سرشناسه:حسینی شیرازی، محمد
عنوان و نام پدیدآور: المسایل المتجدده/ لسماحه محمد الحسینی الشیرازی
مشخصات نشر:دار الامام الحسن (ع)، 1406ق. = - 1364.
موضوع:فتواهای شیعه -- قرن 14
موضوع:مسائل مستحدثه
رده بندی کنگره:BP198/5/ح 5م 8 1364
رده بندی دیویی:297/379
شماره کتابشناسی ملی:م 65-1793
ص: 1
الطبعة الثالثة
1439ه .ق 2018م
النجف الأشرف
ص: 2
الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام علی محمّد وآله الطاهرین ولعنة الله علی أعدائهم أجمعین
ص: 3
ص: 4
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام علی محمد وآله الطیبین الطاهرین، ولعنة الله علی أعدائهم أجمعین إلی یوم الدین.
وبعد: فقد قال الله تعالی: «قُلْ هَلْ یَسْتَوِی الَّذینَ یَعْلَمُونَ وَ الَّذینَ لا یَعْلَمُونَ»((1)).
وقال عز وجل : «یَرْفَعِ اللَّهُ الَّذینَ آمَنُوا مِنْکُمْ وَالَّذینَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ»((2)).
وقال أمیر المؤمنین(علیه السلام): العلم أصل کل خیر((3)).
الإسلام دین بنی علی أساس العلم والمعرفة وقد أسس الرسول الأعظم(صلی الله علیه و آله) الحلقات العلمیة منذ بدایة دعوته إلی الإسلام واستمر إلی الیوم الأخیر من حیاته الشریفة.
کما قاد أئمة أهل البیت(علیهم السلام) حرکة علمیة وحضاریة خلال قرنین ونصف تقریباً، اشتملت علی مختلف العلوم، وفتحت علی العالم مختلف الأبواب العلمیة الواسعة الأفق والمترامیة الأبعاد والتی تجلت فی زمن الإمامین الصادقین(علیهما السلام) وخاصة فی الفقه الإسلامی.
ثم واصل فقهاء الإسلام حرکة الفقه بعد عصر الغیبة الکبری وإلی هذا القرن،
ص: 5
وظهر خلالها فقهاء عظماء وعباقرة أبدعوا فی نتاجهم العلمی وبهروا العقول بعطائهم الغزیر کالعلامة الحلی والشهیدین الجلیلین الأول والثانی والشیخ الأعظم الأنصاری والمحقق النائینی وغیرهم (رحمهم الله تعالی).
وممن نبغوا فی هذا المضمار المجدد الشیرازی الثانی فقیه أهل البیت(علیهم السلام) الإمام السید محمد الحسینی الشیرازی (أعلی الله درجاته) فأبدع فی نتاجاته الفقهیة ذات الاستیعاب الشمولی، وکثرة التفریعات، والاستدلال المتین وطرح کل الاحتمالات ومناقشتها ثم الخروج برأی محکم قویم بعد إتیانه بالأدلة الساطعة الرصینة، ویشهد لذلک موسوعته الفقهیة البالغة 160 مجلداً بالإضافة إلی مئات الکتب العلمیة والثقافیة.
ومما برز إلی النور من یراعه المعطاء کتاب (المسائل المتجددة) التی اشتملت علی ألف مسألة فقهیة... .
تناول فیها مختلف المسائل الحدیثة کالصلاة علی القمر او الکواکب الأخری، وأشار فیها إلی الاستنساخ البشری وقد طرح المسائل المختلفة لمجرد احتمال حدوثها وتحققها فی المستقبل، علی خلفیة الحرکة العلمیة الدائبة فی مختلف مختبرات جامعات العالم التی تَخْرُجْ کل یوم باختراج جدید أو إبداع مستحدث لم یسبق له نظیر.
وقد ذکر الحکم الشرعی لمجرد تلک الاحتمالات التی سبقت عصر تحققها بل تعقلها عند البشریة، کمسألة تبدیل رأس إنسان بحیوان أو إنسان آخر، فهل أن صاحب الرأس أو الجسد یرث المیت، وهل تبقی المحرمیة علی صاحب الرأس أو الجسد أو ما شابه ذلک.
وقد اتخذ ذلک البعض مادة للسخریة من شخصیة المؤلف ذی القامة العلمیة الشامخة والعقل المنفتح والمنطلق... .
ص: 6
لکن مرور الزمن أثبت تفوق الإمام المجدد وتقدمه علی زمانه مما کشف عن عبقریته العلمیة وشخصیته الفذة.
لقد ألفه قبل أکثر من نصف قرن وفی ظروف صعبة وطغیان حکومات الجور التی شهرت فی وجهه أسلحة التهم والتسقیط والملاحقة له ولأبناء مدرسته من علماء وخطباء وأساتذة... .
إلا أنه وبفضل الله أولاً وبصلابةٍ منقطعةِ النظیر واجه کل تلک التحدیات وکتب کتبه القیمة لیقول للعالم إن الإسلام ومدرسة أهل البیت(علیهم السلام)، مدرسة رائدة فی العلم، ورافعة لرایة الحضارة والتقدم والإنسانیة.
نسأل الله تبارک وتعالی أن یرفع درجاته بجوار ساداته الکرام محمد وآله الطاهرین صلوات الله علیهم أجمعین.
کما ندعو مختلف طبقات المجتمع وبالأخص العلماء والمثقفین إلی الالتفاف حول أفکاره النهضویة التی دونها فی کتبه التی تجاوزت ألف کتاب وکراس.
والحمد لله أولاً وآخراً.
مؤسسة الشجرة الطیبة
قم المقدسة 1439ق
ص: 7
ص: 8
بسم الله الرّحمن الرّحیم
الحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی محمد وآله الطّیبین الطاهرین.
وبعد: فهذه تعلیقات علی «المسائل المتجددة((1))» الفقهیة، لتوضیح الرأی والدلیل فیها إجمالاً، والله المستعان.
قم المقدسة
محمد الشیرازی
20 / رجب / 1413ه
ص: 9
المسألة 1: لا یبعد أن یکفی (الماطور) الذی ینزح ماء البئر بمقدار ما ینزح الرجال، فیما لو کان اللازم نزح الرجال فی مسألة التراوح، إذا قلنا بوجوب التراوح، وکذلک یکفی إذا قلنا بالاستحباب، فإنه یتحقق به الاستحباب.
* وذلک لأنّ العرف یراه طریقیاً لا موضوعیاً، فکلما کان له ذلک الأثر یکون مثله فی الوجوب أو الاستحباب.
وأما حجیة ما یراه العرف فلأنّ الخطاب موجه إلیهم، ولقوله سبحانه: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ»((1))، ولقوله(علیه السلام): «أمرنا أن نکلّم الناس علی قدر عقولهم»((2)).
فإنّ المرجع لتعیین معانی ألفاظ الموضوعات وحدودها وألفاظ الأحکام وحدودها والتطبیق هو العرف((3)).
المسألة 2: الإدخال بواسطة (البلاستیک) ونحوه، حاله حال الإدخال بدون ذلک، فی باب الغسل وباب المصاهرة وباب الزنا واللواط، کما أنّ السحق بغلاف، حاله حال السحق بدون الغلاف فی جمیع الأحکام المترتبة.
* وذلک للصدق العرفی، نعم إذا کانت الآلة واسعة، بحیث لا یصدق
ص: 10
الإدخال ونحوه لم تترتب الأحکام المذکورة.
مسألة 3: صنع الإنسان الآلی الشبیه بالإنسان فی الجسمیة، لأجل الأمور العلمیة کارتیاد الفضاء، أو تشکیل الجیش، أو ما أشبه ذلک لا یبعد جوازه، حتی إذا قلنا بحرمة المجسمة؛ وذلک لانصراف الأدلة عن مثل ذلک.
* بل لم نستبعد فی (الفقه) أن یکون المنهی عنه هو الصنع لأجل العبادة، ولذا کرهه جماعة من الفقهاء، مثل السیدین: ابن العم((1)) والحکیم (قدس سرهما) فأجازوا صنع هذه المجسمات المتعارفة وبیعها وما أشبه ذلک.
مسألة 4: لو غربت الشمس، ثم طلعت بإعجاز، کما حدث للإمام أمیر المؤمنین(علیه السلام)((2))
أو لتغیر فی حرکة الأرض أو الشمس غیر معتادة، فالظاهر أنّه إن
ص: 11
کان الطلوع بعد وقت قصیر مما یعد بقایا ذلک الیوم، لم یلزم إعادة الصلاة والإمساک، وإن کان بعد وقت طویل لم یبعد وجوب الإعادة؛ لأنّه یوم جدید، کما أنّ الظاهر جواز تأخیر الظهرین إلی الطلوع الثانی إن کان فی وقت قصیر.
* وذلک للصدق والفهم العرفی فی الصورتین، ولذا جاز للإمام أمیر المؤمنین(علیهم السلام) التأخیر، ولم یکن الحکم (جواز التأخیر) من اختصاصاته(علیه السلام) کاختصاصات الرسول’؛ لأنّ ذلک بحاجة إلی الدلیل، کما ثبت حرمة تزویج غیر فاطمة÷ له أیام حیاتها÷، وکذلک فی کل مورد شک أنّ عملهم(علیهم السلام) من باب الولایة أو لا، فالأصل أنّه من باب الحکم، لکونهم(علیهم السلام) حجة قولاً وفعلاً وتقریراً.
المسألة 5: لو عاد اللیل، بأن غربت الشمس بعد طلوعها فی وقت قصیر أو طویل، فالحکم کالمسألة السابقة.
* ففی الوقت القصیر لا حاجة إلی إعادة المغرب والعشاء، وفی الوقت
ص: 12
الطویل تلزم الإعادة لنفس الدلیل الذی ذکرناه فی المسألة السابقة.
المسألة 6: القمر کالأرض فی جواز الانتفاع به، سکنی وأخذاً من ترابه وتحجیراً؛ لإطلاق الأدلة، ومن سبق إلی موضع منه فهو أحق به، وکذا سائر الکواکب، وکذا سائر الفضاء.
* لإطلاق أدلة «من سبق»((1))،
و«عادی الأرض»((2)) وما أشبه، بل إطلاقات «سَخَّرَ لَکُم»((3))،
والانصراف لو قیل به فی الدلیلین الأولین فهو بدوی.
المسألة 7: لو اعترف فی المسجلة، بأن علمنا أنّه صوته، وأنّه تکلم عن جدٍّ ترتب الحکم علیه.
* لإطلاق «إقرار العقلاء»((4))
ونحوه علیه، بل لو علمنا بأنه أقرّ وإن لم یسجل صوته کان الحکم کذلک؛ إذ السماع طریقی وکذلک فیما إذا لم یکن الإقرار عن لسانه له مدخلیة فی الحکم، کالإقرار بالزنا، وإلاّ لم یثبت وإن علم به الحاکم، کل ذلک فیما لو علم بأنه أقرّ اختیاراً، ولو علم العدم أو شکّ فلا حجیة.
المسألة 8: أذان المسجلة وإقامتها لا اعتبار بهما فی سقوط الأذان والإقامة
ص: 13
علی الأحوط.
* إذ الظاهر أذان وإقامة الإنسان بنفسه، لا مثل صوت الصدی أو الطیر أو ما أشبه، ولذا ف (الأحوط) وجوبی، عند من یری وجوب الأذان، بل لا یبعد أن یکون فتوی.
المسألة 9: قراءة المسجلة للقرآن یمکن أن تکون مؤدیة للمستحب الذی هو قراءة القرآن فی الدار مثلاً، نعم تختلف مراتب الاستحباب بین قراءة الإنسان القرآن بصوت نفسه، أو فتحه للمسجلة التی تقرأه بصوت سابق.
* إذ المفهوم عرفاً انتشار هذا الصوت ولو بصدی أو طیر أو ما أشبه، ولا مانع من اختلاف الانصراف فی المسألتین الثامنة والتاسعة.
المسألة 10: تجوز الألعاب (الأولمبیة) بشرط عدم الضرر الکثیر الممنوع منه، وعدم الرهن، نعم تصح الجائزة المتخذة من شخص ثالث.
* وذلک لحرمة الضرر وحرمة (السبق) فی غیر المستثنیات مما ذکر فی کتاب السبق والرمایة((1))،
أما الجائزة فهی داخلة فی إطلاقات أدلة الهبة ونحوها.
المسألة 11: یصح البیع والشراء والنکاح والطلاق وسائر العقود والإیقاعات
ص: 14
خطاباً بالهاتف، إذا کان مجتمعاً لسائر الشروط.
* وعلی هذا فیصح الطلاق فیما إذا کان أحد الشاهدین فی النجف الأشرف، والآخر فی کربلاء المقدسة، ومجری الصیغة فی الکاظمیة المشرفة، وکان بینهم الهاتف المثلث، وذلک لإطلاق الأدلة بعد کون الانصراف بدویاً.
والمجلس فی خیار المجلس فی البیع ما دام التلفون بینهما متصلاً، فإذا انقطع انقطع المجلس، وذلک لأنّ فی الحدیث: «البیعان بالخیار ما لم یفترقا»((1))، ولم یحصل الافتراق عرفاً ما لم ینقطع الخط، واجتماع وافتراق کل شیء بحسبه.
المسألة 12: إذا أخذت الصورة لشرب الخمر أو القمار أو الزنا أو اللواط أو السحق أو القتل أو ما أشبه ذلک بآلة نقطع من ذلک بالأمر بعد العلم بعدم التزویر لا یبعد ترتیب بعض الآثار، وإن کان فی بعضها تأمل قوی.
* أما ترتیب بعض الآثار فللعلم، وهو یکفی فی ترتیب بعضها، وأما التأمل فی بعضها، بل عدم ترتبها؛ فلأن الزنا واللواط بحاجة إلی شهود أربعة أو اعتراف کذلک، وعلم الحاکم لا یکفی، ولذا لم یرتب النبی(صلی الله علیه و آله) والوصی(علیه السلام) أثر الزنا بعلمهم ولا بالاعتراف حتی ثلاث مرات، مع وضوح أنه یوجب العلم عادة، ولذا نری أن العلم فیها لا ینفع، وإنما ینفع فی سائر الموارد علی قول من یری حجیة علم القاضی، ولو شک فی ذلک فلا یحد؛ لأنّ «الحدود تُدرأ بالشبهات»((2)).
ص: 15
المسألة 13: المصلی فی القمر فی حال کون الأرض عموداً فوق الرأس أو تحت القدم یصلی باتجاه الأرض، وإذا لم یکن له وقت حتی یواجه الأرض، یصلی إلی أیة جهة شاء، والظاهر أنه لا یجب علیه الصلاة إلی أربع جوانب.
* وذلک لأنّه لا دلیل علی أکثر من الصلاة الواحدة، بل ذهب جمع من الفقهاء((1))
إلی کفایة الصلاة الواحدة دون الأربع فی المشتبه، وإنما قال المشهور بالأربع حتی یعلم باتجاه أحدها إلی القبلة، وأما هنا فاحتمال وجوب الصلاة إلی الأربع للعلم باتجاه أحدها إلی القبلة سالبة بانتفاء الموضوع، وأما وجوب الاتجاه إلی الأرض فی صورة الإمکان فلأنّه داخل فی قوله تعالی: «فَوَلِّ وَجْهَکَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ»((2)).
المسألة 14: إذا قلع الرحم لم یسقط حکم العدة، فإذا وطئت بالحلال وجب علیها أخذ العدة فیما إذا طلقت ونحوه، إذ اختلاط المیاه حکمة ولیس بعلة.
* وقلنا بوجوب العدة لإطلاق الأدلة، ولذا تجب وإن لم ینزل، فیما إذا دخل بها أو وطأ من خلف، حیث لا ربط بالمیاه، إذ لا یکون الحمل من الخلف.
المسألة 15: إذا تولّد من الإنسان شیء حیّ لا یسمی إنساناً، لم یبعد أن لا یحکم بحکم الإنسان، وإذا تولّد من غیر الإنسان حی یسمی إنساناً کان محکوماً
ص: 16
بحکم الإنسان.
* وذلک لأنّ الحکم تابع للموضوع، ثم هل یجوز ترکیب الجینات حتی یکون الوالد إنساناً حیواناً، کما فعله الغرب؟ فیه نظر؛ لأنّه من تغییر خلق الله، ولو حصل فإن کان له عقل الإنسان کان محکوماً به، وإلا فلا حکم علیه، کما أنّه إذا لم یسم إنساناً لم یجز زواجه والزواج به، ولا یرث إلی غیر ذلک من الأحکام.
المسألة 16: یجوز ترفیع سلالة الحیوانات المختلفة بمختلف الوسائل الممکنة، أما ترفیع سلالة الإنسان فلا یجوز إلا بالوسائل الجائزة، فلا یجور تزریق منی رجل قوی فی رحم امرأة لیست له زوجة، کما لا یجوز تزریق منی المرأة القویة فی المرأة الضعیفة لتقویة النسل.
* لوضوح أنه لا یجوز ذلک إلاّ بالنکاح بأقسامه، والتی منها الملک والتحلیل، ولذا نری أنّه لا یجوز الجمع بین منی رجل وامرأة أجنبیین فی أنبوب الاختبار، وإذا فعل ذلک کان محکوماً بحکم ولد الزنا فی مثل عدم الإرث أو ولد الشبهة، کل فی مورده.
المسألة 17: یجوز منع المریض من الزواج إذا کان موجباً للعدوی إلی زوجته، أو زوجها أو أولادها، فیما إذا کان المرض ضرراً شدیداً یمنع الشارع عنه، فإنه «لا ضرر ولا ضرار فی الإسلام»((1)).
نعم، إذا کان الزواج لا یوجب العدوی، أو کان المقصود من الزواج مجرد المحرمیة وما أشبه، أو کان المرض طفیفاً یجوز تحمله شرعاً فلا یجوز المنع.
ص: 17
* کل ذلک لإطلاق الأدلة، ثم لو حرم الزواج الملامسی، وکان ترک إفراغ المنی له أو لها من العسر والحرج، فهل یجوز الإفراغ بوسائل أخری کالید المجسمة والتنویم لرفع العسر، احتمالات.
نعم، إذا أمکن الإفراغ بسبب الزوج أو الزوجة بدون ضرر العدوی کان مقدماً قطعاً؛ لأنه جائز فی نفسه، فلا تصل النوبة إلی الأدلة الثانویة.
المسألة 18: یجوز صب، الأحکام الإسلامیة فی قوالب القوانین المدنیة الحدیثة، علی شرط عدم تغییر الأحکام بالزیادة والنقیصة.
* لأنّ المهم الحکم، أما القالب فلا اعتبار به إلاّ ما خرج بالدلیل، ومن الواضح أنّه یلزم أن یکون الصبُّ بحیث لا یوجب تقیید إطلاق الحکم أو إطلاق مقیّده، بل اللازم التساوی بینهما، لا الثلاثة الأخر من التباین، ومن وجه، والمطلق.
المسألة 19: یجوز تصویر الأموات بالأشعة، عند حضورهم فی (أکتوبلازم) إذا قلنا بأنّ التصویر والتحضیر جائزان.
* والظاهر جوازهما؛ لإطلاق (کل شیء لک حلال)((1))، فیما إذا لم یکن هناک محذور خارجی.
إن قلت: إن التصویر والتحضیر تصرّف فی الغیر من دون إذنه؟
قلت: دلیل التصرف لا یشمل مثل ذلک عرفاً، کما أنّ الظاهر جواز تصویر
ص: 18
الأموات فی اللحد من الخارج بواسطة الأشعة، إذا لم یکن هتکاً للمؤمن، أما تصویر الأئمة(علیهم السلام) فلا یجوز؛ لأنه هتک عرفاً وکذلک بالنسبة إلی أولادهم وإخوانهم أمثال علی الأکبر والعباس(علیهما السلام).
المسألة 20: المعلبات المستوردة من غیر بلاد الإسلام یجوز أکلها، إلا إذا کان لحماً أو شحماً أو شیئاً من الحرام، أما المستوردة من بلاد الإسلام فأکلها جائز، إلاّ إذا علم حرمتها.
* لإطلاق الدلیل فی المستثنی والمستثنی منه، والمشهور بین الفقهاء عدم لزوم الفحص فی الشبهات الموضوعیة((1))،
وإن ذکرنا فی محله أنّ الفحص فی الموضوعات لازم((2))
إلاّ ما خرج بالدلیل کالفحص فی النصاب والاستطاعة للحج وغیرهما مما ذکرها الفقهاء. نعم، فی باب الطهارة والنجاسة والحلیة والحرمة لا یلزم الفحص للأدلة الخاصة، وقد ذکرنا فی بعض الکتب الفقهیة میزان کون البلد إسلامیاً أو غیره((3)).
المسألة 21: تجوز الألعاب السویدیة، وهی ریاضة الإنسان بدون آلة، لکن بشرط أن لا یکون فیها مراهنة، نعم تصح المنحة من شخص ثالث.
* وذلک لأنّ السبق (أی مال المراهنة)حرام فی غیر الموارد التی ذکرت فی
ص: 19
کتاب السبق والرمایة((1)).
المسألة 22: إذا کان شخص علی سطح القمر، فالظاهر أنّ أول الشهر بالنسبة إلیه هو أول الشهر بالنسبة إلی أهل الأرض فی مکة المکرمة، فی صورة اختلاف أول الشهر، بأن کان أول شهر مکة المکرمة مثلاً یوم الجمعة وأول شهر العراق یوم السبت، ویحتمل أن تکون حرکة الأرض معیاراً فی أول شهر القمر.
* أما الظهور فلأنّ الأحکام نزلت علی المتعارف؛ إذ هو لسان القوم، کما ذکروا فی أشبار الکر، والفراسخ، والمدّ والصاع والرطل وما أشبه، ومکة والمدینة محل نزول الوحی المنصرف من الدلیل عند الاختلاف فی الآفاق. أما الاحتمال فلأنّ الأرض من القمر کالقمر من الأرض، فکما أنّ القمر معیار الأرض فالأرض معیار القمر، فتأمّل، والأقرب إلی الدلیل هو الأول علی تأمل.
المسألة 23: الظاهر أن السفر إلی القمر أو إلی کوکب آخر جائز، وإن استلزم فقدان الصلاة التی یصلیها المسافر لبعض الشرائط والأجزاء، فإنّ الصلاة تؤتی بالحالة التی یتمکن الإنسان منها.
* وجه الجواز إطلاق الأدلة، ویشبه ذلک السفر فی الأرض حیث یستلزم السفر فقد الصلاة لبعض الشرائط والأجزاء، کما فی الصلاة فی السفینة وغیرها، حیث لا یستقر المصلی فیها ولا یحصل الطمأنینة عادةً، والدلیل علی جواز ذلک قوله(علیه السلام):
ص: 20
«أما ترضی أن تصلی بصلاة نوح(علیه السلام)»((1)) بالإضافة إلی السیرة المستمرة.
المسألة 24: الأحکام الشرعیة لا تختلف، سواء کان الإنسان فی الأرض أم فی القمر أم فی سائر الکواکب، إلاّ الأحکام التی تختلف باختلاف موضوعاتها، مثلاً إذا فرضنا أنّ الشخص فی الأرض یحتلم بین الثانیة عشرة والخامسة عشرة، وفی القمر یحتلم بین العاشرة والثانیة عشرة کان لکل مکان حکم موضوعه.
* أما عدم اختلاف الأحکام فلعدم الدلیل علی الفرق، ولا یری العرف خصوصیة فی الأرض، ویؤیده ما ورد عنهم(علیه السلام): «بأنا حجج الله علی جمیع العوالم»((2)).
نعم، لو اختلف الموضوع فلکل مکان حکم موضوعه؛ لأنّ الأحکام مترتبة علی الموضوعات، فکلما تحقق الموضوع تحقق الحکم، إلا إذا کان خارجاً عن المتعارف، کما إذا فرض احتلام الأطفال الصغار فی الکواکب الأُخر، فإنّه لا یحکم ببلوغهم، وکذلک بالنسبة إلی الحیض ونحوه؛ وذلک للفهم العرفی وانصراف الأدلة عن مثله.
المسألة 25: هل یجوز للإنسان أن یبیع بعض أعضاءه فی حال حیاته، أو بعد موته، لنفع إنسان آخر، أو لمنفعة أخری، کما إذا باع عینه، حتی توضع عوض عین عمیاء؟ لا إشکال فی ذلک إذا کان البائع کافراً حربیاً، أما إذا کان مسلماً
ص: 21
فبعض العلماء أجاز ذلک بالنسبة إلی بیعه بعد الموت، أما فی حال الحیاة فالظاهر عدم جواز ذلک، إلا إذا لم یکن ضررٌ للبائع، أو کان فی البیع أهمیة عظمی بالنسبة إلی المشتری مما یکون أهم شرعاً.
* عدم الإشکال فی الکافر الحربی؛ لعدم حرمته، بل یجوز للذمی أیضاً إذا شمله قانون الإلزام((1))،
وکذا بالنسبة إلی المخالف لو جاز فی مذهبه.
وأما عدم جواز ذلک للمسلم لأنه لا یجوز للإنسان أن ینقص نفسه أو یذهب قوة من قواه، لدلیل (لا ضرر) وغیره، إلا إذا کان أهم، کما إذا لم یجعل للمریض کلیة مات، وهذا له کلیتان، حیث یعیش بکلیة واحدة، فإنّ الأمر دائر بین موت إنسان ونقص إنسان بعض أعضائه والثانی أولی شرعاً.
لا یقال: لو توقف إنقاذ حیاة إنسان علی إعطاء کلیة له فیجب ذلک کما یجب إنقاذ الغریق مثلاً.
لأنه یقال: لا یعد ذلک من موارد وجوب الإنقاذ عُرفاً. وقد ذکرنا أنّ الفهم العرفی هو المحکّم فی الموضوعات وفی تطبیق الأحکام؛ لأنّ الخطاب موجه إلیهم، ویشمله أیضاً تسلط الإنسان علی نفسه، حیث القاعدة: «الناس مسلطون علی أموالهم وأنفسهم»((2)) المستفاد «أنفسهم» من قوله سبحانه: «النَّبِیُّ أَوْلَی»((3)) وغیره، أما البیع بعد الموت فأولی، وإشکال التشریح مدفوع بقاعدة الأهم والمهم.
ص: 22
المسألة 26: بیع غیر الأعضاء، کشحم الأمعاء المستغنی عنه((1))،
أو ما أشبه ذلک، الظاهر جوازه فی حال الحیاة، أما بعد الموت فالکلام فیه کالمسألة السابقة.
* ویعرف ذلک بالأولویة من المسألة السابقة.
المسألة 27: لا یمکن الاعتماد شرعاً علی الأخبار التی تأتی بها الأرواح بواسطة التنویم أو التحضیر أو نحو ذلک، اللهم إلاّ إذا حصل القطع فی غیر ما یحتاج إلی خصوصیة خاصة شرعاً.
* عدم الاعتبار لعدم جعل حجیتها لا شرعاً ولا عقلاً. نعم إذا أوجب القطع فهو حجة، إذ حجیة القطع ذاتیة، إلا ما دلّ الدلیل علی لزوم کیفیة خاصة، من ترتب الحکم علی موضوع خاص لا علی القطع، مثل احتیاج الزنا إلی أربعة شهود أو إقرارات کما تقدم إضافة إلی کون شهادة المیت کشهادة الحیّ فی القبول محلّ تأمّل لانصراف الأدلة خصوصاً فی الحدود، حیث تدرأ بالشبهات((2)).
المسألة 28: الکلب الذی یستخدم لکشف المجرم لا یصح الاعتماد علیه، إلا إذا حصل القطع فی ما لا یحتاج إلی خصوصیة.
* الکلام فیه هو الکلام فی المسألة السابقة.
المسألة 29: یصح تعلیم الحیوانات وتدریبها علی بعض الأمور، إلا إذا کان
ص: 23
حراماً شرعاً، کتعلیمها السرقة والقتل وما أشبه مما یکون داخلاً فی الإفساد، فإنه مشمول لقوله سبحانه : «وَیُهْلِکَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ»((1))،
إلا إذا جاز شرعاً، کتعلیمها قتل الکافر الحربی.
* وجه المستثنی منه والمستثنی واضح، أما المستثنی منه فللإطلاقات، کقوله(علیه السلام): «کل شیء لک حلال...»((2))،
ولا یکون من تغییر خلق الله تعالی کما هو واضح.
وأما المستثنی فلقوله: «وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَی الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ»((3))،
ولأن العرف لا یری الفرق بین السبب والمباشر، ومما یتفرع علیه: أنه لو علّم کلباَ علی قتل إنسان فالسبب هو القاتل، وهل یکون القصاص؟ الظاهر ذلک.
وکذا یجوز تعلیمه القصاص أو إجراء الحدّ کأن یضرب بالسوط، کما أنه یجوز ذلک بالنسبة إلی آلة کالإنسان الآلی، لأن العرف یرون أن الحدّ والقصاص إجراؤهما هو المعیار من غیر فرق بین الطرف، فیشمله الإطلاقات.
المسألة 30: لا تجوز مصادرة الحریات، سواء حریة التجارة أم الزراعة، أم الصناعة أم السفر، أم العمارة أم الإقامة، أم غیرها والمراد: الحریات التی منحها الشارع للإنسان وهی کل تصرف باستثناء المحرم أما مصادرة الحریات الشعائریة، کالمنع عن الحج والزیارة وشبههما فهی أغلظ تحریماً.
* وذلک لأن المستفادة من الأدلة الأربعة: إن الأصل فی الإسلام الحریة فی کل شیء إلا ما خرج، قال سبحانه: «وَیَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِی کَانَتْ
ص: 24
عَلَیْهِمْ»((1))،
ولأن الناس مسلطون علی أموالهم وأنفسهم((2)).
وفی الشعائر أغلظ، لأنه من مشاقة الرسول(صلی الله علیه و آله) واتباع غیر سبیل المؤمنین، کما فی الآیة المبارکة((3))،
مضافاً إلی بعض المحذورات الاُخر الجانبیة، ولذا جاز للإنسان خرق القوانین المنافیة للحریة الإسلامیة، کقوانین الجمرک والإقامة والجواز وغیرها، لأن القانون حینئذٍ لا احترام له.
ولا فرق فی حرمة مصادرة الحریات بین أن یکون المانع فرداً أو دولة.
المسألة 31: لا یجوز التعذیب لأخذ الاعتراف.
* للنص الخاص والإجماع القطعی ودلیل العقل، ومن المعلوم أنه کلما غلظ التعذیب کمّاً وکیفاً کان أشد حرمةً.
لا یقال: فکیف یؤخذ الاعتراف؟
لأنه یقال: أما بالنسبة إلی حقوق الله تعالی کالزنا واللواط فلا یجوز أخذ الاعتراف إطلاقاً، وأما بالنسبة إلی حقوق الناس کالسرقة، فیلزم أن یکون الحاکم خبیراً حتی یأخذ الاعتراف من دون إکراه المجرم، کما نراه فی قضاء أمیر المؤمنین(علیه السلام) وبعض الأنبیاء(علیهم السلام).
المسألة 32: یشکل قتل من یستحق القتل بغیر الطریقة الشرعیة، فالقتل
ص: 25
بالرصاص أو بالکهرباء أو ما أشبه فیه إشکال.
* نعم قد یقال: بأنّ قتل السیف الوارد فی النص والفتوی کان من باب أنه أسهل أنواعه، فإذا کان شیء أسهل منه، کالقتل بالرصاص فی القلب أو المخ کان أولی؛ لأنّ المعلوم من طریقة الشارع أنه یرحم الناس. قال تعالی: «یُرِیدُ اللّهُ بِکُمُ الْیُسْرَ وَلاَ یُرِیدُ بِکُمُ الْعُسْرَ»((1))،
وقال(صلی الله علیه و آله): «بعثت بالحنیفیة السمحة»((2))، إلاّ إذا کانت جهة موجبة للتشدید، کالجلد والرجم فی موارد نادرة((3)).
ثم لا یبعد أنه یجوز تخدیر من وجب قتله حتی لا یشعر بالألم للملاک السابق.
المسألة 33: لا یجوز الانتحار، قال تعالی: «وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَکُمْ»((4)).
* ویدل علیه الأدلة الأربعة، وهل یجوز إذا کان من باب الأهم والمهم، کما أنه لو کان یعذب بما لا یتحمّل، أو أنه إذا بقی حیاً أخذ منه الاعتراف علی أصدقائه المجاهدین، وشکّل ذلک خطراً علی الإسلام أو المسلمین، أو أنّ المرأة إذا لم تنتحر أُخذت أسیرة واعتدی علیها الأعداء بما لا تتحمّل؟ إذا قُطع بالأهمیة لم یستبعد ذلک، ولو شک فی الحکم أو الموضوع فالأصل هنا عدم الجواز، ومن هذا الباب قتل الزوج أو الأب أو من أشبه، لها أو له، لئلاّ یقع أو تقع فی الأمر السابق، وکذلک بالنسبة إلی إرادتهم انتهاک عصمة الولد، فتأمّل.
ص: 26
المسألة 34: الظاهر أنه لا یجوز للإنسان أن یقتل نفسه، فیما علم بموته بعد زمان، کالمبتلی بالسرطان الذی یعلم بأنه یموت بعد ساعة، وإن کان فی أشد الألم والمرض، إلا إذا کان عسراً شدیداً علم من الشرع أنّ القتل جائز لأجله.
* الکلام فی المستثنی منه والمستثنی کالسابق.
أما المستثنی منه: فلعموم «وَلاَ تُلْقُواْ بِأَیْدِیکُمْ إِلَی التَّهْلُکَةِ»((1)).
وأما المستثنی: فلحکومة أدلة نفی العسر والحرج، إذا کان شدیداً لا یتحمل، ویأتی نفس الکلام فی قطع الإنسان عضو نفسه أو إسقاطه قوة من قواه، کما إذا أجبر علی اللواط أو الزنا، فیقطع موضعه تفادیاً إذا کان من الأهم والمهم، وإذا جاز له قطع عضوه جاز للآخر قطعه له بطلب منه؛ إذ مثله مثل الطبیب الذی یجوز له النظر إلی المرأة أو العورة إذا جاز للمریض ذلک، فإنّ الاضطرار فی المقام یتعدی إلی الآخر وإن لم یکن الآخر مضطراً، إذ هو معنی (لا اضطرار) کما ذکرناه فی بعض کتب (الفقه).
المسألة 35: هل یجوز استکشاف سرائر الناس النفسیة والخارجیة بواسطة الأشعة أو التنویم؟ الظاهر لا، إلا إذا کان هناک جهة مهمة، وهذا بالنسبة إلی غیر المحرّم، أما المحرّم فلا یجوز قطعاً، کما لو نظر إلی عورة الغیر أو إلی الأجنبیة بواسطة الأشعة، ویجوز استکشاف سرائر الکافر الحربی، وفیما إذا کان فی ذلک أهمیة شرعیة.
* وإنما لا یجوز کشف السرائر النفسیة والخارجیة؛ لأنها من التصرف فی الغیر، وینافی (الناس مسلطون)((2))،
أما النظر إلی العورة فدلیله واضح، وهو إطلاق
ص: 27
أدلة حرمة النظر إلی عورة الغیر.
وأما الکافر الحربی فلا احترام له، ولذا جاز کشف سریرته، أما عورته وعورتها، فهو محرّم أیضاً لإطلاق الأدلة، وبعض الروایات المجوزة للنظر إلی عورتهم أقرب إلی الکنایة، لا إلی الحکم، أی أنهم کالحیوان فی عدم الاحترام، لا أنه یجوز النظر إلیها، وکذا فی الکافر الذمی، ولیس المورد من قانون الإلزام.
المسألة 36: إذا قلنا بجواز التحضیر والتنویم یجوز الاستعلام عن الأرواح عن الأمور العلمیة وشبهها، کما لو سئل عن علماء الفیزیاء عن الأشعة التی تصل إلی المجرات الأخر فی ثوان مثلاً وکذلک استعلام أسئلة الامتحانات.
* الظاهر جواز التحضیر والتنویم والاستعلام إلاّ إذا کان ضرراً وذلک لإطلاق أدلة حلیة کل شیء((1))،
کما یجوز للإنسان السؤال عنهم فی مثل السرقات وما أشبه، ولکن لا یجوز ترتیب الأثر إلا بالطرق الشرعیة.
المسألة 37: الظاهر جواز أخذ أصوات الأموات بواسطة التنویم والتحضیر إن قلنا بجوازهما کما یجوز أخذ خطوطهم کما تعارف فی بعض البلاد، حیث ینصب القلم علی السلة المتعلقة بالروح، فیکتب کما لو کان الإنسان حیاً وهکذا..
* وذلک لإطلاق کل شیء لک حلال((2)).
ص: 28
لا یقال: إنه تصرف فی الغیر وهو خلاف (الناس مسلطون)((1)).
لأنه یقال: هو منصرف عن الأرواح. نعم، إذا علم بأذیة الأموات بذلک لم یجز؛ لأنّه داخل فی إطلاق (حرمته میتاً کحرمته وهو حی)((2)) إلی غیر ذلک.
المسألة 38: الموازین العلمیة الموصلة إلی اکتشاف الجرائم، إذا أورثت القطع ولم یکن للشارع وجهة خاصة فی کشف الجریمة، جاز العمل بتلک الموازین.
* قد ذکرنا وجه المستثنی منه والمستثنی فی مسألة سابقة، ویمکن أن یقال بالتفکیک بین مثل استرداد السرقة، فیجوز بسبب العلم، وبین مثل قطع الید فلا یجوز من باب أنّ الحدود تُدرأ بالشبهات.
غیر مشمول له، وذلک للفهم العرفی والأدلة الخاصة، سواء بالنسبة إلی ضرر الإنسان نفسه أم إضرار غیره برضاه.
المسألة 40: الاسبرتو والکولونیا، وکل ما لم یثبت نجاسته محکوم بالطهارة.
* لقاعدة (کل شیء لک طاهر)((1))،
وما قیل: من نجاسته مطلقاً أو بتفصیل لم یثبت لنا بعد السؤال عن أهل الخبرة.
المسألة 41: إذا جعل للإنسان معدة من المطاط، وکان بعضه خارج البطن وحدثت فیها القرقرة، لم یکن ذلک مبطلاً لوضوئه وغسله.
* لانصراف أدلة خروج الریح المبطل عن مثل ذلک، کانصراف أدلة خروج البول أو الغائط المبطل عنه، وکذلک إذا فرض مثل ذلک فی المنی، إلا إذا صار الموضع معتاداً فالأحوط أن یکون مبطلاً.
المسألة 42: القحف المطاطی الذی یوضع للرأس، یمسح علیه مثل الجبیرة، ویغسل فی حالة الغسل جبیرةً.
* لشمول أدلة الجبیرة له، نعم إذا وضع فی بعض الرأس بما یمکن مسح
ص: 30
البعض السالم لم تصل النوبة إلی الجبیرة، وهکذا حال القدم لوحدة الدلیل فیهما، ولا یخفی أن الجبیرة عرفیة، ولا یلزم الدقة الکثیرة، فلا إشکال فیما لو کان الجبیرة أکبر من الجرح قلیلاً، بحیث یتسامح عرفاً.
المسألة 43: یجوز وصل الشعر، سواء کان شعراً اصطناعیاً أو واقعیاً، وسواء کان للرجل أو للمرأة.
* لإطلاق أدلة (کل شیء لک حلال)((1))، وأما ما ورد من (لعن الواصلة والمستوصلة)((2)) فمحمول علی معنی آخر أو الکراهة((3))، وإذا کان الشعر المقطوع للمرأة الأجنبیة، لم یکن به بأس بعد أن کان خرج عن صدق شعرها بالجزّ، فلا یقال: إنه من النظر إلی شعر الأجنبیة؛ ولذا ذکرنا فی بعض المسائل أنه لا یجوز النظر إلی باروکة المرأة الأجنبیة لأنها من زینتها فیصدق علیه «وَلا یُبْدِینَ زِینَتَهُنَّ»((4)) بخلاف النظر إلی شعرها بعد القطع والوصل بشعر رجل أو ما أشبه؛ لأنّ دلیل حرمة النظر إلی شعرها منصرف عن مثل ذلک.
ص: 31
المسألة 44: لو ولد الرجل فرضاً کما أعلنت ذلک بعض الصحف والإذاعات، وکما یشبهه ما ورد فی قضاء علی(علیه السلام)((1))
فالظاهر أنّ التوارث یکون بینهما، إن لم یکن عن سفاح، وهل إنّ الرجل الوالد، أب وأم؟ احتمالان، ولا إشکال فی کون البنت المولودة محرمة علی الأب الوالد.
* والأقرب من الاحتمالین: أنه أم؛ لأنّ رحم الرجل حینئذٍ کرحم المرأة، وبقیة المسألة واضحة، وذلک للصدق العرفی، ومنه یعرف العکس بأن حصل للمرأة ماء الرجل فرضاً.
المسألة 45((2)):
إذا نقل رحم المرأة إلی امرأة أخری، لا إشکال فی أن الولد یکون للزوج والمرأة المنقول إلیها، ولا یحرم وطی الزوجة علی زوجها إذا بدلت رحمها، وأما المرأة التی نقل منها رحمها فلا ترتبط بالأحکام الشرعیة المربوطة بالمرأة المنقول إلیها الرحم.
* لأنّ الرحم صار عضواً للمرأة المنتقل إلیها، وکذا فی کل الأعضاء حتی العضو التناسلی، کما لو فرض زرع ذکر الغیر لرجل، فإنّه لا یحرم علی زوجته، وحتی لو فرض أنّه کان ممسوحاً قبل ذلک؛ وذلک لکون العضو الجدید یعدّ عرفاً من نفس الإنسان، کما یحرم علی زوجة الأول النظر إلیه بعدما صار من أجزاء الثانی.
ولو أُلحق عضو من حیوان نجس العین، أو الکافر بالإنسان المسلم فمحکوم بالطهارة لما تقدّم. نعم، إذا فرض تبدیل رأس الإنسان ففی کونه للمنتقل إلیه أو
ص: 32
عنه إشکال، کما ذکرناه فی بابه.
المسألة 46: إذا اضطرت إلی إجراء عملیة قلع الرحم جاز، أما فی غیر هذه الصورة فالظاهر عدم الجواز.
* الجواز مع الاضطرار مقتضی القاعدة: «ولیس شیء مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إلیه»((1))،
أما بدون الاضطرار فداخل فی إطلاق عدم جواز قطع عضو، أو إزالة عضو أو قوة، حیث (لا ضرر) وغیره، کما سبق الإلماع إلیه، وکذا الحکم فی قطع العضو للرجل، أو إسقاط قوة من قواه.
المسألة 47: لو ولد للإنسان شیء بین البشر وغیره، کما لو کان جسمه جسم البشر، ورأسه رأس البقر، أو بالعکس کما أذاعت الإذاعات فی ولادة کان نصفها سمکاً ونصفها فی طرف الرجلین بشراً فالظاهر أن أحکامه فی نفسه ولغیره تابع للصدق، فإن صدق أنه إنسان جاز زواجه، وکان مکلفاً بالتکالیف وغیرها، وإن لم یصدق أنه إنسان لم یحکم بأحکام الإنسان.
* لأن الحکم تابع لموضوعه، فکلما تحقق الموضوع تحقق الحکم، وإن اختلف العرف فرضاً، أو شک فی الصدق، فالأصل عدم الحرمة بالنسبة إلی ما یحرم علی الإنسان وللإنسان، أما المحرم مطلقاً مثل اللواط؛ إذ یحرم حتی بالحیوان فإنه محرم مطلقاً إنساناً وحیواناً.
ص: 33
المسألة 48: لو کان الولد المذکور مولوداً لغیر الإنسان، کان الحکم کالمسألة السابقة أیضاً.
* لأن الدلیل فیهما واحد، فلا فرق فی الولادة للإنسان أو للحیوان، أو بواسطة الأنبوب، کما إذا مزج منی حیوان وإنسان فی أنبوب فخرج شیء بین الإنسان والحیوان جسماً أو عقلاً، کما إذا ولد حیوان یعقل عقل الإنسان ویتکلم بکلامه. نعم، الأقوی عدم جواز هذا المزج؛ لأنه من تغییر خلق الله.
المسألة 49: لو فرض ترکیب نصف الإنسان بنصف الحیوان فی عملیة جراحیة، کما لو خیط رأس البقر بجسم الإنسان کان الحکم تابعاً للصدق العرفی، وإن شک فی الصدق فالمتبع الأصول العملیة.
* وهل یجوز هذا الترکیب اختیاراً؟ الأقوی عدم الجواز، والحکم تابع لموضوعه، وفی صورة الشک حیث لا دلیل اجتهادی فی المقام فالمرجع الأصول العملیة، کما هو مقتضی القاعدة.
وکذلک لو حدث ذلک بلا عملیة جراحیة، کالمعجزة وغضب الله تعالی مثلاً، کما حدث فی إحدی البلاد بالنسبة إلی مَنْ استهزأ بعزاء الحسین(علیه السلام).
المسألة 50: یجوز للإنسان أن یکبر جسمه أو یصغره بمقدار خارج عن المتعارف، سواء فی الطول والقصر، أم السمنة والهزال. نعم، فیما لو صدق (تغییر خلق الله) لم یجز.
* أما المستثنی منه فلإطلاق (الناس مسلطون)((1))، وأما المستثنی فلقوله تعالی
ص: 34
حکایة عن إبلیس: «وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ»((1))،
ولعله لذلک لا یجوز أن یجعل الرجل نفسه مرأة وبالعکس، أمّا فعل الإمام الحسن(علیه السلام) إعجازاً((2))
فهو لا یقاس علیه، لأن الإعجاز أمر الله، والله «لا یُسْأَلُ عَمَّا یَفْعَلُ»((3))
کما أنه تعالی یمیت بالغرق والحرق وما أشبه، ولا یجوز للإنسان ذلک بالنسبة إلی المجرم.
فحص الطبیب فما دام أمکن الرجل لا یجوز الطبیبة، وهکذا فی اللمس والنظر.
المسألة 52: الظاهر جواز إجراء العملیة الجراحیة لقطع الید الزائدة وما أشبه، وإن کان لا یجوز ذلک بالنسبة إلی الید الأصلیة.
* لا یجوز بالنسبة إلی الأصلیة لأنه من الضرر، الذی لا یجوز للإنسان ارتکابه، سواء کان إسقاط قوّة، أم إسقاط عضو، أما فی الید الزائدة فلیس ذلک من إسقاط العضو، فیشمله دلیل الحلیة، وکذلک بالنسبة إلی بقیة الأعضاء کالرجل والأصابع، أما الرأس بحیث کان له رأسان فإن کان عرفاً إنسانین فلا یجوز قطعاً، ولو کان إنساناً واحداً فاحتمالان.
المسألة 53: یجوز قراءة المجلات والجرائد المتعارفة فی هذا الزمان، بشرط أن یکون القارئ واثقاً بعدم تأثیر باطلها فی ذهنه، فیما إذا کان الباطل مما نهی الإسلام عن الاعتقاد به أو عن قراءته.
* وذلک للإطلاقات فی المستثنی والمستثنی منه، ومثل المجلات والجرائد: الکتب والنشرات وما تبثه الإذاعات والتلفزیونات، والأشرطة والفیدیوات وما أشبه؛ لوحدة الملاک والدلیل، هذا فی غیر المحرم منها کصور النساء والغناء وما أشبه.
المسألة 54: تصح الصلاة فی الطائرة فی الهواء، والغواصة تحت الماء، والقطار فی الصحراء وما أشبه، إذا تمکن من الإتیان بجمیع الشرائط والآداب، وإلا فالصحة خاصة بصورة الاضطرار.
* الحکم فی المستثنی والمستثنی منه حسب القواعد. نعم، یجوز للإنسان رکوب الوسائل المذکورة وإن علم ابتلائه حال الصلاة بذلک، کما ذکروه فی
ص: 36
کتاب الحج.
المسألة 55: لا یشترط فی حلیة السمک موته خارج البحر، بل یحل إذا مات خارج الماء ولو فی الغواصة السابحة فی أعماق البحار.
* وذلک لأن دلیل الحل یشمله؛ إذ المراد نصاً((1))
وفتوی عدم الموت داخل الماء((2)).
لکن هل یحل إذا مات فی مائع آخر کاللبن والاسبرتو وما أشبه؟ الأحوط الترک، وإن کان یحتمل الحل، لأنه (لیس فیه حیاته)((3)) المعلل فی الأخبار، ولو مات ونصفه فقط خارج الماء الاحتیاط حرمة الجمیع؛ إذ المنصرف من الأدلة کونه بجمیعه خارج الماء، من غیر فرق بین أن یکون الرأس فی الماء أو العقب فیه، اللهم إلا أن یقال: لو أخرج رأس السمک من الماء فقط یصدق عرفاً أنه مات خارج الماء.
المسألة 56: استعمال المکیاج الذی یوجب التجمیل أو التقبیح أو تغییر الإنسان حتی لا یعرف فی نفسه جائز، إلا إذا کان هناک وجه للحرمة، کما لو کان داخلاً فی مصداق «فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ»((4)).
ص: 37
* وذلک لإطلاق الأدلة فی غیر المستثنی. نعم، إلحاق شیء عرضی بالوجه أو الید مثلاً بحیث یتصور أنه منه لا یضر؛ لأنه لیس من تغییر الخلق المحرم. نعم، لو کان تدلیساً لا یجوز.
المسألة 57: یجوز استعمال الدواء الموجب لتطویل الحیض أو تقصیره، أو إیجاده أو قطعه.
* لإطلاق الدلیل، ولا یکون من تغییر خلق الله المحرّم، فکلما تحقق الموضوع تحقق الحکم. نعم، التطویل الأکثر من عشرة أو أقل من ثلاثة لیس منه، ویؤیده فی قطع الحیض ما ورد عنه(علیه السلام) فی أخت ابن یقطین فی باب الحج((1))، ومثل الحیض الکلام فی الاستحاضة أو فی المنی بالنسبة إلی تقلیله أو تکثیره مثلاً .
المسألة 58: یجوز النظر بواسطة الأشعة فی القبور لمشاهدة الأموات، أو لمشاهدة أرواح الأموات، کما ذکروا فی مادة (اسبرتزم) إلا إذا کان هناک وجه
ص: 38
تحریم خارجی، کالنظر إلی المرأة الأجنبیة، أو ما أوجب هتک المیت المسلم أو نحو ذلک.
* المستثنی منه لإطلاق الدلیل الدال علی الحلیة، والمستثنی لحصول العناوین الخاصة المحرّمة، ومنه النظر إلی الأنبیاء والأئمة(علیهم السلام) ومن إلیهم فی قبورهم لعدم استبعاد أن یکون ذلک هتکاً عرفیاً.
المسألة 59: الظاهر أن النظر إلی روح المیت المتجسد کالنظر إلی جسمه فی حرمة نظر الشخص إلی رجل أو امرأة یحرم علیه.
* لإطلاق الدلیل، فإن قالب المثال هو نفس ذلک الإنسان، فتأمل، وکذلک الکلام فی العورة.
المسألة 60: لا یجوز إیجاد السکر فی النفس ولو بواسطة التزریق أو الأشعة.
* وذلک لعموم «کل مسکر حرام»((1)) ، وکذلک المستفاد من مثل «لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُکَارَی»((2))،
و«ما أسکر کثیره»((3))،
والإطلاقات، والمناط، والعلة فی حرمة السکر یشمل ذلک.
المسألة 61: لا یجوز تسلیط الأشعة المؤذیة إلی إنسان محترم، فإنه عدوان یحرمه الإسلام، وکذا إذا کان التسلیط تصرفاً فیه وإن لم یکن مؤذیاً.
ص: 39
* لإطلاق دلیل حرمة الأذی، ولأنّ (الناس مسلطون علی أنفسهم)((1))
وإذا کان ضاراً یشمله دلیل (لا ضرر)((2)) أیضاً.
والمراد بالإنسان المحترم أعم من المسلم، فلا یجوز إیذاء الذمی لقوله(صلی الله علیه و آله): «من آذی ذمیاً فقد آذانی»((3))
ولا الکافر المحاید، بل مطلق الکفار إلا ما خرج لأصالة الحرمة، ولقوله(علیه السلام): «إما أخ لک فی الدین أو نظیر لک فی الخلق»((4)).
ولا یجوز إیذاء الحیوان أیضاً، إلا لأمر أهم کالاختبارات الطبیة مثلاً .
المسألة 62: لو تحول الرجل إلی امرأة أو تحولت المرأة رجلاً، فقد یکون ذلک تحولاً حقیقة، کما اتفق فی قصة إعجاز الإمام الحسن(علیه السلام)((5)) ولا إشکال فی آن أحکام المحول إلیه یترتب علیه، وقد یکون التحویل صورة، کما إذا
ص: 40
أجری من هو فی صورة امرأة عملیة فظهر ذکره کما اتفق فی زماننا فالحکم یبقی علی حاله السابق، وإذا کان أجری أحکاماً مخالفة علی نفسه سابقاً لزم علیه أن یرتب من الآن أحکام واقعه علی نفسه، مثلاً إذا کان قد أخذ نصیب المرأة فی الإرث، ثم ظهر أنه ذکر کان له الحق فی أن یأخذ نصیب الذکر، وهکذا العکس، ولو کان زوجة ظهر بطلان نکاحه.
* أما الأول: فلأنه تحوّل حقیقی، وظاهر روایة الإمام الحسن(علیه السلام) حیث لم ینهه عن مباشرة زوجته إنهما یبقیان زوجین، وإن کان فی الظهور خفاء.
وأما الثانی وهو التحول صورة فلأنه کشف عن الجهل، والأحکام تابعة للواقع لا للخیال. نعم، یشمله: «لا تعاد الصلاة إلا من خمس»((1))،
ولو لم یصل بزعم الحیض أعادها، ولو لیط به بزعم الرجولة فظهرت الأنوثة ترتب حد الزنا لا حد اللواط، وحل أخذ بنتها وأمها وأختها إلی غیر ذلک من الأحکام.
المسألة 63: تجب السجدة باستماع آیة السجدة من الهاتف والمذیاع والمسجلة وغیرها.
* للصدق العرفی، والانصراف بدوی، فإنه یصدق: «وَإِذَا قُرِئَ عَلَیْهِمُ الْقُرْآنُ لا یَسْجُدُونَ»((2))،
کما یصدق: «وَأَنصِتُواْ»((3)) وما أشبه ذلک، مثل ما أنه لو فتحت المسجلة کان للقارئ ثواب التلاوة، ولو من باب ملاک «من سنّ سنّة حسنة»((4))، کما أن عکسه کذلک فی الکفر والسب ونحوهما، ولا تخفی أن مراتب الثواب
ص: 41
والعقاب تختلف کما أشرنا إلیه سابقاً. نعم، لو استأجره لقراءة القرآن، فیجب علیه أن یقرأ بنفسه، ولا تکفی المسجّلة للانصراف؛ ولکونه خلاف مرتکز المستأجر.
المسألة 64: یجوز للرجال لبس الحریر الاصطناعی؛ لأنه لیس بحریر، کما یجوز لهم لبس الذهب الاصطناعی، أما (البلاتین) فإنه یجوز لبسه للرجال؛ لأنه لیس بذهب أصلاً، والذهب الطبیعی الذی یبیّض بالوسائل والذی یسمی بالذهب الأبیض محکوم بأحکام بالذهب.
* فإنّ الذهب الأصفر لا ینسلخ عن الذهبیة بتحویر لونه، کما أن الفضة کذلک؛ وذلک لأن الحکم تابع لموضوعه لا لصفات الموضوع، ومثله فی الحکم الجلد الاصطناعی المستورد من بلاد الکفار.
المسألة 65: لو استعملت المرأة دواءً عادت بکارتها کاملة کالأول، جاز أن تظهر نفسها فی مظهر البکر عند العقد، ولا حق للزوج، اللهم إلا إذا کان شرط الزوج البکر الأصلی بحیث لم تفتض أصلاً، فإن الإظهار المذکور حینئذٍ یکون غشاً.
* کلا الحکمین فی المستثنی والمستثنی منه واضح، ولا فرق فی الشرط بین الارتکازی واللفظی، والظاهر أن دلیل اشتراط إجازة الأب فی البکر منصرف إلی البکارة الأصلیة، فلا حاجة إلی إجازته فی البکارة الثانیة، أما البکارة الاصطناعیة دون نموّ الغشاء فلا یخرج الأمر عن کون المرأة ثیباً.
المسألة 66: الظاهر أنه یجوز أن تقلل المرأة مدة الحمل، کأن تجعلها أربعة أشهر باستعمال دواء یوجب اکتمال الجنین قبل الموعد الطبیعی، کما أنه یجوز أن تزید مدة الحمل، کأن تجعلها سنتین مثلاً، وقاعدة بین (ستة أشهر وسنة) إنما
ص: 42
هی بالنسبة إلی الأمر الطبیعی کما لا یخفی.
* والدلیل علی الجواز أصالة الحل والعمومات والإطلاقات، إلا ما کان ضرراً علی الطفل أو علیها، ویجوز ذلک بالنسبة للحیوانات أیضاً، وکذلک النباتات، والحکم فی وجوب الزکاة والخمس تابع للموضوع، مثلاً: لو علمنا شیئاً یعطی السنبل الحب فی ظرف شهر، أو فی ظرف سنة کان حکم الزکاة فی الشهر وفی السنة للصدق، وکذلک بالنسبة إلی التمر والزبیب وغیرها.
المسألة 67: لا إشکال فی أنه یجوز تطویل العمر، کأن یجعل الإنسان عمره مائتی سنة مثلاً، أما تقصیر العمر بدون أن یقتل الإنسان نفسه، بواسطة دواء، أو لسبب عدم التغذّی الکامل مثلاً، أو لسبب السکن فی بلاد یقصر عمر الإنسان فیها، فهل یجوز أم لا، أم یفصّل فی المسألة ؟ احتمالات، وإن کان الظاهر عدم جواز الأولین، وجواز الثالث.
* أما جواز التطویل فلأصالة الحل، و(الناس مسلطون)((1))،
ولکونه محبوباً شرعاً، وفی الأدعیة: «أسألک یا رب.. وتمدّ فی عمری»((2))،
وأما التقصیر، فإن کان عرفاً من مصادیق «وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَکُمْ»((3))
فلا یجوز، کما فی الأولین، وإن لم یصدق علیه عرفاً فجائز کالثالث، ومنه یعلم جواز التدخین والابتداء به، وإن سبب أمراضاً أو کان یقصر العمر؛ لأن العرف لا یعتنی بمثل هذا الضرر. نعم، لا إشکال فی الکراهة.
ص: 43
أما تطویل العمر وتقصیره فی الحیوانات والنباتات فجائز، إلا لو کان ضرراً أو إیذاءً محرمین.
المسألة 68: الظاهر أن المعیار فی وزن ما یعتبر فیه الوزن، کالکر وکمقدار النصاب وما أشبه ذلک، هو وزن الأرض، فلو کان ألف ومائتا رطل فی الحساب علی الأرض یساوی مائتی رطل فی القمر، أو ألفی رطل فی المریخ، کان اللازم اعتبار وزن الأرض.
* لأنه المنصرف من الأدلة، فإن الخطاب موجه إلی أهل الأرض، والملاک فهمهم، کما سبق شبهه فی أوقات الصلاة والصوم وغیر ذلک، فلو ذهبنا بکر ماء من هنا إلی القمر لم یسقط عن الکریة.
وإن کان یحتمل کون المعیار فی کل مکان بحسبه، فإذا صار ألف ومائتا رطل الأرض ألف رطل الفضاء لم یکن هناک کراً، ولو انعکس بأن صار ألف رطل الأرض ومائتی رطل فی الفضاء صار کراً، وطریق الاحتیاط واضح.
المسألة 69: لا إشکال فی أنه لا یجوز وضع الزجاج الموجب لرؤیة جثة المیت فی القبر، إذا کان موجباً لهتکه، وکان المیت محترماً، أما إذا لم یکن موجباً للهتک ففی الجواز احتمالان، ولا یبعد الجواز.
* أما فی صورة الهتک فلما ورد: من أن «حرمته میتاً کحرمته حیاً»((1))، وأما لو لم یکن هتکاً فلا یبعد الجواز؛ لإطلاق دلیل الحل، وتعارف کون القبر مستوراً لا یوجب حرمة غیر ذلک، کما لا یمنع عن القبر ذی الطوابق وإن لم یکن متعارفاً.
ص: 44
وهذا فی المیت المحرم، أما غیر المحرم کالحربی مثلاً، أو من یشمله قانون الإلزام فلا إشکال فیه.
المسألة 70: الظاهر أن تحنیط الإنسان والحیوان لیبقی سلیماً من الآفات جائز. نعم، یتوقف جواز تحنیط الإنسان علی أن لا یکون موجباً لشق بطنه وإخراج أمعائه وما أشبه، أما إذا أجاز الحی ذلک بأن یفعل به بعد موته فلا یبعد جوازه، کما أن التحنیط تصرّف لا یجوز إلا بإجازة نفس المیت حال حیاته، أو إجازة الولی.
* أصل الجواز للإطلاقات، وإنما لا یبعد جوازه عند إجازته قبل موته، لأن مثله جائز حال الحیاة بإجازته، وإنما لا یبعد جوازه عند إجازته قبل موته لأن مثله جائز حال الحیاة بإجازته، و«حرمته میتاً کحرمته حیاً»((1))
لا أکثر، وإنما جاز حال الحیاة لأنه لیس من نقص عضو أو ذهاب قوّة مما یشمله دلیل الضرر.
لا یقال: إخراج الأمعاء منه.
لأنه یقال: الکلام فیما فرض أنه إذا لم یکن منه، ثم یضاف أنه بعد الموت لا یشمله «لا ضرر».
أما احتیاج التحنیط إلی الإجازة فلأنه تصرف فی الغیر، ولا یصح إلا بإجازته، أما إجازة الوارث فلولایته علی المیت، وإن کانت المسألة بحاجة إلی دقّة أکثر، فتأمل.
المسألة 71: یشکل إلقاء دواء علی المیت یوجب سرعة اضمحلاله فیما إذا لم یکن ذلک هتکاً له، وإن کان هتکاً لم یجز، أما دفنه فی مکان یوجب سرعة الاضمحلال، کالمکان المرطوب أو ما أشبه إذا لم یکن هتکاً له، فلا إشکال فیه.
ص: 45
* وإنما یشکل لمنافاته مع: «حرمته میتاً کحرمته حیاً »((1)). نعم، إذا قیل لا منافاة وقد فرض أنه لیس بهتک فالجواز هو مقتضی القاعدة.
ویجوز ذلک بالنسبة إلی مَنْ لا حرمة له، أو مَنْ تشمله قاعدة الإلزام، أما جواز الدفن فی مثل المکان الرطب فلعدم الدلیل علی الحرمة، ولإطلاق أدلة الدفن.
المسألة 72: إذا کان بقاء المیت موجباً لانتشار المرض، ولم یکن علاج الأمر إلا بإحراقه، کما قد یتفق نادراً بالنسبة إلی الکوارث، مثلاً یموت فی کارثة مائة ألف إنسان، بحیث لا یمکن دفنهم، ویکون بقاؤهم موجباً للوباء، فالظاهر أنه یجوز الإحراق إذا لم یمکن علاج آخر.
* لأنّ الأمر حینئذٍ دائر بین الأهم والمهمل، أما العلاج الآخر إن أمکن فإن کان یساوی الإحراق تخیّر، وإلا قدم أکثرهما إرفاقاً وجوباً، إذا کان طرفه ممنوعاً شرعاً لدی المقایسة.
المسألة 73: لا بأس بإتلاف الجنس المشتبه به الذی له مالیة، فیما إذا کان بعض تلک الأموال خطراً علی المجتمع، کما إذا کان فی أیام الوباء بعض الألبان موجباً للوباء، فإنه یجوز للحاکم الشرعی إتلاف جمیع الألبان المشتبه بها، نعم الظاهر وجوب تعویض ما کان صالحاً منه، مثلاً: لو کان فی المکان لبنان أحدهما المشتبه به یوجب الوباء، فإنه یجب تعویض لبن واحد کان صحیحاً فی الواقع، فإن کانا لمالک واحد أعطی العوض له، وإن کانا لمالکین قسم عوض واحد بینهما، کما قالوا فی مسألة درهمی الودعی ونحوه.
ص: 46
* جواز الإتلاف لقاعدة (الأهم والمهم) و(لا ضرر) حیث ذکرنا فی (الأصول) أنه یشمل الإیجابی أیضاً.
أما إعطاء البدل فلاحترام مال الناس، والمفروض: إنّ البعض لم یکن ضاراً، وبیت المال وضع لمثل هذه الأِشیاء، ولا منافاة بین الحکم الوضعی بالضمان والحکم التکلیفی بوجوب الإتلاف، وکذلک فی سائر الموارد مثل أن یأخذ حبل الناس لإنقاذ الغریق.
وأما التقسیم فی المشتبه فلقاعدة العدل.
المسألة 74: یجب علی بیت المال إدارة أمور العمال العاطلین الذین لا یجدون قوتاً.
* لأنّ بیت المال وضع للفقراء المساکین ومن أشبه، بل لجمیع مصالح المسلمین، ویصح للدولة جعل التأمین لکن برضا المؤمّن، کما یجوز للشرکة ونحوها ذلک؛ لأنها معاملة عقلائیة، ولم یردع الشارع عنها، ومن أهم ما یؤمّن ذلک النقابات الحرة التابعة للأحزاب الحرة.
الغربی، فالظاهر عدم جوازه.
* الحزب بالمفهوم الغربی عبارة عن الحزب الذی یضع القوانین المخالفة للإسلام، أما الحزب الإسلامی والوطنی الذی لیس له مبدأ یخالف الإسلام، وإنما یرید خدمة البلاد والعباد فکلاهما جائزان، وذلک للإطلاقات، والوجوب فی صورة توقف الخدمة الواجبة علیها؛ لأنّ ما یتوقف علیه وجود الواجب المطلق واجب عقلاً.
المسألة 76: لا تجوز المهاترات الصحفیة والإذاعیة، إلا إذا کانت داخلة فی الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، أو کانت رداً للاعتداء، أو کانت لحفظ الناس عن الضلالة.
* وذلک فی کل من المستثنی منه والمستثنی لإطلاق الأدلة، لکن اللازم أیضاً ملاحظة مثل الإغماض والعفو وما أشبه مما سنّه رسول الله(صلی الله علیه و آله) ووصیه أمیر المؤمنین(علیه السلام) قولاً وعملاً، قال(علیه السلام): «وإن عیرک أحد بما لیس فیک فلا تعیره بما فیه»((1))، وقال النبی(صلی الله علیه و آله): ما نظمه الشاعر بقوله:
مکارم الأخلاق ف
ی ثلاثة منحصرة
لین الکلام والسخا
والعفو عند المقدرة
وقوله تعالی: «وَجَادِلْهُم بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ»((2))
إلی غیر ذلک.
ص: 48
المسألة 77: وضع شعر الرأس بشکل الخنافس، إذا کان فیه تشبّه بالکفار کان مشکلاً.
* للنهی عن التشبّه بهم، ولو کان تشبهاً بهم ثم صار متعارفاً عند المسلمین بحیث لا یصدق أنه من التشبّه بالکفّار فلا بأس به، نعم إذا صار نوع من وضع الشعر متعارفاً فی زمان بدون تشبّه بالکافر أو المرأة لم یستبعد أفضلیته عن الإشکال الآخر لما ذکرناه فی کتاب (الآداب والسنن)((1))، وینسب إلی أمیر المؤمنین(علیه السلام): «إذا کنت فی بلدة غریباً فعاشر بآدابها»((2)).
المسألة 78: قص المرأة شعرها إذا لم تصر شبیهة بالکفّار ولا بالرجال لم یکن به بأس، وکذلک فی الملابس.
* الحکم فی المستثنی منه والمستثنی حسب إطلاقات الأدلة، ویأتی هنا ما ذکرناه فی المسألة السابقة.
المسألة 79: یشکل تزویج الإنسان من الجن إن أمکن، لاحتمال انصراف الأدلة من مثل ذلک، وکذلک بالنسبة إلی تزویج الروح.
* اللهم إلاّ أن یقال: إنّ الأحکام مطلقاً مشترکة بین الجن والإنسان لإطلاقات القرآن والسنة، لکن الفقهاء لم یبحثوا ذلک فی مختلف الأبواب، کأبواب
ص: 49
الطهارة والنجاسة والإرث والنکاح والطلاق أو ما أشبه ذلک. نعم، لا إشکال فی حرمة التذاد الإنسان رجلاً أو امرأة بالجن بدون نکاح لإطلاق الأدلة.
المسألة 80: کما لا یجوز للرجل المجامعة مع الحیوان، ذکراً أو أنثی، کذلک لا یجوز للمرأة أن تجمع بالحیوان الذکر أو تساحق الحیوان الأنثی.
* قال سبحانه: «وَالَّذِینَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * ِإلا عَلَی أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَکَتْ أَیْمَانُهُمْ»((1)) إلی غیر ذلک من متواتر الروایات والإجماعات.
المسألة 81: لا یحل الصید إذا مات بسبب تسلیط الأشعة القاتلة.
* فإنّ الصید کسائر الذبائح لا تحل إلا بالطرق الشرعیة المذکورة فی کتاب الصید والذباحة((2)).
المسألة 82: لو سقاه سماً بحیث صار سبباً لمرضه، فهل یجوز أن یفعل المسقی بالساقی مثل ذلک، یحتمل الجواز لآیة (الاعتداء)((3))، وقیل: لا یصح، وکذلک فی غیر ذلک من أقسام الاعتداء.
* فإنّ الأقسام ثلاثة: ما یجوز المقابلة بالمثل قطعاً، کموارد القصاص فی
ص: 50
الآیة((1))،
وما لا یجوز قطعاً مثل اللواط بمن لاط به، أو السحق بمن سحقت بها جبراً، أو التقبیل لمن لا یجوز تقبیله بدون اختیار إلی غیر ذلک، وما یحتمل الجواز والعدم، وحینئذٍ لو شک فیه أنّه داخل فی آیة الاعتداء وقوله تعالی: «وَجَزَاء سَیِّئَةٍ سَیِّئَةٌ»((2))
وما أشبه أم لا؟ فالظاهر: الجواز.
وهل یجوز الأخف؟ قسمان:
الأول: الجائز، مثل: إنّ ضربه عشرة فیضربه سوطاً، وذلک للأولویة.
والثانی: غیر الجائز، مثل: إن قطع یده من المرفق فقطع ید المعتدی من الزند، أو قتل ولده فسبب شلل القاتل، إلی غیر ذلک، وذلک للانصراف، وصورة الشک ملحقة بالقسم الثانی.
المسألة 83: لو ذهب أثر النجس بالمعقمات لم یطهر، وإن کان بحیث علمنا بأنه لم یبق له أثر؛ وذلک لاحتمال أن تکون المطهرات المذکورة فی الشریعة حکمة لضرب القانون لا علّة.
* فاللازم اتباع إطلاق الأدلة، کما فی کل مورد یحتمل فیه اختلاف العلل، فالأقسام ثلاثة: ما نعلم بالعلیة، وما نعلم بأنه حکمة، کاختلاط المیاه فی العدة، وما یشک فی ذلک.
المسألة 84: الظاهر أنه لا یجوز أن یعمل الإنسان عملاً یوجب ضرر الآخر
ص: 51
مادیاً، إذا لم نعلم برضایة الطرف، کما إذا أرسل إلیه رسالة بدون إلصاق الطابع بالرسالة، مما یعلم أن البرید یأخذ من الطرف الثمن، ولا یتمکن الطرف من إرجاع الرسالة، حتی لا یتضرر، أما إذا کان الطرف قادراً علی القبول والرد، لم یکن الإرسال بدون الطابع حراماً.
* المستثنی منه لإطلاق أدلة (لا ضرر)، والمستثنی لأنه لیس بضرر، فإنه یتمکن من رد الرسالة، فلا ضرر علیه، فإذا اختار القبول کان من تقبّل الضرر اختیاراً.
المسألة 85: یجب إیصال النفس الاصطناعی للحی المحتضر، إذا کان یرجی شفاؤه، أما إذا علمنا بأنه یموت بکل حال، والتنفس الاصطناعی یؤخر موته ساعات مثلاً، ففی وجوب ذلک وعدم وجوبه احتمالان.
* أما إعطاء النفس الاصطناعی لمن یرجی شفاؤه فلأنه من الإنقاذ، ومن الضروری وجوب إنقاذ المریض ونحوه، ویدل علیه الأدلة الأربعة. وأما عدم الوجوب فی المستثنی فلأنه لا دلیل علی لزوم تأخیر الحیاة ساعات مثلاً، إلا فی مثل النبی(صلی الله علیه و آله) والإمام(علیه السلام)؛ ولذا قاتل أصحاب الحسین(علیه السلام) وأولاده لیؤخّروا عنه الموت ساعات، وإذا لم یکن دلیل لم یکن وجه للوجوب.
* ویؤیده: نقل المحتضر إلی مصلاّه لتعجیل راحته. ومن علم بموته کالمبتلی بالسرطان لا یجوز التعجیل بوفاته، کقتله بالأدویة وغیر ذلک، وذلک للإطلاقات، قال تعالی: «وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ»((1)).
المسألة 86: یجب إجراء العملیات الجراحیة لوقایة الحیاة، أو لوقایة عضو أو
ص: 52
قوة من قواه من السقوط، أو لوقایة الإنسان عن المرض الموجب للضرر المتزاید، أما ما عدا ذلک فلا وجوب لإجراء العملیة.
* وذلک لوجوب حفظ النفس والعضو والقوة، فإنّ دلیل (لا ضرر) یشمل ذلک ولو بالملازمة العرفیة، ویدل علیه ما ذکروه فی باب الطهارة والصوم: من تبدل الأول إلی التراب وسقوط الثانی، وفی الحدیث: «قتلوه... ألا یمموه»((1))، ومنه یعلم حال الضرر المتزاید، أما الضرر القلیل فیجوز تحمّله، کما ذکرناه فی باب (لا ضرر)، ومثله ضعف العضو أو القوة مدة، ثم رجوعها إلی الحالة الطبیعیة.
المسألة 87: إذا خیف علی الرجل أو الید مثلاً من جراء عدم قطع الإصبع، فی المجذوم، أو خیف علی الحیاة من جرّاء عدم قطع الرجل أو الید، مثلاً، وجب أجراء العملیة.
* وذلک لقانون الأهم والمهم، وقاعدة (لا ضرر)، وقوله سبحانه: «وَلاَ تُلْقُواْ بِأَیْدِیکُمْ إِلَی التَّهْلُکَةِ»((2)) وغیرها، وکذا لو توقفت الحیاة علی فقد قوة.
وقد ذکروا: أنّ المعیار الخوف لا القطع بالضرر، کما فی الصوم والحج والطهارة المائیة و.. وذلک لأنه لو کان المعیار القطع کان إلقاءً من الشارع فی الضرر، إذ کثیراً ما یکون خوف بدون القطع ویقع فیه، وتفصیله فی الفقه والأصول.
المسألة 88: هل یجوز للبکر إزالة بکارة نفسها بالإصبع أو العملیة أو القفزة؟
ص: 53
احتمالان. نعم، إذا تزوجت ولم یذهب الزوج بعد بکارتها لم یجز لها ذلک؛ لأنّها صارت من حق الزوج.
* الجواز لأنه تصرّف فی نفسها، ولیس من إزهاق روح أو قطع عضو أو إذهاب قوة، فمنتهی الأمر أن یکون ضرراً یسیراً، ومثله جائز لقاعدة السلطنة، وعدم الجواز؛ لأنه إضرار بالعنوان، لکن الأول أقرب إلی الصناعة، وإن کان الأحوط الثانی.
وأما عدم الجواز فی صورة الزواج؛ فلأنه صار حق الزوج فلا یجوز لها التصرف فیه، فإنّ العرف یراه حقاً له، وربما یقال بالأمرین فی البضع محل اختتان المرأة.
وهل للزوج رفع البکارة بالإصبع ونحوه؟ لا یبعد ذلک إذا لم یتمکن من رفعها بالمتعارف، أما إذا تمکن فاحتمال العدم من جهة أنه نوع إهانة لها، إلا إذا کان برضاها.
ولو شرطت الزوجة عدم إزالة بکارتها متعة أو دواماً فأزالها فعل حراماً وکان علیه الدیة.
المسألة 89: حضور السینماءات التی توجب الخوف والفزع الضارین ضرراً بالغاً، وکذلک التمثیلیات المشابهة، لاستعراض الأمور الهائلة، لا یجوز؛ لأنه (لا ضرر ولا ضرار فی الإسلام)((1)).
* أما لو أوجب الخوف أو الضرر غیر البالغ فلا إشکال فیه، وذلک لما ذکر
ص: 54
من انصراف الأدلة عنه.
وکما لا یجوز حضورها لما ذکر، لا یجوز عرضها لذلک أیضاً.
وإذا کان بعض یخاف خوفاً شدیداً ضاراً وبعض لا یخاف، حرم الحضور علی الأول.
وکذلک حال إحداث الأصوات المزعجة أو ما أشبه ذلک، ومع الاضطرار فی المزعجات یجب التنبیه، کمرور الطائرات الخارقة لحاجب الصوت.
ویمکن أن یقال: بلزوم إعطاء الغرامة للتخویف بغیر حق؛ لأنه تصرف غیر جائز، فاللازم تدارکه وضعاً بالغرامة وتکلیفاً بالاستغفار، وقد قال(علیه السلام): «إنّ فی غمز کف الآخر الأرش»((1))،
ویؤیده إعطاء علی(علیه السلام) عن الرسول(صلی الله علیه و آله) الدیة للتخویف فی قصة قتل خالد بن الولید بعض المسلمین وإخافة ذویهم((2)).
ص: 55
المسألة 90: لو مات الإنسان قطعاً، ثم رجعت إلیه الحیاة بالتنفّس الاصطناعی علی فرض إمکانه فهل هو إنسان جدید لا یحکم بأن المال السابق له، ولا الزوجة السابقة زوجته، أو إنسان قدیم؟ احتمالان، أما بالنسبة إلی الأقرباء ونحوهم فالظاهر أنه محکوم بحکم الإنسان القدیم.
* احتمال أنه هو الإنسان القدیم: لما ورد فی المعجزات من إحیاء الأموات، حیث لم یذکر أنهم تزوجوا نساءهم وأزواجهم بعقد جدید، کما فی قصة أرمیا((1))،
ومعجزة الإمام السجاد(علیه السلام)، وکذلک بالنسبة إلی أموالهم.
واحتمال أنه جدید: فلأنه انقطع عن تلک الحالة السابقة، فهو موضوع جدید، فیجوز له تزویج الخامسة فوراً وهکذا جاز لها التزویج بعد العدة.
وربما یفصل بین أن تزوجت زوجته أم لا، أو قسم ماله أو لا، تنظیراً بإسلام الوارث بعد تقسیم المال، فتأمّل.
ص: 56
المسألة 91: لو فرض أنه أمکن تبدید القمر بالوسائل العلمیة، کالقنابل الهیدروجینیة لم یجز؛ لأنّ المستفاد من الأدلة أنّ الهرج والمرج فی الأمور النظامیة لا یجوز، فکیف بالأمور الکونیة المسببة للأضرار البالغة.
* وهکذا حال کل نافع للإنسان بما هو إنسان، فلا یکفی أن یرضی بذلک جیل واحد، أو فرض رضایة أجیال، إذ هو لکل الأجیال، وهل یأتی ذلک فیما إذا أرید تغییر البحار من مکان إلی مکان آخر، أو الجبال أو الغابات، أو تبدید قسم منها؟ لا یبعد المنع لنفس العلة، إلا فی صورة الأهم والمهم.
المسألة 92: هل یصح للدولة الإسلامیة منع اصطیاد الحیوانات القلیلة الوجود للإبقاء علی نسلها کما تفعله الحکومات الحاضرة احتمالان.
* الأقوی حقها فی المنع؛ لأنه نوع من الفساد فی الأرض عرفاً، ولقوله سبحانه: «وَیُهْلِکَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ»((1)) أما الوجه الآخر فهو الجواز لأصالة حل کل شیء إلا ما خرج، ولیس هذا من المستثنی، ومما تقدم یظهر عدم جواز ذلک للإنسان نفسه.
المسألة 93: هل یجوز تلحیم العظام المخلّفة فی الحفریات للحیوانات المنقرضة حتی یرجع جسم الحیوان؟ إن قلنا بأنّ صنع المجسمة جائز إلا للعبادة، کما ربما قیل بذلک، لم یکن به بأس، وإلا ففی الجواز احتمالان، والجواز أقرب الاحتمالین إذا کان سبباً لکشف علمی ینفع الإنسان فی تقدم الحضارة.
ص: 57
* ذکرنا فی الفقه جواز صنع المجسمة لغیر العبادة، غایة الأمر الکراهیة((1))،
کما أفتی بذلک أیضاً جماعة من الفقهاء المعاصرین.
ومن ذلک ینشأ فرع آخر، وهو أنه هل یجوز صنع الإنسان الشبیه بالمیت من المواد، کما صنع البوذیون (بوذا) من لحوم ثلاثة آلاف میت کما نقلته بعض الصحف ؟ الظاهر الجواز لغیر العبادة من لحم حیوان أو مطاط أو ما أشبه، لا من لحم الإنسان؛ لأنه تمثیل لا یجوز حتی بالکلب العقور، إلا إذا کانت من أجزاء فصلت عن الجسم بعملیة جراحیة، وفیه أیضاً إشکال. ویجوز أیضاً جعل ذلک الإنسان المصنوع یتکلم بواسطة المسجلة وما أشبه إن لم یوجب فتنة وضلالاً.
المسألة 94: الآثار القدیمة التی لا یملکها أحد إذا استولی علیها إنسان أو سلطة تکون له، لقاعدة (السبق إلی المباحات)((2)) فیجوز للمتسلّط أن یمنع الناس عن مشاهدته والدخول فیه، إلا بأجر، ونحو ذلک.
* لأنه مقتضی تسلّط الناس علی أموالهم، فما تفعله بعض الحکومات من أخذ ذلک الأثر من الواجد بالقوة لا شرعیة له، نعم یصح الاشتراء منه أو ما أشبه مما یرضی به.
المسألة 95: یجوز حضور المتاحف التی وضعت فیها الأجساد القدیمة، کأجساد الفراعنة فی مصر، أو أجساد الشخصیات فی الزجاجات، کما فی بعض البلاد، حیث حفظوا أجساد شخصیاتهم، ووضعوها فی الزجاج لأجل النظر والعبرة، أما نظر
ص: 58
الرجل إلی المرأة المحنطة وبالعکس، فحاله حال النظر إلی الأحیاء.
* المستثنی منه لإطلاق الأدلة، وحتی إذا قلنا بوجوب الدفن فذلک غیر مانع عن النظر، والمستثنی لإطلاق أدلة المنع عن النظر إلا إذا کان المنظور إلیه کافراً، فإنه یجوز النظر إلیه بالقدر المقرّر فی کتاب النکاح من النظر إلی الکفّار((1))، وحکم اللمس أیضاً ما ذکر هناک.
المسألة 96: إذا أمکن إیقاف الأرض، أو الشمس کما یحتمله العلم الحدیث، مما یسبب إضرار أهل الأرض، لم یجز؛ لأنه (لا ضرر ولا ضرار).
*وکذا کل تصرف کونی یکون کذلک ویأتی فیه الضمان بشروطه.
المسألة 97: لا یجوز للمریض الذی لمرضه عدوی أن یبقی فی المجتمع، مما یسبب العدوی إلی الآخرین، وإن کان الضرر الذی یصاب به الآخر طفیفاً، مثلاً کحمی یوم؛ لأنه لا یجوز الإضرار بالغیر ولو قلیلاً.
* فإنّ (لا ضرر) کما ذکرناه فی الکتب الفقهیة یشمل ثلاثة أمور:
الأول: إنّ تشریع الضرر غیر کائن.
الثانی: إنّ الشخص لا یحق له أن یضرر نفسه ضرراً بالغاً، وإنما قیدناه بالبالغ؛ لأنّ غیر البالغ جائز، ولذا وقف الرسول(صلی الله علیه و آله) والزهراء(علیه السلام) فی العبادة حتی تورّمت قدماهما (صلوات الله علیهما)((2))
إلی غیر ذلک.
ص: 59
الثالث: إنّ الشخص لا یحق له أن یضرر الآخرین ولو ضرراً غیر بالغ إلا برضاهم، وإذا أضرهم بالغاً أو غیر بالغ بغیر رضاهم کان علیه الغرامة، إلا فی موارد القصاص ونحوه.
المسألة 98: یجوز تلحیم بعض أجزاء الإنسان بلحم أو عظم، کما لو لحم وجهه أو یده بما یسبب صحته وجماله، أو لحم إصبعه الناقصة عظمة، بعظمة أخری حتی تساوی سائر الأصابع.
* إنما یجوز لإطلاق أدلة الحل، بل التجمیل غیر المحرّم مستحب، فإنّ الله جمیل ویحب الجمال((1))،
ولا فرق بین أن یکون اللحم أو العظم من إنسان فیما کان جائزاً أخذه منه أو حیوان أو مواد صناعیة کالبلاستیک.
المسألة 99: الظاهر عدم جواز ما یشوّه خلقة الإنسان، کالترکیب بین إنسانین، أو بین إنسان وبعض أجزاء إنسان آخر حتی یصبح ذا أربع أیادٍ أو ثلاث أرجل، فإنه من تغییر خلق الله.
* نعم التوصیل النافع جائز کتبدیل البیضة أو الکلیة أو ما أشبه ذلک للإطلاقات، وقد تقرّر فی العلم الحدیث حسب التجارب إمکان تغییر أکثر من عشرین جزءاً فی الإنسان، فهم یحسبون أن أجزاء الإنسان کأجزاء السیارة فی قطع الغیار علی الأغلب .
ص: 60
المسألة 100: لا بأس بترکیب الحیوان وإن صار حیواناً جدیداً، کما لو رکب رأس القرد علی جسد الکلب أو العکس، کما لا بأس بتوصیل حیوانین، کما لو خاط کلباً بقرد، حتی أصبحا حیواناً واحداً ذا رأسین وثمان أید وأرجل، لکن بشرط أن لا یکون ذلک إیذاءً محرماً للحیوان ولا یوجب محرّماً آخر.
* المستثنی منه لإطلاق أدلة الحل إلا إذا صدق عرفاً أنه من تغییر خلق الله والمستثنی؛ لأن إیذاء الحیوان غیر جائز، وقد ذکرنا ذلک فی کتاب النکاح فی باب نفقة الحیوان، نعم ذلک فی غیر الإیذاء المتعارف، کالحمل علیه أو ضربه العادی لبطئه فی المشی أو ما أشبه، کما لو توقف اکتشاف علمی أو طبی علیه، وأما قول الإمام السجاد(علیه السلام): (خوف القصاص)((1))
فهو للتنبیه، لا لأنه محرم کما لا یخفی.
المسألة 101: لا بأس بأکل أو شرب شیء یسبب الاحتلام فی المنام، فإنه لیس من الاستمناء.
* یدل علیه إطلاق أدلة الحل، ولا یکون عرفاً استمناءً، کما یجوز أکل أو شرب شیء یسبب عدم الاحتلام فیمن عادته الاحتلام لذلک الدلیل، وکذلک الحال فی رد الحیض أو منعه، وقد أشرنا إلیه سابقاً.
المسألة 102: الأوراق النقدیة لیست من الأموال الزکویة، فلا تجب فیها الزکاة.
ص: 61
* نعم إذا کانت حوالة علی النقدین کان فی أصلها الزکاة لا فی نفسها، والقول بأنها حوالة یرده أنه لو احترقت مثلاً لم یرجع المحترق عنده إلی المحیل، بخلاف ما إذا کان ورق الحوالة، حیث یرجع إلیه، وهذا لأصالة الحل، وعدم اللزوم، والاقتصار علی ما ذکره الشارع.
المسألة 103: هل تجوز السباحة الطویلة الموجبة لفوات الصلاة الاختیاریة؟ الظاهر العدم، نعم لو سبح وآل الوقت إلی التمام وجبت الصلاة علیه فی حال السباحة بما تیسّر إذا لم یتمکن من الخروج لأداء الصلاة الکاملة.
* وذلک لأنه تفویت عمدی باختیار مقدمته، وتفصیل الکلام مذکور فی بحث السفر فی السفینة((1)).
المسألة 104: حال المسابقة علی الدراجة أو السیارة أو الطیارة، حال السباحة فی المسألة السابقة، إلا أنه إذا تمکن من النزول وجب، کما أن السابح إذا تمکن من ترک السباحة والإتیان بالصلاة التامة فی سفینة أو نحوها وجب.
* هذه المسألة کالمسألة السابقة مستثنی منه ومستثنی إلا أنه لو فوّت بالاختیار بعض الأجزاء والشرائط وأتی بالتکلیف الاضطراری صحت صلاته، وإن عوقب بسبب المقدمة المفوتة، حاله حال ما إذا أخّر الصلاة حتی لا یتمکن إلا من الحمد فقط، بدون السورة، فإنها صحیحة وإن کان معاقباً.
المسألة 105: لا یجوز إثارة کل ما یدعو إلی التفرقة من النعرات العرقیة
ص: 62
واللونیة والإقلیمیة ونحوها، فإن المیزان هو الإیمان والتقوی، کما لا یجوز ترتیب الآثار علی هذه النعرات.
* قال سبحانه: «إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاکُمْ»((1)) وکل أقسام النعرات تنافی هذه الآیة وروایة: «الناس سواء کأسنان المشط»((2))
إلی غیرهما.
نعم، یجوز للإنسان أن یحب بلده وقبیلته ولسانه وما أشبه بدون إدخاله ذلک فی الحرام، أما ما ورد من «حب الوطن من الإیمان»((3))
فالظاهر أنه وطن الإسلام لا الوطن الجغرافی.
وعلی هذا فلا یجوز وضع الحدود ما بین البلاد الإسلامیة، ویجب إزالتها، کما أنه لا یجوز أن یخاطب المسلم أخاه بالأجنبی، وإن کان من بلد آخر قال تعالی: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ»((4))،
وقال سبحانه: «إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُکُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً»((5)).
المسألة 106: یجوز حقن الإبر المقویة للصائم.
* وذلک لأنّ الدلیل أنما دلّ علی الأکل والشرب، ولیست الإبرة منهما عرفاً.
لا یقال: تفید فائدتهما.
لأنه یقال: هو مثل التنقیع فی الماء الموجب لرفع العطش وما أشبه، فهل یقال بحرمته علی الصائم، أما حس الصائم بألم الجوع والعطش وما أشبه فهو حکمة کما لا یخفی.
ص: 63
المسألة 107: یجب حقن الإبر المنشطة للحالة الجنسیة بالنسبة للزوج الذی لا یقدر علی أداء واجبه الشرعی تجاه زوجته، فإنّ لها الحق فی کل أربعة أشهر مرة.
* بل إنا ذکرنا فی الفقه: إنه مع احتیاج المرأة إلی أکثر من ذلک یجب علی الزوج ذلک؛ لأنه من المعاشرة بالمعروف، وإنما تجب التقویة؛ لأنها مقدمة الواجب، وهی واجبة عقلاً.
المسألة 108: لا یصح إعطاء الامتیاز إلی شرکة أو فرد، فیما الناس فیه سواسیة، أو فیما ینافی قاعدة (الناس مسلطون علی أموالهم وأنفسهم).
* وذلک لأنّ إعطاء الامتیاز لشرکة أو فرد فقط دون الآخرین خلاف حریة الناس وخلاف تسلّطهم علی أموالهم، وقد قررنا فی (الفقه): أن حریة کل أحد محدودة بحدود الشریعة((1))، والتی منها أن لا تزاحم حریة الآخرین، کل فی إطاره.
المسألة 109: إذا زرقت أنثی الکلب أو الخنزیر بنطفة حیوان آخر، أو بالعکس، فالولد إن سمی باسم الکلب أو الخنزیر کان نجساً، وإلا کان طاهراً، وکذلک بالنسبة للحیوان المتولد بین حیوان حلال اللحم وبین حیوان حرام اللحم، أما إذا لم یسم باسم أحدهما بل صار حیواناً لا شبیه له فالظاهر: حلیته، کما أنه طاهر أیضاً.
* هذا فیما إذا کان شبیهاً بأحد الحیوانین مما یصدق علیه اسم ذلک الحیوان، حیث یتحقق الموضوع، والحکم تابع له، أما إذا لم یصدق علیه اسم أحدهما، بل
ص: 64
اسم ثالث (فکل شیء لک حلال)((1))، و(کل شیء لک طاهر)((2)) یشمله، لکن ربما یقال: بأنّ (کل شیء لک حلال) لا یشمل الحیوان؛ لأنّ الحل منه محصور فی ما ذکرته الروایات وما عداه لیس بحلال، والبحث فی ذلک طویل مذکور فی الأصول.
وکذلک حال تزریق نطفة سمکة ذات فلس بسمکة لیست بذات فلس، أما إذا کان کلتاهما ذات فلس، والولد لیس بها فهل یحل نظراً لأبویه أو لا نظراً لنفسه؟ لا یبعد الثانی، ومنه یعلم العکس.
المسألة 110: تحدید السلطة للأسعار لا یوجب السعر المقرر، بل المتبع قاعدة «إِلاَّ أَن تَکُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ»((3))،
وقاعدة (الناس مسلطون علی أموالهم) إلا إذا کانت سلطة شرعیة.
* السلطة الشرعیة بشروطها الإسلامیة واجبة الاتباع، بخلاف غیر الشرعیة، فإن قوانینها غیر لازم الاتباع حتی فی المرور ونحوه، بل المیزان هو (لا ضرر) وسائر القواعد الأولیة أو الثانویة، وقد ذکرنا ذلک فی بعض کتبنا، وبحث التسعیر قد ذکره الفقهاء فی باب الاحتکار وغیره((4)).
المسألة 111: إذا توقف انتصار المسلمین علی الأعداء فی الحرب (سواء کانت الحرب من باب الجهاد أو من باب الدفاع) علی الهجوم بالطائرات أو ما
ص: 65
أشبه، مما یسبب قتل الأبریاء جاز، وذلک للمعاملة بالمثل، فإنهم أیضاً یهاجمون ویقتل بسبب هجومهم الأبریاء، بالإضافة إلی أن الانتصار واجب أهم، فإنّ فی تسلیط الأعداء إضراراً أکبر، بل الانتصار واجب ولو بقتل المسلم، کما ذکروا ذلک فی باب الجهاد فیما لو تترس الکفار بالمسلمین((1))،
لکن اللازم بالعمل بذلک بقدر أقصی الضرورة، فإنّ الضرورات تقدر بقدرها.
* وذلک بعد تنقیح الموضوع دقیقاً بسبب الخبراء، والمعرفة بالأهمیة، وإجازة شوری الفقهاء، والظاهر: وجوب دفع وتعویض الأضرار التی نجمت من قتل الأبریاء أو نقص عضو أو قوة منهم أو تلف المال، وإذا تردد الأمر کان اللازم العمل بقاعدة العلم الإجمالی فی غیر المالیات، وبقاعدة العدل فی المالیات.
المسألة 112: یجوز للعروسین الذهاب إلی شهر العسل بشرط أن لا یعملا محرماً، ولا یستلزم ذلک محرماً.
* لإطلاق أدلة الحلیة، والشرط واضح الوجه، وإذا کان السفر حلالاً فصلاتهم قصر، وإذا کان حراماً فتمام، حسب القاعدة فی باب صلاة المسافر((2)).
المسألة 113: یجوز للمریض المضطر أن ینام فی المستشفی، وإن کان یباشره الأجنبی بما هو حرام فی حال الاختیار، کأن تدلّک جسده الممرضة أو یولدها
ص: 66
الدکتور أو ما أشبه.
* لکن اللازم الاقتصار علی الضرورة کماّ وکیفاً، فإنّ الضرورات تقدر بقدرها، وقال بعض الفقهاء: إذا تمکن تزویج الممرضة أو تزوج المریضة بالطبیب ونحوه وجب، لکن الظاهر عدم الوجوب، وإذا قیل بالوجوب فإنما هو فیما إذا لم یکن عسراً وحرجاً، وإلا لا وجه له، ولذا لم یتعارف ذلک بالنسبة إلی الأطباء والمجبرین لا قدیماً ولا حدیثاً، بل یؤیده عدم أمر الرسول(صلی الله علیه و آله) تزویج الممرضات فی حروبه مع أنه لا شک فی استلزام التمریض اللمس، وإذا أمکن اللمس للتمریخ ونحوه بالقفاز ونحوه تقدم علی اللمس المجرد.
المسألة 114: یصح ذبح الحیوان فی المحقنة کما هو المتعارف فی بعض البلاد إذا اجتمع فیه شرائط الذبح.
* إذ الذبح بدونها لا خصوصیة له، ولم نستبعد فی (الفقه)((1))
أن یکون رأس الحیوان إلی الأعلی بشرائطه لا مطلقاً أو الأسفل، وإنما الشرط استقبال القبلة، وکذلک ذات الیمین وذات الشمال.
المسألة 115: لا یکفی فی اللحیة حلق العارضین وإبقاء الذقن، کما لا یکفی حلق الذقن وإبقاء العارضین. نعم، یجوز حلق ما فوق اللحیة وما تحت الذقن، کما هو المتعارف.
* وذلک لأنّ اللحیة عرفاً هی المجموع، وأما جواز حلق ما فوق اللحیة وما تحت الذقن فلعدم الصدق.
ص: 67
المسألة 116: لا فرق فی الحلق المحرم بین کونه بآلة یدویة، أو کهربائیة، أو نتف، أو قص، أو استعمال دواء، أو حرق، أو غیر ذلک، فإنّ الواجب إعفاء اللحیة.
* فقد قال(صلی الله علیه و آله): «ربی أمرنی بإعفاء لحیتی وقص شاربی»((1)).
نعم یکفی الصدق العرفی کما فی أمثال ذلک.
المسألة 117: لا یجب علی الکوسج (عدیم اللحیة) استعمال دواء لإخراج اللحیة، والأمرد لا یجوز له استعمال دواء یوجب عدم خروج اللحیة احتیاطاً .
* إذ لا دلیل علی الوجوب فی الکوسج، ولذا فالاحتیاط فی المسألة الثانیة أقرب إلی الاستحباب، والمرأة المزوجة إذا أخرجت اللحیة وجب علیها إزالتها؛ لأنها من التهیؤ اللازم للزوج، نعم إذا رضی الزوج لم یجب علیها؛ لأن الحق لا یعدوهما.
المسألة 118: إذا نبتت اللحیة فی وجه المرأة جاز لها حلقها أو إزالتها بسبب آخر.
* لأن الأدلة لا تشملها، ویعرف من الحکم السابق أنه إذا تناثر شعر رأس المرأة المزوجة وجب علیها السعی لعلاجه إلا إذا رضی الزوج، حیث إنّ الحق لا یعدوهما.
ص: 68
المسألة 119: یجوز تعلیب الذبائح الموجودة فی منی إذا بقیت بلا مصرف، مما یوجب فسادها، أما إذا أمکن صرفها فی الموارد الثلاثة المقررة، فاللازم رضایة أصحابها الشرعیین بالتعلیب.
* فی المستثنی منه لا یلزم رضی أصحابها؛ إذ الأمر دائر حسب الفرض بین التعلیب والإسراف، ولیس من حق المالک الإسراف، وکذا فی کل مورد مشابه، کما إذا دار أمر طعام الناس بین التلف إسرافاً وبین صرفه فی مصرف جائز، فإن (الناس مسلطون)((1)) لا یشمل المحرم.
المسألة 120: لا بأس بوضع المیت الإنسانی فی الثلاجات، لأجل نقله أو ما أشبه ذلک، بشرط أن لا یکون هتکاً له، ولا یوجب تأخیر دفنه عن المتعارف الجائز شرعاً.
* یجوز الوضع فی الثلاجة؛ لإطلاق أدلة الحل، ومثل الثلاجة غیرها إذا فرض، أما التأخیر عن الدفن المقرر شرعاً فلا یجوز؛ إذ المستفاد من الشرع لزوم الدفن حسب المتعارف، فلو وضع فی الثلاجة سنة اعتباطاً کان مشکلاً، نعم لا یبعد الجواز لبعض الأغراض العقلائیة مما یشک فی شمول دلیل الحرمة له، أما إذا وصّی بعدم الوضع فی الثلاجة أو لم یرض الولی فلا یجوز.
المسألة 121: یجوز استعمال حبوب الذکاء، أما استعمال حبوب البلادة فلا یجوز.
ص: 69
* أما جواز حبوب الذکاء فلأنه ازدیاد فی الخلق زیادة حسنة، حاله حال تسمین البدن أو تنشیطه أو تقویة نور العین أو ما أشبه.
وأما حبوب البلادة فالموقت منها جائز، فهو کتغمیض العین مؤقتاً أو حقن المضعف کذلک، أما ما یوجب البلادة الدائمة فهو من إسقاط القوة فیشمله دلیل (لا ضرر) ونحوه.
المسألة 122: یجوز للحکومة الشرعیة لا غیر الشرعیة فی مکة المکرمة، أن تمنع الزائد من الحجاج فیما إذا کان العدد الزائد ضرراً بالغاً علی جملة منهم، مثلاً إذا لم تستوعب إدارة الصحة ورعایة الحاج أکثر من عدة ملیون حاج، جاز للحکومة أن تمنع الأکثر من ذلک، لکن الواجب السعی لاستیعاب الحج أکبر عدد ممکن.
* أما الجواز فلقاعدة (لا ضرر) وحینئذٍ فاللازم تحکیم القرعة بالنسبة إلی الطالبین إذ لا أولویة.
لا یقال: المقدم مقدم لقاعدة السبق.
لأنه یقال: ذلک فیما إذا سبق إلی المکان لا إذا سبق إلی الطلب، إذ السبق إلی الطلب لا یصدق علیه (من سبق)((1)) فتأمل، واللازم من جهة القرعة تقسیم الحاج علی النسب المعینة، مثلاً: لو کان هناک قطران متساویان فی عدد السکان وأراد الحج من کل قطر مائة ألف والحج لا یستوعب منهما إلا النصف فرضاً فإنه
ص: 70
یسمح لکل منهما بخمسین ألف ویقرع بین مائة ألف لکل منهما، وهکذا.
وأما وجوب السعی للاستیعاب الأکثر، فلأن الحاکم وضع لمصالح الناس الدینیة والدنیویة، والحج من أهم المصالح دیناً، قال تعالی: «لِیَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ»((1)).
وقال سبحانه: « جَعَلَ اللّهُ الْکَعْبَةَ الْبَیْتَ الْحَرَامَ قِیَاماً لِّلنَّاسِ»((2))
وقد کتبنا دراسة حول إمکان استیعاب الحج عشرة ملایین((3))،
لکن اللازم ثم من لم تخرج القرعة باسمه لا یستقر علیه الحج إن مات عام الاستطاعة؛ لعدم تخلیة السرب، کل ذلک فیما لو کانت الحکومة شرعیة، وإلا فلا حق لها فی ذلک، وقد ذکرنا مواصفات الحکومة الشرعیة فی بعض کتبنا الفقهیة.
المسألة 123: إذا کانت زیادة الحاج موجبة للضرر البالغ، جاز للحکومة الشرعیة أن تمنع حجاجها عن الحج إلی مکة المکرمة، کما إذا توفر عدة ملایین حاج فی السنة، ولم یتحمل الحج أکثر من ذلک، فإنه یجوز للحکومة الشرعیة أن تمنع حجاجها عن الحج هذه السنة.
* لقاعدة (لا ضرر) وقد عرفت أنّ الحکومة الشرعیة مکلفة بمراعاة مصلحة الناس.
المسألة 124: إذا لم تبق استطاعة الشخص حتی العام الآتی، فی مسألتی
ص: 71
(122، 123) لم یجب علیه الحج؛ لأنه بالتمکن فی عام المنع، لا یکون الإنسان مستطیعاً.
* لعدم تخلیة السرب کما عرفت ثم الواجب علی المستطیع أن یعطی مالاً أکثر غیر مجحف إذا أمکنه اشتراء بطاقة من یستحب له الحج، أما من یجب علیه فلا یجوز له بیع بطاقته.
المسألة 125: من الخیر أن تعمل الحکومة فی مکة المکرمة سفینة کهربائیة فوق الکعبة المکرمة، بحیث یراها أهل الآفاق البعیدة، الممکن رؤیتهم لها، وکذلک تعمل کل حکومة فوق بلدها سفینة مسامتة لسفینة الکعبة حتی تعرف سمت الکعبة.
* وإنما کان من الخیر؛ لأن الآفاق یرون خط الکعبة بالدقة، وهو یوجب التدقیق فی أمر القبلة؛ وإن کان ظاهر الدلیل کفایة السمت العرفی، کما ذکرناه فی الفقه، وإذا وصل الأمر إلی الطرف الآخر من الکرة الأرضیة فالمعیار أقرب الخطوط المتعددة إلی الکعبة فی اتجاه الصلاة وغیرها، لا بخرق الأرض من سطح الأرض.
المسألة 126: إذا کان الازدحام فی الحج کثیراً، بحیث لم یتمکن الحاج من الوقوف فی عرفات والمشعر، مرّ بهما مروراً فی بعض وقت الموقف، وسکن فی خارجهما، والأحوط السکنی فی الأقرب فالأقرب إلیهما.
* المرور لأنه المیسور، والأقرب فالأقرب لما فی بعض الروایات من جوابهم(علیه السلام) بأنهم یقفون خارج تلک المواضع مما انصرافه إلی الأقرب
ص: 72
فالأقرب، لکن العرفی منه لا الدقی.
المسألة 127: الظاهر جواز الطواف أبعد من مقدار ستة وعشرین ذراعاً خصوصاً فی حال الاضطرار.
* لورود الروایة بذلک، فتحمل الروایة المحددة علی الأفضل، کما مقتضی الجمع بین مثل هاتین الطائفتین، وعلی هذا فلو اتسع المسجد أکثر کان المطاف أکبر أیضاً.
المسألة 128: یجوز الطواف والسعی والوقوف والرمی فوق وتحت الکعبة والمسعی والموقف والجمرة، لکن بالحدود المقررة، والاحتیاط اختصاص ذلک بحالة الاضطرار.
* وذلک للصدق، ولأن الکعبة من تخوم الأرض إلی عنان السماء، وعلی هذا فیجوز الطواف مورّباً أو بعضه فی العلوّ وبعضه فی الوسط وبعضه فی السفل، وکذلک فی سائر المواقف المذکورة.
المسألة 129: لو شربت المرأة دواءً أوجب حبس الحیض کانت بحکم الطاهر فی أعمال حجها.
* للإطلاق والنص الخاص، ومنه یعلم أنها إذا أدرّت الحیض کان فی حکم الحائض فی الأحکام، فإن الحکم تابع للموضوع((1)).
ص: 73
المسألة 130: المبتلی بمرض الضحک، تصح صلاته مع الضحک، إلا إذا قدر أن یمنع نفسه بقدر إتیانه بالصلاة، ومثل الضحک: البکاء والحرکة المنافیة للاطمئنان.
* کل ذلک للاضطرار، ودلیل المیسور، والتنظیر بالسلس للملاک، وکذلک حال کثیر النوم، بأن یغفو فی صلاته مرّات.
المسألة 131: الفصول العشائریة إن أمکن تطبیقها علی الموازین الشرعیة جازت، مثلاً: إذا کان فصل الدیة بمائة دینار وبنت، ورضی الطرفان صلحاً ورضیت البنت جاز، وإن لم یمکن تطبیقها علی الموازین الشرعیة لم یجز، لکن اللازم السعی لإلغاء الفصول العشائریة المتعارفة فی بعض البلاد.
* وذلک لأنّ حکم الله هو اللازم اتباعه، نعم یمکن التصالح فإنه طریق شرعی أیضاً، أما لزوم الإلغاء فهو لئلا یکون للناس بتلک الفصول علاقة ویکون الحکم لله وحده، قال تعالی: «إِنِ الْحُکْمُ إِلاَّ لِلّهِ»((1)).
المسألة 132: الصبغ الذی له جسمیة ویستفاد منه لتجمیل الأظافر لا یصح الوضوء والغسل معه، فاللازم إزالته حال الوضوء والاغتسال.
* وجوب الإزالة لأنه حائل، وکذلک حال الصبغ الذی یستفاد لتجمل شفار العین أو شعر الرأس إذا کان حائلاً، وأما الصبغ الذی لیس حائلاً کما هو المتعارف فی صبغ الشعر فلا إشکال فیه.
ص: 74
أما إذا صبغت بالحائل ولم یمکن إزالته مسحت علیه؛ لأنه بمنزلة الجبیرة سواء کان وضعه حلالاً أم حراماً.
المسألة 133: الشیء المجلوب من بلاد الکفر الذی لا یعلم أنه جلد أو لیس بجلد إذا فحص الإنسان ولم یعلم حقیقته، جازت المعاملة علیه واستعماله والصلاة فیه.
* وذلک لقاعدتی: الحل، والطهارة.
المسألة 134: السفر إلی الفضاء فی حکم السفر إلی نقاط الأرض، فی الإقامة الموجبة لإتمام الصلاة والصوم وغیرها.
* لإطلاق الأدلة وصدق السفر، فإنه لا یختلف فی السفر، العمودی والأفقی، صعوداً ونزولاً ومورّباً کما ذکرناه فی الفقه.
المسألة 135: حرکة القمر لا تعد سفراً، فإذا استوطن الإنسان القمر، کان فی حکم المقیم.
* لانصراف أدلة السفر عن حرکته، نعم لو کانت فی الفضاء أجرام صغیرة جداً بحیث یعد حرکتها سفراً عرفاً کان فی حکمه، أما إذا سکنها إنسان شهراً کان من قبیل کثیر السفر لدوام حرکتها.
المسألة 136: إذا کان الإنسان فی غواصة أو قمر صناعی دائم السیر، صار حاله حال کثیر السفر.
ص: 75
لما تقدم، ولو کان ساکناً تارة ومتحرکاً أخری کان کسائر الناس فی حکم السفر والحضر.
المسألة 137: إذا کان للإنسان کمبیالة بمبلغ مائة دینار مثلاً، جاز بیعها بأقل، فإنه من بیع الدین بأقل منه.
* ولیس ذلک من الربا، لکن بشرط أن یکون الدین واقعیاً لا مجاملیاً، وإلا کان من الربا.
المسألة 138: لو زرّقت المرأة اللبن بما خرج من ثدیها، بحیث لم یعد لبناً لها، لم یوجب ذلک اللبن الرضاع المحرم.
* لوضوح أنّ الدلیل فی لبن المرأة، وهذا لیس منه، کما أنه لو فرض تزریق المنی بحیث خرج من الرجل، لم یکن منیه ولم یوجب غسلاً، وهکذا حال الدم الذی یمتصّه العلق، فإنه لا یعد من دم حیوان لیس له نفس سائلة حتی یکون طاهراً، إلی غیر ذلک من أشباهها.
المسألة 139: لو خرج اللبن من غیر الثدی بواسطة فتح منفذ، لم یبعد أن یلحق به حکم الرضاع.
* للصدق إذا اجتمعت الشروط، وقد ذکرنا فی (الفقه) مسألة خروج المنی والبول والغائط من غیر المخارج المتعارفة((1)).
ص: 76
المسألة 140: الحروب الکیماویة والجرثومیة ضد الکفار إنما هی فیما إذا توقف الانتصار علیها، أو إذا کان الکافر یستعملها، أما بدون هاتین الصورتین فالاجتناب واجب.
* مع توقف الانتصار تکون المسألة من الأهم والمهم، بشرط إجازة شوری الفقهاء، ومع استعمال الکافر تکون من المقابلة بالمثل، قال تعالی: «فَاعْتَدُواْ عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَی عَلَیْکُمْ»((1))، أما بدونهما فهو من التشویه والتمثیل فلا یجوز، وقد ذکرنا فی الفقه لزوم التدرج فی الدول حول نزع السلاح مطلقاً، وخاصة مثل هذه التی تتنافی مع المثل الإنسانیة، والتعالیم السماویة.
المسألة 141: إذا توقف الانتصار علی إلقاء القنابل فی بلد فیه مسلم وکافر محارب جاز، وإن قتل فیه المسلم أیضاً، فإنه من قبیل تترس الکافر بالمسلم.
* لکن اللازم ملاحظة الأقل فالأقل، فإنه من أشد حالات الاضطرار، وقد تقدم فی مسألة شبیهة اشتراط إذن شوری المراجع، ولزوم إعطاء دیة المسلم من بیت المال وکذلک حال الذمی ونحوه.
المسألة 142: یجوز العمل الفدائی ضد الکفار، وإن استلزم ذلک الإتیان بالصلاة الاضطراریة؛ لعدم الماء أو لعدم التمکن من الإتیان بصلاة المختار، لکن بشرط أن یکون ذلک تحت قیادة إسلامیة مشروعة.
* فإن ذلک من باب الأهم والمهم، وکذلک لو استلزم العمل الفدائی بعض
ص: 77
المحرمات الأخر، من غیر فرق بین الحروب الابتدائیة أو الدفاعیة أو فی حرب طائفتین من المؤمنین اقتتلوا، لوحدة الملاک فی الجمیع.
المسألة 143: إذا توقف الانتصار علی الاغتیال وإحراق الزرع وما أشبه جاز، من باب المقابلة بالمثل، لکن اللازم اجتناب هذه الأمور، إلا فی الضرورة القصوی.
* أما الجواز مع الاضطرار فلدلیل الأهم والمهم، وللمقابلة بالمثل، وأما لزوم مراعاة الضرورة القصوی فلأنها أشیاء غیر نزیهة والنزاهة مطلوبة فی کافة الأمور الإسلامیة، سلماً أو حرباً، کما یظهر من توصیات الرسول(صلی الله علیه و آله) وعلی(علیه السلام) وقد ذکرنا شطراً منها فی کتاب الجهاد وغیره((1)).
المسألة 144: الحروب الباردة ضد العدو والدعایات المضللة للعدو جائزة، فإنّ الکافر حیث یصنع ذلک، فیجوز مقابلته بالمثل، ولعموم الأدلة.
* وذلک لآیة الاعتداء((2))،
ولقوله تعالی: «وَجَزَاء سَیِّئَةٍ»((3))، ولقوله سبحانه: «وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ»((4))، مع قطع النظر عن الأدلة العامة، وقاعدة الأهم والمهم، لکن اللازم کما تقدم ملاحظة النزاهة إلی أبعد حد ممکن، وفی کلام علی(علیه السلام): «ما معاویة بأدهی منی»((5))
إشارة إلی ذلک.
ص: 78
المسألة 145: الأقمار التی تعکس النور علی الأرض، بأن تختزن النور من الشمس مثلاً فی النهار وتعکسه علی الأرض فی اللیل،یجوز لمالکها أن یتعاقد مع أهل البلد لإنارتهم کأن یأخذ من کل بیت دیناراً لأجل إنارتهم فی کل شهر لکن لیس للمالک إجبار أحد.
* وذلک لإطلاق أدلة الإجارة ونحوها، وحیث إنّ الناس مسلطون فلا جبر، والظاهر: أنه لا یصح لصاحب القمر أن یقول: إنی لا أرضی باستفادة من لم یؤد أجره، فهو کالاستفادة من نور الجیران الذی ینیر الطریق ونحوه ولو بدون رضاه، اللهم إلا فی بعض الموارد التی ذکرناها فی الفقه: کتاب الإحیاء((1)).
المسألة 146: التعلیم الإجباری إذا توقف تقدم المسلمین علیه، بأن خیف انهزامهم فی میادین الحروب ونحوها جائز؛ لأنّ الحرب فی الوقت الحاضر تتوقف علی مختلف العلوم، وإلا لم یکن جائزاً؛ لأنّ الناس مسلطون علی أموالهم وأنفسهم، لکن الظاهر غنی الدولة الإسلامیة من الإجبار، فإن الإغراء وما أشبه کفیل بإقبال الناس بدون إجبار.
* کل الأمور الثلاثة دلیلها معها، ولیس ذلک لأجل الحرب فقط کما فی المتن، بل یجری أیضاً فی الاقتصاد والسیاسة وغیرها، حیث هناک تنافس شدید بین المسلمین وغیرهم فی هذه الأمور، فاللازم عدم تأخر المسلمین عنهم، فإن «الإسلام یعلو ولا یعلی علیه»((2)).
ص: 79
المسألة 147: الجندیة الإجباریة التی یطلق علیها الیوم اسم الخدمة العسکریة حالها حال التعلیم الإجباری، کما تقدم فی المسألة السابقة.
* لما ذکرناه فی المسألة السابقة من الدلیل، والعمدة أنّ الإغراء کاف بلا حاجة إلی الجبر.
المسألة 148: إذا فرض إمکان دائمیة النهار فی منطقة، بواسطة إیجاد ثقوب فی الأرض ونصب مرایا، حتی تشع الشمس علی ذلک المکان طول الزمان، فاللازم اتباع حالة المنطقة قبل هذه العلمیة فی اللیل والنهار والصلاة والصیام والحج وغیرها.
* وذلک لأنّ الأدلة منصبة علی المتعارف، بالإضافة إلی بعض الروایات الواردة فی الآفاق غیر المتعارفة القائلة بأنهم یأخذون حسب المتعارف.
وکذلک حال مدینة تصنع فی الفضاء تدور مع الشمس، أما المدینة التی تصنع تحت البحر فالمعیار فی نهارها ولیلها هو سطح البحر؛ لأنه یکون حینئذٍ کمن فی التراب والنفق.
المسألة 149: إذا ارتفعت نفقات الحرب للاحتیاج إلی الصواریخ والذرّة وما أشبه ذلک، بحیث لا تتمکن الدولة من القیام بها مع فرض استنفاد جمیع إمکانیاتها، جاز أخذ النفقة من الرعیة((1))،
وإن کانت خارجة عن الخمس والزکاة؛ وذلک لوجوب الجهاد علی الکل والنفقة من مقدمات الجهاد.
ص: 80
* لکن اللازم ملاحظة النسبة لا الأخذ اعتباطاً، فإذا کان هناک متبرعون ولم یکف، أخذ الباقی من الناس حسب أفرادهم أو ثرواتهم، وذلک بأن یؤخذ مثلاً من کل إنسان قادر دیناراً مثلاً، أو من کل ذی ثروة عشرة دنانیر، وهکذا.. إذ لا أولویة فی اعتباطیة النسبة أو اعتباطیة الأخذ، ویؤیّد الاختلاف مع اختلاف الثروة بالإضافة إلی أنه مقتضی قاعدة العدل والإنصاف: ما نراه من اختلاف أخذ الجزیة من الفقیر والغنی والمتوسط، أو اختلاف الخراج من مختلف الأراضی الزراعیة.
ولا یخفی أن مثل هذه الأحکام التی تعتبر من الأحکام الثانویة یجب الاقتصار فیها علی موضع الضرورة، فإن الضرورات تقدر بقدرها، ولا یجوز أن تکون قانوناً أولیاً کما نشاهده الیوم فی الدول الإسلامیة، حیث تأخذ ما لا یجوز من الضرائب وغیرها بعنوان القانون الأولی، هذا ویجب أن یکون الحاکم بهذه الأحکام شوری الفقهاء المراجع، کما ذکرناه فی بعض کتبنا.
المسألة 150: یجب أن تکون سیرة الدولة الإسلامیة والشعب المسلم سیرة تؤدی إلی تفوّق المسلمین علی سائر الأمم وتقدمهم علی سائر البلاد فی مختلف شؤون الحیاة؛ لقاعدة (الإسلام یعلو ولا یعلی علیه).
* فإنّ «الإسلام یعلو»((1)) لیس إخباراً، بل هو إنشاء بهذه الصیغة مثل: «لا رضاع بعد فطام، ولا یتم بعد احتلام»((2))؛
ولذا رتب الفقهاء علیه أحکاماً فی
ص: 81
مختلف الأبواب((1)).
المسألة 151: یجوز تبدیل دم الإنسان بدم إنسان آخر، سواء کان أجنبیاً أم لا، فإنه لا مانع من تزریق دم الأجنبی فی جسم الأجنبیة وبالعکس.
* لإطلاق دلیل الحل، وکذلک الحال فی دم المسلم للکافر وبالعکس، وکذلک یصح جعل دم الکلب أو الخنزیر للإنسان إذا فرض إمکانه، وبعد التحوّل إلی جسمه یکون حاله حال دمه.
المسألة 152: یستحب التبرع بالدم للمرضی، فإنه من التعاون علی الخیر، والصدقة المندوبة، وإذا توقف حیاة إنسان علی الدم وجب التبرع (ولو بأجر) کفایة.
* والوجوب تکلیفی، ولا تلازم بینه وبین الحکم الوضعی بجواز أخذ الأجرة، مثل وجوب الصناعات، حیث إن الوجوب لا ینافی جواز أخذ الأجرة((2)).
المسألة 153: یستحب جمع المال من الناس، ولو بإغراء جوائز (الیانصیب) بصورته المحلّلة، لأجل بناء المستشفیات، والمعاهد، ودور الأیتام الفقراء، وما أشبه ذلک، فإنه من التعاون علی الخیر.
* ولیس هذا من القمار المحرم، وإن أعطی مسؤولو الیانصیب بعض الجوائز،
ص: 82
ولو من نفس المال للمساهمین.
المسألة 154: إذا أعطی المساهمون المال لأجل بناء المستشفی مثلاً ولأجل إعطاء الجائزة لسائر المساهمین، کما لو أعطی کلّ واحد من مجموع ألف إنسان لغرض بناء المستشفی، وأباحوا تخصیص بعضها جائزة للإغراء والتشویق، جاز ذلک؛ لأنه من إعطاء المال بالرضا.
* وذلک للإطلاقات والعمومات، من غیر فرق بین أن یرضی الجمیع بإعطاء الجوائز أو البعض، بشرط أن لا تزید الجائزة علی سهم الراضی، وفی صورة تعدد الراضی لا فرق بین تساوی أخذ الجائزة منهم وعدم التساوی، فالمتبع هو رضا المالک ومقدار رضاه.
المسألة 155: لا بأس بأن یفتح إنسان مؤسسة لتزویج العوانس دواماً أو متعة وذلک حسب الموازین الشرعیة، التی فیها إجراء الصیغة، وأخذ العدة وحفظ الولد من الضیاع، إلی غیر لک، ومثل هذه المؤسسات تقضی علی دور البغاء. ولیعلم أنّ الذین یشمئزون من مثل هذه المسألة غافلون أو متغافلون عن البغاء والجنایات الکثیرة التی ترتکب فی طول الأرض وعرضها جرّاء انسداد هذا الباب أمام الشباب والعزّاب.
* ویتم عبر هذه المؤسسات تزویج العزاب والعازبات وتحصیل السکن ورأس المال لهم، ولو فاضت النساء کان الحل فی تعدد الزوجات، وکل ذلک میسور إذا طبق الإسلام فإنّ «الأرض لله ولمن عمرها»((1))
فتقسم بین الناس وکل
ص: 83
یبنی ولو بنفسه وبأقربائه.
ومن الممکن جعل مصرف العقار لأجل إقراض الذین یحتاجون إلی الإقراض لو فرض أن لا بیت للمال ثم الترویج لبساطة الزواج وقلة تکلفته، فقد قال(صلی الله علیه و آله): «أفضل نساء أمتی أقلهنّ مهراً»((1)).
ومن الممکن أیضاً توفیر العمل للنساء بما یتلاءم مع طبیعتهن، مثل تأسیس محلات خاصة بالنساء للصنائع الیدویة من الخیاطة والحیاکة والتطریز وصنع الألبسة والأفرشة وما أشبه ذلک.
لا یقال: إذا بنو الدور وسکنوها فمن أین الماء والکهرباء وما أشبه؟
لأنه یقال: التجار یقومون بذلک ویجعلون لها أجوراً معقولة، والحکومة تشرف لعدم الإجحاف.
ثم من الممکن بالنسبة إلی إنماء المال إنشاء الشرکات الصغیرة بین جماعات وجماعات، فإنّ «ید الله مع الجماعة»((2))، والبلاد الصناعیة التی تقدمت لم تفعل إعجازاً، وإنما استفادت من هذه الأمور التی جعلت فی الإسلام وترکها غالب المسلمین.
المسألة 156: یصح وقف الوسائل الحدیثة، کالسیارة والطیارة والقطار والإذاعة وغیرها، لأجل الذریة أو صنف خاص، أو مصلحة خاصة أو عامة.
* وذلک لإطلاق قوله(علیه السلام): «الوقوف علی حسب ما یقفها أهلها»((3))
بل الظاهر
ص: 84
جواز الوقف بالروح العام لشمول الإطلاق له، وذلک بأن یملک دوراً وعقاراً وسیارات وما أشبه، فیوقفها ویجعل بید المتولی الإبقاء علی الروح العام فیها ویعطیه الاختیار فی أن یبقیها أو یبدلها، مثل جعل الحمام دکاناً، أو بیع الدار واشتراء السیارة مکانها، إلی غیر ذلک((1)).
المسألة 157: غاز الأوکسجین الذی یحفظ فی العلبات ویستنشقه المصابون للضیق فی تنفسهم عبر الفم، لا یوجب بطلان الصوم؛ لأنه لیس من الغبار الغلیظ.
* وإن کان یدخل فی الهواء شیء یسیر من الدواء، بحیث لا یصدق عرفاً الأکل والشرب وإیصال الغبار، فهو لا یزید عن التراب الکائن فی الهواء طبیعیاً فیدخل فی الحلق بالتنفس أو الاستنشاق.
المسألة 158: الإدخال فی قبل المرأة المطاطیة، أو إدخال ذکر الرجل المطاطی فی المرأة لا یوجبان بطلان الصوم إذا لم یکن بقصد الإنزال، نعم هو حرام؛ لأنه مثیر للشهوة، ولعله تکون صغری لقوله سبحانه: « وَالَّذِینَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَی أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَکَتْ أَیْمَانُهُمْ »((2)).
* وذک لأنه لیس جماعاً فاعلاً أو مفعولاً، وإن توهم الفاعل أنه یدخل فی امرأة حقیقیة، أو توهّمت أنه یدخل بها رجل حقیقی، فإن الحکم تابع للواقع لا للتوهم.
وکذا الإدخال فی دبر اللعبة المطاطیة الشبیهة بالرجل، أو إدخال ذکرها فی
ص: 85
دبره، فإنه لم یکن مبطلاً، ولیس له أحکام اللواط فاعلاً ومفعولاً، بل فی مثل الصوم المستحب الذی لا یضره قصد الإفطار لا یبطل الصوم.
من غیر فرق فی کل ذلک بین کون المطاط الفاعل أو المفعول بشکل الإنسان أو الحیوان أو غیرهما، نعم لا إشکال فی حرمته.
المسألة 159: لا یبطل الحج والاعتکاف الإدخال المذکور فی المسألة السابقة وإن کان حراماً.
* لما ذکر فی المسألة السابقة، وکذلک الحال فی الاعتکاف، ولا یبطل به الوضوء أو الغسل أو التیمم، کما لا یحرم بسبب ذلک بدون الإنزال دخول المسجد وغیره.
المسألة 160: لو رکّب شیء من المطاط عبر عملیة جراحیة برأس الذکر، لم یکن إدخاله وحده فی المرأة موجباً للجنابة، ولم یکن له سائر أحکام الإدخال، کالزنا والمصاهرة وما أشبههما.
* لأنه لیس بإدخال للحشفة، وکذا إذا رکب لنفسه ذکراً اصطناعیاً وعدّ جزءاً منه فادخله فیها، فلا تشمله الأحکام المذکورة، وإن أحسّت بالحرارة والحرکة مما تتوهم أنه حقیقی بسبب الکهرباء ونحوه.
المسألة 161: إدخال الذکر فی المرأة المطاطیة، وإدخال المرأة الذکر المطاطی فی نفسها لا یوجب الغسل، إلا إذا صار سبباً للإمناء.
* الحکم فی کل من المستثنی منه والمستثنی حسب القواعد، نعم لا إشکال
ص: 86
فی حرمته لما عرفت.
المسألة 162: لو رکب المنی فی الرجل المطاطی، وجامعته المرأة لم یجز ذلک، فإن حملت منه، فإن کان من منی زوجها کان الولد حلالاً، وإلا کان الولد تابعاً لصاحب المنی.
* ویأتی فی المقام بصورها المختلفة مسألة ولد الزنا وولد الحلال وولد الشبهة علی حسب الموازین الأولیة، ولو خلط منی الزوج وغیره وأدخل فی المرأة کان الولد للفراش، ولو خلط منیان من أجنبیین کان من أحدهما ویعین بالقرعة.
المسألة 163: لا یجوز قتل ولد الحرام إذا کان من مسلم أو محترم من الکفار، ولا یجوز إیذائه.
* وذلک لعموم أدلة حرمة القتل والإیذاء، ولأنه غیر مذنب، وإنما أذنب الزانی أو الزانیة، فله کل أحکام المسلم إلا ما خرج مثل الإمامة والقضاء، هذا فیما لو کان مسلماً، وله کل أحکام الکافر فیما إذا کان کافراً، ویلزم بأحکام الکافر لقاعدة الإلزام.
المسألة 164: إذا زرق دم نجس العین فی حیوان طاهر، کتزریق دم الکلب فی الشاة، فإن صار جزءاً منه بحیث یقال إنه دم الشاة، صار طاهراً بعد خروج المقدار المتعارف منه بالذبح.
* لأنه صار دمه لا دم المنتقل عنه، نعم هو محتاج إلی الصدق العرفی.
ص: 87
المسألة 165: إذا زرق دم طاهر((1)) فی حیوان نجس العین کالکلب أو نجس الدم کالإنسان تنجس الدم فی الأول بمجرد الملاقاة، أما فی الثانی، فإن قلنا بأنّ الدم فی العروق طاهر، حیث یقال: إن الدم ما لم یخرج من البدن لا یکون نجساً، فالدم الطاهر إن صار جزء الإنسان صار نجساً، وإلا کان طاهراً.
* قولنا: «وإلا کان طاهراً» لأنه بمنزلة تزریق الماء فی العروق، فهل اتصاله بالدم فی داخل الجسم یوجب نجاسته؟
المسألة 166: لا یجوز سحب دم الإنسان بدون رضا إلا إذا کان بقاؤهُ موجباً لهلاکه أو مرضه الذی لا یجوز تحمله، فإنه حیث کان سحب الدم واجباً لم یکن لرضاه أو عدم رضاه تأثیر شرعی.
* المستثنی منه؛ لأن الناس مسلطون علی أموالهم وأنفسهم، والمستثنی لأنه لا حق للإنسان أن یفعل شیئاً، أو یترک شیئاً یوجب موته، أو فساد عضو منه، أو ذهاب قوة، وذلک حسب ما ذکرناه فی أدلة (لا ضرر).
المسألة 167: البرد والشتاء، والصیف والربیع المصطنع بواسطة الوسائل الحدیثة، لا یوجب استحباب الأمور المرتبطة بهذه الفصول، کالحجامة والمآکل الخاصة وما أشبه مما ذکر فی الأخبار، إلا إذا صدق الربیع أو نحوه صدقاً عرفیاً.
* إذ مع الصدق العرفی یتحقق الموضوع فیتحقق الحکم، ولعله یکون له آثار فی البدن، ففی فصل الربیع الاصطناعی کالطبیعی یکون الدم فی البدن کذا،
ص: 88
وهکذا فی سائر الفصول، ولذلک لو انتقل الإنسان من محل الصیف إلی الربیع أو ما أشبه یکون له حکم المنتقل إلیه.
المسألة 168: لا یبعد جواز تبدیل عضو إنسان بعضو إنسان آخر کأن تجری العملیة الجراحیة لتبدیل ید زید مکان ید عمرو، وبالعکس إذا لم یکن فی ذلک ضرر لا یجوز تحمله شرعاً.
* لإطلاق أدلة الحل، وقد تکون هناک بعض الأغراض العقلائیة، مثل أن تناسب ید زید عمرواً طولاً وضخامة وما أشبه، وبالعکس.
المسألة 169: هل یجوز للإنسان أن یقرأ أفکار الإنسان الآخر أم لا؟ التفصیل:فإذا کان الإنسان الآخر راضیاً جاز، وکذلک إذا کان مهدور الحق، کالکافر الحربی، أما إذا لم یعلم برضاه، أو علم بعدم رضاه، وکان غیر مهدور الحق فالظاهر عدم الجواز؛ لأنه من کشف السر، إلا إذا کان هناک عنوان مجوّز، کما لو علم القارئ أنّ الطرف یفکر فی وسیلة لإیصال الأذی إلیه أو إلی غیره، فیقرأ فکره لأجل إنقاذ نفسه أو غیره من أذاه.
* الحکم فی المستثنی منه والمستثنی علی القاعدة، وإذا شک فی رضاه، أو فی کونه مهدور الحق، ولم یکن استصحاب، فلا یجوز؛ لکونه تصرفاً فی الغیر من دون رضاه.
أما لو علم بأنه یرید إضراره أو إضرار غیره فالجواز؛ لعموم أدلة الدفاع عن النفس وعن الغیر ولدلیل (لا ضرر) ونحوه.
المسألة 170: لا یجوز أذیة إنسان محترم بالوسائل العلمیة، کما لو أحضر
ص: 89
روحه ولقّنه ما یسبب أذاه وبؤسه، نعم إذا کان إنسان غیر محترم الحقوق جاز ذلک.
* لکن الاستثناء لیس مطلقاً، بل بالقدر الذی علم من الفحوی وأولویة الأذی من هدر الحق، إذ کل هدر حق لیس سبباً فی جواز الأذی، مثلاً: لا یجوز تعذیب المحارب وإن کان مهدور الحق.
المسألة 171: لا یجوز أذیة إنسان محترم بالوسائل السحریة، فإنّ السحر بنفسه حرام، وأذی الإنسان المحترم حرام آخر، لکن أذیة مستحق الأذی بواسطة السحر إذا کان السحر جائزاً لأجل أهمیة فی البین لا بأس به، کما إذا دخل بالسحر الرعب فی قلب الکافر المهاجم حتی یهزمه.
* وعلی هذا فاللازم أن یکون جواز السحر من باب الأهم والمهم وما أشبه من الأحکام الثانویة.
المسألة 172: الألعاب السحریة والشعبذة (کما یفعله لاعب السیرک) لیست بجائزة، أما سائر أفعاله المباحة فهی جائزة.
* لأدلة حرمة السحر، والشعبذة غالباً من السحر، ولو شک فی أنها من السحر الحرام أم لا، وفحص ولم یصل الفحص إلی نتیجة، کان الأصل الحل((1)).
المسألة 173: یستحب تهیئة البیوت النظیفة من المنکرات فی البلاد الغربیة والشرقیة لأجل طلاب المسلمین، لحفظهم عن الاختلاط بالأجانب فی بیوتهم،
ص: 90
مما یسبب انزلاقهم خلقیاً وشرعیاً، جرّاء الاختلاط بفتیات البیت، وأکلهم من أطعمة نجسة وما أشبه ذلک، بل لعل بعض أقسام ذلک واجب علی المتمکن القادر، فإنه من دفع المنکر.
* والاستحباب والوجوب لا ینافی أخذ الأجرة، بل لو تمکن جماعة من ذلک بالموازین الاقتصادیة تحت نظر الخبراء أمکن تخفیض الأجرة أیضاً، بحیث یکون مرغّباً للطلاب والطالبات، خصوصاً إذا کانت البیوت مزوّدة بمکتبة، وحدیقة، ووسائل الترفیه الحدیثة النزیهة عن المحرمات، ووسائل الاختبار، وغیر ذلک.
المسألة 174: یجب وجوباً کفائیاً الاطلاع علی المبادئ الوافدة، والأحزاب الکافرة، والمذاهب الباطلة، والقوانین الجائرة، لأجل إنقاذ المسلمین خصوصاً الشباب من التردّی فی هذه الأباطیل والضلالات.
* فإنّ الباطل لا یمکن الوقوف أمامه إلا بمعرفته، ومن الواضح أنّ الوقوف لا یکون بالإعلام فقط، بل بمقابلته بالمثل، مثلاً: الشاب یرید إظهار نشاطه فی ضمن مجموعة، فإن وجد مجموعة صالحة فهو وإلا انضم إلی مجموعة باطلة، فاللازم تکوین المجموعات الصحیحة، وهکذا أمثال ذلک.
المسألة 175: إذا رجع الشیخ شاباً بواسطة تبدیل بیضته إلی بیضة القرد مثلاً أو ما أشبه کما تفعله العلمیات الجراحیة الحاضرة، صار حکمه حکم الشاب فی وجوب الصیام علیه، بعد أن سقط عنه الصوم بواسطة کونه شیخاً هرماً.
* لأن تغیر الموضوع یستلزم تغیر الحکم، والتغییر جائز لإطلاق أدلة الحل.
ص: 91
المسألة 176: إذا صار الشاب شیخاً بواسطة تضعیف خلایاه أو ما أشبه، ترتب علیه حکم الشیخ فی الصیام ونحوه، نعم الظاهر أنه لا یجوز للشاب أن یجعل نفسه شیخاً لأنه ضرر بالغ.
* فدلیل (لا ضرر) یشمله، ومن المسألتین یعرف أنه یجوز تبییض الشعر کالشیخ أو تسویده بتقویة البصیلات کالشاب، من غیر فرق بین الرجل والمرأة، نعم یشکل التبییض للمرأة المزوجة إذا لم یرض زوجها؛ لأنه یعتبر من حق الزوج.
المسألة 177: إذا رجعت المرأة الیائسة شابة بواسطة الجراحیة مثلاً حتی ظهر علیها آثار الشباب، کالدم المعتاد والحمل وغیر ذلک، فالظاهر: رجوع أحکام غیر الیائسة إلیها من العدة والحیض وغیر ذلک.
* وذلک لترتب الحکم علی الموضوع، ولا یتوقف ذلک علی إذن الزوج؛ لتسلّط الناس علی أنفسهم، وإنما أشکلنا فی المسألة السابقة بدون رضا الزوج؛ لأنه من التصرف عرفاً فی الأمر المرتبط بالزوج، کما أشرنا إلیه وهنا لیس کذلک، ففرق بین المسألتین.
المسألة 178: لو ارتدّت الشابة عجوزاً یائسة حقیقة فهل یحکم علیها بأحکام الیائس؟ لا یبعد ذلک.
* فإنه إذا تحقق الموضوع تحقق الحکم، لکن اللازم تحقق ذلک واقعاً لا أن یکون ضعفاً فی الخلایا أو ما أشبه، ففرق بین الضعف والیأس، کما أنه فرق بین القوة والنمو.
ص: 92
المسألة 179: من المندوب علی الدولة الإسلامیة، بل علی کل فرد قادر السعی فی زواج العواهر بعد أن ینظفهنّ من عمل العهر بالتوبة، والأول: وهو نهیهن عن المنکر وحفظهنّ عن الانزلاق واجب، والثانی: وهو تحصینهنّ بالزواج مستحبّ مؤکّد.
* وقد زوج علی(علیه السلام) بعض العواهر، کما فی الوسائل، والحکم وجوباً واستحباباً حسب القواعد العامة، وکذا یلزم تحصین المساحقات بالزواج، والمأبونین بالعلاج، إلی غیر ذلک، کمن یجامع الحیوان؛ لعدم زوج أو زوجة أو ما أشبه ذلک.
المسألة 180: لا یجوز للفتیان اتخاذ الخلیلات ولو کن کافرات، ولا یجوز للفتیات اتخاذ الأخلاء.
* کلمة: «ولو کن کافرات» إنما ذکرت من جهة توهّم احتمال أنها تدخل فی دلیل الإلزام، لکن المقطوع به عدمه، فإنّ دلیل الإلزام کما ذکرناه فی الفقه((1))
بین مقطوع الوجود، کالتزویج بالمطلقة غیر الجامعة للشرائط إذا کانت غیر مؤالفة، ومقطوع العدم مثل الزنا بالکافرة التی تری إباحة الزنا، واللواط بالکافر الذی یراه مباحاً، وما أشبه ذلک، وما نحن فیه منه أیضاً، ومحتمل الأمرین، وفیه: إنه إذا لم یصل الاجتهاد إلی أحد الطرفین، کان دلیل الإلزام محکماً؛ لأنه من مصادیقه ولا یعلم بخروجه.
المسألة 181: لا تجوز المغازلة والمعاشقة بواسطة الرسائل بین نفرین یحرم
ص: 93
أحدهما علی الآخر.
* فإنه من التشبیب والتلذّذ والریبة وکلّها محرم.
المسألة 182: لا یجوز الدلال والخضوع فی القول للنساء مع الأجنبی، حتی وإن کان بالهاتف واللاسلکی وما أشبه ذلک، قال تعالی: «فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ»((1)).
* فإن إطلاق الآیة یشمل کل الوسائل وإن لم یتمکن الذی فی قلبه مرض من الوصول إلیها بسبب أنها فی الرادیو أو التلفزیون أو الفیدیو أو الشریط، وذلک لإطلاق أدلة المنع، فلا یقال: إنه منصرف إلی إمکان الوصول.
المسألة 183: الظاهر أنه لا یجوز صنع المنادیل وما أشبه الموجبة للفتنة، کالمنادیل التی کتبت علیها أبیات شعریة مثیرة، مما اعتاد الجنسان إهداءها بعضهم لبعض.
* لأنّ ذلک مقدمة للإثارة والحرام.
المسألة 184: یستحب فتح دور الولادة، والحضانة، والرضاعة، ودور اللقطاء، ودور المشردین، فإنّ ذلک من التعاون علی البر والتقوی، وقد یجب بعض هذه الأمور.
* فإنّ کلَّ ما یکون خدمة للإنسان بما هو إنسان محبوب فی الشرع، وقد قال علی(علیه السلام): «فإنهم صنفان إما أخ لک فی الدین وإما نظیر لک فی الخلق»((2)).
ص: 94
المسألة 185: یستحب فتح مدارس للعمیان، لتعلیمهم الکتابة والقراءة، وکذلک فتح المدارس لسائر ذوی العاهات، فإنه إعانة علی البر والتقوی.
* هذا بالإضافة إلی ما تقدم من إطلاق خدمة الناس المذکور فی کلام علی(علیه السلام) وغیره.
المسألة 186: یجوز علاج المرضی بالعلوم النفسیة المتداولة فی هذا الزمان.
* فإنه مشمول لأصالة الحل بعد أن لم تکن جهة محرمة فی البین، فإنه قد ثبت أن کلاً من الروح والبدن یؤثر أحدهما فی الآخر، ولذا إذا مرض البدن فلقت الروح، وإذا فلقت الروح مرض البدن، وإذا جاز فقد یجب وقد یستحب کل فی مورده کسائر العلاجات.
المسألة 187: یجوز علاج المرض بسبب التنویم والإیحاء وما أشبه، إذا لم تکن جهة محرمة فی البین.
* وذلک لما ذکرناه فی المسألة السابقة.
المسألة 188: الإضراب والمظاهرة وتنظیمها لمطالبة حق أو دفع باطل جائزان، بل قد یجبان.
* علی موازین الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، والدعوة إلی الخیر، وإرشاد الضال،وتنبیه الغافل، إلی غیر ذلک، بالإضافة إلی أصل الحریة للإنسان فی غیر المحرمات.
ص: 95
المسألة 189: الظاهر جواز تغییر الجنین بأن یجعل الولد بنتاً وبالعکس، کما نشرته بعض الصحف.
* الجواز لأصالة الحل ولا یشمله «وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَیُغَیِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ»((1))
وکذلک یجوز جعله توأمین بواسطة بعض الموازین الطبیة إذا أمکن ذلک، نعم لا یجوز جعله معلولاً أو ناقصاً أو مشوّهاً أو ما أشبه؛ لأنه من الإضرار وتغییر خلق الله.
المسألة 190: یجوز تعلیم الحیوانات کالقردة والدببة الرقص، والاستمتاع برقصهن إذا لم تکن هناک جهة محرمة خارجیة.
* إذ لا دلیل علی حرمة الرقص بالنسبة إلیها، وکذلک لو رکب فی اللعبة أو التمثال المطاطی ما یرقصه، إلا إذا کانت هناک جهة محرمة أو ضرر غیر جائز.
المسألة 191: لا یجوز النظر إلی الحیوان بنظر الشهوة.
* لأنّ الریبة والشهوة لا یجوز إلا بالنسبة إلی الزوجین، وکذلک التلذّذ الشهوی، وقد ادعی الجواهر علیه الإجماع((2))، وهکذا لو لمس بشهوة، أما إذا عرف أنّ الحیوان ینظر إلیه أو إلیها بشهوة کما سیأتی فالظاهر أنه لا یجب الستر عنه، إذ الأصل الحل.
المسألة 192: هل یجب ستر الجسد عن الحیوان الذی ینظر إلی الإنسان
ص: 96
بشهوة والتذاذ، کستر المرأة جسدها عن قرد ینظر إلیها بشهوة؟ احتمالان.
* احتمال الحل؛ لما تقدم، واحتمال الحرمة؛ لأنه من خوف الافتتان، لکن الأقرب إلی الصناعة الأول، وإن کان الأحوط الثانی، ومن ذلک یعرف لو لمس الحیوان بدن الإنسان بشهوة.
المسألة 193: لا بأس بتقویة السمع حتی یسمع من فراسخ، ومع وجود الحائط أو ما أشبه، کما لا بأس بتقویة البصر کذلک، لکن لا یجوز هتک أو کشف الأسرار بواسطتهما.
* وذلک لأصل الحل، أما الهتک والکشف فلا یجوز لإطلاق أدلّتهما، إلا فیما جاز، کنظره إلی بدن زوجته وبالعکس فی زوجها، ومنه یعلم حکم تقویة سائر القوة الجسدیة والروحیة.
المسألة 194: لو فرض إمکان تلبیس جسد بروح میت، أو روح حی، فهل یجوز ذلک؟ الظاهر نعم بالنسبة إلی روح حی یرضی بذلک، أما روح المیت ففیه احتمالان، وإن کان الجواز لا یخلو من قرب.
* أما بدون رضا الحی فلا یجوز؛ لأنه خلاف تسلّطه.
وأما وجه القرب فی المیت فلأصالة الحل فیما لا دلیل علی حرمته، وأما وجه احتمال الحرمة فیه فهو قوله(صلی الله علیه و آله): «حرمته میتاً کحرمته حیاً»((1))، لکن الظاهر عدم شمول الروایة للمقام، إلا إذا فرض العلم بأذیة المیت، وفی الحدیث: «فتوقی
ص: 97
لمیت مما توقی منه نفسک»((1)) لکن الفقهاء لا یقولون بإطلاقه.
المسألة 195: لو فرض إمکان تبدیل روحین لجسدین، بأن یدخل روح زید فی جسد عمرو وبالعکس، جاز برضا الطرفین، وقد ذکرت ذلک بعض الصحف.
* ویدل علی الجواز إطلاق دلیل الحل، لکن بشرط أن لا یکون هناک محذور، وحینئذٍ فأحکام الزوجیة والنسب وغیرها هل یتبع الجسد أو الروح؟ احتمالان.
المسألة 196: لا یجوز إخراج روح الإنسان بالوسائل النفسیة، وقد کان هذا معمولاً فی القدیم، کما یظهر عن حدیث ورد عن الإمام الصادق(علیه السلام).
* وذلک لأنه إماتة، نعم إذا لم یکن إماتة، بل کان من قبیل التنویم لم یکن به بأس بشرط رضا الطرف؛ لأنه تصرف فی سلطنته، فلا یجوز إلا بإجازته، وبشرط عدم الضرر البالغ.
المسألة 197: هل یجوز إخراج روح الحیوان بالوسائل النفسیة بدون أن یکون ذلک أذیة محرمة له؟ الظاهر الجواز فی الحیوان الذی لا یکون ذلک إسرافاً بالنسبة إلیه، ولم یکن له صاحب، أو کان، ولکنه کان راضیاً، کما لو أخرج روح نملة، أو هرة غیر مملوکة، أو مملوکة ولکن صاحبها راضٍ بذلک، أما بالنسبة إلی حیوان یوجب ذلک إسرافاً، کما لو أخرج روح الشاة لم یجز، وکذلک إذا کان مملوکاً وصاحبه لا یرضی، وإن لم یکن إسرافاً.
ص: 98
* وجه الأحکام الثلاثة إطلاق أدلتها.
المسألة 198: لا یجوز تکبیر عضو من أعضاء الإنسان بالوسائل الحدیثة بما یسمی تشویهاً وتغییراً لخلق الله، کما إذا کبر الید إلی حیث ضعف الجسد أو ما أشبه، وکذلک التصغیر، کما إذا صغر الید إلی حیث بلغت بقدر الإصبع مثلاً.
* أما بالنسبة إلی نفسه فلأنه تغییر خلق الله وإضرار لا یجوز، وأما بالنسبة إلی غیره فإن رضی کان المحذور، وإن لم یرضَ کان محرماً من هذه الجهة أیضاً.
المسألة 199: لا یجوز انتهاک حرمة الإنسان بجعله فی المتحف إذا کان قزماً جداً، أو طویلاً جداً، کما یفعله بعض البلاد، نعم یجوز ذلک برضاه وملء اختیاره، ویجوز له أن یأخذ أجرة علی ذلک، إلا إذا کان إهانة یحرم علی الإنسان المؤمن تحملها.
* فإن کل واحد من العمل خلاف سلطة الإنسان إذا لم یرض وإهانة وإذلال له إن رضی محرم للأدلة، ولذا إذا لم یکن إهانة ورضی جاز حیث لا محذور.
المسألة 200: یجوز تبییض جسم الإنسان الزنجی، کما یفعل ذلک بالمساحیق والأدویة الحدیثة فی بعض البلاد.
* إذ هو تغییر لا یصدق علیه تغییر خلق الله، فالأصل جوازه، لکن یلزم أن یکون ذلک برضاه، وإلا کان خلاف سلطته.
المسألة 201: هل یجوز تسوید أو تحمیر أو تصفیر بشرة الإنسان الأبیض؟
ص: 99
احتمالان، الجواز للأصل، وعدم الجواز؛ لاحتمال دخوله فی (تغییر خلق الله).
* إذا کان شیء من ذلک یعد تشویهاً أو تغییراً لخلق الله لم یجز، وإلا جاز، وکذلک لو کان حقاً للغیر، کما إذا کان یفعل ذلک بالنسبة إلی المرأة المزوّجة بدون رضا زوجها، فإنه وإن لم یکن تشویهاً أو تغییراً لکنه لم یجز؛ لأنه من التصرّف فی سلطان الزوج.
هذا فی التلوین الدائمی، أما التلوین غیر الدائمی فلا إشکال فیه إن لم یکن مضراً، ولم یکن حقاً للغیر.
المسألة 202: یجوز إخراج الزانیة الجنین المتکوّن من الزنا عن بطنها فی ما إذا أمکن تربیته خارج الرحم حتی یکتمل. نعم، لا إشکال فی الوجوب إذا کان بقاؤهُ فی رحمها موجباً للفتنة الشدیدة والقتل.
* الجواز لأصالة الحل، إذا لم یکن ضرراً علیها أو علیه، والوجوب للعنوان الثانوی.
المسألة 203: الظاهر أنه لا مانع من بناء التمثال الرمزی للجندی المجهول، وإذا کان محفّزاً للجنود علی الجهاد الإسلامی، کان راجحاً.
* الحرام من التماثیل ما کان یراد به العبادة، کما رأیناه فی الفقه من أنّ التمثال المحرم ما صنع للعبادة کالأصنام لا مطلق التماثیل((1))،
ولذا کان الجواز والاستحباب، کلٌّ فی مورده.
ص: 100
المسألة 204: لا بأس بأخذ الوقائع التاریخیة الماضیة من الفضاء، کالحروب ومجالس الوعظ وغیرهما بواسطة الأشعة الآلیة الکاشفة عنها.
* وذلک لإطلاق أدلة الحل، لکن إنما یمکن الاعتماد علیها إذا علم صدقها بالأدلة القطعیة، ، وإلا فلا حجیة فی الاستناد إلیها، وإذا استلزم محرماً حرم من باب مقدمة الحرام.
المسألة 205: یجوز للإنسان أن یوفد روح نفسه، أو روح إنسان آخر، أو روح میت إلی البلاد النائیة أو ما أشبه للاستخبار والإخبار، فإنّ حرمة تسخیر الأرواح، وإن ذهب إلیها بعض الفقهاء، وکنت أمیل إلی ذلک سابقاً، لکن لا دلیل مقطوع به علیها، فالأصل الحلیة.
* کأن وجه التحریم احتمال الأذیة، واحتمال أنه نوع من السحر، واحتمال ترتب الضرر علی ذلک، أما الاحتمالان الأولان، فلا یؤثران فی الحرمة؛ لأصالة الحل، والاحتمال الثالث إنما یتبع بموازین احتمال الضرر، فلا إطلاق فی المنع.
المسألة 206: لا یجوز إیفاد الروح لکشف أسرار الناس.
* لأنه خلاف سلطة، الناس، ولما دل علی حرمة کشف سر الغیر، ولقوله تعالی: «وَلا تَجَسَّسُوا»((1))،
وکذا لا یجوز إرسال الجن ونحوه لذلک.
المسألة 207: لا یجوز حفظ ألفاظ الکفر بالمسجّل، وکذلک حفظ السباب
ص: 101
وما أشبه، إلا إذا کان لجهة أهم شرعاً.
* فجوازه من باب الأهم والمهم، حاله حال حفظ کتب الضلال لأجل ردّها إلی غیر ذلک مما هو معروف فی الفقه.
المسألة 208: یستحب إملاء أشرطة المسجل بالقرآن والوعظ وما أشبه، بل قد یجب إذا کان موجباً لإرشاد ضال، أو هدایة جاهل، أو تنبیه غافل، أو أمر بالمعروف، أو نهی عن المنکر.
* فیراعی موازین العمومات من الأمر والنهی، والتبلیغ إلی الإسلام، والهدایة والإرشاد، فما وجب منه وجب، وما استحبّ منه استحب.
المسألة 209: هل إنّ أصوات الأرواح حجة فیما إذا علمنا بالکلام، کما لو أحضر بسبب التحضیر روح عادلین وشهدا علی قضیة؟ مشکل جداً، اللهم إلا إذا حصل العلم من ذلک، وکان یکفی الاعتماد علی العلم فی ترتیب الأثر الشرعی.
* لانصراف أدلة الشهادة إلی الحی، إلا فیما ورث العلم، وکان یکفی العلم لا مثل الزنا واللواط، حیث لم یکتف الشارع فیهما بالعلم، وإنما یحتاج إلی طرق خاصة، کما ذکرناه فی الفقه((1)).
المسألة 210: لا یکفی حضور أرواح عادلین لإجراء الطلاق.
* لما تقدم من انصراف الأدلة إلی الأحیاء.
ص: 102
المسألة 211: کتابة الأموات (کما فی کتابة السلة فی بعض البلاد) لا حجیة فیها، اللهم إلا إذا أورث العلم، کما تقدم فی المسألة (209).
* فلا یمکن الأخذ بکتابتهم حول أی موضوع کان، وإیراثه العلم یوجب نتائجه فیما کان العلم حجة فیه من بابه، لا من باب کتابة السلة.
المسألة 212: لا إشکال فی جواز استعمال السماد المعمول من إحراق الإنسان إذا کان الإنسان غیر محترم کالکافر المحارب المحترق، أما إذا کان الإنسان محترماً فلا یجوز.
* الجواز فی الکافر غیر المحترم، بل وحتی فی المحترم إذا کان جائزاً فی دینه، وذلک لقاعدة الإلزام، وعدم الجواز فی المسلم؛ لأنه خلاف احترام الإنسان المسلم أو نحوه، فإن «حرمته میتاً کحرمته حیاً»((1))، ومثل الشخص غیر المحترم فی الجواز الحیوان، وإن کان فی حیاته محترماً، بحیث یحرم قتله أو أذاه أو ما أشبه من سائر حقوق الحیوان.
المسألة 213: هل یجوز غرس الأشجار فی حافة المقابر المحترمة، مما نعلم أنها تمتص من ذرات الإنسان، کما هو المعتاد فی مقابر بعض بلاد الغرب؟ احتمالان.
* المنع من جهة أنه خلاف الاحترام، والجواز وهو مقتضی الصناعة لأصالة الحل، ولم یعلم من أحد منعه فی المقابر، مع تعارفه منذ الأزمنة القدیمة،
ص: 103
فالسیرة تؤیّد ذلک.
المسألة 214: هل یجوز للبرید أن ینقل أخبار الاتصالات الهاتفیة والتلغرافیة، إلی غیر أصحابها؟ ثم بعد استفادة أولئک منها ینقلها لأصحابها، کما إذا جاءت برقیة إلی زید بغلاء السکر، یخبر البرید عمراً بذلک، وبعد ساعة یخبر زیداً، أم لا؟ الظاهر عدم الجواز إذا عدّ ذلک خیانة أو إفشاءً لسره أو غیرهما من المحرمات المعنونة، أما إذا لم یدخل تحت عنوان محرّم جاز.
* وذلک علی القاعدة فی المستثنی منه والمستثنی، ولا یخفی أنه یعد عرفاً من الخیانة فی الأمانة مطلقاً، فالمستثنی نادر جداً، ولو سبب فی مورد عدم الجواز ضرراً علی من خانه، فعلیه ضمانه فاللازم تدارکه؛ لأنه مشمول ل (لا ضرر).
المسألة 215: الماء والتراب المصنوعان إذا کانا ماءً وتراباً حقیقة جری علیهما حکم الماء والتراب، وإن کان ماءً وتراباً صورة لا یحکمان بحکمهما فی التطهیر ونحوه.
* أما إذا کان حقیقة فللصدق الموجب لترتب الحکم، وأما الصورة فلا یترتب علیها الحکم، إذ الألفاظ موضوعة للمعانی الواقعیة.
المسألة 216: آلات التصویر والتسجیل المثبتة فی أعمدة الشوارع ونحوها لحفظ وتصویر الوقائع التی تقع فیها، من اصطدام سیارة بسیارة، أو سباب إنسان لإنسان، أو ما أشبه ذلک، إن أورثت العلم جاز الاعتماد علیها، وإلا لم یجز، لکن
ص: 104
ذلک فیما لم یشترط الشارع أموراً خاصة فی الحکم، کالزنا الذی لا یثبت إلا بأربعة شهود، ولا یکتفی فیه بالعلم.
* وذلک لحجیة العلم من أین حصل فیما عدا المستثنی، وعلیه فإذا أظهرت السرقة جاز تغریم السارق؛ لأنّ الغرامة تثبت بالعلم، بخلاف القطع حیث یحتاج إلی شاهدین أو إقرارین، ولو شک فالمحکّم (درء الحدود بالشبهات).
المسألة 217: لا یجوز ترک الرجل والمرأة المجنونین الأجنبیین یتجامعان، لکن إن فعلا ذلک فالولد بینهما محکوم بحکم ولد الشبهة.
* لأنّ الزنا ونحوه مما لا یریده الشارع مطلقاً، وإن لم یکونا مکلفین، کما هو المرکوز فی أذهان المتشرّعة، وکذلک حال طفلین غیر بالغین، وإن کان رفع القلم منهما، وکذا حال النائمین وما أشبه، وأما الولد فولد شبهة؛ لأنه لیس بزنا، لعدم توفر الشرائط.
المسألة 218: لو رأی الهلال بالمجهر، فإن کان بحیث تراه العین المجردة، وکان المجهر لمجرد تعیین الموضع ثبت الهلال، وإلا فلا، إذ الهلال موجود کل وقت، وإنما لا یقبل الرؤیة قبل خروجه عن تحت الشعاع.
* والظاهر من قوله(علیه السلام): «صم للرؤیة وافطر للرؤیة»((1)) الرؤیة المتعارفة لا بالوسائل، وکذا حال ما إذا رآه بالعین المجردة بسبب الارتفاع المتزاید فی الفضاء، فإنه لا یحکم بالهلال علی ذلک الأفق.
ص: 105
المسألة 219: هل یصح الاعتماد علی إخبارات العقل الالکترونی أم لا؟ الظاهر العدم، إلا إذا أورث العلم، ثم لا یصح ترتیب النتائج إذا شرط الشارع فیها طریقاً خاصاً، کما تقدم فی المسائل السابقة.
* الحکم فی المستثنی منه والمستثنی علی القاعدة کما تقدم.
المسألة 220: لو أجری عملیة جراحیة فبدّل ذکره بذکر آخر حتی صار جزءاً منه حلّ لزوجته، کما تقدم شبیه هذه المسألة فی بعض المسائل السابقة، وکذلک بالنسبة إلی المرأة.
* لأنه حینئذٍ جزؤهُ أو جزؤها، وکذلک الحال فی کل جزء تبدل، کالعین فینظر معها إلی محارمه، لا محارم صاحب الحدقة السابقة، إلی غیر ذلک.
المسألة 221: إذا تمکن الإنسان من صنع الخلیة الحیة، کما ینقل عن بعض علماء الطب فی الغرب، جاز، وکان ذلک دلیلاً جدیداً علی وجود الله سبحانه، حیث إنه سبحانه قبل ألوف السنوات خلق فی کل إنسان مالا یعدّ من الخلایا الحیة، مما وصل البشر إلی أولی مراحلها بعد تجارب کثیرة وتقدم کبیر، وبعد ألوف الوسائل والمعدّات والآلات.
* فلا یقال: إنه محال؛ لأنه خاص بالله سبحانه، وعلی أی حال: فالکلام فی الحکم لا فی الإمکان، وکذلک لو فرض إمکان صنع البیضة الحیة، والحبة الحیة، وما أشبه ذلک.
المسألة 222: لو فرض أنّ البشر توصل إلی إمکان صنع الإنسان أو الحیوان أو
ص: 106
النبات جاز، وکان ذلک دلیلاً جدیداً علی وجود الله تعالی، فإنک إذا سألت العلماء بعد صنع ذلک الإنسان کیف صنع هذا الإنسان؟ قالوا: إنّ هذه من معاجز مخ ذلک الصانع وقوة إرادته ووسعة علمه.. أفهل بعد ذلک لا یکون بلایین البلایین من الإنسان والحیوان والنبات أدلة ساطعة علی وجود الله العلیم القدیر؟
* الحکم فی هذه المسألة کالحکم فی المسألة السابقة؛ لوحدة الموضوع.
المسألة 223: یجب الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر بالإیحاء النفسی، إذا لم تکن وسیلة للأمر والنهی وغیره، وإن أمکن بمختلف الوسائل الکلامیة والإیمائیة کان الإیحاء واجباً تخییراً إذا لم یکن محذور ولا فرق فی الإیحاء بین التنویم أو التحضیر لروح فاعل المنکر، أو لإیفاد روح الناهی عن المنکر إلی روح فاعل المنکر، أو غیر ذلک.
* وذلک لإطلاق أدلة الأمر والنهی، وکذلک حال إرشاد الجاهل وتنبیه الغافل، وتبلیغ الخیر من الإسلام أو سائر خصوصیاته، نعم إذا کان الأمر مستحباً أو مکروهاً، کان کل ذلک مستحباً تعییناً أو تخییراً، وکذلک مکروهاً، هذا إذا لم یکن تصرفاً فی الغیر، أو موجباً للضرر، وإلا فلا یجوز إلا برضاه، فتأمل.
المسألة 224: یجوز للفرد أو الدولة الإسلامیة استخدام العقول الإلکترونیة للأمور المباحة، کالمحاسبات المالیة، فیستعین بها مثلاً لمحاسبة أمواله التی یرید إعطاء الخمس أو الزکاة منها، أو محاسبة الدولة عمّالها أو بیت المال، بشرط أن توجب الآلة الحاسبة القطع بنتائج الحساب.
* أما استخدامها للمباح فللأصل، وأما للحساب فإنه یکفی فی ذلک الاطمئنان العرفی أیضاً، إذ لا فرق بین الآلة وغیرها، کما لا فرق بین الآلات، لکن إذا علمنا
ص: 107
اشتباهها بعض الأوقات لا یمکن الاعتماد علیها فی محتمل النقص، وإن جاز فی محتمل الزیادة عطاءً، وقد تکون المسألة من مصادیق العلم الإجمالی.
المسألة 225: یجوز السفر إلی بلاد الکفر لتحصیل العلوم، ولکن یشترط فی ذلک عدم تناول المحرمات، کالذبائح لغیر المسلمین، وکالأمور المحرمة والأمور النجسة، کما یشترط عدم النظر إلی ما یحرم النظر إلیه من النساء والفتیات، وعدم اتخاذهن خلیلات، وکذلک یشترط القیام بواجباته الإسلامیة من صوم وصلاة وغیرهما.
* وذلک لأنّ السفر بذاته لیس حراماً، کما أنّ المفروض عدم فعله المحرّم وترکه الواجب، وقد جرت السیرة للمسلمین منذ زمانهم(علیهم السلام) علی السفر إلی بلاد الکفر لأجل التجارة ونحوها، لکن اللازم التحفّظ الکامل حتی لا ینزلق الإنسان، والله العاصم.
المسألة 226: یجوز للشاب المسافر إلی الغرب أن یتمتع بفتیات أهل الکتاب، کما یجوز أن یتخذ منهن زوجات دائمات، لکن یشترط فی ذلک إجراء عقد صحیح، ولو بأن یبرق إلی بلاده فی أن یزوجهن منه، بعد أخذ الوکالة منها فی التوکیل، نعم لا یجوز مناکحة غیر أهل الکتاب من سائر الکفار.
* وذلک لإطلاق أدلة المناکحة وبعض الأدلة الخاصة، کما ذکرناها فی کتاب النکاح، وأما غیر أهل الکتاب فلا یجوز، نعم یلزم مراعاة أن لا یکون الزواج فخاً للانزلاق عقائدیاً أو خلقیاً بمثل العمالة والتجسس، کما قد یتعارف فی الحکومات الاستعماریة، لکنها جهة خارجة عن ما نحن فیه.
المسألة 227: إذا هوجم الإسلام أمام المسلم المغترب، وجب علیه الدفاع،
ص: 108
بشروط الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، وإذا أشکل علیه بما لم یتمکن من جوابه لزم الاستعانة ببلاد الإسلام فی تحصیل جواب ذلک الإشکال.
* وذلک لأنّ الدفاع عن الإسلام واجب علی کل مسلم، فإنّ «الإسلام یعلو ولا یعلی علیه»((1))، ولقوله سبحانه: «فَلِذَلِکَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ»((2)) إلی غیرهما من الآیات والروایات، وهکذا حال التبلیغ إلی الإسلام، فإنه واجب کفائی علی کل مسلم، وتعلیم الأحکام إلی غیر ذلک، فإن المقام من مصادیقها.
المسألة 228: إذا تزوج الشاب بأهل الکتاب بدون عقد صحیح، أو تزوّج بغیر أهل الکتاب، فاللازم إجراء عقد صحیح علیها (فی الکتابیة) ولو کان بعد عشرین سنة من تزویجه لها، کما أنّ اللازم أن یترک غیر الکتابیة أو تسلم، ویعقد علیها بعد إسلامها بعقد صحیح.
* فإنّ الرضا من الطرفین بغیر عقد لا یکفی فی الحلیة، کما أنّ المعاشرة مدة طویلة بعنوان الزوجیة لا تجعل غیر الزوجة زوجة، وکذلک العکس، بأن تزوجت المسلمة بالکافر فإنه لا علاج إلا بإسلام الکافر وعقدهما من جدید، لکن إذا لم یعلم من ذکر بالحرمة یکون أولادهما ولد شبهة، وهو فی الحکم کالحلال من جمیع الجهات، کما سیأتی.
المسألة 229: أولاد المرأة التی تزوجت زواجاً غیر صحیح (کما تقدّم فی المسألة السابقة) أولاد شبهة، وحالهم حال أولاد الحلال، فی النسب والإرث وغیرهما، إذا کان الشاب والفتاة یقطعان صحة النکاح، وإذا کان أحدهما أو
ص: 109
کلاهما عالماً بالتحریم کان الولد بالنسبة إلی العالم ولد زنا.
* مع علم الطرفین بالحرمة فی أی مقام یکون ولدهما ولد حرام ولا یرث ولا یورث بالنسبة إلی الأبوین وأقربائهما، نعم یرث ویورث بالنسبة إلی زوجته أو زوجها وأولاده، ومع قطعهما بالحلیة فالولد ولد شبهة له کل أحکام ولد الحلال، ومع قطع أحدهما بالحلیة والآخر بالحرمة، فالولد بالنسبة إلی قاطع الحلیة ولد شبهة، وبالنسبة إلی قاطع الحرمة ولد حرام، وقد ذکرنا فی الفقه أنّ ولد الحرام له کل أحکام ولد الحلال ما عدا الإرث ونحوه کالقضاء والإمامة.
المسألة 230: یجب نشر الإسلام حسب الإمکان فی کل الآفاق، وبمختلف الوسائل الحدیثة من الأقمار الصناعیة وغیرها.
* وذلک لأنّ تبلیغ الإسلام واجب کفائی علی کل قادر، قال سبحانه: «ادْعُ إِلِی سَبِیلِ رَبِّکَ»((1))،
وقال: «فَلِذَلِکَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ»((2)) إلی غیرهما من الآیات والروایات الکثیرة، وإنما نقول بالکفائیة؛ لأنها المستفاد من الجمع بین الإطلاقات والطریقیة حسب ما یفهمه العرف.
المسألة 231: یجب الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، بمختلف الوسائل الممکنة، وباستخدام الوسائل الحدیثة.
* للإطلاقات الأولیة، وهنا أیضاً کفائی لما تقدم، قال سبحانه: «وَلْتَکُن مِّنکُمْ أُمَّةٌ یَدْعُونَ إِلَی الْخَیْرِ وَیَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنکَرِ وَأُوْلَئِکَ هُمُ
ص: 110
الْمُفْلِحُونَ»((1))،
لکن من المحتمل أن کلمة (من) فی (منکم) للتبیین لا للتبعیض، بقرینة «وَأُوْلَئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» حیث حصر الفلاح فیهم، لکن قرینة الطریقیة کما ذکرنا تؤید التبعیض، فالمراد بأخیر الآیة فضیلة هؤلاء بالفلاح الکامل.
المسألة 232: یجب رد الإشکالات وذب الشبهات التی یوردها الأعداء والجهال علی الإسلام فی أصوله وفروعه بمختلف الوسائل القدیمة کالکتب، أو الحدیثة کالمذیاع.
* لأنه من الدعوة إلی الخیر والهدایة، وغیر ذلک مما ذکر فی الآیات والروایات، إضافة إلی أنه من الدفاع عن الإسلام، قال تعالی: «وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ»((2)).
المسألة 233: تلقیح الإنسان، أو الحیوان، أو النبات، بما یوجب نموه وکثرة إنتاجه جائز فیما إذا لم تکن جهة محرّمة، مثل تلقیح الإنسان بالمواد المسکرة مثلاً.
* وذلک لأصالة الحل، بل ربما یستحب؛ لأنه من تقویة المعاش، ومتواتر الروایات تدل علی التحریض علیه، کما ذکرنا جملة منها فی کتاب (الفقه: آداب المال) ووجه الاستثناء ظاهر.
المسألة 234: الظاهر أنّ السحاب الصناعی بسبب تفجیر القنابل الممطرة، إذا کان تکویناً للسحاب الطبیعی بواسطة الآلة کان لمطره حکم سائر الأمطار فی
ص: 111
التطهیر، وإلا کان لمطره حکم الماء القلیل.
* الأول: لأنّ المفروض أنه صار مطراً طبیعیاً، وإذا تحقق الموضوع تحقق الحکم، والثانی: لأنه لیس بمطر، وإنما فی شکل المطر، والتمییز بینهما أنه هذا أو هذا حسب نظر أهل الخبرة.
المسألة 235: ترجمة الکلام بواسطة الآلة المترجمة، إذا علم الإنسان بصحة الترجمة، یترتب علیها حکم الإقرار وما أشبه، بدون حاجة إلی شهادة العدلین.
* لوضوح أنه لا فرق فی الإقرار بین اللغات المختلفة. نعم، یلزم أن یعرف أنّ هذا ترجمة الکلام السابق قطعاً، وإلا احتاج الأمر إلی شهادة عدلین ونحوه فی کونه ترجمة له.
المسألة 236: إذا سببت الآلة الزلزلة، فإن سببت زلزلة طبیعیة، بأن کانت الآلة مثاراً لها، کانت زلزلة موجبة لصلاة الآیات، أما إذا لم تکن زلزلة طبیعیة، بل تحریکاً لانفجار القنبلة وما أشبه، لم توجب صلاة الآیات، بل حالها حال هدم بناء یوجب صوتاً هائلاً وحرکة.
* الحکم فی المستثنی منه للصدق العرفی، وکلما تحقق الموضوع تحقق الحکم، وفی المستثنی لوضوح أنه لیس بزلزلة عرفاً وإنما صورتها، والصورة لیست موضوعاً لصلاة الآیات، ولو فرض الشک أنه من أیهما لا تجب الصلاة؛ لأصالة العدم.
المسألة 237: لا یجوز إحداث الزلزلة بسبب الآلة، فیما إذا کانت موجبة
ص: 112
لضرر الناس، فإنّه (لا ضرر ولا ضرار فی الإسلام)((1))، وإذا أحدث الزلزلة کان علی المحدث الضمان وتحمل الخسارة.
* لأنّ من أضرّ الآخر سواء بواسطة أم بدون واسطة وجب علیه التدارک، بالإضافة إلی الحکم التکلیفی.
المسألة 238: أجواء البلاد وحدودها وأنهرها، إذا عدت حقاً للبلد، لم یکن لدولة أخری أو لإنسان خرق حرمتها، لقاعدة (لا یتوی حق امرئ مسلم)((2)). نعم، إنما یکون ذلک إذا عدّ حقاً عرفاً، ولم یکن هناک دلیل شرعی یمنع من ذلک.
* فإنّ الحق کسائر المواضیع أمر عرفی، فکلما تحقق الموضوع تحقق الحکم، ومن الواضح أنه إذا کان للفرد الحق فللأمة الحق بطریق أولی، نعم الإسلام لا یری للحدود الجغرافیة فی البلاد الإسلامیة وزناً، ولذا کان کل قانون یتبع ذلک لا وزن له، واللازم أن لا یلتزم به مسلم، إذ الالتزام بالباطل محرم، إلا إذا کان اضطرار ونحوه من المستثنیات.
الاستحالة ونحوها کالانقلاب فدلیل الحرمة شامل للخلاصة کشموله قبل ذلک، والاحتمال الضعیف فی أن الدلیل لا یشمل الخلاصة غیر معتنیً به، ولهذا الاحتمال قلنا: «الظاهر».
المسألة 240: الحکم فی النجاسات، کالحکم فی المحرمات، کما ذکر فی المسألة السابقة.
* الکلام فی هذه المسألة کالمسألة السابقة؛ لوحدة الملاک فیهما مستثنی منه ومستثنی، واحتمال أنّ النجاسة تبقی بعد الاستحالة یرده ما ذکرناه من دخول الشیء بعد الاستحالة فی المحال إلیه، کالکلب یستحیل ملحاً، والخشب رماداً، وما أشبه ذلک.
المسألة 241: لا بأس بتزریق المحرمات، کتزریق خلاصة الکبد مثلاً، بشرط أن لا یوجب ضرراً بالغاً، ولا یکون هناک دلیل علی حرمة استعمال ذلک المحرم مطلقاً، کما ورد الدلیل بالنسبة إلی الخمر.
* إذ الحرمة فی الأکل والشرب لا فی التزریق والتمریخ وما أشبه. نعم، الخمر حرام بکل شؤونها، کما ورد فی النص((1))
والفتوی((2)).
المسألة 242: الأحوط عدم جواز الاستمناء لأجل اختبار المنی بأنه هل هو
ص: 114
قابل لتکون الولد أم لا؟ نعم لا بأس بالاستمناء لکل من الزوجین بالآخر.
* إنما قلنا: «الأحوط» لأنه مع وجود الزوجة لا اضطرار، وإنما لم نفتِ لأنه اضطرار عرفی، إذا لم یکن من السهل إحضار الزوجة فی المختبر والاستمناء بسببها، وکذلک حال المرأة، فتأمل.
المسألة 243: الفحص الطبی الذی یجریه الطبیب علی المریضة، أو الطبیبة علی المریض مما یسبب النظر والملامسة إنما یجوز بشرط أن یکون العلاج منحصراً بالفحص، بحیث لا یمکن الکشف بدون ذلک، ولم یکن الجنس المشابه، ولم یمکن محرمیة الفاحص بعقد أو ما أشبه، وکان المرض أو خوف المرض ضار ضرراً بالغاً، بحیث یوجب تحلیل الحرام لقاعدة الأهم والمهم.
* لکن الظاهر الاضطرار العرفی کافٍ، ولذا جاز الفحص لأجل کشف وجه العقم، مع أنّ کون المرأة والرجل بلا ولد لیس من الاضطرار الحقیقی، نعم یلزم أن یلاحظ المحرمات حسب المستطاع عرفاً، فلا یجعل کالجائز.
المسألة 244: لا یجوز التصرف فی الإنسان بتنویمه بدون رضاه، ولا بأس بذلک فی الحیوان.
* أما الأول، فلأنه خلاف سلطنته علی نفسه، وأما الثانی، فلأصالة الحل، نعم لا یجوز بالنسبة إلی حیوان الغیر بدون رضا مالکه، ومثل الإنسان الکامل والصبی والمجنون؛ لأنّ اللازم إجازة الولی الخاص أو العام فیهما، ومنه یعلم عدم جواز إعطاء الإنسان مرقداً أو مسکراً، وإن لم یکن خمراً أو ما أشبه ذلک.
المسألة 245: لا یجوز تنویم الإنسان إذا لم یقدر المنوم علی إعادته إلی الحیاة
ص: 115
الطبیعیة، مما یسبب بقاءه کذلک أو موته، وإن رضی الطرف بذلک، أما إذا کان هناک منوم آخر یقدر علی إعادته ویفعل ذلک، فلیس فی تنویم المنوم وجه حرمة.
* فإنه لا حق للإنسان فی إماتة نفسه، أو تنویمها إلی الأبد، فإنه من أکبر الأضرار، فیشمله (لا ضرر)((1))،
و«وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَکُمْ»((2)).
المسألة 246: لا یجوز حلق شعر جسد الغیر من غیر رضاه حتی الزوجة فی غیر الشعر المنافی لحق الزوج، أما الشعر المنافی لحق الزوج فیجوز للزوج حلقه وإن لم ترض الزوجة بذلک.
* لأنه مناف لسلطة الإنسان علی نفسه إلا فی الزوجة، حیث حق الزوج مقدم إذا لم یکن فیه ضررٌ، نعم یحق للولی الحلق بالنسبة إلی الصغیر والمجنون مع المصلحة أو بدون المفسدة علی اختلاف الفقهاء فی الأمرین((3)) .
المسألة 247: یجوز التعلم من الأرواح المستحضرة بواسطة التنویم أو ما أشبه، کما ینقل من تعلم عالم عن روح أحد العلماء أشعة (لیزر) التی کانت توجه المرکبة الفضائیة.
* وذلک لإطلاق أدلة الحل.
المسألة 248: یجوز أخذ التصاویر اللاسلکیة الجائزة من المسافات البعیدة.
ص: 116
* لأنه لا فرق فی إطلاق دلیل الحل بین التصاویر العادیة وغیر العادیة کاللاسلکیة، کما لا فرق فی حلیة إرسال الرسائل بین الإرسال العادی أو بواسطة ال (فاکس) أو غیره.
المسألة 249: لا یجوز الغبن فی الأسعار، بإخفاء السعر الجدید، الذی یصل إلی البلاد بواسطة التلکس، والتعامل بالسعر القدیم، مثلاً: إذا صار سعر (مثقال الذهب) العالمی دیناراً، وأخبر التاجر بذلک بواسطة الآلة، فإنه لو باعه بدینار وربع سعره القدیم فرضاً کان غبناً، فإنّ البیع حرام وموجب لخیار الغبن.
* وذلک لأنّ السعر الواقعی هو الثانی لا الأول، ومن المعلوم حرمة الغبن، فقد قال(صلی الله علیه و آله): «ثمن المسترسل سحت»((1))،
هذا بالإضافة إلی الحکم الوضعی، أی الخیار.
ویأتی هذا الکلام فی عکسه، بأن علم المشتری ارتفاع السعر، فأظهر عدم العلم واشتری من البائع بالسعر السابق النازل، فإنه غبن أیضاً، والروایة تشمله بالملاک.
نعم، هناک اختلاف طبیعی فی الأسعار حسب الأزمنة والأمکنة وسائر الخصوصیات المؤثرة فی السعر وزیادة ونقیصة مما لا إشکال فیه.
المسألة 250: هل یجوز الغش لأجل إقلاع الطرف عن المنکر، مثل أن یبیعه شیئاً شبیهاً بالخمر بقصد أن لا یشرب الخمر؟ لا یبعد جوازه، بشرط أن یکون ثمن المبیع مطابقاً للمقدار الذی یأخذه البائع أو أقل، ویکون ذلک بإجازة
ص: 117
الحاکم الشرعی.
* أما الجواز فی الجملة فلأنه من باب الأهم والمهم، وأما الشرط المذکور (وهو کون الثمن بقدره أو اقل) فالظاهر أنه غیر لازم، فإذا أجاز الحاکم الشرعی وأعطاه بالثمن الغالی لفرض أن ما یشبه الخمر لیس بثمن الخمر رد إلیه التفاوت بعد ذلک ولو بعنوان آخر.
بل لا یبعد جواز سرقة مال مرید المنکر حتی لا یفعله بعد إذن الحاکم الشرعی، وإذا لم یترتب علیه عنوان محرم کتشویه سمعة الإسلام أو المؤمنین أو ترتب ضرر علیه، فإذا لم یکن للفاعل مجال رده صریحاً ردّه بعنوان آخر أو بغیر عنوان کدسه فی صندوقه.
المسألة 251: یجوز الاعتماد فی ترجمة الکتب الدینیة وما أشبه بالمطابع التی تترجم الکتب إلی مختلف اللغات، بشرط أن نعلم بصحة الترجمة، وذلک یحصل بالتجربة المکررة، أما إذا لم نعلم بصحة الترجمة لم یجز الاعتماد.
* الجواز فی صورة العلم بالصحة للقطع، والقطع حجة، وعدم الجواز لأصالة عدم جواز الاعتماد فی الأمور الدینیة إلا علی المقطوع به وجداناً أو شرعاً، کقیام الشاهدین، فکما یجوز الاعتماد علی التجربة المکررة المفیدة للاطمئنان، کذلک یجوز الاعتماد علی البینة فی صحة الترجمة، وکذلک حال الترجمة بسبب الآلة، کما یتعارف فی خطاب الخطیب لجماعة من مختلفی الألسنة، حیث یعتمد علی مثل هذه الآلة.
المسألة 252: من الإسراف المحرم فتح أنبوب الماء أکثر من الحاجة، ولو لم یکن ذلک موجباً لمزید الثمن.
ص: 118
* وکذلک حال الغاز والکهرباء والهاتف وما أشبه ذلک، ومن الواضح أنّ معیار الإسراف نفسه لا ملاحظة الثمن، وفی مثل هذه الأمور لا فرق بین الکم، کفتح ساعة عوض نصف ساعة، والکیف کفتح الأکبر فی صورة رفع الاحتیاج بالأصغر، والمعیار فی صدق الإسراف العرف.
المسألة 253: من الإسراف المحرم إنارة الکهرباء أکثر من الحاجة وأزید من التجمیل، وتطبیق هذا الکلام علی المصداق راجع إلی العرف، فربما تکون الإنارة للمنام بمقدار مائة شمعة إسرافاً، وربما تکون الإنارة للتجمیل مقدار ملیون شمعة غیر إسراف.
*ثم لا یخفی أنّ التبذیر والإسراف وإن کان یطلق أحدهما علی الآخر، إلا أنّ الأول بلا سبب مطلقاً، والثانی مع السبب الأقل من العمل، مثلاً إنارة النهار فی الشمس تبذیر، وإنارة اللیل أزید من الحاجة إسراف.
المسألة 254: یحرم الانتحار مطلقاً، سواء کان انتحاراً سریعاً أم انتحاراً تدریجیاً، کأن یمرّ من أمام الأشعة الفنیة، التی تنخر فی الجسد وتوجب الموت بعد سنة مثلاً.
* ویدل علیه الأدلة الأربعة، وربما یکون الانتحار البطیء جامعاً بین محرمین الانتحار وتمریض الجسم مدة بما یکون من الضرر المحرم.
المسألة 255: إذا علم أنه لو لم ینتحر یبتلی بما لا یطاق من التعذیب، أو بالإتیان بالمنکر الأفظع من الانتحار شرعاً، کبیع البلاد إلی الأجنبی، فهل یجوز الانتحار أم لا؟ احتمالان.
ص: 119
* احتمال الجواز: لمسألة الأهم والمهم.
والعدم: لإطلاق حرمة قتل النفس، قال سبحانه: «وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَکُمْ»((1))
إلی غیرها من الآیات والروایات، لکن الصناعة مع الأول علی فرض تحقق الموضوع بإجازة من الحاکم الشرعی إن أمکن.
المسألة 256: لو فرض أنه أمکن صنع نطفة البشر بالمواد الکیماویة بدون الأب والأم، لم یکن للإنسان المصنوع من ذلک النطفة محارم وورّاث من طرف أعلاه، وإنما یکونان من طرف أولاده وأصهاره.
* ولا یکون ذلک لو فرض إلا دلیلاً جدیداً علی عظم صنع الله سبحانه، حیث یخلق النطفة لکل ذی روح بدون صعوبة الترکیب وغیره من مقدمات النطفة المصطنعة، قال سبحانه: «فَتَبَارَکَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِینَ»((2))،
وکذلک الحال فی ترکیب نطفة الحیوان، أو النواة، أو البیض.
المسألة 257: لو ربیت النطفة فی رحم الیائسة بالوسائل العلمیة، فهل لها حکم الأم وما أشبه أم لا؟ احتمالان.
* إنّ الاحتمالین إنما هو فیما إذا حصل الأمر بنطفة نفس الیائسة لا نطفة أخری، فأما إذا کان بنطفة أخری فإنه لا شک حینئذٍ فی کونها لیست أماً، بل ظرفاً ووعاءٌ فقط، وإنما قلنا: احتمالان، لاحتمال انصراف أدلة الأمومة إلی غیر الیائسة، لکنه احتمال ضعیف، کما لا یخفی.
ص: 120
المسألة 258: لو نقلت النطفة من رحم إلی رحم وربیت فی الجمیع، کما لو کانت فی رحم نطفة، وفی رحم علقة، وفی رحم مضغة وهکذا، فهل الأم الأولی، أو الأخیرة، أو الجمیع؟ احتمالات، والظاهر أنّ الأم هی صاحبة البویضة.
* لأنها الأم حقیقة،أما سائر الأرحام فهی أوعیةلا ترتبط بالأم، وإنما قلنا: احتمالات من جهة احتمال کون المحل بمنزلة الرضاع فی صنع الأم الرضاعی، والتربیة أولی بصنع الأم من اللبن، لکنه قیاس لا دلیل علیه، ولذا فإذا ساحقت بعد کون النطفة من المساحِقة (بالکسر)، تکون هی الأم لا المساحَقة (بالفتح)، نعم لو حملت المساحقة بالکسر نطفة الرجل فقط بدون نطفتها، کما إذا کانت یائسة فالولد للمساحَقة (بالفتح)، ولو شک أنّ النطفة من أیتهما فالقرعة هی المحکّمة.
کما أنه لو اقترب رجلان من المرأة فإن علمنا بأنّ أحدهما صاحب النطفة فهی له، وإلا فله صورتان:
الأولی: أن یکون أحدهما حلالاً والآخر حراماً، بأن یکون أحدهما زوجاً، أو شبهة والآخر زنا، فالولد للحلال؛ لأنّ (للعاهر الحجر)((1)).
الثانیة: أن یکون کلاهما حلالاً کزوج وشبهة أو شبهتین أو حراماً کزنائین فالمحکم القرعة، وللمسألة صور أخری بإدخال الجهل من القاضی بالواقع أو الاضطرار أو الجبر أو الإکراه من أحدهما مذکورة فی محالها.
المسألة 259: لو فرض إمکان أن تختلط النطفة من حرام سابق وحلال لاحق،
ص: 121
أو بالعکس، کما إذا أخذت نطفة رجل غیر متزوج،ثم خلطت بنطفته وهو زوج، ثم زرق المجموع فی الرحم، فهل الولد حلال أو حرام، یحتمل جریان قاعدة (الولد للفراش)((1)).
* أما احتمال التشریک، بأن یکون حلالاً وحراماً فلکل حکمه، فی النصف مثلاً یرث نصف المیراث، فهو بعید عن مذاق المتشرعة.
المسألة 260: لو فرض أنه خلطت نطفتان، وزرقت شبهة مثلاً، کما لو أخذت نطفتا رجلین، وبعد الخلط زرق المخلوط فی رحم امرأة بشبهة أنها نطفة زوجها، فهل لهذا الولد أبوان، أو أب واحد بالقرعة، أو لا یحکم علی أحدهما بالأبوة؟ له احتمالان.
* الاحتمال الأول هو الأقرب]، إذ لا وجه للآخرین بعد الاشتراک بین النطفتین، والفرق بین هذه المسألة والمسألة السابقة أنه لا فراش فی هذه المسألة ، وکذلک الحال لو أخذت نطفة امرأتین مع رجل واحد حلال، وربیت فی الأنبوب، وصور المسألة ومحتملاتها متعددة.
المسألة 261: العظم الصناعی المرکب فی جسم الحی بالعملیة الجراحیة، وکذا العظم الحقیقی المرکب فی جسم الحی، والعظم الذی یؤخذ من میت لا غسل علی عظمه لکونه مغسّلاً أو لکونه من إنسان لا غسل له، أو من الحیوان لو مسه الإنسان بعد موت صاحب العظم، لا غسل علی الماس؛ لأنّ العظم لا یکون جزءاً من الإنسان المرکب فیه، نعم إذا فرض أنه صار جزءاً منه صار
ص: 122
بحکم سائر عظامه، وکذلک لا غسل بمس الأسنان الاصطناعیة.
* صیرورة العظم جزءاً أقرب إلی الفرض منه إلی الواقع، فیکون علیه الغسل للصدق العرفی، أما الأسنان الاصطناعیة فالظاهر عدم الصدق العرفی، والحکم فی المسائل المذکورة واضح.
المسألة 262: لو ولد توأمان متلاصقان، وبقیا متلاصقین، فهل یحق لهما الزواج بامرأتین، لکل واحد زوجة؟ الظاهر ذلک، ویجوز اقتراب کل من زوجته إذا لم یوجب الاقتراب أمراً محرماً بالنسبة إلی الشخص الآخر الملصق بالذی اقترب من زوجته.
* لأنهما إنسانان حسب الفرض، فلکل حکمه، ومنه یعلم أنه لو احتلم أحدهما لا یجب الغسل إلا علیه، ویجوز للثانی مس القرآن مثلاً أو قراءة آیات السجدة، وکذا الحال لو کانتا بنتین أو کانا ذکراً وأنثی.
وفی صورة اختلاف الإرادتین، بأن أراد أحدهما شیئاً، والآخر شیئاً آخر فاللازم أن تنفذ إرادة کل واحد منهما مرة، مثلاً: أراد أحدهما الصلاة أول الوقت والآخر آخر الوقت، فمرة تنفذ إرادة هذا ومرة ذلک، أو أراد أحدهما الاقتراب من زوجته لاستلزام الحمام ولم یرد الآخر، أو أراد أحدهما الحج أو الزیارة، ولم یرد الآخر، ولا یلزم تشابه الإرادتین، بل یکفی إرادتان، مثلاً: أراد أحدهما المشی صباحاً والآخر النوم ظهراً، لکن اللازم تساوی قدر الزمانین وقدر السهولة والصعوبة فیهما، لا أن تکون إرادة أحدهما أسهل والآخر أصعب، وهکذا بالنسبة إلی الزمان الأقصر والأطول، وإنما قلنا بلزوم أن تنفذ إرادة کل واحدة مرة لعدم الترجیح، ولقاعدة العدل، ولقاعدة المهایاة ملاکاً.
ص: 123
المسألة 263: فیما کان جسدان علی حقو((1))
واحد، فیما یُعد شخصان((2))، یکون الحکم کالمسألة السابقة، أما لو کان رأسان علی جسم واحد، مما عُدّا شرعاً لإنسان واحد، فالحکم مثل ذی الرأس الواحد.
* یکون الحکم کالمسألة السابقة، أی لکلٍّ حکمه، ولکن یشکل ذلک فی الزواج رجلاً کان أو امرأة؛ لأنّ الآلة لهما لا لأحدهما، فهل یجوز باعتبار الآلة الواحدة؟ أو لا، باعتبار اثنینیة الجسد؟ احتمالان، وإذا کان فی عسر وحرج من جهة الاحتیاج إلی الجنس فهل یجوز أو لا؟ أو یستفرغ المنی بواسطة أخری؟ المسألة بحاجة إلی مزید من التأمل.
المسألة 264: لو کانت لإنسان عورتان طبیعیتان أو ملتصقتان أو بالاختلاف، فالظاهر جواز الملامسة بهما مع زوجها أو زوجته، سواء کان الشخص رجلاً أم امرأة، لکن بشرط أن تصیر الملصقة جزءاً منه عرفاً.
* فإن زیادة العورة کزیادة سائر الأعضاء، فإذا کان یجوز أن یلمس زوجته بالإصبع الزائدة أو الید الزائدة، فکذا یجوز بالعورة الزائدة، لعدم الفرق وإطلاق الأدلة، وإذا کان له ما للرجل وللمرأة، وکان الأصل الرجل تزوج بأنثی، وحق لهما الاستفادة من العورة الأخری، لعدم دلیل علی الحرمة، ولو کان الأصل المرأة تزوجت برجل کذلک، ولو فرض زوج وزوجة کذلک جاز لهما الاستفادة
ص: 124
من العورتین فاعلاً وقابلاً، لإطلاق الأدلة.
المسألة 265: لو کانت لإنسان عورتا رجل وامرأة، طبیعیتان، أو ملصقتان، جزءاً أو بالاختلاف، لا یجوز له الملامسة بهما إلی النوعین، بأن یتخذ زوجاً وزوجة.
* لأنه إما رجل أو امرأة، فلا یجوز اتخاذهُ زوجاً وزوجة للقطع بارتکاب الحرام، وقد ذکرنا أحکام الخنثی فی الفقه.
المسألة 266: لا إشکال فی أنه یجوز فی فرض المسألة السابقة الانتفاع بإحدی العورتین بالنسبة إلی الجنس المخالف لصاحب العورة، فإن کان مثلاً صاحبهما رجلاً، جاز له الانتفاع بآلة الرجولیة بالنسبة إلی زوجته، وإذا کان امرأة جاز لها الانتفاع بآلة الأنوثة بالنسبة إلی زوجها.
* وذلک لآیة «إِلا عَلَی أَزْوَاجِهِمْ»((1))،
وهکذا حال «مَا مَلَکَتْ أَیْمَانُهُمْ»((2)).
المسألة 267: هل یجوز فی المسألة السابقة، انتفاع الزوجین بکلتا العورتین بأن یحق لهما التفاعل معاً أم لا؟ احتمالان، والظاهر: الجواز لإطلاق: «إِلا عَلَی أَزْوَاجِهِمْ».
* وذلک لما أشرنا إلیه فی شرح المسألة (264)، ولو کان لأحدهما اثنان دون الآخر جاز استعمال الآخر فی الملامسة والاستمناء بید الآخر وهکذا.
ص: 125
المسألة 268: یجوز الزرع فی البحر، لتکثیر الأسماک، کما هو المعتاد عند الأمم المتقدمة صناعیاً، والطعام لو کان حراماً لم یؤثر فی حرمة السمک، أما لو کان نجساً فما یسبب صیرورة السمک جلالاً یلزم تطهیر السمک بالطریق المقرّر فی الشریعة.
* وإنما یصیر جلالاً إذا کانت النجاسة مما یوجب الجلل، وإلا لم یکن موجباً للتطهیر.
المسألة 269: لو أکل السمک ما أوجب ذهاب فلسه لم یحرم، حتی إذا سری ذلک إلی نسله، إلا إذا انطبق علیه عنوان آخر لا فلس له مما هو حرام.
* وذلک بالنسبة إلی کل من المستثنی والمستثنی منه واضح، وکذا الحال فی المسألة الآتیة.
المسألة 270: لو زرق السمک الذی لا فلس له خلقة، بما سبب له فلساً، فالظاهر أنه لا یحل بذلک، ولو سری ذلک إلی نسله، بأن خرج نسله ذا فلس، إلا إذا انطبق علیه عنوان سمک له فلس، مما هو محلل فی الشریعة، بأنه صدق عرفاً بأنه سمک له فلس.
* أما صیرورة بعض السمک ذا فلس لا کله بسقوط بعض فلسه، أو خروج بعض الفلس فی جسده، فالأول أقرب إلی صدق أنه ذو فلس، بخلاف الثانی وإن کانت المسألة بحاجة إلی التأمل لاحتمال أن یراد بذی الفلس فی الروایات((1))
ما یغطی کل جسده، فتأمل.
ص: 126
المسألة 271: لو أکلت سمکة سمکة محللة، فماتت فی جوفها، فالظاهر أنّ المأکول حلال إذا کان فیها شرط التحلل، کما لو صاد السمک إنسان فألقاه إلی سمکة کبیرة لتلتهمها مثلاً .
* إذ لا دلیل علی لزوم أن یموت السمک خارج الجوف، وأی فرق بین أن یموت داخل حیوان أو فی بر أو ما أشبه ذلک، کما لو صادها فی غواصة.
المسألة 272: لو أنّ الطائر الذی صفیفه أکثر بسبب الوسائل الحدیثة صار دفیفه أکثر لم یحل، ولو صار صفیفه أکثر بسبب الوسائل الحدیثة وکان دفیفه أکثر خلقة، لم یحرم.
* نعم لو خرج عن العنوان الأول إلی العنوان الثانی عرفاً کان حکم الثانی؛ لأنه من تبدل الموضوع، والحکم تابع للموضوع.
المسألة 273: لو سبب التغییر فی الطائر سریانه إلی نسله فی مفروض المسألة السابقة لا یسبب ذلک حلیة النسل فیما کان حراماً، أو حرمة النسل فیما کان حلالاً، إلا إذا دخل النسل فی العنوان المحلل، أو العنوان المحرم، بأن صار من تبدل الموضوع.
* وذلک لما تقدم، وکذا الحال فیما لو ظهرت العلامتان الأخریان بعد أن لم تکونا، أو اختفت العلامتان الأخریان بعد أن کانتا، وهکذا حال البیض باستواء طرفیه وعدم استوائهما حیث ذکرا علامة للحل والحرمة.
المسألة 274: یستحب جعل صنادیق لأجل جمع المال لمختلف المشاریع
ص: 127
الإسلامیة والإنسانیة، بل قد یجب فیما إذا کانت تلک الجهة واجبة.
* الاستحباب والوجوب کل فی مورده، قال تعالی: «وَتَعَاوَنُواْ عَلَی الْبرِّ وَالتَّقْوَی»((1))،
والمهم جمع المال سواء کان بالصنادیق أم غیرها، ومن موارد الوجوب ما لو کان سبباً لعلوّ الإسلام، فإنّ «الإسلام یعلو ولا یعلی علیه»((2)).
المسألة 275: إذا استبدل موضوع السمک أو الطیر من الحلال إلی الحرام، أو من الحرام إلی الحلال، تبعه فی ذلک بیضه ولبنه ونتاجه وما أشبه ذلک.
* لأنّ النتاج تابع للحیوان إذا لم یکن النتاج علی غیر شاکلته، فإذا غیرنا مثلاً طیراً إلی الصفیف حتی صدق علیه ذلک عرفاً، لکن نتاجه صار أکثر دفیفاً، فإنه یحل لما تقدم من تبعیة الحکم للموضوع.
المسألة 276: لو طُعّم جسد غزال برجل کلب مثلاً حتی صار جزءاً منه حلّ، ولو طُعّم جسد کلب برجل غزال حتی صار جزءاً منه حرم، وکذا فی کل حیوان حلال أو حرام.
* لأنه لما صار جزءاً منه، وصدق علیه الحیوان المنتقل إلیه عرفاً، لکن اللازم الجزء العرفی لا أن یبقی الجزء بصورته السابقة، حیث لا صدق حینئذ فلا تبدل.
المسألة 277: لا فرق فی حرمة الموسیقی بین أن یکون فی آلة لهو کالکمنجة، أو فی آلة أخری کالساعة وما أشبه.
ص: 128
* وذلک للصدق العرفی، نعم لا یخفی أنّ الموسیقی لا عنوان له فی الأدلة، وإنّما العنوان آلة اللهو والغناء، فإن کان أحدهما حرم، وإلا لم یحرم((1)).
المسألة 278: لا یجوز تسابق الطائرات والسیارات والدراجات إذا کان محل الخوف العقلائی أو الخطر.
* لأن خوف الضرر المتزاید موجب للحرمة، نعم إذا کان خوف ضرر قلیل، وکان برضا المتضرر جاز، من غیر فرق فی الضرر بین المال والنفس، والخطر یطلق غالباً علی ضرر بالغ مثل خطر الموت أو شلل الأعضاء، وإن کان بینهما عند الجمع العموم المطلق، وهذا یجری فی مسابقة سائر وسائل النقل، کالسفن والدواب ونحو ذلک.
المسألة 279: اعتید فی بعض البلاد الساحلیة صنع البیوت والمدن علی سطح البحر من الأخشاب، فلو تحرکت المدینة الخشبیة من مکان البحر إلی مکان آخر، کان الراکب فیه فی حکم المسافر.
* لصدق السفر ولا اعتبار بکونه مع بیته، إلا إذا صدق علیه (من بیته معه)((2))، أو سائر العناوین الموجبة للتمام، وکذلک الحال فی البیوت المنتقلة فی الأرض علی العجلات، وهکذا لو فرض صنع البیوت الطائرة فی الجو، لوحدة الملاک.
المسألة 280: فی المسألة السابقة المحل الجدید من البحر لا یعد وطناً
ص: 129
للساکن فی تلک المدینة، إلا إذا توفرت شرائط الاستیطان.
* إذ لا فرق بین البر والبحر والهواء فی ملاک السفر والإقامة والاستیطان للإطلاقات.
المسألة 281: هل یجوز تزریق الإبرة للمیت بما لا یتعفن معه، وذلک بقصد نقله إلی الأعتاب المقدسة أو ما أشبه؟ احتمالان، وربما یفصل بین ما إذا أوصی هو بذلک فجائز، وبین ما إذا لم یوص فلم یجز.
* الجواز للأصل، والمنع لقوله(صلی الله علیه و آله): «فتوقی المیت مما توقی منه نفسک»((1))، لکن الأول أقرب؛ لأنّ المیت یحفظ من الفساد بسبب الإبرة، ولا ینافی ذلک «حرمته میتاً کحرمته حیاً»((2)).
المسألة 282: لا یجوز شق بطن المیت وإخراج ما فیه لأجل أن لا یفسد، حتی ینقل من مکان إلی مکان، وهل له أن یوصی بذلک؟ احتمالان.
* أما عدم الجواز؛ فلأنه لیس من الأهم والمهم، فهو کالحی فی الحرمة إلا علی قول کاشف الغطاء+ وأما مع الوصیة فاحتمال الجواز لتسلّط الناس علی أنفسهم بعد أن لم یکن ضاراً بهم، فإنه إنما لم یجز فی الحیاة لأدلة (لا ضرر)، واحتمال العدم؛ لأنه تشریح و(حرمته میتاً کحرمته حیاً)، ولعلّه هو الأقرب.
المسألة 283: هل یجوز للدولة الإسلامیة أن تسمح بإحراق الکفار أمواتهم أم
ص: 130
لا؟ احتمالان: من قاعدة (ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم)((1))
بالإضافة إلی عدم احترام جسد الکافر، ومن أنه لا یصح الإتیان بالمنکرات فی البلاد الإسلامیة، ولعل الإحراق منها.
* لکن الجواز أقرب للقاعدة المذکورة، وکذلک کیفیة دفن المجوس لموتاهم فی الدخمة، ولیس ذلک من إظهار المناکیر مما یمنع منه الإسلام، ولیس ذلک بأسوأ من تزویج الکفار محارمهم فی بلاد الإسلام، أو شربهم الخمر فی غیر العلن، إلی غیر ذلک.
المسألة 284: لو علمنا أنّ (السکّر) یخلط به لأجل التصفیة شیء من عظم الأموات المحرمة، فإن علمنا أنّ العظم قبل الاستحالة یخلط بذلک لم یجز استعماله، وإلا جاز، ومع الشک فالأصل الحلیة.
* ومع الشک، أی فی أنه من المحلل أو المحرم، أما إذا شک فی أن الخلط کان قبل الاستحالة أو بعدها فی المحرم فاستصحاب الحرمة حاکمة علی أصالة الحل فلا یجوز، ولو شک فی أنه خلط بعظم أم لا، فالأصل أیضاً الحل.
المسألة 285: لو رکّب حیوان من حیوانین، فکان الرأس للکلب والجسد للغزال، أو بالعکس مثلاً، فهل تحل بالذبح أم لا؟ وهل هو نجس أم طاهر؟ احتمالان، والکلام إنما هو فی الجزء الطاهر الحلال من الجزءین، لا النجس والحرام.
ص: 131
* احتمالان: من قاعدة (کل شیء لک حلال)((1))،
و(کل شیء لک طاهر)((2))
ومن أنه لیس من الحیوانات المحللة، وهی محصورة، ولعل الثانی أقرب إلی الصناعة، وإن کان یمکن أن یقال بقول الشهید+ من الأصل فیهما، کما ذهب إلیه بعض المعاصرین.
المسألة 286: الکلام فی المسألة السابقة إنما هو فیما إذا لم یستحل أحد الجزءین، وإلا کان الحکم تابعاً للمستحال إلیه، مثلاً: لو فرض أنه استحال جسم الغزال تدریجیاً إلی جسم الکلب، بأن صدق الکلب علی هذا الحیوان المرکب فإنه لا إشکال فی حرمته ونجاسته.
* وذلک للصدق العرفی الموجب لترتب الحکم.
المسألة 287: لو أمکن أن تربی نطفة الشاة فی رحم الکلب، وخرج الجنین شبیهاً بأحدهما، کان الحکم تابعاً للمشبه به، وکذلک إن أمکن تربیة نطفة الکلب فی رحم الشاة.
* والمراد بالشبه بحیث کان یصدق علیه أنه شاة أو کلب؛ وذلک للصدق، وکلما صدق الموضوع صدق الحکم، وهکذا حال ما إذا أخذت نطفتان من کلب وشاة وربیت فی أنبوب الاختبار.
المسألة 288: لو خرج المتولد بین حیوانین لا یشبه أحدهما کان الأصل فیه
ص: 132
الطهارة والحلیة، وکذلک إذا خرج یشبه حیواناً طاهراً حلالاً، أما إذا خرج یشبه حیواناً نجساً أو حراماً، فالحکم تابع للمشبه به، والمراد بالمشابهة الصدق العرفی.
* فإذا صدق علیه الکلب کان کلباً، وإن تولد من شاتین، وإذا صدق علیه الشاة کانت شاة، وإن تولدت من کلبین.
لا یقال: المتولد من حلالین حلال؛ لأنه لا وجه للحرمة وبالعکس.
لأنه یقال: الوجه هو الصدق بعد الإطلاق.
المسألة 289: حکم المسألتین السابقتین جار فیما لو نزا کلب علی شاة، أو العکس، أو نزا ابن آوی علی شاة، أو بالعکس.
* إذ لا اعتبار بالنزو أو التربیة فی أنبوب الاختبار، وإنما الاعتبار بالاسم علی ما عرفت، فإنّ الحکم تابع لموضوعه.
المسألة 290: لو أمکن استیلاد الحیوان من نطفة مرکبة من نطفتی الشاة والکلب، فالولد إن کان شبیهاً بأحدهما کان له حکم المشبه به، وإن کان شبیهاً بثالث، طاهر أو نجس، حلال أو حرام، فالحکم تابع للحیوان الثالث، ولو لم یشبه شیئاً کان طاهراً حلالاً.
* کان طاهراً حلالاً، لإطلاق دلیلهما، مع احتمال القولین الآخرین مما قدمناه فی شبیه هذه المسألة ، وما سیأتی فی المسألة اللاحقة.
المسألة 291: لو خرج بعض الحیوان علی ما فی المسائل السابقة شبیهاً بأحد الحیوانین، والبعض الآخر شبیهاً بحیوان آخر، کما لو کان رأسه رأس کلب، وجسمه جسم شاة، ففی الحلیة والطهارة، أو الحرمة والنجاسة، أو اتباع
ص: 133
کل جزء للجزء الشبیه به، احتمالات.
* احتمال الحلیة والطهارة للأصل فیهما، واحتمال خلافهما؛ لصدق الکلب فی الجملة، واحتمال التفصیل؛ لأنّ کل جزء منه تابع للمشبه به، ولکن لا یبعد الثانی، لأنّ الحیوان حرام ما لم یدل دلیل علی حلیته، وهذا لم یدل الدلیل علی حلیته، وفی المسألة خلاف، أما الطهارة فهی تابعة للقول بمقالة الشهید+ من قوله الأصل فیهما، أو عدمه کما ذکره المشهور، ویأتی مثل ذلک فی مسألة سابقة مرّ ذکرها أیضاً.
المسألة 292: یجوز طیران الإنسان بأجنحة مصنوعة، أو بالبالون، لکن لا یجوز له الإشراف علی البیوت والعورات.
* أما العورات فواضح، وأما البیوت؛ فلأنه من قبیل التطلّع علی البیت من ثقبة الباب الذی ثبت نصاً وإجماعاً حرمته واستحقاق الفاعل العقاب والتعزیر.
المسألة 293: لو أمکن تکوین أجنحة لحمیة وعظمیة للإنسان، بحیث تکون جزءاً له، فهل یجوز أم لا؟ احتمالان، احتمال الحرمة؛ لاحتمال دخوله فی عنوان (تغییر خلق الله).
* أما الحلیة فللأصل، والمسألة بحاجة إلی التأمل، أما جعل الجناح اللحمی للحیوان فلا إشکال فیه، کما أن قطع الجناح من الطائر إذا لم یوجب أذاه فکذلک، وهکذا لو جری ذلک فی نسل الحیوان.
المسألة 294: لا یجوز تعلیم الإجرام للحیوان إذا کان معرضاً لأن یجرم، کأن یعلم القردة قتل الإنسان، وإذا أجرم کان المعلم ضامناً إذا أسند الفعل إلیه.
ص: 134
* وإنما یشترط أن یکون معرضاً؛ لأنه فی هذه الصورة یکون من مقدمة الحرام، ثم الضمان قد یکون بالمال، وقد یکون باستحقاق القصاص، کل حسب موازینه المذکورة فی الفقه.
المسألة 295: لا یجوز تعلیم الإجرام للأطفال والمجانین، وإذا أجرموا کان المعلم ضامناً إذا کان الفعل مسنداً إلیه.
* الدلیل فی المقام هو الدلیل فی المسألة السابقة.
المسألة 296: إذا أمکن دفع المنکر بسبب الحیوان، کإرسال الکلب المعلم بواسطة صفارات لا تحس بالأذن أو غیرها لاتباع السرقة والقتلة ومنعهم من الإجرام وجب.
* لأنه من مصادیق دفع المنکر، وکذلک فی مورد رفعه، وهکذا حال دفع المکروه أو فعل المستحب؛ لوحدة الدلیل فی المباشرة والتسبیب، وهکذا الحال فیما إذا أمکن النهی بسبب المجنون والطفل أو الإنسان الآلی مثلاً.
المسألة 297: لا بأس بجعل الحیوان وسیلة للمعاملات المراضاتیة، کأن یرسل الکلب وفی عنقه الظرف والثمن، لیشتری المتاع، وهذا لیس اشتراء حقیقة، وإنما هو مراضاة والحیوان آلة.
* ومثله الحال بسبب المجنون والطفل، لکن قد ذکرنا فی (الفقه)((1))
أن معاملة الأطفال مکروهة، ومنه یعلم حکم البیع والشراء بسبب الإنسان الآلی
ص: 135
ونحوه.
المسألة 298: ما یعتاد فی بعض البلاد من إلقاء الثمن فی محل خاص فیخرج المتاع المجهز، لا بأس به فإنه من المراضاة.
* بل یمکن أن یقال: إنه بیع معاطاتی، وکذلک فی المسألة السابقة، وعلیه فیحرم الربا کذلک، أما علی الاحتمال السابق فلیس بربا، بل برضا، اللهم إلا أن یقال: إنه من فساد المال المذکور فی علة تحریم الربا، فالرضا أیضاً إذا کان بداعٍ ربوی غیر مفید.
المسألة 299: لا یجوز أخذ المتاع بدون إلقاء الثمن فی المسألة السابقة، ولو فعل ذلک کان ضامناً.
* لأنه من التصرف فی أموال الغیر من دون رضاه فلا یجوز، والضمان لأنّ (علی الید ما أخذت)((1))،
وحینئذٍ یکون سرقة إذا اجتمعت فیه شرائطها.
المسألة 300: یجوز وزن الإنسان نفسه فی مقابل الثمن یلقیه فی (الوزّان) والثمن یکون لمالک الوزان.
* ولا فرق فی ذلک بین وزن الإنسان نفسه أو متاعه، ولا یجوز سرقة الثمن بإلقاء شیء آخر فی الوزان، کما لا یجوز سرقة الماء والکهرباء والهاتف وغیرها من محترم المال، وکذا إذا کان غیر محترم المال، وکانت السرقة توجب
ص: 136
محذوراً آخر، کتشویه سمعة المسلمین مثلاً لم یجز ذلک أیضاً، نعم یجوز ذلک من الکافر المحارب مقابلة بالمثل، قال سبحانه: «فَمَنِ اعْتَدَی عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَی عَلَیْکُمْ»((1)).
المسألة 301: لا یجوز وزن النفس((2)) بالاحتیال بعدم إلقاء الثمن، بل إلقاء شیء آخر أو ما أشبه ذلک، فإذا فعل ذلک کان ضامناً لصاحب (الوزان).
* وإذا فعل ذلک فاللازم إعطاء صاحب الوزان الثمن، ولو بإلقائه فی الوزان بدون توزین؛ لأنه یعد عرفاً من إیصال المال إلی صاحبه، وإذا لم یعرفه کان مجهول المالک فیرجع إلی الحاکم الشرعی.
نعم لو انعکس الأمر بأن ألقی الثمن ولم یظهر الوزن للاختلال فی الوزان حقّ له الوزن بعد ذلک بذلک الثمن، والظاهر لزوم التصالح بینهما إذا زاد الثمن أو نقص وقت الإعطاء عن وقت السرقة.
المسألة 302: یجوز أخذ الأجرة لمن حضر المحل الخاص لمشاهدة المصارعة، فإذا دخل المتفرّج بدون إعطاء الأجرة کان ضامناً للأجرة، لکن أنما یجوز أخذ الأجرة إذا کانت المصارعة جائزة، فإذا لم تکن جائزة کان لصاحب المحل أجرة مثل حضور محله.
* فإنه إذا بطل ثمن المسمی رجع إلی ثمن المثل، لکن الکلام فی أنه إذا کان یعرض المحرمات، فهل لمحله أجرة، حیث یحتمل أن یشمله ولو بالملاک
ص: 137
قوله(علیه السلام): «إذا حرم الله شیئاً حرّم ثمنه»((1))، أو یشملهم قولهم((2)):
بأن کاسر البربط والقمار والصلیب لیس علیه ضمان، مع أنه یجب التلف بالنسبة إلی المادة التی هی محللة، إذ الفرض حرمة الصورة فقط؟
المسألة 303: یجوز أخذ الأجرة لصاحب المحل ممن یرید حضور احتفال أو تمثیلیة جائزین، أو ما أشبههما، فإذا حضر إنسان ولم یدفع الأجرة کان ضامناً للأجرة.
* لإطلاق أدلة الضمان ودلیل السلطنة.
المسألة 304: یجوز مشاهدة الإنسان المصارعة أو الاحتفال أو التمثیلیة، أو ما أشبهها من مکان مرتفع یتعلّق بنفسه أو یتعلق بإنسان یبیح له حضوره أو محل مباح، ولیس لصاحب المصارعة أو ما أشبه أن یمنعه عن ذلک، وإذا نظر بدون رضاه أو مع نهیه لم یکن آثماً ولا ضامناً.
* وذلک لأنّ مثل النظر أو الاستماع إلی الأصوات کشم الرائحة إذا فرض له رائحة طیبة لیس مطلقاً من التصرف، ولا من الحق عرفاً حتی یشمله: (من أتلف)، أو (لا یتوی حق امرئ مسلم)((3)).
ص: 138
المسألة 305: لو أمکن تنمیة الإنسان بواسطة الأدویة الموجبة لإفراز الغدد المنمیة، حتی أمکن إیصال طفل ذی خمس سنوات، إلی شاب عمره خمس عشرة سنة مثلاً، فهل یکون بالغاً بلوغاً شرعیاً، أم لا؟ احتمالان، من أنه والبالغ هذا العمر سواء فی الجسم والإدراک والنمو، ومن أنه لم یبلغ السن الشرعی.
* لکن حسب الصناعة إذا تحقق الموضوع تحقق الحکم، اللهم إلا أن یقال بالانصراف.
المسألة 306: لو سببت الأدویة الإمناء أو نبات العانة، فإن کان المستعمل للدواء مدرکاً لوقت نباتها أو لوقت الإمناء لم یستبعد حصول البلوغ الشرعی لوجود المناط.
* وذلک لتحقق الموضوع، وکذا لو سبب ذلک الحمل والحیض فی الفتاة دون العاشرة، فإنه بتحقق الموضوع یتحقق الحکم.
المسألة 307: فی المسألة السابقة إذا لم یدرک مستعمل الدواء لوقت نباتها أو لوقت الإمناء، ففی البلوغ الشرعی وعدمه احتمالان، ومع الشک فی البلوغ یستصحب عدم البلوغ.
* لما تقدم فی المسألتین السابقتین.
المسألة 308: لو فرض أنه أمکن إرجاع الإنسان البالغ إلی حالة الطفولة بأن صار طفلاً حقیقة، رفع عنه التکلیف؛ لأنّ الحکم تابع للموضوع، وقد فرض تحقق الموضوع.
ص: 139
* لکنه فرض مستبعد جداً، إلا عن قدرة الله تعالی، القادر علی کل شیء.
المسألة 309: یجوز تعریض الحیوان، لأجل الاستفادة العلمیة أو الاستفادة العملیة، کما یعتاد تزریق الخیل بالسم، لأجل أخذ المادة المقاومة للسم من جسمه.
* لکن من اللازم التخفیف الممکن عن ألم الحیوان؛ لوجوب حقوق الحیوان، کما ذکرناه فی کتاب النفقات من (الفقه)((1)).
المسألة 310: لو أمکن تغییر الغلات الأربع إلی أکبر أو أصغر، لکن کان الاسم موجوداً، کما لو أمکن تکبیر الحنطة إلی حدّ البیضة، أو تصغیر التمرة إلی حد الحنطة، کان فیه الزکاة، لبقاء الموضوع التابع له الحکم.
* نعم إذا سقط عن الصدق لم یکن فیه زکاة؛ لأنّ الحکم دائر مدار الموضوع المفروض فقده فی المقام، ومنه یعلم حال ما إذا غُیّر الزکوی بواسطة الدواء إلی ما لم یصدق علیه الزکوی فلم یُسمَّ حنطة أو تمراً.
المسألة 311: لا فرق فی المعدن الواجب فیه الخمس بین المعادن تحت الأرض، أو تحت البحار.
* لإطلاق الدلیل، والظاهر أنّ الملح المأخوذ من البحر حاله حال سائر المعادن، وکذا سائر المعادن المأخوذة من البحار.
ص: 140
المسألة 312: المعادن الموجودة فی القمر وسائر الکواکب، الظاهر أن فیها الخمس؛ لصدق المعدن فیتبعه الحکم.
* لما ذکر فی المسألة السابقة.
المسألة 313: المعدن الاصطناعی لا خمس فیه، فلو فرضنا أنه تمکنا من صنع الذهب أو الفضة لم یکن فیه الخمس؛ لأن الظاهر اعتبار الاستخراج، فالمصطنع لیس بمنزلة ذلک.
* لعدم صدق المعدن علیه، وکذلک الحال فی الغلات الاصطناعیة وسائر ما فیه الزکاة للانصراف.
المسألة 314: لو فرض إمکان تنمیة الأنعام التی فیها الزکاة، کما لو أنمیت الشاة إلی أن صارت بحجم الإبل، أو تصغیرها کما لو صغرت البقرة حتی صارت بحجم السخلة، کان فیها الزکاة؛ لصدق الاسم الذی هو موضوع الحکم.
* نعم إذا خرجت عن الاسم لم تکن فیها الزکاة.
المسألة 315: لو أمکن قبض روح الإنسان بالوسائل النفسیة کما یظهر من بعض الأحادیث أنه کان فی الزمن السابق فی البلاد الهندیة فقبض إنسان روح إنسان ظلماً، فالظاهر وجوب إرجاعه.
* ولو لم یرجع کان قاتلاً، وإنما یجب الإرجاع؛ لحرمة القتل ولأنه أولی من إرجاع المال المسروق ونحوه.
ص: 141
المسألة 316: یجوز قتل الحیوانات المؤذیة بالمواد السامة کالفئران والذباب والبعوض وغیرها.
* لإطلاق جواز قتل المؤذی((1))، وقد یجب إذا کان فیه جهة وجوب.
المسألة 317: یجوز إطعام اللحوم المحرمة کالقردة ونحوها للحیوانات الطاهرة، کما یجوز جعلها سماداً، ویجوز الاستفادة منها للدواء الضروری، وکفی بمثل ذلک فائدة لهذه الحیوانات، فلا یقال: إذا لم یجز أکلها فما فائدتها التی خلقت من أجلها؟
* بالإضافة إلی أنه نوع من جمال الکون وعبرة، ولا یلزم أن یکون کلّ شیء للأکل ونحوه، هذا بالإضافة إلی فوائد أخری، کصنع الألبسة والرکوب والتجسس کما فی الدلفین وغیرها.
المسألة 318: یجوز استخدام الحیوان محللاً کان أم محرماً، طاهراً أم نجساً، فی مختلف الأغراض والوسائل المباحة.
* لإطلاق أدلة الحل، والمراد بالمباحة فی قبال المحرمة، وإلا فقد یجب لاستعمال.
المسألة 319: یجوز رش المواد السامة فی المزارع وفی البلاد، لأجل الوقایة
ص: 142
والعلاج، والأضرار الناجمة منها علی الإنسان قلیلة جداً، فلا یشملها دلیل (لا ضرر).
* ولو فرض الضرر وکان من الأهم والمهم جاز، ولزم تدارکه من بیت المال أو من الناحیة التی سببت الضرر، کأن کانت شرکة أو مؤسسة أو شخصاً.
المسألة 320: إذا کان خوف الوباء أو الأمراض الفتاکة، کان للدولة الإسلامیة وکذلک الفرد المسلم إجبار الناس علی استعمال الوقایة والعلاج، مثلاً: إذا تسمّم الهواء بالوباء أو بالجدری أو بالملاریا، وأراد الطبیب تطعیم الناس فأبی إنسان،کان للطبیب إجباره، فإنّ دلیل (لا ضرر) حاکم علی دلیل تسلیط الناس علی أنفسهم وأموالهم((1)).
نعم، إذا کان المرض المحتمل یسیراً یجوز تحمله شرعاً لم یجز إجبار الناس فی الوقایة أو العلاج بعد الابتلاء به.
* إذ دلیل (لا ضرر) لا یشمل الأضرار الیسیرة، کما ذکرناه فی (الفقه) و(الأصول) بالنسبة إلی إضرار الإنسان نفسه أو تحمّله للضرر الذی توجّه إلیه.
المسألة 321: البحار طاهرة مطهرة وإن کانت المواد العالقة بالماء کثیرة، اللهم إذا خرج عن صدق الماء بإطلاقه وعلی هذا فالبحر المیت الموجود قرب الأردن طاهر مطهر.
* وکذلک المحیطات؛ وذلک لصدق الماء المطلق علیها، ومن الممکن الصدق فی البحار والمحیطات وعدم الصدق فی ما إذا خلط الماء المحقون
ص: 143
بقدر تلک المواد بالنسبة إذ الصدق واللاصدق تابعان للعرف، هذا بالإضافة إلی إطلاق بعض النصوص فی ماء البحر((1)).
المسألة 322: لا یجوز إبکاء الغیر بدون رضاه، کما لا یجوز إضحاکه بدون رضاه؛ لأنه تصرف فیه، نعم المبکی والمضحک لو کان فی کل مکان، وکان الطرف یمکنه التخلص لم تکن أعمال المبکی والمضحک النفسیة محرمة؛ لأن بقاء الطرف فی المکان بدون أن یتخلص یجعله مسؤولاً عن نفسه، ولیس المسؤول المضحک أو المبکی.
* إذ الإضحاک والإبکاء حین یتمکّن الطرف من التخلّص، لیس تصرفاً عرفاً، ففرق بین أن یضربه وهو یتمکن من التخلص وبین الإضحاک والإبکاء، وهو یتمکن من التخلص، والفارق العرف، وکذلک الحال فیما یطلق الفاعل غازاً حاراً أو بارداً أو مرطباً إلی طرف یتمکن من التخلص، فإنه مع علم المتصرف فیه بإمکان التخلص ولم یتخلص یکون هو المسؤول فی المکان المباح بدون حق السبق ونحوه بخلاف ما إذا جهل، فإنه یعد تصرفاً فی الغیر.
المسألة 323: إذا خرجت مظاهرة وکان المتظاهرون بحق فی مطالبهم، لم یجز للسلطة إرهابهم وتفریقهم وإلقاء المواد المبکیة أو تسلیط خراطیم الماء علیهم.
* وذلک لأنّ المظاهرة من حقهم، للحریة الممنوحة للإنسان الشاملة للمظاهرة والاعتصاب. نعم، لا تجوزان لطلب الباطل؛ لأنهما حینئذٍ من مقدمة الحرام.
ص: 144
المسألة 324: إذا کان المتظاهرون علی الباطل، جاز للدولة الإسلامیة ردعهم بما هو المیزان فی باب ردع المنکر.
* قال تعالی: « وَجَادِلْهُم بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ»((1))،
هذا مع لزوم حفظ حقوق المعارضة، کما یعرف ذلک من سیرة الرسول الأعظم(صلی الله علیه و آله) وأمیر المؤمنین(علیه السلام)، والدولة الإسلامیة من باب المثال، وإلا فالردع واجب کفائی علی کل متمکن بشرائط الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، والمراد ب (جاز) فی قبال الحرام، وإلا فهو واجب بشروط الأمر والنهی، کما أنه یستحب فی ما إذا لم یکن فعلهم حراماً،بل خلاف المستحب أو کان من المکروه.
المسألة 325: الحکومة التی حکمها مشروع أو کانت مالکة لا یجوز سرقة الماء والکهرباء وما أشبه منها، أما إذا لم یکن حکمها مشروعاً، فالأولی اجتناب مثل هذه الأمور، إلا إذا أخذ الآخذ من باب التقاص أو لوجه محلّل آخر.
* إنمّا کان الأولی الاجتناب؛ لأنّه نوع من الدناءة عرفاً، وهی تنافی مکارم الأخلاق، والوجه المحلل الآخر: الاضطرار ونحوه.
المسألة 326: تجارب الأسلحة والرؤوس النوویة والهیدروجینیة وسائر الوسائل الحربیة جائزة، بشرط أن لا توجب ضرر إنسان محترم أو حیوان محترم، ولم یکن هناک وجه آخر للتحریم، وقد یجوز مع فقد الشرط فیما إذا دار الأمر بین الأهم والمهم.
ص: 145
* أما الوجه الآخر للتحریم، فهو مثل أن یکون ذلک خلاف نزاهة سمعة الدولة الإسلامیة، حیث اللازم الإبقاء علی سمعة الإسلام ونزاهة الدولة الإسلامیة حتی لا ینفر الناس منهما، وأما الأهم والمهم فهو مثل ما إذا تعارض بین النزاهة وبین القضاء علی بیضة الإسلام، حیث إنّ الإبقاء علی الإسلام أهم، والأحکام المذکورة فی المسألة حسب القواعد والأدلة العامة.
المسألة 327: الظاهر جواز استعمال دواء یوجب تسریع العمر، حتی إن الولد الذی له عمر خمس سنوات، یکون کالولد الذی له عمر عشر سنوات، وبالعکس بأن یستعمل دواءً، یوجب إبطاء العمر، حتی إنّ الولد الذی عمره عشر سنوات، یکون کالذی له عمر خمس سنوات.
* وذلک لإطلاق أدلة الحل، إلا فی صورة یعد ضرراً بالغاً عرفاً فلا یجوز، نعم فی المرأة المزوجة لا یجوز ما ینافی جمالها مما یعد حقاً عرفاً للزوج، سواءً کان إبطاءً أم إسراعاً.
المسألة 328: ما ذکر فی المسألة السابقة أنما هو بالنسبة إلی الإنسان نفسه أو استعماله بالنسبة إلی إنسان آخر عاقل بالغ یأذن فی ذلک ولم یکن هناک محذور آخر، أما بالنسبة إلی الصبی غیر البالغ فلا یجوز إلاّ إذا کانت مصلحة من غیر مفسدة، وکان الفاعل لذلک هو الولیّ الشرعی.
* أو مأذوناً من قبله، والمسألة مبتنیة علی الخلاف بین الفقهاء فی أنه هل یلزم المصلحة، أو عدم المفسدة((1)).
ص: 146
المسألة 329: إذا اضطر، الجندی أو الموظف إلی حلق لحیته اضطراراً شرعیاً، جاز.
* وذلک لقوله(علیه السلام): «لیس شیء مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إلیه»((1))،
وأدلة الاضطرار حاکمة علی الأدلة الأولیة بالأدلة الأربعة، وإنما قلنا اضطراراً شرعیاً لإخراج ما إذا کان اضطراراً تسامحیاً الذی هو فی الحقیقة لیس باضطرار.
المسألة 330: هل یجوز التزیّی بزی غیر جائز شرعاً، لأجل کشف أسرار الفئات الباطلة، لإنقاذ الناس عن التردی فی مزالقهم، کما ینقل عن أحد المراجع أنه أجاز لأحد ثقاته حلق اللحیة والتشبه بفئة ضالة، لأجل الدخول فی جماعتهم وکشف أسرارهم، حتی ینقذ المغررین والجاهلین، أم لا یجوز ذلک؟ احتمالان، والظاهر أنّ المسألة من دوران الأمر بین الأهم والمهم، فکلما تحققت الأهمیة جاز، وکلما لم تعلم الأهمیة لم یجز.
* وتشخیص موضوع الأهم والمهم بید الإنسان نفسه إذا کان خبیراً، وبید أهل الخبرة العدول إذا لم یکن بنفسه خبیراً، والاحتیاج إلی اثنین أو کفایة الواحد مربوط بالاختلاف فی کلّی المسألة، کما أن کفایة کونه ثقة بدون اشتراط العدالة أیضاً منوط بالاختلاف فی کلی المسألة.
المسألة 331: انکشاف الأهمیة فی المسألة السابقة من الموضوعات، فالمتدیّن
ص: 147
الحازم إذا عرف الأهمیة جاز له، ولا یحتاج بعد ذلک إلی فتوی الفقیه، نعم إذا منع المرجع للمسلمین عن ذلک، لم یجز لوجوب اتباع أوامره ونواهیه.
* المراد بالمرجع: مقلد بالفتح هذا الشخص، وإنما لا یحتاج بعد ذلک إلی الفتوی؛ لأنه إذا ثبت الموضوع ترتب علیه الحکم، فإذا ثبت لدیه أنّ هذا السائل مثلاً ماء جاز له شربه، هذا فیما إذا لم تکن الأهمیة فی الموضوعات العامة أو الموضوعات المستنبطة، وإلا احتاج إلی فتوی الفقیه.
المسألة 332: لا یجوز إعطاء صور النساء إلی الدفاتر والأوراق التی هی عرضة لنظر الأجنبی، کما یعتاد فی (الجوازات) أو ما أشبه فی بعض البلاد، إلا إذا اضطر الإنسان إلی ذلک اضطراراً شرعیاً.
* الحکم علی القاعدة فی المستثنی والمستثنی منه، والمراد: الصورة المحرمة، لا قرص الوجه فقط، فإنّ کثیراً من الفقهاء، ومنهم الشیخ الأنصاری+ لا یوجبون ستره((1))،
وقد ذکرنا فی (الفقه) أنه بشرط أن لا یکون بتزیین ولا خوف افتتان.
المسألة 333: الجندی فی الثکنة یتم الصلاة بأحد شرطین: الأول: أن ینوی إقامة عشر أیام أو أکثر، الثانی: أن تصبح الثکنة محلاً له، بأن قرر بقاؤهُ فیها، لثلاث أو أربع سنوات مثلاً مما لا یسمی أنه فیها مسافر.
* فإنّ الجندی لا یختلف عن غیره فی حکم المسافر والحاضر بجمیع
ص: 148
الخصوصیات المذکورة فی ذلک الباب.
المسألة 334: الطلاب الذین یذهبون إلی بلاد غیر بلادهم لأجل الدراسة، حالهم حال الجندی فی المسألة السابقة.
* لإطلاق أدلة القصر والتمام الشامل للجندی والطالب والطیار والملاّح والسائق وغیرهم.
المسألة 335: الموظفون والتجار ومن أشبههم، الذین یذهبون إلی بلاد غیر بلادهم، لأجل الوظیفة والتجارة ونحوهما، حالهم حال الجندی فی المسألة (333).
* سواء کان تاجر جملة أم تاجر فرد، من أی نوع من التجارة، وکذا فی الموظف حسب وظیفته لما عرفت من وحدة الدلیل فی الجمیع.
المسألة 336: الظاهر أنّ الحملدار الذی عمله الذهاب إلی الحج، کل عام شهرین أو أکثر، یجب علیه إتمام الصلاة فی غیر السفرة الأولی، علی نحو ما ذکروا فی کثیر السفر، إذ هو مثل أمیر البیدر المذکور فی الروایات((1))، فإنّ عمل أمیر البیدر لیس أزید من شهرین ونحوه فی کل سنة.
* ومن المعلوم أن سفره لیس سفراً واحداً کالحاج نفسه، بل أسفار متعددة،
ص: 149
نعم فی هذه الأیام حیث الوسائل السریعة الموجبة لأن لا تطول السفرة أکثر من عشرة أیام وما أشبه، لا یکون الحلمدار من کثیر السفر حاله حال أمیر البیدر إذا لم یطل رقابته للبیادر إلا عشرة أیام وما أشبه، فلیس حینئذٍ داخلاً فی عنوان الروایة، ولو شک فی مکان کان الاستصحاب محکّماً.
المسألة 337: الظاهر أنّ قرّاء تعزیة الإمام الحسین(علیه السلام)، الذین یذهبون فی شهری محرم وصفر وشهر رمضان لأجل القراءة وتکون لهم مجالس فی مختلف المناطق التی بینها المسافة أو أقل، حیث یذهبون إلی تلک المجالس فی کل یوم، حالهم حال (الحملدار) فی المسألة السابقة.
* لشمول الأدلة لهم أیضاً، فیعدون من کثیر السفر فصلاتهم وصیامهم تمام، والظاهر: أنّ فی مثل هذا الزمان لا یعدّ القارئ من کثیر السفر للوسائل الحدیثة، کما أشرنا إلی ذلک فی شرح المسألة السابقة.
المسألة 338: حال الصوم حال الصلاة فی المسائل المتقدمة، فکلما أتم الإنسان صام، کما أنه کلما قصر أفطر، إلا فی الموارد المستثناة فی الفقه.
* دلیل التلازم فی المستثنی منه، ودلیل الاستثناء فی المستثنی مذکور فی (الفقه).
المسألة 339: لا جمارک فی الإسلام ولا تهریب، وإنما المحرم التعامل بالأمور المحرمة، مثل الخمر والخنزیر وما أشبههما، نعم إذا کان عدم إعطاء الکمرک أو التهریب خطراً علی النفس وضرراً بالغاً لم یجز بعنوان ثانوی.
ص: 150
* ومن المعلوم أنّ العنوان الثانوی یقدر بقدره، مثلاً: إذا کان فتح الحدود بین بلد إسلامی وبلد کافر یوجب دخول البضائع الأجنبیة بما یضرر اقتصاد بلد الإسلام أو خروج البضائع الإسلامیة بما یضرر الناس، کان اللازم علی الدولة الإسلامیة الوقوف دون الضرر، وذلک بأیة کیفیة تکون أقرب إلی الحریة الإسلامیة، لا أن یضع الجمرک فإنه محرم شدید، کما أن بین (لا ضرر) وبین الجمرک عموماً من وجه، کما لا یخفی، وقد فصلنا ذلک فی بعض کتب الفقه.
وکذلک حال التهریب، فإنّ بینه وبین (لا ضرر) عموماً من وجه، ویمکن تحدید الأمر بتشکیل الدولة الإسلامیة لجاناً مرکبة من الإسلامیین المطلعین والأخصائیین لتحدید الأمر، ومع ذلک فلیس التحدید له صبغة القانون، بل الاستثناء والوقتیة ما دامت مشکلة التدافع، وکذلک حال ما إذا اصطدمت قاعدة (لا ضرر) ببعض الحریات الإسلامیة فی مختلف الأبعاد، هذا ویشترط فی تطبیق العناوین الثانویة العامة فتوی شوری الفقهاء المراجع.
المسألة 340: حیث إنه لا حدود فی الإسلام للبلاد، فالذهاب والمجیء، والسفر والإقامة، کلها حق للمسلم بما منحه الإسلام من الحریة، ولا مانع شرعاً من کل ذلک، إلا إذا کان خطراً وضرراً کما تقدم فی المسألة السابقة.
* الکلام هنا کالکلام فی المسألة السابقة فی کیفیة الجمع بین الأمرین، وإن الذی یوضع جمعاً، له صبغة الوقتیة لا القانونیة، ثم إذا أثبت بعض من یرید السفر أو البقاء أو إدخال بضاعة أو عملة صعبة أو إخراجها أنه لیس من مورد الضرر ونحوه، وقد أخذ منه حسب القانون الموضوع مؤقّتاً شیء أو سببوا له ضرراً وجب علی بیت المال تدارکه، کما تقدم فی مسألة الألبان لأجل الوباء المشتبه فی بعضها، إذ لیس الجمع بین الدلیلین من (الحکمة) حتی تطّرد، بل من (العلة)
ص: 151
فهی خاصة بمورد المشکلة.
المسألة 341: حیازة المباحات وتحجیر الأراضی والعمارة وما أشبهها، کلها جائزة فی الإسلام، فلا یقید الإنسان بقیود تفرضها السلطات حول هذه الأمور، ویجوز للإنسان مزاولة حریاته الإسلامیة فی هذه الأمور، إلا إذا کان خطراً وضرراً، کما تقدم فی المسألة (339).
* المستثنی «إلا إذا کان ذلک خطراً أو ضرراً» هو أمر نادر، کالضرر فی الغسل والوضوء والصوم، والضرر یقدر بقدره، نعم یجب أن لا یتعدی إنسان فی هذه الأمور علی حق الآخرین ولا حق الأجیال، کما ذکرنا تفصیله فی کتاب (الفقه: الاقتصاد)((1)) وغیره.
المسألة 342: الخمس والزکاة هما فقط ضریبة الإسلام للمسلم، فلا یجب علی الإنسان المسلم إعطاء سائر الضرائب إطلاقاً، إلا إذا کان عدم الإعطاء خطراً وضرراً، کما تقدم فی المسألة (339).
* المستثنی هو کما لو اتفقت حرب بین المسلمین والکفار، ولم یکف بیت المال لسد النفقات، ولم یمکن جمع التبرّعات، فإنه حینئذٍ یجب علی المسلمین بذل المال؛ لوجوب الجهاد بالنفس والمال، ولأنه حینئذ من الأهم والمهم، ولو أمکن الاقتراض ثم سده من بیت المال فی المستقبل کان مقدماً علی الوجوب علیهم.
المسألة 343: التمثیلیة حلال، بشرط أن لا تکون مکذوبة، ولا مختلطة
ص: 152
بالمحرم، ولا محرمة من جهة أخری کترویج الباطل.
* أما أصل الحل فلأدلته، والاستثناءات هی علی القاعدة، وما یقال فی التمثیلیة یقال فی السینما وغیرها من وسائل التفریح المحللة.
المسألة 344: الاتفاقات العسکریة إذا کانت فی نفع المسلمین، کانت محللة، بل واجبة إذا سببت درء الخطر عن بلاد الإسلام، وإذا کانت فی ضرر المسلمین کانت محرمة.
* الوجوب والحرمة حسب الأدلة العامة، لکن یجب أن تکون الاتفاقیة حسب أدق الموازین العلمیة، مما ینظمها الأخصائیون زمنیاً ودینیاً، وذلک ما لا یمکن فی الحکومات المستبدة إطلاقاً، خصوصاً إذا کانت الحکومة التی هی فی الطرف المقابل استشاریة.
المسألة 345: الاتفاقیات حول التجارة والصناعة والزراعة وما أشبه بین بلاد الإسلام بعضها مع بعض، أو بین بلاد الإسلام والبلاد غیر الإسلامیة جائزة إذا لم تکن مضرة لبلاد الإسلام، بل واجبة إذا توقف علیها تقدم المسلمین وسبب درء الخطر عن البلاد، وأما إذا کانت مضرة فهی حرام.
* الحکم هنا کالمسألة السابقة، کما أنّ الأمر جار فی الاتفاقیات الأخر، کالثقافیة والتربویة والفنیة وما أشبه ذلک، ثم اللازم أن تعقد الاتفاقیة بحیث إنه إذا تبدلت إلی الضرر أمکن نقضها، وإلا لربما تحمّل المسلمون ضرراً لا یتدارک.
المسألة 346: العمل الفدائی إذا توقف إنقاذ بلاد الإسلام علیه وجب، والإنسان الذی یدخل فی العمل الفدائی إذا کانت قیادته إسلامیة عادلة وکان
ص: 153
قصده إنقاذ بلاد الإسلام إذا استشهد کان محکوماً بحکم الشهید، إذ عمله یکون جهاداً فی سبیل الله تعالی.
* الجواز لعموم أدلة الجهاد، ولحکومة قانون الأهم والمهم، وإنما یکون بحکم الشهید فی الأحکام؛ لأنه قسم من الجهاد، لکن بشرائط الشهید المذکورة فی محلها.
المسألة 347: لا یجوز التزویر بإدخال النفس فی التسهیلات المعدة لقسم خاص من الناس، مثلاً إذا قررت شرکة الطیران الأهلیة أن تنقص من أجور الطائرة لطلبة العلوم لا یجوز لإنسان لیس من طلبة العلوم أن یسجل نفسه طالباً لیستفید من هذه المساهلة.
* لأنه من أکل أموال الناس بالباطل فیما کان التزویر یستلزم ذلک، وفیما لم یستلزم المال یکون من التصرف فی سلطان الناس، مثلاً کان السفر إلی الحج مجاناً لشرکة متبرعة، لکن قررت الشرکة أن یقدّم طلاب العلوم الدینیة علی غیرهم فی الطیران فجعل نفسه من الطلاب، والمفروض أنه تزویر علی من یجب احترام ماله وسلطانه من فرد أو شرکة أو حکومة مشروعة أو ما أشبه ذلک، نعم فی غیر محترم المال والسلطان لا بأس بذلک، کما فی الکافر الحربی.
المسألة 348: إذا زوّر غیر المستحق المذکور فی المسألة السابقة ضمن لصاحب الشرکة التفاوت؛ لأنه من أکل أموال الناس بالباطل.
* الضمان فیما کان من تلف المال أو نحوه کما فی المثال المذکور، وإلا کان الحکم تکلیفیاً محضاً.
ص: 154
المسألة 349: إذا اضطر الجندی إلی حرب غیر إسلامیة، فالواجب علیه أن لا یقتل أحداً ولا یجرح إنساناً، وإنما یوجه بندقیته إلی الهواء أو ما أشبه.
* وکذا یلزم علیه أن لا یتلف المال ولا یهتک العرض، فإذا أمر القائد بنهب أموال الناس یجب علیه أن لا یفعل، ومع الاضطرار الشدید یفعل الأقل فالأقل، وهذا فی غیر الدماء، فإنه لا تقیة فیها، وهکذا فی تخویف الناس، فاللازم اجتنابه مهما أمکن، أو الأخذ بالأخف فالأخف؛ لحرمة تخویف الغیر، ومع ذلک هو ضامن یلزم علیه التدارک مع الإمکان، کما سیأتی.
المسألة 350: لا یجوز للجندی أن ینهب مالاً أو یحرق شیئاً محترماً أو یکبت حریة، فإذا فعل ذلک ضمن المال وضمن الشیء المحترق، ولزم علیه البدل لصاحب المال، کما یلزم علیه ترضیة من کبت حریته.
* وإذا لم یتمکن من التدارک استغفر الله تعالی، والأمر بعد ذلک له سبحانه إن شاء غفر وإن شاء عذّب؛ لأنّ من المعلوم أنّ المحاسبة تکون حتی إلی مثقال ذرة کما فی القرآن الکریم((1))،
ولو تمکن من التدارک ولو بعد حین وجب علیه التدارک لعموم أدلة الضمان.
المسألة 351: لا یحق للرقیب الذی عیّن لأجل رقابة المطبوعات أن یحذف الأمور الإسلامیة، وکذلک لا یحق أن یحذف الأمور المباحة فی الشریعة، وإنما یحق له حذف الأمور الضارة.
ص: 155
* الأمور الضارة سواء کانت حراماً بالعنوان الأولی کالمطالب الضالة، أم حراماً بالعنوان الثانوی، هذا بالإضافة إلی أنّ أصل جعل الدولة الرقابة علی المطبوعات ونحوها خلاف حریة الناس.
المسألة 352: لا فرق بین رقابة المطبوعات، کما ذکر فی المسألة السابقة وبین رقابة (الأشرطة) و(التمثیلیات) و(السینمات المباحة) وما یقرر بثه من الإذاعة وهکذا.
* لأن الدلیل فی الجمیع واحد، وهکذا بالنسبة إلی سائر ما یستفیده الإنسان بواسطة حاسة من حواسه الخمس، ولا یلزم فی المورد الضار أن یکون ضرراً قطعیاً، بل الضرر المحتمل کذلک حسب ما یذکره الفقهاء فی باب الصوم وغیره، کما إذا کانت تمثیلیة تضر الأطفال، وهو لا یعلم هل یحضرها الأطفال أو لا، فإنه مع الاحتمال العقلائی لحضورهم له المنع؛ لأن دفع الضرر المحتمل بشرائطه لازم، وتفصیل الکلام فی مورده.
المسألة 353: لا یحق لفرد أو دولة أن تبدل القرآن من العربی إلی غیر العربی، بأن یکون غیر العربی بعنوان القرآن الکریم، نعم یجوز بعنوان الترجمة.
* هذا واضح بالمستثنی منه والمستثنی، ویحق للإنسان الترجمة، بل قد یجب ذلک إذا توقف بیان الإسلام وهدایة الناس علیه.
المسألة 354: الحکم کالمسألة السابقة بالنسبة إلی الأذان والصلاة وما أشبه.
* وذلک لأنّ اللازم قراءتها عربیة، وکذلک حال التلبیة فی الحج، أما قراءة
ص: 156
الأدعیة بغیر العربیة کالفارسیة فلا بأس لا بعنوان الورود.
المسألة 355: ما قررته (الأمم المتحدة) من عدم التدخل فی إصلاح الدول، إذا تعدی الشعب علی الدولة، أو تعدت الدولة علی الشعب، لیس مطابقاً لأحکام الإسلام، بل الإسلام أوجب الإصلاح سواء بین الدول أم بین الدولة والشعب، قال تعالی: «وَمَا لَکُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِینَ»((1))، فإذا ظلمت دولة رعایاها یجب علی کل مسلم قادر أن یقف أمام تلک الدولة لتکف عن ظلم الرعیة، کما أنه إذا تعدت الرعیة علی الدولة المشروعة وجب علی کلّ مسلم قادر أن یرد اعتداء الناس عن الدولة.
* بل التدخل هو مقتضی العقل، إذ أی فریق بین أن یظلم الجار جاره، أو أهل البیت أباهم، أو الأب أهل بیته، ومن الممکن أن تقرر الأمم المتحدة جماعة من المحامین والحکام لنجدة أی واحد، دولة علی دولة، أو دولة علی شعب، أو شعباً علی دولة، حتی توقف المعتدی عند حده.
المسألة 356: لا یحق للمسلم أن یسمی أخاه المسلم أجنبیاً، ولا أن یحرمه من مزایاه، مهما کان بینهما اختلاف فی اللون أو العنصر أو الإقلیم، فإنّ الأجنبی فی لسان الدین هو (غیر المسلم).
* لأنه خلاف صریح الآیات والروایات الکثیرة، وخلاف حق المسلم علی المسلم، إضافة إلی أنه أسوأ من التنابز فی الألقاب، الموجب لانفصام وحدة
ص: 157
المسلمین، وقد قال سبحانه: «وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُکُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً»((1)) إلی غیر ذلک، بل قال بعض بصحة العکس، بأن یسمی المسلم الکافر أخاً، حیث قال سبحانه: «وَإِخْوَانُ لُوطٍ»((2))،
وقال تعالی: «وَإِلَی عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً»((3))
إلی غیرهما.
المسألة 357: لا یحق للمسلم أن یخرج مسلماً عن بلد إسلامی، ولو کان ذلک المسلم من أهل قطر آخر أو أهل لغة أخری أو عنصر آخر.
* وذلک لأنه لا یجوز إخراج أحد من وطنه، أو من موضع أقام أو أراد المقام فیه؛ لأن البلد الإسلامی بکامله وطن المسلم، وله الحق أن یختار أی مکان منه، هذا بالإضافة إلی أنه خلاف تسلط الناس علی أموالهم وأنفسهم، وقد نعت الله الیهود بذلک ذماً لهم، قال سبحانه: «ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَکُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِیقاً مِّنکُم مِّن دِیَارِهِمْ»((4))
بل لا یجوز ذلک إلا بالنسبة إلی الکافر الحربی؛ لأنّ غیره محترم.
المسألة 358: لا یحق لأحد أن یحجز إنساناً فی مکان، من بلد أو قریة أو محلة، أو ما أشبه، فإنه خلاف (الناس مسلطون علی أنفسهم وأموالهم)((5))،
ولو حجزه لم یجب علیه البقاء، بل یجوز له أن یذهب إلی أی مکان شاء، إلا من
ص: 158
جهة خوف الضرر البالغ.
* بأن علم أنّ الحاجز یضره ضرراً بالغاً إذا لم یستسلم أو إذا لم یبق فی حجزه، بشرط أن لا یکون عدم الاستسلام وعدم البقاء أهم، وإلا کان من مسألة الأهم والمهم، ومن ذلک أیضاً مسألة التبعید أو التسفیر، فلو أبعده أو سفّره جائر جاز له الرجوع إلاّ فی صورة الضرر المذکور.
المسألة 359: السجن فی الإسلام مقرر فی موارد خاصة قلیلة جداً، فلا یحق لأحد أن یسجن أحداً إلا الحاکم الشرعی فی الموارد الخاصة المقررة فی الإسلام، مما ذکر فی کتاب الحدود ونحوه.
* وقد ذکرنا تفصیل السجن وحدوده فی کتاب (الفقه: الدولة)((1))
أیضاً، ثم إذا لم یکن السجن بالشروط المقررة جاز للسجین الفرار، بشرط عدم الضرر، کما فی المسألة السابقة، کما یلزم علی القادر أن یهرّب السجین؛ لأنه من رفع المنکر.
المسألة 360: لا یجوز تعذیب أحد، سواء بالوسائل القدیمة کالسیاط، أم الوسائل الحدیثة کالکهرباء، نعم فی الموارد الخاصة المقررة فی الإسلام تجری الحدود والتعزیرات، کما ذکر فی کتاب الحدود والقصاص.
* علماً بأنّ الحدود الإسلامیة لیست تعذیباً، وإنما هی أحکام جزائیة قررها الإسلام فی موارد خاصة بعد ثبوت الجریمة ثبوتاً شرعیاً لحفظ نزاهة المجتمع وضمان أمنه وسلامته، والأدلة علی حرمة التعذیب کثیرة، ولا فرق فی حرمة التعذیب بین التعذیب الجسدی أو الروحی، ولا یجوز تعذیب المجرم، حتی الکافر
ص: 159
فکیف بالبریء، أما الحدود والتعزیرات فالمقرر منها فی الإسلام شیء قلیل جداً، وهو مشروط بشروط تجعله فی غایة الندرة، ثم إنه ذکرنا فی کتاب (الفقه: الدولة) جواز تبدیل الحاکم الشرعی فی التعزیر السوط ونحوه بالغرامة أو السجن المعقول أو عقوبة أخری، مثل منع السائق المخالف من السیاقة مدة إلی غیر ذلک.
المسألة 361: لا یحق لأحد أن یأخذ مالاً من أحد بعنوان الغرامة مما یقرره القانون، إلا فی الموارد الخاصة المقررة فی الإسلام، المذکورة فی کتاب الدیات والضمان ونحوهما.
* لأن المال محترم، و(الناس مسلطون علی أموالهم)، إلا فی المورد الذی قرره الإسلام؛ لقاعدة الأهم والمهم، أو شبه ذلک، نعم یحق للدولة الشرعیة التی یحکمها شوری الفقهاء المراجع أن تضع غرامات لمن یخالف القوانین الصحیحة التی تجعل لنظم البلاد کقوانین المرور، لا القوانین المستوردة التی تمنع الناس حریاتهم، وتفصیل الکلام فی موضعه.
المسألة 362: إذا حجز شخص إنساناً کان للمحجوز أن یرفع أمره إلی الحاکم الشرعی، فیعزّر الحاجز، وهل للمحجوز أن یقابل الحاجز بالمثل من باب «فَاعْتَدُواْ عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَی»((1)) احتمالان وإن کان احتمال ذلک لیس بعیداً.
* أما الاحتمال الآخر فلأن الآیة لا تشمل کل شیء، فلا یجوز أن یعذب بالنار أو الغرق أو الإلقاء من شاهق مَن فُعِلَ به ذلک بالنسبة إلی المجرم، إلی غیر ذلک، وقد أشرنا سابقاً إلی أن الأمور الثلاثة ما تشملها الآیة قطعاً کموارد
ص: 160
القصاص، وما لا تشمله قطعاً کما مثلنا، والموارد المشکوکة کما نحن فیه.
المسألة 363: إذا حجز شخص أنساناً فضاعت دابته أو سرق متاعه أو نهب ماله کان الحاجز ضامناً، فإذا کان الشیء المتلف مثلیاً دفع إلیه مثله، وإذا کان قیمیاً دفع إلیه قیمته.
* لقاعدة (لا ضرر) ولأنه السبب عرفاً، فتشمله أدلة الضمان، بل لا یبعد تعدی ذلک إلی مهر المثل فیما إذا حجز علیها عند الفسقة فهتکوا عرضها، أو بقیت بلا والی، فجاء المجرم وهتک عرضها، فإن الحاجز ضامن للمهر، للقاعدة المذکورة، وکذلک حال الجنایات کالجرح ونحوه الواقع بسبب الحجز، سواء علی المحجوز أم علی من یتولی المحجوز شأنه، وهذا لا ینافی کونه أولاً وبالذات علی الفاعل کتعاقب الأیادی.
المسألة 364: إذا فاتت منافع المحجوز، کما لو کان یکتسب کل یوم دیناراً ففاته الدینار بسبب الحجز، ففی ضمان الحاجز لهذا الدینار الفائت احتمالان، ولا استبعد الضمان.
* وذلک لقاعدة (لا ضرر) فإنه ضرر عرفی، فإذا کان فعل ما یستحق علیه الأجرة واحداً ضمنه، وإذا کانت مختلفة ضمن أجرة جمیع ما کان یفعله، وإذا کان المحتمل فعل أحد أشیاء مختلفة الأجرة، بأن کان أحیاناً یصبغ بدینار وأحیاناً یبنی بنصف دینار، وکان من المحتمل أن یفعل هذا أو ذاک إذا لم یکن محجوزاً، فإنّه یضمن ثلاثة أرباع الدینار لقاعدة (العدل)((1))، فلا مجال لإجراء
ص: 161
أصالة البراءة عن الزائد.
المسألة 365: لو حجز إنسان دابة إنسان أو داره أو ما أشبه فللمحجوز علیه أن یراجع الحاکم الشرعی، فیعزر الحاکم الحاجز.
* لأنّ الحجز المحرم کسائر المحرمات فیه تعزیر علی المشهور .
المسألة 366: للمحجوز علیه فی المسألة السابقة أن یأخذ بمقدار ما فاته من المنافع من الحاجز، فلو حجز داره سنة وکان إیجارها مائة دینار مثلاً کان له أن یأخذ المائة منه.
* وذلک لدلیل (لا ضرر) بل لو أراد بیع داره وکان المشتری یشتریها بمائة بینما قیمتها ثمانون فصار الحجز سبباً لفوت ذلک المشتری، فالعشرون مضمون؛ لأنّ الحاجز هو الذی أضره.
المسألة 367: إذا لم یدفع الحاجز حق المحجوز علیه، کان للمحجوز علیه التقاص من ماله، علناً أم سراً، لکن الأحوط أن لا یأخذ سراً، ما دام یتمکن من الأخذ علناً بدون مفسدة.
* وإنما کان أحوط؛ لأنه یوجب التجری، وبعض المحاذیر الأخری غالباً، نعم إذا لم یکن أی محذور فلا فرق بین السرّ والعلن.
المسألة 368: لو سجن إنسان إنساناً، فالحکم بالنسبة إلی ضمان الساجن مال المسجون ومقدار عمله کما ذکر فی مسألة (364) و (365) کما أنّ الحکم
ص: 162
بالنسبة إلی تعزیر الساجن هو کما ذکر سابقاً.
* فرق فی الاصطلاح بین (السجن) و(الحجز) ولذا عنونا مسألتین، فمن یأخذ ید غیره بالقوة بحیث لا یتمکن أن یتحرک فتشرد دابته لا یسمی سجناً، وإنما یسمی حجزاً، والدلیل فی مقام الحجز هو الدلیل فی مقام السجن.
ثم لو فوت الحاجز ما أراده المحجوز وکان بإمکان المحجوز غیره بما یقل ضرره لو فعله، هل یضمن الکل أو البعض؟ مثلاً : رجل نقّاش وعامل بناء یأخذ للأول فی الیوم ثمانیة وللثانی عشرة، فحجزه الحاجز بما لم یتمکن من البناء وتمکن من النقش، فهل یضمن الحاجز عشرة أو اثنین؟ الظاهر الثانی؛ لأنه لم یضره أکثر من اثنین.
المسألة 369: لو أخذ إنسان مال إنسان غرامة کان للمغرم أن یأخذ من مال الغارم إن أمکن بالقوة وإلا فبالتقاص.
* لأنّ من أتلف مال الغیر فهو له ضامن نصّاً وفتوی، وإذا لم یمکن الأخذ جاز التقاص للنص والفتوی أیضاً، هذا فیما لم تکن الغرامة جائزة، کما سبق.
المسألة 370: لو عذب إنسان إنساناً، فالظاهر له أن یقابله بالمثل، فیما أمکن بدون تغریر أو سرایة، وإذا خیف من التغریر أو السرایة کان له أن یأخذ الدیة بالمقدر شرعاً، وإن لم یکن مقدراً شرعاً الحکومة والأرش، بمعناهما المذکور فی فقه الإسلام.
* لکن المقابلة بالمثل أنما هو فیما لم یکن فیه منع شرعی، فلا یجوز لإنسان أحرق إنساناً أن یحرقه هو أو ولیه؛ لأنه (لا یعذب بالنار إلا رب النار)((1))
إلی غیر ذلک.
ص: 163
المسألة 371: الدولة الإسلامیة مکلفة بالقیام بنفقات الفقراء الذین لا یتمکنون من الاکتساب، أو یتمکنون ولکن لیس لهم کسب.
* وذلک لأنه من شؤون بیت المال، کما قرر فی کتاب الزکاة، وذکرناه فی (فقه الاقتصاد) وغیره، هذا بالإضافة إلی أنّ القوانین الإسلامیة هی بصورة تقضی علی الفقر شیئاً فشیئاً ، وذلک للحریات الکثیرة الموجودة ولغیرها.
المسألة 372: الدولة الإسلامیة مکلفة بوفاء دیون الغرماء الذین لم یتمکنوا من الوفاء، ولم یصرفوا الدین فی الحرام والباطل، من غیر فرق بین أن یکون المدیون حیاً أو میتاً.
* وذلک لما دل علیه النص والفتوی، کما فی کتاب الزکاة.
المسألة 373: لو غم الأفق فطارت الطائرة فوق السحاب ورأی من فیها الهلال، وتیقن بأنه لو لم یکن سحاب لرؤی الهلال فی الأفق، کان الأفق محکوماً بأنه أول یوم من الشهر.
* لأن المفروض أنّ الهلال یری فی هذا الأفق بصورة طبیعیة وإنما منعه عن الرؤیة مانع وهو السحاب، ولا اعتبار بهذا المانع.
المسألة 374: لا یصح وقف الإنسان نفسه أو بعض من یتعلق به من الأحرار، والظاهر أنّ ما فی الآیة الکریمة: «مَا فِی بَطْنِی مُحَرَّراً»((1))
کان خاصاً بالأُمم
ص: 164
السابقة، وإذا کان للإنسان عبد یصح له وقف العبد.
* إذ سلطة الإنسان علی نفسه حکم لاحق، فلا یصح له سلبه إلا فی مثل إجارة الإنسان نفسه وما أشبه مما ثبت فی الشریعة، أما تسلطه علی غیره فلا یصح لوجهین، وعلی أی حال، فلا تستصحب الشریعة السابقة بما علم عدمه فی هذه الشریعة، کصوم الوصال والصمت وما أشبه.
المسألة 375: یمکن الحصول علی فائدة الوقف بالنذر والعهد والیمین والشرط، کأن ینذر أن یخدم معاهد العلم ودور العبادة والمستشفیات وما أشبه ذلک.
* وذلک لإطلاق أدلة النذر وشبهه، ولا یخفی أنّ هذا بالنسبة إلی نفسه لا إلی غیره، فإنه لا یصح النذر علی غیره.
المسألة 376: هل یصح أن ینذر الإنسان دمه، فیکون حاله حال ما إذا نذر نفسه، فکلما زاد الدم فی جسمه سحبه لإعطائه إلی الجهة المنذور لها أم لا یصح؟ احتمالان، وإن کان لا یبعد صحة النذر.
* لإطلاق أدلة النذر، وکذا بالنسبة إلی الیمین والعهد والشرط.
المسألة 377: الظاهر أنه لا یصح أن یوقف الإنسان دمه حتی یکون من قبیل وقف البئر التی تمنح ماءها للجهة الموقوفة لها، وربما یحتمل الصحة.
* عدم الصحة لأنّ أدلة الوقف منصرفة عن مثل ذلک، واحتمال الصحة ضعیف، ومنه یعلم حکم وقف سائر أعضاء الإنسان.
ص: 165
المسألة 378: هل یصح أن یوقف الإنسان أو ینذر أعضاءَهُ بعد موته، کأن ینذر قلع عینه لاستفادة أعمی، أو ینذر قطع رجله لاستفادة أعرج أو ما أشبه ذلک؟ فیه احتمالان.
* وإن کان الاحتمال الأولی الصحة؛ لأنّ الناس مسلطون علی أموالهم وأنفسهم، ولا فرق فی شمولیة القاعدة حیاً ومیتاً إلا ما خرج بالدلیل، وأدلة المنع لا تشمله، إذ (لا ضرر)((1))
بعد الموت و(حرمته میتاً کحرمته وهو حی)((2)) لا تشمل مثل ذلک؛ لأنه لیس عرفاً خلاف الحرمة بعد الموت، کما أنّ غسل المیت بالماء البارد فی الشتاء لیس خلاف الحرمة، وإن لم یجز ذلک حال الحیاة فی صورة الضرر لدلیل (لا ضرر). نعم، ورد فی حدیث: «فتوقی المیت مما توقی منه نفسک»((3))،
وذلک فی مثل المثال محمول علی الاستحباب.
هذا فیما لو نذر عضواً من أعضائه أو عضوین أو ثلاثةً مثلاً ، أما لو نذر جمیع أعضائه بحیث لا یبقی منه شیء للدفن فهل یجوز ذلک؟ مشکل لأن دفن المیت المسلم حکم، لاحقٌّ حتی یجوز له إسقاطه.
المسألة 379: هل یصح الصلح والهبة علی الأعضاء لیستفاد منها بعد موته، کما ذکر فی المسألة السابقة؟ احتمالان: الصحة: لأنّ (الناس مسلطون علی أنفسهم). والعدم: لأنّ المنصرف من السلطة غیر ذلک، بالإضافة إلی احتمال حرمته.
ص: 166
* ولعل الأقرب فی بعض الأعضاء الصحة لإطلاق الأدلة بلا مانع.
المسألة 380: هل یمکن الاعتماد علی قول الروح المستحضر فی کونه دائناً لفلان أو مدیوناً أو ما أشبه ذلک؟ الظاهر لا، إلا إذا أورث علماً، ولم یکن الشارع حصر السبب فی أمر خاص.
* کل من المستثنی منه والمستثنی علی وفق القاعدة.
المسألة 381: ما ذکر فی المسألة السابقة أنما هو فی ما إذا کان للمیت صغیر أو نحوه، أما إذا أراد الأولیاء الکبار دفع المال، لمن ذکر الروح أنه مدیون إلیه، فلا إشکال فی جوازه.
* فإنه أقرب إلی التبرع من التقاضی الذی یجب أن یکون بموازینه.
المسألة 382: هل یمکن الاعتماد بلفظ العقد أو الإیقاع الذی یجریه الروح؟ مشکل جداً.
* لانصراف الأدلة عنه، وکذا بالنسبة إلی أداء الروح صلاة المیت وصومه وما أشبه.
المسألة 383: لا یجوز التعاون مع دوائر الأمن والاستخبارات والسعایة علی المؤمنین، ومن أقسام السعایة: رفع التقاریر المعمول به فی دوائر الأمن والاستخبارات، فی الدول غیر المشروعة.
* لأنّ التجسس والسعایة حرام نصّاً وفتوی، نعم فی الدولة المشروعة مائة
ص: 167
فی المائة التی تکون تحت إشراف شوری الفقهاء المراجع یجوز التعاون للبعض علی غیر المؤمنین فقط، وفی ظروف خاصة ذکرناها فی بعض کتبنا، وذلک لقانون الأهم والمهم، وهو قانون ثانوی ولیس مطلقاً، أما ما یتعارف الیوم فی البلاد الإسلامیة وغیرها من کثرة الجواسیس ومنعهم حریات الناس وصرف الأموال الطائلة علی الاستخبارات فهو غیر جائز.
المسألة 384: لا یجوز حفظ زلات المؤمن فی تقریر أو کتاب أو ما أشبه، وإن لم یوجب ذلک ابتلاءه أو افتضاحه بها فی المستقبل، فکیف بما یوجب ذلک؟
* وذلک لحرمته نصاً وفتوی، إجماعاً وعقلاً.
المسألة 385: ما ذکر فی مسألة (383، 384) أنما هو بالنسبة إلی المؤمن، أما بالنسبة إلی من یرید هدم الإسلام أو تشویه سمعته بإشاعة الفحشاء وترویج المخدرات وما أشبه ذلک، فلا بأس بإیقافه عند حده، بسبب رفع التقریر أو حفظ سوابقه، بل قد یجب حفظاً للإسلام ولبلاد المسلمین.
* کأهل البدع کما ذکره الفقهاء فی المکاسب المحرمة؛ وذلک لأنه من قانون الأهم والمهم، وقد ذکرنا فی (الفقه) أنّ علی هذا القانون الأدلة الأربعة((1)).
المسألة 386: الظاهر أنه یجوز تغسیل المیت وتحنیطه وتکفینه ودفنه بالمکائن، لکن یشترط فی ما یحتاج إلی المباشرة وقصد القربة أن یحرک
ص: 168
الماکنة الإنسان الجامع للشرائط، وإنما یجوز ذلک لصدق (أنه غسله) وهکذا.
* فإنّ الإطلاق یشمل الید والآلة ولا یری العرف خصوصیة فی المباشرة، وکذلک بالنسبة إلی أشباه ذلک واجباً أو مستحباً، کبناء المسجد بالآلة ونحوه. والحاصل: إنّ الأصل الإطلاق إلا ما خرج بالدلیل.
المسألة 387: هل تشترط المماثلة فی الغسل بالماکنة کما یشترط فی المباشر؟ احتمالان.
* من الانصراف إلی المباشر، ومن الإطلاق، لکن الأول أقرب إلی المرکوز فی الذهن.
المسألة 388: یجوز صید الحیوانات المتعددة بآلة واحدة، کما لو رمی عشر رصاصات من بندقیة مرة واحدة علی عشرة غزلان، ویکفی التسمیة مرة واحدة حینئذ.
* إذ لا دلیل علی التعدد بعد صدق أنها مما ذکر اسم الله علیها، ومنه یعلم ما لو ذکر اسم الله علی مجموعة من الشیاه أو الدواجن التی تذبح فی آن واحد معاً، أما لو کان الذبح واحداً تلو الآخر فکل یحتاج إلی ذکر اسمه تعالی.
المسألة 389: الظاهر أنّ بناء المسجد والحسینیة وسائر الأوقاف فی القمر أو سائر الکواکب حاله حال البناء فی الأرض فی جمیع الخصوصیات؛ لإطلاق الأدلة.
* فللبانی ما ورد من الأجر والثواب، ولا یجوز للجنب أن یمکث فی
ص: 169
المسجد مثلاً وهکذا، ولو قیل بالانصراف إلی الأرض فالجواب: إنه بدوی.
المسألة 390: بناء المسجد فی الفضاء، بأن تجعل محطة ثابتة بقصد المسجد لیکون مصلی للمرتادین لا مانع فیه، وقد ذکر الفقهاء صحة بناء المسجد فی أرض مستأجرة لمدة معینة، وذلک لإطلاق الأدلة.
* حیث قال: «الوقوف علی حسب ما یقفها أهلها»((1))
من غیر فرق بین أن یکون البناء خاصاً بالمسجد، کاختصاص القمر الصناعی کله بالمسجد، أو فی ضمن مجموعة بیوت کالمساکن الفضائیة، ویصح ذلک فیما إذا کان فیه رواد، أما إذا کان البناء بدون رواد إطلاقاً فیشکل صدق المسجد علیه. فتأمل. کما أنه کذلک لو بنی المسجد بهذه الکیفیة فی الأرض، وهکذا فی المستثنی منه والمستثنی حال المدرسة والحسینیة وغیرهما.
المسألة 391: بناء المسجد فی الفضاء إذا کان متحرکاً کبنائه فی الأقمار السیارة الدائرة حول الأرض، هل یصح أم لا؟ احتمالان، والمقصود ترتب أحکام المسجد علی ذلک المبنی، والظاهر الصحة.
* للإطلاق، سواء فی المسجد الثابت أم المتحرک والانصراف إلی الثابت بدوی.
المسألة 392: لو فکک القمر الصناعی الذی کان مسجداً، فالظاهر أن محله فی الفضاء لا یکون بحکم المسجد، أما أجزاءهُ فالظاهر بقاؤها بحکم المسجدیة، کما إذا هدم المسجد فی الأرض، إلا أن تسقط عن الانتفاع علی التفصیل الذی
ص: 170
ذکروه فی مساجد الأرض.
* أما الأول فلأن المدار الفضائی لا یصدق علیه المسجد، وأما الثانی أی الأجزاء فلإطلاق الأدلة.
المسألة 393: لا یجوز مزاحمة السابق إلی موضع فی القمر أو فی الفضاء، فلو أطلق قمراً صناعیاً فی مدار خاص لم یجز لآخر أن یطلق قمره فی نفس ذلک المدار، وکذلک لو حاز شیئاً من القمر وحجره لم یکن لآخر أن یحتل ذلک الجزء المحاز، لقاعدة (من سبق إلی ما لا یسبقه إلیه المسلم فهو أحق به)((1)).
* فإن إطلاقه کما یشمل الأرض یشمل الفضاء والقمر وغیرهما، ولا یخفی أنه یشترط فی الحائز أن لا یضر الآخرین.
المسألة 394: بناء المسجد الثابت أو السائر فی البحر والمحیط حاله حال بناء المسجد فی الفضاء علی ما تقدم فی المسألة (392 و393) من غیر فرق بین أن یکون فوق الماء أو فی جوف الماء أو علی أرض البحر.
* للإطلاق أیضاً.
المسألة 395: یصح الوقف لرواد الفضاء، کما یصح الوقف لاکتشاف الفضاء، فلو وقف بنایات ومؤسسات لتصرف أرباحها لمرتادی الفضاء، أو لصنع الأقمار صح، نعم لابد أن یتوفر فی الوقف جمیع الشرائط التی ذکرها الفقهاء فی
ص: 171
کتاب الوقف((1)).
* لإطلاق قوله(علیه السلام): «الوقوف علی حسب ما یقفها أهلها»((2)).
المسألة 396: یستحب إغناء الإنسان نفسه، فقد ورد فی الحدیث: «نعم العون علی الدین الغنی»((3))،
وإذا توقف القیام بالمهمات الإسلامیة الواجبة علی الغنی وجب.
* ولا منافاة بین استحباب الزهد وبین استحباب الاستغناء، فإنّ الزهد أن لا یملکک شیء لا أن لا تملک شیئاً، کما قاله علی(علیه السلام)، أمّا ما ورد من مدح الفقر والثواب علیه((4))
فهو کما ورد فی الثواب علی المرض ومدح المبتلی به((5))،
إضافة
ص: 172
إلی ما ورد من قوله: «کاد الفقر أن یکون کفراً»((1)) وقوله: «الفقر سواد الوجه فی الدارین»((2)) إلی غیر ذلک، وهناک أجوبة أخری تطرقنا إلیها فی بعض کتبنا.
المسألة 397: من القریب جداً وجوب تحصیل الغنی وتفوق المسلم علی الکافر فی الثروة، حتی لا یکون هناک کافر أثری من المسلم، خصوصاً إذا کان عدم الغنی سبباً لمنقصة فی المسلمین، أو سبباً للازدراء بهم، أو سبباً لأن یقال: إنّ المسلمین متأخرون فکریاً، أو أن دینهم سبب جمودهم أو ما أشبه، مما یوصم به الدین من خلال اتهام المسلم.
* وذلک لقوله: «الإسلام یعلو ولا یعلی علیه»((3))، ولأدلة وجوب الدفاع عن الإسلام والمسلمین ولغیر ذلک، لکن ذلک بالعنوان الثانوی لا العنوان الأولی. فتأمل، فالوجوب یدور مدار بقاء الموضوع، والوجوب فی مورده کفائی ومقدمی.
المسألة 398: یجری أحکام (الوطن) و(السفر) و(الإقامة) و(کثرة السفر) فی أبواب الصلاة والصیام بالنسبة إلی مرتادی الفضاء والقمر وسائر الکواکب، وکذلک بالنسبة إلی البحارین فوق الماء أو تحت الماء أو فی قعر الماء کمحطة الغواصات وما أشبه.
* لإطلاق الأدلة الشامل للجمیع، ولصدق السفر عرفاً.
ص: 173
المسألة 399: إذا قلنا بصحة الاعتکاف فی کل مسجد((1))، صح الاعتکاف فی المساجد التی تبنی فی القمر والفضاء والبحر، کما تقدم فی المسألة السابقة وغیرها.
* والانصراف إلی مساجد الأرض لو قیل به بدوی، فالإطلاق یشمل کل المساجد.
المسألة 400: لا تحتاج الجمعیات والهیئات والتکتلات إلی الإجازة، فإنّ الإسلام أعطی الحریة الکاملة للإنسان المسلم فیما عدا المحرمات، وهی شیء مبین فی الشریعة.
* وحیث إنّ الغرب قرر الإجازة وتبعه المسلمون من غیر تفکیر توهموا الاحتیاج إلی الإجازة، حتی إنّ بعضهم یقول: انه مقتضی النظام، لکن الجواب: إنّ النظام فی إطار الشرع لا فی إطار الغرب.
المسألة 401: لا تحتاج الشرکات ولا البناء والعمارة والزراعة والصناعة والتجارة والاستیراد والإصدار والتألیف والنشر والخطابة والتأسیس وفتح المشاریع والسفر والإقامة وحیازة المباحات وتحجیر الأراضی، وما أشبه ذلک إلی الإجازة والرسوم، فإنّ الإسلام منح المسلم الحریة الکاملة فیما عدا مزاولة المحرمات.
* وقد دل علی الحریات الإسلامیة الأدلة الأربعة، قال تعالی: «وَیَضَعُ عَنْهُمْ
ص: 174
إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِی کَانَتْ عَلَیْهِمْ»((1))، وقال(صلی الله علیه و آله): «الناس مسلطون»((2))،
فالإنسان حر فی جمیع الأشیاء إلاّ المحرمات وما أقلها، سواء کانت محرمات أولیة، أو ثانویة مثل استلزام شیء من ذلک الضرر علی النفس ضرراً بالغاً، أو علی الغیر، وإن لم یکن بالغاً أی کثیراً ، فإن رضی الآخر بالضرر القلیل لم یمنع منه کما قرر فی بحث (لا ضرر)((3)).
المسألة 402: لا یحق للسلطة کبت الحریات التی ذکرت فی المسألة (400) و (401)، ولو منعت السلطة لم یجب اتباعها، إلا إذا کان حاکماً إسلامیاً عادلاً أمضاه شوری الفقهاء المراجع، وکان المنع لمصلحة الإسلام أو کان فی المزاولة ضرر بالغ.
* لا یحق للسلطة کبت الحریات للأدلة الأربعة، ولو منعت لم یجب اتباعها؛ لأنه «لا طاعة لمخلوق فی معصیة الخالق»((4))، ولأنه یجوز للإنسان أن یأخذ بحقه، أما المستثنی فلأنّ سلب الحریة عن فرد أو جماعة حینئذ یکون لقاعدة (الأهم والمهم) وقاعدة (لا ضرر) أو ما أشبه، ولا یکون للسلب حینئذٍ صبغة القانون؛ لأنه من الاستثناء، کالصلاة قاعداً ، والإفطار للمسافر، أما ما نراه الیوم فی البلاد الإسلامیة من کبت جمیع الحریات باسم القانون فغیر جائز.
المسألة 403: ما ذکر فی المسألة السابقة من الحق فی منع بعض الحریات
ص: 175
للحاکم الإسلامی العادل بإمضاء شوری الفقهاء المراجع أنما هو مؤقت، ولیس کالقانون الذی إذا أجری دام مفعوله حتی ینقض بقانون آخر، وباللسان الفقهی: الأصل (الحریة فی الإسلام إلاّ ما خرج بالدلیل)، وفی القانون الوضعی غالباً الأصل المنع والاحتیاج إلی الإجازة.
* ویکون تقریر المدة بسبب الحاکم الشرعی التابع للخبراء بکل دقة، ولیس أمراً اعتباطیاً حتی یکون تابعاً لمجلس الوزراء أو مجلس الأمة أو ما أشبه، کما اعتاده کثیر من بلاد الإسلام الذین یقلدون الغرب، هذا بالإضافة إلی أنّ مثل هذه الحکومات لیست شرعیة، وإذا قرر اللاحریة حاکم غیر شرعی فالإنسان مقید بقدر الضرورة ونحوها لا بقدر القانون والمقررات.
المسألة 404: یحق للإنسان الاستراحة بأن یترک عمله أو یغلق دکانه أو لا یذهب إلی الدراسة مدة فیما إذا لم یکن ملزماً بذلک بعقد أو شرط أو نحوهما، نعم إذا اتخذ ذلک صورة الإضراب والإثارة من جهة معینة لا یجوز إلا إذا کان له مبرر شرعی، وکذا إذا سببت تفویت واجب أو فعل حرام.
* الجواز فی ترک العمل و... للإطلاقات، والمستثنی لأدلة الشرط و... وکذلک یجوز الإضراب الفردی أو الجماعی، فإنه لا فرق بینهما للحریة، فإنه من حق کل الأمم الإضرابات والمطالبة بحقوقها وتبدیل الحکام وغیر ذلک، إلا إذا کان هناک جهة حرام.
المسألة 405: إثارة الناس للإضراب، وغلق الدکاکین، وما أشبه لا تجوز إلا إذا کان لها مبرر شرعی، مثل المطالبة بحق، أو بدفع منکر، أو بإقامة معروف، أو استنکار المنکر لعدوان أو ما أشبه ذلک.
ص: 176
* المسألة السابقة فی عمل الإنسان نفسه فرداً أو جماعة بنفسه، وهذه المسألة فی إثارة الآخرین، کما تفعله الجماعات الضاغطة، أو ما أشبه، والظاهر جواز ذلک لعزل الحاکم، وإن لم یکن لدفع منکر أو إقامة معروف، وذلک لأنّ من حق الشعب تغییر الحاکم، إذ یشترط فی الحاکم غیر المعصوم بالإضافة إلی رضا الله رضا الناس به أیضاً. نعم إذا استلزم ضرراً أو حراماً فلا یجوز.
المسألة 406: لو بدل مخ إنسان بمخ إنسان آخر، فتبدلت معلومات کل واحد منهما إلی معلومات الآخر، مثلاً بدل مخ طبیب عربی إلی مخ مهندس ترکی، فتبدلت معلومات الطبیب ولسانه إلی معلومات المهندس ولسانه، فهل یبقی علی حکمه الأول فی جمیع تکالیفه وتعهداته (تبعاً لجسمه) أو یرجع إلی حکم الثانی (تبعاً لمخه) أو یکون کإنسان جدید؟ احتمالات.
* والاحتمال الثالث أقرب إلی الصناعة وذلک لتضارب الاستصحابین وتساقطهما.
المسألة 407: لو لم یبدل المخ، وإنما بدلت المعلومات بواسطة التنویم ونحوه الموجب لسحب المعلومات من أحدهما إلی الآخر، فإنه یکون فیه الاحتمالات المتقدمة فی المسألة السابقة، إلا أنّ الاستصحاب هنا أقوی.
* أی استصحاب کونه الشخص السابق، هذا إضافة إلی الصدق العرفی.
المسألة 408: اتفق فی بعض البلاد إنسان واحد کان یتقمص إنسانین، ففی مدة کانت معلوماته ولغته وعادته بشکل، وفی مدة أُخری کانت المعلومات واللغة والعادات بشکل آخر، ولم یکن یعرف الإنسان الأول، کما أنه فی الحالة
ص: 177
الأولی لم یکن یعرف الإنسان الثانی، وکانت الحالتان تتناوب علیه بصورة مستمرة، فهل یحکم علیه فی کل حالة بحکم، أم حاله حال إنسان واحد، مثلاً: فی الستة الأشهر الأولی التی کان یتکلم فیها باللغة الفارسیة ویعرف الطب وأخلاقه سیئة لو استدان من إنسان أو قضیت صلاته، أو تزوج بامرأة، فهل إنه فی الستة الأشهر الثانیة التی یتکلم فیها باللغة الهندیة ویعرف الهندسة لا الطب وأخلاقه حسنة یکون مکلفاً بإعطاء الدَّین وبقضاء الصلاة وبأنّ الزوجة زوجته، أم لا؟ احتمالان، والمسألة مشکلة، وإن کان ربما یقال بجریان الاستصحاب.
* والظاهر جریان الاستصحاب إضافة إلی أنه یصدق عرفاً أنه شخص واحد، هذا فیما یرتبط بشخصه، کالزواج وقضاء الصلوات، أما ما یرتبط بصفته، کما لو استخدم بعنوان انه طبیب أو لتسلطه علی الفارسیة، فبعد تغییر هذه الصفات تتغیر ما ترتب علیها، هذا وقد یقال بأنّ جریان الاستصحاب أیضاً مشکل بعد عدم رؤیة العرف وحدة الموضوع، والاحتیاط الذی لیس عسراً وحرجاً سبیل النجاة.
المسألة 409: لا یحق لإنسان أو سلطة تبعید إنسان أو تسفیره إلاّ فی المورد المقرر فی الشریعة، ولو أُبعد أو سفّر بدون حق شرعی کان له أن یرجع.
* (له أن یرجع) إذا لم یوجب علیه ضرراً متزایداً ، وإلاّ حرم من جهة الضرر، والفرق بین التبعید والتسفیر اصطلاحی حیث الثانی فی الإخراج من الوطن، والأول فی الإخراج من بلد إلی بلد آخر فی نفس الوطن، والمراد بالوطن العرفی، وإلاّ ففی الشریعة کل بلاد الإسلام وطن للمسلم، حیث ورد: «حب الوطن من الإیمان»((1))،
وإذا تضرر بتبعیده وتسفیره فعلی من بعده الضمان.
ص: 178
المسألة 410: لا یتبدل حکم الله بسبب القانون، فإذا قال القانون بتساوی حق الرجل والمرأة حتی فیما لا یجوز، أو یکون الطلاق بید المرأة، أو بأن الرجل لا یحق له أن یتزوج فوق الواحدة، أو غیر ذلک، فإنّ الحکم الشرعی یبقی کما هو... وإنا تتبعنا القوانین المخالفة للقوانین الإسلامیة فلم نجد واحداً من تلک القوانین أصلح للبشر أو أقرب إلی المنطق والعقل.
* کما ذکرنا جملة من ذلک فی کتبنا المختلفة الفقهیة وغیرها، ویدل علیه الأدلة الأربعة، قال سبحانه: «وَمَن یَبْتَغِ غَیْرَ الإِسْلاَمِ دِیناً فَلَن یُقْبَلَ مِنْهُ»((1))، وقال(صلی الله علیه و آله): «حلال محمد حلال أبدا إلی یوم القیامة وحرامه حرام أبدا إلی یوم القیامة»((2)).
المسألة 411: لا یحق المنع عن الزواج أو الإرث أو الامتلاک أو ما أشبه بمجرد أن أحد الأقرباء لا یمت إلی القریب الآخر باللغة أو اللون أو الإقلیم أو ما أشبه، أو بمجرد أنّ المقدم علی الزواج لیس من قوم الآخر أو علی لغته.
* فإن کل ذلک خلاف: «المسلم أخ المسلم»((3))، و«المسلم کفو للمسلمة»((4))،
والسیرة المستمرة منذ صدر الإسلام، وقوله تعالی: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ»((5))،
وقوله(صلی الله علیه و آله): »الناس کأسنان المشط سواء»((6))، وقوله(صلی الله علیه و آله): «لا فضل للعربی علی
ص: 179
العجمی ولا للأحمر علی الأسود إلا بالتقوی»((1))، وکل القوانین التی وضعت فی مجال هذه التفرقات باطلة، قد جاء بها الاستعمار للسیطرة علی المسلمین ویجب إزالتها، والله سبحانه لم یعرض عن المسلمین إلا بعد أن أعرضوا هم عن أحکام الله تعالی، ومن الواضح: «إِنَّ اللّهَ لاَ یُغَیِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّی یُغَیِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ»((2)).
المسألة 412: للإنسان الحق فی أن لا یشتری بضاعة من أحد، أو لا یسافر إلی بلد، أو ما أشبه ذلک، لکن لیس لأی إنسان الحق فی إثارة الناس لمقاطعة بضاعة أو مقاطعة بلد، إلا إذا انطبق علی الإثارة موضوع ردع المنکر والنهی عنه، أو ما أشبه ذلک من القواعد الشرعیة.
* الحکم فی المستثنی منه والمستثنی حسب الأدلة، وذلک لحریة الإنسان فی غیر ما منع الشارع عنه، وکل ما ینافی تلک الحریة باطل، وفاعله فاعل للمنکر الذی یجب الردع عنه.
المسألة 413: الصندوق الذی یجعل لیودع فیه المال من متبرعین لأجل المشاریع أو ما أشبه بکیفیة خاصة کما یعتاد فی الحال الحاضر، لا یبعد أن تکون له شخصیة حکمیة، بحیث یصح الاقتراض منه أو ما أشبه ذلک؛ لانطباق موضوع «أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ»((3))
علیه، فإنه قد ذهب جماعة من الفقهاء إلی عدم لزوم أن یکون العقد معنوناً بعنوان خاص فی الإسلام، وقد ذکرنا تفصیل المسألة فی
ص: 180
شرح العروة.
* فهنا أمران:
الأول: إنّ العقد لا یلزم أن یکون موجوداً فی زمان النبی والأئمة(علیهم السلام) حاله حال سائر المباحات، حیث لا یلزم فی إباحة الفواکه وما أشبه أن تکون فی زمانهم(علیهم السلام) لإطلاق «کل شیء لک حلال»((1))
وما أشبه.
الثانی: إنّ الصندوق مصداق لذلک الکلی، فله شخصیة حقوقیة وإن لم تکن حقیقیة.
المسألة 414: لا یجوز نقل أخبار الکفار والمخربین التی تسبب شوکتهم فی عیون المسلمین، ویسبب أن ینظر المسلمون إلی أنفسهم بالازدراء والاشمئزاز، کما لا یجوز نقل أخبار ضعف المسلمین کذلک.
* وذلک فیما إذا صدق علیه العنوان الثانوی؛ لقاعدة الأهم والمهم وما أشبه ذلک، وإلاّ فالأصل الجواز، وفی کتاب الجهاد بحث المخذل فراجع((2)).
نعم، یلزم أن لا ینتهی ذلک إلی الاستبداد، وإلا فهو أبشع المحرمات، کما ذکرناه فی کتاب (الفقه: طریق النجاة) وغیره.
ص: 181
المسألة 415: ما تقدم فی المسألة السابقة أنما یکون بالنسبة إلی غیر
أهل الحل والعقد والمسؤولین الذین یجب أن یعرفوا کل شیء، حتی یلاحظوا الأمور ویعالجوها، وکذلک أنما یکون فیما إذا لم تتوقف مصلحة إسلامیة مهمة علی نقل الخبر.
* قال سبحانه: «وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَإِلَی أُوْلِی الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ»((1))
إلی غیر ذلک من الأدلة، والمصلحة الإسلامیة الأهم، وهی کما ذکرناه فی المسألة السابقة.
المسألة 416: إذا أخذ الجنود الرواتب من الدولة لا یسقط ذلک حقهم فی الغنیمة، إلا مع شرط سابق.
* وذلک لإطلاق أدلة حق الجندی المجاهد فی الغنیمة، أما إذا کان الشرط فیشمله: «المؤمنون عند شروطهم»((2)).
المسألة 417: إذا توقفت إدارة مصالح المسلمین علی الاستشارة وجبت، ومفهوم المشورة غیر مفهوم (البرلمان) و(مجلس الشیوخ) وما أشبه مما وفدت إلینا من الغرب، وإن کان بین الأمرین تلاقٍ فی بعض البنود، وبالاصطلاح المنطقی بین الأمرین (عموم من وجه) یتصادقان فی بعض البنود ویتخالفان فی بنود أُخری، نعم إذ کان البرلمان ومجلس الشیوخ بصورة إسلامیة جازا.
ص: 182
* والفرق أنّ فی بلاد الإسلام فی زماننا توضع بسبب المجلسین قوانین مخالفة للإسلام، بینما یلزم أن یکونا للتطبیق لا للتشریع، کما ذکرناه فی (فقه السیاسة)((1))
وغیره.
المسألة 418: لا یجوز للإنسان أن یرضی بالظلم، أو بقتل مسلم أو محترم، أو بنهب مال محترم، أو بهتک عرض محترم، فإذا وقع بین المسلمین فتنة، فإنه کما لا یحق للمسلم أن یتحیز إلی فئة منهما عملاً ، کذلک لا یحق له أن یتحیز إلی فئة حتی ولو قلباً، نعم إذا ثبت أنّ إحداهما علی الحق والأُخری علی الباطل جاز، بل وجب التحیز إلی المحق منهما ضد المبطل.
* وذلک لما دل علی حرمة الرضا بالظلم ومعونة الظالمین ولزوم متابعة الحق ونصرته، قال تعالی: «وَتَعَاوَنُواْ عَلَی الْبرِّ وَالتَّقْوَی وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَی الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ»((2))
إلی غیر ذلک، ولیس الأمر فی (مع) أو (علی) علی إطلاقه، بل اللازم کون الإنسان مع المحق إن کلیاً فکلیاً، أو جزئیاً فجزئیاً.
المسألة 419: یجب إطفاء الحریق المؤدی إلی الضرر کحرائق الغابات، وکما لو سبب بقاءه ذهاب الأنفس والأموال.
* وإلا فالحرائق الجزئیة التی لا یشملها دلیل (لا ضرر) لیس المهم إطفاءها للأصل.
المسألة 420: لا یجب الإطفاء مجاناً، بل إن کان لصاحب المال الذی نشب
ص: 183
فیه الحریق مال یمکن استفادته فی هذا الباب وجب علیه بذله، وإن لم یبذل ناب عنه الحاکم الشرعی فی البذل، وإن لم یکن له مال یحق للمطفئ طلب الأجرة من بیت المال.
* وإنما یلزم علی المحروق بیته وما أشبه بذل المال إذا کان عنده لأنه من باب الجمع بین الحقین، ومقتضی الجمع بین دلیل (الضمان) ودلیل (لا ضرر) ونحوه، ولو لم یکن له مال کان من مصالح المسلمین التی وضعت بیت المال لأجلها، بل وکذلک لا یبعد أن یکون حال الکافر المحترم فی البذل من بیت المال، ولذا قرر علی(علیه السلام) لذلک النصرانی الذی کان یتکفف راتباً من بیت مال المسلمین((1))،
إلی غیر ذلک.
المسألة 421: الحکم فی إنقاذ من اجتاحتهم الکوارث، کالسیول ومدّ البحار والزلازل والهدة وما أشبه، کما تقدم فی المسألتین السابقتین.
* لأنّ الملاک فی الجمیع واحد من الآیات والروایات والإجماع والعقل، وقد قال عیسی(علیه السلام): «التارک مداواة الجریح کالجارح له»((2)).
ص: 184
المسألة 422: إذا لم یمکن غسل وحنوط وکفن ودفن المیت، لأجل تلاشی أعضائه کما یتفق فی الحروب، أو لأجل الأوبئة وما أشبه، عمل بما یمکن عمله من الوظائف الشرعیة المقررة، حتی إنه لو لم یمکن الدفن، وخیف من الوباء وما أشبه جاز صب الأدویة علی الأجساد، لتفنی ک (التیزاب) وما أشبه.
* أما ما أمکن فلقاعدة المیسور، وأما صب التیزاب ونحوه فلقاعدة الأهم والمهم، ولو تداخلت الأجزاء ولم یعرف الرجل من المرأة والمسلم من الکافر وما أشبه کما فی الزلازل ونحوها جاز أن یصب علی الجمیع ثلاث میاه للغسل ثم لف الجمیع فی ثلاثة أکفان ثم الدفن؛ لأنه هو الممکن حسب الفرض.
المسألة 423: لا یجوز تجارة الحرب، بمعنی أن یتآمر صاحب الأسلحة أو صاحب المصلحة السیاسیة أو الاقتصادیة أو ما أشبههما لتقع فتنة أو حرب فی بلد، لیستفید هو من بیع سلاحه، أو ینفذ سیاسته، أو یروج بضاعته.
* لأنّ الحرب الموجبة لمختلف المحرمات من القتل والجرح وهدم البیوت وتلف الأموال وغیر ذلک من أشد المحرمات فلا یجوز الإتیان بمقدمتها.
المسألة 424: لا تجوز وکالة العهر، کما یعتاد فی بعض البلاد الغربیة، وکل عمل فی ذلک السبیل محرم، ولو کان العامل کاتباً أو ما أشبه.
* وذلک بأن تؤسس مؤسسة لتشغیل العاهرات واستدراج غیر العاهرات إلی العهر، فالرجل المنحرف یعطی مالاً للوکالة لتأتی إلیه بمن یرید من العاهرات أو الفتیات النجیبات عبر خداعهن أو إلجائهن.
ص: 185
المسألة 425: لا تجوز وکالة الفساد والشذوذ الجنسی علی ما تقدم فی المسألة السابقة.
* وذلک کما فی المسألة السابقة بالنسبة إلی الأولاد، ومن المعلوم أنّ کلا الأمرین من أشد المحرمات؛ لاشتمالهما علی جملة من المحرمات.
المسألة 426: فتح المقهی الذی یوجب انتهاک شهر رمضان حرام، وکذلک فتح المطعم وما أشبه، والمال الذی یعطیه صاحب المطعم والمقهی للبلدیة حرام إعطاءهُ، وحرام أخذه، وحرام إجازة البلدیة لفتحهما.
* لأنه من الانتهاک لشهر رمضان إلی غیره من المحرمات، نعم إذا کان اضطراراً من جهة المسافرین وأجازه الحاکم الشرعی حلّ بقدره مع رعایة الستر ورعایة أن لا یذهب إلیه من یفطر حراماً ، بل المسافر ومن یجوز له الإفطار من المرضی ونحوهم.
المسألة 427: الإسلام یدعو إلی السلم، کما قال تعالی: «یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِی السِّلْمِ کَآفَّةً»((1))، ولکن لیس معنی ذلک أنّ الإسلام یؤید ما أسموه ب (أنصار السلام) أو ب (مجلس السلم) أو ما أشبه، بل معناه أنّ الأصل فی الإسلام السلام، إلا ما أخرج بالدلیل مما ذکر فی کتاب الجهاد.
* ویدل علی أنّ الأصل السلم الأدلة الکثیرة، وقد ذکرناها فی بعض کتبنا، وأما أنصار السلام ونحوها، فهی مؤسسات شیوعیة لخداع الفتیان والفتیات
ص: 186
وإدخالهم فی الشیوعیة بهذا الاسم المغری الجذاب، وهکذا کل مؤسسة من هذا القبیل لتحریف فی العقیدة أو فی العمل، أو إدخال فی خدمة الکفار وأعداء الإسلام، وکون ذلک من المحرمات من أوضح الواضحات.
المسألة 428: الإسلام یوجب الحد من الأسلحة بمختلف أقسامها: (الاستراتیجیة) و(الکیماویة) و(الجرثومیة) و(الذریة) و(الهیدروجینیة) وغیرها، ولکن لیس معنی ذلک أنّ الإسلام ینزع عن بلاده السلاح حتی یتغلب علیه الأعداء، بل شعار الإسلام: «وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ»((1)).
* فهنا أمران:
الأول: ترحیب الإسلام بالسلام ومخالفته للعنف والحرب والدمار وتضییع حقوق الإنسان.
الثانی: إنّ السلام مقدّر بقدر أن لا یسبب تجری الظالمین علی المظلومین أو الانهزام أمام الکافر، فالمیزان أن لا یکون منافیاً لقوله تعالی: «فی سَبِیلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِینَ»((2)).
المسألة 429: یحق للشعوب تقریر مصیرها، وهو حق محترم بنظر الإسلام، ولکن فی الإطار الإسلامی المذکور فی کتاب الفقه، والإطار الإسلامی أفضل من الإطار الموجود فی الأُمم المتحدة لهذا الحق، عقلاً ومنطقاً وتجربة، هذا مع الغض عن أنه سواد علی بیاض ولا یعمل به، إلا إذا کان للشعب الذی یرید
ص: 187
تقریر مصیره القوة الکافیة للدفاع عن نفسه.
* وحق الشعب فی تقریر مصیره مما دلّ علیه الأدلة الکثیرة منها: «الناس مسلطون...»، والإطار الإسلامی هو وحدة بلد الإسلام بدون الحدود الجغرافیة، ولا تفرقات لونیة وعرقیة ولغویة وما أشبه، فإنّ المسلمین إخوة، والأمة واحدة.
المسألة 430: لا بأس بانتماء المسلمین فی الأمم المتحدة للدفاع عن حقوق المسلمین وعن حقوق المستضعفین الذین یهضم حقهم المستغلون، لکن بشرط أن لا یساعد المنتمی علی قانون غیر إسلامی.
* وذلک لإطلاق الأدلة بشرط أن (لا یساعد) إلا إذا اضطر، وبقدر الاضطرار دقة، وإنما إذا اضطر جاز؛ لأنه من قانون الأهم والمهم بین أن لا یدخل أو یدخل ویمضی ما لا یجوز فی الإسلام بالقانون الأولی، ولقوله: «لیس شیء مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إلیه»((1)).
المسألة 431: لا بأس بتشکیل المسلمین جوامع، کجامعة الدول العربیة وما أشبه لأجل الدفاع عن حقوق المسلمین، ولکن بشرط أن لا یقرر هناک قانون خلاف الإسلام.
* علی ما ذکرناه فی المسألة السابقة، ولا یخفی أنّ الجواز فی المسألتین السابقتین وکذا اللاحقتین بالمعنی الأعم.
المسألة 432: لا بأس بتشکیل المسلمین روابط، لکن بالشرط المتقدم فی
ص: 188
المسألة (430 و431).
* کرابطة العالم الإسلامی بین الدول الإسلامیة، رؤساء أو وزراء أو ما أشبه ذلک.
المسألة 433: لا بأس بتحالف دول الإسلام بعضها مع بعض، أو مع الدول غیر الإسلامیة، لکن بالشرط المتقدم فی المسألة (430 و431).
* التحالف غیر تشکیل الجوامع والروابط المتقدمة، وقد تحالف النبی(صلی الله علیه و آله) مع الیهود والمشرکین((1)) مما یدل علی جوازه، ولو استلزم التحالف مع الکافر المحرم کان جوازه من باب قانون الأهم والمهم إذا أمضاه شوری الفقهاء المراجع.
المسألة 434: ما ذکر فی المسائل السابقة وما بعدها یکون واجباً إذا توقفت مصلحة الإسلام والمسلمین علی ذلک.
* حسب نظر الفقهاء المراجع، ومستحب إذا لم یکن بحد المنع من النقیض.
المسألة 435: لا تجوز وکالة إثارة الجنس التی تفتح السینماءات والنوادی والأندیة والأحواض وتصنع الملابس والمساحیق وتخرج الأفلام وغیرها، لأجل تشجیع الفساد والاختلاط والشذوذ الجنسی.
* فإنه بین حرام ذاتی، وبین حرام غیری؛ لأنه مقدمة الحرام، والأدلة واضحة.
المسألة 436: انتخاب ملکة الجمال التی تنتخب بالأسالیب المحرمة ویوجب
ص: 189
الفساد وما أشبه لا یجوز، کما لا یجوز کلّ ما یتعلق بذلک من الأمور المحرمة.
* أما إذا انتخبت بین النساء بدون استلزام محرم فلیس بمحرم، وکذلک فی الجمال المعنوی والکمال الروحی والحجاب وما أشبه ذلک، والحکم فی الصورتین حسب الأدلة.
المسألة 437: الحفلات الراقصة والسهرات الحمراء والأفلام الخلیعة والأندیة المختلطة وما أشبه ذلک مما یختلط فیها الجنسان ویکون محلاً للفساد والموبقات لا تجوز.
* بل هی من أشد المحرمات؛ لاشتمالها علی عدة محرمات، وما یدفع من الأموال لتهیئة البرامج وللحضور والمشاهدة غیر جائز.
المسألة 438: لا یجوز الاستمناء ولو بتنویم نفسه تنویماً مغناطیسیاً، والإیحاء إلی نفسه لمجامعة زوجته، فإن ذلک لیس من النوم حقیقة، وإنما هو نوم اصطناعی.
* لأنه مشمول لدلیل الاستمناء عرفاً، ولیس هذا من الاحتلام فی النوم، نعم من علم أنه إذا نام النوم الطبیعی أجنب جاز علیه النوم؛ لأنه من الاحتلام.
المسألة 439: التنویم الموهم للزنا واللواط أو السحق مشکل، نعم إذا أمنی وقد فعل ذلک عمداً کان حراماً من جهة الاستمناء.
* «مشکل» لأنه من الإثارة والتلذذ والریبة، وبناؤهم علی حرمتها إلا ما قطع بجوازه، مثل فکر الإنسان فی عمل الجنس أو لعبه بنفسه بغیر الاستمناء، فتأمل.
ص: 190
المسألة 440: یجب الغسل فی المسألتین السابقتین إذا أمنی.
* فإن خروج المنی یوجب الغسل مطلقاً، سواء من الرجل أم من المرأة، حلالاً أو حراماً ، کما ذکر فی الفقه((1)).
المسألة 441: لا یکفی السدر والکافور الاصطناعی فی باب غسل الأموات، وإن کان فی مظهر ومخبر السدر والکافور، إذ الدلیل أنما دل علی وجوبهما، لا علی ما یقال عرفاً بأنه سدر أو کافور جهلاً عن حقیقتهما.
* حالها حال سائر الموضوعات التی یلزم أن یکون حقیقیاً لا مظهریاً ، إذ الألفاظ موضوعة لمعانیها الواقعیة لا غیرها، وإن کان شبیهاً لها أو أطلق مسامحة علیها.
المسألة 442: لا یلزم فی صدق المسجد البناء المعتاد، بل لو جعل البناء المصنوع فی مکان کما لو شد الحیطان والسقوف المجهزة، ثم وقف ذلک مسجداً کان له حکم المسجد، وکذلک بالنسبة إلی سائر الأوقاف.
* لإطلاق أدلة الوقف، حیث قال(علیه السلام): «الوقوف علی حسب ما یقفها أهلها»((2))،
ولا دلیل علی الاشتراط إلا الانصراف، وهو بدوی، فحال المسجد حال البیوت الجاهزة، نعم المرأة ترث من البیوت الجاهزة؛ لأنها غیر الأرض، وإنما الأرض هی التی لا ترث منها.
ص: 191
المسألة 443: القصص الرومانسیة جائزة، فإن الکذب منصرف عن مثلها، نعم إذا أوجبت المفسدة لم تجز، کما لو کانت قصصاً غرامیة.
* ویدل علیها السیرة أیضاً، ولذا نری أنّ علماءنا صنعوا ذلک کالعلامة الأجل الشیخ جواد البلاغی+ فی کتبه وکذا غیره من العلماء الأجلاء((1)).
المسألة 444: القصص الموجبة للمفسدة لا تجوز، وإن کانت حقیقیة، کما لو نقل قصة غرامیة حقیقیة، لکنها کانت فتنة ومثاراً للحرام.
* وکذلک الشعر المثیر، فإنّ المستلزم للحرام والمفسدة والریبة وما أشبه حرام، وفی هذه القصص کل ذلک، قال سبحانه وتعالی: «وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَی الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ»((2)).
المسألة 445: التصاویر الجنسیة الموجبة للفتنة وإثارة الحرام لا تجوز، وإن لم تکن تصاویر واقعیة، بل کانت خیالیة، أما الواقعیة منها فلها جهة حرمة ثانیة أیضاً لحرمة النظر إلی النساء وعورات الرجال.
* الدلیل فی کلا الأمرین واضح، من غیر فرق بین التصویر الفوتوغرافی، أو التلفزیون أو الفیدیو أو غیرها.
المسألة 446: لا بأس بالأسنان الصناعیة المتخذة من البلاستک أو من الحیوان
ص: 192
إذا وضعت فی فم الإنسان، وإن کان الحیوان حرام اللحم کالهرة، أما سن الحیوان النجس العین فهل یجوز وضعها فی الفم أم لا؟ احتمالان، وکذلک إذا کانت من الإنسان المیت، حیث یجب دفنها وقد تقدم فی بعض المسائل حال تبدیل عضو بعضو إنسان میت.
* الجواز فی غیر نجس العین للعمومات والإطلاقات، فإنه (کل شیء هو لک حلال)((1)) وغیر ذلک، وأما نجس العین فاحتمالان:
الحرمة لأنه نجس، فیکون کل ما یلاقیه نجساً وحراماً بلعه، إلا إذا فرض أنه صار جزء الإنسان فإنّ الموضوع یتبدل حینئذ.
والحلیة لأنه فی الباطن وقد قال جمع بأن الباطن لا یتنجس فتأمل، لکن مقتضی الاحتیاط الأول.
المسألة 447: لا بأس بالعیون الصناعیة، ولا یجب غسلها حال الوضوء والغسل؛ لأنها من الباطن کما فی العیون الحقیقیة.
* وکذا کل شیء صناعی فی الباطن فی محل الغسل أو الوضوء أو التیمم.
المسألة 448: الأعضاء الصناعیة کالأنف والأذن والإصبع والکف وما أشبه مما یعتاد وضعه علی جسم مشوهی الحروب لا یجب غسلها عند الوضوء والغسل، ولا یجری علیها أحکام الأعضاء الحقیقیة، کوجوب وضع الکف والإصبع والرکبة علی الأرض عند السجدة.
* وذلک لعدم شمول الأدلة لها، إذ الألفاظ موضوعة للمعانی الحقیقیة، ولا
ص: 193
یعد وضعها من المیسور، إلا إذا کان منه کما إذا خاط کفه بالبلاستیک فإنه کالجبیرة حینئذ، حیث تقوم مقام الوضع.
المسألة 449: یجب غسل العضو الصناعی بمقدار الجبیرة، فیما إذا کان موضعاً للجبیرة.
* لإطلاق أدلة الجبیرة الشاملة له کما أشرنا إلیه.
المسألة 450: الشعر الصناعی لا یحکم بحکم الشعر الواقعی، فلا بأس بأن یراه الرجل فیما وضع علی رأس المرأة مثلاً، إلا إذا کان زینة للمرأة، کما لا یصح المسح علیه فی الوضوء، إلاّ إذا تفاعل الشعر بأن صار شعراً حقیقیاً له.
* الجواز فی النظر لعدم شمول الأدلة لها، والحرمة لإطلاق «وَلا یُبْدِینَ زِینَتَهُنَّ»((1))،
والتفاعل یکون بزرع الشعر حتی صارت له بصیلات، وحینئذ یجوز المسح علیه للصدق العرفی.
المسألة 451: لا فرق فی الشعر الصناعی بین أن یکون شعر إنسان أو شعر حیوان أو لم یکن شعراً أصلاً، بل شیئاً شبیهاً بالشعر.
* للإطلاق فی المستثنی منه والمستثنی.
المسألة 452: لو کان الجلد صناعیاً ، بأن خیط جلد مکان جلد الإنسان، فإن
ص: 194
تفاعل معه وصار جلداً له حقیقة، فهو محکوم بحکم الجلد الأصلی للإنسان فی جمیع الأحکام.
* لأنه صار جزءاً منه وجلداً له عرفاً ، وکذا بالنسبة إلی اللحم والعصب والعرق، فإنّ الأحکام تابعة للموضوعات.
المسألة 453: إذا لم یتفاعل الجلد مع الإنسان فی المسألة السابقة کان حاله حال الجبیرة فی الأحکام، ویحل أن یراه الأجنبی؛ لأنه لیس بجسم الإنسان، کما یحل لمسه له لکن بدون إثارة الشهوة.
* ویشترط أیضاً أن لا یکون زینة، وإلا یشمله: «وَلا یُبْدِینَ زِینَتَهُنَّ»((1)).
المسألة 454: المستنقعات الموجبة للأمراض والأوبئة، لا یجوز ترکها علی حالها، بل یجب حفظ الناس من شرها، إمّا بردمها وإمّا بإلقاء الأدویة الفتاکة للجراثیم فیها.
* وذلک لأن إبقاءها إضرار، واللازم دفع الضرر لمن تمکن علی سبیل الکفایة، ونفقتها علی بیت المال.
المسألة 455: بناء الدور غیر المستورة التی توجب الفتنة والإثارة مشکل.
* لأن صنعها من مقدمة الحرام، إلا أن یقال: إنه مثل بیع العنب لمن یعمله خمراً ، فالبانی لیس فاعلاً للحرام، کما أنّ البائع لیس فاعلاً للحرام، إلا أنّ الأول أقرب إلی الاحتیاط.
ص: 195
المسألة 456: النشرات السریة والرادیوات السریة التی تهاجم سلطة أو فئة أو ما أشبه إن کانت ینطبق علیها الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر أو ما أشبه، ولم تکن هناک جهة حرمة خارجیة منطبقة علیها کانت محکومة بحکم الأمر والنهی، وإن انطبقت علیها جهة حرمة لوحظ الأهم والمهم من جهتی الوجوب والتحریم.
* إذ لا فرق فی الإرشاد إلی الخیر والأمر والنهی بین مختلف الوسائل، فالأدلة المطلقة تشمل کل ذلک، کما أنه إن انطبق علیه شیء محرم کان من تعارض الواجب والحرام، فإن تقدم أحدهما علی نحو المنع من النقیض أخذ به، وإن تساویا تخیر، کما أنه إن کان أحدهما أقوی ملاکاً لا إلی حد المنع من النقیض کان مستحباً أو مکروهاً.
المسألة 457: لا یجوز التزویر فی توقیع الناس، إلا إذا کانت مصلحة واجبة تفوق التحریم، لکن تشخیص ذلک بید الخبیر الفاهم، فذلک من قبیل الأحکام الاستثنائیة التی لا تجوز إلا بالمبرر القطعی، کما إذا زور إمضاء أعداء الإسلام مما نتیجته کف اتباعهم عن الحرب أو ما أشبه.
* وإنما لا یجوز التزویر؛ لأنه کذب عملی وإیذاء وإهانة إلی غیرها من المحرمات العامة.
المسألة 458: الألعاب الناریة التی تستعمل فی الأفراح وغیرها لا بأس بها إذا لم تکن هناک جهة محرمة.
*مثل جهة السقوط علی الناس أو الأثاث الموجب لتلف الأموال والأنفس وما أشبه ذلک، فالجواز للأدلة العامة والمنع ل (لا ضرر) وما أشبه.
ص: 196
المسألة 459: تبدیل الإنسان لإمضائه أو لخطه لیس محرماً بنفسه، إلا إذا کانت هناک جهة محرمة، کالفضیحة وما أشبه مما لا یحق للإنسان أن یلقی نفسه فیها.
* لأنه لا یجوز للإنسان إهانة نفسه، کما دل علیه الأدلة الأربعة، لکن هذا الحکم أولی، وإذا کان هناک حکم ثانوی أهم قدم علیه.
المسألة 460: لا بأس بإرائة الشیخ نفسه شاباً بتلوین الشعر وعملیة تسویة التجعیدات وملء الفراغات بالمساحیق، کما لا بأس بأن یُری الشاب نفسه شیخاً ، إلا إذا کانت هناک جهة محرمة خارجیة.
* الجواز للإطلاقات، ولا یشمله تغییر خلق الله المحرم، والجهة المحرمة کالتدلیس لمن یرید الزواج رجلاً أو امرأة وما أشبه ذلک.
المسألة 461: ما ذکر فی المسألة السابقة أنما جاز فیما إذا لم یدلس الإنسان بسبب التزویر، أما إذا دلس فله حکم خاص فی کل باب، مثلاً إذا دلس الشاب نفسه فرؤی شیخاً حتی یکون موضع الثقة لیوصی إلیه، فإذا أوصی إلیه إنسان باعتباره شیخاً فإن کان من باب التقیید کانت الوصیة باطلة، وإن کان من باب الداعی کانت الوصیة صحیحة.
* أما إذا کان من باب الاشتراط وهو ثالث الأقسام فالشارط له شرطه إن شاء بقی وإن شاء أخذ بشرطه فیما کان البقاء لولا الشرط لازماً، أما الوصیة فلا لزوم لها بالنسبة إلی الموصی وإن لم یشترط.
المسألة 462: تسجیل العمر أکبر أو أقل قسم من الکذب، فلا یجوز إلا إذا
ص: 197
کانت هناک مصلحة أهم، مثلاً : إذا کان الظالم یأخذ من عمره عشرون فما فوق سخرة جاز أن یصغر عمره للخلاص منه.
* فإن الکذب محرم سواء کان فی القول أم الکتابة أم العمل، کالإشارة بأن أشار بنعم مکان لا، وبلا مکان نعم، وهکذا((1)).
المسألة 463: الظاهر أنه یجوز للدولة الإسلامیة أن تبیع ما تملکها من الأراضی أو نحو ذلک لشرکة أو لفرد فی مقابل شیء تقدمه الشرکة أو الفرد للبلاد، مما یکون فی ذلک صلاح الإسلام والمسلمین، لکن یشترط فی ذلک أن لا یسبب البیع محذوراً مستقبلاً أو حالاً.
* وذلک لإطلاق أدلة البیع والرهن والمضاربة ونحوها، ولإطلاق حق الدولة وحق الفرد فی ممارسة هذه المعاملات، لکن فی الفرد له الحق حتی فیما إذا کان عمله خلاف مصلحة نفسه إذا لم یکن من (لا ضرر)، أما فی الدولة فلا یجوز إلا المصلحة؛ لأنها موضوعة لفعل المصالح ودرء المفاسد، کما یستفاد من الأدلة الأربعة.
المسألة 464 : إذا صالحت الدولة الإسلامیة شرکة لتعمیر الأراضی فی مقابل أن تستفید الشرکة منها مدة معینة جاز إذا کان ذلک فی مصلحة الإسلام والمسلمین.
* وذلک لما تقدم من الدلیل، ولا فرق فی الحکم بین الشرکة الإسلامیة وغیرها، أما إذا استلزم ذلک الاستعمار وسیطرة الأعداء علی بلاد الإسلام أو
ص: 198
الضرر أو ما أشبه لم یجز.
المسألة 465: هل یصح للدولة الإسلامیة أن تساوم شرکة علی شیء تقدّمه الشرکة للدولة فی مقابل أن تعطی الدولة لها حق الامتیاز فی شیء، کأن تبلط الشرکة کل شوارع البلاد وطرقها فی مقابل أن لا تعطی الدولة إجازة لاستیراد أیة سیارة إلا من تلک الشرکة أم لا یصح ذلک؟ احتمالان، وعدم الصحة أقرب، إذ فی ذلک کبت لحریات الذین یریدون استیراد السیارات، إلا إذا کانت هناک أهمیة کبری بحیث یصح شرعاً کبت الحریات فی مقابل تلک الأهمیة.
* الحکم فی هذه المسألة هو الحکم فی المسألتین السابقتین إضافة إلی اشتراط إمضاء شوری الفقهاء المراجع فی الثلاثة.
المسألة 466: یصح للدولة الإسلامیة أن تعطی الحق لفرد أو شرکة فی فتح السوق أو ما أشبه ذلک فی البلاد، لکن یشترط فی ذلک أن لا یکون فتح السوق سبباً لکبت حریات الآخرین، أو مضراً بالمسلمین.
* حتی الضرر غیر البالغ، إذ لا یحق للإنسان أن یضر الآخرین ولو بأضرار غیر بالغة، نعم للإنسان أن یضر نفسه ضرراً غیر بالغ، ففرق بین ضرر النفس وضرر الغیر((1)).
المسألة 467: لا یصح للدولة أن تحدد قدر البناء مساحة وارتفاعاً وعمقاً وما أشبه، إلا إذا کانت مصلحة شرعیة أهم من مصلحة الحریات التی منحها الإسلام.
ص: 199
* لأنّ الإسلام منح الحریات للناس بالأدلة الأربعة، فکل ما ینافی حریات الناس فی غیر المعاصی حیث لا حریة فیها لا یجوز لدولة أو فرد المنع منها.
المسألة 468: یصح للإنسان فرداً أو شرکة أن یبنی دوراً سکنیة ثم یبیعها بأکثر من ذلک الثمن نقداً أو بالأقساط، کأن یبنی ألف دار بملیون دینار ثم یبیعها بملیون وربع مثلاً ، ویجعل أقساطها فی خمس سنوات، کل سنة (250) دیناراً.
* لإطلاق أدلة التجارة والبیع، لکن بشرط أن لا یجحف؛ لأنّ الإجحاف ممنوع منه فی النص والفتوی، وإلا أوقفه الحاکم الشرعی إلی حیث لا إجحاف.
المسألة 469: إذا کانت الأرض لإنسان فباعها لأن تبنی فیها الدور وشرط حد البناء ارتفاعاً ومساحة وما أشبه صح، فإنّ الشرط جائز من طرف المتعاقدین والوفاء به واجب علی المشروط علیه.
* فإذا خالف المشروط علیه الشرط حق للشارط الفسخ أو الإبقاء أو التصالح عن شرطه بما یراه مناسباً مما یقبله المشروط علیه.
المسألة 470: إذا کان فی ترفیع البناء أو ما أشبه ضرر علی الناس لا بأس بمنع الدولة، فإنه لا یحق للإنسان أن یضر الآخرین، بل یجب إذا کان دفعاً للحرام.
* لا یحق لإنسان أن یضر الآخرین وإن کان ما یستلزم الضرر تصرفاً فی ملکه، علی تفصیل ذکر فی کتاب إحیاء الموات((1)).
ص: 200
المسألة 471: هل یجوز للفئة المشرفة علی النقود ترفیع أسعارها أو تخفیض أسعارها؟ الظاهر الجواز إلا إذا کان هناک محذور شرعی خارجی یمنع ذلک.
* کما إذا کان فی الترفیع أو التخفیض ضرر علی الناس، إلا أن یتدارکه الضار، مثلاً : لو سبب الترفیع التنزل الضار وجب علیه تدارکه بما یتساوی مع قبل الترفیع.
المسألة 472: الأنهر التی تمر فی دول متعددة، لیس لأیة من تلک الدول أن تمنع جریان النهر؛ لأنه لا یعلم کون النهر ملکاً لها، نعم إذا کانت الدولة هی المفجرة للنهر بحفر عیونها وتسویة الجبل المنبعث منه النهر کان لها المنع.
* الاستثناء لأنه ملک من سبق، فمن سبق إلی شیء فهو له فی إطار (لکم)((1))، کما ذکرناه فی الکتب الاقتصادیة، ومنه یعلم الحکم فیما لو أرادت الدولة السابقة أن تستفید من ماء النهر بمقدار تضرر الدول اللاحقة.
المسألة 473: إنما یحق للدولة منع جریان النهر فی المسألة السابقة فیما إذا لم یوجب تلف أحد، وإلا لم یجز، نعم لها حق أخذ العوض، فإن حالها حینئذ حال صاحب الطعام فی سنة المجاعة.
* وذلک لأنه لا منافاة بین الحکم الوضعی والتکلیفی کما قرر فی محله من الفقه.
المسألة 474: لا یحق للدولة أو فرد أو جماعة افتعال المجاعة وإشاعتها، وإذا فعل ذلک وتلف لسببه الناس کانت دیتهم علیه.
ص: 201
* للصدق العرفی، وکذلک إذا سبب تلف الزرع والضرع أو ما أشبه ذلک، فإن «من أتلف مال الغیر فهو له ضامن»((1))، کما أنّ من سبب تلف الإنسان کان ضامناً بالإضافة إلی الحکم التکلیفی.
المسألة 475: التقلید فی السنة المیلادیة والأشهر الرومیة والشعارات المستوردة والأسامی غیر الإسلامیة وما أشبه هذه الأمور إذا سببت ضیاع معالم الإسلام وإضلال المسلمین لم یجز، وإن لم یسبب ذلک فلا إشکال فی مرجوحیتها لما ورد من الحدیث: «لا تسلکوا مسالک أعدائی»((2)).
* الحکم فی المستثنی منه والمستثنی واضح، و«لا تسلکوا» له فردان حرام ومکروه.
المسألة 476: هل یجوز التلاعب بالسوق، کما لو اشتری التاجر أغلب السکر الموجود لیرتفع سعر السکر، أو یبیع رخیصاً کمیة کبیرة من السکر لینزل سعر السکر أم لا؟ احتمالان، أما لو کان محذور خارجی محرم فی ذلک لم یجز، وتتمکن الدولة من إیقاف التلاعب بالوسائل المحللة.
* قلنا: احتمالان؛ لأنه تصرف فی ماله فحلال، ولأنه إضرار بالغیر فحرام، ولا یبعد الحرمة، إلا إذا لم یکن ضرر، ولا جهة محرمة خارجیة، والإیقاف بالوسائل المحللة مثل مقابلة المتلاعب بالضد أنما هو فیما إذا لم یکن التلاعب حراماً ، وإلا لا یحتاج الإیقاف إلی شیء، بل الدولة تمنع المتلاعب بالوسائل الوقائیة،
ص: 202
مثل توفیر البضاعة وکثرة العرض وما أشبه ذلک.
المسألة 477: هل یجوز للزارعین عدم الزراعة وعدم تربیة المواشی حتی یرتفع السعر أم لا یجوز؟ احتمالان، والمسألة هنا کالمسألة السابقة فی أنه إذا لزم محذور خارجی لم یجز قطعاً.
* ومثل الزراعة فی الفرعین: الصناعة وإنتاج اللحوم والدسوم والألبان والبیض ونحوها، لوحدة الدلیل فی الجمیع.
المسألة 478: لا یجوز إعانة الظالم، إلا إذا کانت هناک مصلحة أهم، کما فی الحدیث: «فی أبواب السلطان من أنار الله به البرهان»((1)).
* الحرمة للأدلة الأربعة، والتفصیل مذکور فی الفقه فی مبحث الولایة((2)).
المسألة 479: لا یحق للدولة أن تمنع التجول؛ لأنه مناف لحریة الإنسان التی منحها الله سبحانه له، إلا إذا کان هناک مصلحة فی المنع أهم شرعاً من مصلحة الحریة فیجوز.
ص: 203
* فإنّ الحریة فی غیر المحرم منحة الله سبحانه لعباده، فمن أراد کبتها لا یحق له ذلک إلا بأمر أهم، حیث تکون القاعدة تقدیم الأهم علی المهم، ویشترط أن تکون الدولة شرعیة، والمنع من قبل شوری الفقهاء المراجع أو تحت إشرافهم، وإذا منعت دولة غیر عادلة عن بعض الحریات جاز للناس التمتع بها من غیر اعتناء بقول الدولة.
المسألة 480: لا یحق للدولة أن تمنع الاجتماع مطلقاً أو تمنع اجتماع أکثر من خمسة أو ثلاثة مثلاً ، لما تقدم فی المسألة السابقة، إلا إذا کان فی المنع مصلحة أهم علی نحو ما تقدم.
* الدلیل فی المقام هو الدلیل فی البحث السابق فی کل من المستثنی منه والمستثنی.
المسألة 481: لا یحق للدولة أن تغلق أبواب المشاعر، کالعتبات المقدسة والمساجد والحسینیات وما أشبه، إلا إذا اقتضت الضرورة الشرعیة الإسلامیة ذلک، والضرورات تقدر بقدرها.
* «بقدرها» کماً وکیفاً، أی زماناً وخصوصیة، فإن فوق ذلک لیس بضرورة، والدلیل فی الصورتین ما سبق.
المسألة 482: لا یحق للدولة أن تغلق المطارات وتمنع المواصلات، إلا إذا اقتضت الضرورة الشرعیة ذلک، وحینئذ یقدر المنع بقدر الضرورة.
* ومثل المطارات والمواصلات سائر المرافق العامة، لوحدة الدلیل مستثنی
ص: 204
منه ومستثنی فی الجمیع.
المسألة 483: لا یصح الأخذ بالثأر مما یعتاد فی بعض القبائل، بمعنی أنه إذا قتل أحد أفراد هذه القبیلة فرداً من قبیلة أخری تأخذ قبیلة المقتول بالثأر فیقتل أحد أفرادها فرداً من قبیلة القاتل، فقد قال سبحانه: «وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَی»((1)).
* والحکم فی المسألة للأدلة الأربعة، فإن کل ما لم یکن حکم الله فهو حکم الجاهلیة وهو یضر الدین والدنیا.
المسألة 484: (الرضوة) و(النهوة) المعتادتان عند بعض العشائر غیر جائزتین شرعاً.
* و(الرضوة) إعطاء شیء لیرضی أهل البنت بتزویجها، و(النهوة): نهی بعض أقرباء البنت تزویج البنت ممّن یرید زواجها، فإنّ کل الأحکام العشائریة المختلفة فی بلاد الإسلام وکذا کل القوانین الوضعیة المستوردة التی تخالف الإسلام یجب أن تبدل إلی أحکام الإسلام المستنبطة من الأدلة الأربعة مما قررها الفقهاء المراجع فی کتبهم.
المسألة 485: (المقود) الذی یعتاده بعض العشائر بتقدیم دیک أمام العقیقة ونحوها لا أصل له فی الشریعة.
* والزیادة فی الدین کالنقیصة فیه کلاهما غیر جائز.
ص: 205
المسألة 486: کفارة جز الصوف التی یعتقد بها بعض العشائر لا أصل لها فی الشریعة.
* وهی کفارة إعطاء الفتاة غیر المزوجة شیئاً لأجل تنظیف نفسها من الشعر، فأخذ هذه الکفارة تشریع وأکل للمال بالباطل.
المسألة 487: الحداد الذی یزعمه بعض الناس بأن لا تتکلم المرأة المتوفی زوجها حتی مع ولدها، ولا تخرج من غرفتها حتی إلی صحن الدار، وتتحجب حتی من الإبریق، لا أصل له فی الشریعة الإسلامیة.
* فاللازم إلغاؤها وتحکیم الحداد الإسلامی المذکور فی الفقه مکانها.
المسألة 488: (الغایة تبرر الوسیلة) لا أصل لها فی الإسلام، نعم (قاعدة الأهم والمهم) قاعدة إسلامیة، والفرق بینهما أن (القاعدة) توازن بین (الغایة والوسیلة) فأیتهما کانت أهم قدمت علی الأُخری، وهی قاعدة عقلائیة یستعملها العقلاء فی کافة أمورهم، فإنه کلما دار الأمر بین ضررین قدموا الضرر الأخف علی الضرر الأکثر، وذلک بخلاف (الغایة تبرر) فإنها تقدم الغایة مهما کلف الأمر، وهذه أشبه بالانتهازیة والمصلحیة والنفعیة، وهی لا مجال لها فی الإسلام.
* وقاعدة الأهم والمهم قد دل علیه الأدلة الکثیرة وقد فصلناه فی بعض کتبنا((1))، وکذلک یجب أن تقاس کل الأمثال والقواعد الاجتماعیة مثل: حشر مع الناس عید وما أشبه بالموازین الإسلامیة، فکل زائد علیها أو ناقص یجب أن یلغی.
ص: 206
المسألة 489: الإسلام دین متطور مع الحیاة، ولیس معنی التطور، التطور (فی العقیدة) لأنّ متعلق العقیدة حقائق أزلیة لا تقبل التطور، ولیس معنی التطور، التطور (فی الفضیلة) إذ الفضیلة فضیلة مهما تبدلت الظروف، ولیس معنی التطور، التطور فی الحرام والحلال، فإنهما وضعا حسب النفع والضرر، فالخمر ضارة والبرتقال نافع مهما تبدلت الظروف، إلا فی حالات مرضیة أو ما أشبه ولیس التطور فی المعاملات، إذ المعاملات أسست علی أساس إنسانی عقلائی.. وهکذا قل بالنسبة إلی العبادة والی الأحوال الشخصیة وإلی الأمور الجنائیة وإلی الأمور القضائیة، وإنما التطور إنما هو بالنسبة إلی التطور فی المصادیق للقواعد العامة التی بینها الإسلام، فإذا تبدل مصداق بمصداق، أو دخل فی الوجود مصداق لم یکن سابقاً شملته قاعدة عامة، مثلاً : (الصحافة) لم تکن فی زمن النبی والأئمة(علیهم السلام) ثم صارت (فالحریة الإسلامیة) المبینة بقاعدة (الناس مسلطون علی أنفسهم) تشمل (الصحافة) وکذلک (القنبلة الذریة) لم تکن، فلما تطور السلاح إلیها شملته آیة: «وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ»((1)).
* إذ کلما تبدل الموضوع لحقه حکم الموضوع الجدید لا الموضوع السابق، وهکذا بالنسبة إذا تجدد موضوع کالبطاطا حلال، وعقد التأمین صحیح وهکذا، فما من شیء إلا وقد بین حکمه الإسلام ولو بصورة عامة.
المسألة 490: قد تقع حروب تبید الرجال فلا یبقی إلا رجال قلة ونساء کثیرات لا یشملهن الزواج الدائم، فعالج الإسلام ذلک بتشریع الزواج المنقطع،
ص: 207
فلکل رجل الحق مع رغبته فی أن یشبع الغریزة الجنسیة لنساء کثیرات فی إطار نظیف مذکور فی فقه الإسلام.
* وبحث الزواج المنقطع مفصل ومذکور فی کتاب النکاح، هذا بالإضافة إلی جواز أن یتخذ کل رجل أربع زوجات دائمات، أما قانون خلیلات الغرب أو الأخلاء فذلک فی منتهی الفساد والإفساد، لا شرعاً فقط، بل عقلاً أیضاً.
المسألة 491: أحیاناً تجرف الکوارث بکثیر من النساء فلا یبقی إلا نساء قلیلات فعالج الإسلام ذلک بجواز التمتع، فللمرأة الواحدة مع رغبتها الحق فی أن تفی بحاجة الرجل ثم لما تنتهی مدتها المقررة شرعاً وعدتها جاز لها أن تنکح زوجاً غیره.
* وإذا کان التمتع بدون الدخول لم یکن للمرأة عدة، کما أنه کذلک إذا کانت یائسة ولو مع الدخول.
المسألة 492: مشکلة أسری الحرب یعالجها قانون العالم بأحد أمور ثلاثة:
1- القتل، وهذا منافٍ لرحمة الإسلام بالإنسان.
2- السجن وهذا منافٍ لاهتمام الإسلام بالإنسان، حیث أعطاه الحریة.
3- إطلاق السراح وهذا منافٍ لحکمة الإسلام، حیث یرید الإسلام أن لا یتجمع الموتورون ویعیدوها حرباً ثانیة ویعیثوا فی الأرض الفساد... فقرر الإسلام حلا آخر، لیس وراءه حل وهو (الاسترقاق) والاسترقاق حریة محدودة تحت سلطة سید، وقد ندب الإسلام إلی العتق وأوجبه فی بعض الموارد قال تعالی: «فَکَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِیهِمْ خَیْراً»((1)) و(الرق) فی تشریع الإسلام غیر الرق الذی کان سائداً فی العالم
ص: 208
والغی فی الغرب، ولعله لوحظ فی قانون الرق قاعدة (غسل الدماغ) الحدیثة، فإن الأسیاد یغسلون دماغ العبید من المنکر والقبیح، فالرق مدرسة تنظیف المجتمع فی إطار إنسانی، والإسلام یضع ذلک حسب رأی الحاکم الإسلامی «فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء»((1)) وإما سجناً، وإما قتلاً، وإما رقاً حسب المصلحة.
* وسادس: ما یجوز للحاکم الشرعی تبعید الأسیر، وقد ذکرنا تفصیل الرق فی کتاب العتق من الفقه((2))
وغیره، أما من سموا أنفسهم بالخلفاء أو الأمراء کالأمویین والعباسیین والعثمانیین ومن أشبه فکان رقهم کبقیة أعمالهم کلها علی خلاف الموازین الإسلامیة، فلا یمکن أن یؤخذ الإسلام بتلک الأعمال.
المسألة 493: من فقد زوجها فی کارثة أو حرب أو ما أشبه، راجعت الحاکم الإسلامی للفحص عن زوجها فإن لم یظفر به طلقها بشرائط مذکورة فی الفقه.
* وکذلک حال المرأة التی سجن زوجها مدة طویلة أو ما أشبه ذلک، وقد ذکرنا فی (الفقه)((3))
أن المرأة إذا کانت فی عسر وحرج جاز للحاکم الشرعی طلاقها، وبعد العدة تختار لنفسها.
المسألة 494: یستحب تجمیل الدار ومشتملاته، والشارع وأرصفته، وهکذا المدرسة والثکنة والمعمل وکل البلد بصورة عامة وسائر الشؤون الحیویة «فإن
ص: 209
الله جمیل یحب الجمال»((1)).
* نعم، یلزم أن لایصل الجمال إلی حد الترف وإلا فهو بین مکروه ومحرم.
المسألة 495: تستحب النظافة فی کل شیء، وبعض أقسام النظافة واجبة، کالنظافة التی تحصل بواسطة الوضوء أو الغسل أو التطهیر فإنّ «النظافة من الإیمان»((2)).
* والنظافة بالمعنی الأعم تأتی فی الأعمال والأخلاق وسائر شؤون الإنسان أیضاً.
المسألة 496: لا یمنع الإسلام عن ثقافة المرأة وعملها، وإنما یمنع الإسلام عن الرذیلة والتهتک والاستهتار والظلم بالنسبة إلیها، فإذا تعلمت بدون اختلاط، وإذا عملت بدون تبرج، وإذا أدارت شؤون الحیاة بدون استهتار، کل ذلک فی الإطار الإسلامی المبین فی الفقه فبها ونعمت.
* لأن الممنوع فی المرأة أشیاء خاصة لمصلحتها ومصلحة الاجتماع، وإلا فالأصل فی کل شیء الاشتراک بین الرجل والمرأة، إلا ما خرج بالدلیل، لکن کثیراً من الناس أهملوا المرأة إلی حد النبذ عن الاجتماع، وکثیرٌ من الغربیین والشرقیین أوردوا المرأة فی موارد التجارة والفساد، وبذلک ضاعت المرأة بین الاثنین، فاللازم إرجاعها إلی المحل الذی جعله الله لها مما بُیّن فی الکتاب والسنة.
ص: 210
المسألة 497: لا بأس بفرق الحوالة المستند إلی تفاوت قیمة العملة، مثلاً یکون الدینار فی العراق ألف فلس، وفی لبنان تسعمائة فلس، فإذا أعطی تسعمائة فلس فی لبنان وقبض دیناراً ثم أعطی الدینار وقبض ألف فلس فی العراق لم یکن ذلک ربا.
* فإنّ الربا هو أخذ ما لا یستحق، وقد سماه الإمام الرضا(علیه السلام) ب (فساد الأموال)((1))
لا مثل ذلک، بل ذکرنا فی بعض کتبنا الاقتصادیة أن أخذ التفاوت فی بابی التضخم والتورم لیس من الربا أیضاً؛ لأنه لیس من الزیادة، إذ المال لیس أکثر من واسطة وإنما العبرة بالقوة الشرائیة.
المسألة 498: لا بأس بأن یأخذ المحیل شیئاً بعنوان الأجرة، فإذا أعطاه فی ترکیا ألف لیرة لیسلمها إلیه فی إیران جاز أن یأخذ المحیل لیرة واحدة أو أقل أو أکثر لأجل إیصال المال من ترکیا إلی إیران.
* لأنه من حق الزحمة والأجرة ولیس من الربا فی شیء، فإن کانت هناک أجرة معینة فهی (المسمی) وإلا کانت له أجرة المثل.
المسألة 499: یجب التحفظ علی اللغة العربیة لأجل بقاء القرآن والشریعة.
* کما یلزم جعلها اللسان العالمی لنشر ثقافة القرآن وتعالیم الشریعة المنقذة فی کل العالم، والدلیل علی ذلک واضح، وعلی هذا فکل تشجیع لسائر اللغات
ص: 211
علی حساب اللغة العربیة محرم، أما العکس فبین واجب ومستحب.
المسألة 500: یجب ترجمة الأحکام الإسلامیة من اللغة العربیة إلی سائر اللغات لیتمکن أصحاب تلک اللغات من العمل بالإسلام.
* فإنه من تبلیغ الإسلام الواجب بالأدلة الأربعة.
المسألة 501: یجب نقل الأدلة الدالة علی أن الإسلام هو الدین الحق إلی لغات الکفار لیتسنی لهم النظر فیها والانضواء تحت لواء الإسلام.
* کل ذلک لما تقدم فی المسألة السابقة.
المسألة 502: ما تقدم فی المسألة (499 و500 و 501) یختلف حسب اختلاف الظروف والأحوال، فتارة یکون واجبا عینیا ، وتارة یکون واجباً کفائیاً، کما أن غیر القادر یسقط عنه التکلیف فإنه «لاَ یُکَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا»((1)).
* وذلک حسب الموازین المذکورة فی الواجب العینی والکفائی((2))،
ولو شک فی أنه علیه عینیاً أو کفائیاً وقام به الغیر فالأصل عدم الوجوب علیه.
ص: 212
المسألة 503: الناس الذین یجهلون الإسلام ینقسمون إلی أقسام ثلاثة: 1- جاهل قاصر، 2- جاهل مقصر غیر معاند، 3- وجاهل مقصر معاند، فالجاهل القاصر لا عقاب علیه، والمقصر غیر المعاند مرجئ إلی أمر الله سبحانه، وإنما العقاب علی المقصر المعاند وهم قلیلون، فلا یقال: کیف یمکن أن یذهب أکثر أهل العالم فی النار، ویدخل قلیل منهم الجنة؟ وقد ذکر العلماء أن جماعة من الناس یمتحنون یوم القیامة فإن أطاعوا دخلوا الجنة وإن عصوا دخلوا النار.
* وفی الأدعیة: «اللهم اغفر للمؤمنین والمؤمنات والمسلمین والمسلمات»((1))،
والمراد بالمسلمین والمسلمات إما من سائر الأُمم، وإما من هذه الأمة القاصر منهم، أو حتی المقصر غیر المعاند، کما أن الخلود فی النار خاص بالمعاند، ففی دعاء کمیل: «أقسمت أن تخلد فیها المعاندین»((2)) أما أنّ النار بأیة کیفیة؟ فلا یعلمها إلا الله سبحانه وأولیاؤه؛ لأنها من عالم آخر، وإنما هی مؤطرة بما ورد فی الکتاب والسنة: «وَجَزَاء سَیِّئَةٍ سَیِّئَةٌ»((3))،
وغیر ذلک مثل: «فَلا یُجْزَی إِلاّ مِثْلَهَا»((4))
فلا یقال: إنه أکثر من الاستحقاق وهو خلاف العدل، کما لا یحتاج إلی ما ذکره بعض الحکماء من دفع العذاب أخیراً مما لم یدل علیه دلیل، بل قام الدلیل علی خلافه.
المسألة 504: یجوز للإنسان أن یزن نفسه بالموازین المعتادة فی هذه الأزمنة، ویجوز إعطاء الأُجرة لأجل ذلک، لکن من المعلوم أن «قیمة کل امرئ ما
ص: 213
یحسنه»((1))،
و«یَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنکُمْ»((2))،
و«إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاکُمْ»((3))،
فإنما هی القیمة الحقیقیة، أما القیمة التی تزداد بالوزن فهی مرتبطة بالفواکه واللحوم وما أشبه لا بالإنسان.
* نعم، ذلک فی سبیل العلاج أو الوقایة لا بأس به، والجواز للأدلة العامة، وکذلک أخذ الأجرة علیه، لما ذکر فی الفقه من أن المعاملات الجدیدة صحیحة شرعاً إلا ما خرج.
المسألة 505: یجوز بیع إجازة الاستیراد ونحوها من الأوراق التجاریة.
* لأنه من مصادیق «وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَیْعَ»((4))
ونحوه. نعم، یلزم إلغاء کل ما یقید حریة التجارة، ومنها إجازة الاستیراد.
المسألة 506: یجوز للإنسان أن یتجنس بجنسیتین أو أکثر من بلدین أو بلاد.
* لإطلاق حریة الإنسان، وقد ذکرنا فی بعض الکتب أن مطلق الجنسیة کبت لحریة الإنسان؛ ولذا فاللازم أن یأتی یوم یلغی فیه کل هذه القیود؛ وذلک یکون إذا أخذ الإسلام بالزمام.
المسألة 507: یجوز بیع الجنسیة وما أشبه من الأوراق المرتبطة بالإنسان
ص: 214
کالهویة وغیرها.
* لإطلاق حریة الإنسان إلا إذا کانت مرتبطة بفرد أو جماعة أو حکومة شرعیة.
المسألة 508: ما ذکر فی المسألة (505) و (506) و (507) إنما هو فیما إذا لم یتوجه إلی الإنسان ضرر من ناحیة السلطات التی تنص قوانینها علی معاقبة مرتکبی هذه الأُمور، وإلا لم یجز من باب الضرر، لا من باب نفس العمل؛ إذ کل عمل لم ینص الشارع علی تحریمه فهو مباح، خصوصاً وإن کل شیء کابت للحریات الإسلامیة لیس له وزن فی نظر الإسلام.
* والضرر الممنوع هو الضرر المتزاید، وإلا فالضرر القلیل لا بأس به، کما تقدم شبه ذلک فی بعض المسائل السابقة.
المسألة 509: أوراق القروض النقدیة التی تطبعها الدولة وتبیعها بأقل، وبعد مدة مخصوصة تقبلها بأکثر، مثل أن تبیعها الدولة بتسعین، ثم تشتریها بمائة، إن کان بعنوان القرض لم یجز؛ لأنه من أقسام الربا، وإن کان بعنوان المنحة والجائزة کان حلالاً.
* قولنا: (من أقسام الربا) فإن الربا: إعطاء الأقل وأخذ الأکثر قرضاً أو معاملة، وفی حکم (المنحة) إذا کان بعنوان بیعین أو ما أشبه ذلک.
المسألة 510: مصارعة الثیران أو الدیوک أو الغزلان أو الشیاه أو ما أشبه ذلک إن سببت موت أحدهما، أو ضرراً بالغاً موجباً لنقص القیمة لم تجز؛ لأنه من الإسراف، وإن لم تسبب الموت ولم تسبب ضرراً أصلاً جاز، وإن سببت ضرراً
ص: 215
وأذیة لأحدهما بدون نقص القیمة فالظاهر أنه جائز، لکنه خلاف الإنصاف، فإنَّ أذیة الحیوان غیر مستحسنة فی الشریعة الإسلامیة.
* الحکم فی الصور المذکورة حسب الأدلة، وأما قولنا (فالظاهر أنه جائز) إذا لم تکن أذیة کبیرة، وإلا لم یجز لما یستفاد من الأدلة من حقوق الحیوان، مثل قوله(صلی الله علیه و آله): «فلیستعد غدا للخصومة»((1))،
وقوله(علیه السلام): «إنکم مسؤولون حتی عن البهائم»((2))، وقول السجاد(علیه السلام): «خوف القصاص»((3))، وقد ذکرنا جملة من الأدلة فی کتاب النکاح باب النفقات.
المسألة 511: لو أمکن کبس الماء حتی صار الماء الذی حجمه سبعة وعشرون شبراً حجمه عشرون شبراً، فهل یبقی علی کریته أم لا؟ احتمالان ولا یبعد العدم؛ لأن المعیار الحجم ولا اعتبار بالأصل، ولذا نقول بأنه لا فرق فی وجوب سبعة وعشرین شبراً بین الماء الثقیل والماء الخفیف.
* مع وضوح أن الثقیل أقل حجماً من الخفیف، ولا مجال للاستصحاب بعد تغیر الموضوع عرفاً.
المسألة 512: لو أمکن تخلخل الماء حتی صار ما حجمه قبل التخلخل
ص: 216
عشرون شبراً سبعة وعشرین شبراً، فالظاهر صیرورته کراً، لما تقدم فی المسألة السابقة.
* بشرط أن یکون الجمیع ماءً خفیفاً، لا أن یکون بینها الهواء عرفاً حتی یکون المجموع مرکباً من الماء والهواء؛ وذلک للصدق العرفی.
المسألة 513: لو أضفنا علی الماء الذی وزنه ألف ومائة رطل، مائة رطل من جسم غریب، بحیث صار عرفاً جزءاً من الماء، فالظاهر أنه یصبح کراً؛ لأن المعیار صدق الماء بالمقدار المذکور وقد حصل؛ ولذا نقول بأنه لا فرق بین الماء الخفیف والثقیل فی هذا المیزان.
* کما لا فرق بین الماء المالح والعذب، مع وضوح أن المالح مخلوط به الملح، وکذلک ماء المعادن الذی فیه شیء من المعدن.
المسألة 514: لو أخذنا من الماء الذی وزنه ألف ومائتی رطل مقدار مائة رطل من الجرم الخلیط به، الذی لیس بماء حقیقة سقط عن الکریة، لما تقدم فی المسألة السابقة.
* لأنه لیس بذلک الوزن المطلوب شرعاً.
المسألة 515: هل یجوز للدولة منع إخراج المکتبات الضخام التی تعد من ثروة البلاد أم لا یجوز؟ احتمالان، والظاهر أنه لا یحق لها ذلک؛ لقاعدة تسلط الناس علی أموالهم، إلا إذا کانت هناک جهة توجب المنع أهم من قاعدة السلطنة، فتقدم علی القاعدة بالأهمیة حسب قاعدة (الأهم والمهم).
* والحکم فی المستثنی منه والمستثنی حسب الأدلة العامة، ومثل المکتبة
ص: 217
حال سائر الأشیاء النفیسة، التی تکون لشخص أو أشخاص، ووجوب سماع کلام الدولة فی المستثنی إنما هو فیما إذا کانت شرعیة، وإلا فلا تجب إطاعتها.
المسألة 516: إذا تعدی جماعة من الکفار علی جماعة من المسلمین، لا یحق لاُولئک المسلمین أو لغیرهم من المسلمین التعدی علی کفار آخرین، قال الله تعالی: «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخری»((1))،
فإذا تعدی السیک علی المسلمین فی الهند مثلاً، لا یحق للمسلمین فی باکستان التعدی علی السیک الموجودین فی باکستان، إلا إذا کان السیک کلهم یداً واحدة علی المسلمین.
* والحکم فی المستثنی منه والمستثنی حسب الأدلة.
قولنا: (إلا إذا کان) إذ یعد المجموع حینئذٍ کالجیش الواحد.
المسألة 517: إذا تعدی الکفار علی المسلمین، لا یحق لمسلمین آخرین أن یتعدوا علی أُولئک الکفار المعتدین، مثلاً: إذا تعدی سیکی علی مسلم لا یحق لمسلم آخر التعدی علی ذاک السیکی، إلا إذا کان بمیزان الجهاد والدفاع الإسلامی.
* قولنا: (لا یحق) لأن الذی یرید الاعتداء لیس معتدی علیه، فلا یشمله «فَمَنِ اعْتَدَی عَلَیْکُمْ».
وقولنا: (إلا) من باب دفع المنکر وما أشبه، کالدفاع عن الإسلام والمسلمین بشرائطه.
ص: 218
المسألة 518: ما ذکر فی المسألتین السابقتین إنما یکون فیما إذا لم یکن کفار الهند وباکستان متظاهرین بعضهم مع بعض ضد المسلمین، الذین تعدی علی بعضهم کفار الهند، وإلا جاز للمسلمین مقابلة الکافرین بالمثل (بشروط الدفاع المذکورة فی فقه الإسلام).
* الفرق بین هذه المسألة والاستثناء فی المسألة (516)((1))
أن الأمر علی قسمین: الأول: الوحدة، الثانی: التحالف، وفی کلتا الصورتین یعد الاثنان واحداً.
المسألة 519: ما ذکرناه فی المسألة (517) جارٍ فی المسألة (518) فإذا تعدی کافر محارب للمسلمین علی زید جاز لعمرو أن ینتقم من ذلک الکافر، وهذا من باب (دفاع المسلم عن المسلمین وإیقاف الکافر عند حده).
* هذا شرح للاستثناء فی المسألة (517): (إلا إذا کان بمیزان الجهاد الإسلامی).
وفی الحدیث الشریف: «المسلمون کالجسد الواحد إذا اشتکی عضو تداعت له سائر الأعضاء»((2))،
وکذلک إن کان من باب (دفع المنکر) کما ذکرناه فی مسألة (517).
ص: 219
المسألة 520: هل یحق للدولة أن تمنع إخراج النفائس من البلد؟ الظاهر أنه لا یحق لها ذلک، إلا إذا کانت جهة موجبة للمنع أهم من حریة صاحب ذلک الشیء النفیس.
* ولا فرق بین نبات نفیس، أو حیوان نفیس، أو جماد نفیس لوحدة الدلیل فی الجمیع.
المسألة 521: هل یحق للدولة أن تستولی علی الشیء النفیس بدون رضا صاحبه، مثلاً: لو وجد (هر طائر) أو (غراب أبیض) کما وجد کلاهما فی زماننا، وأراد الواجد لهما أن یذبحهما أو یخرجهما من البلد أو یجعلهما فی بیته، مما هو معرض لهلاکهما وانقطاع نسلهما حیث یمکن اتخاذ النسل لهما، بالنزو علی مثلهما أو نحو ذلک فهل للدولة الاستیلاء علیهما بالقوة، حیث لا ینفع السلم بکل أشکاله؟ احتمالان، الظاهر العدم، إلا إذا کانت جهة راجحة بحیث تدخل المسألة فی (قاعدة الأهم والمهم) کما تقدم فی المسائل السابقة، والغالب إمکان حل هذه المشاکل بما لا ینافی سلطنة الناس.
* لکن إذا جاز للدولة الاستیلاء؛ وذلک بإمضاء شوری الفقهاء المراجع، فاللازم إعطاء ثمنه لصاحبه؛ لأنه لا تلازم بین الحکم التکلیفی والوضعی، هذا إذا کانت قاعدة الأهم تعطی استملاک الدولة له، أما إذا لم تعط ذلک فالشیء یبقی علی ملک مالکه، وإن کان تحت استیلاء الدولة جمعاً بین الحقین.
المسألة 522: هل یحق للدولة أن تمنع عن خروج أصحاب الصناعات والعلماء (بمختلف أقسام العلم) عن البلد، سواء کان البلد محتاجا لهم أم لا،
ص: 220
مثلاً: کان طبیب ماهر جداً فلا تسمح له الدولة بالخروج، ولنفرض أن البقاء لیس واجباً علیه؟ الظاهر أنه لا یحق للدولة ذلک، إلا إذا کان جهة خارجیة أهم، کما تقدم فی المسألة السابقة.
* (لا یحق) لقاعدة: «الناس مسلطون علی أنفسهم»((1))،
والمستثنی لقاعدة: (الأهم والمهم) إذا أمضاه شوری الفقهاء المراجع.
المسألة 523: کل شیء کان ترکه یوجب أن یذهب بدون فائدة بحیث یصدق علیه الإسراف یحرم علی الإنسان أن یترکه کذلک، مثلاً: (الدخان) إذا أمکن جمعه لیکون فحماً، کما یفعل به الغرب ذلک، و(الرماد) إذا أمکن صنع القماش منه، (والدم) إذا أمکن صنع الصبغ منه، و(میت الحیوان والقمامة) إذا أمکن صنع السماد منه، و(القاذورات البشریة) إذا أمکن صنع الصابون منها، وهکذا یجب علی الإنسان القادر حفظه؛ لأنه إسراف عرفاً، بل ورد فی الحدیث: «إنَّ طرح النواة إسراف»((2)).
* إلا إذا کان قلیلاً بحیث لا یصدق الإسراف؛ وربما یقال: إن ترک مثل الدخان والرماد والدم ومیت الحیوان والقمامة والقاذورات البشریة لا یعد عرفاً من الإسراف المحرم، فتأمل.
ص: 221
المسألة 524: إذا أمکن نصب الماکنات أو بناء السد علی الماء وصرفه علی الزرع فی مقابل أن یذهب إلی البحر، وکذا لو أمکن صید الأسماک الموجودة فی الماء قبل أن تذهب إلی البحر وهکذا، فهل یجب ذلک علی الإنسان القادر؛ لأن ترکه إسراف، أو لا یجب؛ لانصراف أدلة الإسراف عن مثل ذلک؟ احتمالان، ویمکن اختلاف الموارد، والمعیار صدق الإسراف العرفی.
* فکلما صدق الإسراف لم یجز، وکلما لم یصدق جاز، وإن اختلف العرف فی الصدق وعدمه فالأصل عدم الوجوب.
المسألة 525: هل یحق للدولة منع اجتیاز السیارات الکبیرة أو منع السیارات القدیمة، أو منع استعمال جهاز التنبیه، أو منع سیر العربیات فی الشوارع أو شبه ذلک أم لا یحق؟ الظاهر: أنه لا یحق لها ذلک؛ لأنه خلاف (تسلیط الناس) إلا إذا کانت جهة خارجیة مرجحة فیحق لها المنع من باب قاعدة (الأهم والمهم) کما تقدم فی بعض المسائل السابقة، أو من باب قاعدة (لا ضرر).
* وهکذا إذا أوجب بعض الأُمور المتقدمة عسراً وحرجاً علی الناس؛ إذ قاعدة (العسر) کقاعدة (الضرر) فی أنها حاکمة علی الأدلة الأولیة.
المسألة 526: هل یحق للدولة فرض اتجاه خاص لسیر السیارات، أو سرعة خاصة، أو فرض جادة خاصة للراجلین وجادة أُخری للراکبین، وجادة لأصحاب الدراجات؟ وهکذا الحکم ما ذکر فی المسائل السابقة علیها، والظاهر أن دلیل (لا ضرر) یکفل بکثیر من الأُمور.
* ثم إذا کانت الدولة شرعیة لزم إطاعتها حتی فی غیر مورد الضرر، کما إذا
ص: 222
رأی السائق أن الطریق فارغ بحیث لا یضر المرور فی مورد المنع أما إذا لم تکن شرعیة فالذی یقید السائق انطباق کلی (لا ضرر)] علی المورد الخاص، فإذا لم یکن ضرر جاز له خرق القانون.
المسألة 527: إذا کان ملء الفراغ سبباً لمنع المنکر وجب، وإن کان نفس ملء الفراغ لیس واجباً بنفسه، مثلاً: هناک شاب لابد وأن یقرأ، فإذا لم تکن جریدة إسلامیة یقرأ الجریدة الخلاعیة الموجبة لفساده، وتمکنا من إخراج جریدة إسلامیة تملأ فراغه، مما تسد مسد الجریدة الخلاعیة، فإنه یجب إخراج هذه الجریدة من باب المنع عن المنکر.
* وجوب الإخراج من باب (المنع عن المنکر) أو (دفع المنکر) لأنه واجب أیضاً.
المسألة 528: لیس المراد بملء الفراغ أمراً جزئیاً خاصاً معلوماً فقط، بل یجب ما ذکر فی المسألة السابقة بالنسبة إلی غیر الجریدة، مثلاً: نعلم أنه لو فتحنا (نادیاً إسلامیاً) انصرف جملة من مرتادی النوادی المختلطة إلی هذا النادی، فإنه یلزم فتح النادی الإسلامی وهکذا.
* (وهکذا) مثل صنع الأحواض للسباحة غیر المختلطة فی مقابل ما یوجد فی البلد من الأحواض المختلطة وهکذا.
المسألة 529: بناءً علی ما تقدم فی المسألة (527) و (528) یجب علی المسلمین إدخال نشاط الحلال فی کل جوانب الحیاة، للحد من نشاط الحرام،
ص: 223
أخذاً من تصویر الأُمور المحللة، کرسم ناطحات السحاب، بل الأُمور الإسلامیة کرسم الکعبة المبارکة فی ظروف الشای إلی فتح الجامعات الخالیة من المحرمات وهکذا، فإنه مما لاشک فیه أن الحلال یسد مسد الحرام.
* بل الإقبال إلی الحلال أکثر؛ لما فی قلوب المسلمین من حب الإسلام والاعتقاد به، وإنما الحرام فرض علیهم فرضاً. نعم، قلة من الناس لا یبالون، أو یبالون بالمنکر فی کل زمان ومکان، ولیس الکلام فیهم، ومنه یعلم: لزوم فتح الإذاعات والتلفزیونات والأقمار الصناعیة، التی تبث البرامج الإسلامیة والمحللة، وکذلک صنع الأفلام الشرعیة.
المسألة 530: لا یجوز تحری دار أحد أو دکانه أو أثاثه أو ثیابه، کما لا یجوز تحری سیارة أو مخزن أو ما أشبه. نعم، یحق للدولة الإسلامیة العادلة التحری إذا کانت هناک مصلحة ملزمة تفوق قاعدة (تسلط الناس)، فیرجع الأمر إلی قاعدة الأهم والمهم.
* ویجب أن یکون ذلک بتصویب شوری الفقهاء المراجع، وانطباق القاعدة من أندر النوادر جداً، کما یوجد ذلک فی بعض الدول الدیمقراطیة.
المسألة 531: إذا تعجرف((1))
إنسان أو دولة فی فعل منکر، ولا یردعه عن ذلک إلا استفزاز مشاعره بحقیقة یخاف فضیحته بها، جاز بشرط أن یکون ذکر
ص: 224
ذلک الحقیقة الفاضحة أقل أهمیة فی نظر الإسلام من ذلک المنکر؛ وذلک لقاعدة (الأهم والمهم)، مثلاً: زید یشرب الخمر خفیة، ثم إنه یرید قتل إنسان محترم الدم، ولا یردعه عن القتل إلا إذا خاف أن نفضحه بشربه الخمر أمام الملأ، فإنه یجوز فضحه أو تهدیده بالفضح إن لم یرتدع عن إرادته.
* وذلک لأنه طریق النهی عن المنکر الواجب حیث الأهمیة.
المسألة 532: ما تقدم فی المسألة السابقة یأتی فیما إذا لم یمکن الردع إلا بمباهتة مرید المنکر، أو العامل بالمنکر ببهتان خلاف الواقع، مثلاً: الظالم حبس مسلماً بدون حق، فإذا خاف من مباهتتی إیاه بأنه یشرب الخمر أطلق سراح السجین جاز البهتان أو تخویفه به، مع ملاحظة قاعدة الأهم والمهم.
* ولا یخفی أن تمییز الأهمیة بید الحاکم الشرعی، یعنی: شوری الفقهاء المراجع، أو عدول المؤمنین إذا لم یکن حاکم شرعی قادر، وإلا فلیس ذلک من حق أی فرد.
المسألة 533: تمیز (الأهم والمهم) مما تقدم فی جملة من المسائل إنما هو بید الخبیر بالأحکام الإسلامیة، فلیس لکل أحد أن یفعل ذلک، وإذا شک فی الأهم والمهم فالمرجع إلی الأُصول العملیة.
* المراد بالخبیر ما ذکرناه فی المسألة السابقة، والمراد بالأصول العملیة أصالة عدم الجواز، استصحاباً أو احتیاطاً علی الأغلب .
المسألة 534: لا تجوز الإشاعات الکاذبة إلا إذا کانت لرد اعتداء أهم، أو للوقوف دون اعتداء أهم، مثلاً: دولة دکتاتوریة ترید حملة اعتقالات، ولا
ص: 225
تصرفها إلا الإشاعة بأنها تدبر مؤامرة قتل جماعیة، فإن ذلک جائز منعاً للمنکر، کما أنها لو اعتقلت جازت الإشاعة بأنها تدبر إعدام السجناء، نهیاً عن المنکر، لکن ذلک مع التحفظ علی ما تقدم من ملاحظة (قاعدة الأهم والمهم).
* والتی أمرها إلی شوری الفقهاء المراجع، فإن هذه المسألة من صغریات المسألة السابقة.
المسألة 535: لا یجوز وضع القوانین غیر الإسلامیة، فإنه مشمول لقوله سبحانه: «وَمَن لَّمْ یَحْکُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِکَ هُمُ الْکَافِرُونَ»((1)).
* ولقوله تعالی: «سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ»((2))
وقد دل علی حرمته الأدلة الأربعة، والمراد بالکافر کفر الحکم لا کفر الاعتقاد، فإن مخالف الإسلام یخرج عن الجادة المستقیمة، قال تعالی: «فَأُوْلَئِکَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»((3))،
فیکون بذلک ظالماً لنفسه ولغیره «فَأُوْلَئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ»((4))،
ویکون قد ستر حکم الله عملاً، فإن الکفر هو ستر الاعتقاد الصحیح، أو العمل الصحیح قولاً أو فعلاً، قال تعالی: «فَأُوْلَئِکَ هُمُ الْکَافِرُونَ»((5)).
المسألة 536: لا یجوز الإعراض عن أحکام الإسلام من غیر فرق بین اللجوء إلی أحکام غیر أحکام الإسلام، أو إلی عدم الحکم، مثلاً: قد یترک الحاکم (قطع
ص: 226
ید السارق) إلی (حبس السارق) وقد یترک (القطع) بدون اتخاذ أی إجراء آخر.
* ویدل علیه الأدلة الأربعة، ولا یخفی أن ترک القطع إلی الحبس قد یجوز إذا کان فی القطع ضرر یرفع الحکم کما ذکرناه فی کتاب: (فقه الدولة)((1)).
المسألة 537: لا یجوز التحاکم إلی حکام لا یحکمون بالإسلام، إلا إذا توقف إنقاذ الحق علی التحاکم إلیهم.
* وقد وصفهم الله تعالی فی کتابه بالطاغوت، ویدل علی ذلک الأدلة الکثیرة، کما ذکرنا تفصیله فی الفقه کتابی: القضاء والتقلید((2)).
المسألة 538: لا یجوز التحاکم إلی حکام یحکمون بحکم الإسلام، لکنهم لیسوا مخولین من قبل الشریعة فی الحکم؛ لفقد العدالة والنزاهة فیهم، أو لسبب آخر، إلا إذا اضطر إنسان إلی التحاکم إلیهم.
* وذلک لقوله تعالی: «إنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِینَ آمَنُواْ الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاَةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَهُمْ رَاکِعُونَ»((3))،
ولقوله(علیه السلام): «أما الحوادث الواقعة فارجعوا فیها إلی رواة حدیثنا، فإنهم حجتی علیکم وأنا حجة الله»((4))
ولما دل علی اشتراط العدالة والنزاهة وما أشبه فی الحاکم والقاضی، وفقد الشرط لا یختلف فیه بین المسألة السابقة وهذه المسألة.
ص: 227
المسألة 539: إذا توقف رفع المنکر أو دفعه علی التحاکم إلی حکام الجور، جاز فیما إذا کان دفع ذلک المنکر أو رفعه أهم بنظر الشریعة من التحاکم إلی الجائر.
* وإنما یقید الجواز بما إذا کان رفع المنکر أهم؛ لأن التحاکم الیهم لا یجوز فی نفسه.
المسألة 540: إذا کان الجائر یرفع المنکر بأُسلوب غیر إسلامی لم یجز الرجوع إلیه، إلا إذا کان رفع ذلک المنکر أهم، مثلاً: إذا روجع إلیه فی باب المتعدی علی نوامیس الناس یحبسه شهراً، فإنه یجوز الرجوع إلیه لدفع شر المعتدی؛ إذ بقاء التعدی علی أعراض الناس أعظم فی نظر الشارع من حبس المتعدی، وإن کان الحبس للمتعدی لیس حکماً إسلامیاً.
* لأن فیه محذور التحاکم إلی الجائر والحکم بغیر الشریعة، فالمقدم ما هو الأهم عند الشارع.
المسألة 541: لو صار فی الکون لیلاً ضیاء بسبب بعض الأجرام الکونیة بدون الشمس، فلیس الوقت محکوماً بأنه نهار، بل اللیل له أحکامه.
* إذ النهار موضوع عرفاً من طلوع الشمس، والحکم یتبع الموضوع.
المسألة 542: لو أظلم الکون مع وجود الشمس بسبب غیر الکسوف، فلیس الوقت محکوماً بأنه لیل، بل النهار وله أحکامه.
ص: 228
* لما تقدم فی المسألة السابقة.
المسألة 543: یجوز السفر إلی الفضاء وإن أوجب الإتیان بالصلاة والصوم حسب موازین تلک الجهات، لا حسب موازین الأرض، فإن الصلاة والصوم تابعان للحالة التی یصلی الإنسان فی تلک الحالة، من سفر أو حضر أو اختیار أو اضطرار أو ما أشبه.
* والانصراف إلی المتعارف بدوی، وإنما المعیار: «لا تترک الصلاة بحال»((1))،
وقوله تعالی: «کُتِبَ عَلَیْکُمُ الصِّیَامُ»((2))
إلی نظائرهما.
المسألة 544: یجوز السفر إلی القطبین وإن أوجب الإتیان بالصلاة والصوم حسب موازین جهة القطب، لما تقدم فی المسألة السابقة.
* فإن کل سفر مباح جائز، وللصلاة والصیام أحکام فی کل حال.
المسألة 545: حکم الصلاة والصوم فی الوجه المظلم للقمر حکمها فی
ص: 229
القطب، لکن یضاف إلی ذلک خصوصیة القمر، مثلاً: الصلاة والصوم فی القمر یلاحظ فی وقتهما وقت مکة المکرمة، والصلاة والصوم فی الوجه المظلم للقمر یلاحظ فیهما الحرکة المعتدلة للقمر بدون أن یکون مظلماً.
* إنما یلاحظ وقت مکة المکرمة لأن الآفاق غیر المعتدلة یلاحظ فیها الآفاق المعتدلة، کما ورد فی النص والفتوی، وهو علی القاعدة أیضاً، وأما ملاحظة الحرکة المعتدلة للقمر فلأن غیر المظلم من وجهی القمر هو المعتدل، کما أن غیر المظلم من الأرض هو المعتدل منها لا غیر المعتدل، والمسألة بعد بحاجة إلی تأمل.
المسألة 546: حکم الصلاة والصوم فی الوجه المنیر للقمر المواجه للشمس طیلة الیوم واللیلة مثل حکمهما فی الوجه المظلم للقمر، کما ذکر فی المسألة السابقة.
* وذلک کما أن المکان المظلم من الأرض فی الصلاة والصیام حاله حال المکان المنیر منها.
المسألة 547: العصیان فی الفضاء حاله حال العصیان فی الأرض؛ إذ النفس الأمارة موجودة حتی لو فرض أن الشیطان لا یتمکن من الذهاب هناک لوجود الشهب، ثم لا دلیل علی أن کل الشهب لطرد الشیطان.
* فإطلاق أدلة العصیان جارٍ فی کل مکان، ولکل إنسان مکلف مطلقاً.
المسألة 548: إذا خرج الإنسان عن الکبسولة فی الفضاء، جاز الصلاة بالکیفیة التی یمکنه الصلاة بتلک الکیفیة، ولو تدحرجا (یعتدل وینتکس) لکن اللازم مع
ص: 230
الإمکان إقامة الصلاة بحالة واحدة.
* لا بحالة الدوران والاعتدال والانتکاس؛ لأن الضرورات تقدر بقدرها.
المسألة 549: القمر الاصطناعی لو فرض انه یعکس نور الشمس بکامله لیلاً حتی کأن الوقت نهار، لا یوجب کون اللیل محکوماً بحکم النهار، بل محکوم بحکم اللیل.
* لأن المفروض أنه لیل ولیس بنهار، والحکم تابع لموضوعه.
المسألة 550: إذا أمکن التغذی بأشعة الشمس من غیر طریق الفم، بل بواسطة آلة تزرق مواد القوة الموجودة فی الفضاء إلی جسم الإنسان، فالظاهر أنه لا یضر بالصوم.
* کما لا یضر بالصوم نفوذ الماء بسبب ثقوب البدن، فی ما إذا دخل الإنسان فی الماء؛ وذلک للانصراف وعدم الصدق.
المسألة 551: لا بأس بتحریک الید والرجل الصناعیتین فی حال یجب فیها الطمأنینة فی الصلاة، سواء کان فی القیام أم فی الرکوع والسجود؛ لأن العضو المصنوعی لیس مشمولاً لأدلة وجوب الاستقرار والطمأنینة.
* وذلک للانصراف. نعم، إذا أُخذت الرجل والید من إنسان آخر وجعلت جزءاً من البدن صارت بحکم الأصلیة، ولیست حینئذٍ عاریة.
المسألة 552: لا بأس بالصلاة علی الثلج فی القطب إذ المعیار فی الصلاة
ص: 231
الاستقرار، أما أن یکون الإنسان علی شیء خاص فلا دلیل علیه. نعم، لو کان الثلج متحرکاً، کأنهر الثلج الجاریة أو کالثلج فی حال الذوبان، لم یصح إذا أضر ذلک بالاستقرار إلا فی صورة الاضطرار.
* الحکم فی المستثنی منه والمستثنی علی القاعدة. نعم، یجب أن یکون السجود علی الأرض أو ما فی حکمه.
المسألة 553: تشکیل النقابة برضایة الأطراف وبدون شرط أو عقد یخالف الإسلام جائز.
* لأنه بدون الرضایة خلاف سلطنة الإنسان علی نفسه، وخلاف حریة الإنسان، أما إذا کان عقد غیر مشروع أو شرط غیر مشروع فذلک مما یمنع فی الإسلام.
المسألة 554: لا یجوز تشکیل نقابة تفرض نفسها علی الإنسان، أو تشتمل علی عقد أو شرط مخالف للإسلام، إلا إذا کانت هناک مصلحة تفوق مصلحة الحریة الفردیة، وتفوق مصلحة الحکم الأولی، مثلاً: إذا اجتاح البلد مجاعة مما اضطرت الدولة الإسلامیة إلی أن تجمع مالکی الطعام، وتدخلهم تحت نقابة معینة لإنقاذ الناس من الموت، وشرطت علیهم بیع الحنطة بالنسیئة فی صورة أن الدولة والرعیة لا مال لهما یبذلانه فی مقابل الحنطة، جاز.
* والاستثناء لقاعدة الأهم والمهم، وهی قاعدة دلت علیها الأدلة الأربعة، قال سبحانه: «وَلَوْلا أَن یَکُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً »((1))، وقال(صلی الله علیه و آله): «لولا قومک حدیثو
ص: 232
عهد بالإسلام»((1))،
وإن کان فی سنده ضعف، وقال(علیه السلام): «ولولا أن الناس یقولون»((2))
إلی غیر ذلک مما أشرنا إلیه فی الفقه، والتشخیص إلی شوری الفقهاء المراجع.
المسألة 555: لا یحق للدولة فرض الترتیب بالنسبة إلی الأُمور، کفرض الترتیب علی مَنْ یرید رکوب السیارة، أو مَنْ یرید اشتراء السلعة، أو مَنْ یرید دخول المحلات العامة أو ما أشبه ذلک، إلا إذا وجدت المصلحة الأهم، کما تقدم فی المسألة السابقة.
* مثلاً: یقول بأن أهل بغداد مقدمون علی أهل بصرة، أو البیض مقدمون علی السود، أو المثقف مقدم علی الأُمی إلی غیر ذلک، بل المیزان تقدم الحق.
المسألة 556: إذا کان المال للدولة یحق لها فرض الترتیب، کما فی السیارات العامة التی هی للدولة، فإنه یحق لها فرض الترتیب فیها برکوب الذی جاء لاحقاً قبل رکوب الذی جاء سابقاً.
وقیوده الشرعیة بالنسبة إلی ماله.
ص: 233
المسألة 557: هل یحق للدولة فرض الترتیب علی السواق فی تقبل المسافرین، بأن کل سیارة دخلت المدینة أقدم یکون لها حق السبق، وکل سیارة دخلت بعد لا یحق لها التقدم؟ الظاهر العدم، إلا أن تکون هناک مصلحة مقدمة علی (الحریة) فتتقدم تلک المصلحة لقاعدة (الأهم والمهم).
* قولنا: (الظاهر العدم) لأنَّ الأمر لا یعدو رضا السائق والمسافر، فلا شأن للدولة إلا مع الأهمیة کما تقدم.
المسألة 558: ما ذکر فی المسألة السابقة وما قبلها من حق الدولة فی فرض الترتیب مع المصلحة، أو مع کون المال لها، إنما هی فی الدولة الإسلامیة العادلة، والدولة المالکة حقیقة شرعاً بالنسبة إلی المسألة السابقة، وإلا فالدولة التی لا تملک لا یحق لها الفرض حتی مع المصلحة الأهم.
* وذلک لأنه لا حق لغیر مَنْ عنتهم آیة الولایة: «ِإنَّمَا وَلِیُّکُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ»((1))،
وحدیث النیابة العامة: «أما الحوادث الواقعة...»((2))
فی الطاعة علی أحد، وحینئذٍ یرجع الأمر فی هکذا دولة إلی قاعدة الأهم والمهم فی الفرد نفسه من حیث الضرر وعدمه، کما ذکرنا مثل ذلک سابقاً فی مسألة (لا ضرر).
المسألة 559: فی کل مورد فرضت الدولة الترتیب بدون أن یکون فرضها نافذاً شرعاً لا یجب علی الإنسان اتباع ذلک، بل یجوز للإنسان المخالفة بمزاولة
ص: 234
حریته الطبیعیة التی منحها الله سبحانه له.
* هذا فیما إذا لم یکن حق غیره مقدماً علیه وإلا فالسابق أحق لدلیل: (من سبق)((1))،
ولما ذکروه فی کتاب القضاء من تقدم حق المترافع سابقاً علی المترافع لاحقاً للنص والفتوی.
المسألة 560: إذا فرضت الدولة حصراً، فإن کانت الدولة واجبة الاتباع لزم علی الإنسان إطاعة ذلک الحصر، کما إذا منعت الدولة الإسلامیة العادلة عن السفر لمصلحة أهم من مصلحة (سلطة الناس علی أنفسهم) أما إذا لم تکن الدولة واجبة الاتباع لم یلزم علی الإنسان إطاعة الدولة، بل جاز له مزاولة حریته الإسلامیة.
* وذلک لما تقدم من حریة الإنسان وتسلطه علی نفسه، والدولة العادلة الشرعیة هی التی تکون بإشراف شوری الفقهاء المراجع.
المسألة 561: ما هو حکم المتآمرین الذین تلقی الدولة الإسلامیة العادلة القبض علیهم؟ مثلا یتآمر جماعة علی نشر الرعب بین الناس فینظمون لذلک أمرهم، بأن یتصدی أحدهم لتحصیل المال بالسرقة ونحوها، والآخر لتحصیل والخامس لیشرف علی الأُمور الفنیة لأجل الاتصالات السلکیة واللاسلکیة وهکذا؟ الظاهر أن حکمهم التعزیر إلا أن ینطبق علی أحدهم حد محدود فی
ص: 235
الإسلام، کالسارق والمفسد وشاهر السلاح.
* (التعزیر) لأنه حکم کل فاعل حرام، إلا إذا قرر الشارع حداً خاصاً لبعض المحرمات فیجری الحد حینئذٍ، وقد ذکرنا فی بعض کتبنا أن التعزیر أعم من الضرب بالسوط، فیشمل مثل السجن والغرامة المالیة وما أشبه حسب تشخیص شوری الفقهاء.
المسألة 562: إذا کان قصد المخربین الخروج علی الدولة الإسلامیة العادلة فحکمهم ما ذکر فی کتاب الجهاد فی باب (البغاة).
* وقد ظهر من علی أمیر المؤمنین(علیه السلام) فی حربه مع الناکثین والمارقین والقاسطین ما یکفی لکل أحکام هؤلاء.
المسألة 563: إذا کان بیت الجار مشرفاً علی دار الإنسان بروشن أو نحوه، ولا تأمن المرأة أن ینظر الأجنبی من الروشن((1))
إلیها یشکل أن تأتی إلی الدار بدون الحجاب.
* فإنَّ حال مثل هذه الدار حال الشارع المحتمل وجود الناظر المحترم
المسألة 564: لا یجوز الإشراف من الروشن أو نحوه علی دار الغیر.
ص: 236
* وذلک للأدلة العامة ک : (الناس مسلطون)((1))
و«لا یحل مال امرئ مسلم»((2))، والأدلة الخاصة المذکورة فی محلها، ولو فعل ذلک کان علیه العقاب، کما ذکر فی کتاب الحدود((3)).
المسألة 565: لا یجوز الانتحار بالتنفس فی الهواء المسموم.
* لأن قتل النفس حرام بأیة کیفیة کان القتل، کالحرق والغرق والإلقاء من شاهق أو ما أشبه إلی غیر ذلک، وقد دل علی حرمة الانتحار الأدلة الأربعة، وقد سبق البحث عنها.
المسألة 566: لا یجوز التنفس بلا أجهزة فی المحل الذی لا هواء فیه، إذا أوجب التنفس الموت، کأن یرفع مرتاد الفضاء عن فیه الکمامة الاصطناعیة.
المسألة 567: لا یجوز البقاء فی محل موبوء یخشی فیه التلف، کما إذا سم الهواء بالغبار الذری أو بالملاریا القاتلة أو نحو ذلک.
ص: 237
* فإن دفع الضرر المحتمل عقلائیاً لا مثل الوسوسة واجب.
المسألة 568: لا یجوز البقاء فی محل یخشی فیه من المرض، الذی لا یجوز تحمله، کالبقاء مع المجذومین أو المسلولین أو ما أشبه، فإنه کما لا یجوز للإنسان تعریض نفسه للهلاک کذلک لا یجوز تعریض نفسه للضرر الکثیر المحرم تحمله.
* أما قصة الإمام(علیه السلام) وأکله مع المجذومین((1))
فإن صح کان المراد منه الأکل فی سفرة واحدة لا من إنائهم، مع رعایة ما یوجب عدم الضرر، أو یکون من باب الإعجاز أو ما أشبه فتأمل، وذلک للأدلة الکثیرة. نعم، لا بأس بذلک مع استخدام الوسائل الوقائیة الحدیثة التی تحفظ الإنسان من العدوی.
المسألة 569: إذا استغرق السفر بالطائرة کل الوقت، وجب إقامة الصلاة فیها کیفما أمکن، وکذلک سائر وسائل النقل، بشرط أن لا یتمکن الإنسان من الهبوط
المسألة 570: لا تجوز المعاشقة مع الأموات حتی إذا کان المیت زوجة أو
ص: 238
زوجاً، کما یصنع بعض الشباب فی الغرب مع المیت، فإنه غیر جائز شرعاً.
* وذلک لأنه خلاف قوله تعالی: «وَالَّذِینَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ»((1))، وأما قوله سبحانه: «إِلا عَلَی أَزْوَاجِهِمْ»((2))
فلا یشمل المیت.
المسألة 571: لا تجوز المعاشقة مع الحیوانات، فإن مطلق إثارة الشهوة بشیء غیر الزوجة والزوج غیر جائز.
* بل ادعی الجواهر علیه الإجماع، ویفهم ذلک من مختلف النصوص.
المسألة 572: لا تجوز المعاشقة مع التماثیل، سواء کانت تماثیل مطاطیة أم غیرها لما تقدم فی المسألة السابقة.
* وذلک من غیر فرق فی العاشق والمعشوق بین أن یکون ذکراً أو أُنثی حتی ولو کان تمثال زوجته أو زوجها.
المسألة 573: إذا انطبق عنوان کلی علی فرد وجب اتباع حکم ذلک الکلی محکوماً بحکم الفاکهة فی الأول، وبحکم المحال إلیه فی الثانی.
* لأن الحکم یتبع الموضوع، فاللازم ترتیب حکم المحال إلیه علی هذا
ص: 239
الفرد الجدید.
المسألة 574: لو کان لرجل رحم أو رکب فیه رحم، ثم ربی منی رجل وامرأة فی رحمه فهل یکون للولد أبان وأُم، أو أُمان وأب، أو لا اعتبار بهذا الرجل الجدید؟ احتمالات، الظاهر الثالث.
* الأقرب أنه لا اعتبار بصاحب الرحم؛ لفرض أن المنی من غریبین عنه، وإنما رحمه حینئذٍ کاُنبوب الاختبار.
المسألة 575: لا یجوز اتهام البریء بجعل ما یؤخذ علیه من نشرة أو مادة خاصة فی داره أو سیارته أو ما أشبه ذلک.
* فإن الاتهام خصوصاً من هذا النوع من أشد المحرمات، وقد کان بعث العراق یعمل ذلک بصوره المختلفة، وبعضها أبشع من بعض، مثل أن یجعل فی جیب بعض التجار العملة الإسرائیلیة ثم یتهمهم بالعمالة لإسرائیل، ویعدمهم ویصادر أموالهم إلی غیر ذلک.
المسألة 576: لو فرض إمکان تربیة نطفة الأب فقط، فالولد لا أُم له، وفی هو متطهر أو محدث؟ وتقتضی القاعدة أن لا یجوز للمخلوق فی ساعته الإتیان بما یشترط فیه الطهارة بدون أن یتطهر.
ص: 240
* وقد رأینا فی عیسی(علیه السلام) أنه لم یکن له أب، وفی آدم وحواء(علیهما السلام) عدم وجود والدین لهما.
أما ما ذکر من أنه لا أب له أو لا أُم له فی صور المسألة فلعدم الموضوع، فلا یترتب علیه ما کان مترتباً علی مَنْ له أب أو أُم من هذه الحیثیة، فیسقط عنه إطاعة الأب أو الأُم وهکذا..
أما لزوم تطهر مخلوق الساعة فلاشتراط الأعمال بالطهارة، لا بعدم الحدث، کما ذکر تفصیله فی محله، ومنه یعلم الحکم فی صنع نطفة وتربیتها بلا والدین.
المسألة 577: إذا شرح المیت المحترم فعلی المشرح الدیة، وإن کان العمل جائزاً لقاعدة الأهم والمهم، ولا یخفی أن کل حکم شرعی لابد وأن یکون مجعولاً لعلة.
والعلة قد تکون شخصیة خاصة، ککون الخمر حراماً لکونها مسکرة، وقد تکون لأجل استقامة القانون العام، کالعدة فی المطلقة، إذا کانت العلة الأولیة اختلاط المیاه، فإنها واجبة فی فاقدة الرحم أیضاً، لتوحید القانون فی کل مطلقة.
وقد تکون لأجل سلوک الطریق، کالخضوع للمولی الموجب لنزاهة النفس، وإن لم یکن فی هذا الفرد المأتی به علة خاصة به. وقد تکون لأجل محبوبیة النظافة مثلاً، والمولی رأی أنها تحصل بمائة غسل فی السنة مثلاً، فأوجب وندب فی الشریعة فی مثال استقامة القانون أنه سئل عن علی(علیه السلام) أنّه لماذا غسل
ص: 241
النبی مع أنه طاهر مطهر لم ینجس بالموت؟ فأجاب بأنه لجریان السنة((1)).
المسألة 578: إذا سکن الإنسان فی القمر، أو فی کوکب آخر وتوالد وتناسل، فحاله حال إنسان الأرض فی کل التکالیف العامة، کالصلاة والصیام والزواج والطلاق والحدود والمواریث والمعاملات وغیرها.
* لإطلاق الأدلة، وهکذا حال ساکن الفضاء.
المسألة 579: لو ظفر بإنسان فی کوکب آخر، کما أنه لیس ببعید لما ورد من: «أنها مدن کمدنکم»((2))،
وورد: وجود عوالم کاملة فی عرض هذا العالم فی أحادیث ذکرت فی البحار وغیره((3))،
فالظاهر أن جمیع الأحکام الشرعیة مرتبة علیهم، لأنّ الرسول(صلی الله علیه و آله) أُرسل إلی العالمین، کما فی القرآن الحکیم:
استعداد فهم الناس فی ذلک الوقت لمثل ذلک، کما أنه لم یذکر فیهما بصورة
ص: 242
صریحة مثل (الجراثیم) وما أشبه، وقد أُُمروا(علیهم السلام) أن یکلموا الناس علی قدر عقولهم((1))،
قال سبحانه: «إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ»((2)) واللسان أعم من الذی ذکرناه.
المسألة 580: التعاطی بیننا وبین إنسان سائر العوالم یکون کالتعاطی بیننا وبین إنسان هذا العالم، فی قضایا المناکحة والمواریث وغیرها، لما تقدم فی المسألة السابقة من وحدة التکلیف.
* وحدة التکلیف مستفادة من إطلاق الأدلة.
المسألة 581: إذا فرض ظهور الأرواح أو الجن أو الشیاطین فی تقمصات((3))
ص: 243
أنَّ الرسول(صلی الله علیه و آله) کان مبعوثاً إلیهم، أما الأرواح فالظاهر من الآثار أنها بالموت ینقطع تکلیفها.
* لا یخفی أن الشیطان نوع من الجن، والجن مکلف، قال سبحانه: «کَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ»((1))، وقال تعالی: «یَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ»((2)) إلی غیرهما من الآیات والروایات المتواترة، وقد سمعت عن علمائنا فی النجف الأشرف وکربلاء وقم المقدستین، وکذلک فی الکویت لما کنت فیها قضایا حول الجن: من التزویج بالإنس رجلاً أو امرأة، وقد ذکرت بعض المجلات أشیاء کثیرة عن الأرواح والأجنة والشیاطین مما لو ذکرتها جمیعاً لصار مجلداً کبیراً.
أما بالنسبة إلی الزواج من الجنیة أو بالعکس عند العامة فهناک لهم أقوال وقصص وفتاوی یقول الدمیری فی کتابه: «کان الشیخ عماد الدین بن یونس رحمه اللَّه، یجعل من موانع النکاح اختلاف الجنس، ویقول: لا یجوز للإنسی أن یتزوج جنیة، لقوله تعالی: «والله جَعَلَ لَکُمْ مِنْ أَنْفُسِکُمْ أَزْواجاً»، وقال: «ومِنْ خصوصاً بملاحظة الروایات التی وردت: من أنَّ الله سبحانه وتعالی خلق لابنی آدم زوجتین جنیة وحوریة.
ص: 244
ویضیف الدمیری: «ونص علی منعه((1))
جماعة من أئمة الحنابلة، وفی الفتاوی السراجیة: لا یجوز ذلک لاختلاف الجنس، وفی القنیة: سئل الحسن البصری عنه فقال: یجوز بحضرة شاهدین، وفی مسائل ابن حرب عن الحسن وقتادة: أنهما کرها ذلک»((2)).
ثم یقول الدمیری: «وقد رأیت أنا رجلاً من أهل القرآن والعلم أخبرنی أنّه تزوج أربعاً من الجن واحدة بعد واحدة، لکن یبقی النظر فی حکم طلاقها ولیلتها والإیلاء منها وعدتها ونفقتها وکسوتها، والجمع بینها وبین أربع غیر جنیة وما یتعلق بذلک، وکل هذا فیه نظر لا یخفی»((3)).
ثم یضیف الدمیری: «قال شیخ الإسلام شمس الدین الذهبی رحمه اللَّه تعالی: رأیت بخط الشیخ فتح الدین الیعمری، وحدثنی عنه عثمان المقاتلی، قال: سمعت الشیخ أبا الفتح القشیری یقول: سمعت الشیخ عز الدین بن عبد السلام یقول: وقد سئل عن ابن عربی فقال: شیخ سوء کذاب. فقیل له: وکذاب أیضاً؟ قال: نعم، هذا بعض ما ذکره الدمیری فی مادة جن، والذی یمکن أن یقال: هو أن کل أحکامهما واحد حسب ظواهر الآیات القرآنیة، وحسب ما ورد من القصص
ص: 245
الخارجیة، مثل تکلم جنی فی صورة ثعبان مع علی علیه الصلاة والسلام علی منبر الکوفة((1))،
حیث سمی الباب بباب الثعبان، ثم بدله معاویة بعد ذلک بإدخال فیل منه، وسماه بباب الفیل لیمحو به تلک الفضیلة المشهورة((2))، وکذلک سائر القصص المرویة فی کربلاء المقدسة، حیث جاء الجن إلی مصرع الحسین علیه الصلاة والسلام، وهناک روایات اُخر عن الأئمة الطاهرین(علیهم السلام) فی هذا الباب تحتاج إلی مجلد متفرغ یذکر الخصوصیات والحلیة والحرمة وغیر ذلک من الشؤون المختلفة لهذا الباب، وإنی لم أرَ من علمائنا من تعرض لذلک مفصلاً.
المسألة 582: لا یجوز الاستماع إلی صوت الغیر عبر الهاتف وغیره، ولا الاستماع إلی شریطه، ولا قراءة برقیته ورسالته إلا إذا کان راضیاً.
ص: 246
* لأن کل ذلک یُعد سراً له، وإفشاء السر حرام بالإضافة إلی قاعدة السلطنة فإنها تشمل الحق أیضاً، مضافاً إلی بعض الروایات الخاصة الواردة فی أمثال المقامات المذکورة.
المسألة 583: حکم تنجیس المسجد وعدم مکث الجنب والحائض فیه وثواب الصلاة فیه وغیرها کلها تجری فی المساجد المتحرکة فی الفضاء وغیرها.
* إذا صدق علیها المسجد؛ وذلک لأن الحکم تابع للموضوع.
المسألة 584: یجوز الإجناب بالحلال فی الفضاء أو فی القمر أو فی سائر الکواکب، وإن لم یکن ماء هناک، ولم یتمکن من الوصول إلی الماء، لما ذکروه فی مسألة إجناب فاقد الماء.
* فإنه لا فرق فی جوازه بین الأرض وغیرها، فإن لم یجد ماءً فعلیه أن یتیمم، وإن لم یکن ما یجوز التیمم علیه فحکمه حکم فاقد الطهورین، وهل یجوز التیمم بتراب القمر وسائر الکواکب؟ احتمالان، والظاهر الجواز إن کان یصدق علیه عرفاً التراب ونحوه.
المسألة 585: هل یجوز بیع محطات أو مداراة الفضاء، کما إذا سبق قمر إلی محطة خاصة أو مدار خاص، فهل یجوز له بیعه أم لا؟ احتمالان، ولا یبعد الجواز إن رآه العرف مالاً قد سبق إلیه.
ص: 247
* لإطلاق: «من سبق»((1))،
و: «عادی الأرض»((2))
وما أشبه ولو ملاکاً. نعم، کل ذلک فی إطار: «لکم»((3))کما ذکرناه فی الفقه.
المسألة 586: هل یجوز بیع محل من البحر سبق إلیه إنسان بغواصة أو سفینة أو ما أشبه أم لا؟ احتمالان کما ذکر فی المسألة السابقة.
* والأقرب الجواز إذا صدق علیه أنه مال عرفاً؛ وذلک لصدق (من سبق).
المسألة 587: الکلام فی بیع طبقات الأرض السفلی کالکلام فی بیع الفضاء والبحر.
* والکل جائز للإطلاق المذکور.
المسألة 588: تأمیم الغابات غیر صحیح، بل هی من المباحات التی یحق لکل أحد الاستفادة منها. نعم، یحق للإنسان أن یحجز قسماً من الغابة لنفسه، وقد یجوز للدولة الإسلامیة الشرعیة ذلک إذا کان لمصلحة أهم.
* الجواز للإطلاقات ولکن فی إطار: (لکم)((4)) أیضاً؛ لأن (لکم) حاکم علی
ص: 248
مثل (من سبق) ونحوه؛ ولذا فاللازم أن لا یکون ضاراً بالآخرین، وتشخیص الأهمیة تکون بإمضاء شوری الفقهاء المراجع.
المسألة 589: تأمیم البحار والأنهر والصحاری وما أشبه لا یصح إلا علی النحو الذی ذکر فی المسألة السابقة.
* (لا یصح) لأنها من المباحات التی جعلت للجمیع بدلیل الأنفال، وما ورد من تحریم جعل الحمی((1)).
المسألة 590: : لا یجوز فرض إشراک العمال مع صاحب المعمل فی قسم من الربح. نعم، یصح للعامل أن یعقد اتفاقیة مع صاحب المعمل فی أن یعمل له کل یوم باُجرة دینار مثلاً، ثم یعطیه المالک قسماً خاصاً من الربح فی آخر السنة مثلاً.
* والمراد من ال- (إشراک) ما کان جبریاً بالنسبة إلی صاحب المعمل أو العامل؛ لأن »الناس مسلطون علی أموالهم وأنفسهم«وکما لا یجوز الإشراک فی الربح لا یجوز الإشراک فی أصل المعمل. نعم، لو کان الإشراک حسب الاتفاق ومن دون جبر جاز، فإنه معاملة برضا الطرفین، فتشملها الأدلة.
المسألة 591: لا یجوز التحاکم إلی العقول الآلیة؛ إذ الجائز هو التحاکم إلی الحکام المقررین من قبل الشریعة.
* نعم، إذا علمنا عدم خطأ العقول - مع أنها قد تخطأ وقد یتلاعب بها -
ص: 249
فالأخذ بها من باب الأخذ بالعلم لا بها.
المسألة 592: لو رضی اثنان أن یتحاکما إلی العقل الالکترونی وأن ینفذا ما حکمه لا یبعد جوازه؛ لأنه فی الحقیقة تراضٍ بین المتخاصمین. نعم، إذا حکم العقل الآلی لم یکن حکمه واجب التنفیذ إلا بشرط فی ضمن عقد أو نحو ذلک.
* (لم یکن واجباً) إذ الدلیل دل علی تنفیذ حکم الحاکم الشرعی فقط، وهذا فیما یجوز التحاکم إلیه.
المسألة 593: ما تقدم فی المسألة السابقة إنما یصح إذا لم یکن من الموارد التی تحتاج إلی الفصل، کالمرأة التی اختلف علیها زوجان، وکانا شاکین حقیقة فی أنها زوجة لهذا أو ذاک، فإنَّ حکم العقل الآلی ورضاهما لا یبرر کونها لأحدهما.
* وذلک لما دل علی لزوم الاحتیاط فی الفروج والدماء، إلا فیما کان من باب القرعة، فیما جعل الشارع فیه القرعة.
المسألة 594: لو فرض أن الخمر لم تسکر فی الفضاء أو فی کوکب خاص، فهل تبقی علی حرمتها أم لا؟ أما النجاسة فإن قلنا بأنها تابعة للإسکار فتذهب بذهاب الإسکار، وإن قلنا بأنها مستقلة فیکون التحریم لأجل النجاسة.
* وکذلک حال مَنْ یقول بطهارة الخمر، لکن الصناعة تقتضی لزوم الاجتناب عن الخمر مطلقاً وإن لم یسکر؛ لإطلاق أدلته، وکذا یلزم الاجتناب لو لم یسکر هذا الشخص لمانع ونحوه.
ص: 250
المسألة 595: لو حصل إسکار لمائع غیر مسکر، بسبب کونه فی الفضاء أو فی بعض الکواکب حرم شربه، لأن «کل مسکر حرام»((1)).
* الحکم تابع للموضوع، من غیر فرق بین أن یکون تأثیره فی الإسکار بسبب الزمان أو المکان أو الشخص أو بعض الشرائط، کما إذا کان یسکر إذا شرب بعده أو قبله أو معه شیئاً.
المسألة 596: إذا ذهب السکر عن مسکر لسبب کونه فی الفضاء أو فی بعض الکواکب وقلنا بأنه یحرم شربه، فالظاهر أنه لا یحرم استعماله؛ إذ لیس بمسکر، والدلیل إنما دل علی أنه یحرم استعمال المسکر.
* یحرم شربه استصحاباً، أو لأنه نجس، ولا یحرم استعماله، أی: فیما لا یشترط فیه الطهارة، والشرب والاستعمال أمران لا یلازم أحدهما الآخر مطلقاً.
المسألة 597: إذا کان طعام أو فاکهة یوجبان السکر فی الفضاء، أو فی بعض الکواکب حرم أکله لقاعدة (کل مسکر حرام).
* وکذلک إذا کان بتأثیر من الزمان أو الشخص أو الشرائط کما تقدم.
المسألة 598: لا یصح الاعتماد علی العقل الآلی فی إخباره بأول الشهر، أو بإجرام إنسان أو ببراءة إنسان أو ما أشبه ذلک.
* وذلک لأنه لا دلیل علی حجیته، إضافة إلی کثرة الخطأ وإمکان التلاعب.
ص: 251
نعم، إذا أورث الاطمئنان، وکان الاطمئنان کافیاً شرعاً جاز الاعتماد من جهة الاطمئنان، وهذا فی غیر ما یشترط فیه طریقة خاصة کالحدود الشرعیة.
المسألة 599: إذا أخبر العقل الآلی بشیء وحصل منه العلم صح الاعتماد علی العلم، لا علی العقل الآلی، ولکن الاعتماد علی العلم أنما یصح فیما لم یشترط الشارع لذلک الشیء طریقاً خاصاً، کشهود الزنا مثلاً.
* (کشهود الزنا) حیث ذکرنا فی الفقه((1))
أنّ المعتبر فی الإثبات إما أربعة شهود بالرؤیة کالمیل فی المکحلة، أو الاعتراف أربع مرات من غیر إکراه.
المسألة 600: لا یجوز الإضراب بالصیام المستمر لیل نهار؛ لأنه لا صیام هکذا فی الإسلام.
* نعم، یصح الإمساک بدون الصیام، فیشرب الماء مثلاً وهکذا، أو لا یشرب ولا یأکل شیئاً، لکن لا بنیة الصوم، هذا إذا لم یترتب علیه ضرر بالغ إلا فی صورة الأهم والمهم.
المسألة 601: یصح الإضراب بإدامة الصیام المشروع کل یوم، إلی أن یعطی الطرف مطلب الصائم، لکن یشترط أن یکون الصیام بجمیع شرائطه، التی منها القربة والإخلاص.
* فإن مثل هذا الصوم مشروع، کما یصح الإضراب بإدامة قراءة القرآن والصلاة والدعاء والذکر وما أشبه - بدون أن یخل بواجباته - والجواز فی هذه
ص: 252
المسائل للإطلاقات، مثل (الناس مسلطون...) وغیره.
المسألة 602: یصح الإمساک عن بعض الأطعمة إضراباً واحتجاجاً لتحصیل مطلب حق، أو دفع منکر أو ما أشبه، لکن بشرط أن لا یضر الإمساک بالممسک ضرراً بالغاً لا یجوز تحمله.
* فإذا أضر ضرراً بالغاً ولم یکن من باب الأهم والمهم لم یجز.
المسألة 603: ما تقدم فی المسألة السابقة من أن لا یکون الإمساک مضراً بالممسک إنما هو إذا لم یکن هناک مصلحة إسلامیة أهم من مصلحة عدم الضرر، وإلا کان مشمولاً لقاعدة (الأهم والمهم).
* والمصلحة من باب المثال، وإلا فهو حکم کل أهم فی نظر الشرع إلی حد المنع عن النقیض، والأدلة علی هذه القاعدة - قاعدة الأهم والمهم - کثیرة.
المسألة 604: لو فرض أن فی الفضاء أو فی کوکب ظهرت علائم البلوغ قبل أوانه، فالظاهر أن الإنسان محکوم بالبلوغ.
* لترتب الحکم علی الموضوع، إلا إذا کان فی وقت لا یشمله الأدلة عرفاً، کما لو ظهرت فی السنة الثانیة أو الثالثة من العمر مثلاً.
المسألة 605: لو فرض أن فی الفضاء أو فی کوکب لا تظهر علائم البلوغ إلا بعد أوانه، وکان حال الإنسان هناک حال الطفل فی عدم الإدراک لم یکن الشخص مکلفاً قبل ذلک؛ إذ کون السادسة عشرة بلوغاً إنما یکون مع الإدراک،
ص: 253
والمفروض أنه لا إدراک له.
* فیکون حاله حال المجنون لا الطفل، فالطفل ولیه أبواه، أما المجنون فولیه الحاکم الشرعی، علی تفصیل ذکر فی الفقه.
المسألة 606: لو فرض إمکان تحصیل الحنطة وغیرها من الغلات الأربع فی مدة قصیرة، أو فی مدة طویلة، لم یفر ق الحکم فی وجوب الزکاة فی الوقت المقرر.
* لإطلاق الأدلة، وقد تعارف الآن فی بعض البلاد الصناعیة ذلک.
المسألة 607: لو رکبت الحنطة مع حب آخر، وخرج الحاصل، فإن کان یصدق علیه أنه حنطة وجبت فیها الزکاة، وإن لم یصدق علیه الحنطة لم یجب، وإذا شک فی الصدق وعدم الصدق فالأصل عدم الوجوب.
* فالأصل: أی أصالة البراءة، لا الاستصحاب؛ وذلک لأن الأثر للشاک لا للمشکوک.
المسألة 608: لو کان العام فی مکان من الکواکب أو الفضاء أقل من عام الأرض أو أکثر، فهل الاعتبار بعام الخمس، أو الزکاة بعام الأرض، أو بعام نفس ذلک المکان؟ احتمالان، ولا یبعد أن یکون الاعتبار بعام ذلک المکان، إلا إذا کان طویلاً جداً، کعشر سنوات، أو قصیراً جداً کشهر مثلاً.
* فإذا کان خلاف المتعارف لوحظ المتعارف، کما تقدم مثل ذلک فی بعض المسائل السابقة؛ لأن النص والفتوی دل علی الأخذ بالمتعارف.
ص: 254
المسألة 609: لو تبدل لحادث کونی أیام الأرض أو شهورها أو أعوامها، بأن صار - مثلاً - الیوم ساعة أو مائة ساعة، أو صار الشهر خمسین یوماً أو عشرة أیام، أو صارت السنة ألف یوم أو مائة یوم، فهل الاعتبار فی کافة التکالیف - کأیام العدة وأوقات الصلاة وشهر الصیام ویومه وسنة الزکاة والخمس وغیرها - بتلک الأوقات الجدیدة، أو بمقدارها من الأوقات القدیمة، أو بالأوقات الجدیدة إن کان الاختلاف قلیلاً، والأوقات القدیمة إن کان الاختلاف کثیراً، أو یختلف الحکم بالنسبة إلی موضوع - کالعدة - عن موضوع آخر - کعام الخمس - أو تفصیلات أُخر احتمالات.
* ولا یبعد الحمل علی المتعارف فی کثیر التفاوت دون قلیله، إلا إذا علم استثناء فی بعض الموارد.
المسألة 610: لو لم تطلع الشمس أُسبوعاً - مثلاً - لحادث کونی، فهل الیوم الذی تطلع فیه هو الیوم المباشر، أو الیوم التاسع فیما إذا غابت الشمس لیلة الجمعة، ولم تطلع إلا بعد (192) ساعة؟ فهل حینما تطلع یکون یوم الجمعة، أو یوم السبت للأُسبوع الثانی؟ احتمالان، وربما یحتمل الفرق بین أن تکون المدة قلیلة کتأخر ساعة، أو کثیرة کتأخر یوم.
* (وربما یحتمل) وهذا هو الأقرب لما تقدم.
المسألة 611: ما تقدم فی المسألة السابقة یأتی أیضاً فیما إذا لم تغب الشمس مدة أُسبوع مثلاً.
* لوحدة الدلیل فی المسألتین.
ص: 255
المسألة 612: لو ظهرت شمس جدیدة للأرض، بسبب حادث کونی، فهل الاعتبار بهذه الشمس القدیمة أو بالشمس الجدیدة أو بهما، أو احتمالات أُخر؟
المسألة محل إشکال.
* والاستصحاب یقتضی الاعتبار بالشمس القدیمة، فتأمل.
المسألة 613: لا یجوز للإنسان الذی له مرض معدی أن یرتاد الاجتماعات، ویباشر الموارد العامة الموجبة للعدوی، ولو فعل وتلف بسببه شخص کان ضامناً.
* وکذا إذا أضر بشخص، فإنه (لا ضرر ولا ضرار).
المسألة 614: لا یجوز فتح المواخیر((1)) ونوادی العراة ومحلات الشذوذ الجنسی إلی غیرها من الأمور التی حرمها الإسلام.
* وذلک بدیهی، وإنما الکلام فی أنه هل یجوز أن یفعل ذلک لمن دینهم الجواز لقاعدة الإلزام، أو لا یجوز؛ لأن إطلاق دلیل الإلزام منصرف عن مثل ذلک؟ احتمالان، والاحتیاط طریق النجاة.
المسألة 615: الأُجرة التی تأخذها المومسة والمفعول به وصاحب نادی العراة
ص: 256
حرام، ویجب أن یرجعها إلی أهلها، فإن لم یعرف أهلها احتسبت رد المظالم، وصرفت فی الفقراء بإذن الحاکم الشرعی.
* وذلک لأن حالها حال کل مال حرام لا یعرف صاحبه، قال(صلی الله علیه و آله): «إذا حرم الله شیئاً حرم ثمنه»((1)).
المسألة 616: الأموات المعذبون لکفرهم أو عصیانهم یمکن الارتباط بأرواحهم والتکلم معهم، فإنّ حالهم حال المریض الذی یتکلم معه، فلا یقال: کیف یتم الارتباط بهم إذا کانوا فی العذاب؟ وفی الأحادیث ما یؤید ذلک.
* حیث جاء فی بعض الأحادیث: إن المعذب تکلم مع الحی بإرشاد الإمام(علیه السلام)، وهل یجوز الارتباط بأرواح المعذبین؟ لا یبعد ذلک إلا إذا کان محذور خارجی.
المسألة 617: الاشتغال بعمل الأصباغ وما أشبه من المواد التی تلصق بالجسم ولا تزول إلا بمرور الزمن جائز، وفی أوقات الوضوء والغسل إن لم یتمکن الإنسان من إزالتها تطهّر تطهر الجبیرة.
* کما هو المتعارف بالنسبة إلی القیار والبناء والصباغ وما أشبه ذلک منذ قدیم الزمان، ولو کان اللازم الاجتناب لزم التنبیه علیه فی الروایات، وحیث لا تنبیه فلا إشکال، فإن عدم الدلیل فی أمثال المقام دلیل العدم.
المسألة 618: لا یجوز شهادة الزور، ولا یجوز أخذ الثمن لذلک، فما یعتاد فی
ص: 257
بعض محاکم الیوم من وجود من یشهد بالمال باطل فی باطل. أما المستشهد الذی یکون له الحق واقعاً إذا لم یجد علاجاً إلا بإشهاد هؤلاء وإعطائهم الأُجرة فإن عمله حلال، کما أنه لیس معاقباً لإعطائه الأجر، إذا توقف إنقاذ الحق علیه.
* (باطل فی باطل) لأن المحکمة باطل لما دل علی حرمة الرجوع إلی محاکم الظالمین إلا للمضطر، وشهادة الزور فیها باطل آخر؛ لما دل علی حرمة شهادة الزور، والمستثنی لما ذکرناه فی کتابی التقلید والقضاء من الفقه((1)).
المسألة 619: من الواقع المؤسف: أن نری العالم لم یصل بعد إلی مغزی النضج الإسلامی، فمثل العالم فی الوقت الحاضر والإسلام مثل الطفل الذی یتلمذ فی الصف الثالث الابتدائی، حیث إن مدارکه لم تصل إلی استیعاب دروس الهندسة التی تدرس فی الکلیات، وفی أی یوم توصل العالم إلی هذا المغزی أدرک مدی السعادة، التی یمکنه تحصیلها بسبب الإسلام، وإنما ذکرنا هذا کمقدمة لوجوب تبلیغ رجال الدین إلی العالم مغزی الأحکام الإسلامیة والسعادة التی تکون بانتظارهم إذا عملوا بهذه الأحکام.
* فإن تبلیغ الإسلام إلی العالم واجبة بالأدلة الأربعة، والمسلمون انحرفوا عن هذا الأمر إلا قلیلاً منهم، وذلک یکون بأمرین:
الأول: مطالبة تطبیق الإسلام فی بلاد المسلمین تطبیقاً کتطبیق الرسول ووصیه أمیر المؤمنین(علیه السلام) بالرجوع إلی الأُمة الواحدة، والبلد الواحد، والحریات الإسلامیة، والأُخوة الدینیة.
الثانی: إرشاد غیر المسلمین إلی الإسلام.
ص: 258
المسألة 620: لا یجوز للرجل لبس ساعة الذهب أو الموشاة بالذهب، وکذلک بالنسبة إلی الخاتم والمنطقة والقلم وغیرها.
* (والقلم) بأن یظهره من مکان من ملبسه کما هی العادة، ومثل القلم غیره من کل ما یعد زینة، أما القلم الذی یکتب به ولا یظهره فی ملبسه ولا یعد زینة فالظاهر عدم حرمته.
المسألة 621: إذا دار أمر الجنین بین أن یسقط أو یخرج ویربی خارج الرحم؛ وذلک لضعف الأُم عن تحمل الجنین، وجب إخراجه وتربیته * فإن قتل الجنین أو ترکه حتی یموت غیر جائز للأدلة الأربعة.
المسألة 622: یستحب للإنسان أن یساهم فی إنقاذ المرضی والزمنی والعجزة، والمنکوبین والمشوهین والساقطین وأصحاب المشاکل، بأی شکل کانت المساهمة: من تشکیل جمعیات، أو الارتباط بالرابطات المعنیة بهذه الشؤون أو ما أشبه ذلک، سواء بالمساعدة المادیة أم العملیة أم الإعلامیة أم نحوها، هذا فیما إذا لم تکن هناک جهة محرمة أو جهة موجبة، وإلا کان الإنقاذ واجباً أو محرماً حسب اقتضاء الجهة الثانویة.
* وذلک فی المستثنی منه لتواتر الآیات والروایات، وفی المستثنی لهما أیضاً.
المسألة 623: لا یجوز اتخاذ أیام أفراح الکفار أعیاداً، ولا اتخاذ أیام حزنهم أحزاناً؛ لأنه ترویج للکفر، إلا إذا کانت هناک أهمیة إسلامیة، فیجوز ذلک من باب قاعدة الأهم والمهم.
ص: 259
* والمراد بأفراحهم وأحزانهم ما لیس من الدین، وإلا الفرح بمولد عیسی(علیه السلام) والحزن لموت مریم÷ فذلک تعظیم لشعائر الله سبحانه، إلا إذا کانت جهة حرمة ثانویة.
المسألة 624: لو کان حجم خاص مداً أو صاعاً فی الأرض، وکان أقل من صاع فی القمر أو فی سائر الکواکب، فهل کون المعیار الأرض أو ذلک الکوکب - بالنسبة إلی من فی ذلک الکوکب -؟ احتمالان، والثانی أقرب.
* لأن الحکم تابع لموضوعه، علی ما تقدمت الإشارة إلیه فی مثل هذه المسألة.
المسألة 625: لو انعکس الفرض المتقدم فی المسألة السابقة بأن کان وزن الحجم الخاص فی الکوکب أکثر من وزنه فی الأرض، مثلاً: حجم خاص من الماء فی الأرض کان وزنه ألف ومأتی رطل، ولما أخذنا ذلک الحجم فی کوکب آخر کان وزنه ألف وخمسمائة رطل، فهل لنا أن ننقص من الوزن مقدار ثلاثمائة رطل؛ لأن الحکم یتبع موضوعه، أو لیس لنا ذلک، لوحدة المناط، احتمالان، لکن الأول أقرب.
* لما تقدم فی المسألة السابقة.
المسألة 626: لا یجوز السرف فی الغاز الخارج من منابع النفط، بأن نترکه یذهب هدراً فی الهواء، بل الواجب تهیئة الوسائل والآلات الحافظة له لیصرف فی المنفعة.
* لأن الإسراف محرم فی أیة مادة کانت، خصوصاً فی المواد النافعة جداً
ص: 260
کالغاز.
المسألة 627: کما یجوز استخدام الذرة فی المقاصد السلمیة یجوز استخدامها فی المقاصد الحربیة - أی: للردع - ومن المعلوم أن الحرب فی الإسلام لا یجوز إلا فی سبیل الله والمستضعفین، فالحروب العدوانیة والحروب التجاریة وحروب السیطرة لا تجوز فی الإسلام إطلاقاً.
* الجواز للإطلاقات، ثم الحرب فی الإسلام نظیف من الأُمور غیر الإنسانیة إلی الغایة، کما یرشد إلی ذلک حروب النبی(صلی الله علیه و آله) والوصی(علیه السلام)((1)).
المسألة 628: لو منعت الدولة الإسلامیة العادلة الاستماع إلی قسم من الأخبار الإذاعیة لم یجز الاستماع، وأما إذا لم تکن الدولة إسلامیة عادلة فلا أثر لمنعها.
* (فلا أثر) وإنما اللازم ملاحظة هل أن الاستماع حرام فی نفسه أم لا؟
المسألة 629: إنما یصح للدولة الإسلامیة العادلة المنع - کما ذکر فی المسألة السابقة - فیما إذا کانت هناک مصلحة أهم من مصلحة الحریة الممنوحة للإنسان بقاعدة: (الناس مسلطون علی أنفسهم).
* وتشخیص الأهمیة من حق شوری المراجع، وإلا لم یجز لها المنع؛ إذ الناس مسلطون علی أنفسهم، فالحد من حریاتهم غیر جائز، ومنه یعلم حرمة المنع عن الجرائد والمجلات والکتب وغیر ذلک إلا فیما استثنی.
ص: 261
المسألة 630: لا یجوز الاستماع إلی الأخبار الإذاعیة المضللة بالنسبة إلی مَنْ لا یمیز بین الصحیح والفاسد، ویکون معرضاً لفساد عقیدته، أو انحراف طریقته.
* فإن خوف الضرر- خصوصاً فی العقیدة والعمل - مشمول لدلیل (لا ضرر)
وسائر الأدلة، ولا یحتاج إلی الظن دائماً، بل قد یکفی الاحتمال، کما ذکر وجهه فی بحث لا ضرر.
المسألة 631: حکم تشکیل (الهاتف الصحراوی) بأجهزة الدولة کحکم التصرف فی سائر أموال الدولة، فکلما کان التصرف فی مال الدولة بدون رضاها حراماً کان التشکیل المذکور حراماً، وکلما لم یکن التصرف حراماً لم یکن التشکیل المذکور حراماً.
* وکذلک إذا کان أجهزة الهاتف لشرکة محترمة أو شخص محترم، وهکذا حال الماء والغاز والکهرباء وغیرها.
المسألة 632: لو کان المجرم الذی أمرت الدولة العدالة بإلقاء القبض علیه ممن ترید الدولة استخباره واستنطاقه لأمر مهم، ککشف شبکة من المخربین مثلاً، لم یجز للشرطة الذین یریدون أخذه إطلاق الرصاص علیه، حتی وإن لاذ بالفرار، أو حاول التخلص منهم بإطلاق الرصاص علیهم - مثلاً - وتأتی هنا قاعدة (الأهم والمهم).
* (لم یجز) وإنما یطلقون الرصاص فی الهواء لإرعابه، أو یطلقون الرصاص المطاطی ونحوه علیه.
ص: 262
المسألة 633: لو قُتل الشرطی المفروض فی المسألة السابقة کان مثاباً مأجوراً، ولکنه لیس بحکم الشهید؛ إذ الأحکام الخاصة بالشهید مخصوصة بمن قتل فی المعرکة بالشرائط التی ذکروها فی کتاب الجهاد.
* (مأجوراً) فیما لو کانت الدولة عادلة، وکانت المسألة من باب الأهم والمهم.
المسألة 634: المظاهرة التی تخرج لأمر مشروع إن کانت بحیث تقتضی المصلحة الإسلامیة صمودهم حتی الموت، فلا بأس أن یصمد المتظاهرون حتی الموت، فیما إذا أطلقت الدولة الظالمة الرصاص علیهم.
* لکن اللازم القطع بذلک، أو إفتاء شوری المراجع، وإلا فلا یجوز تعریض النفس للخطر.
المسألة 635: إذا لم تقتضِ المصلحة الإسلامیة الصمود حتی الموت فی المظاهرة المذکورة فی المسألة السابقة لم یجز للأفراد المتظاهرة الوقوف أمام الرصاص، بل یجب علیهم التفرق وإنقاذ أنفسهم.
* لا لأن لا یقتلوا فقط، بل لأن لا تقطع أیدیهم مثلاً، أو لا یفقدوا قوة من قواهم، والحاصل أنه لا یجوز الصمود أمام الضرر الممنوع شرعاً.
المسألة 636: هل یجوز للإنسان أن یقتل زوجته أو أُخته أو سائر نسائه إذا کن عرضة للأسر بید الکافر أو الفاسق، الذی یهتک أعراضهن وشرفهن أم لا
ص: 263
یجوز، أم یفصل بین ما إذا رضیت المرأة بذلک القتل وبین ما إذا لم ترضَ به؟ احتمالات، وکذا فی قتل الأولاد الذین یرید العدو هتک عرضهم.
* القتل لا یجوز مطلقاً إلا إذا کان لأمر أهم شرعاً، فإذا شخص القاتل والمقتول ذلک وکانا ممن لهم التشخیص جاز وإلا لم یجز، هذا فی صورة الرضا، أما إذا لم یرضَ المقتول فالظاهر عدم الجواز؛ إذ الزنا أقل جریمة من القتل، وکذلک اللواط، ولذا جاز لتلک المرأة((1)) - فی زمان علی(علیه السلام) - أن تأخذ الماء من الرجل لکی لا تموت بقیمة زناه بها، بل لا یبعد أن یکون کذلک لو دار أمرها بین الزنا بها أو عمیها أو قطع یدها أو ما أشبه؛ لأن المرکوز فی أذهان المتشرعة أقلیة الزنا عن ذلک، وإذا کان الظالم یرید أخذه لقتل المسلمین مثلاً فإذا قطع یده أو رجله بنفسه، ترکه وشأنه، فالظاهر جواز ذلک؛ لأن القتل أکثر أهمیة فی نظر الشارع من قطع یده أو رجله.
المسألة 637: لا یجوز للدولة تفریق المتظاهرین بحق بإطلاق الرصاص علیهم، ولو فعلت ذلک فأُصیب أحد فعلیها الدیة لکل قتل أو جرح وقعا بسبب
ص: 264
إطلاق الرصاص.
* (الدیة) إن رضی أصحاب المقتول، وإلا کان لهم القصاص، وکذلک حال ما إذا قطعت الید أو الرجل إلی غیر ذلک، وهل الدیة علی الدولة أو علی القاتل؟ الظاهر: أنها علی القاتل.
أما المتظاهرون بالباطل فلا یجوز إطلاق الرصاص علیهم أیضاً، وإنما یستفاد تفریقهم بطرق أُخری کخراطیم الماء مثلاً.
المسألة 638: لا یجوز للدولة تفریق المتظاهرین بحق بإلقاء القنابل المسیلة للدموع، أو بتسلیط خراطیم الماء علیهم، أو بإلقاء القنابل المبردة، أو الموجبة لحرارة الجو أو المخدرة للأعصاب أو ما أشبه؛ لأن ذلک کله تصرف فی الإنسان بدون إذنه.
* وإیذاء وإهانة وکلها من المحرمات. نعم، فی الدولة العادلة التی یشرف علیها شوری الفقهاء المراجع یحق ذلک، إذا کان أهم من سلب الحریة والوقوف دون سلطة الإنسان علی نفسه.
المسألة 639: یجوز تقدیم الحیض أو تأخیره بسبب شرب الدواء أو القفز أو ما أشبه.
* وقد ورد فی حدیث ابن یقطین أن الإمام(علیه السلام) أجاز رفع الحیض للمرأة فی أیام الحج((1))،
بالإضافة إلی أنه مقتضی قاعدة تسلط الناس، وأن الحکم یتبع
ص: 265
موضوعه، وقد أشرنا إلی هذه المسألة سابقاً.
المسألة 640: یجوز تکثیر الحیض أو تقلیله، مثلاً: کان ثلاثة أیام فتجعله خمسة أیام، أو کان عشرة أیام فتجعله ثلاثة أیام بسبب الدواء أو ما أشبه.
* لما تقدم فی المسألة السابقة.
المسألة 641: یجوز تکثیر دفعات الحیض أو تقلیله، مثلاً: کانت تری فی کل شهر مرة فتجعله فی کل شهر مرتین، أو کانت تری فی کل شهر مرتین فتجعله مرة.
* وذلک لإطلاق تسلط الناس علی أنفسهم بعد أن لم یکن محذور، وإذا تحقق الموضوع تحقق الحکم.
المسألة 642: یجوز إیجاد الحیض لمن لا تحیض وهی فی سن من تحیض، کما یجوز إعدام الحیض، إلا إذا أوجب ذهاب قوة أو ضرراً بالغاً.
ص: 266
* لما ذکرناه فی المسألة السابقة، إلا إذا سبب الإیجاد أو الإعدام ضرراً بالغاً، فإنه یشمله دلیل (لا ضرر) لکن لو کان حراماً وفعله فالحکم یتبع الموضوع، ولا منافاة بین الحکم التکلیفی والحکم الوضعی، فلو صارت ممن لا تحیض یجوز وطیها حتی فی الأیام التی کانت تحیض سابقاً وهکذا.
المسألة 643: الحکم الشرعی یتبع الحیض وعدمه، سواء فی الصلاة والصوم أم العدة والطلاق وغیرها، فکلما تحقق الحیض ولو بالوسائل، تحققت الأحکام المترتبة علی الحیض، وکلما انتفی الحیض انتفت الأحکام المترتبة علیه.
* وذلک لما ذکر من تبعیة الحکم للموضوع، ثم ما ذکرناه من الجواز فیما إذا لم یرتبط بحق الغیر، لکن إذا کانت المرأة متزوجة ولم یرضَ الزوج بتکثیر الحیض أیاماً أو عدداً أُشکل ذلک، ولا یبعد المنع حیث إن حق الاستمتاع للزوج حینئذ، فإذا لم یرضَ کان تصرفاً فی سلطانه، هذا بشرط أن تکون مورد الاستفادة، فإذا سافر وقال: لا أرضی لم یحرم؛ إذ لا یرید الاستفادة حینئذٍ، أما التقلیل إذا لم یضر جاز؛ لأنه لم یمنع الزوج عن شیء.
المسألة 644: لو رأت الحیض یوما ثم قطعته بالوسیلة، فهل تکون فی ذلک الیوم محکومة بحکم الحیض؛ لأنه کان حیضاً، أو محکومة بحکم الطاهر؛ لأن الحیض لا یقل عن ثلاثة أیام؟ احتمالان، الأول لأن حالها حال ما إذا رأت الحیض یوماً ثم ماتت.
* والظاهر الثانی، فیکون حالها حال ما إذا رأت الدم یوماً ثم انقطع من نفسه بلا وسیلة، فإن الحکم یتبع موضوعه، فتأمل.
ص: 267
المسألة 645: ما ذکر فی المسائل السابقة فی دم الحیض آتٍ فی دم النفاس وفی دم الاستحاضة أیضاً، لکن باختلاف یسیر.
* وإنما (آتٍ) لوحدة الدلیل، فکلما تحقق الموضوع ولو اختیاراً تحقق الحکم، والاختلاف الیسیر مثل: إن الاستحاضة لا ترتبط بالمدة إلی غیر ذلک. ولا یخفی أن الحیض والاستحاضة مادة واحدة - لغة - بمعنی الفیضان، ومنه (الحوض)، والاستحاضة کثرة فی الفیضان((1))؛
لأن زیادة المبنی تدل علی زیادة المعنی.
المسألة 646: یجوز للمرأة أن تقلب استحاضتها من القلة إلی التوسط أو الکثرة، أو من الکثرة إلی التوسط أو القلة وهکذا.
* الجواز لسلطانها ولا محذور شرعی، فإذا تحقق موضوع کل قسم تبعه حکمه.
المسألة 647: هل للزوجة أن تحیض نفسها فراراً من مواقعة زوجها لها أم لا؟ الظاهر أنها لا حق لها فی ذلک، ولکن إذا عصت وفعلت لم یکن لزوجها المواقعة.
* تقدم وجه الحکمین من أنه حق الزوج، ومن أن الحکم تابع لموضوعه، ولا یخفی أن المستحاضة وإن جاز لزوجها المواقعة إلا أنه إذا لم یرغب فی الإدخال وهی ذات دم لم یجز لها ذلک بأن تجعل نفسها مستحاضة؛ لأنه من حق
ص: 268
الزوج کما تقدم.
المسألة 648: لو حیضت نفسها فراراً من زوجها، کما تقدم فی المسألة السابقة، فهل لها النفقة أم لا؟ وهل أنها تکون بعملها ذلک ناشزاً أم لا؟ احتمالان.
* الظاهر أنه إذا کان ذلک خلاف رغبة الزوج ونهاها کانت ناشزة((1))، ولا نفقة لها، حسب الصناعة.
المسألة 649: لو أخرجت دم الحیض بواسطة السحب بالآلة فهل تکون مدة خروج الدم - ولو ساعة - حائضاً أم لا؟ احتمالان.
* من أنه حیض، ومن أن أدلة الحیض منصرفة عن مثل ذلک، ولما دل علی أن الحیض لا یقل عن ثلاثة، وهذا أقرب.
المسألة 650: لو خرج دم الحیض بواسطة أُنبوب وضع فی ظهرها أو بطنها مثلاً، لا من المخرج المتعارف، فهل تکون محکوماً بحکم الحائض أم لا؟ أم یفصل بین اعتیاد الإخراج من ذلک الأُنبوب وبین وقوع ذلک مرة واحدة فقط، مثلاً؟ احتمالات.
ص: 269
* الظاهر أنه کخروج البول والغائط کذلک - کما ذکرناه فی الفقه((1))
- لوحدة الملاک فی المقامین.
المسألة 651: لو توسلت بوسیلة جعلت دم الحیض الخارج فی مدة ثلاثة أیام یخرج ببطء فی مدة خمسة أیام، فالظاهر أن الجمیع حیض، وکذلک العکس لو جعلت دم الحیض الخارج فی مدة خمسة أیام یخرج بکثرة فی مدة ثلاثة أیام، فالظاهر أن یوم النقاء لیس حیضاً.
* وذلک لأنه کلّما تحقق الموضوع تحقق الحکم، وکلّما لم یتحقق لم یتحقق.
المسألة 652: لو توسلت بوسیلة جعلت الدم المقرر خروجه لعشرة أیام - فی ما کانت عادتها عشرة مثلاً - یخرج فی أحد عشر یوماً، فالیوم الزائد لیس محکوماً بحکم الحیض.
* لإطلاق أدلة أن دم الحیض لا یکون أکثر من عشرة، إلا أن یقال بانصراف الأدلة عن مثل ذلک، وکذلک فی عکسه لو جعلت دم الثلاثة بالکبس یخرج فی یومین.
المسألة 653: لو سببت الآلة تقطیع دم الحیض بأن کانت عادتها ثلاثة أیام
ص: 270
فصارت بسبب الآلة تری الدم فی الیوم الأول والثالث والسادس، فالمسألة مشکلة.
* والاحتیاط هنا وفی کل ما شک سبیل النجاة، وإن کان الظاهر أنه لیس بحیض؛ لاشتراط الاستمرار ثلاثة أیام فیه.
المسألة 654: لو قُرِّر أکل کل نبات لوسائل تطویریة أبدلت النباتات التی لا تؤکل إلی التی تؤکل، فهل یصح السجود علی ما لم یکن یؤکل سابقاً، أو لا یصح السجود باعتبار هذه الحالة الطارئة؟ احتمالات، وإن کان الظاهر عدم الصحة؛ لأن الحکم تابع للموضوع.
* ف-إنه الآن مما ی-ؤکل، لا مما لا یؤکل، کما أنه کذلک إذا صار بالطبخ مأکولاً.
المسألة 655: لو أُخرج قسم من النباتات المأکولة عن قابلیة الأکل بوسائل تطویریة فالظاهر جواز السجود علیها بعد التطویر، لما تقدم فی المسألة السابقة.
* لأنه الآن لیس بمأکول.
المسألة 656: ما تقدم فی المسألة (654) و (655) جارٍ فی النبات الملبوس بأن صار غیر الملبوس ملبوساً، أو صار الملبوس غیر ملبوس بوسائل تطویریة.
* لما تقدم من أن الحکم تابع لموضوعه.
المسألة 657: لو أمکن اتخاذ الحریر حقیقة من بعض الحیوانات بوسائل فنیة،
ص: 271
فهل یکون بحکم الحریر فی حرمة اللبس للرجال أم لا؟ احتمالان، وإن کان الأقرب حرمة اللبس.
* (حرمة اللبس) إذا صدق الحریر حقیقة لا اسماً وصورة فقط، اللهم إلا أن یقال بالانصراف عن حریر غیر دود القز، فتأمل. کما أن الحکم کذلک فی اللؤلؤ مثلاً، لا یختلف فیه بین اللؤلؤ الطبیعی أو الاصطناعی، کما یفعله بعض الدول الصناعیة لکن بالوسائل الفنیة فی نفس البحر وسائر شرائطه.
المسألة 658: لو أطعم دود القز بما سبب أن لا یکون لعابه حریراً، فالظاهر أنه لا یحکم بحکم الحریر؛ لأن الحکم تابع لموضوعه، والمفروض أنه لا حریر، فلاحرمة للبسه للرجال.
* علی ما تقدم من أنه متی تحقق الموضوع تحقق الحکم، وبالعکس.
المسألة 659: ینبغی أن یکون للهلال الأحمر علماء بأحکام الأموات حتی إذا دخل الهلال فی کارثة کان معه مَنْ یقوم بإجراء مراسیم الأموات.
* ب-ل ق-د یک-ون واجب-اً إذا لم یکن هناک مَنْ به الکفایة، ویکون مستحباً بشرائطه.
المسألة 660: هل یکون من الزیارة المستحبة - لو أمکن - إیفاد الروح إلی مرقد النبی(صلی الله علیه و آله) والإمام(علیه السلام) أو میت الإنسان، حتی یحضر هناک أم لا؟ احتمالان.
* العدم لتوهم انصراف الأدلة عن مثله، ولا یبعد استحباب ذلک لعموم الأدلة
ص: 272
أو للملاک، فتأمل.
المسألة 661: ینبغی قراءة نهج البلاغة فی الإذاعات بلحن خاص یناسب الکتاب، لا کتجوید القرآن الحکیم، ولا مثل القراءة العادیة للأخبار.
* حتی تکون له سمة خاصة، وهذا من الاهتمام به ومن تعظیم الشعائر، وبذلک یجلب الناس إلی العمل به، فإنه یوجب سعادة الدنیا والآخرة.
المسألة 662: ینبغی قراءة الأدعیة الواردة عن الرسول(صلی الله علیه و آله) وآله الأطهار (صلوات الله علیهم أجمعین) فی الإذاعات بلحن الدعاء.
* فإن الدعاء مدرسة الاعتقاد والعمل والآداب والسنن، إضافة إلی أنه من تعظیم الشعائر، وقد یجب ذلک.
المسألة 663: ینبغی اتخاذ المراکز العلمیة الدینیة الإذاعات لنشر الإسلام والفضیلة، بل قد یجب إذا کان فی ذلک إرشاد للجاهل وتنبیه للغافل، أو أمر بالمعروف أو نهی عن المنکر.
* وذلک لإطلاق أدلة الواجب فی الواجبات والمستحب فی المستحبات، وکذلک حال محطات التلفزیون وسائر الوسائل الحدیثة، کالأقمار الصناعیة وغیرها.
المسألة 664: لا یجوز إرداف إنسان علی الدراجة الهوائیة المستأجرة لو لم یأذن بذلک صاحب الدراجة. نعم، إذا أذن أو علمنا رضاه أو کان الإیجار لذلک
ص: 273
جاز.
* عدم الجواز فی الصورة الأُولی لعدم رضا صاحب الدراجة، وهکذا زیادة الرکاب فی السیارة المستأجرة، إلا إذا کان بحد متعارف ولم ینه عنه.
المسألة 665: إذا ثبت بالوسائل العلمیة إقرار أو جنایة أو دین أو وصیة أو ما أشبه، کما لو تمکنا من أخذ صوت المقر من الهواء أو حفظت بالمسجلة، أو تمکنا من التقاط صورة الجانی بالأشعة بعد تمام الجنایة، أو نحو ذلک، فإن أورث العلم ولم یکن الشارع قرر لإثبات ذلک طریقاً خاصاً صح الحکم بترتیب الآثار الشرعیة علی ما ثبت بالأدلة العلمیة.
* لأنَّ العلم حجة ذاتاً، لو لم یکن کما فی الزنا، حیث یلزم لإثباته شهود أربعة أو الإقرار أربعاً، والظاهر أن الشارع لم یرد الفضیحة ولهذا شدد، وإلا فالإقرار الواحد الخالی عن الضغط والإکراه وما أشبه کافٍ فی الإثبات، وفی حصول العلم للقاضی بذلک، فالسرقة تثبت الضمان بالوسائل المفیدة للعلم، وأما الحد - وهو قطع الید - فلا تثبت إلا بالطریق المقرر شرعاً، ولا تلازم بین الأمرین.
المسألة 666: إذا تحقق اختلاف الخطوط الموجودة فی الأنامل قطعاً، ووجد علی الباب المنکسر أو القفل المفتوح أو ما أشبه ذلک آثار تلک الخطوط، وعلمنا بما یدین المتهم بالسرقة أو بالجریمة، صح الحکم علی طبق ما ثبت استناداً إلی العلم.
* لأنَّ العلم حجة، ولیست السرقة - فی الضمان وردّ الأموال - کالزنا ونحوه فی الاحتیاج إلی طریق خاص.
ص: 274
المسألة 667: ما تقدم فی المسألة (665 - 666) هو فیما یجوز اعتماد الحاکم علی علمه - کما نستقربه فی الجملة - أما إذا قیل بعدم صحة الاعتماد، وإنما اللازم بطرق البینة والیمین فالعلم لا یفید فی الإدانة.
* لکن الظاهر من قضایا علی(علیه السلام) صحة الوصول إلی النتائج بالطریق الموجب للاطمینان، فتأمل.
المسألة 668: لا یجوز استعمال جهاز التنبیه عند إنسان فجأة مما یسبب إیذاءه.
* لأنَّ الإیذاء حرام مطلقاً.
المسألة 669: لا یجوز إمرار السیارة أو الدراجة أو ما أشبه من وراء إنسان فجأة مما یسبب إیذاءه.
* وذلک لما تقدم، وکذا کل ما کان من هذا القبیل.
المسألة 670: لو دهس السائق إنساناً مما یسبب وفاته أو جرحه أو کسر عضو منه، فعلی السائق الدیة وإن لم یکن عن علم أو عمد.
* وذلک للصدق العرفی بأنه القاتل أو الکاسر أو الجارح، والدیة تکون حسب الموازین المذکورة فی محلها، ففی الخطأ المحض علی العاقلة، وفی العمد وشبه العمد علی القاتل والجارح، سنة فی العمد، وسنتین فی شبهه کما أنه یحق للولی القصاص مکان الدیة فی العمد.
ص: 275
المسألة 671: لو دهس السائق سیارة أو خرب بناءً أو أتلف مالاً کان ضمانه علیه، وإن کان عن جهل أو خطأ أو غفلة أو ما أشبه.
* ولا فرق هنا بین العمد وغیره، لصدق «من أتلف مال الغیر» علیه.
المسألة 672: لا یحق للدائن مهما کان (ولو البنک) أن یحجز علی مستثنیات الدین المذکورة فی کتاب الدین من فقه الإسلام((1))، ولا أن یبیع المستثنیات.
* بل اللازم الصبر، وإذا کان بیت المال أداه عنه، قال سبحانه: {وَإِن کَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَی مَیْسَرَةٍ}((2)).
المسألة 673: لو دهس القطار إنساناً أو دابة أو أتلف مالاً کان علی السائق الدیة والضمان، وإن لم یکن السائق قادراً علی إیقاف القطار، إلا أن یکون المدهوس هو السبب.
* وهنا یأتی أیضاً العمد وشبهه والخطأ حسب موازین باب القصاص والدیات.
المسألة 674: لو قتل السائق إنساناً خطأ فالدیة کما ذکرت فی کتاب الدیات،
ص: 276
ویجوز التصالح علی الدیة.
* لأن الحق لا یعدوهما، والتصالح قد یکون بالزیادة أو النقیصة، أو تغییر الدیة إلی شیء آخر حسب موازین الصلح.
المسألة 675: لا یجوز لولی الطفل أن یترک الطفل لیأتی بالمحرمات الشرعیة، إلا بالنسبة إلی ما علمنا من الشرع اختصاصه بالکبار، مثلاً: لا یجوز للولی أن یترک الطفل لیلوط أو یشرب أو یزنی أو یقتل أو یسرق أو ما أشبه. نعم، لا بأس بلبس الولد الذهب لما دل من اختصاص حرمة لبس الذهب بالرجال دون الأطفال.
* قلنا: (أو ما أشبه) لورود الأدلة بصورة خاصة فی بعض ذلک، بالإضافة إلی المرکوز فی أذهان المتشرعة، ورفع القلم أنّما هو فی الجملة لا مطلقاً. کما أنه کذلک فی المستثنی منه والمستثنی بالنسبة إلی المجنون والسکران، وإن کان سکره لا عن اختیاره، مثلاً.
المسألة 676: لو غصبت السلطة الجائرة ملکاً أو وقفاً وجعلته شارعاً فالظاهر جواز المرور فیه؛ لأن الملکیة والوقفیة أنما یتحقق حکمها فیما إذا کان هناک اعتبار عقلائی، وبعد صیرورة المحل شارعاً لا اعتبار عقلائی لکون أرض الشارع ملکاً لزید أو وقفا لمسجد، مثلاً .
* أما لو فعل العادل ذلک للاحتیاج من باب الأهم والمهم فالأمر أوضح.
المسألة 677: الفضاء الذی فوق المسجد إنما یعتبر تابعاً للمسجد بالمقدار المتعارف عند العقلاء تبعیته له، فلو مکث إنسان جنب فی طائرة (هیلوکبتر) فوق فضاء مسجد یبعد ألف متر مثلاً لا یکون ذلک من المکث فی المسجد.
ص: 277
* لأن إطلاق المسجد والمکث فیه لا یشمله عرفاً، وکذلک تحت المسجد بألف متر مثلاً.
المسألة 678: هل یجوز تصویر بنایة إنسان من بعید بأن یسلط المصور عدسة کامرته علی جهة البناء من بعید ویلتقط صورته، أم لا یجوز إلا برضاء صاحب البنایة؟ الظاهر الجواز إذا لم یکن هناک محذور خارجی؛ لأن التصویر لیس تصرفاً.
* نعم، لا یجوز إذا عُدّ ذلک حقاً عرفاً، فإنه إذا تحقق لدی العرف الموضوع تحقق الحکم، فإنه: «لا یتوی حق امرئ مسلم»((1)).
المسألة 679: من المحذور الخارجی الذی ذکر فی المسألة السابقة تصویر مواقع الجیش والسلاح وما أشبه بسبب الطائرات التجسسیة، فإن ذلک لا یجوز؛ لأنه من کشف السر الذی لا یجوز إذا کان ذلک السر محترماً عند الشارع.
* لا غیر المحترم کمواقع جیش الکفار المحاربین للمسلمین أو ما أشبه.
المسألة 680: ومن المحذور الخارجی المذکور فی المسألة (678) ما یوجب فضح مسلم مستور، کأن یلتقط بالأشعة صورة قنینة الخمر التی أخفاها فی داره مثلاً.
ص: 278
* ومن روایات((1))
ستر المؤمن یعرف حرمة ذلک.
المسألة 681: ومن المحذور الخارجی المذکور فی المسألة (678) ما یوجب کشف سرّ له، کأن یصور ماله الذی یحتفظ به فی القاصة فیما إذا أراد إخفاءه، ولم یرضَ بکشفه.
* لأنه سره المحترم المشمول لأدلة حرمة کشف السر.
المسألة 682: الظاهر أنه لا یجوز عبور الجنب فی فضاء الکعبة فی المسجد الحرام مهما کان بعیداً، کعشرة آلاف متر مثلاً؛ لأن الکعبة ممتدة إلی السماء، لکن المسألة بعد غیر منقحة وتحتاج إلی مزید من التأمل.
* (التأمل) لاحتمال انصراف الأدلة عن مثل ذلک، ولا یبعد، وإن صح التوجه فی الصلاة إلی ذلک العمود الخیالی الممتد من تخوم الأرض إلی عنان السماء طرفی الکعبة؛ لعدم التلازم بین الأمرین.
المسألة 683: لا یتحقق الاتصال فی صلاة الجماعة بسبب الرادیو أو
ص: 279
التلفزیون، وإن سمع الصوت ورأی الشخص، فتجویز بعض المسلمین لذلک خلاف الأدلة.
* فإن الجماعة لا تتحقق إلا بما ذکر فی کتاب الصلاة.
المسألة 684: لا یحق للطائرة أن تنزل فی مطار لم یأذن بنزولها فیه صاحب المطار، وإن خالفت ونزلت ضمنت الأُجرة.
* (ضمنت الأُجرة) لأنه من حق صاحب المطار ذلک، بالإضافة إلی أن فعله محرم؛ لأنه تصرف فی ملک الغیر بلا إذن منه فعلیه التعزیر، والمراد بالتعزیر ما یشمل الغرامة وما أشبه، إلا إذا کان مضطراً أو مکرهاً فلا حرمة وإن ضمن. نعم، لا یبعد أن یکون الضمان علی مَنْ اضطره أو أکرهه؛ لأن السبب أقوی.
المسألة 685: لا یحق لإنسان أن یختطف الطائرة أو السیارة أو القطار أو الغواصة أو السفینة، إلا إذا کان ذلک لمصلحة أهم فی نظر الشریعة من مصلحة الحرام الذی هو الاختطاف.
* والأهمیة یلزم أن تعرف بنظر شوری الفقهاء إذا کان هناک فقهاء مراجع للتقلید، وبدونه فالفقیه المقلَّد؛ لأنه الحاکم الشرعی حینئذٍ، وأما ما تعارف الیوم من الاختطافات وأخذ الرهائن والأعمال الإرهابیة فهو محرم للأدلة الأولیة؛ ولأنه یوجب تشویه سمعة الإسلام والمسلمین.
المسألة 686: لو زُرق جسم الطائر ذی الصفیف الأکثر حتی صار دفیفه أکثر لم یلحقه حکم ذی الدفیف. نعم، إذا سری ذلک إلی نسله حتی أصبح هذا القسم من الطائر ذا دفیف أکثر فالظاهر أنه یلحقه حکم ذی الدفیف.
ص: 280
* قد تقدم أن المعیار فی مثل ذلک الصدق العرفی.
المسألة 687: لو زُرق جسم الطائر ذی الدفیف الأکثر حتی صار صفیفه أکثر لم یلحقه حکم ذی الصفیف. نعم، إذا سری ذلک إلی نسله حتی أصبح هذا القسم من الطائر ذا صفیف أکثر فالظاهر أنه یلحقه حکم ذی الصفیف.
* وذلک لما تقدم فی المسألة السابقة.
المسألة 688: لو أمکن تقریب القمر إلی الأرض عبر الوسائل العلمیة، أو إبعاده عن الأرض مما أوجب اختلال النظام لم یجز؛ لأن ذلک تصرف فی حیاة الناس، وذلک غیر جائز، بل لو رضی الناس فرضاً ففی الجواز أیضاً إشکال؛ لأنه حق کل الأجیال.
* (إشکال) أی منع؛ لأنه لا یحق لإنسان أن یتصرف فی حق إنسان آخر، سواء کان ذلک الإنسان معاصراً أم مستقبلاً؛ وذلک لأن الأُمور مؤطرة بإطار (لکم)((1)).
المسألة 689: لو أمکن تنصیف القمر إلی نصفین أو أکثر لکن مع بقائه فی المدار المعین، فإن أثر ذلک علی حیاة الناس لم یجز کما تقدم، وإن لم یؤثر أو رضی الناس کلهم بذلک ففی الجواز إشکال علی ما سبق.
* والأمر هنا کالأمر فی المسألة السابقة.
ص: 281
المسألة 690: لو اُبقی الجنین فی الرحم أکثر من القدر المعتاد بالوسائل العلمیة، فهل الاعتبار فی بلوغه: یوم خروجه من الرحم، أو یوم تأهله للخروج عادة؟ مثلاً: لو کان بقاء الجنین - عادة - سنة فأبقاه سنة ونصفاً، فهل یدخل السادسة عشرة بعد خمس عشرة سنة ونصفاً أو بعد ست عشرة سنة؟ احتمالان.
* لکن مقتضی الصناعة الاعتبار بوقت خروجه؛ لأن الحکم یتبع موضوعه، إلا إذا کانت المدة طویلة جداً، کسنوات مثلاً، والاحتمال الآخر هو احتساب الزیادة من عمره؛ لأن بقاءه زائداً حاله حال بقائه فی جهاز خارج الرحم.
المسألة 691: لو اُبقی الجنین فی الرحم أقل من المعتاد، کما لو أکمله - بالوسائل العلمیة - فی أربعة أشهر وأخرجه، فهل الشهران - إلی ستة أشهر المعتادة بقاء الجنین فی الرحم - یحسبان من عمره حتی إذا صار عمره ست عشرة سنة مع هذین الشهرین یکون قد بلغ، أم لا یحسبان من عمره حتی یلزم أن یمر خمس عشرة سنة وشهران حتی یبلغ؟ احتمالان کما تقدم فی المسألة السابقة.
* ولعل الأقرب هنا أیضاً الاعتبار بوقت خروجه لتحقق الموضوع فیتحقق الحکم.
المسألة 692: لو رُبّی الجنین خارج الرحم فأول عمره یحسب من حین تکونه خارج جسم الإنسان، أو بعد مدة الجنینیة المعتادة؟ احتمالان، وإن کان الثانی أقرب.
* لأنه المعیار علی ما یستفاد من الشرع، سواء کان فی الرحم أم خارجها.
ص: 282
المسألة 693: لو جعلنا المحرمات جزءاً من الحیوانات المحللة بالوسائل العلمیة فالظاهر حلیتها، مثلاً: جعلنا لحم الکلب أو الهر جزءاً من الدجاجة أو الشاة حتی انقلبت إلی جسمها صار حلالاً، سواء أدر الحیوان الحلال اللبن الأکثر بعد ذلک أم لا، أعطت الدجاجة البیض الأکثر أم لا، أثر فی هزالهما وسمنهما أم لا.
* وذلک لتحقق الموضوع فیتحقق الحکم.
المسألة 694: إذا سببت المعامل بواسطة إفراز الغاز وما أشبه ضرر الناس وأذاهم جاز للدولة العادلة إخراجها خارج البلد، بمعنی أن یمنع عن عملها داخل البلد.
* لدلیل «لا ضرر» الحاکم علی دلیل «تسلط الناس علی أموالهم» کما ذکرناه فی کتاب إحیاء الموات((1)).
المسألة 695: یحق للدولة العادلة أن تمنع السیارات - التی تنبه بصوت عالٍ مؤذٍ للناس - عن استعمال جهاز التنبیه المؤذی داخل البلاد؛ لأن الأذیة لیست بجائزة فللدولة المنع عن المنکر.
* وذلک لما تقدم، فإن الحریة محدودة بحریة الآخرین واحترامهم.
المسألة 696: لو عالجنا الدم حتی صار أبیض اللون، فإن تغیر عن حقیقته فالظاهر طهارته؛ لأنه من قبیل الاستحالة، وإن لم یتغیر عن حقیقته بقی علی
ص: 283
النجاسة؛ إذ مجرد تغییر اللون لیس من المطهرات.
* (طهارته) بل وحلیته، کما قالوا بحلیة الخمر المنقلب خلاً؛ وذلک لتغیر الموضوع، فتأمل.
المسألة 697: لو فرض إمکان تبدیل الدم إلی اللبن حل وطهر.
* إذ لا ف-رق ف-ی ذل-ک بین داخ-ل الب-دن أو خارجه، فإنه من قبیل انقلاب الخمر خلاً.
المسألة 698: لو أمکن بالوسائل العلمیة تغییر حیوان حلال اللحم إلی حیوان حرام أو بالعکس، أو تغییر حیوان طاهر إلی حیوان نجس أو بالعکس، بحیث یدخل الحیوان فی فصیلة الحیوان الثانی لحقه حکم المغیّر إلیه؛ إذ الحکم تابع لموضوعه، وقد فرض تبدل الموضوع.
* من غیر فرق فی ذلک بین حیوانات البر أو البحر أو الجو.
المسألة 699: لو فرض إمکان إیجاد الجناح اللحمی للفأر - مثلاً - بحیث صار طائراً، فهل یطهر خرؤه؛ لأنه یدخل فی قوله(علیه السلام): «کل شیء یطیر لا بأس ببوله وخرئه»((1)) أم لا؟ احتمالان، والکلام فی (الهر الطائر) کما وجد فی بعض البلاد - علی ما قیل - هو الکلام فی الفأر الطائر.
* لا یبعد الطهارة لما ذکر، فتأمل.
ص: 284
المسألة 700: لو فرض إمکان استیلاد الخفاش بلا جناح حتی صار کالدواجن ینجس بوله أم لا؟ احتمالان.
* لا یبعد النجاسة لقوة احتمال أن یکون الطیران سبب الطهارة، فتأمل.
المسألة 701: ما تقدم فی مسألة (699) و (700) إنما هو إذا لم تظهر فصیلة جدیدة من نسل الحیوان المغیّر إلیه، وإلا لم یستبعد لحوق الحکم المغیّر إلیه بهذا الحیوان، ونسل الفأر الطائر یطهر بوله، ونسل الخفاش بلا جناح بوله نجس.
* لما عرفت من تبعیة الحکم للموضوع.
المسألة 702: هل یحل للإنسان أن یستعمل دواءً یوجب شفافیة جسده، بحیث یری ما بداخله دائماً، ویکون حاله حال الزجاج، کما یوجد بعض الأسماک کذلک، أم لا؟ احتمالان: من أنه (تغییر لخلق الله) ومع الشک فی ذلک فالأصل الحل.
* لکن الأحوط أنه من تغییر خلق الله تعالی.
المسألة 703: لا إشکال فی جواز إشراب الحیوان دواءً یوجب شفافیة جسده، وکذلک تزریق الشجر بذلک الدواء، وهکذا بالنسبة إلی الجماد.
* إذ لا دلیل فی الحیوان وأخویه، وکونه من (تغییر خلق الله) محل نظر؛ لانصراف الدلیل عنه.
المسألة 704: یجوز تحنیط میت الإنسان بما یوجب بقاء جسده، وکذلک
ص: 285
تحنیط الطیور والدواب والأشجار.
* بشرط أن لا یکون من المثلة، وقد تقدم الکلام فی ذلک، وبشرط أنْ لا یکون هتکاً للمیت المسلم، فإنَّ حرمته میتاً کحرمته حیاً((1)).
المسألة 705: هل یجوز تحنیط میت الإنسان بما یستلزم تفتته قبل المدة المعتادة، مثلاً: مدة تفتت جسد الإنسان وانعدامه إذا کانت سنة فهو یحنطه بما یفتته ویعدمه فی ظرف شهر، أم لا یجوز ذلک؟ احتمالان. نعم، إذا کان هتکاً له لم یجز ذلک.
* لا یبعد الإشکال فی ذلک؛ لأنه خلاف الحرمة، وقد ورد: «إن حرمته میتاً کحرمته وهو حی»((2))،
فحاله حال ما إذا اُلقی فی التیزاب حیث یذاب فی ساعات.
المسألة 706: هل باطن المرأة عورة، فإذا شقت الدکتورة - مثلاً - بطن المرأة لإجراء عملیة جراحیة، فهل یجوز للدکتور - غیر المضطر إلیه - أن ینظر إلی أحشائها أم لا؟ احتمالان، والاحتیاط بعدم النظر قوی جداً.
* لإطلاق: {یَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}((3)).
المسألة 707: الکلام فی باطن الرجل بالنسبة إلی المرأة کالکلام فی المسألة
ص: 286
السابقة.
* لإطلاق: {یَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}((1)).
المسألة 708: لو زنی بامرأة وانعقدت النطفة ثم تزوجها کان الولد للزنا، ولم ینفع التزویج الطارئ، فیترتب علیه حکم ولد الزنا من عدم الإرث وغیره.
* وهذا بالإضافة إلی أنه مقتضی القاعدة، هو مورد روایة خاصة((2)).
المسألة 709: لو عقد علی امرأة وواقعها، ثم طلقها أو انقطعت مدتها وقد انعقدت النطفة، وبعد حرمتها علیه زنی بها کان الولد المنعقد فی حال الحلیة حلالاً.
* إذ الزنا اللاحق لا یوجب کون الولد المنعقد حلالاً أن یتحول حراماً.
المسألة 710: هل یجوز للرجل أن یجعل نفسه کالمرأة بإطالة الشعر، ولبس خواص النساء من ملابس وما أشبه أم لا یجوز؟ احتمالان، قال بعض الفقهاء بالجواز (للأصل)، وقال بعضهم بالحرمة «لحدیث لعن المتشبه»((3))
هذا إذا لم
ص: 287
یکن هناک محذور آخر، وإلا حرم بلا إشکال.
* والحرمة هو مقتضی الصناعة، حیث إنه خلاف المرکوز فی أذهان المتشرعة.
المسألة 711: هل یجوز للمرأة أن تجعل نفسها کالرجل بتقصیر الشعر، ولبس الملابس الخاصة بالرجال أم لا یجوز؟ احتمالان کما تقدم فی المسألة السابقة.
* وهنا أیضاً مقتضی الصناعة الحرمة.
المسألة 712: لو کانت آلة کاشفة عمّا یعقد فی القلب فقرأ الرجل والمرأة أو المتعاملان الصیغة فی قلبیهما لم یفد، فإنه «إنما یحلل الکلام ویحرم الکلام»((1)).
* وما یعقد فی القلب لیس من الکلام، وقول الشاعر:
إنّ الکلام لفی الفؤاد وإنما
جعل اللسان علی الفؤاد دلیلاً((2))
لا یقصد بذلک حقیقة، مع أنه لیس حجة؛ ولذا لا یکفی القراءة فی الصلاة والتلبیة بالقلب فقط.
المسألة 713: (جائزة نوبل) وسائر الجوائز حلال وضعها وإعطاؤها وأخذها، إلا إذا کانت جهة محرمة خارجیة.
* الحلیة لإطلاق أدلة حل کل شیء.
ص: 288
المسألة 714: لا اعتبار بکلام المسجل وکلام الحیوان فی العقد والإیقاع، فلو تعلّم (الکاسکو) إجراء صیغة العقد لا یصح العقد الذی یجریه، وکذا لو قرأنا فی المسجل ثم فتحناه عند إرادة العقد.
* ومثل ذلک البسملة المسجلة فی ذبح الحیوان؛ لانصراف الأدلة عن کل ذلک.
المسألة 715: لا یجوز الغش بتعلیم الحیوان الاستعطاف والاستنفاع من وراء ذلک، کأن یعلم الببغاء فی القفص أن یستعطف المارة بإطلاقه، فیشتریه المار، ویطلق سراحه ثم یعود إلی مکانه بعد أن یشیر صاحبه بذهاب ذلک المارة.
* لأنه نوع من الغش والخداع وأکل أموال الناس بالباطل.
المسألة 716: مثل ما تقدم فی المسألة السابقة أن یعلّم الحیوان الاستعطاف لأجل مریض أو غریب أو ما أشبه.
* اللهم إلا إذا کان صادقاً بأن کان عمله لأجل المریض الفقیر واقعاً، وهکذا فإنه یکون حینئذٍ من خدمة الناس، والتعاون علی الخیر والبر والتقوی.
المسألة 717: ومما لا یجوز أیضاً الاستنفاع بالحیوان، بإظهاره مریضاً وصاحبه لا یقدر علی علاجه، أو إظهاره جائعاً وصاحبه لا یقدر علی إطعامه، فیعطی المارة مالاً لأجل ذلک، والحال أن الحیوان لیس بمریض ولا جائع.
* لأنه غش کما تقدم.
ص: 289
المسألة 718: من أبشع أنواع الجرائم ما یفعله بعض الشحاذین، من إقلاع عین طفل أو طفلة لهم، أو مَنْ یلتقطونه ثم یجعلونه وسیلة الاستعطاء والاستعطاف، ومثل ذلک تنقیصه فی جهة أُخری من جسمه، ککسر رجله أو بتر یده أو ما أشبه ذلک.
* فإنه حرام مضاعف.
المسألة 719: الظاهر أن المرافق والمؤسسات العامة لا یجوز للإنسان استغلالها لنفسه أکثر من الحاجة، مثلاً: یشغل الهاتف العام أکثر من الحاجة المعتادة، والحال أن الناس ینتظرون فراغه، وهکذا.
* لأن الوقف أو التبرع من المتبرع لا یعطیه الحق فی أکثر من حاجته، فیکون غاصباً لحقوق الآخرین، ولا یبعد ضمانه بالنسبة إلی مَنْ بعده؛ إذ هو حق له «ولا یتوی حق امرئ مسلم»((1)).
المسألة 720: لا یجوز صرف الوقف بأکثر من الحاجة المعتادة، مثلاً: ینیر کل مصابیح الوقف نصف اللیل، والحال أن الحاجة إنما تسد بمصباح واحد.
* إذ هو خلاف الوقف، والکلام فی الضمان هو الکلام فی المسألة السابقة.
المسألة 721: الاسترزاق بإراءة الغرائب الجائزة شرعاً لا بأس به، کما لو ولد له مولود ذو رأسین فیریه لمن یعطیه کمیة من المال.
ص: 290
* لقاعدة «کل شیء»((1))
إلا ما خرج ولیس المقام من الاستثناء.
المسألة 722: الخداع فی صنع الشیء الغریب لاستدرار أموال الناس لا یجوز، مثلاً: یرکّب رأساً مطاطیاً إلی جانب الرأس الطبیعی للعجل لیُری الناس أنه عجل ذو رأسین، فیستدر أموالهم بهذا السبب.
* لأنه خداع وأکل لأموال الناس بالباطل.
المسألة 723: التصرف فی الشؤون العامة بدون إجازة أصحاب الحق لا یجوز، مثلاً: یُلقی فی النهر قنبلة توجب تجمد ماء النهر، أو یکسر سّداً فیجری الماء تحت أرض المدینة أو ما أشبه ذلک.
* لأنه بین إضرار محرم، وبین تصرف فی حق الآخرین محرم أیضاً؛ إذ مثل النهر وما أشبه جعل للجمیع، قال سبحانه: (لکم)((2)) کما ذکرناه فی فقه الاقتصاد((3)).
المسألة 724: لا یجوز وصل شیء بأسلاک الکهرباء بحیث یوجب احتراق مصابیح الناس المتصلة بذلک الخط، ولو فعل ذلک ضمن الخسارة الواردة علی الناس.
ص: 291
* الضمان لصدق: «من أتلف» بالإضافة إلی أنه محرم فی نفسه؛ لأنه تصرف فی أموال الناس وإسراف.
المسألة 725: لا إشکال فی أنه لا یجوز قطع سلک الکهرباء أو الهاتف، أو تخریب ماکنة الماء أو الکهرباء، أو قطع خط القطار أو ما أشبه ذلک، إذا کانت هذه الأُمور ملکاً لإنسان محترم، أو لدولة محترمة أو کان إسرافاً.
* وکذا إن کان ضرراً، وهذا حرام واحد إذا لم یوجب تلفاً فی مال أو نفس، وإلا کان حراماً متعدداً، کما إذا قطع خط القطار فأوجب هلاک أو جرح راکبیه، إلی غیر ذلک، ویدل علیه الأدلة الکثیرة.
المسألة 726: إذا کانت الأُمور المذکورة فی المسألة السابقة ملکاً لحکومة غیر محترمة، کالکافر المحارب جاز تخریب أجهزتها، بشرط أن لا یتضرر من وراء ذلک الناس المحترمون شرعاً ضرراً محرّماً فی الشریعة.
* جواز (تخریب أجهزتها) المرتبطة بجهة الحرب لا مطلقاً، مثلاً: لا یجوز أن یهدم بیته الذی فی المدینة بدون أن یکون ذلک له مدخلیة فی انتصار المسلمین، وإنما کان تشفیاً، والحکم فی المستثنی منه والمستثنی حسب الأدلة.
المسألة 727: إذا أوجب ما ذکرناه فی المسألة السابقة تضرر الناس المحترمین ضرراً محرَّماً، فإن کانت هناک مصلحة أهم جاز الإضرار من باب قاعدة الأهم والمهم، وإلا لم یجز الإضرار.
* وفی صورة جواز الإضرار اللازم تدارکه؛ إذ لا منافاة بین الحکم الوضعی
ص: 292
والتکلیفی، لکن الظاهر أنه علی بیت المال إذا کان العمل بأمر الحاکم الشرعی؛ ولذا أعطی الرسول(صلی الله علیه و آله) دیة من قتلهم خالد دیة لأنفسهم، وأرشاً لأمتعتهم((1))،
کما أعطی علی(علیه السلام) دیة من مات مرتاعاً من هجوم الناس فی حرب البصرة((2))
ص: 293
إلی غیر ذلک.
المسألة 728: المجاری التی تهیئها البلدیة للمیاه القذرة فی الشوارع وما أشبه، هل یجوز أن یلقی الإنسان ماءه القذر فی تلک المجاری بدون رضایة البلدیة أم لا؟ الظاهر أن الحکومة لو کانت محترمة شرعاً لم یجز، وإلا جاز.
* الجواز بشرط أن لا یتضرر الناس بذلک، وإلا لم یجز من جهة الضرر.
المسألة 729: الحدائق العامة إذا کانت تابعة لجهة محترمة من إنسان أو هیئة أو دولة، ومنعت من اقتطاف أزهارها لم یجز الاقتطاف، وإذا قطف الإنسان کان آثماً وضامناً.
* والضمان فیما إذا کانت لتلک الأزهار مالیة.
المسألة 730: إذا لم تکن الحدیقة العامة تابعة لجهة محترمة جاز القطف إذا لم یکن إسرافاً، وإن منع القائم علیها.
* وأما إذا کان إسرافاً حرم من جهته، وفیما کان له مالیة فأتلفه ضمن للحاکم الشرعی؛ لأنه من مجهول المالک.
المسألة 731: توسیع الشوارع باسترضاء أهل الدور والبنایات لا إشکال فی حسنه، أما التوسیع بدون إرضائهم فلا یجوز، وإذا کانت هناک مصلحة عامة أهم من هدم المسجد لأجل توسیع الشارع، أو کانت مصلحة أهم من عدم رضایة صاحب البنایة، الذی لا یرضی بکل صورة، فالمتبع قاعدة (الأهم والمهم).
ص: 294
* لکن اللازم تبدیل المسجد بمسجد آخر، وهکذا سائر الأوقاف، وإعطاء أصحاب الأملاک ما یرضون به من ثمن أملاکهم المهدومة، وتعویض ما تضرروا بسببه، کما أنهم أحق بإنقاضها.
المسألة 732: لا بأس بالعمل فی السفینة والقطار والطائرة وما أشبه، وإن کان ذلک یستلزم الإتیان بصلاة المضطر فی بعض الأحیان.
* وذلک لتعارف ذلک منذ زمانهم(علیه السلام)، وفی الروایات: «أما ترضی بصلاة نوح(علیه السلام)»((1)).
المسألة 733: یجوز الفرار من سجن الظالم، أما سجن العادل فلا یجوز الفرار منه، وکذلک الفرار من حکم الظالم وحکم العادل.
* فإن حکم الظالم غیر نافذ وإن کان مطابقاً للشرع؛ إذ لیس له التنفیذ، أما حکم العادل فاللازم تنفیذه فیما إذا لم یعلم بأنه اشتباه، وأما مع العلم فلا.
المسألة 734: لا یجوز للضیف الأکل أکثر من الحق المقرر لکل ضیف فی الضیافة، إلا إذا علم برضایة صاحب الطعام.
* لأنه مال الناس فلا یجوز التصرف فیه إلا بقدر رضاهم، ولو أکل أزید من المتعارف وکان من دون الرضا کان ضامناً.
المسألة 735: لا یجوز التصرف فی أکثر من الحق فی المشترکات، کأن
ص: 295
یأخذ غرفتین من الحسینیة المعدة لسکن الزوار، فی حال أن شأن مثله أن لا یأخذ أکثر من غرفة، وکان هناک من الزائرین مَنْ هو محتاج إلیها، وهکذا بالنسبة إلی مکان المسجد والمدرسة ونحوها.
* إذ الوقف ونحوه لیس إلا لأن یکون لکل إنسان بقدر حقه لا أکثر منه، فالتصرف الأکثر حرام، وموجب للضمان.
المسألة 736: یکفی فی ستر العورة المحرمة وستر جسد المرأة الحجب بالضوء القوی، أو الغاز الکثیف أو الضباب الکثیر بحیث یحف بالجسم والموضع.
* فإنّ کل ما یحصل به الستر مؤدٍ للغرض. نعم، فی ستر الصلاة لا یکفی إلا اللباس فی عورتی الرجل وجسد المرأة للدلیل الخاص((1)).
المسألة 737: العورة وجسد المرأة لا یجوز النظر إلیهما ولو بسبب المرایا المعاکسة أو فی التلفزیون أو ما أشبه.
* لإطلاق دلیل الحرمة، بالإضافة إلی روایات باب النظر إلی جسد الخنثی،
ص: 296
حیث أجازه الشارع - فی المرایا - للمعالجة حال الاضطرار((1)).
المسألة 738: لا فرق فی حرمة النظر بین أن یکبر الشیء المحرم بواسطة المجهر، أو أن یصغر بواسطة المرایا المصغرة، کما لا فرق بین أن یکون بلون مخالف للجسم، کأن یری جسم المرأة أصفر والحال أنه أبیض، أو أن یری بنفس لون الجسم.
* لإطلاق الدلیل.
المسألة 739: لو یری الجسم أو العورة مشوهاً فإن صدق عرفاً أنه ینظر إلی الجسم أو العورة لم یجز وإلا جاز.
* الجواز لأنه حینئذٍ - حسب الفرض - لا یصدق النظر إلی الجسم أو العورة، کما إذا رأی العورة مثل الشجر أو السلحفاة إلی غیر ذلک.
المسألة 740: إذا اندرست المقبرة وسقطت من الاسم عرفاً جاز جعلها مبانی وشوارع وما أشبه، إذا لم یکن هناک قبر محترم، مثل کونه لنبی(علیه السلام) أو إمام(علیه السلام)
ص: 297
أو إنسان عظیم کالأولیاء والعلماء.
* لأنَّ الحرمة تابعة للصدق، فإذا لم یصدق ولم یکن من قبیل الوقف وما أشبه مما ذکر فی المسألة رجع إلی الإباحة الأصلیة.
المسألة 741: لو کانت هناک مصلحة أهم من مصلحة بقاء المقبرة جاز تبدیل المقبرة بإدخالها فی المبانی والشوارع، وجعل المقبرة خارج البلد؛ وذلک تبعاً لقاعدة (الأهم والمهم) وإلا لم یجز.
* لکن التشخیص بید الحاکم الشرعی أو شوری الفقهاء المراجع، وهذا فی غیر قبور الأنبیاء(علیه السلام) والأئمة(علیه السلام) والأولیاء ومَنْ أشبه.
المسألة 742: لو خرج المیت من قبره بسبب غیر طبیعی کالسیول أو بسبب حیوان أو ما أشبه، أو اُخرج من قبره إخراجاً جائزاً، لم یجب دفنه فی قبره الأول، بل جاز أن یدفن فی مکان آخر.
* إذ لا دلیل علی وجوب دفنه فی قبره الأول، إلا أن تکون وصیة أو ما أشبه.
المسألة 743: هل یجوز نقل المیت مع قبره بواسطة التراکتورات الکبیرة، التی تقلع حوالی ثلاثة أمتار مکعبة مثلاً، حیث إنه لا یصدق علیه النبش؟ یمکن القول بالجواز وإن کانت المسألة تحتاج إلی التأمل.
* الجواز لأن هذا لیس من النبش. نعم، الاستثناء فی المسألة السابقة آتٍ فی المقام، ویشترط فی ذلک أن لا یکون هتکاً للمیت، ومثله تسییج أطراف القبر وتحته بالاسمنت، حتی یکون القبر فی الصندوق الاسمنتی ثم رفعه بالأجهزة،
ص: 298
وجعله فی مکان آخر.
المسألة 744: إذا حبس الإنسان فی مکان مغصوب ولا ماء له فهل یتیمم بأرض ذلک المکان أم لا؟ احتمالان.
* الظاهر الجواز والقول بأنه تصرف زائد غیر ظاهر الوجه بعد العرفیة فی الأدلة المستفادة من الشرع، وقد ذکرنا تفصیل المسألة فی الأُصول((1)).
المسألة 745: لو حبس الإنسان بغیر حق، جاز له أن یخرب البناء أو ینقب الأرض لخلاص نفسه، وهل یکون ضامناً أم لا؟ الظاهر أنه إن کان المحل للظالم فلیس بضامن، وإن کان لإنسان محترم أخذه الظالم منه قهراً ففی ضمانه لما خربه من المکان احتمالان.
* والضمان أقرب إلی الصناعة، إذ لا منافاة بین الحکم الوضعی والتکلیفی، لکن الظاهر أن قرار الضمان علی الغاصب.
المسألة 746: لا یجوز استعمال الهیروئین والکوکائین وسائر المخدرات التی هی من هذا القبیل، فإنها توجب أشد أنحاء الضرر المحرم.
* فیشمله دلیل (لا ضرر).
المسألة 747: المهرب لهذه الأنواع من المخدرات حکمه التعزیر إذا کان
ص: 299
فعله حراماً.
* بناءً علی أن کل حرام له التعزیر علی ما هو المشهور، وقد ذکرنا المسألة فی الفقه((1))،
ولا یخفی أن المراد بالتعزیر ما هو أعم من الغرامة والسجن وغیر ذلک مما یراه الحاکم الشرعی، وقد أشرنا إلیه سابقاً.
المسألة 745: الظاهر أن أول الشهر فی القمر وفی سائر الکواکب القریبة التی لا أقمار لها تابع لأول الشهر فی الأرض.
* لأنها من توابع الأرض فإطلاق الأدلة یشملها.
المسألة 749: حکم أیام الأُسبوع وأیام السنة والأشهر أیضاً کما ذکر فی المسألة السابقة، فیوم الجمعة عندنا هو یوم الجمعة فی القمر، وشهر رمضان عندنا هو شهر رمضان فی القمر، وعام (1390ه-) عندنا هو عام (1390ه-) فی القمر.
* لما تقدم فی المسألة السابقة.
المسألة 750: لو اختلف أول الشهر فی الأرض، بأن رُؤی الهلال فی بعض الآفاق دون بعض، فالمتبع فی القمر هو أول الشهر فی مکة المکرمة احتیاطاً.
* لأنها محل نزول الوحی، وهی من الآفاق المعتدلة، وقد تقدم ما یدل علی أن الاعتبار بالأماکن المعتدلة.
ص: 300
المسألة 751: حکم الإعدام فی الإسلام قلیل جداً جداً، بخلاف غالب القوانین التی یغلب فیها حکم الإعدام علی جنایات کثیرة، وتلک الجنایات القانونیة بنظر الإسلام تنقسم إلی ما لیس بجنایة أصلاً، وإلی ما هو جنایة ولکن حکمها طفیف لیس هو الإعدام، فمن الضروری المکافحة لأجل سیادة حکم الإسلام، وإنقاذ الناس من هذه الإعدامات بدون المبرر.
* فإنَّ الإعدام من أشد المحرمات، قال تعالی: {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَیْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِی الأَرْضِ فَکَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعاً}((1))،
أما الموارد القلیلة التی حکمها الإعدام ففیه للحاکم الشرعی تبدیل الإعدام بشیء أخف، کما ذکرناه فی الفقه.
المسألة 752: لو حالت الأرض أو کوکب آخر بین الشمس والقمر حتی حصل کسوف مرئی فی القمر وجبت صلاة الکسوف علی ساکن القمر، أما الخسوف فلا مفهوم له لساکن القمر، ولو فرض أن انخساف الأرض مرئی عند ساکنی القمر فالظاهر عدم وجوب صلاة الآیات علیهم.
* الوجوب فی الکسوف لإطلاق الأدلة، وعدم وجوب الخسوف لأنه لا دلیل علی أن خسوف غیر القمر یوجب الآیات، فالأصل البراءة.
المسألة 753: إذا حصل لبعض الکواکب خسوف أو کسوف أو زلزلة أو ما أشبه مما له صلاة الآیات وجبت إقامتها، کما تجب إقامتها فی الأرض.
* لإطلاق أدلتها الشامل للخسوف والکسوف والزلزلة فی کل مکان، والقول
ص: 301
بانصرافها إلی الأرض غیر تام؛ لأنه علی فرضه بدوی.
المسألة 754: الفطر والأضحی فی الفضاء القریب أو القمر تابع للأرض، أما فی الفضاء البعید والکواکب الاُخر التی لها أقمار أو شموس آخر فلا یبعد أنهما تابعان للحالة هناک، وکذلک شهر رمضان ولیالی الإحیاء وما أشبه ذلک.
* قلنا: (فلا یبعد) لأن أدلة الأرض لا تشمل تلک الأماکن، مع وجود إطلاق الأدلة فی العید ونحوه.
المسألة 755: الظاهر أن أول تقریرنا للشهر والأُسبوع والسنة فی الفضاء البعید، أو الکواکب البعیدة یکون تابعاً لمعلوماتنا عن الأرض، وإذا جهلنا ذلک یکون الحال کما لو غُمّت الشهور.
* هذا الاستظهار من باب الانسداد، واحتمال أن یکون الجعل بید الإنسان الساکن هناک بعید جداً، وإلا فیسأل أی إنسان عن الإنسان الذی ذهب أولاً، أو یفعل کل إنسان کما یشاء أو غیر ذلک، فإذا کان کل ذلک بعیداً فیکون ما ذکرناه هو الظاهر.
المسألة 756: ما ذکر فی المسألة السابقة إنما هو فیما إذا لم یکن للکوکب بشر وحساب، وإلا کان المتبع اُولئک البشر وذلک الحساب.
* لأنه عرف هناک، والشرع فی الموضوعات تابع للعرف، حیث قال سبحانه: {بِلِسَانِ قَوْمِهِ}((1)) إلی غیر ذلک.
ص: 302
المسألة 757: إذا قصد مرتاد الفضاء الإقامة فی إحدی المحطات الفضائیة، أو فی القمر أو فی کوکب آخر، یکون حاله کحال المقیم فی الأرض فی الصلاة والصیام وغیرهما.
* لإطلاق أدلة السفر والإقامة والوطن وما أشبه، مما یصدق بالنسبة إلی تلک الأماکن أیضاً.
المسألة 758: لا یبعد أن یکون المال الذی یصرف فی ارتیاد الفضاء من المؤونة إذا کان الارتیاد من شأن المرتاد، فلا خمس فیه.
* لإطلاق أدلة خروج المؤونة وشمولها لمثل ذلک أیضاً.
المسألة 759: لو مات إنسان فی القمر جاز الإقبار فیه، وجاز نقله إلی الأرض.
* وجاز نقله إلی کوکب آخر، لإطلاق أدلة الدفن، ولا یجوز ترکه فی الفضاء وإن لم یکن هناک سبع یخشی منه علیه، ولا ینتشر ریحه لأجل الفضاء فرضاً.
المسألة 760: لو مات إنسان فی المحطة الفضائیة فهل یجوز ترکه فی الفضاء، أم یجب نقله إلی الأرض أو القمر للإقبار؟ احتمالان وإن کان الاحتیاط فی النقل.
* وذلک لوجوب الدفن إلا اضطراراً.
المسألة 761: هل یشرع الاعتکاف فی الجو، فی فضاء المساجد الأربعة، کأن
ص: 303
یعتکف فی طائرة (هلیکوبتر) أم لا؟ الظاهر المشروعیة فی الفضاء القریب؛ لصدق کونه فی المسجد دون الفضاء البعید.
* (البعید) لعدم صدق أنه مسجد کذا، علیه عرفاً.
المسألة 762: لو ارتفع عن الأرض وتمکن من إیقاف نفسه حتی مرت الأرض من تحته بمقدار المسافة، فهل یعد مسافراً أم لا؟ احتمالان، والأقرب العدم.
* (العدم) لأنه لیس بمسافر عرفاً، أما لو صدق السفر علیه، کما لو تمکن العلم من طریقة جدیدة للسفر، وذلک بالارتفاع والوقوف حتی تمر الأرض وینزل فی المقصد، فالظاهر أنه بحکم المسافر، فإن الأحکام تابعة لموضوعاتها، ومنه یعلم حکم طی الأرض ونحو ذلک.
المسألة 763: یجوز اشتراء الأفراد والأحزاب والمنظمات والصحف بالزکاة لخدمة الإسلام، وهذا فی الحقیقة هو سهم (سبیل الله) أو (المؤلفة قلوبهم) وإن سموه الیوم بشراء الضمائر والأقلام، فإن اشتراء الضمیر للخیر والإصلاح حسن، وإنّما الاشتراء القبیح هو ما کان للشر والفساد.
* ودلیل الأمرین واضح، بل قد یجب الائتلاف إذا کان مقدمة واجب.
المسألة 764: یجوز دفع الزکاة لإیفاد الطلاب إلی الخارج لتحصیل العلوم الجدیدة؛ لأجل ترفیع مستوی المسلمین، وعدم تخلفهم فی مجال الصناعة والعلوم الدنیویة، لکن من المعلوم لزوم توفر شرائط الزکاة المذکورة فی کتاب الزکاة.
* بل قد یجب إذا توقف الواجب علیه.
ص: 304
المسألة 765: إذا استلزم الاحتجاج ضد وضع قائم منحرف التظاهر، وإغلاق الدکاکین وکسر زجاجات البیوت والمحلات، وکان المظاهرة أهم بنظر الإسلام من أمثال هذه التصرفات جاز، وفی ضمان المتلفات والخسائر لمن أتی بها احتمالان.
* ومقتضی الصناعة الضمان؛ لعدم الفرق فی الضمان بین جواز العمل أو عدم جوازه، فإنه لا منافاة بین الحکم التکلیفی والوضعی کما اُشیر إلیه سابقاً، ولا یخفی أنه یجب أن تکون المظاهرة سلمیة، فإنه لا عنف فی الإسلام، إلا فی الموارد الاضطراریة، کما لا حق لإجازة مثل هذه الأُمور إلا لشوری المراجع.
المسألة 766: یجوز صرف الزکاة فی تأسیس البنوک الإسلامیة، وتشیید المدارس، ودور العجزة، والأیتام، والمستوصفات وسائر المؤسسات التی تکون من مصادیق (سبیل الله).
* إذ لا فرق فی (سبیل الله) بین ما کان سابقاً أو ما حدث حالاً، کسائر الکلیات المنطبقة علی المصادیق السابقة والحدیثة.
المسألة 767: الأحجار التی تقذف نحو الأرض إذا علمنا بأنها من بعض الکواکب، وکانت تلک الأحجار من المعادن وجب فیها الخمس، وإلا فلا حتی إن کانت کجنس المعادن عندنا مثل الحدید وما أشبه.
* لإطلاق أدلة الخمس فی المعدن، اللهم إلا أن یقال بالانصراف، فتأمل.
المسألة 768: لو کان کوکب کله معدنا فهل یجب فیما أخذنا منه الخمس أم
ص: 305
لا؟ احتمالان.
* لکن مقتضی الصناعة عدم الخمس للانصراف؛ إذ لا یسمی ذلک عرفاً معدناً حینئذٍ، وإن أشبه المعدن کاملاً کالنحاس والحدید وما أشبه، بینما إذا وصلنا إلی باطن الأرض بسبب ثقبة ونحوها فاستخرجنا منه المواد المعدنیة وجب الخمس؛ لعدم الانصراف بعد شمول الأدلة لمثل ذلک.
المسألة 769: لا خمس فی السفن والغواصات والطائرات والذخائر وما أشبه، التی تغرق فی البحر إذا استخرجناها؛ لأنها لا تعد من الغوص. نعم، فی الجواهر الغارقة فی البحر احتمالان.
* الأحوط هو الخمس لصدق الغوص علی احتمال قریب.
المسألة 770: هل یجب الإحرام لراکب الطائرة القاصدة إلی مکان آخر، أو القمر الصناعی إذا اجتازت من المیقات أم لا؟ احتمالان.
* الأقرب عدم الوجوب لانصراف الأدلة عن مثله.
المسألة 771: لو غصب ظالم مدرسة علمیة فهل یجوز للطلاب البقاء فیها أم لا؟ الظاهر أنه لو کان فی البقاء تأیید للظلم أو للظالم لم یجز وإلا جاز، إلا إذا کانت هناک جهة خارجیة توجب البقاء أو الخروج.
* عدم الجواز لما دل علی حرمة تأیید الظلم والظالم، والجواز لفرض أنه وقف لهم، فلا فرق فی استفادتهم بین کون واضع الید عادلاً أو غاصباً.
المسألة 772: إذا اجتاح مکة المکرمة أو المواقف وباء ونحوه یکون حکم
ص: 306
المحرم حکم المحصور الذی ذکر فی باب الحج.
* لأنه حینئذٍ محصور ولو بالملاک.
المسألة 773: إذا وقعت بدعة فی بلاد الإسلام وجب علی العلماء الإنکار وإظهار أنها بدعة، وإن علموا أن إظهار کونها بدعة وإنکارها لا یوجب دفعاً ولا رفعاً.
* لقوله(صلی الله علیه و آله): «إذا ظهرت البدع فعلی العالم أن یظهر علمه، وإلا فعلیه لعنة الله»((1))
إلی غیر ذلک، إضافة إلی أن مجرد الإنکار وإظهار أنها بدعة یوجب بیان الحق والباطل {لِّیَهْلِکَ مَنْ هَلَکَ عَن بَیِّنَةٍ وَیَحْیَی مَنْ حَیَّ عَن بَیِّنَةٍ}((2)).
المسألة 774: إذا کان سکوت علماء الدین علی الظَلَمَة ومرتکبی المنکرات موجباً لوهن الدین، وضعف عقیدة المسلمین بالإسلام - حیث إن الناس یرون العالم رمزا للإسلام، فإذا سکت نسبوا الدین إلی أنه یداهن الظالم وأن الإسلام لا یحل مشکلة الناس، ولا یرفع الظلم عنهم - وجب علی العالم التکلم وإن علم بعدم فائدة الکلام فی دفع المنکر أو رفعه أو تقلیله.
* قال سبحانه: {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِکُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِیداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَی رَبِّکُمْ}((3))
الآیة، إلی غیرها من الآیات والروایات
ص: 307
والسیرة عنهم(علیهم السلام) مع أنّهم(علیهم السلام) أسوة، بالإضافة إلی أنه مقتضی القاعدة، وأنه إتمام للحجة.
المسألة 775: جمیع الأُمور العامة للمسلمین سواء کانت سیاسیة أم قضائیة أم مالیة أم عسکریة أم غیر ذلک راجعة إلی الله تعالی، ثم الرسول(صلی الله علیه و آله) ثم الإمام(علیه السلام) ثم نائبه الخاص والعام، وإذا فرض عدم وجود النائب العام ولا وکیله فالتصدی یکون بید عدول المؤمنین.
* وقد ذکرنا تفصیله فی الفقه((1))، قال سبحانه: {فَلاَ وَرَبِّکَ لاَ یُؤْمِنُونَ حَتَّیَ یُحَکِّمُوکَ فِیمَا شَجَرَ بَیْنَهُمْ}((2))
الآیة، إلی غیرها من الآیات والروایات. وقال(علیه السلام): «فإنهم حجتی علیکم»((3)).
وقال سبحانه - فی عدول المؤمنین - : {لَوْلاَ یَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِیُّونَ وَالأَحْبَارُ}((4))،
فالربانی هو المربوط بالله غیر العالم، أما العالم فهو الحبر، وقد ذکرنا فی (الأصول)((5))
استصحاب الشرائع السابقة، بالإضافة إلی أنّه إجماعی وعقلی.
المسألة 776: إذا اضطر المسلم إلی مصادقة الکفار لأجل ترفیع مستوی
ص: 308
المسلمین، حتی لا یتخلفوا عن مواکبة العالم، وحتی لا یعلو علیهم سائر الاُمم، أو اضطر المسلمون للمصادقة لأجل مساندتهم ضد کافر غازی مهاجم، فاللازم مصادقة الکفار الذین هم أقل ضرراً وأبعد طمعاً.
* لأنّ الضرورات تقدر بقدرها کماً وکیفاً، وهذا التحدید فی المصادقة الضارة، وأما إذا لم یکن هناک محذور فلا إشکال فی إیجاد الصداقات والمعاهدات الدولیة مع الکفار، لقوله تعالی: {لا یَنْهَاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِینَ لَمْ یُقَاتِلُوکُمْ فِی الدِّینِ وَلَمْ یُخْرِجُوکُم مِّن دِیَارِکُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَیْهِمْ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطِینَ}((1)).
المسألة 777: کما یجب علی المسلمین أن یدفعوا الکفار إذا أرادوا الاستیلاء علیهم استیلاءً عسکریاً، کذلک یجب علیهم الدفاع إذا أراد الکفار الاستیلاء علیهم استیلاءً سیاسیاً أو اقتصادیاً أو ما أشبه، فإنه {وَلَن یَجْعَلَ اللّهُ لِلْکَافِرِینَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ سَبِیلاً}((2)).
* مضافاً إلی قوله(صلی الله علیه و آله): «الإسلام یعلو ولا یعلی علیه»((3))
وغیره من الأدلة.
المسألة 778: لو کان الاتصال التجاری ببعض بلاد الکفار منفذاً لاستیلائهم تجاریاً أو سیاسیاً أو اقتصادیاً أو ما أشبه علی بلاد الإسلام حرم الاتصال المذکور.
ص: 309
* لأنها مقدمة الحرام حینئذٍ، وهی محرمة عقلاً.
المسألة 779: الشرکات الکافرة التی یخشی فیها علی بلاد الإسلام بأن تکون منفذا للاستیلاء - أمثال الشرکة الهندیة الشرقیة، التی أسسها الأجانب فی الهند قبل قرون وآل أمرها إلی الاستیلاء علی تلک البلاد - لم یجز لحکومة المسلمین منحها الإجازة، وإذا فتحت الشرکة یجب علی المسلمین غلقها وإبعادها، وإن لم یتمکنوا من ذلک یجب علیهم مقاطعتها وعدم التعامل معها.
* وذلک حسب مراتب دفع المنکر والنهی عنه.
المسألة 780: الشرکات التی تجعل حصة من أرباحها لنفع الکافر المحارب ونحوه لا یجوز التعامل معها.
* لأنها تصب فی کیس المحارب للمسلمین.
المسألة 781: یجب علی کل أهل بلد أو قریة الاهتمام لغلق المحلات المحرمة، وتصفیتها عن الحرام، کغلق حوانیت الخمور والبغی، وکتصفیة المدارس والأحواض المختلطة عن الاختلاط.
* لوجوب النهی عن المنکر ودفعه - والغلق والتصفیة من مصادیقهما - واختصاص ذکرنا بأهل البلد والقریة من باب أنهم القادرون غالباً، وإلا فالوجوب علی الجمیع مع الإمکان.
المسألة 782: یجب علی جمیع الدول الإسلامیة إنقاذ دولة إسلامیة، أو فئة
ص: 310
مسلمة وقعت تحت أسر الکفار سیاسیاً أو اقتصادیاً أو عسکریاً أو نحوها.
* ویدل علی ذلک الأدلة الأربعة، بالإضافة إلی أنه من أوضح الضروریات، قال رسول الله(صلی الله علیه و آله): «من سمع رجلاً ینادی یا للمسلمین فلم یجبه فلیس بمسلم»((1)).
المسألة 783: إذا خیف علی دولة إسلامیة أو فئة مسلمة أن تقع فریسة للکفار وجب علی جمیع الدول الإسلامیة درء الخطر عنها.
* وذلک لأن دفع الضرر المحتمل واجب فکیف بمثل ذلک؟
المسألة 784: الوجوب المذکور فی المسألة السابقة - (782 و 783) - عینی إذا لم یمکن الإنقاذ والدرء إلا بجمیع دول الإسلام، وکفائی إذا أمکن الإنقاذ والدرء ببعضها.
* وذکرنا دول الإسلام من باب أنها المصداق فی زماننا، وإلا فاللازم أن یکون المسلمون اُمة واحدة، ولهم دولة واحدة، کما فی زمانی الرسول(صلی الله علیه و آله) وأمیر المؤمنین(علیه السلام)، وقد ذکرنا تفصیل الدولة والدول فی الفقه.
المسألة 785: لو صارت مؤسسة أو شرکة أو جمعیة أو ما أشبه منفذاً للکفار إلی بلاد الإسلام وجب غلقها، أو تنظیفها عن الخطر.
* فإن أمکن التنظیف قدم؛ لأنه لا یجوز سلب الحریات أکثر من القدر اللازم، وإن لم یمکن التنظیف وجب الغلق؛ لأنه الدافع للمنکر والرافع له.
ص: 311
المسألة 786: إذا لم یمکن الإقصاء والغلق بالنسبة إلی ما ذکر فی المسألة السابقة یجب علی المسلمین مقاطعة ذلک الشخص وتلک المؤسسة.
* قال سبحانه: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّی وَعَدُوَّکُمْ أَوْلِیَاء}((1))،
وفی الروایات مقاطعة فاعل المنکر((2))، إلی غیر ذلک مما لا یخفی.
المسألة 787: لو وضع إنسان مرآة أو نحوها فی داره أو محل آخر، وأخذ یشرف منها علی عورة رجل أو جسم امرأة وجب علی الإنسان التحفظ منه ویجب زجره، فإن لم ینزجر یجوز رمیه بما یصرفه، فإن تلف أو عطب فهدر، لکن مع مراعاة الأقل خطراً فالأقل.
* کما ذکروا فی کتاب الحدود فی مسألة: مَنْ ینظر من شق الباب((3))، فإن
ص: 312
المقام بملاک ذلک، بالإضافة إلی إطلاقات الأدلة، ولا یخفی أن ما یوجب التلف أو العطب وحتی الأقل من ذلک یحتاج إلی إذن الحاکم الشرعی.
المسألة 788: لا یجوز استخدام الفتیات لأجل جلب المشتری وترویج البضاعة، أما إذا فعل ذلک حراماً لم یکن الثمن حراماً.
* عدم الجواز لأنه موجب لمنکرات ومحرمات، وحلیة الثمن لأنه لا منافاة بین الحرمة التکلیفیة والحلیة الوضعیة، وکذلک بالنسبة إلی المثمن وسائر المعاملات المحللة.
المسألة 789: لا یجوز استخدام الأمرد الجمیل من الفتیان لأجل جلب المشتری، وحال الثمن کما تقدم فی المسألة السابقة.
* الدلیل فی الحکمین التکلیفی والوضعی کما ذکر فی المسألة السابقة.
المسألة 790: لا یجوز سیاقة النساء المکشفات للسیارة من جهة أن التکشف حرام، ولعل تسلیم السیارة إلیهن یزید فی الحرمة، إذا کان فی ذلک خوف الانزلاق والفتنة.
* والفرق بین السیارة والدابة التی کن النساء یرکبنها فی السابق أن السیارة لسرعة حرکتها توجب الفتنة والغرور والخطر، الذی لم یکن فی الدابة، أما إذا لم تکن المرأة مکشفة ولا محظور، فحال السیارة حال الدابة فی الجواز.
المسألة 791: لا یجوز استخدام السائق الذی لا یؤمن منه علی العرض
ص: 313
برکوب النساء والفتیات معه، مما یکون معرضاً للفتنة والجریمة والانزلاق.
* وکذلک حال العکس باستخدام السائقة مما تسوق الرجال والأولاد لوحدة الدلیل.
المسألة 792: لا یجوز استخدام الکافر فی البیت یباشر الطبخ والغسل مما یوجب النجاسة، فیکون مأکل الإنسان ومشربه، وماء وضوئه ومحل سجوده وما أشبه نجساً، ولیس بذاته حراماً، وإنما هو وسیلة طبیعیة للحرام.
* هذا إذا لم یتورع عن المحرمات کالخمر والخنزیر والبول، أما إذا تورع وکان من أهل الکتاب فقد ذهب جمع من الفقهاء بعدم نجاسته الذاتیة((1))،
کما فی جملة من الروایات، ولا یبعد ذلک.
المسألة 793: لا یجوز ترک الرجل الأجنبی مع المرأة الواحدة، أو النساء، فی الدار أو المحل، مما یکون معرضاً للفساد والانزلاق، کما یعتاد عند بعض الناس أن یستخدموا لخدمة الدار شاباً، ویترکونه مع زوجتهم الشابة، أو بنتهم الشابة فی الدار من دون مبالاة وتحفظ، فإن نفس الاستخدام ولو لم یکن حراماً فی بعض الصور، إلا أنه حیث صار معرضاً ومقدمة للحرام غالباً لزم الاجتناب عنه، أما صورة اجتماع الأجنبی والأجنبیة فواضح التحریم.
* (فواضح التحریم) لما فی بعض الروایات المذکورة فی الفقه((2)).
ص: 314
المسألة 794: لا یجوز استخدام النساء والفتیات المکشفات فی الدور تأتی بالشای وما أشبه للرجال الأجانب.
* فالاستخدام الذی هو مقدمة للحرام محرم، ویکون من التعاون علی الإثم.
المسألة 795: لا یجوز اتخاذ الرجل سکرتیرة مکشفة، ولا یجوز للمرأة اتخاذ سکرتیر تتکشف أمامه، کما هو المعتاد عند الکفار والأُناس الذی لا یبالون بالحرام والحلال.
* لما تقدم فی المسألة السابقة.
المسألة 796: لا یجوز تقدیر جسم المرأة باللمس لأجل خیاطة الثوب لها، أو صنع الذهب لیدها أو رجلها، فإن لمس الأجنبی حرام، بالإضافة إلی أنه معرض للفتنة والانزلاق.
* إلا إذا کان اللامس محرماً علیها ولم یُخف الفتنة.
المسألة 797: ینبغی عدم اتخاذ مخادع للدکاکین والمحلات، حیث تذهب المشتریة إلیها لأجل اشتراء لباس أو ذهب أو کمالیات أو ما أشبه، فإن هذه المخادع غالباً مثار فتنة وانزلاق، أما اجتماع الأجنبی بالأجنبیة فیها أو ارتکابهما لأمر غیر مشروع فذلک الحرام.
* أمّا أنه ینبغی عدم اتخاذه فلأنه غالباً مقدمة الحرام کما تقدم.
المسألة 798: تصویر الرجل للمرأة أو المرأة للرجل مما یلازم النظر وما أشبه
ص: 315
لا یجوز، فکیف بذهابها إلی المخدع وانفراد الأجنبی مع الأجنبیة؟
* أما التصویر فلأنه مستلزم للنظر المحرم، وأما الانفراد بالأجنبیة فهو حرام مستقل، کما فی الخبر المنصوص((1)).
المسألة 799: یجوز إلقاء الفتنة بین الکفار الذین یحاربون المسلمین، وکذلک بین المسلمین الذین انسلخوا عن مبادئ الإسلام، وارتبطوا بالأجانب، وصاروا منافذ لسیطرة الکفار علی بلاد الإسلام.
* وقد ألقی (نعمان) الفتنة بین المشرکین والیهود بتقریر من الرسول(صلی الله علیه و آله)((2)).
ص: 316
المسألة 800: ما ذکر فی المسألة السابقة إنما یجوز فیما إذا لم تکن الفتنة منجرة إلی ما لا یرضاه الإسلام، کإراقة الدماء وما أشبه، وإلا لزم أن تلاحظ الأهمیة بین المحرمین الذین لابد من أحدهما، کما هی القاعدة فی باب (الأهم والمهم).
* ولو لم یعلم أهمیة أحدهما تخیر، إلا أن یکون أحدهما أقرب إلی الاحتیاط فیقدم.
المسألة 801: لا یجوز إیذاء أبناء الکفار مقابل أن الکفار یؤذون أبناء المسلمین، مثلاً: إذا کان الیهود یأخذون أطفال المسلمین ویؤذونهم حقداً وضغناً، فإنه لا یجوز للمسلمین أن یأخذوا أطفال الیهود ویؤذونهم.
* وذلک لقوله تعالی: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَی}((1))، وقد نهی النبی(صلی الله علیه و آله) فی حرب حنین عن ذلک، حیث أراد بعض المسلمین أن یؤذی أولاد الکفار
ص: 317
والمحاربین.
المسألة 802: لا یجوز إیذاء أسری الکفار فی مقابل أن الکفار یؤذون أسری المسلمین.
* لما تقدم فی المسألة السابقة، بالإضافة إلی ما أُمر به من الرفق بالأسری((1)).
المسألة 803: ما ذکر فی المسألتین (801) و (802) أنما هو لو ارتدع الکفار عن أذی أبناء المسلمین وأسراهم بغیر ذلک، وإلا بأن توقف ردعهم به فهل یجوز ذلک أم لا؟ احتمالان، ولو قیل بالجواز فالواجب أن یکون بأقل قدر ممکن.
* ویکون ذلک من قبیل تترس الکفار بالمسلمین، کما ذکروا فی کتاب الجهاد((2))،
ثم إنّ اللازم أن یکون بإذن شوری الفقهاء المراجع؛ لأنه مما یرتبط بعامة المسلمین، وبسمعة الإسلام.
المسألة 804: لا یجوز اختطاف أُُناس أبریاء وتعذیبهم أو سجنهم لأجل
ص: 318
استجابة الحکومة، أو الشخص المرتبط بالمخطوف المطالیب الشرعیة للمختطف، فإنّه {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَی}((1)).
* من غیر فرق بین أن یکون المختطف - بالفتح - کافراً أو مسلماً، وکذا أخذ الرهینة، فإنه من المحرمات ومما یشوه سمعة الإسلام والمسلمین.
المسألة 805: إذا توقف أمر بمعروف أو نهی عن منکر أو وفاء حق مشروع علی الاختطاف لزم أن یلاحظ الأهمیة، فیقدم الأهم، مثلاً: إذا أخذت دولة کافرة ألف مسلم بریء وسجنتهم، وکان طریق خلاصهم أن یختطف المسلمون أحد وزرائها جاز ذلک فی سبیل إنقاذ أُولئک المسلمین.
* وذلک بالشرط الذی ذکرناه فی المسألة (803).
المسألة 806: الظاهر أنه یجوز خداع الحیوان لأجل الاستفادة منه، کأن یمُلأ جلد ولد الناقة بالتبن ویقدم أمامها لتظن أنه ولدها فتدر باللبن.
* فإنّ الأصل الحلیة بعد أنه لا دلیل علی الحرمة.
المسألة 807: لا بأس باستمناء الحیوان بآلة ونحوها لأجل أخذ منیه المفید لدواء ونحوه.
* لأصالة الحلیة بعد عدم الدلیل علی الحرمة.
المسألة 808: لا یجب منع حیوان ینزو علی حیوان آخر، وإن لم یکن من
ص: 319
جنسه ونوعه.
* لما تقدم فی المسألة السابقة، وحتی إذا کان الحیوان له بعض الشعور کالقرد ونحوه.
المسألة 809: لا بأس بتسجیل الدار والدکان وما أشبه باسم إنسان آخر، لأجل أن الدولة - مثلاً - لا تقرر ملکیة المالک الحقیقی.
* ولیس ذلک من الکذب المحرم، بالإضافة إلی أنه نوع من الاضطرار.
المسألة 810: اختطاف أبناء التجار أو الموظفین الکبار أو ما أشبه لأجل استدرار أموالهم، أو قیامهم بأعمال للمختطف لا یجوز شرعاً، بل هو حرام مضاعف، حیث إنه تصرف فی ما لا ولایة للمختطف علی التصرف فیه؛ وإیذاءً لأقربائه.
* وکذا اختطاف أی ولد أو بنت أو قریب للغیر، لأجل غایة یجعل الاختطاف وسیلة إلیها، من غیر فرق بین أن یکون المختطف - بالفتح - کبیراً أو صغیراً مسلماً أو کافراً محترماً.
والأنظمة فلیست کذلک، ولذا لا یجوز وصف الإسلام بأنه دین رجعی أو ما أشبه، کما لا یجوز تفضیل غیر الإسلام علی الإسلام، وادعاء أن غیر الإسلام تقدمی، أو أن غیر الإسلام هو الذی یعطی حاجات البشر، أو یحل مشکلاته أو یأخذ بید البشر إلی التقدم.
* والإیمان بالنسبة إلی الإسلام له نفس النسبة؛ ولذا قال(صلی الله علیه و آله): «واحدة ناجیة والباقون فی النار»((1))،
ولا یخفی أنه أشار إلی الفرد الأکمل - وهو النجاة فی الآخرة - وإلا ففی الدنیا أیضاً نفس الشیء؛ لأن الإنسان إذا انحرف عن قوانین الله سبحانه لابد وأن یصطدم فی الدنیا بالمشاکل.
المسألة 812: للدولة العادلة أن تمنع ذبح الحیوانات فی الشوارع والسکک وما أشبه، إذا کان الذبح مثار أمراض وإیذاء للناس لبقاء الدم والوساخات.
* بل لا یجوز للإنسان نفسه أن یذبح الحیوان ولو لم تمنع الدولة، إذا کان سبباً للأمراض والإیذاء، ودلیله واضح.
المسألة 813: هل للدولة فرض تجمیل الدکاکین وبنائها بکیفیة خاصة أم لا؟ الظاهر العدم، إلا إذا کانت هناک مصلحة أهم حتی یدخل الأمر فی قاعدة (الأهم والمهم).
* وذلک لأن مقتضی الآیة((2))
أن یکون کل إنسان وما اختاره فی الإطار
ص: 321
الإسلامی، ولأنّ روایة «إنَّ الله جمیل ویحب الجمال»((1))
تدل علی أن یکون الإنسان ساعیاً إلی التجمیل باختیاره وفی الإطار المذکور؛ ولأن الناس مسلطون علی أموالهم وأنفسهم، ثم لا یخفی أن تطبیق قانون الأهم والمهم فی الأمور العامة یجب أن یکون بإشراف شوری الفقهاء المراجع.
المسألة 814: لا یجوز أکل الطعام والشراب الذی یضر بالإنسان ضرراً بالغاً، کما لا یجوز للإنسان أن یبقی فی مکان یضر به ضرراً بالغاً، کالکون فی محل مرطوب، أو محل حار جداً، أو محل بارد کذلک، أو فی مهب الریاح، أو کثرة الوقوف فی الماء المضر به، وهکذا.
* نعم، الأضرار الطفیفة لا بأس بها، کما ذکرناه فی رسالة (لا ضرر) وغیرها((2))، وکذلک بالنسبة إلی اللبس الضار والمشی الضار، والشغل الضار وغیرها.
المسألة 815: لا یجوز للإنسان أن لا یراجع الطبیب إذا کان ف-ی ع-دم مراجعته ضرر بالغ، کما أنه یجب علیه شرب الدواء فی هذه الصورة.
* للدلیل السابق، ولا یحتاج إلی العلم بالضرر البالغ، بل احتماله کافٍ فی وجوب المراجعة.
المسألة 816: لا بأس باستعمال التراب الذی خرج بعض أجزائه عن کونه
ص: 322
تراباً، إذا بقی علیه صدق التراب فی باب الطهارة من الخبث أو الحدث.
* وکذا حال ما إذا اختلط بالتراب ما لیس من جنسه کالرماد، فإنّ الصدق العرفی کافٍ فی الطهارتین.
المسألة 817: العملیة إن کانت خطرة فالظاهر لزوم اتباع الأقل خطراً من العملیة وعدمها، فلو کان النجاح ستین فی المائة - مثلاً - وجبت العملیة، وإن کان النجاح أربعین فی المائة والهلاک ستین فی المائة وجب الترک، وإن کانت العملیة وعدمها متساویین، کما لو کان نجاح کل من إجراء العملیة وترکها خمسین فی المائة، جاز الفعل والترک.
* لکن البقاء إذا کان خطراً وجبت العملیة، وإن کانت نسبة النجاح ضئیلة، مثلاً: إذا بقی مات، وإذا أجری العملیة کان احتمال النجاح عشرة فی المائة.
المسألة 818: یجب تخلیص المظلومین من أیدی الظلمة مع الإمکان م-ن ب-اب دفع المن-کر، وقد قال رسول الله(صلی الله علیه و آله): «انصر أخاک ظالم-اً أو مظلوماً»((1))، وفسر(صلی الله علیه و آله) نصرته ظالماً بکفه عن الظلم.
* لکن وجوب النصرة فیما إذا کان الظلم کبیراً، أما إذا کان یظلمه بسرقة فلس منه أو ما أشبه مما لا یعتنی به فلا دلیل علی وجوب النصرة وهکذا، فإن دلیل الوجوب منصرف عما ذکرناه، إلا أن یکون الوجوب بجهة أُخری.
ص: 323
المسألة 819: إذا بقی لغروب الشمس فی هذا البلد أربع ساعات مثلاً، فإذا سافر الإنسان إلی بلد بقی لغروبه ساعة واحدة جاز له أن یفطر هناک بعد ساعة؛ لأنّ الأمر فی الصیام والإفطار تابعان للأُفق.
* أی: الذی فیه الصائم؛ ولأنّه بتحقق الموضوع یتحقق الحکم، وفی روایة «إنما علیک مشرقک ومغربک»((1)).
المسألة 820: ینبغی تصویر وتمثیل وتألیف ذکریات الإسلام ومحلاته بمختلف الوسائل، کتصویر المدینة المنورة ومکة المکرمة، وتجسیم الکعبة ومرقد الرسول(صلی الله علیه و آله) وآله الطاهرین(علیهم السلام)، وتألیف فتوحات الإسلام، بل یستحب ذلک أیضاً، وقد یجب إذا کانت هناک جهة وجوب.
* وذلک لأنه من طرق ترویج الإسلام، ویجب فیما إذا کان المخالف للإسلام أو الإیمان یملأ الفراغ، مما یضر العقیدة أو العمل.
المسألة 821: یجب تألیف الکتب التی تبین حقائق الإسلام، وتبطل وتفند الإشکالات والإیرادات التی أوردها علیه المخالفون، کما یجب الدفاع عن نبی الإسلام(صلی الله علیه و آله) والأئمة(علیهم السلام) والعلماء العاملین والمؤمنین الصالحین.
ص: 324
* یجب ذلک عینا أو کفایة - کل فی مورده - وذلک لأدلة الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، وأدلة الإرشاد والتنبیه والهدایة ولغیر ذلک.
المسألة 822: یشکل للإنسان أن یصنع مفاتیح تفتح بها أبواب بیوت الناس وصنادیقهم، وإن لم یکن بقصد الفتح، بل لمجرد وجودها عنده.
* وإنما یشکل لأنه یعد تعدیاً لحقوق الآخرین، فیشمله: «لا یتوی حق امرئ مسلم»((1))، أما إذا أراد الفتح فلا إشکال فی الحرمة، کما هو متعارف عند السراق والدول المستبدة.
المسألة 823: لا بأس بجمع الطوابع، أو سائر الهوایات التی لم یمنعها الإسلام، ولم یترتب علی ذلک محذور آخر، کهوایة التعرف علی الخطباء والشعراء، وهوایة الکتب، وهوایة الصنعة والسباحة ورکوب الخیل والتألیف وما أشبه.
* ففیما کانت جهة راجحة هناک فهو مستحب، وإلا فهو مباح، وإن کانت جهة مرجوحة کانت مکروهة.
المسألة 824: لا تجوز هوایة مراسلة الفتیات والتعرف إلیهن وإلی أعمارهن وما أشبه، فإن ذلک من أکبر مثارات الفتنة، ومواضع الانزلاق.
* وکذلک العکس بتعرف الفتاة إلی الشباب، للدلیل المذکور.
المسألة 825: لا بأس بأن یسمی الإنسان ولده باسم إنسان آخر، وإن لم یکن
ص: 325
ذاک الإنسان یرضی بذلک.
* لأصالة الإباحة والحریة.
المسألة 826: یجب ممارسة الضغوط الممکنة لأجل الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، کأن یحتوش((1))
الإنسان فاعل المنکر بإثارة أهله وأقربائه وأصدقائه علیه، أو یرسل إلیه مکاتیب من مختلف المناطق أو نحو ذلک، فإن هذا من أسالیب التأثیر وأسباب الردع والإقلاع.
* وهو واجب عینی أو کفائی علی موازینهما، وکذلک حال تبلیغ الإسلام.
المسألة 827: ینبغی التوسل بالدبلوماسیات لأجل نشر الإسلام، والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، کأن یحفز الإنسان حکومة علی أن تجعل من مناهج سفرائها فتح الأسواق للکتب الإسلامیة، أو القیام بالاحتفالات فی المناسبات الدینیة أو ما أشبه.
* و(ینبغی) یشمل الواجب فی مورده، والمستحب فی مورده، لإطلاق أدلتهما.
المسألة 828: إذا أمکن الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر بتشکیل هیئات وجماعات وجمعیات وجب التشکیل المذکور؛ لأنه من طرق الأمر والنهی، أما تشکیل الأحزاب بالمفهوم الغربی فقد سبق الإشکال فیه.
ص: 326
* نعم، تشکیل الحزب بالمفهوم الإسلامی((1))
لا بأس به، وجوباً أو استحباباً کل فی مورده.
المسألة 829: إذا أمکن الحجز علی إنسان یترک المعروف أو یفعل المنکر أو نحوه حتی یضطر إلی الاستقامة لزم أن یلاحظ أن أی الأمرین أهم فی نظر الشارع؟ فإذا تحققت الأهمیة فی الحجز والضبط جاز وإلا لم یجز.
* والجواز فی قبال الحرمة، وإلا فاللازم أن یقال (بالوجوب) وکذلک حال حجز ماله حتی لا یشرب الخمر، أو لا یزنی أو ما أشبه ذلک، ویحتاج کل ذلک إلی إجازة الحاکم الشرعی.
المسألة 830: إذا أمکن محالفة الکفار لضرب کافر محارب، أو لإیقاف مسلم عند أوامر الشرع، ولم تکن فی المحالفة مضرة جاز، کما حالف النبی(صلی الله علیه و آله) بعض القبائل ضد قریش الذین کانوا یعتدون علی الرسول وعلی المسلمین((2)).
ص: 327
* من غیر فرق بین أهل الکتاب وغیرهم، لإطلاق الأدلة.
المسألة 831: یجوز إحداث الأجنحة علی الطریق العام ما لم تضر المارة؛ وذلک بأن یبنی الإنسان طلاّعاً((1))
فی بنائه یشرف علی الجادة.
* لإطلاق أدلة السلطنة والحریة، لکن الضرر مستثنی سواء بالنسبة إلی المارة أم الجار بدلیل (لا ضرر)، وکذلک حال فتح المجاری ونحوه فی الطریق العام.
المسألة 832: یجوز فتح الأبواب المستجدة إلی الطریق العام، لکن بشرط أن لا یضر المارة، وکذلک فتح النوافذ إلی الطریق العام.
* لما تقدم، وإنما قلنا الطریق العام لأن فی الأزقة والسکک الخاصة تفصیل مذکور فی کتاب إحیاء الموات((2)).
ص: 328
المسألة 833: الظاهر عدم جواز فتح النافذة فی بنائه إذا أشرف علی دار الغیر.
* لأنه إضرار بالغیر «ولا ضرر ولا ضرار»((1)).
المسألة 834: یجوز إجارة الطائرة والسفینة والقاطرة والغواصة والسیارة والمعمل وغیرها من الوسائل الحدیثة، بشروط الإجارة المذکورة فی کتاب الإجارة((2)).
* وکذلک حال رهنها وهبتها وبیع شرطها وغیر ذلک من المعاملات المعروفة أو الحدیثة، التی لم یمنع الإسلام عنها؛ وذلک لإطلاق أدلتها.
المسألة 835: یجوز للإنسان أن یقود السیارة أو ما أشبه بدون تحصیل الموافقة من الدولة غیر المشروعة. نعم، إذا کان لا یعرف السیاقة بما کان محلاً للضرر والخطر أُشکلت السیاقة.
* إلا مع القطع بعدم الخطر علی نفسه أو غیره أو مال محترم، وکذا إذا کانت الدولة شرعیة فإنه لم یجز مخالفتها.
المسألة 836: الدکتور ضامن لما تلف بسببه إلا إذا تبرأ من العطب، ویجب علیه الدقة فی الفحص ووصف الدواء، ومراقبة الله سبحانه فی أن لا یقول بما لا یعلم.
ص: 329
* الضمان لأن کل مَنْ أضر غیره ضامن لما أضره أو أتلفه، ووجوب الفحص لأنه لا یجوز ضرر الآخرین، واحتمال الضرر مثل نفس الضرر، فالضمان وضعی وهذا تکلیفی، أما إذا تبرأ برئ عقلاً ونصاً((1))، لکن براءته إنما تفیده إذا عمل بالموازین علماً ومباشرة؛ لأن إعطاء المریض البراءة مقیّد بذلک.
المسألة 837: تجوز إعارة دولة لدولة أُخری السلاح، سواء کانت لمجرد المناورة أم المحاربة الجائزة شرعاً.
* أما إذا لم یجز فلا یجوز، وقد یترتب علی ذلک الضمان أیضاً.
المسألة 838: مثل الإعارة فیما ذکر فی المسألة السابقة الإجارة والبیع والصلح وما أشبه.
* لوحدة الدلیل فی الجمیع، ولا فرق فی السلاح بین الهجومی والدفاعی.
المسألة 839: لا إشکال فی جواز إیداع المال فی البنک بدون أخذ الربا منه، لکن إذا علمنا أن المشرف علی العمل یأخذ الربا بسبب المال المودع مما یکون إیداعنا عنده موجبا لأکله الربا فهل یجوز الإیداع أم لا؟ احتمالان.
* ولعل الأقرب العدم؛ لأنه من التعاون علی الإثم، لکن فی مثل هذه المسألة خلاف بین الفقهاء، حیث یقول بعضهم بأنها مثل بیع التمر لمن یصنعه خمراً،
ص: 330
والتفصیل مذکور فی الفقه((1)).
المسألة 840: إذا عرف البنک أن المودع لا یملک المال الذی أودعه، بل إنما هو سرقة أو ما أشبه لم یجز للبنک ردها إلیه، بل اللازم ردها إلی مالکها، وإن لم یعرف المالک فإلی الحاکم الشرعی.
* إذ السارق لا حق له، ولا فرق فی ذلک بین ما لو أودع السارق مال السرقة إلی البنک أو عند شخص أو جماعة.
المسألة 841: یجوز لأصحاب الملایین أو الشرکات الکبری عقد صفقة مع شرکات رواد الفضاء لکشف کوکب، أو شیء مجهول فی الفضاء بمقدار خاص من المال.
* لأنه نوع تعامل عقلائی فیشمله الأدلة.
المسألة 842: هل حکم المفلس کما یجری علی الفرد یجری علی الدولة أو علی الشرکة أو علی الجمعیة أم لا؟ احتمالان، وإن کان لا یبعد الجریان لإطلاق بعض الأدلة.
* والظاهر ذلک لما ذکر، بالإضافة إلی الملاک والعقلائیة.
المسألة 843: لا یجوز للدولة تصفیة أموال شرکة أو جمعیة أو ما أشبه، فیما
ص: 331
إذا لم تعمل بالقوانین المقررة للجمعیات، إلا إذا کانت الدولة شرعیة وکانت التصفیة بالمیزان الشرعی.
* أما إذا لم یکن الشرطان فالمشرفون لهم الحق فی الإخفاء، ونقض الحکم والعمل بما یخلصهم من المشکلة، واللازم فی جمیع الصور مراعاة حقوق الناس.
المسألة 844: حکم الوکالات التجاریة المتعارفة فی هذه الأزمنة حکم الوکالة بجمیع شرائطها المذکورة فی کتاب الوکالة((1)).
* لإطلاق الأدلة، إلا إذا کانت فیها جهة محرمة، حیث یجب الاجتناب عن ذلک المحرم، وإذا کانت نفس الوکالة محرمة - کما یعتاد فی بعض بلاد الغرب من وکالة البغاء وما أشبه - کانت باطلة، وقد سبق الإلماع إلی ذلک فی بعض المباحث السابقة.
المسألة 845: یجوز السکنی داخل البحر إن أمکن - کما نشره الإعلام أخیراً - نعم، یلزم مراعاة الأحکام الشرعیة هناک.
* من مواقیت الصلاة والصیام وغیر ذلک اعتماداً علی الوسائل المطمئنة.
المسألة 846: لو انهدمت قریة بسبب الزلازل أو القنابل أو السیول ولم یعلم محال الوقف منها، فهل یجب تخصیص قطعة من أرضها للوقف الذی کان سابقاً أو لا؟ احتمالان، ولا یبعد الوجوب، والأحوط أن یکون بالقرعة.
ص: 332
* ذلک لأن حکم الوقف حکم الملک، فکما أنه إذا کان لجماعة أراضٍ ولم یعلم أیة قطعة لأیهم لزم إعطاء کل واحد قطعة ولو بالقرعة، فکذلک المقام، فإنه هو المستفاد من کون «الوقوف علی حسب ما یقفها أهلها»((1)) منضماً إلی التنظیر بالملک، والقرعة لأنها لکل أمر مشکل.
المسألة 847: لا یجوز تهیج المیاه بواسطة تفجیر القنابل أو ما أشبه، بحیث یوجب تکوّن السیول الموجبة للإضرار بالناس، ولو هیّج کان ضامناً لما یخرّبه السیل.
* وکذلک تهیج الأمطار والزلازل والریاح وما أشبه ذلک؛ لإطلاق دلیل (لا ضرر)، وإطلاق دلیل (الضمان) فله حرمة تکلیفیة وضمان وضعی.
المسألة 848: الطائرات التی تخرق حاجز الصوت فتؤدی إلی کسر الزجاج، أو تصدع العمارة یضمن أصحابها الخسارة التی توردها علی الناس.
* لدلیل (لا ضرر) ولو کانت للدولة العادلة فمن بیت المال إذا لم یکن الطیار مقصراً.
المسألة 849: لو سبب صوت الطائرة إجهاض الحامل کان صاحبها ضامناً.
* فیما إذا مات الطفل المجهَض، أما إذا لم یمت فلا یضمن وإن فعل حراماً. نعم، یضمن المصارف کجعل الطفل فی الأُنبوب مثلاً، ومثل الإجهاض فیما لو
ص: 333
أوجب نقص عضو أو قوة، ولو سبب المرض للطفل فالحکومة، بمعنی أن یحکم ذوا عدل من أهل الخبرة علی قدر نسبة النقص والمرض، من الدیة.
المسألة 850: لا یجوز تهدیم الوقف لمصلحة ساحة أو شارع أو مشروع، إلا إذا کانت تلک المصلحة أهم فی نظر الشارع، فیجوز لقاعدة الأهم والمهم.
* الحکم فی المستثنی منه لأن «الوقوف علی حسب ما یقفها أهلها»((1)) والهدم ینافی ذلک، والمستثنی لأدلة تقدیم الأهم((2)).
المسألة 851: الظاهر وجوب تبدیل الوقف بالمثل، فی مفروض المسألة
ص: 334
السابقة.
* وذلک لارتکاز الواقف علی ذلک، فإن الواقف یرید العین ویرید الروح العام، إذا لم یمکن العین، کما یرید الأعم إذا لم یمکن المثل، بأن یجعل مکان المدرسة حسینیة، أو ما أشبه إذا لم یمکن المدرسة وهکذا مع مراعاة الأقرب فالأقرب.
المسألة 852: ینبغی استعداد الدولة للترفیه علی الزائرین والوافدین، خصوصاً بالنسبة إلی الحجاج وزوار مرقد الرسول(صلی الله علیه و آله) والأئمة الطاهرین(علیهم السلام)، بتهیئة المسکن والطعام والماء والکهرباء والصحة والنظافة والمواصلات ونحوها. بل قد یجب ذلک، إذا کانت هناک جهة خارجیة موجبة.
* ینبغی ذلک لأنه من التعاون علی الخیر والبر والتقوی، بالإضافة إلی العناوین الکثیرة الراجحة المنطبقة علی أمثال هذه الأمور. أما الجهات الموجبة مثل: إسعاف المریض والمضطر ومن أشبه فهو مما أمر به الإسلام، وقد قال عیسی(علیه السلام): «التارک مداواة الجریح بمنزلة الجارح له»((1))، وقد یجب ذلک إذا توقف الدین أو المذهب علی ذلک، وإذا کان مقدمة للأمر بالمعروف والنهی عن المنکر.
المسألة 853: الظاهر أنه لا یجوز صرف مجموع وارد الأوقاف فی مجموع أهداف الأوقاف من دون ملاحظة کیفیة الوقف، مثلاً: بید وزارة الأوقاف دار
ص: 335
لضیاء المشهد، ودکان لإطعام الزوار، وحمام لعلاج المرضی، فتأخذ الوزارة وارد الکل وتصرفه فی الشؤون الثلاثة، من دون ملاحظة صرف مقدار کل وارد فی هدف الوقف الخاص.
* عدم الجواز لأنه صرف للوقف فی غیر مصرفه. نعم، فیما إذا کان المصرف متساویاً مثلاً وصرف بالمقدار فی کل مصرف، لم یلزم وضع وارد کل وقف فی مکان خاص، بل یجوز الخلط والصرف من المجموع لصدق (أداء الأمانة) بذلک عرفاً، کما یری ذلک بعض الفقهاء فی مثل الخمس والزکاة والثلث، وأُجرة الصلاة والصیام حیث تخلط، لکن یعطی الفقیه من کل الکیس المشترک بقدر کل واحد إلی مصرفه.
المسألة 854: إذا لم یجز ما ذکر فی المسألة السابقة لم یجز بطریقة أولی صرف الوارد فی مطلق المشاریع الخیریة، التی لم تکن من مقاصد الوقف، کما هی العادة فی دوائر الأوقاف فی العصر الحاضر.
* لأنه صرف فی المورد الخارج عن المصارف المقررة فی الوقف.
المسألة 855: الوقف بقسمیه الذری والخیری باقیان إلی الأبد، فإبطال بعض الحکومات الوقف الذری لا یؤثر فی تغییر الحکم الشرعی.
* لأنَّ: «حلال محمد حلال أبدا إلی یوم القیامة وحرامه حرام أبداً إلی یوم القیامة»((1)).
ص: 336
المسألة 856: ما تقوله بعض الحکومات أو الأفراد الذین یریدون العمل بهواهم من أنهم یأخذون روح الإسلام وجوهره إنما هو خداع، وتغطیة لفرارهم عن العمل بالإسلام.
* وذلک لأن الإسلام روح وجسم، لا أحدهما فقط.
المسألة 857: ما یقوله بعض الناس من أن الإسلام متطور فلا یجب الأخذ بأحکامه حرفیاً إنما هو انهزام عن واقع الإسلام فی إطار من المراوغة، إنهم بهرهم الغرب والشرق فعملوا بما قالوه، فإذا رأوا منافاة بین حکم الإسلام وحکم الغرب والشرق قالوا بأن الإسلام متطور لیترکوا العمل بالإسلام، ویأخذوا بمنهاج الغرب والشرق.
* نعم، التطور بمعنی أنه إذا تغیر الموضوع تغیر الحکم؛ لأن الحکم تابع للموضوع صحیح، لکنه لیس تطوراً بمعنی اللفظ، وإنما بالمعنی اللغوی، أی التغیر من طور إلی طور آخر.
المسألة 858: تصح الوصیة التسجیلیة فی الأشرطة، کما تصح باللفظ وبالکتابة.
* لإطلاق أدلة الوصیة، وحکم التسجیلات المتخالفة حکم المکتوبات المتخالفة، کما أنّ حکم التخالف بین الکتابة والتسجیل حکم المخالفة بین وصیتین من جنس واحد، إلا إذا کان أحدهما أقوی عرفاً.
المسألة 859: لا یکفی فی إنفاذ وصیة قراءة القرآن علی القبر وضع المسجل، إلا إذا صرح الموصی بأنه یرید ذلک، أو کان لکلامه عموم أو إطلاق من هذه
ص: 337
الجهة.
* وذلک لانصراف الأدلة عن مثله.
المسألة 860: الوصیة بتسبیل الماء تؤدی بجعل الحنفیة، کما أن الوصیة بالإنارة تؤدی بجعل المصباح الکهربائی.
* لشمول الإطلاق لهما، کما أنّ الوصیة بإیفاد ناس إلی الحج أو الزیارة تؤدی بالإیفاد بواسطة الوسائل الحدیثة، وإن کانت الوصیة فی زمان لم یکن لهذه الوسائل عین ولا أثر، وهکذا أمثال ذلک.
المسألة 861: ینبغی للحکومات الإسلامیة المشرفة علی المراکز المقدسة توسیع تلک المراکز، حتی یسع المسجد الحرام ملیون إنسان علی الأقل، وکذلک مشاهد الرسول(صلی الله علیه و آله) والأئمة الطاهرین (صلوات الله علیهم أجمعین) نصف ملیون إنسان، بل قد یجب ذلک بالعنوان الثانوی.
* لانطباق عناوین متعددة من المستحبات علی أمثال هذه التوسعات، لکن بشرط أن لا یوجب التوسیع ذهاب شعار واجب، مثل أن یوسع مسجد الرسول(صلی الله علیه و آله) إلی أن ینمحی آثار قبور الأئمة(علیهم السلام) فی البقیع إلی غیر ذلک من الأمثلة.
المسألة 862: ینبغی للحکومات الإسلامیة المشرفة علی المراکز المقدسة أن تجعل من المرکز منطلقاً للتبلیغات الإسلامیة الصحیحة، بجعل المدارس والمکتبات للمطالعة، ومکتبات للبیع، ومکتبات لتوزیع الکتب بالمجان،
ص: 338
ومحلات لبیع وتوزیع الأشرطة الدینیة، وبیع وتوزیع الصور والتماثیل لذکریات الإسلام، وجعل الخطباء والمبلغین بمختلف اللغات لإرشاد الناس وما أشبه ذلک فی أطراف کل تلک المراکز المقدسة، بل لا یبعد الوجوب فی الجملة؛ لأنه داخل فی الإرشاد والتبلیغ والأمر بالمعروف.
* فکل ما یؤدی شأناً واجباً کان واجباً، وکل ما یؤدی شأناً مستحباً یکون مستحباً.
المسألة 863: لو ألقی قنبلة فی الماء بقصد تخدیر الأسماک وظهورها علی الماء حتی یصطادها، فالظاهر أنه لا یحق لأحد صیدها؛ لأنها صارت صیداً لصاحب القنبلة.
* لکن لا یحق للصیاد أن یصطاد أکثر من حقه؛ لأنّ الحق فی إطار (لکم)((1)) کما ذکرناه فی الفقه((2))، وقد سبق فی بعض المباحث شبه ذلک.
المسألة 864: لو ألقی إلی الحمام أو الطیر أو الوحش حبات مخدرة لأجل صیدها فتخدرت بواسطتها، ولم تتمکن من الهرب لم یحق لأحد صیدها؛ لأنها صارت صیداً لصاحب الحبة.
ص: 339
* فیشمله: «من سبق»((1))
ونحوه، والاستثناء هنا کالاستثناء فی المسألة السابقة.
المسألة 865: الحکم کما ذکر فی المسألة (863) و(864) فیما إذا القی قنبلة مسیلة للدموع أو ما أشبه مما سببت عدم تمکن الصید من الطیران أو الهرب.
* لوحدة الدلیل فی الجمیع.
المسألة 866: أحواض الأسماک التی یصنعها الناس أو الدول فی حافة الأنهار والبحار إذا دخل فیها السمک یکون لصاحب الحوض، فلا یحق لأحد صیده بدون إذنه.
* وکذلک حال الشبکات التی تصنع لصید الطیر أو الوحش أو ما أشبه، لصدق «من سبق».
المسألة 867: إذا أوصی بأن یصرف ماله لشراء السیارة للزوار، أو لإدارة الأیتام أو دار العجزة أو مدرسة المعوقین أو نحو ذلک صح، بل ذلک من أفضل القربات.
* لإطلاق أدلة الوصیة، وعدم وجود السیارة فی زمانهم(علیهم السلام) لا یوجب أن ینصرف أدلة الوصیة إلی ما تعارف فی زمانهم فقط.
المسألة 868: الظاهر أن حریم آبار البترول هو الذی یراه العرف حریماً
ص: 340
لصدق «من سبق» فإذا حفر إنسان بئراً لا یحق لآخر أن یحفر بئراً إلی جانبه.
* بحیث یکون أخذاً لحق السابق. نعم، الاستثناء الذی ذکرناه بدلیل (لکم) فی المسألة السابقة آتٍ هنا أیضاً.
المسألة 869: لا یحق تعمیق بئر النفط بما یضر بئر إنسان آخر، لما سبق فی المسألة السابقة.
* وکذلک حال بئر الماء ونحوه، والحاصل یجب للثانی أو الذی یرید التعمیق مراعاة: «من سبق» بالنسبة إلی السابق، ولو اختلفا فی أنه یصدق (السبق) أم لا فالمرجع القضاء.
المسألة 870: الحریم الذی یقرره القانون الدولی للمطارات والمعامل الظاهر وجوب اتباعه، فإنه داخل فی مصداق «من سبق» الذی تقدم فی المسألة (868).
* إلا إذا کان أکثر أو أقل من دلیل السبق، فاللازم اتباع السبق العقلائی.
المسألة 871: الممرات المائیة کقناة السویس، والخلجان کخلیج العقبة إنما هو ملک المسلمین، هذا فیما إذا لم یحفر القناة، أو لم یصنع الخلیج شخص آخر، وإلا کان هو المالک، وإذا لم تکن فی أرض الغیر ولم یکن هناک محذور آخر من الملکیة الفردیة.
* «ملک المسلمین» فلا یحق لدولة هناک أن تمنع سائر المسلمین؛ لأنها من المباحات، فیحق لکل واحد الاستفادة منها.
ص: 341
المسألة 872: الکافر المحترم حاله حال المسلم فی ما ذکر فی المسألة السابقة.
* لأن الإسلام لم یمنع الکافر منعاً قانونیاً عن الاستفادة من المباحات. نعم، الکافر المعاند ممنوع منعاً معنویاً، کما ذکر فی باب الأنفال وباب الخمس.
المسألة 873: المعدن من المباحات، فإن استولی علیه شخص أو دولة محترمة کان له، لکن هل یحق لإنسان أن یحجر علی معدن کبیر کامل لدلیل «من سبق»((1))
أو لا لانصراف أدلة التحجیر عن مثل ذلک؟ نعم، للفرد ما أخرج من المعدن.
* والأقرب الثانی للانصراف، بالإضافة إلی أن هذه الأحکام محدودة بدلیل (لکم) ولذا فلیس للفرد أن یستخرج من المعدن أکثر من حقه؛ لأنه أیضاً فی إطار: (لکم).
المسألة 874: لا إشکال فی السعی لزواج نجوم السینما للمال والشهرة، لکن ذلک مکروه شرعاً، ولو تزوج بها کان الواجب علیه أن یمنعها عن التکشف والتعری والتبرج وفعل المحرمات.
* قال سبحانه: {قُوا أَنفُسَکُمْ وَأَهْلِیکُمْ نَاراً}((2))
إلی غی-رها م-ن الآیات
ص: 342
والروایات((1)) الدالة علی ذلک.
المسألة 875: السعی للزواج من ملکات الجمال حاله حال ما ذکر فی المسألة السابقة.
* فی الجواز والکراهة، ووجوب الحفظ.
المسألة 876: لا بأس بالسعی وراء البنات (الملیونیرات) للزواج منهن، لکن اللازم أن یعلم الساعی کراهة التزویج للمال والجمال، کما ورد فی الأحادیث((2)).
ص: 343
* بالإضافة إلی أن العقل یدل أیضاً علی ذلک؛ لأن الغالب أن الزوجة الثریة توجب مشاکل للزوج.
المسألة 877: یحرم الرقص مع الزوجة لیلة العرس أو ما أشبه أمام الأجانب مما یعتاده مقلدة الغرب.
* نعم، لا بأس برقص الزوجین أحدهما للآخر فیما لم یکن هناک أجنبی.
المسألة 878: یحرم تبدیل الأزواج والزوجات فی اللیالی الحمراء کما یفعله مقلدة الغرب.
* فإنه من أشد المحرمات، ویهدم العائلة ویسبب مشاکل الأولاد وغیر ذلک.
المسألة 879: یحرم لعبة المفاتیح التی هی عبارة عن جعل الزوجات کل زوجة فی غرفة ثم تقفل الأبواب، ثم یعطی کل مفتاح بید رجل لیفتح الباب، ویلامس المرأة الموجودة فی تلک الغرفة.
* الدلیل علی ذلک هو الدلیل السابق حرمة ومشکلة وغیر ذلک.
المسألة 880: النظر إلی نساء الکفار إنما یجوز بشرطین: الأول: أن یکون إلی المواضع التی کانت معتادة ظهورها فی زمن الإسلام، ولم یکن ذلک أکثر من الوجه والکفین والقدمین، ولعله کان بعض شعر الرأس أیضاً، الثانی: أن لا یکون بریبة، ولا یکون مثار شهوة، فالذین یسافرون إلی بلاد الأجانب یجب أن یعلموا هذه المسألة إذا أرادوا التحفظ علی دینهم.
ص: 344
* أما إذا وقع النظر إلیهن بلا قصد فلا بأس، کما هو المشهور بین المعاصرین((1)).
المسألة 881: العادة الجاریة عند بعض أهالی الریف من تزویج نفرین کل واحد أُخت الآخر أو بنته علی أن یکون مهر کل واحدة منها نکاح الأُخری باطل، وهذا هو المعبر عنه فی فقه الإسلام ب- (نکاح الشغار)((2)).
* وإنما اللازم جعل المهر الشرعی، وکذلک حال تزویج کل واحد قریبه من الآخر، خالةً أو عمةً أو بنتهما أو غیرهن.
المسألة 882: یجوز التمتع بملکات الجمال ونجوم السینما والراقصات، کما یجوز العکس بأن تتمتع المرأة بملک الجمال ونجم السینما والراقص، لکن یجب أن یکون ذلک فی الإطار الإسلامی المذکور فی کتب الفقه.
ص: 345
* لإطلاق أدلة النکاح بقسمیه، أما الخروج عن ذلک - کما یعتاد فی بلاد الغرب ونحوها - فهو محرم بلا إشکال.
المسألة 883: یجوز أن یکون الحلق والختان بالآلة الکهربائیة، کما یجوز أن یکونا بالمحالیل الموجبة لسقوط الشعر ولسقوط الغلفة.
* لأنّ الموسی ونحوها طریقی ولا موضوعیة لها.
المسألة 884: یجوز إزالة الوشم بواسطة المکائن، والألم الذی یجده الإنسان عند الإزالة لیس یحرم تحمله، إلا إذا سبب ضرراً بالغاً لا یجوز تحمله شرعاً.
* الجواز لأصالة الحل، والضرر البالغ محرم بدلیل (لا ضرر).
المسألة 885: لا بأس بتغذیة الطفل بالحلیب المجفف وإن لم یعلم ماهیته؛ لأنّ الأصل فی کل شیء الحل والطهارة. نعم، إذا علم تضرر الطفل بذلک لم یجز.
* لکن لا یخفی أنّ لبن الأُم - کما ثبت شرعاً، وأیده العلم الحدیث - أولی وأفضل.
المسألة 886: مَنْ یعلم أن ولده یخرج مشوهاً أو معتوهاً یجوز أن یمنع نفسه عن النسل، وفی إسقاط الجنین إذا علم أنه مشوه أو معتوه أو ما أشبه إشکال.
* إلا إذا لم یصدق علیه الإنسان حتی یشمله دلیل حرمة قتل الإنسان.
لا یقال: فما فائدة بقائه عمراً مشوهاً أو معتوهاً أو ما أشبه؟
ص: 346
لأنه یقال: نقضاً: فما فائدة المریض الذی لا یرجی زوال مرضه العضال.
وحلاً: إنّ الإبقاء علی أمثالهم احترام للإنسان، وهو أمر عقلائی وشرعی.
المسألة 887: لو فرض أن علمنا بانعقاد الولد الأول من التوأمین عن حلال، والثانی عن حرام أو بالعکس، وجب ترتیب حکم کل علی المعلوم کیفیة ولادته.
* لأنّ الحکم یتبع موضوعه.
المسألة 888: یجب علی دور الحضانة التی تربی الأطفال أن تحفظ أنسابهم، وإذا کانت النسبة مجهولة کاللقیط، أو کان ولد زنا فاللازم حفظ ذلک؛ لئلا یختلط الأمر ویشتبه الصحیح بالسقیم.
* فإنّ حفظ الأنساب واجب شرعی وعقلی، قال تعالی: {فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً}((1)).
المسألة 889: لا یجوز للقوابل والدکاترة وصف الأدویة المسقطة للحمل، أو مباشرة عملیة الإجهاض، إلا بعد التأکد من جواز الإسقاط شرعاً.
* فإنّ وصف الأدویة المجهضة مقدمة الحرام، ومباشرة الإجهاض محرم ذاتی وفیه الضمان.
ص: 347
المسألة 890: یجوز للمرأة أن تطلب الطلاق الخلعی من زوجها، فیما إذا کان زوجها مشوه المنظر، أو سّیء الخلق أو فاسد العمل أو ما أشبه، فإذا رضی الزوج وطلقها فی مقابل فداء صح الطلاق وجاز لها بعد انقضاء العدة الزواج.
* خصوصاً إذا کانت فی عسر وحرج وما أشبه ذلک، للإطلاقات.
المسألة 891: لو کانت الأُم حاملاً ومات الأب، أو مات من یرثه الجنین جاز أن یستعلم حالة الجنین بالأشعة ونحوها؛ لیعرف أنه ذکر أو أُنثی، واحد أو أکثر، ویعزل نصیبه من الإرث. ولا یخفی أن اختصاص الله تعالی بالعلم بما فی الأرحام إنما یراد به جمیع الخصوصیات، کالجمال والأخلاق ومدة العمر، وما یکون إلیه مصیره، لا مجرد الذکورة والأُنوثة حتی یقال: کیف للعلم أن یکشف ما ورد: من أنّ الله سبحانه استأثر بعلمه.
* وذلک لأنّ وضع إرثین وما أشبه إنما هو فیما لم یعلم، أما إذا علم بواسطة الأشعة أو غیره لم یلزم إلا وضع المقدر له شرعاً، والجواز للإطلاقات.
المسألة 892: إذا مات الوارث والمورث بکارثة کالزلزلة أو القصف بالقنابل أو ما أشبه، ولم یعلم السبق والسابق فهل الحال فی الإرث کمیراث الغرقی والمهدوم علیهم، مما ذکر فی فقه الإسلام أم لا؟ احتمالان، والأول أقرب، والتفصیل فی الفقه.
* (أقرب) لأن ما دل علی التوارث یفهم منه بالملاک ما نحن فیه أیضا،
وإن کان الاحتیاط - الاستحبابی - فی التصالح.
ص: 348
اتخاذ الحمام الراعب((1))
المسألة 893: لا بأس باتخاذ الحمام للاُنس والاستفراخ والتجارة والأکل، وانفاذ الکتب وما أشبه. نعم، اللعب بالحمام بدون ارتکاب حرام مکروه.
* الجواز لإطلاق أدلة الحل، بل قد یستحب لإطلاق أدلة المستحبات((2))
کالتجارة ونحوها، أما الکراهة((3)) فلما دل علیه نصاً وعقلاً.
ص: 349
المسألة 894: تکوین حدیقة الحیوانات للاسترباح جائز حلال، وکذلک للثقافة أو نحوها.
* کالأُنس فی البیت أو فی المستشفی أو غیر ذلک، ویجوز المعاملة علی هذه الحیوانات، فإن البیع وسائر المعاملات علیها عقلائی.
المسألة 895: لا یجوز للدولة الإسلامیة إعطاء الإجازة لفتح المؤسسات التبشیریة أو الإعلامیة للکفار، سواء کانت باسم التبشیر والإعلام أم کان ظاهرها تجاریة وما أشبه وباطنها التبشیر والإعلام.
* لأنها مؤسسات إضلال، والسماح للإضلال محرم. نعم، إذا کانوا یریدون المقابلة بالمثل لفتحنا فی بلادهم، فاللازم ملاحظة أن أیهما أهم، فإذا کان فتحنا فی بلادهم أهم أو تساویا جاز وإلا حرم.
المسألة 896: لا یجوز لأجهزة إعلام الدولة الإسلامیة نقل قوة الکفار وضعف المسلمین، مما یسبب تخاذلهم وانهزامهم، إلا إذا کان فی ذلک مصلحة مهمة، کتحفظهم من أن یأتیهم العدو بغتة أو ما أشبه ذلک.
* ویدل علیه - بالإضافة إلی العقل - ما دل علی عدم إعطاء الحصة فی الجهاد للمخذل((1))
وغیر ذلک.
ص: 350
المسألة 897: لا یجوز للدولة الإسلامیة أن تجیز للکفار الدخول فی المساجد أو المشاهد المشرفة.
* وذلک لقوله تعالی: {إِنَّمَا الْمُشْرِکُونَ نَجَسٌ فَلاَ یَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَ-ذَا}((1)).
المسألة 898: هل یجوز إجازة الدولة للکفار بأخذ الصور من المشاهد والمساجد ونحوهما من خارجها أم لا یجوز؟ احتمالان. نعم، إذا کانت مصلحة فی أخذ الصورة أو مصلحة فی عدم الأخذ اتبع المصلحة.
* لا یبعد الجواز لإطلاق دلیل الحل إذا لم یکن محذور کالهتک مثلاً.
المسألة 899: لا یجوز غلق أبواب المسجد باعتبار أنه مسجد أثری، کما لا یجوز منع المصلین عن الصلاة فی المسجد باعتبار أنه أثری.
* فاللازم أن یکون مفتّح الأبواب لمن یرید دخوله؛ وذلک لأن «الوقوف علی حسب ما یقفها أهلها»((2)).
نعم، إذا کان اللازم الغلق کما فی اللیل أو ما أشبه لا بأس بالغلق.
ص: 351
المسألة 900: إذا جعلت الدولة المحاربة للمسلمین مساجدهم وحسینیاتهم ومدارسهم الدینیة مخازن، أو مدارس حکومیة أو ما أشبه ذلک وجب علی المسلمین السعی فی إعادتها إلی حالتها السابقة، کما یجب السعی فی إعادة الأوقاف التی وضعت الدولة ید العدوان علیها إلی وقفیتها السابقة.
* فإنه من باب المنع عن المنکر ودفعه، وهو واجب.
المسألة 901: لا یجوز جعل رکن فی الإذاعة أو فتح باب فی الصحف لنشر الأمور الجنسیة المحرمة، کما هو العادة بالنسبة إلی بعض الإذاعات والصحف، وکذلک تدریس الجنس الموجب فساداً أو ضرراً.
* وکذلک حال التمثیلیات والسینماءات والملاهی وما أشبه، مما تشتمل علی المحرمات والمضار، قال تعالی: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَی الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}((1)).
المسألة 902: لا یجوز جعل رکن فی الإذاعة أو فتح محور فی الصحف للتعارف بین الفتیان والفتیات وبین الناس والراقصات وما أشبه مما یثیر الفتنة والفساد.
* فإن کل مثیر وفتنة محرم. قال تعالی: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَیَطْمَعَ الَّذِی فِی قَلْبِهِ مَرَضٌ}((2))، وقال سبحانه: { وَلا یَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِیُعْلَمَ مَا یُخْفِینَ مِن زِینَتِهِنَّ}((3)).
ص: 352
المسألة 903: لو عذب شخص إنساناً فمات فی أثر التعذیب کان من القتل الواجب فیه القصاص أو الدیة، لو کان التعذیب مما یوجب قصاصاً.
* إذ لا فرق بین القتل بسبب التعذیب أو غیره فی إطلاق الأدلة.
المسألة 904: یجوز تسلق الجبال العالیة والقفز العالی، والرکض الشدید وما أشبه إذا لم یکن فی ذلک خوف الضرر الکثیر.
* أما خوف الضرر الجائز تحمّله فلا بأس به، کما ذکرناه فی مبحث (لا ضرر)، وتقدمت الإشارة إلیه.
المسألة 905: لا یجوز إزالة بکارة البکر بالعملیة ونحوها، کما هو معتاد فی بعض البلاد، حیث یجرون الإزالة علی الطفلة بمجرد الولادة ونحوه؛ لأجل تخلیص الفتاة عن تحسس الذنب باقتراف الفساد، ولو أزالها ضمن دیتها.
* فإنّ لإزالة البکارة دیة مذکورة فی کتاب الدیات((1))، وإنما لا یلزم الدیة بالنسبة إلی الزوج، وکذا لا دیة لمن تعطی هی نفسها بغاءً، حیث «لا مهر لبغی»((2)).
ص: 353
وهل یحق لنفسها افتضاض بکارتها؟ لا یجوز إذا کانت مزوجة والزوج لا یرضی بذلک؛ لأنه حینئذٍ من حق الزوج، وفی غیر المزوجة إذا کان الضرر کثیراً لم یجز، والمراد بالضرر الأعم من الجسمی فیشمل الضرر الاجتماعی أیضاً، وإلا فاحتمالان.
ولو أراد الزوج فضها بالإصبع ونحوه فهل یجوز لأنه حقه، فیحق له الإزالة بأی سبب، أو لا، لأنه خلاف المنصرف؟ احتمالان، ولا شک فی الجواز فی صورة رضاها.
المسألة 906: لو رکض إنسان وراء طفل مما سبب وقوعه من السطح أو اصطدامه، فانجر إلی جرح أو کسر أو موت کان الراکض ضامناً.
* للصدق العرفی، ویشمله أدلة الضمان، ولا یلزم علم الضامن ولا قصده؛ لأن الدیات والضمانات لا تتوقفان علی العلم والعمد لإطلاق أدلتهما، ولبعض الروایات الخاصة((1))، کما لو انقلبت الظئر علی الطفل فمات((2))، إلی غیر ذلک، ثم إن حکم القصاص أو الدیة عمداً، أو خطأ محضاً، أو شبه العمد، یکون علی الموازین المذکورة فی کتاب الدیات((3)).
ص: 354
المسألة 907: لو أتلف السائق السیارة کان علیه الضمان، کما ذکر فی کتاب الفقه، وکذلک إتلاف سائر الوسائل الحدیثة.
* لإطلاق أدلة الضمان، والتی منها: «مَنْ أتلف مال الغیر فهو له ضامن»((1))، ویظهر من الجواهر((2)) أنّها روایة، ومنها: «حرمة ماله کحرمة دمه»((3)) إلی غیر ذلک.
المسألة 908: لا یجوز إیقاف السیارة أو الدراجة أو ما أشبههما فی طریق المسلمین مما یضیق الطریق بالمارة.
* لما ذکرناه فی کتاب (إحیاء الموات)((4)) من الدلیل علی حرمة سد المعبر ونحوه.
ص: 355
المسألة 909: إذا نُصب علی الأعمدة فی الشوارع آلات لاقطة للصور وللصوت، فأظهرت تعدی أو ما أشبه وعلمنا بصحة الالتقاط صح الحکم علی طبق ذلک استناداً إلی العلم.
* فإن العلم حجة من أی سبب، إلا فیما جعل الشارع له سبباً خاصاً مثل الزنا ونحوه، کما تقدم الإلماع إلیه .
المسألة 910: إذا رش الماء فی الطریق أزید من المتعارف حتی صار مزلاقاً فزلق بسببه إنسان کان ضامناً.
* لأنه السبب، أما إذا رشه بقدر المتعارف لم یضمن؛ لأنَّ الرش من حق صاحب الدار والدکان وشبههما.
وکذلک حال صب الثلج النازل من السماء فی الشارع بالقدر المتعارف فلا یضمن، أو غیر المتعارف حیث یضمن، أو وضع تراب تعمیره فی الشارع بقدر المتعارف فاصطدم به أعمی فعطب أو مات، حیث یضمن إذا کان أزید من المتعارف، وهکذا حال إحداث الساقیة أو غرس النخل والشجر إلی غیر ذلک.
المسألة 911: العامل إذا ذهبت یده أو رجله أو بعض جسمه عند العمل فی الماکنة لا یکون ضمانه علی صاحب المعمل إلا بالشرط.
* لأنه هو السبب عرفاً لا صاحب المعمل، أما إذا شرط ولو ارتکازاً شمله: «المؤمنون عند شروطهم»((1)).
ص: 356
المسألة 912: یجوز العمل فی مناجم الفحم وما أشبه، إذا لم یسبب ضرراً زائداً، وإن کان موجباً للضرر الزائد لم یجز، وإذا عمل فتضرر لم یکن ضمانه علی صاحب العمل إلا بالشرط.
* لما ذکرناه فی المسألة السابقة.
المسألة 913: إذا عمل الإنسان فی منجم فسقط الحائط علیه وتلف لم یکن علی صاحب المعمل شیء إلا بالشرط.
* لما تقدم، وکذلک حال السائق للسیارة أو الطائرة أو الباخرة أو القطار أو سائر الوسائل الحدیثة.
المسألة 914: لو تضرر فی المصارعة الحرة بکسر أو جرح أو ما أشبه لم یکن علی الطرف شیء؛ لأنه هو الذی أقدم علی ضرر نفسه. نعم، الإضرار الذی لم یأذن به الشرع حرام، وإقدام المتضرر علی ذلک الحرام لا یجوز.
* کما أن ما یورده المصارع من الضرر المحرم علی منافسه أیضاً لا یجوز، لکن لا ضمان علیه مع إقدامه بنفسه، فهو کما إذا قدم یده لغیره لیقطعها؛ فإنه حرام منهما، ولاضمان للقاطع، ولا تلازم بین الحکمین التکلیفی والوضعی.
المسألة 915: لا یجوز مسح السواد الذی یضرب علی طابع البرید، دلالة علی بطلانه لیصرفه مرة ثانیة، بالنسبة إلی طابع الدولة المحترمة شرعاً، أما بالنسبة إلی الدولة غیر المحترمة فلا بأس بذلک.
ص: 357
* فی الدولة المحترمة یکون المسح فی حک-م السرقة، بینما ف-ی غیر المحترمة لیس کذلک.
المسألة 916: کل عمل محلل یعمله الإنسان فی تجارته وحوالته وإجارته وودیعته ومضاربته وغیرها، یصح أن یعمل ذلک العمل مع البنوک المتداولة فی البلاد.
* واشتمال البنک علی الربا لا یؤثر فی تحریم سائر المعاملات غیر الربویة؛ لخروج بعض أطراف العلم الإجمالی عن محل الابتلاء.
المسألة 917: اشتمال البنوک علی الأعمال والأموال المحرمة لا یضر الإنسان لقاعدة «کل شیء فیه حلال وحرام فهو حلال»((1))، وغیرها من القواعد الشرعیة المنطبقة علی الجزئیات.
* وإذا لم یشتمل البنک علی المحرم من ربا ونحوه فالحلیة أوضح.
المسألة 918: یصح التأمین علی الحیوانات کالقطیع من الغنم، أو المجموعة من الدواجن أو ما أشبه. نعم، لا یصح للمسلم التأمین علی مثل کلب الهراش((2))
ص: 358
والخنزیر، إلا إذا فرض أن لهما منفعة محللة مقصودة.
* صحة التأمین فی الصورة الأولی لأنها معاملة محللة عقلائیة لم یمنع عنها الشارع، وعدم الصحة فی الصورة الثانیة لما ورد فی النهی عن مطلق التقلب
فیه((1))،
أما إذا فعله الکافر فهو مأخوذ بقاعدة الإلزام، وهل یجوز لمسلم تأمین حیوان الکافر کالکلب والخنزیر؟ احتمالان، والظاهر شمول قاعدة الإلزام له((2)).
المسألة 919: یصح التأمین علی القریة أو المدینة أو ما أشبه ضد الکوارث الطبیعیة، کالزلازل والسیول، وضد المفاجأة الخارجیة، کالقنابل والحروب والحرائق.
* لإطلاق أدلة العقود، ولا فرق فی التأمین بین ما له حجم کبیر أو صغیر، ثابت أو منتقل.
المسألة 920: لو قررت شرکة التأمین إرجاع مال أزید مما أخذته؛ وذلک تشویقا للمساهمین، فالظاهر أنه لا بأس به؛ لأنه لیس قرضاً، وإنما هو معاملة خاصة.
* فلا مجال فیه للربا، ولیس من أکل المال بالباطل؛ لأنه للتشویق، وهو مقصد عقلائی.
ص: 359
المسألة 921: یجب علی العالم الذی یراود السلطات المنحرفة لأجل إقامة أحکام الإسلام والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر وما أشبه ذلک، أن یلاحظ النسبة بین ما یعطی للسلطة من المجاملة - فإنّ السلطة تستفید من اقتراب العلماء إلیهم - وما یأخذ منها من إقامة حکم الإسلام وما أشبه، فإن کان ما یعطی أکثر مما یأخذ وجب الاجتناب.
* وذلک لحرمة التقارب والتعاون معهم، وإنما یجوز فیما إذا کان الأخذ أکثر من العطاء، فیما کان بین واجب وحرام، أما لو تساویا لم یستبعد التخییر، کمَنْ یعطی دیناراً ویأخذ دیناراً، فتأمل.
المسألة 922: یجوز تقویة الأمصال الشعریة فی الجسد لینبت الشعر الکثیر الخشن، کما یجوز تضعیف الأمصال لینبت الشعر القلیل المبعثر.
* لإطلاق أدلة الحل. نعم، فی المرأة إذا کان ذلک مکروهاً للزوج یکون جوازه حیث یرضی الزوج؛ لأنه من حق الغیر.
المسألة 923: هل یجب تقلیل السمنة فی الرجل والمرأة إذا لم یتمکنا من مزاولة العمل الجنسی الواجب؟ لا یبعد الوجوب مقدمة لأداء الواجب.
* وکذلک حال الهزل الکثیر إذا کان مانعاً من مزاولة أحد الزوجین حقوق الزوجیة الواجبة علیه.
المسألة 924: لو علمت المرأة أن الجنین یوجب لها ضرراً غیر جائز تحمله شرعاً، وجب علیها الحیلولة دون تکوین الجنین.
ص: 360
* وذلک لأن تحمل الضرر البالغ غیر جائز، ولو صار الجنین سبباً لقتلها إن بقی جاز لها إسقاطه؛ لأنه نوع من الدفاع الجائز أو الواجب؛ إذ لا فرق فی المهاجم بین العالم والجاهل والمکلف وغیره، کما إذا أراد مجنون قتله فإنه یدفعه وإن قُتل.
المسألة 925: لو أحبل دابة الغیر بالتزریق بما لا تتحمل، فتعبت أو عطبت کان المحبل ضامناً.
* لأنه إضرار بالغیر، فعلیه تدارکه، بالإضافة إلی أنّه حرام؛ لأنه تصرف فی حق الغیر.
المسألة 926: لو مرض بما أوجب عدم انتشار عضو الذکورة، ولم تسمح الزوجة بحقها الواجب فی الملامسة، وجب علیه العلاج مقدمة لأداء واجب الزوجیة.
* فإذا وجبت الملامسة وجبت مقدماتها.
المسألة 927: لو احتاج انتشار العضو إلی استعمال دواء أکلاً أو تدهیناً أو ما أشبه وجب أداءً لواجب حق الزوجة.
* لما تقدم فی المسألة السابقة، والفرق بین المسألتین أنّ الأُولی فی العلاج والثانیة فی فعلیة النشر، مثل الفرق بین علاج الذی لا یشبع وعلاج الجائع بالأکل.
المسألة 928: إذا کانت کثرة الملامسة موجبة لأذی الزوجة ومرضها أو عسراً علیها لم تجب علیها المطاوعة.
ص: 361
* لأن دلیل الضرر والعسر مخصص للأحکام الأولیة، ولو امتنعت الزوجة عن ذلک لا تکون ناشزاً.
المسألة 929: لا یجوز إخافة المجرم أو إیذائه بما لم یقرره الشرع، مثل أن یُقرن بالمجرم أسداً یجعله دائم الخوف والوحشة، أو أن یسلط علیه دبّاً یلعب بآلة ذکورته أو بیضته، مما یوجب له إیذاءً، کما یفعله بعض المجرمین مع المساجین .
* فإنّ إیذاء الناس وإخافتهم حتی المجرمین منهم إذا کان خارجاً عن الدائرة المقررة شرعاً محرم، ولذا أعطی النبی(صلی الله علیه و آله) فی قصة خالد، لعلی(علیه السلام) مالاً لیدفعه إلی تلک القبیلة((1))، وأعطی(علیه السلام) قسماً من المال مکان خوفهم
ص: 362
وفزعهم((1))، ولا یبعد أن یوجب ذلک الضمان.
المسألة 931: لا یجوز للرجل أن یدخل الآلة المطاطیة أو ما أشبه فی نفسه، إذا أثار ذلک الشهوة، فإنّه خلاف {لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} عرفاً، وکذلک بالنسبة إلی المرأة.
* وذلک لما تقدم فی المسألة السابقة، فإن کل الأعمال الأربعة مع المطاط مثل عملها مع الحیوان، بل الکل محرمة حتی مع خشب أو ما أشبه.
المسألة 932: لا یجوز الألعاب الخطرة کلعبة الانتکاس الذی یخشی منه علی العین، وکلعبة الدورة التی هی عبارة عن جعل الإنسان نفسه کالدائرة مقعرها الظهر، ومحدبها البطن، وهکذا.
* وذلک لأنّ احتمال الضرر الکثیر أیضاً حرام، کما ذکروه فی مبحث (لا ضرر)((1)).
المسألة 933: إذا ک-ان التخیل أو الت-ذکر لام-رأة أو امرئ أو ما أشبه یوجب إمناءه لم یجز التخیل، فإنه داخل فی الاستمناء، والظاهر أنه لا یجوز حتی بالنسبة
ص: 364
إلی الزوجین.
* وذلک بأن یتذکر الرجل زوجته أو العکس مما یوجب خروج المنی منهما، لانصراف: {إِلا عَلَی أَزْوَاجِهِمْ}((1)) عن مثل ذلک.
المسألة 934: لا یجوز خرق الغلاف الجوی للأرض الواقی لها من أحجار الفضاء إن أمکن الخرق؛ لأنه ضرر عظیم علی أهل الأرض، یجعلها معرضاً لأنْ ترمی إلیها أُلوف الأحجار کل یوم، وکذا لا یجوز تقلیل أو إعدام بعض غازات الأرض.
* وذلک لأن فیه تهدیداً لحیاة أهل الأرض، وتعریضا لهم ولسلامتهم للخطر والمرض، ونشوب الکوارث والحوادث الطبیعیة، ولوصول أشعة الشمس المتزایدة؛ وذلک محرم، وقد حدث هذا الثقب جزئیاً علی ما یقال، فاللازم الإسراع فی علاج ذلک والوقایة عن المزید.
المسألة 935: یجب مکافحة الزلازل والسیول إذا أمکن المکافحة، ولو بأن یصرف الزلزلة بالوسائل العلمیة إلی مکان غیر آهل بالسکان، أو یمنعه عن الظهور، وکذلک بالنسبة إلی السیل.
* لوجوب حفظ النفوس والأموال المحترمة، أما توجیهها إلی مکان آهل بالسکان - ولو بسکان أقل - کما فعلته بعض البلاد الغربیة فی سیل وُجّه إلی بلادهم فوجهوه إلی بلد آخر متخلف حضاریاً فهو غیر جائز، ولو سبب أضراراً
ص: 365
فی النفوس أو الممتلکات کان الموجِّه ضامناً، کما أنه یضمن حتی مع وجوب التوجیه بأن دار أمر السیل مثلاً بین إتلاف ألف أو عشرة؛ إذ لا منافاة بین الحکم الوضعی بالضمان والحکم التکلیفی بالوجوب، کما سبق الإلماع إلیه.
المسألة 936: یجب مکافحة الجراد والنمل وکل ما من هذا القبیل الذی یؤذی الإنسان أذیة بالغة، مثل أسراب الجراد وأودیة النمل، التی قد تسیل من أراضٍ خاصة، فلا تدع زرعاً ولا ضرعاً.
* إذ دفع الضرر کرفعه واجب حیث یستفاد من دلیل (لا ضرر)((1)).
المسألة 937: إذا کانت آلام الطلق کثیرة توجب ضرراً بالغاً جاز تخفیفها بالأدویة المعدة لذلک، فإن الضرر البالغ لا یجوز تحمله.
* الجواز هنا بالمعنی الأعم، والألم من الضرر، من غیر فرق بین ابتلاع الحبوب أو التخدیر أو تزریق الإبرة أو غیر ذلک، هذا إذا لم تکن آلام الطلق لازمة للولادة، وکذلک حال العملیة الجراحیة لإخراج الجنین وما أشبه.
المسألة 938: إذا کانت آلام المریض کثیرة جداً، بحیث لا یجوز تحمله وجب التخدیر أو التنویم بالأدویة المعدة لذلک.
* لما تقدم فی المسألة المتقدمة.
ص: 366
المسألة 939: لا یجوز لمن به سفلس أو الزهری أو ما أشبه مما یوجب العدوی أن یجلس علی أرض الحمام، أو یستعمل شیئاً یبقی أثر المرض فیه ثم یسری إلی غیره.
* لأنّه من إضرار الغیر الذی لا یجوز حتی القلیل منه فکیف بالکثیر، ولو فعل ذلک ضمن، لإطلاق الأدلة.
المسألة 940: یجب الاهتمام لتکون مکة المکرمة والمدینة المنورة وسائر مشاهد الأئمة الطاهرین (صلوات الله علیهم أجمعین) مسموحة لدخول الزوار فی طول السنة، فإن فی ذلک إعادة لبعض الحریة الإسلامیة ونهیاً عن المنکر.
* وأیضا یکون تعظیماً للشعائر إلی غیر ذلک من الفوائد، فإن تجزئة الأُُمة الواحدة بالحدود الجغرافیة کسائر القوانین التی أوجبت کبت الحریات الإسلامیة، وتحطیم الأُخوة الإسلامیة خلاف صریح القرآن، والأدلة الثلاثة الأُخر، قال سبحانه: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُکُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}((1))، وقال تعالی: {وَیَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِی کَانَتْ عَلَیْهِمْ}((2))، وقال عز من قائل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}((3)).
المسألة 941: لا یج-وز فرض التسعیر للأجناس، فإنّ (الناس مسلطون علی أموالهم)((4)).
نعم، یجوز التسعیر إذا کانت هناک مصلحة أهم من باب قاعدة
ص: 367
(الأهم والمهم) وبدلاً من التسعیر یمکن للدولة فتح سوق المنافسة.
* وقد ذکرنا تفصیل هذه المسألة فی بعض مباحث (الفقه)((1)).
المسألة 942: لا تجوز الشفاعة لمن ثبت علیه حد شرعی، بالإضافة إلی أنّ فی الشفاعة تجرئة وتعمیماً للفساد، فالذی یتعرض لنوامیس الناس أو الذی یسرق أموالهم، أو مَنْ اعتاد القتل إذا ألقت السلطة القبض علیه فلا یجوز التشفع لدیها لفکه.
* إلا إذا کانت هناک مصلحة أهم - حسب نظر الحاکم الشرعی - ولذا شفع الإمام الحسین(علیه السلام) لشمر عند أبیه أمیر المؤمنین(علیه السلام) حینما سجنه، ولأنَّ «لا شفاعة فی الحد»((2)) من الحکم الأولی الذی یسقط بالحکم الثانوی کقاعدة المهم والأهم، وما أشبه ذلک.
المسألة 943: لا تجوز الشفاعة لمرید المنکر، مثلاً: شخص یرید استیراد
ص: 368
الخمر وتمنعه السلطة، فإنه لا تجوز الشفاعة لدیها لهذا الشخص لأجل منحه الإجازة، قال الله تعالی: {وَمَن یَشْفَعْ شَفَاعَةً سَیِّئَةً یَکُن لَّهُ کِفْلٌ مِّنْهَا}((1)).
* وقال سبحانه: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَی الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}((2))، وکذلک حال تارک المعروف الواجب.
المسألة 944: لا یجوز مدح الظالم والتملق إلیه، وإذا اضطر الإنسان إلی المدح فاللازم أن یقتصر علی أقل قدر ممکن.
* وذلک من باب أنّ الضرورات تقدر بقدرها، وإلا فمدح الظالم محرم للأدلة((3)).
المسألة 945: لا یجوز إیجار الدار للمومسة((4))
لتجعلها محلا لارتکاب الجریمة، وکذلک بیعها لها لهذه الغایة.
ص: 369
* إلی غیرهما من أنواع جعلها فی اختیارها کالصلح والهبة ونحوهما، قال تعالی: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَی الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}((1)).
المسألة 946: إذا زرّقنا الغلات الزکویة بما أوجب لها ثقلاً خارقاً، فهل المعیار علی المتعارف؟ وکذلک بالنسبة إلی صاع الفطرة، مثلاً: زّرقناها بما جعل نصف الصاع صاعاً، أو جعل الصاع والنصف صاعاً، أو المعیار علی الوزن الحالی؟ احتمالات.
* إذا صدق تبدل الموضوع عرفاً تغیر الحکم، وإلا کان علی الحکم الأولی، وإن شک فی التبدل کان الاستصحاب - مع تمامیة أرکانه - محکماً.
الأرض لأن أهل الأرض هذا حکمهم، ولو شک فی بقاء حکم الأرض لمن خرج کان الاستصحاب جاریاً - مع تمامیة أرکانه - إلا إذا کان من تبدل الموضوع، فتأمل.
المسألة 948: لو شرب دواءً أو أُصیب بمرض جعل دمه أزرق أو أصفر أو ما أشبه، فإن خرج عن حقیقة کونه دماً صار طاهراً، وإلا کان نجساً.
* الطهارة لأنّه لیس بدم حسب الفرض، والأحکام تابعة لموضوعاتها.
المسألة 949: لو ابتلی بمرض أو شرب دواءً جعل بوله ماءً خالصاً لا حقیقة للبولیة فیه أصلاً، فالظاهر أنه یکون طاهراً؛ إذ لیس المعیار الخروج من الموضع المخصوص، بل صدق کونه بولاً عرفاً، والمفروض أنه لا صدق فی المقام.
* وذلک لأنّ الحکم یتبع الموضوع، فلو فرض أن الماء الذی یشربه یخرج من محل بوله من دون تغییر ولا یسمی عرفاً بولاً، فإنه لا وجه للحکم بنجاسته.
المسألة 950: ما ذکر فی المسألة السابقة یجری فی مدفوع الإنسان، إذا خرج عن صدق المدفوع، کما لو خرج الطعام - مثلاً - بنفسه، أو تبدل إلی شیء آخر
ص: 371
لا یسمی مدفوعاً إطلاقاً.
* وذلک کما إذا تبدل الطعام إلی الدود وخرج، فإن الحکم تابع للموضوع.
المسألة 951: إذا ذهبت المرأة إلی القطب حیث یمتد الظلام أو الضیاء، فالمدار فی ثلاثة أیام الحیض ومدة العدة علی مقدار الأیام المقررة لهما، وإن کان کله نهاراً أو کله لیلاً.
* وکذلک حال البلوغ والیأس ومدة الرجعة فی المطلقة وما أشبه، کما تقدم مثل ذلک فی الصلاة والصیام ونحوهما.
المسألة 952: ما ذکر فی المسألة السابقة جارٍ فیما إذا کانت المرأة فی وجه القمر المظلم أو المضیء أو نحو ذلک.
* لوحدة الدلیل فی المقامین.
المسألة 953: ما ذکر فی المسألة (951) جارٍ فی کل تحدید شرعی، کأیام الخیار، ومدة الحمل، ومقدار الرضاع، والحلف علی عدم وطء الزوجة أکثر من أربعة أشهر، وغیرها.
* فإنّ الدلیل فی المسألتین السابقتین آتٍ فی هذه الفروع أیضاً.
المسألة 954: لو أمکن بواسطة الآلة إدخال مقدار کل الرضعات الخمس عشرة فی جوف الطفل فی رضعة واحدة بأن کثف اللبن، فهل یکفی فی الرضاع أم لا؟ احتمالان، والظاهر اعتبار الرضاع من الثدی علی المتعارف.
ص: 372
* إذ المتعارف هو المنصرف من الأدلة فی کل المقامات، إلا إذا کان دلیل علی الخلاف.
المسألة 955: لو أدخلت المرأة فی جوفها آلة تجمع دم الحیض فی الجوف، ثم بعد ثلاثة أیام تخرجه دفعة واحدة فهل هی حائض فی کل الثلاثة، أو فی الإخراج فقط، أو لا حیض لها؟ احتمالات.
* وإن کان لا یبعد أن لا حیض لها فی الثلاثة، أما حین الإخراج فإن کان فی لحظة مثلاً فالاحتیاط الأولی فی غُسل الحیض، وإن کان ممتداً مثلاً ساعة وما أشبه فالاحتیاط الأولی بتجنب تروک الحیض فی تلک المدة.
المسألة 956: لو زُرّق الطفل بإبرة التقویة حتی أنه لم یشرب فی الیوم واللیلة إلا مقدار نصف یوم مثلاً؛ لعدم حاجته إلی اللبن، فالظاهر عدم تحقق الرضاع المحرم.
* لأنّ الأدلة منصرفة إلی المتعارف، وکذلک فی عکسه لو زُرّق ما یوجب أنه یشرب فی کل مرة بقدر ضعف المتعارف، لکن إذا شرب فی الوسط غیر اللبن لجوعه حیث لم یکفه المقدار المتعارف - بسبب تزریق أو ما أشبه - لم یوجب نشر الحرمة؛ لاشتراط اتصال الرضعات، ویأتی مثل هذا البحث فیما إذا اشتد لحمه وقوی عظمه بسبب دواء أوجب أن یکون الاشتداد والقوة بحاجة إلی المضاعفة أو النصف، ولو ذهب به فی محل یمتد یومه أو لیلته أشهر، أو یقصر فیه الیوم واللیل فرضاً إلی النصف أو ما أشبه فالمعیار فی اللیلة والیوم المتعارف، لما ذکر.
المسألة 957: لو اختلف الأُفق فکان أول شوال فی الحجاز یوم الجمعة، وفی العراق یوم السبت، فحضر الجمعة هناک والسبت فی العراق حرم علیه الصیام فی
ص: 373
الیومین.
* لأنّ الحکم تابع للموضوع.
لا یقال: لیس العید یومین.
لأنّه یقال: هذا فی نفسه تام لمن کان فی أُفق واحد، أمّا فی الأُفقین فالحکم تابع للأُفق، فقد قال(علیه السلام): «إنما علیک مشرقک ومغربک»((1))، ومثله ما لو صار الفجر وصلی وصام ثم ذهب إلی محل کان الوقت فیه قبیل الفجر، فإنه یجوز له الأکل، وإذا انفجر الصباح وجب علیه الصلاة مرة ثانیة مع أنه لیس فی یوم واحد فی أُفق واحد صلاتان للفجر، إلی غیر ذلک من نحو صلاة الظهرین والمغربین.
المسألة 958: ما ذکر فی المسألة السابقة جارٍ فیما إذا اتفق مثل ذلک فی عید الأضحی.
*لما تقدم، حیث وحدة الدلیل.
المسألة 959: ما ذکر فی المسألة (957) جارٍ فی استحباب صوم یوم الغدیر، وکراهة صوم یوم عاشوراء وما أشبه والمحرمات والمکروهات والمباحات.
*کأحکام نصف شعبان وأول رجب والمولود، والمبعث ودحو الأرض ولیالی القدر إلی غیر ذلک.
ص: 374
المسألة 960: لو نذر أنه لو قضیت صلاته أعطی دیناراً للفقیر، فقضیت صلاة صبحه فی أُفق ثم رکب الطائرة ووصل إلی أُفق آخر کان الوقت فیه باقیاً، فصلی فهل یجب علیه أداء الدینار أم لا؟ احتمالان وإن کان وجوب الأداء أقرب.
* وذلک لصدق (قضیت صلاته) بل لا یبعد وجوب قضاء تلک الصلاة المقضیة وإن صلی فی الأُفق الثانی الفجر، لما تقدم من تبعیة الحکم للموضوع.
المسألة 961: إذا نذر أن یحضر یوم عرفة زیارة الحسین (علیه السلام)، وکان یوم عرفة عندهم الخمیس، وفی کربلاء المقدسة الجمعة فالواجب حضور کربلاء یوم الجمعة ولا یکفی حضور الخمیس.
* إذ المعیار أُفق کربلاء المقدسة، لا أُفق بلده. نعم، إذا نذر أن یصوم یوم عرفة - مثلاً - صح صیامه فی بلده حسب أُفقه، ولا یصح حسب أُفق کربلاء المقدسة، لما تقدم من «إنما علیک مشرقک ومغربک»((1)).
المسألة 962: إذا غابت الشمس فی اُفقه ثم رکب طائرة وطارت عمودیاً حتی رأی الشمس وصلی فی الطائرة کانت صلاته أداءً.
* وذلک للإطلاقات، لأنّه یصلی فی أُفق لم تغب فیه الشمس فتأمل. نعم، لا
ص: 375
یجوز ترک الصلاة إلی أن تغیب الشمس، وإن صلی بعد ذلک فی تلک الطائرة لصدق تفویت الصلاة، فإنه کما إذا لم یصلِّ حتی غاب الشمس ثم ذهب بالطائرة إلی أُفق شمسه بعد طالعة.
المسألة 963: مَنْ علیه صوم القضاء إذا ذهب إلی مکان کل وقته نهار أو لیل، وخاف الموت لا إشکال فی وجوب القضاء علیه هناک، أما إذا لم یخف الموت وعلم أنه بعد شهر مثلاً یرجع إلی الآفاق المعتدلة، فهل یجوز له أن یقضی الصوم هناک أم لا؟ احتمالان، وإن کان الأحوط تأخیر القضاء إلی الآفاق المعتدلة.
* التأخیر لأنَّ صومه وإفطاره حینئذٍ یکون غیر محدد باللیل والنهار، کما فی الآیة((1))
والروایة((2))،
ویحتمل الکفایة - وهو الأقوی - فحاله حال مَنْ کان من أهل تلک البلاد، حیث لا یجب علیه الانتقال إلی أُفق معتدل لأجل الصیام أو قضائه، بل یصوم کالمتعارف.
ص: 376
المسألة 964: لو فرض أن حرکة الأرض صارت سریعة حتی أنه صار کل یوم مقدار نصف یوم من أیامنا المتعارفة، فالظاهر أن الاعتبار بذلک الیوم لا الیوم الذی هو أربع وعشرون ساعة. نعم، إذا وصلت السرعة إلی أن یکون کل یوم مقدار ساعة أو ما أشبه یلزم الاعتبار بمقدار الأیام المتعارفة.
* أما الاعتبار بذلک الیوم فلأن حاله حال ما إذا قصر النهار إلی ذلک المقدار، أو طال النهار - فی عکسه - کذلک، والأحکام تابعة لموضوعاتها، وحال ما إذا قصر جداً حال ما إذا کان الأُفق کذلک، بحیث صار النهار أو اللیل ساعة؛ لانصراف الأدلة عن مثل ذلک.
المسألة 965: لو فرض أنّ حرکة الأرض صارت بطیئة فالحکم مثل ما ذکر فی المسألة السابقة، وهو أنه لو صار الیوم مثلاً یوماً ونصف (أی ستاً وثلاثین ساعة) کان اللازم الاعتبار بذلک الیوم، أما إذا صار کل یوم مقدار مائة ساعة أو ما أشبه یکون الاعتبار بمقدار الأیام المعتادة.
* لما تقدم فی المسألة السابقة، ولو فرض طلوع الشمس من المغرب، کما فی أحادیث علائم الظهور((1))،
فإذا کان الطلوع مقداراً قلیلاً ل-م تجب الصلاة مرة ثانیة، کما لم تجب الصلاة علی أصحاب علی(علیه السلام) مرة ثانیة، حین رجعت
ص: 377
له(علیه السلام) الشمس((1))؛ لانصراف الأدلة عن مثله، أما إذا کان کثیراً وجبت لإطلاق الأدلة بدون انصراف.
المسألة 966: لو أمکن إیجاد الغلات بالصنعة، بأن رکبت أجزاء فصارت حنطة عرفاً مثلاً فهل تتعلق بها الزکاة أم لا؟ احتمالان، وإن کان الظاهر العدم.
ص: 378
* (العدم) لأنه صورة حنطة، لا حنطة، والعرف یشتبه فی التسمیة؛ وکذلک سائر الغلات، ولانصراف الأدلة عن مثلها.
المسألة 967: لو أن الحنطة تغیرت بسبب الأسمدة الکیماویة، إلی ما له شکل ولون وطعم وخاصیة أُخری، لکنها من سلالة الحنطة، فهل أن فیها الزکاة أم لا؟ احتمالان، الظاهر العدم إذا لم یصدق علیه الاسم، وکذلک سائر الغلات.
* وذلک لأنّ کونه من السلالة لا یستلزم کونه حنطة إذا لم یصدق علیه الحنطة عرفاً، فإن الحکم تابع لموضوعه.
المسألة 968: لو تغیّر الإبل مثلا بالتزریق لاُمه إلی حیوان لا یسمی إبلاً، فالظاهر عدم الزکاة فیه؛ لأن الحکم تابع للموضوع، وقد فرض أنه لا یسمی إبلاً، وکذلک البقر والغنم.
* لما تقدم فی المسألة السابقة. نعم، إذا کان إبلاً مثلاً لکنه بلا ذنب، أو مع قرن أو ما أشبه کان فیه الزکاة، وکذلک حال ما إذا کان حنطة لکن برأس أسود أو أحمر، أو ما أشبه؛ لأن مثل ذلک لا یوجب سلب الاسم عرفاً.
المسألة 969: لو عولج الذهب بشیء من المواد الکیماویة فلم یصدق علیه الذهب بعد ذلک، فالظاهر جواز لبسه للرجال ولا زکاة فیه، وکذلک الفضة بالنسبة إلی عدم الزکاة.
* وذلک لأنّه لیس بذهب والحکم تابع للموضوع، لکن إذا عولج حتی صار أبیض أو أحمر أو ما أشبه حرم لبسه؛ لأنه ذهب أبیض، وانصراف المحرم إلی
ص: 379
الملون الخاص بدوی، وکذلک حال ما إذا أطعم دود القز بما لا یعطی الحریر، بل شیء آخر لم یکن لبسه حراماً للرجال، کما سبق الإشارة إلیه.
المسألة 970: لو وجد فی بعض الکرات بشر تعددت أعضاؤه، کما لو کانت له أربع أیدٍ أو عشرة أرجل مثلاً، فالظاهر أن اللازم علیه فی الوضوء أن یغسل کل تلک الأیدی، ویمسح علی کل تلک الأرجل، وکذلک لو وجد بشر فی الأرض کان هکذا، وإن کان ربما یحتمل کفایة غسل یدین منها علی سبیل البدل.
* قولنا: (فالظاهر) لإطلاق (أیدیکم)((1)) إلا إذا کان موجباً للعسر والحرج.
وقولنا: (یحتمل) للانصراف، لکنه بدوی، وکذلک حال إنسان ذی وجهین.
هذا إذا لم یکن أحدهما أصلاً والآخر زائداً، وإلا لم یجب غسل الزائد. نعم، فی الغسل یجب غسل الزائد أیضاً؛ لأنه کلحم زائد نابت فی الجسد، أو سمن عضو لمرض أو عرض، کما إذا ورمت یده إلی أن أصبحت بمقدار یدین أو ما أشبه ذلک.
المسألة 971: لو کنا فی القمر وانخسفت الأرض بالشمس أو بکوکب آخر، فهل تجب صلاة الآیات أم لا؟ احتمالان، وکذا لو کنا فی کوکب یقترب منه کوکب کبیر مضیء ثم انخسف ذلک الکوکب.
ص: 380
* المعیار الصدق العرفی، ولو شک فالأصل العدم.
المسألة 972: لو کنا فی کوکب کان له قمر أو أقمار، أو شمس أو شموس فاللازم صلاة الآیات لکل خسوف أو کسوف.
* لإطلاق أدلة الخسوف والکسوف، والانصراف إلی الأرض بدوی.
المسألة 973: لو کنا فی کوکب کانت له أقمار متعددة، وکان ینخسف کل یوم واحد أو اثنان منها، فهل تجب الصلاة لکل خسوف؟ فیه إشکال، والأظهر عدم الوجوب.
* لانصراف الأدلة عن مثل ذلک، ویحتمل الوجوب کل یوم مرة.
المسألة 974: لو کنا فی مکان من الأرض تستمر الزلازل فیه کل یوم مرة أو مرات، فالظاهر عدم وجوب صلاة الآیات.
* لما تقدم من الانصراف، ویحتمل وجوب صلاة الآیات کل یوم مرة.
المسألة 975: لو کنا فی البحر وحدث فی قاعه زلزال بما رأینا أثره علی الماء، فهل تجب صلاة الآیات أم لا؟ احتمالان، وإن کان یقرب عدم الوجوب، إلا إذا کان القاع قریباً من السطح بحیث یصدق الزلزال عرفاً.
* وذلک لانصراف الأدلة عن غیر ما یصدق علیه الزلزال عرفاً، وکذلک الحال لو کنا فی الجو وزلزلت الأرض، فإن کان الإنسان بعیداً لم تجب علیه الآیات، وإن کان قریباً إلی الأرض وجبت، والمعیار الصدق العرفی فی الحکم والموضوع.
ص: 381
المسألة 976: لو کان الکسوف والخسوف بمقدار قلیل لم یتضح للأبصار المجردة، وإنما اتضح بالمجهر ونحوه لم تجب صلاة الآیات.
* لعدم الصدق عرفاً، ولو فرض الإنسان أعلی من سطح القمر أو الشمس فانخسف أو انکسفت لم تجب علیه الآیات؛ لانصراف الدلیل إلی مَنْ فی أُفقهما.
المسألة 977: لو فرض أن الإنسان تمکن من إحیاء المیت بالوسائل العلمیة، التی جعلها الله سبحانه لإحیاء المیت، فهل أن القتل الذی عقبه الإحیاء یکون جزاؤه القتل، وتکون له الدیة الکاملة أم لا؟ احتمالان.
* الظاهر الدیة والقصاص؛ لأنه فعله، وإنما الإحیاء الجدید بأمر الله سبحانه ب-الوسائل العملیة التی قررها سبحانه، کما فی قصة بقرة بن-ی إسرائیل((1))،
أما وجه الاحتمال الآخر: انصراف الأدلة، لکنه لو کان فهو بدوی،
ص: 382
اللهم إذا قیل بأنّ الحدود تدرأ بالشبهات ولو ملاکاً، فتأمل. وکذلک حال ما إذا قطع أحد ید غیره ثم ألصقها، وما أشبه ذلک.
المسألة 978: لو فرض أنه کان فی بعض الکواکب أُناس عاملون مدرکون، وکان الشخص منها إذا مات عاد حیاً بعد یوم أو ما أشبه، فهل یجری أحکام الموت هناک من إبانة زوجته واعتدادها، وتقسم أمواله، وبطلان وکالاته ونحو ذلک أم لا؟ احتمالان، وکذا إذا تمکن العلم عندنا من الإحیاء بأن صار عادیاً.
ص: 383
* لا یبعد أن لا تبین زوجته وهکذا، لما ورد فی قصة ارمیا((1)) فی سورة البقرة، وعزیز((2)) وعزیر((3))، والمرأة التی أحیاها الإمام السجاد(علیه السلام)، فإنه لم یرد أن
ص: 384
الزوجات أُبینوا عن الأزواج، ولو کان لبان، لکن المسألة بعد بحاجة إلی التأمل.
أما إخراج الروح عن البدن ثم إرجاعه - کما یفعله البعض - فالظاهر أنه لیس من الموت، وفی روایة فی البحار أنه کان سابقاً کما کان یفعله أفلاطون وجماعة من الزهاد.
لکن لا یخفی: أنّه إذا تزوج الرجل بأُختها فعادت، أو تزوجت المرأة بعد العدة فعاد، فإنّه لا حق فی الرجوع((1)).
المسألة 979: هل یجوز حفظ المیت فی الثلاجة برجاء أن یتوصل العلم إلی إحیاء المیت بإذن الله، من دون أن یُجری علیه مراسیم الأموات، کما یُصنع ذلک فی بعض بلاد الغرب، أم یجب إجراء المراسیم؟ احتمالان، والظاهر وجوب إجراء المراسیم.
*لأنه هو الآن میت فله کل أحکامه،ورجاء أن یحیا لایوجب سقوط الحکم.
المسألة 980: لو حد إنسان بصره بالوسائل، أو رأی من وراء الأجسام بواسطة النظارات لم یجز أن ینظر إلی عورات الناس، وجسم غیر المحارم من وراء الثیاب أو خلف الحائط.
* لإطلاق الأدلة.
ص: 385
المسألة 981: لو تغیر الرجل إلی المرأة أو المرأة إلی الرجل بوسائل علمیة مثلاً، کما لو خیط للرجل الرحم وقطعت آلته، وخیط مکانها آلة الأُنوثیة، حتی صار امرأة حقیقة، وظهرت علیه کل آثار الأُنوثة، أو بأمر خارق إعجازی - کما فی معجزة الإمام الحسن(علیه السلام)((1))
- ترتب جمیع آثار الجنس المحول إلیه علیه، مثلاً: بطل زواجه وسقطت ولایته علی أولاده وهکذا.
* لأنّ الحکم یتبع الموضوع.
المسألة 982: فی تغییر الجنس الذی فرض فی المسائل السابقة مسائل کثیرة فی مختلف الأبواب، بعضها بیّن الحکم وبعضها مشکل، فمن البیّن ما ذکر فی المسألة السابقة، ومن المشکل: أنه لو مات للرجل المتحول إلی المرأة ولد فهل یکون المیت کإنسان له أُمّان فتعطی کل من الأُم الجدیدة والأُم الواقعیة إرث الأُم أم لا؟ وهکذا فی سائر الفروع.
ص: 386
* اللهم إلا إذا شک وکانت أرکان الاستصحاب موجودة فإنه یستصحب، وقد یکون ما نحن فیه کذلک، فأُمه هی الواقعیة، وهذا یعتبر أباً له فتأمل، ثم الأحوط فی أمثال ذلک التصالح.
ومن المسائل المشکلة: أنّ الزوجین المنقلبین هل یبقیان زوجین أم لا؟ لکن ظاهر روایة الإمام الحسن(علیه السلام) أنهما ذهبا إلی بیتهما زوجین((1))، ولو حرم أحدهما علی الآخر للزم البیان.
المسألة 983: ما یؤخذ بعنوان الیانصیب مما هو قمار واقعاً یجب رده إلی أصحابه إن عرفوا، وإلا لزم إیصاله إلی الحاکم الشرعی.
* حاله حال المظالم المردودة ومجهول المالک، وکذلک یکون حکم ما أخذته الفاجرة والمفعول والفاعل إلی غیر ذلک من الأموال الحاصلة من هذا الطریق، کالملاعب به أو بها والمتساحقتین وما أشبه.
المسألة 984: لو کان شخص عنده أموال محرمة وأموال محللة، جاز للإنسان أن یتعامل معه، وأن یذهب إلی داره، وأن یأکل من طعامه فیما لم یعلم بحرمة ذلک الشیء، الذی یتصرف فیه أو یخلطه بالحرام.
* فإن العلم الإجمالی لا ینفذ ما دام لیس کل الأطراف محل الابتلاء، قال (علیه السلام): «کل شیء فیه حلال وحرام فهو لک أبداً حلال حتی تعرف الحرام منه فتدعه»((2)).
ص: 387
المسألة 985: الجلد الذی یُجلب من بلاد الکفار محکوم بالنجاسة، لکن إذا شک الإنسان فی أنّ هذا الشیء جلد أم لا، ولم یعلم بعد الفحص جرت أصالة الحل والطهارة.
* کما أنَّه إذا لم یعلم أنّه من بلاد الکفار أم لا، وقد أخذه من ید المسلم أو سوق المسلمین.
المسألة 986: یقال: إن فی العصر الحاضر تکلم طفل فی بطن أُمه، فإن صح الخبر کان ذلک دلیلاً جدیداً علی قدرة الله تعالی، والمهم فی المسألة أنه لو أخبر بشیء یحتاج إلی الثبوت الشرعی، فالظاهر: أنه لا یثبت بإخباره، إلا إذا حصل لنا العلم من خبره، وکان الشارع لم یجعل طریقاً خاصاً لثبوته.
* أما قصة (وحی الطفل) فی بنی إسرائیل کما ورد، فقد کان إعجازاً، ولعله کان إرهاصاً((1))
للنبوة، ومما تقدم یعلم حال ما لو تکلم الطفل الذی لیس من العادة أن یتکلم، أما: {وشهد}((2))
فی قصة یوسف، فإنَّ الطفل قد أتی بإذن الله تعالی لهم ببرهان عقلی، ولذا قبلوه وإن لم یقبلوا أنه إرهاص لیوسف(علیه السلام).
المسألة 987: هل للمشتکی علیه بالشکایة الباطلة حق الشرف علی الشاکی؟
ص: 388
احتمالان.
* وإنما قلنا: احتمالان إذا لم یسبب ل-ه ضرراً، وإلا ف-دلیل (لا ضرر) شامل له.
أمّا احتمال الحق: فلما دل من أنّ علیاً(علیه السلام) أعطی شیئاً لبنی جذیمة لخوفهم مما فعل خالد بهم((1))،
فإنَّ ملاکه شامل للمقام.
وأما احتمال عدمه: فلأصالة عدم الضمان، لکنی لم أجد مَنْ تعرض لذلک فی کتاب القضاء أو غیره، اللهم إلا أن یقال: إنه حق عرفی فیشمله «لا یتوی حق امرئ مسلم»((2))ونحوه.
ص: 389
المسألة 988: إذا اختطف إنسان أو جماعة إنساناً محترماً، وأعلنوا أنهم یقضون علی حیاته إلا إذا بذلت الحکومة لهم مطالب خاصة، وجب علی الحکومة إعطاء مطالبهم - إذا کانت مطالبهم مشروعة - لحفظ ذلک المختطف عن القتل؛ وذلک من باب (دفع المنکر).
* ذلک فیما إذا لم یجب إعطاء الحق - فی نفسه - وإلا فهنا واجبان: إعطاء الحق ودفع المنکر.
المسألة 989: إذا کان الطلب فی المسألة السابقة غیر مشروع فاللازم الموازنة بین المحرمین: من قتل ذلک المختطف، ومن إعطاء الطلب غیر المشروع من باب قاعدة (الأهم والمهم).
* فإذا کانا متساویین تخیر، وإلا قدم الأهم، إذا کانت أهمیته إلی حد المنع عن النقیض.
المسألة 990: إذا حکم الجائر بالإعدام علی جماعة أبریاء، أو جماعة لیس حدهم الشرعی الإعدام، فهل یحق لذوی المعدومین قتل الحاکم قصاصاً، أم لا؟ احتمالان، والمسألة هنا من باب الأهم والمهم.
* لا یخفی أنّ المقصود من (ذوی المعدومین) من یراد إعدامهم - لا ما إذا اُعدموا بالفعل؛ إذ مع الإعدام بالفعل کان لهم حق القصاص فیما کان السبب أقوی من المباشر، فتأمل - فإن لهم أن یعدموا الحاکم قبل أن یعدمهم؛ وذلک من باب الدفاع، فإن الدفاع کما یجوز لمن هوجم بنفسه کذلک یجوز لمن لم یهاجم بنفسه، بل هوجم أحد ذویه أو إنسان محترم بریء، قال سبحانه: {وَمَا
ص: 390
لَکُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِینَ}((1))
والمسألة مشکلة، وعلی فرض الجواز تحتاج إلی إذن الحاکم الشرعی.
المسألة 991: لو أنام إنساناً نوماً مغناطیسیاً فلم یتمکن أن یُرجعه فمات فعلیه الدیة.
* لأنه القاتل عرفاً، والکلام هنا هو الکلام فی القتل عمداً أو خطأً أو شبه عمد.
المسألة 992: لو أعطی المعلم تلمیذه ما یستحق فسقط فی الامتحان، فتأثر التلمیذ فذهب وانتحر لم یکن علی المعلم دیته، وکذا لو طلب الولد من والده مالاً أو طلبت الزوجة من زوجها شیئاً فلم یلبِّ طلبهما فذهبا وانتحرا لم یکن علی الأب والزوج دیة، وهکذا فی نظائر ذلک.
* عدم الدیة لأنه من فعل الفاعل المختار. نعم، إذا علم أنه ینتحر لا یجوز للمعلم إسقاطه، فإنه من باب الأهم والمهم، ووجوب حفظ الدماء، قال تعالی: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَی الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}((2)).
ثم لو کان المال قلیلاً وجب الإعطاء دفعاً للمنکر، وإلا لم یجب ل- : (تسلط الناس علی أموالهم) وإنما یجب فی القلیل لملاک دفع المنکر بالمال القلیل، کما إذا احتاج دفع المنکر إلی الذهاب إلی مسافة قریبة وکان للرکوب أُجرة قلیلة مثلاً.
ص: 391
المسألة 993: لو أراد شخص اللواط أو الزنا بولد أو امرأة فدفعاه، فلم یندفع، فقتلاه لم یکن له علیهما دیة.
* وقد دل علی ذلک النص((1))
والإجماع((2)).
المسألة 994: لو أراد الحاکم إصدار الحکم بقتل مَنْ لا یستحق القتل، أو أراد الظالم قتل مَنْ لا یستحق القتل، جاز دفع ذلک بالرشوة، بل وجب إذا توقف الدفع علیها.
* فإنه حینئذٍ لیس برشوة؛ لأن الرشوة ما یدفع لإحقاق الباطل، أو إبطال الحق((3))،
والمفروض هنا الدفع للحق فتأمل. نعم، لا إشکال فی حرمة أخذ المرتشی له، وإنه ضامن؛ لأنه من أکل المال بالباطل((4)).
المسألة 995: هل یجوز للمرأة التعرض لمنی الأجنبی فیما لا تحمل منه قطعاً، بأن تزرقه فی نفسها أو تجلس حیث یحمله الموضع، أم لا یجوز؟ احتمالان. نعم، إذا کان ذلک مثار الشهوة لا یجوز، وکذا إذا کان تخوّف الحمل.
* أما احتمال الجواز فلأصالة حل کل شیء، وأما احتمال المنع فلآیة:
ص: 392
{لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}((1)).
المسألة 996: إذا ماتت حامل وأمکن قلع رحمها للحفاظ علی بقاء الجنین حیاً وجب إذا لم یمکن بقاء الجنین إلا بهذه الصورة.
* وذلک للأهمیة، ومنه یعرف جواز شق البطن ونحوه.
المسألة 997: إذا فتحت مؤسسات التبشیر مدرسة أو نحوها، فانصرف إلیها المسلمون، وکان بالإمکان فتح مؤسسة إسلامیة مشابهة توجب صرف جماعة من المسلمین إلی هذه المؤسسة وجب الفتح، وإذا کانت مؤسسة تبشیریة وأمکن للمسلمین اشترائها وجب الاشتراء، وکذا إذا کان محلاً للحرام کالخمر أو محلاً للفساد کالمبغی.
* قلنا: وجب لأنه من دفع المنکر الواجب علی القادر، ولو دار الأمر بین فتح مثلها أو اشترائها قدم الثانی؛ لأنه قلع لمادة الفساد، بخلاف الأول الذی هو حد من الفساد.
المسألة 998: یجوز للإنسان کشف العورة للطبیب إذا توقف العلاج علی ذلک، کما إذا أراد عملیة الفتق أو البواسیر أو ما أشبه، ویجوز حینئذٍ للطبیب النظر واللمس إذا لم یکن بد إلا من ذلک، ولو أمکن النظر إلیها بسبب المرآة أو نحوها فالأحوط عدم النظر مباشرة.
* لأنه من الاضطرار بالنسبة إلی المریض، أما الطبیب فلأن الاضطرار فی
ص: 393
المریض یتعدی إلیه؛ وذلک للتلازم بین إجازة الشارع للمضطر وإجازته للمعالج، وکذا فی أشباه ذلک.
وإنما قلنا: (فالأحوط) ولم نفت بذلک لاحتمال کفای-ة الاضطرار ف-ی الجواز، للعرف، وإنما احتطنا لما ورد فی الخنثی من النظر إلیه فی المرآة((1)).
المسألة 999: إذا لم تکن مولِّدة وخافت الحامل علی نفسها من الوضع بدون المولدة یجوز مراجعة المولِّد، لکن یقتصر فی ذلک بالنسبة إلیها وإلیه بقدر الضرورة.
* وذلک لوضوح أن الضرورات تقدر بقدرها، ومثل ذلک مراجعة المریض الطبیبة فیما إذا استلزم الفحص الکشف عنه أو اللمس له، والظاهر أنه لا یجب علیهما المتعة - مضطرة أو مضطراً - لانصراف الأدلة عن مثله، إلا إذا کانت المتعة بکل سهولة وبدون محذور إطلاقاً، فالأحوط التمتع فی الموردین، فتأمل.
المسألة 1000: لو حملت المرأة ذات الزوج بماء غیر الزوج، وعلمنا أن الجنین تولد من ذلک الماء لم یلحق الولد بالزوج، وإن شک أن الولد للزوج أو
ص: 394
الأجنبی جرت قاعدة (الولد للفراش)((1)).
* عدم اللحوق فی الصورة الأولی واضح، بل یکون ولد زنا فی الحرام، وولد شبهة فی الحلال، ولو کان هناک زانیان أو مشتبهان فالحاکم القرعة، وإذا کان زوج وشبهة فلا یبعد القرعة أیضاً.
ص: 395
وهذا آخر ما أردنا إیراده فی هذا الکتاب، والله الموفّق للصواب، وهو حسبی ونعم الوکیل فی البدء والمآب، والحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی محمد وآله الطیّبین الطاهرین.
کربلاء المقدسة
محمد
* إلی هنا انتهی الشرح موجزاً إلماعاً إلی بعض الأدلة للمسائل، وأسأله سبحانه أن یوفّقنی لشرح الألف الثانی من المسائل الحدیثة، التی جمعت جملة منها فی أوراق متفرقة، وهو الموفّق المستعان.
سبحان ربک ربّ العزّة عمّا یصفون، وسلام علی المرسلین، والحمد لله ربّ العالمین، وصلی الله علی محمد وآله الطاهرین.
وکان الفراغ من الشرح لیلة الجمعة عشرین من شعبان المعظّم سحراً من عام 1413ه- فی قم المقدسة.
محمد الشیرازی
ص: 396
النزح بالماطور. 10
الإدخال بغلاف... 10
الإنسان الآلی.. 11
طلوع الشمس ثانیاًً 11
مجیء اللیل ثانیاً. 12
الانتفاع بالقمر. 13
الاعتراف بالمسجلة. 13
أذان المسجلة. 13
قراءة القرآن بالمسجلة. 14
الألعاب الأولمبیة. 14
العقود والإیقاعات عبر الهاتف.... 14
شهادة التصویر. 15
المصلی فی القمر. 16
قلع الرحم.. 16
ولادة غیر الإنسان من الإنسان.. 16
ترفیع السلالات... 17
منع المریض عن الزواج.. 17
الأحکام فی قالب القانون.. 18
ص: 397
تصویر الأموات... 18
المعلبات المستوردة. 19
الألعاب السویدیة. 19
أول الشهر فی القمر. 20
السفر إلی القمر. 20
الأحکام الشرعیة فی الکواکب... 21
بیع الأعضاء. 21
بیع غیر الأعضاء. 23
أخبار الأرواح.. 23
کلب الإجرام. 23
تعلیم الحیوان.. 23
مصادرة الحریات... 24
التعذیب لأخذ الاعتراف... 25
القتل بالکهرباء. 25
الانتحار. 26
رصاصة الرحمة. 27
استکشاف السرائر والمحارم. 27
الاستعلام من الأرواح.. 28
أصوات الأموات... 28
الجرائم والموازین العلمیة. 29
المصارعة والملاکمة. 29
الاسبرتو. 30
ص: 398
المعدة الاصطناعیة. 30
القحف المطاطی.. 30
وصل الشعر. 31
ولادة الرجل.. 32
تبدیل الرحم.. 32
قلع الرحم.. 33
إنسان وحیوان.. 33
حیوان وإنسان.. 34
ترکیب الإنسان بالحیوان.. 34
تکبیر الجسم وتصغیره. 34
الطبیب وعملیة الولادة. 35
الید الزائدة. 36
قراءة الصحف.... 36
الصلاة فی الطائرة. 36
موت السمک فی الغواصة. 37
المکیاج.. 37
علاج الحیض.... 38
النظر فی القبر. 38
النظر إلی روح المیت... 39
إیجاد السکر. 39
الأشعة المؤذیة. 39
تحول الرجل إلی امرأة. 40
ص: 399
آیة السجدة. 41
الذهب والحریر الاصطناعی.. 42
إعادة البکارة. 42
تقلیل مدة الحمل.. 42
تطویل العمر. 43
المعیار وزن الأرض.... 44
القبر المکشوف... 44
تحنیط المیت... 45
اضمحلال المیت بالدواء. 45
إحراق المیتة وقایة. 46
الإتلاف فی الوباء. 46
العمال العاطلون.. 47
التکتّل والتحزب... 47
المهاترات الإعلامیة. 48
الخنافس.... 49
تقصیر المرأة شعرها 49
تزویج الجن والروح.. 49
مزاوجة الحیوان.. 50
الأشعة القاتلة. 50
ردّ الاعتداء. 50
المعقمات لا تطهّر. 51
إضرار الآخرین مادیاًً 51
ص: 400
النفس الاصطناعی.. 52
العملیة الجراحیة. 52
حفظ الصحة بالعملیة. 53
إزالة البکارة. 53
السینماءات المفزعة. 54
الإنسان الجدید.. 56
تبدید القمر. 57
الحیوانات القلیلة الوجود. 57
تلحیم العظام. 57
الآثار القدیمة. 58
حضور متاحف الفراعنة. 58
إیقاف الشمس.... 59
الأمراض المعدیة. 59
تلحیم الأعضاء. 60
تشویه الإنسان.. 60
ترکیب الحیوانات... 61
ما یسبب الاحتلام. 61
الزکاة فی الأوراق.. 61
السباحة الطویلة. 62
أقسام المسابقات... 62
إثارة النعرات... 62
حقن الإبر للصائم.. 63
ص: 401
حقن الإبر المنشطة. 64
الامتیازات... 64
الحیوان بین حیوانین.. 64
تحدید الأسعار. 65
الانتصار علی الأعداء. 65
شهر العسل.. 66
المریض المضطر. 66
الذبح فی المحقنة. 67
حلق ما عدا الذقن.. 67
أقسام الحلق.. 68
لحیة الکوسج.. 68
لحیة المرأة. 68
تعلیب الذبائح.. 69
وضع المیت فی الثلاجة. 69
حبوب الذکاء. 69
الفائض من الحاج.. 70
تضرر الحاج.. 71
فقد الاستطاعة. 71
العلامة علی القبلة. 72
الوقوف فی المشاعر. 72
الطواف أبعد من المطاف... 73
الطواف فوق الکعبة. 73
ص: 402
حبس الحیض.... 73
الهستیریا فی الصلاة. 74
الفصول العشائریة. 74
صبغ الأظافر. 74
المشتبه بالجلد.. 75
السفر إلی الفضاء. 75
حرکة القمر لیست سفراً 75
حرکة القمر الصناعی.. 75
بیع الکمبیالة. 76
اللبن المزرّق.. 76
اللبن والمنفذ الجدید.. 76
الحروب الجرثومیة. 77
تترس الکافر بالمسلم.. 77
العمل الفدائی.. 77
الانتصار بالاغتیال.. 78
الحروب الباردة. 78
الإنارة بالقمر الصناعی.. 79
التعلیم الإجباری.. 79
الخدمة العسکریة. 80
النهار الدائم.. 80
المجهود الحربی.. 80
سیرة المسلم شعباًً وحکومة. 81
ص: 403
تبدیل الدم. 82
التبرع بالدم. 82
الیانصیب الخیری.. 82
المساهمة الخیریة. 83
مؤسسات الزواج.. 83
وقف الوسائل الحدیثة. 84
الصوم والتنفس الاصطناعی.. 85
الجنس المطاطی فی الصوم. 85
الجنس المطاطی فی الحج.. 86
الجنس المطاطی فی سائر الأحکام. 86
الجنس المطاطی والغسل.. 86
نقل المنی عبر اللُّعبة. 87
ولد الحرام. 87
تزریق دم نجس العین.. 87
تزریق الدم الطاهر. 88
سحب دم الإنسان.. 88
تصنیع المناخ.. 88
تبدیل الأعضاء. 89
قراءة الأفکار. 89
الإیذاء بالوسائل العصریة. 89
الإیذاء السحری.. 90
الألعاب السحریة. 90
ص: 404
البیوت النظیفة للطلاب... 90
الإحاطة بالمبادئ والأفکار. 91
حینما یصیر الشیخ شاباًً 91
إذا انقلب الشاب شیخاً. 92
عودة الیائسة شابّة. 92
تحول الشابة إلی یائسة. 92
تزویج المومسات... 93
اتخاذ الخلیلات والأخلاء. 93
رسائل المغازلة. 93
المرأة والخضوع بالقول.. 94
منادیل الغرام. 94
المؤسسات الخیریة. 94
تعلیم ذوی العاهات... 95
العلاج بالعلوم النفسیة. 95
العلاج بالتنویم والإیحاء. 95
تنظیم الإضراب والمظاهرات... 95
تغییر الجنین.. 96
تعلیم الرقص للحیوانات... 96
النظر بشهوة إلی الحیوانات... 96
التذاذ الحیوان بالإنسان.. 96
تقویة السمع والبصر. 97
تلبیس الجسد الآلی بالروح.. 97
ص: 405
تبدیل الأرواح.. 98
إخراج الأرواح.. 98
إخراج روح الحیوانات... 98
تشویه الأعضاء. 99
المتاحف واستعراض الإنسان.. 99
تبییض جسم الإنسان.. 99
تغییر ألوان البشرة. 99
إخراج جنین الزانیة. 100
رمز الجندی المجهول.. 100
تصویر الوقائع التاریخیة. 101
استخدام الأرواح للاستخبار. 101
کشف الأسرار بالروح.. 101
تسجیل الألفاظ المحرمة. 101
تسجیل الوعظ والإرشاد. 102
کلام الأرواح.. 102
الطلاق بواسطة الأرواح.. 102
کتابة الأموات... 103
تسمید الأجساد المحترقة. 103
تشجیر المقابر. 103
الخیانة بنقل الأخبار. 104
الماء والتراب الاصطناعیان.. 104
أجهزة تصویر الحوادث... 104
ص: 406
الولد بین المجنونین.. 105
رؤیة الهلال بالمجهر. 105
العقل الألکترونی.. 106
تبدیل العضو التناسلی.. 106
الخلایا الاصطناعیة. 106
خلق المخلوقات... 106
الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر بالوسائل النفسیة. 107
استخدام العقول الإلکترونیة. 107
الاغتراب للدراسة. 108
الزواج من أهل الکتاب... 108
الدفاع عن الإسلام. 108
الزواج بدون عقد صحیح.. 109
أولاد الشبهة. 109
التبلیغ بالوسائل الحدیثة. 110
الأمر والنهی بالوسائل الحدیثة. 110
ذب الشبهات عن الإسلام. 111
التلقیح لتکثیر النتاج.. 111
السحاب الصناعی.. 111
الترجمة بالآلات... 112
الزلازل غیر الطبیعیة. 112
إحداث الزلزلة. 112
أجواء البلاد. 113
ص: 407
عصارة المحرمات... 113
النجاسات وعصارتها 114
تزریق المواد المحرمة. 114
الاستمناء لأجل الاختبار. 114
الفحص الطبی للمعالجات... 115
تنویم الإنسان.. 115
التنویم القاتل.. 115
حلق شعر جسد الغیر. 116
الأرواح والتعلم منها 116
الصور اللاسلکیة. 116
الغبن فی الأسعار. 117
النهی بواسطة الغش.... 117
الاعتماد علی آلة الترجمة. 118
الإسراف فی الماء. 118
الإسراف فی الکهرباء. 119
الانتحار البطیء. 119
بین التعذیب والانتحار. 119
النطفة الکیماویة. 120
النطفة فی رحم الیائسة. 120
نقل النطفة من رحم إلی رحم آخر. 121
اختلاط النطفة. 121
خلط نطفتین.. 122
ص: 408
مس العظم الصناعی.. 122
توأمان متلاصقان.. 123
جسدان علی حقو واحد.. 124
ذو العورتین المتشابهتین.. 124
ذو العورتین المختلفتین.. 125
الانتفاع بإحدی العورتین.. 125
الانتفاع بکلتا العورتین.. 125
الزراعة فی البحار. 126
انعدام فلس السمک... 126
إحداث الفلس للسمک... 126
السمکة الآکلة والمأکولة. 127
الصفیف والدفیف.... 127
التغییر فی نسل الطائر. 127
الصنادیق الخیریة. 127
استبدال موضوع الطیر والسمک... 128
تطعیم الأعضاء. 128
أنواع الموسیقی.. 128
المسابقات الجویة والبریة. 129
البیوت والمدن البحریة. 129
الاستیطان فی البحار. 129
تحنیط الأموات بالتزریق.. 130
تحنیط الموتی بالتشریح.. 130
ص: 409
إحراق الکفار أمواتهم فی بلاد الإسلام. 130
تصفیة السکر بالعظم.. 131
الحیوان المرکّب من حیوانین.. 131
استحالة الجزء المرکب... 132
إخصاب نطفة الحیوان.. 132
المتولد بین حیوانین.. 132
نزو الحیوانات فیما بینها 133
ترکیب نطفة الحیوان.. 133
حکم الحیوان المرکب... 133
الطیران بالأجنحة والبالون.. 134
تکوین أجنحة. 134
تعلیم الإجرام للحیوانات... 134
تعلیم الإجرام للأطفال والمجانین.. 135
دفع المنکر بالحیوان.. 135
المعاملات بواسطة الحیوان.. 135
المعاملات الآلیة. 136
السرقة فی المعاملات الآلیة. 136
أجرة جهاز الوزن.. 136
الوزن بالاحتیال.. 137
ثمن التذاکر فی الألعاب الریاضیة. 137
أجرة الحضور. 138
مشاهدة المهرجانات من بعید.. 138
ص: 410
تنمیة الإنسان.. 139
الإمناء بالأدویة. 139
الأدویة المنمیة وعدم الإدراک.. 139
إرجاع البالغ طفلاًً 139
تعریض الحیوان للأبحاث الطبیة. 140
تکبیر وتصغیر الغلات... 140
الخمس فی المعادن.. 140
الخمس فی معادن القمر. 141
الخمس فی المعادن الاصطناعیة. 141
تنمیة الأنعام والزکاة. 141
قبض الروح بالوسائل النفسیة. 141
قتل الحیوانات بالمواد السامة. 142
إطعام اللحوم المحرمة للحیوان.. 142
استخدام الحیوان.. 142
رش المواد السامة. 142
عندما ینتشر الوباء. 143
حکم البحار. 143
إبکاء الغیر وإضحاکه. 144
المظاهرات والمسیرات الشعبیة. 144
المظاهرات والدولة الإسلامیة. 145
سرقة الماء والکهرباء من الحکومة. 145
تجارب الأسلحة النوویة والهیدروجینیة. 145
ص: 411
تسریع العمر بالدواء. 146
التصرف فی عمر الصبی.. 146
الاضطرار إلی حلق اللحیة. 147
الاحتیال للإنقاذ. 147
التسلل فی الموضوعات... 147
صور النساء فی الجوازات... 148
الجنود وکیفیة الصلاة. 148
کیفیة الصلاة للطلاب المهاجرین.. 149
کیفیة الصلاة للتجار والموظفین.. 149
الحملدار وکیفیة الصلاة. 149
المبلغون وکیفیة الصلاة. 150
حکم الصیام للفئات المتقدمة. 150
لا جمارک ولا تهریب فی الإسلام. 150
لا حدود جغرافیة فی الإسلام. 151
حریة الحیازة والتحجیر. 152
الضرائب الإسلامیة الواجبة. 152
جواز التمثیل علی المسرح.. 152
المعاهدات العسکریة. 153
الاتفاقیات الاقتصادیة. 153
متی یجب العمل الفدائی؟. 153
التزویر فی التخفیضات الاقتصادیة. 154
حکم ما بعد التزویر. 154
ص: 412
الجندی والحروب غیر الإسلامیة. 155
الجندی وحقوق الناس... 155
الرقابة علی المطبوعات... 155
أجهزة الإعلام الأخری.. 156
تبدیل القرآن إلی غیر العربی.. 156
تبدیل الأذان والصلوات والأدعیة. 156
مقررات الأمم المتحدة. 157
المسلم لا یکون أجنبیاً أبداً 157
تبعید المسلمین.. 158
حجز الإنسان.. 158
حدّ السجن فی الإسلام. 159
التعذیب بالوسائل القدیمة والحدیثة. 159
الغرامة فی الإسلام. 160
من حقوق الإنسان المحجوز. 160
الحقوق الأخری للمحجوز. 161
المحجوز إذا فاتته منافعه. 161
حجز الأموال والعقار. 162
إجارة العقار للمحجوز علیه. 162
التقاص فی مسألة الحجز. 162
ضمان الساجن خسائر المسجون.. 162
الغرامة والتقاص.... 163
من حق المعذَّب ظلماًً 163
ص: 413
الفقراء والدولة الإسلامیة. 164
أصحاب الدیون والدولة الإسلامیة. 164
الاستهلال بالطائرة. 164
وقف الإنسان الحر نفسه. 164
ما یقوم مقام الوقف.... 165
النذر فی الدم. 165
وقف الإنسان دمه. 165
الوقف بعد الموت... 166
الصلح والهبة علی الأعضاء. 166
تشخیص الدائن والمدیون بالأرواح.. 167
دیون المیت... 167
العقد والإیقاع عبر الروح.. 167
التعاون مع الأمن والاستخبارات... 167
حفظ أخطاء المؤمنین.. 168
رفع التقاریر ضد الکفار. 168
تجهیز المیت بالآلات... 168
آلات تجهیز المیت ومباشرها 169
صید الحیوانات بالآلات الحدیثة. 169
الوقف فی الکواکب الأخری.. 169
المسجد الفضائی للرواد. 170
المسجد الفضائی المتحرک.. 170
المسجد الفضائی وأحکام أجزائه. 170
ص: 414
الأسبقیة ومباحات الفضاء. 171
مساجد البحار والمحیطات... 171
الأوقاف لاکتشاف الفضاء. 171
الغنی والثروة. 172
التفوق الاقتصادی.. 173
صلاة الرواد والغواصین.. 173
الاعتکاف فی مساجد الفضاء. 174
حریة الجمعیات والتکتلات فی الإسلام. 174
الحریات الإسلامیة. 174
کبت الحریات... 175
تقیید الحریات موقت... 175
الاستراحة. 176
الإضرابات الجائزة. 176
عندما یبدل مخ الإنسان.. 177
تبدیل معلومات الإنسان.. 177
إنسان واحد یتقمص إنسانین.. 177
التبعید والتسفیر. 178
القوانین الإسلامیة لا تقبل التغییر. 179
لا امتیاز للاعتبارات... 179
المقاطعات الاقتصادیة. 180
الصندوق الخیری لقرض الحسنة. 180
الأخبار الموجبة لهیبة الکفار. 181
ص: 415
استثناءات المسألة السابقة. 182
الرواتب الشهریة والغنائم.. 182
الاستشاریة أو البرلمانیة. 182
التحیز إلی إحدی الفئتین.. 183
وجوب إطفاء الحریق.. 183
أجور إطفاء الحرائق.. 183
إعانة منکوبی الکوارث الطبیعیة. 184
حکم المیت عند تلاشی جسده. 185
تجارة الحروب... 185
وکالة العهر. 185
وکالة الفساد والشذوذ الجنسی.. 186
المقاهی والمطاعم فی شهر رمضان.. 186
السلام فی الإسلام. 186
الإسلام والأسلحة الاستراتیجیة. 187
حق تقریر المصیر. 187
مجلس الأمم والانتماء إلیه. 188
جامعة الدول العربیة. 188
الروابط الإسلامیة. 188
المعاهدات والأحلاف... 189
مصلحة الإسلام والمسلمین.. 189
الوکالات المحرمة. 189
انتخاب ملکات الجمال.. 189
ص: 416
الحفلات الراقصة والسهرات الحمراء. 190
الاستمناء بالإیحاء والتنویم.. 190
التنویم الموهم للزنا واللواط.. 190
وجوب الغسل فی الحالتین.. 191
السدر والکافور الاصطناعیان.. 191
المساجد بالأبنیة الجاهزة. 191
القصص الرومانسیة. 192
القصص الغرامیة. 192
التصاویر الجنسیة. 192
الأسنان الصناعیة. 192
العیون الصناعیة. 193
الأعضاء الصناعیة. 193
الجبیرة فی العضو الصناعی.. 194
الشعر الصناعی وأحکامه. 194
أنواع الشعر الصناعی.. 194
الجلد الصناعی.. 194
من أحکام الجلد الصناعی.. 195
ردم المستنقعات... 195
بناء الدور المکشوفة. 195
النشرات والإذاعات السریة. 196
التزویر فی التوقیع. 196
الألعاب الناریة. 196
ص: 417
تبدیل الإمضاء والخط... 197
تزویر الشیب أو الشباب... 197
التدلیس فی التزویر المذکور. 197
الکذب فی تسجیل الأعمار. 197
من حقوق الدولة الإسلامیة. 198
المقاولات والمناقصات... 198
المساومات والامتیازات... 199
فتح الأسواق فی البلاد. 199
حریة العمران.. 199
الأحیاء والجمعیات السکنیة. 200
الشروط النافذة فی العمران.. 200
تحدید البنایات العالیة. 200
ترفیع سعر النقد.. 201
الماء للجمیع. 201
لا منع مع التلف.... 201
المجاعة الاصطناعیة. 201
تقلید الکفار فی المناسبات... 202
التلاعب بالأسواق التجاریة. 202
تحجیم الزرع والضرر. 203
التعاون مع الظالم.. 203
منع التجول.. 203
حریة الاجتماعات... 204
ص: 418
غلق العتبات المقدسة والمساجد.. 204
قطع المواصلات... 204
التقاص بالثأر. 205
العادات الباطلة. 205
الأعراف والتقالید.. 205
الکفارة الباطلة. 206
الحداد المزیف.... 206
الغایة لا تبرر الوسیلة. 206
الإسلام وتطور الحیاة. 207
مشکلة التضخم النسائی.. 207
مشکلة التضخم الرجالی.. 208
قانون الأسر والرقیة. 208
الزوج المفقود. 209
الجمال والتجمیل.. 209
النظافة فی کل شیء. 210
حدود العمل والثقافة للمرأة. 210
التفاوت المصرفی للنقود. 211
أجور الحوالات... 211
اللغة العربیة. 211
ترجمة الأحکام الإسلامیة. 212
إثبات حقانیة الإسلام. 212
التکلیف بقدر المستطاع.. 212
ص: 419
أحکام الجاهل بالإسلام. 213
قیمة الإنسان الواقعیة لیس بالموازین المعتادة. 213
بیع الأوراق التجاریة. 214
التجنس بجنسیتین.. 214
بیع الجنسیة أو الهویة. 214
المسلم والقوانین الوضعیة. 215
أوراق القروض النقدیة. 215
مصارعة الحیوانات... 215
کبس الماء. 216
تخلخل الماء. 216
إضافة جسم غریب علی الماء. 217
تقلیل وزن الماء. 217
هجرة المکتبات الضخمة. 217
الاعتداء علی غیر المعتدی.. 218
جزاء التعدی.. 218
تحالف الکفار. 219
دفاع المسلم عن المسلمین.. 219
إخراج النفائس من البلد.. 220
مصیر الشیء النفیس.... 220
هجرة العقول.. 220
المهملات والاستفادة منها 221
صرف الماء للزرع.. 222
ص: 420
حریة الطرق والمواصلات... 222
قانون المرور. 222
ملء فراغ الشباب... 223
النادی الإسلامی.. 223
الحلال یسد مسد الحرام. 223
حرمة التحری.. 224
المصر علی المنکر. 224
مباهتة فاعل المنکر. 225
الخبیر بالأحکام الإسلامیة. 225
الإشاعات الکاذبة. 225
وضع القوانین.. 226
دائمیة الحکم الإسلامی.. 226
التحاکم إلی الطاغوت... 227
لا حکم للحاکم المزیف.... 227
حکام الجور والتحاکم إلیهم.. 228
دفع المنکر بغیر الحد الشرعی.. 228
أضواء جدیدة غیر الشمس.... 228
فرض الظلام مع وجود الشمس.... 228
السفر إلی الفضاء والعمل حسب موازین تلک الجهات... 229
السفر إلی القطبین.. 229
العبادة فی الوجه المظلم للقمر. 229
العبادة فی الوجه المنیر للقمر. 230
ص: 421
العصیان فی الفضاء. 230
الصلاة خارج الکبسولة الفضائیة. 230
انعکاس نور الشمس لیلاً.. 231
التغذی بأشعة الشمس.... 231
من مستثنیات الطمأنینة فی الأعضاء الصناعیة. 231
الصلاة علی الثلوج.. 231
تشکیل النقابات... 232
حدود النقابات... 232
فرض الترتیب فی شؤون الناس... 233
فرض الترتیب فی شؤون الدولة. 233
فرض الترتیب علی أصحاب السیارات... 234
الدولة وفرض الترتیب... 234
الحریات الإسلامیة هی المقدمة. 234
حریة السفر. 235
المتآمرون علی أمن الدولة الإسلامیة. 235
المتآمرون والبغاة. 236
البیوتات المکشوفة. 236
الإشراف علی دار الغیر. 236
الانتحار بالهواء المسموم. 237
التنفس بلا أجهزة. 237
البقاء فی الأجواء القاتلة. 237
البقاء فی محل یخشی فیه المرض.... 238
ص: 422
الصلاة فی الطائرة. 238
العلاقات الجنسیة مع الأموات... 238
معاشقة الحیوانات... 239
معاشقة التماثیل.. 239
تطبیق حکم الکلی علی الفرد. 239
لو کان لرجل رحم.. 240
اتهام البریء. 240
طفل بلا والدین.. 240
تشریح المیت... 241
الجیل الجدید فی القمر. 242
الأحکام الشرعیة لإنسان الکواکب... 242
التعاطی بیننا وبین إنسان الکواکب... 243
الجن والأرواح والشیاطین وأحکامهم.. 243
کشف أسرار الغیر. 246
حکم تنجیس المساجد المتحرکة. 247
الإجناب بالحلال فی الفضاء. 247
بیع محطات الفضاء. 247
بیع مراسی البحر. 248
بیع طبقات الأرض.... 248
تأمیم الغابات... 248
تأمیم البحار والصحاری.. 249
الاشتراکیة فی المعامل.. 249
ص: 423
التحاکم إلی العقول الالکترونیة. 249
رضا المتحاکمین بالعقل الالکترونی.. 250
حدود أحکام العقول الالکترونیة. 250
الخمر لو سقطت عن الإسکار. 250
المسکرات الفضائیة. 251
من أحکام المسکر. 251
الفواکه أو الأطعمة الموجبة للإسکار. 251
العقل الآلی وتعیین أول الشهر. 251
حصول العلم من العقل الآلی.. 252
الإضراب المستمر عن الطعام. 252
الإضراب بإدامة الصیام. 252
الإضراب الاحتجاجی.. 253
من أحکام الإضراب... 253
البلوغ المبکر فی الفضاء. 253
البلوغ المتأخر فی الفضاء. 253
التسریع فی إنتاج الغلات... 254
ترکیب الحنطة مع محصول آخر. 254
عام الخمس فی الکواکب... 254
لو تبدلت أیام الأرض.... 255
لو لم تطلع الشمس أُسبوعاً. 255
لو لم تغرب الشمس أُسبوعاُ 255
ظهور شمس جدیدة. 256
ص: 424
ضمان صاحب المرض المعدی.. 256
نوادی العراة والشذوذ الجنسی.. 256
أُجور المومسات... 256
الارتباط بأرواح المعذبین.. 257
المواد التی تلصق بالجسم.. 257
شهادة الزور. 257
البشریة والنضج الإسلامی.. 258
الذهب للرجال.. 259
تربیة الطفل خارج الرحم.. 259
المؤسسات العامة للمساعدة والإنقاذ. 259
مناسبات الکفار. 259
لو تضاعف الوزن فی الأرض.... 260
لو تضاعف الوزن فی الکواکب... 260
الغاز الخارج فی منابع النفط... 260
استخدام الذرة. 261
استماع نشرات الأخبار. 261
من شروط منع الاستماع.. 261
استماع الأخبار المضللة. 262
الهاتف الصحراوی.. 262
إطلاق النار علی المجرمین.. 262
المقتول علی أیدی المجرمین.. 263
الصمود فی المظاهرات... 263
ص: 425
إنقاذ النفس من الموت... 263
قتل الأُخت والزوجة. 263
تفریق المتظاهرین.. 264
القنابل المسیلة للدموع.. 265
تقدیم وتأخیر الحیض.... 265
تکثیر وتقلیل الحیض.... 266
تکثیر دفعات الحیض وتقلیله. 266
إیجاد الحیض وإعدامه. 266
من أحکام تحقق الحیض.... 267
قطع الحیض بالوسیلة. 267
النفاس والاستحاضة. 268
التلاعب بالاستحاضة. 268
الفرار من المواقعة الجنسیة بین الزوجین.. 268
النفقة بعد تحقیق الفرار. 269
سحب الدم بالآلة. 269
الحیض لا من المخرج المتعارف... 269
تسریع نبع دم الحیض.... 270
تکثیر أیام الحیض.... 270
تقطیع دم الحیض بالآلة. 270
السجود علی ما صار مأکولاً.. 271
السجود علی ما صار غیر مأکول.. 271
السجود علی ما کان ملبوساً وبالعکس.... 271
ص: 426
الحریر من الحیوانات الأُخری.. 271
تغییر مادة الحریر. 272
لجنة مراسم الدفن فی الهلال الأحمر. 272
زیارة الأرواح للأئمة. 272
نهج البلاغة فی الإذاعات... 273
الأدعیة فی الإذاعات... 273
التبلیغ الإسلامی عبر الإذاعات... 273
استیجار الدراجة الهوائیة. 273
إثبات الاتهام بالوسائل العلمیة. 274
بصمات الأصابع. 274
مجال استناد الحاکم إلی علمه. 275
الإیذاء عبر جهاز التنبیه. 275
الإیذاء عبر وسائل النقل.. 275
الاصطدام بالسیارة. 275
من أحکام الاصطدام. 276
مستثنیات الدین وأحکامها 276
اصطدام القطار. 276
القتل بالاصطدام. 276
الأطفال وارتکاب المحرمات... 277
من أحکام الغصب فی الأموال العامة. 277
فضاء المسجد وحدوده. 277
التقاط صور العمارات والأبنیة. 278
ص: 427
تصویر مواقع الجیش والسلاح.. 278
فضح المسلم المستور. 278
کشف أموال الناس... 279
فضاء الکعبة وحدوده. 279
الاتصال بصلاة الجماعة عبر الرادیو. 279
من أحکام النقل الجوی.. 280
اختطاف الطائرات والسیارات... 280
تبدیل الصفیف إلی الدفیف.... 280
تبدیل الدفیف إلی الصفیف.... 281
التصرف فی القمر. 281
تنصیف القمر. 281
تمدید حمل الجنین.. 282
تقلیص حمل الجنین.. 282
تربیة الجنین خارج الرحم.. 282
الترکیب بین الحیوانات المحرمة والمحللة. 283
تسمیم الأجواء. 283
أجهزة التنبیه المؤذیة. 283
تغییر لون الدم. 283
تحویل الدم إلی لبن.. 284
فصائل الحیوانات... 284
تغییر الفأر طائراً 284
الخفاش بلا جناح.. 285
ص: 428
من أحکام تغییر الحیوان.. 285
شفافیة جسد الإنسان.. 285
شفافیة جسد الحیوان.. 285
تحنیط الأموات لبقاء الجسد.. 285
التحنیط لو أتلف الجسد.. 286
جوف الأُنثی.. 286
جوف الرجل.. 286
الزنا قبل الزواج.. 287
الزنا بعد الطلاق.. 287
تشبّه الرجل بالمرأة. 287
تشبّه المرأة بالرجل.. 288
إجراء الصیغة بالقلب... 288
جائزة نوبل.. 288
إجراء العقد بالآلة أو الحیوان.. 289
الغش بالاستعطاف... 289
الاستعطاف لأجل المریض.... 289
الاستنفاع بالحیوان مخادعة. 289
جرائم الشحاذین.. 290
احتکار المرافق العامة. 290
الإسراف فی الموقوفات... 290
الاسترزاق عن طریق الغرائب... 290
الخداع فی الغرائب... 291
ص: 429
التصرف فی الشؤون العامة. 291
إیذاء الناس مادیاً. 291
التصرف فی ممتلکات الناس... 292
التصرف فی ممتلکات الحکومة. 292
تعارض المصلحتین.. 292
دورة المیاه. 294
الحدائق العامة وأحکامها 294
قطف الزهور من الحدائق.. 294
توسیع الشوارع.. 294
العبادة مع العمل فی وسائل النقل.. 295
الهروب من السجن.. 295
من أحکام الضیافة. 295
التصرف فی الأمکنة العامة. 295
التستر بغیر الثوب... 296
رؤیة المحرمات بالمرایا المعاکسة. 296
من أحکام النظر بواسطة الأجهزة. 297
الرؤیة المشوهة. 297
اندراس المقابر. 297
تبدیل المقبرة أو نقلها 298
خروج الجثة من القبر. 298
نقل القبر بالأجهزة الحدیثة. 298
التیمم فی السجن المغصوب... 299
ص: 430
الفرار بنقب السجن.. 299
الهیروئین والمخدرات الأُخری.. 299
مهرب المخدرات... 299
الکواکب الأُخری وأول الشهر. 300
التاریخ فی الکواکب الأُخری.. 300
اختلاف أول الشهر. 300
حکم الإعدام فی الإسلام. 301
الکسوف المرئی فی القمر. 301
ظهور الآیات فی الکواکب الأُخری.. 301
الأعیاد فی القمر. 302
التوقیت فی الکواکب البعیدة. 302
لو کان للکواکب توقیت... 302
الإقامة فی المحطات الفضائیة. 303
نفقات ارتیاد الفضاء. 303
الموت فی القمر. 303
الموت فی المحطات الفضائیة. 303
الاعتکاف فی الفضاء. 303
التمرکز خارج الجاذبیة. 304
ائتلاف الأفراد بالزکاة. 304
الزکاة للبعثات العلمیة. 304
ضمان المتظاهرین للمتلفات... 305
موارد جدیدة لصرف الزکاة. 305
ص: 431
الخمس فی أحجار الفضاء. 305
الکوکب إذا کان معدناً. 305
المستخرجات من البحر. 306
لو اجتازت الطائرة بالمواقیت... 306
المدارس العلمیة المغتصبة. 306
الوباء فی مکة والمواقف.... 306
من واجب العلماء إزاء البدعة. 307
سکوت العلماء. 307
الأُمور العامة للمسلمین.. 308
المعاهدات الدولیة مع الکفار. 308
الاستعمار السیاسی والاقتصادی.. 309
المعاهدات الاقتصادیة مع الأجانب... 309
الشرکات الاستعماریة. 310
الشرکات المساهمة مع الکفار. 310
تطهیر مظاهر الخمور والفجور. 310
من واجب الدول الإسلامیة تجاه الدول الأُخری.. 310
دعم الفئات والدول الإسلامیة. 311
وجوب الإنقاذ عینی وکفائی.. 311
المؤسسات والمنظمات المندسة. 311
مقاطعة المؤسسات الاستعماریة. 312
التطلع علی عورات الناس... 312
المحلات التجاریة واستخدام الفتیات... 313
المحلات التجاریة واستخدام الفتیان.. 313
ص: 432
السیاقة للنساء. 313
استخدام السائق غیر الأمین.. 313
استخدام الکافر للطبخ والغسل.. 314
ترک المرأة وحدها مع الأجنبی.. 314
استخدام الفتیات فی البیت... 315
السکرتیرة المکشفة. 315
خیاطة الرجل للنساء. 315
المنازع النسائیة فی المحلات... 315
فی محلات المصورین.. 315
إشعال الفتن بین الکفار. 316
حدود إلقاء الفتن.. 317
عدم جواز إیذاء أبناء الکفار. 317
إیذاء الأسری.. 318
المقابلة بالمثل.. 318
خطف الأبریاء وتعذیبهم.. 318
الاختطاف لأجل حق مشروع.. 319
مخادعة الحیوان.. 319
استمناء الحیوان للعلاج.. 319
نزو الحیوانات فیما بینها 319
تسجیل الأملاک بأسماء بدیلة. 320
اختطاف أولاد التجار. 320
ص: 433
الإسلام تقدمی.. 320
ذبح الحیوانات فی الشوارع.. 321
تجمیل المحلات... 321
حدود التصرفات الفردیة. 322
مراجعة الطبیب... 322
التراب المطهر. 322
العملیة الجراحیة ونسبة النجاح.. 323
نصرة المظلوم. 323
الصوم مع اختلاف الآفاق.. 324
تصویر وتمثیل ذکریات الإسلام. 324
التألیف حول الإسلام. 324
مفاتیح لأبواب الآخرین.. 325
الهوایات... 325
مراسلة الفتیات... 325
سرقة الأسماء. 325
الضغط علی أهل المنکر. 326
الدیبلوماسیات... 326
تکوین الجمعیات... 326
الحجز علی فاعل المنکر. 327
التحالف مع الکفار. 327
الأجنحة علی الطرق العامة. 328
فتح الأبواب علی الطرق العامة. 328
ص: 434
النافذة علی بیت الجار. 329
تأجیر الوسائل الحدیثة. 329
السیاقة بلا إجازة. 329
الدکتور ضامن.. 329
إعارة الأسلحة. 330
إجارة الأسلحة. 330
الإیداع فی المصارف الربویة. 330
المسروق إذا ثبت کونه سرقة. 331
الصفقات الفضائیة. 331
الإفلاس فی الدول والشرکات... 331
تصفیة الشرکات... 331
الوکالات التجاریة. 332
السکنی داخل البحر. 332
الوقف الضائع. 332
السیول المصطنعة. 333
خرق حاجز الصوت... 333
الأصوات المسببة للإجهاض.... 333
تهدیم الوقف.... 334
إعادة الوقف من جدید.. 334
الترفیه عن الزائرین.. 335
الفوضی فی مصارف الأوقاف... 335
صرف الوقف فی غیر مورده. 336
ص: 435
الوقف لا یبطل.. 336
الادعاء الخادع للحکومات... 337
الانهزامیة الفکریة. 337
الوصیة فی آلة التسجیل.. 337
الوصیة بقراءة القرآن.. 337
کیفیة إنفاذ الوصیة. 338
توسیع المراکز المقدسة. 338
المراکز المقدسة منطلقات تبلیغیة. 338
تخدیر السمک للصید.. 339
تخدیر الطیور والوحوش... 339
القنابل غیر المبیدة. 340
أحواض الصید.. 340
الوصیة بالوسائل الحدیثة. 340
حریم حقول البترول.. 340
حدود التعمیق فی الآبار. 341
حریم المراکز العامة. 341
ملکیة القنوات والخلجان.. 341
من حقوق الذمی.. 342
من أحکام المعادن.. 342
الزواج من نجوم السینما 342
الزواج من ملکات الجمال.. 343
الزواج من الملیونیرات... 343
ص: 436
مراقصة الزوجة. 344
تبدیل الأزواج.. 344
لعبة المفاتیح الحمراء. 344
النظر إلی الکافرات... 344
نکاح الشغار. 345
التمتع بالراقصات... 345
الحلق والختان بالمحالیل.. 346
إزالة الوشم بالآلات... 346
اللبن المجفف.... 346
الامتناع عن النسل المشوه. 346
التوائم المختلفین.. 347
واجبات دور الحضانة. 347
الإجهاض مباشرة أو تسبیباً. 347
مطالبة طلاق الخلع. 348
کشف هویة الجنین بالأشعة. 348
موت المتوارثین سویة. 348
اتخاذ الحمام الراعب... 349
تأسیس حدیقة الحیوانات... 350
لا للمؤسسات التبشیریة. 350
تناقل ما یوهن المسلمین.. 350
من أحکام المراکز المقدسة. 351
تصویر المراکز المقدسة. 351
ص: 437
المساجد الأثریة. 351
إعادة المراکز الدینیة. 352
إشاعة الجنس فی المدارس والإعلام. 352
رکن التعارف بین الجنسین.. 352
التعذیب القاتل.. 353
تسلق الجبال والألعاب الریاضیة. 353
إزالة البکارة بالعملیة الجراحیة. 353
تعقیب الطفل.. 354
المتلف ضامن.. 355
من أحکام الطریق.. 355
التقاط صور الحوادث... 356
رش الماء فی الطریق.. 356
من حقوق العامل.. 356
العمل فی مناجم الفحم.. 357
من حقوق صاحب المنجم.. 357
المصارعة الحرة وأحکامها 357
الطوابع الباطلة. 357
التعامل مع المصارف... 358
من أحکام المصارف... 358
التأمین علی الحیوانات... 358
التأمین من الکوارث... 359
من أحکام التأمین.. 359
ص: 438
من واجب العلماء. 360
تقویة الأمصال الشعریة. 360
إزالة السمنة. 360
الجنین لو کان مضراً 360
تحبیل الدابة. 361
الکسل الجنسی.. 361
مکافحة الکسل الجنسی.. 361
الممارسة الجنسیة المؤذیة. 361
من حقوق الإنسان.. 362
وطء الحیوان.. 363
استعمال الآلة المطاطیة. 364
الألعاب الخطرة. 364
الاستمناء بالتخیل.. 364
خرق الغلاف الجوی للأرض.... 365
مکافحة الکوارث الطبیعیة. 365
إبادة الحشرات... 366
تخفیف آلام المخاض.... 366
التسکین والتخدیر. 366
الحد من سرایة الأمراض.... 367
حریة زیارة المراکز المقدسة. 367
تسعیر الأجناس... 367
لا شفاعة مع ثبوت الجرم. 368
ص: 439
لا شفاعة لأهل المنکر. 368
مدح الظالم.. 369
الإعانة علی البغاء. 369
تثقیل الوزن وتخفیفه. 370
الوزن خارج الجاذبیة. 370
تغییر الدم. 371
البول إذا تغیر. 371
الفضلات المتغیرة. 371
العدة فی القطبین.. 372
العدة فی القمر. 372
التحدیدات الشرعیة فی القطبین.. 372
الرضاع بالآلة. 372
الحیض الآلی.. 373
من أحکام الرضاع.. 373
اختلاف العید.. 373
الاختلاف فی الأضحی.. 374
الاختلاف فی المناسبات المستحبة والمکروهة. 374
الصلاة والآفاق المختلفة. 375
نذر یوم عرفة. 375
الصلاة فی الطائرة العمودیة. 375
الصوم فی الآفاق القطبیة. 376
إذا تسرعت حرکة الأرض.... 377
ص: 440
إذا تثبّطت حرکة الأرض.... 377
الغلات الکیماویة. 378
لو تغیّرت الحنطة. 379
تغییر الإبل بالتزریق.. 379
الذهب إذا صار فلزاً آخر. 379
الإنسان المتعدد الأیدی والأرجل.. 380
لو انخسفت الأرض.... 380
الآیات فی الکواکب الأخری.. 381
تکرر الآیات السماویة. 381
الزلازل المستمرة. 381
الزلزلة فی البحر. 381
الکسوفان بالمجهر. 382
الإحیاء بعد القتل.. 382
العودة بعد الموت... 383
من أحکام المیت... 385
رؤیة ما وراء الأجسام. 385
لو انقلب الرجل امرأة. 386
من أحکام انقلاب الجنس.... 386
أثمان الیانصیب... 387
الأموال المختلطة. 387
الجلود المستوردة. 388
الجنین إذا تکلم.. 388
ص: 441
حق الشرف... 388
الواجب تجاه الإنسان المختطف.... 390
لو کان الطلب غیر مشروع.. 390
إذا حکم الجائر بالإعدام. 390
الموت خلال التنویم.. 391
لا دیة للمنتحر. 391
دم المغتصب هدر. 392
دفع القتل بالرشوة. 392
التعرض لمنی الأجنبی.. 392
أهمیة الحفاظ علی الجنین.. 393
المواجهة الصحیحة. 393
التکشف لفحوصات الطبیب... 393
مراجعة المولِّد.. 394
الولد للفراش... 394
فهرست الموضوعات... 397
ص: 442