اشارات معرفیه فی مناقب امیرالمومنین علی بن ابی طالب علیه السلام

اشارة

سرشناسه : حجی، محمدسلمان

عنوان و نام پديدآور : اشارات معرفیه فی مناقب امیرالمومنین علی بن ابی طالب علیه السلام/ محمدسلمان الحجی.

مشخصات نشر : تهران: نشر مشعر، 1390.

مشخصات ظاهری : 135 ص.

شابک : 978-964-540-341-4

وضعیت فهرست نویسی : فیپا

يادداشت : عربی.

یادداشت : کتابنامه: ص. [123] - 131؛ همچنین به صورت زیرنویس.

موضوع : علی بن ابی طالب (ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- فضایل

موضوع : علی بن ابی طالب (ع)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق. -- فضایل -- احادیث

موضوع : احادیث -- قرن 14

رده بندی کنگره : BP37/4/ح3الف5 1390

رده بندی دیویی : 297/951

شماره کتابشناسی ملی : 2594254

ص:1

كلمة المعهد

ص:2

ص:3

ص:4

ص:5

الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

إنّ أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، هو الإنسان الكامل الذي ربّاه رسول الله محمدبن عبدالله (ص) خاتم النبيين، على أساس التعاليم القرآنية والوحي الإلهي، ومن هذا الوجه يكون الإمام علي عليه السلام هو القرآن الناطق والأنموذج الواقعي والوجود الخارجي للقرآن الكريم، ومن هنا فقد اكتفى الله تعالى بذكر شاهدين لتصديق رسالة نبيّه محمد (ص) ، الأول هو الله تعالى وعزّ إسمه وجلّت قدرته. الذي انزل عليه المعجزة الخالدة وهي القرآن الكريم، والثاني هو من عنده علم الكتاب، قال تعالى: وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (الرعد: 4٣) .

ولم يكن لمن عنده علم الكتاب مصداقاً إلّا الإمام عليّاً عليه السلام، الذي جعله النبي (ص) شاهد صدق له في جميع المواقف والمشاهد، حيث كان (ص) يُشيد بمناقبه وفضائله عليه السلام أمام المسلمين على الدوام؛ ليقتدوا ويتأسوا به

ص:6

في حياتهم الفردية والاجتماعية.

ومن هنا اختار المحقق الأستاذ الشيخ محمد سلمان الحجي في هذا التحقيق، مائة منقبة من مناقبه عليه السلام التي لاتحصى، ليتيح الفرصة لمشتاقيه عليه السلام بالتزود منها.

وفي الختام يتقدّم قسم المعارف والكلام في مركز أبحاث الحج، بجزيل الشكر ووافر الامتنان والتقدير للمؤلف القدير على ما بذله من جهود مضنية في تأليف هذا الأثر القيّم، سائلين المولى العلي القدير أن يوفق جميع المسلمين لمعرفة قدر هذا الإمام عليه السلام واتباعه وجعله أسوة لهم في حياتهم.

إنّه ولي التوفيق

معهد الحج و الزيارة

قسم الكلام والمعارف

ص:7

الإهداء

لم أجد أحداً أولى بإهداء هذا الكتاب إلّا من حملت عبء ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام، وشريكته في المهمّة الإلهيّة، ومن كانت كفواً له، ولولاه لم يكن لها كفو آدم ومن دونه، ومن كانت ثمرة قلب النبيّ وبهجته وشجنته وروحه التي بين جنبيه، والكوثر المعطاة بكلّ الكمالات، والتي يرضى الله تعالى لرضاها ويغضب لغضبها. . . البرزخ بين النبوّة والإمامة. . . الصدّيقة الشهيدة والمحدّثة العليمة فاطمة الزهراء عليهما السلام.

أهديك كتابي هذا وهو: بضاعتي المزجاة وأوراق ولائي الصادق، فتفضّلي عليّ بالقبول.

محمّد الحجي ( أبوعبدالأعلى)

ص:8

ص:9

مقدّمة المؤلّف

الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدّم من عموم نعم ابتدأها، وسبوغ آلاء أسداها، وتمام منن أولاها، جمّ عن الإحصاء عددها، ونأى عن الجزاء أمدها، وتفاوت عن الإدراك أبدها، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتّصالها، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها، وثنى بالندب إلى أمثالها، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها، وضمن القلوب موصولها، وأنار في التفكّر معقولها. . . .(1)

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيّدنا محمّد وأهل بيته الطيّبين الطاهرين.

إنّ الحديث عن شخصية الإمام علي عليه السلام هو حديث عن الكمال والجمال الإلهي اللامتناهي المتمثّل فيه عليه السلام؛ فلذا لا يمكن استكناه هذه الشخصية، والوقوف على مراتبها ومقاماتها وكمالاتها الوجودية؛ لكونها


1- مقطع من خطبة الصدّيقة الشهيدة، والمحدّثة العليمة فاطمة الزهراء عليهماالسلام. الاحتجاج للطبرسي، ج١، ص١٣٢.

ص:10

غير ممكنة في حقّنا نحن، وهو حقّ لمن صاغه وصنعه على عينيه، وجعله مظهره الأتم، ومثله الأعلى، وآيته الكبرى، ونبأه العظيم، وقرآنه الناطق، وصراطه المستقيم، وميزان الأعمال، وعنوان صحيفة المؤمن يوم القيامة، فهو سبحانه وتعالى من عرفه حقّ معرفته، وكذا هو من حقّ النبيّ الخاتم (ص) الّذي ربّاه وأدّبه وصاغه صياغة وحيانية، حتّى كان عليه السلام نفسه ووارثه في الكمالات كلّها، وباب مدينة علمه، وخليفته ووزيره، حتّى قال (ص) :

«علي منّي، وأنا من علي»(1)، و «. . . فأمّا علي فأنا هو، وهو أنا»(2).

انطلاقاً من هذه الحقيقة يظهر لنا جليّاً أهمية قراءة فضائل الإمام علي عليه السلام قراءة تستوحي الوقوف على الممكن من الكمالات المختزنة في هذه الشخصية، وكيفية توظيفها في مسير الإنسان نحو الله تعالى، سواء على المسار العقائدي أم المسار السلوكي، والأخذ منها حسب وعائنا الوجودي وحدّنا الإمكاني، بحيث نتحرّك إلى الحقّ تعالى تحت مظلّتها، مستلهمين الزاد المعرفي، والبعد السلوكي منها، وما إلى ذلك.

ومن هنا تجدر الإشارة إلى دراسة العوامل التي أدّت إلى اهتمام القرآن الكريم، والنبي (ص) بذكر فضائل الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام، والإكثار منها وإبرازها بنحو لا يمكن لأيّ أحد مصادرتها، أو التقليل من شأنها، أو حتّى تفريغها من محتواها ولو بذكر فضائل مماثلة لغيره، كما حاول البعض فعل ذلك، ولكنها تبخّرت تحت شمس الحقيقة، فأقرأ ما تيسّر لك من صفحات التاريخ لتجد الأمر واضحاً جليّاً.


1- شواهد التنزيل، ج١، ص٣١٩.
2- الكافي، ج٨، ص٣١٩.

ص:11

إذن فلابدّ من دراسة وقراءة هذه الفضائل، وذلك من خلال كونها مشروعاً إلهيّاً له أسسه ومنطلقاته، وغاية يسعى الوصول إليها.

ولابدّ أن تتصف هذه القراءات والدراسات بالموضوعية، والجديّة التامّة، والتحليل القائم على الأسس العلمية الصحيحة، وبالتالي بلورة النتائج المعرفية.

من هنا أذكر عاملاً واحداً ليكون نموذجاً لدراسة جادّة وموضوعية وعلمية لفضائل الأمير عليه السلام، وعلى مساره تتوالى العوامل الجادّة بعد قراءة هذه الفضائل قراءة دقيقة كما أشرنا سابقاً.

العامل (النموذج) :

إنّ الإنسان الناقص بفطرته وتكوينه ينشد إلى الإنسان الكامل في العلم والعمل، وبالتالي تجده يتحرّك في حياته في مسار حركة هذا الكامل، وهذا ما يسمّى في لغة القرآن الكريم ب- «الأسوة» ، كما في قوله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رسول الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (الأحزاب:٢١)

فلا يمكن الرقي والتكامل للإنسان الناقص والوصول إلى ذرى الكمالات إلّا بتوسّط (الإنسان الكامل) كما في لغة العرفان، أو (خليفة الله) في لغة القرآن، ومن هذه الحقيقة تتولّد حقيقة معرفيّة أخرى، مفادها أنّ الإنسان الناقص لا يمكن أن يساوي في حركته التكاملية الإنسان الكامل، فضلاً عن أنّه يتخطّاه، وهي حقيقة مبرهنة في محلّها عقلاً و نقلاً وكشفاً؛ وذلك لكون الحركة التكاملية حركة غير متناهية، بمعنى أنّ للإنسان تكاملاً لا يقفي، كما يقول (العرفاء) ؛ لأنّها حركة وسير في أسماء وصفات الله (الحق) تعالى ذكره، وهذا ما يسمّى عند أهل المعرفة بالسفر الثاني، ويعبّرون عنه ب- (السفر من الحقّ إلى الحقّ بالحقّ) ؛

ص:12

وذلك أنّ السالك في هذا السفر الثاني نظراً لكون المبدأ والمنتهى فيه واحداً، وهو الحقّ تعالى، وأنّ الحق تعالى غير متناه، فلازم كلّ ذلك أن يكون سيره غير متناه أيضاً. وحيث إنّ السفر فيه غير متناه، فإنّ الزاد مهما عظم فيه فهو قليل، وإنّ المقصد مهما حثّ السالك نحوه الخطى فهو بعيد.

ولعلّ أعظم من ترجم لنا ذلك السفر، هو أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، حيث يقول فيه: «

آه من قلّة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر » (1)

وهنا يقول جملة من المحققين:

إنّ آهات سيّد الموحّدين عليه السلام إنّما كانت للسفر الثاني؛ لعلمه بأنّه سفر لا نهاية له، وأنّ كلّ سالك يأخذ منه بحسبه وقدره، وحيث إنّ السير غير متناه في السفر الثاني، وإنّ السالك يأخذ منه بحسب وعائه، فإنّه سوف يكون الرجوع إلى هذا السفر مرّة أخرى ممكناً فيما إذا انتقل إلى السفر الثالث أو الرابع.(2)

وعلى هدى هذه الحقيقة، تتضح لنا حقيقة أخرى، وهي: أنّ اختلاف مقامات الأولياء، كأولي العزم والأنبياء والأوصياء وغيرهم، إنّما تكمن وتكون في هذا السفر؛ وذلك لاختلاف الوعاء الوجودي، والقدرة على التخلّق بالأسماء والصفات الإلهيّة غير المتناهية؛ ولذا بقدر سيره وهمّته السالك في هذا السفر، وحجم وعائه وجهاده،


1- نهج البلاغة، محمّد عبده، خطبة ٧٧.
2- من الخلق إلى الحق رحلات السالك في أسفاره الأربعة من أبحاث السيّد كمال الحيدري بقلم طلال الحسن، ص١٢٣.

ص:13

يكون مقامه، وكلّما كان السعي حثيثاً والجهاد عظيماً، انفتحت أمامه آفاق وسبل وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (العنكبوت: 6٩) فهنالك من يقصر سفره على مقدار معيّن بحسب همّته ووعائه، وإذا جاز التعبير: إنّه يكتفي برحلة يوم، ثمّ يشرع في السفر الثالث، وآخر يمضي أياماً وأياماً فيغترف ما أمكنه اغترافه، وبذلك يتحدد مقامه ودائرة وجوده.

وبهذا يتضح لنا جليّاً في اختلافات مقامات العارفين، فإنّ مردّه إلى ما بذله وأخذه في السفر الثاني.(1)

وهنا تتبلور حقيقة معرفيّة أخرى، وهي: أنّ هناك تفاوتاً بين الكمَّل أنفسهم؛ وذلك نتيجة الاقتراب من المبدأ المفيض من خلال الاختزان الأكثر والتلبّس بالأسماء والصفات الإلهيّة، حيث نجد أنّ النبيّ الخاتم محمّد (ص) ، وكذا الإمام علياً عليه السلام والصدّيقة الزهراء عليهما السلام والأئمة المعصومين عليهم السلام، هم الواصلون إلى ذرى الكمالات المتحققون بالأسماء والصفات، والفانون في ذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، والباقون ببقائه تعالى، أي: هم الكمّل على الإطلاق في صراط التكامل والوصول إلى الله تعالى؛ ولذا لا يتعدّاهم أحد ولا يساويهم، بل الكلّ حتّى من أنبياء أولي العزم، فضلاً عن غيرهم يطلبون اللحوق بهم، والسير على منهجهم.

كما نجد ذلك في طلب شيخ التوحيد وأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (الشعراء: ٨٣) أي: بمحمّد وآله الطاهرين عليهم السلام، كما ورد ذلك في رواياتنا، كالذي ورد في الرواية


1- من الخلق إلى الحق، ص١٢5.

ص:14

الشريفة عن الإمام الباقر عليه السلام: «

إنّ محمّداً هو حجاب الله الأكبر » ، وهذا يعني في أحد مداليله المكثّفة أنّ (محمّداً (ص)) هو الوسيلة الإلهيّة الكاملة بين الله تعالى وبين عباده في حركتهم وسيرهم التكاملي نحو الله تعالى، فلا يمكن مساواة ذلك الحجاب الأكبر، فضلاً عن تجاوزه، وهذا هو أحد أسرار بقاء الحركة التكاملية للبشرية، كجذوة لا تنطفئ في كافّة العوالم في قوس الصعود إلى الله تعالى.

من هنا يتضح لنا هذا الأمر، وهو: أنّ الإنسان الكامل (خليفة الله) هو برزخ بين الوجوب والإمكان، وله حاشيتان حاشية إلى عالم الباطن، وحاشية إلى عالم الظاهر، فبالأولى يكون مظهراً لاسم الباطن، وبالثانية يكون مظهراً لاسم الظاهر؛ ولذا هو واسطة بين الحقّ والخلق، فتدبّر في قوله تعالى: قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ (الكهف: ١١٠) تتضح لك الحقيقة، حيث نجد أنّه تعالى في هذه الآية وغيرها يؤكّد على حقيقة التفاوت في الكمالات، حتّى بين الأنبياء والرسل، كما في قوله تعالى: انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ (الإسراء: ٢١) ، وقوله تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ (البقرة: 253) ، مضافاً إلى الروايات الدالّة على هذه الحقيقة، فراجع.

عوداً على بدء:

أقول: إنّ إشارة القرآن الكريم، والروايات الواردة عن النبيّ وأهل بيته المعصومين عليهم السلام، إلى فضائل الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام - التي لايمكن إحصاؤها أبداً، بل إنّنا لم نقف حتّى على قطرة من بحرها اللامتناهي - إنّما كان ذلك لأجل إيقاف البشرية جمعاء على ماله من الكمالات والمواصفات، وكونه الإنسان الإلهي، والقدوة الكاملة،

ص:15

والإنسان الكامل الموصل إلى الحقّ تعالى، الّذي لا يمكن الوصول إليه تعالى إلّا عن طريقه وبابه، فهو الصراط المستقيم، من عرفه فقد عرف الله تعالى، ومن جهله فقد جهل الله تعالى.

وبالتالي ينبغي على الإنسان المفطور تكويناً على حبّ (الإنسان الكامل) في العلم والعمل، أن يسعى جاهداً لمعرفة الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام؛ لكونه المصداق الحقيقي لذلك الّذي تشدُّك إليه الفطرة الإلهيّة السليمة، والتي فسّرت في الروايات بالتوحيد تارة، وبالولاية تارة أخرى، وهذا هو أحد معاني الرواية القائلة: «

ولاية علي بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي » .(1)

فالإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام هو بوّابة التوحيد الحقيقي، الّذي من دخله كان آمناً، ومنه نفهم معنى قول الإمام الرضا عليه السلام: «

لا إله إلّا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي » ، ونفهم قوله عليه السلام: «

ولكن بشروطها وأنا من شروطها » .(2)

هذا تمام ما أردت عرضه من بلورة أحد العوامل المهمّة، والحاثّة على قراءة فضائل الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام قراءة جادّة وموضوعية، بالغوص في معانيها، واستخراج كنوزها، وبالتالي جعلها مشروع حياة في السلوك العلمي والعملي؛ وذلك لكون حقيقة الإنسان متقوّمة بعلمه وعمله، كما قال الإمام علي عليه السلام: «

ثروة العاقل في علمه وعمله »(3)، فبالعلم والعمل يطير الإنسان بهذين الجناحين من أرض وسجن الطبيعة،


1- مناقب آل أبي طالب، ج٢، ص٢٩6.
2- عيون اخبار الرضا، صدوق، ج١، ص١45.
3- غرر الحكم، ص5١.

ص:16

فيخلص من عالم التزاحم والتضاد، إلى سماء المعرفة بالله تعالى وبالكمّل من عباده، ليكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

ومن هدي هذه الحقيقة فرضت على نفسي الاعتناء بهذه الفضائل، فكانت البداية من شوال عام ١4٢١ه. ق، حيث بدأت أكتب كلّ ليلة جمعة رواية أو روايتين، مضافاً إلى استغلال أيام المناسبات، كذكرى المواليد الشريفة، أو حتّى مناسبات شهادة المعصومين عليهم السلام، وأيضاً مناسبات أخرى، كليالي القدر، أو أكون فيها بجوار قبور المعصومين عليهم السلام بل أكثر من ذلك، حيث جعلت ذكر الفضائل همّاً يومياً، حتّى أنّني لاأبدأ تدريسي للمواد الحوزوية، أو مباحثاتي العلمية، ومحاضراتي التوعوية، إلّا بذكر فضيلة من فضائله عليه السلام.

فانطلاقاً من هذه الأهمية انتخبت (مائة فضيلة) من فضائله عليه السلام والتي جاءت في كتابي الموسوم ب- (المنتخب الفائق من فضائل الكتاب الناطق علي بن أبي طالب) الذي احتوى على أكثر من خمسمائة فضيلة، وقمت بجعلها في فصول أربعة:

الفصل الأوّل: أميرالمؤمنين علي عليه السلام في القرآن والسنّة، حيث ذكرت مجموعة من الروايات مع إشارات معرفيّة مع مراعاة الاختصار.

الفصل الثاني: أميرالمؤمنين علي عليه السلام ميزان الكمال، حيث ذكرت مجموعة من الروايات الدالة على كماله في العلم والحق والإيمان مع إشارات معرفيّة.

الفصل الثالث: أميرالمؤمنين علي عليه السلام في مقامات، حيث ذكرت مجموعة من الروايات الدالة على مقامه في ابتداء الخلق، ومقامه عند الأنبياء، ومقامه عند الملائكة، ومقامه في المعراج، ومقامه في الآخرة مع

ص:17

إشارات معرفيّة.

الفصل الرابع: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام ومقام شيعته عند الله سبحانه وتعالى، حيث ذكرت مجموعة من الروايات الدالة على ذلك مع إشارات معرفيّة كذلك.

ورأيت من المناسب أن أذكر قبل الدخول إلى هذه الفصول الأربعة محطّات أشير فيها إلى مجموعة من الكلمات النورية الإلهيّة الواردة عن الحقّ سبحانه وتعالى وعن نبيّه (ص) والأئمة المعصومين عليهم السلام والصدّيقة الزهراء عليهما السلام في أميرالمؤمنين عليه السلام مع إشارة إلى بعض الكلمات والانطباعات التي ذكرت حول أميرالمؤمنين عليه السلام من بعض الصحابة والتابعين والعلماء إكمالاً للفائدة المتوخّاة في مثل هذا الدراسة.

كلمة شكر

لابدّ من كلمة شكر وامتنان أسجّلها لكلّ مَن ساهم في إخراج هذا الكتاب، وأخصّ بالشكر مركز تحقيقات الحج على مبادرته الكريمة لطباعة ونشر هذا الكتاب، وكذا أخصّ بالشكر مركز الزهراء الإسلامي، خصوصاً سماحة الشيخ الفاضل يوسف السلطان وسماحة الشيخ الفاضل شاكر عطية الساعدي وسماحة الأخ الشيخ أحمد التِماوي وسماحة الأخ الشيخ محمّد الغنامي وسماحة الأخ الشيخ هاني الخليفة حفظهم الله، لمساهماتهم الفاعلة في هذا المجال؛ سائلين المولى العلي القدير أن يوفّقنا وإيّاهم لنشر معارف أهل البيت عليهم السلام إنّه سميع الدعاء وهو الغاية.

وفي الختام أسأل الله الحقّ تعالى أن يحييني على ما حيى عليه علي بن

ص:18

أبي طالب عليه السلام، ويميتني على ما مات عليه أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، والحمد لله تعالى أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً وهو الغاية، وصلى الله على محمّد وآله الطاهرين.

محمّد الحجي (أبوعبدالأعلى)

عش آل محمّد قم المقدّسة

ذكرى شهادة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام

صفر المظفر ١4٣٢ه. ق

ص:19

الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام في محطّات

المحطّة الأولى: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام في الرؤية القرآنية

ممّا لا شك فيه ولا ريب أنّ القرآن الكريم هو أكبر وثيقة تصدح بفضائل وكمالات ومقامات النبيّ (ص) والصدّيقة عليهما السلام والأئمة المعصومين عليهم السلام خصوصاً الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام والّذي هو المثل الأعلى للحقّ تعالى، وأنّه القرآن الناطق، كما قال النبيّ (ص) : «

علي مع القرآن، والقرآن مع علي، لا يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(1)

حيث إنّه الوجود الناطق للقرآن والّذي يحوي كلّ الكمالات؛ ولذا كان عليه السلام عدله والمفسّر الحقيقي له، فهو عليه السلام كشّاف الحقائق، وناشر المعارف الإلهيّة. . .

من هنا نجد تعدد الآيات المشيرة والدالة بدلالة مكثّفة إلى فضائله وكمالاته، قال رسول الله (ص) :

«ما أنزل الله آية فيها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إلّا وعلي رأسها وأميرها»(2)


1- المستدرك على الصحيحين، ج٣، ص١٢4.
2- حلية الأولياء، ج١ ص64؛ فيض القدير شرح الجامع الصغير، ج٣، ص6٠.

ص:20

فلذا نحاول في هذا المقام أن نشير إلى بعض الآيات الكريمة التي تشير إلى مقاماته وكمالاته مراعين الاختصار:

١- قوله تعالى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (آل عمران: 6١) .

فهذه الآية الكريمة تصدح آناء الليل وأطراف النهار بأنّ علياً عليه السلام هو نفس رسول الله (ص) في كمالاته ومقاماته إلّا النبوّة؛ فلذا صار أميرالمؤمنين علي عليه السلام شاهد صدق على حقّانية وصدق الدعوة المحمّدية، وهذا سار أيضاً في الصدّيقة الزهراء والحسن والحسين عليهم السلام.

من هنا نجد هذه الحقيقة واضحة في روايات الفريقين، فقد روى جابر الأنصاري في تفسير هذه الآية وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ رسول الله (ص) وعلي عليه السلام أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ الحسن والحسين عليهما السلام، وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ فاطمة عليهما السلام.(1)

٢- قوله تعالى: أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ (هود:١٧)

قال رسول الله (ص) : « أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ. . .

: أنا، وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ. . .

علي » . (2)

وقال الإمام الرضا عليه السلام في هذه الآية: «

أميرالمؤمنين صلوات الله عليه الشاهد على رسول الله (ص)

، ورسول الله (ص)

على بيّنة من ربّه » .(3)


1- دلائل النبوة لأبي نعيم، ص٣54؛ تفسير ابن كثير، ج٢، ص45؛ شواهد التنزيل، ج١، ص١6٣.
2- الدر المنثور، ج4، ص4١٠.
3- الكافي، ج١، ص١٩٠؛ شرح نهج البلاغة، ج٢، ص٢٨٧.

ص:21

٣- قوله تعالى: وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ . (الرعد: 4٣)

عن أبي سعيد الخدري: سألت رسول الله (ص) عن قول الله جلّ ثناؤه. . . وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ قال (ص) : «

ذاك أخي علي بن أبي طالب » .(1)

وقال الإمام الباقر عليه السلام في هذه الآية الكريمة: «

علي بن أبي طالب عليه السلام

عنده علم الكتاب الأوّل والآخر » . (2)

4- قوله تعالى: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ *أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ . (الواقعة:١٠و١١)

قال رسول الله (ص) : «

السّبق ثلاثة، فالسابق إلى موسى يوشع بن نون، والسابق إلى عيسى صاحب ياسين، والسابق إلى محمّد علي بن أبي طالب » . (3)

وروى ابن عباس: سألت رسول الله (ص) عن قول الله عزّوجل: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ .

فقال (ص) :

«قال لي جبرئيل: ذاك علي وشيعته هم السابقون إلى الجنّة، المقرّبون إلى الله تعالى بكرامته لهم» . (4)

5- قوله تعالى: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ . (التحريم:4)

قال رسول الله (ص) :

«صالح المؤمنين عليّ بن أبي طالب» .(5)


1- الأمالي للصدوق، ص65٩؛ وكذا في شواهد التنزيل، ج١، ص4٠٠.
2- روضة الواعظين، ص١١٨؛ مناقب آل أبي طالب، ج ١، ص ٣١٠.
3- الصواعق المحرقة، ص١٢5؛ البداية والنهاية، ج١، ص٢٣١.
4- الأمالي للمفيد، ص٢٩٨؛ شواهد التنزيل، ج٢، ص٢٩5.
5- شواهد التنزيل، ج٢، ص٣4٣؛ تاريخ دمشق، ج4٢، ص٣6٢.

ص:22

6- قوله تعالى: لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ . (الحاقة: ١٢)

قال رسول الله (ص) : «يا

علي، إنّ الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي، وأنزلت هذه الآية: وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

، فأنت أذن واعية لعلمي » .(1)

٧- قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ . (البينة: ٧)

قال رسول الله (ص) : «

علي خير البرية » .(2)

وعنه (ص) في هذه الآية: «

أنت يا علي وشيعتك» . (3)

٨- قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ . (الرعد: ٧)

عن ابن عباس: لما نزلت: «الآية» قال النبيّ (ص) : «

أنا المنذر، وعلي الهادي، بك يا علي يهتدي المهتدون » .(4)

هذه إلمامة سريعة لبعض الآيات الكريمات المشيرة إلى بعض كمالات الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام، وأنّ الحديث يطول في سرد الآيات الأُخر، فمن أراد فليرجع إلى المصادر المعتمدة عند الفريقين ليقف على ثروة هائلة، وكنز لا يفنى من تلك الخصائص والفضائل والكمالات الإلهيّة التي تحلّى بها هذا الإنسان الكامل فكان بحقّ مظهره الأتم، وآيته العظمى، والنبأ العظيم، وكفى بأنّه القرآن الناطق، والحقّ المطلق، والصراط المستقيم كما قال النبيّ الخاتم (ص) .


1- حلية الأولياء، ج١، ص6٧؛ الدر المنثور، ج6، ص٢6٠.
2- المناقب للخوارزمي، صص١١١ و٢66؛ شواهد التنزيل، ج٢، ص465.
3- المصدر السابق.
4- تاريخ دمشق، ج4٢، ص٣5٩.

ص:23

المحطّة الثانية: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام في الرؤية النبوية

إنّ الكلمات النورية الصادرة من النبيّ الخاتم محمّد (ص) في حقّ الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام تشكّل قمماً عالية لا يصل إلى علوّها إلّا من عرفه فقط كما قال ذلك النبيّ (ص) :

«ما عرفك يا علي حقّ معرفتك إلّا الله وأنا» . (1)

ومن هنا نجد أنّ ما ظهر منه (ص) لا يمثّل إلّا الجزء والمساحة القليلة جدّاً في إبراز الكمالات العلوية؛ وذلك لعدم تحمّل قابلية الإنسان الناقص كمالات الإنسان الكامل؛ فلذا نجد النبيّ (ص) قد أشار إلى هذه الحقيقة بجلاء ووضوح عندما قال (ص) :

لو لا أن يقول فيك الغالون من أمّتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت فيك قولاً لا تمر بملأ من الناس إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك يستشفون به.(2)

ولكن رغم ذلك فقد جاءت كلماته (ص) تترى في الإشارة إلى عظمة الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام وكونه النموذج الإلهي الكامل بعده (ص) ، وأنّ في هذه الكلمات كفاية لمن أراد الوصول إلى الحقّ المتمثّل في أميرالمؤمنين علي عليه السلام، والّذي من عرفه فقد عرف الله ومن جهله فقد جهل الله، وأنّه الصراط المستقيم، وأنّ ولايته حصن الله المنيع من دخله كان آمناً، وأنّه الحجّة البالغة لله تعالى على الناس.

فعلى أساس ما تقدّم لابدّ أن نسبر عباب هذه الكلمات العظيمة ونستخرج منها بعض اللآلي المشعّة بالنور والبهاء الإلهي لترسم لنا خط


1- مناقب آل أبي طالب، ج٣، ص6٠.
2- بحارالأنوار، ج١٠، ص٢١٧؛ ومثله في الكافي، ج٨، ص5٧؛ الأمالي للصدوق، ص٧٠٩؛ الخصال للصدوق، ص55٧.

ص:24

الكمال المتمثّل في القرب من الله تعالى.

فإليك عزيزي القارئ هذه الباقة العبقة من نور الوحي الإلهي فتدبّر:

١- قال رسول الله (ص) :

«خلقت أنا وعلي من نور واحد، نسبّح الله يمنة العرش قبل أن يخلق آدم بألفي عام» .(1)

٢- وعنه (ص) :

«أنا وعلي من شجرة واحدة، والناس من أشجار شتّى» .(2)

٣- وعنه (ص) :

«هذا علي بن أبي طالب، لحمه لحمي، ودمه دمي، هو منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي» . (3)

4- وعنه (ص) :

«علي منّي بمنزلتي من ربّي» .(4)

5- وعنه (ص) :

«علي منّي بمنزلة رأسي من بدني» .(5)

6- وعنه (ص) :

«علي منّي وأنا منه» .(6)

٧- وعنه (ص) :

«يا علي أحبّ لك ما أحبّ لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي» .(7)

٨- وعنه (ص) :

«فأمّا علي فأنا هو، وهو أنا» .(8)


1- علل الشرائع، ص١٣4.
2- المناقب لابن المغازلي، ص4٠٠.
3- تاريخ دمشق، ج4٢، ص4٢.
4- ذخائر العقبى، ص١٢٠.
5- بشارة المصطفى، ص٢٧4؛ الصواعق المحرقة، ص٧5.
6- خصائص أميرالمؤمنين للنسائي، ص١٣٧؛ مسند أحمد بن حنبل، ج4، ص ١64؛ سنن ابن ماجة، ج١، ص44؛ فضائل الصحابة، النسائي، ص١5.
7- سنن الترمذي، ج٢، ص٧٢؛ مسند أحمد بن حنبل، ج١، ص١46؛ السنن الكبرى، النسائي، ج٣، ص٢١٢.
8- الكافي، ج٨، ص٣١٩.

ص:25

٩- وعنه (ص) :

«إنّ علي بن أبي طالب حبيب الله وحبيبي» .(1)

١٠- وعنه (ص) :

«إنّ علي بن أبي طالب خليل الله وخليلي» . (2)

١١- وعنه (ص) :

«لا يقضي عنّي ديني إلّا أنا وعلي» .(3)

١٢- وعنه (ص) :

«أنت وليي في الدنيا والآخرة» .(4)

١٣- وعنه (ص) :

«أبشر يا علي، حياتك وموتك معي» .(5)

١4- وعنه (ص) :

«أنا وعلي أبوا هذه الأمّة» .(6)

١5- وعنه (ص) :

«حقّ علي بن أبي طالب على هذه الأمّة كحقّ الوالد على ولده» .(7)

١6- وعنه (ص) :

انتهيت ليلة أسري بي إلى سدرة المنتهى، فأوحى الله إليّ في علي ثلاثاً: إنّه إمام المتقين، وسيّد المسلمين، وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم.(8)

١٧- وعنه (ص) :

«أنا وعلي حجّة الله على عباده» .(9)


1- الأمالي للصدوق، ص٢٧١، و قريب منه ما رواه الحاكم النيسابوري في مستدركه بأنّ رسول الله قال يا علي: «أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة، حبيبك حبيبي و حبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي و عدوي عدوالله. . .» . قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين المستدرك، ج٣، ص١٢٨؛ و كذا صحيح الهيثمي حديث الطبراني في الأوسط، مجمع الزوائد، ج٩، ص١٣٣.
2- الأمالي للصدوق، ص٢٧١.
3- مسند أحمد بن حنبل، ج6، ص١6٢.
4- الإصابة، ج4، ص46٧.
5- المصدر السابق، ج٣، ص٢6٣.
6- كمال الدين، ص٢6١؛ و كذا نقله الآلوسي في تفسيره، ج٢٢، ص٣١.
7- المناقب للخوارزمي، ص٣١٠.
8- المناقب لابن المغازلي، ص١٠5.
9- تاريخ دمشق، ج4٢، ص٣٠٨.

ص:26

١٨- وعنه (ص) :

إنّ الله جلّ جلاله جعل علياً وصيي، ومنار الهدى بعدي، وموضع سري، وعيبة علمي، وخليفتي في أهلي، إلى الله أشكو ظالميه من أمتي من بعدي.(1)

١٩- وعنه (ص) :

«يابن مسعود، علي بن أبي طالب إمامكم بعدي، وخليفتي عليكم» .(2)

٢٠- وعنه (ص) :

ولاية علي بن أبي طالب ولاية الله، وحبّه عبادة الله، واتّباعه فريضة الله وأولياؤه أولياء الله، وأعداؤه أعداء الله، وحزبه حزب الله، وسلمه سلم الله. (3)

٢١- وعنه: «مثل علي فيكم كمثل الكعبة المستورة النظر إليها عبادة، والحج إليها فريضة» .(4)

٢٢- وعنه (ص) :

من أحبّ أن يركب سفينة النجاة، ويستمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل الله المتين، فليوال علياً بعدي، وليعاد عدوّه، وليأتم بالأئمة الهداة من ولده.(5)

٢٣- وعنه (ص) :

«يا علي أنت أصل الدين، ومنار الإيمان، وغاية الهدى،


1- الأمالي للصدوق، ص٣5٩.
2- كمال الدين، ص٢6١.
3- بشارة المصطفى، ص١6.
4- تاريخ دمشق، ج4٢، ص٣56.
5- الأمالي للصدوق، ص٧٠؛ مناقب المرتضوي للسيد محمد صالح الكشفي الحنفي الترمذي، ص١٢٠.

ص:27

وقائد الغر المحجلين، أشهد لك بذلك» .(1)

٢4- وعنه (ص) :

«علي يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين» .(2)

٢5- وعنه (ص) :

«علي آية الحق، وراية الهدى» .(3)

٢6- وعنه (ص) :

«يا علي أنت الطريق إلى الله، وأنت النبأ العظيم، وأنت الصراط المستقيم» .(4)

٢٧- وعنه (ص) :

«يا علي أنت الفاروق الأعظم، وأنت الصدّيق الأكبر» .(5)

٢٨- وعنه (ص) :

من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب.(6)

٢٩- وعنه (ص) :

«علي خير البشر، من أبى فقد كفر» .(7)

٣٠- وعنه (ص) :

«ذكر الله عزّوجلّ عبادة، وذكري عبادة، وذكر علي عبادة، وذكر الأئمة من ولده عبادة» .(8)

٣١- وعنه (ص) :

«علي أوّل من اتّبعني، وهو أوّل من يصافحني


1- بصائر الدرجات، ص٣١؛ و قريب منه ما أخرجه الحاكم النيسابوري في مستدركه و قال عنه: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه المستدرك، ج٣، ص١٣٨.
2- تاريخ دمشق، ج4٢، ص٣٠4؛ انظر، الكامل لعبدالله بن عدي، ج4، ص٢٢٩.
3- الأمالي للطوسي، ص5٠6.
4- ينابيع المودة، ج٣، ص4٠٢.
5- عيون أخبار الرضا، ج٢، ص6؛ ينابيع المودّة، ج٣، ص4٠٢.
6- شواهد التنزيل، ج١، ص١٠٣؛ المناقب للخوارزمي، ص٨٣.
7- تاريخ دمشق، ج4٢، ص٣٧٢؛ الكامل لعبدالله بن عدي، ج4، ص١٠.
8- الاختصاص، ص٢٢4.

ص:28

بعد الحق» . (1)

٣٢- وعنه (ص) :

«علي بن أبي طالب صاحب حوضي وشفاعتي» .(2)

٣٣- وعنه (ص) :

«لا يجوز أحد الصراط إلّا من كتب له علي الجواز» .(3)

٣4- وعنه (ص) :

«إنّ علي بن أبي طالب يضيء لأهل الجنّة كما يزهر كوكب الصبح لأهل الدنيا» . (4)

٣5- وعنه (ص) :

«ينادي المنادي يوم القيامة: يا علي أدخل من أحبّك الجنة، ومن عاداك النار، فأنت قسيم الجنة وأنت قسيم النار» .(5)

المحطّة الثالثة: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام في الرؤية العلوية

إنّ الإشارات العظيمة لأبعاد شخصية الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام المستوحاة من كلامه وتعبيراته عن نفسه هي ثروة معرفيّة تحدد ملامح الإنسان الكامل والخليفة الإلهي المتمثّل في شخصه وذاته؛ فلذا هي منبع ومصدر من مصادر معرفة الإنسان الكامل ومظهره الأتم.

وعليه لابدّ أن نفهم أنّ الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام ليس في مقام مدح ذاته، بل هو في مقام إبراز كمالات الظاهر الموجودة في المظهر؛ فلذا نجده يتحدّث عن الحقّ الواجب تعالى من خلال ما أفاضه الله تعالى عليه من النعم التي لا تعدّ ولا تحصى، فهو بكلماته البليغة والعظيمة يشير إلى


1- عيون أخبار الرضا، ج٢، ص5٩.
2- مجمع الزوائد، ج١٠، ص٣6٧ و قال في ذيله: رواه الطبراني في الأوسط و فيه ضعفاء وثقوا ؛ الأمالي للصدوق، ص١٧5.
3- الصواعق المحرقة، ص١٢6.
4- المناقب لابن المغازلي، ص١4٠؛ الجامع الصغير للسيوطي، ج٢، ص١٧٨.
5- ينابيع المودة، ج١، ص٢4٩؛ الأمالي للصدوق، ص44٢.

ص:29

شكر تلك النعم الإلهيّة فهو عبد حقيقي شكور، فلذا تجده يقول في كلمة يحدد فيها هذا المسار الإلهي، ويجعلها وثيقة معرفيّة ترسم لنا بعداً من أبعاد ضرورة كون الإنسان الكامل شاكراً لله تعالى؛ ليمثّل بذلك أعلى مراتب الفناء الذاتي والصفاتي والأفعالي في ذات الله وصفاته وأفعاله، والبقاء ببقائه تعالى ليكون بحق مظهراً تامّاً لتوحيد الله تعالى في مساراته الثلاثة، أي: توحيد الذات وتوحيد الصفات وتوحيد الأفعال، وبذلك يحقق الغرض الإلهي من إيجاد ووجود «الإنسان الكامل» والخليفة والحجّة في عالم الإمكان بأسره، والّذي انبثق من الحركة الحبّية للحقّ تعالى - أي: حبّ الحقّ لذاته -، وليس الحركة الاستكمالية الباطلة عقلاً ونقلاً، كما هو معلوم في مظانه من الأبحاث المعرفيّة.

ومعنى الحركة الحبّية من الحقّ تعالى أنّه أراد أن يرى كمالاته في مرآة ومظهر تام تبرز تلك الكمالات الإلهيّة ويعكسها، وبهذا يكون المظهر الأتم معبّراً وطريقاً للتوحيد الحقيقي للحقّ تعالى، وعليه تترتب مسألة الهداية سواء الإرائية أم الإيصالية - كما في هداية الإمامة - فمن عرفه فقد عرف الحقّ، ومن جهله فقد جهل الحقّ تعالى؛ لكونه الآية الكبرى والنبأ العظيم والصراط المستقيم، وما إلى ذلك.(1)

فعلى ما تقدّم يتضح لنا شيء من أسرار هذه الكلمات النورية للإمام علي عليه السلام في هذا الصدد، حيث يقول:

١- أنا الحجّة العظمى، والآية الكبرى، والمثل الأعلى. (2)


1- وضّحنا هذه الحقيقة بجلاء في رسالتنا المخطوطة والتي بعنوان «قراءة في ضرورة الإمامة الإلهيّة» .
2- الأمالي للصدوق، ص٩٢.

ص:30

٢- و يقول عليه السلام: أنا قاتل الأقران، ومجدل الشجعان، أنا الّذي فقأت عين الشرك، وثللت عرشه، غير ممتن على الله بجهادي، ولا مدل إليه بطاعتي، ولكن أحدّث بنعمة ربّي. (1)

فهذه الكلمة وغيرها تشير إلى ما قلنا فيما تقدّم من أنّ مدح الذات هو مدح وشكر للحقّ تعالى على ما أولاه من النعم، والتي على رأسها كونه المظهر الأتم.

فهذه إلمامة سريعة للقراءة المعرفيّة لهذه الحقيقة.

وهناك قراءة أخرى تنحى نحواً آخر تركّز من خلاله على مجموعة من العوامل المؤدّية إلى هذا اللون من مدح الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام لنفسه، والتي منها:

١- إنّه امتثال أمر الله تعالى في بيان نعمه.

٢- إنّه بيان للحقائق التاريخية.

٣- إنّه دفاع عن الحقّ من خلال الدفع عن المظلوم.

4- إنّه دفاع عن حقّ الناس.

5- إنّه دفاع عن الذات إزاء الهجوم الدعائي العنيف.(2)

فلذا نحاول أن نشير في هذه المحطّة إلى بعض من تلك الكلمات النورية الإلهيّة الصادرة من الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام في وصف نفسه وكمالاته، والتي كما قلنا هي وصف للكمالات الإلهيّة فلاحظ وتدبّر:

١- قال علي عليه السلام:

«ما لله نبأ أعظم منّي، وما لله آية أكبر منّي» .(3)


1- شرح نهج البلاغة، ج٢٠، ص٢٩6.
2- راجع موسوعة الإمام علي عليه السلام في الكتاب والسنّة والتاريخ للري شهري، ج4، ص5١5.
3- تفسير القمي، ج٢، ص4٠١؛ مناقب آل أبي طالب، ج٢، ص ٢٩4.

ص:31

٢- وعنه عليه السلام:

«أنا الصدّيق الأكبر، وأنا الفاروق بين الحقّ والباطل» .(1)

٣- وعنه عليه السلام

: «أنا كلام الله الناطق» . (2)

4- وعنه عليه السلام:

«أنا أميرالمؤمنين، ويعسوب المتقين» .(3)

5- وعنه عليه السلام:

«أنا قسيم النار، وخازن الجنان، وصاحب الحوض، وصاحب الأعراف» .(4)

6- وعنه عليه السلام:

«أنا علم الله، وأنا قلب الله الواعي، ولسان الله الناطق، وعين الله، وجنب الله، وأنا يد الله» .(5)

٧- وعنه عليه السلام:

«والله إنّي لأخوهُ، ووليه، ووارثه، وابن عمّه، فمن أحقّ به منّي» .(6)قال الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح» .(7)

٨ - وعنه عليه السلام:

«أنا من رسول الله [ (ص) ] كالعضد من المنكب، وكالذراع من العضد، وكالكف من الذراع، ربّاني صغيراً، وآخاني كبيراً» .(8)

٩- وعنه عليه السلام:

«أنا من رسول الله كالضوء من الضوء» . (9)

١٠- وعنه عليه السلام

: «أنا صنو رسول الله، والسابق إلى الإسلام، وكاسر الأصنام، ومجاهد الكفّار، وقامع الأضداد» . (10)


1- كنز الفوائد، ج١، ص٢65؛ تهذيب الكمال، ج١٢، ص١٨.
2- بحار الأنوار، ج٨٢، ص١٩٩؛ و مثله مع زيادة في الآمالي للصدوق، ص45٠.
3- مختصر بصائر الدرجات، ص٣4.
4- المصدر السابق، ص١٩٨؛ ينابيع المودة لذوي القربى، ج١، ص٩٠.
5- بصائر الدرجات، ص64؛ الكافي، ج١، ص١45؛ التوحيد للصدوق، ص١64.
6- خصائص أميرالمؤمنين للنسائي، ص١٣٠؛ المستدرك على الصحيحين، ج٣، ص١٢6.
7- مجمع الزوائد، ج٩، ص١٣4.
8- شرح نهج البلاغة، ج٢٠، ص٣٢6.
9- الأمالي للصدوق، ص6٠4؛ الملل والنحل للشهرستاني، ج١، ص١٨٩؛ شرح نهج البلاغه، ج١6، ص٢٨٩.
10- غرر الحكم، لعلي بن محمد الليثي الواسطي، ص١65.

ص:32

١١- وعنه عليه السلام:

«لا يتقدّمني أحد إلّا أحم [ (ص) ]، وإنّي وإيّاه لعلى سبيل واحد، إلّا أنّه هو المدعو باسمه» .(1)

١٢- وعنه عليه السلام:

لقد أعطيت السبع التي لم يسبقني إليها أحد، علّمت الأسماء، والحكومة بين العباد، وتفسير الكتاب، وقسمة الحقّ من المغانم بين بني آدم، فما شذّ عنّي من العلم شيء إلّا وقد علّمنيه المبارك، ولقد أعطيت حرفاً يفتح ألف حرف، ولقد أعطيت زوجتي مصحفاً فيه من العلم ما لم يسبقها إليه أحد خاصّةً من الله ورسوله.(2)

المحطّة الرابعة: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام في رؤية الصدّيقة الزهراء عليهما السلام وأئمة أهل البيت عليهم السلام

من الوضوح بمكان أنّ الصدّيقة الزهراء وأئمة أهل البيت عليهم السلام هم حجج الله تعالى على عباده، وخلفائه في أرضه؛ لكونهم من مصاديق الإنسان الكامل، فلذا يكون كلامهم وفعلهم وتقريرهم حجّة لعصمتهم المطلقة، وهذا يعني أنّهم القادرون حقيقة على الإشارة إلى كمالات الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام بما يتحمّله وعاؤنا الوجودي، وهذه الحقيقة مستمدة من كونهم القرآن الناطق، وأنّهم نفس رسول الله (ص) ، فالمعصوم هو القادر على الحديث عن المعصوم دون غيره لكونه كاشفاً للحقائق ومطّلعاً عليها.

فعلى هذا نقدّم بعضاً من الكلمات النورية الكاشفة عن مقاماته عليه السلام


1- الكافي، ج١، ص١٩٨.
2- بصائر الدرجات، ص٢٠٠؛ مسند الشاميين لسليمان بن أيوب الواسطي، ج١4، ص6٣.

ص:33

من خلال لسانهم عليهم السلام مراعين الاختصار:

١- ما قالته الصدّيقة الشهيدة الزهراء عليهما السلام عندما دخلت نسوة من المهاجرين والأنصار عليها: . . . ويحهم! أنّى زحزحوها عن أبي الحسن! ما نقموا والله منه إلّا نكير سيفه، ونكال وقعه، وتنمّره في ذات الله، وتالله لو تكافوا عليه عن زمام نبذه إليه رسول الله [ (ص) ] لاعتلقه، ثمّ لسار بهم سيراً سجحاً، فإنّه قواعد الرسالة، ورواسي النبوّة، ومهبط الروح الأمين، والبطين بأمر الدين في الدنيا والآخرة أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ .(1)

٢- الإمام الحسن عليه السلام:

«أيّها الناس إنّ علياً أميرالمؤمنين باب هدى، فمن دخله اهتدى، ومن خالفه تردّى» .(2)

٣- الإمام الحسين عليه السلام عندما قام خطيباً في جمع فناشدهم بفضائل الإمام علي عليه السلام حيث قال عليه السلام:

. . . أنشدكم الله أتعلمون أنّ علي بن أبي طالب كان أخا رسول الله حين آخى بين أصحابه، فآخى بينه وبين نفسه وقال: «أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة» .(3)

4- الإمام زين العابدين عليه السلام يقول في الزيارة:

«السلام عليك يا أمين الله في أرضه، وحجّته على عباده، . . .» .(4)

5- الإمام الباقر عليه السلام:

«إنّ علياً عليه السلام باب فتحه الله، فمن دخله كان مؤمناً،


1- الأمالي للطوسي، ص٣٧4.
2- الجمل، ص٢5٣.
3- كتاب سليم بن قيس، ج٢، ص٧٨٨؛ و قريب منه في الكامل لابن عدي، ج5، ص٣5؛ علل الدارقطني، ج٩، ص٢٠5.
4- مصباح المتهجد، ص٧٣٨.

ص:34

ومن خرج منه كان كافراً. . .» .(1)

6- الإمام الصادق عليه السلام، قال ليونس بن أبي وهب:

«اعلم أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام أفضل عند الله من الأئمة كلّهم، وله ثواب أعمالهم، وعلى قدر أعمالهم فضّلوا» .(2)

٧- الإمام الكاظم عليه السلام لمّا سأله محمّد بن الفضيل عن قول الله عزّوجل: أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ : إنّ الله ضرب مثل من حاد عن ولاية علي كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لأمره، وجعل من تبعه سوياً على صراط مستقيم، والصراط المستقيم أميرالمؤمنين. (3)

٨- الإمام الرضا عليه السلام في معنى قوله تعالى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ : إنّ المؤذّن أميرالمؤمنين عليه السلام.(4)

٩- الإمام الجواد عليه السلام، قال:

«علّم رسول الله علياً عليه السلام ألف كلمة، كلّ كلمة يفتح ألف كلمة» .(5)

١٠- الإمام الهادي عليه السلام في الزيارة:

أللّهم وصلّ على وليّك، وديّان دينك، والقائم بالقسط من بعد نبيك علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين، وإمام المتقين، وسيّد الوصيين، ويعسوب الدين.(6)


1- الكافي، ج١، ص4٣٧؛ الجامع الصغير، ج٢، ص66.
2- الكافي، ج4، ص5٨٠؛ المزار للمفيد، ص٢٠.
3- الكافي، ج١، ص4٣٣.
4- المصدر السابق، ص4٢6؛ الخصال للصدوق، ص65٠.
5- الخصال، ص65٠.
6- مصباح الزائر، ص4٧٧.

ص:35

١١- الإمام الحسن العسكري عليه السلام قال في الصلاة على الإمام علي عليه السلام:

«أللّهم صلّ على أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب، أخي نبيك، ووصيّه، ووليّه، وصفيّه، ووزيره، ومستودع علمه، والداعي إلى شريعته، . . .» .(1)

١٢- الإمام الحجّة المهدي (عج) قال في الدعاء:

«أللّهم. . . وصلّ على أميرالمؤمنين، ووارث المرسلين، وقائد الغرّ المحجّلين، وسيّد الوصيين، وحجّة ربّ العالمين» .(2)

المحطّة الخامسة: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام في رؤية الآخرين

نحاول في هذا المحطّة الإشارة إلى ذكر بعض الانطباعات التي ذكرت حيال شخصية الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام من بعض الصحابة والتابعين والأعيان مدللين بذلك على مدى مؤثّرية هذه الشخصية الكاملة والإلهيّة، وهيمنتها على الجميع، وإن حسرت العقول عن كنه معرفته، وتاهت الأفهام في وصف ذاته، كيف وهو الكامل صاحب الكمالات اللامتناهية، والّذي لا يعرفه إلّا الله تعالى ونبيّه محمّد (ص) ، ولكن من باب رسم ما قاله غير المعصوم في حقّه عليه السلام.

هذا مضافاً إلى أنّ بعضها جاءت اعترافاً للحقّ المضيّع، بل وترسم لنا تأريخاً لمظلومية الإمام عليه السلام، ومن ثمّ نستطيع من خلال بعض تلك الكلمات أن نحدد أفضلية الإمام علي عليه السلام على غيره، ونكوَّن بذلك منهجاً أو مادة للاستدلال، فمثلاً جملة من الكلمات والاعترافات تشير بلازمها إلى أنّ الكلّ يحتاج إليه عليه السلام وهو مستغن عن الكل، كما قال ذلك


1- مصباح المتهجد، ص4٠٠.
2- الغيبة للطوسي، ص٢٧٨؛ مصباح المتهجد، ص4٠6.

ص:36

الخليل بن أحمد الفراهيدي (ره) .

إذن يمكننا أن نجعل مثل هذه الكلمات صغريات للقياس البرهاني على إثبات أحقّية الإمام علي عليه السلام، وذلك لكون تقديم الفاضل على المفضول بديهي بالعقل، كما قال تعالى: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ . (يونس:٣5)

١- بينما أبوبكر جالس إذ طلع علي بن أبي طالب [ عليه السلام ] من بعيد، فلمّا رآه قال أبوبكر:

«من سرّه أن ينظر إلى أعظم الناس منزلة، وأقربهم قرابة، وأفضلهم دالة، وأعظمهم غناء عن رسول الله [ (ص) ]، فلينظر إلى هذا الطالع» .(1)

٢- عمر بن الخطاب يقول:

«اللهم لا تتركن شديدة إلّا وأبوالحسن إلى جنبي» .(2)

٣- وقال عمر أيضاً:

«اعلموا أنّه لا يتم لأحد شرف إلّا بولاية علي بن أبي طالب وحبّه» .(3)

4- جابر بن عبدالله الأنصاري:

«علي خير البشر، لا يشك فيه إلّا منافق» .(4)

5- عن أم سلمة:

«والله إنّ علياً على الحقّ قبل اليوم وبعد اليوم، عهداً معهوداً، وقضاء مقضياً» .(5)


1- تاريخ دمشق، ج4٢، ص4١١.
2- المصدر السابق، ج5٣، ص٣5.
3- بشارة المصطفى، ص٢4٩.
4- تاريخ دمشق، ج4٢، ص٣٧٣.
5- المصدر السابق، ص44٩.

ص:37

6- عن عائشة:

«علي [ عليه السلام ] أعلم أصحاب محمّد [ (ص) ] بما أنزل على محمّد [ (ص) ]» .(1)

٧- ابن عباس، قال رجل له: سبحان الله ما أكثر مناقب علي

[ عليه السلام

] وفضائله؟ إنّي لأحسبها ثلاثة آلاف، فقال ابن عباس:

«أولا تقول: إنّها إلى ثلاثين ألفاً أقرب» .(2)

٨- سلمان المحمّدي:

لا أزال أحبّ علياً عليه السلام، فإنّي رأيت رسول الله (ص) يضرب فخذه ويقول: محبّك لي محبّ، ومحبّي لله محبّ، ومبغضك لي مبغض، ومبغضي لله تعالى مبغض.(3)

٩- أبوسعيد الخدري:

«كنّا بنور إيماننا نحبّ علي بن أبي طالب عليه السلام، فمن أحبّه عرفنا أنّه منّا» .(4)

١٠- عبدالله بن عمر:

لقد أوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال لأن تكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم، زوّجه رسول الله [ (ص) ] ابنته، وولدت له، وسدّ الأبواب إلّا بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خيبر.(5)

١١- قال ابن أبي الحديد في حقّ علي عليه السلام:

. . . وما أقول في رجل تعزى إليه كلّ فضيلة، وتنتهي إليه كلّ فرقة،


1- شواهد التنزيل، ج١، ص4٧.
2- المناقب للخوارزمي، ص٣٣.
3- الأمالي للطوسي، ص١٣٣؛ بشارة المصطفى، ص١٢5.
4- شرح نهج البلاغة، ج4، ص١١٠.
5- مسند أحمد بن حنبل، ج٢، ص66٢.

ص:38

وتتجاذبه كلّ طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها، وأبو عذرها، وسابق مضمارها، ومجلي حلبتها، كلّ من بزغ فيها بعده فمنه أخذ، وله اقتضى، وعلى مثاله احتذى. (1)

وقال أيضاً:

«. . . فإنّه [ عليه السلام ] أفضل البشر بعد رسول الله [ (ص) ]، وأحقّ بالخلافة من جميع المسلمين» .(2)

١٢- قال أبوعلي بن سينا:

قال أشرف البشر وأعزّ الأنبياء وخاتم الرسل لمركز دائرة الحكمة وفلك الحقائق، وخزانة العقول أميرالمؤمنين علي عليه السلام: (يا علي، إذا رأيت الناس يتقرّبون إلى خالقهم بأنواع البر تقرّب إليه بأنواع العقل تسبقهم) ولا يستقيم هذا الخطاب لأحد إلّا لعظيم كهذا الّذي محلّه بين الناس نظير المعقولات بين المحسوسات.(3)

١٣- أبوالفرج الأصفهاني:

. . . فأميرالمؤمنين [ عليه السلام ] بإجماع المخالف والممالي، والمضاد والموالي، على ما لا يمكن غمطه، ولا ينساغ ستره من فضائله المشهورة في العامة لاالمكتوبة عند الخاصة، تغني عن تفضيله بقول والاستشهاد عليه برواية. . . . (4)

١4- أبونعيم الأصفهاني:

. . . قدوة المتقين، وزينة العارفين، المنبئ عن حقائق التوحيد، المشير إلى لوامع علم التفريد، صاحب القلب العقول، واللسان السؤول،


1- شرح نهج البلاغة، ج١، ص١6.
2- المصدر السابق، ص١4٠.
3- معراج نامه بالفارسية ، ص٩4.
4- مقاتل الطالبيين، ص4٢.

ص:39

والأذن الواعي، والعهد الوافي، فقَّاء عيون الفتن، ووقيَّ من فنون المحن، فدفع الناكثين، ووضع القاسطين، ودمغ المارقين، الأخيشن في دين الله، الممسوس في ذات الله. . . .(1)

١5- أحمد بن حنبل:

«. . . لم يزل علي بن أبي طالب مع الحق والحق معه حيث كان. . .» .(2)

وأيضاً قال:

«ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله [ (ص) ] من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب» .(3)

١6- الجاحظ:

. . . لا نعلم في الأرض متى ذكر السبق في الإسلام والتقدم فيه، ومتى ذكر الفقه في الدين، ومتى ذكر الزهد في الأموال التي تشاجر الناس عليها، ومتى ذكر الإعطاء في الماعون، كان مذكوراً في هذه الحالات كلّها، إلّا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه.(4)

١٧- الخليل بن أحمد العروضي:

«. . . قيل له: ما الدليل على أنّ علياً عليه السلام الكلّ في الكلّ؟ قال: احتياج الكلّ إليه واستغناؤه عن الكلّ» .(5)

١٨- سفيان الثوري:

«كان علي بن أبي طالب عليه السلام كالجبل بين المسلمين والمشركين؛ أعزّ الله به المسلمين، وأذلّ به المشركين» .(6)

١٩- الشعبي:

«ما ندري ما نصنع بعلي إن أحببناه افتقرنا، وإن


1- حلية الأولياء، ج١، ص6١.
2- تاريخ دمشق، ج4٢، ص4١٩.
3- المستدرك على الصحيحين، ج٣، ص١١6.
4- رسائل الجاحظ، ج4، ص١٢5.
5- تنقيح المقال، ج١، ص4٠٣.
6- المناقب لابن شهرآشوب، ج٢، ص6٨.

ص:40

أبغضناه كفرنا» .(1)

٢٠- الفخر الرازي:

«من اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى، والدليل عليه قوله (ص) : (اللهم أدر الحق مع علي حيث دار)» . (2)

٢١- النسائي:

«لم يرد في حقّ أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد أكثر ممّا جاء في علي» .(3)

٢٢- الواقدي:

«إن ّعلياً [ عليه السلام ] كان من معجزات النبيّ [ (ص) ]، كالعصا لموسى عليه السلام، وإحياء الموتى لعيسى بن مريم عليه السلام» .(4)

٢٣- المسيحي (جورج جرداق) :

إنّ علي بن أبي طالب من الأفذاذ النادرين، إذا عرفتهم على حقيقتهم بعيداً عن الصعيد التقليدي عرفت أنّ محور عظمتهم إنّما هو الإيمان المطلق بكرامة الإنسان وحقّه المقدّس في الحياة الحرّة الشريفة، وبأنّ هذا الإنسان منظور أبداً، وبأنّ الجمود والتقهقر والتوقّف عند حال من أحوال الماضي أو الحاضر ليست إلّا نذير الموت ودليل الفناء.(5)

٢4- شبلي شميل:

«الإمام علي بن أبي طالب عظيم العظماء، نسخة مفردة لم ير لها الشرق ولا الغرب صورة طبق الأصل لا قديماً ولا حديثاً»(6)


1- المناقب للخوارزمي، ص٣٣٠.
2- تفسير الفخر الرازي، ج١، ص٢١٠.
3- الصواعق المحرقة، ص١٢٠.
4- الفهرست لابن النديم، ص١١١.
5- الإمام علي صوت العدالة الإنسانية، ج١، صص١4 و٣5.
6- المصدر السابق، ملاحظة: للمزيد راجع كتاب موسوعة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في الكتاب والسنّة والتاريخ محمّد الري شهري حفظه الله تعالى .

ص:41

توطئة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الممكنات وواسطة الفيض الإلهي للموجودات محمّد و آله الطيبين المعصومين سبل السلام وأمناء الرحمن ودعائم الدين وأركان المسلمين.

وبعد:

* قال رسول الله (ص) :

«مثل علي فيكم كمثل الكعبة المستورة، النظر إليها عبادة، والحج إليها فريضة» .(1)

* قال رسول الله (ص) :

«لو أنّ الغياض (2)أقلام، والبحر مداد، والجن حساب، والإنس كتاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام» . (3)

* قال رسول الله (ص) :

إنّ شأن علي عظيم، إنّ حال علي جليل، إنّ وزن علي ثقيل، ما وضع


1- كفاية الطالب الكنجي، ص١6١؛ مناقب آل أبي طالب، ج٣، ص6؛ تاريخ مدينة دمشق، ج4٢، ص٣56.
2- الغياض، جمع غيضة وهي الشجر الملتف لسان العرب، ج ٧، ص ٢٠٢ .
3- المناقب للخوارزمي، ص ٣٢.

ص:42

حبّ علي في ميزان أحد إلّا رجح على سيّئاته، ولا وضع بغضه في ميزان أحد إلّا رجح على حسناته.(1)

* قال رسول الله (ص) :

إنّ الله تعالى باهى بكم الملائكة، وغفر لكم عامة، ولعلي خاصّة، وإنّي رسول الله إليكم غير هائب لقومي، ولا محاب لقرابتي، هذا جبرائيل يخبرني أنّ السعيد كلّ السعيد من أحبّ علياً في حياته ومماته، وأنّ الشقي كلّ الشقي من أبغض علياً في حياته ومماته.(2)

* قال رسول الله (ص) :

«من مات وفي قلبه بغض علي بن أبي طالب عليه السلام فليمت يهودياً أو نصرانياً» .(3)

* عن النبيّ (ص) أنّه قال:

«لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبدود يوم الخندق أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة» .(4)

* عن ابن عباس أنّه قال: قال رسول الله (ص) :

«لو اجتمع الناس على حبّ علي بن أبي طالب لما خلق الله عزّوجل النار» .(5)

* روي عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص) :

من قال: لا إله إلّا الله فتحت له أبواب السماء، ومن تلاها ب- (محمد رسول الله) تهلل وجه الحقّ سبحانه واستبشر بذلك، ومن تلاها ب-(علي ولي الله) غفر الله له ذنوبه ولو كانت بعدد قطر المطر.(6)


1- بحارالأنوار، ج٣٩، ص٢6؛ مناقب آل أبي طالب، ج٣، ص٣؛ المناقب للخوارزمي، ص٧٨.
2- بشارة المصطفى، ص١٨٢.
3- بحارالأنوار، ج٣٩، ص٣٠4؛ مناقب آل أبي طالب، ج٣، ص٨.
4- المناقب للخوارزمي، ص١٠٧؛ المستدرك على الصحيحين، ج٣، ص٣٢؛ شواهد التنزيل، ج٢، ص١4.
5- مناقب الخوارزمي، ص 6٧؛ الفردوس، ج٣، ص ٣٧٣.
6- الفضائل لشاذان بن جبرئيل، ص١5٣.

ص:43

* عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله (ص) :

«زيّنوا مجالسكم بذكر علي بن أبي طالب» .(1)

* عن معاذ عن النبيّ (ص) قال:

«حبّ علي بن أبي طالب حسنة لا يضر معها سيئة، وبغضه سيئة لا ينفع معها حسنة»(2)


1- المناقب لابن المغازلي الشافعي، ص١٩٩.
2- الفردوس، ج٢، ص١4٢.

ص:44

ص:45

الفصل الأوّل: أميرالمؤمنين علي عليه السلام في القرآن والسنّة

اشاره

ص:46

ص:47

المقام الأوّل: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام في القرآن الكريم

كثيرة هي الآيات الشريفة التي أشارت إلى مقامات الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام، والتي منها أنّه عليه السلام أمير ورئيس كلّ آية وردت فيها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ، وأنّه المصداق الأبرز والأكمل لخير البرية، وأنّه صالح المؤمنين، وأنّه الهادي، وأنّه يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل النبي (ص) على تنزيله، وأنّه ولي المؤمنين، وأنّه الوصي، وأنّه الصادق الذين أُمرنا أن نكون معه، وأنّه السابق، وأنّه الصراط المستقيم، وما إلى ذلك.

وإليك بعضاً من هذه الآيات التي أشارت إلى تلك المقامات:

١- قال رسول الله (ص) : «

ما أنزل الله في القرآن آية يقول فيها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

إلّا وعلي رئيسها وأميرها» .(1)

٢- قال السيوطي في تفسيره عن ابن مردويه، عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله مَن أكرم الخلق على الله؟ قال:

«يا عائشة أما تقرأين: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (البينة:٧)» .(2)


1- شواهد التنزيل، ج١، ص٣٠.
2- الدر المنثور، ج6، ص٣٧٩.

ص:48

٣- وأخرج السيوطي أيضاً عن ابن عساكر، عن جابر بن عبدالله قال: كنّا عند النبي [ (ص) ] فأقبل علي فقال النبي [ (ص) ]:

والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة، ونزلت إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ

فكان أصحاب النبي [ (ص) ] إذا أقبل علي قالوا: جاء خير البرية.(1)

4- عن أسماء بنت عميس قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول في هذه الآية: وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ و صالح المؤمنين علي بن ابي طالب.(2)

5- عن ابن عباس قال: لمّا نزلت إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ (الرعد: ٧) قال رسول الله (ص) :

«أنا المنذر وعلي الهادي من بعدي، وضرب بيده إلى صدر علي فقال: أنت الهادي بعدي، يا علي بك يهتدي المهتدون» .(3)

6- عن أبي سعيد قال: قال رسول الله [ (ص) ]:

«إنَّ منكم من يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله قال: فقام أبوبكر وعمر، فقال: لا، ولكن خاصف النعل وعلي يخصف نعله» .(4)

٧- عن [الإمام] جعفر الصادق [ عليه السلام ] عن آبائه عن علي بن أبي طالب [ عليهم السلام ] قال: قال رسول الله (ص) :

يا علي، أنت منّي بمنزلة شيث من آدم، وبمنزلة سام من نوح،


1- الدر المثور، ج6، ص٣٧٩.
2- شواهد التنزيل، ج٢، ص٣44.
3- المصدر السابق، ج١، ص٣٨١.
4- مسند أحمد، ج٣، ص٣٣.

ص:49

وبمنزلة إسحاق من إبراهيم، كما قال تعالى: وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ (البقرة: ١٣٢) ، وبمنزلة هارون من موسى، وبمنزلة شمعون من عيسى، وأنت وصيي ووارثي، وأنت أقدمهم سلماً، وأكثرهم علماً، وأوفرهم حلماً، وأشجعهم قلباً، وأسخاهم كفَّاً، وأنت إمام أمتي، وقسيم الجنة والنار، بمحبتك يعرف الأبرار من الفجّار، ويميّز عن المؤمنين والمنافقين والكفّار.(1)

٨- عن ابن عباس في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (التوبة: ١١٩) قال:

«نزلت في علي بن أبي طالب خاصّة» .(2)

٩- وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ قال:

نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجار الذي ذُكِرَ في يس، وعلي بن أبي طالب، وكلّ رجل منهم سابق أمّته وعلي أفضلهم سبقا.(3)

١٠- عن زيد بن أسلم عن أبيه في قوله تعالى: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ (الفاتحة: ٧) قال:

«النبي ومن معه وعلي بن أبي طالب وشيعته» . (4)

١١- ابن مردويه عن عمار بن ياسر قال: وقف بعلي سائل - وهو راكع في صلاة تطوّع - فنزع خاتمه فأعطاه السائل، فأتى رسول الله (ص) فأعلمه بذلك، فنزلت على النبي [ (ص) ] هذه الآية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ


1- ينابيع المودة، ج١، ص٣55.
2- شواهد التنزيل، ج١، ص٣4١.
3- الدر المنثور، ج٨، ص٧.
4- شواهد التنزيل، ج١، ص٨6.

ص:50

رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ (المائدة: 55) فقرأها رسول الله (ص) على أصحابه، ثمّ قال:

«من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه» .(1)

١٢- قوله تعالى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (آل عمران: 6١)

روى جابر الأنصاري رضى الله عنه في هذه الآية: وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ رسول الله [ (ص) ] وعلي و أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ الحسن والحسين، وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ فاطمة رضي الله عنهم أجمعين (2)

١٣- قوله تعالى: وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (الرعد: 4٣)

عن أبي سعيد الخدري: سألت رسول الله (ص) عن قول الله جلّ ثناؤه وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ قال رسول الله (ص) :

«ذاك أخي علي بن أبي طالب» . (3)

إشارة معرفيّة

إنّ من الحقائق المعرفيّة الواضحة أنّ القرآن الكريم هو كلام صادر من الحقّ تعالى والذي هو عالم بالحقائق، وأنّ القرآن الكريم هو تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ (النحل: ٨٩) أي: أنّه تبيان لكلّ الحقائق التكوينية، وأنّ نزوله


1- مناقب علي بن أبي طالب وما نزل من القرآن في علي لابن مردويه، ص٢٣5.
2- دلائل النبوة لأبي نعيم، ص٣54؛ تفسير ابن كثير، ج٢، ص45؛ شواهد التنزيل، ج١، ص٣6٣.
3- شواهد التنزيل، ج١، ص4٠٠.

ص:51

بهذه الألفاظ والتراكيب العربية لا يعني أنّه يهتم بإبراز قوالب أدبية فقط، بل إنّ وراء هذه الألفاظ حقائق جمّة كشفت عنها هذه الألفاظ الإلهيّة المعصومة، ومن ثَمَّ نعتقد أنّ القرآن الكريم بمعانيه وألفاظه نازل من الحقّ سبحانه وتعالى، وأنّ معانيه غير متناهية كما ورد في روايات الأئمة المعصومين عليهم السلام أنّ للقرآن سبعون بطناً(1)وهذا فيما يعني عدم جواز الوقوف على ظاهر الألفاظ، بل ينبغي الغور في المعاني لاكتشاف الحقائق القرآنية، وكما عبَّرت بعض الروايات أنّ الآيات القرآنية بمثابة كنوز لا بدّ من الوقوف عليها والتأمّل فيها.

هذا مضافاً إلى أنّ القرآن الكريم هو تعبير عن المرتبة العلمية للنبي الخاتم (ص) ، فإنّ كلّ كتاب سماوي أنزله الله سبحانه وتعالى على أنبيائه إنّما جاء معبّراً عن الحالة العلمية لذلك النبي، ومن ثَمَّ كان القرآن الكريم هو أعظم الكتب السماوية التي نزلت، وهو الكتاب المهيمن على كلّ الكتب الإلهيّة، ففيه ما في الكتب الإلهيّة السابقة وزيادة من الحقائق التي اختص بها النبي الخاتم (ص) وأهل بيته الأئمة المعصومين عليهم السلام، فتدبّر في قوله تعالى: وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (صف: 6) فتأمّل.

على هدي هذه الحقيقة المعرفيّة المتقدّمة يتضح لنا جليّاً أنّ الآيات الواردة في أميرالمؤمنين عليه السلام إنّما هي إشارات وبيانات للكمالات الحقيقية التي انطوت في شخصية أميرالمؤمنين عليه السلام، وأنّ هذه الفضائل واقعية وليست أموراً افتراضية أو اعتبارية أو ما شئت فعبِّر؛ وذلك لما قلنا من


1- تفسير الصافي، ج١، ص٣١.

ص:52

كون القرآن كاشفاً عن الحقائق، فجاءت هذه الآيات الشريفة مشيرة إلى بعض تلك الكمالات الإلهيّة التي تمثّل بها أميرالمؤمنين عليه السلام، هادفة إلى غاية مهمّة ألا وهي أنّ هذا الإنسان هو الإنسان الكامل بعد النبي الخاتم (ص) ، وأنّه الخليفة الإلهي والمظهر الأتم لله تعالى بعد النبي (ص) ؛ ولذا فهو الأقدر على إيصال الركب البشري بأسره - بالهداية الإيصالية - إلى الحقّ سبحانه وتعالى، والتي منها:

١- أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام هو رأس أهل الإيمان وقائدهم إلى الحقّ سبحانه وتعالى.

٢- أنّه عليه السلام خير البرية؛ وذلك لكونه أكرم الخلق على الله. وهذا مقام عظيم؛ لأنّه يشير إلى الخيرية المطلقة على جميع البرية ما عدا النبي الخاتم محمّد (ص) .

٣- أنّه عليه السلام خير البرية كما تقدّم سابقاً، ويتفرع على ذلك أنّ أتباعه وشيعته لهم مقام عظيم حيث يطلق عليهم بأنّهم خير البرية تبعاً له عليه السلام؛ وذلك لاستسلامهم لنهجه وصراطه المستقيم.

4- أنّه عليه السلام صالح المؤمنين، وهذا الصلاح أعم من الصلاح العقائدي والصلاح السلوكي، وهذا يدل على أنّه عليه السلام الشخصية الكاملة في الصلاح ببعديه العقائدي والسلوكي، ومن ثمّ وجب اتّباعه في ذلك، وهذا يكشف أنّ ذاته عين الصلاح وصلاح المؤمنين بتبع صلاحه؛ لأنّ ما بالغير ينتهي إلى ما بالذات.

5- أنّه عليه السلام الهادي بعد رسول الله (ص) ، وهذا صريح في ولايته وهدايته المطلقة للبشرية؛ لأنّ الهداية ذاتية له وإلّا احتاج إلى من يهديه، ولازم ذلك التسلسل الباطل، قال تعالى: أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ

ص:53

يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ . (يونس: ٣5)

6- أنّه عليه السلام يقاتل على تأويل الكتاب كما قاتل النبي (ص) على تنزيله، وفي هذا إشارة إلى أنّه عليه السلام واقف على مطلق الحقائق، ومن ثمّ كانت ولايته وإمامته كاشفة عن الاتّباع الحقيقي للنبي الخاتم (ص) ، فهي كالشمس التي إذا أشرقت امتازت الأشياء عن بعضها البعض بعدما كانت في الظلام ذات لون واحد.

٧- أنّ إمامته عليه السلام هي امتداد لإمامة الأنبياء والأوصياء، ومن ثمّ تحلَّى عليه السلام بجميع صفات وكمالات الأنبياء وزيادة لكونه وصي خاتم الأنبياء والمرسلين، وهو عليه السلام خاتم الأوصياء.

٨- أنّه عليه السلام الصادق المطلق بعد النبي الخاتم (ص) ، وهذا الصدق ينحل إلى صدق في المعرفة والكمال المعرفي وصدق في الكمال السلوكي، وهذه من دلائل العصمة المطلقة، والآية دلّت على وجوب الكون مع الصادقين، وهم أميرالمؤمنين وأبناؤه المعصومين عليهم السلام.

٩- أنّه عليه السلام من السابقين، أي: الكاملين من جهة العلم والعمل، والذين لهم مقام عظيم في الدنيا والآخرة، وفي هذا دعوة كما تقدّم إلى اللحوق بركب السابقين والهدي بهديهم.

١٠- أنّه عليه السلام الصراط المستقيم، وهذا كاشف عن عصمته علماً وعملاً، وفي ذلك دلالة على ضرورة اتّباعه كما أشرنا سابقاً، ومن ثَمَّ أُمرنا بالدعاء ب- اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ بأن نكون على هذا الصراط حدوثاً وبقاء، وعدم الابتعاد عنه، وعليه جاءت بعض الروايات عن أئمة أهل البيت عليهم السلام أنّ الصراط في الدنيا هو الإمام المعصوم الواجب اتّباعه، فمن انحرف عنه في الدنيا زلَّت قدمه في الآخرة، وأنّ من والاه

ص:54

واتّبعه وشايعه على صراط مستقيم.(1)

١١- أنّه عليه السلام وليّ الله المطلق، وهو الذي آتى الزكاة في حال الركوع، فهذه الآية الشريفة من الأدلة الواضحة والصريحة على كونه الولي بعد رسول الله (ص) ، وفي هذا دعوة على وجوب الاتّباع كما أشرنا سابقاً.

١٢- أنّه عليه السلام نفس النبي (ص) بنص آية وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ، ومن ثَمَّ قال النبي (ص) في حقّه: «علي منّي وأنا من علي» (2)، وأنّه قال: «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبوّة بعدي» (3)، وهذه الآية من غرر الآيات الدالة على سمو منزلته وعظمته، وفيها كفاية لمن أراد الهداية.

١٣- أنّه عليه السلام المطّلع على كلّ حقائق القرآن الكريم، والذي له الولاية التكوينية المطلقة التي هي أثر لذلك العلم وكذا الولاية التشريعية، ومن ثمَّ فهو الولي المطلق القادر على إيجاد الموازنة بين المراد التكويني والتشريعي الإلهيين؛ ولذا كان علي مع القرآن والقرآن مع علي، وأنّه القرآن الناطق إلى غير ذلك.

فهذه مجموعة من المقامات العظيمة التي أشارت إليها هذه الآيات الشريفة، وهي غيض من فيض كمالاته الإلهيّة عليه السلام.

المقام الثاني: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام في السنّة

١4- ابن مردويه بإسناده عن زيد بن علي عن آبائه عن النبي (ص) قال: «

يا علي أنت الوزير والخليفة والوصي في الأهل والمال، وفي المسلمين


1- تاويل الايات الظاهرة، ص٣٠.
2- مسند أحمد، ج4، ص١64؛ سنن النسائي، ج5، ص45، الأمالي للصدوق، ص5٧.
3- صحيح مسلم، ج ٧، ص ١٢٠.

ص:55

في كلّ غيبة» .(1)

١5- عن النبي (ص) أنّه قال لعلي عليه السلام:

«أنت ولي كلّ مؤمن بعدي ومؤمنة» .(2)

١6- روى أحمد بن حنبل في مسنده بسنده عن البراء بن عازب والحاكم النيسابوري في مستدركه بسنده عن زيد بن أرقم - واللفظ للمستدرك - قال [ (ص) ]:

إنّ الله عز وجلّ مولاي وأنا مولى كلّ مؤمن، ثمّ أخذ بيد علي رضى الله عنه فقال: من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. . . .

قال الحاكم بعدها:

«هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله» . (3)

١٧- عن أبي بكر قال: سمعت رسول الله [ (ص) ] يقول:

«علي منّي كمنزلتي من ربّي» .(4)

١٨- عن أبي ذر قال: قال النبي [ (ص) ]:

«يا علي من فارقني فقد فارق الله، ومن فارقك يا علي فقد فارقني» .(5)

١٩- قال رسول الله (ص) :

«يا فاطمة أما ترضين أنّ الله اطّلع على أهل الأرض فاختار رجلين أحدهما أبوك والآخر بعلك»(6)


1- مناقب علي بن أبي طالب لابن مردويه، ص١٠٣.
2- مسند أحمد، ج١، ص٣٣١.
3- المستدرك على الصحيحين، ج٣، ص١٠٩؛ مسند أحمد، ج4، ص٢٨١.
4- الصواعق المحرقة، ص١٠6.
5- المستدرك على الصحيحين، ج٣، ص١٢٣.
6- المصدر السابق، ج٣، ص١4٠.

ص:56

٢٠- قال رسول الله (ص) :

«من أحبّ أن يركب سفينة النجاة، ويستمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل الله المتين فليوال علياً، وليأتم بالهداة من ولده» .(1)

٢١- عن جابر بن عبدالله قال: قالَ رسول الله (ص) :

«إنّ الله جعل علياً وزوجته وأبناءه حجج الله على خلقه، وهم أبواب العلم في أمّتي، من اهتدى بهم هدي إلى صراط مستقيم» .(2)

٢٢- عن أبي سعيد الخدري أنّ النبي (ص) دعا الناس إلى علي فأخذ بضبعيه فرفعهما، ثمّ لم يتفرّقا حتّى نزلت هذه الآية: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً (المائدة: ٣) ، فقال رسول الله (ص) :

«الله أكبر على إكمال الدين و إتمام النعمة ورضا الربّ برسالتي والولاية لعلي، ثمّ قال للقوم: من كنت مولاه فعلي مولاه» . (3)

٢٣- قال رسول الله (ص) :

«من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع علياً فقد أطاعني، ومن عصى علياً فقد عصاني» . (4)

٢4- عن حبشي بن جنادة قال:

«سمعت رسول الله [ (ص) ] يقول: علي منّي وأنا منه، ولا يؤدّي عنّي إلّا علي» . (5)

٢5- عن رسول الله (ص) أنّه قال:

«لا يؤدّي عنّي إلّا أنا وعلي» .(6)


1- شواهد التنزيل، ج١، ص١٢٠.
2- المصدر السابق، ص5٨.
3- المصدر السابق، ص٢٠٢.
4- المستدرك على الصحيحين، ج٣، ص١٢١.
5- سنن ابن ماجة، ج١، ص44.
6- مسند أحمد، ج٢، ص ١64؛ صحيح البخاري، ج٣، ص٢٢٩.

ص:57

إشارة معرفيّة

إنّ كلام النبي الخاتم محمّد (ص) كالقرآن كلام كاشف عن الحقائق، وهو (ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى *إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) ، فلا يوجد في كلامه (ص) شمّة مبالغة أو وصف في غير محلّه أو محاباة لكون الموصوف صهره وابن عمّه، بل إنّه بكلماته يصيب كبد الحقيقة في الإشارة بمقامات وكمالات أميرالمؤمنين عليه السلام، وما قلناه في القرآن الكريم يأتي في حقّه (ص) لكونه القرآن الناطق بلا شبهة.

وقد ألمعت هذه الروايات الشريفة والكلمات النورية القليلة في ألفاظها العظيمة في معانيها ومداليلها إلى جملة من مقامات وكمالات أميرالمؤمنين علي عليه السلام، والتي نذكرها هنا تباعاً مراعين الاختصار:

١- إنّ أميرالمؤمنين علي عليه السلام هو وصي رسول الله وخليفته (ص) على عباده تعالى، وفي هذا دلالة على صحة ما نذهب إليه من كونه الوصي بعد الرسول (ص) .

٢- إنّه عليه السلام ولي كلّ مؤمن ومؤمنة بعد الرسول (ص) ، وهذه الولاية مطلقة حيث تشمل ولاية التكوين، أي: حقّ التصرّف فيما كان لرسول الله (ص) من حقّ، وكذا تشمل ولاية التشريع، ومن ثمَّ يتفرّع على هذا وجوب التولّي له والتبرِّي من أعدائه

«اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه» كما أشارت الرواية الشريفة.

٣- إنّ مقام رسول الله (ص) من الله عزّ ذكره مقام عظيم، ونفس هذه المنزلة متحققة بين رسول الله (ص) وأميرالمؤمنين عليه السلام، وفي هذا إشارة إلى تحلِّيه عليه السلام بمقام عظيم وخطير، وكونه الإنسان الكامل المُكَمِّل لغيره بعد رسول الله (ص) ، فمنزلته من رسول الله منزلة رسول الله من الله، ومن ثمَّ

ص:58

إنّ متابعته متابعة لله تعالى ولرسوله (ص) ، وكذا مفارقته والابتعاد عنه مفارقة وابتعاد عن الله تعالى وعن رسوله (ص) .

4- إنّ النبي (ص) أوضح لفاطمة الزهراء عليهما السلام مقامه ومقام أميرالمؤمنين عليه السلام من خلال أنّ الله سبحانه وتعالى اطّلع على كلّ الموجودات فاختار الأقرب إليه تعالى من سائرها، فاختار النبي (ص) وأميرالمؤمنين عليه السلام، وهذا الاختيار هو الاصطفاء والاجتباء من الله سبحانه وتعالى، وهو من المقامات العظيمة والخطيرة جدّاً الكاشفة عن عظمة المصطفى والمجتبى من الله تعالى.

5- إنّ مَنْ تمسّك بعروة أميرالمؤمنين عليه السلام والأئمة من ولده عليهم السلام، ومَنْ ركب في سفينتهم في مأمن من الضلال العقائدي والسلوكي، ومن الغرق في بحار الجهل والتخبّط المعرفي وما إلى ذلك، فالركوب في سفينتهم يعني الاعتصام بمنهجهم واتّباعهم ومشايعتهم عليهم السلام.

6- إنّ أميرالمؤمنين والصدّيقة الزهراء وأبنائهم المعصومين عليهم السلام هم حجج الله تعالى على العباد، وهم أبواب العلم الحقيقي، فمَنْ أراد العلم لابدّ أن يأتي إلى أبوابهم، كما أشارت إلى ذلك بعض الروايات المعنونة بكونهم باب علم رسول الله (ص) .(1)

٧- إنّ كمال الدين وتمام النعمة الإلهيّة إنّما يكون بالولاية لأميرالمؤمنين عليه السلام وللأئمة المعصومين من ولده عليهم السلام، ومن ثَمَّ يتفرّع على هذا الكمال وهذه النعمة حقيقة وجوب الاتّباع، حيث إنّ طاعة أميرالمؤمنين عليه السلام طاعة لله تعالى ولرسوله (ص) .


1- انظروا الى الكافي، ج١، ص٢٢٣.

ص:59

٨- إنّ أميرالمؤمنين عليه السلام من رسول الله (ص) ورسول الله (ص) منه عليه السلام، وفي هذا إشارة إلى وحدة الحقيقة النبوية والعلوية، ووحدة المنهج في الهداية إلى الحقّ سبحانه وتعالى، ومن ثَمَّ لا يؤدّي عن الله تعالى وعن رسوله (ص) إلّا أميرالمؤمنين عليه السلام فله مقام التأدية، كما تجلَّت هذه الحقيقة في تبليغه عليه السلام لسورة براءة.

فهذه جملة من الكمالات العلوية التي أفصح عنها وجلَّاها وأوضحها النبي (ص) لتكون نبراساً وطريقاً نعرف منه الحقّ فنتّبعه، ونعرف الباطل فنجتنبه، فعلي عليه السلام هو الحقّ والحقّ هو علي، فوجب اتّباعه على كلّ من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وهناك حقائق جمّة تنطوي في هذا المقام يحتاج بحثها إلى محلّ آخر.

ص:60

ص:61

الفصل الثاني: أميرالمؤمنين علي عليه السلام ميزان الكمال

اشاره

ص:62

ص:63

كثيرة هي الروايات الواردة عن النبي الخاتم محمّد (ص) التي أشارت إلى أنّ الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام هو ميزان الكمالات، ففي هذا الفصل نشير إلى كمال العلم وكمال الحق وكمال الإيمان، وكونه عليه السلام هو مظهر علم الله، وكونه الحقّ الذي يدور الحقّ معه، وكون حبّه والاعتقاد بإمامته هو الإيمان الحقيقي والمطلوب الذي ينبغي على الكلّ أن يسعى إليه؛ لأنّ حقيقة الإنسان وفعليته تتحقق بالإيمان بولايته عليه السلام والاعتقاد أنّه المظهر الأتم بعد النبي الخاتم (ص) .

الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام وكمال العلم

٢6- عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص) :

«أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب» .(1)قال الحاكم:

«هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» . (2)

٢٧- قال رسول الله (ص) :

«أنا مدينة دار الحكمة وعلي بابها» .(3)


1- شواهد التنزيل، ج١، ص١٠4.
2- مستدرك على الصحيحين، ج ٣، ص ١٢4.
3- سنن الترمذي، ج5، ص6٣٧؛ الصواعق المحرقة، ص١٢٢.

ص:64

٢٨- عن الأصبغ بن نباتة عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال:

يا معشر الناس سلوني قبل أن تفقدوني، هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول الله (ص) ، هذا ما زقَّني رسول الله (ص) زقاً زقاً، سلوني فإنّ عندي علم الأوّلين والآخرين.(1)

٢٩- عن ابن عباس عن رسول الله (ص) قال:

«أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد بابها فليأت علياً» . هذا الحديث صحيح.(2)

٣٠- عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص) لعلي بن أبي طالب عليه السلام:

يا علي أنا مدينة الحكمة وأنت بابها، ولن تؤتى المدينة إلّا من قبل الباب، وكذب من زعم أنّه يحبّني ويبغضك؛ لأنّك منّي وأنا منك، لحمك من لحمي، ودمك من دمي، وروحك من روحي، وسريرتك من سريرتي، وعلانيتك من علانيتي، وأنت إمام أمّتي وخليفتي عليها بعدي، سعد من أطاعك، وشقي من عصاك، وربح من تولّاك، وخسر من عاداك، وفاز من لزمك، وهلك من فارقك، ومثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة.(3)

٣١- عن الحارث قال: سألت علياً عن هذه الآية فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ فقال: والله إنّا لنحن أهل الذكر، نحن أهل العلم، ونحن معدن


1- التوحيد، ص٣٠4؛ وقريب منه في المناقب للخوارزمي، ص٩١.
2- تذكرة الحفاظ للذهبي، ج4، ص١٢٣١.
3- الأمالي للصدوق، ص٢٢٢؛ كمال الدين وتمام النعمة، ج١، ص٢4١؛ و قريب منه في شرح نهج البلاغة، ج٧، ص٨4.

ص:65

التأويل والتنزيل، ولقد سمعت رسول الله (ص) يقول:

«أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه» . (1)

٣٢- حدّثنا أبو الطفيل عامر بن واثلة قال: سمعت علياً [ عليه السلام ] قام فقال:

«سلوني قبل أن تفقدوني، ولن تسألوا بعدي مثلي» ، فقام ابن الكواء فقال: مَنْ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ قال:

«منافقو قريش» ، قال: الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً قال:

«منهم أهل حروراء» . هذا حديث صحيح عال، وبسام بن عبد الرحمن الصيرفي من ثقات الكوفيين ممن يجمع حديثهم، ولم يخرجاه.(2)

٣٣- عن أنس بن مالك أنّ النبي [ (ص) ] قال لعلي:

«أنت تبيّن لأمتي ما اختلفوا فيه بعدي» . قال الحاكم:

«هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» .(3)

إشارة معرفيّة

١- من الوضوح بمكان أنّ كمال الإنسان في العلم والمعرفة، وأنّ ثروته الحقيقية تكمن في علمه وعمله، وأنّ العلم من سِنْخ الوجود، والعلم والوجود متقارنان لا ينفكّان، ومن ثَمَّ يكون العالم الحقيقي هو الذي انكشفت له حقائق الوجود كما هي، قال النبي (ص) في هذا الصدد:

«اللهم أرنا الحقائق كما هي» .(4)


1- شواهد التنزيل، ج١، ص4٣٢.
2- المستدرك على الصحيحين، ج ٢، ص ٣5٢.
3- المصدر السابق، ج ٣، ص ١٢٢.
4- عوالي اللآلي، ج4، ص١٣٢.

ص:66

وعليه يكون الحكيم الإلهي هو الذي صار بعلمه عالَماً مضاهياً للعالم العيني.

٢- على هدي ما تقدّم تكشف لنا هذه الروايات الشريفة أنّ المدار في الكمال الإنساني هو العلم والمعرفة، وأنّ النبي الخاتم (ص) هو الإنسان الكامل في علمه وعمله، فهو المظهر الأتم للعلم الإلهي، وهذا الكمال من بعده لوصيّه وخليفته ووزيره الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام، فهو المظهر الأتم لكمال العلم بعد النبي (ص) ، ومن ثَمَّ قال النبي (ص) :

«أنا مدينة العلم وعلي بابها» ، وفي هذا إشارة إلى أنّ البوّابة الحقيقية والحصرية لعلم النبي (ص) هو أميرالمؤمنين عليه السلام؛ ولذا أنّ كلّ علم حقيقي إنّما صدر من هذه المدينة عبر بابها المعصوم.

٣- إنّ أميرالمؤمنين علي عليه السلام أكّد في جملة من بياناته الشريفة على ضرورة الاستفادة من وجوده العلمي، كما قال:

«سلوني قبل أن تفقدوني» ، وأشار إلى أنّ علمه متّصل بالنبي (ص) ، حيث قال:

«هذا سفط العلم ولعاب رسول الله (ص)» ، وفي هذا تأكيد على اتّصاله عليه السلام بالسماء، وأنّ مصدر علمه علم لدني معصوم من قبل الله عزّ شأنه عبر النبي الخاتم (ص) ، وهنا يتبيّن لنا استحالة اجتماع حبّ النبي (ص) وبغض علي عليه السلام؛ لكون ذلك خروجاً عن حدّ الإنسانية، وكفر بالنعم الإلهيّة، وانحدار إلى دركات الجهل والضياع العقائدي والسلوكي، وذلك لاستحالة الوصول إلى علم النبي (ص) إلّا من طريق أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ولذا نجد أنّه اتّفقت كلمة المسلمين قاطبة على أنّ حبّ علي إيمان وبغضه كفر ونفاق، وأنّ المبغض لعلي وأهل بيت النبي (ص) ناصبي لا يُدفن في مقابر المسلمين.

ص:67

4- إنّ بعض هذه الروايات الشريفة أشارت إلى أنّ أهل الذكر الذين يجب أن يُسألوا عن الحقائق والمعارف هم علي وبنوه المعصومون عليهم السلام، وفي هذا تأكيد على ما تقدّم من كونهم الأبواب الحقيقية للمعارف الإلهيّة، ومن ثَمَّ ورد عن الإمام الباقر عليه السلام في قوله تعالى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (عبس: ٢4) قال عليه السلام: «علمه الذي يأخذه، عمن يأخذه»(1)وقال عليه السلام أيضاً لمن يذهب إلى أبواب أخرى لطلب العلم: «شرّقا وغرّبا والله لن تجدا علماً صحيحاً إلّا شيئاً يخرج من عندنا أهل البيت» .(2)

ومن هنا وجب على كلّ من أراد الكمال والقرب الإلهي أن يأخذ العلم والمعرفة من أهلها؛ لكونهم الراسخون المطّلعون على كلّ الحقائق، والكاشفون عن غوامض أسرار الوجود.

وإنّ من أهم الدلائل على هذه الحقيقة أنّ المعارف الإلهيّة التي جاءت عن أميرالمؤمنين عليه السلام لم يتفوّه بها أحد من الصحابة، فهو عليه السلام من أظهر المعارف في الحكمة النظرية والحكمة العملية، وأنّ خطبه في نهج البلاغة وكلماته كاشفة عن عظمته ورسوخه في المعرفة الإلهيّة، رزقنا الله جميعاً بالأخذ من معارفه وأهل بيته عليهم السلام في طريق الهداية إلى الله سبحانه وتعالى.

الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام وكمال الإيمان

٣4- عن أنس بن مالك قال: سمعت بأذني هاتين وإلّا صمّتا أنّ رسول الله (ص) يقول في حقّ ابن أبي طالب عليه السلام

: «عنوان صحيفة المؤمن يوم


1- الكافي، ج١، ص5٠؛ تفسير غريب القرآن للطريحي، ص5٠٩.
2- بصائر الدرجات، ص٣٠؛ الكافي، ج١، ص٣٩٩.

ص:68

القيامة حبّ علي بن أبي طالب» .(1)

٣5- قال رسول الله (ص) لعلي بن أبي طالب عليه السلام:

يا أبا الحسن، لو وضع إيمان الخلائق وأعمالهم في كفّة ميزان ووضع عملك يوم أحد على كفّة أخرى لرجح عملك على جميع ما عمل الخلائق، وإنّ الله باهى بك يوم أحد ملائكته المقرّبين، ورفع الحجب من السماوات السبع، وأشرقت إليك الجنة وما فيها، وابتهج بفعلك ربّ العالمين، وإنّ الله يعوّضك ذلك اليوم ما يغبط كلّ نبي ورسول وصدِّيق وشهيد.(2)

٣6- عن النبي (ص) أنّه قال لعلي عليه السلام:

«الإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي» .(3)

٣٧- قال النبي (ص) لعلي عليه السلام:

«أما أنّك ستلقى بعدي جهداً، قال علي [ عليه السلام ]: في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك» .(4)

٣٨- وعن عمر بن الخطاب أنّه قال: أشهد على رسول الله [ (ص) ] لسمعته وهو يقول:

«لو أنّ السماوات السبع والأرضين السبع وضعت في كفّة ووضع إيمان علي في كفّة لرجح إيمان علي» . خرَّجه ابن السمَّان في الموافقة، والحافظ السلفي في المشيخة البغدادية.(5)

٣٩- عن البراء قال: قال رسول الله [ (ص) ] لعلي: قل:

اللهم اجعل لي عندك عهداً، واجعل لي عندك ودّاً، واجعل لي في


1- المناقب لابن المغازلي الشافعي، ص٢١٩؛ ينابيع المودة، ص٢٩5؛ الجامع الصغير، ج٢، ص١٨٢.
2- ينابيع المودة، ص١5١.
3- المناقب لابن المغازلي الشافعي، ص٢٣٨.
4- المستدرك على الصحيحين، ج٣، ص١4٠، وقال عنه الذهبي: هذا الحديث صحيح.
5- ذخائر العقبى، ص١٠٠؛ المناقب للخوارزمي، ص١٣١؛ المناقب لابن المغازلي الشافعي، ص٢4٧.

ص:69

صدور المؤمنين مودةً، فأنزل الله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (1)

قال: فنزلت في علي.(2)

4٠- عن عبدالرحمن بن عثمان قال: سمعت جابر بن عبدالله رضى الله عنه يقول: سمعت رسول الله [ (ص) ] وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب وهو يقول:

«هذا أمير البررة، قاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، ثمّ مدّ بها صوته» . قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» . (3)

إشارة معرفيّة

١- إنّ من الحقائق المعرفيّة الواضحة هي حقيقة أنّ أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هو من رسم خطّ الإيمان بعد النبي (ص) ، وأنّ به يُعرف المصدِّق الحقيقي للنبي (ص) من غيره، وأنّ ولايته عليه السلام كالشمس التي تظهر لتبيّن الحقائق التي سترها ظلام الليل، ومن هنا كان عليه السلام مقياس الإيمان، وميزان الأعمال، وقسيم الجنة والنار.

٢- أشارت بعض الروايات المتقدّمة إلى حقيقة معرفيّة غاية في الأهمية، وهي أنّ العنوان الحقيقي للمؤمن يوم القيامة هو حبّه لعلي عليه السلام، وفي هذا تأكيد إلى أنّ عالم الآخرة باطن هذه الدنيا، حيث يظهر إيمان المؤمن بحقيقته في ولاية ومحبّة أميرالمؤمنين عليه السلام، ومن ثَمَّ إنّ غير المعتقد بولايته لا يكون عنوان صحيفته حبّ علي بل بغض علي عليه السلام، وفي ذلك


1- مريم: ٩6.
2- الدر المنثور، ج4، ص٢٨٧.
3- المستدرك على الصحيحين، ج ٣، ص ١٢٩.

ص:70

إشارة إلى أنّه من أهل الشقاوة الأبدية، وهذا خير بيان إلى أنّ الإمامة دائمة غير منقطعة في العوالم أجمعها، وعليه نفهم أنّ الحجّة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق كما أشارت إلى هذه الحقيقة روايات أخرى.

٣- أشارت بعض الروايات المتقدّمة إلى أنّ الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام هو من تمثّل فيه الإيمان بحقيقته، فهو إيمان متحرّك ناطق كما هو قرآن ناطق، وذلك على هدي قاعدة معرفيّة منقّحة في محلّها من اتّحاد العامل وعمله، وأنّ الإيمان والمؤمن حقيقة واحدة، حيث أشارت إلى ذلك بعض الآيات الشريفة هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (آل عمران: ١6٣) ، و فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ (الواقعة: ٨٨ - ٨٩) ، ومن ثمّ نجد أنّ وجوده هو وجود الإيمان، وعليه لو جعل هو وجعل غيره في كفّة لرجح هو نتيجة اشتداد وجوده المتمثّل في قربه من الله سبحانه وتعالى، وقد بيّنت هذه الحقيقة في بيانات النبي (ص) بقوله:

«والإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي»(1)، وأنّه قال:

«برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه» (2)فتدبّر في هذه الحقيقة!

4- أشارت بعض الروايات المتقدّمة إلى أنّ هذا الوجود الإيماني المتمثّل بحقيقته في أميرالمؤمنين علي عليه السلام يكون هو المحك والمقياس في معرفة الحقيقة كما أشرنا إلى ذلك سابقاً، وهنا تظهر حقيقة أخرى بأنّه عليه السلام محلّ للابتلاء مع الطرف الآخر، أي: الكفر والنفاق المتمثّل في ذوات أخرى، وهذا ما عبَّر عنه النبي (ص) بأنّه سوف يلقى جهداً من بعده، وأنّه من بعد رحيل النبي (ص) بدأت تظهر هذه المظاهر المضادّة لوجوده عليه السلام، فكانت


1- ينابيع المودّه، ج١، ص٢٠٠.
2- المصدر السابق، ص٢٨١.

ص:71

موانعاً وحجباً في طريق نشره للحقائق والمعارف، وإظهار كمالاته على مسار الإيمان، ومن ثمَّ نجده عليه السلام يقول: «لو ثنيت لي الوسادة لأعلمت أهل التوراة بتوراتهم، وأهل الإنجيل بإنجيلهم، وأهل الزبور بزبورهم» (1)، وقال عليه السلام أيضاً مشيراً إلى صدره الشريف: «إنّ لهاهنا لعلماً جمّاً» .(2)

ولا يخفى أنّ أكبر مظلومية لأميرالمؤمنين علي والأئمة المعصومين عليهم السلام هو الظلم المعرفي بمعنى عدم استطاعتهم لنشر المعارف والحقائق نتيجة الموانع والعوائق، فتدبّر في هذه الحقيقة، واسبر التاريخ تجد الأمر واضحاً جليّاً.

الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام وكمال الحق

4١- عن ابن مردويه بإسناده عن عائشة أنّ النبي (ص) قال:

«الحقّ مع علي يزول معه حيثما زال» . (3)

4٢- وعنه بإسناده عن أبي موسى الأشعري أنّ النبي (ص) قال لعلي:

«أنت مع الحقّ والحقّ معك» . (4)

4٣- وعن أبي سعيد الخدري قال: كنّا عند بيت النبي [ (ص) ] في نفر من المهاجرين والأنصار فقال:

«ألا أخبركم بخياركم؟» قالوا: بلى، قال:

«الموفون المطيبون، إنّ الله يحبّ الحفي التقي» ، قال: ومرَّ علي بن أبي طالب،


1- ورد في التوحيد للصدوق ص٢٩٨ هكذا: «ما والله لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم حتّى تنطق التوراة فتقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتّى ينطق الإنجيل فيقول: صدق علي ما كذب، لقد أفتاكم بما أنزل الله في، وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتّى ينطق القرآن فيقول: صدق علي ما كذب. . .» .
2- نهج البلاغة، محمّد عبده، ص٣6.
3- مناقب الإمام علي وما نزل من القرآن في علي، ص١٠.
4- المصدر السابق، ص١١4.

ص:72

فقال:

«الحقّ مع ذا، الحقّ مع ذا» . رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات. (1)

44- عن ابن مردويه بسنده عن أبي ذر الغفاري عن أم سلمة قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول:

«إنّ علياً مع الحقّ والحقّ معه لن يزولا حتّى يردا عليَّ الحوض» . (2)

45- عن أبى ذر وسلمان قالا: أخذ النبي [ (ص) ] يد علي فقال:

إنّ هذا أوّل من آمن بي، . . وهذا أوّل من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصدّيق الأكبر، وهذا فاروق هذه الأمّة يفرق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين.(3)

إشارة معرفيّة

١- تجدر الإشارة إلى أنّ الأبحاث المعرفيّة أشارت إلى أنّ للحقّ معان عدّة، منها:

أنّه الوجود في الأعيان مطلقاً، والوجود الدائم، وأيضاً يفهم منه ذلك القول أو الإعتقاد المطابق للواقع؛ فلذلك نقول: إنّ هذا قول حقّ، وهذا اعتقاد حقّ.

وأهم معنى في هذا الصدد هو أنّ واجب الوجود هو الحقّ بذاته دائماً، وأنّ الممكن يكون حقّاً بتعلّقه بالواجب تعالى وإلّا فهو باطل في نفسه، بل هو عين الفقر والحاجة إلى ما سواه، وهذه مسألة معرفيّة أُصّلت في محلّها فراجع.


1- مجمع الزوائد، ج٧، ص٢٣4.
2- مناقب الإمام علي لابن مردويه، ص١١6.
3- مجمع الزوائد، ج٩، ص١٠٢.

ص:73

٢- على هدي حقيقة أنّ الحقّ هو ذات الواجب تعالى أنّ لهذا الحقّ ولهذا الواجب وهو الله سبحانه وتعالى مظاهر تامّة وكلمات تامّة تحكي حقانيّته في العوالم الممكنة من العالم العقلي إلى العالم المثالي إلى العالم المادي، وأنّ أتم المظاهر لهذا الحقّ هو ذلك الإنسان الكامل، والذي له حظّ من كلّ العوالم الممكنة، وبذلك استحق أن يكون خليفة الله في الأرض وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (البقرة:٣٠) ، ومن ثَمَّ كان اهتمام القرآن الكريم بعد وضوح وفطرية وبداهة وجود الحقّ تعالى القائم بذاته المقوّم لغيره هو بيان مواصفات الخليفة الإلهي والإنسان الكامل والنور الإلهي الذي يهدي الله إلى نوره من يشاء، قال تعالى: نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ (النور: 35) ، حيث قال مولانا الإمام الصادق عليه السلام في ذيلها:

«يهدي إلى الإمام» .(1)

ومن هذا المنطلق نجد أنّ القرآن الكريم اهتمّ اهتماماً بالغاً في بيان مواصفات الخليفة الإلهي والإرشاد إليه بكافّة الأساليب والبيانات الممكنة في حقّ الممكن المتلقّي، ولذا لا زالت هذه الحقيقة في بيان مواصفات الإنسان الكامل لها المحورية التامّة في الأبحاث العرفانية عند أهل المعرفة والتحقيق.

٣- إنّ الروايات الشريفة المتقدّمة أشارت إلى أنّ المصداق الحقيقي بعد النبي (ص) للمظهرية التامّة للحقّ هو أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، حيث تعددت البيانات في هذه الروايات وفي غيرها إلى إبرازه إلى المشهد الإنساني كافّة، بل ومشهد كلّ الممكنات بأنّ علياً عليه السلام


1- الكافي، ج١، ص١٩4؛ تفسير العياشي، ج٢، ص٢٨٢.

ص:74

هو الحقّ وأنّ الحقّ هو علي عليه السلام وإن اختلفت البيانات في إظهار هذه الحقيقة من باب التدريج في إظهار الحقائق؛ وذلك لضيق قابلية القوابل المتلقّية، حيث أشارت أوّلاً فيما يتراءى بَدْواً إلى الاثنينية بين علي عليه السلام والحقّ ولكنهما لا يفترقان، ولكن صُعِّد سقف المعرفة إلى أعلى من ذلك بأنّ علياً عليه السلام هو الحقّ وليس علياً مع الحقّ، بل أشارت إلى دوران الحقائق بأجمعها حول المظهر الأتم لله تعالى الذي هو الحقّ كما أشرنا سابقاً، ومن ثَمَّ كان علي عليه السلام الميزان التي يوزن عليه أعمال العباد؛ وذلك للبيانات السابقة فتدبّر.

4- من الوضوح بمكان أنّ من تجلّيات الحقيقة وتنزّلاتها هو أمر اختلاف الناس بعد رسول الله (ص) في أمر القائم مقام النبي (ص) ، فجاءت هذه الروايات الشريفة لتأكّد لنا أنّ الحقّ كلّ الحقّ مع أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ولولاه لضاعت كافّة الحقائق الإلهيّة، وبالتالي تذهب جهود النبي (ص) ، بل جهود الأنبياء السابقين جميعاً أدراج الرياح، وهذا فيما يعني انتهاء المشروع الإلهي، ولذا أشارت الآية الشريفة إلى هذه الحقيقة في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (المائدة: 6٧) . وعلى هدي هذه الحقيقة بيَّن النبي (ص) أنّ علياً عليه السلام هو الفاروق الحقيقي بين الحقّ والباطل، وأنّه يعسوب المؤمنين، وكلّ هذه البيانات وغيرها إنّما جاءت لتأكّد لنا حقيقة أنّ الهداية الإلهيّة والتي هي حقٌّ لا تكون إلّا عن طريق المظهر الأتم للحقّ وهو الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

ص:75

الفصل الثالث: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام والمقامات

اشاره

ص:76

ص:77

المقام الأوّل: مقامه عليه السلام في ابتداء الخلق

46- روى الكليني بسنده إلى أبي عبدالله عليه السلام، قال الله تبارك وتعالى:

يا محمّد، إنّي خلقتك وعلياً نوراً يعني روحاً بلا بدن قبل أن أخلق سماواتي وأرضي وعرشي وبحري، فلم تزل تهللني وتمجّدني، ثمّ جمعت روحيكما فجعلتهما واحدة، فكانت تمجّدني وتقدّسني، ثمّ قسّمتها ثنتين وقسّمت الثنتين ثنتين فصارت أربعة: محمّد واحد، وعلي واحد، والحسن والحسين ثنتان، ثمّ خلق الله فاطمة ابتدأها روحاً بلا بدن، ثمّ مسحنا بيمينه فأفضى نوره فينا.(1)

4٧- قد روى أخطب خوارزم وهو من أعظم مشايخ أهل السنّة عن عبدالله بن مسعود قال رسول الله (ص) :

لمّا خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه من روحه عطس فقال: الحمدلله، فأوحى الله تعالى إليه: حمدني عبدي، وعزّتي وجلالي لولا عبدان أريد خلقهما في دار الدنيا ما خلقتك، قال: إلهي فيكونان منّي؟

قال: نعم، يا آدم ارفع رأسك وانظر، فرفع رأسه فإذا مكتوب على


1- الكافي، ج١، ص44٠.

ص:78

العرش: لا إله إلّا الله، محمّد نبي الرحمة، وعلي مقيم الحجّة، من عرف حقّ علي زكى وطاب، ومن أنكر حقّه لُعِنَ وخاب، أقسمت بعزّتي وجلالي أن أدخل الجنة من أطاعه وإن عصاني، وأقسمت بعزّتي وجلالي أن أدخل النار من عصاه وإن أطاعني. (1)

4٨- قال رسول الله (ص) :

كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عزّ وجل من قبل أن يُخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق الله آدم سلك ذلك النور في صلبه، فلم يزل الله ينقله من صلب إلى صلب حتّى أقرّه في صلب عبدالمطلب، ثمّ أخرجه الله من صلب عبدالمطلب وقسّمه قسمين، قسم في صلب عبدالله وقسم في صلب أبي طالب، فعلي منّي وأنا منه، لحمه لحمي، ودمه دمي، فمن أحبّه فيحبني، ومن أبغضه فيبغضني وأبغضه.(2)

4٩- عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال رسول الله (ص) :

مكتوب على باب الجنة: لاإله إلا الله، محمّد بن عبدالله رسول الله، علي بن أبي طالب أخو رسول الله، قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بألفي عام. (3)

5٠- عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله (ص) :

«إنّ أمّتي عُرِضت على الميثاق، وكان أوّل من آمن بي وصدّقني علي، وكان أوّل من آمن بي وصدّقني حيث بعثت فهو الصدِّيق الأكبر» .(4)


1- المناقب للخوارزمي، ص٣١٨.
2- المصدر السابق، ص١٢.
3- المصدر السابق، ص١44.
4- بصائر الدرجات، ج٢، ص ١٠4.

ص:79

إشارة معرفيّة

١- إنّ من المسائل المعرفيّة والتي باتت واضحة في محلّها هي مسألة تعدد العوالم وإن اختلف في عددها بين العرفاء والحكماء والمتكلّمين.

ولكن ما يمكن أن يقال في المقام - مراعين الاختصار الشديد في مثل هذه الأبحاث الدقيقة - إنّ العوالم تنقسم إلى أقسام ثلاثة: عالم العقول وعالم المثال وعالم المادة، وهذه العوالم أتت من منفصلتين حقيقيتين، أي: أنّ هذا العالم إمّا فيه المادة أو لا، وعلى الثاني: إمّا فيه آثار المادة أو لا، فالأخير هو عالم العقل الذي هو مجرد عن المادة وآثارها، والثاني هو عالم المثال الذي هو مجرد عن المادة دون آثارها، والأوّل هو عالم المادة.

ومن الواضح فلسفياً أنّ بين هذه العوالم علاقة حقيقية بمعنى حكومة العلِّية، أي: أنّ عالم العقل علّة لعالم المثال وهو محيط به، وأنّ عالم المثال علّة لعالم المادة وهو محيط به، والله تعالى العلّة الحقيقية وهو المحيط بكلّ العوالم وَ اللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ (البروج:٢٠) .

٢- على هدي ما تقدّم في الإشارة السابقة أنّ الصادر الأوّل من الله تعالى هو وجود نوري مجرد محض؛ وذلك للسنخية بين الصادر والمصدور عنه على قاعدة أنّ الواحد لا يصدر منه إلّا واحد، والتي هي مبرهنة في محلّها، كما أشار إلى ذلك أقطاب الحكمة الإلهيّة(1)


1- إن ّهذه القاعدة من القواعد المهمّة والخطيرة جدّاً في النظام المعرفي في مدرسة الحكمة المتعالية، ويمكن البرهنة عليها هنا بنحو من الإختصار: وذلك أنّ الحقّ سبحانه وتعالى أحديٌ في ذاته واحديٌ في صفاته، فإنّه إن لم يكن كذلك يلزمه التركيب والتركيب يلازمه الإمكان، ومن الواضح جدّاً أنّ الوجوب والإمكان لا يجتمعان؛ لكون التركيب أمارة الفقر والحاجة. هذا مضافاً إلى أنّ ما عليه البرهان هو ضرورة وجود السنخية بين كلّ معلول وعلّته وإلّا استلزم أن يؤثّر كلّ شيء في كلّ شيء، وهو خلاف البداهة والوجدان. وعلى هدي ما تقدّم يتضح لنا جليّاً أنّه لو صدر من الواحد والذي وحدته عين ذاته أي: الواحد الحقيقي أكثرَ من واحد للزم إمّا التركّب في ذاته، وبذلك يكون إمّا ممكناً وإمّا عدم السنخية بين العلّة والمعلول وهو باطل بالبداهة، فعليه لا يصدر من الواحد إلّا الواحد. راجع في هذا البحث الدقيق كتاب الأسفار، للملاصدرا ره ، ج ٧.

ص:80

وأنّ هذا الصادر الأوّل هو الذي يكون واسطة فيض لمَن دونه من الموجودات، وهذا البحث إنّما هو على مستوى البحث العقلي أو البحث الكبروي.

٣- إنّ الروايات الشريفة المتقدّمة أشارت إلى البحث الصغروي، أي: مَن يكون هو الصادر الأوّل؟ ومَن يكون ذلك الوجود النوري؟

إنّ الروايات الواردة بين الفريقين في المقام ألمعت إلى هذا الوجود النوري، وإلى بعض خصائصه، والتي منها:

الاولى - إنّه أوّل مخلوق خلقه الله، وصنعه بيده تبارك وتعالى بلا واسطة، وهذه الخصوصية لم يشترك فيها معه أحدٌ.

الثانية- إنّه عزّ وجل خلقه من نوره، ومقتضاه أنّه جامع لجميع الكمالات.

الثالثة - إنّه أشرف وأكرم وأجل وأقرب من جميع المخلوقات عندالله عزّ وجل.

الرابعة - إنّه أكمل وأعلى وأجمع في الصفات والكمالات من جميع المخلوقات من الأوّلين والآخرين من الأنبياء والمرسلين والملائكة المقرّبين، فلا يصل إليه أحد في هذه المنزلة.

الخامسة - إنّه فوق الزمان والمكان، فإنّه عزّ وجل خلقه قبل خلق السماوات والأرض والشمس والقمر وسائر العوالم.

ص:81

السادسة - إنّه محدود بحدود لقوله: «أشباح» أو «أظلة خضراء» وغيرهما من التعابير.

السابعة - إنّ هذا الوجود معصوم ومنزّه عن النقائص والعيوب والخطأ. (1)

4- إنّ روايات أهل السنّة والشيعة أشارت إلى أنّ المصداق الحقيقي لهذا النور هو النور المحمّدي، أي: ذلك الوجود المجرد عن المادة وآثارها، وهو الصادر الأوّل وأنّ نور النبي (ص) من نور الله عزّ وجل بلا واسطة، وأنّ نوره هو المنشأ لخلق الممكنات - أي: واسطة في الإفاضة - أي: ما به الوجود وإلّا ما منه الوجود والمُفيض هو الحقّ سبحانه وتعالى، وبعده يأتي نور الإمام أميرالمؤمنين علي ونور السيّدة الزهراء والأئمة المعصومين عليهم السلام كما جاء عن سلمان رضى الله عنه قال: سمعت حبيبي رسول الله [ (ص) ] يقول:

كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله عزّ وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق الله آدم قسَّم ذلك النور جزءين فجزء أنا وجزء علي [ عليه السلام ].(2)

وأيضا ورد في رواية جابر الأنصاري المعروفة أنّه قال رسول الله [ (ص) ]:

«أوّل ما خلق الله نوري ابتدعه من نوره»(3)إلى آخر الرواية والتي فيها مضامين عديدة.

والروايات في هذا المعنى جاءت بألسنة متعددة لا يمكن إحصاؤها


1- النبي الأعظم ووجوده النوري، مسلم الداوري، ص١65.
2- فضائل الصحابة لابن حنبل، ج٢، ص66٢.
3- مشارق أنوار اليقين للحافظ رجب البرسي، ص5٧.

ص:82

مثل أنّ النبي (ص) وعلي عليه السلام من نور الله تعالى، وأنّ نور فاطمة عليهما السلام من نورهما، وأنّ نور الحسن والحسين عليهما السلام من نورهما، وأنّهم عليهم السلام أشباحُ نورٍ تدور حول عرش الرحمن وتسبّح الله وتقدّسه، وأنّ الملائكة تعلّمت منهم التسبيح والتهليل، إلى غيرها من مضامين عالية.(1)

5- إنّ الروايات الشريفة المتقدّمة أشارت أيضاً إلى مجموعة من الحقائق المرتبطة بنظام الخلقة، مضافاً إلى الإشارة إلى مقامات النبي وأميرالمؤمنين والمعصومين عليهم السلام، والتي منها:

إنّهم واسطة الفيض في الإيجاد، والذي يعني ما به الوجود وليس ما منه الوجود؛ لأنّ الوجود والإفاضة منحصر في الحقّ سبحانه وتعالى.

وإنّهم عليهم السلام العلل الغائية للوجود، كما ألمعت رواية أنّ آدم عليه السلام في أوّل وجوده عطس فحمد الله، فأخبره الحقّ سبحانه وتعالى بأنّه لولا عبدان لما خلقتك، وهما محمّد وعلي عليهما السلام.

مضافاً إلى أنّ هذه الحقائق مكتوبة على باب الجنة قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بألفي عام، وهذا إشارة إلى وجودهما النوري.

وعلى هذه الحقيقة تترتب حقيقة أخرى، وهي ما يرتبط بعالم الذر، وأنّ الوجود المجرد لأميرالمؤمنين علي عليه السلام هو أوّل من آمن بالنبي (ص) ، وسمّي بالصدّيق الأكبر، وهذه مسألة موكولة إلى محلّها في عالم الذر.

ومن هنا وهناك تتضح لنا حقيقة ضرورة الاتّباع لهذه الموجودات والذوات المقدّسة عندما تتنزّل في قوس النزول إلى عالم الامتحان والابتلاء وعالم التضاد والتزاحم - أي: عالم المادة - كما جاء ذلك في


1- راجع الروايات العديدة التي ذكرت هذه المضامين وغيرها إلى كتاب أستاذنا آية الله الشيخ مسلم الداوري - الوجود النوري للنبي الأعظم ص .

ص:83

الرواية الشريفة التي قالت:

«إنّ محمّداً (ص) نبي الرحمة، وعلي مقيم الحجة، وأنّ من اتّبعه يزكو ويطيب، وأنّ من أبغضه لُعن وخاب» ، وأنّ هذه الحقيقة من الحقائق الموجودة قبل إيجاد عالم المادة، وهو كاشف عن مدخليتها وضروريتها في النظام الأحسن على مستوى الوجود ومستوى المعرفة.

المقام الثاني: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام ومقامه عند الأنبياء عليهم السلام

5١- عن عبدالرحمن بن كثير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله (ص) :

إنّ أوّل وصي كان على وجه الأرض هبة بن آدم، وما من نبي مضى إلّا وله وصي، وكان جميع الأنبياء مائة ألف نبي وعشرين ألف نبي، منهم خمسة أولوا العزم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد (ص) ، وإنّ علي بن أبي طالب كان هبة الله لمحمّد، وورث علم الأوصياء، وعلم من كان قبله، أما إنّ محمّداً ورث علم من كان قبله من الأنبياء والمرسلين.(1)

5٢- أخرج الحاكم الحسكاني عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص) :

لمّا نزلت الخطيئة بآدم وأخرج من جوار ربّ العالمين أتاه جبرئيل فقال: يا آدم ادعوا ربّك فقال: يا حبيبي جبرئيل وبما أدعوه؟ قال: قل: يا ربّ أسألك بحقّ الخمسة الذين تخرجهم من صلبي آخر الزمان إلّا تبت عليَّ ورحمتني، فقال: حبيبي جبرئيل سمّهم لي؟ قال: محمّد النبي، وعلي الوصي، وفاطمة بنت النبي، والحسن والحسين سبطي النبي، فدعا بهم آدم فتاب الله عليه، وذلك قوله: فَتَلَقَّى آدَمُ


1- الكافي، ج١، ص٢٢4.

ص:84

مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ (البقرة: ٣٧) ،

وما من عبد يدعو بها إلّا استجاب الله له.(1)

5٣- عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال:

«ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولن يبعث الله نبياً إلّا بنبوّة محمّد وولاية وصيّه علي صلوات الله عليهما» .(2)

54- عن ابن مسعود قال:

قال رسول الله (ص) : يا عبدالله أتاني ملكٌ فقال: يا محمّد سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا، قال: قلت: على ما بعثوا؟ قال: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب.(3)

55- عن الحارث الأعور صاحب راية علي بن أبي طالب عليه السلام قال: بلغنا أنّ النبي (ص) كان في جمع من أصحابه قال:

أريكم آدم في علمه ونوحاً في فهمه وإبراهيم في حكمته؟

فلم يكن بأسرع من أن طلع عليٌ فقال أبوبكر: «يا رسول الله أقست رجلاً بثلاثة من الرسل؟ ! بخ بخ لهذا، الرجل من هو يا رسول الله؟»

قال النبي (ص) :

«ألا تعرفه يا أبا بكر؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: أبو الحسن علي بن أبي طالب» .

فقال أبوبكر:

«بخ بخ لك يا أبا الحسن، وأين مثلك يا أبا الحسن!» .(4)


1- شواهد التنزيل، ج١، ص١٠٢.
2- بصائر الدرجات، ص٩٢.
3- المناقب للخوارزمي، ص١١.
4- المصدر السابق، ص٨٨؛ في المناقب لابن مردويه، ص١4٧.

ص:85

56- قال رسول الله (ص) :

من أراد أن ينظر إلى إسرافيل في هيبته، وإلى ميكائيل في رتبته، وإلى جبرئيل في عظمته وجلالته، وإلى آدم في سلامته، وإلى نوح في حسنه، وإلى إبراهيم في خلّته وسخاوته، وإلى يعقوب في حزنه، وإلى يوسف في جماله، وإلى سليمان في ملكه، وإلى موسى في مناجاته وشجاعته، وإلى أيوب في صبره، وإلى يحيى في زهده، وإلى عيسى في سياحته وسننه، وإلى يونس في ورعه، وإلى محمّد (ص) في خلقه وجسمه وشرفه وكمال منزلته فلينظر إلى علي بن أبي طالب.(1)

إشارة معرفيّة

١- مما أشارت إليه الأبحاث المعرفيّة هو أنّ النبوّة سفارة بين الله سبحانه وتعالى وبين عباده، وذلك لحاجتهم في التكامل في أمر معادهم ومعاشهم، ومن ثَمَّ يكون النبي هو ذلك الإنسان المخبر عن الله بإحدى الطرق المعروفة، ولذا اتّفق أهل الملل قاطبة على ضرورة بعثة الأنبياء، وذلك مقتضى الحكمة الإلهيّة واللطف الإلهي لهداية الناس وإرشادهم لطرق السعادة، وقد ذكرت مجموعة من الأدلة على هذه الحقيقة، والتي منها: حاجة المجتمعات البشرية إلى القانون الكامل في إيصالهم إلى السعادة؛ وذلك لكون الإنسان له ميلٌ للحياة المدنية إمّا من جهة كونه مدنياً بالطبع وإمّا لكونه مستخدماً بالطبع على النظرية الأخرى والتي تبنّاها العلّامة الطباطبائي قدس سره.

هذا مضافاً إلى أنّ الحياة الإجتماعية تتوقّف على معرفة الوظائف


1- المناقب للخوارزمي، ص١٨؛ كفاية الطالب، ص١٣٢.

ص:86

والحقوق التي تكون بين أعضاء المجتمع، وهذا بدوره يتوقّف على وجود القانون، وأنّ وظيفة التقنين لا تتأتّى إلّا مَن له معرفة كاملة بالإنسان، وأنّه لا ينتفع بهذا القانون، وما إلى ذلك من شرائط ذكروها في محلّها، وهي لا تتحقق بكاملها إلّا في الوجود الكامل والوجود المطلق وهو الله سبحانه وتعالى، فالمقنن الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى، وأنّ الذي ينقل هذه القوانين هو النبي، وإلى هذه الحقيقة أشارت الآية الشريفة في قوله تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَ الْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ . (الحديد:٢5)

ومن الأدلة أيضاً على ضرورة البعثة حاجة المجتمع إلى المعرفة وهداية الفطريات وتعديل الغرائز، وأنّ البعثة أولى من الكماليات، وأنّ البعثة مقتضى اللطف الإلهي، وإلى غيرها من الأدلة. (1)

٢- إنّ من الحقائق الثابتة معرفياً والتي هي بعد ضرورة بعثة الأنبياء هي ضرورة وجود وصي لكلّ نبي كما أشارت إليها الروايات المتقدّمة وغيرها، وأنّ للوصي دوراً كبيراً في الهداية الإلهيّة، بل إنّ منكر الأوصياء هو منكر للأنبياء، خصوصاً إذا أدركنا حقيقة أنّ وجود الوصي من بعد النبي هو وجود الرابطة المستمرة والدائمة بين السماء والأرض، وأنّ الإمام أو الوصي هو المعبرّ والممر المعصوم للإرادات الإلهيّة، كما جاء عن الإمام الهادي عليه السلام

«إنّ الله جعل قلوب الأئمة مورداً لارادته» . (2)

هذا مضافاً إلى أنّ الوصاية والإمامة حقيقة دائمة لا تنقطع، وأنّ


1- من أراد التوّسع في هذه الأدلة عليه بمراجعة الإلهيات للأستاذ الشيخ السبحاني حفظه الله ، ج٣، ص٢٣، وما بعدها.
2- بصائر الدرجات، ص5٣٧.

ص:87

الإمام هو القادر بإقدار من الله تعالى على إيجاد الموازنة الحقيقية بين الإرادات التكوينية الإلهيّة وبين الإرادات التشريعية الإلهيّة، وهذا أحد معاني العصمة المطلقة للأنبياء والأوصياء جميعاً؛ وذلك لأنّ الوصي هو بوّابة الهداية الإلهيّة الإيصالية كما أشرنا.

وعلى هدي هذه الحقيقة يتضح لنا معنى قول النبي (ص) :

«من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» .(1)

٣- قد أشارت بعض الأبحاث المعرفيّة إلى حقيقة من أهم الحقائق القرآنية في معرفة الأنبياء، وهي أنّ الأنبياء ليسوا على مرتبة واحدة في القرب من الله سبحانه وتعالى، بل إنّ أفضل الأنبياء هم أولوا العزم، وأفضل أولوا العزم هو النبي الخاتم محمّد (ص) .

قال تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ (البقرة: ٢5٣) ، حيث أشارت هذه الآية إلى هذا التفاوت، وأنّ منشأ هذا التفاوت هو مدى القدرة على التحلِّي والتخلّق بأخلاق الله، والسير في أسمائه وصفاته، وهو ما يسمّى في النظرية العرفانية السير في السفر الثاني، وهو الذي يكون من (الحقّ إلى الحقّ بالحقّ)(2)، وهو سفرٌ وسير في أسماء الله وصفاته، وهو غير متناهٍ؛ لأنّها


1- كمال الدين وتمام النعمة، ص٣٩٣؛ مناقب آل أبي طالب، ج١، ص٢١٢.
2- إنّ الأسفار العملية الأربعة هي: السفر الأوّل: من الخلق إلى الحقّ السفر الثاني: من الحقّ إلى الحقّ بالحقّ السفر الثالث: من الحقّ إلى الخلق بالحقّ السفر الرابع: من الخلق إلى الخلق بالحقّ ولمزيد من المعرفة في هذا الصدد يرجى مراجعة كتاب أستاذنا العلاّمة السيّد كمال الحيدري حفظه الله: من الخلق إلى الحقّ رحلات السالك في أسفاره الأربعة بقلم طلال الحسن.

ص:88

غير متناهية لكون ذات الحقّ تعالى غير متناهية، فهذا هو المنشأ في اختلاف الأنبياء والأوصياء.

ومما لا شك فيه أنّ النبي الخاتم محمّد (ص) هو الذي مَن له الريادة في ذلك، والحائز على أعلى مراتب القرب الإلهي، بل إنّ جميع الأنبياء والأوصياء إنّما يطلبون اللحوق بالنبي الخاتم (ص) في السير التكاملي إلى الحقّ تعالى.

قال تعالى: وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (الأحزاب:٧) ، حيث أشارت إلى أسبقيّته (ص) على جميع الأنبياء والمرسلين، وهذا ما نصّت عليه الرواية الشريفة عن الإمام الصادق عليه السلام حيث قال:

إنّ بعض قريش قال لرسول (ص) : بأيّ شيء سبقت الأنبياء وفضّلت عليهم وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ قال: إنّي كنت أوّل من أقرّ بربّي جلّ جلاله، وأوّل من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيين وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم؟ قالوا: بلى، فكنت أوّل نبي قلت: بلى، فسبقتهم بالإقرار بالله عزّ وجل.(1)

4- على هدي ما تقدّم من حقائق تتجلّى لنا بعض الحقائق الواردة في هذه الروايات الشريفة التي انتخبناها من الروايات الكثيرة جدّاً في هذا الصدد.

فمن تلك الحقائق أنّ أميرالمؤمنين علياً عليه السلام هو وصي النبي (ص) ، وهو وارث علوم الأنبياء والأوصياء السابقين، ووارث علم النبي الخاتم (ص) ، وفي هذا إشارة إلى أفضليته وأكمليته على جميع الأنبياء والأوصياء عدا


1- الكافي، ج١، ص44١.

ص:89

النبي الخاتم (ص) ، وهذه حقيقة أشارت إليها الآية الشريفة وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ وغيرها من الأدلة المذكورة في محلّها، ومن ثَمَّ كان عليه السلام واسطة في الإفاضة بعد النبي الخاتم (ص) على جميع الأنبياء والمرسلين وسائر الموجودات في قوس النزول، وكما أنّه عليه السلام واسطة فيض في قوس الصعود كما في توبة آدم عليه السلام التي أشارت إليها الرواية السابقة.

وأيضاً من الحقائق الواردة كون ولايته عليه السلام مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، وفي هذا إشارة إلى أنّ ولايته عليه السلام هي أكمل المراتب وأعلاها في مسار القرب إلى الله تعالى؛ وذلك لكون الأنبياء بأسرهم يوجّهون قومهم إلى القرب من الحقّ سبحانه وتعالى، وبما أنّ النبي الخاتم (ص) ووصيه أكمل المقرّبين إليه تعالى فهم يقرّبونهم إلى الأقرب في الحركة التكاملية نحو الحقّ؛ وذلك لأنّ التقرّب إلى القريب من الله قرب من الله تعالى، وهذا أحد أوجه تحليل معنى هذه الرواية الشريفة وهناك تحليلات أخرى موكولة في محلّها.

وأيضاً من الحقائق ما أشارت إليه الرواية التي قالت: إنّ علياً عليه السلام هو من احتوى جميع كمالات الأنبياء والأوصياء، حيث شبّه بآدم في سلامته، وإلى نوح في حسنه، وإلى إبراهيم في خلّته وسخاوته، وإلى يعقوب في حزنه، وإلى يوسف في جماله، وإلى سليمان في ملكه، وإلى موسى في مناجاته وشجاعته، وإلى أيوب في صبره، وإلى يحيى في زهده، وإلى عيسى في سياحته وسننه، وإلى يونس في ورعه وإلى محمّد (ص) في خلقه وجسمه وشرفه وكمال منزلته فلينظر إلى علي بن أبي طالب، وفي هذا دلالة مكثّفة على اشتداد سعته الوجودية في اختزان الكمالات الإلهيّة، وبالتالي كان قدوة وأسوة في حركة تكامل الأنبياء عليهم السلام وأممهم،

ص:90

ومن ثمَّ جاء التصريح بهذه الحقيقة في الروايات القائلة إنّما بعث الأنبياء جميعاً على ولاية النبي (ص) وولاية علي بن أبي طالب عليه السلام.

وأيضاً من الحقائق أنّ علياً عليه السلام له كمالات الملائكة المجردة كجبرئيل وإسرافيل وغيرهما، وهو كاشف عن صعود كمالاته في جميع العوالم، وهذه حقيقة سنوضّحها في المقام الآتي من البحث.

المقام الثالث: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام ومقامه عند الملائكة

5٧- روى أحمد بن حنبل في مسنده:

«كان رسول الله [ (ص) ] يبعثه -علي بن أبي طالب - بالراية جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله لاينصرفا حتّى يُفْتَحُ له» (1)، وفي كتب تخريج الحديث النبوي الشريف للألباني:

«كان يبعثه البعث فيعطيه الراية، فما يرجع حتّى يفتح الله عليه، جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، يعني علياً رضى الله عنه» . قال: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير هبيرة هذا.(2)

5٨- عن أبي رافع قال:

كانت راية النبي (ص) يوم أحد مع علي، وحمل راية المشركين سبعة ويَتَّقِهم علي، ثمّ سمعنا صائحاً في السماء يقول: «لا سيف إلّا ذوالفقار ولا فتى إلّا علي» . (3)

5٩- قال رسول الله (ص) :

ما قوم اجتمعوا يذكرون فضل علي بن أبي طالب إلّا هبطت عليهم


1- مسند أحمد، ج١، ص١٩٩.
2- السلسله الصحيحة، الألباني، ج5، ص66٠.
3- المناقب لابن مردويه، ص١5٢.

ص:91

ملائكة السماء حتّى تحف بهم، فإذا تفرّقوا عرجت الملائكة إلى السماء، فيقولون لهم الملائكة: إنَّا نشمّ من رائحتكم ما لا نشمّه من الملائكة، فلم نر رائحة أطيب منها؟

فيقولون: كنّا عند قوم يذكرون محمّداً وأهل بيته فعلق فينا من ريحهم فتعطّرنا، فيقولون: اهبطوا بنا إليهم، فيقولون: تفرّقوا ومضى كلّ واحد منهم إلى منزله، فيقولون: اهبطوا بنا حتّى نتعطّر بذلك المكان.(1)

6٠- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص) :

«خلق الله من نور وجه علي بن أبي طالب سبعون ألف ملك يستغفرون له ولمحبّيه إلى يوم القيامة» .(2)

6١- قال النبي (ص) :

لمّا عرج بي إلى السماء رأيت في السماء الرابعة أو السادسة ملكاً نصفه من نار ونصفه من ثلج وفي جبهته مكتوب: أيَّد الله محمّداً بعلي، فبقيت متعجّباً، فقال لي الملك: ممّ تعجبت؟ كتب الله في جبهتي ما ترى قبل الدنيا بألفي عام. (3)

6٢- عن ابن مردويه عن محمّد بن حماد بن ثابت عن أبيه قال: سمعت النبي (ص) يقول:

«إنّ حافظي علي ليفخران على سائر الحفظة لكينونتهما مع علي؛ وذلك أنّهما لم يصعدا إلى الله عزّ وجل بشيء منه يسخطه» .(4)


1- بحارالانوار، ج٣٨، ص١٩٩.
2- المناقب للخوارزمي، ص٧١؛ كشف الغمة للإربلي، ج١، ص١٠١.
3- المصدر السابق، ص٣٠٩.
4- المناقب لابن مردويه، ص٨4.

ص:92

6٣- عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله (ص) :

أوّل من اتّخذ علي بن أبي طالب أخاً من أهل السماء حملة العرش، ثمّ جبرئيل، ثمّ ميكائيل، ثمّ رضوان خازن الجنان، ثمّ ملك الموت، وإنّ ملك الموت يترحّم على محبّي علي بن أبي طالب [ عليه السلام ] كما يترحّم على الأنبياء، ولو أنّ عبداً عبد الله ألف عام من بعد ألف عام بين الركن والمقام ثمّ لقي الله مبغضاً لعلي لأكبّه الله يوم القيامة على منخريه في النار.(1)

إشارة معرفيّة

١- إنّ من الحقائق المعرفيّة الواضحة برهانياً ونقلياً أنّ العوالم لاتنحصر في العالم المحسوس والمادي، بل يوجد العالم المثالي المجرد عن المادة دون آثارها والعالم العقلي المجرد من المادة وآثارها كما أشرنا إلى هذه الحقيقة في بحث سابق.

ومن الوضوح بمكان أيضاً وضوح حقيقة وجود الملائكة تلك الوجودات المجردة التي أكّد على وجودها الشارع المقدّس فضلاً عن إثباتها بالدليل العقلي، ولكن البحث عن خصائصها ومميزاتها يتجلّى أكثر عند الرجوع إلى الآيات الكريمة والروايات الشريفة، حيث أشارت في هذا المضمار إلى فئتين: فئة من الآيات والروايات تبيّن أوصاف عامّة للملائكة، وفئة أخرى تشير إلى بعض خصائصها المميزة وأفعالها عن بعضها البعض. وأنّ أهم صفة تميّزهم أنّهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.


1- المناقب للخوارزمي، صص٧١ و ٨٧.

ص:93

٢- إنّ القرآن الكريم أشار إلى جملة من خصائص الملائكة، والتي منها: إنّ بعض الملائكة وظيفته الوساطة العلمية بين الله وبين بعض عباده، كما في مسألة الأنبياء والرسل، فهم حملة الوحي لهم كما قال تعالى: يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ (النحل:٢) ، حيث إنّ الآية واضحة في أنّ من يتنزّل عليهم الوحي هم الأنبياء عليهم السلام، وأنّ الحامل لذلك الوحي هم الملائكة، وكذا الأمر في قوله تعالى: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ . (البقرة:٩٧)

ومنها: إنّ للملائكة دوراً في تدبير العالم، والذي يتم بأمر الله تعالى، فهم قوّة تنفيذية ينفّذون الأمر الإلهي.

قال تعالى: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ . (السجدة:5)

وقال تعالى: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ . (المعارج:4)

فهاتان الآيتان توضّحان لنا أنّ نزول الأمر كان بواسطة الملائكة، وأنّ عروجه أيضاً كذلك، وغيرها من الوظائف التي ذكرتها الآيات والروايات، بل كما ورد في بعضها أنّ كلّ قطرة من السماء إذا نزلت وكَّل الله بها ملكاً من الملائكة يضعها حيث أمره الله تعالى.

وحاصل ما يمكن أن يقال في المقام: إنّ للملائكة رسالتين ودورين أساسيين:

الأوّل: الدور التكويني، فهم ينفّذون الأمر التكويني الإلهي، ويدبّرون شؤون هذا العالم.

الثاني: الدور التشريعي، والذي يتم من خلاله إيصال الشرائع من

ص:94

الله تعالى إلى الأنبياء.

٣- على هدي ما تقدّم يتضح لنا جليّاً أنّ للملائكة أدواراً متعددة في عالم الإمكان، ومنها ما أشارت إليه هذه الروايات الشريفة في مآزرتهم الحقّ المتجسّد والمتمثّل في أميرالمؤمنين علي عليه السلام، حيث يكون جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره في حروبه ضدّ الباطل، وأنّ لهم صيحة وجودية تقول:

«لا فتى إلّا علي ولا سيف إلّا ذوالفقار» .

وأنّ في هبوطهم ونزولهم على المجالس في عالم الدنيا التي يذكر فيها فضائل أميرالمؤمنين عليه السلام دلالة على نزوعهم نحو الكمال المتمثّل فيه عليه السلام، حيث يحصلون على سعة وجودية يمتازون بها عن غيرهم من الملائكة بالعطر الذي يشمّونه منهم، فيسألونهم عن ذلك، فتنزل فئة أخرى من الملائكة لتحصل على شيء من تلك الكمالات الوجودية حتّى مع تفرّق الذاكرين لفضائل علي عليه السلام عن ذلك المكان؛ لكون المكان اختزن تلك الآثار الوجودية المباركة فيتبرّكون بها، وذلك بمعنى الحصول على السعة الوجودية أكثر فأكثر في حركة كلّ الممكنات نحو الوجود الواجب المطلق الغني في ذاته والقائم بذاته والمقوّم لغيره اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ . (البقرة:٢55)

4- ومن الحقائق التي أشارت إليها الروايات السابقة أنّ الله سبحانه وتعالى خلق من نور وجه علي عليه السلام سبعين ألف ملك - ولا يخفى أنّ هذا العدد غير منحصر، وأنّه إشارة إلى عدم التناهي - يستغفرون له ولمحبّيه إلى يوم القيامة، وهذه من الآثار التكوينية لوجوده عليه السلام، والآثار التكوينية المترتبة على ولايته، وقد أُوكل هذا الدور التكويني إلى الملائكة المقرّبين من الله سبحانه وتعالى.

ص:95

هذا مضافاً إلى دور وجودي آخر للملائكة في البعد التكويني والتشريعي معاً في ولاية أميرالمؤمنين علي عليه السلام كما رأى ذلك النبي (ص) مكتوباً على جبهة ملك نصفه من نار ونصفه من ثلج أنّ الله أيَّد محمّداً بعلي عليهما السلام قبل خلق الدنيا بألفي عام.

ومن الحقائق أنّ الملكين الموكلين بعلي عليه السلام لهما افتخار خاص على سائر الملائكة لكونهما لم يصعدا بعمل له يسخط الله، وفي ذلك دلالة مكثّفة على عصمته عليه السلام.

5- إنّ من المسائل المعرفيّة التي وقع النزاع فيها هي مسألة التكامل والحركة التكاملية، بمعنى أنّه هل أنّ التكامل مختص بعالم المادة أو أنّه يشمل عالم المثال وعالم العقل؟

حيث إنّ البعض حصره في عالم المادة دون العالَمَين الآخرَين والبعض الآخر رأى توسعة الحركة التكاملية في كلّ عوالم الإمكان.

وأنّ البحث في ما هو الأرجح من القولين موكول إلى محلّه.

ولكن ما يمكن أن يقال - ولو على نحو الافتراض العلمي -: إنّ التكامل موجود في تلك العوالم، ولكن يبقى الكلام في نوعية هذا التكامل وخصائصه ومميّزاته عن الحركة التكاملية في العالم المادي، ومن ثَمَّ يحتاج الباحث في الفضاء المعارفي إلى إيجاد التكييف المعرفي والصناعي بين ما أشارت إليه هذه الروايات وبين القواعد العقلية؛ وذلك لاستحالة التنافي بينهما، وهذا بحث موكول إلى محلّه.

وعلى هدي هذا يمكن إيجاد بلورة معرفيّة على نحو الافتراض العلمي، وهو أنّ الممكن بما هو ممكن وبغضّ النظر عن سنخه الوجودي مادياً كان أم مثالياً أم مجرداً عقلياً هو ناقص يبحث عن الكمال المطلق

ص:96

المتمثّل في القرب الإلهي، ومن ثَمَّ وردت روايات أنّ الملأ الأعلى من الملائكة المقرّبين يطلبون اللهَ تعالى كما نحن نطلبه في الأرض، ومن ثَمَّ ورد أنّ أشدّ الملائكة قرباً إلى الله أحبّهم لعلي بن أبي طالب عليه السلام، بل إنّ أوّل من اتّخذ علياً عليه السلام أخاً من أهل السماء حملة العرش، ثمّ جبرئيل، ثمّ ميكائيل، ثمّ رضوان خازن الجنان، ثمّ ملك الموت، وأنّ ملك الموت يترحّم على محبّي علي بن أبي طالب عليه السلام كما يترحّم على الأنبياء، ولو أنّ عبداً عبد الله ألف عام من بعد ألف عام بين الركن والمقام، ثمّ لقي الله مبغضاً لعلي لأكبّه الله يوم القيامة على منخريه في النار، وغيرها من الروايات الدالة على جملة من الحقائق، والتي تكشف لنا عن حركة تكاملية للملائكة، وأنّ الواسطة لهم في تلك الحركة هو الوجود النوري لأميرالمؤمنين عليه السلام بعد الوجود النوري للنبي الخاتم محمّد (ص) ؛ وذلك لكونهما أكثر الوجودين سعة في احتواء الكمالات الإلهيّة، فالقرب منهم والتخلّق بأخلاقهم وصفاتهم قرب من الله سبحانه وتعالى، وهذا ما يكشف لنا عن ضرورة القدوة والأسوة في الحركة التكاملية، وهو أمر لا يختص بالحركة في عالم المادة، فتدبّر تغنم إن شاء الله.

المقام الرابع: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام ومقامه في المعراج

64- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص) :

مررت ليلة أسري بي للسماء الرابعة وإذا بملك جالس على منبر من نور والملائكة تُحَدِّقُ به، فقلت: يا جبرئيل مَن هذا الملك؟ فقال: ادنو منه وسلِّم عليه.

فدنوت منه وسلّمت عليه، فإذا أنا بأخي وابن عمّي علي بن

ص:97

أبي طالب عليه السلام، فقلت: يا جبرئيل سبقني علي بن أبي طالب إلى السماء الرابعة؟

فقال: لا يا محمّد، ولكن الملائكة شَكَتْ حبّها لعلي فخلق الله هذا الملك من نورٍ على صورة علي، فالملائكة تزوره في كلّ ليلة جمعة ويوم جمعة سبعين ألف مرّة يسبّحون الله ويقدّسونه ويهدون ثوابه لمحبّ علي عليه السلام.(1)

65- عن ابن عباس قال: قال رسول الله [ (ص) ]:

ليلة عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنّة مكتوب: لاإله إلّا الله، محمّد رسول الله، علي حبيب الله، الحسن والحسين صفوة الله، فاطمة أمة الله، على باغضهم لعنة الله.(2)

66- عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال:

سمعت رسول الله (ص) وقد سئل: بأيّ لغة خاطبك ربّك ليلة المعراج؟ قال: خاطبني بلسان علي فألهمني أن قلت: يا ربّ خاطبتني أم علي؟ فقال: يا أحمد أنا شيء ليس كالأشياء، ولا أقاس بالناس، ولا أوصف بالشَبَهَات، خلقتك من نوري، وخلقت علياً من نورك، اطّلعت على سرائر قلبك فلم أجد أحداً على قلبك أحبّ من علي بن أبي طالب، فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك.(3)

6٧- قال أنس: قال رسول الله (ص) :

لمّا كانت ليلة المعراج نظرت تحت العرش أمامي فإذا أنا بعلي بن


1- كفاية الطالب، ص١٣٣.
2- المستدرك على الصحيحين، ج٣، ص١65؛ الصواعق المحرقة، ص١٩٢.
3- ينابيع المودة، ص٩6؛ منهاج الكرامة، ص٩٠، كشف الغمة للأربلي، ج١، ص١٠٣.

ص:98

أبي طالب قائماً أمامي تحت العرش يسبح الله ويقدّسه، قلت: يا جبرئيل سبقني علي بن أبي طالب؟ قال: لا، لكني أخبرك، اعلم يا محمّد، إنّ الله عزّ وجل يكثر من الثناء والصلاة على علي بن أبي طالب فوق عرشه، فاشتاق العرش إلى علي بن أبي طالب، فخلق الله تعالى هذا الملك على صورة علي بن أبي طالب تحت عرشه لينظر إليه العرش فيسكن شوقه، وجعل تسبيح هذا الملك وتقديسه وتمجيده ثواباً لشيعة أهل بيتك يا محمّد. (1)

6٨- عن ابن عباس قال: قال رسول الله (ص) :

لما أسري بي إلى السماء وصرت أنا وجبرئيل إلى السماء السابعة قال جبرئيل: يا محمّد هذا موضعي، ثمّ زجّ بي في النور زجّة فإذا أنا بملك من ملائكة الله تعالى في صورة علي عليه السلام اسمه علي ساجد تحت العرش يقول: اللهم اغفر لعلي وذريته ومحبّيه وأشياعه وأتباعه، والعن مبغضيه وأعاديه وحسّاده إنّك على كلّ شيء قدير.(2)

6٩- عن أبي الحمراء قال: قال رسول الله [ (ص) ]:

«رأيت ليلة أسري بي مثبتاً على ساق العرش إنّى أنا الله لا إله غيري، خلقت جنة عدن بيدي، محمّد صفوتي من خلقي، أيّدته بعلي» . (3)

٧٠- عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله (ص) :

لمّا أسري بي إلى السماء قال لي جبرئيل: قد أمرت بعرض الجنة والنار عليك، فرأيت الجنة وعلى الباب الخامس مكتوب لا إله إلّا الله،


1- مناقب آل أبي طالب، ج٢، ص٧٣.
2- المصدر السابق.
3- تاريخ مدينة دمشق، ج١6، ص456.

ص:99

محمّد رسول الله، علي ولي الله، فمن أراد أن لا يُشْتَم، ومن أراد أن لايذل، ومن أراد أن لا يظلِم ولا يُظلَم، ومن أراد أن يستمسك بالعروة الوثقى في الدنيا والآخرة فليقل: (لا إله إلّا الله، محمّد رسول الله، علي ولي الله) . (1)

٧١- قال رسول الله (ص) :

«ما مررت بسماء إلّا وأهلها يشتاقون إلى علي بن أبي طالب، وما في الجنة نبيٌ إلّا وهو مشتاق إلى علي بن أبي طالب» .(2)

٧٢- قال النبي (ص) :

«لمّا أسري بي إلى السماء فنظرت إلى ساق العرش الأيمن فرأيت كتاباً فهمته: لا إله إلّا الله، محمّد رسول الله، أيّدته بعلي ونصرته به» .(3)

٧٣- عن الإمام الحسين بن علي عليهما السلام قال: قال رسول الله (ص) :

لمّا أسري بي إلى السماء وانتهى بي إلى حجب النور كلّمني ربّي جلّ جلاله وقال: يا محمّد، بلّغ علي بن أبي طالب السلام، وأعلمه أنّه حجّتي بعدك على خلقي، به أسقي العباد الغيث، وبه أدفع عنهم السوء، وبه أحتج عليهم يوم يلقوني، فإياه فليطيعوا، ولأمره فليأتمروا، وعن نهيه فلينتهوا، أجعلهم عندي في مقعد صدق، وأبيح لهم جناني، وإن لم يفعلوا أسكنتهم ناري مع الأشقياء من أعدائي ثمّ لا أبالي. (4)


1- الفضائل لشاذان بن جبرئيل، ص٩٣.
2- ينابيع المودة، ج٢، ص١٨6؛ جواهر المطالب في مناقب الإمام علي لشمس الدين أبي البركات الدمشقي الشافعي، ج١، ص٢5٧.
3- مناقب آل أبي طالب، ج١، ص٢54.
4- الفضائل لشاذان بن جبرئيل، ص55.

ص:100

إشارة معرفيّة

١- بسم الله الرحمن الرحيم سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ . (الإسراء:١)

إنّ هذه الآية الشريفة أشارت إلى مجموعة من الحقائق المعرفيّة، والتي منها حقيقة الإسراء والمعراج التي هي عقيدة متّفق عليها عند جميع المسلمين وإن وقع خلاف في بعض تفصيلاتها وبعض تحليلاتها؛ ومن هنا نشير إلى بعض المعطيات المرتبطة بالإسراء والمعراج من خلال هذه الآية الشريفة لكي نؤسس على هديها جملة من الحقائق التي أشارت إليها الروايات الشريفة المتقدّمة في مقام أميرالمؤمنين عليه السلام في المعراج.

١- إنّ الآية الشريفة عبّرت بالإسراء، وهو يعني وقوع السفر ليلاً؛ لأنّ السفر في النهار يستخدم له كلمة سير.

وأنّها أشارت إلى أنّ المعراج كان ببدن النبي وروحه (ص) ؛ وذلك من خلال قوله: عَبْدِهِ ، وهذه هي العقيدة الحقّة في هذه المسألة المهمّة.

وأنّ في هذه الكلمة، أي: عَبْدِهِ دلالة على أنّ أهم أوصاف النبي الخاتم (ص) في القرآن الكريم هو وصف العبودية بأنّه عبدالله، فبالعبودية صعد النبي (ص) إلى أعلى مراتب القرب من الله سبحانه وتعالى، وعليه ترتّب أمر النبوّة والرسالة والإمامة، فهو عبد محض لله تعالى، وأنّ المعراج كاشف عن استعداده لهذا المقام بقرينة قوله تعالى: إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فلولا استعداداته المحضة وقابلياته العظيمة لما استحقّ هذا المقام العظيم.

٢- إنّ من الحقائق المعرفيّة التي أكّد عليها القرآن الكريم والروايات

ص:101

الشريفة أنّ الهدف من المعراج هو مشاهدة النبي (ص) آيات الله العظيمة لا رؤية الله سبحانه وتعالى كما يتصوّر البعض، ولا أنّه سفر ساذج ونزهة عابرة أرادها الله تعالى لنبيّه (ص) ، حيث إنّ بعض الكتَّاب ك- (غيور غيف) قال في كتابه (محمّد رسول ينبغي معرفته من جديد) ص١٢٠:

بلغ محمّد في سفر معراجه إلى مكان يسمع فيه صوت قلم الله، ويفهم أنّ الله منهمك في تدوين حساب البشر، ومع أنّه كان يسمع صوت قلم الله إلّا أنّه لم يكن يراه؛ لأنّ أحداً لا يستطيع رؤية الله وإن كان رسولاً.

وهذا كلام مجانب للحقيقة؛ وذلك أنّ الحقّ سبحانه وتعالى لايوصف بمكان ولا يجري عليه زمان.

قال الإمام الصادق عليه السلام في دفع مثل هذه التوهّمات، وذكر سبب المعراج ما نصّه:

إنّ الله لا يوصف بمكان، ولا يجري عليه زمان، ولكنه عزّ وجل أراد أن يشرِّف به ملائكته وسكَّان سماواته، ويكرمهم بمشاهدته، ويريه من عجائب عظمته ما يخبر بعد هبوطه.(1)

ومن ثَمَّ أكّدت لنا الروايات العديدة في هذا الصدد على ضرورة الاعتقاد بالمعراج، والتي منها:

قال الإمام الصادق عليه السلام:

«ليس من شيعتنا من أنكر أربعة أشياء: المعراج، والمساءلة في القبر، وخلق الجنة والنار، والشفاعة» .(2)

عن الإمام الرضا عليه السلام أنّه قال:

«من كذّب بالمعراج فقد كذّب


1- بحارالأنوار، ج٣، ص٣١5.
2- صفات الشيعة للصدوق، ص١٢٩؛ علل الشرائع، ج١، ص١٣٠.

ص:102

رسول الله (ص)» .(1)

٣- إنّ من الحقائق الوجودية التي انكشفت للنبي الخاتم (ص) في المعراج هي الحقائق المرتبطة بمقامات أميرالمؤمنين علي عليه السلام، والتي منها:

وجود ملك بصورة علي بن أبي طالب عليه السلام في تلك العوالم المجردة، وذلك لاشتياق الملائكة له، وفيه إشارة إلى ضرورة وجود المثل الأعلى في الحركة التكاملية لسائر الممكنات، والتي أشرنا إليها في المقام السابق، حيث قلنا: إنّ السعة الوجودية لعلي عليه السلام تعني اختزانه للكمالات العظيمة نتيجة قربه من الحقّ سبحانه وتعالى، وذلك بعد وجود النبي الخاتم (ص) ، ومن ثمَّ نجد هذا الاشتياق الشديد من الملائكة له نتيجة عشقهم للكمالات غير المتناهية والتي تمثّلت في وجوده عليه السلام كما ألمعنا إلى ذلك، ومن ثمَّ عبّرت الرواية عن زيارة الملائكة له سبعين ألف مرّة في كلّ ليلة جمعة ويوم جمعة يسبّحون الله ويقدّسونه، ولهذا العمل أثر ينعكس إيجاباً على شيعة أميرالمؤمنين عليه السلام في العوالم السفلية مما يسهم في تكاملهم وقربهم من الله سبحانه وتعالى.

ومن الحقائق أيضاً أنّ النبي (ص) رأى حقيقة الولاية لعلي ولذريته المعصومة عليهم السلام عندما انكشفت له حقائق الجنان بأنّه

«لاإله إلّا الله، محمّد رسول الله، علي حبيب الله، الحسن والحسين صفوة الله، فاطمة أمة الله، على باغضهم لعنة الله»(2)، والتي هي من الآيات الكبرى التي رآها.

4- إنّ من الحقائق المعرفيّة الثابتة في محلّها هو أنّ كلّ ما هو موجود


1- المصدر السابق - ولمن أراد الاستزادة في بحث الإسراء والمعراج فليرجع إلى كتاب الميزان للعلاّمة الطباطبائي، ج١٣، ص5؛ تفسير الأمثل للشيخ مكارم الشيرازي، ج٧، ص٢١٧.
2- المستدرك على الصحيحين، ج٣، ص١65؛ الصواعق المحرقة، ص١٩٢.

ص:103

في العالم المادي له وجود مثالي ووجود عقلي مجرد والتي تسمّى بالمُثُل الإلهيّة، فعلى هدي هذه الحقيقة تتضح لنا أنّ لوجود الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام المادي وجود مثالي ووجود مجرد تحت العرش ساجد لله تعالى، وفي هذا إشارة إلى الخضوع التام والعبودية المطلقة منه عليه السلام لله تعالى في كلّ العوالم، وهذه من الآيات الكبرى التي رآها النبي (ص) ، حيث رآه يسبّح الله ويقدّسه ويستغفر لشيعته ومحبّيه، وفي هذا دلالة على التأثيرات الوجودية له عليه السلام في تكامل شيعته ومحبّيه، وصعودهم من العالم المادي إلى مقامات عالية، فله عليه السلام نحو تصرّف في كلّ العوالم المادية والمثالية والعقلية، فهو إمام في كلّ العوالم الممكنة، وهذا أحد معاني الإمامة الإلهيّة.

ومن ثَمَّ نفهم هذه الحقيقة التي أشارت إليها بعض الروايات من أنّ الحق سبحانه وتعالى خاطب نبيّه وكلّمه في المعراج بلسان علي عليه السلام؛ وذلك لكون الله شيء لا كالأشياء، وأنّ علياً عليه السلام هو أقرب الممكنات إلى النبي الخاتم (ص) ، فتدبّر تغنم.

5- ومن الحقائق المعرفيّة التي أشارت إليها الروايات المتقدّمة هي أهمية الولاية لأميرالمؤمنين عليه السلام ولذريته عليهم السلام، وأنّها مفروضة من الله تعالى من ذلك العالم عالم المعراج - إن جاز التعبير - ومن ثَمَّ كانت ولايته مكتوبة على ساق العرش وأبواب الجنان كما ألمعنا إلى ذلك سابقاً.

ومن الحقائق الإشارة إلى الآثار التكوينية والحقيقية لمن والى الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام ولمن عاداه، وأنّ الله تعالى أمر نبيّه (ص) بنقل سلامه تعالى إلى أميرالمؤمنين عليه السلام، وأن يبلّغه بهذه الحقيقة وهذه الآية الكبرى، كما قالت الرواية الشريفة:

ص:104

يا محمّد، بلّغ علي بن أبي طالب السلام وأعلمه أنّه حجّتي بعدك على خلقي، به أسقي العباد الغيث، وبه أدفع عنهم السوء، وبه أحتج عليهم يوم يلقوني، فإياه فليطيعوا، ولأمره فليأتمروا، وعن نهيه فلينتهوا، أجعلهم عندي في مقعد صدق، وأبيح لهم جناني، وإن لم يفعلوا أسكنتهم ناري مع الأشقياء من أعدائي ثمّ لا أبالي.(1)

المقام الخامس: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام ومقامه في الآخرة

٧4- روى ابن مردويه عن جابر بن عبدالله قال:

كنّا عند رسول الله (ص) فتذاكر أصحابنا الجنة، فقال رسول الله (ص) : «إنّ أوّل أهل الجنة دخولاً إليها علي بن أبي طالب» .

فقال أبو دجانة الأنصاري: يا رسول الله، أخبرتنا أنّ الجنة محرّمة على الأنبياء حتّى تدخلها، وعلى الأمم حتّى تدخلها أمتك؟

قال: بلى يا أبا دجانة، أما علمت أنّ لله لواءً من نور، وعموداً من ياقوت، مكتوب على ذلك النور لا إله إلّا الله، محمّد رسول الله، آل محمّد خير البرية.

صاحب اللواء إمام القيامة وضرب بيده على علي بن أبي طالب عليه السلام فسرَّ رسول الله بذلك علياً، فقال: الحمد لله الذي كرّمنا وشرّفنا بك، فقال له: أبشر يا علي، ما من عبد ينتحل مودّتك إلّا بعثه الله معنا يوم القيامة، ثمّ قرأ رسول الله (ص) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ . (القمر:55) .(2)


1- الفضائل لشاذان بن جبرئيل، ص55.
2- مناقب علي بن أبي طالب لابن مردويه، ص٣٢٧.

ص:105

٧5- عن النبي (ص) :

يا علي، لو أنّ عابداً عبد الله عزّ وجل مثلما قام نوح في قومه، وكان له مثل جبل أحد ذهباً فأنفقه في سبيل الله تعالى، وحجّ ألف عام على قدميه، ثمّ قتل بين الصفا والمروة مظلوماً ولم يوالك يا علي لم يشمّ رائحة الجنة ولم يدخلها. (1)

٧6- عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: قال رسول الله (ص) :

مكتوب على باب الجنة: لا إله إلّا الله، محمّد بن عبدالله رسول الله، علي بن أبي طالب أخو رسول الله قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بألفي عام.(2)

٧٧- عن ابن عباس رضى الله عنه قال: قال رسول الله (ص) :

من صافح علياً عليه السلام فكأنّما صافحني، ومن صافحني فكأنما صافح أركان العرش، ومن عانقه فكأنّما عانقني، ومن عانقني فكأنّما عانق الأنبياء كلّهم، ومن صافح محبّاً لعلي غفر الله له الذنوب وأدخله الجنّة بغير حساب.(3)

٧٨- قال رسول الله (ص) :

«حبّ علي بن أبي طالب يأكل السيئات كما تأكل النار الحطب» .(4)

٧٩- عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: قال رسول الله (ص) :

من أراد أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل جنة ربّي جنة عدن


1- المناقب للخوارزمي، ص6٧.
2- المصدر السابق، ص١44.
3- المصدر السابق، ص٢١6.
4- ينابيع المودة، ص٢5٣؛ تاريخ بغداد، ج4، ص4١٧؛ تاريخ مدينة دمشق، ج4٢، ص٢44.

ص:106

غرسها ربي بيده فليتولّ علي بن أبي طالب، وليتولّ وليه، وليعادي عدوّه، وليسلِّم للأوصياء من بعده، فإنّهم عترتي من لحمي ودمي، أعطاهم الله فهمي وعلمي، إلى الله أشكو من أمّتي المنكرين لفضلهم، والقاطعين صلتي، وأيم الله ليقتلنَّ ابني لا أنالهم الله شفاعتي.(1)

٨٠- عن أبي رافع أنّه قال: قال رسول الله [ (ص) ] لعلي [ عليه السلام ]:

إنّ أوّل أربعة يدخلون الجنة: أنا وأنت والحسن والحسين، وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرارينا، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا.(2)

٨١- أخرج ابن المغازلي الشافعي في مناقبه بسنده عن الإمام علي عليه السلام عن النبي (ص) أنّه قال:

أتاني جبرئيل عليه السلام فقال: تختّموا بالعقيق فإنّه أوّل حجر شهد لله بالوحدانية، ولي بالنبوّة، ولعلي بالوصية، ولِوُلْدِه بالإمامة، ولشيعته بالجنة.(3)

٨٢- عن الحسن البصري أنّه قال: قال رسول الله (ص) :

إذا كان يوم القيامة يقعد علي بن أبي طالب [ عليه السلام ] على الفردوس -وهو جبل قد علا على الجنة - وفوقه عرش ربّ العالمين، ومن سفحه تتفّجر أنهار الجنة وتتفرّق في الجنان، وهو جالس على كرسي من نور يجري بين يديه التسنيم، لا يجوز أحد الصراط إلّا ومعه براءة


1- بصائر الدرجات، ص٧5؛ تاريخ مدينة دمشق، ج4٢، ص٢4١.
2- المعجم الكبير للطبراني، ج١، ص٣١٩.
3- مناقب أميرالمؤمنين للمغازلي، ص١٧٩.

ص:107

بولايته وولاية أهل بيته، يشرف على الجنة، فيدخل محبّيه الجنة ومبغضيه النار.(1)

٨٣- عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص) :

إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى لي ولعلي: أدخلا الجنة من أحبّكما، وأدخلا النار من أبغضكما، فيجلس علي على شفير جهنم فيقول: هذا لي وهذا لك.(2)

٨4- قال رسول الله (ص) :

«يا علي، إنّك أوّل من يقرع باب الجنة فتدخلها بغير حساب بعدي» . (3)

٨5- قال رسول الله (ص) :

من سرَّه أن يجوز على الصراط كالريح العاصف، ويلج الجنة بغير حساب فليتولّ وليي ووصيي وصاحبي وخليفتي على أهلي وأمتي علي بن أبي طالب عليه السلام، ومن سرّه أن يحل النار فليترك ولايته فَوَعزّة ربّي وجلاله إنّه لباب الله لا يُؤتى إلّا منه، وإنّه الصراط المستقيم، وإنّه الذي يسأل الله عن ولايته يوم القيامة. (4)

إشارة معرفيّة

١- إنّ من المعارف الحقيقية والتي قام على وجودها البرهان والقرآن والعرفان هي حقيقة المعاد، تلك الحقيقة التي اعتبرت من الأصول الثلاثة - أي: التوحيد، النبوّة، المعاد - لدى الأديان المرتبطة بالسماء، بل


1- المناقب للخوارزمي، ص٧١.
2- ينابيع المودة، ص٨4؛ وقريب منه، شرح نهج البلاغه، ج٣، ص٣6٠.
3- مناقب آل أبي طالب، ج٣، ص٣5.
4- المصدر السابق، ص٣4.

ص:108

إنّه أصل في الديانات غير السماوية؛ وذلك لكون الإيمان بعالم آخر أمر تمليه الفطرة السليمة؛ وذلك لكون الإنسان مفطور على البحث عن الحقيقة في أجلى معانيها، فلا يكتفي الإنسان بمقتضى فطرته بالمعلومات الحصولية التي يحصل عليها في هذا العالم الضيّق، بل يسعى لأن يحصل على حقائق صافية من كلّ شوب وحجاب، وهذا ما يحدث في المعاد، حيث تنكشف الحقائق بأسرها، وتكون الأجوبة واضحة وجليّة وخالصة لكلّ استفساراته في هذا العالم، حيث يصل في المعاد إلى الطمأنينة المطلقة.

قال تعالى: وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (النور: ٢5) ، ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ (النبأ:39) ، وَ الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ . (الأعراف:٨)

ومن ثَمَّ نجد أنّ القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الوحيد الذي أعطى مساحة واسعة لمسألة المعاد، حيث إنّ قرابة الألفي آية تتحدّث عن المعاد، وذلك من خلال بيانات متعددة، وإنّ سرّ هذا الإهتمام يشير إلى أنّ منكر المعاد هو منكر للنبوّة والتوحيد؛ وذلك:

من أنكر المعاد لابدّ له أن ينكر قبل ذلك النبوّة وإلّا لا معنى للقبول بالنبوّة والوحي، ولا بالأمر والنهي والتشريع لمن لا يؤمن بوجود يوم آخر.

إذن إنكار المعاد مرجعه إلى إنكار النبوّة، وإنكار النبوّة يؤدّي بالضرورة إلى إنكار دور الله سبحانه وتعالى في هذه الحياة؛ وذلك لأنّ القول بأنّ الله تعالى لم يبعث نبياً، وأنّه لا يوجد وحي ولا أمر ونهي ولا غير ذلك، يعني أنّ الله تعالى ليس له أيّ دور في حياتنا، ويعني قطع الارتباط بين حياة الإنسان ووجود الله تعالى، وذلك يعني إنكار

ص:109

لتوحيد الربوبية وإنكار لتوحيد التدبير مع أنّ صريح القرآن الكريم أنّ الله مدبّر كل شيء.

ومن هنا كان الاعتقاد باليوم الآخر جزءاً أساسياً في دعوة الأنبياء والمرسلين، فلم تخلُ شريعة سماوية عن ذكره حتّى يمكن القول بأنّه العمود الفقري لها.(1)

هذا مضافاً إلى أنّ للاعتقاد بالمعاد دوراً في صياغة الإنسان صياغة إلهيّة يحقق منه الغاية المنشودة من هذا الوجود، بل إنّ الآثار الروحية والتربوية للاعتقاد بالمعاد تنعكس إيجاباً على سلامة المجتمعات، وأنّه الحلّ الحقيقي لكلّ المشاكل التي تعيشها البشرية جمعاء، وبالتالي خير رقيب لسلامة الفرد هو الإيمان بالمعاد، ومن ثَمَّ نجد أنّ الذين أنكروا المعاد إنّما أنكروه لميلهم للشهوات وعدم التقيّد بأيّ قيد والخضوع لأيّ قانون بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ * يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ . (القيامة:5و 6)

٢- إنّ المدارس المعرفيّة اختلفت فيما بينها في طبيعة اليوم الآخر، هل أنّه دنيا ثانية أو عالم آخر يختلف سنخاً عن هذا العالم؟

وإنّ ما عليه جملة من العلماء والحكماء أنّ العالم الآخر عالم له خصائص ومميزات يختلف عن هذا العالم بقوانينه وخصائصه، قال تعالى: عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَ نُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ (الواقعة:6١) وقال تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ وَ بَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ . (إبراهيم:4٨)


1- المعاد رؤية قرآنية آية الله العلاّمة السيّد كمال الحيدري بقلم الشيخ خليل رزق، ج١، ص٢٣.

ص:110

هذا مضافاً إلى أنّ العلاقة بين الدنيا والآخرة هي أنّ الآخرة باطن الدنيا، وأنّ الدنيا دار الكسب والعمل لا دار الجزاء، وأنّ الآخرة هي دار الجزاء، وأنّ العلاقة بين العمل والجزاء علاقة تكوينية حقيقة وليست اعتبارية، بل إنّ الفعل نفس الجزاء والجزاء باطن الفعل.

قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً (النساء:١٠) وقال تعالى: وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ . (العنكبوت:54)

وعلى هدي ما تقدّم تتضح لنا حقيقة الحاجة إلى الإمام المعصوم؛ لكونه المطّلع على بواطن الأعمال وحقائقها، فتدبّر.

ومن الحقائق أيضاً أنّ هذه الدار ليست دار جزاء وإنّما دار عمل، وأنّ الآخرة دار الجزاء، قال أميرالمؤمنين عليه السلام:

«اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل» ، وقال أيضاً عليه السلام:

«إنّ الله سبحانه وتعالى لم يرتض هذه الدنيا لا ثواباً لأوليائه ولا عقاباً لأعدائه» .(1)

٣- على هدي الحقائق المتقدّمة تتضح لنا حقيقة أمر ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام ومقامه في الآخرة، وأنّها من تلك الحقائق التي تتجلّى بوضوح في العالم الآخر، وبما أنّ العلاقة بين الدنيا والآخرة علاقة الظاهر والباطن، وأنّ عالم الآخرة عالم انكشاف السرائر كما قلنا، فإنّ الكلّ سوف يرى تلك الحقائق، فمن له حظّ من الولاية العلوية تنفعه تلك الحقائق، وتحدث له سعة وجودية نتيجة هذا الإنكشاف، وبالتالي يكون من السعداء ومن رفقاء محمّد وآله عليهم السلام بمقدار معرفته وولايته


1- نهج البلاغة، الحكم القصار، ص4١5.

ص:111

رزقنا الله وإيّاكم، وأمّا المنكر لولايته تنكشف له الحقائق أيضاً ولكن تكون عليه حسرات فيتهاوى في دركات نار جهنم.

وإنّ حقائق الولاية لا يمكن حصرها؛ لأنّها تعبير عن الكمالات اللامتناهية في وجود الولي المطلق أميرالمؤمنين عليه السلام وفي وجود الموالين الحقيقيين له، فهو الآخذ ببواطن وجودهم إلى الكمالات العالية، فله نحو تصرّف في نفوسهم، وهذا معنى دقيق من معاني أنّ النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ (الأحزاب:6) ، وأنّه ولي كلّ مؤمن ومؤمنة، وغير ذلك من البيانات الواردة في الآيات والروايات في هذا المسار.

4- إنّ الروايات الشريفة التي ذكرناها في هذا المقام أشارت إلى جملة من الحقائق والمقامات التي تكون في العالم الآخر لأميرالمؤمنين عليه السلام، والتي منها:

إنّه أوّل من يدخل الجنة كما أشارت إليها الرواية؛ وذلك لكونه حامل لواء الحمد، وأيضاً إنّه مكتوب على باب الجنة أنّ علي بن أبي طالب عليه السلام أخو رسول الله (ص) قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بألفي عام، وفي هذا دلالة أنّ المعبر إلى مقامات الجنان والقرب من الله هو التمسّك بعلي بن أبي طالب عليه السلام، ومن ثمّ أشارت روايات أخرى إلى مقام آخر من أنّ العبادة إذا خلت من ولايته عليه السلام لا تثمر إلّا الدخول إلى النار، و أنّه لا يشمّ رائحة الجنة، وأنّ من جاء بولايته عليه السلام دخل الجنة، ومن أنكرها دخل النار، وأنّه قسيم الجنة والنار، وأنّه ميزان الأعمال، بل إنّ مصافحته عليه السلام مصافحة لرسول الله (ص) وهي مصافحة لأركان العرش، بل إنّ معانقته معانقة لجميع الأنبياء عليهم السلام، وفي ذلك إشارة إلى تحلّيه بجميع كمالات الأنبياء عليهم السلام، بل إنّ من صافح محبّاً لعلي عليه السلام غفر الله

ص:112

له الذنوب، وأدخله الجنة بغير حساب، وأنّ في هذا كناية عن التولِّي والتبرِّي في خطّ ولايته عليه السلام، فهذا شيء من آثار تلك الولاية في يوم تنكشف فيه الحقائق وتتجلّى صافية طاهرة من كلّ قطش وشوب مادي، فتدبّر.

هذا مضافاً إلى جملة من الحقائق التي عرضتها هذه الروايات وغيرها، وهي كثيرة لا تحصى، وكلّها تعبيرات عن شدّة سعته الوجودية عليه السلام، وذلك نتيجة قربه من المبدأ الأوّل عزّ شأنه، فكما أنّ الحقائق انكشفت نوعاً من الانكشاف في هذا العالم على يديه عليه السلام تتجلّى هذه الحقيقة في العالم الآخر فتنكشف على يديه أيضاً ولكن بنحوٍ أجلى وأشرف، كما أشارت هذه الرواية إلى جملة من الحقائق، والتي تحتاج إلى دراسة مفصّلة موكولة في محلّها، والرواية هي:

إذا كان يوم القيامة يقعد علي بن أبي طالب [ عليه السلام ] على الفردوس وهو جبل قد علا على الجنة - وفوقه عرش ربّ العالمين، ومن سفحه تتفجر أنهار الجنة، وتتفرق في الجنان، وهو جالس على كرسي من نور، يجري بين يديه التسنيم، لا يجوز أحد الصراط إلّا ومعه براءة بولايته وولاية أهل بيته، يشرف على الجنة فيدخل محبيه الجنة ومبغضيه النار. (1)

حيث أشارت إلى الصعود المعرفي من خلال انفجار أنهار المعرفة المنبثقة من وجوده عليه السلام فتدبّر.

هذا مضافاً إلى جملة من الحقائق والمقامات الواردة في ثنايا هذه


1- المناقب للخوارزمي، ص٧١.

ص:113

الروايات الشريفة، والتي كلّها تركّز على ضرورة وأهمية الولاية لأميرالمؤمنين عليه السلام، وكونه المعبر إلى التوحيد الحقيقي، وهو الحصن الإلهي، والذي فيه النجاة والسعادة الأبدية

«فمن دخل حصني أمن عذابي» ، ومن ثَمَّ نجد أنّ ولايته تأكل السيئات كما تأكل النار الحطب، وأنّ بمعرفته وولايته يتصاعد المؤمن درجات عالية في القرب الإلهي، فمن سرّه أن يحيا حياة محمّد (ص) ويموت مماته فليوال علياً عليه السلام، إلى غير ذلك من الحقائق والمقامات.

رزقنا الله وإيّاكم الثبات على ولايته وشفاعته يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم.

ص:114

ص:115

الفصل الرابع: الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام ومقام شيعته عنداللّه سبحانه وتعالى

اشاره

ص:116

ص:117

٨6- عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: كنّا جلوساً عند رسول الله (ص) إذ أقبل علي بن أبي طالب، فلمّا نظر إليه النبي قال:

«قد أتاكم أخي، ثمّ التفت إلى الكعبة فقال: وربّ هذه البنية إنّ هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة» .(1)

٨٧- عن فاطمة عليهما السلام قالت:

«إنَّ أبي (ص) نظر إلى علي وقال: هذا وشيعته في الجنة» . (2)

٨٨- عن أنس بن مالك أنّه قال: قال رسول الله (ص) :

إذا كان يوم القيامة ينادون علي بن أبي طالب بسبعة أسماء: يا صديق، يا دال، يا عابد، يا هادي، يا مهدي، يا فتى، يا علي، مروا أنت وشيعتك إلى الجنة بغير حساب. (3)

٨٩- أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن أبي سعيد الخدري أنّه قال: نظر النبي إلى علي فقال:

«هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة» .(4)


1- شواهد التنزيل، ج٢، ص46٧.
2- ينابيع المودة، ج٢، ص٣١4.
3- المناقب للخوارزمي، ص٣١٩.
4- تاريخ مدينة دمشق، ج4٢، ص٣٣٣؛ تذكرة الخواص، ص56.

ص:118

٩٠- عن النبي (ص) أنّه قال:

«لا تستخفّوا بشيعة علي، فإنّ الرجل منهم ليشفع في مثل ربيعة ومضر» .(1)

٩١- عن أنس بن مالك أنّه قال: قال رسول الله (ص) :

«يدخل من أمّتي سبعون ألفاً لا حساب عليهم، ثمّ التفت إلى علي عليه السلام فقال: هم من شيعتك وأنت إمامهم» .(2)

٩٢- عن أبي هريرة أنّه قال: قال علي بن أبي طالب: يا رسول الله، أيّما أحبّ إليك: أنا أم فاطمة؟ قال:

فاطمة أحبّ إليّ منك، وأنت أعزّ عليَّ منها، وكأنّي بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس، وإنّ عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء، وإنّي وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة إخوان على سرر متقابلين.

وأنت معي وشيعتك في الجنة، ثمّ قرأ رسول الله [ (ص) ]: إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ لا ينظر أحدهم إلى قفا صاحبه.(3)

٩٣- عن علي عليه السلام قال:

«إنّ خليلي [ (ص) ] قال: يا علي، إنّك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيين، ويقدم عليه عدوّك غضابا مقمحين» (4)

٩4- عن النبي (ص) أنّه قال:

«إنّ في السماء حرساً وهم الملائكة، وإنّ في الأرض حرساً وهم شيعتك يا علي» (5)

٩5- عن علي عليه السلام قال:


1- ينابيع المودة، ص٢5٧.
2- المناقب للمغازلي، ص١٨٣.
3- المعجم الأوسط للطبراني، ج٧، ص٣4٣؛ مجمع الزوائد، ج٩، ص١٣١.
4- المعجم الأوسط، ج4، ص١٨٧.
5- المناقب للخوارزمي، ص٣٢٨.

ص:119

تفترق هذه الأمّة على ثلاث وسبعين فرقة: ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنّة، وهم الذين قال الله عزّ وجل: وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ وهم أنا وشيعتي(1)

٩6- عن النبي (ص) أنّه قال:

يا علي، إنّ الله غفر لك ولذريتك ولولدك ولأهلك ولشيعتك ولمحبّي شيعتك، فأبشر فإنّك الأنزع البطين منزوع من الشرك بطين من العلم.(2)

٩٧- عن الأصبغ بن نباتة قال: سمعت علياً يقول: أخذ رسول الله (ص) بيدي ثمّ قال:

يا أخي قول الله تعالى: ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ ، وقوله كذلك: وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ أنت الثواب وشيعتك الأبرار. (3)

٩٨- عن ابن عباس قال: سألت رسول الله عن قوله تعالى: وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ قال:

«حدّثني جبرئيل بتفسيرها، قال: ذاك علي وشيعته يسبقون إلى الجنة» (4)

٩٩- أورد الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال عن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام أنّه قال:

«نبعث نحن وشيعتنا كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى» .(5)


1- المناقب للخوارزمي، ص٣٣١.
2- المصدر السابق، ص٢٩4.
3- شواهد التنزيل، ج١، ص١٧٨.
4- المصدر السابق، ج٢، ص٢٩5.
5- ميزان الإعتدال، ج٢، ص4٣٩.

ص:120

١٠٠- عن الإمام علي عليه السلام، قال رسول الله (ص) :

لمّا أدخلت الجنة رأيت فيها شجرة تحمل الحلي والحلل، أسفلها خيل بُلُق وأوسطها حور عين وفي أعلاها الرضوان.

قلت: يا جبرئيل، لمن هذه الشجرة؟ قال: هذه لابن عمّك أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب، إذا أمر الله الخليقة بالدخول إلى الجنة يُؤتى بشيعة علي حتّى يُنتهى بهم إلى هذه الشجرة، فيلبسون الحلي والحلل، ويركبون الخيل البلق، وينادي منادٍ: هؤلاء شيعة علي بن أبي طالب، صبروا في الدنيا على الأذى فحُبوا اليوم.(1)

إشارة معرفيّة

لا يخفى على المتأمّل والباحث في باب المعرفة أنّ هذه الروايات وغيرها لا تُحصى كثرة تشير إلى مجموعة من الحقائق، والتي منها:

١- إنّ التشيّع لأميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هو التشيّع للإسلام المحمّدي الأصيل، وهذا ما دلّت عليه بعض الروايات التي أشارت إلى عظمة الموالي والمتّبع لأميرالمؤمنين عليه السلام عندما أشارت إلى أنّ هذا وشيعته - أي: أميرالمؤمنين عليه السلام - هم الفائزون، هذا مضافاً إلى أنّ المتّبعين لأميرالمؤمنين عليه السلام كانوا موجودين في زمن النبي (ص) ، لا كما يقال: إنّ التشيّع حالة طارئة بعد زمن النبي (ص) بعقود.

٢- إنّ هذه الروايات وغيرها تدل على أنّ الفرقة الناجية من جميع الفرق هي الفرقة المتّبعة حقيقة لأميرالمؤمنين عليه السلام، وقد جاءت بصيغ المدح للموالي الحقيقي، وهي تلازم النجاة والفوز.


1- المناقب للخوارزمي، ص٧٣.

ص:121

٣- تشير هذه الروايات وغيرها إلى ضرورة ووجوب الانتماء إلى خطّ أميرالمؤمنين عليه السلام ونهج أبنائه المعصومين عليهم السلام؛ وذلك لكونهم حجج الله على الخلق.

4- أشارت بعض الروايات إلى بعضٍ من مقامات الشيعة الحقيقيين لأميرالمؤمنين عليه السلام، ككونهم يدخلون الجنة بغير حساب، وأنّهم يحشرون مع أميرالمؤمنين والأئمة المعصومين عليهم السلام، وأنّ لهم مقام الشفاعة بإذن الله حيث يؤذن لهم فيشفعون، ولهم مقام الرضا يوم القيامة، وغيرها من مقامات ذكرتها روايات أخرى لم نستعرضها مراعاة للاختصار، وهذا لازمه وجوب وضرورة احترام الموالي كما أشارت بعض الروايات بعدم جواز الاستخفاف بالشيعة.

5- أشارت بعض الروايات إلى أنّ أتباع أميرالمؤمنين عليه السلام وهم الشيعة الحقيقيون هم الذين يحفظون هذا الدين، وأنّهم في الصفوف الأولى للدفاع عن عقائد هذا الدين، وحفظ رونقه من التضليل والتعتيم الذي يُمارَس ضدّه من بعد زمن النبي (ص) وإلى يومنا هذا، ومن ثَمَّ وصفتهم بعض الروايات أنّهم الحرس الإلهيّون في الأرض، كما أنّ الملائكة حرّاس في السماء، فتدبّر.

الموالي لأميرالمؤمنين والأئمة المعصومين عليهم السلام بين الوظائف والفضائل

إنّ المتأمّل في الروايات الواردة عن النبي وأئمة أهل البيت عليهم السلام في صفات الموالي الحقيقي يجدها كثيرة وعظيمة، نذكر بعضها اختصاراً:

١- الورع ٢- الاجتهاد ٣- الوفاء 4- الأمانة 5- الزهد 6- العبادة ٧-صلاة إحدى وخمسين في اليوم والليلة، والقيام بالليل ٨ - اجتناب

ص:122

كلّ محرم ٩- التسليم لأمر الأئمة عليهم السلام، والتمسّك بعروتهم ١٠- أهل رأفة وعلم وحلم، ويعرفون بالرهبانية ١١- صدق الحديث وكفّ الألسن إلّا من خير ١١- أمناء عشائرهم في الأشياء ١٢- مداراة الناس ١٣-الحب والبغض في الله ١4- سعة الخلق ١5- اتّباع العلم ١6- أهل المعرفة ١٧- حلاوة الإيمان في صدورهم ١٧- يؤمن بالمعراج والشفاعة. وغيرها من المواصفات الكثيرة.

ومن الطبيعي جدّاً إذا حقق الإنسان الموالي هذه الكمالات وغيرها وتحلّى بها أن يهبه الله تعالى من فضله كرامات وفضائل ومقامات تناسب شأنه وتليق بحاله، وهذه الفضائل تارة تكون دنيوية وتارة أخروية، وهذا الأمر نجده واضحاً في روايات أهل بيت العصمة عليهم السلام، فنذكر بعضها اختصاراً:

١- أن يكون الموالي محبوباً لله ولرسوله (ص) .

٢- لا يخرج من الدنيا حتّى يشرب من الكوثر، ويأكل من طوبى، ويرى مكانه في الجنة.

٣- تستغفر له الملائكة، وتفتح له أبواب الجنة الثمانية، يدخلها من أيّ باب شاء بغير حساب.

4- أعطاه الله كتابه بيمينه، وحاسبه حساب الأنبياء.

5- بعث الله له ملك الموت كما يُبعث إلى الأنبياء.

6- أعطاه الله بذلك بكلّ عرق في بدنه حوراء، وله بكلّ شعرة في بدنه حوراء ومدينه في الجنة.

٧- أثبت الله في قلبه الحكمة، وأجرى على لسانه الصواب، وفتح الله عليه أبواب الرحمة.

ص:123

٨- جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر.

٩- صافحته الملائكة، وزارته الأنبياء.

١٠- عروة الدين الشيعة.

١١- شرف الدين الشيعة.

١٢- إمام الأرض أرض تسكنها الشيعة.

١٣- شهوة الدنيا سكنى الشيعة فيها.

١4- صائم الشيعة يرتع في رياض الجنة.

١5- ما أحد أقرب من عرش الله عزّ وجل بعد الأئمة عليهم السلام يوم القيامة من الشيعة.

١6- كون الشيعة شهداء على الناس.

١٧- معروفون بحزب الله.

١٨- مذكورون في التوراة بكلّ خير قبل أن يخلقوا.

١٩- يغبطهم النبيوّن والملائكة والشهداء.

٢٠- ديارهم جنة، وقبورهم جنة، وميِّتهم بمنزلة الشهيد.(1)

هذا تمام ما أحببنا أن نورده من روايات في مقامات أميرالمؤمنين عليه السلام مع إشارات معرفيّة مختصرة، نسأل الله سبحانه وتعالى على توفيقه، ورزقنا الله الثبات على ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام وشفاعته يوم الورود، إنّه سميع الدعاء وهو الغاية.


1- للمزيد في معرفة صفات الشيعة وفضائلهم يراجع كتابي صفات الشيعة وفضائل الشيعة للشيخ الأقدم الصدوق قدس سره.

ص:124

ص:125

مصادبر الكتاب

* القرآن الكريم

* نهج البلاغة

١. الاحتجاج، طبرسي، النجف الاشرف، دارالنعمان، ١٣٨6ه. ق.

٢. الاختصاص، محمد بن محمد المفيد، قم، منشورات جماعة المدرسين، ١4١4ه. ق.

٣. الإصابة في تمييز الصحابة، أحمد بن علي العسقلاني، بيروت، دارالكتب العلمية، ١4١5ه. ق.

4. إكمال الدين وإتمام النعمة، محمد بن علي الصدوق، قم، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين.

5. الأمالي، أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين الصدوق، قم المشرفة، مؤسسة البعثة.

6. الأمالي، محمد بن الحسن الطوسي، طبعة الاولي، قم، دارالثقافة، ١4١4ه. ق.

٧. الأمالي، محمد بن محمد المفيد، قم، منشورات جامعة المدرسين، ١4١4ه. ق.

ص:126

٨. الإمام علي صوت العدالة الإنسانية، جورج جرداق، طبعة بيروت.

٩. الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ناصر مكارم الشيرازي، الطبعة الأولى، قم المقدسة، دار نشر مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.

١٠. بحارالأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، محمدباقر المجلسي، بيروت، مؤسسة الوفاء.

١١. بشارة المصطفى، محمد بن علي الطبري، قم، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين، ١4٢٠ه. ق.

١٢. بصائر الدرجات، الصفار، تحقيق: الحاج ميرزا حسن كوچه باغي، طهران، منشورات الأعلمي.

١٣. تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، بيروت، دارالفكر.

١4. تأويل آيات الظاهرة، سيدعلي حسيني استرآبادي، قم، مؤسسة النشر الاسلامي، ١4٠٩ه. ق.

١5. تذكرة الحفاظ، أبوعبدالله شمس الدين الذهبي، بيروت، دار إحياء التراث العربي.

١6. تذكرة الخواص، ابن الجوزي، قم المقدسة، منشورات الشريف الرضي.

١٧. تفسير ابن كثير، ابن كثير، تحقيق و تقديم: يوسف عبدالرحمن المرعشلي، بيروت، دارالمعرفة، ١4١٢ه. ق.

١٨. تفسير الصافي، ملامحسن فيض الكاشاني، تهران، الصدر، ١4١5ه. ق.

١٩. تفسير الفخر الرازي، فخرالدين بن الخطيب الرازي، بيروت، دارالفكر، ١٣٩٨ه. ق.

٢٠. تفسير القمي، علي بن ابراهيم القمي، طبعة الثالثة، قم، مؤسسة دارالكتاب، ١4٠4ه. ق.

٢١. تنقيح المقال، المامقاني، الطبعة الحجرية.

ص:127

٢٢. الجمل، محمد بن محمد المفيد، قم، مكتبة الداوري.

٢٣. حلية الأولياء، الاصفهاني، بيروت، دارالكتاب العربي، ١٩٨٧م.

٢4. خصائص أميرالمؤمنين، أحمد بن شعيب النسائي، طهران، مكتبة نينوى الحديثة.

٢5. الخصال، محمد بن علي الصدوق، قم، منشورات جماعة المدرسين، ١4٠٣ه. ق.

٢6. الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي، بيروت، دارالمعرفة، بي تا.

٢٧. دلائل النبوة، اسماعيل الاصبهاني، دارالعاصمة، بي تا.

٢٨. ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، الحافظ محب الدين أحمد بن عبدالله الطبري، القاهرة، مكتبة القدسي لصاحبها حسام الدين القدسي.

٢٩. رسائل الجاحظ، الجاحظ، بيروت، مكتبة الهلالي، ٢٠٠4م.

٣٠. روضة الواعظين، الفتال النيشابوري، قم، منشورات الرضي.

٣١. سنن ابن ماجه، أبوعبدالله محمد بن يزيد القزويني، تحقيق وترقيم وتعليق: محمد فؤاد عبد الباقي، بيروت، دارالفكر.

٣٢. شواهد التنزيل، الحاكم الحسكاني، تحقيق: محمدباقر المحمودي، طهران، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية.

٣٣. صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، بيروت، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا، اليمامة، دار ابن كثير.

٣4. صحيح الترمذي، محمد ناصرالدين الألباني، تحقيق: إشراف: زهير الشاويش، بيروت، المكتب الإسلامي.

٣5. صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج النيسابوري، بيروت، دارالفكر.

ص:128

٣6. صفات الشيعة، أبوجعفر محمد بن علي بن بابويه الصدوق، طهران، كانون انتشارات عابدي.

٣٧. الصواعق المحرقة، ابن حجر الهيتمي، تحقيق: عبدالرحمن بن عبدالله التركي وكامل محمد الخراط، بيروت، مؤسسة الرسالة.

٣٨. علل الشرائع، محمد بن علي الصدوق، النجف الاشرف، منشورات المكتبة الحيدرية، ١٣٨5ه. ق.

٣٩. عوالي اللئالي، ابن أبي جمهور الاحسائي، قم، مطبعة سيدالشهداء، ١4٠٣ه. ق.

4٠. عيون اخبار الرضا عليه السلام، ابوجعفر الصدوق، بيروت، مؤسسة الاعلمي، ١4٠4ه. ق.

4١. غررالحكم و درر الكلم، عبدالواحد بن محمد الآمدي، قم، مكتب الاعلام الاسلامي.

4٢. غررالحكم، عبدالواحد آمدي، قم، المركز الجامعي للنشر، ١٣66ه. ش.

4٣. الغيبة، محمد بن الحسن الطوسي، طبعة الأولى، قم، مؤسسة المعارف الاسلاميه، ١4١١ه. ق.

44. الفردوس، محمد حسين آل كاشف الغطاء، دار انوار المهدي، ١4٢6ه. ق.

45. فضائل الشيعة، أبوجعفر محمد بن علي بن بابويه الصدوق، طهران، كانون انتشارات عابدي.

46. فضائل الصحابة، أحمد بن حنبل، بيروت، مؤسسة الرسالة، ١4٠٣ه. ق.

4٧. الفهرست، ابن النديم، تحقيق: رضا تجدد، طهران، مكتبة الاسلامي، بي تا.

ص:129

4٨. الكافي، الكليني، تحقيق: علي أكبر الغفاري، طهران، دارالكتب الإسلامية.

4٩. كتاب التوحيد، أبوجعفر محمد بن علي بن بابويه الصدوق، تحقيق: السيد هاشم الحسيني الطهراني، الطبعة التاسعة، قم، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، ١4٢٧ه. ق.

5٠. كتاب سليم بن قيس، سيلم بن قيس الهلالي، تحقيق: محمدباقر الانصاري.

5١. كفاية الطالب، الگنجي الشافعي، طبعة الغري.

5٢. كنز الفوائد، محمد بن علي الكراجكي، طبعة الثانية، قم، مكتبة المصطفوي، ١٣6٩ه. ش.

5٣. لسان العرب، ابن منظور، قم، أدب الحوزة.

54. مائة منقبة من مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام، ابن شاذان، قم، مدرسة الامام المهدي (عج) ، ١4٠٧ه. ق.

55. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، نورالدين علي بن أبي بكر الهيثمي، دارالكتب العلمية.

56. مختصر بصائر الدرجات، الحسن بن سليمان الحلي، تحقيق: مشتاق المظفر، نجف الأشرف، المطبعة الحيدرية، ١٣٧٠ه. ق.

5٧. المستدرك وبهامشه التلخيص للذهبي، الحاكم النيسابوري، تحقيق: مصطفى عبدالقادر عطا، بيروت، نشر دارالكتب العلمية وطبعة بيروت، دارالمعرفة - بإشراف: يوسف عبدالرحمن المرعشلي، بي تا.

5٨. مسند أحمد، أحمد بن حنبل، بيروت، دار صادر، بي تا.

5٩. مشارق أنوار اليقين، حافظ رجب البرسي، طبعة الاولى، بيروت، مؤسسة الاعلمي، ١4١٩ه. ق.

ص:130

6٠. مصباح المتهجد، محمد بن الحسن الطوسي، بيروت، مؤسسة فقه الشيعة، ١4١١ه. ق.

6١. مصباح، ابراهيم بن علي الكفعمي، طبعة الثالثة، بيروت، مؤسسة الاعلمي، ١4٠٣ه. ق.

6٢. المعاد رؤية قرآنية، آية الله السيد كمال الحيدري، بقلم: الشيخ خليل رزق، الطبعة الأولى، دار فراقد، ١4٣١ه. ق.

6٣. المعجم الأوسط، سليمان بن أحمد الطبراني، بيروت، دارالكتب العلمية.

64. المعجم الكبير، أبوالقاسم سليمان بن أحمد الطبراني، تحقيق وتخريج: حمدي عبدالمجيد السلفي، الطبعة الثانية، بيروت، دار إحياء التراث العربي.

65. معراج نامه (بالفارسية) .

66. مقاتل الطالبيين، أبوالفرج الاصفهاني، طبعة الثانية، قم مؤسسة دارالكتاب، ١٣٨5ه. ق.

6٧. من الخلق إلى الحق، الحيدري، الطبعة الثانية، دار فراقد، ١4٢٨ه. ق.

6٨. مناقب آل أبي طالب، ابن شهرآشوب، النجف الأشرف، المكتبة الحيدرية، ١٣٧6ه. ق.

6٩. المناقب الخوارزمي، أبو المؤيد موفق بن أحمد بن محمد المكي، قم، مؤسسة النشر الإسلامي.

٧٠. مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام، ابن المغازلي، صنعاء، دارالآثار، ١4٢4ه. ق.

٧١. مناقب علي بن أبي طالب وما نزل من القرآن في علي عليه السلام، أبوبكر أحمد بن موسى ابن مردويه.

٧٢. موسوعة الإمام علي في الكتاب والسنة والتاريخ، محمد محمدي الريشهري، طبعة الثانية، قم، دارالحديث، ١4٢5ه. ق.

٧٣.

ص:131

ميزان الإعتدال، محمد بن أحمد الذهبي، بيروت، دارالمعرفة، ١٣٨٢ه. ق.

٧4. الميزان في تفسير القرآن، العلامة محمد حسين الطباطبائي، الطبعة الأولى، قم المقدسة، دارالمجتبى للمطبوعات، ١4٢5ه. ق.

٧5. النبي الأعظم ووجوده النوري، الشيخ مسلم الداوري.

٧6. ينابيع المودة، القندوزي، تحقيق: سيدعلي جمال أشرف الحسيني، قم، دارالأسوة.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.