المعارف العالية في شرح زيارة الجامعة
شارح:احمدي، حسن
محل نشر:ايران، قم
ناشر:طوباي محبت
تاریخ نشر:1393 ش
نوبت چاپ:1
تعداد صفحات:280
قطع و اندازه:رقعي
نوع جلد:شوميز
نوع مدرک:كتاب چاپي
زبان:عربي
موضوع اصلی:امامت
محل در کتابخانه:400/4/6/8
موضوع فرعی:شرح زيارت جامعه كبيره
ص: 1
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 2
الإهداء الى قطب دائرة الإمكان و وليّها و هاديها
الإهداء الى ولىّ الأولياء و سيّد الأوصياء و إمام الأتقياء.
الإهداء اليك يا أول مظلوم غصب حقّه
أنت باب اللّه المؤتى بك، هذه صلتى و
تمام جهدى لديك إظهاراً و إحيائاً
لولايتك و أرجوه ذخراً و شوقاً الى لقائك.
أرسل النمل من خلوص وداد*
لسليمان نصف رجل جراد
قائلاً ذاك منتهى جهدى*
الهدايا بقدر ما يهدى
يا أيها العزيز مسّنا و أهلنا الضرّ و جئنا ببضاعة مزجاة فأوف
لنا الكيل و تصدّق علينا انّ اللّه يجزى المتصدّقين.يوسف/87
ص: 3
المعارف العالية
فى شرح زيارة الجامعة
ص: 4
الإهداء··· 2
المقدمه··· 13
العبودية أثر المعرفة··· 17
انّ محمداً و آل محمد محالّ معرفة اللّه ··· 18
المعرفة الكاملة فى الزيارة الجامعة··· 23
أما المقدمة الاولى: فى الغلو··· 24
أما فى الدرجات المعرفة: عارف بحقّكم مقرّ بفضلكم··· 26
اعتبار الزيارة الجامعة عند أصحابنا الإمامية··· 31
فى معنى الزيارة··· 35
التسليم على الولاية··· 41
من سلالة النبيين و الصفوة من المرسلين··· 47
ان أهل البيت عليهم السلام وارث الأنبياء و فى موضع الرسالة··· 53
منازلهم عليهم السلام مهابط الوحى و مختلف الملائكة··· 61
ان الولاية هى الرحمة الواسعة الموصولة بنور العظمة··· 69
ان اللّه اصطفى محمداً و آل محمد عليهم السلام خزنة لعلمه و غيبه··· 79
ص: 5
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام فى منتهى الحلم و ان رأيهم علم و حلم و حزم··· 87
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام هم أصل الكرم و موالى النعم··· 91
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام ساسة العباد··· 95
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام ذوى النهى و أولى الحجى··· 99
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام ملاذ الخلق و الكهف الحصين··· 103
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام هم المثل لنور العظمة العَلىِّ الاعلى··· 105
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام معادن و مستودع لنور حكمته··· 109
ان اللّه أختار محمداً و آل محمد عليهم السلام لحفظ سرّ اللّه المستودعة··· 113
و الولاية الكليّة الإلهيّة··· 113
ان محمداً وآل محمد عليهم السلام هم المخلصون فى توحيد اللّه وأركاناً له··· 119
الولاية هى النور و البرهان العظمى التى خصّهم اللّه تعالى بها··· 127
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام هم المعصومون المعتصمون باللّه و··· 131
المخلوقون من نور عظمة اللّه ··· 131
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام هم المصفّون المصطفون··· 139
إنّ محمّداً و آل محمّد حقيقة المشيّة الغير الأزليه و هم··· 145
العاملون بإرادته··· 145
ان محمداً وآل محمد عليهم السلام هم المصطفون لإظهار قدرة اللّه وأمره··· 151
ان محمداً وآل محمد عليهم السلام أحكموا عقد طاعه اللّه عند أخذ الميثاق··· 163
«موقعيّة على و فاطمة و الأئمة المعصومين عليهم السلام فى الميثاق»··· 166
«الأنبياء فى الميثاق»··· 167
ص: 6
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام صبروا على الأذى و الشهادة مع··· 171
الإختبار و الإختيار على ما أصابهم بأمر الولاية··· 171
ان ولاية محمد و آل محمد عليهم السلام هى الحق و دين الحقّ الذى··· 179
حققوه و هم أصله و أهله و معدنه··· 179
ان إياب الخلق وحسابهم الى محمدوآل محمد عليهم السلام فى الدنيا والآخرة··· 185
ان محمداً وآل محمد عليهم السلامشهداء على أهل الدنيا والآخرة والاولى··· 191
ان لمحمد و آل محمد عليهم السلام الشفاعة المقبولة··· 197
«الشفاعه لأهل الولاية لا الناصب»··· 200
«الشفاعه المحمديّة و الفاطميّه و العلويّه»··· 200
«شفاعة القرآن والعالم والأنبياء والشهداء والمؤمن والسادات»··· 201
ان ولايه محمد و آل محمد عليهم السلام هى الباب المبتلى و الحطة··· 203
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام بنورهم و روحهم حقيقة واحدة··· 209
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام هم المخلوقون من نور جلال عظمة··· 215
اللّه الكاملة التامة··· 215
ان اللّه شرف محمداً و آل محمد عليهم السلام بان جعل لهم بيوتاً و··· 223
مقاعد فى ملكوت سلطانه··· 223
اظهار الصلوات خصيصه الموالى طيبا و طهاره لنفسه و تزكيه و··· 231
كفارة لذنبه··· 231
ص: 7
ولايتهم أعلى و أعظم مرتبة من أشرف محل المكرمين و أعلى··· 235
منازل المقرّبين و أرفع درجات المرسلين··· 235
ان الولايه هى الفوز الاكمل و هى دليل الاشرفية و الافضلية··· 241
ان الولاية لمحمّد و آل محمّد عليهم السلام هى النعمة الكاملة و··· 251
الكلمة التامة··· 251
تمامية الدّين و كمالها بالولايه و فى اظهار البرائة··· 257
الإنتظار لاظهار الولاية الالهيّة بظهور صاحبها··· 263
ان ولاية محمد و آل محمد عليهم السلام أصل جميع الخيرات و معدنها··· 271
و منتهاها··· 271
أعظم وصاياهم على التقوى و الاطاعه و على احياء امر الولاية··· 277
ص: 8
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: أول ما خلق اللّه نورى إبتدعه من نوره و إشتقّه من جلال عظمته...(1)
عن الرضا عليه السلام: ... و النور فى هذا الموضع أول فعل اللّه...(2)
فى زيارة الجامعة: ... و تمام نوركم...و إنتجبكم لنوره...
فى زيارة الجامعة: ... اللّهم بإسمك المكنون المخزون المكتوم عمّن
شئت الطاهر المطهّر المقدّس...النور التّام الحىّ القيّوم العظيم...(3)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: ... هذه الأسماء الثلاثة أركان و حجب للإسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة.(4)
عن الصادق عليه السلام: ... للّه المثل الأعلى الذى لايشبهه شى ء و لايوصف و لا يتوهم فذلك المثل الأعلى...(5)
ص: 9
قال الصادق عليه السلام: ... فنظر فى مثل سمّ الإبرة الى ما شاء اللّه من نور العظمة...(1)
عن الصادق عليه السلام قال قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... فأوحى الىّ من وراء الحجاب ما أوحى و شافهنى...(2)
...ثم قال أبوعبداللّه عليه السلام لأبى بصير يا أبامحمد و اللّه ما جائت ولاية على عليه السلام من الأرض و لكن جائت من السماء مشافهة.(3)
قال أميرالمؤمنين عليه السلام لكميل: ... نور يشرق من صبح الأزل فيلوح على هياكل التوحيد آثاره...(4)
عن الباقر عليه السلام: ... و خلق نورك القديم قبل الأشياء...(5)
قال المجلسى فى دعاء: ... إحتجبت بنور وجه اللّه القديم الكامل...(6)
قال أبوجعفر عليه السلام: ... يفصل نورنا من نور ربّنا كشعاع الشمس من الشمس...(7)
عن العسكرى عليه السلام: ... ان ولاية محمد و آل محمد عليهم السلام هى الغرض الأقصى و المراد الأفضل...(8)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... انّ علياً أميرالمؤمنين عليه السلام بولاية من اللّه عزّوجل
ص: 10
عقدها له فوق عرشه و أشهد على ذلك ملائكته...(1)
قال على بن الحسين عليه السلام: ... إخترعنا من نور ذاته...(2)
قال موسى ابن جعفر عليه السلام: ... انّ اللّه تعالى خلق نور محمد صلى الله عليه و آله وسلم من اختراعه من نور عظمته و جلاله...اصطفاهم لنفسه...(3)
قال عليه السلام: ... ان اللّه خلطهم بنفسه...(4)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم:...لاتسبّوا علياً فانّه ممسوس فى ذات اللّه.(5)
ص: 11
ص: 12
ان اللّه تعالى عالم و قادر بالذات،و قد اختار بفضله و سعة رحمته، نور عظمته و ولايته، و خلق بأول إيجاده و إحداثه،النور و الذكر الأول التامّ الكامل،من دون سابقة أولية و رابطة علّيّة ومعلوليّة، و الحق تعالى قد علا و تجلى فى خلقه بنور عظمته و وجهه التى هى المثل الأعلى و نور ولايته الكبرى ثم جعلها فى المراتب النازلة محمداً و آل محمد صلوات اللّه عليهم أجمعين بصورة الأنوار و الأشباح اللامعة،فهم بالحقيقة نفس نور اللّه وحجّابه و جلاله وجماله وغيبه ثم أعرفهم بانّهم المثل الأعلى و الآية العظمى والكلمة العليا و الأسماء الحسنى و نور وجهه الذى لايطفى.
و ما جاء فى لسان الأخبار النورانيّة انما هو لمراتبهم النازلة المتشخصة
المتعيّنة حول العرش و قدامه مع الصورة بالنورانيّة،فلهم أصلا نورياً حقيقياً - لا شبحا صوريّاً مجازيّاً - من نور العظمة، فنورهم من نور عظمتهم و ولايتهم كشعاع الشمس من الشمس و القطرة من البحر - لا من ذات اللّه - التى هم نفس النور و الفعل الأول و هى مقام جمع الجمعى لهم.
و الخبير يعلم: بأن النورانية دليل الأشرفيّة و الأفضليّة و الأولوية لانّهمالمخلوقون من جلال العظمة و الولاية ثم انتقلوا بالتكريم و الشرافة مع
ص: 13
التسديد و التأييد بالأرواح المقدسة الى تحت العرش لتعلّق الأرواح النورانى مع الصور و الأشباح، قبل أجسادهم العليينى...
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ...فكنّا نحن خلقاً و بشراً نورانيين لم يجعل لأحد فى مثل الذى خلقنا منه نصيباً...(1)
انّ محمداً و آل محمد عليهم السلام مظاهر لأسمائه و صفاته و فعله و هم الأمثال العليا و الآية الكبرى لتلك المرتبة من نور عظمته و معانيه من يد اللّه و جنبه و نور وجهه و علمه و... فهم عند التعيّن خزّان لتلك الحقيقة و الحافظون لذلك السّر و الغيب و هم الصفوة التى قد اصطفاهم اللّه لنفسه،و هم المتصرّفون فى خلقه بقدرته و العاملون بإرادته و المخلّصون لأركان توحيده و القادرون على ما شاء بما شاء بولايته و اختاروا لقائه و كرامته لمرضاته و هم المغمورون فى بحار رحمته و الفانون فى نور وجهه و المعروفون المصطفون من بين الأنبياء و الملائكة من نور جلال عظمته و ولايته.
و هم الأدلّاء على توحيده والمحال لمعرفته و هم المسدّدون السائسون
الذين ارتضاهم اللّه لغيبه و قد اصطفاهم لعلمه و الشاهدون على كلشى ء بقدرته و قد اذن اللّه لتكريمهم و تشريفهم تكويناً و تشريعاً و جعل لهم مقاعد فى ملكوت سلطانه إظهاراً لعلوّ مرتبتهم فهم فى أشرف محلالمكرمين و أعلى منازل المقرّبين و أرفع درجات المرسلين تجليلاً و
تكريماً لتلك المرتبة العالية الولائية.
فبما انّهم المقصودون الواقعى لخلقة الخلق فخلق الخلق بعد الإختيار و
ص: 14
الإختبار بهم،فكلّشى ء لايليق الحيوه الا لهم و بولايتهم،فهم الحيوة الأبديّة لكلّ من فاز لتلك الأمانة الإلهيّة اذ هى الباب المبتلى و الحطة التى قد ابتلى اللّه الخلق بقبولها و الأمانة التى قد أخذها اللّه ميثاقها و قد أمر الخلق بأداء
حقّها و هى المعلّمة و النعمة الكاملة الموجبة لقبول الطاعة المفترضة و المخرجه من المسكنة و الهلكة و هى السبب المتصلة للوصول الى الكرامات و الفيوضات المتعالية و العبودية الكاملة المتجلية تطهيراً للنفوس و القلوب و استضائة و انغماراً فى الرحمة الواسعة فالظهور ظهور نور جلال عظمته و ولايته و الإنتظار من اللّه إنتظار لظهور تلك الحقيقة التى سيظهرها اللّه بيد وليّه و بقيّته و الشاهد على خلقه لإظهار سرّ اللّه الذى قد اختفى فى الأعصار و الأقطار و الأزمان بيد أعداء اللّه و سيظهر الحاكمية و السلطنة الولائية و سيستقيم الدولة المحمديّة و العلوية و المهدوية و ستجرى على يديه العدالة الواقعية و الحيوة الأبديّة و ستعلو كلمة مذهب الحقّة الشيعية و ينتقم من أعداء الدين و الولاية، لانّ سرّ الإنتظار هى اختفاء قدرها و فى إظهار أشرفيتها و أولويتها المتظاهرة فى ظهور خاتم الولاية حجة ابن الحسن العسكرى عجل اللّه تعالى فرجه.
و لا ريب ان العقول قاصرة عن درك شى ء أو أمراً من كنه تلك الشرافة و العظمة (اذ الخلق وقعوا بين الغال و التال، والمؤمن قد فاز الى مرتبة العال، وارتقى فى الدرجات الى الإيقان و الإقرار) فلهذا عرّفوا أنفسهم فى تلك الزيارة للإعتراف و الإعتقاد بانّ أمرهم و ولايتهم من الاُمور الصعاب و لا يحتمله الا المقرّب و المرسل و الكامل المختار، اذ الأدبار سبب لإنكار الكافر المرتاب و هذه المعارف العالية فى بيان نبذة من الأنوار اللامعة فى
ص: 15
شأن العترة الهادية و فى شرح الزيارة الجامعة،هدية منّى لصاحب الولاية الكاملة مع العجز عن فهم شى ء من مراتبهم العالية الولائية و على ولايتهم التامّة و جميع شئونهم و مراتبهم الجامعة لاسيّما صفوة الأوصياء الكرام البررة و كهف الورى و من بيمنه رزق الورى،مهدى هذه الاُمّة و هاديها روحى و أرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء.
«يا أيها العزيز مسّنا و أهلنا الضرّ و جئنا ببضاعة مزجاه فأوف لنا الكيل و تصدّق علينا انّ اللّه يجزى المتصدّقين»(1)
ص: 16
لا ريب بانّ العبوديّة للّه تعالى أثر المعرفة، لانّها الغرض الأقصى
للخلقة،اذا العقل يحكم بانّ اللّه لم يخلق الخلق عبثاً، بل خلقه للمنفعة و الرّحمة و الكمال و الهداية.
فأشرف الحقائق وأكملها،معرفة اللّه ثم طريق المعرفة فى تحصيلها...
عن هشام قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليه السلام قال: ...ما أقبح بالرجل يأتى عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة... لا يعرف اللّه حقّ معرفته...(1)
عن أميرالمؤمنين عليه السلام: أول الدين معرفته و كمال معرفته التصديق به.(2)
قال أبوجعفر عليه السلام: يا أباحمزه انّما يعبد اللّه من عرف اللّه و اما من لا يعرف اللّه كانّما يعبد غيره هكذا ضالاً.(3)
قال سمعت أباالحسن الرضا عليه السلام: أول عبادة اللّه معرفته...(4)
ص: 17
قال النبى صلى الله عليه و آله وسلم: أفضلكم إيماناً أفضلكم معرفة.(1)
و لا يخفى بانّ العبودية منوطة بالنيّة و قصد القربة و كلّما أزدادت
المعرفة اشتدّ الرغبة الى الطاعة.
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ...أول عبادة اللّه المعرفة به...(2)
ص: 18
انّ محمداً و آل محمد محالّ معرفة اللّه
فقال أبوجعفر عليه السلام: ...نحن الاعراف الذين لايعرف اللّه الا بسبب معرفتنا... و ذلك انّ اللّه لو شاء ان يعرف الناس نفسه لعرّفهم ولكنّه جعلنا سببه و سبيله و باب الذى يؤتى منه...(1)
لا شبهة بانّ المعرفة الوجدانى الثبوتى له تعالى لا كيفية لها و لا تختلف بإختلاف الخلق اذ لاتدرك و لاتتوهم و لا تتصوّر و اليه أشار بقوله صلى الله عليه و آله وسلم ما عرّفناك حق معرفتك.
و الحقّ انّهم فى أكمل درجة المعرفة الشهودى الفطرى القلبى بالمعرفة
الثبوتى،التى هى من صنع اللّه و لذلك المقام يقول: اللهم عرفنى نفسك... اما المعرفة الإثباتى تختلف بإختلاف الخلق إيقانا و إثباتاً، كمّاً و كيفاً، انّاً و لمّاً
فلها درجات،فأكمل تلك المعرفة بنوره و آياته و آثاره و إسمه و صفته و وجهه، فلها قال على عليه السلام: لو كشف الغطا ما أزددت يقيناً.و لا ريب بانّ محمداً و آل محمد عليهم السلام هم أعظم الوسائط بين اللّه و بين خلقه و سبيل المعرفة و طريقتها لتلك المعرفة الإثباتى، اذ العاقل يعرف بانّ اللّه تعالى لم يكل أمر هداية الناس فى معرفته الى عقولهم الناقصة مع الآراء
ص: 19
المتضادة، مع انّ الحق واحد فينحصر الهداية بالعقل الى إتباع الوحى و العصمة، فأمر هداية الخلق فى معرفة اللّه تعالى بالعقل ينحصر فى تبعيّة الوحى اذ هم السبيل الأوضح و الصراط الأقوم و الطريق الأكمل لمعرفة اللّه و هم محال المعرفة و خزّانها و الأدلّاء على معرفته تعالى و من عرفهم فقد عرف اللّه...
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم لعلىٍ عليه السلام: ثلاث أقسم انّهنّ حقّ: انّك و الأوصياء
من بعدك عرفاء لايعرف اللّه الا بسبيل معرفتكم...(1)
عن الصادق عليه السلام: ...لا يعرف اللّه عزّوجل الا بسبيل معرفتنا...
انّ اللّه لو شاء لعرّف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه و صراطه و سبيله و الوجه الذى يؤتى منه...(2)
قال على عليه السلام: ...معرفتى بالنورانية معرفة اللّه...(3)
و الروايات الواردة بهذه المضامين كثيرة نحو: عن أبى جعفر عليه السلام: بنا عرف اللّه (4).
قال أبوعبد اللّه عليه السلام: ...لولانا ما عبد اللّه (5) و هم (محال معرفة اللّه).لا ريب بانّ الأنبياء و أوصيائهم علّم الخلق طريق الطاعة فاللازم ان تكونوا هم سبيل المعرفة و طريقتها بل هم عين المعرفة باللّه و رسوله و أوليائه عليهم السلام.(6)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: خرج الحسين بن على عليه السلام على أصحابه فقال:
ص: 20
أيها الناس انّ اللّه جل ذكره ما خلق العباد الا ليعرفوه فاذا عرفوه عبدوه... فقال له رجل يابن رسول اللّه بابى أنت و امى فما معرفه اللّه؟ قال معرفه اهل كل زمان امامهم الذى يجب عليهم طاعته.(1)
عن زراره قال قلت لأبى جعفر عليه السلام: أخبرنى عن معرفة الإمام منكم واجبه على جميع الخلق؟ فقال عليه السلام: ان اللّه بعث محمداً الى الناس أجمعين رسولاً و حجة للّه على جميع خلقه فى أرضه... فانّ معرفة الإمام منا واجبة عليه...(2)
قال قلت لأبى عبداللّه عليه السلام قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: من مات لا يعرف امامه مات ميتهً جاهلية...(3)
و فى الرواية المتّفق عليه بين الفريقين ما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم من مات و لم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية.(4)فى دعاء الرجبيّة: ... اللّهم انّى أسئلك بمعانى... يعرفك بها من
عرفك...(5)
عن الرضا عليه السلام لعمران... قال: بأىّ شى ء عرفناه؟ قال عليه السلام: بغيره قال: فأىّ شى ء غيره؟ قال الرضا عليه السلام مشيّته و إسمه و صفته و ما اَشبه ذلك...(6)
قال سألت أباالحسن الرضا عليه السلام: ... ولكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها لانّه اذا لم يدع بإسمه لم يعرف...(7)
ص: 21
فبما انّ كنه الذات لاتعرف و لاتوصف بالإدراك و توهم حتى تكونوا هم المعرّف لها فهم العرفاء لمعرفة الإثباتى المتجليّة فى أسمائه و صفاته لانّهم المظاهر لأسمائه و صفاته و هم الأدلاء على صراطه بأكبر آياته و أعظم أسمائه و صفاته،فمعرفتهم ناظرة الى مرتبة التفصيل و الإجمال.
قال المجلسى يقول الكراجكى: اعلم انه لمّا كانت معرفة اللّه و طاعته
لاينفعان من لم يعرف الإمام و معرفة الإمام و طاعته لاتقعان الا بعد معرفة اللّه،صحّ ان يقال انّ معرفة اللّه هى معرفة الإمام و طاعته...(1)
قال بعض: إضافة المحلّ الى معرفة اللّه (محال معرفة اللّه) إضافة محلّ الشى ء الى نفسه أى انّهم نفس معرفة اللّه لا ان ذاتهم محل و المعرفة شى ء آخر قد حلّت فيهم... و الحقّ انّهم ظرف لمعرفة اللّه و من عرفهم فقد عرف اللّه.و الأئمّة المعصومين عليهم السلام يجب ان يكونوا فى أعلى مراتب المعرفة و العصمة و الكمال و الا يلزم ان لايكون الإمام سبيلاً الى طاعته و معرفته.
فاللّه تعالى لا ينصب الا المعصوم الأعلم الأفضل الأكمل فى تمام
المعرفة الإمكانى التى لايليق ذلك الا لهم.
ص: 22
انّ معارف المعصومين عليهم السلام لاتعرف الا من جهتهم، اذ العقول قاصرة عن درك كنه معرفتهم و حقائقهم و شئونهم النورانيّة و أرواحهم القدسيّة و نفوسهم العالية و لايمكن الإستخبار عن غيرهم و لا الإستكشاف بالوسائل المجعولة، فالملاكات المهمّة لمعرفتهم اما بالعقل الصريح أو الآيات و الروايات المتواترة و الحقّ انّ شئوناتهم لاتعرف الا من قبلهم و جهتهم و فى القرآن و السنة و كلماتهم الحقه و فى الزيارات العالية لاسيّما فى الزيارة الجامعة و فى زيارة على عليه السلام فى يوم الغدير و زيارة العاشور و غيرها.
ان الائمّة المعصومين عيلهم السلام بالعبارات المختلفة: ... انّ أمرنا، سرّنا، حديثنا،ولايتنا، صعّبٌ مستصعب لايحتمله الا ملك مقرّب أو بنى مرسل أو مؤمن ممتحن...(1) (و فى بعضها قد وردت من دون الّا).
و لا ريب بانّ هذه الزيارة الجامعة محتوية على إشارات و لطائف دقيقةو ظرائف لطيفة فى أسرار الأئمّة الأطيبين و لابدّ قبل الخوض فى معانيه و بيان بعض معارفه و لطائفه ان نبحث حول مقدمتين:
ص: 23
فالراغب عنكم مارق و اللازم لكم لاحق.
والمقصر فى حقّكم زاهق... من أتاكم فقد نجى و من لم يأتكم فقد هلك...(1)
ان الأئمّة المعصومين عليهم السلام وصلوا الى معدن العظمة و المنازل الرفيعة بحيث لايلحقهم لاحق و لايبلغهم الطالب و انّهم لم يصلو الى تلك المرتبة الا بالعبودية الكاملة و الإختبار و لايصل اليها الا هم و لهذا المقام انّهم أولى الناس و أعرف الناس عند اللّه و عند الخلق من هذه الجهة و ان حالهم مع اللّه فى الخلوات مخزونة عندهم لايعرفها الناس فقال الإمام الهادى عليه السلام فى حقهم: فعظّمتم جلاله و أكبرتم شأنه...
و اما بالنسبة الى الخلق، فنقول: لايمكن الوصول الى فهم تلك المراتب
و فهم الظواهر فكيف بالبواطن و خفايا اُمورهم،فلهذا لما سمعوا وقعوا فى اُمورهم و شئونهم فى الحيرة و الغلو، فهم ما بين الغالى و التالى،و الذى هو الملاك و المناط لمعرفة الغالى من التالى، ما نشير اليه ذيلاً و هو: الأول: إدعاء الربوبية لغير اللّه تعالى فقال اللّه تعالى: «لقد كفر الذين قالوا ان اللّه هو المسيح بن مريم...»(2)و قال اللّه تعالى:«...لا تغلو فى دينكم»(3)
و قال اللّه تعالى: «...و لا يأمركم ان تتخذوا الملائكة و النبيين أرباباً أيأمركم بالكفر»(4)
ص: 24
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: ان أميرالمؤمنين صلوات اللّه عليه علم أصحابه... إيّاكم و الغلوّ فينا قولوا انّا عبيدٌ مربوبون و قولوا فى فضلنا ما شئتم...(1)
عن الرضا عليه السلام: ... و أنا لنبرأٌ الى اللّه عزوجل ممّن يغلو فينا فيرفعنا فوق
حدّنا كبرائة عيسى بن مريم عليه السلام من النصارى...(2)
قال أبوعبداللّه عليه السلام... فقال: يا إسماعيل لاترفع البناء فوق طاقته فينهدم إجعلونا مخلوقين و قولوا فبنا ما شئتم فلن تبلغوا...(3)
قال الصادق عليه السلام: ... فانّ الغلاة شر خلق اللّه يصغّرون عظمة اللّه و يدّعون الربوبية لعباد اللّه و اللّه انّ الغلاة لشرٌ من اليهود و النصارى و المجوس و الذين أشركوا...(4)
الثانى: فمن موارد الغلوّ، إدعاء الربوبية للنبى صلى الله عليه و آله وسلم أو النبوّة بعد محمد صلى الله عليه و آله وسلملغيره أو الإمامة لغير الإمام أو الإتحاد و الحلول و ما ورد فى التفويض المحرّم (هذا إجمال الكلام فى الغالى).عن المفضل قال أبوعبداللّه عليه السلام: ما جاءكم منا مما يجوز ان يكون فى المخلوقين و لم تعلموه و لم تفهموه فلا تجحدوه و ردّوه الينا(5) و ما جاءكم عنا ما لايجوز ان يكون فى المخلوقين فاجحدوه و لاتردّوه الينا.
عن الرضا عليه السلام: ...فمن ادّعى للأنبياء ربوبية أو إدعى للأئمّة ربوبية أو نبوّة أو لغير الأئمّة إمامة فنحن منه براء فى الدنيا و الآخرة.(6)
ص: 25
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: ...لعن اللّه من قال فينا ما لانقوله فى أنفسنا و لعن اللّه من أزالنا عن العبودية للّه الذى خلقنا و اليه مآبنا و معادنا و بيده نواصينا.(1)
قال قلت لأبى عبداللّه عليه السلام: انّ قوماً يزعمون انّكم آلهة يتلون علينا بذلك قرآناً... قال يا سدير سمعى و بصرى و شعرى و بشرى و لحمى و دمى من هؤلاء براء، برى ء اللّه منهم و رسوله، ما هؤلاء على دينى و دين آبائى، و اللّه لا يجمعنى و إياهم يوم القيمة الا هو عليهم ساخط، قال قلت: فما أنتم جعلت فداك؟ قال: خزّان علم اللّه و تراجمه وحى اللّه و نحن قوم معصومون أمر اللّه بطاعتنا و نهى عن معصيتنا...(2)
فالإعتقاد بانّهم أول المخلوقين و إشرافهم و انّهم فى أعلى درجة الشرف و المنزلة نوراً و روحاً و جسماً و علماً و كمالاً بحيث انّ الملائكة و الأنبياء تتوسل بهم و تخدّمهم و انّهم الكلمة العليى و الأسماء الحسنى وانّهم نفس اللّه و علمه و قدرته و نوره و مشيّته و الفعل و الذكر الأول الذى بهم و لأجلهم خلق اللّه الخلق و الجنة و النار فليس كلها من الغلوّ بل عباد مكرّمون لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون.
و لا ريب بانّهم عليهم السلام هم العلة و الأصل فى الإيجاد و الطاعة و المعرفة و هم المحلّوقون من نور عظمة اللّه و هم المثل الأعلى.
عارف بحقّكم مقرّ بفضلكم.
لا ريب بانّهم فى أعلى درجة المعرفة الإثباتى له تعالى بحيث صاروا
ص: 26
محال لمعرفة اللّه، و معارفهم و شئونهم و سرّهم و ولايتهم أيضاً على مبلغ من العلوّ بحيث ان الخلق عاجز عن درك حقيقة مراتبهم التى رتّبهم اللّه فيها،كما ورد فى الزيارة الجا معه: (موالى لا احصى ثنائكم و لا أبلغ من المدح كنهكم و من الوصف قدركم) فهم فى أعلى درجة العلم و المعرفة، فلهذا العارف بحقّهم أيضاً على درجاتٍ من المعرفة.
عن الصادق عليه السلام: ... يا كامل اجعل لناربا نؤب اليه و قولوا فينا ما شئتم قال قلت: نجعل لكم ربّا تئوبون اليه و نقول فيكم ما شئنا قال فاستوى جالسا ثم قال و عسى ان نقول ما خرج اليكم من علمناالّا ألفا غير معطوفة.(1)
عن الصادق عليه السلام: لو اذن لنا ان نعلم الناس حالنا عند اللّه و منزلتنا منه لمااحتملتم فقال له فى العلم؟ فقال: العلم أيسر من ذلك ان الإمام و كرّ لإرادة اللّه عزوجل لايشاء الا من يشاء اللّه.(2)
عن زراره قال دخلت على أبى جعفر عليه السلام فسألنى ما عندك من أحاديث الشيعة؟ قلت: ان عندى منها شيئاً كثيراً قد هممت ان أو قد لها ناراً ثم أحرقها، قال و لم؟ هات ما أنكرت منها، فخطر على بالى الاُمور فقال لى ما كان علم الملائكة حيث قالت أ تجعل فيها من يفسد فيها.(3)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ... و كما لايقدر على كنه صفة الرّسول كذلك لايقدر على كنه صفة الإمام عليه السلام...(4)
ص: 27
فقال عليه السلام فى حقهم: فبلغ اللّه بكم أشرف محلّ المكرمين و أعلى منازل المقرّبين و أرفع درجات المرسلين حيث لايلحقه لاحق و لايفوقه فائق و لايطمع فى إدراكه طامع.(1)
عن ميثم التمار قال قال لى اميرالمؤمنين عليه السلام: ...حدثوا عن فضلنا و لاحرج و عن عظيم أمرنا و لا أثم.(2)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ...و من دعا من مخالف لكم فأجابه دعائه لكم...فتنافسوا فى فضائل الدرجات...(3)قال سألت أباعبداللّه عليه السلام عن قول اللّه عزوجل: ... «هم درجات عند اللّه»(4) فقال الذين ابتغوا رضوان اللّه هم الأئمّة و هم و اللّه يا عمار درجات للمؤمنين و بولايتهم و معرفتهم إيّانا يضاعف لهم أعمالهم و يرفع لهم الدرجات العلى...(5)
ثم بعد التوجه الى ان الناس بالنسبة الى أمر الأئمه المعصومين عليهم السلام على طوائف من بين غالٍ و تال، فلابدّ للمؤمن بهم المتديّن بولايتهم و شئوناتهم ان لايبادر أولاً بردّ ما ورد عنهم من فضائلهم و معالى اُمورهم و معجزاتهم الّا اذا ثبت خلافه بضرورة العقل و الدين و الآيات المحكمة و الأخبار المتواترة، اذ هو من نقصان الإيمان و للإيمان درجات و منازل يتفاضل محبّيهم على قدر إيمانهم و تسليمهم بهم، فهذا سرّ جعل الأنبياء اولى العزم، و سبب تفاضل جميع الموالين على ولايتهم و محبّتهم، فكأنهم هم تلك
ص: 28
الدرجات اذ أرفع الدرجات و أعلاها لمن تمسك بهم و بولايتهم.(1)
و محصّل المراد أن الدهر أضحكنى من فرط التعجب بعد ما أحزننى لأنّه أنزلنى ثم أنزلنى حتى قيل معاوية و على عليه السلام.(2)
عن الصادق عليه السلام: الإيمان عشر درجات فالمقداد فى الثامنة و أبوذر فى التاسعة و سلمان فى العاشرة...(3)قال أميرالمؤمنين عليه السلام: رحم اللّه سلمان و أباذر و المقداد ما كان أعرفهم بهما (عمر و أبوبكر) و أشدّ برائتهم منهما و لعنتهم لهما.(4)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال سمعته يقول: من سرّه ان يستكمل الإيمان كلّه، فليقل القول منى فى جميع الأشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما أسرّوا و ما أعلنوا و فيما بلغنى عنهم و فيما لم يبلّغنى.(5)
و هذه الزيارة من أعلى الزيارات و أكملها لمعارف الحقّة الولائية اذ تظهر فيها حقائق يعلو المؤمن الى الإيقان بحقائقهم و شئوناتهم التى جعلهم اللّه فيها و هى سبب إرتقاء الموالين فى الدرجات العالية لان أول الدين معرفة توحيده و إظهار الشهادة بوحدانيته ثم الإقرار بالشهادة على رسالة النبى المختار محمد صلى الله عليه و آله وسلم و حقانيّة نبوّته و دينه و قرآنه و معجزاته و هى ميزان المعرفة للمتظاهر بالإسلام بالشهادتين و هذه الزيارة اظهار العقيدة و المعرفة للعارف الكامل فى المراتب العالية بعد الإقرار بالشهادة
ص: 29
الثالثة عند السلام على العترة الطاهرة فى الزيارة الجامعة بقوله: (و أشهد انّكم الأئمّة الراشدون المعصومون المكرمون المقرّبون...) و هى غير الشهادة بالولاية و الإقرار بالمراتب و الفضائل و الشرافة التى رتّبهم اللّه فيها من أكمل مراتب المعرفة بولايتهم.
ص: 30
عن الكاظم عليه السلام: ... من زار أولنا فقد زار آخرنا و من زار آخرنا فقد زار أولنا و من تولى أولنا فقد تولى آخرنا و من تولى آخرنا فقد تولى أولنا(1)
قال قلت لأبى عبداللّه عليه السلام: ما لمن زار واحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم.(2)
أخبرنى على بن محمد بن موسى قال حدّثنا محمد بن (على بن) الحسين الفقيه الرازى (أى الصدوق ره) قال حدّثنا على بن أحمد الدقاق فى آخرين قالوا حدّثنا أبوالحسن محمد بن أبى عبداللّه الأسدى قال حدّثنا محمد بن إسماعيل البرمكى قال حدّثنا موسى بن عبداللّه النخعى قال قلت لعلى بن محمد بن على بن موسى بن جعفر علّمنى يا ابن رسول اللّه قولاً أقوله بليغاً كاملاً اذا زرت واحداً منكم فقال اذا صرت الى الباب فقف و اشهد الشهادتين و أنت على غسل...(3)
ص: 31
لو ورد علينا حديث أو زيارة و نحن قاصرة فهمنا عن دركه فقد أمرنا
بعدم ردّه و عدم إنكاره بل لنا الرّد الى صاحب الكلام و لكن يمكن ردّها بزعم ان سندها ضعيف، أو انه من الآحاد،أو مضمونها تخالف ظواهر الآيات و محكم الروايات أو مضامين القرآن و غيرها من الاُمور التى يمكن بها الخدشة فى الحديث و جرحه، فلنا الملاحظة حول سند زيارة الجامعة و متنها.
يقول المجلسى: انّها أكمل الزيارات و أحسنها...(1)
يقول المجلسى: انّها أصح الزيارات سنداً و أعمّها مورداً و أفصحها لفظاً و أبلغها معنى و أعلاها شأناً.(2)
قال السيد الشّبر: انّ الزيارة الجامعة الكبيرة أعظم الزيارات شأناً و أعلاها مكاناً...(3)
انّ علماء الشيعة صححوا تلك الزيارة و شرحوها كثيراً و قد أورد الشيخ آقا طهرانى مع الشروح العديدة للزيارة الجامعة نحو الشيخ البهائى و صاحب الحدائق و الجزايرى و المجلسى (ره) و غيرهم...(4)
و الإنصاف انّ مضمون هذه الزيارة فيها لطائف و دقائق ظريفة فىأسرار الأئمّة الطاهرين عليهم السلام الدالة على صحة الزيارة التى تدلّ على صحّتها من حيث المتن، و الحكمة التى جائت فيها و الفصاحة و البلاغة و ظرائف المحتوى و المفاهيم فيها و تلك اللطائف، كاملة فى هذه الزيارة و الشاهد
ص: 32
على تلك الأمر وثوق علمائنا الإمامية على صحة مضمونه و محتواه اذ بعد الوثوق بصدوره عن المعصوم لايبقى مجال فى التشكيك فيها مخصوصاً بعد وجود علم الرجال و تصحيح الصدوق و الوثوق بصدوره. و قد استشهدوا لصحة مضامينها و معانيها الرفيعة كبار علمائنا الإماميّة فى الجوامع الحديثيّة مع وجود نقل كثير من فقراتها فى كلمات الأئمّة المعصومين عليهم السلام، فبذلك هذه الزيارة غنية عن النظر بسندها مع قطعية صدورها مع وجود تلك المضامين العالية التى تنادى بصدورها عن العين الصافية. مثل ما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ...فنحن كلمة التقوى و سبل الهدى و المثل الأعلى... و غيرها.(1)
و قد أوردوا كثيراً من فقراتها نحو... خلقكم اللّه أنواراً و جعلكم بعرشه محدقين و غيرها من المحدّثين و المفسّرين فى مختلف كتبهم و مسائلهم التى قد استشهدوا بصحة مضمونها...
ص: 33
ص: 34
فى معنى الزيارة و ما الغرض و الحكمة فيها فنقول: الزيارة من الزور و هو القصد و التوجه، زوراً و زيارةً، له أصل واحد يدل على الميل و العدول و معناه الحضور و الاعراض عن الغير.(1)
و من هذا الباب، الزائر، لانّه اذا زارك فقد عدل عن غيرك و فى الدعاء
(اللّهم اجعلنى من زوارك أى من القاصدين لك الملتجئين اليك...) و الزيارة هى حضور الزائر عند المزور جسماً و روحاً و إيماناً و الغرض من الزيارة، التوجّه الى اللّه و الرسول و الأئمّة عليهم السلام و فى الدعاء اللّهم انّك أفضل مقصود و أكرم مأتى و قد اتيتك متقرباً اليك...(2)
و الحكمة فى زيارة اللّه زيارة أوليائه من محمد و آل محمد عليهم السلام.
قال الصدوق ره: زيارة اللّه عزوجل زيارة حجج اللّه عليهم السلام من زارهم فقد زار اللّه...(3)قال قلت لعلى بن موسى الرضا عليه السلام يا ابن رسول اللّه ما تقول فى
ص: 35
الحديث الذى يرويه أهل الحديث، ان المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم فى الجنة، فقال عليه السلام: يا أباالصلت ان اللّه تبارك و تعالى فضل نبيّه على جميع خلقه من النبيين و الملائكة و جعل طاعته طاعته و متابعته متابعته، و جعل طاعته و مبايعة و زيارته فى الدنيا و الآخرة زيارته، فقال اللّه عزوجل: «من يطع الرسول فقد أطاع اللّه»(1) و قال: «ان الذين يبايعونك انّما يبايعون اللّه يد اللّه فوق أيديهم»(2)
و قال النبى صلى الله عليه و آله وسلم: من زارنى فى حياتى أو بعد موتى فقد زار اللّه تبارك و تعالى...فقال يا أباالصلت من وصف اللّه بوجه كالوجوه فقد كفر ولكن وجه اللّه تعالى أنبيائه و رسله و حججه صلوات اللّه عليهم هم الذين بهم يتوجّه الى اللّه عزوجل و الى دينه و معرفته...(3)
عن صفوان الجمال قال قال لى أبوعبداللّه عليه السلام: ...و قال: و كيف لا أزوره! و اللّه يزوره فى كل ليلة جمعة يهبط مع الملائكة اليه و الأنبياء و الأوصياء و محمد صلى الله عليه و آله وسلم أفضل الأنبياء و نحن أفضل الأوصياء فقال صفوان: جعلت فداك فنزوره فى كل جمعة حتى تدرك زيارة الرب قال: نعم يا صفوان، الزم ذلك تكتب لك زيارة قبر الحسين عليه السلام و ذلك تفضيل و ذلك تفضيل.(4)قال أبوعبداللّه عليه السلام: ... حتى ان اللّه يزور الحسين و يصافحه و يقعد معه على سرير.(5)
عن ابى الحسن موسى عليه السلام قال: ... من زاره و بات عنده ليلة كان كمن
ص: 36
زار اللّه فى عرشه، قلت كمن زار اللّه فى عرشه؟ قال: نعم، اذا كان يوم القيمه كان على عرش اللّه الرحمان اربعة من الأولين و اربعة من الآخرين، فاما الاربعة الذين هم من الاولين فنوح و ابراهيم و موسى و عيسى و اما الاربعة الذين هم من الاخرين فمحمد و على و الحسن و الحسين عليهم السلام.(1)
قال الشيخ الفقيه ابوجعفر ره: معنى قوله عليه السلام كان كمن زار اللّه فى عرشه ليس بتشبيه، لان الملائكه تزور العرش و تلوذ به، و تطوف حوله و تقول نزور اللّه فى عرشه كما يقول الناس نحج فى بيت اللّه و نزور اللّه، لان اللّه عزوجل ليس موصوف بمكان تعالى اللّه عن ذلك علواً كبيراً.(2)
عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: ... من زاره يوم عاشوراء فكأنما زار اللّه فوق عرشه...(3)
عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: ... و يوسمون فى وجوههم بميسم نور عرش اللّه هذا زائر قبر خير الشهداء...(4)عن أبى عبداللّه عليه السلام: ان الحسين عند ربه (عزوجل) ينظر الى موضع معسكره و من حلّه من الشهداء معه(5).
فبما ان اللّه تعالى لايوصف ذاته، لايوصف فعله و لا كيفية لهما ولكن
خلق أولياء لنفسه فجعل رضاهم و سخطهم رضاه و سخطه و هكذا جعل اطاعتهم و زيارتهم اطاعته و زيارته، و الحق تعالى شأنه تجلى بهم و فيهم
ص: 37
فى كلامه و تكليماته و فى الزياراة اذ ليس له تعالى تجليا بذاته بل تجلى بنوره و فعله و المراد من زيارة اللّه فى ليلة الجمعة، لانّ الجمعة يوم تجديد العهد و الميثاق مع ولى اللّه و ليلة ايصال الفيض الى زوّارهم و ليلة تثبيت الحكم و امضائه و بالحقيقة ان الحقيقة الولائية المظهرية لجماله و وجهه الباقى ينزل و ينظر الى زوّار الحسين و الأئمّة عليهم السلام فى ليلة الجمعة.
عن جعفر بن محمد عليه السلام: ... فو اللّه ان أرواحنا و أرواح النبييّن لتنال العرش كل ليلة جمعه...(1)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: من زار قبر الحسين عليه السلام فى كل جمعة...كان مسكنه فى الجنه مع الحسين ابن على عليه السلام.(2)
عن الصادق عليه السلام: ...ان اللّه يتجلى لزوار قبر الحسين عليه السلام قبل اهل عرفات...(3)عن الصادق عليه السلام: ... انه اذا كان يوم القيمه جلس الحسين عليه السلام فى ظلّ العرش و جمع اللّه زواره و شيعته ليبصروا من الكرامه و النصره و البهجة و السرور الى امر لايعلم صفته الاّ اللّه...(4)
عن الصادق عليه السلام: ... اما تعلم انه من خاف لخوفنا اظله اللّه فى ظل عرشه و كان محدثة الحسين تحت العرش و آمنه اللّه من فزع يوم القيامة...(5)
قال ابوعبداللّه عليه السلام: ... كانى بسرير من نور قد وضع... و كانى
ص: 38
بالحسين عليه السلام جالس على ذلك السرير... و كانى بالمؤمنين يزورونه و يسلّمون عليه فيقول اللّه عزوجل لهم أوليائى سلونى...(1)
لاريب بان محمداً و آل محمد عليهم السلام هم اصل الحيوة الباطنى و الظاهرى و ولايتهم هى الحيوة الطيبه الباقية فبذلك لافرق لشهودهم فى اجابة دعاء الخلق و اجابة سلامهم بين ان يكونوا بين ظهرانى الخلق أم لا،لان ميتهم لم يمت و غائبهم لم يغب، انهم بالحقيقة النورانية أو بالروح المقدس أو الابدان العلينية أو الشهود العلميه و العقلانيه، احياء عند ربهم و ينظرون الى زوارهم.
و الزيارة قد تحصل بزيارة المزور جسماً و قد تحصل روحاً و قد
تحصل معهما بالعلم و المعرفه أو بالايمان الكامل بشئونات المزور ففى تلك المرتبة قد تختلف كيفية الزياره و مقدار اعراضه عن غير المزور منالتكلّم معه و الحاله التى يحصل له، و كيفيه قرائتها ففى جميع تلك المراتب ان الزائر الذى كمل فى المعرفه بالمزور يحضر عند مزوره بقلبه و تمام ايمانه و يكلّم معه بالمعرفه التى تعلّم بنور عقله من موضع العلم و المعرفه و هو محمد و آل محمد عليهم السلام بالزيارة المأثورة عنهم، اذ كمال المعرفة فى التعليم عن أهل بيت المعصمه عليهم السلام و كمال الزيارة بالاعتقاد بولايتهم و شئونهم التى رتّبهم اللّه فيها بالايمان الكامل.
و لايخفى على العارف بهم بان تكرار زيارتهم خصوصاً اذا كان مقرونا
بمعرفتهم العاليه توجب الانقطاع عن الغير، مضافاً ان الزائر يصل فى تكرار الزيارة الى مرتبة الكمال و الصعود فى الدرجات العالية فتصل الى معدن
ص: 39
العظمة فتصير روحه متعلقة بعز قدسه...
فههنا نكته نورانيه و هى: هل زيارتهم لانفسهم توجب الترقّى لهم؟ فنقول: كما ان الصلوات لانفسهم و لانوارهم المتنزّله حول العرش توجب التعالى لهم فى العلم بلا معلوم و الفناء فى نور وجه اللّه الباقى فهكذا الزيارة الكاملة منهم لأنفسهم ترقيّهم الى أشرف المراتب التى خصّهم اللّه بها و منها و هوالفناء فى نور عظمته و ولايته فقال الصادق عليه السلام(لولا أنا نزداد لا نفدنا(1)).
ص: 40
«السلام عليكم يا أهل بيت النبوة»
لا ريب بان للسلام معانى عديدة و هو من أسمائه تعالى أى الحافظ و
القيم و لهذا قال الرسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم لجبرئيل: (يا جبرئيل ربى هو السلام و منه
السلام و اليه يعود السلام(1)).
و لها معان: الأول: السلام من السلامة من كل مكروه و السلامة من الأذى، كما قال اللّه تعالى:«و السلام لك من اصحاب اليمين(2)» يعنى انك تسلم منهم لايقتلون ولدك(3).
الثانى: بمعنى الجنة أى دار لهم السلام كما فى قوله تعالى: «سلام قولاً من رب رحيم»(4)
الثالث: أو بمعنى السلام من كل عيب و نقص.
الرابع: أو بمعنى الصواب كما فى قوله تعالى: «و اذا خاطبهم الجاهلونقالوا سلاماً»(5)
ص: 41
الخامس: أو بمعنى الحافظ اى السلام عليكم يعنى اللّه و هو الحافظ
عليكم.
السادس: أو بمعنى التسليم (ثم لايجدوا فى أنفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليماً)(1) و فى الزياره (و مسلّم فيه معكم و قلبى لكم مسلّم و رأيى لكم تبع و نصرتى لكم معدّة).(2)
السابع: أو بمعنى التذكرة و العهد و طلب تعجيل الوعد اى بها ما أنعم اللّه عليهم من العهود و المواثيق و الطهارة من كل إثم و رجس.
عن داوُد الرقى قال قلت لابى عبداللّه عليه السلام: ما معنى السلام على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فقال: انّ اللّه لما خلق نبيّه و وصيه و ابنته و ابنيه و جميع الائمه عليهم السلام و خلق شيعتهم، أخذ عليهم الميثاق و ان يصبروا و يصابروا و يرابطوا و أن يتقوا اللّه و وعدهم ان يسلّم لهم الأرض المباركه و الحرم الأمن و ان ينزل لهم البيت المعمور و يظهر لهم السقف المرفوع و يريحهم من عدوهم و الأرض التى يبدّلها اللّه من السلام و يسلّم ما فيها لهم لاشيه فيها قال و لاخصومة فيها لعدوهم و ان يكون لهم فيها ما يحبّون و اخذ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمعلى جميع الائمه و شيعتهم الميثاق بذلك (و انما السلام عليه) تذكرة نفس الميثاق و تجديد له على اللّه لعلّه ان يعجّله و يعجّلالسلام لكم بجميع ما فيه.(3)
الثامن: السلام بمعنى الدعاء و طلب الرحمة كما نقول:(السلام عليكم و
ص: 42
رحمه اللّه و بركاته) و كما ورد فى آية الصلوات و دعاء الصلوة فى كل يوم من شهر رمضان و فيها... على محمد و آله السلام كلّما طلعت شمس أو غربت على محمد و آله السلام كلما...
قال: ... ثم التفت فاذا أنا بصفوف من الملائكة و النبيين و المرسلين فقال لى يا محمد سلّم، فقلت السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته فقال: يا محمد انى أنا السلام و التحية و الرحمة و البركات أنت و ذريتك...(1)
التاسع: السلام بمعنى الإعتراف بالشخصية لا الشخص كما قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: من زاره عارفاً بحقه اى عارفاً بشخصيته لا شخصه.(2)
قال شهدت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ثمانية أشهر اذا خرج الى صلوة الغداة مرّ
بباب فاطمه عليهاالسلام فقال: السلام عليكم أهل البيت و رحمة اللّه و بركاته...(3)
العاشر: بمعنى اداء حقّ صاحب الحقّ، اذ الرابطه بين الشخصين اما مثبت و اما منفى و سلام المؤمن على رسول اللّه رابطه حسنه و اداءٌ لحقّه بجميع حدوده و معناه و مثبتٌ لما فى قلبه من الإقرار بولايتهم و الايمان بجميع شئونهم... فى حياتهم و مماتهم و بجميع شئونهم بأجسادهم وارواحهم و عصمتهم و اعترافاً بحقوقهم و ولايتهم و تسليماً بقدرتهم و علمهم و ظهورهم و رجعتهم و بايابهم يوم القيامة و هكذا، فاللّه تعالى سلّم عليهم بقوله «سلام على آل يس» و بالصلوات و تذهيبهم عن كل رجس و أعطائهم جميع الحقوق و المراتب التى رتبهم اللّه لهم فى القرآن.
ص: 43
عن جعفر بن محمد عليه السلام فى قوله تعالى:«ادخلو فى السِّلم» قال: فى ولايتنا(1).
السِّلم و التسليم بمعنى الإنقياد و المتابعة فقال اللّه تعالى:«ادخلوا فى السّلم كافة»(2)اى سالمين من الشك و الريب (و القلب السليم على امامتهم و ولايتهم عن كل شك) فلهذا سمى الدين الاسلام فقال اللّه تعالى: «و من يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه»(3)اى الدين المرضى فى قوله تعالى: «اليوم اكملت لكم دينكم»(4) اى اسلامكم «و السِّلم» و السلامة المرضية الكاملة هى الولاية و الاطاعة المعصوم عليهم السلام.
فى تفسير الفرات عن ابى جعفر عليه السلام فى قوله تعالى: «ان اللّه و ملائكته... و سلّموا تسليماً»(5) قال لى: الامام عليه السلام يا اباهاشم لقد قال ما لايعرف تفسيره قال اللّه تعالى «و سلّموا (الولاية لعلىٍ) تسليماً»(6)... فقال صلى الله عليه و آله وسلم لى يا جابر انك لاتكون مؤمناً حتى تكون لأئمتك مسلماً ولاتكن عليهم برأيك معترضاً...(7)
قال سمعت الصادق عليه السلام يقول: من سرّه أن يستكمل الايمان فليقل القول منى فى جميع الأشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما اسرّوا و فيما اعلنوا و فيما بلغنى و فيما لم يبلغنى.(8)
قال ابوجعفر عليه السلام فى قوله تعالى: «فآمنوا باللّه و رسوله و النور الذى
ص: 44
انزلنا»(1)... و اللّه يا أباخالد لا يحبنا عبدٌ و بتولّنا حتى يطهّر اللّه قلبه و لايطهّر اللّه قلب عبد حتى يسلّم لنا و يكون سلماً لنا، فاذا كان سلماً لنا سلًمه اللّه من شديد الحساب و آمنه من فزع يوم القيامه الاكبر.(2)
عن الباقر عليه السلام: يا كامل قد افلح المؤمنون المسلّمون يا كالم ان المسلّمين هم النجباء.(3)
قال سمعت اباعبداللّه عليه السلام يقول: لاتذكروا سرّنا بخلاف علانيّتنا و لا علانيّتنا بخلاف سرّنا حسبكم ان تقولوا ما نقول و تصمتوا عما نصمت...(4)
قال على بن الحسين عليه السلام: ان دين اللّه لايصاب بالعقول الناقصه و الآراء الباطلة و المقائيس الفاسدة و لايصاب الا بالتسليم فمن سلم لنا سلم و من اهتدى بنا هدى و من دان بالقياس و الرأى هلك و من وجد فى نفسه شيئاً مما نقوله أو نقضى به حرجاً، كفر بالذى انزل السبع المثانى و القرآن العظيمو هو لايعلم.(5)
ان اللّه لم يسلّم على آل النبيّين و ان سلّم عليهم فى قوله تعالى: «سلام على ابراهيم»(6) و قوله تعالى: «سلام على موسى و هارون»(7) ولكنّ اللّه تعالى يقول فى كتابه: «سلام على آل يس»(8) و يس فى القرآن اسم محمد و آل يس آل محمد عليهم السلام.
ص: 45
فمن عنّى بقوله «يس» قال: ابوالحسن عليه السلام:... نعم أخبرونى عن قوله تعالى «يس...» قال العلماء، محمد صلى الله عليه و آله وسلم لم يشك فيه احد قال عليه السلام:... ان اللّه لم يسلّم على أحدٍ الا على الانبياء...
و لم يقل سلام على آل نوح.... و قال «سلام على آل يس» يعنى آل محمد عليهم السلام...(1)
ان قلت: انهم استشهدوا فكيف السلام عليهم فى قبورهم؟ قلت انهم احياءٌ يرزقون و يسمعون و يردون السلام كما ورد فى اذن الدخول لزيارة الرضا عليه السلام و السلام على اجسادهم و ارواحهم... و ما جائت فى زيارة سيدتنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام: ... السلام على روحكِ و بدنكِ.... عن ابى جعفر عليه السلام فى قوله تعالى : «فسلام لك من اصحاب اليمين» يعنى انك تسلم منهم لايقتلون ولدك.(2)
ص: 46
«السلام عليكم يا اهل بيت النبوه... و سلالة النبيين»
لايخفى على البصير بأمر الولاية و بعد توجه الزائر بان المعصومين عليهم السلام عرفوا انفسهم فى الزياره الجامعه يرى بعد تسليم أمره و قلبه لديهم و تنوير معارفه من عندهم بانه بعد الاقرار بالوحدانية و الرسالة، الاقرار بالشهادة الثالثه عقيبهما ثم يتوسّل بهم باظهار تمام اعتقاده مع التسليم بعظمتهم و شئونهم و معارفهم مخاطباً عليهم بيا( اهل بيت النبوة عليهم السلام) فلهذا لم يسلّم الزائر على النبى صلى الله عليه و آله وسلمبالإنفراد و الإنحصار بل يسلّم و يصلِّ على
اهل بيته عليهم السلام معه صلى الله عليه و آله وسلم تعظيماً لشأنهم و ما هى إلّا لوجوه:
الاول: لأن اسرار النبوة و حقائقها عندهم.
الثانى: لأن قوام وجود الخلق و بقائهم بهم و منهم و لأن محمداً و آل محمد عليهم السلام علة ايجاد الانبياء و المرسلين و سائر ما خلق اللّه اجمعين بحيث ان نبوة الأنبياء لأجلهم و ببركتهم.
الثالث: من الاصول المحكمة و المتقنة عندنا بأن كلما ثبت امره
للنبى صلى الله عليه و آله وسلم فهو ثابت لعلى عليه السلام الا النبوّة لأنه بابه و نفسه... فهم سلالة النبيينو صفوة المرسلين فى مرتبة الظهور و كفانا فى هذا المقام حديث المنزلة
ص: 47
حيث يقول النبى صلى الله عليه و آله وسلم: أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبىّ بعدى(1).
الرابع: أو لأن استدامة وظائف النبى باقيه فيهم و من عندهم و هم ثمرة
بعثة جميع الأنبياء لا سيما خاتم الأنبياء و صلى الله عليه و آله وسلم.
الخامس: لا يخفى عليك بأن بعثة جميع الأنبياء بهم و لأجلهم بل ان
نبوة خاتم النبى صلى الله عليه و آله وسلم قبل نبوتهم فى باطن الأمر و فى عالم الأرواح و لا ريب بانّ علياً عليه السلام نفس الرسول و ان اللّه تعالى أخذ ميثاقهم على الإقرار بنبوة الخاتم و ولاية على بن ابى طالب عليه السلامفى ذيل قوله تعالى: «و اذ أخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح»(2) و غيرها من الايات الواردة لأخذ الميثاق عن النبيين و قد تقدّمهم فى الخلق و اخذ الميثاق.
فقال اللّه تعالى: «إن من شيعته لابراهيم انه أتاه اليه بقلبٍ سليم»(3)
و قال اللّه تعالى فى شأن موسى و هارون: «اُشدد به أزرى و أشركه فى أمرى»(4) و قد قال بمضمونه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: اللهم ان عبدك موسى بن
عمران قال واجعل لى هارون اخى... و أنا اقول و اجعل علياً عليه السلام اخى، اشدد به ازرى و اشركه فى أمرى... و قد قلت: (قد اوتيت سؤلك يا موسى)(5) و جميع الخطاب بهذا النحو و بحسب باطن القرآن فى هارون وموسى على نحو التثنيه... نحو «اذهباالى فرعون» منصرفة و جارية على النبى صلى الله عليه و آله وسلم و على عليه السلام.
ص: 48
و قد قال النبى صلى الله عليه و آله وسلم لعلى عليه السلام: أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه
لا نبىّ بعدى(1) و الدليل من القرآن، قوله تعالى: «قل تعالوا ندع ابناءنا و ابناءكم... و انفسنا و انفسكم...»(2)
لا شك بانّ علياً عليه السلام نفس الرسول فى آية المباهلة. قال على عليه السلام: لم يبعث اللّه تعالى نبيّاً آدم و من بعده الا أخذ عليه العهد لئن بعث اللّه محمداً صلى الله عليه و آله وسلم و هو حىٌّ ليؤمننّ به و لينصرنّه و يأخذ العهد بذلك على قومه.(3)
فى معانى الاخبار قال قلت لابى عبداللّه عليه السلام: جعلت فداك من الآل؟ قال: ذرية محمد صلى الله عليه و آله وسلم قال فقلت و من الأهل؟ قال: الائمه صلوات اللّه عليهم اجمعين، فقلت قوله تعالى: «ادخلوا آل فرعون أشد العذاب»(4) قال: واللّه ما عنى الا ابنته.(5)
و اُخرى فيه قال قلت لابى عبداللّه عليه السلام من آل محمد عليهم السلام قال: ذريته فقلت: من أهل بيته قال: الأئمة، الأوصياء فقلت: من عترته؟ قال: أصحاب العباء...(6)فأهل بيت النبى صلى الله عليه و آله وسلم الأئمة المعصومين عليهم السلام لأن اهل الرجل و آله هم أشياعه و أتباعه و عترته ثم كثر استعماله فى أهل بيته فقال اللّه تعالى: «و
أمر اهلك بالصلاة»(7) فأهل بيته علىٌ و فاطمة و الحسن و الحسين و
ص: 49
الأئمة المعصومين عليهم السلام و هم أهل بيت النبوة و سلالة النبيين و صفوة المرسلين و المراد من السلاله الولد و الخلاصة اذ الأئمه عليهم السلام جزء من آبائهم و صفوة من الأنبياء فهم ينتقلون فى سيرهم من الأصلاب الطاهره و الأصلاب المطهّرة و طاهره من القذارة من غير شوب الشرك و هم الصفوة و الخلاصه من سلالة الأنبياء و الصفوة من الذرية الطيّبة و منه صفو المال أى جيّده و أحسنه.
و فى زيارة الوارث: اشهد انكم كنتم نوراً فى الاصلاب الشامخه... و فى الحقيقة لا تنافى ان يكون الولد افضل من الأب،اذ انّ محمداً أفضلهم و افخرهم و خير الخلق بعدهم و الائمه عليهم السلام نفس الرسول و مماثل الافضل افضل... و قد قال اللّه تعالى: «و ان من شيعته لابراهيم».(1)
اذ الانبياء مخلوقه من فاضل طينتهم.
سلالة النبيين لأمرين:
الأول: امّا لاجل انهم وضعت انوارهم فى أصلاب الانبياء... لانهم صفوة الصفوة.(2)الثانى: و اما انّ المراد من النبيين نفس رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم.
كما فى قوله تعالى: «من يطع اللّه و رسوله فاولئك مع الذين انعم اللّه عليهم من النبيين...»(3) فمنا النبى و منا الصديقين و الشهداء و الصالحين.(4)
ص: 50
... فقال النبى صلى الله عليه و آله وسلم اما النبيون فانا و اما الصديقون فعلى ابن ابى طالب عليه السلام...(1)
و بهذا المعنى تنصرف قوله تعالى: «ان ابراهيم كان امة قانتا» أى جعله كاالامّه.
فبالنتيجه هم و دائع اللّه فى أصلاب الأنبياء و صفوتهم الذى أودع اللّه و دائعه فيهم فأمرهم بحفظها ظهراً بعد ظهر، فهم سلالة النبيين و صفوتهم و خاصتهم و خلاصتهم و خالصهم الذى اجتمعت فيهم جميع صفاتهم الحسنة و الحميدة و الملكات الفاضلة.
عن جابر قال قلت لرسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: أول شى ء خلق اللّه تعالى ما هو؟ فقال: نور نبيك يا جابر... فرشح ذلك النور و قطرت منه مأة ألف و أربعة و عشرون ألف قطرة فخلق اللّه من كل قطره روح نبى و رسول، ثم تنفّست أرواح الأنبياء فخلق اللّه من أنفاسها أرواح الأولياء و الشهداء والصالحين.(2)
فهم عليهم السلام مصفون و مصطفون و هم السابقون الاولون الى الاجابه فى الذر و عند التكليف... اصطفاهم ذاتاً و نوراً و روحاً و خلقاً بعد خلق و ان اخّر النبى بلحاظ البعث، فانه مبعوث بأعلى مراتب التوحيد و الرسالة و الولاية و العبودية فى آخر الأمر.
عن الصادق عليه السلام: ما من نبى جاء قط الا بمعرفة حقنا و تفضيلنا على من سوانا.(3)
ص: 51
عن الكاظم عليه السلام: ...لن يبعث اللّه رسولاً الا بنبوة محمد صلى الله عليه و آله وسلم و وصيه على عليه السلام.(1)
فى زيارة عصر الجمعة... و الحسين المصفى...
فى الحديث... فالكليم ألبس حلة الإصطفاء لما عهدنا منه الوفاء...(2)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم لعلى... ياعلى ان اللّه فضل انبيائه المرسلين على ملائكته المقربين و فضلنى على جميع النبيين و المرسلين و الفضل بعدى لك ياعلى و للأئمة من بعدك ...(3)
عن ابن عباس قال: من اراد ان ينظر الى آدم فى حلمه و الى نوح فى فهمه و الى موسى فى مناجاته و الى ادريس فى تمامه و كماله و جمالهفلينظر الى هذا الرجل المقبل، قال: فتطاول الناس أعناقهم فاذا هم بعلى عليه السلام ...(4)
ص: 52
«و موضع الرسالة»
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام وارث الأنبياء و هم فى موضع رسالة نبى المصطفى و المعنى انهم فى موضع الرسالة أى فى محلّ الرسالة و وارث الأنبياء و عندهم أسرار النبوة و آثارها و هم فى مقام النبوة، فى اتصال قلبهم الى النبى و روحهم الى اللّه تعالى بحيث يتجلى لهم حقيقة اسمائه العظام الحسنى فيتعلق بهم المقامات العُلى من الولاية و الطاعة و باطن النبوّة الكاملة التى تتعلّق لوجود النبى الذى اخترعه اللّه من نور عظمته و تتعلّق بهم الروح القدس و استحقوا إثنان و سبعون حرفاً من الإسم الأعظم فهم قابل للأسرار الإلهية و لهذا أهل بيته عليهم السلام فى موضع الرسالة يعنى انّهم ظرفاً لمحل تلك الرسالة.
و الخبير البصير يعلم: كم فرقاً بين الرسول و النبى فهم عليهم السلامظرفاً للأسرار لرسالة النبى المختار صلى الله عليه و آله وسلم: و هم أوعية لأسرارها التى وضعها النبى فى أهل بيته فى مثل قوله (انهم محالّ معرفة اللّه).
فبالنتيجة: انهم عليهم السلام وارث بيت الرسالة و محلّها و شريك فى أدائها و مستحقون لتحمّلها و ما يتعلّق بشئونها مع انّهم ليسوا بنبىّ ظاهراً كما وردانّ علياً شريك النبى فى العلم و الفضل و إظهار المعجزات، فجميع معجزات
ص: 53
الأنبياء قطرة من بحار معجزات الأئمة المعصومين عليهم السلام الذين عندهم أسمائه العظام و هم الراسخون فى العلم.
قال على عليه السلام: ... و كنت اذا دخلت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمبعض منازله اخلنى و أقام عنى نسائه، فلايبقى عنده غيرى و اذا أتانى للخلوة معى فى منزلى، لم يقم عنى فاطمة عليهاالسلام و لا أحداً من بنى... فما نزلت على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم آية من القرآن الّا أقرئنى ها و أملاها علىّ... و علّمنى تأويلها و تفسيرها و ناسخها و منسوخها و محكمها و متشابهها و خاصّها و عامّها و دعا اللّه أن يعطينى فهمها(1).
قال أبو عبداللّه عليه السلام قال على عليه السلام: ...(فانّه صلى الله عليه و آله وسلم علّمنى ألف حرف، الحرف يفتح ألف حرف)...(2)
فالنبى صلى الله عليه و آله وسلم حامل لأسرار الرسالة، فأهل بيته عليهم السلام فى محل تلك الأسرار، فحملوها من النبى صلى الله عليه و آله وسلم بأجمعها.
عن أبى جعفر عليه السلام قال: يمصّون الثماد و يدّعون النهر العظيم! قيل له و من النهر العظيم؟ قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: و انّه و العلم الذى آتاه اللّه ان اللّه تعالى جمع لمحمد سنن النبيين من آدم هلّم جرّاً الى محمد صلى الله عليه و آله وسلم قيل له و ما تلك السنن؟ قال: علم النبيين بأسره ان اللّه جمع لمحمد صلى الله عليه و آله وسلم علمالنبيين بأسره ان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمصيّر ذلك كله عند أميرالمؤمنين عليه السلام...(3)
و فيه بسنده عن أبى عبداللّه عليه السلام: ... و لقد أقرّت لى جميع الملائكة و
ص: 54
الروح و الرسل بمثل ما أقرّوا لمحمد صلى الله عليه و آله وسلم و لقد حملت على مثل حمولته و هى حمولة الرّب تبارك و تعالى و ان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم يدعى فيكسى و يستنطق فينطق ثم ادعى فاكسى فاستنطق فانطق على حد منطقه...(1)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ان جبرئيل أتى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمبرمانتين... اما الاولى فالنبوة ليس لك فيها نصيب و اما الاخرى فالعلم أنت شريكى فيه فقلت: أصلحك اللّه كيف كان يكون شريكة فيه؟ قال: لم يعلم اللّه محمداً
صلى الله عليه و آله وسلم علماً الّا و أمره ان يعلّمه عليا عليه السلام.(2)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال لى يا أبامحمد ان اللّه عزوجل لم يعط الأنبياء شيئاً الا و قد أعطاه محمداً صلى الله عليه و آله وسلم قال و قد أعطى محمداً صلى الله عليه و آله وسلم جميع ما أعطى الأنبياء و عندنا الصحف...(3)
ان محمداً صلى الله عليه و آله وسلم رسول اللّه فى القرآن(4) و رسالته هداية الناس و خروجهم من الكفر و الجهالة الى النور و الهداية بتعليمهم الكتاب و الحكمةو تزكية نفوسهم فقال اللّه تعالى فى ذلك: «يخرجهم من الظلمات الى النور»(5) و قال: «لقد من اللّه على المؤمنين اذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته و يزكيهم و يعلمهم الكتاب والحكمة»(6)
و تلك الرسالة قد جرت و أخذت عهدها عند أخذ الميثاق للّه بالربوبية
ص: 55
و للنبى بالرسالة و لعلى عليه السلام بالولاية.(1)
قال سمعت أباعبداللّه عليه السلام يقول: و قد تلا هذه الآية «و اذ أخذ اللّه ميثاق النبيين لما أتيتكم من كتاب و حكمه ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به...»(2) يعنى رسول اللّه «و لتنصرنّه» يعنى وصيّه أميرالمؤمنين، و لم يبعث اللّه نبياً و لا رسولاً الا و أخذ عليه الميثاق لمحمد صلى الله عليه و آله وسلم بالنبوّة و لعلى عليه السلام بالإمامة(3).
و هو المبلغ و المنذر فى جميع العوالم فقال اللّه تعالى: «انما هو منذر و لكل قومٍ هاد»(4) و قال اللّه تعالى: «هذا نذير من النذر الاولى»(5) فى عالم الأرواح و غيرها.
و هو الرسول من اللّه على أسرار رب العالمين و الأمين و الشاهد على
جميع ما خلق اللّه من الأنبياء و الملائكة و سائر ما خلق اللّه أجمعين.
فأهل بيته ورثة الأنبياء و صفوتهم و عندهم ما نزلت به رسله و هبطتبه ملائكته و قد حمّلوا آثار النبوّة و هم فى موضع تلك الرسالة لبيان معرفة اللّه و معرفة النبى و الإمام و الولاية التى قد خصّهم اللّه بذلك.
و تلك الوراثة اما بنزول الوحى عليهم بالإلهام أو الإعلام أو بما انّهم فى موضع الرسالة و مرتبة الشهود و الولاية أو الأخبار بالمغيبات عليهم أو الأعم منها فى ليالى القدر أو ساعة بعد ساعة، فمنازلهم مهابط الوحى و مختلف الملائكة و هم فى موضعها و محلّها(6) لان اللّه يقول فى حق خاتم
ص: 56
الأنبياء: «و ما أرسلنا من قبلك من رسول الا نوحى اليه»(1) و قوله تعالى: «و ما أرسلنا من رسول الا ليطاع باذن اللّه».(2)
فأوصيائه أيضاً يوحى اليهم بالالهام و نكت فى القلوب أو نقر فى الاسماع بالملك أو غير ذلك، لانهم فى موضع رسالة النبى الا انهم ليسوا نبياً و قال اللّه تعالى فى حقهم: «عالم الغيب فلا يظهر على غيبة احداً الا من ارتضى من رسول».(3)
قال على عليه السلام: ... و ألزمهم الحجة بان خاطبهم خطاباً يدل على انفراده و توحّده و بأن له أولياء تجرى أفعالهم و أحكامهم مجرى فعله... و عرّفالخلق اقتدارهم على علم الغيب بقوله «عالم الغيب...» قال السائل من هؤلاء الحجج؟ قال هم رسول اللّه و من حلّ محله من أصفياء اللّه الذين قرنهم اللّه بنفسه و فرض على العباد من طاعتهم مثل الذى فرض عليهم لنفسه...(4)
من الحمولة(5) التى حمّلوها الأنبياء و بلّغوها لاُممهم هى الولاية الإلهية لعلى عليه السلام لنص قوله تعالى: «انما وليكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا و...»(6)
ص: 57
فيها يقول اللّه فى كتابه «لتؤمننّ به و لتنصرنّه»(1) فاصل الولاية هى باطن النبوة و هو الامامة و الرسالة و هم حمّلوها بقبولها و أبلاغها الى اُممهم فهكذا النبى و الأئمة عليهم السلام.
لا يخفى عليك: بانهم عليهم السلام فى مرتبة تلك الرسالة لجهتين: الجهة الاولى: بأن اوّل وظيفة الأنبياء فى ارسالهم على ابلاغ التوحيد الذى لايمكن الوصول اليه الا بسبيل معرفتهم، لانهم ركن التوحيد و معدن التنزيل و معادن لكلماته و مقاماته التى لا تعطيل لها فى كل مكان اذ هم مظاهر التوحيد، فبذلك انهم فى موضع تلك الرسالة، لبيان معرفة التوحيد اذ لولاهم ما عرف اللّه.
عن موسى بن جعفر عليه السلام: ... لانهم صفوة الصفوة اصطفاهم لنفسه...أقامهم مقام نفسه لانه لايرى و لايدرك و لاتعرف كيفيته و لا انيّته فهؤلاء الناطقون المبلغون عنه المتصرفون فى أمره و نهيه فبهم يظهر قدرته و منهم ترى آياته و معجزاته و بهم و منهم عرف عبادة نفسه و بهم يطاع أمره و لولاهم ماعرف اللّه و لايدرى كيف يعبد الرحمن...(2)
الجهة الثانية: ان اللّه تعالى أرسل الرسل و أنزل الكتب حتى يعرفوا
الأئمة المعصومين عليهم السلام الذين معرفتهم معرفة اللّه عزوجل و الأئمة المعصومين عليهم السلام أيضاً قائمون فى أعلى مرتبة الخضوع و العبودية للّه تعالى، تعظيماً على جلال عظمة اللّه التى هى كنه حقائقهم و هى الولاية الإلهية و المثل الأعلى الذى لايشبهه شى ء، و قد وردت (فعظّمتم جلاله و اكبرتم
ص: 58
شأنه...) و هذا سرّ أخذ الميثاق من أنفسهم و الإعتراف بحقانيتها عنهم، فاللّه تعالى وضعهم فى مرتبه الأنبياء المرسل بل أفضلها اظهاراً لأشرفيتهم و أولويتهم على جميع الأنبياء المرسل...
فى تفسير البرهان قال أبوعبداللّه عليه السلام: ... يا داوُد نحن الصلاة فى كتاب اللّه... و نحن وجه اللّه قال اللّه تعالى: «فأينما تولّوا فثم وجه اللّه و نحن الآيات
و نحن البينات...»(1)
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ما نبىّ نبىّ قط الا بمعرفة حقّنا و بفضلنا عمّن سوانا.(2)قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ما تكاملت النبوة لنبى فى الأظلّة حتى عرضت عليه ولايتى و ولاية أهل بيتى و مثلوا له فأمروا بطاعتهم و ولايتهم.(3)
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ... يا مفضل اما علمت ان اللّه تعالى بعث رسوله و هو روح الى الأنبياء و هم أرواح، قبل خلق الخلق بألفى عام فقلت: بلى قال: أما علمت انه دعاهم الى توحيد اللّه و طاعته و اتباع أمره و وعدهم الجنه على ذلك...(4)
فجميع ما أعطى اللّه الأنبياء من آثارهم و معجزاتهم بأجمعها عند محمد و آل محمد عليهم السلام و هم خازنوها و وارثوها. و قد ورد فى إذن الدخول لزيارة اميرالمؤمنين عليه السلام... صلى اللّه على رسول اللّه أمين اللّه على وحيه و عزائم
ص: 59
أمره و الخاتم لما سبق و الفاتح لما استقبل و المهيمن على ذلك كلّه...(1)
فبالجمله انهم كانوا فى ارفع درجات الأنبياء المرسل و جميع ما صدر
عن الأنبياء قطره من بحار معجزاتهم و لوامع انوارهم و شئونهم و البصير يرجع الى معالى أمر الأنبياء فى القرآن ليقتبس ارفعيه شئونات الذين هم فى موضع رساله رسول رب العالمين و نفس خاتم النبيين و مقايستهم مع الأنبياء.
فقال عليه السلام فبلغكم اللّه أشرف محل المكرمين و أرفع درجات المرسلين.
ص: 60
«و مهبط الوحى و مختلف الملائكة» «و أعلى منازل المقرّبين» «و عندكم ما نزلت به رسله و هبطت به ملائكته»
لايخفى بان اللّه تعالى خلق محمداً و آل محمد عليهم السلام من نور عظمته قبل ان يخلق المُلك و الملكوت و ما فيهما من العرش و الجنّة و الملائكة و النبيين و سائر ما خلق اللّه أجمعين، فلما خلقهم جعلهم حول العرش و قدّامه و هم يقدّسونه و يسبّحونه و يهلّلونه و يمجّدونه، ثم خلق الملائكة المقرب من النورانيين و الروحانيين من فاضل نورهم و طينتهم ثم هدى اللّه تعالى بهم التسبيح و التقديس.
و قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: بنااهتدوا السبيل الى معرفة اللّه.(1)
و قد جائت فى الزيارة الجامعة... فلايبقى ملك مقرب... الا عرّفهم
جلالة أمركم و عظم خطركم و كبر شأنكم و تمام نوركم...(2)عن الباقر عليه السلام:...نحن الذين إلينا تختلف الملائكة.(3)
ص: 61
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم:... ياعلى... ان الملائكة لخدّامنا و خدّام محبّينا.(1)
فالملائكة مخلوقون من فاضل أنوارهم و أرواحهم عليهم السلام و هم المستضيئون من تعاليمهم و تلقّيهم الكمالات من أشعة علومهم و كمالاتهم، فكل ملك تتكامل و تتعلّم على حسب قابليته عنهم و لكل منهم شأن و رابطة بهم و منهم و اليهم على نحو ساير الخلق، فبعضهم من المقرّبين و بعضهم ليسوا كذلك فهم بأجمعهم منشعبة منهم، فلهم ارتباط تكوينى معهم على نحو ارتباط الفرع بأصله.
و منهم الملائكة الذين يخدمونهم و يدخلون على بساطتهم و فرشهم كما جاء عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: كان جبرئيل اذا أتى النبى صلى الله عليه و آله وسلم قعد بين يديه قعده العبيد و كان لايدخل حتى يستأذنه.(2)
و منهم الذين ينزلون عليهم فى ليالى القدر.
و منهم الذين ينزلون لزيارة قبورهم.
و منهم الذين ينزلون لتحديثهم بالعلوم.
و منهم الذين ينزلون لتعلم العلوم و تعليم التسبيح عنهم.
و منهم الذين ينزلون لقضاء حوائجهم و ما يحتاجون لحياتهم و بقائهم
نحو فطرس.و منهم الذين ينزلون لجميع الاُمور المرتبطه بهم رابطه العبيد الى مواليهم.
و منهم الروح و الملائكة المقرب نحو جبرئيل الذى يجلس عندهم على مثال العبيد.
ص: 62
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: ما بين قبرالحسين الى السماء السابعه مختلف الملائكة.(1)
و لاريب بان كلّهم يدينون بولايتهم و لايتحركّون و لاينقلبون الا
باذنهم فمن بادر منهم الى الاجابه بولايتهم صارت من المقربين، الذين هم العارفون بهم و بشئونهم و مراتبهم العاليه.
عن أبى جعفر عليه السلام قال: و اللّه ان فى السماء لسبعين صنفاً من الملائكه لو اجتمع عليهم اهل الارض كلّهم يحصون عدد صنف منهم ما أحصوهم و انهم ليدينون بولايتنا.(2)
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ... ان أمركم هذا عرض على الملائكه فلم يقرّبه الاّ المقربون...(3)
عن الصادق عليه السلام: ان اللّه عرض ولايتنا على الملائكه فمن بادر اليها و عقد قلبه عليها صار من المقربين...
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... ما نصبت علياً علماً لاُمّتى فى الأرض حتى نوّه اللّه باسمه فى سماواته و أوجب ولايته علىملائكته...(4)
عن على ابن الحسين عليه السلام... ثم قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ان علياً أميرالمؤمنين بولاية من اللّه عزوجل عقدها له فوق عرشه و أشهد على ذلك ملائكته...(5)
ص: 63
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ...(ياعلى) يتفاخرون أهل السماء بمعرفتك و يتوسّلون الى اللّه بمعرفتك...(1)
عن العسكرى عليه السلام: ... و روح القدس فى الجنان الصاقوره ذاق من حدائقناالباكورة.(2)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... لان أول ما خلق اللّه عزوجل خلق أرواحنا
فانطقنا اللّه بتوحيده و تمجيده ثم خلق الملائكه فلما شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظمت أمرنا فسبحنا لتعلم الملائكة انا خلق مخلوقون... فلمّا شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة... فقالت الملائكة الحمدللّه فبنا اهتدوا الى معرفه توحيد اللّه عزوجل...(3)
كما فى خبر حقيقة الحجر قال أبو عبداللّه عليه السلام:... اوّل من أسرع الى الإقرار ذلك الملك و لم يكن فيهم أشدّ حباً لمحمد و آل محمد عليهم السلام منه...(4)
و ما فى رواية الفطرس عن أبى عبداللّه عليه السلام: ان اللّه عرض ولايةأميرالمؤمنين عليه السلام فقبلها الملائكة و أباها ملك يقال له فطرس، فكسر اللّه جناحه...(5)
عن على عليه السلام: ... ما يتقدمنى الا أحمد و انّ جميع الرسل و الملائكة و الروح خلفنا...(6)
فيما سأله الزنديق عن الإمام الصادق عليه السلام قال: ... فالرسول أفضل أم
ص: 64
الملك المرسل اليه؟ قال عليه السلام: بل الرسول أفضل.(1)
فى العلل عن على بن أبى طالب عليه السلام قال قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... و ان الملائكة لخدّامنا و خدّام محبّينا، ياعلى، «الذين يحملون العرش و من حوله يسبّحون بحمد ربهم و يستغفرون للذين آمنوا»(2) بولايتنا فكيف
لانكون أفضل من الملائكة و قد سبقناهم الى معرفة ربنا و تسبيحه و تهليله و تقديسه؟ لانّ اوّل ما خلق اللّه عزوجل خلق أرواحنا فأنطقنا بتوحيده و تحميده، ثم خلق الملائكه فلمّا شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظموا أمرنا فسبّحنا لتعلم الملائكه انا خلق مخلوقون و انه منزّه عن صفاتنا، فسبّحت الملائكه بتسبيحنا و نزّهته عن صفاتنا فلما شاهدوا عظم شأننا، هللنا لتعلم الملائكة ان لااله الا اللّه... فقالت الملائكه: الحمد للّه فبنا اهتدوا الى معرفة
توحيد اللّه و تسبيحه و تهليله و تحميده و تمجيده... فكيف لاتكون أفضل من الملائكة و قد سجدوا لآدم «كلّهم اجمعون»... ثم قال لى: تقدّم يامحمد صلى الله عليه و آله وسلم فقلت له: يا جبرئيل أتقدّم عليك؟ فقال: نعم لان اللّه تعالى فضّل أنبيائه على ملائكته أجميعن...(3)
عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... قال اللّه تعالى يا محمد انّك رسولى الى جميع خلقى و ان علياً وليّى و أميرالمؤمنين عليه السلام و على ذلك أخذت ميثاق ملائكتى و أنبيائى و جميع خلقى من قبل ان أخلق خلقاً فى سمائى و أرضى محبّة منى لك يا محمد و لعلى و لولدكما و لمن احبّكما و كان من
ص: 65
شيعتكما و لذلك خلقته من طينتكما...(1)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ...خلقنا اللّه نحن حيث لا سماء مبنيّه و لا أرض مدحيه و لا العرش و الجنّة و النار كنا نسبّحه حين لاتسبيح و لانقدّسه حين لاتقديس... ثم فتق نور على ابن ابى طالب عليه السلام فخلق منه الملائكة، فنور الملائكة من نور على ابن ابى طالب عليه السلام و نور على ابن ابى طالب عليه السلام
من نور اللّه و نور على ابن ابى طالب عليه السلام أفضل من الملائكة... أشهدكم يا ملائكتى انى قد جعلت ثواب تسبيحكم و تقديسكم لهذه المرئه و شيعتها الى يوم القيمه.(2)
قال أبوجعفر عليه السلام: ...ثم خلق الملائكة و أسكنهم السماء ثم تراءى لهم اللّه تعالى و أخذ عليهم الميثاق له بالرّبوبيه و لمحمد 6بالنبوّة و لعلى عليه السلام بالولاية... و أسكنهم بذلك الاقرار السماء و اختصّهم لنفسه و اختارهملعبادته... ثم قال أبوجعفر عليه السلام فنحن اول خلق اللّه و اول خلق عبداللّه و سبّحه و نحن سبب خلق الخلق و سبب تسبيحهم و عبادتهم من الملائكة و الآدميين، فبنا عرف اللّه و بنا وحد اللّه و بنا عبداللّه و بنا اكرم اللّه من اكرم من جميع خلقه و بنا أثاب و بنا عاقب من عاقب...(3)
... فقال ابن عباس انّا كنّا عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فأقبل على ابن ابى طالب عليه السلام فلمّا رآه النبى تبسّم فى وجهه و قال: مرحباً بمن خلقه اللّه قبل ادم بأربعين الف عام... ثم خلق الملائكة فسبّحنا فسبّحت الملائكة و هللّنا
ص: 66
فهللّت الملائكة و كبّرنا فكبّرت الملائكة فكان ذلك من تعليمى و تعليم على عليه السلام...(1)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: ان الملائكة الذين فى سماء الدنيا ليطّلعون على الواحد و الإثنين و الثلاثة و هم يذكرون فضل آل محمد عليهم السلام،
فيقولون:أ ما ترون هؤلاء فى قلّتهم و كثرة عدوّهم يصفون فضل آل محمد عليهم السلام فتقول الطائفة الاُخرى من الملائكة «ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء...»(2)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: انه سئل هل الملائكة أكثر أم بنو آدم؟ فقال: والذى نفسى بيده لعدد ملائكة اللّه فى السموات (فى الأرض) أكثر من عدد التراب فى الأرض و ما فى السماء موضع قدم الّا و فيها ملك يسبّحه و يقدّسه و لافى الأرض شجرة و لا مدر الّا و فيها ملك موكّل بها يأتى اللّه كل يوم بعملها و اللّه اعلم بها و ما منهم أحدٌ الا و يتقرّب كل يوم الى اللّه بولايتنا أهل البيت
و يستغفر لمحبّينا و يلعن أعدائنا و يسئل اللّه أن يرسل عليهم العذاب إرسالاً.(3)
عن الصادق عليه السلام: ان اللّه سبحانه عرض ولايتنا على الملائكة فمن بادر اليها و عقد قلبه عليها صار من المقرّبين.
عن الحسن بن على العسكرى عليه السلام: ... فقلنا له فقد روى لنا ان علياً عليه السلام لما نصّ عليه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم بالولاية و الإمامة، عرض اللّه عزوجل فى
ص: 67
السماوات ولايته على فئام من الملائكة فأبوها فمسخهم اللّه ضفادع فقال عليه السلام: معاذ اللّه هؤلاء المكذّبون لنا، المفترون علينا، الملائكة هم رسل اللّه فهم كسائر أنبياء اللّه الى الخلق فيكون منهم الكفر باللّه؟ قلنا: لا، قال:
فكذلك الملائكة ان شأن الملائكة لعظيم و ان خطبهم لجليل.(1)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: ان الكروبيين قوم من شيعتنا من الخلق الأول، جعلهم اللّه خلف العرش لو قسّم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم...(2)
قال سمعت النبى صلى الله عليه و آله وسلم يقول: انّ حافظى على ابن ابى طالب عليه السلام
ليفتخران على جميع الحفظة، لكينونتهما مع على عليه السلام و ذلك انهما لم يصعداالى اللّه تعالى بشى ء منه يسخط اللّه تبارك و تعالى.(3)
ص: 68
«معدن الرحمة» «و الرحمة الموصولة»
المعدن: مركز كل شى ء و محل إقامتها و أصل الرحمة العطف و الرّقة.(1)
لاريب بان لذاته تعالى صفات كالعلم و الحيوة و القدرة و اخرى أوصاف فعله و منها الرحمن و الرحيم و هما بإعتبار فعله تعالى صفة فعله و مختصّة به تعالى.
و لا ريب ان من (كمال التوحيد نفى الصفات عنه)(2) فصفة الرحمن و
الرحيم لايطلق بكنه ذاته الا ما يخرج بها من التعطيل و التشبيه و المراد من رحمته المنتشرة بين خلقه التى يتراحمون بينهم هو فعله و محل رحمته و مظهر رحمته فاتصاف الرحمة الى نفسه بقوله «ربكم ذو رحمة واسعة»(3) تستدعى الذات و اتصافه بصفة الرحمة زائداً على ذاته و الصفة غير الموصوف و هى محال فيه تعالى فاللّه تعالى فاعل لما شاء بما شاء بمشيتهو هى صفة فعله و هو تعالى يرحم العباد بفعله و اسمه و صفته و هما صفه فعله تعالى و قال اللّه تعالى: «و ربك الغنى ذو الرحمة»(4) والحق ان صفة
ص: 69
الرضا و الغضب و الرحمة لايمكن فيه تعالى (اى لارقة له تعالى قلباً) الا بما يمكن فيه اى له تعالى ذو عطف على الخلق بملاحظة حاجة الخلق اليه تعالى و الرحمة منه باعتبار الأثر فى الخلق بمعنى الجنة و الثواب.
والخبير يعلم ان غرض الخلقة هو ايصال الخلق الى الرحمة الناشئة عن
الرحمة الواسعة الموصولة بنور عظمته و ولايته.
و لا ريب ان محمداً و آل محمد عليهم السلام مظاهر لأسمائه و صفاته فى مجلى فعله و هم النور و الفعل الأول الذى هو الرّحمة، فهم الواسطة لأسمائه و صفاته و محال لنزول رحمته و مظهر لتلك الرحمة الواسعة الموصولة بنور العظمة، فلهم التصرفات الرحمانية و الرحيمية فى الخلق بما منحهم اللّه من الأسماء الحسنى و الصفات العليى لان لهم الولاية الكبرى...
قال اللّه تعالى: «ربنا وسعت كلشى ء رحمة و علماً»(1)
قال اللّه تعالى: «يختص برحمته من يشاء».(2)
فاللّه تعالى بهم يرحم الخلق، لما لهم الرحمة الواسعة اى يرحم الخلق باعطاء كل ذى حق حقه بتلك الرحمة التى ظهرت بمحمد و آل محمد عليهم السلام و بوساطتهم(3) بان يرحمهم و يعطيهم جميع ما تحتاجوناليه فى ارزاقهم و ما به قوام معاشهم و معادهم من الحيوة و الرزق و الموت و هو الرحمن بالرحمة العامة التكوينية على جميع خلقه من المؤمن و
ص: 70
الكافر فالرحمة التى هى صفة فعله و اسم من أسمائه أصلها قائمة به تعالى و هو قيّوم عليها و محمد و آل محمد عليهم السلامبحقائقهم مجلى لتلك الرحمة
التى وسعت كلشى ء فقال اللّه تعالى: «و ما أرسلناك الا رحمة للعالمين»(1) و هم الرحمة الموصولة المتصلة بنور العظمة و الولاية فنورهم من أشعة نور جلال عظمته و وجهه التى هى أصل تلك الرحمة فبهذا المعنى هم معدن لجميع الكمالات و الفيوضات المنتشرة التى أصلها الرحمة و تلك الرحمة مرسله منهم الى الخلق، فبها يتراحمون و الخلق بمقدار استفاضتهم منها مشفقون و مرحومون و هى الرحمة الخاصة التى يتعاطفون بها بينهم لهداية شيعتهم و مواليهم فكل رحمة تصل الى الخلق مبدئها و منتهاها منهم و عنهم و حكمها من عندهم تصدر لانهم الغرض الأقصى (الرحمة) من الخلق(2) و بوجودهم ثبتت السماء و الأرض، و الرحمة تنتشر بواسطتهم الى الخلق، و هى الرحمة الوجودى و البقائى و الحيوتى و الإنائى و جميعهامن أشعة جمالهم و من شئونهم الولائية لانهم اعضاد و اشهاد و مناة و اذواد و حفظه و روّاد...(3)
و الذى تدل على هذه المراتب و انهم معادن للرّحمة التامة الكاملة ما قال أبوعبداللّه الصادق لزيارة الحسين عليهماالسلام: ... ارادة الرّب فى مقادير اموره
ص: 71
تهبط اليكم و تصدر من بيوتكم.(1)
و الرحمة و الهداية الخاصة للمؤمنين الذين يوصف بانه تعالى رحيم بعباده المؤمنين و لأهل التقوى، هى التى قد خصّه اللّه نبيّه بانه مظهر لها بقوله «بالمؤمنين رؤوف رحيم»(2)
فايصال تلك الرحمة بواسطة اُمنائه من الملائكة و... فهى من عند رسوله و أهل بيته ساداة الاٌمراء و الرحماء...
عن النبى صلى الله عليه و آله وسلم: ان للّه عزوجل مأة رحمة أنزل منها واحدة الى الأرض فقسّمها بين خلقه فبها يتعاطفون و يتراحمون و اخّر تسعاً و تسعين لنفسه يرحم بها عباده يوم القيامة.(3)
فلاشك فى ان جميع النعمات و الرحمات الدنيوية و الاخروية الماديةو المعنوية ظاهرية و باطنية أصلها و فرعها، معدنها و منتهاها من نور ولاية محمد و آل محمد عليهم السلام و من رحمتهم الواسعة الموصولة بنور العظمة و تلك الرحمة تصل الى الخلق بلحاظ العدل و الفضل العام التى تشمل المؤمن و الكافر و هى الرحمة التكوينى المرسلة الى الكافر لاتمام الحجة كما ورد (و رزقك مبسوط لمن عصاك)(4) و هى السبب لإنقسام الرحمة الى الخاصة و العامّة و الحق ان الرحمة فى الأخرة لاتشمل الكافر المعاند، و ما يلحقه منها بلحاظ تخفيف العذاب من مكافات عمله الخير فى الدنيا احيانا و ليست هذه من الرّقه فى حق الكافر اذ الكافر يستحق العذاب الدائم.
ص: 72
لاتخفيف فيه له اذ الرحمة للمؤمن لا الظالم و الكافر ظالم معاند.(1)
عن الصادق عليه السلام فى قوله تعالى: «يدخل من يشاء فى رحمته» قال ولاية على ابن ابى طالب عليه السلام.(2)
عن الكاظم عليه السلام فى قوله تعالى: «يدخل من يشاء فى رحمته» قال فى ولايتنا.
قال سئلت أباجعفر عليه السلام عن قول اللّه تعالى: «و لذلك خلقهم» قال و لرحمته خلقهم يقول لطاعة الإمام و الرحمة التى يقول «و رحمتى وسعتكلشى ء» يقول علم الإمام.(3)
عن أبى عبداللّه عليه السلام فى قول اللّه تعالى: «و لولا فضل اللّه عليكم و رحمته»(4)... قال: ولاية الأئمّة عليهم السلام... (و ولاية أميرالمؤمنين).(5)
عن الرضا عليه السلام عن آبائه فى قوله تعالى: «يختصّ برحمته من يشاء» قال المختصّ بالرّحمة نبىّ اللّه و وصيّه، ان اللّه خلق مأة رحمة تسعة و تسعون رحمة عنده مذخورة لمحمد و على و عترتهما عليهم السلام و رحمة واحدة مبسوطة على سائر الموجودين...(6)
قال ابن عباس فى قوله تعالى: «و لولا فضل اللّه عليكم و رحمته»...
ص: 73
رحمته فاطمة.(1)
قال أميرالمؤمنين عليه السلام: ... قال اللّه عزوجل «أنا الرحمن» و هى من الرحم شققت لها إسماً من إسمى من وصلها وصلته و من قطعها قطعته ثم قال: ... ان الرحم التى اشتققها اللّه من اسمه بقوله أنا الرحمن هى رحم محمد صلى الله عليه و آله وسلم و انّ من اعظام اللّه اعظام محمد صلى الله عليه و آله وسلمو انّ من اعظام محمد اعظام رحم محمد صلى الله عليه و آله وسلم... فالويل لمن استخف بشى ء من حرمة رحم محمد و طوبى لمن عظم حرمته و اكرم رحمه و وصلها...(2)فبالجمله ان محمداً و آل محمد عليهم السلام مفصولون من نور جلال عظمة اللّه التى هى معدن الرحمة الواسعة فهم الموصولون و المغمورون بنوراللّه و من رحمته و الى رحمته فى جميع شئونهم و أحوالهم و هم الرحمة الموصولة بنور العظمة و الولاية.
قال أبوجعفر عليه السلام: ... يفصل نورنا من نور ربنا كشعاع الشمس من الشمس ... فبما بيّنا تظهر معنى الحديث لا بمعنى انّهم من أشعة ذات اللّه كما يتفوه به بعض مقلّدة العرفاء و الفلاسفة و...(3)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: سورة الرحمن نزلت فينا من أولها الى آخرها.(4)
بعد ما بيّنا بانّ محمداً و آل محمد عليهم السلام معدن الرحمة الموصولة بالرحمة الواسعة الإلهية و هم أصلها و فرعها و معدنها و مأواها، فما معنى لطلب
ص: 74
الرحمة الخاصة لهم فى الصلوات و فى الصلاة بقولنا (السلام عليك و رحمة اللّه و بركاته) والكلام لهذا المقام تستدعى الإشارة حول صلوات اللّه و بركاته و رحماته عليهم، اذ جميع صلواتنا و رحمتنا عائدة الينا بقوله (فجعل صلوتنا عليكم و ما خصّنا به من ولايتكم طيباً لخلقنا و طهارة لأنفسنا و تزكية لنا و كفارة لذنوبنا).
و لاريب بان السلام و التحيات و طلب الرحمات الخاصة لهم تزيد فىمحلهم و منزلتهم عند اللّه على ما يليق بساحتهم و ان كنا غافلين و مبعدين عن ذلك و لم نفهم شيئاً منها.
و الحق انهم المخلوقون من نور عظمة اللّه والفانون فى نور وجهه و
الصلوات و الرحمات تستدعى الترقى لأنوارهم المتعيّنه حول العرش و يرقّيهم الى التعالى فى العلم بلامعلوم و الإنغمار فى الرحمة المتجلّية من المبدء الأعلى و نور وجهه الكبرى و قد ضعف الطالب و المطلوب ان يدرك و يطمع فى ادراك شى ء منها و السلام على من اتبع الهدى.
و قد جائت فى الروايات العديدة بانهم فى كل ليلة جمعة بل فى كل يوم
و ليلة نزداد لهم العلم.
قال الصادق عليه السلام: ... لولا أنا نزداد لا نفدنا(1).
و قال الإمام الهادى عليه السلام: ... أتاكم اللّه ما لم يؤت احداً من العالمين...
و قد يجى ء النبى صلى الله عليه و آله وسلم ثمانية أشهر الى بيت فاطمة و يقول:(السلام
ص: 75
عليكم يا أهل بيت النبوّة و ...)(1)
فهذه هى الرحمة المهدوية التى بها تعامل معهم عند ظهوره عجل اللّه
تعالى فرجه.
عن على عليه السلام فى وصف المهدى عجل اللّه تعالى فرجه... أوسعكم كهفاً... و أوسعكم رحماً...(2)فى دعاء الندبه... اللهم هب لنا رأفته و رحمته و دعائه و خيره ما ننال به سعة من رحمتك...
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم لفاطمة عليهاالسلام:...ان منهما مهدى هذه الامة... و هو... أرحم بالرعية و أعدلهم بالسويه...(3)
فى وصف المهدى عجل اللّه تعالى فرجه... و ألقى الرأفة و الرحمة بينهم...(4)
فى زيارة آل يس: ... السلام عليك ايها العَلَم المنصوب و العلم المصبوب و الغوث و الرحمة الواسعة وعداً غير مكذوب...(5)
فى دعاء التوسل: ... يا رسول اللّه يا امام الرحمة...
فبالجملة: مما بيّنا ظهر:
أولاً: ان الرحمة الكاملة صفة فعله تعالى فهو ذو الرحمة الواسعة و
الصفة غير الموصوف.
ص: 76
ثانياً: و ان تلك الرحمة أول فعله و هى من نور عظمته و هى معدن الرحمة و أصلها.
ثالثاً: ان محمداً و آل محمد عليهم السلام هم الرحمة الموصولة بنور عظمة اللّه.
رابعاً: ان محمداً و آل محمد عليهم السلام من نور عظمته و الرحمة التى تهبطاليهم و تصدر على جميع خلقه من المؤمن و الكافر من بيوتهم و هم الرحمة الخاصة و العامة.
خامساً: ان اللّه أعطى محمداً و آل محمد عليهم السلام جميع الرحمات الرحمانية و الرّحيمية فبهم يرحم الخلق اذ هم أصله و الرحمة مرسله الى الخلق بواستطهم.
سادساً: كل الخلق يتراحمون و يتعاطفون بينهم بمقدار استضائتهم و استفادتهم من تلك الرحمة.
سابعاً: كيفية تلك الرحمة و كمّيتها تتنازل على قدر معرفة الخلق بهم اذ الخلائق مقادير لنزول تلك الرحمة.
ثامناً: ان الولاية هى الرحمة الواسعة الموصولة.
تاسعاً: ما المراد من الرحمة المهدوية.
عاشراً: ان الكافر لاتستحق الرحمة و لايكون فيه أدنى الرّقة و الّذى
يلحقه من تخفيف العذاب مكافأة لعمله فى الدنيا.
ص: 77
ص: 78
ملخّص الكلام حول هذه الفقرات «خزّان العلم» «خزنه لعلمه» «اصطفاكم بعلمه» «و ارتضاكم لغيبه»
الخازن: الموضع الحصين المكتوم.
لاريب بان محمداً و آل محمد عليهم السلام محال لمشية اللّه و قلوبهم أوعية لها و هم المخلوقون من نور جلال عظمة اللّه و هم نور اللّه التامّة و علم اللّه الكاملة و انهم بتلك الأنوار المقدسة و الأرواح القدسية لاجهل فيهم، اذ العلم لازمة لذاتهم، فحقيقتهم البرهان النورى و الفرقان الجامع فهم اللوح المحفوظ و الكتاب المسطور و ام الكتاب و الإمام المبين و هم أمين اللّه على علمه و هم صندوق سرّه و عالم الغيب، فهم بتلك الحقيقه شهداء على اهل الدنيا و الآخره و الاُولى، لأنهم وكر المشية و محالها و هم بتلك الحقيقة عالم بالبدائيات و القضائيات و المقدرات التى قدّرها اللّه لجميع خلقه و كلّها بعلم اللّه الذى أعطاهم اللّه فى المراتب النازلة اليهم «و ما تشاؤون الا ان يشاء اللّه».(1)ان محمداً و آل محمد عليهم السلام بحقيقة تعيّنهم و تشخصهم، موجودون
ص: 79
بهياكلهم النورانيّة و يعلمون جميع مقادير الخلق و هم الشهداء عليهم و خازنون للعلوم الصادرة من مخزنة (نورالعظمة) لأنهم الموجودون بها و هم أصلها و المغمورون فيها، لا أنهم خزان لذات اللّه بل لأنهم الشهداء على خلقه و خزان علمه و تراجمة وحيه، حمّلهم اللّه علم دينه فقال اللّه تعالى: «عالم الغيب فلايظهر على غيبه احداً الا من ارتضى من رسول».(1)
و ذلك العلم المفاضة اليهم فى المراتب النازلة تكريماً و تشريفاً لهم أما بشهودهم النورى أو بروحهم القدسى و اما بالإلهام أو باخبار الملك أو من القرآن و الكتب المنزلة أو الجفر أو صحيفتهم و غيرها الشاملة بخفايا الأمور و ما فى الأرحام و النفوس و المغيبات و المعجزات و العلم بما كان و مايكون و ما لم يكن و علم الجنة و النار و الدنيا و الآخرة و ما فى السموات العلى الى الأرضين السفلى الذى بأجمعها قطرة من العلوم المنتشرة من مخزنة (نور العظمة) اليهم و هم الشهداء على أهل الدنيا و الآخرة و الاُولى و كلها علم احاطة لا علم اخبار.
قال على عليه السلام: ...كل ذلك علم احاطة لاعلم اخبار...(2)
قال الصادق فى فقرة من زياره أباعبداللّه الحسين عليه السلام: ... ارادة الرب فى مقادير اُموره تهبط اليكم و تصدر من بيوتكم...
عن المفضل عن الصادق عليه السلام قال: ... لو اذن لنا ان نعلم الناس عنداللّه و منزلتنا منه لما احتملتم، فقال له: فى العلم؟ فقال: العلم أيسر من ذلك، انالإمام وكرٌ لإرادة اللّه عزوجل لايشاء الا من يشاء اللّه.(3)
ص: 80
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ان اللّه خلقنا فأحسن خلقنا و صوّرنا فأحسن صورنا و جعلنا خزّانه فى سماواته و أرضه...(1)
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ان اللّه تبارك و تعالى واحد متوحّد بالوحدانيّة متفرّد بأمره فخلق خلقاً فقدّرهم لذلك الأمر فنحن هم يا ابن أبى يعفور فنحن حجج اللّه فى عباده و خزّانه على علمه و القائمون بذلك...(2)
قال الصادق عليه السلام: لما صعدموسى الى الطور فناجى ربه عزوجل قال: يا ربّ أرنى خزائنك، قال: يا موسى انما خزائنى اذا أردت شيئا ان أقول له كن فيكون.(3)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ... و قال لصاحبكم أميرالمؤمنين فى قوله تعالى: «قل كفى باللّه شهيدا...» و قال اللّه تعالى: «و لارطب و لايابس...» و علم هذا الكتاب عنده.(4)
قال أبوجعفر عليه السلام: ... نحن خزان علم اللّه.(5)
عن أبى جعفر عليه السلام فى ذيل هذه الآية: «قل كفى باللّه شهيدا بينى و بينكم و من عنده علم الكتاب...» قال: إيّانا عنى و علىٌ أولنا و أفضلنا و خيرنا بعد النبى صلى الله عليه و آله وسلم.(6)عن الباقر عليه السلام قال قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فى قوله: «و كلشى ء أحصيناه فى إمام مبين...» هو هذا، انه الإمام الذى أحصى اللّه تبارك و تعالى فيه علم كلشى ء.(7)
ص: 81
قال لى أبوجعفر عليه السلام: ... و اللّه أنا لخزان اللّه فى سمائه و ارضه لا على ذهب و لا على فضه الا على علمه.(1)
قال كان على عليه السلام ... اذا قال شيئاً لم نشكّ فيه و ذلك أنا سمعنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم يقول: خازن سرّى بعدى على.(2)
قال سمعت أبوعبداللّه الصادق عليه السلام يقول: واللّه انى لأعلم كتاب اللّه من
أوله الى آخره كأنه فى كفى، فيه خبر السماء و خبر الأرض و خبر ما كان و خبر ما هو كائن قال اللّه تعالى: «فيه تبياناً لكلّ شى ء و هدىً و رحمة و بشرى للمسلمين».(3)
سئل أبوعبداللّه عليه السلام عن قول اللّه عزوجل: «و لقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر...» مالزبور و ما الذكر؟ قال: الذكر عند اللّه و الزبور الذى أنزل على داوُد و كل كتاب منزل فهو عند اهل العلم و نحن هم.(4)
قال سمعت أباجعفر عليه السلام يقول: ان للّه علمين، علماً مبذولاً و علماًمكفوفاً، فأما المبذول فانه ليس من شى ء يعلمه الملائكة و الرسل الا نحن نعلمه و أما المكفوف فهو الذى عند اللّه تعالى فى ام الكتاب اذا خرج نفد.(5)
عن أبى عبداللّه عليه السلام فى قوله تعالى: «بل هو آيات بينات فى صدور الذين اوتوا العلم» قال: هم الأئمة عليهم السلام.(6)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: الراسخون فى العلم أميرالمؤمنين و الأئمة من
ص: 82
بعده.(1)
عن أبى عبداللّه عليه السلام يقول: انى لأعلم ما فى السموات و ما فى الأرض و أعلم ما فى الجنة و أعلم ما فى النار و أعلم ما كان و ما يكون...(2)
عن الصادق عليه السلام عن زين العابدين عليه السلام قال: فى العرش تمثال جميع ما خلق اللّه من البرّ و البحر قال و هذا تأويل قوله تعالى: «ان من شى ء الا و عندنا خزّائنه».(3)
قال قلت لأبى عبداللّه عليه السلام: كيف كنتم حيث كنتم فى الأظلة؟ فقال: ... حتى بدأ له فى خلق الأشياء فخلق ما شاء كيف يشاء من الملائكة و غيرهم ثم أنهى علم ذلك الينا...(4)
... قال على عليه السلام... قالت فاطمة عليهاالسلام: ... و انا من ذلك النور أعلم ما كان ومايكون و ما لم يكن...(5)
قال أميرالمؤمنين عليه السلام: ... ما من فئة تضلّ مأة به و تهدى مأة به الا و نحن نعرف سائقها و قائدها و ناعقها و انا لنعرف الرجل اذا رأيته بحقيقه الايمان و حقيقة النفاق...(6)
قال أميرالمؤمنين عليه السلام: ... فمن أعطاه اللّه هذا الروح فقد أبانه من الناس و فوض اليه القدرة... و أحيى الموتى و علم بما كان و ما يكون و سار من المشرق الى المغرب و من المغرب الى المشرق فى لحظة عين و علم ما فى
ص: 83
الضمائر و القلوب و علم ما فى السموات و الارض...(1)
قال زين العابدين عليه السلام: ... قلت يابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم و من المقصّر؟ قال الذين قصّروا فى معرفة الأئمة و عن معرفة ما فرض اللّه عليهم من أمره و روحه قلت يا سيدى و ما معرفة روحه؟ قال يعرف كل من خصّه اللّه بالروح...و يعلم الغير ما فى الضمائر و يعلم ما كان و ما يكون الى يوم القيامه...(2)
قال الصادق عليه السلام: ... يا مفضل تعلم انهم علموا ما خلق اللّه عزوجل و ذرأه و برأه و انهم كلمة التقوى و خزّان السماوات و الأرضين و الجبال و الرمال و البحار و علمواكم فى السماء من نجم و ملك و وزن الجبال و كيلماء البحار و أنهارها و عيونها «و ما تسقط من ورقة»(3) الا علموها و لا حبة فى ظلمات الأرض و لا يابس الا فى كتاب مبين و هو فى علمهم و قد علموا ذلك...(4)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم للحسين عليه السلام: ... علمه علمى انه لأعلم بالكائن قبل كينونته.(5)
عن الرضا عليه السلام: ... أو ليس اللّه يقول «عالم الغيب فلايظهر...»(6) فرسول اللّه عند اللّه مرتضى و نحن ورثه ذلك الرسول الذى اطّلعه اللّه على ما شاء من غيبه فعلمنا ما كان و ما يكون الى يوم القيامة.(7)
ص: 84
فى تفسير على ابن ابراهيم فى قوله تعالى: «عالم الغيب...» يعنى علياً المرتضى من الرسول صلى الله عليه و آله وسلم و هو منه.(1)
عن أبى الحسن عليه السلام: ... فذكر الامامة و فضله قال انما منزلة الامام فى الارض بمنزلة القمر فى السماء و فى موضعه هو مطلّع على جميع الأشياء كلّها.
فهم خزّان علمه المكنون المخزون (نور عظمته) لأنهم المستضيئون من نور اللّه فهم الشاهدون بنورهم و روحهم و ما أعطاهم من الاسم الأعظم وذلك لم يكن الا بتعليم من اللّه تعالى بالذكر الاوّل و هم المحتاجون الى اللّه و لم تكن من ذاتهم و تلك الافاضة يساعدهم لحظة بعد لحظة و ساعة بعد ساعة (و الا لنفد ما عندهم)(2) يعنى من دون التوجه الى حقائقهم الاوّليه، فاصل جميع العلوم و المعارف باجمعها من أشعة أنوارهم فهم خزّان جميع العلوم و أسرارها و حقائقها من ظاهرها و باطنها و هم صندوق سرّه و معدن علمه و نوره و هم الراسخون فى العلم و العالمون بالتنزيل و التأويل و ما جاء فى قوله تعالى: «و عنده مفاتح الغيب لا يعلمه إلاّ هو»(3) منصرف الى الإستقلال بذاتهم من دون إفاضته تعالى اليهم، فهم العالمون بالبلايا و المنايا و الآجال و الأمراض و خاطرات القلوب و عندهم فصل الخطاب و علم كل الكتاب بمشيته تعالى بل هم عين مشيته و العاملون العالمون
ص: 85
بإرادته «و ما تشاؤون الا ان يشاء اللّه».(1)
عن أبى جعفر عليه السلام فى قوله تعالى: «عالم الغيب فلايظهر على غيبة أحد»(2) اما قوله «عالم الغيب» فان اللّه عالم بما غاب عن خلقه فما يقدّر من شى ء و يقضيه فى علمه قبل أن يخلقه و قبل أن يقضيه الى الملائكة فذلك يا حمران علم موقوف عنده اليه، فيه المشية، فيقضيه اذا أراد و يبدوله فيه فلا يمضيه، فاما العلم الذى يقدّره اللّه و يمضيه فهو العلم الذى انتهى الى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ثم الينا.(3)
قال الرضا عليه السلام: فى قول اللّه تعالى: «عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحد»
... فرسول اللّه عنداللّه مرتضى و نحن ورثة ذلك الرسول الذى اطلعه اللّه على ما يشاء من غيبه فعلمنا ما كان و ما يكون الى يوم القيامة.(4)
عن الحسن بن على عليه السلام: ... ما يعلم المخزون المكنون المجزوم المكتوم الذى لايطلّع عليه ملك مقرب و لانبى مرسل غير محمد و ذريته عليهم السلام.(5)
ص: 86
حلم و حزم
«منتهى الحلم» «و رأيكم علم و حلم و حزم»
المنتهى: إنتهاء الشى ء و غايته.
و الحلم: ضبط النفس عن الإنتقام إما لكرم النفس و إما لعلمه بعدم
الاستعجال و هو أبلغ فى الانتقام.
ان اللّه تعالى حليم عمن عصاه و لايعجل عليهم بالعقوبة و قد جاء فى الدعاء: (انما يعجل من يخاف الفوت)(1) فقال اللّه تعالى: «و اللّه غفور حليم».(2)لاريب بان محمداً و آل محمد عليهم السلام أصل كل خير و منتهاه و من فروعهم كل برّ و من البرّ كظم الغيظ و الحلم و العفو عمن ظلمهم و قد قال اللّه تعالى:
ص: 87
«و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس»(1) فانهم حلماء، علماء، بررة الكرام بتمامه و كماله، اذ الحلم من جنود العقل.
و لايخفى عليك بانّ حقيقة العقل مخلوقة من أشعة أنوارهم و أرواحهم
فهم كل العقل و عقل الكل، و أصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه، فجميع ما ظهر فى الخلق من الحلم فهو من أشعة أخلاقهم و من صفاتهم الحسنه و هم فى منتهى الحلم بل ما قد يظهر فى الخلق من حفظ الإنسان عن الإنتقام أو كرامة الأخلاق، كلها ببركة النبى و الأئمة عليهم السلام، لانّهم علّموا أهل ولايتهم، الحلم و كظم الغيظ و ان رأيهم علم و حلم و حزم، ان ذكر الخير فهم أوله و أصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه...(2)
فى تحف العقول: فيما أجاب لشمعون بن لاوى ابن يهودا من حوارى
عيسى حين سئله عن العقل... قال: ... فتشعب من العقل الحلم و من الحلم العلم... فاما الحلم منه ركوب الجهل و صحبه الابرار و رفع من الضعة و رفعمن الخساسة و تشّهى الخير و تقرّب صاحبه من معالى الدرجات و العفو و المهل و المعروف و الصمت، فهذا ما تشعب للعاقل بحلمه...(3)
قال المجلسى فى معنى الحلم: ... و من آثاره عدم جزع النفس عند
ص: 88
الاُمور الهائلة و عدم طيشها فى المؤاخذة و عدم صدور حركات غير منتظمه و عدم اظهار المزيّة على الغير و عدم التهاون فى حفظ ما يجب حفظه شرعاً و عقلاً(1).
و قد جائت فى فقرة من الزيارة: ... و رأيكم علم و حلم و حزم...
انّ كلامهم فى كلشى ء ينشأ عن العلم و الحلم و الحزم لانهم خزّان العلم و منتهى الحلم.
قال على عليه السلام: ... بل اللّه تعالى... أعطانى من الحلم ما لو قسّم على جميع سفهاء الدنيا لصاروا به حلماء...(2)
عن أبى جعفر عليه السلام قال قلت قوله تعالى: «ان ابراهيم لأوّاه حليم» قال الأوّاه الدعاء.(3)
و قال فى قوله تعالى: «ان ابراهيم لأوّاه حليم» يقال: بلغ من حلم ابراهيم ان رجلاً قد آذاه و شتمه فقال له هداك اللّه.(4)
ان النبى صلى الله عليه و آله وسلم و أهل بيته عليهم السلام قد بلغوا فى إظهار الحلم الى مرتبة قدتحيّر الخصم من كظم غيضهم و عفوهم و حلمهم مع المؤالف و المخالف و
هى ظاهرة من سيرتهم مع الناس و هذا النبى الأكرم صلى الله عليه و آله وسلم يقول: ما اُوذى نبى بمثل ما أوذيت.(5)
ص: 89
فمع ذلك يقول: اللهم اهد قومى فانهم لايعلمون.(1)
و قد تحلّم مع المشركين لاسيما مع أهل مكة من مثل أبوجهل و أبوسفيان و إبنه و من تبعه لعنهم اللّه و قال لهم (اذهبوا فانتم الطلقاء)(2)
و هذا سبطة الأكبر المقتول بالسمّ، الحسن المجتبى عليه السلام قال جويريّة بن أسماء: لما مات الحسن عليه السلام و خرجوا جنازته فحمل مروان بن الحكم سريره فقال له الحسين تحمل اليوم جنازته و كنت بالأمس تجرّعه الغيظ، قال مروان نعم كنت افعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال.(3)
و هكذا أبيه أميرالمؤمنين عليه السلام حلّم و صبّر نفسه على إيذاء الظلمة و الخلفاء الثلاثه لحفظ الشريعة و قد ورد فى زيارته (أنت كاظم الغيظ) و مع قتال أهل البصرة و فى الصفين و النهروان و إيذاء أهل الكوفة و المصائب العظمة الواردة على قلبه عليه السلام و ما يعلم بما يجرى على ولدة الحسين عليه السلام
يوم عاشوراء من سبى ذراريه و غيرها من قتل أولادة الأئمة المعصومين ومع ذلك كله صبروا على المحن و اختاروا الشهادة و الإحن.لا يخفى عليك بان الحلم لاينفع الا مع الايمان بالولاية لان الحلم من جنود العقل و من صاحب الولاية و لهذا: الحلم لأهل الولاية و لكن ليس فى زمان الظهور مع أعداء الولاية تحلّم مع إدبارهم عن الحق و العدل و اما فى هذه الزمان من الغيبة و فى زمان التقيّة و الصمت وظيفة المومن المداراة و التحلم مع أعدائنا.
ص: 90
الكلام حول «اصول الكرم» «و أولياء النعم» «و مساكن بركة اللّه» «و عادتكم الإحسان و سجيتكم الكرم»
الكرم: صفة لكل ما يحمد و يرضى.(1)
و الكريم: هو الجامع لأنواع الخير و الشرف و الفضائل.
الكريم: كثير الخير.(2)
اذا وصف اللّه تعالى نفسه بالكريم فهو بمعنى انعامه و احسانه و اذا وصف الصفة الكريم فان المراد فيها الخلاق الحسنة المحمودة و كرائمالنفس فقال اللّه تعالى: «ان ربى غنىّ كريم»(3)
و لاريب ان اللّه تعالى كرّم نبيّه بالمقام الكريم و المنزلة الرفيع حيث خلقه من نور جلاله العظيم و أدّبه بالآداب المكرّمين و شرّفه بالقرآن الكريم و الخُلق العظيم و جعله من عباده الكرام البررة الذين أكرمهم اللّه بمكارم الاخلاق(4) و هباهم معدنها و منتهاها.
ص: 91
و لاشبهه بانّ محمداً و آل محمد عليهم السلام هم الخيرة الكرام البررة و هم الاصول لجميع الخيرات و من فروعهم الإحسان و الكرم و جميع الصفات المحمودة فانهم عليهم السلام عباد مكرمون بكرامة اللّه التى أكرمهم اللّه بها بحيث ان جميع مكارم الاخلاق و محاسنها بأتمّها فيهم و بهم ومنهم و هم أصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه من ظاهره و باطنه و فيهم أكمل مصاديقه.
فجميع محاسن الأخلاق من أشعة كمالهم و مجالى شئونهم و أفعالهم و كل من اتصف بتلك المكارم الحسنة فهى من فروع مكارمهم لانهم مفاتيحها و أصلها و فرعها و معدنها و مأواها و منتهاها و هم مظاهر لتمامكرامة اللّه و معجزاته المتجلّية منهم و اللّه تعالى كرّم بنى آدم لأجلهم اذا الرسول رسول كريم و له مقام كريم و قرآن كريم، فجميع التكريمات لبنى آدم تكون شعاعاً من أشعة مكارم أخلاقهم و كمالهم فى كل زيادة و نفع و سعادة و بركة كل إحسان و نعمه، من كرمهم و فضل إحسانهم، لانهم مساكن لجميع المنافع و السعادات الدنيويّة و الاُخرويّة فجميع البركات المادية و المعنوية الظاهرية و الباطنية من أشعة ولايتهم و من سجايا كرامتهم.
البصير العارف بهم يعلم: ان وجودهم و علومهم و هداياتهم هى التى بأجمعها منشأ جميع البركات و الخيرات و الهدايات و... فمحمد و آل محمد عليهم السلام أولياء النعمات الظاهرية و الباطنية لأنهم المالك لجميع نعم اللّه و
ص: 92
الأولى بالتصرف بها و بأيديهم يجريها اللّه فجميع الأرزاق و الفيوضات و الهدايات بوساطتهم ينزل الى الخلق و من أعظمها نعمة محبتهم و ولايتهم التى من فروعها الكرم و الجود و الإحسان فجميع البركات المادية و المعنوية على أيديهم يجريها اللّه اذ ما تشاؤون الا ان يشاء اللّه و قد آتيناهم ملكاً عظيماً.
فقال اللّه عزوجل: «و من أعرض عن ذكرى فانّ له معيشةً ضنكاً و نحشره يوم القيامة أعمى»(1)
عن الصادق عليه السلام: ... يا أبامحمد اما علمت ان الدنيا و الآخرة للإماميضعها حيث يشاء و يدفعها الى من يشاء جائز له ذلك من اللّه...(2)
قال دخلت انا و عمى الحصين... على أبى عبداللّه عليه السلام... فقال: يا حصين لاتصغّرن مودّتنا فانّها من الباقيات الصالحات فقال: يابن رسول اللّه ما استصغرها ولكن احمد اللّه عليها، لقولهم من حمد اللّه فليقل الحمد للّه على أوّل النعم، قيل: و ما أوّل النعم؟ قال: ولايتناأهل البيت عليهم السلام.(3)
قال الصادق عليه السلام فى قوله تعالى: «انما وليكم اللّه و رسوله» قال: انما يعنى أولى بكم أى أحق بكم و بأموركم من أنفسكم و أموالكم، اللّه و رسوله و الذين آمنوا يعنى علياً و أولاده الأئمة الى يوم القيامة.(4)
قال سمعت الصادق عليه السلام: ... نحن ولاة أمر اللّه...(5)
ص: 93
قال أميرالمؤمنين عليه السلام: ...نحن واللّه نعمه اللّه التى أنعم بها على عباده...(1)
و قال أبوجعفر عليه السلام فى قوله تعالى: «و اما بنعمة ربك فحدّث» قال: حدّثهم بفضائل على عليه السلام فى كتاب اللّه لكى يعتقدوا ولايته.(2)
و قال أبوعبد اللّه عليه السلام فى قوله تعالى: «فاذكروا آلاء اللّه» قال: أتدرى ما آلاء اللّه؟ قلت: لا قال: هى أعظم نعم اللّه على خلقه و هى ولايتنا.(3)
سئلت سيدى موسى بن جعفر عليه السلام عن قوله تعالى: «و أسبغ عليكم نعمهظاهرة و باطنة» فقال: النعمه الظاهرة، الإمام الظاهر و الباطنة الامام الغائب...
و فى رواية الاُخرى: النعمة الظاهرة الرسالة و النعمة الباطنة الولاية.(4)
جاء فى زيارة جواد الأئمة عليهم السلام: ...خازن الرحمة و ينبوع الحكمة و قائد البركة...(5)
عن جعفربن محمد عليه السلام فى قوله تعالى: «ثم لتسئلن يومئذٍ عن النعيم»
قال: نحن النعيم...(6)
عن الباقر عليه السلام فى قوله تعالى: «يعرفون نعمه اللّه ثم ينكرونها» قد عرّفهم ولاية على عليه السلام و أمرهم بولايته ثم انكروا بعد وفاته...(7)
ص: 94
«و ساسة العباد»
السائس: أى المدبّر و المربّى للخلق بالعلم و الحق و العدل.
ان التدبير بالحكمة و السياسة أولاً و بالذات للّه تعالى، لأن اللّه تعالى مربّ الخليقة و هاديهم و سائسهم و تلك الربوبيّه ظهرت فى تربية محمد و آل محمد عليهم السلام، لأن اللّه تعالى أدّبهم بأحسن التأديب و أعلمهم و أكملهم بأعلى التكريم و التشريف و التعظيم،فهم المسدّدون المشرّعون السائسون المبلغون عن اللّه تعالى.
و لاريب ان لتلك التربية أهداف عالية من الإجتماعية و الإقتصادية و السياسيّة لإستكمال الخلق و هداية الاُمّة للاُمور الدنيويّة و الاُخروية و جميع الترقّيات المادّية و المعنويّة و لإنتشار علومهم و قضائهم و حكمهم و تلك السياسه فوضت الى محمد و آل محمد عليهم السلام، لأنهم مظاهر جماله و جلاله و سائس الخلق بين عباده من الملائكة و الأنبياء و سائر الخلق و لأنهم حجج اللّه و مواليه و ملوك البلاد و ساسة العباد فقال اللّه تعالى: «بل
عبادٌ مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون».(1)
فبما أنّ السياسة على قانون العدل والدين لا على السيطرة والسلطنةوالتزوير.
ص: 95
و لا ريب بأنّهم أولياء مكرّمون و سائسون فى الدنيا و لأمر الآخرة فسياستهم عين ديانتهم و بالعكس، فمن كان على معرفة بحقّهم يعرف بانّ السياسة و الحكومة تكون على أساس موازين الإسلام و القرآن، يعنى على الميزان الصحيح و على محوريّة العدل و الحق مع السياسة الدينيّة لا السياسة الإسلامى المتحرّفة الإلزامى و السلطنة الجبّارية، إذ كم من حاكم يحكم على وفق نظرة فى حكومته ثم ينطبق و يحمل سياسته و رأيه على الإسلام و يقول السياسة الإسلاميّة، و الحقّ ان يقال: ماذا؟ يقول: الإسلام فى أمر السياسة و ما نظر: الإسلام فى السياسة، لا ما يقال: سياسة الإسلام، لأنها هى وسيلة على أيدى الجبّارين لإستحكام دولتهم و تجبّرهم و لأنهم بتلك الحربة ذبحوا الدين و صاحبه و حكموا على خلاف ما أمر اللّه فى أمر سياسة الدين و الاُمّة و رأوا على خلاف ما أنزل اللّه و رسوله إذ كم من سياسة الزامى يتحوّل السائس الى النكراء و الشيطنة(1)، لا الحكم القرآنى العقلانى! و هل الرأى و التعقّلات المبتنية على القياسات البشرية و إجراء القوانين المدنيّة من السياسة الإسلامية؟!!! و هل إجراء القوانين الديمقراتيه الجارية على أيدى الحكام الظلمة مع وجود الحاكميّة العقول الناقصه من السياسه الاسلامية؟!!.
فباالجملة: السياسة فى الحكومة الإسلامية تكون على أساس الحقوق
الإلهيّة و العدالة الإنسانيّة و تدبير الاُمور الإجتماعية و الحقوقيّة والإقتصاديّة بأيدى الكرام البررة و أهل بيت العصمة عليهم السلام و لاسيما فى دولة الكريمة المهدويّة عجّل اللّه تعالى فرجه.
قال دخلت على أبى عبداللّه عليه السلام فسمعته يقول: إن اللّه عزوجل أدّب نبيّه
ص: 96
على محبّته فقال: «إنك لعلى خلقٍ عظيم»(1) قال: ثم فوّض اليه فقال اللّه
عزوجل: «ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا»(2)
و قال اللّه تعالى: «من يطع الرسول فقد أطاع اللّه»(3) قال ثم قال ان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فوّض الى على عليه السلام و ائتمنه.(4)
قال سمعت أباعبداللّه عليه السلام: ان اللّه عزوجل أدّب نبيّه فأحسن أدبه فلما أكمل له الأدب قال انّك و على خلق عظيم ثم فوّض اليهم أمر الطين و الاُمّة ليسوس عباده فقال عزوجل: «ما آتاكم الرسول فخذوه...»(5) و ان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم كان مسدّداً موفّقاً مؤيّداً بروح القدس لايزول (لم يزل) و لايخطى فى شى ء ممّا يسوس به الخلق فتأدّب بآداب اللّه...
قال أبوعبداللّه عليه السلام: لا واللّه ما فوّض اللّه الى أحدٍ من خلقه الا الى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم و الى الأئمة عليهم السلام قال اللّه عزوجل: «انا أنزلنا اليك الكتاب لتحكم بين الناس بما أريك اللّه»(6) و هى جارية فى الأوصياء.(7)قال الهادى عليه السلام: ...و ساسة العباد...(8)
قال الرضا عليه السلام: ... الإمام عالم لايجهل... عارف بالسياسة...(9)
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ...ثم فوّض الى النبى صلى الله عليه و آله وسلم أمر الدين ليسوس عباده...(10)
ص: 97
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ...نحن سادة العباد و نحن ساسة البلاد...(1)
قال فى دعاء يوم الغدير: ... و الاعلام الباهرة و ساسة العباد...(2)
قال على عليه السلام: ... أيها الناس أنا أصبحنا لكم ساسة و عنكم ذادة...(3)
قال السيد الحميرى فى وصف على عليه السلام: ... قد ساسها من قبلكم ساسة...(4)
قال على عليه السلام: ... و متى كنتم يا معاوية ساسة الرّعية و ولاة أمر الاُمّة...(5)
قال ابن أبى الحديد فى شرح نهجه لسياسة أميرالمؤمنين عليه السلام... و اما السياسة فانه كان شديد السياسة خشناً فى ذات اللّه...(6)و قد جاء فى رساله الحقوق لعلى بن الحسين عليه السلام: ... و اما حق سائسك بالملك فان تطيعه و لاتعصيه...(7)
و لايخفى عليك بان تلك السياسة قد جرت بيد النبى صلى الله عليه و آله وسلمفى صدر الاسلام و نبذة فى حكومة على عليه السلام على اجراء الحدود و الحقوق التى قد فرضها اللّه على عباده فى المسائل المالية و الاجتماعية و الحقوقية و السياسة على أساس الحريّة و العدالة الانسانيّة الالهيّة و سيستظهرها اللّه بكمالها فى الدولة الكريمة الالهيّة المهدويّة عجل اللّه تعالى فرجه.
ص: 98
«ذوى النهى و أولى الحجى»
ذوى النهى: أى صاحب العقل الذى ينتهى عن القبائح.
و أولى الحجى: أى صاحب العقل و الفطانه و كلاهما مترادفتان.(1)
قال اللّه تعالى: «ان فى ذلك لآيات لاولى النهى».(2)عن الباقر عليه السلام قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: خياركم لاولوا النهى.(3)
العقل عند فحول البشر و الفلاسفة هو قدرة استخراج النظريات عن البديهيات و هو منقسم الى العقل الهيولائى و بالملكة و الفعّال و المستفاد و هم القائلون باتحاد العقل و العاقل و المعقولات(4) و هذا العقل فى العلوم البشريه نتيجه القياس و البرهان و هى ابداء القوانين و التعقلات المبتنيه على الظن و الرأى الذى لايغنى من الحق شيئاً.
ولكن الحق انّ تعريف العقل خلاف وجدانه اذ هو مخلوق نورانىٌ روحانى الذى لايعرف كنهه.(5)
ص: 99
و ذلك العقل بعد الاختبار و الاختيار بولاية محمد و آل محمد عليهم السلام صار نورانياً و قابلاً للإنتقال الى النورانيين و الروحانيين(1) فهو مخلوقة من شعاع أنوار المعصومين عليهم السلام ثم بعد انتقاله بتمامه و كماله الى أرواح محمد و آل محمد عليهم السلام و تنزلهم الى العرش إنتقل الى أرواح شيعتهم على قدر اختيارهم و امتحانهم من نور الولاية، فيكونون عاقلاً ذوى الألباب فلهذا
ص: 100
ورد (شيعتنا اولوا الألباب)(1) فالعقل هو المتقوّم بنور الولاية لا منه.
و العارف بعد معرفته بكيفيّة خلقه الظلمة اختباراً من البحر الاجاج ظلمانياً، يعلم: بان الذى يكون فى الكافر المنكر للولايه هى الشيطنهالمستخرجه من نتيجة القياس و الرأى المبتنية على الجهل و النكراء و هى ليست بعقل بل هى شبيهة بالعقل.(2)
فباالنتيجة ان العقل مخلوق نورى روحانى ملكوتى من نور عظمه اللّه
المختبر بالولاية و مخلوقة من أشعة ولاية محمد و آل محمد عليهم السلامو هم المظهر الأتمّ الاكمل للعقل و بتلك الحقيقة أيضاً انهم أكمل الخلق و أفضلهم
ص: 101
من الأنبياء و الملائكة و لهم و بهم ظهرت العقول الكاملة، فجميع ما يظهر فى الخلق من محاسن الكمال و العقل انما هو من أشعة كمال عقولهم و محاسن نتائج شرعهم و احكام عقولهم.
و الخبير يعلم بان: عقلهم عين شرعهم و كلما حكموا بعقلهم فهو الشرع
الواضح المستبين لانهم الحق و الفرقان و القرآن اللامع المبين.
ص: 102
و الكهف: الملجأ و الملاذ
لاريب بان اللّه تعالى لم يخلق احداً الا لأجل محمد و آل محمد عليهم السلامو
هم الغرض الحقيقى للخلق، و هو تعالى خصّهم بفضله و سعة رحمته و جعلهم فى المنازل الرفيعة من الدرجات العالية و شرّفهم بالشرافة الكريمة و بهم أخرج الخلق من ذلّ الكفر و الجهل الى العلم و الإيمان و الكمال و نجاهم عن المهالك و الخزى بولايتهم و محبتهم، و رزقهم نعمات الدنيويّه و الاُخرويّه و علمهم معالم الدين و الشريعة و أصلح مفاسد أعمالهم و أخلاقهم عن كل رذيله و أعطاهم الفوز العظيم و جنة النعيم و اخرجهم من الذل و المسكنه الى النعمة الظاهرة و الباطنه، و بهم اطعمهم و آمنهم من جميع البلايا و الفتن فى السماء و الارض و انزل عليهم قطر السماء و بركات الارض و آمنهم من كل خوف فهم ملاذ الخلق و ملجأهم و مأواهم عند الحاجة و البلاء و اياب كلشى ء و حسابهم اليهم فى الدنيا و الآخره، من الملائكة و الأنبياء و الجن و الانس و الحيوان و كل ما سوى اللّه... لأنهم الواسطه لايصال الفيوضات و النعمات لجميع المخلوقات بحيث ان كل داهيه و بلاء دفعت بهم و كل دعاء و استشفاء استجيبت بهم، و هم سببالعفو و المغفره و الرحمة.
ص: 103
و العارف الموالى بهم يعلم: بان لافرق لتلك الاغاثة بين كونهم فى حال الحيوة الظاهرى أو كونهم موتى ظاهراً اذ لافرق فى ذلك بين حال حياتهم و موتهم فى استشفاء المرضى و قضاء الحوائج و هم كهف لكل البرايا فى المشكلات الماديه و المعنويه الاخلاقيه و الاجتماعيه و العلميه و العمليه و الامور الهائلة المهمّة الصعبه لانهم الغياث للمضطر المستكين، اذ هم موالى الخلق و هاديهم و معلّموهم الذين يلجأ اليهم عند الحاجه لامر دنياهم و عقباهم و لأنهم باب اللّه الذى منه يؤتى و هم فى موضع مشية اللّه بل هم عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون(1) و قد قال اللّه تعالى: «قل أرأيتم ان أصبح مأوكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين».(2)
قال الرضا عليه السلام: الإمام الأنيس الرفيق و الوالد الشفيق و الأخ الشفيق و الام البرة بالولد الصغير و مفزع العباد فى الداهية الناد...(3)
عن على عليه السلام فى وصف المهدى: ... أوسعكم كهفاً... و أوسعكم رحماً...(4)
قال على عليه السلام فى خطبة له: ... و أنا ملجأ كل ضعيف...(5)
عن ابى عبداللّه عليه السلام: ان الإمام هو الذى لايوجد منه ملجأ الّا اليه...(6)
فى صلوات الشعبانية: اللهم صل على محمد و آل محمد الكهفالحصين و غياث المضطرّ المستكين و ملجأ الهاربين و منجى الخائفين و عصمة المعتصمين...(7)
ص: 104
المثل: المشابهة و النظير و الشبيه أو الدليل.(1)
فقال اللّه تعالى: «تلك الامثال نضربها للناس»«يا أيها الناس ضرب مثل فاستموا له».(2)
ان اللّه تعالى لا يمثّل بنظير اذا التمثيل تحديد و توصيف ولكن يوصف
على التنزيه و نفى التشبيه و كلّما ذكر وصف أو ضرب مثل وجب ان يقال اللّه اكبر من ان يوصف بمَثَل أو مِثل ، و كل الأمثال و الآثار مَثل تنزيهيّة له تعالى عن المِثليّة و لا يخفى انّ معرفة المَثل ليس معرفته ثبوتاً و ان كان معرفة له إثباتا.
ولكن له الأمثال العليا و الأسماء الحسنى و الوجه الذى منه يؤتى و هو الدليل و المَثل و الآية العظمى فى أعلى الأمثال له تعالى فبما ان اللّه تعالى لاشبه و لانظير له فى ذاته فلايوصف و لايتوهم كى يمثّل له بمثل و لكن لهالمثل الاعلى الذى من عرفه فقد عرف اللّه و هو مثل لنوره فقال اللّه تعالى: «مثل نوره كمشكوة...».(3)
ص: 105
و ذلك المَثل لإثباته مختص به تعالى فلذلك المثل ممثّل و مَظهر وهو لا يكون الا فى محمد و آل محمد عليهم السلام فهم امثاله العلياو آياته الكبرى كالضوء من الضوء و هم المظاهر لذلك المثل الاعلى، فهم بتلك المثل نزّهوه عن التمثيل و التشبيه مع انه لايدرك كنهه و هم المظاهر لأسمائه الحسنى التى يفعل اللّه باسمه فى خلقه و هم المثل الأعلى و الآية الكبرى بالقدره و الولايه التى أعطاهم اللّه و هم الواسطة لايصال الفيض و الرحمه و الهداية الى الخلق فمحمد و آل محمد عليهم السلام هم المخلوقون من نور جلال عظمة اللّه الذين هم فى مرتبة التعين و التشخّص نظير و شبيه لتلك المثل الأعلى الذى لايشبهه شى ء و لايوصف و لايتوهم اذ انه أعلى الدليل و الحجة للّه تعالى.(1)قال على عليه السلام: ما للّه نبأ أعظم منى و ما آيه هى أكبر منى.(2)
فهم حججه و أمثاله التى ضربها اللّه مثلاً لخلقه بقوله «و للّه المثل الأعلى».(3)
ص: 106
فباالجملة: ان محمداً و آل محمد عليهم السلام هم الأمثال العليا لوصفه تعالى يعنى انّهم أعظم الأسماء وأكبر الآيات و أعلى الأمثال الذى يستدل بهم لإثبات اللّه عليه تعالى.
عن أميرالمؤمنين عليه السلام فى معنى اللّه أكبر... انما يصفه الواصفون على قدرهم لا على قدر عظمته و جلاله تعالى اللّه عن ان يدرك الواصفون صفته علواً كبيراً.(1)
قال على عليه السلام: ... نحن فى الحقيقة نور اللّه الذى لايزول و لايتغيّر...(2)
فى حديث الجابر و الصادق عليه السلام و ابن عباس و غيرهما عن النبى: ... و نحن كلمة التقوى و سبيل الهدى و المثل الأعلى والحجة العظمى و العروة الوثقى...(3)
عن السجاد عليه السلام: ... ان مثلنا فى كتاب اللّه عزوجل كمثل المشكوة...(4)
قال على عليه السلام: ... لنا ضربت الأمثال...(5)فقال اللّه تعالى:«ضرب اللّه مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت و فرعها فى السماء».(6)
و قال اللّه تعالى: ... «ان اللّه لايستحيى ان يضرب مثلاً ما بعوضه فما فوقها...».(7)
و قال اللّه تعالى: ... «و لماضرب ابن مريم مثلاً...».(8)
ص: 107
قال بينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ذات يوم جالسا اذ اقبل أميرالمؤمنين عليه السلام فقال له رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم انّ فيك شبها من عيسى بن مريم لولا ان تقول فيك طوائف من امتى ما قالت النصارى فى عيسى بن مريم لقلت فيك قولاً لا تمرّ بملاء من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة...(1)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم لعلى عليه السلام: ياعلى أنت حجة اللّه و أنت باب اللّه و أنت الطريق الى اللّه و أنت النبأ العظيم و أنت الصراط المستقيم و أنت المثل الأعلى.(2)
ص: 108
«معادن حكمة اللّه» «و مستودعاً لحكمته(1)»
الحكمة فى اللغة و الاصطلاح و القرآن و الحديث.(2)
و هى المحكم المضبوط المتقن أو القضايا الحقه المطابقة للواقع و كلمة
الحق و الفهم و العقل و الكلمة الحكيمة و طاعة الإمام و معرفته و القرآن والولاية.
و الدليل على ذلك كله قوله تعالى: «و يعلمهم الكتاب و الحكمة».(3)
و ما جاء فى القرآن فى قوله تعالى: «و لقد آتينا لقمان الحكمة».(4)
و قوله تعالى: «و من يؤتى الحكمة فقد اُوتى خيراً كثيراً ».(5)
و قال اللّه تعالى: «حكمة بالغة».(6)و لاريب ان الحكمة عطية إلهيّة من العلم و الحق و الفهم و الكلمة
الحكيمة التى أعطاها اللّه لقمان الحكيم فقال اللّه تعالى: «و من يؤتى الحكمة
ص: 109
فقد اُوتى خيراً كثيراً» و نقطة تلك الحكمة الطيبة الولائية، ولاية محمد و آل محمد عليهم السلام.
و لا شبهة على العارف بحقهم بانّ محمداً و آل محمد عليهم السلام هم الأنوار المتعيّنة المتشخصة حول العرش و قدّامها و هم بتلك الصور و الأبدان النورى، معروفه عند الملائكة المقرّبين و الأنبياء المرسلين لانهم حقيقة النور الأول (نور العظمة) و ولايتهم هى خيرة الكثيرة و الكنز الخفىّ لانّهم حقيقة القرآن الذى أعطى اللّه محمداً و آل محمد عليهم السلام، فهم لسان اللّه الناطق بالحكمة البالغة و فى موضع علم اللّه و مستودع نوره و حكمته و عندهم معادن حكمة اللّه و مفتاحها و بابها.
و لهذا قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... على عليه السلام مفتاح الحكمة و بابها. و العارف بشئوناتهم يرى ان ولاية محمد و آل محمد عليهم السلام هى الخيرة الكثيرة و الحكمة الكاملة البالغة التى قد خصّهم اللّه بها و استودعت عندهم و فيهم المراتب النازلة و ليست فى العالم كلمة حكيمة الا خرجت منهم و اليهم و هم أصلها و معدنها و مأواها و منتهاها لأن عندهم حقائق الاُمور و أسرارها و ملاكاتها.
و قد قال اللّه تعالى: «فيهم يؤتى الحكمة من يشاء».(1)و قال اللّه تعالى: «و آتاه اللّه الملك و الحكمة».(2)
عن الخثيمة عن أبى جعفر عليه السلام قال: ... نحن شجرة النبوّة و بيت الرحمة و مفاتيح الحكمة و معدن العلم...(3)
ص: 110
عن موسى بن جعفر عليه السلام قال: ياهشام ان اللّه تعالى يقول فى كتابه (لمن كان له قلب) أى عقل و قال: «و لقد آتينا لقمان الحكمة» قال: الفهم و العقل.(1)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: قلت جعلت فداك قوله تعالى: «و لقد آتينا لقمان الحكمة»(2) قال: اُوتى معرفة إمام زمانه.(3)
عن أبى عبداللّه عليه السلام فى قول اللّه تعالى: «فمن يؤت الحكمة» فقال: طاعة اللّه و معرفة الإمام.(4)
عن أبى عبداللّه عليه السلام فى قول اللّه تعالى: «فمن يؤت الحكمة» قال: معرفة الإمام و إجتناب الكبائر التى أوجب اللّه تعالى عليها النار.(5)
عن أبى عبداللّه عليه السلام فى قول اللّه تعالى:«يؤتى الحكمة من يشاء» قال: الخير الكثير معرفة أميرالمؤمنين عليه السلام و الأئمّة عليهم السلام.(6)قال سئلت أباعبداللّه عليه السلام عن قول اللّه تعالى: «و من يؤتى الحكمة فقد اُوتى...» فقال: ان الحكمة المعرفة و التفقه فى الدين...(7)
قال سئلت أباعبداللّه عليه السلام عن قول اللّه تعالى: «و من اُوتى الحكمة...»
فقال: هى طاعة اللّه و معرفة الإسلام.(8)
ص: 111
عن ابن عباس فى قوله تعالى: «و يعلّمهم الكتاب و الحكمة» الكتاب القرآن و الحكمة ولاية على عليه السلام.(1)
عن الكاظم عليه السلام: نحن حكماء اللّه فى أرضه.(2)
ص: 112
«الولاية هى السّر المقنع بالميثاق و هم الحافظون المأمونون على سرّ
اللّه»
و قد جائت فى الزيارة الرجبية... المأمونون على سرّك...(1)
و فى الزيارة الجامعة... و حفظة سرّ اللّه... و أختاركم لسرّه...
لاريب بان ذاته تعالى غيب الغيوب و السرّ المستور المقنّع بالستر و هو المحجوب المتحجّب بالحجب لان ذاته لايوصف ولايعرف بادراك العقل و الاحاطة به تعالى و من أعظم أسراره تعالى خلقه محمد و آل محمد عليهم السلام بحقائقهم النورانيّة و أرواحهم القدسيّة و هم سرّ اللّه المخزون المكنون الذى لايطّلع على مراتبهم و شئونهم و أسرارهم و ولايتهم غير اللّه لهم و لهم قال اللّه تعالى: «عالم الغيب فلايظهر على غيبة أحداً الا من إرتضى من رسول».(2)و لا شبهة بانّ محمداً و آل محمد عليهم السلام أمرهم و حديثهم و علمهم و
ص: 113
ولايتهم صعب مستصعب لايحتمله الا ملك مقرب أو نبىّ مرسل أو مؤمن ممتحن، بل الأمر أعظم من ذلك الذى لايحتملّه ملك مقرّب و لانبىّ مرسل... و هو الذى سمّوها سرّ اللّه المحفوظة و قد اختارهم اللّه لذلك السرّ و هو مرتبة النور الأعظم و ولايتهم الكبرى و لتلك المرتبة هم الحافظون لها فى مرتبة التشخّص و حافظون لأسرار اللّه العالية التى هى فى الحقيقة سرٌّ للملائكة المقرّبين و الانبياء المرسلين... و هى مرتبة مشيّة اللّه و نور اللّه العظيم و الفعل الأوّل القديم و الولاية الكليّة الإلهيّة و مقام رب العالمين.(1)
و هى المرتبة العالية التى هم حافظوها و قد اختارهم اللّه لذلك السرّ و هم المأمونون على سرّه الذى لايعلّمه الّا هم، الكاملة المفوضة اليهم بقدرته و مشيّتة. و هم الحافظون و المؤدّون و المبلّغون لأسرار اللّه تعالى.
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: يا أبامحمد ان عندنا واللّه سرّاً من سرّ اللّه و علماً من علم اللّه و اللّه ما يحتمله ملكٌ مقرّبٌ و لانبىّ مرسل و لامؤمن امتحن اللّه
قلبه للإيمان و اللّه ما كلّف اللّه ذلك أحداً غيرنا و لا استعبد بذلك أحداً غيرنا،
و انّ عندنا سرّاً من سرّ اللّه و علماً من علم اللّه أمرنا اللّه بتبليغه فبلّغنا عن اللّه ما أمرنا بتبليغه فلم نجد له موضعاً و لاأهلاً و لا حمالة يحتملونه حتى خلق اللّه لذلك أقواماً...(2)فالسرّ المستسرّ الذى لاتعطيل له فى كل مكان هو معرفة معانيه و وجهه
و سرّه و ولايته، لانّهم مظاهر لتلك المراتب و المقامات و المعانى... و تلك السرّ (أى مرتبة ولايتهم و...) هى الذى أرسل اللّه جميع أنبيائه لها و أنزل
ص: 114
الكتب على إبلاغها و أخذ ميثاقها عن جميع الاُمم بالإيمان بها و وعدهم الجنة لها و أوعد من أنكرها النار.
فهم الحافظون لتلك السرّ الخفى المستسر و سرّ السرّ و هى المستور
المقنّع بالميثاق و قد تحمّلها الأنبياء المرسل و الملائكة المقرّب و المؤمن الممتحن و سائر الناس على حسب درجاتهم و مراتبهم طوعاً و كرهاً و كثيراً منهم الهاتكون و الظالمون المعاندون معها الّا الأقلّون الذين وفوا بما عاهد عليهم اللّه عند أخذ الميثاق. فقد قال اللّه تعالى فيهم: «و كان الإنسان ظلوماً جهولاً».
عن أميرالمؤمنين عليه السلام لكميل: ... ما الحقيقة؟ ... أو لست صاحب سرّك؟ قال: بلى، قال عليه السلام: ... نور يشرق من صبح الأزل فيلوح على هياكل التوحيد آثاره.(1)
فى دعاء الإمام الهادى عليه السلام: ... اللهم باسمك المكنون المخزون المكتوم... النور التام...(2)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ان اللّه تعالى خلق إسماً بالحروف غير متصوت وباللفظ غير منطق و بالشخص غير مجسّد... محجوب عنه حسّ كلّ متوهم...(3) و حجب منها الواحد و هو الإسم المكنون المخزون...
عن أبى عبداللّه عليه السلام: انّ أمرنا مستور مقنّع بالميثاق فمن هتك علينا أذلّة اللّه...(4)
ص: 115
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ان أمرنا سرّ فى سرّ و سرّ مستسرّ و سرّ لايفيد الا سرّ و سرّ على سرّ و سرّ مقنّع بسرّ.(1)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ان أمرنا هو الحق و حق الحقّ و هو الظاهر و باطن الظاهر و باطن الباطن و هو السرّ و سرّ السرّ و سرّ المستسرّ و سرّ مقنّع بالسرّ.(2)
و قد جائت فى الزيارات: بانّهم سرّ اللّه المخزون و السرّ الخفى و هم فى موضع سرّ اللّه و حفظة سرّ اللّه و اختاركم لسرّه و هم المأمونون على سرّك.
عن أبى جعفر عليه السلام: ان حديثنا صعبٌ مستصعبٌ لايؤمن به الّا نبىّ مرسل أو ملك مقرب أو عبد امتحن قلبه للإيمان...(3)
قال سمعت أباعبداللّه عليه السلام يقول: ان حديثنا صعبٌ مستصعب قال قلت: فسرّ لى جعلت فداك! قال: ذكوان ذكى أبداً، قال: أجرد قال: طرىٌ أبداً قلت: مقنع؟ قال: مستور.(4)قال سمعت أباعبداللّه عليه السلام يقول: انّ من حديثنا ما لايحتمله ملك مقرّب و لانبىّ مرسلٌ و لاعبد مؤمن، قلت: فمن يحتمله؟ قال: نحن نحتمله.(5)
قال سئلت أباعبداللّه عليه السلام عن قول أميرالمؤمنين عليه السلام: انّ أمرنا صعب مستصعب لايقرّبه الّا ملك مقرب أو نبىّ مرسل أو عبدٌ امتحن اللّه قلبه للايمان! فقال: لان فى الملائكة مقرّبين و غير مقربين و من الأنبياء
ص: 116
مرسلين و غير مرسلين و من المؤمنين ممتحنين و غير ممتحنين، فعرض أمركم هذا على الملائكة فلم يقرّبه الّا المقرّبون و عرض على الأنبياء فلم يقرّبه به الّا المرسلون و عرض على المؤمنين فلم يقرّبه الا الممتحنون.(1)
قال الباقر عليه السلام قال قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... و انما الهالك ان يحدث أحدكم بشى ء منه لايحتمله فيقول و اللّه ما كان هذا و اللّه ما كان هذا والإنكار هو الكفر(2).
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ... يا معلى من أذاع حديثنا و أمرنا و لم يكتمها أذلّة اللّه به فى الدنيا و نزع النور من بين عينيه فى الآخرة و جعله ظلمة تقوده الى النار... يا معلى ان المذيع لامرنا كالجاحد له.(3)
قال أبوجعفر عليه السلام: ... ولاية اللّه أسرّها الى جبرئيل و أسرّها جبرئيل الى محمد صلى الله عليه و آله وسلم و أسرّها محمد صلى اللّه عليه و آله الى على عليه السلام و أسرّهاعلى عليه السلام الى من شاء اللّه ثم أنتم تذيّعون ذلك من الذى امسك حرفاً سمعه...(4)
فقال اللّه عزوجل فيها: «انما وليّكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون».
و الأمر الأدهش و الأصعب التى تحيّر العقول عن إدراكها و هى السرّ
المستسرّ بالسّر التى أخذها اللّه ميثاقها عن جميع ما خلق اللّه و هى ولايتهم، و الذى ما هو المقصود فى هذا المقام هو ما السرّ لأخذ ميثاق ذلك
ص: 117
السرّ من أنفسهم؟ مع انهم أصلها و فى موضعها و هم التجلى الأعظم و الكرامة المتجليّة بنور الولاية و القدرة الكاملة و العبوديّة و المعرفة التامة على إظهار ما أوجبها اللّه لهم مع الإختبار و الإختيار.
فباالجمله: أمرهم و حديثهم صعب مستصعب و ولاية محمد و آل محمد عليهم السلام بما لها من المعنى هى السرّ المستسر الذى كتموها و لايتحمل و لا يصل يد الخلق إدراك حقيقتها و لا تصل يد الخلق الى معرفتها و هم يدرون ما لها و هم الشهداء عليها و فى موضع حفظ سرّ اللّه الذى استسرها اللّه فيها و قد أقرّ المؤمن الممتحن و الملك المقرّب و النبىّ المرسل معترفاً بعظمتها فقال عليه السلام: (فعظّمتم جلاله و أكبرتم شأنه...)(1) و جائت لها فى فقرة منها. (مؤمن بسرّكم و علانيتكم و شاهدكم و غائبكم و اولكم و اخركم ومفوض فى ذلك كله اليكم و مسلّم فيه معكم و قلبى لكم مسلم و رأيى لكم
تبع و نصرتى لكم معدّه حتى...)
ص: 118
«و المخلصين فى توحيد اللّه» «و أركاناً لتوحيده»
الخالص: الصفىّ و صفوة الشى ء هو الذى صفىّ و لم يمتزج بغيره فيكون مخلِصاً و مخلَصاً.(1)
عن أبى عبداللّه عليه السلام فى قوله تعالى: «حنيفاً مسلماً»(2) قال: خالصاً مخلصاً ليس فيه شى ء من عبادة الأوثان.(3)
قال على بن موسى الرضا عليه السلام: ... لامعرفة الّا بالإخلاص و لا إخلاص مع التشبيه...(4)
عن على عليه السلام: ... أول الدين معرفته و كمال معرفته التصديق به و كمال التصديق به توحيده و كمال توحيده الإخلاص له و كمال الإخلاص له نفى الصفات عنه، لشهادة كلّ صفة انها غير الموصوف و شهادة كلُ موصوف انه غير الصفة...(5)لاريب بان توصيفه تعالى بالتمثيل و التشبيه ليس توصيفاً خالصاً فى
ص: 119
مقام معرفته تعالى، و تلك الإخلاص لايمكن الّا بعبوديته تعالى خالصاً فقال: «ما أمروا الا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدين» و هى لايمكن الّا بان يعرف ذاته و صفاته و أفعاله و بما يليق بذاته بتوصيفه أو توصيف أوليائه المخلَصون فى توحيده و هو ان اللّه تعالى عرف نفسه بان ذاته خارجة عن التشبيه و التعطيل، بل يعرفه بما وصف به نفسه.
و الحق ان المعرفة الكاملة باللّه تعالى لمحمد و آله الطاهرة عليهم السلام الذين عرفوا اللّه كما هو حقه و هم المخلَصون فى طاعته و معرفته لا سيما فى توحيده بحيث انهم وصفوا اللّه من دون الشرك و من دون ان يصفه الواصفون بالتشبيه بل وصفوه بالتنزيه عن كلما أوهموه غيرهم بعقولهم الناقصه ذاتاً و صفة و فعلاً و عبادة، انهم عليهم السلام خلصوا معرفتهم فى معرفة الذات و الصفات و الأفعال و العبودية، فهم الصفوة و الخلاصة من مختار اللّه اذ خلصوا دينهم للّه تعالى من أوهام العقول و من كدر الفضول فهم أصفياء اللّه و خلَفائه فقد قال اللّه تعالى فيهم: «ان اللّه اصطفى آدم و نوحاً و آل ابراهيم على العالمين»(1) و قال اللّه عزّوجل: «لأغوينّهم أجمعين الا عبادك منهم المخلَصين».(2)
عن الباقر عليه السلام فى قوله تعالى: «الا ليعبد اللّه مخلصين له الدين»
الإخلاص الإيمان باللّه و رسوله و الأئمة عليهم السلام.(3)لا شبهة بان محمداً و آل محمد عليهم السلام خلصوا توحيدهم فى ذاته و صفاته و عرفوا اللّه بانّه حقيقة نورى الذات و ان العلم و القدرة و الحيوة عين ذاته و لايعرف و لايوصف و لايتصور بأوهام العقول و كلما ميّزناه فهو خارج
ص: 120
عنه(1)، و قد قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فى ذلك: ما عرفناك حق معرفتك(2) بالإدراك أى لايفهم شى ء فى مرتبة الثبوت و الواقع من كنه ذاته و صفاته بالإدراك بل وظيفتنا خروجه عن الحدين و وجدانه تنزيهاً... ثم معرفة صفاته بأنها عين ذاته و معرفة غيريّة أفعاله مع ذاته و ليس فيه جبر بل أمر بين الأمرين.
ثم معرفة توحيده العبادى، بان كل عمل لغير اللّه فهو شرك، فقال اللّه
تعالى فى ذلك: «و لايشرك بعبادة ربه احداً» اذ شرط صحة العبادة، الإخلاص للّه تعالى لا الرياء و السمعة.
عن أميرالمؤمنين عليه السلام: ... و العمل كلّه رياء الا ما كان مخلَصاً و الإخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له.(3)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال قال على عليه السلام: ... اعملوا للّه فى غير رياء و لا سمعة فانه من عمل لغير اللّه و كله اللّه الى عمله يوم القيامه.(4)عن الصادق عليه السلام: هلك العاملون الا العابدون و هلك العابدون الا العالمون و هلك العالمون الا الصادقون و هلك الصادقون الا المخلصون و هلك المخلصون الا المتقون و هلك المتقون الا الموقنون...(5)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ما أخلص عبد للّه عزوجل أربعين صباحاً الا
ص: 121
جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.(1)
عن زين العابدين عليه السلام: ... يا أباخالد ان أهل زمان غيبته القائلين بإمامته و المنتظرين لظهوره أفضل من أهل كل زمان... اولئك المخلصون حقاً و شيعتنا صدقاً.(2)
فبالجملة: النبى صلى الله عليه و آله وسلم و ذريّته المعصومون عليهم السلام خلصوا دينهم للّه و التوحيد الخالص ظهر بهم و منهم و اليهم فقالوا: (بنا وحد اللّه، بنا عرف اللّه، لولانا ما عرف اللّه (3)، فهم أركان التوحيد و دليل التنزيه و فيهم و منهم عباده نفسه، فهم الصفوة و المخلَصين له بما يليق بذاته تعالى و صفاته و أفعاله و عبوديّتة، «سبحان اللّه عما يصفون الا عباد اللّه المخلصين»(4) فهم الموحّدون و المخلَصون فى توحيده فى المقامات التى لاتعطيل لها فى كل مكان و زمان و هم الدّالون على اللّه فى جميع الخلق، و قد تجلّى اللّه فىالخلق اما بآياته أو بآثاره أو فى كلامه و امّا بالإسم الأعظم و الذكر و النور الأوّل و اُخرى بمحمد و آل محمد عليهم السلام، فبذلك صار إبراهيم خليلاً و موسى كليماً و آدم صفياً خالِصاً و مخلِصاً للّه عزوجل.(5)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... و الذى نفسى بيده ما تنبأ نبى قط الا بمعرفته و
ص: 122
الإقرار لنا بالولاية.(1)
فبالجملة: خلوص الأنبياء و الأوصياء و من جهتهم بهم فبعضهم منحصره باولى العزم منهم، لإعترافهم بالعزم و خالصاً بولاية محمد و آل محمد عليهم السلام و بذلك انّهم صفوة اللّه و هم أصفياء اللّه و قد اصطفاهم اللّه و ما هو الا لخلصوهم فى توحيده(2) و قد قرنهم اللّه بنفسه بولاية محمد و آل محمد عليهم السلام اذ انهم أركان التوحيد...
و خلصائه و نجبائه و هم الموازين القسط و الحق و الإيمان لمعرفة اللّه، اذ خلصوا جميع حركاتهم و سكناتهم لرضا اللّه و قد أخذ اللّه ميثاق ولايتهمو أولويتهم عن جميع ما خلق اللّه لأنّهم أركان التوحيد و معيار التنزيه و نور وجهه الذى لا يؤتى الّا منه و المثل الأعلى الذى اليه يتوجّه الأولياء و الآية الكبرى و العروة الوثقى و نور جلاله العظمى.
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام أركان لتوحيده فى الذات و الصفات و الأفعال و العبادة،اذا التوحيد لايقبل من أحدٍ الّا من جهتهم أو مقرونه بولايتهم.(3)
عن الصادق عليه السلام عن آبائه قال: نزل جبرئيل على النبى صلى الله عليه و آله وسلمفقال: يا محمد السلام يقرئك السلام و يقول: ما خلقت السموات السبع و ما فيهن و
ص: 123
الأرض و الأرضين السبع و ما عليهنّ و ما خلقت موضعاً أعظم من الركن و المقام و لو ان عبداً دعانى منذ خلقت السموات و الأرض (الأرضين) ثم لقينى جاحداً لولاية علىٍ عليه السلام لأكببته ففى سقر.(1)
و لايخفى بان التوحيد ركن أساسىٌ للدّين و انهم عرفوا اللّه حق معرفته
إثباتاً بمعناه الكامل و وجدوه ثبوتاً تاماً بل انهم أبواب و قادة لمعرفة التوحيد، و لاريب بان لايمكن الإدراك و الوصول الى ذاته الا بوجدانه تعالى المنزّه عن شوب التشبيه أو التعطيل ثبوتاً، ولكن المعرفة الإثباتى بآياته و آثاره و البراهين الإثباتى بابه واسع.
و لا ريب بانهم عليهم السلام حقيقة النور الأول و الآية الأكبر و النبأ الأعظمالأجل الأكرم لمعرفته تعالى و هم الذين عرفوه و اثبتوه بالبراهين الإثباتى و أوضحوه بالمعرفة البرهانى، فهم ركن التوحيد الذى لايمكن المعرفة به تعالى الّا بتوصيفهم، و الحق المعبود انما يدعى و يعبد بما أمر من أسمائه، لان اللّه تعالى هو المقصود بالعباده وحده لاشريك له فى ذاته و صفاته و أفعاله و عبوديّته الّا بما دلّ على نفسه بإسمه و صفته... و ذلك الإسم و الصفة لايكون الا بمحمد و آل محمد عليهم السلام، لأنهم مظاهر أسمائه و صفاته، فبذلك انا نعبداللّه تعالى على نحو عبادتهم و عرفوه بماعرّفونا و نصفه بما وصفوه لنا و ندعوه فى عبادتنا كما علّمونا بعبادته، ندعوه بأسمائه الحسنى لما يدلنا بها على نفسه.(2)
ص: 124
و الطريق الواضح و السبيل البيّن للعبوديّة الخالصة لوجه اللّه فى مبدء الأمر بعد معرفة الوجدانى له تعالى هو بمعرفة أولياء اللّه،اذ نتيجة جميع لمعارف و العلوم بهم و فيهم و اليهم و هى أولاً: امتناع معرفته تعالى بغيرهثبوتاً، ثم معرفته بالإخلاص عن الحد و الطور و الكيف ثانياً فى الذات و الصفات و الأفعال و العبادة المنزّه عن المعلوميّة و المعقوليّة، فلهذا صارت الصلوة عين التكبير الذى أجلّ من أن يوصف و التسبيح من كل ما يتوهم... فباالنتيجه: ان محمداً و آل محمد عليهم السلامتلك الحقائق الإسمية و الحقائق النورانيّة التى هى المعرفة بها له تعالى إثباتاً لانهم مظاهر لأسمائه و صفاته و هم بتلك الأسماء، علامات له و أدلّاء عليه.
عن أبى عبداللّه عليه السلام فى قوله تعالى: «و للّه الأسماء الحسنى»(1) قال: نحن و اللّه الأسماء الحسنى التى لايقبل اللّه من العباد عملاً الّا بمعرفته.(2)
قال الباقر عليه السلام لجابر: ... اما المعانى فنحن معانيه...(3)
و اما توحيد الأفعالى و قد جائت فى الروايات بانّه تعالى فعّالٌ لما شاء بما شاء و كيف شاء بالمشيّة و مشيته إحداثه و إيجاده و فعله لا ذاته و لا
ص: 125
شبهة بان محمداً و آل محمد عليهم السلام قلوبهم أوعية لمشيّة اللّه و وكرها، و فعلهم فعل اللّه «و ما تشاؤون الا ان يشاء اللّه».(1)
قال الحسين عليه السلام: ... ارادة الرّب فى مقادير اُموره تهبط اليكم و تصدر من بيوتكم.(2)
قال على عليه السلام... و فى قوله تعالى: «الرحمن على العرش استوى...»قال:
... فانما أراد بذلك استيلاء امنائه بالقدره التى ركبها فيهم على جميع خلقهو ان فعلهم فعله...(3)
و قد جائت فى الزياره الرجبيه: ... أعضاد و أشهاد و مناة و أذواد و حفظه و روّاد...
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال كان اميرالمؤمنين عليه السلام يقول: انا علم اللّه و انا قلب اللّه الواعى و لسان اللّه الناطق و عين اللّه الناظر و انا جنب اللّه و أنا يد اللّه.(4)
قال كنت عند أبى جعفر عليه السلام فانشاء يقول إبتداءً من غير ان يسئل: نحن حجة اللّه و نحن باب اللّه و نحن لسان اللّه و نحن وجه اللّه و نحن عين اللّه فى
خلقه و نحن ولاة أمر اللّه فى عباده.(5)
ص: 126
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ذكر اللّه عزوجل عباده و ذكرى عباده و ذكر على عباده و ذكر الأئمّة من ولده عباده...(1)
«و خصّكم ببرهانه» «و نوره و برهانه عندكم»
و قد قال اللّه تعالى: «قد جائكم برهان من ربكم و أنزلنا اليكم نوراً مبينا».(2)
البرهان: بمعنى الوضوح و الظهور و الدليل و الحجة و النور و القرآن.(3)
لاشبهة بان اللّه تعالى عرف نفسه لخلقه بالبرهان و الحجة و الدليل و فى القرآن مع انه أظهر من كلشى ء و الخلق لايصلون الى إدراك ذاته بعقولهم و أفكارهم الّا بالمعرفة الوجدانى ثبوتاً(4) و قد عرّف أيضاً نفسه بالبراهين الإثباتى من الآيات و الآثار و... و قد أقاموا (علمائنا الإماميّة فى المباحث الكلامية براهيناً (إثباتياً) لإثبات وجوده تعالى و سموهابالبرهان اما برهان التدبير و برهان الحدوث و برهان الوجوب و الإمكان و برهان النظم وبرهان الآية و برهان الأثر و برهان الحكمة و برهان التمانع و برهان الصنع و غير ذلك من البراهين التى كلها للمنكر المعاند المرتاب.
ص: 127
و لايخفى عليك بانّ القرآن يكون برهاناً قاطعاً و نوراً و شفاءً مبيناً اذ فيه المعجزات الباهرات و البراهين البالغات و هو البرهان الواضح و النور اللامع، و برهانيته من حيث وجود جميع العلوم و المعارف و الحقائق و المعجزات فيه.
و لاريب لمن له أدنى معرفة بشئونات محمد و آل محمد عليهم السلاميرى بانّهم القرآن الناطق و حاملوه و هم الحجج البالغات و انّهم أكمل البراهين و الدلالات و المعجزات على صدق القرآن و التوحيد و النبوّة و الولاية، اذ هم حمله القرآن و بذلك نالوا على المقامات العالية ان القرآن معجزتهم و برهانهم فالنبى و الأئمّة عليهم السلام هم البراهين الساطعة و الواضحة على اللّه تعالى، انّهم بوجودهم النورى و أرواحهم القدسى و هم بذلك البرهان الأتمّ و الآية الأكبر، كونوا معجزة لبرهانيّته تعالى، فكما ان القرآن برهان لعظمته تعالى و النبى و الأئمّة عليهم السلام بصراحة حديث الثقلين لايفارقون القرآن و انهم بوجودهم و علومهم و ولايتهم، أيضاً براهين علمى و نورى و معجزة لحقانيّة القرآن و برهانيّته فبيانهم أبلغ و أظهر و أوضح من القرآن اذ هم روحه و حاملوه ومبينوه و مفسّروه، فاللّه تعالى خصّهم ببرهانه يعنى ان اللّه تعالى خصّهم بإقامة البراهين لهم و بهم و منهم للأنبياء و الملائكة و الصلحاء و سائر ما خلق اللّه كما جائت فى الزيارة الجامعة عنهم عليهم السلامقال: (خصّكم ببرهانه و إنتجبكم لنوره)(1)
ص: 128
و العارف المسن على ولايتهم و شئونهم يعلم: بان مرتبة تشخّص
محمد و آل محمد عليهم السلام و تعيّنهم فى عالم النورانيّه هى تنزل حقيقة النور
الأول و الولاية التى هى عين مرتبة المشيّة و الذكر الأول التى بحقيقتها هى البرهان النورى الواضحة اللامعة و بالحقيقة ان محمداً و آل محمد عليهم السلام بتلك المرتبة المتنزلة، هم تلك الحقائق النورانيّة و الأسماء الحسنى الإلهيّة و مظهرة كاملة لجميع الكمالات فى المراتب النازلة فبذلك الجهة (الولائية) هم البراهين الأتم و الأكمل (أى بنور العظمة و الولاية) للّه تعالى و هم الآيةالكبر ى و النبأ العظيم.
و بتلك الحقيقة هم علامات جلية لعظمة اللّه و قدرته و هم براهين و علامات لجميع خلقه...
فالولاية هى الآية العظمى و الحجة الكبرى و المثل الأعلى و البرهان
الأعظم للتوحيد و النبوّة و معجزة للقران الكريم و هى أعظم البراهين و
ص: 129
المعجزة الباقية لحقانيّة القرآن و النبى و الأئمة المعصومين عليهم السلام، فولايتهم هى ثمرة احتجاجات جميع الأنبياء المرسلين و الأوصياء المكرمين و هى من البراهين الساطعة اللامعة على صدق النبى فى مسئلة الإمامة و الحجة، لانهم الأدلّاء على صراط اللّه و معجزاتهم و إحتجاجاتهم هى البراهين الساطعة على المخالفين و من براهينهم إقامة المعجزات و أعطائهم العصمة و الروح القدس و الأسماء العظام و...(1)
ص: 130
«أشهد انكم الأئمة الراشدين المهديّون المعصومون» «عصمكم اللّه من
الزلل و آمنكم من الفتن و طهّركم من الدنس و أذهب عنكم الرجس...»
العصمة: الحفظ و المنع و الامساك.(1)
فى رسالة الإعتقادات للصدوق (ره): إعتقادنا فى الأنبياء و الرسل و
الأئمّة عليهم السلام و الملائكة، انّهم معصومون مطهّرون من كلّ دنس و انّهم لايذنبون ذنباً صغيراً و لاكبيراً و لايعصون اللّه ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون و من نفى عنهم العصمة فى شى ء من أحوالهم فقد جهلهم(2).
قلت لهشام بن الحكم ما معنى قولكم، ان الإمام لايكون الا معصوماً قال سئلت أباعبداللّه عليه السلام عن ذلك فقال: المعصوم هو الممتنع باللّه من جميع محارم اللّه و قد قال اللّه تعالى: «و من يعتصم باللّه فقد هدى الى صراط مستقيم».(3)
عن زين العابدين عليه السلام: ... فقيل له يابن رسول اللّه فما معنى المعصوم؟فقال: هو المعتصم بحبل اللّه و حبل اللّه هو القرآن...(4)
ص: 131
عن على بن الحسين عليه السلام قال: الإمام منا لايكون الا معصوماً و ليست العصمة فى ظاهر الخلقة، فيعرف بها و لذلك لايكون الا منصوصاً...(1)
لا يخفى بان دليل العصمة هو الآيات الشريفة و السنة الصريحة الصحيحة و حكم العقل الواضح، لان العقل يحكم بلزوم العصمة للنبى صلى الله عليه و آله وسلم و الإمام عليه السلام اذ لامصونية لغير المعصوم و الخبير يعلم: بان الإقتداء بهم هو الإقتداء بعصمتهم و هى دليل أمنيّة الاُمّة عن الخطاء و الا يلزم نقض غرض البعثة و الهداية، فالعصمة لهم واجبة و ليست إكتسابياً، لانها لطف يمنّ اللّه تعالى على من يشاء من عباده و هى غير مانع عن ترك واجب و فعل حرام لكن لهم الإختيار على ذلك بسبب القدرة عليها و الا لم يستحق ثواباً و مدحاً و لم يكن مكلّفاً، فاللّه تعالى لم يجبرهم على ترك المعصية، بل هم القادرون عليها بإختيارهم و لكن يتركونها بإختيارهم للأمر الأهم و للإمتحان الأكمل فيهم و لو لم تكن كذلك يلزم:
أولا: لو كانوا غير معصومين عليهم السلام لإنتفى الوثوق بقولهم.
و ثانياً: فلو كانوا خاطئين لاحتاجوا الى المعصوم المصون عن الخطأ.
و ثالثاً: على الحكيم قبيح إلزام الاُمّة بإتباع المذنب المخطى.
و رابعاً: إتباع المخطى الواجب عليه الحدّ مناقض مع البعث و يسقطإعتباره عن القلب و الدليل على ذلك الآيات الشريفة:
منها ما قال اللّه تعالى: «واللّه يعصمك من الناس»(2)
قال اللّه تعالى: «قل من ذالذى يعصمكم من اللّه ان أراد بكم
ص: 132
سوءاً...»(1)
قال اللّه تعالى: «ما لهم من اللّه من عاصم»(2)
قال اللّه تعالى: «انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس»(3)
و قد جائت فى الروايات تصريحاً أو تلويحاً بعصمة الأنبياء و الأوصياء و اليك بنبذة منها.
عن الرضا عليه السلام: ان اللّه عزوجل أيّدنا بروح منه مقدّسه مطهّره ليست بملك لم تكن مع أحد ممّن مضى الا مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم و هى مع الأئمّة منا تسّددهم و توفّقهم و هو عمود نور بيننا و بين اللّه عزوجل.(4)
قال سمعت أباعبداللّه عليه السلام يقول: انّ اللّه تعالى لم يكلنا الى أنفسنا و لو وكلنا الى أنفسنا لكنّا كبعض الناس ولكن نحن الذين قال اللّه تعالى لنا «أدعونى استجب لكم».(5)
قال سمعت علياً عليه السلام يقول: ... انما الطاعة للّه عزوجل و لرسوله و لولاة الأمر... و انما أمر بطاعة اولى الأمر لانهم معصومون مطهرون لايأمرونبمعصيته.(6)
قال سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم يقول: أنا و علىٌ و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين عليه السلام مطهّرون معصومون.(7)
و الخبير العارف بحقّهم و شأنهم يعلم: بانهم عليهم السلام المخلوقون من نور
ص: 133
جلال عظمة اللّه و هم المنظورون بعين اللّه و يقول اللّه تعالى لهم أنتم مرادى و مريدى و هم العاصمون المعتصمون باللّه و الفانون فى نور وجه اللّه و الواصلون المتّصلون الى معدن عصمة اللّه، بل هم أصلها و مأواها و المغمورون فيها و هم الذكر الأول الذى لايغفلون عن ذكر اللّه، فكيف بهم معها عن الغفلة و النسيان و الخطاء.
و الحقّ انّ لهم السلطة و الولاية على جميع ما أمر اللّه و نهاها بسبب القدرة عليها و لم يجبرهم اللّه على تركها و لهم الإختيار و الإختبار عليها و هم المعصومون الذين أختارهم اللّه و عصمهم اللّه من جميع الصغائر و الكبائر و هم المحفوظون المستورون و المنظورون بعين اللّه الذين منّ اللّه علينا بهم...
فانّا نشهد عند اللّه بانّ محمداً و الأئمة عليهم السلام الراشدون و المهديّون المعصومون و هم الذين عصمهم اللّه من الزلل و آمنهم من الفتن و طهرهم من الدنس و أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً.و اما الزلل: فهو الخطأ و الذنب فى القول و الإعتقاد و العمل بتمام معناه فهم المعصومون ظاهراً و باطناً، قولاً و إعتقاداً و فعلاً، و قد آمنهم اللّه من الفتن و الإئتمام من الفتن بمعنى عدم الخوف من المخالفين اذ هى لازمة لعصمتهم فقال اللّه تعالى: «اولئك لهم الأمن»(1) و اما الفتنة بمعنى الإبتلاء و
الإختبار و المحنة.
لا شبهة للمؤمن بولايتهم بان علياً هو الباب المبتلى به الناس (من أتاكم نجى و من لم يأتكم هلك)(2) و قد إمتحن الاُمّة بقبول إمامته و ولايته لان
ص: 134
إمتحانهم و إختبارهم أولاً:إظهاراً لمرتبتهم و مقامهم لغيرهم و ثانياً: لوجب الإبتلاء و الإمتحان و الإختبار بلحاظ أنفسهم، كما ظهر من على عليه السلام عند هجوم الأعداء و لغصب الخلافة الى باب داره فقرأ عليه السلام: «ألم أ حسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا و هم لايفتنون»(1) أى لايختبرون.
بما بيّنا سابقاً من معالى شئون محمد و آل محمد عليهم السلام بحيث انّهم مظاهر
صفاته و أسمائه و أفعاله و ان قلوبهم محال لإرادته، و هم المثل الأعلى و وجهه الذى منه يؤتى و هم يد اللّه الباسطة و عينه الناظرة و اللّه تعالى ظهر بهم و فيهم و منهم، فينكشف حقيقة عصمتهم بمعنى انهم فى منتهى الكمال و الضياء و الحرمة من اللّه اذ هى من تمام نورهم فامنهم اللّه من الفتن و الزلل و الخوف اذ هم المحفوظون بعين اللّه الى أعلى مرتبة العصمة و لكن الخلقفى موضع الزلل و النقصان و الحرمان الا فى وقت ايقضوا و اتصلوا الى
معدن العظمة و الرحمة و استضيئوا بنورهم و علومهم و ولايتهم و...
و لا ريب بانّ فاطمة عليهاالسلام درّة صدف العصمة و نقطتها و مركزيّتها فى قوله تعالى: «ان اللّه اصطفاك و طهرك و اصطفاك على نساء العالمين»(2) و بآية التطهير و حديث الكساء و غيرها...
عن أبى جعفر عليه السلام عن آبائه قال: انما سميت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه و آله وسلم الطاهرة لطهارتها من كل دنس و طهارتها من كلّ رفث و ما رأت قطّ يوماً حمرة و لا نفاساً...(3)
قال: شهدت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ثمانية أشهر اذا خرج الى صلاة الغداة مرّ
ص: 135
بباب فاطمة عليهاالسلام فقال صلى الله عليه و آله وسلم: السلام عليكم يا أهل البيت و رحمة اللّه و بركاته «انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت...»(1)
لا شبهة بان آية التطهير دليل العصمة و قد أوردوها اتفق الفريقين على نزول آية التطهير فى شأن على و فاطمة و الحسنين عليهم السلام فى كتبهم التفسيريّة و الحديثيّة بألحان مختلفة، صحيحة السند و واضحة الدلالة، مع تواترها و هى مشتملة على اُمور عظيمة فقال اللّه تعالى فى حقهم: «انما
يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً».(2)و فى الإحتجاج عن على عليه السلام مخاطباً على أبى بكر قال: ... فانشدك باللّه الىّ و لأهلى و ولدى آية التطهير من الرّجس ام لك و لأهل بيتك؟ قال بل لك و لأهل بيتك.(3)
عن الصادق عليه السلام فى تفسير قوله تعالى «طه» قال: طه، طهارة أهل بيت محمد صلى الله عليه و آله وسلم ثم قرأ «إنما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس»(4)
أما الرجس فهو كل ما يستقبح ذكره من الحرام و القبيح و النجس و العذاب و القذر و الغضب و ما لا خير فيه و اللعنة و الكفر و الوسوسة و الشك و كل ما توجب الإجتناب بظاهرها و باطنها عنه اعتقاداً و عملاً، قولاً و فعلاً، خَلقاً و خُلقاً...(5)
ص: 136
و اللّه تعالى أراد تنزيه محمد و آل محمد عليهم السلام و أذهاب الرجس عنهم عن كل قبيح و رجس، فاذا أمنا عن خطائهم، وجب الإقتداء بهم لوجوب العصمة فيهم و الا لزم نقض غرض البعث و الإمامة، فقال اللّه تعالى: «أ فمن يهدى الى الحق أحقّ ان يتّبع امّن لايهدى الا ان يهدى»(1)
و تلك الطهارة اما طهارة الجسم و اما طهارة الروح فأى معنى كانت،
فاللّه تعالى أراد تطهيرهم عن كل قبيح و رجس فحقائق أجسادهم و أرواحهم و أنوارهم قدسيّة طاهرة مطهّرة بالروح القدسى و الأبدانالعليينى، لاتدنّسهم أدنى القذارة فى أصلاب الآباء و الأرحام المطهرات و هذه هى معنى اعتصامهم بعصمة اللّه، فبذلك إدعائهم للإمامة و سائر الحقوق و الشئون الولائية لهم ثابته، بصراحة الآية و العصمة اللازمة عقلاً و نقلاً و هم فى التكوين و التشريع من صفوة أعلى عليين.
قال السمهودى: ... كلمة انما تدل على ان إرادة اللّه منحصرة على
تطهيرهم و تأكيده بالمفعول المطلق، دليل على ان طهارتهم طهارة كاملة فى أعلى مراتب الطهارة...(2)
قال الگنجى: ... وفيه دلالة واضحة على ان علياً أحب الخلق الى اللّه و أدلّ ...(3)
و فى خبر سد الأبواب... فنهى اللّه عن دخول المساجد مع وجود الحيض و الجنابة فعمّ النبى و خصّ علياً و فاطمة عليهاالسلام بالإباحة لعلمه بانّهم الطاهرون المطهرون...(4)
ص: 137
و لا يخفى بان الشايع فى كلام العرب، هو العدول من كلام الى كلام آخر و قد عدلت الآية الكريمة عن زوجات النبى الى أهل البيت عليهم السلام و شاهده العدول عن ضمير المؤنث (عنكن) الى المذكر (عنكم) فيها، مضافاً بان النبى غطى فاطمة بالعباء الخيبرى لا غيرها.
و التى تستفاد من العصمه فى الآية هى:الاول: إعتناء اللّه بإرادته بتطهيرهم الكاملة التكوينيّة...
ثانياً: تصديرها بانما تدلّ على الحصر لهم لا لغيرهم...
ثالثاً: تأكيد تطهيرهم بالمصدر ليعلم انهم فى أعلى درجة التطهير...
رابعاً: تنكير المصدر للأعلام و الإشارة الى أعلى التطهير...
خامساً: شدة إهتمام النبى صلى الله عليه و آله وسلم لإبلاغ تلك الطهارة...
سادساً: دخوله و جبرئيل و ميكائيل معهم عليهم السلام تحت الكساء تدلّ على العصمة الكاملة لهم...
سابعاً: دعائه لهم بقوله فاجعل صلواتك و رحمتك...
ثامناً: إدخال اللام فى الخبر نتيجة الأخبار...
تاسعاً: إختصاص الخطاب لهم لا غيرهم...
العاشر: تقديم ما هو حقه التأخير، لتقديم عنكم على الرجس و ايراد
مفعول المصلق بعده و تنكيره، الدال على الإهتمام بتلك الطهارة... بأجمعها أدلّ دليل على عصمة علىٍ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم الصلاة و السلام.
ص: 138
«أشهد انكم الأئمّة... المصطفون المطيعون للّه»
صفوة الشى ء أى خالصة و خلاصته و مصطفاه! ان الدنيا مركب من
العليين و السجيين و الخير و الشرّ و الجيد و الرّدى و النور و الظلمه بجميع مراتبة مصلحة و اقتضاءاً و اختباراً و اختياراً و كلها بقدره اللّه و مشيته و قضائه و قدره. فكما ان اللّه تعالى أختار من الأمكنة العرش و من الليالى ليلة القدر و من الأيام يوم الجمعة و اختار من جميع خلقه محمداً و آل محمد عليهم السلام(1) فخلقهم من نور عظمته ثم اصطفاهم لنفسه و أكملهم بعلمه و ارتضاهم لغيبة و أختارهم لسرّه و استخلصهم لنفسه و أفردهم عن التشاكل و التماثل فى جميع خلقه ثم خلقهم صفوة الخلق بالنورانيّة حول العرش و فى عالم الأرواح و اصطفاهم من بين الأنبياء المرسل و الملائكة المقرّب و جعل لهم مقاعد فى ملكوت سلطانه و فى بيوت اذن اللّه انترفع(2)، حول العرش و قدامها وبيت المعمور و عمّارها و السقف المرفوع
ص: 139
و من حولها و البيت العتيق و القدس و ما اصطفاه اللّه من بين خلقه فهم المصفون المصطفون المطيعون للّه القوامون بأمره... و محمد صفوة اللّه و خيرته و الأئمّة المعصومين عليهم السلام صفوة الصفوة سلالة النبيين، فاللّه تعالى أختارهم فى مراتب الخلقه و اصطفاهم و انهم الصفوة من آل ابراهيم و انهم السابقون السابقون الأوّلون فقال اللّه عزوجل فيهم: «ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا»(1)
قال قلت لأبى جعفر عليه السلام ما معنى قول اللّه عزوجل: «ثم أورثنا الكتاب...» قلت: فمن السابق بالخيرات؟ قال الإمام عليه السلام...(2)
قال سمعت جعفربن محمد عليه السلام يقرء «ان اللّه اصطفى آدم و نوحاً و آل ابراهيم و آل عمران و آل محمد عليهم السلام على العالمين» قال هكذا نزلت.(3)
قال أبوجعفر عليه السلام فى قول اللّه تعالى: «و سلام على عباده الذين اصطفى»
قال:هم آل محمد عليهم السلام.(4)
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام هم المقرّبون المتّقون المكرّمون المطيعون للّه و القوّامون بأمره فى جميع تلك المراتب التى لايطمع فى إدراكها طامع ولايسبقهم سابق «بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون»(5) فبذلك انهم مصفّى و مصطفاه و مجتباه بل هم المصفون من نور جلال عظمة اللّه و مختارون من نور وجه اللّه و هم المخلوقون من صفوة
ص: 140
أنوار اللّه، لأنهم عظموا جلالة أمر اللّه وكبّروا شأنه بالإختيار و مع الإختبار.
فبهذا أنهم المختارون بإختيار اللّه و الممتازون و السابقون بتلك الاصطفاء و قد خصّهم اللّه فى موضع مشية اللّه. فبلّغهم اللّه بتلك الشرافة و الصفوة،الى أشرف محل المكرمين و أعلى منازل المقرّبين. و أرفع درجات المرسلين!
انما الكلام هو: ما جهة تلك الاصطفاء؟ و ما المقصود من ذلك الاختيار؟ مع انهم فى أعلى درجة الكمال و المنزلة و المقام.
لا يرتاب البصير العارف بأمر الولاية و إنه يعلم: بأن اللّه إصطفاهم و اختارهم لهداية الخلق، ليخرج عباده من الظلمات الى النور بعد التوحيد و النبوّة، و من أعظمها هى الإقرار و الإعتقاد بولاية من افترض اللّه طاعته عليهم.
فبذلك يعتقد الشيعة ان الإمامة منصب الهى من قبل اللّه و هى من شئون الولاية الإلهيّة... و هذا سرّ إصطفائهم من بين الخلق، اذ كمال الدين هو الولاية و هى باب ابتلاء الخلق و اختبارهم و قد اصطفاهم عليها، لان ولايتهم هى ولاية اللّه التى قد أخذها اللّه عهدها عن جميع الخلائق و هى دليل الاشرفيّة و الاُولوية للخلق لدى اللّه و هى الغرض الأقصى و المقصودالكبرى لخلقة ما سوى اللّه و قد اختارهم لإظهار تلك الشرافة العظمى لا سيّما لصفوة أولياء اللّه آدم عليه السلام و قد جائت فى زيارة الوارث: (السلام على آدم صفوة اللّه) فالآدم سمّى صفوة اللّه مع أنّ جميع الانبياء أصفياء و مجتباه اللّه فما السرّ فى ذلك؟!
قال على عليه السلام قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ان اللّه اصطفى لكم الدين و إرتضاه و
أتمّ نعمته عليكم... لان اللّه تعالى إصطفانى و أختارنى... فأوحى اللّه
ص: 141
عزوجل الىّ: انّ علياً وزيرك و ناصرك و الخليفة من بعدك،ثم يا على أنت من أئمة الهدى و أولادك منك، فأنتم قادة الهدى... أنتم الذين أوجب اللّه موّدتكم و ولايتكم... فقال اللّه تعالى: «ان اللّه اصطفى آدم و نوحاً و آل ابراهيم» فأنتم صفوة اللّه من آدم و نوح و آل ابراهيم و آل عمران و أنتم الأسره من إسماعيل و العترة الهادية من محمد صلى الله عليه و آله وسلم.(1)
قال العسكرى عليه السلام: ... و الكليم ألبس حلّة الإصطفاء لما عهدنا منه الوفاء...(2)
و أما وجه إختصاص الصفوة لآدم فنقول: جهة إختيار اللّه لآدم من بين
الأنبياء إما لأنّ آدم هبط على الصفا فلهذا سمى آدم بصفوة اللّه و إما لكونه جامع جميع الأنبياء و هو صفوتهم و إما لكون محمد و آل محمد عليهم السلام فى مبدء الخلق فى ظهره و من نسله فلهذا سمى صفوة اللّه.و إما لكونه أول الأصفياء و إما لكون خميرتكم من طينة الدنيا و أنّه أوّل الموجودين بصورة الخميرة من الماء العذب الفرات و فى الجملة شرافة آدم و جميع الأنبياء من شرافة سيّد الأنبياء و أفضلهم و صفوتهم...
فلهذا جاء عن أميرالمؤمنين عليه السلام و قال: ... فكان حظّ آدم من الخبر أنباؤه و نطقه بمستودع نورنا...
و أستدعى التنبيه على العهد الذى قدّمه الى الذّر قبل النسل...(3)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... اما والذى نفسى بيده،ما أستوجب آدم أن يخلقه اللّه و ينفخ فيه من روحه و أن يتوب عليه و يرّده الى جنّته إلاّ بنبوتى
ص: 142
و الولاية لعلىٍ بعدى...(1)
فملخّص الكلام هو: إنما صار آدم صفى اللّه لأن اللّه جعل وجوده مظهراً لمحمد صلى الله عليه و آله وسلم و أهلبيته عليهم السلام، لأنهم الصفوة منه فلهذا أمر اللّه الملائكة بالسجود لآدم تعظيماً و إكراماً لمحمد و آله عليهم السلام.
عن النبى صلى الله عليه و آله وسلم قال: يا عباد اللّه إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه إذ كان اللّه قد نقل أشباحنا من ذروة العرش الى ظهره، رأى النور و لم يتبين الأشباح، فقال: يا رب ما هذه الأنوار فقال: أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشى الى ظهرك و لذلك امرت الملائكه بالسجود لك إذ كنت وعاء لتلك الأشباح...(2)عن أبى جعفر عليه السلام: ... ولكنّه خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه و ولايتنا ولايته..(3)
عن موسى بن جعفر عليه السلام: ... لأنهم صفوة الصفوة إصطفاهم لنفسه...(4)
قال أبوعبداللّه عليه السلام لإبن بكير: ... يا ابن بكير ان قلوبنا غير قلوب الناس إنّا(مطيعون) مصفّون مصطفون، نرى ما لايرى الناس و نسمع ما لايسمعون... و ما من أرض من ستة أرضين الى السابعة إلا و نحن نؤتى بخبرها...(5)
ص: 143
فى زيارة دعاء يوم الجمعة: اللهم صل على محمد المصطفى و على المرتضى و فاطمة الزهراء و الحسن الرضا و الحسين المصفّى...(1)
قال الباقر عليه السلام فى حديث إعتراض الملائكة و بكائهم: ... ضجّت عليه الملائكة الى اللّه تعالى بالبكاء و قالوا إلهنا و سيّدنا أ تغفل عمّن قتل صفوتك و ابن صفوتك و خيرتك من خلقك...(2)
ص: 144
«العاملون بإرادته» «من أراد اللّه بدء بكم»
لاشبهة بأنّ اللّه تعالى نورى الذات و عالم و قادر بالذات و لايخفى عليه خافية فى الأرض و لا فى السماء، فصفاته عين ذاته بلا تعيّن و لا تحديد فى ذاته على قدر معلوماته و مخلوقاته إذ يلزم السنخية و الإحتياج و التحديد و هى باطلة، فهو عالم بهذا النظام و غيره و مثله و ضده الى ما لايتناهى، و السبب و المرجّح لخلقة الأشياء فعله مشيّته و هو إيجاده و إحداثه! لأنه مالك للرأى و مختار للعطاء و الفضل و قد خلق جميع الأشياء بفعله من دون سابقه أزليّة و من دون رابطة علّية و معلوليّة و قد خلق بقدرته و تعيّن هذا الخلق الأكمل بفعله و مشيّته، فمشيته هى بمعنى نفس الإيجاد و الإحداث و هى صفة فعله تعالى.(1)
ص: 145
ص: 146
···
فبما انّ مشيته إيجاده و فعله تعالى(1) فليست هى أزليّة! و ما قد يقال من بعض العرفاء بان مقتضى انه تعالى قادر على الفعل و الترك، تعليق الفعل على المشية فيقول: و المشية ان كانت حادثة، فلابدّ لها من العلة و لابدّ للعلة من كونها أمراً أزلياً أو منتهياً اليه و الّا لزم التسلسل... و لذا جعلوا
المشية فى اللّه تعالى هى العلم بالأصلح و فى المخلوق الشوق الأكيد المنتهية علله الى مشيته الأزلى لان المشية صفة فعله و ليست هى العلمبالأصلح،
و ثانياً: ان المرجح لفعله تعالى ليست ذاته، بل هو تعالى قادر على
الفعل و الترك و المشية فعله و هو الفاعل بالإختيار و المشية.
و ثالثاً: و الحق ان الخالق الحكيم لم يخلق الخلق عبثاً و الغرض منها
إيصال الخلق الى الرحمة و لكن كلّها مقتضيات و معدات! لا العلية التامة مع عدم التخلف، حتى اتّصل بذاته تعالى و تصير شعاعاً له و أزليّاً، اذ يلزم تعدد القدماء و يصير المخلوق خالقاً و ذلك مخالف مع الوحى و الشريعة،
ص: 147
فللّه تعالى خلق الخلق بفعله من دون سابقة أزليّه و عليّة،بل هو قادر على الفعل و الترك و قد خلق نظاماً كاملاً بفعله، مع انه مختارٌ و قادر على النظامات الغير المتناهيه فى مثلها أو ضدها...
و اما اذا نسبت المشية الى اُمنائه و أوليائه من محمد و آل محمد عليهم السلام فنقول: فانما هى باعتبار ان اللّه تعالى أعطى فعله و ولايته اليهم، لانهم اُمنائه و أياديه، فهم فى المراتب النازلة أوعية و وكرٌ لمشية اللّه! فهم مواليه و
مظاهر لأسمائه و صفاته و لا تشاؤون الا ان يشاء اللّه.(1)فالذى يليق بالتوجّه اليه على المسنّ على ولايتهم هو: انهم يعملون فى مرتبة تشخّصهم و تعيّنهم أى بعد تنزل الأمر عن إرادته فى مقادير اُموره
ص: 148
تعالى و امضاء ما قدّره اللّه اليهم، تهبط الى قلوبهم و أرواحهم و تصدر حكمه اليهم و الى اُمنائهم و فى الحقيقة هم العاملون بإرادته بل هم وكر المشية و فى موضعها و هم أول فعل اللّه، فبالحقيقة: انهم عليهم السلام بحقائقهم نفس المشية و الإسم الأعظم الأعظم و الوجه الباقى التى يؤتى اللّه اليهم فى مرتبة الفعل الأول فقال الصادق عليه السلام: نحن مشية اللّه.(1)فبالجمله: ان محمداً و آل محمد عليهم السلام خزّان لعلمه و مشيته و هم العاملون بإرادته و قلوبهم وكرها، فكل ما يخلق و من يتحرك أو ينقلب فى
ص: 149
الملك و الملكوت شى ء من شى ء، فعلمه عندهم و هم المتصرّفون بأمر اللّه فيهم و حكمهم فى جميع ما خلق اللّه بمشيّتهم، و ما يشاؤون الا ان يشاء اللّه...
و قد جائت فى فقرة من دعاء الأسماء الحسنى عن النبى صلى الله عليه و آله وسلم:... و أسئلك بإسمك الذى خلقت به الحيوة من مشيتك العظمى الى أجل مسمّى...(1)
ص: 150
«و إجتباكم بقدرته»
لا يخفى عليك بان الإجتباء هو الإصطفاء و الإختيار(1) نسبة الإختيار الى القدرة! تكون لتعظيم تلك الإصطفاء، فاللّه تعالى بقدرته الكاملة الأزليّة البالغة بأكملها قد اختار محمداً و أهل بيته عليهم السلام من نور جلال عظمته، لانهم صفوة الخلق و خاصته و خالصته على أكمل وجه، فهم المظاهر لتلك القدرة الكاملة الإلهيّة و هم أعضاد و أشهاد و مناة و أذواد و حفظة و روّاد، اذ فوّض اللّه اليهم ولايته الكاملة و قدّرهم على شهود ما يشاء فى خلقه، بحيث ان جميع الخلق منقادون على أمرهم و مطيعون بولايتهم فقال اللّه تعالى فى ذلك: «أطيعوا اللّه و أطيعوا الرسول و اولى الامر منكم»(2) و قوله تعالى: «انما وليكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا
الذين...»(3) فاللّه تعالى يسدّدهم و يقوّيهم و يؤيدهم بنوره و روحه، فظهرت منهم القدرة على جميع خلقه.
عن موسى ابن جعفر عليه السلام: ... انشاء ما شاء حين شاء بمشيته وقدرته...(4)
ص: 151
و لا شبهة بان محمداً و آل محمد عليهم السلام محال لمعرفة اللّه و هم يد اللّه و مظاهر ولايته و قدرته تعالى فى خلقه، اذ القدرة الإلهية ظهرت فيهم و بهم و منهم، لأنهم اُمنائه و أوليائه و شهدائه بالقدرة التى ركّبها فيهم و ان فعلهم فعله تعالى، فاللّه تعالى أقدرهم على التصرف فى جميع ما خلق اللّه.
قال موسى ابن جعفر عليه السلام: (... فبهم تظهر قدرته و منهم ترى آياته و معجزاته...) و بتلك النفوذ فى الخلق بحقيقة نورهم أو روحهم أو بالإسم الأعظم و غير ذلك هم يد اللّه الباسطة فى خلقه، كيف شاء بما شاء، فيتصرفون فيها، لان الفضل بيد اللّه يؤتى من يشاء من فضله.
قال أميرالمؤمنين عليه السلام فى قوله تعالى: «الرحمن على العرش استوى»(1) قال: ... فانما أراد بذلك إستيلاء اُمنائه بالقدرة التى ركّبها فيهم على جميع خلقه و ان فعلهم فعله...(2)
قال أميرالمؤمنين عليه السلام فى حديث سلمان و جندب... لانّ من أنكر شيئاً ممّا أعطانا اللّه فقد أنكر قدرة اللّه و مشيته فينا...(3)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... و اشتقه من جلال عظمته، فاقبل يطوف بالقدرة...(4) ثم سجد للّه تعظيماً، ففتق منه نور على عليه السلام نورى محيطاًبالعظمة و نور على عليه السلام محيطاً بالقدرة...(5)
عن الباقر عليه السلام: ... انّ اللّه أقدرنا على ما نريد و لو شئنا أن نسوق الأرض
ص: 152
بأزمتها لسقناها...(1)
قال على عليه السلام: ... و اللّه لو شئت أن أخبر كلّ رجل منكم بمخرجه و مولجه و جميع شأنه لفعلت...(2)
و قد جائت فى الآيات الكثيرة بانّ اللّه تعالى يتصرف فى خلقه كيف
شاء باليد و اليد هو القدرة، اذ ظهور جامعية تلك القدرة فينا فى اليد كما قال اللّه تعالى فى كتابه: «تبارك الذى بيده الملك»(3)
و قال اللّه تعالى: «فسبحان الذى بيده ملكوت كلشى ء»(4)
و قال اللّه تعالى: «و السموات مطويات بيمينه»(5)
و قال اللّه تعالى: «بل يداه مبسوطتان»(6)
و اُمنائه تعالى يتصرفون فى الخلق كيف يشاء اللّه و هم يد اللّه المبسوطة بالرحمة و المغفرة و المتصرّف فى الخلق كيف شاء بما شاء.
فقال اللّه تعالى لإبراهيم: «و كذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض»(7)
و قال اللّه تعالى: «له مقاليد السموات و الأرض...»(8)
و قال اللّه تعالى: «و الأرض جميعاً قبضته...»(9)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال قال اميرالمؤمنين عليه السلام: أنا علم اللّه و أنا قلب اللّه
ص: 153
الواعى و لسان اللّه الناطق و عين اللّه الناظر و أنا جنب اللّه و أنا يد اللّه.(1)
قال أمير المؤمنين عليه السلام: ... و أنا يد اللّه المبسوطة على عباده بالرحمة و المغفرة...(2)
عن أبى عبداللّه عليه السلام فى قوله تعالى: «و السموات مطوّيات بيمينه» قال عليه السلام: اليمين اليد و اليد القدرة و القوة أى لقدرته و قوته «سبحانه و تعالى عما يشركون».(3)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... كنت أنا و على نوراً بين يدى اللّه عزّوجلّ.(4)
عن موسى بن جعفر عليه السلام: ... خلقهما بيده...(5)
قال سألت الرضا عليه السلام عن قول اللّه «و ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى»(6) يعنى بقدرتى و قوتى...(7)قال على عليه السلام: ...أنا يد اللّه...(8)
عن أبى الحسن عليه السلام قال قال لى: نحن فى العلم و الشجاعة سواءٌ و فى العطايا على قدر ما نؤمر...(9)
و قد قال اللّه تعالى: «لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية اللّه»(10)
ص: 154
قال على عليه السلام: ... يا شاب لو قرأت القرآن لكان خيراً لك، فقال انى لا أحسنه و لوددت ان أحسن منه شيئاً فقال: ادن منى فدنا منه فتكلّم فى اذنه بشى ء خفى فصور اللّه القرآن كله فى قلبه فحفظ كله...(1)
بقى هيهنا نكته نورانية و هى: بما ان اللّه تعالى خلق محمداً و آل
محمد عليهم السلام من نور جلال عظمته، فهم فى المراتب المتشخصة النازلة، عين تلك الحقيقة الكاملة و كلهم لهم مقام جمع الجمعى للولاية الكليّة الإلهيّة، فبذلك انّهم قبل التنزّل عين النور التام الكامل و المثل الأعلى الجامع و...
و البصير العارف بحقّهم يرى و يعتقد بان لازمة خلقتهم النورى إفاضة جميع الكمالات و الشئونات اليهم من القدرة و العلم و... و هم المحفوظون بنور اللّه و المنظورون بعين اللّه و المغمورون بعنايته و فضله و رحمته الواسعة و رضوانه الكاملة و قد أعطاهم اللّه جميع الكمالات و الخيرات مننور عظمته التى هى أصل ولايتهم الجامعه و قدرتهم الكاملة فقال اللّه تعالى فى حقهم: «قل ان الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء».(2)
قال أميرالمؤمنين عليه السلام: ... قد أعطانا ربنا علمنا للإسم الأعظم الذى لو شئنا خرقت السموات و الأرض و الجنة و النار و نعرج به الى السماء و نهبط به الى الأرض... و ننتهى به الى العرش... فنجلس بين يدى اللّه عزوجل و يطيعنا كلّشى ء حتى السموات و الأرض و الشمس و القمر و النجوم و الجبال و الشجر و الدواب و البحار و الجنة و النار... و نحن عباد اللّه المكرمون لايسبقونه بالقول...(3)
ص: 155
و لاريب بانهم عليهم السلام قادرون على احياء الموتى و شفاء المرضى و الأعمى و التصرف فى الخلق بما شاؤوا لانهم فى موضع مشية اللّه و ارادته و الإمام اذا أراد ان يعلم، علم و يفعل و يتصرف فى الخلق و هكذا فهو قادر على ذلك كله بقدرة اللّه و مشيته و لان فيهم الروح القدس الذى يجيئى من المشرق الى المغرب فى لحظة واحدة و هكذا... نحو قدرتهم على طى الأرض و تسلطهم على الملك و الملكوت و على جميع العوالم و أحياء الموتى و غير ذلك و قدرتهم على جميع ما خلق اللّه من الملك و الملكوت و الدنيا و الآخرة و المشارق و المغارب بمثال الطعام و الخاتم...(1)
عن زين العابدين عليه السلام: ... و جعل لنا الفضيله بالملكه على جميع الخلقفكل خليقته منقادةٌ لنا بقدرته و صائره الى طاعتنا بعزّته...(2)
قال الصادق عليه السلام: ... كيف يكون حجة على قومٍ غيّب لايقدر عليهم...(3)
عن موسى ابن جعفر عليه السلام: ... لانهم صفوة الصفوة اصطفاهم لنفسه... فبهم تظهر قدرته و منهم ترى آياته و معجزاته...(4)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ... قلت جعلت فداك يتناول الإمام ما ببغداد بيده؟ قال: نعم و ما دون العرش.(5)
عن أبى جعفر عليه السلام فقال: ... انى لاعرف رجلاً بالمدينة له حمار يركبه فيأتى المشرق و المغرب فى ليله...(6)
ص: 156
فى حديث سلمان و جندب قال على عليه السلام: ... و نحن اذا شئنا شاء اللّه و اذا كرهنا كره اللّه، فالويل كل الويل لمن أنكر فضلنا و خصوصيتنا و ما أعطانا اللّه ربنا، لانّ من أنكر شيئاً ممّا أعطانا اللّه، فقد أنكر قدرة اللّه عزوجل و مشيته فينا...(1)
قال أبوجعفر عليه السلام: ... ان بيننا و بين كل أرض ترّ مثل ترّ البنّاء...(2)
قال أميرالمؤمنين عليه السلام: ...و بأنّ له أولياء تجرى أفعالهم و أحكامهم مجرى فعله، فهم العباد المكرمون لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون...قال السائل من هؤلاء الحجج؟ قال هم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم و من حلّ محلّه من أصفياء اللّه الذين قرنهم اللّه بنفسه و برسوله و فرض على العباد من طاعتهم مثل الذى فرض عليهم منها لنفسه و هم ولاة الأمر الذين قال اللّه تعالى فيهم: «أطيعوا اللّه و أطيعوا الرسول...».(3)
ان العامة يرون ان من أوصاف الإمام، الشجاعة و قوة القلب، فكلّ من
لم تكن فيه هذه الصفة، لايليق للخلافة، اذ ضعفه دليل عجزه و عدم قابليته للإمامة.
قال العسكرى عليه السلام: ... بل اللّه قد أعطانى... و من القوة ما لو قسم على جميع ضعفاء الدنيا لصاروا به أقوياء...(4)
قد جائت فى الروايات العديدة بانّ اللّه تعالى أقدر أميرالمؤمنين عليه السلام و الأئمة عليهم السلام على سير الآفاق و سخّر لهم السحاب و هيّأ لهم الأسباب.(5)
ص: 157
و لا شبهة ان أفعال اللّه كلها صادرة بيد اُمنائه و بحوله و قوته و لاحول و لاقوة الا باللّه، و ان محمداً و آل محمد عليهم السلام فى المرتبة المتشخصه و
المتعيّنة أوعية لمشية اللّه و وكرها فاذا شاء اللّه شيئاً شاؤوه و الأفعال و ان كان بالحقيقة ينسب الى اللّه تعالى و لكنهم مقتدرون بنور عظمته و نفس قدرته و ولايته التى هى أول فعله، فبه أقدرهم على ما يشاء كيف يشاء و يفعلون الاُمور العظام و يتصرفون بأيديهم فى الخلق و تظهر منهمالمعجزات و لايشاؤون الا ما يشاء اللّه، و لو تثبت تلك القدرة لملك من الملائكة أو أضعف الخلق لدى اللّه، فكيف بهم و انهم مظهر قدرة اللّه و يد اللّه و ان فعلهم فعل اللّه... و قد إجتباهم اللّه بتلك القدرة.
يقول عليه السلام و لملك الموت اعوان... يصدرون عن امره و فعلهم فعله و كل ما يأتون منسوب اليه...(1) و اذا كان فعلهم فعل ملك الموت و فعل ملك الموت فعل اللّه لانّه يتوفى الأنفس على يد من يشاء و يعطى و يمنع و يثيب و يعاقب على يد من يشاء و ان فعل اُمنائه فعله فما يشاؤون الّا ان يشاء اللّه...
قال الصادق عليه السلام: ... يا ملك الموت، قال: لبيك أيها الإمام قال: أ لست أمرت بالسمع و الطاعه لنا؟ قال: بلى! قال: فانى آمرك ان تؤخر أمرها عشرين سنه قال السمع و الطاعة...(2)
قال... عن ميثم فقال: ... و اللّه لايكون الامام إماماً حتى يحيى الموتى أو ينزل من السماء مطراً أو يأتى بما يشاكل ذلك مما يعجز عنه غيره.(3)
ص: 158
فااللّه تعالى خلقهم من نور عظمته و ولايته، ثم فوّض اليهم الحكم و التصرف و أعطاهم القدره و الولايه على ما سوى اللّه، فهم مظاهر سطوته و قدرته و سلطنته لانّ لهم الإحاطة على جميع الأشياء و أشهدهم خلقها و لايخفى عليهم ذرة فى الأرض و لا فى السماء و ان اللّه تعالى أعطاهم تلك القدره لان فعلهم فعله و ولايتهم ولايته، فمهما ارادوا شيئاً يجرى اللّه بأيديهم ذلك و قد قال اللّه تعالى فيهم: «آتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين»(1) «بل عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون»قال الصادق عليه السلام: ... سبحان الذى سخّر للإمام كلشى ء و جعل له مقاليد السموات و الأرض لينوب عن اللّه فى خلقه و يقيم فيهم حدوده...(2)
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ... قلت جعلت فداك فهل يرى الامام ما بين المشرق و المغرب؟ فقال: يابن بكر و كيف يكون مؤدّياً عن اللّه و شاهداً على الخلق و هو لايراهم...(3)
قال المجلسى (ره): ... و إطلاق اليد على النعمة و الرحمة و القدرة شائع فهم نعمة اللّه التامة و رحمته المبسوطة و مظاهر قدرته الكاملة...(4)
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ... يا حمران ان الدنيا عند الإمام و السموات و الارضين الا هكذا و اشار بيده الى راحته يعرف ظاهرها و باطنها و داخلها و خارجها و رطبها و يابسها.(5)
قال رأيت على بن الحسين عليه السلام و قد نبت له أجنجه و ريش فطار ثم نزل
ص: 159
ثم قال رأيت الساعة جعفر بن أبى طالب عليه السلام فى أعلى عليين فقلت و هل تستطيع ان تصعد؟ فقال نحن صنعناها فكيف لانقدر ان نصعد الى ما صنعناه؟! نحن حمله العرش و نحن على العرش و العرش و الكرسى لنا، ثماعطانى طلعاً فى غير أوانه.(1)
قال المهدى عجل اللّه تعالى فرجه: ... نحن صنائع ربنا و الخلق بعد
صنائعنا.(2)
قال أميرالمؤمنين عليه السلام: ... و لقد نظرت فى الملكوت باذن ربى جل جلاله فما غاب عنى ما كان قبلى و ما يأتى بعدى...(3)
فى ملاقات الجن الحسن مع الحسين عليه السلام... فقال عليه السلام: و نحن واللّه أقدر عليهم منكم ولكن ليهلك من هلك عن بينه و يحيى...(4)
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ... يا أصبغ ان سليمان بن داود أعطى الريح غدوّها شهر و رواحها شهر و أنا قد أعطيت أكثر مما أعطى سليمان...(5)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: ان للّه عزوجل إثنى عشر ألف عام كل عالم منهم أكبر من سبع سموات و سبع أرضين و ما يرى عالم منهم ان للّه عزوجل عالماً غيرهم و انّى الحجة عليهم.(6)
قال أبوجعفر عليه السلام: ... ياابن مسلم كلّشى ء خلقه اللّه من طير أو بهيمه أو
ص: 160
شى ء فيه روح فهو أسمع لنا و أطوع من ابن آدم...(1)فقال أبوجعفر عليه السلام: ... يقدراللّه تعالى أن يفوّض علم ذلك الى بعوضة من خلقه أم لا؟ قلت: نعم يقدر، فقال: أنا أكرم على اللّه تعالى من بعوضة و من أكثر خلقه.(2)
قال... فقال لها النبى صلى الله عليه و آله وسلم (فى يوم خبير): ... يا صفيه ان علياً عليه السلام عظيم عند اللّه و انه لمّا هزّ الباب إهتزّ الحصن و إهتزت السموات السبع و الأرضون السبع و إهتزّ عرش الرحمن غضباً لعلى عليه السلام و فى ذلك اليوم لما سئله عمر فقال: يا أباالحسن لقد إقتلعت منيعاً و لك ثلاثة أيام خميصاً، فهل قلعتها بقوة بشرية؟ فقال عليه السلام :ما قلعتها بقوة بشرية ولكن قلعتها بقوة إلهية تبقى ربها مطمئنة مرضيّة.(3)
و كفى فى شجاعته عليه السلام ما قال معاوية عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فى حقه عليه السلام:
... واللّه يا على لو بارزك أهل المشرق و المغرب لقتلتهم أجمعين...(4)
ص: 161
ص: 162
«و وكّدتم ميثاقه» «و أحكمتم عقد طاعته»
أكّد يؤكّد توكيداً(1): أى شدّدته.
الميثاق(2): العهد أو اليمين،المأخوذ من الوثاق و هو حبل يشدّ به و جمعه مواثيق!
انما الكلام حول أصل الميثاق بانه ما هو الميثاق؟ و ان أخذ الميثاق فى أىّ مكان و من أى زمان؟ و بأىّ كيفية كان؟ و هل كلف الخلق عليه أم لا؟ ثم بعده، هل تأكيد الميثاق مختصة بهم؟ أو الأخذ من غيرهم من الأنبياء و شيعتهم أيضاً على ذلك الميثاق؟
فنقول: انّ الوفاء بالعهد و الميثاق من صفات الحسنة و الممدوحة
للعاقل المعاهد بحدود الإنسانية و الإيمانية! لكن الكلام فى ان تلك المعاهدة بذلك الوصف بحيث ان العاهد هو اللّه و إفتتاحه بإرسال جميع الأنبياء و إنزال جميع الكتب عليها و إختتامه بالوعد و الوعيد عليها، ثمالوفاء بها و إلتزامها على الخلق، و كلّها يشعر بعظمة تلك الميثاق، فلهذا ما
ص: 163
تلك الميثاق و المعاهدة؟
فنقول: ان الآيات والروايات مصرّحه بالإهتمام بها وشئونها وما يتعلق بها.
فقال اللّه تعالى: «السابقون السابقون اولئك المقربون»(1)
و قال اللّه تعالى: «و اذ أخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح و ابراهيم و موسى و عيسى ابن مريم و أخذنا منهم ميثاقاً غليظاً»(2)
و قال اللّه تعالى: «و اذ أخذ اللّه ميثاق النبيين»(3)
و قال اللّه تعالى: «و قد أخذ ميثاقكم ان كنتم مؤمنين»(4)
و قال اللّه تعالى: «اذكروا نعمة اللّه عليكم و ميثاقه الذى واثقكم به»(5)
و قال اللّه تعالى: «و اذ أخذ اللّه ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه للناس»(6)
و قال اللّه تعالى: «و لقد أخذ اللّه ميثاق بنى إسرائيل و بعثنا منهم إثنى عشر نقيباً»(7)
قال اللّه تعالى: «انّا عرضنا الأمانة...»(8)
و أمّا الروايات لأخذ الميثاق و ما يتعلّق بها كثيرة جدّاً نذكر عدّة منها: قال أبوعبداللّه عليه السلام: أول من سبق الى بلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمو ذلك انه كانأقرب الخلق الى اللّه...(9)
قال سئلت اباعبداللّه عليه السلام عن قوله تعالى: «و اذ أخذ ربك...» قال: كان
ص: 164
محمد صلى الله عليه و آله وسلم أوّل من قال بلى...(1)
قال قلت لأبى عبداللّه عليه السلام: جعلت فداك أخبرنى عن قول اللّه عزّوجلّ:«السابقون السابقون» قال:نطق اللّه به يوم ذرء الخلق فى الميثاق... رفع لهم ناراً... فكان أوّل من دخلها محمد و أميرالمؤمنين و الحسن و الحسين و تسعة من الأئمة عليهم السلام... فهم و اللّه السابقون.(2)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ان بعض قريش قالوا لرسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمبأىّ شى ء سبقت الأنبياء... قال:انى كنت أوّل من أقرّ بربّى و أول من أجاب حيث أخذ اللّه ميثاق النبيين... فكنت أول من قال بلى...(3)
فى دعاء عصر الجمعه:... اللهم صلّ على محمّد سيّد المرسلين... المنتجب فى الميثاق المصطفى فى الظلال...(4)
قال سألت أباعبداللّه عليه السلام عن قول اللّه عزّوجلّ: «هذا نذير من النذر الإولى»(5) ... قال: يعنى به محمداً صلى الله عليه و آله وسلم حيث دعاهم الى الاقرار باللّه فى الذر الاول.(6)عن أبى عبداللّه عليه السلام: ان اللّه تعالى كان و لاشى ء فخلق خمسة من نور جلاله و اشتقّ لكلّ واحدٍ منهم إسمٌ من أسمائه المنزلة فهو الحميد... فلمّا خلقهم جعلهم فى الميثاق فانهم عن يمين العرش...(7)
ص: 165
عن أبى جعفر عليه السلام قال قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ان اُمتى عرضت علىّ فى الميثاق فكان أول من آمن بى على و هو أول من صدقنى...(1)
قال أبوعبداللّه عليه السلام قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم... قال اللّه تعالى: ... يا محمد علىّ
أول من آخذ ميثاقه من الأئمة عليهم السلام.(2)
قال على عليه السلام: ... انى لأذكر الوقت الذى أخذ اللّه علينا فيه الميثاق...(3)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: ان اللّه تعالى عرض على آدم فى الميثاق ذريّته فمرّ به النبى صلى الله عليه و آله وسلم و هو متكى ء على على عليه السلام و فاطمة عليهاالسلام تتلوهما...(4)
قال أبوجعفر عليه السلام: ... فو اللّه لسمّاه اللّه أميرالمؤمنين فى الأظلة حيث أخذ من ذريّة آدم الميثاق...(5)
عن الباقر عليه السلام: سئل عن هذه الآية «ان اللّه اشترى من المؤمنين»(6)فقال: يعنى فى الميثاق.(7)
و قد جائت فى الزيارة الناحية: ... كنت للرسول ولداً و للقرآن سنداً...
حافظاً للعهد و الميثاق.
فى فقرة من زيارة آل يس: ... السلام على ميثاق اللّه الذى أخذه و
وكّده...(8)
ص: 166
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ... الّا من قد أخذ اللّه ميثاقه فى الذر الأول...(1)
قال سمعت أباجعفر عليه السلام يقول: ان اللّه أخذ ميثاق النبيين على ولاية على و أخذ عهد النبيين بولاية على عليه السلام.(2)
عن الصادق عليه السلام فى قوله تعالى: ... «و اذ أخذنا من النبيين... ميثاقاً غليظاً» فذكر جملة الأنبياء ثم أبرز فضلهم بالأسامى فقال: «و منك» يا محمد فقدّم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم لأنه أفضلهم «و من نوح و ابراهيم و موسى و عيسى بن مريم» فهؤلاء الخمسة أفضل الأنبياء و رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم أفضلهم، ثم أخذ بعد ذلك ميثاق رسول اللّه على الأنبياء له بالإيمان به...(3)
عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: ... و زاده اللّه عزوجل تكرمة بأخذ ميثاقه قبل النبيين و أخذ ميثاق النبيين بالتسليم و الرضا و التصديق له فقال اللّه عزوجل: «و اذ أخذنا من النبيين ميثاقهم و منك...»(4)
عن الباقر عليه السلام: ... ثم أخذ الميثاق على النبيين... قالوا بلى فثبتت لهم النبوة و أخذ الميثاق على اولى العزم انى ربكم و محمد صلى الله عليه و آله وسلم رسولى و على عليه السلام أميرالمؤمنين و أوصيائه من بعده ولاة أمرى و خزّان علمى و ان المهدى انتصر به لدينى فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة فى المهدى عجل اللّه تعالى فرجه...(5)
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ... يا داوُد ولايتنا مؤكدة عليهم فى الميثاق...(6)
ص: 167
قال سمعت أباجعفر عليه السلام فى هذه الآية: «و ان لو استقاموا على الطريقة»(1)... يعنى على الطريقة على الولاية فى الأصل عند الآظلة حين أخذ اللّه ميثاق ذريّة آدم «لاسقيناهم ماءاً غدقا» يعنى لكنّا وضعنا أظلّتهم فى الماء الفرات العذب.(2)
عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم قال: ان فى الفردوس لعينا... و هى الميثاق الذى أخذ اللّه عليه ولاية على ابن أبى طالب عليه السلام...(3)
انما الكلام حول أصل الميثاق بانه من أىّ شى ء قد أخذ اللّه الميثاق و العهد فنقول: ان اللّه تعالى بعد ان خلق الخلق و عرفهم نفسه، أخذ منهم الإقرار بربوبيّته ،اذ العبوديّة من شؤون المملوكيّة ثم اختارهم و اختبرهمحتى أظهروا العبودية الكاملة، ثم عرف نبيّه بانه رسوله و أمينه و قد منّ عليهم بانه أفضلهم و أوليهم و أشرفهم و قد أخذ ميثاقه من جميع خلقه، ثم أخذ ميثاق أوصيائه بانهم أوليائه و أصفيائه و هم المخلصون فى توحيده و رضوانه و جعل ولايتهم و محبتهم ولايته و محبته، و أعلن بان رضاهم و سخطهم رضا نفسه و سخط نفسه ثم أخذ عن جميع خلقه ميثاق ولايتهم.
و لا شبهة بان محمداً و آل محمد عليهم السلام هم أصل تلك الميثاق و هم ميثاق اللّه الذى أخذه و وكّده من جميع خلقه من الأنبياء و الملائكة و الجن و الإنس و سائر ما خلق اللّه و وعدهم الجنة على ذلك و أوعدهم النار عليها، لان محبّتهم و ولايتهم واجبة على الخلق و بانهم أشرف الخلق و
ص: 168
أفضلها و أكرمها عند اللّه و عند جميع الخلق بأجمعهم.
انما الكلام و هو ميزان المعرفة للأولياء الكرام هو: ما السرّ فى أخذ الولاية من أنفسهم مع انه أول النبييّن ميثاقاً؟
فنقول: الجهة المهمّة لأخذ الميثاق لأنفسهم ما هو الا تكرمة لهم على
سائر الخلق، لانهم أول من أقرّ و أول من أجاب بالوحدانيّة و النبوة و الولاية لأنفسهم و السرّ فى ذلك هو:
الأول: إظهار الإختيارات و الإختبارات لهم بانهم أولى الخلق و أفضلها
الثانيه: إظهار العبوديّة الكاملة من بين الخلائق لهم.
الثالثه: إظهار القدرة الكاملة و المعرفة التامة بهم.
الرابعه:ان اللّه تعالى أراد ان يظهر القدرة الكاملة والتجلى الأعظم بنورالولاية.
الخامسه: الوصول الى الالطاف والفيوضات والكرامات المتجلّية بنورالولاية.و قد جاء فى الأخبار بإقرارهم بها فى الدنيا من حين ولادتهم الى شهادتهم
و ما ذلك الا لانهم عظموا جلال اللّه و أكبروا شأن الولاية الكلية الإلهيّة فافهم و اغتنم...
و الروايات بهذا المعنى كثيرة تركناها إختصاراً...
قال أبوجعفر عليه السلام: ... يا جابر سمى اللّه الجمعة جمعه، لان اللّه عزوجل جمع فى ذلك اليوم الأولين و الآخرين و جميع ما خلق اللّه من الجن و الانس و كلشى ء خلق ربنا و السموات و الأرضين و البحار و الجنة و النار و كلشى ء خلق اللّه فى الميثاق فأخذ الميثاق منهم له بالربوبيّة و لمحمدٍ صلى الله عليه و آله وسلم بالنبوّة و لعلىٍ عليه السلام بالولاية...(1)
ص: 169
عن أبى الحسن عليه السلام فى قوله تعالى: «يوفون بالنذر» قال يوفون بالنذر الذى أخذ عليهم بالميثاق من ولايتنا.(1)
عن الباقر عليه السلام فى قوله تعالى: «ولا ينقضون الميثاق» قال: أى المأخوذ عليهم فى الدّين بولاية على عليه السلام يوم الغدير.
سألت الصادق عليه السلام عن قوله تعالى: «فمنكم كافر و منكم مؤمن» فقال عرّف اللّه عزوجل أيمانهم بولايتنا و كفرهم بتركها يوم أخذ عليهم الميثاق و هم فى عالم الذر و فى صلب آدم.(2)
قال النبى صلى الله عليه و آله وسلم لعلى عليه السلام: ... يا على يوم الدين يوم الميثاق...(3)عن أبى الحسن الأول عليه السلام قال سمعته يقول: خلق اللّه الأنبياء و الأوصياء يوم الجمعة و هو اليوم الذى أخذ اللّه فيه ميثاقهم...(4)
عن الباقر عليه السلام فى قوله تعالى: «و كنا نكذّب بيوم الدين» قال قال النبى صلى الله عليه و آله وسلم قال لعلى عليه السلام: يا على... يوم الدين يوم الميثاق حيث جحدوا و كذّبوا بولايتك...(5)
و الخبير البصير يعلم: بانّ النبى صلى الله عليه و آله وسلم فى جل تلك العوالم و هو المنذر
الأول الأقدم و الأسبق و أهل بيته عليهم السلام هم الهادون على طريق الولاية لعلى عليه السلام و أولاده المعصومين عليهم السلام و هم أول من قالوا بلى على شرافتها و عظمتها، و هم الشهداء على جميع ما خلق اللّه و انهم علّموا كيفية أخذ تلك الميثاق و قبولها و السلام على من إتبع الهدى.
ص: 170
«و بذلتم أنفسكم فى مرضاته و صبرتم على ما أصابكم فى جنبه»
«و صبرتم فى ذلك منه الى الرضا و سلمتم له القضاء»
«كيف أصف حسن ثنائكم و أحصى جميل بلائكم»
لا شبهة لدى العارف بهم بان اللّه تعالى بعد ما خلق محمداً و آل
محمد عليهم السلام من نور جلال عظمته، ثم تعلّق مشيته و قضائه على إختبارهم و أعطائهم على قدر إختيارهم و إمتحنهم بما جرى عليهم من المصائب العظيمة و الفوز للقائهم بالشهادة، مع ان مشيته لم يتعلّق بأمر قبيح و لم يسلّط عدوه على الحبيب و لكنّه تعالى خيّرهم بين النصر على أعدائه و بين لقائه و رضوانه و الصبر على بلائه، فاختاروا رضوانه و كرامته و لقائه.
(و لا يخفى بان هذا هو الجريان الاختيارى و كمال اللوح)...
...قال ياحسين عليه السلام اخرج فان اللّه قد شاء ان يراك قتيلاً.(1)... و قال لى يا حسين ان اللّه عزوجل شاء ان يراك مقتولاً... و انى و اللّه سأصبر حتى يحكم اللّه بأمره...(2)
ص: 171
و لاريب بانّ محمداً و آل محمد عليهم السلام أشرف الخلق و أكملهم و أقدمهم و هم الفانون فى نور وجهه و جماله و المغمورون فى رضوانه و لقائه و هم العبيد و لايشاؤون الا ما جرى لهم من الإبتلاء و المصيبة و من الكرامة و حسن المثوبه فسلّموا له القضاء و رضوا بما جرى فقال...(فسلمتم له القضاء) و صبروا فى ذلك منه الى الرضا و بذلوا أنفسهم فى المراتب النازلة و صبروا على ما أصابهم فى جنبه، فعلمهم بالشهادة بما كتب اللّه لهم فى المرتبة العالية ،ليست مبغوضاً لهم و هى الدرجة المختصة و الكرامة المعدّة للأولياء و هى الفيض الأكمل و التعالى فى العلم بلامعلوم و هى الفناء فى العبودية المحضة التامة التى لايطمع فى إدراكها طامع.
قال سمعت أميرالمؤمنين عليه السلام يقول: ... و اما الفضائل فليست بأمر اللّه ولكن برضى اللّه و بقضاء اللّه و بقدر اللّه و بمشية اللّه و بعلم اللّه ...(1)
قال الحسين عليه السلام: ... لامحيص عن يوم خطّ بالقلم.(2)
و الشهادة فى المراتب النازلة للأولياء لاسيما سيد الشهداء عليه السلامهى الفناء و اللقاء فى الوجه و الجمال مع انهم عين نور وجهه و جماله و جلاله، و قد فنوا أنفسهم فى كمال رضاه و هى الوصال بمعدن العظمة و الإتصالبنور الولاية، ولكن له تعالى إرادتين، حتميّة و غير حتميّة، و الإرادة الغير الحتميّة بيد العبد يتصرف فيها بإختياره مع الإختبار، و إرادته تعالى للشى ء المبغوض فى الظاهر ليست مانعاً و ممتنعاً للغرض الأهم، فالشهادة ليست حتماً و جبراً بل رحمة و فيضاً و كرامة و لقاءاً، «بل عباد مكرمون
ص: 172
لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون»(1) «لايشاؤون الا ما يشاء اللّه».
ولاريب بان اللّه تعالى إبتلى أحب خلقه بأبغض خلقه بشى ء من البلاء و إختصهم بمصائب لم يبتلى احداً من الأولياء والأصفياء من الأنبياء و الأوصياء.(2)
و لكن فما وجه تلك البلايا و المصائب و الزرايا و ما سرّ تلك الابتلاء على جميع ما خلق اللّه.
فقال عليه السلام: (والباب المبتلى به الناس من آتيكم نجى...)
فنقول: أعظم الإختبار و التمحيص بعد التوحيد والنبوّة، هو الإبتلاء
بأمر الولاية و قد إبتلوا بها و إمتحنوا عليها و هى السرّ فى أفضليّة المرسل من الأنبياء لاسيما اولوا العزم منهم و هى سبب القرب للملائكة المقرب و علّة الفوز و الكرامة للمؤمن الممتحن فمن تأمل و لم يعترف بحقّها و لم يقرّبفضلها و أولويتها و شئونها العالية، قد ابتلى بالشدائد و المصائب العظيمة و قد صرّحت بذلك الآيات الشريفة(3) و الروايات الكثيرة.(4)
ص: 173
فكل موجود على حسبه، يلزم عليه التواضع و المسكنة على عظمةالولاية و شرافتها طوعاً أو كرهاً،تكويناً أو تشريعاً فى مقابل تلك الشرافة و العظمة التى قد خصّهم اللّه بها و هى الولاية و العبودية الكاملة المتجلية لمحمد و آله الطاهرة عليهم سلام اللّه الكاملة و هى الأمانة المحفوظة و الكلمة الطيبة التى أخذها اللّه عهدها من الخلق بأجمعهم فكل من قَبِلها كان من المقرّبين و من أنكرها صار من الكافرين المبعدين.(1)
ص: 174
انما الكلام لسرّ أخذ تلك الأمانة لهم من أنفسهم مع انهم حقيقتها؟ و ما علة أخذ معاهدة الشهادة و فناء أنفسهم فيها و لها؟ و ما وجه صبرهم على الأذى فى جنبها؟ و ما جهة ابتلائهم عليها؟ مع انهم عظّموا جلالة أمرها! و كبّروا فخامة شأنها؟ فقال اللّه تعالى فيها: «ان اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بانّ لهم الجنة»(1) يعنى فى الميثاق.(2)و من الأسرار الحقيقية التى هى سبباً لشهادتهم و قد ابتلوا بها و اختبروا عليها على سبيل الإختبار و الإختيار (فى المراتب النازلة) ما كانت لأجل العقوبة أو الثواب و الجنة بل اما لمنازل و كرامات لهم معدّة أو لان
ص: 175
لايتخذهم الناس آلهة ولكن أهمها و أعظمها هى الفناء فى نور وجه اللّه التامة و الوصول الى معدن العظمة و الإيصال الى العلم بلامعلوم من البدائيات و الإتصال بنور اللّه (الولاية) التامة الكاملة.(1)
لاشبهة لمن هو عارف بشؤون المعصومين عليهم السلام، بان توصيف صبرهم
على قدر شأنهم، فكما انه لايمكن وصف قدرهم و شأنهم فكذلك لايمكن توصيف صبرهم و قد عجبت الملائكة من صبرهم، فصبروا على الأذى فى جنب اللّه حتى تعجّب منه الأولون و الآخرون، فهم أصبر الخلق و أبلاهم،لانّهم فى أعلى درجة الإنسان الكامل و الولىّ الناصح و الحجة البالغ...
و قد يجوز ان يقال لهم عليهم السلام: (فصبروا حتى يعجز الصبر من صبرهم) و قد قال اللّه تعالى فيهم:(انّى جزيتهم اليوم بما صبروا(2))
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ... «الا الذين آمنوا» يقول: آمنوا بولاية على أمير المؤمنين عليه السلام «و تواصوا بالحقّ» ذرياتهم و من خلّفوا بالولاية «و
تواصوا» بها و صبروا عليها.(3)
عن أبى عبداللّه عليه السلام فقال: ان اللّه تعالى لمّا خلق نبيّه و وصيه و ابنته و ابنيه و جميع الأئمة و خلق شيعتهم، أخذ عليهم الميثاق ان يصبروا و يصابروا و يرابطوا و...(4)
ص: 176
قال على عليه السلام فى خطبة الشقشقية: ... فصبرت و فى العين قذى و فى الحلق شجى...(1)
قال على عليه السلام: ... و أغضيت على القذى و جرعت ريقى على الشجى و صبرت من كظم الغيض على اُمّر من العلقم و ألم للقلب من وخز الشفار...(2)
قال النبى صلى الله عليه و آله وسلم: ... فلما أراد اللّه ان يبلوا الملائكة أرسل عليهم سحاباً من ظلمه... فخلق نور فاطمة عليهاالسلام يومئذ كالقنديل...(3)... و لمّا أوقف علىٌ تكلّم فقال فقد عزّ على على ابن أبى طالب عليه السلام ان يسود متن فاطمة ضرباً... فالصبر أيمن و أجمل و الرضا بما رضى اللّه...(4)
...واه واهاً و الصبر ايمن و اجمل و لولا غلبه المستولين لجعلت المقام و اللبث لزاماً معكوفاً...(5)
و قد جائت فى الزيارة الناحية: ... قد عجبت من صبرك ملائكة السموات...(6)
ص: 177
ص: 178
«و الحق معكم و فيكم و منكم و اليكم و أنتم أهله» «و المقصّر فى حقّكم زاهق» «محقّق لما حققتم مبطل لما أبطلتم» «عارف بحقّكم»
لاريب لأحدٍ بانّ الإنسان لم يخلق عبثاً ولكنه (مع انه خلق حراً) يكون عبداً محدوداً بالحقوق و الحدود، اذ المتعدّى للحقوق يكون متجاوزاً ظالماً خارجاً عن الانسانيّة، و لا فرق فى ذلك بين حقّ اللّه و حقّ النبى صلى الله عليه و آله وسلم و حق الإمام عليه السلام و حقّ ساير الناس و المسلمين.
و الحق بمعناه الجامع و الكامل و هو العدل و القرآن و ضد الباطل و
الإسلام و اللّه و القانون و المطابقة للواقع و الدين و المعصومين و الولاية و الكتاب و حقوق اللّه و حقوق المعصومين عليهم السلام، و غيرها من الموارد...(1)
فقال اللّه تعالى: «الحق من ربك»(2)و قال اللّه تعالى: «أ فمن يهدى الى الحق احقّ ان يتّبع...»(3)
ص: 179
و قال اللّه تعالى: «ذلك بان اللّه هو الحق و ان ما يدعون من دونه هو الباطل»(1)
و قال اللّه تعالى: «و اللّه يقول الحقّ»(2)
و قال اللّه تعالى: «و قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر»(3)
لاشبهة بان لمحمد و آل محمد عليهم السلام جميع الحقوق من حق النبوة و الإمامة و الولاية و حقّ الإسلام و الإيجاد و المحبّة و العلم و الإيمان و الطاعة و حقّ جميع الكمالات و الخيرات و الفيوضات التى هم أصلها و فرعها و معدنها، و الحق معهم و فيهم و بهم و منهم و اليهم، لانهم حقّقوا كل حق و ابطلوا كل باطل، فاللّه تعالى أرسلهم بالحقّ الثابت و القرآن الصامت ليميزوا الخبيث من الطّيب و الحق من الباطل اذ شأنهم الحق و الصدق، فبذلك جميع الحقوق من التوحيد و الرسالة و الامامة و الولاية و شئونها لهم و فيهم و هم الحق الواضح و ولايتهم هى الدين الحق و صراطهم صراط الحق و شيعتهم هم المحقون و أعدائهم المبطلون و المبعدون و المعاندون مع الحق.
فجميع الحقوق الواجبة اللازمة على الخلق التى أوجب اللّه تعالىللنبى صلى الله عليه و آله وسلم على الناس بأجمعها ثابته للأئمة المعصومين عليهم السلام أيضاً لأنهم نفس رسول اللّه و وارثه ولكن ما هو معدن الحق؟
لاريب بان الحق الأول الذى به بدء اللّه خلقة كلشى ء، هو النور و الذكر
ص: 180
و الحق الثابت الأول و مشيته و اسمه الأعظم الأعظم الذى لأجله خلق اللّه الخلق،وهو حقيقة ولايتهم، فبذلك ان جميع الحقائق و الحقوق شأن من شئون ولايتهم النورى و أرواحهم القدسى، لأن ولايتهم هى مبدء للعلم اليقين و الحقّ اليقين و العين اليقين... فقال اللّه تعالى: «هنالك الولاية للّه الحق»(1)
قال سألت أباعبداللّه عليه السلام عن قول اللّه تعالى: «هنالك الولاية للّه الحق»
قال: ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام.(2)
فمدار جميع الحقوق و الحدود و ميزان الجامع فيها جميع الحقائق، هى
ولاية محمد و آل محمد عليهم السلام التى لها أرسل الرسل و بها أنزل الكتب فقال اللّه تعالى فى ذلك: «اللّه الذى أنزل الكتاب بالحق و الميزان»(3) و هما لاتفترقان حتى تلاقيا عند الكوثر و الميزان.
قال فى تفسير القمى... فى قوله تعالى: «بالحق و الميزان» قال الميزان أميرالمؤمنين عليه السلام.(4)قال الصادق عليه السلام فى قوله تعالى: «و تواصوا بالحق»(5) قال بولاية على عليه السلام.(6)
ص: 181
قال على ابن ابراهيم فى قول اللّه تعالى: «و لو اتبع الحق أهوائهم»(1) قال: الحق رسول اللّه و على أميرالمؤمنين.(2)
عن الصادق عليه السلام: «و آت ذى القربى حقه» فكان علىٌ منهم و كان حقه، الوصية التى جعلت له و الإسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة.(3)
عن الباقر عليه السلام: ... حتى جاء الحق و زهق الباطل يعنى بالحق ظهور على بن أبى طالب عليه السلام و من ظهر من الأئمة بعده بالحق.(4)
عن على عليه السلام قال: ناجيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم عشر نجوات لما نزلت آية النجوى، فكان منها اننى سئلته ما الحق؟ قال الإسلام و القرآن و الولاية اذ انتهت اليه...(5)
عن الصادق عليه السلام فى قوله تعالى: «قد جائكم الرسول بالحقّ من ربكم»(6) قال: فى ولاية على عليه السلام.(7)قال على عليه السلام: ... يا كميل نحن واللّه الحق الذى قال اللّه تعالى: «و لو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السموات و الأرض...»(8)
قال أميرالمؤمنين عليه السلام: (اللهم انى استعديك على قريش و من أعانهم، فانهم قد قطعوا رحمى و اكفاؤا أنائى و أجمعوا على منازعتى حقّاً كنت أولى به من غيرى و قالوا: الا ان فى الحق ان تأخذه و فى الحق ان تمنعه
ص: 182
فاصبر مغموماً اومتّ متأسفاً.(1)
قال سمعت على ابن أبى طالب عليه السلام: ويل لمن جهل معرفتى و لم يعرف حقّى، الا ان حقّى هو حق اللّه الا ان حق اللّه هو حقّى.(2)
عن الصادق عليه السلام: ان امرنا هو الحقّ و حق الحقّ هو الظاهر و باطن الظاهر و باطن الباطن...(3)
قال سألت أباجعفر عليه السلام: ما حق الإمام على الناس؟ قال حقّه عليهم ان يسمعوا له و يطيعوا، قلت: فما حقهم عليه؟ قال: يقسّم بينهم بالسوية و يعدل فى الرعية...(4)
عن أبى جعفر عليه السلام قال: اما انّه ليس عند احدٍ من الناس حقّ و لاصواب الا شى ء أخذوه منا أهل البيت و لا أحد من الناس يقضى بحق و عدل الا و مفتاح ذلك القضاء و بابه و أوّله و سننه أميرالمؤمنين عليه السلام فاذا اشتبهتعليهم الاُمور كان الخطاء من قبلهم اذا أخطاؤا و الصواب من قبل أميرالمؤمنين عليه السلاماذا أصابوا.(5)
فتلخص من جميع ذلك بان محمداً و آل محمد عليهم السلام هم أصل الحق و معدنه و الحق فيهم و بهم و منهم و ولايتهم هى دين الحق و قرآنهم ميزان الحق و ألسنة القطعية الحقّة الحقيقيّة كلامهم و شأنهم فى جميع ذلك هو الحق، فأوصاف الحقه من سياستهم و إقتصادهم و قضاءهم و تدبيرهم
ص: 183
الأخلاقيّة و الإجتماعيّة و ساير ذلك من شئونهم الحقّه و كل من أدبر و أعرض عنهم فهو فى الباطل و الظلمة و الجهالة و كلها فى النار، فكل حق واجبة على اللّه فهى واجبة عليهم الا عبوديّته المختصّة به لانّها مختصّة به تعالى.
فاستمع لما روت العامة و الخاصة لحقانيّة على عليه السلام و ولايته على نحو العموم و الإطلاق حيث ثبت فى الأخبار الصحيحة:
قال قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: على مع الحق و الحق مع على يدور حيثما
دار.(1)
عن الصادق عليه السلام:... و ايم اللّه لاينقصنا أحدٌ من حقّنا شيئاً الا انقصه اللّه من حقه فى عاجل دنياه و آجل آخرته...(2)قال على ابن ابراهيم فى قول اللّه تعالى: «ولا يحضّ على طعام المسكين»(3) حقوق آل محمد عليهم السلام التى غصبوها...(4)
ص: 184
«إياب الخلق اليكم و حسابهم عليكم»
قال اللّه تعالى: «ان الينا إيابهم ثم ان علينا حسابهم»(1)
ان اللّه تعالى قيّوم على خلقه بقدرته و مشيته و قد فوّض أمر خلقه الى ولاته و اُمنائه، فاللّه تعالى هو الفاعل الحقيقى و المالك و القيوم بجميع خلقه، وليس يحتاج الى من يعينه و يقوّيه ولكن جرى أمره بيد أعوانه و اُمنائه، لانّه أجل و أعظم من ان يباشر بنفسه فى اُمور خلقه اذ يلزم الحد و الإحتياج و ليست صفاته شبيهاً بالخلق اذ تلزم فيها المحدوديّة و التجزئه و القرب و البعد المكانى و الرؤية و جميعها محال فى حقّه تعالى، فجميع أفعاله بتوسيط اُمنائه و خلفائه، لانّهم مظاهر أفعاله و مجارى اُموره لأمر الدنيا و الآخرة.
و قد جائت فى الروايات بان أمر الخلق فى محياهم و مماتهم بيد اُمنائه
من الملائكة كما ورد بان الحساب و الجزاء و غيرها بأيديهم.و الخبير العارف بحق محمد و آل محمد عليهم السلام يعتقد و يعترف بان الملائكة من مواليهم و خدّامهم و لايتحرك ملك الا بإذنهم و حكمهم.
ص: 185
و الحق ان أمر الدنيا و الآخرة بيد أشرف الخلائق و أقربهم الى اللّه لان ولايتهم هى ولاية اللّه و قدرتهم و علمهم و مرتبتهم و مقاماتهم أعلى من مراتب جميع ما خلق اللّه من الملائكة و الأجنّة و غيرهم لانهم الأمثال العليى و الآيات الكبرى و الأسماء الحسنى و وجهه التى لا يؤتى الا منها فهم الشهداء على أهل الدنيا و الآخرة و الاولى و قد فوّض اليهم أمر الخلق فى الدنيا والآخرة و هم الوسائط بين اللّه و بين جميع الخلق و هم الفارقون بين الحق من الباطل، فجميع الاُمناء يتصرفون فى الخلق بحكمهم و تدبيرهم، فهم ملاذ الخلق و عندهم القضاء و الفصل، فبذلك إياب الخلق اليهم و حسابهم عليهم فى الدنيا والآخرة.
اما بالنسبة الى مواليهم و شيعتهم، لان محبيهم من فروعهم و هم الأصل
و رجوع الفرع الى الأصل بمقتضى حكم العقل لازمه.
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ... الطينات ثلاثة طينة الأنبياء و المؤمن من تلك الطينة، الا ان الأنبياء هم صفوتها و هم الأصل و لهم فضلهم و المؤمنون هم الفرع من طينة لازب، كذلك لا يفرق اللّه بينهم و بين شيعتهم...(1)
ص: 186
و اما بالنسبة الى سائر الخلق:
لاريب بان محمداً و آل محمد عليهم السلام موالى الخلق وهم اُمنائه و قد فوض اللّه اليهم أمر الخلق و حكمها و تدبيرها بأديهم، و سيأتى فى الشفاعة ما تدل على ذلك، فحساب الخلائق و الصراط الميزان و الاعراف و اختيار الجنة و النار بأيديهم و هو من شئون ولايتهم لانهم ولاة الأمر فى الدنيا و الآخرة و هم قاسم الجنة و النار،«بل عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون».(1)
ص: 187
عن الأصبغ قال قال على عليه السلام: ...ويحك يابن الكوّا نحن نقف يوم القيمة بين الجنة و النار فمن نصرنا، عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة و من أبغضنا، عرفناه بسيماه فأدخلناه النار.(1)
عن جميل بن درّاج قال قلت لأبى الحسن عليه السلام أحدّثهم بتفسير جابر قال لاتحدّث به السفله فيذيعوه، أما تقرأ القرآن «ان الينا إيابهم ثم انّ علينا حسابهم»(2) قلت: بلى، قال: اذا كان يوم القيمة و جمع اللّه الأولين و الآخرين و لانّا حساب شيعتنا فما كان بينهم و بين اللّه حكمنا على اللّه فيه فأجاز حكومتنا و ما كان بينهم و بين الناس استوهبنا منهم، فوهبوه لنا و ما كان بيننا و بينهم فنحن أحقّ من عفا و صفح.(3)
عن أبى جعفر عليه السلام فى حديث المعانى و البيان... فقال على عليه السلام... و اما المعانى فنحن معانيه و نحن جنبه و أمره و حكمه و كلمته و علمه اذا شئناشاء اللّه و يريد اللّه ما نريده... و ان الينا إياب الخلق ثم ان علينا حسابهم.(4)
روى المفضل عن أبى عبداللّه عليه السلام... قال سألته عن هذه الآية «ان الينا إيابهم» من هم؟ فقال يا مفضّل من تراهم؟ نحن و اللّه هم الينا راجعون و علينا يعرضون و عندنا يقفون و عن حبنا يسائلون.(5)
لاريب بان صفاته تعالى لايشبه صفات المخلوقين، فالغضب و الرضا منه تعالى بمعنى الثواب و العقاب و الجنة و النار، لان الغضب منه يزوله و يغيّره بأحوال مختلفة، فى حالة يرضى و اُخرى يغضب، و اللّه تعالى
ص: 188
لايوصف بالتغيّر و التحوّل ليعرف كيفيّة غضبه و إنتقامه و سخطه، فهو أعظم من ان يجى ء بنفسه يوم القيامة لحساب الخلق، بل أمره ممضاة و هو يرضى و يغضب و يعطى و يمنع بأيدى أوليائه و اُمرائه فبهم يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد بأيدى سفرائه و أعطى لأوليائه الولاية على القيامة و الجنة و النار.
عن الصادق عليه السلام فى قوله تعالى: «فلما آسفونا إنتقمنا منهم»(1) فقال: ان اللّه لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون و يرضون، و هم مخلوقون مربوبون فجعل رضاهم رضا نفسه... و كل هذا و شبهه على ما ذكرت لك و هكذا الرضا و الغضب و غيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك...(2)
قال أميرالمؤمنين عليه السلام... أنا المحاسب للخلق و أنا منزّلهم منازلهم، أناعذاب أهل النار، ألا كل ذلك فضل من اللّه علىّ...(3)
عن جعفر بن محمد عليه السلام فى قوله تعالى: «ألقيا فى جهنم كل كفّار عنيد»(4) قال: اذا كان يوم القيمة وقف محمد و على عليه السلام على الصراط فلا يجوز عليه الا من كان معه براءة قلت: و ما براءة قال: ولاية على ابن آبى طالب و الأئمة من ولده عليهم السلام و ينادى مناد يا محمد،ياعلى ألقيا فى جهنم كل كفار بنبوّتك و عنيد بولايتك.(5)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... فلجهنم يومئذ أشدّ مطاوعة لعلى من غلام
ص: 189
أحدكم لصاحبه...(1)
قلت لأبى عبداللّه عليه السلام فى قوله تعالى:«و آتيناهم ملكاً عظيماً»(2) ما ذلك الملك العظيم؟ قال: فرض الطاعة و من ذلك طاعة جهنم لهم يوم القيمه يا هشام.(3)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم اذا كان يوم القيمة نصب لفاطمة عليها السلام قبة من نور و أقبل الحسين عليه السلام رأسه فى يده... فيمثّل اللّه رجلاً لها فى أحسن صورة... و هو يخاصم قتلته... فيقتلهم حتى أتى علىآخرهم... فعند ذلك يكشف اللّه الغيظ و ينسى الحزن...(4)
ص: 190
الكلام حول هذه الفقرات من الزيارة تستدعى النظر الى بيان جامع حول:
« شهداء على أهل الدنيا و الآخرة و الاولى»
«شهداء على خلقه»
« شهداء دار الفناء»
العارف بحقهم و شأنهم يعلم: بان محمداً و آل محمد عليهم السلام عين اللّه الناظرة و وجهه الباقية و هم المخلوقون من نور جلال عظمة اللّه التامّة و لهم الولاية الكبرى الإلهية الكاملة و هم الشهداء على الأولى و الدنيا و الآخرة، اذ هم النذير و الحجة على جميع خلقه و الشاهد العارف بحقائق الأشياء و تلك الشهود دليل لعظمتهم و علو مرتبتهم و كمالهم الذى أعطاهم اللّه و هم الشاهدون على الملك و الملكوت و الواقفون على الأسرار و الغيوب و المطلعون على خفايا الأوهام و القلوب و العالمون بما كان و ما يكون و لهم العلم بما لايكون و مالم تكن له معلوم و تلك الشهادة هى التى صرّحت بها الآيات الشريفة(1) و الروايات الصريحة(2) بانهم الشهداء على جميع ما
ص: 191
خلق اللّه من بدئه الى منتهاه من الأنبياء و الملائكة و العرش و الكرسى و الجنة و النار و كلشى ء مما يرى و مالايرى و ما فى اللوح و القضاء و العرش و ما تحت الثرى و ما يتعلق بها المشيّة العظمى و جميع الأسباب المختلفة الاُخرى فكلها عندهم اما بالشهود العلمى أو النورى و الولائى و الروحى و الطينى و الأبدان العليينى أو بما أعطاهم اللّه من الأسماء العظام أو الوحى و الإلهام أو بما تتعلق به الروح و الملك و الجن و سائر ما خلق اللّه...
عن أبى جعفر الثانى عليه السلام: ... ثم خلق محمداً و علياً و فاطمة فمكثوا ألف دهر ثم خلق الأشياء فأشهدهم خلقها و أجرى طاعتهم عليها و فوّض اُمورها اليهم...(1)
قال أبوعبداللّه عليه السلام: الحجّة قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق.(2)
قال أمير المؤمنين عليه السلام(فى وصف الإمام): ... يرى ما بين المشرق و المغرب فلايخفى عليه شى ء من عالم الملك و الملكوت.(3)عن موسى ابن جعفر عليه السلام: ... خلقهما اللّه بيده و نفخ فيهما بنفسه من نفسه لنفسه و صورهما على صورتهما و جعلهما اُمناء له و شهدائه على خلقه...
ص: 192
و عيناً له عليهم... و جعل أحدهما نفسه و الآخر روحه ، لايقوم واحد بغير صاحبه، ظاهرهما بشرية و باطنهما لاهوّتيه ظهرا للخلق على هياكل الناسوتيه حتى يطيقوا رؤيتهما...(1)
قال قلت لأبى عبداللّه عليه السلام: ... يرى ما فى شرق الأرض و غربها و برّها و بحرها قلت: جعلت فداك يتناول الإمام ما ببغداد بيده؟ قال: نعم و ما دون العرش.(2)
و قد سبق بانهم عين اللّه فى خلقه...
قال أميرالمؤمنين عليه السلام: ... أنا عين اللّه (الناظرة).(3)
قال أبوعبداللّه عليه السلام فى قوله تعالى: «و كذلك نرى ابراهيم...»(4) قال: كشط لإبراهيم السموات السبع حتى نظر الى ما فوق العرش... و فعل بمحمد صلى الله عليه و آله وسلم مثل ذلك و انى لأرى صاحبكم و الأئمة من بعده قد فعل بهم مثل ذلك.(5)
دخل رجل (منجّم) على على ابن الحسين عليه السلام... ثم قال: هل ادلّك علىرجل قد مرّ (مذ دخلت علينا) فى أربعة عشر عالماً كل عالم أكبر من الدنيا ثلاث مرات لم يتحرّك من مكانه؟ قال من هو؟ قال: أنا و إن شئت أنبأتك بما أكلت و ما ادّخّرت فى بيتك...(6)
ص: 193
قلت لابى جعفر عليه السلام عن قول اللّه عزّوجلّ: «و كذلك جعلناكم اُمة وسطاً»(1) قال: ... و نحن شهداء اللّه على خلقه...(2)
عن على عليه السلام: ان اللّه تعالى ايّانا عنى بقوله «لتكونوا شهداء على الناس»(3) فرسول اللّه شاهدٌ علينا و نحن شهداء على خلقه.(4)
عن على عليه السلام: انّ من وراء قاف عالماً لا يصل اليه أحدٌ غيرى و أنا المحيط بما ورائه و علمى به كعلمى بدنياكم ثم هذه و أنا الحفيظ الشهيد عليها و لو أردت ان أجوب الدنيا بأسرها و السموات السبع و الأرضين فى اقلّ من طرفه عين لفعلت لما عندى من الاسم الاعظم و انا الآيه العظمى و المعجز الباهر.(5)
عن أبى عبداللّه عليه السلام فى قوله تعالى: «و شاهدٌ و مشهود»(6) قال النبى صلى الله عليه و آله وسلمو أميرالمؤمنين عليه السلام.(7)قال: كنت أنا و صفوان عند أبى الحسن عليه السلام فذكروا الامام و فضله قال: انما منزلة الامام فى الارض بمنزلة القمر فى السماء و فى موضعه هو مطلّع على جميع الأشياء كلّها.(8)
عن أبى جعفر عليه السلام قال قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: انّ امتى عرضت علىَّ فى الميثاق فكان أول من آمن بى علىٌ و هو أول من صدقنى...(9)
ص: 194
عن الصادق عليه السلام: ان الدنيا تمثلّ للإمام فى فلقة الجوز...فلا يعزب عنه منها شى ء.(1)
... ثم قال الباقر عليه السلام: أ ترون ان ليس لنا معكم أعين ناظرة و أسماع سامعة، بئس ما رأيتم و اللّه لايخفى علينا شى ء من أعمالكم فاحضرونا جميعاً...(2)
و قد جاءت لشهود روح القدس بهذه العبارات، الموجودة فى الروايات بان الإمام: (يرى به ما بين المشرق و المغرب) و (يرى فيه الدنيا) (لايريد أحدٌ منا علم أمر من أمر الارض أو أمر من أمر السماء الى الحجب التى بينه و بين العرش الا رفع طرفه)
و (يعرف به الضمير و يرى به اعمال العباد و أعمال الخلائق)
و (ما يعمل به اهل كل بلده)و (ما يخفى علىّ شى ء من أمركم)(3)
و لايخفى عليك: بانّ تلك الشهادة هى شهودهم على كل شى ء فى مرتبة تشخّصهم و تعيّنهم عند خلقه أنوارهم من نور عظمة اللّه.
و العارف بحقهم بعد عرفانه بانهم فى موضع الإرادة و المشية و ان إردتهم التى هى النافذة على جميع الأشياء و هى ثابتة لهم، يعرف بانّ شهودهم على القضاء و القدر و البداء و إحاطتهم على أم الكتاب و اللوح المحفوظ بعد ملاحظة مراتب الخلقة ثابتة لديهم، لانهم حقيقة عرش العلم
ص: 195
و نور القرآن و هى أيضاً واضحة بالروايات الصريحة، فشهودهم بنورهم و علمهم يشمل جميع ما خلق اللّه و تلك الشهود قبل تعيّنهم بالأنوار المحسوسة و الملموسة المتعينة و بولايتهم الكلّية و بالمشيّة التى هم فى موضعها و الإسم المخزون المكنون التى قد أعطاهم اللّه، و إفهم و إغتنم.
و كلّما جائت فى الروايات لشهودهم بأخبار الملك أو الجن أو الروح أو بالإسم الأعظم و غيرها، كلها من الأسباب الذى أعزّهم اللّه و أكرمهم بها، منّة على الملائكة و تشريفاً لهم، لانّ الإمام عليه السلامقطب دائرة الإمكان و الحجة الشاهد عليهم بإذنه و مشيّته «و ما تشاؤون الا ان يشاء اللّه».(1)
ص: 196
«و الشفاعة المقبولة» «شفعاء دار البقاء» «و رزقنى شفائتكم»
«اللهم انى لو وجدت شفعاء أقرب اليك من محمد و أهل بيته لجعلتهم شفعائى»
الشفاعة: هى الوساطة التى سبب القرب لدى السلطان فى العفو التفضل.(1)
لا شبهة بان الإنسان العاقل دائماًً بصدد دفع المضرات و جلب المنافع فى الأسباب الدنيويّة أو المعنوية و الاُخروية.
و الشفيع لايطلب من المولى بطلان مولويّته تعالى بل هو اما يتوسل برحمة المولى و عفوه و اما تطلب المغفرة منه للعبد أو ان العبد يرجى الشفاعة من الشفيع لقربه.
و الشفاعة على أقسام: اما لرفع هول المحشر و سوء الحساب و اما لدخول الجنة و نعيمها أو الخروج عن النار أو زيادة فى الدرجات و هى أمر عقلائى فطرى شرعى.
و الشفاعة امر ضرورى بالأدلة الصريحة من الآيات(2) و الروايات(3) و
ص: 197
تلك الشفاعة ليست للكافر و المشرك المعاند بل للمؤمن المذنب ذنباً
صغيراً أو كبيراً فقال اللّه تعالى: «ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم»(1) و قد استشكلوا عليها
أولاً: بان الشفاعة اما عدلاً أو ظلماً، فلو كانت عدلاً، يكون الحكم بعقاب الفاسق ظلماً.
و جوابه أولاً: كلاهما تكون عدلاً الاان قلب المؤمن و باطنه محكوم بالطهارة.
و ثانياً: ليست إبطالاً لمولوية المولى بل تحكيماً لسبب اُخرى و الإشكال الثانى: ان الشفاعة جرعة على المعصية.
و هو أيضاً اولاً: يلزم ان تكون آيات المغفرة مناف مع العبوديّة بل جرأة.
ثانياً:ان الشفاعه يجعل إيقاظ قلب العاصى بين الخوف و الرجاء.
فبالجملة: ان الشفاعة ليست تجريا على المعاصى بل رحمة و لطفاً عليه.لاريب بان محمداً و آل محمد عليهم السلام أكمل الخلق و أشرفه بحيث لولاهم لما خلق اللّه الخلق و لاينظر اليهم لانهم السلاطين و الاُمناء، الذين بهم يتوجه الى اللّه و هم الواسطة لافاضه العنايات الرحيميه اليهم فى الآخرة.
و اللّه تعالى أقدرهم على جميع الاشياء و أشهدهم عليها و فوض اليهم
ص: 198
الولاية الكبرى و الحاكمية على الدين و الدنيا و الآخرة و الاولى اذ هم فى موضع ارادته و مشيته، فلهم مرتبة الوساطة العظمى و الشفاعة الكبرى.
لا شبهة ان جميع الفيوضات والنعمات الظاهريه و الباطنيه لأجل محمد و آل محمد عليهم السلام و هم مبدئها و منتهاها، فالمؤمن بحقهم يعلم: بان اعظم الاسباب و اهمها التى هى سبب النجاه و البشرى و الفلاح و الفوز و الشفاعه العظمى هى ولايه محمد و آل محمد عليهم السلام التى اتخذ اللّه عهد الخلق بولايتهم، لانها الغرض الأقصى للقرب و المنزله و الشفاعه، فبالاعتقاد بنور الايمان و الولايه (التى هى المنجية من الهلكه و هى سبب التزكيه و الكفّاره) يرتقى العبد الى المراتب المعدّة له و يتوسل العبد برحمة المولى و المغفره العظمى و الشفاعه الكبرى فبولايتهم و من فضلهم و الى مرتبتهم يرجع الشفاعه لأهل الولاية و الشيعه لانهم من شعاع انوارهم، فالشفاعه رزق المعنوى من العالى الى الدانى و من المولى الى العبد، رحمة و فيضا و قد جاءت فى الرواية (خطيئةٌ عرضت)(1) اى عرض للمحب الموالى و هى منجبرة بمن كانت الكمالات و الرحمة و الشفاعة لازمه ذواتهم.فبذلك: لايجوز التبرى من ذات المؤمن فافهم و تدبر و قد قال اللّه تعالى «عامله ناصبه تصلى ناراً حاميه»(2)
فلهذا قال عليه السلام فى فقرة من الزيارة: اللهم انى لو وجدت شفعاء اقرب اليك من محمد صلى الله عليه و آله وسلم و اهل بيته عليهم السلام لجعلتهم شفعائى.
ان اللّه تعالى يرزقنا شفاعتهم المقبوله فى دار البقاء بالاقرار بولاية على المرتضى و اولاده المعصومين الأولياء الكرام و لسوف يعطيهم اللّه المقام
ص: 199
المحمود لترضى العباد...
عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: اذا كان يوم القيامه وليّنا حساب شيعتنا فمن كانت مظلمته فيما بينه و بين اللّه حكمنا فيها فأجابنا و من كانت مظلمته بينه و بين الناس استوهبناها فوهبت لنا و من كانت مظلمته فيما بينه و بيننا كنا احقّ من عفا.(1)
قلت للرضا عليه السلام يابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فما معنى قول اللّه «و لا يشفعون الا لمن ارتضى»(2) قال: لايشفعون الا لمن ارتضى اللّه دينه.(3)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال فى قول اللّه تعالى:...«الا من اتخذ عندالرحمن عهداً»(4) الا من اذن له بولاية اميرالمؤمنين و الائمه من بعده فهو العهد عند اللّه.(5)قال أبوعبداللّه عليه السلام: ... واللّه لو انّ كل ملك مقرب و كل نبى مرسل شفعّوا فى ناصب ما شفعوا.(6)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال سألته عن شفاعة النبى صلى الله عليه و آله وسلم يوم القيامة قال يلجم الناس يوم القيامة العرق فيقولون انطلقوا بنا الى آدم ليشفع لنا عند ربنا فيأتون آدم فيقولون اشفع لنا عند ربك فيقول ان لى ذنباً و خطيئةً
ص: 200
فعليكم بنوح... و يردّهم كل نبى الى من يليه حتى ينتهون الى عيسى فيقول عليكم بمحمد صلى الله عليه و آله وسلم... و يخرّ (عند باب الجنة) ساجداً فيمكث ما شاء اللّه فيقول اللّه و ارفع رأسك و اشفع تشفع و اسأل تعط و ذلك قوله عزوجل: «عسى ان يبعثك ربك مقاماً محموداً».(1)
قال أبوالحسن عليه السلام:... اذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرّب و لانبى مرسل ولامؤمن ممتحن الا و هو يحتاج اليهما(محمد و على) فى ذلك اليوم...(2)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... فايما امرأة صلّت فى اليوم و الليلة خمس صلوات و صامت شهر رمضان و حجّت بيت اللّه الحرام و زكّت مالها و اطاعت زوجها و والت عليا بعدى دخلت الجنه بشفاعة ابنتى فاطمه...(3)عن أميرالمؤمنين عليه السلام فى حديث طويل لشفاعة الفاطمية... يقول:...فعند ذلك تودّ الخلائق انهم كانوا فاطميين...(4)
قال أبوجعفر عليه السلام: ... واللّه يا جابر انها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها و محبيها كما يلتقط الطير الحب الجيّد من الحب الردى...(5)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ... و قيل للعالم قف تشفع للناس بحسن تأديبك لهم.(6)
ص: 201
عن النبى صلى الله عليه و آله وسلم: ثلاثة يشفعون الى اللّه يوم القيمة فيشفّعهم الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء.(1)
عن النبى صلى الله عليه و آله وسلم: الشفعاء خمسة القرآن و الرحم و الأمانة و نبيكم و أهل بيت نبيكم.(2)
عن الصادق عليه السلام: اذا كان يوم القيمة جمع اللّه الأولين و الاخرين... فيقول: أهل الجمع هؤلاء أنبياء اللّه فيجيئهم النداء ما هؤلاء بأنبياء... فيقولون: نحن العلويون نحن ذرية محمد صلى الله عليه و آله وسلمنحن أولاد على عليه السلام ولى اللّه ،نحن المخصوصون بكرامة اللّه نحن الآمنون المطمئنّون، فيجيئهم النداء منعند اللّه عزوجل اشفعوا فى محبّيكم و أهل مودتكم و شيعتكم فيشفعون
فيشفعون.(3)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: أربعةٌ انا لهم شفيع يوم القيمة المكرم لذريتى و القاضى لهم حوائجهم و الساعى لهم فى اُمورهم عند ما اضطروا اليه و المحبّ لهم بقلبه و لسانه.(4)
ص: 202
«و الباب المبتلى به الناس من أتاكم نجى و من لم يأتكم هلك»
لايخفى على كل عاقل بدخول البيت من الباب و الا تكون سارقاً و القرآن الكريم تذكّر بتلك البديهه حيث يقول: «ليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى و آتوا البيوت من أبوابها».(1)
و المراد من الباب: اما الأبواب و المساكن الظاهرى الذى أراد اللّه
بترفيعها و الأمر بالوفود اليها.
و اما الأبواب الواقعى و الباطنى من العلم و الحكمه و المعارف و الولاية.
و لاريب بان لكلّ شى ء طريقاً خاصّاًو باباً و مسيراً للوصول اليه يناسبه نحو باب الخيرات و الشرور و الطيبات و الخبائث و باب السعادة و الشقاوة و باب الولاية و العداوة و باب العلم و الجهل و باب الجنة و النار.
و الخبير العارف يعلم: بان الأنبياء و أوصيائهم أبواب الهداية و الكماللجميع الخلق ثم محمد و آل محمد عليهم السلام هم الأبواب الذى ابتلى اللّه الخلق بهم بالتوجه اليهم و امتحن الاُمم بمحبّتهم و متابعتهم و الناس مبتلين بأداء
ص: 203
حقهم كما ان هارون باب الحطّة لبنى اسرائيل و قد ابتلاهم اللّه بدخول المدينة ( أريحا) سجداً و هى لاتتيسّر لهم الا بالأعتقاد بالولايه لمحمد وال محمدعليهم السلام و تعظيماً لصاحبها.
فمحمد و أهل بيته عليهم السلام و ولايتهم هم الأبواب المبتلى بهم الخلق و انهم سبب الحطه لذنوب هذه الاُمّة.
و لايمكن الدخول فى حرم اللّه و التوجه اليه تعالى الا بالدخول من
الباب الذى قد فتحه اللّه و قد جعلهم اللّه باب علمه و حكمته و رحمته، و جميع الخلق مبتلين بهم من الملائكة و الأجنّة و الأنبياء و الناس و سائر ما خلقه اللّه فى قوله تعالى: «انا عرضنا الأمانة على السموات...»(1)
و لا ريب بان الولاية لمحمد و اهل بيته عليهم السلام هى الامانة التى أخذها اللّه عهدها عنهم، فمن قبلها كان من المقرّبين و من أنكرها صار من الكافرين المبعدين، صلح أو فسد ان كان من سائر خلق اللّه أجمعين.
و قد تقدّم جملة من الآيات و الروايات الواردة لأصل الميثاق و كيفية
أخذه عن الخلق... راجع الى مظانّه...
... فقال النبى صلى الله عليه و آله وسلم لعلى عليه السلام... يا أباذر هذا الإمام الأزهر... باب اللّه
الأكبر فمن اراد اللّه فليدخل الباب.(2)قال سمعت سلمان يقول: ... ان علياً باب من دخله كان مؤمناً و من خرج عنه كان كافراً.(3)
ص: 204
عن الصادق عليه السلام قال قال أميرالمؤمنين عليه السلام: ... أنا باب حطة.(1)
عن على عليه السلام: ... انه قد جعل اللّه للعلم أهلاً و فرض على العباد طاعتهم بقوله تعالى: «أطيعوا اللّه و أطيعوا الرسول و اولى الأمر منكم»(2)
و... و لقوله تعالى: «و اتوا البيوت من ابوابها»(3)
و البيوت هى بيوت العلم الذى استودعه الأنبياء و أبوابها أوصيائهم...(4)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... و بالحسين تسعدون و به تشقون الا و ان الحسين باب من أبواب الجنة من عاداه حرم اللّه عليه ريح الجنة.(5)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: أنا مدينة العلم و على بابها و لا تؤتى المدينة الا من بابها.(6)
عن الإحتجاج عن أميرالمؤمنين عليه السلام فى قوله تعالى: «ليس البر بان...»فقال: نحن البيوت التى أمر اللّه ان تؤتى أبوابها، نحن باب اللّه و بيوته التى يؤتى منها فمن بايعنا و أقرّ بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها و من خالفنا و فضّل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورها و انهم عن الصراط لناكبون.(7)
ص: 205
عن على عليه السلام قال سمعت النبى صلى الله عليه و آله وسلم يقول لى: مثلك فى امتى مثل باب حطة فى بنى اسرائيل فمن دخل فى ولايتك فقد دخل الباب كما أمره اللّه عزوجل.(1)
عن الباقر عليه السلام قال: ... نحن كهفكم كأصحاب الكهف و نحن سفينتكم كسفينة نوح و نحن حطّتكم كباب حطّة بنى إسرائيل.(2)
كان أبوجعفر عليه السلام يقول: ان اللّه تعالى أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا و هم ذر يوم أخذ الميثاق على الذر بالاقرار له بالرّبوبيه و لمحمد صلى الله عليه و آله وسلم بالنبوة.(3)
و العارف بحقهم يعلم: بأن الولاية باب لإبتداء الخلق و هى وسيلة الكبرى فى الدنيا و الآخرة و هى الحيوة الطيبة لمن آمن بها فلهذا جعلت سبباً للاختبارو الابتلاء (كما ان التوحيد و النبوه سبباً للامتحان) و بهذا امتحن اللّه عباده فكل من آمن بالائمه عليهم السلام و اعترف بولايتهم و حقهم يصير أيمانه خالصاً اذ الإمتحان و الإختبار بهم و بولايتهم سبب التمحيص و الخلاص فقال اللّه تعالى: «ألم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمناوهم لايفتنون».(4)
فالمؤمن لامحالة فى معرض الاختبار اذ أمرهم و ولايتهم من تمام الدين بل هى ركن التوحيد، فالإبتلاء فى تحصيلها و الإيقان بها و المصائب فى إستدامتها من الاُمور اللازم للمختبرين، كل ذلك لتطهير
ص: 206
المؤمن عن الشرك و لتمحيص إيمانه عن الكفر.
عن ابى عبداللّه عليه السلام: ان أمركم هذا عرض على الملائكة فلم يقرّبه الا المقرّبون و عرض على الانبياء فلم يقرّبه الا المرسلون و عرض على المؤمنين فلم يقرّبه الا الممتحنون.(1)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ... فقيل له ان من يصف هذا الامر منهم لكثير قال: لابدّ للناس من ان يمحّصوا و يميزوا و يغربلوا و سيخرج من الغربال خلقٌ كثير.(2)
و من حقهم على المؤمن الموالى لولاية محمد و آل محمد عليهم السلامهو الايمان بولايتهم و معرفتهم و التسليم عليهم و الرّد اليهم فيما اختلفوا.
قال قلت لأبى جعفر عليه السلام: انى تركت مواليك مختلفين يتبرأ بعضهم من بعض قال فقال: و ما أنت و ذاك انما كلّف الناس ثلاثة معرفة الائمة والتسليم لهم فيما ورد عليهم و الرّد اليهم فيما اختلفوا فيه.(3)
فمن هذه الجهة (ان الولاية هى الباب الأعظم و ليس السبيل و الصراط
الى اللّه غير سبيل ولايتهم اذ هم أبواب اللّه التى لايؤتى الا منها) أمر النبى صلى الله عليه و آله وسلم بسدّ الابواب الا باب على عليه السلام و هو و ولايته باب حطة الذنوب لامة النبى صلى الله عليه و آله وسلم كما ان هارون باب حطة بنى اسرائيل فى اُمّة موسى عليه السلام...(4)
... فاوحى اللّه تعالى اليه ياعيسى ان عبدى آتانى من غير الباب الذى
ص: 207
اوتى منه انه دعانى و فى قلبه شك منك... و كذلك نحن أهل البيت عليهم السلام لايقبل اللّه عمل عبد و هو يشك فينا.(1)
عن أبى جعفر عليه السلام: أما انه ليس عند احد من الناس حقٌ و لاصوابٌ الا شى ء أخذوه منا اهل البيت و لا أحد من الناس يقضى بحق و عدل الا مفتاح ذلك القضاء و بابه و أوله و سببه أميرالمؤمنين عليه السلام فاذا اشتبهت عليهم الاُمور كان الخطاء من قبلهم اذا أخطئواو الصواب من قبل اميرالمؤمنين عليه السلام.(2)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فى قول اللّه تعالى: «فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمه و ظاهره من قبله العذاب»(3) فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: اناالسور و على عليه السلام الباب و ليس يؤتى السور الا من قبل الباب.(4)
عن العسكرى عليه السلام: ... و من أدمن محبتنا أهل البيت فتح اللّه عزوجل له من الجنة ثمانية ابوابها و أباحه جميعها يدخل مما شاء منها و كل ابواب الجنان يناديه يا ولى اللّه ألم يدخلنى ألم تخصصنى من بينها...(5)
عن موسى بن جعفر عليه السلام قال قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ألا ان فاطمة بابها بابى و بيتها بيتى فمن هتك بابها هتك حجاب اللّه فبكى أبوالحسن عليه السلام طويلاً و قطع بقيّة كلامه و قال عليه السلام: هتك واللّه حجاب اللّه، هتك و اللّه حجاب اللّه هتك واللّه حجاب اللّه يا اُمّه.(6)
ص: 208
«و ان أرواحكم و نوركم و طينتكم واحدة»
قال اللّه تبارك و تعالى: «و كذلك أوحينا اليك روحاًمن امرنا ما كنت
تدرى ما الكتاب و لا الايمان ولكن جعلناه نوراً».(1)
لاريب بان محمداً و آل محمد عليهم السلام كلّهم من نور و روح و طينه واحده لايفضل بعضهم عن بعض، طابت نورهم و روحهم و طهرت بعضها من بعض عصمهم اللّه فى كل تلك المراتب عن كل رجس و شك، و انهم فى اعلى مراتب القدس و اشرفها و اكرمها التى لاتوصف و لايطمع فى ادراكه كل طامع و بشر...
فبما ان الارواح فيهم متعدّده و مختلفه على حسب تنزلهم من عالم الانوار و الارواح فنقول على ما تستفاد من الأدّلة...
ان اللّه تعالى خلق من مراتبهم و أنوارهم الواقعية فوق العرش، روحاً
قدسياً فى أعلاها بحيث لاتعرف و لاتوصف الا بالنورانية و الشرافه و الخصيصه الخاصة الممتازه لها، التى هى بنفسها اعترفت بتمام مراتب الايمان، و بالولاية التى خصهم اللّه بها و فيها.(2)
ص: 209
فقال الرضا عليه السلام: ان اللّه عزوجل قد أيدنا بروح منه مقدسة مطهرة ليست بملك... و هو عمود نور بيننا و بين اللّه عزوجل.(1)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: قال اللّه تعالى يا محمد انى خلقتك و علياً نوراً يعنى روحاً بلابدن قبل ان أخلق... ثم جمعت روحيكما فجعلتهما واحدة... ثم خلق اللّه فاطمة من نور ابتدأها روحاً بلابدن ثم مسحنا بيمينه فأفضى نوره فينا...(2)
عن على عليه السلام: ... ما يتقدمنى الا أحمد و ان جميع الرسل و الملائكة و الروح خلفنا...(3)
قال العسكرى عليه السلام: ... و روح القدس فى جنان الصاقوره ذاق من حدائقنا الباكورة...(4)
قال أبوعبداللّه عليه السلام فى حديث المعراج: ... لولا ان روحه و نفسه كانت من ذلك المكان لما قدر ان يبلغه...(5)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... فلما شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظموا أمرنا...(6)ثم بعد تنزل أنوارهم بتلك الروح النورى و إختبار الأنوار فى عالمها،
خلق اللّه تعالى روحين مقدسين من نوره تسمى أحدهما بالروح القدس و
ص: 210
الاُخرى بالروح من أمره، خلقهما بعد خلقة العرش و جعلهما بأطرافها فجعل كلتاهما فيهم عليهم السلام فلكليهما من شئونات العديدة بالنسبة اليهم و بالتعلق بهم و ما تجرى بها فيهم.
قال أبوجعفر عليه السلام: ... ظل النور أبدان نورانية بلا ارواح و كان مؤيّداً بروح واحدة و هى روح القدس فبه كان يعبد اللّه و عترته و لذلك خلقهم حلماء، علماء، برره، أصفياء...(1)
عن أبى جعفر عليه السلام: ان اللّه تعالى خلق أربعة عشر نوراً من نور عظمته قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام فهى أرواحنا...(2)
عن أميرالمؤمنين عليه السلام: ان للّه نهراً دون عرشه... و ان فى حافتى النهر روحين مخلوقين روح القدس و روح من أمره...(3)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ... فاذا قبض النبى صلى الله عليه و آله وسلم انتقل روح القدس فصار فى الإمام...(4)
عن الباقر عليه السلام فى قوله تعالى: «و ينزل الملائكة بالروح من أمره»(5)فقال جبرئيل الذى نزل على الأنبياء و الروح تكون معهم و مع الأوصياء
لاتفارقهم...(6)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: يسألونك عن الروح قال: هو ملك أعظم من جبريل و ميكائيل كان مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم و هو الأئمة عليهم السلام.(7)
ص: 211
عن أميرالمؤمنين عليه السلام... ثم قال: ما من نبى و لا ملك الا و من بعد جبله نفخ فيه من إحدى الروحين... و نفخ فينا من الروحين جميعاً.(1)
عن الباقر عليه السلام:... فمن خصّه اللّه تعالى بهذا الروح فهذا كامل غير ناقص يفعل ما يشاء باذن اللّه يسير من المشرق الى المغرب فى لحظة واحدة يعرج به الى السماء و ينزل به الى الأرض و يفعل ما شاء و أراد...(2)
قال أبوجعفر عليه السلام: ... فروح القدس من اللّه لايلهو و لايتغيّر و لايلعب و بروح القدس علموا يا جابر ما دون العرش الى ما تحت الثرى.(3)
عن أبى جعفر الثانى عليه السلام قال قال أبوجعفر الباقر عليه السلام: ان الأوصياء محدّثون يحدّثهم روح القدس و لايرونه...(4)
قال عليه السلام:... يتجسّس الاخبار للاوصياء و يستمع الاسرار و ياتيهم بتفسير كل امر يكتم به اعداؤهم...(5)فقال الصادق عليه السلام:... ان اللّه تعالى خلق روح القدس فلم يخلق خلقا أقرب اليه منها و ليست بأكرم خلقه عليه...(6)
و قد جائت فى الروايات بان روح النبى صلى الله عليه و آله وسلم و الأئمة عليهم السلامتوافى ليلة الجمعة الى العرش و يطوفون حول العرش سبعا و يصلّون عند كل قائمة له ركعتين...(7)
ص: 212
عن الباقر عليه السلام: ... لاتفارقهم روح القدس و لايفارقونه و لايفارقون القرآن و لا يفارقهم صلوات اللّه عليهم.(1)
عن موسى بن جعفر عليه السلام:... نحن نؤيد الروح بالطاعه للّه و العمل له.(2)
و العارف المسنّ على ولايتهم و شئونهم يعلم: بان محمداً و آل محمد
عليهم السلام حقيقة عرش العلم و هم حقيقة القرآن و المثل الأعلى و وجهه الذى منه يؤتى و هم المخلوقون من نور عظمة اللّه من قبل ان تعينوا و تشخّصوا و تنزّلوا بصوره النور او الروح فى المراتب النازله.
ثم بعد وجود تلك الأرواح المقدسه و تعلق الأبدان النورانية فيهم
بصورة الأشباح الأخضر الأنور حول العرش، تنزّلوا بالشرافة و التأييد بتعلق روح القدس فيهم ثم انتقلوا الى تحت العرش و أعلى عليين لتعلق الأرواح الإيمانى بهم قبل أجسادهم العليينى، فجعل اللّه فيهما أعلىالأرواح و أشرفها، أرواح محمد و آل محمد عليهم السلامفهم فيها كانوا خلقا و بشراً نورانيين و روحانيين ثم بعدها تعلّق الأرواح بهم مع الأبدان العلينية فى الجنة بحيث لم يجعل اللّه لأحدٍ فى مثل الذى خلقهم منها نصيباً.
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ان اللّه تعالى خلقنا من نور مبتدع من نور رسخ ذلك النور فى طينة من أعلى عليين...(3)
قال أبوعبد اللّه عليه السلام: ان اللّه خلقنا من عليين و خلق أرواحنا من فوق ذلك...
ص: 213
قال أبوعبداللّه عليه السلام: ان اللّه تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بالفى عام فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد و على و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة عليهم السلام.(1)
قال أبوعبداللّه عليه السلام: قال سمعته يقول: ان اللّه خلقنا من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش فأسكن ذلك النور فيه فكنا نحن خلقا و بشراً نورانيين لم يجعل لأحد فى مثل الذى خلقنا منه نصيباً.(2)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... انّا معاشر الأنبياء ينبت اجسادنا على أرواح اهل الجنه...(3)عن ابى جعفر عليه السلام قال: ان اللّه تعالى خلق الخلق فخلق ما أحب مما أحب و كان ما احب ان خلقه من طينه الجنه... ثم بعثهم فى الظلال.(4)
فبالجملة انهم بالنظر الى المراتب العاليه التى ليست فوقها و ورائها أمر و مطلب تلك الحقيقه الواحده التى حسرت الالباب عن درك شان من شئونهم.
ص: 214
«خلقكم اللّه أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين» «و انتجبكم لنوره و أيدكم
بروحه» «و تمام نوركم»
ان اللّه تعالى ذاته فى غايه الاحتجاب و لايعرف و لايوصف بالمثال و قد أظهر نفسه بالهدايه و النورانيه، فتجلى فى خلقه بنوره(1) كما تجلى فىكلامه و آياته و تكون تجلّيه بنور عظمته و وجهه، و قد عرّف نفسه لخلقه
ص: 215
بنوره لانها الآية العظمى و المثل الاعلى لربّه.
و التجلّى منه تعالى بنور عظمته و ولايته فى المراتب النازله المتعيّنه و المتشخصه و هى ليست الا بمحمد و آل محمد عليهم السلام و هم عين تجلّيه، فهم الحجاب الاكبر و المثل الاعلى و نور وجه اللّه الكبرى الذى لايوصف و التكلم لها صعب مستصعب لايحتمله ملك مقرّب و لانبى مرسل و الا مؤمن ممتحن.
فبالجمله: هذه الانوار المتعينة و المعلومه حول العرش هى المخلوقه
من نور العظمه و الولايه و قد خلقهم اللّه فى المراتب النازله بصورة تلك الانوار اللامعه بحيث ان النورانيه لازمه لذاتهم، فهم بالنظر الى حقيقتهم نور اللّه و قدره اللّه و علم اللّه و حجابه و جلاله و جماله و هم الآيه العظمى و الامثال العليا و الأسماء الحسنى، و بتلك المعنى سمّيت لانفسهم بانهم نفس اللّه و ذات اللّه و الاصل القديم و المعنى الذى لايقع عليه اسم و لا شبه لا ذات اللّه الذى هو غيب الغيوب و لايدرك و لايوصف ولكنها محدثة بمشيته تعالى و هى مخلوقه موجودة باحداثه تعالى «لايسئل عمّا يفعل و هم يسئلون».(1)(2)
ص: 216
و بعد التوجّه الى ما قدّمنا فعلينا اثبات ان لسان الأخبار النورانيّة
بأجمعها لبيان مرتبة تشخصهم و تعينهم حول العرش و قدّامه، لانهم
ص: 217
المخلوقون من نور جلال عظمة اللّه، فجعلهم اللّه حولها مع الصورة و التشخص بالنورانية قبل خلق الجنة و النار و الملائكة و الأنبياء و جميع ما خلق اللّه، ثم بعد تنزلهم الى أعلى عليين، خلقت من تنزّلات أنوارهم و أرواحهم و انتقالهم من أعلى العليين الى الجنة، أبدانهم النورية المحسوسة فى الجنة و سائر ما خلق اللّه مع الاختبار، فلأنوارهم أصل يلحقون بها.
عن الصادق عليه السلام: ... قال يا قبيصة كنا أشباح نور حول العرش نسبح اللّه قبل ان يخلق آدم...(1)
قال سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم يقول: ... فخلقنى و خلقك روحين من نور جلاله، و كنا إمام عرش رب العالمين نسبح اللّه و نقدسه...(2)
عن الصادق عليه السلام: ... كنّا أنواراً حول العرش نسبح اللّه و نقدّسه...(3)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم قلت: فأين كنتم يابن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمقال: قدّام العرش نسبح اللّه تعالى و نحمده و نقدسه و نمجّده قلت على أىّ مثال؟ قال:أشباح نور.(4)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: أنتم اول ما خلق اللّه، خلقكم أشباح نور من نوره... و جعل لكم مقاعد فى ملكوت سلطانه...(5)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... يا سلمان خلقنى اللّه من صفاء نوره...(6)
ص: 218
عن على بن الحسين عليه السلام: ... فأقامهم أشباحاً فى ضياء نوره...(1)
قال أبوجعفر عليه السلام: ... ظل النور أبدان نورانيّة بلا أرواح و كان مؤيداّ بروح واحدة و هى روح القدس...(2)
و لايخفى بان حمل الروايات على المجاز و صرفها عن ظواهرها جرئة على اللّه و تكون ظلماً على شئونات الولائيه لمحمد و آله الطاهره عليهم السلام، اذ بعثة النبى صلى الله عليه و آله وسلم فى عالم الأرواح عند أخذ الميثاق من دون وجود صورة حقيقية انكاراً لحقائقهم النورانيه و قد ورد...(3)
ان الملائكة لمّا رأت ذلك النور رأت لها اصلاً فلهم أصلاً نورياً حقيقياً لا شبحاً صورياً مجازياً و قد جاء (و جعل لكم مقاعد فى ملكوت سلطانه).(4)فهم فيها كانوا عاقلين مكلّفين مختارين و ممتحنين عند خلقه الارواح، فهم ظلّ النور و أشباحٌ نورانيّه على صورة الخضراء، و الذى يدل على تلك الحقيقة، ما جاءت فى الروايات المستفيضه مضافاً لما سبق.(5)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ... كنا أنواراً حول العرش نسبح اللّه و نقدسه...(6)
ص: 219
عن النبى صلى الله عليه و آله وسلم: ... فخلق نور فاطمة عليهاالسلام يومئذ كالقنديل و علّقه فى قرط العرش...(1)
عن الباقر عليه السلام قال قال أميرالمؤمنين عليه السلام: ... فصارت نوراً ثم خلق من ذلك النور محمداً و خلقنى و ذريّتى ثم... فأسكنه اللّه فى ذلك النور و أسكنه فى أبداننا...(2)
عن موسى ابن جعفر عليه السلام: ... صوّرهما على صورتهما... ظاهرهما بشريّة و باطنهما لاهوتية...(3)
عن أميرالمؤمنين عليه السلام: ... ثم اجتمع النور فى وسط تلك الصور الخفيّةفوافق ذلك صورة نبيّنا محمد صلى الله عليه و آله وسلم...(4)
و لايخفى عليك بانهم عليهم السلام المعروفون بين الخلائق من الملائكة المقرب و الأنبياء المرسل و العرش و القلم بتلك النورانية و الخبير العارف بشأنهم يعلم: ان النورانيّة دليل الأشرفية و الأولوية و الأفضلية، لان اللّه تعالى بلغهم الى أشرف محل المكرّمين و أعلى منازل المقربين و أرفع درجات المرسلين، حيث لايلحقه لاحق و لا يفوقه فائق و لايطمع فى ادراكه طامع، فهم المغمورون فى بحار رحمة اللّه و الفانون فى نور وجه اللّه الكاملة التامة، اذ انهم جلّلوا جلاله و اكبروا شأنه فلهم الولاية الكاملة.
فبالجمله: ففى كلّها ظهور تشعر بكيفيّة خلقة وجودهم النورى حول
ص: 220
العرش و قدّامه بصورة الحدقة و الإحاطة النورى الشهودى و قد اقتدى الملائكة و الأنبياء بهم و... بكيفية تسبيحهم و سائر شئونهم.
فبذلك تستفاد منها بان خلقة أشباح أنوارهم المتعيّنه على صوره ظلّ
النور الخضراء لا الظل و الفيئى و الظلمة، اذ هم فى ضياء النور و صفائها.(1)و العارف بحقهم و شأنهم و ولايتهم يرى بان كلشى ء يخلق، لابدّ من
ثباته بالمشيّة و بنور الولاية، اذ قوامهم و حياتهم بها حتى تكون الموجود نورياً و مطيعاً أو عاصياً متمرداً لانّهم الغرض الحقيقى و المراد الأفضل لخلقتهم، فبذلك انّ ظلمه جميع الأشياء و هلاكهم أيضاً بعد الإختبار و الإختيار متوقفة على كفرهم بها، اذ هى الخيرة الكاملة، و المثل الأعلى و نور وجهه التى لايؤتى الا منه و قد قال اللّه تعالى: «و كل شى ء هالك الا وجهه»(2) فالحيوة الابديّه، ظاهره و باطنه بهم و بمعرفتهم و ولايتهم، لايسئل عما يفعل و هم يسئلون.(3)
ص: 221
ص: 222
«فجعلكم فى بيوت أذن اللّه أن ترفع و يذكر فيها إسمه»
لا شبهة للعارف بمراتب محمد و آل محمد عليهم السلام و شئونهم، بانهم المخلوقون من نور جلال عظمة اللّه و انهم الموجودون فى غامض علم اللّه قبل خلق الخلق، ثم بعد تنزّلهم و تشخصهم و تعيّنهم حول العرش و قدّامه بصورة الأنوار و الأشباح النورى، جعل اللّه لهم فيها موضعاً شريفاً و اذّن لهم (تكويناً و تشريعاً) بترفيعها و تشريفها، بحيث يذكرون بإسمه فيها و الملائكة و الأنبياء علّموا التسبيح و التقديس و التهليل و التمجيد عنهم فيها.
و الحقّ ان مرتبتهم و شئونهم أجل و أشرف من العرش و قد إعلن و أظهر بتلك الرفعة فى القرآن الكريم فى قوله تعالى: «فى بيوت أذن اللّه أن ترفع و يذكر فيها اسمه يسبح فيها بالغدوّ و الآصال رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه...»(1) بعد خلقتهم من نور العظمة، اذ انهم مثله العليا و أسمائه الحسنى و ان ولايتهم هى ولاية اللّه التى عظّموها و جللّوها فىمرتبة التشخّص و التنزّل فلهذا أوّل من أخذ اللّه عهد الولاية عنها هو العرش،
ص: 223
ثم بعد قبولها صارت موضعاً نورانياً...
فمن تلك البيوت التى وضعها اللّه للتكريم و التشريف بحقّهم و بعظمتهم
بالنورانيّة هى العرش، كما بيّن فى فقرة من الزيارة: (خلقكم اللّه أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا بكم فجعلكم فى بيوت اذن اللّه أن ترفع و يذكر فيها اسمه).(1)
قال النبى صلى الله عليه و آله وسلم: ... و أنتم أول ما خلق اللّه خلقكم أشباح نور من نوره...(2)
عن على عليه السلام: ... و اللّه يعلم انهم فى ذلك فى منازل مختلفة...(3)
قال: ... (و جعل لكم مقاعد فى ملكوت سلطانه...)(4)
و الأمر بترفيع تلك البيوت ليست الّا الأمر بشرافة أهلها فيها، سواء كانت المراد منها بيوتهم الظاهرى بمعنى مساكنهم أو مشاهدهم الشريفة المقدسة فيها، أو المراد منها البيوت المعنوى من العلم و المعارف و الكمالات، فرفعة كل منها على حسبها بتعظيمها و تكريمها و أداء حقّها أو الإهتمام بمعارفها و الإيمان بها و بولايتهم فى البيوت التى جعلهم اللّه فيها، اذ كانت أنوارهم و شئونهم تضى ء فى الآفاق من حول العرش و البيتالمعمور و السموات و الحجب، ففيها أزهرت نور فاطمة عليهاالسلام، فأزهرت المشارق و المغارب(5)، فهذه البيوت مرفوعة بترفيع أهلها فبهذا جائت
ص: 224
(فبلغكم اللّه أشرف محل المكرمين و أعلى منازل المقرّبين و أرفع درجات المرسلين)(1) و هى التى لأجلها «نرى ابراهيم ملكوت السموات و الأرض»(2) و اللّه تعالى أذّن بالخصوص بترفيع تلك البيوت لا غيرها، لانهم الإسماء الحسنى التى لا يعلن و لايذكر الا بهم و منهم.
عن أبى جعفر عليه السلام فى قوله تعالى: «فى بيوت اذن اللّه ان ترفع...»(3) قال: هى بيوت الأنبياء و بيت على عليه السلام منها.(4)
قال أبوجعفر عليه السلام لقتادة: من أنت؟... أتدرى أين أنت؟ أنت بين يدى «بيوت اذن اللّه ان ترفع و يذكر فيها اسمه... رجالٌ لاتلهيهم...» فأنت ثم و نحن اولئك، فقال له قتادة: صدقت و اللّه، جعلنى اللّه فداك و اللّه ما هى بيوت حجارة و لاطين...(5)
عن الرضا عليه السلام فى فضل يوم الغدير: ... عرض اللّه الولاية على أهل السموات السبع، فسبق اليها أهل السماء السابعة فزين بها العرش، ثم سبقاليها أهل السماء الرابعه فزيّنها بالبيت المعمور... ثم عرضها على الارضين فسبقت اليها مكه فزينها بالكعبة.(6)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم... قلت: فأين كنتم يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم قال صلى الله عليه و آله وسلم: قدّام العرش نسبح اللّه تعالى و نحمده و نقدّسه و نمجّده، قلت: على أىّ
ص: 225
مثال؟ قال: أشباح نور...(1)
عن الصادق عليه السلام قال: ... يا قبيصة كنّا أشباح نور حول العرش نسبّح اللّه قبل ان يخلق آدم...(2)
عن النبى صلى الله عليه و آله وسلم: ... فلما أراد اللّه تعالى أن ينشى ء خلقه فتق نورى فخلق منه العرش، فالعرش من نورى و نورى من نور اللّه و نورى أفضل من العرش...(3)
و من تلك البيوت التى أمر اللّه تعالى بتشريفها تجليلاً بعظمتهم و تكريماً بمراتبهم التى رتّبهم اللّه فيها، هى البيت المعمور التى عمّرها اللّه بأخذ ولايتهم عنها و تكريمهم فيها بإستشفاء الملائكة التى هم فيها بولايتهم و شفاعتهم...
فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... سلّموا علىّ و سألونى عن على أخى... افتعرفونه قالوا: نعم، كيف لانعرفه و هو نور حول عرش اللّه و قد نحّج البيتالمعمور و أنا لنبارك على رؤسهم بأيدينا و ان فى البيت المعمور لرقأً من نور، فيه كتاب من نور، فيه إسم محمد صلى اللّه عليه و آله و على و الحسن و الحسين عليهم السلام... انه لميثاقنا الذى أخذ علينا و انه ليقرء علينا فى كل جمعة...(4)
... فى تفسير الإمام عليه السلام: ... لعلى مثالاً عند البيت المعمور و عند الكرسى
ص: 226
و املاك السموات و الحجب و املاك العرش يحفّون بهما و يعظمونهما و يصلون عليهما و يصدرون عن أوامرهما و يقسمون على اللّه لحوائجهم اذا سألوه بهما...(1)
قال اللّه تعالى: «... ثم ليقضوا تفثهم و ليوفوا نذورهم و ليطوفوا بالبيت العتيق...»(2)
لايخفى عليك بان من تلك البيوت الكعبة التى جعلها اللّه حرما لهم و بهم، و الحاج الحقيقى يعرفها ظاهراً و باطناً، فيمرّ عليها فيعظم ولايتهم فيها ثم يطوف حول مشاهدهم.
عن أميرالمؤمنين عليه السلام: ... فجعل اللّه آدم محراباً و كعبة و قبلة أسجد اليها الأنوار و الروحانيين و الأبرار... فكان حظ آدم من الخبر أنباءه و نطقه بمستودع نورنا...(3)عن أبى عبداللّه عليه السلام: كان ملكاً عظيماً... فلما أخذ اللّه من الملائكة الميثاق كان أول من آمن به و أقرّ ذلك الملك... فألقمه الميثاق... فلما عصى آدم و أخرج من الجنّة، انساه اللّه العهد و الميثاق... فرماه من الجنة الى آدم درّه و هو بارض الهند... فانطقه اللّه... و فى ذلك المكان القم الملك الميثاق... لان اللّه عزوجل لما اخذ الميثاق له بالربوبيّة و لمحمد بالنبوّة و لعلى بالوصيّة (بالولاية) اصطكت فرائص الملائكة، فأول من أسرع الى الإقرار (بذلك) ذلك الملك و لم يكن أشدّ حباً لمحمد و آل محمد عليهم السلام منه،
ص: 227
و لذلك اختاره اللّه من بينهم و ألقمه الميثاق...(1)
فلهذا قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ياعلى أنت بمنزلة الكعبة يؤتى اليها و لا تأتى...
و هذا سرّ ما قال أبوجعفر عليه السلام: من تمام الحج لقاء الإمام.(2)
لكن الخليفة الثانى من العامّة يقول لها: (انك حجر لاتضرّ و لاتنفع)(3) و أجابه على عليه السلام بان ميثاق الولاية أخذت منه و لهذا يقول الحاج لما أتاه (أمانتى أديتها و ميثاقى تعاهدته... و ستشهدنى...).
و من تلك البيوت بيوتهم الظاهرى فى الدنيا التى أمر اللّه الاُمة بتكريمهاأبياتهم و حجراتهم التى منها بيت على و فاطمة عليهاالسلام و الأئمة المعصومين عليهم السلام فبيوتهم بيوت العلم و العصمة و الرحمة و الإمامة و الولاية التى لايدخل الجنب و الأجنبى فيها و هى سرّ رفعة تلك البيوت و ما هى الا إظهاراً لجلالتهم و كرامتهم و لقضاء الحوائج فيها و حرمتهم فيها بعد موتهم كحرمتهم فى حياتهم و قد قال اللّه تعالى لهم فيها: «انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً»(4) و هى التى لاتدخل فيها الملائكة و جبرئيل بدون اذنهم.
قال زين العابدين عليه السلام لزينب عليهاالسلام: ... فجعل عوض هذه قبة عالية تزداد علواً و رفعة دائماً الى يوم القيمة...
ص: 228
قال اللّه تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتكم فوق صوت
النبى و لاتجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض...»(1)
و قال أيضاً: «فى بيوت اذن اللّه ان ترفع و يذكر فيها اسمه... رجال لاتلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه...».(2)
ولكن المعاندين اظهروا البغض معها و بصاحبها و احترقوها و اخربوها
و هدموا اساسها و أبوابها، عداوة مع اللّه و ذكره و بغضاً مع النبى صلى الله عليه و آله وسلم و أهل بيته، فسيجرى اللّه الظالمين بآل محمد عليهم السلام حقّهم اى منقلب ينقلبون(3) و قد قال اللّه تعالى: «و سيعلم الذين ظلموا «آل محمد عليهم السلام حقهم» أىّمنقلب ينقلبون».(4)
ص: 229
ص: 230
«و جعل صلاتنا عليكم و ما خصّنا به من ولايتكم طيباً لخلقنا و طهارة
لأنفسنا و تزكية لنا و كفارة لذنوبنا»
قال اللّه تعالى «ان اللّه و ملائكته يصلون على النبى...».(1)
بان اللّه تعالى خلق محمداً و آل محمد عليهم السلام اوّل المخلوقين و أشرفهم و أكملهم، فجعلهم الغرض الأقصى و المقصود الأعلى لخلقة جميع الموجودات، إظهاراً لعظمة محمد و آل محمد عليهم السلام و ولايتهم، ثم بولايتهم و محبتهم قد إبتلاهم بها بحيث وعد الجنة لمن أقرّ بها و إعترف بحقّها و أوعد النار لمن أنكرها و أدبر عنها.
و لاريب بانّ مقبوليّة جميع العبادات و الفرائض، مشروطة بولايتهم و البرائة من أعدائهم، اذ هى سبب الفوز الى أعلى درجة الكمال و هى الوسيلة لكرامة اللّه، و من تلك الأسباب إظهار الصلوات عليهم، اذ فيها طلب الرحمة و الرضوان لهم و الإستقرار على العهد الذى أخذها اللّه عنا لهم و هى أشرف المراتب التى خصّها اللّه لأوليائهم و شيعتهم و هى السببلطهارتهم و تزكية و كفارة لقصورهم و تقصيرهم، بل هى أعظم القربات
ص: 231
عند اللّه فبذلك: كما ان ولايتهم و الصلاة عليهم يطهّر القلوب و يصفى المؤمن عن الذنوب و من كل دنس و عيوب، فهكذا ان عداوتهم و بغضهم و محبته أعدائهم، إنغمار فى الظلمات و الشرور و انعماس فى الخبائث و الذنوب.
عن موسى ابن جعفر عليه السلام عن أبيه قال: من صلّى على النبى صلى الله عليه و آله وسلمفمعناه انى انا على الميثاق و الوفاء الذى قبلت حين قوله «ألست بربكم قالوا بلى».(1)
عن العسكرى عليه السلام قال: ... انما اتخذ اللّه ابراهيم خليلاً لكثرة صلوته على محمد و أهل بيته عليهم السلام.(2)
عن أبى الحسن الماضى عليه السلام قال فى قول اللّه تعالى: «ما سلككم فى سقر قالوا لم نك من المصلين»(3) قال: انا لم نتوّل وصى محمد صلى الله عليه و آله وسلم و الأوصياء من بعده عليهم السلام و لايصلّون عليهم...(4)
قال أبوعبداللّه عليه السلام فقال النبى صلى الله عليه و آله وسلم... فقلت: هل تعرفونه؟ (على) قالوا: نعم و كيف لم نعرفه! و قد أخذ اللّه عزوجل ميثاقك و ميثاقه منّا و انّا لنصلى عليك و عليه...(5)فى تفسير القمى فى قوله تعالى: «ان اللّه و ملائكته... و سلّموا تسليماً»(6) يعنى سلّموا له بالولاية و بما جاء به.(7)
ص: 232
سمعت أباالحسن عليه السلام: ان للّه عزوجل فى وقت كل صلاة يصليها هذا الخلق لعنة! قال قلت: جعلت فداك لم ذاك؟ قال: بجحودهم حقّنا و تكذيبهم إيّانا.(1)
قال الرضا عليه السلام: من لم يقدر على ما يكفّر به ذنوبه، فليكثر من الصلاة (الصلوات) على محمد و آله عليهم السلام، فانها تهدم الذنوب هدماً.(2)
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: صلاتكم علىّ جواز دعائكم و
مرضاة لربّكم و زكوة لأعمالكم.(3)
قال سئلته عن قول اللّه تعالى: «ان اللّه و ملائكته يصلون...» فقال: صلاة اللّه تزكية له فى السماء، قلت: ما معنى تزكية اللّه إياه؟ قال زكّاه بان برأه من كل نقص و آفه يلزم مخلوقاً، قلت: فصلوة المؤمنين؟ قال يبرؤنه و يعرفونه... بان اللّه قد برأه من كل نقص هو فى المخلوقين من الآفات... فمن عرفه و وصفه بغير ذلك فما صلّى عليه...(4)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: حب على ابن أبى طالب عليه السلامتأكل السيئات كماتأكل النار الحطب.(5)
عن الرضا عليه السلام عن آبائه قال قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: حبنا أهل البيت عليهم السلام يكفّر الذنوب و يضاعف الحسنات...(6)
ص: 233
قال سئلت أباعبداللّه عليه السلام عن قول اللّه عزوجل: «و انى لغفار لمن تاب وآمن و عمل صالحاً ثم اهتدى»(1) قال: و من تاب من ظلم و آمن من كفر و عمل صالحاً ثم اهتدى الى ولايتنا و أومأ بيده الى صدره(2) بقى هيهنا لطيفة نورانيّه و هى:
ان محمداً و آل محمد عليهم السلام هم المخلوقون من نور جلال عظمة اللّه و انهم فى جميع الحالات و الآنات فانون فى نور وجه اللّه ولكنهم فى مرتبة التشخّص هم الأنوار حول العرش و قدّامها يجللون جلال عظمة اللّه، لانّها حقيقتها و ملحقون بها، فهل صلواتهم لأنفسهم توجب الترقّى و التعالى عن مراتبهم التى رتّبهم اللّه فيها فى المرتبة النازلة التى عيّنهم اللّه فيها، مع انهم
بحسب الحقيقه نفس نور وجه اللّه و هم المثل الأعلى التى لايفوق فوقها احد.
فنقول: البصير المسنّ على المعارف الولائية يعلم: بانّ التعالى فى العلم بلامعلوم فى البدائيات و الإستضائة من نور المشيّة الإلهيّة و الولاية التامة،و الفناء فى نور وجه اللّه الكاملة و الإنغمار فى الرحمة الواسعةالمتجلّية من المبدء الأول، أمر حقيقية و واضحة و نازلة منها الى الأنوار المتشخّصة، مع انّهم فى أعلى مراتب الخلق، بتمام نورهم التى لايلحقه لاحق و لايفوقه فائق و هذا سرّ ما يقول جعفر بن محمد عليه السلام: لولا انا نزداد لا نفدنا.(3)
ص: 234
«أما الكلام حول فقرة فبلغكم اللّه أشرف محل المكرمين و أعلى منازل
المرّبين و أرفع درجات المرسلين»
و المعنى فى ذلك يعنى بلغكم اللّه فى أشرف محل المحرمين و آتاكم
اللّه ما لم يأت أحداً من العالمين أو بمعنى بلغ الناس بكم الى أشرف... أو آتى بكم الناس ما لم يأت أحداً من العالمين.
ان اللّه تعالى آتى جميع الأنبياء و شيعتهم بهم ما لم يؤت سائر الناس و يلزم بذلك أفضليّتهم على سائر الناس لانهم فى أعلى المراتب بقبولهم الولاية الكلية الإلهية و لكنّ العارف بحقائقهم النورانيّة يرى بانّهم المخلوقون من نور جلال العظمة و الولاية و هم نور اللّه التامه، و وجهه الكامله، البالغون المبلّغون عن اللّه، و انهم يعظمون و يجللّون نور جلال عظمة اللّه و هم عبيدٌ لايسبقونه بالقول و هم بأمره يعملون.
فبذلك: لايمكن فرض وجود الاشرفيه و الاكمليّه و الاقربيه لمخلوق
بعد عدم وجود الخلق من المكرمين و المقرّبين و المرسلين معهم فى مبدء الخلق، فلهم الولاية الكلية الإلهيّة قبل القضاء و القدر و الاذن و الاجلبحقيقهم النورانية و مرتبة الحجيّة على الخليقة، لانهم فى موضع الارادة و
ص: 235
المشية و هم وكرها و محالّها.
فبهذا البيان ظهر بانّهم بعد تنزلهم الى عالم النورانية و التعيّن حول العرش و قدّامها و بعد خلقة المكرّمين و المقرّبين و المرسلين بلغهم اللّه فى أشرفهم و أعلاهم و أرفعهم و أفضلهم، لانّهم أصل تلك المراتب العاليه التى ليست فوقها مرتبة و اعلاها منزله بحيث بلغ الناس بالإقرار بولايتهم و فضلهم ما لم يؤت سائر الناس ففى تلك المراتب انهم أفضل من العقل و الروح و المخلوقات النورانى و الروحانى بأجمعهم...
و الكلام حول تلك الفقرة من الزيارة تستدعى النظر لأفضليتهم على الانبياء و الملائكه و الاولياء بعد تنزلهم الى عالم الدنيا.
فنقول: ان ضرورة الشرع و العقل يحكم بأفضلية النبى صلى الله عليه و آله وسلمو دينه و القرآن على جميع الاديان و الانبياء و الملائكه و أفضلية على عليه السلام و الائمة المعصومين عليهم السلام على الملائكه المقرّب و الانبياء المرسل و قد قال اللّه تعالى: «و انفسنا و انفسكم»(1) فكل الخلق من المقرّبين و المرسلين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و من فى الخلق أجمعين، مذعنون و معترفون و مقرّون بجلالة أمرهم و أفضليتهم و أشرفيتهم و كبر شأنهم و تماميّة نورهم و ثبات مقامهم و شرف محلهم و قرب منزلتهم عند اللّه، حيثلايلحقه لاحق و لافوقه فائق و لايسبقه سابق و لايطمع فى إدراكه طامع و مع هذايقول : (ليس كلما طلب وجد(2)) و الحمد للّه رب العالمين.
ص: 236
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم لعلى عليه السلام: ... يا على ان اللّه فضل أنبيائه المرسلين
على ملائكته المقرّبين و فضلّنى على جميع النبييّن و المرسلين و الفضل من بعدى لك يا على و للأئمّة من بعدك...(1)
عن العسكرى عليه السلام: ... و الكليم ألبس حلة الاصطفاء لما عهدنا منه الوفاء.(2)
اما الكلام حول الأنبياء المرسل و قد سبق منا ما يناسب المقام حول
فقرة (أهل بيت النبوه و موضع الرسالة)(3) و اليك بعدّة منها:
عن أبى جعفر عليه السلام فى قول اللّه تعالى: «و لقد عهدنا الى آدم...»(4) قال: عهد اللّه فى محمد صلى الله عليه و آله وسلم و الأئمة عليهم السلام من بعده فترك و لم يكن له عزم فيهم انهم هكذا و انما سمّى أولى العزم لانه عهد اليهم فى محمد و الاوصياء من بعده و المهدى و سيرته، فاجمع عزمهم ان ذلك كذلك و الاقرار به.(5)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ما تكاملت النبوه لنبى صلى الله عليه و آله وسلم فى الاظلة، حتى عرضت عليه ولايتى و ولاية أهل بيتى و مثلّوا له فاقروا بطاعتهم و ولايتهم.(6)قال أبوعبداللّه عليه السلام: ما نبىّ نبىٌ قط الا بمعرفة حقنا و بفضلنا عمن سوانا.(7)
قال أبوعبداللّه عليه السلام: أول من سبق الى بلى محمد صلى الله عليه و آله وسلمو ذلك... فقال الصادق عليه السلام فى قوله تعالى:«و اذ أخذ ربك من بنى آدم»(8)كان الميثاق مأخوذاً
ص: 237
عليهم للّه بالربوبية و لرسوله بالنبوة... و لأميرالمؤمنين عليهم السلامو الائمة عليهم السلام بالامامه... فذكر جملة الأنبياء ثم ابرز فضلهم بالاسامى فقال: « و منك يا محمد»فقدّم رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم لانه افضلهم «و من نوح و ابراهيم و موسى و عيسى بن مريم»(1) فهؤلاء الخمسة أفضل الانبياء و رسول اللّه أفضلهم...(2)
قال الصادق عليه السلام: ... واللّه ما استوجب آدم ان يخلقه اللّه بيده و ينفخ فيه من روحه الا بولايه على عليه السلام و ما كلّم اللّه موسى تكليماً الا بولاية على عليه السلام
و لا أقام اللّه عيسى بن مريم آية للعالمين الا بالخضوع لعلى عليه السلام ثم قال أجمل الامر ما استأهل خلق من اللّه النظر اليه الا بالعبودية لنا.
قال على عليه السلام: ... و لقد اقرت لى جميع الملائكه و الروح و الرسل بمثل ما اقروا به لمحمد صلى الله عليه و آله وسلم...(3)
و اما الملائكه المقرب فقد تقدم عده من الاخبار عند قوله عليه السلامفى الزيارة:(مختلف الملائكه).و منها: عن ابى جعفر عليه السلام قال سمعته يقول: واللّه ان فى السماء لسبعين صنفاً من الملائكه لو اجتمع عليهم أهل الارض كلهم يحصون عدد كل صنف منهم ما أحصوهم و انهم ليدينون بولايتنا.(4)
عن ابى عبداللّه عليه السلام: ان أمركم هذا عرض على الملائكة فلم يقرّ به الا المقربون.(5)
ص: 238
عن العسكرى عليه السلام... قال فقال اللّه تعالى: يا موسى اما علمت انّ محمداً أفضل عندى من جميع ملائكتى و جميع خلقى...(1) ياموسى أو ما علمت ان فضل آل محمد عليهم السلام على جميع آل النبيين كفضل محمد صلى الله عليه و آله وسلمعلى جميع المرسلين...
عن ابى عبداللّه عليه السلام: ... و ما منهم (من الملائكة) أحدٌ الا و يتقربّ كلّ يوم الى اللّه تعالى بولايتنا أهل البيت و يستغفر لمحبينا و يلعن أعدائنا...(2)
فيما سأله الزنديق عن الامام الصادق عليه السلام قال: ... فالرسول أفضل أم الملك المرسل اليه؟ قال: بل الرسول أفضل.(3)
عن الرضا عليه السلام قال قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: و ان الملائكه لخدّامنا و خدّام محبينا يا على الذين يحملون العرش «و من حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به يستغفرون للذين آمنوا»(4) بولايتنا... فكيف لانكون أفضل من
الملائكه... لان اللّه تعالى فضل أنبيائه على ملائكته اجمعين...(5)
و لهذا قال جبرئيل للنبى صلى الله عليه و آله وسلم ليله المعراج: (و لو دنوت انملة
لاحترقت)(6) لانها المحفوظة بعين اللّه و الموصولة بنور جلال عظمة اللّه و الحق انها ولاية اللّه...
قال سمعت ابا عبداللّه عليه السلام: ان من حديثنا ما لايحتمله ملك مقرب و
ص: 239
لانبى مرسل و لا عبد مؤمن قلت فمن يحتمله قال عليه السلام: نحن نحتمله.(1)
و الخبير العارف بقدرهم و منزلتهم يعلم: بان ولايتهم و نورانيتهم و معرفتهم على مبلغ من الامر بحيث لاتوصف و لاتعرف كنه ما فيهم، و لانهايتها الا اللّه تعالى .
قال اميرالمؤمنين عليه السلام لسلمان و اباذر: ... لاتجعلونا ارباباً و قولوا فى فضلنا ما شئتم، فانكم لاتبلغون كنه ما فينا و لا نهايته، فان اللّه عزوجل قد اعطانا أكبر و أعظم مما يصفه و أصفكم أو يخطر على قلب أحدكم، فاذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون...(2)
ص: 240
الكلام حول هذه الفقرات:«فاز الفائزون ولايتكم»
«و على من جحد ولايتكم غضب الرحمن»
«والمارقين من ولايتكم»
«بموالاتكم علّمنا اللّه معالم ديننا»
ان اللّه تعالى تجلّى فى خلقه بتمام نوره و عظمته و ولايته، لانها المثل الاعلى و نور وجهه الذى منه يؤتى، و هو بقدرته و ولايته و فضله، أعطى من شاء بما شاء، فأعطى محمداً و آل محمد عليهم السلام(بسعة رحمته و فضله) ولايته و فوّض اليهم أمر الاشياء فى الحكم و التصرف و اشهدهم خلقها، فلهم السلطنة و الحاكميه و الولايه و انّ فعلهم فعله.
و العارف بولايتهم يعلم، بان تلك الولايه هى ولاية اللّه التى عبّر عنها بنور العظمة و الولاية(1) و هى الفعل و الذكر و الخلق الاول الذى لايوصف و التكلم لها صعب مستصعب فقال اللّه تعالى: «انما وليكم اللّه و رسوله والذين امنوا».(2)
ثم انّ محمداً و آل محمد عليهم السلام بالتّوجه الى المراتب العاليه هم نفس نور
ص: 241
جلال عظمة اللّه و وجهه و ولايتهم و هى نفس الولاية الكلية الالهية فتلك القدرة و الولاية ليست الا لجامعيتهم بالمشيّة بالأمر و لتمامية نورهم لانهم اتصلوا الى معدن العظمة و الولاية و انغمروا فى العلم بلا معلوم و... لكنّهم بالنظر الى المراتب النازلة المتعينة المتشخصة، هم تلك الخيرة الكاملة و الآية العظمى الالهية الفانية فى نور وجهه و جلال عظمته و ولايته و هم فى الحقيقة، تلك الحيوة الابدّيه و القدرة الولائيه فبذلك فلامعنى لانحصار الولاية فى التكوين قبل التشريع اذ تلك الأولويّة و الاختيار لهم ثابته قبل وجود الموجود لانهم فى موضع الارادة و المشية و هم وكرها.
فكما ان للّه تعالى بذاته تلك الاختيار و الأولويّة قبل وجود الخلق و قدرته نافذة الى تلك العوالم و ضدّه و مثله الى ما شاء اللّه من دون مسانخة و مشابهه معهم...(1)
فكذلك تلك الشرافة و الأولويّة لمحمد و آل محمد عليهم السلام ثابتة من اللّه تعالى بفضله و عطائه و...
قال أبوعبداللّه عليه السلام (فى حديث المعراج): ... فنظر فى مثل سمّ الابره الىما شاء اللّه من نور العظمه فأوحى الىّ ربى من وراء الحجاب و شافهنى... ثم قال الصادق عليه السلام لأبى بصير... و اللّه ما جاءت ولايه اميرالمؤمنين عليه السلام من
الارض ولكن جاءت من السماء مشافهة...(2)
ص: 242
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... ان علياً اميرالمؤمنين عليه السلامبولاية من اللّه عزوجل عقدها له فوق عرشه و اشهد على ذلك ملائكته...(1)
فتلك الولايه دليل الاولويه و الاشرفيه و الافضليه لدى اللّه و هم
المعروفون بتلك الخصيصه عند ما سوى اللّه، لانهم جلّلوها و عظّموها و لا يشاؤون الا ما يشاء اللّه و هم الغرض الاقصى و المقصود الأعلى لخلقه ما سوى اللّه.(2)
لاريب بانّ كمال الخلق و حيوته تكون بالتوحيد و النبوه و الولايه
حتى تصير المخلوق مطيعا او عاصيا طوعا او كرها، و تلك الطاعة و العصيان لايمكن الا بعد الاختبار و الاختيار، اذ الولاية باب ابتلاء الخلق و قد امتحنهم مع الاختيار و الثواب و العقاب ليهلك من هلك عن بينه و يحيى من حى عن بينه و لان كمال الدين بعد التوحيد هى الولايه التى سببلتمحيص الايمان عن الكفر.(3) و السرّ فى أخذ الميثاق عنهم لانفسهم
ص: 243
ليست الا اظهاراً لاشرفيّتهم و أكمليتهم و أفضليتهم على جميع الخلق و هى تكرمة من اللّه جل جلاله لهم على النبيين و الملائكة المقربين و جميع الاوصياء و عباده الصالحين لانهم عظّموا نور جلال عظمته و أظهروا العبودية و المعرفة الكاملة و وصلوا الى معدن العظمة المتجلية فى نور الولاية(1) فهم الفائزون بكرامة اللّه.
قال الإمام العسكرى عليه السلام عن آبائه عن رسول اللّه انه قال: ... و ما اختارهم الا على علم منه بهم انهم لايواقعون ما يخرجون به عن ولايته...(2)قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... ان امّتى عرضت علىّ فى الميثاق فكان اوّل من آمن بى علىٌ و هو اول من صدقنى...(3)
قال ابوعبداللّه عليه السلام: ... اول من سبق الى بلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم و ذلك انه كان اقرب الخلق الى اللّه تعالى.(4)
قال ابوجعفر عليه السلام: ... و كان مؤيداً بنور واحدة و هى روح القدس فبه كان
ص: 244
يعبد اللّه و عترته و لذلك خلقهم حلماء علماء برره اصفياء يعبدون اللّه...(1)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... و كنا بعلمه انواراً نسبّحه و نسمع له و نطيع...(2)
عن الصادق عليه السلام: ... فطافا حول العرش سبعين مرّه فقال اللّه عزوجل هذان نوران لى مطيعان فخلق اللّه من ذلك النور محمداً و علياً و الاصفياء من...(3)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... ثم عرضت ولايتهم على الملائكه، فمن قبلها كان عندى من المقربين...(4)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... و عرضت ولايتكم على السماوات و أهلها...
فمن قبل ولايتكم كان عندى من المقربين...(5)قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... فخّر النور ساجداً ثم قام فقطرت منه قطرات... فخلق اللّه من كل قطره من نوره نبياً من الانبياء... فلما سمع القلم اسم محمد صلى الله عليه و آله وسلم خرّ ساجداً... فعند ذلك انشق القلم من حلاوة ذكر محمد صلى الله عليه و آله وسلم...(6)
فبالجملة: أخذ اللّه تعالى عهد تلك الامانة بارسال الانبياء و انزال
الكتب(7) و الوعد و الوعيد عليها ففيها أشعار بعظمتها و شرافتها فقال اللّه تعالى «و اذ اخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح و ابراهيم و موسى
ص: 245
و عيسى ابن مريم و اخذنا منهم ميثاقاً غليظاً»(1)
و هى الامانة التى قال اللّه تعالى لها «انا عرضنا الامانة على السموات...».(2)
و قال لها «انما وليكم اللّه و رسوله و الذين امنوا».(3)
قوله تعالى: «هنالك الولايه للّه الحق».(4)
و قوله تعالى: «النبى اولى بالمؤمنين من انفسهم».(5)
و قد صرّح بعظمتها و شرافتها صاحب الولاية امامنا الصادق عليه السلامحيثيقول ولايتى لعلى ابن ابى طالب عليه السلام احب الىّ من ولادتى منه لان ولايتى له فرض و ولادتى منه فضل(6) و قد أعلن جبرئيل على رؤوس الاشهاد
للنبى صلى الله عليه و آله وسلم ان اللّه (يامرك بولايته) و قد يسئل يوم القيامه عن ولايته. و هى الكلمة الطيب و الصدق و العدل و هى النعمة الكاملة التى لاتقبل الاعمال الا بها و هى السلامة التى حثث الخلق بالإستقامة عليها.(7)
ص: 246
و العارف المسنّ على ولايتهم يعرف: ان تلك الاولوية و الشرافة ظهرت فى قدرتهم الولائيه و السيطره و الحاكميه على الدنيا و الآخرة و السموات و الارضين و الملك و الملكوت و على المشارق و المغارب و جميع العوالم بل على الانبياء المرسل و معجزاتهم و الملائكة المقرب و امنائهم و سلطانهم و على الروح و العقل و اللوح و القلم و ام الكتاب و النور و الظلمة و جميع ما سوى اللّه.
فقال اللّه تعالى فى شأنها: «آتاكم ما لم يؤت احداً من العالمين»(1) و قوله«و آتيناهم ملكاً عظيماً».(2)
اذ انهم المثل الأعلى و الآية العظمى و الكلمة العليا و انهم مظهر الولاية الكبرى و حقيقة نور جلال عظمة اللّه و هم فى موضع إرادة اللّه التى لاتوصف و قد قال اللّه تعالى: «لاتسئل عما يفعل و هم يسئلون»(3)
و ذلك الكمال و الفوز و الفلاح ثابتة لجميع الأولياء الفائزون بولاية
سيد الاوصياء و امام الاتقياء و الاولياء اميرالمؤمنين عليه السلام على ابن ابى طالب و الائمه المعصومين عليهم السلام من الانبياء و الاوصياء و شيعتهم و هى أقصى الفوز و اللقاء للموالى بولايتهم بان يروا بانهم عليهم السلام المظاهر لولاية اللّه و ولايتهم باطن النبوة و الإمامة و انهم فازوا الى مرتبة ليست فوقها شرف و فضل و مرتبة ولكن فوز العارف على حسب درجة المعرفة بولايتهم.
ان الأنبياء المرسل بلغوا بها الى مرتبة اولوالعزم منهم، و الملائكة الى أعلى درجة القرب الى اللّه و المؤمن الى أعلى معارج الايمان و الوصول الى
ص: 247
معدن العظمة و الولاية، و كل موجود على حسبه، و قد ظهر ذلك الفوز لهم فى الدنيا و الآخرة فى مواضع.
منها: ما يعاين عند موتهم!
قال فى تفسير القمى: اذا حضر المؤمن الوفاة نادى منادٍ من عند اللّه «يا
ايتها النفس المطمئنّة» راضية بولاية على عليه السلام «ارجعى الى راضيةمرضية» المطمئنة بولاية علىّ مرضيّة بالثواب «فادخلى فى عبادى و ادخلى جنتى» فلايكون له همّة الا اللحقوق بالنداء.(1)
منها: ما هو سبب لغفران الذنوب و قبول الأعمال و ترفيع الدرجات.
عن جعفر بن محمد: من احبّنا للّه و احبّ محبّنا لا لغرض دنيا يصيبها
منه... ثم جاء يوم القيمه و عليه من الذنوب مثل رمل عاجل و زبد البحر غفرها اللّه له تعالى.(2)
عن جعفر بن محمد عليه السلام: ... لو ان عبداً عبداللّه الف عام ما قبل اللّه ذلك منه الا بولايتك و ولاية الائمة من ولدك...(3)
... فقال أمير المؤمنين عليه السلام يا قنبر: فو اللّه لرجل على يقين من ولايتنا أهل البيت خير ممن له عبادة ألف سنة و لو ان عبداً عبد اللّه ألف سنة لا يقبل اللّه منه حتى يعرف ولايتنا، و لو ان عبداً عبد اللّه ألف سنة و جاء بعمل الإثنين و سبعين نبياً ما يقبل اللّه منه حتى يعرف ولايتنا أهل البيت و الّا أكبه اللّه على منخريه فى نار جهنم.(4)
ص: 248
عن على عن النبى عليهماالسلام : يا على لو أن عبداً عبد اللّه مثل ما قام نوح فى قومه و كان له مثل احد ذهباً فأنفقه فى سبيل اللّه و مدّ فى عمره حتى حجّ ألف حج على قدميه ثم قتل بين الصفى و المروة مظلوماً ثم لم يوالكياعلى لم يشمّ رائحة الجنة و لم يدخلها.(1)
فى تفسير على بن ابراهيم عنه عليه السلام ثم ذكر المؤمنين من شيعة أميرالمؤمنين عليه السلام فى قوله تعالى: «ثم استقاموا...» قال: على ولاية اميرالمؤمنين عليه السلام قوله تعالى: «تتنزل عليهم الملائكة» قال: عند الموت «الا تخافوا و لا تحزنوا و ابشروا بالجنّة التى كنتم توعدون» نحن أوليائكم فى الحيوة الدنيا...(2)
منها: ما هو سبب النجاة عن النار.
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال قلت له جعلت فداك قوله تعالى: «فلا اقتحم العقبة» قال فقال: من أكرمه اللّه بولايتنا فقد جاز العقبة و نحن تلك العقبة التى من اقتحمها نجى... فان اللّه عزوجل فكّ رقّاً بكم من النار بولايتنا أهل البيت عليهم السلام.(3)
منها: ما هو سبب الوصول الى الكرامات الخاصّة.
قال ابوجعفر عليه السلام: ان الروح و الراحه و الفلج و العون و النجاح و البركة و الكرامة و المغفرة و المعافاة و اليسر و البشرى و الرضوان و القرب و النصر و التمكّن و الرجاء و المحبّه من اللّه تعالى لمن تولّى علياً و إتمّ به و برى ء
ص: 249
من عدوه و سلّم لفضله و للاوصياء من بعده حقاً علىّ ان ادخلهم فىشفاعتى...(1)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ...من رزقه اللّه حب الأئمة عليهم السلام من اهل بيتى فقد أصاب خير الدنيا و الآخره فلاتشكّن احدٌ انه فى الجنه فان فى حب اهلبيتى عشرين خصله عشر منها فى الدنيا و عشر فى الاخره... و اما فى الاخرة فلاينشر له ديوان و لاينصب له ميزان و يعطى كتابه بيمينه و يكتب له برائه من النار... و يبيض وجهه و يكسى من حلل الجنّه و يشفّع فى مائه من اهل بيته و ينظر اللّه عزوجل اليه بالرّحمه و يتوّج من تيجان الجنة و العاشره يدخل الجنة بغير حساب فطوبى لمحبّى اهل بيتى.(2)
و العارف بحقهم و شأنهم يعلم: ان تلك المراتب فى القيامة و الجنة لمن احبّهم ولكن بعض الأولياء قد يفوز و يصل الى اعلى درجات و أعظم مرتبة من جميعها بحيث لايتصوّر فوقها مرتبه و هى القرار معهم فى منازلهم و فى جوارهم.
ص: 250
«بموالاتكم علّمنا اللّه معالم ديننا و اصلح ما كان فسد من دنيانا»
«بموالاتكم تمت الكلمة و عظمت النعمة و إئتلفت الفرقة و بموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة»
«بكم اخرجنا اللّه من الذّل و فرّج عنا غمرات الكروب»
«بكم فتح اللّه و بكم يختم و بكم ينزل الغيث و بكم يمسك السماء»
لاريب بانّ محمداً و آل محمد عليهم السلام هم المخلصون فى امره و توحيده و هم المعروفون بالنورانية و الشرافة و الكاملون التامّون فى محبته و الفائزون بكرامته، و قد خصّهم اللّه بفضله و سعة رحمته و عصمته فهم فى أعلى درجة الأنبياء المرسل و الملائكه المقرب، فبذلك ان اللّه تعالى بالاسلام و بالقرآن و النبى و العتره المعصومين و ولايتهم و محبتهم اخرجنا من ذل الكفر و الجهل الى الايمان و الكمال فى الدنيا و عن عذاب الآخره و خزلانها و خلصنا و نجانا بهم من غمراتها و مهالكها.
ثم بعد ان خلقنا اللّه تعالى من لطخ طينتهم، رزقنا من أعظم النعمة التىهى ولايتهم و محبتهم، ثم منّ اللّه علينا بمعالم دينهم و هدايتهم و قد أصلح
ص: 251
اللّه تعالى أيضاً بهم بنور الايمان و العمل مفاسد اعمالنا و اخلاقنا و ما يتعلق بامر دنيانا و آخرتنا.
و تلك النعمه الكامله و الفوز العظيمه المنجيه من الهلكه و المخرجه من الذل و الفقر و المسكنه المفرّجه من الكرب و الهلكه هى ولايتهم و محبتهم التى قد تمّ اللّه بها الدين و قد قال اللّه تعالى يوم الغدير لهذه العظيمة العزيمة:
«و اتممت عليكم نعمتى»(1) و هى التى قال اللّه تعالى: «و اما بنعمه ربك فحدّث».(2)
عن الباقر عليه السلام فى قوله تعالى: «و اسبغ عليكم نعمه ظاهره و باطنه» ... و اما النعمه الباطنة فولايتنا اهل البيت و عقد مودّتنا...(3)
و الخبير العارف بولايتهم يعلم: بان تلك النعمه الظاهرة أيضاً ثمرة الايمان بولايتهم التى خصنا اللّه تعالى بها إحياءاً لقلوبنا و طيبا لخلقنا و طهارة لانفسنا و تزكيه لنا و كفارة لذنوبنا و انتقالاً الى منازلنا التى جعلها اللّه لنا و كلها اثر محبه المؤمن العلوى فى معرفتهم و ولايتهم و هى اعظم الكمال للانبياء المرسل و لاولى العزم منهم و للملائكه المقرب و المؤمن الممتحن.و الحقّ ان توصيف آثار وجودهم و ولايتهم أعظم من ان توصف لأن وجودهم سبب لايجاد الموجودات و هم العلّه لخلقها، اذ بهم ثبات العالم و هذا الخلق الأحسن.
ص: 252
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فقال اللّه تعالى: يا احمد لولاك لما خلقت الافلاك و لولا علىٌ لما خلقتك و لولا فاطمة لما خلقتكما.(1)
قال الباقر عليه السلام: ... فنحن سبب خلق الخلق و سبب تسبيحهم و عبادتهم من الملائكه و الآدميين فبنا عرف اللّه و بنا وحد اللّه و بنا عبداللّه...(2)
قال الصادق عليه السلام: لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها.(3)
فى مكتوبة أبى الحسن الرضا عليه السلام: ... بنا فتح اللّه الدين و بنا يختمه و بنا اطعمكم عشب الارض و بنا انزل اللّه قطر السماء و بنا آمنكم اللّه من الغرق فى بحركم و من الخسف فى برّكم و بنا نفعكم اللّه فى حياتكم و فى قبوركم و فى محشركم و عند الصراط و عند الميزان و عند دخولكم الجنان...(4)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... فو الذى نفس محمد صلى الله عليه و آله وسلم بيده لاينفع عبداً عمله الا بمعرفتنا و ولايتنا.(5)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: حبّى و حب اهل بيتى نافع فى سبعه مواطن
أهوالهن عظيمة عند الوفاة و فى القبر و عند النشور و عند الكتاب و عند الحساب و عند الميزان و عند الصراط.(6)عن ابى عبداللّه عليه السلام: ... انّ اول ما يسأل عنه العبد اذا وقف بين يدى اللّه تعالى، الصلوات المفروضات و عن الزكاة المفروضة و عن الصيام المفروض و عن الحج المفروض و عن ولايتنا اهل البيت، فان أقرّ بولايتنا ثم مات عليها قبلت منه صلوته و صومه و زكاته و حجه و ان لم يقر
ص: 253
بولايتنا بين يدى اللّه لم يقبل اللّه عزوجل منه شيئاً من اعماله.(1)
عن زين العابدين عليه السلام: ... و لو انّ رجلاً عمّر ما عمّر نوح فى قومه الف سنه الا خمسين عاماً يصوم النهار و يقوم الليل فى ذلك الموضع ثم لقى اللّه بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئاً.(2)
عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمانه قال لأمير المؤمنين عليه السلام: بشر شيعتك و محبيك بخصال عشر اولها طيب مولدهم ثانيها حسن ايمانهم و ثالثها حب اللّه لهم و الرابعه الفسحة فى قبورهم و الخامسه نورهم يسعى بين ايديهم و السادسه نزع الفقر بين أعينهم و غنى قلوبهم و السابعة المقت من اللّه لاعدائهم و الثامنه الأمن من البرص و الجذام و التاسعه انحطاط الذنوب و السيئات عنهم و العاشره هم معى فى الجنة و انا معهم فطوبى لهم و حسن مآب.(3)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... يا سلمان حب فاطمه عليهاالسلام ينفع فى مأةمواطن أيسر تلك المواطن الموت و القبر و الميزان و المحشر و الصراط و المحاسبه...(4)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... فوّاللّه ما احبّهم احدٌ الا ربح فى الدنيا و الآخره.(5)
قال جابر قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... من رزقه اللّه حب الائمه من اهل بيتى
ص: 254
فقد اصاب خير الدنيا و الآخره فلايشكّن احدٌ انه فى الجنه فان فى حب اهل بيتى عشرين خصله عشر منها فى الدنيا و عشر منها فى الاخره... و اما التى فى الآخره فلاينشر له ديوان و لاينصب له ميزان و يعطى كتابه بيمينه و يكتب له برائه من النار و يبيّض وجهه و يكسى من حلل الجنه... و العاشره يدخل الجنّه بغير حساب فطوبى لمحبى اهل بيتى.(1)
ص: 255
ص: 256
« اشهد اللّه... انى مؤمن بكم... كافر بعدوكم... موال لكم و لأوليائكم
مبغض لأعدائكم»
« و على من جحد ولايتكم غضب الرحمن»
«برئت الى اللّه عزوجل من أعدائكم و من الجبت و الطاغوت... و الجاحدين لحقكم و المارقين من ولايتكم...»
قال اللّه تعالى: «لا تجد قوماً يؤمنون باللّه و اليوم الآخر يوادّون من حاد اللّه و رسوله».(1)
من الضروريات عند جميع الملل و النحل من المسلمين، العامه و الخاصه، بانّ محّبه محمد و آل محمد عليهم السلام هى الايمان، كما ان عداوتهم هى الكفر و الخزلان و ان محبّتهم لاتجمع مع محّبه اعدائهم فالمحبه معهم و العداوة مع اعدائهم هى من كمال الايمان قال اللّه تعالى: «اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتى و رضيت لكم الاسلام ديناً».(2)و قال اللّه تعالى «لا تجد قوماً يومنون باللّه...».(3)
ص: 257
ولايشكّ احدٌ بعد الايمان باللّه و بالرسول، هو الاعتقاد بفرض ولايتهم
و لا شبهة ان أساس الدين على الولايه و فرض موالاتهم و فى اظهار البرائه و المعاداة مع اعدائهم، اذ الايمان هى الإعتقاد بها مع المعاداة بأعدائهم، فلولا ولايتهم مع اظهار البرائه من اعدائهم، لم تكن الايمان باللّه مقبولاً مرضياً، لان وجودهم ثمرة حياة الانبياء و هم اولوا القربى و سبب ثبات الارض و بقاء الاسلام و هى كمال الدين و تمامها و ثمرة حياتها و بقائها و ان جميع العبادات مشروطة بها و صدرت منهم و هى لم تكن صحيحة الّا بولايتهم و البرائة من أعدائهم، لشدة اشتراط مقبوليتها بولايتهم و فى اظهار البرائه من أعدائهم...
و الكافر الجاحد المعاند الذى يعرف الحق فى فرض ولايتهم ولكن ينكر و يظهر العداوة معها فهو معاند مع اللّه و رسوله و من نصبه اللّه ولياً و هادياً لهدايه الامّة أو ينصب إماماً من عند نفسه و يتبعه.
فعلى المؤمن المعترف بحقهم و ولايتهم اظهار تماميّه ايمانه بالبرائة من اعدائهم و من الجبت و الطاغوت و الشياطين و حزبهم الظالمين بهم و الجاحدين لحقهم و المارقين من ولايتهم و الغاصبين لارثهم و الشاكين فيهم و من كل وليجه دونهم و كل مطاع سواهم و...
فقال الإمام الهادى عليه السلام: ... و على من جحد ولايتكم غضب الرحمان...و لاريب بان ولايه على عليه السلام علامة الايمان و انكاره كفر و نفاق على ما فى الروايات المتواترة.(1)
ص: 258
و التى تظهر من الروايات بان النبى صلى الله عليه و آله وسلم كما انه فى عالم الظلّ و الروح
و فى الدنيا مبعوث على كافة الناس فى ابلاغ التوحيد و الرساله و الولايه و أخذها فى تلك المواطن هذا الميثاق لولايتهم و فرض طاعتهم فهكذا مأمور بعد أخذ ميثاق الولاية باظهار عنوان البرائه فى العوالم السابقه الى
ص: 259
الدنيا، و هى بحسب الامكنه و الازمنه و الكيفيّه و الكميّه على أنحاء مختلفة و هى لايتوقف على طائفه دون اخرى و خلق دون خلق من نبى و آدمىّ و الملائكة و الجن و...
لأن التكليف و الاختبار و الاختيار فى جميع العوالم لطف و عنايه منه
تعالى اذ الحكيم لم يخلق الخلق عبثاً ولكن بما ان الانسان فى جميع أحواله، نظره و توجّهه الى اصول الخيرات و الكمالات و نظره مصروفه عن الشرور و الخبائث و الظلمات فمن هذا لم يتوجه الى اصول الكفر و الشقاوة و معدن الدنائه و الخباثة.
و العارف بحقهم و ولايتهم يرى: بان تلك الامر لاتتم الا بالبرائه من اعدائهم، اذ هى من كمال الايمان و تمامها و لاتخلص تلك المودّة الا بالبرائة معهم و قد ه خذ اللّه عهدها عنهم يوم اخذ ميثاق الولايه.(1)
ص: 260
قال على عليه السلام سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم يقول:...ان اللّه خصّ جبرئيل و ميكائيل و اسرافيل بطاعة على عليه السلام و البرائة من أعدائه و الاستغفار لشيعته... ان حول العرش لتسعين الف ملك ليس لهم تسبيح و لا عبادة الا الطاعة لعلى بن ابى طالب عليه السلام و البراءة من أعدائه و الاستغفار لشيعته...(1)
ص: 261
ص: 262
« منتظر لأمركم مرتقب لدولتكم»
«مؤمن بسركم و علانيتكم و شاهدكم و غائبكم»
«و يردكم فى أيامه و يظهركم لعدله و يمكنكم فى أرضه»
«و يملك فى دولتكم و يشرف فى عافيتكم و يمكن فى أيامكم»
لا شبهة لمن يعرف اللّه و أوليائه بان المقصود الحقيقى لخلقة الخلق معرفته و عبوديته و هى لاتتحقق الا بعد معرفة أنبيائه و اوصيائهم لاسيما معرفة خاتمهم و معرفة خاتم الاوصياء لأنهم الواسطة و السبيل الأعظم لمعرفته تعالى(1) و قد اخذ اللّه ميثاق ولايتهم و محبتهم عن جميع ما سوى اللّه و انّ ولايتهم هى ولاية اللّه (2) فأدنى المعرف بهم بانّهم حجج اللّه و انهم الواسطة بينهم و بين اللّه لئلّا تشتبه بغيرهم و اما حق المعرفه و اعلاها وكنهها بان معرفتهم بالنورانيه هى معرفة اللّه و هم نور جلال عظمه اللّه و ان
ص: 263
ولايتهم هى ولاية اللّه و هم معانيه و يده و عينه و لسانه و جنبه... و قد اخذ اللّه لتلك الشرافه ميثاقهم عن كل ما سواه حتى من المخلوقات النورانيه و الروحانيه نحو العقل و الروح و اللوح و القلم.
و تلك الولاية هى الباب المبتلى به الخلق و هى العله لمعراج النبى صلى الله عليه و آله وسلم و سبب ارتقاء سائر الانبياء المرسل و الملائكه المقرّب و المؤمن الممتحن و هى سبب القرب للاولياء و الصديقين و الشهداء و الصالحين و من فى الخلق اجميعن.
فلما علم اللّه تعالى ادبار الخلق عن الاقرار بولايتهم و فضلهم و يعلم بان الناس يقتلونهم و يشردونهم، غاب عنهم أخرهم لئلا تبقى الارض بلاحجه فساخت باهلها، فبرحمته الواسعه بالصالحين غاب عنهم وليهم فلهذا: الغيبة هى سرّ اللّه الموقوفه على مشيته و هم يعلمونها.(1)
و الحق ان الغيبه حرمان لنا و منا لعدم قابلية الامه الاسلاميه له و لأداء حقه، فبالجمله علة الغيبه و انتظار الظهور و الحضور لخاتم الاوصياء و الاولياء لاجل اختفاء الولايه التى قد امر اللّه بها الامّه بأداء حقها و تجليل افضليتها و اشرفيتها و اولويتها و هى الامر التى شرفها اللّه جميع الاممبإظهار عظمتها و فضلها، فالانتظار انتظار لإحقاق حق الولايه و الاقرار
بفضلها و انها التى قوامها و ظهورها بيد بقية اللّه و وليه و عينه و شاهده على
ص: 264
خلق اللّه و هو المحقق لما حقّقها اللّه و المظهر لما أخفاها اللّه و ليست هى الّا
ولاية اللّه التى لم يبعث نبىٌ الا لها و بها.
عن الصادق عليه السلام: ... تنتظرون الى حقّ امامكم و حقوقكم فى ايدى الظلمه قد منعوكم ذلك... اما تحبون ان يظهر اللّه تبارك و تعالى الحق و العدل فى البلاد... و لا يعصون اللّه عزوجل فى أرضه و تقام حدوده فى خلقه و يردّ اللّه الحق الى اهله فيظهر حتى لايستخفى بشى ء من الحق مخافة احد من الخلق...(1)
عن ابى جعفر عليه السلام: ... و أخذ الميثاق على اولى العزم انى ربكم و محمد رسولى و على اميرالمؤمنين عليه السلام و اوصيائه من بعده ولاة امرى و خزّان علمى
و ان المهدى عجل اللّه تعالى انتصر به لدينى و اظهر به دولتى و انتقم من اعدائى... فثبتت العزيمه لهؤلاء الخمسه فى المهدى عجل اللّه تعالى...(2)
قد جاء فى حديث المعراج و رؤية النبى صلى الله عليه و آله وسلم انوار الائمه الأطهار عليهم السلام: ... و المهدى فى ضحضاح من نور قياماً يصلون و هو فى وسطهم يعنى المهدى كانه كوكبّ درّى...(3)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... و الذى بعثنى بالنبوة انهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته فى غيبته... يا جابر هذا من مكنون سر اللّه و مخزون
علمه...(4)
عن النبى صلى الله عليه و آله وسلم: لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول اللّه ذلك اليوم
ص: 265
حتى يخرج فيه ولدى المهدى فينزل روح اللّه عيسى بن مريم فيصلّى خلفه و تشرق الارض بنوره، و يبلغ سلطانه المشرق و المغرب.(1)
عن ابى الحسن الماضى عليه السلام قال قلت: «هو الذى ارسل رسوله بالهدى ودين الحق» قال هو الذى ارسل رسوله بالولاية لوصيّه و الولايه هى دين الحقّ قلت:«ليظهره على الدين كله» قال: يظهره على جميع الاديان عند قيام القائم قال: يقول اللّه «و اللّه متم نوره» ولايه القائم «و لو كره
الكافرون» بولايه على عليه السلام...(2)
قال سمع اميرالمؤمنين عليه السلام يقول: هو الذى ارسل عبده بالهدى و دين الحق... قال: كلّا و الذى نفسى بيده حتى لاتبقى قرية الا و ينادى فيها بشهادة ان لااله الا اللّه و محمد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم بكرة و عشيّاً.(3)
قال أبوعبداللّه عليه السلام: (فى معنى السلام)... اخذ عليهم الميثاق...
و وعدهم ان يسلم لهم الارض المباركة... و اخذ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم على جميع الائمه و شيعتهم الميثاق بذلك و انما السلام عليه تذكرة نفس الميثاق وتجديدٌ له على اللّه لعله ان يعجّله جل و عز و يعجّل السلام لكم بجميع ما فيه.(4)
عن ابى جعفر عليه السلام فى قول اللّه تعالى: «اعلموا ان اللّه يحيى الارض بعد موتها»(5) قال: يحييها اللّه عزوجل بالقائم بعد موتها يعنى بموتها كفر اهلها و الكافر ميت.(6)
ص: 266
و تلك الولايه الكليه الالهيه هى التى لم تظهر الى زماننا هذا و سيظهرها
اللّه تعالى بظهور الحجة القائم عجل اللّه تعالى فرجه بحيث حث اللّه تعالى عليها بقوله: «فانتظروا انى معكم من المنتظرين».(1)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: أفضل العباده انتظار الفرج.(2)
فالظهور ظهور جلال عظمة اللّه و وجهه و نور ولايته و هى لاتتحقق حتى تظهر ولاية وليه اللّه و بقيتهم حجة اللّه ابن الحسن العسكرى عجل اللّه تعالى فرجه فهى السلطنة الإلهيه و الولايه الكلّيه و العداله الواقعيه و سيطرة الامامه و الحاكميه المهدويّه على جميع العوالم و فى الدنيا... فهو بقية السلف من الاوصياء و مظهر ولايه الاولياء و ولاية على المرتضى فبوجوده ثبتت الارض و السماء و بيمنه رزق الورى و بها و لها أبقاه اللّه الدين و الولاء و هو الوجه الذى اليه يتوجه الاولياء و السبب الذى اليه يتوسل فى الارض و فى السماءفقال اللّه تعالى: «بقيه اللّه خير لكم ان كنتم مؤمنين».(3)
عن الصادق عليه السلام قال: ... كيف نسلّم عليه قال: يقولون السلام عليك يا بقيه اللّه قال ثم قرأ:«بقيه اللّه خير لكم»...(4)
و هو القائم المنتظر بظهور كلمه اللّه و نوره و قدرته و علمه فى عباده و فيه السطوة النبويه و الصوله الهاشميه و الولايه العلويّه و العصمه الفاطميّة و و الحلم الحسنية و الشجاعة الحسينيه و هى الرحمه الواسعه الموصوله بنور العظمة و انه المعدّ لقطع دابر الظلمه و هو المنتقم من اعداء اللّه و اعداء
ص: 267
الولايه و قتله الحسين و فاطمة و اولادها الطاهره عليهم السلام، و هو المرتجى لازله الجور و العدوان.
فالمهدى عجل اللّه تعالى فرجه بقيه اللّه فى أرضه من حججه و ثمرة حيوة الأنبياء بأجمعهم لاحياء الحيوه الولائيه، فقال اللّه تعالى: (فلنحيينه حيوة طيبه)(1) و هو عين الحيوة و لان وجوده ثمره الحيوه الحقيقيه الحديثه.
فالمهدىّ عجل اللّه تعالى فرجه ثمرة حيوة الانبياء و الاوصياء و ثمرة الدين و الحيوة الابديه من الاعتقاديه و الاقتصاديه و الاخلاقيه و الاجتماعيه.
فبذلك يقول المؤمن العارف بحقهم (منتظر لامركم مرتقب لدولتكم...
حتى يحيى اللّه تعالى دينه بكم و يردكم فى ايّامه و يظهركم لعدله و يمكنكم فى أرضه...) فقال اللّه تعالى: «و لقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكران الارض يرثها عبادى الصالحون».(2)
عن الصادق عليه السلام قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... طوبى لمن ادرك قائم اهل بيتى و هو مقتد به قبل قيامه يتولّى وليّه و يتبرأ من عدوّه و يتولى الائمه الهاديه من قبله اولئك رفقائى و ذووا ودّى و مودتى و اكرم امتى علىّ.(3)
سئل عن الكاظم عليه السلام فى قوله تعالى: «و له اسلم من فى السموات و الارض طوعاً»(4) قال: انزلت فى القائم اذا خرج باليهود و النصارى و الصابئين و الزنادقه و اهل الرّده و الكفار فى شرق الارض و غربها فعرض عليه السلام فمن اسلم طوعاً امره بالصلوة و الزكاه و ما يؤمر به المسلم و
ص: 268
يجب للّه عليه و من لم يسلم ضرب عنقه حتى لايبقى فى المشارق و المغارب احدٌ الّا وحد اللّه.(1)
عن الصادق عليه السلام: ...فاذا قام القائم عرضوا كل ناصب عليه فان أقرّ بالاسلام و هى الولاية و الا ضربت عنقه...(2)
عن الباقر عليه السلام: ... اذا قام القائم عرض الايمان على كل ناصب... و الا ضرب عنقه... (3)
فعلى هذا الاساس: الزم اللّه الانتظار على الملائكه و الانبياء و الصلحاءو أخذ عنهم الميثاق للانتصار و الانتقام لاحقاق الحق الذى قد اختفى
حقها فى مرّ السنين و الدهور من مبدئه الى منتهاه و هى ولاية مولى الكونين اميرالمؤمنين على ابن ابى طالب عليه السلام فقال اللّه تعالى فى ذلك: «و
من قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً».(4)
و قد أفتخر صاحب الولايه و مظهر علوم النبويه، صادق آل محمد عليهم السلام لخدمته حيث يقول: (لو ادركته لخدمته ايام حيوتى)(5) قال: ... فى قوله تعالى: «و ان من اهل الكتاب الا ليؤمننّ به قبل موته» قال: كيف هو قلت: انّ عيسى ينزل قبل يوم القيامه الى الدنيا فلايبقى اهل ملّه يهودى و لاغيره الا آمن به قبل موته و يصلّى عيسى خلف المهدى عجل اللّه تعالى فرجه...(6)
ص: 269
عن الباقر عليه السلام قال: ... كأنّى بالقائم على نجف الكوفه قد سار اليها من مكه فى خمسة آلاف من الملائكه جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن شماله و المؤمنون بين يديه و هو يفرّق الجنود فى البلاد.(1)
قال ابوعبداللّه عليه السلام: ... فاذا نشر رايه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم انحطّ اليه ثلاثة عشر ألف ملك و ثلاثة عشر ملكاً كلهم ينتظر القائم...(2)
فبالجملة: قد افتخروا الملائكه بخدمة النبى صلى الله عليه و آله وسلم و اميرالمؤمنين عليه السلام وابوابهم مختلف الملائكة للخدمه، ولكن افخر الخدمات فى ظهور امرهم و ولايتهم و اعتلاء كلمتهم و اظهار شوكتهم فى دولتهم فجميع الخلق لأجل إحيائها واقفة بخدمته نحو الهواء و الجماد و النبات و الجبال و العصا و خاتم سليمان و جبرئيل و سائر ملائكته المقربين و كل الاشياء فى خدمه المهدى عجل اللّه تعالى.
و بعد التوجه الى ما قدمنا إلى هنا فما معنى خدمة مولانا الصادق علیه السلام عند ظهوره بالمهدى عجل اللّه تعالى فرجه.
فنقول: لاريب بانّ مولانا الصادق عليه السلام مظهر الولايه العلويه و معلموها و مبينوا حقها و قد استشهد عليها فهو بتعليمه و هو اعظم الخدمه بالولايه هدى الامّه بها و أظهر حقانيّتها الى زماننا هذا و فى دولة المهدى عجل اللّه تعالى فرجه يتمنّى أيضاً بانه لو كان و ادركه لخدمه فى احياء تلك الحيوة الابديّه الولائيّه...
«اللهم انا نشكوا اليك فقد نبينا و غيبة ولينا و كثرة عدونا»
ص: 270
«ان ذكر الخير كنتم أوله و أصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه»
الخير: كل عمل مستحسن عقلياً كان، أو شرعياً، خَلقياً أو خُلقياً،
اجتماعيا أو اقتصاديا و...
لايخفى بان اللّه تعالى هو المقدر لجميع الخيرات و الشرور بمعنى انّه ليس شى ء منها خارجاً عن ملكه و سلطانه و قضائه و قدره و كلها بقدرة اللّه و انه تعالى خالق لها تكويناً و تقديراً مصلحة و إقتضاءاً و إختباراً و كلّها
من الجنة و النار و الشيطان و الظلمة و الجهل مخلوقات بعدله و قضائه خَلقاً حقيقياً.
عن أبى جعفر عليه السلام قال: ... ان اللّه خلق الجنة قبل النار و خلق الطاعة قبل ان يخلق المعصية... و خلق الخير قبل الشر... و خلق النور قبل الظلمة.(1)
و لا شبهة بانّ أعظم الخيرة الكاملة و أشرفها و أعلاها، هى الولايةلمحمد و آل محمد عليهم السلام و قد خلقها أولاً و أصلاً و محوراً لجميع الخيرات، اذ لأجلها خلق اللّه سائر الموجودات و ألزم عليهم بالتسليم و الرضا و
ص: 271
الإقرار لفضله و لشرافة الخيرة الكاملة، فجميع الخيرات و الطاعات و البركات دنيوياً كانت أم اُخروياً روحاً و جسداً، خَلقاً و خُلقاً، ذاتاً و عرضاً، أولاً و آخراً، أصلاً أو فرعاً، مرجعه الى محمد و آل محمد عليهم السلام لانّ اللّه إختارهم
بالنورانيّة و اختار منهم جميع الخيرات و البركات و النعمات الظاهريّة و الباطنيّة فان ذكر الخير كنتم أوله و أصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه...
فجميع صفات العقل و خصال الخير و الاعتقادات الحقه و الاعمال الحسنه نشأت منهم و بهم و اليهم فهم اصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه اذ هم الميزان لمعرفه الحق و الخير من الباطل و الشرّ فكل خير و نعمه و فضل و كمال و ثواب كانت، فهو من آثارهم و من اشعه وجودهم و كمالهم و هم مبدئه و معدنه و منتهاه و كلها منهم و اليهم فى الدنيا و الآخره و كل من كان من سنخ الخير و الكمال فهو منتسب اليهم و كل ما كان من الطيبات و الخيرات و الطاعات فهم الدالّون عليها و الهادون اليها فهم اصل جميع الخيرات و أعدائهم اصل جميع الخبائث و الشرور و القبائح.
عن جابر قال قلت لرسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... اول شى ء خلق اللّه تعالى ما هو؟ فقال نور نبيّك يا جابر خلقه اللّه تعالى ثم خلق منه كل خير...(1)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... من منّ اللّه عليه بمعرفة اهل بيتى و ولايتهم فقدجمع اللّه له الخير كله.(2)
قال اميرالمؤمنين عليه السلام: ... فجعل اللّه آدم محراباً و كعبه و قبلة أسجد اليها الانوار و الروحانيين و الابرار... فكان حظّ آدم من الخبر أنباؤه و نطقه
ص: 272
بمستودع نورنا...(1)
كتب ابوعبداللّه عليه السلام: ... نحن اصل كل خير و من فروعنا كل برّ و من البرّ، التوحيد و الصلوة و الصيام و كظم الغيظ و العفو عن المسى ء و رحمة الفقير و تعاهد الجار و الاقرار بالفضل لاهله و عدونا اصل كل شرّ و من فروعهم كل قبيح و فاحشة فهم الكذب و النميمه و البخل و القطيعه و اكل الربا و اكل مال اليتيم بغير حق و تعدّى الحدود التى امر اللّه عزوجل بها و ركوب الفواحش ما ظهر منها و ما بطن من الزنا و السرقه و كل ما وافق ذلك من القبيح و كذب من زعم انه معنا و هو متعلّق بفروع غيرنا.(2)
قال الصادق عليه السلام: ... فهم الحرام المحرّم و اصل كل حرام و هم الشرّ و اصل كل شرّ و منهم فروع الشرّ كله... و من فروعهم تكذيب الانبياء و جحود الاوصياء و ركوب الفواحش و الزنا و السرقه و شرب الخمر و المسكر... و ركوب الحرام كلها و انتهاك المعاصى...(3)
عن ابى جعفر عليه السلام قال: ... أما انه ليس عند احدٍ من الناس حقٌ و لاصوابٌ الا شى ء اخذوه منّا اهل البيت عليهم السلام و لااحد من الناس يقضى بحقٍ و لاعدلٍ الا و مفتاح ذلك القضاء و بابه و اوله و سننه أميرالمؤمنين على ابن ابى طالب عليه السلام...(4)
قال الصادق عليه السلام: ... يا ابا محمد ما من آية نزلت الى الجنه و لاتذكر اهلها بخيرٍ الا و هى فينا و فى شيعتنا و ما من آية نزلت تذكر اهلها بشرّ و لا
ص: 273
تسوق الى النار الا و هى فى عدونا و من خالفنا.(1)
عن ابى جعفر عليه السلام قال: يامحمد اذا سمعت اللّه ذكر احداً قوماً من هذه الامه بخير فنحن هم و اذا سمعت اللّه ذكر قوماً بسوء ممّن مضى فهم عدونا.(2)
ان الصادق عليه السلام: سئل عن معنى (حى على خيرالعمل) قال: خير العمل برّ فاطمة و ولدها.
و فى خبر (الولاية).(3)
قال سئلت أباعبداللّه عليه السلام عن قول اللّه تعالى: «و من يؤت الحكمة فقد أوتى خيراً كثيراً»(4) قال: هى طاعة اللّه و معرفه الإمام.(5)عن أبى جعفر عليه السلام فى قوله تعالى: «فاستبقوا الخيرات»(6) قال: الخيرات الولايه.(7)
قال موسى ابن جعفر عليه السلام فى قوله تعالى: «وافعلوا الخير»(8)... و اما فعل الخير فهو طاعة اميرالمؤمنين عليه السلام بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله.(9)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم لعلى عليه السلام فى قوله تعالى: «اولئك هم شرّ
ص: 274
البريّة»(1) قال: ... هم أعدائك و شيعتهم...(2)
قال فى تفسير القمى فى قوله تعالى:«منّاع للخير»(3) قال: الخير أميرالمؤمنين عليه السلام (معتد) اى قال: اعتدى عليه...(4)
فلهذا ورد فى المنابع العامة و الخاصة نقلاً عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمبألحان مختلفة و مصادر كثيرة.(5) بانّ (علياً خير الخلق) (علياً خير الناس) (علياً خير البريّة) و (علياً خير امتى فى الدنيا و الآخرة) (علياً خير البشر) (علياً خير الاوصياء) و هكذا...(6)والعارف بحقوقهم وشئونهم يعلم:بان كل ما يقال ويفهم من الخير قولاً وعملاً ظاهراً و باطناً، دنيويّاً و اخروياً، و كل اثرٍ وجد فيه شى ء من الخير اساسه، مبدئه، اصله، اوله، و اخره، منهم و فيهم و تعود اليهم، لانها من اشعة كمالاتهم و من فضل كلامهم لان اللّه تعالى لم يخلق خيراً الا بهم و لهم، فهم علة ايجاد الخلق و هم خيرٌ محض و اقوالهم و افعالهم و آثارهم فرع لذلك الأصل.
فبالجملة: انّ ولايتهم هى الخيرة الكامله التى لأجلها خلق اللّه جميع الانبياء المرسل و الملائكه المقرب و وضع الكتاب و الميزان لها و وعدلها الجنه و الثواب و اوعد لمن خالفها النار و العقاب، فكل خير و طاعة من تلك الباب و هم باب الحق و العدل و الخير و الصواب بأجمعها.
ص: 275
ص: 276
«كلامكم نور و امركم رشد و وصيتكم التقوى و فعلكم الخير و عادتكم
الاحسان»
«اخذ بقولكم آمر بأمركم»
ان اللّه تعالى خلق محمداً و آل محمد عليهم السلام فى أكمل مراتب القرب و الصدق و الحق، و جعل قلوبهم فى موضع ارادته و مشيته، بحيث ان كلامهم و قولهم نور و حكم و حتم و رأيهم علم و حلم و حزم و امرهم رشد و هداية و وحى، و توصيتهم على التقوى و الاطاعة و الخير و عادتهم على الاعطا و الاحسان و الفضل، لانهم لسان اللّه الناطق و كلمة التقوى و فى موضع حكمة اللّه و امره ونهيه، فكان من وصاياهم توصيتهم بالتقوى و هم الآمرون بالخير و الرشد و الاطاعه على نحو الحكم و الحتم، لانهم لاينطقون عن الهوى بل هو وحى يوحى و هم مناالهدى و التقى و لايتكلمون الا عن اللّه و عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و هم اوصياء رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم و لا يشك أحد بانهم المعصومون المسدودون المؤيدون بنور اللّه و روحه و هم الموفّقون بطاعه اللّه و المعصومون بعصمه اللّه والمبلغون عن اللّه و المهتدون بهدايه اللّه و الآمرون بتقوى اللّه و الناهون عن
ص: 277
معصية اللّه و قد فوّض اليهم هداية الخلق بما أراهم اللّه لانهم أعلام التقى و كلمة التقوى.
عن المفضل انه كتب الى ابى عبداللّه عليه السلام فجاءه هذا الجواب من ابى عبداللّه عليه السلام اما بعد: فانى اوصيك و نفسى بتقوى اللّه و طاعته، فانّ من التقوى الطاعة و الورع و التواضع للّه و الطمأنينه و الاجتهاد و الأخذ بامره و النصيحه لرسله و المسارعه فى مرضاته و اجتناب ما نهى عنه، فانه من يتّق فقد احرز نفسه من النّار باذن اللّه و اصاب الخير كله فى الدنيا و الآخره و من امر بالتقوى فقد أفلح الموعظه، جعلنا اللّه من المتقين برحمته...(1)
قال اميرالمؤمنين عليه السلام: ... فنحن كلمه التقوى و سبيل الهدى و المثل الاعلى و الحجه العظمى و العروة الوثقى...(2)
قال سمعت اباالحسن عليه السلام يقول: ... شيعتنا ينظرون بنور اللّه و يتقلبون فى رحمه اللّه و يفوزون بكرامة اللّه... يوالون اهل البيت عليهم السلامو يتبرّؤون من اعدائهم -من اعدائنا- اولئك اهل الايمان و التقى و اهل الورع و التقوى...(3)
لايخفى بان أعظم توصيتهم على أحياء امرهم و ولايتهم، لانها الغرضالحقيقى و المقصود الأتم لخلقه ما سوى اللّه .
عن ابى جعفر عليه السلام فى قوله تعالى: «و ان لو استقاموا على الطريقه
ص: 278
لاسقيناهم ماءًغدقا»(1) قال: يعنى لو استقاموا على ولاية على ابن ابى طالب امير المؤمنين عليه السلام و الأوصياء من ولده و قبلوا طاعتهم فى امرهم و نهيهم «لاسقيناهم ماءاً غدقاً» يقول: لأشربنا قلوبهم الايمان و الطريقه هى الايمان بولايه على عليه السلام و الاوصياء.(2)
سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: رحم اللّه عبداً أحيا أمرنا فقلت له: و كيف يحيى أمركم؟ قال يتعلّم علومنا و يعلّمها الناس فان الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبّعونا...(3)
قال الصادق عليه السلام: ... يا خثيمة ابلغ موالينا السلام و اوصيهم بتقوى اللّه... رحم اللّه عبداً أحيا امرنا، يا خثيمه ابلغ موالينا انا لسنا نغنى عنهم من اللّه شيئاً الا بعمل و انهم لن ينالوا ولايتنا الا بورع...(4)
عن ابى عبداللّه عليه السلام قال لفضيل: تجلسون و تحدثون؟ قال: نعم جعلت فداك، قال: ان تلك المجالس احبّها فاحيوا أمرنا يا فضيل، فرحم اللّه من أحيا أمرنا...(5)
قال قال لى أبوجعفر عليه السلام: ... تزاوروا فى بيوتكم فان ذلك حياة لأمرنارحم اللّه عبداً أحيا أمرنا.(6)
عن أبى عبداللّه عليه السلام قال: ... تزاوروا فان فى زيارتكم احياءاً لقلوبكم و ذكراً لاحاديثنا و احاديثنا تعطّف بعضكم على بعض، فان أخذتم بها
ص: 279
رشدتم و نجوتم و ان تركتموها ضللتم و هلكتم فخذوا بها و أنا بنجاتكم
زعيم.(1)
عن أبى عبداللّه عليه السلام: ... رحم اللّه عبداً اجتمع مع آخر فتذاكرا أمرنا، فانّ ثالثهما ملكٌ يستغفر لهما و ما (إن ، إذا) اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر فانّ فى اجتماعكم و مذاكرتكم احياءاً لأمرنا و خير الناس من بعدنا من ذاكر بأمرنا و عاد الى ذكرنا.(2)
يقول المجلسى(ره): ... و التزاور، زيارة بعضكم بعضا فى احياء أمرنا
اى لإحياء ديننا و ذكر فضائلنا و علومنا و إبقائها لئلّا تندرس بغلبه المخالفين و شبهاتهم...(3)
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: ... معاشر الناس اُوصيكم اللّه فى عترتى و أهل بيتى خيراً فانّهم مع الحق و الحق معهم و هم الأئمّة عليهم السلام الرّاشدون بعدى و الاُمناء المعصومون...(4)
قال النبى صلى الله عليه و آله وسلم: اُوصيكم بأهل بيتى و آمركم بالتمسّك بالثقلين و انّهمالن يفترقا حتى يردا علىّ الحوض.(5)
ص: 280