تحدید الفجر الصادق

اشارة

سرشناسه : سند، محمد، 1340-

عنوان و نام پدیدآور : تحدید الفجر الصادق/ محمد سند.

مشخصات نشر : قم: سعیدبن جبیر، 1390، = 2011م، = 1432ق.

مشخصات ظاهری : 58ص.

یادداشت : عربی.

موضوع : اذان

موضوع : نماز

رده بندی کنگره : BP186/ح866الف5 1385

رده بندی دیویی : 297/353

ص :1

اشارة

ص :2

ص :3

ص :4

ص :5

ص :6

تحدید الفجر الصادق

اشارة

بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِیِمِ

الحمد لله رب العالمین ، وصلی الله علی سید رسله وخیر خلقه محمد وعلی آله المطهرین المنتجبین الهداة المیامین، واللعنة الدائمة علی أعدائهم أجمعین .

فی بیان بعض المصطلحات الموضوعیة:

ذکروا للفجر عدة أقسام أو عدة مراحل:

فالأول: هو الفجر الکاذب ویسمی بالضوء البرجی أو البروجی.

والثانی: هو الفجر الفلکی.

والثالث: هو الفجر البحری (الملاحی)

والرابع: هو الفجر المدنی.

ص:7

والفجر الکاذب هو الضوء البرجی الذی یظهر قبل الفجر الصادق بنحو ساعة ویشبه کما فی النبوی بذنب السرحان بحیث یکون الضوء متسطیلاً منتشراً بشکل عمودی ثم قیل أنه یختفی قبل ظهور الفجر الصادق وقیل لا یختفی.

والفجر الفلکی: وهو الضوء فی الأفق علامة من علامات الفجر وقیل یدخل عندما تکون الشمس علی انخفاض 18 درجة تحت الأفق الشرقی.

والفجر الملاحی أو الفجر البحری: ویدخل وقته عندما تکون الشمس علی انخفاض 12 درجة تحت الأفق الشرقی وإن حالة الضوء تصبح حینئذ بلون أزرق قاتم ویطلق علیه الفجر البحری الصباحی.

الفجر المدنی: ویدخل وقته عندما تکون الشمس علی انخفاض 6 درجات تحت الأفق الشرقی حیث یکون الضوء کافیا لتحدید دائرة الأفق بکل دقة وتبدأ عندها النجوم بالاختفاء وتظهر تدریجا حدود المبانی. ویطلق علی حالة الضوء هذه الفجر المدنی الصباحی.

وقیل أن الفجر الفلکی: هو الفجر الکاذب وحدده البعض أنه

ص:8

عندما تکون الشمس علی انخفاض 19 درجة تقریبا تحت الأفق الشرقی وأن الفاصل بینه وبین الفجر الصادق حوالی الساعة. ولکن سیأتی أن بعض الرصدیین حدد الفجر الکاذب ب 29 درجة.

ملاحظة: أن الشفق لغة یطلق علی الحمرة من غروب الشمس إلی وقت العشاء الأخیر. ویطلق الشفق علی النهار أیضاً.

وقیل: أنه یطلق علی البیاض أیضا وبعید غروب الشمس حیث الشفق المدنی المسائی وفیه تبدأ السیارة بإضاءة الأنوار، ثم الشفق البحری المسائی وعندها تبدأ السفن بإنارة إشارتها الضوئیة.ثم الشفق الفلکی المسائی لیأتی بعده مباشرة الغسق الذی هو أول ظلمات اللیل.ولکن فی جملة من الموارد قسم الغسق الی الفلکی والمدنی والبحری.

وقیل: أنَّ الفجر الفلکی هو أول ظهور لضوء معترض فی الأفق یلیه الفجر البحری وهو الوقت الذی یستطیع الملاحی أن یمیز فیه الخط الأفقی بعینه المجردة ولا یخفی الفرق بین هذا التعریف للفجر الملاحی مع التعریف السابق له، فإن هذا التعریف ینطبق علی أول انشقاق الفجر الصادق کخیط بینما التعریف السابق للفجر الملاحی إنما ینطبق علی الفجر الصادق إذا أضاء حسنا بل

ص:9

ازداد ارتفاعا شیء ما فی جانب المشرق وإن لم یصل إلی قبة السماء فوق الرأس، وعلی ضوء ذلک فالفجر الصادق ینطبق علی الضوء الفلکی دون الملاحی، ثم یلیه الفجر المدنی وهو الذی یظهر ضوؤه فی المدینة بحیث یستغنی عند ظهوره عن الأضواء الکهربائیة.

بل سیأتی أن حالات الفجر وأقسامه الأربعة والتی هی قبل شروق الشمس حیث تکون الشمس قریبة من الأفق الشرقی ولذا تظهر تلک الحالات فی الأفق الشرقی تتکرر بعد غروب الشمس بجهة متعاکسة من حیث الأفق حیث تظهر فی الأفق الغربی ومن حیث الترتیب حیث یبدأ الشفق المدنی ثم البحری ثم الفلکی ثم البروجی.

ص:10

شرح بعض الظواهر الکونیة

اشارة

تفسیر وشرح ظاهرة الشفقین الأبیض والأحمر عند الطلوع والغروب.

إن جرم الشمس لما کان أعظم من جرم الأرض بکثیر فإن ظل الأرض من الجهة الثانیة غیر المقابلة للشمس سیکون علی شکل مخروط مستدیر إذ لو کانت الکرة المنیرة مساویة للمستنیرة کان الظل علی شکل الأسطوانة المستدیرة .

ص:11

ومخروط الظل لا یحیط بکرة الهواء والبخار، حیث إن قاعدته سطح الأرض ویحیطه شعاعان مضیئان وکلما اقتربت الشمس تحت الأفق من الظهور أخذ مخروط الظل فی الأفول فما یری من الشعاع المحیط من الجانب الشرقی یسمی صباحا ومن الغربی شفقاً وهما متعاکسان متقابلان.

فلاحظ هذا المخطط (1).

ص:12


1- (1) هذا الشکل مأخوذ من کتاب الموسوعة الفلکیة لمیخائیل عبد الأحد عضو الجمعیة الفلکیة الملکیة بلندن ص 165. وشرح هذا الشکل. أن المماس (ش ب) یحدد شروق الشمس وغروبها بالنسبة للراصد صلی الله علیه و آله فعند غروب الشمس عنه فی نقطة (ش) فإن ضوؤها یبقی منشراً فی سمائه ومنعکسا منها علی جوه ضمن المنطقة المحددة بین (د ص ب) , أما الجزء الخلفی الواقع بین (ص ب ج ) یصبح فی ظلام دامس .الآن فی حالة انخفاض الشمس إلی نقطة (شَ) فإن نسبة ضوئها لا یبقی نفسه منتشرا ومنعکسا فی فضاء الراصد (ص) . فبالقدر الذی یزحف فیه الضوء من مساحة تحت الأفق الیمین لهذا الراصد الممثل فی ( ص ح د ) یزحف فیه ظلام یعادله فی المساحة فوق الافق الشمالی لهذا الرصد یتمثل فی (ص ب أ ) وهکذا کلما انخفضت الشمس الی اسفل تقلصت معها مساحة الضوء فی السماء الشمالیة للراصد واستنارت بما یعادلها من مساحة تحت الأفق الیمین للراصد إلی ان تنطبق نقطة ( أ) علی (د) وعندئذ یخیم الظلام الکلی بالنسبة للجو المحیط بالراصد .

فالفجر هو الإضاءة من الشرق قبل شروق الشمس والشفق عکسه وکلاهما حاصلان من إنکسار ضوء الشمس المحیط بالمخروط المظلم وإنعکاسه من طبقة علیا إلی أخری سفلی فلهذا کان الجزء المضیء من قوس الحرکة أکثر من المظلم.

قیل: وأن من المعروف أن الوقت لصلاة الفجر یدخل بطلوع الفجر الصادق وهو البیاض المعترض للأفق الذی یأخذ فی عرض السماء فی أفق المشرق فی موضع طلوع الشمس ویزداد تدریجیاً مع صفرة أو حمرة حتی ینتشر فی جمیع قبة السماء.

أقول: وقد جربنا مراراً ظهور الحمرة فی الأفق الشرقی بعد طلوع الفجر الصادق بالتوقیتات الرسمیة بمدة تقرب من العشرة دقائق أو ربع الساعة، وهذا یلازم ذهاب فضیلة صلاة الصبح أو

ص:13

أفضل وقت الفضیلة قبل انتشار بیاض الفجر فی السماء.

والفجر الکاذب کما تبین مرحلة من مراحل ظهور الضوء وله تفسیر علمی مذکور فی محله ویقابله الشفق الکاذب الذی یبدأ بعد انتهاء الشفق الفلکی.

وعن النووی فی المجموع: «فالفجر الأول یطلع مستطیلاً نحو السماء کذنب السرحان وهو الذئب ثم یغیب ذلک ساعة ثم یطلع الفجر الصادق مستطیراً»(1).

وشُبِّه الفجرُ الکاذب بذنب السرحان (الذئب) لدقة ذنبه واستطالته، وقیل لما فی ذنبه من بیاض مستطیل متوسط بین سوادین فکان کالفجر الکاذب الذی یستطیل ضوؤه ویحفه السواد من الطرفین.

ولقد اختلط الأمر علی البعض فاعتقد أن الفجر الکاذب هو ضوء مجرة درب التبانة. ففی کتاب إیضاح القول لمحمد بن عبد الرزاق المراکشی نقل قولا عن أحد فقهاء العامة: «وکثیر من الفقهاء لا یعرف حقیقة هذا الفجر ویعتقد أنه عام الوجود فی سائر الأزمنة

ص:14


1- (1) ج 3 ص 46 .

وهو خاص ببعض الشتاء وسبب ذلک انه المجرة... الخ» ثم علق علی قوله:

«ونازعه غیره وقال أنه مستمر فی جمیع الأزمنة وهو الظاهر»(1).

وذکر بعض الرصدیین المتأخرین: «والعشاء الکاذب یبقی ظاهرا لمدة ساعة تقریباً بعد انتهاء الشفق الفلکی، وقد یبقی بعد ذلک فی بعض الأحیان لمدة أطول قد تصل إلی ساعتین أو حتی أکثر وممن قال بذلک الشیخ محمد الجنبوی فی المرصد العاشر من مراصده، الفصل الثانی فی حصتی الفجر والشفق».

ولظلام اللیل عدة مراتب ودرجات وبالتالی عدة أسماء:

ففی لسان العرب: (وغَبَسُ اللیل: ظلامُه من أَوله، وغَبَشه من آخره. وقال یعقوب: الغَبَس والغَبَش سواء)(2).

وقال: (قال أَبو منصور: الغَلَس أَول الصُّبح حتی یَنْتَشِر فی الآفاق، وکذلک الغَبَس، وهما سواد مختلط ببیاض وحُمْرَة مثل الصبح سواء). ومقتضی هذا التعریف أن الغلس صادق علی ما لو ظهرت الحمرة فی کبد الأفق ولم یتجلل الصبح بعد فی السماء .

ص:15


1- (1) ایضاح الحق ص 5 .
2- (2) لسان العرب: ج6 ص153 .

ثم قال أبو منصور: (وفی الحدیث: کان یُصَلِّی الصبح بغَلَسٍ ؛ الغَلس: ظلمة آخر اللیل إِذا اختلطت بِضَوءِ الصَّباح)(1).

وعن الأخطل قوله:

کذَبَتْک عَینُکَ أَمْ رأَیت بِواسِطٍ غَلَسَ الظَّلام، من الرَّبابِ خَیالا

ویشیر إلی شدة صعوبة الرؤیا فی الغلس کما سیأتی فی بعض الأحادیث من صلاة رسول الله صلی الله علیه و آله بغلس وکذا صلاة أمیر المؤمنین(علیه السلام) فی غزوة ذات السلاسل حیث صلی بالناس بعد ما انشق عمود الصبح بغلس ثم غار علیهم(2).

فائدة فی حد اللیل والنهار:

إن المشهور وکما بنینا علیه کون ما بین طلوع الفجر الصادق وطلوع الشمس من النهار مع أن ما فی جانب الغروب ما بین سقوط القرص إلی ذهاب الشفق الأحمر أو الشفق الابیض هو من اللیل ومن القوس اللیلی لا القوس النهاری. مع أن المناسب جعل کلیهما من القوس اللیلی , وإلا فلو جعل ما بین الطلوعین من قوس النهار فالأحری جعل ما بین الغروبین من القوس النهاری أیضا کما

ص:16


1- (1) لسان العرب: ج6 ص 156
2- (2) البحار: ج21 ص 72 .

ربما یظهر ذلک من بعض کلمات الفلکیین.

والجواب: کما وضحنا فی بحث صلاة المسافر (1) أن النهار لغة من الإنهار وهو لغة الإنفتاح وبدأ شق شیء فهو نقطة تولد ضوء النهار وتزایده فالفجر الصادق نقطة حضیض لقوس اللیل فاصلة بینه وبین بدء تولد قوس النهار.

والعکس فی نقطة الغروب فإنها نقطة تولد الظلمة وتزایدها فهی نقطة حضیض ینتهی عندها قوس النهار ویتولد ویتزاید منها الظلام والظلمة.

هذا مع ما ذکرناه من أن الجزء المضیء من الأرض أکبر من الجزء المظلم لکبر حجم الشمس علی حجم الأرض، فالشکل المخروطی المظلم الذی یشکله ظل الأرض فی الجهة المعاکسة للشمس قوسه أقل من القوس النهاری فی کثیر من خطوط الأرض عدا وقت الإعتدالین.

ثم إنه کما ینقص من قوس اللیل ما بین الطلوعین کذلک ینقص منه من الطرف الآخر ما بین سقوط القرص إلی ذهاب الحمرة المشرقیة فیبقی ذهابه علی حاله.

ص:17


1- (1) سند العروة - صلاة المسافر ص 210 .

ص:18

أسباب صعوبة تمییز وتحدید أول الفجر

اشارة

1- فی کتاب الموسوعة الفلکیة المیسرة: (نظرا لصعوبة تحدید هاتین الظاهرتین - أی ظاهرة الفترة الزمنیة المضیئة قبیل الشروق المعروفة بفترة السحر فلکیاً والفترة التی تقع بعد الغروب المعروفة بفترة الغسق - بصورة دقیقة من أجل ذلک کانت الآراء مختلفة حول هذا الموضوع منذ زمن بعید.

ولکن علماء الفلک فی العصر الحدیث بعد أن درسوا هذه الظاهرة وأحاطوا بالمعلومات الوافیة عن مدی انعکاسات الضوء وتبعثره بالنسبة لنوعیة العوالق الجویة من جهة ومن خلال مختلف المستویات التی تنتهجها الشمس تحت الأفق وما ینتج عن ذلک من ألوان من جهة أخری فانتهوا إلی وضع هذه الظاهرة فی مراحل ثلاثة مناسبة

ص:19

لها إلی حد ما... ).

ثم ذکر السحر أو الغسق المدنی والبحری والفلکی وقال:

(فبالنسبة لهذه الإعتبارات نستطیع إلی حد ما تقدیر نسبة الضوء الذی نمارسه کل یوم فوق مستوی الأفق ولو بصورة غیر دقیقة عدا تلک الأیام التی یؤثر فیها ضوء القمر علینا عندما یمر بمراحل ضوئیة مختلفة وکذلک تأخیر عوامل المناخ من سحب أو غبار وما شابه ذلک فکل من هذه العوامل لها تأثیرها علی صحة التقدیر الذی قد یمکن فرضه عیانا).

وقال فی تحدید موعد صلاة العشاء:

(وأما بالنسبة للفلکیین فقد اختلفوا هم أیضا فی تقدیر اللحظة التی یغیب فیها الشفق الأحمر. وذلک لصعوبة هذا الأمر ومعظمهم یقدر ذلک بنحو 17 درجة و33 دقیقة تحت الأفق.

ویجب هنا أن لا ننسی مظاهر الصعوبة القائمة فی تحدید مثل هذا الظواهر - کمغیب الشفق الأحمر بعد الغروب وظهور الشفق الأبیض قبیل الشروق - لأنها لا فقط تختلف من مکان إلی آخر علی سطح الأرض بل تختلف أیضا باختلاف الفصول واختلاف الأحوال الجویة).

ص:20

وهذا یعد رأیاً رسمیاً لمرصد غرینتش الملکی البریطانی.

2- وقال الماردینی فی مؤلفه (الدر المنثور فی العمل بربع الدستور): (والحق فیهما الزیادة والنقص بحسب العوارض الحادثة مثل صفاء الجو وکدرته وقوة البخار وخفته وشدة الهواء ورقته ووجود القمر وغیبوبته وضعف نظر الراصد وحدته).

3- وعن الوزکانی: (واعلم ان هذه العوارض لا تخل بأکثر من درجة واحدة).

4- وعن بعض الفلکیین المعاصرین: (وأما مسألة انفصال الفجر الکاذب عن الأفق فهذا لیس دقیقا ففی الأیام الصافیة یکون الفجر الکاذب قریباً جدا من الأفق ولکن فی بعض الأیام المغبرة وغیر الصافیة قد تختفی الإضاءة الغربیة من الأفق بسبب الغبار والعوالق و اضاءة الفجر الصادق الأولی ستختفی عن هذه المنطقة بل إننا سنری الشمس بعظمتها تختفی أحیانا عندما تقترب من الأفق بسبب الغبار والعوالق).

5- ومن أسباب صعوبة تمییز وتحدید الفجر هو التلوث الضوئی، ففی إحدی البحوث العلمیة: (إن إضاءة السماء فی منطقة سمت الرأس بالنسبة ل 93%

ص:21

من سکان الولایات المتحدة و 90% من سکان الاتحاد الأوروبی و 40 % من سکان بقیة العالم هی أکثر إضاءة من إضاءة السماء بوجود القمر وهو بطور التربیع الأول (نصف البدر) علی ارتفاع 15 درجة عن الأفق وبدون وجود التلوث الضوئی وهذا یعنی أنهم فی الحقیقة یعیشون دائما سماء مقمرة... ووجدنا أیضاً أن 80% من سکان الولایات المتحدة وثلثی سکان الاتحاد الأوروبی وربع سکان العالم یعیشون فی سماء ملوثة ضوئیا بما یعادل وجود القمر البدر تقریباً فی أفضل المواقع الفلکیة. إن اللیل غیر موجود عندهم لأن لمعان السماء بسبب التلوث الضوئی أکبر بقلیل من مقدار لمعان السماء فی منطقة سمت الرأس وقت الشفق البحری).

فالتلوث الضوئی أحد أسباب عدم الدقة فی رصد الفجر فی أوائل انشقاقه وتولده حتی عند الفلکیین فضلاً عن غیر المتخصصین من الناس.

التقاویم المختلفة:

قد حدد الفجر فی تقاویم مختلفة بطرق متخالفة:

1- منها: طریقة أم القری حیث جعلوا وقت الفجر عند کون مرکز الشمس منخفضا 19درجة تحت الأفق والعشاء بثلث اللیل

ص:22

علی دوام 90 دقیقة بعد الغروب إلا فی شهر الرمضان حیث یکون جعلوها 120دقیقة بعد الغروب ومن الواضح أن حد التحدید تقریبی غیر حقیقی.

2- منها: المؤسسة المصریة حیث جعلوا الفجر بإنخفاض مرکز الشمس 19.5 درجة تحت الأفق وحد العشاء 17.5 درجة تحت الأفق.

3- منها: جامعة العلوم الاسلامیة فی کراتشی باکستان جعلوا وقت الفجر عند کون مرکز الشمس منخفضا 18درجة تحت الأفق والعشاء 18درجة بعد الغروب.

4- منها: طریقة منظمة المجتمع المسلم فی شمال أمریکا (isna) حیث جعلوا وقت الفجر 15درجة تحت الأفق والعشاء 15 درجة بعد الغروب. ولکن تراجعوا أخیرا عن هذا التحدید إلی التحدید المشهور فی الفجر وهو 18 درجة

5- طریقة منظمة رابطة العالم الإسلامی: حیث جعلوا وقت الفجر عند کون مرکز الشمس منخفضا 18درجة تحت الأفق والعشاء 17 درجة بعد الغروب.

ص:23

6- طریقة مصلی طهران: حیث جعلوا وقت الفجر عند کون الشمس منخفضة 18درجة تحت الأفق.

7- طریقة جامعة طهران: حیث جعلوا وقت الفجر عند کون مرکز الشمس منخفضة 17/7 درجة تحت الأفق.

8- طریقة مؤسسة اللواء فی قم: حیث جعلوا وقت الفجر عند کون مرکز الشمس منخفضا 16 درجة تحت الافق.

ملاحظة: بعد اکتشاف خطاء تقویم أم القری أجری معهد الملک عبد العزیز دراسة میدانیة حسنة وبالاجهزة لمدة عام فتوصلوا الی أن الفجر الصادق یکون بین 14 درجة و15 درجة أی بمعدل 14.6 درجة وهذا یدعم ما تقدم من مرکز غرینتش الملکی من أن الفجر سواء الکاذب أو الصادق لیس علی وتیرة واحدة بحسب فصول السنة زمانا ولابوتیرة واحدة بحسب أختلاف عرض البلدان أوطولها فی بعض الاحیان.

فی بیان نتائج الأرصاد:

والأرصاد قدیمة وحدیثة فقد قام الفلکیون المسلمون القدماء برصد الفجر الصادق والشفق الأحمر والشفق الأبیض من جهة العشاء

ص:24

وحددوا لذلک زوایا نعرضها.

أما الأرصاد القدیمة بالنسبة للفجر الصادق:

1 - مَنْ حدد زاویة الفجر الصادق ب 18 درجة فهم الأکثر منهم الخواجة نصیر الدین الطوسی الذی نسب هذه الزاویة إلی العلم بالرصد وکذا القاضی زادة وأبو الحسن عبد الرحمن الصوفی وأبو علی المجاصی وابن الزرقالة المغربی وأبو الطیب القرطبی وأبو القاسم الثقفی وأبو الحسن الأسلمی وابن المفتی والشیخ حسن الأفندی.

2 - مَنْ جعل الزاویة 19 درجة فعلی رأسهم أبو ریحان البیرونی ونقله المراکشی عن جماعة من المتأخرین من الرصاد وذهب إلیه محمد بن عبد الرزاق المراکشی (وهو من المعاصرین) وابن الشاطر والریشی.

3 - مَنْ جعل زاویة الفجر الصادق 20 درجة وهو أبو علی المراکشی ونقل الماردینی عن ابن الشاطر أن أول طلوع الفجر وهو الغلس 20 درجة وأما الزاویة المشهورة 18 درجة فهی وقت الإسفار.

وهذا الرأی الأخیر یطابق تجارب الرصد الأربع التی ستأتی من

ص:25

داخل العراق.

أما الأرصاد القدیمة بالنسبة لغروب الشفق الأحمر الذی یقابله بزوغ الحمرة من جهة المشرق فجرا:

1 - حددها أبو الریحان البیرونی ب 17 درجة وکذا الریشی ونقله المراکشی عن المتأخرین من الرصاد.

2 - وذهب ابن الشاطر إلی کونها 16 درجة وکذا أبو علی المراکشی الذی جعلها قبل الشفق الأبیض أو بعد الفجر الصادق بأربع درجات وتقدم أنه حدد زاویة الفجر الصادق ب 20 درجة.

3 - رددها محمد بن عبد الرزاق المراکشی بین 16 و17 درجة بعد أن جعل الفرق بین الشفق الأبیض والأحمر درجتین. (1)

أما الأرصاد المتأخرة:

1- قال الشیخ حسن زاده فی کتابه معرفة الوقت والقبلة:

(بیان فی اتصال الصبح بالشفق فی بعض الآفاق فنقول قد علم

ص:26


1- (1) اعتمدنا فی استخراج هذه الأرقام والأسماء عن کتاب ایضاح القول لمحمد بن عبد الرزاق المراکشی المعاصر.

بالتجربة أی بالآلات الرصدیة الصالحة لمعرفة انحطاط الشمس أنّ انحطاط الشمس عند أول طلوع الصبح (الکاذب)(1) وآخر الشفق ثمانی عشرة درجة ففی الآفاق التی یکون عروضها ثمانی و أربعین درجة و ثلاث و ثلاثین دقیقة شمالیّة کانت أو جنوبیة یتّصل آخر الشفق و هو عند غایة انحطاط الشمس عن

الأفق بأول الصبح الکاذب إذا کانت الشمس فی المنقلب الصیفی أی أوّل السرطان فی الآفاق الشمالیّة، و أول الجدی فی الآفاق الجنوبیة)(2).

2- قد ذکر مرصد البحریة الأمریکیة: ان الظلام التام ینتهی عند الصباح عندما یکون مرکز الشمس 18 درجة تحت الأفق ویکون النور باحثا لا یدرک بالحس

3- وأما مرصد غرینتش الملکی فقال: انه یلاحظ بدء الفجر عندما یکون الانخفاض بین 12درجة و 18 درجة والظلام یکون دامسا عندما تکون زاویة الانخفاض 18 درجة تحت الأفق أو أقل من ذلک بقلیل17 أو17/5 درجة ولیس درجة 16/33 والفجر

ص:27


1- (1) هکذا فی المطبوع والظاهر أنه خطأ مطبعی والصحیح الصادق بقرینة مقابلته مع الشفق.
2- (2) معرفة الوقت والقبلة: 254 .

یطلع عندما تکون الشمس 16/30 درجة.

وکل دورة من الحرکة الأولی وهی تعادل360 درجة تنقسیم إلی اربعة وعشرین ساعة 15فلکیة تعادل ساعة زمانیة وکل درجة فلکیة تعادل 4 دقائق زمانیة ویظهر من هذا الکلام إختلاف بین أحد رصدین وآخر فإن مرصد (غرینتش) یردد الدرجة إجمالاً بین 12 - 18 مما یدلل علی أن للفجر یختلف درجة إنحطاط للشمس إما لاختلاف فصول السنة ومیل للشمس الفصلی فی الفصول الأربعة وأما بحسب الموضع الجغرافی للبلد بحسب إختلاف عرض للبلد درجة، وقد یؤثر طول البلد أیضاً.

وقد تقدم القول عن میخائیل عبد الأحد عضو اجمعیة الفلکیة البریطانیة فی الموسوعة الفلکیة المیسرة ص(169): (ویجب هنا أن لا ننسی مظاهر الصعوبة القائمة فی تحدید مثل هذا الظواهر - کمغیب الشفق الأحور بعد الغروب وظهور الشفق الأبیض قبیل الشروق - لأنها لا فقط تختلف من مکان إلی آخر علی سطح الأرض بل تختلف أیضا باختلاف الفصول واختلاف الأحوال الجویة ).

4- د. عبد الحق سلطان الیمنی الذی رصد الفجر الأول والثانی فی شرق صنعاء فرصد الفجر الکاذب عندما کانت الشمس منحطة

ص:28

بدرجة 29.5 درجة ورصد الفجر الصادق وانحطاط الشمس بمقدار 18.9 درجة وبین الفجرین 49 دقیقة حیث کان طلوع الفجر الکاذب فی الساعة 4:01 والفجر الصادق فی 04:50.

5- مجموعة الأرصاد فی لیبیا وقعت عام 1993 فی مناطق مختلفة من لیبیا بلغت 18 رصدا واختلفت نتائجها وقد اشارت العدید من الأرصاد إلی زاویة 19.2 درجة وبعضها إلی 18.8 درجة و18.6 درجة و18.5 درجة و18.4 درجة 18.1 درجة و18 درجة وقد أشار أحد الأرصاد إلی زاویة 19.6 درجة ورصد آخر 17.5 درجة.

6- بعض المشاهدات فی الأردن ذکرت زاویة 18.6 درجة.

7- ذکر التقریر المصری فی رصد الفجر والشفق: (یستمر الإنخفاض فی لمعان الشفق کلما زاد انخفاض تحت الأفق حتی تبدی المنحیات نوعاً من الإستقرار وفی موقع القطامیة تستوی هذه المنحنیات لشفق المساء فی النطاق الموجی الأزرق بین 22 - 42 انخفاضا للشمس تحت الأفق).

8- ذکر میخائیل عبد الأحد فی الموسوعة الفلکیة أن الفجر

ص:29

الصادق بدرجة 19 درجة و23 دقیقة وغیاب الحمرة عشاء او بزوغها فجرا بدرجة 17 درجة و33 دقیقة.

9- ذکر خمسة من الأخوة بشکل متفرق من طلبة الحوزة

فی النجف أنه اتفق لهم رصد الفجر الصادق فی الظلام الشدید فی مناطق مختلفة فرأوا طلوع الفجر الصادق قبل الوقت الرسمی للأذان المحدد فی الجداول المتداولة والذی یعتمد علی زاویة 18 درجة، وتلک المناطق هِیَ:

1- صحراء السماوة: حیث ذکر أنه کان یلحظ باستمرار فی صحراء السماوة طلوع الفجر الصادق فی شهر رمضان ما لا یقل عن عشرة دقائق قبل موعد الأذان فی الإمساکیة المتداولة بین الناس، والتی تعتمد علی 18 درجة.

2- صحراء السماوة: حیث ذکر وضوح الفجر الصادق قبل 8 - 9 دقائق من الموعد الرسمی للفجر الصادق.

3- فی مرکز عرعر الحدودی.

4فی البصرة.

5- فی منطقة الأهوار فی المجر الکبیر فی محافظة میسان

ص:30

حَیْثُ ذکر رؤیة الفجر الصادق وهو بسمک أربعة أصابع قبل ثمان أو تسع دقائق من الموعد الرسمی للأذان. وهذا یعنی أنه لم یرصد بدقة اول طلوع الفجر الصادق وانشقاقه بشکل خیط أی بدرجة اصبع واحد مما یعنی أن أول الفجر الصادق اسبق من ذلک أیضا. وهکذا الامر فی الشهادات السابقة.

کَمَا أنَّهُ ذکر رؤیة الفجر الکاذب وهو مرتفع قبل نصف ساعة من وقت الأذان الرسمی. وهذا لیس أول وقت طلوع الفجر الکاذب.

ص:31

ص:32

بحث روائی فی تحدید الفجر الصادق

اشارة

وقبل الدخول فی البحث لابُدَّ مِنْ الإشارة إلی عِدَّة أمور:

الأمر الأوَّل: إنَّ فضیلة المغرب تبدأ من ذهاب الحمرة المشرقیة وتنتهی بذهاب الحمرة المغربیة.

أما فضیلة العشاء فتنتهی بذهاب ثلث اللیل کما تدل علیه مصححة یزید بن خلیفة عن أبی عبدالله(علیه السلام) وفیها: «وقت العشاء حین یغیب الشفق إلی ثلث اللیل ووقت الفجر حین یبدو حتی یضیء»(1). ومثله موثق زرارة «وآخر وقت العشاء ثلث اللیل»(2). وموثق معاویة بن وهب(3).

ص:33


1- (1) ب 10 مواقیت الصلاة ح 2 .
2- (2) ب 10 مواقیت الصلاة ح3 .
3- (3) ب 10 مواقیت الصلاة ح5 .

وموثق أبی بصیر «لو لا أخاف أن أشق علی أمتی لأخرت العتمة إلی ثلث اللیل»(1)ونحوه موثق الحلبی وموثق ذریح وموثق أبی بصیر الآخر(2). وصحیح عمر بن یزید ومصحح معاویة بن عمار وموثق أبی بصیر الآخر(3).

وَقَدْ نص الأصحاب علی ذلک أیضا کالصدوق فی الهدایة والشیخ فی الإقتصاد والجمل والعقود والخلاف والرسائل العشر والمبسوط والنهایة والمصباح وابن براج فی المهذب وابن حمزة فی الوسیلة وابن ادریس فی السرائر والکیدری فی الاصباح والمحقق فی الشرائع وابن سعید فی الجامع والعلامة فی التحریر والتذکرة وغیرهم من الفقهاء.

وَوَرَدَ کراهة تأخیر العشاء عن ذلک حَیْثُ وَرَدَ « ملعون ملعون من أخر العشاء إلی أن تشتبک النجوم»(4).

والغرض من إیراد النصوص والفتاوی دعم موثق ابن فضال

ص:34


1- (1) ب 17 المواقیت ح 7
2- (2) ب 17 المواقیت ح9 و 10 و 12 .
3- (3) راجع أبواب مواقیت الصلاة ب19 ح 1 وب 21 ح4 وح6 .
4- (4) ب 21 المواقیت ح 7.

الآتی فی کون تحدید ذهاب الشفق الأبیض بالثلث وأن هذا الحد الزمنی وفاقی نصا وفتوی.

الأمر الثَّانِی: أن أفضل وقت لصلاة الوتر هو الفجر الأول (الکاذب) کما فی صحیحة معاویة ابن وهب(1) وفی معتبر أبان تغلب(2) قال:قلت لابی عبدلله(علیه السلام): أی ساعة کان رسول الله صلی الله علیه و آله یوتر؟ فقال: علی مثل مغیب الشمس إلی صلاة المغرب.

ویستفاد من هذه المعتبرة أن ما بین ذهاب حمرة المشرق إلی ذهاب حمرة المغرب فی الغروب هوبقدر مابین الفجر الأول والفجر الصادق.

أما البحث فی تحدید الفجر کبرویا:

فنقول: إن فی تحدید الفجر الشرعی لسانین أو ثلاثة فی الروایات.

الأول: تحدیده لأول مایبدو من الضیاء المعترض قبل أن یضیء حسنا فضلاً عن أن یتجلی للسماء وهو ما ورد بعنوان (الإنشقاق) و(البدو) و(الخیط) ونحو ذلک من العناوین.

ص:35


1- (1) الوسائل:ابواب مواقیت الصلاة/باب54
2- (2) الوسائل:ابواب مواقیت الصلاة/باب28 ح3.

وأما اللسان الثانی: وهو أن (یبدو فی الأفق ویستعرض) و (یضیء حسناً) ویبدو ک (نهر سوری) أو (سوراء) وهو نهر شدید البیاض أو ک (القباطی).

اللسان الثالث: بالإضافة إلی مر فی اللسان الثانی یتجلی ویضیء السماء.

أما اللسان الأول فمنه ما ورد من إستحباب تعجیل صلاة الصبح فی غلس من اللیل وکراهة تأخیرها.

1- کما فی التوقیع الشریف من الناحیة المقدسة «ملعون ملعون من أخر صلاته إلی أن تنقضی النجوم» (1).

2 - وورد فی أمالی الطوسی بإسناده عن زریق عن أبی عبدالله(علیه السلام): «أنه کان یصلی الغداة بغلس عند طلوع الفجر الصادق أول ما یبدو قبل أن یستعرض وکان یقول: وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً إن ملائکة اللیل تصعد وملائکة النهار تنزل عند طلوع الفجر فأنا أحب أن تشهد ملائکة اللیل وملائکة النهار صلاتی» (2).

ص:36


1- (1) ب 21 المواقیت ح7 .
2- (2) ب28 المواقیت ح3 .

ویلاحظ أن الروایة حددت الغلس بأول البیاض فی اول بدوه وانشقاقه قبل أن یستعرض أی قبل ان یتصاعد مع أنه قد ورد أن وقت صلاة الفجر حین یعترض إذا أعترض الفجر أضاء حسنا کما یأتی فی روایات اللسان الثانی.

3 - وفی صحیح زرارة عن أبی جعفر(علیه السلام) قال کان رسول الله صلی الله علیه و آله یصلی رکعتی الصبح وهو للفجر إذا أعترض الفجر وأضاء حسناً(1).

ومفاد هذا الصحیح من اللسان الثانی:

4 - وفی مصحح یزید ابن خلیفة عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال «وقت الفجر حین یبدوحتی یضیء» (2) وهذه الروایة صریحة فی أن أول الفجر هو اول مایبدو وأن لم یضئ فضلا عن أن یضیء حسنا.

5 - وفی صحیح آخر لزرارة عن أبی جعفر(علیه السلام) قال:

«إذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة»(3). وظاهر هذه الصحیحة أیضا أن أصل الطلوع وقت وأن لم یستوف أو یضیء حسنا.

ص:37


1- (1) الوسلئل ابواب مواقیت الصلاة/ب28/ح5.
2- (2) الوسائل ابواب مواقیت الصلاة /ب26ح3.
3- (3) الوسائل ابواب مواقیت الصلاة/ب26ح2.

6 - وفی صحیح الحلبی عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال:

«وقت الفجر حین ینشق الفجر إلی ان یتجلل الصبح للسماء ولاینبغی تأخیر ذلک عمدا لکنه وقت لمن شغل أونسی أو نام»(1).

أقول: ویدعم هذا قوله تعالی (حَتّی یَتَبَیَّنَ لَکُمُ الْخَیْطُ الْأَبْیَضُ مِنَ الْخَیْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ2) حیث حدد فی الآیة الکریمة مقدار البیاض المتولد فی أول الأفق أن یکون بقدر الخیط الأبیض سمکا وهو مثابة عرض الاصبع من قبل عین الناظر.

7 - وفی الفقیه باسناده عن یحیی بن أکثم القاضی أنه سأل أبا الحسن(علیه السلام) عن صلاة الفجر لِمَ یجهر فیها بالقراءة وهی من صلوات النهار وإنما یجهر فی صلاة اللیل؟ فقال:

(لأن النبی صلی الله علیه و آله کان یغلس بها فقربها من اللیل»(2)ولاتنافی بین هذه الروایة وبین الروایة الدالة علی أن دیدن النبی صلی الله علیه و آله أنه کان یصلی صلاة الفجر إذا أعترض الفجر وأضاء حسنا(3).

ص:38


1- (1) الوسائل ابواب المواقیت /ب26ح1.
2- (3) الوسائل أبواب القرأة فی الصلاة ب25ح3.
3- (4) الوسائل ابواب مواقیت الصلاة/ب28.

ووجه الجمع أنه لامانع من أنه صلی الله علیه و آله أتی بکلا السیرتین المحمول علی ان الاستحباب هو فی إتیانها غلسا لقوله تعالی: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُوداً (1) کما بیّن فی الروایات إذ أول طلوع الفجر قبل إضائته حسنا هو مجمع تلاقی ملائکة اللیل وملائکة النهار وشهودها لقراءة القران من المصلی للفجر.

وأما السیرة الأُخری فهی وإن کانت أدنی فی الفضیلة إلا أنه صلی الله علیه و آله إرتکبها رجحانا ولإحراز دخول الوقت لمن یشتبه علیه أول إنشقاق الفجر وظهوره وبدوه فلاتنافی بین اللسانین بلحاظ ذلک.

ومما یُؤیِّد به اللسان الأوَّل هو ما ورد فی مصادر العامة من صلاة رسول الله صلی الله علیه و آله الصبح بغلس من اللیل.

من ذلک ما عن عائشة قالت:

«کن النساء یصلین مع النبی صلی الله علیه و آله الغداة ثم یخرجن متلفعات بمروطهن لا یعرفن»(2).

وفی مسند الشافعی:

«کن نساء من المؤمنات یصلین مع النبی صلی الله علیه و آله وهن متلفعات بمروطهن ثم رجعت إلی أهلهن ما یعرفهن أحد من

ص:39


1- (1) سورة الإسراء: الآیة 78.
2- (2) مسند أحمد ج6 ص 33 .

الغلس»(1).

عن أبی حازم انه سمع سهل بن سعد یقول:

«کنت أتسحر فی أهلی ثم یکون سرعة بی ان أدرک صلاة الفجر مع رسول الله صلی الله علیه و آله »(2).

وغیرها من روایات العامة فی هذا المضمون.

8 - وفی مصحح علی ابن مهزیار: «کتب أبو الحسن بن الحصین إلی أبی جعفر الثانی(علیه السلام) معی: جعلت فداک قد اختلف موالوک فی صلاة الفجر، فمنهم من یصلی إذا طلع الفجر الأول المستطیل فی السماء، ومنهم من یصلی إذا اعترض فی أسفل الأفق واستبان، ولست أعرف أفضل الوقتین فأصلی فیه، فإن رأیت أن تعلمنی أفضل الوقتین وتحده لی، وکیف أصنع مع القمر والفجر لاتبیین معه، حتی یحمر ویصبح، وکیف أصنع مع الغیم وما حد ذلک فی السفر والحضر؟ فعلت إن شاء الله، فکتب(علیه السلام) بخطه وقرأته:

الفجر یرحمک الله هو الخیط الأبیض المعترض، ولیس هو الأبیض

ص:40


1- (1) مسند الشافعی ص175.
2- (2) صحیح البخاری ج1 ص144.

صعدا فلا تصل فی سفر ولا حضر حتی تبینه، فإن الله تبارک وتعالی لم یجعل خلقه فی شبهة من هذا، فقال: حَتّی یَتَبَیَّنَ لَکُمُ الْخَیْطُ الْأَبْیَضُ مِنَ الْخَیْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ» ، فالخیط الأبیض هو المعترض الذی یحرم به الأکل والشرب فی الصوم، وکذلک هو الذی یوجب به الصلاة(1).

وصریح هذا المصحح أن الفجر هو الخیط الأبیض المعترض لا تبینه وإنما التبین إحراز له، فالفجر لیس الخیط الابیض بدرجة التبین لا کما هو الحال فی الهلال فهو انعکاس نور القمر الی الارض بدرجة یمکن أن یری بالعین المجردة فأما الحال فی الفجر أنه نفس وجود الخیط الابیض وإن لم یضئ فضلاً عن أن یضیء حسنا، کما مرّ تصریح روایات اللسان الاول وإختلافهما عن روایات اللسان الثانی،وهذا أمر بالغ الاهمیة فی أفتراق الفجر عن الهلال.

9 - وفی موثقة معاویة بن وهب عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال اتی جبرئیل رسول الله صلی الله علیه و آله بمواقیت الصلاة فأتاه حین زالت الشمس فأمره فصلی الظهر ثم أنه حین زاد الظّل قامة فأمره فصلی العصر ثم

ص:41


1- (1) الوسائل ابواب المواقیت ب27ح4.

أتاه حین غربت الشمس فأمره فصلی المغرب ثم أتاه حین الشفق فأمره فصلی العشاء ثم أتاه حین طلع الفجر فأمره فصلی الصبح ثم أتاه من الغد حین زاد فی ظل قامة فأمره فصلی الظهر ثم أتاه حین زاد من الظل قامتان فأمره فصلی العصر ثم حین غربت الشمس فأمره فصلی المغرب ثم أتاه حین ذهب ثلث اللیل فأمره فصلی العشاء ثم أتاه حین نوّر الصبح فأمره فصلی الصبح ثم قال مابینهما وقت(1).

10 - وروی مثله معاویة بن میسرة إلا أنه قال بدل القامة والقامتین: ذراع وذراعین(2).

11 - وروی مفضل بن عمر مثله ایضا إلا أنه ذکر بدل للقامة وللقامتین قدمین وأربعة أقدام(3).

12 - وفی معتبرة زریق عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال أتی جبریل رسول الله صلی الله علیه و آله فأعلمه مواقیت الصلاة فقال صل الفجر حین ینشق الفجر... ثم أتاه من الغد فقال أسفر بالفجر فأسفر الحدیث(4).

ص:42


1- (1) الوسائل ابوب المواقیت/ب10ح5.
2- (2) الوسائل ابواب المواقیت ب10ح6.
3- (3) الوسائل أبواب المواقیت ب10 ح7
4- (4) الوسائل ابواب المواقیت ب10ح8.

والمقابلة فی هذه الأحادیث بین أصل طلوع الفجر وانشقاقه مع تنویر الصبح او إسفاره دال علی مفاد اللسان الأول وهو أن أصل بدوّ الفجر وإضاءته حسنا هو أول الفجر نظیر المقابلة فی روایة یزید بن خلیفة المتقدمة(1) بین أصل بدوّ الفجر وإضاءته تحدیدا لمبدأ وانتهاء وقت فضلیة الفجر.

13- وروی الطوسی فی أمالیه بإسناده إلی ابن اسحاق همدان عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) فی عهده لمحمد بن أبی بکر لما ولّاه مصر «قال له فیه): أن رسول الله صلی الله علیه و آله صلی الصبح فأغلس فیها والنجوم مشتبکة فصلّ لهذه الأوقات. وألزم السنة والطریق الواضح (2).

نعم قد ورد عنه(علیه السلام) فی نهج البلاغة فی کتاب کتبه إلی أمراء البلاد... وصلوا بهم الغداة والرجل یعرف وجه صاحبه (3).

وفی الروایة السابقة تاکید لألسنة الغلس وهو اللسان الأول وتفسیره بإشتباک النجوم أی قبل أن یسفر الصباح بل قبل أن یضیء حسنا لأن أشتباک النجوم لابد له من الظلمة الشدیدة تقول النجوم

ص:43


1- (1) الوسائل ابواب المواقیت ب26ح3.
2- (2) الوسائل ابواب المواقیت /باب10ح12.
3- (3) الوسائل ابواب المواقیت /باب10ح13.

الصعبة کثیرة علی الظهور وهذه النجوم الضعیفة الکثیرة هی التی توجب إ شتباک النجوم.

14- روی الصدوق بإسناده إلی الأصبغ ابن نباته - فی حدیث - أن رجلاً أتی أمیر المؤمنین(علیه السلام) فأقر عنده بالزنا ثلاث مرات، فقال له: اذهب حتی نسأل عنک - إلی أن قال: - ثم عاد إلیه، فقال الرجل: یا أمیر المؤمنین، إنی زنیت فطهرنی، فقال: إنک لو لم تأتنا لم نطلبک، ولسنا بتارکیک إذ لزمک حکم الله عزوجل، ثم قال: أیها الناس، إنه یجزی من حضر منکم رجمه عمن غاب، فنشدت الله رجلا منکم یحضر غدا لما تلثم بعمامته حتی لا یعرف عضکم بعضا، وأتونی بغلس حتی لا یبصر بعضکم بعضا، فانا لا ننظر فی وجه رجل ونحن نرجم بالحجارة قال: فغدا الناس کما أمرهم قبل إسفار الصبح(1).

15- موثق عبیدالله بن زرارة، عن أبی عبدالله(علیه السلام)، قال: سمعته یقول: صحبنی رجل کان یمسی بالمغرب ویغلس بالفجر، وکنت أنا أصلی المغرب إذا غربت الشمس وأصلی الفجر إذا استبان لی الفجر، فقال لی الرجل: ما یمنعک أن تصنع مثل ما أصنع؟ فإن

ص:44


1- (1) أبواب مقدمات الحدود ب31 ح4 .

الشمس تطلع علی قوم قبلنا وتغرب عنا وهی طالعة علی قوم آخرین بعد، قال: فقلت: إنما علینا أن نصلی إذا وجبت الشمس عنا، وإذا طلع الفجر عندنا، لیس علینا إلا ذلک، وعلی أولئک أن یصلوا إذا غربت عنهم(1).

ومفاد الروایة واضح فی المقابلة بین استبانة الفجر والغلس.

والحاصل: أن بدایة الوقت هو أول انشقاقه وبدوه بنحو الخیط قبل أن یعترض وعلیه فیحمل ما ورد من العناوین المتقدمة فی اللسان الثانی نظیر الاعتراض فی الأفق والإضاءة وبیاض نهر سوراء وبیاض القباطی علی الإحراز والتثبت وأما الفجر الواقعی فیبدأ قبل ذلک.

ص:45


1- (1) أبواب المواقیت ب 16 ح22.

ص:46

بحث روائی صغروی فی تحدید الفجر

وهنا بعض التقریبات لتحدید درجة الفجر بالإستفادة من الروایات.

1- فی موثق ابن فضال قال: سأل علی بن أسباط أبا الحسن(علیه السلام) ونحن نسمع: الشفق الحمرة أو البیاض؟ فقال: الحمرة، لو کان البیاض کان إلی ثلث اللیل(1).

ویمکن توجیه هذا الموثق أن مقتضی تطابق مدة الفجر (ما بین الطلوعین) مع مدة الغروب والعتمة وهو ما بین غروب القرص وغروب الشفق الأبیض تساوی مقدار الفترتین، فإذا حددت فی کلامه(علیه السلام) إلی ثلث اللیل فلا محالة یکون مقدار ما بین طلوع الفجر وطلوع الشمس بذلک المقدار أیضا، وذلک بمقتضی التقابل التکوینی بین الفجر والغسق کما عرفت فی ضوء الشمس تحت الأفق من الشرق

ص:47


1- (1) الوسائل أبواب المواقیت ب 23 ح2 .

أو من الغرب ولا یمکن أن یتخلف ذلک.

فتحدید ذهاب الشفق الأبیض فی الموثق بثلث اللیل إما یحمل علی الشفق الأبیض المعترض, وإما یحمل علی الشفق الأبیض المستطیل عموداً علی الأفق، وقد صرح غیر واحد من الفلکیین ببقاء الشفق الأبیض بعد الغروب مدة زمانیة طویلة، فإن حمل ثلث اللیل فی الموثق علی الشفق المستطیل عمودا فیکون ثلث اللیل مساویاً للفترة ما بین الفجر الکاذب إلی طلوع الشمس، ولا یبعد ذلک، ویأتی تتمة لذلک.

وعلی هذا التقدیر فیقرر مقدار ما بین طلوع الفجر الصادق إلی طلوع الشمس بأن ینقص من ثلث اللیل مقدار ما بین الفجر الأول والفجر الثانی وهو بحسب عدة من الأرصاد یقرب من عشر درجات أی ما یقرب من الساعة بل دونها کخمسین دقیقة وحینئذ فاللیل إذا قسم ثلاث أثلاث، فمقدار ثلثه هو بمقدار ما بین الفجر الکاذب وطلوع الشمس، وإن لم تکن کل هذه الفترة من اللیل بل خصوص ما بین الفجر الکاذب والصادق من اللیل أما ما بین الطلوعین فهو من النهار وحینئذ إذا أردنا أن نستخرج مقدار ما بین الفجر الصادق وطلوع الشمس طرحنا مقدار ما بین الفجرین من ثلث اللیل فالمتبقی هو مقدار ما بین الطلوعین.

ص:48

وعلیه یکون موعد طلوع الفجر أسبق مما هو الموجود فی الجداول المتداولة.

ویدعم ما ذکرناه من تقدم طلوع الفجر الصادق عن المواعید الرسمیة المتداولة جملة من الشواهد:

الأول: ما ذکرناه فی اللسان الأول من استحباب صلاة الفجر عند الغلس قبل أن یضیء حسناً ویعترض ثخیناً.

الثانی: ما ذکرناه مما جربناه مرارا من مسارعة ظهور الحمرة المشرقیة فی أسفل الأفق قبل إسفار البیاض فی قبة السماء، أی أن غطاء الظلمة لا یزال مسدولا علی السماء ویکاد ینطبق علی الأفق الشرقی ما عدا مقدار رمح أی أن ظهور الحمرة المشرقیة الذی هو حد لذهاب فضیلة الصبح أو ذروتها عند درجة 16 أو 17 کما اعترف به جملة من الفلکیین.

فعلی کلامهم یکون ما بین طلوع الفجر الصادق وظهور الحمرة المشرقیة درجتان فقط وقد نص علیه کثیر منهم وهذا أمر مستبعد جداً وإلا لکانت فضیلة الفجر مضیقة کالمغرب حیث أن فضیلة المغرب هو ما بین ذهاب الحمرة المشرقیة والمغربیة مع أن فی

ص:49

الروایات المستفیضة تخصیص ضیق وقت الفضیلة بخصوص صلاة المغرب دون فریضة الفجر، وهذا ما ینبه علی أن ما حددوه لدرجة الفجر الصادق متأخر عن الدرجة الواقعیة لتحققه. فهی تزید عن ما حددوه من 18 أو 19 .

الشاهد الثالث: ما ذکره غیر واحد من الرصدیین القدامی والجدد من أن الفجر الکاذب لا ینعدم قبل الفجر الصادق کما هو معروف فی الکلمات وأنه لذلک سمی کاذبا، بل إنه ینقلب من العمودیة علی الأفق إلی الإعتراض والإنطباق علیه فینقلب متفلطحا أو متکوراً علی الأفق وقد ذکر أصحاب هذا القول أدلة فیزیائیة فضائیة بصریة ذات متانة.

وعلی هذا القول یتبین أن تمییز وتبین الفجر المعترض فی بدایة تولده فی غایة الصعوبة وهذا ما أشارت إلیه الروایات المستفیضة أن الفجر فی الغلس یصعب تمییزه علی الکثیرین، فالمعول لدیهم تبین الفجر علاوة وزیادة علی أصل تحققه، لا أن تحقق الفجر هو بدرجة تبینه وقد أشرنا إلی ذلک فی مفاد آیة (حَتّی یَتَبَیَّنَ لَکُمُ الْخَیْطُ الْأَبْیَضُ مِنَ الْخَیْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) وأشارت إلی ذلک الروایات أن تبین الفجر لا بد منه للمتردد والشاک بأن یضیء حسناً ویعترض ثخناً وهذا فی

ص:50

مقابل أصل إنشقاق الفجر وأصل طلوعه کما تقدم فی البحث الروائی الأول.

وقد عبرت الآیة عن أول الفجر بالخیط الأبیض ولم تعبر بنهر سوری أو بیاض القبطی مما یشیر إلی تعدد مراتب البیاض فی الأفق کما فی روایة رزیق حیت فرق فیها بین أول بدو الفجر قبل أن یستعرض وبین الاستعراض(1).

وفی صحیح الحلبی قال سألت أبا عبدالله(علیه السلام)

«متی تجب العتمة؟ قال إذا غاب الشفق والشفق الحمرة, وقال عبیدالله أصلحک الله أنه بعد ذهاب الحمرة ضوء شدید معترض فقال أبو عبدالله(علیه السلام) إن الشفق إنما هو الحمرة ولیس الضوء من الشفق»(2).

وقد وقع لدی الرواة السؤال عن تردید الشفق أنه الحمرة أو البیاض فی طرف الغروب، والروایات کلها تشیر إلی بقاء الشفق الأبیض إلی مدة مدیدة بعد ذهاب الحمرة مما یدل علی أن الفاصل بین البیاض والحمرة طویل المدی فی جانب الغروب فکذلک فی

ص:51


1- (1) المواقیت ب 28 ح3 .
2- (2) المواقیت ب 23 ح1 .

جانب الفجر.

2 - روی الشیخ بإسناده عن الحسین بن سعید الأهوازی عن حماد بن عیسی عن محمد بن حمزة بن بیض عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر(علیه السلام) عن أول وقت رکعتی الفجر , فقال:

«سدس اللیل الباقی»(1). ورواه الشیخ فی التهذیبین.

والروایة مستحسنة ولیس فی سندها من یتوقف فیه إلا محمد بن حمزة بن بیض والراوی عنه من أصحاب الإجماع وعبرنا بالمستحسنة لأجل ذلک والمراد أن هذه القرینة وإن لم یکتفی بها بمفردها ولکن روایة حماد عنه فی هذا المورد فقط یمکن أن تنضم إلیه قرائن أخری ولو مضمونیة محصلة للوثوق بها.

وعلی مفاد هذه الروایة الشریفة یکون الفارق بین الفجر الأول (الکاذب) والفجر الثانی (الصادق) سدس اللیل، ومع ضم مفاد هذه الروایة إلی مفاد موثق ابن فضال المتقدم حیث حدد فیه الفرق بین مغیب الشمس إلی ذهاب الشفق الأبیض بثلث اللیل، والذی قد تقدم حمله علی الشفق المستطیل العمودی علی الافق الذی یحاذی

ص:52


1- (1) ب 50 المواقیت ح5 .

الفجر الکاذب من جهة المشرق؛ یتبین أن الفاصل بین الفجر الثانی الصادق وطلوع القرص هو أیضا بمقدار سدس اللیل، فما بین الفجر الأول (الکاذب) وطلوع القرص یکون بمقدار ثلث اللیل لکن ما بین الفجر الصادق وطلوع القرص لیس من اللیل وإنما نهایة اللیل الفجر الصادق بل غایة الأمر کون ما بین الفجر الکاذب وطلوع الشمس بمقدار ثلث اللیل، ونصف هذا الثلث وهو السدس هو ما بین الفجرین والسدس الباقی هو ما بین الطلوعین.

وعلی ذلک فیکون ما بین سقوط القرص وطلوع القرص هو مجموع اللیل بزیادة مقدار سدس اللیل فیکون المجموع سبعة أسداس، وأما ما بین سقوط القرص وطلوع الفجر فهو بمقدار ستة أسداس وثلاثة اثلاث.

3 - ومن ذلک یتبین مفاد معتبرة سلیمان بن حفص المروزی عن الرجل العسکری(علیه السلام) قال:

«إذا انتصف اللیل ظهر بیاض فی وسط السماء شبه عمود من حدید تضئ له الدنیا فیکون ساعة ویذهب ثم یظلم، فإذا بقی ثلث اللیل الأخیر ظهر بیاض من قبل المشرق فأضاءت له الدنیا فیکون ساعة ثم یذهب وهو وقت صلاة اللیل، ثم تظلم قبل الفجر ثم یطلع الفجر الصادق من قبل المشرق،

ص:53

وقال:

من أراد أن یصلی فی نصف اللیل فیطول فذلک لَهُ»(1). ورواه الشیخ فی التهذیب والکلینی فی الکافی.

ویحمل ثلث اللیل الأخیر فیها علی جعل آخر اللیل طلوع الشمس لا طلوع الفجر وحینئذ یکون المقدار الزمنی ما بین الفجر الکاذب والفجر الصادق سدس اللیل وما بین الفجر الصادق وطلوع الشمس بمقدار سدس اللیل. فیکون المجموع بمقدار ثلث اللیل لا أن المجموع حقیقة من ثلث اللیل، وحینئذ تکون هذه الروایة داعمة ومطابقة لمفاد خبر محمد بن مسلم من کون الفجر الأول متقدما علی الفجر الصادق بمقدار سدس اللیل وأن ما بین الفجر الثانی وطلوع الشمس سدس اللیل وعلیه تطابق هذه الروایة موثق إبن فضال أیضا ویکون هناک تعاضد وتطابق بین الروایات الثلاث.

4 - وفی خبر أبان بن تغلب قال قلت لأبی عبدالله(علیه السلام) أی ساعة کان رسول الله صلی الله علیه و آله یوتر فقال: علی مثل مغیب الشمس إلی صلاة المغرب(2).

ص:54


1- (1) مواقیت الصلاة ب43 ح 5 .
2- (2) المواقیت ب 54 ح2 .

وهذا التحدید وهو ما بین مغیب الشمس إلی ذهاب الحمرة المغربیة یقارب ما بین طلوع الفجر الصادق وطلوع الشمس ولکنه بالدقة دون ذلک ولعله لبیان مراتب فی الفضیلة.

لکنها إجمالا مقاربة فی التحدید للفجر الکاذب بسدس اللیل کما أن فیها دلالة أخری ثانیة وهی تطابق وتساوی ما بین الفجر الأول والفجر الثانی مع المقدار الزمنی لما بین الفجر الثانی مع طلوع الشمس , ووجه ذلک: أن مغیب الشمس إلی ذهاب الحمرة المغربیة متطابق تعاکساً مع ما یحصل فی الفجر الثانی ما بین أول طلوع الحمرة المشرقیة فی کبد الأفق وبین طلوع الشمس لا سیما مع ما عرفت من أن أول الحمرة المشرقیة هو قبل إسفار السماء بالبیاض.

وقد جعلت الروایة هذا حداً تقریبیا لما بین الفجر الأول والفجر الثانی.

ص:55

ص:56

الخاتمة :وفیها فائدة فی تحدید الفجر فی بلدان العروض غیر المعتدلة:

أن نور النهار وظلمة اللیل علامتان لمقادیر اللیل والنهار، وکذلک إضاءة بیاض الفجر والحمرة الشفق للغروب والعشاء، فهذه الإمور علامة فی البلدان المعتدلة عرضا ای ما دون 45 أو 48 درجة.

وأما ما زاد علی ذلک عرضا لاسیما کل ما ازداد فی درجة العرض عن ذلک فإنه لا ینتظم النور والإضاءة والظلمة والشفق والبیاض ولاینطبق علی قوس اللیل وقوس النهار وذلک لعدم إنخفاض الشمس 18 درجة تحت أفق تلک المناطق فی ذلک العرض الذی یزید علی 48 - 45 درجة، أی البلدان الخارجة عن

ص:57

الاعتدال عن العرض الطبیعی، وحینئذ فیکون مدار وقت اللیل والنهار علی نصف قوس حرکة الأرض امام الشمس فیکون نهارا وأن کان بعضه أو جله أو کله مظلما کما فی الشتاء، ونصف دوران الارض مستدبرا للشمس هو قوس اللیل وان کان بعضه منیرا أو کله کما فی الصیف.

ص:58

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.