مراح الأرواح

اشارة

سرشناسه : ابن مسعود، احمدبن علی، - 700 ق.

عنوان و نام پديدآور : مراح الأرواح / للعلّامة أبوالفضائل أحمد بن علي بن مسعود حُسام الدین؛ مع حاشیة الحکیم الفاضل الحاج محمد عبیدالله الأیوبي أبي الفضل الکندهاري؛ اعتنی به و صحّحه الشیخ أحمد عزو عنایة، علي محمد مصطفی

مشخصات نشر : بیروت : دار إحیاء التراث العربي، 1430ه = 2009م = 1387

مشخصات ظاهری : 294 صفحه

موضوع : زبان عربی -- صرف

شناسه افزوده : عنایة، أحمد عزو

شناسه افزوده : مصطفی، علی محمد

توضیح : «مراح الأرواح» اثر عربی احمد بن علی بن مسعود حسام الدین معروف به ابن السقا (متوفای 700 ق)، با حاشیه ای از حاج محمد عبیدالله الایوبی ابی الفضل کندهاری در علم صرف می باشد.کتاب حاضر، مدت ها از متونی بوده که طلاب علوم دینی آن را در علم صرف می خوانده اند.

کتاب با مقدمه ای از محقق در معرفی شخصیت و شرح حال مولف آغاز و مطالب در هفت باب تنظیم شده است. دسته بندی ابواب کتاب بر اساس دسته بندی حروف علّه است. قسمت عمده کتاب را تعلیقات و شرح آن در برگرفته است، بدین صورت که متن اصلی کتاب در بالای صفحه و شرح و تعلیق آن در زیر متن اصلی به همراه ذکر شماره، آمده است.

باب اول پیرامون افعال صحیح است که نسبت به ماضی، مستقبل، اسم فاعل، اسم مفعول، اسم مکان و زمان، اسم آلت و فعل صحیح توضیحاتی داده شده است. ابواب کتاب به ترتیب درباره صحیح، مضاعف، مهموز، مثال، اجوف، ناقص و لفیف می باشد.در این شرح یا تعلیقه، به تجزیه و ترکیب عبارات ابن سقا پرداخته شده و منظور وی از عبارات روشن شده است. در قسمت عمده ای از پاورقی ها نیز، علل تقدم و تاخر برخی از مطالب ابن سقا، توسط محقق کتاب ذکر شده است.

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

مقدمة التحقيق

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله رب العالمين ، الحمد لله الذي علم القرآن ، وخلق الإنسان ، وعلمه البيان.

والصلاة والسّلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أفصح الخلق لسانا ، وأبلغهم بيانا.

ورضي الله عن صحابته الكرام مصابيح الهدى ، وعن من تبعهم بإحسان وإيمان إلى يوم الدين.

وبعد :

فقد قيل : بأن الصرف أمّ العلوم ، والنحو أبوها ، فكان لزاما على المسلمين العناية بعلم اللغة عامة وعلم الصرف خاصة ، ليتوصلوا بذلك إلى فهم أدق لكتاب الله عزوجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد ترك علماء الأمة ذخرا جليلا من كتب اللغة ، إلا أن بعضها ما يزال مخطوطا ، مودعا في خزائن المكتبات ، وبعضها الآخر مطبوعا بغير خدمة علمية من ضبط وتصحيح وتخريج.

ومن بين هذا الكم الهائل من ميراث الأمة المختصر الوجيز المشهور المسمى ب (مراح الأرواح) للعلامة أحمد بن علي بن مسعود أبو الفضائل ، حسام الدين رحمه الله تعالى.

ص: 5

ص: 6

ترجمة مؤلف المراح

لم نعثر على ترجمة مطولة لهذا العلم ، وجلّ من عرّف به ذكر اسمه وأنه صاحب مراح الأرواح.

فهو أحمد بن علي بن مسعود أبو الفضائل ، حسام الدين ، مصنف المراح في التصريف ، مختصر وجيز مشهور بأيدي الناس.

قال السيوطي في بغية الوعاة : لم أقف له على ترجمة.

وقال الزركلي في الأعلام : مصنف مراح الارواح ، وهو رسالة متداولة في علم الصرف ، ليست لصاحبها ترجمة معروفة ، كما قال السيوطي في البغية ، شرحها البدر العيني ، حوالي سنة (781 ه) ، ومن هذا قدرت وفاته تخمينا ب : (700 ه).

أما كتابه مراح الأرواح في التصريف ، فقد قال عنه حاجي خليفة في كشف الظنون :

هو مختصر نافع متداول شرحه :

- المولى أحمد المعروف بديكقوز ، وهو شرح مفيد معتبر.

- وتاج الدين عبد الوهاب بن إبراهيم الشافعي ، سماه فتح الفتاح في شرح المراح.

- وعبد الرحيم بن خليل الرومي ، وهو شرح مختصر من شرح ديكقوز.

- والمولى حسن باشا بن علاء الدين الأسود ، وهو شرح متوسط بين الإيجاز والإطناب ، حاو للفوائد.

- وقره سنان.

ص: 7

- والمولى مصطفى بن شعبان ، المعروف بسروري ، المتوفّى سنة (969 ه).

- وللمولى مصنفك شرح كبير ، وهو في خزانة كتب أبى الفتح في جامعه.

- وشرح المراح لابن هلال.

- ومن شروحه الفلاح ، قيل : هو لابن كمال.

- وله ترجمة بالتركي مسماة ب : ريحان الأرواح.

- وشرحه العلامة بدر الدين محمود بن أحمد العيني الحنفي ، المتوفى سنة (855 ه) ، سماه : ملاح الأرواح ، وهو أول تصانيفه ، صنفه وله من العمر تسع عشرة سنة.

- ومن شروحه : رواح الأرواح ، لصاحب الضمائر ، ولعله قره سنان ، وهو المولى سنان الدين يوسف ، المشتهر بقره سنان ، من علماء الدولة العثمانية الفاتحية.

مراجع ترجمته :

1 - بغية الوعاة للسيوطي 1 / 347 (665).

2 - كشف الظنون لحاجي خليفة 2 / 1651

3 - الأعلام للزركلي 1 / 175.

4 - أسماء الكتب لعبد اللطيف زاده ص 269.

5 - أبجد العلوم للقنوجي 2 / 348 ، 3 / 37.

6 - اكتفاء القنوع لإدوارد فنديك ص 310.

* * *

ص: 8

بسم الله الرّحمن الرّحيم

قال (1)

ص: 9


1- قوله (قال ... إلخ) وإنما بدأ بصيغة الماضي الغائب دون المتكلم والمضارع مع أن قول المصنف رحمه الله وقت تأليف الكتاب لا في الزمان الماضي للتنبيه على التحقق ودفع الكبر عن نفسه ولأن من دأب بعض المصنفين رحمه الله تعالى أن يكتب الكتاب أولا بطريق الحاشية ثم يركب الخطبة به فتسمى حينئذ خطبة إلحاقيّة فناسب الماضي على هذا الاعتبار ، أو لأنه أورد لفظ الماضي نظرا إلى تصور ما في هذا المختصر من المسائل أولا من الابتداء بتأليفه فافهم بالإنصاف. اه. جلالية ومولوي. قوله : (قال ... إلخ) اعلم أن المصنف لم يبدأ كتابه بعد التيمن بالتسمية بحمد الله سبحانه ، بأن جعله جزءا منه ، فيلزم عدم متابعته للحديث الواقع في شأن الحمد ، ومخالفته لكتاب الله تعالى ، وترك سنة السلف المتقدمين. فأجيب عن الأول بأن المأمور به أعم من أن يكون بالجنان أو باللسان أو بالكتابة فالمصنف يحتمل أن يأتي بالحمد من غير الكتابة فلا يلزم عدم متابعة الحديث ، أو يقال : المقصود من ذكر الحمد ذكر صفات الله على وجه التّعظيم والتمجيد وذا يحصل من التسمية. وفيه أن حديث الحمد يقتضي أن يؤتى به على وجه الاستقلال من غير أن يجعل في ضمن التسمية وإلا لم تبق فائدة في حديث الحمد ، والجواب عنه أنه صرح بعض شراح البخاري بأن في صحة حديث التحميد مقالا فلا يصلح للحجة ، وأيضا قد وقع كتب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى الملوك والقضايا مفتتحة بالتسمية دون التحميد ، فعلم أن المراد بالحمد ذكر الله تعالى فإنه لو لم يكن كذلك لما صدر كتابه عليه الصلاة والسّلام إلى هرقل - لقب سلطان الروم - بالتسمية دون التحميد وعبارته كذلك : «بسم الله الرحمن الرحيم : من محّمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم ، أمّا بعد : فإني أدعوك بدعوة الإسلام» (أخرجه البخاري ، كتاب الجهاد والسير ، باب دعاء الناس إلى الإسلام والنبوة ... (2941) ، ومسلم ، كتاب الجهاد والسير ، باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام (1773) ، عن ابن عباس رضي الله عنهما. ) ، وقيل : إنما ترك الحمد اقتداء لسيد المرسلين في إظهار عجزه في مقام الحمد ، حيث قال عليه الصلاة والسّلام : «لا أحصي ثناء عليك كما أثنيت على نفسك» (أخرجه مسلم ، كتاب الصلاة ، باب ما يقال في الركوع والسجود (486) ، والترمذي ، كتاب الدعوات ، باب ما جاء في عقد التسبيح باليد (3493) ، عن عائشة رضي الله عنها.) ، وأتبع على ترك الحمد ترك الصلاة على النبي عليه الصلاة والسّلام وعلى آله وأصحابه. ويمكن أن يقال : إن ترك الحمد لإظهار عجزه في مقام الحمد بناء على أن عظمته تعالى ليست في حد يمكن أن تعبر عنها النفوس الناطقة البشرية القاصرة ، حمده - خبر إنّ - بناء ... على أن معنى الحمد فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما ، وإن هذا الترك فعل كذلك بل هو أبلغ وأولى من مثل الحمد لله ؛ لأن دلالة الألفاظ وضعيّة قد يتخلف مدلولاتها عنها بخلاف دلالة الأفعال فإنها عقلية وبهذا المعنى قيل : أولى الحمد ترك الحمد ، ويمكن أن يقال أيضا إنّ قوله : المفتقر إلى الله الودود ، حمد بناء على أن هذا القول يشعر بالتعظيم وكل ما يشعر بالتعظيم حمد تدبر ، والجواب من الأخيرين أن المصنف رحمه الله هضم نفسه بتخييل أن كتابه هذا من حيث إنه كتابه ليس ككتب السلف حتى يؤتى بالحمد كتابة على سننهم. ولا يقال : على هذا ينبغي أن يترك التسمية أيضا كما لا يخفى ؛ لأن التسمية مأمور بها بالحديث الصالح للاحتجاج ، حيث لا كلام لأحد في صحته ؛ ولأن النكتة تطلب للفارّ لا للقارّ. اه من الحنفية والفلاح بزيادة.

المفتقر (1) إلى الله (2) الودود (3)

ص: 10


1- قوله : (المفتقر) أي : قال العبد المفتقر بحذف الموصوف ؛ لأن المفتقر اسم فاعل من الافتقار وهو صفة ، فلا بد له من موصوف ملفوظ أو مقدر ؛ لأن الوصف لا يقوم بذاته بل يقوم بغيره وهو الموصوف. فإن قيل : لم حذف الفاعل وهو الموصوف مع أن الحذف خلاف القياس؟. أجيب : حذف الفاعل الذي هو الموصوف هنا للإيجاز وهو إنما يكون على خلاف القياس إذا لم يقم مقامه شيء ، وهنا أقيمت الصفة مقامه فلا يكون خلاف القياس ، وإنما اختار المفتقر على المحتاج والمسكين موافقة لقوله تعالى : (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) [محمد : 38]. فإن قلت : لو قال : الفقير ، مكان : المفتقر ، لكان أحرى ؛ لأنه أصل بأنه مجرد ، والمفتقر فرع بكونه من المزيد. قلت : إن في المفتقر زيادة حروف وهي تدل على زيادة المعنى فكان فيه مبالغة في الاحتياج ليست في الفقير فناسب إيراده بحال الإنسان الذي هو مجمع الحاجات وإنما أظهر افتقاره إلى الله لأنه هو الأقدر على قضاء الحاجات بأسرها بخلاف العباد. اه ملخص الشروح.
2- قوله : (إلى الله) ولمّا كان لفظة الله اسما للذات المستجمع بجميع الصفات فكان ذكره بها ذكره بجميع صفاته ، قال : إلى الله الودود دون إلى الغني وغيره من الصفات ، مع أن في الأول رعاية التضاد مع المفتقر ، وموافقة كلامه لكلام الله تعالى في ذكر الغناء أيضا. اه فلاح.
3- قوله : (الودود) ولما التزم الودود لرعاية السجع مع مسعود ، وكان طول الكلام الأول قبيحا في السجع لم يقل إلى الله الغني الودود. فإن قيل : لو قال : إلى الله المحمود لكان السجع موجودا أيضا؟. قلنا : الودود على وزن الفعول ، وهو قد يجيء بمعنى المفعول كالحلوب بمعنى المحلوب وقد يجيء بمعنى الفاعل كالضروب بمعنى الضارب ، فيكون فيه مبالغة ليست في المحمود. ثم اعلم أن بقولنا : ولما التزم الودود لرعاية السجع ... إلخ ، اندفع ما قيل : إن لفظة الله مستجمع لجميع الصفات الكمالية فلم تبق الحاجة إلى ذكره من صفات الله تعالى ، وحاصل الدفع إيراد الودود خاصة لرعاية السجع لا غير فافهم. اه من الحواشي. قوله : (الودود) مأخوذ من الود بالحركات الثلاث دوست بسيار محبت صيغة مبالغة فيه وجهان : أحدهما : أن يكون بمعنى مودودك الحلوب بمعنى المحلوب ، فإن الله سبحانه مودود في قلوب عباده الصادقين. والثّاني : أن يكون بمعنى واد كالصبور بمعنى الصابر فالله سبحانه يود الصالحين من عباده ويرضى عنهم. اه شرح.

أحمد بن علي (1) بن مسعود ، غفر (2) الله له ولوالديه وأحسن (3) إليهما وإليه :

اعلم (4)

ص: 11


1- قوله : (علي) أصله عليو من العلو قلبت الواو ياء ؛ لاجتماعهما وسبق أحدهما بالسكون ثم أدغمت. اه فلاح.
2- قوله : (غفر ... إلخ) دعاء في صورة إخبار بمعنى ليغفر ، والسّرّ في التعبير بالماضي في موقع الدعاء التفاؤل في القبول فكأن المدعو قد وقع والداعي أخبر عنه بالمعنى ، أو إظهار الحرص في وقوعه. اه فلاح.
3- قوله : (وأحسن ... إلخ) فإن قيل : لم قدم المصنف نسبة الغفران إلى نفسه وأخرها عن الوالدين ، ثم أخر نفسه في الإحسان وقدم الوالدين فيه؟. قلنا : إنما قدم نفسه في الغفران ؛ لأن المقصود الأهم لكل مؤمن طلب المغفرة لنفسه ، وأمّا الشفاعة في حق الغير فهي فرع للمغفرة ، فإن الشفيع يجب أن يكون مغفورا ، وأمّا المأخوذ فهو مبتلى نفسه فكيف يشفع لغيره ، ولا خفاء في تقديم الأصل على الفرع ، وليكون مستجاب الدعوات فيكون دعاؤه للغير أسرع إجابة ، ولرعاية السجع. وترقيا من الأدنى إلى الأعلى فإن الغفران هو مغفرة العصيان من غير أن يزاد عليه شيء آخر من الثواب ، والإحسان هو مغفرة العصيان مع زيادة ثواب وأجر أو لأن الإحسان لما كان أعم من المغفرة فالأولى فيه تقديم الوالدين حفظا للأدب. اه مجمع الشروح.
4- قوله : (اعلم ... إلخ) لما كان هذا الكتاب مصنفا في علم الصّرف أشار المصنف رحمه الله إلى ترجيح هذا العلم رغبة للطالبين على سائر العلوم ، فقال : اعلم ... إلخ ، وهو خطاب عام بكلمة التنبيه ، ومن عادة العاقل أن ينبه المخاطب أوّلا ثم يخاطبه لمظنة أن يكون غافلا ، فوقع كلامه ضائعا. وذكر لفظ أنّ بعده مستحسن ؛ لأن المخاطب بما فيه صار مترددا فإتيان أنّ بعده للتحقق ودفع التردد أنسب ، ثم قوله : اعلم ، مقول قال وهي صيغة أمر والأمر يقتضي أمورا ثلاثة لعدم إتمامه بدونها ، الأمر والمأمور والمأمور به فالأول المصنف رحمه الله ، والثّاني الطالب لتحصيل العلوم ، والثّالث قوله : «أنّ الصّرف أمّ ...» إلخ ما في الكتاب ، إلا أن تكرار اعلم فيما سيأتي من قوله : اعلم أسعدك ... إلخ ، لزيادة التوجّة تدبر. اه من الحواشي.

أن الصّرف (1) أمّ العلوم (2) ،

ص: 12


1- قوله : (الصّرف) وإنما قال : الصّرف ، ولم يقل : التصريف مع أن في التصريف مبالغة ؛ لأن الصّرف أصل والتصريف فرع ؛ لأنه مزيد فيه ، أو لأنه لما ذكر النحو عقيبه ، وهو ثلاثة أحرف فذكر الصّرف أيضا بثلاثة أحرف طلبا للموافقة بينهما ، ووقع في بعض النسخ لفظ التصريف فحينئذ النكتة في اختيار المزيد فيه هي المبالغة. اه حنفية. قوله : (الصّرف) وهو في الأصل مصدر صرف من باب ضرب ، ومعناه التبديل والتغيير يقال : صرفت الدراهم بالدينار ، وبين الدرهمين صرف أي : فضل لجودة في أحدهما ومنه الصيرفي ، وفي هذا العلم أيضا من تغيير الألفاظ من حال إلى حال ، وفضل من الحروف عند التغيير من الحال إلى حال أخرى. اه فلاح.
2- قوله : (أمّ العلوم ... إلخ) أي : أصلها ومبدؤها ؛ لأنها يبدأ منها العلوم ، يقال للفاتحة أم القرآن وأم الكتاب ؛ لأنها أصل منها يبدأ القرآن. وإنما شبه الصّرف بالأمّ والنحو بالأب فإنه كما أن الولد يرتبط بالأم أولا وبالأب ثانيا كذلك المبتدئ إذا أراد تحصيل العلوم يشتغل أولا بالصّرف ، ثم بالنحو ، وكما أن الولد لا ينمو ولا يكمل بدون الرضاع وبدون تربية الأب من المعاش كذلك المبتدئ لا يحصل له كمال في العلوم بدون تحصيل علم الصّرف ومعرفة الصيغ والتغيرات أولا ، وبدون تحصيل علم النحو ومعرفة التركيبات ثانيا. فكان علم الصّرف بمنزلة الأم والنحو بمنزلة الأب للمبتدئ الذي أراد تحصيل العلوم ، وإضافة الأم والأب إلى العلوم مسامحة ومجاز. ولا شك أن المبتدئ باعتبار تعلم العلوم وفهمها يحتاج أولا إلى الصّرف وثانيا إلى النحو ، وإن العلوم باعتبار المفهومية تحتاج أولا إلى الأول وثانيا الثّاني ، وأشار بإيراد كلمة التنبيه إلى أنه لا بد من معرفة هذا المعنى لكل واحد. اه إيضاح. قوله : (أمّ العلوم) فإن قيل : العلوم جمع يتناول جميع العلوم بأسرها ، فيلزم منه أن يكون علم الصّرف أما لنفسه والنحو الذي هو أبو الصّرف وهو محال ، وكذا كون علم النحو أبا لنفسه والصّرف الذي هو أم النحو؟. قلت : المراد من العلوم في الموضعين غير الصّرف والنحو ، كما أن المنطق آلة لما عداه ، ثم مدح النحو وإن كان غير مقصود إلا أنه لإتمام المقولة ولمناسبة الأم تدبر. اه فلاح بتصرف.

والنّحو أبوها ، ويقوى في الدرايات (1) داروها (2) ، ويطغى في الروايات (3) عاروها (4) ، فجمعت (5) فيه كتابا موسوما ب : «مراح الأرواح» (6)

ص: 13


1- قوله : (في الدرايات) جمع دراية وهي العلم من درى يدري على حد ضرب. فإن قلت : المصدر لا يثنى ولا يجمع ؛ إذ يقع على القليل والكثير ، فلم جمع ههنا؟. قلنا : إذا اختلف أنواعه فحينئذ يجوز أن يجمع بقصد الأنواع كالبيوع والطهارات. اه حنفية.
2- قوله : (داروها) أصله داريون ثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى ما قبلها بعد سلب حركة ما قبلها فأسكنت ثم التقى الساكنان الواو والياء فصار دارون ، ثم لما أضيف إلى الضمير حذفت النون أيضا عند الإضافة ؛ لئلا يلزم اجتماع المتنافيين ؛ لأن النون لقيامه مقام التنوين يدل على تمام الكلمة وانفصالها عن غيرها ، والإضافة تدل على عدم تمام الكلمة واتصالها بغيرها فصار مدلولاهما متنافيان ، والمتنافيان لا يجتمعان فكذا ما يدل عليهما فصار داروها. فإن قلت : الضمير في داروها لا يخلو إمّا إلى الصّرف والنحو كليهما معا ، أو إلى أحدهما معينا ، وعلى كلّ واحد من الأمرين لا يستقيم إرجاع الضمير كما لا يخفى؟. قلت : الضمير في داروها يرجع إلى العلم وهو مصدر يذكر ويؤنث. وفيه نظر بأنه ما وجه اختيار التأنيث على التذكير مع أنه أشرف وأقدم وأخصر؟ والجواب أن رعاية السجع تحصل هنا في ضمير المؤنث ، ورعاية السجع مطلوب في الخطب ، فكان إيراد ضمير المؤنث هنا أولى. اه ملا غلام رباني.
3- لأن الألفاظ قوالب المعاني فتصح بصحتها وتفسد بفسادها. اه نور محمد مدقق.
4- قوله : (عاروها) أي : جاهلوها اعلم أن المقصود من قوله : «اعلم أن الصّرف» إلى هنا ترغيب في الصّرف ، وبيان سبب تأليف هذا الكتاب ، وبهذا اندفع ما قيل : إن المطلوب بيان المسائل الصّرفية دون مدحها ، وأيضا العلوم كثيرة فما وجه تأليف المصنف رحمه الله في علم الصّرف دون غيره؟ وحاصل دفع الأول أن الغرض من مدح الصّرف ترغيب المبتدئ إليه ، والثّاني أن علم الصّرف لما كان كذلك فلزم فيه تأليف كتاب ليصل الخير إلى كافة الأنام. اه لمحرره.
5- قوله : (فجمعت فيه) جمع بالفتح كرداورون ، والمراد من الجمع التصنيف على ما في المنتخب وفصل البعض عن البعض وجعل الشيء قسما قسما ، والشيخ رحمه الله أيضا جعل قوانين الصّرف متنوعا ، فإن بعضها من الصحيح وبعضها من المضاعف وبعضها من المهموز إلى غير ذلك ، ولم يقل : فصنفت ، وإن كان المراد ذلك تنبيها على كثرة المسائل في هذا المختصر ، وكذا لم يقل : فألفت ؛ لأن التأليف توافق أحد الشيئين بالآخر وإتمام الإلف على ما في كتب اللغة وكلاهما ليس بمرادين هنا فافهم. اه لمحرره.
6- قوله : (بمراح الأرواح) المراح اسم مكان من الروح بفتح الراء من الاستراحة ، والأرواح جمع روح وهي النفس الناطقة ، فمعناه في الأصل موضع راحة النفوس الناطقة ، وإنما سمي به ؛ لأن النفس الناطقة لما كانت طالبة للكمالات العلمية وهي لا تحصل إلّا بآلاتها تألمت واضطربت إلى أن تجد تلك الآلة ، كالمرضى تألمت إلى أن تجد دواء شافيا ، ولما كان هذا الكتاب مشتملا على ما هي الآلة لتلك العلوم تتلذذ به النفوس وتصير راحة. اه فلاح.

وهو للصبّي (1) جناح (2) النّجاح وراح (3) رحراح ، وفي معدته (4)

ص: 14


1- قوله : (للصبي) أي : لغير البالغ بعد الضبط. فإن قلت : ما وجه تخصيص كون هذا الكتاب جناح النجاح للصبي دون غيره ، مع أن فائدته بعد الضبط للصبي ، والشاب والشيخ سواء؟. قلت : الوجه في هذا أن الغالب والأكثر قارئ الصّرف الصبيان ، ولهذا نقل عن محمد رحمه الله في الدر المختار بأن قال الصرف تدريس الصبيان. ولا يرد بأن يقال : كيف يتصور كون هذا الكتاب للصبي جناح النجاح لما في المنتخب صبيّ بالفتح وتشديد ياء كودكي كه از شير باز نشده باشد ؛ لأن المراد بالصبي غير البالغ كما أشرنا إليه في صدر الحاشية مجازا لا الصبي بمعنى اللغوي ، أو يقال : المراد من الصبي كل من يميل إلى قراءته ؛ لأن الصبي من الصبّوه وهو الميل ولهذا يسمى صبيا. اه حنفية بزيادة.
2- قوله : (جناح النجاح) جناح الطائر يده ، والجمع أجنحة ، والنجاح الظفر والخلاص ، شبه الصبي بالطير في النجاة وهذا الكتاب بالجناح في السببية ، يعني : كما أن الطير ينجو من مهلكة العدو بسبب الجناح كذلك الصبي ينجو من مهلكة الجهل ويظفر المقاصد العلمية بسبب هذا الكتاب. قوله : «وهو» مبتدأ و «جناح الجناح» خبره ، والصبي يتعلق بمحذوف ؛ إذ هو حال من الخبر ؛ لأنه مفعول في المعنى ؛ إذ تقدير الكلام أشبه هذا الكتاب بجناح النجاح ولم يلزم ذكر أداة التشبيه في كونه مفعولا معنى ، فيكون من قبيل زيد وعمرو راكبا ، أي : زيد كعمرو راكبا. اه فلاح شرح مراح.
3- قوله : (وراح) شاد شدن وشراب رحراح بالفتح فراخ. اه منتخب ، وهذا الكتاب أيضا للصبيّ سبب نشاط. اه ح.
4- قوله : (معدته) بفتح الميم وكسر العين ، أو المعدة بكسر الميم وسكون العين بمعنى واحد وهي عبارة عن القوة الجامعة للإدراكات واللذات. وقوله : راح من الرياح بمعنى شيا تكاه ، ولما كان في الليل استقرار وتسكين غالبا أريد به الاستقرار ، فمعنى راح استقر من قبيل ذكر الظرف وإرادة المظروف والجار والمجرور أعني «في معدته» متعلق بقوله حين راح ، وقوله : مثل تفاح مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو مثل تفاح. اه يعني عضو معروف آدمى كه در آن طعام گيرد وهضم شود. اه منتخب.

حين راح مثل (1) : تفّاح أو راح (2).

وبالله أعتصم (3) عما يصم وأستعين (4) منه ، وهو نعم (5) المولى ونعم المعين.

* * *

ص: 15


1- قوله : (مثل تفاح ... إلخ) لا يقال بأن تمدح المصنف رحمه الله لكتابه لا يناسب بشأنه لما فيه من علو النفس والتكبر ؛ لأنا نقول : المقصود من مدح هذا الكتاب ازدياد رغبة الطالبين في قراءته وتحصيله ؛ امتثالا لقوله عليه الصلاة والسّلام : «ظنوا المؤمنين خيرا» كذا أفيد. اه لمحرره.
2- قوله : (وبالله ... إلخ) ولما كان التصنيف أمرا من الأمور العظام التي هي مداحض الأقدام ، اعتصم بالله وتمسك به ؛ ليكون محفوظا من الخلل والاضطراب ويصير سالما من الطعن والعتاب. اه إيضاح. قوله : (وبالله ... إلخ) الجار والمجرور - أعني : بالله - يتعلق بقوله : أعتصم. فإن قيل : لم قدم الجار والمجرور؟. قلنا : إمّا للشرف ، أو للاهتمام ، أو للاختصاص ، أي : للحصر. اه حنفية.
3- قوله : (أعتصم) صيغة المتكلم الواحد لا الماضي الغائب ، يدل عليه قوله : وبه أستعين ، وفاعلهما وفاعل جمعت عبارة عن المؤلف ، كما أنه فاعل قال المفتقر ، فيكون فيه صنعة التفات. ويصم من وصمه ، أي : جعله ذا عيب ، أي : بالله أعتصم عما يصمني ويجعلني ذا عيب في هذا التصنيف من كونه معقدا مظنيا غير منتفع به ، ومشتملا على الخطأ والأمور التي لا ينبغي أن يورد أمثالها فيه ، وكونه مطعونا لسوء الترتيب وعدم التنقيح والتهذيب ، إلى غير ذلك مما يجعل المصنف متهما ذا عيب ، منسوبا إلى سوء الفهم والفطنة بلا ريب في جميع الأمور الدينية والدنيوية التي من جملتها التصنيف. اه إيضاح.
4- قوله : (وأستعين منه) وفي بعض النسخ وبه نستعين ، والنكتة في تقديم الجار والمجرور في هذه النسخة هي التي مرت في ما مر فالمعنى على الحصر بالله أستعين لا بغيره ؛ لأن تقديم ما حقه التأخير يوجب الحصر والاختصاص. اه حنفية.
5- قوله : (نعم ... إلخ) وهو فعل مدح منقول عن قولك : نعم فلان إذا أصابته نعمة ، إلى المدح فأزيل عن موضعه فشابه الحروف فلم يتصرف ، وبيان النقل أنه كسر النون إتباعا للعين فصار نعم بكسرتين ، ثم حذفت كسرة العين تخفيفا فصار نعم ، كذا قيل. اه فلاح. قوله : (نعم المولى ... إلخ) والمخصوص محذوف ، أي : نعم المولى هو ، ونعم المعين هو ، والإعانة هو النصر. فإن قلت : الجملة الإنشائية لا تكون خبرا من المبتدأ؟. قلنا : تقدير الكلام هكذا ، أي : هو مقول في حقه نعم المولى. اه حنفية شرح مراح الأرواح.

اعلم (1) - أسعدك الله تعالى - أن الصّراف (2) يحتاج (3)

ص: 16


1- قوله : (اعلم أسعدك ... إلخ) كلمة اعلم للتنبيه ، وهي كلمة تذكر في أول الكلام لإيقاظ الغافلين على نكتة ، وقيل : هي كلمة تذكر في أول الكلام تشويقا إلى ما سيأتي من بعد ، فلما كان المخاطب متشوقا كان طالبا ، ومعلوم أن الحصول بعد الطلب أوقع في الذهن. وإنما قال : اعلم ولم يقل : اعرف ؛ لأن استعمال العلم في الكليات ، واستعمال المعرفة في الجزئيات ، فلما كان الصّرف عبارة عن القوانين الكلية اختار اعلم دون اعرف. وإنما لم يقل : افهم ؛ لأن استعمال افهم في كلام سبق ذكره ؛ ليفهم المخاطب مضمونه ، واستعمال اعلم في كلام مبتدأ ، والمقصود به التشويق إلى ما سيأتي. وإنما لم يقل : اقرأ ؛ لأن القراءة دالة على مجرد التّلاوة دون العلم ، بخلاف اعلم فإنه يدل على القراءة مع العلم بمضمون ذلك الكلام. وقوله : (أسعدك ... إلخ) جملة دعائية معترضة وقعت بين اعلم ومعموله ، وهو «أن الصرّاف» والتعبير بلفظ الماضي للتفاؤل وإن كان مستقبلا في الواقع. اه حنفية.
2- قوله : (أن الصرّاف) صراف بالفتح وتشديد راء ، والصراف صيغة مبالغة ، مثل : أكّال فيها معنى الكثرة. فإن قيل : الصرّاف من يعلم الصّرف ، ومن يعلم الصّرف لا يحتاج إلى تلك المعرفة ، فلم قال : يحتاج؟. قلنا : المراد به الشارع في الصّرف ، وإنما عبر عنه به إمّا بتأويل الإرادة ، أي : من أراد أن يكون صرّافا ، وإمّا تفاؤلا كأنه حين شرع صار صرافا ، وإمّا باعتبار ما يؤول إليه ، كما في قوله تعالى : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) [يوسف : 36] والمعصور العنب. ثم لا يخفى عليك أن المبتدئ لكل علم إنما يحتاج أولا إلى معرفة حده وموضوعه ومبادئه وغرضه ، ثم إلى مسائله وإنما لم يذكرها روما للاختصار ليسهل على المبتدىء ضبط المسائل التي هي المقصودة في هذا الفن. فنقول : الصّرف علم بأصول يعرف بها أحوال الأبنية التي ليست بإعراب وبناء ، فلما كان قولنا : علم شاملا للمقصود وغير المقصود ، أردفناه بما يخرج سوى المحدود ، فخرج بقولنا : يعرف بها أحوال أبنية الكلم سوى النحو والصّرف. وبقولنا : ليست بإعراب وبناء علم النحو بأقسامه وموضوعه نفس الأبنية مطلقا ، أي : مع قطع النظر عن الحركات والسّكنات ، ومبادئه تعريف الصحيح والمضاعف وغير ذلك ، وغرضه الاقتدار على الاحتراز عن الخطأ في حروف الكلمة. اه حنفية وفلاح.
3- قوله : (يحتاج) وذلك لأن من لم يعرف الأقسام السّبعة ، والتغيرات الواقعة فيها لا يحصل له معرفة الأوزان ، لأن من لا يعرف أنّ كان مثلا من أيّ قسم من هذه الأقسام ، ولا يعرف التغيير الواقع فيه ، ولا قاعدته ، لا يعلم أن وزنه فعل بالتّحريك أو التّسكين. اه جلال الدين.

في معرفة (1) الأوزان إلى سبعة (2) أبواب (3):

1 - الصحيح.

2 - والمضاعف (4).

ص: 17


1- قوله : (معرفة ... إلخ) ولم يقل في علم الأوزان ؛ لأن المراد بالأوزان الصيغ ، مثل : نصر وردّ وأخذ ووعد وقال ورمى وطوى وغير ذلك من الألفاظ مطلقا. سواء كانت موضوعة أو لا ، فناسب إيراد لفظ المعرفة لاستعمالها في الجزئيات ، والصيغ المذكورة منها لا العلم تدبر كذا أفيد. اه لمحرره.
2- قوله : (إلى سبعة أبواب) وإنما انحصرت الأبواب في السّبعة ؛ لأن الكلمة لا تخلو من أن توجد فقط في حروفها الأصليّة حرف علّة ، أو ملحق حرف علّة ، أو لا توجد شيء منهما ، الثّالث الصحيح ، والثّاني وهو ما يوجد فيها ملحق حرف علّة ، إن كان كونه ملحقا لها باعتبار التكرر فهو المضاعف ، وإن كان باعتبار الانفراد ، سواء كان في الفاء أو العين أو اللام فهو المهموز. وإنما قلنا : إن حرف التضعيف والهمزة ملحق حرف علة ؛ لأنهما قد تقلبان حرف علّة في مثل : تقضّى البازي ، أصله تقضض فقلبت الضّاد الثّانية ياء ، في مثل : إيمان ، أصله إءمان بهمزتين قلبت الثّانية ياء. والأول وهو ما يوجد فيها حرف علّة ، فلا يخلو من أن يكون ذلك الحرف واحدا أو أكثر ، فإن كان واحدا ، فإن كان في الفاء فهو المثال ، وإن كان في العين فهو الأجوف ، وإن كان في اللام فهو النّاقص ، وإن أكثر من واحد فهو اللفيف ، المفروق إن كان في الفاء واللام ، والمقرون إن كان في العين واللام. ولم يعتبر المصنف بما كان فاؤه وعينه حرف علّة ، نحو : ويل ويوم ، وما كان فاؤه وعينه ولامه حرف علّة ، مثل : واو وياء في اسمي حرفين ، كما اعتبرهما الزنجاني وغيره ، حتى جعلوا أقسام المعتلات سبعة لا خمسة ؛ لعدم بناء الفعل منهما ، فمقصد المصنف بيان أوزان المشتقة ، ويؤيده عطف قوله : (واشتقاق ... إلخ) على سبعة أبواب. اه فلاح.
3- تعليق باللغة الفارسية ثم حذفه لعدم وضوحه.
4- قوله : (والمضاعف) وإنما قدم المضاعف على المهموز ، لأنه أخف وأكثر مشابهة بالصحيح ، بخلاف المهموز ، لأن الهمزة من ملحقات حرف العلّة ، وإنما قدم المهموز على المعتل ، وإن كانت من ملحقات حرف العلّة لقوتها منها ؛ لأنها حرف صحيح قابل للحركات. وإنما قدم المثال على الأجوف لتقدم حرف العلّة فيه وكذلك تقديم الأجوف على النّاقص ، وقدم المعتل بحرف على المعتل بحرفين لتقدم المفرد على الاثنين. ثم لا يخفى عليك أنه إن أريد بالأبواب المذكور أصولها فأربعة صحيح ومضاعف ومهموز ومعتل. وإن أريد أصولها وفروعها ، بأن يراد قسم القسم فيزيد على عشرة صحيح ومضاعف ثلاثي ومضاعف رباعي ومهموز الفاء والعين واللام. والمعتل على أربعة أقسام مثال واوي ويائي ، والأجوف كذلك ، والنّاقص كذلك. واللفيف على نوعين : مقرون ومفروق. والمضاعف مع المهموز ، والمثال مع المضاعف وغير ذلك. فالانحصار في سبعة تحكم ، اللهم إلّا أن يقال : ليس المقصود في هذا الانحصار ملاحظة الأصليّة والفرعية ، بل ملاحظة شيوع المبحث وكثرته. اه ح وغلام رباني.

3 - والمهموز.

4 - والمثال.

5 - والأجوف.

6 - والناقص.

7 - واللفيف.

واشتقاق تسعة (1)

ص: 18


1- قوله : (تسعة ... إلخ) لأن من لا يعرف اشتقاق تسعة أشياء من كلّ مصدر ، لا يحصل له معرفة الأوزان. فإن من لا يعرف اشتقاق ضارب من الضرب ، لا يعلم أن ألفه زائد أو لا ، فلا يعلم أن وزنه فعلل أو فاعل ، وكذلك من لا يعرف أن مضروبا مشتق من الضرب ، لا يعلم أن الميم والواو زائدتان أو لا ، فلا يعلم أن وزنه فعلول أو مفعول ، وعلى هذا فقس. وبهذا تبين أن معرفة الأوزان موقوفة على أمرين : أحدهما معرفة الأقسام السّبعة ، وثانيهما معرفة اشتقاق تسعة أشياء من كل مصدر ، والأولى أن يقول : إلى سبعة أقسام ، إلّا أن المصنف لما عنون كل قسم بالباب في هذا الكتاب قال : إلى سبعة أبواب ، يعني أن المبتدئ يحتاج إلى هذه الأبواب فلا بد من بيانها. اه جلال الدين. قوله : (تسعة ... إلخ) وإنما انحصر الاشتقاق في التسعة ، لأن ما يشتق من المصدر إمّا يكون فعلا أو اسما. فإن كان فعلا فلا يخلو من أن يكون إخباريّا أو إنشائيا ، فإن كان إخباريّا فإن لم يتعاقب في أوله الزوائد الأربع وهي : حروف أتين فهو الماضي ، وإن تعاقب فهو المستقبل ، وإن كان إنشائيا فإن دلّ على طلب الفعل فهو الأمر ، وإن دلّ على ترك الفعل فهو النهي. وإن كان اسما فإن دلّ على ذات من قام به الفعل فهو اسم الفاعل ، وإن دلّ على ذات من وقع عليه الفعل فهو اسم المفعول ، وإن دلّ على ما وقع فيه الفعل فإن كان مكانا فهو اسم المكان ، وإن كان زمانا فهو اسم الزمان ، وإن دلّ على ما وقع الفعل بسببه فهو اسم الآلة. فإن قيل : لم لم يذكر النفي والجحد والصفة المشبهة وأفعل التفضيل مع أنها مشتقات من المصدر أيضا؟. قلنا : النفي يشبه النهي صورة ، والجحد يشبه النهي معنى ، فلذا لم يذكرهما. وفيه أن المشابهة إن كانت وجها لعدم الذكر فبالحري أن لا يذكر المكان والزمان أيضا ، بل يكتفي بذكر أحدهما ؛ لكون صيغتهما واحدة ، بحسب الصورة كمضرب مثلا. فيكون الأشياء كلها ثمانية. ويمكن الجواب بأن المراد المشابهة بحسب الصورة مع تقارب المعنى. فإن النفي كثيرا ما يستعمل في النهي كما في قوله تعالى : (لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) [البقرة : 83] فلا يرد ما أورده تدبر. والجواب عن الصفة المشبهة ... إلخ ، أن الأول داخل في اسم الفاعل أو المفعول ، كما لا يخفى على ماهر الفن ، وأمّا اسم التفضيل فلا يخلو ، إمّا أن يجيء لتفضيل الفاعل كما هو القياس أو لتفضيل المفعول على سبيل الشذوذ وغير القياس ، فعلى الأول داخل في اسم الفاعل ، وعلى الثّاني في اسم المفعول. فإن قلت : التصغير مشتق من المصدر بزيادة الياء ، مثل نصر ونصير؟. قلت : لا نسلم أنه مشتق منه ، وزيادة الياء من قبيل الزيادة لإفادة المعنى ، لا الاشتقاق كما صرحوا به ، ويدل عليه عدم اختصاصه بالمشتقات بل تجري أيضا في الجوامد ، مثل رجل ورجيل. فإن قلت : هذا يدل على أن اسم الفاعل أو المفعول مشتقان من المصدر ، وكذا الزمان والمكان والآلة والأمر والنهي ، وقد صرح فيما سيأتي أنها مشتقات من المضارع؟. أجيب بأنها مشتقات من المصدر بالتوسط ؛ لأنها مشتقات من الفعل ، وهو مشتق من المصدر ، فتكون هي مشتقة من المصدر ، كما هو مذهب السيرافي. اه فلاح شرح مراح.

أشياء من كل مصدر (1) ، وهي :

1 - الماضي (2).

ص: 19


1- قوله : (من كل مصدر) فإن قلت : يرد عليه المصادر التي لا يشتق منها شيء ، كويل وويح؟. قلت : المراد من اشتقاق تسعة أشياء اشتقاقها منه إن وجدت ، ويحتمل أن يكون بناء على الغالب. اه فلاح.
2- قوله : (وهي الماضي ... إلخ) قدمه على المستقبل ؛ لتقدم زمانه عليه ، وقدم المضارع على الأمر ؛ لأنه مأخوذ منه فيكون فرعا عنه. والأمر على النهي لدلالته على الوجود ، والنهي على العدم ، والوجود أشرف منه. والنهي على اسم الفاعل لكونه فعلا ، واسم الفاعل اسم ، والفعل أصل في العمل والاشتقاق بالنسبة إلى ما سوى المصدر. واسم الفاعل على المفعول لكونه أشرف ، لصدور الفعل عنه ، أو لأنه هو المقصود في الكلام بخلاف المفعول ، فإنه فضلة. واسم المفعول على المكان ، لأنه يناسب الفاعل في قيامه مقامه في إسناد الفعل إليهما. واسم المكان على الزمان ، لأن المكان محسوس والزمان معقول. والمحسوس أقوى منه وصيغتهما واحدة. وقدّمهما على الآلة ؛ لكونهما مناسبين للمفعول ، في كون كل واحد منهما محلا لصدور الأفعال وزمانه والمفعول مناسب له. اه حنفية.

2 - والمضارع

3 - والأمر.

4 - والنهي.

5 - وأسماء الفاعل.

6 - والمفعول.

7 - والمكان.

8 - والزمان.

9 - والآلة.

فكسرته (1) على سبعة أبواب.

* * *

ص: 20


1- قوله : (فكسرته) جواب للشرط المحذوف ، تقديره إذا احتاج الصرّاف في معرفة الأوزان إلى سبعة أبواب فكسرت هذا الكتاب على سبعة ... إلخ. اه فلاح. فلا يرد ما قال الشارح الحنفية : «أقول : الفاء في فكسرته للتفريع ، فإن كان متفرعا على قوله : إن الصّرّاف يحتاج في معرفة الأوزان إلى سبعة أبواب ، فيلزم الفصل بين المتفرع والأصل بالأجنبي ، وهو قوله : واشتقاق تسعة أشياء ... إلخ. وهذا ليس بشيء ، لأنه لما كان متفرعا عليه فبالحري أن يذكر عقيبه ، ولم يفصل بالأجنبي. وإن كان متفرعا على قوله : واشتقاق تسعة أشياء من كل مصدر فيكون حصره على تسعة أبواب دون سبعة أبواب متحقق المخالفة بين : المتفرع والمتفرع عليه». وتوضيح دفع الرد بأن الفاء في فكسرته ليس للتفريع ، بل في جواب الشرط المحذوف تدبر. اه لمحرره. وذلك أن تقول بعد تسليم الاعتراض أنه تفريع على مجموع الأمرين أمّا على الأول فظاهر ، وأمّا على الثّاني فباعتبار الإرجاع ، لأن الأشياء التسعة المذكورة راجعة إلى الأبواب السّبعة ، لأن تسمية الألفاظ بالماضي والمضارع وغير ذلك فروع بناء حروفها وبناء الألفاظ ، إما صحيح ، وإمّا مضاعف إلى غير ذلك ، فيكون الكتاب مكسورا ، ومتفرعا على الأمرين. اه غلام رباني.

ص: 21

ص: 22

الباب الأول : في الصحيح

اشارة

(1)

الصحيح هو الذي ليس (2) في مقابلة (3)

ص: 23


1- قوله : (في الصحيح ... إلخ) قدمه على سائر الأبواب ، إمّا لسهولة حفظه عند المبتدئ والتعليم من الأسهل إلى الأصعب. وإمّا لكونه مقيسا عليه للمعتلات. وإمّا لكون مفهومه عدميا ، ومفهوم ما سواه وجوديا ، وكون العدم مقدما على الوجودي لأصالته ، وما بعده يكون طارئا عليه ، وبعضهم قدم المعتلات على الصحيح نظرا إلى أن مفهومه عدمي ، ومفهومها وجودي ، والوجودي لشرفه مقدم على العدمي ، ولكل وجهة هو مولّيها. اه فلاح.
2- قوله : (هو الذي ليس ... إلخ) وهذا التعريف يصدق على ما لم يوجد فيه حرف علّة أصلا ، نحو ضرب ، وعلى ما يوجد فيه لكن ليس في مقابلة الفاء والعين واللام ، نحو حوقل وعشير. فإن الواو والياء فيهما ليسا في مقابلة شيء منها. اه فلاح.
3- قوله : (في مقابلة الفاء ... إلخ) أراد أن الصحيح هو الذي ليس في مقابلة فائه وعينه ولامه حرف علّة ، ولا تضعيف ولا همزة ، فاللام عوض عن المضاف إليه ، فلا يلزم كون الصلة بلا عائد. والمراد أنه لا يكون فيه شيء من ذلك ، لأن المجموع قد ينتفي بانتفاء جميع أجزائه ، وقد ينتفي بانتفاء بعضها ، والمراد هو الأول بقرينة المقابلة. وفي بعض النسخ وقع كلمة أو موقع الواو ، وحينئذ لا إشكال. فإن كلمة أو في النفي تفيد العموم كما في قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [الإنسان : 24]. اه إيضاح. قوله : (مقابلة ... إلخ) والمراد من المقابلة الموازنة. ويقال لها : المماثلة ، من تمثلت الشيء بالشيء إذا قابلته ، وجه المقابلة أن يقابل حروف الكلمة بالفاء والعين واللام ، مثلا أن تقول : ضرب على وزن فعل ، فسمى الضّاد بأنها فاء الفعل ، والراء بأنها عين الفعل ، والباء بأنها لام الفعل ، فلما قابلته فلم تجد فيها حرفا من حروف العلّة والهمزة والتضعيف حكمت بأنه صحيح ، وإذا قابلت حروف كلمة وعد ، مثلا بكلمة فعل وجدت فيها حرف علّة ، وهي الواو في فاء الفعل ، حكمت بأنه غير صحيح ، وكذلك في الرباعي ، إذا قابلت دحرج بفعلل فتقول : دال دحرج في مقابلة فاء فعلل ، وحاؤه في مقابلة عينه ، وراؤه في مقابلة لامه الأولى ، وجيمه في مقابلة لامه الثّانية ، وليس في حروفه الأصليّة منها من حروف العلّة والهمزة والتضعيف. وإذا قابلت وسوس بفعلل فاحكم عليه بأنه غير سالم ؛ لوجود حروف العلّة في أصوله. اه محمود رحمه الله.

الفاء والعين واللام حرف علة (1) وتضعيف وهمزة ، نحو : الضرب.

فإن قيل (2) : لم اختص الفاء والعين واللام للوزن؟.

قلنا : حتى يكون فيه من حروف (3) الشفة والوسط والحلق شيء.

ص: 24


1- قوله : (حرف علّة ... إلخ) وإنما اعتبر أن لا يكون فيه تضعيف ولا همزة ، لترتب بعض أحكام حرف العلّة ، عليهما من الحذف والقلب ، كما سيأتي. ثم اعلم أن الصحيح والسالم لا فرق بينهما عند المصنف ، فلذا عرف الصحيح بقوله : الصحيح هو الذي ... إلخ. وأمّا عند البعض فبينهما فرق ، فتعريف السالم هو المذكور ، وتعريف الصحيح ما ليس في مقابلة الفاء والعين واللام حرف علّة ، فيكون بينهما عموم وخصوص مطلقا ، فكل سالم صحيح من غير عكس. ولما كان حرف العلّة والتضعيف مشهورا معلوما فيما بينهم لم يلتفت المصنف إلى بيانها ، فلا يكون التعريف بالمجهول ، واعترض عليه بأن التعريف حقه أن يكون بأمر وجودي لأنه معرّف ، والمعرّف لا بد أن يكون وجوديا. ؛ إذ يقال : إن المعدوم لا يصلح أن يكون مقوما للماهية ، لأن الذي لا يكون موجودا بنفسه كيف يعرف به غيره ؛ إذ وجوده سبب لوجود المعرّف من حيث المعرفة ، وأجيب : بأن المعدوم يجوز به التعريف إذا لم يكن طريق معرفة الشيء سوى هذا المعدوم نحو الأعمى عديم البصر ، والصحيح كذلك. اه حنيفة بتصرف.
2- قوله : (فإن قيل ... إلخ) أشار بالفاء إلى أن هذا الإشكال ناشئ مما سبق ؛ لأنه لما قال : في مقابلة الفاء ... إلخ ، علم أن الفاء والعين واللام مختص للوزن. اه جلال الدين.
3- قوله : (من حروف الشفة ... إلخ) واعلم أن كل لفظ يخرج من الفم يعتمد على المخرج ، وهو في الحقيقة ثلاثة المبدأ والوسط والمنتهى ، فأرادوا أن يكون في صيغة الوزن شيء من هذه الثلاثة ، فاختاروا من المبدأ العين فإنه من الحلق ، وهو مبدأ المخارج ، ومن الوسط اللام ، ومن المنتهى الفاء ، فإنه من الشفة وهو منتهى المخارج. فإن قلت : حروف الحلق والوسط والشفة كثيرة ، فلم اختير هذه الحروف دون غيرها؟. قلنا : لأنه يحصل من تركيب هذه الحروف كلمة تشتمل معاني جميع الأفعال. ألا ترى أنك إذا قلت : أكل كان معناه فعل فعل الأكل. فإذا قلت : قتل كان معناه فعل القتل ، ولما كان معناها مشتملا لمعاني جميع الأفعال ، اختيرت هي دون غيرها. وبهذا اندفع ما يقال : إن دليل المصنف من قوله : حتى يكون فيه من حروف الشفة ... إلخ. لاختيار الفاء والعين واللام للوزن لا يناسب المقام ؛ لأن المدعى اختيار كون الفاء ... إلخ للوزن خاص ، والدليل المسوق لذلك عام حتى يشمل عمل وعلم وسمع ومنع وفعل ولمع وغير ذلك من الكلمات التي اجتمعت فيها الحروف الثلاثة من المخارج الثلاثة كميع بالفتح روان شدن وگداخته شدن ونحوه. لما أن المخارج الثلاثة موجودة فيها فلم لم يختر من هذه الألفاظ؟ وحاصل الدفع : العمل يختص بالأفعال الظاهرة ، وكذا الفعل لما في المنتخب : وكذا المنع لأنه بالفتح معناه بشتا كذشتن. والعلم يختص بالأفعال الباطنة ، وكذا السمع والمنع إن كان مشتركا بينهما ، لأنه بمعنى. إلا أنه ليس فيه معنى العموم ، كما في الفعل بخلاف الفعل ، فإنه يعمهما فاختير فعل للوزن دون غيره. فإن قلت : إن أخذ ترتيب هذه الحروف من جانب الحلق ، يصير اللفظ علف ؛ لأن العين من الحلق واللام من الوسط ، والفاء من الشفة ، وإن أخذ من جانب الشفة يصير فلع ففي الأول لا يحصل فعل عام لما ذكر في المنتخب أن العلف بالفتح بسيآ آشاميدن وكأن دلفه دارن جار بايه لا ولبسر بسيار خورد وبالضم وبضمتين جمع علوفة يعني آنسجه جآيايه خورد وبفتحتين خورش شؤ وجز آن وبالضم وتشديد لام مضوم ميوه درخت طلم كه آنزا شتر خورد وكذا بالثّاني لأن الفلع بالفتح شكافتن وبريدن وجز آن بكسر نيز آمده كما في المنتخب. وإن أخذ تركيب ذلك الحروف من الوسط ، فيصير لفع أو لعف وكلاهما مهملان ، فعلى كل من التقادير لا يثبت ما قلتم من أن الفعل يعم الأفعال الباطنة والظاهرة. قلت : إنا نختار جهة أخرى غير ما ذكرتم وهو فعل الذي معناه حدثي موجود في جميع الألفاظ. يعني أنّ نقدم الفاء ثم العين على اللام ، والنكتة فيه أن الفاء أخف من الشفة ، وهي مقدمة على أخويها ، ثم لو أخر العين عن اللام ، لزم أن يكون الخفيف في طرف ، والثقيل في طرف ، فلم يكن معتدلا ، فتعين أن يكون العين في الوسط ، والخفيف في طرفها ، فحصل الاعتدال في الوزن. فإن قلت : لم اختار الثلاثي للوزن دون الرباعي والخماسي؟. قلت : إنه لو كان رباعيا أو خماسيا ، يكون وزن الثلاثي بحذف حرف أو حرفين ، ولو كان ثلاثيا يكون وزن الرباعي والخماسي بزيادة اللام مرة أو مرتين ، والزيادة عندهم أسهل من الحذف ، ولهذا قيل : ادعاء زيادة الهاء في أمهات أحسن ، من ادعاء حذفها في أمات ، ثم كيفية معرفة المخارج أن يسكن الحرف ، وأدخل عليه همزة الوصل ، وتلفظ به فمن أيّ موضع خرج إليه. اه من الحواشي بتصرف.

ص: 25

فقلنا : «الضرب» مصدر (1) ، يتولد منه الأشياء التسعة ، وهو (2) أصل في الاشتقاق عند البصريين (3) ؛ لأن مفهومه واحد ، ومفهوم الفعل متعدد لدلالته على الحدث (4)

ص: 26


1- قوله : (مصدر) وعرفوا المصدر : بقولهم المصدر اسم للحدث الجاري على الفعل. فإن قلت : يلزم من قوله : الضرب مصدر ، حمل الشيء على نفسه ؛ لأن الضرب مصدر ، فيكون التقدير المصدر مصدر؟. أجيب : بأن المراد الضرب لفظه لا معناه الاصطلاحي حتى يرد ما ذكرتم. اه حنفية. قوله : (مصدر ... إلخ) لا فائدة في هذا الحكم ، لكونه معلوما لكل أحد إلّا باعتبار المصدر بما بعده ، أي : الضرب مصدر يتولد ويشتق منه الأشياء التسعة المذكورة ، فيفيد الخبر باعتبار الوصف ، وفي بعض النسخ : ويتولد منه بالواو ، فحينئذ الخبر وهو المجموع ، والفائدة باعتبار الجزء الأخير منه. اه إيضاح.
2- قوله : (وهو أصل ... إلخ) لما نشأ من قوله : الضرب مصدر ... إلخ ، أصالة للأفعال اشتقاقا وإعلالا ، اتفاقا لما أن الأفعال مشتقة منه والمشتق منه متبوع للمشتق في الأحوال كلّها ، فدفع بقوله : وهو أصل ... إلخ ، هذا ما سمعت. اه قوله : (وهو أصل) أراد به بيان الاختلاف بين البصرية والكوفية ، في كون الأصل في الاشتقاق المصدر ، أو الفعل وبيان معنى الاشتقاق ، وبيان أقسامه ، والأولى تقديم بيان معنى الاشتقاق وبيان أقسامه ، ثم بيان ما هو المراد منها ، ثم بيان الاختلاف المذكور ، إذ لا معنى لتوسيط تعريف الاشتقاق وتقسيمه بيان قول البصرية والكوفية ، إلا أن يقال : إن معنى التوسيط أنه قصد بيانه وبيان أقسامه بعد ما احتاج إليه. فتأمل. ثم قوله : وهو أصل في الاشتقاق ، أي : اشتقاق الأشياء التسعة منه عند البصرية ، ولا شك أن قوله : الضرب مصدر يتولد منه ... إلخ كاف في إفادة هذا المعنى ، لا حاجة فيها إلى قوله : وهو الأصل ، فالأولى أن يقال : قلنا : إن المصدر هو الأصل في الاشتقاق عند البصرية. اه إيضاح.
3- قوله : (عند ... إلخ) قدم مذهب البصريين على مذهب الكوفيين ؛ لكونه مختارا عند المصنف. اه ح.
4- قوله : (على الحدث ... إلخ) فإن قيل : مفهوم الفعل ثلاثة حدث وزمان ونسبة إلى فاعل ما ، فلم لم يذكر النسبة إلى الفاعل؟. قلنا : اختلف في النسبة إلى الفاعل ، فقيل : النسبة إلى فاعل ما غير معتبرة في مدلول الفعل ، وقيل النسبة إلى فاعل ما معتبرة في مدلول الفعل ، بخلاف الحدث والزمان فإنه لا اختلاف فيهما ، فلما كانت النسبة مختلفة فيها لم يتعرض إلى ذكر النسبة ، وترك من البين رعاية للمذهبين ، فلذا قال : متعدد ، ولم يقل : اثنان. اه حنفية.

والزمان ، والواحد قبل (1) المتعدد ، وإذا كان أصلا للأفعال يكون أصلا (2) لمتعلقاتها ، أو لأنه (3) اسم ، والاسم (4) مستغن عن الفعل ، وأيضا إنما يقال له :

ص: 27


1- قوله : (قبل ... إلخ) فإن قيل : لا نسلم تقدم المفرد على المركب المتعدد كلية إلا أن يكون المفرد داخلا في المتعدد؟. قلنا : ههنا كذلك ؛ لأن مدلول المصدر جزء من مدلول الفعل فيلزم تقدم المصدر على الفعل. اه ملا غلام رباني.
2- قوله : (أصلا لمتعلقاتها) أي : من غير نظر إلى جريان الدليل المذكور فيها ، بل بمجرد كونها متعلقات الأفعال ، فحاصل معنى كلامه أنه إذا كانت الأفعال أصلا لمتعلقاتها عندهم ودل الدليل على أن المصدر أصل للأفعال ثبت أن المصدر أصل لمتعلقاتها بالواسطة هذا هو الحق ، ومن الشارحين من اعترض بأنه لا يلزم من كون المصدر أصلا للأفعال من حيث التعدد المذكور كون المصدر أصلا لمتعلقات الأفعال ؛ لأن التعدد المذكور ليس بموجود في بعضها كاسم الفاعل فإنه لا يدل على الزمان. وأجاب عنه بعض آخر بقوله : نعم إن التعدد المذكور ليس بثابت إلّا أن التعدد ثابت فيه باعتبار آخر ؛ لأنه يدل على الحدث والذات وكل ذلك ظلمات بعضها فوق بعض. اه فلاح شرح مراح.
3- قوله : (أو ... إلخ) ذكر هذا الدليل بكلمة أو إيذانا بأن كل واحد من الدليلين مستغن ، ولا يفتقر إلى الغير في إثبات المدعى ، فإن كلمة أو لأحد الأمرين. اه حنفية شرح مراح.
4- قوله : (والاسم ... إلخ) ينتج أن المصدر ، مستغن عن الفعل. فإن قلت : المصدر حدث ، والحدث لا بد له من المحدث ، فكان المصدر مفتقرا إليه. فلا يترجح عليه؟. قلنا : نحن ندعي استغناءه في الإفادة ، لا في الوجود وهو ثابت في المصدر ، فإن المصدر يفيد بدون انضمام شيء آخر معه ، كما تقول : ضربي زيدا قائما ، على تقدير ضربي زيدا حاصل إذا كان قائما ، فإنه يفيد لكونه كلاما تاما ؛ لوجود المسند والمسند إليه فافهم. اه حنفية. ولقائل أن يقول : إن أصالة المصدر في الإفادة لا تدل على أصالته في الاشتقاق ؛ لأن الاشتقاق ليس هو الإفادة ولا لازما لها فتأمل. اه فلاح. كما في زيد ضرب مثلا ، فإن ضرب محتاج إلى زيد مع أنه غير مشتق عنه. اه إيضاح.

«مصدر» لأن هذه الأشياء التسعة تصدر (1) عنه.

والاشتقاق (2):

ص: 28


1- قوله : (تصدر عنه) لأن معنى المصدر لغة : موضع يصدر عنه الإبل. فإن قلت : هذا القول بيان تسمية المصدر مصدرا ؛ لصدور الأشياء التسعة عنه ، وذا لا يمكن إلّا بعد ثبوت كون المصدر أصلا ، فيلزم المصادرة على المطلوب ؛ لأن الدليل حينئذ يصير عين المدعى؟. قلت : معنى الاستدلال به أنهم جعلوا سبب تسمية المصدر مصدرا ؛ لصدور الأشياء التسعة عنه ، فلو لم يكن المصدر أصلا عندهم لما جعلوا سبب التسمية ذلك. هذا وكلّ ما ذكره المصنف من الاستدلالات كلام ظاهري ، والتحقيق ما ذكره الفاضل الرضي حيث قال : قال البصريون : كل فرع يصاغ عن أصل ينبغي أن يكون فيه ما في الأصل ، وزيادة هي الغرض من الصوغ ، كالباب من السّاج ، والخاتم من الفضة ، وهذا حال الفعل فيه معنى المصدر مع زيادة أحد الأزمنة التي هي الغرض من وضع الفعل ؛ لأنه كان يحصل من قولك : زيد ضرب مقصوده نسبة الضرب إلى زيد ، لكنهم طلبوا بيان زمان الفعل على وجه آخر فوضعوا الفعل الدال بجوهر حروفه على المصدر ، وبوزنه على الزمان. اه فلاح شرح مراح.
2- قوله : (والاشتقاق ... إلخ) نعم لما فرغ من الاستدلال بادر إلى بيان ماهية الاشتقاق ، قبل ذكر متمسكات الكوفيين ، ليتضح المقصود ، لكنه قدم تعريف مطلق الاشتقاق ، على تعريف الاشتقاق المتنازع فيه ، لفائدة نذكرها إن شاء الله تعالى ، فقال : والاشتقاق ... إلخ. اه فلاح. قوله : (والاشتقاق ... إلخ) اعلم أن الحاجة في معرفة الكلمات المشتقة ماسة إلى معرفة الأمرين شبه الاشتقاق ، وعين الاشتقاق ، فالأول عبارة عن وجدان التناسب بين اللفظين في الحروف الأصليّة ، ولا يشترط بينهما المناسبة المعنوية ، ولو وجد فلا قدح فيه ، نحو هجرع موضوع للشيء الطويل من جرع الموضوع لمكان سهل. وقول الفقهاء : الوجه من المواجهة ؛ لاشتراكهما في الحروف الأصليّة ، وإلا فلا اشتقاق بينهما ، لأن الوجه مجرد ، والمواجهة مزيد فيه ، ولا يشتق الأول من الثّاني ، بل الثّاني من الأول. وقول النحاة : اللغو مشتق من الإلغاء. وكذا قولهم : العارية من التعاور وغير ذلك. وأمّا الثّاني ، فهو لغة : من الشق بمعنى ياره كردن وشكافتن ، والمراد استخراج لفظ من لفظ آخر ، واصطلاحا : ما أشار المصنف إليه بقوله : أن تجد بين اللفظين ... إلخ. فقوله : أن تجد بين اللفظين تناسبا بمنزلة الجنس شامل للتناسب في اللفظ والمعنى معا ، والتناسب في اللفظ فقط ، والتناسب في المعنى فقط ، وقوله : في اللفظ بمنزلة الفصل يخرج اللفظين اللذين بينهما مناسبة في المعنى دون اللفظ ، كالقعود والجلوس. فإن فعل أحدهما لا يكون مشتقا من الآخر لفقدان المناسبة في اللفظ. وقوله : والمعنى فصل آخر يخرج اللفظين اللذين بينهما مناسبة في اللفظ دون المعنى ، كما في ضرب بمعنى الدق ، وضرب بمعنى الذهاب ، فإن فعل أحدهما لا يكون مشتقا من الآخر لفقدان المناسبة معنى. فإن قيل : تعريف الاشتقاق لا يتناول الأكبر مع أنه من أفراده كنعق من النهق ؛ لأن بينهما ليست بمناسبة في اللفظ بل في المخرج؟. قلنا : المراد من المناسبة في اللفظ أعم من أن يكون في جوهر الحروف ، أو في مخرجها كما هو مقتضى لفظ تناسب فيتناول الأكبر ، واعترض على هذا التعريف بوجوه : الأول : بأنه يتناول كلّا من الضارب والمضروب مثلا بالنسبة إلى الآخر ، مع أنه ليس أحدهما مشتقا من الأخر. والثّاني : أن هذا التعريف يقتضي أن يكون الاشتقاق هو وجدان المناسبة بين اللفظين ، لا إخراج أحد اللفظين من الآخر ، فيلزم حينئذ أحد الأمرين : إما عدم صحة التفسير المذكور ، أو عدم صحة القول بكون أحد اللفظين مشتقا عن الآخر ؛ لأن وجدان المناسبة صفة المتكلم ، لا صفة اللفظ. أجيب عن الأول : بأن المراد من المناسبة هو الذي به يكون أحدهما مردودا إلى الآخر بعد حذف الزوائد ، ومأخوذا منه ، ولا شك أن بين الضارب والمضروب ليس مثل ذلك التناسب ، بل بين الضارب والضرب والمضروب والضرب ، ولا يخفى عدم انضباط هذا ؛ لأن هذا التناسب ، لا يوجد بين ضرب ، أي : الماضي وبين ضرب ، أي : المصدر ؛ لعدم تحقق الزائد في الماضي ، حتى تحذف ويرد إلى المصدر. ولك أن تقول : إن المراد بالزائد أعم من الحرف والحركة ، ولا شك أن في الماضي زيادة الحركة متحققة فصح الجواب. وتحقق الضبط. وأجيب عن الثّاني : بأن في العبارة مسامحة ، والمراد كون أحد اللفظين مناسبا ، للفظ آخر في اللفظ والمعنى مع اشتقاق أحدهما من الآخر ، ودفع بأن فهم ذلك المعنى من ذلك التفسير بعيد كل البعد. والجواب : بأن فهم ذلك المعنى وإن كان بعيدا من هذا التفسير لكنه غير بعيد نظرا إلى المقام والمقصود وهذا القدر يكفينا في هذا الفن لصحة التعريف. والثّالث : أن الاشتقاق صفة اللفظ ، ووجدان المناسبة صفة المتكلم ، فلا يحمل أحدهما على الآخر ، فالأولى أن يقول خروج لفظ من لفظ آخر بشرط أن يكون بينهما مناسبة في اللفظ والمعنى ، ونحن نقول : إنّ الاشتقاق أيضا صفة المتكلم ، وصفة اللفظ كونه مشتقا ، لأن الاشتقاق : هو الاستخراج ، أو نقول : معنى كلامه الاشتقاق التناسب الموجود بين اللفظين في اللفظ والمعنى ، لكنه تسامح فقدم الوجدان عليه تنبيها على أن ذلك التناسب من الموجودات في نفس الأمر لا من الاعتبارات المحضة ، نظيره ما قيل في تعريف الوحدة : أنها تعقّل عدم الانقسام ، تنبيها على أنها من المعاني العقلية ، لا من الأمور العينية. والرابع : أنه لا بد بين المشتق والمشتق منه من التغيير ولو كان تقديرا ، ولا يدل التعريف عليه. وأجيب : بأن قوله : تناسبا يدل على التغيير ، لأن التناسب يستعمل فيما لم يكن الاتحاد بين الشيئين بل بينهما تغاير في الجملة. ثم اعترض عليه بأن دلالة التناسب على التغاير التزامية وهي مهجورة في التعريفات ، لما أن الغرض منها التوضيح فلزم أن تكون بألفاظ أشهر لتتضح بالوجه الأتم. أجيب : بأن الدلالة الالتزامية إذا بلغت بحد الوضوح فلا تكون متروكة ومهجورة في التعريفات وهنا كذلك ، وأيضا بأن هذا اصطلاح المنطقيين ، ولا نسلم أنها مهجورة عند الأدباء ، كما يظهر لمن تتبع كتب القوم ، أن تعريفاتهم مشحونة بالدلالة الالتزامية فتبصر. اه حنيفة وفلاح مع زيادة.

ص: 29

أن تجد بين اللفظين (1) تناسبا في اللفظ والمعنى ، وهو (2) على ثلاثة (3) أنواع :

1 - صغير : وهو أن يكون بينهما تناسب في الحروف والترتيب (4) ، نحو : ضرب ، من : «الضّرب».

2 - وكبير : وهو أن يكون بينهما تناسب في اللفظ دون الترتيب ، نحو : جبذ : من : «الجذب».

ص: 30


1- قوله : (اللفظين) أي : المتغايرين. وذلك التغاير قد يكون بزيادة حرف ، كزيادة حرف الألف في مثل الضارب ، فإنه مشتق من الضرب ، وقد يكون بزيادة الحركة كزيادة فتح الراء في ضرب ، فإنه مشتق من الضرب ، وقد يكون بنقص حرف كنقص الواو من قل ، فإنه مشتق من القول ، كذا قيل. اه فلاح.
2- قوله : (وهو ... إلخ) هرگاه مصنف فارغ شد ؛ إذ تعريف اشتقاق شروع كرد وز بيان اقسام او كه تقسيم نيز از متممات او است كه تعريف ماهيت معرف معلوم ميشود وبتقسيم أقسام أو. شرح فارسى.
3- قوله : (ثلاثة ... إلخ) عند أصحاب هذا الفن إمّا بالاستقراء ، أو بالحصر العقلي ، لأنه لا يخلو إمّا أن يكون حروف المشتق من جنس حروف المشتق منه ذاتا أو مخرجا. فالثّاني هو الأكبر ، والأول لا يخلو إمّا أن يكون على ترتيب حروف المشتق منه أو على خلافه ، فالأول : هو الصغير ، والثّاني : هو الكبير ، ولما كان الصغير أقرب تناولا للمبتدئ قدمه على أخويه ، أو لأنه هو المقصود عند الصوفيّين فلذا قدمه فقال : صغير. اه حنفية.
4- قوله : (الترتيب) أي : في ترتيب تلك الحروف. فإن قلت : المطلق إنما يتحصّل نوعا بانضمام قيد زائد ، وههنا ليس كذلك ؛ لأن معنى مطلق الاشتقاق كما حققه تناسب اللفظين في اللفظ والمعنى جميعا ، ومعنى هذا النوع منه على ما ذكرته تناسب اللفظين في اللفظ فقط ؛ لأن التناسب في الحروف والترتيب تناسب لفظي ، فلا يكون تحصل النوع بانضمام قيد ، بل بانتقاص قيد. وهو في المعنى وهو غير جائز بالاتفاق؟. قلت : قيد في المعنى محذوف مقدر في هذا التعريف ، وفي تعريف النوعين الأخيرين أيضا بناء على فهم المبتدئ مع أنه لا يتعلق به غرض تحصيل نوع. فإن قلت : فعلى هذا لم يبق بين المطلق وبين النوع منه فرق ، وهو غير جائز أيضا؟. قلت : معنى المطلق تناسب اللفظين مطلقا أعم من أن يكون التناسب في الحروف والترتيب جميعا ، وأن يكون في الحروف فقط ، أو يكون في مخرج الحروف وكل من هذا التناسب الثلاثة خاص ، فافترقا ثم إن تحقق ذلك المطلق في ضمن الخاص الأول صار نوعا من الاشتقاق المطلق يسمى صغيرا. اه فلاح. قوله : (والترتيب) فإن قيل : ما الفرق بين الحروف واللفظ ، وأيّ نكتة في اختيار اللفظ في التعريف ، واختيار الحروف هنا؟. قلنا : اتحاد اللفظ عام ، يشمل الاتحاد في الحروف ، والاتحاد في المخرج ، بخلاف الحروف ، فإنها تختص بالحروف المنطوقة دون المخارج. وأمّا النكتة في اختيار الحروف هنا ، فإن المعتبر في الصغير هو التوافق في نفس الحروف والترتيب دون مخارجها التي يشتملها اللفظ ، بخلاف اللفظ فإنه بمنزلة الجنس يتناول الأقسام كلها ، فالأليق في التعريف اختيار اللفظ دون الحروف. اه حنفية. ثم قوله : تناسب كالجنس لتناوله الكبير والأكبر وقوله : في الحروف فصل خرج به الأكبر ؛ لعدم تناسب الحروف فيه ذاتا ، وقوله : والترتيب فصل آخر خرج به الكبير لعدم ترتيب الحروف فيه. اه لمحرره. قوله : (والترتيب) واعلم أن الاشتقاق يعتبر فيه الموافقة في الحروف الأصليّة مع الترتيب في الوضع ، فلا يرد المقلوب كالحادي من الوحدة ، فإنه اشتقاق أصغر مع فقد الترتيب ، وذلك لأن الترتيب موجود وقت الوضع ، كالضرب والضارب ويسمى الأصغر ، أو بدونه نحو كني وفاك ، ويسمى الصغير ، أو المناسبة فيها نحو ثلم وثلب ويسمى الكبير. ويعتبر في الأصغر موافقة في المعنى وفي الآخرين مناسبة ، والموافقة في المعنى بأن يكون في الفرع معنى الأصل إمّا مع زيادة ، كالضرب والضارب ، وإمّا دونها كالمقتل مصدرا من القتل. فالمصنف سمى الأصغر : صغيرا. والصغير : كبيرا. ولا يخفى أن المعتبر في القسم الأول التوافق في الأصول لا التناسب فيها ، فإنه إنما يتصور إذا وجد مخالفة في بعضها ، وليس في القسم الأول فليس ، فالواجب على المصنف أن يقول في تعريف الصغير : وهو أن يكون بينهما توافق فيها دون الترتيب إلّا أن يقال : إنّ المراد بالتناسب عند المصنف التوافق. ولا شك أن التناسب في اللفظ معتبر في الأقسام الثلاثه. ولذلك أخره في تعريف مطلق الاشتقاق. اه إيضاح.

ص: 31

3 - وأكبر : وهو أن يكون بينهما تناسب في المخرج دون الحروف والترتيب ، نحو : نعق (1) ، من : «النّهق».

والمراد من الاشتقاق المذكور (2) اشتقاق صغير (3).

وقال الكوفيون : ينبغي (4)

ص: 32


1- قوله : (نعق من النهق) قيل : النعق : صوت الغراب ، والنهق : صوت الحمار ، وفيه نظر ؛ لأنه لا بد في الاشتقاق من اتحاد اللفظ والمعنى ، كلاهما معا على ما يشعر عطف المعنى بواو الجمع. اه ح. والجواب : بأن المعنى المأخوذ في التعريف أعم من المطابقي والتضمني والالتزامي ، ولا شك أن نعق إذا كان بمعنى صوت الغراب يكون له تناسب بالنهق في المدلول التضمني أعني الصوت فتدبر. اه ملّا غلام رباني.
2- قوله : (المذكور) فإن قيل : المراد بالمذكور لا يخلو إمّا الاشتقاق في قوله : واشتقاق تسعة أشياء من كل مصدر ، وإما في قوله : وهو أصل في الاشتقاق عند البصريين ، فعلى الأول كان المعنى : الصرّاف كما يحتاج إلى الصغير ، فكذا إلى أخويه ؛ لأن الاحتياج إلى الأدنى مستلزم له إلى الأعلى أولى ، فلا يصح الاقتصار بقوله : اشتقاق صغير ، وعلى الثّاني : كما أن المصدر أصل عندهم في الصغير ، فكذا في أخويه لا يخفى. اه لمحرره. قلنا : المراد بالمذكور الاشتقاق في قوله : واشتقاق تسعة ... إلخ اشتقاق صغير ؛ وذلك لأن الصغير أصل بالنسبة إلى أخويه ، لأنه قياسي ، بخلاف الكبير والأكبر فإنهما يتوقفان على السماع فالتقييد ليس للاحتراز عن أخويه حتى لا يحتاج إليهما ، أو يقال : للمبتدئ فائدة في الصغير ليست في أخويه ، أو يقال : إنّ الكبير والأكبر استعمالهما في الاسم دون الفعل كثير ، بخلاف الصغير فإنه يجري في الأفعال والأسماء وهذا ظاهر. اه حنفية شرح مراح.
3- قوله : (اشتقاق صغير) فإن قلت : فما الفائدة حينئذ في تعريف مطلق الاشتقاق ثم تقسيمه إلى ثلاثة أنواع؟. قلت : الفائدة زيادة اتضاح المراد عند المبتدئ وتمييزه فضل تمييز ؛ إذ معرفة حقيقة النوع إنما هي بمعرفة جنسه وفصله. ويمكن أن يقال : المراد من الاشتقاق المطلق المذكور المعرف اشتقاق صغير على معنى أن الغرض من تعريف الاشتقاق المطلق معرفة الاشتقاق الصغير على حذف المضاف في الموضعين ، لكن الأول أوفق. اه فلاح.
4- قوله : (ينبغي) قيل : إنما ذكر بلفظ ينبغي إيذانا بأن مذهبهم غير ثابت يقينا ، بل تكلفوا في إثبات مذهبهم. وهي كلمة تستعمل في الحكم الذي دون الواجب ، فوق المستحب ، واستعمالها في الأولوية أغلب. اه حنفية مختصرا.

أن يكون الفعل أصلا في الاشتقاق ؛ لأن إعلاله (1) مدار (2) لإعلال (3) المصدر وجودا (4) وعدما (5) ، أما وجودا ففي : يعد (6) عدة ، وقام قياما (7) ،

ص: 33


1- قوله : (إعلاله) وهو تغيير حرف العلّة للتخفيف. وهو قد يكون بالقلب كما في قال ، وقد يكون بالحذف كما في قلت ، وقد يكون بالإسكان كما في يقول. اه فلاح.
2- قوله : (مدار) أي : سبب يثبت الأثر بثبوته ، وينتفي بانتفائه ، وهو مصدر ميمي من دار يدور ، أصله مدور بفتح الواو فأعلّ بالنقل والقلب. اه ف. قوله : (مدار) قيل : المدار ظرف مكان ، بمعنى المرجع إليه ، والمراد : هو الشيء الذي يثبت ... إلخ. اه إيضاح.
3- قوله : (لإعلال ... إلخ) وما يكون إعلاله مدارا لإعلال شيء ، كذلك يكون أصلا له ينتج أن الفعل أصل ، أما الكبرى فظاهرة ، وأمّا الصغرى فقد أثبتها المصنف بتمثيل مثالي ، مثال وأجوف بقوله : أما وجودا ... إلخ. اه فلاح.
4- قوله : (وجودا) يعني : يعل المصدر إذا أعلّ فعله ، والسرّ في ذلك أن الإعلال تغيير حرف العلّة للتخفيف ، وأن الفعل ثقيل بالنسبة إلى الاسم والحرف ، فيكون الأصل في الإعلال هو الفعل لا غيره ، وأمّا غيره فلا يعلّ إلّا بمتابعته ومشابهته له ، ولذا لا يعل غيره إلّا ما هو جار مجرى الفعل ، ومن ثم صحح عين أفعل التفضيل ، في نحو أبيع وأقول ؛ لعدم جريه مجرى الفعل لدلالته على الزيادة ، وإمّا لأنه لكونه محلا للتغيير فلا يصحح. اه جلال الدين.
5- قوله : (وعدما) يعني : لا يعل المصدر إذا لم يعل الفعل. اه حنفية.
6- قوله : (يعد) أصله يوعد بوزن يضرب ، فحذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة أصلية فأعلّ مصدره أيضا ، وهو عدة بوزن هبة أصله وعدة فأعلّ بشرطين ، أحدهما أن يعل فعله ، والثّاني أن يكون على وزن فعلة بكسر الفاء وسكون العين ، وإذا كان إعلال فعله شرطا لإعلاله كان مدارا له ، وكيفية إعلاله أنه نقلت حركة الواو إلى ما بعدها ، ثم حذفت ساكنة إتباعا للفعل ، واشتمالا للكسرة على الواو وحذفت متحركة ، وحرك ما بعدها بجنس حركتها ، ولزوم تاء التأنيث كالعوض منها ، فلو انتفى أحد الشرطين لا يجوز حذفها فلا تحذف من نحو الولدة ، لأنه اسم فانتفى الشرط الأول ، ولا من نحو الوعدة والوعد بفتح الواو فيهما لانتفاء الشرط الثّاني. اه فلاح شرح مراح الأرواح.
7- قوله : (قياما) أصله قواما ، فقصد بقلب الواو إتباعا لفعله ، لا لوجود موجب الإعلال ، لكن لما كان ما قبلها مكسورة قلبت ياء لا ألفا ، فيكون المصدر تابعا لفعله في مطلق الإعلال. اه فلاح.

وأما عدما (1) ففي : يوجل وجلا ، وقاوم (2) قواما ، ومداريّته تدل على أصالته (3).

وأيضا يؤكّد الفعل (4)

ص: 34


1- قوله : (عدما) يعني أمّا عدم إعلال المصدر بسبب عدم إعلال الفعل فثابت في مثل يوجل معناه ، وبابه يخاف يعني لم يعل الواو فيه لعدم موجب الإعلال ، أمّا بالحذف فلعدم وقوعها بين ياء وكسرة ، وأمّا بالقلب ألفا أو بنقل الحركة فلسكونها. وأمّا بالقلب ياء فلعدم انكسار ما قبلها. وجلا مصدر بوزن وعدا لم يعل إتباعا لفعله كما يعل عدة لذلك. اه فلاح.
2- يعني : لم يعلّ قاوم إما لوجود مانع الإعلال لأنه لو حذفت الواو إمّا ابتداء أو بعد قلبها ألفا ، التبس بقام وإما لعدم موجبه ؛ لأنها لا يمكن قلبها ياء لعدم انكسار ما قبلها. اه ف.
3- قوله : (على أصالته) أي : كون الفعل أصلا والمصدر فرعا ، حاصل هذا الدليل : أن المصدر لو كان أصلا عن الفعل لما كان تابعا للفعل في الإعلال ؛ لأن الأصل لا يتبع الفرع ، وإذا كان تابعا علمنا أنه ليس بأصل ؛ لأن الشيء إذا تبع غيره في الصحة والإعلال صار فرعا عليه ، فصار المتبوع أصلا ، والتابع فرعا. فإن قلت : اللازم من الدليل المذكور هو أصالة الفعل وفرعية المصدر في الإعلال لا في الاشتقاق ، والمدعى أصالته فيه لا الإعلال فلا يوافق الدليل بالمدعى؟. أجيب عنه : بأنه لما ثبت الأصالة في الفعل من وجه لا في المصدر ، ثبت الأصالة في الاشتقاق أيضا حملا لما هو مشكوك على ما هو متيقن. فإن قيل : لم لم يعل قول مع أنه أعل فعله وهو قال؟. قلنا : سكون حرف العلّة مع انفتاح ما قلبها في غاية الخفة ، وإنما المدارية لتحصيل الخفة وهو منتف ههنا. اه حنفية. قوله : (على أصالته) لكون المدار متبوعا ، وأنت تعلم أن قوله : ففي يعد عدة ويوجل وجلا ، يدل على أن المضارع أصل والمصدر مشتق منه بالذات وقوله في قام قياما وقاوم يدل على أن الماضي أصل والمصدر مشتق منه بالذات فاضطربت مقالتهم. وأيضا إنّ هذا الاستدلال من قبيل إثبات القاعدة بالأمثلة وهو غير جائز ، نعم تثبت القاعدة بها إذا كان بالاستقراء التام وههنا ممنوع. وأيضا إن مثل عدة لا يكون إعلاله بمجرد إتباع الفعل ، بل بشرطين حتى لا يعل الوعدة والوعد بفتح الواو فيهما مع أن فعلهما وهو يعد يعل كما حققته. وأيضا إن اعشوشب فعل لا يعل واعشيشابا مصدر يعل بقلب الواو ياء فانتفت دلالة مدارية إعلال الفعل لإعلال المصدر وجودا وعدما. اه فلاح.
4- قوله : (يؤكد الفعل) في العبارة مسامحة ؛ لأن ضربا في ضربت ضربا يؤكد ما هو المسند حقيقة ، وهو الضرب المدلول عليه لضربت لا الإسناد والزمان كما لا يخفى. وفائدته دفع توهم التجويز وعليه حمل قوله تعالى : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) [النساء : 164] ، أي : كلمه بذاته لا بترجمان بأن يأمره بالتكلم لموسى عليه السلام. اه عبد الغفور بنبذ تغيير.

به نحو : ضربت ضربا ، وهو بمنزلة (1) : ضربت ضربت ، والمؤكّد أصل من المؤكّد.

ويقال له (2) : «مصدر» لكونه مصدورا عن الفعل ، كما قال : مشرب (3) عذب ، ومركب فاره ، أي : مشروب ومركوب.

ص: 35


1- قوله : (بمنزلة ضربت ضربت) إشارة إلى جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : كون المصدر - أعني : ضربا - تأكيدا للفعل لا يكاد يصح ؛ لأن التأكيد على نوعين لفظي ومعنوي ، أمّا اللفظي فهو تكرير اللفظ الأول بعينه ، وأمّا المعنوي فهو بألفاظ محصورة وهي نفسه وعينه وغير ذلك ، وكلاهما مفقودان في ضربا. فأجاب بأنه بمنزلة ضربت ضربت وإنما كان بمنزلة ضربت ... إلخ ؛ لأن ضربا تأكيد لما هو منسوب إلى المتكلم فيكون ضربا أيضا منسوبا إلى المتكلم. فالحاصل أن ضربا وإن كان باعتبار اللفظ غير ضربت لكن في الحقيقة والتأويل عينه. اه حنفية مع إيضاح. قوله : (بمنزلة ضربت ضربت) ولا يخفى أنه تأكيد لغوي يؤكد بعض مدلول الفعل وما ذكروا من التقسيم ، فهو للتأكيد الاصطلاحي فلا حاجة إلى القول : بأنه بمنزلة ضربت لتصحيح كونه تأكيدا. اه إيضاح. اللهم لما لم يكن ضربا في ضربته ضربا من التواكيد الصناعية ، كان في تأكيد الفعل نوع خفاء بالنسبة إلى بعض الأذهان فشبهوا بالتأكيد اللفظي الصناعي ، فقالوا : وهو بمنزلة ... إلخ. اه ف.
2- قوله : (ويقال له ... إلخ) هذا وجه تسمية المصدر مصدرا عند الكوفيين. ونفي لما ذكره البصريون من وجه التسمية بطريق المعارضة ، لا دليل ثالث على مطلبهم كما زعمه بعض الشارحين ، وإلّا لزم المصادرة من أنه دليل ثالث وتقريره : أن البصريين لما قالوا في وجه تسمية المصدر مصدرا من أن هذه الأشياء تصدر عنه ؛ لأن المصدر مفعل بمعنى محل الصدور ، إذ هي ظرف فيكون المصدر محلا لصدور الأشياء. فأجاب الكوفيون عن ذلك : بأن تسمية المصدر مصدرا ليست باعتبار ما زعمتم ، بل باعتبار أنه مفعل وهو مصدر ميمي بمعنى المفعول ، فيكون المصدر بمعنى المصدور عن الفعل ، فثبت أن المصدر فرع للفعل ، ولما استبعد كون المصدر بمعنى المصدور استدلّ عليه بقول العرب : مشرب. اه حنفية وإيضاح.
3- قوله : (مشرب ... إلخ) بيانه أن المصدر مفعل ، ويذكر مفعل ويراد به المفعول ، كما في قول العرب : مشرب عذب ، أي : مشروب ... إلخ. فكذا المصدر بمعنى المصدور عن الفعل فيكون فرعا له لا محالة. ولا يصح أن يكون المشرب في قولهم بمعنى محل الشرب ، لأن محله القصعة مثلا. وهي ليست بعذب بل العذب إنما هو الماء ، وكذا المركب ؛ لأن محل الركوب هو السرج ، وهو ليس بفاره بل الفاره هو الفرس وهو مركوب. اه ح.

قلنا في جوابهم : إعلال المصدر للمشاكلة (1) لا للمداريّة ، كحذف الواو في : «تعد» (2) والهمزة في : «تكرم».

والمؤكّديّة (3) لا تدل على أصالته في الاشتقاق ، كما في : جاءني زيد زيد (4).

ص: 36


1- قوله : (للمشاكلة ... إلخ) يعني لما قال الكوفيون : إن إعلال الفعل مدار لإعلال ... إلخ ، أشار المصنف آنفا من طرف البصريين إلى رد قولهم بمنع المدارية وبيان ذلك أن مدار الشيء لا يختلف عنه في شيء من الأوقات ، فإذا عرفت هذا فاعلم : أن إعلال الفعل لو كان مدارا لإعلال المصدر لأعل كثير من المصادر التي أعل فعلها ، واللازم وهو إعلال كون كثير من ... إلخ ، باطل فكذا الملزوم من كون إعلال الفعل مدارا لإعلال المصدر باطل. أما بطلان اللازم فقد حررنا لك في شرح قوله : ومداريته تدل على أصالته ، وكذا بطلان الملزوم فيه فافهم. فإذا بطل المدارية ثبت المدارية بين المصدر والفعل ؛ لأن بينهما مناسبة في الحروف والمعنى ، أمّا الأول فظاهر ، وأمّا الثّاني فلأن كل واحد منهما يدل على الحدث ، وما من فعل إلا ومعه حدث. فإذا ثبت المناسبة بينهما في الحروف والمعنى جعل كل واحد منهما بمنزلة لفظ واحد ؛ ليكون الألفاظ على قضية المعاني فلذلك يعل المصدر حيث يعل الفعل رعاية لما بينهما من التناسب ، لا لكونه فرعا له في الاشتقاق. اه ح بتغير.
2- قوله (والهمزة في يكرم) بنقطتين من تحت وباقي صيغ المضارع سوى أكرم ، وسائر متصرفاتها من الفاعل والمفعول وغيرهما. وإن لم يوجد فيها علّة الحذف وهي اجتماع الهمزتين موافقة لأكرم ، أي : ليطرد الباب. اعلم أن حاصل هذا الجواب منع مدارية إعلال الفعل لإعلال المصدر وجودا ، فكأنه قال : إنا لا نسلم أن إعلال الفعل لإعلال المصدر وجودا ، فكأنه قال : إنا لا نسلم أن إعلال الفعل للمدارية لا يجوز أن يكون للمشاكلة اللفظية كحذف الواو في تعد فلا يتوجه أن يقال : إن إعلال المصدر للمشاكلة لا للمدارية دعوى بلا دليل. ولما كان مدار الاستدلال على المدارية وجودا وعدما معا اكتفى بمنع الشق الأول ولم يتعرض لمنع الشق الثّاني وقد منعناه أيضا فتذكر. اه فلاح شرح مراح الأرواح.
3- قوله : (والمؤكدية ... إلخ) يعني أنّا لا نسلم كون المؤكد أصلا من المؤكد في الاشتقاق ؛ لأنه لو كان كذلك لزم أن يكون الشيء مشتقا من نفسه ، وهو ممتنع نحو جاءني زيد زيد فإن زيد الأولى مؤكّد والثّاني مؤكّد فلو كان الأولى أصلا في الاشتقاق لزم أن زيدا اشتق من زيد وليس كذلك كما لا يخفى. بل في الإعراب والأصالة فيه ليس بحجة علينا ؛ لعدم كلامنا فيه. اه جلال الدين.
4- قوله : (زيد زيد) وأنت تعلم أن هذا الجواب إنما يصح لو حمل التأكيد على اللفظي الصناعي ؛ إذ فساده حينئذ ظاهر ، وليس كذلك بل مراد الكوفيين من التأكيد اللغوي خاصة فلا يلزم من كون اللفظ الأول أصلا بالنسبة إلى الثّاني في الإعراب كونه كذلك في الاشتقاق. وأيضا إنا لا نجد في ضربت إعرابا أصليا ، يتبعه إعراب ضربا هذا ونحن نستعين بالله ونقول باستعانته : الجواب الصحيح أن يقال : المؤكدية بالمعنى الذي أراده لا تدل على الأصالة في الاشتقاق ، بل في غرض المتكلم في نظم الكلام ، فهو أمر قد يتبدل عن تبدل الأغراض. كما إذا قلت : زيد قائم لا قاعد ، كان قائم مؤكدا وأصلا ولا قاعد مؤكدا. وفرعا ، فإذا عكست وقلت : زيد لا قاعد بل قائم ، صار الأصل فرعا والفرع أصلا ، وأمثال ذلك كثيرة ، والأصالة في الاشتقاق ، أمر لا يتبدل وكل ذلك ظاهر بصواب التأمل وعلى هذا الجواب يندفع ما قيل : إن مدعى الكوفية هو أصالة الفعل في الاشتقاق لا مطلقا ثم أثبت مدّعاهم ، بدليل هو كون المصدر تأكيدا للفعل ، والتأكيد يدل على الفرعية في الاشتقاق فتفتقر البصرية بقولهم : جاءني زيد زيد ليس بشيء ؛ إذ زيد مما يصح أن يشتق منه شيء لكونه من الجوامد ، وإنما المدعى اشتقاق الثّاني من الأول فيما يصح أن يشتق أحدهما من الآخر. تأمل. اه فلاح بزيادة. قوله : (زيد زيد) وأيضا تقول : ضربا في ضربت ضربا ، لا يؤكد الفعل بل المصدر الذي في ضمن الفعل. قال الفاضل الرضي : وهو يعني ضربا في ضربت ضربا في الحقيقة تأكيد للمصدر المضمون ، لكنهم سموها تأكيدا للفعل توسعا ، وإذا لم يكن الفعل مؤكدا بالمصدر في الحقيقة لم يكن له أصالة بالنسبة إلى المصدر أصلا ، فضلا عن الأصالة في الاشتقاق. اه فلاح بتصرف.

وقولهم : «مشرب عذب» و «مركب فاره» من باب : جرى النّهر (1) ، وسال الميزاب ، والله أعلم.

ص: 37


1- قوله : (جرى النهر ... إلخ) أي : من باب المجاز الذي ذكر المحل وإرادة الحال ، لا من قبيل ذكر المصدر وإرادة المفعول كما ذكرتم ، يعني : أن مشربا ومركبا اسمي مكان يراد بهما ما حل في ذلك المكان ، فيراد من مشرب ماء حل فيه ، ومن مركب فرس حمل فيه ، فمعنى مشرب عذب ماء عذب ، ومعنى مركب فاره فرس فاره ، كما أن النهر موضع يراد به ما حل فيه وهو الماء فيكون معنى جرى النهر الماء فيه. أقول : المشرب يكون مصدرا ميميا واسم مكان فكلا المعنيين سائغ ، لكن ما قاله الكوفيون شائع ، وأمّا المركب فهو لا يكون إلا مصدرا بمعنى المفعول حتى كان كأنه اسم لما يركب فلا يكون من باب جرى النهر. والأولى في الجواب أن يقال : لا يلزم من كون المشرب والمركب بمعنى المشروب والمركوب ، كون لفظ المصدر بمعنى المصدور بمجرد كونه موازنا لهما وهو ظاهر ، وأيضا يجوز أن يكون من باب جرى النهر. اه فلاح مختصرا.

ومصدر الثلاثي كثير ، وعند سيبويه يرتقي (1) إلى اثنين وثلاثين بابا (2) ،

ص: 38


1- قوله : (يرتقي ... إلخ) مستثنى في المعنى من قوله : كثير ، فكأنه قال : ومصدر الثلاثي المجرد سماعي لا ضبط له ولا ترتقي أوزانه إلى عدد معين عند جميع الصرفيين إلا عند سيبويه فإن ما ذكره نوع من الضبط ، قيل : إن المصادر الثلاثية عند سيبويه أربعة وثلاثون بابا المذكورة وبغاية وكراهية لكن المصنف تركهما لقلتهما. فلاح.
2- قوله : (إلى اثنين وثلاثين بابا) وجه الضبط أن المصدر عينه إما ساكن أو متحرك ، والساكن إمّا أن لا يزاد فيه شيء أو يزاد تاء التأنيث ، أو ألف التأنيث ، أو الألف والنون المشبهتان بهما. وعلى التقادير الأربعة إما مفتوح الفاء أو مكسورة أو مضمومة فما حصل من ضرب الأربعة في الثلاثة الذي هو اثنا عشر مذكور على الترتيب المذكور ، نحو قتل من باب الأول يعني نصر بفتح القاف وسكون التاء ، وفسق من باب الأول بكسر الفاء وسكون السين ، وشغل من باب الثّالث يعني من حد فتح بضم الشين وسكون الغين ، ورحمة من باب الرابع يعني سمع يسمع بفتح الراء وسكون الحاء المهملتين ، ونشدة من باب الأول وهو نصر يقال : نشد الضالة ، أي : طلبها ، وقيل : من باب الرابع بكسر النون وسكون الشين المعجمة ، وكدرة من باب الرابع بضم الكاف وسكون الدال الكدرة ضدّ الصفو ، ودعوى من باب الأول بفتح الدال وسكون العين المهملتين ، وذكرى من باب الأول بكسر الذال المعجمة وسكون الكاف وهو ضد النسيان ، وبشرى من باب الأول بضم الباء وسكون الشين المعجمة ، وليّان من باب الثّاني وهو ضرب يضرب مصدر لوى يلوي أصله : لويان اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ، فاجتمعت الياءان فأدغمت الياء في الياء فصار ليّان يقال : لوى الحبل ، أي : فتله ، وحرمان مصدر من باب الثّاني بكسر الحاء المهملة وسكون الراء أيضا. وغفران من باب الثّاني بضم الغين المعجمة وسكون الفاء. وأردف ذلك بقوله : ونزوان من باب الأول بفتحات مصدر نزا بمعنى وثب ؛ لأن المصدر المتحرك العين زيد في آخره ألف ونون لم يجئ إلا هذا البناء ، فذكره ههنا للمناسبة مع ليان هذا إذا كان العين ساكنا. وأمّا إذا كان متحركا فهو إمّا مفتوح ولا يزاد فيه شيء فهو إمّا مفتوح الفاء ، نحو طلب من باب الأول بفتحتي الطاء المهملة واللام ، وإمّا مكسورة نحو صغر من الباب الخامس وهو كرم يكرم بكسر الصاد المهملة وفتح الغين المعجمة ، وإمّا مضمومة نحو هدى من باب الثّاني على وزن فعى بسكون اللام بالألف المكسورة أصله هدي فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وحذفت الألف لاجتماع الساكنين بين الألف والتنوين ، فصار وزنه فعى ، وإمّا مكسورة ولا يزاد فيه شيء ، ولم يجئ منه غير مفتوح الفاء ، نحو خنق من باب الأول بفتح الخاء المعجمة وكسر النون ولا يقال بالسكون وهو مصدر إذا حبس حلقه ، كذا في المغرب ، والمصنف قدمه على صغر وهدى لقلة وقوعهما. وإمّا مضموم ولا يزاد فيه شيء ولم يجئ منه شيء هذا إذا كان العين متحركا ولم يزد فيه شيء. وأمّا إذا كان متحركا وزيد فيه شيء فالعين فيه حينئذ إمّا مفتوح ويزاد فيه التاء ولم يجئ منه أيضا غير مفتوح الفاء نحو غلبة من باب الثّاني بفتحتي الغين المعجمة واللام ، وإمّا مكسور ويزاد فيه التاء ولم يجئ منه غير مفتوح الفاء. نحو سرقة من باب الثّاني بفتح السين وكسر الراء المهملتين. وإمّا مفتوح ويزاد فيه الألف فهو إما مفتوح الفاء ، نحو ذهاب من باب الثّالث بفتح الذال المعجمة ، وإمّا مكسورة ، نحو صراف من باب الثّاني بكسر الصاد بمعنى النقل والرد ، وقيل : الصّرف زيادة لغة ، وإمّا مضمومة نحو سؤال من باب الثّالث بضم السين. وإمّا مفتوح ويزاد فيه الألف والتاء وهو أيضا إمّا مفتوح الفاء. نحو زهادة من باب الرابع بفتح الزاي المعجمة والهاء المخففة ، وإما مكسورة نحو دراية من باب الثّاني ، ولم يجئ مضمومة بكسر الدال وفتح الراء المهملتين من درى يدري. وإما مضموم ويزاد فيه الواو وهو أيضا إما مضموم الفاء نحو دخول من باب الأول بضم الدال والخاء المعجمة ، وإمّا مفتوح الفاء نحو قبول من باب الرابع وهو علم يعلم بفتح القاف أخّره لقلته ، ولم يجئ منه مكسورة. وإمّا مكسورة. ويزاد فيه الياء ولم يجئ منه غير مفتوح الفاء نحو وجيف من باب الثّاني مصدر وجف بمعنى اضطرب بفتح الواو وفيه نظر ؛ لأنه حينئذ مضارعه وجف يجف ، كوعد يعد والفعيل اللازم لا يجيء إلا من مضموم العين في الماضي والمضارع ، اللهم إلا أن يقال : إن هذا إنما يلزم إذا كان الفعيل صفة مشبهة وهنا ليس كذلك بل هو مصدر وفي المصدر لم يوجد الاختصاص بمضموم العين في الماضي والمضارع. فاندفع النظر من الأصل. وإمّا مضموم يزاد فيه الواو والتاء ولم يجئ منه غير مضموم الفاء. نحو صهوبة من باب الخامس هي الحمرة في شعر الرأس بضم الصاد المهملة والهاء. وإمّا مفتوح ويزاد فيه الميم ولم يجئ منه أيضا غير مفتوح الميم نحو مدخل من باب الأول بفتح الميم والخاء المعجمة وسكون الدال. وإمّا مكسورة ويزاد فيه الميم ولم يجئ منه أيضا غير مفتوح الميم نحو مرجع من باب الثّاني بفتح الميم وكسر الجيم. وإمّا مكسور ويزاد فيه الميم والتاء ولم يجئ منه غير مفتوح الميم نحو مسعاة من باب الثّالث من سعى أصله مسعية ، قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، قال في مختار الصحاح : المسعاة واحدة المساعي في الكرم والجود وهو بكسر الميم وسكون السين وفتح العين والألف لام الكلمة والتاء زائدة. وإمّا مكسور ويزيد فيه الميم والتاء ولم يجئ منه غير مفتوح الميم نحو محمدة من باب الرابع بفتح الميم وسكون الحاء المهملة وكسر الميم الثّانية وفتح الدال والتاء زائدة. اه. فلاح مع نبذ من الحنفية.

ص: 39

نحو : قتل ، وفسق ، وشغل ، ورحمة ، ونشدة ، وكدرة ، ودعوى ، وذكرى ، وبشرى ، وليّان ، وحرمان ، وغفران ، ونزوان ، وطلب ، وخنق (1) ، وصغر ، وهدى ، وغلبة ، وسرقة ، وذهاب ، وصراف ، ومدخل ، ومرجع ، ومسعاة ، ومحمدة ، وسؤال ، وزهادة ، ودراية ، ودخول ، وقبول ، ووجيف ، وصهوبة.

وقد يجيء (2) على وزن اسمي الفاعل والمفعول ، نحو : «قمت قائما» (3). ونحو قوله تعالى : (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) (4) [القلم : 6].

ويجيء للمبالغة (5) نحو : التّهدار (6) ،

ص: 40


1- قوله : (خنق) مصدر من خنق إذا حبس حلقه كذا في المغرب. والصغر معناه خير وشدن والهدى معناه ره راست نمودن ، والغلبة معناها زور آوردن ، والسرقة معناها دزدي كردن ، والذهاب معناه رفتن ، والصراف معناه گشتن وگردانيدن وميل كردن. اه. ح.
2- قوله : (وقد يجيء ... إلخ) لأن اسم الفاعل والمفعول قد يجيء على وزن صيغة المصدر بأن يؤول المصدر بهما كقولهم : رجل عدل ، أي : عادل. وهذا الدرهم ضرب الأمير ، أي : مضروبه ، فكذلك يجيء المصدر على وزن اسم الفاعل والمفعول. اه حنفية.
3- قوله : (قائما) فقائما مصدر بمعنى قيام وإن كان وزنه وزن اسم الفاعل ؛ لأنه فاعل حقيقة يراد به معنى المصدر. كما يذكر المصدر ويراد به الفاعل نحو رجل عدل ، أي : عادل. اه
4- قوله : (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) [القلم : 6] فيه احتمالات : الأول : أن يكون الباء زائدة فالمعنى أيكم الذي فتن بالجنون ، فعلى هذا يكون المفتون بمعنى المفعول ، كما هو الظاهر ، لا بمعنى المصدر ؛ لأن أيّ اسم مبهم يكون بعضا من المضاف إليه وهو ههنا ضمير المخاطبين ، فلزم حمل صرف الوصف على الذات وهو كما ترى. والثّاني : أن لا يكون الباء زائدة لكن المفتون يكون مصدرا كالمعقول والمجلود على ما في القاموس ، فالمعنى بأيكم الجنون فعلى هذا يكون الباء للإلصاق. والثّالث : أن يكون الباء بمعنى في ، والمفتون يكون بمعنى المفعول ، كما يقتضيه لفظه بمعنى بأيّ الفريقين منكم المجنون أبفريق المؤمنين أم بفريق الكافرين ، أي : في أيهما يوجد من يستحق هذا الاسم. اه ملا غلام رباني.
5- قوله : (للمبالغة) أي : في الفعل والكثرة فيه على وزن التفعال بفتح الأول وسكون الثّاني نحو إلخ. اه
6- قوله : (التهدار) بمعنى كثيرة الهدر بفتح الهاء وسكون الدال المهملة ، هو غليان الشراب من هدر الشراب إذا غلى. اه حنفية.

والتّلعاب (1) ، والحثّيثى ، والدّلّيلى ، والخلّيفى (2).

ومصدر (3) غير الثلاثي المجرد على سنن واحد (4) ، إلا في : كلّم كلاما ، وفي : قاتل قتالا (5) وقيتالا ، وفي (6):

ص: 41


1- قوله : (والتّلعاب) على وزن التّفعال بفتح التاء ؛ لأن جميع ما جاء من المصادر على هذا المثال ، فهو مفتوح التاء ؛ وأمّا التبيان والتلقاء بكسر التاء فيهما فشاذان من هذا الوزن ، كما صرحوا به ، وهو من لعب يلعب معناه بسيار بازى كردن من حد سمع يسمع ، وقيل : من فتح. اه ح مع فلاح.
2- قوله : (الخليفى) قال عمر رضي الله عنه زمن خلافته : لو لا الخليفا لأذنت ، أي : لو لا كثرة الاشتغال بأمر الخلافة والذهول بسببها عن تفقد أوقات الأذان لأذنت. قيل : سئل الزمخشري : أهو قياسي أم سماعي؟ فقال : هذا الباب كثير الاستعمال فينبغي أن يكون قياسا. قال سيبويه : أوزان المبالغة لا يجيء إلا من الثلاثي ، وأمّا جمهور الصراف فقد جوزوا ذلك مطلقا. قيل : إن ذكر المصدر للمبالغة استطرادا ؛ لأن المراد بيان مصدر يشتق منه فعل مشتمل على معناه وزيادة ، كما يدل عليه السياق والسباق ، وهو ليس كذلك ؛ لأنه ليس في فعله دلالة على هذا التكثير والمبالغة فافهم. اه فلاح شرح مراح.
3- قوله : (ومصدر ... إلخ) لما فرغ عن بيان أمثلة مصادر الثلاثي المجرد ، شرع في بيان ما هو غيره مطلقا سواء كان المزيد فيه من الثلاثي أو رباعيا ، أو المزيد فيه من الرباعي أو الملحقات. اه ملا غلام رباني رحمه الله.
4- قوله : (واحد) يعني يجيء قياسا فلكل باب قياس على حدة ، فنقول مثلا : كل ما كان ماضيه على فعلل كدحرج ، فمصدره على فعللة كدحرجة ، وكل ما كان ماضيه على أفعل فإفعال ، وكل ما كان ماضيه على فعّل فتفعيل ، وكل ما كان ماضيه على فاعل فمفاعلة وفعال ، وكل ما كان ماضيه افتعل فافتعال ، وكل ما كان ماضيه إفعلّ فافعلال ، وكل ما كان ماضيه تفعّل فتفعّل ، وكل ما كان ماضيه استفعل فاستفعال ، وكل ما كان ماضيه افعوعل فافعيعال ، وكل ما كان ماضيه افعوّل فافعوّال ، وكل ما كان ماضيه افعنلل فافعنلال ، وكل ما كان ماضيه افعنلى فافعنلاء ، وكل ما كان ماضيه تفعلل فتفعلل ، وكل ما كان ماضيه افعللّ فافعلّال ، وفيه قياس واحد. لجميع الرباعي والمزيد لكن لا يليق بيانه بهذا المختصر. اه فلاح.
5- أي : والثّاني في باب المفاعلة نحو قاتل ... إلخ فإنه لا يجيء مصدره قياسا وهو مقاتلة بل يجيء قتالا بكسر القاف وتخفيف التاء ، وقيتالا بكسر القاف وكسر الياء ، فالأوّل على وزن فعال ، والثّاني فيعال. اه سمع.
6- قوله : (وفي ... إلخ) أي : والثّالث في باب التفعل نحو تحمّل ... إلخ ، فإنه لا يجيء مصدره قياسا وهو تحمّل بل يجيء تحمّالا بكسرتين وتشديد الميم على وزن تفعّال. اه شرح.

تحمّل تحمّالا ، وفي زلزل (1) زلزالا.

والأفعال (2) التي تشتق من المصدر خمسة وثلاثون بابا :

ستّة (3)

ص: 42


1- قوله : (وفي زلزل ... إلخ) أي : والرابع في باب فعللة نحو زلزل ... إلخ ، فإن مصدره لا يجيء قياسا ، وهو زلزلة بل يجيء زلزال ، بفتح الأول والقياس بكسره ، إلا أنهم جوزوا الفتح لثقل المضاعف. اه ف.
2- قوله : (والأفعال ... إلخ) ولما بين أن المصدر أصل في الاشتقاق ، وأن المصدر قسمان سماعي وهو من مصادر الثلاثي المجرد حيث لا ضبط لأوزانها عند الجمهور ، وقياسي وهو من غير الثلاثي المجرد ، وبين كلا من السماع والقياسي منه شرع في المقصود فقال : والأفعال التي تشتق ... إلخ. صفة كاشفة للأفعال لا قيد احترازي عن الجوامد ؛ لأن كل الأفعال مشتق من المصدر ، كذا قيل. اه فلاح وإيضاح.
3- قوله : (ستة) فإن قلت : ستة نكرة محضة غير مختصة بوجه من الوجوه ، فلا يصح رفعه بالابتداء؟. قلنا : إنها مختصة بالصفة المقدرة تقديره ستة منها ، ومرادهم بالصفة المخصصة للنكرة أعم من أن يكون ملفوظة أو مقدرة. اه ح. فإن قيل : ما وجه الانحصار على ستة أبواب؟. قيل : لأن الفاء له أربعة أحوال الفتح والضم والكسر والسكون ، ولا يمكن أن يكون ساكنا ؛ لامتناع الابتداء بالساكن ولا يكون مضموما ولا مكسورا للاستثقال ، فبقيت لها حالة واحدة وهي الفتحة للخفة ، ولا يشكل بالمجهول ولا بفعل مكسورا كقيل وبيع ، لعروض الضم والكسر فيهما ، ولأن الضم في المجهول للفرق. والعين لها أربعة أحوال أيضا سقط منها السكون ؛ لأنه إذا اتصل بالفعل ضمير المتكلم والمخاطب أو جمع المؤنث وجب سكون اللام لشدة اتصال الفاعل به ، وليدل على أن الفاعل كالجزء من الكلمة فإن سكّن العين التقى ساكنان على غير حده. فإن قيل : هلا يجوز أن يحذف أحدهما؟. قيل : لا يجوز أن يحذف أحدهما لأنه لو حذف أحدهما لم يدل شيء على حذفه فبقيت بها ثلاثة أحوال. واللام أيضا لها أربعة أحوال ، وقد سقط منها الضم والكسر للاستثقال لما فيه من الكلفة بخلاف الفتحة ، لأن الفتحة أخف الحركات ، والطبائع تميل إليه ، وقد سقط منها السكون أيضا ؛ لأن الماضي مبني وبناؤه على الفتح ؛ لأنه أخ للسكون ، لأن الفتح جزء الألف فكان للماضي ثلاثة أبنية فعل فعل فعل. والتزموا سكون الفاء في المضارع فرارا عن توالي الحركات الأربع كما سيأتي في فصله ، واعتبروا في عينه أيضا ثلاث حركات ؛ لأنه لو كان ساكنا يلزم التقاء الساكنين عند دخول الجوازم عليه ، مثل لم يضرب فضربوا الثلاثة في الثلاثة فيحصل تسعة ، ثلاثة منها بفتح الأول مع الحركات الثلاث في الثّاني ، وثلاثة بكسر الأول مع الحركات الثلاث في الثّاني ، لكن لم يعينه ولأن الكسر مع الضم ثقيل فبقي ثلثان وثلاثة بضم الأول مع الحركات الثلاث في الثّاني لكنها لم يعتبر الضم مع الكسر ، وكذا مع الفتح ؛ لأن الضم معهما تقديري فبقي واحد ، وهو الضم مع الضم فبقي من التسعة الستة. فإن قلت : الكسر مع الكسر ، وكذا الضم مع الضم ثقيل أيضا؟. قلت : لما كان الكسر مع الكسر من جنس واحد ، وكذا الضم مع الضم لم يكن ثقيلا ؛ إذ الثقل في اختلافهما فتدبر ، ثم الستة هي الأمثلة المذكورة في المتن. اه عيني.

للثلاثي المجرد (1) ، نحو (2):

1 - ضرب يضرب.

2 - وقتل يقتل.

ص: 43


1- قوله : (للثلاثي المجرد) إنما قدم الثلاثي على الرباعي ؛ لأن مدلول الثلاثي شيء ذو ثلاثة أجزاء ، ومدلول الرباعي شيء ذو أربعة أجزاء ، ولا شك أن الثلاثة مقدم على الأربعة ، وإنما قدم الثلاثي المجرد على المزيد فيه ؛ لأن المجرد أصل والمزيد فيه فرع. والفرع لا يتحقق إلا بعد الأصل. اه غلام.
2- وهو الباب الثّاني لكن قدمه في الذكر لزيادة الاختلاف بين الفتح والكسر ، لأن الأول علوي ، والثّاني سفلي ، والضم إنما استحق التقديم بزيادة اختلاف حركتها ؛ لأنها تدل على زيادة اختلاف معناهما فيصير عريقا في كونه من الدعائم. اه ف. وفيه نظر بأن الفتح أخت النصب ، والكسر أخت الجر ، وهما لا يكونان إلا في الفضلة ، فبينهما موافقة لا مخالفة ، وإنما المخالفة بين الفتحة والضمة أخت الرفع وهو إنما يكون في العمدة التي ضد الفضلة جزما. اه ح. والجواب أن المعارضة إنما تثبت إذا تساوى الدليلان في القوة وههنا ليس كذلك لأن المخالفة بين الفتح والكسر. والموافقة بينهما عارضة ، نظرا إلى محل أخواتهما والأمر الذاتي أولى بالاعتبار من العرضي. اه

3 - وعلم يعلم.

4 - وفتح يفتح.

5 - وكرم يكرم.

6 - وحسب يحسب.

ويسمّى الثلاثة الأول (1) : دعائم الأبواب ، لاختلاف حركاتهنّ في الماضي والمستقبل وكثرتهنّ.

و «فتح يفتح» لا يدخل في الدّعائم ، لانعدام اختلاف (2) الحركات وانعدام مجيئه بغير حرف الحلق (3).

ص: 44


1- قوله : (الأول) توصيف كل من الثلاثة بالأول بالنسبة إلى الثلاثة الأخيرة لا باعتبار الحقيقة. اه س.
2- فإن قلت : لم اشترط اختلاف حركة الماضي حركة المضارع في دعائم الأبواب؟. قلت : لأن معنى الماضي لما كان مخالفا لمعنى المستقبل اقتضى ذلك أن يكون لفظ الماضي مخالفا للفظ المستقبل ليطابق اللفظ المعنى على ما هو الأصل في كلامهم ، وحينئذ يندفع ما قيل : إنّ الدليل المسوق لتسمية كون الثلاثة الأول بدعائم الأبواب لاختلاف ... إلخ. لا يلائم لأن اختلاف حركاتهن لا يستلزم الأصالة ؛ لأن الأصل في الكلام الاتفاق ، كما هو الظاهر بأن عند اختلاف حركاتهن أيضا مطابقة اللفظ بالمعنى كما لا يخفى. اه فلاح بزيادة.
3- قوله : (حرف الحلق) لأن فعل يفعل بالفتح فيهما لا يجيء إلّا بشرط أن يكون فيه حرف من حروف الحلق ، وهي الهمزة والهاء والعين والغين والحاء والخاء ، وإنما فتحوا عين المضارع إذا كان عينه أو لامه حرفا من هذه الحروف ؛ لأنها ثقيلة فأعطوها وما قبلها الفتحة للخفة لامتناع السكون في عين المضارع ، كما مر. وإنما قلنا : إذا كان عينه ولامه ... إلخ. لأنه إذا وقع حرف منها فاءه نحو أمر يأمر لم يلزم الفتح في مضارعه ، لسكون حرف الحلق فيه ، والساكن لا يجب فتح ما بعده لضعفه بالسكون ، ولا يشكل بمثل يدخل ؛ لأن المراد أن شرط الفتح أن يوجد في العين واللام حرف منها ، لا أن كل ما فيه حرف منها يكون مفتوحا. فإن قلت : إن الألف من حروف الحلق أيضا ، باتفاق منهم فلم لم يعدوه ههنا؟. قلت : الألف لا يخلو إمّا أن يقع عينا ، أو لاما وأيّا كان لا يمكن فتح العين لأجله ، أمّا إن وقع عينا فللزوم سكونه ، وأمّا إن وقع لاما فلأنه إمّا واو أو ياء في الأصل ، إذ الألف الأصلي لا يقع في لام الفعل بالاستقراء ، وإذا كان واوا أو ياء فقلبهما ألفا يتوقف على فتح ما قبلها وهو العين فثبت أن فتح العين موجود قبل وجود الألف فلم يكن الفتح لأجل الألف وإلا يلزم الدور. اه فلاح.

وأما : «ركن يركن» (1) و «أبى يأبى» فمن اللغات المتداخلة والشواذّ ، وأما : «بقى يبقى» و «وفنى يفنى» و «قلى يقلى» فلغات (2) بني طيئ ، قد فرّوا من الكسرة إلى الفتحة.

ص: 45


1- قوله : (وأمّا ركن ... إلخ) ولما توجه أن يقال : إن عدم مجيء الباب الثّالث بغير حرف الحلق مشكل بركن يركن وأبى يأبى ، لأنهما من هذا الباب وليس فيهما حرف الحلق. أجاب عنهما بقوله : وأما ... إلخ يعني أن المثال الأول من التداخل ، والمثال الثّاني من الشواذ ، ففي الكلام لف ونشر مرتب ، ومعنى كون شذوذ لانعدام الشرط وهو وجود حرف الحلق ، ومعنى تداخل اللغتين فيه أن ركن يركن ، أي : مال يميل كنصر ينصر لغة ركن يركن كعلم يعلم لغة فيه أيضا ، فأخذ الماضي من الأول ، والمضارع من الثّاني ، والمراد بالشاذ في استعمالهم ما يكون بخلاف القياس من غير نظر إلى قلة وجوده ، وكثرته كالقعود. ولا شك في ثبوت أبى يأبى من الواضع كذلك ، والنادر ما قل وجوده وإن لم يكن بخلاف القياس ، ويرد عليه بأنه لو كان شاذا لما وقع في الكلام المجيد نحو (أَبى وَاسْتَكْبَرَ) [البقرة : 34]. فأجيب بأن الشاذ ثلاثة أقسام : أحدها : مخالف للقياس كمسجد بكسر الجيم دون الاستعمال. والثّاني : عكس هذا كمسجد بضم الجيم. والثّالث : مخالف منهما كمسجد بفتح الجيم وهو مردود ولا يجيء في كلام البليغ ، وأمّا الأولان فقد يستعملان في الكلام الفصيح وأبى يأبى شاذ من قبيل الأول. فإن قلت : لا يصح أن يكون أبى يأبى شاذا بل هو موافق للقياس ؛ إذ الضابطة المذكورة سابقا وهي كون حرف الحلق عينا أو لاما تقتضي أن يكون موافقا للقياس ؛ إذ الألف التي هي من حروف الحلق موجودة في لامه فتكون الفتحة في عينه لأجل الألف ، فكيف يكون شاذا؟. قيل : إنّ الألف الأصلي لا يقع لام الفعل بالاستقراء فأصل أبى يأبى بفتح الباء فيهما ، فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. اه حنفية.
2- قوله : (فلغات ... إلخ) يعني أن بقى يبقى ، وفنى يفنى من باب علم يعلم فعين ماضيهما مكسورة ، وقلى يقلى من باب ضرب يضرب فعين مضارعه مكسورة لكن ذلك لغات بني طيّىء ، وتقرير الجواب أن الأصل في هذه الكلمة اختلاف العين كسرا وفتحا ، إلا أنّ بني طيّىء استثقلوا الكسرة بعين الماضي في الأول والثّاني ، وعين المضارع في الثّالث قبل الياء ؛ لاجتماع الكسرات فرّوا عنها إلى الفتحة طلبا للتخفيف وكذا فرّوا من كل كسرة قبل ياء مفتوحة فتحة بناء إلى الفتحة ثم قلبوا الياء ألفا فقالوا في بني بصيغة المجهول : بنى اه ف.

و «كرم يكرم» لا يدخل في الدّعائم ؛ لأنه لا يجيء إلا من الطّبائع والنّعوت (1) ، وكذا : «حسب يحسب» لا يدخل في الدعائم لقلّته.

وقد جاء (2) : «فعل يفعل» على لغة من قال : كدت تكاد ، وهي شاذّة (3) ك : فضل (4)

ص: 46


1- قوله : (والنعوت) جمع نعت وهي الصفة ، أي : لا يجيء فعل يفعل بضم العين فيهما إلا من الأفعال الصادرة عن الطباع من غير شعور والنعوت ، فلا يكثر استعمالها لكونها مقيدة ، ولا يختلف حركاتها في الماضي والمضارع أيضا ، لأن هذا البناء لما خالف بقية الأبنية لكونه خلقة وطبيعة صادرة على نهج واحد من غير اختيار خولف في الحركة أيضا ، بأن يكونا مضمومين إيذانا بعدم اختلاف معناه في نفسه كما جعلوا الضم علامة لبناء المجهول ، ولما كان وضع هذا البناء لمثل هذه الأفعال لا يقتضي متعلقا ولا مفعولا فيكون لازما أبدا ، فقوله : لا يجيىء إلا من الطبائع دليل على انتفاء كثرة الاستعمال أصالة ، وعلى عدم اختلاف الحركة إشارة تدبر. اه فلاح.
2- قوله : (وقد جاء ... إلخ) يعني إذا كان العين مضموما في الماضي يجب أن يكون مضموما في المضارع أيضا قياسا لكن قد جاء ... الخ. اه ف.
3- قوله : (وهي) جواب سؤال وهو أن يقال : إن المصنف حصر أبواب الثلاثي المجرد في ستة أبواب وذا غير صحيح ، إذ قد وجد غيرها وهو فعل مضموم العين يفعل مفتوح العين ، وذلك لأن كدت صيغة مخاطب من كاد يكاد ، وأصل كاد كود بضم الواو وأصل يكاد يكود بفتح الواو وفأعلّ الماضي بقلب الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فإذا صار صيغة مخاطب اجتمع الساكنان الألف والدال الساكن باتصال ضمير المخاطب ، وهو التاء ، فحذف الألف ثم ضم الكاف لتدل الضمة على الواو المحذوفة فالضمة على الكاف تدل على الواو المحذوفة المضمومة التي هي عين الكلمة ، وأعلّ المضارع أعني يكود بنقل حركة الواو إلى الكاف الساكنة ، ثم قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار يكاد فالفتحة على الكاف تدل على أن الأصل في عين الكلمة هي الفتحة. فأجاب بقوله : وهي شاذة ، أي : خارجة عن القياس لا يعتد بها ، والأصل فيه كدتّ بكسر الكاف لا بضمها ، تكاد بالفتح فيكون داخلا في باب علم يعلم ، ومعنى كاد قرب. اه حنفية.
4- قوله : (كفضل ... إلخ) قال بعض الشارحين : الحكم بشذوذه مخالف عما قاله ابن الحاجب من أنه من تداخل اللغتين ؛ وذلك لأن العرب تقول : فضل بالفتح والكسر ، ومضارع الفتح بالضم ، ومضارع الكسر بالفتح ، فإذا سمع بعد ذلك فضل يفضل على أنه من التداخل. أقول : لا مخالفة بينهما ؛ لأن تداخل اللغتين ليس بقياس ؛ إذ القياس عدم التداخل فيكون شاذا لا محالة. قال في مختار الصحاح : الفضلة والفضالة ما فضل من الشيء ، وفضل منه شيء من باب نصر وفيه لغة ثانية من باب فهم ، وفيه لغة ثالثة مركبة منهما ، فضل بالكسر ، يفضل بالضم وهو شاذ لا نظير له. انتهى. فعلى هذا لا يتوجه أن يقال : إن الفضل من أفعال الطبيعة كالكرم ، فلم جاز فيه غير الضم في الماضي والمضارع ؛ لأنه من الفضلة لا من الفضل. اه فلاح.

يفضل ، ودمت تدوم (1).

واثنا عشر بابا لمنشعبة (2) الثلاثي ، نحو :

1 - أكرم (3).

2 - وقطّع (4).

3 - وقاتل.

ص: 47


1- قوله : (ودمت تدوم) أي : وكما يكون هذا شاذا ؛ لأن أصله : دومت تدوم بكسر الواو في الأول ، وضمها في الثّاني ، فأعلّ الأول بنقل حركة الواو إلى ما قبلها بعد سلب حركته ، فقلبت الواو ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها ثم حذفها لالتقاء الساكنين الألف والميم ، فصار دمت فالكسرة على الدال تدل على أن عينه مكسورة ، والثّاني بنقل حركة الواو إلى ما قبلها ، فصار تدوم. اه حنفية بتغيير.
2- قوله : (لمنشعبة ... إلخ) أي : لمزيد الثلاثي المجرد ، والمنشعبة الأبنية المتفرعة من أصل بزيادة حرف أو أكثر ليس من جنس الحروف الأصليّة ، أو بتكرر حرف منها ، أو بهن معا لقصد زيادة معنى من التعدية والتكثير وغيرها ، مثل أخرج وفرّح ، زيد في الأول همزة للتعدية ، وتكرر العين في الثّاني للتكثير ، وهو ثلاثة أقسام : الأول : ما يزيد فيه حرف واحد وهو ثلاثة أبواب الأول باب الإفعال نحو ... إلخ. اه ف.
3- قوله : (أكرم) من إكرام الهمزة زائدة ، وكسرت في مصدره فرقا بينه وبين الجمع ، على أفعال نحو أعمال وإعمال ، ولم ينعكس لثقل الجمع. اه ف. قوله : (أكرم ... إلخ). اعلم أن الأبواب الثلاثة الأول ممّا زاد فيه حرف واحد ، بخلاف الأبواب الباقية ، فإن الزائد فيها حرفان أو ثلاثة أحرف فلهذا قدمها عليها ؛ إذ الواحد قبل المتعدد. اه ملا غلام رباني رحمه الله.
4- قوله : (قطع) كررت العين الثّاني ، وهو الزائد عند الجمهور ، والأول عند الخليل ؛ لأن الساكن كالمعدوم فالتصرف فيه أولى ، وكلاهما سائغ عند سيبويه. اه ف.

4 - وتفضّل (1).

5 - وتضارب (2).

6 - وانصرف (3).

7 - واحتقر (4).

8 - واستخرج (5).

9 - واخشوشن (6).

10 - واجلوّز (7).

11 - واحمارّ.

12 - واحمرّ.

أصلهما : احمارر ، واحمرر ، فأدغما للجنسية (8) ، ويدل عليه : ارعوى ، وهو

ص: 48


1- قوله : (وتفضل) أي : والقسم الثّاني ما زيد فيه حرفان ، وهو خمسة أبواب الأول : باب التفعّل ، نحو تفضّل أصله فضل فزيدت التاء في أوله وكررت العين. اه ف.
2- قوله : (تضارب) أصله ضرب ، فزيد في أوله تاء وبين العين والفاء ألف. اه ف.
3- قوله : (انصرف) أصله صرف ، فزيد في أوله ألف ونون. اه ف.
4- قوله : (احتقر) أصله حقر ، فزيدت في أوله همزة ، وبين الفاء والعين تاء. اه ف. من الاحتقار خوار شدن وخوار شمردن اه. مب.
5- قوله : (واستخرج) أي : والقسم الثّالث ما زيد فيه ثلاثة أحرف ، ولا يزيد على ذلك ، لئلا يلزم مزية الفرع على الأصل ، وهو أربعة أبواب : الباب الأول : الاستفعال نحو استخرج أصله خرج فزيدت في أوله همزة وسين وتاء. اه ف وسعديه.
6- قوله : (اخشوشن) أصله خشن من الخشونة ، وهي ضد اللين ، فزيدت في أوله ألف ، وبين العين واللام واو وشين. اه ف.
7- قوله : (واجلوّز) أي : والثّالث باب الافعوّال ، نحو اجلوّز يقال : اجلوّز بهم السير اجلوّازا ، أي : دام مع السرعة وهو من سير الإبل ، أصله جلز فزيدت في أوله همزة وبين العين واللام واوان. اه فلاح.
8- قوله : (للجنسية) لأن الجنسية تقتضي الإدغام والتقاء الساكنين على حده في الأول وهو جائز. اه ف. قوله : (للجنسية) أي : لا لأجل كونهما من باب الافعلال والافعيلال ؛ إذ لو كان ذلك علّة الإدغام للزم الإدغام في ارعوى ؛ لأنه من باب الافعلال ، فلما لم يقع الإدغام فيه علم أن الإدغام فيه لأجل الجنسية لا باعتبار الباب. اه شرح.

لفيف من باب : افعلّ ، ولا يدغم لانعدام (1) الجنسية.

وواحد (2)

ص: 49


1- قوله : (لانعدام ... إلخ) تحقيقه أن أصل ارعوى ارعوو بواوين ، فاجتمع فيه سبب الإدغام كما في احمرر وهو ظاهر ، وسبب الإعلال بقلب الواو الثّانية ياء وهو وقوعها خامسة ، في الطرف ، وبعد إعلال الثّاني لم يجز إعلال الأول لئلا يلزم الإعلال في الإعلال ، فأعلّ بموجب الإعلال ؛ لأن الإعلال مقدم على الإدغام. فلما انقلبت الواو المتطرفة ياء لم يبق سبب الإدغام لانعدام الجنسية بين الواو والياء فلم يدغم. وإنما قلنا : الإعلال مقدم ؛ لأن سبب الإعلال موجب ، وسبب الإدغام ليس بموجب ، بل مجوّز يدل عليه امتناع التصحيح في باب رمى ، وجواز الفك في باب حيي ، كما سيجيء ، كما حققه الجاربردي ، ولأن المقصود من كليهما التخفيف وذا في الإعلال أكثر منه في الإدغام. كيف وفي الإعلال تبديل الذات ، وفي الإدغام تغير الصفة ، وتبديل الذات أشد خفة من تغيّر الصفة فتدبّر. ثم اعلم أن في هذا المقام إشكالا ، وهو المدعى شيئان إدغام احمارّ وإدغام احمرّ ، للجنسية ، ويدل على ذلك قوله : فأدغما بصيغة التثنية وبما ذكرنا ، إنما يثبت واحد من المدعيين وهو إدغام احمر ، دون الأخرى. ويمكن أن يقال إنهما واد واحد فيعلم حال أحدهما من الآخر. وقوله : فأدغما بصيغة التثنية الضمير فيه يرجع إلى الحرفين أعني الرائين فيهما أو في أحدهما فافهم. اه من الشروح.
2- قوله : (وواحد للرباعي) لما فرغ من بيان أبواب الثلاثي المجرد والمنشعب شرع في بيان الرباعي المجرد عن الزوائد وله بناء واحد ، فقال : وواحد ... إلخ. فإن قيل : ما الوجه في أن صاحب الزنجابي ذكر الثلاثي والرباعي المجرّدين متعاقبا ثم المزيد فيهما ، والمصنف أورد الثلاثي المجرد أولا ثم المزيد فيه منه ، ثم الرباعي المجرد وبعده الرباعي المزيد فيه؟. قيل له : إن صاحب الزنجاني منظوره كون المجرد أصلا مطلقا من الثلاثي كان أو الرباعي والمزيد فيه فرعا ، والأصل هو الأولى بالتقديم ، وأمّا المصنف فنظر إلى أن الثلاثي المجرد أصل والمزيد فيه من ذلك فرعه ، والأحرى في الفرع الاتصال بأصله ، وكذا الرباعي المجرد والمزيد فيه منه ، ولذا اختار ذلك الترتيب هذا ما عندي ، والله أعلم. اه لمحرره.

للرباعي (1) ، نحو : دحرج.

وثلاثة لمنشعبة الرباعي ، نحو :

1 - تدحرج.

2 - واحرنجم.

3 - واقشعرّ (2).

وستة لملحق (3) : «دحرج» نحو :

ص: 50


1- قوله : (للرباعي) اعلم أنهم جوزوا في الاسم رباعيا وخماسيا أصليين للتوسع ، ولم يجوزوا سداسيا لئلا يتوهم أنه كلمتان ؛ إذ الأصل أن تكون على ثلاثة أحرف ، ولم يجوزوا في الفعل خماسيا لكثرة تصرفه ولأنه يتصل به الضمير المرفوع المتصل ويصير كالجزء منه ، بدليل إسكان ما قبله مثل دحرجت فالخماسي فيه كالسداسي في الاسم ، وقد علمت أنه مرفوض. ولم يتصرفوا فيه كما يتصرفون في الثلاثي المجرد من فتح عينه وكسرها وضمها ، بل التزموا فيه الفتحات لخفتها وثقل الرباعي ، لكن لما لم يكن في كلامهم أربع حركات متوالية في كلمة واحدة سكنوا الثّاني ، لئلا يلزم أربع حركات متواليات موجبة زيادة الثقل ، ولم يسكن الأول ؛ لئلا يلزم الابتداء بالساكن لتعذره ، ولا الثّالث لئلا يلزم اجتماع الساكنين اللذين لا يجوز حذف أحدهما لعدم الترجيح ؛ لأن الرابع قد يسكن لاتصال الضمير البارز المرفوع المتحرك حملا على الثلاثي ، ولا الرابع لأنه مفتوح أو مضموم ما لم يتصل بهذا الضمير كما سيجيء. اه فلاح.
2- قوله : (واقشعرّ) أي : وثانيهما باب الافعلال نحو اقشعر اقشعرارا أصله قشعر فزيدت في أوله همزة وكررت اللام والزائد هو الثّاني ، وهذه الأبواب الثلاثة كلها لوازم. اه ف. الاقشعرار. اه مب.
3- قوله : (لملحق ... إلخ) اعلم أن المراد بالإلحاق جعل مثال مساويا لمثال أزيد منه بزيادة حرف أو أكثر ؛ ليعامل معاملته في جميع تصرفاته ، وذلك قد يكون في الفعل كما هو المراد هنا مثلا يجعل شمل مساويا بدحرج بزيادة حرف وهو اللام فيصير شملل ، فيعامل معاملة دحرج في جميع تصرفاته من الماضي والمضارع وغيرهما فيقال : شملل يشملل شمللة ، كما يقال : دحرج يدحرج دحرجة ، فالمثال الأول الملحق والثّاني الملحق به ، وقد يكون في الاسم مثلا يجعل قرد مساويا بجعفر بزيادة حرف وهو الدال ، فيصير قردد وهو المكان الغليظ فيعامل معاملة جعفر في التصغير والتكسير وغيرهما ، فيقال : قردد وقرادد وقريدد ، كما يقال : جعفر وجعافر وجعيفر هذا هو حقيقة المعاني. فإن قلت : ما الفرق بين منشعبة الثلاثي وبين الملحق بالرباعي مع أن أصلهما ثلاثي مزيد فيه حرف أو أكثر ، فإن فاعل مثلا ثلاثي زيد فيه الألف ، وشملل ثلاثي زيد فيه اللام؟. قلت : الفرق أن زيادة الحرف في المنشعبة لقصد زيادة المعنى ، وفي الملحق لقصد موافقة لفظ للفظ آخر ؛ ليعامل معاملته ، لا لزيادة معنى ، وعلى هذا سائر الملحقات ، وهذه الستة التي هي ملحق دحرج نوع واحد وهو ما زيد فيه حرف واحد. اه فلاح.

1 - شملل.

2 - وحوقل.

3 - وبيطر.

4 - وجهور.

5 - وقلنس.

6 - وقلسى (1).

وخمسة لملحق : «تدحرج» نحو :

1 - تجلبب.

2 - وتجورب.

3 - وتشيطن.

4 - وترهوك.

5 - وتمسكن (2).

ص: 51


1- قوله : (قلسى) قلساة ، أي : لبس القلنسوة زيدت الياء بعد اللام ثم قلبت ألفا ، ولم يبطل الإلحاق به ؛ لأنه في محل التغيير وأصل المصدر قلسية قلبت الياء ألفا لوجود المقتضى. اه فلاح.
2- قوله : (تمسكن) ينبغي أن يعلم أن تحقق الإلحاق في تجلبب إنما هو بتكرير الباء ، والتاء إنما دخلت لمعنى المطاوعة كما كانت كذلك في تدحرج ؛ لأن الإلحاق لا يكون في أول الكلمة ، وفي نحو تجورب وتشيطن بالواو والياء لا بالتاء ، كما مر. وأمّا تحقق الإلحاق في تمسكن ففيه إشكال ، ولذلك قال في شرح الهادي : إنّه شاذ. اه فلاح.

واثنان لملحق (1) : «احرنجم» نحو :

1 - اقعنسس (2).

2 - واسلنقى (3).

ومصداق (4) الإلحاق اتحاد (5) المصدرين.

* * *

ص: 52


1- قوله : (واثنان ... إلخ) ولما فرغ من ملحق تدحرج شرع في ملحق احرنجم فقال : واثنان منها لملحق احرنجم وهو نوع واحد وهو ما زيد فيه ثلاثة أحرف نحو ... إلخ. اه ف.
2- قوله : (اقعنسس) وإنما لم يدغم لئلا يفوت الغرض من الإلحاق وهو رعاية الوزن. اه ح. قوله : (اقعنسس) أي : تأخر ورجع إلى الخلف من القعس وهو خروج الصدر ودخول الظهر عند الحدب زيدت في أوله همزة ، وبين العين واللام نون ، وكررت اللام والزائد هو الثّاني. اه ف.
3- قوله : (واسلنقى) اسلنقاء ، أي : وقع على القفاء زيدت في أوله همزة وبين العين واللام نون ، وبعد اللام ياء فقلبت ألفا ، ولا يبطل الإلحاق به لما مر ، وقلبت الياء في مصدره همزة لوقوعها في الطرف بعد ألف زائدة ، وإنما حكمنا على اقعنسس بأنه ملحق باحرنجم ، وعلى استخرج بأن غير ملحق به ، مع أنه يوافقه في جميع تصرفاته ؛ لأنا لم نعن بالإلحاق مجرد صورة حركات وسكنات بل عنينا به وقوع الفاء والعين واللام في الفرع موقعها في الأصل الملحق به ، وإذا كان ثمة زيادة فلا بد من مماثلته في الملحق واستخرج بالنسبة إلى احرنجم على خلاف ما ذكره في الأصليّة فلأن الخاء هو فاء وقعت موقع النون الزائدة في الأصل ، وأما في الزيادة فلأن النون واقعة في الأصل بعد الفاء والعين وليس في الفرع نون في موقعها تدبر. اه ف.
4- قوله : (ومصداق ... إلخ) جملة مستأنفة فكأن السائل يسأل : أيّ شيء دال على إلحاق ما ذكرتم بهذه الأبواب الثلاثة؟ فأجاب له : بأن الأمر الدال على الإلحاق اتحاد ... إلخ. اه لمحرره.
5- قوله : (اتحاد ... إلخ) أي : اتحاد مصدر الملحق بمصدر الملحق به وزنا مثل دحرجة وشمللة ، ووجه دلالته عليه أن اتحاد المصدرين يستلزم الاتحاد في جميع التصرفات لأصالته وفرع التصاريف ، وليس المراد من الإلحاق إلا كما مر. فإن قيل : اتحاد المصدرين لا يقتضي إلحاق هذه الأفعال بدحرج وتدحرج واحرنجم بل يجوز العكس ؛ لأن ذلك الاتحاد موجود من جانب دحرج أيضا؟. قلنا : هذا دليل آخر بإلحاق هذه الأفعال بالأبواب المذكورة ، وهو أنه لو حذف الزائد منها لا يختل بالمعنى ؛ لأن معنى جورب وجرب ، وبيطر وبطر ... إلخ واحد فعلم من ذلك أن الزائد للإلحاق ، بخلاف دحرج ... إلخ ؛ لأنه لو حذف حرف من حروفه لاختل ، كما هو ظاهر فعلم منه أنه ليس للإلحاق. فإن قلت : إن أخرج قد يتحد مصدره لمصدر دحرج ، فيقال : أخرج إخراجا ، كما يقال : دحرج دحراجا ، فلم لم يقولوا بإلحاقه؟. قلت : إن الاعتبار إنما هو بالفعللة لاطرادها وعمومها في جميع صور فعلل ، وأمّا الفعلال فلا اعتبار به ، وأيضا إن زيادة الهمزة لقصد معنى التعدية لا لمساواته له في تصرفاته ، وأيضا حرف الإلحاق لا يزيد في الأول كما مر. اه مفتاح السعدية وفلاح.

ص: 53

ص: 54

فصل : في الماضي

(1)

وهو يجيء على أربعة (2) عشر وجها ، نحو : ضرب إلى ضربنا.

وإنما بني (3) الماضي لفوات موجب (4) الإعراب فيه ،

ص: 55


1- قوله : (الفصل) مصدر فصل بمعنى قطع ، يقال : فصلت الثوب ، أي : قطعته. وههنا بمعنى الفاعل وقع خبرا لمبتدأ محذوف تقديره هذا فصل ، أي : فاصل. وعرفوا الماضي بأنه ما دلّ على زمان قبل زمانك ، فقولنا : دلّ على زمان ، أي : بمجرد صيغته ليتناول الماضي والمضارع. وبقولنا : قبل زمانك - أي : قبل زمان تلفظك به - خرج منه المضارع ، وإنما قلنا بمجرد صيغته ليخرج منه مثل أمس فإنه يدل على زمان قبل زمانك لكن لا بصيغته بل بجوهر حروفه. وإنما قدم الفعل على الاسم ؛ لكثرة تصرفات الفعل بالنسبة إلى الاسم ، وقدّم الماضي منه ؛ لأنه مجرد عن الزوائد ، ولأنه يدل على الزمان الماضي ولهذا سمي بالماضي. اه فلاح. وضعا فلا يرد نحو نعم وبئس وعسى ، من الأفعال المنسلخة عن الزمان في الاستعمال. اه نور محمد مدقق.
2- قوله : (على أربعة ... إلخ) إمّا لأنه سماعي ، وإمّا لأنه إمّا للغائب أو للمخاطب أو للمتكلم ... وكل واحد منهما مذكر أو مؤنث ، وكل واحد مثنى أو مجموع ، فكانت ستة في ثلاثة فحصلت ثمانية عشر نوعا ، إلّا أن المتكلم لوضوحه سوى فيه بين المذكر والمؤنث فسقط واحد. والوحدان المتكلم وواحد من المتكلم مع الغير ، ثم سوى بين المثنى والمجموع هنا وسقط آخران فبقي أربعة عشر قسما. اه نظامي.
3- قوله : (إنما بني الماضي ... إلخ) اعلم أن الفعل على نوعين مبني ومعرب ، فالمبني من الفعل ما لا يتغير وصف آخره بعامل من الناصب والرافع والجازم كالماضي والأمر بغير اللام ، فإنه لا يتغير وصف آخره بعامل كالمضارع والأمر باللام ، ولا شك أن الفعل هو الأصل في البناء وإنما أعرب بعارض الشبه. اه إيضاح.
4- قوله : (موجب الإعراب) وهو توارد المعاني المختلفة عليه من الفاعلية والمفعولية والإضافة فإنها معان تقتضي الإعراب ، وفي الفعل لا يكون واحدا منها فبالحريّ أن يبنى. وفيه بحث لأنه لا يلزم أن يكون المضارع مبنيا لفوات موجب الإعراب الذي عرفت مع أنه معرب. والجواب أن القياس يقتضي أن يكون المضارع مبنيا لفوات موجب الإعراب كما قلتم ، لكن إنما أعرب لعلّة سيجيء ذكرها وهى المشابهة التامة للمعرب كما بينه المصنف. اه ح وف.

وعلى الحركة (1) لمشابهته (2) الاسم في وقوعه صفة للنكرة (3) ، نحو : مررت برجل ضرب ، وضارب ، وعلى الفتح (4) ؛ لأنه أخف الحركات ، أو لأنه أخ السكون (5) ؛ لأن الفتحة جزء الألف.

ولم يعرب (6) ؛

ص: 56


1- قوله : (وعلى ... إلخ) لقائل إن يقول : إن المبني من الفعل لا يحتاج له إلى علّة البناء على مطلق الحركة ، وعلّة البناء على الحركة المعينة صرح بذلك الشيخ الرضي. فعلى هذا لا حاجة إلى قوله : إنما بني الماضي ... إلخ ، لأن الأصل لا يحتاج إلى نكتة ، إلا أن يقال : إنه بيان لأصالته في البناء ، هذا مأخوذ من بعض الشروح. اه غلام رباني.
2- قوله : (لمشابهته ... إلخ) وحاصل الجواب : أنّ للماضي أدنى مشابهة بالاسم وهو وقوعه موقع الاسم في كونه صفة للنكرة ، وهو موصوف فإن ضرب في المثال المذكور موقع ضارب في كونه صفة للرجل. اه ح. وإنما كان هذا موقع ضارب لا ضرب ؛ لأن هذا موضع النعت ، وأصل النعت أن يكون تابعا لمنعوته في الإعراب وهذه التبعية حقيقة إنما يتحقق في المفرد المعرب وضرب مع ضميره جملة وغيره معرب فلا يكون هذا موقعه ، وإنما صح وقوعه في هذا الموقع لتأدية أصل معنى ضارب ، ولتحقق التبعية تقديرا ، أي : محلا. اه غلام رباني.
3- قوله : (للنكرة) إنما قيد بالنكرة احترازا عن المعرفة ، فإن الفعل لا يقع صفة للمعرفة نحو مررت بزيد ضرب فإنه نكرة شائع ، والمطابقة واجبة بين الصفة والموصوف. اه ح.
4- قوله : (وعلى الفتح ... إلخ) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : لم يبنى الماضي على الفتح دون الضم والكسر؟ فأجاب بقوله : وعلى ... إلخ. اه ح.
5- قوله : (أخ) فإن قلت : جزء الشيء لا يسمى مشابها وأخا له. قلنا : المراد من الأخوة المناسبة ولا يخفى أن جزء الشيء بالنسبة إلى الآخر بينهما مناسبة. اه ح. قوله : (أخ ... إلخ) وقيل : إنما خص بالفتح لثقل الفعل لفظا ؛ إذ لا نجد فعلا ثلاثيا ساكن الأوسط بالأصالة ، ومعنى لدلالته على المصدر والزمان ، ولطلبه المرفوع دائما والمنصوب كثيرا. اه فلاح.
6- قوله : (ولم يعرب) ولما توجه أن يقال : إن الفعل إذا شابه الاسم المعرب يكون معربا ، كما في المضارع. وأنتم قلتم : إنّ الماضي يشبه اسم الفاعل وهو معرب فلم لم يعرب؟ اه ف. قوله : (ولم يعرب ... إلخ) اعترض على هذا الكلام بأن المصنف لما قال : إنما بني الماضي لفوات موجب الإعراب فقد علم منه أن الماضي ليس بمعرب ، فلا فائدة في ذكره. أجيب ذكره إشارة إلى دليل آخر على بناء الماضي لكون عدم معلومية إعرابه مما سبق تدبر. اه ح.

لأن اسم الفاعل لم يأخذ منه العمل (1) بخلاف المضارع ؛ لأن اسم الفاعل أخذ منه العمل ، فأعطي الإعراب له عوضا عنه ، أو لكثرة مشابهته له ، يعني : يعرب (2) المضارع لكثرة مشابهته (3) له ، وبني الماضي على الحركة (4) لقلّة مشابهته له ، ويبنى الأمر على السكون لعدم مشابهته الاسم (5).

ص: 57


1- قوله : (لم يأخذ منه ... إلخ) يعني أن مجرد المشابهة لا يكفي في كون الفعل معربا ، بل لا بد فيه من شرط آخر وذلك الشرط إمّا أن يأخذ الاسم المعرب الذي شابه الفعل العمل منه ، وإمّا أن يكون تلك المشابهة تامة ، فإن كان الشرط الأمر الأول لم يعرب الماضي لانتفائه فيه بخلاف المستقبل ، لأن اسم الفاعل أخذ منه العمل فوجد هذا الشرط فيه فأعطي ... إلخ. اه ف.
2- قوله : (يعرب ... إلخ) اعلم أن إعراب المضارع للمشابهة إنما هو عند البصريين ، وأما عند الكوفيين فبالأصالة لا بالمشابهة ، فاختار المصنف مذهب البصريين. كما اختاره في الاشتقاق. قال الفاضل الرضي : المضارع معرب للمشابهة عند البصريين لا لأجل توارد المعاني المختلفة عليه ، كما في الاسم. فقال الكوفيون : إعراب المضارع بالأصالة لا للمشابهة ؛ وذلك لأنه قد يتوارد أيضا المعاني المختلفة عليه بسبب اشتراك الحروف الداخلة عليه فيحتاج إلى إعرابه ليتبين ذلك الحروف المشتركة فيعين المضارع تبعا لتعينه ، وذلك كقولك : لا يضرب ، فإن رفعه دليل على كون لا للنفي ، وجزمه دليل على كونها للنهي. اه فلاح.
3- قوله : (مشابهته ... إلخ) وجوه المشابهة ما ذكره الشارحون ، منها أنه موازن لاسم الفاعل في حركاته وسكناته نحو ضارب ويضرب ، ومنها أنه شائع بين الحال والاستقبال ، ثم يختص بأحدهما بدخول اللام والسين وسوف ، كما أن اسم الجنس شائع في أمثلته ثم يختص بواحد بعينه بدخول لام العهد. اه حنفية.
4- قوله : (على الحركة) ولا يخفى عليك أنه لا طائل تحت هذه العبارة لأنه تكرار محض علم من قبل من قوله : وبني على الحركة. اه ج.
5- قوله : (لعدم مشابهته الاسم) فإن قيل : الأمر مشابه لاسم الفاعل في الحركات والسّكنات نحو اضرب وضارب وقفا؟. قلنا : المشابهة لفظا فقط لا تؤثر ، فيه نظر لأنه ينقض بالماضي من حيث إن له مشابهة واحدة فقط بالاسم كما عرفت ، والجواب عنه أن مدار هذا الجواب ليس على وحدة المشابهة وكثرتها بل على كون المشابهة لفظية فقط. والنقض لا يرد حتى يتحقق في مادة تأثير المشابهة اللفظية فقط ، ومشابهة الماضي باسم الفاعل ، وإن كانت واحدة لكنها ليست لفظية فقط فلا نقض. اه حنفية وغلام رباني.

وزيدت (1) الألف والواو والنون في آخره حتى يدللن على : هما (2) ، وهمو ، وهنّ ، وضمّ الباء في : «ضربوا» لأجل الواو (3) ،

ص: 58


1- قوله : (وزيدت الألف ... إلخ) جملة مستأنفة فكأنّها وقعت في جواب سائل ، يقوله : ما السر في زيادة الألف في تثنية الفعل المبني للمذكر والمؤنث ، والواو في جمع المذكر ، وكذا في الأمر ، والنون في جمع المؤنث من الفعل الماضي والمضارع والأمر بأنه زيدت ... إلخ. اه لمحرره.
2- قوله : (هما ... إلخ) يعني كانت الألف في هما الذي هو ضمير التثنية موجودة فزيدت في ضربا الذي هو صيغة التثنية لأجل المناسبة ، وهكذا قياس في ضربوا ؛ لأن الواو لما كانت موجودة في همو الذي هو ضمير الجمع زيدت في ضربوا أيضا ؛ لمناسبة ، وكذلك في ضربن ؛ لأن النون في هن موجودة. اه حنفية. قوله : (على هما ... إلخ) فإن قلت : إن كل واحد من الحروف المذكورة ضمير بارز وفاعل للفعل كما سيجيء ، فإذا كان هما وهمو وهن فاعلا لذلك الفعل أيضا ، كما يدل عليه ظاهر العبارة يلزم أن يكون لفعل واحد فاعلان وهو غير جائز؟. قلت : معنى قوله : حتى يدلان على هما وهمو ... إلخ ، ما يدل عليه هما وهمو وهن من التثنية والجمع فلا محذور لكنه تسامح بناء على ظهور المراد ، قال صاحب النجاح : وإنما اختصت هذه الحروف بالزيادة لأن الأصل أن يزاد في الفعل حروف اللين ؛ لأن في الزيادة ثقلا وهي أخف الحروف ، لاعتياد الألسنة لها واستثناس السامع بها ؛ لكثرة دورانها في الكلام ، فخصت الألف للتثنية والواو للجمع ؛ لأن الألف من أول المخارج والواو من آخرها ، والاثنان قبل الجماعة ، فاختص المقدم بالمقدم والمؤخر بالمؤخر ، واحترزوا عن زيادة جميعها في جمع النساء ، أمّا الألف فزيادته توجب الالتباس بالتثنية نحو ضربا ، وأمّا الواو فبالجمع نحو ضربوا ، وأمّا الياء وإن لم تستلزم زيادته الالتباس بشيء من الألفاظ المذكورة نحو ضربي لكنها تلزم دخول الكسرة التي هي أخت الجر على الفعل ؛ لأن الياء الساكنة تستدعي كسرة ما قبلها ، فزادوا فيه حرفا شبيها بحروف المد واللين وهي النون ، وحركوها لما فيها من قوة الاسمية. اه فلاح.
3- قوله : (لأجل ... إلخ) أي : لتكون الواو التي هي مدة محفوظة على مدتها بسبب مجانسة حركة ما قبلها لها. اه ف.

بخلاف : رموا (1) ؛ لأن الميم ليست بما قبلها ، وضمّ (2) في : رضوا ، وإن لم يكن الضاد بما قبلها حتى لا يلزم الخروج من الكسرة (3) إلى الضمة.

وكتب (4) الألف في : «ضربوا» للفرق بين واو الجمع وواو العطف في مثل : حضروا (5) وتكلّم زيد ، وقيل : للفرق بين واو الجمع وواو الواحد في مثل : لم

ص: 59


1- قوله : (بخلاف) جواب سؤال مقدر وهو أنتم قلتم : إذا اتصل بالفعل واو الجمع يضم آخره لأجل الواو ، فلم لم يضم في رموا؟ وتقرير الجواب : أن الميم فيه وإن كانت ما قبلها صورة ، لكنها ليست بما قبلها حقيقة ؛ لأن أصله رميوا بضم الياء فقلبت ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، فالتقى الساكنان الألف والواو فحذفت الألف دون الواو ؛ لأن الألف لام الفعل ، والواو علامة للفاعل ، والعلامة لا تحذف فلما لم تكن الميم بما قبل الواو بقيت على حالها ، وهو الفتح فصار رموا كذا الحال في كل ناقص عين ماضيه مفتوح فافهم. اه حنفية وفلاح.
2- قوله : (وضم ... إلخ) لما توجه أن يقال : إن الضّاد في رضوا ليست بما قبل الواو حقيقة فلم ضمت؟ أجاب عنه بقوله : وضم ... إلخ. وتقرير الجواب ما أشار إليه المصنف رحمة الله. بقوله حتى لا يلزم ... إلخ. اه فلاح.
3- قوله : (من الكسرة ... إلخ) وذلك أثقل على اللسان ؛ لأنه كالمشي من الأسفل إلى العلوّ ، واعترض عليه بأن الفساد يرتفع بالفتح أيضا ، بأن يقال : رضوا بفتح الضّاد كما يقال : رموا ، وأجيب : بأن الأمر كذلك لكنه لم تفتح لتناسب الواو ولتدل على الضمة المحذوفة للياء. اه فلاح بتصرف.
4- قوله : (وكتب ... إلخ) لعله لدفع ما يقال : لا حاجة إلى كتابة الألف في مثل ضربوا ؛ لأن الجمع مستفاد من الواو فقط والله أعلم. اه ش.
5- قوله : (حضروا ... إلخ) وكذلك في مثل لم يحضروا تكلم زيد يعني إذا لم يكتب الألف بعد الواو لم يعلم أن حضر ، ولم يحضر مفرد عطف عليه تكلم ، أو جمع لم يعطف عليه ، وأمّا إذا كتبت زال هنا الالتباس ؛ لأن الألف لا تزيد بعد واو العطف. ويتوجه بأن لزوم الالتباس في مثل حضر وتكلّم زيد مسلم ، لكن لا نسلم الالتباس في مثل ضربوا ؛ لأن واو الجمع يكتب متصلا نحو ضربوا وقتلوا وواو العطف يكتب منفصلا نحو ضرب وقتل فلا حاجة إلى زيادة الألف في ضربوا. أجيب بأنّ الالتباس وإن لم يلزم في ضربوا لما قلتم ، وكذا في لم يضربوا إلا أنهم حملوها عليهما طردا للباب. فإن قلت : لم لم يحملوا مثل ضربوه ولم يضربوه عليهما أيضا طردا للباب؟ مع أنهما من هذا الباب؟. قلت : لأنه يلزم إدخال الفاصل بين الضمير المتصل وبين ما يتصل به من غير ضرورة وهو غير جائز هذا هو المراد. لكن في عبارته نوع قصور لعدم تناوله للمضارع ، اللهم أراد المصنف ب : يضربوا مثلا كل جمع للمذكر يكون واو الجمع فيه متصلا بما قبلها ماضيا كان أو مضارعا ، لكن الاكتفاء بالماضي للأصالة لا للحصر. فإن قيل : كتابة الألف بعد واو الجمع ليست بجارية على الإطلاق بل إذا لم يكن بعد واو الجمع ضمير ؛ لأنه إذا كان بعده ضمير لا تكتب الألف بعده كما أشرنا إليه سابقا ، فلو قال : كتب الألف بعد واو الجمع ما لم يكن بعده ضمير لكان أولى وأحرى كذا قيل؟. والجواب عنه : أن تمثيل المصنف بلفظ ضربوا دار على هذا الغرض ومن دأبهم الاكتفاء بالتمثيل شائع تدبر. اه فلاح وحنفية.

يدع (1) ، ولم يدعوا.

ص: 60


1- قوله : (في مثل لم يدع ... إلخ) فإن قيل : إن كلمة لم إذا دخلت على المفرد يسقط حرف العلّة النّاقص وإذا دخلت على الجمع لم يسقط آخره بل يسقط نونه نحو لم يدعوا فقد حصل الفرق بلم؟. قلنا : هذا على لغة من قال : إن الجازم لا يسقط الحروف من النّاقص بل يسقط الحركة فقط ، كما في الصحيح وعليه قول الشاعر : هجوت زيان ثم جئت معتذرا من هجو زيان لم تهجو ولم تدع (البيت من البحر البسيط ، وهو بلا نسبة في الجمل في النحو للفراهيدي ص 223 ، وأصول النحو لابن السراج 2 / 109.) بإثبات الواو في تهجو مع أنه واحد ، فلما لم تحذف الواو على هذه اللغة من المفرد مثلا إذا قيل : لم يدعو بغير ألف لم يعلم أنه جمع حذف نونه للجزم أو مفرد لم يحذف واوه بل أسقطت حركته ، فإذا كتبت الألف زال الالتباس. فإن قلت : إن الواو في يدعو ساكن قبل دخول الجازم عليه فكيف يمكن إسقاط الحركة منه على هذه اللغة؟. قلت : قال ابن جني : إنه قدر أن يكون في الرفع هو يدعو ويهجو بإثبات الضمة على الواو كما تقول : هو يضربك فجاء الجازم وأسقط الحركة وبقيت الواو ساكنة. أقول : إن زيادة الألف في آخر لم يدعو بصيغة الجمع وإن كان مما يدفع الالتباس الذي بينه وبين واحده كما قيل ؛ لكنه يؤدي إلى التباسه بين التثنية فصار المفرّ عين المقرّ ، ولعل هذا وجه إيراد هذا القول بصيغة المجهول. ثم أقول : إن زيادة الألف في مثل لم يدعوا وإن كان مما يدفع الالتباس بالواحد ويوجب الالتباس بالتثنية لكن الالتباس بالتثنية ليس كالالتباس بالواحد فإن الواحد أصل بالنسبة إلى التثنية والجمع وهما فرعان له فالتباس الفرع بالأصل أشد وأفحش من التباس الفرع بالفرع فافهم وتدبر. اه مجمع الشروح.

وجعلت التاء علامة للمؤنث (1) في : «ضربت» لأن (2) التاء من المخرج الثاني ، والمؤنث أيضا ثان (3) في التخليق ، وهذه التاء ليست بضمير كما سيجيء.

وأسكنت (4)

ص: 61


1- قوله : (علامة ... إلخ) ليحصل الفرق بين فعل المذكر والمؤنث نحو ضرب وضربت ، كما جعلت علامة لها في الاسم نحو قائم وقائمة ولم يعكس الأمر كما لا يعكس في الاسم ؛ لأن المجرد أصل وذو الزيادة فرع وكذا المذكر أصل ، والمؤنث فرع ، فعين الأصل للأصل ، والفرع للفرع ، وأسكنت في الفعل فرقا بينه وبين ما كان في الاسم ، ولم يعكس لثقل الفعل وخفة الاسم. اه فلاح.
2- قوله : (لأن التاء ... إلخ) فإن قلت : هذا الدليل ليس بمستلزم لجعل التاء علامة للمؤنث على الخصوص فكما أن التاء في المخرج الثّاني فكذا حروف منه كالدال والذال وغيرهما كما لا يخفى ، فلا يتم التقريب ، فأي نكتة في اختيار ذلك من بينهم؟. قلت : الأصل في الزيادة حروف العلّة لما مر إلا أن زيادتها ثمة غير ممكنة ، أمّا الواو فللالتباس بجمع المذكر ، وأمّا الألف فبالتثنية منه ، وأمّا الياء فباسم التفضيل المؤنث ، فخصوا التاء لذلك ؛ لأنها تبدل بالواو كثيرا ما في كلامهم نحو تراث وتجاه والأصل وراث ووجاه بخلاف غيرها ، فكانت أقرب إلى حرف العلّة بالنسبة إلى سائر الحروف من هذا المخرج ، فلهذا خصت لها ، هذا ما عندي والله تعالى أعلم. اه لمحرره.
3- قوله : (ثان في ... إلخ) فإن قيل : هذا الدليل ليس بتام ؛ لأنه أخصّ من المدلول ، بيانه أن جعل التاء علامة التأنيث مطلقا يعني في التأنيث للآدميين وغيرهم ، وإنما يثبت بهذا الدليل إذا ثبت أن كل مؤنث ثان في التخليق وذا مشكل ، ألا ترى أنهم يقولون : طلعت الشمس وربحت التجارة وأمثالهما ، ومعلوم أنه ليس للشمس والتجارة مذكر حتى كانت هذه الأشياء ثواني في التخليق؟. قلت : تأنيث الآدميين أصل فإذا ثبت ذلك فيه استتبع غيره ليكون على وتيرة واحدة ؛ لأن ذلك مطلوب لهم. ولا يخفى أن هذه مناسبة والمناسبة لا يطرد ، ألا ترى إلى تسمية القضايا مطلقا حملية مع أن في السوالب رفع الحمل على أن ليس كل مؤنث آدمي ثان في التخليق. اه ملا جلال.
4- قوله : (وأسكنت ... إلخ) لما فرغ من بيان فعل الواحد أراد الشروع في بيان الجمع المؤنث والواحد المخاطب والمخاطبة والمتكلم مطلقا ، ولم يتعرض إلى التثنية ؛ إذ حكمه كحكم الواحد. اه ح. قوله : (وأسكنت ... إلخ) دفع لما يقال : إن الباء كانت متحركة في ضرب فلما أسكنت في ضربن ، أي : جمع المؤنث ، وضربت ، أي : الواحد المخاطب والمخاطبة والمتكلم منهما بأنه أسكنت ... إلخ. اه حنفية شرح مراح.

الباء في مثل (1) : ضربن ، وضربت ، حتى لا يجتمع أربع حركات متوالية فيما هو كالكلمة الواحدة (2) ، ومن ثمّ (3) لا يجوز (4) العطف على ضميره بغير التأكيد (5) ،

ص: 62


1- قوله : (في مثل ضربن ... إلخ) أي : عند إلحاق الضمائر المتحرّكة للماضي وهي تسعة أوجه ضربن ، ضربت ، ضربتما ، ضربتم ، ضربت ، ضربتما ، ضربتن ، ضربت ، ضربنا. اه فلاح شرح مراح. قوله : (في مثل ضربن ... إلخ) فإن قيل : لم حركت النون من ضربن والتاء من ضربت ، والحق في الحرف السكون؟. قلنا : إنما حركت ؛ لأنهما اسمان لا حرفان كما توهم والاسم إذا بني بني على الحركة. اه حنفية شرح مراح الأرواح.
2- قوله : (كالكلمة ... إلخ) يعني كما لا يجوز أن يجتمع أربع حركات متواليات في كلمة واحدة فعلا كان أو اسما لثقلها على اللسان كذلك لا يجوز فيما هو بمنزلة كلمة واحدة لتلك العلّة أيضا. والفعل مع ضمير الفاعل كذلك لأنه متصل لفظا ومعنى وحكما فيصير كجزء منه. أمّا لفظا فظاهر ، وأمّا معنى فمن حيث إنه فاعل والفاعل كالجزء من الفعل لشدة احتياج الفعل إليه ، وأمّا حكما فبدليل وقوعه بين الكلمة المعربة وبين ما قام مقام الحركة الإعرابية من الحروف وهو النون في يفعلان ويفعلون وتفعلين. اه فلاح.
3- قوله : (ومن ثم) بالفتح والتشديد ، وقد يكون بالهاء فرقا بينه وبين ثم العاطفة ، ولم يعكس ؛ لأن العاطفة مضمومة وأكثر استعمالا فالخفة فيها بترك الهاء أولى. وهو للإشارة إلى المكان الحسي وضعا ؛ وقد استعير كذلك إلى المذكور من القول ، ويستعمل بمعنى لأجل على طريق بيان الأثر لما تقدم ، فالمعنى أي : لأجل أن الضمير المرفوع المتصل كالجزء من الفعل لا يجوز ... إلخ. اه فلاح وحنفية.
4- قوله : (لا يجوز ... إلخ) أي : بدون القبح فإن مذهب البصريين أن التأكيد بالمنفصل هو الأولى ، ويجوزون العطف لا تأكيدا ولا فصلا ، لكن على قبح ، والكوفيون يجوزون بلا قبح كذا في الفوائد الضيائية. اه ملا غلام رباني.
5- قوله : (بغير التأكيد) واعترض عليه بأن قوله : بغير التأكيد ليس بصحيح ؛ لأنه إذا وقع الفصل بين الضمير المرفوع المتصل وبين المعطوف بشيء سوى الضمير المنفصل فحينئذ يجوز العطف بغير التأكيد كما في قوله تعالى : (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ) [المسد : 3 - 4] فالأولى أن يقال : لا يجوز العطف على ضميره بغير التأكيد إذا لم يقع الفصل بينه وبين المعطوف بشيء. ويمكن أن يقال : إن المعطوف في كلام المصنف مقدر تقديره بغير التأكيد ونحوه وهو الانفصال. واعلم أن المعطوف عليه في قولنا : ضربت أنت وزيد إنما هو المتصل لا المنفصل ، وإنما قيد بذلك دون العكس ؛ لأن العطف للاشتراك في الحكم ، والحكم إنما تعلق بالمتصل ؛ لأنه هو المسند إليه لا بالمنفصل لأنه إنما يجيء به لمحض التأكيد ، والمقصود بالذكر إنما هو المؤكّد لا المؤكّد فيلزم حينئذ عطف الكل على الجزء ، والجواب أن ذلك المتصل إذ أكد أولا بمنفصل يظهر بذلك أن ذلك المتصل منفصل من حيث الحقيقة بدليل جواز إفراده مما اتصل به بتأكيده ، فيحصل له نوع استقلال. اه حنفية وملا غلام رباني.

فلا يقال (1) : ضربت وزيد ، بل يقال : ضربت أنت وزيد ، بخلاف : «ضربتا» (2) لأن حركة التاء فيه في حكم السكون ، ومن ثمّ تسقط الألف في مثل رمتا ، لكون التحريك عارضا فيه (3) ، إلا في لغة رديئة (4) يقول أهلها : رماتا ، وبخلاف مثل :

ص: 63


1- قوله : (فلا يقال ... إلخ) يعني : كما لا يجوز العطف على بعض حروف الكلمة كذلك لا يجوز على ما هو بمنزلتها من غير تأكيد بمنفصل ؛ لأنه لو أكد به يظهر بذلك أن ذلك المتصل منفصل من حيث الحقيقة بدليل جواز إفراده مما اتصل به بتأكيده فيحصل له نوع استقلال ، ولا يظن أن يكون هذا العطف على هذا التأكيد ؛ لأن المعطوف في حكم المعطوف عليه ، فكان يلزم أن يكون هذا المعطوف أيضا تأكيدا للمتصل وهو مجاز ، كذا حققه الرضي فظهر بطلان ما قال الشارحون من أنه لو عطف عليه بلا تأكيد يلزم عطف الاسم على الفعل ، وهو غير جائز. اه ابن سليمان.
2- قوله : (بخلاف ... إلخ) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : ما ذكرتم أن توالي أربع حركات لا يوجد فيما هو كالكلمة الواحدة منقوض بضربتا وضربك ، وهدبد وعلبط حيث اجتمع فيه الحركات الأربع مع أنه جوز ذلك. فأجاب : لأن ... إلخ. اه حنفية بزيادة.
3- قوله : (عارضا فيه) لأن هذه التاء هي تاء رمت ، وقد عرفت أنها ساكنة فإذا اتصل به ضمير التثنية وهي الألف الساكنة حركت تلك التاء لأجل تلك الألف ؛ لأن إلحاق الساكن بالساكن محال فتكون حركتها عارضة والعارض كالمعدوم فلذلك جعلت التاء في حكم السكون فالتقى الساكنان ، أحدهما ساكنة حقيقية وهو الألف التي هي لام الكلمة والثّاني حكما وهو تاء التأنيث فسقطت الألف فصار رمتا. فإن قلت : فعلى هذا يلزم التقاء الساكنين أيضا وهما التاء وألف الضمير؟. قلت : حركة التاء له اعتباران اعتبار عدمها حكما واعتبار وجودها لفظا ، فاعتبر عدمها مع ما قبلها لعدم الاحتياج إليها ؛ إذ يجوز حذف ما قبلها واعتبر وجودها مع ما بعدها للاحتياج إليها لامتناع حذف أحدهما ؛ إذ التاء علامة ، والألف فاعل. اه فلاح.
4- قوله : (إلا في لغة ... إلخ) هذا استثناء متصل مفرغ من قوله : يسقط الألف في رمتا ، أي : يسقط الألف لأجل أن حركة التاء في حكم السكون في جميع اللغات ، إلّا في لغة رديئة ، فإن أهل تلك اللغة الرديئة يقول : رماتا بإثبات الألف فإنهم يعتبرون حركة التاء أصلية فليس التقاء الساكنين على لغتهم ، ولا يعتبر هذه اللغة ؛ لأن كلامنا في كلام البلغاء لا في المولّدين. اه حنفية وفلاح.

ضربك ؛ لأنه ليس كالكلمة الواحدة ؛ لأن ضميره ضمير منصوب (1) ، وبخلاف : هدبد ، وعلبط ؛ لأن أصله : هدابد (2) ، وعلابط ، ثم قصرا ، كما في : «مخيط» (3) أصله : مخياط.

وحذفت (4) التاء في : «ضربن» حتى لا تجتمع علامتا التأنيث ، كما في :

ص: 64


1- قوله : (ضمير منصوب) والضمير المنصوب لا يصير مع الفعل كالكلمة الواحدة لعدم شدة اتصاله به ؛ لأنه مفعول ، والمفعول فضلة في الكلام ؛ إذ يتم الكلام بدونه بخلاف الفاعل ، ولأن الفعل قد يكون لازما ولا مفعول به معه ، ولهذا يجوز العطف على الضمير المنصوب المتصل من غير أن يؤكّد بمنفصل ، تقول : رأيتك وزيدا. اه حنفية شرح مراح.
2- قوله : (هدابد) ولا شك في أنّ التوالي إنما يمتنع إذا كان بطريق الأصل بحيث لا يكون بين الحروف الأربعة المتحركة حرف ساكن لا لفظا ولا تقديرا في كلمة واحدة ، أو فيما هو كالكلمة الواحدة. فعلى هذا يلزم أن لا يسكن الباء في ضربن ؛ لأنه لا يلزم التوالي المذكور فيه ، لأن التاء في الأصل ساكن ؛ إذ أصله ضربتن كما قالوا ، فلا يصح ما ذكره في إسكان الباء من ضربن ؛ لئلا يجتمع أربع حركات متواليات فيما هو كالكلمة الواحدة. ويمكن أن يقال : إن الفرق بين هدبد وضربن أن قصر الألف في الأول ليس من قبيل الحذف بل من قبيل الاتساعات فكان الألف كالحروف الباقية ، بخلاف حذف التاء من ضربتن ؛ لأن أمر الحذف فيه على عكس هذا. اه ملا غلام رباني.
3- قوله : (مخيط) المخيط بالقصر الإبرة القصيرة ، وبالمد الإبرة الكبيرة. اه فلاح. قاعدة : إذا اجتمع علامتا التأنيث في كلمة فإن كانتا من جنس واحد تحذف إحداهما سواء كانتا في فعل أو اسم. وإن كانتا من جنسين تحذف إحداهما أيضا إذا كانتا في اسم لثقل الفعل وخفة الاسم. اه ف.
4- قوله : (وحذفت ... إلخ) جواب عن سؤال مقدر وهو أن يقال : إذا جعلت التاء علامة للمؤنث فلم حذفت في ضربن ، مع أن القياس يقتضي أن يقال : ضربتن بالتاء ؛ لوجودها في الواحدة والتثنية ، نحو ضربت وضربتا؟ فأجاب عنه به يعني : حذفت التاء في ضربن حتى ... إلخ. اه فلاح. قوله : (وحذفت ... إلخ) فإن قيل : الحذف إنما يتصور بعد الوجود ، ووجود التاء في ضربن لم يثبت لا لفظا ولا سماعا ، فكيف قيل : حذفت التاء؟. قلنا : نعم كذلك ، لكن القياس يقتضي أن تكون التاء موجودة فيه بدليل وجوده في واحد وتثنية ، أعني ضربت وضربتا ، فإذا ثبتت التاء في الواحد والتثنية فكأنها كانت موجودة ثم حذفت. اه ح.

«مسلمات» (1) وإن لم يكونا من جنس واحد (2) لثقل الفعل ، بخلاف حبليات (3) ، لعدم الجنسية.

وسوّي (4) بين تثنيتي المخاطب والمخاطبة ، وبين الإخبارات لقلّة (5) الاستعمال (6)

ص: 65


1- قوله : (كما في مسلمات) أصله مسلمتات ؛ لأن مفرده مسلمة فجمعت بالألف والتاء فاجتمعت علامتان من جنس واحد وهما التاءان ، فحذفت الأولى ؛ لأن الثّانية علامة الجمع أيضا. اه فلاح.
2- قوله : (وإن لم ... إلخ) واصل بما قبله من قوله : حذفت الياء ... إلخ. وهذا الدفع يوهم أن التاء حذفت في مسلمات لاجتماع علامتي التأنيث من جنس واحد ، وليس كذلك في ضربن فينبغي أن لا تحذف التاء في ضربتن وإن لم تكن العلامتان من جنس واحد لأجل أن الفعل ثقيل ، والثقيل أولى بأن يحترز فيه على اجتماع التأنيثين ، سواء كانتا من جنس واحد أو لم تكونا ؛ لأن التأنيث أثقل من التذكير ؛ لأن التأنيث لا يخلو عن الزيادة ، وإنما كان الفعل ثقيلا لدلالته على الحدث والزمان ، والنسبة إلى الفاعل بخلاف الاسم ، ولأن الفعل يلحقه ضمير بارز. اه حنفية.
3- قوله : (بخلاف حبليات) لعله دفع لما عسى أن يتوهم ما السر في أن التاء واحدة في مسلمتات حذفت ولم تحذف الياء المنقلبة من الألف من حبليات ، إذ أصله حبلى مع أن كلا منهما علامة لتأنيث مفردها وجمع أيضا. بأنه بخلاف ... إلخ ، وحاصل ذلك ظاهر. اه لمحرره.
4- قوله : (وسوّي بين ... إلخ) جواب لمن يسأل أن الأصل في الصيغ كلها الامتياز دفعا للالتباس لا سيما بين المذكر والمؤنث ، فما المجوز في تسوية بين تثنيتي المخاطب والمخاطبة بما ترى ، ثم معنى قوله : وسوّي ... أوقع التسوية بينهن على أن الفعل مسند إلى ضمير المصدر كما في قولهم : قد حيل بين العير والنزوان ، أي : وقع الحيلولة بينهما. اه تحرير.
5- قوله : (لقلة الاستعمال) ولقائل أن يقول : لا نسلم قلة استعمال التثنية ؛ لأن الخطاب في المحاورات كما يكون للواحد والجمع كذلك يكون للاثنين ، فلا يثبت التفاوت بينهن في القلة والكثرة ، وذلك إنما يكون مستقيما إذا ثبت أن الخطاب في المحاورات للاثنين قليل وللواحد والجمع كثير ، وهو أمر مشكل. وأما ما ذكر في كتب النحو من كثرة التثنية فبمعنى آخر وهو أن التثنية غير مختصة بعلم الذكور وبصفتها ، بخلاف جمع المذكر السالم. والحق أن يقال : إن كل ما ذكر من المناسبات في كتب هذا الفن كانت بعد الوقوع. تأمل. اه ملا غلام رباني.
6- قوله : (لقلة الاستعمال) لأنها في حيز السقوط فإنه لو زيد عليه واحد ينقل إلى الجمع ، ولو نقص واحد منها ينزل إلى المفرد فلا يمتنع الالتباس فيها. فإن قيل : فعلى هذا ينبغي أن لا يفرق بين تثنية المخاطبين والغائبين والمخاطبتين والغائبتين ؛ لأن تثنيتهما أيضا في حيز السقوط فإنه لو زاد ... إلخ ، وأيضا قليل الاستعمال لما مر؟. قلنا : القياس كما قلت ، لكنهم كرهوا الالتباس ههنا ؛ لئلا يلتبس الأصل وهو المخاطب والمخاطبة بالفرع وهو الغائب والغائبة. اه من الخطيب.

في التثنية ، ووضع (1) الضمائر للإيجاز (2) ، وعدم الالتباس في الإخبارات (3).

وزيدت الميم (4) في : «ضربتما» حتى لا يلتبس بألف الإشباع في قول الشاعر :

ص: 66


1- قوله : (ووضع الضمائر ... إلخ) يعني : أنهم وضعوا لتثنية المذكر وتثنية المؤنث ضميرا واحدا ، وهو أنتما للإيجاز ، فلما كان ضمير التثنيتين واحدا وجب أن يكون لفظها الظاهر واحدا ، وهو ضربتما ؛ لأن الضمير قائم مقام الظاهر وكذا أنهم وضعوا للمفرد المذكر ولمفرد المؤنث في الإخبار ضميرا واحدا وهو وتثنيتهما وجمعهما ضميرا واحدا آخر ، وهو نحن للإيجاز والاقتصار ، فلما كان ضمير الإخبارات منحصرا فيهما يلزم أن ينحصر لفظهما الظاهر في لفظين وهما : ضربت وضربنا ، لأن الضمير قائم مقام الظاهر فافهم. فقوله : ووضع الضمائر للإيجاز دليل لتسوية التثنيتين ، ولتسوية الإخبارات معا ، وإن كان المتبادر من ظاهر سوق العبارات كونه دليلا للإخبارات فقط. اه فلاح.
2- قوله : (للإيجاز) ألا ترى أنك إذا قلت : زيدا ضربته كان أقصر من أن تقول زيد ضربت وزيدا بغير الضمير ، فلو جعلت للمخاطبة علامة أخرى يلزم التطويل المخل بالإيجاز المقصود مع قلة الاستعمال في التثنية. اه مهدي.
3- لأن المتكلم المخبر يرى في أكثر الأحوال فيعلم أنه مذكر أو مؤنث أو مثنى أو مجموع ، أو يعلم بصوته كذلك أو بغيرهما من القرائن ، فإن وقع الالتباس في بعض المواضع قليل. اه ف.
4- دفع لمن يقول : ينبغي أن لا يزاد الميم في تثنية المخاطب والمخاطبة ؛ إذ القياس أن يقال : ضربتا بزيادة الألف فقط ، لأن علامة التثنية هي الألف بأنه إنما زيدت الميم لا يلتبس ألف التثنية بألف الإشباع ، نحو أنتا في الشعر الآتي لأنهم يشبعون فتحة المفرد فيتولد منها ألف ، فزيدت الميم في التثنية لدفع الالتباس. فإن قيل : ألف ضربا للتثنية أيضا يلتبس بألف الإشباع في ضرب فينبغي أن يزاد فيه شيء؟. قلنا : إنما لم يزد فيه شيء لحصول الفرق بالقرينة وهي ذكر المرجع قبل الواحد والتثنية ، تقول : زيد ضربا ، وزيدان ضربا ، بخلاف المخاطب فإن المرجع لم يذكر قبله فلا يقع زيد ضربت وزيدان ضربتما. وينقض باضربا ، فالحق أن يقال : إن كل ما ذكر في كتب هذا الفن من النكات نكات بعد الوقوع فلا يرد عليه ما سبق أصلا. اه حنفية مختصرا بنبذ زيادة.

أخوك (1) أخو مكاشرة

وضحك

وحيّاك الإله فكيف (2)

أنتا (3)

وإنّك ضامن بالرّزق حتى

توفّى كلّ نفس ما ضمنتا (4)

وخصّت (5) الميم في : ضربتما ، لأنّ تحته : «أنتما» مضمر ، وأدخلت (6) في : «أنتما» لقرب الميم إلى التاء في المخرج ، وقيل : تبعا (7) ل : «هما» وزيدت في : هما كما سيجيء.

ص: 67


1- قوله : (أخوك ... إلخ) قيل : كان لامرأة زوج بشاش فتوفي ، فتزوجها أخوه وهو رجل منقبض فانزعجت منه ، فقالت المرأة : أخوك ... إلخ ، ثم معنى الشعر بالفارسية :
2- تعميم الدعاء بجميع أحوال المخاطب ، أو المعنى إذا كان مصاحبك بهذه الصفة فكيف ... إلخ ، فالجملة الاستفهامية للتعجب. اه فلاح وعبد الحكيم.
3- يريد به أنت إلا أنه أشبع فتح التاء ، فتولدت منه الألف فصار أنتا فلو لم يزد الميم في ضربتما ، وقيل : ضربتا لم يعلم أنها ألف الإشباع أو ألف التثنية. اه ح.
4- البيتان من البحر الوافر ، وهما بلا نسبة في الإنصاف في مسائل الخلاف 2 / 683.
5- قوله : (وخصت ... إلخ) جواب لمن يسأل بأن دفع الالتباس بألف الإشباع كما يحصل بزيادة الميم. فكذا بباقي الحروف من حروف الزيادة وغيرها كما لا يخفى ، فما وجه تخصيصه من بينهم؟ وتوضيح الجواب أن تحت ضربتما أنتما مضمر وفيه الميم فزيدت الميم أيضا ؛ وذلك لأن ضربتما تثنية ، وأنتما أيضا ضمير التثنية. اه مهدي.
6- قوله : (وأدخلت) دفع لما قيل : لم زيدت الميم في أنتما مع عدمه في المفرد وهو أنت بأن إدخاله لقربه إلى التاء ... إلخ. فإن قيل : لم نصب الميم من الحروف الشفوية وهي كثيرة من الياء والواو والفاء؟. قلت : إن الياء والفاء وإن كانتا شفويتين لكن ليستا من حروف الزوائد والواو أثقل من الميم. اه معراج الدّين.
7- يعني إنما زيدت الميم في أنتما لأجل المتابعة لهما الذي هو ضمير تثنية الغائب فيكون مناسبا بضربتما ، التاء هو ضمير تثنية المخاطب. واعترض عليه بأن الميم في هما بدل من الواو الأصلي ، والميم في أنتما ليست ببدل بل هي زائدة فلا يقاس أحدهما على الآخر. قلنا : إنه وجدت الميم في هما ولو أصلية فزيدت في أنتما لأجل المتابعة ليكون تثنية الغائب والمخاطب على طرد واحد ، وإن كان الميم في هما أصلية وفي أنتما زائدة. اه. ح.

وضمّت التاء في : «ضربتما» وضربتم وضربتنّ لأنها ضمير الفاعل ، وفتحت (1) في الواحد المخاطب خوفا من الالتباس ولا التباس (2) في التثنية ، وقيل : إتباعا للميم ؛ لأن الميم شفويّة ، فجعلوا حركة التاء من جنسها ، وهو الضمّ الشّفوي.

زيدت (3) الميم في : «ضربتم» حتى يطّرد (4) بتثنيته ، وضمير الجمع (5) فيه

ص: 68


1- قوله : (وفتحت ... إلخ) دفع خلل أن التاء في الواحد المخاطب ضمير الفاعل فينبغي أن تضم لما مر منا ، ولم يضم فما ذا يوجبه؟ بأن الموجب خوف التباس المخاطب بالمتكلم ولم يعكس ، لأن المتكلم أقوى لصدور الكلام منه ، والضم أيضا قوي فإعطاء القوي للقوي أولى. وإنما كسرت في المخاطبة فرقا بينها وبين المخاطب ، أو لمناسبة الكسرة التأنيث لكونها جزءا من الياء التي هي علامة التأنيث نحو : هذي وتضربين ولذا لم يعكس الأمر. اه مولاي غلام رباني رحمه الله.
2- وتفصيله أن أول ما يبدأ بوضعه من أنواع الضمائر ، الضمير المرفوع المتصل. وأول ما يبدأ بوضعه من المرفوع المتكلم ، ثم المخاطب ثم الغائب. فنقول : إنما ضموا التاء في المتكلم لمناسبة الضمة لحركة الفاعل وفتحوا للمخاطب فرقا بينه وبين المتكلم بأخف الحركات ، وكسروا للمخاطبة ولم يعكس الأمر بكسرها للمخاطب ، وفتحها للمخاطبة ؛ لأن خطاب المذكر أكثر فالخفيف به أولى ، وأيضا هو مقدم على المؤنث فخص الفرق بالتخفيف فلم يبق للمؤنث إلا الكسر. اه ابن سليمان.
3- قوله : (زيدت ... إلخ) جواب سؤال تحريره : أنتم قلتم بأن زيادة الميم في ضربتما لأجل دفع الالتباس بألف الإشباع ، فما وجه زيادتها في ضربتم مع عدم خوفه ثمة؟ وتوجيه الجواب أنه إنما زيدت الميم في ضربتم ليكون موافقا بالتثنية في زيادة الميم وجه المناسبة بين التثنية والجمع كونهما فرعين للواحد. اه مهدي.
4- قوله : (يطرد) من الاطراد بالكسر وتشديد طاء راست شدن كاروبي يكديگر شدن. أ. ه. رشيدي.
5- قوله : (وضمير إلخ) كأنه جواب دخل مقدر وهو أن يقال : إن زيادة الميم فيه للاطراد فأين ضمير الجمع فقال : إن ضمير الجمع ... إلخ والدليل عليه عودها عند اتصال ضمير المفعول نحو ضربتموه. واعترض عليه بأن الواو علامة الجمع والعلامة لا تحذف ؛ لأنه يخل بالغرض ، ولهذا قال الأخفش : إن المحذوف في مقول عين الفعل دون الواو المزيدة ، فكيف يجوز حذف الواو ههنا؟ اه حنفية. والجواب إنما حذف الواو فيه لما ذكره بعض المحققين من أنهم لما ثنوا الضمائر وجمعوها ، والقصد بوضع متصلهما التخفيف لم يأتوا بنوني المثنى ، والمجموع بعد الألف والواو كما أتوا بها في اللذان واللذين وهذان فوقع الواو في الجمع في الآخر مضموما ما قبلها وهو مستثقل حسّا فحذفوا الواو وسكنوا الميم التي ضموها لأجل الواو لا لأمن الالتباس بالمثنى بثبوت الألف فيه دون الجمع. كذا في الإيضاح. اه غلام رباني.

محذوف ، وهو الواو (1) ؛ لأن أصله : ضربتموا (2) ، فحذفت الواو ؛ لأن الميم بمنزلة (3) الاسم (4) ، ولا يوجد في آخر الاسم واو قبلها مضموم إلا : هو ، ومن ثمّ يقال في جمع دلو : أدل ، أصله : أدلو (5) ، بخلاف : ضربوا (6) ؛

ص: 69


1- قوله : (وهو الواو) مناقض لما تقرر فيما سبق وهو أن ضمير الفاعل التاء واللواحق حروف تدل على أحوال المرجوع إليه ، إلا أن يقال : إن المضاف محذوف ، أي : ومميز ضمير الجمع محذوف. وقال الشارح : إنما سمى الواو ضميرا تجوزا تشبيها له بالضمير ؛ لأنه جزؤه ، ولأنه أراد به العلامة وهم يسمون العلامة ضميرا مجازا هذا لفظه ، وفيه تأمل. اه غلام رباني.
2- قوله : (ضربتموا) فإن قلت : فما فائدة التاء إذا؟. قلت : إنها للفرق بين الجمع المخاطب والجمع الغائب تفصيله زيدت للجمع المخاطب على ضرب مثلا أولا الواو فصار ضربوا فالتبس بالجمع الغائب فزيدت التاء للفرق ، ثم زيدت الميم ليطرد بتثنيته فصار ضربتموا هذا ما اختاره المصنف ، أو لئلا يلتبس بالمتكلم إذا أشبعت ضمته ، وهذا ما اختاره الرضي. اه فلاح بتغيير ما.
3- فيه تأمل ؛ لأنه حرف مزيد للطرد وعلامة الجمع هي الواو وحدها ، فكيف يكون بمنزلة الاسم؟ فالجواب نعم إنها حرف أمّا ههنا ذكر الجزء وهو الميم وإرادة الكل وهو هموا وهذا جائز إذا كان ذلك الجزء أشرف أجزاء الكل ، والميم كذلك ؛ لأنه يحصل بضم العضوين. اه تحرير.
4- لأن الميم يحول كثيرا من الأفعال اسما كالفعل المضارع كما تقول في : يخرج مخرج. اه من الحنفية. وهو ضعيف ؛ إذ المقصود بيان أن الميم في ضربتموا بمنزلة الاسم لا مطلق الميم مع أنّ الميم الذي يجعل المضارع اسما ليس بمنزلة الاسم فتأمل. اه أحمد.
5- بضم اللام فأبدلت ضمة اللام بالكسر كيلا يكون في آخر الاسم واو قبلها ضمة ، فصار أدلو ثم قلبوا الواو ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها فصار أدلي ثم فعل به ما فعل بقاض فصار أدل. اه مولوي. ولا يجوز الإعلال بحذف الواو ابتداء ؛ لأنه لم يبق حينئذ سبب لتبديل الضمة الثقيلة كسرة مع أنه مقصود أيضا. اه فلاح.
6- كأنه جواب سؤال ، توجيه السؤال : أن ضربوا في آخره واو مضموم ما قبلها فينبغي أن يحذف الواو ، وتوجيه الجواب أن باءه أصلية فيكون في آخر الفعل وشرط حذفها كونها في آخر الاسم ففقد حذفها من ضربوا فلم يحذف. اه حنفية.

لأن باءه ليست بمنزلة الاسم ، وبخلاف : ضربتموه (1) ؛ لأن الواو قد خرج من الطرف بسبب الضمير كما في : غطاية (2).

وشدّد (3) نون : «ضربتنّ» دون : «ضربن» لأن أصله : ضربتمن ، فأدغم الميم في

ص: 70


1- قوله : (وبخلاف ضربتموه ... إلخ) لعله دفع دخل مقدر توجيه الدخل أن الميم في ضربتموه بمنزلة الاسم كما في ضربتم ، وقد وجد ما قبلها مضموما فينبغي أن يحذف الواو منه. وتقرير الدفع أن الواو قد خرج من الطرف بسبب اتصال الضمير ومن شرط الحذف وقوعها طرفا كما مر ، وانتفاء الشرط ينتفي المشروط ، فلذلك لم يحذف الواو في ضربتموه ، وإن خرجت من الطرف ظاهرا لكنها في حكم الطرف ؛ لأن الضمير غير لازمة للصيغة ، فقد يثبت تارة ويسقط تارة أخرى ، فينبغي أن لا يمنع به حذفها. قيل : شرط الحذف فيما نحن فيه وقوعها طرفا لا في حكم الطرف كما مر فلذا لم تحذف. اه مهدي.
2- قوله : (كما في غطاية) ، الجار والمجرور صفة مصدر محذوف أي : الواو في ضربتموه خرج من الطرف بسبب الضمير خروجا مثل خروج الياء عن الطرف بسبب لحوق التاء في غطاية. قيل : الغطاية ليست بنظيره ، لأن التاء فيها موضوعة مع الصيغة. أجاب عنه : إن هذا التشبيه في نفس الخروج سواء كانت التاء عارضية أو أصلية. اه حنفية. وفيه : أن التشبيه في الخروج غير مسلم ، كيف وأن الياء في غطاية خارج من الطرف بسبب لزوم التاء وعدم انفكاكها عن الكلمة ، بخلاف الواو في ضربتموه ، فإنه ليس بخارج من الطرف ؛ لأن لحوق الضمير عارض لا يعتد به فلم يخرج الواو من الطرف ، فكيف يصح التشبيه فافهم. اه غلام رباني. * قوله : (كما في غطاية) في زيادة الميم لا لوجود علّة الزيادة فيه ، وهي الالتباس ، هذا وقال الفاضل الرضي : زيدت الميم قبل واو الجمع المخاطب ؛ لئلا يلتبس بالمتكلم ، إذا أشبعت ضمته ، فإنك إذا قلت : ضربتو لم يعلم أنه متكلم أشبعت ضمته للإطلاق ، أو جمع المخاطب. وخصت الميم بالزيادة ، لأن حروف العله متصلة قبل الواو ، والميم أقرب الحروف الصحيحة إلى حروف العلّة لغنتها ، ولكونها من مخرج الواو أي : شفوية ولذلك ضم ما قبلها ، كما يضم ما قبل الواو. اه فلاح. وأسكنت الميم تخفيفا ؛ لأن ضمها لأجل الواو كما أن فتحها في التثنية لأجل الألف ، هذا إذا لم يلاق الميم بعد حذف الواو ساكنا بعدها ، وأمّا إذا لقي فيضم أيضا ردّا لها إلى أصلها نحو ضربتم القوم ، وقيل : وقد يكسر. اه فلاح. دلو بالفتح كورة كه بان أب ؛ إذ بلا ونشانه كه بر اعضائ شتر ياشد ... إلخ. اه رشيدي.
3- قوله : (وشدد ... إلخ) أي : فإن قيل : لم شدد النون في ضربتن ... إلخ؟. قلنا : لأن أصله ... إلخ ، تشريح السؤال أن النون في ضربتن علامة جمع المؤنث المخاطبة ، وفي ضربن علامة جمع المؤنث الغائبة. فلم شدد في ضربتن دون ضربن؟ وتوضيح الجواب أن أصل ضربتن ضربتمن ؛ لأنه تثنية ضربتما ، والجمع محمول عليه بخلاف ضربن ؛ لعدم وجود الميم في تثنيته فلما كان أصله ضربتمن انقلبت الميم بالنون لقرب المخرج بينهما ، ثم أدغم النون التي أبدلت من الميم في النون التي هي ضمير جماعة المؤنث فصار ضربتن. اه حنفية. وإنما زيدت حرفان في ضربتن ، وحرف واحد في ضربن ليكون جمع المؤنث الغائبة مساويا لجمع المذكر الغائب. ألا ترى أنهم قالوا في الغائب المذكر : ضربوا ، وفي الغائبة : ضربن ، حيث ألحقوا آخرهما حرفا واحدا طلبا للمساواة ؛ ليكون جمع المؤنث المخاطب مساويا لجمع المذكر المخاطب ، حيث يقولون في مخاطب ضربتموا وفي المخاطب ضربتن ، فإذا ألحقوا أيضا آخر المؤنث حرفين طلبا للمساواة. اه مهديه.

النون ، لقرب الميم من النون (1) ، ومن ثّمّ تبدل الميم من النون كما في : عمبر (2) ، أصله عنبر.

وقيل : أصله : ضربتن (3) ، فأريد أن يكون ما قبل النون ساكنا ليطّرد بجميع نونات النساء ، ولا يمكن إسكان تاء المخاطبة لاجتماع الساكنين ، ولا يمكن حذفها (4) ، لأنها علامة ، والعلامة لا تحذف ، فأدخل النون (5) لقرب النون من النون ، ثم أدغم النون في النون.

ص: 71


1- قوله : (من النون) والأوجه أن يقال : زيدت النون مشددة ؛ ليكون بإزاء الميم والواو في المذكر نحو ضربتموا ، وإنما اختاروا النون لمشابهته بسبب الغنة للميم والواو مع كون الثلاثة من حروف الزيادة ، كذا قرره الرضي وصاحب النجاح. اه شمس الدين رحمه الله.
2- قوله : (عمبر) خوشبوئي است معروف وگويند أن سرگين جانور بحري است. اه م.
3- وذلك لأن الميم إنما زيدت في التثنية لئلا يلتبس بألف الإشباع ، وانعدمت هذه العلّة في الجمع فلم يزد الميم فيه ، فأريد أن يكون ما قبل النون ساكنا ليطرد بجميع نونات جمع النساء في سكون ما قبل ذلك النون. اه حنفية.
4- وهذا دفع من يتوهم وهو أنه ينبغي أن يحذف التاء بعد الإسكان لاجتماع الساكنين فقال : ولا يمكن ... إلخ ، وأيضا لو حذفت لالتبس جمع المؤنث المخاطبة بجمع المؤنث الغائبة. اه مهدي.
5- أي : فلما ثبت عدم إسكان تاء الخطاب لاجتماع الساكنين وعدم حذفها لأنها علامة ، والعلامة لا تحذف فأدخلت النون ... إلخ ، أي : زيدت النون. اه ح.

وزيدت التاء (1) في : «ضربت» لأن تحته : «أنا» مضمر (2) ، ولا يمكن (3) الزيادة من حروف : «أنا» للالتباس (4) ، فاختيرت (5) التاء لوجوده (6) في أخواته.

وزيدت (7) النون في : «ضربنا» لأن تحته : «نحن» مضمر ، ثم زيدت الألف (8)

ص: 72


1- قوله : (زيدت ... إلخ) سؤال وقوله : لأن تحته ... إلخ ، جواب عنه ، توجيه السؤال أنه : لم زيدت التاء في نفس المتكلم الواحد مذكرا كان أو مؤنثا؟ وتوجيه الجواب غني عن البيان. اه مهدي.
2- قوله : (أنا) هو ضمير منفصل للمتكلم إنما وضع له ؛ لأن المتكلم مبدأ الكلام ، والهمزة لها مبدأ المخارج فجعلت الهمزة في مبدأ ضميره للمشاكلة ، وزيدت النون معها ؛ لأنها أقرب الحروف تشبيها من حروف المد واللين لكونها غنة في الخيشوم ، ثم زيدت الألف منها لبيان الحركة التي على النون ويدل على الوقف. اه ح.
3- قوله : (ولا يمكن ... إلخ) كأنّه جواب عما يقال : وإذا كان تحته أنا ناسب أن يزاد من حروفها فلم يزد بما ترى. اه من فلاح.
4- لأنه لو زيدت الألف في آخره لالتبس بتثنية المذكر الغائب نحو ضربا ، ولو زيدت النون لالتبس بجمع المؤنث الغائبة ، نحو ضربن ولو زيدت في أوله يلتبس بأفعل ونفعل وهما للحكاية. اه فلاح شرح مراح بزيادة.
5- قوله : (فاختيرت ... إلخ) أي : فلما لم يمكن الزيادة من حروف أنا للالتباس اختيرت ... إلخ ، ويمكن أن يكون جوابا لمن قال : لم لم يكن الزيادة من حروف أنا لم اختيرت التاء دون غيرها من حروف الزيادة؟ اه حنفية بزيادة.
6- أقول : خلاصة الجواب أن اختيار التاء لأجل أنها موجودة في أخواته فلا حاجة إلى قوله : لأن تحته أنا مضمر ، فلو قال المصنف : زيدت التاء في ضربت لوجوده في أخواته لكان أخصر وأدل على المطلوب وذلك لأن المطلوب هو السؤال عن تخصيص زيادة التاء كما يدل السؤال ، فالتعريض إلى أن تحته أنا مضمر ... إلخ تطويل بلا طائل. ويمكن أن يقال : إن المصنف أراد أن يبين أن الأولى بالزيادة إنما هو من حروف أنا ، لأنه ضمير منفصل للمتكلم لكن لما تعذر زيادة حروفه اختير التاء. اه مهدية.
7- قوله : (وزيدت ... إلخ) سؤال ، وقوله : لأن تحته ... إلخ جواب عنه ، أي : فإن قيل : لم زيدت النون في نفس المتكلم مع الغير؟. قلنا : لأن الضمير المرفوع المنفصل وهو نحن مستتر فيه ، وفيه نون فزيدت النون فيه فصار ضربن. اه حنفية.
8- قوله : (ثم زيدت ... إلخ) جواب لمن يسأل أن الألف ليس في نحن ، فمن أين أورد في ضربنا؟ بأن إيراده لدفع الالتباس ، بيانه أن الضمير المرفوع المنفصل وهو نحن مستتر فيه ، وفيه نون فزيدت النون فيه فصار ضربن فلما التبس بجمع المؤنث الغائبة زيدت في آخره ألف لرفع الالتباس فصار ضربنا. وإنما لم يعكس ؛ لأن المتكلم أعني ضربنا أخف معنى لوقوعه على الاثنين فصاعدا ، بخلاف ضربن فإنه ثقيل ؛ لأنه لا يقع على الأقل من الثلاثة والزيادة توجب الثقل فكانت فيما هو خفيف أولى من العكس ، وإنما قلنا : من حيث المعنى ؛ لأن المتكلم أقوى من حيث المتكلم وأخف من حيث المعنى والإطلاق. اه حنفية.

حتى لا يلتبس ب : «ضربن» وقيل : تحته : «إنّنا» مضمر.

وتدخل المضمرات (1) في الماضي (2) وأخواته ، وهي ترتقي إلى ستّين نوعا ، لأنها في الأصل ثلاثة : مرفوع (3) ، ومنصوب ، ومجرور ، ثم يصير كلّ واحد منها اثنين نظرا إلى اتصاله (4)

ص: 73


1- قوله : (المضمرات ... إلخ) اعلم أن المقصود من وضع المضمرات رفع الالتباس ، فإن أنا لا يصلح إلا لمعين واحد فقط ، وهو المتكلم المعين ، وأنت لا يصلح أيضا إلا لمعين واحد فقط ، وهو المخاطب المعين. وكذا ضمير الغائب نصّ في أن المراد هو المذكور بعينه في جاءني زيد وإياه ضربت. ولا يحصل هذا التعيين للأسماء الظاهرة في قسم من الأقسام الثلاثة ، فإنه لو سمى المتكلم نفسه بعلمه لا بلفظة أنا ، وقال مكان أنا قائم : زيد قائم ربما التبس عند السامع هو المتكلم أم زيد آخر ، بخلاف أنا قائم وهو ظاهر ، وكذا لو سمّى المتكلم المخاطب بعلمه لا بلفظة أنت. وقال مكان أنت قائم : زيد قائم ، ربما يحصل الالتباس وكذا لو كرر المذكور مكان ضمير الغائب. وقيل مكان جاءني زيد وإياه ضربت ، جاءني زيد وزيدا ضربت لم يعلم أن زيدا الثّاني هو الأول بعينه أو زيد آخر. وهذه الفائدة في الضمائر المنفصلة ، وأما في المتصلة فتحصل مع دفع الالتباس المذكور الاختصار في اللفظ أيضا. اه رضي.
2- قوله : (في الماضي ... إلخ) وإنما تدخل لأنها كناية عن المظهرات وهي تدخل عليها فكذا هي لكون الماضي وأخواته من الحدث الذي يتوقف بالمحدث وجودا وذا ليس إلا هي فافهم. اه تحرير.
3- قوله : (مرفوع) أي : ضمير الفاعل ، ومنصوب ، أي : ضمير المفعول ، ومجرور ، أي : ضمير المضاف إليه. اه حنفية. وإنما لم يقل : مضموم ومفتوح ومكسور لعدم : لزوم الضم في جميع المرفوعات وكذا الفتح والكسر ، ومعنى المرفوع هو أنه لو وقع موقعه مظهر ارتفع ، وكذا المنصوب والمجرور. اه وجيز.
4- وكلا الضميرين يرجعان إلى كل واحد من الضمائر يعني أن كل واحد من الضمائر إما متصل أو منفصل ، وذلك لأنه إمّا أن يستقل بنفسه أو لا ، فالأول المنفصل والثّاني المتصل ، ثم المتصل ما لا يستعمل بنفسه في التلفظ إلى كلمة أخرى ، وهو على نوعين بارز وهو ما يتلفظ به كالكاف في أخوك ، ومستتر وهو ما نوي ، أي : قدر في القلب ولم يتلفظ به كما في زيد ضرب ، والمنفصل ما يستعمل بنفسه في التلفظ ولا يحتاج فيه إلى كلمة أخرى كقولك هو وأنت. اه مهدية.

وانفصاله ، فاضرب الاثنين في الثلاثة حتى تصير ستّة (1) ، ثم أخرج (2) المجرور المنفصل حتى لا يلزم تقديم (3) المجرور على الجارّ ، فلا يقال : مررت زيد ب ، بل يقال : مررت بزيد ، فبقي لك خمسة :

مرفوع :

1 - متصل.

2 - ومنفصل.

ومنصوب :

3 - متصل.

4 - ومنفصل.

ص: 74


1- قوله : (ستة) مرفوع متصل ومنفصل ، ومنصوب متصل ومنفصل ، ومجرور متصل ومنفصل. اه حنفية.
2- قوله : (ثم أخرج ... إلخ) دفع توهم عدم تسليم الستة ؛ إذ المستعمل في الكتب هي الخمسة فقط. اه
3- قوله : (تقديم ... إلخ) فإن تقديم المجرور على الجار لا يجوز حتى لا يقال : مررت ... إلخ. في قولك : مررت بزيد ، فلأجل هذا لم يجىء المجرور المنفصل في كلامهم ، بخلاف المرفوع والمنصوب فإن تقديمه على الرافع والناصب جائز ، وإنما لم يجز ذلك ؛ لأنه لشدة اتصاله بالجار كالجزء منه ، وجزء الشيء لا يتقدم عليه. اه مهدي. هذا هو الدليل المشهور لكن فيه نظر ؛ إذ الانفصال لا يستلزم التقدم ، والدليل المطابق القياس على المظهر كما أشار إليه بعض المحققين بقوله : المضمر المتصل جار مجرى المظهر في استقلاله والتلفظ به وحده فيقع مرفوعا ومنصوبا ، نحو هو فعل ، وإياك أكرمت ، كما يقع المظهر كذلك ، ولا يقع مجرورا البتة ، كما لا يقع المظهر المنفصل مجرورا ؛ إذ لا يمكن انفصال المجرور عن الجار بخلاف المرفوع والمنصوب. اه فلاح.

ومجرور :

5 - متصل.

ثم انظر إلى المرفوع المتصل ، وهو يحتمل ثمانية عشر نوعا في العقل ، ستّة في الغيبة ، وستّة في الخطاب ، وستّة في الحكاية (1) ، واكتفي (2) بخمسة (3) في الغيبة باشتراك (4) التثنية لقلّة استعمالها ، وكذا اكتفي في الخطاب ، وفي الحكاية بلفظين ؛ لأن المتكلم يرى في أكثر الأحوال ويعلم (5) بصوته أنه مذكر أو مؤنث ،

ص: 75


1- قوله : (في الحكاية) أي : حكاية المتكلم مخبرا عن نفسه أو مخبرا عنها وعن غيرها اثنان من تلك الستة للواحد المذكر والواحد المؤنث واثنان للمثنى المذكر والمؤنث ، واثنان للجمع المذكر والمؤنث. اه ح.
2- قوله : (واكتفي ... إلخ) وبهذا اندفع ما قيل : لما احتمل المرفوع ثمانية عشر نوعا في العقل ، ستة في الغيبة ... إلخ ، فما السر في الاكتفاء بخمسة في كل من الغيبة والخطاب ، وبلفظين في الحكاية كما ترى؟ اه تحرير.
3- أحدها : المستكن في الواحد الغائب. وثانيها : المستكن في الواحدة الغائبة. وثالثها : الألف في تثنية الغائب والغائبة. ورابعها : الواو في جمع المذكر الغائب. وخامسها : النون في جمع المؤنث الغائبة. اه
4- قوله : (باشتراك ... إلخ) أي : في الضمير الذي هو الألف ؛ لأن ضمير كليهما الألف ، فلا يرد ما قيل : إن تثنية المذكر في الغيبة يجيء على وزن فعلا نحو ضربا ، وتثنية المؤنث فيها على زنة فعلتا نحو ضربتا ، ومن ثم الألف في تثنية المؤنث ليس إلا مع التاء وفي المذكر بدونها فافترقا. اه إيضاح.
5- قوله : (ويعلم ... إلخ) معطوف على قوله : يرى ، والمجموع من المعطوف والمعطوف عليه دليل واحد ولا يصح أن يكون كل واحد منهما دليلا على الاستقلال لصدقه على الغائب ، لأنه يعلم بالصوت ، وعلى المخاطب ؛ لأنه مرئي في أكثر الأحوال ومعلوم بالصوت أيضا ، فينبغي أن يكتفى بلفظين فيهما. والأمر ليس كذلك ، وتقرير المقصود أن المتكلم يرى في أكثر الأحوال ومعلوم بالصوت أيضا ، وكل ما كان أمره كذلك لا يحتاج إلى تكثير الأمثلة فينتج أن المتكلم لا يحتاج إلى تكثير الأمثلة من التذكير والتأنيث والواحد والتثنية والجمع ، فاكتفي بلفظين. اه حنفية. وإن اشتبه في بعض الصور ، ويعلم أنه مثنى أو مجموع في أكثر الأحوال فلا حاجة إلى كثرة الأمثلة لقلة الالتباس. اه ف. وإن لم يكن مرئيا ؛ لأن صوت المذكر يمتاز عن صوت المؤنث فلا التباس ، وأمّا صوت المذكر شبيها بصوت المؤنث فأقل قليلا فلا يعتد به. اه جمال الدين.

فبقي لك اثنا عشر (1) نوعا ، فإذا صار قسم واحد من تلك الأقسام الخمسة اثني عشر نوعا فيصير كلّ واحد منها مثل ذلك (2) ، فيحصل لك بضرب الخمسة في اثني عشر ستّون نوعا :

اثنا عشر للمرفوع المتصل : نحو : ضرب إلى ضربنا.

واثنا عشر للمرفوع المنفصل : نحو : هو ضرب (3) إلى نحن ضربنا (4).

ص: 76


1- قوله : (اثنا عشر ... إلخ) خمسة للغائب مع الغائبة ، وخمسة للمخاطب باشتراك التثنية بين المذكر والمؤنث ، واثنان للمتكلم. اه مهديه.
2- أي : ذلك القسم الواحد وهو المرفوع المتصل ، أي : يصير كل من الأنواع الأربعة الأخرى اثني عشر أيضا بعين ما ذكره ، من قلة استعمال التثنية وعدم الالتباس في الحكاية. اه ف.
3- هما ضربا ، هم ضربوا ، هي ضربت ، هما ضربتا ، هن ضربن ، أنت ضربت ، أنتما ضربتما ، أنتم ضربتم ، أنت ضربت ، أنتن ضربتن ، أنا ضربت ، نحن ضربنا. اه ف.
4- اعلم أن أنا للمتكلم المفرد مذكرا كان أم مؤنثا ، وهو عند البصريين همزة ونون مفتوحة والألف يؤتى بها بعد النون في الوقف لبيان فتح النون لأنه لو لا الألف لسقطت الفتحة للوقف ، فيلتبس بأن الحرفية لسكون النون. وقال الكوفيون : إن الألف بعد النون من نفس الكلمة ، فأجاب عنه البصريون : إن سقوطه في الوصل في الأغلب مع فتح النون أو سكونه يدل على زيادته. وأمّا نحن للمتكلم مع الغير هو كالمرفوع المتصل في صلاحيته للمثنى والمجموع مذكرين كانا أو مؤنثين ، والدليل عليه ما مر في المتصل من أن المتكلم يرى في أكثر الأحوال ، أو يعلم بصوته أنه مذكر أو مؤنث وتحريك النون لالتقاء الساكنين ، وضمه إمّا لكونه ضميرا مرفوعا ، وإمّا لدلالته على المجموع الذي حقه الواو ، وأمّا أنت إلى أنتن فالضمير عند البصريين أن أصله أنا ، وكأن أنا عندهم ضمير صالح لجميع المخاطبين والمتكلم فابتدؤوا بالمتكلم وكان القياس أن يبنوه بالتاء المضمومة ، نحو أنت إلا أن المتكلم لما كان أصلا جعلوا ترك العلامة له علامة ، وبينوا المخاطبين بتاء حرفية بعد أن. ومذهب الفراء أن أنت بكاملها اسم والتاء من نفس الكلمة ، ومذهب بعض الكوفيين وابن كيسان أن الضمير التاء المتفرقة كما كانت عند الاتصال ، لكنهم لما أرادوا انفصالها دعموها بأن لتستقل لفظا. اه أحمد رحمه الله تعالى.

والأصل في : «هو» (1) أن يقال : هوا ، هووا (2) ، لكن جعل الجمع ميما في الواو لاتحاد مخرجهما وكراهية اجتماع الواوين (3) ، فصار : هموا ، ثم حذفت (4) الواو لما مرّ في : «ضربتموا» (5) وحملت (6) التثنية عليه ، وقيل : قد فروا حتى

ص: 77


1- اعلم أن الواو في هو والياء في هي من أصل الكلمة لا للإشباع عند البصريين ؛ لأن حرف الإشباع لا يتحرك ، وأيضا حرف الإشباع لا يثبت بلا ضرورة ، والواو والياء ثابتان دائما ، وإنما حركت الواو والياء لتصير الكلمة بالفتحة مستقلة حتى يصح كونها ضميرا منفصلا ؛ إذ لو لا الحركة لكانتا للإشباع على ما ظن الكوفيون ، ألا ترى أنك إذا أردت عدم استثقالها سكنت الواو والياء نحو : أنهو وبهي ، وأمّا عند الكوفيين هما للإشباع ، والضمير الهاء وحدها بدليل التثنية والجمع ، فإنك تحذفهما فيهما ، وأنت تعلم أن ما ذكره البصريون من الدليلين حجة على الكوفية وحذفهما في التثنية والجمع لا ينافي كونهما من أصل الكلمة ، فالقياس عند البصريين أن يقال في التثنية والجمع هوا ، هووا ، ولكن جعل الواو ... إلخ. اه فلاح بزيادة من الإيضاح.
2- قوله : (هوا هووا) وذلك لأنه إذا أريد تثنية المفرد ألحق بآخره ألف ، وإذا أريد جمعه ألحق بآخره واو من غير تغيير فيه فكان الأصل ما ذكرنا. اه حنفية.
3- واو الضمير والواو الذي هو جزء الضمير واجتماعهما غير جائز ؛ لأن الواو أثقل حروف العلّة ، مع أن الأول مضموم فاجتماعهما في غاية الثقل. اه فلاح.
4- أي : بعد قلب الواو الأولى ميما حذفت الواو الثّانية. اه شرح.
5- وهو أنه لا يوجد اسم كان آخره واو ما قبلها مضموم ، وأسكنت الميم ؛ لأن ضمها لأجل الواو فصار هم. فإن قيل : لما كانت الواو مستحقة للحذف لم لم يحذف قبل قلب الأول ميما ثقيلا للتعيير ورفعا للثقل الناشئ من اجتماع الواوين في آخر اسم غير متمكن. قلنا : لو فعل كذلك يلزم الالتباس بالمفرد ، والالتباس أشد فسادا من كثرة التغيير. اه. حنفية شرح مراح.
6- دفع ما قيل : ينبغي أن يقال في الضمير المرفوع المنفصل للتثنية هوا لا هما ؛ لعدم اجتماع الواوين الموجبين لتبديل أحدهما بحرف آخر بأن ما قلت مسلم ، إلا أن العدول لأجل الحمل كما ترى. اه تحرير. والمجوز للحمل المناسبة بينهما من حيث دلالتهما على ما فوق الواحد ، واعترض عليه بأن التثنية أصل والجمع فرع فيلزم إتباع الأصل للفرع وذا غير مناسب. وأجيب عنه بأن للتثنية جهتين ، جهة الأصالة وهي دلالتها على قلة الإفراد بالنسبة إلى الجمع ، فتكون مناسبة لمفردها ، وجهة الفرعية وهي دلالتها على تعدد الأفراد ، وللجمع أيضا جهتين جهة الأصالة وهي كونها كثير الاستعمال بالنسبة إلى التثنية ، وجهة الفرعية كما مر ، فإذا كان الشيء الواحد أصلا باعتبار وفرعا باعتبار آخر ، والشيء الآخر مثل ذلك لا بأس بأن يحمل أحدهما على الآخر ، وذلك ليس بتبعية بل مشابهة. اه مهدي رحمه الله تعالى.

يقع (1) الفتحة على الميم (2).

وأدخل الميم (3) في : أنتما لما مرّ في : «ضربتما» وحمل (4) الجمع عليه.

وقيل : أدخل الميم في : «ضربتما» لأنه أدخل في : «أنتما» لأنه أدخل في : «هما» وأدخل في : «هما» لأنه أدخل في : «هموا» لاجتماع الواوين ههنا في الطرف.

ولا يحذف (5) واو : «هو» لقلّة حروفه من القدر الصالح ، ويحذف (6) إذا تعانق

ص: 78


1- قال الفاضل الرضي : وكان القياس في المثنى والجمع على مذهب البصريين هوما وهيما وهوم وهين ، فخفف بحذف الواو والياء. اه فلاح.
2- القوي لأن الميم حرف صحيح وهو أقوى وأجدر على قبول الحركة من الواو التي هي حرف علّة وهي ضعيف ، ولهذا المعنى أبدلوا الواو في فوه ميما فقالوا فما. اه
3- قوله : (وأدخل الميم ... إلخ) جواب سؤال مقدر هو أن يقال : كما أن القياس في تثنيته هو أن يقال : هوا كذلك القياس في تثنية أنت أن يقال : أنتا ، وإنما أدخل الميم فيها عوضا عن الواو ، فلم أدخل الميم في أنتما حيث لم يكن في أنت واو حتى يبدل منه الميم؟ بما ترى. اه تحرير.
4- قوله : (وحمل الجمع ... إلخ) للمشاكلة التي بينهما من حيث تجاوز كل واحد منهما من الواحد. اه حنفية.
5- قوله : (ولا يحذف ... إلخ) هذا استئناف لفائدة بيان واو هو لا تعلق له بما قبله. وقيل : جواب سؤال مقدر هو أن يقال : لا يوجد اسم من الأسماء وآخره واو قبلها ضمة وهو كذلك فينبغي أن يحذف واو هو كما حذف واو في أوله بأن عدم الحذف لقلة ... إلخ. اه مهدي.
6- قوله : (ويحذف ... إلخ) أفاد بذلك تقييد عدم حذف واو هو ، أو دفع توهم أن المتبادر من قوله : ولا يحذف واو هو ... إلخ عدم الحذف على الإطلاق ، أي : أعم من أن يتصل به حرف آخر أو لا ، بأن عدم الحذف ليس بمطلق بل مقيد. اه. ثم اعلم بأن هذا الحذف ليس بواجب بل جائز كما في قوله تعالى : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [إبراهيم : 4]. اه معراج.

بشيء (1) آخر لحصول كثرة الحروف بالمعانقة ، مع وقوع (2) الواو في الطرف ، ويبقى الهاء (3) مضموما على حاله ، نحو : له ، إذا لم يكن ما قبلها مكسورا ، أو ياء ساكنة ، وتكسر الهاء إذا كان ما قبلها مكسورا (4) ، أو ياء ساكنة حتى لا يلزم الخروج من الكسرة إلى الضمة في : غلامه (5) ،

ص: 79


1- التعانق والمعانقة كلاهما بمعنى واحد ، ذكر في تاج المصادر : التعانق والمعانقة دست بگردن يكديگر فرا كردن والمراد هاهنا الاتصال والانضمام ؛ لأن بالمعانقة يحصل الاتصال والانضمام. اه حنفية.
2- قوله : (مع وقوع) اندفع ما قيل وفيه نظر ، فإن هو في قوله تعالى : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) قد تعانق بالعزيز الحكيم ولم يحذف. وتوضيح الدفع بأن قول المصنف رحمه الله مع وقوع الواو في الطرف متعلق بقوله إذا تعانق ، وليس خارجا عن الحكم كما هو الظاهر فتدبر ، فشرط الحذف التعانق والوقوع في الطرف ، ولم يوجد الأخير ثم. فإن قيل : لم لم يحذف الواو في قوله تعالى : (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) مع وجود وقوع الواو في الطرف وتحقق التعانق؟. قلنا : حتى لا يلتبس لام الابتداء بلام الجارة وتقرير الجواب أن واو هو يحذف مع لام الجارة نحو : (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) [التغابن : 1] ، فلو حذف مع لام الابتداء كما فيما نحن فيه للزم الالتباس. ولم يعكس لأن الجار والمجرور شيء واحد لشدة الاتصال بينهما فلا يجوز الانفصال بينهما ، بخلاف لام الابتداء فإنه يجوز انفصالها عما بعدها حيث أوتي لمجرد التأكيد ، لا يقال : إن لام الجارة مكسورة ولام الابتداء مفتوحة كما عرف فلا التباس بينهما ؛ لأنا نقول : هذا إذا لم تكن داخلة على الضمائر ، وأما إذا دخلت عليها فيلزم الالتباس كما لا يخفى. اه تحرير ملا غلام رباني بزيادة.
3- هذا عند غير أهل الحجاز ، وأما هم فيبقون ضمتها على أصلها كما يبقون في غير هذين الصورتين ، ويقولون هو ولهو وعليهو بالإشباع وبغيره ، وعليه قرأ من قرأ : (وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ) [الفتح : 10]. اه فلاح.
4- قوله : (مكسورا) نحو به كان في الأصل بهو فحذفت الواو وكسرت الهاء وأشبعت الكسرة فصار به ، فقوله : وتكسر الهاء ... إلخ بمنزلة استثناء المفرغ فكأن المخاطب يظن أن الهاء تبقى مضموما في جميع الأوقات ، فدفع ذلك بقوله : وتكسر الهاء. اه حنفية.
5- قوله : (في غلامه وفيه) يمكن الفرق بين هذين المثالين لوجوه كثيرة : الأول : باعتبار كون الحرف مكسورا قبل الهاء ، وباعتبار كون الياء ساكنة قبلها ، والثّاني : باعتبار الكسرة الحقيقية والتقدير فيما قبلها ، والثّالث : باعتبار الحركة والسكون فيما قبلها ، والرابع : باعتبار إشباع الحركة وعدمه في الهاء ، فإنه لم تشبع حركة هاء فيه كما أشبعت في به لئلا يلزم التقاء الساكنين ؛ لأن الهاء لخفائها كالعدم ، وبهذا اندفع ما قيل : إنما شبع كسرة الهاء في غلامه دون فيه مع أن الواو قد حذف في كل منهما ، فالمناسب هو التساوي بينهما ؛ لتحقق حذفها فيهما في الإشباع وعدمه ، وكذا إنما لم يعكس فتدبر. اه ملا غلام رباني مرحوم الرحماني.

وفيه وهو مطرد (1).

وتجعل (2) ياء : «هي» (3) ألفا ، فيقال : لها كما تجعل في : «يا غلامي» يا غلاما (4) ، وفي : «يا بادية» : يا باداة ، وتجعل ياء هي ميما (5) في التثنية حتى لا

ص: 80


1- عند جميع الألفاظ إلا في لام الابتداء والفاء نحو لهو وفهو ، وتسكين الهاء فيهما للتخفيف جائز كثيرا كما يجوز بعد الواو نحو وهو ، وإن جاز ضمها في هذه الثلاثة ، ولعل السّرّ في عدم حذف الواو فيهما أنه لما أسكن هاء حصل التخفيف في الكلمة فلم يحتج إلى حذف الواو تخفيفا. اه فلاح.
2- قوله : (وتجعل ياء ... إلخ) لما فرغ المصنف من بيان ضمير المذكر شرع في بيان ضمير المؤنث ، فقال : وتجعل ياء هي ألفا. فإن قلت : إن هي ضمير منفصل ولا يوجد قبلها أي عامل حين الانفصال ، فكيف يصح هذا الجعل؟. قلت : المراد من هذا الكلام أنه يجعل ياء هي ألفا حين إرادة اتصالها بالعامل لا حين الانفصال ، والمقصود من قوله : كما تجعل ... إلخ أن هذا الانقلاب موجود في كلام العرب. اه إيضاح.
3- قوله : (ألفا) لأنه لو حذف التبس بضمير المذكر وهو ظاهر ولو بقي على أصله التبس بالمذكر أيضا ، لأن ضميره ؛ إذا ولي الكسر قلبت واوه ياء في بعض اللغة نحو بهي فلا جرم تجعل ألفا خفة ويفتح الهاء لأجله نحو بها. اه أحمد رحمه الله.
4- قوله : (يا غلاما وفي يا بادية ... إلخ) أتى بمثالين لئلا يتوهم اختصاص هذا الحكم بياء المتكلم ، ويشير إلى أن حكم ياء في حكم الطرف حكم ياء الطرف لفظا وحقيقة ، وفي العبارة أدنى قداره. اه مولوي.
5- قوله : (ميما في التثنية) فيقال : هما وإنما ضم ما قبل الميم لأن الميم شفوية فجعلوا حركة ما قبلها من جنسها وهو ضم الشفوي ، ولا شك أن قلب الواو الشفوي بالميم مناسب لكن قلب الياء بالميم مشكل ، إلا أن يقال : إن مخرج الياء قريب من مخرج الميم ، ويمكن أن يقال : إن هذا الياء بدل من الواو فإبداله بالميم نظرا إلى الأصل ، وذلك لأن ضمير المؤنث كسر الهاء للفرق بينهما ، ثم جعل الواو ياء لكسر ما قبلها فتأمل. اه من الإيضاح.

يقع (1) الفتحة (2) على الياء الضعيف مع ضعفها.

وشدّد نون : «هنّ» لما مرّ في : ضربتنّ.

واثنا عشر (3) للمنصوب المتصل ، نحو : ضربه (4) إلى ضربنا.

ولا يجوز فيه اجتماع ضميري الفاعل والمفعول في : ضربتك (5) ، وضربتني ،

ص: 81


1- قوله : (حتى لا يقع ... إلخ) هذا يشير إلى أن الفتحة على الياء في التثنية سبب لجعلها ميما وليس كذلك ، فإن رحيان وحبليان بالياء المفتوحة ولا يجوز قلبها ميما فيهما ، قلت : هذا الحكم في المضمر دون المظهر بمعونة المقام فلا يرد رحيان وحبليان ؛ لأن المظهر قوي وأصل فيتحمل الحركة ياؤه دون المضمر ، لأنه فرع وضعيف فلا يتحمل ياؤه الحركة فافترقا فافهم. اه عبد الباقي.
2- فيه أولا أنه يقتضي عدم صحة فتحة ياء هي كما لا يخفى ، وثانيا أن الفتحة أخف الحركات فلا بأس بوقوعها على الياء ، أجاب عن الأول : نعم إلا أن الفتحة للضرورة والضرورات تبيح المحظورات. تشريح الضرورة أن الياء في هي لو لم تفتح فإما أن تكسر أو تضم أو تسكن ففي الأولين اختيار الثقل بدون الداعي ، وفي الثّاني من الالتباس بالمذكر لفظا في مثل به وفيه وعليه وغلامه ، وإن لم يكن صورة ؛ إذ الياء قد تكتب فلا جرم فتحت. وعن الثّاني أن الفتحة من حيث إنها حركة لا تخلو عن الثقل وإن كانت أخف الحركات في الواقع ، فكأن المصنف أشار بقوله : على الياء الضعيف ... إلخ ، إلى أن ضعف الياء بمرتبة لا يتحمل ثقل الفتحة التي هي أخف الحركات ، والأولى أن يقال في وجه عدم إيقاع الفتحة على الياء في التثنية بأن فيه إما الثقل فإنه حينئذ يصير هيا ، وإمّا الالتباس بهي للمفرد عند إشباع فتحة الياء بخلاف هما إذا ليس فيه ثقل ما في هيا كما لا يخفى ، وكذا خوف الالتباس ؛ لأن الميم شفوي والياء وسطى فافهم. اه عبد الأحد.
3- ولما فرغ من الضمير المرفوع متصلا ومنفصلا شرع في المنصوب فبدأ بمتصله فقال : واثنا ... إلخ. اه لأنه أصل من المنفصل اه. فلاح.
4- قوله : (ضربه إلى ... إلخ) أي : ضربه ضربهما ضربهم ضربها ضربهما ضربهن ضربك ضربكما ضربكم ضربك ضربكما ضربكن ضربني ضربنا. فالصيغة المذكورة أربعة عشر ، والضمير اثنا عشر بسبب اشتراك التثنيتين كما في المرفوع ، وقس عليه التثنية نحو ضرباه ضرباهما ضرباهم ... إلخ. والجمع نحو ضربوه ضربوهما ضربوهم وقس على الماضي المضارع نحو يضربه ويضرباه ويضربوه. اه فلاح.
5- قوله : (ضربتك) فالتاء ضمير الفاعل والكاف ضمير المفعول وكلاهما عبارة عن الخطاب. وضربتني بضم التاء ، فالتاء ضمير الفاعل والياء ضمير المفعول وكلاهما عبارة عن المتكلم. اه. حنفية.

حتى لا يصير (1) الشخص الواحد فاعلا ومفعولا في حالة واحدة ، إلا في (2) أفعال (3) القلوب (4) ، نحو : علمتك فاضلا ؛ لأن المفعول الأول ليس بمفعول (5) في

ص: 82


1- قوله : (حتى لا يصير ... إلخ) أي : لو جاز اجتماعهما يلزم صيرورة الشخص الواحد فاعلا ومفعولا في حالة واحدة فلا يقال : ضربتك وضربتني بل يقال : ضربت نفسك وضربت نفسي. فإن قيل : كثيرا ما يضرب شخص واحد نفسه عند التأسف والحزن وغير ذلك فما معنى كلامه؟. قلنا : معناه أنه لا ينبغي أن يصير الشخص الواحد فاعلا ومفعولا ، وإن كان يوجد كذلك في حالة واحدة ، والسّرّ في ذلك أن الفاعل ما صدر عنه الفعل ، والمفعول ما وقع عليه الفعل ، فبينهما مغايرة ، فالأحرى أن لا يوجد في شخص واحد. فإن قيل : إذا قلت : ضربت نفسي يلزم أيضا كون الشخص الواحد فاعلا ومفعولا فكما لا يصح ضربتني ينبغي أن لا يصح ضربت نفسي؟. قلنا : قوله في حالة واحدة يفيد صحة هذا التركيب ، وذلك لأن النفس في قولنا : ضربت نفسي كناية عن الفاعل لا عينه ، لأنه اسم ظاهر غير موضوع للمتكلم ، بخلاف ياء المتكلم فإنه عبارة عنه ، فذكر النفس حالة غير حالة ياء المتكلم فيصح التركيب بخلاف ضربتني ، فإن الفاعل والمفعول به فيه ليسا بمتغايرين ؛ لاتحادهما من حيث كل واحد منهما ضميرا متصلا. اه حنفية بنبذ من الإيضاح. فإن النفس بإضافتها إلى ضمير ياء المتكلم صارت كأنها غيره ؛ لغلبة مغايرة المضاف والمضاف إليه ، فصار الفاعل والمفعول به فيه متغايرين بقدر الإمكان. اه من الإيضاح. فإن قيل : إن الضرب في قولنا : ضربتني كما تعلق بكل من الفاعل والمفعول ، فكذا العلم بهما في قولنا : علمتك فاضلا فلا فرق بينهما؟. قلنا : فرق بينهما فإن الضرب تعلق بهما معا في حالة واحدة ، بخلاف أفعال القلوب ، فإن العلم مثلا تعلق أولا بالفاعل ثم بالمفعول ، لكن لا مطلقا بل في حالة كون المفعول متصفا بالفضل وهو مضمون الجملة ، فكان الأول في حكم السقوط والمقصود هو الثّاني ، وإنما ذكر الأول لترتّب الثّاني فحسب. اه حنفية.
2- قوله : (إلا في أفعال ... إلخ) فيه أن أفعال القلوب قد خرج بقوله : في حالة واحدة ، والجواب أنه تصريح بما علم ضمنا ، وهذا ليس بعزيز في كلامهم لا سيما في هذا الكتاب. اه غلام رباني.
3- وما أجري مجرى أفعال القلوب نحو فقدتني وعدمتني ؛ لأنهما نقيضا وجدتني فحملا عليه حملا للنقيض على النقيض ، وكذلك أجرى رأى البصرية والحلمية على رأى القلبية. اه جلال الدين.

الحقيقة ، ولهذا قيل في تقديره (1) : علمت فضلك (2) ، وعلمت فضلي.

واثنا عشر للمنصوب المنفصل ، نحو : إيّاه (3) ضرب (4)(5) إلى إيّانا ضربنا.

ص: 83


1- وهي سبعة بالاستقراء علمت ، ورأيت ، ووجدت ، وظننت ، وحسبت ، وخلت ، وزعمت ، وإنما سميت بها ؛ لأن الثلاثة الأول لليقين ، والباقي للشك وكل منهما فعل القلب. اه ف. قوله : (ليس بمفعول في الحقيقة) لأن المفعول في الحقيقة مضمون الجملة لتعلق معنى الفعل به ، فإنك إذا قلت : علمت زيدا فاضلا ، فمتعلق علمك ليس زيدا ولا فاضلا وحده بل هو زيد من حيث إنه فاضل ، وهذا معنى قولهم : وضع أفعال القلوب لمعرفة الشيء بصفته ، فلما لم يكن الضمير الأول وحده ، والثّاني وحده مفعولا حقيقة ، جاز اتفاقهما في كون كل واحد منهما ضميرا متصلا فقوله : إلا في أفعال القلوب استثناء متصل من قوله : لا يجوز اجتماع ضميري الفاعل والمفعول بحسب الظاهر لا بحسب الحقيقة تدبر. ومما حققناه من أن المفعول في الحقيقة مضمون الجملة ... إلخ ظهر بطلان ما قال بعض الشارحين من أن تعلّق أفعال القلوب في الحقيقة بالمفعول الثّاني لا بالمفعول الأول ، فكأن الأول غير موجود ، لأنك إذا قلت : ظننت زيدا قائما فالمظنون هو القيام لا ذات زيد. اه فلاح شرح مراح.
2- أي : في تقدير كل واحد من المثالين من علمتك فاضلا ، وعلمتني فاضلا. اه فلاح مع عبد.
3- بجعل المفعولين مفعولا واحدا مضافا أحدهما إلى الآخر. اه ف.
4- أي : إياه ضرب ، إياهما ضربا إياهم ضربوا ، إياها ضربت ، إياهما ضربتا ، إياهن ضربن ، إياك ضربت إياكما ضربتما ، إياكم ضربتم ، إياك ضربت ، إياكما ضربتما ، إياكنّ ضربتنّ ، إياي ضربت ، إيانا ضربنا. اه ف.
5- قوله : (نحو إياه ضرب) وإنما قدم الضمير ؛ ليصح انفصاله ؛ لأنه لا ينفصل إلا لتعذر ، وبالتقديم يتعذر ؛ إذ الاتصال إنما يكون بالآخر ، واعلم أن النحاة اختلفوا في الضمير المنصوب فقال سيبويه والخليل والأخفش والمازني وأبو علي : إن الضمير هو إياه ؛ إلا أنّ سيبويه قال : وما يتصل به بعده حرف يتبدل على حسب المرجوع إليه من التكلم والغيبة والخطاب لكون إيا مشتركا كما هو مذهب البصريين في التاء التي بعد أن في أنت وأنتما وأنتم وأنتن كما مر ، وقال الخليل والأخفش : ما يتصل به اسما أضيف إيا إليها وهو ضعيف لأن الضمائر لا تضاف ، وقال الزجاج والسيرافي : إيا اسم ظاهر مضاف إلى المضمرات ، فكأن إياك بمعنى نفسك ، وقال قوم من الكوفيين : إياك وإياه وإياي أسماء بكمالها وهو ضعيف ؛ إذ ليس في الأسماء الظاهرة والمضمرة ما يختلف آخره كافا وهاء وياء. وقال بعض الكوفيين وابن كيسان من البصريين : إن الضمائر هي اللاحقة من الكاف والهاء والياء كما كانت عند الاتصال ب : إيا ، لكن لما أرادوا انفصالها ودعموها ب : إيا لتستقل لفظا كما قالوا في أنت : إن الضمير التاء المتفرقة ، ولفظ أن دعامة لها ، قال الفاضل الرضي : وما أرى هذا القول بعيدا من الصواب في الموضعين ، هذا كله بكسر همزة إيا وقد تفتح وقد تبدل هاء مفتوحة ومكسورة نحو : هياك. وفي الضمير المنصوب أقوال أخر غير ما ذكرناه تركتها ؛ لئلا يطول الكلام. اه من الفلاح بزيادة من الإيضاح.

واثنا عشر للمجرور (1) المتصل (2) ، نحو : ضاربه (3) إلى ضاربنا (4).

وفي مثل : «ضاربيّ» (5) أصله : «ضاربون» جعل الواو ياء ثم أدغم ، كما في : «مهديّ» (6) أصله : مهدوي.

والمرفوع (7)

ص: 84


1- ولما فرغ من المنصوب متصلا ومنفصلا شرع في المجرور فقال : واثنا ... إلخ. اه ف.
2- إنما أخر ذكر المجرور المتصل عن المنصوب المتصل والمنفصل ؛ لأنه ليس له منفصل فكان المنصوب فضلا فزيدت عليه. اه حنفية.
3- وهذا إنما يكون في الاسم دون الفعل لأنّ الجر لا يدخل على الفعل. اه حنفية.
4- قوله : (ضاربه إلى ضاربنا) وقس عليه تثنية المضاف نحو ضارباهما ضارباه ضارباهم إلى ضاربانا ، وجمعه نحو ضاربوه ضاربوهما ضاربوهم إلى ضاربونا. واعلم أن الهاء في ضاربه ضمير مجرور وهو الفصيح ، وأمّا من جعله ضميرا منصوبا فلا يكون مستشهدا ومثالا لضمير مجرور متصل ، وثانيا أن الضمير المجرور المتصل على ضربين ضرب بالإضافة كما ذكره المصنف ، وضرب بالحروف الجارة نحو به بهما إلى بنا ، وعليه وعليهما وإليه وإليهما. اه أحمد مع عبد الحكيم.
5- أي : ضاربه ضاربهما ضاربهم ضاربها ضاربهما ضاربهن ضاربك ضاربكما ضاربكم ضاربك ضاربكما ضاربكن ضاربني ضاربنا. اه ف.
6- أي : في كل جمع مذكر سالم إذا أضيف إلى ياء المتكلم يسقط نونه بالإضافة ، ويجتمع الواو والياء سابقهما ساكن قلبت الواو ياء. اه مولوي.
7- قوله : (كما في مهديّ ... إلخ) واعترض عليه بأن الحرفين إذا اجتمعا في كلمتين والأولى منهما حرف مدّ كان الإدغام ممتنعا ، كما في : (قالُوا وَما لَنا) [البقرة : 246] لمحافظة المد. وأجيب عنه بأن ذلك إنما يكون إذا كان حرف المد مستقلا وكان الحرفان في كلمتين مستقلتين ، وههنا ليس الأمر كذلك ، فإن الياء بمنزلة الجزء مما اتصل به فصارت الكلمتان بمنزلة الكلمة الواحدة ، فلا يكون حرف المد مستقلا ، ولا الكلمتان مستقلتين. اه جلال الدين.

المتصل يستتر في خمسة مواضع (1):

1 - في الغائب (2) ، نحو : ضرب ، ويضرب ، وليضرب ، ولا يضرب.

2 - وفي الغائبة ، نحو : ضربت ، وتضرب ، ولتضرب ، ولا تضرب.

3 - وفي المخاطب الذي في غير الماضي (3) ، نحو : تضرب ، واضرب ، ولا تضرب.

والياء (4)

ص: 85


1- ولما فرغ من بيان أبنية الضمائر وتعداد أمثلتها بأنواعها الخمسة التي ترتقي جملتها إلى ستين نوعا شرع فيما يستتر منها وفي مواضع استتارها فقال : والمرفوع. اه ف. واحترز بالمرفوع من المنصوب متصلا كان أو منفصلا ، وعن المجرور فإنهما لا يستتران في الفعل ، وبالمتصل عن المرفوع المنفصل ؛ لأنه لا يستتر ، وإنما خصّ بالاستتار المرفوع المتصل ؛ لأنه كالجزء من الفعل ، بخلاف المرفوع المنفصل ؛ لأن المنفصل يجيء مقدما على العامل فلا يناسب استتاره ، وبخلاف المنصوب متصلا كان أو منفصلا ؛ لأنه فضلة لا يقبل عامله استتاره ، وبخلاف المجرور المتصل ؛ لأن عامله ليس بقوي حتى حمل ما في المستتر ، وأيضا يكون عامله مضافا فلا بدّ له من المضاف إليه ظاهرا. اه شرح.
2- سيجيء علّة استتار المرفوع المتصل في هذه المواضع الخمسة ، وعلّة عدم استتار المنصوب والمجرور ، وأمّا عدم استتار المرفوع المنفصل فلمنافاة الاستتار الانفصال ، ومما يجب أن يعلم أن الأصل في الضمائر المرفوعة المتصلة الاستتار لأنه أخصر ، ثم الإبراز عند خوف اللبس بالاستتار ؛ لكونه أخصر من الانفصال. اه ف.
3- قوله : (في الغائب) مع ما عطف عليه بدل من قوله : في خمسة مواضع ، أي : يستتر الضمير المرفوع المتصل في الغائب المفرد دون مثناه وجمعه ماضيا كان أو مضارعا ، مثبتا كان أو منفيا ، أمرا كان أو نهيا ، ومثل بأربعة أمثلة للإيذان إلى ما ذكرنا ، وقدم ذكر الغائب لتقدمه في الصّرف. اه فلاح مع مولوي.
4- وإنما قال في غير الماضي ؛ لأن المخاطب في الماضي لا يستتر فيه الضمير بل يكون بارزا مفردا أو مثنى أو مجموعا مذكرا أو مؤنثا. اه ف. قوله : (والياء ... إلخ) واعلم أن العلماء اختلفوا في ياء المؤنث المخاطبة الواحدة ، فأراد المصنف أن يبين الاختلاف ، فقال : والياء ... إلخ ، ولا يبعد أن يقال : لعل هذا القول لدفع ما توهم من أنه ينبغي أن يقول المصنف : وفي المخاطب والمخاطبة الذين في غير الماضي ؛ ليدخل فيه تضربين فإن فاعله أيضا مستتر على ما عليه عامة أهل العربية بما خلاصته : إن عدم التعرض إلى المخاطبة لمكان الاختلاف فيه بخلاف المخاطب المفرد والله أعلم. اه حنفية بزيادة.

في : «تضربين» علامة الخطاب ، وفاعله مستتر (1) عند الأخفش (2) ، وعند العامة هو ضمير بارز للفعل (3) كواو : «تضربون».

وعيّنت (4) الياء في : «تضربين» لمجيئه في : «هذي أمة الله» للتأنيث (5) ، ولم

ص: 86


1- قوله : (مستتر) إمّا لإجراء مفردات المضارع مجرى واحدا في عدم إبراز ضميرها ، وإمّا لئلا يلزم أن يكون ضمير المفرد أثقل من ضمير المثنى ، مع أن القياس يقتضي أن يكون أخف. اه شمس الدين أحمد.
2- قوله : (عند الأخفش) قول الأخفش غير جيد ؛ لأن الياء في تضربين لو كان علامة للخطاب يلزم اجتماع العلامتين ؛ لأن التاء في أوله علامة الخطاب أيضا ، واجتماع العلامتين لشيء واحد ممتنع ، أجاب عن طرفه أن التاء وقعت في صدر الكلمة للخطاب ، وجيء الياء بعدها لتأنيث المخاطب ، ومعنى كلام المصنف على حذف المضاف يعني ياء تضربين علامة تأنيث الخطاب فلا يلزم اجتماع علامتي الخطاب عنده فافهم. اه غلام رباني رحمه الله. قوله : (عند الأخفش) إنما قدم قول الأخفش مع أنه مخالف لقول العامة ؛ لأنه أدخل في البحث وهو بيان مواضع استتر الضمائر فيها ، وهو حاصل فيه دون قول العامة ، لأنهم يقولون بأنها ضمير بارز لا مستتر. واعلم أن ما نقله المصنف عن الأخفش غير مطابق لمذهبه ؛ إذ الياء في تضربين عنده علامة التأنيث لا علامة الخطاب ، إذ علامة الخطاب التاء ، قال الفاضل الرضي : قال الأخفش : إن الياء في تضربين ليس بضمير بل حرف تأنيث ، كما قيل في هذي. اه عبد الحكيم مع فلاح.
3- فالتاء علامة الخطاب عندهم ، وأمّا عند الأخفش فيجوز أن يكون علامة التأنيث فقط فلا يلزم اجتماع علامتي الخطاب عنده. اه ف.
4- قوله : (وعينت الياء ... إلخ) لما كان للقائل بأن يقول : إن الأخفش لم عيّن الياء لعلامة الخطاب المؤنث ، وأية مناسبة لها بالمؤنث؟ فقال : وعينت ... إلخ. اه حنفية.
5- قوله : (للتأنيث) فلما احتيج إلى إبراز ضمير المؤنث ناسب إبراز ما كان علامة للتأنيث في الأصل ، واعترض عليه بأن الياء يجوز أن يكون بدلا من الهاء في هذي فلا يكون حينئذ للتأنيث ، وردّ بأنه لا يضر كونه للتأنيث أن يكون بدلا من الهاء ؛ إذ يكفي مجرد كونه علامة التأنيث أصليا كان أو مبدلا. وأقول في هذا الجواب نظر ؛ إذ الياء على تقدير كونه مبدلا من هاء هذه لا يدل على التأنيث بل الدال عليه حينئذ هذي بصيغته كهذه فافهم. اه فلاح.

يزد (1) من حروف : «أنت» شيء للالتباس (2) في الألف بالتثنية ، واجتماع النونين (3) في النون ، وتكرار (4) التائين في التاء.

وأبرز الياء (5) للفرق (6) بينه وبين جمعه ، ولم يفرق (7) بحركة ما قبل (8) النون

ص: 87


1- قوله : (ولم يزد ... إلخ) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : لما كان تحت تضربين أنت مستترا ينبغي أن يزاد من حروف أنت لدلالته على المخاطبة ، كما زدتم في المخاطب منها ، بأن عدم الزيادة للالتباس ... إلخ ، ولا شك أن الالتباس يلزم صورة لا حقيقة ، فإن في أنت همزة لا ألف لكن صورتها صورة الألف ؛ لكونها في أول الكلمة. اه من الإيضاح.
2- قوله : (للالتباس ... إلخ) يعني لو زيدت حرف من حروف أنت فلا يخلو ، إمّا أن يكون الزائد هو الألف أو النون أو التاء لا سبيل إلى شيء منها ، أمّا الأول فللالتباس بالتثنية نحو تضربان ، وأما الثّاني فما أشار إليه المصنف بقوله : واجتماع النونين في النون ، وأمّا الثّالث فما أشار إليه بقوله : وتكرار التائين في التاء. اه مهدي.
3- قوله : (واجتماع ... إلخ) أحدهما النون المزيدة ، والثّاني علامة الرفع ، واستكرهوا ذلك ؛ لأنه يوجب الثقل فلا يصار إلى ما يؤدي إليه ، وتكرار التاءين الأولى تاء الخطاب ، والثانية تاء الضمير نحو تضربتن ، فإن التكرار أيضا مفض إلى الثقل ، ثم الفرق بين اجتماع الحرفين وتكرارهما أن الأول هو الاتصال بينهما بدون توسط حرف آخر سواء كانتا في أول الكلمة أو آخرها كمدد وبرر وددن ، والثّاني هو الاجتماع بينهما مع توسط الحرف الآخر نحو قلق. اه عبد الله.
4- قوله : (وتكرار التاءين ... إلخ) لا يخفى ما فيه مما يفهم منه وهو كون التاءات أربعة. والجواب أن الكلام محمول على حذف المضاف ، أي : تكرار أحدهما. اه إيضاح.
5- قوله : (وأبرز ... إلخ) جواب سؤال مقدر ، وهو أن يقال : بأنه إذا لم يمكن زيادة حرف من حروف أنت لما ذكر فالمناسب أن يستتر فيها ضمير الفاعل طردا لباقي المفردات من المضارع ، وقد أبرز فيها فما ذا ، وتقرير الجواب ظاهر. اه عبد الأحد رحمه الله تعالى.
6- قوله : (للفرق ... إلخ) يعني لو لم يبرز الضمير في الواحدة المخاطبة فيقال : تضربن فتلتبس بالجمع المؤنث المخاطبة منه وهو تضربن ، فلذلك ترك الاستتار. اه حنفية شرح مراح.
7- قوله : (ولم يفرق ... إلخ) جواب سؤال هو أنه إذا كان المطلوب الفرق بينهما فقد يحصل هذا بتحرك ما قبل النون في الواحدة المخاطبة بالكسر وهو الباء ، وبسكون ما قبله في الجمع ، فلم لم يفعل كذلك بما ترى. اه مهدية بتصرف.
8- في تضربين بأن يكون ما قبل نون المخاطبة متحركة على تقدير استتار الياء وما قبل نون الجمع ساكنا. اه مولوي.

حتى لا يلتبس (1) بالنون الثقيلة (2) والخفيفة في الصورة (3) ، ولا بحذف (4) النون حتى لا يلتبس بالمذكر (5) المخاطب.

4 - وفي المضارع المتكلم ، نحو : أضرب ، ونضرب.

5 - وفي الصفة (6) ،

ص: 88


1- يعني لو اكتفى بحركة ما قبل النون في الواحدة لالتبس بالمخاطبة المؤكدة بالنون الثقيلة. اه حنفية.
2- قوله : (بالنون الثقيلة ... إلخ) وذلك لأن ما قبل النون الثقيلة لا يكون إلا متحركا فلا يمكن تحريكها بالضم ؛ لئلا يلتبس بالجمع المذكر نحو تضربنّ ، ولا بالفتح لئلا يلتبس بالواحد نحو تضربنّ ، ولا بالكسر لئلا يلتبس بنفسه عند اتصال النون الثقيلة نحو تضربن. وفيه تساهل ؛ إذ حق العبارة أن يقال : بالمخاطبة المؤكدة بالنون الثقيلة ؛ لأن الالتباس الصوري إنما هو بهذه لا بنفس النون الثقيلة ، لكنه تسامح بناء على ظهور المراد. اه مولوي مع فلاح.
3- قوله : (في الصورة) اعلم أن اعتبار الالتباس الصوري غير سديد فإنه لو اعتبر لامتنع كثير من الصور نحو ضربت بفتح التاء للمخاطب وبكسرها للمخاطبة وكذا بالضم للمتكلم ، وبالإسكان للغائبة كذا في الحنفية ، والحق في الجواب أن هذه نكات بعد الوقوع والحاكم بذلك في الحقيقة هو الواضع. اه ملا غلام رباني.
4- قوله : (ولا بحذف ... إلخ) جواب لما يقال : لم لم يفرق بين الواحدة المخاطبة أعني تضربين ، وجمعها وهو تضربن بحذف النون المخاطبة مع عدم إبراز الياء ، فيصير تضرب بما ترى. اه حنفية.
5- قوله : (بالمذكر ... إلخ) فيه أن الالتباس على تقدير حذف النون بالمؤنث الغائبة أيضا ، فلا وجه لتخصيص المذكر ، والجواب أن المؤنث فرع المذكر والتباس الفرع بالأصل أشد ، فالتخصيص بالمذكر لشناعة التباسه ، ولا كذلك الالتباس بالمؤنث الغائب ، مع أن الالتباس بها متحقق في صيغة المذكر المخاطب ، فإذا لم يبال بذلك الالتباس في المذكر المخاطب الذي هو الأصل ، فكيف يبالي لهذا الالتباس في صيغة المؤنث المخاطبة ، فكان هذا الالتباس لعدم اعتباره في المذكر غير معتد به. اه مولوي غلام رباني.
6- قوله : (وفي الصفة) المراد بالصفة ههنا ما يكون اسما مشتقا وهو أربعة ، اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل ، وإنما سميت صفة لدلالتها على اتصاف الذات بالمصدر ، فإن معنى قولك : ضارب مثلا ، ذات متصف بالضرب يعني يستتر الضمير في الصفة مفردا كان أو مثنى أو مجموعا ، مذكرا كان أو مؤنثا. اه فلاح.

نحو : ضارب وضاربان (1) وضاربون.

واستتر في المرفوع دون المنصوب والمجرور ؛ لأنه (2) بمنزلة جزء الفعل ، واستتر في المفرد الغائب والغائبة دون التثنية والجمع ؛ لأن الاستتار (3) خفيف ، فإعطاء الخفيف للمفرد السابق أولى (4) ، ودون المتكلم والمخاطب اللذين في

ص: 89


1- قوله : (وضاربان ... إلخ) وهند ضاربة ، وهندان ضاربتان ، وهندات ضاربات. قال بعض المحققين : وإنما استتر في الصفات فإن الصفة إن كان مذكرا واحدا تدل على أن فاعله واحد مذكر ، وكذا إذا كان مثنى أو مجموعا يدل على تثنية فاعله وجمعه ، وكذا الحال في الصفة إذا كانت مؤنثا ؛ لأن الصفات تكون مطابقة للموصوف وهو فاعل الصفة ، فبعد وجود الدلائل الدالة على أحوال الفاعل في هذه الأمثلة لا حاجة إلى الإبراز ، ولا شك أن عدم الإبراز في الكل يدل على أن فاعل الكل مستتر. وقال بعضهم : إنما استتر في الصفات ؛ لأن الألف والواو في التثنية والجمع ليسا بضمير كما يجيء فلو أبرز الألف في التثنية والواو في الجمع يلزم اجتماع الألفين والواوين ، فاستتر الألف في الجمع المذكرين ، وكذا استتر النون في ضاربات ومضروبات تبعا للمذكر ؛ إذ هو الأصل ، فإذا استتر في المثنى والجمع كان الاستتار في المفرد أجدر وأولى ، فيلزم الاستتار في الكل فلا ترى ضميرا بارزا في الصفات وهو المطلوب. ومما يجب أن يعلم أن الصفات كالجوامد الخالية عن الضمير من حيث إنها لا تتغير عند تبدل ضمائرها غيبة وخطابا وتكلما ، فالمستتر فيه جاز أن يكون غائبا ومخاطبا ومتكلما ، فيجوز أن يقال : زيد ضارب ، وأنت ضارب ، وأنا ضارب ، وكذا في التثنية والجمع. فإن قلت : لم لم يذكر المصنف الظروف والجار والمجرور وأسماء الأفعال مع أن الضمير المرفوع يستتر فيها؟. قلت : إنما لم يذكرها لأن نظره مقصور على المشتقات ، كما أشرنا إليه في صدر الكتاب ، وهذه الثلاثة ليست منها. اه من الإيضاح والفلاح.
2- ولأن الضمير المرفوع فاعل ، والفعل يحتاج إليه ويستلزمه ، فكان ذكر الفعل دليلا عليه فلا يخل استتاره ، بخلاف المنصوب والمجرور فإن ذكر الفعل لا يدل على ذكر المنصوب ؛ لأنه ضمير مفعول والفعل لا يستلزم المفعول كاستلزام الفاعل فافترقا. اه عبد الأحد.
3- قوله : (لأن الاستتار) أي : استتار الضمير خفيف إذ لا علامة له لفظا ، فلأن الضمير المستتر أمر معدوم إلا أنه اعتبر لتصحيح اللفظ إذ لا يوجد الفعل بدون الفاعل. اه جلال الدين.
4- قوله : (أولى) إذ المفرد أيضا خفيف بالنسبة إلى التثنية والجمع لفظا ومعنى ، فبينهما مناسبة في التخفيف فلذا أعطي الاستتار له. اه مهدي.

الماضي ؛ لأن الاستتار قرينة ضعيفة والإبراز قرينة قوية ، فإعطاء الإبراز القويّ للمتكلم القوي والمخاطب القوي أولى.

واستتر (1) في مخاطب المستقبل (2) ومتكلمه للفرق (3).

وقيل : يستتر في هذه المواضع دون غيرها ، لوجود الدليل ، وهو عدم الإبراز (4) في مثل : «ضرب» والتاء في مثل : «ضربت» والياء في مثل : «يضرب» والتاء في مثل : «تضرب» والهمزة في مثل : «أضرب» والنون في مثل : «نضرب» وهي حروف ليست بأسماء (5) ،

ص: 90


1- قوله : (واستتر ... إلخ) واعترض عليه بأن قوله من قبل : ودون المتكلم والمخاطب اللذين في الماضي يفيد استتار المرفوع فيهما في المستقبل ، فكان إيراد هذا الكلام مكررا لا حاجة إليه ، إلّا أن يقال : إنه تصريح بما علم ضمنا فإن طبيعة الإنسان قد تختلف ذكاوة وغباوة. اه حنفية بتصرف. ولأن المتكلم والمخاطب من المضارع ليسا بمساويين للمتكلم والمخاطب ، اللذين في الماضي ؛ لأن المضارع فرع والماضي أصل. اه عبد الحكيم رحمه الله.
2- لما توجه أن يقال هذا الدليل منقوض بمخاطب المستقبل ومتكلمه لجريانه فيهما مع أنه لا يبرز الضمير فيهما ، أجاب عنه بقوله : واستتر ... إلخ. اه فلاح شرح مراح.
3- قوله : (للفرق) وهذا الكلام في غاية الضعف ؛ إذ لا حاجة للفرق بينهما بالاستتار وعدمه إذ حرف المضارع يدفع اللبس وهو ظاهر ، والوجه الصحيح ما حققه الرضي حيث قال : واستتر في تفعل مخاطبا إجراء لمفردات المضارع مجرى واحدا في عدم إبراز ضميرها ، واستتر في أفعل ونفعل لإشعار حرف المضارعة بالفاعل فأفعل مشعر بأنه فاعله أنا بسبب إشعار همزته بهمزة أنا ، ونفعل مشعر بأن فاعله نحن بسبب إشعار نونه بنون نحن ، وقد أشار المصنف إليه نقلا بعيد هذا بقوله : والهمزة في مثل اضرب والنون في مثل نضرب. اه فلاح.
4- وذلك لأن الفعل لا بد له من فاعل وهو إمّا مظهر أو مضمر بارز أو مضمر مستتر ، فحيث لم يوجد الأول والثّاني وجب الحكم بالاستتار ؛ لئلا يبقى الفعل بلا فاعل ، وهذا القدر كاف في الاستدلال في الكل لكنه أراد التفصيل فقال : في مثل ضرب. اه ف.
5- وضمائر ؛ إذ لو كانت ضمائر لكانت فاعلة فلا يمكن الاستتار لاجتماع الفاعلين ، وحينئذ قوله : والصفة في مثل إلخ مرفوع عطفا على عدم الإبراز ، أي : دليل الاستتار عدم الإبراز والصفة ، وأنت تعلم أن هذا الكلام لا معنى له يعتد به ، وقد وقع في بعض النسخ وفي الصفة وهو سهو. اه ف.

والصفة (1) في مثل : ضارب ، ضاربان ... إلخ.

ولا يجوز أن يكون تاء : «ضربت» ضميرا كتاء : «ضربت» لوجود عدم (2) حذفها بالفاعلة الظاهرة ، نحو : ضربت هند (3) ، ولا يجوز (4) أن يكون ألف : «ضاربان» ضميرا ؛ لأنه يتغيّر في حالة النصب والجر ، والضمير لا يتغير كألف : «يضربان» (5).

والاستتار واجب (6) في مثل : إفعل ، وتفعل (7) ،

ص: 91


1- قوله : (والصفة) فإن كونها صفة يدل على الفاعل ؛ إذ الصفة لا بد له من الموصوف الذي يقوم به. اه عبد الحكيم.
2- يعني : لو كان ضميرا لكان فاعلا فلو لم يحذف مع الفاعل الظاهر يلزم اجتماع الفاعلين وهو غير جائز ، فهو غير ضمير وهذا ما وعده في صدر الفعل بقوله : وهذه التاء ليست بضمير كما يجيء. اه ف.
3- قوله : (نحو ضربت هند) فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون التاء ضميرا والاسم الظاهر بدلا عنه فحينئذ لا يتأتى اجتماع الفاعلين؟. قلنا : لا يمكن جعلها ضميرا ؛ إذ المستكن متحقق في قولك : هند ضربت بالإجماع ، فلو كان التاء ضميرا بارزا فيلزم حينئذ اجتماع المستتر والبارز وهذا لا يجوز إجماعا. اه حنفية.
4- ولا يجوز ... إلخ لما شابه اسم الفاعل بالفعل مشابهة كاملة ؛ لأنه يعمل مثل عمله ، توهم أن يكون ألف ضاربان ضميرا كألف يضربان ، فدفع هذا الوهم بقوله : ولا يجوز ... إلخ. اه مهدية.
5- قوله : (كألف يضربان) فإنه لا يتغير هو بالحروف الناصبة والجازمة نحو لن يضربا ، وأيضا إن الألف والواو في مثنيات الأسماء الجامدة وجموعها كالزيدين والزيدون حروف بلا ريب زيدت للمثنى والمجموع ، فجعلت مثنيات الصفات ومجموعها على نهج مثنيات الجامدة ومجموعها ؛ لأن الصفات فروع الجامدة لتقدم الذوات على صفاتها فصارت الألف والواو فيها علامتي المثنى والجمع فقط لا ضميرا لهما. اه شمس الدين أحمد.
6- قوله : (والاستتار ... إلخ) اعلم أن استتار الضمير بمعنى عدم الإبراز عند اتصاله واجب في جميع المواضع الخمسة المذكورة ، وأمّا استتار الفاعل المضمر بمعنى أنه لا يجوز إظهار الفاعل ولا إبرازه بل يكون مستترا ، ففي أربعة أفعال في مثل ... إلخ. اه فلاح.
7- أي : صيغة المضارع المخاطب المفرد ولعل النهي يندرج فيه ، وإلا لم ينحصر وجوب الاستتار في الأربعة المذكورة. اه ف.

وأفعل ، ونفعل ، لدلالة (1) الصيغة عليه ، وقبح (2) : افعل زيد ، وتفعل زيد ، وأفعل زيد ، ونفعل زيدون.

* * *

ص: 92


1- قوله : (لدلالة ... إلخ) وذلك لأن الخطاب لا يكون إلا مع الغير ، والتكلم لا يكون إلّا بالغير فلما تكون الصيغة دالة على فاعل كل واحد منهم فلا حاجة إلى الإبراز فيكون إيراد الفاعل الظاهر بعده قبحا فقبح افعل زيد ... إلخ. اه جلال الدين.
2- قوله : (وقبح ... إلخ) فإن قيل : إن قوله : وقبح يقتضي جواز ذلك وليس الأمر هكذا؟. قلنا : بأن المراد من القبح هو الامتناع ، أي : امتنع بناء على أنه إمكان عام سلبت الضرورة فيه عن طرف الوجود. اه حنفية. قوله : (بالواو) الأولى بالفاء يعني لما كان استتار الضمير واجبا في هذه الأربعة قبح أن تسند إلى الفاعل الظاهر ، ويقال : أفعل ... إلخ وأما ما عدا هذه الأربعة فيجوز أن يسند إلى فاعل ظاهر أيضا ، فلا يقبح أن يقال : ضرب زيد وضربت هند ومررت برجل ضارب غلامه. اه أحمد.

فصل : في المستقبل

(1)(2)

وهو يجيء أيضا على أربعة عشر وجها ، نحو : يضرب ... إلخ.

ويقال له : مستقبل (3) ، لوجود معنى الاستقبال في معناه ، ويقال له : مضارع ؛

ص: 93


1- ولما فرغ المصنف عن بيان الماضي أراد أن يشرع في بيان المضارع لاشتمال كل منهما على الحدث والنسبة والزمان ، وتأخيره عنه إمّا لاشتقاقه عن الماضي ، وإمّا لتقدم زمان الماضي على زمانه ، وإما لأن الماضي بمنزلة المجرد والمستقبل بمنزلة المزيد بالنسبة إليه فافهم. اه لكاتبه. اه تبان.
2- قوله : (في المستقبل) الاستقبال في اللغة ضد الاستدبار وهو التوجه ، فالمستقبل في اللغة : ما يتوجه إليه ، فالقبلة في قولنا : زيد يستقبل القبلة ، هو المستقبل ؛ لأنه يتوجه إليه ، والمستقبل من الزمان هو الآتي منه ؛ لأنه يتوجه إليه ويتوقع مجيئه ، وفي الاصطلاح : فعل يتعاقب على أوله الزوائد الأربع ، والمراد من الزوائد الأربع حروف أتين ، كما يجيء ، فبقولنا : فعل يسقط الاحتراز بمثل يزيد ويشكر علمين ، وبقولنا : يتعاقب على أوله الزوائد ، خرج مثل أمر ونصر وترك ويسر. اعلم أنه لا شك في أن زيادة هذه الحروف على الماضي والمستقبل لقصد معنى غير معنى الماضي وهو الزمان الحاضر والزمان الآتي ، أو هما معا ، وإلا لما احتيج إلى تلك الزيادة فلا ينتقض الحد بمثل أكرم وتدحرج وتقاعد ؛ لأن زيادة هذه الحروف فيها لنقل الفعل لغيرهما ، لا لقصد معنى مضارع ، أي : لا لقصد معنى المضارعة ، أي : لا لقصد معنى غير الماضي. فتدبر. اه فلاح.
3- قوله : (مستقبل) وكذا مستقبل له ، كان القياس أن يقال له : مستقبل بصيغة اسم الفاعل ؛ لأن الاستقبال لازم معناه إلا أن الشائع على ألسنة العلماء على صيغة المفعول ، فكأنه على الحذف والإيصال ، كما قالوا : في المشترك ، وكلام المصنف يحتمل الوجهين. اه مولوي.

لأنه (1) مشابه (2) ب : «ضارب» في الحركات (3) والسكنات (4) ، وعدد الحروف ، وفي وقوعه صفة للنكرة ، مثل : مررت برجل ضارب ، ويضرب مقام ضارب ، وفي دخول لام الابتداء نحو : إنّ زيدا لقائم ، وليقوم ، وباسم الجنس في العموم والخصوص ، يعني كما أن اسم الجنس يختص بلام العهد ، كذلك يختص : «يضرب» ب : «سوف» أو بالسين (5) ، وب : «العين» (6) في الاشتراك (7) بين الحال والاستقبال.

ص: 94


1- ولأن المضارعة في اللغة المشابهة وهو مشابه باسم الفاعل لفظا واستعمالا ، أمّا لفظا فهو في الحركات ... إلخ. وأمّا استعمالا فمن وجهين عبر عن أولهما بقوله : وفي وقوعه صفة ... إلخ. وعن ثانيهما بقوله : وفي دخول لام الابتداء. اه فلاح بتصرف.
2- قوله : (لأنه مشابه ... إلخ) ومعنى المضارعة في اللغة المشابهة مشتقة من الضرع كأن كلا الشبهين ارتضعا من ضرع واحد فهما أخوان رضاعا ، فيكون المناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي مرعية. اه أحمد.
3- يعني : كما أن في ضارب ثلاث أحرف متحركة وحرف ساكن فكذا في يضرب ، والسّكنات وإن لم تكن في المضارع واسم الفاعل من الثلاثي المجرد لكنها بالنظر إلى المراد. اه حاجي.
4- قوله : (والسّكنات) وإنما جمع السّكنات إمّا للمشاكلة للحركات ، وإمّا لاضمحلال معنى الجمعية بدخول الألف واللام كما بين في الأصول ، كما إذا حلف لا أشتري العبيد يحنث باشتراء عبد واحد. ولا يلزم اعتبار ذلك في الحركات ، ولو سلم لا يضر المقصود فافهم. اه ابن كمال باشا.
5- قوله : (أو بالسين) أي : بسين الاستقبال نحو سيخرج وسوف يخرج ، لا بسين الاستفعال وغيره ، فالألف واللام فيه إمّا عوض عن المضاف إليه أو للعهد الذهني. واعلم أن السين وسوف قد سماهما سيبويه حرفي التنفيس ومعناه تأخير الفعل إلى الزمان المستقبل وعدم التنفيس في الحال ، وسوف أكثر تنفيسا من السين ، وقيل : إن السين منقوص من سوف دلالة بقليل الحروف وعلى تقريب الفعل. اه فلاح.
6- قوله : (وبالعين ... إلخ) يعني كما أن العين يشترك بين المعاني مثل الذهب والباصرة والجارية وغير ذلك ، فكذا المستقبل يشترك بين الحال والاستقبال ، فهذه المشابهة في الاشتراك فقط لا في الاختصاص بعد الاشتراك كما تفصح عنه عبارته ؛ ولأنه حينئذ يكون كالتكرير بما قبله فبطل ما ذهب إليه بعض الشارحين من أن معناه كما أن العين مشترك بين المعاني ثم يختص بأحد المعاني بالقرينة ، كذلك المستقبل مشترك بين الزمانين ثم يختص لأحد الزمانين بدخول السين أو سوف. اه أحمد.
7- قوله : (في الاشتراك) أقول : لو اكتفى بقوله : وبالعين في الاشتراك ، لكان أحرى إذ الاشتراك وجه مشترك بين المضارع والعين مطلقا ، وقوله : بين الحال والاستقبال يتوهم كون اشتراكهما فيهما فيلزم أن يكون معنى العين حالا واستقبالا كذا في الحنفية. والجواب بأن كلمة في بمعنى اللام كما في قوله صلى الله عليه وسلم : «إن امرأة دخلت النار في هرة» ، واللام في الاشتراك عوض عن المضاف إليه ، أي : لأن المضارع مشابه بلفظ العين لأجل اشتراكه بينهما كما أن لفظ العين مشترك بين المعاني. اه غلام رباني.

زيدت على الماضي من حروف : «أتين» (1) حتى يصير مستقبلا ؛ لأن (2) بتقدير الانتقاص يصير أقل من القدر الصالح (3) ، وزيدت (4) في الأول دون الآخر ؛ لأن في الآخر (5)

ص: 95


1- قوله : (أتين) اه تبيان.
2- قوله : (لأن ... إلخ) جواب لما يقال : الماضي والمضارع مختلفان معنى لدلالة الماضي على الزمان الذي مر ، والمضارع باللاحق فوجب المخالفة بين لفظيهما لتدل على اختلاف معناهما وهي يمكن بانتقاص حرف من حروف الماضي بأن بتقدير الانتقاص إلخ. اه شمس الدين.
3- قوله : (من القدر ... إلخ) وقد عرفت أن القدر الصالح ثلاثة أحرف حرف يبتدأ به وحرف يوقف عليه وحرف يتوسط بينهما ، وأيضا انتقاص حرف واحد منه لا يفيد الوجوه الأربعة من الخطاب والغيبة والتكلم وحده ومع غيره ، ولو انتقص لكل وجه حرف لم يبق في الكلمة شيء فتعين أن تكون تلك المخالفة بالزيادة ، وهذا الدليل المذكور يجري في الثلاثي وغيره محمول عليه ، وأمّا كون حروف الزيادة حروف أتين فلأنهم وجدوا أولى الحروف بها حروف المد واللين لكثرة دورها في الكلام ، إذ التكلم لا يخلو عنها أو عن بعضها أعني الحركات ، ثم قلبوا الواو تاء لما سيذكره ، وزادوا النون لما سيأتي أيضا. اه فلاح.
4- قوله : (وزيدت ... إلخ) جواب سؤال وهو أن يقال : لم زيدت حرف من هذه الحروف في أول الماضي دون آخره ، مع أن الآخر أحق بالزيادة ؛ لأنه محل التغيير ووسطه إذ قد يزاد الحرف للفرق في الوسط كضارب ؛ لأن بالزيادة في الآخر ... إلخ. اه مهديه.
5- قوله : (في الآخر) وكذا في الوسط يلتبس بباب ضارب ، أمّا في الألف فظاهر وكذا الياء إذ لو زيدت يقال : ضيرب ولو زيدت التاء يقال : ضورب ؛ لأن التاء واو في الأصل ، ولو زيدت الهمزة يقال : ضأرب والنون حمل عليه. اه عبد الباقي.

يلتبس (1) بالماضي ، واشتق (2) من الماضي (3) ؛ لأنه يدل على الثّبات ، وزيدت (4)

ص: 96


1- لأنه لو زيدت الألف التبس بتثنية الغائب نحو ضربا ، ولو زيدت التاء التبس بالغائبة المفردة نحو ضربت ولو زيدت النون التبس بجمع الغائب المؤنث نحو ضربن ، ولما لزم الالتباس في هذه الثلاثة حملت الياء عليها ، وإن لم يلتبس بزيادتها في الآخر جريا للزيادة على وتيرة واحدة. اه عبد الحكيم بتصرف.
2- قوله : (واشتق ... إلخ) لما فرغ المصنف من بيان كيفية مغايرته للماضي أراد ان يبين اشتقاقه ، فقال : واشتق ... إلخ ، ثم قوله : واشتق ... إلخ ، جملة مستأنفة فكأنها وقعت في جواب سائل بأن المضارع يشتق من الماضي أم من غيره كاسم الفاعل والمصدر وغيرهما ، بأنه اشتق من الماضي فحينئذ للقائل أن يقول : ما وجه اشتقاقه من الماضي دون غيره من اسم الفاعل والمفعول مع أنهما يدلان على الحدث نحو الماضي ، فلدفع ذلك قال : لأنه يدل ... إلخ يدل توضيح الدفع أن الماضي يدل على الحدث الذي حقق وقوعه في الزمان الماضي ، وهما يدلان على الحدث المتحقق في الحال ، فقال الماضي أولى بالاشتقاق منهما لسبقه ، فيه أنه مخالف عما مر في صدر الكتاب أن المصدر أصل في الاشتقاق فكل من الأمثلة والصيغة مشتق منه ، فما معنى قوله : واشتق من الماضي ، أجيب بأن معناه مرجع الكل هو المصدر إمّا بواسطة أو بدونها ، فالماضي مشتق من المصدر والمضارع من الماضي ، والنهي والأمر واسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وغير ذلك مشتق من المضارع ، وكل ذلك من المصدر. اه عبد الباقي.
3- قوله : (من الماضي) حيث قيل : زيدت حروف أتين على الماضي دون المصدر مع أنه أحق ؛ لأنه الأصل ؛ لأنه أي : لأن الماضي يدل على الثبات ، أي : على تحقق الوقوع ، بخلاف المصدر فإنه خال منه وما يدل على الثبات أحق وأولى بالأصالة في الاشتقاق وفيه نظر تأمل. اه مولوي. لعله إشارة إلى بحث ذكره شارح الحنفية بقوله : وفيه بحث ، لأنه لو كان مشتقا من الماضي وجب أن يدل على أكثر مما يدل عليه الماضي لما ثبت من زيادة المشتق على المشتق منه في المعنى والمضارع لا يدل عليه ؛ لأن مدلولهما الحدث والنسبة والزمان فهما سيان في ذلك ، قلنا : المراد من الاشتقاق ههنا هو الاشتقاق اللغوي وهو كون المضارع مزيدا على الماضي وفرعا عنه لا الاشتقاق الأصل انتهى. لا يقال : على هذا ينبغي أن يكون ما سوى المضارع من الأمر والنهي أيضا مشتقا من الماضي ؛ لأن مناسبة المضارع أشد منه بغيره فلذا حكم باشتقاقه منه. اه ملا غلام رباني.
4- قوله : (وزيدت ... إلخ) يرد أن هذه الزيادة قد استفيد من قوله : سابقا عليه ، ثم زيدت على الماضي ... إلخ. فإيراده تكرار غير محتاج إليه. أجيب بأن إيراده تصريح بما علم ضمنا من الكلام السابق أن المزيد عليه هو المضارع والمجرد من أتين هو الماضي ، ولا يبعد أن يقال : لعل هذا القول لدفع ما توهم الأنسب أن يزاد الماضي في الأحرف بالمضارع لقوته لتحقق حدثه في الزمان الماضي بخلاف المضارع ومع هذا لم يزد فيه فما ذا وجهها ، وتقرير الدفع واضح ، واعترض بأنه يفهم من قوله هذا أن يزاد على صيغة يضرب كما لا يخفى والمقصود خلافه ، أجاب بأن معناه كانت الزيادة في المستقبل دون الماضي باعتبار ما يؤول إليه تدبر. اه أمير الله.

في المستقبل دون الماضي لأن المزيد عليه بعد المجرد والمستقبل بعد زمان الماضي ، فأعطي السابق للسابق واللاحق للاحق.

وعيّنت (1) الألف (2) للمتكلم الواحد ؛ لأن الألف (3) من أقصى الحلق ، وهو مبدأ المخارج ، والمتكلم هو الذي يبدأ الكلام منه ، وقيل : للموافقة بينه وبين (4): «أنا».

وعيّنت الواو للمخاطب ، لكونها من منتهى المخارج ، والمخاطب هو الذي ينتهي الكلام به ، ثم قلبت (5) الواو تاء (6)

ص: 97


1- قوله : (وعينت ... إلخ) لما فرغ من بيان تسمية المستقبل والمضارع وبيان كيفية مغايرته للماضي وبيان اشتقاقه منه ، أراد أن يبين تعيين كل حرف من حروف أتين للمتكلم والمخاطب والغائب ؛ ليفهم أن زيادة الجميع معا غير مراد وليدل به على تعيين كل منها فقال : وعينت ... إلخ. اه عبد الأحد.
2- قوله : (الألف) أي : الهمزة سميت ألفا إمّا لأنه تكتب بصورة الألف وإمّا لأن الألف على نوعين لينة وهي ما تكون ساكنة ، كما ولا ، ومتحركة كأخذ وأمر على ما ذهب إليه البعض كما في الحنفية. اه كريم الله.
3- وقيل إنما عينت الألف لأنها من حروف العلّة وأنها خفيفة وبالزيادة يلزم الثقل فأعطى الأخف لئلا يشتد الثقل ثم أبدلت الألف بالهمزة ؛ لأن الألف لا تقبل الحركة ولا يمكن الابتداء بالساكن. اه حنفية.
4- قوله : (وبين ... إلخ) أي : وبين الضمير المستتر فيه وهو أنا إذ أوله الهمزة فاجتلبوا في أول المتكلم الواحد من المضارع أيضا همزة ؛ لأن كلا منهما للمتكلم الواحد. اه مهديه.
5- قوله : (ثم قلبت ... إلخ) كأنه لدفع ما وهم بأنه لما عينت الواو للمخاطب فلم لا يقولون وضرب في المخاطب المذكر من المضارع بل تضرب بأن عدم التفوه بذلك لأجل قلب الواو بالتاء لئلا تجتمع الواوات ... إلخ. اه عبد الله رحمه الله.
6- قوله : (ثم قلبت الواو تاء) لأنها كثيرا ما يبدل من الواو نحو تراث وتجاه فإن الأصل فيهما وراث ووجاه. اه مولوي.

حتى لا تجتمع (1) الواوات في مثل : وووجل (2) في العطف ، ومن ثمّ قيل : الأول (3) من كلّ كلمة لا يصلح لزيادة الواو ، وحكم (4) بأن واو : «ورنتل» (5) أصل.

وعيّنت الياء للغائب (6) ؛ لأن الياء (7) من وسط الفم ، والغائب هو الذي يكون في وسط كلام المتكلم والمخاطب.

وعيّنت النون للمتكلم إذا كان معه غيره (8) ، لتعيينها لذلك في : ضربنا.

ص: 98


1- أحدها علامة الخطاب ، والثّانية واو المثال ، والثّالثة واو العطف. اه
2- قوله : (وووجل) يعني أن وجل مثال واوي فلو زيدت واو المخاطب ثم أدخل الواو العاطفة يجتمع واوات فكأنه يشبه نباح الكلب وهو مستكره فوجب قلبها حرفا آخر لدفع الكراهة فأبدلت التاء منها ؛ لأنها كثيرا ما تبدل منها. واعلم أن اجتماع الواوات مستكره إذا كانت في كلمة واحدة لا في كلمتين فلا يرد الإشكال بقوله تعالى : (آوَوْا وَنَصَرُوا) [الأنفال : 72]. اه فلاح.
3- قال بعض الشارحين الوجه المعقول في عدم زيادة الواو أولا هو أنه لو زيدت أولا فبتقدير انضمامها وانكسارها قلبت همزة نحو أجوه وإشاح ، وبتقدير انفتاحها تضم في التصغير ، فقلبت الهمزة أيضا نحو أجيه في وجيه تصغير وجه ، على أن المفتوح قد تقلب همزة كأحد وأناة في وحد ووناة وغرضهم بالزيادة زيادة نفس الحروف الزائدة إذ لو كان الغرض غيره لزادوه ، فلو زيدت الواو أولا وهو لا تخلط بالبقاء على حالها لربما نقض الفرض فرفض زيادتها. اه حنفية.
4- قوله : (وحكم بأن واو ... إلخ) جواب سؤال مقدر وهو أن قولكم : لا يجوز زيادة الواو في أول كلمة ما منقوض بورنتل لزيادة الواو في أوله ، ومعنى الجواب ظاهر. اه شمس الدين.
5- قوله : (واو ورنتل) بالفتحات وسكون النون اسم بلدة ، وقيل : الشدة ، يقال : أوقع فلان في ورنتل أي : في شدة. اه عبد الحكيم.
6- قوله : (للغائب) فإن قيل : تعيين الياء الغائب مطلقا غير صحيح ؛ لأنه يشكل بقوله تعالى : (وَاللهُ يَحْكُمُ) [الرعد : 41] ، و (وَاللهُ يَخْتَصُ) [البقرة : 105] ، فهو ليس بمذكر ولا بغائب؟. قلنا : المراد بالله في الآية لفظ الله لا ذاته المنزه عن النقص وهو الاسم الظاهر وأسماء الظواهر كلها غيب. اه حنفية.
7- قوله : (لأن الياء ... إلخ) ويمكن أن يقال : بأنهم صرحوا أن الياء مركبة من الكسرتين ، والكسرة متوسطة بين الضمة والفتحة باعتبار الثقل والخفة ولهذا سموها أعدل الحركات ، والغائب أيضا متوسطة بين المتكلم والمخاطب فأعطى الياء للغائب. اه كاذروني.
8- قوله : (غيره) أي : غير المتكلم سواء كان مذكرا أو مؤنثا ، مفردا أو مثنى أو مجموعا ، وقد يستعمل للواحد للتعظيم نحو قوله تعالى : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) [يوسف : 3] اشتمال او بر عجائب وغرائب وحكمتها وعبرتها. اه مهدية مع حسيني. قوله : (للتعظيم) وهو مجاز عن الجمع لعدهم المعظم كالجماعة ، ولم يجىء للواحد الغائب أو المخاطب المعظمين فعلوا وفعلتم في الكلام القديم المعتد به ، وإنما هو استعمال المولّدين. اه رضي.

فإن قيل : لم زيدت (1) النون في : «نضرب»؟.

قلنا : لأنه لم يبق من حروف العلة شيء ، وهو قريب من حروف العلة في خروجها عن هواء الخيشوم (2).

وفتحت هذه الحروف (3) للخفّة ، إلا في الرباعي ، وهو : فعلل ، وأفعل ،

ص: 99


1- توضيح الاعتراض لما وجبت الزيادة في المستقبل لمحافظة لفظه لفظ الماضي ، والأولى بالزيادة حروف العلّة وقد زيدت في ثلاثة مواضع ولم يبق حرف من حروف العلّة حتى يزيد في الموضع الرابع ، فلم اختص النون بالزيادة؟ وقد يحصل هذا الغرض بزيادة حرف آخر أيضا. وتفصيل الجواب زيدت النون ؛ لأنه لم يبق من حروف العلّة حرف حيث أعطى الألف للمتكلم الواحد والياء للغائب والواو للمخاطب ، فلما لم يبق فاختاروا النون لمشابهتها لهن في خروجها عن هواء الخيشوم ، أي : من صوت الأنف والتليين ، وبالجملة إن حروف العلّة لا تخلو عن التليين ، والنون لما خرجت عن صوت الأنف ، وصوت الأنف لا تخلو عن التليين فللنون مناسبة بحروف العلّة الضعيفة. اه مهديه.
2- قوله : (الخيشوم) هو أقصى الأنف ، وهواء الخيشوم الصوت الذي يخرج عنه ويسمى غنة أيضا فمعناه أن النون غنة في الخيشوم كما أن حروف العلّة مدة في الحلق. واعلم أن النون إنما يكون غنة إذا كانت ساكنة لا مطلقا بل إنما تكون النون الساكنة غنة في الخيشوم مع خمسة عشر حرفا من حروف الفم وهي القاف والكاف والجيم والشين والصاد والضّاد والسين والراء والطاء والدال والتاء والذال والظاء والثاء والفاء ، فمتى اتصلت النون الساكنة بحرف من هذه الحروف كانت غنة في الخيشوم ولم يكن للفم فيها علاج البتة ، ولهذا لو نطق الناطق بمثل عنك ومنك وسد أنفه اختل صوته وربما تلاشى واضمحل. اه فلاح.
3- قوله : (الحروف) ولم يقل الأحرف بزنة أفعل الذي هو من أوزان جمع القلة مع أن حروف المضارعة أربعة ؛ لأن الحروف على زنة فعول الذي هو من أوزان جمع الكثرة قد يستعمل مقام القلة ، وكذا العكس فهم لا يبالون بذلك. اه مهدية.

وفعّل ، وفاعل ؛ لأن هذه الأربعة رباعيّة ، والرباعي فرع (1) للثلاثي ، والضمّ أيضا فرع للفتح.

وقيل : لقلّة استعمالهنّ ، ويفتح (2) ما وراءهنّ لكثرة حروفهنّ (3) ، أما : «يهريق» (4) فأصله : يريق ، وهو من الرباعي (5) ، فزيدت الهاء على خلاف القياس (6).

وتكسر حروف المضارعة في بعض اللغات إذا كان ماضيه مكسور العين أو مكسور الهمزة ، حتى يدل على كسرة الماضي ، نحو : يعلم ، وتعلم ، وإعلم ، ونعلم ، ويستنصر ، وتستنصر ، وإستنصر ، ونستنصر (7) ، وفي بعض اللغات لا تكسر

ص: 100


1- قوله : (فرع ... إلخ) أمّا الرباعي المجرد الأصلي فلأنّ حروفه أكثر عددا من حروفه والكثير بعد القليل ، وأمّا الرباعي المزيد فيه للثلاثي فلامتناع بنائه بدون الثلاثي. اه شمس الدين.
2- قوله : (ويفتح ... إلخ) أفاد بذلك دفع ما يرد على قول القيل من أن الضم لو كان في الرباعي لقلّة الاستعمال لوجب الضم في الخماسي والسداسي أيضا ، بل أولى ؛ لأن استعمالها أقل من استعمال الرباعي ، وتنقيح الجواب أن الخماسي والسداسي أثقل من الرباعي لكثرة حروفهما بالنسبة إلى حروفه ، فلو ضم فيهما لأدى إلى الجمع بين الثقيلين ففتحت للخفة. اه من الحنفية.
3- قوله : (حروفهن) أي : حروف ما وراء الأربعة من الخماسي والسداسي ، فالأولى أن يقال : لكثرة حروفه ، بتذكير الضمير وإفراده ؛ لأنه يرجع إلى ما ، لكن أراد قصد الموافقة اللفظية لسائر الضمائر المذكورة التي قبلها فجعل لفظ ما عبارة عن الكلمات ، وتركوا الكسر في هذه الحروف ؛ لأن الياء منها والكسر ثقيل عليها. اه ابن كمال باشا.
4- قوله : (أما يهريق ... إلخ) جواب سؤال مقدر وهو أن قولكم : حروف المضارعة مفتوحة في غير الرباعي منقوض بيهريق ؛ لأنه غير الرباعي مع أن ياءه غير مفتوح ، وحاصل الجواب أنا لا نسلم أنه غير الرباعي ؛ لأن أصله يريق. اه أحمد.
5- قوله : (وهو من الرباعي) ولو سلم أنه من غيره فلا يبعد أن يقال : بأنه من الشواذ ، ولا يجب أن يدخل الشواذ في الحكم ، تأمل. اه عبد الله.
6- قوله : (على خلاف ... إلخ) ؛ لأن الزيادة إما يكون للمعنى أو للإلحاق ، وههنا ليس بواحد منهما فيكون على خلاف القياس ، وإنما هو لتحسين الصوت. اه مولوي سعديه.
7- هذا من السداسي ، وأمّا الخماسي فنحو يحمرّ وتحمرّ واحمر ونحمر وإذا كان كسر حروف المضارعة للدلالة على كسرة الماضي لم يحتج إلى كسرها فيما لا يكون ماضيه مكسورا. اه فلاح.

الياء لثقل الكسرة على الياء الضعيف (1).

وعيّنت (2) جوف المضارعة للدلالة على كسرة العين في الماضي لأنها زائدة (3) ، وقيل : لأنه يلزم بكسرة الفاء (4) توالي أربع حركات (5) ، وبكسرة العين يلزم الالتباس (6) بين : يفعل ، ويفعل ، وبكسر اللام إبطال الإعراب (7).

وتحذف التاء (8)

ص: 101


1- قوله : (الضعيف) فإنها من حروف العلّة وهي ضعيفة والكسرة حركة قوية إلا أن في الياء لما اجتمعت الكسرات بتقدير الكسرة دون في غيرها فلذلك لا تكسر الياء ، دون غيرها من حروف المضارعة فإنها تكسر حتى يدل على كسرة الماضي. اه تحرير.
2- جواب سؤال يرد على قول من يقول : وتكسر حروف المضارعة إذا كان ماضيه مكسور العين أو مكسور الهمزة ؛ لتدل على كسرة الماضي ، بأنه لم عينت كسرة حروف المضارعة دون غيرها من الحروف ؛ بأنها زائدة والتصرف في الزائدة أولى من غيرها. اه شرح مراح الأرواح.
3- ويمكن أن يقال : تعيين حروف المضارعة للكسر دلالة على كسرة عين الماضي في أول الأمر. اه تبيان.
4- محصل المقال لزوم المحذور على تقدير كسرة غير حرف المضارعة يلزم بكسرة ... إلخ. اه
5- في كلمة واحدة وهو غير جائز ، وبتقدير كسر الفاء لا يمكن إسكان غيرها لما سيأتي حتى لا يلزم المحذور. اه ف.
6- بفتح العين إذ لم يعلم حينئذ أنه مكسور العين في الأصل أو مفتوح العين ، لكنه كسرت للدلالة المذكورة. اه ف.
7- قوله : (إبطال الإعراب) أي : إعراب المضارع إذ هو قد يكون مجزوما ، وقد يكون مرفوعا ، وقد يكون منصوبا ، فإذا تعين كسرها لم يمكن هذه الوجوه ولما لم يمكن كسر غير حروف المضارعة للدلالة المذكورة تعين كسرها. اه فلاح.
8- قوله : (وتحذف التاء ... إلخ) لعلّه دفع دخل مقدر على قوله إلا في الرباعي بأنكم قلتم فعّل وفاعل رباعي وحروف المضارعة فيه مضموم ، والحال أنه قد جاء تقلد وتباعد بفتح التاء مع أن ماضيهما قلّد وباعد ، يعني من الرباعي ، فالاستثناء أحق بالاستثناء بما محصله أن تقلد وتباعد ليسا من باب فعّل وفاعل حتى تكونا مضارعين من قلد وباعد ويناقضان لما قلنا بل هما من باب التفعّل والتفاعل بطريق حذف التاء منهما فإن أصلهما تتقلد وتتباعد فتحذف التاء الثّانية على مختار المصنف لاجتماع الحرفين من جنس واحد ، وكل ما اجتمع فيه الحرفان المتجانسان يجوز فيه ثلاثة أوجه ، الحذف نحو : مست ، أصله مسست ، والقلب نحو أمليت أصله أمللت ، والإدغام نحو مدّ وفرّ ، والأخيران ممنوعان ههنا. أمّا الثّاني فلأن التاء الأولى علامة المضارع والتاء الثّانية حرف الماضي فلو أبدلت أحدهما بحرف العلّة يلزم التغير ، أمّا في حرف العلامة فلأن العلامة كما لا تحذف فكذا لا تبدل ولا تغير على أنه لو أبدل لا يخلو من أحد الأمرين ، إمّا الإبدال بالياء أو الواو لاستلزم الابتداء بالساكن على تقدير إبداله بالألف ، والأول يوجب الالتباس بالغائب ، والثّاني يوجب اجتماع الواوين في صورة العطف وهو مستكره ، وأمّا في حرفه الماضي وهو أيضا باطل ، وأمّا الثّالث فكما أشار المصنف إليه بقوله : وعدم إمكان الإدغام ، فلما انتفى الوجهان ، تعين الوجه الأول وهو إثبات إحداهما وحذف الأخرى. فإن قيل : بالحذف تلتبس بالماضي؟. قلنا : لا يلتبس ؛ لأن الماضي مفتوح الآخر والمضارع مرفوع. اه غلام رباني.

الثانية في مثل : تتقلّد (1) ، وتتباعد ، وتتبختر ، لاجتماع الحرفين من جنس واحد ، لعدم إمكان الإدغام (2) ، وعيّنت الثانية ؛ لأن الأولى علامة ، والعلامة لا تحذف.

وأسكنت (3) الضاد في مثل : «يضرب» فرارا من توالي الحركات ، وعيّنت الضاد للإسكان ؛ لأن توالي الحركات يلزم من الياء ، فإسكان الضاد التي تكون قريبا منه (4) أولى (5) ، ومن ثمّ عيّنت الباء في مثل : «ضربن» للإسكان ، لأنه

ص: 102


1- قوله : (في مثل تتقلد ... إلخ) يعني إذا اجتمع تاءان في فعل مضارع وكان مبنيا للفاعل حذفت الثّانية تخفيفا ، وإنما قلنا : وكان مبنيا للفاعل ؛ لأنه لو كان مبنيا للمفعول لم يحذف لقلة استعماله. اه أحمد.
2- لأن الإدغام عبارة عن إسكان الأول وإدراجه في الثّاني فيلزم الابتداء بالساكن ، وذا معتذر ، ولا يجوز اجتلاب همزة الوصل في المضارع ، كما لا يجوز في اسم الفاعل للمشابهة بينهما. اه شمس الدين.
3- قوله : (وأسكنت ... إلخ) جملة مستأنفة فكأنها وقعت في جواب سائل بأن المضارع فرع الماضي ، والفاء في الماضي لم تكن ساكنة فينبغي أن لا تسكن في المضارع أيضا ؛ ليكون الفرع على سنن الأصل بأن إسكان الضّاد للضرورة التي هي الفرار عن توالي الحركات الأربع ، فإنه لو حرك يلزم توالي أربع حركات في كلمة واحدة وذلك مستكره. اه لمحرره عفي عنه.
4- أي : إليه فكلمة من بمعنى إلى كما في قوله عليه الصلاة والسّلام : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» ، أي : أنت إلي. اه سمع.
5- لما فيه من تحصيل الفرار من ارتكاب المحذور الذي هو توالي الحركات الأربع في كلمة واحدة في أول الوهلة بقدر الإمكان فافهم. اه لمحرره.

قريب (1) من النون الذي يلزم منه توالي أربع حركات (2).

وسوّي (3) بين المخاطب والغائبة في : تضرب هي ، وتضرب أنت ، لاستوائهما في الماضي ، مثل : نصرت ، ونصرت ، ولكن (4) لا تسكّن في غائبة المستقبل ، لضرورة (5) الابتداء بالساكن ، ولا تضم حتى لا يلتبس (6) بالمجهول في مثل :

ص: 103


1- قوله : (لأنه قريب ... إلخ) وذلك أن تقول في وجه التعيين : إن إسكان غير الباء متعذر ؛ لأن إسكان الضّاد مستلزم للابتداء بالساكن وهو كما ترى ، وإسكان الراء موجب للالتباس بين ضربن وعلمن وشرفن ، وإسكان النون يناقض لما قلنا : إن العلامة لا تتغير فإن النون علامة جمع المؤنث فتعين الباء فانظر. اه ملّا غلام رباني.
2- قوله : ولا يسكن النون فيه مع أن التصرف في الزائد أولى ؛ لئلا يخالف سائر الضمائر القابلة للحركات في تحركها نحو ضربت بالحركات الثلاث وفتح للخفة. اه ف.
3- قوله : (وسوّي ... إلخ) جواب إيراد بأن يقال : الأصل أن يكون لكل معنى لفظ على حدة حتى لا يقع الاشتراك ، فلم سوّي بين صيغتي المذكر المخاطب المفرد والمؤنث الغائبة في المضارع مثل تضرب ، وتقدير الجواب أن التسوية بينهما في المضارع لاستوائهما في الماضي الذي هو أصل المضارع فسوّي فيه أيضا بينهما ليكون الفرع موافقا للأصل. ولما ورد بأنه لا استواء بينهما في الماضي من حيث الحركات وإن استويا في التركيب ؛ لأن التاء في الغائبة ساكنة والباء مفتوحة مثل ضربت ، وفي المخاطب عكسه نحو ضربت ، وفي المضارع استواءهما من حيث الحركات والتركيب جميعا ، إذ يقال فيهما تضرب كما ترى ، فإذا دريت هذا دريت عدم كون الفرع موافقا للأصل فينبغي أن تسكن التاء في الغائبة منه كما أسكنت في الماضي ، أجاب المصنف عنه بقوله : ولكن لا تسكن ... إلخ. اه عن الإيضاح بتصرف.
4- خلاصة المقال بأن الفرق في المضارع يشكل ؛ لأنه إمّا أن يكون بالإسكان أو بالضم أو بالكسر ، ولا سبيل إلى كل منهما ، أما الأول فما أشار إليه بقوله : ولكن لا تسكن ... إلخ ، وإلى الثّاني بقوله : ولا تضم ... إلخ ، وإلى الثّالث بقوله : ولا تكسر ... إلخ. اه ح.
5- يعني لو أسكنت التاء في المضارع قياسا على المقيس عليه وهو ضربت للغائبة يلزم الابتداء بالساكن وهو متعذر نحو تضرب فتركوا القياس على المقيس عليه لأجل هذا. اه ح.
6- قوله : (حتى لا يلتبس ... إلخ) يعني لو ضمت التاء يلتبس المعلوم بالمجهول في الأفعال التي عينها مفتوح ، فلو قيل : تمدح أو تعلم بضم التاء لم يعلم أنه مجهول أو معلوم غائبة ، ضمت تاؤه فرقا بينها وبين المخاطب. اه أحمد.

تمدح ، ولا تكسر أيضا حتى لا يلتبس بلغة : تعلم (1).

فإن قيل : يلزم الالتباس أيضا بالفتحة بين المخاطب والغائبة؟.

قلنا : في الفتحة موافقة بينها وبين أخواتها مع (2) خفّة (3) الفتحة.

فإن قيل (4) : لم أدخل في آخر المستقبل نون؟.

قلنا : علامة للرفع (5) ؛ لأن آخر الفعل صار باتصال ضمير الفاعل بمنزلة وسط

ص: 104


1- أي : بلغة من يكسر حرف المضارعة إذا كان الماضي مكسور العين كما مر ، والحاصل أنه لو كسرت التاء في إحدى الصيغتين لتوهم المتوهم أن ماضيه مكسور العين فيلزم الالتباس بباب آخر وهو فاسد ؛ لأن معاني الأبواب مختلفة فعلم أنه لا سبيل إلى شيء مما ذكره من وجوه الفرق فتعين الفتح. اه حنفية.
2- هذا دليل آخر يوجب ترجيح الفتحة على أخويها ، وهو أن الفتح أخف من الكسرة والضمة وهما ثقيلان ، والمطلوب هو الخفة فبالضرورة اختير هذا الالتباس. اه
3- ولما لم يكن الفرق بينهما لفظا أبقيا على حالهما واكتفي بالفرق التقديري ، وذلك أن تاء الغائبة تاء التأنيث التي في الماضي ، لكنها قدمت للالتباس فلم تكن مبدلة من شيء ، بخلاف التاء في المخاطب فإنها مبدلة من الواو كما مر ، وأيضا يفرق بينهما بما تحتهما فإن الغائبة يستتر تحتها هي ، والمخاطب يستتر تحته أنت ، وقس على مفرديهما تثنيتهما في الوجهين. اه ابن كمال باشا.
4- قوله : (فإن ... إلخ) توضيحه أن فعل المستقبل وقت كونه مفردا كان مرفوعا فلما اتصل ألف التثنية أو واو الجمع أو ياء المخاطبة المفردة علم كون فاعله تثنية أو جمعا ، أو مفردة مخاطبة فما فائدة زيادة النون في آخر المستقبل. اه عبد الأحد.
5- قوله : (علامة للرفع) يعني لما كان المضارع معربا ومرفوعا بعامل معنوي ، وأصل الإعراب الإعراب بالحركات ولم يمكن ذلك في آخر التثنية والجمع والمخاطبة المفردة حقيقة بسبب اتصال الضمائر لها ؛ لأنه صار آخر الفعل حينئذ بمنزلة وسط الكلمة وهو لا يكون متعقبا للإعراب ، ولأن الضمائر أوجبت كون ما قبلها على وجه واحد فما قبل الألف مفتوح أبدا ، وما قبل الواو مضموم أبدا ، وما قبل الياء مكسور أبدا ، ولم يمكن أيضا أن يجعل الضمائر حروف الإعراب ؛ لأنها في الحقيقة ليست من نفس الكلمة ؛ ولأنها يلزم حينئذ سقوطها بالجوازم وسقوط العلامة غير جائز ، ولم يكن أيضا الحركة على الضمائر أنفسها ؛ لأنها أسماء فلا يعرب بإعراب الفعل ، إذ لا يجوز جعل كلمة محلا لإعراب كلمة أخرى ولأنها مبنية ، فلم تكن متعقب الإعراب ، ولأن فيها ما لا يقبل الحركة البتة وهو الألف وفيها ما يستثقل وهو الواو والياء فلا بد في تثنيته وجمعه من زيادة حرف ينوب مناب الحركة لما قلنا من امتناع الحركة بالألف والواو والياء ، وأولى الحروف بذلك حروف المد واللين ؛ لكثرة دورانها في الكلام حتى لا تخلو كلمة عنها ، أو عن أبعاضها وهي الحركات ؛ لقبولها التغير والإعلال كالإعراب ، ولا يمكن زيادتها ههنا لمكان الضمائر عنه فزادوا حرفا شبيها بها وهو النون ؛ لخروجها عن هواء الخيشوم كما مر ، فهي عوض عن الضمة فحيث ثبت الضمة ثبت النون ، كما في حال الرفع وحيث سقط الضمة سقطت النون أيضا ، كما في حال الجزم والنصب ، واختصت بحال الرفع ؛ لأنه أول أحوال الإعراب فاستؤثر به. اه عبد الحكيم رحمه الله تعالى مع فلاح شرح مراح الأرواح.

الكلمة ، إلا نون (1) : «يضربن» وهي علامة التأنيث كما في : فعلن (2) ، ومن ثمّ لا يقال بالتاء حتى لا يجتمع علامتا التأنيث (3).

والياء في : «تضربين» ضمير الفاعل كما مرّ.

وإذا دخل على المستقبل : «لم» ينقل معناه إلى الماضي ؛ لأنها مشابه (4) بكلمة الشرط.

* * *

ص: 105


1- استثناء من قوله : نون علامة للرفع ، فإنها ليست بعلامة للرفع ؛ لأنها لم تسقط حالة الجزم والنصب ، كما لا يحذف الألف والواو والياء في يضربان ويضربون وتضربين حالة الجزم والنصب ؛ لأنها ضمائر بخلاف النون فيهن فإنها حرف الإعراب ولهذا تسقط في النصب والجر. اه مهديه.
2- قوله : (كما في فعلن ... إلخ) أي : كما لا يكون النون في فعلن علامة للرفع بل للتأنيث ؛ لأن الماضي مبني فلم يكن فيه حرف الإعراب البتة ، وإذا لم يكن نون يضربن علامة للرفع بني الفعل معها على السكون ، إمّا لمشابهته بفعلن من حيث إن كل واحد منهما فعل في آخره ضمير جماعة النساء وإن لم يجتمع فيه أربع حركات متواليات ، كما هو مذهب سيبويه ، وإمّا لأن إعراب المضارع بالمشابهة لاسم الفعل ، وحين دخل عليه نون جماعة النساء لم يبق بينهما مشابهة وزنا فرجع إلى أصل بنائه الذي هو السكون ، وهذا ما اختاره الزمخشري. ومن العرب من يقول : إنه معرب لضعف علّة البناء ، وإعرابه تقديري للزوم السكون فعل الإعراب ولم يعوض النون من الإعراب خوفا من اجتماع النونين. اه أحمد بن سليمان.
3- إذ التاء للتأنيث أيضا واجتماع علامتي التأنيث في الفعل وإن كان من غير جنس واحد لا يجوز ، كما مرّ ولا يرد عليه جمع المؤنث المخاطبة نحو تضربن بالتاء إذ التاء فيه علامة للخطاب فقط وعلامة التأنيث نون جماعة النساء وحده. اه ف.
4- قوله : (مشابه ... إلخ) أي : في الاختصاص بالفعل يعني : كما أن كلمة الشرط يختص بالفعل وتنقل معناه إن كان ماضيا إلى المستقبل ، وإن كان مستقبلا تنقل من احتماله للحال إلى محض الاستقبال ، كذلك لم تختص بالفعل وينقل معناه ، لكنها مختصة بالمستقبل وينقل معناه إلى الماضي المنفي. اه فلاح شرح مراح الأرواح.

ص: 106

فصل : في الأمر والنهي

(1)

الأمر صيغة (2) يطلب بها الفعل عن الفاعل (3) ، مثل : ليضرب ... إلخ ، وهو مشتق من المضارع (4)

ص: 107


1- قوله : (في الأمر ... إلخ) أخّر الأمر من المستقبل ؛ لكونه مأخوذا منه ، وقدم الغائبة منه لبقاء صيغة المضارع فيه ، وقيل : أخر الأمر عن المستقبل ؛ لأن المستقبل مشترك بين الحال والاستقبال والأمر مختص بالمستقبل ؛ لأن الإنسان إنما يؤمر بما لم يفعله ليفعله ، فالترتيب بينهما بحسب ترتيب الزمان ، والأمر في اللغة يطلق على الفعل والحال يقال : أمر فلان مستقيم أي : فعله وحاله ، ومنه قوله تعالى : (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) [هود : 97] ، أي : فعله ، وهو بهذا المعنى جامد لا مصدر ، وجمعه أمور وعلى مصدر أمره بكذا ، أي : قال له : افعل كذا ، وجمعه أوامر وعلى مصدر أمرته بمعنى كثرته ، وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف رحمه الله بقوله : الأمر صيغة ... إلخ. اه ابن كمال باشا.
2- فقوله : (صيغة) بمنزلة الجنس يشمل الأفعال كلها ، وباقي قيوده كالفصل يخرج ما عدا الأمر من الماضي والمضارع ؛ لأنه لا يطلب بهما الفعل من الفاعل. اه فلاح شرح مراح.
3- قوله : (عن الفاعل) ولم يقل من المخاطب ليتناول أمر الغائب ، والمراد من الفاعل ههنا الاصطلاحي وهو ما أسند إليه عامله مقدما عليه ، لا ما أحدث الفعل بدلالة إطلاق الأمر على الصيغة المأخوذة من قولهم : مات زيد ، وطلب الخير ، نحو مت واطلب ، فيتناول مرفوع الفعل المبني للفاعل والمبني للمفعول أيضا ، كذا حقق فظهر بطلان ما قيل : إن التعريف ليس بجامع ؛ لأن الأمر قد يكون ببناء المجهول فلا يطلب به حينئذ الفعل من الفاعل. وبطلان جوابه أيضا بأن بناء الأمر للمجهول نادر الوجود وهذا الحد بالنظر إلى الأكثر. فإن قلت : إن الحد منقوض بمثل اترك ؛ لأنه أمر مع أنه لا يطلب به الفعل من الفاعل بل يطلب به تركه. قلت : معنى ترك الضرب مثلا كف النفس عن الضرب ، وكف النفس فعل من أفعالها وهو المطلوب بلفظ اترك ، كذا قيل. اه فلاح شرح مراح الأرواح.
4- فإن قيل : أخذ الأمر من المضارع على قول من جعله حقيقة للحال مشكل للزوم المحال فيه ؛ وذلك لأن المضارع للحال والملحوظ في الأمر هو المطالبة في المآل ففي اتخاذ الأمر منه يلزم المحال؟. قلنا : إن من جعله حقيقة للحال لا ينكر استعماله في الاستقبال فأخذ الأمر منه على هذا القول إنما يكون فيما إذا استعمل للاستقبال. اه حنفية. وهذا ينافي ما قاله في صدر الكتاب : واشتقاق تسعة أشياء من كل مصدر ، فيحمل أن المراد به المصدر مرجع الكل ولو بواسطة فلا منافاة فافهم. اه مهديه.

لمناسبة بينهما في الاستقبالية (1).

وزيدت اللام (2) في الأمر الغائب لأنها من وسط المخارج ، والغائب أيضا وسط بين المتكلم والمخاطب ، وأيضا (3) من الحروف الزوائد ، والحروف الزوائد هي التي يشملها قول الشاعر (4):

هويت (5) السّمانا فشيّبنني

وقد كنت قدما هويت السّمانا (6)

ص: 108


1- قوله : (في الاستقبالية) يعني أن كل واحد منهما يدل على الاستقبالية أما المضارع فظاهر ، وأمّا الأمر فلأنّ الإنسان إنما يؤمر بما لم يفعله ليفعله ، وقيل : لا يجوز أن يشتق الأمر من الماضي ؛ لأنه يؤدي إلى تحصيل الحاصل وهو محال فتعين المضارع إذ الأمر لا يؤخذ من الأمر. اه فلاح.
2- قوله : (وزيدت ... إلخ) هذا شروع في بيان كيفية أخذ أمر الغائب من المضارع ، يعني إذا أريد أخذ أمر الغائب من المضارع زيدت في أوله اللام ليحصل الفرق بينه وبين المضارع ويجزم آخره بها ، وخصت اللام بالزيادة من بين حروف الزوائد ؛ لأنها من وسط ... إلخ. اه أحمد رحمه الله تعالى.
3- قوله : (وأيضا ... إلخ) والحق أن يقدم قوله : وأيضا من الحروف الزوائد ، على قوله : لأنها من وسط المخارج ... إلخ ؛ لأن هذا القول وجه التخصيص ، وقوله : وأيضا من الحروف ... إلخ وجه مطلق الزيادة. اه مولوي غلام رباني صاحب.
4- قوله : (هويت ... إلخ) قال ابن جني : حكي أن أبا العباس سأل أبا عثمان المازني عن حروف الزيادة فأنشد : هويت السمانا ... البيت ، فقال : أنا أسألك عن حروف الزوائد وأنت تنشد لي الشعر ، فقال : قد أجبتك دفعتين ، يريد هويت السمانا. اه شمس الدين رحمه الله.
5- هويت بمعنى أحببت ، والسمان بالسين جمع سمين بوزن فعيل وهو ضد المهزول ، وموصوفه محذوف تقديره أحببت النساء السمان ، فشيبنني وإسناد الشيب إليهن كناية من كثرة مصاحبته لهن ، فكأنه قال : إني مصاحبهن في أول شبابي إلى زمان شيبي. ويحتمل أن يكون كناية عن عدم مساعدتهن له ، وقدما بكسر القاف وسكون الدال اسم من القدم بوزن العنب جعل اسما من أسماء الزمان ، يقال : قدما كذا وكذا أي : زمانا طويلا. اه مولينا أحمد رحمه الله تعالى.
6- البيت من البحر السريع ، وهو بلا لامرئ القيس في ديوانه ص 45 ، وخزانة الأدب للبغدادي 8 / 357.

أي : حروف (1) : «هويت السّمان» (2).

ولم يزد (3) من حروف العلة حتى لا يجتمع حرفا علّة ، وكسرت اللام ، لأنها مشبّهة باللام الجارة (4) ؛ لأن الجزم في الأفعال كالجرّ في الأسماء ، وأسكنت

ص: 109


1- تفسير للحروف الزوائد ؛ لأن البيت يشتمل عليها وعلى غيرها فيحتاج إلى تفسير المراد ، فاندفع ما نشأ من قوله : الحروف الزوائد هي التي يشملها قول الشاعر بأنها أكثر من العشرة والمعروف المعمول على العشرة فقط فافهم. اه لمولانا عبد الأحد صاحب رحمه الله تعالى.
2- قوله : (أي حروف هويت ... إلخ) وهي العشرة عددا ، وإنما اختصت الحروف العشرة بالزيادة دون غيرها ؛ لأن أولى الحروف بالزيادة حروف المد واللين ؛ لأنها أخف الحروف وأقلها كلفة ؛ لكثرة دورها في الكلام ولاعتياد الألسنة لها ، وأما قول النحاة : الواو والياء ثقيلتان فبالنسبة إلى الألف. وأما السّبعة الباقية فمشبهة بها أو مشبهة بالمشبهة بها. فالهمزة تشبه الألف في المخرج وتنقلب إلى حرف اللين عند التخفيف ، والهاء أيضا تشبه الألف في المخرج ، وأبو الحسن يدعي أن مخرجهما واحد ، والميم من مخرج الواو وهو الشفة. والنون تشبه الألف أيضا ؛ لأن فيها غنة وترنما ويمتد في الخيشوم امتداد الألف في الحلق. والتاء حرف مهموس تشبه الألف من جهة مقاربة مخرجهما ، وأيضا أبدلت من الواو كما في تجاه وتراث أصلهما وجاه ووراث. والسين تشبه التاء في الهمس وقرب المخرج فتشبه الواو بالواسطة ، ولهذا لم يكثر زيادتها بل زيدت في مثل استفعل فقط. واللام وإن كان مجهورا لكنه يشبه النون في المخرج ولذلك يدغم فيه النون نحو من لدنه فيشبه الألف بالواسطة. ومما يجب أن يعلم أنه ليس المراد من كون تلك الحروف حروف الزيادة أنها تكون زائدة أبدا ، لأنها قد تركب الكلمة منها وكلها أصول مثل سأل ونام ، بل المراد أنه إذا زيد حرف لغير الإلحاق والتضعيف فلا يكون إلا منها. اه ابن كمال.
3- هذا جواب ما يقال : لم لم يزد حرف من حروف العلّة في أول أمر الغائب مع أنها أولى بالزيادة لكثرة دورانها في الكلام كما لا يخفى. اه لمحرره.
4- قوله : (باللام الجارة) واللام الجارة مكسورة إذا دخلت على الاسم الظاهر فرقا بينه وبين لام التأكيد التي تدخل على المضارع ، نحو إن زيدا ليضرب ، ولم يعكس رعاية لمناسبة عملها. وأما اللام الجارة الداخلة على المضمر فهي مفتوحة كما هو الأصل في الكلمات التي بناؤها على حرف واحد. اه مولوي.

بالواو (1) والفاء وثمّ ، مثل : وليضرب ، فليضرب ثمّ ليضرب ، كما أسكنت الخاء في : فخذ ، ونظيره (2) : وهي ، فهي بالواو والفاء بسكون الهاء.

وحذفت حروف الاستقبال في الأمر المخاطب ، للفرق بينه وبين المستقبل ، وعيّن الحذف في المخاطب لكثرته (3) ، ومن ثمّ لا تحذف اللام (4) في مجهوله : أعني : لتضرب ، لقلّة استعماله.

واجتلبت (5)

ص: 110


1- قوله : (بالواو) لشدة اتصالهما بما بعدهما لكونهما على حرف واحد فصار الفاء والواو مع اللام بعدهما وحرف المضارعة ككلمة واحدة ، فأسكنت اللام تخفيفا ، وكذا أسكنت بثم نحو : (ثُمَّ لْيَقْضُوا) [الحج : 29] حملا عليهما. اه ف.
2- قوله : (ونظيره وهي فهي ... إلخ) فيه إيماء إلى دفع دخل مقدر يرد على قوله : كما أسكنت الخاء في فخذ ، تقديره أن المشبه به ليس من جنس المشبه فإن اللام في وليضرب إنما صار في الوسط لدخول الواو عليه وهو ليس بلازم ، وأمّا الخاء في فخذ فمما ليس أن يكون واقعا في الوسط بطريق عروض شيء له فالقياس قياس مع الفارق ، وتقرير الدفع أن قوله : كما أسكنت الخاء ، إنما هو للتشبيه في إسكان حرف يكون في الأصل مكسورا وليس نظيرا في كون حرف مكسور في الأصل ثم أسكن لعروض حرف آخر عليه ، بل النظير في هذا الأمر وهي فهي. ثم اعلم أن الضمير في قوله : ونظيره ، يرجع إلى سكون لام الأمر بواسطة دخول حرف آخر عليه ، فما وقع في بعض الشروح تحت قوله : ونظيره ، أي : نظير الأمر لست أحصله فتدبر. اه غلام رباني.
3- قوله : (لكثرته) توضيح المرام أنه لو لم يحذف حروف الاستقبال في الأمر للمخاطب كما لا يحذف في الأمر الغائب ، وجب زيادة اللام أيضا في أوله ؛ لئلا يلتبس بالمستقبل ، وإذا زيدت اللام التبس أحد الأمرين بالآخر في بعض الصور ، كما إذا قلت : لتضرب ، لم يعلم أن المأمور مخاطب أو غائب فوجب الحذف من أحدهما لدفع هذا الالتباس فوجدوا المخاطب هو الواقع كثيرا ، وأمّا الغائب فقلّ أن يقع له ولكون الحذف نوعا من الاختصار والتخفيف. اه ابن كمال باشا رحمه الله تعالى.
4- قوله : (اللام ... إلخ) الظاهر أن يقال : لا تحذف التاء ، أو يقال : لا تحذف اللام والتاء ، ولكن لما كان عدم حذف اللام مستلزما لعدم حذف التاء اكتفى بذكره ، وإنما قلنا كذلك ؛ لأن اللام إنما زيدت على تقدير عدم الحذف لدفع التباس الأمر بالمضارع كما مر. اه أحمد. اه مولوي أنور علي.

الهمزة بعد حذف حرف المضارعة إذا كان ما بعده ساكنا (1) للافتتاح (2) ، وكسرت (3) الهمزة في «اضرب» ؛ لأن الكسرة أصل (4) في همزة الوصل (5) ، ولم

ص: 111


1- قوله : (ساكنا) قيد به ؛ لأن ما بعد حرف المضارعة إذا كان متحركا لم يلزم اجتلاب الهمزة بعد حذفه لإمكان الابتداء بما بعده نحو هب وخف ودحرج من تهب وتخاف وتدحرج. اه ف.
2- قوله : (للافتتاح) أي : ليمكن الافتتاح والابتداء نحو اعلم وانصر وانطلق واستخرج من تعلم وتنصر وتنطلق وتستخرج ، وإنما تعينت الهمزة من بين الحروف الزوائد ؛ لكونها أقوى الحروف والابتداء بالأقوى أولى ، وقيل : إنما تعينت الهمزة لاختصاصها بالمبدأ في المخارج. اه فلاح.
3- لأنه لو فتحت يلزم الالتباس بالمتكلم الواحد من المضارع المعلوم ، ولو ضمت يلزم الالتباس بالمجهول منه في المضارع المفتوح العين نحو اعلم وامنع عند الوقف. اه مهديه.
4- قوله : (أصل ... إلخ) ؛ لأن همزة الوصل زيدت ساكنة ثم حركت والأصل في تحريك الساكن الكسر كما ذهب إليه الرضي وابن الحاجب نقلا من ابن جني ، متمسكا بأن قاعدتهم إذا زادوا حرفا زادوها ساكنة ثم حركوها إن احتيج ، بخلاف ما إذا أبدلوها ، وقد غفل صاحب النجاح عن هذه القاعدة ، فاعترض عليه بأن ما ذكره ابن جني باطل ؛ لأنه يلزم العود إلى المهروب عنه وهو الهرب عن حرف ساكن إلى حرف آخر ساكن مثل الأول ، والحق زيادتها فتحركت لئلا يلزم المحذور. وتحقيق الكلام في هذا المقام على ما ذكره المصنف أن هذه الهمزة وإن كانت ساكنة لكنه جيء بها قبل الساكن في الابتداء ؛ لأنه قد علم أنه إذا اجتمعت معه فلا بد من حذف أحدهما ، ولم يجز حذف الثّاني ولا حركته لئلا يلزم تغيير البناء ، ولا حذف الهمزة يفضي إلى المهروب عنه وهو الابتداء بالساكن ، فلم يبق إلا حركة الهمزة فحركت وكسرت على ما هو الأصل في التقاء الساكنين. اه شمس الدين رحمه الله تعالى.
5- قوله : (في همزة الوصل) سميت الهمزة المجتلبة بعد الحذف بذلك ، إمّا لتوصل النطق إلى الساكن بها ، وإمّا لأنها تسقط في الدرج فيصل ما قبلها إلى ما بعدها ، بخلاف همزة القطع فإنها تثبت في الدرج فينقطع في اللفظ بها ما قبلها عما بعدها فلذا سميت بالقطع. فإن قيل : ينبغي أن تسميا واصلة وقاطعة. قلنا : يجوز أن يكون الوصل والقطع بمعنى الفاعل والإضافة من باب الموصوف إلى الصفة ، أي : الهمزة الواصلة والقاطعة. ثم اعلم أن الهمزة على قسمين قطعية ووصلية ، فالوصلية : تزاد فيما إذا كان الأول من الكلمة ساكنا وهي على قسمين قياسية وسماعية فالسماعية تكون في اثنتي عشرة كلمة بالاستقراء وهي ابن وابنة وابنم بمعنى ابن والميم زائدة واسم واست بمعنى مخرج الغائط ، واثنان واثنتان وامرأة وامرؤ وامرأتان وامرآن وايمن الله بمعنى يمين الله بضم الميم والنون وقد يحذف النون ، والقياسية تكون في كل مصدر بعد فاء فعله الماضي أربعة أحرف كالانصراف ونحوه فصاعدا مطلقا أصولا أو غيرها ، ثلاثيا أو غيره كالاستخراج ونحوه كالاحرنجام ، وفي أفعال تلك المصادر من ماض أو أمر وفي صيغة أمر الثلاثي المجرد إذا لم يتحرك ما بعد حرف المضارعة كانصر واضرب ونحوهما ، وفي لام التعريف عند سيبويه ، وفيه ميمه كما في الحديث : «ليس من امبر امصيام في امسفر» (أخرجه أحمد في مسنده (23167) ، والشافعي في مسنده ص 157 ، والحميدي في مسنده 2 / 381 (864) ، عن كعب بن عاصم الأشعري رضي الله عنه.) ، والقطعية في غير هذه المواضع المذكورة. اه من الشافية وشروحها.

تكسر (1) في مثل : «اكتب» لأن بتقدير الكسر يلزم الخروج من الكسرة إلى الضمة ، ولا اعتبار (2) للكاف الساكن ؛ لأن الحرف الساكن لا يكون حاجزا حصينا عندهم ، ومن ثمّ جعل واو : «قنوة» ياء ، ويقال : قنية (3).

وقيل : تضمّ للإتباع ، وتكسر ، بخلاف : افعل ، بكسر الهمزة وفتح العين ؛ لأنه

ص: 112


1- قوله : (ولم تكسر ... إلخ) ولما توجه أن يقال : إن قولكم : وكسرت الهمزة ... إلخ ، منقوض بمثل اكتب ؛ لأن همزته مضمومة أجاب بقوله : ولم تكسر ... إلخ. اه فلاح.
2- قوله : (ولا اعتبار ... إلخ) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : لا نسلم الخروج من الكسرة إلى الضمة لتخلل الكاف الساكن بينهما بما ترى. اه حنفية.
3- قوله : (قنية) بكسر القاف فيهما وقد يضم فيهما ويبقى الياء على حالها يقال : قنوت الغنم وغيرها قنوة وقنيتها قنية أي : أمسكتها لنفسك لا للتجارة. فإن قلت : إن ارموا أمر وعينه مضموم مع أن همزته مكسورة ، وإن أغزي أمر وعينه مكسور مع أن همزته مضمومة. قلت : حركة العين فيهما عارضة ؛ لأن أصل ارموا ارميوا فأعلّ بالنقل والحذف ، وأصل أغزي اغزوي فأعلّ أيضا بنقل حركة الواو إلى ما قبلها ثم حذفها لالتقاء الساكنين. اه ابن كمال باشا. قوله : (ويقال : قنية) يعني يجعل واو قنوة ياء ؛ لانكسار القاف مع أن النون حاجزة بين القاف والواو ، فلما كان ساكنا فيكون كالمعدوم ، ولو كان حاجزا قويا لما انقلبت ياء ، فعلم أنه ليس بقوي. اه عبد الأحد.

يلتبس (1) بقول (2) الشاعر :

اليوم (3) أشرب (4) غير مستحقب

إثما من الله ولا واغل (5)

ص: 113


1- قوله : (لأنه ... إلخ) أفاد بهذا الاستدلال دفع ما يرد من السؤال أن همزة اعلم ينبغي أن تكون مفتوحة اتباعا لفتحة العين في مضارعه ، بأنه لو فتحت يلزم الالتباس بهمزة المتكلم كما أشار إليه بقوله : لأنه يلتبس بقول الشاعر ... إلخ ، فإن قيل لا التباس حينئذ فإن آخر المتكلم مرفوع ، وآخر الأمر مجزوم كما ترى ، قلنا : نعم إلا أن المراد بالالتباس إمّا بتقدير الوقف في آخره ، كما في الشعر المذكور ، وإمّا بتقدير كونه جزاء الشرط ، كما قال المصنف بقوله : وبجزاء الشرط. اه عبد الباقي.
2- أي : بالمضارع منه على تقدير الوقف في آخره ، فإذا قلت مثلا : اعلم بفتح الهمزة وسكون الميم لم يعلم أنه أمر أو مضارع أسكن آخره للوقف ، أو على تقدير كونه جزاء الشرط كما في قول الشاعر. اه مولوي.
3- قوله : (اليوم ... إلخ) أول الشعر : حلّت لي الخمر وقد كنت مرارا من شربها في شغل شاغل حلت فعل ماض من الحلال ، ولي متعلق به ، والخمر فاعله ، والواو في وقد كنت حالية ، والجملة حال عن الضمير المجرور في لي ، ومرارا ظرف لقوله : كنت ، والشرب بفتح الشين مصدر بمعنى آشاميدن وبالضم والكسر اسم مصدر كذا في المنتخب ، والشغل بالضم ضد الفراغ وبالفتح بازداشتن ومشغول كردن كار كه را كذا في الرشيدي ، ولما ذكر الشاعر أن حاله كذا في الزمان الماضي فكأن لقائل أن يقول : ما حالك اليوم فإن الماضي قد مضى فاترك بيانه ، واذكر حالك الآن ، فأشار إلى جوابه بقوله : اليوم ... إلخ ، فاليوم ظرف لقوله : أشرب ، ومن غير مستحقب حال من فاعل أشرب ، وكلمة من زائدة ، في الصحاح استحقبه وحقبه بمعنى احتمله انتهى. والإثم بزه مند شدن ومن الله متعلق به ، ولا واغل عطف على قوله : مستحقب ، الوغل آنكه ناخواندة در ميان شراب خواران رؤبرائي شراب خوردن كذا في الكشف فالمعنى ظاهر. قال بعض الأساتذة رحمهم الله : الشعر لامرئ القيس ، قيل : له حبيبة قتلها أحد فاطلع بذلك وحلف بالله وقال : أكل الخمر التي هي حلال الآن حرام عليّ ما لم أقتصّ من قاتلها فبعد ذلك كما دخل على شاربي الخمر قبل القصاص لم يشرب وإن يعطونه لعدم البر عن اليمين ، فلمّا اقتصّ منه ورجع إلى شاربيها من جلسائه حتى دخل عليهم حال كونهم يشربون الخمر ، فقال مسرورا مفتخرا للوفاء بما حلفه : حلت لي ... إلخ ، فلما أنشد هذا البيت فقال قائل منهم : ما حالك اليوم فإن الماضي قد مضى ... إلخ ، قال في جوابه : اليوم أشرب إلخ والله تعالى أعلم. اه تحرير ملا غلام رباني رحمه الله.
4- بسكون الباء وإن كان متكلما لضرورة الشعر أو الوقف فأشرب في البيت متكلم ولو جعلت همزة أمره مفتوحا أيضا ، يلزم الالتباس به كما لا يخفى. اه حنفية.
5- البيت من البحر السريع ، وهو لامرئ القيس في كتاب سيبويه 4 / 204 ، والشعر والشعراء لابن قتيبة ص 10.

بسكون الباء ، وبجزاء الشرط في مثل : إن تمنع أمنع.

وفتح ألف : «ايمن» مع كونه للوصل ؛ لأنه جمع (1) : «يمين» (2) وألفه للقطع ، ثمّ جعل للوصل في اللفظ لا في الخط لكثرته.

وفتح ألف التعريف (3) في مثل : الرجل ، لكثرته أيضا ، وفتح ألف (4) : «أكرم» لأنه ليس من ألف الأمر ، بل ألف قطع ؛ لأنه محذوف من : «تكرم» ، وحذفت (5)

ص: 114


1- قوله : (جمع ... إلخ) هذا مذهب الكوفيين وذهب البصريون إلى أنه مفرد على وزن أفعل إذ قد يجيء في كلام العرب على وزنه مفرد مثل آجر وآنك وهو الأسرب وهما ليسا بأعجميين ، والمفرد هو الأصل وهمزته للوصل وإلا لما سقط في الدرج ، وقال سيبويه : إنه من اليمن بمعنى البركة ، يقال : يمن فلان علينا فهو ميمون. اه شمس الدين.
2- وهو بمعنى القسم سميت بذلك ؛ لأنهم كانوا إذا تحالفوا ضرب كل امرئ منهم يمينه على يمين صاحبه ، وإن جعلت اليمين ظرفا فلا تجمع ؛ لأن الظرف لا تكاد تجمع. اه ف.
3- قوله : (ألف ... إلخ) سماها ألفا ؛ لأن الهمزة إذا وقعت أولا تكتب على صورة الألف ، ولأنهما متقاربان في المخرج ، ولذلك إذا احتاجوا إلى تحريك الألف قلبوها همزة ، وقال في الصحاح : الألف على ضربين لينة ومتحركة ، فاللينة : تسمى ألفا ، والمتحركة : تسمى همزة ، ولهذا المعنى حكم الفقهاء ، زاد له الله تعالى رفعة أعلامهم بأن الحروف ثمانية وعشرون. اه فلاح. قوله : (ألف ... إلخ) اعلم أنهم اختلفوا في آلة التعريف فذكر المبرد في كتابه الثّاني : أن حرف التعريف الهمزة المفتوحة وحدها ، وإنما ضم اللام إليها لئلا يشبه ألف التعريف بألف الاستفهام فيكون للقطع ، وقال سيبويه : حرف التعريف اللام وحدها والهمزة زائدة للوصل ، لكنها فتحت مع أن أصل همزة الوصل الكسر لكثرته استعمالا. وقال الخليل : أل بكماها آلة التعريف ثنائي نحو هل فيكون همزته للقطع ، وإنما حذفت في الدرج لكثرة الاستعمال وإذ قد علمت ما قررناه ، فاعلم أن قوله : وفتح ألف التعريف لكثرته إنما يستقيم على مذهب سيبويه إذ هو جواب بعد تسليم كونه للوصل وهو ظاهر وإضافة الألف إلى التعريف لأدنى ملابسة فتدبر. اه رضي بتصرف وزيادة.
4- قوله : (وفتح ... إلخ) هذا جواب عن سؤال مقدر وهو أن قولكم : واجتلبت الهمزة بعد حذف حرف المضارعة إن كان ما بعدها ساكنا للافتتاح ، وكسرت الهمزة منقوض بمثل أكرم ؛ لأن ما بعد حرف المضارعة وهو الكاف ساكن وهمزته مجتلبة مع أنها مفتوحة ، وحاصل الجواب منع كون الهمزة مجتلبة ؛ وذلك لأنه ليس من ألف الأمر إلخ. اه أحمد.
5- قوله : (وحذفت ... إلخ) استئناف فيقع جوابا لسؤال مقدر فكأن قائلا يقول : لم حذفت الهمزة من تؤكرم ، فأجاب : وحذفت ... إلخ يعني زيدت همزة مفتوحة في أول كرم لنقله إلى باب آخر فيكون أكرم ومضارعه يؤكرم كيدحرج بالهمزة إذ المضارع هو الماضي مع زيادة حرف المضارعة فيه فاجتمع في الحكاية همزتان فتشبه نباح الكلب أو صوت السكران فحذفت إحداهما وحذفت عن البواقي طردا للباب ، وقد ترد في الضرورة كما في قول الشاعر : شيخ على كرسيّه معمّما فإنّه أهل لأن يؤكرما (الشعر من الرجز ، وهو بلا نسبة في الجمل في النحو للفراهيدي ص 256 ، وأصول النحو لابن السراج 2 / 200.) ثم لما حذف حرف المضارعة لقصد بناء صيغة الأمر أعيدت الهمزة لزوال علّة حذفها وهي حرف المضارعة إذ بحذفها زال المضارعة فزال حكم الاطراد. فإن قلت : لم لم تعد الواو في تعد بعد حذف حرف المضارعة للأمر مع أن حذفها للاطراد أيضا فقد زال بزوال علته؟. قلت : لو أعيد لأعلّ بالحذف إعلال فعله تبعا له فيكون سعي الإعادة ضائعا كذا قالوا. اه ابن كمال باشا.

لاجتماع الهمزتين في : أكرم ؛ لأن أصله : أأكرم.

ولا تحذف همزة «اعلم» في الوصل في الخط حتى لا يلتبس الأمر من باب : «علم» بأمر : «علّم».

فإن قيل : يعلم بالإعجام (1)؟.

قلنا : الإعجام يترك (2) كثيرا ، ومن ثمّ فرقوا بين : «عمر» و «عمرو» بالواو (3).

ص: 115


1- قوله : (بالإعجام) بكسر الهمزة مصدر ومعناه وضع النقط على الحروف ومنه حروف المعجم ، أي : حروف الخط المعجم ثم استعمل فيما هو الحاصل بالمصدر وعموه فأراد ما به الحركات والنقط والتشديد ، وحاصل ما ذكره السائل منع الالتباس على تقدير حذف الهمزة في الكتابة لحصول الفرق بالإعجام ؛ لأن العين في الأمر من علم بالتخفيف عند الدرج ساكنة ، واللام يوضع لها فتحة ، والعين في الأمر من علم بالتشديد يوضع عليها الفتحة واللام يوضع عليها الكسرة والتشديد فلا يلتبس أحدهما بالآخر في الخط كما لا يلتبس في اللفظ. اه أحمد.
2- قوله : (يترك كثيرا) أي : لا يكتب في كثير من الأحوال لأنه ليس بلازم بل من الأمور الجائزة ، بل البلغاء والفضلاء يعيبون النقط والتشديد والإعراب. اه حنفية.
3- قوله : (بالواو) أي : في الخط حيث كتبوا حالة الرفع والجر في الثّاني وتركوا في الأول لئلا يلتبس أحدهما بالآخر عند ترك الإعجام ، وخصوا الزيادة بالثّاني لخفته وثقل الزيادة ، ولم يكتبوا في حالة النصب للفرق بألف التنوين في الثّاني دون الأول إذ هو غير منصرف فلا يدخله ألف التنوين. اه شمس الدين.

وحذفت (1) في : «بِسْمِ اللهِ» لكثرة استعماله (2) ، ولا يحذف في (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق : 1] لقلة الاستعمال (3).

وجزم آخر الغائب باللام إجماعا ؛ لأن اللام مشابهة بكلمة الشرط في النّقل (4) ، وكذلك المخاطب عند الكوفيين ؛ لأن أصل : «اضرب» : لتضرب عندهم ،

ص: 116


1- قوله : (وحذفت ... إلخ) ولما توجه أن يقال : إن قولكم : لا تحذف ألف الوصل في الخط منقوض ببسم الله الرحمن الرحيم ؛ لأن همزته للوصل مع أنها حذفت في الخط أجاب بقوله : وحذفت ... إلخ. اه فلاح شرح مراح الأرواح.
2- قوله : (لكثرة استعماله) إذا ما من كتاب إلا ويكتب في أوله (بسم الله الرحمن الرحيم) تبركا واقتداء بالتنزيل وعملا بالحديث النبوي ، وكثرة الاستعمال في حق التلفظ لا ينافيها. اه جلال الدين.
3- قوله : (لقلة الاستعمال) لأنه إنما يستعمل إذا قرئ القرآن أو كتب ، ولا شك في قلتهما بالنسبة إلى (بسم الله الرحمن الرحيم) فعلم أن حذف الهمزة في بسم الله ... إلخ لكثرة الاستعمال. فإن قيل : كثرة الاستعمال لا يستلزم الحذف ألا ترى إلى قوله تعالى : (أَنَّهُ) بدرستيكه آن كتاب (مِنْ سُلَيْمانَ) از حضرت سليمان عليه السلام است (وَإِنَّهُ) بدرستيكه آن كتاب بزرگ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [النمل : 30] مفتح است بنام معبود برهق كه خشأفده مهربان إست وأين مقولة بلقيس است بحذف الهمزة مع عدم كثرة الاستعمال أيضا؟. قلنا : حذف الهمزة فيه لموافقة التسمية التي كتبت في المصحف. فإن قيل : فلتحذف الهمزة في قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) [العلق : 1] لذلك؟. قلنا : الموافقة إنما تقصد إذا كانت التسمية تامة وباسم ربك غير تامة. فإن قلت : فعلى هذا ينبغي أن لا تحذف الهمزة في قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ) بنام خدا أست (مَجْراها) جريان آن كشتي (وَمُرْساها) [هود : 1] وتوقف لأن التسمية ثمة غير تامة؟. قلت : حذفت الهمزة فيه لكثرة الاستعمال فإنهم يكتبونها في كل متاع. اه حنفية بتغير وزيادة ما.
4- قوله : (في النقل ... إلخ) أي : في نقل معنى الفعل فكما أنّ إن تنقل الفعل من كونه مجزوما به إلى كونه مشكوكا فيه كذلك لام الأمر ينقل معنى المضارع من كونه إخبارا إلى كونه إنشاء فلما شابه كلمة الشرط في النقل يعمل عملها وهو الجزم فلا فرق بين آخر المضارع المجزوم وبين آخر الأمر باللام في صحيحه ومعتله ومذكره ومؤنثه ومفرده ومثناه ومجموعه. فتقول : ليضرب ليضربا ... إلخ ، كما تقول : لم يضرب لم يضربا ... إلخ ، وكذا حال ليخش مع لم يخش إلى آخرهما ، وليرم مع لم يرم إلى آخرهما ، وليغز مع لم يغز إلى آخرهما. اه ابن كمال باشا رحمه الله تعالى.

ومن ثمّ قرأ النبيّ صلى الله عليه وسلم : (فَبِذلِكَ) (1)

ص: 117


1- قوله : (فبذلك فلتفرحوا) بإثبات اللام وحرف المضارعة على الأصل مكان فافرحوا ، وأيضا قد جاء في الحديث باللام كقوله عليه الصلاة والسّلام : «لتنهر ولو بشوكة» (أخرجه البخاري تعليقا ، كتاب الصلاة ، باب وجوب الصلاة في الثياب ، وأبو داود ، كتاب الصلاة ، باب في الرجل يصلي في ثوب واحد (632) ، وللحديث قصة كما عند أبي داود ، وهي سلمة بن الأكوع قال : قلت : يا رسول الله ، إنّي رجل أصيد أفأصلّي في القميص الواحد؟ قال : ((نَعَم ، وَازرُرهُ وَلَو بِشَوكَةٍ)).) ، وقد جاء في الشعر أيضا كقوله : لتقم أنت يا ابن خير قريش فتقض حاجة المسلمين (ذكره هكذا ابن عادل في اللباب في علوم الكتاب 17 / 236.) وكل ذلك دلّ على أن أصل أمر المخاطب المعلوم باللام (فلاح). وجه التمسك أنهم يقولون : إن اللام ملفوظ في أمر المخاطب تقديرا وإن لم يكن ملفوظا بها لفظا ؛ وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسّلام فصيح العرب والعجم فلما قرأ بإظهار اللام في أمر المخاطب علم أن اللام يجوز أن يكون ملفوظا بها لفظا ، وإن لم يكن كذلك لم يقرأ النبي عليه الصلاة والسّلام بإظهار اللام ، وإذا ثبت هذا لزم أن تكون اللام مقدرة في أمر المخاطب فيكون معربا به واللام مقدرة أيضا فيكون مجزوما به ، فهم لا يفرقون بين المقدر والملفوظ. وقد أجاب الزمخشري عنه فقال : قال الكوفيون : هو مجزوم بلام مقدرة وهذا خلف من القول ؛ لأن حرف المضارعة هو علّة الإعراب فانتفى بانتفائه كانتفائه بالاسم بانتفاء سببه ، فإن زعموا أن حرف المضارعة مقدر فليس بمستقيم ؛ لأن حرف المضارعة من صيغة الكلمة كالميم في اسم الفاعل فكما لا يستقيم تقدير الميم فكذا تقدير حرف المضارعة ، وهذا حاصل ما ذكره المصنف في ما بعد بقوله : وعند البصريين إلى آخر الدليل ، والجواب عن قراءة النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم فلتفرحوا أنه شاذ ، وأيضا يمكن أن يقال من طرف البصريين في جواب الكوفيين : إنا لا نسلم أن أصل اضرب لتضرب بل كل منهما بناء على حدة ولا ضرورة دعت إليه ؛ لأن طلب الفعل لا يختص باللام بل قد يكون بنفس الصيغة مثل اضرب ، وقد يكون بلام الأمر مثل لتضرب. وأما قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فبذلك ... إلخ. فيحتمل أن يكون مبنيا على أن بناء أمر المخاطب يجوز أن يكون بطريق الأمر الغائب ؛ لأن أصله ذلك تدبر. اه مولوي عبد الحكيم.

فلتفرحوا [يونس : 58] (1) ، فحذفت اللام تخفيفا لكثرة الاستعمال ، ثم حذفت علامة الاستقبال للفرق بينه وبين المضارع ، فبقي الضاد ساكنا ، فاجتلبت همزة الوصل ووضعت موضع علامة الاستقبال ، وأعطي لها أثر علامة الاستقبال كما أعطي لفاء : «ربّ» عمل : «ربّ» في قول الشاعر :

فمثلك (2) حبلى (3) قد طرقت (4) ومرضع (5)

فألهيتها عن ذي تمائم (6) محول (7)

وعند البصريين مبنيّ ؛ لأن الأصل في الأفعال (8)

ص: 118


1- أخرجه الحاكم في المستدرك 2 / 263 (2946) ، من حديث أبيّ بن كعب ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
2- قوله : (فمثلك) البيت للهجاء على ما في الفلاح. قال البعض : كان الهجاء رجلا يتبع النسوة جدا فرأى امرأة غير عارفة له وكانت أحسن الوجه فطلب منها الأمر الفاحش فاستولى القهر عليها حتى رمته بالقذف وقالت : يا أرذل والله لا أطعتك أبدا ، فلما سمع هذه الكلمات منها فقال غضبان : لا تشتمني سأجامعك وإن تجتنبني بمراحل ، وأنشد البيت : فمثلك حبلى ... إلخ. ومعناه ظاهر. اه لمحرره عفا الله عنه. بكسر الكاف وجر اللام ؛ لأن الفاء عمل عمل رب فتقديره فرب مثلك ، أي : ربّ امرأة مثلك. اه ف.
3- وهي امرأة ذات حمل وهو مجرور تقديرا على أنه صفة مثلك ؛ لأن المثل لا يتعرف بالإضافة لتوغله في الإبهام كما بين في النحو. اه ف.
4- طرق بمعنى جاء ليلا من باب دخل ، وضمير المفعول محذوف راجع إلى حبلى أي : طرقتها بمعنى جئت إليها ليلا وهو عامل رب المقدر. اه ف.
5- قوله : (ومرضع) عطف على حبلى أي : امرأة لها ولد ترضعه فإذا وصفتها بإرضاع الولد قلت : مرضعة. اه ف.
6- قوله : (عن ذي ... إلخ) أي : عن صبي ذي تمائم ، والتمائم جمع تميمة وهو التعويذ الذي يعلّق على صدر الإنسان من الصبي وغيره. اه شمس الدين. وإنما خص حبلى ومرضعا بالذكر لأنهما في هذه الحالة أقل رغبة من غيرها. اه مولوي.
7- البيت من البحر الطويل ، وهو لامرئ القيس في لسان العرب ، مادة (رضع) ، وجمهرة أشعار العرب للقرشي ص 81 ، وطبقات فحول الشعراء لابن سلام 1 / 42.
8- لعدم توارد الفاعلية والمفعولية والإضافة عليها وأصل البناء السكون. اه ف.

البناء ، وإنما أعرب (1) المضارع لمشابهة بينه وبين الاسم ، ولم يبق (2) المشابهة بين الأمر والاسم بحذف حرف المضارعة منه ، ومن ثمّ قيل : قوله تعالى : فلتفرحوا معرب بالإجماع ، لوجود علة الإعراب ، وهي حرف المضارعة (3).

وزيدت (4) في آخر الأمر نونا التأكيد (5) لتأكيد الطلب ، نحو : ليضربنّ ، ليضربانّ ، ليضربنّ ، لتضربنّ ، لتضربانّ ، ليضربنانّ.

وكذلك في : اضربنّ ... إلخ.

وفتح الباء (6)

ص: 119


1- جواب سؤال وهو أن يقال : لما كان الأصل في الأفعال البناء لم أعرب المضارع مع كونه فعلا؟ بأن كونه معربا لأجل المشابهة بينه ... إلخ. اه حنفية.
2- قوله : (ولم يبق ... إلخ) فرجع إلى أصل بنائه الذي هو السكون ، لكنه يعامل معاملة المجزوم في إسقاط الحركات من المفرد الصحيح نحو اضرب كما يقال : لم تضرب وفي إسقاط الحروف من النّاقص والأجوف نحو ارم وقل ، كما يقال : لم ترم ، ولم تقل ، وفي إسقاط النون في التثنية والجمع والمفرد والمؤنث نحو اضربا اضربوا اضربي ، كما يقال : لم تضربا لم تضربوا لم تضربي. اه شمس الدين.
3- قوله : (وهي حرف ... إلخ) ولا يخفى أنه قال ههنا : إن علّة الإعراب في المضارع هي حرف المضارعة ، وقد سبق أن موجب الإعراب هو المشابهة التامة وهي الحركات والسّكنات ومشابهته باسم الجنس وغير ذلك مما تقدم فعليك التوفيق بين الموضعين تأمل. اه ع. ويمكن أن يقال في التوفيق : إن علّة الإعراب هي المشابهة التامة بالاسم ، كما مرّ سابقا ، إلّا أن هذه المشابهة إنما تحصل بسبب تحقق حرف المضارعة ، فكان حرف المضارعة علّة المشابهة فكان علّة الإعراب أيضا ؛ لأن علّة علّة الشيء علّة لذلك الشيء فتبصر. اه ملا غلام رباني.
4- ولما فرغ من بيان نفس صيغة الأمر وكيفية أخذه من المضارع ، شرع فيما يتعلق به وبما يناسبه في كونه طلبا من اتصال نوني التأكيد وكيفية بناء آخره عند اتصالهما فقال : وزيدت ... إلخ. اه ف.
5- قوله : (نونا ... إلخ) إحداهما مثقلة متحركة ، والأخرى مخففة ساكنة ، وفي المثقلة زيادة تأكيد قال الخليل : إذا أتيت بالنون المؤكدة الخفيفة فأنت مؤكّد ، وإذا أتيت الثقيلة فأنت أشد توكيدا ، وإنما زيدتا في آخره ، لئلا يجتمع في أوله زائدتان ، ولأن الزيادة نوع من التغير ومحل التغير آخر الكلمة. اه أحمد.
6- قوله : (وفتح الباء ... إلخ) جواب سؤال وهو أنه يلزم التدافع في قول المصنف حيث قال فيما مرّ آنفا : وجزم آخره في الغائب باللام ، يعني أن جزم الآخر ثمة بدخول اللام ، وههنا أي : في ليضربن المؤكد بدخول النون مثلا لم يجزم مع تحقق اللام كما ترى. وتقرير الجواب : لا تناقض في قول المصنف ؛ لأن التحرك عارض لموجب آخر وهو التقاء الساكنين على غير حده فإنه لو لم يتحرك يلزم الالتقاء بين الباء والنون المدغم. اه ملا غلام رباني. أي : حرك بالفتح مع أن الأصل السكون ، أمّا علّة نفس التّحريك فهو ما صرح به المصنف بقوله : ضربوا ... إلخ. اه. واختير الفتحة ؛ لأنها أخت السكون في الخفة ولئلا يلتبس بالجمع والواحد المخاطب بالواحد المخاطبة. اه فلاح مولوي رحمه الله تعالى.

في : «ليضربنّ» فرارا (1) عن اجتماع (2) الساكنين ، وفتح النون (3) المشددة للخفة ، وحذفت (4)

ص: 120


1- قوله : (فرارا ... إلخ) الأولى وأمّا علّة تعيين الفتح فلخفته هذا هو التحقيق ، لكن المصنف تسامح وعلل الفتح بعلّة نفس التّحريك باعتبار تضمن الفتح التّحريك قصرا للمسافة. اه ابن كمال.
2- قوله : (فرارا عن اجتماع ... إلخ) فيه أن اجتماع الساكنين لا يقتضي فتح الياء إذ لو ضم الباء أو كسر لم يلزم التقاء الساكنين أيضا. فالدليل لم يطابق المرام الذي هو فتح الباء ، إلا أن يقال : إنّ قوله : فرارا ... إلخ ، دليل مقدمة مطوية وهو أن يقدر لفظ بعد تحركه بعد قوله : في ليضربن إلّا أن الاكتفاء بحذفه لقصر المسافة والله أعلم. اه عبد الله.
3- قوله : (وفتح النون ... إلخ) ولله در المصنف حيث أفاد بهذا القول الأمرين الحكم ودفع ما توهم أن النون الثقيلة حرف والأصل فيه البناء الذي أصله السكون أو الكسر ، كما قالوا : فلم حرك النون بالفتح ، بأن فتحه للخفة وأمّا نفس التّحريك فلدفع التقاء الساكنين إذ النون الثقيلة حرفان كما لا يخفى. اه عبد الباقي.
4- قوله : (وحذفت واو ... إلخ) جواب عما يقال : إن الواو في ليضربوا عند اتصال نون التأكيد ينبغي أن لا تحذف ؛ لأن الواو ضمير الفاعل ، وحذف الفاعل لا يجوز ، فلم حذفت؟ بأن الحذف لأجل الاكتفاء بالضمة ، وتوضيح الجواب : لا نسلم أن الواو محذوف ؛ لأن الدال عليه وهو الضمة موجود فكأنه لم يحذف ، وهذا كالإيماء في الصلاة للمريض قام مقام الأركان فلا يعد مثل هذا تركا بل كفاية بقدر الممكن ، لا يقال بأن حذف الواو ثمة لا يجوز فإن عند زيادة نون التأكيد الثقيلة هنا يلزم التقاء الساكنين على حده وهو جائز ؛ كما ستعرفه ؛ لأن ذلك إنما يجوز في كلمة واحدة ، وههنا كلمتان فالقياس لأن يحذف ألف التثنية أيضا ، إلّا أنه لم يحذف وجوز التقاء الساكنين على حده في كلمتين لمخافة الالتباس بالواحد. اه من المولوي بزيادة.

واو : «ليضربوا» اكتفاء بالضمة ، وياء (1) : «اضربي» اكتفاء بالكسرة ، ولم تحذف (2) ألف التثنية حتى لا يلتبس بالواحد (3).

وكسرت النون (4) الثقيلة بعد ألف التثنية لمشابهتها بنون التثنية ، وحذفت النون التي هي تدلّ على الرفع في مثل : هل يضربانّ (5)؟ لأن ما قبل النون الثقيلة يصير مبنيّا (6).

ص: 121


1- قوله : (وياء ... إلخ) ولا يرد أن يقال : إن الواو والياء علامتان للفاعل والعلامة لا تحذف ؛ لأنّ الحركتين اللتين قبلهما تدلان عليهما فكانا كأنّهما لم تحذفا. اه فلاح شرح مراح الأرواح.
2- لما توجه أن يقال : إن مقتضى القياس أن تحذف النون من التثنية اكتفاء بالفتحة كما حذفت الواو من الجمع اكتفاء بالضمة ، فلم لم تحذف؟ أجاب بقوله : ولم تحذف ... إلخ. اه فلاح.
3- فيهما فإن قيل : الالتباس بين التثنية والواحد لكسر النون في التثنية وفتحها في الواحد؟. قلنا : النون لوقوعها في الطرف لا اعتبار بحركتها ، فإنه قد يقع الوقف عليها فيحصل الالتباس فافهم. اه إيضاح.
4- قوله : (وكسرت ... إلخ) فكأنه لدفع ما يتجه ينبغي أن تفتح النون الثقيلة في التثنية لخفة الفتحة ، وأن التثنية فرع المفرد والنون فيه مفتوح فيوافق الفرع بالأصل مع عدم الالتباس بينهما ، فإن الالتباس مدفوع بإيراد الألف في التثنية دون المفرد ، كما ترى بأن ما قلت مسلم ، إلّا أن الكسرة لمشابهتها بنون التثنية المكسورة ، وإنما كسرت نون التثنية ؛ لأن الألف في غاية الخفة فلو ضم لزم الخروج من الأخف إلى الأثقل ، ولو فتح لزم المخالفة عن استعمال الفصحاء ، فلا جرم كسر للتعادل. اه عبد الأحد.
5- قوله : (هل يضربان) وإنما قال : في مثل هل يضربان ، ولم يقل : في التثنية ؛ لأن حذف نون الإعراب للعلّة التي ذكرها المصنف إنما هو إذا لم يحذف قبل دخول النون بالجوازم مثلا إذا قلت : لم يضربا فقد حذفت نون الإعراب بالجوازم قبل دخول نون التأكيد بخلاف هل يضربان ، لأن هل لا يجزم الفعل ، لكن إذا دخلت عليه نون التأكيد حذفت نون الإعراب لما ذكره المصنف. اه فلاح. قوله : (هل يضربان) إنما تعرض إلى هذا لئلا يرد أن قول المصنف : وحذفت النون ... إلخ ، غير جيد إذ النون في التثنية للغائب والمخاطب والواحدة المخاطبة قد سقط بدخول لام الأمر الغائب والمعلوم نحو ليضربا لتضربا فمن أين تحقق حذفها عند اتصال النون الثقيلة؟ وتقرير الدفع أن الأمر المذكور فيما أدخل عليه كلمة الاستفهام من هل والهمزة لا فيما حذفت بلام الأمر الغائب. اه سمع.
6- قوله : (يصير مبنيا) فهي علامة البناء فوجب حذف علامة الإعراب إذ لا يجتمع في كلمة واحدة إعراب وبناء ، ولا يجتمع علامتاهما ، وإنما كان الفعل مبنيا عند اتصال نون التأكيد لتركّبه مع النون والإعراب في الوسط فبني على الحركة ، والنون حرف لا حظّ له من الإعراب فيبقى الجزآن مبنيين كبعلبك ، وقيل : إنما بني ؛ لأن ما قبل النون مشتغل بالحركة المجتلبة للفرق بين المفرد المذكر والجمع المذكر والواحد المؤنث ففتحوا في الأول ، وضموا في الثّاني ، وكسروا في الثّالث لأجل الفرق ، فلم يمكن الإعراب فرجحوا موجب البناء لذلك مع ضعفه. اه شمس الدين.

فإن قيل : لم أدخل الألف الفاصلة في مثل : «ليضربنانّ»؟.

قلنا : فرارا (1) عن اجتماع النونات (2).

وحكم الخفيفة مثل حكم (3) الثقيلة ، إلا أنّه (4) لا تدخل بعد الألفين (5)

ص: 122


1- قوله : (فرارا عن اجتماع) يعني إنما أدخل الألف الفاصلة ... إلخ فرارا ... إلخ واختص الألف لخفتها بالنسبة إلى الواو والياء ، وفي توصيف الألف بالفاصلة إشعار بأن الغرض من زيادتها الفصل بين النونات لا غير ، فقوله : فرارا عن اجتماع النونات لا يخرج عن الاستدراك. اه إيضاح.
2- أحدها نون جماعة المؤنث ، وثانيها وثالثها نون التأكيد الثقيلة فإنهما نونان ساكنة ومتحركة ولا يمكن حذف نون جماعة النساء كما حذف الواو من الجمع المذكر ؛ لأنه علامة التأنيث ، ولا يدل حركة ما قبله عليه ، كما يدل الضمة على الواو في المذكر حتى يجوز حذفه. اه ف.
3- قوله : (مثل حكم ... إلخ) بأن يدخل الخفيفة في كل موضع يدخل فيه الثقيلة. اه إيضاح.
4- قوله : (إلا أنه) أي : النون الخفيفة تذكير الضمير بتأويل ما ذكر أو بأن النون حرف ، والحرف يذكر ويؤنث ، ثم هذا استثناء مفرغ أي : حكم الخفيفة كحكم الثقيلة في جميع الأوقات إلّا وقت الدخول بعد الألفين فحينئذ ليس حكمه كحكم الثقيلة ، فإن النون الثقيلة يدخل فيهما دون الخفيفة ، فلا يقال : اذهبان اذهبنان بالنون الخفيفة لاجتماع ... إلخ. اه حنفية.
5- قوله : (بعد الألفين) أي : بعد ألف التثنية والألف التي تزاد في صيغة جماعة النساء للفصل بين النونات فخرج التثنية والجمع المؤنث فبقي المفرد والجمع المذكر نحو ليضربن ليضربن ليضربن بفتح الباء في الأول ، وضمها في الثّاني ، وكسرها في الثّالث ، وقس عليه أمر المخاطب. اه أحمد رحمه الله. قوله : (والجمع المؤنث) واعترض عليه بأنه يمكن أن يدخل الخفيفة في جمع المؤنث بدون الألف بأن يقال : اضربن ، ولا يلزم اجتماع النونات ولا اجتماع الساكنين ، وأجيب عنه بأن الثقيلة هو الأصل والخفيفة فرعها ، وإذا دخلت الألف مع الثقيلة فيلزم مع الخفيفة ، وإن لم يجتمع النونات لئلا يلزم مزية الفرع على الأصل ، ألا ترى أن يونس حين أدخلها في فعل الاثنين وجماعة النساء ، أدخل الألف وقال : اضربان اضربنان دون اضربن ، وفيه قلق ؛ لأن أصالة الثقيلة إنما هي عند الكوفيين مع أن الفرع لا يجب أن يجري على الأصل في جميع الأحكام ، ثم المناسبة المعلومة من قوانينهم يقتضي أصالة الثقيلة لكثرة التأكيد عنها ، فالمناسبة أن يعدل من الخفيفة إليها. اه إيضاح.

لاجتماع الساكنين (1) في غير حدّه (2) ، وعند يونس تدخل قياسا (3) على الثقيلة (4).

وكلاهما تدخلان (5) في سبعة مواضع لوجود معنى الطلب (6) فيها (7):

ص: 123


1- قوله : (الساكنين ... إلخ) أحدهما الألف ، والثّاني نون التأكيد الساكنة ، ولم يمكن حذف الألف ، أمّا في التثنية فلئلا يلتبس المثنى بالواحد ، وأمّا في الجمع المؤنث فلئلا يلزم اجتماع النونين ، ولم يمكن أيضا تحريك الألف ، أمّا في التثنية فلأنه ضمير وهو لا يتغير ، وأمّا في الجمع المؤنث فلأنه للفصل وألف الفصل لا يقبل الحركة للزوم سكونه ، ولم يكن أيضا تحريك نون التأكيد ؛ لأنه خلاف وضعها ؛ لأنها لا تقبل الحركة بدليل حذفها في اضربن القوم والأصل اضربن دون تحريكها. اه ابن كمال.(70)
2- قوله : (في غير حده) واعلم أن قوله : في غير حده وهو أن لا يكون الحرف الأول مدّا ، والثّاني مدغما احتراز عن اجتماع الساكنين في حده إذ هو جائز عندهم ، وهو أن يكون الحرف الأول مدا ، والثّاني مدغما في حرف آخر نحو اضربنان ودابّة ، وإنما جاز ذلك ؛ لأن المدّ الذي في حرف المد بمنزلة الحركة ، والساكن إذا كان مدغما جرى مجرى المتحرك ؛ لأن اللسان يرتفع عنهما دفعة واحدة فكانا كأنهما متحركين. اه فلاح.
3- وجه القياس اشتراكهما في أصل التأكيد إلا أن التوكيد في النون الثقيلة أكثر منه في الخفيفة فلذا قاس الخفيفة على الثقيلة ولم يعكس. اه تحرير.
4- فأجاز التقاء الساكنين على غير حده فيما يمكن التلفظ بهما فيه ، وعليه قراءة من قرأ (مَحْيايَ) بسكون ياء الإضافة. اه ف.
5- قوله : (وكلاهما تدخلان ... إلخ) لعل الغرض من هذا القول تفصيل مواضع تدخلان فيها مع الإيماء إلى أن القيد المذكور فيما سبق من قول المصنف : وزيدت نون التأكيد في آخر الأمر اتفاقي لا للاحتراز تدبر. اه لمحرره.
6- أمّا الأمر والاستفهام والنهي فمعنى الطلب فيها ظاهر وأمّا في التمني والعرض فلأنهما بمنزلة الأمر ، وأمّا في القسم فإنه إنما يكون على ما يطلب وجوده وتحصيله ، وأمّا النهي فلما قاله المصنف. اه عصام.
7- قوله : (فيها) الضمير يرجع إلى السّبعة على سبيل التغليب ؛ إذ لا يوجد في النفي معنى الطلب ، أو على سبيل التحقيق ؛ لأن النفي لما شابه النهي أعطي حكمه فيكون إنشاء حكما ، وفي تعليل المصنف رحمه الله إشعار بأن نوني التأكيد لا يدخلان فيما ليس فيه معنى الطلب كالماضي والمضارع الذي خلص للحال ؛ لعدم إمكان تأكيده ، أمّا الماضي فلأنّ ما مضى فات وتأكيد الفائت ممتنع ، وأمّا المضارع فلأنّ التأكيد إنما يليق بما لم يحصل كما في : والله لأضربن ، وأمّا الحاصل في الحال فهو وإن كان محتملا للتأكيد وذلك بأن يخبر المخاطب أن الحاصل في الحال متصف بالتأكيد لكنه لما كان موجودا وأمكن للمخاطب في الأغلب أن يطلع على ضعفه أو قوته لم يؤكد ، وأمّا المستقبل الذي فيه معنى الطلب فيمكن تأكيده لقصد تحصيل المطلوب على الوجه الأبلغ. اه رضي.

1 - الأمر ، كما مرّ.

2 - والنهي ، نحو : لا تضربنّ.

3 - والاستفهام ، نحو : هل تضربنّ.

4 - والتمني ، نحو : ليتك تضربنّ.

5 - والعرض (1) ، نحو : ألا تضربنّ.

6 - والقسم ، نحو : والله (2) لأضربنّ.

7 - والنّفي قليلا مشابهة بالنهي ، نحو : لا تضربنّ.

والنهي مثل الأمر في جميع الوجوه (3) ، إلا أنه معرب (4) بالإجماع.

ويجيء المجهول (5) من الأشياء المذكورة : فمن الماضي ، نحو : ضرب ... إلخ.

ص: 124


1- قوله : (والعرض) وهو قريب من التمنّي ؛ لأنك إذا عرضت على المخاطب الضرب فقد حثثته عليه ولن تحثه إلا ما تمنّاه وليس باستفهام ؛ لأنك لا تقصد بقولك : ألا تضربن السؤال عن ترك الضرب. اه فلاح.
2- فإن قيل : أين في القسم معنى الطلب؟. قلت : معنى الطلب فيه أنك إذا قلت : والله لأفعلنّ كذا ، ولا ريب في اشتمال السؤال على الطلب. اه حنفية.
3- المذكورة في الأمر من كونه مأخوذا من المستقبل وحذف الحركة وحذف حرف العلّة والنون سوى نون جمع المؤنث ومن كون في كل منهما طلبا ، وكيفية دخول نوني التأكيد عليه وكيفية حركة ما قبل النون فيه. اه فلاح مع جلالية.
4- قوله : (معرب ... إلخ) لوجود علّة الإعراب وهو حرف المضارعة ، ولما فرغ من أقسام الفعل المبني للفاعل شرع في أقسام الفعل المبني للمفعول وكيفية بنائها له فقال : ويجيء ... إلخ. اه أحمد.
5- قوله : (المجهول) وهو فعل غيّر عن صيغته بعد حذف فاعله وأقيم المفعول مقامه ، ويسمى أيضا المبني للمفعول لكن كثر استعمال المجهول بين أهل الصّرف واستعمال المبني للمفعول بين أهل النحو. اه ابن كمال باشا.

ومن المستقبل ، نحو : يضرب ... إلخ.

والغرض من وضعه إما خساسة الفاعل (1) ، أو عظمته ، أو شهرته (2) ، أو خوفا عليه (3).

واختصّ (4) بصيغة : «فعل» في الماضي (5) ؛ لأن معناه غير معقول - وهو إسناد (6)

ص: 125


1- بالنسبة إلى المفعول يعني قد يكون الفاعل حقيرا بالنسبة إليه فيحذف لتطهير اللسان عن ذكره ، وأسند الفعل إلى مفعوله ؛ لئلا يبقى الفعل بلا مسند إليه نحو شتم الخليفة ، أي : شتم الفاسق الخليفة. اه ف.
2- قوله : (أو شهرته) ولا يرد أن كلمة أو للترديد فيستلزم أن ترك الفاعل لأحد الأمور المذكورة إمّا العظمة ، وإمّا الشهرة ، وإمّا الخساسة ، وإمّا الخوف على الفاعل ؛ وليس كذلك لأنه ترك ذكر الله في قوله تعالى : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : 28] مع كونه أعظم وأشهر ؛ لأنها لمانعة الخلو لا للانفصال الحقيقي ، والله أعلم. اه تحرير. قوله : (أو شهرته) أي : شهرة الفاعل كما في قوله تعالى : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً ،) فالخالق مشهور ؛ لأن هذا الفعل لا يتصور من غيره تعالى ، ويصلح مثالا لعظمة الفاعل أيضا. اه عبد الحكيم.
3- ولا يخفى عليك أن الاقتصار بهذه الأربعة للشهرة لا للحصر ، فاندفع ما قيل من عدم صحة الاقتصار بها إذ ترك ذكر الفاعل قد يكون لغير هذه المعاني أيضا على ما في المطولات. اه تحرير.
4- قوله : (واختص ... إلخ) لعله دفع ما توهم أن وزن المجهول في الماضي فعل بضم الفاء وكسر العين ، وفي المستقبل يفعل بضم الياء وسكون الفاء مع فتح العين خلاف القياس ، إذ في الأول الخروج من الضمة إلى الكسرة ، وفي الثّاني من الضمة إلى الفتحة ، إذ الساكن حاجز غير حصين ، فلم اختير هذا الوزن بأن اختصاص المجهول بصيغة ... إلخ. اه تحرير.
5- قوله : (في الماضي) من الثلاثي المجرد يعني لما وجب تغيير صيغة الفعل بعد حذف الفاعل لئلا يلتبس المفعول الذي أقيم مقام الفاعل بالفاعل ، اختير هذا الوزن الثقيل في المجهول دون المعلوم ؛ لكون المجهول أقل استعمالا منه للفرق بينهما ، واختير ذلك الوزن الذي هو فعل دون سائر الأوزان ؛ لأن معناه ... إلخ. اه فلاح.
6- قوله : (وهو إسناد ... إلخ) وإنما أسند الفعل إلى المفعول ؛ لئلا يبقى بدون المسند إليه. فإن قيل : المفعول ضد الفاعل في المعنى فكيف يجوز أن يقوم مقامه ويرتفع بارتفاعه؟. قيل : جواز ذلك لأجل أن للفعل طرفين طرف الصدور وهو الفاعل ، وطرف الوقوع وهو المفعول ، فكان بينهما مشابهة من حيث الطرفية فيصح أن يقوم مقامه ، وجاز أن يقبل ارتفاعه ؛ لأن فاعلية الفاعل بإسناد الفعل إليه ، لا لإحداثه شيئا فإنّ زيدا في مات زيد فاعل مع أنه لم يحدث شيئا بل هو مفعول في المعنى ؛ لأن الله تعالى أماته ، وقد أسند الفعل إليه وقد تحقق الإسناد في نحو ضرب زيد ، فلا بد أن يرتفع بارتفاع الفاعل. اه شمس الدين.

الفعل إلى المفعول - فجعل صيغته أيضا غير معقولة (1) ، وهي : فعل (2) ، ومن ثمّ لا يجيء على هذه الصيغة كلمة إلّا وعل (3) ودئل.

وفي المستقبل (4) على : «يفعل» لأن هذه الصيغة (5) مثل : «فعلل» في الحركات

ص: 126


1- قوله : (غير معقولة) حاصله أن معنى المجهول لما كان معنى بعيدا في قسم الأفعال وهو الإسناد إلى المفعول ، خيف أن يلحق المجهول بقسم الأسماء فجعل صيغته على صيغة لا يوجد في الأسماء لئلا يتوهم أنه من قسم الأسماء ، بسبب بعد معناه عن معنى الفعل ، وإذا كان صيغته مما لا يوجد في الأسماء علم أنه من الأفعال لا من الأسماء. اه شمس الدين.
2- بضم الفاء وكسر العين. فإن قلت : لو كسر الفاء وضم العين يحصل هذا المقصود ، إذ لا يوجد في الأسماء والأفعال المعلومة هذا الوزن؟. قلت : نعم إلا أن الخروج من الكسرة إلى الضمة أثقل من العكس ؛ لأن الأول طلب ثقل بعد الخفة بخلاف الثّاني. اه أحمد رحمه الله.
3- فلما لم توجد كلمة في كلام العرب إلا هاتين الكلمتين بهذا الوزن صار هذا الوزن غير معقول ، إذ لو كان معقولا فيجيء بهذا الوزن كثير من الكلمات في كلامهم. اه حنفية.
4- قوله : (وفي المستقبل) أي : وجاء المجهول في المستقبل من الثلاثي المجرد على وزن يفعل بضم حرف المضارعة ... إلخ ، فتكون هذه الجملة داخلة تحت الجملة السابقة ، أعني واختص. اه إيضاح. بضم حرف المضارعة وفتح العين ، أي : يجيء صيغة المجهول في المستقبل على يفعل لأن ... إلخ. اه ف.
5- قوله : (لأن هذه الصيغة ... إلخ) حاصله أن المستقبل لما حذف فاعله وأسند إلى مفعوله كان معناه بعيدا في الأفعال فخيف أن يلحق بقسم الأسماء فجعل صيغته على صيغة لا توجد في قسم الأسماء ؛ لئلا يتوهم أنه من الأسماء كما جعل كذلك في الماضي ، لذلك قيل : إنما ضم أول المضارع حملا على الماضي ، وفتح ما قبل آخره ليعدل ضمة الأول بالفتحة في المضارع الذي هو أثقل من الماضي. اه ابن كمال باشا.

والسّكنات ، ولا يجيء عليه (1) كلمة أيضا إلا جندب وبرقع.

ويجيء (2) في الزوائد (3) من الثلاثي المجرد بضمّ الأول وكسر ما قبل الآخر في الماضي ، نحو : «أكرم» وبضمّ الأول وفتح ما قبل الآخر في المستقبل مثل : «يكرم» تبعا للثلاثي المجرد ، إلّا في (4) سبعة (5) أبواب ، فإنه يجيء بضم أول (6) متحرك منه مع ضمّ الأول وكسر ما قبل الآخر ، وهي :

1 - تفعّل.

ص: 127


1- قوله : (ولا يجيء ... إلخ) منقوض بعليب وحجذب بضم الأول ، وفتح الثّالث فيهما إلا أن يحمل النفي على اللغة الفصيحة فإن اللغة الفصيحة فيهما ضم الأول مع الثّالث والله أعلم. اه مولانا رحمه الله.
2- ولما فرغ من بيان علامة بناء المجهول في الماضي والمستقبل من الثلاثي المجرد شرع في علامته فيما عدا الثلاثي المجرد ، فقال : ويجيء ... إلخ. اه ف.
3- أراد بالزوائد ما كان ماضيه أكثر من ثلاثة أحرف فيتناول الرباعي المجرد ، والملحق بالرباعي ، والمزيد على الرباعي أيضا ، وحاصله ما عدا الثلاثي المجرد. اه ف.
4- استثناء من قوله الماضي فقط يعني يجيء المجهول من الزوائد على الثلاثي بضم الأول وكسر ما قبل الآخر في جميع الماضي إلا في سبعة أبواب فإنه لا يكفي فيها هذا القدر من البيان لا بد فيها من قيد زائد وبيان أنه يجيء. اه أحمد.
5- قوله : (إلا في سبعة أبواب) واعلم أن في تخصيص الأبواب السّبعة بهذا الحكم نظرا إذ كل فعل في أوله همزة وصل فعلامة بناء المجهول منه أن يضم الأول المتحرك منه مع ضم الأول وكسر ما قبل الآخر ، وذلك أحد عشر بابا لا ما فعله المصنف مثل انطلق واكتتب واحمر واحمار واستخرج واعشوشب واجلوذ واقعنسس واسلنقى واحرنجم واقشعر فإذا ضم إليها تفعّل وتفاعل نحو تقطع وتباعد صار عدة الأبنية ثلاث عشرة فالقصر على السّبعة تقصير فلا تكن من القاصرين. اه أحمد.
6- قوله : (بضم أول متحرك منه) واعلم أن المراد بأول المتحرك منه الحرف المتحرك أولا من الفعل بعد ضم الأول كالتاء في افتعل ؛ لأن الهمزة وإن كانت في أول الكلمة لكنها ليست من الفعل للوصل كما سبق ، فعلم أن قوله : إلا في سبعة أبواب بضم أول متحرك منه تغليب إذ لا يمكن أن يقال : إن الفاء في تفعل وتفوعل أول متحرك منه ؛ لأن التاء فيهما من الفعل ولهذا قال عند تفصيل حكمها وضم الفاء في الأولين وضم أول متحرّك منه أيضا كما قال ذلك في الخمسة الباقية. اه فلاح.

2 - وتفوعل.

3 - وافتعل.

4 - وانفعل.

5 - وافعنلل.

6 - واستفعل.

7 - وافعوعل.

وضمّ الفاء في الأولين حتى لا يلتبسا (1) بمضارعي : فعّل وفاعل ، وضمّ أول المتحرك منه في الخمسة الباقية حتى لا يلتبس بالأمر في الوقف (2) ، يعني : إذا قلت : «وافتعل» مثلا في المجهول في الوقف بوصل الهمزة ، و «وافتعل» (3) في

ص: 128


1- قوله : (حتى لا يلتبسا ... إلخ) يعني لو اكتفي في تقطع مثلا بضم الأول وهو التاء وكسر ما قبل الآخر وهو الطاء وأبقي القاف مفتوحا لم يعلم أنه مجهول الماضي من باب التفعل ، أو مضارع معلوم من باب التفعيل ، وكذا لو اكتفي في تباعد مثلا بضم الأول وهو التاء وكسر ما قبل الآخر وهو العين وأبقي الباء مفتوحا لم يعلم أنه مجهول الماضي من باب التفاعل ، أو مضارع من باب المفاعلة. اه شمس الدين رحمه الله تعالى. وكذا لم يكسر الفاء فيهما وإن لم يلتبسا بمضارعي فعّل وتفاعل ؛ لئلا يلزم الخروج من الضمة للحرف الأول من الكلمة إلى الكسرة على الأول المتحرك. اه تحرير.
2- قوله : (في الوقف) قيد للالتباس بالأمر ، وإنما قيد بحالة الوقف احترازا عن غير حالة الوقف فإنه لا التباس حينئذ ثمة لإمكان التمييز بالحركات ، ولما ورد على هذا الجواب بأن التمييز بين الماضي المجهول والأمر يعلم بضم الهمزة وكسرها ، فإن الهمزة في الماضي مضموم وفي الأمر مكسور فلا التباس عند الوقف كما ترى دفعه بقوله : يعني ... إلخ ، حاصل الدفع أن مرادنا بالالتباس في حالة الوقف عند وصل الهمزة لا بدونه حتى يرد ما قيل. فإن قيل : حينئذ لا التباس أيضا لتحقق الفرق بينهما بحركة الحرف الثّالث ففي الماضي مضموم ، ومفتوح في الأمر ، اللهم هذا بقطع النظر من حركة الحرف الثّالث على ما صرح به صاحب الإيضاح. والله أعلم. اه لمحرره عفي عنه.
3- قوله : (وافتعل في الأمر) يعني إذا اكتفي في اقتصر مثلا بضم الأول وهو الهمزة وكسر ما قبل الآخر وهو الصاد وأبقى التاء مفتوحا ، وقيل : واقتصر بوصل الهمزة وإسكان الراء للوقف لم يعلم أنه ماض مجهول وصل همزته ووقف آخره أو أمر مخاطب جزم آخره ، وإنما بين الالتباس بقيدين أحدهما الوقف والآخر وصل الهمزة إذ لو لم يقف لم يلتبس أحدهما بالآخر ؛ لأن آخر الماضي مفتوح وآخر الأمر مجزوم وأيضا لو قطع الهمزة لم يلتبس إذ هي في المجهول مضمومة وفي الأمر مكسورة. اه ابن كمال باشا رحمه الله تعالى.

الأمر ، يلزم اللبس ، فضمّ التاء لإزالته ، فقس (1) الباقي (2) عليه (3).

* * *

ص: 129


1- يعني : إذا دريت ما ذكرنا من ضمّ أول المتحرّك منه في ... إلخ ، قس الباقي من الأبواب الأربعة على الفعل لتدركها. ففيه إيماء إلى دفع ما يقال : لم لم يتعرض المصنف إلى أبواب ما عدا افتعل بأن عدم التعرض إليها لكونه مقيسا عليه لها تدبر. اه لمحرره رحمه الله تعالى.
2- يعني كما ضم التاء في افتعل لإزالة اللبس فكذلك يضم الفاء في انفعل والتاء في استفعل والعين في افعوعل وافعنلل لإزالة اللبس من فعل المضارع. اه مولوي.
3- قوله : (فقس ... إلخ) واعلم أن ما ذكر من البيان في مجهول الماضي والمضارع إذا لم يكن الفعل معتل العين ، أمّا إذا كان معتل العين فليس صيغة المجهول على ما ذكره ظاهرا إذ يقال في مجهول قال مثلا قيل ، وسيأتي حكمه في موضعه إن شاء الله تعالى. اه مولانا أحمد رحمه الله.

ص: 130

فصل : في اسم الفاعل

وهو اسم (1) مشتقّ من المضارع لمن قام به الفعل بمعنى الحدوث ، واشتقّ (2)

ص: 131


1- قوله : (اسم) جنس يشمل جميع الأسماء مشتقة أو غير مشتقة ، وقوله : مشتق من المضارع يخرج الأسماء الغير المشتقة كالفاعل الذي أسند إليه الفعل نحو قام زيد ، وكالمصدر وغيرهما وقوله : لمن قام به الفعل يخرج اسم المفعول والآلة واسمي الزمان والمكان ، وقيل : يخرج أيضا اسم التفضيل ، ولا يخرج الصفة المشبهة. لكن هذا القيد لا يشمل بعض أسماء الفاعلين نحو زيد مقابل عمرو ، وأنا مقرب من فلان أو مبتعد منه ومجتمع به ، فإن هذه الأحداث نسب بين الفاعل والمفعول لا يقوم بأحدهما معينا دون الآخر كذا قيل ، وقوله : بمعنى الحدوث يخرج الصفة المشبهة ؛ لأن وضعها على الثبوت والدوام لا على الحدوث ولهذا لو قصد بها الحدوث ردت إلى صيغة اسم الفاعل فيقال في حسن : حاسن الآن أو غدا ، ومنه قوله تعالى : (فِي ضَيْقٍ) [النحل : 127] ، (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) [هود : 12] ، وهذا مطرد في كل صفة مشبهة. ولا ينتقض التعريف بمثل دائم وباق بناء على أنهما ليس بمعنى الحدوث بل بمعنى الاستمرار ؛ لأن الاستمرار مدلول جوهر الكلمة لا مدلول الصيغة فيدلان بصيغتهما على الحدوث أيضا ، كما يدل يدوم ويبقى بحسب الصيغة على الحدوث. اعلم أن قوله : بمعنى الحدوث يخرج ما هو على وزن اسم الفاعل إذا لم يكن بمعنى الحدوث بل بمعنى الاستمرار نحو فرس ضامر أي : مهزول خفيف اللحم ، وشازب بالشين والزاي المعجمتين بمعنى الضامر ، وعذره أن يقال : إن قصد الاستمرار فيها عارض ووضعها على الحدوث كما في قولك : الله عالم ، أو كائن أبدا ، كذا قرره الفاضل الرضي رحمه الله تعالى. اه ابن كمال باشا رحمه الله.
2- جواب سؤال وهو أن يقال : لم اشتق اسم الفاعل من المضارع دون الماضي مع كونه أصلا له ودالا على الثبوت بأنه إنما اشتق اسم الفاعل من المضارع لمناسبة ... إلخ. اه حنفية شرح مراح الأرواح.

منه لمناسبتهما (1) في الوقوع صفة للنكرة وغيره (2).

وصيغته من الثلاثي المجرد على وزن : فاعل ، وحذف علامة (3) الاستقبال من : «يضرب» (4) فأدخل الألف لخفّتها (5) بين الفاء والعين ؛ لأن (6) في الأول يصير

ص: 132


1- قيد لمناسبتهما وإنما قيد بذلك لئلا يرد أن اسم الفاعل وقت الاشتقاق لم يكن ثابتا فضلا عن المناسبة بينهما فإن المناسبة يقتضي الطرفين ، والحال أن اسم الفاعل لم يثبت. خلاصة الجواب : أنهم اعتبروا اشتقاق اسم الفاعل من المضارع لمناسبة بينهما في ... إلخ ، تأمل فإنه من سوانح الوقت. اه مولوي غلام رباني رحمه الله تعالى.
2- من المناسبات المذكورة في صدر فصل المضارع وإذا كان مشتقا من المضارع وهو من الماضي وهو من المصدر كان مشتقا من المصدر بواسطة. اه ف.
3- للفرق بينه وبين المضارع ، وعين الفرق بالحذف ؛ لأن بالزيادة ألزم كثرة الزيادة ، وعين بحذف علامة المضارع ؛ لأنها زائدة والزائد أولى بالحذف. اه عبد الباقي.
4- قوله : (من يضرب) زاده لدفع توهم نشأ من قوله : علامة الاستقبال بأنها أعم من الغائب والمخاطب والمتكلم بأن المراد من العلامة علامة الغائب لا غير ، فإن اسم الفاعل اسم ظاهر ، والأسماء الظاهرة كلها غيب ، ألا ترى إلى قولهم زيد ضارب والغائب ناسب الغائب وأيضا ، قد ينسب اسم الفاعل إلى الفاعل الجلي هذه قرينة قوية على اشتقاقه من الغائب ، ثم لا يخفى عليك بأن المراد من يضرب المضارع المعلوم للغائب لا المجهول على ما صرح به في الميزان ، ولعل المناسبة بين اسم الفاعل والمضارع المعلوم في إسناد كل منهما إلى الفاعل بخلاف المجهول فإنه يسند إلى المفعول كما مرّ آنفا ، فلا مناسبة بينهما هذا ما أفيد. اه لمحرره.
5- قوله : (لخفتها) وذلك ؛ لأن وضع الأسماء على الخفة ووضع الأفعال على الثقل ولهذا جاء الاسم خماسيا بخلاف الفعل ، فإنه لو جاء خماسيا يلزم الثقل لفظا ومعنى ، أمّا لفظا فظاهر ، وأمّا معنى فلأن الفعل يدل على ثلاثة معان الحدث والزمان ونسبة الفاعل ، بخلاف الاسم فإنه وإن كان بحسب اللفظ ثقيلا لكنه بحسب المعنى ليس بثقيل ، إذ معناه واحد لا كثرة فيه فكانت الخفة مطلوبة في الاسم فاختير الألف. اه حنفية.
6- قوله : (لأن في ... إلخ) دليل لإدخال الألف بين الفاء والعين مع إفادة دفع توهم بأنه ما السّرّ في إدخال الألف بينهما دون أول الفاء أو الآخر كما ترى ، وأيضا لم يدخل الألف بين العين واللام فإن وزنه حينئذ يصير فعال فيلبس وزنا بين الاسم المشتق وغيره ، أمّا في صورة كسر الفاد فنحو رياح ورماح وجهاد ، وفي فتحها كثواب وصواب وجمال ، وفي ضمها كجناح وجهال ونحاس ، تدبر. اه لمحرره.

مشابها (1) بالمتكلم وبالتفضيل ، وفي الآخر يصير مشابها بتثنية الماضي.

وكسر عينه ؛ لأنه بتقدير الفتحة يصير مشابها بماضي المفاعلة ، وبتقدير الضمة يثقل ، وبتقدير الكسرة أيضا يلزم الالتباس بأمر باب المفاعلة ، ولكن أبقي مع ذلك للضرورة (2) ، وقيل : اختيار الالتباس بالأمر أولى ؛ لأن الأمر مشتقّ من المستقبل ، والفاعل أيضا مشتق (3) من المستقبل.

ويجيء (4) الصفة المشبهة على وزن : فعل ، وفعل ، وفعل ، وفعل ، وفعل ،

ص: 133


1- قوله : (مشابها ... إلخ) يعني لو زيدت في الأول لا يمكن زيادتها حال كونها ساكنة لتعذر الابتداء بالساكن ، ولو حركت لا يمكن تحريكها بالضم والكسر لأنه يفوت الخفة المطلوبة من زيادتها فلا يمكن تحريكها إلا بالفتحة ، وحينئذ يلزم الالتباس بالمتكلم في مضموم العين ومكسوره مثل اضرب ، وأيضا لو كسر الألف يلتبس بالأمر من مضموم العين نحو انصر ، ولو زيد في الآخر يلتبس بتثنية الماضي في مثل فتحا ، ولو زيد بين العين واللام يلتبس بصيغة المبالغة نحو فتاح وصبار ؛ إذ لا اعتبار بالإعجام ، وإذا بطل الأقسام بأسرها تعين أن يزاد بين الفاء والعين. اه مولوي وفلاح.
2- قوله : (للضرورة) أي : لعدم إمكان الفتح والضم كما بينا ، ولعدم إمكان السكون لالتقاء الساكنين ، واعترض عليه بعض الشارحين بأن هذا الجواب ضعيف ؛ لأن التزام الثقل أولى من التزام الالتباس ، فنقول : التزام الالتباس قليل الوقوع سيما في ما يمكن دفعه ؛ إذ يمكن ههنا دفعه بالتنوين وتركه أولى من التزام الثقل بالضمة سيما بعد ألف المد إذ بذلك يكون أثقل ويدل على ما ذكرنا أنهم قلبوا الياء ألفا في مثل مختار في الفاعل والمفعول دفعا للثقل مع أنه يلتبس أحدهما بالآخر بعد القلب لا قبله ، واكتفوا بالفرق التقديري. اه ابن كمال.
3- قوله : (مشتق ... إلخ) فيكون بين الأمر واسم الفاعل مؤاخاة (في أن كل منهما فرع للفرع) ومناسبته بخلاف الأمر وماضي باب المفاعلة فاختيار الالتباس بين الأمرين المتناسبين أولى من اختياره بين الأمرين المتبانيين إذا تعين اختيار أحدهما. اه فلاح.
4- قوله : (ويجيء الصفة ... إلخ) ولم يجعل لها فصلا على حدة بل ذكرها في ذيل اسم الفاعل من الثلاثي للمشابهة التامة بينهما كما سنذكره فكأنها منه ، وقدمها على اسم الفاعل من غير الثلاثي لعدم المناسبة بينهما إذ الصفة المشبهة لا تجيء من غير الثلاثي ، وعرفوها بأنها اسم مشتق من فعل لازم لمن قام به على معنى الثبوت ، فقوله : اسم جنس يشمل جميع الأسماء مشتقة أو غير مشتقة ، وقولنا : اشتق من فعل لازم يخرج غير المشتقات ومشتقات الفعل المتعدي ، وقولنا : لمن قام به يخرج اسم المفعول اللازم المتعدي بحرف الجر كمعدول عنه وممرور به ، واسم الزمان والمكان والآلة ، وقولنا : على معنى الثبوت ، أي : الاستمرار يخرج اسم الفاعل اللازم كقائم وقاعد فإنه مشتق من فعل لازم لمن قام به ، لكن على معنى الحدوث ، ويخرج أيضا مثل ضامر وشارب وطالق وإن كان بمعنى الثبوت ؛ لأنه في أصل وضعه للحدوث ؛ وذلك لأن صيغة الفاعل موضوعة للحدوث. واعلم أن المشابهة بينها وبين اسم الفاعل من حيث اللفظ والمعنى ، أما الأول فلأن الصفة المشبهة يثنى ويجمع ويذكر ويؤنث كما كان اسم الفاعل كذلك ، فلما كانت مشابهة له سميت مشبهة وعمل عمله ، وأما الثاني فلأن الصفة المشبهة ما قام به الحدث المشتق هي منه ، فمعنى زيد حسن زيد ذو حسن ، والحسن حدث أي : مصدر قائم بزيد. كما أن اسم الفاعل محل للحدث المشتق هو منه ، فمعنى زيد ضارب زيد ذو ضرب فلا فرق بينهما معنى ، إلا من حيث الحدوث في أحدهما وضعا ، والثبوت في الآخر كما عرفت ، ولما كان صيغة الصفة المشبهة سماعية ومختلفة لا يضبطها قياس بل أمرها يتوقف على السماع ، أشار إلى الأمثلة المسموعة بقوله : ويجيء الصفة المشبهة ... إلخ اه ابن كمال باشا.

وفعل ، وفعال ، وفعال ، وفعلان (1) ، وأفعل ، نحو : فرق ، وشكس ، وصلب ، وملح ، وجنب (2) ، وحسن ، وجبان (3) ، وشجاع ، وعطشان (4) ، وأحول ، وهو مختصّ بباب : فعل ، إلا ستّة يجيء من باب : فعل ، نحو : أحمق ، وأخرق ،

ص: 134


1- واعلم أن أبنية الصفة المشبهة ليست منحصرة فيما ذكره المصنف من الأبنية العشرة بل يجيء أيضا ، على وزن فعيل مثل كريم ، وفعول بفتح الفاء وتشديد العين نحو غيّور ، وفيعل بفتح الفاء وكسر العين نحو ضيّق ، وفعول بفتح الفاء نحو وقور ، وفعال بضم الفاء وتخفيف العين نحو ملاح وغير ذلك كما في المطولات. اه أحمد. ولعل النكتة في عدم التعرض إلى الأبنية الباقية خوفا من التطويل تدبر. اه لمحرره.
2- قوله : (جنب) من الباب الخامس من الجنابة سواء فرده وجمعه ومؤنثه ومذكره ، وربما قالوا في جمعه : أجناب وجنوب. اه ف.
3- من الباب الخامس من الجبن وهو ضد الشجاعة ، يقال : رجل جبين وامرأة جبان فهو مؤنث وإن جعلته من الباب الأول يكون وزن الصفة فعال بكسر الفاء نحو جبان فيكون مذكرا ، وعبارة المصنف تحتملهما. اه ف.
4- من الباب الرابع معناها ظاهر ، وجمعه عطشى بفتح العين وسكون الطاء وعطاش بفتح العين ، وعطاش بالكسر ومؤنثه عطشى أيضا ، وجمعه عطاش بالكسر فقط. قال ابن الحاجب : يجيء الصفة المشبهة من جميع الأبواب الثلاثية إذا كان بمعنى الجوع والعطش وضدهما على فعلان كجوعان وضبعان وعطشان وريان. اه ف.

وآدم (1) ، وأرعن ، وأعجف ، وأسمر.

وزاد الأصمعي : الأعجم ، وقال الفرّاء : يجيء «أحمق» من : حمق ، وهو لغة في : حمق (2) ، وكذلك يجيء خرق ، وسمر ، وعجف (3) ، أعني : فعل لغة فيهنّ.

ويجيء (4) : «أفعل» لتفضيل الفاعل من الثلاثي (5) غير المزيد (6) فيه ممّا ليس بلون ولا عيب.

ص: 135


1- قوله : (آدم) في مختار الصحاح بضم الأول ، وسكون الثّاني. اه ف. والآدم من الناس الأسمر والجمع أدمان ، والآدم من الإبل الشديد البياض وقيل هو الأبيض الأسود المقلتين يقال : بعير آدم وناقة أدماء. اه ف.
2- بالضم فكان أحمق قياسا وفيه بحث ؛ لأن حمق إذا كان بالضم يجيء الصفة منه أحمق ، وأما إذا كان بالكسر يجيء الصفة منه حمق بفتح الحاء وكسر الميم لا أحمق ، كذا في مختار الصحاح فلا يغني في الجواب كون الكسر لغة في الضم. اه فلاح.
3- بالكسر في الكل كما يجيء بالضم فيه ، فالكسر لغة في الضم أيضا ، ثم لما أراد تعميم الحكم للكلمات السّبعة بعد ذكر أربعة منها قال : أعني فعل ... إلخ. اه ف.
4- قوله : (ويجيء أفعل ... إلخ) الأشبه أن يقال لما ذكر أن أفعل يجيء للصفة المشبهة كان مظنة أن يتوهم أن أفعل لا يجيء لغير الصفة فلدفع هذا الوهم قال : ويجيء أفعل لتفضيل الفاعل ، أي : كما يجيء للصفة المشبهة ، وعرفوه بأنه : اسم اشتق من فعل لموصوف بزيادة على غيره ، فقولنا : اسم اشتق من فعل يتناول جميع المشتقات من الأفعال ، وقوله : الموصوف بزيادة على غيره يخرج ما عدا اسم التفضيل ، قال الفاضل الرضي : وهو ينتقض بنحو فاضل وغالب وزائد. ولو احترز عن مثله بأن قال : المراد ما اشتق من فعل لموصوف بزيادة على غيره فيه أي : في الفعل المشتق منه ، لانتقض بنحو طائل ، أي : زائد في الطول على غيره. والأولى أن يقال : هو المبني على أفعل لزيادة صاحبه على غيره في الفعل أي في الفعل المشتق هو منه ، ويدخل خير وشر لكونهما في الأصل أخير وأشرّ فخففا بالحذف لكثرة الاستعمال ، وقد يستعملان على القياس انتهى كلامه. اه ابن كمال باشا.
5- قوله : (الفاعل) أي : لتفضيل الفاعل على الغير لا لتفضيل المفعول على الغير ؛ وذلك لأن التفضيل إنما يكون لمن له تأثير في الفعل بالزيادة والنقصان ، والمؤثر في الفعل هو الفاعل لا المفعول ؛ لأن الفاعل هو الذي صدر عنه الفعل غالبا كما في ضرب زيد لا المفعول ، فإذا لم يكن للمفعول تأثير في الفعل لا يوصف بالزيادة والنقصان فلا يقال : زيد أضرب من عمرو ، على أن معناه أن الضرب الذي وقع على زيد أكثر مما وقع على عمرو ، بل معناه أن الضرب الذي صدر من زيد أكثر مما صدر من عمرو. اه حنفية.
6- واعلم أن شرط اسم التفضيل أن يبنى من الثلاثي المجرد الذي جاء منه فعل تام غير لازم للنفي متصرف قابل معناه للكثرة ، فقولنا : جاء منه فعل ، احتراز عن أيدى وأرجل من اليد والرجل ، فإنه لم يثبت ، وقولهم : احنك الشاتين ، أي : كلهما من الحنك شاذ ، وقولنا : تام احتراز عن الأفعال النّاقصة ككان وصار فإنه لا يقال : أكون وأصبر وقولنا : غير لازم للنفي احتراز عن مثل ما ليس بكلمة ، أي : ما تكلم فإنه لا يقال : هو أليس منك ؛ لئلا يصير مستعملا في الإثبات ، وقولنا : متصرف احتراز عن نعم وبئس وليس ، وقولنا : قابل معناه للكثرة احتراز عن نحو غربت الشمس وطلعت ، فلا يقال : الشمس اليوم أغرب منها أمس ، وهذه الشروط غير ما ذكره المصنف وقد ذكرها الفاضل الرضي. اه ابن سليمان الرومي.

ولا يجيء (1) من المزيد (2) فيه لعدم إمكان محافظة جميع حروفه في : أفعل (3) ، ولا من لون (4) ولا عيب ؛ لأن فيها يجيء : «أفعل» للصفة المشبهة ، فيلزم

ص: 136


1- قوله : (ولا يجيء ... إلخ) ولما خص أفعل التفضيل بالفاعل وبالثلاثي المجرد وبما ليس بلون ولا عيب وجب عليه أن يبين عدم مجيئه للمفعول ، وعدم مجيئه من غير الثلاثي المجرد ، وعدم مجيئه من الألوان والعيوب ، فبين الثّاني بقوله : ولا يجيء ... إلخ ، والثّالث بقوله : ولا يجيء من لون ولا عيب ... إلخ ، والأول في الآتي بقوله : ولا يجيء لتفضيل المفعول ... إلخ. اه أحمد رحمه الله تعالى.
2- واعلم أنك إذا قصدت التفضيل من الأفعال التي تعذر بناء أفعل منها كالرباعيات والمزيدات ، وكالألوان والعيوب فطريقه أن تبني أفعل من فعل يصح بناء أفعل منه على حسب غرضك الذي تقصده ، ثم جئت بمصادر تلك الأفعال التي امتنع بناء أفعل منها فتنصبها على التمييز مثلا إذا قصدت كثرة الفعل ، قلت : أكثر دحرجة ، وإذا قصدت حسنه قلت : أحسن انتقاشا ، وإذا قصدت قبحه قلت : أقبح عورا ، وإذا قصدت شدته قلت : أشد بياضا ، وقس عليه ما عداه. اه من الرضي.
3- قوله : (في أفعل) ؛ لأن أفعل ثلاثي زيد في أوله همزة للتفضيل فاستحال محافظة جميع حروف كلمات الرباعية والخماسية والسداسية في وزن أفعل على تقدير عدم حذف حرف أو حروف منها ، وإن حذفت التبس المعنى ، إذ لو قلت من دحرج مثلا : أوحر بحذف الجيم من آخره لم يعلم أنه من تركيب دحرج ، وكذا لو حذفت الهمزة من أخرج وزيدت في أوله همزة التفضيل وقلت : أخرج لم يعلم أن معناه كثير الخروج أو كثير الإخراج ، وقس عليه ما عداه ، وكل ما ذكر مبني على أنه لا صيغة للتفضيل إلا أفعل ، وإنما اقتصروا عليه اختصارا. واعلم أن بناء أفعل من الزوائد مطلقا غير قياس عند الجمهور ، وأمّا عند سيبويه فغير قياس ما عدا باب الإفعال ، وأمّا في باب الإفعال فمع كونه ذا زيادة قياس عنده ، واختار المصنف مذهب الجمهور. اه شمس الدين رحمه الله تعالى.
4- قوله : (من لون) واعلم أنه أجاز الكوفيون بناء أفعل للتفضيل من لفظي السواد والبياض خاصة قياسا ، وقالوا : لأنهما أصل الألوان ، ويحتجون أيضا في البياض بقول الراجز : جارية في درعها الفضفاض أبيض من أخت بني إياض (الشعر من الرجز ، وهو بلا نسبة في الإنصاف في مسائل الخلاف للأنباري 1 / 149 ، وخزانة الأدب للبغدادي 8 / 232. ) وقال المبرد : ليس البيت الشاذ بحجة على الأصل المجمع عليه ، وفي السواد بقول الآخر : لأنت أسود في عيني من الظّلم (الشعر من البحر البسيط ، وهو بلا نسبة في يتيمة الدهر للثعالبي 1 / 194 ، وخزانة الأدب للبغدادي 3 / 188.) والبيتان شاذان عند البصريين. اه أحمد رحمه الله تعالى.

الالتباس (1).

ولا يجيء لتفضيل المفعول حتى لا يلتبس بتفضيل الفاعل (2).

فإن قيل : لم لم يجعل على العكس حتى لا يلزم الالتباس؟.

قلنا : جعله للفاعل أولى (3) ؛ لأن الفاعل مقصود في الكلام ، والمفعول فضلة (4) ،

ص: 137


1- قوله : (الالتباس) بين الصفة والتفضيل على تقدير بناء أفعل منهما للتفضيل أيضا ، فإنك إذا قلت : زيد الأسود لم يعلم أنه بمعنى ذو سواد أو بمعنى الزائد في السواد. وهذا التعليل إنما يتم إذا بين أن أفعل للصفة يقدم بناؤه على أفعل للتفضيل ، وهو كذلك ؛ لأن ما يدل على ثبوت مطلق الصفة مقدم بالطبع على ما يدل على زيادة على الآخر في الصفة ، والأولى موافقة الوضع لما هو الطبع. اه فلاح.
2- قوله : (بتفضيل الفاعل) يعني لو جاء أفعل لتفضيل المفعول يلتبس بتفضيل الفاعل ، فإنه لا يعلم أن معنى زيد أضرب زائد في الضاربية أو زائد في المضروبية ، والالتباس خلاف الأصل. اه جلال الدين.
3- من جعله للمفعول يعني أنهم لو جعلوه مشتركا لالتبس أحدهما بالآخر لاطراده فأرادوا جعله لأحدهما دون الآخر ؛ لدفع الاشتباه ، فوجدوا جعله للفاعل أقيس وأولى من المفعول ؛ لأن الفاعل ... إلخ. اه ف.
4- في الكلام لإفادته بدونه. فإن قلت : المراد من الفاعل الذي بني أفعل لتفضيله صيغة الفاعل مثل ضارب والفاعل الذي هو مقصود في الكلام هو الفاعل في الإعراب وهو ما أسند إليه الفعل مقدما عليه مثل زيد في قولنا : ضرب زيد ، فلم يلزم من كون الثّاني مقصودا في الكلام كون الأول كذلك إذ يجوز أن يقال : قتلت الضارب ، يجعل ضارب مفعولا ، وفضلة في الكلام ، وكذا المفعول الذي هو فضلة في الكلام هو المفعول في الإعراب لا المفعول في الصيغة ، إذ يجوز أن يقال : جاءني المضروب فاعلا؟. قلت : المراد أن الفاعل في الإعراب لما كان مقصودا ، والفاعل في الصيغة هو الدال عليه كان مقصودا أيضا ، وكذا المفعول في الإعراب لما كان فضلة والمفعول في الصيغة هو الدال عليه كان فضلة أيضا ، والضارب في قولنا : قتلت الضارب ، مفعول بالنسبة إلى قتلت فهو مقتول المتكلم ، وإن كان بالنسبة إلى الضرب فاعلا ، والمضروب في قولنا : جاءني المضروب ، فاعل بالنسبة إلى جاءني فهو جاء وإن كان مفعولا بالنسبة إلى الضرب. اه ابن كمال باشا رحمه الله تعالى.

وأيضا يمكن التّعميم في الفاعل دون المفعول (1).

ونحو : أشغل (2)

ص: 138


1- لأنه لا مفعول إلا وله فاعل في الأغلب ، وإنما قلنا : في الأغلب احترازا من نحو مجنون ومبهوت. اه ف. إذ لا يقال : لا فاعل إلّا وله مفعول لعدم مجيء المفعول من الفعل اللازم ، فلو جعل التفضيل للمفعول لبقي الفاعل مع كونه مقصودا في الكلام وأكثر وأعمّ من المفعول خاليا عن معنى التفضيل ، وهو خلاف القياس ، وترك الأولى لاستلزامه أن يبقى كثير من الأفعال بلا تفضيل كذا نقل عن سيبويه. اه فلاح.
2- قوله : (ونحو أشغل) مع ما عطف عليه من وأعطاهم وأولاهم وأحمق مبتدأ خبره قوله : شاذ ، وقوله : ولا يجيء لتفضيل المفعول ، ولا من المزيد فيه ، ولا من العيوب ، وكان يرد على كل واحد من هذه المذكورات النقض ، أمّا على الأول فلأن دعوى عدم مجيء أفعل التفضيل من المفعول غير صحيح إذ قد جاء في كلامهم : لذلك يقال : هذا أشغل من ذات النحيين ، فأشغل أفعل التفضيل بمعنى المفعول ، فالمعنى هذا أكثر مشغولا من ... إلخ ، وأما على الثّاني والثّالث فقد تحقق مجيء أفعل التفضيل من المزيد فيه نحو قولهم أعطاهم الدنيا وأولاهم فإن كلا من أعطى وأولى أفعل التفضيل من باب الإفعال ، ومن العيوب كقولهم : هذا أحمق من هبنقة فلا مجال لما قال المصنف : ولا يجيء من المزيد فيه ، ولا من عيوب ، أشار إلى الجواب عن هذا الإيراد بقوله : و «نحو أشغل» إلى قوله : «شاذ» ، على نهج ترتيب الاعتراض كما لا يخفى فافهم. اه من الشروح. قوله : (أشغل ... إلخ) قصته عن أبي عبيدة في المثل أشغل ... إلخ ، وهي امرأة اسمها ربيعة من بني تيم بن عدي بن ثعلب حضرت في أيام الجاهلية سوق عكاظ وهو قريب من مكة ومعها نحيان من السمن لتبيعهما فذهب بها خوات بن خبير الأنصاري في جهالة إلى مكان خال ليبتاعهما منها ففتح أحدهما وذاقه ودفعه إليها فأمسكته بإحدى يديها ، ثم فتح الآخر ففعل به ما فعل بالأول ، ثم غلبها وجامعها فوطئ بها ، وهي لا تقدر على دفعه من نفسها لحفظها في النحيين وشغلها على سمن ، فلما قام وفرغ عنها قالت : لا هناك ، فهرب خوات فضرب بها المثل فيمن شغل ببلاء يصعب دفعه ، أي : وقع فيه. اه

من ذات النّحيين ، لتفضيل المفعول ، وهو أعطاهم (1) وأولاهم ، من الزوائد ، وأحمق (2) من هبنّقة (3) ، من العيوب شاذ.

ويجيء الفاعل (4) على : «فعيل» نحو : نصير ، وقد يستوي (5) فيه المذكر والمؤنث لكن لا مطلقا ، بل إذا (6) كان بمعنى المفعول ، نحو : قتيل ، وجريح ،

ص: 139


1- أصله أعطى فزيدت همزة التفضيل فاجتمعت الهمزتان فحذفت إحداهما وهذا على خلاف القياس ولكنه جائز عند سيبويه في جميع الأفعال التي ماضيها على وزن أفعل ؛ لأنه ليس فيه إلا حذف إحدى الهمزتين وهو جائز كما تقول في مضارع متكلم : أفعل نحو أكرم أصله أأكرم للمتكلم ، والثّانية هي المزيدة فحذفت الثّانية ، وقال الأخفش : هذا سماعي لا يجوز إلا ما جاء من العرب. اه عبد الحكيم.
2- قوله : (وأحمق ... إلخ) فإن قلت : لم حكمت أن أحمق ههنا لتفضيل الفاعل فلم لا يجوز أن يكون صفة مشبهة؟. قلت : استعماله بمن يدل على أنه للتفضيل. اه فلاح.
3- قوله : (هبنقة) قصته أن ذلك لقب رجل يقال له : ذو الودعات ، واسمه يزيد بن شروان جد بني قيس بن ثعلبة وكان يضرب به المثل في الحمق ، ومن جملة حمقه أنه علق بعنقه قلادة من ودعات أي : خرزات مختلفة الألوان فقيل له : لم علقت هذه بعنقك ، قال : لأعرف نفسي من بين الناس ، فسرقها أخوه منه وعلقها بعنقه ، فلما أصبح ورأى أخاه قد علق تلك القلادة بعنقه فضحك وقال : يا أخي أنت أنا ، فمن أنا. اه مولوي عبد الحكيم.
4- ولما فرغ من بيان صيغة الفاعل القياسي مع ما يتعلق به من الصفة المشبهة وأفعل التفضيل شرع في الفاعل الغير القياسي فقال : ويجيء ... إلخ. اه ف.
5- قوله : (قد يستوي ... إلخ) ما دام جاريا على الموصوف بوقوعه صفة أو حالا أو خبرا أو مفعولا ثانيا ، وأما إذا قطع عن موصوفه فإنه يفرق بين المذكر والمؤنث بالتاء يقال : مررت بقتيل بني فلان وبقتيلة فلان. اه مولوي رحمه ربه.
6- وإذا كان بمعنى فاعل يفرق بالتاء نحو كريم وكريمة ؛ وذلك لأن فعيلا بمعنى فاعل أقرب إلى الفعل من فعيل بمعنى مفعول في الرتبة ؛ لأن الفاعل كالجزء من الفعل ، فكذا في الاستعمال ، والفعل يذكر إذا كان الفاعل مذكرا ويؤنث إذا كان مؤنثا بخلاف المفعول فإنه فضلة لا يوافق الفعل. فإن قلت : كلمة إذا للشرط فأين جزاؤه؟. قلت : جزاؤه محذوف والدليل عليه قوله : ويستوي ... إلخ أو يقال : كلمة الشرط إذا كانت بحيث يدل ما قبله على الجزاء يجرد عن معنى الشرط ويكون للوقت. اه حنفية.

فرقا (1) بين الفعيل بمعنى الفاعل (2) والمفعول ، إلا إذا جعلت الكلمة من أعداد (3) الأسماء ، نحو : ذبيح وذبيحة (4) ، ولقيط ولقيطة (5).

وقد يشبّه (6) به ما هو بمعنى فاعل ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف : 56].

ص: 140


1- قوله : (فرقا ... إلخ) يعني لو لم يستو بين المذكر والمؤنث بل فرق بينهما بالتاء فقيل : مررت بامرأة قتيلة لم يعلم أنها بمعنى قاتلة ، أو بمعنى مقتولة ، وأمّا إذا ترك التاء في فعيل بمعنى مفعول في المؤنث علم أنها بمعنى الفاعل ، وإذا قيل : بامرأة قتيلة علم أنه بمعنى المفعول فلم يلتبس أحدهما بالآخر. فإن قيل : لم لم يعكس الأمر؟. أجيب : بأن الفاعل أصل بالنسبة إلى المفعول والفرق بالتاء أيضا أصل فأعطي الأصل للأصل. اه أحمد رحمه الله.
2- قوله : (بمعنى ... إلخ) ضابطته إن أردت أن تعرف أن الفعيل بمعنى الفاعل أو المفعول فانظر إلى فعل الماضي فإن كان متعديا فالفعيل بمعنى المفعول كالقتيل بمعنى المقتول ، وإن كان لازما كان بمعنى الفاعل نحو كريم وظريف ، وهذا أصل مطرد في جميع المواد حتى لا يتخلف عنه أصلا إلا نادرا. اه منه رحمه الله.
3- قوله : (من أعداد ... إلخ) والمراد من كون الكلمة من أعداد الأسماء أن لا يعتبر وصفيته بل جعل كأنه اسم لشيء كالأسماء الجامدة. اه ف.
4- قوله : (ذبيحة ... إلخ) فالذبيح يستعمل كثيرا اسما لما يذبح من الشاة والإبل فغلبت الاسمية على الوصفية فصار كأنه اسم لا وصف ، فلذلك لا يستوي فيه المذكر والمؤنث بل يفرق بالتاء ، كما لا يستوي في سائر الأسماء الجامدة. اه ف.
5- قوله : (لقيطة) واللقيطة اسم أيضا لما يلتقط ، في الصحاح : اللقيط منبوذ يلتقط ، والمنبوذ الصبي تلقيه أمه في الطريق ، فلما غلبت الاسمية وجب الفرق بالتاء كسائر الأسماء. اه شمس الدين.
6- قوله : (وقد يشبه ... إلخ) أفاد بهذا القول دفع ما توهم من قول المصنف : فرقا بين الفاعل والمفعول ، أن الفعيل بمعنى الفاعل يفرق فيه بين المذكر والمؤنث كما هو الظاهر فهذا لا يساعد قوله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف : 56] ، فإن قريبا بمعنى فاعل محمول على رحمة الله التي هي مؤنث ؛ لكونه مصدرا ذا التاء والغالب فيه التأنيث كما عرف في النحو بما حاصله : إن هذا قليل لا اعتداد له ، ويومئ إليه بكلمة قد التي تفيد التقليل مع التحقيق. اه تحرير.

ويجيء : على «فعول» للمبالغة (1) ، نحو : منوع ، ويستوي فيه المذكر والمؤنث إذا كان بمعنى فاعل ، نحو : رجل صبور ، وامرأة صبور ، ويقال (2) في المفعول : ناقة حلوبة ، وأعطي الاستواء في : «فعيل» للمفعول ، وفي : «فعول» للفاعل طلبا للعدل (3).

ويجيء للمبالغة (4) نحو : صبّار ، وسيف مجزم ، وهو مشترك بين الآلة وبين مبالغة الفاعل ، وفسّيق ، وكبّار ، وطوّال ، وعلّامة ، ونسّابة (5) ، وروّاية ، وراوية (6) ، وفروقة (7) ،

ص: 141


1- سواء كان بمعنى الفاعل أو بمعنى المفعول ، والمراد بالمبالغة التكثير وتكرير أصل الفعل. اه ف.
2- قوله : (ويقال في ... إلخ) فيه قلق فإنه قال الشارح الرضي بعد تفصيل أوزان يستوي فيها المذكر والمؤنث : وأمّا فعول بمعنى مفعول فيستوي فيه أيضا المذكر والمؤنث كالرّكوب والفتوت والجزور ، لكن كثيرا ما يلحقه التاء علامة بالنظر إلى الاسمية لا للتأنيث فيكون بعد إلحاق التاء أيضا صالحا للمذكر والمؤنث هذا لفظه. اه إيضاح.
3- قوله : (للعدل) أي : بين الفعيل والفعول في الاستواء وعدمه ، وهذا التعليل إنما يتم إذا بين أن فعيلا يقدم بناؤه على فعول ، وهو كذلك فإن فعيلا كما يجيء للمبالغة يجيء لمطلق الاتصاف بالفعل من غير مبالغة ، وفعولا لا يدل إلّا على اتصاف بالفعل ؛ لبنائه على المبالغة ، والأول مقدم بالطبع على الثّاني ، والأولى موافقة الوضع لما هو بالطبع وقد مر نظيره في أفعل التفضيل. واعلم أن ذكر كون الفعيل بمعنى المفعول لمناسبة اشتراك الصيغتين بين الفاعل والمفعول ، وإلا لما ذكر المفعول في فصل الفاعل. اه فلاح. ولا يخفى بأن العدل في العكس أيضا ، إلا أن دلائل هذا الفن كان بعد الوقوع ، والحاكم في ذلك هو الواضع فلا إيراد. اه
4- يعني أن أبنية المبالغة على أنواع منها فعّال بتضعيف العين نحو ... إلخ. اه عبد.
5- من الباب الثّاني أي : عالم بالأنساب ، والهاء في الأول للمبالغة في العلم ، وفي الثّاني للمبالغة في المدح ، أي : في مدح من يعلم الأنساب. اه ف.
6- من الباب الثّاني من روى الحديث والشعر والهاء للمبالغة. اه ف.
7- قوله : (فروقة) من فرق والهاء للمبالغة ، فإن قلت : ما معنى كون الهاء للمبالغة في علّامة ونسّابة وفروقة مع أن الصيغة فيها بدون الهاء للمبالغة؟. قلت : بوجهين : أحدهما : أنه إذا أريد إدخال الهاء للمبالغة جردت الصيغة من معنى المبالغة فأدخل الهاء. والثّاني : أن معنى المبالغة لا يكون له حد معين ، فإذا كانت الصيغة للمبالغة وجدت فيها أصل المبالغة ، فإذا أدخل هاء المبالغة عليها زاد المبالغة فيها فيكون الهاء لزيادة المبالغة وهي منها. اه ابن كمال رحمه الله.

وضحكة (1) ، ومجذامة (2) ، ومسقام (3) ، ومعطير (4) ، ويستوي المذكر والمؤنث في التسعة (5) الأخيرة لقلّتهنّ.

أما قولهم (6) : «مسكينة» فمحمول على : فقيرة (7) ، كما قالوا (8) : هي عدوّة

ص: 142


1- منها فعلة بضم الفاء وفتح العين أو سكونه نحو ضحكة. اه ف.
2- أي : كثير القطع وهاؤها للمبالغة كما في فروقة. اه ف.
3- منها مفعال بكسر الميم وسكون الفاء نحو مسقام أي : كثير السقم ، وهذا البناء للآلة أيضا نحو مفتاح ومقراض كما سيجيء. اه ف.
4- منها مفعيل بكسر الميم والعين وسكون الفاء نحو معطير أي : كثير العطر أي : الطيب ، والستة الأخيرة كلها من الباب الرابع. اه ف.
5- قوله : (في التسعة ... إلخ) وهي من قوله : علامة إلى معطير ، فيقال : رجل علامة ومعطير فالتاء وعدمه سيّان معنى وإن كان للتأنيث لفظا ، وقس عليهما الباقية. اه فلاح.
6- قوله : (أمّا قولهم ... إلخ) ولما توجه أن يقال : إن مسكين لا يستوي فيه المذكر والمؤنث ، بل يقال : امرأة مسكينة مع أنه بوزن معطير ، أجاب بقوله : وأمّا قولهم : مسكينة ... إلخ ، يعني أن فعيلا إذا كان بمعنى الفاعل يفرق بين مذكره ومؤنثه بالتاء كما مر ، وفقير فعيل بمعنى الفاعل فيكون مؤنثه بالتاء ومسكين وإن كان بوزن معطير لكنه نظير لفقير بحسب المعنى فحمله عليه في الفرق بالتاء ، فكما يقال : امرأة فقيرة ، يقال : امرأة مسكينة ، وقد يستعمل على القياس المذكور فيقال : امرأة مسكين كذا في مختار الصحاح. اه فلاح.
7- الفقير من له أدنى شيء والمسكين من لا شيء له ، وقيل : بالعكس ، وقيل : هما من لا شيء له فعلى التفسيرين الأوّلين بينهما تضاد ومن عاداتهم حمل الضد على الضد ، وعلى التفسير الثّاني بينهما مساواة. اه.
8- قوله : (كما قالوا هي ... إلخ) لعل الغرض من هذا التشبيه ، إمّا تنوير جواز حمل أحد الضدين على الآخر كما في الحنفية ، وإمّا دفع ما يتجه بحمل مسكينة على فقيرة بأن وزن مسكين مفعيل للمبالغة ، وفقير فعيل لاسم الفاعل بدونها يدل عليه قول المصنف فيما سبق : ويجيء الفاعل على فعيل ، فإذا حمل مسكينة التي هي مؤنث مسكين على فقيرة تأنيث الفقير ، فقد أبطل ما هو المقصود من وزنه وهو المفعيل وذا ليس بمستحسن ، بما توضيحه أن ما يتجه مقتضى القياس والحمل المسطور قد وجد في الكلام الفصيح فلا يعارضه تدبر اه لمحرره.

الله ، وإن لم تدخل الهاء في : «فعول» الذي للفاعل ، حملا على : صدّيقة الله ؛ لأنه نقيضه (1).

وصيغته من غير الثلاثي على صيغة المستقبل بميم (2) مضمومة وكسر ما قبل (3) الآخر منه ، نحو : مكرم.

واختير الميم لتعذّر (4) حروف العلّة ، وقرب الميم من الواو في كونهما شفويّة (5) ، وضمّ الميم للفرق بينه وبين الموضع (6).

ونحو (7) : «مسهب» للفاعل على صيغة المفعول من : أسهب ، و «يافع» من : أيفع ، شاذّ.

ص: 143


1- لأن الصداقة بمعنى دوست شدن والعداوة بمعنى دشمن شدن. اه ح.
2- قوله : (بميم) حال من قوله : على صيغة المستقبل ، أي : حال كونها حاصلة بسبب وضع ميم مضمومة وبسبب كسر ما قبل الآخر فرقا بينه وبين اسم المفعول ، ووفقا لحركة المضارع في أكثر المواد وما سواه فمحمول عليه ليكون الكل على وتيرة واحدة أي : موافقة. اه جلال الدين.
3- قوله : (وكسر ما قبل الآخر) إن لم يكن مكسورا في الأصل ، وإنما قلنا ذلك ؛ لئلا يرد أن كسر ما قبل الآخر في نحو مكرم غير صحيح ، وإلّا يلزم إعطاء الكسر المكسور فيلزم تحريك المتحرك وهو محال ، إذ لم يسلب الكسر الأول وإن سلب يلزم التطويل بلا طائل تدبر. اه غلام رباني رحمه الله تعالى.
4- قوله : (لتعذر ... إلخ) أمّا الواو فلأنها لا تزاد في أول الكلمة كما مرّ ، ولو قلبت تاء لالتبس بالمضارع المخاطب ، وأمّأ الألف فلأنها لو زيدت التبس بالمضارع المتكلم وحده ، وأمّا الياء فلأنها لو زيدت التبس بالمضارع الغائب إذ يحذف من اسم الفاعل حرف المضارعة. اه أحمد.
5- قوله : (شفوية) فإن قلت : حروف الشفة كثيرة فلم عين الميم بالزيادة من بينهم؟. قلنا : زيادة الميم من بين سائر الحروف موقوف على سماع الاصطلاح لا القياس. اه حنفية.
6- قوله : (الموضع) أي : من الثلاثي المجرد المكسور العين نحو مضرب ، ولم يعكس ؛ لأن الثلاثي أصل والفتح أيضا أصل فاختير الأصل بالأصل تخفيفا ولم يكسر أيضا ، مع أن الكسر خفيف بالنسبة إلى الضم للفرق بينه وبين اسم الآلة. اه ابن كمال باشا.
7- قوله : (ونحو مسهب ... إلخ) جواب سؤال مقدر تقديره أن يقال : إن مسهب بضم الميم وسكون السين المهملة وفتح الهاء اسم فاعل من أسهب ، وهو ثلاثي المزيد فيه ولم يكسر ما قبل الآخر فلا مجال بقوله : وكسر ما قبل الآخر ، وأن يافع اسم فاعل من أيفع الذي هو الثلاثي المزيد فيه والقياس موفع ، فكيف قال : وصيغته من غير الثلاثي على صيغة المستقبل بميم مضمومة ... إلخ ، بأن مجيء ذلك شاذ ، أي : خلاف القياس. اه من المهديه.

ويبنى (1) ما قبل تاء التأنيث على الفتح في نحو : ضاربة ؛ لأنه صار بمنزلة وسط الكلمة ، كما في نون التأكيد وياء النّسبة نحو : كوفيّ ، ويضربنّ ، وعلى الفتح للخفة (2).

* * *

ص: 144


1- قوله : (ويبنى ... إلخ) لما فرغ عن الصيغة المبنية للفاعل المذكر شرع في الصيغة المبنية للمؤنث فقال : ويبنى ... إلخ ، كذا في الحنفية ، ولا يبعد أن يقال : إن المصنف أراد بهذا الكلام دفع ما توهم أن المؤنث فرع للمذكر إذ التأنيث بعد التذكير ، فإن تاء التأنيث في ضاربة مثلا بعد ضارب ولام الكلمة في المذكر مضموم بل قابل للحركات الثلاث باختلاف العوامل ، فالمؤنث ينبغي أن يكون هكذا ليوافق الفرع بالأصل وليس كذلك كما ترى فما ذا يقتضيه بما توضيحه أن ما ذكرت مسلم إلّا أن في المؤنث وجد مانع يمنع كون لام الكلمة مضموما بل قابلا للحركات ... إلخ ، وهو أن ما قبل تاء التأنيث صار بمنزلة ... إلخ. اه لمحرره.
2- قوله : (للخفة ... إلخ) أو لأن تاء التأنيث كلمة أخرى ومن عادتهم أنهم إذا ركبوا كلمة مع كلمة أخرى فتحوا آخر الكلمة الأولى نحو خمسة عشر ، وبعلبك ، فالبعل اسم الصنم وبك اسم مالكه واليوم المجموع اسم بلدة في حدود الشام. اه عصام.

فصل : اسم المفعول

(1)

وهو اسم مشتقّ (2) من : «يفعل» لمن وقع عليه الفعل ، وصيغته من الثلاثي يجيء على وزن : مفعول : نحو : مضروب.

وهو مشتق من : «يضرب» لمناسبة بينهما.

فإن قيل : لم أدخل الميم مقام الزوائد؟.

قلنا : لتعذّر (3) حروف العلة ، فصار : مضربا ، ثم فتح الميم حتى لا يلتبس

ص: 145


1- قوله : (اسم المفعول) مناسبته باسم الفاعل في كون كل منهما صيغة الصفة وتأخيره عنه لكون موصوفه أشرف من موصوفه لتوقف الفعل عليه لا به ، إذ ما من فعل إلّا ويقتضي الفاعل ؛ ولا كذلك المفعول بل يقتضيه بتقدير تعديته ، أو لأنه كالجزء من الفعل ، والمفعول فضلة وجزء الشيء أولى مما هو الفضلة بالنظر إليه كما لا يخفى. اه تحرير.
2- قوله : (مشتق) يشمل جميع الأسماء المشتقات ، وقوله : من يفعل يخرج اسم الفاعل ؛ لأنه مشتق من المضارع المعلوم ، وقوله : لمن وقع عليه الفعل يخرج اسم المكان والزمان والآلة ، ولو لم يخرج الفاعل بالقول الأول يخرج به لكنه أسند خروجه إليه لتقدمه وليستقل كل قيد بإخراج شيء ، لا يقال : لو قال : من المضارع المجهول من يفعل لكان أشمل ؛ لأنا نقول : لم يرد بهذا القيد تخصيص اشتقاق اسم المفعول بالثلاثي ، بل أراد بيان اشتقاقه من المجهول فاتفق هذا اللفظ وأصالته تدبر. اه ، ابن كمال باشا رومي رحمه الله تعالى.
3- فإنه لو زيدت الألف يلزم الابتداء بالساكن وهو متعذر ، ولو همزت يلتبس بالمتكلم وحده من المضارع المجهول ، ولو زيدت الياء ، ثم إن حذف حرف الاستقبال يلزم الالتباس بالمضارع ، وإن لم يحذف يلزم تكرار اليائين الخاليين عن الفائدة في أول الكلمة ، ولو زيدت الواو فزيادتها في أول الكلمة لم تجىء في كلام العرب كما مر. اه حنفية.

بمفعول باب (1) الإفعال ، فصار : مضربا ، ثم ضمّ الراء حتى لا يلتبس المفعول بالموضع ، فصار : مضربا ، ثم أشبعت الضمة لانعدام : «مفعل» في كلامهم بغير التاء ، فصار مضروبا ، والمؤنث (2) محمول عليه.

وغيّر (3) مفعول الثلاثي دون مفعول سائر الأفعال والموضع ، حتى يصير مشابها في التغيير (4) باسم الفاعل ، أعني : غيّر الفاعل من : يفعل ، ويفعل إلى : «فاعل» والقياس : فاعل وفاعل ، فغير (5)

ص: 146


1- لأن مفعول باب الإفعال لكونه يجيء بضم الميم وفتح ما قبل الآخر مثل مكرم ، فلدفع الالتباس فتح الميم ولم يكسر مع أن رفعه يحصل بذلك أيضا إذ حينئذ يلزم الالتباس بالظرف من مكسور العين. اه مهديه.
2- جواب سؤال مقدر تقديره إن يقال : إن المناسب في اسم مفعول المؤنث مضربة بضم الرّاء بدون الإشباع إذ الإشباع في المذكر منه للضرورة التي هي انعدام وزن مفعل في كلامهم بغير التاء ، وفي المؤنث قد انتفى هذه الضرورة لوجود وزن مفعلة في كلامهم كثيرا نحو مكرمة بأن إشباع ضمة الراء في المؤنث حملا له على المذكر لكونه فرعا له. اه لمحرره.
3- قوله : (وغيّر ... إلخ) ولما توجه أن يقال : لم خصّ التغيير باسم المفعول من الثلاثي ؛ لدفع الالتباس دون مفعول باب الإفعال ، والموضع مع أن الالتباس يدفع بتغييرهما أيضا ، أجاب بقوله : وغيره ... إلخ. اه فلاح شرح مراح.
4- قوله : (في التغيير ... إلخ) وتحقيق هذا الكلام هو أن القياس في اسم المفعول من الثلاثي المجرد أن يكون على وزن مضارعه كما في اسم الفاعل ، ويقال : من يضرب مضرب بضم الميم وفتح الراء لكنهم لما أداهم حذف الهمزة في باب الإفعال إلى كون مفعوله مفعل بضم الميم وفتح العين يلزم الالتباس فقصدوا تغيير أحدهما لدفعه ، فغيروا مفعول الثلاثي لما ثبت التغيير في أخيه وهو اسم الفاعل من الثلاثي أيضا دون مفعول باب الإفعال ؛ لعدم التغيير في أخيه وهو اسم الفاعل من هذا الباب أيضا ، والتغيير في اسم الفاعل من الثلاثي من وجهين أحدهما أنه وإن كان كمضارعه في مطلق الحركات والسّكنات لكنه ليس الزيادة فيه في موضع الزيادة في المضارع وهو ظاهر بخلاف فاعل باب الإفعال ، والثّاني الحركات في أكثره ليس كحركة مضارعه كما في مضموم العين نحو ينصر وناصر ، وكما في المفتوح العين نحو يعلم وعالم ، بخلاف الفاعل من باب الإفعال إذ مكرم بوزن يكرم من غير فرق غير أن الميم أقيم مقام الياء ، وهذا الوجه الثّاني هو معنى قوله : أعني غير ... إلخ. اه مولوي أحمد رحمه الله تعالى.
5- قوله : (فغير ... إلخ) والمراد بالتغيير تبديل حركة العين فيهما بحركة أخرى من يفعل ، وأيضا يمكن أن يراد بالتغيير حذف حرف المضارعة فيهما. اه إيضاح.

المفعول أيضا للمؤاخاة بينهما (1).

وصيغته من غير الثلاثي يجيء على صيغة الفاعل إلا (2) بفتح (3) ما قبل الآخر ، مثل : مستخرج.

* * *

ص: 147


1- قوله : (بينهما) أي : بين الفاعل والمفعول من الثلاثي في أنهما مشتقان من المضارع الثلاثي وفي كونها طرفي الفعل طرف الصدور وطرف الوقوع ، وإنما غير مفعل إلى لفظ مفعول ؛ لأنه لو بقي على مفعل بضم الميم وفتح العين لم يعلم أهو اسم مفعول لأفعل أو لفعل ، فغيروا مفعول فعل ليتبين وكان أولى بالتغيير بهذه الزيادة لقلة حروفه في التقدير ، بخلاف الرباعي فإنه أكثر منه تقديرا إذ أصل قولك : مكرم مؤكرم باتفاق ، ولما زادوا واوا فتحوا الميم تخفيفا. اه ابن كمال باشا.
2- اه حل زنجاني.
3- إمّا لفظا أو تقديرا ؛ ليتناول اسم المفعول الذي ليس ما قبل آخره مفتوحا بسبب الإعلال والإدغام مثل مختار ومجاب ومتعد ومحمّر. اه ح.

ص: 148

فصل : في اسمي المكان والزمان

(1) (2)

اسم المكان هو اسم مشتقّ من : «يفعل» (3) لمكان وقع فيه الفعل.

فزيدت (4)

ص: 149


1- قوله : (في اسمي ... إلخ) بلفظ التثنية لكن لما كان اسم كليهما متحدا وحد الاسم. اه جلال الدين.
2- قوله : (المكان والزمان) جمعهما في فصل واحد لتلازمهما في الاشتقاق من الفعل ، أي : كل فعل يؤخذ منه المكان يؤخذ منه الزمان أيضا ، ولاتحادهما في الهيئة والظرفية وغير ذلك. اه حنفية. وإنما اتحدا صيغة ، إمّا لرعاية الأصل إذ المضارع مشترك بين الحال والاستقبال ، وإمّا بأنه لا فعل من أفعال العباد بحيث يوجد معه أحدهما دون الآخر ، فلرعاية تلازمهما اكتفي بصيغة واحدة. اه تبيان. قوله : (من يفعل ... إلخ) اعلم أن المراد منه المضارع مطلقا معلوما كان أو مجهولا ، وإنما قال هذا ولم يقل من المضارع مع أنه أوضح لمناسبة ما سبق في تعريف اسم الفاعل والمفعول من ذكر هذا اللفظ ، وإن كان المراد في الأول المعلوم ، وفي الثّاني المجهول وههنا المطلق فتدبر. اه غلام رباني. قوله : (من يفعل) أي : الفعل المضارع مطلقا ، أمّا الفعل فللتلازم إذ الفعل يقتضي الظرف والمكان حتى لا يتحقق بدونه لأنه ما من فعل إلّا وقد تحقق في المكان ومعه الزمان ، وأمّا خصوص المضارع فللتناسب في الحروف والسّكنات عددا. اه تبيان.
3- قوله : (فزيدت ... إلخ) إشارة إلى كيفية بناء اسم المكان ، وتحقيقه : لما كان الفعل يدلّ على المكان بالالتزام اشتق له بناء من لفظ الفعل جار عليه في السّكنات وعدد الحروف فزادوا ميما في أوله مع أن حروف العلّة أولى بالزيادة ؛ لأن الأصل فيه ظرف وهو مفعول فيه فأجري مجرى المفعول به في إلحاق الميم أوله أمارة عليه ، كما لحقت في المفعول به أمارة عليه. وإنما اشتق من المعلوم دون المجهول كاسم المفعول وإن اقتضت المناسبة في المفعولية ذلك ؛ لأن اسم المكان اسم الذات لا اسم المعنى لم يعمل عمل الفعل فيكون وضعه على الإطلاق ، أي : لا من حيث ملاحظة العمل فاشتق مما هو الأصل ، وتعيين اسم الفاعل للمعلوم واسم المفعول للمجهول باعتبار عملهما. اه فلاح.

الميم كما (1) في : «المفعول» لمناسبة بينهما ، ولم يزد (2) الواو حتى لا يلتبس به.

وصيغته من باب : «يفعل» : مفعل ك : «المذهب» إلّا من المثال ، فإنه منه بكسر (3)

ص: 150


1- قوله : (كما في المفعول) في التشبيه إيماء إلى زيادة الميم المتحركة بالفتح فيه بعد حذف حرف المضارعة كما هو في المفعول ، أمّا وجه حركة الميم فإنه واقع في الابتداء إذ الابتداء ، لا يكون إلّا بالمتحرك ، وأمّا وجه تخصيص الفتح فهو أنه على تقدير الضم يلتبس باسم الفاعل من باب الإفعال إن كان العين مكسورا ، وعلى تقدير الكسرة يلزم الالتباس بالآلة مع أن الفتح أخف الحركات ، فلا جرم اختص الفتحة. اه غلام رباني.
2- قوله : (ولم يزد ... إلخ) جواب ما يقال المناسب زيادة الواو فيه كما في المفعول رعاية للمناسبة بينهما بأنه إنما لم يزد لأجل دفع الالتباس بالمفعول ، وفيه أمّا أولا فلأنّ في زيادة الواو كما يلزم الالتباس فكذا زيادة الميم بالمصدر الميمي ، فينبغي أن لا يزاد كما لا تزاد ثمة. اه حنفية. والجواب بأنه أسهل من الأول فإن اللبس باسم المفعول في الكل بخلاف اللبس بالمصدر الميمي فإنه في البعض ، أعني مفتوح العين ، دون البعض أعني مكسور العين. اه من الإيضاح. وأمّا ثانيا فإن اسم الظرف من غير الثلاثي مطلقا يجيء على زنة اسم المفعول من هذا الباب ، واكتفي ثمة لدفع الالتباس بالقرينة ، فكذا لو التبس بينهما في الثلاثي واعتمد بقرينة لم تلزم القباحة ، فالحقّ في الجواب أن يقال : بأن حق المناسبة باسم المفعول قد أدى بزيادة الميم المفتوحة في الأول من المضارع بعد حذف حرفه ولا يلزم رعاية حق مناسبته في الأمور كلها ، وأيضا عدم إيراد الأول لرعاية الأصل الذي هو المضارع. اه تبيان.
3- قوله : (بكسر العين) وإنما يكون بكسره ؛ لأن الخروج من حروف العلّة إلى الكسرة أخف من الخروج من حروف العلة إلى الضمة أو الفتحة فإن كسر العين في موعد خفيف من ضمته وفتحته باللسان ، ولا يخفى أن في كسر العين يلزم الخروج من الضمة إلى الكسرة إذ الواو ولد من ضمتين وهذا أثقل ؛ لأن الواو الساكن في حكم الميت ؛ أو لأن الظرف مأخوذ من المضارع وكونه مكسور العين في المثال أكثر من كونه فيه مضموما أو مفتوحا فكسر عين اسم الظرف في المثال لتبعية الكثير وما جاء منه مفتوح العين أو المضموم فمحمول عليه طردا للباب وإتباعا للقليل الكثير. اه تبيان.

العين نحو : الموجل ، حتى لا يظنّ أن وزنه : فوعل (1) ، مثل (2) : «جورب» لأنه ليس من اسم المكان والزمان ، ولا يظنّ (3) فوعل في الكسر ؛ لأن : «فوعلا» (4) لا يوجد في كلامهم.

ص: 151


1- قوله : (فوعل) بفتح الفاء والعين زعما أن الميم من نفس بناء الكلمة لا زائدا عليه فيلزم أصالة الميم وزيادة الواو ، وليس كذلك فتركت الفتحة. وفيه أن المظن إمّا المتتبع لكتب القوم وإمّا غيره ، فمن إرادة الأول لا مجال لظن أصالة الميم ثمة أصلا لسقوط الميم من المصدر وأكثر أمثلة الاشتقاق ، ومن إرادة الثّاني فهو يظن أيضا في حال الكسرة بأن وزنه فوعل بالكسر ؛ لأن عدم وجدان زنة فوعل بالكسر يعلم بعد التتبع لا قبله ولا تتبع له تأمل ليظهر لك الحق. اه من التبيان.
2- قيل على هذا ينبغي أن يكسر عين الظرف في غير المثال أيضا مطلقا سواء كان مضارعه مفتوح العين أو مضموم العين فإن بفتحه ثمة كمفعل أيضا يظن أن وزنه فوعل ؛ إذ مفعل مثله في الحروف والحركات والسّكنات عددا إلّا أن يقال : هذا الظن في غير المثال بعيد جدا ، إذ المعهود أن الزنة يتبع الموزون وحرف العلّة لم تكن في الموزون من الصحيح ، فكيف في وزنه ، وفي الأجوف وإن تحققت إلّا أنه في مقابلة العين ، بخلاف المثال فإن حرف العلّة في الظرف فيه مقام فاء الكلمة كذا قيل. اه تحرير.
3- قوله : (ولا يظن) جواب ما يقال : بأنه كما يظن بفتح عين ظرف المثال أن وزنه فوعل فكذا للظان أن يظن في كسر عينه في المثال كونه زنة فوعل بكسر العين بأنه لا يظن ... إلخ. اه عصام.
4- قوله : (لأنّ فوعلا ... إلخ) وهذا الدليل ليس بسديد ؛ لأن المكان من الفعل الصحيح مثل المذهب قد يظن أن وزنه فعلل مثل جعفر وهو ليس بمكان مع أنه لم يكسر بل أبقي على حاله ، والأولى ما ذكره المحققون من أنهم كسروا العين في معتل الفاء ؛ لأن الكسر مع الواو أخف من الفتح معه ؛ لأن موعدا وموجلا بالكسر أخف من موعد وموجل بالفتح ، وذلك لما قيل من أن المسافة بين الفتحة والواو منفرجة بخلاف الكسر مع الواو ، لا يقال : الفتح أخف الحركات ، والكسر ثقيل فاستعمال الأخف مع الواو أخف من استعمال الثقيل معه ؛ لأنا نقول : جاز أن يكون للثقيل مع الثقيل حالة موافقة يصير التلفظ بها يسيرا مما ليس بين الخفيف والثقيل ؛ لجواز كون حالة انفراد الثقيل مغايرة لحالة اجتماعه يعرفه من له ذوق سليم. اه ابن كمال باشا.

ومن باب : «يفعل» مفعل إلّا من الناقص ، فإنه منه يجيء بفتح العين (1) ، نحو :

المرمى ، فرارا عن توالي الكسرات (2) ؛ لأن الياء كسرتان ، والميم مكسورة ، فيصير توالي الكسرات.

ولا يبنى من : «يفعل» (3) : مفعل ، لثقل الضمة ، فقسّم موضعه (4) بين : مفعل ، ومفعل ، فأعطي ل : «المفعل» أحد عشر اسما ، نحو : المنسك ، والمجزر ، والمنبت ، والمطلع ، والمشرق ، والمغرب ، والمسقط ، والمرفق ، والمسكن ، والمسجد ، والمفرق (5) ،

ص: 152


1- قوله : (بفتح العين) مطلقا أي : سواء كان المضارع بكسر العين كيرمي ، أو الفتح كيخشى ، أو الضم كيدعو فالظرف من الأول مرمى ، ومن الثّاني مخشى ، ومن الثّالث مدعى. اه ش.
2- قوله : (عن توالي الكسرات ... إلخ) فإن قيل : إن في رامي ويرمي أيضا توالي الكسرات فعلى ما قلت ينبغي أن يفتح العين فيهما فرارا ... إلخ؟. قلت : كسر العين فيهما لضرورة خوف الالتباس فإنه لو فتحت العين في رام لالتبس بماضي باب المفاعلة ، وكذا في يرمي إن فتحت لاشتبه بيفعل بفتح العين ، وفيه أن في مرمى بفتح العين أيضا يلتبس بالمصدر الميمي ، إلّا أن الالتباس بالمصدر الميمي لقلة استعماله لا بأس به تأمل. اه تبيان.
3- قوله : (ولا يبنى ... إلخ) جواب لما يقال من أنه ينبغي أن يكون الظرف من يفعل مضموم العين بضمة ؛ ليوافق حركته حركة عين المضارع ، بأن عدم ضمته لأجل الثقل. اه تحرير.
4- قوله : (فقسم موضعه) أي : ظرف يفعل معلوما كان أو مجهولا مطلقا ، سواء كان من الصحيح أو المثال أو الأجوف أو المعتل أو المهموز على قسمين أحدهما مفعل بالفتح ، والثّاني مفعل بالكسر ، وجه حصر القسمة بين القسمين ؛ لعدم مجيء مفعل بالضم في كلامهم كما يفصح ذلك من الكتاب بدلائله. اه شرح. قوله : (مفعل) بكسر العين فلا تباين بينه وبين مضارعه إلّا أن الميم المفتوحة تقوم مقام الياء المفتوحة كمضرب من يضرب. اه فلاح. أي : إنما لم يجز أن يكون وزن اسم المكان فوعل مثل جورب ؛ لأن ... إلخ. اه فلاح.
5- لوسط الرأس لأنه موضع فرق الشعر ، قال الفراء : الفتح في كله جائز. اه ف.

والباقي (1) ل : «المفعل» لخفّة الفتحة ، واسم الزمان مثل (2) المكان ، نحو (3) : مقتل الحسين.

* * *

ص: 153


1- من هذه الكلمات من مضموم العين أعطي للمفعل ... إلخ. اه ف.
2- قوله : (مثل المكان) في كل ما ذكرنا من الأحكام لا في تعريفه فيعرف بأنه اسم مشتق من يفعل لزمان وقع فيه الفعل ، وكل مثال يصلح للزمان من غير فرق في الصحيح ومعتل الفاء واللام وكذا في اللفيف. اه فلاح.
3- قوله : (مقتل ... إلخ) وهو يصلح للزمان والمكان وجميع ما ذكره في الثلاثي المجرد ، وأمّا ماعدا الثلاثي المجرد فاسم الزمان والمكان وكذا المصدر الميمي كله منها على وزن اسم المفعول كالمخرج من أخرج ، والمدحرج من دحرج ، وكذا ما عدّ المصنف. اه مولينا أحمد رحمه الله تعالى.

ص: 154

فصل : في اسم الآلة

(1)

وهو اسم مشتقّ من : «يفعل» للآلة (2) ، أي لما يعالج به.

وصيغته : مفعل ، نحو : مضرب (3) ، ومن ثمّ قال الصرفيّون :

المفعل للموضع ، والمفعل للآلة ،

والفعلة للمرّة ، والفعلة للحالة (4)

ص: 155


1- اعلم أن اسم الآلة إنما يجيء في المتعدي من الثلاثي المجرد ولا يجيء من الفعل اللازم وغير الثلاثي المجرد ، أمّا وجه عدم مجيئها في الأول فلأنها واسطة بين الفاعل والمفعول به ؛ لوصول أثره إليه ولا مفعول هناك ، وأمّا في الثّاني فلما مر في اسم التفضيل فتذكر. اه مولوي غلام رباني رحمه الله.
2- قوله : (للآلة) أي : ليدل على الآلة اللغوية للفعل ، وهي ما يستعان به في الفعل كالقلم للكتابة فكأنّه قال : اسم مشتق من يفعل لما يستعان به في ذلك الفعل فكان تعريف الآلة الاصطلاحية بالآلة اللغوية. فلا يتوجه أن يقال : إن تعريف اسم الآلة بالآلة دوري لتوقف معرفة اسم الآلة على معرفة الآلة حينئذ ، وقد يطلق اسم الآلة على ما يفعل فيه كالمحلب بكسر الميم : وهو الإناء الذي يحلب فيه اللبن. اه ابن كمال باشا رومي رحمه الله تعالى.
3- اعلم أن اسم الآلة من الثلاثي الذي فيه علاج وانفعال يأتي على مفعل كمنصر ، ومفعال كمفتاح ، ومفعلة كمكسحة ، فالأولان قياسيان ، والثّالث سماعي ، والمصنف لم يذكر هذا الوزن السماعي لعدم اطلاعه ، وفصل الثّاني عن الأول لعدم شهرته بالنسبة إلى الأول ، فكأن صيغة الآلة منحصرة عنده في مفعل ومن ثم قال الصّرفيون : المفعل للموضع. اه شمس الدين رحمه الله.
4- قوله : (للحالة) أي : لبناء النوع وإنما عبروا عن النوع بالحالة ؛ لأن المراد بالنوع الحالة التي عليها الفاعل عند الفعل تقول : هو حسن الركبة إذا ركب وكان ركوبه حسنا ، يعني أن ذلك عادته في الركوب ، وتقول : هو حسن الطعمة ، أي : إن ذلك لما كان موجودا منه صار حالة له ، ومثله العذرة لحالة وقت الاعتذار ، كذا قيل. اعلم أن معنى قول الصّرفيين : إن الأوزان الأربعة المذكورة تطلق على هذه المعاني الأربعة المذكورة ؛ لأن المعاني الأربعة ينحصر أوزانها في هذه الأربعة ، إذ قد علمت أن وزن الموضع ، إمّا مفعل بفتح العين ، أو مفعل بالكسر وكذا أن وزن الآلة ، إمّا مفعل بفتح العين أو مفعال أو مفعلة ، كما أشرنا إليه ، وكذا أن وزن المرة إمّا فعلة بفتح الفاء ، أو فعلة بكسرها ، أو فعلة بضمها ، وذلك ؛ لأن الفعل الثلاثي الذي يراد بناء المرة منه ، إمّا أن يكون في مصدره تاء كنشدة وكدرة ، أو لا فإن كان الثّاني فالمرة منه على فعلة بالفتح نحو ضربة ، وإن كان الأول فالمرة منه على مصدره المستعمل بلا فرق في اللفظ نحو نشدة وكدرة ، والفارق حينئذ القرائن كنشدة واحدة ، وإذا لم تقيد بمثل الواحد كان مصدرا مستعملا ، وشذ قولهم : أتيته إتيانة ولقيته لقاية ؛ لأنهما من الثلاثي الذي لا تاء في مصدره إذ مصدرهما إتيان ولقاء ، والقياس أتيته ولقيته بفتح أولهما ، وكذا أن وزن النوع إمّا فعلة أو فعلة أو فعلة بالحركات الثلاث ؛ وذلك لأن الفعل الثلاثي الذي يراد به بناء النوع منه ، إمّا أن يكون في مصدره تاء أو لا ، فإن كان الثّاني فالنوع منه على فعلة بالكسر نحو ضربة ، وإن كان الأول فالنوع على مصدره المستعمل أيضا كنشدة وكدرة ورحمة والفارق القرائن كنشدة لطيفة ، هذا إذا كان الفعل ثلاثيا ، وأمّا إذا كان غيره فإن كان في مصدره تاء فالمرة والنوع على مصدره المستعمل ، والفارق القرائن أيضا نحو استقامة ودحرجة واحدة أو حسنة وإن لم يكن فيه التاء فالمرّة والنوع على وزن مصدره مزيدا عليه تاء المرة والنوع نحو انطلاقة واحدة وتدحرجة واحدة أو حسنة. اه شرح كافية التصريف.

وكسرت الميم (1) للفرق (2) بينه (3) وبين الموضع.

ص: 156


1- اه تبيان.
2- قوله : (للفرق ... إلخ) اه تتمة البيان.
3- قوله : (للفرق ... إلخ) ولم يضم بثقله ، ولئلا يلتبس بمفعول باب الإفعال ، ولم يعكس الأمر ؛ لأن الموضع أكثر استعمالا بالنسبة إلى الآلة ، والفتح أخف ، والأخف أولى لما كثر استعماله ، ولأن زيادة الميم في الموضع لمناسبته للمفعول والميم مفتوح فيه فزيد في الموضع مفتوحا فبقي الكسرة للآلة للفرق. اه أحمد. لمجيء الظرف من جميع الأبواب بخلاف اسم الآلة فإنه لا يجيء إلا من الثلاثي المجرد المتعدي. اه تبيان.

ويجيء على وزن : مفعال (1) ، نحو : مقراض ، ومفتاح.

ويجيء مضموم العين والميم معا ، نحو : المسعط (2) ، والمنخل ، والمدهن ، ونحوها ، وقال سيبويه : هذان من عداد (3) الأسماء ، يعني : «المسعط» و «المنخل» اسم (4) لهذا الوعاء ، وليس بآلة ، وكذلك أخواته (5).

* * *

ص: 157


1- ولم يذكر مفعلة مع أن اسم الآلة يجيء بهذا الوزن أيضا لقلته ؛ لكونه سماعيا على ما في الفلاح. اه تحرير.
2- قوله : (نحو المسعط) فإن قيل : المسعط إناء يجعل فيه السعوط ، فالمسعط ظرف ، والظرف لا تكون آلة الشيء ؛ إذ الظرف عبارة عما يوضع الشيء فيه ، والآلة اسم لما يعالج به فيتنافيان فلا يصلح عده من الآلة ، كما جعله المصنف؟. قلت : إن للمسعط اعتبارين فمن حيث إنه يوضع الدواء فيه ظرف ، ومن حيث إنه آلة لإراقة الدواء في الأنف فهو آلة ، فعده من الآلة بالاعتبار الثّاني ، ونظيره الصدف فمن حيث إن الصدف يوضع الدواء فيه ظرف له ومن حيث إنه يصب به ذلك الدواء في الفم أو الأنف أو الأذن آلة له ، وكذا التفصيل في المدهن والمحرضة. اه مهديه.
3- لأن الاسم المشتق من يفعل لم يجئ على وزن مفعل بضم الميم والعين فيكونان من الأسماء الجامدة كسائر الأسماء الجامدة. اه ح.
4- يعني الجاري على الفعل لا يختص بآلة مختصة ، وهذه آلة مخصوصة فلا يقال إلا لآلة جعلت للسعوط ولو جعلت في وعاء الدهن لا يسمى مسعطا بل مدهنا. اه عبد.
5- قوله : (أخواته) أي : كل ما يجيء بضم العين والميم معا كالمدق والمدهن والمحرضة. فإن قلت : ما الفرق بين كون تلك الأشياء أسماء مخصوصة وبين كونها آلة بحسب المعنى؟. قلت : لأن المدهن مثلا إذا جعل اسما لوعاء الدهن لا يصح إطلاقه إلا على وعاء اتخذ في أصل وضعه للدهن سواء كان فيه دهن أو لا ، فلا يصح إطلاقه على وعاء فيه دهن لكنه متخذ لغير الدهن كأوعية الماء مثلا. وإذا جعل آلة يصح إطلاقه على كل وعاء فيه دهن سواء اتخذ له أو لغيره حتى لو كان الدهن في ملعقة أو جلدة أو كاغذة يصح إطلاقه عليها حينئذ كالمفتاح فإنه يصح إطلاقه على كل ما يفتح به الباب من حديد أو خشب أو غير ذلك ، وقس عليه ما عداه مما جاء بضمتين سواء ألحقت فيه تاء أو لا كذا قالوا. اه فلاح.

ص: 158

الباب الثاني : في المضاعف

(1)(2)

ويقال له : «الأصمّ» (3) لشدّته ، ولا يقال له : «الصحيح» لصيرورة أحد حرفيه

ص: 159


1- قوله : (الباب ... إلخ) وإنما قدم هذا الباب على المهموز لقربه من الصحيح بالنسبة إلى المهموز ؛ لأن إبدال حروف العلّة من أحد حرفي المضاعف قليل وتخفيف الهمزة وتليينها كثير شائع حتى كان المهموز كالمعتل في التخفيف والتليين ولما كان مقدما على المهموز وهو مقدم على سائر الأبواب كان مقدما عليها. اه ابن كمال.
2- قوله : (المضاعف) وهو اسم مفعول من ضاعف ومعناه لغة ما يزاد عليه شيء فيصير مثليه أو أكثر ، وأمّا معناه اصطلاحا فهو من الثلاثي والمزيد فيه منه ما كان عينه ولامه حرفين متماثلين كردّ وأعدّ ، ومن الرباعي المجرد والمزيد فيه منه هو الذي فاؤه ولامه الأولى من جنس واحد ، وكذا عينه ولامه الثّانية من جنس واحد ، نحو زلزل وتزلزل فتعريفا القسمين يشملان الصحيح والمعتل نحو مدّ وحيّ وزلزل وولول ، ومثل (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) [البقرة : 16] ، لا يسمى مضاعفا بل يسمى مدغما ، وكذا مثل الرحمن ومثل عليّ وإليّ وكذا كل كلمة اجتمع فيها حرفان من جنس واحد ، ولكن ليس شيء منهما عينا ولا لاما نحو اجلوذّ ، أو كان أحدهما لاما والآخر لا يكون عينا ، أو بالعكس نحو إحمرّ واحمارّ واقشعرّ ونحو قطّع. واعلم أن المضاعف من الرباعي يسمى مطابقا بفتح الباء أيضا لتطابق بعض حروفه لبعضه ؛ لأن فاءه مطابقة للامه الأولى ، وعينه مطابقة للامه الثّانية ، ولم يمكن فيه الإدغام للفصل بين الاثنين. اه فلاح مختصرا. والسر في ترك تعريفه الاكتفاء بشهرته إذ كل أحد عالم بأن المضاعف ما اجتمع فيه حرفان من العين واللام من جنس واحد فكان مشابها بالبديهي ، والبديهي غير مفتقر إلى التعريف. اه تحرير.
3- قوله : (الأصم) وهو من به وقر في الأذن فلا يسمع الصوت الخفي فيحتاج إلى شدة الصوت ، والمضاعف أيضا يحتاج إلى شدة الصوت ؛ لعدم إمكان النطق به عند الصوت الخفي ، فمعنى قوله لشدته : لشدة المضاعف عند النطق به. وأيضا المضاعف لا يتحقق إلا بتكرير الحرف الواحد كما أن الأصم لا يسمع الصوت إلا بتكريره ، وأيضا الأصم : الحجر الصلب المصمت ، أي : الحجر الشديد الذي لا جوف له ولا فرجة فيه ، بل هو مملوء مشدد جدا ، والمضاعف لما كان مدغما ومشددا يسمى به ، وهذا الوجه أوفق لقوله : لشدته ، ويقتضي أن لا يسمى المضاعف من الرباعي اسم ، وعذره أنه يكفي في التسمية بهذا الاسم للمضاعف مطلقا تحقق سبب التسمية في بعض منه ومثل ذلك شائع كثير ، وربما يلتزم بأن المضاعف من الرباعي لا يسمى أصمّ ، كما أن المضاعف من الثلاثي لا يسمى مطابقا. اه شمس الدين رحمه الله.

حرف علّة في نحو : تقضّى (1) البازي.

وهو يجيء من ثلاثة أبواب (2) ، نحو :

سرّ يسرّ.

وفرّ يفرّ.

وعضّ يعضّ.

ص: 160


1- أي : انقض أصله تقضّض من باب تفعّل فاجتمع فيه الضّادات فاستثقلوا ذلك فقلبوا الأخيرة ياء ، ثم أبدلت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وإنما خص الأخيرة بالإبدال ؛ لأن الثقل إنما نشأ منها فهي أجدر بذلك ، أو لأنها لام الفعل وهي محل التغيير ، والإبدال نوع منه فيكون اللام أجدر به ، لا يقال : إن حرفي التضعيف باقيان على أصلهما حينئذ إذا الضّاد في تقضّى مشددة ، لأنا نقول : إنّ حرفي التضعيف عين الكلمة ولامها والمقلوب ههنا هو لام الكلمة وأما أولى الضّادين الباقيين فعين الكلمة والأخرى زائدة. واعترض على قوله : لصيرورة أحد حرفيه حرف علّة ، بأن إبدال أحد حرفيه بحرف علّة شاذ مع أنه لا يقتصر على المضاعف بل يجري في الصحيح أيضا كالسادي والثالي والثعالي والأناسي والضفادي ، فينبغي أن لا يقال للصحيح صحيح أيضا ، وأجيب عنه بأن هذا الإبدال في المضاعف كثير شائع يكاد أن يكون قياسا بخلاف الصحيح فافترقا ، لكن الحكم بكثرته في المضاعف وقلته في الصحيح لا يخلو عن قلق ما لم يبين ، والأولى أن يقال : إنه لا يقال له صحيح ؛ لأنه لا يخلو عن شدة وثقل لا يوجد في فرد من أفراد الصحيح ، ولأنه لا يخلو عن إبدال وإدغام وحذف أو تكرار ، وهذا المجموع لا يوجد في الصحيح. اه من الشروح.
2- وهي التي تسمى دعائم الأبواب لاختلاف حركاتهن في الماضي والمستقبل وكثرتهن ، ودليل الانحصار في هذه الثلاثة الاستقراء. اه ف.

ولا يجيء (1) من : «فعل يفعل» إلا قليلا ، نحو : حبّ يحبّ (2) ، فهو حبيب ، ولبّ يلبّ ، فهو لبيب.

فإذا اجتمع فيه (3) حرفان من جنس واحد أو متقاربان في المخرج يدغم (4) الأول (5)

ص: 161


1- جواب عما يتجه أن حصر مجيء المضاعف من ثلاثة أبواب كما أفاده المصنف بقوله : وهو يجيء من ثلاثة أبواب ، غير صحيح لمجيئه من فعل يفعل بضم العين فيهما أيضا ، بأن مجيئه من فعل يفعل بضم العين فيهما نادر والنادر كالمعدوم فلا عبرة له ، فالحصر صحيح في الثلاثة. اه تحرير.
2- أصله حبب يحبب بضم العين فيهما ثم أسكنت وأدغمت ، والدليل عليه أن يبنى فاعله على فعيل ؛ لأن فعيلا إنما يجيء من مضموم العين فيهما ، وإليه أشار بقوله : فهو حبيب كذا قيل ، وفيه ضعف إذ الحبيب بمعنى المحبوب ، ولو سلم فلا يختص فعيل بهذا الباب بل يجيء منه غالبا. اه ف.
3- قوله : (فإذا اجتمع فيه ... إلخ) فإن قيل : الضمير في قوله : فيه إمّا أن يرجع إلى المضاعف أو إلى مطلق اللفظ لا سبيل إلى شيء منهما ، أمّا إلى الأول فلأن المضاعف عبارة عما يجتمع فيه الحرفان لا غير فلا معنى لقوله : فإذا اجتمع ... إلخ ؛ إذ يوهم أن المضاعف يجوز أن لا يجتمع فيه الحرفان وهذا خلف ، وأمّا الثّاني فلأن مطلق اللفظ ليس بمذكور فيما تقدم حتى يرجع إليه؟. والجواب : أن الضمير راجع إلى مطلق اللفظ ؛ لكونه مفهوما من سياق الكلام ، فلا بأس بذلك كما في قوله تعالى : (وَلِأَبَوَيْهِ) [النساء : 11] الآية ، أي : الميت مع أنه لم يذكر سابقا عليه ، فيكون المرجع مذكورا حكما. اه حنفية.
4- قوله : (يدغم الأول ... إلخ) الإدغام هو الإدخال لغة يقال : أدغمت اللجام في فم الفرس إذا أدخلته فيه ، فالأول يسمى مدغما لإدغامك إياه ، والثّاني مدغما فيه لإدغامك الأول فيه ، والمراد بإدغامه فيه إيراده معه بلا فصل لا الإدخال حقيقة ، إذ لا يتصور إدخال حرف في حرف حقيقة. اه مولوي جلال الدين رحمه الله تعالى.
5- أي : يجوز إدغام الأول في الثّاني أي : لا يجب ترك الإدغام ، سواء وجب الإدغام كما في مدّ ، أو لا نحو : (أَخْرَجَ شَطْأَهُ) [الفتح : 29]. اه مولوي. قوله : (يدغم الأول) واعترض بأن هذه الضابطة صادقة على صحراء ؛ لأن أصله القصر فزيدت الألف توسعا ، فالتقى ألفان أولاهما ساكنة وثانيتهما متحركة ، فقد يصدق عليه أنه اجتمع الحرفان المتجانسان مع الإدغام لا يجوز فيه فلو قال : إلا أن يكونا ألفين لكان أصوب ، والجواب أن المصنف اكتفى بالمثال عن ذكرهما نحو مد ... إلخ اه. حنفية باختصار.

في الثاني لثقل (1) المكرّر ، نحو : مدّ مدّا مدّوا ... إلخ ، ونحو : (أَخْرَجَ شَطْأَهُ) [الفتح : 29] ، و (قالَتْ طائِفَةٌ) (2) [آل عمران : 72].

والإدغام (3) : إلباث (4) الحرف في مخرجه مقدار إلباث الحرفين ، كذا نقل عن

ص: 162


1- قوله : (لثقل المكرر) وذلك لأنه إذا اجتمع في كلمة واحدة حرفان متجانسان ولم يدغم الأول في الثّاني ينتقل اللسان من مخرج الحرف ثم إلى هذا المخرج مرة أخرى نحو قوول ومدد ، فاستثقلوا أن يزيل ألسنتهم عن شيء ثم يعيدها إليه إذ في ذلك كلفة في اللسان ومشقة ، يشبه مشي المقيد الذي يضع إحدى قدميه في الموضع ويرفع عنه الأخرى وهو شاق لمخالفته المألوف ، فإذا أدغم زال ذلك الثقل فإن النطق بالحرفين يكون دفعة واحدة بعد الإدغام فإنهما يصيران بتداخلهما كحرف واحد فيرتفع من اللسان عنهما دفعة واحدة شديدة نحو مدّ ... إلخ. وإذ قد علمت سبب إدغام المتجانسين فقس عليه في المتقاربين إذ مخرجهما وإن كانا متقاربين في نفس الأمر لكن بعد انتقال اللسان مخرج أحدهما إلى مخرج الآخر ، كانتقال من مخرج ثم إليه لقربه منه ومقارنته له نحو اذدكر ، لكن إذا أدغم فلا بد من تماثل بقلب أحدهما إلى الآخر ، والقياس قلب أولهما إلا أن يعرض عارض كما سنذكره إن شاء الله تعالى. اه ابن كمال.
2- قوله : (وقالت ... إلخ) مثالان لإدغام الحرفين المتقاربين فإن الجيم متقارب الشين مخرجا ، وكذا التاء إلى الطاء ، وأنت تعلم أن الحرفين المتجانسين إذا كانا في كلمتين نحو (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) لا يسمى شيء من الكلمتين ولا مجموع الكلمتين مضاعفا ، فضلا عن المتقاربين في كلمتين فتمثيل المتقاربين في المخرج بهذين المثالين لا يلائم قوله : فإذا اجتمع فيه حرفان ... إلخ. إذ الضمير البارز في فيه راجع إلى المضاعف. اه فلاح.
3- وهو في اللغة إدخال الشيء في غيره يقال : أدغمت اللجام في فم الفرس ، إذا أدخلته فيه ، وقد قصره أئمة العربية على إدخال الحرف في مثله أو متقاربه ، وتعريف صاحب الكشاف بأنه إلباث ... إلخ تعريف باللازم ؛ لأن المدغم والمدغم فيه حرفان في اللفظ حقيقة لا حرف واحد قد ألبث في مخرجه مقدار إلباث الحرفين ، لكن باعتبار أن الحرف إذا أدخل في مثله ونطق معه دفعة كان كأنه نطق بحرف واحد ، لكنه بإلباث في مخرجه مقدار إلباث الحرفين ، وإن كان الملفوظ في الحقيقة حرفين ، وهذا غاية ما يتكلف في توجيه هذا التعريف. اه ابن كمال باشا.
4- قوله : (والإدغام إلباث ... إلخ) وليس هذا التفسير في المفصل ولعله وجده في كتاب آخر ، وأراد به أن الإدغام إلباث الحرف المشدد في مخرجه بحيث لا يصير الساكن معدوما محضا قريبا من إلباث الحرفين بالتخفيف ، بحيث لا يكون مثلهما بلا تفاوت ، ولا شك أن مد بالإدغام قريب من مدد بغيره ؛ لأن المدغم والمدغم فيه أيضا حرفان إلا أنه لكمال اتصال الأول بالثّاني يصح أن يتكلم بهما دفعة واحدة خفيف بالنسبة إلى ما ليس بهذه المثابة ، وإنما قال : إلباث الحرف مع أن المدغم والمدغم فيه حرفان نظرا إلى المكتوب فإنه حرف واحد في غالب الأمر ، ويحتمل أن يراد به الحرف المشدد على أن يكون اللام للعهد ، فعلى هذا لا يرد ما أورده الشارح : من أن الإدغام لو كان كذلك لكان الثقل باقيا بحاله مع أنّ المطلوب منه التخفيف ، ومن أنه إذا مدت المدة مقدار الحرفين مثل السماء وغيره والوجه ظاهر. اه إيضاح.

جار الله وقيل : إسكان (1) الأول وإدراجه (2) في الثاني.

المدغم :

والمدغم فيه حرفان في اللفظ ، وحرف واحد في الكتابة (3) ، وهذا في المتجانسين ، وأما في المتقاربين فحرفان في اللفظ والكتابة (4) جميعا ، ك : الرّحمن.

ص: 163


1- وإنما أسكن الأول ليتصل بالثّاني إذ لو حرك لم يتصل به لحلول الفاصل وهو الحركة ، وأمّا الثّاني فلا يكون إلا متحركا ؛ لأن الساكن كالميت ولا يظهر نفسه فكيف يظهر غيره كذا قالوا. اه شمس الدين رحمه الله تعالى.
2- قوله : (وإدراجه) يقال : أدرجت الكتاب ، أي : طويته ، لا يقال : إنّ قوله إسكان الأول غير شامل لنحو مد مصدرا فإن أصله مدد بسكون الأول فلا يمكن إسكانه إذ إسكان الساكن محال ؛ لأنا نقول : لما وجب إسكان المتحرك للإدغام علم أن ابتداء الساكن بحاله بطريق الأولى ، فمعنى قوله : إسكان الأول إسكانه إن كان متحركا ، وإبقاؤه إن كان ساكنا. اه أحمد رحمه الله تعالى.
3- إذا كانا في كلمة ؛ لأنهما إذا كانا في كلمتين كانتا حرفين في الكتابة أيضا ، نحو : (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) [البقرة : 16] ، و (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) [البقرة : 60] ، ونحو : الرحمن ، والليل ، واللفظ ، والله ، واللام ، وأمّا نحو : للفظ ، ولله ، وللحم فقد اجتمع فيه أمثال أحدها فاء الكلمة ، وثانيها لام التعريف ، وثالثها لام الجارة ، فأدغم لام التعريف في فاء الكلمة وجعلا حرفا واحدا في الكتابة وإن لم يكونا من كلمة واحدة ، كراهة اجتماع ثلاث لامات ، كتابة ، وتنزيلا للخارج منزلة الداخل بالقياس إلى لام الجارة. اه فلاح.
4- إذا كانا في كلمتين كذا في الفلاح إنما قلنا ذلك ؛ لئلا يرد ما قيل : إن هذا منقوض على اصّبر واظّلم فإن فيهما إدغام المتقاربين وليسا حرفين في الكتابة بل حرف واحد. اه لمحرره.

واجتماع الحرفين على ثلاثة أضرب :

الأول : أن يكونا متحركين ، يجوز فيه الإدغام إذا كانا في كلمتين نحو : (مَناسِكَكُمْ) [البقرة : 200] ، وأما إذا كانا في كلمة واحدة فيجب (1) فيه الإدغام ، إلا في الإلحاقيات ، نحو : قردد ، وجلبب ، حتى (2) لا يبطل الإلحاق ، والأوزان التي يلزم فيها الالتباس (3) ، نحو : صكك ، وسرر ، وجدد ، وطلل ، حتى لا يلتبس (4)

ص: 164


1- قوله : (فيجب ... إلخ) والعلّة في وجوبه أنك إذا قلت : مد ، ونطقت بالحرفين دفعة واحدة كان أخف من قولك : مدد بإظهار الحرفين وهذا مما لا يستراب فيه ولأن زمان الحركة بحرف المدغم أقل من زمان الحركة بالحرفين المظهرين ، وما قل زمانه أخف مما طال ، كذا حققه ابن الحاجب. وأمّا قولهم : ضبب البلد إذا كثر ضبابها ، وقطط شعره إذا اشتد جعودته بفك الإدغام فيهما فشاذ جيء به لبيان الأصل. اه شمس الدين.
2- قوله : (حتى ... إلخ) يعني : أن الإلحاق صناعة لفظية يلزم فيها المساواة بين الملحق والملحق به حروفا وحركات وسكونا فلو أدغم الملحق زالت المساواة المذكورة وبطل الإلحاق ، وإنما قلنا : إنه صناعة لفظية ؛ لأن الغرض من الإلحاق أن يعامل الملحق معاملة الملحق به في الجمع والتصغير وغير ذلك من التصاريف اللفظية ، فيقال : مثلا قرادد وقريدد كما يقال : جعافر وجعيفر ، ولا شك في أنه حكم لفظي لا تعلق له بالمعنى فلو أدغم فات موازنة الملحق به فلا يعامل معاملته فيبطل غرض الإلحاق. اه أحمد.
3- إذا أدغم فإنه لا يدغم فيها ، مع أنه اجتمع فيها حرفان متحركان متجانسان. اه ف. بأوزان أخر عند الإدغام ، والمراد بالأوزان : الموزونات ، فلا يرد أن المذكور من اتحاد الأوزان بقوله : صكك ... إلخ موزونات لا الأوزان. اه جلال الدين.
4- قوله : (حتى لا يلتبس ... إلخ) فإن الالتباس ممتنع ؛ لأن الغرض من وضع الألفاظ الإفهام والالتباس يخله. فإن قيل : الإدغام في نحو اقتتل جائز مع أنه يلزم الالتباس بماضي التفعيل؟. قلنا : ليس هذا من باب الالتباس بل من باب الاشتباه فإنه يرتفع بأدنى الالتفات ، فإن قتّل يعلم من المضارع وغيره أن أصله اقتتل فلا التباس فيه. فما قيل : من أن الإدغام جائز في نحو اقتتل وجوازه يستلزم جواز الالتباس فينبغي أن يجوز ، فليس بشيء ، وكذا ما قيل : من أن الالتباس لا يمنع الإدغام في الفعل ؛ لأنه يرتفع في بعض الصور باتصال الضمير المرفوع ، وفي البعض بالمضارع ، وفي البعض بصيغة الأمر على أنه منع الإعلال فيه كما في رميا ، فكيف لا يمنع الإدغام. اه مولوي جلال الدين رحمه الله تعالى.

ب : صكّ ، وسرّ (1) ، وجدّ ، وطلّ.

ولا يلتبس (2) في مثل : ردّ ، وفرّ ، وعضّ ؛ لأن : «ردّ» يعلم من : «يردّ» أن أصله : ردد (3) ؛ لأن المضاعف لا يجيء من باب : فعل يفعل ، وفرّ أيضا يعلم من يفرّ أن أصله فرر ؛ لأن المضاعف لا يجيء من : «فعل ، يفعل» وعضّ أيضا يعلم من يعضّ أن أصله عضض ؛ لأن المضاعف لا يجيء من : فعل يفعل.

ولا يدغم (4) : في «حيي» في بعض اللغات (5) حتى لا يقع الضمّ على الياء الضعيف في : يحيى (6) ، وقيل : الياء الأخيرة غير لازمة ، لأنها تسقط (7) تارة ،

ص: 165


1- قوله : (وسر ... إلخ) يعني لو أدغم مثل سرّ لم يعلم أنه جمع سرور أو جمع سرير فإذا لم يدغم زال الالتباس وقس عليه غيره ولم يعكس الأمر مع أنه زال الالتباس به ؛ لأن القسم الثّاني أكثر استعمالا فالخفة أولى به. اه ابن كمال.
2- جواب سؤال وهو أن يقال : إذا لم يجز الإدغام في الأوزان التي يلزم الالتباس فيها يجب أن لا يدغم في مثل ردّ وعضّ للالتباس أيضا إذ لم يعلم أنه مكسور العين أو مفتوح العين ؛ بأن الالتباس يدفع بمضارعهن كما ستعلم. اه مولوي أحمد رحمه الله تعالى.
3- بالفتح ؛ لأن ما يكون عين مضارعه مضموما لا يخلو ، إمّا أن يكون عين ماضيه مفتوحا نحو نصر ينصر أو مضموما أيضا نحو حسن يحسن ، ولا يمكن ههنا أن يكون الماضي مضموم العين أيضا لأن ... إلخ. اه ف.
4- قوله : (ولا يدغم ... إلخ) جواب لما يقال : من أن ما سبق أن المثلين إذا تحركا في كلمة واحدة يجب فيه الإدغام منقوض بحيي فإنه كذلك ولا يجب الإدغام فيه بأن عدم الإدغام لمانع وهو وقوع الضمة ... إلخ. اه مهديه.
5- ويدغم في بعض لكنه جوازا ، والقياس وجوب الإدغام فيه لاجتماع الحرفين المتجانسين المتحركين إلا أن عدمه حتى لا يقع ... إلخ. اه ف.
6- قوله : (في يحيى) يعني أنهم كرهوا وجوب الإدغام فيه ؛ لأنهم لو أدغموا في الماضي لزمهم أن يدغموا في المستقبل أيضا طردا للباب ، وإذا أدغموا في المستقبل لم يكن بد من تحريك الياء بالضم ؛ لأن الياء المدغم فيها لا بد أن يكون متحركا وهو مرفوض عندهم فاستدل بعضهم بهذا الدليل على عدم جواز الإدغام فيه كما ذكره المصنف ، وبعضهم على عدم وجوب الإدغام فجوزوا الإدغام وتركه وكلا النظرين صحيح تدبر. اه فلاح.
7- وبالجملة إن الإدغام للتخفيف ، وفي هذا يحصل التخفيف تارة بحذف الياء ، وتارة بقلبها بالألف ، فلا حاجة إلى الإدغام. اه شرح.

نحو : حيوا (1) ، وتقلب تارة أخرى بالألف ، نحو : يحيا.

والثاني : أن يكون الأول ساكنا ، يجب (2) فيه الإدغام ضرورة (3) ، نحو : مدّ ،

ص: 166


1- قوله : (حيوا) أصله حييوا فأسكنت الياء الثّانية بنقل ضمها إلى الياء الأولى بعد سلب حركتها ، فالتقى ساكنان وهما الواو والياء فحذفت الياء ؛ لأن الواو علامة الجمع فصار حيوا ، وفيه إعلال آخر وهو أنه حذفت ضمة الياء لثقلها على الياء ، فالتقى ساكنان فحذفت الياء لما ذكرنا ، ثم ضمت الياء الأولى لأجل الواو كذا قيل. اه شمس الدين.
2- قوله : (يجب فيه ... إلخ) فيه أن هذه الضابطة صادقة على صحراء إذ أصله صحراء فزيدت الألف توسطا فاجتمع ألفان أولاهما ساكنة وثانيهما متحركة ، مع أن الإدغام لا يجوز فيه ، فلو قال : إلا أن يكونا ألفين لكان أصوب ، ويمكن أن يقال : إن المصنف اكتفى بذكر المثال وهو مدّ عن ذكر الألفين. اه
3- قوله : (ضرورة) أي : اضطرارا ؛ لأن المثلين إذا اجتمعا وكان الأول منهما ساكنا ففيها عمل واحد وهو الإدغام لا غير فيكون الإدغام ضروريا ابتداء بخلاف ما إذا كانا متحركين فإن فيهما عملين إسكان الأول والإدغام. واعلم أن ما ذكره المصنف ليس على إطلاقه بل هو بناء على الغالب ، أو بيان بالنسبة إلى ذات المثلين مع قطع النظر من مانع خارجي ؛ وذلك لأن الهمزتين إذا اجتمعتا لا يدغم إحداهما في الأخرى ، وإن كان الأولى منهما ساكنة لاستثقالهما فيقال : املأ إناه بفك الإدغام أن يكونا عينين فإنهما تدغمان كسأل ورأس ، وهذا معنى قول سيبويه : الهمزتان ليس فيهما إدغام في قولك : قرأ أبواك ، واقرأ إياك ؛ لأنهما لم يقعا موقع العين ، وكذا الألف لا يدغم في مثله ؛ لأنه ساكن ولا يدغم ساكن في ساكن ولو حركت لخرجت عن كونها ألفا ، وأيضا يمتنع الإدغام في الألف مطلقا ، إذ لا يتصور أن يكون مدغمة في شيء من الحروف ، ولا أن يدغم فيها غيرها ، أمّا امتناع كونها مدغمة فلوجوب محافظة ما فيها من اللين ، وأمّا امتناع كونها مدغما فيها فلأن المدغم فيه لا بد أن يكون متحركا والألف لا يكون إلا ساكنا ، وكذا لا تدغم في مثل قوول مجهول قاول ، مع أنه اجتمع فيه حرفان متجانسان أولاهما ساكنة للالتباس ؛ لأنه لو أدغم وقيل : قوّل لم يعلم هل هو فعّل بتشديد العين ، أو فوعل مجهول فاعل فروعي أصلها. وكذا لا يدغم في نحو قالوا وما ، وفي يوم ، وإن اجتمع حرفان من جنس واحد أولاهما ساكنة ؛ لأنهم كرهوا الإدغام فيه لما يؤدي إليه من زوال المد الذي هو من صفتها في هذا المحل لأن الواو والياء من حروف المد وإبقاء المد تخفيف عندهم ، كذا قيل فثبت أن ما ذكره المصنف ليس على إطلاقه. اه ابن كمال باشا.

وهو على وزن : فعل (1).

والثالث : أن يكون الثاني ساكنا ، فالإدغام فيه ممتنع لعدم شرط صحة الإدغام ، وهو تحرك الثاني (2) ، وقيل : لا بدّ من تسكين الأول ، فيجتمع ساكنان ، فتفرّ من ورطة وتقع في أخرى ، وقيل : لوجود الخفة بالساكن مع عدم (3) شرط صحة الإدغام.

ولكن جوّزوا (4) الحذف في بعض المواضع نظرا إلى اجتماع المتجانسين ، نحو : ظلت (5) ، كما جوّزوا القلب في نحو : تقضّى البازي ، وعليه قراءة من قرأ

ص: 167


1- قوله : (وهو على وزن فعل) بفتح الفاء وسكون العين إشارة إلى أن مدا مصدر لا فعل ماض ؛ لأنه لو كان فعلا ماضيا كان الحرفان متحركين فلا يكون من هذا الضرب بل من الضرب الأول بخلاف المصدر. فإن قلت : إن قوله : على وزن فعل لا يفيد الإشارة إلى أن مدا مصدر لا فعل ، بل يحتمل أن يكون العين فيه متحركا وساكنا؟. قلت : يعلم بالإعجام أن عينه ساكنة. لا يقال : لو طرح قوله على وزن فعل واكتفى بقوله : نحو مد يعلم بالإعجام أيضا أن مدا ههنا مصدر ، وأيضا الإعجام يترك كثيرا فلا اعتداد به. لأنا نقول : لو طرح هذا القول واكتفى بقوله : نحو مد لم يلتفت إلى تفقد الإعجام زيادة الالتفات ، فإذا قيل : على وزن فعل يلزم تفقد الإعجام لزوما واضحا فيحفظ ولا يترك ، فيفيد الإشارة المذكورة ومثل ذلك كثير فلا يمكن إنكاره. اه أحمد.
2- وإسكان الأول ليتصل بالثّاني إذ لو حرك لم يتصل بالثّاني ؛ لوجود الفصل بينهما بالحركة وإنما لا بد من تحرك الثّاني ؛ لأنه مبين الأول والحرف الساكن كالميت لا يبين نفسه فكيف يبين غيره. اه جلال الدين.
3- ولما توجه أن يقال لا نسلم أنه يلزم من الإدغام فيما ذكر تحصيل الحاصل ، وإنما يكون ذلك أن لو لم يكن خفة الإدغام أقوى من خفة السكون وهو ممنوع ، فأجاب عنه بقوله : مع عدم. اه ف.
4- قوله : (ولكن ... إلخ) دفع توهم نشأ من كلامه السابق بأنه لما كان الإدغام فيه ممتنعا ينبغي أن لا يجوز حذف أحد الحرفين فيه أيضا ، لاتحاد المقصود من كل من الإدغام والحذف وهو التخفيف بما ترى. اه من العصام.
5- قوله : (ظلت) بفتح الظاء المعجمة وكسرها ، أصله ظللت ، يقال : ظللت بكسر اللام الأولى ظلولا بالضم إذا عملت بالنهار دون الليل فحذفت اللام الأولى تخفيفا ؛ لتعذر الإدغام ، وحذف اللام إما مع حركتها فبقي الظاء مفتوحا وإمّا بعد نقل حركتها إلى ما قبلها وهي الكسرة فيكون مكسورا ، وكذا مست أصله مسست فحذفت السين الأولى إما مع كسرتها أو بعد نقلها إلى ما قبلها ، فيجوز الفتح والكسر في الميم أيضا ، وإنما حذفت الأولى دون الثّانية ؛ لأن الإدغام في الصورة حذف الأولى ، فكأنهم إنما حذفوا ما كانوا يدغمونه ، هذا ما اختاره المصنف ، وبعضهم قالوا : حذف الثّاني أولى ؛ لأن الثقل إنما حصل منه ، وكذا أحست أصله أحسست فحذفت إحدى السينين. اه شمس الدين عفى عنه.

(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : 33] من القرار (1) ، أصله (2) : اقررن (3) ، فحذفت الراء الأولى ، فنقلت (4) حركتها إلى القاف ، فصار : اقرن ، ثم حذفت الهمزة لانعدام الاحتياج إليها ، فصار : قرن.

وقيل : من وقر يقر وقارا.

وإذا قرئ : «قرن» بفتح القاف ، يكون من : قرّ يقرّ (5) بالمكان - بفتح القاف -

ص: 168


1- قوله : (من القرار) حال من قوله : وقرن ، ويعني أن كون هذه القراءة على حذف إحدى المتماثلين إنما هو على تقدير كون قرن من قرر يقرر قرارا من الباب الثّاني وهو المضاعف ، لا على تقدير كونه من وقر يقر وقارا من الباب الثّاني أيضا ؛ لأنه مثال لا مضاعف فلا يكون مما نحن فيه. اه
2- زاده دفعا لما يرد بقوله : من القرار من عدم تسليم قرن من القرار ؛ لأن أمر جمع المؤنث المخاطبة منه اقررن لا قرن فيحتمل كونه من الوقار تدبر. اه لمحرره.
3- بوزن اضربن إذ المضارع تقررن بكسر الراء الأولى فحذفت حرف المضارعة ، واجتلبت همزة الوصل كما هو الأصل في أخذ الأمر فصار اقرن. اه ف.
4- قوله : (فنقلت ... إلخ) الحذف قبل نقل الحركة سائغ لكن نقل الحركة قبل الحذف شائع ، ولهذا قال بعض المحققين : ويجوز الحذف قبل النقل وبالعكس ، إذ لا امتناع في ذلك ، فلا يرد أن يقال : الفاء في قوله : فنقلت يدل على كون النقل بعد الحذف ، إذ الفاء للتعقيب وهو ظاهر البطلان. اه ابن سليمان رومي.
5- قوله : (من قر) وفي الفلاح أنه من (أقر) بفتح القاف صيغة المتكلم بدله ، وكذلك فيه (أقر) بالكسر على صيغة المتكلم وحده موضع يقر المذكور في قوله : وهو لغة في يقر ، والقرار في المكان الاستقرار فيه ، وحاصله أن قرر مضاعف يجيء من الباب الثّاني كما مر ومن باب الرابع أيضا مع اتحاد المعنى فيهما ، فإذا كان من الباب الثّاني فالأمر منه اقرر بكسر الراء ، ثم لما خففت بالحذف والنقل بقي قر بكسر القاف فيكون مشابها للأمر من وقر يقر في اللفظ. فإذا قلت : قر بكسر القاف ، احتمل أن يكون من القرار ، وأن يكون من الوقار ، فلم يتعين كونه من المضاعف الذي نحن فيه ، وأما إذا كان قرر من الباب الرابع فالأمر منه قر بفتح القاف بعد التخفيف بالحذف والنقل ، فتعين كونه مضاعفا ؛ لأن وقر لا يجيء من الباب الرابع ولا من الثّالث حتى يكون القاف مفتوحا. اه ابن كمال باشا.

وهو لغة في : يقرّ ، فيكون أصله : إقررن ، على وزن : إعلمن ، فنقلت حركة الراء الأولى إلى القاف ، وحذفت ، فصار : قرن (1).

وهذا إذا كان سكونه (2) لازما.

وإذا كان عارضيا (3) يحوز الإدغام وعدمه ، نحو : امدد ، ومدّ (4) بفتح الدال (5) للخفّة ، ومدّ بالكسر ؛ لأنه أصل في تحريك الساكن ، ومدّ (6) للإتباع ، ومن ثمّ لا يجوز : «فرّ» (7) لعدم الإتباع.

ص: 169


1- بالفتح وجميع ما ذكره المصنف من الوجوه الثلاثة في قرن مذكور في الصحاح في وقر. اه ف.
2- سواء كان لزوم السكون في نفس الكلمة أو بواسطة اتصال ضمير الفاعل نحو مددن مددت ... إلخ ، فإنه بسبب اتصال الضمير الذي هو بمنزلة جزء الكلمة صار السكون لازما ؛ لئلا يلزم توالي أربع حركات فيما هو بمنزلة الكلمة الواحدة. اه مولوي.
3- أي : حاصلا بأمر خارجي كالوقف والجزم فلا يجب بل يجوز ... إلخ. اه إيضاح.
4- أصله امدد فنقل ضمة الدال إلى الميم للإدغام فاستغني عن الهمزة وحرك الدال الثّانية بالفتح للخفة. اه ف.
5- وفيه نظر ؛ لأن الفتحة توجب الالتباس بالماضي المجهول ، إلا أن يقال بأن ... إلخ ، اكتفي بالفرق التقديري. اه شرح.
6- قوله : (ومد) فقد جاز في مد الحركات الثلاث هذا إذا لم يكن بعده شيء ، وأمّا إذا كان بعده ياء أو حرف ساكن فالكسر لازم مثل مدّي ومدّي القوم ، وإذا كان بعده ألف أو هاء المؤنث فالفتح لازم نحو مد أو مدها ، وإذا كان واوا أو هاء المذكر فالضم لازم نحو مدد أو مده ، وكذا عضه وفره وقد يكسر بهاء المذكر نحوه كذا قيل. اه فلاح.
7- قوله : (فرّ) لأن فرّ ... من الباب الثّاني فيكون عين مضارعه مكسورا فلا يتأتى ضم الراء للإتباع ، وأمّا فرّ بفتح الراء وكسره وكسر الفاء فيهما وافرر بفك الإدغام فجائز على قياس ما مر. فإن قلت : يفهم من هذا الكلام أن الأمر سكونه عارض ، وقدم أن الأمر عند البصريين مبني على السكون الأصلي ؛ لعدم مشابهته لاسم الفاعل والأصلي لا يكون عارضا. قلت : إن بني تميم يدغمون في نحو لم يمدد لكون سكون المثلين عارضا وينزلون الأمر منزلته في الإدغام إذ الأمر مأخوذ من المستقبل ، فكان الأمر فرعه والمستقبل أصل له فيكون سكون الأمر عارضيا ، فالمجزوم وإن كان عند البصريين فأجرى الأمر مجرى المستقبل في الإدغام اعتبارا لحمل الفرع على الأصل ، فيقال : مد ، كما يقال : لم يمد ويمد. اه جمال الدين بن حاجب.

ولا يجوز (1) الإدغام في مثل : امددن (2) ؛ لأن سكون الثاني لازم (3).

وتقول بالنون الثقيلة : مدّنّ (4) ،

ص: 170


1- قوله : (ولا يجوز ... إلخ) لما توهم من قوله السابق : وإذا كان عارضيا يجوز الإدغام وعدمه وجواز الإدغام في امددن ؛ لأن سكون الدال الثّاني فيه باتصال نون جماعة النساء الحال عدم جوازه فيه عند القوم ، دفعه بقوله : ولا يجوز ... إلخ. اه تحرير.
2- قوله : (في مثل امددن) أي : في الأمر إذا اتصل به نون جماعة النساء ، وكذا لا يجوز الإدغام في الماضي إذا اتصل به الضمير المرفوع البارز المتحرك وهي تسعة أمثلة نحو مددن مددت مددتما مددتم مددت مددتما مددتن مددت مددنا. اه مولوي أحمد رحمه الله.
3- قوله : (لازم) فإن قلت : ما الفرق بين مثل لم يمدد وامدد ، وبين مثل مددت على مذهب بني تميم مع أن سكون الدال في مددت عارض كعروض السكون في لم يمدد وامدد ومع هذا لم يدغم؟. قلت : إن السكون في مددت وإن كان عارضا لكن لا ينفك مع تاء الضمير فكأنه لازم وفي لم يمدد قد يزول عند زوال الجوازم وامدد منزل منزلته. فإن قلت : اتصال التاء بمددت كاتصال لم بيمد ، فكما أن ذلك لازم عنده فكذلك الآخر؟. قلت : التاء منزلة منزلة الجزء من الكلمة ؛ لأنه فاعل والفاعل كالجزء والجازم كلمة مستقلة ، ولذلك فرق بنو تميم بينهما فأدغموا في نحو لم يمدد وفيما ينزل منزلته من الأمر ولم يدغم أحد في مثل مددت وظللت وامددن وغير ذلك ، بما يتصل به الضمير المرفوع المتحرك إلا في شذوذ رديء. اه كذا في شرح كافية التصريف.
4- قوله : (مدّنّ) بفتح النون أصله مدّ فلما لحقت به النون الثقيلة فتحت النون للخفة في الواحد المذكر ، مدّان في التثنية بكسر النون ؛ لأن هذه النون مشابهة بنون التثنية وهي مكسورة فكذا ما يشبهها ، وأصله مدّا ألحقت النون للتأكيد فصار مدّانّ ، بضم الدال وفتح النون صيغة جمع المذكر ، أصله مدّوا فلما ألحقت النون الثقيلة به حذفت الواو ؛ لأن حذف الواو لاجتماع الساكنين وهما الواو ؛ والنون المدغم فحذفت الواو ؛ لأن حذف حرف العلّة شائع ، والنون إنما ألحقت لغرض التأكيد ، فلو حذفت النون يفوت الغرض وهو التأكيد ، وإنما ضم الدال ليكون دليلا على حذف الواو. فإن قيل : اجتماع الساكنين في مدّنّ على حده ؛ لأن الأولى حرف مدّ ، والثّاني مدغم فلم لم يجز أن يقول : مدون بإثبات الواو كما في دابة؟. قلنا : إن اجتماع الساكنين على حده جائز إذا كان في كلمة واحدة ، وأمّا في كلمتين فلا ، وههنا في كلمتين ؛ لأن واو الضمير كلمة والنون الثقيلة كلمة أخرى. فإن قيل : لما لم يجز في الكلمتين فلم جوز في التثنية وجمع المؤنث نحو اضربان واضربنان؟. قلت : لو حذف الألف في المثنى لالتبس بالمفرد وأدخلت الألف في جماعة النساء لاجتماع ثلاث نونات وهي مكروهة عندهم ، فعدم الحذف للضرورة وهو الالتباس والاجتماع لا للجواز تدبر. اه حنفية بزيادة.

مدّانّ ، مدّنّ ، مدّنّ (1) ، مدّانّ ، امددنانّ (2).

وبالنون الخفيفة : مدّن ، مدّن ، مدّن.

واسم الفاعل منه : مادّ (3).

واسم المفعول : ممدود.

واسم الزمان والمكان : ممدّ.

واسم الآلة : ممدّ (4).

والمجهول : مدّ يمدّ مدّا.

ص: 171


1- قوله : (مدن) صيغة واحدة المؤنث بكسر الدال ، لأن أصله مدّي فلما ألحقت النون الثقيلة اجتمع الساكنان هما الياء والنون المدغم فحذفت الياء وفتح النون للخفة. اه حنفية.
2- قوله : (امددنان) جمع المؤنث أصله امددن بضم الدال الأول وسكون الدال الثّاني ، فلما ألحقت النون الثقيلة بها اجتمع ثلاث نونات وهي مكروهة لثقله على اللسان ، فأدخلت الألف الفاصلة بينها. اه حنفية.
3- أصله مادد على وزن ضارب فأدغمت الأولى في الثّانية بعد سلب حركتها ، وكذا مادّان مادون ومادّة ومادّتان ومادّات وموادّ. فإن قلت : ينبغي أن يحذف الألف لالتقاء الساكنين؟. قلت : إنما يجوز فيه التقاء الساكنين ؛ لأنه على حده ، وهو أن يكون الأول حرف لين والثّاني مدغما في كلمة. اه تحرير.
4- بكسر الأول وفتح الثّاني أصله ممدد بكسر الأول وسكون الثّاني وفتح الثّالث ، ثم أدغم فصار ممدّ وكذا ممدان ممدون ممدة ممدتان ممدات. اه ف.

ويجوز (1) الإدغام إذا وقع قبل تاء الافتعال من حروف : أتثد (2) ذز سشص ضط ظوي ، نحو : اتّخذ ، وهو (3)

ص: 172


1- قوله : (ويجوز ... إلخ) لما فرغ من بيان الإدغام العام شرع في بيان أحكام إدغام الخاص فقال : ويجوز ... إلخ ، وإنما خص إدغام هذا الباب لما فيه أحكام لا تدخل تحت ما ذكره المصنف ، كما ستعلم ذلك إن شاء الله تعالى. ولا يقال : إن قوله : ويجوز ... إلخ ، يدل على عدم وجوب الإدغام في جميع صور هذا الباب ولا كذلك ؛ لوجوبه في بعض الصور منه كما في اتّجر واطّلب وغيرهما وستعرفه ؛ لأن المراد من الجواز معناه اللازم الذي هو عدم المنع ، فالمعنى : أي لا يمتنع الإدغام إذا ... إلخ سواء كان واجبا كما في اتجر ونحوه ، أو جائزا كما في الصور الباقية تأمل. اه عبد الله مرحوم.
2- قوله : (اتثد) أي : إذا وقع حرف من هذه الحروف قبل تاء الافتعال جاز إدغامها في تاء الافتعال ، إمّا بجعل التاء من جنس الفاء نحو اسّمع أو بالعكس نحو اتّعد ، وجاز أيضا تركه لكن لا في كلها إذ في بعضها لا يجوز البيان سيّما في اتخذ فإن الإدغام فيه ضروري ، وستطلع على تفاصيلها ، ففي تنصيص المصنف بجواز الإدغام من غير تفصيل مسامحة اعتمادا على ما سيجيء من التفصيل. مقدمه : اعلم أنه كما جاز الإدغام إذا تقارب الحرفان في المخرج نظرا إلى هذه المقاربة وإن لم يتجانسا ، فكذا جاز الإدغام إذا تقاربا في صفة من الصفات اللازمة لهما نظرا إلى هذه المقاربة ، وإن لم يتجانسا ولم يتقاربا في المخرج ، وذلك الصفة مثل الهمس والجهر والشدة والرخاوة والاستعلاء والإطباق وغير ذلك. والحروف باعتبار الصفة تنقسم إلى ثمانية عشر صنفا بعضها مذكورة في الكتاب وبعضها غير مذكورة فيه ، ونحن نقتصر الكلام بالمذكورة فيه ، وهذا الانقسام ليس من جهة واحدة بل من جهات مختلفة لكنها يتداخل فيه الحروف حتى إنّ الحرف الواحد يقع في صنفين منها أو أكثر بحسب ما يعرض فيه من الصفات ، كالخاء فإنه قد يعرض له الهمس فيكون من المهموسة وقد يعرض له الاستعلاء فيكون من المستعلية ، إذا علمت ذلك فاعلم أن الحروف الأربعة عشر التي ذكرها المصنف بقوله : اتثد ... إلخ ، إذا وقع قبل تاء الافتعال يجوز إدغامها في تاء الافتعال لأن ... إلخ. اه فلاح.
3- قوله : (وهو شاذ) بيان الشذوذ فيه أن اتخذ من الأخذ فيكون أصله ائتخذ بهمزتين فقلبت الثّانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فصار ايتخذ ثم أبدلت التاء من الياء وأدغم التاء في التاء ، ولكن لمّا لم تكن الياء لازمة لصيرورتها همزة إذا جعلته ثلاثيا كان إدغامها في التاء بعد قلبها تاء شاذا إذ من شرط الإدغام اللزوم على ما سيجيء ، هذا إذا كان أصله أخذ ، ويجوز أن يكون أصله تخذ فحينئذ يكون إدغام تاء الافتعال فيه قياسا لما في اتّجر. واعلم أنه يجوز الإدغام وتركه على الوجه الأول ، وأمّا على الثّاني فالإدغام واجب ، في الصحاح يقال : ائتخذا في القتال بهمزتين ، أو أخذ بعضهم بعضا ، والاتخاذ افتعال أيضا من الأخذ إلا أنه أدغم بعد تليين الهمزة وإبدال الياء ، ثم لمّا كثر استعماله على لفظ افتعال توهموا أن التاء أصلية فبنوا منه فعل يفعل ، وقالوا : تخذ يتخذ وعليه قراءة من قرأ لتخذن عليه أجرا [الكهف : 77]. اه ابن كمال باشا.

شاذّ (1).

ونحو : اتّجر (2).

ونحو : اثّأر ، من الثأر (3) بالثاء ، ويجوز فيه : اتّار ؛ لأن التاء والثاء من المهموسة (4) ، وحروفها (5) : «ستشحثك خصفه» فتكونان من جنس واحد نظرا (6)

ص: 173


1- قوله : (وهو شاذ) لعل المصنف أراد بهذا القول دفع ما يقال : إن أصل اتخذ ائتخذ فقلبت الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فصار ايتخذ ، ثم قلبت الياء المبدلة تاء فأدغمت التاء في التاء لاجتماع المتجانسين فصار اتّخذ فينبغي أن يجوز الإدغام في ايتمر وايتكل أيضا لجريان إعلال اتخذ فيهما ، إذ أصلهما ائتمر وائتكل ، بأن الإدغام في اتخذ شاذ فلا يقاس الغير عليه ، والله أعلم. اه عبد الله.
2- أصله تجر فنقل إلى باب الافتعال فاجتمع حرفان متجانسان أولاهما ساكنة وهو فاء الافتعال ، وثانيهما متحركة وهي تاء تجر فوجب الإدغام ضرورة. اه ف.
3- يقال : ثأرت القتيل ، أي : قتلت قاتله ، فإنه يجوز فيه قلب الأول إلى الثّاني وبالعكس. اه ف.
4- قوله : (من المهموسة) الحروف العربية منقسمة إلى مهموسة ومجهورة ، فالمهموسة : هي الحروف التي يجري النفس معها ولا يحتبس عند النطق بها ، والمجهورة : بخلافه ، وإنما سميت مهموسة ؛ لأن الصوت بها ضعيف إذ الهمس هو الصوت الخفي ، قال الله تعالى : (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) [طه : 108] ، وهذه الحروف ضعيف الاعتماد عليها في موضعها حتى جرى معها النفس. اه أحمد رحمه الله.
5- الشحث الإلحاح في المسألة ، والشحاث الشيء المكدي يقال : أكدى الرجل أي : قل خيره ، وخصفه اسم امرأة ، ومعناه ستكدي عليك هذه المرأة ، وإذا عرفت من المهموسة فالبواقي من الحروف المجهورة وهي تسعة عشر حرفا ، وستعرف معنى الجهر تفصيلا. اه ف.
6- قاله لرد ما قيل : لا نسلم كونها من الجنس الواحد ؛ لمغايرة ذات كل من التاء والثاء من الآخر ، وكذا في المخرج. اه تحرير.

إلى المهموسيّة ، فيجوز لك الإدغام بجعل الثاء تاء ، والتاء ثاء (1).

ونحو : «ادّان» لا يجوز فيه غير إدغام الدّال في الدال (2) ؛ لأنه إذا جعلت (3) التاء دالا لبعدها من الدال في المهوسية ، ولقرب الدال (4) من التاء في المخرج ، فيلزم حينئذ حرفان من جنس واحد فيدغم.

ص: 174


1- قوله : (الثاء تاء) أي : بقلب الثّاني إلى الأول وهو خلاف الأصل ؛ لأن التاء والثاء متقاربان في صفة الهمس فيجوز قلب أحدهما إلى الآخر ، قال بعض المحققين : قلب الثّانية إلى الأول فصيح لكثرة استعماله في كلامهم ، وإن كان على خلاف القياس ، لكن قلب الأولى إلى الثّانية أفصح ؛ لكونه جاريا على الأصل. اه فلاح.
2- قوله : (إدغام الدال) قاعدة : اعلم أنه إذا وقعت تاء الافتعال بعد ثلاثة أحرف وهي الدال والذال والزاي تقلب دالا مهملة ؛ لأن هذه الحروف الثلاثة مجهورة ، والتاء حرف مهموس وبين المجهور والمهموس تضاد والجمع بين المتضادين ثقيل فأرادوا التجانس بينهما وأبدلوا من مخرج التاء حرفا مجهورا وهو الدال المهملة ، ولم يعكسوا أي ولم يبدلوا من مخارج هذه الحروف الثلاثة حرفا مهموسا ؛ لأنها فاء الفعل والتاء زائدة ، والزائدة أولى بالتصرف وصورها ثلاث : أولها ما يكون منه فاء الفعل دالا مهملة ، وثانيها ما يكون منه فاء الفعل ذالا معجمة ، وثالثها ما يكون منه فاء الفعل زايا معجمة ، وإذا انتقشت في ذهنك هذه القاعدة ، فنقول : إن ادّان من الصورة الأولى ؛ لأن أصله ادتين على زنة افتعل إلا أنّ الياء التي هي عين الفعل لما تحركت وانفتح ما قبلها قلبت ألفا فصار ادتان ، ثم أبدلت التاء دالا ؛ لأن تاء الافتعال من المهموسة والدال الذي وقع فاء الفعل من المجهورة وبين المجهورة والمهموسة تضاد والجمع بين المتضادين ثقيل وهذا معنى قوله : لبعده من الدال في المهموسيّة ، فوجب قلب أحدهما إلى حرف موافق للأخرى طلبا للخفة ، فأبدلوا التاء حرفا من مخرجه وهو الدال ، ولم يعكسوا لما ذكرنا في القاعدة ، وهذا معنى قوله : ولقرب الدال من التاء في المخرج ، ثم أدغم الدال الأولى الأصليّة في الدال الثّانية المنقلبة من التاء على سبيل الوجوب لأنه اجتمع مثلان أولاهما ساكنة فصار ادّان مشدّد الدال وهذا معنى قوله : فيلزم حينئذ حرفان من جنس واحد فيدغم ، هذا ما فهمت من كلام المحقق ابن الحاجب تغمده الله بغفرانه ، موافقا لما ذكره المصنف. اه ابن سليمان.
3- شرط جزاؤه قوله : فيلزم ... إلخ وما بينهما وجه بعدم إبقاء التاء بحالها ، ولإبدال التاء دالا ، فالأول الأول ، والثّاني الثّاني ، وبيان ذلك يتضح من حاشية ابن سليمان. اه
4- وإنما قال : (ولقرب الدال ... الخ) ولم يقل لاتحاد الدال ... إلخ ، مع أن الظاهر اتحاد وجههما في الواقع إذ مخرج الدال طرف اللسان ورأس الثنايا ومخرج التاء طرفه وقبولهما فافهم. اه تحرير.

ونحو : «اذّكر» (1) يجوز فيه : ادّكر (2) ، واذدكر ؛ لأن الدال والذال من المجهورة (3) ، فجعل التاء دالا كما في : ادّان ، فيجوز لك الإدغام نظرا إلى اتحادهما في المجهورية بجعل الدال ذالا (4) ، والذال دالا (5) ، والبيان (6) - وهو اذدكر - نظرا إلى عدم اتحادهما في الذات.

ونحو : «ازّان» (7)

ص: 175


1- قوله : (اذّكر) أصله اذتكر على زنة افتعل فأبدلوا من التاء ذالا لما ذكرنا من أنّ الذال من المجهورة والتاء من المهموسة وبينهما تضاد فأرادوا للتوافق بينهما ، وأبدلوا من مخرج التاء حرفا مجهورا وهو الدال المهملة فاجتمع مع الذال المعجمة وهما مجهورتان فتوافقا في الصفة لا في الذات ولا في المخرج ولذا جاز الإدغام والبيان ، وإليه أشار بقوله : نحو فيه ... إلخ. اه أحمد.
2- بالدال المهملة بقلب الأولى إلى الثّاني ، كما يجوز اذكر بالذال المعجمة بقلب الثّاني إلى الأول على خلاف القياس ، لكن الأول أقوى والأصح لكونه على وفق القياس ومجيئه في التنزيل قال الله تعالى : (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) [يوسف : 45]. اه ف.
3- قوله : (من المجهورة) المجهورة هي الحروف التي لا يجري النفس معها ، ويحتبس عند النطق بها على خلاف المهموسة ، وإنما سميت مجهورة لارتفاع الصوت بها ، وسبب ارتفاع الصوت بها كونها حروفا اتسعت وقوي الاعتماد عليها في موضعها حتى بلغ الصوت أن تجهر معها ؛ لأن الجهر الصوت المرتفع ، وإنما لم يبين المجهورة كما بين المهموسة بقوله : ستشحثك ... إلخ ، لأنها تعلم من المهموسة ؛ لأن الحروف تنحصر في المجهورة والمهموسة ، وجملة الحروف تسعة وعشرون والمهموسة عشرة فبقي تسعة عشر وهي المجهورة فلا نعدها لظهورها ، وإنما اختار ذلك ولم يعكس لقلة الحروف المهموسة والجوهري جمعها في قولك : ظل قور بض إذا غزا جند مطيع. اه ابن كمال.
4- نظرا إلى إتباع الزائد الأصلي فإن الذال المعجمة لوقوعه موقع الفاء حرف أصلي ، والدال المهملة لكونها أوردت بدلا عن الحرف الزائد وهو التاء زائدا إذ للبدل حكم المبدل منه. اه لمحرره.
5- قوله : (نظرا إلى القياس المطرد) فإنه إذا أريد الإدغام عند اجتماع الحرفين المتحدين ذاتا أو صفة يدغم الأول في الثّاني نحو مدّ والرحمن. اه لمحرره.
6- وهو إظهار كل واحد من الدال والذال نحو اذدكر لا يبين كل واحد من التاء والدال إذ قلب التاء دالا واجب كما مر. اه ف.
7- قوله : (ازّان) بمعنى تزين وأصله ازتين فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار ازتان ، إلّا أن الياء لما كان من المهموسة والزاي من المجهورة الشديدة ، وكان بينهما تضادّ أبدلوا من التاء دالا طلبا للتوافق بينهما كما مر في الصورتين الأوليين فيكون ازان مثل ... إلخ. اه أحمد.

مثل : اذّكر ، ولكن (1) لا يجوز الإدغام بجعل الزاي دالا ؛ لأن الزاي أعظم من الدال في امتداد الصوت (2) ، فيصير حينئذ كوضع القصعة الكبيرة في الصغيرة (3) ، أو لأنه يوازى ب : ادّان.

ونحو : «اسّمع» يجوز فيه الإدغام بجعل التاء سينا ؛ لأن السين والتاء من المهموسة ، ولا يجوز فيه الإدغام (4) بجعل السين تاء ، فلا يقال : اتّمع ، لعظم

ص: 176


1- قوله : (ولكن ... إلخ) دفع لما نشأ من قوله السابق ، أعني : نحو ازان مثل اذكر بأن ازان لما كان مثله فحينئذ جواز الوجوه الثلاثة في ازان ، أي : الإدغام بقلب الأولى ، إلى الثانية وبالعكس ، والبيان كما في اذكر بما ترى. اه عبد الأحد.
2- قوله : (في امتداد ... إلخ) اعلم أنهم قسموا الحروف إلى الصفير وغير الصفير والصفير هي الصاد المهملة والزاي المعجمة والسين المهملة ، وإنما سميت حروف الصفير ؛ لأن المتكلم يصفر عند اعتماده على موضعها ، ومن قاعدتهم أنهم لم يدغموا الصفير في غيره لفوات صفة الصفر منها عند الإدغام في غير الصفير وحفظها مقصود لأن لبعض الصفات فضيلة كالفّنة والمدة والخفة وغير ذلك فيجب محافظتها فلو أدغم حرف ذو فضيلة في حرف ليس فيه تلك الفضيلة فاتت فضيلة الحرف الأول بسبب الإدغام وكانت رديئة ، وأما إذا أدغم في مثله جاز لعدم فوات الفضيلة. فلاح. ثم استعمل في الاصطلاح في الصوت اللين الذي ينشأ بقوة الأسنان. اه
3- فكما لا يدخل القصعة الكبيرة في القصعة الصغيرة لامتناع محافظتها إياها ، كذلك لا يدخل ما فيه امتداد فيما ليس فيه امتداد لامتناع محافظته إياه. فإن قلت : إذا أدغم الزاي في الذال قلبت أوّلا ذالا فيزول امتداده ، ثم يدغم ، فلا يصير حينئذ كوضع القصعة الكبيرة في الصغيرة؟. قلت : إن كلام المصنف مبني على محافظة الفضيلة فكأنه قال : إن للزاي امتدادا مطلوبا فلو أدغم في الدال يجب محافظته أيضا ، وإن قلبت دالا فيصير حينئذ كوضع القصعة الكبيرة في الصغيرة بلا ريب. اه فلاح.
4- قوله : (ولا يجوز فيه ... إلخ) دفع لما توهم لما كان السين والتاء من المهموسة يجوز فيه الإدغام بجعل السين تاء كما يجوز في العكس نظرا إلى اتحادهما في الصفة فإن عنده يجوز الإدغام بجعل الأول إلى الثّاني وبالعكس كما في اذكر فإنه يجوز الإدغام فيه بجعل الدال ذالا والذال دالا نظرا إلى اتحادهما في الصفة وهي المجهورية بما ترى. اه تحرير.

السين عن التاء في امتداد الصوت (1) ، ويجوز البيان (2) لعدم الجنسية في الذات.

ونحو : «اشّبه» مثل : اسّمع (3).

ونحو : «اصّبر» يجوز فيه : اصطبر ؛ لأن الصاد من الحروف المستعلية (4) المطبقة ، وحروفها : صضطظخغق ، الأربعة الأولى مستعلية مطبقة ، والثلاثة الأخيرة مستعلية (5)

ص: 177


1- لأنه حرف الصفير ، وقد عرفت أن فيه امتدادا والتاء ليس منه فلا يكون فيه امتداد فلو أدغم السين في التاء يصير كوضع القصعة الكبيرة في الصغيرة وهو ممتنع فلا يجوز أن يقال : اتّمع. اه فلاح.
2- وهو الإظهار بفك الإدغام فتقول استمع وهو الأفصح لوروده في التنزيل قال الله تعالى جل جلاله وعمّ نواله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) [الأنعام : 25] الآية. اه حنفية شرح مراح الأرواح.
3- يعني : يجوز الإدغام فيه بقلب التاء شينا على خلاف القياس نظرا إلى اتحادهما في المهموسة ، ولكن لا يجوز الإدغام فيه بجعل الشين تاء على وفق القياس لعظم الشين في امتداد الصوت ، إذ هو حرف الصفير أيضا على قول ، أو لأن في الشين نفشا ، فلو أدغم في التاء زالت عنه هذه الصفة فلا يقال : اتّبه ، ويجوز البيان لعدم الجنسية بينهما في الذات نحو اشتبه. اه ف.
4- قوله : (المستعلية ... إلخ) الحروف تنقسم إلى مطبقة ومنفتحة ، فالمطبقة هي التي ينطبق على مخرجه الحنك أي : متى امتد اللسان على مخارج هذه الحروف انطبق عليه ما يحاذيه من الحنك الأعلى والتصق ظهر اللسان به وانحصر بينهما الصوت وهي الصاد والضّاد والطاء والظاء ، وسبب التسمية بها ظاهر ، والمنفتحة ضد المطبقة أي : ينفتح الحنك عند النطق بها عن اللسان فلا ينطبق اللسان بها وهي ما عدا الحروف الأربعة فيكون خمسة وعشرين حرفا ، وسميت منفتحة ؛ لأنك لا تطبق بشيء منها لسانك فترفعه إلى الحنك ، وأيضا تنقسم الحروف باعتبار آخر إلى مستعلية ومنخفضة ، والمستعلية ما يرتفع اللسان إلى الحنك أطبقت أو لم تطبق وهي الصاد والضّاد والطاء والظاء والخاء والغين المعجمتين والقاف ، وعبر عنها المصنف بقوله : وحروفها صضظظخفق ، فيكون المستعلية أعم من المطبقة فكل مطبقة مستعلية بدون العكس ، ولذا قال : الأربعة الأولى ... إلخ. اه ابن كمال.
5- وإنما سميت بذلك ؛ لأن اللسان يعلو بها إلى الحنك والمنخفضة ما عدا هذه السّبعة فيكون اثنين وعشرين حرفا ، ومعنى الانخفاض فيها يفهم مما ذكر في الاستعلاء فهي ما لا يرتفع اللسان بها إلى الحنك فلا يحصل الانطباق ولذلك سميت بها ؛ لأن اللسان لا يعلو بهن. اه ف.

فقط ، والتاء من المنخفضة (1) ، فجعل التاء طاء لمباعدة بينهما (2) ، وقرب التاء من الطاء في المخرج ، فصار : اصطبر ، كما في : «ستّ» أصله : سدس ، فجعل (3) السين والدال تاء لقرب (4) السين من التاء في المهموسيّة ، والتاء من الدال في

ص: 178


1- قوله : (من المنخفضة) قاعدة إذا وقعت تاء الافتعال بعد أحد الحروف الأربعة التي هي الحروف المطبقة المستعلية وهي الصاد والضّاد والطاء والظاء تقلب وجوبا طاء مهملة كما تقلب إذا وقع بعد الدال والذال والزاي دالا مهملة كما مرّ ، وذلك لما بين حروف الإطباق وبين التاء من التضاد والتنافر ، وجمع المتضادين ثقيل فطلبوا حرفا من مخرج التاء يوافق الحروف المطبقة في الإطباق ليسهل النطق بها وهو الطاء ، ولم يعكسوا لما مر من أن التاء زائدة والزائد أولى بالتصرف ، وصورها أربع : أحدها : ما يكون فاء الفعل صادا. وثانيها : ما يكون فاء الفعل ضادا ، نحو : اضرب. وثالثها : ما يكون فاء الفعل طاء ، نحو : اطلب. ورابعها : ما يكون فيه الفعل ظاء نحو اظلم ، وسيأتي تفاصيلها. وإذا تقرر عندك هذه القاعدة فنقول : إن اصبر من الصورة الأولى ؛ لأن أصله اصتبر فجعل التاء. إلخ اه فلاح.
2- لأن الصاد من المستعلية المطبقة والتاء من المنخفضة وبينهما مباعدة وتضاد ، والجمع بين المتضادين ثقيل فوجب إبدال التاء إلى حرف من مخرجه يوافق الصاد في الإطباق وهو الطاء فجعل التاء طاء ، وإليه أشار بقوله : وقرب ... إلخ. اه ف.
3- قوله : (فجعل السين ... إلخ) فإن قيل : قد قال من قبل : لا يجوز الإدغام بجعل السين تاء ؛ لعظم السين في امتداد الصوت ، ولهذا لا يقال : اتّمع في استمع ، فعلى هذا يلزم أن لا يجعل السين تاء في ستّ وإن كان كل واحد منهما من المهموسة فكان القلب في ستّ على خلاف القياس؟. قيل : لا نسلم أنه قلب بل تشبيه ، ولو سلم فقلنا القياس باعتبار اتحاد المخرج في المهموسية ، وفك الإدغام باعتبار عدم التجانس ، ولا يلزم منه جعل السين تاء على وجه التعيين فلا يكون قدحا. اه حنفية. والحق في الجواب ما قال صاحب المفصل : ومن الإدغام الشاذ قولهم ست أصله سدس فأبدلوا السين تاء ، وأدغموا الدال فيها المثنى. اه لمحرره عفى عنه.
4- وقيل : لما بينهما من التقارب في المخرج ؛ لأن السين من المخرج التاسع من مخارج الفم والتاء من المخرج الثامن منها أيضا فلا واسطة بينهما. اه ف فلاح.

المخرج ، ثم أدغم ، فصار (1) : ستّا.

ثم لا يجوز لك الإدغام بجعل الطاء صادا نظرا إلى اتحادهما في الاستعلائية ، نحو : اصّبر ، ولا يجوز لك الإدغام بجعل الصاد طاء لعظم الصاد (2) ، أعني : لا يقال : اطّبر ، ويجوز البيان لعدم الجنسية في الذات.

ونحو : «اضّرب» (3) مثل : اصّبر ، أعني : يجوز : اضّرب ، واضطرب (4) ، ولا يجوز : اطّرب (5) لزيادة صفة (6) الضاد.

ونحو (7) : «اطّلب» (8) لا يجوز فيه إلا الإدغام (9) ، لاجتماع الحرفين من جنس

ص: 179


1- قوله : (فصار ستا) بتشديد التاء والتشبيه في جعل الدال تاء يعني يجعل التاء في اصتبر طاء لعلّة ذكرناها كما يجعل الدال تاء في ست لذلك العلّة ، وتفصيله أنه لما جعلت السين الأخيرة تاء ؛ لقربها من التاء في المهموسية واجتمع الدال والتاء وهما متضادان ؛ لأن الدال من المجهورة والتاء من المهموسة وبينهما تضاد قلب إحداهما إلى حرف من مخرجه ؛ ليوافق الأخرى فقلبوا الدال تاء وأدغموا الأولى في الثّانية فصار ست. اه.
2- من الطاء في امتداد الصوت ؛ لأن الصاد من حروف الصفير والطاء ليس منها وقد مر أنّ حروف الصفير لا تدغم في غيرها. اه ف.
3- قوله : (اضّرب) لأنه يجب قلب التاء طاء أولا لما ذكرنا في القاعدة فاجتمع الضّاد والطاء فيجوز قلب الطاء ضادا على خلاف القياس نظرا إلى اتحادهما في الاستعلائية ، ثم أدغمت الضّاد الأولى الأصليّة في الثّانية المنقلبة من الطاء فصار اضّرب. اه ف.
4- بالبيان بعد قلب التاء طاء نظرا إلى عدم اتحادهما في الذات. اه ف.
5- بقلب التاء طاء ثم قلب الضّاد طاء أيضا وإدغام الأولى في الثّانية وإن كان على وفق القياس لزيادة ... إلخ. اه ف.
6- قوله : (لزيادة صفة ... إلخ) ؛ لأن الضّاد من حروف الصفير ، وقد مرّ أنها لا تدغم في غيرها ، قال بعض المحققين : ولا يجوز قلب الضّاد طاء ، وتقول : اطرب لامتناع إدغام الضّاد في الطاء ؛ لأنك لو فعلت ذلك لسلبت الضّاد نقشها بإدغامك إياها في الطاء. اه شمس الدين.
7- من الصورة الثّالثة وهو ما يكون فاء الفعل طاء. اه ف.
8- لأن أصله اطتلب فقلبت التاء طاء فحينئذ لا يجوز. اه ف.
9- أي : إدغام الأول في الثّاني فقط على وفق القياس. اه ف.

واحد بعد قلب تاء (1) الافتعال طاء لقرب التاء من الطاء في المخرج (2).

ونحو (3) : «اظّلم» (4) يجوز فيه الإدغام بجعل الطاء ظاء ، والظاء طاء (5) ، لمساواة بينهما في العظم ، ويجوز فيه فك الإدغام ، لعدم الجنسية في الذات ، مثل : اطّلم (6) ، واظّلم ، واظطلم.

ونحو : اتّقد ، أصله : اوتقد ، فجعل الواو (7) تاء ؛ لأنه إن لم يجعل تاء يصير ياء لكسرة ما قبلها ، فيلزم حينئذ كون الفعل مرّة يائيّا نحو : ايتقد ، ومرة واويّا نحو : يوتقد ، لعدم موجب القلب ، أو يلزم (8) توالي الكسرات.

ص: 180


1- لمباعدة بينهما في الصفة ؛ لأن التاء من المنخفضة والطاء من المستعلية المطبقة فيكون بينهما تضاد وتنافر فوجب قلب التاء إلى حرف من مخرجه ليوافق الطاء الذي قبله فقلبت طاء لقرب ... إلخ. اه ف.
2- كما بينا في القاعدة والإدغام فيما هذا شأنه واجب فلا يجوز اطتلب واططلب بالبيان. اه ف.
3- من الصورة الرابعة وهو ما يكون فاء افتعل ظاء معجمة نحو ... إلخ. اه ف.
4- لأن أصله اظتلم فقلبت التاء طاء للعلّة المذكورة في القاعدة فصار اضطلم فحينئذ يجوز ... إلخ. اه ف.
5- أي : بقلب الثّاني إلى الأول على خلاف القياس كما في اصتلح اصّلح. اه ف.
6- قوله : (اطلم) هذا نظير جعل الظاء المعجمة طاء مهملة وإدغام الطاء في الطاء. فإن قيل : ينبغي أن لا يجوز اظلم بجعل الظاء المعجمة طاء مهملة كما لا يجوز اطرب في اضطرب بجعل الضّاد المهملة طاء مهملة ؛ لأنه كوضع القصعة الكبيرة في الصغيرة؟. قيل : إن الصفة والعظم في الطاء المهملة والظاء المعجمة سواء فلا يرجح أحدهما على الآخر بخلاف الضّاد المعجمة فإن العظم فيها كثير ، وكذا في الصاد المهملة كثير لعظمه بالنسبة إلى الطاء فلا يتحقق المساواة ، وإلى هذا أشار المصنف بقوله : لمساواة بينهما في العظم. اه حنفية.
7- قوله : (فجعل الواو) لقرب المخرج فاجتمع حرفان متجانسان فأدغم أحدهما في الآخر فصار اتقد ، اه حنفية.
8- قوله : (أو يلزم ... إلخ) عطف على قوله : فيلزم وأو ههنا بمعنى الواو أي : لو لم يجعل الواو تاء يصير ياء لما مرّ فيلزم ما مرّ ، ويلزم أيضا توالي الكسرات الثلاث في الماضي ، أو الأربع في المصدر ؛ لأن الياء كسرتان فوجب قلبها تاء وإدغامها في تاء الافتعال ، ويقال : اتقد وتعينت التاء ؛ لأنهم قلبوها إياها كثيرا لمؤاخاة بينهما مثل تجاه وتراث وتخمة في وجاه ووراث ووخمة ، وما ذكره المصنف هو اللغة المشهورة ، وناس يقولون : ائتقد يأتقد فهو مؤتقد بالهمزة. اه أحمد.

ونحو : اتّسر ، أصله : ايتسر ، فجعل الياء تاء فرارا عن توالي الكسرات.

ولم يدغم (1) في مثل : «ايتكل» (2) لأن الياء ليست بلازمة (3) ، يعني : تصير (4) تلك الياء همزة إذا جعلته ثلاثيّا.

ومن ثمّ لا يدغم : «حيي» (5) في بعض اللغات (6).

ص: 181


1- قوله : (ولم يدغم ... إلخ) ولما توجه أن يقال : إن قولكم : إذا وقع قبل تاء الافتعال ياء قلبت تاء وتدغم في تاء الافتعال فرارا عن توالي الكسرات منقوض بمثل ايتكل ؛ لأن الياء فيه وقع قبل تاء الافتعال ، ولم يقلب ولم يدغم ، أجاب بقوله : ولم يدغم ... إلخ ، أي : الياء بقلبها تاء وإن لزم توالي الكسرات في مثل ... إلخ. اه شمس الدين.
2- قوله : (في مثل ايتكل) أي : في الافتعال الذي بني من مهموز الفاء نحو ايتمر من الأمر ، وايتكل من الأكل أصله ائتكل بهمزتين فقلبت الثّانية ياء ؛ لسكونها وانكسار ما قبلها كما في إيمان. اه فلاح.
3- قوله : (ليست بلازمة) بخلاف ايتسر فإن ياءه لازمة في جميع التصاريف إذ أصله يسر فقد وجد شرط الإدغام وهو اللزوم فلذا أدغم فيه. اه شرح.
4- قوله : (يعني تصير ... إلخ) لعل هذا لدفع ما يقال : بأنا لا نسلم من عدم لزوم الهمزة في ايتكل إذ لو لم تكن لازمة يلزم الابتداء بالساكن كما لا يخفى ، بما حاصله أن المراد بعدم اللزوم عود الياء إلى الهمزة عند الرد إلى الثلاثي المجرد لا أمر آخر تدبر. اه لمحرره عفي عنه.
5- مع أنه اجتمع حرفان من جنس واحد لانعدام شرط الإدغام فيه ؛ لأن الياء الأخيرة غير لازمة لانقلاب الياء في المضارع إلى الألف. اه مولوي.
6- قوله : (في بعض اللغات) إنما قيد بذلك ؛ لأن عند بعض الآخر تدغم في الماضي ؛ لاجتماع المثلين من اليائين في كلمة واحدة ، وأمّا في المضارع فلا يدغم وإن اجتمع المثلان فيه مثل الماضي ؛ لأنه اجتمع في المضارع أمران الإدغام لاجتماع الحرفين المتجانسين وقلب الياء الثّانية ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، لكن الإعلال مقدم على الإدغام فلم يدغم في المضارع وقلبت الياء الثّانية ألفا. وفيه أن هذا الدليل وهو اجتماع الأمرين المذكورين في المضارع بعينه متحقق في الماضي فلم لم يعل فيه ، ويمكن أن يقال بأن عدم تعليل عين حيي حملا له على طوى وقوى ، بيانه : أن حيي من اللفيف المقرون كطوى وقوى ولم يعل العين فيهما لأجل اجتماع الإعلالين ، فكذا في حيي لئلا يختلف حكم باب اللفيف المقرون ، أو دلالة على أصل الكلمات الباقية. اه عبد الأحد.

وإدغام (1) : «اتّخذ» شاذ (2).

ويجوز (3) الإدغام إذا وقع بعد تاء (4) : «الافتعال» من حروف : تدذزسصضطظ (5) ، نحو : يقتّل (6) (7) ،

ص: 182


1- جواب عما يقال : إن اتخذ على وزن افتعل مأخوذ من الأخذ فجعل الهمزة الثّانية ياء ؛ لسكونها وانكسار ما قبلها فصار ايتخذ ، ثم قلبت الياء تاء فأدغمت التاء في التاء فصار اتخذ ، فايتخذ مثل ايتكل فلم لم يدغم فيه وأدغم في ايتخذ مع عدم لزوم الياء فيهما بأن الإدغام فيه شاذ ثبت على خلاف القياس ، وهذا الشاذ يستعمل لوجوده في الكلام الفصيح ، والشذوذ لا ينافي الفصاحة. قال الشارح : إنّ إيراده ههنا يشعر أن الهمزة أبدلت أولا بالياء ثم بالتاء ، وإيراده في بحث الإدغام يومئ بأنها أبدلت أولا بالتاء ، ولعله إنما أورد اللفظ الواحد في المحلين المختلفين نظرا إلى اختلاف الجهة ، أعني إلى الأصل والظاهر. اه مهديه.
2- قوله : (شاذ) بيان كونه شاذا أن اتخذ افتعال بني من مهموز الفاء ؛ لأنه من الأخذ كما بنى ايتمر من الأمر وايتكل من الأكل ، فيكون الياء فيه غير لازمة أيضا فينعدم شرط الإدغام بلا ريب ، فيكون الإدغام فيه شاذا. اه ابن كمال.
3- ولما فرغ من بيان الحروف الأربعة عشر التي وقعت قبل تاء الافتعال وكيفية إدغامها في تاء الافتعال ، شرع في بيان الحروف التي وقعت بعد تاء الافتعال وكيفية إدغام تاء الافتعال فيها فقال : ويجوز إلخ. اه ف.
4- قوله : (بعد ... إلخ) أي : إذا وقع حرف من هذه الحروف التسعة عين الكلمة وبنيت منها افتعالا يجوز لك إدغام تاء الافتعال فيها بجعل التاء من جنسها ، والبيان وإن اجتمع مثلان نحو ... إلخ. اه ف.
5- وقد زاد السيد الشريف حرفين الثاء المثلثة نحو ينثر أصله ينتثر والشين المعجمة نحو ينشر أصله ينتشر ، ولعل عدم تعرض المصنف إليهما لقلة الاستعمال ، تدبر كذا قيل. اه تحرير.
6- قوله : (يقتل) من قتل أصله يقتتل ، وإنما مثل بالمستقبل في هذا الباب ومثل بالماضي في الباب المتقدم ؛ لأن الإدغام في الماضي في هذا الباب غير متفق عليه كما سيجيء بخلاف الباب المتقدم ، وإنما جاز الإدغام والبيان في مثل اقتتل يقتتل وإن كان القياس يقتضي وجوب الإدغام لاجتماع المتجانسين كما في مد يمد ؛ لأن تاء الافتعال غير لازمة بخلاف الدالين في مد. وقد أشار المازني إلى هذا الفرق وقال : إنما جاز الإدغام في اقتتل ووجب في شدّ ومدّ ؛ لأن كل واحد من الدالين في شد ومد لا ينفك عن صاحبه ، بخلاف تاء افتعل فإنه يجوز انفكاكها عن التاء الواقع بعدها ، وذلك في الصور التي يكون في موضع العين حرف غير التاء فلا يتلازمان ، وإذا لم يجب الإدغام فيهما يجتمع فيه المتجانسان كان عدم وجوب الإدغام فيما يجتمع فيه المتقاربان بطريق الأولى. اه ابن كمال باشا رحمه ربه.
7- قوله : (يقتّل ... إلخ) أصله يقتتل من الافتعال وقع بعد تاء الافتعال التاء فأدغم الأولى في الثّانية لاجتماع المثلين مع تحرك الثّاني فيهما ، فصار يقتّل فإنهم يقولون في التصريف : قتّل يقتل بتشديد التاء المثناة الفوقانية ، كما يقولون : اقتتل يقتتل بفك الإدغام وعلى هذا القياس الأبنية الباقية ، ويبدل أصله يتبدل جعلت التاء دالا لبعدها من الدال في المجهورية ، فإن التاء مهموسية والدال مجهورية فتباعدتا ، والعرب استكرهوا اجتماع المتباعدين كاستكراههم اجتماع المثلين ، والتاء كانت قريب المخرج من الدال إذ هما جميعا من طرف اللسان وأصول الثنايا فأبدلت دالا ، فأدغم الدال فيه فصار يبدّل. ويعذر أصله يعتذر ففعل به ما فعل في يبدل إذ الذال المعجمة أيضا من المجهورية وقريبة المخرج من التاء وهو طرف اللسان وأصول الثنايا ، وينزع أصله ينتزع قلبت التاء زايا ؛ لبعدها عن الزاي في المجهورية إذ التاء مهموسية فتباعدتا بهذا الاعتبار ، فتقاربتا باعتبار آخر وهو أنهما من الحروف المنخفضة فأبدلت التاء زايا وأدغمت التاء في الزاي فصار ينزّع ، ويبسم أصله يتبسم فأبدلت التاء سينا فأدغمت في السين ؛ لكونهما من المهموسية فصار يبسّم ، ويخصم أصله يختصم جعلت التاء صادا لبعدها عن الصاد في الاستعلاء فإن التاء منخفضة والصاد مستعلية ولقربها منها في المهموسية ، ثم أدغمت في الصاد فصار يخصّم ، ويقسم أصله يقتسم فعل به ما فعل بيبسم ، ويفضل أصله يفتضل فقلبت التاء ضادا لبعدها عن الضّاد في صفتها كما تقربها لكونهما من الحروف المستعلية فأدغمت في الضّاد فصار يفضل ، ويبطر أصله يبتطر فجعلت التاء طاء وأدغمت فيها لقربها في المخرج ، وينظم أصله ينتظم جعلت التاء ظاء وأدغمت في الظاء لبعدها عن الطاء في الاستعلاء فصار ينظم. اه حنفية.

ويبدّل (1) ، ويعذّر ، وينزّع ، ويبسّم ، ويخصّم ، ويقسّم ، ويفضّل ، ويبطّر ، وينظّم.

ولكن لا يجوز في إدغامهنّ إلا الإدغام بجعل (2) التاء مثل العين ، لضعف (3)

ص: 183


1- وفي الفلاح يبدّر بدل يبدّل وأصله يتبدر أي : يشرع. اه حنفية.
2- أي : بقلب تاء الافتعال إلى ما بعدها للتجانس إذا لم يكن عين الكلمة تاء وإنما لم يجز جعل العين مثل التاء لضعف ... إلخ. اه ف.
3- قوله : (لضعف ... إلخ) وإنما ضعف استدعاء التاء المتقدمة العين متأخرة ؛ لأن التاء زائدة والعين أصلية ، والأصل قوي والزائد ضعيف ، فلو جعل العين تاء يصير القوي ضعيفا وهو ضعيف ، ولو جعلت التاء عينا يصير الضعيف قويا وهو قوي ، وليس جعل الضعيف قويا جعل الخفيف ثقيلا ، هذا إذا كان الاستدعاء مصدرا معلوما مضافا إلى مفعوله وذكر الفاعل متروك ، فالتقدير لضعف استدعاء المقدم للمؤخر ، ويجوز أن يكون مصدرا مجهولا مضافا إلى ما يقوم مقام الفاعل والمآل واحد فافهم. اه أحمد. ولا يبعد أن يقال : من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل والمفعول محذوف فالمعنى لضعف استدعاء المؤخر الذي هو التاء ، وإنما أطلق عليه لفظ المؤخر مع أنه مقدم في اللفظ نظرا إلى ذاته ؛ لأنه من الزوائد ، والزوائد تكون بعد الأصول فيكون متأخرا من المتقدم الذي هو العين ؛ لأنه من الأصول ، والأصول متقدمة على الزوائد وتقدمه بهذا الاعتبار لا باعتبار التلفظ كما توهم فتبصر. اه غلام رباني.

استدعاء (1) المؤخّر.

وعند بعض الصرفيين لا يجيء هذا الإدغام في الماضي حتى لا يلتبس بماضي التّفعيل ؛ لأن عندهم (2) تنقل (3) حركة التاء إلى ما قبلها وتحذف (4) المجتلبة.

وعند بعضهم يجيء (5) بكسر الفاء ، نحو : خصّم ؛ لأن عندهم الفاء كسر

ص: 184


1- قوله : (لضعف استدعاء ... إلخ) وذلك لأن التاء من المهموسة وباقي الحروف التي تقع بعد تاء الافتعال كلها من المجهورة ، إلا السين والضّاد ، والمهموسة أضعف من المجهورة كما بين في محله فجعل التاء تابعا لما وقع بعده من المجهورة أولى. وأمّا السين والضّاد فإنهما وإن كانا من المهموسة لكنهما من الحروف الصغيرة فلو جعلا تابعين للتاء صار كوضع القصعة الكبيرة في الصغيرة فجعل التاء تابعا لهما كذا في بعض الحواشي ، ولا يخفى أن هذا الوجه إنما يستقيم في غير يقتل ، ولا يخفى عليك أن المقصود الذي هو جعل التاء مثل العين إنما هو فيما مر في لا يقتل ؛ لأنه إنما يتصور فيما إذا كان العين مخالفا للتاء فليس هذا داخلا في المقصود فلا يضر عدم استقامة هذا الوجه في ذلك تدبر. اه غلام رباني رحمه الله.
2- قوله : (لأن عندهم ... إلخ) أفاد بهذا الاستدلال دفع ما يقال : لا التباس عند هذا الإدغام بين الماضيين المذكورين ؛ لوجود الهمزة في ماضي باب الافتعال عند الإدغام كما في غيره دون ماضي باب التفعيل كما لا يخفى ، بما حاصله أن عندهم عند هذا الإدغام تحذف الهمزة المجتلبة لدفع لزوم الابتداء بالساكن استغناء بتحريك القاف فلا جرم يلزم الالتباس ، والجواب عن الجمهور أنه يمكن أن يرفع الالتباس ، باعتبار المقام أو بمعونة المضارع تدبر. اه لمحرره.
3- قوله : (تنقل ... إلخ) وإنما تنقل لإسكانها إذ الإدغام لا يتأتى بدون إسكان التاء الأول وأما نقلها إلى ما قبلها فلكونه حرفا صحيحا قابلا للحركة محتاج إليها ؛ لسكونه كما لا يخفى. اه تحرير.
4- قوله : (وتحذف ... إلخ) للاستغناء عنها فيلزم الالتباس بيانه مثلا إذا قصد الإدغام في اقتتل نقلت فتحة التاء إلى القاف وحذفت الهمزة للاستغناء عنها ، ثم أدغم التاء الأولى في الثّانية فيصير قتّل بفتح القاف وتشديد التاء ، فلم يعلم أنه ماض من التفعيل أو من الافتعال فلهذا الالتباس يدغم ، وقس عليه ما عداه ، وبعضهم جوزوا الإدغام مع الالتباس اكتفاء بالفرق التقديري. اه شمس الدين صاحب رحمه الله.
5- قوله : (يجيء ... إلخ) يجوز الإدغام ؛ لأن طريق الإدغام عندهم ليس نقل حركة التاء إلى ما قبلها حتى يلزم الالتباس ، بل ما بينه بقوله : يجيء ... إلخ. اه فلاح.

لالتقاء الساكنين (1).

وعند بعضهم يجيء بالهمزة (2) المجتلبة ، نحو : اخصّم ، نظرا إلى سكون أصله.

ويجوز في مستقبله كسر الفاء وفتحها كما في الماضي ، نحو : يخصّم (3) ، وفي فاعله ضمّ الفاء للإتباع مع جواز فتحها وكسرها (4) ، نحو : مخصّمون.

ويجيء مصدره : «خصّاما» (5) بكسر الخاء لا غير (6) ،

ص: 185


1- قوله : (لالتقاء ... إلخ) يعني إذا قصد الإدغام في الماضي من هذا الباب أسكنت تاء الافتعال فالتقى ساكنان ؛ لأن فاء الكلمة ساكنة أيضا ، والأصل في التقاء الساكنين أن تحرك الأولى منهما بالكسر ، ولا يمكن حذف إحداهما ؛ لئلا يلزم إجحاف الكلمة فحركت الأولى بالكسر وحذفت الهمزة للاستغناء عنها ، مثلا إذا قصد الإدغام في اقتتل أسكنت التاء ليمكن الإدغام فاجتمع ساكنان القاف والتاء فحرك القاف بالكسر على الأصل فاستغنى عن الهمزة ، ثم أدغم التاء في التاء فصار قتّل بكسر القاف وفتح التاء وتشديدها ، وقس عليه ما عداه. اه ابن سليمان رومي رحمه الله تعالى.
2- قوله : (يجيء بالهمزة ... إلخ) وبالجملة بان في اختصم على ما ذكر المصنف رحمه الله ثلاثة مذاهب ، أحدها عدم الإدغام ، والثّاني الإدغام وحذف الهمزة مع كسر الخاء ، والثّالث الإدغام وبقاء الهمزة والكسرة. اه من الحنفية.
3- قوله : (يخصم) بكسر الخاء وفتحها أصله يختصم فأسكنت التاء ؛ ليمكن الإدغام فالتقى الساكنان الخاء والتاء فحركت الخاء بالكسر على الأصل ، أو نقل فتحة التاء إليها ، ثم قلبت التاء صادا وأدغم الصاد في الصاد ، وقس عليه ما عداه. اه فلاح شرح مراح الأرواح.
4- قوله : (وكسرها ... إلخ) لا يقال : في كسر الفاء خروج من الضمة إلى الكسرة وهو مهروب عنه عند القوم ؛ لأنا نقول : يجوز الخروج من الضمة إلى الكسرة في الحركة العارضة. اه حنفية شرح مراح الأرواح.
5- قوله : (خصاما) وفيه ثلاثة مذاهب أيضا كما في الفاعل ، الأول الإدغام وحذف الهمزة مع كسر الخاء كما في الماضي على اللغة الثّانية ، كما أشار إليه بقوله : ويجيء مصدره خصاما ... إلخ ، والثّاني الإدغام وفتح الفاء وحذف الهمزة ، كما أشار إليه بقوله : ويجيء اخصّاما ... إلخ ، والثّالث بقوله : ويجيء اختصاما. اه من الحنفية.
6- قوله : (لا غير) فيه أنه جاز في اختصام خصام بكسر الخاء وفتحها بدون الهمزة ومعها بكسر الخاء ، كما قال المصنف رحمه الله فيما يليه فلا يستقيم قوله : لا غير ، إذ هو يفيد نفي التعميم وإثبات الخصوص ، وأجاب بأن معنى كلام المصنف إذا اعتبرت التقاء الساكنين أو اعتبرت نقل كسرة التاء إلى الخاء يجيء مصدره خصام بكسر الخاء لا غير. اه من الحنفية.

لالتقاء الساكنين (1) ، أو لنقل كسرة التاء إلى الخاء.

ويجيء : «خصّاما» إن اعتبرت حركة الصاد المدغم فيها ، ويجيء : «اخصّاما» اعتبارا (2) بسكون الأصل.

وتدغم (3) تاء : «تفعّل» و «تفاعل» فيما بعدها باجتلاب الهمزة كما مرّ (4) في باب الافتعال ، نحو : اطّهّر ، أصله تطّهّر (5) ،

ص: 186


1- قوله : (لالتقاء ... إلخ) وتحريك أولهما بالكسر على الأصل يعني إذا قصد الإدغام في الاختصام أسكنت التاء ليمكن الإدغام فالتقى الساكنان الخاء والتاء ، وحرك الخاء بالكسر على الأصل فاستغنى عن الهمزة ، ثم أدغم التاء في الصاد فصار خصّاما بكسر الخاء وفتح الصاد وتشديد ، هذا هو المذهب الثّاني. اه أحمد رحمه ربه.
2- قوله : (اعتبارا ... إلخ) كأنه لدفع ما يقال : تحريك الخاء مستغن عن اجتلاب الهمزة ؛ لعدم تعذر الابتداء بالمتحرك فلم اجتلبت الهمزة ثمة بأن الهمزة إنما اجتلبت وإن كسرت الخاء نظرا إلى أصالة سكون الخاء وعروض تحركها كما مرّ في اخصّم. اه مهديه.
3- قوله : (وتدغم ... إلخ) وهذا الإدغام مطرد في الماضي والمضارع والأمر والنهي والمصدر واسمي الفاعل والمفعول ، قال الشيخ ابن الحاجب : وقد تدغم تاء تتنبر وتتنابر وصلا وليس قبلها حرف صحيح ساكن أي : وقد تدغم تاؤهما إذا كان في حال الوصل ولم يكن قبلها صحيح ، بل إمّا إن يكون قبله متحركا نحو قال تتنزل ، أو ساكنا غير صحيح نحو قالوا تتنزل ، وإمّا أن يكون في غير حال الوصل فلا يجوز الإدغام ؛ لأنك لو أدغمت التاء الأولى في الثّانية لاحتجت إلى همزة الوصل ، وهمزة الوصل لا يدخل الفعل المضارع. اه إيضاح شرح مراح الأرواح.
4- قوله : (كما مر ... إلخ) كما يجوز إدغام تاء الافتعال فيما بعده إذا كان ما بعده حرفا من حروف تد ذز سصضطظ بجعل التاء مثل ما بعده من العين ، كذلك يجوز إدغام تاء تفعل وتفاعل فيما بعده إذا كان ما بعده تاء أو حرفا من هذه الحروف التسعة سوى الضّاد بجعل التاء مثل ما بعده من الفاء. قال ابن الحاجب : وأما تاء تفعل وتفاعل فيدغم فيما يدغم فيه التاء وهي الطاء والدال والظاء والذال والتاء والثاء والصاد والزاي والسين ، وإذا تقرر ذلك فلا يلتفت إلى ما ذهب إليه الشارحون من أنه إذا وقع بعد تاء تفعل وتفاعل حرف من حروف تثدذزسشص ضظط وهو اثنا عشر حرفا هذا ، وإنما أدغموا التاء في الحروف التسعة للدلالة على المبالغة من غير لبس بعلم السامع بأصله. اه ابن كمال باشا.
5- قوله : (تطهر) بتشديد الهاء فأسكن التاء ، ثم أدغم في الطاء بعد قلبه طاء فاجتلبت الهمزة فصار اطّهّر وكذلك ازّيّن واذكر وادثر واتبع واظّهر واسمع واضرب أصله تزين وتذكّر وتدثر وتتبع وتصبر وتظهر وتسمع وتضرب. اه شمس الدين صاحب رحمه ربه.

واثّاقل (1) ، أصله : تثاقل (2).

ولا (3) يدغم (4) في نحو : «استطعم» بسكون التاء تحقيقا ، ولا في نحو : «استدان» (5) تقديرا ، ولكن يجوز حذف تائه في بعض المواضع ، نحو : اسطاع يسطيع ، كما مرّ (6) في : «ظلت».

وإذا قلت : «أسطاع» - بفتح الهمزة - تكون السين (7) زائدة ؛ لأن أصله :

ص: 187


1- الثاء ليست من الحروف التسعة المذكورة في قولك : تدذر سص ضظط فلعل التمثيل بها ؛ لكونها ملحقة بها وتابعة لها. اه تحرير.
2- قوله : (تثاقل) قلبت التاء ثاء وأدغمت واجتلبت همزة الوصل فصار اثاقل وكذلك اتّابع وادّاخر واذّاكر وازّاين اسّامع واصّابر واضّارب واظّاهر أصلها تتابع وتداخر وتذاكر وتزاين وتسامع وتصابر وتضارب. اه ابن سليمان.
3- جواب سؤال وهو أن يقال : إن التاء والطاء قد اجتمعتا في استطعم كما اجتمعتا في تطهر ، وكذا اجتمع التاء والذال في استدان كما في يبدل فينبغي أن يدغم فيهما بأنه لا يدغم فيهما تاء الاستفعال فيما بعد وإن كان من تلك الحروف التسعة التي جاز إدغام التاء فيها ؛ لأن ما بعد تاء الاستفعال يكون ساكنا أبدا ومن شرط الإدغام تحرك الحرف الثّاني فيمتنع الإدغام فلا يدغم في نحو ... إلخ. اه فلاح مع حنفية.
4- قوله : (ولا يدغم ... إلخ) يريد به أن ما إذا وقع في باب الاستفعال بعد التاء إحدى هذه الحروف فلا يدغم التاء فيهما سواء كان تلك الحروف ساكنة نحو استطعم أو متحركة بإعلال نحو استدان ، أمّا في الأول فلتعذر شرط الإدغام وهو كون الثّاني متحركا ، وأمّا في الثّاني فلأن الفاء فيه وإن تحرك باعتبار الإعلال لكنه ساكن تقديرا. اه جلال الدين.
5- أيضا صفة لمصدر محذوف لعامل حذف بقرينة الأول ، ولا يقع الإدغام في استدان أيضا ؛ لسكون الفاء تقديرا أي : تقديريا ؛ لأن أصله ... إلخ. اه جلال الدين.
6- قوله : (كما مر في ظلت) أي : كما مر جواز حذف أحد المتماثلين للتخفيف عند امتناع الإدغام لسكون الثّاني ؛ لأن التاء والطاء وإن لم تكونا من جنس واحد إلا أنهما لما اتحدا في المخرج كانا كأنهما من جنس واحد ، فيجوز التخفيف بالحذف ، وقد يدغم تاء استطاع في الطاء ، مع بقاء صوت السين فيقال : اسطاع وهو نادر لما فيه من الجمع بين الساكنين. كذا قيل. اه فلاح.
7- فلا يكون من باب الاستفعال بل من باب الإفعال. اه

أطاع ، كالهاء (1) في : أهراق ؛ أصله أراق لأنه من الإراقة ، ثم زيدت عليها الهاء على خلاف القياس.

* * *

ص: 188


1- أراد بهذا التشبيه إزالة استبعاد زيادة السين ؛ لأن الزيادة غالبا إما في الأول وإما في الآخر ، وههنا في الوسط بأن مثل هذه الزيادة وجد في كلامهم نحو زيادة الهاء في أهراق أشار إليها بقوله : أصله أراق فإنه لما لم تكن الهاء في أراق ، ووجدت في أهراق علم أنها زائدة ، ثم لما كان مظنة أن أصله كما تقول : أراق ، كذا يحتمل أن يكون أهرق فبقيت المظنة السابقة أشار إلى دفع ذلك بقوله : لأنه من الإراقة ، تقرير الدفع أن الاحتمال المذكور من كون أصله أهرق بعيد كل البعد ، فإن مصدره إراقة ، وكل حرف لم يكن في المصدر في الأصول لم يكن في ماضيه أيضا ؛ لكونه مأخوذا منه فافهم. اه لمحرره.

الباب الثالث : في المهموز

(1)

ولا يقال (2) له : «صحيح» لصيرورة همزته حرف علّة في التّليين ، وهو يجيء على ثلاثة أضرب :

1 - مهموز (3) الفاء ، نحو : أخذ.

2 - والعين ، نحو : سأل.

ص: 189


1- قوله : (الثّالث) اسم فاعل من الثلاث معناه سيوم بار شدن من باب ضرب. المهموز اسم مفعول من همزت الحرف فانهمز كذا في الصحاح ، وإنما قدم هذا الباب على المعتلات ؛ لأن الهمزة حرف صحيح ؛ لأن تصرفها كتصرف الحرف الصحيح ؛ إلا أنها قد تخفف وتحذف إذا وقعت غير أول ، فناسب أن يقدم على هذه الأبواب الثلاثة ويؤخر عن المضاعف ؛ لأن الإبدال في المضاعف في مواضع مخصوصة ، وتليين الهمزة في مواضع كثيرة. اه عبد الحكيم.
2- يعني : لم يجعل المصنف المهموز من الصحيح مع عدم وجود حرف العلّة فيه ، على أن ابن الحاجب قال في الشافية : الكلم ينقسم إلى صحيح ومعتل ، فالمعتل ما فيه حرف العلّة والصحيح بخلافه فيدخل حينئذ المهموز في الصحيح ، خلاصة المقال : إن الهمزة كما يقال له حرف علّة إذ عريكته كعريكة حرف العلّة في التليين فمنظور ابن الحاجب أصله ؛ ومنظور المصنف عريكته فالمخالفة لأجل النكتة والشيء إذا غيّر عن الأصل في الظاهر لا يبعد أن يسمى باسم آخر كماء متجمد لا يقال له ماء بل جمد ، وإن كان ماء في الأصل فكذا حال الهمزة لكن لو سماها العلّة يلزم ترك النظر إلى الأصل ، وكذا في تسميته بالصحيح يلزم الترك إلى عريكته فلذا لم نقل للكلمة التي في أحد أصوله فصاعدا همزة لا صحيحا ولا معتلا بل سميناها باسم آخر وهو المهموز رعاية للجانبين تدبر. اه لمحرره.
3- قوله : (مهموز ... إلخ) هذا حصر عقلي إن اعتبر وجود همزة واحدة في كلمة ثلاثية ، وإلا فبناء على الغالب إذ يجيء من الرباعي ما يكون عينه ولامه الثّانية همزتين نحو : وكأكأ ولألأ. اه ابن سليمان.

3 - واللام ، نحو : قرأ.

وحكم الهمزة كحكم الحرف الصحيح ، إلا أنها (1) قد تخفّف (2) ب :

1 - القلب.

2 - وجعلها بين بين ، أي : بين مخرجها وبين مخرج (3) الحرف الذي منه حركتها ، وقد يجعل الهمزة بين مخرجها وبين مخرج الحرف الذي منه حركة ما قبلها.

3 - والحذف.

الأول يكون إذا كانت ساكنة ومتحركة ما قبلها ، فقلبت الهمزة بشيء يوافق حركة ما قبلها ، للين عريكة الساكنة ، واستدعاء (4) ما قبلها ، نحو : راس ، ولوم ، وبير (5).

ص: 190


1- الاستثناء مفرغ أي : حكم الهمزة مثل حكم الحرف الصحيح في جميع الأحكام إلا في ثلاثة أمور فإنها مختلفة فيها الأول أنها تخفف بالقلب بخلاف الصحيح ، والثّاني جعلها بين ... إلخ ، والثّالث الحذف ، أي : حذف الهمزة بنقل حركتها إلى الساكن ما قبلها صحيحا وإسقاطها في الدرج. اه حنفية.
2- لأنها حرف ثقيل إذ مخرجه أبعد من مخارج جميع الحروف ؛ لأنه يخرج من أقصى الحلق فهو شبيه بالتهوّع المستكره لكل أحد بالطبع فخففها قوم وهم أكثر أهل الحجاز وخاصة قريش ، روي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنه قال : «نزل القرآن بلسان قوم وليسوا بأصحاب نبي ، ولو لا أن جبرئيل عليه السلام نزل بالهمزة على النبي ما همزتها» ؛ وخففها آخرون وهم تميم وقيس ، والتخفيف هو الأصل قياسا على سائر الحروف الصحيحة ، فخفف عند الأولين بالقلب ... إلخ. اه فلاح.
3- قوله : (وبين مخرج ... إلخ) فإن كانت الهمزة مفتوحة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الألف وإن كانت مكسورة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الياء ، وإن كانت مضمومة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الواو هذا هو بين بين المشهور. اه فلاح.
4- قوله : (واستدعاء ... إلخ) أي : اقتضاء ما قبلها من الحركة أن تصير من جنسه فإن الواو من جنس الضم ، والألف من جنس الفتح ، والياء من جنس الكسر ؛ لتولدها من تلك الحركات عند إشباعها. اه
5- إن كانت كسرة قلبت ياء نحو بير أصله بئر بالهمزة الساكنة ، وهذه الأمثلة للهمزة الساكنة التي في كلمة واحدة مع تحرك ما قبلها نحو «إلى الهداتنا» ، و «الّذيتمن» ، و «يقول وذن لي» ، الأصل في الأول أن يقال : إلى الهدى ، ويقال : ايتنا بقلب الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ؛ لأن أصله ائتنا بهمزتين ؛ لأنه أمر من أتى يأتي لكن لما سقطت ألف الوصل في الدرج اجتمع الساكنان ألف الهدى والهمزة الساكنة التي من فاء الفعل فحذفت الألف لكونه في آخر الكلمة والتغيير بالآخر أولى ، وقبلها الدال مفتوحة فصار دأت من الهدى ائتنا بمنزلة رأس فقلبت الهمزة فيه ألفا كما قلبت همزة رأس ، وأما الذ يتمن أصله الذ ئتمن بهمزة ساكنة التي هي فاء من بعد همزة الوصل فسقطت همزة الوصل أيضا في الدرج فالتقى الساكنان ياء الذي والهمزة الساكنة التي هي فاء الفعل فحذفت الياء لوقوعها في الطرف وقبلها الذال المكسورة فصار ذئت من الذي ائتمن بمنزلة بئر فقلبت الهمزة فيه ياء قبلها في بئر ، وأمّا من يقول وذن لي أصله ائذن لي بهمزة ساكنة بعد همزة الوصل وهي فاء أذن فسقطت همزة الوصل في الدرج وباشرت لام يقول المضمومة فصار لؤذن من : يقول ؤذن لي بمنزلة لؤم فقلبت الهمزة واوا قلبها في لؤم وكلّ ذلك - أي : قلب الهمزة بشيء يوافق حركة ما قبلها في كلمة كانت أو في كلمتين - جائز لا واجب إذا كان ما قبل الهمزة غير الهمزة ، وأمّا إذا كان ما قبلها همزة أيضا وكانت في كلمة واحدة يجب قلبها نحو آمن وأومن وإيمانا كما سيجيء. اه ابن سليمان رومي.

والثاني : يكون إذا كانت متحركة ومتحركا ما قبلها ، ثم تثبت ولا تقلب ، بل تجعل بين بين ، لقوّة عريكتها (1) ، نحو : سأل ، ولؤم ، وسئل ، إلّا إذا كانت مفتوحة وما قبلها مكسورة أو مضمومة ، فتجعل ياء أو واوا ، نحو : مير ، وجون (2) ؛ لأن

ص: 191


1- قوله : (لقوّة ... إلخ) أي : لقوّة طبيعة الهمزة المتحركة مع تحرك ما قبلها وأقسام ذلك تسعة ؛ لأن الهمزة إمّا مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة ، وعلى التقادير ما قبلها إمّا مفتوح أو مكسور أو مضموم ، والحاصل من ضرب الثلاثة في الثلاثة تسعة فإن كانت الهمزة مفتوحة فما قبلها أيضا مفتوح نحو سأل ، أو مكسور نحو مائة ، أو مضموم نحو مؤجل ، وإن كانت مضمومة فما قبلها إما مضموم نحو لؤم ، أو مفتوح نحو رؤوف ، أو مكسور نحو مستهزئون ، وإن كانت مكسورة فما قبلها إما مكسور أيضا نحو مستهزئين أو مضموم نحو سئل أو مفتوح نحو سئم ، والقياس في الصور التسع كلها أن يجعل بين بين ؛ لأن فيه تخفيفا للهمزة مع بقية من آثارها ؛ ليكون دليلا على أن أصل الكلمة الهمزة لكن في صورتين منها لا يمكن جعلها بين بين ، وأشار إليهما بقوله : إلا إذا كانت ... إلخ. واعلم أن ما ذكره المصنف من استثناء الصورتين مذهب سيبويه ، وحكي عن يونس جعلها بين بين فيهما أيضا والحقّ ما قاله سيبويه. اه شمس الدين.
2- بضم الجيم وفتح الواو أصله جؤن بفتح الهمزة وهو جمع جؤنة بالضم وهي سليلة مستديرة مغشاة أو ما يكون مع العطارين من ظرف العطر ؛ وذلك لأن ... إلخ. اه فلاح.

الفتحة كالسكون في حقّ اللّين ، فتقلب كما في السكون.

فإن قيل (1) : لم لا تقلب في : «سأل» وهمزته مفتوحة ضعيفة؟.

قلنا : فتحتها صارت قويّة لفتحة ما قبلها ، ونحو (2):

...

... لا هناك (3) المرتع (4)

شاذ.

والثالث : أن يكون إذا كانت متحركة وكان ساكنا ما قبلها ، ولكن تليّن فيه

ص: 192


1- تقرير السؤال أنك قلت : إن الفتحة في حكم السكون فالهمزة في سأل مفتوحة وهي في حكم السكون فصارت الهمزة ضعيفة كالسكون ، فلم لا تقلب ألفا. اه حنفية شرح مراح.
2- قوله : (ونحو : لا هناك ... إلخ) بعض من البيت وصدره : راحت بسلمة البغال عشية فارع فزارة لا هناك المرتع راحت فعل ماض بمعنى ذهبت ، وبسلمة علم قبيلة متعلق براحت ، والبغال فاعل راحت ، وعشية ظرف زمان له ، وفارع على صيغة الواحدة المؤنثة فعل الأمر من رعى يرعي رعيا ، والرعي جرانيدن فعل وفاعله ضمير مستتر فيه وهو أنت ، وفزارة بضم الفاء اسم قبيلة ، أو اسم شخص ، أو علم امرأة منادى بحذف حرف النداء ، ولا هناك المرتع دعاء عليها ، وهنا فعل ماض أصله هنأ بالهمزة من هنئت الطعام هنية وهنيئا مريئا ، ثم قلبت ألفا على خلاف القياس لضرورة الشعرية ، والضمير المنصوب معه ضمير مؤنث خطاب إلى فزارة ، والمرتع فاعل هناك وهو موضع الرتوع بمعنى جراگاه. اه غلام رباني. فمعناه بالفارسية قال بعض الأفاضل : البيت للفرزدق وقد كان من قبيلة سلمة وكان لها مرعى في موضع وكانت قبيلة أخرى تسمى فزارة يأتون بغالهم إليها عشية فيرعونها ، واتفاقا في ليل من الليالي مضى الفرزدق بالمرعى فرأى أهل فزارة بأنهم يرعون البغال فيه ولم يستطع على نفيهم فانفجر قلبه ، فيرجع إلى أهله فلاقى بأحد من أهل سلمة فقال له : راحت بسلمة ... إلخ ، فقوله : سلمة بحذف المضاف أي بمرعى سلمة ... إلخ ، وقوله : فارع مقولة لقلت المحذوف ، أي : فقلت ارع ... إلخ. اه لمحرره.
3- أصله لا هنأك بفتح الهمزة فقلبت ألفا على خلاف القياس ، والمرتع بفتح الميم اسم مكان من رتعت الماشية ، أي : أكلت ما شاءت. اه حنفية.
4- بعض عجز بيت من البحر الكامل ، وهو للفرزدق كما في العين للفراهيدي 2 / 68 ، وكتاب سيبويه 3 / 554.

أوّلا للين (1) عريكتها بمجاورة (2) الساكن ما قبلها ، ثم تحذف لاجتماع الساكنين ، ثم أعطي حركتها لما قبلها إذا كان (3) ما قبلها حرفا صحيحا ، أو واوا وياء أصليتين أو مزيدتين لمعنى (4) ، نحو : مسلة ، أصلها : مسألة ، وملك ، أصله : ملأك (5) من الألوكة (6) ، وهي الرّسالة.

ص: 193


1- قوله : (للين عريكتها ... إلخ) قيل : في هذه الطريق كثرة التغير ومخالفة الكتب إذ التليين ابتداء في مسألة لا يتصور بدون حركة ما قبلها ، وكيف تحذف الهمزة باجتماع الساكنين والحركة متحققة في الهمزة ، ولو لم تكن محققة ، كيف يستقيم قوله : ثم أعطي حركتها لما قبلها ، والحق ما ذكره المحققون وهو أن ينقل حركة الهمزة إلى ما قبلها وتحذف الهمزة ؛ وذلك لأن حذفها أبلغ في التخفيف ، وقد بقي من عوارضها ما يدل عليها وهي حركتها المنقولة إلى ساكن قبلها. اه مولوي عبد الحكيم رحمه الله.
2- قوله : (بمجاورة ... إلخ) زاده بعد قوله : للين عريكتها دفعا لما يقال : بأنا لا نسلم لين عريكة الهمزة ثمة ؛ لأنها متحركة والهمزة المتحركة قوية ، كما قال المصنف رحمه الله قبيل هذا في جعل الهمزة المتحركة بين بين لقوة عريكتها ، بما تشريحه أن تليين عريكتها لأجل مجاورة الساكن ما قبلها لا غير فإن الساكن ضعيف فمجاوره كذلك إذ المجاورة مؤثرة ، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : «الصحبة موثرة» ، فالتليين فيه حكمي. تدبر. اه لمحرره رحمه الله.
3- قوله : (إذا كان ... إلخ) هذا هو القيد لحذف الهمزة بالطريقة المذكورة ، أي : إنما حذفت الهمزة بالكيفية السابقة إذا كان ما قبل الهمزة حرفا ... إلخ. اه جلال الدين.
4- من المعاني أي : لا يكونان زائدتين لمجرد المد أو ما يشابهه بل زائدتين لمعنى كالإلحاق نحو حوبة وجيل والأصل حوءب وجيأل فالواو والياء فيهما للإلحاق وزنهما فوعلة وفيعل والتأنيث وغيرهما ، وإنما فسرنا به بقرينة مقابلته بقوله : وإذا كان ياء أو واوا مدتين أو ما يشبه المدة كياء التصغير جعلت مثل ما قبلها ، ثم أدغم في آخره ، فهذه أقسام ثلاثة ، القسم الأول ما يكون قبل الهمزة المفتوحة حرف صحيح ساكن ... إلخ اه ف. كما في مثل مقروّة وخطيئة ؛ لأن واو مفعول وياء فعيل زيدتا للمد فهما بمنزلة ألف إفعال ومفعال فلا يحتملان الحركة فلا يقال مقروة وخطية بنقل حركة الهمزة إلى الواو والياء وحذفها كما في بناء ؛ لأن الألف لا يحتمل الحركة وكذا لا ينقل إلى ياء التصغير في أفيّس ؛ لأنها شبيهة بالياء التي هي المدة. اه مولوي.
5- فيه أن الملأك مهموز العين والألوكة مهموز الفاء فلا مجال لقول المصنف : من الألوكة ، اللهم إلّا أن يقدر في العبارة بأن يقال : أصله ملأك وهو مقلوب المألك الذي من الألوكة ، هذا ما أفيد من بعض الأفاضل ، والله اعلم. اه لمحرره.
6- قوله : (من الألوكة) قال الكسائي : أصل ملك مألك بتقديم الهمزة من الألوكة ، ثم قلبت وقدمت اللام فقيل : ملأك ثم تركت همزته لكثرة الاستعمال فصار ملك. اه أحمد.

و «الأحمر» يجوز فيه : لحمر ؛ لأن الألف لأجل سكون اللام ، وقد انعدم ، ويجوز : ألحمر ، لطروّ (1) حركة اللام (2) ، وجيل (3) وحوبة (4) ،

ص: 194


1- قوله : (لطرو ... إلخ) لأنها منقولة عارضية فلا اعتبار بها ، اعلم أن قوله : مسلة وملك ولحمر وألحمر أمثلة الهمزة التي نقلت حركتها إلى الحرف الصحيح في الكلمة واحدة حقيقة أو حكما فإن الأحمر في الأصل كلمتان إحداهما حرف التعريف والثّاني أحمر لكنهما عدتا كلمة واحدة لشدة الامتزاج ، ولما فرغ مما ذكرنا أراد أن يشرع في بيان الأمثلة التي نقلت حركتها إلى الواو والياء المزيدتين لمعنى واحد فقال : ونحو جيل ... إلخ. اه حنفية.
2- قوله : (لطرو حركة ... إلخ) أي : عروضها وعدم الاعتبار بالعارض فلم يستعن عن الهمزة وهو الأكثر ، فعلى هذا الوجه يقال : من الحمر بفتح النون وفي الحمر بحذف الياء لالتقاء الساكنين حكما ، بخلاف الوجه الأول إذ يقال : من الحمر بإسكان النون ، وفي الحمر بإثبات الياء ؛ لعدم التقاء الساكنين اعتبارا بالحركة العارضة. القسم الثّاني ما يكون قبل الهمزة المفتوحة واو أو ياء ساكنتين أصليتين وهو على ضربين ، أحدهما ما يكون الهمزة وما قبلها في كلمة واحدة ، وثانيهما ما يكون الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى ، والمصنف لم يذكر للضرب الأول من هذا القسم مثالا ونحن نذكره وهو نحو سو بفتح السين وضم الواو ، شي بفتح الشين وضم الياء وأصلهما سوء وشيء بإثبات الهمزة وسكون ما قبلهما فيهما فأسكنت الهمزة ثم حذفت لالتقاء الساكنين فيهما ، فنقلت حركة الهمزة إلى الواو والياء الأصليتين فصار سو وشي ، وأخر مثال الضرب الثّاني لعلّة نذكرها إن شاء الله تعالى. القسم الثّالث ما يكون قبل الهمزة المفتوحة واو أو ياء ساكنتان زائدتان لمعنى وهو أيضا ضربان أحدهما ما يكون الهمزة وما قبلها في كلمة واحدة ، وثانيهما ما يكون الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى مثال الضرب الأول منه ما ذكره بقوله : وجيل ... إلخ. اه فلاح.
3- قوله : (جيل) بفتح الجيم والياء جميعا والأصل : جيأل بإثبات همزة مفتوحة بعد ياء ساكنة وهو الضبع ، والياء زائدة للإلحاق بجعفر لكنه بمنزلة الأصليّة في تحمل الحركة فخففت الهمزة بالإسكان والحذف ونقلت فتحتها إلى الياء فيصير جيل ، لا يقال : إن الياء المتحركة إذا انفتح ما قبلها قلبت ألفا فلم لم تقلب هذه الياء ألفا مع أنها متحركة وما قبلها مفتوح ، لأنا نقول : قال أبو علي : إنما امتنعوا من قلب هذه الياء ألفا مع أنها متحركة وما قبلها مفتوح ؛ لأن الهمزة وإن كان ملغاة من اللفظ فهي مبقاة في التقدير وحركة الياء عارضية في حكم المعدوم فلذلك امتنعوا من قلبها ألفا. اه ابن كمال باشا.
4- قوله : (وجيل وحوبة) مثال الواو والياء المزيدتين لمعنى واحد ، أبو يّوب ... إلخ مثال واو وياء أصليتين. فإن قيل : ما الوجه في إيراد مثال الواو والياء المزيدتين بكلمة ، والأصليتين بكلمتين مع مجيء نظيرهما في كلمة أيضا نحو سو وشي؟. قلت : عن الأول لم يجىء مثالهما في الكلمتين ، وعن الثّاني إن مثالهما وإن جاء في كلمة لكن لغاية قلته كأنه بمنزلة المعدوم لم يتعرض المصنف إليه تدبر. اه سمع. بفتح الحاء المهملة والواو جميعا ، والأصل حوأبة بإثبات همزة مفتوحة بعد واو ساكنة وهي القرية الواسعة ، والواو ههنا زائدة للإلحاق بجعفر أيضا ، لكنه بمنزلة الأصليّة في تحمل الحركات فخففت الهمزة بالإسكان والحذف ونقل فتحها إلى الواو فصار حوبة هنا. اه أحمد.

وأبو يّوب (1) ، ويغز وخاه ، ويرمي باه ، وابتغي مره (2).

ويجوز تحميل الحركة على حروف العلة في هذه المواضع لقوّتها (3) وطروّ الحركة.

وإذا كان (4) ما قبلها حرف لين مزيدا نظر : فإن كان واوا أو ياء مدّتين أو ما

ص: 195


1- قوله : (وأبو يوب ... إلخ) أي : لما يكون الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى ؛ لأن أصله : أبو أيوب بإثبات همزة مفتوحة وما قبلها حرف أصلي وهو الواو الساكنة ، فخففوا الهمزة بالإسكان والحذف ونقل فتحتها إلى الواو وقالوا : أبو يوب بنقل اللسان من الواو المفتوحة إلى الياء المشددة المضمومة من غير حاجز بينهما ، وإنما أخر هذا المقال لمناسبة قوله : ابتغي مره في أن الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى ، وهو مثال للضرب الثّاني من القسم الثّالث. اه فلاح.
2- قوله : (وابتغي ... إلخ) جاز أن يكون بالعين المهملة من الاتباع وهو أمر المؤنث ، وكذا بالغين المعجمة أمر للمؤنث من باب الافتعال من ابتغى يبتغي ، والاستشهاد فيه أن الهمزة لما تحولت وكانت قبلها الياء مزيدة لمعنى التأنيث خففت بالحذف ونقلت فتحتها إلى الياء التي هي ضمير المؤنث وقيل : ابتغي مره بنقل اللسان من الياء المفتوحة إلى الميم الساكنة ، وإنما خففوا الهمزة بالحذف في الأقسام الثلاثة كلها ؛ لأن حذفها أبلغ للتخفيف ، وقد بقي من عوارضها ما يدل عليها وهو حركتها المنقولة إلى الساكن الذي قبلها. اه فلاح بتصرف.
3- قوله : (لقوتها) وأنت خبير بأن حروف العلّة الأصليّة لو كانت قوية لما نقل الحركة في يقول ويبيع إلى ما قبلها ، إلا أن يقال : إنها نكتة بعد الوقوع ، وأيضا الحركة فيهما أصلية ولا شك في ثقلها بخلاف حركة ههنا فإنها عارضية وهي ليست كذلك فيمكن حملها. اه جلال الدين.
4- قوله : (وإذا كان ... إلخ) هذا بيان للهمزة التي قبلها واو أو ياء زائدتين لا لمعنى واحد ، فكأنه دفع لما يقال : إنه ما حال الهمزة التي قبلها واو أو ياء مزيدتين لا لمعنى واحد ، فأشار إلى دفعه بقوله : وإذا كان ... إلخ. اه غلام رباني.

يشابه المدّة كياء التصغير (1) جعلت مثل ما قبلها ، ثم أدغم الأول في آخره ؛ لأن نقل الحركة إلى هذه الأشياء يفضي إلى تحميل (2) الضعيف فيدغم (3) ، نحو : خطيّة (4) ، ومقروّة (5) ، وأفيّس (6).

فإن قيل (7) : يلزم تحميل الضعيف أيضا في الإدغام ، وهي الياء الثانية؟.

ص: 196


1- قوله : (كياء التصغير) إن قلت : إن ياء التصغير ياء زائدة لمعنى واحد وقد مر بيان هذا القسم فلا يصح إيراده في هذا الموضع الذي هو بيان للهمزة التي قبلها واو أو ياء مزيدتين لا لمعنى واحد ، قلت : إن ياء التصغير وإن دلت على معنى واحد لكن لا تدل وحدها بل مع ضم أول الكلمة وفتح ثانيها ، والمراد بما سبق من قوله : مزيدتين لمعنى واحد أن الواو والياء المزيدتين لمعنى واحد بأن يفهم هذا المعنى فيهما فقط لا مع ضم غيره معه. اه غلام رباني.
2- قوله : (إلى تحميل ... إلخ) أي : إلى تحميل الحركة بالحرف الضعيف وهو غير جائز ، وهذا الدليل لا يخلو عن ضعف إذ الحرف الضعيف قد يتحمل الحركة العارضة ، والأولى ما ذكره بعض المحققين : من أنه إذا كان ما قبل الهمزة المتحركة واوا أو ياء مدتين كان تخفيفها بقلبها حرفا من جنس الساكن الزائد قبلها ، وإدغامه فيها لتعذر إيقاع حركتها على الياء والواو ، وحينئذ إذا كانتا مدتين مجردتين لا تقبلان الحركة ، يريد أن مدتهما تنافي حركاتهما إذ لو حركتا زالت المدة عنهما مع أنه استغني عن تحريكهما بالقلب الذي هو أولى من الحذف لما مر ، وهذا القلب والإدغام بطريق الجواز ، وإنما لم يخففوا الهمزة ههنا بجعلها بين بين ؛ لأن جعلها بين بين تقريبا من الساكن وهم لا يجمعون بين الساكن وما يقاربه ، كما لم يجمعوا بين الساكنين. اه شمس الدين رحمه الله.
3- الفاء فيه للجواب يعني إذا كان الأمر كذلك فيدغم ، فعلى هذا لا يقال قوله : فيدغم ، بعد قوله : ثم أدغم تكرار بلا فائدة. اه شرح.
4- قوله : (خطيّة) بتشديد الياء المفتوحة ، والأصل خطيئة بإثبات همزة مفتوحة بعد ياء ساكنة زيدت للمد ، والوزن فعيلة كصحيفة ، إلا أنهم أبدلوا من الهمزة التي هي لام الكلمة الياء فاجتمع ياءان والأول منهما ساكن فأدغم في الثّاني ، وقيل : خطية. اه مولوي أحمد سلمه ربه.
5- بالواو المشددة المفتوحة ، وأصله مقروءة على وزن مفعولة ، فأبدلوا من الهمزة واوا فاجتمع واوان أولهما ساكن فأدغم في الثّاني وقيل : مقروة. اه ف.
6- بضم الهمزة وفتح الفاء وكسر الياء وتشديدها تصغير أفؤس بفتح الهمزة وسكون الفاء وضم الهمزة جمع فأس مثل أكلب جمع كلب ، والأصل أفيئس بإثبات همزة بعد ياء التصغير ، فقلبت : الهمزة ياء فاجتمع ياءان أولهما ساكنة فأدغم فيما بعدها ، وقيل : أفيّس. اه ف.
7- المقصود من الإدغام والفرار عن نقل الحركة عدم تحميل الضعيف وقد يلزم ... إلخ. اه حنفية.

قلنا : الياء الثانية أصلية (1) ، فلا تكون ضعيفة ، كياء جيل ، وياء يرمي باه.

وإن كان ما قبلها ألفا تجعل بين بين (2) ؛ لأن الألف لا تحمل الحركة والإدغام (3) ، نحو : سائل ، وقائل.

وإذا اجتمعت (4) الهمزتان ، وكانت الأولى مفتوحة والثانية ساكنة تقلب الثانية ألفا (5) ، نحو : آخذ ، وآدم (6) ، وإذا كانت الأولى مضمومة تقلب الثانية واوا ، نحو :

ص: 197


1- قوله : (أصلية) لكونها مبدلة من الهمزة الأصليّة ومن حيث إنها جاء في مقابلة اللام في خطيئة ومقروءة وفي مقابلة العين في قوله : أفيئيس ، فلما كان كذلك فلم يكن ضعيفة كياء جيل فإن هذه الياء في مقابلة الأصل وهو عين جعفر فلا تكون ضعيفة. اه عصام الدين.
2- المشهور لا غير ، أي : لا بين بين الغير المشهور لسكون ما قبلها. فإن قلت : فهلا امتنع جعلها بين بين لسكون الألف وقرب همزة بين بين من الساكن ، وهم لا يجمعون بين الساكن وما قرب منه؟. قلت : سوغ ذلك أمران أحدهما خفاء الألف فكأنه ليس قبلها شيء ، وثانيهما زيادة المد الذي فيها فإنه قائم مقام الحركة كالمدغم كذا ذكره الجاربردي. اه أحمد.
3- قوله : (والإدغام ... إلخ) أي : الألف لا يقبل الإدغام أيضا ؛ لأن الإدغام يستلزم تحرك الثّاني وذا غير ممكن ههنا فتعين جعلها بين بين فإن كانت الهمزة مفتوحة جعلت بين الهمزة والألف نحو قراءة ، وإن كانت مضمومة جعلت بين الهمزة والواو نحو تساؤل وإن كانت مكسورة جعلت بين الهمزة والياء نحو سائل ... إلخ. اه فلاح. قوله : (والإدغام ... إلخ) ؛ لأن الإدغام إنما يتأتى فيما يقبل الحركة ، والألف لا تقبلها فلا تدغم وإنما قلنا ذلك إذ الغرض من الإدغام هو التخفيف وذا حاصل بدونه كما لا يخفى. اه لمحرره.
4- قوله : (وإذا اجتمعت ... إلخ) لما فرغ من بيان تخفيف الهمزة الواحدة شرع في بيان تخفيف الهمزتين فقال : وإذا اجتمعت ... إلخ. اه تحرير.
5- قوله : (تقلب الثّانية ألفا) للين عريكة الساكن واستدعاء ما قبلها. اه
6- قوله : (آدم) وهو أبو البشر أصله أأدم بهمزتين الأولى زائدة مفتوحة ، والثّانية فاء الكلمة ساكنة فقلبت الثّانية ألفا وجوبا ؛ لسكونها وانفتاح ما قبلها فقيل : آدم فوزنه أفعل ، ولا يجوز أن يقال : الأولى فاء الكلمة ، والثّانية زائد بوجهين ، الأول أنه يكثر زيادتها أولا ، وقلّت حشوا ، والحمل على الأكثر أولى ، الثّاني أنه لو كان كذلك لكان وزنه فاعلا كشامل فيجب أن يصرف فلما لم يصرف دلّ على أنه بوزن أفعل كأحمر ، ومن هذا علم أنه لا يجوز أن يكون على فاعل بفتح العين كخاتم بأن يكون الألف زائدة غير منقلبة من الهمزة ؛ لأنه حينئذ يجب صرفه أيضا. اه أحمد.

أوثر (1) ، وأودم ، وإذا كانت الأولى مكسورة تقلب الثانية ياء ، نحو : إيسر (2) ، إلّا في : «أئمّة» (3) جعلت همزتها ألفا كما في : «آخذ» ثم جعلت ياء (4) ، وكسرت (5)

ص: 198


1- مجهول أثر الحديث بالمد أي : رواه أصله أؤثر بهمزتين فقلبت الثّانية واوا ؛ لسكونها وانضمام ما قبلها فصار أوثر. اه ف.
2- بكسر السين أصله إئسر بهمزتين أمر من أسر يأسر بوزن ضرب يضرب ، فقلبت الهمزة الثّانية ياء ؛ لسكونها وانكسار ما قبلها فصار إيسر ، وإنما لم يجز الجمع بين همزتين في كلمة واحدة وأوجبوا التخفيف بقلب ثانيهما ؛ لأنهم يخففون في كلامهم الهمزة الواحدة في الأكثر ، وإذا اجتمعتا لزمت الثّانية البدل ؛ لأن التلفظ بالثّاني الساكن عسير كذا قيل ، فحاصل ما ذكره المصنف رحمه الله أنه إذا اجتمع همزتان وكانت الثّانية ساكنة تقلب الثّانية حرفا يوافق حركة الأولى. اه شمس الدين صاحب رحمه الله تعالى.
3- قوله : (إلا في أئمة) استثناء من قوله : تقلب الثّانية ألفا إذا كانت ساكنة والأولى مفتوحة أي : تقلب الثّانية ألفا فقط إلا في أئمة فإنها تقلب ياء أيضا بعد قلبها ألفا ؛ لاجتماع الساكنين ، أو من قوله : وإذا كانت الأولى مكسورة فقلبت الثّانية ياء ، فإنه يدل بطريق المفهوم أن الأولى إذا لم تكن مكسورة لا تقلب الثّانية ياء إلا في أئمة فإنها قلبت بالياء مع أن الأولى غير مكسورة ؛ لاجتماع الساكنين. ثم قوله : أيمة بالياء الصريحة المكسورة جمع إمام كأزمة جمع زمام ، والأصل أءممة بإثبات همزة ساكنة متوسطة بين الهمزة الأولى والميم فنقلوا أولا كسرة الميم إلى الهمزة الساكنة ، ثم أدغموها في الميم الثّانية فصار أئمة بفتح الهمزة الأولى وكسر الثّانية ، ثم جعلت ... إلخ. اه من المولوي والفلاح.
4- لمناسبة بحركة الميم المدغم في الأصل ؛ لأن أصله أءممة بسكون الهمزة وكسر الميم الأولى ، وما ذكره المصنف في الكتاب غير مشهور أنه نقلت حركة الميم إلى الهمزة عند قصد إدغام الأولى في الثّانية فصار أئمّة فكره اجتماع الهمزتين فقلبت الهمزة الثّانية ياء لمناسبة الياء الكسرة كذا في شرح الشافية ، وعليه الاعتماد وهذا عند البصريين. اه عبد الحكيم.
5- لأنه متى اجتمع الساكنان على غير حدّة يوجب أحد الأمرين إما الحذف وإما التّحريك ، لا سبيل إلى الأول لأنه يصير بعد الحذف أمّة فيلتبس بالآمّة الموضوعة من الأمّ وهو القصد ، ولا يمكن التّحريك أيضا ؛ لأن الألف لا يقبل الحركة ولو حرك يلزم اجتماع الهمزتين ، فوقعنا فيما فررنا عنه من المحذور وهو التكلم بالهمزتين وذلك متروك للثقل ، ولا سبيل إلى حذف الثّاني لكونه حرفا صحيحا ولا إلى تحريكه إلا بفك الإدغام فيلزم حينئذ الثقل ، فتعين إبدال الأول ولا يمكن إبداله بالواو ؛ لكونه ثقيلا خصوصا إذا حركت فتعين إبداله بالياء ، وحرك بالكسر ؛ لأنه الأصل في تحريك الساكن ، ولتكون علامة على الهمزة المحذوفة فصار أئمة. لا يقال : فينبغي أن يدغم أولا بنقل حركة الميم إلى الهمزة وهي الكسرة ؛ لئلا يقع التغيرات المذكورة ، لأنه يلزم حينئذ إهمال أصل وهو إبدال الهمزة الثّانية الساكنة التي وقعت بعد الهمزة المفتوحة بالألف والأصل في الدلائل الإعمال لا الإهمال ، ولهذا أعمل في يدعى بأصلين ولم تقلب الواو أولا بالألف بالاتفاق ، هذا مختار البصريين والمصنف تبعهم ، وعند غيرهم أدغم الميم في الميم بنقل الحركة فصار أئمة ثم أبدلت الثّانية بالياء ؛ لأنه متى اجتمع الهمزتان وكان ثانيهما مكسورة والأولى مفتوحة قلبت الثّانية بالياء. اه مولوي رحمه الله.

لاجتماع الساكنين ، وعند الكوفيين لا تقلب بالألف حتى لا يلزم اجتماع الساكنين ، وقرئ عندهم : (أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) (1) [التوبة : 12] بالهمزتين.

فإن قيل : ههنا اجتماع الساكنين في حدّه وهو جائز ، فلم لا يجوز في :

«آمّة»؟.

قلنا : الألف في : «آمّة» ليست بمدّة (2) ، فكيف يكون اجتماع الساكنين في حدّه؟.

وأما (3) : كل ، وخذ ، ومر ، فشاذّ.

ص: 199


1- قوله : (أئمة ... إلخ) فإن قيل : لم لا تبدل الهمزة ياء مع وجود قانون الإبدال؟. قلت : تلك الضابطة ليست مطلقة بل إذا كانت الكسرة أصلية غير نقلية. اه جلال الدين.
2- أي : مدة معتبرة لالتقاء الساكنين على حدهما ؛ لأن المدة المعتبرة لالتقائهما هي حرف علّة ساكنة غير مبدلة عن حرف أصلي تكون زائدة وتكون حركة ما قبلها موافقة لها كما في قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ) [الأنعام : 38] ، وألف آمّة ليس كذلك ؛ لأنها منقلبة عن الهمزة ، فإذا لم تكن الألف مدة لا يكون اجتماع الساكنين على حدهما. اه عبد.
3- (وأما كل ... إلخ) ، لما توجه أن يقال : إن قولكم : إذا اجتمعت الهمزتان وكانت الأولى منهما مضمومة والثّانية ساكنة تقلب الهمزة الثّانية واوا ، منقوض بكل وخذ ومر فإنها صيغ الأمر إذ مضارعها يأكل ويأخذ ويأمر ، فإذا بني الأمر منها يجتمع همزتان إحداهما فاء الكلمة وهي ساكنة ، والثّانية الهمزة المجتلبة وهي مضمومة ؛ لأن كلها من الباب الأول فصار أؤكل وأؤخذ وأؤمر ، والحال أن الثّانية لم تقلب واوا كما ترى ، فأجاب بقوله : وأما كل ... إلخ ، خلاصته أن حذف الهمزتين وعدم الامتثال بالقانون خلاف القياس. وتوضيح الجواب : الأصل أن يقال : اوكل واوخذ واومر بالواو الساكنة المنقلبة من الهمزة الساكنة الثّانية بناء على القانون المذكور ، لما كثر استعمال لهذه الكلمات خالفوا القياس وخففوا الهمزة الثّانية بالحذف فبقي ما بعد الهمزة المجتلبة متحركا فاستغني عنها (فَقَدْ جاءَ) - فحذفت أيضا فبقي كل وخذ ومر ، هذا ما أراده المصنف. لكن فيها تفصيل وهو أن مخالفة القياس في كل وخذ على سبيل الوجوب والالتزام ، وأما مر فساغ فيه القياس أيضا كقوله تعالى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ) [طه : 132] ، والسر فيه أن مر لما لم يبلغ مبلغ باب خذ وكل في كثرة الاستعمال لم يلزموا حذف الهمزة فيه ولم يقصر في قلة الاستعمال ، كما في باب إيسر حتى أثبتوها فيه أيضا بلا خلاف فجعلوا له حكما متوسطا وهو جواز الأمرين ، إثبات الهمزة جريا على القياس ، وحذفها على خلاف القياس ، إلا أنهم إذا ابتدؤوا به كان مر عندهم أفصح من أومر ، لاستثقال الهمزتين ؛ وإذا ابتدؤوا بغيره قبله كان اومر على الأصل أفصح من مر ، لأنهم إذا قالوا : وأمر فقد استغنوا عن همزة الوصل المضمومة لأجل الدرج ، وإيصال الواو المفتوحة بالهمزة التي هي فاء الفعل فلا يستثقل كذا قالوا. اه ابن سليمان رومي.

وهذا إذا كانتا في كلمة واحدة.

وإذا كانتا في كلمتين (1) تخفّف الثانية عند الخليل ، نحو :

ص: 200


1- قوله : (إذا كانتا في كلمتين) واعلم أنه إذا اجتمع همزتان في كلمتين يتحقق فيه اثنا عشر صورة ، الثّانية مفتوحة وقبلها أربعة أحوال يتحقق بذكر لفظ أحد بعد جاء ، ومن تلقاء ويدرأ ولم يدرأ ، ومكسورة وقبلها أربعة أحوال يتحقق بذكر لفظ إبل بعد كل من هذه الألفاظ ، ومضمومة وقبلها الأربعة يتحقق بإيراد لفظ أولئك عقيب كل منها متصلا ، إذا عرفت هذا فاعلم أن في تخفيفهما مذاهب ثلاثة ، وقول لبعض الحجازيين وهو تخفيفهما بلا فصل بينهما ، أما التخفيف فلأنه أوفى بمقصود التخفيف ، وكونه بدون الفصل بينهما فلعدم لزوم اجتماعهما إذ قد ينفك إحدى الكلمتين عن الأخرى ، ولم يذكره المصنف. وأشار إلى الأول بقوله : وعند أهل الحجاز تخفف كلاهما ، ثم طريق تخفيفهما أن تخفيف الأول بقاء نون تخفيف الهمزة المنفردة ، والثّانية بقاعدة تخفيف الهمزتين في الكلمة الواحدة نحو : رأيت قار أبيك ، فيقال فيه قاري وبيك ، بقلب الأولى ياء كما في بير ، والثّانية واوا على قياس أوادم أو قاري أبيك بجعل الثّانية بين بين. مذهب الكوفيين وهو إثباتهما إذ اجتماعهما في الكلمتين أسهل منه في كلمة واحدة ، مذهب بعض الصراف وهو تخفيف أحدهما. ثم اختلفوا في هذا المذهب الأخير ، فذهب سيبويه إلى أن أي الهمزتين خفف جاز وكفى لحصول التخفيف به ، واختار أبو عمرو تخفيف الأولى ؛ لأن الاستثقال إنما يحصل من اجتماعهما ، فعلى أيهما وقع التخفيف جاز لكنهم قد أبدلوا أول المثلين في مثل دينار وديوان بالنون والواوين ، وكان ذلك للتخفيف فكذا في الهمزتين ، واختار الخليل خلاف ذلك وإليه أشار بقوله : تخفف الثّانية عند الخليل ؛ لأن الثقل في التلفظ إنما يحصل عند الثّانية ، فلا يصار إلى التخفيف قبل حصول الاستثقال ، وأما القول بإدخال ألف الفصل بينهما لفظا لا خطا أشار إليه بقوله : وعند بعض العرب ... إلخ. ثم قاعدة تخفيف أحدهما أن هاتين الهمزتين إما متفقتان في الحركة نحو (أَوْلِياءُ أُولئِكَ) [الأحقاف : 32] و (جاءَ أَشْراطُها) [محمد : 18] ، وإمّا مختلفين فيها كما في جاء إبل فعند الاتفاق إما أن تكون الهمزة الأولى في آخر الكلمة أو لا ، فإن كانت في آخرها جاز حذف أول المتفقين إن أريد التخفيف فيها ، وكذا جعل الثّانية بين بين إن أريد فيها ، ونقل قلب الثّانية حرف مد أي : ألفا إن انفتحت الأولى ، وواوا إن ضمت ، وياء إن انكسرت ، فعلى هذا تجعل الهمزة الثّانية ألفا في جاء أشراطها ، ثم حذف لالتقاء الساكنين ، وإن كانت في الأولى فإن كانت في الأولى فإما أن تخفف الأولى أو الثّانية فإن تخفف الثّانية فاجعلها بين بين كما في سأل ، وإن تخفف الأولى فإما أن تكون قبلها حرف آخر أو لا ، فإن لم تكن فلا تخفف ؛ لأن الهمزة المبتدأ بها لا تخفف ، وإن كان فإما مفتوحا فتجعل بين بين نحو سأل ، وإما مكسورا أو مضموما فتجعل ياء أو واوا كما في مير ومؤجل ، وقال بعضهم : تجعل الألف في اللفظ دون الخط في المتفقين متمسكين بقول الشاعر : أأنت ... إلخ ، وعند الاختلاف تخفف أيتهما على حسب قانون تخفيف الهمزة المفردة نحو : جاءني قارء أبيك ، إلا أن الأولى عنده تجعل بين بين كما في مستهزئون ، والثّانية تبدل بحرف يوافق حركة ما قبلها كما في أواخذ هذا فإنه ينفعك في مواضع شتى ، والتفصيل في الرضي والنظامي ، فإن أردت الاطلاع فارجع إليهما. اه فقير عبد القدير.

أَشْراطُها) [محمد : 18] ، وعند أهل الحجاز يخفف كلاهما ، وعند بعض العرب تقحم بينهما الألف (1) للفصل ، نحو :

...

... أأنت (2) أم أمّ سالم (3)

ص: 201


1- في اللفظ دون الخط كراهة اجتماع ثلاث ألفات ، وذكر ابن الحاجب في شرح المفصل : لم يثبت إقحام الألف إلا في مثل أانت وشبهه. اه ف.
2- أي : نحو قول ذي الرمة : فيا ظبية الوعساء بين جلاحل وبين النقاء أانت أم سالم الوعساء : الأرض اللينة ، وجلاحل بالجيم المفتوحة والحاء المهملة المضمومة اسم موضع ، ونقاء اسم موضع آخر ، وأم سالم حبيبته ، سمي هذا النوع في الكلام تجاهل العارف وهو سوق المعلوم مقام غيره لنكتة كالتحير في هذا المثال ، فلما رأى الشاعر ظبية في هذا الموضع مشابهة بأم سالم وهي حبيبته في الحسن والجمال تجاهل لتحيره في الحب في أن تلك الظبية ، ظبية أو هي أم سالم فخاطبها وناداها فقال : يا ظبية ... إلخ. اه أحمد.
3- بعض بيت من البحر الطويل ، وهو لذي الرمة في الجمل في النحو ص 250 ، وكتاب سيبويه 3 / 551 ، والأمالي للقالي 2 / 61.

ولا تخفف (1) الهمزة في أول الكلمة لقوّة (2) المتكلم في الابتداء ، وتخفيفها (3) بالحذف في : «ناس» أصله : أناس ، شاذ ، وكذلك في الله ، أصله : إله (4) ، فحذفوا

ص: 202


1- بوجه من وجوه التخفيف إذا وقعت في أول الكلمة ، أي : إذا ابتدأ بها ، وأما إذا وقعت الهمزة في أول الكلمة ولكن لم يبدأ بها بشيء قبلها جاز تخفيفها ، ولهذا جوّزوا تخفيف الهمزتين معا ، وثانيتهما في مثل (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) [محمد : 18] مع أن الثّانية وقعت في أول الكلمة. اه فلاح.
2- قوله : (لقوة ... إلخ) ولأنه لو خففت وجعلت بين بين يقرب الهمزة المبتدأة من الساكن فكره أن يبتدأ بما يشبه الساكن ، ولما لم يجز بين بين وهو الأصل في تخفيف الهمزة كما مر حملوا الباقي عليه ، ولا يرد عليه نحو خذ أصله اؤخذ فخففت الهمزة بالحذف من أوله ؛ لأنه حذفت الهمزة الثّانية تخفيفا ، ثم استغني عن همزة الوصل فحذفت فلم تخفف الهمزة الأولى ، ولا نحو قل وأصله اقول لأنا نمنع أن أصله ذلك ؛ لأنه مأخوذ من تقول فحذفت حرف المضارعة وسكون اللام للجزم فصار قول فحذفت الواو للساكنين فصار قل فلم يوجد سبب وجود الهمزة وهو سكون القاف فلا يتحقق الهمزة ولا تخفيفها ، أو نقول : سلمنا أن أصله اقول لكن أعل بنقل حركة الواو إلى القاف وحذفت الواو لالتقاء الساكنين فاستغني عن همزة الوصل فحذفت لا على وجه التخفيف بل لعدم الاحتياج إليه كما ذكره الجاردبردي. اه شمس الدين. تشريحه على ما قيل : إذا وقعت الهمزة في أول الكلمة لا تخفف بوجه من الوجوه المذكورة ؛ لأن الهمزة المبتدأة بها لو خففت لم يمكن التخفيف بإبدال الألف عنها لامتناع وقوع الألف في الابتداء ولا بإبدال الواو والياء عنها ؛ لأن الإبدال بهما لا يكون إلا إذا كانت ساكنة أو مفتوحة قبلها ضمة أو كسرة ، وكل ذلك منتف عند وقوع الهمزة ابتداء ولا بالحذف فإنه مشروط بما إذا تقدم بها ساكن ، وهو منتف فيما نحن بصدده ، ولا بجعلها بين بين لكراهتهم الابتداء بالساكن ؛ لأن همزة بين بين قريب من الساكن على مذهب البصريين ، وأما على مذهب الكوفيين فيلزم الابتداء بالساكن ؛ لأنها ساكنة عندهم. اه مولوي عبد الحكيم سيالكوني.
3- قوله : (وتخفيفها ... إلخ) جواب لما يقال : إن قولكم : ولا تخفف الهمزة في أول الكلمة غير صحيح إذ قد تخفف الهمزة في ناس أصله أناس وكذا في الله كما لا يخفى بأن التخفيف في هذين الموضعين شاذ لا يعتد به. اه أحمد رحمه الله.
4- قوله : (إله) اعلم أن إله فعال بمعنى مفعول من أله يأله بالفتح فيهما ، أي : عبد فمعنى إله مألوه معبود كقولنا : إمام بمعنى مؤتم به ، فعلى هذا في الألف واللام مذهبان أحدهما أن يكونا عوضين عن الهمزة المحذوفة ومع هذا يفيد التعريف أيضا ، وهو مذهب أبي علي النحوي ، واستدل عليه بكون همزته للقطع حالة النداء حيث يقال : يا ألله بالقطع ، وثانيهما أن يكونا للتعريف لا للتعويض وهو مذهب جمهور أهل اللغة ، واستدلوا بأنه لو كانتا عوضا من الهمزة لما اجتمعتا حينئذ مع المعوض في قولهم : الإله ، وقالوا : وقطعت الهمزة في النداء للزومها ، والمصنف أطلق القول ولم يقيد بكونهما للتعويض أو للتعريف ليشمل المذهبين ، هذا وقد جوز سيبويه أن يكون أصل اسم الله تعالى لاه بغير همزة من لاه يليه ، أي : تستر ، ثم لما أدخلت عليه الألف واللام أجري مجرى اسم العلم كالحسن والعباس ، إلا أنه يخالف سائر الأعلام من حيث إنه كان في الأصل صفة ، وقولهم : يا ألله بقطع الهمزة إنما جاز ؛ لأنه ينوي به الوقف على حرف النداء تفخيما للاسم كذا في مختار الصحاح. اه ابن كمال باشا.

الهمزة فصار : لاه ، ثم أدخلوا الألف واللام ، فصار : اللاه ، ثم أدغمت اللام في اللام ، فصار : الله.

وقيل : أصله الإله ، فحذت الهمزة الثانية فنقلت (1) حركتها إلى اللام ، فصار : اللاه ، ثم أدغمت (2) اللام في اللام ، فصار : الله ، كما في (3) : «يرى» (4) أصله : يرأي ، فقلبت الياء (5) ألفا لفتحة ما قبلها ، ثم ليّنت الهمزة (6) ، فاجتمع ثلاث سواكن ، فحذفت الألف فأعطي حركتها إلى الراء ، فصار : يرى.

وهذا (7)

ص: 203


1- قوله : (فنقلت ... إلخ) الفاء بمعنى إذ التعليلية أي : إنما حذفت الهمزة إذا نقلت حركتها ... إلخ فحينئذ يكون الحذف بعد نقل الحركة ، فلا يرد ما قيل : إن الهمزة لما حذفت لم تبق الحركة لتوقفها بالهمزة فكيف نقلت حركتها ، تدبر. اه تحرير.
2- قياسا ، فعلى هذا لا يكون حذف الهمزة شاذا ؛ لأن الهمزة إذا تحركت وسكن ما قبلها كان القياس في تخفيفها أن تحذف الهمزة وأعطى حركتها إلى ما قبلها ، كما في مثل الحمر وكما في يرى ... إلخ. اه ف.
3- التشبيه في الحذف بعد التليين ، ثم نقل الحركة دون الإدغام. اه عبد الحكيم.
4- قوله : (يرى) فيه حذف وبدل ، وهو من قبيل توالي الإعلالين وذلك ممنوع ، وإنما جوزوه على خلاف القياس ومع ذلك فصيح ، فعلم أن الشاذ المستعمل لا يمنع الفصاحة. اه مولوي.
5- قوله : (فقلبت الياء ... إلخ) تقديم إعلال الياء وقلبها ليس بواجب فإنه لو قدم إعلال الهمزة يصح أيضا ، لكنه مستحسن لكون الياء حرف علّة ، ولكونه في آخر الكلمة والأواخر محل التغيير. اه.
6- هذا اختيار المصنف ، وأمّا عند غيره فنقل حركة الهمزة إلى ما قبلها ثم حذفت. اه مولوي.
7- جملة مستأنفة فكأنها وقعت في جواب سائل بأن هذا التخفيف في يرى واجب أم جائز بأنه واجب ، ثم لما كان مظنة أن يسأل أن وجوب هذا التخفيف مختص بيرى أم يجري في أخواته أيضا كنأى ينأى مثلا أشار إلى دفعه بإيراد قوله بعيده : دون أخواتها ودليله ظاهر. اه تحرير.

التخفيف واجب (1) في : «يرى» دون أخواتها مع (2) اجتماع حرف علّة بالهمزة في الفعل الثقيل ، لكثرة الاستعمال ، ومن ثمّ لا يجب : «ينى» في : ينأى (3) ، و «يسل» في : يسأل ، و «مرى» في : مرأى (4).

وتقول في إلحاق (5) الضمائر : رأى ، رأيا ، رأوا ، رأت ، رأتا ، رأين ... إلخ ،

ص: 204


1- حتى لا يجوز استعمال الأصل والرجوع إليه إلا في ضرورة الشعر كقوله : ألم تر ما لاقيت والدّهر أعصر ومن يمتد العيش يرأى ويسمع (البيت من البحر الطويل ، وهو بلا نسبة في أخبار الزجاجي ص 70 ، ولسان العرب ، مادة (رأي).) اه. ف.
2- قوله : (مع ... إلخ) فعلم من قول المصنف أن شروط وجوب الحذف ثلاثة : أحدها : كثرة الاستعمال. وثانيها : اجتماع حرف العلّة بالهمزة. وثالثها : أن تجمعا في الفعل. فمتى اجتمعت هذه الشروط في كلمة وجب تخفيفها وجوبا غير قياس كما سيصرح ، ومتى انتفى واحد منها لم يجب التخفيف وقد تحقق كلها في ترى فحذفت الهمزة منه على سبيل الوجوب كذا في العصام. اه فلاح.
3- قوله : (في ينأى) بل يجوز بعد قلب الياء ألفا أن تخفف الهمزة بحذفها ونقل حركتها إلى النون قبلها ويجوز إبقاؤها لفقدان الشرط الأول وهو كثرة الاستعمال. اه أحمد.
4- قوله : (في مرأى) اسم مكان من رأى بل يجوز بعد قلب الياء ألفا أن تخفف الهمزة بحذفها ونقل حركتها إلى الراء قبلها وإن لم يستعمل كما سيجيء ، وجاز إبقاؤها لفقدان الشرط الثّالث وهو اجتماع حرف علّة مع الهمزة في الفعل وعلى إبقائها في قول الشاعر : حمامة جرعا حومة الجندل اسجعي فأنت بمرأى من سعاد ومسمع اه. شمس الدين رحمه الله تعالى.
5- قوله : (في إلحاق ... إلخ) لما فرغ المصنف رحمه الله من بيان الهمزة المجردة من الضمير شرع في بيان أحكامها إذا لحقها الضمير مستكنة كانت أو بارزة بقرينة المثال ، فقال : وتقول في إلحاق ... إلخ ، رأى رأيا بإثبات الهمزة ، والماضي وإن كان كثير الاستعمال نحو مضارعه إلا أنه غير ثقيل مثل المضارع ؛ لخلوه عن الزوائد والله تعالى اعلم. اه تحرير.

وإعلال (1) الياء سيجيء في باب الناقص.

المستقبل : يرى يريان يرون ، ترى تريان يرين ، ترى تريان ترون ، ترين تريان ترين ، أرى نرى.

وحكم : «يرون» كحكم : يرى ، ولكن (2) حذف الألف الذي في : «يرون» لاجتماع الساكنين الألف وواو الجمع.

وحركة (3) الياء في : «يريان» طارئة (4) ، ولا تقلب (5) ألفا ؛ لأنه لو قلبت يجتمع

ص: 205


1- قوله : (وإعلال الياء ... إلخ) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : لم لم يبين وجه إعلال الياء كما بين وجه إعلال الهمزة من الحذف ونقل الحركة ، وغيرها فأجاب بقوله : وإعلال ... إلخ. اه حنفية.
2- لعله جواب عما يقال : لما كان حكم يرون كحكم يرى فما السّرّ في أنه تحذف الألف المنقلبة من الياء في يرون ولم تحذف في يرى ، بأنه حذف الألف ... إلخ. اه لمحرره رحمه الله. قوله : (ولكن حذف الألف الذي في يرون ... إلخ) ولم يحذف ذلك الألف في يرى ، يعني أن أصل يرون يرأيون على وزن يعلمون فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها كما في يرأى فالتقى الساكنان هذا الألف وواو الجمع بعدها فحذفت الألف ؛ لأن الواو علامة فبقي يرأون ، ولم يحذف هذا الألف في يرى لعدم التقاء الساكنين ثم لينت الهمزة ، فاجتمع ثلاث سواكن الراء والهمزة والواو فحذفت الهمزة وأعطي حركتها التي هي الفتحة للراء الساكنة قبلها كما في يرى فصار يرون. اه ابن سليمان.
3- قوله : (وحركة الياء ... إلخ) دفع سؤال يمكن تحريره بوجهين ، الأول أن يريان تثنية يرى المفرد والتثنية فرع المفرد ، والياء فيه ليست بمتحركة لصيرورتها ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها فينبغي أن لا تتحرك في التثنية منه أيضا توافقا بين الفرع والأصل ، والثّاني أن يرى أصله يرأى فقلبت الياء ألفا لتحركها وفتحة ما قبلها ، وياء يريان أيضا متحركة وما قبلها مفتوح فينبغي أن تقلب ألفا ، وتشريح الجواب أن الياء لم تتحرك في التثنية أيضا فحركتها طارئة غير معتد بها ؛ لكونها في شرف الزوال فلم يخالف الفرع الأصل. اه لمحرره.
4- أي : عارضة لأجل الألف للتثنية فيه ؛ لأن ما قبل الألف لا بد أن يكون مفتوحا ، ولو لا الألف لكانت الياء مضمومة كما في المفرد. اه ف.
5- قوله : (ولا تقلب ... إلخ) جواب لما يتجه أن ما قلتم من علّة قلب الياء ألفا في يرى تحرك الياء وفتحة ما قبلها موجود في يريان أيضا ، فلم لم تقلب الياء في يريان ألفا؟ بأنه لو قلبت الياء في يريان ألفا يجتمع الساكنان على غير حدّه وذا لا يجوز ، ثم لما توجه بأنه لا بأس باجتماع الساكنين ثمة إذ دفعه ممكن بأن يحذف أحدهما ، دفعه بقوله : ثم لو حذف ... إلخ ، ولما ورد على هذا الجواب بأنه غير مستقيم إذ لا التباس بالواحد عند حذف أحدهما فإنه حينئذ يصير يران والواحد ليس إلا يرى ، فقال لدفع ذلك : في مثل لن يرى ... إلخ ، توضيحه أنه ليس مرادنا بالالتباس الالتباس مطلقا بل فيما أدخلت عليها لن أو أن الناصبتين ، فإذا التبس في هذه الصورة ولم تقلب بالألف حملت عليها الصورة التي لم يلتبس فيها وهي تريان ولم تريا. اه من العصام بتوضيح. ولا يخفى أن هذا الالتباس يرتفع بأدنى الالتفات وبمعونة المقام. اه جلال الدين. اللهم هذه نكتة بعد الوقوع والحاكم بذلك هو الواضع تدبر. اه

ساكنان ، ثم لو حذف أحدهما فيلتبس بالواحد في مثل : لن يرى (1) ، ب : يرى ، وأن يرى.

وأصل : «ترين» : ترأيين ، على وزن : تفعلين ، فحذفت (2) الهمزة كما في : «يرى» فصار : تريين ، ثم جعلت الياء ألفا لفتحة ما قبلها (3) ، فصار : تراين ، ثم حذفت الألف لاجتماع الساكنين ، فصار : ترين ، وسوّي (4) بينه وبين جمعه اكتفي

ص: 206


1- قوله : (في مثل لن يرى) فإنه بعد دخول الناصب تسقط النون الإعرابي فلو حذف الياء عن التثنية بعد القلب بالألف يصير لن يرى ، فلا يدرى حينئذ أنه صيغة الواحد لم يحذف منه حرف أو مثنى حذف منه النون بدخول لن ، ولهذا لم تقلب ألفا وهذه الالتباس في التلفظ لا في الكتابة ؛ لأن ألف التثنية تكتب على صورة الألف ؛ لأنها ليست بمنقلبة من الياء ، وألف المفرد تكتب على صورة الياء لانقلابه منه. اه مولوي معه فلاح شرح مراح.
2- قوله : (فحذفت ... إلخ) قدم ههنا إعلال الهمزة وأخر إعلال الياء على عكس ما قال في يرى تنبيها على جواز الوجهين. اه عبد الحكيم. أي : حذف حركتها معلقة فالتقى ساكنان الراء والهمزة فحذفت الهمزة وأعطى حركتها للراء قبلها فصار ... إلخ. اه ف.
3- (لفتحة ما قبلها) ، واعترض عليه بأن فتحة ما قبلها غير لازمة لكونها منقولة فكيف تجعل ألفا على تقرير المصنف ، ولا يقال : إن الراء في الأصل أعنى الماضي متحرك أيضا ؛ لأن لزوم حركة الأصل معتبر في هذا القانون ، وأمّا لزوم فتحة ما قبله غير معتبر ؛ لأنا نقول : إن هذا اللزوم أيضا معتبر كما صرح به المصنف فيما بعد ، ومع هذا فقلب الياء ألفا ونقل حركة الهمزة إلى ما قبلها. اه إيضاح.
4- قوله : (وسوّي ... إلخ) جواب عما يقال كما أن بين المفرد والجمع مغايرة معنوية فكذا الأصل في صيغها هو التميز اللفظي ؛ ليوافق المعنى واللفظ ، فلم يفرق بينهما بما حاصله : التمييز نوعان حقيقة وتقديرا فههنا وإن لم يوجد النوع الأول لكن وجد الثّاني فلا إيراد فافهم. اه لمحرره.

بالفرق التقديري ، كما في : «ترمين» (1) وسيجيء في باب الناقص.

وإذا أدخلت النون الثقيلة في الشرط (2) كما في قوله تعالى : (فَإِمَّا تَرَيِنَّ (3) مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) [مريم : 26] ، حذفت النون عنه علامة (4) للجزم ، وكسرت ياء التأنيث حتى يطّرد بجميع نونات التأكيد كما في : «اخشينّ» (5) وسيجيء تمامه في باب اللفيف.

ص: 207


1- فإن الواحدة أصله ترميين على وزن تفعلين فأسكنت الياء ثم حذفت لاجتماع الساكنين فصار ترمين على وزن تفعين بحذف اللام والجمع باق على الأصل. اه ح.
2- قوله : (في الشرط) صلة أدخلت ، وقوله : كما في ... إلخ ، خبر مبتدأ محذوف مع الفاء الجزائية أي : فهو كما في ... إلخ ، وجزاء الشرط هذا فقوله : حذفت النون ، تفصيل لما في التنزيل تأمل. اه ملا محتشم.
3- أي : على الكلمة التي أدخلت حرف الشرط الجازم عليها ، فلا يرد ما قيل : إن العبارة ظاهرا لا يستقيم ؛ لأن النون الثقيلة لا تدخل على الشرط كما لا يخفى. اه ملا محتشم. قوله : (ترينّ) أصله ترأيين قلبت الياء الأولى بالألف لتحركها وانفتاح ما قبلها فالتقى الساكنان الألف والياء فحذفت الألف فصار ترأين ، ثم نقلت حركة الهمزة إلى الراء فالتقى ساكنان الهمزة والياء ، فحذفت الهمزة فصار ترين ، ثم أدخلت عليه حرف الشرط وهو كلمة ، إمّا فسقط النون الإعرابي فصار إمّا تري ، فلما دخلت عليه نون التأكيد كسرت الياء لأجل نون التأكيد ، أي : لأجل أنه التقى ساكنان أحدهما ياء الضمير ، والثّاني النون المدغم ، ولا يجوز حذف واحد منهما فحركت الياء بالكسر كما أشار إليه بقوله : وكسرت ياء ... إلخ. اه حنفية.
4- قوله : (علامة للجزم) وهو كلمة إمّا ، وقد أخطأ من قال : حذفت النون الإعرابي لأجل نون التأكيد لا لأجل إمّا ، لأنه لا يلحق بالفعل قبل دخول إمّا لما تقدم في أول البحث من أن نون التأكيد لا يلحق إلا بما فيه معنى الطلب أو شبهه وهذا الفعل قبل دخول إما لا يوجد فيه معنى الطلب أو شبهه ، فكيف يكون حذف نون الإعراب لأجل نون التأكيد. اه مولوي بر سعدية شرح زنجاني رحمة الله تعالى على مؤلفهما. إلا أن النون فيه حذفت للوقف لأنه أمر الواحدة المخاطبة وفي مثل إما ترين حذفت للجزم بحرف الشرط ، ثم أصل اخشين اخشيي على وزن اسمعي قلبت الياء الأولى ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها ، ثم حذفت لالتقاء الساكنين ، فصار اخشي بفتح الشين وسكون الياء ، ولما لحقه نون التأكيد كسرت الياء فصار اخشين على وزن افعين. اه مولوي بزيادة.
5- قوله : (كما في ... إلخ) لعل المصنف أراد بهذا التشبيه في كسرة ياء التأنيث ما قبل نون التأكيد مع إفادة ردّ ما قيل إيرادا على قول المصنف حتى يطرد بجميع نونات التأكيد بأنه غير مستقيم إذ كثير من نونات التأكيد لا تكسر الياء ما قبلها كتدعينّ ولأدعينّ وغير ذلك ، بأن المراد بالطرد المذكور الطرد بنون التأكيد المتصلة بفعل الواحدة المخاطبة من الأمر المأخوذ من الغابر المفتوح العين النّاقص اليائي تدبر. اه تحرير.

الأمر (1) : على الأصل : إرء (2) ، ك : ارع ، وعلى الحذف : ر ، ريا (3) ، روا ، ري ريا رين ، ولا تجعل الياء ألفا في : «ريا» (4) تبعا ل : يريان (5) ، ويجوز بهاء (6) الوقف ، نحو : ره.

فحذفت (7)

ص: 208


1- قوله : (الأمر ... إلخ) لما فرغ من بيان المستقبل من باب رأى شرع في بيان الأمر منه فقال : الأمر ... إلخ ، وإنما قدم الأمر في البيان على اسم الفاعل مع أن كلّا منهما مأخوذ من المستقبل ؛ لأنه فعل فبالحري أن يذكر عقبه مقدما على اسم الفاعل تدبر. اه عبد.
2- قوله : (ارء) لأنك لو حذفت حرف المضارعة من ترأى بقي ما بعدها ساكنا فاجتلبت الهمزة المكسورة والياء تسقط من آخره فصار ارء. اه أحمد.
3- يعني لما وجب التخفيف في مضارع رأى كما يجيء صيغة الأمر الحاضر منه بعد التخفيف على هذا الوزن ؛ لأنك لو حذفت حرف المضارعة من ترى بقي ما بعده متحركا ، والياء تسقط من آخره علامة للأمر فبقي على حرف واحد مفتوح وهو الراء ، وقس عليه التثنية والجمع. اه ف.
4- مع وجود علته وهو تحرّك الياء وانفتاح ما قبلها مع أنه لا التباس فيه. اه جلال الدين.
5- الذي فيه الالتباس ولا شك أنهم ذكروا أن ألف الضمير مانع من القلب وهو موجود فيها وكلام المصنف يقتضي خلافه فتأمل. اه جلال الدين.
6- قوله : (بهاء الوقف) يعني لا يجب استعمال هذا الأمر على الوقف دائما لكن إذا استعمل على الوقف وجب إلحاق هاء السكت في آخره لئلا يكون الابتداء والوقف على حرف واحد الذي هو غير جائز ؛ لأن الابتداء لا يمكن إلّا بالمتحرك ، والوقف يقتضي السكون ، فلو كان الابتداء والوقف على حرف واحد يلزم أن يكون الحرف الواحد متحركا وساكنا معا وهو غير جائز ، وأمّا إذا ألحق هاء السكت فلا يلزم ذلك ؛ لأن المراد بها التوصل إلى بقاء الحركة التي قبلها في الوقف كما زادوا همزة الوصل ليتوصل بها إلى بقاء السكون الذي بعدها في الابتداء. اه فلاح. وبهذا اندفع ما قيل : إن إلحاق هاء السكتة للوقف لازمة في كل كلمة تكون على حرف واحد ، فكيف قال المصنف : ويجوز بهاء الوقف ، حتى قال صاحب الزنجاني : ويلزم الحاء في الوقف بأن المراد بالجواز عدم الامتناع يعني لا يمنع إلحاق الهاء في حالة الوقف بالأمر سواء كان واجبا أو لا كما في الأمر الذي على حرف واحد وصاعدا تأمل. اه من الإيضاح.
7- قوله : (فحذفت همزته كما في ترى) يعني الأمر من ترى أصله : أرأى على وزن أفعل ، فحذفت الهمزة ونقلت حركتها إلى الراء فاستغني بها عن همزة الوصل ، ثم حذفت الياء لأجل السكون فصار على وزن ف ، فإذا ألحق به هاء الوقف قيل : ره على زنة فه. اه عبد الأحد.

همزته كما في : «يرى» ثم حذفت (1) الياء لأجل السكون.

وتقول بالنون الثقيلة : رينّ ريانّ رونّ ، رينّ ريانّ رينانّ ، ويجيء بالياء (2) في : «رينّ» لانعدام السكون كما في : «ارمينّ» ولم تحذف واو الجمع في : «رونّ» لعدم (3) ضمة ما قبلها ، بخلاف : «اغزنّ» (4) و «ارمنّ».

ص: 209


1- قوله : (ثم حذفت إلخ) بيان لأخذ الأمر الذي على حرف واحد من ترأى على الأصل يعني حذفت الهمزة من أرأى ونقلت حركتها إلى الراء فاستغني عن الهمزة فصار ري ، ثم حذفت الياء علامة للأمر فبقي ر على حرف واحد. اه شمس الدين.
2- قوله : (ويجيء بالياء ... إلخ) أي : بتحريك اللام عند دخول نون التأكيد في الصحيح ، فإن الأمر من الفعل الصحيح مبني على السكون بسقوط الحركة ، فيقال في الصحيح : افعلن بفتح اللام إذ لو لم يفتح يلزم التقاء الساكنين بين اللام والنون الأولى من الثقيلة ، والأمر من المعتل وإن كان بسقوط لام الكلمة ؛ لأنه بمنزلة الحركة ، إلا أنه يحمل على الصحيح فإذا انعدم السكون في اللام حال لحوق النون ولام الفعل في المعتل سقط سقوط الحركة في الصحيح ، فيعود اللام كما يعود الحركة في الصحيح ، هذا معنى قوله : لانعدام السكون. اه ابن كمال باشا.
3- قوله : (لعدم ... إلخ) يعني : إنما يحذف واو الجمع من الأمر عند دخول نون التأكيد إذا كان ما قبلها ضمة تدل على الواو المحذوفة وينعدم الضمة ؛ لأن الراء قبلها مفتوح ، فلو حذفت لم يوجد ما يدل عليها فلم تحذف. اه فلاح.
4- فإن ما قبل النون الثقيلة فيه مضموم وهو الزاي لأنّ أصله اغزووا بضم الزاي والواو الأولى التي هي لام الكلمة فاستثقلت الضمة على الواو فأسقطت ، ثم حذفت هي لالتقاء الساكنين ؛ لأن الثّانية علامة الجمع فبقي اغزوا بضم الزاي ، ثم أدخل عليه النون اجتمع ساكنان واو الجمع والأولى من النون الثقيلة فحذفت الواو وإن كانت علامة لتدل الضمة التي قبلها عليها. اه فلاح. فصار : اغزنّ. فإن قلت : ينبغي أن لا تحذف واو الضمير لالتقاء الساكنين ؛ لأن التقاءهما ههنا مغتفر ؛ لأنه يغتقر في المدغم قبله لين مثل رد الثوب؟. قلنا : إنما يغتفر التقاؤهما في المدغم قبله لين إذا كان المدغم واللين في كلمة واحدة وذلك لم يوجد إذ الضمير كلمة أخرى. فإن قيل : لم لم يجز الحذف في التثنية وجمع المؤنث نحو اضربان واضربنان؟. قلنا : لو حذف الألف من المثنى لالتبس بالمفرد ، ولو حذفت من جمع المؤنث لاجتمع ثلاث نونات فانعدام الحذف لعلّة الالتباس والاجتماع. اه حنفية.

وبالنون الخفيفة : رين رون ، رين.

واسم الفاعل : راء (1) ... إلخ ، ولا تحذف همزته ، كما يجيء (2) في المفعول ، وقيل : لأن ما قبلها (3) ألف ، والألف لا تقبل الحركة ، ولكن (4) يجوز لك أن تجعل بين بين ، كما في : سائل ، وقائل.

وقس (5) على هذا (6) : أرى (7)

ص: 210


1- أصله رائي فاستثقلت الضمة على الياء فأسقطت فاجتمع ساكنان الياء والتنوين ؛ لأن التنوين عبارة عن نون ساكنة فحذفت الياء ؛ لأن التنوين علامة التمكن فبقي راء. اه ف.
2- قوله : (كما يجيء ... إلخ) وجه عدم حذفها من أن وجوب حذف الهمزة في يرى غير قياس لما مر فلا يتبع غيره من الفاعل والمفعول. اه ف.
3- قوله : (لأن ما قبلها ... إلخ) يعني لو حذفت الهمزة في اسم الفاعل يحذف حذف فعله ، بنقل حركتها إلى ما قبلها بعد تلينها وذا غير ممكن ؛ لأن ما قبلها ألف وهي لا تقبل الحركة. اه مولوي.
4- قوله : (ولكن ... إلخ) لعله دفع لما ظن بأنه لما لم تحذف الهمزة في اسم الفاعل ثمة ، فلا يجوز جعلها بين بين أيضا ، إذ المقصد من كليهما التخفيف كما فهم في صدر الباب بأن جعلها بين بين جائز حيث وقعت الهمزة متحركة وما قبلها ألف لا يتحمل الحركة ، ولا يمكن الإدغام فيه فوجب أن تجعل بين بين المشهور ، ولا يمكن أن يجعل غير المشهور لعدم حركة ما قبلها وهو الألف. اه مولوي فقير سعديه بزيادة.
5- قوله : (وقس ... إلخ) فإن قيل : الواو في قوله : قس للعطف فأين المعطوف عليه؟. قلنا : هذا معطوف على مقدر فكأن المصنف رحمه الله لما فرغ عن أحكام رأى يرى ، قال للسامع : فاحفظ وقس على هذا. اه حنفية.
6- قوله : (وقس على هذا أرى يري ... إلخ) يعني : كما أن هذا رأي يرى مخالف لبناء نأى ينأى بالتزامهم حذفها من مضارع نأى كذلك أرى يري مخالف من أنأى ينئي ، حيث التزموا حذف الهمزة من مضارع أرى ، ولا يلتزمونه من مضارع أنأى. اه عصام الدين.
7- قوله : (أرى يري ... إلخ) يعني كما يجب التخفيف في مضارع رأى ، لكثرة استعماله دون أخواته كذلك يجب التخفيف إذا نبيت الإفعال من رأى ، وقلت : أرى يري في ماضيه ومضارعه معا ؛ لكثرة استعمالهما دون أخواتهما ، قال ابن الحاجب : «إذا كان الماضي من الرؤية على زنة أفعل حذفت الهمزة حذفا لازما في الماضي والمستقبل جميعا ، وقيل : أرى يري فالتزموا كلهم التخفيف ؛ لكثرته في كلامهم ، ولهذا لم يلزم في قولهم : أنأى ينئي على وزن أعطى يعطي بل جرى في جواز التخفيف كغيره ؛ لأنه لم يكثر تلك الكثرة» إلى هنا عبارته ، وأما كيفية التخفيف في أرى يري فهو أن أصلهما أرأى يرئي على وزن أعطى يعطي نقلت حركة الهمزة إلى الراء الساكن قبلها فيهما ، ثم حذفت وإعلال الياء ظاهر. اه فلاح.

يري إراءة (1).

واسم المفعول : مرئيّ ... إلخ ، أصله : مرؤوي ، فأعل (2) كما في : «مهديّ» (3). ولا يجب (4) حذف الهمزة ؛ لأن وجوب حذف الهمزة في فعله ، غير قياسي (5) كما مرّ ، فلا يستتبع المفعول وغيره (6) ،

ص: 211


1- قوله : (إراءة) أصله إرآي على وزن إكرام فخففت الهمزة بنقل حركتها إلى الراء وحذفها فصار إرايا ، وقلبت الياء همزة لوقوعها في الطرف بعد ألف زائدة فصار إراء ثم عوض الهاء من الهمزة فصار إراءة ، هذا هو العمدة فيه وإن جاز غيره. وإذا علمت ما تلوناك كله ، ظهر بطلان ما ذكره بعض الشارحين من أن معنى قوله : وقس على هذا أرى يري ، أنه يجب التخفيف في مضارعه دون ماضيه ، كما يجب في مضارع رأى دون ماضيه ، وإنما قالوا ذلك ؛ لقصور نظرهم عن استعمالات القوم فلا تكن من القاصرين. اه أحمد رحمه الله.
2- بقلب الواو ياء لاجتماعهما وسبق إحداهما بالسكون ، وإدغام الياء في الياء ، وكسر الهمزة للياء. اه ف.
3- أصله مهدوي كما سبق ، وإذا عرفت كيفية الإعلال في المفرد من اسم المفعول أمكنك القياس عليه في سائر تصاريفه ، وهو مرئيّان مرئيّون مرئيّة مرئيتان مرئيّات مرائيّ مريئيّ. اه ف.
4- قوله : (ولا يجب ... إلخ) دفع لما يظن من أن المفعول مأخوذ من المضارع فيكون تابعا له ففي الغابر قد حذفت الهمزة وجوبا كما عرفت ، ففي المفعول حذفها أيضا واجب بما ترى. اه تحرير.
5- قوله : (غير قياسي) ؛ لأن القياس أن لا تحذف الهمزة في المضارع كما لا تحذف في رأى ؛ لأن المضارع فرع الماضي لوروده بعده فوجب أن يكون حكمه على وفق الماضي في عدم حذف الهمزة وتليينها لكن وجب حذف الهمزة من المضارع ؛ لكثرة الاستعمال وهي ليس بموجبة لحذف الهمزة في الغير ؛ لأنه ثبت على خلاف القياس وكل ما كان كذلك لا يقاس عليه غيره. اه عبد الرحمن.
6- وغيره من اسم الفاعل والمكان والزمان والآلة في وجوب التخفيف ومعنى فلان يستتبع الشيء يطلب أن يكون ذلك الشيء تابعا له ، كحذف الهمزة في أأكرم فإنه يجعل حذف الهمزة من يكرم وتكرم ونكرم وسائر تصاريفه تابعا لنفسه فيحذف ههنا ، وإذا علمت معنى يستتبع علمت معنى لا يستتبع. اه شمس الدين.

وحذفه (1) في نحو : «مرى» (2) لكثرة مستتبعه ، وهو : أرى يري ، وأخواتهما (3).

والموضع : مرأى (4).

والآلة : مرآة (5).

وإذا حذفت (6) الهمزة في هذه الأشياء يجوز بالقياس على نظائرها ، إلا أنه غير مستعمل.

والمجهول : رئي (7) يرى ... إلخ.

المهموز الفاء : يجيء من خمسة (8) أبواب ، نحو :

ص: 212


1- جواب لما يقال : ينبغي أن لا يجب حذف الهمزة في مرى ؛ لأن وجوب حذف الهمزة في فعله الذي هو يري غير قياس ، كما قال المصنف : بأن الحذف لكثرة الاستعمال. اه تحرير.
2- قوله : (مرى) بضم الميم وفتح الراء وتنوينه وهو اسم مفعول من باب الإفعال أصله مرأي بوزن مكرم فقلبت الياء ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فاجتمع ساكنان الألف والتنوين فحذفت الألف من التلفظ وأعطي التنوين لما قبلها ، ثم لينت الهمزة فاجتمع ثلاث سواكن فحذفت الهمزة وأعطي حركتها لما قبلها وانتقل التنوين أيضا فصار مرى هذا تخفيف بعد الإعلال ويجوز بالعكس وقد مر نظيره. اه ابن سليمان.
3- كاسم الفاعل والزمان والمكان وإن كان الحذف فيها غير قياسي ، بخلاف مرئي فإن ما فرض مستتبعا له واحد فقط وهو يرى. اه ف.
4- بفتح الميم وسكون الراء وفتح الهمزة وتنوينها وأصله مرأي على وزن منصر ، فاستثقلت الضمة على الياء فأسقطت فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء من التلفظ وأعطي التنوين لما قبلها فصار مرأى. اه فلاح.
5- وهو كالموضع في أصله وإعلاله ووزنه ، إلا أن الميم منه مكسورة. اه ف.
6- قوله : (وإذا حذفت ... إلخ) أفاد بهذا المقال : أن ثبوت الهمزة في كل من اسم الفاعل والمفعول والآلة من يرى غير واجب كما لا يخفى. اه لمحرره رحمه الله.
7- بعدم تخفيف الماضي كما في المعلوم ، وتخفيف المضارع كما في المعروف منه. اه فلاح.
8- حال من الضمير المستتر في يجيء ، أي : مهموز الفاء بحكم الاستقراء كائنا من خمسة أبواب. اه حنفية شرح مراح.

1 - أخذ يأخذ (1).

2 - وأدب يأدب (2).

3 - وأهب يأهب.

4 - وأرج يأرج (3).

5 - وأسل يأسل.

والمهموز العين : يجيء من ثلاثة أبواب ، نحو :

1 - رأى يرأى.

2 - ويئس ييأس.

3 - ولؤم (4) يلؤم (5).

والمهموز اللام : يجيء من أربعة أبواب ، نحو :

1 - هنؤ (6) يهنؤ.

2 - وسبأ (7) يسبأ.

3 - وصدىء (8) يصدأ.

ص: 213


1- بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر. اه ف.
2- اعلم أن أدب يأدب يجيء من الباب الخامس ومعناه ظاهر ، والصفة منه أديب ، ومنه ضربته تأديبا ، ويجيء من الباب الثّاني ومعناه حينئذ دعا القوم إلى طعامه والصفة منه آدب ، والمراد هو الثّاني فافهم. اه ف.
3- بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر يقال : أرج الطيب إذا : فاح. اه ف.
4- بضم العين فيهما ولا يجيء من غير هذه الثلاثة. اه فلاح.
5- من كرم اللؤم ناكس وكمينه شدن. اه ح.
6- قوله : (هنؤ) بضم العين فيهما وهو المراد ههنا ، وأيضا يجيء بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر ، وهنأ الطعام من باب قطع وضرب. اه فلاح.
7- بفتح العين فيهما أي : اشترى الخمر ليشربها. اه ف.
8- بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر. اه فلاح شرح مراح الأرواح.

4 - وجزأ (1) يجزؤ.

ولا يجيء من المضاعف إلا مهموز (2) الفاء ، نحو : أنّ يئنّ.

ولا تقع الهمزة موضع (3) حرف العلّة ، ومن ثمّ لا يجيء من المثال إلا مهموز العين واللام ، نحو : وأد ، ووجأ (4) ، ولا في الأجوف إلا مهموز الفاء واللام ، نحو : آن (5) ، وجاء ، وفي الناقص إلا مهموز الفاء والعين ، نحو : أرى ، ورأى ، وأبى يأبى ، وفي اللفيف المفروق إلا مهموز العين ، نحو : وأى ، وفي اللفيف المقرون (6) إلا مهموز الفاء ، نحو : أوى.

ص: 214


1- قوله : (وجزأ ... إلخ) بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر من جزأت الشيء بالزاي المعجمة أي : قسمته ، ولا يجوز من باب السادس ولا من الثّاني إلا هنأ يهنأ وهو شاذ. اه مولوي أحمد رحمه الله تعالى.
2- وكذا معتل الفاء نحو ود يود ، يعني لا يجيء في المضاعف بدون مهموز الفاء ومعتل الفاء ، أي : لا يجيء منه لا مهموز العين ولا معتل العين وكذا مهموز اللام ومعتل اللام ؛ لأن فيما جاء هذه المذكورات لا يبقى المضاعف مضاعفا ؛ لأن المضاعف ما كان عينه ولامه من جنس واحد ، فإذا وجد في مقابلتهما مما ذكرنا لا يتحقق ذلك ، وهذا الكلام يجري في جميع ما سيأتي إلى قوله : نحو أوى ، فافهم. اه سمع.
3- قوله : (موضع حرف ... إلخ) يعني في كلمة واحدة على طريقة واحدة ؛ لأن الحرفين لا يقعان في محل واحد في حالة واحدة ، وهو حكم عام في جميع الحروف فلا فائدة في هذا القيد إلا التوضيح والتشريح والتصريح. اه سيد عبد الباقي رحمه الله.
4- يجأ يقال : وجأته بالسكين أي : ضربته به ، يقال : وجأه يجؤه مثل وضعه يضعه ، ولا يجيء مهموز الفاء من المثال وإلا لم يكن المثال مثالا. اه ف.
5- أصله أين فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها يقال : آن أينه ، أي : حان حينه ، وآن له أن يفعل كذا من باب باع أي : حان. اه ف.
6- قوله : (وفي ... إلخ) أي : لا يجيء في المقرون إلا مهموز الفاء نحو أوى ، قال الشارح : فيه بحث وهو أن مجيء مهموز اللام في أحد نوعي اللفيف وهو ما كان فاؤه وعينه حرف علّة لا يستحيله العقل فلا يصح الحصر هذا لفظه ، ولا يخفى أن الحصر بالنظر إلى الاستعمال كما يدل عليه قوله : ولا يجيء ، لا بالنظر إلى العقل حتى يرد ذلك فإن هذا القسم من اللفيف لا يبنى منه فعل ولا يوجد مهموز اللام في هذا القسم أصلا. اه جلال الدين رحمه الله.

وتكتب الهمزة في الأوّل (1) على صورة الألف في كلّ الأحوال (2) ، نحو : أب ، وأمّ ، وإبل ، لخفّة الألف وقوّة (3) الكاتب عند الابتداء على وضع الحركات.

وفي الوسط إذا كانت ساكنة على وفق (4) حركة ما قبلها ، نحو : رأس ، ولؤم ، وذئب (5) ، للمشاكلة (6).

ص: 215


1- قوله : (في الأول على ... إلخ) يعني أن الهمزة لم توضع لها صورة مخصوصة بالأصالة كما توضع لسائر الحروف فيكون الأصل فيها أن لا توجد في الكتابة أصلا ؛ لعدم صورتها وتوجد في التلفظ لبناء اللفظ عليها وإذا لم يكن لها وجود في الكتابة لم يتصور وضع الحركة في الكتابة عليها لكن قد تكتب على صورة حرف من الحروف بعارض فتكتب في الأول على صورة الألف لخفة الألف كتابة وقوة الكاتب عند الابتداء على وضع الحركات عليها ، وحاصله أن الأصل أن لا تكتب الهمزة ولا حركتها لكنهما تكتبان في الأول للعلّة المذكورة. اه مولوي أحمد صاحب رحمه الله.
2- سواء كان لقطع نحو أكرم أو للوصل نحو اضرب ، وسواء كانت أصلية نحو إبل ، أو منقلبة من الواو نحو اسم وأحد. اه ف.
3- الظاهر أنه عطف على قوله : لخفة الألف ، فيكون حينئذ وجها لكون الهمزة مكتوبة بصورة الألف في الابتداء ، وفيه إنما يستقيم أن لو كانت الهمزة حرفا ضعيفا كحروف العلّة لا يتحمل الحركات ، والمدعى عدم تخفيفها في أول الكلمة كما قالوا في المثال : نحو وعد ، وليس الأمر كذلك فإن الهمزة حرف شديد يتحمل الحركات ، والمدعى كتابة الهمزة في الابتداء بصورة الألف. ويمكن أن يقال : إن دفع ما يتوهم من أن الهمزة إذا كتبت بصورة الألف لا يمكن أن يبتدأ بها لكون الهمزة في صورة لا يتحمل الحركات وهو الألف الضعيف ، فأجاب بأن الكاتب قوي يقتدر عند الابتداء على وضع الحركات على الحرف المبتدأ وإن كان في لباس ضعيف فتأمل. اه جلال الدين.
4- قوله : (على وفق) اعترض بأن الهمزة في الوسط ينبغي أن تكتب بصورة الألف أيضا ؛ لأن الألف خفيف والخفة مطلوبة في جميع الأحوال ، وأجاب عنه بأن الهمزة لو كتبت بصورة الألف حينئذ اشتبه حال حركتها ، فإن الكاتب في الوسط لا يقدر على وضع الحركات فلا تكتب هذه ، فلا يعلم أن الألف مفتوح أو مضموم أو مكسور ولا بد من معلومية حركته فلا جرم تكتب على وفق حركة ما قبلها أو وفق حركة نفسها حتى تعلم حركتها في الإملاء ، تأمل. اه سمع.
5- فالهمزة فيه ساكنة كتبت بالياء ؛ لكون ما قبلها مكسورة. اه عبد.
6- قوله : (للمشاكلة) أي : للمشابهة بين اللفظ والخط ، فكما تخفف بجنس حركة ما قبلها في اللفظ كذا تكتب بجنس حركة ما قبلها في الخط. اه عبد الحكيم.

وإذا كانت متحركة تكتب على وفق حركة نفسها ، حتى يعلم حركتها (1) ، نحو (2) : سأل ، ولؤم ، وسئم.

وإذا كانت متحركة في آخر الكلمة تكتب على وفق حركة ما قبلها ، لا على وفق حركة نفسها ؛ لأن حركة

الطرف عارضة (3) ، نحو : قرأ ، وطرؤ ، وفتىء.

وإذا كانت ما قبلها ساكنا لا تكتب على صورة (4) شيء لطروّ حركتها وعدم حركة ما قبلها ، نحو : خبء (5) ، وجزء (6).

* * *

ص: 216


1- قوله : (حركتها) أي : إن حركتها من أي نوع هي فإن كانت الهمزة الواقعة في الوسط مفتوحة تكتب على صورة الألف ، وإن كانت مكسورة تكتب على صورة الياء ، وإن كانت مضمومة تكتب على صورة الواو ، ولا اعتبار لحركة ما قبلها حينئذ. اه فلاح.
2- قوله : (نحو سأل ... إلخ) ونحو يسأل ويلأم ويسأم إلا إذا كانت الهمزة مفتوحة وما قبلها مكسورا أو مضموما فإنها تكتب في الأول على صورة الياء ، وفي الثّاني على صورة الواو نحو بئر وفئة وجؤن ومؤجل ، كما يكون تخفيفها كذلك ، لكن المصنف أطلق المقولة ولم يستثن الصورتين كما استثناه في بيان التخفيف ، والأولى أن يستثنيهما أو يقول : تكتب حينئذ على نحو ما تخفف به ويتم البيان ، ولا يتوجه الإشكال مع كونه أخصر ، ولا يبعد أن يقال في جواب الإشكال : إن الحكم المذكور من كتابة الهمزة الواقعة في الوسط على وفق حركة نفسها تغليب يستفاد هذا من قول صاحب الإيضاح : «أي : تكتب على وفق حركة نفسها غالبا» ، تدبر هذا ما أفيد والله تعالى أعلم. اه لمحرره.
3- أي : غير ثابت على وجه واحد ؛ لأن آخر الكلمة محل التغيير ، فتغير بحسب ما يقتضيه العامل فيكون الحركة في هذه الصورة كلا حركة ، فإذا كان كذلك فلا جرم تكتب على وفق حركة ما قبلها إذ لم يبق حينئذ وجه كتابتها إلا هذا ، وهذا في المعرب ظاهر ، وأما في المبني فكذلك ؛ لأن اللام محل التغيير فلم يبق معتدا بها للضعف ، وليس المراد من قوله : عارضة اصطلاحية بل معناها ضعيفة ؛ لأن العارضي ضعيف بالنظر إلى الأصلي ، فذكر العارضي وأراد الضعيف. اه حنفية شرح مراح الأرواح.
4- بل تكتب بصورة عين بترت أعني بهذه الصورة (ء) كذا عرف من كتب القوم. اه
5- وهذا إذا كانت الكلمة غير مضافة إلى الضمير ، أما إذا كانت مضافة إليه فتكتب على وفق حركة نفسها نحو جاء خبؤك ورأيت خبأك ومررت بخبئك. اه حنفية.
6- فإذا قلت : رأيت خبئا وجزءا لا يكون الألف فيها صورة الهمزة بل هي ألف الوقف عوضا عن التنوين كما في رأيت زيدا. اه فلاح شرح مراح.

الباب الرابع : في المثال

(1)

ويقال للمعتل الفاء (2) : «مثال» لأن ماضيه مثل ماضي الصحيح في الصّحة وعدم الإعلال ، وقيل : لأن أمره مثل أمر الأجوف ، نحو : عد ، وزن.

وهو إنما يجيء من خمسة أبواب ، نحو :

1 - وعد يعد.

2 - ووجع يوجع.

3 - ووجل يوجل.

4 - وورث يرث.

5 - ووجه يوجه.

ولا يجيء من : فعل يفعل ، إلا : «وجد (3)

ص: 217


1- قوله : (في المثال) قدمه على سائر المعتلات ؛ لأن حرف العلّة في الكلمة ، إما أن يكون واحدا أو متعددا فإن كان واحدا قدمت على ما يكون فيه متعددا ؛ لأن الواحد قبل المتعدد ، ثم ما يكون فيه حرف العلّة واحدا على ثلاثة أقسام ؛ لأن حرف العلّة إمّا فاء الكلمة أو عينها أو لامها فإن كان فاء قدمت عليهما ؛ لأن الفاء مقدم عليهما. اه ابن كمال باشا.
2- قدم معتل الفاء لكثرة أبحاثه واستعماله في معتل العين واللام. اه جلال الدين رحمه الله تعالى.
3- قوله : (إلا وجد ... إلخ) أفاد بالاستثناء دفع ما يقال من عدم تسليم عدم مجيء فعل يفعل بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر ، إذ جاء من وجد يجد بفتح العين في الماضي ، وضمها في الغابر ، بما تفصيله أن المراد عدم مجيء الباب المذكور من معتل الفاء في لغة فصيحة وهي لغة الحجازيين ، والفصيح هي الكسرة ، وما قال المعترض في الإيراد لغة بني عامر وهم غير فصاح ، حتى قال في الصحاح : ويجد بالضم لغة عامرية لا نظير لها في باب المثال. اه لمحرره.

يجد» وهو (1) لغة بني عامر ، فحذف الواو في : «يجد» في لغتهم لثقل (2) الواو مع ضمّ ما بعدها ، وقيل (3) : هذه لغة ضعيفة ، فأتبع ل : «يعد» في الحذف.

وحكم الواو والياء إذا وقعتا في أول الكلمة كحكم (4) الحرف الصحيح (5) ، نحو : وعد ووعد ، ووقر ووقر ، ويسر ويسر ، لقوّة المتكلم (6) عند الابتداء.

وقيل (7) : إن الإعلال إنما يكون :

1 - بالسكون.

2 - أو بالقلب إلى حرف العلة.

3 - أو بالحذف.

وثلاثتها لا يمكن في الابتداء ، أما السكون فلتعذّره ؛ لأنه مبتدأ ، والابتداء من الساكن متعذّر ، وكذا (8) القلب ؛ لأن المقلوب به غالبا يكون بحرف العلّة (9) ،

ص: 218


1- أي : مجيء معتل الفاء من فعل يفعل بفتح العين في الماضي ، وضمها في الغابر. اه شرح.
2- قوله : (لثقل ... إلخ) جواب سؤال وهو أن يقال : إن حذف الواو في يجد على اللغة المشهورة إنما هو لوقوعها بين الياء والكسرة ، وهذا مفقود على لغة بني عامر فلم حذف الواو في يجد مع وقوعها بين ياء وضمة؟ بأن حذفها لأجل الثقل. اه حنفية شرح مراح الأرواح.
3- أي : وقال بعضهم : إن لغة بني عامر ضعيفة فالوجه في حذف الواو من يجد هو متابعته ليعد التي هي قويّة. اه حنفية.
4- قوله : (كحكم الحرف الصحيح) باعتبار الأغلب ، فلا يرد بنحو إشاح وأجوه ونحوهما ، أصلهما وشاح ووجوه. اه جلال الدين.
5- في عدم الإعلال وتحمل الحركات مفتوحين كانتا أو مضمومتين أو مكسورتين. اه فلاح شرح مراح الأرواح.
6- وقدرته على تلفظ الحرف الثقيل من غير تغيير. اه فلاح على المراح.
7- لا يعل الواو والياء في الأول لعدم إمكان الإعلال في الأول وذلك ؛ لأن الإعلال ... إلخ. اه فلاح شرح مراح.
8- قوله : (وكذا القلب ... إلخ) كما يمتنع الإعلال بالسكون يمتنع الإعلال بالقلب. اه فلاح.
9- قوله : (بحرف العلّة ... إلخ) الباء في بحرف العلّة زائدة فتقدير الكلام يكون المقلوب به حرف العلّة. اه فلاح.

وحرف العلة لا يكون إلا ساكنا ، وأما الحذف فلنقصانه من القدر الصالح في الثلاثي ، وأما (1) في المزيد نحو : أولج يولج إيلاجا ، فلإتباع الثلاثي المجرّد (2) ، ولا يعوّض (3) بالتاء في الأول أو الآخر حتى لا يلتبس بالمستقبل والمصدر في نفس الحروف (4) ، ومن ثمّ لا يجوز إدخال التاء في الأول في : العدة ، للالتباس (5) بالمستقبل (6) ، ويجوز (7) في : «التّكلان» لعدم الالتباس.

ص: 219


1- قوله : (وأما في المزيد ... إلخ) جواب سؤال وهو أن يقال : إنّ النقصان من القدر الصالح في الثلاثي المزيد فيه بتقدير الحذف غير موجود فينبغي أن يحذف حرف العلّة منه بأن عدم الحذف في المزيد يجعله تبعا للثلاثي المجرد. اه حنفية.
2- لأن الثلاثي أصل والزوائد فرع ، والفرع تابع للأصل ، والإضافة إضافة المصدر إلى مفعوله الثّاني ، ويجوز أن يكون مصدرا مجهولا مضافا إلى ما يقوم مقام الفاعل ، والمآل واحد فافهم. اه ف.
3- قوله : (ولا يعوض ... إلخ) جواب دخل مقدر ، تقديره : إنا لا نسلم أنه يلزم من حذف حرف العلّة من الثلاثي النقصان من القدر الصالح إذا عوض من المحذوف بحرف كما لا يخفى ، فيجوز أن يعوض عن الواو والياء بحرف ، وحاصل الجواب إنه لو عوض لعوض بالتاء إذ هو المشهور فيما بينهم ، كما في عدة والتعويض بها غير ممكن ؛ لأنه لو عوض بها لعوض في الأول ... إلخ. اه أحمد.
4- لا في الصيغة أي : الحركات وهذا القدر من الالتباس يمنع جواز التعويض. اه ف. فإن الماضي مبني على الفتح والمضارع يكون معربا بالحركات المختلفة وكذا المصدر. اه ح.
5- في نفس الحروف ، وأمّا في القراءة فلا التباس فإن التاء في المستقبل مفتوح والعين مكسور واللام غير منون بخلاف المصدر فإن التاء فيه مكسورة لأنه عوض من المكسور ، والعين ساكن واللام منون. اه عصام الدين.
6- مع أن المحذوفة من الأول ؛ لأن أصل عدة وعدة بكسر الواو وسكون العين ، فنقلت كسرة الواو إلى ما بعدها ، ثم حذفت ساكنة لئلا يزيد إعلاله على إعلال فعله وهو يعد ، ثم لزم التاء كالعوض ، وقيل : الأصل وعد بكسر الواو فحذفت الواو لما ذكرنا ، ثم زيدت التاء عوضا عنها. اه فلاح.
7- قوله : (ويجوز ... إلخ) عطف على قوله : لا يجوز ... إلخ فيكون مجموع المعطوف والمعطوف عليه مرتبا على قوله : ومن ثم ، فحاصل معنى كلامه أنه ومن أجل أن علّة عدم التعويض في الأول لزوم الالتباس لا يجوز إدخال التاء في الأول في مثل عدة ، ويجوز في مثل التكلان للزوم الالتباس في الأول وعدم لزومه في الثّاني ، فلا يرد أن يقال : لا طائل تحت قوله : للالتباس وهو ظاهر لمن له ذوق سليم ، والتكلان بوزن السلطان اسم من التوكل وهو إظهار العجز والاعتماد على الغير. اه ابن كمال.

وعند سيبويه يجوز حذف التاء ، كما في قول الشاعر :

إنّ الخليطين (1) أجدّوا البين فانجردوا

وأخلفوك عد الأمر الّذي وعدوا (2)

لأن الحذف والتعويض من الأمور الجائزة عنده ، وعند الفراء لا يجوز الحذف ، لأنها عوض من الحرف الأصلي (3) إلّا (4)(5) في الإضافة لأن الإضافة تقوم مقامها ، وكذلك حكم : الإقامة(6) ، والاستقامة ونحوهما ، ومن ثمّ حذفت التاء في

ص: 220


1- قوله : (إن الخليطين ... إلخ) قال بعض الفضلاء : كان بعض الصديقين يتألفون فيما بينهم جدا حتى وعدوا عدم الفراق قدر الاستطاعة وعاقبة الأمر أفاضوا بدرجة البين فحجم الاضطراب عليهم وكان واحد منهم ينشد تارة فقال مخاطبا للنفس : إن الخليطين الأحباء المجتمعين أجددوا البين أي : اختاروا الفراق فانجردوا أي : ذهبوا ، ومعنى البيت : معلوم من الحاشية المرقومة السطر عليه ، فلا حاجة إلى التشريح. فالمعنى بالفارسية : والله تعالى أعلم بالصواب. اه لمحرره.
2- البيت من البحر البسيط ، وهو بلا نسبة في إعراب القرآن للنحاس 3 / 140 ، والمخصص للأندلسي 4 / 315.
3- المحذوف وهو الواو والعوض لا يجوز حذفه ؛ لأنه لم يبق حينئذ شيء يدل على المحذوف ، فلو حذفت يلزم حذف العوض والمعوض عنه وذلك غير جائز ، ولأنه فيه يلزم النقصان من القدر الصالح إذ تحقق في الحذف الخروج من القدر الصالح وقد أتى العوض عنه لتمام القدر الصالح ، فلو حذفت التاء التي عوض عن الواو لفات الغرض كما لا يخفى. اه أحمد.
4- البيت من البحر الطويل ، وهو لابن بابك في المثل السائر لابن الأثير 1 / 293 ، ومعاهد التنصيص للعباسي 1 / 59.
5- قوله : (إلا في ... إلخ) الاستثناء مفرغ أي : لا يجوز حذف التاء في جميع الأوقات إلا وقت إضافة هذا المصدر ؛ لأن الإضافة تقوم مقامها أي : مقام هذه التاء ، ولا شك أن الإضافة أمر معنوي فكيف تقوم مقام أمر لفظي بل يقوم مقامها المضاف إليه من حيث هو مضاف إليه ، ففي هذا الكلام وضع الظاهر موضع المضمر فتأمل. اه إيضاح.
6- قوله : (حكم الإقامة ... إلخ) يعني كما لا يجوز حذف التاء في عدة إلا في الإضافة ، كذلك لا يجوز حذف التاء في الإقامة والاستقامة ونحوهما إلا في الإضافة ؛ لأن التاء فيهما عوض من الواو كما في عدة ؛ لأن أصلهما إقواما واستقواما فأرادوا أن يعملوا المصدر لاعتلال أقام واستقام فنقلوا الفتحة من الواو إلى ما قبلها ، وكان في الأصل متحركة قلبت ألفا فاجتمع ألفان أولهما منقلبة عن واو هي عين المصدر ، وثانيتهما زائدة وهي تاء فعالة فحذفت الألف الأولى التي هي العين وبقيت الألف الزائدة ، فيلزم التاء كالعوض من الواو كما في العدة ، وقيل : إن المحذوف الألف الزائدة. اه شمس الدين.

قوله تعالى : (وَإِقامَ الصَّلاةِ) [الأنبياء : 73].

وتقول (1) في إلحاق الضمائر : وعد وعدا وعدوا ... إلخ ، ويجوز في : «وعدت» إدغام الدال (2) في التاء لقرب مخرجهما.

المستقبل منه : يعد ... إلخ ، وأصله : يوعد ، فحذفت الواو لأنه يلزم الخروج من الكسرة التقديريّة إلى الضمّة التقديريّة ، ومن الضمة التقديريّة (3) إلى الكسرة التحقيقيّة (4) ،

ص: 221


1- لما فرغ عن بيان أحكام المثال نظرا إلى نفس الصيغة مع قطع النظر إلى اتصال الضمير به ، شرع في بيان أحكام المثال إذا اتصل به الضمائر مستكنة كانت أو بارزة فقال : وتقول ... إلخ. اه خ.
2- بعد قلب الدال تاء كما قالوا في أخذت أختّ بإبدال الذال تاء وإدغامها فيها وهو الأكثر كذا في الصحاح ، ويحتمل أن يكون المراد بالعكس أي : قلب التاء دالا وإدغام الدال في الدال كما هو مذهب بعض العرب ، فإنهم يقلبون تاء المتكلم والمخاطب التي هي ضمير الفاعل في فعلت وفعلت إلى ما قبلها إذا كان الطاء المهملة أو الزاي المعجمة أو الدال المهملة ، ثم أدغموا الأولى في الثّانية ، وإنما فعلوا ذلك تشبيها هذه التاء بتاء الافتعال من حيث اتصلت بما قبلها وما قبلها ساكن ، كما أسكنت الفاء في افتعل ، ولم يمكن فصلها من الفعل فصارت مثل كلمة واحدة فأشبهت بتاء الافتعال ، فقالوا : في حبطت حبطّ ، وفي فزت فزّ ، وفي وعدت وعدّ بقلب التاء إلى ما قبلها كما في ازّان ، قال بعض المحققين : هذا القلب والإدغام شاذ رديء ، قال سيبويه : أعرب اللغتين وأجودهما ؛ أن لا تقلب تاء الضمير ؛ لأن التاء علامة إضمار إنما جاءت لمعنى وليست تلزم الفعل ، ألا ترى أنك إذا أضمرت غائبا قلت : فعل ، ولم يكن فيه تاء ، والتاء في افتعل ليست كذلك ولكنها دخلت زيادة لا تفارقه وتاء الإضمار بمنزلة المنفصل. اه ابن كمال.
3- قوله : (من الكسرة التقديرية) فإن قلت : لم فتحت الهاء بعد حذف الواو في يهب ولم يفتح في يعد مع أن العين والهاء من مخرج واحد وهو الحلق؟. قلت : هذا موقوف على السماع فلا يقاس عليه غيره. اه مولوي.
4- قوله : (التحقيقية) أي : التحقيقية اللازمة ، فلا يرد ما يقال : إن هذا منقوض بقوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الفاتحة : 4] ؛ إذ فيه لزوم الخروج من الكسرة التقديرية إلى الكسرة التحقيقية ، ومع هذا لم تحذف الواو ثمة ؛ لعدم لزوم الكسرة هنا إذ قرئ بالضم أيضا كما في قوله تعالى : (أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) [الذاريات : 12] تأمل. اه صوفي صاحب.

ومثل هذا ثقيل (1) ، ومن ثمّ لا يجيء لغة على وزن : فعل ، وفعل ، إلّا : «حبك» (2) و «دئل» (3).

وحذفت (4) في : «تعد» وأخواته للمشاكلة (5).

ص: 222


1- قوله : (ثقيل) لأنهما حركتان ثقيلتان متبانيتان في المخرج ، ولا يمكن إزالة هذا الثقل بحذف الياء ، لأنها علامة ، ولا بإسكانه لتعذر الابتداء بالساكن ، ولا بحذف كسرة العين لئلا يلزم التقاء الساكنين ، ولو حرك بحركة غير الكسرة يلزم تغيير البناء ، وقيل : إنما حذفت الواو ؛ لأن الياء تقارب الكسرة فوقع الفاء صلة بين قريبين ، وكل ذلك في بناء المعلوم من وعد يعد ولو بني منه المجهول زالت الكسرة ، فلم يحذف الواو؟ فيقال : يوعد بإثبات الواو وفتح العين. اه أحمد.
2- قوله : (إلا حبك) على الوزن الأول وهو اسم قبيلة وقيل : اسم لكل شيء فيه تكسر كالرملة إذا مرت به الريح ، وقد أجيب بأنه من تداخل اللغتين ؛ لأنه يقال : حبك بضم الحاء والباء جميعا كعنق ، ويقال : حبك بكسرهما أيضا كإبل والمتكلم بحبك بكسر الحاء وضم الباء كأنه قصد الحبك بكسرهما أولا ، فلما تلفظ بالحاء مكسورة غفل عن ذلك وقصد اللغة الأخرى وهي الحبك بضمتين ، إلا أن هذا التداخل ليس بشائع ؛ لأنه في كلمة واحدة. اه فلاح.
3- قوله : (ودئل) على الوزن الثّاني وهو دويبة يشبه ابن العرس ، وقيل : هو اسم قبيلة لأبي الأسود الدؤلي فيكون من قبيل : الأعلام ، والأعلام لا يعول عليها لجواز أن يكون منقولة من الفعل كشمّر إذا سمي ، قيل : وأيضا يجوز أن يكون منقولا على تقدير كونه اسما لدويبة. اه شمس الدين.
4- قوله : (وحذفت ... إلخ) جواب عما يقال : إن الواو إنما تحذف في يعد لأجل وقوعها بين الياء المفتوحة والكسرة اللازمة ، ومن المعلوم أن انتفاء العلّة يستلزم انتفاء المعلول ، فينبغي أن لا تحذف الواو في تعد لعدم وجود علّة الحذف ثمة كما لا يخفى بأن حذف الواو في تعد ... إلخ. اه تحرير.
5- قوله : (للمشاكلة) أي : لئلا يختلف المضارع في البناء ؛ لأنهم لو قالوا : أنا أوعد وهو يعد لاختلف المضارع فيكون مرة بواو وأخرى بغير واو ، فحمل ما لا علّة فيه على ما فيه علّة ؛ ليكون الأمثلة مشاكلة غير مختلفة ، كما حذفوا الهمزة من يكرم حملا لأكرم مشاكلة. فإن قلت : ينبغي أن يحمل يعد على تعد وأعد ، ونعد فلا يحذف منه الواو ؛ لأنه قليل وهي كثير ، وحمل القليل على الكثير أولى. قلت : نعم الأمر كذلك لكن الغرض من الحذف التخفيف في الكلمات ، وذلك لا يحصل في حمل يعد عليها. اه عبد الحكيم بزيادة. قوله : (للمشاكلة) دستور المبتدئ.

وحذف (1) في مثل : «يضع» لأن أصله : يوضع ، فحذفت الواو ، ثم جعل : يضع (2) مفتوحا ، نظرا (3) إلى حرف الحلق ؛ لأن حرف الحلق ثقيل ، والكسرة أيضا ثقيلة ، فأبدلت الكسرة فتحة.

ولا (4)

ص: 223


1- قوله : (وحذفت ... إلخ) جواب دخل مقدر ، وهو أن أصل يضع يوضع بفتح الضّاد ، فوقع الواو بين ياء وفتحة فلم يوجد علّة الحذف فيه ، ولم يحمل على ما فيه علّة أيضا مع أنه حذف ، وحاصل الجواب أن الواو حذف في مثل يضع ويسع ويقع ويهب وغيرها مما عينه ولامه حرف حلق ، وإن كان عين الفعل مفتوحا ؛ لأن أصله ... إلخ. اه ابن كمال باشا.
2- قوله : (يضع ... إلخ) يعني جعل الضّاد بعد حذف الواو مفتوحا تخفيفا ؛ لأن حرف الحلق ثقيل والكسرة أيضا ثقيلة ، والثقيل على الثقيل وعلى ما يقارنه ثقيل ، لكن بعد هذا التخفيف لم يعدوا الواو المحذوفة ؛ لأن الفتحة عوض عن حركة حرف الحلق ، والأصل إنما هو الكسر فاعتبروا الأصل وألغوا الفتحة العارضة ، وإنما لم يحذف الواو من يوجل ؛ لأن فتحته أصلية لا عارضية. اه فلاح. والدليل على كون الفتح في يضع عارضيا وفي يوجد أصليا حذف الواو وعدمه. اه إيضاح.
3- هذه نكتة بعد الوقوع في الاستعمال فلا يرد يبعد من أن ما ذكرتم لو كان متحققا يجب أن يفتح عين الفعل في جميع ما فيه حرف الحلق مثل وعد يعد ووهب يهب وغير ذلك. اه مولوي.
4- قوله : (ولا تحذف ... إلخ) جواب دخل مقدر ، تقديره أن الواو في يوعد من أوعد وقع بين ياء وكسرة كما في يعد فوجد فيه علّة الحذف أيضا بل هو أثقل من يوعد ؛ لأن ياءه مضمومة وياء يعد مفتوحة ومع هذا لم يحذف الواو ، وتحقيق الجواب أنما لم يحذف الواو في يوعد ؛ لأن أصله يأوعد ؛ لأن المضارع هو الماضي مع زيادة حرف المضارعة فلما كان الماضي أوعد كان مضارعة يأوعد فوقع الواو بين همزة مفتوحة وكسرة لا بين ياء وكسرة فلم يوجد فيه علّة الحذف ، ثم لما حذفوا الهمزة لم يجمعوا على الفعل حذف الفاء أيضا فرارا عن كثرة الحذف واعتبارا بالأصل ، وإن وقع بين ياء وكسرة ظاهرا ، بخلاف يعد فإنه لم يحذف منه شيء سوى الواو فجاز ذلك ، وفيه أن الهمزة المقدرة لو كانت معتبرة في منع الإعلال لما قلب الياء واوا في يوسر ويوقن وغير ذلك ، فالصواب بأن يقال : إنه لم يحذف الواو في يوعد وإن كان يلزم الثقل ؛ لأن الواو بسبب ضمة ما قبلها قوية في التلفظ فلم يبق الثقل المذكور ، وإنما حذفت الواو إذا وقعت بين ياء مفتوحة وكسرة لازمة فلا يرد نحو يوعد ولا (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الفاتحة : 4]. اه من الفلاح بزيادة.

تحذف في : «يوعد» لأن أصله : يأوعد (1).

والأمر (2) منه : عد ... إلخ.

والفاعل : واعد (3).

والمفعول : موعود ... إلخ.

والموضع : موعد.

والآلة : ميعد وميعدة وميعاد أصله : موعد ، فقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها ، وهم يقلبون الواو بالياء بالحاجز في نحو : «قنية» (4) فبغير حاجز يكونون أقلب (5).

* * *

ص: 224


1- وحذفت الهمزة لاجتماع الهمزتين في المتكلم الواحد ، وهو مستكره عندهم كما عرف. اه حنفية.
2- قوله : (عد) أصله اوعد وقعت الواو بين الكسرتين فحذف فصارت اعد ، ثم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها فصار عد وقس عليه غيره. اه حنفية.
3- واعدان ، واعدون ، واعدة واعدان واعدات ، أواعد أصله وواعد الواو الأولى فاء الفعل ، والثّاني منقلب من ألف اسم الفاعل لاجتماع الساكنين بألف التكثير ولم يحذف أحدهما للالتباس ، ثم أبدلت الواو الأولى همزة لتحركها في أول الكلمة. اه فلاح.
4- قوله : (في نحو قنية) تعلم من كلام المصنف أن الواو في قنوة ساكنة والحال أنها مفتوحة فلا يصلح الاستشهاد ، إلا أن مراد المصنف بالتمثيل تمثيل قلب الواو ياء مع وجود الحاجز بقطع النظر من كونه ساكنة أو متحركة فتأمل. اه سيد عبد الباقي.
5- أي : يرون القلب بغير الحاجز أولى من القلب بالحاجز ، وهذا الذي ذكره المصنف هو أحكام المثال الواوي ، وأمّا اليائي فلم يحذف منه الياء وإن وقعت بين ياء وكسرة نحو : يسر ييسير وينع يينع ؛ لأن الياء أخف من الواو بدليل أنهم قلبوا الواو ياء في نحو ميزان وسيد كذا قيل ، ولعل المصنف لم يذكره ؛ لعدم إعلاله. اه ف.

الباب الخامس : في الأجوف

ويقال له : «أجوف» لخلوّ جوفه (1) عن الحرف الصحيح ، ويقال له : ذو الثلاثة لصيرورته على ثلاثة أحرف (2) في الماضي المتكلم ، نحو : قلت وبعت (3).

وهو يجيء من ثلاثة أبواب ، نحو :

ص: 225


1- أي : لأجل خلو وسطه الذي هو بمنزلة الجوف من الحيوانات عن الحرف الصحيح ، أو لوقوع حرف العلّة في جوفه. اه عبد الحكيم.
2- أي : لصيرورة ماضيه عند الإخبار عن نفسك على ثلاثة أحرف إن كان ثلاثيا فهذه التسمية باعتبار بعض الأحوال. اه فلاح شرح مراح.
3- قوله : (نحو قلت وبعت) هذا في الثلاثي المجرد ، وأمّا الرباعي والمزيدات فمحمول على الثلاثي ، وهذا القدر كاف في التسمية ، وتخصيص المتكلم بالذكر مع أن المخاطب والواحد الغائب على ثلاثة أحرف أيضا لظهور التلفظ به ؛ لأن الكلام ينشأ منه. فإن قلت : التاء ليست من حروف الماضي بل هو فاعل فبقي الماضي على حرفين فلم يصر على ثلاثة أحرف؟. قلت : إنهم عدوا الضمير المرفوع البارز المتصل جزءا من الفعل لشدة اتصاله بالفعل ويجرون عليه أحكام الجزء كما مر تحقيقه في الباب الأول. فإن قلت : سلمنا أنه جزء ، لكن لا نسلم أنه حرف لأنه ضمير ، والضمير اسم فلم يصدق أنه على ثلاثة أحرف؟. قلت : يطلق لغة أنه حرف ، وإن لم يصح إطلاقه اصطلاحا. اه ابن كمال. فيكون أشرف وأعلى من المخاطب ؛ لعدم إنشاء الكلام منه ، ولأنه مفيد والمخاطب مستفيد ، ومرتبة المفيد أشرف من المستفيد ، ولقوة صيغة المتكلم من سائر الصيغ لاشتمالها المذكر والمؤنث دون باقي الصيغ. اه لمحرره رحمه الله.

1 - قال يقول.

2 - وباع يبيع.

3 - وخاف يخاف.

وقال بعض الصرفيين أصلا شاملا (1) في باب الإعلال (2) ، يخرج جميع المسائل (3) منه (4) ، وهو قولهم :

إن الإعلال في حروف العلة في غير (5) الفاء يتصوّر فيه ستّة عشر وجها ؛ لأنه يتصوّر في حروف العلة أربعة أوجه ، وهي : الحركات الثلاث والسكون ، وفيما قبلها أيضا كذلك (6) ، فاضرب الأربعة في الأربعة حتى يحصل لك ستّة عشر وجها ، ثم اترك الساكنة التي فوقها ساكن لتعذّر اجتماع الساكنين ، فبقي لك خمسة عشر وجها.

1 - الأربعة : إذا كان ما قبلها مفتوحا (7) ، نحو : قول ، وبيع ، وخوف ، وطول.

ولا يعلّ في الأولى : لأن حرف العلة إذا أسكنت جعلت من جنس حركة ما قبلها للين عريكة الساكن واستدعاء ما قبلها ، نحو : ميزان ، أصله : موزان ،

ص: 226


1- قوله : (أصلا شاملا) الأصل القانون وهو أمر كلي ينطبق على جميع جزئياته كقوله : كقول النحاة : الفاعل مرفوع ، فقوله : شاملا صفة كاشفة. اه فلاح.
2- أي : إعلال حرف العلّة سواء وقع عين الكلمة أو لامها. اه فلاح.
3- قوله : (المسائل) أي : مسائل الإعلال فالألف واللام عوض عن المضاف إليه سواء كان الإعلال في الأجوف أو النّاقص. اه شرح.
4- أي : من ذلك الأصل الشامل إجمالا ، يعني أن من علم هذا الأصل قدر على أن يعلّ أي كلمة عرضت عليه قدرة تامة ، فكان كأنه حصل له جميع المسائل الإعلالية بالفعل. اه فلاح.
5- قوله : (في غير الفاء) أي : غالبا فلا يرد بنحو موسر وميزان ، وإنما قال : في غير الفاء ؛ لأنه لا يتصور فيه أربعة أوجه بل ثلاثة وليس له ما قبل فتأمل. اه جلال الدين.
6- أي : أربعة أوجه الحركات الثلاث والسكون. اه فلاح.
7- وأحرف العلّة ، إمّا ساكنة أو مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة نحو ... إلخ. اه فلاح.

ويوسر ، أصله : ييسر ، إلّا إذا (1) انفتح ما قبلها لا تقلب لخفّة (2) الفتحة والسكون ، إلا من أجزاء ، وعند بعضهم يجوز القلب ، نحو : قال.

ويعلّ نحو : «أغزيت» (3) أصله : أغزوت - بواو ساكنة - تبعا ل : تغزي.

ويعلّ (4)

ص: 227


1- استثناء مفرغ من قوله : جعلت من جنس حركة ما قبلها ، أي : حرف العلة إذا أسكنت جعلت من جنس حركة ما قبلها في جميع الأحوال إلّا في حال الفتح فحينئذ لا يجعل من جنس حركة ما قبلها بل تبقى على حالها ، وإنما لم يجعل حروف العلّة حينئذ من جنس الفتحة وهو الألف لخفة ... إلخ. اه فلاح بزيادة.
2- قوله : (لخفة ... إلخ) إذ منشأ القلب الثقل وهو إنما يتحقق بشرطين : أحدهما : كونها متحركة. وثانيهما : كون ما قبلها مفتوحا. ولما انتفى الشرط الأول لم يتم الشرط فلم يقلبوها ألفا لعدم موجبه ، فحصل الدليل أن التعليل إنما يكون للتخفيف ، وذا حاصل بدون الإعلال ثمة فلو أعل فيه يلزم تحصيل الحاصل إلا من أجزاء بأحد الشرطين فإنه يقلبها ألفا ، ويقول : في مثل غيب وبيت وبيع وقول : غاب وبات وباع وقال ، وإلى هذا أشار بقوله : وعند بعضهم ... إلخ. اه أحمد رحمه الله تعالى.
3- قوله : (ويعل نحو أغزيت ... إلخ) جواب دخل مقدر تقديره : أن قولكم حروف العلّة لا تعل إذا كانت ساكنة وما قبلها مفتوحا منقوض بأغزيت فإن الواو فيه ساكنة ، وما قبلها مفتوح مع أنه يعل بالقلب ، وتحقيق الجواب أن الواو لما أعل في مضارعه الذي هو يغزي بضم الياء وكسر الزاي بقلبها ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها يعل ماضيه بقلبها ياء أيضا ، حملا على المضارع أي : حملوا ما لا علّة فيه على ما فيه علّة ، لا يقال : إن الماضي سابق والمضارع لاحق ، وإتباع السابق على اللاحق في الإعلال محال ، لأنا نقول : إنا لا نسلم أن إتباع السابق على اللاحق في الإعلال محال ، لأنهم أعلوا المصدر تبعا للفعل كما في عدة وقيام ، مع أن المصدر سابق على الفعل كما مر ، وليس إتباع الماضي على المضارع قياسا مطردا حتى يلزم إعلال وعد تبعا ليعد بل هو مسموع مقصور ، وقيل : إنما يعل في نحو أغزيت ؛ لأنه زاد على ثلاثة أحرف ثقل والياء ضعيف ولم يمنع مانع عن قلبها ياء ، فكان قلب الواو ياء أحسن ، ولذلك قالوا في الثلاثي : غزوت بإثبات الواو ، وفي الرباعي أغزيت بقلبها ياء. اه فلاح مختصرا.
4- قوله : (ويعل ... إلخ) أراد بهذا الاعتراض توضيحه أن ما قلتم : إلا إذا انفتح ما قبلها لا تنقلب لخفة الفتحة وللسكون ، منقوض بكينونة ، فإنه في الأصل كيونونة فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء فصارت كيّنونة بتشديد الياء ، ثم خففت بحذف الياء الثّانية المنقلبة عن الواو فصارت كينونة بالتخفيف ، فقد وجد الإعلال للحذف. وقوله : (لأن أصله ... إلخ) جواب عنه بمذهب الخليل ، تشريحه إنما وقع الإعلال في نحو كينونة أصله كيونونة لحدوث الثقل ؛ لاجتماع الواو والياء ، وسبق إحداهما بالسكون لا باعتبار سكون الواو وانفتاح ما قبلها ، يعني أن وقوع الإعلال ههنا باعتبار قاعدة أخرى تنطبق عليه وهي : إن الواو والياء إذا اجتمعتا في كلمة والأولى منهما ساكنة قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء فلا إيراد ، ثم قول المصنف رحمه الله ، وقيل : أصلها كونونة بضم الكاف ... إلخ ، جواب ثان من هذا الاعتراض ، وخلاصته أنه إنما أعل مع عدم وجود قانون الإعلال ليتبع الياءات. اه جلال الدين. يعني أن مصادر هذا الباب على هذا الوزن تجيء من الواوي واليائي جميعا ، إلا أن اليائي أكثر من الواوي ، فالواوي وإن لم يتوجه إليه دون الإعلال ، لكنه أعل فيه لتبع اليائي لكثرة اليائي وقلة الواوي ، والأكثر أولى باتباعه. اه شرح.

في نحو : «كينونة» (1) - من الكون - مع سكون الواو وانفتاح ما قبلها ؛ لأن أصله : كيونونة ، عند الخليل (2) ، فأبدل الواو ياء فأدغمت الياء في الياء (3) ، كما في : «ميّت» أصله : ميوت ، ثم خفّفت ، فصارت : كينونة ، كما خفّفت في : «ميت» (4).

وقيل : أصلها كونونة (5)

ص: 228


1- قوله : (كيونونة) على وزن فيعلولة بفتح الفاء والعين بينهما ياء ساكنة زائدة ، وهذا الوزن موجود في كلامهم نحو خيتعور على وزن فيعلول بمعنى الشيء الذي لا يدوم كالسراب. اه رضي.
2- قوله : (عند الخليل ... إلخ) فلم يكن مما نحن فيه بل يعل لوجود علّة الإعلال فيه ؛ لأن الواو والياء اجتمعتا وسبق إحداهما بالسكون فأبدل ... إلخ. اه فلاح.
3- قوله : (في الياء ... إلخ) أي : المنقلبة من الواو التي هي عين الكلمة فصار كينونة بتشديد الياء وفتحها. اه فلاح شرح مراح الأرواح.
4- قوله : (في ميت) وهذا التخفيف فيهما بطريق الجواز لكنه أحسن في كينونة ذكر ابن الحاجب «أنه يخفف نحو كينونة وقيلولة بحذف العين كما يخفف ميت وسيد ، إلا أن الحذف في كينونة وقيلولة أكثر منه في باب سيد وميت ؛ لطوله بالزيادة وتاء التأنيث فكان التخفيف فيه أحسن» انتهى. والميت صفة مشبهة تقول : مات يموت ويمات أيضا فهو ميت ، ويستوي فيه المذكر والمؤنث ، قال الله تعالى : (لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) [الفرقان : 49] ، ولم يقل : ميتة. اه فلاح.
5- قوله : (كونونة) بضم الكاف ؛ على وزن فعلولة بضم الفاء وهذا الوزن موجود في كلامهم كسر جوجة بمعنى الطبيعة. اه رضي.

بضم الكاف ، ثم فتحت (1) حتى لا يصير الياء واوا في نحو : الصّيرورة ، والقيلولة ، والغيبوبة ، ثم جعلت الواو ياء تبعا لليائيّات لكثرتها ، ومن ثمّ قيل : لا يجيء من الواويات (2) غير : الكينونة ، والدّيمومة (3) ، والسّيدودة (4) ، والهيعوعة.

قال ابن جني (5) في الثلاثة الأخيرة : تسكن حروف (6) العلة فيها للخفّة ، ثم تقلب ألفا (7) لاستدعاء الفتحة ولين عريكة الساكن ، إذا كنّ في فعل (8) أو في

ص: 229


1- قوله : (ثم فتحت) أي : الكاف لأنه لو لم يفتح يلزم ضم هذا الوزن في اليائيات أيضا لئلا يختلف حركة فاء الواوي حركة فاء اليائي منه ، فيلزم قلب الياء واوا في اليائي لضمة ما قبلها فيلتبس بالواوي ، وأيضا هو ثقيل مع أنه في البناء الطويل ففتحت الفاء في الواوي حتى ... إلخ. اه ابن كمال باشا رحمه الله تعالى.
2- أي : من أجل أن اليائيات كثيرة من الواويات. اه فلاح.
3- مصدر من دام الشيء تقول : دام يدوم ويدام دوما ودواما وديمومة. اه فلاح.
4- مصدر من ساد قومه يقال : ساد يسود سيادة وسيدودة وسؤددا بضم السين ، وسودة. اه فلاح.
5- لما فرغ عن بيان الأول من الأقسام الأربعة أراد أن يشرع في الباقيات فقال : قال ابن ... إلخ. اه ح.
6- خلافا للكثيرين فإنهم تقلبون ابتداء ، وذلك تسامح منهم قطعا للمسافة. اه عبد.
7- قوله : (ثم تقلب ألفا ... إلخ) فإن قلت : لو أسكن حروف العلّة أولا يحصل التخفيف على ما ذكرتم فلم يحتج إلى القلب ، وإلا لوجب القلب في مثل قول مصدرا وليس كذلك؟. قلت : إنما قلبوها ألفا بعد الإسكان ؛ لأنهم لو اقتصروا على الإسكان لالتبست المتحرك في الأصل بالساكن فيه ، ألا يرى أنهم لو أعلوا نحو بوب بالتّحريك بإسكان الواو فقط لم يعلم أن الواو في الأصل متحرك ، ثم طرأ عليه الإعلال ، أم ساكن مثل فلس كيوم فأعلوها بالإبدال بعد الإسكان تنبيها على أنها متحركة في الأصل مع أن الألف أخف من الواو والياء الساكنين كذا حققه ابن الحاجب ، ثم إن هذا الإعلال في هذه الثلاث مشروط بشروط سبعة ذكرها المصنف الأول ما ذكره بقوله : إذا كن ... إلخ. اه شمس الدين رحمه الله.
8- قوله : (في فعل) أي : مطلقا ، أما في الفعل الثلاثي المجرد فيعل على الوجه المذكور أصالة ؛ لوجود الشرائط كلها نحو قال وباع كما يجيء ، وأما في المزيد فيه فلا يعل بالأصالة ؛ لعدم انفتاح ما قبلها نحو أقام وأباع أصلهما أقوم وأبيع بسكون القاف والباء ، لكنهم قلبوها ألفا وإن لم يوجد فيهما موجب القلب وهو انفتاح ما قبلها حملا على الثلاثي ، ثم حملوا الإقامة والإباعة على أقام وأباع كذا قيل. اه أحمد. قوله : (في فعل) وإنما اشترط الفعل لثقله إذ يجوز فيه من التغيرات ما لا يجوز في غيره ، وأما اسم المشتق فمحمول عليه على أن معنى المشتق أيضا متعدد ، وإنما قال : على وزن فعل ؛ لأنه لو لم يكن على زنة فعل لا يعل فتأمل. اه جلال الدين. لأن الأصل في الأسماء ترك الإعلال ؛ لأن الأسماء خفيفة والأصل في الأفعال الإعلال ؛ لأنها ثقيلة إلا أنهم أعلوا من الأسماء ما كان على وزن الأفعال لما بينهما من المشابهة سواء كان ذلك الأسماء على وزن فعل بفتح العين أو بكسر العين فناب ودار أصله نوب ودور مفتوح الواو ، والشاكة أصله شوكة ، ومال أصله مول بكسر الواو على وزن خوف ، فقلبت هذه الأسماء ألفا كما قلبت في قال وخاف وشجرة شاكة ، أي : ذو شاكة ورجل مال أي : ذو مال. اه تكملة.

اسم (1) على وزن فعل ، إذا كانت حركتهنّ غير عارضة (2) ، وتكون فتحة ما قبلها لا في حكم السكون ، ولا يكون في معنى (3) الكلمة اضطراب ، ولا يجتمع فيها الإعلالان (4) ،

ص: 230


1- قوله : (غير عارضة) بأن لم تكن حاصلة بالنقل نحو جيل وحوبة ولا بالتقاء الساكنين نحو : (دَعَوَا اللهَ) [الأعراف : 189] فقوله : إذا كان حركتهن ... إلخ ، أيضا ظرف للإسكان إلا أنه بعد تقييده بالظرف الأول ولهذا لم يعطف عليه. اه جلال الدين. در اصل جيئل وحوءبة بوده أست حركة همزة نقل كرده بما قبل دادند وهمزة را حذف كره ند حوبة دجيل شد. اه دستور المبتدىء. قوله : (غير عارضة) فلا تعل إذا كانت حركتها عارضة إذا لا اعتبار بالعارض فيكون في ضم الساكن. اه ف.
2- أي : لا يكون تلك الحركة موضوعا لتدل على أن في معنى تلك الكلمة اضطرابا أي : تحركا نحو حيوان فإن تحرك الياء يدل على أن في معناه تحركا ، فلما كان تلك الحركة دالة على معنى مقصود لا يجوز الإعلال لفوات الغرض. اه حنفية.
3- وأين در كلمه ايست كه بروز فعلان وفعلى باشد بفتح عين جون جولان ودوران وحيوان وسيلان وصورى وحيدي. اه دستور المبتدئ.
4- قوله : (الإعلالان) أي : على تقدير الإعلال نحو قوي وطوى فإنه أعل اللام فيهما فأصلهما قوو وطوي فلو أعل العين لزم توالي الإعلالين وذلك ممتنع أو مستكره لما فيه من الإجحاف بالكلمة فلذا لم يعل فيهما. اه إيضاح. قوله : (الإعلالان) ؛ واين نزد صرفيين ممنوع است ومحظور از انكه موجب اختلال بناء كلمة است ، وشيخ رضى در شافيه ميگويد كه شايد مراد صرفيين از منع اجتماع تعليلين در ثلاثي مجرد است زيرا كه در غير ثلاثي مجرد ألفاظ كثيرة آمده است واينجا اجتماع تعليلين روا است چنانكه أز رجوع بباب تمرين اين معنى بخوبي ظاهر ميشود وكلام صرف درين باب مضطرب است سيرفي گويد إعلالى كه از جمعش منع كرده ايم شرط دارد يكي انكه در موضع عين ولام باشد دوم أنكه سكون عين ولام هر دو از جهت اين إعلال لازم آيد أبو علي فارسي گفته كه مكروه آن اجتماع دو تعليل است كه پى درپى باشد نه مطلقا. اه مولوي أنور علي.

ولا يلزم ضمّ حروف العلة (1) في المضارع ، ولا يترك للدلالة (2) على الأصل ، ومن ثم يعلّ نحو : «قال» أصله : قول ، ونحو : «دار» ، أصله دور ، لوجود الشرائط المذكورة.

ويعلّ مثل : «ديار» (3) تبعا (4) لواحده ، ومثل : «قيام» تبعا لفعله ، ومثل :

ص: 231


1- قوله : (ضم ... إلخ) لما فيه من تحمل الثقل على الضعيف الذي هو مستكره عندهم. اه
2- قوله : (للدلالة) أي : ولا يترك إعلال العين لأجل التنبيه والدلالة على الأصل كالقود فإنه ترك إعلال العين فيه للدلالة على أن أصله واو ، وقال الشيخ ابن الحاجب رحمه الله في الشافية بأنه شاذ ، ولعله أراد به أنه مخالف للقياس دون الاستعمال ، فإنه واقع في كلام النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم حيث قال : «لا قود إلّا بالسيف». اه مولوي جلال الدين صاحب رحمه الله تعالى.
3- إلى قوله للمتابعة جواب دخل مقدر وهو أن ديارا ومثله اسم ليس على وزن الفعل مع أنه يعل. اه عبد. قوله : (ديار ... إلخ) فيه نظر يعني لعدم ورود النقض بهذه الأمثلة لانعدام الفتحة فيما قبلها فلا حاجة إلى إيرادها ، اللهم إلّا أن يقال : ورود النقض عليها إغماضا عن وجود الفتحة فيها. اه محمد محتشم رحمه الله.
4- قوله : (تبعا لواحده) يعني : قلب الواو ياء إتباعا لواحده لا لوجود شرط الإعلال لكن لما كان ما قبلها مكسورا قلبت ياء لا ألفا فيكون ديارا تابعا لواحده في مطلق الإعلال (فلاح). قوله : (تبعا لواحده) لأن الواحد أصل والجمع فرع فلو لم يعل في الفرع لزم مزية الفرع على الأصل. اه مولوي.

«سياط» تبعا لواحده ، وهي مشابهة (1) بألف : «دار» في كونها ميتة ، أعني : تعلّ هذه الأشياء وإن لم تكن فعلا ولا على وزن فعل للمتابعة.

ولا يعلّ نحو : الحوكة (2) ، والخونة ، وحيدى ، وصورى ، لخروجهنّ عن وزن الفعل بعلامة التأنيث (3) ، وقيل : حتى تدللن على الأصل.

ونحو : «دعوا القوم» لطروّ الحركة.

ونحو : «عور» و «اجتور» لأن حركة العين والتاء في حكم السكون ، أي : في حكم (4)

ص: 232


1- قوله : (وهي ... إلخ) لما توجه أن يقال : إن واحد لا يعل لفقدان شرط الإعلال ؛ لسكونها فكيف يعل سياط تبعا له ، أجاب بقوله : وهي ... إلخ. اه فلاح.
2- قوله : (الحوكة) الإعلال وعدمه جائزان فيه ، أمّا عدم الإعلال فلما ذكره المصنف ، وأمّا الإعلال فبالنظر إلى تحريك الواو وانفتاح ما قبلها ، قال في مختار الصحاح : حاك الثوب نسجه وبابه قال حوكا وحياكة فهو حائك وقوم حاكة وحوكة أيضا بفتح الواو. اه ابن كمال.
3- وهي التاء في الأوليين والألف المقصورة في الأخريين ، هذا مختار ابن جني فإنهما مختصان بالاسم ولا يدخلان الفعل أصلا ، وأمّا إعلال نحو قالت وباعت فلأن هذه التاء ليست بمتحركة بل ساكنة وهي مختصة بالفعل ، لكنه يرد عليه نحو داعية ونحو قضاة ودعاة ، وأمثال خطايا فإن جمع التكسير مخرج الاسم عن أوزان الفعل أيضا ، كما أن التاء المتحركة والألف المقصورة كذلك ، لا يقال : ما ذكره الشيخ ابن الحاجب في الشافية من الشرط في هذا القانون وهو الحمل على الاسم الثلاثي أو الفعل الثلاثي والجريان عليه ، فموجود في هذه الأمثلة ولذلك تعل ، لأنا نقول : ذلك الشرط أيضا موجود في أمثال الحوكة والخونة ، والحق أن يقال : إن قلب المعتل بالألف نوعان ، النوع الأول : واقع في العين ، والنوع الثّاني : في اللام ، فالأول مشروط بما ذكره المصنف ، والشيخ ابن الحاجب من الشرط ، والثّاني غير مشروط به كما يدل عليه كلام الشيخ حيث قيد قلب العين ألفا بهذا الشرط دون قلب اللام. اه جلال الدين.
4- قوله : (أي في حكم ... إلخ) تفسير يفيد التعليل ، يعني أن عين عور في حكم اعور وتاء اجتور في حكم ألف تجاور لأن عور في معنى اعور واجتور بمعنى تجاور ، ويمتنع إعلال الواو في اعور وتجاور لسكون ما قبلها فيمتنع فيما هو في معناهما ، كذا ، ذكره ابن جني رحمه الله تعالى. اه مولوي أحمد.

عين : «اعورّ» (1) وألف : «تجاور».

ونحو : «الحيوان» (2) حتى يدل حركته على اضطراب معناه (3) ، و «الموتان» (4) محمول عليه ؛ لأنه نقيضه.

ونحو : «طوى» (5)

ص: 233


1- اه صوفي صاحب نور الله تعالى تربته.
2- والحيوان بفتحات لفقدان الشرط الرابع ، وهو أن لا يكون في معنى الكلمة اضطراب ، وإنما لم يعل حينئذ حتى يدل ... إلخ. اه فلاح.
3- جواب دخل مقدر وهو أن يقال : لم لم يعل في موتان ؛ لوجود الشرائط المذكورة مع عدم الاضطراب؟ وتوضيح الجواب أنه محمول على الحيوان فإنه نقيضه ، وهم يحملون النقيض على النقيض كما يحملون النظير على النظير. اه شمس الدين. قوله : (والموتان ... إلخ) في الصحاح الموتان بالتّحريك خلاف الحيوان يقال : اشتر الموتان ولا تشتر الحيوان أي : اشتر الأرضين والدور ولا تشتر الرقيق والدواب. اه ابن كمال رحمه الله تعالى.
4- وحروف العلّة حينئذ إما ساكنة أو مكسورة أو مضمومة أو مفتوحة. اه من الفلاح شرح المراح.
5- قوله : (طوى) بفتح الواو لفقد الشرط الخامس وهو أن لا يجتمع في الكلمة إعلالان. اعلم أن طوى يجيء من الباب الثّاني يقال : طواه يطويه طيا ، ومن الباب الرابع يقال : طوي بكسر الواو يطوى ، طوى معناه حينئذ الجوع كذا في الصحاح ، والمصنف اعتبر مجيئه من الباب الثّاني فقال : ولم يعل حتى لا يجتمع ... إلخ. اه شمس الدين.

حتى لا يجتمع (1) فيه إعلالان ، و «طويا» (2) محمول عليه ، وإن لم يجتع فيع إعلالان.

ونحو : «حيي» حتى لا يلزم ضمّ (3) الياء في المستقبل ، أعني : إذا قلت :

ص: 234


1- قوله : (حتى لا يجتمع ... إلخ) يعني أنّ طوى أعل ياؤه بقلبه ألفا كما في رمى ، فلو أعل واوه أيضا بقلبها ألفا يجتمع إعلالان متواليان في حرفين أصليين فيلزم إجحاف الكلمة وهو غير جائز ، وإنما اعتبروا القيد الأول ليخرج الإعلال في نحو يقي أصله يوقي بضم الياء فأعلّ بالحذف والإسكان وذلك جائز ؛ لأنهما ليسا بمتواليين بل بينهما وسط ، وإنما جاز إعلالان إذا توسط بينهما حرف ؛ لأنه لا يلزم منه إجحاف مثل إجحاف المتواليين ؛ لأن العليل سريع النزع عند تخلل فاصل ، ويتضاعف ضعفه إذا توالى عليه علتان من غير فاصل ، وإنما اعتبروا القيد الثّاني ليخرج الإعلالان في نحو قاض أصله قاضي فأعلّ بالإسكان والحذف ، وذلك جائز لأنهما ليسا في حرفين بل في حرف واحد وهو الياء وليخرج به الإعلالات نحو إقامة أصله إقوامة فأعل بالنقل والقلب والحذف ، هذا ولو اعتبر مجيئه من الباب الرابع فهو إنما يعل حملا على قوي ، أو حملا على هوي أصله قوو فقلبت الواو الأخيرة ياء لكسرة ما قبلها ، ولم يقلب الأولى ألفا لئلا يجتمع فيه إعلالان فحمل طوى عليه وإن انتفى الإعلالان فيه ؛ لأنهما من باب واحد لكونهما من فعل مكسور العين كذا ذكره ابن الحاجب ، وبيان الثّاني أن هوي أصله هوي بفتحات قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، ولم يقلب الواو ألفا لئلا يجتمع إعلالان فحمل عليه طوى وإن لم يلزم إعلالان ؛ لأن الأصل فعل بفتح العين لخفته وكثرته ، وفعل بالكسر فرع عليه فحمل الفرع على الأصل كذا حققه الجاربردي ، وقيل : إنما لم يعل طوي بالكسر حتى لا يلزم ضم الياء في مضارعه كما في حيي. اه أحمد رحمه الله.
2- جواب شبهة وهي أن يقال : ينبغي أن تبدل الواو بالألف في طويا لانعدام اجتماع الإعلالين ؛ لأن اللام أصلية لا منقلبة. اه تحرير.
3- قوله : (ضم الياء ... إلخ) اعلم أن تصحيح حيي متفق عليه بين الصّرفيين لكنهم اختلفوا في سببه ، فقال بعضهم : لا يعل ؛ لأن إعلاله يؤدي إلى اجتماع إعلالين متواليين ، وقال بعضهم : لا يعل ؛ لأن إعلاله يفضي إلى ضم الياء في المضارع ، واختار صاحب الكتاب هذا ، والأول اختيار الخليل حيث قال : وقوي وحيي من قبيل طوى وهو مشتق من الحياة أصله حيو فقلبت الواو ياء ؛ لوقوعها طرفا بعد كسرة فصار حيي فلو قلبت الياء التي هي عين الكلمة ألفا لزم اجتماع إعلالين متواليين ، وقوي مشتق من القوة أصله قوو فقلبت الواو التي هي لام الفعل ألفا فصار قوى ، فلو قلبت الواو التي هي عين الكلمة ألفا لزم اجتماع إعلالين متواليين أيضا. اه عبد الحكيم رحمه الله تعالى.

«حاي» يجيء مستقبله : يحاي (1).

ونحو : «القود» (2) حتى يدل (3) على الأصل (4).

2 - الأربعة : إذا كان ما قبلها مضموما ، نحو : ميسر ، وبيع ، ويغزو ، ولن يدعو.

تجعل في الأولى واوا (5) لضمة ما قبلها ولين عريكة الساكن ، فصار :

موسرا (6).

وفي الثانية تسكن (7) للخفّة ، ثم تجعل واوا لضمة ما قبلها ولين عريكة الساكن

ص: 235


1- بضم الياء وإعلال الياء الأولى بقلبها ألفا ؛ لأن إعلال الماضي يوجب إعلال المستقبل عندهم والضم على الياء ثقيل مرفوض في كلامهم. اه فلاح.
2- وهو القصاص لانعدام الشرط السابع وهو أن لا يترك الدلالة على الأصل أي : لا يعل نحو : القود بقلب الواو ألفا حتى ... إلخ. اه فلاح.
3- قوله : (على الأصل) أي : على أصل باقي المعتلات ، يعني أنهم صححوا القود والصيد تنبيها على أن أصل المعتلات إما واو أو ياء ، كما أعربوا أيا وأيّة مع وجود موجب البناء تنبيها على أن الأصل في أخواتهما الإعراب ، وفي هذا ضرب من الحكمة في هذه اللغة العربية فيحفظ فلا يقاس ، فلا يقال في أباع : أبيع كذا حققوه. اه فلاح.
4- لأنه لو قلبت الواو في القود لم يبق واو مفتوحا قبلها مع تحركها في الأصل فلهذا صحح ، وقيل : تصحيحه شاذ. اه حنفية.
5- وهي ما إذا كانت حرف العلّة ساكنة وما قبلها مضموما. اه عبد.
6- قوله : (موسرا) فإن قيل : نحن في صدد بيان الأجوف فلا يناسب التمثيل بمعتل الفاء هنا وموسر منه؟. قلنا : لا مناقشة في الأمثال ، وفيه نظر ؛ لأنهم قالوا في مواضع عديدة : المثال لا يطابق الممثّل فلولا المناقشة فيه لم قالوا كذلك ، أجيب عنه بأن التفوه بذلك إذا كان المثال من أفراد الممثّل ، وإذا كان موضحا له لا يقولون كذلك ، والمثال المسطور في الكتاب من هذا القبيل. اه عزير.
7- قوله : (تسكن ... إلخ) المصنف رحمه الله أجدد بيان وجوه الإعلال من غير نظر إلى قوتها وضعفها ، والإسكان أسهل من النقل ؛ لأن ذلك تصرف في الحرف الواحد وهذا في الحرفين فلذا قدم ذلك الطريق على هذا. اه ملا محتشم.

فصار : بوع ، وإذا جعلت (1) حركة ما قبل حرف العلة من جنسها ، فصار حينئذ : بيع (2).

وتسكن في الثالثة للخفّة ، فصار : يغزو.

ولا يعلّ في الرابعة لخفة (3) الفتحة ، ومن ثمّ لا يعلّ : غيبة ، ونومة.

3 - الأربعة : إذا كان ما قبلها مكسورا ، نحو : موزان ، وداعوة ، ورضيوا ، وترميين.

ففي الأولى تجعل الواو ياء لما مرّ.

وفي الثانية تجعل ياء لاستدعاء ما قبلها ولين عريكة الفتحة ، فصار (4) : داعية ، ولا يعل (5) مثل : «دول» لأن الأسماء التي (6)

ص: 236


1- إشارة إلى مذهب البعض فإنهم يجوزون جعل حركة ما قبل حرف العلّة من جنس حرف العلّة فتبدل عندهم ضمة الباء كسرة بعد تسكين الياء ، فصار بيع وهذه اللغة أفصح اللغات لحصول التخفيف من وجهين أحدهما تسكين الياء ، والثّاني جعل ضمة ما قبل الياء كسرة. اه مولوي.
2- قوله : (بيع) هذا في اليائي ، وأما الواوي نحو قول على صيغة المجهول فيجوز فيه إبقاء الواو بعد إسكانها ويجوز قلبها ياء بنقل حركتها إلى القاف بعد سلب حركتها. اه أحمد.
3- دليل لمحذوف بأن يقال : لا يعل في الرابعة ؛ لأن الإعلال للتخفيف وهو موجود فيه من غير الإعلال لخفة الفتحة على الواو. اه شرح. قوله : (لخفة ... إلخ) أو يقال : لعروضها ؛ لأنها بواسطة كلمة لن. فإن قيل : كيف ذلك؟. قلنا : لأن الواو في الأصل ساكن فليس بمتحرك. اه حنفية.
4- فصار داعية يعني : تجعل الواو ياء في داعوة ؛ لأن الفتحة حركة ضعيفة والكسرة حركة قوية ، والضعيف في مقابلة القوي كالمعدوم ، فكانت الواو ساكنة اعتبارا أي : حكما ، وإن كانت متحركة لفظا وحقيقة ، فقلبت ياء كما تقلب لو كانت ساكنة. اه حنفية.
5- قوله : (ولا يعل ... إلخ) جواب سؤال وهو أن ما قلتم إذا كان ما قبلها مكسورا نحو موزان وداعوة تجعل ياء منقوض بدول ، فإن ما قبل حرف العلّة فيه مكسور ولم تجعل ياء بل صححت كما ترى ، وتحقيق الجواب أن دولا جامد ، والجامد لا يعل لخفته إلا إذا كان على وزن فعل ، والدول ليس على وزنه. اه عبد الله.
6- يعني تلك الأسماء المشتقة من الفعل ، إنما تعل لأجل أن إعلال الفعل مقتض لإعلالها ، فأما الأسماء التي ليست بمشتقة لا يعل ؛ لعدم المقتضي وخفة الاسم باعتبار ذاته فلا تعل. اه حنفية.

ليست بمشتقّة من الفعل لا تعل لخفّتها ، إلا إذا كانت (1) على وزن الفعل ، فحينئذ يجوز الإعلال فيه ، وهو ليس على وزن الفعل.

وفي الثالثة تسكن للخفة ، ثم تحذف لاجتماع الساكنين ، فصار : رضوا.

والرابعة (2) مثلها في الإعلال.

4 - الثلاثة : إذا كان ما قبلها ساكنا ، نحو : يخوف ، ويبيع ، ويقول.

تعطى حركاتهنّ (3) إلى ما قبلهنّ لضعف حرف العلة وقوّة الحرف (4) الصحيح.

ولكن (5)

ص: 237


1- قوله : (إلا إذا كانت ... إلخ) الاستثناء مفرغ أي : إن الأسماء التي ليست بمشتقة من الفعل لا تعل في جميع الأحوال ، إلا حال كونها على وزن الفعل فحينئذ يجوز الإعلال فيه ، ولما ورد بقوله : لأن الأسماء التي ليست ... إلخ ، أن دارا أيضا اسم ليس بمشتق من الفعل ، فينبغي أن لا يعل فيه وقد أعل فيه استثنى من السابق بقوله : إلا إذا كان ... إلخ ؛ لئلا يرد الإيراد. اه تحرير.
2- قوله : (والرابعة ... إلخ) وهو ترميين ، وفيه نظر وهو أن كلامنا في الأجوف لا في النّاقص تأمل. اه حنفية. وأجيب بأن المناقشة في المثال ليست من دأب أهل الكمال فلا مجال للإيراد ، تدبر. اه
3- قوله : (تعطى حركاتهن ... إلخ) بيان لحكم المجموع أي : تنقل حركات حروف العلّة إلى ما قبلهن ، أي : ما قبل حروف العلّة ؛ لأنها ضعيفة لم تستطع أن تتحمل الحركات وإذ انتقل إلى ما قبلهن ؛ لأن ما قبلها حرف صحيح وهو قوي يتحمل الحركات ، وفي هذا الكلام إشارة إلى أن الساكن الذي قبلها لا بد من أن يكون حرفا صحيحا ؛ إذ نقل الحركة من حرف العلّة لا يتصور إلا إليه ، فلا يرد حينئذ قائل وقوائل وقاول وتقول وتقاول ، فإن الساكن فيها ليس حرفا صحيحا بل حرف علّة ، والنقل إلى الألف غير ممكن ، وإلى الواو والياء الساكنين غير معقول ، والصواب في العبارة أن يعطى ما قبلها حركاتهن كما مرّ غير مرة. اه إيضاح.
4- قوله : (وقوة الحرف ... إلخ) ونقل الحركة اللازمة مع إمكان النقل بخلاف دلو وظبي ؛ لعدم لزوم الحركة ، وبخلاف قاول وبايع ؛ لعدم إمكان النقل ، وإلا لزم تحريك الألف. اه مولوي.
5- استدراك من حيث المعنى فإنه لما قال : (تعطى حركاتهن ... إلخ) فهم منه ظاهرا أن تبقى حروف العلّة بعد إعطاء حركاتها إلى ما قبلها على حالها في الأمثلة كلها وليس الأمر كذلك فأزال المصنف هذا الوهم بقوله : (ولكن تجعل ... إلخ) ، يعني أن التعليل موجود فيه نظرا إلى تحريك الأصل وغير موجود نظرا إلى السكون العارضي فتعارضت الجهتان فرجحنا جهة الأصليّة لأصالتها من الجهة العارضية لعروضها. اه حنفية

تجعل في : «يخوف» ألفا لفتحة ما قبلها ولين عريكة (1) الساكن العارضيّ ، بخلاف : «الخوف» (2) فإنّ سكونه أصلي لا عارضي ، فصرن : يخاف ، ويبيع ، ويقول.

ولا يعل (3) في نحو : «أعين» و «أدور» حتى لا يلتبس بالأفعال.

ونحو : جدول ، حتى لا يبطل الإلحاق (4).

ص: 238


1- قوله : (الساكن العارض) فلا يكون السكون ثابتا من كل وجه ؛ لأن العارض لا يثبت في جميع الأحوال بل يثبت في حال دون حال ، بخلاف الأصلي فإنه ثابت لا محالة فيكون سكونا من كل وجه ، والتعليل إنما يقع لرفع الثقل الثابت في الكلمة من كل وجه أو من وجه فيعل يخوف بقلب الواو ألفا. اه مولوي.
2- أي : مصدره الجار والمجرور منصوب على الحال من يجعل الواو في يخوف ألفا حال كون يخوف متلبسا بخلاف الخوف ، ويحتمل أن يكون مرفوع المحل على أنه خبر مبتدأ محذوف أي : وذلك بخلاف الخوف ، فعلى كل من التقديرين جواب سؤال ، وهو أنكم قلتم : بأن الواو إذا أسكنت وانفتح ما قبلها تقلب بالألف كما في يخوف فلم لا يعل في الخوف فإن ... إلخ. اه حنفية.
3- قوله : (ولا يعل ... إلخ) جواب دخل مقدر ، وهو أن قولكم : إذا كان حرف العلّة متحركة وما قبلها ساكنا يعل بنقل حركتها إلى ما قبلها ، منقوض بنحو أعين وأدور ؛ لأنه لم يعل فيهما مع أنه متحرك وما قبله ساكن ، وتحقيق الجواب أنه إنما لا يعل أدور وأعين على وزن أفعل بفتح الهمزة وسكون الفاء وضم العين ، حتى لا يلتبس بالأفعال ؛ لأنه لو أعل بنقل حركتها إلى ما قبلها فيقلب الياء واوا في أعين لسكونها وانضمام ما قبلها فيصير أعون وأدور بمد الواو فيهما ، فيلتبس الأول بالمتكلم وحده من مضارع دار. اه أحمد. فحينئذ يكون أدور جمع دار وأعين جمع عين وكذا لا يعل أدور وأعين بفتح الهمزة وسكون الفاء وفتح العين إذ أدور حينئذ أفعل التفضيل من دار يدور دورا ودوران ، وأعين أفعل الصفة من الإعانة إذ لو أعل فيهما لصارا أدار وأعان فالتبسا بماضي باب الإفعال من الإدارة والإعانة إذ ماضيهما أدار وأعان. اه من المهدية.
4- يعني أن جدول يلحق بجعفر ؛ لأن الواو في جدول زيدت للإلحاق بجعفر ؛ ليعامل معاملته في الأحكام اللفظية فيقال : جداول وجديول ، كما يقال : جعافر وجعيفر ، فلو أعل بقلب الواو ألفا يصير جدال فات الغرض من الإلحاق ، وذا لا يجوز. اه فلاح بزيادة

ونحو : «قوّم» (1) حتى لا يلزم (2) الإعلال في الإعلال.

ونحو : «الرّمي» (3) حتى لا يلزم الساكن (4) في آخر المعرب.

ونحو : «تقويم» و «تبيان» و «المخياط» و «المقوال» حتى لا يجتمع ساكنان بتقدير الإعلال ، و «مخيط» منقوص من : «المخياط» (5)

ص: 239


1- قوله : (ونحو قوم ... إلخ) جواب سؤال وهو أن يقال : إن قوّم في الأصل قووم فلم لم تنقل حركة الواو الثّانية إلى الأولى وتقلب الثّانية ألفا فأجاب بقوله حتى ... إلخ. اه حنفية.
2- قوله : (حتى لا يلزم الإعلال ... إلخ) بيان الملازمة أن قوم في الأصل قووم فلو أعل نقلت حركة الواو الثّانية إلى الواو الأولى ثم قلبت ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها لوجب أن يقلب الأولى ألفا أيضا لأنها متحرك وما قبلها مفتوح فيلزم الإعلال في الإعلال في الحرفين المتواليين وهو باطل لاستلزامه حذف إحدى الألفين لالتقاء الساكنين ، واستلزام الحذف إجحاف الكلمة. اه مولوي.
3- ولا يخفى عليك بأن كلامنا في الأجوف لا في النّاقص ، فإيراد الرمي هنا ليس بسديد (حنفية). ولا يبعد أن يقال : إيراد الرمي لدفع ما نشأ من قوله في السابق : (الثلاثة إذا كان ما قبلها ساكنا نحو يخوف ويبيع ويقول ، تعطى حركاتهن إلى ما قبلهن) بأن في الرمي أيضا نقل حركة الياء إلى الميم الساكن قبلها ؛ لدخوله تحت العبارة المذكورة في الكتاب بأن حركة الياء فيه لم تنقل إلى الميم الساكن قبلها حتى ... إلخ. اه تحرير.
4- قوله : (حتى لا يلزم ... إلخ) وتحقيقه أنه لو أسكن الياء بنقل حركتها إلى ما قبلها يتوارد الإعراب على ما قبل ذلك الساكن حينئذ ؛ لأن الحركة المنقولة إليه هي التي تختلف بحسب العوامل ويكون الياء الساكنة تابعة لحركة ما قبلها يعني يصير في حالة النصب ألفا وفي حالة الرفع واوا فيكون الإعراب في وسط المعرب ، وهو غير جائز ، وهذا إنما يلزم من وقوع الحرف الساكن بالطريق المذكور في آخر المعرب ، لكن لا على الطريق المذكور صح لعدم لزوم وقوع الإعراب في وسط المعرب في نحو العصا والرحى ، فافهم كذا حققه المحققون. اه فلاح شرح مراح.
5- قوله : (ومخيط ... إلخ) جواب دخل وهو أن يقال : إنما صحح مخياط ؛ لاجتماع الساكنين بتقدير الإعلال وقد انعدم ذلك في مخيط عند الإعلال ، فلم يعل فيه بنقل حركة الياء إلى ما قبلها بأنه منقوص ... إلخ ، هذا يستقيم على قول من قال : إن أصل المفعل مفعال وإلا فمشكل كذا قيل. اه حنفية. قال الشيخ ابن الحاجب في الشافية : ومقول ومخيط محذوفان ألفهما أو بمعناهما ، ولا يخفى عليك أن مدار عدم الإعلال في هذه الأمثلة ليس على لزوم اجتماع الساكنين فقط بل على لزوم الالتباس ، فكما يلزم الالتباس في مقوال ومخياط على تقدير الإعلال كذلك يلزم في مقول ومخيط على تقديره ، فعلى هذا لا حاجة إلى أن يقال : إنهما منقوصان عنهما ، فحينئذ اندفع ما ذكره الشارح من الإشكال ، لا يقال : إن تصحيح مقول تدل على أن أصله مقوال وإلا لما صح ، لأنا نقول : إن تصحيحه يمكن أن يكون لأجل اللبس فلا يدل عليه. اه إيضاح مختصرا.

فلا يعلّ (1) تبعا له.

فإن قيل (2) : لم يعلّ : «الإقامة» مع حصول اجتماع الساكنين إذا أعللت كإعلال أخواتها؟.

قلنا : تبعا ل : أقام.

فإن قيل : لم لا يعلّ : «التّقويم» تبعا ل : «قام» وهو ثلاثي أصل في الإعلال؟.

قلنا : أبطل قوة : «قوّم» استتباع : «قام» وإن كان (3) أصلا في الإعلال ، لقوّة (4):

ص: 240


1- قوله : (فلا يعل ... إلخ) لا يخلو عن خدشة ؛ لأنه إذا كان أصل مخيط مخياط كان مثله في حق وجود المانع فلا يصح الحكم بأنه لا يعل تبعا له. اه إيضاح. اللهم إلا أن يحمل على التسامح تدبر. اه
2- قوله : (فإن قيل ... إلخ) هذا إيراد بوجه النقض على قوله : حتى لا يجتمع الساكنان يعني أن اجتماع الساكنين في الإقامة متحقق في الإعلال ومع هذا لم يكن مانعا منه فينبغي أن يبقى صحيحا كتقويم. اه تحرير.
3- واصل بقوله : أبطل قوة ... إلخ وهذا كأنه لدفع ما توهم من أنا لا نسلم أن قوة قوم أبطل إتباع قام ؛ لكونه مزيدا وذا مجرد ، فلو كان كما قلت يلزم تقوية الفرع على الأصل ، وهو لا يجوز لما فيه من قلب المشروع بما حاصله أن إبطال استتباع قام بقوّم ليس لأجل أنه أقوى منه ذاتا بل باعتبار قوته منه صفة بالنسبة إلى التقويم بحيث أن قوّم فعل من التقويم وقام لا كذلك فافهم. اه صوفي صاحب.
4- قوله : (لقوة قوّم ... إلخ) علّة لأبطل وتحقيق إبطاله أنه قد مر أن قوم لا يعل ؛ لئلا يلزم الإعلال في الإعلال ، وقد عرفت أن المصدر يتبع فعله في الإعلال وجودا وعدما ، وأن التقويم مصدر قوّم فثبت أن التقويم الذي هو مصدر قوم لا يعل تبعا له ولم يكن تابعا لقام في الإعلال ، وإن كان أصليا فيه لقوة مؤاخاة الفعل مع مصدره ؛ لكونه مشتقا منه بالذات وضعف مؤاخاته مع مصدر غيره وإن تلاقيا في الاشتقاق ، فالمراد من قوله أبطل قوّة قوّم استتباع أنه أبطل عدم إعلال قوّم استتباع قام التقويم في الإعلال ، وحاصله أنه اجتمع في التقويم سبب الإعلال وهو قام وسبب عدمه وهو قوّم لكن لما كان سبب عدم الإعلال قويا وراجحا على سبب الإعلال ترجح به عدم الإعلال فيه فلم يعل. اه فلاح شرح مراح.

«قوّم» في الأخوّة مع : «التقويم» ولا يصلح (1) : «أقام» أن يكون مقوّيا ل : «قام» لأنه ليس من ثلاثي الأصل.

ولا يعلّ مثل (2) : «ما أقوله» (3)

ص: 241


1- قوله : (ولا يصلح ... إلخ) جواب سؤال وهو أن يقال : إن قوّم وإن كان فعلا للتقويم وأبطل استتباع قوم للتقويم لقوة قوم ... إلخ ، أنه حصل لقام قوة في الإعلال بسبب أقام إذ أقام أعل تبعا لقام كما مر فيكون إعلال أقام مقويا لقام في الإعلال حتى ترجح قوته بقوة قوّم فلم يبطل استتباع قام للتقويم فينبغي أن يعل التقويم تبعا لقام وإن لم يكن فعله لقوته بأقام ، وتوجيه الجواب لا يجوز أن يكون أقام مقويا ومرجحا لقام ؛ لأنه ليس بثلاثي أصل في الإعلال إذ قد مرّ أن الفعل الثلاثي المجرد أصل في الإعلال ؛ لوجود موجبه فيه وهو تحرك حرف العلّة وانفتاح ما قبلها مثل قال وباع ، وأما المزيد فيه تبعا للثلاثي لانعدام موجبه نحو أقام وأباع ، وإذا لم يكن أقام أصلا في الإعلال لم يكن مقويا لقام وإذا لم يكن مقويا له لم يترجح قوته بقوة قوّم فلم يكن مستتبعا للتقويم في الإعلال فلم يعل. اه ابن سليمان.
2- قوله : (مثل ما أقوله ... إلخ) حاصله أنه لا يعل باب ما أفعله أي : فعل التعجب ، ولا يعل أيضا بعض من اليائيات نحو : أخيلت المرأة وأغيلت الناقة وأغيمت السماء ، وبعض من الروايات نحو استحوذ حتى يدللن على الأصل أي : على أن أصل المعتلات إما واو أو ياء وتخصيص هذه الكلمات بهذه الدلالة محمول على السماع كالقود والصيد فلا يقال عليها ، وفي هذا نوع مخالفة لما في الصحاح حيث قال فيه : (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ) [المجادلة : 19] أي : غلب ، وهذا جاء بالواو على أصله كما جاء استروح واستصوب ، وقال أبو زيد : هذا الباب كله يجوز أن يتكلم به على الأصل تقول العرب استصاب واستصوب واستجاب واستجوب وهو قياس مطرد عندهم ، قال بعض شارحي كافية التصريف لابن الجاحب : إنما لم يعلوا فعل التعجب نحو ما أقول زيدا ؛ لأنه لو أعل لكان الحمل على قال مثلا ، لكنه لما لم يتصرف تصرف الأفعال لم يحملوه على المتصرف في الإعلال ، ولأنهم قصدوا الفرق بين باب التعجب وغيره في معتل العين بترك الإعلال في التعجب وارتكاب الإعلال في غيره ، وباب التعجب أولى بالتصحيح لشبهه بالاسم في عدم التصرف ، ولهذين الدليلين غير ما ذكره المصنف فافهم. اه من الفلاح.
3- اه مولوي أنور علي رحمه الله.

و «أغيلت المرأة» و «استحوذ» حتى (1) يدللن على الأصل.

وتقول (2) في إلحاق الضمائر : قال (3) ، قالا ، قالوا ... إلخ.

أصل : «قال» : قول ، فجعل الواو ألفا (4) لما مرّ (5).

وأصل : «قلن» : قولن ، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، ثم حذفت لاجتماع الساكنين فصار : قلن ، ثم ضمّ القاف حتى يدل على الواو (6) المحذوفة ، ولا يضمّ (7) في : «خفن» لأن الأصل في هذا الباب نقل (8) حركة الواو المحذوفة

ص: 242


1- يعني أن ما أقول وما أغيلت صيغة التعجب وغير متصرفة ، فلو تصرف بالإعلال تغيرت عن الوضع الأصلي. اه حنفية شرح مراح.
2- لما فرغ المصنف رحمه الله عن بيان أحكام في الأجوف نظرا إلى ذاتها شرع في بيان أحكامها إذا اتصل بها الضمائر إذ العارض عقيب المعروض. اه حنفية.
3- قوله : (قال) ذكر قال استطرادي فلا يرد ما يقال : ذكر قالا وقالوا مستقيم للحوق الضمير بهما ، أما ذكر قال في هذا المحل فغير واقع في موقعه ؛ لأن الضمير لم يلحق به ، فافهم. اه تحرير.
4- قوله : (لما مر) إشارة إلى ما نقله من ابن جني إلخ مع تضمنه دفع توهم من يقال : إن الواو في قول والياء في بيع متحركات والألف ساكن وضعي ، ومن المعلوم أن البدل من جنس المبدل منه فكيف تبدل الحرف المتحرك بالألف الساكن ، بما تفصيله أن كلا من الواو والياء المتحركين في قول وبيع يسكن أولا ثم يبدل الألف منهما مناسبة بين البدل والمبدل منه بقدر الإمكان تدبر ، والله تعالى أعلم. اه لمحرره رحمه الله.
5- إشارة إلى ما نقله من ابن جني ، أي : يسكن الواو أولا للتخفيف ، ثم قلبت ألفا لاستدعاء الفتحة ولين عريكة الساكن. اه فلاح.
6- قوله : (على الواو المحذوفة) وقس على ذلك سائر الأجوف الواوي الذي يجيء من باب قال نحو صال ، وهذا بالحقيقة معنى قولهم : إذا اتصل بالأجوف ضمير المتكلم أو المخاطب أو جمع المؤنث الغائبة نقل فعل بفتح العين من الواوي إلى فعل بضم العين دلالة عليها. اه ف.
7- قوله : (ولا يضم ... إلخ) جواب سؤال وهو أن يقال : كما ضم القاف في قلن حتى يدل الضم على الواو المحذوفة ، فكذا ينبغي أن يضم الخاء في خفن للدلالة على الواو المحذوفة بما ترى. اه ح.
8- لأن في نقل كسرة حرف العلّة في خفن دلالة على كون حركة العين كسرة ، وفي نقل ضمته دلالة على كون حركة العين ضمة كما في ظلن. اه عصام.

إلى ما قبلها لسهولتها ، ولا يمكن (1) هذا في : «قلن» لأنه يلزم فتحة (2) المفتوح.

ولا يفرق (3) بينه وبين جمع المؤنث في الأمر ؛ لأنهم لا يعتبرون (4) الاشتراك الضّمني ، وهو مشترك (5) بين المعلوم والمجهول ، ويكتفون بالفرق التقديري (6) ، كما في : «بعن» وهو مشترك بين المعلوم والمجهول أيضا ، أو وقع (7) من غرّة

ص: 243


1- قوله : (ولا يمكن ... إلخ) جواب لما يقال : لما كان الأصل في هذا الباب نقل حركة الواو المحذوفة إلى ما قبلها لسهولتها فلم لم ينقل حركة الواو إلى القاف في قلن بأن عدم نقل حركته إليه ؛ لعدم الإمكان ؛ لأنه لا يلزم ... إلخ. اه تحرير.
2- لأن حركة الواو فتحة أيضا فيلزم تحصيل الحاصل ولا يلزم في خفن ؛ لأن حركة الواو كسرة وحركة الخاء فتحة فحيث أمكن يراعى هذا الأصل ، وحيث امتنع يراعى أصل آخر ، وهو ضم ما قبل الواو دلالة عليه. اه ف.
3- قوله : (ولا يفرق ... إلخ) جواب سؤال وهو أن يقال : ينبغي أن يفرق بين قلن جمع المؤنث في الماضي وبين قلن جمع المؤنث في الأمر ؛ لأن الالتباس مخل بالفهم. اه شرح.
4- قوله : (لا يعتبرون ... إلخ) خلاصته إنما يحتاج إلى الفرق إذا وقع الاشتراك بين البنائين قصدا ، أما إذا وقع ضمنا لا يلتفتون إليه ولا يشتغلون بالفرق بينهما لفظا بل يكتفون بينهما بالفرق التقديري ؛ لأنه كم من شيء يثبت ضمنا ولا يثبت قصدا. اه مولوي.
5- قوله : (وهو ... إلخ) الواو للحال والجملة الحالية وقعت تعليلا وتأييدا لقوله : لأنهم ... إلخ. اه حنفية.
6- قوله : (بالفرق التقديري) تحقيقه أن قلن على تقدير كونه جمعا من الماضي قولن بفتح القاف والواو وإن ضم القاف للدلالة على الواو المحذوفة كما مر ، وأما على تقدير كونه جمعا من الأمر فأصله أقولن بضم الهمزة والواو وسكون القاف فنقل ضمة الواو إلى القاف فاستغني عن الهمزة ، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين فيكون ضمة القاف ضمة الواو كما سيجيء. اه فلاح.
7- قوله : (أو وقع ... إلخ) عطف على قولهم : لأنهم لا يعتبرون الاشتراك ... إلخ ، فيكون دليلا آخر على عدم الفرق بين الماضي والأمر في مثل قلن ، أي : لم يفرق بينهما ؛ لأنه وقع الاشتراك من غرة الواضع ، يعني أن الواضع وضع أولا لفظ قلن لجمع المؤنث في الماضي ، ثم غفل عن وضعه هذا لهذا فوضع لجمع المؤنث في الأمر أيضا ، فاتفق الاشتراك من غير قصد ، وأنت خبير بأن هذا الدليل إنما يتم إذا كان واضع الألفاظ الإنسان الذي من شأنه النسيان ، وفيه كلام بين في موضعه. اه شمس الدين رحمه الله.

الواضع ، كما في الاثنين والجماعة من الأمر والماضي في : تفعّل (1) ، وتفاعل ، وتفعلل.

ولا يفرق بين : فعلن ، وفعلن في نحو : «طلن» (2) و «قلن» لأنه يعلم من : «الطّويل» أن أصل : «طلن» : طولن ؛ لأن : «الفعيل» يجيء من : «فعل» غالبا (3) ، كما يعلم (4) الفرق بين : «خفن» و «بعن» من مستقبلهما ، أعني : يعلم من : «يخاف» أن أصل (5) : «خفن» : خوفن ؛ لأن باب : «فعل يفعل» لا يجيء إلا من حروف (6) الحلق ، ويعلم من : «يبيع» أن أصل : «بعن» : بيعن ؛ لأن الأجوف لا يجيء (7) من

ص: 244


1- قوله : (تفعل ... إلخ) وإنما خص هذه الأوزان الثلاثة ؛ لأن في غيرها لا يلتبس تثنية الماضي والأمر وجمع الماضي والأمر. اه عبد.
2- قوله : (طلن) بضم الطاء أصله طولن بضم الواو ، قلبت الواو ألفا فالتقى ساكنان فحذفت ، ثم نقلت ضمتها إلى ما قبلها على ما هو الأصل كما مر في نقل كسرتها إلى ما قبلها في نحو خفن فصار طلن. اه أحمد.
3- قوله : (غالبا) إنما قال : غالبا ؛ لأنه قد يجيء الفعيل من غير فعل بضم العين أيضا نحو سميع من سمع ، أو لئلا يرد بأن كون مجيء الفعيل من فعل بضمّ العين خاصة غير سديد ؛ لمجيئه من فعل مفتوح العين أيضا نحو سميع من سمع. اه تحرير.
4- قوله : (كما يعلم ... إلخ) اه شمس الدين.
5- قوله : (خوفن) بكسر الواو ، إنما يعلم من يخاف أن أصل خفن خوفن بكسر الواو ؛ لأنه لا يجوز أن يكون مضموما ؛ لأن فعل بضم العين ويفعل بالفتح ليس بموجود في كلامهم. وكذا لا يجوز أن يكون مفتوحا ؛ لأنه يكون حينئذ من حد منع ، ومن شرطه أن يكون عين الفعل أو لامه من حروف الحلق ، وليس فيه ذلك فلم يبق إلا الكسر فيكون مكسورا ضرورة. فإن قلت : لم لا يجوز أن يكون من باب منع ويكون شاذا كأبى يأبى؟. قلنا : الحمل على ما هو خلاف الأصل غير شائع ، فلا يحمل عليه فيكون من حد سمع. اه حنفية.
6- قوله : (إلا من حروف الحلق) أي : إلا من الكلمات التي في عينها أو في لامها حرف الحلق وليس في يخاف حرف حلق حتى يحتمل كونه من الثّالث ، فتعين أنه من الباب الرابع لانحصار فتح العين في المضارع فيهما. اه ف.
7- قوله : (لا يجيء ... إلخ) إلا من الأبواب الثلاثة التي سميت دعائم الأبواب كما مر فلا يجيء من باب ... إلخ. اه فلاح شرح مراح.

باب : «فعل يفعل» (1).

المستقبل : يقول ... إلخ (2) ، أصله : يقول ، وإعلاله مرّ (3) ، فحذفت الواو في : «يقلن» لاجتماع الساكنين (4).

الأمر : قل ... إلخ ، وأصله : أقول (5) ، فنقلت حركة الواو إلى القاف ، ثم حذفت لاجتماع الساكنين ، ثم حذفت الألف لعدم الاحتياج إليها ، فصار : قل.

وتحذف (6) الواو في : (قُلِ الْحَقُ) الكهف : 29 ، وإن لم يجتمع فيه ساكنان ؛ لأن الحركة فيه حصلت بالأمر الخارجي (7) ، فتكون في حكم السكون تقديرا ،

ص: 245


1- قوله : (يفعل) بالكسر فيهما فتعين أنه من الباب الثّاني لانحصار كسر العين في المضارع فيهما. اه فلاح.
2- أي : يقولان يقولون تقول تقولان يقلن تقول تقولان تقولون تقولين تقولان تقلن أقول نقول. اه فلاح.
3- قوله : (مر) في قوله والثلاثة إذا كان ما قبلها ساكن نحو يخوف ويبيع ويقول يعطي حركاتهن إلى ما قبلهن لضعف حروف العلّة وقوة الحرف الصحيح. اه فلاح.
4- قوله : (لاجتماع الساكنين) ؛ لأن أصله يقولن ، فنقلت ضمة الواو إلى ما قبلها فاجتمع الساكنان هما الواو واللام فحذفت الواو فصار يقلن. اه فلاح.
5- قوله : (أقول ... إلخ) على وزن انصر هذا إذا أخذ الأمر من المضارع قبل الإعلال أعني قبل نقل حركة الواو إلى القاف ، كما أخذ الأمر من تذب قبل الإدغام فيقال : اذبب بسكون الباء الثّانية وبالهمزة ، فأمّا إذا أخذ الأمر بعد الإعلال يقال : أصله قول فلا حاجة إلى كثرة التغيير كما يقال : ذب الأمر المأخوذ من تذب بعد الإدغام ، ففي هذا النوع قطع المسافة. اه مولوي.
6- قوله : (وتحذف الواو ... إلخ) ولما توجه أن يقال : إذا كان موجب حذف الواو أن يجتمع الساكنان فلم لم يعيدوها في مثل قل الحقّ بكسر اللام ؛ لزوال موجب الحذف فيه؟ أجاب عنه بقوله : وتحذف الواو ... إلخ. اه فلاح شرح مراح.
7- قوله : (بالأمر الخارجي) وهو اتصال لفظ الحق به فتكون الحركة عارضية ، والحركة العارضية إنما يجيء بهما لضرورة التقاء الساكنين ، فلا يعتبر في حكم آخر سواء ؛ لأن ما ثبت بالضرورة يتقدر بتقدر الضرورة فلا يعود المحذوف. اه قوله : (ثم حذفت الألف ... إلخ) أي : همزة الوصل تسميته بالألف ؛ لكونها تكتب بصورته في ابتداء الكلمة. اه من العصام.

بخلاف (1) : «قولا» و «قولنّ» لأن الحركة فيهما حصلت بالداخلين ، وهما : ألف (2) الفاعل ونون التأكيد ، وهو بمنزلة الداخلي ، ومن ثم (3) جعلوا معه آخر المضارع مبنيّا ، نحو : هل يفعلنّ.

وتحذف (4) الألف في : «دعتا» وإن حصلت الحركة بألف الفاعل ؛ لأن التاء ليست (5) من نفس الكلمة ، بخلاف اللام في : «قولا» (6).

ص: 246


1- قوله : (بخلاف ... إلخ) جواب سؤال مقدر ، وهو أن يقال : إن حركة اللام في قولا وقولنّ حصلت بأمر عارض هو لحوق الألف في الأول والنون في الثّاني ، لا بالأصالة إذ الأصل في الأمر البناء على السكون ، فينبغي أن لا يعود الواو المحذوفة ، كما لا يعود في قل الحق بأنهما داخليان ؛ لأن الألف ضمير وهو عبارة عن الفاعل ، والفاعل جزء من الفعل فيكون داخلا في الفعل ، وكذا نون التأكيد داخل في جزء الفعل لشدة الاتصال به. اه حنفية.
2- قوله : (وهما ألف الفاعل ... إلخ) وقد مر أن الضمير المرفوع المتصل بمنزلة جزء الكلمة ، ولهذا أسكنوا ما قبلها. اه فلاح.
3- قوله : (ومن ثم) أي : ومن أجل أن نون التأكيد بمنزلة الداخلي أي : جزء الكلمة. اه عبد الحكيم.
4- قوله : (وتحذف الألف) ولما توجه أن يقال : لو صح ما ذكرتم في قولا وقولن أن الحركة فيهما حصلت بالداخلين وهما ألف الفاعل يلزم أن لا يحذف الألف في مثل دعتا ، ويقال : دعاتا لحصول حركة التاء بالداخل وهو ألف التثنية ، أجاب بقوله : وتحذف ... إلخ. اه فلاح.
5- قوله : (ليست ... إلخ) ؛ لأنها جيئت لبيان كون فاعلها مثنى مؤنثا. عصام. والحق أن يقال : إن التاء في دعتا ساكنة حكما وإن كانت متحركة لفظا ، وذلك ؛ لأن تاء التأنيث خارجة عن الكلمة ولا تكون في الفعل إلا ساكنة ، ولو تحركت بحركة عارضية ، فهي كلا حركة فلا يعتد بها بخلاف اللام في قولا : فإنها من نفس الكلمة ، وإنها متحركة لفظا وحكما ، فعلى هذا لا يلزم من عود الواو في قولا عود الألف في دعتا اعتبارا بالأمر الفارق. اه حنفية. قوله : (ليست ... إلخ) ؛ لأن هذه التاء عين التاء في دعت ، وقد مر أن هذه التاء حرف التأنيث وليست بجزء من الكلمة ولا فاعل ، فكانت الحركة التي فيها في شيء أجنبي من الفعل والفاعل ، مع أنها قد حصلت بسبب الغير الذي هو ألف التثنية ، والشيء الأجنبي منهما لا يلازم الفعل حكما وحركة ما لا يلزم لا يلازم أيضا فثبت أن حركة التاء في مثل دعتا ورمتا عارضية لا اعتبار لها. اه فلاح.
6- قوله : (قولا) فإنه يلازم الفعل لكونه جزءا منه فيلازم حركته أيضا ، وإن كانت بسبب الغير كما في دعتا ، وحاصل الفرق بين قولا وقل الحق ودعتا أن اللام في قولا جزء من الكلمة فحركت بسبب الألف الذي هو كجزء من الكلمة في اللزوم فتكون هذه الحركة كأنها أصلية ، فلذلك لم يحذف فيه الواو ، وأما اللام في قل الحق وإن كانت جزءا من الكلمة إلا أن لام التعريف التي بسببها حركة لام الكلمة ليست كجزء من الكلمة في اللزوم ، فيكون حركة اللام عارضة فلهذا حذفت فيه الواو ، وأما التاء في دعت فليست بجزء من الكلمة فالحركة عليها وإن كانت حاصلة بسبب ما هو كجزء من الكلمة لا تلزم الكلمة ، فلذلك حذفت الواو فيه أيضا. اه شمس الدين رحمه الله.

وتقول بنون التأكيد : قولنّ قولانّ قولنّ ، قولنّ قولانّ قلنانّ.

وبالخفيفة : قولن قولن للجمع (1) ، وقولن.

اسم الفاعل منه : قائل (2) ... إلخ ، أصله قاول ، فقلبت الواو ألفا لتحركها (3) وفتحة ما قبلها - كما في : «كساء» أصله : كساو ، وجعلوا الواو ألفا لوقوعها (4) في الطرف ، ثم جعلت همزة - ولا اعتبار (5) لألف الفاعل ، لأنها ليست بحاجزة حصينة ، فاجتمع ألفان ولا يمكن إسقاط الأولى ؛ لأنه يلتبس بالماضي ، وكذلك في الثانية (6) ،

ص: 247


1- وإنما لا تلحق بالتثنية والجمع المؤنث لئلا يلزم التقاء الساكنين على غير حده. اه حنفية.
2- أي : قائلان قائلون قائلة قائلتان قائلات قوائل. اه ف.
3- اه دستور المبتدئ.
4- قوله : (لوقوعها في الطرف) وانفتاح ما قبلها وهو السين إذا لا اعتبار بالألف ؛ لأنها ليست بحاجزة حصينة واجتمع ساكنان هما الألفان ، ولم يكن حذف أحدهما ؛ لئلا يلزم التباس البناء ببناء آخر. اه أحمد.
5- قوله : (ولا اعتبار ... إلخ) جواب سؤال وهو أن يقال : لا نسلم كون ما قبلها مفتوحا ؛ لأن ما قبل الواو ألف الفاعل فلم يتحقق الفتح ، فأجاب : بأن الألف ليست بمانع قوي ؛ لأنها تكون ساكنة فصار كالميت لا يقدر على المنع. اه حنفية شرح مراح.
6- قوله : (في الثّانية) أي : صورة لا حقيقة ، إذ ألف الماضي مقلوبة من عين الكلمة وألف الفاعل على تقدير حذف الثّانية هي الألف الزائدة للفاعل ، ولما لم يمكن حذف أحديهما وجب تحريك أحديهما ضرورة اجتماع الساكنين فحركت ... إلخ. اه ابن كمال رحمه الله تعالى.

فحرّكت (1) الأخيرة ، فصارت همزة.

ويجيء (2) في البعض بالحذف ، نحو : هاع ، ولاع ، والأصل : هائع (3) ،

ص: 248


1- قوله : (فحرّكت ... إلخ) وإنما حركت الأخيرة ؛ لأنها جزء من الكلمة ، ومتحرك في الأصل دون الأولى ؛ لأنها زيدت ساكنة فتحريك المتحرك في الأصل أولى ، ولأن الثّانية عين الكلمة وهي متحركة في نظائرها من الصحيح نحو ناصر وضارب ، وينتقض قوله : فحركت الأخيرة ... إلخ ، بمثل جداول وتقاول فإن الواو فيهما متحركة وما قبلها مفتوح على ما ذهب إليه المصنف من أن الألف ليست بحاجزة حصينة ومع ذلك لم تقلب ، فالصواب أن يقال : أعلت واو قاول لإعلالها في الفعل إذ المتقرر عند القوم أنه إذا أعل فعل أعل فاعله نحو قال وقائل وباع وبائع ، وإذا لم يعل فعل لم يعل فاعله نحو عور وعاور وسود وساود ، وما ذكره من قلب الواو ألفا وصيرورتها همزة تكلف محض فإن الغرض يحصل بدون هذا الارتكاب بأن يقال : لا يمكن إبدالها بالألف لاجتماع الساكنين ، فأبدلت بالهمزة ابتداء ؛ لأنها من حروف الحلق كالألف. اه فلاح ومولوي رحمه الله تعالى.
2- قوله : (ويجيء ... إلخ) لما توجه أن يقال : إن قولكم من قلب الواو ألفا ثم جعلها همزة ، وعدم إمكان إسقاط الأولى للالتباس بالماضي منقوض بهاع ولاع ؛ لإسقاط الأولى ، وتحقيق الجواب بأن ما قلنا : مبني على الأكثر من الأجوف واللغات ، فلا بأس بخروج البعض ، ثم التحقيق أنه قد يحذف الألف المقلوبة من حروف العلّة لاجتماع الساكنين ، وإن التبس بالماضي في الصورة ، لكن هذا الحذف ليس بقياس مطرد بل مقصود على السماع الهائع ، بجوز أن يكون واويا من هاع أصله هوع أي : قاء فالاعتراض لأجل هذا الاحتمال تأمل ، ويجوز أن يكون يائيا من هاع أصله هيع أي : جبن ، واللائع واوي من لاعه الحب يلوعه والتاع فؤاده أي : احترق من الشوق يقال : رجل هاع ولاع ، أي : جبان جزوع. اه من الفلاح بزيادة.
3- قوله : (هائع ... إلخ) بالياء المكسورة ، ثم جعلت فيهما ألفا فاجتمع ألفان ساكنان فحذفت فيهما عين الفعل ولا تقلب بالهمزة فصار هاع ولاع. فإن قلت : لم حذف عين الفعل دون الألف الزائدة مع أن الحذف بالزائدة أولى؟. قلت : لأن الزائدة علامة والعلامة لا تحذف. فإن قلت : لم لم تحذف قبل أن يقلب همزة ، ولم لم يحذف بعد قلبها همزة ليكون إعمالا بدليلين؟. قلت : لو حذفت بعد قلبها همزة يلزم حذف المتحرك دون الساكن والحذف يناسب بالساكن ؛ لأن الساكن كالمعدوم والحذف إعدام ، والإعدام لما هو كالمعدوم أولى. اه عبد الحكيم رحمه الله.

ولائع ، ومنه قوله تعالى (بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) [التوبة : 109] ، أي : هائر (1).

ويجيء بالقلب ، نحو : شاك ، أصله : شاوك (2) ، ونحو : حاد ، أصله : واحد (3).

ويجوز (4)

ص: 249


1- قوله : (أي هائر) فحذفت الياء لما مر قبل الحذف فاعل وبعده فال ، وهذا يخالف لما في الصحاح حيث قال : يقال : جرف هار خفضوه في موضع الرفع وأرادوا هائر ، وهو مقلوب من الثلاثي إلى الرباعي كما قلبوا شايك السلاح إلى شاك السلاح فيكون هار مما جاء بالقلب لا مما جاء بالحذف ، وكما في الكشاف حيث قال : وهار وزنه فعل قصر عن فاعل كخلف من خالف ، ونظيره شاك وصات في شائك وصائت وألفه ليست بألف فاعل إنما هي عينه ، وأصله هور وشوك وصوت ، فعلى هذا لا يكون من الحذف ولا من القلب تدبر ، ولعل اختلاف هذه الأقوال مبني على اختلاف أئمة اللغة فيه إذ كل من هؤلاء القائلين ممن يعتمد فلا ينسبون إلى الخبط والسهو. اه فلاح. قوله : (ومنه ... إلخ) لما كان في الحذف توهم عدم فصاحة إذ الحذف مخل للوزن فإن الزنة يتبع الموزون فاستشهد بفصاحته بقوله تعالى : (بُنْيانَهُ) [التوبة : 109] الآية ، فإنه الكلام الفصيح تدبر. اه لمحرره عفى عنه.
2- قوله : (شاوك) فجعل عين الفعل وهو الواو مكان اللام وهو الكاف فصار شاكو ، ثم قلبت الواو ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها فصار شاكي ، فاستثقلت الضمة على الياء فأسكنت ، فاجتمع الساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء فصار شاك ، فوزنه قبل القلب فاعل وبعده فالع وبعد الإعلال فال ، وأنت تعلم أن ما ذكره المصنف غير ما ذكر في الكشاف من قصر ألف اسم الفاعل فيه. واعلم أنه قد جوز ابن الحاجب في شاك القلب المكاني وحذف الألف المقلوبة من الواو التي هي عين الكلمة ؛ لالتقاء الساكنين كما في هاع ولاع. اه أحمد رحمه الله تعالى.
3- قوله : (واحد) فأخرت الواو آخر الكلمة فوقع الألف في الأول فامتنع الابتداء به ؛ لسكونه وضعا ، فقدم الحاء عليها فصار حادو ثم قلبت الواو ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها فصار حادي فاعل كإعلال قاض فوزنه قبل القلب فاعل وبعده عالف وبعد الإعلال عال ، وأنت خبير بأن ذكر هذا المثال استطراد ؛ لأنه ليس اسم الفاعل من الأجوف الذي نحن فيه بل من المثال. اه شمس الدين رحمه الله تعالى.
4- قوله : (ويجوز ... إلخ) ولا يختص القلب المكاني باسم الفاعل بل يجري في غيره أيضا نحو قسي ... إلخ. اه جلال الدين.

القلب والإبدال (1) في كلامهم ، نحو : قسيّ ، أصله : قووس فقدّم السين (2) على الواوين ، فصار : قسووا ، مثل : عصوو ، ثم جعل : قسيّا لوقوع الواوين في الطرف (3) ، ثم كسر القاف إتباعا لما بعدها ، كما في : عصيّ (4).

ومنه : أينق ، أصله : أنوق ، على وزن : أفعل ، ثم قدّم الواو على النون ، فصار : أونقا ، ثم جعل الواو ياء على غير قياس (5).

المفعول : مقول ... إلخ ، أصله : مقوول ، فأعلّ كإعلال : «يقول» فصار ، مقوولا ، فاجتمع ساكنان (6) ، فحذفت الواو الزائدة عند سيبويه ؛ لأن حذف الزائد أولى ، والواو الأصليّ عند الأخفش ؛ لأن الزائد (7)

ص: 250


1- ولما كان في القلب المكاني في اسم الفاعل نوع استبعاد لمخافته القياس أراد أن يزيل ذلك الاستبعاد بإيراد نظائره فقال : ويجوز ... إلخ. اه ف.
2- قوله : (فقدم السين ... إلخ) لكراهتهم اجتماع الضمتين والواوين. اه جلال الدين. أي : كما جعل الواو ياء وكسر ما قبلها للياء ، وما قبل ما قبلها إتباعا. اه فلاح.
3- قوله : (في الطرف ... إلخ) تحقيقه قلبت الواو الأخيرة ياء لوقوعها في الطرف فاجتمع الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء ، ثم كسر ما قبلها وهو السين لأجل الياء ثم كسر ... إلخ. اه فلاح.
4- قوله : (عصي) وهي جمع العصا وأصله عصوو بضمتين فقلبت الواو الأخيرة ياء ؛ لتطرفها فاجتمع الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء وكسر الصاد لأجل الياء ، ثم كسر العين إتباعا له فصار عصي بكسرتين لكن ضم العين لغة فيه. اه ف.
5- قوله : (على غير قياس) إنما قال ذلك ؛ لدفع ما قيل : إن جعل الواو ياء ثمة كما قاله المصنف غير صحيح ؛ لعدم وجود قانون إبدال الواو بالياء وهو انكسار ما قبلها. اه شرح.
6- قوله : (ساكنان) هما الواوان ولا يمكن تحريك إحداهما ؛ لئلا يلزم الثقل أو كون البناء مجهولا فوجب حذف إحداهما ؛ لامتناع التلفظ بهما ساكنين. اه ابن كمال.
7- قوله : (لأن الزائد ... إلخ) وهذا التعليل لا يطابق لما نقله ابن الحاجب من الأخفش أيضا ، حيث قال : وأمّا حجة الأخفش في حذف العين دون واو المفعول ، وإن كانت زائدة فقد جاء لمعنى وهو المد والعين ، لم يأت لمعنى ويبقى التنوين الذي جاء لمعنى ، وإبقاء الحرف الذي جاء لمعنى أولى كما تقول : مررت بقاض فيحذف الياء ؛ لأنها لم يأت لمعنى ويبقى التنوين الذي جاء لمعنى الصّرف ، ثم وقال : شيء آخر يدل على صحة مذهبه ، وهو أن هذه العين قد اعتلت في قال ، وقيل : ولما اعتلت بالإسكان والقلب في أصل مقول كذلك اعتلت بالحذف واو مفعول الذي هو العين ؛ لأن إعلال الاسم فرع إعلال الفعل ، وهكذا نقله سعد الدين التفتازاني عن الأخفش أيضا. اه فلاح. لأن هذا الواو عارض ، والحذف أيضا عارض ، وصرف العارض إلى العارض أولى من الصّرف إلى الأصل. اه خمرية.

علامة (1) ، والعلامة لا تحذف.

وقال سيبويه في جوابه : لا تحذف العلامة إذا لم توجد (2) علامة أخرى ، وفيه توجد علامة أخرى ، وهو الميم (3).

فيكون وزنه عنده : مفعلا ، وعند الأخفش : مفولا.

وكذلك : مبيع ، يعني : أعل كإعلال : «يبيع» فصار صورته : مبيوعا بالواو

ص: 251


1- علامة الشيء ما يعرف منه الشيء في الجملة لا ما يدل عليه قطعا ، هذا إنما يكون حسنا أن لو علم بعد حذف الأصليّة كون الباقية زائدة يعرف بها المفعول في الجملة وإلا فلا. اه جلال الدين.
2- قوله : (إذا لم توجد ... إلخ) اه مولوي أنور علي.
3- قوله : (وهو الميم) دلّ هذا الكلام على أن الميم علامة والواو علامة أخرى عند سيبويه ، وهو غير مطابق لما نقله صاحب النجاح عن سيبويه أيضا حيث قال : وحجة سيبويه على أن المحذوف هو الواو الزائدة أن علامة اسم المفعول الميم دون الواو ، ألا يرى استمرار مجيء الميم في الثلاثيات وغيرها دون الواو ، ولكن الواو نشأت من إشباع ضم ما قبلها لرفضهم مفعلا في كلامهم إلا مكرما ومعونا ، والتوفيق بينهما أن هذا الكلام إلزامي بناء على أن الميم والواو علامتان عند الأخفش. اه فلاح شرح المراح.

والياء الساكنين ، فاجتمع ساكنان ، فحذفت الواو عند سيبويه ، فصار : مبيعا ، ثم كسر الباء حتى تسلم الياء.

وعند الأخفش حذفت (1) الياء ، فأعطي (2) الكسرة لما قبلها ، كما في : «بعت» فصار : مبوعا ، ثم جعل الواو ياء في : «ميزان».

فيكون وزنه : مفعلا ، عند سيبويه ، وعند الأخفش : مفيلا (3).

الموضع : مقال ، أصله : مقول (4) ، فأعلّ (5) كما في : «يخاف».

وكذلك : مبيع ، أصله : مبيع ، فأعل كما في : «يبيع» واكتفي (6)

ص: 252


1- اه مولوي أنور علي.
2- قوله : (فأعطي ... إلخ) ليدل على الياء المحذوفة وأيضا لو لم يكسر لالتبس اليائي بالواوي ، كما في بعت أصله بيعت بفتحتين فقلبت الياء ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها فالتقى الساكنان الألف والعين فحذفت الألف فبقي بعت بفتح الباء ، ثم كسر ليدل على الياء المحذوفة كما ضم القاف في قلت ؛ ليدل على الواو المحذوفة. اه أحمد. أي : مثل مقول مبيع في أن المحذوف فيه عند الأخفش عين الفعل ، وعند سيبويه واو المفعول. اه ف.
3- لأن العين محذوف عنده قال المازني : وكلا القولين حسن ، وقول الأخفش أقيس. اه فلاح.
4- بسكون القاف وفتح الواو ؛ لأنها عين الكلمة وهي في الظروف مفتوحة من يفعل بالضم. اه فلاح.
5- قوله : (فأعل) فيه نظر وهو أنه ينبغي أن لا يعل ههنا ؛ لأنهم إذا وجدوا لفظا غير معلل مع وجود قانون الإعلال فيه ، وعلموا أنه لو أعل لالتبس بلفظ آخر حكموا بأنه لا يعل لالتباسه بلفظ آخر ، نحو بائع فإنه لم يعل ؛ لأنه لو أعل فيه يلزم الالتباس بين ماضي باب المفاعلّة ؛ واسم فاعل من باع يبيع. اه جلال الدين.
6- قوله : (واكتفي ... إلخ) جواب سؤال وهو أن يقال : إن المفعول والموضع يلتبس صيغة أحدهما بالأخرى فينبغي أن يفرق بينهما ، فأجاب بأن صيغة مبيع وإن وقع مشتركا في الاستعمال بين المفعول والموضع ظاهرا لكنها غير مشترك تقديرا ، فإن اسم المفعول وهو مبيع أصله مبيوع بالياء المضمومة بعدها واو ساكنة ، والموضع وهو مبيع أصله مبيع بسكون الياء التحتانية بنقطة وكسرة الياء التحتانية بنقطتين. اه حنفية.

بالفرق (1) التقديري بين الموضع وبين اسم المفعول ، وهو معتبر عندهم كما في : «الفلك» إذا قدّرت سكونه كسكون : «أسد» يكون جمعا (2) ، كقوله تعالى : (إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) [يونس : 22] ، وإذا قدّرت سكونه كسكون : «قرب» يكون واحدا (3) ، نحو قوله تعالى : (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [الشعراء : 119].

والمجهول (4) : قيل ... إلخ ، أصله : قول ، فأسكنت الواو للخفّة ، فصار : قول ، وهو لغة ضعيفة ، لثقل الضمة والواو في كلمة.

وفي لغة أخرى أعطي كسرة الواو لما قبلها ، فصار (5) : قول ، ثم صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها.

ص: 253


1- قوله : (بالفرق التقديري) وبيانه أن مبيعا إن كان اسم الموضع كان كسرّ ما قبل الياء هي كسرة الياء التي هي عين الكلمة ، وإن كانت اسم المفعول كان كسرته من خارج إذ حركة عين الكلمة حينئذ ضمة محذوفة. اه أحمد.
2- قوله : (جمعا) لأن أسدا بضم الهمزة وسكون السين جمع أسد بفتحتين وإسكان السين فيه يكون علامة جمع فاعتبر السكون في الفلك أيضا علامة للجمع. اه أحمد.
3- قوله : (واحد) ولا يخفى أن بين التقديرين بونا بعيدا فإن التقدير الذي نحن بصدده بمعنى الأصل ، وهذا التقدير بمعنى الفرض ولا مساس لأحدهما بالآخر. اه جلال الدين.
4- قوله : (والمجهول) لما فرغ عن بيان أمثلة الفعل المعروف من الأجوف شرع في بيان أمثلة الفعل المجهول من الأجوف ، أو غير المسمى فاعله ، إذ الأصل في الأفعال هو المعروف كما لا يخفى. اه تحرير. فإن المراد بالفلك ههنا الواحد بقرينة الوصف بالمشحون ، إذ لو كان جمعا لوجب أن يقال : المشحونة أو المشحونات ؛ لوجوب توافق الصفة الموصوف إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا ؛ لاتحاد مدلولهما كما عرف في الأدب. اه مولوي مع فلاح. الواو بمعنى إذ فحينئذ ما بعده دليل لمقدمة مطوية وهو قولنا : وإنما اكتفى بالفرق التقديري إذ هو معتبر ... إلخ ، ويحتمل أن يكون جواب سؤال وهو أن يقال : إن الفرق التقديري معتبر أم لا ، فأجاب بأنه معتبر ... إلخ. اه حنفية.
5- قوله : (فصار) قيل : وهذا أفصح اللغات الثلاث وهو الإتيان بالياء الخالصة والكسرة الخالصة ، ففيه من التخفيف بوجهين إسكان الواو والياء ، وميل ما قبل الواو في قول والياء في بيع من الضمة إلى الكسرة. اه مولوي.

وفي لغة يشمّ (1) ، حتى يعلم أن أصل ما قبلها مضموم.

وكذا : بيع (2) ، واختير ، وانقيد ، وقلن (3) ، وبعن (4) ، يعني : يجوز فيهنّ ثلاث لغات (5).

ولا يجوز (6) الإشمام في : «أقيم» لعدم (7) ضمّ ما قبل الياء ، ولا يجوز

ص: 254


1- من الإشمام وهو تهيئة الشفتين للتلفظ بالضم ولكن لا يتلفظ به ، تنبيها على ضمة ما قبل الواو كذا ذكروه ، وابن الحاجب في بيان هذه اللغة الثّالثة ، ومنهم من يشم الفاء الضم ؛ لأنهم أرادوا البيان وقد كان في الفاء ضمة فأرادوا أن ينقلوا إليها كسرة العين فلم يمكنهم أن يجمعوا في الفاء الكسرة والضمة فأشموا الكسرة فصارت الحركة في الفاء بين الضمة والكسرة ، فعلى هذا يكون المراد من الإشمام ههنا أن يتلفظ حركة بين حركتين ويتبعه أن يتلفظ حرف بين حرفين ، فيكون ما بعد القاف بين الواو والياء لا ما ذكروه من تهيئة الشفتين من تلفظ كما صرح به السعد التفتازاني ، فظهر من ذلك كله أن ما ذكروه غير صحيح. اه فلاح شرح المراح.
2- قوله : (بيع) بضم الباء وكسر الياء فأسكن الياء للخفة فصار بيع بالضم والسكون ، ثم صار الياء واوا ؛ لسكونها وانضمام ما قبلها فصار بوع ، وهذه لغة ضعيفة لما مر في قول ، وفي لغة فأعطيت كسرة الياء إلى ما قبلها بعد سلب حركة ما قبلها فصار بيع ، وهذا أفصح اللغات الثلاث وهو الإتيان بالياء الخالصة والكسرة الخالصة ، وفي لغة يشم ؛ ليعلم أن ما قبلها مضموم في الأصل. اه أحمد رحمه الله تعالى.
3- أصله قولن بضم القاف فأسكنت الواو فالتقى ساكنان الواو واللام فحذفت الواو. اه ف
4- قوله : (بعن) أصله بيعن بضم الباء وكسر الياء فأسكنت الياء ، فالتقى ساكنان فحذفت الياء فبقي بضم الباء ، ثم كسر الباء للدلالة على الياء المحذوفة فصار بعن بكسر الياء. اه فلاح.
5- قوله : (ثلاث لغات) الياء والواو والإشمام ، فمن قال : قيل وبيع بالياء والكسرة الخالصتين قال : اختير وانقيد بالياء والكسرة الخالصتين ، وقلن بكسر القاف وبعن بكسر الباء ، ومن قال : قول وبوع ، قال : أختور وانقود ، وقلن بضم القاف وبعن بضم الباء ، ومن أشم في قيل وبيع أشم الباقية أيضا. اه محصل الفلاح.
6- قوله : (ولا يجوز) جملة مستأنفة فكأنها وقعت في جواب من سأله : هل تجوز الأوجه الثلاثة في أقيم كما في اختير أم لا؟ فقال : ولا يجوز ... إلخ. اه
7- قوله : (لعدم ضمة ... إلخ) ؛ لأن أصلهما أقوم واستقوم بسكون القاف وكسر الواو فيهما ، فنقلت كسرة الواو إلى القاف ، ثم قلبت ياء لانكسار ما قبلها فيهما ، فصار أقيم واستقيم ، ولما لم يكن القاف مضموما في الأصل لم يجز الإشمام ؛ لأن الإشمام إنما هو للدلالة على ضمة ما قبل حرف العلّة ولا ضمة ههنا ، وبهذه العلّة أيضا لا يجوز أن يتلفظ بالواو ويقال : أقوم واستقوم ، كما يجوز أن يقال : قول ، وإلى هذا أشار بقوله : (ولا يجوز بالواو ... إلخ). اه شمس الدين.

بالواو (1) أيضا ، لأن جواز الواو لانضمام ما قبل حرف العلة ، وهو ليس بموجود (2).

وسوّي (3) في مثل : «قلن» و «بعن» بين المعلوم والمجهول اكتفاء بالفرق (4) التقديري.

وأصل : «يقال» يقول ، مثل : «يخاف» (5).

* * *

ص: 255


1- أي : لا يجوز في أقيم أن يقال : أقوم بالواو الساكنة المضموم ما قبلها ، كما يجوز في اختير. اه ف.
2- قوله : (ليس بموجود) أي : في أقيم ، إذ قد عرفت أن أصل أقيم أقوم بسكون القاف ، بخلاف قيل وبيع فإن الأصل فيهما قبل الإعلال الضم كما عرفته ، فلذلك حسن الواو ، والإشمام فيهما دون أقيم واستقيم ، هذا ولو قال المصنف : ولا يجوز الإشمام والواو ؛ لعدم ضم ما قبل الواو لكان أخصر ، لكنه فصلهما ولم يلتفت إلى اشتراكهما في الدليل ، تسهيلا على المبتدئ. اه ابن كمال باشا رحمه الله تعالى.
3- قوله : (وسوى ... إلخ) ولا يخفى عليك من تكرار هذه المسألة حيث مضى قبيل هذه في تصريف قال ، وهو مشترك بين المعلوم والمجهول ، إلا أن التكرار قد يكون للتأكيد وقد يكون لاستحضار ما سبق لدفع غفلة القارئ ، وكل منهما حسن ، وقد يكون عاريا من الفائدة ، فالممنوع هو العاري لا الأول وهنا من هذا القبيل. اه تحرير.
4- قوله : (بالفرق التقديري) وتحقيقه أن أصل قلن إذا كان معلوما قولن بفتحتين كما مر ، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فالتقى الساكنان الألف واللام فحذفت الألف فبقي قلن بفتح القاف ، ثم ضم القاف ليدل على الواو المحذوفة فصار قلن بضم القاف ، وإذا كان مجهولا أصله قولن بضم القاف وكسر الواو فاستثقلت الكسرة على الواو ، فأسكنت فحذفت لالتقاء الساكنن فبقي قلن بضم القاف ، فضمة القاف على الأول عارضة لأجل الدلالة المذكورة ، وعلى الثاني أصلية ، وقد عرفت أن كسر القاف لغة في المجهول فلا يلتبس بالمعلوم حينئذ ، وما ذكره المصنف رحمه الله من الاستواء على لغة الضم فافهم. اه ابن سليمان رحمه الله تعالى.
5- قوله : (مثل يخاف) يعني نقلت فتحة الواو إلى القاف الذي قبلها ، ثم قلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار يقال ، كما نقلت فتحة الواو إلى ما قبلها ثم قلبت ألفا ، في يخاف أصله يخوف بسكون الخاء وفتح الواو كما مر ، وقس عليه يباع وينقاد ويختار. اه فلاح شرح مراح الأرواح.

ص: 256

الباب السادس : في الناقص

(1)

ويقال له : «ناقص» لنقصانه (2) في الآخر ، وذو الأربعة أيضا ؛ لأنه يصير على أربعة أحرف في الإخبار عن نفسك ، نحو : رميت.

وهو لا يجيء من باب : فعل يفعل.

ص: 257


1- قوله : (في النّاقص) قيل : هو في استعمال علماء هذا الفن عبارة عما كان في آخره حرف علّة ، ويرد عليه اللفيف مقرونا كان أو مفروقا مثل طوى ووقى ؛ لأنه يصح أن يقال : ما كان في آخره حرف علّة ، مع أنه لا يقال في استعمالهم أنه ناقص ، فالأولى أن يقال : ما كان في آخره حرف علّة وكان غير لفيف. اه فلاح شرح مراح.
2- قوله : (لنقصانه في الآخر) بسقوط حرف العلّة من آخره حالة الجزم نحو لم يغز ولم يرم ولم يخش ، وقيل : لسقوط الحركة من آخره حالة الرفع نحو يغزو ويرمي ويخشى ، ولا يبعد أن يقال : معنى قوله : لنقصانه في الآخر ، لنقصانه من الحرف الصحيح في الآخر ، كما يقال في الأجوف ، يقال له : أجوف لخلو جوفه من الحرف الصحيح ، يعني أنه لما كان لحرف العلّة نقصان بالنسبة إلى الحرف الصحيح ؛ لعدم ثباتها على حالها ؛ لأنها تارة تعل بالحذف نحو قاض ورام ، وتارة تحذف بالجزم نحو لم يغز ولم يرم ، نزلوا وجودها منزلة عدمها فسموا ما كان في آخره حرف علّة ناقصا ، سواء ثبتت تلك الحروف أو سقطت. فإن قيل : فعلى ما ذكرتم من سبب تسمية النّاقص ناقصا يلزم أن يسمى اللفيف ناقصا ؛ لنقصانه بسقوط حرف علة من آخره حالة الجزم ، وبسقوط الحركة حالة الرفع ، ولذلك يقال : حكم لام اللفيف كحكم لام النّاقص لنقصانه من الحرف الصحيح في الآخر؟. أجيب : إن تسمية الشيء بالشيء لا يقتضي اختصاصه به. وهذا معنى قولهم : إن وجه التسمية لا يوجب الاطراد ، وبهذا الجواب يندفع أيضا ما سيورد على قوله : وذو الأربعة ؛ لأنه يصير على أربعة أحرف في الإخبار عن نفسك من أن ما ذكرتم يقتضي أن يسمى الفعل الصحيح والمضاعف واللفيف بذوات الأربعة ؛ لكون ماضيها على أربعة أحرف عند الإخبار عن نفسك نحو ضربت ومددت وطويت. اه ابن كمال.

وتقول في إلحاق الضمائر : رمى رميا ، رموا ... إلخ ، أصل رمى رمي فقلبت الياء ألفا كما في (1) : «قال».

وأصل : «رموا» : رميوا ، فقلبت الياء ألفا ، فاجتمع ساكنان ، فحذفت (2) الألف ، وكذلك (3) : «رضوا» إلا أنه ضمّ الضاد فيه بعد الحذف حتى لا يلزم الخروج من الكسرة إلى الواو.

وأصل : «رمت» رميت ، فحذفت الياء كما في : «رموا» وتحذف (4) في : «رمتا» وإن لم يجتمع الساكنان ؛ لأنه يجتمع (5) الساكنان تقديرا ، وتمامه مرّ في : «قولا».

ص: 258


1- قوله : (كما في قال ... إلخ) يعني كما تقلب حرف العلّة في ماضي الأجوف الواوي ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها نحو قال ، كذلك تقلب في النّاقص اليائي ألفا لتلك العلّة. اه فلاح.
2- قوله : (فحذفت ... إلخ) لأنه في مقابلة اللام الذي هو محل التغير ، ولأن حرف العلّة كثيرا ما يحذف ، ولأن الثّاني وهو الواو علامة الفاعل فحذفها مخل بالمقصود ، ولأنه لو حذفت لن يدل عليها شيء ، وإنما بقي فتحة الميم ولم تبدل إلى الضمة مع اقتضاء الواو ضمة ما قبلها لمجانستها إياها ؛ لأن الميم ليست بما قبلها على الحقيقة كما مر في أول فصل الماضي ، ولتدل على الألف المحذوفة. اه أحمد.
3- قوله : (وكذلك ... إلخ) أي : مثل اجتماع الساكنين والحذف لا في قلب الياء ألفا ؛ لعدم القلب ههنا ، رضوا أصله رضووا ؛ لأنه من الواويات فقلبت الواو ياء ؛ لتطرفها وانكسار ما قبلها ؛ فأسكنت الياء تخفيفا لثقل الضمة عليها سيما إذا كان قبلها كسرة ، فالتقى ساكنان ثم حذفت الياء كما في رموا دون الواو ؛ لأنها علامة فصار رضوا بكسر الضّاد ، ثم ضم الضّاد موافقة للواو ، ولم تقلب الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ؛ لأنها ضمير والضمائر لا تتغير كما لا تحذف. اه مولوي مع فلاح.
4- قوله : (وتحذف ... إلخ) لما توجه أن يقال : لم حذفت الياء في تثنية رمت بعد قلبها ألفا مع عدم موجب حذفها وهو التقاء الساكنين ، أجاب بقوله : وتحذف. اه أحمد.
5- قوله : (لأنه يجتمع ... إلخ) وأنت خبير بأن الحذف عند التقاء الساكنين ليس إلا لتعذر النطق بهما أو تعسره ، وليس شيء من ذلك في رمتا فلا وجه لحذف الألف فيه ، فكون التاء زائدا لا يوجب ذلك ، إلا أن يقال : أنه لا يوجد في الاستعمال الفصيح إلا عندهم كما في يدعي فإن الألف بدل من الياء ، والياء من الواو. اه حنفية شرح مراح.

ولا يعلّ (1) : «رمين» لما مرّ في : «القول» (2).

المستقبل : يرمي (3) ... إلخ ، أصله : يرمي ، فأسكنت الياء لثقل الضمة (4) عليها.

ولا يعلّ في مثل : «يرميان» لأن حركته خفيفة.

وأصل : «يرمون» : يرميون ، فأسكنت الياء ، ثم حذفت (5) لاجتماع الساكنين.

وسوّي بين الرجال والنساء في مثل : «يعفون» (6) اكتفاء بالفرق التقديري ، وهو

ص: 259


1- قوله : (ولا يعل ... إلخ) لا يقع التعليل في ياء رمين لما مر ، أي : لدليل قد مر في القول من أن حرف العلّة إذا أسكنت ... إلخ. ثم قوله : (ولا يعل) جملة مستأنفة فكأنها وقعت جوابا لمن يقال : إن رمين فرع رمت لكونه مفردا فينبغي أن يعل فيه ؛ ليوافق الفرع بالأصل بما ترى. اه ، تحرير.
2- قوله : (في القول) لا يقال : ينبغي أن يقال : كما في البيع ؛ لأن اليائي يقاس على اليائي ، لأنا نقول : البيع غير مذكور ، وأمّا القول فمذكور فالتشبيه والقياس بما هو المذكور أولى من غيره. اه حنفية.
3- أي : يرميان يرمون ترمي ترميان يرمين ترمي ترميان ترمون ترمين ترميان ترمين أرمي نرمي. اه ف.
4- قوله : (لثقل الضمة ... إلخ) فإن قيل : ذكر الضمة ههنا غير مستقيم إذ الضمة من ألقاب البناء والمضارع معرب ، فلو قال : لثقل الرفع لكان أولى ، إذ الرفع من ألقاب الإعراب. قلت : ما قال المصنف مستقيم ، على قول من يجعل الضمة والفتحة والكسرة بالتاء أسماء للحركات البنائية والإعرابية جميعا ، وأمّا على قول من يجعلها أسماء للحركات البنائية فتكون الضمة مستعارة للرفع. اه مهدية.
5- قوله : (ثم حذفت ... إلخ) ثم ضم الميم لئلا يلزم الخروج من الكسرة إلى الواو كما في رضوا ، ولم يذكره ههنا اكتفاء بما ذكره في رضوا. اه عبد الأحد.
6- قوله : (في مثل يعفون) فإن قلت : لم بيّن في أثناء اليائيات اشتراك لفظي جمع المذكر الغائب وجمع المؤنث الغائبة في مثل يعفون ، مع أنه من الواويات؟. قلت : لمناسبة مثل يعفون لما قبله ولما بعده ، أمّا لما قبله فلكونه جمعا للمذكر الغائب مثل يرمون ، وأمّا لما بعده فلكونه مشتركا مثل ترمين ، مع أن المصنف لم يذكر في باب النّاقص بحث الواويات على التفصيل حتى يبين مثل يعفون فيه ، بل قاس النّاقص الواوي على النّاقص اليائي ، وقال : وحكم غزا يغزو مثل رمى يرمي في كل الأحكام. اه ابن كمال باشا.

أنّ الواو في النساء أصلية والنون علامة التأنيث (1) ، ومن ثمّ لا تسقط في قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) [البقرة : 237].

وأصل : «ترمين» ترميين ، فأسكنت الياء ، ثم حذفت لاجتماع الساكنين ، وهو مشترك (2) في اللفظ (3) مع جماعة النساء.

وإذا أدخلت الجازم تسقط (4) الياء (5) علامة للجزم ، نحو : لم يرم (6) ، ومن

ص: 260


1- قوله : (علامة التأنيث) والفعل مبني معها فوزنه يفعلن مثل ينصرن ، وأمّا الواو في الرجال فهو ضمير الجمع ؛ لأن أصل يعفون على ذلك التقدير يعفوون بضم الواو الأولى ، فاستثقلت الضمة عليها فأسقطت فالتقى ساكنان هما الواوان فحذفت الأولى ؛ لأنها لام الفعل وهو محل التغير ، ولأن الثّانية علامة الفاعل والنون للإعراب ، والفعل معرب فوزنه يفعون بسكون الفاء وضم العين. اه شمس الدين.
2- قوله : (وهو مشترك ... إلخ) يعني : لم يفرق في اللفظ بين الواحدة المخاطبة وبين جمع المخاطبة اكتفاء بالفرق التقديري فوزن الواحدة تفعين بحذف اللام ووزن الجمع تفعلن بإثبات اللام. اه فلاح.
3- وأمّا في التقدير فصيغة جماعة النساء على أصله والياء فيه لام الفعل ، وفي ترمين المخاطبة لام الفعل محذوفة. اه عبد الحكيم عليه رحمة الله الرحيم.
4- قوله : (تسقط الياء ... إلخ) ؛ لأن حرف العلّة في النّاقص بمنزلة الحركة في الصحيح ؛ وذلك لأن حرف العلّة أشبهت بالحركات من حيث إنها مركبة منها والحركات مأخوذة منها على اختلاف فيه ، وعلى كلا التقديرين فالمناسبة حاصلة ، فأجروا تلك الحروف في الفعل المعتل اللام مجرى الحركة في أن حذفوها في حالة الجزم ، وأيضا الحركات لا تقوم بها كما لا تقوم بنفسها فحذفت في الجزم حذف الحركة كذا قيل ، وقد وقع في بعض النسخ ، وإذا أدخلت الجوازم بصيغة الجمع والمراد واحد ؛ لأن الجمع المحلى باللام قد يراد به المفرد كما ثبت في موضعه ، فاندفع ما قيل : إنه يلزم أن يكون سقوط الياء بدخول جوازم ثلاث وليس كذلك. اه فلاح.
5- منه في المفرد المذكر والمفرد المؤنث الغائبين والمفرد المخاطب وفي صيغتي المتكلم الياء. اه فلاح.
6- أصله يرمي بيانه أن الحركة في النّاقص قد سقطت قبل دخول الجازم ، وبعد دخوله يوجد الياء مقام الحركة فأسقطت بدخول العامل كما سقطت الحركة ؛ لكونها جزءا منه. اه حنفية شرح مراح.

ثمّ (1) تسقط في حالة الرفع علامة للوقف (2) في قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) (3) [الفجر : 4] ، وتنصب إذا أدخلت الناصب لخفّة النصب ، نحو : لن يرمي ، ولم تنصب (4) في مثل : «لن يخشى» لأن الألف لا يتحمّل الحركة.

الأمر : ارم ... إلخ ، أصله : ارمي ، فحذفت الياء علامة للوقف (5).

ص: 261


1- قوله : (ومن ثم) أي : من أجل أن الياء تسقط من النّاقص في حال الجزم علامة للوقف لتنزله منزلة الحركة. اه فلاح شرح مراح.
2- قوله : (علامة للوقف) بيانه أن الموقوف عليه لا يكون إلا ساكنا ، كما أن المجزوم لا يكون إلا بالجزم فعمل الوقف إسكان الموقوف عليه ، كما أن عمل الجازم إسكان المجزوم ، ولما حذفت الأخير في المعتل علامة للجزم كما ذكرنا ، حذفت في الوقف أيضا علامة للوقف حملا لأحدهما على الآخر ، والجامع بينهما أن كل واحد يقتضي سكون الآخر. اه تحرير.
3- قوله : (يسر) أصله يسري ؛ لأن الأصل في الوقف إسقاط حركة آخر الكلمة فلما تنزلت حروف العلّة منزلة الحركة في النّاقص أسقطت في حالة الرفع للوقف ، كما تسقط الحركة في حالة الرفع للوقف. اه ف.
4- قوله : (ولم تنصب ... إلخ) جواب دخل مقدر وتقديره : إن قولكم : وتنصب حرف العلّة إذا أدخل النواصب لخفة النصب ، منقوض بمثل لن يخشى إذ حرف العلّة فيه ساكنة مع الناصب ، وتحقيق الجواب أن أصل يخشى بفتح الشين وضم الياء ، فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، والألف لا يحتمل الحركة أصلا حتى تصير مفتوحا فبقيت ساكنة مع الناصب أيضا ، وكذلك كل فعل ناقص عين مضارعه مفتوحة نحو لن يرضى. اه أحمد.
5- قوله : (علامة للوقف) فإن قيل : الوقف في : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) [الفجر : 4] قرآني ؛ لأن الوقف الصّرفي إنما هو في الأمر الحاضر فقط ، والوقف القرآني إنما هو موجب الإسكان لا الحذف على ما صرح به الجاربردي وابن الحاجب في الكافية في بحث الوقف ، فلا يصح قوله : علامة للوقف ، ولو سلم أنه حذفت الياء في (اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) علامة للوقف فلم حذفت كسرة الراء؟. قلنا : إنما حذفت الياء ههنا لدلالة كسرة الراء عليها وليصير ما قبل الآخر وهو الراء ههنا في الآخر ، فإذا صار في الآخر فجعلت الياء المحذوفة كأن لم تكن ، ووقع الوقف عليه فحذفت كسرته علامة للوقف ، وإنما أضاف حذف الياء إلى الوقف ، حيث قال : ومن ثم تسقط في حالة الرفع علامة للوقف فإن الضمير المستكن في تسقط عائد إلى الياء مجازا ؛ لأن الباعث على ذلك الحذف ، فإن كان سبب كسرة ما قبل الياء ، لكنها إنما هو الوقف لا غير فإنه إذا جاء الوقف ههنا والحال أنه موجب لإسكان الحركة دون حذف الحرف ، وقد كان الإسكان ثمة حاصلا قبل الوقف لأجل ثقل الضمة على الياء ، فاضطرنا بأنا لو لم نعمل على الوقف يلزم إهماله وذا لا يجوز ، وإن أعطينا له عمل حذف الحرف فهو مخالف لمقتضاه إذ مقتضاه السكون لا الحذف ، وأمّا عمل السكون فيلزم تحصيل الحاصل وهو باطل فبالضرورة ، قلنا : إن الياء ههنا حذفت لدلالة كسرة ما قبل الياء عليها وليصير ما قبل الآخر فيه فأوقعنا الوقف عليه فحذفت كسرته ، وهذه القاعدة جارية في مواضع كثيرة من القرآن نحو قوله تعالى : (أَهانَنِ) [الفجر : 16] ، وغير ذلك هذا خلاصة ما في الجاربردي والكفاية. اه مولوي أحمد جي. من أن الياء حذفت لدلالة كسرة ما قبل الياء عليها ، وليصير ما قبل الآخر فيه مع وقوع الوقف عليه. اه تحرير. أي : وتقول في صرف الأمر متلبسا بنون التأكيد ، أي : بالثقيلة نحو ارمينّ وبالخفيفة نحو ارمين ، وإنما رد المحذوف لأجل الوقف ؛ لأن آخر الفعل للواحد يصير مفتوحا بدخولهما فبهذا الفتح زال ما يوجب حذف المدة وهو الوقف فيعود معهما حال كون تلك المدة مقلوبة ياء ، وإن كانت ألفا إذ لا يمكن تحريكه فيرد إلى الياء ، أمّا إذا كان بدلا منها فظاهر ، وأمّا إذا كان بدلا من الواو فلأنها إذا وقعت رابعة فصاعدا تقلب ياء نحو ارمين واغزون واخشين وارضين وبيعن وقولن. اه إيضاح شرح مراح الأرواح.

وأصل : «ارموا» : ارميوا ، فأسكنت الياء (1) ، ثم حذفت (2) لاجتماع الساكنين.

وأصل : «ارمي» (3) : ارميي (4) ، فأسكنت الياء (5) الأصلية ، ثم حذفت (6) لاجتماع الساكنين.

وتقول بنون التأكيد (7) : ارمينّ ارميانّ ارمنّ ، ارمنّ ارميانّ ارمينانّ.

وبالنون الخفيفة : ارمين ارمن ، ارمن.

ص: 262


1- قوله : (فأسكنت الياء) لثقل الضمة عليها ، إمّا بإسقاطها عنها ، وإمّا بنقلها إلى ما قبلها بعد سلب حركته. اه فلاح.
2- قوله : (ثم حذفت) فصار على الثّاني ارموا بضم الميم وعلى الأول ارموا بكسر الميم ، ثم ضم الميم لأجل الواو فصار ارموا بالضم. اه فلاح.
3- قوله : (وأصل ارمي) بإثبات الياء الساكنة ؛ لأنه لما حذف من ترمي حرف المضارعة بقي ما بعده ساكنا فاجتلبت الهمزة المكسورة فصار ارمي. اه فلاح شرح مراح.
4- قوله : (ارميي) بيائين أولهما لام الفعل مكسورة وثانيهما ضمير المخاطبة ساكنة. اه ف.
5- قوله : (فأسكنت الياء) ؛ لاستثقال الكسرة عليها فالتقى ساكنان هما ياءان ثم ... إلخ. اه
6- قوله : (ثم حذفت ... إلخ) أي : الأصليّة لا الزائدة ؛ لأنها علامة والعلامة لا تحذف. اه فلاح شرح مراح.
7- قوله : (بنون التأكيد) لما فرغ عن بيان الأمر النّاقص مجردا عن نوني التأكيد شرع في بيان الأمر منه مع نوني التأكيد فقال : وتقول بنون ... إلخ. اه

الفاعل : رام ... إلخ ، أصله : رامي ، فأسكنت الياء في حالة الرفع والجر ، ثم حذفت الياء لاجتماع الساكنين ، ولا تسكن (1) في حالة النصب لخفّة النصب.

وأصل : «رامون» راميون ، فأسكنت الياء ، ثم حذفت لاجتماع الساكنين ، ثم ضمّ الميم لاستدعاء الواو (2) الضّمة.

وإذا أضفت التثنية إلى نفسك قلت : «رامياي» (3) في حالة الرفع ، و «رامييّ» (4) في حالتي النصب والجر بإدغام علامة النصب والجر في ياء الإضافة.

وإذا أضفت الجمع فقلت : «راميّ» في جميع الأحوال ، وأصله (5) في حالة الرفع : راموي ، فأدغم الواو في الياء ؛ لأنه اجتمع الحرفان من (6)

ص: 263


1- الواو للتعليل فكأن ما بعده جواب لما يقول : وإنما أسكنت الياء في حالة الرفع والجر ؛ لأنه لا تسكن ... إلخ. اه
2- يعني : لو لم يضم الميم يلزم أن يجعل الواو ياء ؛ لسكونها وانكسار ما قبلها وهو غير جائز ، إذ العلامة لا تتغير كما لا تحذف فوجب ضم ما قبلها ليسلم الواو. اه ف.
3- قوله : (رامياي) في حالة الرفع ؛ لأن أصله في تلك الحالة راميان كما بين في النحو ، فلما أضيف إلى الياء سقطت النون ؛ لأنها تؤذن بتمام الكلمة والإضافة تؤذن بعدم تمام الكلمة بدون المضاف إليه فيكون بينهما تضاد فإذا قصد إلى أحدهما وجب ترك الآخر فصار رامياي. اه شمس الدّين رحمه الله.
4- قوله : (ورامييّ في حالة ... إلخ) ؛ لأن أصله في تلك الحالتين راميين بفتح الياء الأولى الأصليّة وسكون الياء الثّانية التي هي علامة النصب في النصب والجر في الجر فلما أضيف إلى ياء المتكلم سقطت النون لما ذكر في حالة الرفع فصار رامييّ بثلاث ياءت أولها مفتوحة ، وثانيتها ساكنة ، وثالثها مفتوحة أيضا فوجب إدغام الثّانية في الثّالثة ؛ لأنهما متجانسان أولهما ساكنة فصار رامييّ يفتح اليائين وتشديد الثّانية. اه فلاح.
5- قوله : (وأصله ... إلخ) لعل المصنف أراد بهذا الكلام دفع ما يتجه في المقام بأن الجمع إذا أضيف إلى ياء المتكلم ينبغي أن لا يقال بنحو واحد في جميع الأحوال لئلا يلزم الالتباس بينهما فإنه مستكره بما تشريحه أن الالتباس ثمة ، وإن يلزم لفظا لكنه لا يلزم تقديرا وذلك ؛ لأن أصله في حالة الرفع ... إلخ. اه لمحرره عفي عنه.
6- أي : نظرا إلى كون كل واحد منها حرف علّة ، وههنا بحث فإنه غير مفيد لشموله رامياي وعصاي ؛ لأنه اجتمع فيها الحرفان من جنس واحد في العلية ومع هذا لم يدغم ، فالأولى أن يقال : لاجتماع الواو والياء وسبق أولاهما بالسكون ؛ لأن الإدغام متحقق بأمر خاص ، وهو وجودهما مع سكون الأولى ، وفي ذلك تحقق بأمر عام وهو وجودهما مطلقا ، والعام لا يستلزم الخاص لما عرف ، وأمّا الخاص فهو مستلزم للعام كالإنسان فإنه مستلزم للحيوان بلا عكس وهو ظاهر. اه حنفية. أقول : وما به التوفيق أن كلمة في ههنا بمعنى اللام كما في قوله عليه السلام : «إن امرأة دخلت النار في هرة» ، أي : لأجلها ، فالمعنى لأجل العلية ، أي : لأجل الإعلال وهو قلب الواو ياء بالقانون المضبوط في اجتماع الواو والياء. اه محمد محتشم.

جنس (1) واحد في العلّيّة (2) ، وجعل الواو ياء ، لا الياء واوا للخفّة (3) ولاستدعاء المدغم فيه ، ثم قلبت ضمّة ما قبلها كسرة للموافقة ولئلا يلزم الخروج من الضمة إلى الياء.

المفعول : مرميّ ... إلخ ، أصله : مرموي ، فأدغم كما أدغم في : «راميّ».

وإذا أضيفت تثنيته إلى ياء الإضافة فقلت : «مرميّاي» في حالة الرفع ، وفي

ص: 264


1- قوله : (من جنس واحد) وليس هذا جاريا على ظاهره فإنه يشير إلى أن في كل موضع اجتمعت الواو والياء يدغم أحدهما في الآخر وليس كذلك ، بل المراد منه أن في كل موضع اجتمعت الواو والياء وسبق أولهما بالسكون ولم يكن أحدهما بدلا عن شيء آخر ، تقلب الواو ياء متقدمة كانت أو متأخرة ؛ لأن الياء أخف بالنسبة إلى الواو ، والمطلوب في الإدغام هو الخفة ، ولهذا لا يدغمون في بويع فإن واوه كان ألفا في الأصل ، والآن جعلت واوا لأجل ضمة الباء ، وروية ؛ لأن واوه كان همزة في الأصل وجعلت واوا لضمة الراء التي قبلها ، وما جاء في قراءة البعض ريا [مريم : 74] بإدغام الواو المبدلة من الهمزة إذ أصله رئيا فشاذ لا يلتفت إليه. اه مولوي أنور علي صاحب رحمه الله تعالى.
2- أي : في كونهما حرفي علّة قبل قلب الواو ياء في الذات وبعد قلبها إياها ؛ لاجتماعهما وسبق إحداهما بالسكون فصار رامي بضم الميم ، ثم كسرت لأجل الياء فصار راميّ ، وأصله في حالة النصب والجرّ راميين بكسر الميم والياء الأولى الأصيلة وسكون الياء الثّانية التي هي علامة النصب في النصب والجر في الجر ، فأسكنت الياء لثقل الكسرة عليها فالتقى ساكنان فحذفت الأولى ؛ لأن الثّانية علامة فصار رامين بياء واحدة ساكنة ، فلما أضيف إلى ياء المتكلم سقطت النون فصار راميي بيائين أولهما ساكنة وثانيهما مفتوحة فوجب إدغام الأولى في الثّانية بالضرورة فصار رامي. اه ابن كمال باشا رحمة الله تعالى.
3- يعني أن المطلوب في الإدغام الخفة ، والياء أخف بالنسبة إلى الواو فيدغم الياء في الياء. اه مولوي.

حالة النصب والجر : «مرميّيّ» (1) بأربع (2) ياءات ، وإذا أضفت الجمع إليها فقلت : مرميّيّ أيضا بأربع ياءات (3) في كل الأحوال.

الموضع : مرمى (4) ، الأصل فيه أن يأتي على وزن : «مفعل» (5)

ص: 265


1- قوله : (مرميّ ... إلخ) أصله مرميّين بفتح الياء الأولى وتشديدها وسكون الياء الثّانية ففيه ثلاث ياءات فلما أضيف إلى ياء المتكلم صارت أربعة ، وحذفت نون التثنية ، ثم أدغم ما قبل ياء الإضافة التي هي علامة في ياء الإضافة فصار مرميّيّ بيائين مفتوحتين مشددتين. اه فلاح.
2- قوله : (بأربع ... إلخ) فيه نظر فإن اجتماع أربع ياءات مستثقل عندهم ، والجواب أنهم لم يبالوا بهذه الاستثقال اهتماما لدفع الالتباس الذي يلزم من الحذف كما لا يخفى. اه غلام رباني رحمه الله تعالى.
3- قوله : (بأربع ياءات) في كل الأحوال إلا أن أصله في حالة الرفع مرميّون فلما أضيف إلى ياء المتكلم حذفت النون فصار مرميّوي ، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء فصار مرميّيّ بضم الياء الأولى ثم كسرت لأجل الياء الثّانية فصار مرميي بكسر الياء الأولى وفتح الياء الثّانية المشددتين. وأصله في حالة النصب والجر مرميين بكسر الياء الأولى المشددة وسكون الثّانية ، ثم لما أضيف إلى ياء المتكلم حذفت النون فصار مرميي فأدغمت الثّالثة التي هي علامة في الرابعة بسكون الأولى وفتح الثّانية فصار مرميي بكسر الياء الأولى وفتح الثّانية المشددتين ، فالجمع مثل التثنية في كون كل منهما بأربع ياءات لا في الحركات والسّكنات. اه ابن سليمان رحمه الله. قوله : (إلا أن أصله ... إلخ) أفاد بهذا ما يتجه على المصنف بأنه حينئذ يلزم الالتباس بين الرفع والنصب والجر ، وهو خلاف الأصل بما زبدته أن الالتباس وإن لزم لفظا ، لكنه لا يلزم تقديرا فإن أصله في حالة الرفع مرميون وحالتي النصب والجر مرميين تدبر. اه تحرير.
4- بفتح الميمين أصله مرمي بضم الياء وتنوينها فاستثقلت الضمة على الياء فأسكنت فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء فاتصل التنوين بما قبله فصار مرمى لكنه يكتب بالياء للدلالة على الياء المحذوف. اه ف. فإن قيل : لا شك أن مرمى بالألف أخف منه بالتنوين فينبغي أن تجعل الياء في مرمي ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وتحذف التنوين عنه لالتقاء الساكنين دون الألف كما فعل ذلك في خطايا وطوايا ، إلا أن يقال : إن أمثال خطايا غير منصرف فيكون أثقل ، فإن فيه تحذف ما هو ثقيل وهو التنوين ، بخلاف مرمي فإنه منصرف على أنه لا مانع فيه من حذف التنوين ، بل المناسب خلافه كما لا يخفى. اه جلال الدين.
5- بكسر العين ؛ وذلك لأن الموضع مما يكون عين مضارعه مكسورا أن يأتي بالكسر تبعا لعين مضارعة. اه ف.

إلا أنهم فرّوا عن توالي (1) الكسرات.

الآلة : مرمى (2).

المجهول (3) : رمي يرمى ... إلخ (4) ، ولم يعلّ (5) : «رمي» لخفة الفتحة ، وأصل : «يرمى» : يرمي ، فقلبت الياء ألفا كما في : «رمى».

وحكم (6) : «غزا يغزو» مثل : «رمى يرمي» في كل الأحكام (7) ، إلا أنهم يبدّلون الواو ياء في نحو : «أغزيت» تبعا ل : يغزي ، مع أن الياء من حروف الإبدال (8) ،

ص: 266


1- قوله : (عن توالي ... إلخ) ؛ لأن الياء كسرتان ففتحوا العين في الموضع من النّاقص سواء كان عين مضارعه مكسورا ومفتوحا أو مضموما لذلك ، وقد مر ذلك في فصل الموضع. اه فلاح.
2- أصله مرمي بالتنوين فأعلّ كما في المكان فكان على زنة مغعي. اه ح.
3- لما فرغ من المعلومات شرع في المجهولات فقال الماضي المجهول ... إلخ. اه ح.
4- أي : رميا رميوا رميت رميتا رمين رميت رميتما رميتم رميت رميتما رميتنّ رميت رمينا بضم الراء وكسر الميم في الكل يرميان يرميون ترمى ترميان يرمين ترمى ترميان ترميون ترميين ترميان ترمين أرمى نرمى بضم حروف المضارعة وفتح الميم في الجمع. اه فلاح.
5- قوله : (ولم يعل ... إلخ) جواب سؤال وهو أن يقال : إن رمى وجد فيه الياء المفتوحة فينبغي أن يسكنها ؛ لاستثقال الحركة عليها فأجاب بقوله : لخفة الفتحة فلا وجه لجعلها ساكنا. اه حنفية.
6- ولما بين أحكام النّاقص اليائي أحال عليه أحكام النّاقص الواوي فقال : وحكم ... إلخ. اه ف.
7- في كل الأحكام يعني كما أن ياء يرمي للمجهول يصير ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها ، كذا واو يغزو ، وكما أن ياء يرمي للمعلوم أسكنت لثقل الضمة عليها لضعفها ، كذا واو يغزو ، وكما حذفت الياء من رام وارم فكذا الواو من غاز واغز. اه مهدية.
8- قوله : (الإبدال ... إلخ) قوله : (الإبدال ... إلخ) هو يجري في الأنواع الثلاثة للفظ ، أمّا في الاسم فنحو تراث أصله وراث ، وأمّا في الفعل فنحو : أهراق أصله أراق ، وأمّا في الحرف فنحو إلا فعلت أصله إن لا فعلت ، وطرق معرفة الإبدال خمسة : أحدها : أنه يعرف بأمثلة اشتقاقه كالتاء في تراث والهمزة في أجوه ، فإن أمثلة اشتقاق الأول ورث يرث ووارث وموروث وميراث فإذا وجد التاء في تراث علم أن التاء أبدلت من الواو أصله وراث فعال اسم للميراث. وثانيها : أنه يعرف بقلة الاستعمال كقولهم الثعالي في الثعالب والأراني في الأرانب ؛ لأن الثعالي جاء بمعنى الثعالب واستعماله قليل بالنسبة إلى الثعالب ، فيعلم أن الباء فيه هو الأصل والياء مبدل عنه وكذا الحال في الأراني والأرانب. وثالثها : أنه يعرف بكون البدل في اسم يكون فرعا عن أصل والحرف زائد في الفرع كضويرب تصغير ضارب ، فإنا لا نشك في أنه تصغير ضارب ، والصغر فرع المكبر فضويرب فرع لضارب والألف فيه زائدة ، فعلم أن الواو في ضويرب مبدلة من الألف في ضارب ؛ لأنه الأصل وضويرب فرعه. ورابعها : أنه يعرف البدل في اسم يكون فرعا عن أصل ، وحرف البدل أصل كمويه تصغير ماء فإنه فرع عن ماه والهاء فيه أصلي ؛ لأن أصل ماء ماه بدليل ماه يموه فالهمزة مبدلة عن الهاء ؛ لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها. وخامسها : أنه يعرف بأنه لو لم يجعل مبدلة للزم بناء مجهول كاصطبر يحكم بأنه اصتبر ؛ لأنه لو لم يكن كذلك لوجب أن يكون وزنه افطعل وهو بناء مجهول كذا قرروه. اه فلاح شرح مراح.

وحروفها (1) قولك : استنجده (2) يوم صال زطّ.

ص: 267


1- وهي خمسة عشر حرفا ، وإنما سميت بحروف البدل لجعل بعضها في موضع بعض والعلّة في إبدال بعضها ببعض إرادة التشاكل والتسهيل ، والحسن في المسموع ، والتوسع في التمثيل ، والفرق بين حروف الزيادة وحروف البدل أن حروف الزيادة يأتي للمعاني ، وحروف البدل للألفاظ من تحسين وتسهيل على اللسان. اه فلاح.
2- قوله : (استنجده ... إلخ) يقال : استنجده فأنجده أي : استعان به فأعانه ، ويقال : صال عليه وثبه ، وزط اسم قبيلة وهو فاعل صال ويوم ظرف استنجده ومضاف إلى الجملة الفعلية ، وجعل سيبويه حروف الإبدال أحد عشر حرفا منها حروف الزيادة وهي : سألتمونيها بدون السين واللام ، وثلاثة غيرها وهي الطاء والدال والجيم ، وعند الزمخشري ثلاثة عشر يجمعها قولك : استنجده يوم طال ، وقال ابن الحاجب : حروفه أربعة عشر يجمعها قولهم (أنصت يوم جد طاه زل) وقال : إن ما ذهب إليه الزمخشري وهم منه ؛ لأنه أسقط الضّاد والزاي وهما من حروف الإبدال لقولهم : صراط في سراط ، وزقر في سقر ، وزاد السين وليست من حروف الإبدال ولا يرد عليه اسمع أصله استمع فإبدال السين عن التاء ؛ لأن مثل هذا من باب الإدغام لا من باب الإبدال ، فإن من قال في اسمع بإبدال السين من التاء ، ورد عليه نحو اذكر واظلم أنه من حروف الإبدال وليس كذلك ؛ لأن هذا من باب الإدغام ، والمراد من قولهم حروف الإبدال ، إبدال من غير إدغام إذ كل واحد منها باب على حياله ، وأنت تعلم أن زيادة السين يرد على ما ذكره المصنف أيضا. اه ابن كمال باشا رحمه الله.

الهمزة : أبدلت وجوبا (1) مطردا من الألف بعد الألف في نحو : «صحراء» وهمزتها ألف في الأصل كألف : «سكرى» ثم زيدت قبلها ألف لمدّ الصوت (2) ، ثم جعلت همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة ، ومن ثم لا يجوز جعلها (3) همزة في نحو : «صحارى» (4) يعني : خطيئة (5) لو كانت في الأصل همزة لجاز : «صحاريء» بالهمزة في صورة مّا ، كما يجوز في نحو : «خطيّة».

ومن الواو وجوبا مطردا (6)

ص: 268


1- اعلم أن إبدالها من حروف اللين وهي الألف والواو والياء على ثلاثة أقسام قسم يجب اطراد إبدالها وقسم يجوز اطراده وقسم يمتنع الاطراد ، فابتدأ بالقسم الأول ثم الثّاني ثم الثّالث فقال : الهمزة أبدلت وجوبا ... إلخ. اه فلاح.
2- وتوسعا في اللغة وتكثيرا لأبنية التأنيث ليصير لها بناءان ممدودة ومقصورة فالتقى ألفان ولم يمكن حذف إحداهما ؛ لأن الأولى للمد ، والثّانية للتأنيث فحذفها يخل بمدلولها ، ولم يمكن تحريك الأولى ؛ لأنها لو حركت لفات الغرض وهو المد فتعين تحريك الثّانية بعد قلبها همزة ، وإلى هذا أشار المصنف بقوله : ثم جعلت همزة فصار صحراء ، وهذا هو المراد من قوله : الهمزة أبدلت إلى قوله بعد ألف زائدة. اه حنفية.
3- بل يرد إلى الأصل حيث قيل صحارى بالألف المقصورة بعد الراء المفتوحة في جمع صحراء دون صحارىء بالهمزة بعد الراء المكسورة. اه ح.
4- صحارى بفتح الراء ويجوز بكسر الراء وتشديد الياء ؛ لأنهم لما كسروا الراء للجمع قلبت الألف الزائدة ياء لانكسار ما قبلها ، ثم جعلت الهمزة المتطرفة ألفا ، ثم جعلت الياء لانكسار ما قبلها أيضا ؛ لأن الياء الأولى المنقلبة من الألف ليست بحاجزة حصينة ؛ أو لأن الياء كسرت فاجتمع ياءان فأدغمت الأولى في الثّانية فصار صحاريّ بكسر الراء وفتح الياء المشددة ، ثم خففت بحذف الياء الأولى أبدلت كسرة الراء فتحة فجعلت الياء الثّانية ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار صحارى بفتح الراء. اه ف.
5- قوله : (خطيئة) بياء بعده همزة مفتوحة وإنما جاز هذه في خطيّة بتشديد الياء نظرا إلى الأصل فإن خطيّة بيائين كان في الأصل خطيئة بالهمزة ، والشاهد على هذا المقام استعمالهم فإن الخطية تجمع تارة بالخطيات بيائتن ومرة بالخطيئات بالهمزة بعد الياء الساكنة بخلاف صحراء فإنه لا تجمع أصلا على صحاراء بهمزة بعد الألف ، فلو كانت الهمزة فيها أصلية كخطيئة لكان جائزا بالهمزة في الجمع المكسر ؛ لأن التكسير يرد الأشياء إلى أصلها كالتصغير مطلقا. اه حنفية.
6- أيضا سواء وقعت الواو في أول الكلمة أو في أوسطها أو في آخرها ، فالأول في نحو ... إلخ. اه ف.

في نحو : «أواصل» (1) فرارا عن اجتماع (2) الواوين ، ونحو : «قائل» كما مرّ (3) ، ونحو : «كساء» لوقوع الحركات المختلفة على الواو.

ومن الياء وجوبا مطردا ، نحو : بائع ، كما مرّ (4).

وجوازا (5) مطردا عن الواو المضمومة (6) ، نحو : أجوه (7) ، وأدور (8) : لثقل

ص: 269


1- قوله : (أو أصل) أصله وواصل على وزن فواعل جمع واصل كنواصر جمع ناصر فقلبت الواو الأولى همزة فرارا ... إلخ والمراد بنحو أواصل كل جمع مكسر لاسم الفاعل من المثال الواوي. اه مولوي بزيادة.
2- قوله : (فرارا عن اجتماع ... إلخ) واعلم أن اجتماع الواوات في أول الكلمة غير مستكره مطلقا ، بل مقيد بكون الواو الثّانية لازمة ، فإن ووري مجهول وارى فصيح بالإجماع ، ولهذا قيد المصنف بقوله : في نحو أواصل فإن أبدال ألف اسم الفاعل بالواو في التصغير والتكسير لازم من حيث الوضع ، بخلاف الواو الثّانية في ووري فإن الغرض منه أن يتوسط بين الفاء والعين مدة ، فإذا انفتح ما قبله المدة صارت ألفا ، وإذا انضم صار واوا. اه عبد الحكيم.
3- من أن الواو في اسم الفاعل من قال لما قلبت ألفا اجتمعت ألفان ، ولا يمكن إسقاط أحدهما لئلا يلتبس بالماضي ، فحركت الأخيرة فصارت همزة فإبدال الهمزة وإن كان من الألف بالذات لكنها مبدلة من الواو باعتبار أن الألف واو في الأصل فافهم. اه أحمد.
4- قوله : (كما مر) من أن الياء في بايع لما قبلت ألفا اجتمع ألفان فحركت الأخيرة فصارت همزة. اه ف.
5- ولما فرغ من القسم الأول وهو ما يجب اطراد بدل الهمزة من حروف اللين فيه ، شرع في القسم الثّاني وهو ما يجوز اطرادا بدل الهمزة فيه ، فقال : وجواز ... إلخ. اه ف.
6- المفردة الواقعة في أول الكلمة ، وإنما قلنا : المفردة احتراز عن مثل أواصل ؛ لوجوب الإبدال فيه لتعدد الواو. اه ف.
7- قوله : (أجوه) أصله وجوه جمع وجه ، فإن شئت همزت الواو وقلت : أجوه ، وإن شئت تركتها على حالها وقلت : وجوه ، وكذلك أوري أصله ووري مجهول وارى فالواو الثّانية في ووري إنما هي منقلبة عن ألف وارى فلم يجب همزة الأول ؛ لأن الثّانية غير لازمة ، ألا ترى أنك إذا بنيت الفعل للفاعل الذي هو أصل قلت : وارى ، بخلاف الواو الثّانية من وواصل فإنها لازمة فكان واو ووري واوا مفردة مضمومة في أول الكلمة كما في أجوه. اه فلاح.
8- قوله : (وأدور ... إلخ) في الصحاح الدار مؤنث وجمع القلة أدور بالهمزة وهي مبدلة من واو مضمومة ولك أن لا تهمز وجمع الكثرة ديار مثل جبل وأجبل وجبال وفي مختار الصحاح جمع القلة أدؤر بالهمزة وتركه. اه ابن كمال باشا.

الضمة على الواو ، ومن (1) الواو الغير المضمومة ، نحو : «إشاح» (2) و «أحّد أحّد» (3) في الحديث.

ومن الياء ، نحو : «قطع الله أديه» لثقل الحركة (4) على الياء.

ومن الهاء ، نحو : ماء أصله «ماه» (5)

ص: 270


1- قوله : (ومن الواو ... إلخ) شروع في القسم الثّالث وهو ما يمتنع اطراد إبدال الهمزة من حروف اللين ، وإنما لم يقيد هاهنا بقوله : جوازا غير مطرد استغناء بما سيأتي في آخر الباب من أن الموضع الذي لم يقيد من الصور المذكورة يكون جائزا غير مطرد ، وفسر عليه ما عداه من الصور التي لم تقيد بشيء. اه أحمد رحمه الله تعالى.
2- قوله : (إشاح) أصله وشاح بكسر الواو وضمها فأبدلت الهمزة منها تخفيفا فصار إشاح بكسر الهمزة وضمها ، لكن لما كان الكسر أشهر وأفصح اعتبره المصنف ، قال في الصحاح : الوشاح شيء ينسج من أديم عريضا ، ويرصع بالجواهر وتشده المرأة بين عانقها وكشيحها ، يقال : وشاح وأشاح وشاح. اه ف.
3- قوله : (أحّد أحّد) أصله وحّد وحّد فأبدلت الهمزة من الواو تخفيفا ، وسبب ورود هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسّلام رأى سعد بن أبي وقاص يشير بأصبعيه في التشهد فقال عليه الصلاة والسّلام : «أحّد أحّد» (أخرجه الترمذي ، كتاب الدعوات ، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (3557) ، والنسائي ، كتاب السهو ، باب النهي عن الإشارة بأصبعين وبأي أصبع يشير (1272) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب ، ومعنى هذا الحديث : إذا أشار الرجل بأصبعيه في الدعاء عند الشهادة لا يشير إلا بأصبع واحدة. اه.) ، أي : أشر بأصبع واحدة. اه مولوي. وقيل : هذا الحديث واقع في حق رجل تشهد بأصبعيه في القعدة فقال : المشركون هذا دليل الشرك لا دليل الوحدانية ، فقال صلى الله عليه وسلم : «أحّد أحّد» ، وهذا الحديث دليل الشافعي رحمه الله يرفع السبابة في التشهد ، وجوابه أن هذا الحديث منسوخ ؛ لكونه في ابتداء الإسلام ؛ لضعف الاعتقاد في الوحدانية حينئذ ، وأما في الآخر فمنع النبي صلّى الله تعالى عليه وسلم. اه مولوي عبد الحكيم رحمه الله.
4- أي : لاستثقال الحركة القوية من حيث هي حركة على الياء الضعيفة من حيث هي حرف علّة. اه تحرير.
5- وأصله موه بالتّحريك ؛ لأنه يجمع على أمواه في القلة وعلى مياه في الكثرة ، نحو جمل وجمال وأجمال ، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها والهاء همزة فصار ماء. اه ف.

ومن ثمّ يجيء جمعه : مياه (1).

ومن الألف ، نحو :

...

... فقد هيّجت شوق (2) المشتئق (3)

ص: 271


1- قوله : (مياه) بالهاء لا بالهمزة وأصله مواه فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ؛ لأن جمع التكسير يرد الأشياء إلى أصولها ، وكذلك التصغير فيقال : مويه. قال ابن الحاجب : إن إبدال الهمزة عن الهاء في نحو ماء شاذ لقلته ولازم إذ لم يثبت النقل باستعمال الهاء في ماء. اه أحمد بن سليمان.
2- قوله : (المشتق) بكسر الهمزة أصله مشتوق إذ هو اسم فاعل من اشتاق من الشوق فقلبت الواو ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار مشتاق كمنقاد ومختار ، ثم أبدلت الهمزة من الألف فصار مشتئق ، فعلى هذا يكون الإبدال باعتبار الأصل من الواو لا من الألف كما في قائل وكساء ، لكن المصنف لم يلتفت إلى هذا الأصل بل نظر إلى الظاهر ؛ أو لأن قلب الواو وهو التاء مفتوحة لا حاجز بينهما ، وما قبل الواو في قاول ألف ساكنة وما قبل ذلك الألف مفتوح ، ولما كان قلبها ههنا أوجب كان كأنها ألف في الأصل بخلاف ألف قاول تدبر ، وتمام البيت : يا دار ميّ بدكاديك البرق صبرا فقد هيّجت شوق المشتئق ميّ : اسم الحبيبة ، الدكاديك : جمع دكداك وهو ما التبد من الرمل بالأرض ولم يرتفع ، البرق : بضم الباء وفتح الراء جمع برقة وهي أرض فيها حجارة ورمل وطين مختلط ، هيجت : معناه حركت وأظهرت ، وفاعله يرجع إلى دار ميّ ، ومفعوله شوق المشتئق ، وأراد بالمشتئق نفسه. اه فلاح. ثم اعلم أن الباء في بدكاديك إما للإلصاق أي : لإفادة لصوق أمر إلى مدخولها كما في برداء ، وإما للمصاحبة بمعنى مع نحو : اشتريت الفرس بسرجه ، وإما للظرفية نحو صليت بالمسجد أي : في المسجد ، وأن إضافة الدكاديك إلى البرق إضافة الصفة إلى الموصوف ، وأن قوله : صبرا منصوب لكونه مفعول أعطني مقدّرا ، وأن الفاء في فقد تعليلية فمعنى البيت : يا دار مي أنت ملصقة أو مصاحبة أو مقيمة في أرض ذي حجارة ورمل وطين أعطني صبرا ، أي : التخليص من الاضطراب بالتلاقي ؛ لأنك بالتحقيق ظهرت شوقي لهجرانك. قال بعض الأفاضل : كان رجل له حبيبة تسمى بميّ ، فوقعت ذهابها ضرورة لمقصود إلى موضع محجر مرمل مطين فأرادت الذهاب إليه فقالت معه حين الرحلة تطمينا لقلبه من الكلمات اللطيفة المعتادة بين الأحباء مع منع ذهابه بها ، فذهبت وحدها ، فلما مضت مدة ما لم يطق الفراق فلا جرم رجع إليها ، وكان يقول في أثناء الطريق : يا دارمي ... إلخ حتى يلاقيها ، والله أعلم. اه لمحرره.
3- بعض عجز بيت من الرجز ، وهو بلا نسبة في تهذيب اللغة للأزهري 5 / 156 ، والخصائص لابن جني 3 / 145 ، والعمدة في محاسن الشعر للقيرواني ص 205.

ونحو قراءة من قرأ : (وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة : 7] بفتح الهمزة (1).

ومن العين ، نحو : «أباب» أصله : عباب (2) ، بمعنى : اجتماع الماء في نحو :

...

أباب بحر ضاحك (3) زهوق (4)

لاتحاد (5) مخرجهنّ.

السين : أبدلت من التاء نحو : استخذ ، أصله (6) : اتتخذ (7) ، عند سيبويه ، لقربهما في المهموسية.

ص: 272


1- وهي في الأصل ألف اسم الفاعل ، قال في الكشاف : وقرأ أيوب السختياني في : (وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة : 7] بالهمزة ، كما قرأ عمرو بن عبيد (وَلا جَانٌّ) وهذه لغة من جد في الهرب من التقاء الساكنين. اه فلاح.
2- وإنما قال : أصله عباب احترازا من قول ابن جني : فإنه قال : ليست الهمزة بدلا من العين فيه ، وإن كان الأباب بمعنى العباب. اه حنفية.
3- قوله : (زهوق) وفي رواية هزوق بتقديم الهاء على الزاي المعجمة من هزق الرجل في الضحك أي : كثر فيه ، والهزق : الرعد الشديد ، ومعناه على هذا موج بحر كثير الماء شديد الصوت مهيب المنظر. اه حنفية.
4- عجز بيت من الرجز ، وصدره : وماج ساعات ملا الوديق وهو بلا نسبة في المحكم والمحيط الأعظم 10 / 554 ، والمفصل للزمخشري ص 508 ، ولسان العرب ، وتاج العروس ، مادة (أبب).
5- علّة لإبدال الهمزة من الهاء وإبدالها من الألف وإبدالها من العين كلها ، وضمير مخرجهن يرجع إلى الهمزة والهاء والألف والعين جميعا. اه فلاح. قوله : (لاتحاد ... إلخ) ولا شك أن الحكم باتحاد المخرج بين الهمزة والعين والهاء مسلم ، وأمّا الحكم باتحاده بينها وبين الألف فلا. اه إيضاح.
6- قوله : (أصله ... إلخ) إنما قال : أصله اتتخذ احترازا عن استتخذ بتائين أحدهما مفتوحة والثّانية ساكنة فعلا ماضيا من الاستفعال حذفت أحدهما فإنه حينئذ لا يكون مما نحن فيه تأمل. اه مولوي.
7- قوله : (اتتخذ) ومن أنكر كون السين من حروف الإبدال أنكر أن أصله اتخذ في الصحاح : حكى المبرد : أن بعض العرب يقول : استخذ فلان أيضا يريد تخذ فيبدل من إحدى التائين سينا كما أبدلوا التاء مكان السين في قولهم : ست ، ويجوز أن يكون أراد استفعل من اتخذ يتخذ ، فحذف إحدى التائين تخفيفا ، كما قالوا : ظلت ، من ظلت انتهى كلامه. اه فلاح.

التاء : أبدلت من الواو ، نحو : تخمة (1) ، وأخت (2) ، لقرب مخرجهما (3).

ومن الياء ، نحو : ثنتان ، أصله : ثنيان ، وأسنتوا ، أصله : أسنيوا ، حتى لا يقع الحركة على الياء.

ومن السين ، نحو : ستّ ، أصله سدس (4) ، ونحو قول الشاعر :

...

عمرو بن يربوع شرار النّات (5)

ومن الصاد ، نحو : لصت (6) ، لقربهنّ في المهموسية ، ومن الباء نحو : الذّعالة (7).

ص: 273


1- بضم التاء وفتح الخاء ويجوز إسكانها ، أصله وخمة ، وهو فساد الهضم في مختار الصحاح تقول : اتخم من الطعام وعن الطعام ، والاسم التخمة بفتح الخاء والعامة تسكنها. اه فلاح.
2- أصله أخو قلبت الواو في المؤنث تاء وأسكنت الخاء تنبيها على أن التاء ليست للتأنيث لانفتاح ما قبلها. اه ح. أصله أخو بفتحتين فضمت الهمزة لتدل على الواو لا الخاء بل أسكنت ؛ لوقوعها بين الشديدين بعد القلب ، وإنما قلنا : أصله أخو بدليل أن جمعه أخوات فإن جمع التكسير يرد إلى أصله. اه ف.
3- لأن الواو من الشفة والتاء من طرف اللسان وأصول الثنايا. اه حنفية.
4- قوله : (أصله سدس) لقولهم في الكسرة أسداس وسديس في تصغيره فأبدل السين الأخيرة تاء ، ثم جعل الدال تاء للقرب ، وأدغم التاء في التاء للمجانسة. اه مولوي. فإن قلت : لا يجوز إبدال التاء من الدال كما في ادان ؛ لأن الدال أقوى من التاء إذ الدال مجهورية والتاء مهموسية ، ولا يحتمل الضعيف القوي ، فينبغي أن لا تبدل ههنا بوقوعه بعد الدال؟. قلنا : إنما لا يجوز إبدال التاء من الدال لأجل الإدغام قصدا لأجل المنافاة بينهما ؛ لأنهما متقاربان في المخرج وههنا لا نقصد الإدغام بل دفع المنافاة ، وإنما الإدغام جاء ضمنا والضمنيات لا تعتبر. اه حنفية.
5- صدر بيت من الرجز ، وصدره : يا قاتل الله بني السّعلات وهو بلا نسبة في أصول النحو لابن السراج 2 / 341 ، والاشتقاق لابن دريد ص 227 ، والخصائص لابن جني 2 / 53.
6- أصله لص وهو السارق وإنما أبدلت التاء من السين والصاد فيهما لقربهن ... إلخ. اه ف.
7- قوله : (الذعالة) أصله الذعالب أبدلت من الباء تاء ، وهي جمع ذعلبه : وهي النعامة ، ويقال للناقة السريعة السير ، وللجمل ذعلب تشبيها بالنعامة في سرعة السير ، وفي الصحاح : الذعالب قطع الخرق واحدها ذعلب ، وما قيل : الذعالب أخلاق من الثياب جمع ذعلوب فهو سهو ؛ لأن جمع الذعلوب ذعاليب على زنة مفاتيح لا ذعالب بوزن مساجد الذي نحن فيه. اه مولوي مع فلاح.

النون : أبدلت من الواو في نحو : «صنعاني» (1) لقرب النون من حروف العلة (2).

ومن اللام ، نحو : لعنّ (3) ، لقربهما في المجهورية.

الجيم : أبدلت من الياء المشددة ، نحو :

... (4)أبو علجّ (5)

...

حتى لا تقع (6) الحركات المختلفة على الياء.

ومن غير المشددة (7) حملا على المشددة ، نحو قول الشاعر :

ص: 274


1- قوله : (صنعاني) منسوب إلى صنعاء ممدودا أو هي قصبته اليمن فإذا نسب إليه فالقياس أن يقال : صنعاوي بالواو ؛ لأن الاسم الممدود إذا نسب إليه فقياسها قلب الهمزة واوا كذكراوي وخنفاوي ، وكذلك بهراني أصله بهراء بالمد قبيل من قصاعة فالقياس أن يقال : بهراوي لكن النون أبدلت من الواو فيهما فصار صنعاني وبهراني. اه ف
2- في الامتداد ؛ لأن في النون غنة يمتد إلى الخيشوم كحروف العلّة تمتد إلى مخارجها وهو القياس. اه حنفية.
3- أصله لعل وهو حرف من الحروف المشبهة بالفعل فأبدلت النون المشددة من اللام المشددة لقربهما. اه ف.
4- الشعر الرجز ، وهو بلا نسبة في لسان العرب ، مادة (عجج - شجر) ، وكتاب سيبويه 4 / 182.
5- قول الشاعر : خالي عويف وأبو علجّ المطعمان الشّحم بالعشجّ اه أصلهما أبو علي والعشي فأبدلت الجيم المشددة في موضعين من الياء ، وخالي عويف : اسم رجل. اه ف.
6- قوله : (حتى لا تقع الحركات ... إلخ) ولقائل أن يقول : كيف يصح قوله : حتى لا تقع ... إلخ ، في مثل أبو علي بالإضافة فإن في المضاف إليه لا يتحقق إلا الجر ، قلنا : المقصود الأصلي هو العلي بالياء المشددة بقطع النظر من أن يكون مضافا إليه ، ولفظ علي في الواقع محل الحركات المختلفة ؛ لأن مشددة بمنزلة الحرف الصحيح في تحمل الحركات. اه حنفية.
7- قوله : (حملا على ... إلخ) جواب عما يقال : إن إبدال الجيم من الياء المشددة يناسب في الجملة إذ المشددة في منزلة الحرف الصحيح في تحمل الحركات على ما قال صاحب الحنفية ، وأما من غير المشددة فلا ؛ لعدم كونها كذلك بأن الجواز ثمة ، لأجل حمل غير المشددة على المشددة والحمل لاتحاد ذاتهما. اه تحرير.

لا همّ (1) إن كنت قبلت حجّتج

فلا يزال شاحج يأتيك بج (2)

الدال : أبدلت من التاء ، نحو : فزد ، واجدمعوا ، لقرب مخرجهما.

الهاء : أبدلت من الهمزة ، نحو : هرقت (3).

ومن الألف ، نحو : حيّهله (4) ، وأنه ، ومن الياء في : «هذه (5) أمة الله» لمناسبتها لحروف العلة في الخفاء ، ومن ثمّ لا يمتنع الإمالة (6) في مثل : لن

ص: 275


1- قوله : (لا هم ... إلخ) أصله اللهم حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال ، وقوله : إن كنت زائدة أورده لتحسين الكلام ، وقوله : حجتج أصله حجتي الحجة بالكسر للمرة والقياس بالفتح على أنه لم يسمع من العرب ، ويدل على ذلك ذو الحجة اسم شهر عربي ، فالمعنى يا رب إن قبلت حجتي مرة ، وقوله : فلا يزال شاحج يأتيك بج أي : فلم يزل حماري يأتي ذلك الحمار عند كعبتك بي. اه حنفية شرح مراح ملخصا.
2- البيت من الرجز ، وهو بلا نسبة في الكنز اللغوي لابن السكيت ص 29 ، ومجالس ثعلب ص 28 ، والصحاح للجوهري ، مادة (دلق) ، ولسان العرب ، مادة (نهز).
3- قوله : (هرقت للمتكلم) أصله أرقت أبدلت الهاء من الهمزة ؛ لأن الهمزة حرف شديد مستثقل والهاء حرف مهموسة خفيفة ومخرجهما متقاربان. اه عصام. وكذلك هرجت أصله أرجت ، وهياك أصله إياك ، ولهنك أصله لأنك. اه إيضاح.
4- قوله : (حيهله) اعلم أن حيهله مركب من حي بمعنى أقبل وائت أمرين : أولهما : يعدّى بعلى ، فيقال : حي على الصلاة ، أي : أقبل عليها. وثانيهما : يعدّى بنفسه ، ومن هلا بمعنى أسرع واستعجل أمرين ، لكن المركب إما بمعنى أسرع أيضا فيعدى إما بإلى أو بالياء ، أو بمعنى أقبل فيعدى بعلى ، أو بمعنى ائت فيعدى بنفسه ، ولك أن تستعملهما مفردين ومركبين وفي المركب لغات ذكروها في المطولات. اه ابن كمال باشا.
5- أصله هذي وإنما جعلوا الياء أصلا لما ثبت من كونها للتأنيث في نحو تضربين. اه إيضاح.
6- قوله : (الإمالة) اعلم أن الإمالة على ثلاثة أوجه أحدها أن يكون بين الألف والكسرة حرفان متحركان وهذا على ضربين ، الأول إن كان أحدهما هاء فيجوز الإمالة نحو لن يضربها فإنه يجوز فيها أن يضربهى وإلا فلا تجوز الإمالة نحو عنبا فلا يجوز فيه عنبى ؛ لبعد المسافة بين الكسرة والألف ، والثّاني أن يكون بين الألف والكسرة حرفان أحدهما ساكن فحينئذ تجوز فيه الإمالة سواء كان بينهما هاء نحو منهاك يجوز فيه منهيك أو لا نحو شملال يجوز فيه شمليل ، وإجلال فيه إجليل ، وثانيهما أن يكون بينهما حرف واحد فإذا تجوز الإمالة فيه أيضا نحو شمال يجوز فيه شميل ، ونفاق يجوز فيه نفيق ، وعباد يجوز فيه عبيد وغيرها ، وثالثها أن يكون بينهما ثلاثة أحرف ، فالإمالة لا تجوز فيه أصلا. اه منهل التحقيق.

يضربها (1) ، ويمتنع في مثل : أكلت عنبا (2).

ومن التاء وجوبا مطردا في نحو : «طلحة» للفرق بينها وبين التاء التي في الفعل (3).

الياء : أبدلت من الألف وجوبا مطردا في نحو : «مفيتيح» (4) ومن الواو وجوبا مطردا ، نحو : ميقات (5) ، لكسرة ما قبلها (6).

ومن الهمزة جوازا مطردا ، نحو : ذيب.

ص: 276


1- بفتح الباء ولو قال : لن يضربها لكان أظهر ، لكنه تسامح بناء على ظهور المراد فجاز إمالة فتحة الهاء فيه بناء على أن الهاء لخفتها في النطق كأنها معدومة فكأنك قلت : يضربا فوقع الكسرة قبل الفتحة الممالة بلا واسطة. اه فلاح.
2- قوله : (في أكلت عنبا) لتوسط الحرف المتحرك بين كسرة العين وفتحة الياء ، وإنما امتنعت الإمالة إذا توسط المتحرك دون الساكن ؛ لأنهم إنما قصدوا بالإمالة تناسب الأصوات وتقريب الحروف بعضها من بعض على عادتهم المألوفة في طلب المشاكلة ليحسن الصوت ويخف النطق به ، وإذا توسط بين الكسرة والفتحة الممالة حرف متحرك يمتنع التشاكل لبعده عنها حينئذ بخلاف ما إذا توسط ساكن ؛ لأن الساكن ضعيف فهو حاجز كلا حاجز. اعلم أن الإمالة ليست لغة جميع العرب بل لغة بعضهم ، وأشد حرصا عليها بنو تميم كذا حقق. اه شمس الدين.
3- نحو ضربت هند والتخفيف لما كثر تأنيثه أولى ، وقيل أعطى التخفيف بالقلب للاسم وبالتسكين للفعل للتعادل ولم يعكس لئلا يلتبس بالضمير المنصوب. اه ف.
4- قوله : (مفيتيح) في تصغير مفتاح فلما أريد تصغيره ضم أوله وأدخله ياء التصغير بعد ثانيه وكسر ثالثه فصار مفيتاح بالألف الساكنة مكسورا ما قبلها فقلبت الألف ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فصار مفيتيح. اه عبد القديم.
5- أصله موقات وكذلك ميزان أصله موزان ، وإنما أبدلت الياء منها لكسرة ... إلخ. اه ف.
6- أمّا في ميقات فظاهرة ، وأمّا في مفيتيح فلأنه لما صغر مفتاح وجب كسر ما قبل الألف فوجب قلبها ياء. اه فلاح.

ومن أحد حرفي التضعيف ، نحو : تقضّى البازي (1) ، كما مرّ.

ومن النون (2) ، نحو : أناسيّ (3) ، ودينار (4) ، لقرب الياء من النون.

ومن العين ، نحو : ضفادي (5) ، لثقل العين وكسر ما قبلها.

ومن التاء ، نحو : ايتصلت (6) ؛ لأن أصله واو ساكن (7).

ص: 277


1- أصله تقضض فقلبت الضّاد الأخيرة ياء فصار تقضّي بياء مفتوحة فقلبت الياء ألفا فصار تقضّى. اه شرح.
2- الياء أبدلت من ... إلخ ، أيضا جوازا غير مطرد ، وكذا من الراء نحو شيراز أصله شرراز ، وكذا من الميم نحو دمماس أصله ديماس ، وكذا من الواو نحو ديوان أصله دووان. اه من الدستور.
3- بفتح الهمزة وكسر السين وفتح الياء المشددة ، أصله أناسين لأنه جمع إنسان كمصباح ومصابيح ، فلما كسر السين للجمع قلبت الألف ياء ؛ لانكسار ما قبلها ، ثم أبدلت الياء من النون من حروف العلّة فاجتمع ياءان أولهما ساكنه فادغم الأولى في الثّانية فصار أناسي. اه ابن كمال.
4- أصله دننار بتضعيف النون بدليل أن جمعه دنانير فأبدلت الياء من النون الأولى لقرب ... إلخ. اه ، فلاح.
5- قوله : (ضفادي) في قول الشاعر : ومنهل ليس له حوازق وبضفادي جمّة نقانق فأبدلت العين في ضفادع وهو جمع ضفدع ياء ، وكان ينبغي أن يقال : وبضفادع جمة ، لكن لو قال كذلك لانكسر البيت ، فأبدلت من العين ياء ، والياء يسكن في موضع الجر فاستوى فيه وزن الشعر ، المنهل : المورد وهو عين ماء ترده الإبل في المراعي ، والحوازق : بالحاء المهملة والزاي المعجمة جمع حازق ، والحزق : الحبس يعني أن هذا المنهل ليس له جوانب يمنع الماء أن يبسط حوله ، والنقانق : بفتح النون جمع نقنقة وهي صوت الضفدع والجمة الكثيرة. اه فلاح. قوله : (الإمالة) وهي في اللغة مصدر قولك : أملت الشيء إمالة إذا عدلت به إلى غير الجهة التي فيها ، وفي الأصطلاح أن تنحي الفتحة نحو الكسرة ، أي : هو عدول الفتحة عن استوائها إلى الكسرة ، وذلك بأن تشرب الفتحة شيئا من صوت الكسرة فتصير الفتحة بينها وبين الكسرة ، ومن جملة الأسباب المقتضية لإمالة الفتحة أن تقع الكسرة قبل الفتحة الممالة إما بلا واسطة حرف نحو عماد ، أو بواسطة حرف ساكن نحو شملال ، ويجوز بواسطة الفتحة الممالة على الهاء نحو أن ينزعها ؛ وذلك لأن الهاء خفيفة فكأنها معدومة ، فكأنك قلت : إن ينزعا فتميل فتحة العين إلى الكسرة لكون ما قبلها مكسورا ، ومن هذا القسم ما ذكره بقوله : مثل لن يضربها. اه فلاح شرح المراح.
6- اتصلت بالتضعيف أصله فأبدلت الياء من إحدى التائين ، وإنما قلنا : إن أصله اتصلت ؛ ولأن ... إلخ. اه ف.
7- قوله : (واو ساكن) وقد مر أن الواو والياء إذا وقعتا قبل تاء الافتعال تقلبان تاء وتدغمان في تاء الافتعال نحو اتّعد واتّسر ، فكذلك هاهنا أصله اوتصلت فقلبت الواو ياء ، ثم أبدل الياء من تلك التاء فصار ايتصلت. اه أحمد. من الوصل من الافتعال فقلبت الواو تاء ، ثم التاء ياء فصار ايتصلت ، وإنما أبدلت في مثل هذا بالياء ؛ لأنها مبدلة من الواو ، فلو كانت الواو تقلب بالياء على سبيل الوجوب فلأن تبدل الفاء المبدلة منها ياء على سبيل الوجوب. اه ح.

ومن الباء ، نحو : الثّعالي (1) ، ومن السين ، نحو : السّادي (2) ، ومن الثاء ، نحو : الثّالي (3) ، لكسرة ما قبلهنّ (4).

الواو : أبدلت من الألف وجوبا مطردا ، نحو : ضوارب (5) ، لقربهما في العليّة واجتماع الساكنين (6).

ومن الياء (7) نحو : موقن ، لضمة ما قبلها.

ص: 278


1- قوله : (الثعالي) أصله الثعالب وكذلك الأراني أصله أرانب ، كما في قول الشاعر يصف عقابا : لها أشارير من لحم متمرة من الثعالي ووخز من أرانيها الأشارير قطع من لحم قديد ، وتتمير اللحم تجفيفها ، والوخز الشيء القليل يقول : إنها تصيد الثعالب والأرانب لفرخها. اه ابن كمال باشا. وكذلك ديباج أصله بالباء التحتانية بنقطة ؛ لأنه يجمع على دبائج وتصغيره دبيبج. اه
2- قوله : (السادي) أصله السادس ، وعليه قول الشاعر : إذا ما عدّ أربعة فسال فزوجك خامس وأبوك سادي الفسال بالكسر جمع فسل وهو الرجل الأرزل قاله شاعر لامرأة إذا عد أربعة ، أي : أربعة رجال أرزل فزوجك يا أيتها المخاطبة خامس منهم وأبوك سادس منهم. اه تحرير.
3- قوله : (الثال) أصله : ثالث ، كما في قول الشاعر : قد مرّ يومان وهذا الثّالي وأنت بالهجران لا تبالي اه. مولوي.
4- أي : وإنما أبدلت التاء من هذه الحروف في هذه الصورة لكسرة ... إلخ. اه ف.
5- جمع ضاربة فلما اجتمع مع ألف الجمع ألفان فأبدلت الواو من الألف الأولى الذي هو اسم الفاعل في ضارب. اه ف
6- قوله : (واجتماع) إنما كنين عند جعلها جمعا وهو إدخال ألف التكسير ؛ بعد الألف للواحد فالتقى الساكنان على غير حدهما ، ولا يمكن حذف أحدهما للالتباس بالواحد ، فقبلت : الأولى منهما واو كما في التصغير فحذفت التاء مع التنوين لمنع الصّرف فوزنه فواعل. اه ح.
7- قوله : (من الياء) وإنما لم يذكر قيد الوجوب والاطراد هاهنا اكتفاء بما علم ، فما مر في باب الأجوف بقوله إن حرف العلة إذا سكنت جعلت من جنس حركة ما قبلها للين عريكة الساكن ، واستدعاء ما قبلها نحو ميزان أصله موزان ويوسر أصله ييسر. اه شمس الدين.

ومن الهمزة جوازا مطردا ، نحو : لوم ، لما مرّ.

الميم : أبدلت من الواو ، نحو : فم أصله فوه (1) ، لاتحاد مخرجهما.

ومن اللام ، نحو قوله صلى الله عليه وسلم : «ليس من امبرّ امصيام في (2) امسفر» (3) لقربهما في المجهورية.

ومن النون الساكنة في نحو : عمبر ، ومن المتحركة ، كما في نحو (4):

...

وكفّك المخضّب البنام (5)

لقربهما في المجهورية.

ومن الباء ، نحو : ما زلت راتما (6) ، لاتحاد مخرجهما.

ص: 279


1- فحذفوا الهاء حذفا غير قياسي كما حذفوا حروف العلّة لمشابهتها في خفاياها إياها ، ولم يكن في كلامهم اسم متمكن على حرفين ثانيهما واو ، فأبدلت من الواو والميم. اه ف.
2- قوله : (في امسفر) أصل الحديث ليس من البر الصيام في السفر ، روي أن النمر بن نواب سأل النبي عليه الصلاة والسّلام فقال : «أمن امبر امصيام في امسفر» ، أي : أمن البر الصيام في السفر ، فأجاب النبي عليه الصلاة والسّلام بهذا القول قيل : إنه لم يرو عن النبي عليه الصلاة والسّلام غير هذا الحديث ، ومن كمال الفصاحة إخراج الجواب على ما وقع في السؤال ، البر : الطاعة. اه ابن سليمان.
3- أخرجه أحمد في مسنده (23167) ، والشافعي في مسنده ص 157 ، والحميدي في مسنده 2 / 381 (864) ، عن كعب بن عاصم الأشعري رضي الله عنه.
4- قول الشاعر : يا هال ذات المنطق التمتام وكفك ... إلخ هال : مرخم هالة وهي اسم امرأة والتمتام الذي فيه تمتمة وهو الذي يتردد في التاء ، والمخضب مشددة للمبالغة ، والبنام البنان فأبدلت الميم من النون لقربهما ... إلخ. اه فلاح.
5- عجز بيت من الرجز ، وهو لرؤبة بن العجاج في سر صناعة الإعراب لابن جني 1 / 422 ، والمفصل للزمخشري ص 511 ، وأوضح المسالك لابن هشام 4 / 401.
6- أصله راتب من رتب يرتب رتوبا أي : ثبت وانتصب قائما ، فأبدلت الميم من الباء لاتحاد ... إلخ. اه ف.

الصاد : أبدلت من السين (1) ، نحو قوله تعالى : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ) [لقمان : 20] لقرب مخرجهما.

الألف : أبدلت من أختيها وجوبا مطردا (2) ، نحو : قال ، وباع (3).

ومن الهمزة جوازا مطردا (4) ، نحو : راس ، لما مرّ (5).

اللام : أبدلت من النون ، نحو : أصيلال (6) ، ومن الضاد ، نحو : الطجع (7) ، لاتحادهنّ في المجهورية.

الزاي : أبدلت من السين ، نحو : يزدل (8).

ص: 280


1- قوله : (أبدلت من السين) اعلم أن الصاد تبدل من السين التي بعدها غين أو خاء معجمتين ، أو قاف أو طاء مهملة على سبيل الجواز ، ولا يمنع توسط حرف أو حرفين بينهما وبين السين ، وذلك نحو أصبغ أي : أتم فأبدل الصاد من السين ، وصلخ الأصل تقول : سلخت جلد الشاة إذا نزعته ومس صقر أصله سقر ، وهو اسم من اسماء النار ، والنخل باصقات أصله باسقات أي : طوال ، و (صِراطاً) أصله سراط والذي سوغ هذه الإبدال شدة استعلاء ما ذكرناه في الحروف الأربعة ، مع أن السين حرف مهموس بينهما منافرة. اه ، فلاح.
2- إذا تحركتا وانفتح ما قبلهما لما مر نحو ... إلخ. اه ف.
3- أصله بيع فأبدل الألف منه لتحركهما وانفتاح ما قبلهما. اه ف.
4- أي : شاملا بجميع أفراده ولم يتوقف على السماع من العرب. اه. إيضاح.
5- في باب المهموز من أن الهمزة إذا كانت ساكنة وما قبلها متحركا تبدل على حرف يناسب حركة ما قبلها للين عريكة الساكن واستدعاء ما قبلها. اه ف.
6- قوله : (أصيلال) أصله أصيلان تصغير أصلان بوزن فعنلان بضم الفاء وفتح العين الأصيل الوقت بعد العصر إلى المغرب وجمعه أواصل وأصال وأصائل ، ويجمع أيضا على أصيلان كبعيران وبعران ، ثم صغروا الجمع فقالوا : أصيلان ، ثم أبدلوا من النون لاما فقالوا أصيلال. اه مولوي.
7- أصله اضطجع من الاضطجاع بمعنى يلونها دن بر زبين فأبدلت اللام من الضّاد لاتحاد ... إلخ. اه ف.
8- قوله : (يزدل) اعلم أن الزاي تبدل من السين والصاد أيضا بشرطين أحدهما أن تكون ساكنة بنفسها والآخر أن يقع بعدها مال مهملة ، والذي يسوغ إبدال السين زايا عند وجود هذين الشرطين أن الدال حرف مجهور والسين حرف مهموس وبينهما مباينة فقلبوا السين إلى الزاي ليوافق السين في المخرج والدال في الجهر فيتجانس الصوت ويسهل الكلمة على اللسان. اه. أحمد رحمه الله تعالى.

ومن الصاد : نحو قول حاتم الطائي : «هكذا فزدي (1) أنه».

الطاء : أبدلت من التاء وجوبا مطردا في الافتعال (2) ، نحو : اضطرب.

وفي : «فحصط» لقرب مخرجهما.

والموضع (3) الذي لم يقيّد فيه من الصّور المذكورة يكون جائزا غير مطّرد (4).

* * *

ص: 281


1- أصله فصدي أنا فقوله : أنه تأكيد لياء المتكلم في فزدي ، حكي أنه كان مشهورا بالكرم فلما أسر وقيد تحت خيمة وأقام في الأسر برهة من الزمان فنزل بمن أسره ضيف ، ولم يكن عنده طعام ليضيفه الضيف به فأمر بعض خدمه أن يأتي حاتما ببعير ليفرد لأجل الضيف ، أي : ليشوي الدم ويطعم الضيف ، فلما أتي حاتم بالبعير نحره فلامه الخدم وقالوا : أمرناك بفصده فكيف أقدمت على نحره ، فقال : هكذا فزدي أنه فقال الضيف لصاحب الخباء : من هذا الأسير؟ فقال : هو حاتم الطائي ، فاستوهبه منه فوهبه إياه ثم أطلقه. اه فلاح وإيضاح.
2- قوله : (مطردا) في باب الافتعال كما مر من أن تاء الافتعال إذا وقعت بعد الحروف الأربعة التي هي حروف الطبقة المستعلية وهي الصاد والضّاد والطاء والظاء يقلب وجوبا طاء مهملة لما بين حروف الإطباق ، وبين التاء من التضاد والتنافر ، وجمع المتضادين ثقيل فطلبوا حرفا من مخرج التاء ليوافق التاء في المخرج ويوافق الحروف المطبقة في الإطباق ؛ ليسهل النطق بها وهو الطاء نحو اضطرب أصله اضترب. اه شمس الدين.
3- قوله : (والموضع ... إلخ) لما كان للقائل : إن المصنف بين إبدال أحرف بحروف أخرى في هذا البحث من الإبدال ولم يتعرض فيه إلى الاطراد والجواز في كثير من المواد ، فلم يعلم أن الإبدال فيه مطرد أو جائز ولا بد من معرفة ذلك امتيازا بينهما ، دفعه بقوله : والموضع ... إلخ ، فحصل الامتياز بينهما. اه لمحرره.
4- قوله : (غير مطرد) أي : سماعا لا يقاس عليه إلا مثل موقن ؛ لأن إبدال الواو من الياء فيه واجب مطرد مع أنه لم يقيد به لعلّة ذكرناها ثمة ، فلا يرد أن يقال : في هذا القول خبط ؛ لأن الإبدال في مثل موقن واجب مطرد مع أنه لم يقيد بشيء. اه فلاح.

ص: 282

الباب السابع : في اللفيف

(1)(2)

يقال له : «لفيف» للفّ حرفي العلّة فيه.

وهو على ضربين :

1 - مفروق.

2 - ومقرون (3).

المفروق (4):

ص: 283


1- اسم فاعل من السبع معناه هفتم شدت وهو من باب فتح. اه
2- قوله : (في اللفيف) وهو في اللغة ما اجتمع من الناس من قبائل شتى ، ومنه قوله تعالى : (جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً) [الإسراء : 104] ، أي : مجتمعين مختلطين ، ثم نقل أرباب هذا الفن إلى هذا المعنى ، وهو ما فيه حرفا علّة ؛ لاجتماع الحرفين المعتلين في ثلاثية وهذا معنى قوله : يقال له لفيف ... إلخ. اه احمد رحمه الله تعالى.
3- وهذا حصر عقلي ؛ لأن حرفي العلّة في الكلمة الثلاثية إما أن يتوسط بينهما حرف صحيح أو لا فإن كان الأول يسمى لفيفا مفروقا ؛ لوجود الفارق بينهما من الحرف الصحيح ، وإن كان الثّاني يسمى لفيفا مقرونا لمقارنتهما. اه ف.
4- قوله : (المفروق) قدمه لكون فائه حرف علّة وهو مقدم على العين ، وبعضهم قدم المقرون نظرا إلى كثرة أبحاثه بالنسبة إلى المفروق ولكل وجهة ، والقسمة العقلية تقتضي أن يكون للمفروق أربعة أقسام ؛ لأن حرف العلّة اثنان واو وياء ، وموضعهما اثنان أيضا الفاء واللام ، والاثنان في الاثنين أربعة ، لكن ليس في كلامهم من هذا النوع ما فاؤه ياء إلا يديت بمعنى أنعمت فالفاء فيما عداه واو لا غير ، واللام لا يكون إلا ياء ؛ لأنه ليس في كلامهم فعل فاؤه واو ولامه واو ، فانحصر باستقراء كلامهم في قسم واحد وهو ما فاؤه واو ولامه ياء ، لا يجيء إلا من ثلاثة أبواب باستقراء كلامهم علم يعلم حسب يحسب ضرب يضرب ، فالأول مثل وجى يوجي ، والثّاني مثل ولى يلي ، والثّالث مثل وقى يقي. اه ابن كمال باشا.

مثل : وقى يقي ، حكم فائهما كحكم : وعد يعد (1) ، وحكم لامهما (2) كحكم (3): رمى يرمي ، وكذلك حكم أخواتهما (4).

الأمر : ق (5) قيا ، قوا ، قي ، قيا ، قين.

وتقول بنون التأكيد : قينّ ، قيانّ ، قنّ ، قنّ ، قيانّ ، قينانّ ، وبالخفيفة : قين ، قن ، قن.

الفاعل : واق (6) ... إلخ.

ص: 284


1- قوله : (كحكم وعد ... إلخ) فكما لا يعل الفاء من المثال الواوي في الماضي لا يعل فاء اللفيف المفروق في الماضي أيضا ، وكما يعل الفاء بالحذف في المضارع من المثال الواوي إذا كان مكسور العين ؛ لوقوعها بين ياء وكسرة يعل الفاء بالحذف أيضا في المضارع من اللفيف المفروق إذا كان مكسور العين - لوقوعها بين ياء وكسرة ؛ لأن اللفيف المفروق مثال باعتبار الفاء ، كما يكون ناقصا باعتبار اللام ، ولهذا قال المصنف : وحكم لامها ... إلخ. اه ابن سليمان رحمه الله.
2- لأن اللفيف المفروق مثال باعتبار الفاء ، وناقص باعتبار اللام فيعامل معه ما يعامل بهما. اه
3- قوله : (كحكم رمى يرمي) أي : كما يعل حرف العلّة بقلبها ألفا في الماضي من النّاقص إذا كان مفتوح العين ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها يعل حرف العلّة ، بقلبها ألفا في الماضي من اللفيف إذا كان مفتوح العين لذلك ، وكما يسكن الياء في المضارع من النّاقص إذا كان مكسور العين ؛ لثقل الضمة على الياء ، كذلك يسكن في المضارع من اللفيف لثقل الضمة عليها. اه فلاح شرح المراح.
4- من التثنية والجمع ومن الأمر والنهي واسم الفاعل والمفعول والمكان والزمان والآلة. اه ف.
5- قوله : (ق) يعني الأمر من وقى يقي يجيء على حرف واحد للمفرد المذكر ، وذلك لأنك قد عرفت أن اللفيف المفروق كالمثال فاء ، وكالنّاقص لا ما فحذفت الواو في توقي كما حذفت في توعد فبقي تقي ، ثم حذفت حرف المضارعة للأمر فحذفت الياء أيضا علامة للجزم ، كما تحذف من ارم علامة له ، فلا جرم يبقى على حرف واحد وهو القاف المكسورة ، ولذلك يجب إلحاق هاء السكت في آخره عند الوقف ؛ لئلا يكون الابتداء والوقف على حرف واحد وقس عليه قيافوا ... إلخ. اه فلاح شرح مراح.
6- أصله واقي فاعل كإعلال رامي. اه ف. من أنه استثقلت الضمة على الياء فأسكنت تخفيفا فالتقى ساكنان التنوين والياء فحذف الياء لالتقاء الساكنين فصار واق. اه أي : موقيان موقيون موقية موقيتان موقيات مواقي. اه ف.

والمفعول : موقيّ (1) ... إلخ.

والموضع : موقى (2) ... إلخ.

والآلة : ميقى (3).

والمجهول : وقي يوقي.

والمقرون (4) : نحو : طوى يطوي (5) ... إلخ ، وحكمهما كحكم الناقص ، ولا يعلّ عينهما لما مرّ في باب الأجوف (6).

ص: 285


1- بكسر القاف وتشديد الياء أصله موقوي فاجتمع الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء ، فأدغمت للتجانس ، ثم كسرت القاف لأجل الياء كما في مرميّ. اه ف.
2- قوله : (موقى) بفتح القاف أصله موقي بتنوين الياء فاعل كإعلال مرمى ، وإنما فتحوا العين في الموضع من اللفيف سواء كان عين مضارعه مفتوحا أو مكسورا أو مضموما كما في النّاقص ، ولم يكسروها كما في المثال مع أن اللفيف كالمثال فاء ، كما يكون كالنّاقص لاما لخفة الفتحة بالنسبة إلى الكسرة. اه فلاح شرح المراح.
3- أصله موقي بكسر الميم وتنوين الياء ، فقلبت الواو ياء ؛ لانكسار ما قبلها كما في ميزان ، ثم أعل كإعلال مرمى. اه ف.
4- قوله : (والمقرون) وهو الذي لا يتوسط بين حرفي العلّة حرف صحيح بل هما مقرونان ، ولذلك سمي لفيفا مقرونا ، والقسمة العقلية تقتضي أن يكون هذا النوع أربعة أقسام لما مر في المفروق ، لكن لم يجىء ما يكون عينه ولامه ياء وبقي ثلاثة أقسام ولا يجيء اللفيف المقرون بالاستقراء إلا من علم يعلم نحو قوي يقوى وضرب يضرب. اه أحمد.
5- قوله : (نحو طوى يطوي) لكنهم التزموا فيما يكون الحرفان فيه واوين ، كسر العين فقلبوا فيه الواو الأخيرة ياء دفعا للثقل نحو قوي أصله قوو ، وإنما جاء في هذا يفعل بالكسر حال كون العين واوا ؛ لأن العبرة في هذا الباب باللام ولهذا لا يعل العين. اه شمس الدين.
6- من أنه لا يعل طوى ، أي : عينه بعد إعلال لامه لكونه محل التغيير حتى لا يجتمع فيه إعلالان ، ولقائل أن يقول : لو أعل العين وصحح اللام في طوى لم يجتمع الإعلالان وهو أولى ؛ لأن ثقل الواو أكثر بالنسبة إلى ثقل الياء ، فيقال : طاي يطاي ، يجاب : نعم ، لكنه بأنه يلزم فيه أمران أحدهما رفع لام المضارع وهو مرفوض بالإجماع ، والثّاني أنهم اجتمعوا على أن الإعلال بالأطراف أسبق ؛ لكون الطرف مظنة الخطر والآفة والتغيير فيه أولى ، وأما العين فمحل قوي فكان الوقوع فيها مخلصا من التغيرات باعتبار القوة. اه ح.

الأمر : اطو اطويا اطووا ، اطوي اطويا اطوين.

وتقول بنون التأكيد المشدّدة : اطوينّ اطويانّ اطونّ ، اطونّ اطويانّ اطوينانّ.

وبالخفيفة : اطون ، اطون ، اطوين.

وتقول في الأمر من : «الرّي» : ارو ، ارويا ، ارووا (1) ، اروي ، ارويا ، اروين.

وبنون التأكيد : اروينّ ارويانّ اروونّ ، اروينّ ارويانّ اروينانّ.

وبالخفيفة : اروين ، اروون ، اروين.

وإذا أردت (2) أن تعرف أحكام نون (3) التأكيد في الناقص (4) واللفيف فانظر إلى حروف العلّة ، إن كانت أصلية محذوفة تردّ في الواحد مع التحرّك ؛ لأن حذفها كان للسكون (5) ، وهو انعدم بدخول (6) النون (7) ، وتفتح لخفّة الفتحة ، نحو :

ص: 286


1- ارووا في الأصل ارويوا على زنة اسمعوا فانقلبت الياء ألفا ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها فاجتمع ساكنان أحدهما واو الضمير لجماعة المذكر ، والثّاني اللام وهو الألف المنقلبة من الياء فحذفت الألف فصار ارووا على زنة افعوا. اه شرح.
2- لما فرغ المصنف عن بيان أحكام النّاقص واللفيف إذا اتصل بهما نونان التأكيد من حذف اللام كما في اطون ، وإثباته كما في اطوينّ والتّحريك فيه ، شرع في بيان ضابطة كلية يعرف بها أحوال حروف العلّة الكائنة في آخر النّاقص واللفيف من حذفها تارة وإثباتها أخرى ، وعودها باتصاله نون التأكيد وتحريكها باتصال فقال : إذا أردت. اه مهدية.
3- مشددة كانت أو مخففة من الحذف والإثبات والإعادة ومن الفتح والكسر والضم. اه ف
4- ولم يتعرض إلى بيان أحكام نون التأكيد إذا اتصل في آخر الصحيح أو الأجوف أو المهموز ؛ لعدم حذف حرف يوقف الصّرف فيهن. اه تحرير.
5- أي : ليكون آخر الأمر ساكنا إذ الحرف الأخير عن النّاقص كحركة الحرف الأخير من الصحيح فيكون إسكان النّاقص بحذف الحرف الأخير كما يكون إسكان الصحيح بحذف حركة حرف الأخير. اه ف
6- قوله : (بدخول ... إلخ) دليل لمحذوف وهو قولنا : انعدم ؛ لأن أثر موجب السكون وهو الوقف العرفي إنما ظهر فيه لوقوعه في الآخر وقد زال ذلك بدخول ... إلخ. اه شرح
7- قوله : (بدخول النون) لوجوب تحرك ما قبل النون في الصحيح ؛ لئلا يجتمع ساكنان الحرف الأخير وأولى نوني التأكيد ، فنقول : اضربن بتحريك الباء فكان كأنه ردت الحركة المحذوفة لأجل السكون ، فوجب رد ما حذف لأجل السكون في النّاقص واللفيف أيضا ، ثم لما ردت تلك المحذوفة وجب تحريكها ؛ لئلا يجتمع ساكنان. اه فلاح.

اطوينّ (1) ، واغزونّ ، واروينّ ، كما في (2) : اطويا (3) ، واغزوا ، وارويا.

وإن كانت ضميرا ، فانظر إلى ما قبلها ، إن كان مفتوحا تحرّك لطروّ (4) حركتها وخفّة ما قبلها ، نحو : اروونّ ، واروينّ ، كما في قوله تعالى (5): (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) [البقرة : 237] ، وإن كان غير مفتوح تحذف لعدم الخفّة فيما قبلها (6) ، نحو : اطونّ (7) ،

ص: 287


1- قوله : (اطوين ... إلخ) أورد ثلاث نظائر إيذانا بأن يكون ما قبل المحذوف متحركا بأي حركة مفتوحا كان أو مضموما أو مكسورا ، يرد للمحذوف. اه عبد الأحد.
2- وإنما ترد العلّة في اطويا لانعدام أثر وقف الصّرفي فيه ؛ لأن أثره ظهر في حذف النون التي هو عوضا عن حركة الرفع في المفرد. اه
3- قوله : (كما في اطويا) فإن قلت : ينبغي أن يعاد المحذوف في لا يخشون وارضون وأمثال ذلك فيقال : لا يخشاون وارضاون لأجل نون التأكيد؟. قلت : لأن نون التأكيد إنما يكون كالجزء إذا كان مع الضمير البارز والضمير في هذه الأمثلة بارز وهو الواو بخلاف بيعن وخافن. اه جلال الدين.
4- قوله : (لطروّ ... إلخ) اندفع بهذا ما قيل فعلى هذا تلزم حركة الضمة على قوله : اروونّ بحرف العلّة التي لا تحملها ؛ لثقل الضمة وضعف حرف العلّة ، وما يقال : إن الأصل في ضمير جمع المذكر والواحدة المخاطبة في الأمر السكون ، وعلى هذا يلزم تحركهما تدبر. اه لمحرره رحمه الله.
5- قوله : (ولا تنسوا ... إلخ) أصلها تنسوا بسكون الواو فلما التقى الساكنان الواو واللام حركت الواو بالضمة ؛ لتجانسها إياها وطرو حركتها وخفة ما قبلها. اه حنفية.
6- لأنه ليس بمفتوح مع أن الحركة التي قبلها يدل عليها كضمة الواو في نحو : اطون لجماعة الذكور ، وككسرته في اطون للواحدة ، وكضم الميم في ارمن لجماعة الذكور ، وككسرته في ارمين للواحدة المخاطبة. اه شمس الدين.
7- قوله : (اطونّ واطونّ) اطون كانتا في الأصل اطوون واطوين فحذفت الواو والياء الضميرين اكتفاء بالضمة والكسرة للدلالة عليهما. فإن قيل : الضمير علامة والعلامة لا تحذف سيما عند عدم الأخرى؟. قلنا : الحذف إنما يكون تغيرا والتغيير في أواخر الكلمة أولى ، ولهذا إذا لم يعل آخر الكلمة لم يعل وسطها لتحصنها بتوسطها ، وأما حذف العلامة فإنما لا يجوز إذا لم يكن على حذفها دلالة ما ، وأما إذا دلّ دليل عليها جاز حذفها وهو كذلك. اه حنفية.

واطونّ ، كما في (1) : «اغزوا القوم» و «يا امرأة اغزي (2) القوم».

والفاعل : طاو ، ولا يعلّ (3) واوه في : «طوى».

وتقول من (4) : «الرّيّ» : ريّان (5) ريّانان رواء ، ريّا ريّيان رواء أيضا ، ولا تجعل (6) واوهما ياء كما في : «سياط» (7) حتى لا يجتمع الإعلالان (8) : قلب الواو

ص: 288


1- قوله : (كما في ... إلخ) يعني يحذف حرف العلّة التي هي الضمير بدخول نون التأكيد لالتقاء الساكنين ، كما يحذف عند الاتصال إلى ساكن آخر غير نون التأكيد ؛ لالتقاء الساكنين ، لكن في اللفظ لا في الكتابة ، والفرق ما مر من أن نون التأكيد في حكم داخل الكلمة فيكون الكلمة معها مبنية كالمركب ، بخلاف المفعول فإنه فضلة في الكلام. اه أحمد.
2- لكن المثال الأول نظير اطون بضم ، والثّاني نظير اطون بكسر الواو. اه ف.
3- قوله : (ولا يعل ... إلخ) جواب عما يقال : ينبغي أن يعل واو طاو ؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فإن الألف لكونها ساكنا وضعيا كالميت ليست بحاجز حصين ، كما أعل واو قائل أصله قاول بما أصله أن عدم تعليله لأجل عدمه في طوى ، فإن الاسم في التعليل فرع لتعليل الفعل ، وإنه إعلاله قائل فلإعلاله قال تدبر. اه تحرير.
4- قوله : (وتقول ... إلخ) أي : في الصفة المشبهة ، وإنما قلنا في الصفة المشبهة ولم يقل في اسم الفاعل ؛ لأن الري من أفعال الطبيعة فلم يجيء منه إلا الصفة المشبهة التي ليست على زنة فعله ، ولذلك أفرده بالذكر ولم يكتفي بذكر الفاعل من طوى. اه ابن كمال باشا رحمه الله.
5- يعني : أن النعت من روى على حد سمع يأتي على فعلان ، والتثنية على فعلانان كما تقول : رجل ريان ، أصله رويان فقلبت الواو ياء فأدغمت ، ورجلان ريانان ... إلخ ، وتأتي في المؤنث فيجيء على فعلى وفعليان تقول : امرأة ريا وامرأتان رييان ، وأما الجمع فيهما على وزن فعال نحو رواء أصله رواو قلبت الهمزة كما في كساء ، ويكون مشتركا بينهما والفرق بالقرينة. اه حنفية.
6- جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : ينبغي أن تقلب واو رواء بالياء ؛ لوجود علّة القلب فيها ، وهي سكون الواو في الواحد ، وفتحها في الجمع بعد الكسرة قبل الألف بما ترى. اه حنفية.
7- الكاف منصوب المحل على أنه صفة مصدر محذوف ، أي : لا يجعل الواو ياء جعل مثل جعل في سياط. اه شرح.
8- قوله : (حتى لا يجتمع إعلالان) اعلم أن اجتماع إعلالين ليست بمستكره مطلقا ؛ لأن الإعلال إمّا إبدال وإما إسكان وإما حذف ، والجمع بين الإسكان والإبدال جائز كقال ، وكذا الجمع بين الإسكان والحذف كمقول ، وكذا جاز الجمع بين الإبدالين كيدعي ، وكذا يجوز الجمع بين الإبدال والحذف نحو ليقل ، وكذا الجمع بين الحذفين كق ، بل الجمع بقيد مخصوص جائز وهو الجمع بين الإبدالين ، أو الحذفين ، أو إبدال ، أو حذف بقيد أن يكون أحدهما في موضع وآخر في موضع آخر على سبيل التعاقب ، كما في ماه أصله موه فقلبت الواو ألفا ثم قلبت الهاء همزة. وإنما لم يجمعوا بين الإعلالين ؛ لأن الإعلال تغيير وتوالي التغيرات في موضعين غير جائز ؛ لأنه يلزم الإجحاف والإضرار بالكلمة ، بخلاف ما إذا كان بينهما حاجز نحو ق فإن مثل هذا جائز ، ألا ترى أن التعليل يستريح بين العلتين إذا كان بينهما فاصل ، ويتضاعف ضعفه إذا توالى ، وبخلاف ما إذا توالى إبدالين وإبدال وحذف في موضع واحد كما في يدعى ، وليقل ؛ لأنه لم يحصل منه تغير إلا بحرف واحد ، فلا يلزم الإجحاف والإسكان وإن كان تغييرا ، لكنه لم يعلم من هذا تغيير يستلزم تخفيفا على ما يستحقه فكان وجوده كعدمه ، فلا يكون الجمع بينه وبين غيره من أقسام الإعلال مستكرها. اه مولوي عبد الحكيم.

التي هي عين الفعل ياء ، وقلب الياء التي هي لام الفعل همزة (1).

وتقول في تثنية المؤنث في حالة النصب والخفض : ريّيين ، مثل : عطشيين ، وإذا أضفته إلى ياء المتكلم قلت : رأيت ريّييّ ، بخمس ياءات (2):

الأولى : منقلبة عن الواو التي هي عين الفعل.

والثانية : لام الفعل.

والثالثة : منقلبة عن ألف التأنيث.

والرابعة : علامة النصب.

والخامسة : ياء المتكلّم.

ص: 289


1- قوله : (همزة) لوقوعها بعد ألف زائدة للتكسير. فإن قلت : قد مر أن الإعلال إنما لا يجوز إذا لم يتوسط بينهما حرف ، أما إذا توسط جاز كما في يقي أصله يوقي فأعل الواو بالحذف والياء بالإسكان ؛ لتوسط القاف بينهما وهاهنا يتوسط ألف التكسير بينهما؟. قلت : الألف واسطة للزوم سكونها ، ولأنها ليست أصلية والواسطة المعتبرة هي الأصليّة. اه فلاح.
2- قوله : (بياء) مشددة مفتوحة أيضا ، ولو قال : إذا أضفته إلى نفسك قلت : كذا ، لكان أخصر. اه شرح.

والمفعول : مطويّ (1).

والموضع (2) : مطوى.

والآلة : مطوى (3).

والمجهول : طوي يطوى ... إلخ.

وحكم لام هذه (4) الأشياء

ص: 290


1- بياء مشددة بعد واو مكسورة أصله مطووي فقلبت الواو الثّانية ياء بناء على قانون اجتماع الواو والياء الأصليتين ، وسبق إحداهما بالسكون فأدغمت الياء في الياء فصار مطوي كما في مهدي أصله مهدوي. اه شرح.
2- أي : ظرف الزمان والمكان من طوى يطوي مطوي بفتح الميم والواو مع سكون الطاء وقلب الياء التي هي لام الكلمة ألفا ؛ لوجود علّة القلب بالألف وهو تحرك الياء ، وانفتاح ما قبلها. اه شرح.
3- قوله : (بكسر الميم) وسكون الطاء مع فتح الواو وقلب الياء وهي لام الكلمة بالألف ؛ لوجود علّة القلب بالألف وهي تحرك الياء وانفتاح ما قبلها ولخلوه عن المانع. اه شرح. قوله مطوي بكسر ميم اه نور محمد مدقق لا هوري.
4- قوله : (هذه الأشياء ... إلخ) الظاهر أن المراد من هذه الأشياء اسم المفعول ، والموضع دلالة ، والماضي المجهول والمضارع المجهول ؛ لأن كلمة هذه للقريب ، لكن قوله الآتي : ونحو طاويان لأنه غير داخل في المشار إليه ، ولو قال : يدله نحو طوى على صيغة المجهول لكان سالما عما ذكر. ولا يستقيم الإشارة إلى مجموع طوى يطوي ؛ لأنه قد بين حكمه فيما سبق ، واللغة لا يستقيم حينئذ قوله : كحكم طوى يطوي بالكسر إلا أن يقرأ كحكم طوى بالكسر ، لكن قوله : في التي اجتمع ، لا يصح حينئذ ، فالحق أن يشار بهذه الأشياء إلى ما أشرنا إليه ، وأن يقرأه كحكم طوى بالفتح في الموضعين فحينئذ صح قوله : للمتابعة. اه إيضاح.

كحكم (1) لام الناقص ، وحكم عينهنّ (2) كحكم عين : «طوى يطوي» في التي اجتمع فيها إعلالان بتقدير إعلالها ، وفي التي لا يجتمع فيه إعلالان ، فقد يكون حكمها أيضا كحكم : «طوى» للمتابعة لطوى ، نحو : طاويان فقط.

* * *

ص: 291


1- قوله : (كحكم ... إلخ) أي : كما أسكنت الياء في رام كذلك أسكنت الواو في طاو ، وكما أبقيت الياء في مرمى على حالها كذلك ألقيت في مطوي ، وكما أبدلت الياء في مرمي بالألف أبدلت مطوي. اه مولوي عبد الحكيم سيالكوني رحمه الله.
2- قوله : (عينهن) أي : عين هذه الأشياء كعين طوى بالفتح ، يطوي بالكسر في التصحيح ، وقوله : في التي اجتمع ... إلخ ، حال عينهن أو صفة لها ، أي : حال كون عينهن في الكلمات التي اجتمع فيها إعلالان بتقدير إعلالها ، أي : إعلال عين تلك الكلمات ، وفي هذا القيد إشارة إلى وجه تصحيح عينين ، وهو لزوم اجتماع الإعلالين على تقدير إعلال العين. اه إيضاح.

ص: 292

فهرس المحتويات

مقدمة التحقيق.................................................................. 5

ترجمة مؤلف المراح................................................................ 7

الباب الأول : في الصحيح...................................................... 23

فصل : في الماضي.............................................................. 55

فصل : في المستقبل............................................................. 93

فصل : في الأمر والنهي....................................................... 107

فصل : في اسم الفاعل........................................................ 131

فصل : اسم المفعول.......................................................... 145

فصل : في اسمي المكان والزمان................................................. 149

فصل : في اسم الآلة.......................................................... 155

الباب الثاني : في المضاعف.................................................... 159

الباب الثالث : في المهموز..................................................... 189

الباب الرابع : في المثال........................................................ 217

الباب الخامس : في الأجوف................................................... 225

الباب السادس : في الناقص................................................... 257

ص: 293

الباب السابع : في اللفيف..................................................... 283

فهرس المحتويات.....................................................292

ص: 294

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.