خراسان ومدرسة المعارف الالهية: حوار مع آيةالله العلامة السيدجعفر سيدان دام ظله

اشارة

سرشناسه: سيدان،سيدجعفر، 1313 -

عنوان قراردادي: نظريه تفكيك يا روش فقها و علماء اماميه در فهم معارف حقه . عربي

عنوان و نام پديدآور: خراسان ومدرسة المعارف الالهية: حوار مع آيةالله العلامة السيدجعفر سيدان دام ظله/ علي الملكي الميانجي؛ ترجمة سيدحسين المدرسي؛ التصحيح غلام رضا فاضلي.

مشخصات نشر: مشهد : منشورات الولايه، 1393.

مشخصات ظاهري: 44 ص.؛ 14/5×21/5 س م.

شابك: 978-964-6172-63-0

وضعيت فهرست نويسي: فيپا

يادداشت: عربي.

يادداشت: كتابنامه: ص. [37]- 38؛ همچنين به صورت زيرنويس.

موضوع: سيدان،سيدجعفر، 1313 -

موضوع: مكتب تفكيك

موضوع: فلسفه اسلامي -- دفاعيه ها و رديه ها

شناسه افزوده: ملكي ميانجي، علي، 1336 - ، مصاحبه گر

شناسه افزوده: مدرسي، سيدحسين، 1363 -، مترجم

شناسه افزوده: فاضلي، غلام رضا، مصحح

رده بندي كنگره: BBR55 /م77س94 1393

رده بندي ديويي: 189/1

شماره كتابشناسي ملي: 3637312

--------------------------------------

اسم الكتاب: خراسان ومدرسة معارف الإلهيّة

المؤلف: علي الملكيّ الميانجيّ

المترجم: السيّد حسين المدرسيّ

التصحيح: الشيخ غلام رضا فاضليّ

تقويم النص: الشيخ حميد الخبيريّ

تنضيد الحروف: جواد الجعفريّ

الناشر: دار الولاية للنشر

الطبعة: الأولي (1435 ه_ _ 1393ش)

الكميّة: 10000 نسخة

الشابك: 0 _ 63 _ 6172 _ 964 _ 978

مراكز التوزيع: ايران _ مشهد _ دار الولاية للنشر _ هاتف 00989151576003

ايران _ قم _ شارع الصفائيّة _ مجتمع الإمام المهديّ (عج) _ الطابق الارضي _ رقم 116 هاتف: 00982537833624

ص: 1

اشاره

ص: 2

ص: 3

ص: 4

بسم اللّه الرحمن الرحيم

}اُدعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَال_مَوعِظَةِ ال_حَسَنَة{

يُعدّ العلم والمعرفة أفضل وأكبر النِّعم الإلهيّة المهداة لعباد اللّه الصالحين لأنّه بالعلم يُعينهم اللّه على عبوديّته وبه يخضعون له، وهو من أكبر النّعم التي بها يفتخرون في حياتهم الدنيا.

والعلماء الربانيّون والعرفاء الإلهيّون هم من يستضيئون بهدى الأنبياء و الأئمّة… عليهم السلام … ولا يشعرون بالتَّعب أو الملل أبداً في سلوك هذا الطريق. طريق العلم والعمل، ويتجنّبون الطُرُق الأُخرى التي لا تنتهي بهم إلى نيل معارف الأئمّة… عليهم السلام ….

تهدف هذه المؤسّسة _ التي تأسّست بدافع إحياء آثار هذه الثلَّة المخلصة التي تحملت على عاتقها مهمّة الدفاع عن معارف الوحي والعلوم الإلهيّة الأصيلة _ إلى نشر هذا الفكر عبر الوسائل العصريّة المتاحة ومن اللّه التوفيق.

ص: 5

ص: 6

الفهرس

مقدّمة المترجم8

مقدّمة9

السؤال الأوّل11

السؤال الثاني14

تنبيه إلى مسألة مهمّة18

أمّا في مسألة التوحيد19

وأمّا في مسألة المعاد22

السؤال الثالث26

السؤال الرابع30

السؤال الخامس34

فهرس المصادر41

ملخّص الفارسيّ والإنجليزيّ44

بيان مؤسّسة47

ص: 7

ص: 8

مقدّمة المترجم

يسّرني أن أقوم بترجمة هذا الحوار القيّم مع أحد أعلام الطائفة المحقّة في العصر الحاضر، وهو آية اللّه العلّامة سماحة السيّد جعفر سيّدان، الذي ما برح يقارع و يناجز الشبهات والأفكار المدسوسة في الإسلام، ويذبّ عن الخطّ الأصيل لمدرسة مولانا الإمام جعفر بن محمّد الصادق… عليهما السلام ….

إنّ هذا الحوار يصبّ في تعريف "المدرسة التفكيكيّة" وبيان أهمّ معالمها وخطوطها العريضة، وبعض الإشكالات التي ربّما تطرح حول هذه المدرسة.

نسأل اللّه أن يمدّ في عمر سماحة السيّد و يوفّق القائمين على المؤسّسة لمراضيه، ونيل عنايات وليّ نعمتنا الإمام المهديّ المنتظر (عج) إنّه سميع مجيب، وصلّى اللّه على محمّد وآله الطاهرين.

ذكري مولد سيّد الشباب أهل الجنّة الإمام الحسين7

يوم الأحد 3 شعبان 1435

السيّد حسين السيّد هادي المدرّسيّ

ص: 9

مقدّمة

سماحة السيّد في سطور

ولد آية اللّه السيّد جعفر السيّدان في مدينة مشهد المقدّسة في عام ١٣١٣ الشمسي، وبعد تحصيله للأدب الفارسي تلقّى العلوم الحوزويّة من الأدب العربي والفقه والأصول والكلام والفلسفة لدى أعلام المدينة وآياتها العظام، من قبيل الأديب الثاني والميرزا أحمد المدرّس، والشيخ هاشم القزوينيّ، والشيخ مجتبى القزوينيّ والسيّد محمّد هادي الميلانيّ (رضوان الله عليهم أجمعين)، وتلقّى بوجهٍ خاصّ لدى العَلَمين الأخيرين جُلَّ دروسه حيث حضر أبحاث الخارج في الفقه والأصول عند آية اللّه العظمى السيّد الميلانيّ… قدس سره… قرابة ثمان سنوات، وهكذا درس المنظومة والإشارات والمشاعر وقسماً من الأسفار، وأيضاً دروساً في المعارف العالية لأهل بيت العصمة والطهارة: وحلقات في الأخلاق عند آية اللّه الشيخ مجتبى القزوينيّ … رحمه الله …، حتّى عُدّ من تلامذته المبرّزين.

لقد بذل سماحته حياته في ترويج المعارف الإسلاميّة واشتغل في التدريس في المجاميع العلميّة والحوزويّة، ولا يزال وهو في عقده

ص: 10

الثامن من عمره مشمرّاً في إلقاء المحاضرات والتدريس _ في مجال الكلام والمعارف _ والتوجيه لطلبة العلم والمحصّلين.

وحصيلة هذه الدروس في المباحث الاعتقاديّة الأساسيّة إلى الآن 15كراسا وهي في معرض الطباعة وقد طبع منها: رسالة في ميزان المعرفة _ باللغتين العربيّة والفارسيّة _ ورسالة في شرح الخطبة ١٥٢ من خطب أميرالمؤمنين في نهج البلاغة، ورسالة في المعاد، ورسالة في الردّ على نظريتي الجبر والتفويض وإثبات الأمر بين الأمرين.

وأمّا الكتب التي لم تُطبع بعد، فهي عديدة منها: رسالة في مبحث (النفس) لأستاذه آية اللّه الشيخ مجتبى القزوينيّ بالفارسيّة و له رسائل وكتب أخرى مثل، ملاحظاته في الدروس المعارفيّة، الكلاميّة، الفقهيّة والأصوليّة لأساتذته، وإنّ قسماً من جهوده العلميّة يتمحور حول المناظرات والحوارات الواسعة مع أهل العلم والاختصاص في مجالات متعدّدة، والتي منها: مناظرة في مسألة المعاد.

عليّ الملكيّ الميانجيّ

ص: 11

بسم اللّه الرحمن الرحيم

السؤال الأوّل

ما هو المراد من «مكتب التفكيك»، وما هي الطريقة الصحيحة لفهم المعارف الحقّة؟

الجواب

بسم اللّه الرحمن الرحيم؛ إنّ المراد منه هو التفريق بين آراء البشر ومعارف الوحي، وحفظ نزاهة المعارف والتعاليم العقائديّة المستندة إلى مدرسة النبوّة والإمامة… عليهم السلام …، بعيدة عن مدارس الفلسفيّة والمكاتب العرفانيّة البشريّة.

إنّ جلّ فقهاء مذهب الإماميّة يعتقدون بضرورة التفريق والقول بالإستقلال واستغناء المعارف الوحيانيّة وحفظها عن الأفكار الدخيلة البشريّة من الفلسفة والعرفان. وهذا هو سبب تسمية هذه الرؤية

ص: 12

بنظريّة التفكيك.

إنّ هذه المدرسة ليست مدرسة جديدة، حيث إنّها تحتوي على واقعيّة تاريخيّة تأخذ نشأتها من صدر الإسلام، بل تستند إلى نفس بعثة النبيّ الأكرم… صلي الله عليه و آله و سلم … وهي مبنى عموم الفقهاء والعلماء الإماميّين.

أجل، إنّ تاريخ هذه المدرسة هو تاريخ مبعث الرسول… صلي الله عليه و آله و سلم … وذلك لأنّه… صلي الله عليه و آله و سلم … لم يكرّر أفكار وآراء الفلاسفة _ والتي ترجع إلى مآت سنين _ وإنّما جاء بحقائق مختلفة عنها تماماً، و لم تقتصر تعاليمه السامية على مسائل الحلال والحرام، وأحكام الطهارة والنجاسة، وبيان قضايا المعاملات والعقود أو فقه الحياة والمجتمع، مع أنّها جميعاً ذات أهميّة بالغة، بل إنّ أرقى وأهمّ أهداف الأنبياء _ وعلى رأسهم نبيّنا الأكرم… صلي الله عليه و آله و سلم …_ إنّما هو تكميل العقول والأرواح والنفوس وإعطاء البصائر في المعارف الإلهيّة.

إنّ دين الإسلام وهو آخر الأديان وخاتمة الشرايع قد قدّم للبشر في مسألة معرفة اللّه تعالى وصفات الحقّ سبحانه ولقاءه، وكذلك المسائل المرتبطة بالعالم، من المبدء إلى المعاد، أعظم ما يمكن أن يُقدّم للناس. ففي مباحث الحدوث والقدم والجبر والتفويض والاختيار والقضاء والقدر والدعاء والصلاة وحقيقة الإنسان والعقل والحياة والعوالم السابقة واللاحقة، قدّم الإسلام أبلغ المعارف وأعظم التعاليم

ص: 13

وبيّنها بما ليس له نظير.

ومن الواضح أنّ الفقهاء بالاتّكاء على هذه البيانات الوحيانيّة _ مع ملاحظة أنّ أصل إثبات الصانع ورسالة النبيّ… صلي الله عليه و آله و سلم … إنّما يثبت بالعقل والتعقّل _ استلهموا معارفهم الاعتقاديّة.

هذا توضيح مقتضب لماهيّة «مكتب التفكيك».

وأمّا ما ذكر في القسم الثاني من السؤال من الطريقة الصحيحة لفهم المعارف الحقّة؟

فنقول: بما أنّ أساس الحركة السليمة والصحيحة هي الحركة العقلانيّة، وأنّ السند والحجّة للناس هو الإدراك والعقل، والذي يستفيد من مختلف الوسائل المناسبة لكشف الحقائق المختلفة فيكشفها، فليس الطريق الصحيح سوى ما تمّ التوصّل إليه عبر هداية العقل. وأولئك الذين اهتدوا إلى حقّانيّة الوحي ببركة نور العقل، وكشف لهم العقل أنّ الوحي هو منبع وسيع وعميق ومعصوم ومبيّن للحقائق؛(1) فمن البديهي عند الفقهاء أنّ الطريقة الصحيحة هي طريقة التعقّل والتفكّر في تعاليم الوحي، ولذلك يستفيدون من هذا المنبع الثرّ بواسطة مصباح العقل.


1- ومن لم يصل إلى هذه الحقيقة عليه أن يثبت الاحتياج إلى الوحي بالاستدلالات العقليّة بعد إثبات وجود اللّه و بثبوت حقّانيّته تثبت صحّة المسائل الوحيانيّة وسعتها.

ص: 14

السؤال الثاني

اشاره

قد يُقال: مع الإقرار بأنّ الوحي إنّما يثبت بالعقل فكيف يمكن الإغماض عن هذا العقل في كشف المعارف، والاقتصار على الوحي الذي لم تثبت حجّيّته وحقّانيّته إلّا به؟ فهل يصحّ أو يمكن إسقاط حجيّة العقل في المعارف؟

الجواب

تعرّضنا _ في مقام الإجابة عن السؤال الأوّل _ لنكات لا يبقى معها مورد لهذا التساؤل، مع ذلك فإنّا نذكّر بالمطالب التالية لتوضيح الأمر:

1. بديهيّ أنّ القضايا التي يدركها العقل بوضوح ويقرّ بها جميع العقلاء هي مسائل وقضايا محدودة ومعدودة، وكثير من المسائل إنّما هي بعيدة عن حيطة إدراك عقل عموم الناس، وما هو واضح لعموم العقلاء من المدرَكات الأوليّة (مثل استحالة المعلول بلا علّة واجتماع الضدّين واجتماع النقيضين وبطلان الدَور والتسلسل وأنّ المحيط

ص: 15

أكبر من المحاط وأنّ المجموعة المنظّمة والمقصودة والمتقَنة دليل على العلم والشعور..) هذه الأمور لا تقبل التغيّر، ولا تُعرف بالوحي، بل إنّ الوحي إنّما يثبت ببركة هذه المطالب الواضحة العقليّة، و لا يعرض عن هذا الإدراك العقلانيّ الواضح أبداً، وهكذا كلّ ما استند إلى تلك الحقائق الواضحة فهو مقبول وصحيح.

2. بديهيّ أنّ العقل لا يخطأ في كشفه، ولو كان كذلك وهو الميزان في إدراك المطالب، لم يُعرف الحقّ من الباطل ولا الصحيح من السقيم ، ولم يقم حجر على حجر، إلّا أنّ الإنسان ولأجل أسباب وعوامل مختلفة مثل عدم معرفة المقدّمات اللازمة في إدراك المطالب أو غلبة الأهواء والميولات النفسانيّة، أو عدم الدقّة الكافية أو نظائر ذلك، قد يخطأ ومن ثمّ يقع في الأغلاط، وهذا هو السبب فيما نراه من اختلاف كبار "العقلاء" في أهمّ المسائل المعارفيّة، اختلافاً فاحشاً بين النفي والإثبات!.

3. متى وُجد اختلاف بين المطالب المنتسبة إلى الوحي وبين المدرَكات العقليّة الأوليّة القطعيّة، فلا شكّ قدّم العقل ويُطرح النقل، وفي صورة قطعيّة السند يوجّه النقل. إلّا أنّه لا يوجد هكذا مورد في مداركنا الوحيانيّة، وإذا وجد فقد وجّهه الوحي بنفسه قبل أيّ توجيه

ص: 16

وبيّن حقيقة المراد من كلامه.(1)

فعلى هذا، لا يمكن إنكار حجيّة العقل بوجه من الوجوه، إلّا أنّه في القضايا التي ليس للعقل فيها نصيب ولا يمكنه أن يدركها أو يحيط بها علماً، من قبيل المسائل المرتبطة بالمعاد والعوالم بعد هذا العالم أو العوالم السابقة وما إلى ذلك، يجب الاستفادة من الوحي والوقوف عليه. وبما أنّه لا توجد في المسائل الاختلافيّة بداهةٌ _ وإلّا لم يوجد اختلاف في إدراكها وفهمها_ حينئذ يكون الوحي المقبول بحكم العقل الصريح هو المرجع فيها والحجّة. وممّا يجب التوجّه إليه أنّه في كثير من المباحث والمعارف، يكون الوحي معلِّماً فيها، أي إنّ مَن يراجع تلك المدارك الوحيانيّة يكون متعلّماً من ذي علم.

ويظهر ممّا قلنا، أنّه مع التوجّه إلى محدوديّة شعاع العقل عند عموم العقلاء _ وذلك بتصديق جميعهم _ وإلى إمكان وقوع العاقل في الخطأ


1- كما هو الحال في مثل قوله تعالى في سورة الفجر(89)، الآية22: }وَجاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفّاً صَفّاً{. الذي فُسّر في المدراك الوحيانيّة ب_«جاء أمر ربّك». راجع: تفسير الصافي، ج5، ص326؛ البرهان في تفسير القرآن، ج1، ص447، ح1097. ومثل قوله سبحانه في سورة القيامة(75)، الآية23: }إِلى رَبِّها ناظِرَة{. التي قُصد منها «إلى رحمة ربّها ناظرة» كما في الأحاديث. راجع: البرهان في تفسير القرآن، ج5، ص537، ح11239؛ تفسير القميّ، ج2، ص397: «قَالَ يَنْظُرُونَ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ أَيْ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَنِعْمَتِه». ومثل قوله عزّ اسمه في سورة الحجر(15)، الآية 29: }إِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فيهِ مِنْ رُوحي فَقَعُوا لَهُ ساجِدينَ{. التي فُسّرت الإضافة فيها بالإضافة التشريفيّة نظير (بيت اللّه) وغير ذلك. راجع: تفسير العيّاشي، ج2، ص241، ح8؛ الكافي، ج1، ص133، ح3.

ص: 17

بدليل الاختلافات الكثيرة الموجودة في مختلف المباحث المهمّة، وإلّا لما حصل الاختلاف، وإلى حقّانيّة منبع الوحي بعنوان المصدر العلميّ الذي ليس فيه أيّ خطأ أو غلط في تبيين الحقائق، مع الالتفات إلى كلّ ذلك لم يكن بدّ من القول أنّ الأسلوب الصحيح لاكتساب الحقائق والوصول إلى المعارف هو التعقّل في الوحي، والاستفادة من منبعه الصافي، وذلك بحكم نفس العقل وإرشاده، مع حفظ مكانة العقل الراقية وبقاء حجّيّته في محلّه.

ص: 18

تنبيه إلى مسألة مهمّة

إنّ الخطر الذي يحدق بمن لا يراعي هذه الطريقة _ حتّى من قبل بعض المهتّمين بالمعارف الوحيانيّة الذين لم يسلكوا طريقة التعقّل في الوحي _ فيما ثبت كونه وحياً وكانت دلالته واضحة _ هو رسوخ بعض المباني والمطالب في أذهانهم، وعند اطّلاعهم على الوحي ورؤيتهم لتناقضه مع تلك الأفكار يعمدون إلى توجيه النصّ إلى درجة أنّهم يسندون ما هو ضدّ الوحي إلى الوحي ويرونه مستفاداً من تعاليمه، فهم لا يستطيعون التحرّر ممّا أوثقوا به أفكارهم وغلّوا بها أنفسهم من تلك المباني التي يسمّونها عقليّة. والواقع أنّ من الندرة استبصار مثل هؤلاء والتفاتهم إلى خطأهم لأنّهم أصّلوا تلك الأفكار في أذهانهم وجعلوها المقياس والميزان. إليك بعنوان المثال نموذجان من عشرات النماذج الموجودة في كلماتهم في مسألة التوحيد والمعاد.

ص: 19

أمّا في مسألة التوحيد

لقد بلغ الأمر إلى حدّ جعل صاحب كتاب ممدّ الهمم في شرح فصوص الحكم وهو من المعاريف في الفلسفة و العرفان في هذا الزمن، يصرّح في كتابه في ترجمة كلام إبن عربي في الفصّ الهارونيّ:

فكان موسى أعلم بالأمر من هارون، لأنّه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأنّ اللّه قد قضى أن لا يعبد إلّا إيّاه وما حكم اللّه بشيء إلّا وقع فكان عتاب موسى على أخيه هارون، لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتّساعه، فإنّ العارف من يرى الحقّ في كلّ شيء، بل يراه عين كلّ شيء.

يصرّح أنّ غرض الشيخ من هكذا مسائل في الفصوص والفتوحات وغيرهما من الزبر والرسائل هو بيان أسرار الولاية والباطن لأهل السرّ، وإن كان بحسب النبوّة التشريع مقرّاً بوجوب إبعاد عامّة الناس من عبادة الأصنام، كما كان حال الأنبياء في إنكار عبادة الأصنام.(1)

أقول: إنّ من المطالب القطعيّة التي ليس فيها ذرّة شكّ ولا أدنى ريب، والتي أصرّ عليها القرآن والوحي، وأكّدت عليه جميع الأنبياء والرسل هو النفي الجدّي للشرك، وعلى الخصوص عبادة عجل


1- ممدّ الهمم في شرح فصوص الحكم، ص514.

ص: 20

السامريّ، فإنّك تجد العبارات الشديدة في القرآن في عبدة العجل إلى درجة أنّ الله تعالى جعل توبتهم أن يقتلوا أنفسهم، وكان غضب موسى بن عمران على نبينا وآله وعليه السلام إلى حدّ أن أخذ برأس أخيه يجرّه إليه، وغضب غضباً شديداً !.

والعجب كيف قال صاحب الفصوص أنّ غضب موسى على هارون كان لمنعه بني إسرائيل من عبادة العجل، والأعجب منه زعم صاحب الشرح أنّ دعوة الأنبياء للتوحيد هي لعامّة الناس، فأمّا أهل السرّ والولاية والباطن، فإنّ المنع من الشرك لا يشملهم وإنّما هو للعوام فقط!.

ولا يخفى عليك التناقض الشديد، فلو كان الأمر كذلك من أنّ الحقّ عين كلّ شيء، فإنّ موسى وهارون يكونان شيئاً واحداً، ولا يبقى معنى للعتاب إذ لا وجود للغير أصلاً، أعاذنا اللّه من هذه الزلّات.

إنّك خبير بأنّ القرآن من أوّله إلى آخره بكلّ جدّية وقاطعيّة التي لا تقبل التوجيه والتأويل نفى عبادة الأصنام ويحارب الوثنيّة، خصوصاً عجل السامريّ فقد حاربه بشدّة(1) إلّا أنّه ولأجل ما ذكرنا من القناعة


1- الف: قوله تعالى في سورة النساء(4)، الآية 48: }إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظيماً{. وكذا في الآية 116: }وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعيداً{. ب) قوله تعالى في سورة البقرة(2)، الآية54: }وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحَيمُ{. ج) قوله تعالى في سورة الأعراف(7)، الآية152: }إِنَّ الَّذينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي المُفْتَرِينَ{. د) قوله تعالى في سورة البقرة(2)، الآية93: }وَأُشْرِبُوا في قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِم{.

ص: 21

والتشبّث ببعض المباني الفكرية الفلسفيّة أو العرفانيّة تراه يقول إنّ عبادة أيّ شيء يرجع إلى عبادة اللّه، وأنّ الأنبياء نهوا العامّة من الناس من عبادة الأصنام.

وفي نفس هذا البحث من المباحث التوحيديّة، يقول الملّا صدرا:

عندما طلعت شمس الحقيقة وسطع نورها النافذ في أقطار الممكنات المنبسط على هياكل الماهيّات، ظهر وانكشف أنّ كلّما يقع عليه اسم الوجود، ليس إلّا شأناً من شؤون الواحد القيّوم ولمعة من لمعات نورالأنوار؛ فما وضعناه أوّلاً بحسب النظر الجليل، من أنّ في الوجود علّة ومعلولاً أدّى بنا أخيراً من جهة السلوك العلميّ والنسك العقليّ إلى أنّ المسمّى بالعلّة هو الأصل والمعلول شأن من شئونه وطور من أطواره ورجعت العلّيّة والإفاضة إلى تطوّر المبدء الأوّل بأطواره وتجلّيه بأنحاء ظهوراته.(1)


1- المشاعر، ص53 «المشعر الثامن في أنّ الوجود بالحقيقة هو الواحد الحقَ تعالى».

ص: 22

وأمّا فى مسألة المعاد

فمن الموارد المذكورة في بحثهم عن المعاد: أنّ الملّاصدرا أصرّ في الأسفار على أنّ العذاب يصير عذباً وهنيئاً للخالدين في جهنّم.(1)

وهذا لرسوخ المباني والأفكار التي حاكها في نفسه ونفوس أمثاله فاتّخذوا طريقاً لأنفسهم وأنِسُوا بما عندهم وليس ذلك إلّا لأجل بعض الشبهات التي لم يحسنوا الإجابة عنها _ بيد أنّ مسألة العذاب والألم في نار جهنّم وعظيم البلاء والمحن الشديدة ومختلف أنواع العذاب للخالدين في النار (المعاندين للّه) هو من قطعيّات الآيات والروايات التي لا تقبل التوجيه والإنكار _ مع كلّ ذلك قالوا أنّ الخالدين في جهنّم لا يتألّمون بالنار وسائر أنواع العذاب فحسب بل إنّهم يفرحون ويتلذّذون فيها! مع أنّ اللّه سبحانه وتعالى يقول:

}خالِدينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَروُنَ{؛(2)

}وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ{؛(3)


1- ر.ك: الحكمة المتعالية، ج9، ص361 (فصل 28): ... مع أنّ العذاب بالنسبة إلى العارف الذي دخل فيها بسبب الأعمال السيّئة عذب من وجه وإن كان عذاباً من وجه آخر لأنّه يشاهد المعذّب في تعذيبه، فيكون عذابه سبباً لشهود الحقّ و هو أعلى نعيم له وبالنسبة إلى المحجوبين الغافلين عن اللذات الحقيقيّة أيضاً عذب من وجه... .
2- آل عمران(3)، الآية 88 والبقرة(2)، الآية 162.
3- البقرة(2)، الآية 167.

ص: 23

}يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيْمٌ{؛(1)

}اِنَّ الَّذِيْنَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نارَاً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلّْنا جُلُودَاً غَيْرَها لِيَذُوقُوا العَذابَ{.(2)

وهكذا في عشرات الآيات الأخرى بيّن الخلود والعذاب الدائم ومع ذلك كلّه ذكر الملّاصدرا ضمن أدلّته مؤيّداً لكلامه، كلام ابن عربي حيث يقول:

فهم يتلذّذون بما هم فيه من نار وزمهرير وما فيها من لدغ الحيّات والعقارب كما يَلتَذُّ أهل الجنّة بالظلال والنور ولثْم الحسان من الحور.(3)

إنّ تلك المباني الفكريّة قد صمدت أبصارهم فلم يلتفتوا إلى أنّ مخالفة الجبّار الذي لا منتهى لعظمته ومعاندة مالك الملك بالاختيار يستوجب عذاباً لا يُحدّ، وغفلوا عن قوله تعالى: }وَلَو رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ{(4) ودعاء مولانا زين العابدين وسيّد الساجدين… صلوات الله عليه … حيث يقول:


1- المائدة(5)، الآية 37.
2- النبأ(78)، الآية 56.
3- الحكمة المتعالية، ج9،ص349 (فصل 28 في كيفيّة خلود أهل النار).
4- الأنعام(6)، الآية 28.

ص: 24

وَلَقَدْ كَانَ يَسْتَحِقُ فِي أَوَّلِ مَا هَمَّ بِعِصْيَانِكَ كُلَّ مَا أَعْدَدْتَ لِجَمِيعِ خَلْقِكَ مِنْ عُقُوبَتِك.(1)

ولأجل الشبهة الواهية المردودة القائلة بأنّ: «القَسر لا يدوم»، وأمثالها من الشبهات التي قد تمّ إبطالها في محلّه بالتفصيل، قالوا: إنّ طينة الخالدين في النار لابدّ أن تتغيّر، فتتناسب مع النار، بل إنّ أهلها منذ البدء خُلِقُوا لها ولأجلها، وأنّ الله تعالى أراد ذلك، وبهذا عمدوا إلى تفسير قوله تعالى: }وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرَاً مِنَ الِجنِّ وَالإِنْسِ{(2) وأخذوا اللام في «لِجَهَنَّمَ» بمعنى "لام الغرض" بالمعنى الحقيقي، وقد غفلوا أنّ هذه اللام هي "لام العاقبة" مثل: }فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمُ عَدُوّاً وَ حَزَناً{(3) إلى أن قالوا أنّ }وَحِيْلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ{(4) هو بمعنى أنّ أهل النار في النار يرجعون إلى أصلهم الأوّلي، وبما أنّهم لم يعذَّبوا في هذه النشأة الدنيويّة، فإنّه قد حيل بينهم وبين ما هو مقتضى أساس خلقتهم.

قد ذكرنا هذه الأمثلة لبيان أنّ من يغفل عن التعقّل في الوحي فهو وإن أقرّ بأصل الوحي ولكنّه حيث يريد البحث والاستقصاء في المعارف مع مسبقات ذهنيّة وأفكار بشريّة، فإنّ ذهنه يكون مشوباً


1- الصحيفة السجادية، ص185 (الدعاء 98).
2- الأعراف(7)، الآية 179.
3- القصص(28)، الآية 8.
4- سبأ(34)، الآية 54.

ص: 25

بتلك الأفكار بحيث لو واجه نصوصاً بخلاف مبانيه فسوف يخرّجها ويأوّلها حتى لو كانت من أصول الوحي.(1) أعاذنا الله من هذه الزلّات.


1- قال الملّا صدرا في رسالة العرشيّة ص٦٦: وأمّا أنا والذي لاح لي بما أنا مشتغل به من الرياضات العلميّة أنّ دار الجحيم ليست بدار نعيم وإنّما هي موضع الألم والمحن وفيها العذاب الدائم... . ولكن مراده من العذاب الدائم هو الخلود النوعي. وقد أشار إلي ذلك في ص 65 حيث قال: وإن كان الدوام فى كلاهما على معنى آخر. وبذلك قال في الأسفار، ج9، ص350: فإن قلت: هذه الأقوال الدالّة على انقطاع العذاب عن أهل النار ينافي ما ذكرته سابقاً من دوام الآلام عليهم. قلنا: لا نسلّم المنافاة إذ المنافاة بين عدم انقطاع العذاب عن أهل النار أبداً وبين انقطاعه عن كلّ واحد منهم في وقت.

ص: 26

السؤال الثالث

ربّما يقال إنّ الفلسفة يمكن أن يكون لها دور كبير ومهمّ بعنوان الآلة والوسيلة في الجواب على الملحدين والمنكرين للخالق سبحانه، ولذا فهو مهمّ للغاية. ثمّ إنّهم يقولون: إنّ فهم المطالب الدقيقة الموجودة في الخطب والأحاديث الصادرة عن النبيّ وأهل بيته… عليهم السلام … يتوقّف على فهم المباني الفلسفيّة، وبدونها لا تتيسّر المعرفة الكاملة للنصوص؟

الجواب

في مقام الإجابة على هذا السؤال لابدّ من التنبيه إلى أنّ المباحث المذكورة في كتب الفلسفة تنقسم إلى قسمين:

القسم الأوّل: المسائل القطعيّة العقليّة الموجودة في فطرة عموم العقلاء، وجميع العقلاء بمختلف طبقاتهم في المجاميع المختلفة يعتمدون عليها في أعمالهم ومختلف شؤونهم، وإن كانوا لا يعرفون العبارات الاصطلاحيّة والعلميّة لتلك القواعد، نظير احتياج المعلول إلى

ص: 27

العلّة، واستحالة تحقّق المعلول بلا علّة، واستحالة اجتماع الضدّين والمتناقضين، وأنّ كلّ محدودٍ معلول، وأنّ المعلول لا يكون قائماً بالذات، واستحالة الدور والتسلسل، وحكاية النظم عن الناظم وأمثال هذه المطالب. وفي أيّ مكتوب بُحثت هذه المطالب بنحو واضح فمن الجيّد الاستفادة منه.

القسم الثاني: المسائل النظريّة الاختلافيّة المبحوثة في الفلسفة، من قبيل أصالة الوجود أو الماهيّة، أو وحدة الوجود أم تباين الوجودات، أو الوحدة التشكيكيّة أم الإطلاق في الوجود، وسراية قاعدة «الواحد لا يصدر منه إلّا الواحد» على ذات الحقّ، و«الشيء ما لم يجب لم يوجد»، ومسألة الصورة والهيولى، والحركة في الجوهر، و«بسيط الحقيقة كلّ الأشياء وليس بشيء منها» وأمثال هذه، ومن هذا القسم: النتائج المأخوذة من هذه المطالب وأمثالها في الفلسفة والحكمة.(1)

فما يستفاد من الفلسفة للجواب على المنكرين للصانع وإبطال مقالاتهم، فإنّه من مطالب القسم الأوّل، وهي مسائل قطعيّة وقوانين بديهيّة فطريّة، وهي ميزان لجميع المباحث في جميع العلوم ومقبولة لدى كافّة العقلاء وهي مذكورة في الفلسفة أيضاً، وقلنا أنّه أينما بُحثت


1- كمسألة السنخية بين الخالق والمخلوق، واتّحاد العلم والإرادة في اللّه تبارك وتعالى، وقِدم العالم، والمعاد المثالي، ومنشأيّة عالم الجنّة للنفوس البشريّة وقوامها بنفوسهم، وتبديل العذاب بالعذب في النار و... .

ص: 28

هذه المسائل بشكل أفضل فمن الجدير استفادتها منه. وأنّه قد جرى التأكيد عليها في القرآن والحديث، ومع التسلّط على هذه المطالب القطعيّة تتّضح الخطب والأحاديث المعارفيّة والتوحيديّة إلّا أنّه لا مجال للتردّد في أنّ هذا القسم في الواقع ليس منحصراً في الفلسفة، بل هو مورد قبول وإقرار الجميع، وإنّ النقد والردّ يكون في القسم الثاني فقط.

ومع التوجّه إلى القسم الثاني الذي هو مورد اختلاف، ومشكل في مجموعة مباحث نظرية، لا يمكن أن تتّضح الخطب والروايات أبداً، بل مع التوجّه إلى هذا القسم ووجود الاختلافات في المباني فيه ووجود الأنظار المتفاوتة، فإنّ تفسير النصوص الدينيّة بهذه البحوث والمباني والنظريّات لا يزيد الإنسان إلّا حيرة.

وبناءً على ذلك، فإنّ ما يمكن أن يكون آلة في إبطال مقالة المنكرين لله تعالى، وينفع في فهم الأحاديث المشكلة، هي مجموعة مسائل قطعيّة، وهي عامّة الوصول للعقلاء وليست مختصّة بجماعة دون جماعة، وكلّ مَن كان أفضل تعقّلاً كان أكثر استفادة لتلك الخُطَب والأحاديث المشكلة. وأمّا ما كان محلّ انتقاد إنّما يكون في المسائل المذكورة في القسم الثاني من الفلسفة، والتي تتّكأ على الأدلّة النظريّة لا الضروريّات، وهي للأسف كثيرة في الفلسفة.

ص: 29

وكلام الشيخ الأنصاري… قدس سره… في باب القطع من كتاب الرسائل ناظر إلى هذا القسم، حيث قال:

وأوجب من ذلك ترك الخوض في المطالب العقليّة النظريّة، لإدراك ما يتعلّق بأصول الدين، فإنّه تعريض للهلاك الدائم والعذاب الخالد؛ وقد أشير إلى ذلك عند النهى عن الخوض فى مسئلة القضاء والقدر.(1)


1- فرائد الأصول،ج1، ص21.

ص: 30

السؤال الرابع

قد يقال إنّا كثيراً ما نلاحظ في كلمات مؤيّدي «نظريّة التفكيك» أنّهم يستدلّون على بطلان طريقة الفلاسفة باختلافهم فيما بينهم، مع أنّ الاختلاف أيضاً موجود بوضوح في الفقه، وأنتم لا ترون اختلاف الفقهاء دليلاً على بطلان طريقتهم، فما تقولون؟

الجواب

لو كان المقصود من طريقة الفلاسفة هو الاستفادة من العقل بالاتّكاء على الأصول العقلانيّة الواضحة في تحرّي ومعرفة المعارف والمطالب، فإنّ هذه الطريقة لا يمكن إبطالها، ونحن نعتقد أنّ كلّ من سار على هذه الطريقة العقلانيّة فإنّه يصل إلى الوحي، وبالنتيجة ينتخب الطريقة التي أسلفنا حقّانيّتها.(1) والاستفادة من تلك المسائل


1- كما ورد في الكافي، ج1، ص11، ح6؛ بحارالأنوار، ج1، ص91، ح20 (باب الأوّل من أبواب العقل والجهل من كتاب العقل والعلم)، قال أبوعبداللّه… عليه السلام …: مَنْ كَانَ عَاقِلاً، كَانَ لَهُ دِينٌ، وَمَنْ كَانَ لَهُ دِينٌ، دَخَلَ الْجَنَّة.

ص: 31

الواضحة العقلانيّة _ كما بيّنا عند الإجابة عن السؤال السابق بعنوان القسم الأوّل _ هي لازمة، وطريق الوصول إلى الحقائق هو ذلك الطريق؛ إلّا أنّ ممّا يمكن استفادته من اختلاف الفلاسفة أنّ في المسائل التي هي من قبيل القسم الثاني هنالك اختلاف شديد في الآراء في أكثر المسائل المهمّة، ممّا يدلّ على أنّ الفلاسفة لم يتحرّكوا على أساس الحركة العقلانيّة _ بالمعنى الحقيقيّ لذلك _ ، وليس معناه أنّهم لم يريدوا الحركة العقلانيّة وإنّما لم يستيطعوا إليها سبيلاً، لأنّه لو كانت طريقتهم عقلانيّة لم يكن هذا الإختلاف في أمّهات المسائل وبحدّ النفي والإثبات!.

إنّ هذا الاختلاف يدلّ على أنّه لم يصل أحدٌ إلى الواقع، أو وصول أحد الطرفين إلى الواقع بعنوان الاحتمال والباقي جميعهم في خطأ، هذا مع أنّ كلّ واحد من الأطراف يدّعي الوصول إلى الحقّ والحقيقة.

وبالنتيجة فإنّ الاختلاف المذكور في تلك المسائل دالّ على أنّ الحركة المتّخذة في الفلسفة، ليست حركةً عقلانيّة بمعناها الواقعي وإنّما هي على صورتها.

وبما أنّ العقل يرجعنا إلى الوحي بوضوح _ إلّا أنّ من الأسف لأصحاب هذا الفكر أنّهم يقبلون بهذه الطريقة قولاً ويتركونها عملاً

ص: 32

ويسلكون طريقة الفلسفة(1) المعروفة التي ليس فيها شيء من التقييد بالشرع والوحي والديانة من بدو الأمر _ فإنّه لا يبقى عذر في هذا الاختلاف و الاشتباه. نعم، لو كانت حركة مجموعة من الأفراد على أساس العقل والوحي ولكنّهم اختلفوا فيه مع وجود الضوابط المرتبطة فيه؛ فبيد أنّ الوصول إلى مقاصد الوحي ليس إلّا واحد من تلك الاختلافات، وأنّ هذا الاختلاف دليل على عدم الوصول إلى الواقع _ ومن هذه الجهة لا تختلف عن الفلسفة _ إلّا أنّ ما يجب أن يُتنبّه عليه أنّ الفلاسفة اتّخذوا طريقاً غير مأمون في حال لم تكن لهم حجّة عقلانيّة على سلوك ذلك الطريق، أمّا في الصورة الثانية _ أي طريقة الفقهاء_ فإنّهم سلكوا الطريق الذي عيّنه العقل، أو قل: إنّهم تحرّكوا على أساس الحجّة فهم معذورون في طريقتهم.

ومع التوجّه إلى ما مضى يظهر أنّ طريقة الفقهاء في فهم الأحكام


1- في حاشية المنظومة قسّم «المتصدّين للمعرفة» إلى أربعة أقسام ، إليك نصّ عبارته: قولنا المتصدّين لمعرفة الحقائق وهم أربع فِرَق لأنّهم إمّا أن يصلوا إليها بمجرّد الفكر أو مجرّد تصفية النفس بالتخلية والتحلية أو بالجمع بينهما، فالجامعون هم الإشراقيّون، والمصفّون هم الصوفيّة، والمقصّرون على الفكر إمّا يواظبون موافقة أوضاع ملّة الأديان وهم المتكلّمون، أو يبحثون على الإطلاق وهم المشّاؤون والفكر مشي العقل إذ الفكر حركة من المطالب الى المبادي ومن المبادي إلى المطالب. شرح المنظومة، ص 68 (قسم الفلسفة، غرر فى أبحاث متعلّقة بالإمكان). أيضاً راجع: شرح الأسماء، ج1، ص76.

ص: 33

لأجل اختلافهم أيضاً دالّ على عدم وصول بعضهم إلى الواقع، إلّا أنّهم لمّا كان عملهم طبقاً لوظيفتهم وعلى أساس المسؤولية التي على عاتقهم من الرجوع إلى الكتاب والسنّة وبيانات الأئمّة المعصومين فهم معذورون في خطأهم، هذا مضافاً إلى أنّهم لا يدّعون القطع على ما توصّلوا إليه، فالأمر يدور حول المعذّريّة والمنجّزيّة.

وأمّا أولئك الذين أقبلوا بالوحي من جهة ولكنّهم لم يراعوا تعاليمه حقّ الراعيّة ولم يتّبعوه في معارفه، وبالنتيجة اكتفوا على أفكارهم وتعقّلاتهم المحدودة، فهؤلاء اختلافهم ليس كاختلاف الفقهاء ولا يُعذّرون في خطأهم، ولهذا يكون اختلافهم دليل على بطلان مشيهم وطريقتهم.

وكما ذكرنا سابقاً، لو اتّبع العبد تعاليم الوحي _ الثابتة بالعقل _ وحقّق في مسألة من المسائل الاعتقاديّة ولكنّه انجرّ به الأمر إلى الاختلاف مع آخرين، فمع أنّه من الواضح عدم وصول بعضهم إلى الواقع ولكنّهم معذورون فيما لو كان اعتقادهم مستنداً إلى الوحي حقيقةً؛ إلّا أنّه لا ينبغي الغفلة أنّه لا يوجد اختلاف _ وإن وُجد ففي غاية النُدرة _ في تعاليم الوحي، وبمراجعة القرآن والأحاديث الشريفة يظهر هذا الأمر جليّاً. ولو كان هناك اختلاف من حيث الظاهر في بعض الموارد، فإنّ الوحي بنفسه قد وضّح مراده وبيّن عدم وجود الاختلاف.

ص: 34

السؤال الخامس

لو قيل: إنّا نقرّ بهذ الأمر من أنّ الدين شيء والفلسفة والعرفان شيء آخر، إذ أنّ منشأ الدين هو الوحي الإلهيّ و منشأ الفلسفة هو التعقّل البشريّ والعرفان هو الشهود لنفس العارف، إلّا أنّ «التفكيكيّين» يلتزمون ببعض القضايا التي هي موضع إشكال، كإنكارهم للتأويل وقولهم بحجّية الظواهر؟

الجواب

أصل المطلب هو ما ذكرنا في الإجابة على السؤال السابق، ولكن ما ذُكر في ذيل هذا السؤال (من إنكار أبناء نظريّة التفكيك للتأويل) هو من جملة الأمور التي نُسبت إليهم من دون أيّ دليل، فإنّ التأويل والتوجيه في الموارد التي كان الإدراك البيّن لعموم العقلاء على خلاف الظاهر هو من المسلّمات الواضحة، ونفس إدراك العقلاء لخلاف الظاهر قرينة على عدم إرادته، وعلى وجوب التأويل. منتهى الأمر أنّ

ص: 35

المتكلّم لمّا كان في مقام التفيهم والتخاطب، ولم يكن ظاهر كلامه مخالفاً لإدراك عموم العقلاء ولم تكن هناك قرينة على إرادة خلاف الظاهر، حينئذ يُؤخذ بالظاهر وكان هو المقصود. ولو كان ذلك الظاهر ممّا يراه شخص خلافاً للعقل بينما عموم العقلاء لا يرونه كذلك، فإنّه يؤخذ بالظاهر وإن كان ذلك الشخص الذي يراه خلاف العقل لايمكن له أن يأخذ بظاهره وأن يتقبّله، وإنّه لو لم يكن مقصّراً في إدراكه كان معذوراً، وهذا المطلب ذكرناه سابقاً في موضعه صراحةً وقلنا:

كلّ ما كان مستنداً إلى الوحي وكان مخالفاً للمدرَكات العقليّة القطعيّة، فواضح أنّ كونه وحيانيّ مردود، لأنّ الوحي لا يتكلّم بخلاف العقل، كيف؟ والعقل هو الذي دعى إليه! فلو كان الصدور والسند قطعياً لزم التوجيه، إلّا أنّ مثل هذا المورد غير موجودة في المدارك الوحيانيّة، وإذا وُجدت كان الشارع هو المبيّن لتوجيهها والمظهِر لحقيقة معناها، و قد أشرنا في الهامش هناك إلى بعض الآيات.

أمّا لو لم يكن كلام المتكلّم ضمن ما ذكرنا من مواضع لزوم التأويل، حين ذاك يكون من الخطأ تأويل كلامه خلافاً للظاهر.

ولتوضيح الأمر نذكر مورداً واحداً من الموارد الكثيرة التي قامت الفلسفة بتأويل ما ليس من حقّه أن يؤوَّل، وحمل الكلام على خلاف الظاهر:

ص: 36

في مسألة الحشر الجسمانيّ، وأنّ هذه الأبدان الدنيويّة هي التي تعود يوم القيامة وأنّ الأرواح متعلّقة بها، ليست فقط الآيات القرآنيّة الشريفة هي ظاهرة في هذا الأمر، وإنّما كثير منها نصّ وصريح فيه.(1) وعموم العقلاء لا يرون أيّ إشكال عقليّ في ذلك (لأنّ اللّه الذي خلق الخلق قادر على إعادتهم وإحياء الأبدان بعد تلاشيها وتفتتها)؛ إلّا أنّا نرى بعض أهل الفلسفة، ولأجل بعض المباني الاختلافيّة التي أسّسوها وجعلوها مقياساً لأفكارهم وقيّدوا بها عقولهم، ذهبوا إلى لزوم تأويل كلّ هذه الآيات والروايات(2) الصريحة بذريعة مخالفتها للعقل،


1- هنا نذكّر ببعض الآيات الشريفة: 1) يس(36)، الآية 78: }وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَميم{. 2) القيامة(75)، الآيات 4_1: }لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَة * وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَة * أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَه * بَلى قادِرينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَه{. 3) الحج(22)، الآية 7: }وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُور{. 4) النازعات(79)، الآيتين 11_10: }أَ إِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَة * قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَة * فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَة * فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ{. 5) ق(50)، الآيتين 4_3: }أ إِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعيدٌ * قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفيظ{. 6) يس(36)، الآيتين 52_51: }وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُون * قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُون{.
2- الكافي، ج3، ص251، ح7؛ بحارالأنوار، ج7، ص43، ح21 (الباب الثالث من ابواب المعاد من كتاب العدل والمعاد): عن أبي عبد الله… عليه السلام … قال: سُئِلَ عَنِ المَيِّتِ يَبْلَى جَسَدُهُ. قَالَ: نَعَمْ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ لَحْمٌ وَلَا عَظْمٌ إِلَّا طِينَتُهُ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا فَإِنَّهَا لَا تَبْلَى تَبْقَى فِي الْقَبْرِ مُسْتَدِيرَةً حَتَّى يُخْلَقَ مِنْهَا كَمَا خُلِقَ أَوَّلَ مَرَّةٍ. وقال أميرالمؤمنين… عليه السلام … في نهج البلاغة، الخطبة 108، ص335: وَأَخْرَجَ مَنْ فِيهَا فَجَدَّدَهُمْ بَعْدَ إِخْلَاقِهِمْ وَجَمَعَهُمْ بَعْدَ تَفْرِيقِهِمْ ثُمَّ مَيَّزَهُمْ لِمَا يُرِيدُ مِنْ مُسَاءَلَتِهِمْ عَنْ خَفَايَا الْأَعْمَال.

ص: 37

ويقولون إنّ الحقّ في المسألة هو أنّ الروح تخلق بإذن اللّه صورة مثاليّة وتكون معها، وأمّا البدن العنصريّ الذي من التراب فلا يرجع، فالحشر هو حشر روحانيّ محض... إلّا أنّ صراحة الوحي في هذا المورد و عدم ضدّيّته مع العقل ورد في عبارات الكثير من علمائنا الأعلام نشير إلى بعضها:

1_ قال المرحوم الخواجة نصيرالدين الطوسي في كتاب التجريد، في المقصد السادس، المسأله الرابعة:

والضرورة قاضية بثبوت الجسمانيّ من دين النبىّ… صلي الله عليه و آله و سلم … مع إمكانه.(1)

وقد أشار المرحوم الخواجة في هذه العبارة إلى عدم مخالفة مسألة المعاد الجسماني للعقل مع إمكانه وكونه من ضروريّات دين الإسلام.

وقال العلّامة في شرح عبارة الخواجة:

واستدلّ على ثبوت المعاد الجسمانيّ بأنّه معلوم بالضرورة من دين محمّد… صلي الله عليه و آله و سلم … والقرآن دلّ عليه فى آيات كثيرة


1- تجريد الاعتقاد، ص300.

ص: 38

بالنصّ مع أنّه ممكن، فيجب المصير إليه، وإنّما قلنا بأنّه ممكن لأنّ المراد من الإعادة جمع الأجزاء المتفرّقة وذلك جائز بالضرورة.(1)

أقول: انظر إلى بيان هاذين العَلمين العالمين في كون المعاد الجسمانيّ من الضروريّات وكذا في دلالة نصّ الآيات على ذلك.

2 _ قال آية اللّه الحاج ميرزا أحمد الآشتياني جامع المعقول والمنقول بعد بيان بعض المطالب في كتاب لوامع الحقايق في أصول العقائد، قال:

فإنكار المعاد الجسمانيّ وعود الأرواح إلى الأجسام الذى يساعده العقل السليم يخالف نصّ القرآن، بل جميع الأديان وإنكار لما هو ضروريّ الإسلام، أعاذنا اللّه تعالي من زلّات الأوهام وتسويلات الشيطان.(2)

وقال قبل هذا بأسطر:

وقع البحث في أنّ ما ينتقل أليه الأرواح في القيامة الكبرى ويوم الحساب، هل هو عين الأبدان العنصريّة بشمل شتاتها وجمع جهاتها بأمره تبارك وتعالى كما يقتضيه الإعتبار... أو لا؟ بل تنتقل إلى صورة المجرّدة التعليميّة


1- كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، ص 406.
2- لوامع الحقايق في أصول العقائد، ج2، ص44.

ص: 39

نظير القوالب المثالية وصور المرآتيّة، ما وقع التصريح به فى القرآن الكريم هو الأوّل.

نعم إنّا نجتنب مثل هذه التأويلات التي تخالف النصوص الوحيانيّة ولا يوجد دليل عقلي على لزومها، بل أنّ بعضها ضدّ العقل وأنّ مكتب التفكيك يفتخر على أنّه لم يأوّل النصوص القرآنيّة وكلمات أئمّة الهدى… عليهم السلام … لوجود الشبهات. وأمّا ما كان ظاهره ضدّ العقل من الوحي فإنّه يجب تأويله إلّا في هذه الموارد، فإنّ الوحي هو المبيِّن _ و قبل أيّ شخص _ لتوجيه كلامه

ص: 40

ص: 41

فهرس المصادر

•القرآن

•نهج البلاغة

•الصحيفة السجّاديّة

1. الكافي. الكليني، محمّد بن يعقوب بن إسحاق (329 ق). طهران: دار الكتب الإسلاميّة.الطبعة الرابعة: 1407ق.

2. بحارالأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار… عليهم السلام …. المجلسي، محمّدباقر (1110 ق). بيروت: دارإحياء التراث العربي. الطبعة الأولى: 1403ق.

3. فرائد الأصول. الأنصاريّ، مرتضي (1281 ق). قم: مجمع الفكر الاسلامي. الطبعة الأولي: 1419ق.

4. لوامع الحقايق في أصول العقائد. آشتياني، احمد (1395 ق). بيروت: دارالتعارف للمطبوعات. الطبعة: 1399 ق.

5. كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد. حلّي، يوسف بن حسن مطهّر (726 ق). قم: مؤسّسة الإمام الصادق7. الطبعة الثانية: 1382ش.

6. تجريد الاعتقاد. نصيرالدين الطوسيّ، محمّد بن محمّد (672 ق). قم: مركز النشر لمكتب الإعلام الإسلامي. الطبعة الأولى: 1407 ق.

7. شرح منظومه. سبزواري، ملّاهادي (1289 ق). طبع انتشارات علمية إسلامية، 1368 ق.

8. شرح الأسماءالحسني. سبزواري، ملّاهادي (1289 ق). قم: مكتبة

ص: 42

بصيرتي. الطبعة الأولي: 1297 ق.

9. المشاعر. صدر المتألّهين، محمّد بن إبراهيم (1050 ق). طهران: مكتبة الطهوري. الطبعة الثانية: 1363ش.

10. ممدّ الهمم في شرح فصوص الحكم. حسن، حسن زاده الآملي. طهران: وزراة الثقافة والإرشاد الإسلامي. الطبعة الأولى: 1378ش.

11. الحكمة المتعالية في الأسفار الأربعة. صدر المتألّهين، محمّد بن إبراهيم (1050 ق). قم: منشورات المصطفوي.

ص: 43

نظريه تفكيك يا روش فقها و علماء در فهم معارف حقّه

در گفتگو با استاد سيد جعفر سيدان

علي ملكي ميانجي

ترجمه: سيد حسين مدرسي

انتشارات ولايت

1393 _ 1435

ص: 44

چكيده

انديشه اعتقادي فقهاي اماميه و دو مكتب فلسفي و عرفاني ديدگاه جدا و متفاوتند هدف در روش نخست استقلال معارف اعتقادي شيعه با ابتناء بر دو ميزان مقدس شناختِ عقل و وحي است و بهره مندي از تأويل در چارچوب قانون مند را مي پذيرد.

اما در روش فلسفي و عرفاني داراي اهدافي متفاوت و مختلف در غايات و طرقند.

بررسي تطبيقي ديدگاه هاي اين سه روش در مسائل اعتقادي به ويژه در مسائل روشن و بديهي توحيد و معاد اين حقيقت را عيان مي سازد. عقايد تلفيقي و التقاطي، براهين وهمي يا نظري غير يقيني، اوهام كشفاني، تأويل بي حساب و ضابطه از عوامل اساسي جدايي دو ديگاه فلسفي و عرفاني و انديشه اعتقادي فقهاء شيعه مي باشد كه داراي اثر به صورت مجمل مورد بررسي قرار گرفته است.

________________________________________________________________________

انتشارات ولايت

ايران _ مشهد مقدس _ بازار بزرگ

تلفن: 00989151162907 _ 00989151576003

ص: 45

BOOK SUMMARY

This book is yet another valuable treatise by the eminent scholarly authority Ayatollah S. J. Seyyedan.

The author touches in the beginning on seven important points in regards to engaging in debates and offers insights on objective research.

Ayatollah Sayyedan stresses, among other things, the essential need to stay firmly within the confines of the teachings of the Ahlulbayt, and cites verses and traditions in this regard.

He also refers to several examples of erroneous conclusions arrived at by philosophers and mystics relevant to this discussion.

Finally, the author points out several important issues on the separation between the school of Philosophy and Mysticism on one side, and that of divine revelation on the other.

________________________________________________________________________________________

The publisher

Velayat publishers

Address: Iran, Mashhad, central bazaar, Velayat publisher.

Tel: 00989151576003 - 00989151162907

ص: 46

Khorasan And The School of Divine Gnosis

Ayatollah Seyyedan

Ali Maleki Mianji

Translator:

Sayed Hossain Modarresi

Velayat Publishers

2014 _ 1393

ص: 47

بسم اللّه الرحمن الرحيم

}اُدعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَال_مَوعِظَةِ ال_حَسَنَة{

علم و معرفت بزرگترين و بهترين نعمت الهي است كه خداوند متعال آن را به بندگان صالح خويش عطا مي فرمايد و آن ها را در مسير عبوديت و كمال بندگي به سوي خود با آن ياري مي كند. بزرگ ترين افتخار بندگان خدا برخورداري آن ها از اين نعمت گرانسنگ است. عالمان رباني و عارفان حقيقي كساني هستند كه در راه بندگي خدا همواره پيامبران الهي و امامان معصوم… عليهم السلام … را چراغ راه خويش قرار داده واز سلوك طريق علمي و عملي آن ها هيچ وقت احساس خستگي به خود راه نداده و از هر طريق ديگري غير از راه امامان معصوم… عليهم السلام …دوري و بيزاري مي جويند.

اين بنياد با هدف احياي آثار چنين بزرگاني كه در طول تاريخ تشيع همواره مدافع و پشتيبان معارف اصيل وحياني و علوم راستين اهل بيت… عليهم السلام …بوده اند تشكل مي يابد.

اميد است با توجهات خاص حضرات معصومين در اين راه توفيق يارشان باشد تا بتوانند قدم هاي مثبت مهمي در احياي آثار ارزشمند آن بزرگان با شرايط روز بردارند.

ص: 48

بسم اللّه الرحمن الرحيم

}اُدعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَال_مَوعِظَةِ ال_حَسَنَة{

Call on to the way of your lord with wisdom and good preaching

Knowledge is arguably God's most precious blessing given to humanity, with which they can understand, worship, and submit to the Almighty's commandments. It is indeed the greatest of His gifts for both in this life and the afterlife.

And those with divine understanding are the true inheritors of the prophets and their successors. Those are the people of wisdom who stop at nithing in carrying on their endeavor in seeking knowledge from its one and only source; The messengers of Allah.

This institution, was founded on the revival and republishing the canons and original works of the scholars who gave their life in supporting the foundations of the religion and the teachings of the holy prophet and his immaculate household. We ask Allah to guide us in this holy path.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.