فضائل الإمام الحسن علیه السلام

اشارة

فضائل الإمام الحسن علیه السلام

علي حيدر المؤيد

الكويت 1422ه-

زبان: عربی

تعداد صفحات: 312 ص

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

ص: 6

المقدمة

بِسمِ الله الرَّحمنِ الرَحیم

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلائق أجمعين محمد و آله الطيبين الطاهرين.

اللهم إني أتقرّب إليك بجودك وكرمك وأتقرّب إليك بمحمد عبدك ورسولك وأتقرّب إليك بملائكتك المقرّبين وأنبيائک ورسلك، أن تصلّي على محمد عبدك ورسولك وعلى آل محمد، وأن تقيلني عثرتي وتستر عليَّ ذنوبي وتغفرها لي وتقضي لي حوائجي، ولا تعذّبني بقبيح كان منّي، فإنّ عفوك وجودك يسعني، إنّك على كل شيء قدير(1).

وبعد فقد ولد الإمام الحسن علیه السَّلام في المدينة المنوّرة في الخامس عشر من شهر رمضان المبارك _عام (3) للهجرة وهو أول أولاد الإمام علي و سيّدة النساء فاطمة عليهما صلوات الله ورحمته، وكانت ملامحه تحاكي ملامح جدّه الرسول المصطفى فقد حدّث أنس ابن مالك قال: (لم يكن أحد أشبه بالنبي من الحسن بن علي)(2).

ص: 7


1- دعاء الإمام الحسين بن علي عليهماالسَّلام، مفاتیح الجنان: 76.
2- صحيح البخاري 217/4 ، العمدة لابن البطريق:397.

وكان علیه السَّلام أعبد الناس في زمانه وأزهدهم وأفضلهم وكان إذا حجّ حجّ ماشياً وربّما مشي حافياً وكان علیه السَّلام إذا ذكر الموت بکی، وإذا ذكر القبر بکی وإذا ذكر البعث والنشور بکی، وإذا ذكر الممر على الصراط بکی وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذِكره شهق شهقة يغشى عليه منها، وكان إذا أقام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ وجل، وكان علیه السَّلام إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم، وسأل الله الجنة وتعوّذ به من النار، وكان علیه السَّلام لا يقرء من كتاب الله عزّ وجل «یَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» إلّا قال لبّيك اللهم لبّيك، ولم ير في شيء من أحواله إلاّ ذاكراً لله سبحانه، وكان أصدق الناس لهجة، وأفصحهم منطقاً.

ولقد قيل لمعاوية ذات يوم: لو أمرت الحسن بن علي بن أبي طالب فصعد المنبر فخطب ليتبيّن للناس نقصه، فدعاه فقال له: اصعد المنبر وتكلّم بكلمات تعظنا بها، فقام علیه السَّلام فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أيها الناس! من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب، وابن سيدة النساء فاطمة بنت رسول الله أنا ابن خير خلق الله أنا ابن رسول الله أنا ابن صاحب الفضائل، أنا ابن صاحب المعجزات والدلائل، أنا ابن أمير المؤمنين، أنا المدفوع عن حقّي، أنا وأخي الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة أنا ابن الركن والمقام أنا ابن مكة ومني، أنا ابن المشعر وعرفات، فقال له معاوية: يا أبا محمد خُذ في نعت الرطب ودع هذا فقال: الريح تنفخه والحرور ينضجه، والبرد يطيبه، ثمّ عاد علیه السَّلام في كلامه فقال: أنا إمام خلق الله، وابن محمد رسول الله. فخشي معاوية أن يتكلّم بعد ذلك بما يفتتن به الناس، فقال: يا أبا محمد انزل فقد کفی ما جری، فنزل(1).

ص: 8


1- بحار الأنوار 231/43، الباب16.

مکارم أخلاقه عليه السَّلام:

الإمام الحسن علیه السَّلام أوّل ولد يولد من سلالة الرسالة، ليحفظ الله به وبأخيه الإمام الحسين عليه السَّلام، نمو تلك الشجرة الطيبة، التي أصلها ثابت، وفرعها في السماء.

وهبه جدّه العظيم من الحنان والمحبّة، ما رقّ به طبعه، وصفت به ذاته، وابتعدت به عن دوافع الغلظة نفسه، فكان الحلم من أبرز صفاته، والمحبة للناس من أروع مشاعره.

ورعاه جدّه العظيم، بعينه وقلبه، فهو قطعة من وجوده، وومضة من روحه، وصورة تحكيه.

وورّثه هيبته وسؤدده، حتّى فرق منه أعداؤه وأعظمه مخلصوه وأحباؤه.

وأعظم بانسان، جدّه محمد، وأبوه علي علیه السّلام، وأُمه فاطمة علیها السَّلام وأي فخر بعد هذا المفتخر، وأي مجد بعده الإنسان.

وقال له النبي: ( أشبهت خَلقي وخُلقی)(1).

وعن أبي هريرة قال: (ما رأيت الحسن قط إلّا فاضت عيناي دموعاً وذلك أنه اُتي يوماً يشتد حرّاً قعد في حجر رسول الله، فجعل يقول بيده هكذا في لحية رسول الله يفتح فمه ثمّ يدخل فيه يقول اللهم إني أحبه فأحبّه وأحب من يحبّه يقولها ثلاث مرّات)(2).

وعن البراء بن عازب قال: (رأيت رسول الله واضعاً الحسن علی عاتقه فقال من أحبني فليحبّه)(3).

ص: 9


1- المناقب 20/4، فصل في سيادته علیه السَّلام.
2- المناقب 25/4، فصل في محبة النبي إيّاه.
3- المناقب 4 / 35، فصل في محبّة النبي إيّاه.

روی جماعة منهم معمر، عن الزهري، عن أنس بن مالك قال: لم يكن أحد أشبه برسول الله صلی الله علیه و اله من الحسن بن علي علهما السَّلام. وعن محمد بن إسحاق في كتابه قال: ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله ما بلغ الحسن، كان يبسط له على باب داره فإذا خرج وجلس انقطع الطريق، فما مرّ أحد من خلق الله إجلالاً له، فإذا علم قام ودخل بيته، فمرّ الناس ولقد رأيته في طريق مكة ماشياً فما من خلق الله أحد رآه إلّا نزل و مشي حتّى رأيت سعد بن أبي وقاص يمشي.

أبو السعادات في الفضائل أنّه أملا الشيخ أبو الفتوح في مدرسة الناجية: إنّ الحسن بن علي عليهما السَّلام كان يحضر مجلس رسول الله وهو ابن سبع سنين فيسمع الوحي فيحفظه فيأتي أُمه فيلقي إليها ما حفظه كلّما دخل علی عليه السَّلام ما وجد عندها علماً بالتنزيل فيسألها عن ذلك فقالت: من ولدك الحسن، فتخفي يوماً في الدار، وقد دخل الحسن وقد سمع الوحي فأراد أن يلقيه إليها فارتج عليه، فعجبت أُمه من ذلك فقال: لا تعجبي يا أُماه فإنّ كبيراً يسمعني، فاستماعه قد أوقفني، فخرج علي علیه السَّلام فقبّله، وفي رواية: يا أُماه قلَّ بياني وكلَّ لساني لعلّ سيداً يرعاني(1).

قيل للحسن بن علي إنّ فيك عظمة، قال: بل في عزّة قال الله تعالی: «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ»(2) وقال واصل بن عطاء: كان الحسن بن علي عليه سيماء الأنبياء(3) وبهاء الملوك.

أمّا زهده فقد جاء في روضة الواعظين أنّ الحسن بن علي کان إذا توضّأ ارتعدت مفاصله، واصفرّ لونه، فقيل له في ذلك فقال: حقّ على كلّ من وقف بين يدي ربّ العرش أن يصفرّ لونه، وترتعد مفاصله. وكان إذا بلغ باب

ص: 10


1- بحار الأنوار 43/ 338، الحديث 10.
2- المنافقون : 8.
3- بحار الأنوار 43/ 338، الحديث11.

المسجد رفع رأسه ويقول: إلهي ضيفك ببابك يا محسن قد أتاك المسيئ، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك، یا کریم.

الفائق إن الحسن كان إذا فرغ من الفجر لم يتكلّم حتّى تطلع الشمس وإن زحزح، أي وإن أُريد تنحيه من ذلك باستنطاق ما يهم. قال الصادق: إنّ الحسن بن علي حجّ خمسة وعشرين حجّة ماشياً وقاسم الله تعالی ماله مرّتين، وفي خبر: قاسم ربّه ثلاث مرّات وحجّ عشرين حجّة على قدميه.

أبو نعيم في حلية الأولياء بالاسناد عن القاسم بن عبد الرحمن، عن محمد بن علي قال الحسن علیه السَّلام: إنّي لاستيحيي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته فمشى عشرين مرّة من المدينة على رجليه.

وفي كتابه بالاسناد عن شهاب بن عامر أن الحسن بن علي علية قاسم الله تعالی ماله مرّتين حتّى تصدّق بفرد نعله.

وفي كتابه بالاسناد عن ابن نجيح أن الحسن بن علي حجّ ماشياً وقسّم ماله نصفين.

وفي كتابه بالاسناد عن علي بن جذعان قال: خرج الحسن بن علي من ماله مرّتين وقاسم الله ماله ثلاث مرّات حتّى أن كان ليعطي نعلاً ويمسك نعلاً ويعطي خفاً ويمسك خفاً.

وروى عبد الله بن عمر عن ابن عباس قال: لما اُصيب معاوية قال: ما آسی على شيء إلّا على أن أحج ماشياً ولقد حجّ الحسن بن علي خمساً وعشرين حجّة ماشياً وإن النجائب لتقادمعه، وقد قاسم الله مرّتين حتّى أن كان ليعطي النعل ويمسك النعل، ويعطي الخف و يمسك الخف(1).

ص: 11


1- المصدر السابق، الحديث 12.

وقال أنس:(حيّت جارية للحسن بن علي علیه السَّلام بطاقة ريحان فقال لها: أنت حرّة لوجه الله فقلت له في ذلك فقال: أدّبنا الله تعالی فقال:«وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا»(1) وكان أحسن منها إعتاقها)(2).

وروى أبو الحسن المدائني قال: خرج الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر حجاجاً ففاتهم أثقالهم، فجاعوا وعطشوا فمروا بعجوز في خباء لها فقالوا: هل من شراب؟ فقالت: نعم، فأناخوا بها وليس لها إلّا شويهة في كسر الخيمة، فقالت: احلبوها، وامتذقوا لبنها، ففعلوا ذلك وقالوا لها: هل من طعام؟ قالت: لا إلّا هذه الشاة، فليذبحنها أحدكم حتّى أهيئ لكم شيئاً تأكلون. فقام هليها أحدهم فذبحها وكشطها ثمّ هيأت لهم طعاماً فأكلوا ثم أقاموا حتّى أبردوا فلمّا ارتحلوا قالوالها: نحن نفر من قریش نريد هذا الوجه، فإذا رجعنا سالمين فألمي بنا فإنا صانعون إليك خيراً، ثمّ ارتحلوا. وأقبل زوجها وأخبرته عن القوم والشاة فغضب الرجل، وقال: ويحك تذبحين شاتي لأقوام لا تعريفنهم ثمّ تقولين: نفر من قریش، ثمّ بعد مدّة ألجأتهم الحاجة إلى دخول المدينة، فدخلاها وجعلا ينقلان البَعر إليها ويبيعانه ويعشیان منه، فمرّت العجوز في بعض سكك المدينة فإذا الحسن علي باب داره جالس فعرف العجوز وهي له منكرة. فبعث غلامه فردبّها فقال لها: يا أمة الله تعرفيني؟ قالت: لا، قال: أنا ضيفك يومكذا، فقالت العجوز بأبي أُنت وأُمي، فأمر الحسن عليه السَّلام فاشترى لها من شاة الصدقة ألف شاة وأمر لها بألف دينار وبعث بها مع غلامه إلى أخيه الحسين علیه السَّلام فقال: بكم وصلك أخي الحسن فقالت: بألف شاة وألف دينار، فأمر لها بمثل ذلك، ثمّ بعث بها مع

ص: 12


1- النسا:85.
2- النساء: 85. (2) بحار الأنوار 343/43، الحديث 15.

غلامه إلى عبد الله بن جعفر علیه السَّلام فقال: بكم وصلك الحسن والحسين؟ فقالت: بألفي دينار وألفي شاة فأمر لها عبد الله بألفي شاة وألفي دينار، وقال: لو بدأت بي لاتعبتهما، فرجعت العجوز إلى زوجها بذلك(1).

مرّ الحسن بن علي عليهما السَّلام على فقراء وقد وضعواکسيرات على الأرض وهم قعود يلتقطونها ويأكلونها فقالوا له: هلمّ يا ابن بنت رسول الله إلى الغداء قال: فنزل وقال: إن الله لا يحب المستكبرين، وجعل يأكل معهم حتّى اكتفوا والزاد على حاله ببركته ثمّ دعاهم إلى ضيافته وأطعمهم وكساهم(2).

هذه نبذة مختصرة عن سيرة امامنا الحسن عليه السّلام المليئة بالمكارم والخلق الرفيع الذي ورثه الإمام عليه السّلام من جدّه المصطفی وأبيه المرتضی عليه السّلام وأُمه الزهراء البتول سلام الله عليها. فلا غَرو إذا ذكر أئمة أهل البيت يتبادر الذهن إلى عيادة متواصلة، وأوراد كثيرة، وكرم وإحسان، وسيرة مثالية، وأخلاق فاضلة، و سجایاکریمة ... فهم مجمع الفضائل ومنتهى المكارم. ورّثهم جدّهم الرسول الأعظم أخلاقه وسجاياه، وأتحفهم بعاداته وأطواره، فغدوا بها أفضل الخلائق، وأكرم الكائنات.

إمامة الحسن عليه السّلام:

إنّ أبرز الصفات المائلة في الإمام الحسن عليه السّلام هي الإمامة وذلك لما تستدعيه من المثل والقابليات التي لا تتوفر إلّا عند من إصطفاه الله واختاره من بين عباده، وقد حباهما الله تعالى بها، وأعلى ذلك الرسول الكريم، بقوله فيه وفي أخيه نختار منها:

ص: 13


1- المصدر السابق: 348، الحدیث 20.
2- بحار الأنوار 352/43، الحدیث 28.

(الحسن والحسین امامان إن قاما وإن قعدا). وقال صلى الله عليه وسلم: (من سرّه ان ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة، فلينظر إلى الحسن بن علي)(1).

وقال صلى الله عليه وسلم: (... وان ريحانتي من الدنيا الحسن والحسين علیهما السّلام سميتهما باسم سبطین من بني إسرائيل شبراً و شبيراً)(2).

وقال صلى الله عليه وسلم: (الحسن والحسين سبطان من الأسباط)(3).

وقال للحسين علیه السَّلام: (هذا إمام ابن إمام أخو إمام، أبو أئمة تسعة)(4).

ولابدّ هنا من وقفة قصيرة لنبين فيها معنى الإمامة، وبعض الشؤون التي تتعلّق بها لأهميتها في الدين وفي قوام حياة المسلمين.

1- معنى الإمامة:

الإمامة هي الرئاسة العامة على جميع الناس فإذا أخذت لا بشرط شيء تجامع النبوة والرسالة، وإذا أخذت بشرط لا شيء لا تجامعهما(5).

فالإمام حسب هذا التحديد هو الزعيم العام والرئيس المتبع وله السلطة الشاملة على الناس في جميع شؤونهم الدينية والدنيوية.

2- الحاجة إلى الإمامة:

الإمامة ضرورة من ضروريات الحياة لا يمكن الاستغناء عنها بحال من الأحوال منها يقوم ما اعوج من نظام الدنيا والدين، وبيها تتحقق العدالة الكبرى

ص: 14


1- أعلام الوری: 211، الفصل 3، المناقب 20/4، فصل في سيادته.
2- وسائل الشيعة 15 /97، الباب 2، الحدیث1.
3- الصواعق المحرقة: 114، کنز العمال 6 / 221.
4- بحار الأنوار 306/43. الحدیث 66.
5- مجمع البحرين 6 / 15، باب الإمامة.

التي ينشدها الله في أرضه، ويتحقق الأمن العام والسلام بين الناس، ويدفع عنهم الفوضى والاضطراب، ويمنع القوي من أن يتحكم في الضعيف، ومن أهم الاُمور الداعية إلى وجود الإمام ايصال الناس إلى عبادة الله. ونشر أحكامه وتعاليمه، و تفدية المجتمع بروح الايمان والتقوى ليبتعد الإنسان بذلك عن الشر ويتجه إلى الخير، ويجب على الاُمة كافة الانقياد إليه، والامتثال لأوامره ليقيم أودها، ويلم شعثها ويهديها إلى سواء السبيل.

3- واجبات الامام:

إنّ على الإمام واجبات باعتباره ولي أمرهم وهي:

1- حفظ الدين، وحراسة الإسلام، وصيانته من المستهترين بالقيم والأخلاق.

2- تنفيذ الأحكام، والقضاء على الخصومات، واتصاف المظلوم.

3- حماية البلاد الإسلامية من الغزو الخارجي سواءً أكان الغزو عسكرياً أم فكرياً وهو ما يعبّر عنه بتحصين الثغور.

4- اقامة الحدود، والقضاء على كافة الجرائم التي توجب شقاء الإنسان.

5- الجهاد.

6 - جباية الحقوق المالية كالزكاة والخراج وغيرها من الاُمور التی نص عليها الشرع وصرفها في مواردها.

7- استخدام الأُمناء في جهاز الحكم، والنظارة على اُمور الرعية، والقيام بشؤونهم وسدّ حاجاتهم المعنوية والمادية.

4- أوصاف الإمام:

نص العلماء على لزوم توفير جملة من الشروط في الإمام من أهمها ما يلي:

1- العصمة.

2- العلم بما تحتاج إليه الاُمة في جميع مجالاتها.

ص: 15

3- سلامة الحواس کالسمع والبصر واللسان.

4- الرأي المغضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح العامة.

5- الشجاعة والنجدة، والقدرة على حماية بيضة الإسلام وجهاد العدو.

6- النسب وهو أن يكون الإمام من قریش. نعم في زمن الغيبة يشترط في الفقيه الجامع للشرائط الذي هو الإمام الولي العادل المنصوب من قبل الإمام المعصوم حجة على الاُمة، وقد بحث ذلك علماءنا الأعلام في كتب كثيرة ومفصّلة لا يسعنا المجال لبيانها.

الإمام الحسن عليه السَّلام في الذكر الحكيم:

أشار کتاب الله العزيز بفضل الإمام الحسن عليه السَّلام في ضمن العديد من الآيات والسور التي نزلت بحق أهل البيت عليهم السَّلام لكونه من المصادیق الظاهرة الجلية، بل أوّل ما ينطبق عليه عنوان العترة كما في العرف واللغة ففي «مجمع البحرین» عن ابن الأعرابي، العترة: ولد الرجل وذريّته من صلبه ولذلك سميت ذرية محمد من علي وفاطمة عترة محمد(1).

وكذا في «معاني الأخبار»، وفي حديث الصادق عليه السَّلام عن الحسن بن علي عليهما السَّلام قال: (سئل أمير المؤمنين عليه السَّلام عن قول رسول الله: ( إني مخلّف فیکم الثقلين كتاب الله وعترتي) من العترة؟).

فقال عليه السَّلام: (أنا والحسن والحسين عليهما السَّلام والأمة التسعة في ولد الحسين عليه السَّلام تاسعهم مهدیهم وقائمهم لا يفارقونهم كتاب الله ولا يفارقونهم حتّى یردوا على رسول الله حوضه)(2).

ص: 16


1- مجمع البحرین 395/3 (عتر).
2- بحار الأنوار 23 / 147، الحدیث110، عیون أخبار الرضا عليه السَّلام: 60.

وفي حديث آخر: هم أهل العباء(1).

وكيف كان فقد أشار القرآن الكريم لفضل مولانا الإمام الحسن علیه السَّلام في أكثر من مورد.

منها: آية المودة في قوله تعالى: «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى»(2).

وروى ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية قال بعض المسلمين يا رسول الله من قرابتك الذين أوجبت علينا طاعتهم؟ فقال: (على وفاطمة وابناهما)(3).

وفي بعض خطبه علیه السَّلام قال:

(وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودّتهم على كلّ مسلم، فقال تبارك و تعالی: «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا» فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت)(4).

وقد ثبت بالنقل المتواتر عن النبي محمد أنه كان يحب الإمام علي علیه السَّلام والإمامين الحسن والحسين علیهما السَّلام وكان يحب الزهراء أُمهما محبة خاصّة. حيث قال: ( فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها)(5).

وإذا ثبت ذلك وجب على كل الاُمة مثله لقوله تعالى:«وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ»(6).

ص: 17


1- مجمع البحرین 395/3.
2- الشوری: 53.
3- تفسير الفخر الرازي 406/7، الدر المنثور 7/7، نور الأبصار: 100.
4- المستدرك للحاكم 3/ 172، مجمع الزوائد 9/ 146، مجمع البيان 29/9.
5- بحار الأنوار 234/23، الباب 13.
6- الأعراف: 158.

ولقوله تعالى: «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ»(1)، ولقوله جلّ وعلا:«قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ»(2)، ولقوله جلّ وعلا:

«لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ»(3).

إن مودة أهل البيت من أهم الواجبات الإسلامية، ومن أقدس الفروض الدينية لأنّ فيها أداءً لأجر الرسالة، وصلة للرسول، وشكراً له على ما لاقاه من عظيم العناء في سبل انقاذ المسلمين من الشرك وعبادة الأوثان فحقّه على الاُمة أن توالي عترته وتكن لها المودة والاحترام.

ومنها: آية التطهير في قوله تعالى:«إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(4)، وهي صريحة الدلالة في العصمة وقد أجمع ثقاة الرواة أنها نزلت في رسول الله وفي أمير المؤمنين عليه السّلام وفاطمة والحسنين علیهم السَّلام ولم يشاركهم أحد في هذه الفضيلة.

وروى الخطيب البغدادي بسنده عن أبي سعيد الخدري عن النبي في قوله تعالى:

«إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» قال: جمع رسول الله علياً وفاطمة والحسن والحسين ثمّ أدار عليهم الكساء فقال: هؤلاء أهل بيتي، اللهم اذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا، واُم سلمة على الباب فقالت: يا رسول الله ألست منهم؟ فقال: (إنّك لعلى خير أو إلى خير)(5).

ص: 18


1- النور: 63.
2- آل عمران: 31.
3- الأحزاب: 21.
4- الأحزاب: 33.
5- تاریخ بغداد 10/ 278.

أما كيفية الاستدلال بها على عصمة أهل البيت، أنه تعالی حصر إرادة إذهاب الرجس (أي المعاصي) بكلمة إنّما، وهي من أقوى أدوات الحصر وبدخول اللام في الكلام الخبري، وبتكرار لفظ الطهارة وذلك يدلّ بحسب الصناعة على الحصر والاختصاص، ومن المعلوم أن ارادة الله تعالى يستحيل فيها تخلّف المراد عن الإرادة «إِنَّمَا أَمرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ»(1).

وروى أبو برزة قال: (صلّيت مع رسول الله سبعة أشهر فإذا خرج من بيته أتی باب فاطمة عليهاالسَّلام فقال: السلام عليكم «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»)(2).

لقد تواترت الأخبار الصحيحة التي لا مجال للشك في سندها، وفي دلالتها على اختصاص الآية الكريمة في الخمسة من أهل الكساء وعدم تناولها لغيرهم من اُسرة النبي، ومن أراد المزيد فليراجع كتب التفسير الواردة في هذا الخصوص.

إنّما نريد التأكيد هنا انه ليس لنساء النبي نصيب في هذه الآية فقد اختصّ الله تعالى أهل الكساء فقط وللتدليل على ذلك نذكر:

1- خروجهن موضوعاً عن الأهل، فإنه موضوع لعشيرة الرجل، وذوي قرباه، ولا يشمل الزوجة ويؤكد هذا المعنى ما صرّح به زید ابن أرقم حينما سئل من أهل بيته (رأي النبي صلى الله عليه وسلم ) نساؤه؟ فقال: (لا وأيم والله ان المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها، وقومها، أهل بيته أصله، وعصبته، الذين حرموا الصدقة بعده )(3).

ص: 19


1- بحار الأنوار 212/35،الحديث 14، شواهد التنزیل 2/ 28.
2- مجمع الزوائد 169/9.
3- صحیح مسلم 2/ 238، تفسير ابن كثير 3/ 486.

2- إنّا لو سلمنا أن الأهل يطلق على الزوج فلابّد من تخصيصه، وذلك للأخبار المتواترة التي ذكرنا بعضها وهي توجب تقييد الاطلاق من دون شك.

ومنها: آية المباهلة في قوله تعالى: «فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ»(1).

فقد أجمع الرواة من الفريقين أنّها نزلت في أهل البيت علیهم السَّلام وإنّ أبناءنا إشارة إلى الحسنين علیهم السَّلام ونساءنا إلى فاطمة وأنفسنا إلى علي علیه السَّلام.

وقد دلّت قصّة المباهلة على عظيم منزلة أهل البيت علیهم السَّلام، وسمو مكانتهم وانهم أفضل خلق الله وأحبهم إلى رسول الله له ولا يداني فضلهم أحد من سائر العالمين.

ومنها: سورة هل أتی حيث أجمع المفسرون أنّها نزلت في أهل البيت علیهم السَّلام علی تفصیل ذکره العلماء في كتب التفسير، وهذه الآيات المباركة هي من دون شك تتناول الإمام الحسن علیه السَّلام الا وتدل على مكانته وعلو شأنه وسمو منزلته عند الله كما تناولت الرسول الأعظم وعليّاً وفاطمة والحسنین علیهم السَّلام، وبیّنت فضائلهم ومكانتهم عند الله جلّ وعلا.

أما ما ورد في الأحاديث الشريفة في فضله علیه السَّلام، أكثر من أن تحصى حيث أشارت بعظيم شأنه وبيّنت عمّا يكنّه الرسول في نفسه من عميق الود، وخالص الحب، وهي على ثلاث طوائف:

الأُولى أنّها مختصة به والثانية وردت فيه وفي أخيه سيد الشهداء علیه السَّلام

ص: 20


1- آل عمران: 61.

والثالثة في أهل بيته، ومن المعلوم أن الإمام الحسن علیه السَّلام من أبرارهم تتشمله بالضرورة تلك الأخبار ونذكر هنا بعضاً منها:

1- عن البراء بن عازب قال: (رأيت النبي والحسن على عاتقه يقول اللهم إني اُحبه فأحبّه)(1).

عن عائشة قالت: (إنّ النبي كان يأخذ حسناً، فيضمه إليه ثمّ يقول:

(اللهم إنّ هذا ابني، وأنا أحبّه فأحبّه، وأحبّ من يحبّه))(2).

3- وروى أبو بكرة قال: (رأيت رسول الله على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرّة، وعليه اُخرى، ويقول: (إنّ ابني هذا سیّد. ولعلّ الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين))(3).

4- عن عبد الله بن عبد الرحمن بن الزبير قال: (أشبه أهل النبي وأحبّهم إليه الحسن رأيته يجيء وهو ساجد فيركب رقبته أو قال: ظهره فما ينزله حتّى يكون هو الذي ينزل، ولقد رأيته وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتّى يخرج من الجانب الآخر)(4).

5- قال: (الحسن ریحانتي من الدنيا)(5).

6- روی أنس بن مالك قال: (سئل رسول الله أي أهل بيتك أحبّ إليك؟ قال: (الحسن و الحسين) وكان يقول لفاطمة إدعي ابني فيشمهما ويضمهما إليه)(6).

ص: 21


1- صحيح البخاري في كتاب بدء الخلق، صحيح الترمذي 307/2، صحیح مسلم في فضائل الصحابة، البداية والنهاية 8/ 34.
2- کنز العمال 104/7، الإصابة 3 / 78، مجمع الهيثمي 176/9.
3- الإصابة 330/1، العقد الفرید 164/1، مسند أحمد بن حنبل 44/5.
4- الإصابة 2/11.
5- الاستيعاب 369/2.
6- صحيح الترمذي 306/2، فيض القدير 148/1.

هذا الكتاب:

إن هذا الكتاب الذي بين يديك هو حصيلة جهد قمنا به لبيان مكانة الإمام الحسن علیه السّلام عند الله ومنزلته وعلو شأنه علیه السّلام وما ورد في حقّه علیه السّلام من آيات بيّنات تشيد بفضله ومكانته علیه السّلام.

نسأل الله سبحانه أن تكون قد وفقنا لذلك أداء لبعض حقّه في رقابنا في المعرفة والمحبة والموالاة والنصرة.

علي حيدر المؤيد الكويت 1422ه-

ص: 22

1- الأنوار الخمسة

«وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ(33)» سورة البقرة «فرات الكوفي»(1) قال: حدّثني أبو الحسن أحمد بن صالح الهمداني قال: حدّثنا الحسن بن علي يعني ابن زکریا بن صالح بن عاصم بن زفر البصري قال: حدّثنا زکریا بن يحيى التستري قال: حدّثنا أحمد بن قتيبة الهمداني، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبي عبد علیه السَّلام الله قال: إن الله تبارك وتعالی کان ولا

ص: 23


1- تفسير فرات الكوفي: 11 وعنه البحار 37 /62، الحديث 31.

شيء فخلق خمسة من نور جلاله واشتق لكل واحد منهم إسماً من أسمائه المنزلة، فهو الحميد وسمّی محمداً، وهو الأعلى وسمّى أمير المؤمنين علياً، وله الأسماء الحسنی فاشتق منها حسناً وحسيناً، وهو فاطر فاشتق لفاطمة اسماً من أسمائه، فلما خلقهم جعلهم في الميثاق فإنهم عن يمين العرش، وخلق الملائكة من نور، فلمّا إن نظروا إليهم عظموا أمرهم وشأنهم ولقنوا التسبيح فذلك قوله تعالى:«وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ٭ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ»(1).

فلمّا خلق الله آدم نظر إليهم عن يمين العرش فقال: يا رب من هؤلاء؟ قال: يا آدم هؤلاء صفوتي وخاصتي خلقتهم من نور جلالي وشققت لهم إسماً من أسمائي.

قال: يا رب فبحقّك عليهم علّمني أسماءهم. قال: يا آدم فهم عندك أمانة سرّ من سرّي لا يطلع عليه غيرك إلّا بإذني. قال: نعم يا رب. قال: يا آدم أعطني على ذلك عهداً، فأخذ عليه العهد، ثم علّمه أسماءهم..

ثمّ عرضهم على الملائكة ولم يكن علمهم بأسمائهم، فقال: «أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٭ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ٭ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ»(2) علمت الملائكة أنّه مستودع وأنّه مفضّل بالعلم وأمروا بالسجود إذ كانت سجدتهم الآدم تفضيلاً له وعبادة لله، إذ كان ذلك بحق له وأبي إبليس الفاسق عن أمر ربّه فقال:«مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ»(3).

ص: 24


1- الصافات: 165 - 166.
2- البقرة: 31 - 33.
3- الأعراف:12.

قال: فقد فضلته عليك حيث أمر بالفضل للخمسة الذين لم يجعل لك عليهم سلطاناً ولا علی شیعتهم فبان لك إستثناء اللعين «إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ»(1) «إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ»(2) و هم الشیعة.

وفي تفسير العسكريّ علیه السَّلام: إنّ الحسين علیه السَّلام قال لأصحابه بالطَّفَّ: أوَ لا اُحدَّثكم بأوّل أمرنا وأمرکم معاشر أوليائنا ومحبّينا والمبغضين لأعدائنا ليسهل عليكم احتمال ما أنتم له معرضون؟ قالوا: بلى يابن رسول الله. قال: إنّ الله [تعالی] لمّا خلق آدم و سوّاه وعلَّمه أسماء كلَّ شيء وعرضهم على الملائكة وجعل محمداً وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين أشباحاً خمسة في ظهر آدم، وكانت أنوارهم تضيء في الآفاق من السّماوات والحجب والجنان والكرسيّ والعرش. أمر الملائكة بالسجود لآدم تعظيماً له وأنّه قد فضَّله بأن جعله وعاء لتلك الأشباح الّتي قد عمّ أنوارها الآفاق فسجدوا إلّا إبليس أبى أن يتواضع لجلال عظمة الله، وأن يتواضع لأنوارنا أهل البيت وقد تواضعت لها الملائكة كلّها فاستكبر وترفَّع، وكان بإبائه ذلك و تكبّره من الكافرين.

وقال عليُّ بن الحسين علیه السَّلام: حدثني أبي، عن أبيه، عن رسول الله قال: يا عباد الله إنّ آدم لمّا رأى النُّور ساطعاً في صلبه من ذروة العرش إلى ظهره ولم يتبيَّن الأشباح [قال: يا ربَّ ما هذه الأنوار]؟ [و] قال الله عزّ وجل: انظر یا آدم إلى ذروة العرش، فنظر آدم و واقع نور أشباحنا من ظهر آدم إلى ذروة العرش فانطبع فيه صور [أنوار] أشباحنا الّتي في ظهره كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية، فرأى أشباحنا فقال: ما هذه الأشباح یا ربَّ؟ قال الله: يا آدم هذه

ص: 25


1- الحجر: 40.
2- الحجر: 42.

الأشباح أفضل خلائقي وبريّاتي، هذا محمّد وأنا [الحميد و] المحمود في أفعالي، شققت له اسماً من إسمي، [وهذا عليٌّ وأنا العليُّ العظيم، شققت له اسماً من إسمي]، وهذه فاطمة وأنا فاطر السَّماوات والأرضين [أ] فاطم أعدائی من رحمتي يوم فصل قضائي، و [اُ] فاطم أوليائي عمّا يبيرهم و یشینهم، فشققت لها اسماً من إسمي، وهذا الحسن وهذا الحسين وأنا المحسن المجمل، شققت اسمهما من إسمي. هؤلاء خيار خلقي وکرام بريّتي، بهم آخذ و بهم اُعطي، وبهم اُعاقب و بهم اُثيب، فتوسَّل بهم إليَّ يا آدم، [و] إذا دهتك داهية(1) فاجعلهم إلىَّ شفعاءك، فإنّي آلیت(2) على نفسي قسماً حقّاً لا اُخيّب بهم آملاً ولا أردّبهم سائلاً. فلذلك حين نزلت منه الخطيّة دعا الله عزّ وجل [بهم] فتاب علیه وغفر له(3).

أقول: يستفاد من هذه الأحاديث الشريفة: أنّ تلك الأنوار الخمسة أوّل ما خلقه الله من نور جلاله واشتقّ أسمائهم من أسمائه وجعلهم عن يمين عرشه ثمّ خلق الملائكة ولمّا خلق آدم فضّله بأن جعله وعاءً لتلك الأشباح والأنوار وأمر الملائكة بالسجود له لأنهم من صلبه. والله هو العالم.

ص: 26


1- الداهية: الأمر العظيم والأمر المنكر.
2- أي أقسمت وحلفت.
3- تأويل الآيات: 47.

2- شجرة العلم خاصّة لمحمّد صَلی اللهُ علیه و اله و أهل البيت علیهم السَّلام

«وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)» سورة البقرة عن التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري علیه السَّلام: فقال الله تعالی: «وَلَا تَقرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ» شجرة العلم فإنّها لمحمّد و آله خاصّة دون غيرهم، لا يتناول منها بأمر الله إلاّ هم ومنها ما كان يتناوله النبيّ وعليٌ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين بعد إطعامهم المسكين واليتيم والأسير حتّى لم يحسّوا بعد بجوعٍ ولا عطشٍ ولا تعبٍ ولا نصبٍ وهي شجرةٌ تميّزت من بين أشجار الجنّة، إنّ سائر أشجار الجنّة كان كلّ نوعٍ منها يحمل نوعاً من الثمار والمأكول وكانت هذه الشجرة وجنسها تحمل البرّ والعنب والتين والعنّاب وسائر أنواع الثمار والفواكهة والأطعمة فلذلك اختلف الحاكون بذكر الشجرة فقال بعضهم: هي بُرّةٌ وقال آخرون: هي عَنبةٌ وقال آخرون: هي تينةٌ وقال آخرون: هي عُنّابةٌ(1).

ص: 27


1- تفسير الإمام: 221، تأويل الآيات: 45/1 البحار: 11 / 189 الحديث47، تفسير الصافي: 101/1 الحدیث 35، کنز الدقائق:360/1 الحدیث 35.

أقول: لعلّ النهي عن القرب إلى غير الشجرة وهي الشجرة المخصوصة المفسرة بالعلم المخصوص لأهل البيت علیهم السَّلام لئلّا يبتليا بالحسد. والله تعالى هو العالم.

ولمزيد التبصر ينبغي الرجوع إلى فضائل الزهراء عليها السَّلام ص 38.

ص: 28

3- الكلمات هي أسماء محمد وأهل البيت علیهم السَّلام

«فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)» سورة البقرة معنى قوله: «فتلقّى» أي قبل وأخذ وتناول على سبيل الطاعة من ربّه. وقوله: «كلمات» وهي أسماء أهل البيت علیهم السَّلام كما جاء عنهم - صلوات الله عليهم - إنّ آدم علیه السَّلام رأى مكتوباً على العرش أسماء مكرّمة معظّمة، فسأل عنها فقيل [له]: هذه أسماء أجلَّ الخلق منزلة عند الله تعالى؛ والأسماء: محمّد وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين - صلوات الله عليهم - فتوسّل آدم إلى ربّه بهم في قبول توبته ورفع منزلته [فتاب عليه].

ويؤيّد هذه التأويل ما ذُکِر في تفسير الإمام العسكريّ علیه السَّلام قال: قال الله عزّ وجل: «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» التّواب: القابل للتوبات، الرّحيم: بالتّائبين.

فلمّا زلّت من آدم الخطيّة فاعتذر إلى ربّه عزّ وجلّ قال: يا ربَّ تب عليَّ، واقبل معذرتي، وأعدني إلى مرتبتي، وارفع لديك درجتي، فلقد تبيّن نقص الخطيّة وذلّتها بأعضائي وسائر بدني.

قال الله عزّ وجل: يا آدم أما تذكر أمري إيّاك أن تدعوني بمحمّد و آله

ص: 29

الطيّبين عند شدائدك ودواهيك وفي النّوازل التي تبهظك؟(1) قال آدم: بلى يا ربَّ. قال الله عزّ وجل: فهم محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين - صلوات الله عليهم - خصوصاً ادعني أجبك إلى ملتمسك، وأزدك فوق مرادك. فقال آدم: یا ربَّ وإلهي فقد بلغ عندك من محلَّهم أنّك بالتَّوسّل بهم تقبل توبتي و تغفر خطيئتي، وأنا الّذي أسجدت له ملائكتك، وأبحته جنَّتك، وزوّجته أمتك، وأخدمته کرام ملائكتك! قال: يا آدم إنّما أمرت الملائكة بتعظیمك بالسُّجود إذكنت وعاءً لهذه الأنوار، ولو كنت سألتني بهم قبل خطیَّتك أن أعصمك منها وأن أفطنك لدواعي عدوّك إبليس حتّى تحترز منها لكنت قد فعلت ذلك، ولكن المعلوم في سابق علمي يجري موافقاً لعلمي؛ فالآن بِهمم فادعني لاُجيبك. فعند ذلك قال آدم: اللهم بجاه محمّد و آله الطّيبين، بجاه محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطّيبين من آلهم لمّا تفضّلت عليَّ بقبول توبتي و غفران زلّتي، وإعادتي من كراماتك إلى مرتبتي. فقال الله عزّ وجل: قد قبلت توبتك، وأقبلت برضواني عليك، وصرفت آلائي ونعمائي إليك، وأعدتك إلى مرتبتك من کراماتي، ووفرّت نصيبك من رحماتي. فذالك قول الله عزّ وجل: «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ».

وقال عليّ بن الحسين (علیهماالسَّلام) : حدّثني أبي، عن أبيه، عن رسول الله أنّه قال: يا عباد الله إنّ آدم لمّا رأى النُّور ساطعاً من صلبه إذ كان الله قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره - رأى النُّور ولم يتبيّن الأشباح فقال: يا ربَّ ما هذه الأنوار؟ فقال الله عزّ وجل: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ولذلك أمرت الملائكة بالسُّجود لك إذ كنت وعاءً لتلك الأشباح. فقال آدم:

ص: 30


1- بهظة الأمر: فدحه وثقل عليه.

یا ربَّ لو بیَّنتها لي. فقال الله عزّ وجل: انظر یا آدم إلى ذروة العرش فنظر آدم إلى ذروة العرش [وواقع أنوار أشباحنا من ظهر آدم إلى ذروة العرش] فانطبع فيه صور [أنوار] أشباحنا الّتي في ظهره كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصّافية، فرأى أشباحنا، فقال: ما هذه الأشباح یا ربَّ؟ قال الله عزّ وجل: يا آدم هذه أشباح أفضل خلائقي وبريّاتي، هذا محمّد وأنا الحميد المحمود في أفعالي، شققت له اسماً من اسمي؛ وهذا عليٌّ وأنا العليُّ العظيم، شققت له اسماً من اسمي؛ وهذه فاطمة وأنا فاطر السَّموات والأرض، [اُ] فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي، و [اُ] فاطم أوليائي عمّا يعيرهم و يشينهم، و شققت لها اسماً من أسمائي؛ وهذا الحسن والحسين وأنا المحسن المجمل، شققت إسماً من أسمائي، هؤلاء خیار خلقي وأكرم بريتي ، بهم آخذ، وبهم أعطي ، وبهم أعاقب، وبهم أثيب؛ فتوسل بهم إلي يا آدم، وإذا دهتك داهية فاجعلهم إلي شفعاءك ، فإني آليت على نفسی قسمة حقا أن لا أخيب بهم آملا، ولا أرد بهم سائلا. فلذلك حين زلت منه الخطية دعا الله عز وجل بهم فتاب علیه وغفر له.

ويؤيّده ما رواه الشّيخ الطوسي - قدّس الله روحه - عن رجاله، عن ابن عبّاس قال: لمّا خلق الله تعالی آدم ونفخ فيه من روحه عطس، فألهمه الله أن قال: «الحمدلله ربَّ العالمين»، فقال الله: يرحمك ربُّك؛ فلمّا أسجد له الملائكة تداخله العجب فقال: يا ربَّ خلقت خلقاً هو أحبّ إليك منّي؟ فلم يجب؛ فقال الثانية فلم يجب؛ فقال الثالثة فلم يجب، ثمّ قال الله سبحانه و تعالی: نعم ولولا هم ما خلقتك. فقال: يا ربَّ فأرينهم. فأوحى الله إلى ملائكة الحجب: ارفعوا الحجب؛ فلمّا رفعت فإذا بخمسة أشباح قدّام العرش، فقال: يا ربَّ من هؤلاء؟ قال: يا آدم هذا محمّد نبيي، وهذا عليٌّ ابن عمّه ووصيّه، وهذه فاطمة ابنة نبيّي، وهذان الحسن والحسين أبناهما وولدا نبيّي. ثمّ قال: يا آدم هم ولدك، ففرح آدم بذلك

ص: 31

فلمّا اقترف الخطيّة قال: يا ربَّ أسألك بمحمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلاّ ما غفرت لي، فغفر له، وهو قوله تعالى: «فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»(1).

وممّا ورد أنّ آدم وغيره من اُولي العزم سألوا الله تعالی بحقّ محمّد و آل محمّد علیهم السَّلام فاستجاب لهم الدُّعاء ونجّاهم من البلاء - وهذا يدلُّ على أنّهم ليسوا في الفضل سواء بل فيه دلالة أنّ المسؤول به أفضل من السّائل، وهذه الدَّلالة من أوضح الدَّلائل - [ويؤيّده] ما رواه الشيخ محمّد ابن بابویه به في أماليه عن رجاله عن معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبد الله الصادق علیه السَّلام يقول: أتی يهوديٌّ [إلى] النبيّ، فقام بين يديه وجعل يحدُّ النَّظر إليه، فقال: يا يهوديّ ما حاجتك؟ قال: أنت أفضل أم موسی بن عمران النَّبيُّ الّذي كلَّمه الله وأنزل عليه التَوراة والعصا، وفلق له البحر، وظلَّله الغمام؟ فقال له النَّبيُّ: إنّه يكره للعبد أن يزکّی نفسه ولكن أقول: إنّ آدم لما أصاب الخطيئة كانت توبته: اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا غفرت لي، فغفرها الله له؛ وإنّ نوحاً لمّا ركب السَّفينة وخاف الغرق قال: اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا نجّيتني من الغرق، فنجّاه الله منه؛ وإنّ إبراهيم لمّا اُلقي في النار قال: اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا نجّيتني من النّار، فنجّاه الله منها فجعلها [الله] عليه برداً وسلاماً؛ وإنّ موسى لمّا ألقى عصاه وأوجس فيه نفسه خيفة قال: اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد و آل محمّد لمّا آمنتني، فقال الله جلّ جلاله: «لَا تَخَف إنَّكَ أَنتَ الأَعلَى»(2). یا یهوديُّ لو أدركني موسى ثمَّ لم يؤمن بي وبنبوَّتي ما نفعه إيمانه شيئاً، ولا نفعته النبوّة؛

ص: 32


1- البحار 325/26 عن كشف اليقين: 30.
2- طه: 68.

یا یهوديُّ ومن ذرّيتي المهديُّ إذا خرج نزل عیسی بن مریم لنصرته وقدَّمه وصلّى خلفه(1).

وهذا يدلُّ على أنّ القائم علیه السَّلام يا أفضل من عیسی علیه السَّلام .

وقال الإمام علیه السَّلام: ثمّ قال الله عزّ وجلّ: «وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا» الدّالات على صدق محمّد وما جاء به من أخبار القرون السّالفة، و [على] ما أدّاه إلى عباد الله من ذكر تفضيله لعليّ و آله الطّيبين خير الفاضلين والفاضلات بعد محمّد سيّد البريّات «اُولئك» الدّافعون لصدق محمّد في إنبائه والمكذّبون له في [نفسه و] تصديقه لأوليائه علىًّ سيّد الأوصياء و المنتجبين من ذريّته الطَّيّبين الطّاهرين.

تنبيه: إعلم أنّ في هذه السورة آیات و الخطاب فيها لبني إسرائيل ولكن يتضمّن تأويلها ذکر محمّد و آله علیهم السَّلام فاقتضت الحال أن نأخذ منه موضع ذكرهم ونترك الباقي مخافة التّطويل، وإذا كان غير مطوَّل ذكرناه جميعه على حسب ما يقتضيه الحال وإلى الله المآل(2).

أقول مقتبساً من الأنوار القدسية:

طأطأ كلُ الأنبيا لطاها ذلك عِزٌّ عَزَّ أنّه یُضاحی تقبّلت توبة آدم الصفي بيمنه أكرم به من خلف وبالعليّ آدمُ نال الصفوة من ربه ونال منه عفوه وبالبتول الطهر والعذراء کمريم الطهر ولا سواء والحسن المنطق والبيان ومَن حوی بدایع المعاني وهل ترى لملتقى القوسين أثبت نقطة من الحسین

ص: 33


1- أمالي الصدوق: المجلس 34 الرقم 4. (2)
2- تأويل الآيات: 50.

4- يا أهل البيت علیهم السَّلام شافعون مُشَفّعون

«وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (48)» سورة البقرة قال الإمام عله السَّلام: ثمّ قال الله عزّ وجل: «وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا» أي لا تدفع عنها عذاباً قد استحقّته عند النّزع «وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ» من يشفع لها بتأخير الموت عنها «وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ» أي ولا يقبل منها فداء مكانه، يموت الفداء ويترك هو. وقال الصادق علیه السَّلام: وهذا اليوم يوم الموت فإنّ الشفاعة والفداء لا تغني فيه(1)، فأمّا يوم القيامة فإنّا [و شیعتنا] وأهلنا نجزي عن شيعتنا كلّ جزاء؛ ليكوننّ على الأعراف بين الجنّة والنّار محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والطيّبون من آلهم، فنرى بعض شیعتنا في تلک العرصات ممّن کان منهم مقصّراً في بعض شدائدها(2) فنبعث عليهم خیار شيعتنا کسلمان و المقداد وأبي ذرّ وعمّار ونظرائهم في العصر الذي يليهم ثمّ في كلّ عصر

ص: 34


1- كذا.
2- الضمير راجع إلى العرصات.

إلى يوم القيامة فينقضون عليهم کالبُزاة(1) والصّقور يتناولونهم كما تتناول الصُّقور صعوها (2)، ثمّ يزفّون إلى الجنّة زفّاً. وإنّا لنبعث على آخرين من محبّينا من خيار شیعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطّير الحبَّ وينقلونهم إلى الجنان بحضر تنا. وسيؤتى بالواحد من مقصّري شيعتنا في أعماله بعد أن صان الولاية والتقيّة وحقوق إخوانه، ويوقف بإزائه ما بین مائة وأكثر من ذلك إلى مائة ألف من النصّاب(3) فيقال له: هؤلاء فداؤك من النّار، فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنّة وأولئك النصّاب النّار، وذلك ما قال الله عزّ وجل: «رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا» يعني بالولاية «لَو كَانُوا مُسلِمِينَ»(4) في الدنيا منقادين للإمامة ليجعل مخالفوهم فداهم من النّار.

والمعنى أنّهم - صلوات الله عليهم - الشّفعاء، وبولايتهم يؤخذ العدل من النّفس وهو الفداء فعليهم من الله التحيّة والسّلام في كلّ صباح ومساء وما أدبر ظلام وأقبل ضیاء(5).

أقول: ينبغي أن يتمثل بهذه الأبيات التي أُلحقت بقصيدة دعبل الخزاعي:

میامینُ قومٌ عظّم الله شأنهم كأنّهم الأقمار في الظلمات وهم شفعاء الناس في يوم حشرهم إلى الله عن هول ومن نغمات ولاؤهم فرض من الله واجب على الناس فيه أعظم الحسنات فما خاب مَن أضحي بهم متمسّكاً وفي الحشر يعلو شامخ الدرجات

ص: 35


1- البزاة - بالضم -: جمع البازي وهو ضرب من الصقور .
2- الصعو: عصفور صغير.
3- هم أعداء آل محمد عليهم السَّلام والسبّين لهم - خذلهم الله و آبادهم -.
4- الحجر: 2.
5- تأويل الآيات: 60.

5- توسّل الأنبياء والرسل بجاه محمّد وأهل البيت علیهم السَّلام

«وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)» سورة البقرة عن التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري علیه السَّلام:...فلمّا استمرّ القتل فيهم وهم ستمائة ألف إلّا اثني عشر ألفاً الّذين لم يعبدوا العجل وفّق الله بعضهم فقال لبعضهم - والقتل لم يفض بعد إليهم - فقال: أو ليس الله قد جعل التوسّل بمحمّد و آله الطيّبين أمراً لا يخيّب معه طلبةً ولا يردّ به مسألةً؟ وهكذا توسّلت بهم الأنبياء والرسل فما لنا لا نتوسّل بهم؟! قال: فاجتمعوا وضجّوا: يا ربّنا بجاه محمّدٍ الأكرم وبجاه علىًّ الأفضل الأعظم وبجاه فاطمة ذي الفضل والعصمة وبجاه الحسن والحسين سبطي سيّد المرسلين وسيّدي شباب أهل الجنان أجمعين وبجاه الذريّة الطيّبة الطاهرة من آل طه ويس لمّا غفرت لنا ذنبونا وغفرت لنا هفوتنا وأزلت هذا القتل عنّا. فذلك حين نودي موسي عليه السَّلام من السماء: أن كفّ القتل فقد سألني بعضهم مسألةً وأقسم عليَّ قسماً لو أقسم به هؤلاء العابدون للعجل وسألني

ص: 36

بعضهم العصمة حتّى لا يعبدوه، لوفّقتهم وعصمتهم ولو أقسم عليَّ بها إبليس، لهديته ولو أقسم عليَّ بها نمرود أو فرعون، لنجّيتهم، فرفع عنهم القتل فجعلوا يقولون: يا حسرتنا! أين كنّا عن هذا الدعاء بمحمّدٍ و آله الطيّبين حتّى كان الله يقينا شرّ الفتنة ويعصمنا بأفضل العصمة.

أقول: لنعم ما قال الشاعر الفذّ في ملحقاته لقصيدة دعبل الخزاعي:

منابع قدس الله والفيض منهم مصادر جود الله والبركات مصادر وحي الله معقل عزّه ومنهل وُرّاد وأهل عِداة ائمّة حق حبّهم وولاؤهم ينجّي الورى من أعظم الكربات شموس هدي في الكائنات وجودهم وفيه نجات الناس في الغمرات (1) تفسير الإمام: 255، و تأويل الآيات: 59/1 الحدیث 36، البحار: 13 / 235 الحديث 43 و 8/91 الحدیث9، البرهان: 217/1 الحدیث 1.

ص: 37

6- استسقاء الكليم علیه السَّلام بأسماء أهل البيت علیهم السَّلام

«وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60)» سورة البقرة عن التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري علیه السَّلام: قال الله تعالی:

«وَإِذَ استَسقَى مُوسَى لِقَومِهِ» قال: واذكروا يا بني اسرائيل إُ استسقی موسی لقومه، طلب لهم السقي لمّا لحقهم العطش في التيه وضجّوا بالبكاء إلى موسی وقالوا هلكنا بالعطش فقال موسى: إلهي بحقّ محمّدٍ سيّد الأنبياء وبحقّ عليًّ سيّد الأوصياء وبحقّ فاطمة سيّدة النساء وبحقّ الحسن سيّد الأولياء وبحقّ الحسين سیّد الشهداء وبحقّ عترتهم وخلفائهم سادة الأزکياء لمّا سقيت عبادك هؤلاء. فأوحى الله تعالی یا موسی «اضرب بِعَصَاكَ الحَجَرَ» فضربه بها «فَانفَجَرَت مِنهُ اثنَتَا عَشرَةَ عَيناً قَد عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ» كلّ قبيلةٍ من بني أبٍ من أولاد يعقوب «مَشرَبَهُم» فلا يزاحم الآخرين في مشربهم(1).

ص: 38


1- تفسير الإمام: 1/ 261، تأويل الآيات: 1/ 64، البحار: 13 /186 الحديث 19 و 8/91 الحدیث 10، البرهان: 103/1 الحدیث 1، شریف الاهیجی: 56/1، کنز الدقائق : 21/2.

أقول: ينبغي أيضاً أن أقول ما قال العاشق الموالي السيّد شمس الدين الموسوي:

سلام علی آل الرسول فإنّهم لغيرهم من سادة وحماة وذِكرهُم مِسكٌ يفوح ذكاؤه لكلّ محبّ طیّب النَسمات وهم حجج الله اصطفاهم على الورى وذكرهُمُ حُلو كطعم فرات بأسماءهم موسى الكليم لقد سُقِي عُيون له سالت ومنفرجات

ص: 39

7- حديث الكساء وفضائل أهل البيت عليهم صلوات الله

«قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)» سورة البقرة قال الحسين بن علي علیه السَّلام: فلمّا قال ذلك رسول الله في سلمان والمقداد، سرّ به المؤمنون وانقادوا، وساء ذلك المنافقين فعاندوا وعابوا، وقالوا: يمدح محمّد الأباعد ويترك الأدنين من أهله لا يمدحهم ولا يذكرهم.

فاتّصل ذلك برسول الله، فقال: ما لهم - لحاهم الله - يبغون للمسلمين السوء؟ وهل نال أصحابي ما نالوه من درجات الفضل إلّا بحبّهم لي ولأهل بيتي؟ والذي بعثني بالحق نبيّاً إنكم لن تؤمنوا حتّى يكون محمّد و آله أحبّ إليكم من أنفسكم وأهليكم وأموالكم ومن في الأرض جميعاً.

ثمّ دعا بعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السَّلام فعمّهم بعباءته القطوانية.

ثمّ قال: هؤلاء خمسة لا سادس لهم من البشر. ثم قال: أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم.

ص: 40

فقالت أُمّ سلمة ورفعت جانب العباءة لتدخل، فكفّها رسول الله، وقال:

لست هناك وإن كنت في خير وإلى خير، فانقطع عنها طمع البشر.

وكان جبرائیل معهم، فقال: يا رسول الله وأنا سادسكم؟ فقال رسول الله قال: نعم أنت سادسنا.

فارتقى السماوات، وقد كساه الله من زيادة الأنوار ما كادت الملائكة لا تبيّنه حتّى قال: بخ بخ من مثلي؟ أنا جبرائیل سادس محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين علیهم السَّلام.

وذلك ما فضّل الله به جبرائیل على سائر الملائكة في الأرضین والسماوات(1).

أقول: ولنعم ما قال الشاعر المتقدّم ذكره:

أعاظمُ خلقِ اللهِ أهلُ الکِسا وهُم كهوف الورى في أحلك الظلمات وهم أهلُ بيتٍ لا يَخاف محبُهم وسوف ينال الفوزَ في الخوفات وزيتونةٌ في الخلدِ قد طاب غرسُها ولم يك یُحظی آدمُ ب حيات

ص: 41


1- تفسير الإمام العسكري عليه السّلام: 457، وعنه البحار: 6/39، ضمن الحدیث 12 وفيه: قال الحسين بن علي علیه السّلام.

8- الكلمات هي التي تلقّاها آدم علیه السّلام

«وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)» سورة البقرة وروى الشيخ أبو جعفر بن بابویه رحمه اللهُ في كتاب النبوة بإسناده مرفوعاً إلى المفضّل بن عمر عن الصادق علیه السّلام قال: سألته عن قول الله عزّ وجل: «وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ» ما هذه الكلمات؟ قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم علیه السّلام من ربّه فتاب عليه، وهو أنّه قال: يا ربّ أسألك بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت عليَّ، فتاب الله عليه إنّه هو التواب الرحيم، فقلت: یابن رسول الله فما يعني بقوله «فَأَتَمَّهُنَّ»؟ فقال: أتمهنّ إلى القائم اثنی عشر إماماً، تسعة من ولد الحسين علیه السّلام، قال المفضّل: فقلت له: يابن رسول الله فأخبرني عن قول الله عزّ وجل: «وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ» قال: يعني بذلك الإمامة جعلها الله في عقب الحسين علیه السّلام إلى يوم القيامة، فقلت له: يابن رسول الله فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن، وهما جميعاً ولدا رسول الله وسبطاه وسیدا شباب أهل الجنة؟ فقال: إنّ موسی و هر اون نبيّان مرسلان أخوان،

ص:42

فجعل الله النبوّة في صلب هارون دون صلب موسی، ولم يكن لأحد أن يقول: لِمَ فعل الله ذلك؟ وإنّ الإمامة خلافة الله عزّ وجل ليس لأحد أن يقول: لِمَ جعلها الله في صلب الحسين دون الحسن؟ لأنّ الله عزّ وجل هو الحكيم في أفعاله لا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون(1).

روى الحافظ القندوزي - الحنفي - في كتابه ( ينابيع المودة ) - باسناده المذكور عن المفضل قال: سألت جعفراً الصادق عن قوله عزّ وجل: «وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ» الآية قال:

«هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربّه فتاب عليه، وهو أنّه قال:

یا رب أسألك بحقّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبت عليَّ.

فتاب عليه إنّه هو التواب الرحيم.

فقلت له: يا ابن رسول الله فما يعني بقولهم «فَأَتَمَّهُنَّ»؟ قال: يعني أتمهنّ إلى القائم المهدي اثني عشر إماماً تسعة من الحسین»(2).

أقول: ولنعم ما قال الشاعر الفذّ في مضمون الآية الكريمة:

قد جعلناك للبرايا إماماً يقتدي فيه أحسن الاقتداء قال ربي ومن ذراري فاجعل خلفاً لي من خيرة الخلفاء قال عهدي ولا تنال عُهودي زمَرُ الظالمين والجهلاء

ص: 43


1- كمال الدين: 358، المناقب: 283/1، البحار: 11 / 177 الحدیث 24 و 12 / 66 الحديث 12 و 24 / 177 الحدیث 8 و 26 / 232 الحدیث 3، تأويل الآيات: 1/ 77 الحديث 57، البرهان: 1/ 147 الحدیث 1، نور الثقلين: 1 / 68 الحدیث 148، کنز الدقائق: 2/ 134، قصص الأنبياء للجزائري: 115، إرشاد القلوب: 421.
2- ينابيع المودة: 97.

يقول الشاعر:

بالكلمات اُبتِلي الخليلُ ثمّ اجتباه ربُه الجلیلُ أتمّها بأسرِها تماماً فصار للناسِ بها إماماً وإنّها إسمُ نبيّ الرحمة وآله الأطهار أهل العصمة تُعرِب عن غيبِ الغيوب ذاتُهم تكشِف عن أسمائه صفاتهم

ص: 44

9- الخمسة الطيّبة والمعصومون من الأئمة عليهم صلوات الله

«قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)» سورة البقرة روی محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان، عن سلام بن أبي عمرة عن أبي جعفر علیه السّلام في قوله عزّ وجل: «قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا قال: إنّما عنّی بذلك عليّاً وفاطمة والحسن والحسين علیهما السّلام وجرت بعدهم في الأمة علیهم السّلام.

ثمّ يرجع القول من الله في الناس «فَإِنْ آمَنُوا» يعني الناس «بِمِثلِ مَا

ص: 45

آمَنتُم بِهِ» يعني عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة «فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ» يعني الناس.

ومعناه أنّ الله سبحانه أمر الأمة علیهم السّلام أن يقولوا: آمنّا بالله وما بعدها، لأنّهم المؤمنون بما أمروا به حقّاً وصدقاً.

ثمّ قال مخاطباً لهم يعني الناس «فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا» بكم وبما آمنتم «وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ» ومنازعة ومحاربة لك يا محمد «فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ».

ثمّ قال سبحانه وتعالى: «صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ»(1).

تأويله: إنّ الذي آمن به الأئمة علیهم السلام والمؤمنون، هو صبغة الله، وهي العلامة التي يعرف بها المؤمنون من غيرهم وهي الإيمان أي ما ثمّ شيء أحسن منها مبتدءاً ومنتهى «وَنَحنُ لَهُ عَابِدُونَ» أي طائعون متّبعون لأوامره ونواهيه.

ومعناه أي قولوا: إنّ الذي آمنّا به هو صبغة الله ونحن بعد ذلك له عابدون.

(أقول:) ولنعم ما قيل:

هم المؤمنون العابدون وصبغةٌ بها يُعرَف الأشخاص في العرصات وهم حُجَجُ الباري على مَن سواهم بهم يستجيبُ الله للدعوات و دوحة خُلدٍ في الجنان ثمارها مُعطّرة مزهوة الجنيات

ص: 46


1- تأويل الآيات:79/1 عن الكافي:415/1 الحدیث 19، وعنه البرهان: 1/ 157 الحدیث 3، و في البحار: 23 / 355 الحديث 6، و 67 / 20 عنه وعن العياشي: 1/ 62 الحدیث 107.

10- الشهداء المعصومون في كلّ زمان وهم الأئمة علیهم السّلام

«وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)» سورة البقرة الحسين بن العبّاس وجعفر بن محمّد بن سعيد، عن الحسن بن الحسين، عن عمرو بن المقدام، عن ميمون البان مولى بني هاشم، عن أبي جعفر علیه السّلام في قول الله تعالى:«وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا» قال: أبو جعفر علیه السّلام: منّا شهيدٌ على كلّ زمان؛ عليّ بن أبي طالب في زمانه والحسن علیه السّلام في زمانه و الحسين علیه السّلام في زمانه، وكلّ من يدعو منّا إلى أمر الله(1).

ص: 47


1- الفرات: 62/1 الحدیث 27، البحار: 337/23 الحدیث 7.

أقول: ولنعم ما قيل:

إننا خيرُ اُمّةٍ صِنوطهُ وسط نحن في بَني حوّاءٍ حججُ الله نحن بين البرايا وعليهم غداً من الشهداء وعلينا الرسولُ خیرُ شهيدٍ عند بعث النفوس يوم اللقاء

ص: 48

11- حافظوا على الصلوات

«حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)» سورة البقرة عن زرارة، عن عبد الرحمن بن كثيرٍ، عن أبي عبدالله علیه السّلام في قوله:«حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ» قال: الصلوة رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين، والوسطى أمير المؤمنين، وقوموا قانتين طائعين للأئمّة(1).

افلح المؤمنون في الصلوات حافظوها وصيّة الكبرياء جاء أنّ الصلاةَ آخر عهد من وصايا الهُداة والأنبياء هي كالنهر حين تغسل فيه خمس مرّات تغتدي في نقاء

ص: 49


1- العيّاشي: 1/ 128 الحديث 421.

12- ولاية أمير المؤمنين والحسنين علیهم السّلام هي العروة الوثقی

«لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)» سورة البقرة عن ابن عیسی عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن محمّد بن سليمان البزّاز، عن عمرو بن شمرٍ، عن جابر، عن أبي جعفر علیه السّلام قال: قال رسول الله: من أراد أن يتمسّك بعروة الله الوثقى التي قال الله عزّ وجل في كتابه فليتوال عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين فإنّ الله تبارك وتعالى يحبّهم من فوق عرشه(1).

أقول: ولنعم ما قال الشيخ أحمد النحوي:

هم العروة الوثقى وهم راية الهدى إذا جئت في قيد الذنوب مقيّداً أناديهم يا خيرَ مَن سمع الندا أيا عترة المختار یا منبع الندى إليكم غداً في موقفي أتطلّع

ص: 50


1- کامل الزيارات: 51 الحديث 6، البحار: 43/ 270 الحدیث 31.

13- الحبّة والسَنابل

«مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)» سورة البقرة عن المفضّل بن محمّد الجعفي قال: سألت أبا عبدالله علیه السّلام عن قول الله:

«كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ» قال: الحبّة، فاطمةعلیها السّلام والسبع السنابل، سبعةٌ من ولدها، سابعهم قائمهم. قلت: الحسن، قال: إنّ الحسن إمامٌ من الله، مفترضٌ طاعته ولكن ليس من السنابل السبعة، أوّلهم، الحسین و آخرهم القائم. فقلت: قوله: «فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ» قال: يولد الرجل منهم في الكوفة مائةٌ من صلبه وليس ذاك إلّا هؤلاء السبعة(1).

سنبلات لحبّة عذراء سبعة وُلدها من الخلفاء وهم الحجّة البليغة حقّاً للورى بعد أنجب النجباء

ص: 51


1- العياشي: 1/ 147 الحديث 480، البرهان: 253/1 الحدیث 6، نورالثقلین: 282/1 الحديث 1106، کنز الدقائق: 435/1.

14- خير الأُمة هم المعصومون صلوات الله عليهم أجمعين

«آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)» سورة البقرة وروى المقلّد بن غالب رحمه الله، عن محمد بن الحسين، عن محمّد بن رهبان، عن محمّد بن أحمد، عن عبد الرحمن بن یزید بن جابر قال: سمعت أبا سلمى راعي النبيّ: يقول: سمعت رسول الله ان يقول: ليلة اُسري بي إلى السماء قال الرّب عزّ وجل: «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ» قلت: والمؤمنون قال: صدقت يا محمّد، من خلّفت على اُمتك؟ قلت: خيرها، قال: علي بن أبي طالب علیه السّلام؟ قلت: نعم يا رب، فقال: يا محمّد إني اطلعت إلى الأرض إطلاعة فاخترتك منها، و شققت لك إسماً من أسمائي، فلا اُذكر في موضع إلّا ذكرت معي، فأنا المحمود وأنت المحمد. ثمّ اطلعت ثانية واخترت علياً فشققت له إسماً من أسمائي، فأنا الأعلى وهو عليّ يا محمد إنّي خلقتك وخلقت عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين من نوري. يا محمّد إنّي عرضت

ص: 52

ولايتكم على أهل السماوات والأرضين فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الظالمين. یا محمّد تحب أن تراهم؟ قلت: نعم يارب قال: إلتفت، فالتفت عن يمين العرش فإذا أنا باسم علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي ومحمّد و جعفر و موسی وعلي ومحمد وعلي والحسن، والمهدي في وسطهم كأنّه کوکب دري، فقال: يا محمّد هؤلاء حججي على خلقي، وهذا القائم من ولدك بالسيف و المنتقم من أعدائك(1).

روى الفقيه الحنفي موفق بن أحمد المكي الخوارزمي(2) وهكذا أخرج العالم الشافعي محمد بن إبراهيم الحمويني(3) بأسانيدهما المذكورة عن أبي سلمى راعي إبل رسول الله قال: سمعت رسول الله يقول: - ليلة اُسري بي إلى السماء - قال لي الجليل جلّ جلاله: «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ».

فقلت: «وَالمُؤمِنُونَ».

قال: صدقت.

من خلّفت في أُمتك؟ قلّت: خيرها.

قال: علي بن أبي طالب.

قلت: نعم يا ربي.

قال: يا محمّد إني اطّلعت على الأرض إطلاعة فاخترتك منها، فشققت لك

ص: 53


1- الغيبة( إصدار مكتبة نينوى الحديثة في طهران): 95، ورواه المحدّث الأكبر محمد بن الحسن الحرّ العاملي نوّر الله مضجعه في كتاب إثبات الهداة:1 / 548، الباب 9 تحت رقم 374.
2- مقتل الحسين للخوارزمي: 95/1.
3- فرائد السمطين: ج 2، آخر المجلد.

إسماً من أسمائي، فلا اُذكر في موضع إلّا ذُكرت معي فأنا المحمود وأنت محمد، ثمّ اطّلعت ثانية فاخترت علياً و شققت له اسماً من أسمائي فأنا الأعلى وهو علي.

یا محمد: إني خلقتك و خلقت علياً والحسن والحسين والأئمة من ولده من نوري وعرضت ولا يتكم على أهل السماوات والأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.

یا محمد: لو أن عبداً من عبادي عبدني حتّى ينقطع، أو یصیر کالشن البالي ثمّ أتاني جاحداً لولايتكم ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم.

یا محمد: أتحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب.

فقال: التفت عن يمين العرض فالتفتُ، فإذا بعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسی بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والمهدي في ضحضاح من نور قياماً يصلون فهو في وسطهم (يعني: المهدي ) كأنّه كوكب درّي.

وقال: يا محمد هؤلاء الحجج وهذا الثائر من عترتك وعزتي وجلالي إنّه الحجّة الواجبة لأوليائي والمنتقم من أعدائي.

وأخرجه عنهما الحافظ القندوزي - الحنفي - أيضاً(1).

أقول: ينبغي أن نقول ما قاله الصاحب بن عبّاد:

واخلص ما مدحي للنبيّ محمّد وذريّة منها النبيّ محمّد دَعی وهدی مستنقذاً فريد الوری وصلّى عليه الله مادام فرقد

ص: 54


1- ينابيع المودة: 486.

وأومي إلى خير الرجال ابن عمّه کهارون موسی فابحثوا و تأيدوا وزوجته الزهراء خیر كريمة لخیر کریم فضلها ليس يُجحَد ويالحسنين المجدُ مدّ رواقه ولولاهما لم يبقَ للمجد مشهدُ تفرّعت الأنوار للأرض منهما فلله انوار بدت تتجدد هُم الحججُ الغُرّ التي قد توضّحت وهم سُرُج الله الّتي ليس تُخمَد

ص: 55

15- أهل البيت علیهم السّلام میزان العلم

«هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)» سورة آل عمران ذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتاب «مصباح الأنوار» بإسناده عن الصادق، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول الله: «أنا میزان العلم وعلي كفّتاه والحسن والحسين حباله وفاطمة علاقته والأئمة من بعدهم يزِنون المحبّين والمبغضين الناصبين الّذين عليهم لعنة الله ولعنة اللّاعنين»(1).

ومن كتاب «الفردوس» بإسناده إلى ابن عباس قال: قال رسول الله: «أنا میزان العلم وعليٌّ كفّتاه والحسن والحسين خيوطه وفاطمة علاقته والأئمّة

ص: 56


1- تأويل الآيات: 105/1 الحدیث 10، البحار: 106/23 الحدیث 6.

من بعدي عموده [والأئمة من ولدهم عموده فينصب يوم القيامة فيوزن فيها] يوزن فيه أعمال المحبّين لنا والمبغضين لنا»(1).

ولائي لآل المصطفى وبنيهم أُولئك أنوارُ النبوة فِيهم نجومُ سماء المجد أقمار تمّه مَهابط وحي الله خزّان علمه أبوهم أخو المختار طه ونفسه وهم فرعُ دوحٍ في الجلالة غرسُه وأُمّهم الزهراء فاطمُ عِرسه أبوهم سماه المجد والأُمّ شمسه ولولاهم ما سار فلك ولا جري ولا خلق الله الأنامَ ولا بَری إليهم يفرّ الخاطئون بذنبهم وهم شفعاء المذنبين لربّهم کِرام متى ما زرتهم عجّلوا القِرى وبحر نداهم ذاخر الجود في الورى وفضلهم أحيى البرايا وبذلهم فلا فضل إلّا حين يُذكر فضلهم

ص: 57


1- جامع الأخبار:180، والبحار: 23/ 139 الحديث 87، وبين المعقوفتين في الفضائل: 155.

16- مباهلة الرسول مع النصارى

«فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)» سورة آل عمران وفي تفسير علي بن إبراهيم: عن أبي عبد الله علیه السّلام: وأمّا قوله: «فَمَنْ حَاجَّكَ» الآية، فقال رسول الله: فباهلوني، فإن كنت صادقاً أنزلت اللعنة عليكم، وإن كنت كاذباً أنزلت عليَّ، فقالوا: أنصفت، فتواعدو اللمباهلة فلمّا رجعوا إلى منازلهم قال رؤساؤهم: السيّد والعاقب والأهتم، إن باهلنا بقومه باهلناه، فإنّه ليس بنبيّ، وإن باهلنا بأهل بيته خاصّة فلانباهله، فإنّه لا يقدّم أهل بيته إلاّ وهو صادق، فلمّا أصبحوا جاؤوا إلى رسول الله ومعه أمير المؤمنین وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين، فقال النصاری: من هؤلاء؟ فقيل لهم: إن هذا ابن عمّه ووصيّه وختنه علي بن أبي طالب، وهذه ابنته فاطمة، وهذان ابناه الحسن والحسين عليهما السّلام ففرقوا، وقالوا لرسول الله: نعطيك الرضا، فاعفنا عن المباهلة، فصالحهم رسول الله على الجزية، وانصرفوا(1).

ص: 58


1- تفسير علي بن إبراهيم: 104/1 في تفسيره لقوله تعالى: «إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ الله» الآية.

وفيه أيضاً: في مناقب أمير المؤمنین علیه السّلام وتعدادها، قال علیه السّلام: والرابعة والثلاثون فإنّ النصارى ادّعوا أمراً، فأنزل الله عزّ وجل فيه: «فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ» فكانت نفسي نفس رسول الله، والنساء فاطمة والأبناء الحسن والحسين، ثمّ ندم القوم، فسألوا رسول الله الاعفاء، فعفى عنهم، وقال: والذي أنزل التوراة على موسى والفرقان على محمّد، لو باهلونا لمسخهم قردة وخنازير(1).

وفي روضة الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن ظریف، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر علیه السّلام قال: قال لي أبو جعفر علیه السّلام: ما يقولون لكم في الحسن والحسين علیهمالسّلام قال، قال: ينكرون علينا إنّهما ابنا رسول الله، قال: فأي شيء احتججتم عليهم يا أبا الجارود قلت: احتججنا عليهم بقول الله تعالی لرسول الله:«قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ» والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة(2).

وفي تفسير العياشي: عن جریر(3)، عن أبي عبد الله علیه السّلام قال: إنّ أمير المؤمنین علیه السّلام سئل عن فضائله فذكر بعضها، ثمّ قالوا له: زدنا، فقال: إنّ رسول الله: أتاه حبران من أحبار اليهود من أهل نجران فتكلما في أمر عيسى فأنزل هذه الآية «إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ» إلى آخر الآية، فدخل

ص: 59


1- الخصال: 576 أبواب السبعين وما فوقه، لأمير المؤمنين عليه السّلام سبعين منقبة لم يشركه فيها أحد من الأئمة، الحدیث1.
2- الكافي:8/ 263-264 الحدیث 501.
3- في المصدر: حريز.

رسول الله فأخذ بيد علي والحسن والحسين وفاطمة، ثمّ خرج ورفع كفّه إلى السماء وفرّج بين أصابعه ودعاهم إلى المباهلة قال: وقال أبو جعفر علیه السّلام: وكذلك المباهلة يشبك يده في يده ثمّ يرفعهما إلى السماء، فلما رآه الحبران قال أحدهما لصاحبه: وإن كان نبيّاً لنهلكن وإن كان غير نبيّ كفانا قومه فكفانا وانصرفا(1).

وفي مجمع البيان: وقال عليه السّلام: إنّ كلّ بني بنت ينسبون إلى أبيهم إلّا أولاد فاطمة فإنّي أنا أبوهم(2).

وفي عيون الأخبار في باب جمل من أخبار موسی بن جعفر علیه السّلام مع هارون الرشيد لمّا قال له: كيف تكونون ذرية رسول الله وأنتم أولاد ابنته؟ حديث طويل يقول فيه علیه السّلام لهارون: أزيدك يا أمير المؤمنين، قال: هات، قلت: قول الله تعالی:

«فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ» ولم يدّع أحد إنّه أدخل النبيّ تحت الكساء عند المباهلة للنصارى إلّا علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين فكان تأويل قوله عزّ وجل: «أَبْنَاءَنَا» الحسن والحسين و «نِسَاءَنَا» فاطمة و «أَنْفُسَنَا» و علي بن أبي طالب على أنّ العلماء قد اجتمعوا على أنّ جبرائیل قال يوم اُحد: يا محمّد إنّ هذه لهي المواساة من عليّ قال: لأنّه منّي وأنا منه(3).

وفيه في باب ذکر مجلس الرضا علیه السّلام مع المأمون في الفرق بين العترة والأُمة حديث طويل، وفيه قالت العلماء: فأخبرنا هل فسّر الله تعالى الاصطفاء في

ص: 60


1- تفسير العياشي: 175/1 الحدیث 54.
2- مجمع البيان : 7-8 / 361.
3- عيون الأخبار: 1/ 69 قطعة من الحديث 9.

الكتاب؟ فقال الرضا عليه السّلام: فسّر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موطناً وموضعاً فأوّل ذلك قوله عزّ وجل، إلى أن قال: وأمّا الثالثة حين ميّز الله الطاهرين من خلفه قأمر نبيه بالمباهلة بهم في آية المباهلة، فقال عزّ وجل: يا محمد «فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ» فأبرز النبي علياً والحسن والحسين وفاطمة - صلوات الله عليهم - وقرن أنفسهم بنفسه هل تدرون ما معنى قوله: «وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ»، قالت العلماء: عنى به نفسه، قال أبو الحسن علیه السّلام: غلطتم إنّما عني به علي بن أبي طالب علیه السّلام وممّا يدلّ على ذلك قول النبي: لينتهين بنو ولیعة أو لابعثن إليهم رجلاً كنفسي، یعني علي بن أبي طالب علیه السّلام [وعنى بالأبناء الحسن والحسين عليهماالسّلام) وعني بالنساء فاطمة عليهاالسّلام فهذه خصوصية لا يتقدّمهم فيها أحد وفضل لا يلحقهم فيه بشر وشرف لا يستبقهم إليه خلق إذ جعل نفس علي کنفسه(1).

وفي كتاب علل الشرائع: عن أبي جعفر الثاني علیه السّلام: حديث طويل ذكرته بتمامه في سورة يونس عند قوله تعالى: «فَإِن كُنتَ فِي شَکٍّ» الآية ففيه: أنّ المخاطب بذلك رسول الله صلى الله عليه واله ولم يكن في شكّ ممّا أنزل الله عزّ وجل ولكن قالت الجهلة: كيف لا يبعث إلينا نبياً من الملائكة إنّه لم يفرق بينه وبين غيره في الاستغناء عن المأكل والمشرب والمشي في الأسواق، فأوحى الله عزّ وجل إلى نبيّه «فَاسأَل الَّذِينَ يَقرَءُونَ الكِتَابَ مِن قَبلِکَ» و بمحضر من الجهلة هل بعث الله عزّ وجل رسولاً قبلك إلّا وهو يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ولك بهم اُسوة وإنّما قال: «فَإِن كُنتَ فِي شَکٍّ» ولم يقل ولكن ليتّبعهم كما قال له علیه السّلام:

ص: 61


1- عيون الأخبار: 181/1 قطعة من الحديث 1.

فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ» ولو قال: تعالو نبتهل فنجعل لعنة الله علیکم لم يكونوا يجيبون للمباهلة وقد عرف أنّ النبيّ، مؤدي عنه رسالته وما هو من الكاذبين وكذلك عرف النبي، أنّه صادق فيما يقول ولكن أحبّ أن ينصف من نفسه(1).

وفي تفسير العياشي عن المنذر، قال: حدثنا علي علیه السّلام قال: لمّا نزلت هذه الآية «قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ... وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ» الآية قال: أخذ بيد علي وفاطمة وابنيهما علیهمالسّلام فقال رجل من اليهود: لا تفعلوا فيصيبكم عنت الوجوه فلم يدعوه(2).

أقول: ولنعم ما قال الصاحب بن عبّاد مخاطباً لأمير المؤمنين علیه السّلام:

أنتَ الذي قد باهلَ الطهر به حین ابتَهَل أنت الذي قد زوّج الزهراء يا خير الوصُل أنت الذي بالحسنين السيّدين قد نسل أنت الذي ساد الوری من غیر لیت ولعلّ أنت الذي رُدّت عليه الشمسُ من بعد الطفل

ص: 62


1- علل الشرائع:129، الباب 107 الحدیث 1.
2- تفسير العياشي:1 /176 - 177 الحديث 55 و 58.

17- مظلومية الإمام علیه السّلام

«كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)» سورة آل عمران أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله قال: قرأت على أبي عبد الله:«كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» فقال أبو عبد الله علیه السّلام: خير اُمّة تقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين علیهمالسّلام؟ فقال القارئ: جعلت فداك كيف نزلت؟ فقال:«كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» ألا ترى مدح الله لهم و «تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ»(1).

ص: 63


1- تفسير القمي: 1/ 110، تفسير الصافي: 1/ 342، البرهان: 308/1 الحدیث 1، نور الثقلين: 1/ 382 الحدیث 327، تأويل الآيات: 121/1، الحدیث 37، كنز الدقائق: 199/3، البحار: 24 /154 الحديث 6.

18- الإمام الحسن علیه السّلام في يوم القيامة

«كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)» سورة آل عمران أبي، عن سليمان الديلمي، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله علیه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة دُعي محمّد فیکسی حلّة ورديّة ثمّ يقام عن يمين العرش ثمّ يدعی بإبراهيم ورديّة فيقام عن يمين النبيّ، ثمّ يدعی باسماعیل فیکسی حلّة بيضاء فیقام عند يسار إبراهيم علیه السّلام ثمّ يدعى بالحسن فیکسی حلّة ورديّة فيقام عن يمين أميرالمؤمنين علیه السّلام ثمّ يدعى بالحسين فيکسي حلّة وردية فيقام عن يمين الحسن ثمّ يدعى بالأئمة فيكسون حللاً وردية فيقام كلّ واحد عن يمين صاحبه ثمّ يدعی بالشيعة فيقومون أمامهم ثمّ يدعي بفاطمة عليهاالسّلام ونساؤها من ذريّتها و شیعتها فيدخلون الجنّة بغير حساب ثمّ ينادي منادٍ من بطنان العرش من قِبَل ربّ العزّة والأُفق الأعل: نِعَم الأب أبوك يا محمّد! وهو إبراهيم، ونِعَم الأخ أخوك وهو عليّ بن أبي طالب، ونِعَم السبطان سبطاك وهما الحسن والحسين، ونِعَم الجنين جنينك وهو محسن، ونِعَم الأئمة الراشدون ذرّيتك وهم فلان وفلان، ونِعَم الشيعة

ص: 64

شيعتك، ألا إنّ محمّداً ووصیّه و سبطيه والأئمة من ذرّيته هم الفائزون، ثمّ يؤمر بهم إلى الجنّة وذلك قوله: «فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ»(1).

أقول: ولنعم ما قال الحسن آل أبي عبد الكريم من شعراء القرن التاسع:

وللدهر سلب ساء بعد مسرّة وللخلق إن طال الزمان رحیل فكم أفنت الأيامُ ملكاً ومالكاً فزال، وملك الله ليس يزول لِمَن وفت الدنيا؟ وما زال خطبها علينا يخيل الحادثات تجول جُعِلت فدا مَن لا رَضوا بنعيمها ولا دنست لهنّ ذيول فهم أهل بيت شرّف الله قدرهم على الخلق طرّاً ماجد ورذیل هم العالِمون العاملون بلا مرا علومهم في العالمين أُصول هم العترة الأطهار آل محمّد وهم للورى يوم النجاة سبيل هم العابدون الفائزون ولم يكن لهم في جميع العالمين مثيل فيا آل طه الطاهرين رجوتكم ليوم به فصل الخطاب طويل أقيلوا عثاري يوم فقري وفاقتي فظهري بأعباء الذبوب ثقيل(2)

ص: 65


1- تفسير القمي: 1 / 128، البحار: 7 / 328 الحدیث 3، و 12 /6 الحدیث 14.
2- الغدير11: 202- 209.

19- أهل البيت علیهم السّلام نفس الرسول وأبناؤهم أبنائه

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» سورة النساء روى الحافظ الحاكم الحسكاني الحنفي قال: أخبرونا عن القاضي أبي الحسن محمد بن عثمان النصيبي - باسناده المذكور - عن کامل، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» قال:

لا تقتلوا أهل بیت نبیکم، إن الله يقول:«تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ».

وكان و «أَبْنَاءَنَا» الحسن والحسين.

وكان «نِسَاءَنَا» فاطمة.

و «أَنْفُسَنَا» النبي وعلي علیهما السّلام(1).

ص: 66


1- شواهد التنزيل: 1/ 143.

أقول: ولنعم، قال الحافظ البرسي:

کِرامٌ نَماهم طاهرٌ متطهرُ و بُثّ من أحمد الطهر عنصرُ وأُمّهم الزّهراء والأب حیدرٌ فمن مثلهم في الناس إن عُدّ مفخر عليّ أمير المؤمنين أميرهم وشبّرهم أصل التقى و شبیر هم بَهاليل صوّامون فاح عبيرهم میامین قوّامون عزّ نظيرهم(1)

ص: 67


1- الغدیر 7: 46.

20- الوالدان وذو القربی

«وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)» سورة النساء جعفر بن محمد بن سعيد الأحمسي معنعناً عن الصادق علیه السّلام في قوله تعالی: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا» قال: إنّ رسول الله وعلي بن أبي طالب علیه السّلام هما الوالدان الوالدين و «بذِي الْقُرْبَى»، قال: الحسن والحسین علیهما السّلام(1).

نعبد الله ولا نُشرك به نسئل التوفيقَ منه والعمل ربُنّا أوصي بالإحسان إلى والدينا وبه يمحى الأجل ثم أوصانا بذي القربى وهم خير خلق الله في اللوح الأزل حبّهم جنّة خلد ونعيم بغضهم منشأ نار وزلل

ص: 68


1- الفرات: 104، البحار: 23 / 269 الحديث 19.

21- الناس المحسودون هم أهل البيت والأئمة عليهم صلوات الله

«أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)» سورة النساء تفسیر فرات قال: حدثني علي بن محمد بن علي بن عمر الزهري معنعناً: عن إبراهيم قال: قلت لأبي عبد الله علیه السّلام: جعلت فداك ما تقول في هذه الآية:«أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا» قال: نحن الناس الذين قال الله ونحن المحسودون ونحن أهل الملك ونحن ورثنا النبيين وعندنا عصی موسى، وإنا لخزان الله في الأرض (...) ذهب ولا فضة، وإن منّا رسول الله والحسن والحسين علیهما السّلام(1).

أقول: ولنعم ما قيل:

ومن آية (أم يحسدون) حَسودهم عليل لَعين في الورى و جهول

ص: 69


1- وفي الباب روایات عديدة راجع الكافي والقمي والبرهان والعياشي وشواهد التنزيل وغاية المرام، الباب 60 و 61. و في بشارة المصطفي: 194 بسنده إلى الباقر عليه السّلام في حديث طويل مثله.

لئن جهلت يوماً عليهم أُميّة فقدرهم عند الاله جليل ومن آل إبراهيم آل محمد نبيّ کتاب الله عنه يقول بشیر نذیر طاهر عَلَم هدى حبيب نجيب شاهد ورسول وحكمة ملك عظيم كخلقِه وعزّبه الإسلام وهو ذلیل

ص: 70

22- اولوا الأمرهم أوصياء رسول الله و هم الأئمه المعصومون سلام الله عليهم أجمعين

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)» سورة النساء غير واحد من أصحابنا، عن محمّد بن همام، عن جعفر الفزاري، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحارث، عن المفضّل، عن يونس بن ظبيان، عن جابر بن یزید الجعفي قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: لمّا أنزل الله عزّ وجل على نبيّه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» قلت: يا رسول الله! عرفنا الله ورسوله! فمن أُولوا الأمر الّذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ قال: هم خلفائي يا جابر! وأئمة المسلمين بعدي، أوّلهم علي بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمد بن عليًّ المعروف في التوراة بالباقر وستدرکه یا جابر! فإذا لقيته فاقرءه منّي السلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسی بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسى، ثمّ محمّد بن

ص: 71

علي، ثمّ علي بن محمّد، ثمّ الحسن بن علي، ثمّ سمّیي وكنیّي حجّة الله في أرضه و بقيّته في عباده، ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلّا من امتحن الله قلبه للإيمان. قال: فقال جابر: یا رسول الله! فهل ينتفع الشيعة به في غيبته؟ فقال: إي والذي بعثني بالنبوّة إنّهم لينتفعون به ويستضيؤون بنور ولايته في غيبته کانتفاع الناس بالشمس وإن جلّلها السحاب یا جابر! هذا مکنون سرّ الله ومخزون علمه فاکتمه إلاّ عن أهله. قال جابر الأنصاري: فدخلت على عليّ بن الحسين علیه السّلام فبينا أنا أحدثه إذ خرج محمد بن علي الباقر من عند نسائه وعلى رأسه ذؤابة وهو غلام فلمّا أبصرته ارتعدت فرائصي وقامت كلّ شعرةٍ على بدني ونظرت إليه وقلت: يا غلام! أقبل فأقبل ثمّ قلت: أدبر فأدبر، فقلت: شمائل رسول الله وربّ الكعبة! ثمّ دنوت منه وقلت: ما اسمك يا غلام؟ قال: محمد، قلت: ابن مَن؟ قال: ابن عليّ بن الحسين، قلت: يا بنيّ! فداك نفسي فأنت إذاً الباقر، فقال: نعم فأبلغني ما حمّلك رسول الله فقلت: يا مولاي إنّ رسول الله بشّرني بالبقاء إلى أن ألقاك فقال لي: إذا لقيته فأقرأه منّي السلام فرسول الله يقرأ عليك السلام. قال أبو جعفر علیه السّلام: يا جابر! وعلی رسول الله، السلام ما قامت السماوات والأرض وعليك يا جابر! كما بلّغت السلام وكان جابر بعد ذلك يختلف إليه ويتعلّم منه فسأله محمّد بن علي عليه السّلام عن شيء فقال له جابر: والله لا دخلت في نهي رسول الله فقد أخبرني: إنّكم الأئمة الهداة من أهل بيته من بعده وأحلم الناس صغاراً وأعلمهم كباراً وقال: لا تعلّموهم فهم أعلم منكم، فقال أبو جعفر علیه السّلام: صدق رسول الله والله إنّي لأعلم منك بما سألتك عنه ولقد أُوتيت الحُكم صبيّاً، كلّ ذلك بفضل الله علينا ورحمته لنا أهل البيت.

ص: 72

نصّ أحمد بن إسماعيل السليماني وأبو المفضّل الشيباني، عن محمد بن همّام مثله(1).

حدّثنا المظفّر، عن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقندي، قال: حدّثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثّنا محمد بن نصر، عن الحسن بن موسى الخشّاب قال: حدّثنا الحكم بن بهلول الأنصاري، عن إسماعيل بن أبي عياش قال: حدّثنا سلیم بن قیس الهلالي قال: سمعت عليّاً علیه السّلام يقول: ما نزلت على رسول الله آية من القرآن إلّا أقرأنيها وأملاها عليَّ فكتبتها بخطّي وعلّمني تأويلها و تفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها ودعا الله عزّ وجل أن يعلّمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله عزّ وجل ولا علماً أملاه عليَّ فكتبته وما ترك شيئاً علّمه الله عزّ وجل من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهي وما كان أو يكون من طاعة أو معصية إلّا علّمنيه وحفظته ولم أنس منه حرفاً واحداً ثمّ وضع يديه على صدري ودعا الله تبارك وتعالى بأن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكمةً ونوراً ولم أنس من ذلك شيئاً ولم يَفُتني من ذلك شيء لم أكتبه، فقلت: يا رسول الله! أتخوّف علىَّ النسيان النسيان فيما بعد فقال: لست أتخوّف عليك نسياناً ولا جهلاً وقد أخبرني ربّي عزّ وجل أنّه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك فقلت: يا رسول الله! ومن شركائي من بعدي؟ قال: الذين قرنهم الله عزّ وجل بنفسه وبي فقال: «وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» فقلت: يا رسول الله! ومن هم؟ فقال: الأوصياء منّي إلى أن يردوا علىَّ الحوض كلّهم هادٍ مهتد لا يضرّهم من خذلهم، هم مع

ص: 73


1- البحار: 36 / 249 الحديث 17، کمال الدين: 253، نور الثقلين:1/ 499 الحديث 331، وفي تأويل الآيات: 1/ 135 الحدیث 13، والبحار: 23 / 289 الحديث 16 مع نقيصة.

القرآن والقرآن معهم، لا يفارقهم ولا يفارقونه فبهم تنصر اُمتي وبهم يمطرون وبهم يدفع عنهم البلاء وبهم يستجاب دعاؤهم؛ فقلت: يا رسول الله! سمّهم لي، فقال: ابني هذا ووضع يده على رأس الحسن ثمّ ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين ثمّ ابن له يقال له عليٌّ، سيولد في حياتك فاقرأه منّي السلام ثمّ تكمله اثني عشر إماماً فقلت: بأبي أنت وأُمّي فسمّهم لي فسمّاهم رجلاً رجلاً فقال: فيهم والله يا أخا بني هلال! مهدي أُمّة محمد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً والله إنّي لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم(1).

عن أبان إنّه دخل على أبي الحسن الرضا علیه السّلام قال: فسألته عن قول الله: يا «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» فقال: ذلك علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ثمّ سكت فلمّا طال سكوته قلت: ثمّ مَن؟ قال: ثمّ الحسن علیه السّلام ثمّ سكت فلمّا طال سکوته قلت: ثمّ مَن؟ قال: الحسين، قلت: ثمّ مَن؟ قال: ثمّ عليّ بن الحسین وسکت فلم يزل يسكت عن كلّ واحد حتّى أُعيد المسألة فيقول، حتّى سمّاهم إلى آخرهم(2).

عن موسى بن عقبة إنّه قال: لقد قيل لمعاوية إنّ الناس قد رموا أبصارهم إلى الحسين علیه السّلام فلو قد أمرته يصعد المنبر فيخطب فإنّ فيه حصراً وفي لسانه کلالة فقال لهم معاوية: قد ظننّا ذلك بالحسن، فلم يزل حتّى عظم في أعين الناس وفضحنا فلم يزالوا به حتّى قال للحسين علیه السّلام: يا أبا عبد الله! لو صعدت المنبر فخطبت فصعد الحسين علیه السّلام المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ صلّى على النبي

ص: 74


1- نور الثقلين: 2/ 504 الحدیث 346، کمال الدين: 284، غيبة النعماني: 81، بحار الأنوار: 36/ 257 الحديث75.
2- العياشي: 1/ 251 الحدیث171، البحار: 23 /292 الحدیث 26، نور الثقلين: 1/ 500 الحدیث332.

فسمع رجلاً يقول: مَن هذا الذي يخطب؟ فقال الحسين علیه السّلام: نحن حزب الله الغالبون و عترة رسول الله الأقربون وأهل بيته الطيّبون وأحد الثقلين الذين جعلنا رسول الله ثاني كتاب الله تبارك وتعالى الذي فيه تفصيل كلّ شيء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والمعوّل علينا في تفسيره ولا يبطئنا تأويله، بل نتّبع حقائقه فأطیعونا فإنّ طاعتنا مفروضة إذ كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة، قال الله عزّ وجل: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ»(1) وقال:«وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا»(2) وأُحذركم الإصغاء إلى هتوف الشيطان بكم فإنّه لكم عدو مبين، فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم:«لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ»(3) فتلقون للسيوف ضرباً وللرماح ورداً وللعمد حطماً وللسهام غرضاً ثمّ لا يقبل من نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، قال معاوية: حسبك يا أبا عبد الله! فقد أبلغت(4).

جعفر بن أحمد، عن صفوان، عن أبي اليسع قال: قلت لأبي عبد الله علیه السّلام: حدّثني عن دعائم الإسلام التي بني عليه ولا يسع أحداً من الناس تقصير في شيء منها التي من قصّر عن معرفة شيء منها كتب عليه ذنبه ولم يقبل منه عمله ومن عرفها وعمل بها صلح دينه وقبل منه عمله ولم يضرّ به ما فيه بجهل شيء من

ص: 75


1- النساء: 59.
2- النساء: 83.
3- الأنفال: 48.
4- نور الثقلين: 1/ 57 الحدیث 360، البحار: 44 / 255 الحديث 1، المناقب: 4/ 67.

الأُمور جهله، قال: فقال: شهادة أن لا إله إلّا الله والإيمان برسول الله والإقرار بما جاء به من عند الله. ثمّ قال: الزكاة والولاية شيء دون شيء فضل يعرف لمن أخذ به قال رسول الله: من مات لا يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهليةً. وقال الله عزّ وجلّ: و «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» وكان علي علیه السّلام وقال آخرون: لا بل معاوية وكان حسنٌ ثمّ كان حسينٌ وقال آخرون: هو یزید بن معاوية لا سواه ثمّ قال: أزيدكم؟ قال بعض القوم: زده جعلت فداك، قال: ثمّ كان عليّ بن الحسين علیه السّلام ثمّ كان أبو جعفر وكانت الشيعة قبله لا يعرفون ما يحتاجون إليه من حلال ولا حرام إلّا ما تعلّموا من الناس، حتّى كان أبو جعفر علیه السّلام ففتح لهم وبيّن لهم وعليهم فصاروا يعلّمون الناس بعد ما كانوا يتعلّمون منهم والأمر هكذا يكون والأرض لا تصلح إلّا بإمام ومن مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية وأحوج ما تكون إلى هذا إذا بلغت نفسك هذا المكان وأشار بيده إلى حلقه وانقطعت من الدنيا تقول: لقد كنت على رأي حسن؛ قال أبو اليسع عیسی بن السريّ وكان أبو حمزة وكان حاضر المجلس إنّه قال فيما يقول: كان أبو جعفر علیه السّلام إماماً حقّ الإمام(1).

عن حكيم قال: قلت لأبي عبد الله علیه السّلام: جعلت فداك، أخبرني من أُولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم؟ فقال لي: أُولئك عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر أنافاحمدوا الله الذي عرّفكم أئمتكم وقادتكم حين جحدهم الناس(2).

ص: 76


1- البحار: 23 / 89 الحديث 35، نور الثقلين: 1/ 503 الحدیث 344، وفي العياشي: 1/ 252 الحدیث 175 نحوه.
2- العياشي: 1/ 252 الحدیث 174، البرهان: 1/ 385 الحديث 24، نور الثقلين: 1/ 500 الحديث 335 عن سليم.

أقول: ولنعم ما قال الحافظ البرسي:

إذا رُمتَ يوم البعث تنجو من اللّظى ويُقبل منك الدِين والفرض والسنن فوالِ علياً والأئمةَ بعده نجوم الهدی تنجو من الضيق والمِحن ائمة حق أوجب الله حقهم وطاعتهم فرضٌ بها الخلق تمتحن فهم عترة قد فوّض الله أمره إليهم لما قد خصّهم منه بالمِنن فحبّ على عدّة لوليّه يلاقيه عند الموت والقبر والكفن كذلك يوم البعث لم ينج قادم من النار إلّا من تولّى أبالحسن

ص: 77

23- استجارة المذنب بالحسنين علیهما السّلام

«وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64)» سورة النساء وعن إسماعيل بن بريد بإسناده عن محمد بن علي علیهما السّلام أنّه قال: أذنب رجل ذنباً في حياة رسول الله فتغيّب حتّى وجد الحسن والحسين علیهما السّلام في طريق خال فأخذهما فاحتملهما على عاتقيه وأتي بهما النبي، فقال: يا رسول الله إنّي مستجير بالله وبهما، فضحك رسول الله حتّى ردّ يده إلى فمه ثمّ قال للرجل: اذهب فأنت طليق، وقال للحسن والحسين: قد شفّعتكما فيه أي فتیان فأنزل الله تعالى: «وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا»(1).

أقول: ولنعم ما قال ابن داغر من شعراء القرن التاسع:

عرّج على المصطفی یا سائق النُجُب عرّج على خير مبعوث وخير نبي عرّج على رحمة الباري ونعمته عرّج على الأبطحي الطاهر النسب

ص: 78


1- بحار الأنوار:43/ 318.

ولقد أجاد آخر حيث قال:

ومَن به أنبياءُ الله قد خُتموا ومَن به آله في أعظم اُلرتَب ومَن آیة الغفران يُعرَف قدرُهم قدر الرسول وسِبطيه بلا تعب

ص: 79

24- المنعم عليهم

«وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)» سورة النساء المعافا بن زکریا، عن أبي سليمان أحمد بن أبي هراسة، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبد الله بن حمّاد الأنصاري، عن عثمان بن أبي شيبة، عن حریز، عن الأعمش، عن الحكم بن عتيبة عن قيس بن أبي حازم، عن أُمّ سلمة قالت: سألت رسول الله عن قول الله سبحانه و تعالى: «فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا».

قال: الذين أنعم الله عليهم من النبيّين، أنا والصدّيقين، عليّ بن أبي طالب والشهداء، الحسن والحسين والصالحين، حمزة وحسن أُولئك رفيقاً، الأئمة الاثنا عشر بعدي(1).

ص: 80


1- كفاية الأثر: 183، البحار: 36 /347 الحدیث 214، البرهان: 1/ 392 الحدیث 3.

مالك بن أنس، عن سميّ بن أبي صالح في قوله: «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ» قال: الشهداء يعني علياً وجعفراً وحمزة والحسن والحسين هؤلاء سادات الشهداء؛ والصالحين يعني سليمان وأباذر والمقداد وعمّاراً وبلالاً وخباباً؛ وحسن أُولئك رفيقاً يعني في الجنّة، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً إنّ منزل عليّ وفاطمة والحسن والحسين ومنزل رسول الله واحد(1). «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا» قال: النبيّين، رسول الله له، والصديقين: علي علیه السّلام، والشهداء: الحسن والحسين عليهمالسّلام، والصالحين: الأمة، وحسن أُولئك رفيقاً: القائم من آل محمد علیهم السّلام(2).

من كتاب «مصباح الأنوار» الشيخ الطائفة بإسناده عن أنس بن مالك قال: صلّى بنا رسول الله له في بعض الأيام صلاة الفجر ثمّ أقبل علينا بوجهه الكريم فقلت له: يا رسول الله إن رأيت أن تفسّر لنا قوله تعالى: «فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا» فقال: أمّا النبيّون فأنا وأمّا الصدّيقون فأخي علي علیه السّلام وأمّا الشهداء فعمّي حمزّة وأمّا الصالحون فابتني فاطمة وأولادها الحسن والحسين علیهم السّلام، قال: وكان العباس حاضراً فوثب وجلس بين يدي رسول الله وقال: ألسنا أنا وأنت وعلي وفاطمة والحسن والحسين من نبعةٍ واحدة؟ قال: وما ذاك يا عمّ؟ قال: لأنّك تعرف بعلي وفاطمة والحسن والحسين دوننا، قلا: فتبسّم النبيّ

ص: 81


1- المناقب: 3 /87، البرهان: 2/ 393، الحدیث 9.
2- تفسير القمی: 1/ 142، البرهان:1/ 393 الحديث 10، تأويل الآيات: 1/ 139 الحديث 17، البحار: 24/ 31 الحدیث 1، ومثله عن الباقر عليه السّلام المناقب: 1/ 283.

وقال: أمّا قولك يا عمّ: ألسنا من نبعة واحدة؟ فصدقت ولكن يا عمّ إنّ الله خلقني وخلق علياً وفاطمة والحسين والحسين قبل أن يخلق آدم علیه السّلام حين لاسماء مبنيّة ولا أرض مدحية، ولا ظلمة ولا نور ولا شمس ولا قمر ولا جنة ولا نار، فقال العباس: وكيف كان بدأ خلقكم يا رسول الله؟! فقال: يا عم! لمّا أراد الله أن يخلقنا تكلّم بكلمة، خلق منها نوراً ثمّ تكلّم بكلمة أُخرى فخلق منها روحاً ثمّ مزج النور بالروح فخلقني وخلق علياً وفاطمة والحسن والحسين علیهم السّلام فكنّا نسبّحه حين لا تسبیح ونقدّسه حين لا تقدیس. فلمّا أراد الله تعالى أن ينشئ الصنعة، فتق نوري فخلق منه العرش، فالعرش من نوري ونوري من نور الله ونوري أفضل من العرش، ثمّ فتق نور أخي علي فخلق منه الملائكة فالملائكة من نور أخي علي ونور علي من نور الله وعلي أفضل من الملائكة، ثمّ فتق نور ابنتي فاطمة فخلق منه السماوات والأرض فالسماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة ونور ابنتي فاطمة من نور الله تعالى وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض، ثمّ فتق نور ولدي الحسن وخلق منه الشمس والقمر فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن ونور ولدي الحسن من نور الله والحسن أفضل من الشمس والقمر، ثمّ فتق نور ولدي الحسين فخلق الجنّة والحور العين فالجنّة والحور العين من نور ولدي الحسين ونور ولدي الحسين من نور الله فولدي الحسين أفضل من الجنّة والحور العين الخبر(1).

فرات قال: حدّثني عبيد بن کثیر معنعناً عن أصبغ بن نباتة قال عليّ بن أبي طالب: ألا أُخبركم بسبعة من أفضل الخلق يوم يجمعهم الله تعالى؟ قال أبو أيوب:

ص: 82


1- تأويل الآيات: 1/ 137 الحدیث 16، البحار: 37 / 83 الحدیث 51، البرهان:1/ 392 الحديث 5، البحار مع نقيصة: 24/ 31 الحديث 2، البحار مع تفاوت: 16/25 الحديث30، كنز الدقائق:3/ 461.

بلى والله فأخبرنا يا أمير المؤمنین! فإنّك كنت تشهد و تغيب قال: فإنّ أفضل الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من بني عبد المطلب لا ينكر فضلهم إلّا كافر ولا يجحد إلّا جاحد، قال عمار بن یاسر: سمّهم يا أمير المؤمنین! لنعرفهم فقال: إنّ أفضل الخلق يوم يجمع الله الرسل وإنّ من أفضل الرسل محمّد، ثمّ إنّ أفضل كلّ أُمّة بعد نبيها، وصي نبيها حتّى يدرکه نبيّ وإنّ أفضل الأوصياء، وصي محمّد، ثمّ إنّ أفضل الناس بعد الأوصياء الشهداء وإنّ أفضل الشهداء حمزة سیّد الشهداء وجعفر بن أبي طالب ذا الجناحين يطير بهما مع الملائكة لم يحلّ بحليته أحد من الآدميّين في الجنة شيء شرّفه الله به والسبطان، الحسن والحسين سیّدا شباب أهل الجنّة ومن ولدت إيّاهما و المهديّ يجعله الله من أحبّ منّا أهل البيت، ثمّ قال: أبشروا ثلاثاً «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا» ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً المهديّ في زمانه](1).

أخبرنا أبو العباس الفرغاني قال: أخبرنا أبو المفضّل الشيباني قال: حدّثنا أحمد بن مطرف بن سوار، أبو الحسين البستي قاضي الحرمین بمكّة قال: حدّثني يحيى بن محمد بن معاد بن شاء السنجري قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله بن أبي الصارم الهروي قال: حدّثني مدركة بن عبد الرحمان العبدي، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سعيد بن جبير، عن سعد بن حذيفة، عن أبيه حذيفة بن اليمان، قال: دخلت على النبي ذات يوم وقد نزلت عليه هذه الآية: «فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ

ص: 83


1- البحار: 32 /274 الحدیث 212، نور الثقلين: 1/ 513 الحدیث 383، الفرات:1/ 112الحدیث113، کنز الدقائق: 3/ 461 باختلاف يسير في السند والمتن الكافي: 1/ 450 الحديث 34، والبحار: 22 / 282 الحديث41.

رفيقاً» فأقرأنيها فقلت: يا نبيّ الله! فداك أبي وأُمي مَن هؤلاء؟ إنّي أجد الله بهم حفيّاً، قال: يا حذيفة! أنا من النبيّين الذين أنعم الله عليهم، أنا أوّلهم في النبوّة وآخرهم في البعث ومن الصدّيقين: علي بن أبي طالب ولمّا بعثني الله عزّ وجل برسالته كان أوّل من صدّق بي، ثمّ من الشهداء: حمزة وجعفر، ومن الصالحين: الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، وحسن أُولئك رفيقاً: والمهدي المهديّ في زمانه(1).

وفي أُصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن علي بن الحزور الغنوي، عن الأصبغ بن نباتة الحنظلي قال: رأيت أمير المؤمنين علیه السّلام يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول الله، ثمّ قال: أيها الناس ألا أُخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله؟ فقام إليه أبو أيوب الأنصاري فقال: بلى يا أمير المؤمنین حدّثنا، فإنّك كنت تشهد و تغيب، فقال: إنّ خير خلق الله يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبد المطلب لا ينكر فضلهم إلّا كافر ولا يجحد بهم إلّا جاحد، فقام عمار بن یاسر فقال: سمّهم لنا فلنعرفنّهم، فقال: إنّ خير الخلق يوم يجمعهم الله الرسل، وأنّ أفضل الرسل محمّد، وإنّ أفضل كلّ أُمّة بعد نبيها، وصي نبيها حتّى يدرکه نبيّ، ألا وأنّ أفضل الأوصياء، وصي محمّد، ألا وأنّ أفضل الخلق بعد الأوصياء الشهداء، ألا وأنّ أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب، له جناحان خضیبان يطير بهما في الجنّة لم ينحل أحد من هذه الأُمة جناحان غيره، شيء كرّم الله به محمّداً وشرّفه، والسبطان الحسن والحسين عليهماالسّلام، والمهديّ يجعله الله من شاء منّا أهل البيت، ثمّ قرأ هذه الآية: «وَمَن يُطِعِ اللهَ» - إلى -

ص: 84


1- شواهد التنزيل:1/ 198 الحدیث 209.

«وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً»(1).

ص: 85


1- (1 و 2) علوان - بضم العين وسكون اللام، والحزور -بالفتحات وتشديد الواو، والغنوي - بفتحين - ونباتة - بضم النون - والحنظلي نسبة إلى حنظلة بن مالك أبي بطن من تميم، ونغيب بصيغة المتكلّم، أي كنت تحضر دائماً عند رسول الله وكنّا نغيب أحياناً في الغزوات وغيرها، مع أنّه - صلوات الله عليه - كان يدخل مداخل من الخلوات لا يدخل فيها غيره، وفي بعض النسخ بصيغة الخطاب، أي تغيب بعد ذلك عنّا، والأوّل أظهر، والمراد بالرسل أُولوا العزم أو الأعمّ منهم وممّن له کتاب من غيرهم، أو جميع الأنبياء والأوصياء وهم النبيّون والصدّيقون والأوصياء، والمراد بالشهداء من استشهد من غير الأنبياء والأوصياء بقرينة المقابلة، فالمراد بقوله: (أفضل الشهداء) أفضلهم من غير المعصومين، فلا ينافي فضل الشهداء من الأئمة علیهم السّلام، (خضيبان) أي ملوّنان بلون دمه، (لم ينحل) أي لم يعط، و (جناحان) بالرفع على ما في النسخ، حكاية للسابق، وإلّا فالظاهر (جناحين) ويمكن حمله على أنّه لم ينحل أحد قبله، أو من جملة الصحابة، فلا ينافي اعطاؤهما العباس بن أمير المؤمنين عليهما السّلام كما ورد في الخبر، وإعطاء الجناحين إما في الجسد الأصلي في الآخرة في جنة الخلد، أو في الجسد المثالي في البرزخ في جنة الدنيا، أو الجسد الأصلي أيضاً في البرزخ، و (السبطان) مبتدأ خبره محذوف، أي منهم السبطان، وكذا (المهدي) منصوب بفعل مضمر يفسّره (يجعله) فالسبعة: النبي وعلي والحسن والحسين والمهدي وحمزة وجعفر، وكونهم (خير الخلق) إمّا إضافي بالنسبة إلى غير سائر الأئمة علیهم السّلام، أو المراد خیرته كلّ منهم بالنسبة إلى صنفهم، فالنبيّ أفضل الأنبياء، وعلي أفضل الأوصياء بلا واسطة، والحسنان والمهدي أفضل الأئمة علیهم السّلام، وحمزة و جعفر أفضل الشهداء غير المعصومين، واكتفى من ذکر سائر الأئمة بذكر أوّلهم وآخرهم، أو هو محمول على التقيّة، أو هو من أخبار المخالفين ذكر إلزاماً عليهم كما سيأتي، وعلى بعض الوجوه المراد بالصالحين سائر الأئمة، وعلى بعضها لمن لم يرتكب كبيرة أو لم يصرّ عليها وعلى الصغائر (أُولئك ) إشارة إلى الذين، و (رفيقاً) تمييز عن النسبة، و (ذلك) إشارة إلى حسن حال رفيقهم، و (الفضل) خبر، أو الفضل صفة ذلك والظرف خبر. وأقول: قد روي مثل هذا الخبر من طرق المخالفين: روى السيد في الطرائف من مناقب ابن المغازلي الشافعي يرفعه إلى أبي أيوب الأنصاري، أنّ رسول الله، قال: يا فاطمة إنّا أهل بيت أُعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأوّلين والآخرين من قبلنا، أو قال:الأنبياء، ولا يدركه أحد من الآخرين غيرنا، نبيّنا أفضل الأنبياء و هو أبوك، ووصيّنا أفضل الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا أفضل الشهداء وهو حمزة عمك، ومنّا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء وهو ابن عمك، ومنّا سبطا هذه الأُمة، وهما إبناك، ومنّا والذي نفسي بیده مهدي هذه الأُمة. مرآة العقول:5/ 262-264. الكافي: 1/ 450، کتاب الحجة، أبواب التاريخ، باب مولد النبي ووفاته، الحديث 34. أقول: روی الحافظ الكبير عبيد الله بن عبد الله بن أحمد، المعروف بالحاكم الحسكاني الحذّاء الحنفي النيسابوري روايات بهذا المضمون، لاحظ شواهد التنزيل: 1/ 154 الحديث 207-209.

روى الحافظ الحاكم الحسكاني الحنفي قال: «أخبرنا عقيل بن الحسين - باسناده المذكور - عن عبدالله بن عباس في قوله تعالى:

«وَمَن يُطِع اللهَ» يعني: في فرائضه. «وَالرَّسُولَ» في سننه.

«فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ» يعني: علي بن أبي طالب وكان أوّل من صدّق برسول الله.

«وَالشُّهَدَاءِ» يعني: علي بن أبي طالب، وجعفر الطيار، وحمزة بن عبد المطلب، والحسن، والحسين، هؤلاء سادات الشهداء.

«وَالصَّالِحِينَ» يعني: سلمان، وأبو ذر، وصهيب، و خباب، وعمار .

«وَحَسُنَ أُولئِکَ» أي الأئمة الأحد عشر.

«رَفيقاً» يعني في الجنة.

««ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا» منزل علي وفاطمة والحسن والحسين ومنزل رسول الله، وهم في الجنة واحد»(1).

ص: 86


1- شواهد التنزيل: 1/ 153 - 154.

أقول: ولنعم ما قيل في هذا المعنى:

أطع الله والرسول ليتحضى حين تحيئ بصحبة الأنبياء مع مَن أنعم الإله عليهم من خيار الأبرار والشهداء وهم حمزة وجعفر والسبطان حقّاً وسيّد الأوصياء وكفى فيهم اصطفاءً وحُسناً عند يوم المعاد من رفقاء

ص: 87

25- فضل الله سبحانه

«ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)» سورة النساء وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي: قال حدّثني عبيد بن کثیر معنعاً، عن أصبغ بن نباتة قال: لمّا هزمنا أهل البصرة جاء علي بن أبي طالب علیه السّلام حتّی استند إلى حائط من حيطان البصرة واجتمعنا حوله وأمير المؤمنين راكب والناس نزول فيدعوا الرجل باسمه فيأتيه حتّى وافاه بها نحو ستّين شيخاً كلّهم قد صفروا اللحى وعقصوها وأكثرهم يومئذ من همدان، فأخذ أمير المؤمنين في طريق من طرق البصرة ونحن معه وعلينا الدروع والمغافر متقلّدين السيوف متنكّبي الاترسة حتى انتهى إلى دار قوز فدخلنا فإذا فيها نسوة يبكين فلمّا رأينه صحن صيحة واحدة وقلن: هذا قاتل الأحبّة، فأسكت عنهم ثمّ قال: أين منزل عائشة فأومؤوا إلى حجرة في الدار فحملنا علياً عن دابته فأنزلناه فدخل عليها فلم أسمع من قول علي شيئاً إلّا أنّ عائشة امرأة كانت عالية الصوت فسمعت کھيئة المعاذير إنّي لم أفعل، ثمّ خرج علينا أمير المؤمنين علیه السّلام. فحملنا علياً على دابته فعارضت امرأة من قبل الدار فقال: أين صفيّة؟ قالت: لبيّك يا أمير المؤمنين، قال: ألا تكفيني عنّي هؤلاء الكلبات التي يزعمن أنّى قتلت الأحبّة، لو قتلت الأحبّة لقتلت من في تلك الدار وأومأ بيده إلى ثلاث حجر في الدار فضربنا بأيدينا على قوائم السيوف وضربنا

ص: 88

بأبصارنا إلى الحجر التي أومأ إليها فوالله ما بقيت في الدار باكية إلّا سكتت ولا قائمة إلّا جلست قلت: يا أبا القاسم فمن كانت في تلك الثلاث حجر؟ قال: أمّا واحدة فكان فيها مروان بن الحكم جريحاً ومعه شباب قریش جرحى، وأمّا الثانية فكان فيها عبد الله بن زبیر ومعه آل الزبير جرحى، وأمّا الثالثة فكان فيها رئيس أهل البصرة يدور مع عائشة أينما دارت قلت: يا أبا القاسم هؤلاء أصحاب القرحة فهلا ملتم عليهم بهذه السيوف قال ابن أخي أمير المؤمنين: كان أعلم منك وسعهم أمانه إنّا لمّا هزمنا القوم نادى مناديه لا يدفف على جريح ولا يتبع مدبر ومن ألقى سلاحه فهو آمن سنّة يستنّ بها بعد يومكم هذا ثمّ مضى ومضينا معه حتّى انتهينا العسكر فقام إليه ناس من أصحاب النبيّ منهم أبو أيوب الأنصاري وقيس بن سعد وعمار بن یاسر وزید بن حارثة وأبو ليلى فقال: ألا أخبركم بسبعة من أفضل الخلق يوم يجمعهم الله تعالى؟ قال أبو أيوب: بلى والله فأخبرنا يا أمير المؤمنين فإنّك كنت تشهد وتغيب قال: فإنّ أفضل الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من بني عبد المطلب لا ينكر فضلهم إلّا كافر ولا يجحد إلّا جاحد، قال عمار بن یاسر: ما اسمهم يا أمير المؤمنين فلنعرفهم؟ قال: إنّ أفضل الخلق يوم يجمع الله، الرسل وإن من أفضل الرسل محمّداً - عليهم الصلاة والسلام - ثمّ أنّ أفضل كل اُمّة بعد نبيّها وصيّ نبيّها حتّی یدرکه نبيّ وأنّ أفضل الأوصياء وصي محمد علیهمالسّلام ثمّ أنّ أفضل الناس بعد الأوصياء الشهداء، وأنّ أفضل الشهداء جعفر بن أبي طالب ذا جناحين مع الملائكة لم يحلّ بحليته أحد من الآدميّين في الجنة شيء شرّفه الله به والسبطان الحسن والحسين سيّد اشباب أهل الجنة من ولدت أباهما(1) والمهدي يجعله الله من أحبّ منّا أهل البيت، ثم قال:

ص: 89


1- هكذا في المصدر والعبارة غامضة.

ابشروا ثلاثة من يطع الله والرسول و «فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ٭ ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا»(1) وقال: حدّثني الحسن بن علي بن بزیع معنعناً، عن الأصبغ بن نباتة قال: قال علي بن أبي طالب علیه السّلام: إنّي اُريد أن أذكر حديثاً، قلت: فما يمنعك يا أمير المؤمنين أن تذكره؟ فقال: ما قلت هذا إلّا وأنا اُريد أن أذكره، ثمّ قال: إذا جمع الله الأوّلين والآخرين كان أفضلهم سبعة منّا بني عبد المطلب، الأنبياء أكرم الخلق ونبيّنا أفضل الأنبياء علیهم السّلام ثمّ الأوصياء أفضل الاُمم ووصیّه سیّد الشهداء، وجعفر ذو الجناحين يطير مع الملائكة لم ينحله الله شهيداً قط قبله - رحمة الله عليهم أجمعين - «فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ٭ ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا» ثمّ السبطان حسناً وحسيناً، والمهدي علیهم السّلام والتحيّة والإكرام، جعلهم الله ممّن يشاء أهل البيت(2)(3).

أقول:

من الله فضل للّذين يحبّهم بأسمائهم يستجلب البرّ والمجد ولنعم ما قال الحافظ البرسي:

مفاتيحُ للدّاعي مصابيح للهدی معاليم للساري بها يهتدي النجد زکوا في الورى أُمّاً وجّداً ووالداً وطابوا فطاب الأُمّ والأب والجدّ فضائلهم جلّت فواضلتهم جلت مدائحهم شهد منايحهم ندّ

ص: 90


1- تفسیر فرات الكوفي: 29.
2- تفسیر فرات الكوفي: 35 وفيه الحسين بدل الحسن.
3- کنز الدقائق:2/ 519.

26- صنيع الإمام الحسن علیه السّلام خير لهذه الأُمة ممّا طلعت الشمس

علیه «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)» سورة النساء محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الصباح بن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر علیه السّلام قال: والله الّذي صنعه الحسن بن علي عليهمالسّلام كان خيراً لهذه الأُمة ممّا طلعت عليه الشمس، ووالله لقد نزلت هذه الآية «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ»: إنّما هي طاعة الإمام، و [لكنّهم] طلبوا القتال «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ» مع الحسين علیه السّلام «قَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ

ص: 91

قَرِیبٍ» ،«نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ»(1) أرادوا تأخير ذلك إلى القائم علیه السّلام. توضیح: قوله علیه السّلام: «إنّما هي طاعة الإمام» أي المقصود في الآية طاعة الإمام الذي ينهي عن القتال، لعدم كونه مأموراً به، ويأمر بالصلاة والزكاة، وسائر أبواب البرّ، والحاصل أنّ أصحاب الحسن علیه السّلام كانوا بهذه الآية مأمورين بطاعة إمامهم في ترك القتال، فلم يرضوا به، وطلبوا القتال، فلمّا كتب عليهم القتال مع الحسين علیه السّلام قالوا: ربّنا لم كتبت علينا القتال لولا أخّرتنا إلى أجل قريب أي قيام القائم علیه السّلام(2).

عن إدریس مولى لعبد الله بن جعفر عن أبي عبد الله علیه السّلام في تفسير هذه الآية «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» مع الحسن «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ» مع الحسين «قَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ» إلى خروج القائم علیه السّلام فإنّ معه النصر والظفر، قال الله: «قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى» الآية(3).

ص: 92


1- البرهان: 1/ 395، البحار: 10 /150، الصافي: 1/ 372.
2- البحار: 25/44.
3- إبراهيم: 44.

27- خطبته علیه السّلام بعد مقتل أبيه صلوات الله وتحياته عليهما

«وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)» سورة النساء روي عن الإمام الصادق علیه السّلام في تفسير (أُولي الأمر) أنّه قال في حديث: «فكان علي. ثمّ صار من بعده حسن ثمّ حسین ثمّ من بعده علي بن الحسين ثمّ من بعده محمد بن علي وهكذا يكون الأمر إن الأرض لا تصلح لا بإمام»(1).

وأخرج المسعودي في (مروجه) خطبة للإمام الحسن بن عليهمالسّلام في أيام خلافته بعد مقتل أبيه أمير المؤمنين علیه السّلام وقال فيها: «فأطیعونا فإنّ طاعتنا مفروضة، إذ كانت بطاعة الله والرسول وأُولي الأمر مقرونة» ثمّ قرأ قوله تعالی:

«وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ»(2).

ص: 93


1- شواهد التنزيل: 1 /196.
2- مروج الذهب للمسعودي: 2/ 717.

28- إرتداد الناس بعد النبي إلّاستة

«يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)» سورة المائدة حريز عن بعض أصحابه عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رسول الله: والذي نفسي بيده لتركبنّ سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذَّة بالقذّة(1) حتى

ص: 94


1- القذة: ريش السهم. يعني كما تقدر كل واحدة منهن على صاحبتها وتقطع، قال ابن الأثير: يضرب مثلاً للشيئين يستويان ولا يتفاوتان.

لا تخطئون طريقهم ولا يخطئكم سنّة بني إسرائيل، ثمّ قال أبو جعفر علیه السّلام: قال موسى لقومه و «يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ» فردّوا عليه وكانوا ستمائة ألف ف «قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ»٭ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا» أحدهما يوشع بن نون والآخر كالب بن يافنا، قال: وهما ابنا عمه، فقالا: «ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ» إلى قوله «إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ» قال: فعصى أربعون ألف و سلم هارون(1) وابناه ويشوع بن نون وكالب بن يافنا (يوفنا خ ل) فسمّاهم الله فاسقين فقال: لا تأس على القوم الفاسقين فتاهوا أربعین(2) سنة لأنّهم عصوا فكان حذو النعل بالنعل، إنّ رسول الله لمّا قبض لم يكن على أمر الله إلّا عليّ والحسن والحسين وسلمان والمقداد وأبوذر فمكثوا أربعين حتى قام عليّ(3) فقاتل من خالفه(4).

ص: 95


1- قال المجلسي أي التسليم الكامل.
2- تاه تیهاً: ذهب متحيراً وضل.
3- قال المجلسي: ولعلّه عليه السّلام حسب الأربعين من زمان إظهار النبي خلافة أمير المؤمنين علیه السّلام وإنكار المنافقين ذلك بقلوبهم حتّى أظهروه بعد وفاته.
4- البحار: 5 / 265 و 8/ 151، البرهان: 1/ 456، الصافي: 1/ 433.

29- آدم علیه السّلام يتوسّل بالخمسة الطيبة سلام الله عليهم ويشفّعهم

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)» سورة المائدة قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما: حدّثني أبي، عن أبيه، عن رسول الله قال: قال: يا عباد الله! إنّ آدم لمّا رأى النورساطعاً من صلبه إذ كان الله قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره، رأى النور ولم يتبيّن الأشباح فقال: يا ربّ ما هذه الأنوار؟ قال الله عزّ وجل: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاءً لتلك الأشباح. فقال آدم: یا ربّ لو بيّنتها لي؟ فقال الله تعالی: انظر یا آدم! إلى ذروة العرش فنظر آدم ووقع نور أشباحنا من ظهر آدم على ذروة العرش فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية فرأى أشباحنا فقال: ما هذه الأشباح یا ربّ؟ فقال الله: يا آدم هذه الأشباح أفضل خلائقي وبريّاتي، هذا محمّد وأنا المحمود والحميد في أفعالي، شققت له اسماً من اسمي وهذا علي وأنا العليّ العظيم شققت له اسماً من اسمي وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرض فاطم أعدائي عن رحمتي يوم فصل قضائي وفاطم أوليائي عمّا يعتريهم ویشینهم فشققت لها

ص: 96

اسماً من اسمي وهذا الحسين وهذا الحسين وأنا المحسن المجمل شققت لهما اسماً من اسمي هؤلاء خیار خلیقتي وکرام بريّتي بهم آخذ و بهم أُعطي وبهم أُعاقب و بهم أَثيب فتوسّل(1) إليَّ بهم یا آدم! وإذا دهتك داهيةٌ فاجعلهم إلىَّ شفعاءك فإنّي اليت على نفسي قسماً حقّاً لا أُخيِب بهم آملاً ولا أردّبهم سائلاً فلذلك حين نزلت منه الخطيئة دعا الله عزّوجل بهم فتاب علیه وغفر له(2).

أقول: ولنعم ما قال شيخنا الحر العاملي المتوفی (1104 ه-) :

كيف تحظا بمجدك الأوصياء وبه قد توسّل الأنبياء ما الخلق سوى النبي وسبطیه السعيدين هذه العلياء فبكم آدمُ استغاث وقد مسّته بعد المسرّة الضرّاء فتلقّى من ربّه كلمات شرّفتها من ذكركم أسماء فاستجيب الدعاء منه ولولا ذکرکم ما استجيب منه الدعاء

ص: 97


1- عن الصدوق، عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمّه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسين بن أبي نجران، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر علیه السّلام قال: قال جابر الأنصاري: قلت لرسول الله له: ما تقول في علي بن أبي طالب علیه السّلام؟ فقال: ذاك نفسي. قلت: فما تقول في الحسن والحسين عليهماسّلام؟ قال: هما روحي وفاطمة أُمهما ابنتي، يسؤوني ما ساءها ويسرّني ما سرّها، أُشهد الله أنّي حرب لمن حاربهم سلمن لمن سالمهم. یا جابر! إذا أردت أن تدعو الله فيستجيب لك فادعه بأسمائهم فإنّها أحبّ الأسماء إلى الله عزّ وجل، الاختصاص: 223، البحار: 22 / 347 الحدیث 63 و 37 / 76 الحديث 43 و 91/ 21 الحدیث 16.
2- تفسير الإمام: 219 الحدیث 102، تأويل الآيات: 1/ 44 الحدیث 19، البحار: 11/ 150 الحدیث 25.

30- أوّل مَن يُدعي يوم القيامة ويهتف باسمه هو محمّد

«قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)» سورة المائدة وحدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان عن ضريس عن أبي جعفر علیه السّلام في قوله: «هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ» قال إذا كان يوم القيامة وحشر الناس للحساب فيمرون بأهوال يوم القيامة فلا ينتهون إلى العرصة حتى يجهدوا جهداً شديداً، قال فيقفون بفناء العرصة ويشرف الجبار عليهم وهو على عرشه(1) فأول من يدعي بنداء يسمع الخلائق أجمعون أن يهتف باسم محمد بن عبد الله النبي القرشي العربي، قال فيتقدم حتّى يقف على يمين العرش، قال ثم يدعي بصاحبكم علي، فيتقدم حتى يقف على يسار رسول الله، ثمّ يدعي باُمة محمد فيقفون على يسار علي علیه السّلام ثمّ يدعي بنبي نبي واُمته معه من أول النبيين إلى آخرهم واُمتهم معهم، فيقفون عن يسار العرش، قال: ثمّ أول من يدعي المسائلة القلم، قال: فيتقدم، فيقف بين يدي الله في صورة الآدميين، فيقول الله

ص: 98


1- يؤوّل كتأويل قوله تعالى: «الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» أي استولى. ج . ز.

هل سطرت في اللوح ما ألهمتك وأمرتك به من الوحي؟ فيقول القلم نعم، یا رب قد علمت أني قد سطرت في اللوح ما أمرتني وألهَمتَني به من وحيك فيقول الله فمن يشهد لك بذلك، فقول يا رب وهل اطلع على مکنون سرك خلق غيرك، قال فيقول له: الله أفلحت حجتك، قال: ثمّ يدعي باللوح فيتقدم في صورة الآدميين حتّى يقف مع القلم، فيقول له هل سطر فيك القلم ما ألهمته وأمرته به من وحيي، فيقول اللوح نعم يا رب و بلّغته إسرافيل، فيتقدم مع القلم واللوح في صورة الآدميين، فيقول الله هل بلّغك اللوح ما سطر فيه القلم من وحيي؟ فيقول: نعم يا رب و بلغته جبرائیل، فيدعی بجبرائيل فيتقدّم حتّى يقف مع إسرافيل، فيقول الله هل بلغك إسرافيل ما بلغ فيقول: نعم يا رب وبلّغته جميع أنبيائك وأنفذت إليهم جميع ما انتهى إليَّ من أمرك وأديت رسالتك إلى نبي نبي ورسول رسول وبلغتهم كل وحيك وحکمتك وكتبك وإنّ آخر من بلّغته رسالاتك ووحيك وحکمتك وعلمك وكتابك وكلامك محمد بن عبد الله العربي القرشي الحرمي حبيبك، قال أبو جعفر علیه السّلام: فإنّ أول من يدعي من ولد آدم للمسألة محمد بن عبد الله فيدنيه الله(1) حتى لا يكون خلق أقرب إلى الله يومئذ منه، فيقول الله: يا محمد هل بلّغك جبرئیل ما أوحيت إليك وأرسلته به إليك من کتاب و حکمتي وعلمي وهل أوحى ذلك إليك؟ فيقول رسول الله: نعم يا رب قد بلّغني جبرائیل جميع ما أوحيته إليه وأرسلته من كتابك و حكمتك وعلّمك وأوحاه إليَّ فيقول الله لمحمد: هل بلّغت اُمتك ما بلّغك جبرئیل من کتاب و حکمتي وعلمي؟ فيقول رسول الله: نعم يا رب قد بلغت اُمتي ما أوحي إليّ من كتابك و حكمتك وعلمك وجاهدت في سبيلك، فيقول الله لمحمد: فمن يشهد لك بذلك؟ فيقول محمد: یا رب أنت

ص: 99


1- المراد من هذا هو القرب المعنوي وإلّا فالله سبحانه بريء عن الجسم والمكان وكذا المراد من اشرافه ظهور جلاله، ج. ز.

الشاهد لي بتبليغ الرسالة وملائكتك والأبرار من اُمتي وكفى بك شهيداً، فيدعی بالملائكة فيشهدون لمحمد بتبليغ الرسالة ثمّ يدعى باُمة محمد فيسألون هل بلغكم محمد رسالتي وكتابي و حكمتي وعلمي وعلمكم ذلك؟ فيشهدون لمحمد بتبليغ الرسالة والحكمة والعلم، فيقول الله لمحمد فهل استخلفت في اُمتك من بعدك من يقوم فيهم بحكمتي وعلمي ويفسر لهم كتابي ويبين لهم ما يختلفون فيه من بعدك حجة لي وخليفة في الأرض؟ فيقول محمد: نعم يا رب قد خلّفت فيهم علي بن أبي طالب أخي ووزيري وخير اُمتي ونصبته لهم علماً في حياتي ودعوتهم إلى طاعته وجعلته خليفتي في اُمتي وإماماً يقتدي به الأئمة من بعدي إلى يوم القيامة، فيدعي بعلي بن أبي طالب علیه السّلام فيقال له: هل أوصى إليك محمد و استخلفك في اُمته ونصبك علماً لاُمته في حياته وهل قمت فيهم من بعده مقامه؟ فيقول له علي: نعم یا رب قد أوصى إليّ محمد وخلفني في اُمته ونصبني لهم عاماً في حياته فلما قبضت محمداً إليك جحدتني اُمته ومكروا بي واستضعفوني وكادوا يقتلونني وقدموا قدامي من أخرت، وأخروا من قدمت ولم يسمعوا مني ولم يطيعوا أمري فقاتلتهم في سبيلك حتّى قتلوني، فيقال لعلي فهل خلّفت من بعدك في اُمة محمد حجّة وخليفة في الأرض يدعو عبادي إلى ديني وإلى سبيلي؟ فيقول علي: نعم يا رب قد خلّفت فيهم الحسن ابني وابن بنت نبيك، فيدعى بالحسن بن علي فيسئل عما سئل عنه علي بن أبي طالب علیه السّلام، ثمّ يدعي بإمام إمام وأهل عالمه فيحتجون بحجتهم فيقبل الله عذرهم ويجيز حجتهم، قال: ثمّ يقول الله: هذا يوم ينفع الصادقین صدقهم قال: ثمّ انقطع حديث أبي جعفر عليه وعلى آبائه السلام(1).

ص: 100


1- تفسير القمي:1/ 191.

على آلِ الرسولِ وأقربيه سلام كلّما سجع الحمامُ أليسوا في السماء وهُم نجوم وهم أعلامُ عزًّ لا یُرام فيا من قد تحيّر في ضلالٍ أمير المؤمنين هو الإمامُ رسول الله يوم غدیر خُمّ أناف يد وقد حضر الأنام وثاني أمره الحسن المرجّی له بیت المشاعر والمقام وثالثه الحسين فليس يخفى سنابدر إذا اختلط الظلام ورابعهم علي ذو المساعي به للدين والدنيا قوام وخامسهم محمد ارتضاه له في المأثرات اذن مقام وجعفر سادس النجباء بدر بهجته زها البدر التمام وموسی سابع وله مقام تقاصر عن أدانيه الكرام عليّ ثامن والقبر منه بأرض الطوس إن قحطوا رهام وتاسعهم طريد بني البغايا محمد الزکّي له حسام وعاشرهم علي وهو حصن يحنّ لفقده البلد الحرام وحادي العشر مصباح المعالي مُنير الضوء الحسن الهمام وثاني العشر حان له القيام ومحمّد الزکّي به اعتصام

ص: 101

31- حقّ المعرفة للخمسة الطيّبة سلام الله عليهم

«وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)» سورة الأنعام الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في كتاب مصباح الأنوار:

باسناده إلى رجاله، مرفوعاً إلى المفضّل بن عمر قال:

دخلت على الصادق عليه السّلام ذات يوم، فقال لي: يا مفضّل هل عرفت محمّداً وعلياً وفاطمة والحسن والحسين علیهم السّلام کنه معرفتهم؟ قلت: يا سيدي وماكنه معرفتهم؟ قال: يا مفضّل تعلم أنّهم في جملة الخلائق بحيث يسكنون الروضة الخضرة، فمن عرفهم کنه معرفتهم كان في السنام الأعلى.

قال: قلت: عرفني ذلك يا سيّدي.

قال: يا مفضّل تعلم أنّهم علموا ما خلق الله عزّ وجل وذرأه وبرأه وأنّهم كلمة التقوى وخزّان السماوات والأرضين والجبال والرمال والبحار، وعرفوا كم في السماء نجم، وملك، ووزن الجبال، وكيل ماء البحار، وأنهارها، وعيونها، وما تسقط من ورقة إلّاعلموها، ولاحبّة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلّا في كتاب مبين، فهو في علمهم، ولقد علموا ذلك.

فقلت: يا سيّدي قد علمت ذلك وأقررت به و آمنت.

ص: 102

قال: نعم يا مفضّل، نعم یا مکرّم، نعم يا محبور، نعم يا طيّب، طبت وطابت لك الجنة ولكلّ مؤمن بها(1).

أقول: لنعم ما قال عبد المنعم الفرطوسي في ترجمة خطبة الرسول:

معشر المسلمين يوشك أني راحل عنكم بدون تنائي فاسمعوا ما أقوله وأطيعوا واستجيبوا لأمر رب السماء فهو مولاكم ومن دون ربي أنا مولاكم بخير اقتفاء وعليّ مولاكم وبنوه حين أمضى عنكم ليوم الجزاء والذي في الكتاب أُفضيت فيه لعلي حتى ارتوى من روائي كل علم أحصا فيّ اصطفاءً في على أحصيته باصطفاء فهو مابینکم إمام مبين فاقتدوا فيه أحسن الاقتداء(2)

ص: 103


1- تأويل الآيات الظاهرة: 478، وعنه كنز الدقائق:8/ 391.
2- ملحمة أهل البيت علیهم السّلام1: 313.

32- برهان أنّ الأئمة علیهم السّلام ذريّة النبي

«وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)» سورة الأنعام وفي عيون الأخبار في باب جمل من أخبار موسی بن جعفر عليهمالسّلام مع هارون الرشید ومع موسی بن المهدي حديث طويل بينه وبين هارون وفيه: ثمّ قال: كيف قلتم إنّا ذريّة النبيّ والنبيّ لم يعقب وإنّما العقب للذكر لا للأُنثى وأنتم ولد لابنته ولا يكون لها عقب؟ فقلت: أسألك بحقّ القرابة والقبر وبما فيه إلّا ما أعفاني عن هذه المسألة، فقال: لا أو تخبر بحجّتكم فيه يا ولد علي وأنت یا موسی یعسوبهم وإمام زمانهم كذا اُنهي إليّ ولست أعفيك في كلّ ما أسألك عنه حتّى تأتيني فيه بحجّة من كتاب الله وأنتم تدعون معشر ولد علي أنّه لا يسقط عنكم منه شيء لا ألف ولا واو إلّا وتأويله عندكم واحججتم بقوله عزّ وجل فيها:

ص: 104

«مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ» واستغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم، فقلت: تأذن لي في الجواب قال: هات، قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجیم بسم الله الرحمن الرحيم: «وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ٭ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ» من أبو عیسی یا أمير المؤمنين؟ قال: ليس لعيس أب، فقلت: إنّما ألحقناه بذراري الأنبياء عليهم السّلام من طریق مریم علیهالسّلام وكذلك ألحقنا بذراري النبيّ من قبل أُمّنا فاطمة علیهاسّلام(1).

وحدّثني أبي، عن ظریف بن ناصح، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر علیه السّلام قال: قال لي أبو جعفر علیه السّلام: يا أبا الجارود ما يقولون في الحسن والحسين؟ قلت: ينكرون علينا أنّهما إبنا رسول الله له، قال: فبأيّ شيء احتجبتم عليهم؟ قال: قلت احتججنا عليهم بقول الله عزّ وجل في عيس بن مریم: ««وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَان» إلى قوله: «وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» فجعل عیسی بن مریم من ذريّة إبراهيم، قال: فأيّ شيء قالوا لكم؟ قال: قلت: قالوا: قديكون ولد الابنة من الولد ولايكون من الصلب، قال: فبأيّ شيء احتججتم عليهم؟ قال: قلت: احتججنا عليهم بقول الله تعالی: «قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ» الآية، قال: فأيّ شيء قالوا لكم؟ قلت: قالوا: قد يكون في كلام العرب ابني رجل و آخر يقول أبناؤنا وإنّما هو ابن واحد، قال: فقال أبو جعفر عليه السّلام: والله يا أبا الجارود ولا عطیکم من كتاب الله مسمّى لصلب رسول الله لا يردّها إلّا كافر، قال: قلت: جعلت فداك وأين؟ قال: حيث قال الله: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ» إلى قوله : «وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ» فسلهم يا أبا الجارود هل يحلّ لرسول الله له شيء من حليلتهما؟

ص: 105


1- عيون أخبار الرضا:1/ 69، الحدیث 9.

فإن قالوا: نعم فكذبوا والله وفجروا، وإن قالوا: لافهما والله أبناؤه لصلبه وما حرمت عليه إلاّ الصلب(1).

وفي روضة الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن ظریف، عن عبد الصمد بن بشیر، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر علیه السّلام قال: قال لي أبو جعفر علیه السّلام: يا أبا الجارود ما يقولون لكم في الحسن والحسين علیهمالسّلام؟ قلت: ينكرون علينا أنّهما ابنا رسول الله، قال: فأيّ شيء احتججتم عليهم؟ قلت: احتججنا عليهم بقول الله عزّ وجل في عیسی بن مریم -صلّى الله عليه -:«وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ٭ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى» فجعل عیسی بن مریم من ذريّة نوح(2)، والحديث طويل أخذت موضع الحاجة(3).

من لفظ (عیسی) سورة الانعام يظهر ابناً سيد الأنام یرشدنا بُنوّة السبطين الحسن الزكي والحسين انّهما من فضل ربّ الباري ابنا النبيّ المصطفى المختار وقل تعالوا نَدعُ أبنائنا في آل عمران یُصرّح لنا

ص: 106


1- تفسير القمي:1 /209 مع اختلاف.
2- روضة الكافي:263، الحديث501.
3- کنز الدقائق:3/ 329.

33- الحجة البالغة

«قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149)» سورة الأنعام وردت روايات عديدة عن النبي الأعظم في التأكيد على أنّ الحجة البالغة بعده، هم أهل بيته: أمير المؤمنين، وفاطمة الزهراء، والأئمة من ولدهما علیهم السّلام، ومن تلك الأحاديث هو:

ما أخرجه علي بن محمد بن شاذان - في كتابه الذي جمع فيه مائة منقبة من طرق العامة - بسنده عن أبي سليمان راعي رسول الله في قصّة المعراج، قال: قال رسول الله ... فقال الله لي: التفت عن يمين العرش، فالتفت، فإذا أنا بعلي، وفاطمة، والحسن، و الحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، و موسی بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والمهدي، في ضحضاح من نور قیام يصلّون....

فقال تبارك و تعالی - یا محمد: هؤلاء هم الحجج (1)...

ص: 107


1- المناقب المائة: 21، المنقبة 32، وفي ط. بيروت - دار البلاغة: 38، وأخرجه الخوارزمي في مقتل الحسين علیه السّلام: 95، الحديث 203، وعنه ينابيع المودة: 3/ 380، الباب93، وفرائد السمطين: 2/ 319، الحدیث 571.

أقول: ولنعم ما قال عبد المنعم الفرطوسي في ملحمة أهل البيت علیهم السّلام:

وثبوت المعراج بالجسم حقّ حين أسرى النبيّ نحو السماء وحديث الرسول عمّا رآه عن عیان مشاهَد وهو رائي قلت: يا ربّ مَن هم أوصيائي مَن لي اخترتهم بخير اصطفاء قال فانظر الى سرادق العرش منّي حيث خُطّوا فيه بأسنی ضیاء فرأيت اثنی عشر نوراً بهيّاً طبقت اُفق عرشه بالبهاء کل نور من تحته خُطّ سطرٌ کتب اسم فيه من الأسماء

ص: 108

34- أسماءهم علیهم السّلام

«قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)» سورة الأعراف وفي كتاب معاني الأخبار بإسناده إلى محمد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبدالله علیه السّلام حديث طويل وفيه قال علیه السّلام: فلمّا أسكن الله عزّ وجل آدم وزوجته الجنّة قال لهما: «وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ» يعني شجرة الحنطة «فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ» فنظر إلى منزلة محمّد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والأئمة علیهم السّلام بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا: ربّنا لمن هذه المنزلة؟ فقال الله جلّ جلاله: إرفعا رأسكما إلى ساق العرش فرفعا رؤوسهما فوجدا أسماء محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة علیهم السّلام مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الله الجبّار جلّ جلاله: لولاهم ما خلقتكما، هؤلاء خزنة علمي وأُمنائي على سرّي إيّاكما أن تنظرا إليهم بعین الحسد وتمنّي منزلتهم عندیت و محلّهم من كرامتي فتدخلان بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين، قالا: ربّنا ومن الظالمون؟ قال: المدّعون لمنزلتهم بغير حق، قالا: ربّنا فأرنا منزلة ظالميهم في نارك حتّى نراها كما رأينا منزلتهم في جنّتك، فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال

ص: 109

والعذاب وقال عزّ وجل: مكان الظالمين لهم المدّعين لمنزلتهم في أسفل درك منها كلّما أرادوا أن يخرجوا منها اُعيدوا فيها وكلّما نضجت جلودهم بدّلناها سواها ليذقوا العذاب الأليم، یا آدم و یا حوّاء لا تنظرا إلى أنواري و حججي بعين الحسد فأهبطكما عن جوازي و احلّ بكما هواني، «فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ٭ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ٭ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ» وحملهما على تمني منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتّى أكلا من شجرة الحنطة فعاد مکان ما أكلا شعيراً، فأصل الحنطة كلّها ممّا لم يأكلاه وأصل الشعير كلّه ممّا عاد مكان ما أكلاه، فلمّا أكلا من الشجرة طار الحلي والحلل عن أجسادهما وبقيا عریانین، «وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ ٭ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ» قال: اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش(1).

أقول: قال الفرطوسي في ذيل آية (47) من سورة البقرة:

فتلقّى من ربّه كلمات تاب فيها عليه دون تنائي هي سبطا محمّد وعليّ مع طه والبضعة الزهراء خلق الله آدماً بیدیه حین سوّاه من تراب وماء ثمّ أوحى أن اسجد بخشوعٍ لجميع الملائك الأمناء

ص:110


1- معاني الأخبار: 108، الحديث 1. كنز الدقائق: 3/ 463.

قال ياخالقي أصوّرت خلقاً هو خير منّي من الخيلاء فتجلّت أنوارهم وهي تزهو في ذرى العرش بعد کشف الغطاء قال مَن هؤلاء ربي فأوحى أمنائي وصفوة الأصفياء فهو من ربّه الكريم تلقی کلمات مقرونة بالثناء حين ناجی بها فتاب عليه وهو يدعو بهذه الأسماء

ص:111

35- الخمسة الطيّبة عليهم سلام الله على الأعراف

«وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46)» سورة الأعراف محمد بن الفضل بن جعفر بن الفضل العباس معنعناً عن ابن عباس في قوله تعالى: «وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ» قال: النبيّ وعليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين على سور بين الجنّة والنار يعرفون المحبّين لهم ببياض الوجوه والمبغضين لهم بسواد الوجوه(1).

روى الشيخ أبو جعفر الطوسي، عن رجاله، عن أبي عبد الله علیه السّلام وقد سئل عن قول الله عزّ وجل: «وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ»فقال: سور بين الجنّة والنار، قائم عليه محمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة وخديجة عليهم السّلام فينادون: أين محبّونا! أين شيعتنا! فيُقبلون إليهم فيعرفونهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وذلك قوله

ص: 112


1- الفرات: 1/ 144 الحديث 177، البحار: 24 / 255 الحديث18.

تعالى: «يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ» فيأخذون أيديهم فيجوزون بهم على الصراط ويدخلونهم الجنّة(1).

عليّ بن الحسن، عن هارون بن موسى، عن الحسين بن أحمد بن شیبان القزويني، عن أحمد بن علي العبدي، عن عليّ بن سعد بن مسروق، عن عبد الكريم بن هلال بن أسلم المكي، عن أبي الطفيل، عن أبي ذر قال: سمعت فاطمة علیهالسّلام تقول: سألت أبي عن قول الله تبارك و تعالى: «وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ» قال: هم الأئمة بعدي عليّ وسبطاي و تسعة من صلب الحسين، هم رجال الأعراف لا يدخل الجنّة إلّا من يعرفهم ويعرفونه ولا يدخل النار إلّا من أنكرهم وينكرونه لا يعرف الله تعالى إلّا بسبيل معرفتهم.

قال الصادق علیه السّلام: وهذا يوم الموت فإنّ الشفاعة والفداء لا يغني فيه، فأمّا في يوم القيامة فإنّا وأهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاءٍ ليكوننّ على الأعراف بین الجنة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين المال والطيّبون من آلهم فنری بعض شیعتنا في تلك العرصات فمن كان منهم مقصّراً في بعض شدائدها فنبعث عليهم خیار شیعتنا کسلمان والمقداد وأبي ذرٍ وعمّار ونظرائهم في العصر الذي يليهم وفي كلّ عصر إلى يوم القيامة فينقضون عليهم کالبزاة والصقور ويتناولونهم كما يتناول البزاة والصقور صيدها فيزفّونهم إلى الجنّة زفّاً وإنّا لنبعث على آخرين من محبّينا من خيار شيعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطير الحبّ وينقلونهم إلى الجنان بحضرتنا وسيؤتي بالواحد من مقصّري شيعتنا في أعماله بعد أن صان [حاز] الولاية والتقيّة وحقوق إخوانه ويوقف بإزائه ما بين مائة وأكثر من ذلك إلى مائة ألف من النصّاب فيقال له: هؤلاء فداؤك من النار فيدخل هؤلاء

ص: 113


1- البحار: 24 / 255 الحديث 19، تأويل الآيات: 1 / 176 الحديث 12.

المؤمنون الجنّة وأُولئك النصّاب النار وذلك ما قال الله تعالى: «رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ» يعني بالولاية لو كانوا مسلمين في الدنيا منقادين للإمامة ليجعل مخالفوهم من النار فداءهم(1).

أقول: قال عبد المنعم الفرطوسي في ذيل آية (46) من سورة الأعراف:

وبأعلى الأعراف خير رجال يعرفون الجميع بالسّيماء هم عليّ وجعفر وبنوه آل طه وخيرة الأوصياء يرتقون الأعراف وهي تلول بين مأوی سعادة وشقاء وهُم يُدخلون كلَّ محبًّ وعدوًّ في نعمةٍ وبلاء وبياض الوجوه والفوز فيه خير سيما لسائر الأولياء وسَواد الوجوه والخُسر فيه شرّ سيما لسائر الأعداء فلنار الشقاء منهم فريق وفريق لجنّة السعداء أعلمتنا بالأمر عنهم ثلاث من روايات أوثق العلماء(2)

ص: 114


1- تفسير الإمام: 241، البار:8/ 44 الحدیث 13، فليراجع: الفرات: 1/ 143، تفسير القمي: 1/ 231، شواهد التنزيل: 1/ 263، مجمع البيان: 4/ 423.
2- ملحمة أهل البيت علیهم السّلام 1: 162.

36- هم الشمس والقمر والنجوم

«وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ (54)» سورة الأعراف عن أنس قال: قال رسول الله: «إذا فقدتم الشمس فأتوا القمر وإذا فقدتم القمر فأتوا الزهرة وإذا فقد تم الزهرة فأتوا الفرقدين.

قيل: یا رسول الله ما الشمس؟ قال: أنا.

قيل: ما القمر؟ قال: على.

قيل: ما الزهرة؟ قال الله: فاطمة.

قيل: ما الفرقدان؟ قال انه: الحسن والحسين»(1).

أقول: ولنعم ما قيل:

إنّ النبيّ محمداً ووصيّه وابنیه وابنته البتول الطاهرة

ص: 115


1- على في القرآن: 1/ 276، و شواهد التنزيل: 2/ 288.

الشمس ثمّ الزهرة ثمّ القمر والفرقدان هم الغيوم الزاهرة أهل العباء فإنني بولائهم أرجو السلامة والنجا في الآخرة وأری محبة من يقول بفضلهم سبباً مجير من السبيل الجائرة

ص: 116

37- أهل الكساء علیهم السّلام في التوراة

«الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)» سورة الأعراف ماجيلويه، عن عمّه، عن البرقي، عن أبي الحسن عليّ بن الحسين البرقي، عن عبد الله بن جبلّة، عن معاوية بن عمّار، عن الحسن بن عبد الله، عن أبيه، عن جدّه الحسن بن عليّ بن أبي طالب علیهم السّلام قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله إلى أن قال: فأخبرني عن السادس، عن خمسة أشياء مکتوبات في التوراة أمر الله بني إسرائيل أن يقتدوا بموسى فيها من بعده، قال النبي: فأنشدتك بالله إن أنا أخبرتك تقرُّ لي. قال اليهودي: نعم يا محمّد! قال: فقال النبي: أوّل ما في

ص: 117

التوراة مكتوب: محمد رسول الله، وهي بالعبرانية طاب ثمّ تلا رسول الله هذه الآية: «يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ»، «وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ» وفي السطر الثاني، اسم وصيّي عليّ بن أبي طالب والثالث والرابع، سبطيّ الحسن والحسين وفي السطر الخامس، أُمّهما فاطمة سيّدة نساء العالمین صلوات الله عليها وفي التوراة اسم وصيّي إليا واسم السبطين شبر و شبیر وهما نورا فاطمة علیهالسّلام. قال اليهودي: صدقت يامحمّد! فأخبرني عن فضلكم أهل البيت، قال النبي: لي فضل على النبيّين فما من نبيّ إلّا دعا على قومه بدعوة وأنا أخّرت دعوتي لأُمّتي لأشفع لهم يوم القيامة وأمّا فضل أهل بيتي وذريتي على غيرهم كفضل الماء على كلّ شيء وبه حياة كلّ شيء وحبّ أهل بيتي وذريتي استكمال الدين وتلا رسول الله هذه الآية: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا» إلى آخر الآية. قال اليهودي: صدقت يا محمد ، الخبر(1).

في الخرائج والجراح: ... فقال الرضا علیه السّلام: أنت یا جاثليق! أمِنٌ في ذمّة الله وذمّة رسوله لأنّه لا يبدؤك منّا شيءٌ تكره ممّا تخافه وتحذره. قال: أمّا إذا أمنتني فإنّ هذا النبيّ، الّذي اسمه محمد، وهذا الوصي، الّذي اسمه علي وهذه البنت، التي اسمها فاطمة علیهالسّلام وهذان السبطان، اللذان اسمهما الحسن والحسين عليهمالسّلام في التوراة والإنجيل والزبور. قال الرضا علیه السّلام: فهذا الذي ذكرته في التوراة والإنجيل والزبور من اسم هذا النبيّ وهذا الوصيّ وهذه البنت وهذین السبطین صدق وعدل أم كذب وزور. قال: بل صدق وعدل وما قال الله إلّا الحقّ فلمّا أخذ الرضا علیه السّلام إقرار الجاثليق بذلك، قال لرأس الجالوت: فاستمع الآن يا رأس الجالوت! السِفر (105) الفلاني من زبور داود ، قال: هات بارك الله عليك

ص: 118


1- الأمالي للصدوق: 192، البحار: 9/ 298، الحدیث 5.

وعلى من ولدك فتلا الرضا علیه السّلام السفر الأوّل من الزبور حتّى انتهى إلى ذكر محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين فقال: سألتك يا رأس الجالوت! بحقّ الله، أهذا في زبور داود؟ ولك من الأمان والذمّة والعهد ما قد أعطيته الجاثليق، فقال رأس الجالوت: نعم هذا بعينه في الزبوربأسمائهم. قال الرضا علیه السّلام: فبحقّ العشر الآيات التي أنزلها الله علی موسی بن عمران علیه السّلام في التوراة، هل تجد صفة محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين في التوراة منسوبين إلى العدل والفضل؟ قال: نعم ومن جحد هذا فهو كافر بربّه وأنبيائه. قال له الرضا علیه السّلام فخذ الآن على سِفر كذا من التوراة فأقبل الرضا علیه السّلام يتلو التوراة وأقبل رأس الجالوت يتعجّب من تلاوته وبيانه وفصاحته ولسانه حتّى إذا بلغ ذکر محمّد قال رأس الجالوت: نعم هذا إحماد وبنت إحماد وإليا و شبر و شبیر و تفسيره بالعربيّة محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين فتلا الرضا علیه السّلام السِفر إلى تمامه(1).

أقول: ولنعم ما قيل لعلّ قائله الناشئ الصغير المتوفی (365ه-):

بآل محمّد عُرف الصواب وفي أبياتهم نزل الكتاب وهم حجج الإله على البرایا بهم وبحكمهم لا يُستراب وأنوار ترئ في كل عصر لإرشاد الوری فهم شهاب تناهوا في نهاية كلّ مجد فطهر خَلقُهم وزكوا وطابوا هم الكلمات والأسماء لاحَت لآدم حين عزّله له المتاب هم النبأ العظيم وفُلك نوح وباب الله وانقطع الخطاب

ص: 119


1- الخرائج: 346، نور الثقلين: 2/ 79 الحدیث 295 مع نقيصة.

38- عددهم علیهم السّلام كعدد أسباط بني إسرائيل

«وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160)» سورة الأعراف وفي كتاب الخصال، عن عبيد الله بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن علي قال: سألت عليّ بن موسی بن جعفر علیهم السّلام عمّا يقال في بني الأفطس فقال: إنّ الله أخرج من بني إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم علیه السّلام إثني عشر سبطاً وأنشر من الحسن والحسين ابني أمير المؤمنین لفاطمة بنت رسول الله إثنی عشر سبطاً ثمّ عدد الاثني عشر من ولد إسرائيل فقال: زیلون بن يعقوب و شمعون بن يعقوب ويهودا بن يعقوب و تشخار بن يعقوب وریکون بن يعقوب ويوسف بن يعقوب وبنیامین بن يعقوب و تفثال بن

ص: 120

يعقوب وداني بن يعقوب، وسقط عن [أبي] الحسن النسابة ثلاثة منهم، ثمّ عدد الإثني عشر من ولد الحسن والحسين عليهمالسّلام فقال: وأمّا الحسن فانتشر منه ستة أبطن: بنو الحسن بن زید بن الحسن بن علي، وبنو عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، وبنو إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي، وبنو الحسن بن الحسن [بن الحسن] بن علي، وبنو داود بن الحسن بن الحسن بن علي، وبنو جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي، فعقّب الحسن علي هذه الستّة الأبطن، ثمّ عدّ بني الحسين علیهم السّلام فقال: بنو محمد بن علي الباقر بن علي بن الحسين بن علي، وبنو عبد الله [بن] الباهر بن علي، وبنو زید بن علي بن الحسين بن علي، [وبنو الحسين بن علي بن الحسين بن علي، وبنو عمر بن علي بن الحسين بن علي] وبنو علي بن الحسين بن علي، فهؤلاء الستّة الأبطن نشر الله منهم ولد الحسين بن علي علیهمالسّلام(1).

أقول: ولنعم ما قال الصاحب بن عباد المتوفي (385 ھ) في أسماء الأمة علیهم السّلام:

بمحمّد ووصيّه وابنيهما الطاهرين وسيّد العبّاد بمحمّد وبجعفر بن محمد وسمّى مبعوث بشاطى الواد وعلي الطوسي ثمّ محمّد وعلي المسموم ثمّ الهادي حسن واتبع بعده بامامة للقائم المبعوث بالمرصاد وقال الحافظ البرسي:

ولائي لآل المصطفى وبنيهم وعترتهم أزكى الورى وذويهم على أمير المؤمنين أميرهم وشبّرهم أصل التقى وشبيرهم هداة ولاة للرسالة منبع

ص: 121


1- الخصال: 2/ 465، الحديث5، تفسير نور الثقلين: 2/ 87، الحدیث 313 نقلاً عن الخصال. كنز الدقائق: 3/ 618.

بهاليل صوامون فاح عبيرهم میامین قوّامون عزّ نظيرهم مناجيب ظَل الله في الأرض ظلّهم وهم معدن للعلم والفضل کلّهم ولا علم إلّا علمهم حين يرفع

ص: 122

39- إخذ المیثاق

«وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172)» سورة الأعراف عن زرارة عن حُمران عن أبي جعفر علیه السّلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق خلق ماء عذباً وماء مالحاً اجاجاً فامتزج الماء ان فأخذ طيناً من أدیم الأرض فعرکه عركاً شديداً، فقال لأصحاب اليمين وهم کالذّر يدبون إلى الجنة بسلام، وقال لأصحاب الشمال إلى النار ولا ابالي، ثمّ قال:«أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ».

ثمّ أخذ الميثاق على النبيين فقال ألست بربکم وإن هذا محمد رسولي وإنّ هذا علي أمير المؤمنين، قالوا: بلى، فثبتت لهم النبوة وأخذ الميثاق على أُولي العزم إنني ربكم ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين وأوصياءه من بعده ولاة أمري وخزان علمي وإنّ المهدي انتصر به الديني وأظهر به دولتي وانتقم به من أعدائي وأعبد به طوعاً وكرهاً، قالوا اقررنا يا رب وشهدنا ..... الحديث(1).

ص: 123


1- الكافي 2/ 8 الحدیث 1.

قال الإمام الصادق علیه السّلام في قوله تعالى: «وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ» الآية كان الميثاق مأخوذاً عليهم لله بالربوبية ولرسوله بالنبوة ولأمير المؤمنين والأمة بالإمامة فقال (ألست بربکم) ومحمد نبیکم وعلي إمامكم والأئمة الهادون أئمتكم فقالوا: بلى، فقال الله: «أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أي لئلّا تقولوا يوم القيامة «إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ» فأول ما أخذ الله عزّ وجل الميثاق على الأنبياء له بالربوبية ... الحديث(1).

ص: 124


1- بحار الأنوار 15/ 17، الباب 1، الحدیث 25 عن تفسير القمی 1/ 246.

40- حديث الولاية: من كنت مولاه فعليّ مولاه

«أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)» سورة التوبة روى العلّامة البحراني عن الفقيه (الشافعي) إبراهيم بن محمد الحمويني (باسناده المذكور) عن سلیم بن قیس الهلالي، قال: رأيت علياً في مسجد رسول الله - في خلافة عثمان - وجماعة يتحدّثون، ويتذاكرون العلم والفقه، فذكروا قریشاً فضلها و سوابقها وهجرتها، وما قال فيها رسول الله له من الفضل (إلى أن قال): وفي الحلقة أكثر من مائتي رجل فيهم سعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وعمار، والمقداد، وأبوذر، وهاشم بن عتبة، وابن عمر، والحسن والحسين وابن عباس، ومحمد بن أبي بكر، وعبد الله بن جعفر (ومن الأنصار) أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو الهيثم بن التيهان، ومحمد بن سلمة، وقيس بن سعد بن عبادة، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وزيد بن الأرقم، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبو يعلى، ومعه ابنه عبد الرحمن، قاعد بجنبه غلام صبيح الوجه ...

ص: 125

(إلى أن قال): فقال علي بن أبي طالب لذلك الجمع:

أنشدكم الله أتعلمون حيث نزلت (قوله تعالی): «وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً».

قال الناس: یا رسول الله أخاصة في بعض المؤمنين، أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله عزّ وجل نبيه أن يعلمهم ولاة أمرهم، وأن يفسر لهم من الولاية ما خير لهم من صلواتهم وزکواتهم وحجهم، ونصبني للناس بغدیر خم، ثمّ خطب فقال: «أيها الناس إن الله أرسلني وظننت أن الناس مكذّبي ، فاوعدني لابلغنها أو ليعذبني».

ثمّ أمر به فنودي بالصلاة جامعة، ثمّ خطب فقال:

أيها الناس: «أتعلمون أن الله عزّ وجل مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم؟».

قالوا: بلی یا رسول الله.

قال: قُم یا علی! فقمت فقال الله:

«من کنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه».

فقام سلمان فقال: يا رسول الله ولاء ماذا؟ فقال: ولاء كولائي، من کنت أولی به من نفسه فعلي أولی به من نفسه.

فأنزل الله تعالى ذكره: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا» فکبّر رسول الله وقال: الله أكبر تمام نبوتي، و تمام دين الله ولاية علي بعدي.

فقام أبو بكر وعمر فقالا: یا رسول الله هذه الآيات خاصّة في علي؟

ص: 126

قال: فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة.

قالا: یا رسول الله بيّنهم لنا.

فقال: علي أخي ووزيري، ووارثي ووصيي، وخليفتي في اُمتي، ووليّ كل مؤمن من بعدي، ثمّ ولدي الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ التسعة من ولد الحسين واحداً بعد واحد، القرآن معهم، وهم من القرآن، لا يفارقونه ولا يفارقهم، حتّى یردوا على الحوض.

فقالوا كلّهم (أي: كل من كان بمحضر علي وأنشدهم الله): نعم قد سمعنا ذلك، وشهدنا كما قلت سواء.

وقال بعضهم: قد حفظنا جل ما قلت لم نحفظ كلّه، وهؤلاء الذين حفظوا أخبارنا وأفاضلنا.

فقال علي: صدقتم ليس كل الناس ليستوون في الحفظ. أنشد الله عزّ وجل من حفظ ذلك من الرسول و لما قام فأخبر به! فقام زید بن الأرقم، والبراء بن عازب، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمار فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله وهو قائم على المنبر وأنت جنبنا وهو يقول:

أيها الناس إنّ الله عزّ وجل أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فیکم بعدي، ووصيي، وخليفتي، والذي فرض الله عزّ وجل على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته وطاعتي، وأمركم بولايته، وإني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق، و تكذيبهم، فاوعدني لتبلغنها أو ليعذبني.

أيها الناس: إنّ الله أمركم في كتابه بالصلاة، وقد بينتها لكم، والزكاة والصوم، والحج، فبينتها لكم، وفسرتها لكم، وأمركم بالولاية، وأني أشهدكم إنها لهذا خاصة - ووضع يده على علي بن أبي طالب -.

ص: 127

قال الفرطوسي في الملحمة: ج 1، ص 43:

بعد نصّ الغدير في يوم خمّ في علي وافی بغیر تنائي أنا أكملت دینکم لكم اليوم وأتممت س ابغ النعماء ورضيت الإسلام ديناً حنيفاً لكم يا معاشر الحنفاء ورضي الله في نبوة طه أكملته امامة الاُمناء

ص: 128

41- اسمائهم علیهم السّلام مكتوبة قبل خلق آدم بألفي عام

«إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)» سورة التوبة کتاب مقتضب الأثر في النصّ على الاثني عشر لابن عيّاش، عن عبد الصمد بن علي، عن أحمد بن موسى، عن داود الرقّي قال: دخلت على جعفر بن محمد علیهمالسّلام فقال: ما الذي أبطأ بك عنّا یا داود! فقلت: حاجةٌ عرضت لي بالكوفة، هي التي أبطأت بي عنك جعلت فداك. فقال لي: ماذا رأيت بها؟ قلت: رأي عمّك زیداً على فرس ذنوبٍ قد تقلّد مصحفاً وقد حفّ به فقهاء الكوفة وهو يقول: يا أهل الكوفة! إنّي العَلَم بينكم وبين الله تعالى، قد عرفت ما في كتاب الله من ناسخةٍ ومنسوخةٍ. [فقال أبو عبد الله: يا سماعة بن مهران! ائتني بتلك الصحيفة فأتاه بصحيفة بيضاء فدفعها إليَّ وقال لي: اقرأ هذه] بما أُخرج إلينا أهل البيت، يرثه

ص: 129

کابر عن كابر من لدن رسول الله صلى الله عليه واله [فقرأتها فإذا فيها سطران، السطر الأوّل، لا إله إلّا الله، محمّد رسول الله والسطر الثاني، إنّ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرم، ذلك الدين القيّم، عليّ بن أبي طالب و الحسن بن عليّ والحسين بن علي] وعلي بن الحسين و محمّد بن علي وجعفر بن محمّد و موسی بن جعفر وعليّ بن موسی و محمّد بن علي وعليّ بن محمد و الحسن بن عليّ [والخلف منهم الحجة لله، ثمّ قال لي: يا داود! أتدري أين کان ومتی کان مكتوباً؟ قلت: يا ابن رسول الله! الله أعلم ورسوله وأنتم. قال: قبل أن يخلق آدم بألفي عام] فأين يتاه بزيدٍ ويذهب به إنّ أشدّ الناس لنا عداوةً وحسداً، الأقرب إلينا فالأقرب(1).

هم النور نور الله جلّ جلاله هم التين والزيتون والشفع والوتر مهابط وحي الله خزّان علمه ميامين في أبياتهم نزل الذكر وأسمائهم مكتوبة فوق عرشه ومكنونة من قبل أن يخلق الذر ولولاهم لم ي خلق الله آدماً ولا كان زيد في الأنام ولا عمرو

ص: 130


1- البحار: 46 / 173 الحديث 26 (وما بين المعقوفتين في المناقب: 1/ 307)، ونظيره البحار: 38 / 46 الحديث 4، البحار:24/ 243 الحديث 10 و 36/ 400 الحدیث 10 و 47/ 141 الحدیث 193، البرهان: 2/ 123 الحدیث 2، تأويل الآيات: 1/ 203 الحدیث 12.

42- رفقاء المؤمنين المتقين في الجنّة

«الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)» سورة يونس عبد الرحيم قال: قال أبو جعفر علیه السّلام: إنّما أحدكم حين يبلغ نفسه هاهنا فينزل عليه ملك الموت فيقول له: أمّا ما كنت ترجو فقد أُعطيته وأمّا ما كنت تخافه فقد أمنت منه ويفتح له باب إلى منزله من الجنّة و يقال له: اُنظر إلى مسكنك من الجنّة وانظر، هذا رسول الله، وعليّ والحسن والحسين علیهم السّلام رفقاؤك وهو قول الله: «الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ٭ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ(1).

ص: 131


1- العياشي: 2/ 124 الحدیث32، أعلام الدين: 458، وفي دعائم الاسلام: 1/ 75، البحار: 3/ 141، البرهان: 2 /190، الصافي: 1/ 758، و تأويل الآيات: 1/ 218 الحديث 12. قال لقوم من شيعته: إنّما يغتبط أحدكم إذا بلغت نفسه إلى هاهنا - وأومأ بيده إلى حلقه - ينزل عليه ملك الموت و ....

أقول: قال الفرطوسي:

إنّ للمتقین مقعد صدقٍ في جنانٍ تعدّ للأتقياء قال فيها محمدٌ لعليٍ حين وافته من إله القضاء من تولاك بالمحبة أضحى معنا في منازل الأُمناء

ص: 132

43- الرهط المخلص

«قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (91)» سورة هود «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» قال: نزلت: (ورهطك منهم المخلصين) وهم عليّ بن أبي طالب وحمزة وجعفر والحسن والحسين و آل محمّد(1).

ص: 133


1- تفسير القمي: 2/ 126 البحار: 25 / 215 الحدیث 9، والبحار من كنز الفوائد: 25 / 213 الحدیث 1.

44- السعيد مَن يحبّهم والشقي من يبغضهم

«يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)» سورة هود عن أبي بكر قال: رأيت رسول الله خيّم خيمة وهو متكئ على قوس عربية - وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين فقال رسول الله: «یا معشر المسلمين أنا سلم لمن سالم أهل هذه الخيمة، وحرب لمن حاربهم، وولي المن والاهم وعدو لمن عاداهم .. لا يحبهم إلّا سعيد الجد طيب المولد ولا يبغضهم إلّا شقي الجد ردئ المولد»(1).

أقول: قال شاعر أهل البيت علیهم السّلام:

على الله في كلّ الأُمور توكلي وبالخمس أصحاب الكساء توسّلي محمد المبعوث وابنیه بعده وفاطمة الزهراء والمرتضى علي

ص: 134


1- علي في القرآن: 1/ 390، والمناقب للخوارزمي: 297.

45- الحسن علیه السّلام هو المحسِن

«إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)» سورة الرعد ذكر الإمام محمد بن أحمد بن علي بن شاذان، حدّثني أحمد بن محمد بن الجراح، حدّثني القاضي عمر بن الحسن، حدّثتني آمنة بنت أحمد بن ذهل بن سليمان الأعمش قالت: حدّثني أبي، عن أبيه، عن سليمان بن مهران، عن محمد ابن کثیر، حدثني أبو خثيمة، عن عبد الله قال: قال رسول الله: بي أنذرتم ثمّ بعلي بن أبي طالب اهتديتم، وقرء «إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» وبالحسن أعطيتم الإحسان، وبالحسين تسعدون وبه تشقون، ألا وإنّ الحسین باب من أبواب الجنة من عانده حرّم الله عليه رائحة الجنّة(1).

وروي عن سعد بن معاذ قال: قال رسول الله لي يوماً وقد انصرف من الخندق: يا سعد إنّ الله اطلع إلى الأرض فاختارني منها وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين وأنا نذير هذه الأُمة وعليّ هادیها(2)(3).

ص: 135


1- قال العلامة أبو المؤيد موفق بن أحمد في «مقتل الحسين»: 145، ط. الغري.
2- قال العلّامة السيّد على الهمداني في «مودة القربي»: 31، ط. لاهور.
3- ملحقات الإحقاق: 14 / 182.

أقول: قال الفرطوسي في ملحمة أهل البيت علیهم السّلام:

إنما أنت منذرٌ للبرايا ولكلًّ هادٍ من الأصفياء فهو بالحقّ منذرٌ وعليّ خير هادٍلمنهج الإهتداء آية اُنزلت من الله نصّاً في عليّ وخاتم الأنبياء وقيل:

أحسن الله بالحسنِ الينا بالحسين نكون في السّعداء

ص: 136

46- الشجر الطيّبة

«أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)» جماعة من أصحابنا، عن محمد بن همام، عن جعفر الفزاري، عن جعفر بن إسماعيل الهاشمي، عن خاله محمد بن علي، عن عبد الرحمن بن حمّاد، عن عمر بن يزيد السابري قال: سألت أبا عبدالله علیه السّلام عن هذه الآية: «أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ» قال: أصلها رسول الله وفرعها أمير المؤمنین علیه السّلام والحسن والحسين ثمرها و تسعة من ولد الحسين أغصانها و الشيعة ورقها والله إنّ الرجل منهم ليموت فتسقط ورقة من تلك الشجرة. قلت: قوله عزّ وجل: «مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً»؟ قال: ما يخرج من علم الإمام إليكم في كلّ حجّ وعمرة(1).

أخبرنا عليّ بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الله، قال: حدّثني يحیی بن البختري وأخبرنا أبو نصر المفسّر، قال: حدّثنا أبو عمرو بن مطر إملاءً سنة

ص: 137


1- کمال الدين: 345، الصراط المستقيم: 2/ 134 مع نقيصة، البحار: 24 / 140 الحدیث 6 و 7 و 146.

تسع وأربعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو زکریا یحیی بن محمد البختري ببغداد، أخبرنا عثمان بن عبد الله القرشي، أخبرنا عبد الله بن لهيعة أبو الزبير، عن جابر، أن رسول الله كان بعرفات وعليّ تجاهه، فقال: ياعليّ! اُدن منّي وضَع خمسك في خمسي يا عليّ! خُلقت أنا وأنت من شجرة أنا أصلها وأنت فرعها والحسن والحسين أغصانها يا عليّ! من تعلّق بغصن منها أدخله الله الجنّة(1).

رووا عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله يقول: أنا الشجرة وفاطمة فرعها وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرها و شیعتنا ورقها، الشجرة أصلها في جنّة عدن والفرع والثمر والورق في الجنة(2).

أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي قال: أخبرنا أبو بكر الجرجرائي قال: حدّثنا أبو أحمد البصري قال: حدّثني المغيرة بن محمّد قال: حدّثني جابر بن سلمة قال: حدّثني حسين بن حسن، عن عامر السرّاج، عن سلام الخثعمي قال: دخلت على أبي جعفر محمد بن علي علیه السّلام فقلت يابن رسول الله! قول الله تعالی: «أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ» قال يا سلام: الشجرة، محمّد والفرع، علي أمير المؤمنين والثمر الحسن والحسين والغصن، فاطمة وشعب ذلك الغصن، الأئمة من ولد فاطمة علیهالسّلام والورق، شیعتنا ومحبونا أهل البيت فإذا مات من شيعتنا رجل تناثر من الشجرة ورقة وإذا ولد لمحبينا مولود، اخضرّ مكان تلك الورقة ورقة فقلت: يابن رسول الله! قول الله تعالی: « «تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا» ما يعني؟ قال: يعني الأئمة تفتي شیعتهم في الحلال والحرام في كلّ حجّ وعمرة(3).

ص: 138


1- شواهد التنزيل: 1/ 378 الحدیث 397، الطرائق: 111 الحدیث 165، وفي عيون أخبار الرضا: 1/ 73 مع نقيصة.
2- أعلام الوری: 150.
3- شواهد التنزيل: 1/ 406 الحدیث 428.

واخرج الحاكم النيسابوري في (المستدرك على الصحيحين) بسنده عن مولی عبد الرحمن بن عوف قاليخذوا عني قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل.

سمعت رسول الله يقول: «أنا الشجرة وفاطمة فرعها وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرتها و شیعتها ورقها وأصل الشجرة في جنة عدن وسائر ذلك في سائر الجنة»(1).

وقد ذكر عماد الدين الطبري في الجزء الثاني من كتابه (بشارة المصطفى) شعراً لأبي يعقوب النصراني نظمه إشارة إلى الرواية المذكورة، قال:

یا حبذا دوحة في الخلد نابتة ما في الجنان لها شبه من الشجر المصطفى أصلها والفرع فاطمة ثمّ اللقاح علي سيد البشر والهاشميّان سبطاه لها ثمر والشيعة الورق الملتف بالثمر هذا مقال رسول الله جاء به أهل الروايات في العالي من الخبر اني بحبهم ارجو النجاة غداً والفوز مع زمرة من أحسن الزمر(2) ٭٭٭ دوحة أصلها بجنّة عدن هي بالذات خاتم الأنبياء فرعها البضعة الزكية طيباً وعلي لقاحها في السماء ولها الطيّبان سبطاه ازکی ثمر من منابت الأزکياء وبنوها الأطهار فيها غصون من هُداة الأئمة الأُمناء والمحبّون شيعة الحق فيها ورق حول دوحة الأولياء

ص: 139


1- المستدرك على الصحيحين: 3/ 190، ورواه الشيخ الطوسي في الأمالي: 1/ 18 الحديث 20 باسناده عن منيا مولى عبد الرحمن بن عوف عن مولاه عن رسول الله ورواه ابن عساكر في تاريخه: 4/ 318، ومحب الدين في الرياض: 2/ 253، وابن صباغ في الفصول:11، والصفوري في نزهة المجالس: 2/ 222.
2- نقله الغدير: 3/ 8 عن بشارة المصطفي: 41.

47- على سرر متقابلين

«وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)» سورة الحجر وفي تأويل الآيات الظاهرة: ومن طريق العامة روى أبو نعيم الحافظ، عن رجاله، عن أبي هريرة قال: قال علي بن أبي طالب علیه السّلام: یا رسول الله أیّنا أحبّ إليك أنا أم فاطمة؟ قال: فاطمة أحبّ إليّ، وأنت لأعزّ عليَّ منها، وكأنّي بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس وأنّ عليه أباريق عدد نجوم الدنيا، وأنت والحسن والحسين وحمزة وجعفر في الجنّة إخواناً على سرر متقابلين وأنت معي وشيعتك، ثمّ قرأ رسول الله:«وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا»(1).

روى الحاكم الحسكاني باسناده عن ابن عباس في قوله:«وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ» قال: «نزلت في علي بن أبي طالب وحمزة وجعفر وعقيل وأبي ذر وسلمان وعمار والمقداد، والحسن والحسين عليهم اسّلام»(2).

ص: 140


1- تأويل الآيات الظاهرة: 253.
2- شواهد التنزيل:1/ 317 رقم 436.

روى الحضرمي باسناده عن زيد بن أرقم: «ان رسول الله صلى الله عليه و اله قال لعلي: أنت معي في قصري في الجنة، مع فاطمة ابنتي، ثمّ تلا: «إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ»(1).

روى الهيثمي باسناده عن أبي هريرة: «إنّ علي بن أبي طالب، قال: يا رسول الله أينا أحب إليك أنا أم فاطمة، قال: فاطمة أحبّ إليّ منك وأنت أعزّ عليَّ منها، وكأنّي بك، وأنت على حوضي، تذود عنه الناس وإنّ عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء، وإنّي وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة «إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ» أنت معي و شيعتك في الجنة ثمّ قرأ رسول الله: «إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ» ولا ينظر أحد في قفاصاحبه»(2).

أقول: قال الفرطوسي في ذيل آية (47):

ونزعنا من الصدور انتزاعاً كلّ غلّ يغلي من البغضاء فهم في الجنان اخوان صدق وصفاء قد متّعوا باللقاء آية أوحيت من الذكر فضلاً في عليّ وخاتم الأنبياء حين آخی محمد في وءامٍ بين أصحابه بخير إخاءٍ قال للمصطفى عليّ وكانت تتغشّاه دمعة من بكاء انت آخيت بينهم وأراني مفرداً بين مجمع الحنفاء قال إني قد اصطفيت لنفسي منك أوفى أخ بخير اصطفاء أنت صنوي ووارثي وولیّي ووزيري وسيّد الأوصياء ومعي في الجنان في نفس داري مع سبطيّ وابنتي الزهراء

ص: 141


1- وسيلة المال: 236 مخطوط.
2- مجمع الزوائد: 9/ 173.

48- المتوسّمون ينظرون بنور الله سبحانه

«إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)» سورة الحجر وفي عيون الأخبار، في باب ما جاء عن الرضا علیه السّلام في وجه دلائل الأئمة والرّد على الغلاة والمفوّضة (لعنهم الله): حدّثنا تمیم بن عبد الله بن تمیم القرشی، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا أحمد بن علي الأنصاري، عن الحسن بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون يوماً وعنده علي بن موسی الرضا، وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة، فسأله بعضهم فقال له: یابن رسول الله بأي شيء تصحّ الإمامة لمدّعيها ؟ قال: بالنص والدليل. قال له: فدلالة الإمام فبما هي؟ قال: في العلم واستجابة الدعوة. قال: فما وجه إخباركم مّما يكون؟ قال: ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله. قال: فما وجه إخباركم بما في قلوب الناس؟ قال له: أما بلغت قول رسول الله: اتّقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر بنور الله؟ [قال: بلى، قال: وما من مؤمن إلّا وله فراسة ينظر بنور الله] على قدر إيمانه و مبلغ استبصاره وعلمه، وقد جمع الله للأئمة منّا ما فرّقه في جميع المؤمنين وقال عزّ وجل في كتابه العزيز: «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ» فأوّل المتوسّمين رسول الله ثمّ أمير المؤمنین علیه السّلام من بعده، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين والأئمة من ولد الحسين علیهم السّلام إلى يوم القيامة. قال: فنظر إليه المأمون

ص: 142

فقال: يا أبا الحسن زدنا ممّا جعل الله لكم أهل البيت. فقال الرضا علیه السّلام: إنّ الله تعالى قد أيّدنا بروح منه مقدّسة مطهّرة ليست بملك، لم تكن مع أحد ممّن مضى إلّا مع رسول الله، وهي مع الأئمة منّا تسدّدهم وتوفّقهم، وهو عمود من نور بيننا وبين الله تعالی(1).

روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا علي بن محمد بن عمر - باسناده المذكور - عن عبد الله بن بنان، قال: سألت جعفر بن محمد عن قوله تعالى: «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ».

قال: رسول الله أوّلهم، ثمّ أمير المؤمنين، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ علي بن الحسين، ثمّ محمد بن علي، ثمّ الله أعلم.

قلت: يابن رسول الله فما بالك أنت؟ قال: إنّ الرجل ربما کنّی عن نفسه(2).

أقول: ولنعم ما قال شاعر أهل البيت الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 220:

إنّ في ذلكم لآيات صدقٍ الرجالٍ توسّموا باهتداء يُعرف المؤمنين فيها بحق مثلما يَعرفون أهلَ الرياء قد أتانا فيمن توسّم فيها خيرُ نصًّ لصادق الأزكياء هم بحقًّ محمّدٌ وعليٌّ وبنوه لقائم الأولياء

ص: 143


1- عیون أخبار الرضا:2/ 200 الباب 46 ما جاء عن الرضا عليه السّلام في وجه دلائل الأئمة علیهم السّلام، الحديث 1.
2- شواهد التنزيل:1/ 322.

49- الخمسة الطيّبة علیهم السّلام هم أهل الذكر

«وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)» سورة النحل عن ابن عباس في قوله تعالى: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ» قال: هو محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السّلام وهم أهل الذكر والعلم والعقل والبيان وهم أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة والله ما سمّي المؤمن مؤمناً إلّا کرامة لأمير المؤمنين علیه السّلام(1).

أقول: قال الفرطوسي شاعر أهل البيت في الملحمة: ج 1، ص 208:

إنّ أهل الذكر الأدلّاء فيه فاسئلوهم يا معشر الجُهلاء وابن عباس في حديث شريف قد روى فيه بعد حُسن الثناء وهُمُ أحمد وسبطاه حقاً وعليّ الزاكي مع الزهراء نحن أهلُ الذكر المنزل فيهم في حديث لصادق الأمناء

ص: 144


1- نهج الحق: 21، البحار: 23 / 185 الحدیث 55 و 36 /167 الحدیث 152.

50- إيتاء ذي القربي حقّه

«إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)» سورة النحل وفي تأويل الآيات الظاهرة: روى الحسن بن أبي الحسن الديلمي، عن رجاله باسناده إلى عطيّة بن الحارث، عن أبي جعفر علیه السّلام في قوله: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ» قال: العدل: شهادة الإخلاص وأنّ محمداً رسول الله، والإحسان ولاية أمير المؤمنين، والإتيان بطاعتهما (صلوات الله علیهما)، «وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى» الحسن والحسين والأئمة من ولده علیهم السّلام، «وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ» وهو من ظلمهم وقتلهم وضيّع حقوقهم وموالاة أعدائهم فهي المنکر الشنيع والأمر الفضيع(1).

ص: 145


1- وعن عليّ الرضا، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السّلام، قال: قال رسول الله: حرّمت الجنّة على من ظلم أهل بيتي وقالتهم وعلى المعترض عليهم والسابّ لهم اُولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلّمهم الله ولا ينظل إليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم. کشف الغمة:1/ 389، عیون أخبار الرضا: 2/ 34 الحديث 65، روضة الواعظين: 273، ونحوه جامع الأخبار: 160، صحيفة الرضا: 49 الحدیث 38، العمدة: 52، سعد السعود: 141 بناء المقالة الفاطميّة، البحار: 24 / 188 الحديث 7، تأويل الآيات:1/ 260 الحدیث 20، البرهان: 1/ 382 الحدیث 9، كنز الدقائق: 7/ 257.

أقول: ولنعم ما قال شاعر أهل البيت العندليب في النفحات، ص 8:

محمد خيرُ خلقِ الله قاطبةً وأكرمُ الناس في فضلٍ وفي خيرٍ هو العدل والإخلاص والدين والتقى هو الذخر في مدلهمات الدياجير وصنوه المرتضى الإحسان طاعته وسبطاه ذو القربي بكلّ التعابير كذلك من وُلد الحسين ائمّة مصابيح خلق الله يهديهم إلى النور

ص: 146

51- الخمسة الطيّبة علیهم السّلام هم الوسيلة إلى الله تعالی

«أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57)» سورة الإسراء روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد - باسناده المذكور - عن عكرمة في قوله تعالى: «أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ».

قال عكرمة: هم النبي، وعلي، وفاطمة، والحسن والحسين(1).

وعكرمة هو مولى لابن عباس، وكان من الخوارج الذين يبغضون علياً، وشهروا سيوفهم في وجه علي، فيظهر من الأحاديث الشريفة أنّه من أهل النار، فقد روى العلّامة المجلسي في «بحار الأنوار» عن الإمام محمد الباقر علیه السّلام، انه قيل له: ان عكرمة مولی ابن عباس قد حضرته الوفاة، فقال: «إن أدركته علمته كلاماً لم تطعمه النار».

ص: 147


1- شواهد التنزيل: 1 / 342.

فهذا الكلام من الإمام يدلّ على أن عكرمة مات على النصب والعداء لأهل البيت ولعلي بن أبي طالب، وإنّه من أهل النار. ونقلنا للأحاديث عن مثل عكرمة في فضيلتهم، (فالفضل ما شهدت به الأعداء).

أقول : قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 219: قال يدعون ربهم بخشوع لينالوا وسيلة للرجاء ويخافون خشية وحذار من عذاب الباري بيوم الجزاء وهم أحمد وسبطاه يتلى بعلي والبضعة الزهراء

ص: 148

52- أئمة الهدى ومصابيح الدجى وأعلام التقى

«يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71)» سورة الإسراء وفي محاسن البرقي: عنه، عن أبيه، عن النضر بن سوید، عن ابن مسکان، عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لأبي عبدالله علیه السّلام: [«يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ» فقال:] ندعو كلّ قرن من هذه الأُمّة بإمامهم، قلت: فيجيء رسول الله في قرنه، وعلي علیه السّلام في قرنه، والحسن علیه السّلام [في قرنه]، والحسين علیه السّلام في قرنه، [وكلّ إمام في قرنه] الذي هلك بين أظهرهم؟ قال: نعم(1).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: أخبرنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى، [عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عیسی]، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر علیه السّلام في قول الله تبارك وتعالى: «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ» قال يجيء رسول الله في فرقة، [وعلي في فرقة]

ص: 149


1- محاسن البرقي: 144، کتاب الصفوة والنور، باب 12 «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ» الحدیث 44.

والحسن في فرقة، والحسين في فرقة، وكلّ من مات بين ظهراني قوم جاؤوامعه.

وقال علي بن إبراهيم في قوله: «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ» قال: ذلك يوم القيامة ينادي منادٍ ليقم أبوبكر وشیعته وعثمان و شیعته وعلي وشیعته(1).

روى العلّامة البحراني عن يوسف القطان في تفسيره - باسناده المذكور - عن ابن عباس في قوله تعالى: «يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ».

قال: «إذا كان يوم القيامة دعا الله عزّ وجل أئمة الهدى ومصابيح الدجی، وأعلام التقى أمير المؤمنين والحسن والحسين ثمّ يقال لهم:

جوزوا على الصراط أنتم وشيعتكم وادخلوا الجنة بغير حساب.

ثمّ يدعو (الله) أئمّة الفسّاق - وإن والله يزيد منهم - فيقال له: خُذ بيد شيعتك وامضوا إلى النار بغير حساب»(2).

وأخرج قريباً من هذا المضمون الحافظ القندوزي (الحنفي) في ينابيعه(3).

أقول: ولنعم ما قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص211:

يوم يدعو الرحمن كلّ أُناسٍ بإمامٍ لهم بأعلى نداءٍ قد حبانا فَم ابنِ عبّاس درّاً من علاها فكان خير حباءِ قال يُدعی ائمّة الحقّ منه ومواليهم بيوم الجزاء وهُم حیدر مع ابنیه حقّاً ومجيهم من الأولياء ويقول أُدخلوا بغير حساب حين يأتون جَنّة الأتقياء ثمّ يُدعی ائمّة الكفر طرّاً ويزيدٌ منهم وأهل العداء فيقول ادخلوا بغير حساب أنتم النار من جحيم البلاء

ص: 150


1- تفسير علي بن إبراهيم: 2/ 23. وفيه: ليقم فلان وشیعته و فلان و شیعته.
2- غاية المرام: 272.
3- ينابيع المودة: 48.

53- علّة اختلاف الصلوات المفروضة في الرّكعات

«أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)» سورة الإسراء علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن علي بن الحكم، عن ربیعي بن محمد المسلمي، عن عبد الله بن سليمان العامري، عن أبي جعفر علیه السّلام قال: لمّا عرج رسول الله نزل بالصلاة عشر ركعات رکعتین رکعتین، فلمّا ولد الحسن والحسين زاد رسول الله سبع ركعات شكراً لله، فأجاز الله له ذلك، وترك الفجر لم يزد فيها لأنّه يحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار(1).

وفي من لا يحضره الفقيه: سئل الصادق علیه السّلام لمَ صارت المغرب ثلاث رکعات وأربعاً بعدها ليس فيها تقصير في حضر ولا سفر؟ فقال: إنّ الله تبارك و تعالی أنزل على نبيه كلّ صلاة ركعتين، فأضاف إليها رسول الله صلى الله عليه واله لكلّ صلاة ركعتين في الحضر وقصّر فيها في السفر إلّا المغرب و الغداة، فلمّا صلّی المغرب بلغه مولد فاطمة عليها السّلام فأضاف إليها ركعة شكراً لله عزّ وجل، فلما أن ولد الحسن عليه السّلام فأضاف إليها ركعة شكراً لله عزّ وجل، فلمّا أن ولد الحسين علیه السّلام أضاف

ص: 151


1- الكافي:3/ 487، کتاب الصلاة، باب النوادر، الحديث2.

إليها ركعتين شكراً لله عزّ وجل فقال: «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» فتركها على حالها في السفر والحضر(1).

قال الفرطوسي:

ومع الراكعين لله صلّوا واركعوا في تهجّد ودعاء آیة اُوحيت من الله نصّاً في علي وخاتم الأنبياء فهما أول المصلّين طُرّاً من جميع الورى لربّ السماء حيث لا راكع من مصلًّ غير طه وسيّد الأوصياء

ص: 152


1- من لا يحضره الفقيه:1/ 454، باب العلة التي من أجلها لا يقر المصلى ...، الحدیث 1317.

54- المبشّرون بالجنّة

«قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)» سورة الكهف والسدي وأبو صالح وابن شهاب، عن ابن عباس في قوله تعالى: «وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ» قال: يبشّر محمّد بالجنّة عليّاً وجعفراً وعقيلاً وحمزة وفاطمة والحسن والحسين الّذين يعملون الصالحات(1).

وسبعة بُشارهم بالجنّة وهم علي وعقيل حمزة وجعفر فاطمة الزهراء والحسنان الدُرّتا البيضاء

ص: 153


1- المناقب: 2/ 122، البحار: 41/ 71 الحدیث 10.

55- الحسن والحسين ابنا رسول الله

«كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81)» سورة طه أبي وابن الوليد معاً، عن سعد، عن ابن عيسى، عن موسى بن القاسم البجلي، عن جعفر بن محمد بن سماعة، عن عبد الله بن مسکان، عن الحكم بن الصلت، عن أبي جعفر الباقر، عن آبائه علیهم السّلام قال: قال رسول الله : خذوا بحجزة هذا الأنزع، یعني علياً فإنّه الصدّيق الأكبر وهو الفاروق يفرق بين الحقّ والباطل، من أحبّه هداه الله ومن أبغضه أبغضه الله ومن تخلّف عنه محقه الله ومنه سبطا اُمّتي، الحسن والحسين وهما ابناي ومن الحسين أئمّة هداة، أعطاهم الله علمي و فهمي فتولّوهم ولا تتّخذوا وليجة من دونهم فيحلّ عليكم غضبٌ من ربّکم و «مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ» و غضب من ربّه «فَقَدْ هَوَى»، «وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ»(1).

ص: 154


1- الأمالي للصدوق: 216 - 673، علل الشرائع: 159، معاني الأخبار: 63، بشارة المصطفى: 20، کامل الزيارات: 52، البحار: 36 / 228، الحدیث 7، نور الثقلين: 3/ 386 الحديث 88 باسناد مختلفة.

خذوا بحجزة الولي الأنزع لتستريحوا من عذاب الفزع أعني عليّاً إنه الصدّيق في لفظه وقوله منطبق أعني علياً وهو الفاروق میزان حقّ وبه الفروق ومنه سبطاً أُمّة الرسول في قوسي الصعود والنزول ففي الصعود قبلة البرايا وفي النزول کعبة الرزايا(1)

ص: 155


1- مقتبس من الأنوار القدسية للشيخ محمد حسين الأصفهاني.

56- عهد الله إلى آدم علیه السّلام

«وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)» سورة طه الحسين بن محمد، عن المعلّی بن محمد، عن جعفر بن محمد بن عبيد الله، عن محمد بن عيسى القمي، عن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله علیه السّلام في قوله: «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ» كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذرّيتهم «فَنَسِيَ» هكذا والله أُنزلت على محمد.

(1) الكافي: 416/1 الحدیث 23، تأويل الآيات:1 /319 الحدیث 17، البرهان:3/ 45الحديث 3، البحار: 11 / 195 الحدیث 49 و 24 / 176 الحديث 7 و 351 الحديث 66، نور الثقلين:3/ 400 الحدیث 150، کنز الدقائق: 8/ 359، في غير التأويل والبرهان أُنزلت وفيهما نزلت ومثله عن الباقر علیه السّلام في المناقب: 3/ 320، البحار:43/ 32 الحديث 39، البرهان:3 / 45، الحديث 5، نور الثقلين: 3 / 402 الحديث 158، كنزالدقائق:8/ 360.

ص: 156

57- منزلة خاصّة لأهل البيت ليست للناس

«وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)» سورة طه محمد بن العباس، عن عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن بن سلام، عن عبد الله بن عیسی بن مصقلة القمي، عن زرارة، عن أبي جعفر، عن أبيه علیه السّلام في قول الله عزّ وجل: «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا» قال: نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السّلام كان رسول الله يأتي باب فاطمة كلّ سحرة فيقول: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة، يرحمكم الله «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(1).

«وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا» فإنّ الله أمره أن يخصّ أهله دون الناس ليعلم الناس أنّ لأهل محمّد عند الله منزلة خاصّة ليست للناس، إذ أمرهم مع الناس عامّة ثمّ أمرهم خاصّة فلمّا أنزل الله تعالى هذه الآية، كان رسول

ص: 157


1- تأويل الآيات:1/ 322 الحدیث 22، البحار: 25/ 219 الحديث 19، البرهان: 3/ 50الحديث 2.

الله يجيء كلّ يوم عند صلاة الفجر حتّى يأتي باب عليّ وفاطمة والحسن والحسين علیهم السّلام فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبرکاته فيقول: عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين علیهم السّلام وعليك السلام یا رسول الله ورحمة الله وبركاته ثمّ يأخذ بعضادتي الباب ويقول: الصلاة الصلاة يرحمكم الله «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»، فلم يزل يفعل ذلك كلّ يوم إذا شهد المدينة حتّى فارق الدنيا وقال أبو الحمراء خادم النبي: أنا شهدته يفعل ذلك(1).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص224:

قال وأمر أهليك بعد اصطبار بصلاة تنهى عن الفحشاء كان طه يأتي لبيت عليّ بعد وقت النزول والزهراء كُلّ يوم مبكّراً لشهور تسعة آمراً لهم بالأداء أهل بيتي قد أذهب الرجس عن- -كم بعد تطهير كم إله السماء وهي مما تدلّ أنّ لأهل ال- -بيت شأناً معظّماً في العلاء حيث قد خصّصوا بهذا انفراداً بعد أمر العموم للحنفاء

ص: 158


1- تفسير القمی: 2/ 67، البرهان: 3/ 50 الحديث 4، البحار: 35 /207 الحديث 2، نور الثقلين: 3/ 409 الحديث188.

58- الحسنان سلام الله عليهما مظلومان و مأذونان

«أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)» سورة الحج محمد بن العباس، عن الحسين بن عامر، عن اليقطيني، عن صفوان، عن حکیم الحنّاط، عن ضريس، عن أبي جعفر علیه السّلام قال: سمعته يقول: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ» قال: الحسن والحسين علیهمالسّلام(1).

قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص225:

اذن الله للذين ببغيٍ ظلموا في قتال أهل العداء وعلى نصرهم اله البرايا لقدير حقاً على الاعداء

ص: 159


1- تأويل الآيات: 1/ 338 الحديث 15، البحار: 24 / 227 و 45/ 297 الحديث4، البرهان: 3/ 93 الحدیث 3.

59- المُخرَجون من ديارهم بغير حقّ

«الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ... (40)» سورة الحج عليّ بن محمد الزهري معنعناً عن أبي عبد الله علیه السّلام في قول الله تعالی:

«الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ» عليّ والحسن والحسين وجعفر وحمزة علیهم السّلام(1).

قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 225:

ربّنا الله حين قالوا بحقّ اُخرجوا من ديارهم باعتداء قد تجلّى عن باقر العلم فيها خبر نصّ عن خيرة الأولياء حمزة ثمّ جعفر وعلي وهي تجري في سيّد الشهداء

ص: 160


1- الفرات: 273 الحديث 367، البحار: 22 /282 الحديث 40.

60- آيات الله

«وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (57)» سورة الحج

ص: 161

روي عن أبي عبدالله علیه السّلام إن رسول الله أصابه خصاصة فجاء إلى رحل من الأنصار فقال له: هل عندك من طعام؟ فقال: نعم يا رسول الله وذبح له عناقاً و شواه فلما أدناه منه تمنّی رسول الله أن يكون معه علي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السّلام فجاء منافقان ثمّ جاء علي بعدهما فأنزل الله في ذلك «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ» - يعني فلاناً وفلاناً - «فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ» يعني لما جاء على علیه السّلام بعدهما «ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ» يعني ينصر أمير المؤمنين علیه السّلام ثم قال: «لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً» يعني فلاناً وفلاناً «لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» إلى قوله «إِلَی صِرَاطٍ مُستَقِيم» يعني إلى الإمام المستقيم ثمّ قال: «وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ» أي في شك من أمير المؤمنين علیه السّلام «حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ» قال العقيم الذي لا مثل له في الأيام ثمّ قال: ««الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ٭ «وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا»قال: ولم يؤمنوا بولاية أمير المؤمنين والأئمة علیهم السّلام «فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ».

وفأولئك لهم عذاب مهين که(1).

ص: 162


1- تفسير القمي: 2/ 85.

61- خلفاء رسول الله

«وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ... (65)» سورة الحج روى العلامة البحراني عن أبي الحسن الفقيه ابن شاذان من طريق العامة بحذفه الاسناد عن رسول الله و إذ قال:

حدّثني جبرئيل عن ربّ العزة جلّ جلاله انّه قال:

من علم أن لا إله إلّا أنا وحدي وأن محمداً عبدي ورسولي، أن علي بن أبي طالب خلیفتي والأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي، ونجيته من النار بعفوي، وأبحت له جِواري، وأوجبت له کرامتي، وأتممت عليه نعمتي، وجعلته من خاصتي وخالصتي، إن ناداني لبيت، وإن دعاني أجبته، وإن سئلني أعطيته، وإن سكت ابتدأته، وإن أساء رحمته، وإن فرّ منّي دعوته، وإن رجع إلىَّ قبلته، وإن قرع بابي فتحته.

ومن لم يشهد أن لا إله إلّا أنا وحدي، أو شهد بذلك ولم يشهد بأنّ محمداً عبدي ورسولي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي، فقد جحد نعمتي، وصغر عظمتي، وكفر بآياتي، وكتبي، ورسلي، إن قصدني حجبته، وإن سألني حرمته، وإن ناداني

ص:163

لم اسمع ندائه، وإن دعاني لم استجب دعائه، وإن رجاني خيبت رجائه منّي، وما أنا بظلّام للعبيد.

فقام جابر بن عبد الله الأنصاري، فقال: يا رسول الله من الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟ قال: الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، ثمّ سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين، ثمّ الباقر محمد بن علي - وستدرکه یا جابر، فإذا أدركته فأقرأه مني السلام - ثمّ الصادق جعفر بن محمد، ثمّ الكاظم موسی بن جعفر، ثمّ الرضا علي بن موسى، ثمّ التقي محمد بن علي، ثم النقي علي بن محمد، ثمّ الزكي الحسن بن علي، ثمّ ابنه القائم بالحق مهدي اُمتي ، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، هؤلاء یا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي من أطاعهم فقد أطاعني، ومن عصاهم فقد عصاني، ومن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني، وبهم يمسك الله السماء أن تقع على الأرض، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها(1).

أقول: يناسب ذلك الحديث الشريف، ما روي عن سلمان الفارسي:

قال سلمان وهو في حجر طه قال طه لسيّد الشهداء سیّد وابن سيّد أنت حقاً وأبو خیر سادة عظماء وإمام زكي وابن امام وأبُ الأئمة الأتقياء حجة وابن حجّة منه تبدو حجج تسعة من الأصفياء وهُمُ وُلده و آخر نجم يهتدی به خاتم الأوصياء

ص:164


1- غاية المرام: 692.

62- أولياء الله

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)» سورة الحج عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر علیه السّلام: يا أبا حمزة! إنّما يعبد الله من عرف الله فأمّا من لا يعرف الله كأنّما يعبد غيره هكذاضلاً. قلت: أصلحك الله وما معرفة الله؟ قال: يصدّق الله ويصدّق محمّداً رسول الله في موالاة عليًّ والإيتمام به وبأئمة الهدى من بعده والبراءة إلى الله من عدوّهم وكذلك عرفان الله. قال: قلت: أصلحك الله أيُّ شيء إذا عملته أنا استكملت حقيقة الإيمان؟ قال:

تُوالي أولياء الله و تُعادي أعداء الله و تكون مع الصادقين كما أمرك الله. قال: قلت: ومن أولياء الله؟ ومن أعداء الله؟ فقال: أولياء الله محمد رسول الله وعلي والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ثمّ انتهى الأمر إلينا ثمّ ابني جعفر وأومأ إلى جعفر وهو جالس فمن والى هؤلاء فقد والى الله وكان مع الصادقين كما أمره الله. قلت: ومن أعداء الله أصلحك الله؟ قال: الأوثان الأربعة. قال: قلت: مَن هُم؟ قال: أبو الفصيل ورمع ونعثل ومعاوية ومن دان بدينهم فمن عادى هؤلاء فقد عادی أعداء الله(1).

ص: 165


1- البحار: 27 / 57 الحديث 16، البرهان: 1/ 170.

أول المؤمنين كان عليّاً ومن الخاشعين يوم الجزاء وهو من خير الراكعين لدينا ومن السابقين والأصفياء وله السبق في فعل كل خير خير مولىً لخاتم الأنبياء كيف لا وهو من عترة طه خيرة الأولياء والأزكياء هم مع الراكعين لله صلّوا في ركوع وتهجّد ودعاء

ص: 166

63- الحسن علیه السّلام في الفردوس

«قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)» سورة المؤمنون قال محمد بن العباس: حدّثنا محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عیسی بن داود، عن الإمام موسی بن جعفر علیه السّلام في قول الله عزّ وجل: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ٭ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ» - إلى قوله - «الَّذِينَ

ص: 167

يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» قال: نزلت في رسول الله وفي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين(1).

قال محمّد بن العباس: حدّثنا محمد بن همّام، عن محمد بن إسماعيل، عن عیسی بن داود قال: حدّثنا الإمام موسی بن جعفر علیه السّلام عن أبيه علیه السّلام قال: نزلت في أمير المؤمنين وولده: ««إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ٭ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ٭ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ ٭ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ٭ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ»(2).

ص: 168


1- تأويل الآيات: / 352 الحدیث 1، البحار: 23 / 382 الحدیث 74، البرهان: 2/ 106 الحدیث 1.
2- تأويل الآيات: 1/ 353 الحديث، البحار: 23 /382 الحدیث 74 و 35/ 334 الحديث11، البرهان:2/ 114 الحدیث1.

64- إنهم هم الفائزون

«إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111)» سورة المؤمنون أخبرنا عقيل قال: أخبرنا عقلي قال: حدّثنا محمد قال: حدّثنا عمر بن محمد الجمحي قال: حدّثنا يعقوب بن سفيان قال: حدّثنا عبيد الله بن موسی عن سفيان الثوري عن منصور، عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله بن مسعود في قول الله تعالى: «إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا» يعني جزيتهم بالجنّة اليوم بصبر علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين في الدنيا على الطاعات وعلى الجوع والفقر، و [بما] صبروا على المعاصي وصبروا على البلاء لله في الدنيا «أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ» والناجون من الحساب(1).

أقول: قال شاعر أهل البيت الفرطوسي:

وجزاهم في جنّة الخلد فيما صبروا وهي منه خير جزاءٍ قد بدئ في السبطين نجم هداها وعلي الكرار والزهراء فهم الصابرون في كلّ عسر من بلاء الدنيا وكل عناء فهم الآمنون من كل خوف وهم الفائزون يوم البقاء

ص: 169


1- شواهد التنزيل: 1/ 530.

65- الحسن علیه السّلام هو المصباح

«اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)» سورة النور تظاهرت الروايات عن النبي في قوله: «اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ» إنّه قال: يا عليّ! النور اسمي والمشكاة أنت ياعلي! مصباح المصباح الحسن والحسين، الزجاجة عليّ بن الحسين(1)، كأنّها كوكب درّي محمّد بن علي، يوقد

ص: 170


1- عن رسول الله: والذي بعثني بالحق نبيّاً إنّ الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض وإنّه لمكتوب عن يمين عرش الله مصباح هدى وسفينة نجاة وإمام خير ويمن وعزّ وفخر وعلم وذخر الخبر. عيون أخبار الرضا:1/ 59، کمال الدين: 264، صراط المستقيم:2/ 161، إعلام الوری: 400، البحار: 94/ 184 الحديث 1.

من شجرة جعفر بن محمد، مباركة موسی بن جعفر، زيتونة عليّ بن موسی، لا شرقيّة محمد بن علي، ولا غربيّة علي بن محمد، یکاد زيتها الحسن بن عليّ، يضيء القائم المهدي(1).

علي بن محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبدالله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل الهمداني قال: قال أبو عبدالله علیه السّلام في قول الله تعالى:«اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ» فاطمة، فيها مصباح الحسن، المصباح في زجاجة الحسين، الزجاجة كأنّها کوکب درّي فاطمة، کوکب درّي بين نساء أهل الدنيا يوقد من شجرة مباركة إبراهيم علیه السّلام، زيتونة لا شرقيّة ولا غربيّة، لا يهودية ولا نصرانية، يكاد زيتها يضيء، یکاد العلم ينفجر بها ولو لم تمسسه نار نور علی نور، إمام منها بعد إمام، يهدي الله لنوره من يشاء، يهدي الله للأئمّة(2).

وروي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت إلى مسجد الكوفة وأمير المؤمنین صلوات الله وسلامه عليه يكتب باصبعه ويتبسم، فقلت: يا أمير المؤمنين ما الّذي يضحكك؟ فقال: عجبت لمن يقرء هذه الآية ولم يعرفها حقّ معرفتها. فقلت له: أيّ آية يا أمير المؤمنين؟ فقال: قوله تعالى: «اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ» المشكاة محمد «فِيهَا مصبَاحٌ» أنا المصباح «فِي زُجَاجَةٍ» الزجاجة الحسن والحسين علیهمالسّلام «كَأَنَّهَا کَوکَبٌ دُرِیٌّ» وهو علي بن الحسين علیه السّلام و «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» محمد بن علي

ص: 171


1- المناقب: 1/ 280.
2- الكافي:1/ 195، راجع: الفرات: 1/ 282 الحديث 383، تفسير القمي:2/ 102، تأويل الآيات: 1/ 360 الحديث 7، البرهان: 3 / 133 الحدیث 2 و 8 / 135 الحدیث 8، نور الثقلين: 3/ 602 الحدیث 169، کنز الدقائق: 9 الحدیث 300، المیزان: 15 / 132.

«زَيتُونِةٍ» جعفر بن محمد علیه السّلام «لَا شَرقِيَّةٍ» موسی بن جعفر علیه السّلام «وَلَا غَربِيَّةٍ» علي بن موسی علیه السّلام «يَكَادُ زَيتُهَا يُضِيءُ» محمد بن علي علیه السّلام «وَلَو لَم تَمسَسهُ نَارٌ» علی بن محمد «نُورٌ عَلَى نُورٍ» حسن بن علي علیه السّلام «يَهدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ» القائم المهدي عليه السّلام «وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»(1).

ولنعم ما قال الفرطوسي في ظلّ خطبة الإمام المجتبی علیه السّلام:

أيّها الناس انّ رب البرايا قد حبانا فضلاً بخير حباء آل طه سلالة مصطفاة من ذبیح الباري وأزکی فداء نحن ذريّة النبيّ الزكيّ قد تزكّت من خيرة الأزياء نحن كالشّمس في الضحى حين تبدو وهي م جلوة بغير غشاء نحن زیتونة تبارك منها زيتها في قداسة وعلاء ليس شرقية وماهي حقّاً قطّ غربيّة لدى الإنتماء

ص: 172


1- البرهان: 3/ 136 الحديث 16.

66- البيوت المرفوعة بإذن الله تعالی

«فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ٭ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ٭ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)» سورة النور روی محمد بن العباس، عن محمد بن همام، عن محمد بن إسماعيل، عن عیسی بن داود قال: حدّثنا الإمام موسی بن جعفر، عن أبيه علیه السّلام في قول الله عزّ وجل:«فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ» قال: بیوت آل محمد بیت عليّ وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر علیهم السّلام. قلت: بالغدوّ والآصال؟ قال: الصلاة في أوقاتها. قال: ثمّ وصفهم الله عزّ وجل وقال: «رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ» قال: هم الرجال لم يخلّط الله معهم غيرهم.

ص: 173

ثمّ قال: «لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ» قال: ما اختصّهم به من المودّة والطاعة المفروضة وصيّر مأواهم الجنّة «وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ» (1).

أقول: لنعم ما قال الشاعر الفذ الفرطوسي:

وأتتنا من الروايات عنهم أربعٌ صَرّحت بغیر خفاء في بيوت الله يُذكر فيها بفم الذكر أفضل الأسماء إنّ خير البيوت بيتُ عليّ وهي تعزي لصفوة الأنبياء

ص: 174


1- تأويل الآيات: 1/ 362 الحدیث 10، البحار: 23 / 326 الحديث4.

67- نور أهل البيت أصل الوجود

«وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)» سورة الفرقان ابن عباس وابن مسعود وجابر والبراء وأنس وأُم سلمة والسدي وابن سیرین و الباقر علیه السّلام في قوله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا» قالوا: هو محمد وعلي والحسن والحسين علیهم السّلام «وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا» القائم في آخر الزمان لأنّه لم يجتمع نسب وسبب في الصحابة والقرابة إلّا له(1).

علي بن محمد بن مخلد الجعفي معنعناً، عن ابن عباس في قول الله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا» قال: خلق الله نطفة بيضاء مكنونة فجعلها في صلب آدم ثمّ نقلها من صلب آدم إلى صلب شیث ومن صلب شيث إلى صلب أنوش ومن صلب أنوش إلى صلب قينان حتّی توارثتها كرام الأصلاب وفي مطهّرات الأرحام حتّى جعلها الله في صلب عبد المطّلب ثمّ قسمها نصفين فألقى نصفها إلى صلب عبدالله ونصفها إلى صلب أبي طالب وهي سلالة فولد من عبدالله محمّداً، ومن أبي طالب عليّاً عليهما الصلاة والسلام فذلك قول الله تعالى:«وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا

ص:175


1- المناقب: 2/ 181، البرهان: 3/ 171 الحدیث 9 مع اختلاف.

وَصِهراً» وزوّج فاطمة بنت محمد [علياً] فعليّ من محمد ومحمد من علي والحسن والحسين وفاطمة نسب وعلي الصهر(1).

أقول: لنعم ما قال الشاعر الفذ الفرطوسي:

نسب طاهر وصهر زكيّ هو زوج الزكية الزهراء آية انزلت من الله فيه فهي نصّ في أكرم الأصفياء وعلي الكرّار صهر کریم وابن عمّ لخاتم الأُمناء قد أفاضت من الروايات عنهم أربع للظماء خیر رواء

ص:176


1- الفرات:1/ 292، البحار: 35/ 360 الحدیث 1 و 43/ 145 الحدیث 48.

68- أهل البيت سلام الله عليهم هم الأئمة للمتقين

«وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)» سورة الفرقان محمد بن العباس، عن محمد بن القاسم بن سلام، عن عبيد بن كثير، عن الحسين بن مزاحم، عن عليّ بن زيد الخراساني، عن عبدالله بن وهب الكوفي، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري في قول الله عزّ وجل: «رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا» قال رسول الله لجبرئیل:

«مِنْ أَزْوَاجِنَا» قال: خديجة. قال: ورايا * قال : فاطمة . قال : فترة أعين ؟ قال : الحسن والحسين . قال : «وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا» قال: علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين(1).

محمد بن أحمد، حدّثنا الحسن بن محمد، عن حماد، عن أبان بن تغلب قال: سألت أباعبدالله علیه السّلام عن قول الله عزّ وجل: «وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا» قال: نحن هم أهل البيت للمتقين إماماً

ص: 177


1- الشواهد: 1/ 539 الحدیث 576، تأويل الآيات: 1 / 385 الحديث 27، البحار: 24 / 135 الحديث 9، البرهان: 3/ 177 الحدیث 7، كنز الدقائق:9/ 445.

وروى غيره أنّ أزواجنا خديجة وذريّاتنا، فاطمة وقرّة أعين، الحسن والحسين واجعلنا للمتّقين إماماً علي بن أبي طالب علیه السّلام(1).

عن سعید بن جبير في قوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا» الآية؛ قال: هذه الآية والله خاصة في أمير المؤمنين علي علیه السّلام كان أكثر دعائه يقول: «رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا» يعني فاطمة «ذُرِّيَّاتِنَا»، الحسن والحسين «قُرَّةَ أَعيُنٍ» قال أمير المؤمنين علیه السّلام: والله ما سألت ربّي ولداً نضير الوجه ولا ولداً حسن القامة ولكن سألت ربّي ولداً مطيعين لله، خائفين وجلين منه، حتّى إذا نظرت إليه وهو مطيع لله قرّت به عيني قال: «وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا» قال: نقتدي بمن قبلنا من المتّقين فيقتدي المتّقون بنا من بعدنا، الخبر(2).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص212:

هب لنا في العطاء قرّة عينٍ من خيار الأزواج والابناء أية قد تنزّلت في علي حينما قد دعا بهذا الدعاء والذراري السبطين يقصد فيها حين يعني الأزواج بالزهراء

ص: 178


1- تفسير القمی: 2/ 117، نور الثقلين: 4 / 43 الحدیث 141، تفسير الصافي: 27/4، تفسير البرهان: 3/ 177 الحدیث 3.
2- البحار: 24/ 132 الحدیث 1، المناقب: 3/ 380.

69- الجزاء الأوفي

«أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75)خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)» سورة الفرقان عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: «أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا» يعني: علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السّلام وفاطمة «وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا ٭ خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا»(1).

ص: 179


1- المناقب: 3/ 380، البحار: 24 / 133 الحدیث 1و43 / 279 الحدیث 48، نور الثقلين: 44/4 الحدیث 146.

70- نور أبي طالب يوم القيامة يطفئ أنوار الخلق إلّا خمسة أنوار

«وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219)» سورة الشعراء عن محمد بن العباس تأویل «وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ» قال: حدّثنا محمد بن الحسين الخثعمي، عن عبّاد بن یعقوب، عن الحسن بن حماد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر علیه السّلام في قوله عزّ وجل: «وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ» قال: في عليّ وفاطمة والحسن والحسين وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين(1).

الشيخ في أماليه باسناده عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبدالله علیه السّلام، عن آبائه، عن أمير المؤمنين علیهم السّلام قال: كان ذات يوم جالساً في الرحبة والناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إنّك بالمكان الذي أنزلك الله وأبوك يعذبّ في النار؟ فقال له: فضَّ الله فاك(2)، والذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً

ص: 180


1- مجمع البيان: 7/ 207. وهذا يدلّ على أمرين: توحید آبائه كلّهم، وعلى أنّه ينبغي للنبي أن يكون مطهّراً من أدناس الآباء وعهر الأُمهات كما قرّر في الكلام.
2- أي نثر أسنانه.

لو شفع أبي في كلّ مذنب على وجه الأرض لشفّعه الله فيهم. أبي يعذّب بالنار و ابنه قسيم النار؟! ثمّ قال: والذي بعث محمداً بالحقّ إنّ نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق إلّا خمسة أنوار: نور محمد ونوري ونور فاطمة ونور الحسن والحسين ومن ولده من الأئمة، لأنّ نوره من نورنا الذي خلقه الله عزّ وجل من قبل خلق آدم بألفي عام(1).

الشيخ أبو جعفر الطوسي عن الشيخ أبي محمد الفضل بن شاذان باسناده عن رجاله، عن جابر بن یزید الجعفي، عن الإمام العالم موسی بن جعفر الكاظم عليهمالسّلام قال: إنّ الله تبارك و تعالی خلق نور محمد من نور اخترعه من نور عظمته وجلاله وهو نور لاهو تيّته الذي ابتدأ من لاه أي من إلاهيّته من ابنیّته الذي [ا] ابتدأ منه و تجلّی لموسی بن عمران علیه السّلام به في طور سيناء فما استقرّ له، ولا طاق موسی لرؤيته ولا ثبت له حتّى خرّ صاعقاً مغشيّاً عليه. وكان ذلك النور محمداً، فلمّا أراد [الله] أن يخلق محمداً منه قسم ذلك النور شطرين، فخلق من الشطر الأوّل ومن الشطر الآخر عليّ بن أبي طالب علیه السّلام، ولم يخلق من ذلك النور غيرهما؛ خلقهما الله بيده، ونفخ فيهما بنفسه من نفسه لنفسه، وصوّرهما على صورتهما، وجعلهما اُمناء له وشهداء على خلقه وخلفاء على خليقته وعيناً له عليهم ولساناً له إليهم، قد استودع فيهما علمه، وعلّمهما البيان - واستطلعهما على غيبه، وجعل أحدهما نفسه والآخر روحه، لا يقوم واحد بغير صاحبه، ظاهر ما بشريّة، وباطنهما لاهوتيّة؛ ظهرا للخلق على هياكل الناسوتية حتّى يطيقوا رؤيتهما؛ وهو قوله تعالى:«وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ»(2) فهما مقام ربّ

ص: 181


1- أمالي الطوسي:1/ 311.
2- الأنعام: 9.

العالمين وحجاب خالق الخلائق أجمعين، بهما فتح [الله] بدء الخلق، وبهما يختم الملك والمقادير.

ثمّ اقتبس من نور محمّد فاطمة ابنته كما اقتبس نوره من نوره، واقتبس من نور فاطمة وعليّ الحسن والحسین کاقتباس المصابیح؛ هم خلقوا من الأنوار، وانتقلوا من ظهر إلى ظهر، وصلب إلى صلب، ومن رحم إلى رحم في الطبقة العليا من غير نجاسة، بل نقلاً بعد نقل لا من ماء مهين ولا [من] نطفة خثرة(1) كسائر خلقه بل أنوار انتقلوا من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهّرات، لأنّهم صفوة الصفوة، اصطفاهم لنفسه، وجعلهم خزّان علمه وبلغاء عنه إلى خلقه، أقامهم مقام نفسه، لأنّه لا يرى ولا يدرك ولا تعرف كيفيّته ولا إنّيّته، فهؤلاء الناطقون المبلّغون عنه المتصرّفون في أمره ونهيه؛ فيهم(2) يظهر قدرته، ومنهم تری آیاته ومعجزاته، وبهم ومنهم عرّف عباده نفسه، وبهم يطاع أمره، ولولاهم ما عرف الله، ولا يدري كيف يعبد الرّحمان؛ فالله يجري أمره كيف شاء فيما يشاء «لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ»(3)(4).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 147:

وحديث النبيّ إني سأغدو لابي طالب من الشفعاء فيه كافٍ فليس يشفع طه لسوی مؤمن بيوم الجزاء فولاء النبيّ أقوى دليل أنه مؤمن بغير مراء وأبو طالب من الخلق يطفي نوره نورهم يوم اللقاء كان والله مؤمناً ومقرّاً مؤمناً في شرائع الأنبياء

ص: 182


1- خثر اللبن: ثخن واشتدّ. وفي البرهان: «خشرة» أي رديئة.
2- في البرهان: «فبهم».
3- الآية في الأنبياء: 23.
4- تأويل الآيات: 392.

71) «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227-»

سورة الشعراء أخرج الشيخ إبراهيم الحمويني الشافعي في (فرائد السمطين) - بسنده المذكور - قال: عن رسول الله في حديث طويل أنّه قال:

«الحسن والحسين إماما اُمّتي بعد أبيهما، وسيّدا شباب أهل الجنة، أُمّهما سيّدة نساء العالمين، و أبوهما سيّد الوصيين، ومن ولد الحسين تسعة أئمة، تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي، ومعصيتهم معصيتي، إلى الله أشكو المنکرین لفضلهم، والمضيّعين لحرمتهم بعدي، وكفى بالله وليّاً وناصراً لعترتي، وأئمّة أُمتي، و منتقماً من الجاحدين حقّهم».

ثمّ قرأ قوله تعالى: «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»(1). وقال الصدوق: حدّثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدّثنا علي بن إبراهيم عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسی الرضا، عن أبيه، عن آبائه علیهم السّلام قال: قال رسول الله: من أحبّ أن يتمسّك بديني، ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب، وليعاد عدوّه و ليوال

ص: 183


1- فرائد السمطين:2/ 89.

وليّه، فإنّه وصيّي، وخليفتي على أُمتي في حياتي وبعد وفاتي، وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي، قوله قولي، وأمره أمري، ونهيه نهیي، وتابعه تابعي، وناصره ناصري، وخاذله خاذلي.

ثمّ قال: من فارق علياً بعدي لم يرن ولم أره يوم القيامة، ومن خالف علياً حرّم الله عليه الجنّة، وجعل مأواه النار وبئس المصير، ومن خذل عليّاً خذله الله يوم يعرض عليه، ومن نصر عليّاً نصره الله يوم يلقاه، ولقّنه حجّته عند المساءلة.

ثمّ قال: الحسن والحسين إماما أُمتي بعد أبيهما، وسيّدا شباب أهل الجنة، وأُمّهما سيّدة نساء العالمين، وأبوهما سيّد الوصيين. ومن ولد الحسين تسعة أئمة، تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي، إلى الله أشكو المنكرين لفضلهم، والمضيّعين لحرمتهم بعدي، وكفى بالله ولياً وناصراً لعترتي، وأئمّة أُمتي، و منتقماً من الجاحدين لحقّهم، «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»(1).

ص: 184


1- کمال الدين: 1/ 248، وعنه البحراني في تفسير البرهان:3/ 194.

72- الأئمة هم المستضعفون الوارثون علیهم السّلام

«وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6)» سورة القصص العجلي، عن ابن زکریا القطّان، عن ابن حبيب، عن ابن بهلول، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضّل، قال: سمعت أبا عبدالله عله السّلام يقول: إنّ رسول الله نظر إلى عليّ والحسن والحسين عليهم السّلام فبكى وقال: أنتم المستضعفون بعدي. قال المفضّل: فقلت له: ما معنى ذلك؟ يابن رسول الله! قال: معناه أنّكم الأئمة بعدي إنّ الله عزّ وجل يقول:«وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ» فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة(1).

ص: 185


1- معاني الأخبار: 79، البرهان:3/ 217 الحدیث 2، نور الثقلين:4/ 110 الحديث 14، كنز الدقائق: 10 الحديث 30، البحار: 24 / 168 الحديث 1، المیزان: 16 /14.

فقلت: يا رسول الله! فأنّى لي بهم قال: قد عرفت إلى الحسين ثمّ سيّد العابدين علي بن الحسين ثمّ ابنه محمد بن علي، باقر علم الأوّلين والآخرين من النبيّين والمرسلين ثمّ ابنه جعفر بن محمد، لسان الله الصادق ثمّ موسی بن جعفر، الكاظم غيظه صبراً في الله ثمّ علي بن موسی، الرضا لأمر الله ثمّ محمد بن علي، الجواد المختار من خلق الله ثمّ علي بن محمد، الهادي إلى الله ثمّ الحسن بن علي، الصامت الأمين العسكري ثمّ ابنه حجّة بن الحسن، المهديّ الناطق القائم بأمر الله. قال سلمان: فسكت ثمّ قلت: يا رسول الله اُدع الله لي بإدراكهم، قال: يا سلمان! إنّك مدركهم وأمثالك و من تولّاهم بحقيقة المعرفة. قال سلمان: فشكرت الله كثيراً ثمّ قلت: يا رسول الله! مؤجّل فيّ إلى أن أُدركهم. فقال: يا سلمان! إقرأ:

«فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ٭ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا»(1) قال سلمان: فاشتدّ بكائي وشوقي فقلت: يا رسول الله! بعدٍ منك. فقال: إي والذي أرسل محمّداً إنّه بعهدٍ منّي وعليًّ وفاطمة والحسن والحسين و تسعة أئمّة وكلّ من هو منّا و مظلوم فينا، إي والله يا سلمان ثمّ ليحضرنّ إبليس وجنوده وكلّ من محضّ الإيمان محضاً ومحّض الكفر محضاً حتّى يؤخذ بالقصاص والأوتار والتراث ولا يظلم ربّك أحداً ونحن تأويل هذه الآية: «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ٭ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ»(2).

ص: 186


1- الإسراء: 6.
2- القصص: 5 - 6.

قال سلمان: فقمت بين يدي رسول الله وما يبالي سلمان متی لقى الموت أو لقيه(1).

روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: حدّثني أبو الحسن القادسي - باسناده المذكور - عن المفضل بن عمر، قال: سمعت جعفر بن محمد الصادق يقول:

«إنّ رسول الله نظر إلى علي والحسن والحسين فبكى وقال: أنتم المستضعفون بعدي».

قال المفضل: فقلت: له ما معنى ذلك يابن رسول الله؟ قال: معناه إنكم الأئمة بعدي أن الله تعالى يقول:«وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ».

فهذه الآية فينا جارية إلى يوم القيامة(2).

وأخرج العلامة السيّد هاشم البحراني في تفسيره عن إمام العامة أبي جعفر محمد بن جریر - بسنده المذكور - عن زادان عن سلمان، قال: قال لي رسول الله - وسرد حديثاً طويلاً إلى أن قال سلمان، قال:

«أي والله الذي أرسل محمداً بالحق مني (يعني: في زمان وعهد مني) ومن علي وفاطمة والحسن والحسين والتسعة، وكلّ من هو منا ومعنا وفينا، أي والله يا سلمان ليحضرن ابليس وجنوده وكل من محض الإيمان محضاً ومحض الكفر محضاً حتّى يؤخذ بالقصاص والأوتاد والأثواد، ولا يظلم ربك أحداً، و تحقّق تأويل هذه الآية: «وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ

ص: 187


1- البحار: 25 / 7 الحديث 9، البرهان: 3/ 219 الحديث9، ونحوه في دلائل الإمامة: 237، ومصباح الشريعة: 63.
2- شواهد التنزيل: 1 /430 - 431.

وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ٭ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ».

قال سلمان: فقمت من بين يدي رسول الله وما يبالي سلمان لقي الموت أو الموت لقيه»(1).

أقول: ينبغي أن نذكر ما قاله شاعر أهل البيت العندليب:

ياحجة الله مَتى الظهورُ مَتى يعمّ البِشرُ والسرور والسعدَ والهَناء والحُبور وتنتفي الآلامُ والشرورُ یابن الزكيّ العسكري البِرّ سلالة الهادي النقي الطُهر نجل الجواد ذي النوال الغَمر وابن الرضا بن الكاظم الأغرّ و یا سليل الصادق المبَجّل وباقر العلم الخفيّ والجليّ والسيّد السجاد ذي التبتّل والحسنين والبتول الأنبل یابن الوصي المرتضى الكرّار والمصطفى المنتجب المختار أفِث فقد آن أوان الثار من عُصبة الطغاة والأشرار یا حجة الله متى الظهور

ص: 188


1- تفسير البرهان: 2/ 406 - 407.

73- الإمامة من تمام الدين

«وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56)» سورة الروم الطالقاني، عن القاسم بن محمد الهاروني، عن عمران بن موسى، عن الحسن بن قاسم الرقّام، عن القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم قال: كنّا في أيام علي بن موسى الرضا علیه السّلام بمرو فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم جمعة بي بدء مقدّمنا فأدار الناس أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي ومولاي الرضا علیه السّلام فأعلمته ما خاض الناس فيه فتبسّم. ثمّ قال: يا عبد العزيز! جهل القوم و خدعوا عن أديانهم، إنّ الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيه، حتّى أكمل ه الدين وأنزل عليه القرآن، فيه تفصيل كلّ شيء، بيّن فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج إليه الناس کملاً، فقال عزّ وجل: «مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ»(1) وأنزل في حجّة الوداع وهي آخر عمره: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ»

ص: 189


1- الأنعام: 38.

لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا»(1) فأمر الإمامة من تمام الدين ولم يمض حتّى بيّن لاُمّته معالم دينه وأوضح لهم سبله وتركهم على قصد الحقّ وأقام لهم عليّاً علیه السّلام علماً وإماماً وما ترك شيئاً تحتاج إليه الأُمة إلّا بيّنه فمن زعم أنّ الله عزّ وجل لم يكمل دينه فقد ردّ کتاب الله عزّ وجل ومن ردّ كتاب الله فهو كافر هل يعرفون قدر الإمامة ومحلّها من الأُمّة فيجوز فيها اختيارهم؟! إنّ الإمامة أجلّ قدراً وأعظم شأناً وأعلى مكاناً وأمنع جانباً وأبعد غوراً من أن يبلغها الناس بعقولهم أو يناولها بآرائهم أو يقيموا إماماً بإختيارهم. إنّ الإمام خصّ الله عزّ وجل بها إبراهيم الخليل عن بعد النبوّة والخلّة مرتبة ثالثة وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره فقال عزّ وجل: «إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا» فقال الخليل علیه السّلام سروراً بها ومن ذرّيتي؟ قال الله عزّ وجل: « لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفورة ثمّ أكرمه الله بأن جعلها في ذرّيته أهل الصفوة والطهارة، فقال عزّ وجل: «وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ ٭ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ»(2) فلم تزل في ذرّيته يرثها بعض عن بعض قرناً فقرناً حتّى ورثها النبي، فقال الله جلّ جلاله:«إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ»(3) فكانت له خاصّة فقلّدها علياً علیه السّلام بأمر الله عزّ وجل على رسم ما فرضها الله فصارت في ذرّيته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان بقوله عزّ وجل: «وَقَالَ الَّذِينَ

ص: 190


1- المائدة: 3.
2- الأنبياء: 72.
3- آل عمران: 68.

أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ»(1) فهي في ولد علي علیه السّلام خاصّة إلى يوم القيامة إذ لا نبيّ بعد محمد، فمن أين يختار هؤلاء الجهّال ؟! إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء وارث الأوصياء، إنّ الإمامة خلافة الله عزّ وجل وخلافة الرسول ومقام أمير المؤمنین ومیراث الحسن والحسين عليهما السّلام، إنّ الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعزّ المؤمنين، إنّ الإمامة أُسّ الإسلام النامي وفرعه السامي، بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحجّ والجهاد وتوفير الفَيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف والإمام يحلّل حلال الله ويحرّم حرام الله ويقيم حدود الله ويذبّ عن دین الله ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجّة البالغة، الإمام كالشمس الطالعة للعالم وهي في الأُفق بحيث لا تناله الأيدي والأبصار، الإمام، البدر المنير والسراج الزاهر والنور الساطع والنجم الهادي في غياهب الدجی والبلد القفار ولجج البحار، الخبر(2).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج1، ص 36:

ومقام الإمام منصب قُدس كمقام النبيّ سامي العلاء فكما لا يجوز نصبُ نبيّ للبرايا من سائر الأنبياء بعد جهل منهم بمن هو أولى فيه حقاً من سائر الرؤساء وشروط الإمام منها وجوباً عصمةٌ عن قبائح الأخطاء وهي محجوبة عن الخلق طرّاً دون ربّ العباد بعد الخفاء

ص: 191


1- الروم: 56.
2- الأمالي: 674، الكافي: 1/ 200 الحديث، كمال الدين: 677، عیون أخبار الرضا: 216، الاحتجاج: 432، تحف العقول: 436، غيبة النعماني: 218، معاني الأخبار: 96، البحار: 25/ 120 الحديث.

74- النبي وأوصياؤه أولى بالمؤمنين من أنفسهم

«النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)» سورة الأحزاب حدّثنا أبي، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عیسی، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس الهلالي، [وحدّثنا محمد بن الحسن بن الوليد، قال: حدّثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يقوب بن يزيد وإبراهيم بن هاشم جميعاً، عن حماد بن عیسی، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قیس الهلالي](1) قال: سمعت عبد الله بن جعفر الطيار: كنّا عند معاوية وأنا والحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن أبي سلمة وأُسامة بن زید، جری بيني وبين معاوية كلام فقلت لمعاوية: سمعت رسول الله به يقول: أنا أولى بالمؤمنين من

ص: 192


1- وفي الخصال هكذا.

أنفسهم ثمّ أخي علي بن أبي طالب علیه السّلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم فإذا استشهد عليٌّ فالحسن بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثمّ ابنه الحسين بعد أولى بالمؤمنين من أنفسهم فإذا استشهد فابنه عليّ بن الحسين الأكبر أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثمّ ابنه محمد بن علي الباقر أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدرکه یا حسین! ثمّ تكمّله اثني عشر إماماً تسعة من ولد الحسين علیه السّلام قال عبد الله بن جعفر: ثم استشهدت الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن أبي سلمة وأُسامة بن زید فشهدوا لي عند معاوية. قال سلیم بن قیس الهلالي: وقد سمعت ذلك من سلمان وأبي ذر و المقداد وذكروا أنّهم سمعوا ذلك من رسول الله(1).

أبي، عن سعد، عن الخشّاب، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله علیه السّلام ما عنى الله عزّ وجل بقوله: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»؛ قال: نزلت في النبي يا وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة علیهم السّلام فلمّا قبض الله عزّ وجل نبيّه كان أمير المؤمنين ثمّ الحسن ثمّ الحسين عليهم السّلام ثمّ وقع تأويل هذه الآية:

«وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ» وكان علي بن الحسين علیه السّلام إماماً ثمّ جرت في الأئمة من ولده الأوصياء فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله عزّ وجل(2).

ص: 193


1- الخصال: 477، کمال الدين: 270 الحديث 15، کتاب سليم بن قيس: 231، عیون أخبار الرضا: 1/ 47، المناقب:1 /296، کشف الغمة: 2/ 508، إعلام الوری: 395، الغيبة للطوسي: 137، الغيبة للنعماني: 95، تقريب المعارف: 177، نور الثقلين: 4/ 239 الحدیث 21، کنز الدقائق: 10 / 320.
2- تأويل الآيات: 2/ 488 الحدیث 7، نور الثقلين: 4/ 239 الحديث 20، البحار: 25/ 256 الحديث 15، البرهان:3/ 291 الحديث 1.

أقول: مقتبساً من الأنوار القدسية:

سبحانك اللهم ذي الولاية لكلّ موجود بلا نهاية ولاية التشريع والتكوين کلٌ له بالعلم واليقين ثمّ اصطفى محمّداً ولياً أعطاه من ولائه مليّاً ولاية الله له على الورى من غير حدًّ أولاً وآخراً ثمّ علياً أعطِىَ الولاية فهو الوليّ بالنص والدراية وهو وليّ الأمر بالنصّ الجلي وعنده علم الكتاب المُنزل وقال طه والوصي يمناه من کنتُ مولاه فذا مولاه محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، عن محمد بن هارون الدينوري، عن محمد بن العباس المصري، عن عبدالله بن إبراهيم الغفاري، عن حریز بن عبدالله الحذّاء، عن إسماعيل بن عبدالله قال: قال الحسين بن علي علیه السّلام لمّا أنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية:

«وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ»؛ سألت رسول الله، عن تأويلها فقال: والله ما عنى بها غيركم وأنتم أُولوا الأرحام فإذا متُّ فأبوك علي أولى بي وبمكاني فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن أولى به فإذا مضى الحسن فأنت أولی به قلت: يا رسول الله! فمن بعدي أولى بي فقال: ابنك عليٌّ أولی بك من بعدك فإذا مضى فابنه محمد أولی به من بعده فإذا مضی محمد فابنه جعفر أولی به بمكانه من بعده فإذا مضی جعفر فابنه موسی أولی به من بعده فإذا مضی موسی فابنه علي أولی به من بعده، فإذا مضى علي فابنه محمد أولی به من بعده فإذا مضی محمد فابنه علي أولی به من بعده فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى به من بعده فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في التاسع من ولدك فهذه الأئمة التسعة من صلبك أعطاهم الله علمي وفهمي طينتهم من طینتي ما لقومٍ يؤذونني فيهم لا أنالهم الله شفاعتي(1).

ص: 194


1- كفاية الأثر: 175، البرهان: 3/ 293 الحديث 15، البحار: 36 /343 الحدیث 209.

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 157:

وأتت آیة الصلاة عليه بفَم الذِكر من إله السماء قال عند السؤال كيف نصلّي بصلاة مفروضة ودعاء صلّ ربّي على النبي وبارك وعلى آل أحمد الأزكياء قد أتتنا ثلاثة بعد عشرين حديثاً عنهم من الخبراء

ص: 195

75- الإمام الحسن في آية التطهير

«إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)» سورة الأحزاب حدّثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال: حدّثنا الحسين بن محمد بن عامر عن المعلّی بن محمد البصري، عن جعفر بن سلیمان، عن عبد الله بن الحكم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال النبي: إنّ علياً وصيي وخليفتي وزوجته فاطمة سيّدة نساء العالمين ابنتي والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة ولداي، من والاهم فقد والاني ومن عاداهم فقد عاداني ومن ناواهم فقد ناواني ومن جفاهم فقد جفاني ومن برّهم فقد برّني، وصل الله من وصلهم وقطع من قطعهم ونصر من أعانهم وخذل من خذلهم اللهم من كان له من أنبيائك و رسلک ثقل وأهل بيت فعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين أهل بيتي وثقلي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً(1).

أخبرنا أبو نعيم الأزهدي قال: أخبرني أبو عوانة الإسفرائيني قال: روي عبدة بن عبدالله أبو سهلة قال: حدّثنا محمد بن بشر قال: حدّثنا زکریا ابن أبي

ص: 196


1- الأمالي: 57 - 473، بشارة المصطفى: 16.

زائدة عن مصعب بن شيبة عن صفيّة بنت شيبة قالت: قالت عایشة: إنّ رسول الله خرج غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله ثمّ جاء الحسين فدخل معه ثمّ جائت فاطمة فأدخلها ثمّ جاء عليٌّ فأدخله ثمّ قال: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(1).

وبالإسناد قال: فأخبرني الحسن بن محمد، حدّثنا ابن حبش المقري، حدّثنا أبو القاسم المقري، حدّثنا أبو زرعة، حدّثني عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة، أخبرني أبو فديك، حدّثني ابن أبي مليكة، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر الطيّار، عن أبيه قال: لمّا نظر رسول الله إلى الرحمة هابطة من السماء قال: من يدعو؟ مرّتين قالت زينب: أنا يا رسول الله! فقال: اُدعي لي علياً وفاطمة والحسن والحسين قال: فجعل حسناً عن يمينه و حسيناً عن شماله وعليّاً وفاطمة تجاهه ثمّ غشّاهم کساءً خيبرياً ثمّ قال: اللهمّ إنّ لكلّ نبي أهلاً وهؤلاء أهل بيتي وأنزل الله عزّ وجل: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا». فقالت: زینب یا رسول الله! ألا أدخل معكم؟ فقال رسول الله: مكانك فإنّك إلى خير إن شاء الله(2).

حدّثونا عن أبي بكر السبيعي قال: أخبرنا أبو عروبة الحرّاني، قال: حدّثنا ابن مصفّى، قال: حدّثنا عبد الرحيم بن واقد، عن أيوب بن سیّار، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: نزلت هذه الآية على النبي وليس في البيت إلّا فاطمة والحسن والحسين وعلي «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ

ص: 197


1- الشواهد: 2/ 56 الحدیث 676، العمدة: 45، البحار:21 / 281 مثله العمدة: 43، البحار: 21 / 218 باب 32 مباهلة.
2- العمدة: 40 الحديث 24، الطرائف: 127 الحدیث 197 ومثله في شواهد التنزيل:2/ 54.

وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا». فقال النبي: اللهمّ هؤلاء أهلي(1).

أبو عمرو، عن ابن عقدة، عن يعقوب بن يوسف بن زیاد، عن محمد بن إسحاق بن عمار، عن هلال بن أيوب، عن عطيّة قال: سألت أبا سعيد الخدري عن قوله تعالى:«إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا». قال: نزلت في رسول الله وعلي وفاطمة والحسين والحسين علیهم السّلام(2).

فرات قال: حدّثني علي بن محمد بن عمر الزهري معنعناً عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالى: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» قال: نزلت في علي بن أبي طالب علیه السّلام قلت : إنّ الناس يقولون: فما منعه أن يسمّي عليّاً وأهل بیته في كتابه؟ قال أبو جعفر علیه السّلام: فتقولون لهم: إنّ الله أنزل على رسوله الصلاة ولم يسمّ ثلاثاً وأربعاً حتّى كان رسول الله هو الذي فسّر ذلك لهم وأنزل الحجّ فلم ينزل طوفوا أُسبوعاً ففسّر لهم ذلك رسول الله وأنزل الله: «أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» قال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السّلام فقال في عليًّ: من کنت مولاه فعلي مولاه وقال رسول الله له: أُوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي إنّي سألت الله أن لا يفرق بينهما حتّى يوردهما علىَّ الحوض فأعطاني ذلك فلا تعلّموهم فهم [فإنّهم] أعلم منكم إنّهم لم يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة ولو سكت رسول الله ولم يبيّن أهلها لادّعاها آل عبّاس و آل عقيل وآل فلان و آل فلان ولكنّ الله أنزل في كتابه:

«إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا». فكان عليّ بن أبي طالب عليه السّلام والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام والتحيّة

ص: 198


1- الشواهد التنزيل: 2/ 29 الحدیث 648.
2- الشواهد التنزيل: 2/ 41 الحديث 660، البحار: 35 / 208 الحديث 4 و 35/ 232 الحديث 30.

والإكرام تأويل هذه الآية فأخذ رسول الله بيد علي وفاطمة والحسن والحسين علیهم السّلام فأدخلهم تحت الكساء في بيت أُمّ سلمة فقال: اللهمّ إنّ لكلّ نبيًّ ثقلاً وأهلاً فهؤلاء ثقلي وأهلي فقالت أُم سلمة: ألست من أهلك؟ فقال: إنّك إلى [على] خير ولكن هؤلاء ثقلي وأهلي(1).

فرات قال: حدّثني عبيد بن کثیر معنعناً عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على عائشة فقلت: أين نزلت هذه الآية: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا». قال: نزلت في بيتي أُمّ سلمة. قالت أُمّ سلمة: لو سألت عائشة لحدّثتك إنّ هذه الآية نزلت في بيتي قالت: بينما رسول الله في البيت إذ قال: لو كان أحد يذهب فيدعو لنا عليّاً وفاطمة وابنيها [ابنيهما] قالت: فقلت: ما أجد غيري. قال: قالت: فدفعت وجئت [فجئت] بهم جميعاً فجلس علي بين يديه وجلس الحسن والحسين عن يمينه وشماله وأجلس فاطمة خلفه ثمّ تجلّل بثوب خیبري ثمّ قال: نحن جميعاً إليك فأشار رسول الله ثلاث مرات إليك لا إلى النار ذاتي وعترتي وأهل بيتي من لحمي ودمي قالت أُمّ سلمة: يا رسول الله! أدخلني معهم قال: يا أُمّ سلمة إنّك من صالحات أزواجي ولا يدخل الجنّة في هذا المكان إلّا منّي قالت: ونزلت هذه الآية: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(2).

علي بن بابویه عن سعد، عن الخشاب، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله علیه السّلام: ما عنّى الله عزّ وجل بقوله: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(3)تباً لكم يا أهل الكوفة! أيّ تراتٍ لرسول الله قِبَلكم وذحول له لديكم، بما عندتم بأخيه عليّ بن أبي طالب عليه السّلام جدي و بنيه [وعترته الطيّبين الأخيار] عترة النبيّ الطاهرين الأخيار وافتخر بذلك مفتخر [كم فقال]:

نحن قتلنا علياً وبني عليًّ بسيوف هندية ورماح وسبينا نساءهم سبي ترك ونطحناهم فأيّ نطاح بفيك أيها القائل الكثکث و [لك] الأثلب افتخرت بقتل قوم زکّاهم الله وطهّرهم وأذهب عنهم الرجس فاكظم واقع کما اقعی أبوك وإنما لكل امریءٍ [ما کسب و] ما قدّمت يداه حسدتمونا ويلاً لكم على ما فضّلنا الله عليكم. اللهوف: 153، مثير الأحزان: 87، البحار: 45/ 111.

فيما كتب ابن عباس إلى يزيد بن معاوية:

فما أنسي من الأشياء فلست بناس إطرادك حسيناً، من حرم رسول الله إلى حرم الله وتسييرك إليه الرجال لتقتله الحرم فما زلت في بذلك وعلى ذلك حتّى أشخصته من مكة إلى العراق فخرج خائفاً يترقّب فزلزلت به خیلك عداوة منك الله ولرسوله ولأهل بيته (الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً). البحار:45/ 324. (4). قال:

ص: 199


1- الفرات: 110.
2- الفرات: 334.
3- من خطبة فاطمة الصغرى بنت الحسين عليه السّلام:
4-

نزلت في النبي وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة علیهم السّلام فلمّا قبض الله عزّ وجل نبيّه كان أمير المؤمنين ثمّ الحسن ثمّ الحسين عليهم السّلام ثمّ وقع تأويل هذه الآية: «وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ» وكان عليّ بن الحسين علیه السّلام إماماً ثمّ جرت في الأئمة من ولده الأوصياء فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله عزّ وجل(1).

وقال محمد بن العباس: حدّثنا أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن علي بن بزیع، عن إسماعيل بن بشّار الهاشمي، عن قيس بن محمد الأعشی،

ص: 200


1- البحار:25 / 255 الحدیث 15. روايات البحث كثيرة فليراجع الأمالي: 472، الخصال: 403، روضة الواعظين: 157، الفرات: 334، مجموعة ورّام:1 / 23، کشف الغمة: 45/1، الخرائج: 48، الطرائف: 125، العمدة: 33، شواهد التنزيل: 2/ 39، تأويل الآيات: 2/ 457 الحدیث 20، البحار:35/ 206 إلى 236.

عن هاشم بن البريد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جدّه عليهم السّلام قال: كان رسول الله في بيت أُمّ سلمة فاُتي بحریرة فدعا عليّاً وفاطمة والحسن والحسين علیهم السّلام فأكلوا منها، ثمّ جلّل عليهم کساء خيبريّاً ثمّ قال: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا». فقالت أُمّ سلمة: وأنا معهم یا رسول الله؟ قال: إنّك إلى خير.

وقال أيضاً: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زکریا، عن جعفر بن محمد بن عمارة قال: حدّثني أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه [عليهمالسّلام] قال: قال علي بن أبي طالب علیه السّلام: إنّ الله عزّ وجل فضّلنا أهل البيت، وكيف لا يكون كذلك والله عزّ وجل يقول في كتابه: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» فقد طهّرنا الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن؛ فنحن على منهاج الحق. وقال أيضاً: حدّثنا عبد الله بن علي بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن محمد، عن علي بن جعفر بن محمد، عن الحسين بن زید، عن عمر بن علي علیه السّلام قال: خطب الحسن بن علي علیهمالسّلام الناس حين قتل علي فقال: قبض في هذه اللّيلة رجل لم يسبقه الأوّلون بعلم، ولا يدركه الآخرون؛ ما ترك على ظهر الأرض صفراء ولا بيضاء الّا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله. ثمّ قال: يا أيّها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، وأنا ابن البشير النذير الدّاعي إلى الله بإذنه والسّراج المنير، أنا من أهل البيت الذي كان نزل فيه جبرئيل و يصعد، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

وقال أيضاً: حدّثنا مظفر بن يونس بن مبارك، عن عبد الأعلى بن حماد، عن مخوّل بن إبراهيم، عن عبد الجبار بن العباس، عن عمار الدهني، عن عمرة

ص: 201

بنت أفعيّ، عن أمّ سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي، وفي البيت سبعة: جبرائیل و میکائیل و رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين - صلوات الله عليهم - وقالت: وكنت على الباب فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: إنّك إلى خير، إنّك من أزواج النبي؛ وما قال إنّك من أهل البيت.

أقول: قال الفرطوسي شاعر أهل البيت في الملحمة، ج1، ص38:

و تجلّت في الذكر آیاتُ صدقٍ أُنزلت في إمامة الأُمناء فاقتطفنا من حقلها زهرات عطّرت بالعبير دنيا الولاء قال سبحانه ليذهب طُهراً كلّ رجسٍ عنكم إله السماء آية أُنزلت صريحاً بطه وعليّ وابنيه والزهراء قال يا ربّ إنّهم أهلُ بيتي حينما لفّهم بفضل الكساء وهي تروى بأربعين حديثاً وحديث من غير أهل الولاء

ص: 202

76- فضل الصلوات على محمد وآل محمد

«إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)» سورة الأحزاب روى العلامة البحراني عن (الثعلبي) في تفسير هذه الآية بسنده المذكور عن کعب بن عجرة قال: لما نزلت:

«إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ» الآية قلنا یا رسول الله قد علمنا السلام عليك وكيف الصلاة عليك؟ قال: «قولوا اللهم صلّ على محمد و آل محمد كما صلّيت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد وبارك على محمد و آل محمد کما بارکت علی إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد»(1).

(ونقله) بنص العلّامة المراغي في تفسيره أيضاً(2).

وأورد - العلّامة الفيروزآبادي - عن البخاري في كتابه (الأدب المفرد) بسنده عن رسول الله:

ص: 203


1- غاية المرام: 311.
2- تفسير المراغي: 22 / 34.

«من قال: (اللهمّ صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم) شهدت له يوم القيامة بالشهادة وشفّعت له»(1).

وأورد أيضاً عن (عبد الرؤوف المناوي) في كتابه (فيض القدير) قال:

روى الطبراني في الأوسط عن علي موقوفاً قال: «كل دعاء محجوب حتّى يصلّي على محمد و آل محمد»(2).

وأخرج المفسر المعاصر (محمد عزة دروزة) في تفسيره قال: «ومنها حديث عن عبد الله بن مسعود، قال: إذا صلّيتم على النبي فأحسنوا الصلاة عليه قالوا له: علّمنا فقال قولوا... اللهم صلّى على محمد و آل محمد كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم إنّك حميد مجيد»(3).

وقال الحافظ الإمام أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي في تفسيره المسمى بالتسهيل العلوم التنزيل في تفسير هذه الآية: «وروى أن النبي؛ قال: نزلت هذه الآية في خمسة: فيَّ، وفي علي وفاطمة والحسن والحسين»(4).

وأخرج على المتقي الهندي في (کنزه) باسناده العديدة عن زيد بن خارجة، عن النبي، إنّه قال: «قولوا: اللهمّ صلّ علی محمد وعلى آل محمد»(5) الخ ....

ص: 204


1- فضائل الخمسة: ج 2.
2- فضائل الخمسة: ج 2.
3- التفسير الحديث:8/ 286.
4- تفسير الكلبي:3/ 299.
5- کنز العمال : 1 / 439.

77- الأمانة المعروضة على السماوات والأرض

«إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)» سورة الأحزاب في كتاب معاني الأخبار: باسناده إلى محمد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبدالله علیه السّلام:

إن الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام، فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة علیهم السّلام، فعرضها على السماوات والأرض والجبال فغشيها نورهم، فقال الله تبارك وتعالی للسماوات والأرض والجبال: هؤلاء أحبّائي وأوليائي وحججي على خلقي وأئمّة بريتي، ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ منهم، لهم ولمن تولّاهم خلقت جنتي، ولمن خالفهم وعاداهم خلقت ناري، فمن ادّعى منزلتهم منّي و محلّهم من عظمتي عذّبته عذاباً لا أُعذّبه أحداً من العالمين، وجعلته مع المشركين في أسفل درك من ناري، ومن أقرّ بولايتهم ولم يدّع منزلتهم منّي ومكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جنّاتي، وكان لهم فيها ما يشاؤون عندي، وأبحتهم کرامتي،

ص: 205

وأحللتهم جواري، و شفّعتهم في المذنبين من عبادي وإمائي، فولايتهم أمانة عند خلقي، فأيّكم يحملها بأثقالها ويدّعيها لنفسه دون خيرتي.

فأبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن من ادّعاء منزلتها وتمنّي محلّها من عظمة ربّها.

فلمّا أسكن الله عزّ وجل آدم وزوجته الجنّة قال لهما:«كُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ»(1) يعني شجرة الحنطة «فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ» فنظرا إلى منزلة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السّلام بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة، فقالا: ربّنا لمن هذه المنزلة؟ فقال الله جلّ جلاله: ارفعا رؤوسكما إلى ساق العرش.

فرفعا رؤوسهما فوجدا أسماء محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة علیهم السّلام مكتوبة إلى ساق العرش بنور من نور الله الجبّار جلّ جلاله فقالا: ربّنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك؟ وما أحبّهم إليك؟ وما أشرفهم لديك؟ فقال الله جلّ جلاله: لولاهم ما خلقتكما، هؤلاء خزنة علمي وأُمنائي على سرّي، إيّاكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد، و تتمنّيا منزلتهم عندي ومحلّهم من کرامتي فتدخلان بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين.

قالا: ربنا ومَن الظالمون؟ قال: المدّعون لمنزلتهم بغير حقّ.

قالا: ربّنا فأرنا منزلة ظالميهم في نارك حتّى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك.

فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال والعذاب، وقال عزّ وجل: مكان الظالمين لهم المدّعين منزلتهم في أسفل درك

ص: 206


1- البقرة: 35.

منها، كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أُعيدوا فيها، أكلّما نضجت جلودهم بدّلناهم سواها ليذوقوا العذاب، یا آدم و یا حوّاء لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين الحسد فأهبطكما عن جواري أحل بكما هواني: فوسوس لهما لشيطان ليبدي لهما ما وُؤري عنهما من سو آتهما وقال ما نهاكما ربّكما عن هذه الشجرة إلّا أن تکونا ملكين أو تكونا من الخالدين، وقاسمهما إنّي لكما لمن الناصحين، فدليهما بغرور، وحملهما إلى تمنّي منزلتهم.

فنظر إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة، فعاد مکان ما أكلا شعيراً، فأصل الحنطة كلّها ممّا لم يأكلاه، وأصل الشعير كلّه ممّا عاد مكان ما أكلاه، فلمّا أكلا من الشجرة طار الحلي والحلل من أجسادهما وبقيا عريانين، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة وناداهما ربّهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إنّ الشيطان لكما عدوّ مبين، قالا ربّنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونّن من الخاسرين.

قال: إهبطا من جواري فلا يجاورني في جنّتي من يعصيني.

فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش، فلمّا أراد الله عزّ وجل أن يتوب عليهما جاءهما جبرائيل عليه السّلام فقال لهما: إنكما إنّما ظلمتما أنفسكما بتمنّي منزلة من فضّل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله إلى أرضه، فاسألا ربّكما بحقّ الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتّى يتوب عليكما.

فقالا: اللهمّ إنّا نسألك بحقّ الأكرمين عليك محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة إلّا تبت علينا ورحمتنا.

فتاب الله عليهما إنّه هو التواب الرحيم، فلم تزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة ويخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من أُمّتهم فيأبون حملها

ص: 207

ويشفقون من ادّعائها وحملها الإنسان الذي قد عرف، فأصل كلّ ظلم منه إلى يوم القيامة، وذلك قول الله عزّ وجل: «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا»(1).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج1، ص53:

قال في ذكره المبارك إنا قد عرفنا أمانة الأُمناء وهي كانت ولاية الحق منه العلي والعترة الأزکياء فأبت حملها السماوات خوفاً من وقوع التقصير عند الأداء غير أنّ الإنسان کُلّف فيها وهي كانت من أثقل الأعباء فغدا ظالماً كفوراً بما قد أنعم الله من جزيل العطاء حينما ضيّع الامانة جَهلاً ظالماً أهلها بنصب العداء قد أبانَ المعنى حديثان عنهم فأزالا بالكشف كلّ غطاء

ص: 208


1- معاني الأخبار: 108 باب معنى الأمانة التي عرضت على السماوات والأرض، الحديث 1.

78- عدم استواء الأعمى والبصير، والظلمات والنور

«وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ» سورة فاطر أخبرنا عقيل بن الحسين، أخبرنا علي بن الحسين حدّثنا محمد بن عبيد الله حدّثنا عبد الملك بن علي أبو عمر، حدّثنا أبو مسلم الكشي حدّثنا يحيى بن عبد الله بن بكير(1) عن مالك، عن ابن شهاب الزهري عن أبي صالح:

عن ابن عباس في قول الله تعالى: «وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى» قال: أبو جهل ابن هشام «وَالْبَصِيرُ» قال: علي بن أبي طالب، ثمّ قال: «وَلَا الظُّلُمَاتُ» يعني أبو جهل المظلم قلبه بالشرك «وَلَا النُّورُ» يعني قلب علي المملوء من النور، ثمّ قال: «وَلَا الظِّلُّ» يعني بذلك مستقر علي [في] الجنة «وَلَا الْحَرُورُ»

ص: 209


1- هو أبو زکریا المصري مولى المخزوم من رجال الصحاح مترجم في كتاب تهذيب التهذيب:1/ 237.

يعني [به] مستقر أبي جهل [في] جهنم، ثمّ جمعهم فقال: «وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ» علي وحمزة وجعفر وحسن وحسین وفاطمة وخديجة «وَلَا الْأَمْوَاتُ» کفار مكة(1).(2) أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج1، ص 227:

قال ما يستوي الفريقان أعمىً وبصير بمنهج الاهتداء قد اتت في الوصي وهو بصير وأبي جهل وهو أعمىً مرائي وعليّ بالنور يُملؤ قلباً وأبو جهل في ظلام الرياء وعليّ بظلّ جنّة عدن وأبو جهل في حرور الشقاء

ص: 210


1- المناقب:3/ 81، تأويل الآيات: 2/ 480 الحديث 5، البحار: 24 / 372 الحدیث98 و 35 / 396 الحديث 6، البرهان:3/ 361.
2- شواهد التنزيل:2/ 154.

79- أهل البيت علیهم السّلام هم السابقون بالخيرات والمصطفون

«ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)» سورة فاطر عن زياد بن المنذر عن الباقر علیه السّلام: أمّا الظالم لنفسه منّا فمن عمل عملاً صالحاً و آخر سيئّاً وأمّا المقتصد فهو المتعبّد المجتهد وأمّا السابق بالخيرات فعليٌّ والحسن والحسين علیهم السّلام ومن قتل من آل محمد شهيداً(1).

روى السيّد بن طاووس في کتاب سعد السعود من تفسير محمّد بن العباس بن مروان قال: حدّثنا عليّ بن عبدالله بن أسد، عن إبراهيم بن محمد بن عثمان بن سعيد، عن إسحاق بن یزید، الفرّاء، عن غالب الهمداني، عن أبي إسحاق السبيعي قال: خرجت حاجّاً فلقيت محمّد بن علي فسألته عن هذه الآية: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ» و الآية فقال: ما يقول فيها قومك يا أبا إسحاق؟ يعني أهل الكوفة قال: قلت: يقولون: إنّها لهم. قال: فما يخوّفهم إذا كانوا من أهل الجنّة قلت:

ص: 211


1- المناقب:4/ 130، منه البحار: 23 / 223 الحديث 34.

فما تقول أنت جعلت فداك؟ فقال: هي لنا خاصّة يا أبا إسحاق! أمّا السابق بالخيرات فعليّ بن أبي طالب والحسن والحسين والشهيد منّا أهل البيت(1).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 47:

وعباد الله الذين اصطفاهم عاد إرثاً لهم كتاب السماء وهُمُ في الحديث عترة طه خيرة الأولياء والأزكياء في حديثين عنهم صحّ هذا وهو يروي عن سيّد الأوصياء قال نحن العباد وهو اجتبانا واصطفانا بأحسن الاصطفاء

ص: 212


1- تأويل الآيات:2/ 481 الحدیث7، البحار: 23 / 218 الحدیث 19، البرهان: 3/ 364، الحدیث11، نور الثقلين:4/ 362 الحدیث 80.

80- أسماء الخمسة الطيّبة علیهم السّلام مشتقّة من أسماء الله عزّ وجل

«وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166)» سورة الصافات أحمد بن صالح الهمداني، عن الحسن بن علي، عن زکریا بن یحیی التستري، عن أحمد بن قتيبة الهمداني، عن عبد الرحمن بن زید، عن أبي عبد الله علیه السّلام قال: إنّ الله تبارك وتعالی کان ولا شيء فخلق خمسة من نور جلاله واشتقّ لكل واحد منهم اسماً من أسمائه المنزلة فهو الحميد وسمّى النبيّ محمّداً وهو الأعلى وسمّى أمير المؤمنين عليّاً وله الأسماء الحسنی فاشتقّ منها حسناً وحسيناً وهو فاطر فاشتقّ لفاطمة من أسمائه إسماً فلمّا خلقهم، جعلهم في الميثاق عن يمين العرش و خلق الملائكة من نور فلمّا أن نظروا إليهم عظّموا أمرهم وشأنهم ولقّنوا التسبيح فذلك قوله تعالى: «وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ٭ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ»(1) الخبر.

أقول: مقتبساً من الأنوار القدسية:

محمّد له من المحامد ما جلّ عن إحصاء أيّ حامد شق الإله من اسمه الحمید صُرّح في كتابه المجيد

ص: 213


1- البحار: 37 /62 الحديث 31، الفرات: 56.

ومذ تجلّی مشوقاً نور العُلا خرّت له الأصنام طراً سُجَّداً سمّاه باسمه العليّ الأعلى تكرّماً منه له وفضلاً فاسمه من شامخ عليّ علي اُشتقّ من العليّ وقد تجلّى من سماء العظمة من عالم الأسماء أسمى كلمة من اسمه الفاطر شقّ فاطمه قد فُطمت عنها العقولُ الواهمة النيّر الأعظم نوره خبا مذ أشرق الكون بنور المجتبی باسمه المُحسِن شقّ اسمه وشأنه وحدُّه ورسمه سرّ الوجود في محيّاه عَلَن فثّم وجه الله وجهه الحسن أشرق بدرٌ من سماء المعرفة به استبان كلّ اسم وصفة وهل ترى لملتقى القوسين أثبت نقطة من الحسین

ص: 214

81- شفاعة أهل البيت علیهم السّلام

«وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)» سورة الزمر عن خيثمة الجعفي قال: كنت عند جعفر بن محمد علیه السّلام أنا و مفضّل بن عمر ليلاً ليس عنده أحد غيرنا، فقال له مفضّل الجعفيّ: جعلت فداك، حدّثنا حديثاً نسرّ به، قال: نعم، إذا كان يوم القيامة حشر الله الخلايق في صعيد واحد حفاة عراة غرلاً. قال: فقلت: جعلت فداك ما الغَرل؟ قال: كما خلقوا أوّل مرّة، فيقفون حتّى يلجمهم العرق فيقولون: ليت الله يحكم بيننا ولو إلى النار - یرون أنّ في النار راحة فيما هم فيه - ثمّ يأتون آدم فيقولون: أنت أبونا وأنت نبيٌّ فاسأل ربّك يحكم بيننا ولو إلى النار. فيقول آدم: لست بصاحبكم، خلقني ربّي بيده وحملني على عرشه وأسجد لي ملائكة ثمّ أمرني فعصيته، ولكنّي أدلّكم على ابني الصدّيق الذي مکث في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاماً يدعوهم كلّما كذبوا، اشتدّ تصديقه، نوح. قال: فيأتون نوحاً فيقولون: سل ربّك حتّى يحكم بيننا ولو إلى النار. قال: فيقول: لست بصاحبكم، إنّي قلت: إنّ ابني من أهلي، ولكن أدلّكم إلى من اتّخذه الله خليلاً في دار الدنيا، ائتوا إبراهيم. قال: فيأتون إبراهيم، فيقول: لست بصاحبكم، إنّي قلت: إنّي سقيم، ولكنّي أدلّكم على من كلّمه الله تكليماً، موسی، قال: فيأتون موسی فيقولون له، فيقول: لست بصاحبكم، إنّي قتلت نفساً، ولكنّي

ص: 215

أدلّكم على من كان يخلق بإذن الله ويبرىء الأكمه والأبرص بإذن الله، عیسی. فيأتونه فيقول: لست بصاحبكم، ولكنّي أدلّكم على من بشّرتكم به في دار الدنيا، أحمد. ثمّ قال أبو عبد الله علیه السّلام: ما من نبيّ من ولد آدم إلى محمد إلّا وهم تحت لواء محمد صلى الله عليه و اله قال: فيأتونه، ثمّ قال: فيقولون: يا محمد! سل ربّك يحكم بيننا ولو إلى النار. قال: فيقول: نعم، أناصاحبكم، فيأتي دار الرحمن وهي عدن، وإنّ بابها سعته بعد ما بين المشرق والمغرب، فيحرّك حلقة من الحلق فيقال: من هذا؟ وهو أعلم به. فيقول: أنا محمد. فيقال: افتحواله. قال: فيفتح له. قال: فإذا نظرت إلى ربّي مجّدته تمجيداً لم يمجّده أحد كان قبلي ولا يمجّده أحد كان بعدي، ثم أخِرُّ ساجداً، فيقول: يا محمّد! ارفع رأسك وقل، يسمع قولك، واشفع تشفّع، وسل تُعطَ. قال: فإذا رفعت رأسي ونظرت إلى ربّي مجّدته تمجيداً أفضل من الأوّل والثاني، ثمّ أخرُّ ساجداً فيقول: ارفع رأسك وقل، يسمع قولك، واشفع تشفّع ، وسل تُعطَ. قال: فإذا رفعت رأسي ونظرت إلى ربّي مجّدته تمجيداً أفضل من الأوّل والثاني، ثمّ أخرُّ ساجداً فيقول: ارفع رأسك وقل، يسمع قولك، واشفع تشفّع، وسل تُعطَ. فإذا رفعت رأسي أقول: ربّ احكم بين عبادك ولو إلى النار. فيقول: نعم يا محمد. قال: ثمّ يؤتى بناقةٍ من یاقوت أحمر وزمامها زبرجدأ أخضر حتّى أركبها، ثمّ آتي المقام المحمود حتّى أقضي عليه وهو تلٌّ من مسك أذفر يحاذ بحيال العرش ثمّ يدعی إبراهيم فيحمل على مثلها فيجيء حتّى یقف عن یمین رسول الله ثمّ رفع رسول الله يده فضرب على كتف عليّ بن أبي طالب ثمّ قال: ثمّ تؤتي والله بمثلها فتحمل عليها ثمّ تجيء حتّى تقف بيني وبين أبيك إبراهيم، ثمّ يخرج مناد من عند الرحمن فيقول: يا معشر الخلائق أليس العدل من ربّكم أن يولّی کلّ قوم ما كانوا يقولون في دار الدنيا؟ فيقولون: بلى، وأيُّ شيء عدل غيره؟ قال: فيقوم الشيطان الّذي أضلّ فرقة من الناس حتّى زعموا أنّ

ص: 216

عيسى هو الله وابن الله فيتبعونه إلى النار، ويقوم الشيطان الذي أضلّ فرقة من الناس حتىّ زعموا أن عُزير ابن الله حتّى يتبعونه إلى النار، ويقوم كلّ شيطان أضلّ فرقة فيتبعونه إلى النار حتّى يبقى هذه الأُمّة، ثمّ يخرج مناد من عند الله فيقول: يا معشر الخلايق! أليس العدل من ربّكم أن يولّى كلّ فريق من كانوا يتولّون في دار الدنيا فيقولون: بلى، وأيُّ شيء عدل غيره؟ فيقوم شيطان فيتبعه من كان يتولّاه، ثمّ يقوم معاوية فيتبعه من كان يتولّاه، ويقوم علي فيتبعه من كان يتولّاه، ثمّ يقوم یزید بن معاوية فيتبعه من كان يتولّاه، ويقوم الحسن فيتبعه من كان يتولّاه، ويقوم الحسين فيتبعه من كان يتولّاه، ثمّ يقوم عليّ بن الحسين فيتبعه من كان يتولّاه، ثمّ يقوم الوليد بن عبد الملك و يقوم محمد بن عليّ فيتبعهما من كان يتولّاهما، ثمّ أقوم أنا فيتبعني من كان يتولّاني، وكأنّي بكما معي ثمّ يؤتى بنا فنجلس على عرش ربّنا ويؤتى بالكتب فتوضع فنشهد على عدوّنا ونشفع لمن كان من شيعتنا مرهقاً. قال: قلت: جعلت فداك، فما المرهق؟ قال: المذنب، فأمّا الذين اتّقوا من شيعتنا فقد نجاهم الله «بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» قال: ثمّ جاءته جارية له فقالت: إنّ فلان القرشيّ بالباب، فقال: ائذنوا له.

ثمّ قال لنا: اسكتوا(1).

أقول: قال الفقيه الشيخ محمد حسين الإصفهاني:

طأطأ كل الأنبياء لطه ذلك عزّعزّ أن يضاهي تقبّلت توبة آدم الصفي بيمنه أكرم به من خلف به نجي نوح من الطوفان بمُرسلات اللطف والإحسان وفاز إبراهيم بالإمامة ومنه نال هذه الكرامة

ص: 217


1- العياشي: 2/ 310 الحديث 145، البحار:8/ 45 الحديث 46.

موسی بلطف ربّ الغيبِ بيُمنه مشى إلى شعیب وما ابن مریم البتول إلّا مبشّراً من العليّ الأعلى محمّد له من المحامد ما جلّ عن إحصاء أيّ حامد وهو شفيع الكلّ في القيامة عليه تاج هذه الكرامة

ص: 218

82- حَمَلة العرش يستغفرون للمؤمنين

«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7)» سورة غافر عن جعفر بن محمد بن مالك، عن أحمد بن الحسين العلوي، عن محمد بن حاتم، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: في قوله تعالى: «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ»؛ قال: يعني محمّداً وعليّاً والحسن والحسين و [نوحاً] وإبراهيم وإسماعيل وموسى وعيسی علیهم السّلام(1).

ص: 219


1- وفي البرهان روى الصدوق عن حسين بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفي بها سنة (354 ه-) عن فرات (المصنف) عن أحمد بن محمد بن علي الهمداني عن أبي الفضيل العباس بن عبد الله البخاري عن محمد بن القاسم عن عبد الله بن القاسم عن عبد السلام بن صالح عن الرضا عغن آبائه عن علي عليهم السّلام قال: قال رسول الله: يا علي «الَّذِینَ ... لِلَّذِينَ آمَنُوا» بولايتنا. هارون بن الجهم الكوفي ثقة من أصحاب الصادق علیه السّلام وله كتاب رواه عنه البرقي. تفسير الفرات: 342، البحار: 55 / 35 الحدیث 56 و 24 / 90 الحدیث 8، البرهان: 91/4 الحديث 6.

أقول: قال الفرطوسي في ملحمة أهل البيت، ج 1، ص 228:

حملوا عرش ربّهم بخضوع وهم خير صفوة الأُمناء واستمرّوا یستغفرون سنيناً لعليّ، وخاتم الأصفياء حيث ما كان مؤمناً غير طه وعليّ في ساعة الابتداء فهما آمنا بربّ البرايا عن يقينٍ به بلاشرکاء وأقاما له العبادةَ صدقاً بين قوم بربّهم جهلاء يعيدون الأصنام کفراً وبغياً وضلالاً من دون رب السماء

ص: 220

83- حضورهم عند الموالين المحتضرين

«نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)» سورة فصلّت في تفسير علي بن إبراهيم: ثمّ ذكر المؤمنين من شيعة أمير المؤمنین علیه السّلام فقال: «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا» قال على ولاية أمير المؤمنين علیه السّلام: «تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ» قال: عند الموت: «أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ٭ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» قال: كنّا نحرسكم من الشياطين «وَفِي الْآخِرَةِ» أي عند الموت «وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ» يعني في الجنّة «نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ»(1).

حدّثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله علیه السّلام قال: ما يموت موال لنا مبغض لأعدائنا إلّا ويحضره رسول الله، وأمير المؤمنين والحسن والحسين علیهم السّلام فيسرّوه ويبشّروه، وإن كان غير موال لنا يراهم بحيث يسوؤه، والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين عليه السّلام لحارث الهمداني:

ص: 221


1- تفسير القمي: 2/ 265.

باحار همدان من يمت يرني من مؤمن أو منافق قبلاً (1) وفي تفسير الإمام العسكري علیه السّلام: قال الإمام علیه السّلام: قال رسول الله: لا يزال المؤمن خائفاً من سوء العاقبة، لا يتيقّن الوصول إلى رضوان الله حتّى يكون وقت نزع روحه و ظهور ملك الموت له، وذلك أنّ ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدّة علّته وعظيم ضيق صدره بما يخلفه من أمواله وعياله وما هو عليه من اضطراب أحواله في معامليه وعياله، وقد بقيت في نفسه حسراتها، واقتطع دون أمانيه فلم ينلها، فيقول له ملك الموت: ما لك تتجرّع غصصك؟ فيقول: لاضطراب أحوالي واقتطاعي دون آمالي، فيقول له ملك الموت: وهل يجزع عاقل من فقد درهم زائف وقد اعتاض عنه بألف ألف ضعف الدنيا؟ فيقول: لا، فيقول له ملك الموت: فانظر فوقك فينظر فيري درجات الجنان وقصورها التي تقصر دونها الأماني، فيقول له ملك الموت: هذه منازلك ونعمك وأموالك وعيالك ومن كان من ذريتك صالحاً فهم هناك معك فترضی به بدلاً ممّا هاهنا، فيقول: بلی، ثمّ يقول له ملك الموت: انظر، فينظر فیری محمّداً وعليّاً عليهمالسّلام والطيّبين من آلهما في أعلى علّيين، فيقول له: أو تراهم هؤلاء ساداتك وأئمّتك هم جلساؤك وأُمناؤك أفما ترضى بهم بدلاً ممّا تفارق هاهنا؟ فيقول: بلی وربّي، فذلك ما قال الله تعالى:«إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا» ممّا أمامكم من الأهوال فقد كفيتموه «وَلَا تَحزَنُوا» على ما تخلّفونه من الذراري والعيال والأموال فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلاً منهم «وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ» هذه منازلكم و هؤلاء جلساؤکم

ص: 222


1- تفسير القمي: 2/ 265.

وأُمناؤكم ««نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ٭ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ»(1)(2).

أقول: ولنعم ما قال السيّد الحميري:

قول عليًّ لحارثٍ عجبٌ کم ثَمّ أُعجوبةً له حملا يا حار همدان مَن يمت یَرَني مِن مؤمن أو منافق قبلا يعرفني طرفُه وأعرفه بنعته واسمه وما عمِلا وأنت عند الصراط تعرفني فلا تَخَف عثرةً ولا زللا أسقيك من بارد على ظمأ تخاله في الحلاوة العَسلا أقول للنار حين تُوقَف للعرض دعيه لا تقبلي الرجلا دَعيه لاتقربيه إنّ له حَبلاً بحبل الوصي متصلا ولنعم ما قيل بالفارسية:

ای که گفتی فمن يمت يرني جان فدای کلام دلجویت کاش روزی هزار مرتبه مَن مردمی تا بدیدمی رویت

ص: 223


1- تفسير الإمام العسكري: 239 الحديث 117.
2- کنز الدقائق:9/ 201.

84- الحسن علیه السّلام من المؤمنين الحقيقيين

«ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11)» سورة محمد روى الحافظ الحسكاني الحنفي قال: أخبرنا عقيل بن الحسين - بإسناده المذكور - عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (في قول الله تعالی):

«ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا» يعني: وليّ علي وحمزة وجعفر وفاطمة والحسن والحسين، وولي محمد ينصرهم بالغلبة على عدوّهم.

«وَأَنَّ الْكَافِرِينَ» يعني: أبا سفيان بن حرب وأصحابه.

«لَا مَوْلَى لَهُمْ» يقول (الله): لا ولي لهم يمنعهم من العذاب(1).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج1، ص230:

هو مولىً للمؤمنين بحقًّ وهم خیرُ صفوة الأزكياء أحمد المصطفى وسبطاه يتلی بعليّ والبضعة الحوراء والشهيد الطيّار جعفر يقفو إثرهم بعد سیّد الشهداء هومولاهم وخير مُعين لهمُ ناصر على الأعداء دون مولىً للكافرين يقيهم من وقوع العذاب يوم البلاء وهم الظالمون صخر بن حرب والموالي له من الجهلاء

ص: 224


1- شواهد التنزيل: 2/ 174 وفي ط. الحديث: 2/ 244 الحديث 880.

85- الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة

«إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)» سورة الفتح العلّامة المجلسي في بحار الأنوار: باسناده عن موسی بن جعفر، عن أبيه علیهمالسّلام قال: لمّا هاجر النبي إلى المدينة وحضر خروجه إلى بدر دعا الناس إلى البيعة فبايع كلّهم على السمع والطاعة، وكان رسول الله: إذا خلا دعا علياً علیه السّلام فأخبره بمن يفي منهم ومن لا يفي ويسأله كتمان ذلك، ثمّ دعا رسول الله الله علياً وحمزة وفاطمة علیهم السّلام فقال لهم: بايعوني بيعة الرضا.

فقال حمزة: بأبي أنت وأُمّي على ما نبایع، أليس قد بايعنا؟ فقال: يا أسد الله وأسد رسوله تبايع لله ولرسوله بالوفاء والاستقامة لابن أخيك، إذن تستكمل الإيمان.

قال: نعم سمعاً وطاعة، وبسط يده.

فقال لهم: «يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ»(1) عليّ أمير المؤمنين، وحمزة سيّد

ص: 225


1- سورة الفتح: 10.

الشهداء، و جعفر الطيّار في الجنّة، وفاطمة سيّدة نساء العالمين، والسبطان الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة. هذا شرط من الله على جميع المسلمين من الجنَّ والإنس أجمعين. «فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا» ثمّ قرأ: «إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ»(1).

قال: ولمّا كانت الليلة التي أُصيب حمزة في يومها، دعاه رسول الله فقال: يا حمزة يا عمّ رسول الله يوشك أن تغيب غيبة بعيدة فما تقول لو وردت على الله تبارك و تعالی و سألك عن شرائع الإسلام وشروط الإيمان؟ فبکی حمزة فقال: بأبي أنت وأُمّي أرشدني وفهمني؟ فقال: يا حمزة تشهد أن لا إله إلّا الله مخلصاً وأنّي رسول الله بعثني بالحقّ.

قال حمزة: شهدت.

قال: وأنّ الجنّة حقّ، وأنّ النار حقّ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الصراط حقّ، والميزان حقّ، ومن يعمل مثقال درّة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرّة شرّاً يره(2)، وفريق في الجنّة وفريق في السعير(3) وأنّ علياً أمير المؤمنین.

قال حمزة: شهدت وأقررت و آمنت وصدّقت.

وقال: الأئمة من ذرّيته الحسن والحسين، والإمامة في ذرّيته.

قال حمزة: آمنت وصدّقت.

وقال له: وفاطمة سيّدة نساء العالمين.

قال: نعم صدّقت.

ص: 226


1- سورة الفتح: 10.
2- اقتباس من قوله تعالى في سورة الزلزلة: 7 - 8.
3- اقتباس من قوله تعالى في سورة الشوری: 7.

قال: وحمزة سيّد الشهداء وأسد الله وأسد رسوله وعمُّ نبیّه.

فبکی حمزة حتّى سقط على وجهه، وجعل يقبّل عيني رسول الله.

وقال: جعفر ابن أخيك طيّار في الجنّة مع الملائكة، وأنّ محمّداً وآله خير البريّة، تؤمن یا حمزة بسرّهم وعلانيتهم، وظاهرهم وباطنهم، وتحيي على ذلك و تموت، وتوالي من والاهم، وتعادي من عاداهم.

قال: نعم يا رسول الله، أشهد الله وأشهدك، وكفى بالله شهيداً؟ فقال رسول الله: سدَّدك الله ووفّقك(1).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص184:

إنّ مَن بايعوك قد بايعو الله وفازوا في حظّهم بالوفاء فوق أيديهمُ يد الله تعلو ولهم أجرهم بخیر عطاء أوّل السابقين فيها عليّ فهي أولى بسيّد الأوصياء وأُثيبوا عنها بخيبر فتحاً بعليّ فكان خير جزاء لاح فيها عنهم حديث شريف ساطع بالدلالة الغرّاء

ص: 227


1- بحار الأنوار: 68 / 395.

86- قُربی رسول الله الذين تجب مودتهم

«ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)» سورة الشورى بطرق مختلفة، عن الحسين الأشقر، عن قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن سعید بن جبير، عن ابن عباس قال: لمّا نزلت الآية: قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» قالوا: [قلت]: يا رسول الله! من قرابتك الذين وجبت [افترض الله] علينا مودّتهم؟ قال: علي وفاطمة وولدهما [ثلاث مرّات يقولها](1).

ومن ذلك ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده بإسناده إلى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لمّا نزل قوله تعالی: قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا

ص: 228


1- شواهد التنزيل: 2/ 194، البرهان:4/ 125 الحدیث 23، وما بين المعقوفتين في البحار: 23 / 241 الحدیث 12.

المَوَدَّةَ فِي القُربَي» قالوا: یا رسول الله! من قرابتك الذين وجبت مودّتهم؟ قال: علي وفاطمة وأبناهما. رواه الثعلبي في تفسيره، في تفسير هذه الآية بهذه الألفاظ والمعانی وروى أيضاً في تفسير هذه الآية قال: نظر رسول الله إلى عليًّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام وقال: أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم(1).

الطيالسي، عن إسماعيل بن الخالق قال: قال أبو عبد الله علیه السّلام للأحول: أتيت البصرة؟ قال: نعم. قال: كيف رأيت مسارعة الناس في هذا الأمر ودخولهم فيه؟ فقال: والله إنّهم لقليل ولقد فعلوا ذلك وإنّ ذلك لقليل. فقال: عليك بالأحداث فإنّهم أسرع إلى كلّ خير. قال: ما يقول أهل البصرة في هذه الآية:

«قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا المَوَدَّةَ فِي القُربَي»؟ قال: جعلت فداك إنّهم يقولون: إنّها لقرابة رسول الله ولأهل بیته - قال: [كذبوا] إنّما نزلت فينا أهل البيت، في الحسن والحسين وعليًّ وفاطمة وأصحاب الكساء(2).

الهيثم بن الهندي، عن العباس بن عامر القصير، عن حجّاج الخشاب قال: سمعت أبا عبد الله علیه السّلام يقول لأبي جعفر الأحول: ما يقول من عندكم في قول الله تبارك و تعالی: «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا المَوَدَّةَ فِي القُربَي» قال: كان الحسن البصري يقول: في أقربائي من العرب. فقال أبو عبد الله عليه السّلام: لكنّي أقول: لقريش الذين عندنا هاهنا خاصّة فيقولون: هي لنا ولكم عامّة فأقول: خبّروني عن النبي، إذا نزلت به شديدة من خصّ بها؟ أليس إيّانا خصّ بها؟ حين أراد أن يلاعن أهل نجران أخذ بيد عليّ وفاطمة والحسن والحسين علیهم السّلام

ص: 229


1- الطرائف:111، البحار: 37 / 65.
2- الكافي:8/ 81، الحديث 66، البحار: 23 / 236 الحديث 2، البرهان: 4/ 121 الحديث 2، الصافي: 4/ 373 ، نور الثقلين:4/ 571، الحدیث 65.

ويوم بدر قال لعلي علیه السّلام وحمزة وعبيدة بن الحارث، قال: فأبوا يقرّون لي، أفلکم الحلوّ ولنا المرّ(1)؟! عن أبي أمامة الباهلي، حدّثني أبوبكر، أحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي قدم حاجّاً إنّ أبا الحسن ثمل بن عبدالله الطرسوسي حدّثهم ببخارا أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن الحسن بجندي سابور، حدّثنا الحسين بن إدريس التستري، حدّثنا أبو عثمان الجحدري، طالوت بن عبّاد، عن فضال بن جبير، عن أبي أُمامة الباهلي، قال: قال رسول الله: إنّ الله خلق الأنبياء من أشجار شتّی وخلقت أنا وعليّ من شجرة واحدة فأنا أصلها وعليّ فرعها والحسن والحسين ثمارها وأشياعنا أوراقها فمن تعلّق بغصن من أصغانها نجا ومن زاغ هوی ولو أنّ عبداً عَبَدالله بين الصفا والمروة ألف عام ثمّ ألف عام ثمّ ألف عام حتّى يصير كالشنّ البالي ثمّ لم يدرك محبّتنا أكبّه الله على منخريه في النار ثمّ تلا: «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا المَوَدَّةَ فِي القُربَي»(2).

الحفّار، عن عليّ بن أحمد الحلواني، عن محمّد بن القاسم المقرّي، عن الفضل بن حباب، عن مسلم بن إبراهيم، عن أبان، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، قال: كنّا جلوساً مع النبي، إذ هبط عليه الأمين جبرئيل ومعه جام من البلور الإلأحمر، مملوءاً مسكاً وعنبراً وكان إلى جنب رسول الله علي بن أبي طالب وولداه الحسن والحسين عليهم التحيّة والإكرام فقال له: السلام عليك، الله يقرأ عليك السلام ويحيّيك بهذه التحيّة ويأمرك أن تحيّي عليّاً وولديه قال ابن عباس: فلمّا صارت في كفّ رسول الله هلّلت ثلاثاً وكبّرت ثلاثاً ثمّ قالت بلسان ذربٍ طلق يعني الجام: «بِسمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ٭ طه ٭ مَا أَنزَلنَا

ص: 230


1- البحار: 23 /240 الحديث 8، نور الثقلين: 4/ 571 الحدیث 63.
2- الشواهد التنزيل: 2/ 203 الحديث 837.

«عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى» فاشتمّها النبي و حیّی بها عليّاً فلمّا صارت في كفّ علي قالت: بسم الله الرحمن الرحيم «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ» فاشتمّها علي علیه السّلام وحیّی بها الحسن فلمّا صارت في كفّ الحسن قالت: بسم الله الرحمن الرحيم «عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ* الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ» فاشتمّها الحسن وحیّی بها الحسين فلمّا صارت في كفّ الحسين علیه السّلام قالت: بسم الله الرحمن الرحيم «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ» ثمّ ردّت إلى النبي فقالت: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» قال ابن عباس: فلا أدري أسماءً صعدت أم في الَأرض توارت بقدرة الله تعالى عزّ وجل(1).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 292:

قال إني لا أسئل الناس أجراً قطّ إلّا مودّة الاقرباء هم عليّ وفاطم ولداها أهل بيتي سلالة الأصفياء أنا عنهم لسائلٌ ومجازٍ حين يأتون عند يوم اللقاء

ص: 231


1- البحار: 34 / 100 الحدیث 2، المناقب: 3/ 392، البحار: 43/ 290 الحديث 52، نور الثقلين: 4/ 574 مع نقيصة.

87- الذين آمنوا وعملوا الصالحات

«أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)» سورة الجاثية روى الحافظ عبيد الله الحسكاني الحنفي قال: (أخبرنا) سعيد بن أبي سعيد البلخي -بإسناده المذكور - عن الضحاك، عن ابن عباس، في قوله تعالی:

«أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ» یعنی: بني أُمية.

«أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» النبی و علیّ و حمزة و جعفر و الحسن و الحسین و فاطمة علیهم السّلام(1).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 165:

افهم يحسبون من قد أساءوا باجتراح الذنوب كالصلحاء وسواءً محياهمُ ومماتا ساء ما يحكمون من سفهاء بالفريقين أُنزلت يوم بدر من رجال الضلال والإهتداء وأبانوا عن ابن عباس قولاً غير ما مرّ ذكره في ابتداء في بني هاشم الميامين جائت وبني حرب زمرة الطلقاء قد أبان المعنى حديثان عنهم فأزالا بالصدق كل افتراء

ص: 232


1- شواهد التنزيل: 2/ 170، وفي ط. الحديث: 2/ 239 الحديث 875.

88- بشرى الرسول للبتول علیهمالسّلام

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)» سورة الحجرات روى المحدث البحراني بإسناده عن سلمان الفارسي قال:

دخلت على رسول الله في مرضه الذي قبض فيه، فجلست بين يديه وسألته عما يجد وقمت لأخرج، فقال لي: اجلس یا سلمان فيستشهدك الله عزّ وجل أمراً إنّه لمن خير الأُمور.

فجلست فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه رجال من أهل بيته، ورجال من أصحابه، ودخلت فاطمة ابنته فيمن دخل، فلما رأت ما برسول الله من الضعف خنقتها العبرة، حتّى فاض دمعها على خدها، فأبصر ذلك رسول الله فقال: ما يبكيك يا بنية أقرّ الله عينك ولا أبكاك؟ قالت: وكيف لا أبكي وأنا أرى ما بك من الضعف.

قال لها: يا فاطمة توكّلي على الله، واصبري كما صبر آبائك من الأنبياء، وأُمهاتك من أزواجهم، ألا أُبشرك يا فاطمة؟ قالت: بلی یا نبي الله، أو قالت: يا أبه.

ص: 233

قال: أما علمت أن الله تعالی اختار أباك فجعله نبياً، وبعثه إلى كافة الخلق رسولاً، ثمّ اختار عليّاً فأمرني فزوجتك إيّاه، واتخذته بأمر ربي وزيراً ووصياً، یا فاطمة إنّ علياً أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقّاً، وأقدمهم سلماً وأعظمهم علماً، وأحلمهم حلماً، وأثبتهم في الميزان قدراً.

فاستبشرت فاطمة عليهالسّلام فأقبل عليها رسول الله، فقال: هل سررتك یا فاطمة؟ قالت: نعم يا أبه.

قال: أفلا أزيدك في بعلك وابن عمك من مزيد الخير وفواضله؟ قالت: بلى يا نبيّ الله.

قال: إنّ علياً علیه السّلام أول من آمن بالله عزّ وجل ورسوله من هذه الأُمة، وهو وخديجة أُمك أول من وازراني على ما جئته به، يا فاطمة إنّ عليّاً أخي وصفيي وأبو ولدي، إنّ عليّاً أعطى خصالاً من الخير لا يعطها أحد قبلي ولا يعقطها أحد بعده، فأحسني عزاك واعلمي أن أباك لاحق بالله عزّ وجل.

قالت: يا أبة قد سررتني وأحزنتني.

قال: كذلك، یا بنية أُمور الدنيا يشوب سرورها حزنها، وصفوها کدرها، أفلا أزيدك يا بنية؟ قالت: بلی یا رسول الله.

قال: إنّ الله تعالى خلق الخلق فجعلهم قسمين، فجعلني وعلياً في خيرها قسماً، وذلك قوله عزّ وجل «وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ»(1).

ثمّ جعل القسمين قبائل فجعلنا في خيرها قبيلة، وذلك قوله عزّ وجل:

«وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ».

ص: 234


1- الواقعة: 27.

ثمّ جعل القبائل بيوتاً وجعلنا في خيرها بيتاً في قوله سبحانه: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا»(1).

ثمّ إن الله تعالی اختارني من أهل بيتي، واختار علياً والحسن والحسين واختارك، فأنا سيّد ولد آدم، وعليّ سيد العرب، وأنت سيّدة النساء، والحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، ومن ذريتك المهدي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت من قبله جوراً(2).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 168:

أيها الناس عند ربّ البرايا أكرم الناس صفوة الاتقياء قد خلقناکم قبائل شتّی وشعوباً في ساعة الانتماء قال طه قد قسّم الخلق ربّي واجتباني منهم خير اجتباء حيث في السابقين دون سواهم وبأهل اليمين كان اصطفاني أنا من أكرم القبائل قوماً ونجاراً من أكرم الآباء وأجلّ البيوت بيتي قدراً حيث فيه وافی أجلُّ الثناء أهل بيت قد أُهب الرجسُ عنهم بعد تطهيرهم إله السماء شعّ كالفرقد المضيء حديث عنهم ساطع بهذا الضياء

ص: 235


1- الأحزاب: 33.
2- تفسير البرهان:4/ 311 رقم6.

89- الكافر هو منكر النبوة، والعنيد معاند الولاية

«أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24)» سورة ق العلّامة المجلسي في بحار الأنوار: روی بحذف الأسانيد عن عبد الله بن مسعود أنّه قال: دخلت على رسول الله فسلّمت، وقلت: يا رسول الله أرني الحق أنظر إليه عياناً.

فقال: يابن مسعود لج المخدع، فانظر ماذا ترى؟ قال: فدخلت فإذا عليّ بن أبي طالب علیه السّلام راكعاً وساجداً وهو يخشع في رکوع وسجوده وهو يقول: «اللهمّ بحقّ محمّد نبيّك إلّا ما غفرت للمذنبين من شيعتي».

فخرجت لأخبر رسول الله یا بذلك، فوجدته راكعاً وساجداً وهو يخشع في ركوعه و سجوده ويقول: «اللهم بحقّ علي وليك إلّا ما غفرت للمذنبين من أُمتي».

فأخذني الهلع.

فأوجزاه في صلاته وقال: يابن مسعود أكفر بعد إيمان؟ فقلت: لا وعيشك يا رسول الله، غير أنّي نظرت إلى علي وهو يسأل الله تعالی بجاهك، ونظرت إليك وأنت تسأل الله تعالی بجاهه، فلا أعلم أيّكما أوجه عند الله تعالى من الآخرة؟

ص: 236

فقال: يابن مسعود إنّ الله خلقني وخلق عليّاً والحسن والحسين علیهم السّلام من نور قدسه، فلما أراد أن ينشئ الصنعة فتق نوري وخلق منه السماوات والأرض، وأنا والله أجلّ من السماوات والأرض.

وفتق نور علي وخلق منه العرش والكرسي، وعليّ والله أجلّ من العرش والكرسي.

وفتق نور الحسن و خلق منه الحور العين و الملائكة، والحسن والله أجلّ من الحور العين والملائكة.

وفتق نور الحسين وخلق منه اللوح والقلم، والحسين والله أجلّ من اللوح والقلم.

فعند ذلك أظلمت المشارق والمغرب، فضجّت الملائكة ونادت:

إلهنا وسيّدنا بحقّ الأشباح التي خلقتها إلّا ما فرّجت عنّا هذه الظلمة، فعند ذلك تكلّم الله بكلمة أُخرى، فخلق منها روحاً، فاحتمل النور الروح، فخلق منه الزهراء فاطمة فأقامها أمام العرش، فأزهرت المشارق والمغارب، فلأجل ذلك سمّیت الزهراء.

یابن مسعود إذا كان يوم القيامة يقول الله عزّ وجل لي ولعلي: أدخلا الجنّة من أحبكما وألقيا في النار من أبغضكما.

والدليل على ذلك قوله تعالى: «أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ».

فقلت: يا رسول الله من الكفار العنيد؟ قال: الكفار من كفر بنبوتي، والعنيد من عاند علي بن أبي طالب(1).

ص: 237


1- بحار الأنوار: 36 / 74 الحديث 24، وأخرجه في البرهان: 4/ 226 الحديث 14 عن السيّد الرضي في المناقب الفاخرة، وفي البحار:40 / 43 الحدیث 81 عن الفضائل لابن شاذان: 128، و تأويل الآيات: 2/ 610، ورواه في كنز الدقائق: 9/ 647 - 648.

وفرات الكوفي في تفسيره، قال: حدّثني الحسين بن سعید معنعناً، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه قال:

قال النبي: إنّ الله تبارك وتعالى إذا جمع الناس يوم القيامة وعدني المقام المحمود وهو وافق لي به، إذا كان يوم القيامة نصب منبر له ألف درجة لا كمراقیكم، فأصعد حتى أعلو فوقه فيأتيني جبرائيل بلواء الحمد فيضعه في يدي ويقول: يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله.

فأقول لعلي علیه السّلام: اصعد، فيكون أسفل مني بدرجة، فأضع لوائي الحمد في یدک.

ثمّ يأتي رضوان بمفاتیح الجنة فيقول: يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله فيضعها في يدي، فأضعها في حجر علي علیه السّلام.

ثمّ يأتي مالك خازن النار فيقول: يا محمد هذا المقام المحمود الذي وعدك الله هذه مفاتيح النار ادخل عدوك وعدو ذريتك وعذو أُمتك النار، فأخذها ووضعها في حجر علي، فالنار والجنة يومئذ أسمع لي ولعلي علیه السّلام من العروس لزوجها، فهو قول الله تبارك وتعالى: «أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ» ألق یا محمد و يا علي عدوكما في النار.

ثمّ أقوم فأثني على الله ثناء لم يثن عليه أحد قبلي، ثمّ أثني على الملائكة المقرّبين، ثمّ أثني على الأنبياء المرسلين، ثمّ أثني على الأُمم الصالحين، ثمّ أجلس.

فيثني الله علي علیه السّلام ويثني على ملائكته ويثني على أنبيائه ورسله ويثني على الأُمم الصالحة.

ثمّ ينادي مناد من بطنان العرش يا معشر الخلائق غضّوا أبصاركم حتّی تمر بنت حبيب الله إلى قصرها، فتمر فاطمة عليهالسّلام بنتي عليها ریطان خضروان حولها

ص: 238

سبعون حوراء، فإذا بلغت إلى باب قصرها وجدت الحسن عليه السّلام قائماً، والحسين نائماً مقطوع الرأس، فتقول للحسن علیه السّلام: من هذا؟ فيقول: هذا أخي إن أُمة أبيك قتلوه وقطّعوا رأسه ... إلى آخر الحديث(1).

أقول: قال شاعر أهل البيت الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 269:

ألقيا في جهنّم کلّ باغ مستريب طاغٍ من الكبرياء قال للمصطفى ابن مسعود يوماً حين وافى لخاتم الأنبياء أرني الحقّ قال هذا عليّ لج عليه تظفر به بجلاء فرأه بعد الصلاة بطه يستدرّ الغفران للأولياء ورأى المصطفى لهم بعليّ يسئل الله عفوه في الدعاء فعَرت فيه دهشة قد رآها أفقدته رويّة العقلاء قال مهلاً ولا تطش بك جهلاً يابن مسعود حيرة الجهلاء قبل ألفي عام من الخلق إنّا قد خلقنا من نوره المستضاء أنا والمرتضى علي وسبطاي وذات الزكية الحوراء شقّ نوري فتقاً فأوجد منه خلقه الأرض وفطرة والسماء وتجلّى الكرسي والعرش فتقاً من سنا نور حيدر الوضّاء وشعاع الزكيّ قد شقّ منه قلم الحق مثل لوح القضاء وجميع الجنان والحور شقّت من سنا نور سید الشهداء وجميع الأملاك ضجّت إليه وهي تغشى في ظلمة سوداء یسئلون الباري بنا فأجيبوا بعد نجویً لربّهم وثماء شقّ روحاً منه تقابل روحاً وكساها من نوره برداء

ص: 239


1- تفسیر فرات الكوفي: 167 وفي طبع الحديث: 437 الحديث 578.

عند خلق الزهراء فأشرقت الأرض وأُفق السماء بالزهراء نحن أسمى قدراً وأرفع ذكراً ومقاماً من هذه الأشياء وإذا قامت القيامة حَشراً وغدا الناس في صعيد سواء فيجيء النداءُ منه إلينا فنلبّي لله خير نداء أدخلا النار كل رجس خبیث متعدّ بالطيش والخيلاء کافر في نبوّة الحقّ منّي وعنيد مكذّب بالولا

ص: 240

90- أهل البيت علیهم السّلام هم المستغفرون بالأسحار

«كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ(17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)» سورة الذاريات روى الحافظ الحسكاني الحنفي، قال: (حدّثنا) أبوبكر بن مؤمن - بإسناده المذكور- عن سعيد بن جبير عن عبدالله بن عباس، في قوله تعالى: «كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ».

قال: نزلت في علي بن أبي طالب، والحسن والحسين وفاطمة علیهم السّلام(1).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 231:

وقليلاً ما يهجعون بليل فيه يستغفرون دون انقضاء عند وقت الأسحار لله نسكاً بین خوف من ربهم ورجاء وبأموالهم لِمن جاء حقّ لهم سائلاً من الفقراء

ص: 241


1- شواهد التنزيل: 2/ 195 و في ط. الحديث: 2/ 268 الحديث 901.

91- أحسن اتّباع

«وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21)» سورة الطور محمد بن العباس، عن عبد العزيز بن يحيى، عن إبراهيم بن محمّد، عن عليّ بن نصير، عن الحكم بن ظهير، عن السدّي، عن أبي مالك، عن ابن عبّاس في قوله تعالى: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» قال: نزلت في النبيّ وعليّ وفاطمة ولحسن والحسین علیهم السّلام(1).

قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ» ولا اتّباع أحسن من اتّباع الحسن والحسين وقال تعالى: «أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» فقد ألحق الله بهما ذرّيتهما برسول الله وشهد بذلك كتابه فوجب لهم الطاعة لحقّ الإمامة مثل ما وجب للنبيّ لحقّ النبوّة(2).

ص: 242


1- تأويل الآيات: 2/ 618 الحديث 6، البحار:25/ 241 الحديث 22، البرهان: 4/ 241 الحديث 5.
2- المناقب: 3/ 367، البحار:43/ 277 الحديث 48.

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 232:

إنّ من آمنوا لهُم دون نقص أجرُ اعمالِهم بخير جزاءٍ وتقرّ العيون منهم سروراً بعد الحاق سائر الأبناء عند ایمانهم بربّ البرايا تبعاً منهمُ إلى الآباء في علي وابنیه والبضعة الز هراء جاءت وخاتم الأنبياء

ص: 243

92- رب المشرقين ورب المغربين

«رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18)» سورة الرحمن في رواية سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله علیه السّلام عن قول الله: «رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ» قال: المشرقین رسول الله، وأمير المؤمنين والمغربين والحسن والحسين صلوات الله عليهما وأمثالهما تجري: «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ» قال: محمّد وعلي علیهمالسّلام(1).

أشرق كالشمس بغير حاجب من مشرق الوجوب نور الواجب أو من سماء عالم الأسماء نور المحمدية البيضاء وصِنوه في الغيب والشهود والقطب في دائرة الوجود المشرقان حسب التأويل المصطفى والمرتضى العلي والمغربان حابطتا الذنوب عندهما مفاتح الغيوب مذ أشرق الكون بنور المجتبی النيّر الأعظم نوره خبا ولا ترى لملتقى القوسين أثبت نقطة حتى الحسين

ص: 244


1- تفسير القمی:2/ 344، البحار: 24/ 69 الحديث2.

93- اللؤلؤ والمرجان

«مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20)فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22)» سورة الرحمن أبي، عن سعيد، عن الأصبهاني، عن المنقريّ، عن يحيى بن سعيد القطان(1) قال: سمعت أبا عبدالله علیه السّلام يقول: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ٭ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ» قال: عليٌّ وفاطمة بحران من العلم عمیقان لا يبغي أحدهما على صاحبه «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ» و الحسن والحسين علیهمالسّلام(2).

محمّد بن العباس، عن محمّد بن أحمد، عن محفوظ بن بشر، عن ابن شمر، عن جابر، عن أبي عبدالله في قوله عزّ وجل: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ» قال: عليّ وفاطمة «بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ» قال: لا يبغي عليّ على فاطمة ولاتبغي فاطمة على علي «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ» الحسن والحسين علیهمالسّلام(3).

ص: 245


1- في البرهان: العطّار.
2- تفسير القمي: 2/ 344، تفسير الصافي: 5/ 109، البرهان:4/ 265 الحديث 2، البحار: 24 / 98 الحديث 5.
3- البحار: 24 / 97 الحديث 1، البرهان: 4/ 265 الحديث 3.

محمّد بن العباس، عن جعفر بن سهل، عن أحمد بن محمد، عن عبد الكريم، عن يحيى بن عبد الحميد، عن قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري في قوله عزّ وجل: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ» قال: عليّ وفاطمة قال: لا يبغي هذا على هذه ولا هذه على هذا «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ» قال: الحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين(1).

عليّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن الضحّاك، عن ابن عباس في قوله عزّ وجل: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ٭ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ» قال النبي «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ» الحسن والحسين علیهمالسّلام(2).

عليّ بن مخلد الدهّان، عن أحمد بن سليمان، عن إسحاق بن إبراهيم الأعمش، عن كثير بن هشام، عن كهمش بن الحسن، عن أبي السليل، عن أبي ذر في قوله عزّ وجل:

«مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ» قال: عليّ وفاطمة «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ» الحسن والحسين فمن رأى مثل هؤلاء الأربعة؟! عليّ وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم لا يحبّهم إلّا مؤمن ولا يبغضهم إلّا كافر فكونوا مؤمنين بحبّ أهل البيت ولا تكونواكفّار ببغض أهل البيت فتلقوا في النار(3).

ص: 246


1- تأويل الآيات: 2/ 636 الحدیث 12، البحار: 24 / 97 الحديث 2، البرهان:4/ 265 الحديث 4.
2- الفرات: 1/ 459 الحدیث 599، البحار: 24 / 97 الحدیث 3 و 37 / 96 الحديث 62، البرهان: 4/ 256 الحديث 5 و 5/ 266 الحديث 7، تأويل الآيات: 2/ 636 الحدیث13.
3- الفرات: 1/ 460 الحديث 602، تأويل الآيات: 2/ 636 الحديث 14، البحار: 24/ 98 الحديث 4و 37/ 64 الحدیث 35، البرهان: 4/ 265 الحديث 6، البحار: 37 /96 الحديث 63 عن أبي جعفر عليه السّلام مثله.

أبو معاوية الضرير عن الأعمش بن أبي صالح، عن ابن عباس: إنّ فاطمة بکت للجوع والعرى. فقال النبي: اقنعي يا فاطمة بزوجك فوالله إنّه سيّد في الدنيا وسیّد في الآخرة وأصلح بينهما فأنزل الله «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ» يقول: أنا الله أرسلت البحرین، عليّ بن أبي طالب علیه السّلام بحر العلم وفاطمة بحر النبوّة، يلتقيان، يتّصلان، أنا الله أوقعت الوصلة بينهما، ثمّ قال: «بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ» مانع رسول الله يمنع عليّ بن أبي طالب علیه السّلام أن يحزن لأجل الدنيا ويمنع فاطمة أن تخاصم بعلها لأجل الدنيا. «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ» یا معشر الجنّ والإنس تكذّبان بولاية أمير المؤمنین علیه السّلام أو حبّ فاطمة الزهراء علیها السّلام فاللؤلؤ، الحسن والمرجان الحسين، لأنّ اللؤلؤ الكبار والمرجان الصغار(1).

حدّثنا أبو القاسم العلوي [قال: حدّثنا فرات] معنعناً: عن ابن عباس [في قوله تعالى . ر]:«مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ» قال: على وفاطمة، «بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ» قال: رسول الله [أ، ب: النبي]، «يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ» قال: الحسن والحسين [علیهمالسّلام](2).

ص: 247


1- البحار: 24 / 99 الحديث 6، البرهان: 4/ 266 الحديث 10.
2- أخرجه محمد بن العباس عن علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد عن محمد بن الصلت عن أبي الجارود عن الضحاك عن ابن عباس. وأخرجه الشريف الرضي في المناقب الفاخرة بسنده إلى أبي سعيد الخدري قال: سئل ابن عباس عن قول الله... . وأخرجه الحافظ أبو نعيم في (ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين) قال: أخبرني أبو إسحاق بن حمزة قال: حدّثنا القاسم بن خلف قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن يزيد قال: حدّثنا حسين الأشقر قال: حدّثنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك عن ابن عباس مثله. كما حكاه عنه ابن بطريق في الخصائص وابن شهر آشوب في المناقب. وأخرجه ابن مردوديه عن أنس وابن عباس كما في الدر المنثور والبحار.وأورد المجلسي هذا الحديث عن هذا الكتاب في بحار الأنوار: 37 / 64 و 96. وأخرج نحوه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزیل.

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 179:

قد أتانا في قوله مرج البح- رين لا يبغيان في الإلتقاء إن طه الأمين برزخ صدق بین مجری علي والزهراء منهما تخرج اللئالي والمرجان يعني السبطين عند اللقاء قد تجلّت من الروايات سبع عنهم كالعرائس الغرّاء

ص: 248

94- السابقون المقربون

«وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11)» سورة الواقعة روى الشيخ المفيد، عن عليّ بن الحسین باسناده إلى داود الرقّي، قال: قلت لأبي عبد الله علیه السّلام: جعلت فداك، أخبرني عن قوله: «وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11)» فقال: نطق الله بهذا يوم ذرأ الخلق في الميثاق قبل أن يخلق الخلق بألفي عام فقلت: فسّر لي ذلك، فقال: إنّ الله عزّ وجل لمّا أراد أن يخلق الخلق خلقهم من طين ورفع لهم ناراً وقال ادخلوها فكان أوّل من دخلها محمد وأمير المؤمنين والحسن والحسين والتسعة الأمة علیهم السّلام إمام بعد إمام ثمّ أتبعهم شيعتهم فهم والله السابقون(1).

ومن مناقب الخوارزمي عن أنس قال: قال لي رسول الله: وقد رأيته في النوم ما حملك على أن لا تؤدّي ماسمعت منّي في عليّ بن أبي طالب علیه السّلام حتّى أدركتك العقوبة ولولا استغفار عليّ بن أبي طالب لک ما شممت رائحة الجنّة أبداً ولكن انشر في بقية عمرك أنّ أولياء عليًّ وذرّيته ومحبّيهم، السابقون الأوّلون إلى

ص: 249


1- تأويل الآيات: 2/ 642 الحديث، البحار: 35/ 333 الحديث 6 و 36 /401 الحديث 11.

الجنّة وهم جيران الله وأولياء الله، حمزة وجعفر والحسن والحسين وأمّا عليّ فهو الصدّيق الأكبر، لا يخشى يوم القيامة من أحبّه(1).

أقول: قال عبد المنعم الفرطوسي:

إنّ خير المقربين لدينا لهم السابقون يوم الجزاء قال طه فيها أنا وعلي أفضل الأوصياء والأنبياء وهم السابقون في كل جيل وزمان علی بني حوّاء ضرب المصطفى بكفّ عليّ حين وافاه باليد البيضاء قائلاً يا علي والناس تصغي للمناجاة أحسن الإصغاء أول السابقين أنت استباقاً أول المؤمنين والأولياء أنت منّي حقاً كما كان هارون الموسى من أفضل الوزراء

ص: 250


1- البحار: 71/ 39 الحدیث 83.

95- مقام الإمام الحسن يوم القيامة

«يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)» سورة الحديد أبو القاسم الحسني معنعناً، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: سألته عن قول الله: «يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ» قال رسول الله: هو نور إمام المؤمنين يسعى بين أيديهم يوم القيامة إذا أذن الله له أن يأتي منزله في جنّات عدن والمؤمنون يتبعونه وهو يسعی بين أيديهم حتّى يدخل جنّة عدن وهم يتبعونه حتّى يدخلون معه وأمّا قوله:

[وَبِأَيْمَانِهِمْ] فأنتم تأخذون بحجز آل محمّد ويأخذ اله بحجز الحسن والحسين [ويأخذان بحجز أمير المؤمنين] عليّ بن أبي طالب علیه السّلام ويأخذ هو بحجز رسول الله حتّى يدخلون معه في جنّة عدن فذلك قوله: «بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ»(1).

ص: 251


1- ما بين المعقوفتين ليست في البحار. (2) الفرات: 467، البحار: 7/ 205 الحديث 92 و 23/ 316 الحديث 25.

بشراكم اليوم بلا نهاية بنعمة من صاحب الولاية اهتزّت السبع العلي بنوره والمؤمنون كلّهم في طوره ويأخذون كلّهم بحجزته يدخل كلٌّ منه في جنته حجزته حجزة آل طه ذلك عزٌّ عزَّ أن يضاهي واسمه من شامخ علي عليّ اشتقّ من العلي حجزته حجز الزكي الممتحن فثمّ وجه الله وجهه الحسن غُرّته بارقة الفتوّة قرّة عين خاتم النبوّة وهل ترى لمتلقي القوسين أثبت نقطة من الحسین

ص: 252

96- الكفلين الحسن والحسين علیهمالسّلام

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)» سورة الحديد وفي الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سوید، عن القاسم بن سلیمان، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبدالله علیه السّلام في قول الله: «يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ» قال: الحسن والحسين عليهمالسّلام «وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا» قال: إمام تأتمّون به(1).

وعن الصادق علیه السّلام في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ...» الآية، قال: الكفلين الحسن والحسين، والنور علي علیه السّلام(2).

وفي تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العباس: [حدّثنا علي بن عبد الله] حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن إسماعيل بن بشّار، عن علي بن صقر

ص: 253


1- الكافي: 1/ 430 کتاب الحجة باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، الحدیث 86.
2- نور الثقلين:5/ 253 الحديث 112.

الحضرمي، عن جابر بن یزید الجعفي قال: سألت أبا جعفر علیه السّلام عن قول الله [عزّ وجل]: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ...» الآية، قال: الكفلين الحسن والحسين عليهمالسّلام: «وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ» قال: يجعل لكم إماماً تأتمّون به(1).

وقال أيضاً: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمد بن زکریا، عن أحمد بن عیسی بن زیاد، قال: حدّثني عمّي الحسين بن زيد قال: حدّثني شعیب بن واقد قال: سمعت الحسين بن زید يحدّث عن جعفر بن محمّد، عن أبيه [علیهم السّلام]، عن جابر بن عبدالله، عن النبي، في قوله: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قال: الحسن والحسين «وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ» قال: علي علیه السّلام(2) وقال أيضاً: حدّثنا علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد، عن [إبراهيم بن] میمون، عن ابن أبي شيبة، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر علیه السّلام في قوله [عزّ وجل]:«يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ» قال: الحسن والحسين «وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ» قال: إمام عدل «تأتمّون به» وهو علي علیه السّلام(3).

علي بن محمّد الزهري معنعناً عن جابر، عن أبي جعفر علیه السّلام في قوله تعالی:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ» يعني حسناً وحسيناً قال: ما ضرّ من أكرمه الله أن يكون من شيعتنا ما أصابه في الدنيا ولو لم يقدر على شيء يأكله إلّا الحشیش(4)

ص: 254


1- تأويل الآيات الظاهرة: 642.
2- تأويل الآيات الظاهرة: 643.
3- تأويل الآيات الظاهرة: 643.
4- الفرات: 1/ 468 الحديث 613، البحار: 23 /317 الحديث 27.

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 234:

آمنوا بالرسول من دون غيب واتّقوا الله أحسن الإتّقاء وابن عباس في حديث شريف قد رواه عن سيّد الأنبياء قال: إنّ النور المضييء عليّ وهو يهدى لمنهج الاهتداء وهو يؤتي كفلين للناس منه حسناً والحسين عند العطاء

ص: 255

97- حزب الله

«أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22)» سورة المجادلة عن جابر بن عبد الله الأنصاري (إلى أن قالوا) قال: جندل بن جنادة بن خيبر اليهودي بعد أن أسلم على يد النبي.

أخبرني يا رسول الله عن أوصيائك من بعدك لأتمسك بهم؟ قال: أوصيائي الإثنا عشر.

قال جندل: هكذا وجدناهم في التوراة، وقال: يا رسول الله سمّهم لي! فقال: أولهم سيّد الأوصياء أبو الأئمة علي، ثمّ إبناه الحسن والحسين فاستمسك بهم، ولا يغرنك جهل الجاهلين، فإذا ولد علي بن الحسین زین العابدين يقضي الله عليك، و يكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه.

فقال جندل: وجدنا في التوراة وفي كتب الأنبياء: إيليا و شبراً و شبيراً فهذه أسماء علي والحسن والحسين، فمن بعد الحسين وما أساميهم؟ قال: إذا انقضت مدّة الحسين فالإمام ابنه علي ويلقب بزین العابدین، فبعده ابنه محمد يلقب بالباقر، فبعده ابنه جعفر يدعى بالصادق فبعده ابنه موسی يدعى بالكاظم، فبعده ابنه علي يدعى بالرضا، فبعده ابنه محمد ويدعى بالتقي

ص: 256

والزكي، فبعده ابنه علي يدعى بالنقي والهادي، فبعده ابنه الحسن يدعی بالعسكري، فبعده ابنه محمد يدعي بالمهدي والقائم والحجة، فيغيب ثمّ يخرج، فإذا خرج يملأ الأرض قسطاً وعدلاًكما ملئت جوراً و ظلماً، طوبي للصابرين في غيبته، طوبي للمقيمين على محبتهم، أُولئك الذين وصفهم الله في كتابه وقال: «هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ٭ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ»(1).

ثمّ قال تعالى: «أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» فقال جندل: الحمد لله الذي وفقني بمعرفتهم(2).

قال الإمام الحسن علیه السّلام في خطبة له أيام خلافته: «نحن حزب الله المفلحون، وعترة رسول الله الأقربون»(3).

أقول: مقتبساً من أنوار المجدين:

بالِ محمّد عُرِفَ الصواب وفي أبياتهم نَزلَ الكتابُ عليًّ إيليا شَبر شُبيرُ وشيعتُهم بحبّهم تثاب ومن ولد الحسين شموس تسع تُضاء بنورهم كلّ القباب وحِزب الله هُم في كلّ صُحح بهم وبجدّهم لا يُستراب وأفلح مَن يُحبّهم يقيناً هُمُ الناجون في يوم الحساب

ص: 257


1- البقرة: 2-3.
2- علي في القرآن: 2/ 446 - 447، وينابيع المودة: 3/ 284.
3- المصدر السابق: 2/ 448، ومروج الذهب للمسعودي: 2/ 717.

98- ایثار أهل البيت علیهم السّلام

«وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)» سورة الحشر روى الحافظ الحاكم الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو عبدالله الشيرازي - بإسناده المذكور - عن أبي هريرة (قال):

إنّ رجلاً جاء إلى النبي، فشكا إليه الجوع فبعث إلى بيوت أزواجه فقلن ما عندنا إلّا الماء، فقال: من لهذه الليلة؟ فقال علي: أنا يا رسول الله.

فأتى فاطمة فأعلمها، فقالت: ما عندنا إلّا قوت الصبية ولكنّانؤثر به ضيفنا.

فقال علي: نوّمي الصبية، وأنا أطفيء للضيف السراج.

ففعلت، وعشى الضيف، فلما أصبح أنزل الله عليهم هذه الآية: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ» الآية(1).

ص: 258


1- شواهد التنزيل:2/ 246.

وروى هو أيضاً قال: أخبرنا عقيل - بإسناده المذكور - عن ابن عباس في قول الله: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ».

قال: نزلت في علي وفاطمة، والحسن، والحسين(1).

تفسير أبي يوسف: يعقوب بن سفيان وعلي بن حرب الطائي ومجاهد بأسانيدهم عن ابن عبّاس وأبي هريرة وروي جماعة، عن عاصم بن کلیب، عن أبيه واللفظ له عن أبي هريرة أنّه جاء رجل إلى رسول الله فشكا إليه الجوع فبعث رسول الله، إلى أزواجه فقلن: ما عندنا إلّا الماء. فقال: من لهذا الرجل الليلة؟ فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: أنا یا رسول الله! فأتى فاطمة وسألها ما عندك يا بنت رسول الله؟ فقالت: ما عندنا إلّا قوت الصبيّة لكنّا نؤثر ضيفنا به.

فقال علي علیه السّلام: یا بنت محمد نوّمي الصبيّة وأطفيء المصباح وجعلا يمضغان بألسنتهما فلمّا فرغ من الأكل أتت فاطمة بسراج فوجد الجفنة مملوءة من فضل الله فلمّا أصبح صلّى مع النبي، فلمّا سلّم النبيّ من صلاته نظر إلى أمير المؤمنين وبكي بكاءً شديداً وقال: يا أمير المؤمنین! لقد عجب الربّ من فعلكم البارحة اقرأ: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ». أي مجاعة «وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ» يعني عليّاً وفاطمة والحسن والحسين علیهم السّلام «فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»(2).

أقول : قال شاعر أهل البيت الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 235 :

ص: 259


1- شواهد التنزيل: 2/ 247.
2- تأويل الآيات: 2/ 678، شواهد التنزيل:2/ 331، المناقب: 2/ 74، البحار: 41/ 28 الحديث1، الباب 102.

أهلُ بیت رضىً لرب البرايا يطعمون الطعام للفقراء يؤثرون العافي ولو كان فيهم بعد جوع خصاصة بسخاء قال فيها أبو هريرة: وافي رجل نحو خاتم الأنبياء قال إني جائع فأغثني قال فاذهب إلى بيوت نسائي فمضى سائلاً لأزواج طه قلن فاذهب ما عندنا غير ماء قال مَن ذا له فقال عليّ إنّ هذا ضيفي بهذا العشاء وأتى فيه بيته فتلقت فاطم ضيفها بخير لقاء وأجابت بنتُ النبيّ علياً حين أوحي ما عندنا من غذاء إنّ قوت الأطفال نؤثر فيه ضيفنا في كرامة واحتفاء وأنامت اطفالها دون أكل وَعليّ اطفي سراج الضياء و تجلی نور الصباح فشعّت آية النور من کتاب السماء

ص: 260

99- خمس سجدات بلاركوع

«إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)» سورة الصف الشيخ يوسف بن حاتم الشامي تلميذ المحقّق في كتاب «الدرّ النظيم» بإسناده عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله قد سجد خمس سجدات بلا رکوع فقلت: يا رسول الله! سجود بلا ركوع؟ فقال: نعم أتاني جبرئيل فقال: يا محمّد! إنّ الله عزّ وجل يحبّ عليّاً فسجدتُّ ورفعت رأسي فقال لي: إنّ الله عزّ وجل يحبّ فاطمة فسجدتُّ ورفعت رأسي فقال لي: إنّ الله يحبّ الحسن فسجدتُّ ورفعت رأسي فقال لي: إنّ الله يحبّ الحسين فسجدتُّ ورفعت رأسي فقال لي: إنّ الله يحبّ من أحبّهم فسجدتُّ ورفعت رأسي(1).

ص: 261


1- المناقب:3/ 326، البحار: 83/ 219 الحدیث 36، المستدرك: 5/ 150 الحديث 5537.

100- الحسن لا يلهي عن العبادة

«وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)» سورة الجمعة روى العلّامة البحراني عن تفسير مجاهد وأبي يوسف يعقوب بن سفيان، قال ابن عباس في قوله تعالى: «وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا».

(قال): إن دحية الكلبي جاء يوم الجمعة من الشام بالميرة، فنزل عند أحجاز الزيت، ثمّ ضرب بالطبول لیوذن الناس بقدومه فنفر الناس إليه إلّا علياً، والحسن، والحسين، وفاطمة، وسلمان، وأباذر، والمقداد، وصهيب، وتركوا النبي قائماً يخطب على المنبر، فقال النبي:

«لقد نظر الله إلى مسجدي يوم الجمعة فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لأضرمت المدينة على أهلها ناراً، وحصبوا بالحجارة كقوم لوط»(1).

ص: 262


1- المناقب:2/ 146، البحار:86/ 195 الحدیث39، المستدرك: 6/ 25 الحدیث 6347، غاية المرام: 412.

101- نوره يسعى بين يديه

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)» سورة التحريم تفسير مقاتل: عن عطاء، عن ابن عبّاس «يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ» لا يعذّب الله محمداً «نُورُهُمْ يَسْعَى» یضيء على الصراط لعليّ وفاطمة مثل الدنيا سبعين مرّة فيسعى نورهم بين أيديهم ويسعى عن أيمانهم وهم يتبعونها فيمضي أهل بيت محمّد و آله زمرة على الصراط مثل البرق الخاطف ثمّ قوم مثل الريح ثمّ قوم مثل عدو الفرس ثمّ يمضي قوم مثل المشي ثمّ قوم مثل الحبو ثمّ قوم مثل الزحف (183) ويجعله الله على المؤمنين عريضاً وعلى المذنبین دقیقاً قال الله تعالى: «يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا» حتّى نجتاز به على الصراط قال: فيجوز

ص: 263

أمير المؤمنين في هودج من الزمرّد الأخضر ومعه فاطمة على نجیب (186) من الياقوت الأحمر حولها سبعون ألف حوراء کالبرق اللامع(1).

أقول: مقتبساً من شعر لابن العرندس المتوفی(840ه-):

هُمُ النور نور الله جلّ جلاله هم التينُ والزيتونُ والشفع والوتر ونورُهُم يَسعي يضيء امامهم وأيمانهم وفي أبياتهم نزل الذكر ولولاهُمُ لم يخلق الله آدماً ولا كان زيد في الأنام ولا عمرو على الصراط كبرق في جوازهم فطوبى لِمَن أمسى وهم له ذخر

ص: 264


1- المناقب: 2/ 155، البحار:8/ 67 الحدیث 8 و 39/ 201 الحدیث 23.

102- حَملة العرش ثمانية

«وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17)» سورة الحاقة محمد بن العباس، عن جعفر بن محمد الفزاري، عن أحمد بن الحسين، عن محمد بن حاتم، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر علیه السّلام يقول: قول الله تعالى:«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ» يعني محمّداً وعليّاً والحسن والحسين وإبراهيم وإسماعيل و موسی و عیسی صلوات الله عليهم أجمعين(1).

«وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ٭ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ» قال: حملة العرش ثمانية، لکلّ واحد ثمانیة أعین، کلّ عین طباق الدنیا. و في حدیث آخر: حملة العرش ثمانیة، أربعة من الأوّلين وأربعة من الآخرين فأمّا الأربعة من الأوّلين فنوح وإبراهيم وموسی و عیسی علیهم السّلام وأمّا الأربعة من الآخرين فمحمّد وعلي والحسن والحسين ومعني و «يَحمِلُونَ العَرشَ» يعني العلم(2).

ص: 265


1- تأويل الآیات:2/ 716 الحديث7، البحار:24/ 90 الحدیث8، البرهان: 4/ 91 الحدیث 6 و 377 الحديث 4.
2- تفسير القمی: 2/ 384، البحار: 58/ 27 الحدیث 43، البرهان:3/ 377 الحديث 7، نور الثقلين5/ 406 الحدیث 29.

أقول: مقتبساً من الأنوار القدسيّة:

حامل عرش الربّ في الخلائق أربعة أربع عند الخالق يحمل عرش الله ابراهيم وابنهُ بعدهما الكليم ثمّ ابن مریم بلا افتراء وهم ذوو عزًّ والاعتلاء خامسهم أحمد خاتم الرسل جلّ ثنائه فما شئت فقل فخُلّة الخليل من وفائه ومِسلم اسماعيل من صفائه مقتبس من نوره الكليم وفي فناء طوره مقیم نار المسيح في الصِبا بعهده كأنه كان رضيعَ مهدِه سادسُهم من شامخ عليّ عليٌّ اشتقّ من العليّ سابعهم من أُفقِ الحق بدا فاشرقت به معالم الهدی النير الأعظم نوره خبا مذ أشرق الكون بنور المجتبی سبط النبي سيّد الكونين فغاية الآمال في الحسين رافع راية الهدى بمهجته كاشف ظلمة العمي ببهجته

ص: 266

103- المتّقون المحسنون: هم أهل بيت محمد

«إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (44)» سورة المرسلات روى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا عقيل بن الحسين - بسنده المذكور- عن مجاهد، عن ابن عباس (في تنزيل هذه الآية الكريمة):

«إِنَّ الْمُتَّقِينَ» الذين اتقوا الشرك والذنوب والكبائر، علي والحسن والحسين.

«فِي ظِلَالٍ» يعني: ظلال الشجر والخيام من اللؤلؤ.

«وَعُيُونٍ» يعني: ماءً طاهراً يجري.

«وَفَوَاكِهَ» يعني: ألوان الفواكه.

«مِمَّا يَشْتَهُونَ» يقول: مما يتمنون.

«كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا» لاموت عليكم في الجنة ولا حساب.

«بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» يعني: تطيعون الله في الدنيا.

ص: 267

«إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» و أهل بيت محمد في الجنة(1).

تفسير أبي يوسف: يعقوب بن سفيان، عن مجاهد وابن عباس: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ» من اتّقى الذنوب، عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين في ضلال من الشجر والخيام من اللؤلؤ طول كلّ خيمة مسيرة فرسخ في فرسخ(2).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج1، ص240:

إنّ للمتقين خير ظلال وعيونٍ تجرى بأطهر ماءٍ قد رواها لنا ابن عباس صدقاً في عليّ و ابنیه دون افتراء فهم المتّقون من كل شرك وعمیً من أكابر الأسواء في ظلال من الحدائق خضر وخيام من لؤلؤ بيضاء وشهيّ من الفواكه يَحوي كلّ لون يطيب بعد اجتناء فكلوا واشربوا هنيئاً مريئاً في نعيم باقٍ بغير فناء هوللمحسنين خير جزاء آل طه وعترة الأزكياء

ص: 268


1- شواهد التنزيل:2/ 316.
2- البحار:40/ 320 الحديث4، باب98.

104- وجوه يومئذٍ مشرقة بالنور

«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39)» سورة عبس شواهد التنزيل: أخبرنا عقيل بن الحسين، أخبرنا علي بن الحسين، حدّثنا محمد بن عبيد الله، حدّثنا عمر بن محمد الجمحي بمكة قال: حدّثنا علي بن عبد العزيز البغوي، حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا حماد بن سلمة، عن ثابت:

عن أنس بن مالك قال: سألت رسول الله عن قوله: «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ» قال: يا أنس هي وجوهنا بني عبد المطلب أنا وعلي وحمزة وجعفر والحسن والحسين وفاطمة، نخرج من قبورنا ونور وجوهنا كالشمس الضاحية يوم القيامة، قال الله تعالى: «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ» يعني مشرقة بالنور في أرض القيامة «ضَاحِكَةٌ» فرحانة برضاء الله عنّا و «مُسْتَبْشِرَةٌ» بثواب الله الذي وعدنا(1).

أقول: قال شاعر أهل البيت الفرطوسي في الملحمة، ج1، ص242:

ووجوه يوم القيامة غرّ مسفرات من السنا والبهاء

ص: 269


1- شواهد التنزيل:2/ 423.

ضاحكات مستبشرات حُبوراً في ثواب الباري بيوم الجزاء قال طه وجوهنا تلك حقاً نحن في الحشر أكرم الأزكياء أنا والمرتضی وسبطاي صدقاً نقتفي بالزكيّة الحوراء ويلينا الطيّار جعفر يقفو حمزة وهو سيّد الشهداء

ص: 270

105- الحسن علیه السّلام في علّيين

«كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20) «يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (21) إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22)» سورة المطففين تأويل الآيات الظاهرة: روی محمد بن العباس، عن علي بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد، عن سعيد بن عثمان الخزار، قال: سمعت أبا سعيد المدائني يقول: «كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ٭ وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ٭ كِتَابٌ مَرْقُومٌ» بالخير مرقوم بحب محمد و آل محمد(1).

وفي تفسير القمي: «كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ» إلى قوله «عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ» وهم رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأمة(2).

وابن شهر آشوب في المناقب، قال: حدّثني محمد بن الحسن بن إبراهيم، معنعناً عن جعفر علیه السّلام قال نزلت خمس آيات «كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي

ص: 271


1- تأويل الآيات الظاهرة: 750.
2- تفسير القمی: 411.

عِلِّيِّينَ» «وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ» إلى قوله «يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ» وهي خمس آیات و هو رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين(1).

وفي المناقب أيضاً لابن شهر آشوب: الشيرازي في كتابه بالاسناد عن الهذيل، عن مقاتل، عن محمد بن الحنفية، عن الحسن بن علي بن أبي طالب قال: «كلّما في كتاب الله من قول «إِنَّ الْأَبْرَارَ» فوالله ما أراد به إلّا علي بن أبي طالب وفاطمة وأنا والحسين»(2).

أقول: قال مقتبساً من شعر للحافظ البرسي المتوفي في (القرن التاسع):

هو الشمس أم نور الضريح يلوح هو المسك أم طيب الوصيّ يفوح وبحر ندا أم روضة حوت الهدى وآدم أم سرّ المهيمن نوح و داود هذا أم سليمان بعده وهارون أم موسى العصا ومسيح وأحمد هذا المصطفى أم وصيّه عليّ نماه هاشم وذبيح محیط سماء المجد سبطا محمّد وزهراء هذي أم لأحمد روح أُولئك أبرار بدور دجيّة وجثمان أمر للخلائق روح

ص: 272


1- المناقب لابن شهر آشوب:4/ 6.
2- راجع تفسیر کنز الدقائق: 14/ 188.

106- الأبرار هم آل محمد كما أن الفجار أعداؤهم

«إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)» سورة المطففين تفسير أبي صالح: قال ابن عباس في قوله تعالى:«إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ» إلى قوله تعالى: «الْمُقَرَّبُونَ» نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر وفضلهم فيها باهر(1).

ابن شهر آشوب في المناقب: بالإسناد عن الهذيل، عن المقاتل، عن محمد بن الحنفية، عن الحسن علیه السّلام قال: كلّما في كتاب الله من قوله: «إِنَّ الْأَبْرَارَ» ما أراد به إلّا عليّاً وفاطمة وأنا و الحسين(2).

ص: 273


1- المناقب: 3/ 233، البحار: 39/ 224 الحدیث1.
2- المناقب لابن شهر آشوب:4/ 2، وعنه كنز الدقائق: 11/ 254.

والعلّامة المجلسي في البحار: بإسناده عن الهذيل، عن مقاتل، عن محمد بن الحنفية، عن الحسن بن علي علیه السّلام قال: كلّ ما في كتاب الله عزّ وجل:«إِنَّ الْأَبْرَارَ» فوالله ما أراد به إلّا علي بن أبي طالب وفاطمة وأنا والحسين. لأنّا نحن أبرار بابائنا وأُمّهاتنا، وقلوبنا علت بالطّاعات والبرّ، وتبرأت من الدنيا وحبّها وأطعنا الله في جميع فرائضه، وآمنّا بوحدانيّته، و صدّقنا برسوله(1).

وفي كنز الدقائق عن شرح الآيات الباهرة: معنعناً عن أبي جعفر علیه السّلام في قوله تعالى: «إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ٭ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ » قال: الأبرار نحن هم، والفجار هم عدونا(2).

أقول:

هم الأبرار في سرّ وجهر هم الأخبار في كلّ الممالك وابناء الأطائب والطواهر وهم فلك النجاة من المهالك وهم حجج الإله على البرايا وهم هادٍ إلى خير المسالك

ص: 274


1- بحار الأنوار: 3/4 الحدیث 9.
2- کنز الدقائق: 11/ 238 في سورة الانفطار: 13 - 14.

107- الشفع الحسن والحسين والوتر أمير المؤمنين علیهم السّلام

«وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)» سورة الفجر عن الحسين بن علي عليهمالسّلام في قوله تعالى: «وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ»، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: الشفع: الحسن والحسين، والوتر: علي بن أبي طالب(1).

أقول:

جائت روايةٌ عن الحسین مجمع كلّ مفخر وزین عن جدّه محمد المختار صفوة الأنبياء ذي الفخار الشفع سبطا أحمد هما الحسن ثمّ الحسين بن علي الممتحن عليّ الوَتر من الأسماء كالشمس في كواكب السماء سمّاه باسمه العلي الأعلى تكرّماً منه له وفضلاً

ص: 275


1- علي في القرآن:2/ 586 نقلاً عن أرجح المطالب: 88.

108- منزلة محب آل محمد

«يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)» سورة الفجر فرات الكوفي في تفسيره، قال حدّثنا أبو القسم العلوي، معنعناً عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبدالله عليه السّلام: جعلت فداك يستكره المؤمن على خروج نفسه.

قال: فقال: لا والله.

قال: قلت: كيف ذلك؟ قال: إنّ المؤمن إذا حضرته الوفاة حضر رسول الله وأهل بيته أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وجميع الأئمة ولكن التوا(1) عن اسم فاطمة ويحضره جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وملك الموت.

ص: 276


1- ألت: نقص، أي زادتهم فاطمة الزهراء منزلة، وهم نقصوا عنها منزلة، فإنّها عليهالسّلام دون أبيها منزلة وكفو زوجها وفوق منزلة بنيها.

قال: فيقول أمير المؤمنين: یا رسول الله إنّه كان ممن يحبنا ويتولانا فأحبه.

قال: فيقول رسول الله: يا جبرئيل إنّه كان ممن يحب علياً وذریته فأحبه.

قال: فيقول جبرئیل لميكائيل وإسرافيل: مثل ذلك.

قال: ثمّ يقول جميعاً لملك الموت: إنّه كان يحب محمداً و آله ويتولّى عليّاً وذريته فارفق به.

قال: فيقول ملك الموت: والذي اختاركم وکرمکم واصطفى محمداً بالنبوة وخصّه بالرسالة لأنا أرفق به من والد رفیق وأشفق من أخ شفيق.

ثمّ مال إليه ملك الموت فيقول له: يا عبد الله أخذت فكاك رقبتك، أخذت رهان أمانك.

فيقول: نعم.

فيقول: فبماذا؟ فيقول: بحبي محمداً، وآله وموالاتي علياً وذريته.

فيقول: أما ماكنت تحذر فقد آمنك الله منه وأما ما ترجو فقد أتاك الله افتح عينيك وانظر إلى ما عندك.

قال: فيفتح عينيه فينظر إليهم واحداً واحداً، ويفتح له باب إلى الجنة فينظر إليها فيقول له: هذا ما أعد الله لك، وهؤلاء رفقاؤك، أفتحب اللحاق بهم أو الرجوع إلى الدنيا.

قال: فقال أبو عبد الله علیه السّلام أما رأيت شخصته ورفعة حاجبيه إلى فوق من قوله: لا حاجة لي إلى الدنيا ولا الرجوع إليها.

وينادیه مناد من بطنان العرش يسمعه من بحضرته: «يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ» إلى محمد ووصيه والأئمة من بعده «ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً»

ص: 277

بالولاية «مَرضِیَّةً» بالثواب «فَادخُلِي فِي عِبَادِی» مع محمد صلى الله عليه اله وأهل بيته «وَادخُلِی جَنَّتِي» به غير مشوبة(1).

والفرات أيضاً: قال حدّثنا محمد بن عیسی بن زکريا الدهقان، معنعناً عن محمد بن سليمان الديلمي، قال حدّثنا أبي، قال سمعت الافريقي يقول: سألت أبا عبدالله عن المؤمن أيستكره على قبض روحه؟ قال: لا والله.

قلت: وكيف ذاك؟ قال: لأنّه إذا حضره ملك الموت جزع، فيقول له ملك الموت: لا تجزع فوالله أنا أبر بك و أشفق عليك من والد رحیم لو حضرك، افتح عينيك فانظر.

قال: ويتهلل له رسول الله وأمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة وفاطمة.

قال: فينظر إليهم فيستبشر بهم، فما رأيت شخصه تلك.

قلت: بلی.

قال: فإنّما ينظر إليهم.

قال: قلت: جعلت فداك قد يشخص المؤمن والكافر.

قال: ويحك إنّ الكافر يشخص منقبلاً إلى خلفه لأنّ ملك الموت إنّما يأتيه ليحمله من خلفه، والمؤمن ينظر أمامه وينادي روحه مناد من قبل رب العزة من بطنان العرش فوق الأعلى الأعلى ويقول: «يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ» إلى محمد و آله «ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ٭ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ٭ وَادخُلِی جَنَّتِي».

ص: 278


1- تفسیر فرات الكوفي: 209 و في ط. الحديث: 553 الحدیث 708.

فيقول ملك الموت: إنّي قد أمرت أن أُخيرك الرجوع إلى الدنيا والمضي، فليس شيء أحب إليه من إسلال روحه(1).

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 243:

خیرُ نفسٍ قد اطمأنت يقيناً بعد ایمانها بربّ العطاء فأتاها ارجعي نداءٌ عليٌّ انتِ مرضيّةٌ لربّ السماء وادخلي بعدَ رحمةٍ في عبادي واستقرّي في جنّة السعداء آية اُنزلت من الله حقّاً في عليًّ عن صادق الشفعاء

ص: 279


1- تفسیر فرات الكوفي:210 وفي ط. الحديث: 544 الحدیث 709، و في الكافي: 3/ 127کتاب الجنائز، باب أن المؤمن لا يكره على قبض روحه بتفاوت يسير.

109- أمير المؤمنين والحسن والحسين

«وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3)» سورة البلد محمد بن العباس ، عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن يعقوب، عن عبد الله بن محمد، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر علیه السّلام قال: قال: يا أبابكر! قول الله عزّ وجل: «وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ» هو عليّ بن أبي طالب «وَمَا وَلَدَ» الحسن والحسين علیهمالسّلام(1).

محمد بن العباس، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبدالله بن خضيرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: سألت أبا جعفر عن قول الله عزّ وجل: «وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ» قال: يعني علياً وما ولد من الأئمة(2).

روى الحاكم الحسكاني (الحنفي) عن أبي النصر - باسناده المذكور - عن أبي جعفر في قول الله عزّ وجل: «وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ».

قال: الوالد أمير المؤمنين، وما ولد الحسن والحسين(3).

ص: 280


1- تأويل الآيات: 2/ 798 الحديث 3، البحار: 23/ 269 الحديث 18، البرهان: 4/ 462 الحديث 6.
2- البحار: 23/ 268 الحدیث 16 و 136/ 13 الحدیث 17، البرهان:4/ 462 الحديث 7.
3- شواهد التنزيل:1/ 331.

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج1، ص243:

أقسمَ الله في أبرّ وأزکی والدٍ للأُمّة الأزکياء وبأولاده الميامين قدساً وجلالاً لعترة الأصفياء قال فيها قد أُنزلت في علي وسليليه باقر العلماء وروی جابر تجلّت علينا في علي وولده النجباء وقال الصاحب بن عبّاد في قصيدته:

قالت: فمن صاحب الدين الحنيف أجِب فقلت: أحمد خير السادة الرسل قالت: فمن بعده تصفى الولاء له قلت: الوصي الذي أربئ على زحل قالت: فمن والد السبطين اذ فرعا فقلت: سابق أهل السبق في مَهل

ص: 281

110- منزلة الإمام الحسن علیه السّلام

«أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)» سورة البلد قوله: «أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ» ما رواه الحسن بن أبي الحسن الديلمي في تفسيره حديثاً مسنداً يرفع إلى أبي يعقوب الأسدي، عن أبي جعفر في قوله عزّ وجل: «أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ» قال: قال: العينان رسول الله واللّسان أمير المؤمنين، والشّفتان الحسن والحسين علیهم السّلام طعام «وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ» إلى ولايتهم جميعاً و [إلى] البراءة من أعدائهم جميعاً(1).

روى العلّامة البحراني، عن محمد بن الصباح الزعفراني بإسناده المذكور - عن أنس (بن مالك) قال: قال رسول الله: في قوله تعالى: «فَلَا اقْتَحَمَ

ص: 282


1- تفسير القمي:2/ 423، البرهان: 4/ 464 الحديث4، نور الثقلين: 5/ 580 الحديث 10، البحار: 9/ 251 الحدیث157 و 24/ 280 الحديث1 و 282 الحديث 8، تأويل الآيات: 771.

الْعَقَبَةَ»: «إنّ فوق الصراط عقبة كؤوداً، طولها ثلاثة آلاف عام، ألف عام هبوط، وألف عام شوك، وحسك، وعقارب وحيات، وألف عام صعود، أنا أوّل من يقطع تلك العقبة، وثاني من يقطع تلك العقبة علي بن أبي طالب».

وقال - بعد كلام -: «لا يقطعها في غير مشقة إلّا محمد وأهل بيته» الخبر(1).

أقول: مقتبساً من المحقّق الإصفهاني:

عينان بالنصّ هو الرسولُ وجلّ عما قيل أو نقول جلّ عن الثناء ما شئت فقل فاتحة الوجود خاتمُ الرسل كلُ وجودٍ هو من وجوده وکُل موجودٍ رهينُ جوده أمّا عليٌّ فهو اللّسانُ وكَلّ عن أوصافه البيانُ وهو وليّ الأمر بالنصّ الجلي وعنده علمُ الكتابِ المُنزلِ والشفتان الحسن الحسينِ حقا لعالم الوجود زَین النيرُ الأعظم نوره خَبا مذ أشرق الكون بنور المجتبی وهل ترى لمُلتقى القوسين أثبتَ نقطة من الحسین

ص: 283


1- غاية المرام: 326.

111- أنوار الهدی

«وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4)» سورة الشمس علي بن محمد، عن أبي جميلة، عن الحلبي، ورواه أيضاً علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن الفضل بن العباس، عن أبي عبدالله علیه السّلام أنّه قال: «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا» الشمس أمير المؤمنين علیه السّلام وضحاها قيام القائم علیه السّلام «وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا» الحسن والحسين علیه السّلام «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا» هو قيام القائم علیه السّلام(1).

عبد الرحمن بن محمد العلوي باسناده عن عكرمة وسئل عن قول الله تعالى: «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا» قال: «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا»، هو محمد رسول الله «وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا» أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السّلام «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا»، آل

ص: 284


1- تأويل الآيات:2/ 803، الحديث 1، البحار: 24/ 73 الحديث 6، البرهان: 4/ 467. الحديث 1.

محمد الحسن والحسين «وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا»، بنو أُمية(1) وقال ابن عباس هكذا (2) وقال أبو جعفر علیه السّلام هكذا.

عن الباقر والصادق علیه السّلام في قوله: «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا» قال: هو رسول الله «وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا» عليّ بن أبي طالب «وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا» الحسن والحسين و آل محمد قال: «وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا» عتيق وابن صهّاك وبنو أُمية ومن تولّاهم(3).

أقول: قال شاعر أهل البيت الفرطوسي في الملحمة:

قال والشمس مقسماً وضحاها وهي بالنصّ خاتم الأنبياء وعليّ وقد تلانفس طه قمر الحق في سماء العلاء والنهار السبطان واللّيل ظلما حين يغشاه زمرة الطلقاء

ص: 285


1- الفرات:1/ 561 الحدیث 717 و 562 الحديث 718، البحار:24/ 79 الحديث 20.
2- الفرات: 1/ 562 الحديث 719- 720، شواهد التنزيل:2/ 432 الحدیث 1094 - 1095، تأويل الآيات:2/ 806 الحديث 6.
3- المناقب: 1/ 283.

112- الحسن والحسين علیهمالسّلام هما التين والزيتون

«وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)» سورة التين قال محمد بن العباس: حدّثنا محمد بن همام، عن عبد الله بن العلاء، عن محمد بن شمّون، عن عبدالله بن عبد الرحمن الأصم، عن البطل، عن جمیل بن دراج قال: سمعت أبا عبدالله علیه السّلام يقول: قوله تعالى: «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ» التين الحسن والزيتون الحسين.

قال أيضاً: حدّثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن يحيى الحلبيّ، عن بدر بن الوليد، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبدالله علیه السّلام في قوله تعالى: «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ» قال: التين والزيتون: الحسن والحسين «وَطُورِ سِينِينَ» علي بن أبي طالب علیه السّلام. قال: قوله تعالى: «فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ» قال: الدّين ولاية علي بن أبي طالب علیه السّلام.

ص: 286

ويؤيّده ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره، عن يحيى الحلبي، عن عبدالله بن مسكان باسناده عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبدالله علیه السّلام في قوله عزّ وجل: «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ» قال: والتين والزيتون: الحسن والحسين «وَطُورِ سِينِينَ» علي علیهم السّلام. وقوله:«فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ» قال: الدّين أمير المؤمنین علیه السّلام.

وأحسن ما قيل في هذا التأويل ما رواه محمد بن العباس، عن محمد بن القاسم، عن محمد بن زید، عن إبراهيم بن محمد بن سعد عن محمد بن فضيل قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السّلام: أخبرني عن قول الله عزّ وجل: «وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ» إلى آخر السورة، فقال: التين والزيتون الحسن والحسين. قلت:

«وَطُورِ سِينِينَ» قال: ليس هو طور سینین ولكنّه «وطور سيناء». قال: قلت:

«وطور سيناء»؟ فقال: نعم هو أمير المؤمنين. قلت: «وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ» قال: هو رسول الله أمن الناس به من النار إذا أطاعوه. قلت: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» قال: ذاك أبو فضيل حين أخذ الله میثاقة له بالربوبيّة، ولمحمد بالنبوّة، ولأوصيائه بالولاية، فأقرّ وقال: نعم. ألا ترى أنّه قال: «ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ» يعني الدّرك الأسفل حين نكص وفعل بآل محمّد ما فعل. قال: قلت: «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» قال: والله هو أمير المؤمنین وشیعته و «فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ» قال: قلت: «فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ» قال: مهلاً مهلاً لا تقل هكذا، هذا هو الكفر بالله، لا والله ما كذّب رسول الله بالله طرفة عين. قال: قلت: فكيف هي؟ قال: «فمن يكذّبك بعد بالدين» والدّين أمير المؤمنين «أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ».

توجيه معنى هذا التأويل: أمّا قوله: « التين والزيتون: الحسن و الحسين» إنّما کنّی بهما عنهما لأنّ التّين فاكهة خالصة من شوائب

ص: 287

التنغيص(1)، ولأنّه سبحانه جعل الواحدة على مقدار اللقمة، وفي ذلك نعم جمّ على عباده. وروي عن أبي ذر أنّه قال في التين: لو قلت إنّ فاكهة نزلت من الجنّة لقلت هذه هي، لأنّ فاكهة الجنّة بلا عجم(2) فكلوه فإنّها تنفع البواسير(3). وأمّا الزيتون وهو الذي يخرج منه الزّيت، قال تعالى: «يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ»(4) وفيه منافع كثيرة في الدنيا. وأمّا الحسن والحسين فمنافعهما لا تحصی کثرة في الدّين والدنيا، والأمر في ذلك واضح لا يحتاج إلى بيان.

وأمّا قوله «وَطُورِ سِينِينَ» وهو الجبل الذي أقسم الله سبحانه به، وكلّم [الله] علیه موسی علیه السّلام. وسینین و سیناء معناهما واحد وهو المبارك، أي الجبل المبارك. وكنّی به عن أمير المؤمنین مجازاً أي صاحب طور سینین، وإنّما كان صاحبه لأنّ الله سبحانه عرّف موسی فضل أمير المؤمنين وفضل شيعته كما تقدّم بيانه في قوله تعالى: «وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ»(5). وأمّا قوله «البَلَدِ الأَمِينِ»(6) وهو مكّد - شرّفها - الله لقوله تعالى:«أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا»(7) أي وصاحب البلد الأمين وهو رسول الله صلاة بإزاء فضله وأفضاله وغامر إحسانه ووافر نواله.

ص: 288


1- نغّص الله عيشه - من التفعيل -: کدّر عيشه.
2- أي لم يبالغ في نضجها حتى يتفتّت و تفسد قوّته.
3- مجمع البيان: 10/ 510. وفيه «تقطع البواسير».
4- النور: 35.
5- القصص: 44.
6- كذا، وفي المصحف الشريف «وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ»
7- العنكبوت: 67.

أقول: ولنعم ما قال الحكيم المتألّه الإصفهاني ما في الأنوار القدسية، ص 39:

طأطأ کُلُّ الأنبيا لطاها ذلك عزٌّ أن يُضاها رقى إلى أرقی معارج القمم وجاز عن ذات البروج والقلم النبأ العظيم بعض سيرته والفجر رمزٌ لجهال طلعته والتين والزيتون فرعُ دَوحته وطورُ سینین حريمُ ساحته وسبطه الزكي في محيّاه علن فثمّ وجهُ الله وجهه الحسن وقد تسامی شرفاً ومجداً أخاً وأُماً وأباً وجدّاً

ص: 289

113- حبّ الحسن علیه السّلام علاقة المیزان

«فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7)» سورة القارعة روى الحاكم الحسكاني بإسناده عن ابن عباس قال: أول من ترجح كفة حسناته في الميزان يوم القيامة علي بن أبي طالب، وذلك أن ميزانه لا يكون فيه إلّا الحسنات و تبقى كفة السيئات فارغة لا سيئة فيها، لأنّه لم يعص الله طرفة عين فذلك قوله: «فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ٭ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ» أي في عيش في جنة قد رضي غشية فيها(1).

وروى أسعد بن إبراهيم الأربلي باسناده عن الزبير بن العوام، وعن أبي أمامة قالا: قال رسول الله: إذا كان يوم القيامة جيء بميزان العالم وحب علي کفتاه، وحب الحسن والحسين، وحب فاطمة علاقته، يوزن به محبة المحب والمبغض لي ولأهل بيتي(2) «فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ٭ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ٭ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8)٭ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9)»(3)(4).

ص: 290


1- شواهد التنزيل: 2/ 367 رقم 1149.
2- کتاب الأربعين: 98 رقم 25.
3- سورة القارعة: 6 - 9.
4- قادتنا: 3/ 440، عن تفسير البرهان:4/ 500 رقم 4.

حَسنات بها الموازين منها ثقلت وهو سيّد الأوصياء حيث لا سيّئات توجد منه فتوازى فيها بعدل القضاء فهو في خير عيشة يرتضيها ونعيم في جنّة الاتقياء شع فيها عن ابن عباس فجر في عليّ يزهو بأبهی ضیاء كفّتا الميزان حبّ الحسنين والعلاقة محبّة الزهراء

ص: 291

114- وصية النبي بحفظ الحسن علیه السّلام

«إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)» سورة العصر الحسكاني في شواهد التنزيل: حدّثنا الحسين الجمحي بمكة، حدّثنا عليّ بن عبد العزيز، حدّثنا أبو نعيم، حدّثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس قال: جمع الله هذه الخصال كلّها في علي علیه السّلام:

«إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا» كان والله أوّل المؤمنين إيماناً.

«وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» وكان أوّل من صلّى و عَبَد الله من أهل الأرض مع رسول الله.

«وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ» يعني بالقرآن، وتعلّم القرآن من رسول الله وكان من أبناء سبع وعشرين سنة.

«وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ» يعني وأوصى محمد عليّاً بالصبر عن الدنيا، وأوصاه بحفظ فاطمة، وبجمع القرآن بعد موته، وبقضاء دينه، وبغسله بعد موته ...، وأوصاه بحفظ الحسن والحسين، فذلك قوله: «وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ»(1).

ص: 292


1- شواهد التنزيل: 2/ 483.

أقول: قال الفرطوسي في الملحمة، ج 1، ص 167:

قال إنّ الإنسان في الخسر إلّا***معشر آمنوا برب السماء إنّ لفظ الإنسان في العصر رمز***لأبي جهل أخبث الأشقياء ورجال الايمان سلمان صدقاً***ويقيناً وسيّد الأوصياء وتواصوا بالصبر وهو علي***وتواصوا بالحق عهد الولاء وبحفظ الآل أوصى النبيُ علياً***سيّما السبطين والزهراء

ص: 293

ص: 294

من مصادر الكتاب

1) القرآن الكريم.

2) إثبات الهداة، للشيخ الحر العاملي (ت 1104ه).

3) الاحتجاج، للشيخ الطبرسي (ت 620 ه-).

4) ارشاد القلوب، للديلمي (ت 711ه).

5) اعلام الوری، للشيخ الطبرسي (ت 548 ه-).

6) الأمالي، للشيخ الصدوق (ت 381 ه-).

7) الأمالي، للشيخ الطوسي (ت 460ه-).

8) الأنوار القدسية، للإصفهاني.

9) بحار الأنوار، للعلّامة المجلسي (ت 1110 ه-).

10) بشارة المصطفى، للطبري (ت 525 ه-).

11) تأويل الآيات الظاهرة، للاستر آبادي (ت 940 ه-).

12) تحف العقول، لابن شعبة (ت 381 ه-).

13) تفسير الإمام العسكري.

14) تفسير البرهان، للسيّد البحراني (ت 1107 ه-) .

15) تفسير الصافي، ملا محسن الفيض الكاشاني.

16) تفسير علي بن إبراهيم القمي.

17) تفسير العياشي، للسمرقندي (ت 320 ه) .

18) تفسیر فرات الكوفي.

ص: 295

19) تفسیر کنز الدقائق، للقمي المشهدي (القرن الثاني عشر).

20) تقريب المعارف، لأبي الصلاح الحلبي (ت 447 ه-).

21) جامع الأخبار، للسبزواري (القرن السابع الهجري).

22) الخرائج والجرائح، للراوندي (ت 573 ه-).

23) الخصال، للشيخ الصدوق (ت 381 ه-).

24) دعائم الإسلام، النعمان بن محمد التميمي.

25) دلائل الإمامة، للطبري (القرن الرابع الهجري).

26) روضة الواعظین، للنيشابوري (ت 508 ه-).

27) شواهد التنزيل، للحسكاني (ت 490 ه-).

28) الصراط المستقيم، للبياضي (ت 877 ه-).

29) علل الشرائع، للشيخ الصدوق (ت 381 ه-).

30) عيون أخبار الرضا علیه السّلام، للشيخ الصدوق (ت 381 ه-).

31) غاية المرام، للسيد البحراني (ت 1107 ه-).

32) الغدير في الكتاب والسنة والأدب، للشيخ الأميني (ت 1390 ه-).

33) فرائد السمطين، للجويني (ت 730 ه-).

34) قادتنا، للسيّد الميلاني.

35) الكافي، لثقة الإسلام الكليني (ت 329 ه-).

36) کامل الزیارات، للشيخ جعفر بن محمد بن قولويه القمي (ت 367 ه) .

37) کتاب سلیم بن قیس الهلالي الكوفي.

38) كفاية الأثر، لأبي القاسم الخزار القمي (القرن الرابع الهجري).

39) كمال الدین و تمام النعمة، للشيخ الصدوق (ت 381 ه-).

40) مجمع البحرين، للطريحي (ت 1085 ه-).

ص: 296

41) مجمع البیان، للطبرسي (ت 548 ه-).

42) المحاسن، للبرقي (ت 280 ه-).

43) معاني الأخبار، للشيخ الصدوق (ت 381 ه-).

44) ملحقات احقاق الحق، للسيّد المرعشي.

45) ملحمة أهل البيت، للفرطوسي.

46) المناقب، لابن شهر آشوب (ت 588 ه-).

47) من لايحضره الفقيه، للشيخ الصدوق (ت 381 ه).

48) نهج الحق، للعلّامة الحلّى، (ت 726 ه-).

49) نور الثقلين، للشيخ الحويزي (ت 1112 ه-).

50) وسائل الشيعة، للحر العاملي (ت 1104 ه-).

51) ينابيع المودة، للقندوزي الحنفي (ت 1294 ه-).

ص: 297

ص: 298

الفهرس

صورة

ص: 299

صورة

ص: 300

صورة

ص: 301

صورة

ص: 302

صورة

ص: 303

صورة

ص: 304

صورة

ص: 305

صورة

ص: 306

صورة

ص: 307

صورة

ص: 308

صورة

ص: 309

صورة

ص: 310

صورة

ص: 311

صورة

ص: 312

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.