البكاء على الميت

اشارة

نام كتاب: البكاء على الميت

نويسنده: محمد جواد الطبسي

موضوع: اعتقادات و پاسخ به شبهات

زبان: عربي

تعداد جلد: 1

ناشر: نشر مشعر

مكان چاپ: تهران

نوبت چاپ: 1

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

ص: 5

المقدمة

الحمد للَّه ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

البكاء من الموضوعات التي وقعت في دائرة اهتمام العديد من العلماء والكتّاب والشعراء والأدباء .. وكلّ من هؤلاء تناوله وفقاً لاختصاصه ومن زاويته الخاصة ... فمثلًا علماء النفس بحثوه من خلال فوائده وآثاره على نفسية الشخص كتخفيف لأحزانه وما يستتبع ذلك .. وآخرون تناولوه من زاوية علمية، أجهزته، وكيفية حدوثه، ثم أثره على صحة العين وعلى الصحة العامة للإنسان .. كما أنّ هناك من تناوله شعراً ونثراً غالباً ما يكون في رثاء فقيد، أو يكون تعبيراً صادقاً عن مشاعر لقاء أو فراق أحبة.

ص: 6

والذي يعنينا هو دراسته التي تقوم أساساً على السؤال التالي:

هل البكاء على الميّت أمر ممدوح شرعاً، أو أنه جزع مذموم وسوءُ ظنّ باللَّه تعالى وبما قدّر وقضى؟

ويبدو أنّ هذا السؤال قائم على الشبهة المثارة من قبل بعض المسلمين، وهي تحريم البكاء على الميت .. وقد أثيرت هذه الشبهة في أوساطنا الإسلامية، ممّا جعلها تلازم أذهان البعض وكأن البكاء شي ء حادث يخالف العقل السليم والطبيعة الإنسانية، لم تشر إليه النصوص الدينية ولم يبك النبي صلى الله عليه و آله وأهلُ بيته والصحابةُ والتابعون، ولم تملأ بذلك مصادرنا الروائية والتاريخية، وهو بالتالي بدعة دخلت حياة المسلمين يجب الوقوف ضدها واقتلاع جذورها ومحاربة المتمسكين بها!!

هذا الموقف ترك آثاراً سيئة على العلاقة بين المسلمين، بين الرافضين وهم قلّة، والمتمسكين بجواز البكاء على الميت وبالذات على الرسول وآله وهم الكثرة .. ممّا فتح المجال للمتربصين بالإسلام والمسلمين ليدلوا بدلوهم المملوء خبثاً وحقداً فيوسعوا من دائرة الخلاف ..

إنّ الأمر بعكس ما تخيّله الذين أثاروا شبهة تحريم البكاء، لأنهم نسوا فطرة اللَّه تعالى التي أودعها في هذا الكائن الحي، الذي إن تحققت آماله فإنه يشعر بالسرور والفرح .. وإن أخفق في ذلك

ص: 7

أو أصيب بفقد أهل أو ولد خطفتهم يد المنون فإنه يحزن وقد ينهار وينتهي إلى أمر مكروه، وقد يتماسك ويصبر أمام ذلك، وازاء كلّ رزءٍ مهما جلّ شأنه .. وهذا موقف نال إعجاب الشريعة المقدسة وأشادت به، وجعلت له ثواباً عظيماً، ثواب الصابرين.

ولا يضرُّ بموقفه هذا، ولا يخلّ بصبره وثوابه إن ذرف دموعه، لأن البكاء الذي يلوذ به المصاب فيه خروج عن مصابه وفيه تخفيف لوقعه على النفس وثقله عليها .. فيه خروج أيضاً عن هموم الدنيا والقلق النفسي الذي ينوء به الإنسان، وقد يتحكم في مسيرة حياته .. كما أن في البكاء اطمئنان للنفس في عالمنا هذا المزدحم بالحوادث المؤلمة المفجعة .. يحتاج فيه الإنسان إلى متنفس كالبكاء الذي يجد فيه خير وسيلة لإعادة النفس إلى استقرارها، ليواصل جهاده وعمله ..

ثم ان البكاء على الميت لو كان عيباً ومكروهاً لما كان من صفات العظماء، فهذا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يبكي على ابنه ابراهيم، وكان إذا رأى عمته صفية بنت عبد المطلب تبكي على أخيها حمزة بكى وإذا نشجت ينشج، كما أنه إذا رأى فاطمة تبكي بكى، ولمّا رأى حمزة قتيلًا بكى، ولمّا رآه ومثّل به شهق ..

فالبكاء على الميت ليس مبغوضاً شرعاً، ولا ينافي الصبر أبداً، ولا يخالف الإيمان إذا كان مع الرضا والتسليم لقضاء اللَّه وقدره،

ص: 8

وكيف ينافي الإيمان وهذه نصوص كثيرة كما سترى ثابتة عند جميع فرق المسلمين تؤكد بكاء النبي وأهل بيته وصحابته وعموم المسلمين على أوليائهم وأحبائهم؟

إن البكاء الذي عبّر عنه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بأنه رحمة، وأن العين لتدمع والقلب ليحزن .. ولكن لا نقول ما يغضب الرب .. وهذا النوع من البكاء لا غبار عليه، والشريعة تجيزه وتدعو له، كما أن الذي نستفيده ممّا بأيدينا من أدلة لفظية وسيرة قطعية وأصل عملي، كلّ هذه تقتضي إباحة البكاء بل واستحبابه إن كان على النبي صلى الله عليه و آله أولًا وعلى فقيد ثانياً قد جمعت فيه صفات الفضيلة أو ضحّى بنفسه وأهله وماله في سبيل اللَّه تعالى حتى يقتدى به.

أمّا البكاء الذي يوافقه الجزع والتذمّر والشكوى والتفوه بكلمات تكشف عن سخط وعدم الرضا بقضاء اللَّه وقدره وتستبطن بل تظهر الاعتراض على حكمته تعالى، فهو منهي عنه ولا يختلف فيه إثنان.

وأخيراً نورد نصوصاً كثيرة من السنّة والسيرة، رتبناها بشكل مناسب ضمن فصول، تسهيلًا للقارئ الكريم، تدليلًا على صحة جواز البكاء، وإبطالًا لشبهات الآخرين.

محمد جواد الطبسي

18/ ج 1/ 1416

ص: 9

الفصل الأول: أدلة جواز البكاء على الميت

1- فعل النبي وسيرته:

من جملة الأدلة الواضحة على شرعية البكاء على الميت فعلُ النبي صلى الله عليه و آله، فانه بكى على ولده وعلى بنته وعلى زيد وجعفر وابن رواحة وابن مظعون وسعد بن ربيع وغيرهم.

فكان صلى الله عليه و آله يبكي حتى تسيل دموعه على خديه، ولمّا كان يُسأل عن ذلك كان يقول: «إنها رحمة يجعلها في قلوب عباده».

روى النسائي بسنده عن أسامة بن زيد قال: أرسلت بنت النبي(ص): أن ابناً لي قبض، فأتنا، فأرسل يقرأ السلام ويقول:

ص: 10

«إن اللَّه له ما أخذ وله ما أعطى وكلّ شي ء عند اللَّه بأجل مسمّى، فلتصبر ولتحتسب»، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينّها، فقام ومعه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأُبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال، فرفع رسولُ اللَّه الصبي ونفسه تقعقع، ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسولُ اللَّه! ما هذا؟ قال: «رحمة يجعلها في قلوب عباده، إنما يرحم اللَّه من عباده الرحماء» (1).

وقال(ص) لعبد اللَّه بن عوف لمّا قال له يا رسولَ اللَّه! أَو لم تنه عن البكاء؟ قال: «إنما نهيت عن النوح، عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب .. إنما هذه رحمة ..» (2).

2- تحريض النبي صلى الله عليه و آله على البكاء:

ومن جملة الأدلة على شرعية البكاء على الميت تحريضه صلى الله عليه و آله على البكاء على الميت، وذلك أنه لما دخل المدينة بعد غزوة أحد ورأى النساء يبكين على قتلاهن بكى وقال: «أمّا حمزة فلا بواكي له»، وهذه العبارة صريحة في أنه صلى الله عليه و آله حرّض النساء على البكاء على حمزة، وكذا حرّض الناس البكاء على جعفر بن أبي طالب


1- سنن النسائي 4: 22، المصنف لابن أبي شيبة 3: 266، الفصول المهمة: 93.
2- المصنف 3: 266.

ص: 11

حيث قال: «على مثل جعفر فلتبك البواكي»، فلو كان البكاء على الميت غير مشروع لمّا حرّض النبيُّ على ذلك، وإليك بعض ما ورد في هذا المجال:

1- روى أحمد في مسنده: قال رجع رسول اللَّه(ص) من أحد، فجعلت نساء الأنصار يبكين على مَن قتل من أزواجهن، فقال رسول اللَّه(ص): «ولكن حمزة لا بواكي له»، قال: ثم نام فانتبه وهنّ يبكين حمزة، قال: فهن اليوم إذا بكين يندبن حمزة .. (1).

2- قال ابن عبد البر في ترجمة حمزة نقلًا عن الواقدي: لم تبك امرأة من الأنصار على ميت بعد قول رسول اللَّه: «لكن حمزة لا بواكي له» إلى اليوم إلّابدأت بالبكاء على حمزة (2).

3- وفي شفاء الغرام: فجاء نساء بني عبد الأشهل لمّا سمعوا ذلك، فبكين على عم رسول اللَّه(ص) ونحن على باب المسجد، فلما سمعهن خرج إليهن فقال: «ارجعن يرحمكن اللَّه فقد آسيتنّ بأنفسكنّ» (3).

4- وقال(ص) حينما أراد أن يخرج من بيت جعفر بعد أن عزى أسماء بنت عميس: «على مثل جعفر فلتبك البواكي» (4).


1- مسند أحمد 2: 40.
2- الاستيعاب(بهامش الاصابة) 1: 275، وعنه في الفصول المهمة: 92.
3- شفاء الغرام 2: 347.
4- أنساب الاشراف: 43.

ص: 12

3- ترخيص النبي صلى الله عليه و آله البكاء على الميت:

رخّص النبيُّ صلى الله عليه و آله البكاءَ على الميت، كما رواه لنا ابن مسعود وثابت ابن زيد وقرظة بن كعب قالوا: رخص لنا في البكاء. قال دخلت على أبي مسعود وقرظة فقالا: إنه رخص لنا في البكاء عند المصيبة (1).

وقال(ص) لنساء كن يبكين على الميت وقد زبرهن أحد أصحابه: «دعهن يبكين، وإياكنّ ونعيق الشيطان، إنه مهما كان من العين والقلب فمن اللَّه ومن الرحمة، ومهما كان من اليد واللسان فمن الشيطان» (2).

وروى ابن شبه بسنده عن ابن عباس قال: لما ماتت رقية بنت رسول اللَّه(ص) قال رسول اللَّه(ص): «الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون»، قال: وبكى النساء، فجعل عمر يضربهن بسوطه، فأخذ النبي(ص) بيده وقال: «دعهن يا عمر»، وقال: «وإياكن ونعيق الشيطان، فإنه مهما يكن من العين فمن اللَّه ومن الرحمة، ومهما يكن من اللسان ومن اليد فمن الشيطان» (3).


1- المصنف 3: 268.
2- كنز العمال 15: 621.
3- تاريخ المدينة المنورة 1: 103.

ص: 13

وروى الحاكم بسنده عن أبي هريرة قال: خرج النبي على جنازة ومعه عمر بن الخطاب، فسمع نساء يبكين، فزبرهن عمر، فقال رسول اللَّه: «ياعمر دعهن، فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد قريب». هذا حديث صحيح على شرط الشيخين (1).

4- عدم نهي النبي صلى الله عليه و آله عن البكاء على الميت:

ومما يدلّ أيضاً على شرعية البكاء على الأموات هو أن النبي صلى الله عليه و آله لم ينه عن البكاء حينما سمع جابراً وبنت عمر يبكيان على أبي جابر، فسماع النبيّ وعدم نهيه جابراً يدل دلالة واضحة على أنه لو كان البكاء أمراً منهياً عنه في الشريعة الإسلامية لنهى عنه صلى الله عليه و آله، حيث لم ينه عرفنا أنه أمر جائز ومشروع.

روى النسائي بسنده عن جابر قال: جي ء بأبي يوم أحد وقد مثّل به، فوضع بين يدي رسول اللَّه وقد سجي بثوب، فجعلتُ أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي، فأمر به النبي فرفع، فلما رفع سمع صوت باكية، فقال: «مَن هذه؟» فقال: هذه بنت عمر أو أخت عمر، قال: «فلا تبكي أو فِلمَ تبكي ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتى رفع» (2).


1- مستدرك الحاكم 1: 381، سنن النسائي 4: 190، كنز العمال 15: 620، مسند أحمد 2: 333، المحلى 5: 160.
2- سنن النسائي 4: 12، المغازي 1: 266.

ص: 14

وعنه أيضاً عن جابر أن أباه قتل يوم أحد، قال: فجعلت أكشف عن وجهه وأبكي والناس ينهوني، ورسول اللَّه لا ينهاني، وجعلت عمتي تبكيه، فقال رسول اللَّه(ص): «لا تبكيه ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتى رفعتموه» (1).

ويمكن أن يقال: أَو لم يكفِ هذا النهي في عدم مشروعية البكاء على الميت؟ قلنا: أولًا لا يكفي؛ لأن في هذين الحديثين كان الناس أو قوم جابر ينهونه عن البكاء لا النبي، ومعلوم أنّ نهي غير النبيِّ لا أثر له في الشريعة المقدسة.

وثانياً: أنّ في الرواية الثانية تصريح بأن رسول اللَّه ما كان ينهاه عن البكاء.

وثالثاً: أن هذا النهي- فلا تبكي- بهذا الشكل لم يعد نهياً تحريمياً في الشريعة؛ لأن هدف الرسول من قوله «فلا تبكي ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها ...» هو تقليل شدة المصيبة على أهل العزاء، وبيان قدسيّة الشهيد، لا أنه أراد أن ينهي عن البكاء.

5- بكاء العترة الطاهرة:


1- المصدر نفسه 4: 13، شفاء الغرام 2: 348 بتفاوت يسير.

ص: 15

ومما يدل على جواز البكاء على الميت بكاء العترة الطاهرة، وسيوافيك في فصل موارد البكاء على النبي وآله والشهداء والصالحين، بأنهم كانوا يبكون على الحسين أشدّ البكاء طيلة حياتهم، بل كانوا يحرّضون الآخرين على ذلك، وكانوا يبكون أيضاً على مَن فقد من ذويهم وأصحابهم، خصوصاً الشهداء منهم، كبكاء الحسين بن علي على ولديه الشهيدين وسائر أهل بيته وأصحابه، وبكائهم على آبائهم بعد موتهم وعند زيارة قبورهم، وبكاء السيدة فاطمة الزهراء على أبيها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، بعد وفاته، وبكاء الإمام علي عليه السلام على محمد بن أبي بكر وعمار وهاشم المرقال وغيرهم، كما وردت بذلك النصوص.

6- بكاء الصحابة:

ومما يدل أيضاً على مشروعية البكاء على الميت، وأنه لم يكن بدعة، عمل الصحابة في زمن الرسول صلى الله عليه و آله وبعده من بكاء بعضهم بعضاً عند فقد أحدهم.

فعليه إمّا أن نكذّب كلّ ما جاء في مصادر الحديث والتاريخ حول بكاء الصحابة بعضهم بعضاً، وإمّا أن نوبخّهم على عملهم هذا لكونه أمراً غير مشروع، وإمّا أن نلتزم بمشروعية البكاء على الميت.

فلقد بكى الإمام علي عليه السلام على عمار بن ياسر، وبكى الصحابة

ص: 16

على الإمام علي، وبكت عائشة بنت أبي بكر حينما سمعت بقتل علي عليه السلام، وبكى الصحابة على الحسن بن علي كأبي هريرة وسعيد بن العاص وابن عباس، كما أن زيد بن أرقم وابن عباس وأنس بن مالك وغيرهم بكوا على الحسين عليه السلام، وإليك نماذج من ذلك.

أ- بكاء ابن مسعود على عمر بن الخطاب:

قال الأندلسي: ولمّا دفن عمر بن الخطاب(رض) أقبل عبد اللَّه بن مسعود- وقد فاتته الصلاة عليه- فوقف على قبره يبكي ويطرح رداءه، ثم قال: .... (1).

ب- بكاء عمر على النعمان بن مقرن:

روى ابن أبي شيبة، عن أبي أسامة، قال: حدثنا شعبة، عن علي ابن زيد، عن أبي عثمان، قال: أتيت عمر بنعي النعمان بن مقرن، قال: فجعل يده على رأسه وجعل يبكي (2).

ج- بكاء عبد اللَّه بن رواحة على حمزة ورثاؤه له:

قال ابن هشام: وقال عبد اللَّه بن رواحة يبكي حمزة بن عبد


1- العقد الفريدة 3: 195.
2- المصنف 3: 175.

ص: 17

المطلب:

بكت عيني وحقّ لها بُكاها وما يُغني البكاءُ ولا العويلُ

على أسدِ الإلهِ غداةَ قالوا: أَحمزةُ ذاكمُ الرجلُ القتيلُ

أُصيب المسلمون به جميعاً هناك وقد أُصيب به الرسولُ

إلى آخر الأبيات (1).

د- رثاء حسان بن ثابت خُبيب بن عدي وبكاؤه عليه:

وفي السيرة النبوية: وقال حسان بن ثابت يبكي خُبيباً:

ما بالُ عينك لا تَرقا مدامعُها سحّاً على الصَّدر مثل اللؤلؤ القلقِ

على خُبَيبٍ فتى الفتيان قد علموا لا فشلٍ حين تلقاه ولا نَزق

إلى آخر الأبيات (2).

وقال حسان أيضاً يبكي خبيباً ويرثيه:

يا عينُ جودي بدمعٍ منكِ منسكب وأبكي خبيباً مع الفتيان لم يَؤب


1- السيرة النبوية 3: 171.
2- السيرة النبوية 3: 186.

ص: 18

صقراً توسط في الأنصار مَنصِبهُ سمحَ السجية محضاً غير مؤتَشِبِ

قد هاج عيني على علّاتِ عبرتها اذ قيل نُصَّ إلى جذعٍ من الخشب

إلى آخر الأبيات (1).

ه- رثاء حسان بن ثابت لقتلى بئرمعونةوبكاؤه عليهم:

وقال ابن هشام: وقال حسان بن ثابت يبكي قتلى بئر معونة ويخصّ المنذر بن عمرو:

على قتلى معونةَ فاستهلي بدمع العين سَماًّ غير نزرِ

على خيل الرسول غداةَ لاقوا مناياهم ولاقتهم بقدر

إلى آخر الأبيات (2).

و- بكاء صفية على أخيها حمزة:

وبكت صفية عمة النبي صلى الله عليه و آله على أخيها حمزة بنِ عبد المطلب


1- المصدر نفسه.
2- السيرة النبوية 3: 198، الروض الأنف 6: 182.

ص: 19

بكاءً شديداً، حتّى كان رسول اللَّه يبكي إذا بكت، وينشج إذا نشجت (1).

قال ابن اسحاق: وقالت صفية بنت عبد المطلب تبكي أخاها حمزة بن عبد المطلب:

أسائلة أصحاب أُحدمخافةً بناتُ أبي من أعجم وخبير

فقال الخبيرإنّ حمزة قد ثَوَى وزيرُ رسول اللَّه خيرُ وزير

دعاه إلهِ الحق ذوالعرش دعوةً إلى جنّة يحيا بها وسرور

فذلك ماكنا نرجّى ونرتجي لحمزةَ يوم الحشرخيرمصير

فواللَّه لا أنساك ما هبت الصّبا بكاءً و حزناً محضري و مسيري

إلى آخر الأبيات (2).

7- شرعية البكاء على الميت بقياس الأولوية:

ومن جملة الأدلة على شرعية البكاء على الأموات قياس الأولولية، حيث إنه لمّا شرّع البكاء على الأحياء بأيّ علة كان، كالبكاء للفراق والغيبة القصيرة، فبالأحرى والأولى أن يكون البكاء على الأموات لأجل الفراق مباحاً.


1- الفصول المهمة: 92، المغازي 1: 290.
2- السيرة النبوية 3: 176.

ص: 20

فإذا كان بكاءُ سيدنا يعقوب على ولده يوسف لأجل الفراق، مع علمه بحياة يوسف، فمع ذلك بكى عليه حتى ابيضّت عيناه من الحزن وقال: «إنما أشكو بثّي وحزني إلى اللَّه»، ولم يردعه اللَّه عز وجل عن هذا الفعل، بل حكاه لنبيّه ولأمّة نبيّه في القرآن الكريم حيث يقول: «وتولى عنهم وقال: يا أسفي على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم، قالوا تاللَّه تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين قال إنما أشكو بثي وحزني إلى اللَّه وأعلم من اللَّه ما لا تعلمون» (1).

فلماذا نمنع عن البكاء إذا فقدنا بعض الأحبة من الأهل والأولاد وغيرهم، في حين أن المناط- وهو الفراق- موجود هنا أيضاً؟!

ويؤيد ما نقوله ما قاله عمر بن الخطاب حين وقف على جسد النبي باكياً قائلًا: بأبي أنت وأَمي يا رسولَ اللَّه: لقد كان لك جذع تخطب الناس عليه، فلما كثروا واتخذت منبراً لتسمعهم حنّ الجذع لفراقك ... فامتك أولى بالحنين عليك حين فارقتهم ... (2).

ويؤيده أيضاً ما رواه ابن عساكر بسنده عن محمد بن يعقوب بن سوار، عن جعفر بن محمد قال: سئل علي بن الحسين بن علي بن


1- يوسف: 86.
2- صدق الخبر: 238.

ص: 21

أبي طالب عن كثرة بكائه فقال: لا تلوموني، فإن يعقوب فقد سبطاً من ولده فبكى حتّى أبيضّت عيناه ولم يعلم أنه مات، ونظرت أنا إلى أربعة عشر رجلًا من أهل بيتي ذبحوا في غداة واحدة، فترون حزنهم يذهب من قلبي أبداً (1).


1- تاريخ دمشق: 56.

ص: 22

الفصل الثاني: شبهات وردود حول البكاء

اشارة

وردت شبهات حول البكاء على الميت، منها:

1- إن الميت يعذب ببكاء أهله:

اشارة

روي عن رسول اللَّه(ص) أنه قال: «إن الميت يعذب ببكاء الحي».

وهذه الرواية ترشدنا إلى أن البكاء منهيّ عنه، وأمر محرم في الشريعة الإسلامية.

فنقول أولًا: إن هذا الحديث وما شابهه، وإن كان منقولًا في

ص: 23

الصحاح الستة وغيرها، لكن الخبر معارض بمثله.

فعلى فرض صحة صدور هذا الحديث من النبيِّ فهو إنما كان في موت يهودي، ولما سمع النبي بكاءهم عليه قال: «انتم تبكون عليه وإنه ليعذب».

فالحديث كما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة كما يلي:

عن هشام بن عروة عن أبيه، قال: ذكر عند عائشة قول ابن عمر الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فقالت: رحم اللَّه أبا عبد الرحمن سمع شيئاً فلم يحفظه، إنما مرت على رسول اللَّه جنازة يهودي، وهم يبكون عليه، فقال: «أنتم تبكون وإنه ليعذب» (1).

لا شك في أن مقصود النبي صلى الله عليه و آله من قوله هذا، هو التنبّه على أن هذا اليهودي خاسر ومن أهل النار، ويعذب في قبره بسبب عمله وكفره بنبوة خاتم الأنبياء.

وأين هذا من عذاب المؤمن ببكاء أهله عليه؟

وفي رواية أخرى عنها أيضاً لما سمعت قول ابن عمر: الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فقالت: وَهِلَ إنما قال رسول اللَّه(ص): إنه ليعذب بخطيئته أو بذنبه ... (2).


1- صحيح مسلم 3: 44.
2- صحيح مسلم 3: 44.

ص: 24

استغراب عائشة من قول ابن عمر:

وقد استغربت عائشة لما سمعت مقالة ابن عمر بحيث أنكرت ورمته بالنسيان وعدم الحفظ، قائلة: سمع شيئاً فلم يحفظه.

وعلى أي حال، فمقالة ابن عمر مردودة من قبل عائشة أمِّ المؤمنين، وأيضاً رمت عمر بن الخطاب كذلك واقسمت باللَّه أنه ماقاله رسول اللَّه(ص) لما سمعت مقالته من ابن عباس.

قال: دخل صهيب يبكي ويقول: وا أخاه وا صاحباه، فقال عمر: يا صهيب أتبكي عليّ وقد قال رسول اللَّه: «ان الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه؟» فقال ابن عباس: فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة، فقالت يرحم اللَّه عمر، لا واللَّه ما حدث رسول اللَّه أن اللَّه يعذب المؤمن ببكاء أحد، ولكن قال: «إن اللَّه يزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه» (1).

إذاً فلا إشكال أولًا في أن نلتزم بعذاب الميت الكافر في القبر ببكاء الحي عليه، وأمّا المؤمن فلماذا هذا الالتزام، والرسول صلى الله عليه و آله صرّح بأن اللَّه يزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه؟

وثانياً: أن هذه الأحاديث على فرض صدورها عن النبيِّ لا تلائم ظواهرالآيات القرآنية، التي منها: «ولا تزر وازرةٌ وزرَ


1- صحيح مسلم 3: 44.

ص: 25

أخرى» (1).

فمن العجيب أن اللَّه يقول في كتابه «ولا تزر وازرةٌ وزرَ أخرى» ثم يعذب من مات ببكاء أهله أو الآخرين عليه، ولذلك نرى أن عائشة أنكرت ذلك، واستشهدت بهذه الآية ردّاً على مَن قال: إنّ الميت ليعذب ببكاء أهله عليه قائلة: حسبكم القرآن:

«ولا تزر وازرةٌ وزرَ أخرى» (2).

وثالثاً: أن هذه الروايات متعارضة ومتكافئة، فعلى فرض صحة إسناد كلّ هذه الروايات، فالقاعدة هنا بعد التعارض التساقط والرجوع إلى الأصل الأولي وهو الإباحة وعدم حرمة البكاء على الميت.

ورابعاً: أنه من المحتمل أن تكون علة نهي النبيِّ عن البكاء على الأموات هي النياحة الباطلة أو الجزع والفزع الخارج عن الحدِّ، أو الأفعال المنهيه كادماء الوجه على الميت.

وهذا الاحتمال أيضاً مردود؛ لأن الآية تصرح بعدم تحمل الميت أوزار الآخرين، فبأي سبب يتحمل الميت أوزار النائحة والقائلة بالباطل؟ ولماذا لا تتحمل أوزارها بنفسها؟


1- فاطر: 18.
2- صحيح مسلم 3: 43.

ص: 26

وخامساً: نفرض أن النبيَّ نهى عن البكاء على الميت بصوت عال- وإن كان هذا الاحتمال مردوداً على مذهب الشافعي والحنبلي، حيث قالوا: إنه مباح (1) فلماذا لا يجوز البكاء على الميت بصوت خفي وبسيلان الدمع على فقده.

وسادساً: كلّ هذه الرويات تناقض فعل النبيّ الكريم في كثير من الموارد من بكائه على ولده وعلى بنته وزوجته، وهكذا على عمه، وعلى فاطمة بنت أسد، وعلى النجاشي، وعلى غيرهم من خيار الصحابة كما سيوافيك ذلك.

فمن الغريب أنه صلى الله عليه و آله ينهى لساناً ويبكي عيناً ويحزن قلباً.

وأخيراً: المستفاد من قول ابن عباس إن الميت لا يعذب ببكاء الحي (2)، إنّ هذا الحديث من الأحاديث المقلوبة.

والعجب ممّن حمل البكاء المحرم على ما اذا كان بصوت عال وممّن حمل البكاء في: الميت يعذب ببكاء الحي عليه، على النياحة وقال: يحمل على النياحة توفيقاً بين الروايات، مستنِداً بقول النووي حيث يقول: والحديث محمول على وصية الميت بالنياحة (3).


1- الفقه على المذاهب الأربعة 1: 533.
2- كنز العمال 15: 728.
3- انظر هامش صحيح مسلم 3: 41، والفقه على المذاهب الأربعة 1: 533، فتاوي الامام النووي: 58.

ص: 27

ولنسئل هؤلاء ما هو المقصود من النياحة؟

فاذا كان المقصود بها النياحة المحرمة: أي ما صدر من المصاب كلمات تسخط الرب جل وعلا، فهذا محرم ولا كلام فيه.

وامّا اذا كان المقصود من النياحة هو البكاء بصوت عال فقط وان لم يقل ما يسخط الرب، فأي دليل على حرمة هذا النوع من البكاء؟!

فاذا كان البكاء مع الصوت محرم لماذا بكى النبي على حمزة وانتحب حتى نشغ من البكاء؟ (1) ولماذا ضّج أهل المدينة والصحابة كضجيج الحجيج على فقد رسول اللَّه يوم مات؟ (2) ولماذا ارتجت المدينة صياحاً في يوم مات الحسن بن علي عليه السلام (3) ولماذا أقام نساء بني هاشم النوح على الحسن شهراً؟ (4) ولماذا بكى الحسين على أخيه العباس بكاءً شديداً؟ ولماذا بكت وناحت عائشة على أبيها؟ (5). فتحصل أن البكاء بصوت عالي والنياحة إذا لم تكن معها ما يسخط الرب فلا اشكال في جوازها.


1- ذخائر العقبى: 180.
2- كنز العمال 7: 265.
3- تاريخ دمشق(الامام الحسن): 222.
4- المستدرك على الصحيحين 3: 173.
5- تاريخ الطبري 2: 349.

ص: 28

2- إن عمر بن الخطاب نهى عن البكاء:

وقد يستند أحياناً في عدم مشروعية البكاء على الميت بأن عمر ابن الخطاب نهى عن ذلك، فلو لم يكن البكاءُ منهياً عنه لما نهى عمر عنه!

فنقول، أولًا: هذا النهي غير ثابت، وإن رواه أصحاب الصحاح وغيرهم، ولذلك ان عبد اللَّه بن عكرمة كان يتعجب من نسبة النهي عن البكاء على الميت إلى عمر وكان يقول: عجباً لقول الناس: ان عمر بن الخطاب نهى عن النوح! لقد بكى على خالد بن الوليد بمكة والمدينة نساء بني المغيرة سبعاً، يشققن الجيوب ويضربن الوجوه، وأطعموا الطعام تلك الأيام حتى مضت ما ينهاهن عمر (1).

وثانياً: كيف يكون ذلك من عمر وقد بكى على النعمان بن مقرن (2) وزيد بن الخطاب؟! (3) وثالثاً: كيف يقع ذلك من عمر وقد أمر بالبكاء على خالد بن الوليد؟

فقد روى ابن ابي شيبة وابن عبد ربه الأَندلسي واللفظ للثاني


1- كنز العمال 15: 731.
2- المصنف 3: 244.
3- العقد الفريد 3: 191.

ص: 29

انه: لما توفي خالد بن الوليد ايام عمر بن الخطاب- وكان بينهما هجرة- امتنع النساء من البكاء عليه، فلما انتهى ذلك إلى عمر قال:

وما على نساء بني المغيرة أن يُرِقْنَ من دمعهن على أبي سلمان مالم يكن نقع ولا لقلقة (1).

ورابعاً: لو ثبت بأن عمر نهى عن البكاء على الميت فهو منقوض بما اعترضته عائشة وانكرته من أن النبي لم يقل ولم يحدث هذا (2).

وقال ابن حزم: وقد روينا عن ابن عباس: أنه أنكر على من أنكر البكاء على الميت، وقال: اللَّه أضحك وأبكي (3).


1- العقد الفريد 3: 193، المصنف 3: 175، كنز العمال 15: 730.
2- صحيح مسلم 3: 43.
3- المحلي 5: 148.

ص: 30

الفصل الثالث: فضيلة البكاء على آل الرسول

ووردت أيضاً روايات كثيرة تبيّن فضيلة البكاء على مظلومية آل الرسول والعترة الطاهرة، إضافة إلى ما ورد في فضيلة البكاء على الحسين بن علي عليهما السلام واعدّ للباكي لمصابهم ولمظلوميتهم الجنة والأمن في يوم القيامة من سخط اللَّه والنار وغير ذلك.

1- روى القندوزي الحنفي عن الباقر عليه السلام قال: كان أبي علي بن الحسين عليهما السلام يقول: أَيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين ومَن معه حتى يسيل على خديه بوأه اللَّه في الجنةَ غرقاً، وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعاً حتى يسيل على خديه لأذىً مسّنا من عدونا بوأه اللَّه مبوءٌ صدق، وأَيما مؤمن مسّه أذىً فينا فدمعت عينه حتى

ص: 31

يسيل دمعه على خديه من مضاضة ما أوذي فينا صرف اللَّه عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخط النار (1).

2- وروى عن الصادق أيضاً: قال من ذَكَرَنا أو ذُكِرْنا عنده فخرج من عينه دمع مثل جناح بعوضة غفر اللَّه له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر (2).

فمن جميع هذه الروايات، ومن بكاء النبي على العترة وعلى علي والحسين وسائر أولاده، ومن تحريضه على البكاء على حمزة وجعفر، خصوصاً من قوله: «وعلى مثل جعفر فلتبك البواكي»، تحصّل أن البكاء على آل الرسول أمر راجح ومستحب، وعلى كلّ مسلم أن يظهر الولاء عند قبورهم أو عند ذكرهم بالبكاء عليهم وعلى ما جرى عليهم، فإنهم لا يقلون في الفضل عن حمزة وجعفر.


1- ينابيع المودة: 429.
2- المصدر نفسه.

ص: 32

الفصل الرابع: موارد البكاء على النبي وآله والشهداء والصالحين

بكاء النبي صلى الله عليه و آله:

اشارة

لقد بكى النبيُّ صلى الله عليه و آله على أولاده وعلى آله وعترته الميامين في حياتهم وبعد مماتهم، بل وبكى على زوجته الوفيّة خديجة بنت خويلد عندما ذكرت عنده، وهكذا بكى على أمّه وأم علي بن أبي طالب عليه السلام وعلى أعمامه وغيرهم.

فامّا البكاء الذي كان يبكيه على آله في حياتهم، فهو لمظلوميتهم من بعده، ولما سيلقون من الأذى والظلم وهتك الحرمة، كما ستقف على كلّ ذلك في هذا الفصل:

ص: 33

[1] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على عترته من بعده:

أخرج الحافظ أبو بكر ابن أبي شيبة، عن معاوية بن هشام، عن علي بن صالح، عن يزيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: بينما نحن عند رسول اللَّه(ص) إذ أقبل فئة من بني هاشم، فلما رآهم اغرورقت عيناه وتغيّر لونه، قال:

فقلت له: مانزال نرى في وجهك شيئاً تكرهه، قال: «إنّا أهل بيت اختار اللَّه لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بلاءً وتشريداً وتطريداً ...» (1).

ورواه الحاكم النيسابوري والذهبي، إلّاأنهما أضافا: وفيهم الحسن والحسين (2).

[2] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على علي بن أبي طالب عليه السلام:

وقد بكى النبي على ما سيلقاه عليّ بعده عدّة مرات، وبكى عليه ذات مرة بكاءً عالياً.

فقد روى الخوارزمي بسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:

قال أبي: دفع النبي الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب، ففتح اللَّه


1- المصنف 8: 697، الفصول المهمة: 155.
2- المستدرك على الصحيحين 4: 464، وبهامشه التخليص للحافظ الذهبي.

ص: 34

على يده، وأوقفه يوم غدير خم، فأعلم الناس أنه مولى كلّ مؤمن ومؤمنة، وقال له: «أنت منّي وأنا منك»، وقال له: «تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل»، وقال له: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»، وقال له: .... ثم بكى(ص)، فقيل: ممّا بكاؤك يا رسولَ اللَّه؟ فقال: «أخبرني جبريل عليه السلام، أنهم يظلمونه ويمنعونه حقّه، ويقاتلونه، ويقتلون ولده ويظلمونهم من بعده» (1).

وروى الخوارزمي أيضاً بسنده عن أبي عثمان النهدي، عن علي ابن أبي طالب عليه السلام: قال: كنت أمشي مع النبيِّ(ص) في بعض طرق المدينة، فأتينا على حديقة، فقلت: يا رسولَ اللَّه! ما أحسن هذه الحديقة، فقال: «ما أحسنها، ولك في الجنة أحسن منها»، ثم أتينا على حديقة أخرى، فقلت: يا رسولَ اللَّه! ما أحسنها من حديقة، فقال: «لك في الجنة أحسن منها» حتّى أتينا على سبع حدائق، أقول: يا رسولَ اللَّه! ما أحسنها، فيقول: «لك في الجنة أحسن منها»، فلما خلا له الطريق اعتنقني وأجهش باكياً، فقلت يا رسولَ اللَّه! ما يبكيك؟ فقال: «ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك إلّا بعدي»، فقلت: في سلامة من ديني؟ قال: «في سلامة من دينك» (2).


1- مناقب الخوارزمي: 24.
2- مناقب الخوارزمي: 26، تذكرة الخواص: 45.

ص: 35

[3] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على الحسين عليه السلام:

وبكى النبي صلى الله عليه و آله على الحسين عليه السلام في المدينة المنورة مرّات وفي أماكن عديدة، خصوصاً بعد ما ولد الإمام الحسين عليه السلام، وقد رواها أصحاب السنن وغيرهم في كتبهم: كالطبراني، والهيثمي، والخوارزمي، والنيسابوري، وأحمد، وأبي نعيم، وابن عساكر، وابن حجر، وعبد الرزاق، وأبو يعلى، وغيرهم، ونحن نكتفي بذكر موارد من ذلك:

روى المحبّ الطبري بسنده عن أسماء بنت عميس قالت: عقّ رسولُ اللَّه عن الحسن يوم سابعه بكبشين أملحين ... فلما كان بعد حول ولد الحسين فجاء النبي(ص) ففعل مثل الأول، قالت:

وجعله في حجره، فبكى(ص) قلت: فداك أبي وأمي ممّ بكاؤك؟

فقال: «ابني هذا يا أسماء! إنه تقتله الفئة الباغية من أمتي، لا أنالهم اللَّه شفاعتي، يا أسماء! لا تخبري فاطمة، فإنها قريبة عهد بولادة» (1).

وروت أم الفضل بنت العباس: أنها دخلت على رسول اللَّه(ص)


1- ذخائر العقبى: 119، مستدرك الحاكم 3: 176، تاريخ الخميس 1: 418، ينابيع المودة: 220، وسيلة المآل: 183.

ص: 36

فقالت: يارسولَ اللَّه! رأيت البارحة حلماً منكراً، قال: «وما هو؟» قالت: رأيت كأن قطعه من جسدك قطعت فوضعت في حجري، فقال رسول اللَّه(ص): «خيراً رأيتِ، تلدُ فاطمة غلاماً فيكون في حجرك»، فولدت فاطمة الحسين عليه السلام، قالت: فكان في حجري كما قال رسول اللَّه(ص)، فدخلت به عليه فوضعته في حجره، ثم حانت مني التفاتة، فإذا عينا رسول اللَّه(ص) تدمعان، فقلت بأبي أنت وأمي يا رسولَ اللَّه مالك تبكي؟ قال(ص): «أتاني جبرئيل فأخبرني أنّ أمتي ستقتل ابني هذا، أتاني بتربة من تربته حمراء» (1).

ورواه الحاكم في مستدركه وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (2).

وروى الطبراني بسنده عن عروة عن عائشة، قالت: دخل الحسين بن علي(رض) على رسول اللَّه(ص) وهو يوحي إليه، فنزا على رسول اللَّه وهو منكب ولعب على ظهره، فقال جبرئيل لرسول اللَّه(ص): أتحبه يا محمد؟ قال: «يا جبرئيل ومالي لا احب إبني»، قال: فإن امتك ستقتله من بعدك، فمدّ جرئيل عليه السلام يده فأتاه بتربة بيضاء فقال: في هذه الأرض يقتل ابنك هذا يامحمد واسمها الطف، فلما ذهب جرئيل عليه السلام من عند رسول اللَّه(ص) خرج رسول اللَّه(ص) والتربة في يده يبكي، فقال: «يا عائشة، إنّ جبرئيل


1- الفصول المهمة: 154، مقتل الحسين 1: 163.
2- المستدرك على الصحيحين 3: 176.

ص: 37

أخبرني أنّ الحسين ابني مقتول في أرض الطف، وأنّ أُمّتي ستفتتن بعدي»، ثم خرج إلى أصحابه، فيهم علي وابو بكر وعمر وحذيفة وعمار وأبو ذر وهو يبكي، فقالوا: ما يبكيك يا رسول اللَّه؟ فقال:

«أخبرني جبرئيل أنّ ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف، وجاءني بهذه التربة، وأخبرني جبرئيل عليه السلام أن فيها مضجعه» (1).

وروى الطبراني أيضاً بسنده عن أم سلمة قالت: كان رسول اللَّه جالساً ذات يوم في بيتي فقال: «لا يدخل عليَّ أحد»، فانتظرت فدخل الحسين(رض)، فسمعت نشيج رسول اللَّه(ص) يبكي، فاطلعت فإذا حسين في حجره والنبي يمسح جبينه وهو يبكي، فقلت: واللَّه ما علمت حين دخل، فقال: «إنّ جبرئيل عليه السلام كان معنا في البيت فقال، تحبه؟ قلت: أما من الدنيا فنعم، قال: إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء»، فتناول جبرئيل عليه السلام من تربتها فأراها النبي(ص)، فلما أحيط بحسين حين قتل، قال: ما اسم هذه الارض؟ قالوا: كربلاء، قال وصدق اللَّه ورسوله أرض كرب وبلاء (2).


1- المعجم الكبير 3: 107، الأمالي: 165، مجمع الزوائد 9: 187، مقتل الحسين 1: 159، كنز العمال 13: 111، الصواعق المحرقة: 190، روض الأزهر: 104، الكواكب الدرية 1: 56، ينابيع المودة: 318، الفتح الكبير 1: 55 بتفاوت.
2- المعجم الكبير 3: 108، مجمع الزوائد 9: 189، كنز العمال 6: 223.

ص: 38

وروى الثقات ما روي عن أم سلمة من بكاء النبي على ولده الحسين باسانيد أُخرى مع تفاوت في المتن (1).

[4] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على شهداء فخ:

وفي مقاتل الطالبيين: بإسناده عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام قال: مرّ النبيُّ(ص) بفخ فنزل فصلى ركعة، فلما صلّى الثانية بكى وهو في الصلاة، فلما رأى الناس النبي يبكي بكوا، فلما انصرف قال: «ما يبكيكم؟» قالو: لما رأيناك تبكي بكينا يا رسولَ اللَّه! قال: «نزل عليّ جبرئيل لمّا صليت الركعة الأولى فقال لي: يا محمد ان رجلًا من ولدك يقتل في هذا المكان، وأجر الشهيد معه أجر شهيدين» (2).


1- راجع: المعجم الكبير 3: 106، 108، 109، المستدرك على الصحيحين 4: 398، تاريخ الرقه: 75، نظم درر السمطين: 215، الغنيه لطالبى طريق الحق 2: 56، مقتل الحسين 1: 158، النهاية 2: 212، لسان العرب 11: 349، مصابيح السنة: 207، كفاية الطالب: 286، ذخائر العقبى: 148، تاريخ الاسلام 2: 350، سير أعلام النبلاء 3: 213، البداية والنهاية 8: 200، الصواعق المحرقة: 191، تاريخ الخلفاء: 10، الخصائص الكبرى 2: 126، ينابيع المودة: 320، التاج الجامع 3: 318، ذخائر المواريث 4: 300، تاريخ الخميس 2: 300، الكامل 3: 303.
2- مقاتل الطالبيين: 436.

ص: 39

[5] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على ابنه إبراهيم:

عن جابر بن عبد اللَّه، قال: أخذ النبي(ص) بيد عبد الرحمن بن عوف فأتى به النخل، فإذا ابنه إبراهيم في حجر أمّه وهو يجود بنفسه، فأخذه رسول اللَّه(ص) فوضعه في حجره، ثم قال: «يا إبراهيم إنا لا نغني عنك من اللَّه شيئاً»، ثم ذرفت عيناه .. ثم قال: «يا إبراهيم لولا أنه أمر حقّ ووعد صدق وأن آخرنا سيلحق بأولنا لحزنّا عليك حزناً هو أشد من هذا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون، تبكي العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب» (1).

وقال ابن عبد ربه: قالوا: لما توفي إبراهيم بن محمد(ص) بكى عليه، فسئل عن ذلك فقال: «تدمع العينان ويحزنُ القلب ولا نقول ما يسخط الربَّ» (2).

[6] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على ابنته أم كلثوم:

وروى المحبّ الطبري فيما يتعلق بموت السيدة أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه و آله عن أنس قال: شهدنا بنت رسول اللَّه(ص) ورسول اللَّه جالس على القبر فرأيت عينيه تدمعان .. (3).


1- ذخائر العقبي: 155، البخاري 2: 179، سيرة ابن اسحاق: 270.
2- العقد الفريد 3: 190.
3- ذخائر العقبى: 166، المحلي 5: 145.

ص: 40

[7] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على جدّه عبد المطلب:

نقل إبن الجوزي عن الطبقات عن جماعة من العلماء منهم ابن عباس ومجاهد وعطاء والزهري وغيرهم أنّه: توفي عبد المطلب في السنة الثانية ولرسول اللَّه(ص) ثمان سنين، وكانت قد أتت على عبد المطلب مائة وعشرون سنة، ودفن بالحجون.

قالت أم أيمن أنا رأيت رسول اللَّه(ص) يمشي تحت سريره وهو يبكي (1).

[8] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على أبي طالب:

أخرج ابن سعد في طبقاته: عن عبيد اللَّه بن أبي رافع عن علي قال: أخبرت رسول اللَّه(ص) بموت أبي طالب، فبكى ثم قال:

«اذهب فاغسله وكفنه وواره، غفر اللَّه له ورحمه» (2).

وذكر ابن الجوزي ما رواه ابن سعد عن الواقدي وقال: فبكى


1- تذكره الخواص: 7.
2- الطبقات الكبرى 1: 105.

ص: 41

بكاءً شديداً ثم قال: «اذهب فغسله وكفنه وواره، غفر اللَّه له ورحمه»، فقال العباس: يا رسول اللَّه إنك لترجو له، فقال: «اي واللَّه، إني لأرجو له»، وجعل رسول اللَّه(ص) يستغفر له أياماً لا يخرج من بيته (1).

وقال اليعقوبي: لما قيل لرسول اللَّه(ص): إن أبا طالب قد مات، عظم ذلك في قلبه، واشتد له جزعه، ثم دخل فمسح جبينه الأيمن أربع مرات، وجبينه الأيسر ثلاث مرات، ثم قال: «يا عم ربيت صغيراً وكفلت يتيماً ونصرت كبيراً فجزاك اللَّه عنّي خيراً»، ومشى بين يدي سريره، وجعل يعرضه ويقول: «وصلتك رحم وجزيت خيراً»، وقال: «اجتمعت على هذه الأمة في هذه الأيام مصيبتان لا أدري بأيهما أنا أشد جزعاً»، يعني: مصيبة خديجة وأبي طالب (2).

[9] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على جعفر بن أبي طالب:

وعن أنس: أن النبي نعى جعفراً وزيداً قبل أن يجي ء خبرهم وعيناه تذرفان (3).

وعن أسماء بنت عميس قالت: لما أصيب جعفر وأصحابه دخل عليّ رسولُ اللَّه(ص) وقد دبغت أربعين منياً، وفي رواية منيئة، وعجنت عجيني وغسلت بنيّ ودهنتهم ونظفتهم، فقال


1- تذكرة الخواص: 8.
2- تاريخ اليعقوبي 2: 35.
3- ذخائر العقبى: 218.

ص: 42

رسول اللَّه(ص): «إئتني ببني جعفر»، فأتيته بهم وذرفت عيناه، فقلت: يا رسول اللَّهَ! بأبي أنت وأمي ما يبكيك، أبلغك عن جعفر وأصحابه شي ء؟ قال: نعم قتل اليوم هو وأصحابه، قالت: فقمنا واجتمع النساء وخرج رسولُ اللَّه(ص) إلى أهله فقال: «لا تغفلوا عن آل جعفر من أن تصنعوا لهم طعاماً، فأنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم» (1).

وروى البلاذري أنه: دخل رسول اللَّه حين أتاه نعي جعفر على أسماء بنت عميس فعزّاهابه، ودخلت فاطمة عليه السلام تبكي وهي تقول:

وا عمّاه، فقال رسول اللَّه: «على مثل جعفر فلتبك البواكي» (2).

وزاد اليعقوبي: فخرج رسولُ اللَّه يجرّ رداءه ما يملك عبرته وهو يقول: «على جعفر فلتبك البواكي» (3).

[10] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على حمزة:

عن جابر بن عبد اللَّه قال: لما رأى النبي(ص) حمزة قتيلًا بكى، فلما رأى ما مثّل به شهق (4).


1- المصدر نفسه.
2- أنساب الأشراف: 43.
3- تاريخ اليعقوبي 2: 66.
4- ذخائر العقبى: 180، السيرة الحلبية 2: 247 مختصراً.

ص: 43

وعن عبد اللَّه بن مسعود قال: ما رأينا رسول اللَّه باكياً قط أشد من بكائه على حمزة ابن عبد المطلب لما قتل .. ثم وقف صلى اللَّه عليه وسلم على جنازته وانتحب حتى نشغ من البكاء يقول: «يا حمزة يا عم رسول اللَّه وأسد اللَّه وأسد رسوله، يا حمزة يافاعل الخيرات، يا حمزة ياكاشف الكربات، يا حمزة يا ذاب عن وجه رسول اللَّه»، قال: وطال بكاؤه، قال فدعا برجل رجل حتّى صلى عليه سبعين صلاة وحمزة على حالته (1).

وفي شفاء الغرام: ولما رجع النبي(ص) إلى المدينة سمع البكاء والنواح على القتلى، فذرفت عيناه(ص) وبكى، ثم قال: «لكن حمزة لا بواكي له»، فجاء نساء بني عبد الأشهل لما سمعوا ذلك فبكين على عمِّ رسول اللَّه(ص) ونحن على باب المسجد، فلما سمعهن خرج إليهن فقال: «إرجعن يرحمكن اللَّه فقد آسيتنّ بأنفسكن» (2).

ونقل الطبري عن الواقدي أن رسول اللَّه لما قال: «إن حمزة لا بواكي له» لم تبك امراة من الأنصار على ميت بعد قول النبي(ص) ذلك إلى اليوم إلّابدأت بالبكاء على حمزة، ثم بكت على ميتها (3).


1- نفس المصدر.
2- شفاء الغرام 2: 437، السيرة النبوية 3: 105، الروض الانف 6: 24.
3- ذخائر العقبى: 183.

ص: 44

[11] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على فاطمة بنت أسد:

وروى أنه(ص) صلّى عليها وتمرغ في قبرها وبكى وقال:

«جزاك اللَّه من أمٍّ خيراً، فلقد كنت خير أمٍّ»، وسماها أمّاً؛ لأنها كانت ربّته(ص) (1).

وقال ابن الصباغ المالكي في فصل خصّه بفاطمة بنت أسد:

أسلمت وهاجرت مع النبيِّ(ص)، وكانت من السابقات إلى الإيمان بمنزلة الأم من النبيِّ(ص). فلما ماتت كفّنها النبيُّ(ص) بقميصه، وأمر أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاماً أسودَ، فحفروا قبرها، فلما بلغوا لحدها، حفره رسولُ اللَّه بيده وأخرج ترابه، فلما فرغ اضطجع فيه وقال: «اللَّه الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت، اللّهمّ اغفر لأمّي فاطمة بنت أسد، ولقنها حجتها، ووسع عليها مدخلها، بحقِّ نبيك محمد والأنبياء الذين من قبلي، فإنك أرحم الراحمين»، فقيل: يا رسولَ اللَّه: رأيناك صنعت شيئاً لم تكن صنعته بأحد قبلها، فقال(ص):

«ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة، واضطجعت في قبرها


1- ذخائر العقبى: 56.

ص: 45

ليخفف عنها من ضغطة القبر، إنّها كانت من أحسن خلق اللَّه صنعاً إليّ بعد أبي طالب رضي اللَّه عنهما ورحمها» (1).

وجاء في تاريخ اليعقوبي أنه قيل لرسول اللَّه(ص): يا رسولَ اللَّه لقد اشتد جزعك على فاطمة، قال: «إنها كانت أمّي، كانت لتجيع صبيانها وتشبعني وتشعثهم وتدهنني وكانت أمّي» (2).

[12] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على أمّه عند قبرها:

روى الحاكم في المستدرك بسنده عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: زار النبي(ص) قبر أمّه في ألف مقنع فلم ير باكياً أكثر منه يومئذٍ. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (3).

وعن أبي هريرة قال: زار النبيُّ(ص) قبر أمّه فبكى وأبكى مَن حوله .. (4).

وروى ابن أبي شيبة مسنداً عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال:

لما فتح رسولُ اللَّه(ص) مكّة أتى حرم قبر فجلس إليه فجعل كهيئة المخاطب، وجلس الناس حوله، فقام وهو يبكي، فتلقاه عمر وكان من أجرأ الناس عليه فقال: بأبي أنت وأمّي يا رسولَ اللَّه ما الذي أبكاك؟ قال: «هذا قبر أمي سألت ربي الزيارة فأذن لي ... فذكرتها


1- الفصول المهمة: 13، مناقب ابن المغازلي: 77.
2- تاريخ اليعقوبي 2: 14.
3- المستدرك على الصحيحين 1: 375، تاريخ المدينة المنورة 1: 118.
4- ذخائر العقبي: 258.

ص: 46

فذرفت نفسي فبكيت»، قال: فلم ير يوماً كان أكثر باكياً منه يومئذٍ (1).

[13] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على خديجة بنت خويلد:

قال علي: فلما كان بعد شهر دخل عليّ أخي عقيل فقال: واللَّه، يا أخي! ما فرحت بشي ء قط كفرحي بتزويجك فاطمة الزهراء بنت رسول اللَّه(ص)، يا أخي! فما بالك لا تسئل رسول اللَّه(ص) أن يدخلها عليك، فتقر أعيننا باجتماع شملكما، فقلت: واللَّه، يا أخي! إني لأحبّ ذلك، وما يمنعني أن أسأل رسول اللَّه(ص) ذلك إلّا حياءً منه، فقال: أقسمتُ عليك إلّاقمت معي، فقمنا نريد رسول اللَّه(ص)، فلقينا في طريقنا أمّ أيمن مولاة رسول اللَّه(ص)، فذكرنا ذلك لها، فقالت: لا تفعل يا أبا الحسن، ودعنا نحن نكلم في هذا، فإنّ كلام النساء في هذا أحسن وأوقع في قلوب الرجال، قال: ثم انثنت راجعة فدخلت على أم سلمة بنت أبي امية بن المغيرة زوج النبي(ص) فأعلمتها بذلك وأعلمت نساء رسول اللَّه(ص) جميعاً، فاجتمع أمهات المؤمنين إلى رسول اللَّه(ص) وكان في بيت عائشة، فأحدقن به قلن له: فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسولَ اللَّه! قد اجتمعنا لأمر لو أن خديجة في الأحياء لقرت بذلك عينها، قالت أم سلمة: فلما ذكرنا خديجة بكى النبي(ص) ثم قال: «خديجة وأين


1- المصنف لابن أبي شيبة 3: 224، تاريخ المدينة المنورة 1: 118.

ص: 47

مثل خديجة؟! صدقتني حين يكذبني الناس، وأيدتني على دين اللَّه وأعانتني عليه بمالها، إن اللَّه عز وجل أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب الزمرد لاصخب فيه ولا نصب»، قالت أم سلمة: فقلنا: فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول اللَّه! إنك لم تذكر من خديجة أمراً إلّاوقد كانت كذلك، غير أنها قدمت إلى ربّها فهناها اللَّه بذلك، وجمع بيننا وبينها في درجات جنته ورحمته ورضوانه، يا رسولَ اللَّه! هذا أخوك في الدين وابن عمك في النسب علي بن أبي طالب يحب أن يدخل على فاطمة ... (1).

[14] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على عثمان بن مظعون:

روى الحاكم بسنده عن القاسم بن محمد، عن عائشة: أن النبي(ص) قبّل عثمان ابن مظعون وهو ميت وهو يبكي، قال:

وعيناه تهرقان (2).

ورواه البيهقي بسنده عن عائشة: أن النبي(ص) دخل على عثمان ابن مظعون وهو ميت، فكشف عن وجهه، ثم أكبّ عليه فقبّله وبكى حتى رأيت الدموع تسيل على وجنتيه (3).


1- مناقب الخوارزمي: 253.
2- المستدرك على الصحيحين 1: 361.
3- سنن البيهقي 3: 407.

ص: 48

[15] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على زيد وابن رواحة:

قال ابن سعد في الطبقات عن ابن عمر أيضاً، أنبأنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد، عن هلال، عن أنس بن مالك: أن النبيَّ(ص) نعي جعفراً وزيداً وابن رواحة قبل أن يجي ء خبرهم، نعاهم وعيناه تذرفان (1).

[16] بكاء النبي صلى الله عليه و آله على سعد بن ربيع:

قال الواقدي: وقال جابر بن عبد اللَّه: لما قتل سعد بن ربيع بأُحد، رجع رسول اللَّه(ص) إلى المدينة، ثم مضى إلى حمراء الأسد .. وكانت امرأة سعد امرأة حازمة، صنعت طعاماً، ثم دعت رسول اللَّه، خبزاًولحماً، وهي يومئذٍ بالأسواف، فانصرفنا إلى النبيِّ(ص) من الصبح، فبينما نحن عنده جلوس ونحن نذكر وقعة أحد، ومن قتل من المسلمين، ونذكرسعد بن ربيع، إلى أن قال رسول اللَّه(ص):

«قوموا بنا»، فقمنا معه ونحن عشرون رجلًا، حتى انتهينا إلى الأسواف، فدخل رسول اللَّه(ص) ودخلنا معه فنجدها قد رشت


1- تذكرة الخواص: 172 عن ابن سعد، المعجم الكبير 2: 105.

ص: 49

ما بين صَورَين وطرحت خصفة، قال جابر بن عبد اللَّه: واللَّه! ما ثَمَّ وسادة ولا بساط، فجلسنا ورسول اللَّه(ص) يحدثنا عن سعد بن رَبيع، يترحم عليه ويقول: «لقد رأيت الأسِنّة شرعت إليه يومئذٍ حتى قتل»، فلما سمع ذلك النسوة بكين، فدمعت عينا رسول اللَّه(ص) وما نهاهن عن شي ء من البكاء ... (1).

بكاء الإمام علي بن أبي طالب صلى الله عليه و آله:

[1] بكاء الامام أمير المؤمنين وحزنه على الزهراء عليها السلام:

قال ابن الصباغ: وروى جعفر بن محمد(ع)، قال: لما ماتت فاطمة، كان علي(ع) يزور قبرها في كلّ يوم، قال: وأقبل يوم فانكب على القبر وبكى وأنشأ يقول:

مالي مررتُ على القبور مسلّماً قبر الحبيب فلم يردّ جوابي

يا قبر ما لك لا تجيب منادياً أمللت بعدي خلّة الأحباب

فأجابه هاتف يسمع صوته ولا يرى شخصه وهو يقول:

قال الحبيب كيف لي بجوابكم وأنا رهين جنادل وتراب


1- المغازي 1: 329.

ص: 50

أكل التراب محاسني فنسيتكم وحجبت عن أهلي وعن أترابي

فعليكم مني السلام تقطعت مني ومنكم خلة الأسباب (1)

وجاء في تفسير كشف الأسرار: «وصلة الأحباب» بدل:

«خلة الأسباب» (2).

قال السبط ابن الجوزي: ولما دفنها علي(ع) أنشد:

لكلّ اجتماع من خليلين فرقة وكلّ الذي دون الفراق قليل

وإن افتقادي فاطماً بعد أحمد دليل على أن لا يدوم خليل

وقال أيضاً:

ألا أيها الموت الذي ليس تاركي أرحني فقد أفنيت كلّ خليل

أراك بصيراً بالذين أحبّهم كأنّك تنحو نحوهم بدليل


1- الفصول المهمة: 130.
2- كشف الأسرار 1: 626.

ص: 51

ثم جاء إلى قبر رسول اللَّه(ص) وقال: السلام عليك يا رسول اللَّه! وعلى ابنتك النازلة في جوارك، السريعة اللحاق بك، قلّ تصبري عنها، وضعف تجلدي على فراقها، ألا إن في التأسي لي بعظيم فرقتك، وقادح مصيبتك مقنع، فإنا اللَّه وإنا إليه راجعون، فلقد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة، أمّا حزني عليكما فسرمد، وأمّا ليلي فمسّهد، إلى أن يختار اللَّه لي دارك التي أنت بها مقيم، وينقلني من دار التكدير والتأثيم، وستخبرك ابنتك بما لقينا بعدك، فاحفها بالسؤال، واستعلم منها الأمور والأحوال، هذا ولم يطل العهد، ولم يمتد الزمان، فعليكما مني السلام، سلام مودع لا قال ولا سئم، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد اللَّه الصابرين وأعد للمجرمين (1).

[2] بكاء الامام علي عليه السلام على الحسين عليه السلام:

وكان علي(ع) يبكي حينما يذكر مصرع الحسين(ع) وأهل بيته الكرام، وكان عليه السلام يبكي أيضاً على ولده حينما كان يرى دموع الرسول تنحدر على خديه على الحسين عليه السلام.

روى ابن عساكر، عن عبد اللَّه بن نجي، عن أبيه، أنه سار مع


1- تذكرة الخواص: 320، الفصول المهمة: 130.

ص: 52

علي- وكان صاحب مطهرته- فلما حاذى نينوى- وهومنطلق إلى صفين- فنادى علي اصبر أبا عبد اللَّه، اصبر أبا عبد اللَّه بشط الفرات، قلت: وماذا؟ قال: دخلت على النبيِّ(ص) ذات يوم وعيناه تفيضان [قلت يا نبيَّ اللَّه أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان]، قال: «بل قام من عندي جبرئيل قبل، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات»، قال: فقال لي: «هل لك إلي أن اشمك من تربته»، قال قلت: نعم، فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا (1).

وروى القندوزي، عن ابن سعد، عن الشعبي، قال: مرّ علي- كرم اللَّه وجهه- بكربلاء عند مسيره إلى صفين، فبكى حتى بلّ الأرض من دموعه، فقال: دخلت على رسول اللَّه(ص) وهو يبكي، فقلت: يا رسولَ اللَّه بأبي وأمّي ما يبكيك؟ قال: «كان عندي جبرائيل آنفاً وأخبرني أن ولدي الحسين يقتل بشاطى ء الفرات بموضع يقال لها كربلاء، ثم قبض جبرائيل قبضة من ترابه وشمني إياها فلم أملك عيني أن فاضتا» (2).


1- تاريخ دمشق(الإمام الحسن): 238، مناقب ابن المغازلي: 397 ح 451، تهذيب التهذيب 2: 300، استشهاد الامام الحسين: 125 وفيه عبد اللَّه بن يحيى بدل نجي، الصواعق: 191، المعجم الكبير 3: 105 مسند أحمد 1: 58.
2- ينابيع المودة: 384.

ص: 53

[3] بكاء الإمام علي عليه السلام على عمار بن ياسر:

قال ابن قتيبة: فلما قتل عمار اختلط الناس، حتى ترك أهل الروايات مراكزهم وأقحم أهل الشام وذلك في آخر النهار .. فقال عدي بن حاتم: «واللَّه، يا أمير المؤمنين! ما أبقت هذه الوقعة لنا ولهم عميداً، فقاتل حتى يفتح اللَّه تعالى لك، فإن فينا بقية، فقال علي: يا عدي قُتل عمار بن ياسر؟ قال: نعم، فبكى علي وقال:

رحمك اللَّه يا عمار استوجب الحياة والرزق الكريم ... (1).

[4] بكاء الإمام علي عليه السلام على هاشم بن عتبه:

قال في التذكرة: وقتل في ذلك اليوم أيضاً هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، فبكى علي عليهما، وصلى عليهما، وجعل عماراً مما يليه، وهاشم بن عتبه مما يلي القبلة، ولم يغسلهما (2).

[5] بكاء الإمام علي عليه السلام على محمد بن أبي بكر:


1- الإمامة والسياسة 1: 110.
2- تذكرة الخواص: 94.

ص: 54

وقيل لعلي: لشّد ما جزعت على محمد بن أبي بكر، فقال: رحم اللَّه محمداً، إنه كان غلاماً حدثاً، ولقد أردت تولية مصر هاشم بن عتبة، ولو وليته إياها ماخلا لهم العرضة بلا ذم لمحمد، فقد كان لي ربيباً، وكان من ابني أخي جعفراً أخاً، وكنت أعده ولداً (1).

وقال سبط ابن الجوزي: وبلغ علياً(ع) قتل محمد فبكى وتأسف عليه ولعن قاتله (2).

[6] حزن الإمام علي عليه السلام على مالك الأشتر:

وقال ابن أبي الحديد: قال إبراهيم: وحدثنا محمد بن عبد اللَّه، عن ابن أبي سيف المدائني، عن جماعة من أشياخ النخع قالوا:

دخلنا على أمير المؤمنين حين بلغه موت الأشتر، فوجدناه يتلهف ويتأسف عليه، ثم قال: للَّه دَرّ مالك! وما مالك! لو كان من جبل لكان فِنْداً، ولو كان من حجرٍ لكان صَلْداً، أما واللَّه ليهدّنّ موتُك عالَماً وليفرحنّ عالماً، على مثل مالكٍ فلتبك البواكي، وهل مرجُوٌ كمالك؟! وهل موجود كمالك؟!

قال علقمة بن قيس النخعي: فما زال عليّ يتلهف ويتأسف حتى ظننا أنه المصاب به دوننا، وعرف ذلك في وجهه أياماً (3).


1- أنساب الأشراف: 404، تاريخ الطبري 6: 62.
2- تذكرة الخواص: 107.
3- شرح نهج البلاغة 6: 77.

ص: 55

بكاء سيدة نساء العالمين فاطمة عليها السلام:

[1] بكاء السيدة فاطمة عليها السلام على أبيها صلى الله عليه و آله:

لقد بكت الزهراء على أبيها طول حياتها أشد البكاء، وحزنت على فقد رسول اللَّه أشد الحزن، ولقد كانت تبكيه ليلًا ونهاراً حتى لحقت به.

قال ابن الجوزي: ثم إنها اعتزلت القوم ولم تزل تندب رسول اللَّه(ص) وتبكيه حتى لحقت به (1).

وعن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: لما فرغنا من دفن رسول اللَّه(ص)، أقبلت عليّ فاطمة، فقالت: يا أنس! كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على وجه رسول اللَّه(ص) التراب؟! ثم بكت ونادت: يا أبتاه! أجاب ربّاً دعاه، يا أبتاه! من ربّه ما أدناه، يا ابتاه! من ربّه ناداه، يا أبتاه! إلى جبريل ننعاه، يا أبتاه! جنة الفردوس مأواه ... (2).

وعن علي(ع) قال: إن فاطمة بنت رسول اللَّه(ص) جاءت إلى


1- تذكرة الخواص: 318.
2- العقد الفريد 3: 194: مسند فاطمة للسيوطي: 30، كنز العمال 7: 261.

ص: 56

قبر أبيها بعد موته، فوقفت عليه وبكت، ثم أخذت قبضة من تراب القبر فجعلتها على عينها ووجهها وأنشأت تقول:

ماذا على من شم تربة أحمد أن لا يشم مدى الزمان غواليا

صبّت عليّ مصائب لو أنها صبّت على الأيام عدن لياليا (1)

قال حماد: فكان ثابت إذا حدث بهذا الحديث بكى حتى تختلف اضلاعه (2).

[2] بكاء السيدة فاطمة عليها السلام على أمّها:

قال اليعقوبي: ولما توفيت خديجة جعلت فاطمة تتعلّق برسول اللَّه(ص) وهي تبكي وتقول أين أُمّي، أين أمي؟ فنزل عليه جبرئيل فقال: قل لفاطمة: إن اللَّه تعالى بنى لأمّك بيتاً في الجنة من قصب لا نصب فيه ولا صخب (3).

[3] بكاء السيدة فاطمة عليها السلام على أختها رقية:

روى ابن شبّة بسنده عن ابن عباس(رض) قال: لما ماتت


1- الفصول المهمة: 130، الوفا بأحوال المصطفى 2: 560.
2- حياة الصحابة 2: 374.
3- تاريخ اليعقوبي 2: 35.

ص: 57

رقية بنت رسول اللَّه(ص) قال رسول اللَّه: «الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون» .. قال: فبكت فاطمة(رض) على شفير القبر، فجعل النبي(ص) يمسح الدموع عن عينيها بطرف ثوبه (1).

[4] بكاء السيدة فاطمة عليها السلام على شهداء احد:

قال المكي: وروى جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده:

أن فاطمة بنت رسول اللَّه(ص) كانت تختلف بين اليومين والثلاثة إلى قبور الشهداء بأحد، فتصلي هناك، وتدعو وتبكي حتى ماتت رضي اللَّه عنها (2).

[5] بكاء السيدة فاطمة عليها السلام على عمّها جعفر عليه السلام:

وقال البلاذري: ودخل رسولُ اللَّه(ص) حين أتاه نعي جعفر على أسماء بنت عميس فعزاها به، ودخلت فاطمة: عليها السلام تبكي وهي تقول: وا عماه! فقال رسول اللَّه: «على مثل جعفر فلتبك البواكي»، ثم انصرف إلى أهله، وقال: «اتخذوا لآل جعفر طعاماً فقد شغلوا عن أنفسهم»، وضم عبد اللَّه بن جعفر إليه، ومسح رأسه، وعيناه تدمعان، وقال: «اللهم اخلف جعفراً في ذريته


1- تاريخ المدينة المنورة 1: 103، وعنه عمدة الأخبار: 152.
2- شفاء الغرام 2: 350.

ص: 58

بأحسن ما خلّفت به أحداً من عبادك الصالحين» (1).

بكاء الامام الحسن المجتبى عليه السلام:

[1] بكاء الإمام الحسن عليه السلام وأهل الكوفة على علي عليه السلام:

قال ابن الصباغ المالكي: روى جماعة من أصحاب السير وغيرهم: أن الحسن بن علي(ع) خطب في صبيحة الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين علي(ع)، فحمد اللَّه وأثنى عليه وصلّى على النبيِّ(ص) ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون، ولم يدركه الآخرون، لقد كان يجاهد مع رسول اللَّه فيقيه بنفسه، وكان رسولُ اللَّه(ص) يوجهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله، فلا يرجع حتى يفتح اللَّه على يديه، ولقد توفي الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم، وفيها قبض يوشع بن نون، وما خلف صفراء ولا بيضاء إلّاسبعمائة درهم فضلت من عطائه، وأراد أن يبتاع بها خادماً لأهله، ثم خنقه البكاء فبكى، وبكى الناس معه، ثم قال(ع): أنا ابن البشير النذير، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن الداعي إلى اللَّه باذنه، أنا ابن الذين أذهب اللَّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ... (2).


1- أنساب الأشراف: 43، ذخائر العقبى: 218.
2- الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: 142، شرح نهج البلاغة 4: 11.

ص: 59

بكاء الإمام الحسين الشهيد عليه السلام:

[1] بكاء الإمام الحسين عليه السلام على ولده الشهيد علي الأكبر:

قال: ثم برز علي الأكبر بن الحسين- رضي اللَّه عنهما- وهو ابن سبعة عشر سنة ... ولم يزل يقاتل حتى قَتَلَ منهم ثمانين رجلًا، ثم ضربه رجل من القوم على رأسه الشريف فخر إلى الأرض، ثم استوى جالساً يقول: يا أباه هذا جدّي محمد المصطفى وعلي المرتضى، وهذه جدتي فاطمة الزهراء وخديجة الكبرى، فحمل عليهم الإمام ففرقهم، ووضع رأسه في حجره، وجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول: لعن اللَّه قوماً قتلوك يا ولدي ما أشد جرءتهم على اللَّه وعلى انتهاك حرم رسول اللَّه(ص)، وأهملت عيناه بالدموع وصرخن النساء فسكتهن الإمام وقال لهن: اسكتن فإن البكاء أمامكن ... (1).

[2] بكاء الإمام الحسين عليه السلام على أخيه العباس بن علي:

قال القندوزي الحنفي: ثم إن العباس بن علي قاتل قتالًا شديداً


1- ينابيع المودة: 415.

ص: 60

وقتل منهم رجالًا ويقول:

لا أرهب الموت إذا الموت لقى حتى اوارى في المصاليت لقا

نفسي لنفس الطاهر الطهر وقا إنّي صبور شاكر للملتقى

ولا أخاف طارقاً إذ طرقا بل أضرب الهام وأبري المعزقا

فحمل عليه الأبرد بن شيبان فضربه على يمينه فطارت مع السيف فأخذ بشماله وحمل على أعدائه ويقول:

واللَّه لو قطعتموا يميني لأحمين مجاهداً عن ديني

وعن إمام صادق اليقين سبط النبي الطاهر الأمين

فقتل منهم رجالًا، فضربه عبد اللَّه بن يزيد على شماله ... ثم حمل على القوم ويداه مقطوعتان، وقد ضعف من كثرة الجراح، فحملوا عليه بأجمعهم، فضربه رجل منهم بعمود من حديد على رأسه الشريف ففلق هامته، فوقع على الأرض وهو يقول: يا أبا عبد اللَّه يا حسين عليك مني السلام، فقال الإمام: وا عباساه وا مهجة قلباه وحمل عليهم وكشفهم عنه، ونزل إليه وحمله على جواده فأدخله الخيمة وبكى بكاءً شديداً وقال: جزاك اللَّه عني خير الجزاء، فلقد جاهدت حق الجهاد ... (1).


1- ينابيع المودة: 409.

ص: 61

[3] بكاء الامام الحسين عليه السلام على مسلم بن عقيل:

قال أحمد بن أعثم الكوفي: وسار الحسين حتى نزل الشقوق، فإذا هو بالفرزدق بن غالب الشاعر قد أقبل عليه فسلّم ثم دنا منه فقبل يده، فقال الحسين: من أين أقبلت يا أبا فراس؟ فقال من الكوفة يا ابن رسول اللَّه! فقال: كيف خلفت أهل الكوفة؟ فقال:

خلفت الناس معك وسيوفهم مع بني أمية، واللَّهُ يفعل في خلقه ما يشاء، فقال: صدقت وبررت، إن الأمر للَّه يفعل ما يشاء وربنا تعالى كلّ يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء بما نحب فالحمد للَّه على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد من كان الحق نيته، فقال الفرزدق: يا بن بنت رسول اللَّه! كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم قد قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته؟ قال فاستعبر الحسين بالبكاء ثم قال:

رحم اللَّه مسلماً فلقد صار إلى روح اللَّه وريحانه وجنته ورضوانه، أما أنه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا ... (1).

وقال أيضاً: وبلغ الحسين بن علي بأن مسلم بن عقيل قد قتل رحمه اللَّه، وذلك أنه قدم عليه رجل من أهل الكوفة، فقال له الحسين: من أين أقبلت؟ قال من الكوفة وما خرجت منها حتّى نظرت مسلم ابن عقيل وهاني بن عروة المذحجي رحمها اللَّه قتيلين


1- الفتوح 5: 124.

ص: 62

مصلوبين منكسين في سوق القصابين، وقد وجه برأسيهما إلى يزيد بن معاوية قال: فاستعبر الحسين باكياً ثم قال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون (1).

[4] بكاء الامام الحسين عليه السلام على طفله الرضيع:

قال هشام بن محمد: لما رآهم الحسين مصرّين على قتله أخذ المصحف ونشره وجعله على رأسه ونادى: بيني وبينكم كتاب اللَّه وجدي محمد رسول اللَّه، يا قوم بم تستحلون دمي، أَلست ابن بنت نبيكم؟ أَلم يبلغكم قول جدي فيّ وفي أخي «هذان سيدي شباب أهل الجنة؟» إن لم تصدقوني فاسألوا جابراً وزيدَ بن أرقم وأبا سيعد الخدري، أَليس جعفر الطيار عمي؟ ... فالتفت الحسين فإذا بطفل له يبكي عطشاً فأخذه على يده وقال: ياقوم إن لم ترحموني فارحموا هذا الطفل، فرماه رجل منهم بسهم فذبحه، فجعل الحسين يبكي ويقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا، فنودي من الهواء دعه يا حسين فإن له مرضعاً في الجنة (2).

وقال القندوزي: قالت أم كلثوم: يا أخي إن ولدك عبد اللَّه ما ذاق الماء منذ ثلاثة أيام، فاطلب له من القوم شربة تسقيه، فأخذه


1- الفتوح 5: 110.
2- تذكرة الخواص: 252.

ص: 63

ومضى به إلى القوم، وقال: يا قوم لقد قتلتم أصحابي وبني عمي وإخوتي وولدي وقد بقي هذا الطفل، هو ابن ستة أشهر، يشكي من الظمإ فاسقوه شربة من الماء، فبينا هو يخاطبهم إذ أتاه سهم فوقع في نحر الطفل فقتله، وقيل: إن السهم رماه عقبة بن بشير الأزدي لعنه اللَّه، ويقول الحسين رضي اللَّه عنه: اللهم إنك شاهد على هؤلاء القوم الملاعين، إنهم قد عمدوا أن لا يبقون من ذرية رسولك(ص) ويبكي بكاءً شديداً ... (1).

[5] بكاء الامام الحسين عليه السلام على قيس بن مسهر:

وكتب الحسين(ع) وهو في طريقه إلى الكوفة كتاباً إلى أهل الكوفة، ودفعه إلى قيس بن مسهر الصيداوي، وأمر أن يسير إلى الكوفة: قال ابن الأعثم: فمضى قيس إلى الكوفة وعبيد اللَّه بن زياد قد وضع المراصد والمصابيح على الطرق، فليس أحد يقدر أن يجوز إلّافتش، فلما تقارب من الكوفة قيس بن مسهر، لقيه عدو اللَّه يقال له الحصين ابن نمير السكوني، فلما نظر إليه قيس كأنه اتقى على نفسه، فأخرج الكتاب سريعاً فمزقه عن آخره، قال وأمر الحصين أصحابه فأخذوا قيساً وأخذوا الكتاب ممزقاً حتى أتوا به عبيد اللَّه بن زياد، فقال له عبيد اللَّه بن زياد: مَن أنت؟ قال: أنا


1- ينابيع المودة: 415.

ص: 64

رجل من شيعة أمير المؤمنين الحسين بن علي رضي اللَّه عنهما، قال:

فلم خرقت الكتاب الذي كان معك؟ قال: خوفاً حتى لا تعلم مافيه، قال: وممّن كان هذا الكتاب وإلى مَن؟ قال: كان من الحسين إلى جماعة من أهل الكوفة لا أعرف أسماءهم، قال: فغضب ابن زياد غضباً عظيماً ثم قال: واللَّه لا تفارقني أبداً، أو تدلني على هؤلاء القوم الذي كتب إليهم هذا الكتاب، أو تصعد المنبر فتسب الحسين وأباه وأخاه فتنجوا من يدي، أو لاقطعنك، فقال قيس: أمّا هؤلاء القوم فلا أعرفهم، وأمّا لعنة الحسين وأبيه وأخيه فاني أفعل.

قال: فأمر به فأُدخل المسجد الأعظم، ثم صعد المنبر وجمع له الناس ليجتمعوا ويسمعوا اللعنة، فلما علم قيس أن الناس قد اجتمعوا وثب قائماً، فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم صلى على محمد وآله وأكثر الترحم على علي وولده، ثم لعن عبيد اللَّه بن زياد ولعن أباه، ولعن عتاة بني أمية عن آخرهم، ثم دعى الناس إلى نصرة الحسين بن علي، فأخبر بذلك عبيد اللَّه بن زياد، فأصعد على أعلى القصر ثم رمى به على رأسه فمات رحمه اللَّه، وبلغ ذلك الحسين فاستعبر باكياً ثم قال: اللهم اجعل لنا ولشيعتك منزلًا كريماً عندك، واجمع بيننا وإياهم في مستقر رحمتك، إنك على كلّ شي ء قدير (1).


1- الفتوح 5: 145.

ص: 65

[6] بكاء الامام الحسين عليه السلام على الحر بن يزيد الرياحي:

قال القندوزي: ثم برز الحر ... وقال يا أهل الكوفة: هذا حسين لقد دعوتموه، وزعمتم أنكم تنصرونه وتقتلون أنفسكم عنده، فوثبتم عليه وأحطتم به من كلّ جانب ومنعتم أهله من شرب الماء تشربه الكلاب والخنازير، بئس ما صنعتم، لا سقاكم اللَّه يوم العطش الأكبر، لا ترجعون عما أنتم عليه، ثم حمل عليهم فقتل منهم خمسين رجلًا، ثم قتل رضي اللَّه عنه واجتزوا رأسه ورموه نحو الإمام، فوضعه في حجره وهو يبكي ويمسح الدم عن وجهه ويقول: واللَّه ما أخطأت أمك إذ سمتك حراً، فإنك حرّ في الدنيا وسعيد في الآخرة (1).

بكاء الإمام السجاد علي بن الحسين عليه السلام:

[1] بكاء الامام السجاد عليه السلام على أبيه الحسين عليه السلام:

وممّن بكى على الحسين(ع) إلى أن لقى ربه هو الإمام زين


1- ينابيع المودة: 414.

ص: 66

العابدين(ع)، وقد بكى على والده الشهيد الحسين بن علي ما يقرب من أربعين سنة، بحيث ما قدم له طعام ولا شراب إلّاوقد ذكر الحسين ومصرعه، وما جرى على أهل بيت الرسول في كربلاء، وحتى خيف عليه من كثرة بكائه وقيل له: أما آن لحزنك أن ينقضي ....

روى ابن عساكر بسنده عن محمد بن يعقوب بن سوار، عن جعفر ابن محمد قال: سئل علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن كثرة بكائه؟ فقال: لا تلوموني، فإن يعقوب فقد سبطاً من ولده فبكى حتى ابيضت عيناه، ولم يعلم أنه مات، ونظرت أنا إلى أربعة عشر رجلًا من أهل بيتي ذبحوا في غداة واحدة فترون حزنهم يذهب من قلبي أبداً (1).

[2] بكاء الامام السجاد عليه السلام وأهل المدينة على الحسين:

قال بشير بن جذلم: لمّا وصلنا قريباً من المدينة أمرني الإمام زين العابدين رضي اللَّه عنه أن أخبر أهل المدينة، فدخلت المدنية فقلت: أيها المسلمون إن علي بن الحسين قد قدم إليكم مع عماته وأخواته، فما بقيت مخدرة إلّابرزت من خدورهن مخمّشة وجهها لاطمة خدها يدعون بالويل والثبور، قال: فلم أر باكياً وباكيةً أكثر من ذلك اليوم، فخرج الإمام من الخيمة وبيده منديل يمسح به دموعه، فجلس على كرسي وحمد اللَّه واثنى عليه ثم قال:


1- تاريخ دمشق(ترجمة الامام زين العابدين): 56، حلية الأولياء 3: 138.

ص: 67

أيها الناس، إن اللَّه له الحمد وله الشكر قد ابتلانا بمصائب جليلة، ومصيبتنا ثلمة عظيمة في الإسلام ورزية في الأنام، قتل أبي الحسين وعترته وأنصاره، وسبيت نساؤه وذريته، وطيف برأسه في البلدان على عالي السنان، فهذه الرزية تعلو على كلّ رزية، فلقد بكت السبع الشداد لقتله، والسبع الطباق لفقده، وبكت البحار بأمواجها، والأرضون بأرجائها، والأشجار بأغصانها، والطيور بأوكارها، والحيتان في لجج البحار، والوحوش في البراري والقفار، والملائكة المقربون والسموات والأرضون.

أيها الناس، أيّ قلب لا ينصدع لقتله ولا يحزن لأجله.

أيها الناس، أصبحنا مشردين، مطرودين، مذودين، شاسعين عن الأوطان، من غير جرم اجترمنا، ولا مكروه ارتكبنا، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها، ولا فاحشة فعلناها،

فواللَّه لو أن النبي صلى الله عليه و آله أوصى إليهم في قتالنا لما فعلوا بنا ما ازدادوا في قتالنا، فانّا للَّه وإنا اليه راجعون.

ثم قام ومشى إلى المدينة ليدخلها، فلما دخل زار جده رسول اللَّه(ص) ثم دخل منزله (1).


1- ينابيع المودة: 425.

ص: 68

بكاء الامام الباقر محمد بن علي عليه السلام:

[1] بكاء الامام الباقر عليه السلام على أبيه السّجاد عليه السلام:

روى ابن عساكر بسنده عن أبي موسى المؤدب قال: قال قيس بن النعمان: خرجت يوماً إلى بعض مقابر المدينة فإذا أنا بصبي جالس عند قبر يبكي بكاءً شديداً وإنّ وجهه ليلقى شعاعاً من نور، فأقبلت عليه فقلت: أيها الصبي ما الذي أعقلت له من الحزن حتى أفردك بالخلوة في مجالب الموتى والبكاء على أهل البلى ..

وأنت بعزّ الحداثة مشغول عن اختلاف الأزمان وحنين الأحزان؟!

قال: فرفع رأسه وطأطأ وأطرق ساعة لا يحير جواباً، ثم رفع إلي رأسه وهو يقول:

إن الصبي صبي العقل لا صغر أزرى بذي العقل فينا لا ولا كبر

ثم قال لي: يا هذا إنك خلّي الذرع من الفكر السليم والأحشاء من الحرقة، آمنت تقارب الأجل يطول الأمل، إن الذي أفردني بالخلوة في مجالب أهل البلى تذكر قول اللَّه عز وجل: «فاذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون».

فقلت: بأبي أنت وأمي من أنت؟ فاني لأسمع كلاماً حسناً.

ص: 69

فقال: إنّ من شقاوة أهل البلاء قلة معرفتهم بأولاد الأنبياء!! أنا محمد بن علي بن الحسين بن علي، وهذا قبر أبي، فأيّ انس آنس من قربه، وأيّ وحشةٍ تكون معه، ثم أنشأ يقول:

ما غاض دمعي عند نازلة إلّا جعلتك للبكاء سبباً

إني أجلّ ثرى حللت به من أن أرى بسواك مكتئباً

فاذا ذكرتك سامحتك به مني الدموع ففاضت فانسكبا

قال قيس: فانصرفت وما تركت زيارة القبور مذ ذاك (1).

بكاء المسلمين:

[1] بكاء المسلمين على فقد النبي:

قال ابن أعثم الكوفي عند ذكر سقيفة بني ساعدة: إن المسلمين اجتمعوا وبكوا على فقد رسول اللَّه، فقال لهم أبو بكر: إن دمتم على هذا الحال فهو واللَّه الهلاك والبوار ... (2).

بكاء الصحابة:

[1] بكاء الصحابة على أمير المؤمنين:

بكى على الإمام أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين علي بن أبي


1- تاريخ دمشق(ترجمة الامام زين العابدين): 146.
2- الفتوح 1: 2.

ص: 70

طالب العدو والصديقُ، وبكاه أهلُ الكوفة وأهل المدينة، بل بكاه الصحابةُ حينما وصلهم خبر استشهاد وصي رسول اللَّه(ص) وخليفته، كما يرويه لنا العلّامة سبط ابن الجوزي قائلًا:

وقال الواقدي: لمّا بلغ الصحابة خبره بكوا عليه (1).

بكاء أهل المدينة:

[1] بكاء أهل المدينة على النبي:

قال أبو ذؤيب الهذلي: قدمتُ المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج أهلّوا بالإحرام، فقلت مه؟ قالوا: قبض رسول اللَّه (2).

[2] بكاء أهل المدينة سبعة أيام على الحسن عليه السلام:

وروى ابن عساكر بسنده عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، قال: بكى على الحسن بن علي بمكة والمدينة سبعاً النساء والصبيان والرجال (3).


1- تذكرة الخواص: 182.
2- كنز العمال 7: 265، حياة الصحابة 2: 371.
3- تاريخ دمشق(ترجمة الامام الحسن): 235.

ص: 71

[3] بكاء أهل المدينة وتعطيل الأسواق على الإمام الحسن:

وعطل أهل المدينة أسواقهم إضافةً إلى بكائهم على الحسن بن علي(ع) سبعة أيام. كما رواه ابن سعد بسنده عن أبي جعفر قال: مكث الناس يبكون على حسن ابن علي سبعاً ما تقوم الأسواق (1).

وعن ابن عساكر أيضاً بسنده عن عبيد اللَّه بن مرداس، عن أبيه، عن الحسن بن محمد بن الحنفية في حديث قال: فلما توفي الحسن ارتجت المدينة صياحاً فلا يلفى أحد إلّاباكياً (2).

بكاء ونوح نساء بني هاشم:

[1] نوح نساء بني هاشم على الحسن بن علي:

وروى الحاكم بسنده عن أم بكر بنت المسور قالت: فلمّا مات- الحسن بن علي- أقام نساء بني هاشم النوح عليه شهراً (3).


1- الطبقات 8: 168، المستدرك على الصحيحين 3: 173.
2- تاريخ دمشق(ترجمة الامام الحسن): 222، سير اعلام النبلاء 3: 276.
3- المستدرك على الصحيحين 3: 173، تاريخ دمشق(ترجمة الإمام الحسن: 209.

ص: 72

وزاد ابن الأثير: ولبسوا الحداد سنة (1).

بكاء أهل الشام:

[1] البكاء والنياحة على الحسين عليه السلام في الشام:

لما أدخل اسارى آل محمد على يزيد بن معاوية في الشام، أمر يزيد بالخاطب أن يصعد المنبر: فقال: اصعد المنبر فخبّر الناس بمساوى الحسين وعلي وما فعلا.

قال: فصعد الخاطب المنبر فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم أكثر الوقيعة في علي والحسين، وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد ...

قال فصاح علي بن الحسين: ويلك أيها الخاطب! أشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق! ..، ثم قال علي بن الحسين! يا يزيد! أتاذن لي أن أصعد هذه الأعواد فاتكلم بكلام فيه رضا اللَّه، ورضا هؤلاء الجلساء وأجر وثواب، فأبي يزيد ذلك، فقال الناس: يا أمير المؤمنين إئذن له ليصعد المنبر لعلنا نسمع منه شيئاً، فقال: إنه إن صعد المنبر لم ينزل إلّابفضيحتي أو بفضيحة آل أبي سفيان ..

قال فلم يزالو به حتى صعد المنبر، فحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم خطب خطبة أبكى فيها العيون وأوجل منها القلوب، ثم قال:

أيها الناس! من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي


1- أسد الغابة 2: 15.

ص: 73

ونسبي، أيها الناس! أنا ابن مكة ومنى وزمزم والصفا، أَنا ابن خير من حج وطاف وسعى ولبىّ ... ابن من صلّى بملائكة السماء، أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا ابن سيدة النساء.

قال: فلم يزل يعيد ذلك حتى ضّج الناس بالبكاء والنحيب، قال وخشي يزيد أن تكون فتنه فأمر المؤذن فقال: اقطع عنا هذا الكلام، قال: فلما سمع المؤذن قال اللَّه أكبر، قال الغلام: لا شي ء أكبر من اللَّه ... فلما قال المؤذن أشهد أن محمداً رسول اللَّه، التفت علي بن الحسين من فوق المنبر إلى يزيد، فقال: محمد هذا جدي أم جدك؟

فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت وكفرت، وإن زعمت أنه جدي فلم قتلت عترته، فلما فرغ المؤذن من الأذان والإقامة تقدم يزيد يصلي بالناس صلاة الظهر، فلما فرغ من صلاته أمر بعلي بن الحسين وأخواته وعماته رضوان اللَّه عليهم ففرغ لهم دار فنزلوها، وأقاموا أياماً يبكون وينوحون على الحسين رضي اللَّه عنه (1).

بكاء ابن عباس:

[1] بكاء ابن عباس على الإمام الحسن بن علي:

قال ابن قتيبة الدينوري: فلما كانت سنة إحدى وخمسين، مرض الحسن بن علي مرضه الذي مات فيه، فكتب عامل المدينة إلى معاوية يخبره بشكاية الحسن، فكتب إليه معاوية: إن استطعت ألّا يمضي يوم يمرّبي إلّايأتيني فيه خبره فافعل، فلم يزل يكتب إليه بحاله حتى توفي، فكتب إليه بذلك، فلما أتاه الخبر أظهر فرحاً


1- الفتوح 5: 247.

ص: 74

وسروراً، حتى سجد وسجد من كان معه، فبلغ ذلك عبد اللَّه بن عباس وكان بالشام يومئذٍ، فدخل على معاوية، فلما جلس قال معاوية: يابن عباس هلك الحسن بن علي، فقال ابن عباس: نعم هلك إنا للَّه وإنا إليه راجعون ترجيعاً مكرراً، وقد بلغني الذي أظهرت من الفرح والسرور لوفاته، أما واللَّه ما سدّ جسده حفرتك، ولا زاد نقصان أجله في عمرك، ولقد مات وهو خير منك، ولئن أصبنا به لقد أصبنا بمن كان خيراً منه، جده رسول اللَّه(ص) فجبر اللَّه مصيبته، وخلف علينا من بعده أحسن الخلافة، ثم شهق ابن عباس وبكى، وبكى من حضر في المجلس وبكى معاوية، فما رأيت يوماً أكثر باكياً من ذلك اليوم، فقال معاوية:

بلغني أنه ترك بنين صغاراً، فقال ابن عباس: كلنا كان صغيراً فكبر، قال معاوية: كم أتى له من العمر؟ فقال ابن عباس: أمر الحسن أعظم من يجهل أحد مولده، قال فسكت معاوية يسيراً، ثم قال: يا بن عباس: أصبحت سيد قومك من بعده، فقال ابن عباس:

أما ما أبقى اللَّه أبا عبد اللَّه الحسين فلا ... (1).

[2] بكاء ابن عباس على الإمام الحسين عليه السلام:

قال سبط ابن الجوزي: ولما قتل الحسين لم يزل ابن عباس


1- الإمامة والسياسة 1: 150. العقد الفريد 5: 110.

ص: 75

يبكي عليه حتى ذهب بصره (1).

بكاء أبي بكر:

[1] بكاء أبي بكر على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله:

قال عبد اللَّه حسن باشا: وصح أنه لما توفي رسول اللَّه(ص) أقبل أبو بكر(رض) حين بلغه الخبر، فدخل على رسول اللَّه(ص) فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبّله، ثم بكى وقال: بأبي أنت وأمي طبت حيّاً وميتاً، اذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن من بالك.

وفي رواية أحمد: فقبّل جبهته ثم قال: وا نبياه! ثم قبّله ثلاثاً وقال: وا صفياه! ثم قبّله ثلاثاً وقال: وا خليلاه! (2).

وروى النسائي في السنن عن أبي سلمة: أن عائشة أخبرته: أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة ورسول اللَّه(ص) مسّجى ببرد حبرة، فكشف عن وجهه، ثم أكّب عليه فقبّله وبكى ثم قال: بأبي أنت وأمّي، أنت واللَّه لا يجمع اللَّه عليك موتتين أبداً،


1- تذكرة الخواص: 152.
2- صدق الخبر في خوارج القرن الثاني عشر: 328، المصنف لابن أبي شيبه 8: 565.

ص: 76

أمّا الموتة التي كتب اللَّه عليك فقد مُتَّها (1).

بكاء عمر بن الخطاب:

[1] بكاء عمر بن الخطاب على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله:

وقال في صدق الخبر: ولما تحقّق عمر(رض) وفاتَه(ص) بقول أبي بكر قال: وهو يبكي: بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه! لقد كان لك جذع تخطب الناس عليه، فلما كثروا واتخذت منبراً لتسمعهم حنّ الجذع لفراقك حتى جعلت يدك عليه فسكن، فأمتك أولى بالحنين عليك حين فارقتهم ... (2).

بكاء بلال الحبشي:

[1] بكاء بلال الحبشي عند قبر النبي صلى الله عليه و آله:

قال الجزري: ثم إن بلالًا رأى النبي(ص) في منامه وهو يقول:

ما هذه الجفوة يا بلال؟ ما آن لك أن تزورنا؟ فانتبه حزيناً، فركب إلى المدينة فأتى قبر النبي(ص) وجعل يبكي عنده، ويتمرّغ عليه، فأقبل الحسن والحسين- رضي اللَّه عنهما- فجعل يقبلهما ويضمّهما،


1- سنن النسائي 4: 11، سنن البيهقي 3: 406، المحلي 5: 146، كنز العمال 7: 226.
2- صدق الخبر في خوارج القرن الثاني عشر: 238.

ص: 77

فقالا له نشتهي أن تؤذن في السحر، فعلا سطح المسجد، فلما قال اللَّه اكبر اللَّه اكبر، إرتجّت المدينة، فلمّا قال أشهد أن لا إله إلّااللَّه زادت رجتها، فلما قال: أشهد أنّ محمداً رسول اللَّه خرج النساء من خدورهن، فما رؤي يوم أكثر باكياً وباكية من ذلك اليوم (1).

بكاء أبي هريرة:

[1] بكاء أبي هريرة على الإمام الحسن عليه السلام:

روى ابن عساكر بسنده عن مساور مولى بني سعد قال: رأيت أبا هريرة قائماً على باب مسجد رسول اللَّه(ص) يوم مات الحسن بن علي ويبكي وينادي بأعلى صوته: يا أيها الناس مات اليوم حبّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فابكوا (2).

بكاء سعيد بن العاص:

[1] بكاء سعيد بن العاص على الإمام الحسن عليه السلام:

وقال الحاكم: قال ابن عمرو: حدثني مسلمة عن محارب قال:

مات الحسن بن علي سنة خمسين لخمس خلون من ربيع الأول


1- أسد الغابة 1: 208، صدق الخبر: 240.
2- تاريخ دمشق(ترجمة الحسن): 229، سير أعلام النبلاء 3: 277.

ص: 78

وهو ابن ست واربعين سنة، وصلى عليه سعيد بن العاص، وكان يبكي عليه، وكان مرضه أربعين يوماً (1).

بكاء معاوية:

[1] بكاء معاوية ومن حضر مجلسه على علي عليه السلام:

روى السبط ابن الجوزي عن جده قال: وأخبرنا جدي أبو الفرج رحمه اللَّه قال: أنبأنا أبو بكر بن حبيب الصوفي قال أنبأنا أبو سعد بن أبي صادق، انبأنا عبد اللَّه بن بالويه الشيرازي، حدثنا عبد اللَّه بن فهد ابن إبراهيم السباحي، حدثنا زكريا بن دينار، عن العباس بن بكار، عن عبد الواحد بن عمرو والأسدي، عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح قال: دخل ضرار بن ضمرة على معاوية فقال له: يا ضرار صف لي علياً فقال: أو تعفني؟ قال:

لا أعفيك، قالها مراراً، فقال ضرار: اما إذ لابد، فكان واللَّه بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلًا، ويحكم عدلًا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان واللَّه غزير الدمعة كثير الفكرة، يقلب كفه ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام


1- المستدرك على الصحيحين 3: 173.

ص: 79

ما جشب. كان واللَّه كأحدنا يجيبنا إذا سألناه، ويبتدئنا إذا أتيناه، ويأتينا إذا دعوناه، ونحن واللَّه مع قربه منا ودنوه إلينا لا نكلمه هيبة له، ولا نبتديه لعظمه، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين ويحب المساكين، ولا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد باللَّه لقد رأيته في بعض مواقفه ليلة وقد أرخى الليل سجوفه وغارت نجومه، وقد مثل قائماً في محرابه قابضاً على لحيته، يتململ السليم ويبكي بكاء الحزين، كأني أسمعه وهو يقول: يا دنيا غري غيري، أبي تعرضت أم إليّ تشوقت! هيهات هيات قد أبنتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير وعيشك حقير وخطرك كبير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق.

وقال: فذرفت دموع معاوية على لحيته، فلم يملك ردها وهو ينشفها بكمه، وقد اختنق القوم بالبكاء.

ثم قال معاوية: رحم اللَّه أبا حسن، فقد كان واللَّه كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ فقال: حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها (1).


1- تذكرة الخواص: 118، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي: 111، حياة الصحابة 1: 130.

ص: 80

بكاء محمد بن الحنفية:

[1] بكاء محمد بن الحنفية على أخيه الحسن بن علي عليه السلام:

ولمّا دفن- الحسن بن علي- قام أخوه محمد بن الحنفية على قبره باكياً وقال: رحمك اللَّه أبا محمد، لئن عزّت حياتك لقد هدَّت وفاتك، ولنعم الروح روح عمّر به بدنك، ولنعم البدن بدن تضمّنه كفنك، وكيف لا وأنت سليل الهدى، وحليف أهل التقى، وخامس أصحاب الكسا، ربيت في حجر الإسلام، ورضعت ثدي الإيمان، ولك السوابق العظمى والغايات القصوى، وبك أصلح اللَّه بين فئتين عظيمتين ولمّ بك شعث الدين، فعليك السلام، فلقد طبت حياً وميتاً، وأنشد:

أأدهن رأسي أم تطيب محاسني وخدك معفورٌ وأنت سليب

سأبكيك ما ناحت حمامة أيكة وما اخضرّ في دوح الرياض قضيب

غريب واكناف الحجاز تحوطه ألا كلّ من تحت التراب غريب (1)


1- تذكرة الخواص: 213، تاريخ دمشق(ترجمة الامام الحسن): 234، العقد الفريد 2: 8، و 3: 197.

ص: 81

بكاء أنس بن مالك:

[1] بكاء أنس بن مالك على الحسين عليه السلام:

قال القندوزي: ولما حمل الرأس الشريف- رأس الحسين بن علي- لابن زياد وجعله في طشت وجعل يضرب ثناياه بقضيب ويقول: ما رأيت مثل هذا، وكان عنده أنس فبكى، وقال: كان أشبههم برسول اللَّه. رواه الترمذي والبخاري (1).

وعن الشجري بسنده عن أنس قال: لم تر عين عبراً مثل يوم أتى برأس الحسين بن علي عليهما السلام في طشت، فوضع بين يدي عبيد اللَّه بن زياد لعنهما اللَّه، فجعل يمسّه بقضيبه ويقول: إن كان لصبيحاً، إن كان لجميلًا (2).

بكاء زيد بن أرقم:

[1] بكاء زيد بن أرقم في مجلس ابن زياد على الحسين عليه السلام:

وروى ابن أبي الدنيا: أنه كان عند ابن زياد: ابن أرقم فقال له:

ارفع قضيبك، فواللَّه لطال ما رأيت رسول اللَّه(ص) يقبّل ما بين هاتين الشفتين، ثم جعل زيد يبكي، فقال له ابن زياد: أبكى اللَّه


1- ينابيع المودة: 389 عن سنن الترمذي 5: 659 بتفاوت.
2- كتاب الأمالي: 164.

ص: 82

عينيك، لولا أنك شيخ قد خرفت لضربت عنقك، فنهض زيد وهو يقول: أيها الناس أنتم العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة وأمرّتم ابن مرجانة، واللَّه ليقتلنّ أخياركم ويستعبدنّ شراركم، فبعداً لمن رضى بالذل والعار ... (1).

بكاء الحسن البصري:

[1] بكاء الحسن البصري على الحسين عليه السلام:

قال الزهري: لما بلغ الحسن البصري قتل الحسين بكى حتى اختلج صدغاه، ثم قال: واذل أمة قتلت ابن بنت نبيها، واللَّه ليردّن رأس الحسين إلى جسده، ثم لينتقمن له جده وأبوه من ابن مرجانة (2).

بكاء الربيع بن خيثم:

[1] بكاء الربيع بن خيثم على الحسين عليه السلام:

وقال الزهري: لما بلغ الربيع بن خيثم قتل الحسين بكى وقال:


1- تذكرة الخواص: 257، اسد الغابة 2: 21، سير أعلام النبلاء 3: 315 بتفاوت، ينابيع المودة: 324،(ترجمة الامام الحسن) من تاريخ دمشق ابن عساكر: 381، والكامل في التاريخ 3: 434، واستشهاد الحسين لابن الاثير: 106.
2- المصدر نفسه: 268، ينابيع المودة: 331.

ص: 83

لقد قتلوا فتيةً لو رآهم رسول اللَّه(ص) لأحبهم بيده وأجلسهم على فخذه (1).

بكاء ابن الهبارية:

[1] بكاء ابن الهبارية الشاعر على الحسين بن علي عليه السلام:

ونقل السبط ابن الجوزي أن ابن الهبارية الشاعر اجتاز كربلاء، فجعل يبكي على الحسين وأهله- رضي اللَّه عنهم- وأنشد شعراً:

أحسين المبعوث جدك بالهدى قسماً يكون الحقّ عنه بسائل

لو كنت شاهد كربلا لبذلت في تنفيس كربك جهد بذل الباذل

ثم نام في مكانه فرأى النبيَّ(ص) فقال له: «جزاك اللَّه خيراً، أبشر فإن اللَّه قد كتبك ممّن جاهد بين يدي ابني الحسين» (2).

بكاء سليمان بن قتّة:

[1] بكاء سليمان بن قته على مصاب الحسين عليه السلام:

وقال القندوزي: وقف سليمان بن قتة على مصارع الحسين وأهل بيته- رضي اللَّه عنهم- وجعل يبكي ويقول:


1- المصدر نفسه.
2- تذكرة الخواص: 272، وعنه ينابيع المودة: 332.

ص: 84

مررت على ابيات آل محمد فلم أرها أمثالها يوم حلت

وإن قتيل الطف من آل هاشم أذلّ رقاباً من قريش فذلت

ألم تر أن الأرض أضحت مريضة لفقد حسين والبلاد اقشعرت

وقد أبصرت تبكي السماء لفقده وانجمها ناحت عليه وصلت

وكانوا لنا غيثاً فعادوا رزية لقد عظمت تلك الرزايا وجلت (1)

بكاء الزهري:

[1] بكاء الزهري على الامام السجاد عليه السلام:

1- وقال ابو نعيم الاصبهاني: وكان الزهري اذا ذكر علي بن الحسين يبكي ويقول: زين العابدين (2).

بكاء أُم سلمة:

[1] بكاء ام سَلمة على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله:

وأخرج الواقدي عن أم سلمة(رض) قالت: بينا نحن مجتمعون نبكي لم ننم ورسول اللَّه(ص) في بيوتنا، ونحن نتسلى برؤيته على السرير، إذ سمعنا صوت الكرازين في السحر، قالت أم سلمة


1- ينابيع المودة: 428.
2- حلية الاولياء 3: 138.

ص: 85

فصحنا وصاح أهل المسجد، فارتجت المدينة صيحة واحدة، وإذن بلال(رض) بالفجر، فلما ذكر النبي(ص) بكى وانتحب فزادنا حزناً وعالج الناس الدخول الى قبره فغلق دونهم فيالها من مصيبة! ما أصبنا بعدها بمصيبة إلّاهانت إذا ذكرنا مصيبتنا به(ص) (1).

[2] بكاء أم سلمة على الحسين عليه السلام:

روى ابن عساكر بسنده عن شهر بن حوشب قال: إنّا لعند أم سلمة زوج النبي(ص)، قال: فسمعنا صارخة فأقبلت حتّى انتهيت إلى أم سلمة، فقالت: قتل الحسين، قالت: قد فعلوها؟ ملأ اللَّه بيوتهم- أو قبورهم- عليهم ناراً، ووقعت مغشياً عليها وقمنا (2).

وروى السبط ابن الجوزي عن ابن سعد عن أم سلمة: لما بلغنا قتل الحسين(ع) قالت أو قد فعلوها ملأ اللَّه بيوتهم وقبورهم ناراً، ثم بكت حتى غشي عليها (3).


1- حياة الصحابة 2: 371.
2- تاريخ دمشق(ترجمة الامام الحسين): 390، استشهاد الحسين: 128.
3- تذكرة الخواص: 267، تهذيب التهذيب 2: 306، ينابيع المودة: 398.

ص: 86

بكاء عائشة:

[1] بكاء عائشة وأهل المدينة على علي عليه السلام:

وعن ابن عبد ربه الأندلسي، عن أبي القاسم جعفر، أن محمد الحسني قال: أخبرنا محمد بن زكريا الغلابي، قال: حدثنا محمد بن نجيع النوبختي، قال حدثنا يحيى أن سليمان قال: حدثني أبي وكان ممّن لحق الصحابة قال: دخلت الكوفة، فإذا أنا برجل يحدث الناس، فقلت مَن هذا؟ قالوا: بكر بن الطرماح، فسمعته يقول:

سمعت زيد بن حسين يقول: لما قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أتى بنعيه إلى المدينة كلثوم بن عمرو، فكانت تلك الساعة التي أتى فيها أشبه بالساعة التي قبض فيها رسول اللَّه(ص) من باك وباكية وصارخ وصارخة، حتى إذا هدأت عبرة البكاء عن الناس، قال أصحاب رسول اللَّه(ص) تعالوا حتى نذهب إلى عائشة زوج النبي(ص) فننظر حزنها على ابن عمّ رسول اللَّه(ص)، فقام الناس جميعاً حتى أتوا منزل عائشة(رض) فاستأذنوا عليها، فوجدوا الخبر قد سبق إليها، وإذا هي غمرة الأحزان وعبرة الأشجان وما تفتر عن البكاء والنحيب منذ وقت سمعت بخبره، فلما نظر الناس إلى ذلك منها انصرفوا، فلما كان من غد قيل: إنها غدت إلى قبر رسول اللَّه(ص) فلم يبق في المسجد أحد من المهاجرين إلّااستقبلها يسلّم عليها، وهي لا تسلم ولا ترد، ولا

ص: 87

تطيق الكلام من غزرة الدمعة، وغمرة العبرة، تختنق بعبرتها، وتتعثر في أثوابها، والناس من خلفها، حتى أتت إلى الحجرة فأخذت بعضادتي الباب ثم قالت: السلام عليك يا نبيَّ الهدى، السلام عليك يا أبا القاسم، السلام عليك يا رسول اللَّه وعلى صاحبيك، يا رسول اللَّه! أنا ناعية إليك أحظى أحبابك، وذاكرة لك أكرم أودائك، قتل واللَّه حبيبك المجتبى وصفيك المرتضى، قتل واللَّه مَن زوجته خير النساء، قتل واللَّه من آمن ووفى، وإني لنادبة ثكلى وعليه باكية حرّى، فلو كشف عنك الثرى لقلت: إنه قتل أكرمهم عليك وأحظاهم لديك ... (1).

بكاء زينب بنت علي:

[1] بكاء زينب بنت علي على الحسين عليه السلام:

قال ابن كثير: وأمّا بقية أهله ونسائه، فإن عمر بن سعد وكّل بهم من يحرسهم ويكلؤهم، ثم أركبوهم على الرواحل في الهوادج، فلما مرّوا بمكان المعركة ورأوا الحسين وأصحابه مطروحين هناك بكته النساء، وصرخن، وندبت زينب أخاها الحسين وأهلها، فقالت وهي تبكي يا محمداه! يا محمداه! صلى عليك اللَّه وملكُ السماه، هذا حسين بالعراه مزّمل بالدماه، مقطع الأعضاء، يا


1- العقد الفريد 3: 144.

ص: 88

محمداه! بناتك سبايا وذريتك مقتلة، تسفى عليها الصبا، قال:

فابكت واللَّه كلّ عدو وصديق.

قال مرة بن قيس: لما مرّت النسوة بالقتلى صِحْنَ ولطمن خدودهن ... (1).

بكاء ام كلثوم:

[1] بكاء السيدة أم كلثوم على الحسين عليه السلام:

وأمّا أمّ كلثوم فحين توجهت إلى المدينة جعلت تبكي وتقول شعراً:

مدينةُ جدنا لا تقبلينا فبالحسرات والأحزان جينا

خرجنا منك بالأهلين جمعاً رجعنا لا رجال ولا بنينا

الا فاخبر رسول اللَّه عنّا بأنا قد فجعنا في أخينا

وإنّ رجالنا بالطف صرعى بلا رؤوسٍ وقد ذبحوا البنينا

ورهطك يا رسولَ اللَّه أضحوا عرايا بالطفوف مسلبينا

وقد ذبحوا الحسين ولم يراعوا جنابك يا رسولَ اللَّه فينا

فلو نظرت عيونك للأسارى على قتب الجمال محملينا

رسول اللَّه بعد الصون صارت عيون الناس ناظرة إلينا


1- استشهاد الحسين لابن كثير: 111.

ص: 89

وكنت تحوطنا حتى تولت عيونُك ثارت الأعداء فينا

أفاطم لو نظرت إلى السبايا بناتك في البلاد مشتتينا

أفاطم لو نظرت إلى الحيارى ولو أبصرت زين العابدينا

أفاطم لو رأيتينا سهارى ومن سهر الليالي قد عمينا

أفاطم ما لقيت من عداك ولا قيراط ممّا قد لقينا

فلو دامت حياتك لم تزالي إلى يوم القيامة تندبينا

وعرّج بالبقيع وقف وناد أين حبيب رب العالمينا

وقل ياعم يا حسن المزكى عيال أخيك أضحوا ضائعينا

أيا عماه إن أخاك أضحى بعيداً عنك بالرمضا رهينا

بلا رأس تنوح عليه جهراً طيور والوحوش الموحشينا

ولو عاينت يا مولاي ساقوا حريماً لا يجدن لها معينا

على متن النياق بلا وطاء وشاهدت العيال مكشفينا

وكنا في الخروج بجمع شمل رجعنا خاسرين مسلبينا

وكنا في أمان اللَّه جهراً رجعنا بالقطيعة خائفينا

ومولانا الحسين لنا انيس رجعنا والحسين به رهينا

فنحن الضائعات بلا كفيل ونحن النائحات على أخينا

ونحن السائرات على المطايا نسار على جمال المبغضينا

إلى آخر الأبيات (1).


1- ينابيع المودة: 425.

ص: 90

بكاء زينب بنت عقيل:

[1] بكاء زينب بنت عقيل على الحسين عليه السلام وعلى شهداء كربلاء:

روى القندوزي، عن الواقدي أنه: لما وصلت السبايا بالرأس الشريف للحسين- رضي اللَّه عنهم- المدينةَ لم يبق بها أحد، وخرجوا يضجون بالبكاء، وخرجت زينب بنت عقيل بن أبي طالب كاشفة وجهها، ناشرة شعرها، تصيح: وا حسيناه واخوتاه واهلاه، وامحمداه، وا علياه، وا حسناه!

ثم قالت:

ماذا تقولون: إن قال النبي لكم: ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم

بأهل بيتي وأولادي أما لكم عهد ما أنتم توفون بالذمم

ذريتي وبنو عمي بمضيعة منهم أسارى وقتلى ضرجوا بدم

ماكان هذاجزائي إذ نصحت لكم إذ تخلفوني بسوء في ذوي رحمي (1)

وزاد الكنجي الشافعي: خرجت زينب الصغرى بنت عقيل بن أبي


1- ينابيع المودة: 398.

ص: 91

طالب على الناس بالبقيع تبكي قتلاها بالطف وهي تقول ... (1).

بكاء ام البنين:

[1] بكاء أم البنين على شهداء كربلاء:

وكانت أمُّ البنين أمّ هؤلاء الأخوة (2) الأربعة القتلى تخرج إلى البقيع فتندب بنيها أشجى ندبة وأحرقها، فيجتمع الناس إليها يسمعون منها، فكان مروان فيمن يجي ء لذلك، فلا يزال يسمع ندبها ويبكي. ذكر ذلك علي بن محمد بن حمزة عن النوفلي، عن حماد بن عيسى الجهني عن معاوية بن عمار عن جعفر بن محمد(ع) (3).

بكاء فاختة بنت قرظة:

[1] بكاء فاختة بنت قرظة على الحسن عليه السلام:

وحدث محمد بن جرير الطبري، عن محمد بن حميد الرازي، عن علي بن مجاهد، عن محمد بن إسحاق، عن الفضل بن عباس بن ربيعة قال: وفد عبد اللَّه بن عباس على معاوية، قال: فواللَّه، إني لفي


1- كفاية الطالب: 441.
2- وهم: العباس وعبد اللَّه وعثمان وجعفر بن علي بن أبي طالب.
3- مقاتل الطالبيين: 56.

ص: 92

المسجد إذ كبّر معاوية في الخضراء فكبر أهل الخضراء، ثم كبر أهل المسجد بتكبير أهل الخضراء، فخرجت فاخته بنت قرظة بن عمرو بن نوفل ابن عبد مناف من خوخة لها فقالت: سرك اللَّه يا أمير المؤمنين، ما هذا الذي بلغك فسررت به، قال موت الحسن بن علي، فقالت: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، ثم بكت وقالت: مات سيد المسلمين وابن بنت رسول اللَّه، فقال معاوية: نعماً واللَّه ما فعلت إنه كان كذلك أهلًا أن تبكي عليه (1).

انتهى


1- مروج الذهب 2: 339.

ص: 93

فهرس الموضوعات

الفصل الأول:

أدلة جواز البكاء على الميت

1- فعل النبي وسيرته 9

2- تحريض النبي صلى الله عليه و آله على البكاء 10

3- ترخيص النبي صلى الله عليه و آله البكاء على الميت 12

4- عدم نهي النبي صلى الله عليه و آله عن البكاء على الميت 13

5- بكاء العترة الطاهرة 14

6- بكاء الصحابة 15

أ- بكاء ابن مسعود على عمر بن الخطاب 16

ب- بكاء عمر على النعمان بن مقرن 16

ص: 94

ج- بكاء عبد اللَّه بن رواحة على حمزة ورثاؤه له 16

د- رثاء حسان بن ثابت خُبيب بن عدي وبكاؤه عليه 17

ه- رثاء حسان بن ثابت لقتلى بئر معونة وبكاؤه عليهم 18

و- بكاء صفية على أخيها حمزة 18

7- شرعية البكاء على الميت بقياس الأولوية 19

الفصل الثاني:

شبهات وردود حول البكاء

1- إن الميت يعذب ببكاء أهله 22

استغراب عائشة من قول ابن عمر 24

2- إن عمر بن الخطاب نهى عن البكاء 28

الفصل الثالث:

فضيلة البكاء على آل الرسول

الفصل الرابع:

موارد البكاء على النبي وآله والشهداء والصالحين

بكاء النبي صلى الله عليه و آله 32

(1) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على عترته من بعده 33

(2) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على علي بن أبي طالب عليه السلام 33

(3) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على الحسين عليه السلام 35

(4) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على شهداء فخ 38

(5) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على ابنه إبراهيم 39

ص: 95

(6) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على ابنته أم كلثوم 39

(7) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على جدّه عبد المطلب 40

(8) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على أبي طالب 40

(9) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على جعفر بن أبي طالب 41

(10) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على حمزة 42

(11) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على فاطمة بنت أسد 44

(12) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على أمّه عند قبرها 45

(13) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على خديجة بنت خويلد 46

(14) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على عثمان بن مظعون 47

(15) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على زيد وابن رواحة 48

(16) بكاء النبي صلى الله عليه و آله على سعد بن ربيع 48

بكاء الإمام علي بن أبي طالب صلى الله عليه و آله 49

(1) بكاء الامام أمير المؤمنين وحزنه على الزهراء عليها السلام 9

(2) بكاء الامام علي عليه السلام على الحسين عليه السلام 51

(3) بكاء الإمام علي عليه السلام على عمار بن ياسر 53

(4) بكاء الإمام علي عليه السلام على هاشم بن عتبه 53

(5) بكاء الإمام علي عليه السلام على محمد بن أبي بكر 53

(6) حزن الإمام علي عليه السلام على مالك الأشتر 54

بكاء سيدة نساء العالمين فاطمة عليها السلام 55

(1) بكاء السيدة فاطمة عليها السلام على أبيها صلى الله عليه و آله 55

(2) بكاء السيدة فاطمة عليها السلام على أمّها 56

(3) بكاء السيدة فاطمة عليها السلام على أختها رقية 56

ص: 96

(4) بكاء السيدة فاطمة عليها السلام على شهداء احد 57

(5) بكاء السيدة فاطمة عليها السلام على عمّها جعفر عليه السلام 57

بكاء الامام الحسن المجتبى عليه السلام 58

(1) بكاء الإمام الحسن عليه السلام وأهل الكوفة على علي عليه السلام 58

بكاء الإمام الحسين الشهيد عليه السلام 59

(1) بكاء الإمام الحسين عليه السلام على ولده الشهيد علي الأكبر 59

(2) بكاء الإمام الحسين عليه السلام على أخيه العباس بن علي 59

(3) بكاء الامام الحسين عليه السلام على مسلم بن عقيل 61

(4) بكاء الامام الحسين عليه السلام على طفله الرضيع 62

(5) بكاء الامام الحسين عليه السلام على قيس بن مسهر 63

(6) بكاء الامام الحسين عليه السلام على الحر بن يزيد الرياحي 65

بكاء الإمام السجاد علي بن الحسين عليه السلام 65

(1) بكاء الامام السجاد عليه السلام على أبيه الحسين عليه السلام 65

(2) بكاء الامام السجاد عليه السلام وأهل المدينة على الحسين 68

بكاء الامام الباقر محمد بن علي عليه السلام 68

(1) بكاء الامام الباقر عليه السلام على أبيه السّجاد عليه السلام 68

بكاء المسلمين 69

(1) بكاء المسلمين على فقد النبي 69

بكاء الصحابة 69

(1) بكاء الصحابة على أمير المؤمنين 69

بكاء أهل المدينة 70

(1) بكاء أهل المدينة على النبي 70

ص: 97

(2) بكاء أهل المدينة سبعة أيام على الحسن عليه السلام 70

(3) بكاء أهل المدينة وتعطيل الأسواق على الإمام الحسن 71

بكاء ونوح نساء بني هاشم 71

(1) نوح نساء بني هاشم على الحسن بن علي 71

بكاء أهل الشام 72

(1) البكاء والنياحة على الحسين عليه السلام في الشام 72

بكاء ابن عباس 73

(1) بكاء ابن عباس على الإمام الحسن بن علي 73

(2) بكاء ابن عباس على الإمام الحسين عليه السلام 75

بكاء أبي بكر 75

(1) بكاء أبي بكر على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله 75

بكاء عمر بن الخطاب 76

(1) بكاء عمر بن الخطاب على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله 76

بكاء بلال الحبشي 76

(1) بكاء بلال الحبشي عند قبر النبي صلى الله عليه و آله 76

بكاء أبي هريرة 77

(1) بكاء أبي هريرة على الإمام الحسن عليه السلام 77

بكاء سعيد بن العاص 77

(1) بكاء سعيد بن العاص على الإمام الحسن عليه السلام 77

بكاء معاوية 78

(1) بكاء معاوية ومن حضر مجلسه على علي عليه السلام 78

بكاء محمد بن الحنفية 80

ص: 98

(1) بكاء محمد بن الحنفية على أخيه الحسن بن علي عليه السلام 80

بكاء أنس بن مالك 81

(1) بكاء أنس بن مالك على الحسين عليه السلام 81

بكاء زيد بن أرقم 81

(1) بكاء زيد بن أرقم في مجلس ابن زياد على الحسين عليه السلام 81

بكاء الحسن البصري 82

(1) بكاء الحسن البصري على الحسين عليه السلام 82

بكاء الربيع بن خيثم 82

(1) بكاء الربيع بن خيثم على الحسين عليه السلام 82

بكاء ابن الهبارية 83

(1) بكاء ابن الهبارية الشاعر على الحسين بن علي عليه السلام 83

بكاء سليمان بن قتّة 83

(1) بكاء سليمان بن قته على مصاب الحسين عليه السلام 83

بكاء الزهري 84

(1) بكاء الزهري على الامام السجاد عليه السلام 84

بكاء أُم سلمة 84

(1) بكاء ام سَلمة على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله 84

(2) بكاء أم سلمة على الحسين عليه السلام 85

بكاء عائشة 86

(1) بكاء عائشة وأهل المدينة على علي عليه السلام 86

بكاء زينب بنت علي 87

(1) بكاء زينب بنت علي على الحسين عليه السلام 87

ص: 99

بكاء ام كلثوم 88

(1) بكاء السيدة أم كلثوم على الحسين عليه السلام 88

بكاء زينب بنت عقيل 90

(1) بكاء زينب بنت عقيل على الحسين عليه السلام وعلى شهداء كربلاء 90

بكاء ام البنين 91

(1) بكاء أم البنين على شهداء كربلاء 91

بكاء فاختة بنت قرظة 91

(1) بكاء فاختة بنت قرظة على الحسن عليه السلام 91

ص: 100

المصادر

1- الاستيعاب ابن عبد البر دار التراث

2- الأمالي للشجري عالم الكتب- بيروت

3- الإمامة والسياسة لابن قتيبة الحلبي- القاهرة

4- استشهاد الامام الحسين لابن كثير مطبعة المدني- القاهرة

5- اسد الغابة لابن الاثير الجزري اسلامية- طهران

6- انساب الاشراف للبلاذري مؤسسة الاعلمي- بيروت

7- البداية والنهاية لابن كثير مصر

8- تاريخ الاسلام للذهبي مصر

9- تاريخ الامم والملوك للطبري دارالكتب العلمية- بيروت

ص: 101

10- تاريخ دمشق الكبير لابن عساكر

ترجمة الامام علي مؤسسة المحمودي

ترجمة الامام الحسن مؤسسة المحمودي

ترجمة الامام الحسين مجمع احياء الثقافة

ترجمة الامام زين العابدين مجمع احياء الثقافة

11- تاريخ المدينة المنورة لابن شبه دار الفكر

12- تاريخ الخميس للمالكي مصر

13- تاريخ اليعقوبي دار صادر

14- تاريخ الرقة الحراني القشيري القاهرة

15- تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي مؤسسة أهل البيت

- بيروت

16- التاج الجامع منصور علي ناصر القاهرة

17- تاريخ الخلفاء للسيوطي مصر

18- التلخيص للحافظ الذهبي

19- تهذيب التهذيب لابن حجر دار الفكر

20- حلية الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني دار الكتاب العربي

21- حياة الصحابة للكاندهلوي احياء التراث- بيروت

22- الخصائص الكبرى للسيوطي حيدرآباد

23- ذخائر العقبى للمحب الطبري مكتبة القدسي- القاهرة

24- ذخائر المواريث النابلسي الدمشقي القاهرة

25- الروض الأنف السهيلي دار الكتب الاسلامية- القاهرة

26- روض الأزهر القلندر الهندي حيدرآباد

27- سير أعلام النبلاء للذهبي مؤسسة الرسالة

28- سيرة ابن اسحاق دار الفكر

29- السيرة الحلبية للسيدزيني دحلان دار احياء التراث العربي

30- السيرة النبوية لابن هشام دار احياء التراث العربي

ص: 102

31- سنن البيهقي دار الفكر

32- سنن الترمذي دار احياء التراث العربي

33- سنن النسائي دار الكتب العلمية- بيروت

34- شفاء الغرام للفاسي المكي

35- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد دار احياء التراث العربي

36- صحيح البخاري عالم الكتب

37- صحيح مسلم دار المعرفة- بيروت

38- صدق الخبر عبد اللَّه حسن باشا

39- الصواعق المحرقة لابن حجر مصر

40- الطبقات الكبرى لابن سعد

41- العقد الفريد لابن عبد ربه دار الكتب العلمية- بيروت

42- عمدة الأخبار للعباسي المكتبة العلمية- المدينة المنورة

43- الغنية لطالبي الحنبلي البغدادي مصر

طريق الحق

44- المغازي للواقدي

45- الفتوح لابن اعثم الكوفي مطبعة دائرة المعارف

- حيدرآباد

46- فتاوى الامام النووي للنووي دار الكتب الاسلامية- القاهرة

47- الفتح الكبير النبهاني مصر

48- الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي العدل- النجف

49- الفقه على المذاهب للجزيري دار احياء التراث العربي

الأربعة- بيروت

50- الكامل في التاريخ لابن الاثير دار الكتب العلمية

51- كشف الأسرار للميبدي

52- كفاية الطالب للكنجي الشافعي

53- كنز العمال للمتقي الهندي مؤسسة الرسالة

ص: 103

54- الكوكب الدرية المناوي مصر

55- مروج الذهب للمسعودي

56- مجمع الزوائد للهيثمي مكتبة القدسي- القاهرة

57- المحلى لابن حزم دار الجيل- بيروت

58- مسند أحمد دار صادر- بيروت

59- مسند فاطمة للسيوطي المطبعة العزيزية- حيدرآباد

60- المستدرك على للحاكم النيسابوري دار المعرفة

الصحيحين

61- المصنف لابن أبي شيبة دار الفكر- بيروت

62- المعجم الكبير للطبراني دار احياء التراث العربي- بيروت

63- مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الاصبهاني

64- مقتل الحسين للخوارزمي الغري

65- مناقب ابن المغازلي المكتبة الاسلامية- طهران

66- مناقب الخوارزمي الحيدرية- النجف

67- مصابيح السنة للبغوي مصر

68- نظم درر السمطين الزرندي الحنفي مطبعة القضاء- مصر

69- النهاية لابن الاثير الخيرية- مصر

70- الوفا بأحوال المصطفى لابن الجوزي السعيدية- الرياض

71- ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي منشورات الشريف

ص: 104

الرضي- قم

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.