في أذهان البعض:

فهل جزاء الذي يضرب شخصاً بصفعة، أن يقابل بعشرين صفعة يوم القيامة؟

لكن الله سبحانه يقول في القرآن الحكيم: * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا * (21) أي أن الإنسان يعاقب بمقدار جرمه، فيما إذا لم يشمله العفو من عند الباري عزوجل، حيث بين سبحانه وتعالى الحد في هذه الآية، لئلا يتجاوز المظلوم عن مقدار ما ظلم، انتقاماً وتشفياً، * وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ * يوردها الظالم * سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا * يوردها المظلوم، وسميت سيئة من باب المزاوجة، لأن الرد يشبه التعدي في الشكل، وان خالفه في المقصد والواقع.

جزاء القتل

وكذلك فان العقل يدل على هذا الأمر أيضاً؛ إذ جزاء السيئة في الدنيا عقوبة بقدرها في الآخرة ولكن الموازين تختلف والمحاسبة دقيقة تراعي جميع الجوانب * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ * (22) قد يكون جزاء القتل بالآخرة، هو خمسين سنة من الإحراق والتعذيب؛ وذلك لأن المذنب يحاسب على مقدار أذاه، فإذا كان مقدار الأذى الذي يراه المقتول خمسين درجة، فبمقدار ذلك الايلام يحاسب القاتل، كمثل الذي يستقرض ألف دينار ويعطي قرضة بشكل أقساط خلال خمسين سنة، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى عادل، ولا يجازي المذنب بأكثر من جزائه.

قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: «من

ظلم سلط الله عليه من يظلمه»(23).

حبس الحق

وعن يونس بن ظبيان قال: قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: «يا يونس، من حبس حق المؤمن، أقامه الله يوم القيامة، خمسمائة عام على رجليه، حتى يسيل عرقه أو دمه، وينادي مناد من عند الله: هذا الظالم الذي حبس عن الله حقه، قال فيوبّخ أربعين يوماً ثم يؤمر به إلى النار»(24).

الحق عند أمير المؤمنين عليه السلام

ومن كلام لأمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) يتبرأ من الظلم: «والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهّداً، أو أجرَّ في الأغلال مصفَّداً، أحب إليّ من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة، ظالماً لبعض العباد، وغاصباً لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحداً لنَفسٍ يُسرِعُ إلى البلى قفولها، ويطول في الثرى حلولها؟!

والله لقد رأيت عقيلاً وقد أملق، حتى استماحني من بُرِّكم صاعاً، ورأيت صبيانه شعث الشعور، غبر الألوان من فقرهم، كأنما سوّدت وجوههم بالعظلم.

وعاودني مؤكداً، وكرر عليّ القول مردداً، فأصغيت إليه سمعي، فظن أني أبيعه ديني، وأتَّبع قياده، مفارقاً طريقتي، فأحميت له حديدة، ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضجَّ ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من مِيسَمِها(25)، فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل! أتئن من حديدة أحماها انسانها للعبه، وتجرني إلى نار سجرها جبّارها لغضبه! أتئن من الأذى ولا أئن من لظى؟! وأعجب من ذلك، طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها، كأنما عجنت بريق حية أوقيئها، فقلت: أصِلة أم زكاة أم صدقة؟ فذلك محرَّم علينا أهل البيت! فقال: لاذا ولا ذاك، ولكنّها هدية، فقلت: هبلتك الهبول، أعن دين الله أتيتني لتخدعني؟

أمختبط أنت، أم ذو جِنة أم تهجر؟

والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شَعيرة ما فعلته، وإن دنياكم عندي لأهون من

ورقة في فم جرادة تقضمها.

ما لعلي ولنعيم يفنى، ولذة لا تبقى، نعوذ بالله من سبات العقل، وقبح الزلل، وبه نستعين»(26).

إمهال الظالم

الجاني الذي يقترف جريمة قتل مثلاً في مجتمعه الذي يعيش فيه، يكون لجريمته جوانب عديدة، فمن جانب إنه أزهق نفساً زكية، ومن الجانب الآخر أخلّ بالأمن الاجتماعي، واستهان بقيمة الإنسان والإنسانية، ومن جانب ثالث أدخل الحزن والأسى في قلوب الآخرين بعد أن فقدوا أحد أبنائهم أو أعزتهم وقد تكون هنالك جوانب عديدة أخرى. فما هو جزاؤه إذن؟

وقد يحصل في بعض الحالات أن الظالم لا ينال جزاءه في الدنيا، فهل هذا يعني أنه في الآخرة يترك ولا يعاقب؟ كلا، بل ان الله للظالمين بالمرصاد، وإمهال الله للظالم لا يعني تركه أبداً.

فإن لحكمة إلهية علمها عند الله كما يقول في كتابه: * وَلايَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * (27).

وقد جاء في التفسير لهذه الآية المباركة: أي لا يظن * الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ * الإملاء: الإمهال، أي أن إطالتنا لأعمارهم وإمهالنا إياهم، وتوفير المال والجاه لهم ليس خيراً لهم، فإن الخير هو الذي لا يسبب شراً وعقاباً. و * أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ * نطيل عمرهم ونعطيهم ما نعطيهم؛ * لِيَزْدَادُوا إِثْماً * ومعصية، فإنهم باعراضهم عن الحق وخبث بواطنهم استحقوا العقاب والعذاب، لكن حيث لا عقاب على الخبث الباطني فقط، كان الإمهال مُظهراً لذلك الخبث، فبقاؤهم موجب لزيادة عقوبتهم * وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * يهينهم علاوة على ألمه وكربه(28).

وقد جاء عن رسول الله صلي الله عليه و اله قوله: «إن الله يمهل الظالم حتى يقول: أهملني، ثم إذا أخذه أخذه أخذة رابية»(29).

وقال

رسول الله صلي الله عليه و اله: «ان الله حمد نفسه عند هلاك الظالمين، فقال: * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * (30)»(31).

وقال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: «ولئن أمهل الظالم، فلن يفوت أخذه، وهو له بالمرصاد، على مجاز طريقه، وبموضع الشجا من مساغ ريقه»(32).

والمجاز: محل العبور، من جاز بمعنى مرّ، والشجى هو ما يعترض في الحلق من عظم ونحوه، ومساغ الريق: أي ممره من الحلق، فان ماء الفم يمر من الحلق بسهولة إلى الباطن، وهذا تمثيل لقرب ترقب الله سبحانه للظالم، حتى كأنه سبحانه في حلقه، فإذا أراد أخذه جعل هناك شجى فلا يتمكن من شرب الماء.

وقد قال تعالى: * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * (33).

أثره على المظلوم

للظالم الأثر الواضح على المظلوم في جوانب عديدة، أقلها أنه استهان بقيمته وكرامته، سواء بغصب حقه، أو بأكل ماله، أو الاعتداء عليه...

فعن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: سباب المؤمن فسق وقتاله كفر، وأكل لحمه معصية، وحرمة ماله كحرمة دمه»(34).

مضافاً إلى أن الظالم استهان أيضاً بالأوامر والأحكام الإلهية التي تؤكد على عدم الظلم، ومما لا شك فيه أن الشخص الذي يرتكب ظلماً، سيترك أثراً سيئاً على الشخص المظلوم، والقضاء العادل الذي يكون في يوم القيامة يحاسب جميع هذه التأثيرات، ولذا فان الظالم سيلاقي جزاءه حتماً، إما آجلاً أو عاجلاً، والجزاء العاجل قد يكون من ظالم آخر، يسلطه الله عليه، بسبب ظلمه الناس، حيث قال عزوجل: * وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * (35).

فعن علي بن عيسى قال: معناه إنا كما وكلنا هؤلاء الظالمين من الجن والإنس بعضهم

إلى بعض يوم القيامة وتبرأنا منهم، فكذلك نكل الظالمين بعضهم إلى بعض يوم القيامة، ونكل الاتباع إلى المتبوعين، ونقول للأتباع: قولوا للمتبوعين حتى يخلصوكم من العذاب، وقيل: والغرض بذلك إعلامهم أنه ليس لهم يوم القيامة وليّ يدفع عنهم شيئاً من العذاب(36).

وأصرح من ذلك ما ورد عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: «ما انتصر الله من ظالم إلا بظالم»(37).

أثره على المجتمع

ان المجتمع الذي تكثر فيه حالة الظلم، لابد وأن تكثر فيه الاضطرابات المختلفة، وحالة عدم الاستقرار، وتترتب عليه آثار وخيمة جداً في نفوس أبناء المجتمع، خصوصاً إذا كان الحاكم نفسه ظالماً لشعبه، مستبداً برأيه، لا يهمه سوى مصالحه الشخصية، وبقائه في الحكم مدة أطول. وهذا شيء لا ينكر وقد صرح به علماء الاجتماع أيضاً، والتاريخ ينقل لنا شواهد كثيرة بهذا الخصوص؛ ومن هنا ترى أن الإسلام أكد على صيانة المجتمع بدءاً من قيادته إلى عموم الرعية، فجعل هناك شروطاً وصفات لابدّ من توفرها في الحاكم والرئيس، بحيث لا تنحرف القيادة عن طريق الحق، ولاتنتهي بالأمة إلى أسوأ مصير

نعم، لقد فطن الإسلام إلى ذلك الأمر الخطير، فاشترط شروطاً مهمة في الحاكم، ومنها: الإيمان، العدالة، التفوق في الدراية السياسية، وقد أشار الرسول الكريم صلي الله عليه و اله إلى هذه الناحية فقال صلي الله عليه و اله: «لا تصلح الإمامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه، وحسن الولاية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم»(38).

أثره في التجاوز على القانون

الحكومة الإسلامية هي حكومة القانون الإلهي على الناس، بيد أن الناس داخل النظام الإسلامي متساوون فيما بينهم بالحقوق والواجبات، وهذا ما يؤكد عليه التاريخ في حياة الرسول الأكرم صلي الله عليه و اله، حيث عمّ الرفاه في الدولة الإسلامية، بحيث لم يرَ في ذلك الوقت أي نوع من الظلم والإرهاب.

لكننا في الوقت الحاضر بعد أن أهملنا العمل بالكثير من التوصيات التي أوصانا بها القرآن والرسول صلي الله عليه و اله، نجد الظلم والفساد وغيرها من الفواحش قد كثرت في غالب المجتمعات المسلمة، وهذه بدورها قد انعكست على سمعة القوانين الإسلامية.

إن المجرم الذي يقترف

جريمة ما، فانه بدوره قد خرج عن قوانين الحكومة، وتمرد عليها، وضرب بها عرض الحائط؛ مما يؤدي إلى الاختلال والاضطراب في ميزان قوانين تلك الدولة. ثم ان من الثابت: إن القوانين الإلهية ثابتة، لا يطرأ عليها أي تغيير أو تبديل، وهي القوانين العادلة المنسجمة مع فطرة الإنسان، أما بالنسبة إلى المجرم فلم يسكت عنه الإسلام من دون النظر إليه، بل يواجهه بأسلوب حاسم حفظاً للمجتمع، فترى لكل جريمة جزاء مناسباً، بالشرائط الشرعية المخصوصة، وبذلك تتمكن الحكومة الإسلامية من السيطرة على الاختلال الذي قد يصيبها نتيجة وجود أفراد مسيئين، علماً بان الإسلام يحل المشاكل بمعالجة جذور الجريمة قبل كل شيء، فتقل الجرائم في المجتمع الإسلامي، وتفصيل هذا البحث في مظانه.

روي أن في التوراة مكتوباً من يظلم يخرب بيته، وقال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: «لا يكبرن عليك ظلم من ظلمك فانما يسعى في مضرته ونفعك، وليس جزاء من سرك أن تسوءه، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن حفر بئراً لأخيه وقع فيها، ومن هتك حجاب أخيه هتك عورات بيته وقال عليه السلام: أذكر عند الظلم عدل الله فيك، وعند القدرة قدرة الله عليك»(39).

السكوت عن الظلم

وقال عيسى بن مريم عليه السلام في موعظة لحواريه:

«إن الحريق ليقع في البيت الواحد، فلا يزال ينتقل من بيت إلى بيت، حتى تحترق بيوت كثيرة، إلا أن يستدرك البيت الأول فيهدم من قواعده، فلا تجد فيه معملاً، وكذلك الظالم الأول لو يؤخذ على يديه لم يوجد بعده إمام ظالم فيأتمون به، كما لو لم تجد النار في البيت الأول خشباً وألواحاً لم تحرق شيئاً»(40).

فبمقدار ما يظلم يجد الظالم أو القاتل جزاءه في الآخرة، وان طال العذاب وتوسّع، فمثلاً:

الغواص الذي يدخل بجسمه في الماء، يزيح من الماء بمقدار حجم بدنه، ولا يفرق في ذلك إذا دخل نهراً أو بحراً، وهكذا المجرم فانه يجازى بقدر جريمته حسب موازين الآخرة، كما قال سبحانه وتعالى واصفاً أهل النار: * كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ * (41) فحتى لو تبدل جلده خمسين مرة فانه يأخذ بمقدار ما ارتكب من الجريمة والأذى.

ثم ان الجلود الجديدة هي الجلود القديمة، التي صنعت من جديد، إذ الشيء المحترق تتفرق أجزاءه في الفضاء، فيجمعها سبحانه، ويعطيها الصورة الجلدية من جديد، هذا بالاضافة إلى أنه لو خلقت جلود جديدة لم يكن بذلك بأس؛ إذ المتألم هو الروح في بعض الصور، فلا يقال: بم استحق الجلد الجديد العذاب؟

إذن عقاب الله للظالم شديد فيجب على الإنسان أن يحذر ويتجنب الوقوع في الظلم، لأن الله سبحانه وتعالى وعد الظالمين بعذاب أليم قال تعالى: * ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ * (42).

وقال سبحانه: * وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * (43).

وقال عزوجل: * فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ * (44).

وفي الحديث القدسي: «ان لم انتقم من الظالم فانا الظالم».

وقال الشاعر:

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً ت فالظلم مرتعه يقضي إلى الندم القلل

فاحذر بني من المظلوم دعوته تحرسهم

كيلا يصبك سهام الليل في الظلم القلل

تنام عينك والمظلوم منتبه تحرسهم

يدعو عليك وعين الله لم تنم(45) القلل

شوكة في يد الظالم

جاء في قصص بني إسرائيل، أن أحد الظالمين كان يسير في إحدى الطرقات، وإذا به يلتقي بصياد، بيده سمكة، يتجه إلى بيته، فجاء إليه الظالم، وأخذ منه السمكة، بعد أن ضربه بعصا كانت في يده، ثم ذهب إلى بيته، وقال لزوجته: اطبخي لي

هذه السمكة، فلما حان وقت الغذاء، قدمت الزوجة السمكة إلى زوجها، وعند الأكل دخلت إحدى شوكات السمكة في يد الظالم وأخذت تؤلمه ألماً شديداً، وبعد مدة اضطر للذهاب إلى الطبيب.

فقال له: يجب أن تُقطع كفك، وإلا فسيصعد الألم أكثر، وعندها يجب أن تقطع يدك من المرفق، وبعدها من الكتف وإلا فان الألم سوف يسري في جسدك ويقتلك، فتحير كثيراً ولم يعرف ماذا يفعل؟! فتأثر كثيراً لحالته، وأخذ يتناول أنواع الأدوية ولكن دون أي جدوى، وفي يوم من الأيام هام على وجهه إلى الصحراء، وفي المساء وبعد أن نام رأى في منامه قائلاً يقول له: لا علاج لك سوى أن تذهب إلى ذلك الصياد، الذي أخذت منه السمكة وتعتذر منه، لكي تعود لك صحتك، فقام من منامه وذهب إلى ذلك الصياد ليعتذر منه، فقدم له اعتذاره، وقبل الصياد منه الاعتذار وسامحه، وبعد فترة عوفي من مرضه.

نعم، بعض الظالمين قد يرى جزاء ظلمه في الدنيا قبل الآخرة ولو بعد حين؛ لأن الله تعالى يمهله ولكن لا يهمله، والبعض الآخر قد يمهله إلى يوم القيامة ليرى هناك أشد العذاب...

وفي الدعاء:

«يا من لا يخفى عليه أنباء المتظلمين، ويا من لا يحتاج في قصصهم إلى شهادات الشاهدين، ويا من قربت نصرته من المظلومين، ويا من بَعُدَ عونه عن الظالمين... اللهم فصل على محمد وآله»(46).

من هدي القرآن الحكيم

الظلم

قال تعالى: * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ.. * (47).

وقال سبحانه: * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ * (48).

وقال عزوجل: * بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ * (49).

وقال سبحانه: * فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً

لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ * (50).

وقال تبارك وتعالى: * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لإبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * (51).

إمهال الظالمين وجزاؤهم

قال عزوجل: * وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * (52).

وقال تعالى: * فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ * (53).

وقال عز من قائل: * وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمّىً لَجَاءهُمُ الْعَذَابُ * (54).

وقال سبحانه: * إِنَّ السَّاعَةَ ءاتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى * (55).

بعض آثار الظلم والظالمين

قال تعالى: * إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * (56).

وقال عزوجل: * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنْ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * (57).

وقال سبحانه: * وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً * (58).

أنواع الظلم

قال عزوجل: * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً * (59).

وقال سبحانه: * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ * (60).

وقال تعالى: * وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ * (61).

وقال عز من قائل: * إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ ءامَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ * (62).

من هدي السنة المطهرة

الظلم

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «اتقوا الظلم فانه ظلمات يوم القيام»(63).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «أقدموا على الله مظلومين ولا تقدموا عليه ظالمين»(64).

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «بئس الزاد إلى المعاد العدوان

على العباد»(65).

وقال أبو عبد الله عليه السلام: «من أكل مال أخيه ظلماً ولم يردّه إليه أكل جذوة من النار يوم القيامة»(66).

إمهال الظالمين وجزاؤهم

قال رسول الله صلي الله عليه و اله في تفسير قوله تبارك وتعالى: * وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * (67) «ان الله يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته»(68).

وعن رسول الله صلي الله عليه و اله قال: «ان الله تعالى يمهل الظالم حتى يقول أهملني، ثم إذا أخذه أخذه أخذة رابية، وقال صلي الله عليه و اله: ان الله حمد نفسه عند هلاك الظالمين، فقال: * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * (69)»(70).

وروي أنه تعالى أوحى إلى داود عليه السلام: «قل للظالمين لا تذكروني، فانه حقَّ عليَّ أن أذكر من ذكرني، وان ذكري إياهم أن ألعنهم»(71).

بعض آثار الظلم والظالمين

عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: «الظالم ملوم»(72).

وقال عليه السلام: «الظلم وخيم العاقبة»(73).

وقال عليه السلام: «إياك والظلم فمن ظلم كرهت أيامه»(74).

وقال عليه السلام: «شيئان لا تسلم عاقبتهما الظلم والشر»(75).

وقال عليه السلام: «الظلم يردي صاحبه»(76).

أنواع الظلم

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من آذى مؤمناً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فهو ملعون في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان»(77).

وقال صلي الله عليه و اله: «من أذل مؤمناً أو حقره لفقره وقلّة ذات يده شهره الله على جسر جهنم يوم القيامة»(78).

وقال صلي الله عليه و اله: «إياكم والفحش، فان الله لا يحب الفحش والتفحش»(79).

وقال صلي الله عليه و اله: «الجنة حرام على كل فاحش أن يدخلها»(80).

وعن مولانا الكاظم عليه السلام انه رأى رجلين يتسابان فقال: «البادي أظلم، ووزره ووزر صاحبه عليه، ما لم يعتد المظلوم»(81).

إعانة الظلمة

قال رسول الله صلي الله عليه و اله: «من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام»(82).

وقال الإمام الباقر عليه السلام: «العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء ثلاث»(83).

وقال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: «قال رسول الله صلي الله عليه و اله: إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الظلمة وأعوان الظلمة ومن لاق لهم دواتاً، أو ربط لهم كيساً أو مدهم بمدة قلم فاحشروهم معهم»(84).

الإصرار على الذنب

قال الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: «لما نزلت هذه الآية * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * (85) صعد إبليس جبلاً بمكة يقال له ثور، فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه فقالوا: يا سيدنا لم دعوتنا؟ قال: نزلت هذه الآية فمن لها؟

فقام عفريت من الشيطان فقال: أنا لها بكذا وكذا، قال: لست لها، فقام آخر فقال مثل ذلك، فقال لست لها، فقال الوسواس الخناس: أنا لها، قال: بماذا؟ قال: أعدهم وأمنيهم حتى يواقعوا الخطيئة فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار. فقال: أنت لها، فوكله بها إلى يوم القيامة»(86).

ظلم الرعية

قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام:« من ظلم رعيته نصر أضداده»(87).

وقال عليه السلام: «شر الأمراء من ظلم رعيته»(88).

وقال عليه السلام: «أفظع شيء ظلم القضاة»(89).

رجوع إلى القائمة

الهوامش

(1) سورة التوبة: 122.

(2) سورة الزمر: 18.

(3) غرر الحكم ودرر الكلم: ص457 ح10437 الفصل الأول في الظلم.

(4) سورة ق: 30.

(5) أنظر لسان العرب: ج3 ص8 مادة «برزخ».

(6) سورة المؤمنون: 99 _ 100.

(7) تفسير القمي: ج1 ص19.

(8) بحار الأنوار: ج6 ص205 ب8 بيان.

(9) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص260 باب ذكر جمل من مناهي رسول الله.

(10) راجع تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص260 باب ذكر من مناهي رسول الله.

(11) ثواب الأعمال: ص280 عقاب مجمع عقوبات الأعمال.

(12) سورة النساء: 48.

(13) نهج البلاغة، الخطبة: 176.

(14) الارشاد: ج1 ص300 من كلامه (ع) في الحكمة والموعظة.

(15) سورة النساء: 48.

(16) غرر الحكم ودرر الكلم: ص147 ح2687 الفصل الثاني في الآخرة.

(17) غرر الحكم ودرر الكلم: ص456 ح10401 الفصل الأول في الظلم.

(18) غرر الحكم ودرر الكلم: ص455 ح10383 الفصل الأول في الظلم.

(19) الخصال: ص176 ح235.

(20) نهج الفصاحة: ص617 ح3032.

(21) سورة الشورى: 40.

(22) سورة الزلزلة: 7 و8.

(23) الكافي: ج2 ص332 ح13.

(24) الكافي: ج2 ص367 ح2.

(25) ميسم: بكسر الميم وفتح السين المكواة.

(26) نهج البلاغة، الخطبة 224.

(27) سورة آل عمران: 178.

(28) تقريب القرآن إلى الأذهان: ج4 ص73 تفسير سورة آل عمران 178.

(29) كنز الفوائد: ج1 ص135 فصل مما ورد في ذكر الظلم.

(30) سورة الأنعام: 45.

(31) كنز الفوائد: ج1 ص135 فصل مما ورد في ذكر الظلم.

(32) نهج البلاغة: الخطبة 97.

(33) سورة ق: 16.

(34) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص209.

(35) سورة الأنعام: 129.

(36) تفسير مجمع البيان: ج2 ص365 تفسير سورة الأنعام: 128-129.

(37) ثواب الأعمال: ص274، عقاب

من ظلم.

(38) الكافي: ج1 ص407 ح8.

(39) مستدرك الوسائل: ج12 ص102 ب77 ح13633.

(40) تحف العقول: ص504، مواعظ المسيح عليه السلام في الإنجيل وغيره ومن حكمه.

(41) سورة النساء: 56.

(42) سورة يونس :52.

(43) سورة الأعراف: 165.

(44) سورة الزخرف: 65.

(45) ديوان الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: ص406.

(46) الصحيفة السجادية: ص76 من دعائه عليه السلام إذا إعتديَ عليه أو رأى من الظالمين ما لا يحب.

(47) سورة الأنعام: 21.

(48) سورة هود: 117.

(49) سورة الروم: 29.

(50) سورة الأنعام: 144.

(51) سورة لقمان: 13.

(52) سورة إبراهيم: 42-43.

(53) سورة الروم: 57.

(54) سورة العنكبوت: 53.

(55) سورة طه: 15.

(56) سورة المائدة: 51.

(57) سورة البقرة: 59.

(58) سورة الكهف: 59.

(59) سورة الأحزاب: 58.

(60) سورة يونس: 23.

(61) سورة الأنعام: 108.

(62) سورة المطففين: 29 _ 32.

(63) الكافي: ج2 ص332 باب الظلم ح10.

(64) نهج البلاغة، الخطبة: 151.

(65) نهج البلاغة، قصار الحكم: 221.

(66) الكافي: ج2 ص333 باب الظلم ح15.

(67) سورة هود: 102.

(68) تفسير نور الثقلين: ج2 ص394 ح206.

(69) سورة الأنعام: 45.

(70) مستدرك الوسائل: ج12 ص102 ب77 ح13633.

(71) جامع الأخبار: ص155 الفصل 116 في الظلم.

(72) غرر الحكم ودرر الكلم: ص457 ح10456 الفصل الأول في الظلم.

(73) غرر الحكم ودرر الكلم: ص457 ح10457 الفصل الأول في الظلم.

(74) غرر الحكم ودرر الكلم: ص457 ح10463 الفصل الأول في الظلم.

(75) غرر الحكم ودرر الكلم: ص457 ح10458.

(76) غرر الحكم ودرر الكلم: ص457 ح10461.

(77) جامع الأخبار: ص147 الفصل 110 في إيذاء المؤمن.

(78) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج2 ص70 ح326.

(79) مجموعة ورام: ص110 باب ما جاء في المراء.

(80) مجموعة ورام: ص110 باب ما جاء في المراء.

(81) تحف العقول: ص412، قصار المعاني.

(82) جامع الأخبار: ص155 الفصل 116 في الظلم.

(83) جامع الأخبار: ص155 الفصل 116 في الظلم.

(84) جامع الأخبار: ص155.

(85)

سورة آل عمران: 135.

(86) الأمالي للشيخ الصدوق: ص465 المجلس 71 ح5.

(87) الغرر: ص346 ح7983 الفصل السابع آفات الحكومة.

(88) الغرر: ص347 ح8018 الفصل الثامن في الحاكم.

(89) الغرر: ص335 ح7726 الفصل السابع في القضاء.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.