التحقيق في منهجيه تفسير القرآن بالقرآن في تفسير الميزان

اشارة

سرشناسه: سيدان،سيدجعفر، 1313 -

عنوان قراردادي: الميزان في تفسير القرآن .شرح بررسي روش تفسير قرآن به قرآن در تفسير الميزان .عربي

عنوان و نام پديدآور: التحقيق في منهجيه تفسير القرآن بالقرآن في تفسير الميزان/ سيد جعفر سيدان؛ ترجمه سيدفاضل الرضوي.

مشخصات نشر: مشهد : ولايت، 1393.

مشخصات ظاهري: 40 ص.

شابك: 978-964-6172-64-7

وضعيت فهرست نويسي: فيپا

يادداشت: عربي.

يادداشت: كتابنامه

موضوع: سيدان، جعفر، 1313 - -- مصاحبه ها

موضوع: طباطبائي، محمدحسين، 1281 - 1360 . الميزان في تفسير القرآن-- نقد و تفسير

موضوع: تفاسير شيعه -- قرن 14 -- نقد و تفسير

شناسه افزوده: رضوي، سيدفاضل، مترجم

شناسه افزوده: طباطبائي، محمدحسين، 1281 - 1360 . الميزان في تفسير القرآن.شرح

رده بندي كنگره: BP98/ط25م90215 1393

رده بندي ديويي: 297/1726

شماره كتابشناسي ملي:3636579

-----------------------------------------------

اسم الكتاب: التحقيق في منهجيّة تفسير القرآن بالقرآن في تفسير الميزان

المؤلف: آية اللّه السيّد جعفر سيّدان

المترجم: السيّد فاضل الرضويّ

التصحيح: الشيخ غلام رضا الفاضليّ

تقويم النص: الشيخ حميد الخبيريّ

تنضيد الحروف: جواد الجعفريّ

الناشر: دارالولاية للنشر

الطبعة: الأولي (1435 ه_ _ 1393ش)

عدد النسخ: 10000 نسخة

الشابك: 7 _ 64 _ 6172 _ 964 _ 978

مراكز التوزيع: ايران _ مشهد _ دار الولاية للنشر _ هاتف: 00989151576003

ايران _ قم _ شارع الصفاييّه _ مجتمع الإمام المهدي (عج) _ الطابق الارضي _ رقم 116 هاتف: 00982537833624

ص: 1

اشاره

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

بسم الله الرحمن الرحيم

اُدعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَال_مَوعِظَةِ ال_حَسَنَة

يُعدّ العلم والمعرفة أفضل وأكبر النِّعم الإلهيّة المهداة لعباد اللّه الصالحين لأنّه بالعلم يُعينهم اللّه على عبوديّته وبه يخضعون له، وهو من أكبر النّعم التي بها يفتخرون في حياتهم الدنيا.

والعلماء الربانيّون والعرفاء الإلهيّون هم من يستضيئون بهدى الأنبياء والأئمّة… عليهم السلام … ولا يشعرون بالتَّعب أو الملل أبداً في سلوك هذا الطريق. طريق العلم والعمل، ويتجنّبون الطُرُق الأُخرى التي لا تنتهي بهم إلى نيل معارف الأئمّة… عليهم السلام ….

تهدف هذه المؤسّسة _ التي تأسّست بدافع إحياء آثار هذه الثلَّة المخلصة التي تحملت على عاتقها مهمّة الدفاع عن معارف الوحي والعلوم الإلهيّة الأصيلة _ إلى نشر هذا الفكر عبر الوسائل العصريّة المتاحة ومن اللّه التوفيق.

ص: 6

ص: 7

الفهرس

مقدّمة المترجم9

السؤال الأوّل: في البدء، ما هو تقييمكم لتفسير الميزان ومؤلّفه بالنسبة إلى سائر التفاسير؟11

السؤال الثاني: ما مدى صحّة طريقة تفسير القرآن بالقرآن التي اعتمدها العلّامة في تفسيره وسعى كثيراً إلى تطبيقه؟13

نقد على ما ذكره صاحب الميزان حول حديث الثقلين25

السؤال الثالث: ما هي نواقص تفسير الميزان أو تفسير القرآن بالقرآن في نظركم؟27

فهرس المصادر33

ملخّص الفارسيّ والإنجليزيّ36

ص: 8

ص: 9

مقدّمة المترجم

القرآن معجزة رسول اللّه… صلي الله عليه و آله و سلم … الخالدة وفيه هداية من كلّ ظلمة وشفاء من كلّ داء، وما جالسه أحد إلّا قام عنه بازدياد في هدى أو نقصان من عمي كما قال أميرالمؤمنين… عليه السلام ….(1)

إلّا أنّ الناس يحتاجون إلى المعلّم الربّاني الذي نصبه اللّه سبحانه و تعالى لكي يستفيدوا من هداياته و حكمه، كما قال اللّه تعالى: {بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون}(2) وقوله عزّ وجلّ: {إِنَّ عَلَيْنا بَيَانُه}(3) وكما قال… صلي الله عليه و آله و سلم … يوم غدير خم: «... فَوَ اللهِ لَنْ يُبَيِّنَ لَكُمْ زَوَاجِرَه وَلَا يُوَضِّحُ لَكُمْ تَفْسِيرَهُ إِلَّا الَّذِي أَنَا آخِذٌ بِيَدِهِ»(4) وهو مفاد قوله… صلي الله عليه و آله و سلم …: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا...».(5)


1- نهج البلاغة، الخطبة 176، ص252.
2- النحل (16)، الآية 44.
3- القيامة (75)، الآية 19.
4- الإحتجاج، ج1، ص60؛ وسائل الشيعة، ج27، ص193، ح4 [33574].
5- اثبات الهداة، ج2، ص183، ح586؛ لمزيد من الإطّلاع من مصادر هذا الحديث راجع إلي عبقات الأنوار، ج6و7.

ص: 10

فمن أراد الهداية و السعادة عليه أن يتمسّك بهذين الثقلين معاً ولا يأخذ بأحدهما دون الآخر.

بين يدي القارئ الكريم مقالة مستقاة من مجلّة «الدراسات القرآنيّة» وقد تمّت طباعتها ضمن عداد الفصليّة ٩_١٠ تحت عنوان حوار مع آية اللّه السيّد جعفر سيّدان، وقد تطرّق@ فيه إلى نقد نظريّة صاحب الميزان في تفسير القرآن بالقرآن فقط _ من غير الاحتياج إلى الأحاديث المباركة إلّا في بعض الموارد كتفاصيل الأحكام والقصص والمعاد _، بأدلّة كافية شافية.

وقد وفّقني اللّه لترجمته وذلك بطلب من مؤسّسة عالم آل محمّد… عليهم السلام … المعارفيّة، ويبقي هذا القليل لا يخلو من الإشكالات أرجو من القرّاء الكرام أن ينبّهونا عليها ليتمّ تصحيحها في الطبعات القادمة.

أسأل اللّه سبحانه وتعالى أن يتقبّل منّي هذا القليل بأحسن القبول ويجعله في ميزان حسناتي يوم القيامة بشفاعة سيّدي ومولاي أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا… عليهما السلام ….

الجمعة 8 شعبان 1435

السيّد فاضل الرضويّ

مشهد المقدّسة

ص: 11

بسم اللّه الرحمن الرحيم

السؤال الأوّل: في البدء، ما هو تقييمكم لتفسير الميزان ومؤلّفه بالنسبة إلى سائر التفاسير؟

الأستاذ سيّدان: من اللازم قبل كلّ شئ أن أشير إلى خصائص هذا التفسير الممتازة ولو إجمالاً.

فاعلم أنّ لتفسير الميزان امتيازات وافرة مهمّة ملموسة بعضها من جامعيّة شخصيّة مؤلّفه وبعضها من أسلوب ومحتوى الكتاب.

إنّ مثل العلّامة الطباطبائيّ، الرجل الجامع ل_«المعقول» و «المنقول» ومختلف العلوم الحوزويّة حينما يكتب في التفسير يكون الناتج تفسيراً جامعاً وكاملاً. وفي الواقع لو أنّ أحداً في عصره أراد أن يقدّم تفسيراً مماثلاً وكانت رتبته العلميّة ورؤيته الاجتماعيّة أقلّ من صاحب الميزان لم يتوقّع منه أن يأتي بمثله، رغم توفّر المنابع التفسيريّة والمدارك العلميّة المختلفة.

فكثرة تبحّر العلّامة في العلوم العقليّة والنقليّة واهتمامه بالتفسير وحرصه على استقصاء الكلام وتفصيله وتحقيقه وبسطه إنّما هو سبب اشتماله على الدراسات العميقة والأصيلة.

ومن جهة أخرى أنّ أسلوبه يمتاز عن غيره من التفاسير القديمة والحديثة، ويمكن بيان ذلك في عدّة نقاط:

ص: 12

١. الإتيان بمعاني المفردات القرآنيّة؛ ولعلّه يعدّ من أجود الدراسات لمعاني الألفاظ حسب تتبّعي في هذا المجال.

2. التوجّه إلى الخلفيّات التاريخيّة وأسباب نزول الآيات وظروفها الخاصّة في تفسير الآية.

٣. الاهتمام بطرح المباحث المختلفة الاجتماعيّة والأخلاقيّة والاعتقاديّة وغيرها بمناسبة موضوع كلّ آية.

٤. تفكيك المباحث التفسيريّة عن المباحث الموضوعيّة والآراء العلميّة والفلسفيّة والكلاميّة المطروحة.

٥. ذكر المباحث العقليّة بأسلوب فريد لم أر نظيرا له _ وذلك نتيجة لتبحّره في المباحث العقليّة والفلسفيّة _ ومع أنّ الكثير دخلت في البحوث العقليّةإلّا أنّها لم تتطرّق إليها بطريقة اللائقة.

٦. طرح المسائل الروائيّة بما يتناغم مع التحليل والتدقيق المطلوب.

مع ملاحظة هذه النقاط يمكن أن أقول بوضوح بأنّ لهذا التفسير مكانة مرموقة، حتّى أنّ التفاسير التي كتبت من بعده لم تتقدّم عليه ولا تضاهيه في بيانه للمطالب وإحاطته بالتفسير.

مع هذا كلّه، هناك نقاط وملاحَظات على تفسير الميزان ممّا يجعله محطاً للتأمّل عند أهل العلم والنظر.

ص: 13

السؤال الثاني: ما مدى قبول طريقة تفسير القرآن بالقرآن التي اعتمدها العلّامة في تفسيره وسعى كثيراً إلى تطبيقها؟

اشاره

الأستاذ سيّدان: إنّ موضوع تفسير القرآن بالقرآن هو من المباني المهمّة في تفسير الم يزان وربما يكون هو أبرز خصوصيّاته التي تطرقتم لها في هذه الفصلية يقيناً.

يرى العلّامة أنّ آيات القرآن لا تحتاج إلى غير القرآن، إلّا في آيات الأحكام وبعض آيات المعاد والقصص، حيث إنّه يرى بأنّ القرآن مفسِّر لنفسه بنفسه، ومبيّن بذاته لآياته، وإنّ الآيات المبهمة والمتشابهة تُفسَّر بالآيات المحكمة والمُبيَّنة.

إليك بعض كلماته في هذا المجال:

قد مرّ فيما تقدّم أنّ الآيات التي تدعو الناس عامّة من كافر أو مؤمن ممّن شاهد عصر النزول أو غاب عنه إلى تعقّل القرآن وتأمّله والتدبّر فيه وخاصّة قوله تعالى: {أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}(1)، تدلّ دلالة واضحة على أنّ المعارف القرآنيّة يمكن أن ينالها الباحث بالتدبّر والبحث، ويرتفع به ما يتراءى من الاختلاف بين الآيات، والآية في مقام


1- النساء(4)، الآية 82.

ص: 14

التحدّي، ولا معنى لإرجاع فهم معاني الآيات _ والمقام هذا المقام _ إلى فهم الصحابة وتلامذتهم من التابعين حتّى إلى بيان النبيّ… صلي الله عليه و آله و سلم ….(1)

هل هذه النظريّة صحيحة أم لا؟

الأستاذ سيّدان: قبل أن نحكم على هذه النظرية وتقييمها ينبغي الالتفات إلى مسألتين:

1. لا شكّ بوجود آيات في القرآن تحتاج إلي التبيين والتفسير ويمكن أن يستفاد من آيات أخر في تفسيرها، وبعبارة أخرى: أنّ هذه الطريقة في التفسير صحيحة بنحو الموجبة الجزئية ولا شكّ فيها.

٢. إنّ العلّامة أراد بهذه النظريّة تعظيم القرآن الكريم وتكريمه، والاهتمام بالوحي والكتاب الإلهي، و لم يقصد من هذه العمليّة نفي اعتبار حجيّة قول المعصوم وفعله في التفسير وسائر المعارف الدينيّة.

ثمّ مع قبول هذه المقدمات المسلَّمة أقول: إنّ ما يرد على هذه النظريّة هو إطلاقها وعمومها، لا أصلها.

فلو قلنا بأنّ إحدى طرق التفسير هي أن يفسَّر القرآن بنفسه، فهذا كلامٌ صحيح لا غبار عليه، وأمّا إذا حصرنا التفسير بها وقلنا بأنّ الطريق الوحيد في فهم القرآن هو طريق تفسير القرآن بالقرآن، وإنّه لا يحتاج إلى بيان أحد حتّى النبيّ وعترته… عليهم السلام …_ في غير آيات الأحكام وبعض الآيات


1- الميزان في تفسير القرآن، ج3، ص84 (ذيل الآيات 9_7 من سورة آل عمران).

ص: 15

المرتبطة بالمعاد والقصص القرآنيّة _ فيرد عليه بعدم التمكّن من رفع الإبهام في بعض المواقع عن الآية بواسطة الآيات الأخرى، ولا يمكن رفعه إلّا ببيان المعصوم وحده.

من الواضح أنّ للعلّامة أدلّته لاثبات نظريّةٍ نشير إليها بالبيان التالي:

إنّ العلّامة قد ذكر أدلّة ثلاث لإثبات ضرورة تفسير القرآن بالقرآن، وقال في الجزء الأوّل والتاسع من التفسير: إنّ هذه المجموعة _ القرآن _ لا تحتاج إلى غيرها في تبيين معناها وهي التي تبيِّن نفسها بنفسها، إلّا أنّ ذلك لا يتيسّر إلّا لمن كان دقيقاً وعالماً بالمقدّمات الفنّيّة الأدبيّة واللغويّة القرآنيّة وراسخاً في علوم القرآن. فإنّه يستطيع أن يفسّر القرآن بالقرآن مع التأمّل والتفكّر إلّا في الموارد المستثناة.

إنّ الأدلّة الثلاثة التي ذكرها فهي كما يلي:

١. إنّ القرآن عرّف نفسه بأنّه نور، والنور لا يحتاج إلى غيره و لا يستنير بنورٍ آخر؛ وإلّا لما سُمّي نوراً. وإنّما قال تعالى: {وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ}(1) لأنّه نزل تبياناً ومنوِّرا لنفسه، ولا يحتاج إلى غيره.

٢. إنّ التحدّي المذكور في القرآن منوط بنورانيّة القرآن ووضوحه. والقرآن يدعو الناس إلى تلاوته لأجل الهداية، ويدعوهم إلى الاهتمام به و إلى النظر في أنّ الإنسان عاجز عن الإتيان بمثل علومه ومعارفه.

فالقرآن في مقام التحدّي، وهذا التحدّي لا يتمّ إلّا إذا كان فهم القرآن


1- النحل(11)، الآية 89.

ص: 16

ممكناً و ميسوراً لمخاطبيه من الكفّار والمشركين هذا أوّلاً؛ وثانياً: أن لا يكون فهمه متوقفاً على شيء آخر غيره حتّى إلى بيان النبيّ… صلي الله عليه و آله و سلم … والصحابة.

3. ورد في أحاديث كثيرة، الأمر بالتمسّك بالقرآن وعرض الروايات عليه، وهذا إنّما يصحّ إذا كان من الممكن استفادة جميع الأحاديث المنقولة عن الرسول الأعظم… صلي الله عليه و آله و سلم … من القرآن، وحينئذ لو توقّف فهم القرآن على الأحاديث لزم الدور.

وبعبارة أخرى: من جانب إذا كان البناء علي عرض الروايات على القرآن، فإنّه يلزم أن يكون القرآن مشتملاً على جميع المواضيع الروائيّة، ومن جانب آخر لو كان البناء علي أن نفهم القرآن بالروايات، فهذا دور واضح وباطل.

قال العلّامة:

فالحقّ أنّ الطريق إلى فهم القرآن الكريم غير مسدود، وأنّ البيان الإلهيّ والذكر الحكيم بنفسه هو الطريق الهادي إلى نفسه، أي إنّه لايحتاج في تبيين مقاصده إلى طريق، فكيف يتصوّر أن يكون الكتاب الذي عرّفه اللّه تعالى بأنّه هُدىً وأنّه نور وأنّه تبيان لكلّ شي ء مفتقراً إلى هاد غيرِه ومستنيراً بنور غيرِه ومبيّناً بأمر غيرِه.(1)


1- الميزان في تفسير القرآن، ج3، ص88.

ص: 17

نقد الدليل الأوّل

إنّ الحجر الأساس في الدليل الأوّل للعلّامة هي هذه العبارة:

وجعله هدىً ونوراً وتبياناً لكلّ شي ء، فما بال النور يستنير بنور غيره! وما شأن الهدى يهتدي بهداية سواه! وكيف يتبيّن ما هو تبيان كلّ شي ء بشي ء دون نفسه!(1)

ثمّ قال:

وأمّا آيات الأحكام، فقد اجتنبنا تفصيل البيان فيها لرجوع ذلك إلى الفقه.(2)

ولنقل في مقام الإجابة عن ذلك: إنّ العلّامة أخرج آيات الأحكام وبعض آيات المعاد من هذا الإطار، معترفاً بأنّه لا يمكن الاكتفاء بالقرآن في تفسير هذه الآيات، وإنّما نحتاج إلى بيانات النبيّ والأئمّة… عليهم السلام … لفهمها وتفسيرها.

السؤال الذي نطرحه: هل تستثنى بعض الآيات من قاعدة كون القرآن تبياناً لكلّ شيء؟

وهل يمكن أن تكون بعض الآيات نوراً وبياناً دون البعض الآخر؟!

إنّا إذا أقررنا بأنّ القرآن نورٌ كلّه، وأنّ جميع آياته بيّنات، وقلنا بأنّ لازم ذلك عدم احتياجه إلى تفسير وتوضيح النبيّ وأهل بيته… عليهم السلام …، فإنّه لا يستثنى منه حتّى آيات الأحكام والمعاد.


1- الميزان في تفسير القرآن، ج1، ص6.
2- الميزان في تفسير القرآن، ج1، ص11.

ص: 18

وأمّا إذا لم يكن في المقام تنافٍ، أي بين نورانيّة القرآن وبين احتياج بعض آياته في التفسير إلى السنّة، فحينئذ لا يوجد دليل على حذف السنّة في تفسير القرآن والقول باستغنائه عنها استناداً على نورانيّته، بل يصحّ القول بنورانيّة القرآن حتّى في صورة احتياج فهم بعض آياته _ من الأحكام والمعاد وغيرها _ إلى توضيح الروايات وبيانها.

والحقّ أنّ نورانيّة القرآن من حيث المجموع لا تتنافى مع كون بعض آياته متشابهة فنحتاج في فهمها إلى الروايات وبيانات المعصومين… عليهم السلام …، أنّ المراد من نورانيّة القرآن وهدايته هو الهداية في طريق السعادة، ولو قلنا إنّ القرآن {تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ} فهو ناظر إلى مجموع القرآن لا خصوص كلّ آية لوحدها.

ومضافاً إلى أنّه يمكن أن يكون القرآن تبياناً لكلّ شئ بالنسبة إلى الحجّة المعصوم… عليه السلام … فحسب، و في مقام الثبوت.

فالقرآن يبيّن الحقّ والباطل، وأنّه كتاب حقّ حتّى في صورة لزوم إرجاع فهم بعض آياته إلى بيان الرسول… صلي الله عليه و آله و سلم ….

ولا يخفى أنّ صاحب الميزان نفسه أحياناً يعقّب بعد تفسيره لبعض الآيات بقوله: «اللّه أعلم»، ممّا يدلّ على عدم اتّضاح معناها، فراجع على سبيل المثال كلامه في ذيل قوله تعالى: {وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}.(1)

وقد قال أيضاً إنّا لا نفهم من القرآن معنى قوله تعالى: {دَابَّةً مِنَ الْأَرْض}(2) فمثل


1- البقرة(2)، الآية 219.
2- النمل(27)، الآية 82. وقال ذيل الآية في تفسيره، ج15، ص396: لا نجد في كلامه تعالى ما يصلح لتفسير هذه الآية وأنّ هذه الدابة التي سيخرجها لهم من الأرض فتكلّمهم ما هي؟ وما صفتها؟ وكيف تخرج؟ وماذا تتكلّم به؟ بل سياق الآية نعم الدليل على أنّ القصد إلى الإبهام فهو كلام مرموز فيه.

ص: 19

هذه الموارد لا تتنافى مع نورانيّة القرآن، وإن احتاجت إلى غيرها، خلافاً لرأيه.

نقد الدليل الثاني

يقول العلّامة الطباطبائيّ في تفسيره:

فإن قلت: لا ريب أنّ القرآن إنّما نزّل ليعقله الناس... قلت: قد مرّ فيما تقدّم أنّ الآيات التي تدعو الناس عامّة من كافر أو مؤمن ممّن شاهد عصر النزول أو غاب عنه إلى تعقّل القرآن وتأمّله والتدبّر فيه وخاصّة قوله تعالى: {أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}(1)؛ تدلّ دلالة واضحة على أنّ المعارف القرآنيّة يمكن أن ينالها الباحث بالتدبّر والبحث، ويرتفع به ما يتراءى من الاختلاف بين الآيات، والآية في مقام التحدّي.(2)

أقول: ملخّص كلامه كما مرّ:

الف _ أنّ القرآن نزل لهداية كافّة الناس وليس لفئة خاصّة.

ب _ أنّ اللّه يأمر الناس فيه أن يتدبّروا ويتأمّلوا في معارف الوحي.

ج _ الناتج من المقدّمتين أنّ المفاهيم القرآنيّة قابلة لفهم كافّة الناس إن تأمّلوا فيها، وأنّهم لا يحتاجون لإدراك حقّانيّة القرآن ومعارفه إلى غيره. قال:


1- النساء(4)، الآية 82.
2- الميزان في تفسير القرآن، ج3، ص84.

ص: 20

ولا معنى لإرجاع فهم معاني الآيات _ والمقام هذا المقام _ إلى فهم الصحابة وتلامذتهم من التابعين حتّى إلى بيان النبيّ… صلي الله عليه و آله و سلم ….(1)

هذا الكلام غير تامّ أيضاً، حيث إنّه لو كان القسم المهمّ من الآيات القرآنيّة محكماً وبيّن الدلالة فإنّه يكون كافياً لصحّة دعوته تعالى للناس من دون استثناء إلى التأمّل في آياته، وأن يطلب منهم وجدان حقّانيّته وحقّانيّة رسالة رسوله عبر التدبّر فيها وإذعانهم بالعجز عن الإتيان بمثل هدايته.

فلا يلزم أن تكون جميع الآيات القرآنيّة المعارفيّة ظاهرة وواضحة الدلالة.

نقد الدليل الثالث

قال العلّامة:

على أنّ الأخبار المتواترة عنه… صلي الله عليه و آله و سلم … المتضمّنة لوصيّته بالتمسّك بالقرآن والأخذ به وعرض الروايات المنقولة عنه… صلي الله عليه و آله و سلم … على كتاب اللّه لا يستقيم معناها إلّا مع كون جميع ما نقل عن النبيّ… صلي الله عليه و آله و سلم … ممّا يمكن استفادته من الكتاب، ولو توقّف ذلك على بيان النبيّ… صلي الله عليه و آله و سلم … كان من الدور الباطل وهو ظاهر.(2)


1- الميزان في تفسير القرآن، ج3، ص84.
2- الميزان في تفسير القرآن، ج1، ص87.

ص: 21

مجمل كلامه

١. وجوب عرض الروايات على القرآن.

٢. إنّ القرآن لا يكون مرجعاً للروايات إلّا إذا كان مشتملاً علي جميع المعارف والمفاهيم الروائيّة.

٣. إذا كان القرآن حاوياً على جميع المطالب والمعارف الروائيّة وكان فهمه ممكناً فلا يحتاج إلى الروايات في تبيين مقاصده.

٤. إن قلنا بأنّ المعيار في ثبوت الروايات ومحتواها هو عرضها على القرآن من جانب، وقلنا بأنّ فهم القرآن _ ولو في بعض الموارد _ معلّق على بيان الروايات من جانب آخر، فلازمه الدور وهو غير مقبول.

ما يخطر بالبال علي هذا الكلام من العلّامة بعد التدقيق أنّه لا يتحقّق الدور في المقام، وذلك أنّ التوقّف من أحد الطرفين هنا يختلف عنه في الطرف الثاني، بينما الدور الباطل مشروط باتّحاد الجهة، فلو تعدّدت لا يكون دوراً أصلاً.

توضيح ذلك: هناك أربعة قضايا تظهر من كلام العلّامة، وإنّ مفاد ثانيها ما هذا نصّه:

عرض الروايات المنقولة عنه… صلي الله عليه و آله و سلم … على كتاب اللّه لا يستقيم معناها إلّا مع كون جميع ما نقل عن النبيّ… صلي الله عليه و آله و سلم … ممّا يمكن إستفادته من الكتاب.

إنّ الإشكال الأساسيّ يرد على هذا المقطع، لأنّ عرض الروايات على

ص: 22

القرآن إنّما هو لمعرفة الصحيح منها عن غيره ولا يكون بمعني وجود تصريح وتأييد في القرآن لكلّ واحد واحد من الروايات، بل عرضها على القرآن إنّما هو لعدم مخالفتها له.

إنّ المذكور في النصّ أنّه لو وجدتم حديثاً مخالفاً للقرآن فاضربوه على الجدار(1) و ليس مفاده ترك ما لم يكن مضمونه موجوداً في القرآن.

خلاصة الكلام: إنّه يجب في مقام عرض الروايات على القرآن الفحص عمّا خالف القرآن من الروايات وتركه.

وأمّا ما لم يخالف القرآن فله صورتان:

١. إمّا لم يرد عنه بيان في القرآن أبداً.

٢. وإمّا ورد بيان صريح مؤيّد له بالدلالة المطابقيّة أو غيرصريح بالدلالة الالتزاميّة والتضمنيّة.

وما قلنا من اختلاف جهة التوقّف إنّما هو بمعنى وجوب عرض الروايات على القرآن لمعرفة وجود التضادّ بينهما أو عدمه.


1- وهناك طائفة من الروايات تبين هذه الحقيقة، على سبيل المثال قال الشيخ في مقدمته على تفسير التبيان، ج1، ص5: و روي عنه [النبي]… صلي الله عليه و آله و سلم … أنّه قال: إِذَا جَاءَكُمْ عَنِّي حَدِيثٌ، فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللهِ فَاقْبَلُوهُ وَ مَا خَالَفَهُ فَاضرِبُوا به عَرضَ الحَائِطِ. ونقل الكليني في الكافي، ج1، ص71_69 (كتاب فضل العلم باب الأخذ بالسنة و شواهد الكتاب) ١٢ حديثاً بهذا المضمون. ونقل الشيخ حرّ العاملي أيضاً في كتاب وسائل الشيعة، ج27، ص124_16 «الباب التاسع من أبواب صفات القاضي باب ما يجوز أن يقضي به من كتاب القضاء» ٤٨ حديثاً.

ص: 23

واحتياج القرآن إلى الروايات إنّما هو لتبيين بعض آياته التي لا تُعرف إلّا بها.

ثمّ يجب الالتفات إلى أنّ القرآن بنفسه قد أمر مخاطبه بالرجوع إلى غيره في موارد كثيرة، ومن جملة تلك الموارد قوله: {وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (1)و{بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ في صُدُورِ الَّذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}.(2)

إنّ ظاهر هذه الآيات ونظائرها لزوم رجوع من له مقام وشأنيّة فهم القرآن في الآية التي لم يعرف تفسيرها إلى {الَّذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}.

وفي مقام العمل أيضاً حينما نراجع القرآن نجد عدم اتّضاح بعض الآيات مع وجود بيانات المفسّرين، كما اعترف العلّامة بنفسه في تفسير قوله تعالى: {دَابَّةً فِي الأَرْض}(3) حيث أنّه قال: كلّما سعينا لم نفهم معنى هذه الآية من خلال بقيّة الآيات.

وما ينبغي التذكير به هنا بما أنّ اهتمام العلّامة كان في تفسير القرآن بالقرآن؛ لذا صار هذا الأمر سبباً لتوجّهه إلى الآيات بنحو أكثر، فبذل كلّ سعيه في تحقيق هذا الأمر، فبطبيعة الحال فإنّ تفسيره ممتاز من جهات متعدّدة، ولا توجد مثل هذه العناية في أكثر التفاسير في مقام التحقيق عند آية ما، فالمفسّرون لم يوفّقوا لذلك.


1- النحل(14)، الآية 44.
2- العنكبوت(29)، الآية 49.
3- السبأ(34)، الآية 14.

ص: 24

ثمّ إنّا قلنا في جواب قوله «إنّ القرآن نور والنور لا يحتاج إلى غيره في النورانيّة والظهور»؛ أنّه يظهر لدى الرجوع إلى القرآن والروايات أنّ القرآن أحياناً في بعض الموارد يحتاج إلى غيره، أي النبيّ وأهل بيته… عليهم السلام …، وهذا لا ينافي كونه تبياناً لنفسه، لأنّه يمكن أن يقال إنّه لا يحتاج إلى غيره ثبوتاً، وحينئذٍ لا يحتاج إلى غيره مع المعصوم… عليه السلام … وأنّ غير المعصوم يحتاج إلى المعصوم.

أمّا المعصوم فإنّه _ بما له من العلم _ يستطيع أن يستخرج بعض المسائل من القرآن وإن كانت مبيّنة على نحو الرموز والبطون فيه، فلا يحتاج إلى غير القرآن في فهمه؛ إلّا أنّ القول بأنّ آيات القرآن بهذه الكيفيّة ثبوتاً أم لا؟ ليس هو محطّ الكلام ولا كلام فيه، إنّما الكلام في غير المعصوم وأنّه هل يحتاج إلى بيان المعصوم في موارد خاصة وبنحو الموجبة الجزئية أم لا؟

يظهر من عبارات صاحب الميزان في المجلّد الثالث جليّاً أنّ القرآن لا يحتاج إلى غيره من هذه الجهة وأنّ الباحثين بامكانهم بمراجعة بقية الآيات وحتّي في موارد الإختلاف بين الآيات أن يرفعوا الإختلاف و يحلّوا المسألة.

هذا القسم من كلام العلّامة مردود عندنا، وكما بيّنا أنّه يظهر غير ذلك لدى دراسة الآيات والروايات.

ص: 25

نقد على ما ذكره صاحب الميزان حول حديث الثقلين

ذكر صاحب الميزان _ فيما أوردنا من كلماته _ حديث الثقلين فبيّن معنىً له لا يخلو من تأمّل. نذكر نصّ عبارته:

فإن قلت: قد صحّ عن النبي… صلي الله عليه و آله و سلم … أنّه قال في آخر خطبة خطبها: إنّي تارك فيكم الثقلين... والحديث دالّ على حجّية قول أهل البيت… عليهم السلام … في القرآن ووجوب اتّباع ما ورد عنهم في تفسيره والاقتصار على ذلك وإلّا لزم التفرقة بينهم وبينه.(1)

قال في مقام الجواب:

... الحديث غير مسوق لإبطال حجّية ظاهر القرآن و قصر الحجيّة على ظاهر بيان أهل البيت… عليهم السلام … كيف وهو… صلي الله عليه و آله و سلم … يقول: لن يفترقا، فيجعل الحجيّة لهما معاً فللقرآن الدلالة على معانيه والكشف عن المعارف الإلهيّة، ولأهل البيت الدلالة على الطريق وهداية الناس إلى أغراضه ومقاصده.(2)

حاصل كلامه أنّ القرآن والعترة كلاهما حجّة استقلالاً ولا يحتاج أحدهما إلى الآخر.

إلّا أنّنا نقول: أنّ هذا الحديث الشريف أوصى بالتمسّك بالقرآن والعترة معاً، وأوجب الرجوع إليهما معاً، وأنّ هناك الكثير من الروايات


1- الميزان في تفسير القرآن،ج3، ص86.
2- الميزان في تفسير القرآن، ج3، ص86.

ص: 26

غير حديث الثقلين تنصّ على التلازم بين القرآن والعترة أيضاً، وكذلك ورد كثيراً في أقوالهم: نحن تبيان للقرآن (أي: أنّه لولا بياننا أهل البيت… عليهم السلام … لم تتّضح جميع المفاهيم القرآنيّة للناس).(1)


1- تفسير فرات الكوفي، ص69، ح38؛ بحارالأنوار، ج26، ص64، ح146 (الباب الأوّل من أبواب علومهم^ من كتاب الإمامة): أميرالمؤمنين في كلامه في القرآن: عَلَّمَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ [رسول اللّه] فَعَلَّمَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ص ثُمَّ لَا تَزَالُ فِي عَقِبِنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة.

ص: 27

السؤال الثالث: ما هي نواقص تفسير الميزان أو تفسير القرآن بالقرآن في نظركم؟

الأستاذ سيّدان: الذي يظهر من دراسة تفسير الميزان بما أنّ مؤلّفه ذهب إلي تفسير القرآن بالقرآن وكان بنائه تفسير الآيات بنفس الآيات، أنّ في بعض الموارد التي ورد ذيل بعض الآيات حديثاً مفسّراً لها، لم تفسّر الآية بما يناسبها ويناسب شأن هذا التفسير وذلك لعدم الإلتفات إلي الحديث المذكور في ذيلها.

ومن جملة هذه الموارد، قوله تعالى: {قالَ رَبِّ اغْفِرْ لي وَ هَبْ لي مُلْكاً لا يَنْبَغي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدي}.(1)

فإنّ السؤال المطروح في ذيل هذه الآية المباركة هو أنّه كيف يطلب مِثل سليمان النبيّ من اللّه أن لا يهب الملك لأحد من بعده، مع أنّه كان عالماً بمجئ الأنبياء والنبيّ… صلي الله عليه و آله و سلم … وأوصيائه… عليهم السلام … من بعده، أ لا يرجع هذا الطلب إلى نوع من البخل أو العُجب؟

لقد أجابت رواية شريفة عن هذه الشبهة، وردت عن مولانا الإمام موسى بن جعفر… عليهما السلام … وبيّنت معني الآية المباركة، إلّا أنّ صاحب الميزان لم يتعرّض لها ولم يشر إليها، وأراد أن يحلّ هذه المعضلة عن طريق الآيات


1- ص(38)، الآية 35.

ص: 28

الأخرى، ولكن بما أنّ الآيات لم تتعرّض للإجابة عن هذا السؤال فإنّه قال في حلّ الموضوع:

... أن فيه سؤال ملك يختصّ به لا سؤال أن يمنع غيره عن مثل ما آتاه و يحرمه ففرق بين أن يسأل ملكا اختصاصيّاً و أن يسأل الاختصاص بملك أوتيه.(1)

في حين أنّ هذا المعنى لا يُفهم أصلاً من ظاهر الآية ولا يوجد شاهد عليه، مضافاً إلى أنّ السؤال يبقى على حاله حتّى مع هذه الإجابة.

أمّا الإمام موسى بن جعفر… عليهما السلام … فيقول في الجواب عن سؤال عليّ بن يقطين في توضيح الآية ما هذا نصّه قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر‘: أيجوز أن يكون نبي الله عزّ وجلّ بخيلاً؟ فقال: لا، فقلت له: فقول سليمان×:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}،(2) ما وجهه وما معناه؟ فقال:

المُلْكُ مُلْكَانِ: مُلْكٌ مَأْخُوذٌ بِالْغَلَبَةِ وَالْجَوْرِ وَإِجْبَارِ النَّاسِ وَمُلْكٌ مَأْخُوذٌ مِنْ قِبَلِ اللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ كَمُلْكِ آلِ إِبْرَاهِيمَ وَمُلْكِ طَالُوتَ وَمُلْكِ ذِي الْقَرْنَيْنِ. فَقَالَ سُلَيْمَانُ… عليه السلام …: هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ مَأْخُوذٌ بِالْغَلَبَةِ وَالجَوْرِ وَإِجْبَارِ النَّاسِ، فَسَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَ جَلَ لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ


1- الميزان في تفسير القرآن، ج17، ص205.
2- ص(38)، الآية 35.

ص: 29

وَجَعَلَ غُدُوَّهَا شَهْراً وَرَوَاحَهَا شَهْراً، وَسَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ الشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَعُلِّمَ مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَمُكِّنَ فِي الأَرْضِ فَعَلِمَ النَّاسُ فِي وَقْتِهِ وَبَعْدَهُ أَنَّ مُلْكَهُ لا يُشْبِهُ مُلْكَ المُلُوكِ المُخْتَارِينَ مِنْ قِبَلِ النَّاسِ وَالمَالِكِينَ بِالْغَلَبَةِ وَالْجَوْرِ. قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: فَقَوْلُ رَسُولِ اللهِ… صلي الله عليه و آله و سلم … رَحِمَ اللهُ أَخِي سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ مَا كَانَ أَبْخَلَهُ. فَقَالَ: لِقَوْلِهِ… صلي الله عليه و آله و سلم … مَا أَبْخَلَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا مَا كَانَ أَبْخَلَهُ بِعِرْضِهِ وَسُوءِ الْقَوْلِ فِيهِ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ يَقُولُ مَا كَانَ أَبْخَلَهُ إِنْ كَانَ أَرَادَ مَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ الْجُهَّالُ ثُمَّ قَالَ… عليه السلام …: قَدْ وَاللهِ أُوتِينَا مَا أُوتِيَ سُلَيْمَانُ وَمَا لَمْ يُؤْتَ سُلَيْمَانُ وَمَا لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْعَالَمِينَ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ: }هَذَا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ{(1) وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ مُحَمَّدٍ… صلي الله عليه و آله و سلم …: }مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا{(2).(3)

من هنا يُعلم أنّا نحتاج إلى غير القرآن لفهم بعض الآيات وكما رأيت فإنّ السؤال المطروح حول الآية لا ينحلّ إلّا بالرواية المذكورة وإلّا فقد كان ينبغي لمثل صاحب الميزان أن يرفع هذه المعضلة في الآية المباركة.


1- ص(38)، الآية 39.
2- الحشر(59)، الآية 7.
3- تفسير نورالثقلين، ج4، ص459، ح56؛ تفسير الصافي، ج4، ص300؛ بحارالأنوار، ج14، ص85، ح1 (الباب السادس من أبواب قصص سليمان بن داود‘ من كتاب النبوّة).

ص: 30

الجهة الأخرى التي تثبت لنا احتياج القرآن إلى الروايات هو أنّا لو سلّمنا أنّ بعض الاحتمالات الواردة في ذيل آية تحلّ الإشكالات الواردة عليها، إلّا أنّ هذا الجواب لايمكن عرضه للمستشكل، وذلك لأنّه لو فرض على سبيل المثال ورود شبهة بالنسبة إلى مفهوم آية أو خطر بالبال وجود تعارض بين آيتين، فلو قيل في الجواب يحتمل أن يكون معنى هذه الآية هذا، وللآية الثانية معنى آخر فينتفي التعارض بينهما؛ إلّا أنّ هذا الجواب لا يكون مقنعاً للمستشكل إذ أنّ كلّ تناقض وإشكال يمكن رفعه بهذا الأسلوب ولا يحلّه واقعاً وحقيقة.

فلو لم يُعرِّف القرآن ومن جاء به، أشخاصاً يكون كلامهم سنداً وحجّةً في تعيين معنى خاصّ من بين الاحتمالات وتثبيته فإنّ الإشكال يبقى على حاله ولايمكن حلّ الشبهات بالاحتمالات.

وبعبارة أخرى: في كثير من الموارد لايمكن تفسير الآية وتبيين معناها بآيات أخرى بنحو كامل وواضح وقطعي، فلا تنحلّ المشكلة بهذه الطريقة.

نعم يمكن تجاوز الآية بسهولة عبر طرح الاحتمالات إلّا أنّ هذه الاحتمالات غير كافية للمستشكل.

أمّا لو قلنا للمستشكل أنّه يجب الرجوع لحلّ المعضلة والإشكال، إلى أولئك الذين يكون كلامهم سنداً وحجّةً وهم الذين ذُكر القرآن بمعيّتهم في حديث الثقلين وغيره، وأنّ هنالك تلازماً بينهم وبينه، فإنّ هذا الجواب يكون مقنعاً لا يرد عليه الإيراد السابق.

ص: 31

وما ينبغي الالتفات إليه أنّه مع إصرار صاحب الميزان على طريقة تفسير القرآن بالقرآن وسعيه في عدم إدخال الوسائل الأخرى في تفسيره ونجاحه في كثير من الموارد، إلّا أنّ أنسه بالمسائل العقليّة _ الفلسفيّة _ قد أثّر على تفسيره تأثيراً ملموساً، نشير إلى مثال واحد:

قال بعد نقل رواية عن النبيّ… صلي الله عليه و آله و سلم …من كتاب الدرّ المنثور بهذا المضمون: «تفكّروا في خلق الله ولاتفكّروا في الله فتهلكوا»(1):

أقول: وفي النهي عن التفكّر في اللّه سبحانه روايات كثيرة أخر مودعة في جوامع الفريقين، والنهي إرشاديّ متعلّق بمن لا يحسن الورود في المسائل العقليّة العميقة فيكون خوضه فيها تعرضاً للهلاك الدائم.(2)

يجب أن يقال: إنّ هذه الاستفادة من الرواية لا يمكن توجيهها إلّا مع الأنس بالمسائل العقليّة الفلسفيّة، لأنّ عدم إمكان استفادة هذا المعنى من ظاهر الحديث واضح.


1- الدرّ المنثور، ج6، ص130 «ذيل الآية42 من سورة النجم»؛ و في البرهان في تفسير القرآن، ج1، ص725، ح9 [2026] هكذا: تَفَكَّرُوا فِي خَلْقِ اللّهِ وَلَا تَفَكَّرُوا فِي اللّهِ فَإنّكُم لَمْ تَقْدرُوا قَدْرَه.
2- الميزان في تفسير القرآن، ج19، ص53.

ص: 32

ص: 33

فهرس المصادر

•القرآن الكريم

•التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكريّ… عليه السلام …

1.البحرانيّ، سيّد هاشم (ت1107ق). البرهان في تفسير القرآن. قم المقدّسة: قسم الدراسات الإسلاميّة مؤسّسة البعثة. الطبعة الأولى: 1374ه.ش.

2.العروسيّ حويزيّ، عبد عليّ بن جمعه (ت1112ق). تفسير نور الثقلين، قم المقدّسة: منشورات إسماعيليان. الطبعة الرابعة: 1415ق.

3.فيض الكاشاني، محمّدبن شاه مرتضى (ت1091ق). تفسير الصافيّ. تحقيق: حسين الأعلميّ. طهران: مكتبة الصدر. الطبعة الثانية: 1415ق.

4.الطباطبائيّ، سيّد محمّد حسين (ت1402ق). الميزان في تفسير القرآن. قم: مؤسّسة النشر الإسلامي. الطبعة الخامسة: 1417ق.

5.المجلسي، محمّدباقر (ت1110ق). بحارالأنوار الجامعة لدرر الأخبار الأئمّة الأطهار… عليهم السلام …. بيروت: دار إحياء التراث العربي. الطبعة الثانية: 1403ق.

ص: 34

6.السيوطي، عبدالرحمن أبي بكر(ت911ق). الدرّ المنثور في التفسير المأثور. قم المقدّسة: مكتبة آية الله المرعشي النجفي… رحمه الله …. 1404ق.

7.فصلنامه پژوهش هاى قرآنى (بحث خاصّ عن تفسير الميزان). المشهد المقدّسة: مركز الطباعة والنشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي، رقم الدورة 9 _10. الربيع والصيف 1376ش.

8.الكليني، محمّد بن يعقوب بن اسحاق (ت 329 ق). الكافي. طهران: دار الكتب الإسلامية.الطبعة الرابعة: 1407ق.

9.حرّ العاملي، محمّد بن حسن (ت1104). تفصيل وسائل الشيعة الي تحصيل مسائل الشريعة. قم المقدّسة: موسّسة آل البيت… عليهم السلام … لإحياء التراث. 1416 ق.

10. الطوسي، محمّد بن حسن (ت460ق). التبيان في تفسير القرآن. بيروت: دار إحياء التراث العربي.

11. هندي، مير حامد حسين (1306 ق). عبقات الأنوار في إثبات إمامة الأئمّة الأطهار. اصفهان: مكتبة أميرالمؤمنين… عليه السلام …. الطبعة الثانية: 1366ش.

12. الطبرسي، احمد بن علي (620 ق)، الإحتجاج علي أهل اللجاج. مشهد المقدّسة: نشر مرتضي. الطبعة الأولي: 1403ق.

ص: 35

بررسي روش تفسير قرآن به قرآن در تفسير الميزان

گفتگو با استاد آية اللّه سيد جعفر سيدان

ترجمه: سيد فاضل رضوي

انتشارات ولايت

1393 _ 1435

ص: 36

چكيده

اثر حاضر يكي ديگر از گفت و شنودهاي حضرت آيت اللّه سيد جعفر سيدان دام ظلّه العالي مي باشد كه برگرفته از فصلنامه پژوهش هاي قرآني كه در سال 1376ش، شماره 10_9 (ويژه تفسير الميزان) است.

استاد بعد از بيان امتيازات تفسير الميزان بر تفاسير پيشين به نادرست بودن روش تفسير قرآن به قرآن مي پردازد.

______________________________________________

انتشارات ولايت

ايران _ مشهد مقدس _ بازار بزرگ

تلفن: 00989151162907 _ 00989151576003

ص: 37

A Critical Study

On The Methodology of Seeking Quranic Understanding Through The Quran

Dialog with:

Ayatollah Seyyedan

Translator:

Sayed Fadhel Radhawi

Velayat Publishers

1393 _ 2014

ص: 38

BOOK SUMMARY

This piece is selected from a set of discussions with Ayatollah Sayed Jafar Sayyedan, first published by Quranic Studies Magazine.

Following acknowledging the strengths of the Quranic commentary known as Al-Mizan, Ayatollah Sayyedan critiques the methodology employed by the author of this commentary, namely, his attempt at understanding the Quran through the Quran itself without the need to refer to any other source. This method is challenged by Ayatollah Sayyedan.

______________________________________________

The publisher

Velayat publishers

Address: Iran, Mashhad, Central Bazaar, Velayat publisher.

Tel: 00989151576003 - 00989151162907

ص: 39

بسم الله الرحمن الرحيم

اُدعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَ ال_مَوعِظَةِ ال_حَسَنَة

علم و معرفت بزرگترين و بهترين نعمت الهي است كه خداوند متعال آن را به بندگان صالح خويش عطا مي فرمايد و آن ها را در مسير عبوديت و كمال بندگي به سوي خود با آن ياري مي كند. بزرگ ترين افتخار بندگان خدا برخورداري آن ها از اين نعمت گرانسنگ است. عالمان رباني و عارفان حقيقي كساني هستند كه در راه بندگي خدا همواره پيامبران الهي و امامان معصوم… عليهم السلام … را چراغ راه خويش قرار داده واز سلوك طريق علمي و عملي آن ها هيچ وقت احساس خستگي به خود راه نداده و از هر طريق ديگري غير از راه امامان معصوم… عليهم السلام … دوري و بيزاري مي جويند.

اين بنياد با هدف احياي آثار چنين بزرگاني كه در طول تاريخ تشيع همواره مدافع و پشتيبان معارف اصيل وحياني و علوم راستين اهل بيت… عليهم السلام … بوده اند تشكل مي يابد.

اميد است با توجهات خاص حضرات معصومين در اين راه توفيق يارشان باشد تا بتوانند قدم هاي مثبت مهمي در احياي آثار ارزشمند آن بزرگان با شرايط روز بردارند.

ص: 40

بسم الله الرحمن الرحيم

اُدعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَ ال_مَوعِظَةِ ال_حَسَنَة

Call on to the way of your lord with wisdom and good preaching

Knowledge is arguably God's most precious blessing given to humanity, with which they can understand, worship, and submit to the Almighty's commandments. It is indeed the greatest of His gifts for both in this life and the afterlife.

And those with divine understanding are the true inheritors of the prophets and their successors. Those are the people of wisdom who stop at nithing in carrying on their endeavor in seeking knowledge from its one and only source; The messengers of Allah.

This institution, was founded on the revival and republishing the canons and original works of the scholars who gave their life in supporting the foundations of the religion and the teachings of the holy prophet and his immaculate household. We ask Allah to guide us in this holy path.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.