بحث في الخمس: دراسه لبيان مساله الخمس ...

اشارة

سرشناسه : رجبي ، حسين ، ‫1337 -

عنوان قراردادي : پژوهشي درباره خمس و پاسخ به شبهات آن .عربي

عنوان و نام پديدآور : بحث في الخمس: دراسه لبيان مساله الخمس .../ تاليف حسين رجبي؛ ترجمه جعفر الجزايري.

مشخصات نشر : تهران: نشر مشعر ‫، 1391.

مشخصات ظاهري : ‫64 ص. ؛ 12 × 17 س م.

شابك : ‫ 978-964-540-417-6

وضعيت فهرست نويسي : فيپا

يادداشت : عربي.

موضوع : خمس

موضوع : شيعه -- دفاعيه ها و رديه ها

شناسه افزوده : جزايري، جعفر، ‫1356 - ، مترجم

رده بندي كنگره : ‫ BP188/6 ‫ /ر3پ4043 1391

رده بندي ديويي : ‫ 297/356

شماره كتابشناسي ملي : 3020652

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

كلمة المعهد

لمَّا كان الإسلام يطرح نفسه كنظريةٍ شاملةٍ لجميع جوانب وأبعاد الحياة الإنسانية، كان من الضروري لشريعته أن ترقى لهذا المستوى من سعة الأفق أيضاً. ومن هنا، نرى تش-ريعاته تنبسط لتمتد (أفقياً) على مناحي وأصعدة الحياة لتغطّيها بشكلٍ كاملٍ، وتتابع امتدادها (عمودياً) لتستوعب جميع الأزمنة والعصور، دون أن تتوقّف عند عصر دون آخر.

وهذا الامتداد لم يقتص-ر على القوانين والتش-ريعات على مستوى تنوّعها وانبساطها زمنياً وملامستها للمواضيع بنحوٍ كمّي فقط، بل كان هذا الامتداد - في الجملة - محفوظاً داخل الحكم والتشريع الواحد أيضاً؛ كيما يحتفظ هذا التش-ريع بالمرونة

ص: 6

التي تؤهّله للانسجام مع ظروف تطبيقه في عص-رٍ واحد سعةً

وضيقاً. بالإضافة إلى بقائه محتفظاً بحيويّته على مدى العصور ما دام موضوعه باقياً.

انطلاقاً من هذا السياق الفكري الإسلامي المرن، يتمّ طرح مسألة (الخُمس) - وهي ضريبة مالية قنّنها الإسلام لحفظ التوازن الاجتماعي من الناحية الاقتصادية إلى جانب حزمة من التش-ريعات الأخرى - كموردٍ قابل للاجتهادات الفقهية التفصيلية المختلفة من قبل المذاهب الفكرية المتعدّدة، بل وحتى داخل إطار المذهب الواحد.

وهذا المستوى من الاختلاف يعدّ في نفسه ظاهرة صحيّة يتمتّع بها الفكر الاجتهادي، وينمّ عن تنوعٍ في آفاق الرؤية والاختلاف في الاجتهادات.

لكن ما يؤسف له أن تتحوّل هذه الاختلافات الفكرية إلى أداة تحريضية يراد منها النيل من مدرسة الفكر الآخر، وإقصاءه من ساحة التنوّع الفكري المشروع، بل وتشويه صورته واتّهامه بأشياء لا يقول بها ولا تمتّ له بصلة!

هذا البحث الذي بين يدينا (بحث في الخمس) ، هو دراسة

ص: 7

تستهدف توضيح مسألة الخمس في رؤية مدرسة أهل البيت: ،

وتحاول أن تُظهر حقيقة بعض الاعتراضات على هذا الموضوع. وهي بقلم الأستاذ (حسين رجبي) ، ترجمه إلى اللغة العربية الاستاذ جعفر الجزائري بطلب منا (معهد الحج و الزيارة) وقد قام الاستاذ الجزائري بترجمتها إلى اللغة العربية، وكان خلال ذلك حريصاً على أن يكون دقيقاً في ترجمته لعبائر المؤلّف لتحكي وتعبّر بشكلٍ واضح وصريح عن آراءه وما كان يريد عرضه من الموضوع ومناقشاته، وكذلك أسلوبه الذي اتّبعه وتعبيراته.

وفي الختام: ان المعهد الحج والزيارة والمديرية قسم الكلام والمعارف يقدم ثناء العاطر للمؤلف والمترجم واسأل الله تبارك وتعالى ان يوفقهما ويسددهما لخدمة مكتب اهل البيت: والحمدلله رب العالمين.

انه ولي التوفيق

معهد الحج والزيارة

قسم الكلام والمعارف

ص: 8

ص: 9

المقدمة

من وظائف كلّ مسلمٍ تجاه تعاليم دينه بشكلٍ عامٍ، ومن واجباته الشرعية بشكلٍ خاص، أن يكون مطّلعاً عليها وملمّاً بها بنحوٍ جيدٍ؛ وذلك لكي يستطيع، بالإضافة إلى أدائها بشكلٍ صحيح، أن يُجيب على الاستفهامات والاعتراضات التي تطرح عليه بشأنها.

يقول الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) :

«لو أُتيت بشابٍ من شبابِ الشيعة لا يَتَفَقّه، لأدّبته» . (1)


1- المحاسن، أحمد بن محمد بن خالد البرقي، تصحيح وتعليق: السيد جلال الدين الحسيني، ط بلا، ١٣٧٠ه، دارالكتب الإسلامية، طهران، ج١، ص٢٢٨

ص: 10

فالإمام الصادق (ع) يبيّن لنا من خلال كلامه هذا وظيفتنا جميعاً،

وينبّهنا إلى أن نكون واعين لِما يمكن أن نتعرّض له من هجمات ثقافية من قبل مخالفينا في الفكر أو في الدين، وكيفية الوقاية منها عن طريق التفقّه في ديننا. ومن البديهي أنّنا إذا تلقّينا ديننا وواجباتنا الش-رعية بدون دليلٍ ومعرفةٍ في كيفية إثباتها، سنكون عاجزين عن درء الشكوك وما يعترضنا من أسئلة، ناهيك عن أنّنا أنفسنا سنكون في معرض التشكيكِ في قناعاتنا وثوابت ديننا. ومن هذا المنطلق يجب علينا أن نفهم ديننا بوعي كاملٍ مدعوم بالدليل المتين.

نحن الآن في عالمٍ يمكن أن ترد علينا فيه الأسئلة وتطرح فيه الاعتراضات التي تتعلّق بأصول ديننا ومذهبنا بشتّى الوسائل والطرق، سواء عن طريق الكتب والمجلّات، أو مواقع النش-ر الإلكتروني، وسائر وسائل الاتّصال الحديثة الأخرى.

فتارةً تكون هذه الأسئلة والاعتراضات من أصحاب ديانات أخرى غير الإسلام، كاليهودية والمسيحية، حيث يطرحون شكوكهم وتساؤلاتهم حول الدين الإسلامي الحنيف.

وأخرى تكون ممّن ينتمون للإسلام، وذلك كما تقوم به

ص: 11

الوهابية. ففي السنين الأخيرة قاموا بتوزيع الكتب والكرّاسات

على المسلمين، وبالخصوص زوّار بيت الله الحرام والحرم النبويّ الش-ريف، فأثاروا الشبهات وتعرّضوا بالإهانة لعقائد المسلمين، وبالخصوص الشيعة منهم. ونحن من ديدننا تقبّل كلّ الأسئلة والاستفهامات برحابة صدر، وكما هو معهود من علماء الشيعة قِبال مثل هكذا ظواهر وهجمات، وإننا لنجيب عليها بلسان المنطق والدليل بجوابٍ مناسب مقنعٍ، دون اللجوء لفاحش اللفظ والقول.

وبين يديك كتاب (الغدير) الذي ألّفه العلامة الأميني، المتكوّن من عدّة مجلدات، خيرُ دليلٍ ذلك؛ فأيّ عالمٍ يطّلع على هذا الكتاب ويقيّمه بالإنصاف والحقّ، حتى لو كان من علماء الوهابية، سيجد في هذا الكتاب ما يقطع دليل المخالفين وأوهامهم ويفنّد حججهم.

ومن البديهي أنّ الشباب والزائرين للأماكن المش-رّفة من مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ، وكما هو معهود منهم اقتداءاً بعلمائهم الأخيار، يفتحون صدورهم لأيّ استفسارٍ أو اعتراضٍ يطرح عليهم، ويضعونه في دائرة البحث والدراسة، فإذا استطاعوا أن

ص: 12

يصلوا إلى نتيجة مقنعة وكانوا قادرين على الإجابة، فإنهم سوف يجيبون على تلك الاعتراضات والتساؤلات، أو أنهم يلجؤون إلى علمائهم المختصّين ليستعينوا بهم على توضيح هذه الاعتراضات والإجابة عليها، ويكونون أثناء ذلك حذرين من الوقوع تحت تأثير هذه الإثارات السلبية، حتى يحصلوا على الجواب الوافي.

بالطبع، قد يلجأ المغرضون في بعض الأحيان إلى طرح تساؤلاتهم عن طريق المغالطات العلمية والكذب والخداع وإلصاق التهم بالباطل، بغية تشويش الأجواء الفكرية لدى الناس وإيقاعهم تحت تأثير هذه المغالطات والأباطيل. وحينئذٍ علينا أن نكون يقظين ويحذر بعضنا البعض كي نصون أنفسنا عن مثل ذلك.

ومن نماذج ذلك، هي الكتابات التي نش-رت عن طريق الوهابيّين المتعلّقة بمسألة الخمس، وبالخصوص خمس أرباح المكاسب، حيث حاولوا فيها من خلال أنواع المغالطات والكذب، إيهام القرّاء بأنّ المذهب الشيعي ليس لديه دليل على وجوب الخمس! سعياً منهم إلى الوصول من خلال ذلك لأهدافهم غير النزيهة؛ لأنّهم يعلمون علم اليقين أنّ بقاء المذهب

ص: 13

واتّساعه وإقبال الناس عليه على مدى العصور كان حصيلة

لجهود وجهاد العلماء والفقهاء من مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ، من خلال تحمّلهم شظف العيش والحياة البسيطة، وتوظيفهم ما يمتلكونه من علم رفيع وتقوى في تجاوز الصعاب، وأيضاً لِما لأموال الخمس التي تصلهم من الناس من دور جوهري في كلّ ذلك.

فالمذهب الشيعي اليوم هو أكثر المذاهب الإسلامية عقلانية ومنطقية، لما يشتمل عليه من تعاليم الدين الإسلامي الأصيل، فلا غرو أن صار محط أنظار الناس في كل العالم.

وقد سعينا في هذا البحث أن نجيب على الاعتراضات التي طرحت من قبل هؤلاء الوهابيّين، داعين الله تعالى أن يأخذ بأيدي كلّ المسلمين لطريق الحقّ والصواب.

ص: 14

ص: 15

الاعتراضات المدعاة

اشارة

هناك بعض النقد والاعتراض في الكتاب الذي قام بطباعته وتوزيعه الوهابيّون السعوديون، نذكر خلاصة هذه الاعتراضات على شكل نقاط ثمّ نشرع بالإجابة عليها:

الاعتراض الأوّل: لا يوجد في القرآن والسنة دليلٌ على ثبوت الخمس في أرباح المكاسب.

الاعتراض الثاني: إنّ علماء الشيعة لا يقولون بوجوب الخمس في أرباح المكاسب، بل يذهبون إلى أنّ الخمس مستحبٌ.

الاعتراض الثالث: لا يوجد دليل على وجوب إعطاء الخمس للفقهاء.

الاعتراض الرابع: إنّ الأئمّة (عليهم السلام) ، كما جاء في الروايات، أعفوا أتباعهم من إعطاء الخمس.

ص: 16

تساؤلات نطرحها على منكري الخمس في أرباح المكاسب

قبل الش-روع بتوضيح وشرح موضوع الخمس والمسائل المتعلّقة به، نحاول أن نطرح بعض الملاحظات المهمّة على شكل أسئلةٍ لهؤلاء الكتّاب الذين لديهم اعتراضات وتحفّظات تجاه مسألة الخمس؛ كي نهيئ الأساس للإجابة على تساؤلاتهم الرئيسة؛ لأنّ اعتراضاتهم التي طرحوها واردةٌ عليهم أيضاً في موضوع زكاة مال التجارة. فنذكر هنا بعض هذه الملاحظات على شكل تساؤلات:

١ - أنتم قلتم فيما يخصّ خمس أرباح المكاسب: لا دليل عليه من القرآن والسنّة. وسؤالنا هو: هذا الكلام عينه ينطبق على زكاة أرباح المكاسب وأرباح رؤوس أموال التجارة وغيرها، حيث تذهبون إلى وجوبها فيه. فبأيّ دليل تلزمون الناس بوجوب إعطاء زكاة رؤوس أموال تجارتهم؟ !

وفي أيّ مكان من القرآن والسنّة ورد وجوب زكاة رؤوس أموال التجارة؟ !

في حين قد ذُكر في الروايات، التي هي مورد قبول الوهابييّن

ص: 17

أنفسهم، أنّ رسول الله (ص) أوجب العُش-ر في الحنطة والشعير والتمر والزبيب. كما يذكر ذلك ابن قُدامة في روايتين في كتاب المغني. فقد جاء في الرواية التي ينقلها أبو موسى ومعاذ: «إنّ رسول الله (ص) بعثهما إلى اليمن يعلّمان الناس أمر دينهم، فأمرهم أن لا يأخذوا الصدقة إلّا من هذه الأربعة: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب» .

ويعلّق ابن قُدامة، الذي هو من علماء المذهب الحنبلي، والوهابيّون من الناحية الفقهية يعتبرون مقلّدين لإمامه أحمد بن حنبل، بعد أن ينقل هذه الروايات قائلاً:

«. . . غير هذه الأربعة لانصَّ فيها ولا إجماع» . (1)


1- المُغني في شرح مختصر الخِرَقيّ، ابن قُدامة، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، والدكتور عبد الفتاح محمد الحلو، نشر: دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع - الرياض، الطبعة الثالثة ١4١٧ق - ١٩٩٧م مصحّحة ومنقّحة، ج4، ص ١5٧. لمَّا كان هناك تشابه بين الزكاة والخمس، لا بأس أن نذكّر بالموارد التي تجب فيها الزكاة: ففي رأي المذهب الشيعي تجب الزكاة في تسعة أمور، ولا تجب في غيرها، نعم تستحب في بعضها. أمّا في رأي المذهب السنّي فتجب الزكاة في خمسة أمور، هي: ١ - الحيوانات الأهلية (الإبل، والبقر، والغنم) . ٢ - الذهب والفضّة. ٣ - مال التجارة. 4 - المعادن والركائز. 5 - الزروع والثمار. وفي غير هذه الموارد المذكورة لا توجد زكاة (انظر الفقه على المذاهب الأربعة، ج١، ص54١) بالطبع يوجد لكلّ واحد من الموارد شروطه الخاصة، ولمن أراد الإطلاع عليه مراجعة الكتب الفقهية. أمّا ابن قُدامة فقد روى في كتاب المغنى: إنّما سنَّ رسول الله (ص) الزكاة في: الحنطة، والشعير، والتمر والزبيب. وجاء في رواية أخرى: «والعُشر في التمر والزبيب والحنطة والشعير» . ويروي موسى بن طلحة عن الخليفة الثاني: «إنّما سنّ رسول الله (ص) الزكاة في هذه الأربعة: الحنطة والشعير، والتمر، والزبيب» وعن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذ أنّ رسول الله (ص) بعثهما إلى اليمن يعلّمان الناس أمر دينهم فأمرهم أن لا يأخذوا الصدقة إلاّ من هذه الأربعة: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب. رواها كلّها الدارقطني، ولأنّ غير هذه الأربعة لا نصّ فيها ولا إجماع، ولا هو في معناها في غلبة الاقتيات بها وكثرة نفعها ووجودها فلم يصح قياسه عليها، ولا إلحاقه بها فيبقى على الأصل. وقال أبو حنيفة: تجب الزكاة في كلّ ما يقصد بزراعته نماء الأرض إلاّ الحطب والقصب والحشيش. وعن النبي الأكرم (ص) أنّه قال: «في ما سقت السماء العُشر» . (انظر: المغني في شرح مختصر الخِرَقيِّ، ج4، ص١56-١5٧) في هذه الروايات لا يوجد أي كلام حول مال التجارة - أي المال المعد للاتّجار به والتربّح به-، في حال أنّنا نجد أهل السنّة يوجبون الزكاة في أموال التجارة، كما يوجبونها في المعادن، ويذكرون لوجوب الزكاة في هذه الأموال آيتين كريمتين: قوله تعالى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [سورة المعارج: ٢4 - ٢5]. وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ [سورة البقرة: ٢6٧]. وظاهر الآيات يدل على أنّها في صدد ومقام تشريع أصل الزكاة وليست في مقام تعيين مصاديق الأموال التي تجب فيها الزكاة وأنّها شاملة لكلّ الأموال. وإذا قال قائل: إنّ عموم الآية يدل على تعلّق الزكاة بكلّ الأموال. فجوابه: إنّ هذا الكلام، بالإضافة إلى كونه مخالفاً للروايات والنصوص المقيّدة للزكاة في أمور محدودة، فإنّه لا يوجد مذهب من المذاهب الأربعة عند أهل السنة يذهب إلى وجوب الزكاة في كلّ الأموال بهذا النحو من العموم والشمول. كما أنّه وبالنظر إلى الكتب الفقهية التي تذكر شرائط وخصائص لبعض الأموال المستثناة من دفع الزكاة، مثل آلات الزينة، والحُلي، والمجوهرات، والبقول، والخيار، والبصل، والثوم، والرمان، و. . . . ، فإنّه لا يمكن الالتزام بعموم الآيات. ومن هذا المنطلق لابدّ لنا عند إرادة التعميم من الرجوع إلى السنّة الشريفة. والخلاف الموجود بين المذهب الشيعي وأهل السنة إنّما هو في مال التجارة؛ حيث يذهب الشيعة إلى عدم وجوب الزكاة فيه، ولكن من وجهة نظر أهل السنة أنّ الزكاة واجبة في هذا المال. لكنّ الشيعة يذهبون- ومع غضّ النظر عن تعلّق الزكاة به أو عدمه - إلى وجوب الخمس في ما زاد عن مؤنة السنة. في حين يحصر أهل السنّة الخمس في خصوص غنائم الحرب والركائز.

ص: 18

ص: 19

ص: 20

فأي جواب تجيبون به هنا، اجعلوه جواباً لنا في ذهابنا إلى تش-ريع الخمس في أرباح المكاسب!

٢ - أنتم ذكرتم أنّه لا يوجد دليل على وجوب إيصال الخمس للفقهاء.

سؤالنا هو: إنّ مدارسكم ومعاهدكم الدينية تدار بأموال الزكاة و (العُشر) من مال التجارة، فأين ورد في القرآن والسنّة أنّه يجب إعطاء عش-ر الأموال للعلماء والمدارس الدينية؟ ! وبالطبع، بالنسبة لنا فلدينا دليلٌ وسببٌ لإعطائنا الخمس للفقهاء سنوضّحه لاحقاً.

٣ - ذكرتم أنّ فقهاء الشيعة لا يرون وجوب الخمس في

ص: 21

أرباح المكاسب.

هذا الكلام كذبٌ وافتراء، وتهمة باطلة لفقهاء الشيعة؛ لأنّ كل العلماء يفتون بوجوب الخمس وكذلك خمس أرباح المكاسب. وعلى فرض أنّ بعض العلماء يذهب إلى استحباب ذلك، أليس عمل المستحب فيه أجرٌ وثوابٌ؟ ! أم أنتم لا تعملون بمستحبّات مذهبكم؟ !

أضف إلى ذلك أنّه لمّا كان العلماء والمجتهدون يفتون طبقاً لاجتهاداتهم، فمن الطبيعي أن يكون هناك في بعض الأحيان اختلاف في المسائل بينهم، كما هو حال الفقهاء عندكم في اختلافهم في مسائل الزكاة والخمس، فيرى بعضهم وجوب الزكاة في شيءٍ ما ولا يرى آخر وجوبه فيه، فهل يُلغى تشريع الزكاة أساساً أو يُشكك فيه لو قال شخص بعدم الوجوب فيه؟ ! أليس من الواجب رجوع المسلم إلى المجتهد الذي يقلّده في فتواه ويعمل طبقاً لرأيه؟ ! فإذا قال مجتهدٌ بالاستحباب في هذه المسألة، يعمل مقلّده طبقاً لرأيه ويتّبعه، وإذا قال مجتهد آخر بالوجوب فيها، فعلى مقلديه أن يتّبعوه في رأيه.

4 - يؤمن الشيعة الإماميون بأنّ الفقيه الجامع للش-رائط هو

ص: 22

نائب الإمام المعصوم (ع) في زمان غيبته. وكما كان الخمس في عصر النبيّ الأكرم (ص) تحت سلطته وتصرّفه، ويصرفه في ما يرى فيه صلاحاً، انتقلت هذه السلطة والمسؤولية من بعده للأئمّة المعصومين (عليهم السلام) من أهل بيته، ومن بعدهم في زمان الغيبة انتقلت هذه المسؤولية إلى العلماء الفقهاء لأنّهم القائمون بمسؤوليات ووظائف الأئمّة ودورهم في المجتمع.

ومن هذا المنطلق، تكون مسألة تسليم حقّ الإمام المعصوم للفقهاء من المسائل البديهية والمتسالم عليها عند أبناء الطائفة الشيعية، وبالخصوص الأجيال الشابّة؛ لأنّهم يعلمون علم اليقين أنّ بقاء المذهب على مر الأجيال وانتشاره ورفعته، إنّما كان يتمّ عن طريق جهود العلماء الفقهاء وجهادهم ضد حكام الجور والظلم، فوصل لنا خط هذه المدرسة بحفظهم لنا الدين والمذهب برفعة رأس. وإذا كان ثمّة صدى وشهرة وقبول للمذهب الشيعي اليوم وقدرة على الصمود ومواكبة تحدّيات العصر، فإنّما هو بفضل جهود الفقهاء الكبار من أمثال الإمام الخميني والعلامة الطباطبائي والشهيد المطهّري والشهيد محمد باقر الصدر، ومئات الفقهاء الآخرين والذين هم نتاج هذه

ص: 23

المذهب وثمرة جهود رجاله أيضاً.

أمّا بالنسبة للعلماء الوهابيّين فكيف يبرّرون أخذ الض-رائب المالية من الناس، مع أنّهم يقولون بأنّ كل سلطان هو وليٌّ لأمرهم، ويطيعون حكّامهم حتى ولو كانوا ظلمةً وجائرين؟ ! فهم يتقاضون من حكامهم الأموال ولا يعترضون عليهم في ارتكابهم للمنكرات والمساعدة على ترويجها ونش-رها، وغير مستعدّين للوقوف والاعتراض بحرفٍ واحد على ذلك.

من خلال الكلام السابق نستنتج مجموعة من الاعتراضات العكسيّة على منكري الخمس في أرباح المكاسب، وأنّهم يواجهون

في باب الزكاة عين إعتراضاتهم التي يطلقونها علينا في خمس أرباح المكاسب، وجوابنا هو عين ما يجيبون به.

الآن نشرع في بيان الإجابات التي نثبت فيها تش-ريع الخمس والتي تدفع اعتراضاتهم في هذا المجال، حيث نثبت من خلالها أن لا شيء من هذه الاعتراضات وارد علينا، وسنوضح الأجوبة واحداً تلو الآخر.

ص: 24

ص: 25

الخمس في القرآن والسنة

اشارة

يوجد في الإسلام نوعان من إنفاق الأموال؛ إنفاق مستحب وإنفاق واجب. والإنفاق المستحب لا حدَّ لأقله ولا لأكثره، بل هو منوط بقدرة الإنسان وتمكّنه، ولو كان بمقدار شقّة تمرٍ، وهذا المعنى أكّدت عليه آيات قرآنية وروايات كثيرة.

أمّا الإنفاق الواجب، والمسمّى في القرآن بالزكاة والخمس، فله شروطه الخاصة التي لم يشر إليها القرآن الكريم بالتفصيل، واقتصر على تش-ريع الحكم والحثّ عليه فقط. ولكن جاءتنا شروط وخصوصيات الزكاة والخمس عن طريق الروايات بشكلٍ مفصل.

وقبل الدخول في هذا البحث نبدأ بتعريف الزكاة والخمس:

ص: 26

فالزكاة والخمس: حقٌ ماليّ أوجبه الله تعالى في أموال خاصة،

يجب على المالك إخراجه منها.

بالطبع إنّ مصارف الزكاة والخمس يختلف بعضها عن البعض الآخر؛ لأنّ الزكاة والصدقة محرّمة على بني هاشم، ولذا جعل الله لهم الخمس بدلاً عن ذلك، وذُكر ذلك في الروايات كعلّة تشريع الخمس.

قال الإمام الصادق (ع) :

«إنّ الله، لا إله إلّا هو، لمّا حرّم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام، والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال» . (1)

ويقول القرآن حول الخمس: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ. . . . (2)

في هذه الآية تصريح ب-: أنّ ما حصلتم عليه من أموال عن


1- وسائل الشيعة، الحر العاملي، تحقيق وتصحيح وتذييل: الشيخ عبدالرحيم الرباني الشيرازي، ط 5، سنة ١4٠٣ق -١٩٨٣م، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، كتاب الخمس، ج6، ص ٣٣٧.
2- سورة الأنفال: 4١.

ص: 27

طريق الغنيمة، فعليكم دفع خمسه لله ولرسوله ولذي القربى خاصةً.

والبحث يدور حول اصطلاح (الغنيمة) ، فهل تختصّ الغنائم بما يتمّ الحصول عليه في الحرب، أم كلّ ما يربحه ويكسبه الإنسان يصدق عليه أنّه غنيمة؟ وذلك لأنّ القرآن يتبع في طرحه وبيانه للأمور طريقة طرح القواعد العامة والكلّية للعقائد والأخلاقيات، ولا يدخل في التفاصيل والجزئيات، وكمثال على ذلك مسألة الصلاة والحجّ؛ حيث لم تذكر في القرآن عدد الركعات وكيفية القراءة، أو تفاصيل الحج وشعائره.

لذا، فإنَّ القرآن الكريم وحده ليس كافياً لفهم احكامه وتشريعاته بشكلٍ تفصليٍّ، بل لا بدّ من وجود النبيّ الأكرم (ص) لأجل تفسيره، ومن خلال أفعاله وتقريراته وإمضائه للأفعال، يبيّن للأمة جزئيات الأحكام والعقائد، وهذا ما نطلق عليه (السنّة) اصطلاحاً.

وبناءاً على ذلك لا نجد أيَّ تبيين لخصوصيات وشروط المال الذي تعلّق به الخمس والزكاة في الآيات القرآنية، وإذا أردنا أن لا نؤمن بكلّ قضية لم يرد تفصيلها ولم تُذكر جزئياتها في القرآن

ص: 28

الكريم، فلازم ذلك عدم إيماننا بكثير من المسائل والاعتقادات التي لم يرد لها ذكر على هذا النحو في القرآن، ولذلك ولأجل الحصول على تفاصيل الأحكام والعقائد الصحيحة علينا أن نعود إلى السنّة النبوية الصحيحة وما هو محل للاطمئنان.

نجد أنّ الآيات المتعلّقة بالخمس ذكرت وحدّدت ثلاثة أشياء:

١ - الخمس على الأموال الحاصلة غنيمةً.

٢- المقدار الواجب بذله في الغنائم هو الخمس.

٣ - موارد دفع الخمس.

ولكنّ الأمر الذي كان مجملاً في الآية هو معنى كلمة (غنيمة) ، ولذلك كان أحد البحوث المطروحة في الآية هو: ما معنى الغنائم؟ هل ينحصر معناها بخصوص ما يؤخذ في الحرب من أموال، أم أنّ ما يطلق عليه غنيمة في نظر العرف واللغة هو المقصود؟

من أجل الإجابة على هذا التساؤل علينا الرجوع إلى السنّة النبوية، وحينذاك يتّضح أنّ المقصود من (الغنيمة) ليس فقط

غنائم الحرب، بل ما يعمّ غيرها. لكن البحث في نظر المذاهب

ص: 29

الإسلامية يتّخذ طابعاً آخر، فيتسع أو يضيق بحسب الاجتهادات الفقهية، فالبعض يوسع دائرة الخمس إلى كلّ ما يصدق عليه غنيمة في نظر العرف، وهو رأي المذهب الشيعي ومدرسة أهل البيت.

والبعض يحدد عنوان (الغنيمة) بخصوص غنائم الحرب والركائز (الكنوز) ، وهو رأي أهل السنّة. (1)


1- أهل السنة واستناداً إلى رواية يروونها عن أبي هريرة: «وفي الركائز الخمس» يوجبون الخمس في الأموال المدفونة التي يعثر عليها والتي تسمّى الركائز. ومن هنا نجد أنهم السنة لا يحصرون الخمس في غنائم الحرب فقط، على الرغم من ذهابهم إلى أنّ دائرة الخمس محدودة. لكنّ الشيعة يرون أنّ عنوان الغنيمة يشمل أموال الربح في المعاملات ورؤوس الأموال التي يمضي عليها سنة، بدلاً من الزكاة. والسنّة يرون أن مثل هذه الأموال والاستثمارات تجب فيها الزكاة. لذا أهل السنة لا يستطيعون الاعتراض على الشيعة بالقول إنه: لا دليل لديكم لإيجاب الخمس على هذه الأموال لأنّه يقال لهم جواباً: دليلنا هو نفس الدليل الذي توجبون به الزكاة على هذه الأموال ( \ أرباح المكاسب والتجارات) . والشيعة لديهم دليل لوجوب الخمس في هذه الأموال، وأنتم ما هو دليلكم على وجوب الزكاة، هل كانت هناك زكاة في أرباح المكاسب في زمن النبيّ (ص) ؟ ! أليس ذلك مجرد اجتهاد من علمائكم؟ ! هذا هو الجواب الذي يطرحه الشيعة. ومن الواضح أنّ أدلة الشيعة على وجوب الخمس أقوى بكثير من أدلة وجوب الزكاة التي يدّعونها؛ لأنّ وجوب الزكاة على أموال التجارة وأرباح المكاسب يخالف رواياتهم التي تحظى بقبولهم. ومن جانب آخر فإنّ الآيات ليست في مقام بيان تفاصيل وجزئيات التشريع، بل هي في مقام التشريع الكلّي للأحكام فقط، وعلى هذا لا يمكنكم التمسك بعموم الآيات لإثبات وجوب الزكاة في أموال التجارة.

ص: 30

ولمّا كان هذا البحث محلاً للآراء الاجتهادية لفقهاء المذاهب فعلينا لمعرفة رأي كلّ مذهب الرجوع إلى آراء الفقهاء الكبار فيه، مع الأخذ بنظر الاعتبار أنّ مفهوم الغنيمة لم يبيّن في القرآن بشكلٍ واضح، وعلينا الرجوع للغة والعُرف، ثمّ للروايات الواردة، للوقوف على تفاصيل أكثر وضوحاً.

بالنسبة للغة، وبمراجعة الكتب الأساسية فيها، يتّضح

مفهوم الغنيمة بشكلٍ جيّد، لأنّ رأي اللغويين في الغنيمة هو إطلاقها على كلّ مالٍ وربحٍ يحصل عليه الإنسان، سواء كان عن طريق عثوره على كنزٍ أو معدنٍ أو غنائم حربٍ، أو غير ذلك.

ص: 31

يقول الراغب الأصفهاني: غَنَم. . . والغُنْمُ إصابته والظفر به، ثمّ استعمل في كلّ مَظْفُورٍ به من جهة العدى وغيرهم، قال: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ . . . ، كُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً ، والمَغْنَم ما يُغنم وجمعه مَغانم، قال: فَعِندَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ . (1)

ويقول ابن منظور: «والغُنم: الفوز بالشيء من غير مشقّة» .

ويقول ابن فارس: غُنم، أصل صحيح واحد يدل على إفادة شيء لم يملك من قبل ثمّ يختص بما أُخذ من المشركين. (2)

ويقول الخليل بن أحمد الفراهيدي، وهو من كبار علماء اللغة:

والغُنْمُ الفَوْزُ بالشيء في غير مشقّة. (3)

أقوال اللغويين تدلّ على أنّ مفردة غُنم وغنيمة، لا تختص بالأشياء التي يحصل عليها في الحرب فقط، بل معناها أعمّ من ذلك، وإن كانت في زمان نزول الآية استعملت في غنائم الحرب.


1- مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الإصفهاني، مادة غنم. الآيات من (سورة الأنفال: 4١ و6٩) و (سورة النساء: ٩4) .
2- مقاييس اللغة، مادة غنم.
3- كتاب العين، مادة غنم.

ص: 32

وعلى هذا فكلّ ما يحصل عليه الإنسان من فوائد وأرباح يصدق عليه أنّه غنيمة.

وكذلك استخدمت مفردة (مغنم) في القرآن في ما يحصل عليه الإنسان حتى من غير طريق الحرب، جاء في الآية الكريمة: فَعِندَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ، فجعلت الآية المغانم الكثيرة جزاءاً مقابل متاع وملذات الحياة الدنيا. وبناءاً على هذه الآية فإنّ (المغنم) يطلق على ما يحصل عليه الإنسان من الفوائد والأرباح الأخروية أيضاً.

ونجد أنّ الروايات التي وردت عن الرسول الكريم تحكي استعمال كلمة (مغنم والغنيمة) في معاني من قبيل: الجنّة، والآثار والبركة التي تحصل من شهر رمضان. فقد جاء في كتاب النهاية

لابن أثير:

«ومنه الحديث (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) إنّما سمّاه غنيمة لِما فيه من الأجر والثواب» . (1)

وكذلك القرطبي، وهو من مف-سّري أهل السنّة، في تفسيره


1- النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير، تحقيق: محمود محمد الطناحي، طاهر أحمد الزاوي، ط 4، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ج٣، ص٣٩٠.

ص: 33

للآية الكريمة: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم. . . استفاد منها عموم الفائدة والربح، ويقول: وإنّما اختصت بغنائم الحرب للإجماع.

وجاء وجوب الخمس في الروايات المروية عن طريق أهل البيت (عليهم السلام) على أموال الأرباح المكتسبة الخارجة عن احتياجات الانسان ومؤنته خلال السنة؛ لصدق عنوان الغنيمة عليها، حتى وإن كانت الآية واردة في خصوص غنائم الحرب، كما يقول المف-سّرون في أسباب نزولها في واقعة بدر والتقاء المسلمين مع الكافرين، ولكن من البديهي أنّ كلّ آية تنزل في واقعة معيّنة لا يمكن حصرها وجعلها مختصّة بخصوص هذه الواقعة، بل إنّ مفردة الغنيمة لها دلالة عامة وواحدة من مداليلها هي غنائم الحرب وحين نعلم أنّ الآية دلّت في بداية التشريع على وجوب الخمس في غنائم الحرب والكنوز المدفونة، ويمكن لاحقاً ومن خلال إطلاق الآية أن نستفيد شمولها لكلّ فائدة وغنيمة يحصل عليها الإنسان فتكون مصداقاً للآية. ودليلنا على هذا الرأي بالإضافة إلى المعنى اللغوي للغنيمة، هو الروايات الواردة عن طريق أهل البيت (عليهم السلام) ، ونشير هنا إلى رواية واحدة:

ص: 34

يروى عن سماعة أنّه قال:

«سألت أبا الحسن (ع) عن الخمس فقال: في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير» . (1)

وكذلك ما يروى عن الإمام الهادي (ع) في جواب بعض أصحابه:

«. . . فقال: يجب عليهم الخمس، فقلت: ففي أيّ شيء؟ فقال: في أمتعتهم وصنايعهم، قلت: والتاجر عليه والصانع بيده؟ فقال: إذا

أمكنهم بعد مؤنتهم» . (2)

وكذلك يفهم من خلال روايات أهل السنّة أنفسهم أنّ الخمس غير منحصر بغنائم الحرب.

فعن ابن عبّاس:

«قض-ى رسول الله (ص) في الركاز الخمس» . (3)ورجل سأل النبي، قال:

«يا رسول الله، فالكنز نجده في الخرب وفى


1- وسائل الشيعة، الحر العاملي، تحقيق وتصحيح وتذييل: الشيخ عبدالرحيم الرباني الشيرازي، ط5، سنة ١4٠٣ق -١٩٨٣م، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، كتاب الخمس، ج6، الباب ٨.
2- المصدر السابق.
3- مسند الإمام أحمد، الإمام احمد بن حنبل، دار صادر، بيروت، لبنان، ج١، ص٣١4.

ص: 35

الآرام، فقال رسول الله (ص) : فيه وفي الركاز الخمس» . (1)

وعنه أيضاً: قدم وفدُ عبدِ القيس على النبيّ (ص) فقالوا: يا رسول الله، إنّ هذا الحيّ من ربيعة قد حالت بيننا وبينك كفّار مضر، ولسنا نَخلُص إليك إلّا في الشهر الحرام، فمرنا بش-يءٍ نأخذه عنك، وندعو إليه مَن ورَاءَنا. قال:

«آمركم بأربعٍ، وأنهاكم عن أربعٍ: الإيمان بالله وشهادة أنْ لا إله إلّا الله - وعقد بيده هكذا - وإقامِ الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تؤدُّوا خمس ما غنمتم» . (2)

ومن الواضح أنّ النبيّ الأكرم (ص) لم يرد من بني عبد القيس دفع غنائم الحرب؛ لأنّهم لا يستطيعون الخروج من قبيلتهم في غير الأشهر الحرم خوفاً من المشركين، مضافاً إلى أنّه لم يكن هناك حرب يقوم بها بنو عبدالقيس فيأمرهم الرسول بإخراج غنائمها. وعليه، فالرواية لا علاقة لها بالحرب، بل أمرهم الرسول (ص) بإخراج خمس أرباحهم إلى جانب أمرهم بالصوم والصلاة والزكاة.


1- مسند الإمام أحمد، ج٢، ص١٨6.
2- صحيح البخاري، الإمام البخاري، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، طبعة بالأوفست عن طبعة دار الطباعة العامرة بإستانبول، ١4٠١ق - ١٩٨١م، ج٢، باب وجوب الزكاة ص١٠٩.

ص: 36

الخمس في زمن النبيّ (ص)

هنا يطرح سؤال، حاصله: لو كان الخمس واجباً كما تقولون في أرباح المكاسب والتجارة، فلماذا لم يكن موجوداً في زمن النبيّ (ص) ، ولو كان كذلك لأمر الرسول بجمعه من الناس كما هو الحال في جباية الزكاة؟ !

الجواب على هذا السؤال واضح وذلك لما يلي:

أوّلاً: إنّ الأحكام الإسلامية نزلت بالتدريج، ولم يكن من

المقرّر أن يتمّ إنزال وتشريع الأحكام كلّها دفعة واحدة وفي سنة واحدة، مثلاً، هناك بعض الأحكام شرّعت في زمان الرسالة إلا أنها أشمل وأوسع نطاقاً من زمن تش-ريعها. ولذلك فإنّ أصل التشريع في آية الخمس يتعلّق بكلّ غنيمة، أمّا أخذ الخمس من قبل الرسول (ص) ، ولأجل مصالح كان يعتقدها في الأموال والمكاسب، لم يطبّق بشكل عملي. والدليل على هذا الكلام وجود روايات تدلّ على أنّ هناك أحكاماً شرعية ستطبق ويعمل بها في زمن الإمام المهدي [.

ثانياً: إنّ الخمس يختلف عن الزكاة؛ لأنّ موارد صرف الزكاة هم الفقراء، أو ما هو في مصلحة المسلمين، فكان من وظيفة

ص: 37

الرسول أخذه وجمعه، تقول الآية الكريمة: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ولهذا كان الرسول يأمر أفراداً بجمع الزكاة.

أمّا الخمس فحقّه منحصر به (ص) وذوي القربى من أهل بيته، ويحسب كأنّه مال شخصي له، وليس كأموال الزكاة التي هي أموال عامة للمسلمين، ولذلك لم يأمر الرسول بجمع الخمس واكتفى بتبليغ الحكم الشرعي فقط كما تقتضيه وظيفته الش-رعية، وحينما لم يأمر الرسول (ص) أفراداً بجمعه، فذلك لا يقتض-ي عدم

وجوبه.

ثالثاً: توجد بعض الموارد المسلّم وجوبها في زمانه (ص) ، لكنه لم يأمر بجمعها ولم يرسل أحد لذلك، مثل: الركاز والكنوز التي وجدت بأيدي المسلمين.

رابعاً: من المسلّم والثابت بين أهل السنة والشيعة، حرمة أخذ الزكاة على بني هاشم، وقد جاء في بعض الروايات أنّ الله أقرّ الخمس بدلاً من الزكاة لبني هاشم وإكراماً لهم. فلو كان الخمس منحصراً بغنائم الحرب فقط كيف يتسنّى لنا تحقيق هذا الإكرام لبني هاشم مع عدم وجود حرب في كل زمان؛ بسبب تسلّط الكفر أو لانتشار الإسلام وسيطرته على الأمور، وكيف يؤمّن

ص: 38

فقراء بني هاشم قُوْتَهم ومؤنتهم. ومن هنا نفهم وجوب الخمس في غير غنائم الحرب، من خلال فلسفة تشريعه.

خامساً: روي في صحيح مسلم، وغيره، أنّ الفضل بن العبّاس وشخصاً آخر من بني هاشم كانا محتاجين إلى الزواج ولم يكن لديهما مهرٌ، فاشتكيا ذلك إلى رسول الله (ص) وطلبا منه أن يستعملهما على الزكاة ليحصلا على المهر من سهم العاملين، فلم يرتضِ (ص) ذلك، بل أمر شخصين أن يزوّجا ابنتيهما منهما، وجعل مهرهما

من الخمس بدلاً عن الزكاة. (1)

بناءاً على هذا يتّضح أنّ عدم جمع النبيّ (ص) للخمس لا يدل على عدم وجوبه، ومن جهة أخرى لعل الرسول أرسل أشخاصاً لجمع الخمس ولكن لم يُروَ ذلك لنا ولم يصلنا، وبالخصوص في عهد الحكومتين الأموية والعباسية حيث تبدّلت الحكومة إلى حكومة الجاهلية، ولف كثير من الأحكام عالم النسيان والإهمال. كما ورد في بعض الروايات التي يرويها ابن حزم عن ابن عبّاس


1- مستند العروة الوثقى، السيد أبوالقاسم الخوئي (تقريرات درسه بقلم: السيد البروجردي) ، المطبعة العلمية قم، ١4٠4ق، كتاب الخمس، ص١٩٨.

ص: 39

أنّه خطب في البصرة وتكلّم عن زكاة الفطرة، فلم يكن الناس يعرفون حكمها! ! فإذا كان حكم زكاة الفطرة التي يدفعونها كلّ عام غير معروف، فماذا يعرفون عن الخمس، فضلاً عن الخمس في أرباح المكاسب؟ ! وخصوصاً مع الأخذ بنظر الاعتبار أنّ الخمس حقّ للنبيّ (ص) وذوي القربى من أهل بيته، وكانت هناك أيادي على مرّ التاريخ تسعى لطمس آثار أهل البيت (عليهم السلام) ، والخمس كان حقاً من حقوقهم فمن المرجح أن يحاولوا بشتى الطرق منع وصول

هذا الحكم إلى الناس، كما فعلوا مع فضائلهم، فمن الطبيعي أن يقفوا بوجه إعطائهم الخمس الذي هو حقّ لهم بدلاً عن الزكاة.

وتوجد روايات عديدة تؤكّد هذا المضمون، نصفح عن ذكرها تجنّباً للإطالة.

الإعفاء من الخمس

اشارة

كما قلنا في جواب السؤال السابق وتبين أنّ الخمس واجب في أرباح المكاسب، فلماذا أباحه أهل البيت (عليهم السلام) لأتباعهم، واعتبروه حلالاً لهم، وأعفوهم من دفعه؟

ص: 40

للإجابة على هذا السؤال لا بدّ أن نعرف ما يلي:

أوّلاً: إنّ الروايات التي أحلّت الخمس لا تأمر بعدم إعطاء الخمس، وتقول يحرم دفع الخمس، أو هو غير واجب عليكم، بل مفاد الروايات أنّ الخمس يقسّم إلى قسمين: أحدهما وهو سهم الإمام، والآخر سهم السادة من بني هاشم وذوي قربى الرسول. وأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) ، وكما هو عليه النبيّ الأكرم (ص) ، أحلّوا حصّتهم وسهمهم الخاص بهم لأتباعهم لِما يلقونه من صعاب ومشاكل، ولكي لا يتحملّوا إثم عدم دفعهم ذلك، لذلك يقول الإمام

الجواد (ع) في جواب رسالةٍ:

«من أعوزه شيء مِن حقّي، فهو في حلّ» . (1)

فهذه الرواية تدلّ على أنّ أيّ شخص يكون محتاجاً فإنّ الإمام أعطاه إجازة في التصرّف بحقّه.

ثانياً: إنّ بعض الروايات تعاني من مشكلة الضعف السندي، وبعض الروايات يستفاد منها أنّها واردة في أموال عامّة، كأموال


1- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة، ج٢، ص٢٣.

ص: 41

الأنفال والفيء الذي تحت يد الإمام.

ثالثاً: إنّ التواصل بين الأئمّة (عليهم السلام) وأتباعهم كان في تلك الفترة من الصعوبة بمكان، بل في بعض الأحيان وبسبب الحصار المفروض على أهل البيت (عليهم السلام) يكون الوصول لهم مستحيلاً، فمن الطبيعي أن يكون الناس معفيين من إيصال الخمس لهم.

رابعاً: إنّ مقام الإمامة من المقامات الرفيعة، ولذلك أعطاهم الله سبحانه وتعالى رخصة في التصرّف في أمور عديدة، وكمثال على ذلك ما جاء في مسألة الحرب والصلح وغنائم الحرب وأمثال ذلك، حيث إذا كانت الحرب بدون إذن الإمام فكلّ غنائم الحرب له، وإذا كانت بإذنه وبأمره يكون خمس الغنائم له. وعلى هذا سواء على الصورة الأولى التي يكون فيها الكلّ للإمام، أو الثانية التي يكون فيها الخمس فقط للإمام، يكون الإمام مخيراً في صرفه أينما شاء. وإذا كان المسلمون محتاجين له يعفيهم منه ولا يطلبه منهم، كما قلنا ذلك بالنسبة للنبيّ (ص) حين كان يعفيهم من ذلك، وهذا معنى تحليل الخمس والأنفال والأموال العامة التي هي حقّ أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) .

خامساً: إنّ الأئمة (عليهم السلام) ولمّا لم تكن السلطة بأيديهم، ولم يكونوا

ص: 42

على وفاق مع السلطات الحاكمة آنذاك، لم تكن لهم سلطة على الأموال العامة وكانوا تحت سيطرة وحصار الأعداء، لذلك أعطوا الرخصة لأتباعهم بالتصرّف.

أمّا ما يُروى من أحاديث، كحديث عمر بن يزيد عن مسمع ابن عبدالملك، وقد كان حمل إلى أبي عبدالله (ع) تلك السنة مالا فردّه أبو عبد الله (ع) : فقلت له: لم ردَّ عليك أبي عبد الله المال الذي حملته إليه؟ فقال لي: إنّي قلت له حين حملت إليه المال: إنّي كنت وليت

البحرين الغوص، فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد جئتك بخمسها بثمانين ألف درهم، وكرهت أن أحبسها عنك وأن أعرض لها وهي حقّك الذي جعله الله تبارك وتعالى في أموالنا.

فقال (ع) :

«أَوَ ما لنا من الأرض وما أخرج الله منها إلا الخمس، يا أبا سيّار؟ ! إنّ الأرض كلّها لنا! فما أخرج الله منها من شيءٍ فهو لنا» .

فقلت له: وأنا أحمل إليك المال كلّه.

فقال (ع) :

«يا أبا سيّار قد طيّبناه لك وأحللناك منه، فضمّ إليك مالك، وكلّ ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محلّلون حتى يقوم قائمنا فيجبيهم طِسق ما كان في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم، وأمّا

ص: 43

ما كان في أيدي غيرهم فإنّ كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا، فيأخذ الأرض من أيديهم ويخرجهم صَغَرة» . (1)

فهذه الأحاديث لا علاقة لها بخمس أرباح المكاسب وإباحتها، فإنّ أبا سيّار كان يظن أنّ ما أخذه من ساحل البحر يكون خمسه فقط حقّاً للإمام (ع) ، لذلك قال له الإمام (ع) :

«إنّ الأرض كلّها لنا! فما أخرج الله منها من شيءٍ (الأنفال) فهو لنا. . . قد طيّبناه لك وأحللناك منه» .

فهذا الخمس غير خمس الأموال الزائدة عن المؤنة السنوية. وبمقتض-ى هذا الحديث والأدلة الأخرى، تكون الأنفال، وخصوصاً الأراضي غير العامرة، في زمان الغيبة مباحة للشيعة ويحلّ لهم الانتفاع بها، أمّا غير الشيعة وأتباع أهل البيت (عليهم السلام) فلا تحلّ لهم، ويعتبرون غاصبين لها.

لمن تسلّم أموال الزكاة والخمس؟

إنّ من أهم أبحاث الزكاة والخمس، هو تعيين شخص الذي


1- الكافي، الشيخ الكليني، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، ط5، ١4٠٣، دار الكتب الإسلامية، طهران، ج١، ص4٠٨، باب أنّ الأرض كلها للإمام٧، ح٣.

ص: 44

يحقّ لها أن يتصرف في أموال الزكاة والخمس، فهل يوجد شخص معيّن، أم كلّ من وجب عليه الزكاة أو الخمس يص-رفها في مواردها؟

بالنسبة للزكاة يحدد لنا القرآن موارد صرفها بثمانية أصناف، في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ . (1)

وهذه المصارف هي: الفقراء والمساكين والعاملين على جمعها والمؤلّفة قلوبهم ولتحرير المملوكين الغارمين وابن السبيل وهو المسافر الذي لا يملك في سفره مالاً يكفيه لشؤونه، [وفي سبيل الله]. (2)

أمّا موارد صرف الخمس فتقول الآية الكريمة: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ . (3)


1- سورة التوبة: 6٠.
2- لم يذكر (سبيل الله) سهواً في الأصل. المترجم
3- سورة الأنفال: 4١.

ص: 45

تحدّد الآية سهام مصرف الخمس ب-: الله تعالى ورسول الله وذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.

وثلاثة من هذه الأصناف الستة، وهي: سهم الله تعالى ورسوله وذوي القربى، تحت تص-رّف الرسول الأكرم (ص) . والمقصود بذوي القربى بحسب الروايات الشيعية والسنّية هم:

الإمام عليّ وفاطمة الزهراء والإمام الحسن والإمام الحسين (عليهم السلام) . وفي زمن وجود النبي (ص) الأقسام الثلاثة الأولى تكون له؛ لأنّه المتولّي لمنصب النبوّة والإمامة معاً، ولا يوجد إمام في زمانه لكي يستلم حقّ الله تعالى، وبحسب الروايات أنّ سهم الله تعالى لوليه في الأرض، وكما روي عن الإمام الصادق (ع) :

«إنّ الله لم يسألْ خَلْقَه ما في أيديهم قرضاً مِن حاجةٍ به إلى ذلك، وما كان لله مِن حقٍّ فإنّما هو لوليّه» . (1)

وعلى هذا يكون النبيّ (ص) هو صاحب الحقّ ويت-صرّف كيف يشاء في هذه الأسهم.


1- الكافي، الشيخ الكليني، مصدر السابق، ج١، ص5٣٧، باب صلة الإمام٧، ح٣.

ص: 46

وجاء هذا المعنى في روايات أخرى، ومنها أنّ الإمام الرضا (ع) سئل عن قول الله عز وجل: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ، فقيل له: فما كان لله فلمن هو؟ فقال: «لرسول الله (ص) ، وما كان لرسول الله (ص) فهو للإمام» . (1)

فيستفاد من هذه الروايات جميعاً أنّ هذه الأسهم الثلاثة تكون للنبيّ (ص) في زمانه، والأسهم الثلاثة الأخرى تكون لليتامى والمساكين وابن السبيل من بني هاشم، وتبقى لهم على مدى الزمان. أمّا سهم النبيّ (ص) فبعد وفاته يعود للإمام المعصوم (ع) أو الولي المنصوب من قبل الإمام.

ومن وجهة نظر المذهب الشيعي فإنّ الإمام بعد النبيّ (ص) هو الإمام عليّ (ع) والأئمّة من ولده (عليهم السلام) ، ومن بعدهم يكون الأمر لمن يعيّنونه للناس، وهو الذي يُعرف في عصر الغيبة ب- (الحاكم الشرعي) ، وليس هو إلّا المجتهد الجامع للشرائط.

وعلى هذا، فكما كان النبيّ (ص) يصرف الأسهم الثلاثة فيما يراه من مصلحة للإسلام، كذلك من ينوب عنه في المقام والمجتهدون


1- وسائل الشيعة، الحر العاملي، مصدر سابق، كتاب الخمس، أبواب قسمة الخمس، ج6، ص ٣5٧.

ص: 47

الجامعون للش-رائط إذ يعود الأمر إليهم، فيص-رفونه فيما يرونه مصلحة للإسلام كذلك.

ونبيّن هنا بشكلٍ مختصر الأدلّة التي توجب أن تكون الأموال العامة (بيت مال المسلمين) تحت إشراف العلماء المجتهدين:

الدليل الأول: الدليل العقلي

ممّا لا شكّ فيه أنّ الدين الإسلامي دين شامل وتهدف رسالته لهداية الإنسان وإرشاده لما فيه خيره في الدنيا والآخرة، ومثل هكذا أهداف للرسالة لا يمكن أن تتحقّق إذا لم تكن لها القيادة والإمرة المناسبة وبشكل كاملٍ على الإنسان. ومن الواضح أنّه لابد من حصول النائب لمقام النبيّ (الإمام) على كافة امتيازات وشؤون النبيّ (ص) عدا الأمور المختصّة بنبوّته كالوحي؛ حتى يتمكّن من قيادة الأمة الإسلامية وبكل ما لديه من مؤهّلات وإمكانيات نحو خيرها وسموّها وتكاملها.

ومن بعد الإمام، وفي زمن الغيبة، فإنّ أفضل شخص مؤهّل لذلك المقام هو من يدرك الإسلام وتشريعاته، ويمكنه السير به في اتجاهٍ صحيحٍ بعيدٍ عن الانحراف والبدع ويحفظه عن ذلك،

ص: 48

وهو الفقيه المجتهد.

وإذا استلم قيادة المجتمع الإسلامي أناس غير واعين لأهدافه، وليس لديهم فهم كافٍ بتشريعاته، سينال الدين بمرور الأيام الضعف والهوان وربّما الزوال نهائياً.

ولأجل ذلك لا بدّ أن تكون للفقهاء، ومن أجل أن يقوموا بخدمة الأهداف العليا للإسلام، سيطرة على الموارد المالية، كما

كان عليه الحال في زمن النبيّ الأكرم (ص) والأئمّة الأطهار (عليهم السلام) في حاجتهم للموارد المالية لتحقيق أهداف الإسلام. وهذا الدليل العقلي واضح ومنسجم تماماً مع الفطرة والرأي العقلائي.

الدليل الثاني: الروايات

الروايات الواردة عن النبيّ الأكرم (ص) والأئمّة الاثني عش-ر (عليهم السلام) ، فيما يخص الرجوع في الأمور إلى العلماء الجامعين للشرائط، وهي التي تدل على أنّ الفقهاء يقومون بما كان يقوم به النبيّ والأئمّة من وظائف، مثل:

١ - عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال:

«إنّ العلماء ورثة الأنبياء» . (1)


1- الكافي، الشيخ الكليني، مصدر السابق، ج١، ص٣٢، ح٢.

ص: 49

وفي رواية أخرى أنّه قال:

«العلماء أُمناء. . .» . (1)

٢ - روي عن الإمام موسى بن جعفر (ع) أنّه قال:

«. . . لأنّ المؤمنين الفقهاء حصون الإسلام كحصن سور المدينة لها» . (2)

٣ - عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال:

«قال رسول الله (ص) : الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا. قيل يا رسول الله: وما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتّباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم» . (3)

4 - قال الإمام الحسين (ع) :

«. . . ذلك بأنّ مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله، الأمناء على حلاله وحرامه» . (4)

ومن خلال مضامين هذه الروايات نفهم ضرورة إسناد ما


1- الكافي، الشيخ الكليني، مصدر السابق، ج١، ص٣٣، ح5.
2- المصدر السابق، ص٣٨، ح٣.
3- المصدر السابق، ص46، ح5.
4- بحار الأنوار، المجلسي، تحقيق: محمد مهدي السيد حسن الموسوي الخرسان، إبراهيم الميانجي، محمد الباقر البهبودي، ط ٢ المصحّحة، ١4٠٣ق - ١٩٨٣ م، نشر مؤسّسة الوفاء - بيروت، دار إحياء التراث العربي، ج ٩٧، ص٨٠، ح5.

ص: 50

للأئمة من دور إلى الفقهاء، مثل: الإفتاء والقضاء وإصدار الحكم لبداية ونهاية الأشهر الهلالية والقيام بالأمور المالية ك-: الإنفاق، استلام الخمس، وراثة مَن لا وارث له.

ومن الواضح أنّ من وظائف الأنبياء تدبير أمور الرعية على المستوى الثقافي والتعليمي والسياسي والاقتصادي والعسكري؛

لأنّ الناس أمانة إلهية في أعناقهم، والأنبياء هم أُمناء الله، والأمانة الإلهية لا بدّ أن توكل ل- (أمين الله) .

وفي زماننا الذي نفتقد فيه النبيّ الأكرم (ص) ولا يمكن أن نصل إلى الإمام (ع) ، ومع ذلك تجب علينا بعض الأحكام الشرعية كدفع الخمس الذي لا يختص بزمان دون آخر، لا بد حينئذٍ من أن ينوب شخص عنهم ويستلم نصيبهم من الحقوق الشرعية، وأقرب الناس للنبيّ والإمام مَن شابههم بعلمهم وتقواهم، وبأخلاقهم وزهدهم وشجاعتهم، ومن كان عارفاً بالأمور، وإن كان لا يصل إلى حدّ العصمة، فإنّه لا بدّ له أن يتمتع بأعلى درجات العدالة.

ومن هنا ومن خلال التعبيرات الواردة من قبيل: (حصون الإسلام، أمناء الإسلام، ورثة الأنبياء، أُمناء الرسل، مجاري

ص: 51

الأمور، الأحكام على أيدي العلماء بالله) نستفيد أنّ في عص-رنا تعود الحقوق التي كانت لله تعالى أو للنبيّ والإمام، لهؤلاء الذين هم ورثة الأنبياء، لكي يقوموا بص-رفها في سبيل تقوية شوكة الإسلام وعزته ونشر الدين ونصرة المسلمين.

يقول الإمام الهادي (ع) :

«لولا من يبقى بعد غيبة قائمنا (ع) من العلماء الداعين إليه، والدالّين عليه، والذابّين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومَرَدَته، ومن فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلاّ ارتدّ عن دين الله، ولكنّهم الذين يمسكون أزِمّة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكّانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عزّ وجلّ» . (1)

وبالإضافة إلى كلّ ذلك، نذكر بعض النقاط التي تبيّن ضرورة دفع الخمس إلى الفقهاء:

١ - إنّ الفقهاء الجامعين للش-رائط هم الأعلم بموارد صرف الخمس التي توافق حكم الله وسنة النبيّ الأكرم (ص) وأهل بيته (عليهم السلام) .


1- بحار الأنوار، المجلسي، مصدر السابق، ج٢، ص6٠.

ص: 52

٢ - لمّا كان واحداً من شروط المرجع الفقيه أن يكون عادلاً، فسوف تصان الأموال من التصرّفات العبثية والإسراف.

٣ - إنّ الفقهاء هم أعرف باحتياجات ومصارف الضرورات الدينية للمجتمع.

4 - بحسب سيرة نبيّ الإسلام (ص) والأئمّة (عليهم السلام) فإنّ جمع الخمس

كان يتمّ بصورةٍ مركزية في مكانٍ واحدٍ.

فرسول الله (ص) أمر عمر بن حزم أن يأخذ من المغانم خمس الله. وكذلك قال في وصيته لسلمان وأبي ذرًّ والمقداد: «وإخراج الخمس من كلّ ما يملكه أحدٌ من الناس حتى يرفعه إلى ولي المؤمنين وأميرهم» . (1)

5 - إنّ إعطاء الأموال للفقهاء يوجب تقوية قدراتهم المالية، ومن الواضح أنّ الوصول لأهدافهم يكون أيس-ر كلّما كانت قدراتهم المالية والاقتصادية جيدة، وإلّا فلا يستطيعون القيام بوظيفتهم بتعليم الدين وإرشاد الجاهلين. ومن جانب آخر إذا كان العلماء محتاجين ومرتبطين بالسلاطين فإنّهم سوف لايقدرون على


1- وسائل الشيعة، الحر العاملي، مصدر السابق، كتاب الخمس، ج6، ص٣5٧.

ص: 53

الوصول لأهدافهم الصحيحة المنشودة، كما يؤكّد لنا التاريخ هذا، فإنّ العلماء إذا كانوا مرتبطين بالحكومات سوف يتوانون ويتخلّفون عن أداء رسالتهم، وربما ينجرّون نحو الانحراف، وهذا ما نشاهده بين علماء الوهابية، لأنّ العلماء في المذهب الشيعي ومنذ زمن الغيبة ومن خلال اعتمادهم على سهم الإمام (ع) بقوا بعيدين

ومستقلّين عن الحكومات لم يحتاجوا إليها، بل ويستطيعون الوقوف بوجهها في ظلمها وجناياتها إذا ما اقتضى الأمر.

أمّا لو كانوا من الناحية المالية مرتبطين بالحكومات والسلاطين فسوف لايستطيعون الوقوف بوجههم، وهذه واحدة من مميّزات المذهب الشيعي. فعلماء الشيعة لا يطلبون المساعدة في نش-رهم للدين والمذهب من الحكومة المركزية، وحتى في وقتنا الحاضر الذي تكوّنت فيه حكومة إسلامية وخاضعة لولاية الفقيه، فقد بقي العلماء والحوزة العلمية الدينية مستقلّين عن الحكومة.

وإذا ما كان الدين اليوم قد حقّق ثورة كبيرة، ورأينا الشباب بدؤوا يميلون نحو الدين والمذهب مَيلاً وحركة عظيمة وتاريخية، فهذا إنّما هو إشعاع وقبس من جهود العلماء ومراجع

ص: 54

التقليد السابقين الذين استفادوا من كلّ الأموال التي يوصلها لهم الناس.

إلى هنا عرفنا بشكلٍ جيد فكرة الخمس وفلسفته والذي يجب أن يوضع تحت تصرف العلماء الجامعين للش-رائط ممّن لهم حق

استلامه والتص-رف فيه، فلذا نشير وعلى نحو الاختصار إلى ميادين نشاطات الفقهاء:

الأعمال التي يقوم بها مراجع الدين

١- حفظ المدارس والمعاهد الدينية والحوزات العلمية

ببساطة! لو لم يكن للحوزات العلمية وجود، لَما بقي للدين من أثر؛ فقد ساهمت الحوزة ومنذ تأسيسها قبل أكثر من عش-رة قرون في حفظ الدين والمذهب، وأوصلته لنا إلى يومنا هذا. فلولا مساهمات الناس التي يدفعونها من الأخماس، لم يكن لدينا اليوم حوزة علمية تدرّس فيها أحكام الشريعة والعقيدة، ولم يكن لهذا الكيان علماء كبار كالإمام الخميني والشهيد مطهري والشهيد بهشتي وغيرهم، ولو لم تكن هذه الأموال تصل إلى أيدى العلماء،

ص: 55

لم يكن لدينا هذا الكم الكبير المفيد من كتب الحديث والرواية والتفسير والكلام والأخلاق، ولم تصل لشبابنا وجيلنا الحاضر، فالاستقلالية المتوفّرة لكيان الحوزة العلمية وفقهاء الشيعة، مرهونة بوصول الأموال الش-رعية التي يدفعها الناس لهم. وفي خلاف هذه الأمر سيكون العلماء تحت رحمة الحكومات التي تدفع لهم أجورهم ومرتباتهم، ويكونون خاضعين للحكّام الظلمة، وبالتالي لا بدّ لفتواهم أن تطابق رأي هؤلاء الحكام!

٢- نشر الدين وتعاليمه

من الأهداف الأساسية للعلماء والمجتهدين هو إيصال تعاليم مدرسة أهل البيت لأنحاء العالم كافة، وما بني في دولة من دول العالم مسجدٌ (1)، أو بنيت في أرجاء العالم الأخرى مؤسّسات ومراكز ثقافية دينية من قبل العالم الفلاني، فإنّ كل ذلك من الأموال التي يدفعها الناس.


1- المثال الذي ذكر في الكتاب هو: «إذا ما بني في ألمانيا مسجدٌ من قبل المرحوم آية الله السيد البروجردي» . المترجم

ص: 56

٣- مساعدة المحرومين والعجزة

لمّا كان العلماء يمثّلون في كلّ منطقة مركزاً ومحوراً يقصده الناس لرفع احتياجاتهم المادية والمعنوية، لذلك يقصدهم المحتاجون مالياً والمحرومون لحل مشاكلهم، وهم بدورهم يقومون بمساعدتهم على قضاء حوائجهم من خلال الإمكانيات المتاحة لهم، ومنها الأموال المخصّصة لفقراء السادة من بني هاشم التي يدفعونها لهم لمساعدتهم في قضاء احتياجاتهم.

ص: 57

خلاصة البحث

يتّضح ممّا سبق عدم ورود الاعتراضات الأربعة، وكما يلي بحسب ترتيبها:

١ - ما قيل من عدم وجود دليل روائيّ يوجب دفع الخمس للفقهاء.

يجاب: إنّ النبيّ (ص) والأئمة المعصومون (عليهم السلام) هم المتولّون للأمور المالية في عص-رهم، أمّا في الزمان الذي لا يكونون متواجدين فيه، فلا يجوز تعطيل الأحكام الش-رعية، واستناداً إلى الروايات الواردة التي تقرّر مرجعية العلماء الفقهاء الجامعين للشرائط، يُدفع سهم الإمام (ع) بشكل إلزامي لخلفائهم وهم مراجع التقليد؛ لكي يستثمروه في خدمة الدين والمذهب.

ص: 58

ومن الواضح أنّ الجهة الوحيدة التي تشخّص مصلحة الدين

بشكل أكمل هم العلماء، وعليه يكون دفع سهم الإمام (ع) لهم أمراً عقلائياً، وحتى لو لم يكن قد صرّح به في الروايات، فهذا ليس بدليل على عدم جواز إعطائه لهم؛ فالناس عامّة يرون بأعينهم ما يبذله العلماء ومراجع التقليد من جهود جبارة، فهم يصرفون أعمارهم في فهم أحكام الدين، مع بساطة عيشهم وشبهها بحياة الناس العادية. وأبواب بيوتهم ومكاتبهم مفتوحة أمام السائلين، وصبرهم وتحمّلهم للمشاكل والصعوبات التي يتعرّضون لها من الحكومات، ودفاعهم عن حقوق الناس، واحتراقهم ألماً في سبيل نصرة الناس وحلّ مشاكلهم والوقوف على احتياجاتهم. كلها أدلّة على تأييد القول بدفع سهم الإمام (ع) من قبل الناس لهم، وكونهم الوحيدين الجديرين باستلامه، دون الحكومات أو الأفراد الآخرين.

بالطبع العلماء الوهابيون لهم الحقّ بمقولتهم هذه؛ لأنّهم باستلامهم دولارات النفط وعملهم مع السلاطين سحقوا شوكة الإسلام وعزّة الأمة الإسلامية، ورهنوا أنفسهم لخدمة أهدافهم الخاصّة.

ص: 59

بالإضافة إلى ذلك، فالذين يؤاخذون علينا ذلك، فإنّهم يجوّزون دفع أموال الزكاة لعلمائهم، فهم يأخذون الزكاة من رؤوس أموال التجارة، ولاندري في أيِّ آية أو رواية جاء تجويز أخذ الزكاة من أموال التجارة؟ ! أو وجوب دفعها للعلماء خاصة؟ ! ومن أين تسيّر أمور مدارسهم العلمية وأمورهم الأخرى يا ترى؟ ! ألا يستلمون الزكاة من الناس؟ !

فلو دفع لعلماء الشيعة الخمس من أرباح التجارة، فهم يأخذون من الناس العشر، ويوجبون عليهم دفعه لهم، فإذا قالوا إنّ وجوب ذلك استنبطه علمائهم باجتهادهم من الآيات والروايات، فكذلك نجيبهم نحن من جانبنا، بأنّ علماء الشيعة أيضاً باجتهادهم استنبطوا من الآيات والروايات أنّ الزكاة مستحبة في أرباح التجارة أمّا الخمس فواجب فيها، فالخلاف في العنوان فقط!

نعم، فالوهابيّون حين يرون أنّ الشباب في الدول الإسلامية بدؤوا يميلون للتشيّع بصورة كبيرة، ويرون حزب الله في لبنان يبرز كبطلٍ في العالم العربي له زعماؤه من العلماء الشيعة، وكذلك الثورة الإسلامية في إيران كحركة فكرية دينية ومذهبية، وكلّ

ص: 60

هذه الإنجازات المتحقّقة بفضل المدارس الدينية والحوزة العلمية، وهي الحوزة التي تدير أمورها من سهم الإمام، فمن المتوقع جداً ولأجل كلّ ذلك أن تصدر منهم صرخات المعارضة الهستيرية، ويعترضون على مسألة دفع الخمس للعلماء.

وكذلك، ولِما يتمتّعون به من قدرة مالية تؤمّنها لهم دولارات النفط، فإنّهم يصدرون كُتباً وكراسات لأجل الحطّ من مكانة مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ، وإظهارها بالمظهر السيئ أمام أعين الناس، ويأملون من خلال ذلك وضع العقبات في طريق اتساع هذا المذهب وتعاليم هذه المدرسة ويحاولون الوصول إلى مرامهم من خلال طريقة التكفير والفتاوى بالقتل، وهدم الأماكن المقدّسة كالبقيع وسامراء.

٢ - إنّ هذا الحكم قد جاء في الروايات الشيعية، وهو الذي أحلّه الأئمة لشيعتهم في فترة ما، ولكن هذا لا يعني أنّه حلال لهم في كلّ زمان ومكان. نعم، ربّما يكون هذا الأمر محتملاً لو كانت لدينا روايات التحليل فقط، ولم يكن إلى جانبها روايات تؤكّد دفع الخمس من قبل الناس كلّ سنة. أمّا مع وجود الروايات الكثيرة في وجوب الخمس، بالإضافة إلى إجاباتنا

ص: 61

السابقة، فهناك روايات موافقة لمضمون القرآن، والتي كانت مورداً لعمل الفقهاء. وهناك روايات خاصة بزمان ومكان معيّن دون كلّ الأمكنة والأزمان، وهي روايات التحليل.

٣ - بملاحظة الآيات والروايات، نجد أنّ الصدقة والزكاة محرمتان على نبيّ الله وأهل بيته، ولكن لا بدّ من تأمين احتياجاتهم عن طريق آخر، فلو كان الخمس مباحاً لعامّة الناس على مدى الأزمنة والعصور، فمن أين يمكن سدّ الاحتياجات الضرورية لأهل البيت وذريتهم على مر الأزمان؟ ! ولو قلنا بأنّ الخمس ينحصر بغنائم الحرب خاصة، أو أُحل لعامة الناس، فمن أين يتمّ تأمين احتياجات الأيتام والمساكين والعجزة والمحتاجين من بني هاشم؟ !

4 - يمكن القول بإباحة الخمس في زمن حضور الإمام؛ لأنّ الخمس حقّ لكل إمام في عصره، ومن حقّه إعفاء أتباعه منه، أمّا بالنسبة للإمام من بعده فلا يمكن له ذلك.

والأحاديث المروية عن الأئمّة التي تحلّل خمس غنائم الحرب، هي ناظرة مثلاً إلى (الإماء) التي تغنم في الحروب وتكون من نصيب أتباعهم. لذا، فإنّ روايات التحليل لا توجد فيها دلالة

ص: 62

على حلية الخمس في أرباح المكاسب في كلّ الأزمنة.

وفي الختام، أتمنى من القرّاء الكرام أن يغنوا البحث أكثر من خلال مطالعته ومناقشته.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.