تربه الحسین علیه السلام

اشارة

تُربَة الحُسَین علیه السلام

وتحوّلها إلی دمٍ عبیطٍ  یوم عاشوراء

تألیف

السیّد علی الشهرستانی

تُربَة الحُسَین علیه السلام

وتحوّلها إلی دمٍ عبیطٍ  یوم عاشوراء

تألیف

السیّد علی الشهرستانی

ص:1

اشارة

ص:2

ص:3

ص:4

المقدمه

بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ

فی محرّم عام 1434 ه_ قصدت العراق لزیارة قبور أئمّتی سلام الله علیهم أجمعین ، وفی یوم عاشوراء تحدیداً ، وحین دخولی الحرم الحسینیّ، سألنی أکثر من شخصٍ یعرفنی عن صحّة ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن تحوّل التربة الحسینیة الموجودة فی المتحف الحسینیّ بکربلاء المقدّسة إلی لونٍ أحمر .

فأجبتهم بعدم اطّلاعی علی الخبر ، مع عدم استبعادی حدوث أمثال ذلک ؛ کرامةً للحسین علیه السلام ، وترسیخاً لعقائد المسلمین ؛ لأنّ الإمام الحسین علیه السلام آیة من آیات الله العظمی، وأنّ تعظیمه من الشعائر الّتی یدعو إلیها الله ، وقد أُمرنا بتعظیمها ، وأنّ حرمته عند الله کحرمة جدّه رسول الله ، وحرمة بقیة الأنبیاء والمرسلین .

کما أنّ حرمته کحرمة الکعبة والمدینة ولیلة القدر وشهر رمضان ، وتربته لیست أقلّ من ناقة صالح ، وقمیص یوسف ، وتابوت بنی إسرائیل ، وعصا موسی ، بل حرمة الحسین علیه السلام وشعائره أعظم من تلک الشعائر والحرمات کما فی أخبار أهل البیت علیهم السلام ، وأنّ النّاس لمّا ذبحوا ناقة صالح / فَکَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَیْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا . .

فکیف لا یغضب الله علی من ذبح رضیع الحسین بن علیّ ؟! وکیف لا یغفر لمن تولّی الحسین و زاره فی الدنیا ؟!

فتعظیم هذه الذوات والأماکن والأشهر هی من الشعائر والحرمات

ص:5

الّتی أمرنا الله بها ، قال تعالی : /ذٰلِکَ وَ مَنْ یُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَی الْقُلُوبِ .(1) ، وقال تعالی : / ذٰلِکَ وَ مَنْ یُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَیْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ . (2) .

کما أنّ ظهور کرامة للحسین یوم عاشوراء أو فی غیرها من الأیّام غیر مستبعد ، مع التأکید علی أنّ أخبار احمرار تربة الحسین بعد شهادته علیه السلام ثابتة ومتواترة فی کتب التاریخ والحدیث ، وهی لیست ببدعٍ من الأمر کما یتصوّره بعض من لا بصیرة له ، إذ کان جبرئیل الأمین أوّل من أخبر الصادق الأمین محمّد بن عبد الله صلی الله علیه و آله بشهادة فلذة کبده ، وذلک قبل شهادة الإمام الحسین علیه السلام بکربلاء ، وقد أراه قطعة من ذلک التراب الطاهر «فأخذته أمّ سلمة فصرّتها فی خمارها »(3) .

کما أخبر مَلَکُ الأمطار والبحار الرسولَ بذلک أیضا ، فی نصوصٍ أُخری ستقف علیها بعد قلیل .

کلّ ذلک تنبیها وتأکیدا علی عظم المصیبة الّتی ستحلّ بالإسلام والمسلمین ، ولیست تلک الأخبار إخباراً فحسب بوقوع هذه الحادثة المفجعة ، ولو کان إخباراً مَحْضا ، لکان یحصل بالإخبار به مرّةً واحدةً ولا داعی حینئذٍ لتکراره من قِبَلِ جمعٍ من الملائکة ، و ما ذلک إلاّ تعظیما للحسین علیه السلام واستعظاما لما سیحلّ به وبالأمّة من بعده، والرسول

ص:6


1- 1. الحجّ : 32 .
2- 2. الحجّ : 30 .
3- 3. مسند أحمد 3 : 242 / 13563 ، مسند أبی یعلی 6 : 129 / 3402 ، واُنظر مجمع الزوائد 9: 187 .

الأعظم قال لأُمّ سلمة : «یا أُمَّ سلمة ، إذا تحوّلت هذه التربة دما فاعلمی أنّ ابنی قد قُتل» (1).

کما أنّ أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام هو الآخر کان یعلم بما سیجری علی ابنه ، وقد مرّ علیه السلام _ وهو منطلقٌ إلی صفّین _ بتلک البقعة فأخذ منها قبضةً فشمّها وعرفها (2) .

بلی ، قد تواترت الأخبار عن احمرار السماء عند مقتل الحسین وبعده ، ووجود دمٍ عبیطٍ تحت کلّ حجرٍ ومَدَرٍ ، خصوصا فی الشام وبیت المقدس . وقد روی ذلک بطرق مختلفة وفیها رجال من البصرة والکوفة وواسط ومصر والمدینة ، ولا استبعاد من تکرّرها مرة أو مرّات لحکمةٍ یراها الله تعالی .

کیف لا یحصل ذلک للحسین بن علیّ وهو سبط رسول الله وسیّد شباب أهل الجنّة ؟ وقد قُتل بصورةٍ بشعةٍ یندی لها جبینُ البشریة ، وقد قتلوه مع أنّ الأخبار تواترت عن رسول الله فیه وفی أخیه الإمام الحسن بمثل قوله : «الحسن و الحسین سیّدا شباب أهل الجنّة» (3) و «حسین منّی وأنا من حسین ، أحبّ الله من أحبّ حسینا» و «حسین سبط من

ص:7


1- 1. المعجم الکبیر ، للطبرانیّ 3 : 108 / 2817 ، مجمع الزوائد 9 : 189 ، طرح التثریب للعراقی 3 : 108 .
2- 2. المعجم الکبیر 3 : 111 / 2825 ، مجمع الزوائد 9 : 191 .
3- 3. الأحادیث المختارة 1 : 99 ، المستدرک علی الصحیحین 3 : 182 / 4778 ، وعلّق علیه الحاکم قائلاً : هذا حدیث صحیح من أوجه کثیرة وأنا اتعجب أنهما لم یخرجاه ، و 3 : 429 / 5630 .

الأسباط» (1) فسیادة شباب أهل الجنّة عنوان مقدّس ، وهو یُنبئ عن مکانته علیه السلام عند الله فی الدنیا وفی الآخرة .

فعدم حفظ حرمة الحسین وانتهاکها هو انتهاک لکلّ الحرمات ، إذ أکّد رسول الله لزوم الاستنصار له ونصرته ، وقد قال الله سبحانه فی جدّه رسول الله : /إِلاَّ تَنْصُرُوهُ     فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ُ. (2) . فهو علیه السلام قتل لکنّ لم یمت ؛ لنصرة الله له ولقضیته .

فجاء فی المصباح للکفعمی عن الصادق علیه السلام فی زیارة الإمام الحسین علیه السلام : أشهد أنک قتلت ولم تمت بل برجاء حیاتک حییت قلوب شیعتک، بضیاء نورک اهتدی الطالبون إلیک (3).

وقد قالت عائشة عن رسول الله صلی الله علیه و آله : أنّه ما انتقم لنفسه فی شیء یؤتی له قط حتّی تنتهک حرمات الله فینتقم لله (4) .

وروی أنس بن الحارث عن النبیّ صلی الله علیه و آله قوله : «إنّ ابنی ذا_ یعنی الحسین _ یقتل بأرض یقال لها کربلاء، فمن شهد ذلک فلینصره» (5).

ص:8


1- 1. البخاریّ فی الأدب المفرد : 133 / 364 ، و الترمذیّ فی سننه 5 : 658 / 3775 ، و ابن ماجة فی سننه 1 : 51 / 144 ، والطبرانیّ فی المعجم الکبیر 3 : 33 / 2589 ، و 22 : 274 / 702 ، و ابن أبی شیبة فی المصنّف 6 : 380 / 32196 ، و أحمد فی مسنده 4 : 172 / 17597.
2- 2. التوبة : 40 .
3- 3. المصباح للکفعمی : 499 وانظر بحار الأنوار 98 : 342/2 فی زیارته علیه السلام فی أول رجب و النصف من شعبان ولیلتهما .
4- 4. صحیح البخاری 4 : 119 / 6404 .
5- 5. الخصائص الکبری ، للسیوطی 2 : 213 ، أخرجه ابن السکن والبغوی فی الصحابة و أبونعیم من طریق سحیم عن أنس بن الحارث عن النبی ، الاصابة 1 : 121 / 266 ، تاریخ دمشق 14 : 224 .

وروی أبو هریرة عن النبیّ صلی الله علیه و آله قوله : «من عادی لی ولیا فقد آذنته بالحرب » (1).

وجاء عنه صلی الله علیه و آله فی أهل بیته : « أنا حرب لمن حاربکم وسلم لمن سالمکم »(2).

إذن ؛ فالحسین بن علیّ له حرمة عند الله لأنّه المثل الأکمل لقوله تعالی: /إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَی مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ یُقَاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ فَیَقْتُلُونَ وَ یُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَیْهِ حَقّاً فِی التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِیلِ وَ الْقُرْآنِ وَ مَنْ أَوْفَی بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَیْعِکُمُ الَّذِی بَایَعْتُمْ بِهِ وَ ذٰلِکَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ .(3) ، إذ لم نرَ مصداقاً لنبیّ أو وصیّ قد « قاتل وقتل » إلاّ فی الإمام الحسین .

کما أنّه المصداق الأکمل لقوله تعالی : /وَ فَدَیْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ. (4) ، فلا شکّ أنّه علیه السلام أعظم من الکبش الّذی أُتی به من الجنّة لإبراهیم ، لأنّه من ولد إبراهیم الخلیل ، ومن ولد سیّد المرسلین محمّد بن عبد الله صلی الله علیه و آله ، وقد جاء هذا المعنی فی خبر عن الإمام الرضا علیه السلام (5) .

کما أنّه أعظم من قمیص یوسف ، وناقة صالح ، وعصا موسی ،

ص:9


1- 1. صحیح البخاری 5 : 2384 .
2- 2. مسند أحمد 2 : 442 / 9696 ، المعجم الکبیر 3 : 40 / 2621 ، عن أبی هریرة ، ورواه الترمذی فی سننه 5 : 699 / 3870 ، وابن أبی شیبة فی المصنف 6 : 378 / 32181 عن زید بن أرقم .
3- 3. التوبة : 111 .
4- 4. الصافات: 107.
5- 5. عیون أخبار الرضا ، للصدوق 2 : 187 الباب 17 ، الحدیث 1 .

وغیرها من الآیات الإلهیّة الظاهرة للناس علی امتداد البشریّة .

وعلیه فالله تعالی اشتری من الإمام الحسین نفسه _ فی عالم الذرّ _ بأن جعل له الشفاء فی تربته ، والأئمّة من ذرّیّته ، وجعل استجابة الدعاء تحت قبّته .

والأسمی من ذلک کلّه أن نری الإمام علیّاً یعدّ أصحاب الإمام الحسین من سادة الشهداء یوم القیامة ، ووصفهم بأنْ « لیس مثلهم شهداء إلاّ شهداء بدر » (1) .

وفی إکمال الدین للصدوق بسنده عن الأصبغ بن نباتة ، قال :

خرج علینا أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام ذات یوم ویده فی ید ابنه الحسن علیه السلام وهو یقول : خرج علینا رسول الله صلی الله علیه و آله ذات یوم ویدی فی یده هکذا ، وهو یقول : « خیر الخلق بعدی وسیّدهم أخی هذا، وهو إمام کلّ مسلم ، ومولی کلّ مؤمن بعد وفاتی ، ألا وإنّی أقول : خیر الخلق بعدی وسیّدهم ابنی هذا ، وهو إمام کلّ مؤمن ، ومولی کلّ مؤمن بعد وفاتی ، ألا وإنّه سیُظلم بعدی کما ظُلِمْتُ بعد رسول الله صلی الله علیه و آله ، وخیر الخلق وسیّدهم بعد الحسن ابنی أخوه الحسین المظلوم بعد أخیه ؛ المقتول فی أرض کربلاء ، أما إنّه وأصحابه من سادة الشهداء یوم القیامة » (2) .

ص:10


1- 1. أخرج ابن عساکر فی تاریخه والطبرانیّ فی معجمه بسندهما عن شیبان بن مخرم وکان عثمانیّا قال: إنّی لمع علیّ رضی الله عنه إذ أتی کربلاء فقال : یُقتل فی هذا الموضع شهداء ، لیس مثلهم شهداء إلاّ شهداء بدر ، فقلت : بعض کذباته . . . فلمّا قتل الحسین انطلقت ومعی أصحاب لی ، فإذا جثّة الحسین بن علیّ رضی الله عنه علی الموضع ، و إذا أصحابه ربضة حوله . تاریخ دمشق 14 : 222 ، المعجم الکبیر 3 : 111 / 2826 ، مجمع الزوائد 9 : 191 وفیه : رواه الطبرانی و فیه عطاء بن السائب وهو ثقة ولکنّه اختلط وبقیّة رجاله ثقاة .
2- 2. إکمال الدین ، للصدوق : 259 / 5 .

کما أنّ الکلینیّ أخرج عن یونس الکناسیّ ، عن الإمام الصادق علیه السلام فی بعض الزیارات المطلقة قوله : « ... أنتم سادة الشهداء فی الدنیا والآخرة، وأنتم السابقون والمهاجرون والأنصار ... »(1).

وفی زیارة أُخری عن الحسن بن عطیّة ، عن الإمام الصادق علیه السلام قوله: « السلام علیکم أیّها الشهداء ، أنتم لنا فرط ونحن لکم تبع ، أبشروا بموعد الله الّذی لا خُلْفَ له ، الله ُ مدرکٌ لکم وترکم ، ومدرکٌ لکم فی الأرض عدوّه ، أنتم سادة الشهداء فی الدنیا والآخرة »(2) .

فإذا کان هذا هو حال الشهداء مع الحسین علیه السلام ، فکیف لا یکون هو حال الإمام الحسین علیه السلام واحمرار تربته ؟! إنها حقیقة نعرفها عن الإمام ، ولا تحتاج إلی مزید توثیق وبیان ، وقد جاءت متواترة فی کتب الفریقین .

لکنّی مع کلّ ذلک أحببت أن أطّلع علی جزئیّات ما سمعته من خبر تحوّل التربة فی کربلاء _ بعد الانتهاء من مراسم یوم عاشوراء _ فطلبت من السیّد جعفر الموسویّ _ أحد أعضاء الهیئة الإداریة للعتبة الحسینیّة المقدّسة _ أن یصحبنی إلی المتحف الذی یحوی التربة الشریفة لیُرینی تلک التربة ، فاستقبلنا مدیر المتحف ، فسألناه عن تفاصیل الحادثة وکیفیّة حصوله علی تلک التربة ، وهل کانت موجودةً فی المتحف منذ أیّام الحکومات السابقة ، أو أنّها حُصِلَ علیها مؤخّراً ؟

فأجابنا بأنّه حصل علی عیّنات من التربة حدیثاً من بعض العوائل الکربلائیّة القدیمة ، وخلط بینها ، من أجل أن تکون التربة الحسینیّة هی

ص:11


1- 1. الکافی ، للکلینیّ 4 : 574 / 1 .
2- 2. کامل الزیارات : 360 / 617 .

المدخل والبوّابة التاریخیّة والمعنویّة للمقتنیات الموجودة فی المتحف .

لأنّ تاریخ کربلاء وواقعةِ الطّفّ مرتبط مباشرة بتربته علیه السلام ، وعلی الزائر أن یبدأ رحلته فی المتحف بالتربة الحسینیة ، لأنّ البرکة کلّ البرکة بتربة الإمام علیه السلام .

ثمّ أضاف قائلاً :

إنّی کنت فی یوم عاشوراء فی إحدی المواکب خارج الحرم الحسینیّ ، وإذا بأحد الأخوة العاملین فی المتحف یتّصل بی ویخبرنی متعجّبا بتبدّل التربة إلی اللّون الأحمر ، وأنا بدوری تعجّبت من هذا الخبر، وترکتُ الموکب علی عجلٍ متوجّها إلی المتحف ، وإذا بالتربة قد تغیّرت بالفعل إلی اللون الأحمر ، فأصابتنی دهشة وانبهارٌ لا یمکننی وصفه ولا أدری ماذا أعمل ؟ وکیف أصنع ؟ وتزامنا مع هذه الدهشة والتعجّب وإذا بقناة کربلاء الفضائیّة تفاجئنا _ علی غیر میعاد _ وهی فی طریقها من باب القبلة إلی باب تلّ الزینبیة فی الحرم الحسینیّ ، مرورا بالمتحف ، فتقف علی ما نحن فیه ، فتُصوّر المشهد وترصد حالاته لحظة بلحظة .

فطلبتُ من مدیر المتحف _ حفظه الله _ أن یتثبّت ممّا یسمعه من الموظّفین ، وأن لا یتسرّع فی تأیید أو نفی الأقوال ولا یکون عاطفیا فی قراراته ، لأنّ الأمر یرتبط بعقائد الناس وأحاسیسهم ، فقد یؤمن أحد بهذه الکرامات ویری إنکارها إنکاراً للدین والقیم ، وقد لا یقبله البعض الآخر أو یشکّک فیه ، إذ أنّ تشکیکهم لا یمسّ بأصل عقیدتهم، لأنّهم لا ینکرون ضروریّا من ضروریّات الدین ، بل یریدون التأکّد والتثبّت من الخبر ، وعلیه أن یوضّح الأُمور للنّاس بصبر وأناة ولا ینفعل مع الزوّار .

ص:12

فإنّ بعض أصحاب الأئمّة کان لا یدرک کلامهم علیهم السلام ، وکان یشکّک فی صدوره عنهم علیهم السلام ، والأئمّة کانوا لا یریدون شیوع ظاهرة التشکیک المطلق بالأخبار مع دعوتهم الأصحاب إلی لزوم التثبّت فی أقوالهم وعرضها علی القرآن ، لأنّ التشکیک المطلق قد یبعدهم عن الصادر عنهم واقعا ، فکانوا یتعاملون مع الأصحاب بسعة صدر وأدب وحنکة، ثمّ یرشدونهم إلی الطریقة المثلی فی مثل هکذا أمر ، فکیف بالمؤمنین وهم یسمعون بکرامات صعبة علی العقول ، أو تراهم یشاهدون أمورا خارقة للعادة بعد آلاف السنین ، فلهم أن یسألوا عن تلک الأمور وعلینا الإجابة .

فقد جاء عن الإمام الباقر علیه السلام فی خبر طویل أنّه قال لجابر : «وما ثقل علیکم [من أحادیثنا] فلم تُطیقوه ، وکَبُر علیکم فلم تتحمّلوه، فردّوه إلینا ، فإنّ الرادّ علینا مخبث ، ألم تسمع الله یقول : /وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَإِلَی أُولِی الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِینَ یَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ.(1) ».

وجاء فی حدیث آخر عن محمّد بن مسلم ، عن الإمام الصادق ، عن آبائه علیهم السلام ، عن أمیر المؤمنین علیه السلام ، أنّه علّم أصحابه فی مجلس واحدٍ أربعمائة باب ممّا یصلح للمسلم فی دینه ودنیاه فقال :

« . . . إذا سمعتم من حدیثنا ما لا تعرفون فردّوه إلینا ، وقفوا عنده ، وسلّموا حتّی یتبیّن لکم الحقّ ، ولا تکونوا مذاییع عَجْلَی ، إلینا یرجع الغالی ، وبنا یلحق المقصّر الّذی یقصّر بحقّنا»(2) .

ص:13


1- 1. تفسیر فرات : 115 ، والسورة هی النساء : 83 .
2- 2. الخصال : 627 / 10 .

إذن ؛ نقل کرامات الأئمّة جیّدٌ ، والظواهر الکونیّة والآیات الإلهیة الحادثة فی الإمام الحسین _ قبل و بعد شهادته _ کثیرة ، وهی لم تختص بزمانها فقط ، وإنّ ظهورها لم یحدث عند مقتل الحسین أو بعده بقلیل فقط ، فقد شوهد تکرارها فی عصور لاحقة أیضا .

والنصوص الّتی سنتلوها علیک من احمرار السماء والجدران بعد  قتل الحسین مباشرة لا تنفی تکرارها فی الأزمان اللاّحقة .

وهذا الکلام لا یعنی قبولنا بکلّ ما یدّعیه الأشخاص ، بل علی المؤمن التثبّت من الأقوال ، کما علیه أن لا ینفیها بتاتا ، لأنّ الشک مقدِّمةٌ للیقین ، والمؤمن فی أُموره العقائدیة یحتاج إلی الیقین والدلیل القطعی ولا یکفیه التخمین والظن ، فهو مع إیمانه یسعی فی تثبیت عقیدته والتأکّد من صحّة ما هو علیه ، وهذا هو حقه ، وقد فعله نبیّ الله إبراهیم : / وَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِیمُ رَبِّ أَرِنِی کَیْفَ تُحْیِی الْمَوْتَی قَالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَی وَ لٰکِنْ لِیَطْمَئِنَّ قَلْبِی قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّیْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَیْکَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَی کُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ یَأْتِینَکَ سَعْیاً وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ حَکِیمٌ .(1).

أجلّ إنّ الإمام الحسین هو ناموس الکون ، وآیة من آیات الله الکبری، وإنّ تغیّر تربته إلی لون الدم لیس بشیء صعب وعسیر علی الله ، وإنّ مجیء هکذا کرامات للإمام الحسین لا یزیده شرفا ومکانةً ، فهو شریف وعظیم عند الله ، ولو وقع ذلک فی زمنٍ ما فهو لتثبیت عقائد المؤمنین ولإنذار الظالمین ، وإلیک بعض النصوص :

ص:14


1- 1. البقرة : 260 .

بکاء السماء والجدران دما عند مقتل الحسین علیه السلام

فقد أخرج الفسویّ ، قال : حدّثنا مسلم بن إبراهیم ، قال : حدّثتنا أُمّ شوق العبدیّة، قالت : حدّثتنی نضرة الأزدیّة ، قالت : لمّا قُتل الحسین مطرت السماء دما ، فأصبَحَتْ وکُلُّ شیءٍ لنا ملآن دما (1).

وورد فی تاریخ الإسلام للذهبیّ : عن جعفر بن سلیمان ، قال :

حدّثتنی أُمّ سالم خالتی ، قالت : لمّا قُتل الحسین مُطرنا مطرا کالدَّم علی البیوت والجُدُر (2).

وعن اُمّ حکیم قالت _ واللفظ للطبرانیّ _ : قُتل الحسین و أنا یومئذ جویریة (جاریة صغیرة) ، فَمَکَثَتِ السماء أیّاما مثلَ العَلَقَةَ (3). قال الهیثمیّ: رواه الطبرانیّ ورجاله إلی أُمّ حکیم رجال الصحیح (4) .

وفی جزء الحمیدیّ: فمکثَتِ السماء سبعة أیّام بلیالیهنّ کأنّها العَلَقَة (5).

وعن السُّدِّیّ ، قال : لمّا قُتل الحسین بن علیّ رضوان الله علیهما بکت السماء ، وبکاؤُها حمرتها (6) .

وروی ابن عساکر بسنده عن قرّة قال : ما بکت السماء علی أحدٍ إلاّ علی یحیی بن زکریّا والحسین بن علیّ ، وحمرتها بکاؤها (7) .

ص:15


1- 1. انظر : ثقات بن حبّان 5 : 487 / 5862 ، تهذیب الکمال 6 : 433 .
2- 2. تاریخ الإسلام 5 : 16 حوادث سنة 61 ، تهذیب الکمال 6 : 433 .
3- 3. المعجم الکبیر ، للطبرانیّ 3 : 113 / 2836 ، مجمع الزوائد 9 : 196 ، تاریخ دمشق 14 : 226 .
4- 4. مجمع الزوائد 9 : 196 .
5- 5. جزء الحمیدیّ : 33 ، وتهذیب الکمال 6 : 432 .
6- 6. تفسیر الطبریّ 25 : 124 .
7- 7. تاریخ دمشق 64 : 217 .

وأخرج ابن کثیر فی تفسیره ، قال : قال ابن أبی حاتم : حدّثنا علیّ بن الحسین ، حدّثنا عبد السلام بن عاصم ، حدّثنا إسحاق بن إسماعیل ، حدّثنا المستورد بن سابق ، عن عبید المکتّب ، عن إبراهیم ، قال :

ما بکت السماء منذ کانت الدنیا إلاّ علی اثنین ، قلت لعبید : ألیس السماء والأرض تبکی علی المؤمن ؟ قال : ذاک مقامه حیث یصعد عمله، قال : وتدری ما بکاء السماء ؟ قلت : لا ، قال : تحمرّ وتصیر وَرْدَةً کالدِّهان ؛ إنّ یحیی بن زکریّا علیه الصلاة والسلام لمّا قُتل احمرّت السماء وقطرت دما ، وإنّ الحسین بن علیّ رضی الله عنهما لمّا قُتل احمرّت السماء (1).

وقال ابن کثیر أیضا : وحدّثنا علیّ بن الحسین ، حدّثنا أبو غسّان محمّد بن عمرو زنیج ، حدّثنا جریر ، عن یزید بن أبی زیاد ، قال : لمّا قُتل الحسین بن علیّ رضی الله عنهما احمرّت آفاق السماء أربعة أشهر .

قال یزید : واحمرارها بکاؤها . وهکذا قال السدّیّ فی الکبیر . وقال عطاء الخراسانیّ : بکاؤها أن تحمرّ أطرافها (2). وقال سلیمان القاضی : مُطرنا دما یوم قُتل الحسین (3).

وعن عیسی بن الحارث الکندی ، قال : لمّا قُتل الحسین مکثنا سبعة أیّامٍ إذا صلّینا العصر نظرنا إلی السماء علی أطراف الحیطان کأنّها الملاحِف المُعَصْفَرَة ، ونظرنا إلی الکواکب یضرب بعضها بعضا (4).

ص:16


1- 1. تفسیر ابن کثیر 4 : 143 .
2- 2. المصدر نفسه .
3- 3. تفسیر الثعلبیّ 8 : 353 ، تفسیر القرطبیّ 16 : 141 .
4- 4. المعجم الکبیر ، للطبرانیّ 3 : 114 / 2839 ، وانظر مجمع الزوائد 9 : 197 .

وفی تاریخ ابن عساکر بسنده عن علیّ بن مدرک ، عن جدّه الأسود ، قال : احمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسین ستّة أشهر ، یُری ذلک فی آفاق السماء کأنّها الدم ، قال : فحدّثت بذلک شریکا فقال لی : سألتَ مَن الأسود ؟ قلت : هو جدّی أبو أُمّی ، قال : أما والله إن کان لصدوقَ الحدیثِ ، عظیمَ الأمانة ، مُکْرِما للضَّیف (1).

وروی ابن عساکر بسنده عن خلاّد _ صاحب السمسم _ وکان ینزل بنی جحدر ، قال : حدّثتنی أُمّی ، قالت : کنّا زمانا بعد مقتل الحسین ، وإنّ الشمس تطلع محمرّة علی الحیطان والجُدُر بالغداة والعشیّ . قالت : وکانوا لا یرفعون حجرا إلاّ وُجد تحته دم (2) .

و روی الطبرانیّ بسنده عن محمّد بن عبد الله بن سعید بن العاص ، عن الزهریّ ، قال : قال لی عبد الملک [بن مروان] : أیّ واحدٍ أنت إن أخبرتنی أیّ علامة کانت یوم قتل الحسین بن علی ؟

قال الزهریّ قلت : لم تُرفع حصاة ببیت المقدس إلاّ وجد تحتها دمٌ عبیط .

فقال لی عبد الملک : إنّی وإیّاک فی هذا الحدیث لقرینان (3).

وروی الطبرانیّ أیضا عن ابن جریج ، عن ابن شهاب الزهریّ ،

ص:17


1- 1. تاریخ دمشق 14 : 227 ، وفی سیر أعلام النبلاء 3 : 312 عن محمّد بن سیرین ، قال : تعلم هذه الحمرة فی الأُفُق ممّ ؟ هو من یوم قتل الحسین .
2- 2. تاریخ دمشق 14 : 226 .
3- 3. المعجم الکبیر : للطبرانیّ 3 : 119 / 2856 ، وقال الهیثمیّ فی مجمع الزوائد 9 : 196 « رواه الطبرانیّ ورجاله ثقاة » ویقصد عبد الملک بقوله أنّه قرین الزهریّ فی معرفته بهذا الحدیث .

قوله: ما رُفع بالشام حجر یوم قتل الحسین بن علیّ إلاّ عن دم (1) .

وروی الطبرانیّ أیضا عن أبی بکر الهذلیّ ، عن الزهریّ ، قال : لمّا قُتل الحسین بن علیّ لم یُرفع حجر ببیت المقدس إلاّ وجد تحته دمٌ عبیط (2) .

وعن معمّر بن راشد ، قال : أوّل ما عرف ابن شهاب الزهریّ تکلَّم فی مجلس الولید بن عبد الملک ، فقال الولید : أیّکم یعلم ما فعلَتْ أحجار بیت المقدس یوم قُتل الحسین بن علیّ ؟

فقال الزهریّ : بلغنی أنّه لم یُقلب حجرٌ إلاّ وُجد تحته دمٌ عبیط(3) .

وأخرج المزیّ ، عن زید بن عمرو الکندیّ ، قال : حدّثتنی أُمّ حیّان ، قالت : یوم قتل الحسین أَظْلَمَت علینا ثلاثا ، ولم یمسَّ أحدٌ من زعفرانهم شیئاً فجعله علی وجهه إلاّ احترق ، ولم یُقلب حَجَرٌ ببیت المقدس إلاّ أُصیب تحته دمٌ عبیط (4).

وعن العلاء بن أبی عائشة ، قال : حدّثنی رأس الجالوت (5) ، عن أبیه، قال : «ما مررت بکربلاء إلاّ وأنا أُرکضُ دابّتی حتّی أُخلّف المکانَ ، قال: قلت : لِمَ ؟ قال : کُنّا نتحدّث أنّ وَلَدَ نبیٍّ مقتول فی ذلک المکان ،

ص:18


1- 1. المعجم الکبیر ، للطبرانیّ 3 : 113 / 2835 ، وقال الهیثمیّ فی مجمع الزوائد 9 : 196 «رواه الطبرانیّ ورجاله رجال الصحیح» .
2- 2. المعجم الکبیر ، للطبرانیّ 3 : 113 / 2834 .
3- 3. تاریخ الإسلام ، للذهبیّ 5 : 16 حوادث سنة 61 ، تهذیب التهذیب لابن حجر 2 : 305/ 615 .
4- 4. تهذیب الکمال 6 : 434 ، تاریخ دمشق 14 : 229 .
5- 5. رأس الجالوت : هو مقدّم علماء الیهود . والجالوت : هم الجالیة ، أی الذین جَلَوا عن أوطانهم ببیت المقدس ، ویکون رأس الجالوت ممن ولد داود علیه السلام . انظر مفاتیح العلوم للخوارزمی : 24 .

قال : وکنت أخاف أن أکون أنا ، فلمّا قُتل الحسین قُلنا : هذا الذی کنّا نتحدّث . قال : وکنت بعد ذلک إذا مررتُ بذلک المکان أسیرُ ولا أرکض(1) .

وأخرج ابن عساکر ، عن عبد الملک بن مروان : أنّه أَرسل إلی ابن رأس الجالوت فقال : هل کان فی قتل الحسین علامة ؟

قال ابن رأس الجالوت : ما کُشف یومئذ حجرٌ إلاّ وُجد تحته دمٌ عبیط (2).

وفی تهذیب الکمال : عن مروان مولی هند بنت المهلّب ، قال : حدّثنی بوّاب عبید الله بن زیاد أنّه لمّا جیء برأس الحسین فوُضع بین یدیه رأیتُ حیطانَ دار الإمارة تَسایَلُ دما (3).

وفی تاریخ ابن معین (بروایة عبّاس الدوری عنه) : سمعت ابن معین یقول : حدّثنا جریر ، عن یزید بن أبی زیاد ، قال : قُتل الحسین بن علیّ ولی أربع عشرة سنة ، وصار الورس (4) الّذی کان فی عسکرهم رمادا ، واحمرّت آفاق السماء ، ونحروا ناقة فی عسکرهم فکانوا یرون فی لحمها النیران (5) .

ص:19


1- 1. تاریخ الطبریّ 3 : 300 ، الکامل فی التاریخ 3 : 442 ، وأشار إلیها البخاری فی التاریخ الکبیر 6 : 508 / الترجمة 3140 « العلاء بن أبی عائشة » . ورواها الطبرانیّ فی المعجم الکبیر 3: 111 / 2827 ، ومسلم فی الکنی والأسماء 2: 696 / 1221 ، بسندیهما عن العلاء بن أبی عائشة عن أبیه عن رأس الجالوت .
2- 2. تاریخ دمشق 14 : 230 .
3- 3. تهذیب الکمال 6 : 433 ، تاریخ دمشق 14 : 229 تسایل یعنی تسیل دما من کُلِّ جانب .
4- 4. الورس : شجرٌ یخرج شیئا کالزعفران ، یتّخذ للزینة وصبغ الملابس والشعر . انظر المغرب فی ترتیب المعرب 2 : 350 .
5- 5. تاریخ ابن معین 1 : 498/ 2435 ، تهذیب الکمال 6 : 435 ، سیر أعلام النبلاء 3 : 313.

وأخرج الطبرانیّ بسنده عن ذوید الجعفی ، عن أبیه ، قال : لمّا قُتل الحسین انتُهِبت جزورٌ من عسکره ، فلمّا طبخت إذا هی دمٌ ، فأکفؤوها(1).

ظهور کرامات أخری حین مقتل الحسین علیه السلام وبعده

ولم تختص الظواهر الکونیة بخروج دم عبیط من تحت الحجر والمدر وبکاء السماء دما ، بل روی عن أبی قبیل ، قال : لمّا قتل الحسین بن علی انکسفت الشمس کسفة بدت الکواکب نصف النهار حتّی ظننّا أنّها هی(2).

وعنه أیضا ، قال: لمّا قتل الحسین بن علی احتزّوا رأسه ، وقعدوا فی أول مرحلة یشربون النبیذ ، ویَتَحَیَّوْنَ بالرأس ، فخرج علیهم قَلَمٌ من حدیدٍ من حائط ، فکتبَ سَطْرَ دمٍ :

أترجو أمّةٌ قتلت حسینا                         شفاعةَ جدّه یومَ الحسابِ(3)

وحکی الطبرانی ، عن سفیان ، قال: حدثتنی جدّتی أُمّ أبی ، قالت: شهد رجلان من الجعفیِّین قَتْلَ الحسین بن علی ، فأمّا أحدهما فورمت عورته فافتُضح ، وأمّا الآخر فکان یستقبل الراویة بفیه حتّی یأتی علی آخرها ، قال سفیان : رأیت ولد أحدهما ، کأنّ له خبلاً ، وکأنّه مجنون (4).

ص:20


1- 1. المعجم الکبیر 3 : 121 / 2864 ، مجمع الزوائد 9 : 196 ، عن الطبرانی قال : رجاله ثقات.
2- 2. المعجم الکبیر 3 : 114 قال الهیثمی فی مجمع الزوائد 9 : 197 : « وإسناده حسن » . وانظر السنن الکبری للبیهقی 3 : 337 أیضا ، ومعنی أنّها هی ، أی ظننَّا أنَّها القیامة .
3- 3. تهذیب الکمال 6 : 443 .
4- 4. انظر المعجم الکبیر للطبرانی  3 : 119/2857 . والراویة ظرف ماء من الجلد .

قال الهیثمی : رواه الطبرانی ورجاله إلی جدّة ثقات (1).

وروی الطبرانی أیضا بسنده عن حاجب عبید الله بن زیاد ، قال : دخلتُ القصر خلف عبید الله بن زیاد حین قُتِلَ الحسین فاضطرم فی وجهه نارا ، فقال هکذا بکُمِّه علی وجهه .

فقال ابن زیاد للحاجب : هل رأیت ؟ قلت : نعم ، فأمرنی أنْ أکتم ذلک (2)، قال الهیثمی : رواه الطبرانی وحاجب عبید الله لم أعرفه ، وبقیّة رجاله ثقات (3).

وقال الهیثمی : وعن أُمّ سلمة ، قالت : سمعتُ الجنَّ تنوح علی الحسین بن علی . رواه الطبرانی ورجاله رجال الصحیح (4).

وقال الهیثمی أیضا : وعن میمونة ، قالت : سمعت الجنَّ تنوح علی الحسین بن علی . رواه الطبرانی ورجاله رجال الصحیح (5).

وعن وائل بن علقمة أنّه شهد الحسین بکربلاء ... قال وائل : فجاء رجل فقال : أفیکم حسین ؟ فقال الحسین علیه السلام : «من أنت» ؟ فقال للحسین : أبشر بالنار ، فقال الحسین علیه السلام : «بل ربّ غفور رحیم مطاع»، ثمّ قال له الحسین : ومن أنت ؟ قال : أنا ابن حُوَیْزَة ، فقال الحسین : « اللهمّ حُزُّه إلی النار » ، قال وائل :

ص:21


1- 1. انظر مجمع الزوائد 9 : 197 .
2- 2. المعجم الکبیر 3 : 112/2831 .
3- 3. مجمع الزوائد 9 : 196 .
4- 4. المعجم الکبیر 3 : 121/2862 ، الآحاد والمثانی للضحاک 1 : 308/425 ، تاریخ مدینة دمشق 14 : 239 ، الإصابة لابن حجر 2 : 71 ، مجمع الزوائد 9 : 199 .
5- 5. مجمع الزوائد 9 : 199 .

فذهَبَ فنفر به فرسه علی ساقِیَةٍ ، فتقطَّع فما بقی منه غیر رجله فی الرِّکاب (1).

وروی ابن عساکر بسنده عن محمد بن الصلت الأسدی الکوفی ، قال: حدثنا الربیع بن المنذر الثوری ، عن أبیه ، قال : جاء رجل یبشِّر الناسَ بقتل الحسین ، فرأیته أعمی یقاد (2).

کانت هذه بعض الأخبار الموجودة فی کتب أهل السنّة والجماعة ، وإلیک ما یُماثلها فی کتب الشیعة الإمامیّة ، وهی وإن کانت کثیرة ، لکنّا نکتفی ببعضها .

أخبار بکاء السماء واحمرارها علی الحسین علیه السلام فی کتب الشیعة

أخرج ابن قولویه ، بسنده عن داوود بن فرقد ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : احمرّت السماء حین قُتل الحسین ویحیی بن زکریّا ، وحمرتُها بکاؤُها(3).

وعن کلیب بن معاویة الأسدی ، عن أبی عبد الله الصادق علیه السلام ، قال: لم تَبْکِ السماء إلاّ علی الحسین بن علیّ ویحیی بن زکریّا 3 (4).

وعن عبد الله بن هلال ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : إنّ السماء بکت علی الحسین بن علیّ ویحیی بن زکریّا ، ولم تبک علی أحدٍ غیرهما ، قلت : وما بکاؤها ؟ قال : مکثوا أربعین یوما تطلع الشمس بحُمْرَةٍ وتغرب

ص:22


1- 1. مصنف ابن أبی شیبة 7 : 11/33856 و هناک روایة تقول أنّه سقط فی خندق النار الذی حفره الإمام الحسین علیه السلام وهی أوفق بدعاء الإمام علیه السلام .
2- 2. تاریخ مدینة دمشق 14 : 227 .
3- 3. کامل الزیارات : 182 / 249 ، وعنه فی بحار الأنوار 45 : 210 / 21 .
4- 4. کامل الزیارات : 183 / 252 ، وعنه فی بحار الأنوار 45 : 211 / 24 .

بحُمْرَةٍ .

قلت : فذاک بکاؤها ؟

قال علیه السلام : نعم (1).

ولا یخفی أنّ مراد الإمام علیه السلام هو استمراریّة احمرار الشمس من طلوعها وحتّی مغیبها . ویؤیّده ما تقدّم من خبر یزید بن أبی زیاد من احمرار السماء أربعة أشهر ، أو من خبر الأسود : ستة أشهر ، أو أربعین یوما ، أو سبعة أیّام ، وما شابهها ، فکلّها تؤکد اختصاصَ هذه الکرامة بالحسین بن علی ویحیی بن زکریا .

وعن محمّد بن علیّ الحلبیّ ، عن أبی عبد الله علیه السلام فی قوله تعالی: / فَمَا بَکَتْ عَلَیْهِمُ السَّمَاءُ وَ الْأَرْضُ وَ مَا کَانُوا مُنْظَرِینَ .(2) ، قال : لم تبک السماء علی أحدٍ منذ قُتل یحیی بن زکریّا حتَّی قُتل الحسین بن علیّ فبکت علیه(3) .

کما أشارت عقیلة الهاشمیین زینب 2 إلی مطر السماء دما فی خطبتها فی الکوفة :

«... ویلکم یا أهل الکوفة ، أتدرون أیَّ کبدٍ لرسول الله فریتم؟ وأیَّ کریمةٍ له أبرزتم ؟ وأیَّ دمٍ له سفکتم ؟ وأیَّ حرمةٍ له انتهکتم ؟ لقد جئتم شیئا إدّا ، تکاد السماوات یتفطّرن منه ، وتنشقّ الأرض ، وتخرّ الجبال هدّا !

ص:23


1- 1. کامل الزیارات : 181 / 246 ، و عنه فی بحار الأنوار 45 : 210 / 18 .
2- 2. الدخان : 29 .
3- 3. کامل الزیارات : 182 .

ولقد أتیتم بها خرقاء ، شوهاء ، کطِلاعِ الأرض ومِلّ ءِ السّماء ، أفعجبتم أن مطرت السماء دما ، ولعذاب الآخرة أخزی وهم لا ینصرون ، فلا یستخفّنَّکم المَهْلُ ، فإنّه لا یحفزه البدار ، ولا یخاف فوت الثار ، وإنّ ربکم لبالمرصاد »(1).

وقد جاء فی کامل الزیارات ، عن الحسین بن ثور ، عن أبی فاختة ، عن الإمام أبی عبد الله الصادق علیه السلام أنّه علّم أصحابه زیارةً یزورون بها عند أبی عبد الله جاء فیها :

... أشهد أنّ دمک سکن فی الخلد ، واقشعرّت له أظلّة العرش ، وبکی له جمیع الخلائق ، وبکت له السماوات السبع ، والأرضون السبع، وما فیهنّ وما بینهنّ ، ومن یتقلّب فی الجنة والنار من خلق ربّنا ، وما یُرَی وما لا یُرَی (2).

ونقل الشیخ البهائی عن والده بأنّه وجد درّا مکتوبا فیه :

أنا    درٌّ   م_ن    الس__ما     نث_رونی               یوم  تزویج  والد  السبطینِ

کنتُ  أصفی من  اللُّجَیْن ِ بیاضا              ص_بغتنی دماءُ نحر الحسینِ(3)

کلّ هذه النصوص تؤکّد مکانة الإمام الحسین علیه السلام عند الله ، وظهور آیات قبل وبعد شهادته فی کتب الفریقین ، ولا یبعد تکرار ذلک لتثبیت عقائد المؤمنین ، وإنذار الظالمین والناصبین ، لأنّ مصیبته لم تکن کمصیبة غیره من الأنبیاء والمرسلین إلاّ مصیبة یحیی بن زکریّا .

ص:24


1- 1. انظر اللهوف فی قتلی الطفوف لابن طاووس: 87 .
2- 2. کامل الزیارات : 364/618 وعنه فی بحار الأنوار 98 : 152 و 266 .
3- 3. انظر الشعر فی مجمع النورین للمرندی : 33 .

فرسول الله صلی الله علیه و آله لم یُذبح ، ولم یُرفع رأسه علی القنا ، ولم تُسْبَ حرائره ونِساؤه ، ولم یُسحق بجُرْدِ الخیل بعد موته .

وکذا الحال بالنسبة إلی الإمام علیّ علیه السلام ، فإنّه لم یفجع کما فُجع الحسین علیه السلام ، وإن کان قد تولّی قتله « أشقاها » ، وجاء عن ابن شهاب الزهریّ فیه ما یشابه خبر مقتل الحسین ، إذ قال :

قدمت دمشق وأنا أُرید الغزو ، فأتیتُ عبد الملک لأُسلِّم علیه ، فوجدته فی قبّةٍ علی فرش یفوق القائم ، والناس تحته سماطان ، فسلّمت علیه وجلست ، فقال : یا ابن شهاب ، أتعلم ما کان فی بیت المقدس صباح قتل علیّ بن أبی طالب؟ قلت نعم!!

 قال : هلمّ ، فقمت من وراء الناس حتّی أتیت خلف القبّة ، فحوّل وجهه فانحنی عَلَیَّ وقال : ما کان ؟!

فقلت : لم یُرفع حجر فی بیت المقدس إلاّ وُجد تحته دم . قال : فقال : لم یبقَ أحدٌ یعلم هذا غیری وغیرک ، فلا یُسْمَعَنَّ منک . قال : فما تحدّثت به حتّی توفّی (1).

فمصیبة الإمام علیّ علیه السلام لم تکن کمصیبة الإمام الحسین علیه السلام ، وکذا وفاة رسول الله لم تکن کقتل الحسین ، إذ لم نر جبرئیل أو ملکی البحار والأمطار یُخبر النبیّ بمقتل فلان وفلان .

لکنَّ ابن کثیر حینما لم یَرَ مناصا من الأخبار الواردة فی الإمام الحسین جاء یستخفّ بها ، وأخذ یذکر أسماءً مدعیا بأنّ مصیبتهم لم تقلّ عن

ص:25


1- 1. تاریخ دمشق 24 : 568 .

مصیبة الحسین ، أو أنّ مقامهم یستدعی ظهور هذه الکرامات فیهم لا فی الحسین بن علی فقط .

وصحیح أنّ بعض أُولئک کان أعظم من الإمام الحسین کجده وأبیه ، وصحیح أیضا أنّ الأصل الکونی هو عدم انکساف الشمس لموت أحد ، وهو ما قاله رسول الله عند موت ابنه إبراهیم ، لأنّ نظامه تعالی أتی طبقا للأسباب والمسببات ، لکنّه لا یعنی أبداً عدم وجود استثناء لهذه القاعدة العامّة ، فقد یخرق لعلةٍ ، کما فی ردّ الشمس لعلی وإنشقاق القمر لرسول الله وغیرها .

کما لا یستبعد أن یختص الإمام الحسین بشی ء لم یکن لرسول الله أو الإمام علی ، لأنّه ما من عام إلاّ وقد خُصّ ، وقد وقفتَ علی النصوص الکثیرة فی احمرار السماء وبکائها علی یحیی بن زکریا والحسین بن علی فقط ، کما مرّ علیک کلام أم سلیم : «مطرنا کالدم علی البیوت والجدران» .

وکلام عیسی بن الحارث : «نظرنا إلی السماء علی أطراف الحیطان کأنها الملاحف المعصفرة ونظرنا إلی الکواکب یضرب بعضها بعضا» . وما شابه ذلک وهذه الأمور لم تعرف فی وفاة رسول الله والإمام علی .

ونحن بذکرنا _ بعد قلیل _ أَخبارَ تربة الإمام الحسین عن جبرئیل ومَلَکَی الأمطار والبحار وأمثالها نریدُ تفنید کلام ابن کثیر إذ قال :

... وذکروا أیضا فی مقتل الحسین رضی الله عنه أنّه ما قُلِب حجرٌ یومئذ إلاّ وُجد تحته دمٌ عبیط ، وأنّه کُسِفَت الشمس ، واحمرّ الأُفق ، وسقطت حجارة ، وفی کلٍّ من ذلک نظر ؛

ص:26

والظاهر أنّه من سخف الشیعة وکذبهم ؛ لیُعظّموا الأمر ، ولا شکّ أنّه عظیم ، ولکنْ لم یقع هذا الّذی اختلقوه وکذّبوه ، وقد وقع ما هو أعظم من قتل الحسین رضی الله عنه ولم یقع شیء ممّا ذکروه ، فإنّه قد قُتل أبوه علیّ بن أبی طالب ، وهو أفضل منه بالإجماع ، ولم یقع شیء من ذلک . . . وعثمان بن عفّان قُتل محصوراً مظلوماً ولم یکن شیء من ذلک ، وعمر بن الخطّاب قتل فی المحراب فی صلاة الصبح ، وکأنّ المسلمین لم تطرقهم مصیبة قبل ذلک ، ولم یکن شیء من ذلک . وهذا رسول الله صلی الله علیه و آله وهو سیّد البشر فی الدنیا والآخرة یوم مات لم یکن شیء ممّا ذکروه (1).

نقول: إنّ ابن کثیر یخبط خبط عشواء ، ویرمی من غیر سَدَد ، فإنّ العلائم والآیات المذکورة إنّما هی لبیان فداحة الفاجعة ، ولتثبیت المؤمنین ، وإنذار الظالمین ، وهی غیر ناظرة للأفضلیة ، إذ مما لا شک فیه أنّ النبی صلی الله علیه و آله وعلیّا علیه السلام خیر من الحسین علیه السلام وأفضل ، کما أنّهما خیر من یحیی بن زکریا وأفضل ، لکن فداحة وفجاعة مقتل یحیی والحسین هما السبب فی الآیات الکونیة ، إنذارا وتخویفا للکافرین ، وتبشیرا للمؤمنین، وتبییناً لمنزلة المستشهدین .

وکفی ابن کثیر جواباً أن نوقف القاری علی الأخبار الکثیرة المتواترة عن النبیّ والتی فیها أنّ جبرئیل أخبره بمقتل الحسین ، وأخذ قبضةً من تربته المقدّسة وأعطاها لرسول الله صلی الله علیه و آله ، وهذا ما لم یفعله جبرئیل لموت

ص:27


1- 1. تفسیر ابن کثیر 4 : 144 .

أحد من الخلق إلاّ للحسین علیه السلام .

فلماذا لم یُعْطِ جبرئیل النبیّ صلی الله علیه و آله قبضة من تربته ، أو لعلیّ علیه السلام قبضةً من تربته ، أو للزهراء 2 قبضة من تربتها ، أو لفلان ولفلان قبضة من تراب مَحَلِّ دفنهما ، وعلی أی شیء یدل اختصاص هذا الأمر بالحسین بن علیّ علیه السلام ؟

ولماذا تُرجح زیارة الإمام الحسین علیه السلام علی زیارة أبیه أمیر المؤمنین علیه السلام فی الأیّام المطلقة ؟ فی حین لا یقاس _ من حیث الفضیلة _ الحسین بأمیر المؤمنین ویعسوب الدین علی وجه القطع والیقین.

وکذا لماذا لا یعدّ الله الکعبةَ والحجَر الأسود من شعائر الله ، مع أنّهما أشرف وأعظم من الصفا والمروة والبُدْن قطعا ؟

بل ماذا یعنی تقبیل رسول الله للحجر وطوافه حول البیت مع أنه أشرف منهما علی وجه القطع والیقین (1).

إنّ هذا هو سر من أسرار الله ، وإنّ دین الله لا یقاس بالعقول ، وإنّ الآیات الکونیّة الظاهرة فی مقتل الحسین لم تنحصر بالطرق والأخبار السابقة ، فهی کثیرة ومستفیضة وردت عن کثیر من الصحابة .

وإنّ الصحابة التابعین وتابعی التابعین کانوا یعلمون بقتل الحسین علیه السلام من خلال أقوال رسول الله .

فعن العریان بن هیثم بن الأسود النخعی الکوفی الأعور ، قال :

ص:28


1- 1. ستأتی نصوص العلماء فی ذلک آخر الکتاب .

« کان أبی یتبدّی (1) فینزل قریباً من الموضع الذی کان فیه معرکة الحسین علیه السلام ، فکنّا لا نبدو إلاّ وجدنا رجلاً من بنی أسد هناک ، فقال له أبی : إنّی أراک ملازما هذا المکان ؟ قال : بلغنی أنّ حسینا یُقتل هاهنا ، فأنا أخرج لَعَلّی أُصادفه فأقتل معه ، فلمّا قتل الحسین علیه السلام قال أبی: انطلقوا ننظرُ هل الأسدیّ فی مَن قُتل؟ فأتینا المعرکة فطوَّفنا ، فإذا الأسدیّ مقتول » (2) .

وقال الإمام علیّ بن الحسین علیه السلام :

« ما نزل الحسین علیه السلام منزلاً حین خرج من مکّة إلی الکوفة إلاّ وهو یحدّثنا عن مقتل یحیی بن زکریّا ، وقد کان الله عزّ وجلّ أعلم النبیّ صلی الله علیه و آله بما یصیب الحسین بعده »(3) .

وقال أبو مخنف : حدّثتنی دلهم بنت عمرو امرأة زهیر بن القین ، قالت : « ... فأتاه زهیر بن القین ، فما لبث أن جاء مستبشرا قد أسفر وجهه ... ثمّ قال لأصحابه : مَن أحبّ منکم أن یتبعنی وإلاّ فإنّه آخر العهد ، إنّی سأُحدّثکم حدیثا : غزونا بَلَنْجَر ففتح الله علینا وأُصِبنا غنائم، فقال لنا سلمان الباهلی(4) : أفرحتم بما فتح الله علیکم وأصبتم من الغنائم ؟ فقلنا : نعم . فقال لنا : إذا أدرکتم شباب آل محمّد فکونوا أشدّ فرحا بقتالکم معهم منکم بما أصبتم من الغنائم ، فأمّا أنا فإنّی

ص:29


1- 1. یتبدّی : أی ینزل البادیة .
2- 2. تاریخ دمشق 14 : 216 ، بغیة الطلب فی تاریخ حلب 6 : 2619 .
3- 3. نظم درر السمطین : 215 .
4- 4. یحتمل أن یکون سلمان الفارسی کما فی « معجم ما استعجم » ، لأنّ سلمان الباهلی قُتل فی بلنجر فلم یشهد فتحها وغنائمها .

أستودعکم الله . قال : ثمّ والله ما زال فی أوّل القوم حتّی قُتل »(1) .

بعد کلّ ما سردناه ، إلیکَ الآن بعض الأخبار عن رسول الله صلی الله علیه و آله فی تربة الإمام الحسین علیه السلام ، لتعرف تواترها ، وأنّها لیست باخبار آحاد وضعیفة .

ص:30


1- 1. تاریخ الطبری 3 : 302 ، الکامل فی التاریخ 3 : 403 ، وانظر معجم ما استعجم 1 : 276 مادة « بَلَنْجَر » .

جبرئیل الأمین یُری النبیّ صلی الله علیه و آله تربة الحسین علیه السلام

اشارة

فقد روی هذا الأمر عن رسول الله بعض الصحابة وعلی رأسهم أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام ، وابن عبّاس ، واُمّهات المؤمنین : أُمّ سلمة ، وعائشة ، وزینب بنت جحش وغیرهم .

1 _ حدیث أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام

اشارة

لقد أخرج الحفّاظ حدیث الإمام عن النبیّ فی التربة الّتی حملها جبرئیل إلی النبیّ .

 منها : ما أخرجه ابن عساکر فی تاریخ دمشق فی ترجمة الحسین علیه السلام ، عن عامر الشعبیّ ، قال : قال علیّ وهو علی شاطئ الفرات: صبرا أبا عبد الله ! ثمّ قال : دخلتُ علی رسول الله وعیناه تفیضان ، فقلت : أحَدَثَ حَدَثٌ ؟

فقال : أخبرنی جبرئیل أنّ حسینا یُقتل بشاطئ الفرات ، ثمّ قال : أتحبّ أن أُریک من تربته ؟

قلت : نعم ، فقبض من تربتها ، فوضعها فی کفّی ، فما مَلَکْتُ عینیَّ أن فاضتا (1) .

 ومنها : ما رواه أحمد فی مسنده ، عن عبد الله بن نُجیّ ، عن أبیه :

«أنّه سار مع علیّ علیه السلام _ وکان صاحب مطهرته _ فلمّا حاذی نینوی وهو

ص:31


1- 1. تاریخ دمشق 14 : 189 ، تاریخ الإسلام 5 : 102 ، سیر أعلام النبلاء 3 : 288 ، الصواعق المحرقة 2 : 566 وقال : « أخرجه ابن سعد عن ا لشعبی » .

منطلق إلی صفّین ، فنادی علیّ علیه السلام : اصبر أبا عبد الله ، اصبر أبا عبد الله بشطّ الفرات ، قلتُ : وماذا ؟ قال : دخلتُ علی النبیّ صلی الله علیه و آله ذات یوم وعیناه تفیضان ، قلت : یا نبیَّ الله أغضبک أحدٌ ؟ ما شأن عینیک تفیضان ؟ قال : بل قام من عندی جبرئیل قَبْلُ ، فحدّثنی أنّ الحسین یقتل بشطّ الفرات ، قال : فقال : هل لک أن أُشِمُّک من تربته ؟ قال : قلت : نعم ، فمدّ یده فقبض قبضةً من ترابٍ فأعطانیها، فلم أملک عینیَّ أن فاضتا »(1) .

 ومنها : ما أخرجه ابن أبی شیبة فی المصنّف ، والطبرانیّ فی المعجم الکبیر بسندهما عن هانئ بن هانئ : أنّ علیّ بن أبی طالب قال : لیقتلنّ الحسین ظلما ، وإنّی لأعرف بتربة الأرض الّتی یُقتل فیها ؛ قریبا من النهرین (2).

وعن عمّار الدهنی ، قال :

« مرّ علیّ علیه السلام علی کعب ، فقال [ کعب ] : یُقتل من ولدِ هذا الرجلِ رجلٌ فی عصابة لا یجفّ عرق خیولهم حتّی یردوا علی محمّد صلی الله علیه و آله ، فمرّ حَسَنٌ علیه السلام ، فقالوا : هذا یا أبا إسحاق ؟ قال : لا ، فمرّ حسینٌ علیه السلام

ص:32


1- 1. مسند أحمد 1 : 85 / 648 ، مسند أبی یعلی 1 : 298 / 363 ، المعجم الکبیر 3 : 105 / 2811 ، مسند البزّار 3 : 101 / 884 ، الأحادیث المختارة 2 : 375 / 758 ، تاریخ دمشق 14 : 188 ، 189 ، البدایة والنهایة 8 : 199 ، مجمع الزوائد 9 : 187 قال رواه أحمد و أبو یعلی والبزّار والطبرانی ورجاله ثقات ، ولم ینفرد نجیّ [الحضرمی] بهذا . وعلق الألبانی فی سلسلة الأحادیث الصحیحة 23 : 159 ، قال : صحیح بمجموع طرقه وإن کانت مفرداتها لا تخلو من ضعف ولکنه یسیر .
2- 2. المصنّف 6 : 204 / 30690 ، المعجم الکبیر 3 : 110 / 2824 وفیه : «لیقتلن الحسین قتلاً» ... قال الهیثمیّ فی مجمع الزوائد 9: 190 «رواه الطبرانیّ ورجاله ثقات» .

فقالوا: هذا ؟ قال : نعم »(1) .

 وقد روی ابن أعثم هذا الخبر عن ابن عبّاس فی حدیث طویل ، قال: «قال رسول الله صلی الله علیه و آله : «ألا وإنّ جبرئیل قد أخبرنی بأنّ أُمتی تقتل ولدی الحسین بأرض کربلاء ، فلعنة الله علی قاتله وخاذله آخر الدهر» ، قال : ثمّ نزل عن المنبر ، حتّی إذا کان فی أیّام عمر بن الخطّاب وأسلم کعب الأحبار وقدم المدینة جعل أهل المدینة یسألونه عن الملاحم التی تکون فی آخر الزمان ، وکعبٌ یحدّثهم بأنواع الملاحم والفتن ، فقال کعب لهم : نعم وأعظمها ملحمةً هی الملحمة التی لا تُنسی أبدا ، وهو الفساد الذی ذکره الله تعالی فی الکتب ، وقد ذکره فی کتابکم فی قوله تعالی : /ظَهَرَ الْفَسَادُ فِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ. (2) ، وإنّما فتح بقتل هابیل ویختم بقتل الحسین بن علیّ »(3) .

 ومنها : ما رُوی عن الحسن بن کثیر ، عن أبیه :

«إنّ علیّاً علیه السلام أتی کربلاء فوقف بها ، فقیل له : یا أمیر المؤمنین! هذه کربلاء ، قال : «ذات کرب وبلاء» ، ثمّ أومأ بیدهِ إلی مکانٍ فقال : «هاهنا موضع رحالهم ، ومناخ رکابهم . .» ، ثمّ أومأ إلی موضع آخر فقال : «هاهنا مهراق دمائهم» (4) .

 ومنها : ما روی عن الأصبغ بن نباتة ، قال : «أتینا مع علیّ علیه السلام فمررنا بموضع قبر الحسین علیه السلام ، فقال علیّ علیه السلام : هاهنا مناخ رکابهم ،

ص:33


1- 1. المعجم الکبیر 3 : 117 / 2851 ، تاریخ دمشق 14 : 199 بسنده عن الطبرانیّ بسنده إلی عمّار الدهنی ، ورواه أیضا بسنده عن أبی القاسم البغوی بسنده إلی عمّار الدهنی .
2- 2. الروم : 41 .
3- 3. انظر کتاب الفتوح 4 : 327 .
4- 4. صفّین : 142 ، وعنه فی شرح النهج لابن أبی الحدید 3 : 171 .

وهاهنا موضع رحالهم ، وهاهنا مهراق دمائهم ، فِتْیَةٌ من آل محمّد یُقتَلُون بهذه العرصة ، تبکی علیهم السماء والأرض» (1) .

 ومنها : ما روی عن غرفة الأزدی ، قال : «دخلنی شکّ من شأن علیّ علیه السلام ، فخرجت معه علی شاطئ الفرات ، فعدل عن الطریق ووقف ووقفنا حوله ، فقال بیده : هذا موضع رواحلهم ، ومناخ رکابهم ، ومهراق دمائهم ، بأبی من لا ناصر له فی الأرض ولا فی السماء إلاّ الله ، فلمّا قُتل الحسین علیه السلام خرجت حتّی أتیت المکان الذی قتلوه فیه ، فإذا هو کما قال ما أخطأ شیئا، قال : فاستغفرتُ الله ممّا کان منّی من الشّکّ ، وعلمتُ أنّ علیّا علیه السلام لم یقدم إلاّ بما عهد إلیه فیه» (2) .

 ومنها : ما روی عن أبی جُحیفة ، قال : جاء عروة البارقی إلی سعید بن وهب ، فسأله وأنا أسمع ، فقال : حدیث حدّثتنیه عن علیّ بن أبی طالب علیه السلام ، قال : نعم .

«بعثنی مخنف بن سلیم إلی علیّ علیه السلام فأتیته بکربلاء ، فوجدته یشیر بیده ویقول : هاهنا هاهنا ، فقال له رجل : وما ذلک یا أمیر المؤمنین ؟

قال : ثقل لآل محمّد ینزل هاهنا ، فویل لهم منکم ، وویل لکم منهم ، فقال له الرجل : ما معنی هذا الکلام یا أمیر المؤمنین ؟ قال علیه السلام : ویل لهم منکم تقتلونهم ، وویل لکم منهم یدخلکم الله بقتلهم النار . وقد روی هذا الکلام علی وجه آخر : أنّه علیه السلام قال: فویل لکم منهم وویل

ص:34


1- 1. ذخائر العقبی : 97 ، والنص المثبت عنه ، ینابیع المودّة 2 : 186 / 541 وقال :«أخرجه الملا فی سیرته» . وانظر الأخبار الطوال للدینوری : 253 عن الحسین بن علی .
2- 2. أسد الغابة 4 : 169 . وأشار إلیه ابن حجر فی الإصابة 5 : 319 / 6913 .

لکم علیهم ، قال الرجل : أمّا ویل لنا منهم فقد عرفتُ، وویل لنا علیهم ما هو ؟ قال علیه السلام : ترونهم یقتلون ولا تستطیعون نصرهم» (1) .

 ومنها : ما روی عن بن أبی جُحیفة ، قال : إنّا لجلوس عند دار أبی عبد الله الجدلی ، فأتانا مالک بن صحار الهمدانی ، فقال : دلّونی علی منزل فلان ، قال : قلنا : ألا ترسل إلیه فیجیء ، [قال : وکنّا فی الکلام] إذ جاء ، فقال [له ابن صحار] :

«أتذکر إذ بعثنا مخنف إلی أمیر المؤمنین علیه السلام وهو بشاطئ الفرات ، فقال : لیحِلَّنَّ هاهنا رکبٌ من آل رسول الله صلی الله علیه و آله یمرّ بهذا المکان فیقتلونهم ، فویل لکم منهم ، وویل لهم منکم» (2) .

 ومنها : ما أخرجه الصدوق فی إکمال الدین ، بسنده عن ابن عبّاس ، عن علیّ علیه السلام ، قال : کنت مع أمیر المؤمنین علیه السلام فی خَرْجَتِهِ إلی صفّین ، فلمّا نزل نینوی ، وهو شطّ الفرات صاح بأعلی صوته : یا ابن عبّاس ، أتعرف هذا الموضع ؟ قال : قلت : ما أعرفه یا أمیر المؤمنین . قال : لو عرفته کمعرفتی لم تکن تجوزه حتّی تبکی کبکائی .

قال : فبکی طویلاً حتّی اخضلّت لحیته ، وسالت الدموع علی صدره، وبکینا معه ، وهو یقول : أوه أوه ، مالی ولآل أبی سفیان ، مالی ولآل حرب ؛ حزب الشیطان ، وأولیاء الکفر ! صبرا یا أبا عبد الله ، فقد لقی أبوک مثل الّذی تلقی منهم .

ثمّ ذکر ابن عبّاس کلاما طویلاً قاله الإمام ، فیه قوله : والّذی نفس

ص:35


1- 1. صفّین : 142 ، وعنه فی شرح النهج 3 : 171 .
2- 2. تاریخ دمشق 14 : 198 ، وانظر المعجم الأوسط 2 : 85 / 1328 ، بغیة الطلب فی تاریخ حلب 6 : 2602 .

عَلِیٍّ بیده ، لقد حدّثنی الصادق المصدّق أبو القاسم صلی الله علیه و آله أنّی سأراها فی خروجی إلی أهل البغی علینا ، وهذه أرض کرب وبلاء ، یُدفن فیها الحسین وسبعة عشر رجلاً کلّهم من ولدی وولد فاطمة ، وإنّها لفی السماوات معروفةٌ تُذکر : أرض کرب وبلاء ، کما تذکر بقعة الحرمین وبقعة بیت المقدس .

ثمّ قال : یا ابن عبّاس ، اطلب لی حولها بعر الظباء ، فو الله ما کَذَبْتُ ولا کُذِبت قطّ ، وهی مصفرّةٌ لونُها لون الزعفران .

فقال ابن عبّاس : فطلبتها فوجدتها مجتمعة ، فنادیته: یا أمیر المؤمنین ، قد أصبتها علی الصفة الّتی وصفتها لی .

فقال علیه السلام : صَدَقَ الله ورسوله . ثمّ قام یهرول إلیها ، فحملها وشمّها، وقال : هی هی بعینها ، أتعلم یا ابن عبّاس ما هذه الأبعار ؟

ثمّ حدّثه بحدیثها ، إلی أن قال ابن عبّاس : ثمّ بکی بکاءا طویلاً وبکینا معه ، حتّی سقط لوجهه وغُشِیَ علیه طویلاً ، ثمّ أفاق فأخذ البعر فصرّها فی ردائه ، وأمرنی أن أصرّها کذلک ، ثمّ قال : یا ابن عبّاس ، إذا رأیتها تنفجر دما عبیطا فاعلم أنّ أبا عبد الله قد قُتل بها ودُفن .

قال ابن عبّاس : فوالله لقد کنت أحفظها أکثر من حفظی لبعض ما افترضَ الله عَلَیَّ ، وأنا لا أَحلُّها من طرف کُمّی . . . إلی آخر الحدیث _ وهو طویل _ (1).

وفی مقتل الحسین للخوارزمی : ذکر شیخ الإسلام الحاکم الجُشَمی :

« أنّ أمیرالمؤمنین علیّا علیه السلام لمّا سار إلی صفّین نزل بکربلاء ، وقال لابن

ص:36


1- 1. إکمال الدین وإتمام النعمة : 533 _ 535 ، أمالی الصدوق : 694 _ 699 / 951 .

عبّاس : أتدری ما هذه البقعة ؟ قال : لا ، قال : لو عرفتها لبکیتَ بکائی، ثمّ بکی بکاءً شدیدا ، ثمّ قال : مالی ولآل أبی سفیان ؟! ثمّ التفت إلی الحسین علیه السلام وقال : صبرا یا بنیّ ، فقد لقی أبوک منهم مثل الذی تلقی بعده »(1) .

مؤیدات لخبر ابن عبّاس

ویؤید خبر ابن عبّاس الّذی أخرجه الصدوق فی إکمال الدین ما أخرجه الطبرانیّ بسنده عن أبی هرثمة ، قال : کنت مع علیّ رضی الله عنه بنهر کربلاء ، فمرّ بشجرة تحتها بعر غزلان ، فأخذ منه قبضة فشمّها ، ثمّ قال : یُحشر من هذا الظهر سبعون ألفا یدخلون الجنّة بغیر حساب (2).

وفی آخر عن أبی هرثمة ، قال :

«بَعَرتْ شاة له(3) ، فقال لجاریة له : یا جرداء ، لقد أذکرنی هذا البَعَرُ حدیثاً سمعته من أمیر المؤمنین علیه السلام وکنت معه فی کربلاء ، فمرّ بشجرة تحتها بَعَرُ غزلان ، فأخذ منه قبضة فشَمَّها ، ثمّ قال : یحشر من هذا الظهر سبعون ألفا یدخلون الجنّة بغیر حساب» (4) .

وفی خبر آخر عن نشیط أبی فاطمة ، قال:

ص:37


1- 1. مقتل الحسین للخوارزمی 1 : 162 / 10 . ورواه الشیخ الصدوق فی أمالیه : 694 _ 696 ح 951 ، بسنده عن محمّد بن أحمد السنائی ، مفصلاً وکذا فی کمال الدین : 532 _ 535 عن أحمد بن الحسن القطّان .
2- 2. المعجم الکبیر ، للطبرانیّ 3 : 111 / 2825 وقال الهیثمیّ فی مجمع الزوائد 9 : 191 ، رواه الطبرانیّ ورجاله ثقات .
3- 3. أی لأبی هرثمة .
4- 4. المصنف لابن أبی شیبة 7 : 478 / 37368 ، تاریخ دمشق 14 : 199 .

«جاء مولای أبو هرثمة من صفّین ، فأتیناه فسلّمنا علیه ، فمرّت شاة وبعرت ، فقال : لقد ذکّرتنی هذه الشاة حدیثا : أقبلنا مع علیّ علیه السلام ونحن راجعون من صفّین ، فنزلنا کربلاء ، فصلّی بنا الفجر بین شجراتٍ ، ثمّ أخذ بَعَراتٍ من بعر الغزال ففتّها فی یده ، ثمّ شمّها ، فالتفت إلینا وقال : یقتل فی هذا المکان قوم یدخلون الجنّة بغیر حساب»(1).

والخبر موجود فی الأمالی للصدوق ، عن جرداء بنت سمین ، عن زوجها هرثمة بن أبی مسلم ، قال :

«غزونا مع علیّ بن أبی طالب علیه السلام صفّین ، فلمّا انصرفنا نزل کربلاء فصلّی بها الغداة ، ثمّ رفع إلیه من تربتها فشمّها ، ثمّ قال : واها لکِ أیّتها التربة ، لیحشرنّ منک أقوام یدخلون الجنّة بغیر حساب .

فرجع هرثمة إلی زوجته _ وکانت شیعة لعلیّ علیه السلام _ فقال : ألا أُحدّثک عن ولیّک أبی الحسن ؟! نزل بکربلاء فصلّی ، ثمّ رفع إلیه من تربتها وقال : واها لک أیّتها التربة ، لیُحشرنّ منک أقوام یدخلون الجنّة بغیر حساب . قالت : أیّها الرجل إنّ أمیر المؤمنین لم یقل إلاّ حقّا .

فلمّا قدم الحسین علیه السلام ، قال هرثمة : کنت فی البعث الذین بعثهم عبید الله ابن زیاد ، فلمّا رأیت المنزل والشجر ذکرت الحدیث ، فجلست علی بعیری ثمّ صرت إلی الحسین علیه السلام ، فسلّمت علیه وأخبرته بما سمعت من أبیه فی ذلک المنزل الذی نزل به الحسین علیه السلام ، فقال : معنا أنت أم علینا ؟ فقلت : لا معک ولا علیک ؛ خلّفت صبیةً أخاف علیهم عبید الله بن

ص:38


1- 1. مقتل الحسین للخوارزمی 1 : 165 _ 166 .

زیاد . قال : فامضِ حیث لا تری لنا مقتلاً ولا تسمع لنا صوتا ، فو الذی نفس الحسین بیده لا یسمع الیوم واعیتنا أحدٌ فلا یعیننا إلاّ کبّه الله لوجهه فی نار جهنّم» (1) .

وعن کُدَیْر الضّبیّ ، قال :

« بینا أنا مع علیّ علیه السلام بکربلاء بین أشجار الحرمل إذ أخذ بعرة ففرکها ثمّ شمَّها ، ثمّ قال علیه السلام : لیبعثنّ الله من هذا الموضع قوما یدخلون الجنّة بغیر حساب» (2) .

 وعن أبی حِبَرَة ، قال :

«صحبتُ علیّا علیه السلام حتّی أتی الکوفة ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنی علیه ، ثمّ قال : کیف أنتم إذا نزل بذرّیّة نبیّکم بین ظهرانیکم؟ قالوا : إذن نبلی الله فیهم بلاءً حسنا ، فقال : والذی نفسی بیده لینزلنّ بین ظهرانیکم ولتخرُجُنَّ إلیهم فلتقتلنّهم ، ثمّ أقبل یقول :هُمُ أوردوهم بالغرور وعرّدوا  أَحَبُّوا نجاةً لا نجاةَ ولا عُذرا» (3).

 وعن مجاهد ، قال :

«قال علیه السلام بالکوفة : کیف أنتم إذا أتاکم أهل بیت نبیّکم ؟ قالوا : نفعل ونفعل ، قال : فحرّک علیه السلام رأسه ثمّ قال : بل توردون ثمّ تُعَرِّدون فلا تصدرون ، ثمّ تطلبون البراءة ولا براءةَ لکم» (4) .

ص:39


1- 1. أمالی الصدوق : 199 _ 200 ح 213 . وانظر شرح الأخبار للقاضی نعمان المغربی 3 : 136 ح 1077 ، ومناقب أمیر المؤمنین للکوفی 2 : 26 / 514 أیضا .
2- 2. معجم ابن الأعرابی 2 : 738 / 1500 ، تاریخ دمشق 14 : 199 بسنده عن ابن الأعرابی بسنده إلی کدیر الضبی .
3- 3. المعجم الکبیر 3 : 110 / 2823 ، مجمع الزوائد 9 : 191 .
4- 4. أنساب الأشراف 2 : 188 / 232 .

2 _ حدیث عبد الله بن عبّاس

أخرج البزّار فی مسنده _ کما عن الهیثمی _ بسنده عن ابن عبّاس ، قال: کان الحسین جالسا فی حجر النبیّ صلی الله علیه و آله ، فقال جبرئیل : أتحبّه ؟ فقال : وکیف لا أحبّه وهو ثمرة فؤادی !! فقال : أما إنّ أمّتک ستقتله ، ألا أُریک من موضع قبره ؟ فقبض قبضةً ، فإذا تربة حمراء (1).

و روی أحمد بسنده عن عمّار بن أبی عمّار ، عن ابن عبّاس ، قال : رأیت النبیّ صلی الله علیه و آله فی المنام بنصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فیها دمٌ یلتقطه أو یتتبّع فیها شیئا ، فقلت : یا رسول الله ما هذا ؟ قال : «دم الحسین وأصحابه لم أزل أتتبّعه (وفی لفظ الطبرانیّ : ألتقطه) منذ الیوم» قال عمّار : فحفظنا ذلک الیوم فوجدناه قتل ذلک الیوم الحسین ، وفی روایة الطبرانیّ : فأُحصی ذلک الیوم فوُجد قد قُتل یومئذٍ (2).

ورواه ابن عساکر بسنده عن علی بن زید بن جدعان ، قال : استیقظ ابن عبّاس من نومه فاسترجع وقال :

قُتل الحسین والله . فقال له أصحابه : کلاّ یا ابن عبّاس کلاّ !! قال : رأیتُ رسولَ الله ومعه زجاجة من دم ، فقال : «ألا تعلم ما

ص:40


1- 1. البدایة والنهایة ، لابن کثیر 6 : 230 . قال الهیثمیّ 9 : 192 «رواه البزّار ورجاله ثقات» .
2- 2. مسند أحمد 1 : 242 / 2165 ، معجم الطبرانیّ 3 : 110 / 2822 ، 12 : 185 /12837. وقد علّق علیه الهیثمیّ فی مجمع الزوائد 9 : 194 بقوله : «رواه أحمد والطبرانیّ ورجال أحمد رجال الصحیح» ، کما علّق علیه الحاکم النیسابوریّ فی المستدرک 4 : 439 / 8201 بقوله : «صحیح علی شرط مسلم ولم یخرجاه» ، ووافقه الإمام الذهبیّ علی ذلک فی تلخیص المستدرک 4  439 ، والإمام ابن کثیر مع کونه یتناکد کثیرا مع مثل هذه الأخبار إلاّ أنّه علّق علیه فی البدایة والنهایة 8 : 200 قائلاً : « تفرّد به أحمد وإسناده قویّ » .

صنعت أُمّتی من بعدی ؟! قتلوا ابنی الحسین ، وهذا دمه ودم أصحابه أرفعها إلی الله عزّ وجلّ » .

قال : فکتبت ذلک الیوم الّذی قال فیه وتلک الساعة ، قال : فما لبثوا إلاّ أربعة وعشرین یوما حتّی جاءهم الخبر بالمدینة أنّه قُتل ذلک الیوم وتلک الساعة (1).

بلی ، قد مرّ بک خبر استیداع الإمام علیّ ابنَ عبّاس بعر الظباء الّتی أمره بطلبها ، وجعلها علامة علی قتل الحسین علیه السلام یوم تنفجر دماً عبیطاً، کما یلزمک الآن أن تقرأ ما حکاه ابن عبّاس عن النبیّ فیمن یدّعون أنّهم أهل التوحید وهم یحاربون أهل بیت رسول الله ویقتلون علیاً الّذی لم یسجد لصنمٍ قطّ ، والّذی ولد فی الکعبة ، واستشهد فی محراب العبادة ، فقال ابن عبّاس :

خرج النبیّ صلی الله علیه و آله إلی سفر له ، ثمّ رجع وهو متغیّر اللون محمرّ الوجه، فخطب خطبةً بلیغةً موجزةً وعیناه تهملان دموعا ، قال فیها :

أیّها الناس ، إنّی خلّفت فیکم الثقلین : کتاب الله ، وعترتی وأرومتی ومزاج مائی وثمرتی ، ولن یفترقا حتّی یردا علیّ الحوض ، ألا وإنّی أنتظرهما ، ألا وإنّی لا أسألکم فی ذلک إلاّ ما أمرنی ربّی أن أسألکم به ؛ المودّة فی القربی ، فانظروا لا تلقونی علی الحوض وقد أبغضتم عترتی وظلمتموهم ، ألا و إنّه سترد علیّ فی القیامة ثلاث رایات من هذه الأمّة:

رایة سوداء مظلمة ، فتقف عَلَیَّ ، فأقول : من أنتم ؟ فینسون ذکری ،

ص:41


1- 1. تاریخ مدینة دمشق 14 : 237 ، البدایة والنهایة 8 : 200 عن ابن أبی الدنیا بسنده عن علی بن زید بن جدعان .

ویقولون : أهل التوحید من العرب .

فأقول : أنا أحمد نبیّ العرب والعجم .

فیقولون : نحن من أُمّتک یا أحمد .

فأقول لهم : کیف خلفتمونی من بعدی فی أهلی وعترتی وکتاب ربی ؟ فیقولون : أمّا الکتاب فضیّعناه ومزّقناه ، وأمّا عترتک فحرصنا علی أن نُبیدهم عن جدید الأرض . فأُولّی وجهی عنهم ، فیصدرون ظماءً عطاشی مسودّة وجوههم .

ثمّ ترد علیّ رایة أُخری أشدّ سوادا من الاُولی ، فأقول لهم : من أنتم ؟

فیقولون کالقول الأوّل بأنّهم من أهل التوحید ، فإذا ذکرت لهم اسمی عرفونی وقالوا : نحن من أُمّتک .

فأقول لهم : کیف خلفتمونی فی الثقلین الأکبر والأصغر ؟

فیقولون : أمّا الأکبر فخالفناه ، وأمّا الأصغر فخذلناه ، ومزّقناهم کلّ ممزّق . فأقول لهم : إلیکم عنّی ، فیصدرون ظماءً عطاشی مسودّة وجوههم .

ثمّ ترد علیّ رایة أُخری تلمع نورا ، فأقول لهم : من أنتم ؟

فیقولون : نحن أهل کلمة التوحید والتقوی ، نحن أُمّة محمّد ، ونحن بقیّة أهل الحقّ الّذین حملنا کتاب ربّنا فحلّلنا حلاله ، وحرّمنا حرامه ، وأحببنا ذرّیّة محمّد فنصرناهم بما نصرنا به أنفسنا ، وقاتلنا معهم ، وقتلنا من ناوأهم . فأقول لهم : أَبْشِرُوا فأنا نبیّکم محمّد ، ولقد کنتم فی دار الدنیا کما وصفتم . ثمّ أَسقیهم من حوضی فیصدرون رواءً .

ألا وإنّ جبرئیل قد أخبرنی بأنّ أُمّتی تقتل ولدی الحسین بأرض کرب

ص:42

وبلاء ، ألا فلعنة الله علی قاتله وخاذله آخر الدهر .

قال ابن عبّاس : ثمّ نزل عن المنبر ، ولم یبق أحد من المهاجرین والأنصار إلاّ وتیقّن بأنّ الحسین مقتول . حتّی إذا کان فی أیّام عمر بن الخطّاب وأسلم کعب الأحبار ، وقدم المدینة جعل أهل المدینة یسألونه عن الملاحم الّتی تکون فی آخر الزمان ، وکعب الأحبار یحدّثهم بأنواع الملاحم والفتن .

فقال کعب لهم : وأعظمها ملحمة هی الملحمة الّتی لا تُنسی أبدا ، وهو الفساد الّذی ذکره الله تعالی فی الکتب ، وقد ذکره فی کتابکم فی قوله : /ظَهَرَ الْفَسَادُ فِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ. ، وإنّما فُتح بقتل هابیل ، ویُختم بقتل الحسین بن علیّ (1).

وأخرج الحاکم بسنده عن أبی الضُّحی ، عن ابن عبّاس قال : ما کنّا نشکّ _ وأهل البیت متوافرون _ أنّ الحسین بن علیّ یُقتل بالطفّ (2).

وعن سعید بن جبیر ، عن ابن عبّاس ، قال :

«أوحی الله تعالی إلی محمّد صلی الله علیه و آله : إنّی قتلت بیحیی بن زکریّا سبعین ألفاً ، وإنّی قاتل بابن ابنتک سبعین ألفاً وسبعین ألفاً» (3) .

ص:43


1- 1. مقتل الحسین ، للخوارزمیّ 1 : 164 _ 165 ، والفتوح لابن أعثم الکوفیّ 4 : 325 _ 326 .
2- 2. المستدرک علی الصحیحین 3 : 197 / 4826 ، الخصائص الکبری للسیوطی 2 : 213 ، عن الحاکم .
3- 3. المستدرک علی الصحیحین 2 : 319 / 3147 ، 2 : 648 / 4152 ، 3 : 195 / 4822 ، وسیر أعلام النبلاء 4 : 342 ، وتاریخ دمشق 14 : 225 ، 64 : 216 ، وتاریخ بغداد 1 : 142.

3 _ حدیث أُمّ المؤمنین أُمّ سلمة

هناک عدّة طرق لحدیث أُمّ سلمة عن رسول الله صلی الله علیه و آله :

الأوّل : عن عبد الله بن وهب بن زمعة ، قال : أخبرتنی أُمّ سلمة أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله اضطجع ذات لیلة للنوم ، فاستیقظ فزعا وهو حائر ، ثمّ اضطجع فرقد ثمّ استیقظ وهو حائر دون ما رأیت به المرّة الأُولی ، ثمّ اضطجع فاستیقظ ، وفی یده تربة حمراء یقبّلها .

فقلت : ما هذه التربة یا رسول الله ؟ فقال : أخبرنی جبرئیل أنّ هذا یقتل بأرض العراق، للحسین ! فقلت لجبرئیل : أرنی تربة الأرض الّتی یُقتل بها ، فهذه تربتها (1).

الثانی : عن صالح بن أربد عن أمّ سلمة رضی الله عنها، قالت: قال لی رسول الله اجلسی بالباب ولا یلجن علیّ أحد ، فقمت بالباب إذ جاء الحسین رضی الله عنه فذهبت أتناوله فسبقنی الغلام فدخل علی جدّه ، فقلت : یا نبی الله جعلنی الله فداک أمرتنی أن لا یلج علیک أحد ، وإنّ ابنک جاء فذهبت أتناوله فسبقنی فلما طال ذلک تطّلعت من الباب فوجدتک تقلّب بکفیک شیئا ودموعک تسیل والصبی علی بطنک؟

قال : نعم ، أتانی جبرئیل فأخبرنی أنّ أمتی یقتلونه ، وأتانی بتربته التی

ص:44


1- 1. المستدرک علی الصحیحین 4 : 440 / 8202 ، وقال : صحیح علی شرط الشیخین ولم یخرجاه ، البدایة والنهایة 6 : 230 ، 257 ، و رواه الطبرانی بطریق آخر عن ابن زمعه فی المعجم الکبیر 3 : 109 / 2821 و 23 : 308 / 697 وفیه: أنّ رسول الله اضطجع ذات یوم للنوم فاستیقظ وهو خاثر النفس ... بدل : حائر فی روایة الحاکم ، وانظر تاریخ دمشق 14 : 191 ، الخصائص الکبری 2 : 212 ، ذخائر العقبی : 147 ، تاریخ الإسلام 5 : 103 ، سیر أعلام النبلاء 3 : 289 .

یقتل علیها ، فهی التی أُقلّب بکفّی (1).

الثالث : عن شهر بن حوشب ، عن أُمّ سلمة ، قالت : کان جبرئیل عند النبیّ صلی الله علیه و آله والحسین معی ، فبکی فترکته ، فدنا من النبیّ صلی الله علیه و آله ، فقال جبرئیل : أتحبّه یا محمّد ؟ فقال : نعم . قال جبرئیل : إنّ أُمّتک ستقتله! وإن شئت أریتک من تربة الأرض الّتی یُقتل بها ؟ فأراه إیّاها ، فإذا الأرض یُقال لها: کربلا (2).

الرابع : عن شقیق بن سلمة ، عن أُمّ سلمة ، قالت : کان الحسن والحسین یلعبان بین یدی النبیّ صلی الله علیه و آله فی بیتی ، فنزل جبرئیل فقال :

یا محمّد ، إن أُمّتک تقتل ابنک هذا من بعدک ، فأوما إلی الحسین ، فبکی رسول الله صلی الله علیه و آله ، وضمّه إلی صدره ، وأتاه بتربة فشمّها ، ثمّ قال : ریح (3) کرب وبلاء ، وقال : یا أُمّ سلمة ، ودیعة عندک هذه التربة ، إذا تحوّلت هذه التربة دما فاعلمی أنّ ابنی قد قُتل . فجعلتُها فی قارورة ، ثمّ جَعَلَتْ تنظُر إلیها کلّ یوم وتقول : إنّ یوما تتحوّلین دما لیومٌ عظیم (4).

ص:45


1- 1. المعجم الکبیر 3 : 109 / 2820 ، 23 : 328 / 754 ، وانظر : مصنف بن أبی شیبة 7 : 277 / 37366 ، الآحاد والمثانی 1 : 309 / 428 ، کنز العمال 13 : 283 / 37671 ، مسند ابن راهویه 4 : 131 / 1897 ، قال : رجاله ثقات ، المطالب العالیة 16 : 212 / 397 .
2- 2. تاریخ دمشق ، ترجمة الحسین علیه السلام : 14 : 193 فضائل الصحابة لأحمد 2: 782 / 1391، ذخائر العقبی : 147 .
3- 3. وَیْح _ خ ل .
4- 4. انظر تاریخ دمشق 14 : 193 ، تهذیب الکمال 6 : 409 ، تهذیب التهذیب 2 : 300 ، الخصائص الکبری 2 : 213 ، وقال : أخرجه أبو نعیم عن أم سلمة ، بغیة الطلب 6 : 2599 ، والخبر أیضا رواه الطبرانی فی المعجم الکبیر 3 : 108 / 2817 و فیه : فشمها رسول الله وقال : ویح کرب وبلاء .

الخامس : عن عبد الله بن سعید بن أبی هند ، عن أبیه ، عن أُمّ سلمة ، قالت :

کان النبیّ صلی الله علیه و آله نائماً فی بیتی ، فجاء حسین یدرج ، قالت : فقصد الباب ، فقعدت علی الباب فأمسکته مخافةَ أن یدخل فیوقظه ، قالت : ثمّ غفلتُ فی شیء فدبّ فدخل ، فقعد علی بطنه ، قالت : فسمعتُ نحیبَ رسول الله صلی الله علیه و آله : فجئت فقلت : یا رسول الله ، والله ما علمت به ؟ فقال: إنّما جاءنی جبرئیل وهو علی بطنی قاعد، فقال لی : أتحبّه ؟ فقلتُ : نعم ، قال : إنّ أُمّتک ستقتله ، ألا أُریک التربة الّتی یُقتل بها ؟ قال : فقلت : بلی . قال : فضرب بجناحه فأتی بهذه التربة . قالت : فإذا فی یده تربة حمراء وهو یبکی ویقول : یا لیت شعری من یقتلک بعدی ؟! (1)

السادس : عن المطلّب بن عبد الله بن حنطب ، عن أُمّ سلمة ، قالت :

«کان رسول الله صلی الله علیه و آله جالسا ذاتَ یوم فی بیتی ، فقال : لا یدخل عَلَیَّ أحدٌ ، فانتظرتُ ، فدخل الحسین علیه السلام ، فسمعتُ نشیج رسول الله صلی الله علیه و آله یبکی ، فاطَّلعتُ فإذا حُسینٌ فی حجره والنبیُّ یمسح جبینه وهو یبکی ، فقلتُ : والله ِ ما علمتُ حین دخل .

فقال صلی الله علیه و آله : إنّ جبرئیل کان معنا فی البیت ، فقال : تحبّه ؟ قلت : أمّا من الدنیا فنعم ، قال : إنّ أُمّتک ستقتل هذا بأرض یقال لها : کربلاء ، فتناول جبرئیل علیه السلام من تربتها فأراها النبیّ صلی الله علیه و آله . فلمّا أُحیط بحسین علیه السلام حین قُتل ، قال : ما اسم هذه الأرض ؟

ص:46


1- 1. تاریخ ابن عساکر ، فی ترجمة الحسین علیه السلام : 14: 195 ، المعجم الکبیر 23 : 238 برقم 637، مجمع الزوائد 9 : 188 ، نظم درر السمطین : 215 ، وفی المنتخب من مسند عبد حمید : 442 ح 1533 ، تاریخ دمشق 14 : 194 عن سعید بن أبی هند .

قالوا : کربلاء ، قال : صدق الله ورسوله ، أرضُ کربٍ وبلاءٍ» (1) .

السابع : داوود ، عن أُمّ سلمة رضی الله عنها :

«دخل الحسین علیه السلام علی رسول الله صلی الله علیه و آله ففزع ، فقالت أُمّ سلمة : مالک یا رسول الله ؟ قال : إنّ جبرئیل أخبرنی أنّ ابنی هذا یُقتل ، وأنّه اشتدّ غضب الله علی من یقتله» (2) .

 یضاف إلی کلّ ذلک ما جاء عن سعد بن ظریف ، عن أبی جعفر محمّد بن علیّ 3 ، عن أُمّ سلمة رضی الله عنها ، قالت : « قال رسول الله صلی الله علیه و آله : یُقتل الحسین بن علیّ 3 علی رأس ستّین من مُهاجَری» (3) .

 الثامن : قال البخاری فی ترجمة رزین بیّاع الأنماط من التاریخ الکبیر: قال الأشج ، حدّثنا أبو خالد ، قال : حدّثنا رزین ، قال : حدّثتنی سلمی قالت :

«دخلت علی أُمّ سلمة وهی تبکی ، قالت : رأیت النبیّ صلی الله علیه و آله وعلی رأسه ولحیته التراب ، [فقلت: مالک یا رسول الله؟] قال : شهدتُ قتل الحسین آنفاً »(4) .

ص:47


1- 1. المعجم الکبیر 3 : 108 / 2819 ، 23 : 289 / 637 ، کنز العمال 13 : 282 /37670 ، بغیة الطلب 6 : 2598 .
2- 2. تاریخ دمشق 14 : 193 ، تهذیب الکمال 6 : 409 ، کنز العمّال 12 : 58 /34317 ، عن ابن عساکر .
3- 3. المعجم الکبیر 3 : 105 / 2807 ، تاریخ دمشق 14 : 198 ، تاریخ بغداد 1 : 142 ، مجمع الزوائد 9 : 190 ، کنز العمّال 12 : 59 / 34325 .
4- 4. التاریخ الکبیر 3 : 324 الترجمة 1098 ، 5: 657 / 377 ، المعجم الکبیر 23 : 373 / 882 ، تاریخ دمشق 14: 238 ، تهذیب الکمال 6 : 439 ، 9 : 186 ، ورواه الحاکم فی المستدرک عن زرین عن سلمان قال : دخلت علی أم سلمة وهی تبکی ... 4 : 20 / 6764 .

4 _ حدیث أُمّ المؤمنین عائشة

اشارة

 عن المقبریّ ، عن عائشة ، قالت : بینا رسول الله صلی الله علیه و آله راقد إذ جاء الحسین یحبو إلیه ، فنحّیته عنه ، ثمّ قمت لبعض أمری ، فدنا منه فاستیقظ یبکی ، فقلت : ما یبکیک ؟ قال : إنّ جبرئیل أرانی التربة الّتی یُقتل علیها الحسین ، فاشتدّ غضب الله علی من یسفک دمه ، وبسط یده ، فإذا فیها قبضة من بطحاء ، فقال : یا عائشة ، والّذی نفسی بیده إنّه لیحزننی ، فمن هذا من أُمّتی یقتل حسینا بعدی ؟! (1)

 وعن عروة بن الزبیر ، عن عائشة ، قالت : دخل الحسین بن علیّ رضی الله عنه علی رسول الله صلی الله علیه و آله وهو یُوحی إلیه ، فنزا علی رسول الله وهو منکبّ ، ولعب علی ظهره ، فقال جبرئیل لرسول الله : أتحبّه یا محمّد؟ قال : یا جبرئیل وما لی لا أُحبّ ابنی ؟ قال : فإنّ أُمّتک ستقتله من بعدک .

فمدّ جبرئیل یده فأتاه بتربة بیضاء ، فقال : فی هذه الأرض یُقتل ابنک هذا یا محمّد ، واسمُها الطّفّ . فلمّا ذهب جبرئیل من عند رسول الله صلی الله علیه و آله خرج رسول الله والتربة فی یده وهو یبکی ، فقال : یا عائشة ، إنّ جبرئیل أخبرنی أنّ الحسین ابنی مقتول فی أرض الطّفّ ، وإنّ أُمّتی ستفتتن بعدی. ثمّ خرج إلی أصحابه وفیهم علیّ وأبوبکر وعمر وحذیفة وعمّار وأبوذرّ وهو یبکی ، قالوا : ما یُبکیک یا رسول الله ؟ فقال : أخبرنی جبرئیل أنّ ابنی الحسین یُقتل بعدی بأرض الطّفّ ، وجاءنی بهذه التربة ،

ص:48


1- 1. تاریخ دمشق ترجمة الإمام الحسین 14 : 195 ، کنز العمال 12 : 58 / 43418 ، بغیة الطلب 6 : 2633 .

وأخبرنی أنّ فیها مضجعه (1).

 وعن أبی سلمة بن عبد الرحمن عوف ، عن عائشة ، قالت : کانت له مَشْرَبَةٌ (2) ، فکان النبیّ صلی الله علیه و آله إذا أراد لقی جبرئیل لقیه فیها ، فلقیه رسول الله صلی الله علیه و آله مرّة من ذلک فیها ، وأمر عائشة أن لا یصعد إلیه أحد ، فدخل الحسین بن علیّ ولم تعلم حتّی غشیها ، فقال جبرئیل : مَن هذا ؟ فقال رسول الله : ابنی .

فأخذه النبیّ صلی الله علیه و آله فجعله علی فخذه ، فقال : أما إنّه سیُقتل ؟ فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : ومَن یقتله ؟ قال : أُمّتک . فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : أُمّتی تقتله ؟! قال : نعم ، فإن شئت أخبرتک بالأرض الّتی یُقتل بها ؟ فأشار جبرئیل إلی الطّفّ بالعراق ، وأخذ تربة حمراء فأراه إیّاها ، فقال : هذه من تربة مصرعه (3).

وأخرج الدارقطنیّ فی العلل بإسناده عن عائشة ، قالت : إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله قال لها وهو مع جبرئیل فی البیت : علیک الباب ، فَفَعَلَتْ ، فدخل الحسین بن علیّ ، فضمّه رسول الله إلیه ، فقال جبرئیل : إنّک تُحبّه ؟ قال : نعم . أما إنّ أُمّتک ستقتله ؟ قال : فدمعت عینا النبیّ ، فقال : أَتُحبّ أن أُریک التربة الّتی یُقتل فیها ؟ فتناول من الطّفّ تربةً حمراء .

ص:49


1- 1. المعجم الکبیر ترجمة الحسین 3 : 107 / 2814 ، مجمع الزوائد 9 : 187 ، فیض القدیر 1 : 205 ، کنز العمّال 12 : 56 / 34299 ، الصواعق المحرقة 2 : 564 الحدیث الثامن والعشرون، أعلام النبوّة للماوردیّ : 182 .
2- 2. الغرفة أو العِلِّیَّة ، تاج العروس 3 : 117 مادّة : شرب .
3- 3. تاریخ دمشق 14 : 194 ، وانظر کتاب المحن لابی العرب محمد بن احمد : 163 ، ودلائل النبوة للبیهقی 6 : 470 ، وعنه السیوطی فی الخصائص الکبری 2 : 231 .

ما یؤیّد خبر عائشة

ویؤید خبر عائشة ما رواه الإمام علی بن الحسین ، قال : حدّثتنی أسماء بنت عمیس ، قالت :

«قَبَّلْتُ جدّتک فاطمة 2 بالحسن والحسین 3 ... فلمّا کان بعد حولٍ من مولد الحَسَن علیه السلام وُلِدَ الحسینَ علیه السلام ، فجاء النبیّ صلی الله علیه و آله فقال : یا أسماءُ هلمّی ابنی ، فدفعته إلیه فی خرقة بیضاء ، فأذَّنَ فی أُذنه الیمنی وأقام فی الیُسری ، ووضعته فی حجره فبکی .

فقالت أسماء : فداک أبی وأُمّی ، مِمَّ بکاؤک ؟! فقال صلی الله علیه و آله : من ابنی هذا ، قلتُ : إنّه ولد الساعة ، فقال صلی الله علیه و آله : تقتله الفئة الباغیة من بعدی لا أنالهم الله شفاعتی ، ثمّ قال صلی الله علیه و آله : لا تخبری فاطمة فإنّها حدیثة عهد بولادته .. » (1) .

وعن عبد الله بن سعید، عن أبیه، عن عائشة:

«إنّ الحسین بن علیّ 3 دخل علی رسول الله صلی الله علیه و آله ، فقال النبیّ صلی الله علیه و آله : یا عائشة ، ألا أُعَجِّبُکِ ؟! لقد دخل عَلَیَّ مَلَکٌ آنفا ما دَخَلَ عَلَیَّ قطّ ، فقال : إنّ ابنی هذا مقتول ، وقال : إن شئت أریتک تربهً یقتل فیها ، فتناول المَلَکُ بیده فأرانی تربة حمراء» (2) .

وعن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة :

«یُقتل حُسَینٌ بأرض بابل » (3) .

ص:50


1- 1. مسند زید بن علی : 468 ، وانظر ذخائر العقبی : 119 ، ومستدرک الوسائل 15 : 145 / 17805 .
2- 2. المعجم الکبیر 3 : 107 / 2815 ، کنز العمّال 12 : 58 / 34323 .
3- 3. تهذیب الکمال 6 : 418 ، تاریخ دمشق 14 : 209 ، تاریخ الإسلام 5 : 9 .

وعن عبد الله بن سعید ، عن أبیه ، عن عائشة أو أُمّ سلمة : أنّ النبیّ صلی الله علیه و آله قال لإحداهما :

« لقد دخل عَلَیَّ البیتَ مَلَکٌ لم یدخل عَلَیَّ قبلها ، فقال لی : إنّ ابنکَ هذا حسینا مقتولٌ ، وإن شئتَ أریتک من تربة الأرض الّتی یقتل بها ، قال : فأخرج تربة حمراء » (1) .

5 _ حدیث أُمّ المؤمنین زینب بنت جحش

أخرج ابن عساکر فی تاریخه ، بإسناده عن زینب ، قالت :

بینا رسول الله صلی الله علیه و آله فی بیتی وحسینٌ عندی _ حین دَرَجَ _ فغفلت عنه ، فدخل علی رسول الله صلی الله علیه و آله فجلس علی بطنه ، فبال ، فانطلقت لآخذه ، فاستیقظ رسول الله ، فقال : دعیه .  فترکته حتّی فرغ [من بوله] ، ثمّ دعا بماء فقال : إنّه لیُصبّ من الغلام ، ویُغسَل من الجاریة ، فَصُبُّوا صبّا. ثمّ توضّأ ثمّ قام یصلّی ، فلمّا قام احتَضَنَهُ إلیه ، فإذا رکع أو جَلَسَ وضعه، ثمّ جلس یدعو فبکی ، ثمّ مدّ یده ، فقلت حین قضی الصلاة : یا رسول الله ، إنّی رأیتک الیوم صنعتَ شیئا ما رأیتک صنعته ؟

قال : إنّ جبرئیل أتانی فأخبرنی أنّ هذا تقتله أُمّتی ! فقلت : یا جبرئیل أرنی تربته . فأرانی تربةً حمراء (2).

ص:51


1- 1. مسند أحمد 6 : 294 / 26567 ، تاریخ دمشق 14 : 193 _ 194 .
2- 2. تاریخ دمشق 14 : 195 _ 196 ، وانظر مجمع الزوائد 9 : 188 ، المطالب العالیة لابن حجر 2 : 87 / 12 والنص منه ، المعجم الکبیر 24 : 55 / 141 ، کنز العمّال 12 : 58 / 34319 .

6 _ حدیث أُمّ الفضل بنت الحارث

أخرج الحاکم فی المستدرک ، عن أُمّ الفضل بنت الحارث : أنّها دخلت علی رسول الله صلی الله علیه و آله ، فقالت : یا رسول الله إنّی رأیت حلما منکرا اللیلة ، قال :ما هو ؟ قالت : إنّه شدید !!! قال : ما هو ؟ قالت : رأیت کأنّ قطعة من جسدک قُطعت ووضعت فی حجری !! .

فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : رأیتِ خیرا؛ تلد فاطمة إن شاء الله غلاما ، فیکون فی حجرک فولدت فاطمةُ الحسینَ ، فکان فی حجری کما قال رسول الله صلی الله علیه و آله ، فدخلت یوما إلی رسول الله ، فوضعته فی حجره ، ثمّ حانت منّی التفاتة فإذا عینا رسول الله صلی الله علیه و آله تُهریقان من الدموع ، فقلت : یا نبیّ الله ، بأبی أنت وأُمّی ما لک ؟ قال صلی الله علیه و آله : أتانی جبرئیل علیه الصلاة والسلام فأخبرنی أنّ أُمّتی ستقتل ابنی هذا فقلت : هذا ؟ فقال : نعم ، وأتانی بتربة من تربته حمراء . وعلّق علیه الحاکم قائلاً : هذا حدیث صحیح علی شرط الشیخین ولم یخرجاه (1).

7 _ حدیث أبی أمامة

أخرج الهیثمیّ فی مجمع الزوائد ، عن أبی أمامة ، قال :

قال رسول الله صلی الله علیه و آله لنسائه : لا تُبکوا هذا الصبیّ _ یعنی حسینا _ قال : وکان یوم أُمّ سلمة ، فنزل جبرئیل فدخل رسولَ الله صلی الله علیه و آله الداخلُ (2)، فقال

ص:52


1- 1. المستدرک علی الصحیحین 3 : 194 / 4818 ، دلائل النبوّة 6 : 468 _ 469 ، تاریخ دمشق 14 : 196 ، البدایة والنهایة 6 : 230 ، الفتوح لابن أعثم 4 : 324 ، مقتل الحسین للخوارزمی 1 : 159 ، کنز العمّال 12 : 56 / 34300 .
2- 2. أی ممّا یأتیه من الوحی .

لأُمّ سلمة : لا تَدَعی أحدا أن یدخل علیّ . فجاء الحسین ، فلمّا نظر إلی النبیّ صلی الله علیه و آله فی البیت أراد أن یدخل ، فأخذته أُمّ سلمة فاحتضنته وجعلت تُناغیه وتُسکّنه ، فلمّا اشتدّ فی البکاء خَلَّت عنه، فدخل حتّی جلس فی حجر النبیّ صلی الله علیه و آله ، فقال جبرئیل للنبیّ صلی الله علیه و آله : إنّ أُمّتک ستقتل ابنک هذا . فقال النبیّ صلی الله علیه و آله : یقتلونه وهم مؤمنون بی ؟! قال : نعم ، یقتلونه (1)، فتناول جبرئیل تربة فقال : بمکان کذا وکذا .

فخرج رسول الله صلی الله علیه و آله وقد احتضن حسینا ، کاسفَ البالِ مغموما ، فظنّت أُمّ سلمة أنّه غضب من دخول الصبیّ علیه ، فقالت : یا نبیّ الله جُعلتُ لک الفداء ، إنّک قلتَ لنا : لا تُبکوا هذا الصبیّ ، وأمرتنی أن لا أدع أحدا یدخل علیک ، فجاء فخلّیت عنه ، فلم یردّ علیها .

فخرج إلی أصحابه وهم جلوس ، فقال : إنّ أُمّتی یقتلون هذا . وفی القوم أبوبکر وعمر _ وکانا أجرأ القوم علیه _ فقالا : یا نبیّ الله وهم مؤمنون ؟! قال : نعم ، وهذه تربته . وأراهم إیّاها .

قال الهیثمیّ : رواه الطبرانیّ ورجاله موثّقون وفی بعضهم ضعف (2).

أقول : فالحدیث قویّ ، ومعتبر علی أقلّ التقادیر ، وهو صریحٌ أیضا فی النهی عن إبکاء الحسین ، فانظر ماذا فعلت أُمّة محمّد به علیه السلام .

ص:53


1- 1. لاحظ أنّ جبرئیل أجابه بأنّهم یقتلونه ، ولم یثبت لهم الإیمان ، والإیمان هنا بمعنی الإسلام .
2- 2. مجمع الزوائد 9 : 189 ، المعجم الکبیر 8 : 285 / 8096 ، تاریخ دمشق 14 : 190 _ 191، بغیة الطلب 6 : 2601 .

8 _ حدیث سعید بن جمهان

أخرج ابن عساکر فی تاریخه ، بإسناده عن سعید بن جمهان : أنّ جبرئیل أتی النبیّ صلی الله علیه و آله بترابٍ من تربة القریة الّتی قُتل فیها الحسین _ وقیل : اسمها کربلاء _ فقال رسول الله : کربٌ وبلاء (1).

9 _ روایات مدرسة أهل البیت

 عن محمّد بن الحسین بن علیّ بن الحسین، عن أبیه، عن جدّه ، عن علی بن أبی طالب علیه السلام ، قال: «زارنا رسول الله صلی الله علیه و آله ذات یوم فقدّمنا إلیه طعاما ، وأهدت إلینا أُمّ أیمن صَحْفة من تمر وقَعْبا من لبن وزبد، فقدّمنا إلیه، فأکل منه، فلمّا فرغ قمتُ وسکبتُ علی یدی رسول الله صلی الله علیه و آله ماءً ، فلمّا غسل یدیه مسح وجهه ولحیته ببلة یدیه، ثمّ قام إلی مسجد فی جانب البیت وصلی وخرّ ساجدا فبکی وأطال البکاء، ثمّ رفع أرسه، فما اجترأ منا أهل البیت أحد أن یسأله عن شیء .

فقام الحسین علیه السلام یدرج حتّی صعد علی فَخِذَی رسول الله صلی الله علیه و آله ، فأخذ برأسه إلی صدره ووضع ذقنه علی رأس رسول الله ، ثمّ قال: یا أبه ما یبکیک ؟

فقال له : یا بنی ، إنّی نظرت إلیکم الیوم . فسررت بکم سرورا لم أُسَرَّ بکم مثله قطّ . فهبط إلیَّ جبرئیل فأخبرنی أنّکم قتلی ، وأن مصارعکم شتّی، فحمدت الله علی ذلک وسألت لکم الخیرة. فقال له: یا أبه فمن یزور قبورنا ویتعاهدها علی تشتُّتها ؟! قال :

ص:54


1- 1. تاریخ دمشق 14 : 197 ، تاریخ الإسلام 5 : 104 ، سیر أعلام النبلاء 3 : 290 .

« طوائف من أُمّتی یریدون بذلک برِّی وصلتی ، أتعاهدهم فی الموقف، وآخذ بأعضادهم، فأُنجیهم من أهواله وشدائده » (1).

 وعن جابر ، عن أبی جعفر علیه السلام ، قال: « قال أمیر المؤمنین علیه السلام : زارنا رسول الله صلی الله علیه و آله وقد أهدت لنا أم أیمن لبنا وزبدا وتمرا، فقدَّمنا منه فأکل، ثمّ قام إلی زاویة البیت، فصلی رکعات، فلمّا کان فی آخر سجوده بکی بکاء شدیدا، فلم یسأله أحد منّا إجلالاً وإعظاما له .

فقام الحسین علیه السلام وقعد فی حجره ، فقال : یا أبه لقد دخلتَ بیتنا فما سُرِرنا بشیء کسرورنا بدخولک، ثمّ بکیت بکاءً غمّنا ، ما أبکاک ؟ فقال: «یا بنی ، أتانی جبرئیل آنفا فأخبرنی أنکم قتلی ، وأنّ مصارعکم شتّی» . فقال : یا أبه ، فما لمن یزور قبورنا علی تشتُّتها ؟ فقال: «یا بنی ، أولئک طوائف من أُمّتی یزورونکم فیلتمسون بذلک البرکة، وحقیق علیّ أن آتیهم یوم القیامة حتّی أُخلّصهم من أهوال الساعة ومن ذنوبهم، ویسکنهم الله الجنّة » (2).

 وعن محمّد بن عبد الله بن عمرو، عن أبیه، عن ابن عبّاس، قال: الملک الّذی جاء إلی محمّد صلی الله علیه و آله یخبره بقتل الحسین علیه السلام کان جبرئیل الروح الأمین، منشورَ الأجنحة باکیا صارخا ، قد حمل من تربة الحسین وهی تفوح  کالمسک ، فقال رسول الله: « وتفلح أُمَّةٌ تقتل فرخی » ؟ أو قال: «فرخ ابنتی» ؟! فقال جبرئیل: « یضربها الله بالاختلاف فتختلف قلوبهم »(3).

ص:55


1- 1. کامل الزیارات : 127 / 141 .
2- 2. کامل الزیارات : 125 / 140 .
3- 3. کامل الزیارات : 131 / 148 .

وعن أبی الجارود زیاد بن المنذر، عن أبی جعفر الباقر علیه السلام ، قال: کان النبیّ صلی الله علیه و آله فی بیت أُمّ سلمة رضی الله عنها ، فقال لها: « لا یدخل علیّ أحد » ، فجاء الحسین علیه السلام وهو طفل، فما ملکت معه شیئا حتّی دخل علی النبیّ صلی الله علیه و آله ، فدخلت أُمّ سلمة علی أثره، فإذا الحسین علی صدره، وإذا النبیّ صلی الله علیه و آله یبکی ، وإذا فی یده شیء یقلّبه ، فقال النبیّ صلی الله علیه و آله : یا أُمّ سلمة، إنّ هذا جبرئیل یخبرنی أنّ هذا مقتول ، وهذه التربة الّتی یقتل علیها ، فضعیها عندک، فإذا صارت دما فقد قتل حبیبی ، فقالت أُمّ سلمة : یا رسول الله ، سل الله أن یدفع ذلک عنه. قال النبیّ: «قد فعلتُ ، فأوحی الله عزّ وجلّ إلیّ أنّ له درجة لا ینالها أحد من المخلوقین، وأنّ له شیعة یشفعون فیُشَفَّعون ، وأنّ المهدیَّ من ولده ؛ فطوبی لمن کان من أولیاء الحسین، وشیعتُهُ هم والله الفائزون یوم القیامة » (1).

وعن أبی بصیر ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال: « إنّ جبرئیل علیه السلام أتی رسول الله صلی الله علیه و آله والحسینُ علیه السلام یلعب بین یدیه، فأخبره أنّ أمّته ستقتله، قال: فجزع رسول الله صلی الله علیه و آله ، فقال: ألا أُریک التربة الّتی یُقتل فیها ؟ قال: فخسف ما بین مجلس رسول الله صلی الله علیه و آله إلی المکان الّذی قتل فیه الحسین علیه السلام حتّی التَقَّت القطعتان، فأخذ منها، ودحیت فی أسرع من طرفة عین، فخرج وهو یقول: «طوبی لک من تربةٍ ، وطوبی لمن یقتل حولک » (2).

وعن أبی أسامة زید الشحام ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال: نعی جبرئیلُ

ص:56


1- 1. أمالی الصدوق : 203 / 219 .
2- 2. کامل الزیارات : 128 / 142 .

الحسینَ إلی رسول الله صلی الله علیه و آله فی بیت أُمّ سلمة ، فدخل علیه الحسینُ علیه السلام وجبرئیل عنده ، فقال : إنّ هذا تقتله أمتک ، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : أرنی من التربة الّتی یسفک فیها دمه ، فتناول جبرئیل قبضة من تلک التربة ، فإذا هی تربة حمراء (1).

وعن أبی خدیجة سالم بن مکرم الجمَّال ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال: «لمّا ولدت فاطمةُ 2 الحسینَ علیه السلام جاء جبرئیل إلی رسول الله صلی الله علیه و آله فقال له: إنّ أمّتک تقتل الحسین علیه السلام من بعدک، ثمّ قال: ألا أریک من تربته؟ فضرب بجناحه، فأخرج من تربةِ کربلاء وأراها إیّاه، ثمّ قال : هذه التربة الّتی یقتل علیها» (2).

وعن عبد الملک بن أعین، قال : سمعت الصادق علیه السلام یقول: «إنّ رسول الله صلی الله علیه و آله کان فی بیت أُمّ سلمة وعنده جبرئیل، فدخل علیه الحسین علیه السلام ، فقال له جبرئیل: إنّ أمّتک تقتل ابنک هذا، ألا أریک من تربة الأرض الّتی یقتل فیها ؟ فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : نعم ، فأهوی جبرئیل بیده وقبض قبضةً منها ، فأراها النبیّ صلی الله علیه و آله » (3).

وعن محمّد بن عمرو الزّیّات، عن رجل من أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال: « إنّ جبرئیل نزل علی محمّد صلی الله علیه و آله فقال له: یا محمّد ، إنّ الله یبشّرک بمولود یولد من فاطمة، تقتله أمتک من بعدک.

فقال: «یا جبرئیل وعلی ربّی السلام ، لا حاجة لی فی مولود یولد من

ص:57


1- 1. کامل الزیارات : 129 / 143 ، وهناک طریق آخر عن سماعة بن مهران عن أبی عبد الله الصادق علیه السلام وفیه زیادة : فلم تزل عند أم سلمة حتی ماتت رحمها الله .
2- 2. کامل الزیارات : 130 / 147 .
3- 3. کامل الزیارات : 129 / 145 .

فاطمة، تقتله أمتی من بعدی» .

فعرج ثمّ هبط علیه السلام فقال له مثل ذلک ، فقال: «یا جبرئیل وعلی ربّی السلام ، لا حاجة لی فی مولود تقتله أمتی من بعدی» .

فعرج جبرئیل علیه السلام إلی السماء ثمّ هبط فقال: یا محمّد ، إنّ ربّک یقرئک السلام ویبشّرک بأنّه جاعلٌ فی ذرّیّته الإمامة والولایة والوصیة، فقال: قد رضیت .

ثمّ أرسل إلی فاطمة: أنّ الله یبشّرنی بمولود یولد لک، تقتله أُمّتی من بعدی .

فأرسلت إلیه : لا حاجة لی فی مولود تقتله أمتک من بعدک.

فأرسل إلیها : أنّ الله قد جعل فی ذریته الإمامة والولایة والوصیة. فأرسلت الیه أنْ قد رَضِیتُ ، ف_ / حَمَلَتْهُ أُمُّهُ کُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ کُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً حَتَّی إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِینَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْکُرَ نِعْمَتَکَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَ عَلَی وَالِدَیَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَ أَصْلِحْ لِی فِی ذُرِّیَّتِی . فلولا أنّه قال: أصلح لی فی ذرّیّتی لکانت ذرّیّته کلّهم أئمة ، ولم یرضع الحسین من فاطمة 2 ولا من أنثی، کان یؤتی به النبیّ فیضع إبهامه فی فیه فیمصّ منها ما یکفیه الیومین والثلاثة ، فنبت لحم الحسین علیه السلام من لحم رسول الله ودمه، ولم یولد لستة أشهر إلاّ عیسی بن مریم والحسین بن علیّ 3»(1).

 وعن المعلّی بن خنیس، قال: کان رسول الله صلی الله علیه و آله أصبح صباحا فرأته

ص:58


1- 1. الکافی للکلینی 1 : 464 / 4 ، ونحوه موجود فی الإمامة والتبصرة لابن بابویه والد الصدوق : 51 / 37 ، من حدیث عبد الرحمان بن کثیر الهاشمی عن أبی عبد الله الصادق علیه السلام .

فاطمة باکیاً حزیناً، فقالت: مالک یا رسول الله، فأبی أن یخبرها، فقالت: لا آکل ولا أشرب حتّی تخبرنی ، فقال: «إنّ جبرئیل أتانی بالتربة الّتی یقتل علیها غلامٌ لم یُحْمَلْ به بعد _ ولم تکن تحمل بالحسین علیه السلام _ وهذه تربته» (1).

وعن الحسن بن علیّ بن أبی المغیرة، عن بعض أصحابنا ، قال: قلت لأبی عبد الله الصادق علیه السلام : إنّی رجل کثیر العلل والأمراض ، وما ترکتُ دواء إلاّ تداویت به ، فقال لی : وأین أنت عن طین قبر الحسین علیه السلام ؟ فإنّ فیه الشفاء من کلّ داء ، والأمن من کل خوف ، فقل إذا أخذته: اللهم إنّی أسألک بحق هذه الطینة ، وبحقّ الملک الّذی أخذها، وبحق النبیّ الّذی قبضها، وبحق الوصیّ الّذی حَلّ فیها، صل علی محمّد وأهل بیته ، واجعل فیها شفاء من کل داء ، وأمانا من کل خوف ، ثمّ قال: أما الملک الّذی أخذها فهو جبرئیل؛ أراها النبیّ صلی الله علیه و آله فقال: هذه تربة ابنک تقتله أمتک من بعدک. والنبیّ الّذی قبضها محمّد صلی الله علیه و آله ، والوصیّ الّذی حلّ فیها فهو الحسین علیه السلام سید شباب الشهداء (2).

*     *     *

کانت هذه هی طرق إخبار جبرئیل لرسول الله صلی الله علیه و آله ، وهی إن قرنت بالأخبار اللاّحقة فهی تحقق التواتر ، وإلاّ فالاستفاضة ، وهی روایات ملحوظ فیها بشکل واضح تنوّع رواتها من شیعة وسنة وخوارج وعثمانین نواصب ، وکوفیین وبصریین وواسطیین وبغدادیین ومدنیین

ص:59


1- 1. کامل الزیارات : 132 / 150 .
2- 2. تهذیب الأحکام للطوسی 6 : 75 / 146 .

ومصریین وغیرهم ، مع قلّة من الشامیین ، وهو یحکی مدی الحقد الأموی ضد أهل البیت ، وخصوصا الحسین بن علیّ علیه السلام .

والباحث لو حقّق فی أسانید تلک الروایات لعلم أنّ کثیرا من الأحادیث الحسنة هی صحیحة ، وکثیراً من ضعاف الأحادیث هی حسنة ، کما یقف حین بحثه أیضا علی تحاملات الذهبی وتحریفات البخاری وتخریفات ابن کثیر وابن الجوزی وادّعاءات الألبانی وغیرهم.

ص:60

ملک الأمطار یحمل تربة الحسین علیه السلام إلی النبیّ صلی الله علیه و آله

1 _ حدیث أنس بن مالک

أخرج أحمد بسنده عن أنس بن مالک : أنّ ملک المطر استأذن ربّه أن یأتی النبیّ صلی الله علیه و آله ، فأذن له ، فقال لأُمّ سلمة : « املکی علینا الباب لا یدخل علینا أحد » ، قال : وجاء الحسین بن علیّ لیدخل ، فمنعته ، فوثب فدخل فجعل یقعد علی ظهر النبیّ صلی الله علیه و آله وعلی منکبه وعلی عاتقه ، فقال الملک للنبیّ صلی الله علیه و آله : أتحبّه ؟ قال : «نعم » ، قال : أمّا إنّ أُمّتک ستقتله، وإن شئت أریتک المکان الّذی یُقتل به ، فضرب بیده فجاء بطینة حمراء ، فأخذتها أُمّ سلمة : فصرّتها فی خمارها ، قال ثابت «راوی الخبر» : بلغنا أنّها کربلاء (1).

2 _ حدیث أبی الطفیل

أخرج الطبرانیّ فی المعجم الکبیر بإسناده عن أبی الطفیل ، قال : استأذن ملک القطر أن یسلّم علی النبیّ صلی الله علیه و آله فی بیت أُمّ سلمة، فقال : لا یدخل علینا أحد ، فجاء الحسین بن علیّ 3 فدخل ، فقالت أُمّ سلمة : هو الحسین ، فقال النبیّ : دعیه ، فجعل یعلو رقبة النبیّ ویعبث به ،

ص:61


1- 1. مسند أحمد 3 : 242 / 13563 ، و 3 : 265 / 13820 ، صحیح ابن حبّان 15 : 142 / 6742 ، وفیه : أن ملک القطر دلائل النبوّة : 6 : 469 ، موارد الظمآن إلی زوائد ابن حبّان : 554 / 2241 ، البدایة والنهایة 8 : 199 ، سیر أعلام النبلاء 3 : 288 ، تاریخ الإسلام 5 : 102 ، مسند أبی یعلی : 6 : 129 / 3402 ، مجمع الزوائد 9 : 187 ، المعجم الکبیر 3 : 106 / 2813 .

والملکُ ینظر ، فقال الملک : أتحبّه یا محمّد ؟ قال : إی والله ، إنّی لاُحبّه ، قال : أما إنّ أُمّتک ستقتله ، وإن شئت أریتک المکانَ! فقال بیده ، فتناول کفّا من تراب ، فأخذت أُمّ سلمة التراب ، فصرّته فی خمارها ، فکانوا یرون أنّ ذلک التراب من کربلاء (1).

ص:62


1- 1. قال الهیثمیّ فی مجمع الزوائد 9 : 190 «رواه الطبرانیّ وإسناده حسن» . وقد أقره الألبانی فی سلسلته الصحیحة 3 : 159/ 1171 معلّقا علی حدیث عبد الله بن نجی عن أبیه المار آنفا بقوله: صحیح بمجموع طرقه... إلی آخر کلامه .

ملک البحار یحمل تربة الحسین علیه السلام إلی النبیّ صلی الله علیه و آله

قال ابن أعثم فی کتاب الفتوح ، قال شرحبیل بن أبی عون : إنّ الملک الّذی جاء النبیّ صلی الله علیه و آله إنّما کان ملک البحار ، وذلک أنّ ملکا من ملائکة الفرادیس نزل إلی البحر الأعظم ، ثمّ نشر أجنحته علیه ، وصاح صیحة وقال : یا أصحاب البحار ! البسوا ثیاب الحزن ، فإنّ فرخ محمّد مقتولٌ مذبوح .

ثمّ جاء إلی النبیّ صلی الله علیه و آله فقال : یا حبیب الله ، یقتتل علی هذه الأرض فرقتان من أُمّتک ، إحداهما ظالمة متعدّیة فاسقة ، یقتلون فرخک الحسین ابن ابنتک بأرض کرب وبلاء ، وهذه تربته یا محمّد ! قال: ثم ناوله قبضة من أرض کربلاء ، وقال له : تکون هذه التربة عندک حتّی تُری علامة ذلک . ثمّ حمل ذلک الملک من تربة الحسین فی بعض أجنحته ، فلم یبق ملک فی سماء الدنیا إلاّ شمَّ تلک التربة ، وصار فیها عنده أثر وخبر .

قال : ثمّ أخذ النبیّ صلی الله علیه و آله تلک القبضة الّتی أتاه بها الملک ، فجعل یشمّها ویبکی ، ویقول فی بکائه : «اللهم لا تُبارک فی قاتل ولدی، وأصْلِهِ نار جهنّم» ، ثمّ دفع تلک القبضة إلی أُمّ سلمة وأخبرها بقتل الحسین بشاطئ الفرات ، وقال : «یا أُمّ سلمة ، خذی هذه التربة إلیک ، فإنّها إذا تغیّرت واستحالت دما عبیطا سیقتل ولدی الحسین» (1).

ص:63


1- 1. الفتوح 4 : 324 ، الدر النظیم لأبی حاتم العاملی : 64 .

ملک _ غیر جبرئیل ومَلَکَیْ الأمطار والبحار _ یحمل تربة الحسین علیه السلام إلی النبیّ صلی الله علیه و آله

اشارة

أخرج ابن عساکر فی تاریخه بإسناده عن وکیع ، قال : حدّثنی عبد الله بن سعید ، عن أبیه ، عن عائشة أو أُمّ سلمة _ قال وکیع : شکّ هو «یعنی عبد الله بن سعید» _ أنّ النبیّ صلی الله علیه و آله قال لإحداهما : لقد دخل علیّ البیت مَلَکٌ لم یدخل علیّ قبلها ، فقال لی : إنّ ابنک هذا حسین مقتول ، وإن شئت أریتک من تربة الأرض الّتی یُقتل بها . قالت : فأخرج تربةً حمراء(1).

وأخرج الخوارزمیّ فی مقتل الحسین أحادیث تربة الحسین علیه السلام ، وحَمْل الملائکة لها ، وإعطائها للنبیّ صلی الله علیه و آله ، فقال: وذکر الإمام أحمد بن أعثم الکوفیّ فی تاریخه بأسانید له کثیرة عن رسول الله صلی الله علیه و آله : منها ما ذکر من حدیث ابن عبّاس و حدیث أُمّ الفضل ، ثمّ ذکر هبوط جبرئیل فی قبیلٍ من الملائکة وحدیثه ، ثمّ حدیث نزول ملک البحار نقلاً عن شرحبیل بن عون ، وأخیرا ذکر حدیث المسور بن مخرمة ، فقال :

وقال المسوّر بن مخرمة ، ولقد أتی النبیّ صلی الله علیه و آله ملکٌ من ملائکة الصفیح الأعلی لم ینزل إلی الأرض منذ خلق الله الدنیا ، وإنّما استأذن ذلک الملک ربّه ونزل شوقا منه إلی رسول الله صلی الله علیه و آله ، فلمّا نزل إلی الأرض أوحی الله عزّ وجلّ إلیه : أیّها الملک ، أخبر محمّدا بأنّ رجلاً من أُمّته یُقال

ص:64


1- 1. تاریخ دمشق 14 : 193 ، مسند أحمد 6 : 294 / 26567 ، تاریخ الإسلام 5 :104 ، سیر أعلام النبلاء 3 : 290 .

له «یزید» یقتل فرخک الطاهر وابن الطاهرة نظیرة البتول مریم ابنة عمران .

فقال الملک : إلهی وسیّدی ، لقد نزلت وأنا مسرور بنزولی إلی نبیّک ، فکیف أُخبره بهذا الخبر ! لیتنی لم أنزل علیه ، فنودی الملک من فوق رأسه : أن اِمضِ لما أُمِرْتَ ، فجاء وقد نشر أجنحته حتّی وقف بین یدیه ، فقال : السلام علیک یا حبیب الله ، إنّی استأذنت ربّی فی النزول إلیک ، فلیت ربّی دقّ جناحیّ ولم آتِک بهذا الخبر، ولکنّی مأمور یا نبیّ الله ، اعلم أنّ رجلاً من أُمّتک یُقال له «یزید» یقتل فرخک الطاهر ابن فرختک الطاهرة نظیرة البتول مریم ابنة عمران، ولم یُمتَّعْ من بعد وَلَدِک ، وسیأخذه الله مُغافَصَةً علی سوء عمله فیکون من أصحاب النار (1).

روایة معاذ بن جبل لخبر تربة الحسین علیه السلام

أخرج الطبرانیّ بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص : أنّ معاذ بن جبل أخبره ، قال : خرج علینا رسول الله صلی الله علیه و آله متغیّر اللون ، فقال : « أنا محمّد ، أُوتیتُ فواتح الکلام ، وخواتمه ، فأطیعونی ما دمتُ بین أظهرکم ، فإذا ذُهِبَ بی فعلیکم بکتاب الله ، أحلّوا حلاله ، وحرّموا حرامه ؛ أتتکم الموتة ، أتتکم بالرَّوحْ والراحة ، کتاب من الله سبق ، أتتکم فتن کقطع اللیل المظلم ، کلّما ذهب رَسْلٌ جاء رَسْلٌ ، تناسخت

ص:65


1- 1. مقتل الحسین علیه السلام 1 : 163 ، الفتوح لابن أعثم 4: 324 .

النبوّة فصارت ملکا ، رحم الله من أخذها بحقّها ، وخرج منها کما دخلها ، أمسک یا معاذ وأَحْصِ» .

قال معاذ : فلمّا بلغتُ خمسا قال صلی الله علیه و آله : «یزید ، لا بارک الله فی یزید» ، ثمّ ذرفت عیناه ، ثمّ قال : «نُعِیَ إِلَیَّ حسین ، وأُتیت بتربته، وأُخبرت بقاتله ، والّذی نفسی بیده لا یُقْتَلُ بین ظهرانی قوم لا یمنعوه إلاّ خالف الله بین صدورهم وقلوبهم ، وسلّط علیهم شرارهم ، وألبسهم شِیَعا؛ واها لفراخ آل محمّد من خلیفة مُستخلف مترف ؛ یَقتُل خَلفَی وخَلفَ الخَلَفْ» (1).

روایة عبد الله بن عمرو لخبر تربة الحسین علیه السلام

عن أبی عبد الرحمن الحبلی ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : کنّا بباب رسول الله صلی الله علیه و آله أنا وأبو عبیدة وسلمان والمقداد والزبیر ، فخرج علینا رسول الله مرعوبا متغیّر اللون ، فقال : « نُعِیَتْ إلیّ نفسی ...»  ، وذکر کلاما طویلاً ثمّ قال : « أَمْسِک وأَحْصِ » ، وتنفّس الصُّعَداء ، ثمّ قال : «یزید ، لا بارک الله فی یزید ، الطّعّان اللّعّان ، أما إنّه نُعی إلیّ حبیبی حسین ؛ أُتیت بتربته وأُریت قاتله ، أما إنّه لا یُقتل بین ظهرانی قومٍ ولا ینصرونه إلاّ عمّهم الله بعقاب» أو قال : «بعذاب» (2).

*     *     *

ص:66


1- 1. المعجم الکبیر ، للطبرانیّ 3 : 120 / 2861 و 20 : 38 / 56 ، کنز العمّال 11 : 72 / 31061 ، مجمع الزوائد 9 : 189 .
2- 2. انظر اللآلئ المصنوعة للسیوطی 1 : 414 ، الموضوعات لابن الجوزی 1 : 352 ، تنزیه الشریعة للکنانی 1 : 415 .

فهذه هی طرق خبر تربة الإمام الحسین علیه السلام ، وهی وإنّ ضُعِّف بعضها أو قیل بوضعها کروایة عبد الله بن عمرو بن العاص ، لکن بمجموعها تدلّ علی الصدور ، لأنّ الأحادیث الضعیفة یقوّی بعضها بعضا ، فتخرج من حیِّز السقوط إلی حیز القبول ، ویمکن الاستفادة منها فی الشواهد والمتابعات کما مرّ علیک کلام الألبانی فی حدیث عبد الله بن نجی عن أبیه (1)، وبعد هذا فلا یمکن لابن کثیر والألبانی والذهبی وابن الجوزی وغیرهم التّشکیک فی أخبار التربة الحسینیة المستفیضة عند الفریقین .

لأنّ الباحث یری تمحُّلات ابن کثیر عیانا بعد نقله تلک الأخبار ، کما أنّه یقف علی علمه بصحتها ، إذ تراه یذکرها بشکل لا یمسّ بالخلفاء الأمویین ، وخصوصا یزید ومعاویة ، فقد قال ابن کثیر بعد ذکره السنین الثلاث التی حکم فیها یزید _ والتی افتتحها بمقتل الحسین ، وثنّاها بواقعة الحرّة ، وثلّثها بحرق الکعبة ورمیها بالمنجنیق _ قال ابن کثیر:

« وقد أخطأ یزید خطأً فاحشا فی قوله لمسلم بن عقبة أن یبیح المدینة ثلاثة أیام ، وهذا خطأٌ کبیر فاحش ، مع ما انضمّ إلی ذلک من قَتْلِ خلق من الصحابة وأبنائهم ، وقد تقدّم أنّه قتل الحسین وأصحابه علی یدی عبید الله بن زیاد ، وقد وقع فی هذه الثلاثة أیام من المفاسد العظیمة فی المدینة النبویة مالا یحد ولا یوصف ، ممّا لا یعلمه إلاّ الله عزّ وجلّ» (2) .

ص:67


1- 1. فی صفحة 30 هامش 1 .
2- 2. البدایة والنهایة 8 : 246 .

وکان قد قال قبله : « فانه لم یمهل بعد واقعة الحرة وقتل الحسین إلاّ یسیراً حتّی قصمه الله الذی قصم الجبابرة قبله وبعده إنّه کان علیما قدیراً» (1).

کیف یقول ابن کثیر : «وقد أخطأ یزید» ، مع علمه بأنه أباح المدینة ثلاثة أیام وقتل خلقاً کثیراً من الصحابة وعلی رأسهم الحسین بن علی ، کما أنّه قال : «بأنّ الله قصم ظهر الجبابرة قبله» ، بل کان علیه أن یقول بکفره وإن صام وصلّی ، لجحوده ما قد تواتر عن النبی فی لزوم حفظ حرمة المدینة ومکة وحرمة أهل البیت ، والأسوأُ من ذلک تشکیکه فی إنشاد یزید أشعار ابن الزبعری:

لیت أشیاخی ببدرٍ شهدوا            جزع الخزرج من وقع الأَسَلْ

إذ علّق علی ذلک قائلاً : فهذا إن قاله یزید بن معاویة فلعنة الله علیه ، ولعنة اللاعنین ، وإن لم یکن قاله فلعنة الله علی من وضعه علیه لیشنع به علیه(2).

نعم إنّ یزید قاله ، وقد أخرج ابن عساکر عن رَیَّا _ حاضنة یزید _ أنّه تمثّل بأبیات من شعر ابن الزبعری لمّا حضره رأس الحسین ، وأنه قد نَکَتَ بعصاه ثنَّیته (3) ، وعلق الذهبی علی ذلک بالقول : والحکایة «أی حکایة ریا» طویلة قویّة الإسناد (4) .

ص:68


1- 1. البدایة والنهایة 8 : 224 .
2- 2. البدایة و النهایة 8 : 224 .
3- 3. تاریخ دمشق 69 : 160 .
4- 4. تاریخ الإسلام 5 : 106 حوادث 61 .

کما تری الذهبی یفعل فعلة من سبقه ویشکّک فی صحبة راوی الخبر الآتی ، وروایته عن رسول الله صلی الله علیه و آله _ أعنی أنس بن الحارث بن نبیه الباهلی _ إذ روی عن رسول الله صلی الله علیه و آله والحسین جالس فی حجره : «إنّ ابنی هذا یقتل فی أرض یقال لها العراق ، فمن أدرکه فلینصره» فقال الذهبی عن أنس بن حارث بأنّه لا صحبة له وحدیثُهُ مرسل ، وقال المزّیّ له صحبة فوهم : انتهی کلام الذهبی فی التجرید (1).

وقال ابن حجر فی الإصابة فی ترجمة والدیه الحارث بن نبیه : له ولأبیه صحبة، وقد قتل أنس بن الحارث بالفعل مع الحسین (2).

کما نری ابن الجوزی ینتهج منهج أسلافه فی الجرح والتعدیل فینتخب بعض الروایات المستفیضة فی تربة الإمام الحسین تشهّیا ، فیذکر طریقین من الطّرق الستة إلی أبی نعیم _ راوی الخبر الآتی _ لیحکم من خلالهما بضعف ما روی عن سعید بن جبیر عن ابن عباس قال : «أوحی الله تعالی إلی محمّد إنی قتلت بیحیی بن زکریا سبعین الفاً ، وإنّی قاتل بابن ابنتک سبعین ألفاً وسبعین ألفاً» (3).

فی حین علّق الحاکم علی ذلک الحدیث قائلاً: هذا حدیث صحیح

ص:69


1- 1. انظر الإصابة 1 : 121 وهامش تهذیب الکمال 6 : 410 ، وفی الجرح والتعدیل لابن أبی حاتم 2 : 287 الترجمة 1042 : أنس بن الحارث له صحبة قتل مع الحسین بن علی علیه السلام سمعت أبی یقول ذلک .
2- 2. الإصابة 1 : 121 ، وقد علق ابن حجر علی قول الذهبی قائلاً : وکیف یکون حدیثه مرسلاً وقد قال سمعت! وقد ذکره فی الصحابة البغوی ، وابن السکن ، وابن شاهین ، والدغوانی ، وابن زبر ، والبارودی ، وابن منده ، وابن نعمی ، وغیرهم .
3- 3. الموضوعات لابن الجوزی 1 : 306 ، قال : هذا حدیث لا یصح، قال الدار قطنی محمد بن شداد الذی یرویه عن أبی نعیم لا یکتب حدیثه.

الإسناد ولم یخرجاه ، کما علّق علیه الذهبی قائلاً : هو صحیح علی شرط مسلم (1).

وهذا هو ما فعله الألبانی أیضا ، فقد ذکر ستة طرق لخبر التربة الحسینیة متناسیاً الأحادیث الکثیرة الأخری الواردة عن کبار الصحابة وأمهات المؤمنین . فقال :

«ولیس فی هذه الأحادیث ما یدل علی قداسة کربلاء وفضل السجود علی أرضها ، واستحباب اتخاذ قرص منها للسجود علیه فی الصلاة کما علیه الشیعة الیوم» (2) .

ففی کلام الألبانی تدلیس إذ أنه ذکر طریقا واحدا عن أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب متناسیا الطرق الأخری التی ذکرناها عنه علیه السلام فی هذا الکتاب والموجودة فی المعاجم الحدیثیة .

کما أنه تناسی روایات غیره من الصحابة وأمهات المؤمنین ، أو أنه ذکر بعض طرقها دون جمیعها .

بلی أنه وإن قال عن روایة عبد الله بن نجی : «صحیحة بمجموع طرقها وإن کانت مفرداتها لا تخلو من ضعف ولکنّه یسیر» (3) لکن فی کلامه تدلیس ، لأنه یرید أن یوهم لصغار أهل العلم بعدم جواز الأخذ بالروایة الضعیفة وأنه تناساها لأنّها یسیرة .

فی حین أن هذا الکلام باطل عند جمیع أهل العلم ، إذ اتفقوا علی أن

ص:70


1- 1. انظر مستدرک الحاکم مع تعلیقة الذهبی فی 3 : 195 .
2- 2. سلسلة الأحادیث الصحیحة للالبانی 3 : 161 .
3- 3. سلسلة الأحادیث الصحیحة 23 : 159 .

الحدیث الضعیف یدخل فی جملة الصحاح إذا تکثرت طرقه واستفاضت، بل قالوا بأکثر من ذلک وهو حصول التواتر بالحدیث الضعیف شریطة امتناع تواطؤ رواته علی الکذب . وهذا المبنی یُخطئ ما فهمه بعض طلبة العلم بأن التواتر لا یتحقق إلاّ بخصوص الأحادیث الصحیحة .

وأقول جوابا علی کلام الألبانی المتقدم : بأن أخذ جبرئیل قبضة من تراب قبر الحسین قبل مقتله ، واحتفاظ أم سلمة بتلک القطعة حتی شهادته علیه السلام بأمر رسول الله ، وما جاء عن علی لابن عباس وغیره یکفی دلیلاً علی قداسة کربلاء وفضل السجود علی تربتها ، واتخاذ أقراص منها للصلاة علیها ، ولم لا تکون موضع سجودنا الأرض وخصوصاً  الأرض الطاهرة ، ورسول الله قال : جعلت لی الأرض مسجداً و ترابها طهوراً ؟!

ویجب التنویه هنا علی أن للألبانی رسالة ناقش فیها ما کتبه المرحوم السید الوالد عن السجود علی التربة الحسینیة . فإنّک لو وقفت علی تلک الرسالة لعرفت نظرته إلی الأمور نظرة احادیة ومن منظار خاص ، فهو یحرم إطلاق کلمة العبد علی عبودیة غیر الله ، فتراه یسمی رسالته «الرد علی المدعو عبد الرضا الشهرستانی فی کتابه السجود علی التربة الحسینیة» حذرا منه أن یقع فی شِرْکٍ أو نسبة العبودیة لغیر الله ، بید أنّ الله سبحانه قال فی کتابه : /وَأَنکِحُوا الأَیَامَی مِنکُمْ وَالصَّالِحِینَ مِنْ عِبَادِکُمْ وَإِمَائِکُمْ. ولم یقل من عباد الرحمن أو عباد الله وأمثال ذلک ، لأنّ العبودیة قد تطلق علی الخدم وأمثاله .

ص:71

بهذا فقد وقفت علی أن بعض الرجالیین والعلماء یخطّئ الآخر منهم فیما یدّعیه من ضعف روایات تربة الحسین ، وهو یؤکّد بأنّ المعیار فی الجرح والتعدیل عندهم انتقائیٌّ لاعلمیٌّ .

فابن الجوزیّ اعترض علیه کثیرٌ من أئمّة الحدیث لمنهجه الخاص فی الجرح والتعدیل ، فقال ابن الصلاح: ودّع [ابن الجوزی] فی کتابه الموضوعات کثیر مما لا دلیل علی وضعه (1) .

وقال الملا علی القاری فی شرح نخبة الفکر: بأنّ العلماء تعقّبوا ابن الجوزی فی کثیر من الأحادیث التی ذکرها فی کتابه الموضوعات.(2) ومعناه عدم قبولهم لما ادّعاه وذهب إلیه .

وقال السخاویّ فی فتح المغیث : بل ربما أدرج ابن الجوزی فی کتابه [الموضوعات] الحسن الصحیح ، مما هو فی أحد الصحیحین _ البخاری ومسلم _ فضلاً عن غیرهما ولذا انتقد العلماء صنیعه (3).

وفی تنزیه الشریعة ، قال السیف أحمد بن أبی المجد : أطلق ابن الجوزی الوضع علی أحادیث لکلامِ بعض الناس فی رواتها ، وهذا عدوان ومجازفة (4).

هذا هو بعض الشی ء عن تحریفات وتخریفات وتأویلات أئمّة الجرح والتعدیل عند القوم ، وإنک قد رأیتها لا تبتنی علی أصول قرآنیة ، بل

ص:72


1- 1. مقدمة ابن الصلاح : 98 .
2- 2. شرح نخبة الفکر لابن حجر : 447 .
3- 3. فتح المغیث 1 : 255 .
4- 4. انظر تنزیه الشریعة 1 : 10 .

خضعت للمیولات، وکل ما نقلناه جاء طبقا لأصولهم وقواعدهم الحدیثیة والدرائیة ، إذ هناک من یؤیدنا ویقبل بتلک الروایات ویأخذ عن أولئک الرواة .

فخبر تربة الحسین إن لم یکن متواترا فهو مستفیض فی کتب القوم علی أقل تقدیر، فقد روی عن جمع من الصحابة أمثال : علی بن أبی طالب ، أنس بن مالک ، ابن عبّاس ، أبی الطفیل ، أبی أمامة ، أنس بن الحارث ، معاذ بن جبل ، عبد الله بن عمرو بن العاص ، و أمهات المؤمنین : أُمّ سلمة ، عائشة ، زینب بنت جحش ، وتلک الروایات إمّا صحیحة أو حسنة أو مستفیضة ، وتری بعضها صحیحة علی شرط الشیخین و إن لم یخرجاها ، وبعد هذا فلا یمکنهم التشکیک فی کل تلک الروایات .

کرامة کربلاء من کرامة الحسین علیه السلام

بهذا قد عرفنا أنّ أرض کربلاء امتازت عن غیرها من الأراضی کونها أرضا مقدّسة ، لاحتضانها بضعة الرسول ، ومن المعلوم أنّ التفاضل موجود فی الأماکن والبلدان والاشهر والذوات ، فقد یفضّل إنسان علی إنسان آخر ، أو زرع علی زرع آخر لخصوصیة موجودة فیه ، قال تعالی: /وَفِی الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِیلٌ صِنْوَانٌ وَغَیْرُ صِنْوَانٍ یُسْقَی بِمَاءٍوَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَی بَعْضٍ فِی الأُکُلِ إِنَّ فِی ذلِکَ لاَیَاتٍ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ. (1).

ص:73


1- 1. الرعد : 4 .

فبعض الأراضی هی مبارکة ، وأخری شقیّة ، بل قد تشقی بعض الأراضی بعد سعادتها ، وقد تسعد بعد شقاوتها ، قال سبحانه : /إِنَّ أَوَّلَ بَیْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَکَّةَ مُبَارَکا وَهُدیً لِلْعَالَمِینَ. (1) ، وقال سبحانه : /سُبْحَانَ الَّذِی أَسْرَی بِعَبْدِهِ لَیْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَی الْمَسْجِدِ الأَقْصَی الَّذِی بَارَکْنَا حَوْلَهُ لِنُرِیَهُ مِنْ آیَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ. (2) ، وقال تعالی فی قصة موسی : /إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُویً. (3) ، وقال تعالی مخاطبا إیّاه : /إنّی أنا ربّک فَاخْلَعْ نَعْلَیْکَ إِنَّکَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُویً. (4) ، وقال تعالی : /فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِیَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الأَیْمَنِ فِی الْبُقْعَةِ الْمُبَارَکَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ. (5) ، وقال سبحانه وتعالی : /یَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ. (6) ، وقال عزّ وجلّ :  /وَلِسُلَیْمانَ الرِّیحَ عَاصِفَةً تَجْرِی بِأَمْرِهِ إِلَی الأَرْضِ الَّتِی بَارَکْنَا فِیهَا وَکُنَّا بِکُلِّ شَیْءٍ عَالِمِینَ. (7).

ففی هذه الآیات إشارة إلی البقاع المبارکة فی الأرض ، وفی قصة إبراهیم ، وما حکاه ابن عمر عن رسول الله إشارة إلی وجود أراضٍ غیر

ص:74


1- 1. آل عمران : 96 .
2- 2. الإسراء : 1 .
3- 3. النازعات : 16 .
4- 4. طه : 12 .
5- 5. القصص : 30 .
6- 6. المائدة : 21 .
7- 7. الأنبیاء : 81 .

مبارکة ، قال تعالی : / وَ نَجَّیْنَاهُ وَ لُوطاً إِلَی الْأَرْضِ الَّتِی بَارَکْنَا فِیهَا لِلْعَالَمِینَ . (1) .

وجاء فی الحدیث عن ابن عمر : إنّ الناس نزلوا مع رسول الله علی الحجر _ أرض ثمود _ فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجین ، فأمرهم رسول الله صلی الله علیه و آله أن یهریقوا ما استقوا ، ویعلفوا الإبل العجین، وأمرهم أن یستقوا من البئر الّتی کانت تردها الناقة (2).

وأخرج البخاری ومسلم فی صحیحیهما من حدیث ابن عمر أیضا ، قال: لمَّا مرّ النبیّ صلی الله علیه و آله بالحِجر قال : لا تدخلوا مساکن الذین ظلموا أنفسهم ، أن یصیبکم ما أصابهم إلاّ أن تکونوا باکین ، ثمّ قنّع رأسه وأسرع السیر حتّی أجاز الوادی (3).

وأخرج ابن أبی شیبة فی المصنَّف بسنده عن عبد الله بن أبی المحل : أنّ

ص:75


1- 1. الأنبیاء: 71.
2- 2. صحیح مسلم 4 : 2286 / 2981 .
3- 3. صحیح البخاری 4: 1609 / 4157، وانظر صحیح مسلم 4: 22285 / 2980 وقد علّق ابن حجر فی فتح الباری 6 : 380 بقوله : قد وقع فی روایة لاحمد إلاّ أن تکونوا باکین فان لم تکونوا باکین فتباکوا خشیة أن یصیبکم ما أصابهم . وأخ_رج هن_اد بن السری فی ک_تاب ال_زه_د عن عبد الله ب_ن ع_مرو قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله : ل_و تعلمون ما أعلم لبکیتم کثیرا ولضحکتم قلیلاً ، ولو علمتم ما أعلم لسجد أحدکم حتی یتقطع صلبه و لصرخ حتی ینقطع صوته ، ابکوا إلی الله فإن لم تستطیعوا أن تبکوا فتباکوا، کتاب الزهد 1 : 270 / 469 . وقد جاء نحو هذا فی سنن ابن ماجة 2 : 1403 / 4194 عن سعد بن أبی وقاص ، وفی کتاب الهم والحزن لابن أبی الدنیا : 66 / 86 ، عن أبی بکر ، وفی مسند أبی یعلی 7 : 161 / 4134 ، عن أنس بن مالک .

علیا مرّ بجانب من بابل فلم یُصَلِّ بها .

وأخرجه أیضا عن حجر بن عنبس الحضرمی ، قال : خرجنا مع علیّ إلی النهروان ، حتّی إذا کنّا ببابل حضرت صلاة العصر ، قلنا : «الصلاة»، فسکت ، ثمّ قلنا : «الصلاة» ، فسکت ، فلمّا خرج منها صلّی، ثمّ قال : ما کنت لأُصلّی بأرضٍ خُسِفَ بها ثلاث مرات (1).

فهذه الروایات تؤکد لزوم الابتعاد عن الأراضی المغضوب علیها ، والذهاب إلی الأراضی المبارکة .

بهذا فقد عرفنا بأن هناک أراضی مبارکة منذ الأزل ، وقد تصیر مبارکة لاحقا لأمرٍ ما .

فلو صارت الأرض مسجدا ، فتصیر مبارکة ویکون لها أحکام المسجد من عدم جواز التنجیس ، وعدم لبث الحائض والجنب فیها ، وکراهة البصاق والبیع والشراء فیها إلی ما شابه ذلک من الأحکام .

وهذه المساجد یتفاضل بعضها علی بعض ، فالمسجد الحرام ، والمسجد النبوّی والمسجد الأقصی ، ومسجد الکوفة تتفاضل علی مسجد المحلة والقبیلة والسوق ، وبالمقابل نری مساجِدَ تُتْرَکُ لکونها صارت مسجدا ضراراً ، ففی الغارات للثقفی (ت 283ه_)  عن أبی غسان البصری : بنی عبید الله بن زیاد مساجد بالبصرة تقوم علی بغضِ علیٍّ والوقیعة فیه: مسجد بنی عَدِیّ ، ومسجد بنی مجاشع ، ومسجد کان فی العلافین علی فُرْضَة البصرة ، ومسجد فی الأزد (2).

ص:76


1- 1. المصنف 2 : 152 / 6558 ، 151 / 6556 .
2- 2. الغارات 3 : 558 .

وقد کانت فی الکوفة مساجد تسمّی المساجد الملعونة ، وهی مسجد سماک ، ومسجد الأشعث بن قیس ، ومسجد ثقیف ، ومسجد جریر البجلی ، ومسجد بالحمراء (1).

وعلیه فقدسیّة المکان لم تأت اعتباطیة ، لأنّ شرف المکان بشرف المکین ، فکلّما کان المکین أعظم وأفضل کان المکان المنسوب الیه أفضل ، وأعظم . وصحیح أنّ المکان قد یحمل بین جنباته بعض الذکریات المؤلمة، لکن لا یعنی أنها صارت أرضا مغضوبة من قبل الله ، فکربلاء اسم یدلّ علی معناه ، فهی تذکّرنا بتلک المأساة الالیمة ، لکنها مع کل ذلک تضم بضعة الرسول وتذکرنا بالمأساة ، فهی شعارنا وهویّتنا .

قال الحلبیّ فی سیرته عند ذکر وفاة النبی وموضع دفنه : ... وقام الإجماع علی أنّ هذا الموضع الّذی ضمّ أعضاءه الشریفة صلی الله علیه و آله أفضل بقاع الأرض حتّی موضع الکعبة الشریفة ، قال بعضهم : وأفضل من بقاع السماء حتّی من العرش ...(2).

قال السمهودی فی کتابه وفاء الوفاء : قد انعقد الإجماع علی تفضیل ما ضمّ الأعضاء الشریفة حتّی علی الکعبة المنیفة. إلی أن قال :

وحکایة الإجماع علی تفضیل ما ضمّ الأعضاء الشریفة نقلهُ القاضی عیاض ، وکذا القاضی أبو الولید الباجی قبله ، کما قال الخطیب ابن جملة.

وکذا نقله أبو الیمن ابن عساکر وغیرهم مع التصریح بالتفضیل علی

ص:77


1- 1. انظر الکافی 3 : 490 / 1 ، تهذیب الأحکام 3 : 250 / 685 .
2- 2. السیرة الحلبیة 3 : 495 .

الکعبة الشریفة (1)، وأخیرا قال عند سرده خصائص المدینة ، قال : الثانیة: اشتمالها علی البقعة التی انعقد الإجماع علی تفضیلها علی سائر البقاع (2).

وذکر ابن القیّم فی بدائع الفوائد عن ابن عقیل الحنبلیّ أنّه لمّا سُئِلَ عن المفاضلة بین النبی صلی الله علیه و آله والکعبة ، قال : إن أردتَ مجرَّدَ الحجرة فالکعبةُ أفضل ، وإن أردت وهو صلی الله علیه و آله فیها ، فلا والله ، لا العرش وحملته ، ولا جنة عدن ، ولا الأفلاک الدائرة [ترجح علیه] ، لأنَّ بالحجرة جسدا لو وُزِن بالکونین لرجح (3).

وللسخاوی فی التحفة اللطیفة کلامٌ مطوّل فی تفضیل مرقد النبیّ صلی الله علیه و آله علی الکعبة والعرش (4) انظره .

وعلیه فشرف تربة قبر الإمام الحسین یأتی لضمّه بضعة رسول الله ، وعظمة کربلاء تأتی من عظمة الإمام الحسین علیه السلام ، وقد مر علیک کلام أم الفضل بنت الحارث ، وأنها رأت کأن قطعة من جسد الرسول وضع فی حجرها ، فقال صلی الله علیه و آله : إنّ فاطمة ستلد غلاما فیکون فی حجرک ، فولدت الحسین .

فالحسین بن علیّ کان کما قال الرسول فیه : إنّه منه وهو منه ، وأنّ حرمة قبره کحرمة قبر رسول الله .

وبما أن الناس _ بعد رسول الله _ کان لهم الأُسوة بعلیّ وفاطمة

ص:78


1- 1. وفاء الوفاء 1 : 28 .
2- 2. وفاء الوفاء 1 : 74 .
3- 3. بدائع الفوائد 3 : 655 .
4- 4. التحفة اللطیفة 1 : 20 .

والحسن والحسین ، وبعد شهادة الزهراء وأمیر المؤمنین کان أسوتهم الحسن بن علیّ ، وبعد وفاة الإمام الحسن انحصرت أسوتهم بالحسین ، فکان هو الأسوة والملاذ والملجأ ، لکنّ الأمة لم تُراعِ هذه الحرمة بل جدّت فی قتلته أبشع قتلة ، مع أَسْرِ أبنائه وسبی عیاله .

فشرف کربلاء من شرف الحسین ، وشرف الحسین من شرف الرسول ، فالغاضریة ، والنواویس ، ونینوی ، وکربلاء هی أسماء محترمة فی القرار الإلهی ، وجاء ذکرها فی الاخبار ، فعن الإمام الباقر علیه السلام قوله: الغاضریة هی البقعة التی کلّم الله فیها موسی بن عمران ، وأنجی نوحا فیها ، وهی أکرم أرض الله علیه ، ولولا ذلک ما استودع الله فیها أولیاءه وأنبیاءه وأبناء نبیه ، فزوروا قبورنا بالغاضریة (1).

وعن أبی الجارود ، قال : قال علیّ بن الحسین 3 : اتّخذ الله أرض کربلاء حرما آمنا مبارکا قبل أن یخلق الله أرض الکعبة ویتّخذها حرما بأربعة وعشرین ألف عام ، وإنّه إذا زلزل الله تبارک و تعالی الأرض وسیّرها رُفِعَت کما هی بتربتها [برمّتها _ خ ل] نورانیة صافیة ، فجُعِلَت فی أفضل روضة من ریاض الجنّة وأفضل مسکن فی الجنّة ، لا یسکنها إلاّ النبیّون والمرسلون _ أو قال: أُولوا العزم من الرسل _ وإنّها لتزهر بین ریاض الجنّة کما یزهر الکوکب الدّرّیّ بین الکواکب لأهل الأرض ؛ یغشی نورها أبصار أهل الجنّة جمیعا ، وهی تنادی : «أنا أرض الله المقدّسة الطّیبة [والطینة _ خ ل] المبارکة الّتی تضمّنت سید الشهداء

ص:79


1- 1. کامل الزیارات : 452 / 680 ، و عنه فی بحار الأنوار 98 : 109 / 13 ، مستدرک الوسائل 10 : 324 / 12097 ، جامع أحادیث الشیعة 12 : 576 .

وسیّد شباب أهل الجنّة (1).

کلّ هذه الروایات تؤکد حرمة تراب هذا البلد الطاهر ، والذی یحشر منه سبعون ألفا بدون حساب (2) ؛  کرامة للحسین بن علی .

ص:80


1- 1. کامل الزیارات : 451 / 678 ، و عنه فی بحار الأنوار 54 : 203 / 147 ، و 98 : 107 / 5 ، وسائل الشیعة 14 : 515 / 19721 ، مستدرک الوسائل 10 : 322 _ 323 / 12095، جامع أحادیث الشیعة 12 : 577 / 4950 .
2- 2. والذی أخرجه الطبرانی فی المع_جم الک_بیر 3: 111 / 2825 عن أبی هرثمة قال: کن_ت م_ع         علی... وقال الهیثمی فی مجمع الزوائد 9: 191 «رواه الطبرانی ورجاله ثقات». وروایة أبی هرثمة مرویة عن سهل بن سعد وعمران بن الحصین وابن عباس وأبی هریرة و جابر بن عبد الله الانصاری وهی موجودة فی صحیح البخاری 4 : 87 و 7 : 16 ، 26 ، 40 ، 183 ، 194 و صحیح مسلم 1: 122، 136، 137 لکن دون ذکر کلمة کربلاء، والألبانی لم یذکر خبر أبی هرثمة کما أنه تغافل أن ذکر الطرق الأخری لخبر تربة الحسین.

حصیلة البحث

 بعد بیان کُلِّ ما سبق یمکننا القول بأنّ احمرار التربة الحسینیة ، أو مشاهدة دم عبیط تحت حجر أو مدر ، أو تقاطر ما یشبه الدم من بعض الأشجار فی یوم یتعلّق بمناسبة دینیة کیوم عاشوراء ، لیس بالأمر العسیر علی الله ، ولا یستبعد أن یفعله سبحانه تعظیما وتکریما لمن هو عنده عظیم ، وخصوصا فی مناسبة کیوم عاشوراء ، حیث یتهافت الملایین من المسلمین إلی کربلاء لإحیاء شعائر الله .

فالحسین بن علیّ ، هو عظیم عند الله بلا خلاف عند أحد من المسلمین، فظهور آیات کونیة _ إن حدث _ فی مناسبات تتعلّق به هو تکریم له ، لکنّ هذا لا یعنی تصحیحنَا لکلّ ما قیل أو یقال ، أو یشاع فی هکذا مناسبات ، بل یجب علی المؤمن التَّثَبُّت من تلک الأخبار وأخذ الحیطة والحذر من تناقلها .

إذ من المعلوم بأنّ الله تعالی لا یفعل شیئا إلاّ طبقا للأسباب والمسبِّبات ، فلا یُوجد شیء بدون علة ، فلا یخلق إنسانا إلاّ من ذکر وأنثی ، ولا یُخْرِجُ کائنا حیا من جماد ، لکنّا نراه فی بعض الأحیان یفعلها لبیان قدرته ، فیخلق عیسی بن مریم من دون أب ، أو یخرج ناقة صالح من الجبل ، أو یطیل فی عمر الخضر علیه السلام أو عمر المهدی من آل محمّد علیهم السلام ، کلُّ ذلک لعلّةٍ ما .

وعلیه ، فإنّ الإتیان بالمعجزات والکرامات والأُمور الخارقة للعادة والمخالفة للطبیعة فی النظام الکونی والإلهی لا تکون دائمیة الوقوع ، ولیس لها استمراریة الحدوث دائما ، بل هی آیات وبشائر تأتی فی وقت

ص:81

ما، لسبب ما ، وفی الأغلب إنّما تأتی لتذکیر الأُمّة بالمقدّسات عند غفلتهم عنها ، أو لزیادة إیمانهم ، ولبیان أنّ هناک قوة خارقة للطبیعة تتحکّم فیها .

فلا یستبعد أن تکون مسألة احمرار التربة الحسینیة فی یوم عاشوراء _ وأمثالها من الأمور _ التی ذکرناها سابقاً _ کحمرة السماء لأربعین یوما أو ستة أشهر ، أو کسوف الشمس أو غیرها من الآیات الکونیة _ جاءت من هذا المنطلق .

ولیس معناه بأنَّ هذه الأمور الخارقة للعادة تحدث فی کلّ السنوات والأعوام ، وفی کلِّ تربة أُخذت من أرض کربلاء ، بل تُلحظ فی تحوّلها أُمورٌ کثیرة لا نعلمها ؛ إذ إنّ علمها عند الله تعالی فقط .

وأهمّ شیء فی هکذا أمور هو اعتقاد الفرد وإیمانه بصدورها من قبل ربّ العالمین ، أمّا الذی یشک أو یرید أن یمتحن الله بوقوعها فلا تقع له ولا یری شیئا منها ، ولیس علی الله عزّ وجلّ أن یلبِّی مقترحات کُلِّ مقترِح .

إنّ الّذی لا یعتقد بالحسین وعظمته وبأثر تربته علیه السلام ، فلا یؤثّر فیه ذلک التراب الطاهر ، إذ جاءت روایات کثیرة بأنّ بعض الشیاطین والجنّ قد یفسدون التربة ویعبثون بها ، کما هو حال الأعین والأیدی غیر النظیفة ، فهما قد یغیِّران تأثیرات التربة الطاهرة .

قال الإمام الصادق علیه السلام فی حدیث طویل : « ... وإنّما یفسدها ما یخالطها من أوعیتها ، وقلّة الیقین لمن یعالج بها ، فأمّا من أیقن أنّها له شفاء إذا یعالج بها کفته بإذن الله من غیرها ممّا یتعالج به ، ویفسدها

ص:82

الشیاطین والجنّ من أهل الکفر منهم ؛ یتمسَّحون بها ، وما تمرّ بشیء إلاّ شمَّها ، وأمّا الشیاطین وکفّار الجن فإنّهم یحسدون بنی آدم علیها فیتمسَّحون بها لیذهب عامة طیبها ، ولا یخرج الطین من الحائر إلاّ وقد استعدّ له ما لا یحصی منهم ، وإنّها لفی یدی صاحبها وهم یتمسَّحون بها، ولا یقدرون مع الملائکة أن یدخلوا الحیر ، ولو کان من التربة شیء یسلم ما عولج به أحد إلاّ برِئ من ساعته » .

إذَنْ حال تربة الإمام الحسین علیه السلام مثل حال الحجر الأسود ، فقد ورد عن ابن عبّاس أنّ رسول الله صلی الله علیه و آله قال : نزل الحجر الأسود من الجنة أشدّ بیاضاً من الثلج، فسوَّدَتْهُ خطایا بنی آدم(1) .

وقد أخرج الأزرقی عن ابن عبّاس أیضا قال : لیس فی الأرض من الجنة إلاّ الرکن الأسود والمقام ، فإنهما جوهرتان من جوهر الجنة ، ولولا ما مسّهما من أهل الشرک ما مسّهما ذو عاهة إلاّ شفاه الله تعالی (2).

وفی روایة أخری عن ابن عباس أیضا ، قال : لولا أنّ الحجر تمسّه الحائض و هی لا تشعر ، والجنب وهو لا یشعر ، مامسّه أجذم ولا أبرص إلاّ برئ .

وأخرج الأزرقی أیضا عن عمرو بن شعیب ، عن أبیه ، عن جده ، قال : کان الحجر الأسود أبیض کاللّبن ، وکان طوله کعظم الذراع ، وما اسودّ إلاّ من المشرکین ؛ کانوا یمسحونه ، ولو لا ذلک ما مسّه ذو عاهة

ص:83


1- 1. أخرجه الترمذی 1: 166 ، و ابن خزیمة 1: 271 / 1 ، والطبرانی فی الکبیر 3: 55 ح 1 _2 وکذا أحمد 1 : 307 و 329 و 373 ، والخطیب فی التاریخ 7 : 362 والنسائی فی السنن الصغری 22 : 26 . هذا ما قاله الألبانی فی السلسلة الصحیحة 6 : 230 .
2- 2. الدر المنثور 1 : 134 .

إلاّ برئ (1).

فعلی المؤمن المعتقد أن یراعی الآداب الشرعیة فی أخذ التربة الحسینیة، فقد قال الإمام الصادق علیه السلام فی ذیل الحدیث المارِّ آنفا :

«... فإذا أخذتها فاکتمها ، وأکثر علیها من ذکر الله تعالی ، وقد بلغنی أنّ بعض من یأخذ من التربة شیئا یستخفّ به ؛ حتّی أنّ بعضهم لیطرحها فی مِخْلاة الإبل والبغل والحمار ، و فی وعاء الطعام وما یُمْسَح به الأیدی من الطعام ، والخُرْج والجُوالِق ، فکیف یستشفی به مَنْ هذا حاله عنده! ولکنَّ القلب الّذی لیس فیه یقین من المستخفّ بما فیه صلاحه یفسد علیه عمله» (2).

أجل ، کیف یستشفی به من هذه حاله ، وهو مستخفٌّ «بحرمات الله» قبل أن یکون معظِّما لها ، لأنّ الإمامة کالنبوة والقرآن العظیم ، وأنّ تعظیمهما واجب علی کلّ مسلم ، لأنّها فی وزان واحد .

فکما لا یجوز انتهاک حرمة النبی برفع الصوت عنده ، أو مدّ القدمین نحو قبره الشریف ، ومثله لا یجوز تلطیخ القرآن بما هو مستقذر کالمخاط وان لم یکن نجسا ، فکذا یجب علی المسلم رعایة الآداب فی حفظ حرمة قبر الرسول الأعظم ، والقرآن الکریم ، وعلیه تقبیله ووضعه علی العینین ، وکراهة حمله من دون وضوء ، وما شاکل ذلک.

فمن آمن بتأثیر التربة الحسینیة یشفی بها ، ومن استخفَّ بها لم ینتفع منها ، فعن أبی بکر الحضرمی ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : «لو أنّ

ص:84


1- 1. الدر المنثور 1 : 135 .
2- 2. کامل الزیارات : 470 / 717 ، وسائل الشیعة 24 : 228 / 30403 .

مریضا من المؤمنین یعرف حقّ أبی عبد الله علیه السلام وحرمته وولایته أخَذَ من طین قبره مثل رأس أنملة کان له دواء» (1).

وعن أبی عبد الله علیه السلام أیضاً ، قال : إنّ طین قبر الحسین علیه السلام مسکة مبارکة ؛ مَن أکله من شیعتنا کان له شفاء من کلّ داء، ومن أکله من عدوّنا ذاب کما تذوب الألیة ... الخبر (2).

وعن زید بن أبی أسامة ، قال : کنت فی جماعة من عصابتنا بحضرة سیّدنا الصادق علیه السلام ، فأقبل علینا أبو عبد الله علیه السلام فقال : إنّ الله تعالی جعل تربة جدّی الحسین علیه السلام شفاءً من کلّ داء ، وأمانا من کلّ خوف ، فإذا تناولها أحدکم فلیقبّلها ولیضَعْها علی عینیه ، ولیمرّها علی سائر جسده ، ولیَقل : «اللهمّ بحقّ هذه التربة ، وبحقّ من حلّ بها وثوی فیها، وبحقّ أبیه ، وأمّه وأخیه ، والأئمّة من ولده ، وبحقّ الملائکة الحافّین به ، إلاّ جعلتها شفاءً من کلّ داء ، وبُرْءا من کلّ مرض ، ونجاة من کلّ آفة ، وحرزا ممّا أخاف وأحذر» ، ثمّ یستعملها ، قال أبو أسامة : فإنّی استعملتها من دهری الأطول کما قال ووَصَفَ أبو عبد الله علیه السلام ، فما رأیتُ بحمد الله مکروها (3).

وعن إسحاق بن عمّار، قال : سمعت أبا عبد الله علیه السلام یقول : إنّ لموضع قبر الحسین بن علیّ علیه السلام حرمةً معلومة ، من عرفها واستجار بها

ص:85


1- 1. کامل الزیارات : 465 ، مصباح المتهجّد : 675 _ 676 وزاد فی آخره «وشفاء» ، بحار الأنوار 101 : 122 ، وسائل الشیعة 14 : 530 ، جامع أحادیث الشیعة 12 : 527 .
2- 2. مکارم الأخلاق 1 : 360 ، بحار الأنوار 101 : 132 ، جامع أحادیث الشیعة 12 : 537 .
3- 3. أمالی الطوسی : 318 _ 319 ، بحار الأنوار 101 : 119 ، وسائل الشیعة 14 : 522 _523، جامع أحادیث الشیعة 12 : 524 _ 525 .

أُجیر .

قلت : فصف لی موضعها جعلت فداک .

قال : امسح من موضع قبره الیوم ؛ فامسح خمسة وعشرین ذراعا من ناحیة رجلیه ، وخمسة وعشرین ذراعا ممّا یلی وجهه ، وخمسة وعشرین ذراعا من خلفه ، وخمسة وعشرین ذراعا من ناحیة رأسه .

وموضع قبره منذ یوم دفن روضة من ریاض الجنّة ، ومنه معراج یعرج فیه بأعمال زوّاره إلی السماء ، فلیس ملک ولا نبیّ فی السماوات إلاّ وهم یسألون الله أن یأذن لهم فی زیارة قبر الحسین علیه السلام ؛ ففوج ینزل وفوج یعرج (1).

وعن سلیمان بن عمرو السرّاج ، عن بعض أصحابنا ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : یؤخذ طین قبر الحسین علیه السلام من عند القبر علی سبعین ذراعا (2).

وعن یونس بن الرّبیع ، عن أبی عبد الله علیه السلام ، قال : إنّ عند رأس الحسین علیه السلام لتربة حمراء فیها شفاء من کلّ داء إلاّ السَّام (3) ، قال : فأتینا القبر بعد ما سمعنا هذا الحدیث فاحتفرنا عند رأس القبر ، فلمّا حفرنا قدر ذراع ابتدرت علینا من رأس القبر مثل السهلة حمراء قدر الدّرهم ،

ص:86


1- 1. کامل الزیارات : 457 ، الکافی 4 : 588 ، ألفاظة مثل ما ذکرنا عن الکامل إلاّ أنّ فیه تقدیما وتأخیرا ، وفیه « قدّامه » مکان « ممّا یلی وجهه » ، مصباح المتهجّد : 675 ، مزار المفید : 141 ، مصباح الکفعمی : 673 ، بحار الأنوار 101 : 110 ، الوافی 14 : 1519 ، جامع أحادیث الشیعة 12 : 544 .
2- 2. الکافی 4 : 588 ، تهذیب الأحکام 6 : 74 ، مصباح المتهجّد : 676 ، بحار الأنوار 101 : 130 _ 131 ، الوافی 14 : 1526 ، جامع أحادیث الشیعة 12 : 545 .
3- 3. السَّام : الموت .

فحملناه إلی الکوفة فمزجناه وأقبلنا نعطی الناس یتداوون بها (1).

قال الشیخ رحمه الله فی المصباح : الوجه فی هذه الأخبار ترتُّبُ هذه المواضع فی الفضل ، فالأقصی خمسة فراسخ ، وأدناه من المشهد فرسخ ، وأشرف الفرسخ خمسة وعشرون ذراعا ، وأشرف الخمس والعشرین ذراعا عشرون ذراعا ، وأشرف العشرین ما شُرِّفَ به وهو الجسد نفسه ، انتهی (2).

وعلیه فالتربة التی یراعی فیها آداب الأخذ وتؤخذ من عند رأس الحسین قدر ذراع ، وتحفظ عند المؤمنین بعیدا عن أیدی الشیاطین وأعین المذنبین تکون هی الأقرب إلی الشفاء والتحوّل من غیرها .

ولا یخفی علیک بأنّ الإقبال علی التقوی هو سبب و مفتاح للبرکة ، کما فی قوله تعالی : /وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَی آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحْنَا عَلَیْهِمْ بَرَکَاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرْضِ وَلکِن کَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا کَانُوا یَکْسِبُونَ. ، وقد أنزل الله تعالی برکاته علی إمام المتقین إبراهیم الخلیل وأهل بیته فی قوله تعالی : /قَالُوا أَتَعْجَبِینَ مِنْ أَمْرِ الله رَحْمَةُ الله وَبَرَکَاتُهُ عَلَیْکُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ إِنَّهُ حَمِیدٌ مَجِیدٌ. ، وهذه الآیة تشمل أهل بیت محمّد أیضا ، لأنّهم أوّلاً من ذرّیّة إبراهیم ، وثانیا من المطهرین الذین أذهب الله عنهم الرجس ، وثالثا لکونهم غیر مُتلبّسین

ص:87


1- 1. الکافی 4 : 588 ، کامل الزیارات : 468 وفیه «عن یونس بن رفیع» وکأنّه تصحیف ، بحار الأنوار 101 : 125 ، مستدرک الوسائل 10 : 321 _ 332 ، الوافی 14 : 1525 ، جامع أحادیث الشیعة 12 : 524 .
2- 2. بحار الأنوار 101 : 112 ، عن مصباح المتهجّد : 675 . وانظر تهذیب الأحکام 6 : 72 .

بظلم ، لاشتمال الصلاة الإبراهیمیة علیه علیه السلام وعلی آله .

وبما أنّ الإمام الحسین علیه السلام من ولد ابراهیم ، وهو المقصود من : /وَفَدَیْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ. ، فکلُّ ما یقال عنه وفیه غیر بعید .

فالتبرُّکُ بتراب الحسین والتوسّل بمقامه ، بل القبول بکراماته وبکلّ آثاره وآثار أهل البیت علیهم السلام ، کُلُّها أمور واقعیة تدلّ علیها الآیات والروایات المتقدمة ، لأنّ ملاک التبرک بأهل البیت وخصوصاً الإمام الحسین هو أهم من التبرک بقمیص یوسف ، وتابوت بنی إسرائیل ، وعصا موسی ، وناقة صالح ...

فإنّ جسد الإمام الحسین علیه السلام هو أشرف من قمیص یوسف الّذی أُتی به من الجنّة ، لأنّه سیّد شباب أهل الجنة ، وقد دفن عاریا بلا قمیص.

کما أنّه أشرف من ناقة صالح المنحورة ، وعصا موسی ، لأنّ رأسه الشریف ضُرِبَ بخیزران یزید وهو یتلو القرآن ، وهذه المعجزة لا تقلّ قیمة عن معجزة عصا موسی .

لأنّ التبرک بعصا موسی جاء لکونها بید موسی ، فکیف لا یُتَبَرَّکُ بترابِ قبرِ بضعة الرسول وفلذة کبده ؟!

ختاماً أقول : إنّ ما کتبته لا یُعدّ إقرارا منّی بوقوع هذا التحوّل لتربة الإمام الحسین علیه السلام فی عام 1434 ، بل کان بحثی _ بغض النظر عن إمکان وقوعه أو عدمه _ بحثا علمیا رجوت فیه إثبات حقیقة تاریخیة حدیثیة متواترة مذکورة فی کتب الفریقین ، فهو لیس ببعید وقوعه فی أیِّ زمانٍ ومکان إذا شاء الله ذلک وکان فی الأمر حکمة ، وخصوصا إذا کان

ص:88

آخِذ التربة مراعیا لآدابها ، ومعتقدا بها ، ومحافظا علیها من أن تعبث بها مردة الجن والشیاطین ، أو أن تراها أعینٌ غیر نظیفة ، أو أن تمسّها أیدٍ مذنبة .

کما لیس صحیحا من وجهة نظرنا بثّ کلّ ما یتناقله الناس دون تثبّت أو تحقیق ... إلاّ بعد التأکُّد منه والوقوف علی صحّة مصدره ، لأنّ التساهل فی نقل مثل هذه الأمور الحسّاسة قد یسیء إلی أهل البیت علیهم السلام أکثر مما یخدمهم ، ویجرّ إلی ما لا تحمد عقباه ، وآخر دعوانا أن الحمد للّه ِ ربّ العالمین

المؤلف

فی 22 صفر 1434 ه_

ص:89

ص:90

ثبت المصادر

1. القرآن الکریم .

2. الآحاد والمثانی : لأبی بکر الشیبانی ، أحمد بن عمرو بن الضحاک ( ت 287 ه_)، تحقیق : د . باسم فیصل أحمد الجوابرة ، دار الرایة ، الطبعة الأولی _ الریاض 1411 ه_ _ 1991م.

3. انساب الأشراف : للبلاذری ، أحمد بن یحیی بن جابر البلاذری (ت279ه_)، تحقیق : د . سهیل زکار / د . ریاض زرکلی ، دار الفکر ، الطبعة الأولی ، بیروت 1417 ه_ 1996 م .

4. الاحادیث المختارة : للمقدسی ، محمّد بن عبد الواحد بن محمّد الحنبلی (ت643 ه_ ) ، تحقیق : عبد الملک بن عبد الله بن دهیش ، مکتبة النهضة ، الطبعة الاولی _ مکة المکرمة 1410 ه_ .

5. الأخبار الطوال : للدینوری ، عبد الله بن مسلم بن قتیبة ( ت 276 او 282 ه_ ) ، تحقیق : عبد المنعم عامر / جمال الدین الشیال ، دار إحیاء الکتب العربی، الطبعة الأولی 1960 القاهرة .

6. الأدب المفرد : للبخاری ، محمّد بن إسماعیل ( ت 256 ه_ ) ، تحقیق : محمّد فؤاد عبد الباقی ، دار البشائر الإسلامیة ، الطبعة الثالثة _ بیروت 1409 ه_ _ 1989م.

7. أسد الغابة فی معرفة الصحابة : لابن الأثیر ، عز الدین أبی الحسن علی بن

ص:91

أبی الکرم الشیبانی ( ت 630ه_)  ، نشر إسماعیلیان / طهران ، بالأوفسیت عن دار الکتاب العربی / لبنان .

8. الإصابة فی تمییز الصحابة : لابن حجر العسقلانی ، أحمد بن علی الشافعی ( ت 852 ه_) ، تحقیق : علی محمّد البجاوی ، دار الجیل، الطبعة الأولی _ بیروت 1412 ه_ / 1992 م .

9. الأمالی : للصدوق ، محمّد بن علی بن الحسین بن بابویه القمی ، ( ت 381ه) ، تحقیق : قسم الدراسات الإسلامیة فی مؤسسة البعثة ، نشر مؤسسة البعثة، الطبعة الأولی _ قم 1417 ه_ .

10. الإمامة والتبصرة : لابن بابویه القمی ، علی بن الحسین ( ت 329 ه_ ) ، تحقیق ، ونشر : مدرسة الإمام المهدی علیه السلام ، الطبعة الأولی _ قم المقدسة 1404 ه_ .

11. اکمال الدین واتمام النعمة : للصدوق ، محمّد بن علی بن الحسین بن بابویه القمی ( ت 381 ه_ ) ، مؤسسة النشر الإسلامی ، الطبعة الاولی _ قم 1405 ه_ .

12. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار : للمجلسی ، الشیخ محمّد باقر ( ت 1111ه_)  ، مؤسسة الوفاء ، الطبعة الثانیة _ بیروت 1403 ه_ .

13. البدایة والنهایة : لابن کثیر ، إسماعیل بن عمر بن کثیر القرشی ( ت 774 ه_ ) ، مکتبة المعارف _ بیروت .

14. بدائع الفوائد : لابن قیم الجوزیة ، محمّد بن أبی بکر أیوب الزرعی ( ت 751 ه_ ) ، تحقیق : هشام عبد العزیز عطا /عادل عبد الحمید العدوی / أشرف أحمد الج ، مکتبة نزار مصطفی الباز ، الطبعة الأولی _ مکة المکرمة _ 1416 ه_ .

15. بغیة الطلب فی تاریخ حلب : لابن أبی جرادة ، کمال الدین عمر بن أحمد ( ت 660ه_)  ، تحقیق : د. سهیل زکار ، دار الفکر .

16. تاج العروس من جواهر القاموس : للزبیدی ، محمّد مرتضی الحسینی ( ت 1205 ه_ ) ، تحقیق : مجموعة من المحققین ، دار الهدایة .

17. تاریخ الإسلام : للذهبی ، شمس الدین محمّد بن أحمد بن عثمان ( ت 748ه_)  ، تحقیق : د . عمر عبد السلام تدمری ، دار الکتاب العربی ، الطبعة

ص:92

الأولی _ بیروت 1407 ه_ 1987 م .

18. تاریخ الطبری تاریخ الأمم والملوک : للطبری ، محمّد بن جریر ( ت 310 ه_ ) ، دار الکتب العلمیة _ بیروت .

19. تاریخ الکبیر : للبخاری ، محمّد بن إسماعیل بن إبراهیم الجعفی ( ت 256 ه_ ) ، تحقیق : السید هاشم الندوی ، دار الفکر .

20. تاریخ بغداد : للخطیب البغدادی ، أحمد بن علی ( ت 463 ه_ ) ، دار الکتب العلمیة _ بیروت .

21. تاریخ دمشق : لابن عساکر ، علی بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعی ( ت 571ه_)  ، تحقیق : محب الدین أبی سعید عمر بن غرامة العمری ، دار الفکر _ بیروت 1995 م .

22. التحفة اللطیفة فی تاریخ المدینة الشریفة : للسخاوی ، محمّد شمس الدین ( ت 902 ه_ ) ، دار الکتب العلمیة ، الطبعة الأولی _ بیروت 1414 ه_ _ 1993 م.

23. تفسیر ابن کثیر تفسیر القرآن العظیم : لابن کثیر ، إسماعیل بن عمر بن کثیر الدمشقی ( ت 774 ه_ ) ، دار الفکر _ بیروت 1401 ه_ .

24. تفسیر الثعلبی الکشف والبیان فی تفسیر القرآن : للثعلبی ، أحمد بن محمّد بن إبراهیم النیسابوری ( ت 427 ه_ ) ، تحقیق : أبی محمّد بن عاشور / نظیر الساعدی ، دار احیاء التراث العربی ، الطبعة الأولی ، بیروت 1422 ه_ .

25. تفسیر الطبری جامع البیان عن تأویل آی القرآن : للطبری ، محمّد بن جریر بن یزید بن خالد ( ت 310 ه_ ) ، دار الفکر _ بیروت 1405 ه_ .

26. تفسیر القرطبی الجامع لأحکام القرآن : لأبی عبد الله القرطبی ، محمّد بن أحمد الأنصاری ( ت 671ه_)  ، دار الشعب _ القاهرة .

27. تفسیر فرات الکوفی : لفرات بن إبراهیم ( ت 352 ه_ ) ، تحقیق : محمّد کاظم، مؤسسة الطباعة والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامی، الطبعة الأولی _ طهران 1410 ه_ .

28. تنزیه الشریعة المرفوعة عن الأخبار الشنیعة الموضوعة : لابن عراق ، علی

ص:93

بن محمّد بن علی بن عراق الکنانی ( ت 963ه_)  ، تحقیق : عبد الوهاب عبد اللطیف ، عبد الله محمّد الصدیق الغماری ، دار الکتب العلمیة ، الطبعة الأولی _ بیروت 1399 ه_ .

29. تهذیب الأحکام : للطوسی ، محمّد بن الحسن ( ت 460 ه_ ) ، تحقیق : حسن الموسوی الخرسان ، دار الکتب الإسلامیة ، الطبعة الثالثة _ طهران 1364 ه_ ش . 30

. تهذیب التهذیب : لابن حجر العسقلانی ، أحمد بن علی الشافعی (852 ه_ ) ، دار الفکر ، الطبعة الأولی _ بیروت 1404 ه_ / 1984م .

31. تهذیب الکمال : للمزی ، یوسف بن الزکی عبد الرحمن أبو الحجاج ( ت 720 ه_ ) ، تحقیق : د . بشار عواد معروف ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة الأولی ، بیروت 1400 ه_ /1980 م .

32. الثقات : لابن حبان البستی التمیمی ، محمّد بن حبان بن أحمد ( ت 354 ه_ ) ، تحقیق : السید شرف الدین أحمد ، دار الفکر ، الطبعة الأولی 1395 ه_ _ 1975 م .

33. الخصائص الکبری : للسیوطی ، جلال الدین عبد الرحمن أبی بکر ( ت 911ه_)  ، دار الکتب العلمیة _ بیروت 1405 ه_ / 1985 م .

34. جامع أحادیث الشیعة : للسید البروجردی ، حسین الطباطبائی البروجردی ( ت 1383 ه_ ) ، تألیف : اسماعیل المعزی الملایری ، نشر : مطبعة مهر / ایران 1415 ه_ .

35. الدر النظیم : للعاملی ، جمال الدین یوسف بن حاتم الشامی المشغری (ت 664 ه_ ) ، موسسة النشر الإسلامی التابعة لجماعة المدرسین بقم .

36. دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشریعة : للبیهقی ، أحمد بن الحسین البیهقی ( ت 458 ه_ ) ، تحقیق : عبد المعطی قلعجی ، دار الکتب العلمیة _ دار الریان للتراث ، الطبعة الأولی ، بیروت / القاهرة 1408 ه_ .

37. ذخائر العقبی فی مناقب ذوی القربی : لمحب الدین الطبری ، أحمد بن عبد

ص:94

الله ( ت 694 ه_ ) ، دار الکتب المصریة _ مصر .

38. سلسلة الأحادیث الصحیحة : للالبانی ، محمّد ناصر الدین (ت 1420 ه_) ، نشر : مکتبة المعارف / الریاض .

39. سنن ابن ماجه : لأبی عبد الله القزوینی ، محمّد بن یزید ( ت 275 ه_ ) ، تحقیق : محمّد فؤاد عبد الباقی ، دار الفکر _ بیروت .

40. سنن الترمذی الجامع الصحیح : للترمذی ، محمّد بن عیسی بن سورة  ( ت 279 ه_ ) ، تحقیق : أحمد محمّد شاکر وآخرون ، دار إحیاء التراث العربی _ بیروت 1357 ه_ .

41. سیر أعلام النبلاء : للذهبی ، محمّد بن أحمد بن عثمان بن قایماز ( ت 748 ه_ ) ، تحقیق : شعیب الأرناؤوط / محمّد نعیم العرقسوسی ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة التاسعة _ بیروت 1413 ه_ .

42. شرح الأخبار فی فضائل الأئمة الأطهار : للقاضی النعمان المغربی ، أبی حنیفة النعمان بن محمّد التمیمی ( ت 363 ه_ ) ، تحقیق : السید محمّد الحسینی الجلالی ، مؤسسة النشر الإسلامی ، الطبعة الثانیة _ قم 1414 ه_ .

43. شرح نخبة الفکر فی مصطلحات أهل الأثر : للملا علی القاری ، نور الدین أبو الحسن علی بن سلطان محمّد الهروی ( ت 1014 ه_ ) ، تحقیق : محمّد نزار تمیم / هیثم نزار تمیم ، دار الأرقم _ لبنان .

44. شرح نهج البلاغة : لابن أبی الحدید ، عز الدین بن هبه الله بن محمّد (ت 656 ه_ ) ، تحقیق : محمّد أبو الفضل إبراهیم ، دار إحیاء الکتب العربیة ، الطبعة الأولی _ 1378 ه_ .

45. صحیح ابن حبان ( بترتیب ابن بلبان الفارسی ) : لأبی حاتم التمیمی البستی ، محمّد بن حبان بن أحمد ( ت 354 ه_ ) ، تحقیق : شعیب الأرنؤوط ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة الثانیة _ بیروت 1414 ه_ .

46. صحیح البخاری : للبخاری ، محمّد بن إسماعیل الجعفی ( ت 256 ه_ ) ، تحقیق : د . مصطفی دیب البغا ، دار ابن کثیر ، الیمامة ، الطبعة الثالثة ، بیروت 1407

ص:95

ه_ _ 1987 م .

47. الصواعق المحرقة : لابن حجر الهیثمی ، أحمد بن محمّد بن علی ( ت 973 ه_ ) ، تحقیق : عبد الرحمن بن عبد الله الترکی / کامل محمّد الخراط ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة الأولی _ لبنان 1417 ه_  _ 1997 م.

48. طرح التثریب فی شرح التقریب : للعراقی ، زین الدین ، عبد الرحیم بن الحسینی ( ت 806 ه_ ) ، تحقیق : عبد القادر محمّد علی ، دار الکتب العلمیة، الطبعة الأولی / بیروت 2000 م .

49. عیون أخبار الرضا علیه السلام : للصدوق ، محمّد بن علی بن الحسین بن بایویه القمی ( ت 381 ه_ ) ، تحقیق : الشیخ حسن الأعلمی ، مؤسسة الأعلمی للمطبوعات _ بیروت 1404 ه_ .

50. فتح الباری شرح صحیح البخاری : للعسقلانی ، أحمد بن علی بن حجر (ت 852 ه_ ) ، تحقیق : محب الدین الخطیب ، دار المعرفة _ بیروت .

51. فتح المغیث شرح ألفیة الحدیث : للسخاوی ، شمس الدین محمّد بن عبد الرحمن ( ت 902 ه_ ) ، دار الکتب العلمیة ، الطبعة الأولی _ لبنان 1403 ه_ .

52. الفتوح : لابن اعثم الکوفی ، أحمد بن اعثم ( ت 314 ه_ ) ، تحقیق : علی شیری ، دار الاضواء ، الطبعة الأولی _ بیروت 1411 ه_ .

53. فیض القدیر شرح الجامع الصغیر : للمناوی ، عبد الرؤوف محمّد بن علی الشافعی ( ت 1031 ه_ ) ، المکتبة التجاریة الکبری ، الطبعة الأولی _ مصر 1356ه_.

54. کامل الزیارات : لابن قولویه القمی ، أبی القاسم جعفر بن محمّد ( ت 368 ه_ ) ، تحقیق : الشیخ جواد القیومی ، مؤسسة نشر الفقاهة ، الطبعة الأولی _ قم 1417 ه_ .

55. کتاب الزهد : لابن السری ، هناد بن السری الکوفی ( ت 152 ه_ ) ، تحقیق : عبد الرحمن عبد الجبار الفریوائی ، دار الخلفاء للکتاب الإسلامی ، الطبعة الأولی _ الکویت 1406 ه_ .

ص:96

56. کتاب الموضوعات : لابن الجوزی ، عبد الرحمن بن علی بن محمّد القرشی ( ت 579 ه_ ) ، تحقیق  : توفیق حمدان ، دار الکتب العلمیة ، الطبعة الأولی _ بیروت 1415 ه_ _ 1995م .

57. کتاب الهم والحزن : لابن أبی الدنیا ، عبد الله بن محمّد بن عبید ( ت 281 ه_ ) ، تحقیق : مجدی فتحی السید ، دار السلام ، الطبعة الأولی _ القاهرة 1412 ه_ _ 1991 م .

58. کتاب صفین : للمنقری ، نصر بن مزاحم ( ت 212 ه_ ) ، تحقیق : عبد السلام محمّد هارون ، المؤسسة العربیة الحدیثة ، الطبعة الثانیة / القاهرة 1382 ه_.

59. الکافی : للکلینی ، محمّد بن یعقوب بن إسحاق ( ت 329 ه_ ) ، تصحیح وتعلیق : علی اکبر الغفاری ، دار الکتب الإسلامیة ، الطبعة الخامسة _ طهران 1363 ه_ ش .

60. الکامل فی التاریخ : لابن الأثیر ، علی بن أبی الکرم محمّد بن محمّد بن عبد الکریم الشیبانی ( ت 630 ه_ ) ، تحقیق : عبد الله القاضی ، دار الکتب العلمیة ، الطبعة الثانیة _ بیروت 1415 ه_ .

61. کنز العمال فی سنن الأقوال والأفعال : للمتقی الهندی ، علاء الدین علی المتقی بن حسام الدین الهندی ( ت 975 ه_ ) ، تحقیق : محمود عمر الدمیاطی ، دار الکتب العلمیة ، الطبعة الأولی _ بیروت 1419 ه_  _ 1998 م .

62. الکنی والأسماء : لمسلم بن الحجاج القشیری ( ت 261 ه_ ) ، تحقیق : عبد الرحیم محمّد أحمد القشقری ، الجامعة الإسلامیة ، الطبعة الأولی _ المدینة المنورة 1404 ه_ .

63. اللآلی ء المصنوعة فی الأحادیث الموضوعة : للسیوطی ، جلال الدین عبد الرحمن بن أبی بکر السیوطی ( ت 911 ه_ ) ، تحقیق : أبو عبد الرحمن صلاح بن محمّد بن عویضة ، دار الکتب العلمیة ، الطبعة الأولی _ بیروت 1417 ه_ .

64. اللهوف فی قتلی الطفوف مقتل الحسین علیه السلام : لابن طاووس ، علی بن موسی بن جعفر بن محمّد ( ت 664 ه_ ) ، أنوار الهدی ، الطبعة الأولی _ قم 1417 ه_ .

ص:97

65. المحن : لأبن تمام التمیمی ، محمّد بن أحمد بن تمیم ( ت 251 ه_ ) ، تحقیق : د . عمر سلیمان العقیلی ، دار العلوم ، الطبعة الأولی _ الریاض 1404 ه_  _ 1984 م.

66. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : للهیثمی ، نور الدین علی بن أبی بکر ( ت 807 ه_ ) ، دار الریان للتراث ، دار الکتاب العربی _ القاهرة ، بیروت 1407 ه_ .

67. المستدرک علی الصحیحین : للحاکم النیسابوری ، محمّد بن عبد الله ، ( ت 405ه_ ) ، تحقیق : مصطفی عبد القادر عطا ، دار الکتب العلمیة ، الطبعة الأولی _ بیروت 1411 ه_  _ 1990م .

68. مستدرک الوسائل ومستنبط المسائل : للنوری الطبرسی ، الشیخ حسین ( ت 1320 ه_ ) ، تحقیق ونشر : مؤسسة آل البیت لإحیاء التراث ، الطبعة الأولی المحققة _ قم 1408 ه_ .

69. مسند ابن راهویه : لإسحاق بن إبراهیم بن مخلد بن راهویه الحنظلی ( ت 238 ه_ ) ، تحقیق : د . عبد الغفور بن عبد الحق البلوشی ، مکتبة الإیمان _ المدینة المنورة ، الطبعة الأولی 1412 ه_  _ 1991 م .

70. مسند البزّار : للبزاز ، أحمد بن عمرو بن عبد الخالق ( ت 292 ه_ ) ، تحقیق : د . محفوظ الرحمن زین الله ، مؤسسة علوم القرآن / مکتبة العلوم والحکم ، الطبعة الأولی _ بیروت ، المدینة 1409 ه_ .

71. مسند أبی یعلی : لأبی یعلی الموصلی ، أحمد بن علی بن المثنی التمیمی ( ت 307 ه_ ) ، تحقیق : حسین سلیم أسد ، دار المأمون للتراث ، الطبعة الأولی _ دمشق 1404 ه_  _ 1984 م .

72. مسند أحمد : لأحمد بن حنبل ، أبی عبد الله الشیبانی ( ت 241 ه_ ) ، مؤسسة قرطبة _ مصر .

73. مسند زید بن علی : لزید بن علی بن الحسین بن أبی طالب 3 ( ت 122ه_ ) ، منشورات دار الحیاة _ بیروت .

74. مصنّف ابن أبی شیبة : للکوفی ، أبی بکر بن أبی شیبة ، عبد الله بن محمّد

ص:98

( ت 235 ه_ ) ، تحقیق : کمال یوسف الحوت ، مکتبة الرشد ، الطبعة الأولی _ الریاض 1409 ه_ .

75. معجم ابن الاعرابی : لأبی سعید ، احمد بن محمّد بن زیاد ( ت 340 ه_ ) ، تحقیق : عبد المحسن بن ابراهیم ، دار ابن الجوزی ، الطبعة الأولی / السعودیة 1418 ه_ .

76. معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع : للبکری الأندلسی ، عبد الله بن عبد العزیز ( ت 487 ه_ ) ، تحقیق : مصطفی السقا ، عالم الکتب _ الطبعة الثالثة ، بیروت 1403 ه_ .

77. مفاتیح العلوم : للخوارزمی ، محمّد بن أحمد بن یوسف الکاتب الخوارزمی ( ت 387 ه_ ) ، دار الکتب العلمیة _ بیروت _ لبنان .

78. مقتل الخوارزمی : الموفق بن أحمد المکی ( ت 568 ه_ ) ، تحقیق : محمّد السماوی ، مکتبة المفید / قم / ایران .

79. مقدّمة ابن الصلاح فی علوم الحدیث : لابی عمرو ، عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوری ( ت 643 ه_ ) ، تحقیق : نور الدین عتر ، دار الفکر المعاصر _ بیروت 1397 ه_ .

80. المطالب العالیة : للعسقلانی الشافعی ، ابن حجر ، أحمد بن علی ( ت 852 ه_ ) ، تحقیق : د . سعد بن ناصر بن عبد العزیز الشتری ، دار العاصمة / دار الغیث ، الطبعة الأولی _ السعودیة 1419 ه_ .

81. المعجم الأوسط : للطبرانی ، سلیمان بن أحمد ( ت 360 ه_ ) ، تحقیق : طارق بن عوض الله بن محمّد ، عبد المحسن بن إبراهیم الحسینی ، دار الحرمین _ القاهرة 1415 ه_ .

82. المعجم الکبیر : للطبرانی ، سلیمان بن أحمد بن أیوب ( ت 360 ه_ ) ، تحقیق حمدی بن المجید السلفی ، مکتبة الزهراء ، الطبعة الثانیة _ الموصل 1404 ه_  _ 1983 م .

83. المغرب فی ترتیب المعرب : للمطرزی ، ناصر الدین ( ت 610 ه_ ) ،

ص:99

تحقیق: محمود فاخوری / عبد الحمید مختار ، مکتبة اسامة بن زید ، الطبعة الأولی سوریا 1399 ه_ .

84. مناقب أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام : للکوفی ، محمّد بن سلیمان القاضی (من أعلام القرن الثالث) ، تحقیق : الشیخ محمّد باقر المحمودی ، مجمع إحیاء الثقافة الإسلامیة ، الطبعة الأولی _ قم 1412 ه_ .

85. المنتخب من مسند عبد بن حمید : عبد بن حمید بن نصر أبو محمّد الکسی ( ت 249 ه_ ) ، تحقیق : صبحی البدری السامرائی / محمود محمّد خلیل الصعیدی ، مکتبة السنة ، الطبعة الأولی _ القاهرة 1408 ه_ _ 1988 م .

86. موارد الظمآن إلی زوائد ابن حبّان : للهیثمی ، علی بن أبی بکر ( ت 807 ه_ ) ، تحقیق : محمّد عبد الرزاق حمزة ، دار الکتب العلمیة / بیروت .

87. نظم درر السمطین : للزرندی الحنفی ، جمال الدین محمّد بن یوسف بن الحسن بن محمّد المدنی ( ت750 ه_ ) ، مکتبة أمیر المؤمنین العامة ، الطبعة الأولی / النجف 1377 ه_  _ 1958 م .

88. وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة : للحر العاملی ، الشیخ محمّد بن الحسن ( ت 1104ه ) ، تحقیق ونشر : مؤسسة آل البیت لإحیاء التراث ، الطبعة الثانیة _ قم 1414 ه_ .

89. وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفی : للسمهودی ، علی بن عبد الله بن أحمد الحسنی الشافعی ( ت 911 ه_ ) ، تحقیق : محمّد محی الدین عبد المجید ، دار الکتب العلمیة ، الطبعة الأولی / بیروت 1419 ه_ .

90. ینابیع المودّة لذوی القربی : للقندوزی ، الشیخ سلیمان بن إبراهیم الحنفی ( ت 1294 ه_ ) ، تحقیق : سیّد علی جمال أشرف الحسینی ، دار أسوة للطباعة والنشر ، الطبعة الأولی 1416 ه_ .

ص:100

فهرس المطالب

بکاء السماء والجدران دما عند مقتل الحسین علیه السلام ... 15

ظهور کرامات أخری حین مقتل الحسین علیه السلام وبعده 20

أخبار بکاء السماء واحمرارها علی الحسین علیه السلام فی کتب الشیعة. 22

جبرئیل الأمین یُری النبیّ صلی الله علیه و آله تربة الحسین علیه السلام ... 31

1 _ حدیث أمیر المؤمنین علیّ بن أبی طالب علیه السلام ... 31

مؤیدات لخبر ابن عبّاس.. 37

2 _ حدیث عبد الله بن عبّاس.. 40

3 _ حدیث أُمّ المؤمنین أُمّ سلمة. 44

4 _ حدیث أُمّ المؤمنین عائشة. 48

ما یؤیّد خبر عائشة. 50

5 _ حدیث أُمّ المؤمنین زینب بنت جحش.. 51

ص: 101

6 _ حدیث أُمّ الفضل بنت الحارث.. 52

7 _ حدیث أبی أمامة. 53

8 _ حدیث سعید بن جمهان. 54

9 _ روایات مدرسة أهل البیت.. 54

ملک الأمطار یحمل تربة الحسین علیه السلام إلی النبیّ صلی الله علیه و آله ... 61

1 _ حدیث أنس بن مالک.. 61

2 _ حدیث أبی الطفیل. 61

ملک البحار یحمل تربة الحسین علیه السلام إلی النبیّ صلی الله علیه و آله ... 63

ملک _ غیر جبرئیل ومَلَکَیْ الأمطار والبحار _ یحمل تربة الحسین علیه السلام إلی النبیّ صلی الله علیه و آله ... 64

روایة معاذ بن جبل لخبر تربة الحسین علیه السلام ... 65

روایة عبد الله بن عمرو لخبر تربة الحسین علیه السلام ... 66

کرامة کربلاء من کرامة الحسین علیه السلام ... 73

حصیلة البحث.. 81

ثبت المصادر. 91

فهرس المطالب.. 101

ص: 102

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.