التحوّل الجنسي : دراسة فقهیة تبحث عن تغییر الجنس من ذكر لأنثى و العكس

اشارة

التحوّل الجنسي، دراسة فقهیة تبحث عن تغییر الجنس من ذكر لأنثى و العكس

مؤلف: مصطفی الإمامي الأهوازي

الناشر: دار التهذیب

تعداد صفحات: 177 ص

زبان: عربی

شابک 978-622-96292-6-0 :(ISBN)

الطبعة: الأولی، سنة 1399 ه_ ش. 1442 ه_ ق.

کلیه حقوق انحصاراً متعلق به مؤلف می باشد.

جمیع الحقوق محفوظة للمؤلف.

یمکنک التواصل مع المؤلف (شماره تماس مؤلف):

00989169863406

1366h6@gmail.com

ص: 1

اشارة

التحول الجنسي

دراسة فقهیة تبحث عن تغییر الجنس من ذكر لأنثى و العكس

مصطفی الإمامي الأهوازي

ص: 2

ص: 3

المقدمة

اشارة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين حمدا يقتضى رضاه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرین.

یقرء المرء فی المواقع التواصل الاجتماعي او یشاهد علی القنوات عن ولد تحول الی أنثی او أنثی تحولت الی ذکر و هذا یکون بعد اجراء عملیة جراحیة علی اعضائه التناسلیة التي یصاحبها اخذ ادویة خاصة و اجراء عملیات تجمیلیة تجعل من الصعب معرفت انه کان سابقا علی خلاف جنسه الفعلي.

و فی هذه الحالات الإناث و الذکور کل واحد منهم یقول انه من الجنس المخالف اي ان الذکر یقول انه أنثی لکنه مولود فی جسد ذکر و الأنثی تقول انها فی داخلها ذکر و تعنی ان عقلها و تفکرها و احاسیسها و عواطفها لها صبغة ذکوریة و تحب ما یحبه الرجال و لکن محبوسة فی بدن أنثی و هذه الحالة عرفت عند اطباء علم النفس ب_: “اضطراب الهویة الجنسیة“.

و ظهرت مع هذه القضایا نقاشات و آراء فی الإعلام بین مؤید و مخالف مما سبب ان یتعطش الباحثون الی معرفت حقیقة تلک القضایا و رأی الدین فیها و هی تستأهل اهتمام القارئ.

و کتبت هذه الاوراق لاجل تنویر افکار عامة الناس بنظرة الدین الی القضایا المعاصرة و هو التحول الجنسي الذی نتج عن الثورة الطبیة في زماننا و ایضا فتح آفاق جدیدة للباحثین و المثقفین .

ص: 4

خطة البحث

بین یدک کتاب یحتوی علی ابحاث مختلفة و هي:

نقلت في الفصل الاول شرح طبي لاضطراب الهویة الجنسیة ثم بحثت العناوین التالیة فیه:

الهوية الجندرية

عدم الرضى عن النوع الجندري

اضطراب الهویة الجنسیة

اسباب اضطراب الهویة الجنسیة و أعراضه و علاجه

ما هي عملية تحویل الجنس؟

حالات ثنائية الجنس البيولوجي

الخنثی فی رأي الفقهاء والأطباء

فرق الخنثی عن الترنس سکشوال

مُشتهیة لِبسة الجنس الأخر

و نقلت في الفصل الثاني اسماء العلماء (من الشیعة و السنة) القائلین بجواز تغییر الجنس و ثم نقلت ادلتهم و ناقشتها قدر المستطاع، و هم:

السيد الخمیني

الشیخ المنتظري

الشیخ الآصف محسني

السید فضل الله

الشیخ فيصل المولوي

و ادلتهم هي:

اولا: الاضطرار

ثانیا: یجوز من باب التداوي

ثالثا: یجوز بالعناوین الثانویة

رابعا: أصالة العدم

خامسا: أصالة الإباحة

و في الفصل الثالث ذکرت ادلة القائلین بحرمة تغییر الجنس و ناقشتها و هي:

اولا: تبدیل خلق الله

ثانیا: حقیقة الانسان ثابتة

ثالثا: النظر المحرم

ص: 5

رابعا: مصداق للتأنث و التخنث

خامسا: أن ذلک يوجب رواج ما فعله قوم لوط

سادسا: أن التغيير مستلزم لإيجاد النقص في البدن

سابعا: روایة الخنثی عن الإمام علي (علیه السلام)

ثم نقلت فتوى العلماء الذین افتوا بحرمة تغییر الجنس من الشیعة و السنة و هم:

السيد علي السيستاني

سید محمود الهاشمي الشاهرودي

السید الشیرازي

محمد جميل العاملي

الشیخ علي جمعة

محمد بن حسین الجیزاني

الشيخ يوسف القرضاوي

المجمع الفقهي الإسلامي

مجمع ﻓﻘﻬﺎء الشریعة باﻣﺮﻳﻜﺎ

اهمیة الموضوع

تتبین اهمیة الموضوع و اسباب اختیار البحث فی ما یلی:

و اصحاب “اضطراب الهویة الجنسیة” فی صعوبة لا توصف و قد تجرهم هذه المعاناة الی الانتحار و یرون ان تغییر جنسهم الی الاخر یساعدهم علی العیش الافضل و لذا هذه الدراسة تساعد فئة من المجتمع في رفع معاناتهم.

التسالات الاصلیة و الفرعیة

1. ما هو موقف الدین الإسلامي من إجراء عملیات تغییر الجنس لذوی اضصطراب الهوية الجنسية ؟

2. ماهي أدلة العلماء الذین حرموا او أحلوا تغییر الجنس ؟

ص: 6

الدراسات السابقة

اما عن الدراسات السابقة فقد کتبت دراسات نافعة فی هذا الموضوع من ذلک کتاب منشور باللغة الفارسیة للشیخ محمد مهدي کریمي نیا، المعنون ب:بررسي فقهي و حقوقي تغییر جنسیت و هناک مقال اخر للشیخ السبحاني فی هذا الموضوع منشور في کتابه مسائل فقهیة، کما للشیخ محسن الخرازي مقال حول تغییر الجنسیة منشور فی مجلة فقه أهل البيت (علیه السلام) الجلد الثالث عشر و ایضا للشیخ سیفي المازندراني مقال حول تغییر الجنس بحثه ضمن ابحاث کتابه مباني الفقه الفعال الجلد الاول و کلی رجاء ان یضیف کتابی هذا فی الدراسات و المعلومات حول هذا البحث و ینفع الباحثین و الدارسین فی هذا المجال.

ص: 7

الفصل الاول: شرح طبي لإضطراب الهویة الجنسیة

اشارة

ص: 8

اولا: التعریف بمفردات البحث

1) الهوية الجندرية

الهوية الجندرية Gender Identity هي كيفية ظهور الفرد للمجتمع، و هل یظهر بمظهر أنثوي أو ذكوري أو غير محدد باحدهما او یظهر بهما معا و بعبارت اخری الهویة الجندرية هي معرفة الفرد واحساسه، وسلوكياته وتفاعلاته الاجتماعية والسلوكيات التكاثرية والركيزة الأساسية لشخصية الفرد، والتي تأتي من تركيب الدماغ، او العوامل الاجتماعية وهي مستقلة عن شکل الأعضاء التناسلية . فان في غالب الأحيان، ومع غياب أي نوع من الاضطرابات التكوينية، تتوافق الهوية الجندرية مع الجنس البيولوجي الظاهر، فيكون السلوک الاجتماعي والتكاثري سليما، لأن سلوک الفرد یحدد بالجندر الصحيح، ولأن الجهاز التناسلي متوافق مع الهوية الجندرية، ويطلق على هذا اسم التجاور الجنسي.

ولكن هذا ليس صحيحا في كل الأحيان، فلسبب ما قد يحصل اضطراب تكويني ما وكما ذكرنا سابقا، فإن الهوية الجندرية لاتتوافق مع الجندر الذي عين للفرد عند ولادته وفقا لما يظهر عليه، وبالتالي لا يكون التفاعل الاجتماعي سليما، ولا السلوک الجنسي كذلک، بسبب عدم توافق الجنسانية (Sexuality)(1) ای الدور الذی یرید اخذه الشخص فی الاجتماع کمراة او رجل، او توجهه الجنسي مع جنسه الاصلی المولد علیه، وبالتالي يعاني الأفراد هؤلاء من تعاسة الجندر، أو كما كانت تسمى سابقا(2) اضطراب الهوية الجندرية.(3) ومن التعاريف التي ينبغي توضيحها

ص: 9


1- Sexuality: مجموعة السلوكيات الجنسية والتكاثرية، تختلف بين الذكر والأنثى
2- في كتاب التشخيص الاحصائي للأمراض والاضطرابات العقلية DSM تم تغيير التسمية من Gender Identity disorder ای ” اضطراب الهوية الجنسية” إلى Gender Dysphoria كمصطلح بديل، و الذي يعني حرفياً “تعاسة الجندر”. وذلک لأنها ليست اضطراب عقلي بل نتيجة لعدم التوافق بين الجندر والجنس و بقاء التشخيص بالكتاب ليس إلا لحصول الترانس على العلاج.
3- انظر: https://ouo.io/hwVqXt *تنویه: اعتمدت في الهوامش لإختصار الروابط الطویلة، علی موقع: https://ouo.io

هي الفرق بين الجندر (Gender) والجنس (sex) الأول هو تعريف الشخص لذاته على أنه أنثى أو ذكر، أما الثاني هو ما يحدد بالاعتماد على الأعضاء التناسلية.

2) عدم الرضى عن النوع الجندري

تظهر حالة عدم الرضى عن النوع الجندري عندما يغيب التوافق بين الجنس البيولوجي الذي تم تعيينه عند الولادة والجندر الذي يشعر الشخص بالإنتماء له، فينتج عن ذلک نزاع داخلي شديد لدى الشخص من خلال رفض المظهر الخارجي للجسد ورفض الأعضاء التناسلية بالإضافة لرفض الدور الإجتماعي المفروض عليه، وقد يصل هذا الرفض إلى درجة الكره الشديد والسعي نحو تغيير كل ذلک باتجاه الشكل الأقرب للنوع الإجتماعي الذي يرى نفسه فيه.

وتشتد تلک الحالة في مرحلة البلوغ عندما يبدأ الجسم باتخاذ الشكل المرفوض تماما.

غالبا ما يعاني الشخص الذي يشعر بعدم الرضى عن النوع الجندري من الضيق الشديد و من المشاكل المرتبطة بذلک النزاع ما بين شعوره وإدراكه لذاته، والجنس البيولوجي المعين عند الولادة ويختلف تأثير هذا النزاع من شخص لاخر.

من الممكن أن يؤدي ذلک الشعور إلى طريقة تعبير الشخص عن نوعه الجندري، فقد يؤثر على سلوكه وملبسه وتصوره لذاته، فهناک من يرغب بارتداء ملابس الجنس الاخر، وقد يسعى البعض إلى عبور النوع الإجتماعي، والبعض الاخر يشعر بالحاجة إلى الخضوع لعمليات تغییر الجنس والعلاج الهرموني فيكون بالتالي عابرا للجنس، و یکون کل ذلک مع تغيير الإسم واستعمال الضمائر الخاصة بالجنس الذي يشعر بالإنتماء إليه.

عند الأطفال، يظهر الشعور بعدم الرضى عن النوع الجندري من خلال إبداء رغبة الطفل بالإنتماء للجنس الاخر، فيكون لديه ثقة بأنه ينتمي للجنس المخالف، أو بأنه سوف يكبر بطريقة ما تجعله من ذلک الجنس، ويعبر عن ذلک برغبته بأن تتم معاملته ومخاطبته كما تتم معاملة ومخاطبة الجنس الذي يشعر بأنه ينتمي إليه، فيرفض إرتداء

ص: 10

ملابس الجنس الذي تم تعيينه له عند الولادة، ويطالب بمناداته بالإسم الذي اختاره لنفسه بناء على شعوره بالإنتماء لذلک الجنس.

وعلى الرغم من أن بعض الأطفال قد يظهرون شعورهم بعدم الرضى عن النوع الجندري في سن الرابعة أو أقل، إلا أن الكثير منهم يقوم بكتمان ذلک الشعور، فلا يبدأ بالتعبير عنه إلا عند سن البلوغ أو في مراحل عمرية لاحقة.

فبعض الأطفال يدركون أنهم لا ينتمون للجنس الذي تم تعيينه عند الولادة عند بدء التغييرات الجسدية المصاحبة للبلوغ، فيبدأ الشعور بكراهية الجسد والذي يكون شديدا في بعض الحالات لدرجة قد تصل إلى عدم القدرة على التعري عند الإستحمام على سبيل المثال، وأحيانا يصل بهم الأمر إلى إيذاء الذات.(1)

إن الشعور بعدم الرضى عن النوع الجندري أمر مختلف عن السلوكيات الغير متطابقة مع المعايير المجتمعية النمطية للنوع الجندري مثل ارتداء ملابس أقرب للجنس المخالف أو ممارسة نشاطات تعتبر على الأغلب بأنها مفضلة لدى الجنس المخالف دون الشعور بالإنتماء لذلک الجنس وعدم الرضى عن الجنس المعين عند الولادة.

كما أن عدم الرضى عن النوع الجندري لا يعني بأن الشخص لديه ميول جنسية مثلية.

3) اضطراب الهویة الجنسیة

اشارة

اضطراب الهوية الجندرية أو ما يسمى بالإنجليزية:

(Gender identity disorder) ويعرف اختصارا ب_ (GID) وهو تشخيص يطلقه أطباء وعلماء النفس والفزيولوجيون على الأشخاص الذين يعانون من حالة اللا إرتياح أو القلق حول نوع الجنس الذي ولدوا به .

المریض صاحب اضطراب الهویة الجنسیة او المریضة یحدث لهم عدم الرضا عن هویتهم الجنسیة التی ولد به الذکر او ولدت بها الأنثی ای ان الولد یحس انه بنت بداخله لکن خلق بجسم غلط لا ینتمی الیه و لا تتفق

ص: 11


1- انظر: https://ouo.io/Hpy7Vm

روحه الأنثی مع جسمه الذکر و یبدء هذا السلوک المخالف لجنسه او الاضطراب الجندري فی سن الطفولة حیث یلعب الطفل الذکر المصاب به بالعاب انثویة و یلبس ملابس النساء و قد ینجر الی حبه لتجمیل نفسه بادوات التجمیل النسائیة و یسرح شعر راسه و غیر ذلک من ما تحبه البنات و لا یفعله الاولاد و من مظاهره لدى الذكور: لبس الفساتين و لعب العرائس ورفض الابتعاد عن ذلک مهما حاول الأبوان مع الرفض الشديد لالعب مع الأولاد واعتبار ذلک خشونة لا يحتملونها.

كما يبدون اهتماما خاصا بما يلبس أخواتهم من ملابس داخلية أو خارجية و أدوات الزينة والموضة وإنتاج دور الأزياء. وقد يتخيل بعضهم أنه سيصبح امرأة عندما يكبر وأن قضيبه المقزز سيختفي و يظهر بدلا منه عضو أنثوي، وأنه سيصبح قادرا على الحمل و.

و البنت تحس انها ذکر لکن خلقت فی جسم ولد و من مظاهره لدى البنات:

ممارسة الألعاب الخشنة وأدوار الذكور، مثل اقتناء المسدسات والابتعاد عن لعب العرائس. بل إن بعض الفتيات قد تدعي أو تتخيل أنه سيظهر لها عضو ذكري، وأنه لن ينمو لها أثداء مثل البنات.

و فی هذه الحالة یحاول الشخص ان یعمل سلوکیات الجنس الاخر و یتمثل بها بسلوکیات مختلفة للجنس المخالف بعبارة اخری اضطراب الهوية الجندرية هو توتر شديد ينتاب الشخص او الطفل حول جنسه، ويتبدى في:

• إصراره على أنه من الجنس الاخر، أو رغبته الملحة في أن يصبح من جنس غير جنسه.

• يظهر هذا الرفض، إما صراحة أو من خلال رفضه التام للتركيب التشريحي لأعضائه التناسلية، وانشغاله بأنشطة الجنس الاخر.

و هذه الحالة ليست قليلة الانتشار كما يتخيل البعض ولكنه صاحبها قد يبقى مختفيا أو يختفي مع ضغط المجتمع. وربما كان سبب تردد الذكور على العيادة النفسية للعلاج أن المجتمع لا يقبل تخنث الولد كما يقبل خشونة البنت التي يتقبلها المجتمع كمظهر للقوة لا للشذوذ.

وكان یصنف من الامراض النفسية، ثم أزيل التشخيص من قائمة الأمراض العقلية والنفسية.(1)

ص: 12


1- انظر: https://ouo.io/Bc7hK7

بشكل عام المجتمع العلمي الدولي اختلف فی تسمیة هذه الحالة وهل هو مرض او خلل او حالة ناتجة عن الانزعاج و عدم الرضا عن الهویة الجنسیة التی خلق فیها و بین هذه المصطلحات فرق كبير عند اطباء علم النفس.

کان یعرف فی السابق علی انه مرض نفسی لکن في ديسبمر 2012 رابطة الأطباء النفسيين الأمريكية (American Psychiatric Association) أصدرت نسخة منقحة من کتاب “دليل الأمراض النفسية“ DSM-5 بمصطلح جديد للخلل الجنسي و جعلت اسمه (Gender Dysphoria)(1)

اختصارا يعرف ب_(GD) بدلاً من مصطلح Gender Identity Disorder، ومعناها “خلل أو عدم وضوح او التعاسة الجندریة“ بدلاً من “مرض نفسي“ و ذلک لانهم يقولون إن التشخيص هذا يُمرض التباين بين الجنسين، ويعزز النموذج الثنائي للجنس، ويمكن أن يؤدي إلى وصم الأفراد المتحولين جنسياً بذوی مرض او خلل نفساني و لذا غیروا اسمه الی حالة عدم الرضا من الهویة الجندریة.

اضطراب الهوية الجندرية هي سلسلة من السلوكيات تتلخص بكون الفرد غير قادر على مواصلة العيش بالدور الجندري الذي فرض عليه وعين خطأ، ونسبة الانتحار أوالسلوكيات المدمرة للذات لمن يعانون من تعاسة الجندر هي الأعلى بين فئات المجتمع على الاطلاق، حيث تصل إلى 60 %.

وتعالج تعاسة الجندر بالتحول الجنسي او ما یسمی باسم تغییر الجنس ایضا، و هو موافقة الدور الاجتماعي والتعبير الجندري مع الهوية الجندرية، ويسمى الأفراد المغیرون لجنسهم بالترانسكشوال Transsexual، والتي تعني تحويل الجنس، فكلمة sexual تعنی الجنسي و Trans تعني العبور و کلمة الترانسيكشوال Transsexual تعنی تصحيح وموافقة الجنس مع الجندر.(2)

ص: 13


1- كلمة Dysphoria “ديسفوريا” فهي مشتقة من المصطلح اليوناني “ديسفوروس” وتعني الانزعاج أو الصعوبة، وأيضا عدم الرضى وانعدام الشعور بالراحة. وبالتالي يمكننا تعريف مصطلح “جندر ديسفوريا” على أنه الشعور بعدم الرضى والانزعاج من النوع الجندري الذي ينتمي له الشخص حسب تصنيف المجتمع له اعتمادا على جنسه المسجل عند الولادة.
2- انظر: https://ouo.io/hwVqXt

حیث یعتقد صاحبه ان فیه تشوه خلقي و ان روحه الذکر محبوسة فی جسمه الأنثی و العکس بالعکس، و هذا العبور یتم عبر اجراءات علاجية و هی اخذ جرئات من هرمونات النسائیة للرجال و الذکوریة للنساء او اجراء عملية جراحية(1)

او تأهيل نفسي وممارسة الحياة بالجندر المرغوب العبور إليه.

مع التقدم الطبي اتضح أن هناک ما يسمى ب “الخطوط الجندرية أو الجنسية” بالمخ، هي المسؤولة عن تعريف وشعور المخ بالجندر الذي ينتمي إليه، وهو ما يسمى بالهوية الجندرية، وقد توصل العلماء إلى أن هذه الخطوط تكون مختلفة في هؤلاء المرضى بحيث يشعر الإنسان منذ ولادته أنه ينتمي للجنس المعاكس لجنسه التشريحي.(2)

وتبين أن هذا الاختلاف يرجع إلى اضطراب في الهرمونات التي يتعرض لها الجنين “قبل” الولادة، مما يؤثر على جيناته، وعليه يؤثر على الخطوط الجندرية بالمخ، فيبدأ اضطراب الهوية الجندرية.

تبدأ الأعراض بالظهور منذ الولادة، وحيث إنه يختلف سلوک الرضيع الذكر عن الأنثى، فيتبع الرضيع سلوک الجنس المعاكس، ثم تزيد وتتضح الأعراض أثناء الطفولة المبكرة، فيشعر الطفل الذكر مثلا الذي لم يتعد 3 سنوات أنه أنثى، ويسلک سلوک الطفلة الأنثى في مختلف نواحي حياته، بداية من أسلوب اللعب، وحتى طريقة قضاء حاجته.

كان هاري بنجامين اختصاصي في علم الغدد الصماء وتخصص في شؤون تغيير الجنس، كان من أوائل الذین افتتحوا عيادات تخصصت في تغيير الجنس للأشخاص من الجنسين.(3)

اسباب اضطراب الهویة الجنسیة

و اختلفت المصادر فی أسبابه بعضهم قال سببه بيولوجي مثل ایجاد لخبطة فی التركيبة الجينية للإنسان و علة هذا الخلل الجیني غیر مکتشف الی الان و عدة اخرین قالوا ان البنية الدماغية المتعلقة

ص: 14


1- تعرف ب_: عملية تغيير الجنس أو عملية التحول الجنسي أو عملية عبور الجنس
2- انظر: https://ouo.io/5eN87L
3- انظر: https://ouo.io/ju8aKW

بالتأثيرات الهرمونية على الدماغ هی السبب فی ایجاده، لانه تاثر في فترة التكوين الجنيني ما قبل الولادة و تعرض مخ الجنین فی رحم امه لهرمون الذکورة اذا کان الجنین أنثی او لهرمون الانوثة اذا کان الجنین ذکرا، مما سبب لتغییر مخهم عن بدنهم.

و بعضهم قال ان سببه یرجع إلى البيئة أو التربية فتاثیر الاجواء و المحیط فی نشاة هویة الشخص امر لا ینکر. و من ارجع سببه الی البيئة أو التربية قال هذه هی العوامل المساعدة أو المهيئة لبروز هکذا حالات:

1) تشجيع الوالدين أو صمتهم أو حتى عدم اكتراثهم لسلوک الطفل المغایر لجنسه و مباركتهم له هذا الدور ورضاهم عنه حتى يتمكن و يتأصل فيه شعور الانتماء للجنس الاخر.

2) في أحيان أخرى قد لا يكون لدى الطفل المثل الجيد لمظاهر الرجولة أو حتى أم تعلمه ولو نظريا ما يفعله ويشعر به الرجال في شتى المواقف والأحوال، و تغرس فيه الشعور بالقوة و شدة البأس. و إن توحد الطفل مع والده من الجنس الاخر قد يؤثر في ميوله وتكوين هويته، فالولد اللصيق بأمه بشكل كبير قد ينمو ليصبح أنثوي الهوية أو الميول.

3) وأخيرا فإن وجود ملامح أنثوية لدى الأطفال الذكور قد يجلب لهم التعليقات والتحرشات التي تؤدي لانحراف هويتهم، حیث أن الأذى الجسدي أو الجنسي الذي يقع على الطفل في سن مبكرة قد يجعله يحلم باختفاء هذا الأذى وزواله لو تحول للجنس الاخر مما يؤثر على تطور هويته و كذلک مظاهر الخشونة بالنسبة للإناث.

و یرافق هذه الحالة المشاكل المتعلقة ب_كره الجسد وعدم الارتياح معه ويكون عقل المصاب بهذا الخلل مشحوناً بتغيير الجسد أو عملية تغییر الجنس الجسدي ليتناسب مع الهوية الجندرية.(1)

الأعراض

يمكن تلخيص العلامات الأساسية لتغاير الهوية الجنسية عند الأطفال بالفقرة التالية:

يظهر الأطفال من سن الثانية، العلامات الأولى لتعاسة الجندر بإظهار عدم راحتهم تجاه الجندر الذي عينوا فيه أو عدم راحتهم تجاه أعضائهم

ص: 15


1- انظر: http://www.alnafsy.com/articles/68/690

التناسلية.

مثل تفضيل أصدقاء اللعب من غیر هويتهم الجنسية، تفضيل الألعاب أوالنشاطات أو الملابس التي يعتبرها المجتمع مرتبطة بالنوع الذين يرون أنفسهم ينتمون له.

يظهر الأطفال أحيانا علامات الإكتئاب والتوتر أو العزلة الإجتماعية نتيجة لهذا في بعض الأحيان يقوم الأطفال بإيذاء أنفسهم رغبة في التخلص من أعضائهم التناسلية و يتميز الأطفال متغايري النوع الإجتماعي(1)

عن الأطفال الذين يقومون بلعب دور الجنس الاخر أن الأخيرين لا يظهرون علامات عدم السعادة و الإكتئاب أو الرغبة الملحة ليراهم الجميع بالجنس الذين ينتمون له.(2)

أما عند البالغين فتكون الأعراض:

في غالبية الأحيان ونتيجة للضغوط الإجتماعية فإن أعراض تعاسة الجندر ستختفي شكليا عن الأطفال قبل المراهقة وتصبح غير ظاهرة ولكنها تسوء في واقع الأمر حيث يلجأ الطفل حينها إلى كره الذات أو إيذاء الذات أو الإنتحار أو تكوين اضطرابات نفسية مرافقة مثل:

الإضطراب الوجداني ثنائي القطب Bipolar disorder أو إضطراب القلق المزمن chronic anxiety disorder عند القليل قد تظل ظاهرة أيضا.

عند البلوغ غالبا ما تعود مظاهر تعاسة الجندر، حيث تتمثل بكره المظاهر الجنسية الأولية. و يوجد غالبا خيالات مترافقة جنسية مغايرة للجنس البيولوجي الحيوي وعزلة جتماعية والرغبة الملحة بالعيش اجتماعيا كالجنس البيولوجي مع الدور الإجتماعي المقابل.

ما تتميز به العلامات هو أن الشخص يعرف نفسه أنه فعلا من الفئة الجندرية المغايرة لجنسه الظاهر أو الدور الإجتماعي في حال تغير الصفات الجنسية.

ص: 16


1- یقال للهوية الجندرية: النوع الإجتماعي ایضا، لان الجندر هو الأدوار والسلوكيات والأنشطة والصفات المحددة اجتماعيا، بحيث يعتبرها مجتمع ما مناسبة للنساء أو الرجال. اما مصطلح “تغاير النوع الإجتماعي” فهو مصطلح بديل عن ”اضطراب الهوية الجندرية” او “تعاسة الجندر” و الذي يعني Gender Dysphoria.
2- انظر: http://www.scientificsaudi.com/ss/7929

قد تتفاقم الأعراض لتمنع الفرد من ممارسة حياته الطبيعية والتواصل الإجتماعي مع العالم، وترقى إلى نشوء إضطرابات نفسية مرافقة، وربما تقود إلى الانتحار.

الجدير بالذكر أن المصابين بتعاسة الجندر من الفئات الأعلى في نسب الإنتحار أو الإقدام عليه مقارنة بالمقياس، حيث تصل إلى 6 او 9 مرات ضعف المعدل الطبيعي مما يتفوق على من يشخصون بالإضطراب الوجداني ثنائي القطب أحيانا.(1)

علاجه

طبعا تغاير النوع الإجتماعي(2)

ليس مرتبطا بالميول الجنسية ولا بالعروض الفنية التي يلعب بها الشخص دور الجنس الاخر أو ما شابههما. الأشخاص المتغايري النوع الإجتماعي لهم هوية جنسية غير متوافقة مع الجنس والدور الإجتماعي الذين عينوا فيه، وعدم التوافق هذا هو ما يسبب الأعراض لهم.

بالتالي لتخليصهم من تلک المعاناة، المجتمع هو المسئول الأول، فحالة الجندر 90% منها متعلقة بالمجتمع. قد يتدخل الطب لمساعدتهم أيضا على التخلص من عدم التوافق بالعلاج الهرموني و الجراحي حيث تجرى عمليات موافقة الجندر:

Sex reassignment بعد فترة من العلاج الهرموني وذلک لموافقة الصفات الجنسية الأولية(3)

والثانوية للفرد مع هويته الجنسية.

و يقوم الطب النفسي بمساعدة الفرد على التغلب على المصاعب اليومية بسبب المجتمع والتأقلم على الدور الإجتماعي وفهم الذات. الجدير بالذكر أن هذه التدخلات الطبية لا تجري بشكل اعتباطي كما يظن الكثيرون بل يوجد في المراجع أسس علمية للقيام بها. و بالفعل

ص: 17


1- انظر: http://www.scientificsaudi.com/ss/7929
2- یقال للهوية الجندرية: النوع الإجتماعي ایضا، لان الجندر هو الأدوار والسلوكيات والأنشطة والصفات المحددة اجتماعيا، بحيث يعتبرها مجتمع ما مناسبة للنساء أو الرجال. اما مصطلح “تغاير النوع الإجتماعي” فهو مصطلح بديل عن ”اضطراب الهوية الجندرية” او “تعاسة الجندر” و تعاسة الجندر هو ترجمة حرفیة ل_: Gender Dysphoria.
3- و هی قبل اخذ الهرمون

تنجح تلک العلاجات بنسبة كبيرة في القضاء على أغلب أعراض تعاسة الجندر و تنخفض نسب الإنتحار بینهم.(1)

4) ما هي عملية تحویل الجنس؟

عمليات موافقة الجندر أو عملية تحویل الجنس (أو تغيير الجنس أو التحول الجنسي) تساعد المريض عبر تغيير جنسه البيولوجي في الحصول على المظهر الجسدي الذي يوافق هويته الجنسية، وتبعا لكونها عملية تحويل جنس من أنثى إلى ذكر أو عملية تحويل جنس من ذكر إلى أنثى فإن هذه العملية يمكن أن تأخذ عدة أشكال بما في ذلک العملية العلوية والعملية السفلية، ومع أن بعض خطوات هذه العملية جوهرية في الحصول على تحويل مرض إلا أن بعضها الاخر اختياري ويعود لرغبة المريض.

جراحة التحول الجنسي من ذكر إلى أنثى:

إن عملية تغيير الجنس من ذكر إلى أنثى هي عملية تهدف إلى تغيير المظهر البدني الذكري لدى الأشخاص الذين لديهم هوية جنسية ذهنية على أنهم إناث، وهذه العملية أكثر شيوعا من عملية تحويل الجنس من أنثى إلى ذكر.

بالإضافة إلى العمليات العلوية والسفلية فقد يرغب المتحولون جنسيا بإجراء عملية إعطاء ملامح أنثوية للوجه أو عملية التخلص من تفاحة ادم(2)

أو عملية تحويل الصوت إلى صوت أنثوي.

بالنسبة إلى الذكور البيولوجيين، تنطوي الجراحة على إزالة جزء من القضيب والخصيتين، وخلق مهبل اصطناعي. والجزء الذي يترک من القضيب يعمل بمنزلة البظر، وهذا الجزء المتبقي يكون حساسا جنسيا، و يجعل النشوة ممكنة.

أما بالنسبة إلى الإناث البيولوجيات، فتنطوي الجراحة على إزالة الثديين “استئصال الثديين”، والأجهزة التناسلية الداخلية “الرحم والمبيضين” أحيانا، وإغلاق المهبل، وخلق قضيب اصطناعي.

ص: 18


1- انظر: http://www.scientificsaudi.com/ss/7929
2- تطلق اسم تفاحة ادم على الجزء الظاهر والبارز في مقدمة رقبة الرجال، والمعروفة في بعض البلدان باسم جوزة الحلق، أو الحرقدة.

على الرغم من أن المتحولين جنسيا الذين خضعوا لجراحة تغییر الجنس لا يمكن أن ينجبوا، لكن اغلبهم قادرين على إقامة علاقات جنسية مرضية.

هذا مختصر العملیة لتغییر الجنس اما اذا اردنا ان نفصل فیه قالوا اهل الطب ان هذه العملیة تتکون من عدة عملیات جراحیة وهی کالآتی:

العملية العلوية للتحول الجنسي من ذكر إلى أنثى: بعد العلاج الهرموني سيجد معظم المتحولين الأنثويين أن صدورهم قد بدأت تكبر، ومع هذا فإن بعض المرضى يرغبون بإجراء تكبير الثدي من أجل تحسين هذا الأثر والحصول على جسم أكثر أنوثة.

العملية السفلية لتغيير الجنس من ذكر إلى أنثى: عادة ما يناقش الجراح مختلف الخيارات من أجل العملية السفلية لتحويل الجنس من ذكر إلى أنثى بناء على حالته العامة وعلى التغييرات المرغوبة منه، وكجزء من علاج المتحولين الأنثويين فإن عملية التحول الجنسي من ذكر إلى أنثى عادة ما تتضمن خطوتين أساسيتين:

استئصال الخصيتين: هي العملية الجراحية التي يتم فيها إزالة الخصيتين و هذه الحالة يطلق عليها اسم الإخصاء.

جراحة المهبل التجميلية: وهي بناء المهبل عبر واحدة من ثلاث تقنيات جراحية أساسية: قلب جلد العضو الذكري و رأب المهبل المستقيمي وقلب الجلد (غير جلد العضو الذكري)، عادة ما تتم جراحة المهبل التجميلي في نفس الوقت مع عملية استئصال الخصيتين.

جراحة التحول الجنسي من أنثى إلى ذكر:

تعرف هذه العملية أيضا باسم إعطاء المظهر الذكوري وهي جزء من علاج اضطراب الهوية الجنسية لدى المتحولين جنسيا ذوي الهوية الجنسية الذكرية، وبإمكان هذه العملية أن تؤدي إلى توافق بين مظهرهم البدني وبين هويتهم الجنسية الحقيقية.

العملية العلوية للتحول الجنسي من أنثى إلى ذكر:

وتدعى هذه العملية أيضا باسم إعادة بناء الصدر الذكوري، وهي عملية من أجل المتحولين الجنسيين الذكوريين وتتضمن طيفا من العمليات من أجل إزالة أنسجة الثدي وإعطاء مظهر ذكوري للصدر، هذه العملية تشبه كثيرا عملية تصغير الثدي.

العملية السفلية لتغيير الجنس من أنثى إلى ذكر:

فيما يلي بعض الإجراءات الأساسية التي تدخل في عملية تحويل

ص: 19

الجنس من أنثى إلى ذكر:

استئصال الرحم أو استئصال المبايض: وهي عملية جراحية من أجل استئصال الرحم أو أحد المبيضين أو كليهما، وعادة ما تكون هذه الخطوة مطلوبة قبل إجراء عملية استئصال المهبل.

استئصال المهبل: وهي العملية التي تتم فيها إزالة أنسجة المهبل.

إنشاء القضيب أو رأب القضيب: وهي عملية من أجل بناء قضيب ذكري أثناء تحويل الجنس من أنثى إلى ذكر، ويمكن إجراء تقنيات مختلفة للحصول على النتائج المرغوبة، وأحيانا يكون تطعيم الجلد أو الأنسجة جزءا من هذه العملية.

رأب الصفن: وهي عملية من أجل إنشاء جيب جلدي ليحتوي غرسات الخصيتين، وغالبا ما يتم إجراء هذه العملية في نفس وقت إجراء عملية إنشاء القضيب أو رأب القضيب.(1)

و غالبا ما یرافق هذه الاجرائات إجراء عمليات تجميلية تحسن من مظهر الشخص وتجعل تأقلمه مع أقرانه أسهل وتقلل الضغط النفسي والإجتماعي الذي يصاحب به هذا الشخص.

هذا و بعض الاطباء یعارضون اجراء عملیة تغییر الجنس و قالوا انه یجب التعامل مع التوتر والاكتئاب والأفكار الانتحارية وتلک المتعلقة بالصورة الذاتية و العمل على قبول النفس، واسترداد الانتماء للجنس الطبيعي المحدد جينيا وهورمونيا من خلال برنامج علاج معرفي سلوكي(2)

جاد هی افضل حل.

فحتى الراغبين في التغيير لا يمكن أن ينطلقوا من نقطة غيرها، والذين تخطوا هذه المسألة كانت النتائج معهم غير مبشرة و یجب علیه اكتساب مهارات التعامل مع الاخر والمثل بشكل صحي.

لان ما لم يكن هناک مسببات بيولوجية قاطعة فإن التدخل الجراحي او الهورموني ليس هو الحل الأمثل، بل يرى كثير من خبراء الطب النفسي ومنهم الدكتور “بول ماكهوغ ” رئيس قسم الطب النفسي بمستشفى جون هوبكنز، أن تحويل الجنس أمر غير ممكن، وأن

ص: 20


1- انظر: https://ouo.io/HYoK3j
2- العلاج المعرفي السُّلوكي هو طريقة علاجية تعتمد على الحديث بين المريض والمعالِج، وذلک بهدف التغلب على المشاكل عن طريق تغيير طريقة التفكير والتصرف.

التحويل هو عملية تشويه طويلة الأمد.

بل يرى أن مضطربي الهوية الجنسية هم مماثلون للمصابين بفقدان الشهية العصبي Anorexia Nervousa حيث يعتقد الفرد أنه بدين في حين أنه بالغ النحافة، وأن العلاج الحقيقي هو الدعم النفسي من مختصين لاستعادة انتمائهم لجنسهم الطبيعي، وأن الدراسات تشير إلى أن عمليات التحويل ترضي العملاء إلا أنها لا تحدث تغييرا يذكر في المعاناة النفسية والاجتماعية، بل يرى أن التدخل الهورموني للأطفال مضطربي الهوية لتيسير عمليات التحول بعد ذلک هي نوع من “الإساءة للأطفال Child abuse“ إذ إن الدراسات تشير إلى أن 80% منهم قد تجاوزوا هذا الاضطراب تلقائيا.

و هذه العملیة مع ما فیها من المشاق و الصعوبات التی تصاحب معها وجع و الم شدید لا یتحمل عادة خصوصا و ان المغیرین لجنسهم غالبا هم من الشباب و یترکونهم اهلهم لما یرونه علیهم من شذوذ و تغییر لطبیعتهم لکن مع ذلک المتحولين جنسيا يتحملون عملية تغییر الجنس لغرض وحيد، وهو أن يكونوا قادرين على الممارسة الجنسية كجنس اخر.

و إن رضا شعورهم الداخلي بالهوية الجنسانية من تطابق جنسهم الروحي(1) مع بدنهم البيولوجي هو الدافع الاصلی لهم. و لا یخفی ان مخالفت الاهل لتغییر جنس اولادهم لا یرتبط بالدین فنری حتی فی الدول التی لا یعتقدون بدین إلهي و انما یسیرون حیاتهم علی معتقدات بشریة لا یرضون بتغییر جنس اولادهم او صاحب الجنس الطبیعی اقصد الاناث او الذکور الاصلیین لا یتقبلون المغییر لجنسه بسهولة و رحابة صدر و قد یتعرض المغییر للاذیة البدنیة او النفسیة من أقرانه الطبیعیین و هذا ناشئ عن حب البشر لتقالیده و اصوله و یعتبرون تقالیدهم و اصولهم جزء من هویتهم التي یجب ان تنقل الی الجیل الاخر و من هذه التقالید حفظ الهویة البشریة الانسانیة التی بنیت علی توالد و التناسل و حفظ الانسان لجنسه الاولی.

ثانیا: حالات ثنائية الجنس البيولوجي

اشارة

ثنائية الجنس البيولوجي أو البين جنسية أو الإنترسكس بالإنجليزية:

ص: 21


1- ای ما یعتقدونه انهم علیه من الذکور و الانوثة

Intersex هي حالة الشخص الذي ولد بجنس وسط ، أي بين ما يعد معيارا للذكورة والأنوثة.

هی حالات يولد فيها أشخاص بأعضاء جنسية مختلطة وهرمونات وكروموسومات بين المؤنث و المذكر.

يطلق علی ثنائي الجنس لفظ ”الخنثی” و يولد الخنثی او ثنائي الجنس البيولوجي بخصائص جنسية مختلفة و هي حالة وراثية نادرة يولد فيها الشخص بأنسجة تناسلية ذكرية وأنثوية معاً.

منذ بداية تكوين الجنين في الرحم، يبدأ تطور أحد الأجهزة التناسلية على حساب الجهاز الآخر، تكون الأعضاء التناسلية عند هؤلاء مبهمة الشكل عند الولادة، كانتفاخ شفرات الفرج لتبدو كالخصيتين، أو تضخم البظر ليبدو كالقضيب. فی هذه الحالة الأعضاء التناسلية للشخص، والغدد التناسلية، والأنماط الكروموسومية لا تتوافق مع التصورات المعروفة لجسد الذكر أو الأنثى.

غالبا ما يطلق في الاصطلاح العلمی على الأشخاص الخنثی لفظ “ثنائي الجنس ” بالإنجليزية: Inter-sexuality، كما تستخدم أحيانا عبارة “ثنائية الجنس البيولوجي” او “الجنس الثالث” او “الإنترسكس” او “بين الجنسي” او “الجنس البيني” أي بين ما يعد معيارا للذكورة والأنوثة للتعبير عنهم. أكثر الخرائط الجينية شيوعاً في حالة الخنثی هي 46 xx، مع وجود طفرات معينة.

كما أن لهذه الحالة عدة خرائط جينية محتملة أخرى مثل 46 xx 46/xy أو 46xx46/xxy أو وجود 46xx46/xy مع وجود الطفرة الجينية SRY.

و يعتمد شكل الأعضاء التناسلية عندهم على كمية هرمون التستوستيرون الذي تعرضوا له بين الأسبوع الثامن والأسبوع السادس عشر من الحمل.

فإذا كانت كمية الهرمون كبيرة، كان من الممكن أن تبدو الأعضاء التناسلية، كأعضاء ذكرية طبيعية، وإذا كانت قليلة أو معدومة، تظهر على شكل أعضاء أنثوية طبيعية.

قد يكون السبب انقسام البويضة قبل الإخصاب إلى بويضتين، ومن ثم تلقح كل واحدة منها بحيوان منوي، ذكري مرة وأنثوي في الاخرى، ومن ثم تعاود البويضتان الاندماج قبل بدء تطور نمو الجنين.

كما قد يتم تلقيح البويضة بحيوانين منويين دفعة واحدة، فينتج تمثيل

ص: 22

جيني ذكري وأنثوي معاً. الاحتمال الثالث هو إنتاج الجهاز التناسلي للمرأة لبويضتين في نفس الوقت، ومن ثم تلقيح البويضتين بحيوانين منويين مختلفين، يتبع ذلک اندماج البويضتين المخصبتين. إذا احتوت إحدى البويضتين على جنين ذكر، واحتوت الأخرى على جنين أنثى، يكون المولود ثنائي الجنس الحقيقي.

في بعض حالات ثنائية الجنس البيولوجي تكون سمات ثنائية الجنس واضحة عند الميلاد، وفي حالات أخرى لا تظهر إلا عند البلوغ.

وبعض اختلافات ثنائية الجنس الكروموسومية قد لا تظهر على الإطلاق و تبقی تحت الجلد. ويقول الخبراء ان 0.05 في المائة من السكان يولدون حاملين لسمات ثنائية الجنس.(1)

وتتعلق ثنائية الجنس بخصائص جنسية بيولوجية، وهي لا تاثر علی الميل الجنسي عند الشخص و لیست سببا للمثلية و لا تاثر علی الهویة الجندریة للشخص.

و هنا یکون الفرق بین الخنثی و الترانس سکشوال حیث الاول لا یؤثر علی المیل الجنسي و انما فی هذه مثلا اذا کانت بنت تشعر انها بنت و تمیل الی انها بنت و لها أعضاء جنسية خاصة بالمرأة في جسمها مثل الرحم والمبيض والمهبل و لکن لها شئ زائد فوق الفرج یشبه قضیب الرجال و هو شبیه بالزائدة الخلقیة و لکن فی حالة الترانس سکشوال الشخص ولدا ذکر فقط او أنثی فقط لکنه له میول تختلف عن واقعه جسده و یعتبر روحه مخالفة لخلقة جسده.

ويختلف مرض الخنوثة أو الإنترسكس عن كل من:

1) تغيير الجنس أو اشتهاء تغيير الجنس أو التحول الجنسي Transsexual:

الشخص المتحول جنسيا هو الشخص الذي يكون جسمانيا إما ذكرا أو أنثى بشكل واضح، لكنه يشعر بأن جسمه غريب بالنسبة له وأنه ينتمي إلى الجنس الاخر .

غالبا ما يعاني هؤلاء الأشخاص من هذا التناقض ويريدون تقريب أجسامهم من الجنس الذي يشعرون بالإنتماء اليه لذلک يقومون بإجراء عمليات جراحية أو أخذ هرمونات يستطيعون من خلالها تغيير

ص: 23


1- راجع “صحيفة وقائع” احد منشورات مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، عنوان “ثنائية الجنس”: https://ouo.io/Vyb9jIh

أجسامهم.

كما يغير الكثير منهم اسماءهم ووثائقهم الرسمية مثل بطاقة الهوية ومن ثم يشعرون بالإرتياح في أجسامهم التي يرونها مناسبة لهم بعد التغيير.

يمكن أن تختلف التوجهات الجنسية للمتحولين جنسيا من شخص إلى اخر كما يمكن أن يكون لديهم أطفال.

2) المثلية الجنسية Homosexuality:

هي توجه جنسي يتسم بالإنجذاب الشعوري الرومانسي والجنسي بين أشخاص من نفس الجنس.

وقد تعتبر المثلية هوية جنسیة يشعر بها الإنسان بناء على هذه الميول والتصرفات المصاحبة لها، الذكر ذو الميول المثلية يلقب مثليا أو مثلي الجنس أو بالمصطلح المعروف لوطي، بينما الأنثى ذات الميول الجنسية المثلية تلقب مثلية الجنس أو سحاقية.

فالمثلية بالإضافة إلى المغايرة وازدواجية الميول الجنسية هي التصنيفات الرئيسية الثلاث للميول الجنسية عند البشر.

فالذي ينجذب للجنس الاخر يلقب “سويا او مغايرا” بينما الذي ينجذب للجنسين يدعى مزدوج الميول الجنسية.

فالتعريف العام للمثلي جنسيا هو الذي ينجذب بشكل أساسي إلى أشخاص يماثلونه في نوع جنسه، وقد ينجذب بصورة ضئيلة أو معدومة إلى الجنس الاخر وليس من الضروري أن يعبر الشخص عن ميوله الجنسية من خلال ممارسة الجنس فعليا.

الخنثی فی رأي الفقهاء والاطباء

رأي الفقهاء: يقسم الفقهاء حالات الخنثى إلى نوعين:

اولا الخنثى غير المُشكِل: و هو الذي عنده ما للجنس الاخر مثلا امراة لها لحمة زائدة فوق فرجها لکن هذه اللحمة غیر فعالة او رجل عنده فتحة تحت قضیبه تشبه الفرج لکن لیست لها فعالیته ففی هذه الحالة التی تكون فيه علامات الذكورة فی مورد الرجل أو الأنوثة فی مورد المراة واضحة بينة فيعلم أنه رجل أو امرأة و يعامل على أساسه.

ثانیا الخنثى المُشكل: و هو الذي تختلط فيه علامات الذكورة والأنوثة فلا يعلم إن كان رجلا أو امرأة، وحيث أطلق لفظ الخنثى في كتب الفقه القديمة فإنه يراد به الخنثى المشكل.

وهو نوعان: نوع له التان ای الفرج و الذكر، و نوع ليس له الة بل

ص: 24

ثقب يبول منه، وغالبا ما يتعذر الحكم على الخنثى المشكل قبل البلوغ: هل يعتبر ذكرا أم أنثى ؟

فذهبوا في الفقه إلى أنه قبل البلوغ يحكم عليه من حيث يبول، فإن كانت له التان فبال من الذكر فهو غلام، وإن بال من الفرج فهو أنثى، أما بعد البلوغ فيتبين أمره بعلامات البلوغ نفسها، فإن أمنى اعتبر ذكرا، و أما إن ظهر له ثدي ونزل منه لبن و حاض فهو أنثى، فإن حصل الحمل والولادة فهما ایضا دليلان على الأنوثة.(1)

رأي الطب: قسم أهل الطب الخنوثة الی نوعين، و هذا التقسیم على أساس التكوين العضوي الداخلي للغدد الجنسية، ولهذا قالوا بوجود نوعين من الخنوثة:

1) الخنثى الحقيقية: وهي التي تجمع في أجهزتها الخصية والمبيض في الوقت نفسه، وهذه الحالة نادرة جدا.

2) الخنثى الكاذبة: التي تكون فيها الغدد التناسلية من الجنس نفسه ای إما مبايض وإما خصي وتكون الأعضاء التناسلية الظاهرة مخالفة لجنس الغدد التناسلية التي في الداخل، وهذه الحالة ليست نادرة فهي توجد بنسبة مولود واحد من كل 25 ألف ولادة .(2)

و تنقسم هذه الحالة الی:

اولا: خنثى كاذبة أصلها أنثى وظاهرها ذكر:

وهذه الحالة تكون في الأصل أنثى بناء على الکروزومات(3)

أي XX وعلى مستوى الغدة التناسلية عندها “مبيض“ ولكن الأعضاء التناسلية الظاهرة تشبه أعضاء الذكر، وذلک بنمو البظر نموا كبيرا حتى أنه

ص: 25


1- انظر موقع: مدرسة الفقاهة، درس: الشیخ مصطفی الاشرفي الشاهرودي، تاریخ: 89/11/ 29: https://ouo.io/ng4rmlH
2- نفس المصدر
3- “الکروزوم” او “الکروموسوم”: Chromosome جمع الکروزومات او کروموسومات، وهی کلمة یونانیة مکونة من شقین: “کروم” وتعنی لون أو صبغة، “وسوم” وتعنی جسم، ومعناها الجسیمات التی یمکن أن تأخذ لوناً معیناً، وتم ترجمتها بالصبغیات، وهی أجسام خیطیة توجد فی نواة الخلیة الحیة، تحم__ل المادة الوراثیة التی تحتوی على الجین_ات التی تحدد الصفات الممیزة للإنسان، وتتکون من البروتینات، والأحماض النوویة، وهی نوعان: کروموسومات جسدیة، وکروموسومات جنسیة. ینظر: الوراثة والإنسان، محمد الربیعی، ص 14

يشبه القضيب ويلتحم الشفران الكبيران مما يجعلهما يشبهان كيس الصفن(1) وتحدث هذه الحالة نتيجة إفراز هرمون الذكورة من الغدة الكظرية فوق الكلية لذلک يتجه خط سير الأعضاء التناسلية نحو الذكورة، وكذلک تحدث نتيجة لأخذ الأم لهرمون الذكورة أو البروجسترون لأي سبب من الأسباب.(2)

ثانیا: خنثى كاذبة أصلها ذكر وظاهرها أنثى:

وهذه الحالة تكون في الأصل ذكرا بناء على مستوى الصبغيات أي XY وعلى مستوى الغدة التناسلية “ خصية ” ولكن الأعضاء التناسلية الظاهرة تكون على شكل أعضاء الأنثى، وتحدث هذه الحالة نتيجة لعدة أسباب:

* أن الأعضاء التناسلية ورغم وجود الخصية، لديها مناعة لهرمون الذكورة التستوستيرون وبالتالي لا تتأثر لفعله فتظهر الأعضاء على شكل أعضاء أنثى.

* حدوث نشاط هرموني في الغدة الكظرية. وينتج هذا عن ورم نادر وخبيث في الغالب في الغدة الكظرية، وتفرز فيه الغدة الكظرية زيادة في هرمون الأنوثة الأوستروجين.

* أخذ الأم لهرمونات الأنوثة، خاصة في أول ثلاثة أشهر من الحمل.

و من ما مر عرفت الفرق بین فئة “الخنثی” و اصحاب “إضطراب الهوية الجنسية” و اما محل الاشتراک بین هذه الفئتین ان الخنثی ایضا قد تجری عملیات جراحیة علی اعضائها التناسلیة الزائدة ای ان الخنثی الذی یثبت انه امراة یزیل اللحمة الزائدة التی تشبه القضیب و لکن یوجد فرق بین العملیة التی تجریها الخنثی و اصحاب “إضطراب الهوية الجنسية” .

و هی ان عملیة الخنثی یقال لها تصحیح جنسي و عملیة فئة “إضطراب الهوية الجنسية” یقال لها التغییر الجنسي او التحویل الجنسي و قیل ان هناک فرق بين المصحح و المحول او المغییر، فالمصحح: مصطلح ينطبق على الخنثی الذی تجری عملیة استئصال للجهاز التناسلی الزائد

ص: 26


1- كيس الصفن هو محل نزول الخصيتين
2- انظر: https://ouo.io/0ecMC5

و هم أولئک الذين يعانون من تشويه خلقي في الأعضاء التناسلية، أي أن يكون لديهم جهازان تناسليان في ان واحد أو يكون هناک جهاز مضمور وبحاجة إلى إظهاره، أو تكون كروموسومات الشخص ذكرية، في حين أن مظهره الخارجي أنثوي أو العكس، هنا يحتاجون تدخل طبي للتصحيح .

و لکن المحول او المغییر: مصطلح ينطبق على اصحاب “إضطراب الهوية الجنسية” و هم الذین ليس هناک أي خلل خلقي بهم، بل حالة سلوكية أو نفسية تعتري الفرد لأسباب مختلفة، سواء كانت بيئية أو تربوية وما إلى ذلک تدعوه الی تغيير جنسه.

و اجاز اغلب العلماء تصحیح الجنس للخنثی خلافا للتحویل فی فئة الترنس سکشوال و ستری ان اغلبهم لم یجیزوه، قال الشیخ السبحاني(1)فی

ذلک:(2)

«القسم الثالث: من له التان لکن تترجح إحدی الالتین علی الأخری من کان له التان و تترجح أحدی الالتین علی الأخری و لو من جهة نزول البول، أو سائر العلامات، أو دلت الاختبارات الطبیعیة (آزمایش هایی که روی او انجام می گیرد)(3)علی هویته الواقعیة، فالتغییر فیه لیس تغییر الجنس و لا تغییرا فی الجنس، بل کشفا عن جنسه الواقعی، و هو هویته الحقیقیة حیث إن إجراء العملیة الجراحیة یرفع الستر عن واقعه و أنه رجل واقعا، أو امرأة کذلک، و إن عاش برهة فی الإبهام، و هذا ما یسمی فی الفقه بالخنثی غیر المشکلة.

إن إجراء التبدیل فی هذا النوع جائز شرعا و راجح عقلا، حیث

ص: 27


1- الشيخ جعفر بن محمد حسين السبحاني التبريزي. مرجع شيعي إيراني معاصر له بروز واضح في مجالات الكلام والتفسير والفلسفة، وهو مؤسس مؤسسة الإمام الصادق (علیه السلام) والمشرف عليها، وهي من المؤسسات الثقافية و الإسلامية في مدینة قم-ایران.
2- انظر: موقع: “مدرسة فقهات” عنوان: “ درس خارج فقه، آیت الله سبحاني ” ملقی فی تاریخ: 96/10/04 https://ouo.io/RVN0qg
3- عبارة توضیحیة بالفارسیة

تجری العملیة فی الالة الزائدة و لیست هي إلا لحما زائدا لا جزءأ من الجسم، و علی فرض استلزام هذا العمل الحرمة بسبب النظر و اللمس، فهي مرفوعة بحکم الضرورة، علی أنه إذا کانت امرأة واقعا و إن کانت بشکل الرجل یمکن إجراء العقد المؤقت مع الطبیب، فیما لو کان المباشر (الطبیب) واحدا.»

ثالثا: مُشتهیة لِبسة الجنس الآخر

یوجد قسم اخر یختلفون عن الترانس سکشوال و هو ذوی میول لبس ملابس الجنس الآخر و یسمونهم ب“ مُشتهي لِبسة الجنس الآخر“ بالإنجليزية: Transvestism(1) وهو یعتبر اضطراب نفساني و لبسة الجنس الآخر هي شكل من أشكال الفتشية، ونوع من الشذوذ أو الخطل الجنسي.

وفي هذا الاضطراب، يفضل الرجال ارتداء ملابس النساء، أو تفضل النساء ارتداء ملابس الرجال بشكل أقل شيوعا بكثير. ولكنهم لا يرغبون في تغيير جنسهم، مثل المتحولين جنسيا و هنا هو اول محل اختلاف “مشتهیة لبسة الجنس الآخر” مع “الترنس سکشوال” الذین یرغبون بتغییر جنسهم.

و الاختلاف الثانی لمشتهیة لبسة الجنس الآخر مع الترانس سکشوال هو انهم لا يكون لديهم شعور داخلي بالانتماء إلى الجنس الآخر، كما في الأشخاص المصابين بعدم الرضا الجنسي.

و يرتدي المصابون بلبسة الجنس الآخر تلک الملابس لأسباب أخرى غير التحفيز الجنسي على سبيل المثال، للحد من القلق، أو الاسترخاء، أو لتجربة الجانب الأنثوي من شخصياتهم في حالة الذكور کما انهم قد يسعون إلى تغيير أجسادهم عن طريق الهرمونات والجراحة التناسلية.(2)

و هذا المقیاس للفرق بین مُشتهي لِبسة الجنس الآخر و الترانس سکشوال ذکره هاري بنجامين (1885 - 1986 م) فی کتابه.(3) كان

ص: 28


1- مُشتهي لِبسة الجنس الآخر transvestit و یقال له ایضا مُشتهي الملابس المغايرة crossdresser.
2- انظر: https://ouo.io/l8neAx5
3- انظر الی المراجع التالیة: (1https://ouo.io/HtqRpv 2) https://ouo.io/QOnUcK 3) Benjamin H. Transsexual Phenomenon: A scientific report on transsexualism ad sex conversion in the human male and female. The Julian Press Inc.

هاري بنجامين اختصاصي في علم الغدد الصماء وتخصص في شؤون تغيير الجنس و هو من أوائل من افتتحوا عيادات تخصصت في تغيير الجنس للأشخاص من الجنسين.

و الجدیر بالذکر ان مصطلح مُشتهي لِبسة الجنس الآخر transvestit استحدث في بدايات القرن العشرون، لكن هذه الظاهرة لم تكن جديدة وقد أشير إليه في الكتب القدیمة تحت عنوان المخنثین.

بینما إضطراب الهوية الجنسية (Gender identity disorder) یختلف عن مشتهي لبسة الجنس الآخر کما قلنا و لا باس باعادة تعریف إضطراب الهوية الجنسية وهو تشخيص يطلقه أطباء وعلماء النفس و الفزيولوجيون على الأشخاص الذين يعانون من حالة من اللا إرتياح أو القلق حول نوع الجنس الذي ولدوا به.

يصف هذا التشخيص المشاكل المتعلقة بكره الجسد وعدم الإرتياح معه، ويكون عقل المصاب بهذا الخلل مشحونا بتغيير الجسد أو عملية تغییر الجنس الجسدي ليتناسب مع الهوية الجنسية.

و من ما مر عرفت الفرق بین فئة “مشتهیة لبسة الجنس الآخر” و اصحاب “إضطراب الهوية الجنسية” و انما ذکرنا ذلک حتی لا تختلط علیک المفاهیم و الصنوف المختلفة.

ص: 29

الفصل الثاني: القائلین بجواز تغییر الجنس و أدلتهم

اشارة

ص: 30

تمهید

لابد من عرض و مناقشة آراء علماء الاسلام و الفقهاء من الفریقین ای الشیعة و السنة مع التفصیل و نقل کامل کلامهم، لانهم اتجهوا الی اتجاهین.

الاتجاه الاول ذهب الی القول بتحریم اجراء عملیة تغییر الجنس و هو الرای السائد و قول اکثر العلماء، و لم یخالفهم الا القلیل من العلماء خصوصا بین فقهاء اهل السنة فان هذا هو رأی الجمهور عندهم حیث قال الربعی: “انه المجمع علیه و لا یلتفت الی قول المخالف”.(1)

و من قال بتحریم هذه العملیة بین اهل السنة هم: “المجمع الفقهي الاسلامي بمکة المکرمة” و “اللجنة الدائمة للافتاء بمجمع فقهاء الشریعة بامریکا” و المفتی السابق لمصر “الشیخ علی جمعه” و غیرهم.

و قسم اخر من علماء المسلمین افتوا بالجواز المطلق(2)

ومن ذهب الی هذا القول “السيد الخمیني” من الشیعة و بعضهم قال بالجواز اذا قرره الاطباء علاجا للمضطرین فی الهویة الجنسیة و ذهب الی هذا القول “الشیخ فیصل المولوي” و “الشیخ محمد سید طنطاوي” کما هو معروف عنه .

و هذا القول للشیخ محمد سید طنطاوي یتناقل فی المواقع لکن لم نجد له مصدرا معتمد فمثلا جاء فی مقال کتبته القانونية “أمل عبد الهادي مسعود” فی موقع سانا تحت عنوان: “الآثار القانونية لتغيير الجنس” منشور فی تاریخ 08/06/2014 جاء ما نصه:

«وقد أفتى مفتي الديار المصرية محمد سيد طنطاوي بعدم جواز إجراء جراحة تغيير النوع من ذكر إلى أنثى أو العكس، لمجرد الرغبة في ذلک، وأن جراحة التحويل لا تجوز إلا للضرورة وبشرط أن يرى الأطباء الموثوق بهم وجود دواع خلقية في جسد الشخص تستدعي هذه الجراحة وفي هذه الحالة يجوز إجراء

ص: 31


1- نقلا عن: “حكم تحويل الجنس، دراسة تقويمية في ضوء مقاصد الشريعة“ ل_: مصطفى بن محمد جبري شمس الدين و فرحان بن هسمادي، ص 53
2- ای اذا قرره الاطباء کعلاج للمضطریین فی الهویة الجنسیة او لا کمثل شخص یرید ان یغییر جنسه و ان لم یکن فیه اضطراب فی الهویة الجنسیة

الجراحة ويعتبر تداويا مشروعا من علة جسمية وهذا هو رأي شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد.»(1)

ادلة الجواز

اشارة

نبحث هنا الأدلة التي تمسک بها العلماء المجوزون لتغییر الجنس البشري و هی کالاتي:

اولا: الإضطرار

الإضطرار والضرورة وردت في القرآن الكريم بكل مشتقاتها عدة مرات کقوله تعالى: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾(2)

و قوله تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾(3)

و قوله تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾(4) و قوله تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾(5).

والإضطرار هو ما يحصل اذا لم نتجنبه الموت أو المرض أو العجز عن الواجبات قال الفيومى:(6)«اضطره : بمعنى ألجأه إليه و ليس له منه بد و الضرورة اسم من الاضطرار».

وقال ابن منظور:(7)«و

الاضطرار: الاحتياج إلى الشي ء، و قد اضطره إليه أمر والاسم الضرة».

جاء في كتاب “نظرية الضرورة الشرعية” للأستاذ وهبة الزحيلي:(8)

«أن يطرأ على الإنسان حالة من الخطر أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو أو بالعرض أو

ص: 32


1- انظر: http://www.sns.sy/ar/node/49958
2- الأنعام: 119
3- البقرة: 173
4- المائدة: 3
5- الأنعام: 145
6- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، ج 2، ص360
7- لسان العرب، ج 4، ص: 483
8- نظرية الضرورة الشرعية، وهبة الزحيلي، ص 67 - 68

بالعقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين حينئذ ارتكاب الحرام أو ترک الواجب أو تأخيره عن وقته دفعا للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع»(1)

و من الاشیاء التی تترتب ارتفاع التكليف لاجل الإضطرار هو الاثم فان المسلم اذا عمل عملا بالاضطرار، لا یکون آثما علی فعله الاضطراری و بالنتیجة لا یکون مستحقا للعذاب الاخروی.

یستفاد ذلک من عدة أدلة دینیة کحدیث الرفع (رفع ما اضطروا إليه) الذی معناه رفع المؤاخذة. (2)

ص: 33


1- و قال نزیه حماد: (معجم المصطلحات المالیة و الاقتصادیة في لغة الفقهاء، ص: 288) «الضرورة في اللغة: اسم من الاضطرار، و هو الإكراه و الإلجاء. أما في الاصطلاح الفقهي: فهي الحالة الملجئة لاقتراف الممنوع، أو ترک فعل المطلوب، بحيث يغلب على ظن المكلف أنه إن لم يرتكب المحظور هلک أو لحقه ضرر جسيم ببدنه أو ماله أو عرضه، مما يجعله فاقد الرضا بما يأتي، و إن اختاره لمفسدته المرجوحة. و قد جعل الشرع هذه الحالة الاستثنائية رافعة للحكم التكليفي الأصلي بطلب الفعل أو الترک، قال تعالى: ﴿ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ﴾ [الأنعام: 119]، ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ [البقرة: 173]، و على ذلک جاء في القواعد الفقهية: الضرورات تبيح المحظورات و ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها».
2- حديث الرفع هو ما روی فی کتاب الکافی للکلیني عن رسول الله (ص): (الكافي، ج 4، ص289) «الحسين بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدي رفعه عن أبي عبد الله (علیه السلام)، قال: قال رسول الله (ص): وضع عن أمتي تسع خصال: الخطأ، و النسيان، و ما لايعلمون، و ما لايطيقون، و ما اضطروا إليه ، و ما استكرهوا عليه، و الطيرة و الوسوسة في التفكر في الخلق، و الحسد ما لم يظهر بلسان أو يد» روی ایضا فی کتاب: التوحيد للصدوق، ص 353، ح 24، و الخصال للصدوق، ص 417، باب التسعة، ح 9، بسند آخر. الاختصاص للمفید، ص 31، مرسلا، إلى قوله: «و ما استكرهوا عليه»، تحف العقول لابن شعبة الحراني ، ص 50، عن النبي (ص)، روی مع اختلاف يسير في كل هذه الکتب. و روی فی کتاب الوافي للفیض الکاشانی، ج 5، ص 1085، ح 3604، الوسائل للحر العاملی، ج 15، ص 370، ح 20771، البحار للمجلسی، ج 2، ص 280، ذيل ح 47. و الطيرة - بفتح الياء - هي التشاؤم بالشي ء. فنفاه الشرع و أبطله و نهى عنه، و أخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضر. انظر: النهاية، ج 3، ص 152 (طير)

قال السيد الخوئي:(1)

«فلا ينبغي الإشكال في أن الإضطرار إلى فعل المحرم أو ترک الواجب يرفع الإلزام عن ذلک الفعل، لحديث الرفع و غيره مما دلّ على حلية الفعل عند الاضطرار»

و استخرج من هذه النصوص بعض الفقهاء قاعدة “الضرورات تبيح المحظورات”(2) حیث ان مقتضى هذه القاعدة ارتفاع الحرمة بالإضطرار إذا كان رفع الإضطرار مترتب على ارتكاب الحرام.(3)

والإضطرار هو الحاجة الشديدة کما قلنا والمحظور: المنهي عن فعله، ومعنى القاعدة: أن الممنوع شرعا يباح عند الضرورة، وقد مثل الفقهاء لهذه القاعدة بأمثلة منها: إباحة أكل الميتة عند المخمصة، أي المجاعة و إباحة كلمة الكفر للمكره عليها بقتل أو تعذيب.

قال السيد الخوئي:(4)

«فالذي تقتضيه القاعدة في نفسها، أن العمل الاضطراري أو الذي أتى به تقية كلا عمل، لأنه معنى رفعه فكأنه لم يأت به أصلا، كما أنه لازم كون العمل عند التقية من الدين، فاذا كان الحال كذلک فترتفع عنه جميع اثاره المترتبة عليه لارتفاع موضوعها تعبدا، فلا تجب عليه الكفارة إذا أفطر في نهار شهر رمضان متعمدا، لأن إفطاره كلا إفطار، أو لأن إفطاره من الدين و لا معنى لوجوب الكفارة فيما يقتضيه الدين و التشريع.»

تقریر الاستدلال: استدل المُستدل بدلیل الاضطرارعلی جواز تغییر الجنسیة و قال ان الترنس سکشوال مضطر حیث اذا لم یعالج الترنس نفسه بحقن هرمونات الانوثة فی مثل مورد الترنس الذکر و ازالت آلته

ص: 34


1- موسوعة الإمام الخوئي، ج: 5، ص: 232
2- هذه الروایة ایضا تدل علی هذه القاعدة الفقهیة، قال الامام الصادق (علیه السلام): «و ليس شي ء مما حرم الله إلا و قد أحله لمن اضطر إليه» و کامل الروایة هی: (تهذيب الأحكام، ج 3، ص: 177) «الحسين بن سعيد عن فضالة عن حسين عن سماعة عن أبي بصير قال: سألته عن المريض هل تمسك له المرأة شيئا يسجد عليه فقال لا إلا أن يكون مضطرا ليس عنده غيرها و ليس شي ء مما حرم الله إلا و قد أحله لمن اضطر إليه .»
3- انظر: مباني الفقه الفعال في القواعد الفقهیة الأساسیة، للشیخ سیفي المازندراني، ج: 1، ص: 104
4- موسوعة الإمام الخوئي، ج: 5، ص: 233

الجنسیة و غیره مما مرعلیک اوقع نفسه بضرر شدید کان یقدم علی الانتحار او یعزل نفسه عن الناس او تصیبه کآبة شدید تنکد عیشه و قد توصله إلى حد الجنون او لا یقدر معها ان یعیش کشخص عادی مثل الاخرین .

فالإضطرار فی الترنس سکشوال نفس الإضطرار فی الذی وقع فی المخمصة حیث اذا لم یأكل لحم الميتة لمات أو اصیب بمرض لا یتحمل عادة.

و فیه: اذا رفعت حرمة قطع العضوء کما علیه اغلب الفقهاء، بدلیل الضرورة و جوزنا تغییر الجنسیة لاصحاب الاضطراب الهویة الجنسیة یبقی امر و هو ان صاحب هذا الاضطراب (فی مورد الترنس الرجل(1)) یشعر بانه امراة لکنه فی جسم رجل و هدفه من اجراء العملیة هو تطابق بدنه مع شعوره الجندري حتی دافعه الاصلی لتغییر جسمه بالعملیة هو ان یتقبله المجتمع کامراة و یعاشر النساء کامراة و واحدة منهن یکشفن عنده الحجاب و ماشابه و ینظرون الیه الرجال الاخرون کامراة او حتی لیتقدم احد ما لتزوجه و یکون مع بیت عائلی کامراة، هذا هو هدفهم من تغییر جنسهم فان اضطرابهم الداخلی لا یرفعه مجرد ازالة الآلة الجنسیة او بروز الثدیین و غیرها من مواصفات النساء بل یحتاجون مع ذلک تقبل المجتمع لهیئتهم الجدیدة .

و مما مر عرفت ان عملیة تغییر الجنس تترتب علیها محرمات اخری غیر قطع الاعضاء ففی مثل الترنس الرجل بعد العملیة و بعد ان یصیر ببدنه الجدید امراة عندئذ یختلط مع النساء و ینظر الی ما یحرم النظر الیه من اجسامهن او نکاحه من قبل رجل اخر یکون لواطا و ان کانت الترنس امراة(2) ثم تحولت لرجل و تزوجت مع امراة اخری بعد العملیة یکون نکاحهما سحاقا و هکذا قد تترتب محرمات الاخری. و

ص: 35


1- يقال لهم: trans woman و هو وُلد كذكر ثم تحول الی أنثى و یقال له: “أنثی متحولة جنسيا” أو “أنثى عابرة جنسيا“ او “الترانس ومن ” و يقال له: “MTF” مخفف: Male To Female
2- يقال له: trans man او “الرجل المتحول جنسيا” او “الترانس مان“ و هی امراة ولدت بجسم امراة ثم عبرت من جنس الإناث إلي جنس الرجال و یقال له: “FTM” مخفف: Female To Male

قد التفت الی هذا الامر الشیخ سيفي المازندراني حیث قال:(1)

«قد یقال ان لبعض الاشخاص طبعا ینفر الجنس المخالف من حیث المیل الجنسي نفرة شدیدة و له میل شدید الی الجنس المماثل بحیث یقع بسبب کف النفس عن النکاح المماثل فی الحرج فهل یجوز لمثل هذا الشخص تغییر الجنسیة؟

و الجواب: ان جواز تغییر الجنسیة لمثل هؤلاء الاشخاص علی فرض وجودهم فی الخارج واقعا انما یجوز بشرطین: احدهما ان یقع من اجل ذلک فی الحرج الشدید الرافع للتکلیف حقیقة.

ثانیهما توقف رفع هذا الحرج علی تغییر الجنسیة بحیث لا یمکن علاج ذلک بدواء و کان رای الاطباء الحاذقین توقف علاجه علی تغییر الجنسیة .

ولا یخفی ان تشخیص هذا التوقف فی عهدة الاطباء الحاذقین و اما تشخیص الحرج الشخصی ففی عهدة شخص من یرید تغییر الجنسیة و اما تشخیص الحرج النوعی بان کانت المشقة بالغة الی حد لا تتحمل عادة لنوع الناس و غالبهم ففی عهدة العرف و ان کان احراز ذلک فی عهدة شخصه و الاقوی اعتبار بلوغ المشقة الی هذا الحد کما حققناه فی محله.(2)

اللهم الا ان یقال بان تغییر الجنسیة لما لا یتحقق حقیقة بل انما القابل للتحقیق مجرد تغیر الآلات التناسلیة و الاعضاء الهندامیة یکون فی ماهو المتحقق الرائج من التغییر فسادا بل افسادا و اشاعة للفحشاء و دلیل نفی الحرج لا یرفع حرمة موجب اشاعة الفحشاء و الافساد بای وجه حیث انه مما یقطع بعدم رضی الشارع بوقوعه بای وجه.

هذا مضافا الی دخول نکاحه حینئذ فی عنوان اللواط او المساحقة و علیه فیحرم تغییر الالات حینئذ اما لوقوعه بذلک فی اللواط او المساحقة لفرض عدم التغییر الواقعی نعم یکون الحرام حینئذ نفس فعل النکاح لا عملیة التغییر بنفسها»

ص: 36


1- کتاب: حلقات الفقه الفعال، للشیخ سیفي المازندراني، ج 1، ص 178
2- قال المؤلف فی الحاشیة: «قد حققنا ذلک و فصلنا البحث عنه فی الجزء الرابع من کتابنا مبانی الفقه الفعال»

ثانیا: یجوز من باب التداوي

قیل بانه یجوز اجراء عملیة تغییر الجنس من باب التداوي، لأن الفرد الترنس سکشوال بالواقع مبتلی بمرض نفساني و لکل مریض ان یعالج نفسه بما یصلح نفسه بها و من هنا یجوز للترنس معالجة نفسه و معالجته تکون فی تغییر جنسه بقطع أحد اعضائه او استعمال الأدوية و الهورمونات(1)

الخاصة.

استدل بذلک الشيخ “جاد الحق“(2)

شيخ الأزهر السابق، نقل هذا الدلیل الشيخ “عطية صقر“ من علماء الأزهر في کتابه فقال كلاما مفيدا حول هذه المسألة وأعقبه بذكر فُتيا الشيخ “جاد الحق“ قال ما نصه:(3)

«إن الذكورة لها أعضاؤها التى من أهمها: القُبُل والخصية وما يتصل بها من حبل منوى وبروستاتا، ومن الآثار الغالبة للذكورة عند البلوغ الميل إلى الأنثى، وخشونة الصوت ونبات شعر اللحية والشارب وصغر الثديين وللأنوثة أعضاؤها التى من أهمها: المهبل والرحم والمبيض وما يتصل بها من قناة فالوب وغيرها، ومن آثارها الغالبة عند البلوغ الميل إلى الذكر ونعومة الصوت وبروز الثديين وعدم نبات شعر اللحية والدورة الشهرية. وقد يولد شخص به أجهزة الجنسين، فيقال له: خنثى، وقد تتغلب أعضاء الذكورة وتبرز بعملية جراحية وغيرها فيصير ذكرا، يتزوج أنثى وقد ينجب. وقد تتغلب أعضاء الأنوثة وتبرز بعملية جراحية وغيرها فيصير أنثى تتزوج رجلا وقد تنجب. أما مجرد الميول الأنوثية عند رجل كامل الأجهزة المحددة لنوعه فهى أعراض نفسية لا تنقله إلى حقيقة الأنثى،

ص: 37


1- الهرمونات هي مواد كيماوية موجودة في الجسم تعمل بكميات غاية في البساطة و تدور في الدم بصفة مستمرة، و لها أبعد الأثر في وظائف أعضاء الجسم جميعا الخامل منها و العامل، حتى تصرفات الشخص و أخلاقياته و عاداته و أحكامه على الامور و على الأشخاص، كل ذلک يكون تحت سيطرة هذه الهرمونات.
2- الشيخ جاد الحق علي جاد الحق (إبريل 1917 - 16 مارس 1996)، عين الشيخ جاد الحق مفتيا للديار المصرية في أغسطس 1978 م و بلغت فتاواه في الفترة التي قضاها مفتيا للديار المصرية نحو 1328 فتوى. عين وزيرا للأوقاف المصریة في ربيع الأول 1402 ه / يناير 1982، وظل به شهورا قليلة، اختير بعدها شيخا للجامع الأزهر في 13 جمادى الأولى 1402 ه / 17 مارس 1982.
3- موسوعة أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام (المعاملات)، ج 5، ص 170

وقد تكون الميول اختيارية مصطنعة عن طريق التشبه فتقع فى دائرة المحظور بحديث لعن المتشبه من أحد الجنسين بالآخر، وقد تكون اضطرارية يجب العلاج منها بما يمكن، وقد يفلح العلاج وقد يفشل، وهو مرهون بإرادة الله سبحانه.

كما أن مجرد الميول الذكرية عند امرأة كاملة الأجهزة المحددة لنوعها لا تعدو أن تكون أعراضا لا تنقلها إلى حقيقة الذكورة فتقع فى دائرة المحظور إن كانت اختيارية ويجب العلاج منها إن كانت اضطرارية.

هذا، وقد رفع طلب إلى دار الإفتاء المصرية فأجاب عنه الشيخ جاد الحق على جاد الحق بتاريخ 27 من يونية 1981 م بما خلاصته: إن الإسلام أمر بالتداوى، ومنه إجراء العمليات الجراحية بناء على حديث رواه مسلم أن النبى (صلی الله علیه و آله و سلم)أرسل طبيبا إلى أبىِّ بن كعب فقطع عرقا وكواه، وأنه نهى عن التخنث المتعمد المتكلف كما رواه البخارى ومسلم ثم قرر أنه يجوز إجراء عملية جراحية يتحول بها الرجل إلى امرأة، أو المرأة إلى رجل متى انتهى رأى الطبيب الثقة إلى وجود الدواعى الخلقية فى ذات الجسد بعلامات الأنوثة المغمورة أو علامات الرجولة المغمورة، تداويا من علة جسدية لا تزول إلا بهذه الجراحة.

ومما يزكى هذا ما أشار إليه القسطلانى والعسقلانى فى شرحيهما لحديث المخنث من أن عليه أن يتكلف إزالة مظاهر الأنوثة.

وهذا التكلف قد يكون بالمعالجة والجراحة علاج، بل لعله أنجح علاج. لكن لا تجوز هذه الجراحة لمجرد الرغبة فى التغيير دون دواع جسدية صريحة غالبة، وإلا دخل فى حكم الحديث الشريف الذى رواه البخارى عن أنس قال: “لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء، وقال “أخرجوهم من بيوتكم “ فأخرج النبى فلانا وأخرج عمر فلانا. وإذ كان ذلک جاز إجراء الجراحة لإبراز ما استتر من أعضاء الذكورة أو الأنوثة، بل إنه يصير واجبا باعتباره علاجا متى نصح بذلک الطبيب الثقة، ولا يجوز مثل هذا الأمر لمجرد الرغبة فى تغيير نوع الإنسان من امرأة إلى رجل، أو من رجل إلى امرأة“»

و فیه: إن هذا الفرض یمکن ان تشمله أدلة التشبه حيث إن الرجل لا

ص: 38

يخرج من خلال استخدامه للهرمونات او قطع عضو من اعضائه عن جنس الذكورية و لا المرأة تخرج عن جنس الانوثیة، بل الذي يحصل هو تشبه الرجل بالمرأة فمثلا الرجل اذا ظهر له ثدي کثدي المرأة من خلال حقنه بالهرمونات أو تشبهة المرأة بالرجل في جسدها من خلال حقنها بالهرمونات التی تسبب انبات اللحیة مثلا، فهذا یمکن ان یعد تشبه المرأة بالرجل و بالعکس و التشبه لا ينحصر في اللباس كما هو معلوم.

ثالثا: یجوز بالعناوین الثانویة

العناوين جمع العنوان، والعنوان هو لفظ يحكي عن مفهوم ما، مثل لفظ الجاهل الذي يحكي عن مفهوم من لم يثبت له العلم.

قسم علماء أصول الفقه الأحكام الشرعية إلى الأحكام الأولية والأحكام الثانوية، فأما الأحكام الأولية: فهي أحكام جعلت للمواضيع في ظروفها العادية كالحكم بحرمة اکل لحم المیتة، وأما الأحكام الثانوية فهي أحكام جعلت للمواضيع في ظروفها الاستثنائية، کجواز اکل لحم المیتة إذا توقفت حياة الشخص عليه رغم أنه حرام في ظروفه العادية.(1)

قال السيد محسن الخرازي فی مقالته تغيير الجنسية:(2)

«لو كان ذلک(3) لغرض المعالجة كما إذا كان شخص له ميول مخصوصة بالجنس المخالف بحيث صارت تلک الميول موجبة لحدوث اختلالات في جسمه و روحه أو كانت مصلحة ملزمة اخرى للتغيير هي أهم فلا إشكال. أما الأول فلأنه معالجة و ضرورة المعالجة تبيح المحظورات، و أما الثاني فلأهمية المصلحة الملزمة بالنسبة إلى حرمة الإضرار، و حرمة النظر و حرمة اللمس أيضا مرتفعتان بضرورة المعالجة و أهمية المصلحة الملزمة.»

و ناقش هذا القول الشیخ السبحاني قائلا:(4)

ص: 39


1- لم تحص العناوين الثانوية في الفقه لكن أشهرها هي: حفظ النظام، الاضطرار، والضرر، والعسر والحرج، والإكراه، والتقية، والنذر، والعهد، والقسم، ومقدمة الواجب والحرام، وأمر الوالد ونهيه، والأهم والمهم، والإعانة على الظلم.
2- مجلة فقه أهل البيت (علیه السلام) (بالعربية)، ج 13، ص: 24
3- ای اجراء عملیة تغیر الجنسیة
4- مسائل فقهیة للسبحاني، ص: 27

«وأما تجويزه بالعناوين الثانوية من أنه من مقولة المعالجة التي تبيح المحظورات، أو المصلحة الملزمة وغيرها، فلايخلو من إشكال من جهتين: أولا: أن المعالجة وإن كانت تسبب تجويز بعض الأمور المحظورة، لكنها محددة بما إذا فيها صلاح المريض وحياته، لا مثل هذا العمل الذي يسبب الاستمتاع به بوجه غير شرعي.

وثانيا: فرضنا وجود المصلحة فيه لكن المفسدة المترتبة على هذا النوع من التبديل أكثر من المصلحة التي ترضي صاحبها، وقد عرفت أن نتيجة هذا النوع من التبديل هو استمتاع الرجال بعضهم ببعض، وهو فاحشة وساء سبيلا.

أفيمكن تجويز تلک المفسدة الكبيرة بحجة أن فيه رفع الضرورة عن رجل له رغبة في التأنث ؟ لا أظن أن فقيها يجوز ذلک.

وثالثا: أن بعض الأطباء الذين يقومون بإجراء هذه العملية يتمسكون بأن هذا الصنف من الرجال إذا لم تجر لهم هذه العملية ربما ينتحرون، وجعلوا هذا الأمر تبريرا لقيامهم بإجراء هذه العملية.

ولكن الاستدلال كما ترى موهون، لأن حفظ النفس الخبيثة ليس بأهم من جعله بؤرة للفساد. إلى هنا تبين أن هذا القسم وهو الرائج حاليا حرام شرعا وقبيح عرفا. فظهر مما ذكرنا أن التغيير في الجنس بالنحو المذكور لايخرج المورد عن الجنس الأول أولا، وأنه حرام ثانيا.»

رابعا: أصالة العدم

هذا الاصل يستدل به لإثبات عدم اشتغال الذمة بالتكاليف، ونفي الأحكام الوضعية، وكذا الموضوعات الخارجية إذا كان لها أثر، فيقال: الأصل عدم اشتغال ذمة المكلف بحرمة كذا أو وجوب الجمعة مثلا، والأصل خلو ذمة زيد عن ضمان كذا، والأصل عدم موت المورث، والأصل عدم تنجس الثوب أو البدن، والأصل عدم الاشتراط، أو الجزئية، وهكذا.

اذا عرفت ذلک ففی مورد بحثنا و هو اجرا عملیة تغییر الجنس المستدل بهذا الدلیل قال اننا لم نشاهد ای دلیل علی حرمة تغییر الجنسیة و الاصل فی الاشیاء عدم الحرمة الا ان یقوم دلیل علی حرمتها لانه اذا لم یاتی بیان من الشارع مثل آیة قرآن او حدیث

ص: 40

صحیح یدل علی الحرمة عمل ما، فهنا لا تکلیف علی المسلم لانه لا یصح مؤاخذته الا بعد ان تقام علیه البراهین و کما هو معروف عند العلماء “عدم وجود الدليل، دلیل علی عدم وجوب الشئ”.

خصوصا مع ورود روایات تدل علی حلیة کل شئ ما لم یدل دلیل علی حرمته مثل قولهم (علیه السلام): «اسكتوا عما سكت الله عنه»(1).

و لعل الی هذا الامر اشار الشیخ حسین علی المنتظري:(2)

«والظاهر أنه لا دلیل علی حرمته ذاتا ولکن إذا کانت مقدماته محرمة شرعا کنظر الأجنبی إلی عورته أو لمسه لها فلایجوز إلا مع صدق الضرورة، کما إذا فرض وجود تمایلات الجنس المخالف فیه شدیدا وغلبت فیه مقتضیات طبعه بحیث یکون بحسب الطبع من مصادیقه أو قریبا منه ولم یکن إبرازه وعلاجه إلا بالعلمیة، ففی هذه الصورة لامانع منه، لصدق العلاج و الضرورة علیه، بل ربما یجب إذا توقف العمل بالوظائف الشرعیة علی ذلک».

خامسا: أصالة الإباحة

مفاد هذه القاعدة هو أنه إذا شككنا في حرمة شيء أو حلیته فإن الأصل فيه هو الحلیة حتى نعلم حرمته يقينا وعلى هذا الأصل نبني على حلية كل ما يشک في حرمته .

و فی اجراء عملیة تغییر الجنس یدعی المستدل انه لا دلیل علی حرمته و لذا نجری علیه حکم الاصل و هو أصالة الإباحة .

و یجب فی اصالة الاباحة و أصالة العدم کونهما لم یتعارضا بدلیل شرعی کآیة او روایة او ماشابه لانهما من الأصول فلو وجدنا حول هذا الموضوع أمارة شرعیة تتقدم علیهما.(3)

و فیه: من قال بحرمة تغییر الجنس استدل بآیات و روایات ستاتی فی الفصل الثالث و اذا تمت تلک الادلة لا یبقی مجال لاجراء اصالة

ص: 41


1- عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية، ج 3، ص: 166 و السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي (و المستطرفات)، ج 1، ص126
2- دراسات فی المکاسب المحرمة، ج 2، ص 517- 518
3- انظر موقع: مدرسة الفقاهة، درس: الشیخ مصطفی الاشرفي الشاهرودي، تاریخ: 89/11/20: https://ouo.io/ZZX56Y

الاباحة او اصالة عدم الحرمة او حتی أصالة البراءة و ذلک بمقتضى قاعدة أن الاصل اصیل حیث لا دلیل.

ص: 42

علماء افتوا بجواز تغییر الجنس

السيد الخمیني

السید الخمیني(1)

أول عالم شیعي اجاز تغییر الجنس و فتواه فی جواز تغییر الجنسیة احدثت انفراجة کبیرة بالنسبة لفئة الترانس سکشوال حیث سمح لهم بتغییر جنسهم فی ایران و اجریت عدة ابحاث جامعیة و حوزویة فی هذا البلد حول موضوع تغییر الجنسیة و فسح المجال لهم للظهور فی الإعلام، فلا بد من نقل کامل الفتوی و ما صاحبها من احداث.

قال السيد الخميني فی کتابه تحرير الوسيلة ما نصه:(2)

«مسألة 1_ الظاهر عدم حرمة تغيير جنس الرجل بالمرأة بالعمل وبالعكس، وكذا لا يحرم العمل في الخنثى ليصير ملحقا بأحد الجنسين، وهل يجب ذلک لو رأت المرأة في نفسها تمائلات من سنخ تمائلات الرجل أو بعض آثار الرجولية أو رأى المرء في نفسه تمائلات الجنس المخالف أو بعض آثاره ؟ الظاهر عدم وجوبه إذا كان الشخص حقيقة من جنس ولكن أمكن تغيير جنسيته بما يخالفه.»

ص: 43


1- السيد روح الله الموسوي الخميني (1320 - 1409 ه_ /1902 - 1989 م) الذي اشتهر بلقب “الإمام الخميني“ يعد من مراجع التقليد عند المسلمین الشیعة في القرن الرابع عشر والخامس عشر. انتصرت الثورة في إيران تحت قيادته سنة 1979 م، التي أدت إلى إسقاط الحكم البهلوي وتأسيس نظام الجمهورية الإسلامية في إيران.
2- تحرير الوسيلة، السيد الخميني، ج ٢، ص ٦٢٦

قال السيد الخميني في مقدمة تحرير الوسيلة(1):(2)

«و بعد فقد علقت في سالف الزمان تعليقة على كتاب وسيلة النجاة تصنيف السيد الحجة الفقيه الأصبهاني قدس سره العزيز، فلمّا أقصيت في أواخر شهر جمادي الثانية عام 1384 الهجري القمري عن مدينة قم إلى بورسا من مدائن تركيا لأجل حوادث محزنة حدثت للإسلام و المسلمين لعل التاريخ يضبطها و كنت فارغ البال تحت النظر و المراقبة فيها أحببت أن أدرج التعليقة في المتن لتسهيل التناول، و لو وفقني اللّه تعالى لأضيف إليه مسائل كثيرة الابتلاء»

فزمن تحريرالکتاب في سنة 1384 الهجري القمري(3)

ای فی هذه السنة افتی السيد الخميني بجواز تغيير الجنسية ثم بعد اربع سنوات ای في سنة 1388 الهجري القمري(4)

في النجف الأشرف قد انتشر هذا الكتاب.

و في 17 / 9 / 1366 الهجري الشمسي(5) أعلنت مراكز الدولة في

ص: 44


1- تحرير الوسيلة كتاب جامع للأبواب الفقهية، وبعبارات بسيطة، وهو حاشية (تعليقات) السيد الخميني على كتاب وسيلة النجاة للسيد أبي الحسن الأصفهاني المتوفي عام 1365 ه وكتاب تحرير الوسيلة يحتوي على أكثر المسائل الابتلائية بصورة منظمة ودقيقة، وقد طبع في مجلدين. إن نفي السيد الخميني إلى مدينة بورصة التركية في عام 1384ه، منحه فرصة ليستغل أوقاته قرابة أحد عشر شهرا من الإقامة الجبرية في تلک المدينة، وكتب الحاشية المذكورة على نص كتاب وسيلة النجاة، ثم سماه بتحرير الوسيلة، ومن ثم نفي السيد الخميني من تركيا إلى العراق وأقام في النجف، وقد أضاف المسائل المتعلقة بالحج والصلاة المستحبة والدفاع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقضاء والشهادة والقصاص والدية وكثيرا من المسائل المستجدة التي قد درسها أثناء إقامته في قم. و الكتاب يشتمل على نظريات السيد الخميني، حيث تحتل أضافات تحرير الوسيلة حوالي ثلث الكتاب، وأما المسائل المستحدثة في تحرير الوسيلة تشتمل على قضايا التأمين، والحوالات، والعمليات المصرفية، وبطاقة اليانصيب، والتلقيح الاصطناعي، والتشريح، وزراعة الأعضاء، وتغيير الجنس، والإذاعة والتلفزيون، وبعض المسائل المتفرقة التي وردت في اخر الكتاب.
2- تحرير الوسيلة، ج 1، ص: 4
3- في التقويم الميلادي بين سنتي 1964 و1965
4- ای فی سنة 1347 الهجری الشمسی کما نقله احد تلامذة السيد الخميني
5- الهجري الشمسي هو التاریخ الایراني و یقارن: 10 ديسمبر 1987 من المیلاد

إيران جواز تغيير الجنسية.

مريم مولک آرا

مريم خاتون مولكارا (بالفارسية: مریم خاتون مُلکارا) هي ناشطة حقوقية إيرانية مدافعة عن حقوق الترانس سکشوال في إيران، ولدت عام 1950 میلادی، کولد و کان اسمها حینئذ “فریدون مولكارا“ و اشتهرت مولكارا كأول ترانس سکشوال بفتوى إسلامية من السيد الخميني.

كانت مولكار منذ طفولتها تشعر بإختلال في هويتها الجندرية، فقالت في مقال لها في صحيفة ذي إندبندنت البريطانية عام 2004:(1)

«عندما كنت طفلة، كنت أصرخ بشدة كلما حاول أحدهم أن يجعلني أرتدي ملابس الفتيان وعندما كنت أذهب إلى محل الألعاب، كنت أطلب شراء الدمى، بدلا من ألعاب الفتيان»

و بعد انتصار الثورة فی ایران بقیادة السيد الخمیني قررت مولكار أخذ فتوى شرعية منه للتحول جنسيا، وأرسلت مولكار رسالة إلى الخميني تشرح فيها رغبتها في التحول جنسيا، وتطلب منه إصدار فتوى تسمح لها بإجراء العملية.

وبعد عدة أشهر قررت الذهاب بنفسها إلى مقر إقامة السيد الخميني، و هناک اعطاها نص خطی(2)

مکتوب فیه بختمه یجیز لها تغییر الجنسیة و قال ما نصه:

«یجوز تغيير الجنسیة شرعا اذا قرر ذلک الطبیب المعتمد بقوله، ان شالله تکونون آمنین انتم و من ذکرتموهم و ارجوا ان یراعوا حالکم»(3).

واستطاعت في النهاية إجراء العملية في تايلاند عام 1997، إذ لم يكن

ص: 45


1- انظر: https://ouo.io/Hx2DESu
2- معروف بین العلماء بالاستفتاء
3- نص الفتوای بالفارسیة:«بسمه تعالی تغییر جنسیت با تجویز طبیب مورد اعتماد اشکال شرعی ندارد انشاءالله تعالی در امان بوده باشید و کسانی که شما ذکر کرده اید امید است مراعات حال شما را بکنند.»

امکانیات اجرائها في إيران في ذلک الوقت.

صورة الفتوی المکتوبة بخط ید السيد الخمیني:

ص: 46

الشیخ المنتظري

الشیخ حسين علي المنتظري(1)

ایضا من العلماء الذین افتوا بجواز تغییر الجنس، قال فی کتابه دراسات في المكاسب المحرمة تحت عنوان “حكم تغيير الجنسية“ ما نصه: (2)

«يمكن أن يتوهم أن من التشبه المنهي عنه تغيير الجنسية المتداول في عصرنا. و هذا توهم فاسد، إذ معنى تشبه أحد الجنسين بالاخر تشبهه به في الزي و اللباس أو في الرابطة الجنسية مثلا مع حفظ أصل الجنسية.

و أما تغييرها بالكلية و تبديل الموضوع حقيقة فلا يصدق عليه التشبه كما هو واضح. و هل يجوز تغيير الجنسية مطلقا أو لا يجوز مطلقا أو يجوز مع صدق المعالجة عليه و لزومها عرفا أو شرعا؟ وجوه. و الظاهر أنه لا دليل على حرمته ذاتا و لكن إذا كانت مقدماته محرمة شرعا كنظر الأجنبي إلى عورته أو لمسه لها فلا يجوز إلا مع صدق الضرورة، كما إذا فرض وجود تمايلات الجنس المخالف فيه شديدا و غلبت فيه مقتضيات طبعه بحيث يكون بحسب الطبع من مصاديقه أو قريبا منه و لم يكن إبرازه و علاجه إلا بالعملية، ففي هذه الصورة لا مانع منه، لصدق العلاج و الضرورة عليه، بل ربما يجب إذا توقف العمل بالوظائف الشرعية على ذلک.

و كيف كان فأصل العمل لا دليل على حرمته ذاتا و إن حرم بعض مقدماته إذا لم تكن ضرورة فإن قلت: قوله تعالى في سورة النساء: ﴿ وَلآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلقَ اللَّهِ ﴾ يدل على حرمة تغيير الصورة التي خلقها الله تعالى. قلت: الأخذ بإطلاق الاية يقتضي حرمة جميع الصنائع و التغييرات في نظام الطبيعة، و لا يلتزم بذلک أحد. و لعل المراد في الاية بمناسبة الحكم و الموضوع تغيير العقائد الحقة و أحكام الفطرة التي فطر الناس عليها بسبب وسوسة الشيطان.

قال الطبرسي في مجمع البيان في ذيل الاية: “قيل: يريد دين الله

ص: 47


1- آية الله العظمى حسين علي منتظري (1922- 2009 م_) هو عالم دین إيراني شیعي و احد ابرز تلامذة السيد خميني.
2- دراسات في المكاسب المحرمة، ج 2، ص: 517

و أمره، عن ابن عباس و إبراهيم و مجاهد و الحسن و قتادة و جماعة، و هو المروي عن أبي عبد الله (علیه السلام) و يؤيده قوله سبحانه و تعالى: ﴿ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾(1) و قد تعرض لمسألة تغيير الجنسية و بعض فروعها إجمالا الأستاذ الإمام(2) في المسائل المستحدثة من التحرير، فراجع(3). و أما إذا فرض أن العملية لا توجب تغيير الجنسية من رأس بل توجب العملية أو تزريق بعض المواد تغيير الصورة و القيافة فقط، بحيث يصير الرجل بصورة المرأة أو بالعكس مع بقاء الجهاز الجنسي بحاله، فأخبار التشبه المنهي عنه تشمل مثل ذلک، و هذا نوع من تأنث الرجل و تذكر الأنثى، و مقتضى تلک الأخبار كون ذلک مرغوبا عنه شرعا، فتدبر.»

و فی موضع اخر صرح بکون الایة تدل علی حرمة التغیر و لکن علی وجه الاجمال:(4)

«الأمر الثاني: قوله تعالى حكاية عن إبليس اللعين: ﴿ وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ ﴾ الآية.

بتقريب أن حلق اللحية تغيير لخلق اللّه و ظاهر الآية حرمته مطلقا فيجب الأخذ به إلا فيما خرج بالدليل. و فيه: أن ظهور الآية في الحرمة إجمالا مما لا ريب فيه و لكن لا مجال للقول بحرمة مطلق التغيير في خلق اللّه تعالى، إذ من الواضح جواز حلق الرأس و العانة و الإبطين و قص الأظفار و التصرف في مخلوقاته تعالى بإجراء الأنهار و حفر الآبار و كسر الأحجار و قطع الأشجار و نحو ذلک فيجب حمل الآية على ما لا يشمل هذا القبيل من التغييرات.»

ص: 48


1- مجمع البيان، ج 2، ص 113 (الجزء الثالث من التفسير). و الآية المذكورة من سورة الروم، رقمها 30
2- ای السيد الخمیني
3- راجع تحرير الوسيلة، ج 2، ص 626 و ما بعدها، البحث حول المسائل المستحدثة “و منها تغيير الجنسيّة“.
4- دراسات في المكاسب المحرمة، ج 3، ص: 112

الشیخ الآصف محسني

الشیخ الآصف محسني(1) اجاز تغییر الجنس حیث قال تحت عنوان “المسألة الثالثة عشرة، تغيير الجنس“ ما نصه:(2)

«عمليات تغيير الجنس تجري الان في الغرب في مراكز كثيرة كعملية روتينية، سواء كان تحويل الذكر الى انثى أو العكس، وفي الاول يجري استئصال العضو الذكري وبناء مهبل وعملية خصاء وتكبير الثديين. وفي الحالة الثانية استئصال الثديين وبناء عضو ذكري وإلغاء القناة التناسلية الانثوية بدرجات متفاوتة، ويصحب كل ذلک علاج نفسي وهرموني. وهؤلاء المرضى يشعرون بكراهية للجنس الذي ولدوا عليه نتيجة لعوامل مختلفة وقد يعود أغلبها إلى فترات مبكرة في حياة الانسان وتربية غير سليمة، وهم لا يوجد أي لبس في تحديد جنسهم، سواء مظهريا أو غيره عند الولادة كحالات خنثى غير الكاملة. وكثير منهم يقوم بدوره كاملا ويتزوج وينجب على حالته التي خلقه الله سبحانه وتعالى عليها، ثم ينتاب هؤلاء المرضى شعورا يأخذ بالطغيان وطالما كان مكبوتا لرغبة في التخلي عن جنسه الطبيعي هكذا قال بعض الاطباء.

ص: 49


1- آية الله الشيخ محمد آصف المحسني القندهاري من علماء الشیعة (ولد في عام 1936 و توفی فی 2019 م_) من مدینة قندهار - افغانستان. سافر عام 1332 إلی النجف الأشرف، فأکمل في عامین و نصف دروس السطوح. ثم دروس خارج الفقه و الأصول، و تتلمذ عند کبار الشخصیات و المراجع العلمیة، أمثال: آیة الله العظمی السید محسن حکیم، و آیة الله الشیخ حسین الحلّي، وآیة الله السید عبد الاعلی السبزواري، و آیة الله العظمی الخوئي. عاد المحسني بعد اثني عشر عاما قضاها في الدراسة في النجف الأشرف إلی أفغانستان، فأسس حسینیة في مدینة قندهار، ومدرستها العلمیة، فأطلقت علی المدرسة الدينیة لقب “الشیخ محمد آصف القندهاری“، وقام بتدریس العلوم الدینیة فیها. هذا وكان آية الله المحسني أحد قياديي جهاد الشعب الأفغاني ضد قوات الاتحاد السوفيتي السابق. له کتب و مقالات عدیدة منها “مشرعة بحار الأنوار“ و “حدود الشريعة” و”توضیح المسایل سیاسی “ (توضيح المسائل السياسية) و “فقه المسائل الطبية” و “توضیح المسایل جنگی” (توضيح المسائل الحربية) و “فواید دین در زندگی” (فوائد الدين في الحياة) و “متافیزیک” (مابعد الطبيعة) و “صراط الحق”.
2- الفقه والمسائل الطبيّة، ج: 1، ص: 119

أقول: ربما يدعى أنه في تغيير الجنس يبقى الجنس هو الجنس وإنما يتغير الشكل فقط. وعلى كل الكلام تارة في حكمه التكليفي وأنه جائز أو حرام، واخرى في حكمه الوضعي وما يترتب على الفرد بعد العملية وتغيير الجنس. أما الاول فعمدة ما يحرم العمل المذكور هو لمس العورة والبدن والنظر إليهما، فإنهما حرامان على الفاعل والمفعول، نعم إذا كان الطبيب وطالبة التغيير أو الطبيبة وطالبه زوجان وان عقد أحدهما على الاخر بالفعل للعملية المذكورة ففي جواز العمل بحث، لبطلان الزوجية بمجرد خروج أحد الزوجين عن جنسه، فالعملية المذكورة انما تجوز لهما ما لم يبطل عقد الزواج وبعده تحرم لانهما أجنبيان. ولا مانع عنها مع الغض عن حرمة اللمس والنظر بعدما سبق الكلام حول قوله تعالى: ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾، إلا إذا كثرت العمليات حتى يقرب من الاختلال بالتوازن العام بين الجنسين.

وأما الثاني فان تم تغيير الجنس نفسا وعضوا بشكل كامل فلا اشكال في ترتب الاحكام المتعلقة بالجنس الفعلي على الفرد المذكور ويبطل زواجه السابق، ويجوز له الزواج بالجنس المخالف بالفعل وهكذا في سائر الاحكام، فان الاحكام تابعة لموضوعاتها حدوثا وبقاء، ولا يجب حفظ الموضوعات لحفظ الاحكام إلا فيما دل الدليل الخاص عليه. وأما إذا تغير أكثر الاعضاء وبقي بعضها الاخر أو تغير كل الاعضاء وبقي الخواص النفسية والتمايلات الجنسية السابقة، ففي ترتيب الاحكام المتعلقة بالجنسية الجديدة عليه نظر، كما يشكل حينئذ ترتيب الاحكام المترتبة على الجنسية السابقة عليه أيضا. وبالجملة: حيث لا ضابط دقيق لنا يفترق به المذكر عن المؤنت بصورة واضحة فلا بد من اليقين بصيرورة أحد من أحد الجنسين جنسا اخر في ترتيب الاحكام عليه وفي فرض الشک لا بد من الاحتياط كما يحتاط في الخنثى المشكلة إن ثبتت ونفينا كونه جنسا ثالثا، وملاک وجوب هذا الاحتياط هو العلم الاجمالي بكون الفرد ذكرا أو أنثى على ما تقرر في اصول الفقه. ولاحظ ما يأتي حول الخنثى في المسألة الثلاثين، فإنه ينفعک في المقام.»

ص: 50

و قال فی تفسیر ایة الخلقة ما نصه[ابامحمد1] [ابامحمد2] [ابامحمد3] :(1)

«قال الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان: أي لامرنهم بتغيير خلق الله فليغيرنه، واختلف في معناه فقيل: يريد دين الله وامره، عن ابن عباس وإبراهيم ومجاهد والحسن وقتادة وجماعة، وهو المروي عن أبي عبد الله (علیه السلام)، ويؤيده قوله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَک لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾(2) وأراد بذلک تحريم الحلال وتحليل الحرام. وقيل: أراد معنى الخصاء عن ابن عباس. وقيل: إنه الوشم، عن ابن مسعود، وقيل، إنه أراد الشمس والقمر والحجارة عدلوا عن الانتفاع بها إلى عبادتها، عن الزجاج، انتهى(3) .

أقول: الاخير خلاف الظاهر جدا أو غلط، فإن العدول عن الانتفاع الصحيح بمخلوق ليس تغييرا له، واما القولان الوسطان فهما أيضا ضعيفان، لانهما من التقييد من دون مقيد. وعلى الجملة إن أريد من تغيير الخلق الذي هو بمعنى المخلوق ضرورة عدم قدرة البشر على تغيير الخلق بمعنى المصدر والله غالب على أمره مطلقه لزم تخصيص الاكثر المستهجن جدا لجواز تغيير أكثر المخلوقات من النبات والجماد والحيوان بل الانسان.(4)

وإن شئت فقل: إن حياة الانسان وحوائجه الاولية موقوفة على تغيير المخلوقات حتى لا يمكن أكله من دون تغيير وكل ذلک جائز بالضرورة الدينية وإن اريد بعضه فلابد لاثباته من دليل معتبر وهو مفقود، مع لزوم استهجان تقييد الاكثر تخصيصه كما قرر في اصول الفقه. وأما الوجه الاول فلا يترتب عليه محذور أصلا سوى أنه مخالف لظاهر الكلمة، وأن حمل الخلق على الدين محتاج الى دليل مفقود، واستعماله فيه إن صح في قوله: ﴿ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾ لا يوجب صحته في المقام وغيره من غير دليل.

ص: 51


1- الفقه و مسائل طبية، ج 1، ص: 107
2- الروم: ٣٠
3- مجمع البيان، في تفسير سورة الروم آية ٣٠
4- يجوز كثير من العمليات الطبية وغير الطبية في حقه وجواز إزالة شعره سوى اللحية وغير ذلک.

نعم يمكن ان يقال: ان قوله تعالى: ﴿ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ ﴾، سواء كان التبتيک بمعنى التشقيق أو القطع قرينة على أن المراد بالخلق الدين، فإنه من تغيير الخلق ولا معنى بعنوانه في مقابله إذا اريد بالخلق المخلوق التكويني.

ويدل على تفسير الخلق بالدين حديثان مذكوران في بحار الانوار(1) لكن سندهما ضعيف، فلا اعتماد عليهما. ويحتمل أن يراد بتغيير الخلق مطلقه بغرض تحريم الحلال ويؤكده أن تبتيک غير محرم بعنوانه وليس من الشيطان إلا بقصد تحريم الحلال كما كان أهل الجاهلية يفعلونه، وعليه فيقرب القولان في تفسير الاية، وهذا عندي أحسن الاقوال، فإن تم فهو وإلا فلا بد من الحكم بدخول الاية في المتشابهات.

والمتحصل من جميع ما مر جواز التحكم في جنس الجنين في حد نفسه ما لم يستلزم محرما اخر. اعتماد على أصالة البراءة، نعم إذا فرضنا أنه ينجر الى الاختلال بالتوازن العام الموجود بين الجنسين فنحكم بحرمته، فإنه يترتب عليه مفاسد كما لا يخفى.»

و قال فی موضع اخر من کتابه:(2)

«فعمدة ما یحرم العمل المذکور هو لمس العورة و البدن و النظر إلیهما، فإنهما حرامان علی الفاعل و المفعول. نعم، إذا کان الطبیب و طالبة التغییرأو الطبیة و طالبهزوجان، و إن عقد أحدهما علی الاخر بالفعل للعملیة المذکورة، ففی جواز العمل بحث. لبطلان الزوجیة بمجرد خروج أحد الزوجین عن جنسه، فالعملیة المذکورة إنما تجوز لهما ما لم یبطل عقد الزواج، و بعده تحرم، لأنهما أجنبیان».

السید فضل الله

جاء في سؤال وجه إلى السید فضل الله حول تغيير الجنس و اجاب علیه بما نصه:(3)

ص: 52


1- بحار الأنوار ج 64 ص 221، و ما بعدها
2- الفقه و المسائل الطبیة، ج 1، ص 111- 112
3- انظر: http://sayedfadlullah.com/article/1242

«(السؤال) ورد لسماحتكم رأي بجواز تغيير الجنس، فهل لنا أن نتعرف على تفاصيل رأيكم؟ وما هي المبررات والأسس الفقهية التي استندتم عليها في هذا الرأي؟

(الجواب) هناک عدة حالات تتعلق بهذا الموضوع: حالة شاعت في الاونة الأخيرة وخاصة في مجتمعات الغرب، تتمثل بإجراء عملية جراحية يستأصل من خلالها عضو الذكورة وإيجاد تجويف في موضعه على أساس أنه “فرج“، وإعطاء جرعة أو أكثر من الهرمون الأنثوي لإبراز معالم الأنثى المظهرية فيه، بحيث لا يخرج هذا الرجل بتكوينه الجسدي التشريحي عن صفة الرجولة، ويكون حاله أشبه بحال (المخصي) مع زيادة قطع عضو الذكورة وظهور بعض المعالم الأنثوية، مثل رقة الصوت وبروز الثديين وزوال شعر الوجه وغير ذلک. ومن الطبيعي أن هذه العملية لا تغير من الأمر شيئا ولا تبيح له إقامة أية علاقة جنسية كأنثى مع رجال اخرين، لأنها ستكون علاقة رجل برجل كما أنها لا تحوله إلى أنثى في أحكامها الشرعية المختلفة. وما هي إلا عملية احتيال على الواقع، لإيجاد تبرير للشاذين جنسيا في ممارسة اللواط الذي لا زالت الغالبية العظمى من المجتمعات ترفضه وتنبذه وتحتقر من يمارسه. ولا يبعد حرمة هذه العملية، لأنها عملية إضرار بالجسد يتمثل بقطع عضو الذكورة من دون أية مصلحة توازن هذا الإضرار، وعند ذلک يدخل في دائرة حرمة الإضرار بالجسد لا سيما إذا كان الإضرار بالغا. أما الحالات الأخرى لعملية تغيير الجنس، والتي تتمثل بتحويل الرجل الخنثى إلى أنثى، وهي حالة أصبحت شائعة ومعروفة، والحالات التي لم تثبت لدينا وجودها لحد الان، والتي قد يحتمل البعض أن يتطور العلم في يوم من الأيام ويتوصل إليها، والتي تفترض تحويل الأنثى إلى ذكر بكامل مواصفاته كامتلاک العضو الذكري، وقدرته على ممارسة الجنس، كما يمارسه أي رجل بالإضافة إلى مواصفات الرجل المظهرية الأخرى، أو تحويل الذكر إلى أنثى بالشكل الذي ذكرناه سابقا مع إضافة زراعة عضو وجهاز تناسلي أنثوي، بحيث يكون المقياس الطبي

ص: 53

التشريحي امرأة كباقي النساء، وعرفا يملک فرجا كفرج النساء يمارس من خلاله العملية الجنسية التي يشعر من خلالها بنفس مشاعر وإحساسات الأنثى العادية حين تمارس الجنس مع رجل في طبيعة اللذة وإفرازاتها. بحيث لا يكون هناک أي فرق بينه وبين أي أنثى، إلا في مواصفات عرضية كأن لا يكون لها رحم أو أنها لا تحمل، وهي صفات قد تتواجد في الأنثى العادية، ويكون بذلک قد تحول إلى أنثى عادية في صفاتها الخارجية وخصائصها الجنسية. وفي هذه الحالات الأخيرة التي ذكرناها لا نمتلک أي دليل أو نص شرعي يقضي بحرمتها، وما لم يقم عندنا دليل شرعي على تحريم تغيير الجنس بالعنوان الأولي فلا مانع (من حيث المبدأ) بتغييره وإجراء العمليات الجراحية التي تتعلق بهذا الخصوص. وفي حال تحقق هذا المعنى، فإنه لا بد أن يترتب عليه كل الاثار التي تترتب على الحالة الجديدة، كما لو كانت أنثى من الأساس حيث يجوز لها بعد التحويل أن تتزوج وتحمل وتلد ويكون إرثها وكل الأعمال فيما يترتب على المرأة من أحكام وأعمال، باعتبار أنها غدت امرأة حقيقية، إن الموضوع إذا تبدل، فإن من الطبيعي أن يأخذ الوضع الجديد أحكامه الجديدة. أما قضية أسباب حلية وجواز هذه العملية، فإن هناک نقطة في أصل التشريع لهذه المسألة التي لم ننفرد بها، لأن السيد الخميني يرى جواز تغيير الجنس، كما أن السيد الخوئي يقول بالجواز أيضا، كما ورد في كتاب “منية السائل“ والسبب في ذلک أننا لا نمتلک دليلا على الحرمة، ومن المعلوم أنه في حال التردد والشک ما بين الحرمة ما بين الحرمة والحلية فالأصل الحلية وإذا استدل البعض في حرمة ذلک بالاية الشريفة: ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾(1)

بما تتحدث به عن الشيطان في أحابيله، باعتبار أن هذا تغيير لخلق الله، فإننا نقول: إن المراد بخلق الله هنا ليس هو الإنسان، لأن كلمة ﴿ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ كلمة عامة لكل ما خلقه الله، ولو أردنا أن نلتزم بحرمة تغيير خلق الله (كما يراه ويفسره العلماء) فإن علينا أن نبقي كل الواقع من الأشجار والنباتات والأرض والجبال والأنهار وغيرها على

ص: 54


1- النساء: 119

حالها، مع أنه لا يلتزم بها أحد، مما يجعل التخصيص في هذا العموم بغيرها تخصيصا بالأكثر، وهو مستهجن عند العقلاء، مع الإشارة إلى التزام غالبية العلماء بجواز ذلک وجواز التغيير التجميلي عند الإنسان وما إلى ذلک.

إذن فما هو المراد من خلق الله؟ والجواب أن هناک اية أشارت إلى هذا المعنى بقوله تعالى: ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِک الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾(1) فالمراد من خلق الله إذا هو الفطرة، لأن الإنسان خلق على الفطرة، أي خلق على التوحيد، وأن هناک من يريد أن يبدل فطرة الإنسان، وذلک بنقله من التوحيد إلى الشرک، ومن الطبيعي أن هذا هو الذي يتناسب مع دور الشيطان في إبعاد الإنسان عن الله، وعن وحدانية الله سبحانه وتعالى، لذلک ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾، يعني فليبدلن خلق الله، وهو الفطرة التي أشارت إليها الاية الكريمة، كما إنه قد ورد في بعض الأحاديث الشريفة أن المراد من خلق الله هنا هو (الفطرة) ومن البديهي أن الدور الإبليسي الرئيسي لا يتناسب مع هذه الأمور الجسدية والطبية ولا علاقة له به وأما قضية الإضرار بالنفس، فإن الإضرار بالنفس إنما يكون محرما إذا لم تكن هناک مصلحة توازن هذا الإضرار، ومن الطبيعي أن الرجل الذي يحاول أن يحول نفسه إلى أنثى، لا بد أنه يعيش ظروفا صعبة تجعل من عملية تحويله إلى أنثى مسألة تشتمل على مصلحة تفوق المفسدة التي تتسبب عن هذه العملية ولكن المسألة كلها في واقعية مثل هذه الفرضية، ما عدا مسالة الخنثى.»

السید الخوئي

قال السید فضل الله:

«أما قضية أسباب حلية وجواز هذه العملية، فإن هناک نقطة في أصل التشريع لهذه المسألة التي لم ننفرد بها، لأن السيد الخميني يرى جواز تغيير الجنس، كما أن السيد الخوئي يقول بالجواز أيضا، كما ورد في كتاب (منية السائل).»

ص: 55


1- الروم: 30

و لما راجعنا کتاب منية السائل وهو مجموعة فتاوى لأية الله السيد أبي القاسم الخوئي(1)،

اجاب علی سؤال حول موضوع تغيير الجنس بما نصه:(2)

«مسألة: بالنسبة إلى الخنثى الكاذبة أي إن الشخص في خلايا جسمه من الناحية الوراثية ذكر مثلا، ولكن الالة الخارجية تغاير ذلک، أو العكس.. فهل يجوز تغيير الشكل الخارجي بما يوافق واقع الأمر؟

الجواب: لا مانع في ذلک.

مسألة: وإذا علم بالفحص أنه في الواقع ذكر مثلا وإن كان الشكل شكلا أنثويا فهل يجوز في هذه الحالة إزالة عوارض الذكورة مثلا وصيرورته أنثى خالصة باعتبار أنه ربي وهو صغير على أنه أنثى فإذا غير إلى ذكر قد يصيبه بعض الأزمات النفسية فتلافيا لذلک تزال عنه عوارض الذكورة، “مع أنه ذكر في الواقع“ حتى يكون أنثى خالصة أم لا يجوز ذلك؟.

الجواب: لا مانع من ذلک.»

و فیه: ان مقصود السید الخوئي بهذا الکلام جواز اجراء عملیة تصحیح الجنس للخنثی لا انه یجوزه حتی فی حالات الترانس سکشوال و یفهم ذلک من قول السأل: (بالنسبة إلى الخنثى الكاذبة)، و لذا تراه لم یجوزه فی حاشیته علی صراط النجاة حیث قال:(3)

«سؤال 904: ما حكم استبدال الرجل ذكره بفرج أنثى، أو استبدال الأنثى فرجها بذكر رجل، بالعمليات التي يجريها أطباء العصر؟ إذا كان هذا لغرض شهواني فقط، أو كان لغرض الأنجاب كأن يكون المستبدل مصابا بعقم لا يشفي، و لحبه النسل استبدل فرجه؟

الخوئي: هذه العملية في غاية الإشكال، و الله العالم.

التبريزي: هذا غير جائز لأنه من تغيير خلق اللّه سبحانه و تعالى.»

ص: 56


1- السيد أبو القاسم الخوئي ولد 15 رجب 1317 ه في مدينة خوي الإيرانية و توفی فی 8 صفر 1413 ه، في النجف الأشرف و کان من أبرز فقهاء الشيعة ومراجع التقليد في القرن الرابع عشر الهجري.
2- منية السائل للسيد الخوئي، ص ١١٣
3- صراط النجاة (المحشى للخوئي)، ج 1، ص: 330

الشيخ فيصل المولوي

اما فتوى الشيخ فيصل المولوي(1)

و هو عالم محقق من اهل سنة لبنان، التي اباح فیها اجراء العملية للصنفين الانترسكس والترانسكس فی اجابته علی سوال وجه له علی موقعه جاء فیه ما نصه:(2)

«السؤال: ما ترى في عمليات تغيير الجنس لمرضى اضطراب الهوية الجنسية الذين يجرون عمليات لتغيير جنسهم للتخلص من معاناتهم النفسية، هل يجوز لهم ذلک، والمرأة المتحولة أو

ص: 57


1- الشيخ فيصل مولوي ولد في طرابلس شمال لبنان في عام 1941م أنهى دراسة الحقوق في كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية، والشريعة الإسلامية في كلية الشريعة في جامعة دمشق بدأ العمل في الحقل الإسلامي في عام 1955م، فتولى الأمانة العامة في جماعة عباد الرحمن في لبنان عين في عام 1968م قاضيا شرعيا لدى محكمة بيروت الشرعية السنية اتسع نشاطه، سافر الشيخ فيصل مولوي الی أوروبا و بقی فیها خمس سنوات من 1980 حتى 1985. وأسس في فرنسا اتحاد الطلبة المسلمين، ثم اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، وأنشأ الكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية. وأصبح مرشدا دينيا لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا ثم في أوروبا منذ سنة 1986. وبقي على تواصل مع أكثر المراكز الإسلامية في أوروبا حتى وفاته. نال جائزة أفضل واعظ إسلامي من الندوة العالمية للشباب الإسلامي شارک في العديد من المؤتمرات والندوات والمحاضرات الإسلامية في لبنان وحول العالم. من أهم مؤلفاته: تيسير فقه العبادات. السلام على أهل الكتاب. نظام التأمين وموقف الشريعة الإسلامية منه. المرأة المسلمة. الرق في الإسلام. أحكام المواريث. دراسات حول الربا. سلسلة التربية الإسلامية. أثر انهيار قيمة الأوراق النقدية على المهور. توفي يوم الأحد 5 جمادى الآخرة 1432 ه الموافق 8 مايو 2011م ودفن في مسقط رأسه مدينة طرابلس.
2- انظر: https://ouo.io/JdaLxhc

الرجل المتحول، هل تنطبق عليهما الأحكام الشرعية للجنس المتحول إليه؟ وهل يحاسبهم الله على ما فعلوا أم يغفر لهم لأنهم مرضى نفسيين؟ وهل ذلک يشمل اللعن للذين يتشبهون بالجنس الاخر والمغيرين لخلق الله؟ علما بأن هناک علماء حرموا هذه العمليات تحريما قطعيا وهناک علماء أباحوها للضرورة.

ماذا ترى فضيلة الشيخ وكيف يتبع المريض الفتوى التي يريد معرفتها في حالة رغبته بعمل هذه العمليات لضرر نفسي لحق به؟ أرجو منكم التوضيح والإجابة على استفساري حول تناقض واختلاف العلماء في جميع الدول حول هذه الفتوى؟ والرجاء الرد بسرعة لأهمية الموضوع.

الفتوي: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى اله وصحبه ومن والاه، وبعد... خلق الله عزوجل الإنسان ذكرا وأنثى. لكن هناک حالات غير طبيعية، وتشوهات خلقية تظهر على بعض الناس فتجعلهم جنسا ثالثا. وهي حالات استثنائية نادرة، لكنها موجودة منذ القدم كما يقول الأطباء. وهذه الحالات يصنفها الأطباء في نوعين من المرض:

الأول: هو مرض (الانترسكس) أي الجنس الداخلي، وصاحبه يسمى عند الفقهاء (الخنثى) وهو الانسان الذي يمتلک بعض الأعضاء الجنسية للذكر، وبعض الأعضاء الجنسية للأنثى. لقد تكلم الفقهاء في العصور الغابرة عن هذه الظاهرة من حيث تأثيرها على الأحكام الشرعية المتعلقة باختلاف الجنسين، ولم يتكلموا عن حكم معالجتها باعتبارها مرضا. لكن تقدم العلوم الطبية اليوم أدى إلى إجراء عمليات جراحية للمصابين بهذا المرض من أجل تحويلهم إلى الجنس الغالب، وهو الجنس الحقيقي لهم. ولم أسمع أن أحدا من العلماء المعاصرين أفتى بتحريم هذا النوع من العمليات، ومقاصد الشريعة وأحكامها العامة تؤكد إباحته، لأنه مرض ناشئ عن تشوه خلقي، ورسول الله؟ أمرنا بمعالجة المرض: (يا عباد الله تداووا، فإن الله جعل لكل داء دواء)، وهو بالتالي لا يدخل في (تغيير خلق الله) الذي نهينا عنه، بل هو من باب معالجة المرض الذي أمرنا به.

الثاني: هو مرض (الترانسكس) أي التحول الجنسي من ذكر إلى أنثى، أو من أنثى إلى ذكر. هذا النوع من المرض لم يكن معروفا

ص: 58

في الماضي، ولم تكن عمليات التحويل الجنسي معروفة.

لكن الأطباء اليوم يقولون: أنه مرض حقيقي معترف به في الموسوعات الطبية المحترمة. وقد ورد في دائرة المعارف البريطانية عن مرض التحول الجنسي أنه “اضطراب في الهوية الجنسية يجعل المصاب به يعتقد أنه من الجنس المعاكس“. فالذكر مثلا يولد بأعضاء تناسلية ذكرية كاملة، وهو بالتالي ليس خنثى، لكنه منذ سن مبكرة جدا يصنف نفسه مع النساء، ويتصرف كواحدة منهن، ويتطلع إلى إنشاء علاقات مع الذكور باعتبارهم الجنس الاخر، فهو ليس مصابا بالشذوذ الجنسي، بل إن جمعيات الشذوذ في أمريكا رفضت انتساب المتحولين جنسيا إليها، لأن معظمهم لا يرغب بممارسة الجنس المثلية، فالذكر المتحول جنسيا إلى أنثى، يرغب بممارسة علاقاته مع الذكور كأنثى، ويريد منهم أن يعاملوه معاملة الأنثى الطبيعية. كما أنه ليس مصابا بالانحراف الجنسي الذي يدفع الرجل إلى ارتداء ملابس المرأة، أو يدفع المرأة لارتداء لباس الرجل من قبيل التشبه، بل هو يرغب بالتحول الكامل إلى الجنس الاخر، وهي رغبة لا فكاک منها كما يقول الدكتور محمد شوقي كمال.

إن (الترانسكس) مرض فعلي كما يصرح المصابون به، وكما يقول الأطباء، وليس نزوة شيطانية. وقد ورد في دائرة المعارف البريطانية أيضا: “يستمر هذا المرض لسنوات طوال، وعلى الأغلب العمر كله، مع خطورة تطور الاكتئاب والوصول به إلى الانتحار، وهو يبدأ في مرحلة مبكرة قبل البلوغ إذ لا علاقة له بالرغبات الجنسية، ويستمر حتى إجراء الجراحة، وإن كان لا ينتهي تماما بها.“ ويقول أحد المصابين بهذا المرض “انه لا خيار له في هذا المرض بل هو مصيبة نزلت على رأسه“. وهو مرض نفسي يؤدي بالمريض إلى الإنزواء والتراجع وتحمل عذاباته الرهيبة خوفا من افتضاح حقيقته. والعلاج النفسي لهذا المرض لا يفيد، كما يقول الدكتور سعيد عبد العظيم، خاصة وأن معظم هذه الحالات لا تكتشف إلا في مرحلة متأخرة بعد البلوغ، كما أن المريض نفسه لا يعترف بأن مرضه نفسي، بل إن فكرة التحول إلى الجنس الاخر تصبح ملحة عليه، وتسيطر على كل أفكاره، وتدفعه للجوء إلى الجراحين.

ص: 59

يقول الدكتور محمد شوقي كمال: “إذا كانت مهمة الطب هي المحافظة على حياة الإنسان، فلماذا نعرض هؤلاء المرضى للعذاب؟ ولماذا نحظر عليهم شيئا من حقهم كمرضى حقيقيين؟ ونحن عادة كجراحين لا نأخذ الحالات هكذا، بل نشترط خضوع المريض لإشراف الطبيب النفسي المباشر مدة سنتين على الأقل.“ ويقول: “إن المتحولين جنسيا لا يستطيعون الإنجاب مطلقا، لكن الأهم بالنسبة لهم أنهم يستطيعون أن يعيشوا حياة زوجية سعيدة، ويشعرون بالراحة الشديدة على نحو لا يوصف، ويستردون اتساقهم مع ذواتهم، والحقيقة: أنا لم أر مريضا واحدا أجرى تلک الجراحة وأبدى ندما عليها، وهذا دليل على سعادتهم بالتحول.“

من هذا العرض العلمي الموجز الذي استقيناه من تحقيق موسع حول هذا الموضوع أجراه السيد أسامة الرحيمي في القاهرة ونشر في مجلة الشروق “العدد 329 تاريخ 27/7/1998“ تبين لنا أن مرض “الترانسكس“ أو التحول الجنسي، هو انفصام حاد بين النفس والجسد. فيكون الذكر كامل الذكورة من حيث الأعضاء الظاهرة لكن إحساسه النفسي مناقض لذلک تماما، فهو يحس أنه أنثى. كما تكون الأنثى كاملة الأنوثة من حيث الأعضاء الظاهرة، لكنها تشعر أنها ذكر. فإذا تعذر عن طريق المعالجة النفسية، إنهاء هذا الانفصام، لم يعد أمامنا إلا إجراء عملية “التحول الجنسي“، وذلک بهدف إعادة التكيف بين النفس والجسد، وهو أساس الصحة النفسية والجسدية عند الأطباء والعلماء. والذي أميل إليه في ظل هذه الظروف إباحة هذا النوع من العمليات الجراحية للأسباب التالية:

أولا: أنه ثبت برأي جمهور الأطباء وجود حالة مرضية عند بعض الناس سموها “الترانسكس“ وهي انفصام حاد في الحالة الجنسية بحيث تكون مظاهر الجسد باتجاه جنس معين، بينما تكون مشاعر النفس بالاتجاه الجنسي المعاكس. وأن هذه الحالة المرضية قد تشتد بحيث تصبح حياة صاحبها جحيما وقد يفكر بالانتحار. وأنه قد تفشل كل وسائل العلاج النفسي، ولا يبقى أمام الطبيب إلا إجراء جراحة التحول الجنسي. هذا هو الواقع الذي نريد بالفتوى المطلوبة أن نعطيه الحكم الشرعي المناسب.

ص: 60

ثانيا: في مثل هذه الحالة تتحقق شروط الضرورة الشرعية التي تبيح المحظور بإجماع العلماء. إذ الخلاف بينهم محصور في تشخيص حالة الضرورة أو عدمها. أما إذا اتفقوا على وجودها، فهم حتما متفقون على أنها تبيح المحظور. أما أن الضرورة متحققة في هذه الحالة، فلأن المحافظة على الحياة تعتبر من الضرورات الشرعية الخمسة بلا جدال. والحياة التي يقتضي المحافظة عليها هي الحياة الطبيعية التي لا يستبد بها المرض بحيث يحرمها السعادة ويمنعها من المتاع المباح.

من أجل ذلک أباح العلماء التداوي بالمحرم عند وجود الضرورة وإذا كانت جراحة التحول الجنسي محرمة من حيث الأصل حسب رأي جمهور الفقهاء المعاصرين فإنها تباح لوجود هذه الضرورة.

ثالثا: وسبب تحريم “جراحة التحول الجنسي“ أمران: الأول: أنها تغيير لخلق الله، والله تعالى يقول عن الشيطان أنه قال: ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ سورة النساء الاية 119.

وقد نص بعض المفسرين صراحة ومنهم ابن عباس وأنس وعكرمة وأبو صالح، على أن معنى التغيير هو الخصاء وفقء الأعين وقطع الاذان. نقل ذلک القرطبي في “أحكام القران“ وقال: “لم يختلفوا أن خصاء بني ادم لا يحل ولا يجوز، لأنه مثلة وتغيير لخلق الله“ وكذلک: “من خلق بإصبع زائدة أو عضو زائد، لا يجوز له قطعه ولا نزعه، لأنه من تغيير خلق الله تعالى إلا أن تكون هذه الزوائد تؤلمه فلا بأس بنزعها عند جعفر وغيره“.

وهذا كلام صريح واضح أن الزوائد على جسم الإنسان إذا سببت له ألما يجوز نزعها، لأنها عند ذلک تعتبر من قبيل التداوي، وهو جائز ولو كان فيه تغييرا لخلق الله، لأن التغيير المنهي عنه، هو ما كان لأجل التغيير أو لأجل التجمل، أما إذا كان ضروريا من باب التداوي فهو جائز جمعا بين الدليلين: دليل تحريم تغيير خلق الله، ودليل وجوب التداوي على المريض.

وفي حالة مرضى التحول الجنسي يمكن القول أن الأعضاء الجنسية الظاهرة هي أعضاء زائدة، لأنها لا تتناسق مع مشاعر الجنس النفسية المعاكسة، وبالتالي فإن تحويلها إلى أعضاء

ص: 61

جنسية متوافقة مع الحالة النفسية هو معالجة للألم الموجود والذي ليس له علاج اخر.

على أن القرطبي نفسه ذكر عن ابن عباس أن “تغيير خلق الله“ المقصود في الاية هو تغيير دينه، وهو قول النخعي والطبري، كما قال مجاهد والضحاک وسعيد بن جبير وقتادة أن المراد بتغيير خلق الله، تغيير الغاية التي أرادها الله من الخلق، فقد خلق الله الشمس والقمر والأحجار والنار لينتفع بها، فغير ذلک الكفار وجعلوها الهة معبودة.

وبذلک يتبين لنا أن مسألة “تغيير خلق الله“ إذا كانت سببا لتحريم جراحة التحول الجنسي عند كثير من العلماء، فهي لا تصلح سببا للتحريم في مثل حالة الضرورة المذكورة انفا.

الثاني: أنها نوع من التشبه بالجنس الاخر، وقد “لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال“ رواه البخاري. قال العلماء: “ظاهر اللفظ النهي عن التشبه في كل شيء، لكن عرف من الأدلة الأخرى أن المراد التشبه في اللباس والزينة والكلام والمشي“.

ومع ذلک يقول النووي: “إن المخنث الخلقي لا يتجه عليه اللوم“ ويعقب ابن حجر على ذلک بأنه: “محمول على إذا لم يقدر على ترک التثني والتكسر في المشي والكلام بعد تعاطيه المعالجة“ راجع فتح الباري.

ومن الواضح أننا أمام قضية مختلفة: فلسنا أمام رجل يتشبه بالنساء في ظاهره، لكننا أمام إنسان يشعر أنه إمرأة شعورا يغلب كل مشاعره وأعماله، بينما له جسد رجل، وهو يتألم من ذلک ويسعى للخلاص من هذه الإزدواجية والانفصام، وحين يجري عملية التحول الجنسي يشعر أنه عاد لطبيعته الحقيقية، فلا يعود للتشبه. والمطلوب بالنسبة للمخنث المعالجة كما يقول النووي. وإذا لم تنفع المعالجة النفسية، وظهرت الحاجة إلى جراحة تعيد المخنث إلى جنسه الطبيعي، فالظاهر من كلام الإمام النووي أن ذلک جائز. فالتحول الجنسي على الأرجح لا يدخل إذا تحت مسألة التشبه، التي حصرها العلماء “باللباس والزينة والكلام والمشي“.

الضوابط الشرعية لهذه الإباحة وليس معنى ذلک أني أقول

ص: 62

بإباحة عمليات التحول الجنسي باطلاق. معاذ الله، فإنها لا تخلو من تغيير لخلق الله، لكنها تباح ضمن الضوابط التالية:

1: أن يبذل المريض نفسه جهدا كبيرا للتكيف مع حالته الجسدية، فربما كانت أحاسيسه أوهاما لا أصل لها. وربما استطاع بمساعدة طبيبه ومن يحيط به أن يكتشف نفسه من جديد، أو أن يجعلها تقتنع بقدر الله، فينتهي عنده هذا الشعور بالانفصام بين أحاسيس النفس ومظاهر الجسد.

2: أن يسعى الطبيب المعالج من خلال استعمال كل وسائل الطب النفسي الحديثة إلى معالجته كمريض نفسي، وأن يستمر على ذلک مدة طويلة لا تقل عن سنتين وإذا لم يفلح بعدها في العلاج، وظل المريض يشكو من حالة الانفصام، وطلب إجراء هذه العملية الجراحية، فإن شروط الضرورة تكون قد تحققت، والضرورات تبيح المحظورات. ولا يعود الأمر تغييرا لخلق الله، بل هو تغيير لحالة مرضية حتى يكون هذا الإنسان المخلوق أكثر قدرة على القيام بمسؤولياته التي خلق من أجلها. وينتفي هنا موضوع التشبه، لأن المريض يعود إلى جنسه الطبيعي الغالب، والجنس كما هو معلوم ليس مجرد أعضاء جنسية ظاهرة، بل هو أيضا مشاعر نفسية. والأعضاء الجنسية الظاهرة هي علامة على جنس معين، أما حقيقة الجنس فهي أعمق من ذلک بكثير ولها تأثير على المشاعر النفسية والتصرفات السلوكية لا ينكره أحد. فإذا تعارض الأمران فلا بد من تغليب أحدهما على الاخر حتى يتوافق الجسد مع النفس. وإذا تبين أن تغيير المشاعر النفسية غير ممكن بعد معالجة سنتين، لم يبق أمامنا إلا تغيير معالم الجسد الجنسية حتى نصل إلى التوافق، ويعود الانسان عنصرا إيجابيا في المجتمع.

الجواب على التساؤلات

وأخيرا فإني ألخص الجواب على تساؤلاتک بما يلي:

1: المرأة المتحولة إلى رجل تخضع لجميع الأحكام الشرعية الخاصة بالرجل. والرجل المتحول إلى امرأة يخضع لجميع الأحكام الشرعية الخاصة بالمرأة.

2: إذا وجدت شروط الضرورة المشار إليها، أرجو أن يكون التحول إلى الجنس الاخر مباحا، وأن يغفر الله تعالى للمتحولين

ص: 63

لأنهم مرضى، ولم يستطيعوا معالجة المرض إلا بهذا الأسلوب. وفي هذه الحالة لا ينطبق عليهم صفة المتشبه بالجنس الاخر، ولا صفة التغيير لخلق الله.

3: من الطبيعي أن يختلف العلماء حول الحكم الشرعي لهذه المسألة، ومن حقک في هذه المسألة وفي غيرها أن تأخذ بفتوى أي من العلماء الثقات الذين تطمئن إلى علمهم، إذا لم تكن عندک القدرة على فحص الأدلة واختيار الأقوى منها. إذا لا يوجد من يستطيع ان يجزم بأن التحول الجنسي حرام وانما هي قضية خلافية ويجوز أن تأخذ بأي الرايين. الأسباب الأجتماعية هي حجر الزاويه فى موضوع التحول، شاهدت برنامج فى التليفزيون يتكلم عن التحول الجنسي فيه أحد الرجال يتحدث بفخر وزهو عن بناته الثلاث اللاتي تحولن لرجال، وعندما سئل عما إذا كان ستشعر بنفس هذا الفخر والسعادة إذا كان لديه ولد تحول لبنت، فتغيرات تعبيرات وجهه على الفور وقال بكل تأكيد “لا“ الرجل سند وعزوه وفخر للعائلة، وفي نفس البرنامج تظهر فيه بنت متخفيه حتي لا يعرفها الناس وقد اجرت جراحة تغيير الجنس من ذكر لأنثي ولا تستطيع أن تعيش كأمرأة وما زالت تعيش كرجل لأن اسرتها ترفض ان تراها كبنت وترفض ايضا أن يعرف الناس حقيقتها لأن فى ذلک عار لهم. إذا ليست المشكلة فى موضوع التحول فى حد ذاته ولكن المشكلة الحقيقية وخاصة فى المجتمعات العربية فى مفهوم المجتمع للذكورة والأنوثة فيروا الذكورة دائما افضل بكثير من الأنوثه وهذا واقع وحتي الان يتمني أي أب أن يكون لديه ولد يحمل اسمه ويكون امتداد لأسم العائلة وتتمني الأم الولد حتي يكون سند لها وتفتخر بين الناس أنها انجبت رجل.

ومن ينجب البنت يستمر فى انجاب الأطفال حتي ينجب الذكر وفى كثير من الأحيان قد يتزوج مرة اخري لكي يكون له ولد ومن لا ينجب الولد يشعر بأنه ضعيف، وهذه المفاهيم للأسف ما زالت موجوده. ولكم ان تتخيلوا الموقف عندما يطلب الولد التحول لبنت فى مجتمع يقدس الذكورة، فيبدوا موضوع التحول هنا صعب للغاية وعندما تسألوهم علي سبب الرفض تكون الأجابه العفوية بأن التحول حرام وبالطبع هذا السبب غير

ص: 64

حقيقي، وانما هي نظرة المجتمع المتابينه للذكورة والأنوثة.

أتمني اليوم الذي يستطيع فيه الناس تفهم موضوع اضطراب الهوية الجنسية خصوصا فى المجتمعات العربية، فهو شىء خارج عن إرادة الشخص، وهذا الشخص سىء الحظ أن يولد ومشاعره الداخلية واحساسه بذاته مختلف عن جسمه وللأسف لا يستطيع أن يشعر بذلک إلا الشخص نفسه ولا توجد أي من الأعراض الظاهره لهذه الحالة وبالتالي يتخذ الناس منه أو منها موقف عدائي. والطريق للتحول الجنسي صعب للغاية بخاصة بعد فترة البلوغ ولذلک المسئول عن هذا الموضوع هو الأب والأم، لأنه كما يجب علي كل أب وأم أن يراعوا أطفالهم بدنيا ونفسيا فيجب عليهم أيضا معرفة حالة اضطراب الهوية الجنسية ومعالجتها قبل سن البلوغ.

كما أن للأعلام دور مهم جدا فى تغيير مفاهيم الناس، خاصة الدراما سواء كانت تليفزيونية أو سينمائيه ذات تأثير كبير، اتمني أن أري يوما ما مسلسل تليفزيوني أو فيلم سينمائي عربي يناقش موضوع التحول بشكل موضوعي علمي فهذا سوف يخفف كثيرا من ألالام الأشخاص الذين مروا بتجربة التحول وينير الطريق للأمهات والاباء فى طريقه معالجتهم لأطفالهم. أتمني أن تكون كل أم نسخة مكرره من جست ايفيلين، انها حقا أم رائعة، وانا اثق فى أن كل أم تتمني السعادة لأولادها مثل ايفيلين. أرجو ان تكون ترجمتي لهذه القصة قد اسهمت فى توعيه الناطقين باللغة العربية بحقيقة موضوع التحول الجنسي، واضأت الطريق لكل الأباء والأمهات فى كيفيه المعالجة الصحيحة لحالة اضطراب الهوية الجنسية لأطفالهم، فمن منا يريد لأطفاله ان يعيشوا حياة معذبه. رسالتنا فى الحياة ان نأخذ بأيدي اطفالنا وأولادنا لبر الأمان وطريق السعادة.» انتهی کلامه

ص: 65

الفصل الثالث: القائلین بحرمة تغییر الجنس و أدلتهم

اشارة

ص: 66

ادلة الحرمة

الدلیل الأول: تبدیل خلق الله

اشارة

لعل اقوی ما استدل به المانعون لتغییر الجنس هو هذه الآيات:(1)«إِنْ

يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا ﴿ 117 ﴾ لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِک نَصِيبًا مَفْرُوضًا ﴿ 118 ﴾ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴿ 119 ﴾ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴿ 120 ﴾ أُولَئِک مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ﴿ 121 ﴾»

اما تفسیر مفردات هذه الآيات فقوله: ﴿ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ﴾ اى مقطوعا واجبا فرضته لنفسي و هو من قولهم فرض له في العطاء ﴿ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ ﴾ الأماني هي الوعود بالملذات و ماشابه ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ ﴾ بشق اذان الأنعام او قطعها من اصلها و ثم تحریمها علی انفسهم بغیر ما أحل الله ﴿ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ ﴾ و التبكيک هو الشق و قد كانوا في الجاهلية يشقون اذان الانعام إذا ولدت خمسة أبطن و الخامس الذكر و یحرمونه علی انفسهم.

قال الشیخ محمد جواد مغنية فی تفسیره: (2)

«البتک القطع يقال: بتكه أي قطعه و التبتيک للتكثير و المبالغة في البتک. و الانعام الإبل و البقر و الغنم، و كان العرب في الجاهلية يقطعون اذان بعض الانعام و يوقفونها للأصنام، و يحرمونها على أنفسهم، و يأتي التفصيل ان شاء الله عند تفسير الاية 103 من سورة المائدة: ﴿ ما جَعَلَ اللّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ وَ لكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ ﴾».

و قال الشیخ مغنية فی تفسیر الاية 103 ما نصه:(3)

«﴿ ما جَعَلَ اللّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ ﴾ البحيرة بفتح الباء الناقة المشقوقة الأذن، و كان أهل الجاهلية

ص: 67


1- النساء
2- تفسير الكاشف، ج 2، ص: 443
3- تفسير الكاشف، ج 3، ص: 137

يفعلون بها ذلک إذا أنتجت عشرة أبطن، و قيل: خمسة، و يدعونها لا ينتفع بها أحد.»

قال العلامة الفاضل الجواد الكاظمي فی کتابه مسالک الأفهام إلى آيات الأحكام:(1)

« ﴿ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ ﴾ و فيه وجهان أحدهما أن المراد تغيير دين الله و هو قول جماعة من المفسرين، و المراد أن الله فطر الخلق على الإسلام يوم أخرجهم من ظهر ادم، و أشهدهم على أنفسهم أنه ربهم و امنوا به، فمن كفر و عبد غير الله كالشمس و القمر فقد غير فطرة الله التي فطر الناس عليها. و الثاني أن المراد تغيير يتعلق بظاهر الخلقة و مندرج فيه نحو خصاء العبيد فيكون حراما على إطلاقه و لكن الفقهاء رخصوا في خصاء البهائم للحاجة، و كذا يندرج فيه الوشر و هو تحديد طرف الأسنان و ترقيقها تفعله المرأة الكبيرة تشبيها بالصغائر، و الوشم و هو غرز ظهر الكف و نحوه بالإبر و إشباعه بالعظلم(2)

و نحوه حتى يخضر. و قد روى(3)عنه (صلی الله علیه و آله و سلم)أنه قال لعن الله

ص: 68


1- مسالک الأفهام إلى آيات الأحكام. ج 2، ص: 402
2- قال محشی الکتاب: «العظلم كزبرج عصارة شجر أو نبت يصبغ به و المثل بالرقم 549 ج 1 ص 108 مجمع الأمثال للميداني بيضاء لا يدجى سناها العظلم، مثل يضرب للمشهور لا يخفيه شي ء و قد نظمه الشيخ إبراهيم في فرائد اللآل فقال: يد الحميد بالندى إذ يكرم بيضاء لا يدجى سناها العظلم اى لا يسود بياضها العظلم و هو نبت يصبغ به، قيل هو النيل و قيل الوسمة و العظلم الليل المظلم أيضا على التشبيه.
3- قال محشی الکتاب: «انظر الحديث بطرقه المختلفة و ألفاظه المتفاوتة في كتب الشيعة الوسائل الباب 47 من أبواب ما يكسب به ج 2 ص 542 و الباب 136 من أبواب مقدمات النكاح ص 31 ج 3 ط الأميري و في كتب أهل السنة الكشاف تفسير الآية ج 1 ص 567 ط دار الكتاب العربي و فيض القدير ج 5 ص 268 و ص 272 و ص 273. قال الصدوق قدس سره في معاني الأخبار ص 250 بعد نقل خبر لعن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)النامصة و المنتمصة و الواشرة و المستوشرة و الواصلة و المستوصلة و الواشمة و المستوشمة. قال على بن غراب النامصة التي تنتف الشعر من الوجه و المنتمصة التي يفعل ذلک بها، و الواشرة التي تشر أسنان المرأة و تفلجها و تحددها، و المستوشرة التي يفعل ذلک بها، و الواصلة التي تصل شعر المرأة بشعر امرءة غيرها و المستوصلة التي يفعل ذلک بها. و الواشمة التي تشم و شما في يد المرأة أو في شي ء من بدنها و هو أن تغرز يديها أو ظهر كفها أو شيئا من بدنها بإبرة حتى تؤثر فيه ثم تحشوه بالكحل أو بالنورة فيخضر، و المستوشمة التي يفعل ذلک بها انتهى. ما في معاني الأخبار. كاظمي، فاضل، جواد بن سعد اسدى، مسالک الأفهام إلى آيات الأحكام، 4 جلد، ه ق»

الواشرة و المستوشرة و الواشمة و المستوشمة فالواشرة من يفعل الوشر و المستوشرة التي يفعل بها ذلک، و كذا الواشمة من يفعل الوشم و المستوشمة من يفعل بها ذلک. و يندرج في ذلک فقؤ عين الحيوان على ما كان من عادة العرب أن الإبل إذا بلغت ألفا عوروا عين فحلها و مندرج فيه أيضا السحق و اللواط، فان في اللواط يكون الذكر مشابها للأنثى و في السحق يكون الأنثى مشابهة للذكر و قد انعقد إجماع العلماء على تحريم هذه الافعال.» انتهی

و قال العلامة المجلسي في ملاذ الأخيار:(1)

« ﴿ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ ﴾ عن وجهه صورة أو صفة، و يندرج فيه ما قيل من فقإ عين الجاني، و خصاء العبيد، و الوشم، و الوشر، و اللواط، و السحق و نحو ذلک، و عبادة الشمس و القمر، و تغيير فطرة الله التي هي الإسلام، و استعمال القوي و الجوارح فيما لا يعود على النفس كمالا، و لا يوجب لها من الله زلفى.»

و قال السيد علي السبزواري فی کتابه “الاستنساخ بين التقنية والتشريع“ ما نصه:(2)

«فإن الخلق في الاية و إن كان أعم من الخلق الصوري أي: الطبيعي، أو الفطري الذي هو الدينو لكن تغيير الخلق لا بد أن يكون فيه نوع من المعارضة مع خلق الله سبحانه و تعالى، كما هو ظاهر الاية المباركة بمقتضى المقابلة بين فعل الله تعالى و صنعه و بين فعل الشيطان. و هو قد يكون حسيا ماديا، صفة أو صورة، كأنواع المثلة، و التشويهات و التبدلات التي يأمر بها الشيطان المطيعين له في أصناف خلق الله تعالى، و قد ضرب الله عزوجل مثلا لذلک ببتک الاذان الذي كان من فعل أهل

ص: 69


1- ملاذ الأخيار في فهم تهذيب الأخبار، ج 5، ص: 214
2- الاستنساخ بين التقنية و التشريع، ص: 74

الجاهلية، فكانوا يحرمون تلک الأنعام التي قطعت اذانها أو شقت على أنفسهم. و قد يكون تغييرا معنويا، متمثلا بالخروج عن الفطرة السوية، و الإعراض عن الدين الحنيف و التعاليم الإلهية و تبديلها و تحريفها و تغييرها، و ذلک بإتيان أنواع الرذائل و المنكرات، أو ترويج الباطل، و إشاعة الفحشاء، و تحويل النفس عما تدعو إليه دواعي العقل و الفطرة. قال تعالى: “فَأَقِمْ وَجْهَک لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّهِ ذلِک الدِّينُ الْقَيِّمُ“(1) و لا ريب أن فطرة الناس هي أساس الكمالات و منبع الخيرات، و أصل الفضائل و المكارم، و لها السلطة على جميع مشاعر الإنسان إذا لم يعترها الضلال و الغواية، و لم يتلبّس بما يفسد الفطرة من الرذائل و المنكرات و الجرائم.(2) فالمستفاد من قوله تعالى: لا تبديل لخلق الله أن التصرف في الكائنات و السلطنة عليها إنما يكون من شئون بارئها و خالقها، و ليس لغيره عزوجل ذلک، فلا تشمل كل تصرف و تغيير، فضلا عما ورد في الشرع الحنيف، كالختان، و تقليم الأظافر، و الخضاب، و قطع العضو الزائد، أو الفاسد في الإنسان و نحو ذلک.»

وجه الاستدلال بالآیة

و استدل القائل بحرمة تغییر الجنسیة بهذه الأيات هکذا:

اولا: دلت على أن إطاعة الشيطان توجب الخسران المبين و الشیطان یأمر الناس بتغییر الخلق الله (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ).

ثانیا: تغییر الجنسیة یعتبر نوع من انواع تغییر خلق الله لأن الله خلق الرجل رجلا و البشر یغییره الی امرأة مثلا فهذا تغییر في خلق الله. النتیجة: تغییر الجنسیة حرام و هو طاعة للشیطان و یؤدي الی الخسران المبين.

و استدل بهذه الآیة علی حرمة تغییر الجنس هؤلاء الاعلام:

ص: 70


1- سورة الروم، الآية: 30.
2- يراجع تفسير مواهب الرحمن للسيد السبزواري قدس سرّه، ج: 9، ص: 290، الطبعة الثالثة.
الميرزا جواد التبريزي

استدل بهذه الآیة الميرزا جواد التبريزي فی حاشیته علی کتاب صراط النجاة قائلا: (1)

«سؤال 904: ما حكم استبدال الرجل ذكره بفرج أنثى، أو استبدال الأنثى فرجها بذكر رجل، بالعمليات التي يجريها أطباء العصر؟ إذا كان هذا لغرض شهواني فقط، أو كان لغرض الأنجاب كأن يكون المستبدل مصابا بعقم لا يشفي، و لحبه النسل استبدل فرجه؟

الخوئي: هذه العملية في غاية الإشكال، و اللّه العالم.

التبريزي: هذا غير جائز لأنه من تغيير خلق اللّه سبحانه و تعالى.»

و قد مر مناقشة کلام السید الخوئي اما الشیخ التبریزي فهنا استدل بالایة و ان لم یذکرها و لکنه قصدها و اعتبر تغییر الخلق حرام.

الشیخ محمد العاملي

استدل الشیخ محمد جميل حمود العاملي(2)

بهذه الآیة علی حرمة تغییر الجنس.

وجه سؤال للشیخ محمد العاملي علی النحو التالی:(3)

«عمليات تغيير الجنس سواء كان تحويل الذكر الى انثى أو العكس وفي الاول يجري استئصال العضو الذكري وبناء مهبل وعملية خصاء وتكبير الثديين. وفي الحالة الثانية استئصال الثديين وبناء عضو ذكري وإلغاء القناة التناسلية الانثوية بدرجات متفاوتة، ويصحب كل ذلک علاج نفسي وهرموني. وهؤلاء المرضى يشعرون بكراهية للجنس الذي ولدوا عليه نتيجة لعوامل مختلفة وقد يعود أغلبها إلى فترات مبكرة في حياة

ص: 71


1- صراط النجاة (المحشى للخوئي)، ج 1، ص: 330
2- عالم دین و محقق شیعي من اهل لبنان
3- السوال موجود فی موقع الشیخ محمد جميل حمُّود العاملي تحت عنوان: « الموضوع الفقهي: تغيير الجنس البشري من ذكر إلى أنثى ومن أنثى إلى ذكر حرام شرعاً وعقلاً؟» انظر: https://ouo.io/yyfsQt

الانسان وتربية غير سليمة، وهم لا يوجد أي لبس في تحديد جنسهم، سواء مظهريا أو غيره عند الولادة كحالات خنثى غير الكاملة. وكثير منهم يقوم بدوره كاملا ويتزوج وينجب على حالته التي خلقه الله سبحانه وتعالى عليها، ثم ينتاب هؤلاء المرضى شعورا يأخذ بالطغيان وطالما كان مكبوتا لرغبة في التخلي عن جنسه الطبيعي. ما هو رأيكم الشريف في هذه المسألة؟ وما هو الحكم في كل حالة من هذه الحالات؟ أفتونا مأجورين.»

و اجاب الشیخ علی ذلک بما نصه:(1)

«إن تغيير الجنس البشري من ذكر إلى أنثى، ومن أنثى إلى ذكر، من أعظم المحرمات القطعية في ديننا الحنيف. والعملية المذكورة من أبرز مصاديق التغيير والتبديل في كينونة الإنسان التي خلقه الله تعالى عليها، حيث إنه تبارک شأنه خلق الإنسان على صنفين: ذكر وأنثى فمن بدل الخلقة التي صنعه الله تعالى عليها، فقد رفض قضاء الله تعالى فيه، ومن ثم أراد أن يصنع جسما اخر لنفسه على خلاف ما قضى الله تعالى فيه من الذكورية أو الأنوثية ومن يتأمل في ايات الكتاب الكريم والأخبار المفسرة لها يرى بوضوح أن أي تلاعب بالخلقة البشرية يساوق الشرک بالله تعالى ومغالبته في قدرته ... وأنى للعباد أن يغلبوا قدرة الله تبارک شأنه ومما ذكره القرآن الكريم في هذا الصدد قوله تعالى في الايات رقم 118-119 من سورة النساء بحق إبليس الملعون: «وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِک نَصِيبًا مَفْرُوضًا ﴿ 118 ﴾ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴿ 119 ﴾ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴿ 120 ﴾ أُولَئِک مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ﴿ 121 ﴾» إن الايات المتقدمة كشفت عن حرمة التلاعب بالخلقة الطبيعية التي خلق عليها الإنسان والحيوان.

فكما لا يجوز للإنسان أن يتلاعب بالخلقة الحيوانية عبثا ولغوا كذلک لا يحق له أن يتلاعب ببدنه فيبدله من شيء إلى اخر، ولا

ص: 72


1- انظر: https://ouo.io/yyfsQt

فرق في الحرمة بين كونها منصبة على التبديل في الصورة كما هو الحال في التبديل الجنسي في عصرنا الحاضر كما أشرتم إليه في سؤالكم المتقدم. أو كان التبديل بالمادة كما هو الحال في التبديل الهرموني الذكري إلى أنثوي وبالعكس قبل أو بعد إجراء عملية التغيير الجنسي. لقد كان ديدن المشركين قبل عصر الرسالة النبوية المحمدية على صاحبها واله الاف السلام والتحية التلاعب بخلقة الحيوانات لغايات عبثية حيث كانوا يفقؤون عين الفحل ويقطعون اذان الأنعام من أصلها أو بشق نصفها ويحرمون الانتفاع بها وهو ما دل عليه اللفظ في كلمتي: “فَلَيُبَتِّكُنَّ“ و “فَلَيُغَيِّرُنَّ“، فالكلمة الأولى ظاهرة في التبكيک أي القطع، والثانية ظاهرة في تبديل خلق الله تعالى، من صورة إلى صورة ومن مادة إلى مادة. والأخبار المفسرة للاية “فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ“ وإن كانت ظاهرة في معنى تغيير دين الله أو فطرة الله وأمره إلا أن التفسير المزبور لا يمنع من إدراج التغيير الجنسي في الصورة والمادة، ونستفيد ذلک من خلال أمرين في الاية والأخبار المفسرة لها:

الأمر الأول: إن الإطلاق في قوله تعالى “فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ“ يفيد الإيحاء الإبليسي بالتغيير المطلق، وهو حرام شرعا باعتباره من الإيحاءات الشيطانية المعاكسة للنواهي الإلهية عن التغيير والتبديل في الخلقة البشرية. وحرمة التغيير في خلق الله تعالى لا تقتصر على التشريع في دين الله وأوامره فحسب، بل يظهر أن النص القراني المفسر والمدعوم بالنص الولوي قضية حقيقية تشمل كل تغيير وتبديل وما ورد في تفسيرها بدين الله وأمره إنما لحيثية كانت غالبة على المجتمع القبلي الجاهلي في تلک العصور. وهذه الحيثية هي التغيير في دين الله تعالى والعمل بعكس ما أراده الله تعالى ولو كان التغيير الجنسي شائعا في تلک العصور لما توانت النصوص النبوية والولوية عن بيان مفردات حرمتها وإدراجها تحت المفهوم العام لكلمة “فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ“. فنصوص الكتاب الكريم جلها أحكام حول قضايا خارجية وهذه الأحكام تستبطن أحكاما على قضايا حقيقية إلى يوم القيامة، وظواهر ايات الكتاب الكريم تستبطن العشرات من البواطن بلغت السبعين بطنا حسبما جاء في النصوص الولوية الشريفة،

ص: 73

إذ ما من ظاهر إلا وله باطن إلى سبعين بطنا. ولعل المصدر اللغوي في كلمة “خلق“ المضافة إلى الله إشارة إلى التغيير البنيوي للجسم، بخلاف ما لو كانت الكلمة على صيغة “خلق الله“ المنحصرة بأخلاق الله تعالى من الإستقامة على أوامره ونواهيه، فاللفظة الأولى أعم وأشمل من الثانية الخاصة بالأمور المعنوية كتغيير الأحكام والتلاعب بها. ومهما يكن الأمر: فإن لفظ “خَلْقَ“ بتسكين اللام الوارد في الاية يشمل التغيير في الأمور المادية والمعنوية أي التغيير في شريعة الله تعالى والخلقة البشرية والحيوانية. فاللفظة المذكورة تفيد الإطلاق في حرمة التغيير بخلق الله تعالى حتى على مستوى التغيير بالصورة الظاهرية للرجل والمرأة، كما لو تزين الرجل كالمرأة ولبس ثياب المرأة والمرأة تلبس ثياب الرجل وتتزيا بزيه “تشبه المرأة بالرجل، وتشبه الرجل بالمرأة“ وهو ما استفاده عامة فقهاء الإمامية في تحريمهم تشبه الرجل بالمرأة وكذلک العكس، فإن ذلک كله من مصاديق تغيير الخلق البشري من طبيعة إلى طبيعة أخرى ولو بالمظهر الخارجي، فضلا عن الواقعي. إذ إن ذلک كله من التلاعب بالخلقة التي فطر الناس عليها وهو ما أيدته النصوص النبوية والولوية الكاشفة عن حرمة التصرف العبثي في الثروة الحيوانية والبنية الجسمية للإنسان.

الأمر الثاني: بناء على تفسير الاية بدين الله أو فطرة الله أو أمر الله تعالى، يمكننا التعدي إلى ما نحن بصدد بيانه، وذلک لأن التغيير في المادة أو الصورة يندرج في مفهوم تبديل فطرة الله تعالى التي فطر الإنسان الذكر عليها وهي أن يكون ذكرا لا أنثى، كما فطرت الأنثى على أنثويتها. فأي تغيير في السنخية الصورية أو المادية الهرمونية وغيرها كقطع الأعضاء الأصلية واستبدالها بقطع أخرى معاكسة لها ينطبق عليه مفهوم ﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ أو دين الله وأمره فمن بدل في بدنه الأصلي إلى بدن معاكس له خلاف أمر الله تعالى وخلاف الفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها من الذكورية والأنثوية. فتغيير خلق الله تعالى محرم لأنه مما يأمر به الشيطان وهو لا يأمر إلا بالفحش والمعاصي. وبعبارة أخرى: إن القرآن الكريم أطلق خلق الله على حكم الفطرة وهو التدين بالدين وأحكامه، فيكون تغيير خلق

ص: 74

الله هو الخروج عن حكم الفطرة وترک الدين والارتباط بالطبيعة من دون خضوع الأفراد إلى سلطة السماء.

التغيير بالخلقة البشرية حرام شرعا

إن تغيير الخلقة البشرية ينطبق عليه عنوانان محرمان أشارت إليهما الاية الكريمة: أحدهما التبكيک وهو الشق والقطع والإزالة وهو نوع ضرر يلحقه الفاعل ببدنه وثانيهما تغيير الخلقة الأصلية إلى أخرى معاكسة لها. وهو نوع تشبه الأصيل بالدخيل فلا يجوز للإنسان أن يقطع شيئا من جسمه سواء كان للتبديل الفطري في خلقته أو كان لغير ذلک كالقطع العبثي فكلا الأمرين حرام شرعا وصاحبهما من أهل النار، ذلک لأن الله تعالى لم يفوض للإنسان التصرف ببدنه. ولم يعطه السلطة المطلقة على بدنه بحيث يتصرف به كيفما تحلو له قريحته وتصوراته وموهوماته بل سلطته ضمن ما أراد الله تعالى له أن يسيطر عليه من خلال المحافظة على البدن بدفع الخطر عنه وحرمة تدنيسه وتعريض أعضائه للتلف والقطع والإزالة بكلا شقيها: الكلي والجزئي، إلا على نحو الضرورة الداعية إلى إزالة العضو المصاب بمرض فتاک كورم سرطاني وما شابهه مما تدعو الضرورة العقلائية بإزالته حتى لا يؤدي بقاؤه إلى تعطيل القوى الأخرى في البدن.»

الشيخ يوسف القرضاوي

نقل الدکتور محمد المهدي و هو استشارى فی الطب النفسی فی مقاله تحت عنوان “التحول الجنسي بين الطب والدين“ عن الشیخ القرضاوی(1) ما نصه:(2)

«سئل الشيخ يوسف القرضاوي في برنامج الشريعة والحياة والذي قدمته قناة الجزيرة الفضائية يوم الأحد الموافق 31 مايو 1998 عن رأي الدين في عملية التحول الجنسي فقال: في مثل هذه الأمور في الحقيقة، تحويل الذكر المكتمل الذكورة ظاهرا

ص: 75


1- الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
2- انظر: https://ouo.io/c6s8Ih

أو باطنا إلى أنثى أو العكس، هذه جريمة وهي من تغيير خلق الله عزوجل، واستجابة للشيطان الذي قال ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾، فإبليس أغرى الناس بتغيير خلق الله، فهذا من تغيير خلق الله.»

الشیخ علي جمعة

الشیخ علي جمعة و هو مفتي مصر السابق وأستاذ في جامعة الأزهر، و عضو هيئة كبار علماء الأزهر، استدل بهذه الآیة علی حرمة تغيير الجنس لعلاج اضطراب الهوية الجنسية فی اجابته علی السؤال التالي:(1)

«السؤال: كثر الحديث مؤخرا في وسائل الإعلام المختلفة عن مرض يسمى “اضطراب الهوية الجنسية“ وظهر عديد من الأشخاص يدعون أنهم في معاناة حقيقية وحياة مريرة بسبب هذا المرض، وأن الحل الجذري لمشكلتهم هو إجراء عملية جراحية للتحويل إلى الجنس الاخر. زاعمين أن عقولهم وأرواحهم تنتمي إلى الجنس الاخر لكنها تجسدت في البدن الخطأ، ويصفون العملية الجراحية بأنها تصحيح للجنس وليست تغييرا للجنس تجنبا لتهمة العبث وتغيير خلق الله، ويستشهدون بتصريحات لبعض الأطباء تؤكد أن هذا المرض لا يستجيب للعلاج الهرموني ولا العلاج النفسي، بل إنه لا علاج له حتى الان سوى تغيير الجنس، فهل يعتبر هذا المرض عذرا شرعيا يجيز إجراء عملية التحويل؟»

اجاب علی هذا السؤال و قال:

«وفيما يتعلق بالتدخل الجراحي في أعضاء الإنسان التناسلية، فأصله المنع إلا للضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، لأن الشريعة الإسلامية قد حرمت الخصاء وما في معناه لكونه تغييرا لخلق الله تعالى، قال عزوجل:(2)

﴿ إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا ﴿ 117 ﴾ لَعَنَهُ اللَّهُ

ص: 76


1- انظر موقع الشیخ علي جمعة تحت عنوان “تغيير الجنس لعلاج اضطراب الهوية الجنسية“: https://ouo.io/CuXZPT
2- النساء

وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِک نَصِيبًا مَفْرُوضًا ﴿ 118 ﴾ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾ ﴿ 119 ﴾.

فالقرآن الكريم يوضح أن تغيير خلق الله تعالى محرم، لأنه امتثال لأمر الشيطان وولاء له من دون الله وخسران مبين، والخصاء ونحوه تغيير لخلق الله، ومخالفة لفطرته التي فطر الناس عليها فهو حرام، وقد جاء في التفسير عن ابن عباس وأنس بن مالک رضي الله عنهم وأيضا عن غيرهما من السلف الصالح، أن المراد بتغيير خلق الله الوارد في الاية الكريمة: هو الخصاء “انظر: تفسير الإمام الطبري، جامع البيان 9 /215216، ط. مؤسسة الرسالة“. لكن إذا كان في الجراحة بتر بعض أعضاء الجسد للإبقاء على الحياة مثلا أو منافع سائر الأعضاء، فالقاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات، وأنه إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما “انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص 84، 87، ط دار الكتب العلمية“.»

المجمع الفقهي الإسلامي

المجمع الفقهي الإسلامي وهو عبارة عن هيئة علمية من الفقهاء داخل إطار رابطة العالم الإسلامي، یفتی علی اساس فقه المسلمین السنة و مقره مكة المكرمة، جاء فی قراره السادس بشأن تغيير جنس الذكر أو الانثى أو تصحيحه ما نصه:(1)

«الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد، وعلى اله وصحبه وسلم، أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409 ه الموافق 19 فبراير 1989 م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409 ه الموافق 26 فبراير 1989 م قد نظر في

ص: 77


1- انظر: “موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة والإقتصاد الإسلامي“، علي السالوس، ص 699 و “توضيح الأحكام من بلوغ المرام“، عبد الله بن عبد الرحمن البسام، ج 5، ص 378

موضوع تحويل الذكر إلى انثى، وبالعكس. وبعد البحث والمناقشة بين أعضائه قرر ما يلي:

أولا: الذكر الذي كملت أعضاء ذكورته، والانثى التي كملت أعضاء انوثتها، لا يحل تحويل أحدهما إلى النوع الاخر، ومحاولة التحويل جريمة يستحق فاعلها العقوبة. لأنه تغيير لخلق الله، وقد حرم سبحانه هذا التغيير، بقوله تعالى، مخبرا عن قول الشيطان: (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ).»

مناقشة الاستدلال بالآية
اشارة

جاء فی تفسیر العیاشی فی تفسیر الآیة:(1)

«عن محمد بن يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (علیه السلام) في قول الله ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ قال: “أمر الله بما أمر به“. (و) عن جابر عن أبي جعفر (علیه السلام) في قول الله ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ قال: دين الله.»

و قال المجلسی فی تفسیر الآیة بعد نقل روایتی العیاشی السابقتین:(2)

«بيان: فسر (علیه السلام) في الخبر الأول خلق الله بأمر الله و في الثاني بدين الله و قال الطبرسي رحمه الله:(3) قيل يريد دين الله و أمره عن ابن عباس و إبراهيم و مجاهد و الحسن و قتادة و هو المروي عن أبي عبد الله (علیه السلام) و يؤيده قوله سبحانه ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾ و أراد بذلک تحريم الحلال و تحليل الحرام و قيل أراد الخصاء و قيل إنه الوشم و قيل إنه أراد الشمس و القمر و الحجارة عدلوا عن الانتفاع بها إلى عبادتها.»

کما تری جاء تفسیر خلق الله فی روایة العیاشی السابقة في الخبر الأول بأمر الله و في الثاني بدين الله فما هو الصحیح منهما و جمع بین هذه الروایتین الطبرسی فی تفسیره قائلا:(4)

« ﴿ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ أي لآمرنهم بتغيير خلق الله

ص: 78


1- تفسير العياشي، ج 1، ص: 276
2- بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، ج 60، ص: 219
3- مجمع البيان في تفسير القرآن للشيخ الطبرسي، ج 3، ص: 173
4- مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 3، ص: 173

فليغيرنه و اختلف في معناه فقيل يريد دين الله و أمره عن ابن عباس(1) و إبراهيم و مجاهد و الحسن و قتادة و جماعة و هو المروي عن أبي عبد الله (علیه السلام) و يؤيده قوله سبحانه و تعالى ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾ و أراد بذلک تحريم الحلال و تحليل الحرام و قيل أراد معنى الخصاء عن عكرمة و شهر بن حوشب و أبي صالح عن ابن عباس و كرهوا الإخصاء في البهائم و قيل أنه الوشم عن ابن مسعود و قيل إنه أراد الشمس و القمر و الحجارة عدلوا عن الانتفاع بها إلى عبادتها عن الزجاج»

و قال الجصاص فی تفسیر الآیة:(2)

«قوله تعالى ﴿ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ ﴾ التبتيک التقطيع يقال بتكه يبتكه تبتيكا و المراد به في هذا الموضع شق أذن البحيرة روى ذلک عن قتادة و عكرمة و السدى و قوله ﴿ وَ لَأُمَنِّيَنَّهُمْ ﴾ يعنى و اللّه أعلم أنه يمنيهم طول البقاء في الدنيا و نيل نعيمها و لذاتها ليركنوا إلى ذلک و يحرصوا عليه و يؤثروا الدنيا على الآخرة و يأمرهم أن يشقوا آذان الأنعام و يحرموا على أنفسهم و على الناس بذلک أكلها و هي البحيرة التي كانت العرب تحرم أكلها.»

1. کلام السید الخامنه اي حول الآیة

نقل الشيخ محمد المؤمن القمي عن السيد علي الخامنه اي کلام في

ص: 79


1- قال السیوطی فی الدر المنثور في تفسير المأثور، ج 2، ص: 224، ما نصه: « أخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبى حاتم من طرق عن ابن عباس وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ قال دين الله و أخرج ابن جرير عن الضحاک في قوله فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ قال دين الله و هو قوله فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ يقول لدين الله و أخرج سعيد بن منصور و عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر و البيهقي عن ابراهيم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ قال دين الله، و أخرج سعيد بن منصور و ابن المنذر عن سعيد بن جبير فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ قال دين الله و أخرج عبد الرزاق و آدم و عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر و البيهقي عن مجاهد ﴿فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ قال دين الله ثم قرأ ﴿ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾ »
2- احكام القرآن، ج 3، ص: 268

عدم دلالة هذه الایة علی حرمة التغيير في خلق الله کتغییر الجنس او ماشبهه من الاعمال التی ترتبط بتغییر بدن الانسان کالتعقيم(1)،

قال الشیخ القمي ما نصه:(2)

«الاستدلال لحرمة التعقيم بأنه تغيير في خلق الله و قد يقال بحرمة الإقدام على عملية التعقيم الدائم أو الموقت في المرأة أو الرجل من باب أنها تغيير في خلق الله تعالى، و قد دل قوله تعالى حكاية عن إبليس اللعين ﴿وَلآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلقَ اللَّهِ﴾ على حرمة التغيير في خلق الله تعالى.

و هذا الوجه أيضا مخدوش قد أغنانا عن البحث في تقريب دلالته و الجواب عنه سيدنا القائد(3) أدام الله أظلاله، فلاحظ.

قال دام ظله هنا ما لفظه: “ثم إن عمدة ما يمكن أن يعد مانعا من إجراء أصالة الحل التي هي المرجع في المسألة بعد فرض عدم كون الاستيلاد في نفسه واجبا أمران:

أحدهما: التمسک بقوله تعالى نقلا عن إبليس لعنه الله ﴿ وَلآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلقَ اللَّهِ ﴾ الاية(4) مدعيا أن مضمون الاية هو المنع عن أي تغيير في الهيأة الطبيعية الإنسانية، سواء كان في ظاهر الجسم أو باطنه، مطلقا أو إذا أوجب نقصا، و تشويها للخلق، أو تعطيلا لإحدى القوى الجسمانية المقصودة عدا ما صرح و إن أردت الوقوف على عبارتنا هنا تقريبا و جوابا فراجع الكلمة التي كتبناها في مسألة الترقيع الأدلة بجوازه أو وجوبه.

و ثانيهما: وجوب دفع الضرر و المفسدة عن النفس بضميمة ادعاء أن إغلاق الرحم الموجب لقطع النسل ضرر من أظهر مصاديقه.

و لنا في كل من الأمرين نظر: (أما الأول) فمصفى القول أن الاية الشريفة ليست بالضرورة بصدد المنع عن كل تغيير في الخلق، كيف و يلزم منه حرمة التغيير في الحيوان و الجماد

ص: 80


1- هي عملیة جراحية يقوم بها الرجل او المراة لمنع الحمل نهائيا اي يصبح عقيما و یقال: تعقيم النساء او تعقيم الرجال.
2- كلمات سديدة في مسائل جديدة، ص: 55 ، تحت عنوان: “الدليل الثاني على حرمة التعقيم هو أنه تغيير في خلق الله“
3- اي السيد على الخامنه اي و هو قائد الثورة الاسلامية في ايران
4- اي الی اخر الآیة

أيضا، إذ لا وجه لتخصيصها بالإنسان، و لا أظن أن يلتزم به أحد. بل غاية المستفاد منها -حيث تحكي الأمر بالتغيير عن إبليسهو أن كل تغيير ناشى ء عن أمر اللعين فهو حرام محظور، كسائر التصرفات الناشئة عن تسويله و وسوسته.

كما أنه يستفاد من الاية في الجملة أن لعدو الله داعيا الى تغيير خلق الله، كما أن له تمام الداعي إلى الإخلال في أمره و التدخل في سلطانه تعالى عما يريد الظالمون علوا كبيرا. فكل ما أحرز بالنسبة إلى تغيير ما في خلق الله أنه من أمر الشيطان و إغوائه فهو حرام لا محالة، و كل ما شک و لم يوجد دليل عليه فالأصل البراءة و عدم الحرمة(1). ثم إن أوجه المحتملات في المعنى المراد من التغيير الذي يستهدفه إبليس: إما التغييرات التي وضعها الجهال من الادميين يريدون بها التقرب إلى الالهة المزعومة من دون الله عز و جل، مما كان -و لا يزاليتكلف عند دخول المعابد و الهياكل، من الحلق و الجز و القطع و الوصل و اللبس و الخلع و الوشم و الستر و أمثالها من سنن العبادة الحمقاء لدى أصحاب الديانات المنسوخة و المجعولة.

و يؤيده ما جاء في الفقرة السابقة من الاية الشريفة أعني قوله تعالى حكاية عن اللعين ﴿ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ ﴾ ضرورة أن بتک اذانها و هو قطعها أو شقهاإنما يحرم حينما كان المراد منه التقرب إلى الالهة الموهومة، و لا دليل على حرمته في غير تلک الصورة. و إما التغيير في دين الله الذي جعله قاعدة لمعاش الإنسان و الذي رتبه على غرار الفطرة الإنسانية السليمة و منطبقا عليها، كما يشعر به الحديث الوارد عن أبي جعفر (علیه السلام) و لعل من مصاديقه التغيير في مجاري الحياة كتبديل النكاح باللواط و السحق كما قيل.

فالحاصل: أن ادعاء حرمة التغيير في جسم الإنسان بما هو تغيير، استنادا الى الاية الشريفة غير وجيه، و لذا ترى أن سيدنا الأستاذ الامام الخميني أعلى الله مقامه و رفع أعلامه و هو على

ص: 81


1- مرجع ما أفاده دام ظله إلى أنه حيث لا يمكن إرادة الإطلاق في الاية، بل لا إطلاق لها بنفسها، فلا محالة يقتصر على ما يتيقن إرادته منها و هو خصوص التغيير في الخلقة الذي لا يكون إلا بأمر اللعين و إغوائه، و حينئذ فكل ما أحرز من التغيير أنه بأمر الشيطان، و إغوائه. إلخ. (الحاشیة للشیخ محمد المؤمن)

ما تعرف من المكانة السامية و السنام الأعلى في الفقه و معرفة أصول الدين و فروعه كان يفتي بجواز تغيير خلق الرجل امرأة و المرأة رجلا(1)، مع أن مثل هذا التغيير في الجنسية هو من أظهر مصاديق التغيير في خلق الله.(2)

و دعوى أن ما نحن فيه داخل في التغيير المحظور من جهة كونه تشويها و تنقيصا ممنوع صغرى و كبرى. إذ لا وجه لعد كل ما فيه تنقيص في الجسم تشويها، فإنه ربما يكون الأمر بالعكس في كثير من أنواع التنقيص الجسماني “و قد قال الشاعر: اراستن سرو ز پيراستن است(3)“ و لا غرو لو عد التنفيص بنحو ما نحن بصدد الكلام فيه في بعض موارده من ذلک القبيل كما لا يخفى. و قد عرفت أن الاية الشريفة أجنبية عن التنقيص الجسمي، تشويها كان أو تجميلا(4)-(5) فتحصل أن الاية المذكورة لا مساس لها بما نحن بصدده فعدها مانعا عن إجراء أصالة الحل غير مبتن على أساس متين.” انتهى كلامه(6) متع الله الأمة الإسلامية بطول بقائه. فقد تحصل أنه لا دليل معتبر على حرمة عملية التعقيم الدائم فضلا عن المؤقت منه بل مقتضى القواعد جوازها.»

مع ان السید الخامنه اي لم یقبل الاستدلال بالآیة علی حرمة قطع الاعضاء و ماشابهها من العملیات الجراحیة لکنه لم یجوز تغییر الجنس لیس لاجل الاستدلال بالآیة، بل لانه یری ان قطع عضو الذکوریة فی الرجل او حقن هرمون الانوثة فیه مثلا، لا یصیر ذلک الرجل امراة اي هذه الاشیاء لا تغییر حقیقته و لذا تراه اجاب علی

ص: 82


1- یشیر هنا الی “تغییر الجنس من الرجل الی المرأة و من المرأة الی الرجل“ الذی یفتی بجوازه السيد الخمینی
2- تحرير الوسيلة: ج 2 ص 563 (الحاشیة للشیخ محمد المؤمن)
3- ای ان جمال شجرة السرو فی عدم تزینه و قطع اقصانه و ابقائه علی ماهو علیه
4- فیه اشارة الی القول بان: “عملیات التجمیل ایضا حرام لانها تغییر فی خلق الله“ و انه هذا القول ایضا لایصح.
5- هذا بيان لمنع الكبرى. (الحاشیة للشیخ محمد المؤمن)
6- ای کلام السيد على الخامنه اي

استفتاء منشور علی موقعه حول “تغيير الجنس“ هکذا:(1)

«السؤال: هل يجوز إجراء عملية جراحية لتغيير الجنس؟

الجواب: لا يجوز تغيير الجنس، إلا إذا ثبت بالطرق العلمية والعرفية التي تورث الاطمئنان أن أعضاءه الخارجية وظاهر بدنه مخالف للجنس الواقعي(2)، فعندئذ يكون الإقدام على تغيير الأعضاء الظاهرية وتبديلها لتصبح مطابقة للجنس الواقعي جائز في نفسه. وكذلک إذا لم يثبت الجنس الواقعي حتى بالتحاليل العلمية، وكان الشخص الذي يريد التغيير يعيش حالة اضطرار نفسي شديد، فلا يبعد حينئذ جواز العملية المذكورة في نفسها.»

2. الشيخ محمد علي التسخيري

قال الشيخ محمد علي التسخيري مستشکلا علی الاستدلال بهذه الآیة مانصه:(3)

«أما موضوع تغيير خلق الله تعالى: فقد ذكر أن الاية الشريفة تقول عن الشيطان: ﴿ وَ قالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِک نَصِيباً مَفْرُوضاً* وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ لَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَ مَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً ﴾(4)

و من الواضح أن الشيطان الرجيم يهدد بالتركيز على مجموعة من عباد الله ليسخرهم لأعماله الشيطانية، و منها تبتيک اذان الأنعام و تغيير خلق الله، و هي امور مبغوضة للمولى جل و علا بلا ريب. و لذا يعدها سبحانه من الخسران المبين فهل هذا العمل الذي نحن بصدده من مصاديق تغيير خلق الله المنهي عنه؟ و هنا يقال بأن التبتيک و التغيير لا يمكن أن يكون المراد به مطلق المفهوم اللغوي لهما، حتى و لو كان بدواع مشروعة عقلائية لا شيطانية، و إلا لكان كل تغيير يحدث في البدن كحلق الشعر أو الختان أو تعليم اذان الابل أو التجميل من

ص: 83


1- انظر موقع مکتب السید الخامنه اي: https://ouo.io/8z4rRiz
2- یقصد تصحیح الجنس فی مورد الخنثی
3- مجلة فقه أهل البيت (علیه السلام) بالعربية، ج 44، ص: 47
4- النساء: 117- 119

المحرمات، و هو أمر واضح البطلان. بل إن التعميم يعني كل تغيير في خلق الله، و هذا يشمل أي تغيير في الطبيعة، فهل نمنع ذلک؟ كلا، فليس المراد هو العموم، و إنما المراد -و كما يقول بعض العلماءعمليات شيطانية خرافية تقوم على أساس من تصورات شيطانية جاهلية يتم بموجبها إهدار للثروات الطبيعية، من قبيل ما جاء في قوله تعالى: ﴿ ما جَعَلَ اللّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ ﴾(1)حيث تبتک اذان البحائر و تترک. يقول العلامة الطباطبائي في الميزان:(2)“إن عرب الجاهلية كانت تشق اذان البحائر و السوائب لتحريم لحومها“ كما يؤكد أنه ليس من البعيد أن يكون المراد بتغيير خلق الله الخروج عن حكم الفطرة و ترک الدين الحنيف مستشهدا بقوله تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَک لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّهِ ذلِک الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾(3) و لعل سياق الايات يساعد على ذلک، و قد أيدته روايته عن الإمام الباقر (علیه السلام) كما جاء في مجمع البيان في ذيل تفسير هذه الاية(4) و حينئذ لا يمكن أن يستند لهذه الاية الشريفة في رد أي تغيير طبيعي، و منه موردنا هذا، إذ المراد هو قسم خاص يتم بتسويل الشيطان و تسويغه.»

3. السيد محمد حسين فضل الله

فی سؤال وجه الی السيد محمد حسين فضل الله حول نظره فی جواز اجراء عملية تغيير الجنس قال فی جوابه:(5)

«وإذا استدل البعض في حرمة ذلک(6)

بالاية الشريفة: ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ ﴾ بما تتحدث به عن الشيطان في أحابيله، باعتبار أن هذا تغيير لخلق الله، فإننا نقول: إن المراد بخلق الله هنا ليس هو الإنسان، لأن كلمة “خلق الله“ كلمة عامة

ص: 84


1- المائدة: 103
2- الميزان، ج 5، ص 84
3- الروم: 30
4- مجمع البيان، ج 3، ص 173
5- فقه الحياة، ص 158
6- عملية تغيير الجنس

لكل ما خلقه الله. ولو أردنا أن نلتزم بحرمة تغيير خلق الله كما يراه ويفسره العلماء فإن علينا أن نبقي كل الواقع من الأشجار والنباتات والأرض والجبال والأنهار وغيرها على حالها، مع أنه لا يلتزم بها أحد، مما يجعل التخصيص في هذا العموم بغيرها تخصيصا بالأكثر، وهو مستهجن عند العقلاء، مع الإشارة إلى التزام غالبية العلماء بجواز ذلک وجواز التغيير التجميلي عند الإنسان وما إلى ذلک. إذن فما هو المراد من خلق الله؟ والجواب أن هناک اية أشارت إلى هذا المعنى بقوله تعالى:(1) ﴿ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِک الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾ فالمراد من خلق الله إذا هو الفطرة، لأن الإنسان خلق على الفطرة، أي خلق على التوحيد. وأن هناک من يريد أن يبدل فطرة الإنسان، وذلک بنقله من التوحيد إلى الشرک، ومن الطبيعي أن هذا هو الذي يتناسب مع دور الشيطان في إبعاد الإنسان عن الله، وعن وحدانية الله سبحانه وتعالى، لذلک ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ ﴾ يعني فليبدلن خلق الله، وهو الفطرة التي أشارت إليها الاية الكريمة، كما إنه قد ورد في بعض الأحاديث الشريفة أن المراد من خلق الله هنا هو “الفطرة“ ومن البديهي أن الدور الإبليسي الرئيسي لا يتناسب مع هذه الأمور الجسدية والطبية ولا علاقة له به»

4. الشيخ المبلّغي

و ناقش الاستدلال بهذه الآیة الشيخ أحمد المبلّغي قائلا :(2)

«يقال: يوجد في القرآن الكريم ما يدل على حرمة تغيير وضع الخلقة و ذلک قوله تعالى: ﴿ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ ﴾ بتقريب أن تغيير خلق الله يعني تغيير الوضع الطبيعي للخلقة، و تغيير الجنس تغيير للوضع الطبيعي الذي تم تكون الشخص عليه. فهل يمكن مثل هذا التمسک بالاية لإثبات الحرمة؟ نقول: يجب أن نبحث عن المقصود من تغيير الخلق في هذه الاية و يوجد هنا احتمالان:

ص: 85


1- الروم: 30
2- مجلة فقه أهل البيت (علیه السلام) بالعربية، ج 51، ص: 128

الاحتمال الأول: إن المقصود منها تغيير وضعية الخلقة، الاحتمال الثاني: إن المقصود تغيير دين الله، و تغيير دين الله معناه إيجاد حالة “اللادينية“ عن طريق الطاعة للأهواء المستلزمة لترک دين الله، فإن كان المقصود من الاية هو الاحتمال الأول فيثبت حرمة تغيير الجنس، و إن كان المقصود الاحتمال الثاني فلا نستطيع إثبات حرمة تغيير الجنس. و يبدو أن الاحتمال الثاني هو الذي يمكن إثباته. و ذلک لما يلي: قوله تعالى ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾(1) بتقريب أنه إذا لم نفسر الخلق في هذه الاية ﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ بمعنى الدين لأدى ذلک الى اعتبار وجود الاختلاف بين الايتين حيث إن إحدى الايتين قالت: لا تبديل لخلق الله و الاخرى تبنت إمكانية تغييره، بخلاف ما إذا أخذنا الخلق ﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ بمعنى الدين، فإنه حينئذ يرتفع الاختلاف، إذ أن الاية الاولى تتحدث عن عدم إمكانية التبديل لخلق الله و الثانية تتكلم عن إمكانية التغيير لدين الله و ذلک من جانب الذين استولى عليهم الشيطان، رواية الإمام الباقر (علیه السلام) حيث سئل عن تلک الاية ما المقصود بخلق الله؟ فقال: “دين الله“(2)ثم إنه لو افترضنا أن الاية في مقام تحريم تغيير الوضع الطبيعي للخلقة فإنما يصح الاستدلال بها لإثبات التحريم في غير الخنثى فحسب، أما الخنثى فإنه لما أوردناه سابقا حوله من نكات قد لا يصدق عنوان تغيير الخلقة على ما يتم عليه من تغيير.»

5. السيد محسن الخرازي

قال السيد محسن الخرازي فی مقالته حول تغيير الجنس :(3)

«لا يقال: إن ذلک تغيير لخلق اللّه و هو محرم لقوله تعالى: ﴿ إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلّا إِناثاً وَ إِنْ يَدْعُونَ إِلّا شَيْطاناً مَرِيداً* لَعَنَهُ اللّهُ وَ قالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِک نَصِيباً مَفْرُوضاً* وَ لَأُضِلَّنَّهُمْ وَ

ص: 86


1- الروم:30
2- تفسير العياشي 276: 1، ح 276.
3- مجلة فقه أهل البيت (علیه السلام) بالعربية، ج 13، ص: 23

لَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَ مَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً ﴾(1) لأنا نقول: أولا: لا إطلاق للاية، لكونها في مقام مذمة ما يدعوه المشركون و عداوة الشيطان و طغيانه و الإشارة إلى أقواله الناشئة عن الطغيان و الأهواء الصادة عن الفطرة التوحيدية و المؤدية إلى الشرک و التشريعات المحرمة. و ثانيا: إن مطلق التغيير في التكوينيات لو كان محرما لزم تخصيص الأكثر و هو مستهجن. فالاية كما يشهد صدرها و ذيلها راجعة إلى حرمة التغييرات الناشئة من إغواء الشيطان التي تؤدي إلى خلاف الفطرة التوحيدية من الشرک و التشريعات المحرمة.»

الاستدلال بهذه الآیة علی حرمة حلق اللحیة

تمسک بعض علمائنا بهذه الآية الشريفة لحرمة حلق اللحية حیث أفتى جماعة من فقهائنا بتحريم حلق اللحية و استُشهد لهم بقوله سبحانه عن إبليس اللعين: ﴿وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ﴾. قال السيد الخويي في مصباح الفقاهة:(2)

«و قد استدل عليها(3) بوجوه: (الی ان قال) الوجه الأول: قوله تعالى في التحدث عن قول الشيطان: ﴿وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ﴾ بدعوى أن حلق اللحية من تغيير الخلقة، و كل ما يكون تغييرا لها فهو حرام. و فيه: أنه إن كان المراد بالتغيير في الآية المباركة تغييرا خاصا فلا شبهة في حرمته على إجماله، و لكن لا دليل على كون المراد به ما يعم حلق اللحية، و إن كان المراد به مطلق التغيير فالكبرى ممنوعة(4)،

ضرورة عدم الدليل على حرمة تغيير الخلقة على وجه الإطلاق، و إلا لزم القول بحرمة التصرف في مصنوعاته تعالى حتى بمثل جري الأنهار و غرس الأشجار و حفر الآبار و قطع الأخشاب و قلم الأظفار و غيرها

ص: 87


1- النساء: 117-119
2- مصباح الفقاهة (المكاسب)، ج 1، ص: 258
3- حرمة حلق اللحية
4- الصغری: “حلق اللحية تغییر فی الانسان“ و الکبری: “حرمة ایجاد کل تغییر فی الانسان حسب الایة المبارکة فی سورة النساء“ فالنتیجة: “حرمة حلق اللحیة لکونها تغییر منهی عنه“.

من التغييرات في مخلوقاته سبحانه. و الظاهر أن المراد به تغيير دين اللّه الذي فطر الناس عليها وفاقا للشيخ الطوسي في تفسيره و يدل عليه قوله تعالى: ﴿ فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ الناسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّهِ ذلِک الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾(1) و قد نقل الشيخ في تفسير الآية أقوالا شتى، و ليس منها ما يعم حلق اللحية.»

و قال صاحب الحدائق تحت عنوان حرمة حلق اللحية:(2)

«الظاهر كما استظهره جملة من الأصحاب كما عرفت تحريم حلق اللحية لخبر المسخ المروي عن أمير المؤمنين (علیه السلام) فإنه لا يقع الا على ارتكاب أمر محرم بالغ في التحريم، و اما الاستدلال باية ﴿ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ ﴾ ففيه انه قد ورد عنهم (علیه السلام) ان المراد دين الله فيشكل الاستدلال بها على ذلک و ان كان ظاهر اللفظ يساعده.»

قال السيد تقي الطباطبائي القمي:(3)

« ﴿ وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَ مَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً ﴾ بتقريب ان حلق اللحية من مصاديق تغيير خلقه تعالى و مما يأمر به الشيطان و تغيير خلق الله بأمر الشيطان حرام. و فيه ان المراد من الاية مجمل و غير معلوم اذ لا يمكن الأخذ بإطلاقه و الا يلزم حرمة قطع الأشجار و أمثاله و هو كما ترى. ان قلت: نرفع اليد عن الإطلاق بالمقدار الذي قام الدليل على جوازه و يبقى الباقي تحت دليل المنع. قلت: تخصيص الأكثر مستهجن و لا يصار إليه مضافا الى أن المذكور في الاية ان الشيطان يأمر بالتغيير و الناس يغيرون ما أمرهم به فلا اطلاق في الاية. و بعبارة اخرى: يستفاد من الاية ان المراد التغيير الخاص فيكون مجملا و لعل المراد تغيير دين الله و الفطرة التي فطر الناس عليها و يمكن أن يكون المراد اللواط و السحق فان المجعول من قبله تعالى ينافي هذه الأفعال القبيحة. فالنتيجة: عدم قيام الاية دليلا على المدعى.»

ص: 88


1- الروم: 30
2- الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ج 5، ص: 561
3- عمدة المطالب في التعليق على المكاسب، ج 1، ص: 195

الدلیل الثاني: حقیقة الانسان ثابتة

استدل بکون حقیقة الانسان ثابتة لحرمة تغییر الجنس من ذکر الی أنثی و بالعکس و هذا الدلیل للشیخ جعفر السبحاني(1)

و اعتقد من خلاله ان حقیقة الانسان ثابتة لا تتغیر باستعمال الادویة و اجراء العملیات علی بدنه فالانسان یبقی انسان و لو غیروا هویته من خلال الهرمون الحیواني مثلا او اجروا علیه العملیات المختلفة لیصیر حیوانا اخر و مع هذا لا تتغیر هویته الانسانیة و هکذا عملیات تغییر الجنس لا تغییر حقیقة الذکوریة او الانوثیة، قال الشیخ السبحاني:(2)

«فظهر مما ذکرنا أن التغییر فی الجنس بالنحو المذکور لا یخرج المورد عن الجنس الأول أولا، و أنه حرام ثانیا. بذلک یعلم أن أکثر ما ذکره السید الإمام الخمینی قدس سره فی تحریر الوسیلة من المسألة الثالثة إلی التاسعة من باب المسائل المستحدثة، فروض لا واقع لها و إنما تنطبق هذه الفروض علی القسم الأول أی تغییر الجنس الذی قلنا بعدم ثبوت إمکانه إلا بالإعجاز، و لأجل إیقاف القارئ علی أن هذه الفروض المذکورة فی کلامه لا تنبطق إلا علی القسم الأول دون الثانی، نذکر مسألة واحدة و لیقس علیها سائر ما ذکره قدس سره. یقول: “ لو تزوج أمرأة فتغیر جنسها فصارت رجلا، بطل التزویج من حین التغییر و علیه المهر تماما لو دخل بها قبل التغییر، فهل علیه نصفه مع عدم الدخول أو تمامه؟ فیه إشکال، و الأشبه التمام، و کذا لو تزوجت امرأة برجل فغیر جنسه بطل التزویج من حین التغییر، و علیه المهر مع الدخول، و کذا مع عدمه علی الأقوی“(3). و لأجل إیضاح أن هذا النوع من التغییر، لا یؤثر فی تبدیل الجنس نأتی بمثال و هو أنه لو فرضنا أن طبیبا عمل عملیة جراحیة أو عن طریق حقن بعض الأدویة لإنسان بحیث صار هذا الإنسان یمشی علی أطرافه الأربعة و نبت علی جسمه

ص: 89


1- الشيخ جعفر بن محمد حسين السبحاني التبريزي مرجع شيعي إيراني معاصر.
2- انظر: موقع “مدرسة الفقاهة“، عنوان: درس خارج فقه ایت الله سبحاني، تاریخ 96/10/04: https://ouo.io/XC2u67
3- تحریر الوسیله، السيد الخمیني، ج2، ص627.

شعر کثیف، یشبه شعر القرد (میمون) فهل یمکن أن نعتبر هذا الإنسان قد انقلب قردا؟ کلا و لا.»

و یمکن ان یرد علیه: بانه اذا اُجری علی انسان عملیات و ازالوا عنه ما یفرقه عن الحیوان و اعطوه هرمونات ذلک الحیوان و صار الانسان کاحد افراد ذلک الحیوان هل یمکن صدق اسم الانسان علیه بعد کل هذه العملیات التی لا یمکن ارجاعه لما کان علیه سابق؟

ففی هذه المورد الحکم علی کون هذا الشخص یبقی علی انسانیته من الصعب لأن تغیرت ماهیته. هذا مثلما اذا جری التلاعب و تغییرات فی جینات النطفة البشریة و اضافوا الیها جینات حیوانیة لیکون المخلوق الجدید هجینا من الانسان و الحیوان مثلا فانه هنا ینظر الی ماهیة ذلک المخلوق الجدید و انه الی ای فصل اشبه من الاخر و یحکم علیه انه منهم و هنا کذلک.

ص: 90

الدلیل الثالث: النظر المحرم

عدة من العلماء اشکلوا علی عملیة تغییر الجنس بحرمة لمس العورة و النظر لها لأن عملیة تغییر الجنس تستدعی النظر إلى عورة المریض و لمسها المحرمان.

و فیه: اذا کانت فی البین ضرورة لمعالجة الشخص لحفظ و منعه من الانتحار او الاضرار البلیغ فی جسمه، هنا حرمة اللمس و النظر المحرم ترتفع لاجل ضرورة المعالجة طبقا لقاعدة الضرورات تبيح المحظورات.

و الی هذا الامر اشار السید السیستاني فی جوابه علی استفتاء حول “تغيير الجنس“ قائلا:(1)

« السؤال: هل يجوز تغيير جنسية الانسان من رجل الى انثى؟

الجواب: اذا كان المقصود من تغيير الذكر الى انثى إجراء عملية جراحية لقطع القضيب والانثيين وايجاد فتحتين إحداهما لمجرى البول والأخرى لممارسة الجنس وإعطاء الشخص جرعات من الهرمونات الانثوية التي تؤثر في ظهوره بمظهر الانثى في بروز الثديين وعدم نبات شعر اللحية ونحو ذلک . والمقصود من تغيير الأنثى الى ذكر أن يزرع لها قضيب صناعي وتعطى جرعات من الهرمونات الذكورية لتظهر بمظهر الرجال في عدم بروز الثديين ونبات اللحية ونحو ذلک، فهذا كله مما لا أثر له ولا تتحول الأنثى الى ذكر ولا الذكر الى الانثى بشيء من ذلک مضافا الى ما تستلزمه العمليات المذكورة من النظر الى العورة ولمسها من دون مسوغ شرعي . وأما اذا كان المقصود بتحويل الذكر الى انثى وبالعكس التحويل بحسب الاجهزة التناسلية الداخلية والخارجية التي هي المناط في تمييز أحد الجنسين عن الاخر فهذا مما لا مانع منه في حد ذاته بغض النظر عن مقدماته ومقارناته المحرمة ولكن الظاهر عدم تحققه الى زماننا هذا والذي يتحقق هو الأمر الاول عادة . نعم ربما تجري بعض العمليات الجراحية لمن يكون له تشوه في جهازه التناسلي كأن يتوهم انه انثى لعدم ظهور قضيبه وخصيتيه فيتبين بعد الكشف

ص: 91


1- انظر موقع مکتب السيد علي الحسيني السيستاني: https://www.sistani.org/arabic/qa/0407/

الطبي أنه لا يملک الجهاز الانثوي الداخلي بل يملک قضيبا وخصيتين مضمرتين مثلا فيقوم الطبيب بإجراء عملية جراحية لإظهارهما أو يكون له شبه القضيب والخصيتين فيتوهم أنه ذكر وبعد الفحص الطبي يتبين أنه يمتلک الجهاز التناسلي الأنثوي من المبيض والرحم فيقوم الطبيب بقطع اللحمة الزائدة وإزالة ما يشبه القضيب مثلا وهذا لا مانع منه في حد ذاته وليس ذلک تغييرا للذكر الى انثى او بالعكس حقيقة . وأما ارتفاع الحرمة عن مقدماته ومقارناته(1) فمنوط بحصول أحد العناوين الثانوية كالإضطرار والحرج الذي لا يتحمل عادة .»

الدلیل الرابع: مصداق للتأنث و التخنث

اشارة

و تمسکوا بعض العلماء بما روی عن رسول الله (ص): «لعن الله المتشبهين بالنساء و المتشبهات بالرجال» و امثال هذا الحدیث، لیثبتوا ان تغییر الجنس حرام، لأن فی هذا الحدیث ینقل عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)ان کل رجل تشبه بالمرأة یکون ملعون و هکذا المرأة اذا تشبهت بالرجل و تغییر الجنسیة هو تشبیه واضح بالجنس الاخر.

لان اذا حَرم من لبس ملابس الجنس الآخر فی فترة من الزمن یکون لبس ملابس النساء علی طول العمر و بصورة دائمة لاجل تغییر جنسه حرام بطریق اولی.

و فی هذه الحالة تشبیهه بالجنس الآخر یکون بشکل دائم و لا یتوقف خلافا لمن یشبه بالجنس الاخر بدون تغییر الجنس لانه تشبیهه غالبا یکون فی مدة من العمر و و فی فترة قصیرة.

قال احمد محمد کنعان(2)

فی کتاب الموسوعة الطبیة الفقهیة:(3)

«تغییر الجنس: إن وجود الذکر و الأنثی فی مختلف أنواع المخلوقات الحیة هو أمر لازم للتزاوج والتکاثر و دوام النوع، و قد خلق الله عزوجل الذکر و الأنثی لیکمل أحدهما الاخر و لیمارس کل منهما الوظیفة التی خلق من أجلها، و لهذه الأسباب

ص: 92


1- من النظر الى العورة ولمسها من دون مسوغ شرعي
2- من علماء أهل السنة
3- الموسوعة الطبیة الفقهیة، ص 285

فقد حرم الشارع تغییر الجنس لما فیه من مخالفة للفطرة الالهیة و استثنی من هذا التحریم بعض الحالات کالخنثی التی تختلط فیها أعضاء الذکورة و الانوثة بدرجات متفاوتة فتودی لإضطرابات عضویة و نفسیة، ففی مثل هذه الحالات یجوز إجراء الجراحة لتغییر الجنس إلی الجنس الذی یوافق الحالة جسما یراه أهل الطب أما ما ظهر فی بعض المجتمعات المنحرفة عن فطرة الله تعالی من جراحات لتغییر الجنس عند اشخاص اسویا الخلقة فهو حرام قطعا، لما فیه من تغییر لخلق الله تعالی دون ضرورة مشروعة، ولإنه إستجابة لدعوة الشیطان الذی توعد باغواء بنی ادم بمثل هذه الأفعال المحرمة، فقال: “ولامر نهم فلیغیرن خلق الله“ و قد ورد فی الصحیح ایضا: “لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال“ و هذا مجرد تشبه ظاهری فکیف به ان کان تغییرا فعلیا فی البنیة العضویة».

مصادر الحدیث فی کتب اهل السنة

مر علیک انه روی عن رسول الله (ص): «لعن الله المتشبهين بالنساء و المتشبهات بالرجال» جائت هذه الروایة في كتب اهل السنة(1)

بکثرة و طرق مختلفة و اعتبروا بعض طرقها صحیحة او حسنة و للتاکید من کثرة نقل هذا الحدیث فی کتب اهل السنة و التاکید من صحته و ضعفه ننقل لک موجز مما نقل فی موقع “الدرر السنية“ و هو على منهج أهل السنة والجماعة ويعد مرجعا علميا موثقا عندهم یشرف علیه الشيخ “علوي بن عبدالقادر السقاف“ جاء فیه:(2)

«1- لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء، والمترجلات من النساء، المتشبهين بالرجال، والمتبتلين من الرجال، الذين يقولون: لا نتزوج، والمتبتلات من النساء، اللائي يقلن ذلک، وراكب الفلاة وحده، فاشتد ذلک على أصحاب رسول الله (ص)، حتى استبان ذلک في وجوههم، وقال: البائت

ص: 93


1- راجع: https://ouo.io/Yqodvf
2- نقلناه باختصار و الطفرة فی الاعداد لاجل حذف بعض النقول

وحده.

الراوي: أبو هريرة، المحدث: أحمد شاكر، المصدر: مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 15/10، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

2 - لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء، والمترجلات من النساء، المتشبهين بالرجال، والمتبتلين من الرجال، الذين يقولون: لا نتزوج، والمتبتلات من النساء، اللائي يقلن ذلک، وراكب الفلاة وحده. فاشتد ذلک على أصحاب رسول الله (ص)، حتى استبان ذلک في وجوههم، وقال: البائت وحده.

الراوي: أبو هريرة، المحدث: شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 7891، خلاصة حكم المحدث: صحيح دون لعنة راكب الفلاة والبائت وحده

3 - لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)قال حجاج: فقال: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: أحمد شاكر، المصدر: مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 5/56، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح، انظر شرح الحديث رقم 82202

4 - لعن (صلی الله علیه و آله و سلم)مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء، والمترجلات من النساء المتشبهين بالرجال، والمتبتلين من الرجال الذي يقول: لا يتزوج والمتبتلات من النساء اللاتي يقلن ذلک، وراكب الفلاة وحده، فاشتد ذلک على أصحاب رسول الله (ص)، حتى استبان ذلک على وجوههم، وقال: البائت وحده.

الراوي: أبو هريرة، المحدث: الألباني، المصدر: السلسلة الضعيفة، الصفحة أو الرقم: 1114، خلاصة حكم المحدث: ضعيف بهذا التمام. التخريج: أخرجه أحمد (7891)، والبيهقي في (شعب الإيمان) (4728) باختلاف يسير، والعقيلي في (الضعفاء الكبير) (2/232) مختصرا.

5 - لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال.

الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 5885، خلاصة حكم المحدث:

ص: 94

[صحيح]، شرح الحديث

6 - لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال.

الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: ابن حزم، المصدر: المحلى، الصفحة أو الرقم: 11/392، خلاصة حكم المحدث: احتج به، وقال في المقدمة: (لم نحتج إلا بخبر صحيح من رواية الثقات مسند)، انظر شرح الحديث رقم 15189

10 - لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء والمترجلات من النساء المتشبهين بالرجال وراكب الفلاة وحده

الراوي: أبو هريرة، المحدث: أحمد شاكر، المصدر: مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 14/243، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

11 - لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)مخنثي الرجال، الذين يتشبهون بالنساء، والمترجلات من النساء، المتشبهين بالرجال، وراكب الفلاة وحده.

الراوي: أبو هريرة، المحدث: شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 7855، خلاصة حكم المحدث: صحيح دون قوله: “وراكب الفلاة وحده“

13 - لعن الله المتشبهين بالنساء من الرجال والمتشبهات من النساء بالرجال.

الراوي: -، المحدث: النووي، المصدر: المجموع، الصفحة أو الرقم: 4/445، خلاصة حكم المحدث: صحيح، انظر شرح الحديث رقم 80461

14 - لعن الله المتشبهين بالنساء من الرجال والمتشبهات من النساء بالرجال

الراوي: -، المحدث: النووي، المصدر: المجموع، الصفحة أو الرقم: 6/39، خلاصة حكم المحدث: صحيح، انظر شرح الحديث رقم 81519

17 - لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال.

الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح

ص: 95

ابن ماجه، الصفحة أو الرقم: 1558، خلاصة حكم المحدث: صحيح، انظر شرح الحديث رقم 41870

18 - و لعن المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال

الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: الألباني، المصدر: غاية المرام، الصفحة أو الرقم: 87، خلاصة حكم المحدث: صحيح، انظر شرح الحديث رقم 84008

20 - لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال والمتبتلين من الرجال الذين يقولون لا نتزوج والمتبتلات من النساء اللاتي يقلن مثل ذلک وراكب الفلاة وحده فاشتد ذلک على أصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)حتى استبان ذلک في وجوههم وقال البائت وحده

الراوي: أبو هريرة، المحدث: الهيثمي، المصدر: مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 4/254، خلاصة حكم المحدث: فيه الطيب بن محمد وثقه ابن حبان وضعفه العقيلي، وبقية رجاله رجال الصحيح

25 - أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)لعن الواصلة والموصولة والمتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال

الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: أحمد شاكر، المصدر: مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 4/68، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح، انظر شرح الحديث رقم 78430

26 - أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)لعن الواصلة والموصولة والمتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال

الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: أحمد شاكر، المصدر: مسند أحمد، الصفحة أو الرقم: 5/24، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح، انظر شرح الحديث رقم 82501

27 - لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم). المتشبهات بالرجال من النساء والمتشبهين بالنساء من الرجال

الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 2784، خلاصة حكم المحدث: صحيح، انظر شرح الحديث رقم 39458، التخريج: أخرجه

ص: 96

البخاري (5885)، وأبو داود (4097)، والترمذي (2784) واللفظ له، وابن ماجه (1904)، وأحمد (3151).

28 - أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)لعن الواصلة والموصولة، والمتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال.

الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 3059، خلاصة حكم المحدث: صحيح، شرح الحديث، التخريج: أخرجه أبو داود (4170) أوله في أثناء حديث، وأحمد (3059) واللفظ له.

29 - أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)لعن الواصلة والموصولة، والمتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال.

الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: شعيب الأرناؤوط، المصدر: تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 2263، خلاصة حكم المحدث: صحيح، انظر شرح الحديث رقم 147771، التخريج: أخرجه أبو داود (4170) أوله في أثناء حديث، وأحمد (2263) واللفظ له.

30 - لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال وراكب الفلاة وحده

الراوي: أبو هريرة، المحدث: المنذري، المصدر: الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 3/142، خلاصة حكم المحدث: حسن

31 - لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال، وراكب الفلاة وحده

الراوي: أبو هريرة، المحدث: المنذري، المصدر: الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 4/109، خلاصة حكم المحدث: [فيه] الطيب بن محمد، وبقية رواته رواة الصحيح

32 - لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال وراكب الفلاة وحده

الراوي: أبو هريرة، المحدث: الهيثمي، المصدر: مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 8/106، خلاصة حكم المحدث: فيه طيب بن

ص: 97

محمد وثقه ابن حبان وضعفه العقيلي وبقية رجاله رجال الصحيح، التخريج: أخرجه أحمد (7855)، والعقيلي في (الضعفاء الكبير) (2/232)، والبيهقي في (شعب الإيمان) (4728) باختلاف يسير.

33 - لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال وراكب الفلاة وحده

الراوي: أبو هريرة، المحدث: الهيتمي المكي، المصدر: الزواجر، الصفحة أو الرقم: 1/149، خلاصة حكم المحدث: [ فيه ] الطيب بن محمد وبقية رواته رواة الصحيح

34 - لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال وراكب الفلاة وحده

الراوي: -، المحدث: الهيتمي المكي، المصدر: الزواجر، الصفحة أو الرقم: 1/155، خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن

37 - لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء

الراوي: -، المحدث: ابن تيمية، المصدر: مجموع الفتاوى، الصفحة أو الرقم: 22/156، خلاصة حكم المحدث: صحيح، انظر شرح الحديث رقم 80227

39 - لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء

الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: محمد جار الله الصعدي، المصدر: النوافح العطرة، الصفحة أو الرقم: 270، خلاصة حكم المحدث: صحيح، انظر شرح الحديث رقم 86689

41 - لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء

الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 5100، خلاصة حكم المحدث: صحيح، انظر شرح الحديث رقم 15190

43 - أنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء

ص: 98

الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: أبو داود، المصدر: سنن أبي داود، الصفحة أو الرقم: 4097، خلاصة حكم المحدث: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]، انظر شرح الحديث رقم 132398

44 - أنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء.

الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح أبي داود، الصفحة أو الرقم: 4097، خلاصة حكم المحدث: صحيح، انظر شرح الحديث رقم 36699 .»

مصادر الحدیث فی کتب الشیعة
اشارة

فی کتب الشیعة ایضا نقل هذا الحدیث و فی مصادر مختلفة مثل الكافي و غيره و قد تمسک بهذا الحدیث علمائنا الابرار في الأبواب المختلفة الفقهیة .

روی الکلیني فی کتاب الکافي:(1)

«قال رسول الله (ص): لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء، و لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء».

روایات کتاب الکافي

الروایة الاولی التی نقلها الکلیني عن الامام الصادق (علیه السلام) فی حدیث طویل معروف ب: “حديث النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)حين عرضت عليه الخيل “ جاء فیها مانصها:(2)

«أبو علي الأشعري، عن محمد بن سالم، و علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن أحمد بن النضر، و محمد بن يحيى، عن محمد بن أبي القاسم، عن الحسين بن أبي قتادة جميعا، عن عمرو بن شمر، عن جابر: عن أبي جعفر (علیه السلام)، قال: خرج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)لعرض الخيل (الی ان قال “ع”) ثم قال: لعن الله المحلل

ص: 99


1- كافي، ج 11، ص: 274
2- كافي، ج 15، ص: 176، الوافي، ج 26، ص 381، ح 25474. البحار، ج 22، ص 136، ح 120. و فيه، ج 60، ص 231، ح 74، ملخصا.

و المحلل له (1)،

و من يوالي غير مواليه (2)، و من ادعى نسبا لايعرف (3)، و المتشبهين من الرجال بالنساء(4)، و المتشبهات من

ص: 100


1- قال ابن الأثير:« فيه: لعن الله المحلل و المحلل له، و في رواية: المحل و المحل له، و في حديث بعض الصحابة: لا اوتى بحال و لا محلل إلارجمتهما، جعل الزمخشري هذا الأخير حديثا لا أثرا، و في هذه اللفظة ثلاث لغات: حللت، و أحللت، و حللت... و المعنى في الجميع: هو أن يطلق الرجل امرأته ثلاثا فيتزوجها رجل آخر على شريطة أن يطلقها بعد وطئها لزوجها الأول. و قيل: سمي محللا بقصده إلى التحليل، كما يسمي مشتريا إذا قصد الشراء».(عن محشي کتاب الکافي) و قال المحقق الشعراني في هامش الوافي:« قال المجلسي رحمه الله: مع الاشتراط ذهب أكثر العامة إلى بطلان النكاح، فلذا فسروا التحليل بقصد التحليل، و لا يبعد القول بالبطلان على اصول أصحابنا أيضا. أقول: و ذلک لأن العقود تابعة للقصود. و لم يقصد المطلقة و لا المحلل دوام النكاح، و شرط التحليل العقد الدائم، و إنما يحمل اللفظ على ظاهره إذا لم يعلم خلافه قطعا، ثم احتمل رحمه الله معنيين آخرين للتحليل: أحدهما: تحليل الشهر الحرام بالنسي ء، و الثاني: مطلق تحريم ما حرم الله تعالى، و كلاهما بعيد، و الأول أشهر و أظهر في تفسير الحديث». راجع: النهاية، ج 1، ص 431(حلل). (عن محشي کتاب الکافي)
2- في المرآة:« قوله (ص): و من يوالي غير مواليه، فسر أكثر العامة بالانتساب إلى غير من انتسب إليه من ذي نسب أو معتق، و بعضهم خصه بولاء العتق فقط، و هو هنا أنسب. لعطف« من ادعى نسبا» عليه. و فسر في أخبارنا بالانتساب إلى غير أئمة الحق و تركهم و اتخاذ غيرهم أئمة».(عن محشي کتاب الکافي)
3- في المرآة:« قوله (ص): يعرف، يحتمل البناء للفاعل و المفعول». (عن محشي کتاب الکافي)
4- قال المحقق الشعراني في هامش الوافي:« التشبه إما أن يكون طبعا، و لا مؤاخذة عليه. فإن بعض الرجال يشبهون النساء في مشيهم و تكلمهم و أخلاقهم و صوتهم، و قد يكون اختياريا، كرجل يحب أن يكون كالنساء، و هذا يصح المؤاخذة عليه، و قد كثر الأسانيد في لعن المتشبهين و المتشبهات في روايات العامة أيضا، و أفتى كثير من علمائنا بحرمة لبس الثياب و الحلي المختصة بجنس على الآخر، و لكن ينبغي أن يخصص ذلک بما قصد فيه التشبه، لا إذا لبس لغرض آخر غير التشبه، كالحفظ من البرد و التستر ممن يرى مصلحته في التستر عنه و المزاح، أورده في كتاب الصلاة و الاقتصاد في المعيشة إذا لم يكن مؤديا إلى ترک تلک المروءة و الوقاحة، و مثله النهي عن التشبه بالكفار. و بالجملة التشبه دليل نقيصة في الشخص لا حرام، نظير الضحک الكثير و المشي عريانا في السوق». (عن محشي کتاب الکافي)

النساء بالرجال، و من أحدث حدثا في الإسلام أو آوى محدثا(1)، و من قتل غير قاتله (2)، أو ضرب غير ضاربه، و من لعن أبويه.»

قال الملا صالح المازندراني فی شرح الحدیث:(3)

«و فى النهاية معنى قوله (صلی الله علیه و آله و سلم)لعن الله المحلل و المحلل له ان يطلق الرجل امرأته ثلاثا فيتزوجها رجل اخر على شريطة أن يطلقها بعد وطيها لتحل لزوجها الاول و قيل سمى محللا بقصده الى التحليل كما يسمى مشتريا اذا قصد الشراء (و من يوالى غير مواليه) لعل المراد بالمولى هنا المنعم عليه و هو المعتق بفتح التاء و كان و لاؤه لمن اعتقه يرثه هو أو وارثه و هو كالنسب فلا يزال بالازالة و لا يجوز بيعه وهبته و اشتراطه للغير و نفيه كما لا يجوز ذلک فى النسب و كانت العرب تبيعه و تهبه فلعن (صلی الله علیه و آله و سلم)عليهم، و يحتمل أن يراد بالمولى المنعم هو (صلی الله علیه و آله و سلم)و أوصياؤه الطاهرون فلعن على من يوالى غيرهم و الله أعلم (و من ادعى نسبا لا يعرف) بان نسب نفسه الى غير نسبه و هو حرام استحق به اللعن روى المصنف باسناده عن أبى بصير عن أبى عبد الله (علیه السلام) قال “كفر بالله من تبرأ من نسب و ان دق“(4)

(و المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال) المروى عن أبى عبد الله (علیه السلام) “أنهم المخنثون و اللاتى ينكحن بعضهن بعضا“ و يمكن إرادة التشابه فى الحلى

ص: 101


1- قال ابن الأثير:« في حديث المدينة: من أحدث فيها حدثا، أو آوى محدثا الحدث: الأمر الحادث المنكرالذي ليس بمعتاد و لا معروف في السنة. و المحدث يروى بكسر الدال و فتحها على الفاعل و المفعول، فمعنى الكسر: من نصر جانيا، أو آواه و أجاره من خصمه و حال بينه و بين أن يقتص منه. و الفتح: هو الأمر المبتدع نفسه، و يكون معنى الإيواء فيه الرضا به و الصبر عليه. فإنه إذا رضي بالبدعة و أقر فاعلها و لم ينكر عليه فقد آواه». النهاية، ج 1، ص 351(حدث). (عن محشي کتاب الکافي)
2- في شرح المازندراني:« ضمير“قاتله“ للموصول باعتبار أنه قاتل مورثه». و في المرآة:« قوله (ص): و من قتل غير قاتله، أي غير مريد قتله، أو غير قاتل من هو ولي دمه، فكأنما قتل نفسه. قوله (علیه السلام): أو ضرب غير ضاربه، أي مريد ضربه، أو من يضر به». (عن محشي کتاب الکافي)
3- شرح الكافي - الأصول و الروضة، للمولى صالح المازندراني، ج 11، ص: 402
4- الكافي، ج 2، ص 350، باب الانتفاء، ح 1 و 2.

و اللباس و غيرهما من المختصات أيضا»

اما الروایة الثانیة هي ما رواها الكليني في الكافي :(1)

«عنه، عن أبيه، عن علي بن القاسم، عن جعفر بن محمد، عن الحسين بن زياد، عن يعقوب بن جعفر، قال: سأل رجل أبا عبد الله (علیه السلام) أو أبا إبراهيم(2) (علیه السلام) عن المرأة تساحق المرأة، و كان متكئا فجلس، فقال: “ملعونة ملعونة الراكبة و المركوبة، و ملعونة حتى تخرج(3) من أثوابها الراكبة و المركوبة فإن الله تبارک و تعالى و الملائكة و أولياءه يلعنونهما و أنا و من بقي في أصلاب الرجال و أرحام النساء. فهو و الله الزنى الأكبر، و لا و الله ما لهن توبة، قاتل الله لاقيس بنت إبليس ما ذا جاءت به؟“ فقال الرجل: هذا ما جاء به أهل العراق. فقال: “و الله لقد كان على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)قبل أن يكون العراق، و فيهن قال رسول الله (ص): لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء، و لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء“».

الروایة الثالثة فی کتاب الکافي و هی:(4)

«عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن علي بن عبد الله و(5)

عبد الرحمن بن محمد، عن أبي

ص: 102


1- راجع: الكافي للکلیني، ج 11، ص: 274، و كتاب النكاح، باب من أمكن من نفسه، ح 10332 و مصادره الوافي، ج 15، ص 235، ح 14955. الوسائل، ج 20، ص 345، ح 25788. البحار، ج 63، ص 270، ح 156، إلى قوله: «قبل أن يكون العراق».
2- الإمام موسى الكاظم (علیه السلام)
3- في المرآة: «يحتمل أن يكون الخروج من الأثواب التي لبسها عند ذلک العمل، أو المعنى أنها ملعونة قبل العمل من حين إرادة الفعل إلى حين نزع ثوبها».
4- كافي، ج 11، ص: 266
5- ورد الخبر في المحاسن، ص 113، ح 108. و عقاب الأعمال، ص 317، ح 10، عن أحمد بن أبي عبد الله عن علي بن عبد الله عن عبد الرحمن بن محمد عن أبي خديجة. و الظاهر وقوع الخلل في السند في ما نحن فيه، أو في ما ورد في الموضعين المذكورين. و لا يبعد سلامة سندنا هذا. فإن عبد الرحمن بن محمد الراوي عن أبي خديجة هو عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم، الذي ورد في طريق الشيخ الطوسي إلى كتاب أبي خديجة بعنوان عبد الرحمن بن أبي هاشم البزاز. و قد روى محمد بن علي عن عبدالرحمن بن أبي هاشم بمختلف عناوينه: عبد الرحمن بن أبي هاشم و عبد الرحمن بن محمد و عبد الرحمن بن محمد الأسدي و عبد الرحمن بن محمد بن أبي هاشم. راجع: الفهرست للطوسي، ص 226، الرقم 337. معجم رجال الحديث، ج 16، ص 443- 444. (عن محشي کتاب الکافي)

خديجة عن أبي عبد الله (علیه السلام)، قال: “لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)المتشبهين من الرجال بالنساء، و المتشبهات من النساء بالرجال“ قال: “و هم المخنثون(1)، و اللاتي ينكحن بعضهن بعضا“»(2).

روایات کتاب العلل

روی الصدوق فی کتاب علل الشرائع عدة روایات و هی:(3)

«63: أبي رحمه الله قال حدثنا محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد قال حدثني أبو جعفر أحمد بن أبي عبد الله عن أبي الجوزاء

ص: 103


1- «المخنث»: المتكسر الأعضاء، المشتبه بالنساء في الانثناء و التكسر و الكلام. و قال أبو الصلاح: «إذا تزيا الذكر بزي المرأة و اشتهر بالتمكين من نفسه، و هو المخنث في عرف العادة، قتل صبرا» و قال الطريحي: «خنث خنثا من باب تعب، إذا كان فيه لين و تكسر، و يعدى بالتضعيف فيقال: خنثه غيره، و منه المخنث بفتح النون و التشديد، و هو من يوطأ في دبره. لما فيه من الانخناث، و هو التكسر و التثني، و يقال: هو من الخنثى». راجع: الكافي في الفقه، ص 409. تاج العروس، ج 3، ص 206. مجمع البحرين، ج 2، ص 252 (خنث). (عن محشي کتاب الکافي)
2- المحاسن، ص 113، كتاب عقاب الأعمال، ح 108، عن علي بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن محمد. ثواب الأعمال، ص 317، ح 10، بسنده عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن محمد. الكافي، كتاب النكاح، باب السحق، ذيل ح 10342، بسند آخر عن أبي عبد الله أو أبي إبراهيم عليهما السلام عن النبي (ص). الكافي، كتاب الروضة، ضمن ح 14842. و الخصال، ص 587، أبواب السبعين و ما فوقه، ضمن الحديث الطويل 12، بسند آخر عن أبي جعفر (علیه السلام) عن النبي (ص). علل الشرائع، ص 602، ذيل ح 63، بسند آخر عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي (علیه السلام) عن النبي (ص)، و في الأربعة الأخيرة إلى قوله: «و المتشبهات من النساء بالرجال» مع اختلاف يسير. الجعفريات، ص 147، بسند آخر عن أبي هريرة، عن رسول الله (ص)، إلى قوله: «و هم المخنثون» مع اختلاف يسير الوافي، ج 15، ص 229، ح 14945. الوسائل، ج 20، ص 346، ح 25789. (عن محشي کتاب الکافي)
3- علل الشرائع، ج 2، ص: 602

عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي (علیه السلام) أنه رأى رجلا به تأنيث في مسجد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)فقال له اخرج من مسجد رسول الله يا من لعنه رسول الله ثم قال علي (علیه السلام) سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)يقول لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال ، 64: و في حديث آخر أخرجوهم من بيوتكم فإنهم أقذر شي ء، 65: و بهذا الإسناد عن علي (علیه السلام) قال كنت مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)جالسا في المسجد حتى أتاه رجل به تأنيث فسلم عليه فرد عليه ثم أكب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)في الأرض يسترجع ثم قال مثل هؤلاء في أمتي إنه لم يكن مثل هؤلاء في أمة إلا عذبت قبل الساعة»

قال الشیخ مصطفی الاشرفي الشاهرودي فی درسه الفقهي بعد ان نقل هذه الاحادیث ناقشها بما نصه:(1)

«هذه الروايات قد تمسک بها في موارد مختلفة منها في لبس الملابس فالتشبه بالنساء بما يختص بهن محرم للرجال و كذلک العكس و لذا أفتوا بأن الحزام و العمامة و نحوهما محرمة على النساء. و قد ذكر السيد الأستاذ الخويي قدس سره بأن هذا الحديث ناظر إلى من تلذذ بجنسه الموافق له فالرجل الذي تلذذ باللواط نعوذ بالله أو المرأة التي بالمساحقة فهو ممن تخنث أي تشبه بالجنس المخالف له. و بعض اخر تمسک بهذا الحديث لإثبات حرمة تغيير الجنسية، من أن هذا الحديث عام يشمل كل رجل شبه نفسه بالمرأة فهو مورد اللعن و كذلک في العكس. و تغيير الجنسية هو أظهر مصاديق التشبه. لأن اللباس أمر عارضي في زمن خاص و كذلک من عرض نفسه للواط أو المساحقه و لكن تغيير الجنسية عمل له دوام ذاتي و خروج عن المرحلة العرضية الموقتة إلى الدائمية الغالبية فلو كان التأنث و التخنيث من مصاديق التشبه الحرام و كذلک التلبس بلباس الجنس المخالف، فبطريق أولى من بدل نفسه بالجنس المخالف فهو من أظهر مصاديق التشبه المحرم. فعلى هذا الأساس لو قلنا أن هذا الحديث صحيح كما هو الحق و قلنا أن المصاديق التي دون حد تغيير الجنسية من مصاديق التشبه المحرم، فبطريق

ص: 104


1- انظر: http://www.eshia.ir/feqh/archive/text/ashrafi/feqh/89/900124/

أولى كان تغيير الجنسية أيضا محرما لأنه أظهر المصاديق للتشبه. و لكن بعض المعاصرين أجاب عن هذا الاستدلال بأن معنى التشبيه أن المشبه و المشبه به شيئان متفاوتان لكن شبه أحدهما بالاخر من جهة وجه الشبه بجهة أو بجهات عارضية مثل زيد كالأسد. و لكن في تغيير الجنسية ليس تشبه بل تغيير ذات لأن المفروض أن المرأة صارت رجلا أو أن الرجل صار إمرأة و لذا قلنا أن الرجل الذي صار إمراة يجب عليه ستر رأسه بالجلباب أو بالخمار. و كذلک في سائر أحكامه من زواجه و التوارث و صلاته و غيرها. و المنهي هو التشبه لا تغيير الذات. و لكن أجيب عنه أولا بأن التغيير بمعنى تغيير الذات غير ممكن كما قال بعض أهل الخبرة لأنهم يقولون إن الكروموسوم الجنسية في الرجل Xy و في المرأة xx و هذا التغاير غير قابل للتغيير فالتغيير الخارجي ليس تغييرا في الذات بل تغيير في العوارض مثل الثدي و الفرج و الرحم. و ثانيا أن الواقع من التغيير الذي وقع في الخارج ليس ما سوى التشبه. لأن الظواهر و العوارض النسائية قد عرضت للرجل أو بالعكس و ليس هذا ما سوى التشبه شيئا. نعم هنا ليس التشبه ظاهريا و موقتا بل تشبها دائميا فهو المصداق الأكمل للتشبه الذي قد نهي عنه في الروايات. فما قال بعض المعاصرين من أن موضوع التشبه قد رفع في تغيير الجنسية لا يمكن الموافقة معه.»

قال صاحب مفتاح الكرامة فی شرحها ما نصه:(1)

«(و في العلل) عن عمر بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه (علیه السلام) (إلا أن تقول) الظاهر من هذه التشبيه باعتبار التأنيث و التذكير لا باعتبار اللبس و الزي كما يعطيه خبر العلل أن عليا (علیه السلام) رأى رجلا به تأنيث في مسجد رسول اللّه (صلی الله علیه و آله و سلم)فقال اخرج عن مسجد رسول اللّه (صلی الله علیه و آله و سلم)ثم قال علي (علیه السلام) سمعت رسول اللّه (صلی الله علیه و آله و سلم)يقول لعن اللّه المتشبهين من الرجال بالنساء الحديث(2) لكن في غيره بلاغا على تقدير التسليم و قصور السند منجبر بالشهرة و الاعتبار مع ما فيه من إذلال المؤمن نفسه المنهي عنه شرعا لكن ذلک قد لا يتأتى في النساء إذا قصدن الزينة فتأمل»

ص: 105


1- مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة، ج 4، ص: 60
2- ای الی اخر الحدیث

و الشيخ الأنصاري ناقش الاستدلال بالاحادیث فی كتاب المكاسب هکذا:(1)

«المسألة الثانية تزيين الرجل بما يحرم عليه من لبس الحرير و الذهب ، حرام. لما ثبت في محله من حرمتهما على الرجال، و ما يختص بالنساء من اللباس كالسوار و الخلخال و الثياب المختصة بهن في العادات على ما ذكره في المسالک و كذا العكس، أعني تزيين المرأة بما يختص بالرجال كالمنطقة و العمامة، و يختلف باختلاف العادات و اعترف غير واحد بعدم العثور على دليل لهذا الحكم(2)

عدا النبوي المشهور، المحكي عن الكافي و العلل: “لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال“ و في دلالته قصور. لأن الظاهر من التشبه تأنث الذكر و تذكر الأنثى، لا مجرد لبس أحدهما لباس الاخر مع عدم قصد التشبه. و يؤيده المحكي عن العلل: أن عليا (علیه السلام) رأى رجلا به تأنيث في مسجد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)فقال له: “أخرج من مسجد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)فإني سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)يقول: لعن الله.. إلخ“ و في رواية يعقوب بن جعفر الواردة في المساحقة: أن “فيهن قال رسول الله (ص): لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء.. إلخ“ و في رواية أبي خديجة، عن أبي عبد الله (علیه السلام) : “لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال، و هم: المخنثون، و اللائي ينكحن بعضهن بعضا“ نعم في رواية سماعة عن أبي عبد الله (علیه السلام) : “عن الرجل يجر ثيابه؟ قال: إني لأكره أن يتشبه بالنساء“ و عنه (علیه السلام) عن ابائه (علیه السلام) : “كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)يزجر الرجل أن يتشبه بالنساء، و ينهى المرأة أن تتشبه بالرجال في لباسها“ و فيهما خصوصا الأولى بقرينة المورد ظهور في الكراهة، فالحكم المذكور لا يخلو عن إشكال. ثم

ص: 106


1- كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري، ج 1، ص: 173
2- منهم المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة، ج 8، ص 85، إلا أنه قال: «و لعل دليله الإجماع و أنه نوع غش»، ثم قال: «و الإجماع غير ظاهر فيما قيل و كذا كونه غشا» و لم يتعرض للنبوي، و منهم المحدث البحراني في الحدائق، ج 18، ص 198، و حكاه في مفتاح الكرامة ج 4، ص 60، عن الكفاية، لكن لم نعثر عليه في كفاية الأحكام للسبزواري

الخنثى يجب عليها ترک الزينتين المختصتين بكل من الرجل و المرأة كما صرح به جماعة لأنها يحرم عليها لباس مخالفها في الذكورة و الأنوثة، و هو مردد بين اللبسين، فتجتنب عنهما مقدمة لأنهما له من قبيل المشتبهين المعلوم حرمة أحدهما.و يشكل بناء على كون مدرک الحكم حرمة التشبه بأن الظاهر من “التشبه“ صورة علم المتشبه.»

و قال صاحب ينابيع الأحكام فی مناقشة الاحادیث ما نصه:(1)

«النوع الحادي عشر تزيين الرجل بما يحرم عليه و هو على أنواع: منها: تزيينه بالذهب و إن قل، و بالحرير المحض عدا ما استثني، فإنه حرام بالادلة المتقدمة في باب لباس المصلي من الصلاة مشروحة فلا حاجة إلى الإعادة. و منها: تزيينه بالزينة المختصة بها من حليها،كلبسه السواد و الخلخال. و منها: لبسه الثياب المختصة بها،و يختلف ذلک باختلاف الأزمان و الأصقاع. و الحرمة فيهما و إن وصفها في الرياض بكونه على الأظهر الأشهر، غير أن دليلها غير واضح عدا خبرين: أحدهما: ما عن الكافي من قول أبي جعفر (علیه السلام) في حديث: “لعن الله المحلل و المحلل له... إلى أن قال: و المتشبهين من الرجال بالنساء، و المتشبهات من النساء بالرجال“(2)

و الاخر: ما عن العلل عن زيد بن علي عن ابائه عن علي (علیه السلام) “أنه رأى رجلا به تأنيث في مسجد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)فقال له: اخرج من مسجد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)يا لعنة رسول الله (ص)، ثم قال علي (علیه السلام) : سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)يقول: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، و المتشبهات من النساء بالرجال“(3)

قال الصدوق: و في حديث اخر “أخرجوهم من بيوتكم فإنهم أقذر شي ء“ و رمي بقصور الدلالة لأن الظاهر من التشبه تأنث الذكر و تذكر الانثى لا مجرد لبس أحدهما لباس الاخر مع عدم قصد التشبه، و ايد بالخبر الثاني لمكان قوله (ص): “رأى رجلا به تأنيث“ و برواية يعقوب بن جعفر الواردة في المساحقة “إن فيهن قال رسول الله (ص): لعن

ص: 107


1- ينابيع الأحكام في معرفة الحلال و الحرام، ج 2، ص: 367
2- الوسائل، ج 17، ص: 284، الكافي ج 8، ص: 69
3- الوسائل، ج 17، ص: 284، علل الشرائع: ص: 602، ينابيع الأحكام في معرفة الحلال و الحرام، ج 2، ص: 368

الله المتشبهات بالرجال من النساء...“ الخ، و رواية أبي خديجة عن أبي عبد الله (علیه السلام) “لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)المتشبهين من الرجال بالنساء، و المتشبهات من النساء بالرجال، و هم المخنثون و اللائي ينكحهن بعضهن بعضا“ و يمكن منع القصور بأن التشبه من الجهة المذكورة لا ينافي التشبه من جهة اللباس أيضا و اللفظ عام، و يؤيده رواية سماعة عن أبي عبد الله (علیه السلام) “عن الرجل يجر ثيابه، قال: إني لأكره أن يتشبه بالنساء“ و عنه (علیه السلام) عن ابائه (علیه السلام) “كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)يزجر الرجل أن يتشبه بالنساء، و ينهى المرأة أن تتشبه بالرجال في لباسها“ غير أن فيهما ظهور في إرادة الكراهة خصوصا أولهما بقرينة الموردة. فالمسألة لا تخلو عن إشكال و إن كان القول بالحرمة مطلقا لا يخلو عن قوة. و على حرمة التشبه مطلقا على الرجال يحرم على النساء أيضا فيحرم عليهن لبس الثياب المختصة بالرجال.»

روایات کتاب الجعفریات

روی موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر(علیه السلام) فی کتاب الجعفريات(1) مانصه:(2)

«أخبرنا عبد الله أخبرنا محمد حدثني موسى قال حدثنا أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب (علیه السلام) قال: إذا كان الرجل كلامه كلام النساء و يمكن من نفسه فينكح كما تنكح المرأة فارجموه و لا تستحيوه.

ص: 108


1- و يعرف بالأشعثيات الکتاب لموسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر الصادق (علیه السلام) رواه عن موسى بن إسماعيل، شخص ثقة اسمه محمد بن محمد الأشعث الكوفي الساكن بمصر و هو كتاب شريف لطيف يشمل على ألف حديث بإسناد واحد رواه موسى عن أبيه عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن جده أمير المؤمنين (علیه السلام) عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)و یعرف باسم کتاب الأشعثيات باعتبار تمحور روايته عن المحدث محمد بن الأشعث المصري أبي علي الكوفي، الذي رواه سنة 314 ه. وسمي ایضا بالجعفريات لأن روايات الكتاب عن الإمام جعفر بن محمد الصادق وعرف بعنوان كتاب لأهل البيت (علیه السلام) لكونه بسندهم أب عن جد حتى يرفع إلى جدهم رسول الله (ص).
2- الجعفريات (الأشعثيات)، ص: 126

أخبرنا عبد الله أخبرنا محمد حدثني موسى قال حدثنا أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي (علیه السلام) قال: من أمكن الرجال من نفسه طائعا لقي [ألقي ] عليه شهوة النساء.»

و روی:(1)

«أخبرنا عبد الله أخبرنا محمد حدثني موسى قال حدثنا أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن أبا بكر أتي برجل ينكح في دبره فقال يا علي (علیه السلام) ما الحكم فيه فقال أحرقه بالنار فإن العرب قائف(2) من المثلة فأحرقه أبو بكر بقول علي (علیه السلام) .

أخبرنا عبد الله أخبرنا محمد حدثني موسى قال حدثنا أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن علي بن أبي طالب (علیه السلام) قال: لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)المخنثين قال أخرجوهم من بيوتكم.»

روایة کتاب فضائل الأشهر الثلاثة

روی الشیخ الصدوق فی کتاب فضائل الأشهر الثلاثة:(3)

«حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا أبو الجوزاء المنبه بن عبد الله قال حدثنا الحسين بن علوان عن عمرو بن ثابت بن هرمز الحداد عن سعد بن ظريف عن الأصبغ بن نباتة قال قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) يأتي على الناس زمان يرتفع فيه الفاحشة و لتصنع و تنهتک فيه المحارم و يعلن فيه الزنا و يستحل فيه أموال اليتامى و يؤكل فيه الربا و يطفف في المكاييل و الموازين و يستحل الخمر بالنبيذ و الرشوة بالهدية و الخيانة بالأمانة و يشتبه الرجال بالنساء و النساء بالرجال و يستخف بحدود

ص: 109


1- الجعفريات (الأشعثيات)، ص: 127
2- و فی نسخة بدل: “تأنف“ جامع أحاديث الشيعة، ج 30، ص: 769 و مستدرک الوسائل و مستنبط المسائل، ج 18، ص: 79 و معنی (العرب تأنف من المثلة) ای العرب لا تقتل احد قتل المثلة و لا تقطع احد مثلة.
3- فضائل الأشهر الثلاثة، ص: 91

الصلاة و يحج فيه لغير الله فإذا كان ذلک الزمان انتفخت الأهلة تارة حتى يرى الهلال ليلتين و خفيت تارة حتى يفطر شهر رمضان في أوله و يصام للعيد في آخره فالحذر الحذر حينئذ من أخذ الله على غفلة فإن من وراء ذلک موت ذريع(1) يختطف الناس اختطافا حتى إن الرجل ليصبح سالما و يمسي دفينا و يمسي حيا و يصبح ميتا فإذا كان ذلک الزمان وجب التقدم في الوصية قبل نزول البلية و وجب تقديم الصلاة في أول وقتها خشية فوتها في آخر وقتها فمن بلغ منكم ذلک الزمان فلا يبيتن ليلة إلا على طهر و إن قدر أن لا يكون في جميع أحواله إلا طاهرا فليفعل فإنه على وجل لا يدري متى يأتيه رسول الله لقبض روحه و قد حذرتكم و عرفتكم إن عرفتم و وعظتكم إن اتعظتم فاتقوا الله في سرائركم و علانيتكمو لا تموتن إلا و أنتم مسلمونو من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين»(2)

روایة مجمع البيان

روی العلامة المحقق الأديب الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي فی كتاب مجمع البيان في تفسير القرآن:(3)

«عن أبي أمامة عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)قال أربع لعنهم الله من فوق عرشه و أمنت عليه ملائكته الذي يحصر نفسه فلا يتزوج و لا يتسرى لئلا يولد له و الرجل يتشبه بالنساء و قد خلقه الله ذكرا و المرأة تتشبه بالرجال و قد خلقها الله أنثى و مضلل الناس يريد الذي يهزأ بهم يقول للمسكين هلم أعطک فإذا جاء يقول ليس معي شي ء و يقول للمكفوف اتق الدابة و ليس بين يديه شي ء و الرجل يسأل عن دار القوم فيضلل»

ص: 110


1- سريع فاش لايكاد الناس يتدافنون- اللسان.
2- رواه المجلسي رحمه الله في كتاب بحار الأنوار في الجزء 96 ص 303- 307 عن كتاب فضائل الأشهر الثلاثة و اشتماله على ذكر صوم شهر رمضان كالحديث المرقم 68 ناسب ذكره هنا و يأتي في معنى هذا الاعتذار اعتذار من المصنف ذيل الحديث المرقم 107.
3- مجمع البيان في تفسير القرآن، ج 7، ص: 220
روایة کتاب الخصال

روی الصدوق فی کتاب الخصال فی حدیث طویل:(1)

«حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال حدثنا الحسن بن علي العسكري قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا البصري قال حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جابر بن يزيد الجعفي قال سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (علیه السلام) يقول ليس على النساء أذان و لا إقامة و لا جمعة و لا جماعة و لا عيادة المريض و لا اتباع الجنائز و لا إجهار بالتلبية و لا الهرولة بين الصفا و المروة و لا استلام الحجر الأسود و لا دخول الكعبة و لا الحلق إنما يقصرن من شعورهن و لا تولي المرأة القضاء و لا تولي الإمارة و لا تستشار و لا تذبح إلا من اضطرار و تبدأ في الوضوء بباطن الذراع و الرجل بظاهره و لا تمسح كما يمسح الرجال بل عليها أن تلقي الخمار من موضع مسح رأسها في صلاة الغداة و المغرب و تمسح عليه و في سائر الصلوات تدخل إصبعها فتمسح على رأسها من غير أن تلقي عنها خمارها فإذا قامت في صلاتها ضمت رجليها وضعت يديها على صدرها و تضع يديها في ركوعها على فخذيها و تجلس إذا أرادت السجود سجدت لاطئة بالأرض و إذا رفعت رأسها من السجود جلست ثم نهضت إلى القيام و إذا قعدت للتشهد رفعت رجليها و ضمت فخذيها و إذا سبحت عقدت بالأنامل لأنهن مسئولات و إذا كانت لها إلى الله عزوجل حاجة صعدت فوق بيتها و صلت ركعتين و كشفت رأسها إلى السماء فإنها إذا فعلت ذلک استجاب الله لها و لم يخبها [يخيبها] و ليس عليها غسل الجمعة في السفر و لا يجوز لها تركه في الحضر و لا يجوز شهادة النساء في شي ء في الحدود و لا يجوز شهادتهن في الطلاق و لا في رؤية الهلال و تجوز شهادتهن فيما لا يحل للرجل النظر إليه و ليس للنساء من سروات الطريق شي ء و لهن جنبتاه و لا يجوز لهن نزول الغرف و لا تعلم الكتابة و يستحب لهن تعلم المغزل و سورة النور و يكره لهن تعلم سورة يوسف و إذا ارتدت المرأة عن الإسلام استتيبت فإن تابت و إلا خلدت في السجن و لا تقتل

ص: 111


1- الخصال، ج 2، ص: 585

كما يقتل الرجل إذا ارتد و لكنها تستخدم خدمة شديدة و تمنع من الطعام و الشراب إلا ما تمسک به نفسها و لا تطعم إلا جشب الطعام و لا تكسى إلا غليظ الثياب و خشنها و تضرب على الصلاة و الصيام و لا جزية على النساء و إذا حضر ولادة المرأة وجب إخراج من في البيت من النساء كي لا يكن أول ناظر إلى عورتها و لا يجوز للمرأة الحائض و لا الجنب الحضور عند تلقين الميت لأن الملائكة تتأذى بهما و لا يجوز لهما إدخال الميت قبره و إذا قامت المرأة من مجلسها فلا يجوز للرجل أن يجلس فيه حتى يبرد و جهاد المرأة حسن التبعل و أعظم الناس حقا عليها زوجها و أحق الناس بالصلاة عليها إذا ماتت زوجها و لا يجوز للمرأة أن تنكشف بين يدي اليهودية و النصرانية لأنهن يصفن ذلک لأزواجهن و لا يجوز لها أن تتطيب إذا خرجت من بيتها و لا يجوز لها أن تتشبه بالرجال لأن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)لعن المتشبهين من الرجال بالنساء و لعن المتشبهات من النساء بالرجال(1) و لا يجوز للمرأة أن تعطل نفسها و لو أن تعلق في عنقها خيطا و لا يجوز أن تري أظافيرها بيضاء و لو أن تمسحها بالحناء مسحا و لا تخضب يديها في حيضها لأنه يخاف عليها الشيطان و إذا أرادت المرأة الحاجة و هي في صلاتها صفقت بيديها و الرجل يومئ برأسه و هو في صلاته و يشير بيده و يسبح و لا يجوز للمرأة أن تصلي بغير خمار إلا أن تكون أمة فإنها تصلي بغير خمار مكشوفة الرأس (الی اخر الحدیث)»

روایة فقه الرضا (علیه السلام)

جاء فی کتاب فقه الإمام الرضا (علیه السلام) ما نصه:(2)

«و كسب المغنية حرام و لا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقا و لا بأس بكسب الماشطة إذا لم تشارط و قبلت ما تعطى و لا تصل شعر المرأة بغير شعرها و أما شعر المعز فلا بأس بأن يوصل و قد لعن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)سبعة الواصل شعره بشعر غيره

ص: 112


1- محل الشاهد
2- کتاب فقه الإمام الرضا (علیه السلام)، ص: 252

و المشتبه من النساء بالرجال و الرجال بالنساء(1) و المفلج بأسنانه و الموشم(2) ببدنه و الدعي إلى غير مولاه و المتغافل عن زوجته و هو الديوث»

ص: 113


1- محل الشاهد
2- الوشم: ما تجعله المرأة على ذراعها بالإبرة ثم تحشوه بدخان الشحم فيكون لونا ازرق (لسان العرب “وشم“ ج 12 ص 638).

الدلیل الخامس: أن ذلک يوجب رواج ما فعله قوم لوط

من الامیال الجنسیة الانحرافیة للبشر هي میل الجنس الموافق للجنس الموافق الاخر و يعبر عنها بالمثلية الجنسية بالإنجليزية: Homosexulity أو الميول المثلية و یقال للمراة المثلیة: “ليزبيان“ بالانجليزى: Lesbian يعني امراة تميل لامراة اخری جنسيا و یقال للرجل مثلي الجنس “غي“ بالإنجليزية: Gay و هذا الشئ حرام في دیننا و قد عاقب الله تعالى قوم لوط لفعهم ذلک: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ﴾ .

المستدل یقول ان شیوع مثل تغییر الجنسیة فی الترانس سکشوال بین المسلمین یوجب ترویج اتیان الذکر للذکر او مساحقة المراة للمراة لأن “الترنس الرجل” جسمه جسم امراة و لکن لها میول رجولیة و اذا غیرت جنسها و اخرجت رحمها و زرعت لها ذکر الرجال و ثم جامعت امراة اخری هنا عملت بفاحشة و هي اتیان امراة لامراة اخری لأن زرع العضو الذکری لا غیر واقعا و کونها امراة. (1)

و فیه: ان المیل فی الترنس سکشوال یختلف عن میل مثلي الجنس او الهموسکشوال حیث فی مثلي الجنس الشخص یمیل ان نوعه لیکون ناکحا و منکوحا معه و لکن فی مثل الترنس الرجل یتصور نفسه بنت و لا یمیل الی نکاح رجل اخر مثله و انما یرید ان یکون زوجة رجل اخر و اکثر من ذلک فی مثل الترانس الرجل یزل عضوه الذکری حتی یتلائم تمام مع ما فی ذهنه من جنسیته لکن فی مثل الرجل المثلي حیاته الجنسیة قائما علی عضوه الذکری. و یمکن تایید هذا الکلام بمثل ما فی الخنثی، فمثلا لو قطعت آلة الخنثی الرجولیة و بقیت لها التها الانوثیة و فی مثل هذه الحالة تزوجت الخنثی برجل صح زواجها معه و ان احتمل انها تمیل الیه من جهت میل الرجل للرجل الاخری و انها فی الاصل رجل لکن قطعت الته، و لکن یجاب علیه ان ازالة آلة الخنثی غير المشكل یختلف عن تغییر جنسه من رجل الی امراة لأن الخنثی غير المشكل التی تغلب علیها صفات الانوثة کما فی موردنا و ازیلت عنها التها الرجولیة هي فی الواقع أنثی و لیس رجل فی الاصل

ص: 114


1- انظر موقع: مدرسة الفقاهة، درس الشیخ مصطفی الاشرفي الشاهرودي، تاریخ: 90/02/07 https://ouo.io/3GH2oj

و التها الرجولیة لا تاتی بمفعول کما فی الرجال من خروج المنی و غیره و انما هي لحمة زائدة فوق مخرج الحیض ای انها فی الواقع امراة لها الة و لحمة تشبه الة الرجال و لکن لیست بذلک العمل فاذا ازلت عنها تلک الحمة الزائدة التی تشبه الت الرجال لم تغییر جنسها و انها ازالت الموانع التی تکون فی مقابل جنسها الحقیقی اما فی مثل الترانس سکشوال جنسها الحقیقی معلوم و مشخص و لکن الشخص یرید ازالتها لاسباب ذهنه و اعتقادیة ای انه یعتقد خلاف ما هو علیه.

الدلیل السادس: أن التغيير مستلزم لإيجاد النقص في البدن

من الادلة التی اقیمت علی تحریم تغییر الجنسیة هی ان تغییر الجنسیة یستلزم قطع الاعضاء الرئیسیة فی البدن کالآلة التناسلیة و اخراج الرحم من بدن المراة و غیره و الآلة الجنسية من الآلات الرئيسية فی البدن.

و الفتوی المشهورة بین العلماء هی انه کل عمل یوجب ایجاد اختلال او نقص فی احد الاعضاء من جسم الانسان، یحرم ذلک العمل حفظا لاعضاء الانسان .

قال الشیخ مصطفی الاشرفي الشاهرودي فی درسه الفقهي بعد ان نقل هذا الفرض ناقشه بما نصه:(1)

«و من العجب أن بعض هذه المعاصرين مع إفتائهم بحرمة قطع عضو رئيسي أو إزالة قوة من القوى الأصلية، أفتى بجواز تغيير الجنسية، أ و ليس بين هاتين الفتوائين تهافت. لأن تغيير الجنسية ملازم لقطع بعض الأعضاء أو لزوال احدى القوى الأصلية من البدن. نعم هناک توهم الجواز من بعض على أساس الضرورة فإن الحرمة تزول عند الضرورة. فمن ابتلى بترا جنسية أي ترانسكشوال فعلاجه كما مر بتغيير الجنسية.

و هذا الكلام صحيح بأن الحرمة ليست عند الإضطرار للآية الشريفه: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَ .... فَمَنِ اضْطُرَّ فِي

ص: 115


1- نقلا عن موقع: مدرسة الفقاهة، عنوان: درس خارج فقه استاد اشرفی، 90/02/07، انظر: https://ouo.io/3GH2oj

مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾(1) مضافا إلى ما روي عنهم (علیه السلام) “ما من شيء إلا و قد أحله عند الضرورة ”(2) و لكن أن هذه القاعدة ليست بأكثر من قاعدة التزاحم في باب الأصول فلو تزاحم الحكمان لابد من جريان مرجحات باب التزاحم و منها رفع اليد عن المهم لأجل الأهم.

و كذلک من المسلم أن الضرورات تتقدر بقدرها فجواز أكل الميتة على قدر سد الجوع و رفع الخطر كما هو ظاهر الآية الشريفة. ففي المقام لو كان المرض على حد الخوف و الخطر بالنفس فقد أفتوا بأن قطع عضو خاص أو زواله جائز لحفظ النفس و لكن فيما سوى ذلک لم يجز ذلک. و ثانيا أن هذه الحالة العارضة على بعض الناس سيما الشبان ناش عن الإعراض عن ذكر الله و ترک التقوى أو عدم الاعتقاد بالمابني الدينية و الإبتلاء بالهواجس النفسانية بل الشيطانية فإن كثيرا من الأمراض الروحية مقدماتها اختيارية، و الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا و لو ينافيه خطابا فكثيرما أن التخيلات و الأهواء الشيطانية رسخت في الذهن و توجب تمايل النفس إلى المحرم و نظيرها في خلوة الرجل مع المرأة الأجنبية. فكثيرا ما في ترانسكشوال كما نقلوه أن التخيلات و الأوهام توجب التفاته إلى الجنس المخالف حتى صار الأمر على الحد الذي يبادر على انحداره و قتل نفسه لو لم يصل إلى مطلوبه. فهل كسب هذه المقدمات الاختيارية بسوء، يوجب جواز العمل المحرم؟»

و الشیخ الاشرفي یقصد من قوله: “بعض هذه المعاصرين مع إفتائهم بحرمة قطع عضو رئيسي أو إزالة قوة من القوى الأصلية ” السید الخمیني حیث افتی بحرمة قطع عضو رئیسی فی البدن او ازالة قوة منه، و ایضا افتی بجواز تغییر الجنس المتضمن بقطع عضو رئیسی فی البدن، قال فی کتاب تحریر الوسیلة فی بحث: الأطعمة و الأشربة ما

ص: 116


1- المائدة: 3 ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
2- وسائل الشيعة، ج 5، ص 282

نصه:(1)

«مسألة 2: يحرم تناول كل ما يضر بالبدن، سواء كان موجبا للهلاک، كشرب السموم القاتلة وشرب الحامل ما يوجب سقوط الجنين، أو سببا لانحراف المزاج، أو لتعطيل بعض الحواس الظاهرة أو الباطنة، أو لفقد بعض القوى، كالرجل يشرب ما يقطع به قوة الباه و التناسل، أو المرأة تشرب ما به تصير عقيما لا تلد.»

الدلیل السابع: روایة الخنثی عن الإمام علي (علیه السلام)

روی الصدوق فی الفقیه:(2)

«و روى عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (علیه السلام) قال إن شريحا القاضي بينما هو في مجلس القضاء إذ أتته امرأة فقالت أيها القاضي اقض بيني و بين خصمي فقال لها و من خصمک قالت أنت قال أفرجوا لها فأفرجوا لها فدخلت فقال لها ما ظلامتک فقالت إن لي ما للرجال و ما للنساء قال شريح فإن أمير المؤمنين (علیه السلام) يقضي على المبال قالت فإني أبول بهما جميعا و يسكنان معا قال شريح و الله ما سمعت بأعجب من هذا قالت و أعجب من هذا قال و ما هو قالت جامعني زوجي فولدت منه و جامعت جاريتي فولدت مني فضرب شريح إحدى يديه على الأخرى متعجبا ثم جاء إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) فقال يا أمير المؤمنين لقد ورد علي شي ء ما سمعت بأعجب منه ثم قص عليه قصة المرأة فسألها أمير المؤمنين (علیه السلام) عن ذلک فقالت هو كما ذكر فقال لها و من زوجک قالت فلان فبعث إليه فدعاه فقال أ تعرف هذه قال نعم هي زوجتي فسأله عما قالت فقال هو كذلک فقال له علي (علیه السلام) لأنت أجرأ من راكب الأسد حيث تقدم عليها بهذه الحال ثم قال يا قنبر أدخلها بيتا مع امرأة فعد أضلاعها فقال زوجها يا أمير المؤمنين لا آمن عليها رجلا و لا أئتمن عليها امرأة فقال علي (علیه السلام) علي بدينار الخصي و كان من صالحي

ص: 117


1- تحریر الوسیلة، ج 2، ص: 174
2- من لا يحضره الفقيه، ج 4، ص: 327 و رواه المحدث النوری بعدة طرق اخری انظر: مستدرک الوسائل و مستنبط المسائل، ج 17، ص: 220

أهل الكوفة و كان يثق به فقال له يا دينار أدخلها بيتا و عرها من ثيابها و مرها أن تشد مئزرا و عد أضلاعها ففعل دينار ذلک و كان أضلاعها سبعة عشر تسعة في اليمين و ثمانية في اليسار فألبسها علي (علیه السلام) ثياب الرجال و القلنسوة و النعلين و ألقى عليه الرداء و ألحقه بالرجال فقال زوجها يا أمير المؤمنين ابنة عمي و قد ولدت مني تلحقها بالرجال فقال (علیه السلام) إني حكمت عليها بحكم الله عزوجل إن الله تبارک و تعالى خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى و أضلاع الرجال تنقص و أضلاع النساء تمام (1)».

وجه الدلالة: استدل الشیخ سیفي المازندراني بهذا الحدیث علی حرمة تغییر الجنس هکذا:(2)

ص: 118


1- قال محشی الکتاب ما نصه: (من لا يحضره الفقيه، ج 4، ص: 328) «هذا الخبر مروي في التهذيب بلفظ آخر و اختلاف يسير، و رواه القاضي في الدعائم مرفوعا نحو ما في التهذيب، و رواه المفيد عن العبدى عن ابن طريف عن ابن نباتة عن أمير المؤمنين (علیه السلام) مثل ما في المتن و ليس في التهذيب “جامعنى زوجى فولدت منه“ و كأنه من توهم الراوي حيث ان الخنثى كان في الواقع رجلا كما حكم به أمير المؤمنين (علیه السلام) فكيف يحبل من ابن عمه و يلد له، و أيضا في التهذيب أن عدد أضلاع جنبه الايمن اثنا عشر و الجنب الايسر أحد عشر، و هذا أقرب بقول علماء التشريح، ثم اعلم أن الكليني لم يخرج هذا الخبر انما أورد الاخبار المشتملة على اعتبار البول، و الأصل في رواية خلق حواء من ضلع آدم العامة و ورد الطعن فيها، فما استفيد من خبر شريح من الاحكام من اعتبار عدد- الاضلاع في الخنثى و قبول خبر الواحد الموثق و جواز التعرية للخصى أو غيره لمثل هذا الغرض و اختصاص الرداء و القلنسوة و النعلين بالرجال و غير ذلک لا يخفى ما فيه و في المحكى عن المسالك: من علامات الخنثى البول فان بال من أحد المخرجين دون الآخر حكم بأنه أصلى إجماعا، فان بال منهما معا اعتبر بالذى يخرج منه البول أولا إجماعا فان اتفقا في الابتداء فالمشهور أنه ان انقطع عن أحدهما البول أخيرا فهو الاصلى، و قال ابن البراج الاصلى ما سبق منه الانقطاع كالابتداء و هو شاذ، و ذهب جماعة منهم الصدوق و ابن الجنيد و المرتضى الى عدم اعتبار الانقطاع أصلا ثم اختلفوا بعد ذلک فذهب الشيخ في الخلاف الى القرعة و ادعى عليه الإجماع، و ذهب في المبسوط و النهاية و الايجاز و تبعه أكثر المتأخرين الى أنه يعطى نصف نصيب ذكر و نصف نصيب انثى، و ذهب المرتضى و المفيد في كتاب الاعلام مدعيين عليه الإجماع الى الرجوع الى عد الاضلاع لرواية شريح- انتهى.»
2- انظر کتاب: حلقات الفقه الفعال للشیخ سیفي المازندراني، ج 1، ص 170

«بأن حکم أمیرالمؤمنین (علیه السلام) بکون تلک المراة الخنثی رجلا یدل علی أن مجرد وجود الفرج و الرحم فی شخص لا یدل علی انه امراة بل الحمل و تولد الولد منه علی النحو الطبیعی، و بمقتضی الخلقة لایثبت انوثة ذلک الشخص.

افرض أن تلک الخنثی کانت تقطع ذکرها، فهل کانت تصیر بذلک مرأة لأجل وجود الفرج و الرحم و قابلیة الحمل و تولد الولد منها؟ و علیه فالرجل الکامل الذی له جمیع خصائص الرجولية، من عنصرية الرجولية المورثة، و سایر أعضاء الرجال التناسلیة لایصیر ذلک الرجل، مرأة بقطع الآلة، أو إزالة شعر الوجه و البدن، او بروز الثدیین و ماشابه بعد ما کانت هذه الأعضاء موجودة فیه بمقتضی الخلقة علی النحو الطبیعی. لدلالتها القطعیة علی عدم دوران عنصریة الذکورة و الانوثة مدار الالات التناسلیة، بل و لامدار الحمل.»

و هذه الخبر مروي فی کتب اهل السنة ایضا باسانیدهم، رواه محمد بن خلف الملقب بوكيع في کتابه “أخبار القضاة“ قال تحت عنوان: “قضية خنثى مشكل يقضي فيها على بعد قضاء شريح“:(1)

«حدثنا علي بن عبد الله بن معاوية قال: حدثني أبي عن أبيه معاوية عن ميسرة عن شريح: قال: تقدمت إلى شريح امرأة فقالت: أيها القاضي أنى جئتک مخاصمة فقال لها: وأين خصمک؟ قالت: أنت خصمي فأخلى المجلس قال لها تكلمي قالت: إني امرأة لي إحليل ولي فرج قال: قد كان لأمير المؤمنين في هذا قضية ورث من حيث يجيء البول قالت: إنه يجيء منهما جميعا قال فانظري من أين يسبق قالت ليس شيء منهما يسبق صاحبه إنما يجيئان في وقت وينقطعان في وقت قال: إنک لتخبرينى بعجيب قالت: وأخبرک بأعجب من ذلک تزوجني ابن عم لي فأخذ مني خادما فوطئتها فأولجتها وإنما جئتک لما ولد لي لتفرق بيني وبين زوجي فقام من مجلس القضاء فدخل علي (علیه السلام) فأخبره فقال علي: على بالمرأة فأدخلت فقال: أحق ما يقول القاضي؟ قالت: هو كما قال: قال فدعا بزوجها فقال: هذه امرأتک وابنة عمک؟ قال: نعم قال: فعلمت ما كان؟ قال: نعم

ص: 119


1- أخبار القضاة، محمد بن خلف بن حيان، ج ٢، ص ١٩٧

قال: أخدمتها خادما فوطئتها فأولدتها ثم وطئتها أنت بعد؟ قال: نعم قال: لأنت أحسن من خاصي أسد علي بدينار الخادم وامرأتين فجئ بهم فقال: خذوا هذه المرأة إن كانت امرأة فادخلوها بيتا وألبسوها ثيابا وعدوا أضلاع جنبيها ففعلوا فقال: عدد الجنب الأيمن أحد عشر وعدد الأيسر اثنا عشر، فقال علي: الله أكبر فأمر لها برداء وحذاء وألحقها بالرجال. فقال زوجها: يا أمير المؤمنين زوجتي وابنة عمي فرقت بيني وبينها فألحقتها بالرجال، عمن أخذت هذه القصة؟ قال: إني أخذتها عن أبي ادم (صلی الله علیه و آله و سلم)إن الله عزوجل خلق حواء ضلع من أضلاع ادم فأضلاع الرجال أقل من أضلاع النساء بضلع ثم أمر بهم فأخرجوا.»

و فیه: اولا معارضتها بما روی:(1)

«عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال سألت أبا جعفر (علیه السلام) من أي شي ء خلق الله حواء فقال: أي شي ء يقولون هذا الخلق قلت: يقولون: إن الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم ، فقال: كذبوا أ كان الله يعجزه أن يخلقها من غير ضلعه فقلت: جعلت فداک يا ابن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)من أي شي ء خلقها فقال أخبرني أبي عن آبائه قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)إن الله تبارک و تعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه و كلتا يديه يمين فخلق منها آدم و فضلت فضلة من الطين فخلق منها حواء»

و قال السید نعمت الله الجزائري بعد نقل الخبر ما لفظه:(2)

«أقول هذا الخبر معمول عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم و ما ورد من أنه خلق من ضلع من أضلاعه و هو الضلع الأيسر القصير محول على التقية أو على التأويل أو بأن يراد أن الطينة التي قررها الله سبحانه لذلک الضلع خلق منها حواء لأنها خلقت منه بعد خلقه فإنه يلزم كما قال (علیه السلام) أن يكون آدم ينكح بعضه بعضا فيقوى بذلک مذهب المجوس في نكاح المحرمات »

و قال المجلسي بعد نقل الخبر:(3)

«بيان: فالأخبار السابقة إما محمولة على التقية أو على أنها

ص: 120


1- تفسير العياشي، ج 1، ص 216 و رویت فی البرهان في تفسير القرآن، ج 2، ص11
2- النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين، للجزائري، ص: 28
3- بحار الأنوار، ج 11، ص: 116

خلقت من طينة ضلع من أضلاعه و قال بعض أصحاب الأرثماطيق إن عدد التسعة بمنزلة آدم فإن للآحاد نسبة الأبوة إلى سائر الأعداد و الخمسة بمنزلة حواء فإنها التي يتولد منها فإن كل عدد فيه خمسة إذا ضرب فيما فيه الخمسة فلا بد من وجود الخمسة بنفسها في حال الضرب البتة و قالوا في قوله تعالى طه إشارة إلى آدم و حواء و كل من هذين العددين إذا جمع من الواحد إليه على النظم الطبيعي اجتمع ما يساوي عدد الاسم المختص له فإذا جمعنا من الواحد إلى التسعة كان خمسة و أربعين و هو عدد آدم و إذا جمعنا من الواحد إلى الخمسة كان خمسة عشر و هي عدد حواء و قد تقرر في الحساب أنه إذا ضرب عدد في عدد يقال لكل من المضروبين ضلعا و للحاصل مربعا و إذا ضربنا الخمسة و التسعة حصل خمسة و أربعون و هي عدد آدم و ضلعاه الخمسة و التسعة قالوا و ما ورد في لسان الشارع (ص) من قوله خلقت من الضلع الأيسر لآدم إنما ينكشف سره بما ذكرناه فإن الخمسة هي الضلع الأيسر للخمسة و الأربعين و التسعة الضلع الأكبر و الأيسر من اليسر و هو القليل لا من اليسار.»

و قال الفيض فی شرحه:(1)

«أقول: فما ورد أنها خلقت من ضلعه الأيسر اشارة الى أن الجهة الجسمانية الحيوانية في النساء أقوى منها في الرجال و الجهة الروحانية الملكية بالعكس من ذلک و ذلک لأن اليمين مما يكنى به عن عالم الملكوت الروحاني و الشمال مما يكنى به عن عالم الملک الجسماني فالطين عبارة عن مادة الجسم و اليمين عبارة عن مادة الروح و لا ملک إلا بملكوت و هذا هو المعني بقوله و كلتا يديه يمين فالضلع الأيسر المنقوص من آدم كناية عن بعض الشهوات التي تنشأ من غلبة الجسمية التي هي من عالم الخلق و هي فضلة طينه المستنبط من باطنه التي صارت من مادة لخلق حواء فنبه في الحديث على أنه جهة الملكوت و الأمر في الرجال أقوى من جهة الملک و الخلق و بالعكس منهما في النساء فان الظاهر عنوان الباطن و هذا هو

ص: 121


1- تفسير الصافي، ج 1، ص: 415

السر في هذا النقص في أبدان الرجال بالاضافة الى النساء و أسرار الله لا ينالها إلا أهل السر فالتكذيب في كلام المعصومين انما يرجع الى ما فهمه العامة من حمله على الظاهر دون أصل الحديث.»

روی الصدوق فی العلل فی باب “علة كيفية بدء النسل“ الحدیث الاول من الباب ما نصه:(1)

«حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا أحمد بن إدريس و محمد بن يحيى العطار جميعا قالا حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري قال حدثنا أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن أحمد بن إبراهيم بن عمار قال حدثنا ابن نويه [توبة] رواه عن زرارة(2) قال سئل أبو عبد الله (علیه السلام) كيف بدء النسل من ذرية آدم (علیه السلام) فإن عندنا أناس [أناسا] يقولون: إن الله تبارک و تعالى أوحى إلى آدم (علیه السلام) أن يزوج بناته من بنيه و إن هذا الخلق كله أصله من الإخوة و الأخوات قال أبو عبد الله سبحان الله و تعالى عن ذلک علوا كبيرا يقول من يقول هذا إن الله عزوجل جعل أصل صفوة خلقه و أحبائه و أنبيائه و رسله و حججه و المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات من حرام و لم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال و قد أخذ ميثاقهم على الحلال و الطهر الطاهر الطيب و الله لقد نبئت أن بعض البهائم تنكرت له أخته فلما نزا عليها و نزل كشف له عنها و علم أنها أخته أخرج غرموله ثم قبض عليه بأسنانه ثم قلعه ثم خر ميتا قال زرارة ثم سئل (علیه السلام) عن خلق حواء و قيل له إن أناسا عندنا يقولون إن الله عزوجل خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى قال سبحان الله و تعالى عن ذلک علوا كبيرا أ يقول من يقول هذا إن الله تبارک و تعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجته من غير ضلعه و جعل لمتكلم من أهل التشنيع سبيلا إلى الكلام يقول إن آدم كان ينكح بعضه بعضا إذا كانت من ضلعه ما لهؤلاء حكم الله بيننا و بينهم ثم قال إن الله تبارک و تعالى لما خلق آدم من الطين و أمر الملائكة فسجدوا له ألقى عليه السبات ثم ابتدع له خلقا ثم جعلها في

ص: 122


1- علل الشرائع، ج 1، ص17
2- أحمد بن إبراهيم مشترک و ابن نوبة مجهول

موضع النقرة التي بين وركيه و ذلک لكي تكون المرأة تبعا للرجل فأقبلت تتحرک فانتبه لتحركها فلما انتبه نوديت أن تنحي عنه فلما نظر إليها نظر إلى خلق حسن يشبه صورته غير أنها أنثى فكلمها فكلمته بلغته فقال لها من أنت فقالت خلق خلقني الله كما ترى فقال آدم عند ذلک يا رب من هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه و النظر إليه فقال الله هذه أمتي حواء أ فتحب أن تكون معک فتؤنسک و تحدثک و تأتمر لأمرک قال نعم يا رب و لک بذلک الحمد و الشكر ما بقيت فقال الله تبارک و تعالى فاخطبها إلي فإنها أمتي و قد تصلح أيضا للشهوة و ألقى الله عليه الشهوة و قد علمه قبل ذلک المعرفة فقال يا رب فإني أخطبها إليک فما رضاک لذلک فقال رضائي أن تعلمها معالم ديني فقال ذلک لک يا رب إن شئت ذلک قال قد شئت ذلک و قد زوجتكها فضمها إليک فقال أقبلي فقالت بل أنت فأقبل إلي فأمر الله عزوجل آدم أن يقوم إليها فقام و لو لا ذلک لكان النساء هن يذهبن إلى الرجال حتى خطبن على أنفسهن فهذه قصة حواء»

کما رواها الصدوق فی الفقیه(1) فی كتاب النكاح ، باب بدء النكاح و أصله عن زرارة بدون السند المذکور فی العلل و رواه الرواندی فی قصص الانبیاء(2)

عن زرارة مرسلا.

قال المحدث البحراني فی کتابه الحدائق الناضرة، فی وجه الجمع بین هذه الروایات ما نصه:(3)

«أقول: و الجمع بين هذه الأخبار محتمل بأحد وجهين. أحدهما حمل ما تدل على أنه خلقت من ضلعه على التقية، لما عرفت من نسبة القول بذلک إلى العامة، و تشديدهم في إنكاره، و لا ينافي ذلک أخبار الخنثى، لأن الحكم عليها بذكورية انما وقع من حيث كونها مثل الذكور في عدد الأضلاع، فألحقت بهم، و أما تعليل ذلک بما ذكر فإنما خرج مخرج التقية. و ثانيهما أن المراد بخلقها من ضلعه الأيسر يعنى من طينة ضلعه الأيسر كما صرح به الخبر الأخير، و أجمل في غيره من الأخبار بأنها خلقت من فضل طينته، فمعنى قولهم أن حواء خلقت من آدم أو

ص: 123


1- من لا يحضره الفقيه، ج 3، ص: 379
2- قصص الأنبياء (علیه السلام) للراوندي، ص: 57
3- الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، للبحراني، ج 23، ص: 7

من ضلعه ليس على ما يتبادر في الظاهر كما فهمه العامة و قالوا به، بل المراد إنما هو باعتبار الطينة، و حينئذ فالتكذيب للعامة إنما هو فيما فهموه من الخبر و حملوه عليه، و إلى هذا يأول كلام الصدوق في الفقيه المتقدم فإنه جعله وجه جمع بين الأخبار.»

ثم استشکل العالم المذکور علی احدی فقرات الحدیث بان للذكر والأنثى نفس عدد الأضلاع، كما هو معروف في علم التشریح. علماء التشریح قالوا: ان عدد أضلاع القفص الصدري البشري اثني عشر زوجا من الأضلاع، أي ما يساوي أربعة وعشرين ضلعا، حيث يقترن كل ضلع من الجانب الأيمن مع ضلع من الجانب الأيسر بشكل متناظر، ومن بين الأضلاع الأربعة والعشرين تصنف الأزواج السبعة الأولى والتي يبلغ عددها أربعة عشر ضلعا بأنها صحيحة، وترتبط معا بالغضروف الضلعي، أما المجموعات الخمس الأخرى من الأضلاع فتسمى الأضلاع الزائفة لأنها لا ترتبط بالغضروف الضلعي، حيث إن اثنين منها يعتبران ضلعان عائمان أو سائبان ولا يتصلان بعظمة القص، ويتصلان بالعمود الفقري فقط، وثلاثة منها متصلة بغضروف غير ضلعي، و عدد الأضلاع عند الرجل والمرأة فهو متساو ولا يوجد اختلاف بين الجنسين. فکیف یقول الامام (علیه السلام) ان عدد اضلاع المراة اکثر من الرجل؟

قال الشیخ سیفي المازندراني:(1)

«انه ثبت فی علم التشریح تساوی اضلاع الرجل و المراة و لکن علی فرض اثبات ذلک لا تخرج هذه الصحیحة مع ذلک عن الصلاحیة للاستشهاد بها فی المقام، لدلالتها القطعیة علی عدم دوران عنصریة الذکورة و الانوثة مدار الآلات التناسلیة بل و لا مدار الحمل، و ان عدم امکان الالتزام بمدلول فقرة لا یضر بحجیة سایر الفقرات نظرا الی قاعدة تبعیض فقرات الحدیث فی الحجیة و ذلک لاستفادة ذلک من صدر الروایة.»

و نقل هذا الاشکال عن الشیخ الشعرانى فی حاشیة کتاب الفقیة:(2)

«قال استاذنا الشعرانى: يزعمون أن الرجل أنقص ضلعا من المرأة و ليس كذلک بالحس و التجربة بل أضلاعهم متساوية

ص: 124


1- حلقات الفقه الفعال للشیخ سیفي المازندراني، ج 1، ص 170
2- من لا يحضره الفقيه، ج 3، ص: 381

في اليمين و اليسار، و تكذيب الإمام (علیه السلام) لهذا الحديث مؤيد بالحس و لا يحتاج الى التأويل و التكلف»

و یمکن ان یجاب علی هذا الکلام بأن و إن کان فی علم التشریح الاضلاع فی الجنبین اثنی عشر عظما فی الذکر و الأنثی لکن هذا داخل اللحم و البدن اما اذا عددتها من خارج البدن تجد ان احد اضلاع الرجل غیر قابلة للعَد ای ان فی الرجل الضلع الایسر یبدوء للذی یعد اضلاعه اقل من الجنب الایمن کما فی روایة الصدوق: “تسعة في اليمين و ثمانية في اليسار“ و اذا جربت ذلک ستعرف ما اقول و هذا الامر الذی یعتمد علی العد بالید من الخارج کما فعله دینار او غیره علی اختلاف الروایات، و هذا الشئ یختلف عن حساب الاضلاع فی علم التشریح و ان العرب آن ذاک کان یعلمون ذلک، لا اقل انهم رؤی عظام الموتی و عدوا اضلاع المیت الذي تحول الی هيكل عظمي و لوکان کما یقول المستشکل لاشکلوا علی الامام (علیه السلام) بان کلامک هذا یخالف الواقع الذی نراه لکنهم عرفوا ما قصده الامام (علیه السلام) بقوله و لم یعترضوا علیه.

ص: 125

علماء أفتوا بحرمة تغییر الجنس

اشارة

ننقل هنا أسئلة فی موضوع التغییر الجنس وجهت الی مراجع الدین او علماء المسلمین من الشیعة و السنة او حتی بعض المواقع العلمیة الإلكترونية و اجاباتهم علیها حتی یتعرف القارئ الکریم اکثر علی افکار و هموم فئة الترانس سکشوال ومشكلاتهم من خلال اسئلتهم و ایضا نکون قد نقلنا لک کامل جواب القادة الدینیین من الشیعة و السنة حفظا للأمانة العلمیة، و إن نقلنا بعض اجزائها فی الأبحاث السابقة.

السيد علي السيستاني

اجاب السيد علي الحسيني السيستاني علی استفتاء حول “تغيير الجنس“ قائلا:(1)

« السؤال: هل يجوز تغيير جنسية الانسان من رجل الى انثى؟

الجواب: اذا كان المقصود من تغيير الذكر الى انثى إجراء عملية جراحية لقطع القضيب والانثيين وايجاد فتحتين إحداهما لمجرى البول والأخرى لممارسة الجنس وإعطاء الشخص جرعات من الهرمونات الانثوية التي تؤثر في ظهوره بمظهر الانثى في بروز الثديين وعدم نبات شعر اللحية ونحو ذلک . والمقصود من تغيير الأنثى الى ذكر أن يزرع لها قضيب صناعي وتعطى جرعات من الهرمونات الذكورية لتظهر بمظهر الرجال في عدم بروز الثديين ونبات اللحية ونحو ذلک، فهذا كله مما لا أثر له ولا تتحول الأنثى الى ذكر ولا الذكر الى الانثى بشيء من ذلک مضافا الى ما تستلزمه العمليات المذكورة من النظر الى العورة ولمسها من دون مسوغ شرعي . وأما اذا كان المقصود بتحويل الذكر الى انثى وبالعكس التحويل بحسب الاجهزة التناسلية الداخلية والخارجية التي هي المناط في تمييز أحد الجنسين عن الاخر فهذا مما لا مانع منه في حد ذاته بغض النظر عن مقدماته ومقارناته المحرمة ولكن الظاهر عدم تحققه الى زماننا هذا والذي يتحقق هو الأمر الاول عادة . نعم ربما تجري بعض

ص: 126


1- انظر موقع مکتب السيد علي الحسيني السيستاني: https://www.sistani.org/arabic/qa/0407/

العمليات الجراحية لمن يكون له تشوه في جهازه التناسلي كأن يتوهم انه انثى لعدم ظهور قضيبه وخصيتيه فيتبين بعد الكشف الطبي أنه لا يملک الجهاز الانثوي الداخلي بل يملک قضيبا وخصيتين مضمرتين مثلا فيقوم الطبيب بإجراء عملية جراحية لإظهارهما أو يكون له شبه القضيب والخصيتين فيتوهم أنه ذكر وبعد الفحص الطبي يتبين أنه يمتلک الجهاز التناسلي الأنثوي من المبيض والرحم فيقوم الطبيب بقطع اللحمة الزائدة وإزالة ما يشبه القضيب مثلا وهذا لا مانع منه في حد ذاته وليس ذلک تغييرا للذكر الى انثى او بالعكس حقيقة . وأما ارتفاع الحرمة عن مقدماته ومقارناته فمنوط بحصول أحد العناوين الثانوية كالإضطرار والحرج الذي لا يتحمل عادة .»

سید محمود الهاشمي الشاهرودي

وجه سؤال للسید محمود الهاشمي الشاهرودي فی موضوع تغيير الجنس و اجاب علیه قائلا:(1)

«سؤال: هل یجوز لشخص مذکر سالم ولیس فیه نقص أن یبدل من ذکر إلى أنثى، أو بالعکس أنثى تبدل إلى ذکر، وذلک للرغبة فقط ولیس لأمر ضروری؟

جواب: التبديل الواقعي بحيث يصبح الذكر انثى واقعاً وبالعكس لم يمكن لحد الآن و اما تبديل الظاهر فلايجوِّز ترتيب احكام الجنس الآخر.»

السید الشیرازي

قال سید صادق الحسیني الشیرازي فی کتابه المسائل الطبیة:(2)

«سؤال: بالنسبته إلی الخنثی الکاذبة أی أن الشخص فی خلایا جسمه من الناحیة الوراثیة ذکر مثلا ولکن الالة الخارجیة غیر ذلک أو العکس؟ فإذا علم بالفحص أنه فی الواقع ذکر مثلا وإن کان الشکل شکلا أنثویا فهل یجوز فی هذه الحالة إزالة عوارض

ص: 127


1- راجع موقع مکتب السید محمود الهاشمی الشاهرودی: https://www.hashemishahroudi.org/ar/question/print/3181
2- المسائل الطبیة، ص 119-120

الذکورة مثلا صیرورته أنثی خالصة أم لا یجوز ذلک، وکذا العکس؟

جواب: تغییر الجنس لا یجوز علی الأقرب، والله العالم».

و قال فی صفحة 124 من الکتاب:

«لا یجوز تحویل الرجل إلی المرأة، ولا تحویل المرأة إلی رجل، ویجوز ذلک فی الحیوانات»

وقال فی صفحة 119 منه:

«الأظهر أن للخنثی المشکل التی لا یتعین ذکوریتها من انوثیتها أن تختار الذکوریة، فتعامل نفسها و یتعامل الاخرون معها معاملة الذکوریة، أو تختار الانوثیة، فتعامل نفسها و یتعامل الاخرون معها تعامل الانوثیة».

محمد جميل العاملي

وجه سؤال للشیخ محمد جميل حمود العاملي علی النحو التالی:(1)

«عمليات تغيير الجنس سواء كان تحويل الذكر الى اُنثى أو العكس وفي الاول يجري استئصال العضو الذكري وبناء مهبل وعملية خصاء وتكبير الثديين. وفي الحالة الثانية استئصال الثديين وبناء عضو ذكري وإلغاء القناة التناسلية الاُنثوية بدرجات متفاوتة، ويصحب كل ذلک علاج نفسي وهرموني. وهؤلاء المرضى يشعرون بكراهية للجنس الذي ولدوا عليه نتيجة لعوامل مختلفة وقد يعود أغلبها إلى فترات مبكرة في حياة الانسان وتربية غير سليمة، وهم لا يوجد أي لبس في تحديد جنسهم، سواء مظهرياً أو غيره عند الولادة “كحالات خنثى غير الكاملة“ وكثير منهم يقوم بدوره كاملاً ويتزوّج وينجب على حالته التي خلقه الله سبحانه وتعالى عليها، ثم ينتاب هؤلاء المرضى شعوراً يأخذ بالطغيان وطالما كان مكبوتا لرغبة في التخلي عن جنسه الطبيعي. ما هو رأيكم الشريف في هذه

ص: 128


1- السوال موجود فی موقع الشیخ محمد جميل حمُّود العاملي تحت عنوان: « الموضوع الفقهي: تغيير الجنس البشري من ذكر إلى أنثى ومن أنثى إلى ذكر حرام شرعاً وعقلاً؟» انظر: https://www.aletra.org/print.php?id=1452

المسألة؟ وما هو الحكم في كل حالة من هذه الحالات؟ أفتونا مأجورين.»

و اجاب الشیخ علی ذلک بما نصه:(1)

«بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سادة خلقه وقادة رسله محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعنة السرمدية على أعدائهم من الأولين والاخرين إلى قيام يوم الدين وبعد: فضيلة الشيخ علي... دام عزه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجواب: إن تغيير الجنس البشري من ذكر إلى أنثى، ومن أنثى إلى ذكر، من أعظم المحرمات القطعية في ديننا الحنيف. والعملية المذكورة من أبرز مصاديق التغيير والتبديل في كينونة الإنسان التي خلقه الله تعالى عليها، حيث إنه تبارک شأنه خلق الإنسان على صنفين: ذكر وأنثى فمن بدل الخلقة التي صنعه الله تعالى عليها، فقد رفض قضاء الله تعالى فيه، ومن ثم أراد أن يصنع جسما اخر لنفسه على خلاف ما قضى الله تعالى فيه من الذكورية أو الأنوثية ومن يتأمل في ايات الكتاب الكريم والأخبار المفسرة لها يرى بوضوح أن أي تلاعب بالخلقة البشرية يساوق الشرک بالله تعالى ومغالبته في قدرته...وأنى للعباد أن يغلبوا قدرة الله تبارک شأنه ومما ذكره القرآن الكريم في هذا الصدد قوله تعالى في الايات رقم 118، 119 من سورة النساء بحق إبليس الملعون: ﴿ لعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِک نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَٰئِک مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ﴾ إن الايات المتقدمة كشفت عن حرمة التلاعب بالخلقة الطبيعية التي خلق عليها الإنسان والحيوان، فكما لا يجوز للإنسان أن يتلاعب بالخلقة الحيوانية عبثا ولغوا كذلک لا يحق له أن يتلاعب ببدنه فيبدله من شيء إلى اخر، ولا فرق في الحرمة بين كونها منصبة على التبديل في الصورة كما

ص: 129


1- نفس المصدر

هو الحال في التبديل الجنسي في عصرنا الحاضر كما أشرتم إليه في سؤالكم المتقدم، أو كان التبديل بالمادة كما هو الحال في التبديل الهرموني الذكري إلى أنثوي وبالعكس قبل أو بعد إجراء عملية التغيير الجنسي، لقد كان ديدن المشركين قبل عصر الرسالة النبوية المحمدية (صلی الله علیه و آله و سلم)التلاعب بخلقة الحيوانات لغايات عبثية حيث كانوا يفقؤون عين الفحل ويقطعون اذان الأنعام من أصلها أو بشق نصفها ويحرمون الانتفاع بها وهو ما دل عليه اللفظ في كلمتي: (فليبتكن وليغيرن) فالكلمة الأولى ظاهرة في التبكيک أي القطع، والثانية ظاهرة في تبديل خلق الله تعالى، من صورة إلى صورة ومن مادة إلى مادة. والأخبار المفسرة للاية ﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ وإن كانت ظاهرة في معنى تغيير دين الله أو فطرة الله وأمره إلا أن التفسير المزبور لا يمنع من إدراج التغيير الجنسي في الصورة والمادة، ونستفيد ذلک من خلال أمرين في الاية والأخبار المفسرة لها: الأمر الأول: إن الإطلاق في قوله تعالى ﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ يفيد الإيحاء الإبليسي بالتغيير المطلق، وهو حرام شرعا باعتباره من الإيحاءات الشيطانية المعاكسة للنواهي الإلهية عن التغيير والتبديل في الخلقة البشرية. وحرمة التغيير في خلق الله تعالى لا تقتصر على التشريع في دين الله وأوامره فحسب، بل يظهر أن النص القراني المفسر والمدعوم بالنص الولوي قضية حقيقية تشمل كل تغيير وتبديل وما ورد في تفسيرها بدين الله وأمره إنما لحيثية كانت غالبة على المجتمع القبلي الجاهلي في تلک العصور..وهذه الحيثية هي التغيير في دين الله تعالى والعمل بعكس ما أراده الله تعالى ولو كان التغيير الجنسي شائعا في تلک العصور لما توانت النصوص النبوية والولوية عن بيان مفردات حرمتها وإدراجها تحت المفهوم العام لكلمة ﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ فنصوص الكتاب الكريم جلها أحكام حول قضايا خارجية. وهذه الأحكام تستبطن أحكاما على قضايا حقيقية إلى يوم القيامة، وظواهر ايات الكتاب الكريم تستبطن العشرات من البواطن بلغت السبعين بطنا حسبما جاء في النصوص الولوية الشريفة، إذ ما من ظاهر إلا وله باطن إلى سبعين بطنا. ولعل المصدر اللغوي في كلمة “خلق“ المضافة إلى الله إشارة إلى التغيير

ص: 130

البنيوي للجسم، بخلاف ما لو كانت الكلمة على صيغة “خلق الله“ المنحصرة بأخلاق الله تعالى من الإستقامة على أوامره ونواهيه، فاللفظة الأولى أعم وأشمل من الثانية الخاصة بالأمور المعنوية كتغيير الأحكام والتلاعب بها ومهما يكن الأمر: فإن لفظ “خلق“ بتسكين اللام الوارد في الاية يشمل التغيير في الأمور المادية والمعنوية أي التغيير في شريعة الله تعالى والخلقة البشرية والحيوانية. فاللفظة المذكورة تفيد الإطلاق في حرمة التغيير بخلق الله تعالى حتى على مستوى التغيير بالصورة الظاهرية للرجل والمرأة، كما لو تزين الرجل كالمرأة ولبس ثياب المرأة والمرأة تلبس ثياب الرجل وتتزيا بزيه “تشبه المرأة بالرجل، وتشبه الرجل بالمرأة“ وهو ما استفاده عامة فقهاء الإمامية في تحريمهم تشبه الرجل بالمرأة وكذلک العكس، فإن ذلک كله من مصاديق تغيير الخلق البشري من طبيعة إلى طبيعة أخرى ولو بالمظهر الخارجي، فضلا عن الواقعي. إذ إن ذلک كله من التلاعب بالخلقة التي فطر الناس عليها وهو ما أيدته النصوص النبوية والولوية الكاشفة عن حرمة التصرف العبثي في الثروة الحيوانية والبنية الجسمية للإنسان.

الأمر الثاني: بناء على تفسير الاية بدين الله أو فطرة الله أو أمر الله تعالى، يمكننا التعدي إلى ما نحن بصدد بيانه، وذلک لأن التغيير في المادة أو الصورة يندرج في مفهوم تبديل فطرة الله تعالى التي فطر الإنسان الذكر عليها وهي أن يكون ذكرا لا أنثى، كما فطرت الأنثى على أنثويتها، فأي تغيير في السنخية الصورية أو المادية الهرمونية وغيرها كقطع الأعضاء الأصلية واستبدالها بقطع أخرى معاكسة لها، ينطبق عليه مفهوم ﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ أو دين الله وأمره فمن بدل في بدنه الأصلي إلى بدن معاكس له خلاف أمر الله تعالى وخلاف الفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها من الذكورية والأنثوية. فتغيير خلق الله تعالى محرم لأنه مما يأمر به الشيطان وهو لا يأمر إلا بالفحش والمعاصي. وبعبارة أخرى: إن القرآن الكريم أطلق خلق الله على حكم الفطرة وهو التدين بالدين وأحكامه، فيكون تغيير خلق الله هو الخروج عن حكم الفطرة وترک الدين والارتباط بالطبيعة من دون خضوع الأفراد إلى سلطة السماء.

ص: 131

التغيير بالخلقة البشرية حرام شرعا: إن تغيير الخلقة البشرية ينطبق عليه عنوانان محرمان أشارت إليهما الاية الكريمة: أحدهما التبكيک وهو الشق والقطع والإزالة وهو نوع ضرر يلحقه الفاعل ببدنه. وثانيهما تغيير الخلقة الأصلية إلى أخرى معاكسة لها، وهو نوع تشبه الأصيل بالدخيل. فلا يجوز للإنسان أن يقطع شيئا من جسمه سواء كان للتبديل الفطري في خلقته أو كان لغير ذلک كالقطع العبثي فكلا الأمرين حرام شرعا وصاحبهما من أهل النار، ذلک لأن الله تعالى لم يفوض للإنسان التصرف ببدنه، ولم يعطه السلطة المطلقة على بدنه بحيث يتصرف به كيفما تحلو له قريحته وتصوراته وموهوماته بل سلطته ضمن ما أراد الله تعالى له أن يسيطر عليه من خلال المحافظة على البدن بدفع الخطر عنه وحرمة تدنيسه وتعريض أعضائه للتلف والقطع والإزالة بكلا شقيها: الكلي والجزئي، إلا على نحو الضرورة الداعية إلى إزالة العضو المصاب بمرض فتاک كورم سرطاني وما شابهه مما تدعو الضرورة العقلائية بإزالته حتى لا يؤدي بقاؤه إلى تعطيل القوى الأخرى في البدن. وبما تقدم يتضح: بطلان وفساد ما ذهب إليه بعض الشذاذ في الاستدلال في الطائفة الشيعية حيث أجازوا التغيير المذكور تحت دعاوى وأقيسة لا علاقة لها بالدين، ومن هؤلاء السيد الخميني في كتابه تحرير الوسيلة ج 2 ص 563 ومحمد حسين فضل الله في فقه الحياة ص 205 و ص 206 والمسائل الفقهية ج 1 ص 186 والشيخ الآصفي في كتابه الفقه والمسائل الطبية.

وما سألتمونا عنه هو نفس ما قاله الشيخ محمد المحسني الاصفي في فتواه بتحليل تغيير الجنس البشري من ذكر إلى أنثى وبالعكس في كتابه الفقه والمسائل الطبية تحت عنوان: “تغيير الجنس“ فقال:“إن عمليات تغيير الجنس تجري الان في الغرب في مراكز كثيرة كعملية روتينية، سواء كان تحويل الذكر إلى أنثى أو العكس، وفي الأول يجري استئصال العضو الذكري وبناء مهبل وعملية خصاء وتكبير الثديين، وفي الحالة الثانية استئصال الثديين وبناء عضو ذكري وإلغاء القناة التناسلية الأنثوية بدرجات متفاوتة، ويصحب كل ذلک علاج نفسي وهرموني.

ص: 132

وهؤلاء المرضى يشعرون بكراهية للجنس الذي ولدوا عليه نتيجة لعوامل مختلفة وقد يعود أغلبها إلى فترات مبكرة في حياة الانسان وتربية غير سليمة، وهم لا يوجد أي لبس في تحديد جنسهم، سواء مظهريا أو غيره عند الولادة كحالات خنثى غير الكاملة وكثير منهم يقوم بدوره كاملا ويتزوج وينجب على حالته التي خلقه الله سبحانه وتعالى عليها، ثم ينتاب هؤلاء المرضى شعورا يأخذ بالطغيان وطالما كان مكبوتا لرغبة في التخلي عن جنسه الطبيعي. هكذا قال بعض الأطباء وربما يدعى أنه في تغيير الجنس يبقى الجنس هو الجنس وإنما يتغير الشكل فقط.

ثم قال الشيخ المذكور: “وعلى كل الكلام تارة في حكمه التكليفي وأنه جائز أو حرام، وأخرى في حكمه الوضعي وما يترتب على الفرد بعد العملية وتغيير الجنس. أما الأول فعمدة ما يحرم العمل المذكور هو لمس العورة والبدن والنظر إليهما، فإنهما حرامان على الفاعل والمفعول، نعم إذا كان الطبيب وطالبة التغيير أو الطبيبة وطالبه زوجان وان عقد أحدهما على الاخر بالفعل للعملية المذكورة ففي جواز العمل بحث، لبطلان الزوجية بمجرد خروج أحد الزوجين عن جنسه، فالعملية المذكورة انما تجوز لهما ما لم يبطل عقد الزواج وبعده تحرم لأنهما أجنبيان.

ولا مانع عنها مع الغض عن حرمة اللمس والنظر بعدما سبق الكلام حول قوله تعالى: ﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ إلا إذا كثرت العمليات حتى يقرب من الاختلال بالتوازن العام بين الجنسين. وأما الثاني فان تم تغيير الجنس نفسا وعضوا بشكل كامل فلا اشكال في ترتب الأحكام المتعلقة بالجنس الفعلي على الفرد المذكور ويبطل زواجه السابق، ويجوز له الزواج بالجنس المخالف بالفعل وهكذا في سائر الأحكام، فان الاحكام تابعة لموضوعاتها حدوثا وبقاء، ولا يجب حفظ الموضوعات لحفظ الاحكام إلا فيما دل الدليل الخاص عليه. وأما إذا تغير أكثر الأعضاء وبقي بعضها الاخر أو تغير كل الأعضاء وبقي الخواص النفسية والتمايلات الجنسية السابقة، ففي ترتيب الأحكام المتعلقة بالجنسية الجديدة عليه نظر، كما يشكل حينئذ ترتيب الاحكام المترتبة على الجنسية السابقة عليه أيضا.

وبالجملة: حيث لا ضابط دقيق لنا يفترق به المذكر عن المؤنث

ص: 133

بصورة واضحة فلا بد من اليقين بصيرورة أحد من أحد الجنسين جنسا اخر في ترتيب الاحكام عليه وفي فرض الشک لا بد من الاحتياط كما يحتاط في الخنثى المشكلة إن ثبتت ونفينا كونه جنسا ثالثا، وملاک وجوب هذا الاحتياط هو العلم الاجمالي بكون الفرد ذكرا أو أنثى على ما تقرر في أصول الفقه “. انتهى كلامه.

يتلخص كلامه بما يلي: إن عملية تغيير الجنس جائزة ويترتب على التغيير الأحكام الشرعية على الفرد المتغير إلى حقيقة أخرى تختلف عن حقيقته الأولى بشرط صدق التغيير الفعلي من التمايلات الجنسية وقد أجاز هذا الشيخ الضال بتعلق التكليف الاخر على كلا المتحولين، فأجاز لكل واحد منهما التزويج من اخر سوي أو مخنث متحول. نورد عليه بثلاثة وجوه هي ما يلي:

الوجه الأول: سواء حصل التغير الفعلي أو لم يحصل، فإن العملية المذكورة حرام شرعا، وصاحبها من المارقين من دين الله تعالى والخارجين من الفطرة الإلهية التي فطره عليها الله تعالى، وذلک لأن الشرع المبين لم يجز له التلاعب ببدنه بأي شكل من الأشكال لأنه من إيحاءات إبليس الملعون بنص الاية الشريفة المتقدمة: ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ لقد تحقق على الفرد المخنث المذكور عنوانان: أحدهما. المثلة ببدنه لأنه عاقب بدنه الذي كان يكرهه بتحويله إلى حقيقة أخرى يحبها والمثلة ضرر شديد معنون بعنوان انتقام الفرد من جسمه أو الانتقام من جسم شخص اخر.

وثانيهما قطع أعضائه الأصلية كالقضيب عند الذكر واستبداله بفرج وتكبير ثدييه وأما الأنثى فتلغي الوظيفة العضوية لفرجها واستبداله بقضيب، وتقطع ثدييها لتكون كالرجل.

وهذا الفعل الشنيع تغيير في الخلقة الطبيعية للإنسان بمنطوق الاية الشريفة، كما أنه نوع ضرر ألحقه في بدنه لأجل غايات ملتوية تنم عن انحراف في الفطرة البشرية ونحن نسأل هذا الشيخ وذاک السيد هل بإمكانهما نكاح من تحول من رجل إلى أنثى؟ وهل بإمكانهما الإفتاء بنكاح المتحول إلى أنثى، وتزويج المرأة المتحولة إلى ذكر من أنثى أخرى هي مثلها في الواقع؟

ص: 134

ما يدرينا لعلهما يفتيان بذلک، فتندرج فتواهما بإباحة اللواط والسحاق، وهما من أعظم الكبائر عند الله والنبي والحجج الطاهرين (علیه السلام).

والعقد بين المتحولين فاسد من أساسه وذلک لأن العقد إنما يكون صحيحا في حال كان الطرفان “أنثى و ذكر“ واقعا وعلى حقيقتهما التي خلقهما الله تعالى عليها، ومجرد التبديل الظاهري في الشكل “حتى لو حصل التغير بالمضمون الداخلي كتغيير وتبديل الهرمونات الأصلية إلى أخرى معاكسة لها“ لا يكون موردا للأدلة الدالة على انعقاد الزواج بل هو زواج بين مثلين كما لا يخفى على العقلاء.

الوجه الثاني: إن المتحول ظاهرا لم يخرج عن حقيقته الأصلية وإن حصل التغير الشكلي إلا أن الواقع ما زال واقعا، فالرجل بقي رجلا حتى لو تبدلت صورته الخارجية والداخلية بفعل تغير الهرمونات، وهكذا المرأة تبقى امرأة حتى لو تحولت إلى رجل بالصورة الخارجية والداخلية والأحكام إنما تتعلق بالمواضيع الواقعية التي خلق عليها الجنسان “الذكر والأنثى“ لا الظاهرية الشكلية بواسطة الترقيع الطبي والهندسة الهرمونية الممسوخة، إذ إن انقلاب الصورة الأولى إلى صورة ثانية شكلية لا تقلب الحقيقة الأصلية إلى حقيقة أخرى كما هو الحال في الرجل الممسوخ إلى إمرأة، والمرأة الممسوخة إلى رجل، أو كانقلاب الإنسان رجلا أو امرأة إلى حيوان، فهنا الحقيقة الأولى قد فقدت وتحول بفعل العامل الإعجازي إلى حيوان، فهنا يعامل الممسوخ معاملة الحقيقة الحيوانية أو الإنسانية الثانية كما في حالة مسخ الرجل إلى امرأة، والمرأة إلى رجل.

الوجه الثالث: عند التحول المذكور يبقى اليقين كما كان، فالرجل يبقى رجلا حتى لو تحول ظاهريا وهرمونيا إلى أنثى، وهكذا الأنثى تبقى أنثى حتى لو تحولت إلى رجل ظاهرا فتبقى الحالة الأولى على حقيقتها الأصلية ولم يحصل تغيير حقيقي في أصل البنية الجسمية الأولى كما هو الحال في الممسوخ، بل غاية ما حصل هو التغيير الظاهري الشكلي عبر عملية جراحية وتغيير هرموني فالرجل يبقى بحكم الرجل حتى لو صار بالشكل أنثى، وهكذا الحال بالنسبة إلى الأنثى المتحولة إلى رجل وإذا حصل

ص: 135

عند المفتي بحلية التحويل اليقين بالتحويل فإن أقل ما نقول بحقه أنه قطاع يقطع من رفيف الغراب، وقطع القطاع ليس حجة شرعية باتفاق الأعلام قديما وحديثا، ذلک لأن قطعه مبني على الاستحسان والذوق والقطع من دون حجة معتبرة شرعا، فالقطاع لم يكن مصدره المدارک الشرعية المقررة في عملية الاستنباط، فلا يجوز للاخرين الرجوع إليه بالفتوى وما شاكلها ومن يقلده مصيره النار.

بما تقدم يتضح: إن تغيير الجنس البشري محرم شرعا وعقلا وعرفا بأي شكل من الأشكال، وقد حرمته الأعراف العلمية والكنسية، وشريعتنا المقدسة لم تبح التغيير المذكور وإن أفتى بحليته بعض من لا يحسب على الفقاهة والفقه إلا ادعاء، بل إن تحريمه من أوضح الواضحات، إذ إنه من أبرز مصاديق الإيحاء الشيطاني المدلول عليه بقوله تعالى ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ ومن يفعل ذلک فحسابه عند ربه وسوف يلقى العذاب الأليم والحمد لله أولا واخرا. وصلى الله على سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين المطهرين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حررها العبد الأحقر الفاني محمد جميل حمود العاملي بيروت بتاريخ 11 رجب الأصب 1438 هجري.»

الشیخ علي جمعة

الشیخ علی جمعة و هو مفتي مصر السابق و عضو هيئة كبار علماء الأزهر، اجاب علی سؤال تحت عنوان “تغيير الجنس لعلاج اضطراب الهوية الجنسية“ ما نصه:(1)

«السؤال: كثر

الحديث مؤخرا في وسائل الإعلام المختلفة عن مرض يسمى “اضطراب الهوية الجنسية“ وظهر عديد من الأشخاص يدعون أنهم في معاناة حقيقية وحياة مريرة بسبب هذا المرض، وأن الحل الجذري لمشكلتهم هو إجراء عملية جراحية للتحويل إلى الجنس الاخر. زاعمين أن عقولهم وأرواحهم تنتمي

ص: 136


1- انظر موقع الشیخ علي جمعة تحت عنوان “تغيير الجنس لعلاج اضطراب الهوية الجنسية“ https://ouo.io/CuXZPT

إلى الجنس الاخر لكنها تجسدت في البدن الخطأ، ويصفون العملية الجراحية بأنها تصحيح للجنس وليست تغييرا للجنس تجنبا لتهمة العبث وتغيير خلق الله، ويستشهدون بتصريحات لبعض الأطباء تؤكد أن هذا المرض لا يستجيب للعلاج الهرموني ولا العلاج النفسي، بل إنه لا علاج له حتى الان سوى تغيير الجنس، فهل يعتبر هذا المرض عذرا شرعيا يجيز إجراء عملية التحويل؟»

اجاب علی هذا السؤال و قال:

«الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله واله وصحبه ومن والاه، وبعد، فاضطراب الهوية الجنسية أو ما يسمى بالإنجليزية: (Gender identity disorder) ويعرف اختصارا ب(GID) هو تشخيص يطلقه أطباء وعلماء النفس على الأشخاص الذين يعانون من حالة من عدم الارتياح أو القلق حول نوع الجنس الذي ولدوا به، وهو يعتبر تصنيفا نفسيا، يصف المشاكل المتعلقة بالتغير الجنسي وهوية التحول الجنسي والتشبه بالجنس الاخر، وهذا المرض النفسي يعني باختصار أن يجد الإنسان المريض في نفسه شعورا لا إراديا بأنه ينتمي إلى الجنس الاخر رغم اكتمال خلقته الجسدية وسلامة أعضائه التناسلية.

والجندر (Gender): كلمة إنجليزية تنحدر من أصل لاتيني، وهي لغة: الجنس. من حيث الذكورة والأنوثة، ويستخدم لتصنيف الأسماء والضمائر والصفات. ويعرف هذا المصطلح منظمة الصحة العالمية بأنه: الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفات اجتماعية مركبة لا علاقة لها بالاختلافات العضوية، وتعرفه الموسوعة البريطانية بأنه: شعور الإنسان بنفسه كذكر أو كأنثى، ومن ثم فإذا قام الرجل بوظيفة الأنثى، أو قامت الأنثى بوظيفة الذكر، فإنه لن يكون هنالک ذكر أو أنثى، وإنما سيكون هنالک “نوع“ أي “جندر“، وهذا يعني أن اختلاف الرجل والمرأة البيولوجي لا علاقة له باختيار النشاط الجنسي الذي يمارسه كل منهما، وهنا دعوة صريحة للشذوذ الجنسي، ويعني أيضا قيام الرجل بوظائف المرأة، وقيام المرأة بوظائف الرجل.

لأن هذه الوظائف المخصصة لكل منهما حددها المجتمع ولم

ص: 137

يحددها طبيعة الذكورة والأنوثة كما يزعمون، وهذا يعني أيضا أنه هدم للأسرة التي هي نواة المجتمعات كلها ومن دونها يخرب المجتمع. وحقيقة الإنسان أنه كائن فقير وضعيف، فهو في حاجة دائمة إلى أن يستمد وجوده ومقومات حياته من خالقه الذي أوجده في هذه الدنيا، وقد أمر الله تعالى رسوله الكريم (صلی الله علیه و آله و سلم)بإظهار حقيقة الإنسان وحقيقة ما يملكه قائلا: ﴿ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾(1)، ﴿ قُل لَّا أَمْلِک لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ﴾(2)، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَٰلِک عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17) ﴾(3) وقد يتوهم الإنسان لنفسه ملكية حقيقية يدعيها جاهلا مفتونا على خلاف واقع الأمر كما قال تعالى: ﴿ فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ۚ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾(4) وروى الترمذي في سننه عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: “لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه“ وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)قال له: “فإن لجسدک عليک حقا، وإن لعينک عليک حقا، وإن لزورک عليک حقا، وإن لزوجک عليک حقا“. فدلت هذه النصوص الشرعية على أن الإنسان لا يملک جسده ملكا حقيقيا.

لأنه مسؤول عنه أمام الله تعالى، ومجازى على تصرفه فيه وما اقترفه من ظلم في حق نفسه وجسده، بينما المالک الحق لا يسأل ولا يجازى على ما فعل في ملكه، قال تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِک الْمُلْک تُؤْتِي الْمُلْک مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْک مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِک الْخَيْرُ ﴾(5)، وقال تعالى: ﴿ لَا يُسْأَلُ

ص: 138


1- النساء: 28
2- يونس: 49
3- فاطر: 15 – 17
4- الزمر: 49
5- ال عمران: 26

عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾(1)، وكما تدل محاسبة الإنسان على ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه على أنه لا يمتلكه ملكا حقيقيا يبيح له حرية التصرف المطلقة، فكذلک تدل محاسبته على جسده فيما أبلاه.

يقول ابن الحاج المالكي في “المدخل“ “1 /132، ط. دار التراث“: “وإن كان للإنسان أن يتصرف في ماله لكن تصرفا غير تام محجورا عليه فيه. لأنه لا يملک الملک التام. لأنه أبيح له أن يصرفه في مواضع ومنع أن يصرفه في مواضع، فالمال في الحقيقة ليس هو ماله وإنما هو في يده على سبيل العارية على أن يصرفه في كذا ولا يصرفه في كذا، وهذا بين منصوص عليه في القرآن والحديث“ اه.(2) وعلى هذا الأساس لا يحق للإنسان التصرف في أعضاء جسده إلا في حدود ما بينت شريعة الإسلام إباحته بنص خاص أو بنص عام، قال تعالى: ﴿ أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ ١١٥ فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِک ٱلۡحَقُّۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِيمِ ﴾(3)، فالإنسان لم يخلق عبثا ولن يترک سدى بلا أمر ونهي وحساب، فإنه عبد مكلف في الحياة الدنيا بمهام محددة يؤديها ويثاب أو يعاقب بناء على ما عمل، ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾(4)وفيما يتعلق بالتدخل الجراحي في أعضاء الإنسان التناسلية، فأصله المنع إلا للضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة.

لأن الشريعة الإسلامية قد حرمت الخصاء وما في معناه لكونه تغييرا لخلق الله تعالى، قال عزوجل: ﴿ إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117) لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِک نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا ﴾(5)،

ص: 139


1- الأنبياء: 23
2- اختصار «اه.» او «اه_.» تعني: انتهى کلامه او انتهی الاقتباس.
3- المؤمنون: 115- 116
4- التوبة: 105
5- النساء: 117-119

فالقرآن الكريم يوضح أن تغيير خلق الله تعالى محرم. لأنه امتثال لأمر الشيطان و ولاء له من دون الله وخسران مبين، والخصاء ونحوه تغيير لخلق الله، ومخالفة لفطرته التي فطر الناس عليها فهو حرام، وقد جاء في التفسير عن ابن عباس وأنس بن مالک رضي الله عنهم وأيضا عن غيرهما من السلف الصالح، أن المراد بتغيير خلق الله الوارد في الاية الكريمة: هو الخصاء. (انظر: تفسير الإمام الطبري، جامع البيان 9 /215216، ط. مؤسسة الرسالة)، لكن إذا كان في الجراحة بتر بعض أعضاء الجسد للإبقاء على الحياة مثلا أو منافع سائر الأعضاء، فالقاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات، وأنه إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما. (انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص 84، 87، ط دار الكتب العلمية).

واضطراب الهوية الجنسية لبعض الأشخاص مشكلة معروفة منذ زمن قديم سابق لعصور الإسلام، لكن معناها أن تجتمع في الشخص الواحد علامات ومؤشرات شكلية وسلوكية للذكورة والأنوثة مع تفاوت في نسبة ذلک بين مريض واخر، غير أن هذه المشكلة لها حالتان: فقد تكون مشكلة فعلية لا دخل لإرادة الشخص فيها. وقد تكون مفتعلة بإرادته، ولكل حالة من هاتين حكم وعلاج. ويسمى من ابتلي بهذا الاضطراب “خنثى“ إذا كان الاضطراب جسديا شكليا فكانت له الة تناسل الذكر والأنثى، فإذا استحكم اللبس وأشكل الأمر بحيث لم يعلم أيهما الأصل وأيهما الزائد سمي: “خنثى مشكل“ وكذا إذا لم يكن له الة أصلا.

وقد ذكر الفقهاء أن ترجيح جنس الخنثى المشكل بميوله القلبية لا يعتبر إلا في حالتين. الأولى: عند العجز عن علامات ظاهرة، والثانية: إذا كان ليس له ذكر رجل ولا فرج أنثى، وفيما عدا هاتين الحالتين لا يجوز إلحاقه بأي الجنسين بناء على ميوله القلبية أو ما يمكن أن يعبر عنه اليوم بالإحساس الداخلي بأن روحه تنتمي إلى الجنس الاخر (انظر: روضة الطالبين للنووي 1 /79، ط. المكتب الإسلامي) وجاء في الأشباه والنظائر للسيوطي (ص241242): “قال النووي: الخنثى ضربان: ضرب له فرج المرأة، وذكر الرجال. وضرب ليس له واحد منهما. بل له ثقبة يخرج منها الخارج، ولا تشبه فرج واحد

ص: 140

منهما، فالأول: يتبين أمره بأمور:

أحدها: البول، فإن بال بذكر الرجال وحده: فرجل، أو بفرج النساء: فامرأة، أو بهما اعتبر بالسابق، إن انقطعا معا. وبالمتأخر إن ابتدا معا، فإن سبق واحد، وتأخر اخر: اعتبر بالسابق، فإن اتفقا فيهما فلا دلالة في الأصح، ولا ينظر إلى كثرة البول من أحدهما، ولا إلى التزريق بهما، أو الترشيش.

الثاني، والثالث: خروج المني والحيض في وقت الإمكان. فإن أمنى بالذكر، فرجل، أو الفرج أو حاض، فامرأة. بشرط أن يتكرر خروجه ليتأكد الظن به، ولا يتوهم كونه اتفاقيا. كذا جزم به الشيخان. قال الإسنوي: وسكوتهما عن ذلک في البول يقتضي عدم اشتراطه فيه. والمتجه: استواء الجميع في ذلک، قال: وأما العدد المعتبر في التكرار فالمتجه: إلحاقه بما قيل في كلب الصيد: بأن يصير عادة له. فإن أمنى بهما، فالأصح أنه يستدل به، فإن أمنى نصفه مني الرجال فرجل، أو نصفه مني النساء، فامرأة، فإن أمنى من فرج الرجال نصفه منيهم ومن فرج النساء نصفه منيهن، أو من فرج النساء نصفه مني الرجال، أو عكسه، فلا دلالة، وكذا إذا تعارض بول وحيض، أو مني بأن بال بفرج الرجال، وحاض أو أمنى بفرج النساء. وكذا إذا تعارض المني والحيض في الأصح.

الرابع: الولادة. وهي تفيد القطع بأنوثته، وتقدم على جميع العلامات المعارضة لها. قال في شرح المهذب: ولو ألقى مضغة وقال القوابل: إنه مبدأ خلق ادمي: حكم به. وإن شككن دام الإشكال.

قال: ولو انتفخ بطنه، وظهرت أمارة حمل: لم يحكم بأنه امرأة، حتى يتحقق الحمل. قال الإسنوي: والصواب الاكتفاء بظهور الأمارة فقد جزم به الرافعي في اخر الكلام على الخنثى. وتبعه عليه في الروضة. كذا في شرح المهذب في موضع اخر وهو الموافق الجاري على القواعد المذكورة في الرد بالعيب، وتحريم الطلاق، واستحقاق المطلقة النفقة، وغير ذلک.

الخامس: عدم الحيض في وقته علامة على الذكورة، يستدل بها عند التساوي في البول نقله الإسنوي عن الماوردي، قال: وهي مسألة حسنة قل من تعرض لها.

ص: 141

السادس: إحباله لغيره، نقله الإسنوي عن العدة، لأبي عبد الله الطبري، وابن أبي الفتوح وابن المسلم. قال: ولو عارضه حبله قدم على إحباله، حتى لو وطئ كل من المشكلين صاحبه فأحبله، حكمنا بأنهما أنثيان، ونفينا نسب كل منهما عن الاخر.

السابع: الميل ويستدل به عند العجز، عن الأمارات، السابقة، فإنها مقدمة عليه، فإن مال إلى الرجل فامرأة، أو إلى النساء فرجل، فإن قال: أميل إليهما ميلا واحدا، ولا أميل إلى واحد منهما، فمشكل. الثامن: ظهور الشجاعة، والفروسية، ومصابرة العدو، كما ذكره الإسنوي تبعا لابن المسلم.

التاسع إلى الثاني عشر: نبات اللحية، ونهود الثدي، ونزول اللبن، وتفاوت الأضلاع في وجه. والأصح أنها لا دلالة لها. وأما الضرب الثاني أي الذي ليس له ذكر رجل ولا فرج أنثى ففي شرح المهذب عن البغوي: أنه لا يتبين إلا بالميل. قال الإسنوي: ويتبين أيضا بالمني المتصف بأحد النوعين، فإنه لا مانع منه. قال: وأما الحيض، فيتجه اعتباره أيضا. ويحتمل خلافه. لأن الدم لا يستلزم أن يكون حيضا، وإن كان بصفة الحيض، لجواز أن يكون دم فساد بخلاف المني“ اه.

أما إذا كان الاضطراب اللاإرادي والمشابهة عارضة للسلوک والكلام والحركات فيسمى المبتلى مخنثا بفتح النون المشددة، إذا كان ذكرا، ومترجلة إذا كانت أنثى، ولا يلحق هذا المبتلي عقاب ولا لوم إلا إذا أمكنه دفع هذا الاضطراب فلم يفعل.

أما من افتعل هذا الاضطراب بأن يتشبه بالجنس الاخر فإن كان رجلا سمي مخنثا بالفتح وقيل: بل مخنثا (بكسر النون المشددة)، وإن كانت امرأة سميت مترجلة، وفي الحديث الشريف الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عباس، قال: لعن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء، وقال: “أخرجوهم من بيوتكم“ قال: فأخرج النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)فلانا، وأخرج عمر فلانا. (رواه البخاري)، وفي رواية أخرى للحديث توضح أن المقصود بالمخنثين والمترجلات المتشبهون بالجنس الاخر بافتعال وتصنع واختيار، جاء فيها: “لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال“. يقول الحافظ ابن حجر في “فتح الباري“ (10 /332، ط دار

ص: 142

المعرفة): “قال الطبري: المعنى لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس. قلت: وكذا في الكلام والمشي فأما هيئة اللباس فتختلف باختلاف عادة كل بلد فرب قوم لا يفترق زي نسائهم من رجالهم في اللبس لكن يمتاز النساء بالاحتجاب والاستتار، وأما ذم التشبه بالكلام والمشي فمختص بمن تعمد ذلک، وأما من كان ذلک من أصل خلقته فإنما يؤمر بتكلف تركه والإدمان على ذلک بالتدريج فإن لم يفعل وتمادى دخله الذم ولا سيما إن بدا منه ما يدل على الرضا به، وأخذ هذا واضح من لفظ المتشبهين وأما إطلاق من أطلق كالنووي وأن المخنث الخلقي لا يتجه عليه اللوم فمحمول على ما إذا لم يقدر على ترک التثني والتكسر في المشي والكلام بعد تعاطيه المعالجة لترک ذلک وإلا متى كان ترک ذلک ممكنا ولو بالتدريج فتركه بغير عذر لحقه اللوم“ اه.

فالاضطراب المفتعل انحراف سلوكي يقتضي التعزير والردع وإعادة تأهيل المنحرف، فإذا تجاوز افتعال الاضطراب والتشبه بالجنس الاخر حد السلوک إلى حد إجراء عملية جراحية من أجل التشبه بالجنس الاخر، كان هذا التصرف جريمة لا يجوز الإقدام عليها طلبا وفعلا تستحق العقوبة. لأنه تغيير لخلق الله وكفر لنعمته وتشويه وإضرار بالنفس غير جائز شرعا، ويقال في هذا ما قاله العلماء عن جراحة الخصاء وما شابهها. يقول الحافظ ابن حجر في “فتح الباري“ (9 /119): “قوله: (فنهانا عن ذلك) أي عن الخصاء هو نهي تحريم بلا خلاف في بني ادم لما تقدم، وفيه أيضا من المفاسد تعذيب النفس والتشويه مع إدخال الضرر الذي قد يفضي إلى الهلاک، وفيه إبطال معنى الرجولية وتغيير خلق الله وكفر النعمة. لأن خلق الشخص رجلا من النعم العظيمة فإذا أزال ذلک فقد تشبه بالمرأة واختار النقص على الكمال“ اه.

ويقول الإمام القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن 5 /391، ط. دار الشعب): “وأما الخصاء في الادمي فمصيبة فإنه إذا خصي بطل قلبه وقوته عكس الحيوان وانقطع نسله المأمور به في قوله (علیه السلام) : “تناكحوا تناسلوا فإني مكاثر بكم الأمم“، ثم إن فيه ألما عظيما ربما يفضي بصاحبه إلى الهلاک فيكون فيه

ص: 143

تضييع مال وإذهاب نفس وكل ذلک منهي عنه، ثم هذه مثلة وقد نهى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)عن المثلة، وهو صحيح وقد كره جماعة من فقهاء الحجازيين والكوفيين شراء الخصي من الصقالبة وغيرهم وقالوا: لو لم يشتروا منهم لم يخصوا، ولم يختلفوا أن خصاء بني ادم لا يحل ولا يجوز لأنه مثلة وتغيير لخلق الله تعالى وكذلک قطع سائر أعضائهم في غير حد ولا قود، قاله أبو عمر“ اه.

أما الاضطراب اللاإرادي فهو ابتلاء مرضي ينبغي علاجه ويراعى في معالجته استقراء علامات الذكورة والأنوثة العضوية فتتحدد هوية المريض بناء على ذلک، ويجوز حينئذ إجراء العملية الجراحية وما تتطلبه من علاج بعد تحديد الهوية الجنسية لإبراز الهوية الحقيقية، وإزالة العناصر العضوية والاثار النفسية التي سببت اضطراب الهوية الجنسية للمريض. لأن القاعدة الشرعية أن (الضرر يزال)، ولا شک أن هذا التشابه والالتباس ضرر، فإزالته واجبة قدر الاستطاعة. لأن تركه مع إمكان دفعه يوقع صاحبه في إثم التشبه بالجنس الاخر المستوجب للعن.

وبناء على ما سبق فإنه لا يجوز إجراء العملية الجراحية التي تسمى: تحويل الجنس أو تغييره(1) أو تصحيحه إلا في حالة الخنثى الذي اجتمعت فيه أعضاء جسدية تخص الذكور والإناث (كالة التناسل مثلا)، كما يتضح أنه لا يجوز شرعا الاعتماد في تحديد هوية (الخنثى المشكل) الجنسية على سلوكه وميوله إلا في حالتين:

الأولى: عند العجز عن التحديد بناء على العلامات المادية المذكورة، والثانية: إذا لم يكن له ذكر رجل ولا فرج أنثى، وفيما عدا هاتين الحالتين لا يجوز إلحاقه بأي الجنسين بناء على ميوله القلبية أو ما يمكن أن يعبر عنه اليوم بالإحساس الداخلي بأن روحه تنتمي إلى الجنس الاخر.

هذا وإن فشل أطباء الغرب ومقلديهم في الشرق في علاج من يسمونهم مرضى “اضطراب الهوية الجنسية“ نفسيا لا يقتضي التسليم التام بأنه لا علاج لهم سوى العملية الجراحية ومسخ

ص: 144


1- محل الشاهد

ادميتهم، فماذا لو كان فهم الإسلام والتزام شريعته وادابه يعتبر ركنا أصيلا في علاج المرضى الذين يريدون العلاج حقا، لا الذين يتبعون شهواتهم الشيطانية الشاذة، ويريدون الاعتراف بشرعية جريمتهم في حق أنفسهم وفي حق الادمية وفي حق الخالق عزوجل، ومهما أجرى المخنث من عمليات جراحية لتحويله صوريا إلى الجنس الاخر لم يتحول شرعا، ولا يعطى الحقوق المادية أو المعنوية إلا المناسبة لحقيقته قبل عمليات المسخ والتشويه التي أجراها. والله تعالى أعلم.» انتهی کلام علي جمعة.

محمد بن حسین الجیزاني

قال محمد بن حسین الجیزاني(1)

فی کتاب فقه النوازل:(2)

«اولا، الذکر الذی کملت أعضاء ذکورته والأنثی التی کملت أعضاء انوثتها لایحل تحویل أحدهما إلی النوع الاخر. ومحاوله التحویل جریمة یستحق فاعلها العقوبة. لأنه تغییر لخلق الله، وقد حرم سبحانه هذا التغییر بقوله تعالی مخبرا عن قول الشیطان: ولامرنهم فلیغیرن خلق الله. ثانیا، أما من اجتمع فی أعضائه علامات النساء والرجال فینظر فیه إلی الغالب من حاله. فإن غلبت علیه الذکوره جاز علاجه طبیا بما یزیل الاشتباه فی ذکورته. ومن غلبت علیه علامات الانوثة جاز علاجه طبیا بما یزیل الاشتباه فی انوثته. سواء أکان العلاج بالجراحة أو بالهرمونات. لأن هذا مرض، والعلاج یقصد به الشفاء منه، ولیس تغییرا لخلق الله عزوجل».

الشيخ يوسف القرضاوي

نقل الدکتور محمد المهدي و هو استشارى فی الطب النفسی فی مقاله تحت عنوان “التحول الجنسي بين الطب والدين“ عن الشیخ القرضاوی

ص: 145


1- و هو من علماء اهل السنة و أستاذ أصول الفقه في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية
2- فقه النوازل، ج 4، ص 96- 97

ما نصه:(1)

«سئل الشيخ يوسف القرضاوي في برنامج الشريعة والحياة والذي قدمته قناة الجزيرة الفضائية يوم الأحد الموافق 31 مايو 1998 عن رأي الدين في عملية التحول الجنسي فقال: في مثل هذه الأمور في الحقيقة، تحويل الذكر المكتمل الذكورة ظاهرا أو باطنا إلى أنثى أو العكس، هذه جريمة وهي من تغيير خلق الله عزوجل، واستجابة للشيطان الذي قال (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ)، فإبليس أغرى الناس بتغيير خلق الله، فهذا من تغيير خلق الله، ومنذ سنوات ما حدث في جامعة الأزهر، هذا الطالب الذي كان في كلية الطب “سيد“ ثم حولوه إلى “سالي“، فهذه قضية غريبة.

وهنا الشخص الذي تجرى له عملية التحول لا يستطيع أن يمارس الحياة الزوجية. وحين رد مقدم البرنامج على فضيلة الشيخ القرضاوي بأن الأطباء يجرون عملية التحول الجنسي لكي يطابقوا بين جسد المريض وإحساسه، رد فضيلته بقوله: “الإحساس ليس كل شيء، فيجب أن نحاول معالجة هذا الإحساس نفسياً مع أساتذة متخصصين، نهيئ له بيئة تساعده على هذا، أما كل من أحس بشيء نستجيب له، فأنا جاءتني إحدى النساء وهي من أسرة كبيرة وقالت أنا عندي إحساس بأني رجل، وسألتها بصراحة عن أعضائها الأنثوية، فقالت أنها كاملة تماماً، ولكنها قالت إني لا أشعر بالأنوثة وكأني ولدت كذلک لأني من صغري وأنا أحس بهذا، وأن بعض الأطباء قال أننا ممكن أن نحولک إلى رجل، فقلت لها هذا لا يجوز، فأنت أنثى مكتملة لا يجوز أن تتحولي إلى رجل، هذا لا يحل مشكلتک أيضاً، فلن تستطيعي أن تتزوجي ولا أن تنجبي أو تمارسي حياة، فالحقيقة هذا تغيير لخلق الله وهو من الكبائر ليس من مجرد المحرمات، ولا يجوز لطبيب خصوصاً لطبيب مسلم أن يمارس مثل هذا“.

الموقف القانوني: حسب علمي فإنه لا يوجد قانون صريح في مصر وفي غالبية الدول العربية يبيح أو يجرم عملية التحول الجنسي ربما على اعتبار أنها عملية تخضع للتقدير الطبي

ص: 146


1- انظر: https://ouo.io/c6s8Ih

وبالتالي تحال مسؤليتها إلى نقابة الأطباء ووزراة الصحة وقد أثارت قصة طالب طب الأزهر سيد محمد عبدالله وهو الآن قد تحول لسالي ضجة كبرى وقد قام الدكتور أحمد محمود سعد الاستاذ بالقانون المدني في جامعة القاهرة، فرع بني سويف، بوضع كتاب حافل في 800 صفحة حول هذه القضية بعنوان “تغيير الجنس بين الحظر والاباحة“ وذكر فيه تفاصيل وقائع هذه الحادثة، حيث أن الطالب سيد محمد عبدالله مرسي في السنة الخامسة كلية طب أزهر بنين أجرى عملية جراحية لتغيير جنسه وازالة مظاهر الذكورة في مستشفى الزمالک بتاريخ 29/1/1988.

وقد قام بالجراحة المذكورة الاستاذ الدكتور عزت عشم الله مستشار جراحة التجميل وكان الدكتور رمزي هو الذي قام بالتخدير في هذه العملية التي تكللت بالنجاح. وقد قام المستشفى باصدار شهادات بذلک للطالب المذكور وأنه سدَّد الرسوم المقرره ودفع جميع اتعاب العملية نقدا وقد قامت نقابة الأطباء بالجيزة بمصر، باستدعاء الطالب المذكور والجراح والطبيب المخدر، وقامت بمناقشتهم ومعرفة التفاصيل، مع دراسة حالة الطالب النفسية، وفحصه بدنيا ونفسيا من قبل المختصين.

وقد اصدرت النقابة قرارا تأديبيا بتاريخ 8/11/1988 بمعاقبة الطبيب الجراح بشطب اسمه من سجل الاطباء واسقاط عضويته من النقابة ومنعه من مزاولة المهنة في أي صورة.

وعوقب الثاني “طبيب التخدير“ بنفس العقوبة. وقد أعتبر المجلس ان هذه العملية تشكل اعتداءا على القيم والأخلاق ولم يكن لها أي مبرر طبي وقبل ذلک رفعت النقابة القضية الى دار الافتاء بوزارة العدل بمصر لمعرفة الرأي الديني بالخطاب رقم 483 في 14/5/1988 مستفسرة عن رأي الدين في موضوع طالب الطب بجامعة الأزهر الذي اجريت له عملية جراحية واستئصال أعضاء الذكورة لتحويله الى فتاة والمقيد برقم 168 لسنة 1988 .

وقد جاء رد دار الافتاء المصرية بمقدمات فيها ذم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال وفيها: “ولاتجوز هذه الجراحة لمجرد الرغبة في التغيير دون دواع جسدية صريحة غالبة، والا دخل

ص: 147

في حكم الحديث الشريف الذي رواه البخاري عن أنس قال: لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء. وقال: أخرجوهم من بيوتهم، فأخرج النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)فلانا، وأخرج عمر فلانا. رواه احمد والبخاري ...

ولا يجوز مثل هذا الاجراء الجراحي لمجرد الرغبة في تغيير نوع الانسان من امرأة الى رجل أو من رجل الى امرأة..“ . وقد اعتمدت النقابة والفتوى على تقارير طبية عديدة منها تقرير طبي مؤرخ في 31/10/1987 عن الاستاذ الدكتور عبدالهادي عمر والاستاذ الدكتور رفعت المازن، وذلک بناء على تكليفهما من قبل الاستاذ الدكتور عميد كلية الطب بكلية الأزهر بنين، بفحص الطالب وذلک قبل اقدامه على اجراء العملية التحويلية المذكورة.

وقد جاء في التقرير ما يلي: بالكشف على الطالب المذكور وجد أنه عنده ميول أنثوية سيكلوجيه (نفسية) الا أنه من الناحية العضوية فإنه يتمتع بكل صفات وعلامات الذكورة، كما أن صوته كامل الخشونة والرجولة، الا أنه بالنسبة لتناوله الهرمونات الانثوية منذ 2-3 سنوات، ولا يزال يأخذها فقد تضخم ثدياه على الناحيتين. وأنه بالنظر لميوله الأنثوية السيكلوجية فقد كان يرتدي ملابس الفتيات ويطيل شعره.

وقد قرر الطبيبان الاستشاريان أن لامكان للعلاج الجراحي وتحويل الجنس وان العلاج ينبغي ان يكون نفسيا وخاصة ان جميع الفحوصات الاكلينكية والمخبرية والموجات الصوتية تؤكد على أنه من الناحية البيولوجية ذكر كامل الذكورة. ورغم ذلک كله فقد أصر الطالب على اجراء العملية التي قام بها الطبيب الجراح الاستاذ الدكتور عزت عشم الله في 29/1/1988، والتي لم يكن لها ما يبررها من الناحية الجسدية.

وقد أخذ الدكتور عزت وغيره بما هو مقرر في الطب الغربي من أن الرغبة النفسية اذا كانت قوية ومستمرة “على الأقل سنتين“ فانها تؤخذ في الاعتبار، وعليه يتم تغيير جنس هذا الشخص حسب رغبته المستمرة والقوية وهي كافية في وجهة نظره باجراء مثل هذه العملية التي تحول الرجل الى شكل امرأة وتحول المرأة الى شكل رجل “نقلا عن موقع أصحاب كوول

ص: 148

الإلكتروني“.

ومن وقتها وربما من قبلها فإنه يتحتم أن تمر مثل هذه الحالات الراغبة في التحول على النقابة بحيث تجري تقييما طبيا شاملا لها وتتأكد من ان المريض يعاني من مرض اضطراب الهوية الجنسية وتجري فحوصات جينية وهورمونية عليه وتحيله إلى العلاج النفسي لمدة عامين مع العلاج الهورموني المصاحب بقرار متخصص في الغدد الصماء ثم تتخذ القرار اللازم بعد ذلک.

والنقابة تفعل ذلک للحيلولة دون استغلال هؤلاء المرضى أو اندفاعهم نحو عمليات خطيرة دون ضمانات كافية تحفظ لهم سلامتهم وحقوقهم إذ ليس من المنطقي تغيير جنس كل من يرغب في ذلک.

الحل: إذن فما زلنا أمام مشكلة تحتاج من الأطباء إلى مزيد من الجهد وتحتاج من المجتمع إلى مزيد من الوعي وتحتاج من المصابين بها إلى مزيد من الصبر والبصيرة حتى لا يكون الخروج منها وقوعا في مشكلات أكثر تعقيدا.

وإذا كانت العلاجات الدوائية والنفسية في الوقت الحالي قاصرة في مساعدة هؤلاء المرضى فإنه يتحتم إجراء مزيد من الدراسات والأبحاث لتطويرها وتحسينها أما بخصوص جراحات التحول الجنسي فإنها يجب أن تحاط بالضمانات الكافية حتى لا يساء استخدامها بواسطة المرضى أو بواسطة بعض الأطباء مع الوعي الكامل من الفريقين بنتائج تلک الجراحات وبأنها ليست حلا سحريا يؤدي إلى السعادة الكاملة وإنما يكمن خلفها الكثير من المشكلات التي يجب أن توضع في الحسبان.

وفي عام 1979م حين كان “بول ماک هو“ (Paul McHugh) رئيسا لقسم الطب النفسي في جامعة جونز هوبكنز (Johns Hopkins) طلب من القسم إجراء دراسات تتبعية للحالات التي أجريت لها عمليات تحول جنسي وكانت النتيجة أن المرضى الذين تم تحويلهم أعلنوا أنهم سعداء بانتمائهم للجنس الذي يرغبونه لكن حالتهم النفسية ككل لم تتحسن وهنا وصف بول ماک عملية التحول الجنسي بأنها تعاون مع المرض وليس علاجا له.

ص: 149

لذلک لا يصح أن يكون هناک قرار يبيح تلک العمليات على الإطلاق أو يجرمها على الإطلاق وإنما تدرس كل حالة على حدة ويتخذ القرار بناءا على تلک الدراسة الموضوعية لكافة جوانب الحالة الطبية والنفسية والإجتماعية ثم يتخذ القرار تحت سمع وبصر وزارة الصحة ونقابة الأطباء مسترشدا بالقواعد الدينية في المجتمع لضمان صحة الخطوات ولضمان حقوق المريض الطبية والقانونية والإجتماعية.» انتهی

فتوى للمجمع الفقهي الإسلامي

المجمع الفقهي الإسلامي وهو عبارة عن هيئة علمية إسلامية داخل إطار رابطة العالم الإسلامي، مكونة من مجموعة من فقهاء اهل السنة وعلمائهم، جاء فی القرار السادس بشأن تغيير جنس الذكر أو الانثى أو تصحيحه ما نصه:(1)

«الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد، وعلى اله وصحبه وسلم، أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409 ه الموافق 19 فبراير 1989 م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409 ه الموافق 26 فبراير 1989 م قد نظر في موضوع تحويل الذكر إلى انثى، وبالعكس. وبعد البحث والمناقشة بين أعضائه قرر ما يلي: أولا: الذكر الذي كملت أعضاء ذكورته، والانثى التي كملت أعضاء انوثتها، لا يحل تحويل أحدهما إلى النوع الاخر، ومحاولة التحويل جريمة يستحق فاعلها العقوبة . لأنه تغيير لخلق الله، وقد حرم سبحانه هذا التغيير، بقوله تعالى، مخبرا عن قول الشيطان: ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ فقد جاء في صحيح مسلم، عن ابن مسعود أنه قال: “لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله عزوجل،

ص: 150


1- موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة والاقتصاد الإسلامي، علي السالوس، ص 699

ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول الله (ص)، وهو في كتاب الله عزوجل يعني قوله: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ﴾“ ثانيا: أما من اجتمع في أعضائه علامات النساء والرجال، فينظر فيه إلى الغالب من حاله، فإن غلبت عليه الذكورة جاز علاجه طبيا بما يزيل الاشتباه في ذكورته، ومن غلبت عليه علامات الأنوثة جاز علاجه طبيا بما يزيل الاشتباه في أنوثته، سواء أكان العلاج بالجراحة، أم بالهرمونات . لأن هذا مرض، والعلاج يقصد به الشفاء منه، وليس تغييرا لخلق الله عزوجل.»

مجمع ﻓﻘﻬﺎء الشریعة باﻣﺮﻳﻜﺎ

ﻣﺠﻤﻊ ﻓﻘﻬﺎء ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺑﺄﻣﺮﻳﻜﺎ و هو متشکل من علماء اهل السنة و يقوم المجمع باصدار الفتاوى والقرارات الفقهية وفقا لاحكام الشريعية للمسلمین السنة فى امريكا، جاء علی موقعه(1)

فی سؤال و جواب حول عمليات تحويل الجنس ما نصه:(2)

رقم الفتوى: 22813، عنوان الفتوى: مرض اضطراب الهوية الجنسية، وعمليات تحويل الجنس، قسم: متنوعات، مفتي: دكتور حاتم الحاج، تاريخ الفتوى: 08/20/2007، السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، نشكركم على مجهودكم المثمر في خدمة الاسلام والمسلمين وارجو مساعدتكم لي كطبيبه في الوصول الى فتوى اكيده معلله بخصوص قضيه تخص فئه ليست قليله من المسلمين اختلف فيها الفقهاء ألا وهي “مرض اضطراب الهويه الجنسيه“ أسألكم بالله ان تفيدونا، واعلموا ان هناک مرضى تتوقف حياتهم الدنيا على هذا الرد، كل املهم في الحياه ان يعيشوا كباقي البشر، لذا اسألكم سرعة الرد.

وأبدأ بتوضيح اخر ما توصل اليه الطب في فهم هذا المرض.

ص: 151


1- عنوانه: https://www.amjaonline.org/ar
2- انظر: https://ouo.io/J3AfxS

ان مرض اضطراب الهويه الجنسيه المذكور في كل مراجع الطب النفسي العربيه والعالميه هو مرض يولد به الانسان وكانوا يرجعون سببه الى البيئه او التربيه، لكن مع التقدم الطبي اتضح ان هناک ما يسمى ب: “الخطوط الجندريه او الجنسيه بالمخ“ وهي المسئوله عن تعريف و شعور المخ بالجنس الذي ينتمي اليه وهو ما يسمى بالهويه الجنسيه، وقد توصل العلماء الى ان هذه الخطوط تكون مختلفه في هؤلاء المرضى بحيث يشعر الانسان منذ ولادته انه ينتمي للجنس المعاكس لجنسه التشريحي...

وتبين ان هذا الاختلاف يرجع الى اضطراب في الهورمونات التي يتعرض لها الجنين قبل الولاده مما يؤثر على جيناته وبالتالي الخطوط الجنسيه بالمخ و تبدأ مأساة اضطراب الهويه الجنسيه.

تبدأ الاعراض بالظهور منذ الولاده و حيث انه يختلف سلوک الرضيع الذكر عن الأنثى، فيتبع الرضيع المريض سلوک الجنس المعاكس، ثم تزيد وتتضح الاعراض اثناء الطفوله المبكره فيشعر الطفل الذكر مثلا الذي لم يتعدى 3 سنوات انه انثى ويسلک سلوک الطفله الانثى في مختلف نواحي حياته بداية من اسلوب اللعب وحتى طريقة قضاء حاجته . وتعدد ظهور هذا المرض في واحد من التوائم المتماثله دون الاخر هو اثبات قطعي لا يقبل النقاش على ان هذا المرض يولد به الانسان وليس له ادنى علاقه بالبيئه او التربيه او هوى النفس او وساوس الشيطان كما يدعي الجاهلين.

ويتبين من هذا العرض المبسط للمرض انه وان كانت اعراضه تبدو نفسيه، فان سببه عضوي وهو عيب خلقي في المخ يجعل صاحبه ذو هويه جنسيه تخالف جنسه التشريحي والكروموسومي، مما يؤدي الى صراع شديد بين العقل والجسد يجعل المريض يكره اعضاؤه الجنسيه ومظاهر بلوغه كرها شديدا ويرغب في استئصالها بأي شكل حتى يتحرر من سجنه في هذا الجسد الذي يعتبره المخ ليس جسده.

ويختلف هذا تمام الاختلاف عن الشذوذ الجنسي او الجنسيه المثليه التي لا يرغب صاحبها في تغيير جنسه مطلقا ويؤمن

ص: 152

بامكانية الممارسه الجنسيه بين شخصين من نفس الجنس في حين ان مريض اضطراب الهويه لا يؤمن بهذا مطلقا ويعتبره شذوذا عن الفطره، غير انه قد يقوم بتلک الممارسه يائسا واسفا تحت سيطرة شعوره انه من الجنس الاخر ورغبته الملحه في تغيير جسده وعلى مدار السنين ومع كل هذا التقدم الطبي المذهل ألا ان العلاج النفسي لم يتمكن من علاج اي من هؤلاء المرضى ولم يفلح في تعديل هويتهم الجنسيه المخيه حتى تناسب اجسادهم ولم يبقى امام الطب سوى العلاج الجراحي حتى ينقذوا هؤلاء المرضى من يأسهم الشديد من الحياه وتفضيلهم الموت على العيش في اجساد ترفضها بل و تشمئز منها عقولهم.

ان الفتاوى التي تحرم عمليات تحويل الجنس لهؤلاء المرضى لم تقدم لهم الحل البديل لعدم قدرتهم على الاستمرار في الحياه في ظل تمزقهم بين العقل والجسد بل وتؤدي بهم الى الوقوع في الرذيله التي طالما تمنوا ان يتطهروا منها بالعمليه والزواج الشرعي.

ان الذي يولد بأي عيب خلقي ظاهر او خفي كالأعمى مثلا اذا وجد فرصه للعلاج ترد له بصره فهل يعتبر هذا تغييرا لخلق الله؟ الم يكن الله قادرا على ان يخلفه مبصرا منذ البدايه ان شاء؟ فلماذا لا تحرم هذه العمليات ومثيلاتها ايضا؟ فالذي ولد اعمى كالذي ولد باضطراب الهويه تماما. ان من يقول ان المقصود بالايه الكريمه ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ هو عمليات تحويل الجنس لماذا لا يعتبرالحقن المجهري تغييرا لخلق الله ومشيئته ﴿ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ﴾ وايضا وسائل منع الحمل وزراعة الأعضاء و الأدويه التي تحتوي على هورمونات وغيرها الكثير فهل يمكن ان يخلق الله بشرا ويخلق به غريزه جنسيه و يحرمه من ممارستها في الحلال، و يحلل ذلک لباقي البشر وحتى الحيوانات؟ وهو الرحمن الرحيم الذي قال ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ﴾ .

وهنا نرى سعة رحمة الله تعالى وهو اعلم بخلقه من انفسهم، فهو يعلم ان هذه الغريزه قويه جدا وان الانسان خلق ضعيفا، فما ارحم الله عزوجل وما أقسى البشر فهل نقول لهؤلاء المرضى

ص: 153

عليكم بالصيام حتى يرحمكم الله بالموت؟ عليكم بالاكثار منه قدر استطاعتكم وتحملوا مشقته وحرمانه اضافة الى معاناتكم وعذابكم وحرمانكم، فليس لكم اي حظ في النيا ولكم الجنه انشاء الله؟

ولا تحاولوا البحث عن دواء لأن حديث الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم)“تداووا عباد الله فما خلق الله من داء الا وجعل له دواء“ ليس موجه اليكم لأن الفقهاء قالوا ان الله أراد ان يعذبكم في الدنيا، فلا تعملوا لدنياكم كأنكم تعيشون أبدا، بل فقط اعملوا لاخرتكم كانكم تموتون غدا، و تمنوا الموت لأنه ليس لكم من حل غيره

فهل هذا هو معنى الفتوى بتحريم عمليات تحويل الجنس لمرضى اضطراب الهويه الجنسيه ؟ انه من المستحيل ان يتخيل الأصحاء مدى المعاناه والألم والعذاب الذي يعيش فيه ذلک المريض منذ ولادته مرورا بطفولته الحزينه ثم صراعات مراهقته وصولا الى يأسه من الحياه بأسرها في شبابه ورغبته الملحه في الموت للأنه الحل الوحيد. نسألكم ان تدرسوا هذه القضيه بتمعن وأن تفتونا في أمرنا هذا بناءا على ما تقدم ولتعلموا فضيلتكم ان هناک العديد من المسلمين حياتهم متوقفه على رأيكم الحكيم، نسأل الله لنا و لكم التوفيق والهدايه. ولكم جزيل الشكر، طبيبه مسلمه»

و اجابوا علی هذا السؤال بما نصه:

«الإجابة، الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله. و بعد، في اللغة: الخنثى: الذي لا يخلص لذكر ولا أنثى، والخنثى: الذي له ما للرجال والنساء جميعا، والجمع خناثى، مثل الحبالى. و الانخناث: التثني والتكسر. وخنث الرجل خنثا، فهو خنث، وتخنث، وانخنث: تثنى وتكسر. ولعل التعريف الاصطلاحي لا يختلف عن التعريف اللغوي، فقد جاء في الموسوعة الفقهية: “ الخنثى الذي خلق له فرج الرجل وفرج المرأة“ و كذلک إذا لم يكن له أي منهما ولقد فرقوا في الموسوعة بين الخنثى والمخنث، فعرفوا المخنث بمن فيه تكسر وتثني وتشبه حركاته حركات النساء خلقا أو تخلقا.

و بذلک يكون المخنث أعم من الخنثى. و لعل الظاهر من سؤال الأخت الطبيبة أنها ليست معنية بالعيب العضوي بل تسأل عن العيب السلوكي و لكن قبل بيان حكم الشرع و حكمته، فلا بد من

ص: 154

توضيح مستويات و محددات الجنس، و هي:

أ المستوى/المحدد الصبغي “الكروموسومي“ Chromosomal وهذا يتحدد بأمر الله سبحانه وتعالى عندما يلقح حيوان منوي يحمل كروموسوم (Y) أو حيوان منوي يحمل كروموسوم (X) البييضة التي تحمل دائما كروموسوم (X). فتكون البييضة الملقحة إما (X Y) أي جنينا ذكرا أو (X X) أي جنينا أنثى.

ب المستوى/المحدد الغددي (Gonadal Sex) وهذا يتحدد بإذن الله تعالى في الأسبوع السادس والسابع من التلقيح. وهذه الغدد هي التي تفرز الهرمونات التي تتحكم في المستوى الأخير.

ج مستوى/محدد الأعضاء التناسلية: والأعضاء التناسلية ظاهرة وباطنة. والباطنة في الأنثى هي المبيضان والرحم وقناتا الرحم والمهبل، وأما الباطنة في الذكر فهي الحبل المنوي والحويصلة المنوية والبروستاتا. وتكون هذه الأعضاء غير متمايزة حتى الأسبوع التاسع، ثم يبدأ التمايز البطيء الخفي في الأسبوع التاسع، ثم يتضح وينجلي في الأسبوع الثاني عشر.

ويسير خط نمو الأعضاء التناسلية الظاهرة والباطنة في اتجاه الأنثى إلا إذا وجدت كمية من هرمون الذكورة التستوسترون (Testosterone) الذي تفرزه الخصية، منذ أن تتكون أي منذ نهاية الأسبوع السادس، والذي يحدد مسار الأعضاء التناسلية الظاهرة والباطنة، ولذا فإن إزالة الخصية من جنين ذكر، أو عدم تكونها يؤدي إلى وجود جهاز تناسلي أنثوي رغم أن جنس الجنين على مستوى الصبغيات ذكر (XY)، أما إزالة المبيض أو عدم تكونه فإنه لا يؤثر على سير الأعضاء التناسلية التي تسير في اتجاه الأنثى، بل إنه عند وجود كروموسوم (X) واحد فقط كما في حالات ترنر (Turner Syndrome) فإن الجهاز التناسلي الذي يتكون إنما يكون لأنثى. إذا أساس الجهاز التناسلي الظاهر والباطن عدا الغدة التناسلية يتجه إلى الأنثى، فإذا وجدت الخصية أو هرمون التستوسترون فإن الجهاز التناسلي يتحول إلى أعضاء ذكرية.

ملحوظة: البعض يقسم هذا المستوى إلى اثنين، أحدهما محدد الأعضاء الباطنة و الثاني محدد الأعضاء الظاهرة لوجود الاختلاف بينهما أحيانا. دالمحدد التربوي السلوكي و يختص

ص: 155

بالتنشئة و الميول. و قبل الجواب ينبغي أيضا لفت النظر إلى بعض الإشكالات في السؤال: قالت السائلة وفقها الله:

“ان مرض اضطراب الهويه الجنسيه المذكور في كل مراجع الطب النفسي العربيه والعالميه هو مرض يولد به الانسان وكانوا يرجعون سببه الى البيئه او التربيه، لكن مع التقدم الطبي اتضح ان هناک ما يسمى ب: الخطوط الجندريه او الجنسيه بالمخ، وهي المسئوله عن تعريف و شعور المخ بالجنس الذي ينتمي اليه وهو ما يسمى بالهويه الجنسيه، وقد توصل العلماء الى ان هذه الخطوط تكون مختلفه في هؤلاء المرضى بحيث يشعر الانسان منذ ولادته انه ينتمي للجنس المعاكس لجنسه التشريحي“ ا.ه.

و الحقيقة أن الكلام المذكور لا يثبت عند التمحيص العلمي، فإن محددات الجنس على خمسة مستويات كما ذكرنا و ليست المسألة مجرد أنسجة دماغية تحدد شعور الإنسان نحو جنسه، بل إن المتخصصين يدركون الأهمية البالغة للتنشئة.

أما هذه الأنسجة فلا سبيل لإثبات ما يزعم من مسؤوليتها عن تحديد شعور الفرد نحو جنسه، و إن كان لها دور فإنه يتعذر أيضا إنكار ذلک بالكلية فلا يعدو أن يكون مرضا يمكن علاجه أو الصبر عليه شأن باقي الأمراض.

إن أكثر ما يستدل به الباحثون في هذا الباب من المؤيدين لحقوق المثليين هي صور مغناطيسية وظيفية للمخ لا تثبت على وجه معقول تطمئن له النفس المزاعم التي يذهبون إليها، و يختلف المتخصصون في تفسيرها.

وقالت السائلة وفقها الله: “وتعدد ظهور هذا المرض في واحد من التوائم المتماثله دون الاخر هو اثبات قطعي لا يقبل النقاش على ان هذا المرض يولد به الانسان وليس له ادنى علاقه بالبيئه او التربيه او هوى النفس او وساوس الشيطان كما يدعي الجاهلين.“ على العكس مما ذهبت إليه السائلة، فإن الاختلاف بين التوائم لمما يمكن أن يستدل به على كون الحالة ليست عضوية بل سلوكية فالأصل أنه كلما زاد التوافق بين التوائم ترجح العامل العضوي الوراثي الجيني. أما كون هذا الاختلاف دليلا على أن الأمر لا صلة له بوسوسة الشياطين فعجيب، فمن

ص: 156

الذي قال أن الشيطان يوسوس للتوأمين معا.

إن الاختلافات السلوكية بين التوائم كثيرة و كبيرة و هذا أمر مشاهد و يعرفه المتخصصون. و قالت السائلة وفقها الله: “فهل يمكن ان يخلق الله بشرا ويخلق به غريزه جنسيه و يحرمه من ممارستها في الحلال، و يحلل ذلک لباقي البشر وحتى الحيوانات؟ وهو الرحمن الرحيم“.

إن الله خلق البشر منذ الاف السنين وعمليات التحويل لم تعرف إلا من عشرات السنين، فنحن نرد السؤال إلى السائلة و نسالها عن ملايين البشر الذين عاشوا و قضوا قبل ظهور هذه العمليات، هل أراد الله بهم العنت؟ وسوف نبين أن التحويل لا ينهي معاناة هؤلاء. و قالت السائلة وفقها الله: “ان من يقول ان المقصود بالايه الكريمه ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ هو عمليات تحويل الجنس لماذا لا يعتبرالحقن المجهري تغييرا لخلق الله ومشيئته ﴿ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ﴾ وايضا وسائل منع الحمل وزراعة الأعضاء و الأدويه التي تحتوي على هورمونات وغيرها الكثير“ و الجواب أن المحرم هو تغيير الخلقة السوية التي لا مرض فيها بغير إذن من الله، و ماذكرته الأخت إنما هو من باب التداوي و لا علاقة له بالتغيير و استعمال الهرمونات للتداوي جائز و يحرم إن كان لتغيير الخلقة بجعل الرجل المكتمل الذكورة مؤنثا و العكس.

أما حكم عمليات التحويل، فلعل في جواب المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي ما يغني في بيان حكم الشارع في عمليات التحويل و التفريق في هذا الشأن بين الخنثى و المخنث، فإليک نصه: “ المجمع الفقهي الإسلامي رقم القرار: 5 رقم الدورة: 11، نص القرار: بشأن تحويل الذكر إلى أنثى وبالعكس، الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد، وعلى اله وصحبه وسلم.

أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي... قد نظر في موضوع تحويل الذكر إلى أنثى، وبالعكس. وبعد البحث والمناقشة بين أعضائه قرر ما يلي:

أولا: الذكر الذي كملت أعضاء ذكورته، والأنثى التي كملت أعضاء أنوثتها، لا يحل تحويل أحدهما إلي النوع الاخر،

ص: 157

ومحاولة التحويل جريمة يستحق فاعلها العقوبة لأنه تغيير لخلق الله، وقد حرم سبحانه هذا التغيير، بقوله تعالى، مخبرا عن قول الشيطان: ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾(1).

فقد جاء في صحيح مسلم، عن ابن مسعود أنه قال: “لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله عزوجل، ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول الله، وهو في كتاب الله عزوجل يعني قوله ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾(2) .

ثانيا: أما من اجتمع في أعضائه علامات النساء والرجال، فينظر فيه إلى الغالب من حاله، فإن غلبت عليه الذكورة جاز علاجه طبيا بما يزيل الاشتباه في ذكورته، ومن غلبت عليه علامات الأنوثة، جاز علاجه طبيا، بما يزيل الاشتباه في أنوثته، سواء أكان العلاج بالجراحة، أم بالهرمونات، لأن هذا مرض، والعلاج يقصد به الشفاء منه، وليس تغييرا لخلق الله عزوجل. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى اله وصحبه وسلم تسلميا كثيرا والحمد لله رب العالمين.“

و يضاف إلى ما ذكر من حرمة تغيير خلق الله حرمة التشبه بالجنس الاخر، فقد لعن رسول الله (ص): “المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء“ و لعن “الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل“ و لعن “الرجلة من النساء“ و قد أمرنا الله بالرضا بما أعطانا فقال: ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾(3) قد علمنا إذا حرمة هذه العمليات و ليس ممن يعتد بقوله من علماء المسلمين أحد يجيزها إلا في الاستثناء المذكور في جواب المجمع.

و الحق الذي لا محيد عنه هو أن الحكمة من تحريم هذه العمليات ظاهرة للمتعقلين من أبناء الديانات والحضارات المختلفة وذلک لخطورة هذا السلوک على النسيج الاجتماعي و

ص: 158


1- النساء:119
2- الحشر: 7
3- النساء: 32

الأخلاقي للأمم، و مما هو معلوم أن تسويغ هذه الأفكار والسلوكيات يؤدي إلى انتشارها بين من كانوا بالأمس أسوياء.

وهذه العمليات و إن رأى البعض فيها شيئا من النفع فعاقبتها السوء وشرها أكبر بكثير من خيرها إن كان ثم، ثم إن التحويل لا يقضي على معاناة هؤلاء كما هو مشاهد في الشرق و الغرب، ولا تكون لهم علاقات مستقرة مع شريک من الجنس الاخر “جنسهم قبل التحويل“.

و التحويل كذلک لا يجعل الرجل امرأة كاملة الأنوثة فهي تحمل و تضع و ترضع. أما الرجل أو المرأة المحولة رجلا فإنها يستحيل أن تكون كاملة الرجولة كما يعرفه المتخصصون، و كلهم يكون بعد التحويل عقيما.

و لقد نشرت ال “بي بي سي“ في 1/8/2007 تقريرا ذكروا فيه أن الأطباء يقرون أن عمليات التحويل لم تدرس الدراسة الكافية و نتائجها غير معلومة و ذكر بعض المتخصصين أن دوافعها و مبرراتها غير مستندة إلى حقائق علمية و بالإضافة إلى ذلک، فإن الكثيرين ممن جرى لهم التحويل قد أعلنوا ندمهم على ما فعل بهم، و صرخ أحدهم المدعو شارلز كين بعد أن حولوه إلى سام هاشيمي “أعيدوني رجلا“، و هيهات أن يعود أو تعود، و الدفع بالعامل العضوي الذي يؤثر على الإحساس بالهوية الجنسية لا يغير من تلک الحقيقة شيئا فإن وجود بعض العوامل العضوية أو النفسية التي تجعل هؤلاء أكثر تأثرا بوساوس الشيطان من غيرهم بهذا الصدد لا يحل لهم فعل الحرام ولا يعفيهم من المسؤولية، فإن هذا من نوع الابتلاء الذي ينبغي عليهم أن يعالجوه ويصبروا عليه تماما كمن ابتلي بالشبق الجنسي وشدة الشهوة ولقد روى الإمام أحمد أنه جاء إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)شاب يستأذنه في الزنا لشدة شهوته فقال “يا رسول الله ائذن لي بالزنا فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا مه مه فقال أدنه فدنا منه قريبا قال فجلس قال أتحبه لأمک قال لا والله جعلني الله فداءک قال ولا الناس يحبونه لأمهاتهم قال أفتحبه لابنتک... قال فوضع يده عليه وقال اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه فلم يكن بعد ذلک الفتى يلتفت إلى شيء.“

وهذا الشاب ابتلي يالشهوة أكثر من غيره وبعض الناس يبتلى

ص: 159

بشدة حب المال ولا يحل لهم ذلک السرقة...الخ، بل إن نفس الصور المغناطيسية الوظيفية للدماغ التي يستدل بها البعض على وجود عامل عضوي يؤثر على الميول الجنسية قد أظهرت أن القتلة يختلفون عن غيرهم في رسم الدماغ الوظيفي، فهل يقول عاقل بإعفائهم من تبعات فعلهم؟ أما البدائل و النصائح لأصحاب تلک الحالات عافاهم الله، فلم يهملها أهل العلم ولكن ربما لم يصل السائلة جواب تطمئن إليه نفسها، فنذكر باختصار و في نقاط ما يظهر لنا: إن الأفكار و الوساوس التي تعرض إلى هؤلاء ليسوا يحاسبون عليها ما لم تقدهم إلى قول أو عمل محرم، قال رسول الله (ص): “إن الله عزوجل تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به“ متفق عليه. و هذا من عدل الله و كمال رحمته بعباده. إن المنبغي لهؤلاء أن يدفعوا عنهم هذه الخواطر حتى لا تستقر في نفوسهم فتدفعهم في نهاية المطاف إلى عمل محرم أو تفسد عليهم معيشتهم، و للإمام ابن القيم كلام نفيس بهذا الصدد، فرأيت أن أنقله كاملا للفائدة.

قال : “دافع الخطرة، فإن لم تفعل صارت فكرة، فدافع الفكرة، فإن لم تفعل صارت شهوة، فحاربها، فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمة، فإن لم تدافعها صارت فعلا، فإن لم تتداركه بضده صار عادة، فيصعب عليک الانتقال عنها. فانظر ما هو أول الإدمان: هو تلک الخاطرة التي تجول ولم تستقر في العقل، فإذا بالإنسان يردد نظره فيها، ويعمل فكره فيها، ويجيء بها ويذهب، فإذا بها تنتقل من خطرة إلى فكرة تعشعش في العقل وترسخ فيه، ثم إذا به يعمل عقله في تلطف الأسباب الموصلة إليها، وفي تخيل اللذة الحاصلة منها، فإذا بها تختلط بقلبه، فإذا بها شهوة قد أنست النفس إليها، ومال القلب إليها، وإذا بها بعد ذلک تصبح همة وعزيمة قد تهيجت مشاعره لها، وتحركت نفسه لفعلها، بل ربما قد شغلت عليه فكره كله. فلم يعد يسمع إلا ما يوصله إليها، ولا يرى إلا ما يربطه بها، ولا يتذوق إلا ما يعينه عليها، وعند ذلک في هذه اللحظات يحتاج إلى قوة حاسمة وإلى ردع قوي، وإلا فإنه يقع في الفعل، يعني: يقع في المعصية، قال: فتداركها بضدها. بالحسنات والاستغفار والتوبة، فإن لم تفعل صارت عادة يصعب عليک الانتقال عنها.

ص: 160

ولينظر كل واحد إلى ما وقع فيه من المعاصي، فإنه سيجد أنها كانت على مثل هذا التسلسل، فالفطن اللقن والحريص المؤمن هو الذي يقطع الطريق من أولها. فلا يسمح للخواطر الرديئة ولا للأفكار الدنيئة أن تخالط عقله، ولا يشغل بها فكره.“

إن الذي يدافع هذه الخواطر و يصبر على هذا البلاء مأجور عند ربه، و للصبر من الفضيلة ما يعرفه كل مسلم. ينصح هؤلاء بإشغال نفوسهم بالحق من عبادة وعمل ومذاكرة وترفيه مباح كأنواع الرياضات المباحة وغيرها. ينبغي لهم مصاحبة الصالحين فالمرء على دين خليله و الصاحب ساحب، و كذلک عليهم بارتياد المساجد، فهي بيوت الله المطهرة المرفوعة لذكره.

ينصحون بعلاج أنفسهم طبيا إذا نصح بذلک الطبيب الثقة بأخذ الهرمونات التي تثبت جنسهم الحقيقي. و أهم النصائح أن ينطرحوا في ضراعة بين أيدي مولاهم يسألونه الصبر والهداية، فهو على كل شيء قدير وبالإجابة جدير وهو نعم المولى ونعم النصير. والله تعالى أعلى و أعلم.»

موقع الألوكة

وجه سؤال الی موقع المعروف ب_: الألوكة(1)

تحت عنوان: “مرض اضطراب الهوية الجنسية في الطفولة“ و اجاب اصحاب الموقع علیه بما نصه:(2)

«السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نشكركم على مجهودكم المثمر في خدمة الإسلام والمسلمين، وأرجو مساعدتكم لي كطبيبة في الوصول إلى فتوى أكيدة معللة، بخصوص قضية تخص فئة ليست قليلة من المسلمين، اختلف فيها الفقهاء، ألا وهي: مرض اضطراب الهوية الجنسية. أسألكم بالله أن تفيدونا، واعلموا أن هناک مرضى تتوقف حياتهم الدنيا على هذا الرد، كل أملهم في الحياة أن يعيشوا كباقي البشر، لذا أسألكم سرعة الرد.

ص: 161


1- الموقع یجب علی الاسئلة وفقا لمذهب اهل السنة
2- رابط المادة: http://iswy.co/e44id

وأبدأ بتوضيح اخر ما توصل إليه الطب في فهم هذا المرض: إن مرض اضطراب الهوية الجنسية المذكور في كل مراجع الطب النفسي العربية والعالمية: هو مرض يولد به الإنسان، وكانوا يرجعون سببه إلى البيئة أو التربية، لكن مع التقدم الطبي. اتضح أن هناک ما يسمى ب “الخطوط الجندرية“ أو “الجنسية“ بالمخ، هي المسؤولة عن تعريف وشعور المخ بالجنس الذي ينتمي إليه، وهو ما يسمى بالهوية الجنسية، وقد توصل العلماء إلى أن هذه الخطوط تكون مختلفة في هؤلاء المرضى.

بحيث يشعر الإنسان منذ ولادته أنه ينتمي للجنس المعاكس لجنسه التشريحي وتبين أن هذا الاختلاف يرجع إلى اضطراب في الهرمونات التي يتعرض لها الجنين قبل الولادة، مما يؤثر على جيناته، وعليه يؤثر على الخطوط الجنسية بالمخ، فتبدأ مأساة اضطراب الهوية الجنسية.

تبدأ الأعراض بالظهور منذ الولادة، وحيث إنه يختلف سلوک الرضيع الذكر عن الأنثى. فيتبع الرضيع المريض سلوک الجنس المعاكس، ثم تزيد وتتضح الأعراض أثناء الطفولة المبكرة، فيشعر الطفل الذكر مثلا الذي لم يتعد 3 سنوات أنه أنثى، ويسلک سلوک الطفلة الأنثى في مختلف نواحي حياته، بداية من أسلوب اللعب، وحتى طريقة قضاء حاجته وتعدد ظهور هذا المرض في واحد من التوائم المتماثلة دون الاخر هو إثبات قطعي لا يقبل النقاش أن هذا المرض يولد به الإنسان، وليس له أدنى علاقة بالبيئة أو التربية أو هوى النفس أو وساوس الشيطان لطفل لم يتعدى الثالثة من عمره كما يدعي الجاهلون فمن المستحيل أن تختلف تربية أحدهما عن الاخر، لذا. فليس هناک أي سبب لاضطراب الهوية الجنسية في أحدهما منذ الطفولة المبكرة، سوى عيب مخي غير ظاهر ولد به. ويتبين من هذا العرض المبسط للمرض: أنه وإن كانت أعراضه تبدو نفسية، فإن سببه عضوي، وهو عيب خلقي في المخ، يجعل صاحبه ذا هوية جنسية تخالف جنسه التشريحي و الكروموسومي، مما يؤدي إلى صراع شديد بين العقل والجسد، يجعل المريض يكره أعضاءه الجنسية ومظاهر بلوغه كرها شديدا، ويرغب في استئصالها بأي كيفية حتى يتحرر من سجنه في هذا الجسد، الذي

ص: 162

يرى المخ أنه ليس بجسده ويختلف هذا تمام الاختلاف عن الشذوذ الجنسي أو الجنسية المثلية، التي لا يرغب صاحبها في تغيير جنسه مطلقا، ويؤمن بإمكانية الممارسة الجنسية بين شخصين من نفس الجنس، في حين أن مريض اضطراب الهوية لا يؤمن بهذا مطلقا، ويعتبره شذوذا عن الفطرة، غير أنه قد يقوم بتلک الممارسة يائسا واسفا تحت سيطرة شعور أنه من الجنس الاخر، ورغبته الملحة في تغيير جسده ومع كل هذا التقدم الطبي المذهل، فإن العلاج النفسي لم يتمكن من علاج أي من هؤلاء المرضى، ولم يفلح في تعديل هويتهم الجنسية المخية، حتى تناسب أجسادهم، ولم يبق أمام الطب سوى العلاج الجراحي. حتى ينقذوا هؤلاء المرضى من يأسهم الشديد من الحياة، وتفضيلهم الموت على العيش في أجساد ترفضها.

بل وتشمئز منها عقولهم. إن الفتاوى التي تحرم عمليات تحويل الجنس لهؤلاء المرضى لم تقدم لهم الحل البديل، ولم تراع عدم قدرتهم على الاستمرار في الحياة في ظل تمزقهم بين العقل والجسد. بل وتؤدي بهم إلى الوقوع في الرذيلة التي طالما تمنوا أن يتطهروا منها بالعملية والزواج الشرعي. إن الذي يولد بأي عيب خلقي ظاهر أو خفي كالأعمى مثلا إذا وجد فرصة للعلاج ترد له بصره، فهل يعتبر هذا تغييرا لخلق الله؟ ألم يكن الله قادرا على أن يخلقه مبصرا منذ البداية إن شاء؟ فلماذا لا تحرم هذه العمليات ومثيلاتها أيضا؟ فالذي ولد أعمى كالذي ولد باضطراب الهوية تماما.

إن من يقول: إن المقصود بالاية الكريمة: ﴿ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾ هو عمليات تحويل الجنس يتجاهل بذلک مسائل أخرى. فلماذا لا يعتبر “الحقن المجهري“ تغييرا لخلق الله ومشيئته. ﴿ وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا﴾(1)، وأيضا وسائل منع الحمل وزراعة الأعضاء، والأدوية التي تحتوي على هرمونات، وغيرها الكثير.

فهل يمكن أن يخلق الله بشرا، ويخلق به غريزة جنسية، ويحرمه من ممارستها في الحلال، ويحل ذلک لباقي البشر. بل وحتى

ص: 163


1- الشورى: 50

للحيوانات؟ كيف هذا وهو الرحمن الرحيم، الذي قال: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ﴾(1) وهنا نرى سعة رحمة الله تعالى وهو أعلم بخلقه من أنفسهم. فهو يعلم أن هذه الغريزة قوية جدا، وأن الإنسان خلق ضعيفا..

فما أرحم الله عزوجل وما أقسى البشر فهل نقول لهؤلاء المرضى: عليكم بالصيام حتى يرحمكم الله بالموت؟ عليكم بالإكثار منه قدر استطاعتكم، وتحملوا مشقته وحرمانه، إضافة إلى معاناتكم وعذابكم وحرمانكم. فليس لكم أي حظ في الدنيا، ولكم الجنة إن شاء الله؟ ولا تحاولوا البحث عن دواء.

لأن حديث الرسول (ص): “تداووا عباد الله، فما خلق الله من داء إلا وجعل له دواء“ ليس موجها إليكم. لأن الفقهاء قالوا: إن الله أراد إن يعذبكم في الدنيا، فلا تعملوا لدنياكم كأنكم تعيشون أبدا. بل فقط اعملوا لاخرتكم كأنكم تموتون غدا، وتمنوا الموت لأنه ليس لكم من حل غيره؟ هل هذا هو معنى الفتوى بتحريم عمليات تحويل الجنس لمرضى اضطراب الهوية الجنسية؟ إنه من المستحيل أن يتخيل الأصحاء مدى المعاناة والألم والعذاب الذي يعيش فيه ذلک المريض منذ ولادته، مرورا بطفولته الحزينة، ثم صراعات مراهقته. وصولا إلى يأسه من الحياة بأسرها في شبابه، ورغبته الملحة في الموت. لأنه الحل الوحيد.

ومع هذا فنحن لا نطلب أن يفتح باب تلک العمليات لكل من يرغب في تغيير جنسه. بل أن يسمح بها فقط للمريض المصاب باضطراب الهوية الجنسية منذ الطفولة المبكرة، كوسيلة للتداوي، ولتخفيف الامه، بتحرره من جسده الذي عاش طوال عمره يشعر بالنفور منه، وهو شعور قهري لا يستطيع أحد منعه، مهما كانت قوته أو إيمانه، ومع أنه يعلم أنه سيعيش عقيما بتلک العملية.

إلا أنه يشعر بالرضا الشديد والراحة، لمجرد تخلصه من أعضائه التي طالما اشمأز منها عقله ورفضها بشده، حتى من قبل ظهورها. نسألكم أن تدرسوا هذه القضية بتمعن، وأن تفتونا

ص: 164


1- البقرة: 187

في أمرنا هذا بناء على ما تقدم، ولتعلموا فضيلتكم أن هناک العديد من المسلمين حياتهم متوقفة على رأيكم الحكيم، نسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية. ولكم جزيل الشكر.

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى اله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد: فإن ما يعرف باضطراب الهوية الجنسية، هو اضطراب نفسي سلوكي، يعبر عن عدم رضا المريض ذكرا أو أنثى عن هويته الجنسية التي ولد بها، وهو في الذكور أكثر منه في الإناث، حيث يحاول أن يتمثل أساليب وصفات وسلوكيات الجنس الاخر، ويبدأ هذا الاضطراب عادة منذ سن مبكرة من عمر سنتين إلى أربع سنين، فيميل الطفل الذكر إلى اللعب بألعاب الإناث، والاهتمام بمظهره، وتقليدهن في الحركات، وفي حال اضطراب الأنثى، تجدها تحاكي تصرفات الذكور، وتستمر المعاناة وتزداد في مرحلة البلوغ والمراهقة، وقد تتحول إلى نوع من أنواع الشذوذ. أما أسبابه: فالذي وقفنا عليه من الدراسات الحديثة، قد أثبتت عدم صحة النظريات القديمة التي أرجعت السبب لخلل هرموني.

فمستويات هرمون الذكورة لدى الذكور طبيعية، وكذلک هرمونات الأنثوية لدى الإناث اللاتي يشعرن أنهن ذكور ضمن الحدود العادية، وقد أرجعت الدراسة سبب اضطراب الهوية الجنسية لعزلة الطفل أو الطفلة، وعدم توفر أقران في أعمار مشابهة من نفس الجنس كالولد الذي يتربى بين الإناث أو العكس مما يؤدي إلى نقص في تمثل الصفات والسلوكيات المناسبة لجنس الطفل، وكذلک أكدت نظريات تربوية على أن اضطراب الهوية الجنسية، ينتج عن سوء تمثل للجنس الموافق، أو تناقض وعدم ثبات في التشجيع على التمثل الصحيح للجنس الموافق.

والحاصل: أن أسرة المريض والبيئة المحيطة به، لهما دور كبير في تطور نظرة الطفل عن نفسه، وتمثله لهويته الجنسية الطبيعية بشكل صحيح وسليم، فالأسرة قد تشجع سلوكا جنسيا لا يتوافق مع جنس الطفل، مثل: أن تجد الأم طفلها الذكر يلعب بلعب البنات، أو يلبس أثوبهن، ثم يجد منها ما يعبر عن الرضا، أو هكذا يفهم، فهذا الرضا قد يدفعه لتكرار ذلک السلوک المعكوس، حتى يصبح سلوكا، وكذلک بعض الأسر تظهر الولد بشكل

ص: 165

أنثوي، كأن تطيل شعره، أو يضعوا له طلاء أظافر، وكذلک ابتعاد الأب كثيرا عن الأسرة بالسفر، أو الطلاق، أو ضعف شخصية الأب، أو اضطرابه وفشله.

وقد ذكر أهل الطب والتربية وغيرهم طرقا لعلاج ذلک المرض نفسيا وخلقيا وتربويا:

منها: تأكيد انتماء الطفل لجنسه، بداية من اختيار الاسم وتشبيهه بالأب، أو بالأخ، أو بالخال، أو العم، أو غيرهم من الذكور، وكذلک بالنسبة للبنت تأكيد انتمائها لجنسها من خلال تشبيهها بأمها، وأخواتها من الإناث، وكذلک إبراز الفروق بين الذكر وأمه، أو أخته، وفي حال التشابه بينهم مع البحث عن نقاط تشابه مع الأب وبقية الذكور في الشكل والجسد والسلوک، وكذلک الحال بالنسبة للبنت التي تشبه أخاها الذكر، أو أباها جسديا.

ومنها: الابتعاد عن تشجيع كل ما يشوش على الهوية الجنسية الطبيعية، لاسيما في مرحلة الطفولة، مثل: إطالة الشعر بشكل زائد بالنسبة للذكر، وتقصير الشعر بشكل زائد بالنسبة للأنثى.

ومنها: تشجيع تمثل الطفل بالسلوک الموافق لجنسه باستمرار، ومشاركة الطفل أو الطفلة في انتقاء الألعاب، والهدايا، والملابس، والتنبه إلى مدلولاتها وارتباطاتها بالهوية الجنسية المناسبة، ومنها: التأكيد على اختلاط الطفل بأقرانه من جنسه، والتعلم منهم، وأن الاختلاط بين الجنسين، لا يعني اختلاط الهوية الجنسية وتشويشها.

ومنها: أن التنشئة التربوية والاجتماعية الصحيحة، لها دور رئيسي في الوصول إلى درجة صحية كافية من الثقة بالنفس وبالجسد، وبالمكانة وبالتقدير المناسب له، وبما يتناسب مع الذكورة أو الأنوثة. ومنها: تشجيع الطفل من سن مبكرة، أن يعامل كذكر أو أنثى حسب طبيعته، فتكون لعبه وملابسه وطريقة التعامل معه هي المناسبة لنوعه، وطريقة الكلام، ولا يسمح له أن يعبر عن نفسه بضمير يخالف جنسه.

ومنها: إظهار الرفض والاستنكار لأي سلوک معاكس، وليس باستخدام الضرب أو العنف بأي صورة من الصور، ولكن بإعلامه أنه ذكر، وأن اسمه كذا، وأنه يشبه الأب، ويشبه فلانا وفلانا من أقرانه، أو من هم أكبر منه من الأطفال من ذكور

ص: 166

العائلة، أو ذكور الجيران الذين يعرفهم، وأنه مختلف عن أخواته البنات.

حيث إنه يلبس ملابس مختلفة، ولا يسمح له باللعب بالعرائس مثلا، وإظهار أن هذه لعب البنات، وأن له لعبه الخاصة به، مثل: المسدس أو الدبابة أو الطائرة أو الكرة.

ومنها: دمج الذكر في مجموعة من الذكور، واللعب معهم وبألعابهم، وقضاء أوقات طويلة معهم، وكذلک الإناث. ومنها: تشجيعه عندما يأت بالسلوک الصحيح، مثل: أن يتحدث عن نفسه بصيغة الذكورة، أو يلعب بألعابه الخاصة، وعندما يذكر أنه “ولد“.

ومنها: قضاء الولد وقتا أطول مع الأب، وأصدقائه، فيصطحبه الوالد كثيرا معه، فيرى الرجال ويدرک أنه مثلهم، مما يساعده على تقليده الوالد في تصرفاته وطريقة كلامه.

ويلاحظ أن النقاط السابقة تصلح معظمها مع المرضى الصغار، أما المرضى الكبار فيفيد معهم العلاج النفسي، والسلوكي في تعديل نظرة الفرد عن نفسه، وفي تبنيه لهويته الجنسية الطبيعية، وتمثل الجهود العلاجية نوعا من إعادة التعلم وبشكل تدريجي، وينصح الأطباء بوجود معالج رجل في حالة الذكر، مما يساهم في تبنيه لصورة المعالج الإيجابية والمتفهمة من نفس الجنس، مما يسهل عملية إعادة تمثل الهوية الجنسية الطبيعية، وفي حالة الأنثى ينصح بوجود معالجة أنثى لتسهيل إعادة التمثل. كما لابد من علاج تربوي وشرعي، يتمثل في تعليم المريض خلق الرضا بما كتب الله له، وأنه لا ينبغي له تمنى جنسا مخالفا لما هو عليه.

فقد تمنى بعض النساء على عهد النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)أن لو كن رجالا يقاتلون في سبيل الله، فنزل النهي عن ذلک في قوله تعالى : ﴿ وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾(1) فإذا كان هذا في التمني فكيف الحال بالفعل.

كما ينبغي للمعالج وللمريض أن يعلما أن الله سبحانه قد خلق

ص: 167


1- النساء: 32

عباده على الفطر السوية. كما في حديث “الصحيحين“ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): “ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟“، ثم يقول أبو هريرة : ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ﴾(1) فالله فطر عباده أسوياء ذكورا وإناثا، ومن انحرفت فطرته لسبب مما سبق ذكره عولج، وقوم بالأدوية الجائزة حتى يصح، لا أن يستسلم لهوى صاحبها، ونحث له عن جراحة تحوله للجنس الاخر، نعم ما من شک أن الغريزة قوية جدا، وأن الإنسان خلق ضعيفا ولكن هذا لا يبرر التشبه الفعلي بالجنس الاخر. فمعلوم أن الخلق والقيم والمشاعر، منها ما هو فطري، ومنها ما هو مكتسب، وقد قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)لأشج عبدالقيس: “إن فيک خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة“، قال: يا رسول الله، أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما؟ قال: “بل الله جبلک عليهما“. رواه مسلم، وأبو داود، واللفظ له، مع قوله (ص): “ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر“. متفق عليه.

فلو أن هذا المريض عولج نفسيا وإيمانيا. بأن يتعلم كيف يرضى بما قسمه الله له لوفقه الله وشفاه. كما قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾(2) وكذلک يتعلم أن يصبر وكيف يصبر.

أما قول الأخت الدكتورة: إن العلاج النفسي لم يتمكن من علاج أي من هؤلاء المرضى، ولم يفلح في تعديل هويتهم الجنسية المخية لا يسلم به. لأنه إحصاء ناقص، وما نعرفه: أن تلک الإحصاءات تتم في بلاد الغرب السادر في غيه، الغارق في الشهوات، المنحل من أي وشيجة إيمانية أو خلقية، فلا مجاهدة عندهم للنفس، ولا دين أصلا، أما نحن المسلمين، فمن ابتلي بهذا وحرص على كل ما من شأنه أن يزيد ويقوي إيمانه، ويعدل من سلوكه، وأن يكون ذلک متوازيا مع العلاج النفسي الصحيح، يرجى له السلامة إن شاء الله.

ص: 168


1- الروم: 30
2- العنكبوت: 69

وهذه الطريقة هي التي سلكها النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)في علاج الانحراف السلوكي المتمكن في النفس البشرية، بحيث يبدو في ظاهر الحال أنه يستحيل العلاج.

فقد روى أبو أمامة: “أن غلاما شابا أتى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)فقال: يا رسول الله، ائذن لي في الزنا، فصاح الناس، فقال: “مه“ فقال رسول الله (ص):“أقروه، ادن“ فدنا حتى جلس بين يدي رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)فقال له رسول الله (ص):“أتحبه لأمك؟“ قال: لا.

قال: “وكذلک الناس لا يحبونه لأمهاتهم، أتحبه لابنتك؟“ قال: لا، قال: “وكذلک الناس لا يحبونه لبناتهم، أتحبه لأختك؟“ قال: لا، قال: “وكذلک الناس لا يحبونه لأخواتهم، أتحبه لعمتك؟“ قال: لا، قال: “وكذلک الناس لا يحبونه لعماتهم، أتحبه لخالتك؟“ قال: لا، قال: “وكذلک الناس لا يحبونه لخالاتهم“ فوضع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)يده على صدره، وقال: “اللهم كفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه“.

رواه أحمد والطبراني في “الكبير“ فالشرع لا يستسلم لطبيعة الإنسان، ولا للأخطاء الناشئة عن تربية خاطئة، وإنما يطالب بتقويمها كقدر شرعي. فكل من به خصلة سوء، فهو مطالب بتقويمها. ولذلک قال النبي عندما غضب الرجل: “إنى لأعلم كلمة لو قالها، لذهب عنه الذي يجد“ وقال لمن لم يستطع الزواج: عليه بالصوم، فإنه له وجاء، ولم يحله على ما حرمه الله من زنا، أو مقدماته، أو استمناء، على الرغم من قوة وقع الشهوة على الشاب، والتي تتخلل كل أجزاء جسده. فهذا هو سبيل النبيين في تقويم غرائز الإنسان بما افترضه الله عليه من تكاليف. فالإنسان مفطور على الميل لجميع الشهوات.

كما قال تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ﴾(1)

ولكن الشرع أمره بالاستمتاع بالمباح منها، وترک ما حرم. فهل يعالج الفقر بإباحة السرقة؟ وهل نجيز لمن خلقه غير مستعفف أن ينظر لما في أيدي الناس أو يتكففهم أو نبيح لمن لم يستطع النكاح الزنا. لأن الله تعالى ركب في الإنسان

ص: 169


1- ال عمران: 14

شهوة الميل للنساء، ونهاه عن الخصاء؟ ومع هذا نهاه الله عن جميع الفواحش، ما ظهر منها وما بطن، فكل خصلة في الإنسان من خصال الشر، يترتب عليها تكليف بالكف، وإباحة البدائل المشروعة.

مع الصبر واللجوء إلى الله ومجالسة الصالحين، والتعوذ بالله من الشيطان ووساوسه، وتقوية العزيمة، فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا مدمنين للخمر قبل تحريمها، بحالة قريبة من الحالة المذكورة في السؤال، ولكن لما تمكن الإيمان من قلوبهم، وحرمها الله عليهم. قاموا بسكبها وكسر الدنان، وقضي الأمر.

أما عملية التغيير الجنسي، فقد ثبت بشهادة المختصين من الأطباء: أن هذا النوع من الجراحة، ليس له دوافع معتبرة من الناحية الطبية، وأنه لا يعدو كونه رغبة للشخص شذوذا، وأنه يأتي أيضا بنتائج عكسية.

يقول الدكتور محمد علي البار: “وعلى الرغم من أن الصورة الخارجية لمثل هذا الشخص قد تخدع الإنسان. فيظنه بالفعل أنثى، إلا أن التركيب البيولوجي لا يزال ذكرا، وإن كان ممسوخا تماما، ومن ثم لا يوجد مبيض، ولا رحم، ولا يمكن أن تحيض أو يحيض مثل هذا الشخص، كما أنه لا يمكن أن يحمل قطعا. إن المتحول ليس هو مثل ما يسمى عند الفقهاء ب_: الخنثى. بل هو ذكر طبيعي، له كل المواصفات الذكرية، فقط تجرى له عملية. لاستئصال الذكر والخصيتين، ثم يقوم الأطباء ببناء مهبل، وتكبير الثديين، والحقن ب_: هرمونات لمدة طويلة، حتى ينعم الصوت، وتتغير طبيعة توزيع اللحم، ويظهر الشخص بمظهر الأنثى. لكنه في حقيقته ذكر“.

وقد شكک الدكتور حسان المالح استشاري الطب النفسي في فاعلية عمليات التحويل، حيث قال: “ولكن بعد زيادة أعداد الحالات التي تم علاجها جراحيا من خلال تغيير الجنس، تبين أن هناک مشكلات نفسية واجتماعية كبيرة .. ومنها: ازدياد حالات الانتحار والاكتئاب لدى المرضى المتحولين جنسيا وأيضا ازدياد المشكلات الإدمانية، ومشكلات الطلاق والدعارة وغيرها وبعضهم لم يستطع أن يتكيف مع جسده الجديد، وطلب إعادته لوضعه السابق وهذا غير واقعي طبعا بعد استئصال

ص: 170

الأعضاء الجنسية الخارجية للذكر، والتكوين الجراحي لأعضاء جسدية شبيهة بالأنثوية“.

أما قياس عمليات التحول الجنسي على بعض ما أجازه أهل العلم، من التلقيح المجهري عند الضرورة وغيرها فقياس مع الفارق. لأن تلک العمليات الجائزة ليس فيها شيء من المحظورات الموجودة في عمليات التحول الجنسي، ثم إن نتائجها إيجابية في الغالب، بخلاف تلک التي تجعل الشخص ليس متمحضا للذكورة ولا للأنوثة. وكذلک قياس عمليات التحويل الجنسي على عمليات علاج الإبصار، فغير صحيح أيضا. لأن إجراء عمليه لإزالة عيب ناتج عن حادث أو ولد به، ليست تغييرا لما خلقه الله، وإنما إعادة لوضعه الطبيعي، بخلاف تحويل من خلقه الله ذكرا إلى أنثى، أو العكس. هذا ومن القواعد الشرعية المقررة: حرمة التداوي بالدواء المحرم فعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله (ص):“إن الله أنزل الدواء، وأنزل الداء، وجعل لكل داء دواء. فتداووا، ولا تتداووا بحرام“.

رواه أبو داود، وروى أحمد عن ابن مسعود، قال: “إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم“. فإذا خلق الله ذكرا بأعضاء تناسلية ذكرية كان له أحكام الذكور، ولا يجوز له التشبه بالنساء، فضلا عن أن يجري عملية جراحية يتحول بها من الذكورة إلى الأنوثة. لما في ذلک من تغيير خلق الله، الذي هو من عمل الشيطان، الذي تعهد بغواية بني ادم. قال تعالى: ﴿ إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117) لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِک نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَٰئِک مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا ﴾(1) وثبت في “صحيح البخاري“ من حديث عبد الله بن عباس أنه قال: “لعن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال“.

ص: 171


1- النساء: 117-121

قال ابن حجر : “وتشبه النساء بالرجال، والرجال بالنساء من قاصد مختار حرام اتفاقا“.

وعملية تحويل الجنس، محرمة عند جميع من يعتد بقولهم من العلماء المعاصرين، إلا في حالة الخنثى المشكل، فإذا قرر الثقات من الأطباء بعد إجراء الفحوصات اللازمة للجهاز التناسلي: أن الأجهزة التناسلية لدى شخص ما هي أجهزة ذكر، وإن كان الظاهر أنها أعضاء أنثى، أو العكس. فإنه لا بأس في إجراء عملية التغيير وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن تلک المسألة، فأجابت: أولا: قال الله تعالى: ﴿ لِلَّهِ مُلْک السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴿ 49 ﴾ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾(1) فعلى المسلم أن يرضى بخلق الله وتقديره، فإذا كانت حالتک كما ذكرت من أنک متحقق من رجولتک، وأنک يمكن أن تأتي بدور الذكر، وإن كنت لم تمارس الحالة الجنسية بالفعل مع أي إنسان، فعليک أن تحتفظ بذكورتک وترضى بما اختاره الله لک من الميزة والفضل، وتحمده أن خلقک رجلا، فالرجل خير من المرأة، وأعلى منزلة، وأقدر على خدمة الدين والإنسانية من المرأة، كما دل على ذلک قوله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾(2) الاية(3) وما ذكره تعالى في قصة امرأة عمران من نذرها ما في بطنها لله محررا لخدمة دينه والقيام بشؤون بيت الله إلى غير ذلک من النصوص، وفي شهادة واقع الحياة في البلاد التي لم تمسخ فطرتها، دليل كوني عملي إلى جانب ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه (صلی الله علیه و آله و سلم)من الأدلة على تفضيل الرجال على النساء.

ثانيا: إذا ثبتت ذكورتک وتحققت، فإجراؤک عملية لتتحول بها

ص: 172


1- سورة الشورى: 49-50
2- سورة النساء: 34
3- الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)

إلى أنثى فيما تظن تغيير لخلق الله، وسخط منک على ما اختاره الله لک، على تقدير نجاح العملية وإفضائها إلى ما تريد من الأنوثة، وهيهات هيهات أن يتم ذلک، فإن لكل من الذكورة والأنوثة أجهزتها الفطرية الخلقية التي لا يقدر على إنشائها وإكسابها خواصها إلا الله تعالى وليست مجرد ذكر للرجل، وفتحة فرج للمرأة، بل هناک للرجل جهاز متكامل متناسق ومترابط، مركب من الخصيتين وغيرهما، ولكل من أجزائه وظيفة وخاصية، من إحساس وإفراز خاص ونحوهما، وكذا المرأة لها رحم وتوابع تتناسق معها، ولكل خاصية من إحساس وإفراز خاص ونحوهما، وبين الجميع ترابط وتجاوب، وليس تقدير شيء من ذلک وإيجاده وتدبيره وتصريفه والإبقاء عليه إلى أحد من الخلق، بل ذلک إلى الله العليم الحكيم، العلي القدير، اللطيف الخبير.

وإذن فالعملية التي تريد إجراءها ضرب من العبث، وسعي فيما لا جدوى وراءه، بل قد يكون فيه خطر إن لم يفض إلى القضاء على حياتک، فلا أقل من أن يذهب بما اتاک الله، دون أن يكسبک ما تريد، ويبقى ملازما لک ما ذكرت من العقد النفسية التي أردت الخلاص منها بهذه العملية الفاشلة.

ثالثا: إن كانت ذكورتک غير محققة، وإنما تظن ظنا أنک رجل، لما تراه في بدنک من مظاهر الذكورة، إلى جانب ما تجده في نفسک من أنک تحمل صفات أنثوية، وتميل نحو الذكور عاطفيا، وتنجذب إليهم جنسيا، فتريث في أمرک، ولا تقدم على ما ذكرت من العملية، واعرض نفسک على أهل الخبرة من الدكاترة الأخصائيين، فإذا تحققوا أنک ذكر في مظهرک، وأنثى في واقع أمرک، فسلم نفسک إليهم ليكشفوا حقيقة أنوثتک بإجراء العملية، وليس ذلک تحويلا لک من ذكر إلى أنثى، فهذا ليس إليهم، وإنما هو إظهار لحقيقة أمرک، وإزالة لما كان ببدنک وكوامن نفسک من لبس وغموض، وإن لم يتبين لأهل الخبرة شيء، فلا تغامر بإجراء العملية، وارض بقضاء الله، واصبر على ما أصابک إرضاء لربک، واتقاء لما يخشى من عواقب عملية على غير هدى وبصيرة بحقيقة حالک، وافزع إلى الله واضرع إليه ليكشف ما بک، ويحل عقدک النفسية. فإنه سبحانه

ص: 173

بيده ملكوت كل شيء، وهو على كل شيء قدير“. اه هذا والله أعلم.»

ص: 174

الفهرست

المقدمة 4

خطة البحث.. 5

اهمیة الموضوع. 6

التسالات الاصلیة و الفرعیة 6

الدراسات السابقة 7

الفصل الاول: شرح طبي لإضطراب الهویة الجنسیة 8

اولا: التعریف بمفردات البحث.. 9

1)الهوية الجندرية 9

2)عدم الرضى عن النوع الجندري. 10

3)اضطراب الهویة الجنسیة 11

اسباب اضطراب الهویة الجنسیة 14

الأعراض... 15

علاجه 17

4)ما هي عملية تحویل الجنس؟ 18

ثانیا: حالات ثنائية الجنس البيولوجي. 21

الخنثی فی رأي الفقهاء والاطباء. 24

ثالثا: مُشتهیة لِبسة الجنس الآخر. 28

الفصل الثاني: القائلین بجواز تغییر الجنس و أدلتهم 30

تمهید 31

ادلة الجواز. 32

اولا: الإضطرار. 32

ثانیا: یجوز من باب التداوي. 37

ثالثا: یجوز بالعناوین الثانویة 39

رابعا: أصالة العدم 40

خامسا: أصالة الإباحة 41

علماء افتوا بجواز تغییر الجنس.. 43

السيد الخمیني. 43

مريم مولک آرا 45

الشیخ المنتظري. 47

الشیخ الآصف محسني. 49

السید فضل الله.. 52

السید الخوئي. 55

الشيخ فيصل المولوي. 57

الفصل الثالث: القائلین بحرمة تغییر الجنس و أدلتهم 66

ادلة الحرمة 67

الدلیل الأول: تبدیل خلق الله.. 67

وجه الاستدلال بالآیة 70

الميرزا جواد التبريزي. 71

الشیخ محمد العاملي. 71

الشيخ يوسف القرضاوي. 75

الشیخ علي جمعة 76

المجمع الفقهي الإسلامي. 77

مناقشة الاستدلال بالآية 78

1. کلام السید الخامنه اي حول الآیة 79

2. الشيخ محمد علي التسخيري 83

3. السيد محمد حسين فضل الله.. 84

4. الشيخ المبلّغي. 85

5. السيد محسن الخرازي. 86

الاستدلال بهذه الآیة علی حرمة حلق اللحیة 87

الدلیل الثاني: حقیقة الانسان ثابتة 89

الدلیل الثالث: النظر المحرم 91

الدلیل الرابع: مصداق للتأنث و التخنث.. 92

مصادر الحدیث فی کتب اهل السنة 93

مصادر الحدیث فی کتب الشیعة 99

روایات کتاب الکافي. 99

روایات کتاب العلل. 103

روایات کتاب الجعفریات.. 108

روایة کتاب فضائل الأشهر الثلاثة 109

روایة مجمع البيان. 110

روایة کتاب الخصال. 111

روایة فقه الرضا (علیه السلام) 112

الدلیل الخامس: أن ذلک يوجب رواج ما فعله قوم لوط. 114

الدلیل السادس: أن التغيير مستلزم لإيجاد النقص في البدن. 115

الدلیل السابع: روایة الخنثی عن الإمام علي (علیه السلام) 117

علماء أفتوا بحرمة تغییر الجنس.. 126

السيد علي السيستاني. 126

سید محمود الهاشمي الشاهرودي. 127

السید الشیرازي. 127

محمد جميل العاملي. 128

الشیخ علي جمعة 136

محمد بن حسین الجیزاني. 145

الشيخ يوسف القرضاوي. 145

فتوى للمجمع الفقهي الإسلامي. 150

مجمع ﻓﻘﻬﺎء الشریعة باﻣﺮﻳﻜﺎ 151

موقع الألوكة 161

الفهرست.. 175

ص: 175

السید فضل الله.. 52

السید الخوئي. 55

الشيخ فيصل المولوي. 57

الفصل الثالث: القائلین بحرمة تغییر الجنس و أدلتهم 66

ادلة الحرمة 67

الدلیل الأول: تبدیل خلق الله.. 67

وجه الاستدلال بالآیة 70

الميرزا جواد التبريزي. 71

الشیخ محمد العاملي. 71

الشيخ يوسف القرضاوي. 75

الشیخ علي جمعة 76

المجمع الفقهي الإسلامي. 77

مناقشة الاستدلال بالآية 78

1. کلام السید الخامنه اي حول الآیة 79

2. الشيخ محمد علي التسخيري 83

3. السيد محمد حسين فضل الله.. 84

4. الشيخ المبلّغي. 85

5. السيد محسن الخرازي. 86

الاستدلال بهذه الآیة علی حرمة حلق اللحیة 87

الدلیل الثاني: حقیقة الانسان ثابتة 89

الدلیل الثالث: النظر المحرم 91

الدلیل الرابع: مصداق للتأنث و التخنث.. 92

مصادر الحدیث فی کتب اهل السنة 93

مصادر الحدیث فی کتب الشیعة 99

روایات کتاب الکافي. 99

روایات کتاب العلل. 103

روایات کتاب الجعفریات.. 108

روایة کتاب فضائل الأشهر الثلاثة 109

روایة مجمع البيان. 110

روایة کتاب الخصال. 111

روایة فقه الرضا (علیه السلام) 112

الدلیل الخامس: أن ذلک يوجب رواج ما فعله قوم لوط. 114

ص: 176

المقدمة 4

خطة البحث.. 5

اهمیة الموضوع. 6

التسالات الاصلیة و الفرعیة 6

الدراسات السابقة 7

الفصل الاول: شرح طبي لإضطراب الهویة الجنسیة 8

اولا: التعریف بمفردات البحث.. 9

1)الهوية الجندرية 9

2)عدم الرضى عن النوع الجندري. 10

3)اضطراب الهویة الجنسیة 11

اسباب اضطراب الهویة الجنسیة 14

الأعراض... 15

علاجه 17

4)ما هي عملية تحویل الجنس؟ 18

ثانیا: حالات ثنائية الجنس البيولوجي. 21

الخنثی فی رأي الفقهاء والاطباء. 24

ثالثا: مُشتهیة لِبسة الجنس الآخر. 28

الفصل الثاني: القائلین بجواز تغییر الجنس و أدلتهم 30

تمهید 31

ادلة الجواز. 32

اولا: الإضطرار. 32

ثانیا: یجوز من باب التداوي. 37

ثالثا: یجوز بالعناوین الثانویة 39

رابعا: أصالة العدم 40

خامسا: أصالة الإباحة 41

علماء افتوا بجواز تغییر الجنس.. 43

السيد الخمیني. 43

مريم مولک آرا 45

الشیخ المنتظري. 47

الشیخ الآصف محسني. 49

السید فضل الله.. 52

السید الخوئي. 55

الشيخ فيصل المولوي. 57

الفصل الثالث: القائلین بحرمة تغییر الجنس و أدلتهم 66

ادلة الحرمة 67

الدلیل الأول: تبدیل خلق الله.. 67

وجه الاستدلال بالآیة 70

الميرزا جواد التبريزي. 71

الشیخ محمد العاملي. 71

الشيخ يوسف القرضاوي. 75

الشیخ علي جمعة 76

المجمع الفقهي الإسلامي. 77

مناقشة الاستدلال بالآية 78

1. کلام السید الخامنه اي حول الآیة 79

2. الشيخ محمد علي التسخيري 83

3. السيد محمد حسين فضل الله.. 84

4. الشيخ المبلّغي. 85

5. السيد محسن الخرازي. 86

الاستدلال بهذه الآیة علی حرمة حلق اللحیة 87

الدلیل الثاني: حقیقة الانسان ثابتة 89

الدلیل الثالث: النظر المحرم 91

الدلیل الرابع: مصداق للتأنث و التخنث.. 92

مصادر الحدیث فی کتب اهل السنة 93

مصادر الحدیث فی کتب الشیعة 99

روایات کتاب الکافي. 99

روایات کتاب العلل. 103

روایات کتاب الجعفریات.. 108

روایة کتاب فضائل الأشهر الثلاثة 109

روایة مجمع البيان. 110

روایة کتاب الخصال. 111

روایة فقه الرضا (علیه السلام) 112

الدلیل الخامس: أن ذلک يوجب رواج ما فعله قوم لوط. 114

الدلیل السادس: أن التغيير مستلزم لإيجاد النقص في البدن. 115

الدلیل السابع: روایة الخنثی عن الإمام علي (علیه السلام) 117

علماء أفتوا بحرمة تغییر الجنس.. 126

السيد علي السيستاني. 126

سید محمود الهاشمي الشاهرودي. 127

السید الشیرازي. 127

محمد جميل العاملي. 128

الشیخ علي جمعة 136

محمد بن حسین الجیزاني. 145

الشيخ يوسف القرضاوي. 145

فتوى للمجمع الفقهي الإسلامي. 150

مجمع ﻓﻘﻬﺎء الشریعة باﻣﺮﻳﻜﺎ 151

موقع الألوكة 161

الفهرست.. 175

ص: 177

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.