نظره فی کتاب الوشیعه لموسی جارالله

اشارة

سرشناسه : امینی، عبدالحسین، 1349 - 1281

عنوان و نام پديدآور : نظره فی کتاب الوشیعه لموسی جارالله/ تالیف الشیخ الامینی؛ اعداد احمد الکنانی

مشخصات نشر : 1379.دار مشعر

مشخصات ظاهری : ص 119

فروست : ((من فیض الغدیر)3)

يادداشت : عربی

يادداشت : عنوان دیگر: نظره فی کتاب فی الرد علی عقیده الشیعه فی الامه.

یادداشت : کتابنامه: ب 119 - 118، همچنین بصورت زیرنویس

عنوان دیگر : نظره فی کتاب فی الرد علی عقیده الشیعه فی الامه.

عنوان دیگر : الرشیعه فی نقد عقائد الشیعه

عنوان دیگر : نظره فی کتاب الوشیعه فی الرد علی عقیده الشیعه فی الامه

موضوع : جارالله، موسی، 1949 - 1878. الوشیعه فی عقائد الشیعه -- نقد و تفسیر

موضوع : شیعه -- دفاعیه ها و ردیه ها

شناسه افزوده : جارالله، موسی، 1949 - 1878. الوشیعه فی نقد عقائد الشیعه. شرح گردآورنده

شناسه افزوده : کنانی، احمد

رده بندی کنگره : BP212/5/ج2و50212 1379

رده بندی دیویی : 297/417

شماره کتابشناسی ملی : م 80-6822

ص:1

اشارة

ص:2

ص:3

ص:4

ص:5

ص:6

كتاب الغدير

... كتاب يتجدد أثره ....

ص:7

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

مقدمة الإعداد

مسألة ادارة الأمة وهدايتها من المسائل التي كانت ولا تزال مثاراً للجدل بين المفكرين، وتلقي اهتماماً بالغاً في ابحاثهم، وتستمد أهميتها من الأرضية التي تستند اليها المتمثلة بالارتباط المباشر بحياة المجتمع افراداً وجماعات، ولعلها اليوم تحتل مكان الصدارة من بين المسائل الأكثر جدّية وحداثة، حيث تشغل الحيز الأكبر ضمن الأبحاث القانونية ومسائل علم الإجتماع السياسي، كما كانت في السابق مهيمنة على أبحاث الفلسفة والكلام.

وكثرت النظريات وتراكمت وجهات النظر في تحديد شكل هذه الإدارة، وان ادارة الأمة هل هو شأن من شؤونها

ص:8

وصلاحياتها، او ان ذلك أمر خارج عن دائرتها ولا بد لها من المرشد والموجه.

واذا حصرنا النقاش ضمن الطاولة الاسلامية، نجد النظرية الشيعية لا ترى أي فرق بين الأمة قبل النبوة وبعدها، فالاسباب التي أدت إلى بعث النبي بعينها تأتي فيما بعده، فالأمة قاصرة ومحتاجة الى القيمومة والهداية، وقاعدة اللطف- كما يسمونها إصطلاحاً- كما أنها اقتضت بعث النبي تقتضي ايضاً تنصيب الإمام.

فمقام الإمامة- من وجهة النظر الشيعية- كمقام النبوة بلا فرق، اذ الأمة ازاء النبوة لا تتمتع بحق الاختيار قانوناً، ولا معنى هنا للإختيار ورأي الأكثرية لانتخاب النبي لمقام النبوة، فالمطروح هنا التصديق بالنبي وعدم التصديق به، ولا يخلّ ذلك بنبوة النبي أصلًا.

وكذلك الحال بالنسبة إلى الإمامة، فلو اجتمع رأي الأكثرية على انتخاب غير عليّ لا يخلّ ذلك بإمامة علي أصلًا.

ومن هنا قالت الشيعة بالتنصيب دون الشورى أو البيعة أو الإجماع كما عليه النظرية السنية.

وهذا أمر معقول جداً حتى لو اغمضنا الطرف عن النصوص والأدلة النقلية التي تذكر في هذا المجال. والكلام في هذا المورد له

ص:9

ميدان آخر.

وفي قبال ذلك يرى قطاع كبير من المسلمين ان الأمة بعد أن عاشت عصر النبوة بلغت وصارت رشيدة وخرجت بذلك عن حالة القصور، وانتقلت إلى مرحلة تمكّنها من ان تختار إدارة نفسها بنفسها، فالأمة معصومة عصمة نبيها، حفظت كليات الدين وجزئياته فهي أقرب إلى العصمة والاهتداء من كل إمام معصوم، والأمة بعقلها وكمالها ورشدها بعد ختم النبوة اكرم واعز وارفع من ان تكون تحت وصاية وصي ...

هذه الكلمات تضمنتها الوشيعة في الردّ على عقيدة الشيعة في الأمة- لشيخ الإسلام في روسيا، وإمام الجامع الكبير في لنينغراد موسى جاراللَّه «(1)»- وبيانٌ للرأي الآخر في الأمة.

كما تضمنت الوشيعة طائفة اخرى من الشبهات التي اثيرت وتثار ضد الشيعة، اختار المؤلف رحمه الله في رده هذا على الوشيعة مسألتين هامتين:

الأولى: عصمة الأمة، كما يسميها صاحب الوشيعة، وقد تقدمت الإشارة إليها.


1- للوقوف على ترجمته راجع: مقدمة الوشيعة، الأعلام 7/ 320، معجم المطبوعات: 670.

ص:10

الثانية: الزواج المؤقت المعروف اصطلاحاً بالمتعة.

وهذا الإختيار منهُ رحمه الله جميل، اذ ليس الغرض ردّ كل ما جاءت به الوشيعة، فبعض ما جاء لا يستحق الذكر أصلًا، انما هو تكرار غير واعٍ لما كان يردده ابن تيمية من تشبيه الشيعة باليهود وما الى ذلك. على الرغم من ان المؤلف قد أحال ذلك على ما كتبه الشيخ مهدي الحجّار، وأجّل رده المفصل الى مناسبة اخرى.

فصاحب الوشيعة وان ادعى في مقدمة كتابه انهُ مكث في بلاد الشيعة سبعة أشهر وزيادة، فزار خلالها كربلاء والنجف وطهران، وسجّل بعض ملاحظاته عمّا يفعله الشيعة من أشياء يراها منكرة «(1)»، وانه وقف على أمهات المصادر الشيعية خلال تلك الفترة «(2)»، وإنه جالس علماء الشيعة، كالسيد محسن الأمين خلال اقامته في طهران، والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في القدس والنجف «(3)»، وما ذكره في الوشيعة من أنه «تُعجبهُ بعض فتاوى الشيعة» من حرمة ماقليله مسكر، أو حرمة الجلوس على مائدة الشرب. واستحسانهُ الكثير من أقوال الشيعة في أدب الطلاق ونظامه «(4)»، مما ظاهره الانصاف والموضوعية، إلّاأن المراجع


1- الوشيعة: 25.
2- الوشيعة: 133.
3- الوشيعة: 26.
4- الوشيعة: 141.

ص:11

للوشيعة لا يقف على كل ذلك، بل الظاهر من الوشيعة ان صاحبها لم يقف الّا على امور قشرية في المذهب، وثقافته عن المذهب والتي حصل عليها خلال مدة اقامته في بلاد الشيعة، والتي استغرقت سبعة أشهر لم تؤهله الوقوف جيداً على مسائل المذهب؛ ليتسنى له ردها بكتاب مستقل تعدت صفحاته الثلاثمائة، بل حتى اسلوبه في الرد لم يخرج عن السُنة المتبعة التي إستنّها ابن تيمية.

وليس ذلك مجرد دعاوي تفتقر إلى البرهان، انما كفانا مؤونة ذلك اعلام المذهب ممن تعرض الى الوشيعة «(1)» ومنهم المؤلف رحمه الله فقد ناقش الوشيعة في موردين من كتابه الغدير، الأول ضمن تناوله بعض الكتب بالنقد والتصحيح من المجلد الثالث، وكان رداً مقتضباً وفهرستاً واجمالًا مما ذكره من التفصيل في المورد الثاني والذي خصصه لمباحث المتعة وأخذ القسط الأوفر من المجلد السادس، جمعنا كل ذلك في هذا الرسالة ليكون الرد على الوشيعة سهل المتناول، ورتبناه على قسمين:

الأول: في عصمة الأمة.

الثاني: في الزواج المؤقت.


1- كالسيد عبد الحسين شرف الدين في اجوبته لموسى جاراللَّه، وكتابه النجعةفي أحكام المتعة، والأستاذ المحامي توفيق الفكيكي في كتابه المتعة.

ص:12

والقسم الثاني يشمل على إجمال للمطالب في أولها، وتفصيل في خاتمتها التي تبتدء بعنوان رأي الخليفة في المتعتين.

بالاضافة إلى ذلك قمت بتقويم النص وتقطيعه من جديد، وتخريج المصادر غير المخرّجة، وإظهار الواسطة التي اعتمدها المؤلف رحمه الله في نقله عن بعض المصادر المفقودة، وامور أخرى يقف عليها القاري الكريم اثناء مطالعة الرسالة.

وللتفرقة بين افاداته رحمه الله وما أضفناه في الهامش ختمتُ عبارته بكلمة (المؤلف).

أحمد الكناني 7/ جمادي الاولى/ 1417 ه

ص:13

مقدّمة المؤلف

اشارة

] كنت أودّ أن لا أحدث لهذا الكتاب ذكراً، وأن لا يسمع أحد منه ركزاً، فإنّه في الفضائح أكثر منه في عداد المؤلفات، لكن طبع الكتاب وانتشاره حداني إلى أن أوقف المجتمع على مقدار الرجل، وعلى أنموذج ممّا سوّد به صحائفه، وكلّ صحيفة منه عارٌ على الأمة وعلى قومه أشدّ شنارا.

لست أدري ما أكتب عن كتاب رجل نبذ كتاب اللَّه وسنّة نبيه وراءه ظهريّاً، فجاء يحكم وينقد، ويتحكّم ويفند، وينبر وينبز، ويعبث بكتاب اللَّه ويفسّره برأيه الضئيل؛ وعقليته السقيمة كيف شاء وأراد، فكأنّ القرآن قد نزل اليوم ولم يسبقه إلى معرفته أحدٌ،

ص:14

ولم يأت في آيه قولٌ، ولم يُدوّن في تفسيره كتابٌ، ولم يرد في بيانه حديثٌ، وكأنّ الرجل قد أتى بشرعٍ جديد، ورأي حديث، ودين مخترع، ومذهب مبتدع، لا يُساعده أيّ مبدأ من مبادئ الإسلام، ولاشي ءٌ من الكتاب أو السنّة.

ما قيمة مغفّل وكتابه وهو يرى الأمة شريكةً لنبيّها في كلّ ما كان له، و في كلّ فضيلة وكمال تستوجبها الرسالة، وشريكة لنبيّها في أخصّ خصائص النبوة، ويرى رسالة الأمة متصلة بسورة رسالة النبي من غير فصل، ويستدلّ على رسالة الأمة بقوله تعالى «لَقَد جاءكُم رسولٌ من أنْفُسِكُم» «(1)»

وبقوله «محمّدٌ رَسولُ اللَّهِ والّذينَ مَعهُ أشدّاءُ على الكُفّارِ رُحَماءُ بينُهم» «(2)».

والكلام مع في هذه الأساطير كلّها يستدعي فراغاً أوسع من هذا، ولعلّه يُتاح لنافي المستقبل الكشّاف إن شاء اللَّه تعالى، وقد أغرق نزعاً في تفنيد أباطيله العلّامة المبرور الشيخ مهدي الحجّار النجفي نزيل المعقل «(3)».


1- سورة التوبة آية 128. المؤلف
2- سورة الفتح آية 29. المؤلف
3- أحد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر. يأتي هناك شعره وترجمته. المؤلف لعلهُ مذكور في القسم غير المطبوع من الغدير. وهو الشيخ مهدي بن داود بن سلمان الشهير بالحجار نسبة الى استخراج الحجر من الانقاض وهي مهنة كان يمتهنها جدّه. ولد سنة 1318 ه أو 1322 ه في النجف منحدراً من عشيرة الجبور العراقية ومن عائلة تعتنق المذهب الوهابي، وبعد انتقال الجد سلمان الى مدينة كربلاء تحوّل الى المذهب الشيعي وصار المترجم له أحد أعلام وأدباء المذهب بعد أن انهى درسهُ الشرعي في النجف الأشرف على أيدي كبار أساتذة الحوزة أمثال اقا ضياءالدين العراقي والشيخ أحمد كاشف الغطاء والشيخ النائيني والشيخ جواد البلاغي، لينتقل الى ناحية المعقل بالبصرة داعية للمذهب هناك وممثلًا عن السيد أبي الحسن الإصفهاني. صدرت له قصيدة طويلة اسماها« البلاغ المبين» في العقائد. طبعت في النجف وبيروت سنة 1344 ه، وقد نقل مقاطع طويلة من شعره في شعراء الغري 12/ 211، وأعيان الشيعة 10/ 148. توفي الحجّار سنة 1358 في البصرة ونقل جثمانه الى النجف الأشرف وصلى عليه السيد ابو الحسن الإصفهاني.

ص:15

ولو لم يكن للرجل في طيّ كتابه إلا أساطيره الراجعة إلى الأمة لكفاه جهلًا وسوءة وإليك نماذج منها قال:

ص:16

القسم الأول عصمة الأمة

1- الأمة معصومة عصمة نبيّها، معصومةٌ في تحمّلها وحفظها، وفي تبليغها وأدائها، حفظت كلّ ما بلّغه النبيّ مثل حفظ النبيّ، وبلّغت كل ما بلّغه النبي مثل تبليغ النبي، حفظت كلّيات الدين وجزئيات الدين أصلًا وفرعاً، وبلّغت كلّيات الدين وجزئيّات الدين أصلًا وفرعاً.

لم يضع من أصول الدين ومن فروع الدين شي ء:

1- حفظه اللَّه

ص:17

2- حفظه نبيّه محمّد

3- حفظته الامة كافة عن كافة، عصراً بعد عصر، ولا يمكن أن يوجد شي ء من الدين غفل عنه أو نسيه الامة.

فالامة بالقران والسّنة أعلم من جميع الأئمّة، وأقرب من إهتداء الأئمة، وعلم الامة بالقرآن وسنن النبي اليوم أكثر وأكمل من علم عليّ ومن علم كل أولاد عليّ.

ومن عظيم فضل اللَّه على نبيه، ثمّ من عموم وعميم فضل اللَّه على الأمّة أن جعل في الامة من أبناء الامة كثيراً هم أعلم بكثير من الأئمة ومن صحابة النبي صلى الله عليه و سلم.

وكلّ حادثة إذا وقعت فالأمة لا تخلو من حكم حقّ وصواب وجواب يُريه اللَّه الواحد من الأمة الّتي ورثت نبيها، وصارت رشيدةً ببركة الرسالة، وختمها أرشد إلى الهداية وإلى الحق من كل إمام، والأمة مثل نبيها معصومة ببركة الرسالة وكتابها، ومعصومة بعقلها العاصم.

الأمة بلغت وصارت رشيدةً لا تحتاج إلى

ص:18

الإمام، رشدها وعقلها يُغنيها عن كل إمام.

أنا لا أنكر على الشيعة عقيدتها أنّ الأئمة معصومةٌ، وإنما أنكر عليها عقيدتها أنّ أمة محمد لم تزل قاصرةً، ولن تزال قاصرةً، تحتاج إلى وصاية إمام معصوم إلى يوم القيامة، والأمة أقرب إلى العصمة والإهتداء من كل إمام معصوم، وأهدى إلى الصواب والحق من كلّ إمام معصوم، لأنّ عصمة الإمام دعوى، أمّا عصمة الأمة فبداهة وضرورة بشهادة القرآن.

ليس يُمكن في العالم نازلة ليس لها جوابٌ عند الأمة، وعقلنا لا يتصور إحتياج الأمة إلى إمام معصومٍ، وقد بلغت رشدها، ولها عقلها العاصم، وعندها كتابها المعصوم، وقد حازت بالعصوبة كلّ مواريث نبيها، وفازت بكلّ ما كان للنبي بالنبوة.

الأمة بعقلها وكمالها ورشدها بعد ختم النبوة أكرم وأعزّ وأرفع من أن تكون تحت وصاية وصيّ تبقى قاصرةً إلى الأبد «(1)».


1- الوشيعة في نقد عقائد الشيعة: 54- 56 مطبعة الكيلاني

ص:19

ج- هذه سلسلة أوهام، وحلقة خرافات تبعد عن ساحة أيّ متعلّم متفقّه فضلًا عمّن يرى نفسه فقيهاً، فكأن الرجل يتكلم في الطيف في عالم الأضغاث والأحلام.

ألا من يُسائله عن أنّ الأمة إذا كانت معصومةٌ حافظةً لكلّيات الدين وجزئياته أصلًا وفرعاً، ومبلّغةً جميع ذلك كافة عن كافة وعصراً بعد عصر، ولم يوجد هناك شي منسي أو مغفول عنه، فما معنى أعلميتها من جميع الأئمة وأقربية إهتدائها من اهتدائهم؟

أيراهم خارجين عن الأمة غير حافظين ولا مهتدين، في جانب عن الدين الذي حفظته الأمة، لاتشملهم عصمتها ولاحفظها ولا اهتدائها ولا تبليغها؟

وعلى مايهم الرجل يجب أن لا يوجد في الأمة جاهل، ولايقع بينها خلاف في أمر ديني أو حكم شرعي، وهؤلاء جهلاء الأمة الذين سدّوا كل فراغ بين المشرق والمغرب، وتشهد عليهم أعمالهم وأقوالهم بأنّهم جاهلون- وفي مقدمهم هو نفسه- وما شجر بين الأمة من الخلاف منذ عهد الصحابة إلى يومنا الحاضر ممّا لا يكاد يخفى على عاقل، وهل يتصوّر الخلاف إلّابجهل أحد الفريقين بالحقيقة الناصعة لأنّها وحدانيّة لاتقبل التجزئة؟

أيرى من الدين الذي حفظته الأمة وبلّغته جهل عليّ وأولاده

ص:20

من بينهم بالقرآن والسنن؟

أم يراهم أنّهم ليسوا من الأمة؟ فيقول: إنّ علم الأمة بالقرآن وسنن النبيّ اليوم أكثر وأكمل من علم عليّ ومن علوم كل أولاد عليّ.

ومتى أحاط هو بعلم عليّ وأولاده عليهما السلام وبعلم الأمة جمعاء حتى يسعه هذا التحكّم الباتّ والفتوى المجرّدة.

والعجب أنه يرى أنّ الأمة إذا وقعت حادثة يُري اللَّه الواحد منها الحكم وصواب الجواب، وأنها ورثت نبيّها، ورشدت ببركة الرسالة وبها وبكتابها ما تلت نبيّها في العصمة، وإنّها معصومة بعقلها العاصم، فما بال الأئمة- عليّ وأولاد عليّ- لا يكون من أولئك الآحاد الذين يُريهم اللَّه الحق والصواب؟! وما بالهم قصروا عن الوراثة المزعومة؟! وليس لهم شركة في علم الأمّة؟ ولم تشمهم بركة الرّسالة وكتابها؟ ولا يُماثلون النبيّ في العصمة؟ ولا يوجد عندهم عقلٌ عاصم؟ وأعجب من هذه كلّها هتاف اللَّه بعصمتهم في كتابه العزيز.

ألا يعلم مَن خلق وهو اللطيف الخبير أم على قلوب أقفالها.

ولعلّي يسعني أن أقول بأن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان أبصر وأعرف بأمته من صاحب هذه الفتاوى المجردة، وأعلم بمقادير علومهم وبصائرهم، فهو بعد ذلك كلّه خلّف لهداية امته من بعده الثقلين:

كتاب اللَّه وعترته- ويريد الأئمة منهم- وقال: «ما إن تمسكتم بهما

ص:21

لن تضلّوا بعدي وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض».

فحصر الهداية بالتمسك بهما اقتصاص آثارهما إلى غاية الأمد يُفيدنا أنّ عندهما من العلوم والمعارف ما تقصر عنها الأمة، وانّه ليس في حيّز الإمكان أن تبلغ الأمة وهي غير معصومة من الخطأ، ولم تكشف لها حجب الغيب مبلغاً يستغني به عمّن يرشدها في مواقف الحيرة.

فأئمّة العترة أعدال الكتاب في العلم والهداية بهذا النص الأغرّ، وهم مفسروه والواقفون على مغازيه ورموزه، ولو كانت الأمة أو أن فيها مَن يُضاهيهم في العلم والبصيرة فضلًا عن أن يكون أعلم بكثير منهم لكان هذا النصّ الصريح مجازفة في القول، لاسيّما وأنّ الهتاف به كان له مشاهد ومواقف منها مشهد يوم الغدير وقد ألقا صاحب الرسالة على مائة ألف أو يزيدون، وهو أكبر مجتمع للمسلمين على العهد النبوي، هنالك نعى نفسه وهو يرى أمته- وحقاً ما يرى- قاصرةً- ولن تزل قاصرة- عن درك مغازي الشريعة فيجبره ذلك بتعيين الخليفة من بعده.

وهذا الحديث من الثابت المتواتر الذي لايعترض صدور أيّ ريب، وللعلّامة السمهودي كلامٌ حول هذا الحديث أسلفناه ص 80 «(1)».


1- وإليك عبارته كما حكاه عنهُ الإمام الزرقاني في شرح المواهب 7/ 8. « هذا الخبر يُفهم وجود من يكون أهلًا للتمسك به من عترته في زمن إلى قيام الساعة حتى يتوجه الحثُّ المذكور على التمسك به كما أن الكتاب كذلك، فلذا كانوا أماناً لأهل الأرض فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض ..».

ص:22

وكان يرى صلى الله عليه و آله و سلم مسيس حاجة أمته إلى الخليفة من يوم بدء دعوته يوم أمر بانذار عشيرته كما مرّ حديثه ج 2 ص 278 «(1)».


1- في ط 2، وص/ 25 من ط 1 المؤلف أخرج الطبري في تاريخه 2/ 216 عن ابن حميد قال: حدثنا سلمة قال: حدثني محمد بن اسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم، عن المنهال بن عمرو، عن عبداللَّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، عن عبد اللَّه بن عباس عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه الآية على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم،« وانذر عشيرتك الأقربين» دعاني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم فقال: يا علي ان اللَّه يأمرني أن انذر عشيرتك الأقربين فقضت بذلك ذرعاً وعرفت اني متى أبادئهم بهذا الأمر أرى منهم ما اكره، فصمتُ عليه حتى جاء جبرئيل فقال يا محمد إنك إلّاتفعل ما تؤمر به يُعذّبك ربك، فاصنع لنا صاعاً من طعام واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسّاً من لبن ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به. ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له وهم يومئذٍ أربعون رجلًا يزيدون رجلًا أو ينقصونه وفيهم أعمامه أبوطالب وحمزة والعباس وأبولهب، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به فلما وضعته تناول رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم حذبة من اللحم فشقها بأسنانه ثم ألكاها في نواحي الصحفة ثم قال: خذوا بسم اللَّه. فأكل القوم حتى مالهم بشي ء حاجة وماأرى إلّاموضع أيديهم، وايم اللَّه الذي نفس علي بيده وان كان الرجل والواحد منهم ليأكل ما قدّمت لجميعهم، ثم قال إسق القوم، فجئتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعاً ... ثم تكلم رسول اللَّه فقال: يا بني عبد المطلب، اني واللَّه ما اعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، أني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني اللَّه تعالى أن أدعوكم إليه فأيكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصي وخليفتي فيكم. قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلت واني لأحدثهم سناً، وأرمصهم عيناً وأعظمهم بطناً ... أنا يا نبي اللَّه أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثم قال: ان هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا. قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع. وبهذا اللفظ أخرجه ابو جعفر الاسكافي في كتابه نقض العثمانية، والفقيه برهان الدين في أنباء نجباء الأبناء: 46- 48، وابن الأثير في الكامل 2/ 24، وابو الفداء في تاريخه 1/ 116 الخفاجي في شرح الشفا للقاضي عياض 3/ 37، والخازن في تفسيره: 390، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6/ 392، وجرجي زيدان في تاريخ التمدن الإسلامي 1/ 31، والاستاذ محمد حسين هيكل في حياة محمد: 104 المؤلف وللحديث صور أخرى ذكرها المؤلف رحمه اللَّه وأوصلها إلى سبعة صور مع مصادرها في غديره 2/ 280- 284.

ص:23

وممّا يُماثل هذا النصّ حديث سفينة نوح حيث شبّه فيه نفسه وأهل بيته- ويريد الأئمة منهم- بسفينة نوح التي من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق «(1)»، فحصر النجاة باتّباعهم المستعارله ركوب السفينة، ولو أنّ لهم علوماً وافيةً بإرشاد الأمة وأنها لا تهتدي إليها إلّابالأخذ منهم لما استقام هذا التشبيه ولا اتسق ذلك الكلام.


1- أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 12/ 91، والحاكم في المستدرك 3/ 151 وصححهُ المؤلف.

ص:24

ومثله حديث تشبيهه صلى الله عليه و آله و سلم أهل بيته بالنجوم «(1)»، فأهل بيته أعلامٌ وصوى للهداية يُهتدى بهم في ظلمات الغيّ والخلاف، كما أن النجوم يُهتدى بها في غياهب الليل البهم، ولولا أنهم أركان العلم والهداية لما يتمّ التمثيل.

ولو كان علم الأمة اليوم بالقرآن والسنن أكثر وأكمل من علم عليّ ومن علوم كلّ أولاد عليّ- كما زعمه المسكين- فكيف خفي ذلك على رسول اللَّه فقال وكأنّه لم يعرف أمته: أعلم أمّتي من بعدي عليُّ بن أبي طالب «(2)».

وكيف اتخذه وعاء علمه وبابه الذي يؤتى منه؟ «(3)».

وكيف رآه باب علمه ومبيّن أمته بما أرسل به من بعده؟ «(4)» وكيف أخبر أمته بأنه خازن علمه وعيبته؟ «(5)» وكيف خصه بين أمته بالوصية والوراثة لعلمه؟ «(6)» وكيف صحّ عن أمير المؤمنين قوله: واللَّه إنّي لأخوه ووليّه وابن


1- أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 149 وصححهُ المؤلف
2- أخرجه الديلمي عن سلمان، وذكره الخوارزمي في المناقب 49، ومقتل الحسين 1/ 43 المتقي في كنز العمال 6/ 153.
3- شمس الأخبار: 39، كفاية الكنجي: 70، 93.
4- أخرجه الديلمي عن أبي ذر كما في كنز العمال 6/ 156، كشف الخفاء 1/ 204.
5- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2/ 448.
6- كتاب صفين: 133، مروج الذهب 2/ 59.

ص:25

عمّه ووارث علمه، فمن أحقّ به منّي؟ «(1)» وكيف حكم الحافظ النيسابوري بإجماع الأمة على أنّ عليّاً ورث العلم من النبي دون الناس؟ «(2)» وعلى هذه كلّها فلازم كون الأمة أعلم من علي كونها أعلم من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لأنه ورث علمه كلّه.

ثمّ كيف كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم يرى أن اللَّه جعل الحكمة في أهل بيته وفي الأمة مَن هو أعلم منهم؟ وقد صحّ عنه صلى الله عليه و آله و سلم قوله: أنا دار الحكمة وعليّ بابها «(3)».

وكيف يأمر أمته بالإقتداء بأهل بيته من بعده ويعرّفهم بأنهم خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي «(4)»؟

وكيف يراهم أئمة امته ويقول: في كلّ خلوف من امّتي عدول من أهل بيتي ينفون من هذا الدين تحريف الغالين، وانتحال


1- خصائص النسائي: 18، مستدرك الحاكم 3/ 126 وصححه هو والذهبي، الرياض النضرة 2/ 226، ذخائر العقبى: 100، فرائد السمطين ب 24، مجمع الزوائد 9/ 134 من طريق الطبراني.
2- مستدرك الحاكم 3/ 226.
3- أخرجه كثير من الحفاظ بعدة طرق وصححه الطبري وابن معين والحاكم والخطيب والسيوطي وغيرهم.
4- أخرجه أبونعيم في الحلية 1/ 68، والطبراني والرافعي كما في ترتيب جمع الجوامع 6/ 217.

ص:26

المبطين، وتأويل الجاهلين، ألا إنّ أئمتكم وفدكم إلى اللَّه فانظروا بمن توفدون «(1)».

والامة إن كانت غير قاصرة لاتحتاج إلى وصاية إمام معصوم إلى يوم القيامة كما زعمه المغفل ولايتصوّر عقله إحتياجها إلى إمام معصوم فلماذا أخرت الامة تجهيز نبيّها صلى الله عليه و آله و سلم ودفنه ثلاثة أيام، وهذه كتب القوم تنص على أنّ ذلك إنّما كان لاشتغالهم بالواجب الأهمّ ألا وهو: أمر الخلافة وتعيين الخليفة.

قال ابن حجر في الصواعق ص 5: إعلم أنّ الصحابة رضوان اللَّه عليهم أجمعوا على أنّ نصب الإمام بعد انقراض زمن النبوة واجب، بل جعلوه أهم الواجبات حيث اشتغلوا به عن دفن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم واختلافهم في التعيين لايقدح في الإجماع المذكور.

والباحث يجد نظير هذه الكلمة في غضون الكتب كثيراً، فكيف يتصوّر عندئذ عقل الرجل مسيس حاجة الأمة يوم ذاك إلى إمام غير معصوم وهي لاتحتاج إلى إمام معصوم قطُّ إلى يوم القيامة.


1- راجع في هذه الأحاديث المذكورة ص 80، 81، 95، 101، 123 من هذا الجزء المؤلف وهذا الحديث أخرجه الملا كما في ذخائر العقبى: 17، الصواعق: 141. المؤلف وبقية الأحاديث المذكورة استخرجت في مظانها.

ص:27

القسم الثاني الزواج المؤقت «المتعة»

اشارة

] 3- بسط القول في المتعة ومُلخّصه: إنّها من بقايا الأنكحة الجاهلية، ولم تكن حكماً شرعياً، ولم تكن مباحةً في شرع الإسلام، ونسخها لم يكن نسخ حكم شرعي وإنمّا كان نسخ أمر جاهلي، ووقع الإجماع على تحريمها، ولم ينزل في القرآن، ولايوجد في غير كتب الشيعة قول لأحد أنّ «فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ اجورهنّ» نزل فيها، ولايقول به لاجاهل يدعّي ولايعي، وكتب الشيعة ترفع القول به إلى الباقر والصّادق، وأحسن

ص:28

الإحتمالين ان السند موضوع وإلّا فالباقر والصّادق جاهلٌ 32- 166.

ج- هذه سلسلة جنايات على الإسلام وكتابه وحكمه، وتكذيب على ما جاء به نبيّه وأقرّ به السلف من الصحابة والتابعين والعلماء من فرق المسلمين بأسرهم.

وقد فصّلنا القول فيها في رسالة تحت نواحي خمس «(1)» نأخذ منها فهرستها الا وهو:

1- المتعة في القرآن:

«فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن؛ ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة، إنّ اللَّه كان عليماً حكيماً» (النساء/ 24).

ذُكر نزولها في المتعة في أوثق مصادر التفسير منها:

1- صحيح البخاري «(2)».


1- والتي تحمل عنوان« رأي الخليفة في المتعتين» ألحقناها في خاتمة هذه الرسالة، لتكون تفصيلًا لما اجمل هنا. وعليه فمبحث المتعة يقع في مقامين، الأول: فهرستاً وإجمالًا للمطالب وهو ما تكفلت به هذه الرسالة، والثاني: تفصيل للمطالب وهو ما تكفلت به الخاتمة.
2- ك الحج ب التمتع ج 2/ 176، وك التفسير، سورة البقرة. وروي حديث المتعة من غير طريق عمران بن حصين في ك النكاح ب النهي عن نكاح المتعة 9/ 149، وك المغازي ب غزوة خيبر 7/ 369، وك النكاح ب نهى رسول اللَّه عن نكاح المتعة أخيراً، وك الذبائح ب لحوم الحمر الانسية، وك الحيل ب في الزكاة وان لايفرق بين مجتمع ... وروي نزول« لاتحرموا طيبات ما أحل اللَّه لكم» في المتعة أيضاً ب تفسير الآية من سورة المائدة 8/ 207، وفي النكاح ب تزويج المعسر، وب مايكره من التبتل والخصاء.

ص:29

2- صحيح مسلم «(1)».

3- مسند أحمد 4 ص 436.

بإسنادهم عن عمران بن حصين.

وتجده في تفسير الرازي 3 ص 200، 202، وتفسير أبي حيان 3 ص 218.

4- تفسير الطبري 5 ص 9 عن ابن عباس، وابي بن كعب، والحكم، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، وشعبة، وأبي ثابت.

5- أحكام القرآن للجصاص 2 ص 178 حكاه عن عدّة.

6- سنن البيهقي 7 ص 205 رواه عن ابن عباس.


1- ك الحج ب جواز التمتع ج 2/ 898 ح 165، 167، 168، 169، 170، 171، 172، 173، كل ذلك عن عمران بن حصين وروي حديث المتعة من غير طريق عمران بن حصين في ك النكاح ب نكاح المتعة ح 1405، 1406، 1407. وروي نزول الآية 87 من سورة المائدة في المتعة أيضاً في ك النكاح ب نكاح المتعة ح 1404.

ص:30

7- تفسير البغوي 1 ص 423 عن جمع، وحكى عن عامة أهل العلم أنّها منسوخة.

8- تفسير الزمخشري 1 ص 360.

9- أحكام القرآن للقاضي 1 ص 162 رواه عن جمع.

10- تفسير القرطبي 5 ص 130، قال: قال الجمهور: إنّها في المتعة.

11- تفسير الرازي 3 ص 200 ذكر عن الصحيحين حديث عمران أنّها في المتعة.

12- شرح صحيح مسلم للنووي 9 ص 181 عن ابن مسعود.

13- تفسير الخازن 1 ص 357 عن قوم وقال: ذهب الجمهور انّها منسوخة.

14- تفسير البيضاوي 1 ص 269. يروم إثبات نسخها بالسنة.

15- تفسير أبي حيّان 3 ص 218 عن جمع من الصحابة والتابعين.

16- تفسير ابن كثير 1 ص 474 عن جمع من الصحابة والتابعين.

17- تفسير السيوطي 2 ص 140 رواه عن جمع من الصحابة

ص:31

والتابعين بطريق الطبراني، وعبد الرزاق، والبيهقي، وابن جرير، وعبد بن حميد، وأبي داود، وابن الأنباري.

18- تفسير أبي السعود 3 ص 251.

قال الأميني: أليست- أيها الباحث- هذه الكتب مراجع علم القرآن عند أهل السنة؟

أم ليسوا هؤلاء أعلامهم وأئمّتهم في التفسير؟ فأين مقيل قول الرجل: لم ينزل فيها قرآنٌ ولايوجد في غير كتب الشيعة؟

وهل يسع الرجل أو يقول في هؤلاء الصحابة والتابعين والأئمة بما قاله في الباقر والصّادق عليهما السلام ويسلقهم بذلك اللسان البذيّ؟

2- حدود المتعة في الإسلام

أسلفنا أنّ للمتعة حدوداً جاء بها الإسلام «(1)»، ولم يكن قطّ نكاح في الجاهلية معروفاً بتلك الحدود، ولم ير أحدٌ من السلف والخلف حتى اليوم أن المتعة من أنكحة الجاهلية، ولايمكن القول بذلك مع تلك الحدود، ولا قيمة لفتوى الرجل عندئذ، وهي مفصّلةٌ في كتب كثيرة منها:

1- سنن الدارمي 2 ص 140.


1- سيأتي تفصيل الكلام في خاتمة الرسالة.

ص:32

2- صحيح مسلم ج 1 في باب المتعة «(1)».

3- تفسير الطبري 5 ص 9 ذكر من حدودها: النكاح، الأجل، الفراق عبد انقضاء الأجل، الإستبراء، عدم الميراث.

4- أحكام القرآن للجصّاص 2 ص 178 ذكر من حدودها:

العقد، الاجرة، الأجلّ، العدّة، عدم الميراث.

5- سنن البيهقي 7 ص 200 أخرج أحاديث فيها بعض الحدود.

6- تفسير البغوي 1 ص 413 ذكر عدة من الحدود.

7- تفسير القرطبي 5 ص 132 ذكر عدة من الحدود.

8- تفسير الرازي 3 ص 200 ذكر عدة من الحدود.

9- شرح صحيح مسلم للنووي 9 ص 181، إدّعى إتفاق العلماء على الحدود.

10- تفسير الخازن 1 ص 257 ذكر الحدود الستّ.

11- تفسير ابن كثير 1 ص 474 ذكر الحدود الست.

12- تفسير السيوطي 2 ص 140 ذكر من حدودها خمسة.

13- الجامع الكبير للسيوطي 8 ص 295 ذكر من حدودها خمسة.

وفي غير واحد من كتب المذاهب الأربعة في الفقه.


1- برقم 1404، 1405، 1406، 1407.

ص:33

أوّل من نهى عن المتعة:

وقفنا على خمسة وعشرين حديثاً في الصّحاح والمسانيد يدرسنا بأن المتعة كانت مباحةً في شرع الإسلام، وكان الناس تعمل بها في عصر النبي صلى الله عليه و آله و سلم وابي بكر وردحاً من خلافة عمر، فنهي عنها عمر في آخر أيّامه وعرف بأنّه أول من نهى عنها

فعلى الباحث أن يراجع:

صحيح البخاري باب التمتع، صحيح مسلم 1 ص 395، 396.

مسند أحمد 4 ص 436، ج 3 ص 356، الموطأ لمالك 2 ص 30، سنن البيهقي 7 ص 206، تفسير الطبري 5 ص 9، أحكام القرآن للجصّاص 2 ص 178، النهاية لابن الأثير 2 ص 249، الغريبين للهروي، الفائق للزمخشري 1 ص 331، تفسير القرطبي 5 ص 130، تاريخ ابن خلكان 1 ص 359، المحاضرات للراغب 2 ص 94، تفسير الرازي 3 ص 201، 202، فتح الباري لابن حجر 9 ص 141، تفسير السيوطي 2 ص 140، الجامع الكبير للسيوطي 8 ص 293، تاريخ الخلفاء له ص 93، شرح التجريد للقوشجي في مبحث الإمامة «(1)».


1- في عداد مخالفة الخليفة لبعض الأحكام ومنها منع المتعتين، ص 374.

ص:34

الصحابة والتابعون:

ذهب جمعٌ من الصحابة والتابعين إلى إباحة المتعة وعدم نسخها مع وقوفهم على نهي عمر عنها، ولهم ولرأيهم شأنٌ في الامة، وفيهم مَن يجب عليها إتباعه.

1- أمير المؤمنين علي عليه السلام.

2 ابن عباس حبر الأمة.

3- عمران بن الحصين الخزاعي.

4- جابر بن عبداللَّه الأنصاري.

5- عبداللَّه بن مسعود الهذلي.

6- عبداللَّه بن عمر العدوي.

7- معاوية بن أبي سفيان.

8- ابو سعيد الخدري الأنصاري.

9- سلمة بن امية الجمحي.

10- معبد بن امية الجمحي

11- الزبير بن العوام القرشي.

12- الحكم

13- خالد بن المهاجر المخزومي.

14- عمرو بن حُريث القرشي.

15- أبيّ بن كعب الأنصاري.

ص:35

16- ربيعة بن أمية الثقفي.

17- سعيد بن جبير.

18- طاووس اليماني.

19- عطاء أبو محمد اليمانيّ

20- السديّ

قال ابن حزم بعد عدّ جمع من الصحابة القائلين بالمتعة: ومن التابعين طاووس، وسعيد بن جبير، وعطاء، وسائر فقهاء مكّة.

قال أبو عمر: أصحاب ابن عبّاس من أهل مكّة واليمن كلّهم يرون المتعة حلالًا. قال القرطبي في تفسيره 5 ص 132: أهل مكّة كانوا يستمتعونها كثيراً.

قال الرازي في تفسيره 3 ص 200 في آية المتعة: إختلفوا في أنّها هل نسخت أم لا؟

فذهب السواد الأعظم من الأمة إلى أنها صارت منسوخة.

وقال السواد منهم: إنها بقيت مُباحة كما كانت

قال ابو حيّان بعد نقل حديث إباحة المتعة: وعلى هذا جماعةٌ من أهل البيت والتابعين.

قال الأميني: فأين دعوى إجماع الامة على حرمة ونسخ آيتها؟

وأين عزو القول بإباحتها إلى الباقر والصّادق عليهما السلام فحسب؟

ص:36

وهناك ناحيةٌ خامسةٌ فيها بيان أقوال أهل السنة في المتعة ونسخها وهي 22 قولًا يُعرب هذا التضارب في الآراء عن فوائد جمّة نُحيل الوقوف عليها إلى دراية الباحث «(1)».

ونحن لا يسعنا بسط المقال في طامّات هذا الكتاب إذ كلُّ صحيفة منه أهلك من ترّهات البسابس، تُعرب عن أنّ مؤلّفه بعيد عن أدب الإسلام، بعيدٌ عن فقه القرآن والحديث، قصيرُ الباع عن كلّ علم، قصيرُ الخُطا عن كلّ ملكة فاضلة، بذيُّ اللسان لسّابة، وهو يعدُّ نفسه مع ذلك في كتابه من فقهاء الإسلام، فإن كان الإسلام هذا فقه وهذا فقيه؟ وهذا علمه وهذا عالمه؟ وهذا كتابه وهذا كاتبه؟ فإنّا للَّه وإنّا إليه راجعون.

رأي الخليفة في المتعتين

متعة الحج

1- عن أبي رجاء قال: قال عمران بن حصين: نزلت آية المتعة في كتاب اللَّه وأمرنا بها رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ثمّ لم تنزل آيةٌ تنسخ آية متعة


1- ولنا القول الفصل في البحث عن المتعة في الجزء السادس من كتابنا هذا. المؤلف وسيأتي تمام الكلام في خاتمة الرسالة.

ص:37

الحجّ، ولم ينه عنها رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم حتى مات، قال رجلٌ برأيه بعدُ ماشاء «(1)».

صورة أخرى لمسلم:

تمتّعنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ولم ينزل فيه القرآن قال رجلٌ برأيه ماشاء.

وفي لفظ آخر له: تمتّع نبي اللَّه صلى الله عليه و سلم وتمتّعنا معه.

وفي لفظ رابع له: أعلم أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم جمع بين حج وعمرة ثمّ لم ينزل فيها كتاب ولم ينهنا عنها قال رجلٌ برأيه ما شاء.

لفظ البخاري:

تمتعنا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ونزل القرآن قال رجل برأيه ما شاء «(2)».

وفي لفظ آخر له:

أنزلت آية المتعة في كتاب اللَّه ففعناها مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ولم ينزل


1- صحيح مسلم 1 ص 474، وأخرجه القرطبي بهذا اللفظ في تفسيره 2 ص 365. المؤلف
2- صحيح البخاري 3 ص 151 ط سنة 1272. المؤلف

ص:38

قرآن يحرّمه، ولم ينه عنها حتى مات، قال رجلٌ برأيه ماشاء «(1)».

وفي بعض نسخ صحيح البخاري قال محمّد- أي البخاري- يقال: إنّه عمرْ

قال القسطلاني في الإرشاد: لأنّه كان ينهى عنها.

وذكره ابن كثير في تفسيره 1 ص 233 نقلًا عن البخاري فقال:

هذا الذي قاله البخاري قد جاء مصرّحاً به: إنّ عمر كان ينهى الناس عن التمتّع.

وقال ابن حجر في فتح الباري 4 ص 339: ونقله الإسماعيلي عن البخاري كذلك فهو عمدة الحميدي في ذلك، ولهذا جزم القرطبي والنووي وغيرهما، وكان البخاري أشار بذلك إلى رواية الحريري عن مطرف فقال في آخره: ارتأى الرجل برأيه ما شاء يعني عمر.

كذا في الأصل أخرجه مسلم.

وقال ابن التين: يحتمل أن يريد عمر أو عثمان.

وأغرب الكرماني فقال: إنّ المراد به عثمان.

والأولى أن يفسّر بعمر فإنه أوّل من نهى عنها، وكان مَن بعده


1- صحيح البخاري كتاب التفسير سورة البقرة ج 7 ص 24 ط سنة 1277. المؤلف

ص:39

تابعاً له في ذلك، ففي مسلم: إنّ ابن الزبير كان ينهى عنها وابن عباس يأمر بها فسألوا جابراً فأشار إلى أنّ أوّل من نهى عنها عمر.

وقال القسطلاني في الإرشاد 4 ص 169: قال رجل برأيه ما شاء، هو عمر بن الخطاب لاعثمان بن عفّان لأن عمر أوّل من نهى عنها فكان مَن بعده تابعاً له في ذلك، ففي مسلم- إلى آخر كلمة ابن حجر المذكورة-

وقال النووي في شرح مسلم: هو عمر بن الخطّاب لأنّه أوّل من نهى عن المتعة فكان من بعده من عثمان وغيره تابعاً له في ذلك.

لفظ الشيخين:

تمتّعنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ونزل فيه القرآن، فليقل رجلٌ برأيه ما شاء.

السنن الكبرى 5 ص 20.

لفظ النسائي:

إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم قد تمتع وتمتّعنا معه قال فيها قائل برأيه.

أخرجه في سننه 5 ص 155، وأحمد في مسنده 4 ص 436 قريباً من لفظ مسلم مبتوراً.

ص:40

وفي لفظ الإسماعيلي: تمتّعنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ونزل فيه القرآن ولم ينهنارسول اللَّه صلى الله عليه و سلم «(1)».

2- عن أبي موسى: إنه كان يفتي بالمتعة فقال له رجلٌ: رويدك ببعض فتياك فإنّك لاتدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك، حتّى لقيته فسألته فقال عمر: قد علمت أنّ النبيّ قد فعله وأصحابه ولكنّي كرهت أن يظلّوا معرّسين بهنّ في الأراك ثمّ يروحون في الحجّ تقطر رؤوسهم.

أخرجه مسلم في صحيحه 1 ص 472، وابن ماجة في سننه 2 ص 229، وأحمد في مسنده 1 ص 50، والبيهقي في سننه 5 ص 20، والنسائي في سننه 5 ص 153، ويوجد في تيسير الوصول 1 ص 288، وشرح الموطأ للزرقاني 2 ص 179.

3- عن مطرف عن عمران بن حصين: إنّي لُاحدّثك بالحديث اليوم ينفعك اللَّه به بعد اليوم، واعلم أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم قد أعمر طائفة من أهله في العشر فلم تنزل آية تنسخ ذلك ولم ينه عنه حتّى مضى لوجهه، ارتأى كلّ امرئ بعد ما شاء أن يرتئي.

وفي لفظ مسلم الآخر: ارتأى رجلٌ برأيه ماشاء يعني عمر.

وفي لفظ ابن ماجة: ولم ينه عنه رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ولم ينزل نسخه


1- فتح الباري 3 ص 338. المؤلف

ص:41

قال في ذلك بعدُ رجلٌ برأيه ماشاء أن يقول.

صحيح مسلم 1 ص 474، سنن ابن ماجة 2 ص 229، مسند أحمد 4 ص 434، السنن الكبرى 4 ص 344، فتح الباري 3 ص 338.

صورة أخرى

عن مطرف قال قال لي عمران بن حصين: احدّثك حديثاً عسى اللَّه أن ينفعك به: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم جمع بين حجّة وعمرة ثمّ لم ينه عنه حتّى مات ولم ينزل فيه قرآنٌ يحرّمه وقد كان يسلم عليّ حتّى اكتويت فتركت ثمّ تركت الكيّ فعاد.

وفي لفظ الدارمي: إن المتعة حلال في كتاب اللَّه لم ينه عنها نبيّ ولم ينزل فيها كتاب قال رجلٌ برأيه ما بداله.

صحيح مسلم 1 ص 474، سنن الدارمي 2 ص 35.

صورة ثالثة

عن مطرف قال: بعث إليّ عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه فقال: إنّي كنت محدّثك بأحاديث لعلّ اللَّه أن ينفعك بها بعدي، فإن عشت فاكتم عليّ وإن متّ فحدّث بها إن شئت أنّه قد

ص:42

سلّم عليّ، واعلم أنّ نبيّ اللَّه صلى الله عليه و سلم قد جمع بين حجّ وعمرة ثمّ لم ينزل فيها كتاب اللَّه ولم ينه عنها نبيّ اللَّه صلى الله عليه و سلم قال رجل فيها برأيه ماشاء.

صحيح مسلم 1 ص 474، مسند أحمد 4 ص 428، سنن النسائي 5 ص 149.

4- عن محمّد بن عبداللَّه بن نوفل قال: سمعت عام حجّ معاوية يسأل سعد بن مالك كيف تقول بالتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال:

حسنةٌ جميلةٌ.

فقال: قد كان عمر ينهى عنها، فأنت خير من عمر؟

قال: عمر خيرٌ منّي وقد فعل ذلك النبيّ صلى الله عليه و سلم وهو خيرٌ من عمر.

سنن الدارمي 2: 35.

5- عن محمّد بن عبداللَّه: إنه سمع سعد بن أبي وقاص والضّحاك بن قيس عام حجّ معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال الضّحاك: لايصنع ذلك إلّامن جهل أمر اللَّه تعالى.

فقال سعد: بئسما قلت. يا ابن أخي.

قال الضّحاك: فإنّ عمر بن الخطاب نهى عن ذلك.

قال سعد: قد صنعها رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وصنعناها معه.

الموطأ لمالك 1 ص 148، كتاب الأم الشافعي 7 ص 199، سنن النسائي 5 ص 52، صحيح الترمذي 1 ص 157، فقال: هذا

ص:43

حديث صحيح، أحكام القرآن للجصاص 1 ص 335، سنن البيهقي 5 ص 17، تفسير القرطبي 2 ص 365 وقال: هذا حديثٌ صحيحٌ. زاد المعاد لابن القيّم 1 ص 84 وذكر تصحيح الترمذي له، المواهب اللدنية للقسطلاني، شرح المواهب للزرقاني 8 ص 153.

6- عن سالم قال: إنّي لجالس مع ابن عمر في المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج: فقال ابن عمر: حسنٌ جميلٌ.

قال: فإنّ أباك كان ينهى عنها.

فقال: ويلك! فإن كان أبي نهى عنها وقد فعله رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وأمر به أفبقول أبي آخذ أم بأمر رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم؟ قم عنّي «(1)».

صورة أخرى:

سُئل عبد اللَّه بن عمر عن متعة الحجّ قال: هي حلالٌ.

فقال له السائل: إنّ أباك قد نهى عنها.

فقال: أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أأمر أبي تتبع أم أمر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم؟

فقال الرجل: بل أمر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم.


1- تفسير القرطبي 2 ص 365 نقلًا عن الدارقطني. المؤلف

ص:44

فقال: قد صنعها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم «(1)».

صورة ثالثة:

قال سالم: سُئل ابن عمر عن متعة الحجّ فأمر بها فقيل له: إنّك تخالف أباك؟

قال: إن أبي لم يقل الذي تقولون إنما قال: أفردوا العمرة من الحجّ أي أنّ العمرة لاتتمّ في شهور الحجّ إلّابهدي، وأراد أن يزار البيت في غير شهور الحج، فجعلتموها أنتم حراماً وعاقبتم الناس عليها، وقد أحلّها اللَّه عزّوجلّ وعمل بها رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم، قال: فإذا اكثروا عليه، قال: أفكتاب اللَّه عزّوجلّ أحقُّ أن يُتبّع أم عمر؟

السنن الكبرى 5 ص 21.

صورة رابعة:

قال سالم: كان عبد اللَّه بن عمر يفتي بالذي أنزل اللَّه عزّ وجلّ من الرخصة في التمتع وسنّ فيه رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم فيقول ناس لعبد اللَّه بن عمر: كيف تخالف أباك وقد نهى عن ذلك؟


1- صحيح الترمذي 1 ص 157، زاد المعاد لابن القيم 1 ص 164، وفي هامش شرح المواهب للزرقاني 2 ص 252. المؤلف

ص:45

فيقول لهم عبداللَّه: ويلكم! ألا تتّقون اللَّه؟ أرأيتم إن كان عمر رضى الله عنه نهى عن ذلك يبتغي فيه الخير ويلتمس فيه تمام العمرة، فلم تحرّمون وقد أحله اللَّه وعمل به رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم، أفرسول اللَّه صلى الله عليه و سلم أحقُّ أن تتّبعوا سنته أو عمر رضى الله عنه؟ إن عمر لم يقل لك: إنّ العمرة في أشهر الحج حرامٌ ولكنّه قال: إنّ أتمّ العمرة أن تفردوها من أشهر الحجّ «(1)».

7- عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس: قال تمتّع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم فقال عروة: نهى أبوبكر وعمر عن المتعة.

فقال ابن عبّاس: ما يقول عريّة؟

قال: يقول نهى أبوبكر وعمر عن المتعة.

فقال ابن عبّاس: أراهم سيهلكون أقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ويقولون: قال ابوبكر وعمر.

مسند أحمد 1 ص 337، كتاب مختصر العلم لأبي عمر ص 226، تذكرة الحفاظ للذهبي 3 ص 53، زاد المعاد لابن القيّم 1 ص 219.

8- أخرج أحمد في مسنده 1 ص 49 عن أبي موسى: أنّ عمر رضى الله عنه قال: هي سنة رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم يعني المتعة، ولكنّي أخشى أن يعرّسوا


1- سنن البيهقي 5 ص 21، مجمع الزوائد 1 ص 185. المؤلف

ص:46

بهن تحت الأراك ثمّ يروحوا بهنّ حجاجاً.

9- عن ابن عبّاس أنّه قال لمن كان يعارضه في متعة الحجّ بأبي بكر وعمر: يوشك أن ينزل عليكم حجارة من السماء، أقول:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وتقولون: قال أبوبكر وعمر.

زاد المعاد لابن القيم 1 ص 215 وهامش شرح المواهب 2 ص 328.

10- عن الحسن أن عمر أراد أن ينهي عن متعة الحجّ فقال له أبيّ: ليس ذلك لك فقد تمتّعنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ولم ينهنا عن ذلك فأضرب عن ذلك عمر، وأراد أن ينهي عن حلل الحبرة لأنها تصبغ بالبول.

فقال له أبي: ليس لك ذلك قد لبسهنّ النبي صلى الله عليه و سلم ولبسناهنّ في عهده.

أخرجه إمام الحنابلة أحمد في مسنده 5 ص 143، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 3 ص 246 نقلًا عن أحمد وقال: رجاله رجال الصّحيح، والسيوطي في جمع الجوامع كما في تربيبه 3 ص 33 نقلًا عن أحمد، وفي الدرّ المنثور 1 ص 216 نقلًا عن مسند ابن راهوية وأحمد، ولفظه:

إنّ عمر بن الخطاب همّ أن ينهي عن متعة الحجّ فقام إليه ابي بن كعب فقال: ليس ذلك لك قد نزل بها كتاب اللَّه واعتمرناها مع

ص:47

رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم فنزل عمر.

وذكره ابن القيّم الجوزية في زاد المعاد 1 ص 220 من طريق عليّ بن العزيز البغوي، ولفظه:

إنّ عمر أراد أن يأخذ مال الكعبة وقال: الكعبة غنية عن ذلك المال، وأراد أن ينهي أهل اليمن أن يصبغوا بالبول، وأراد أن ينهي عن متعة الحجّ فقال ابيّ بن كعب: قد رأى رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وأصحابه هذا المال وبه وبأصحابه الحاجة إليه فلم يأخذه وأنت فلا تأخذه، وقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وأصحابه يلبسون الثياب اليمانية فلم ينه عنها وقد علم أنّها تُصبغ بالبول، وقد تمتعنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم فلم ينه عنها ولم ينزّل اللَّه تعالى فيها نهياً.

11- أخرج البخاري في صحيحه عن أبي حمزة نصر بن عمران قال: سألت ابن عباس رضى الله عنه المتعة فأمرني بها، وسألته عن الهدي فقال: فيها- في المتعة- جزورٌ أو بقرة أو شاة أو شرك في دم.

قال: وكأن ناساً كرهوها، فنمت فرأيت في المنام كأنّ إنساناً ينادي حجّ مبرور ومتعةٌ متقبلة، فأتيت ابن عبّاس رضي اللَّه عنهما فحدثته فقال: اللَّه أكبر سنّة أبي القاسم صلى الله عليه و سلم «(1)».


1- صحيح البخاري 3 ص 114 كتاب الحج باب فمن تمتع بالعمرة الى الحج، وذكره السيوطي في الدر المنثور 1 ص 217 نقلًا عن البخاري ومسلم. المؤلف

ص:48

قال القسطلاني في إرشاد السّاري 3 ص 204- وكأن ناساً كرهوها- يعني كعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وغيرهما ممّن نقل الخلاف في ذلك.

12- عن ابن سيرين: إنّه سُئل عن المتعة بالعمرة إلى الحج قال:

كرهها عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان فإن يكن علماً فهما أعلم منّي؟ وإن يكن رأياً فرأيهما أفضل أخرجه أبو عمر في جامع بيان العلم 2 ص 31، وفي مختصره ص 111.

13- عن الأسود بن يزيد قال: بينما أنا واقف مع عمر بن الخطاب بعرفة عشيّة عرفة فإذا هو برجل مرجّل شعره يفوح منه ريح الطيب فقال له عمر: أمحرم أنت؟

قال: نعم.

فقال عمر: ما هيأتك بهيأة محرم إنّما المحرم الأشعث الأغبر الأذفر.

قال: إنّي قدمت متمتّعاً وكان معي أهلي، وإنّما أحرمت اليوم.

فقال عمر عند ذلك: لاتتمتّعوا في هذه الأيام فإني لو رخّصت في المتعة لهم لعرّسوا بهن في الأراك ثمّ راحوا بهن حجّاجاً.

أخرجه أبو حنيفة كما في زاد المعاد لابن القيّم 1 ص 220 فقال:

قال ابن حزم: وكان ماذا؟ وحبّذا ذلك وقد طاف النبيّ صلى الله عليه و سلم على

ص:49

نساءه ثمّ أصبح محرماً، ولاخلاف أنَّ الوطء مباحٌ قبل الإحرام بطرفة عين واللَّه أعلم.

أخرج أبو يوسف القاضي في كتاب الآثار ص 97 رواية عن أبي حنيفة، عن حمّاد عن إبراهيم، عن عمر بن الخطاب انّه: بينا هو واقفٌ بعرفات إذ أبصر رجلًا يقطر رأسه طيباً فقال له عمر: ألست محرماً؟ ويحك!

فقال: بلي يا أمير المؤمنين.

قال: مالي أراك يقطر رأسك طيباً؟ والمحرم أشعث أغبر.

قال: أهللت بالعمرة مفردة وقدمت مكّة ومعي أهلي ففرغت من عمرتي، حتّى إذا كان عشيّة التروية أهللت بالحجّ.

قال: فرأى عمر أنّ الرجل قد صدقه إنما عهده بالنساء والطيب بالأمس، فنهى عمر عن ذلك عن المتعة وقال: إذاً واللَّه لأوشكتم لوخليّت بينكم وبين المتعة أن تضاجعوهنّ تحت إراك عرفة تمّ تروحون حجّاجاً».

14- عن ابن عباس قال: سمعت عمر يقول: واللَّه إنّي لأنهاكم عن المتعة وانّها لفي كتاب اللَّه ولقد فعلها رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم يعني العمرة في الحجّ.

أخرجه النسائي في سننه 5 ص 153.

ص:50

15- عن عبد اللَّه بن عمر: إنّ عمر بن الخطاب قال: أفصلوا بين حجّكم وعمرتكم، فإنّ ذلك أتمّ لحجّ أحدكم، وأتم لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحجّ.

موطأ مالك 1 ص 252، سنن البيهقي 5 ص 5، تيسير الوصول 1 ص 279، وأخرجه ابن أبي شيبة كما في الدرّ المنثور 1 ص 218 ولفظه:

قال عمر: أفصلوا بين حجّكم وعمرتكم، إجعلوا الحجّ في أشهر الحجّ، واجعلوا العمرة في غير أشهر الحجّ، أتمّ لحجّكم ولعمرتكم.

16- عن سعيد بن المسيب: إنّ عمر بن الخطاب نهى عن المتعة في أشهر الحجّ وقال: فعلتها مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وأنا أنهى عنها، وذلك أن أحدكم يأتي من افق من الآفاق شعثاً نصباً معتمراً في أشهر الحجّ، وإنما شعثه ونصبه وتلبيته في عمرته، ثمّ يقدم فيطوف بالبيت ويحلّ ويلبس ويتطيّب ويقع على أهله إن كانوا معه، حتّى إذا كان يوم التروية أهلّ بالحجّ وخرج إلى منى يلبي بحجة لاشعت فيها ولانصب ولاتلبية إلّايوماً، والحجّ أفضل من العمرة، لو خلّينا بينهم وبين هذا لعانقوهنّ تحت الأراك، مع أنّ أهل البيت ليس لهم ضرعٌ ولا زرعٌ وإنما ربيعهم فيمن يطرء عليهم.

ذكره السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه، الكنز 3 ص 32

ص:51

نقلًا عن أبي نعيم في الحلية، وأحمد في المسند، والبخاري، ومسلم، والنسائى، والبيهقي في السنن.

17- أخرج القاضي أبو يوسف في كتاب الآثار ص 99 عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: إنما نهى عمر عن الإفراد يعني إفراد المتعة فأمّا القرآن فلا.

متعة النساء

1- عن جابر بن عبد اللَّه قال: كنّا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيّام على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وأبي بكر حتّى- ثمّ- نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث.

صحيح مسلم 1 ص 395، جامع الأصول لابن الأثير «(1)»، تيسير الوصول لابن الديبع 4 ص 262، زاد المعاد لابن القيم 1 ص 444، فتح الباري لابن حجر 9 ص 141، كنز العمّال 8 ص 294.

2- عن عروة بن الزبير: إنّ خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقالت: إنّ ربيعة بن امية استمتع بإمرأة مولدة فحملت منه فخرج عمر رضى الله عنه يجرّ رداءه فزعاً فقال: هذه المتعة ولو


1- جامع الأصول 11/ 451 ح 8993.

ص:52

كنت تقدّمت فيه لرجمته.

إسنادٌ صحيحٌ رجاله كلهم ثقاتٌ أخرجه مالك في الموطأ 2 ص 30، والشافعي في كتاب الام 7 ص 219، والبيهقي في السنن الكبرى 7 ص 206.

3- عن الحكم قال: قال علي رضى الله عنه: لولا إن عمر رضى الله عنه نهى عن المتعة مازنى إلّاشقيّ.

صورة اخرى

عن الحكم إنّه سُئل عن هذه الآية- آية متعة النساء- أمنسوخةٌ؟

قال: لا.

وقال عليٌّ: لولا إنّ عمر نهى عن المتعة مازنى إلّاشقيّ.

تفسير الطبري 5 ص 9 بإسناده صحيح، تفسير الثعلبي، تفسير الرازي 3 ص 200، تفسير أبي حيّان 3 ص 218، تفسير النيسابوري «(1)»، الدرّ المنثور 2 ص 140 بعدّة طرق.

4- عن ابن جريج عن عطاء قال سمعت ابن عبّاس يقول:

رحم اللَّه عمر ما كانت المتعة إلّارحمة من اللَّه رحم بها امّة محمّد


1- غرائب القرآن النيسابوري 5/ 17 هامش الطبري.

ص:53

ولولا نهيه لما احتاج إلى الزنا إلّاشفي «(1)».

أحكام القرآن للجصّاص 2 ص 179، بداية المجتهد لابن رشد 2 ص 58، النهاية لابن الأثير 2 ص 249، الغريبين للهروي، الفائق للزمخشري 1 ص 331، تفسير القرطبي 5 ص 130 وفيه بدل إلّاشفى: إلّاشقي، وكذلك في تفسير السيوطي 2 ص 140 من طريق الحافظين عبدالرزّاق وابن المنذر عن عطاء، لسان العرب لابن منظور 19 ص 166، تاج العروس 10 ص 200 وحذف من صدر الحديث «رحم اللَّه عمر» وزاد هو وابن منظور قال عطاء:

واللَّه لكأني أسمع قوله إلّاشقي.

5- أخرج الحافظ عبد الرزاق في مصّنّفه عن ابن جريج قال:

أخبرني أبو الزبير عن جابر قال: قدم عمرو بن حريث الكوفة فاستمتع بمولاة فأتى بها عمر وهي حبلى فسأله فاعترف قال:

فذلك حين نهى عنها عمر.

فتح الباري 9 ص 141.

6- أخرج الحافظ ابن أبي شيبة عن نافع؟ إنّ ابن عمر سئل عن المتعة؟

فقال: حرامٌ.


1- أي الا قليلًا من الناس. قاله ابن الأثير في النهاية. المؤلف وشفى: بالفاء« بنقطة واحدة» والألف المقصورة.

ص:54

فقيل له: إبن عبّاس يُفتي بها.

قال: فهلّا ترمرم بها- تزمزم- في زمان عمر.

الدرّ المنثور 2 ص 140، جمع الجوامع نقلًا عن ابن جرير.

7- أخرج الطبري عن جابر قال: كانوا يتمتعون من النساء حتّى نهاهم عمر بن الخطاب.

كنز العمال 8 ص 293.

8- عن سليمان بن يسار عن أم عبد اللَّه ابنة أبي خيثمة إنّ رجلًا قدم من الشام فنزل عليها فقال: إنّ العزبة قد اشتدت عليّ فابغيني امرأة اتمتع معها.

قالت: فدللته على امرأة فشارطها واشهدوا على ذلك عدولًا فمكث معها ما شاءاللَّه أن يمكث.

ثمّ أنّه خرج فأخبر عن ذلك عمر بن الخطاب فأرسل إليّ فسألني أحقّ ما حدّثت؟

قلت: نعم.

قال: فإذا قدم فأذنيني، فلمّا قدم أخبرته فأرسل إليه.

فقال: ماحملك على الذي فعلته؟

قال: فعلته مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ثمّ لم ينهنا عنه حتّى قبضه اللَّه، ثمّ مع أبي بكر فلم ينهنا عنه حتّى قبضه اللَّه، ثمّ معك فلم تحدّث لنا فيه نهياً.

ص:55

فقال عمر: أما والذي نفسي بيده لو كنت تقدّمت في نهي لرجمتك، بينوا حتى يعرف النكاح من السّفاح.

كنز العمّال 8 ص 294 من طريق الطبري

9- أخرج الحفّاظ عبد الرزّاق، وابو داود في ناسخه، وابن جرير الطبري عن عليّ أمير المؤمنين قال: لولا ماسبق من رأي عمر بن الخطاب لأمرت بالمتعة ثمّ ما زنى إلّاشقي.

كنز العمّال 8 ص 294.

10- قال عطاء: قدم جابر بن عبداللَّه معتمراً فجئناه في منزله فسأله القوم عن أشياء ثمّ ذكروا المتعة فقال: استمتعنا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر.

وفي لفظ أحمد: حتّى إذا كان في آخر خلافة عمر رضى الله عنه.

صحيح مسلم 1 ص 395 في باب نكاح المتعة، مسند أحمد 3 ص 380، وذكره فخر الدين ابو محمّد الزيلعي في تبيان الحقائق شرح كنز الدقائق ولفظه: تمتّعنا على عهد رسول اللَّه وابي بكر ونصفاً من خلافة عمر ثمّ نهى النّاس عنه.

11- عن عمران بن حصين قال: نزلت آية المتعة في كتاب اللَّه تعالى لم تنزل آيةٌ بعدها تنسخها فأمرنا بها رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وتمتّعنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ومات ولم ينهنا عنها قال رجلٌ بعدُ برأيه

ص:56

ماشاء «(1)».

ذكره المفسرون عند قوله تعالى: «فما استمتعتم به منهنّ فآتوهن اجورهنّ فريضة» في بيان حجّة من جوّز متعة النكاح، وبعضهم في مقام إثبات نسبة الجواز إلى عمران بن حصين.

راجع تفسير الثعلبى «(2)»، تفسير الرازي 3 ص 200 و 202، تفسير أبي حيّان 3 ص 218، تفسير النيسابوري «(3)».

12- عن نافع عن عبداللَّه بن عمر: إنه سئل عن متعة النساء؟

فقال: حرام أما إنّ عمر بن الخطاب رضى الله عنه لو أخذ فيها أحداً لرجمه بالحجارة.

السنن الكبرى للبيهقي 7 ص 206.

13- كان عمر رضوان اللَّه عليه يقول: واللَّه لااؤتي برجل أباح المتعة إلّارجمته.

ذكره سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان

14- عن ابي سعيد الخدري وجابر بن عبد اللَّه قالا: تمتّعنا الى نصف من خلافة عمر رضى الله عنه حتّى نهى عمر النّاس عنها في شأن


1- مرت مصادر هذا الحديث في ص 38 المؤلف.
2- نقله عنهُ البياضي في الصراط المستقيم 3/ 273.
3- غرائب القرآن للنيسابوري 5/ 17 هامش الطبري.

ص:57

عمرو بن حريث.

عمدة القاري للعيني 8 ص 310، وأخرجه ابن رشد في بداية المجتهد 2 ص 58 عن جابر بلفظ: تمتّعنا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وابي بكر ونصفاً من خلافة عمر ثمّ نهى عنها عمر النّاس.

15- عن أيّوب قال عروة لابن عبّاس: ألا تتقي اللَّه ترخّص في المتعة؟

فقال ابن عبّاس: سل امك يا عريّة؟

فقال عروة: أمّا أبو بكر وعمر فلم يفعلا.

فقال ابن عباس: واللَّه ما أراكم منتهين حتّى يعذّبكم اللَّه، نحدّثكم عن النبي صلى الله عليه و سلم وتحدّثونا عن أبي بكر وعمر «(1)».

إحالة ابن عبّاس فصل القضاء على امّ عروة أسماء بنت أبي بكر إنما هي لتمتع الزبير بها، وإنّها ولدت له عبد اللَّه.

قال راغب في المحاضرات 2 ص 94: عير عبد اللَّه بن الزبير عبداللَّه بن عبّاس بتحليله المتعة فقال له: سل امّك كيف سطعت المجامر بينها وبين أبيك، فسألها فقالت: ما ولدتك إلّافي متعة.

وقال ابن عبّاس: أوّل مجمر سطع في المتعة مجمر آل الزّبير «(2)».


1- أخرجه ابو عمر في العلم 2 ص 196، وفي مختصره ص 226، وذكره ابن القيم في زاد المعاد 1 ص 219.
2- العقد الفريد 2 ص 139.

ص:58

وأخرج مسلم في صحيحه ص 354 عن مسلم القري قال:

سألت ابن عبّاس عن متعة الحج فرخّص فيها.

وكان الزبير ينهى عنها فقال: هذه امّ ابن الزبير تحدّث ان رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم رخص فيها فادخلوا عليها فاسألوها.

قال: فدخلنا عليها فإذا امرأة ضخمة عمياء فقالت: قد رخّص رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم فيها.

أخرجه بهذا اللفظ من طريقين ثمّ قال: فأمّا عبد الرحمان ففي حديثه- المتعة- ولم يقل- متعة الحجّ- وأما ابن جعفر فقال: قال شعبة: قال مسلم- يعني القري- لا أدري متعة الحج أو متعة النساء.

والمتعة وإن اطلقت في لفظ عبد الرحمان ولايدري مسلم أي المتعتين هي، غير أن ابا داود الطيالسي أخرج في مسنده ص 227 عن مسلم القري قال: دخلنا على أسماء بنت أبي بكر فسألناها عن متعة النساء، فقالت فعلناها على عهد النبي صلى الله عليه و سلم.

نعم فيما أخرجه أحمد في مسنده 6 ص 348- متعة الحج- رواه من طريق شعبة وقد سمعت حكايته عن مسلم ترديده فلعلّها قيدت بعدُ بذلك تحفظاً على كرامة ابن الزبير، وتخفّياً على القارئ كونه وليد المتعة.

ص:59

16- أخرج ابن الكلبي: انّ سلمة بن امية بن خلف الجمحي استمتع من سلمى مولاة حكيم بن امية بن الأوقص الأسلمي فولدت له فجحد ولدها، فبلغ ذلك عمر فنهى المتعة.

وروي أيضاً إنّ سلمة استمتع بإمرأة فبلغ عمر فتوعّده.

الإصابة 2 ص 63.

المتعتان: متعة الحج ومتعة النساء

عن ابي نضرة قال: كنت عند جابر بن عبداللَّه فأتاه آتٍ فقال:

ابن عبّاس وابن الزبير اختلف في المتعتين.

فقال جابر: فعلمناهما مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ثمّ نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما.

صحيح مسلم 1 ص 395، سنن البيهقي 7 ص 206.

صورةٌ اخرى:

عن أبي نضرة عن جابر رضى الله عنه قال قلت: إن ابن الزبير ينهى عن المتعة وان ابن عباس يأمر به قال: على يدي جرى الحديث تمتعنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ومع أبي بكر رضى الله عنه فلمّا ولي عمر خطب النّاس فقال:

إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم هذا الرسول، وإنّ القرآن هذا القران، وإنّهما كانتا متعتان على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وأنا أنهى عنهما واعاتب عليهما:

إحداهما متعة النساء، ولاأقدر على رجل تزويج امرأة الى أجل إلّا

ص:60

غيّبته بالحجارة، والاخرى: متعة الحج.

سنن البيهقي 7 ص 206 فقال: أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن همام

صورة ثالثة:

عن جابر بن عبداللَّه قال: تمتعنا متعتين على عهد النبي صلى الله عليه و سلم: الحج والنساء فنهانا عمر عنهما فانتهينا.

أخرجه إمام الحنابلة أحمد في مسنده 3 ص 356، 363 بطريقين أحدهما طريق عاصم صحيحٌ رجاله كلّهم ثقاتٌ بالاتفاق، وذكره السيوطي كما في كنز العمال 8 ص 293 عن الطبري.

صورة رابعة:

عن أبي نضرة قال: كان ابن عباس يأمر بالمتعة وكان ابن الزبير ينهى عنها قال: فذكرت ذلك لجابر بن عبداللَّه فقال: على يدي دار الحديث تمتعنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم فلمّا قام عمر قال: إنّ اللَّه كان يحلّ لرسوله ماشاء بما شاء فأتموا الحج والعمرة كما أمر اللَّه، وانتهوا- وابتوا- عن نكاح هذه النساء لا اتي برجل نكح- تزوّج- امرأة الى أجل إلّارجمته.

صحيح مسلم 1 ص 467، أحكام القرآن للجصّاص 2 ص 178،

ص:61

سنن البيهقي 5 ص 21، تفسير الرازي 3 ص 26، كنز العمال 8 ص 293، الدر المنثور 1 ص 216.

صورة خامسة:

قال قتادة: سمعت ابا نضرة يقول: قلت لجابر بن عبد اللَّه: إنّ ابن الزبير ينهى عن المتعة وإنّ ابن العباس يأمر بها قال جابر: على يدي دار الحديث تمتعنا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم فلمّا كان عمر بن الخطاب وقال: إنّ اللَّه عزّ وجلّ كان يحلّ لنبيه ما شاء وانّ القرآن قد نزل منازله، فافصلوا حجّكم من عمرتكم، واتبعوا نكاح هذه النساء، فلا اتي برجل تزوج امرأة إلى أجل الّا رجمته.

مسند ابي داود الطيالسي ص 247.

قال الأميني: لمّا لم يكن رجم المتمتّع بالنساء مشروعاً ولم يحكم به فقهاء القوم لشبهة العقد هناك قال الجصّاص بعد ذكر الحديث: فذكر عمر الرجم في المتعة جائز أن يكون على جهة الوعيد والتهديد لينزجر الناس عنها.

2- عن عمر أنّه قال في خطبته: متعتان كانتا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وأنا أنهى عنهما واعاقب «(1)» عليهما: متعة الحج ومتعة النساء.


1- أضرب فيهما، كذا في لفظ غير واحد، وفي لفظ الجاحظ: أضرب عليهما. المؤلف.

ص:62

وفي لفظ الجصّاص: لو تقدمت فيها لرجمت.

البيان والتبيين للجاحظ 2 ص 223، أحكام القرآن للجصّاص 1 ص 342 و 345، وج 2 ص 184، تفسير القرطبي 2 ص 370، المبسوط للسرخسي الحنفي في باب القران من كتاب الحج وصححه «(1)»، زاد المعاد لابن القيّم 1 ص 444 فقال: ثبت عن عمر، تفسير الفخر الرازي 2 ص 167 وج 3 ص 201 و 202، كنز العمّال 8 ص 293 نقله عن كتاب أبي صالح والطحاوي، وص 294 عن ابن جرير الطبري وابن عساكر، ضوء الشمس 2 ص 94.

إستدلّ المأمون على جواز المتعة بهذا الحديث، وهمّ بأن يحكم بها كما في تاريخ ابن خلكان 2 ص 359 ط ايران، واللفظ هناك: متعتان كانتا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وعلى عهد أبي بكر رضى الله عنه وأنا أنهى عنهما.

خطبة عمر هذه في المتعتين من المتسالم عليه بالألفاظ المذكورة، غير أن أحمد إمام الحنابلة أخرج الحديث باللفظ الثاني لجابر وحذف منه ما حسبه خدمة للمبدأ ولفظه: فلمّا ولي عمر رضى الله عنه خطب الناس فقال: إنّ القرآن هو القرآن وإنّ رسول اللَّه هو الرّسول وانّهما كانتا متعتان على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم إحداهما متعة الحج والأخرى متعة النساء.


1- لم اجده في كتاب الحج من المبسوط.

ص:63

3- أخرج الحافظ ابن ابي شيبة عن سعيد بن المسيّب قال: نهى عمر عن متعتين: متعة النساء ومتعة الحج.

الدرّ المنثور 2 ص 140، كنز العمّال 8 ص 293 نقلًا عن مسدّد.

4- أخرج الطبري عن عروة بن الزبير انّه قال لابن عبّاس: أهلكت النّاس

قال: وماذاك؟ قال: تفتيهم في المتعة وقد علمت أنّ أبابكر وعمر نهيا عنهما؟

فقال: ألا للعجب إنّي احدثه عن رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ويحدّثني عن أبي بكر وعمر.

فقال: هما كانا أعلم بسنة رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وأتبع لها منك.

كنز العمال 8 ص 293، مرآة الزمان للسبط الحنفي ص 99.

5- قال الرّاغب في المحاضرات 2 ص 94: قال يحيى بن اكثم لشيخ بالبصرة: بمن اقتديت في جواز المتعة؟

قال: بعمر بن الخطاب رضى الله عنه.

قال: وكيف وعمر كان أشدّ الناس فيها؟

قال: لأن الخبر الصحيح أنّه صعد المنبر فقال: إنّ اللَّه ورسوله قد أحلّا لكم متعتين وإني محرّمهما عليكم اعاقب عليهما فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه.

ص:64

6- أخرج الطبري في تاريخه 5 ص 32 عن عمران بن سوادة قال: صليّت الصّبح مع عمر فقرأ سبحان وسورة معها ثمّ انصرف وقمت معه فقال: أحاجة؟

قلت: حاجة.

قال: فألحق.

قال: فلحقت فلمّا دخل أذن لي فإذا هو على سرير ليس فوقه شي ء.

فقلت: نصيحة.

فقال: مرحباً بالنّاصح غدوّاً وعشياً.

قلت: عابت امّتك أربعاً.

قال: فوضع رأس درته في ذقنه ووضع أسفلها على فخذه ثمّ قال: هات.

قلت: ذكروا انك حرمت العمرة في أشهر الحج ولم يفعل ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ولا أبو بكر رضى الله عنه وهي حلال.

قال: هي حلال لو انّهم اعتمروا في أشهر الحج رأوها مجزية من حجّهم، فكانت قائبة قوب عامها فقرع حجّهم وهو بها من بهاء اللَّه وقد أصبت.

قلت: وذكروا إنّك حرمت متعة النساء وقد كنت رخصة من

ص:65

اللَّه نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث.

قال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم أحلّها في زمان ضرورة ثمّ رجع الناس إلى السعة، ثمّ لم أعلم أحداً من المسلمين عمل بها ولاعاد إليها فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق وقد أصبت.

قال: قلت وأعتقت الأمة إن وضعت ذا بطنها بغير عتاقة سيدها.

قال: ألحقت حرمة بحرمة وما أردت إلّاالخير واستغفر اللَّه.

قلت: وتشكوا منك نهر الرعيّة وعنف السياق.

قال: فشرع الدرّة ثمّ مسحها حتى أتى على آخرها، ثمّ قال: أنا زميل محمّد- وكان زامله في غزوة قرقرة الكدر- فو اللَّه إني لأرتع فاشبع، واسقي فأروي. وأنهز اللفوت «(1)» أزجر العروض «(2)» وأذب قدري، وأسوق خطوي، وأضمّ العنود «(3)» والحق القطوف «(4)» وأكثر الزجر، واقل الضّرب، وأشهر العصا، وأدفع باليد، لولا ذلك لاعذرت.

قال: فبلغ ذلك معاوية فقال: كان واللَّه عالماً برعيتهم.


1- النهز: الضرب والدفع. واللفوت: الناقة الضجور عند الحلب. المؤلف
2- العروض: الناقة تأخذ يميناً وشمالًا ولا تلزم المحجة. المؤلف
3- العنود: المائل عن القصد. المؤلف
4- القطوف: من الدواب التي يسي ء السير المؤلف

ص:66

وذكره ابن أبي الحديد في شرحه 3 ص 28 نقلًا عن ابن قتيبة والطبري.

7- أخرج الطبري في المستبين عن عمر أنه قال: ثلاث كنّ على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم أنا محرّمهن ومعاقب عليهنّ: متعة الحج، ومتعة النساء، وحيّ على خير العمل في الأذان.

وذكره القوشچي في شرح التجريد وسيوافيك قوله فيه، وحكاه عن الطبري الشيخ علي البياضي في كتابه الصراط المستقيم «(1)».

هذا شطرٌ من أحاديث المتعتين وهي تربو على أربعين حديثاً بين صحاح وحسان تُعرب عن أنّ المتعتين كانتا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ونزل فيهما القرآن وثبتت إباحتهما بالسنة وأول من نهى عنهما عمر.

وعدّه العسكري في اولياته، والسيوطي في تاريخ الخلفاء ص 93، والقرماني في تاريخه- هامش الكامل- 1 ص 203، أول من حرّم المتعة.

نظرة في المتعتين

هذه جملة ممّا ورد فيهما من الأحاديث، وهي كما ترى بنفسها


1- الصراط المستقيم 3/ 227.

ص:67

وافيةٌ باثبات تشريعهما على العهد النبوي كتاباً وسنة من دون نسخ يعقب حكمهما، أضف إليها من الأحاديث الكثيرة الدالّة على إباحتهما ولم نذكرها لخلوّها عن نهي عمر، ولم يكن النهي منه في المتعتين إلّارأياً محضاً أو اجتهاداً مجرّداً تجاه النص، أما متعة الحج فقد نهى عنها لما استهجنه من توجّه الناس إلى الحج ورؤوسهم تقطر ماءً بعد مجامعة النساء بعد تمام العمرة، لكن اللَّه سبحانه كان أبصر منه بالحال، ونبيّه صلى الله عليه و سلم كان يعلم ذلك حين شرّع إباحته متعة الحجّ حكماً باتاً أبدياً الى يوم القيامة كما هو نص الأحاديث الآنفة والآتية، ولم يكن ما جاء به إلّااستحساناً يخصّ به لايعوّل عليه وجاه الكتاب والسنة.

هذا ما رآه الخليفة هو بنفسه في مستند حكمه، وهناك أقاويل منحوتة جاءوا بها شوهاء ليعضدوا تلك الفتوى المجردة، ويبرّروا بها ماقدم عليه الخليفة وتفرّد به، وكلّها يخالف ما نصّ عليه هو بنفسه، وهي أعذار مفتعلة لايدعم قولًا ولايغني من الحقّ شيئاً.

فمنها:

1- إنّ المتعة التي نهى عنها عمر هي فسخ الحج الى العمرة التي يحج بعدها.

وتدفعه: نصوص الصحاح المذكورة عن ابن عباس، وعمران بن الحصين، وسعد بن ابي وقاص، ومحمّد بن عبد اللَّه بن نوفل،

ص:68

وأبي موسى الأشعري، والحسن، وبعدها نصوص العلماء على أنّ المنهي عنه للخليفة هو متعة الحج والجمع بين الحجّ والعمرة.

وقبل هذه كلها تنصيص عمر نفسه على ذلك وتعليله للنهي عنها بقوله: إني أخشى أن يعرّسوا بهن تحت الأراك ثمّ يروحوا به حجاجاً.

وقوله: إني لو رخّصت في المتعة لهم لعرّسوا بهنّ في الأراك ثم راحوا بهن حجّاجاً.

وقوله: كرهت أن يظلوا معرّسين بهن في الأراك ثمّ يروحون في الحج تقطر رؤوسهم.

وقال الشيخ بدر الدين العيني الحنفي في عمدة القاري شرح صحيح البخاري 4 ص 568: قال عياض وغيره جازمين: بأنّ المتعة التي نهى عنها عمر وعثمان رضى الله عنه عنهما هي فسخ الحج إلى العمرة لا العمرة التي يحجّ بعدها.

قلت: يرد عليهم ما جاء في رواية مسلم في بعض طرقه التصريح بكونه متعة الحج.

وفي رواية له: إن رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم أعمر بعض أهله في العشر.

وفي رواية له جمع بين حجّ وعمرة. ومراده التمتّع المذكور وهو الجمع بينهما في عام واحد. انتهى.

ص:69

2- اختصاص إباحة المتعة بالصحابة في عمرتهم مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم فحسب. عزوا ذلك إلى عثمان وإلى الصحابي العظيم أبي ذر الغفاري.

ويرد عليه كما في زاد المعاد لابن القيم 1 ص 213: إنّ تلكم الآثار الدالّة على الإختصاص بالصحابة بين باطل لايصحّ عمن نُسب إليه البتّة، وبين صحيح عن قائل غير معصوم لايعارض به نصوص المشرع المعصوم، ففي صحيحة الشيخين وغيرهما عن سراقة بن مالك قال: متعتنا هذه يا رسول اللَّه لعامنا هذا أم للأبد؟

قال: لا بل للأبد- لأبد الأبد «(1)».

وفي صحيحة اخرى عن سراقة قال: قام رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم خطيباً فقال: ألا إنّ العمرة قد دخلت في الحجّ إلى يوم القيامة «(2)».

وفي صحيحه عن ابن عبّاس قال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة «(3)» قال الترمذي بعده في صحيحة 1 ص 175: وفي


1- صحيح البخاري 3 ص 148 كتاب الحج باب عمرة التنعيم، صحيح مسلم 1 ص 346، كتاب الآثار للقاضي ابي يوسف ص 126، سنن ابن ماجة 2 ص 230، مسند أحمد 3 ص 388 وج 4 ص 175، سنن أبي داود 2 ص 282، صحيح النسائي 5 ص 178، سنن البيهقي 5 ص 19. المؤلف
2- مسند أحمد 4 ص 175، سنن ابن ماجة 2 ص 229، سنن البيهقي 4 ص 552. المؤلف
3- صحيح مسلم 1 ص 355، سنن الدارمي 2 ص 51، صحيح الترمذي 1 ص 175، سنن ابي داود 1 ص 283، سنن النسائي 5 ص 181، سنن البيهقي 4 ص 344. تفسير ابن كثير 1 ص 230 وصححه. المؤلف

ص:70

الباب عن سراقة بن مالك وجابر بن عبداللَّه.

ومعنى هذا الحديث: أن لابأس بالعمرة في أشهر الحج، وهكذا فسره الشافعي وأحمد وإسحاق.

ومعنى هذا الحديث: أن أهل الجاهلية كانوا لايعتمرون في أشهر الحج فلمّا جاء الإسلام رخّص النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك فقال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة يعني لا بأس بالعمرة في أشهر الحج.

انتهى.

وفي صحيحه عن عمر نفسه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم «أتاني جبرئيل عليه السلام وأن بالعقيق فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل: عمرةٌ في حجّة فقد دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة» «(1)».

فلما أجرأ الخليفة على سنة أخبره بها رسول اللَّه وأتى بها جبرئيل.

وقال السندي في حاشية سنن ابن ماجة 2 ص 231: ظاهر حديث بلال موافقة نهي عمر عن المتعة والجمهور على خلافه،


1- أخرجه البيهقي في سننه 5 ص 13 وقال: رواه البخاري في الصحيح. المؤلف

ص:71

وإنّ المتعة غير مخصوصة بهم، فلذلك حملوا المتعة بالفسخ واللَّه أعلم.

وحديث بلال هذه من الأحاديث الدالّة على اختصاص المتعة بالصّحابة وفيه قال أحمد: لايعرف هذا الرجل، هذا حديثٌ ليس إسناده بالمعروف، ليس حديث بلال عندي بثبت.

وقال ابن القيّم في زاد المعاد بعد نقله قول أحمد: قلت: وممّا يدل على صحّة قول الإمام أحمد وإنّ هذا الحديث لايصحُّ أن النبي صلى الله عليه و سلم أخبر عن المتعة أنها للأبد، فنحن نشهد باللَّه أن حديث بلال هذا لايصحّ عن رسول اللَّه، وهو غلطٌ عليه وكيف تُقدّم رواية بلال على روايات الثقات الاثبات إلى أن قال:

قال المجوّزون للفسخ: هذا قولٌ فاسدٌ لاشكّ فيه بل هذا رأي لاشكّ فيه، وقد صرح بأنه رأي من هو أعظم من عثمان، وأبي ذر، وعمران بن حصين، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري تمتعنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ونزل القرآن فقال رجل برأيه ماشاء.

ولفظ مسلم: نزلت آية المتعة في كتاب اللَّه عزّ وجلّ يعني متعة الحج وأمرنا بها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ثمّ لم تنزل آية تنسخ متعة الحج ولم ينه عنها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم حتى مات قال رجل برأيه ما شاء.

وفي لفظ: يريد عمر.

وقال عبد اللَّه بن عمر لمن سأله عنها وقال إنّ أباك نهى عنها:

ص:72

أمر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أحقّ أن يتّبع أو أبي؟

وقال ابن عبّاس لمن كان يعارضه فيها بابي بكر وعمر: يوشك أن ينزل عليكم حجارة من السماء أقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم وتقولون: قال أبوبكر وعمر.

فهذا جواب العلماء لاجواب من يقول: عثمان وأبوذر أعلم برسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم منكم، وهلّا قال ابن عباس وعبد اللَّه بن عمر:

أبوبكر وعمر أعلم برسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم منّا؟ ولم يكن أحدٌ من الصّحابة ولاأحد من التابعين يرضى بهذا الجواب في دفع نصّ عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم وهم كانوا أعلم باللَّه ورسوله وأتقى له من أن يقدّموا على قول المعصوم رأي غير المعصوم.

ثمّ ثبت النص عن المعصوم بأنّها باقية إلى يوم القيامة، وقد قال ببقائها عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وابن عباس، وأبو موسى، وسعيد بن المسيب، وجمهور التابعين.

ويدل على أنّ ذلك رأي محض لاينسب إلى أنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنّ عمر بن الخطاب رضى الله عنه، لمّا نهى عنها قال له أبوموسى الأشعري: يا أمير المؤمنين ما أحدثت في شأن النسك؟

فقال: إن نأخذ بكتاب ربّنا فإن اللَّه يقول «وأتموا الحجّ والعمرة للَّه» وإن نأخذ بسنة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم فإنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لم يحلّ حتى نحر.

ص:73

فهذا إتفاق من أبي موسى وعمر على أن منع الفسخ إلى المتعة والإحرام بها ابتداء إنّما هو رأي منه أحدثه في النسك ليس عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، وإن استدل له بما استدلّ، وأبوموسى كان يُفتي النّاس بالفسخ في خلافة أبي بكر رضى الله عنه كلّها وصدراً من خلافة عمر، حتّى فاوض من رضى الله عنه في نهيه عن ذلك، واتفقا على أنّه رأي أحدثه عمر رضى الله عنه في النسك ثم صح عنه الرجوع عنه. انتهى «(1)».

وقال العيني في عمدة القاري 4 ص 562:

فإن قلت: روي عن أبي ذر أنه قال: كانت متعة الحج لأصحاب محمّد صلى الله عليه و سلم خاصّة في صحيح مسلم.

قلت: قالوا: هذا قول صحابّي يخالف الكتاب والسنّة والإجماع وقول من هو خيرٌ منه.

أمّا الكتاب فقوله تعالى «فمن تمتع بالعمرة إلى الحجّ» وهذا عامّ، وأجمع المسلمون على إباحة التمتع في جميع الأعصار وإنّما اختلفوا في فضله.

وأمّا السنّة فحديث سراقة: المتعة لنا خاصّة أو هي للأبد؟ قال:

بل هي للأبد.

وحديث جابر المذكور في صحيح مسلم في صفة الحج نحو هذا،


1- زاد المعاد 1 ص 215. المؤلف

ص:74

ومعناه أنّ أهل الجاهلية كانوا لايجيزون التمتّع ولايرون العمرة في أشهر الحج إلّافجوراً فبيّن النبيّ صلى الله عليه و سلم إنّ اللَّه قد شرّع العمرة في أشهر الحج وجوّز المتعة إلى يوم القيامة رواه سعيد بن منصور من قول طاووس، وزاد فيه فلمّا كان الإسلام أمر النّاس أن يعتمروا في أشهر الحج فدخلت العمرة في أشهر الحجّ إلى يوم القيامة.

وقد خالف أباذر عليّ، وسعد، وابن عباس، وابن عمر، وعمران بن حصين، وسائر الصّحابة، وسائر المسلمين.

قال عمران: تمتعنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ونزل فيه القران فلم ينهنا عنه رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ولم ينسخها شي ء فقال فيها رجل برأيه ماشاء.

متفق عليه.

وقال سعد بن أبي وقاص: فعلناها مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم يعني المتعة، وهذا يعني الذي نهى عنها يومئذ كافرٌ بالعرش يعني بيوت مكّة.

رواه مسلم. انتهى.

يعني به معاوية بن أبي سفيان كما في صحيح مسلم.

فرأي الخليفة وأمره بالعمرة في غير أشهر الحج عود إلى الرأي الجاهلي قصده أم لم يقصد، فإن أهل الجاهلية كما سمعت كانوا لايرون العمرة في أشهر الحج.

قال ابن عبّاس: واللَّه ما أعمر رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم عائشة في ذي

ص:75

الحجّة إلّاليقطع بذلك أمر أهل الشرك. وقال: كانوا يرون أنّ العمرة في أشهر الحجّ من أفجر الفجور في الأرض «(1)».

3- ما أخرجه ابو داود في سننه 1 ص 283 عن سعيد بن المسيب أنّ رجلًا من أصحاب النبيّ صلى الله عليه و سلم أتى عمر بن الخطاب رضى الله عنه فشهد عنده أنّه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحجّ.

وأجاب عنه بد الدّين العيني في عمدة القاري 4 ص 562 بقوله: اجيب عن هذا بأنّه حالةٌ مخالفة للكتاب والسنّة والإجماع كحديث أبي ذر، بل هو أدنى حالًا منه فإنّ في إسناده مقالًا. انتهى.

وأجاب عنه الزرقاني في شرح الموطأ 2 ص 180 بأنّ إسناده ضعيفٌ ومنقطعٌ كما بيّنه الحفّاظ.

أعطف إلى حديث ذلك الرّجل الذي لم يُعرف ولعلّه لم يولد بعد ما أخرجه أبوداود في سننه 1 ص 283 عن معاوية بن أبي سفيان إنّه قال لأصحاب النبي صلى الله عليه و سلم: هل تعلمون أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم نهى عن كذا وكذا وركوب جلود النمور؟

قالوا: نعم.


1- صحيح البخاري 3 ص 69، صحيح مسلم 1 ص 355، سنن البيهقي 4 ص 345، سنن النسائي 5 ص 180. المؤلف

ص:76

قال: فتعلمون أنه نهى أن يقرن بين الحجّ والعمرة؟

فقالوا: أما هذا فلا.

فقال: أمّا أنّه معهنّ ولكنكم نسيتم.

سبحانك اللهم ما أجرأهم على نواميس الدين فلو كان مثل متعة الحج الذي يشمل حكمها في كلّ سنة مئات من الوف الناس نزل فيها القرآن وفعلها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ثم ينهى عنها صلى الله عليه و آله و سلم وينساه كلّ الصحابة وفيهم كثيرون طالت أيّام صحبتهم، ولم يتفوّه به أي أحد، ولم يذكره إلّامعاوية بن أبي سفيان المتأخّر إسلامه عن أكثرهم، المستتبع لقصر صحبته وقلّة سماعه، ولايفوه به إلّابعد لأي من عمر الدّهر يوم تولّى الأمر وراقه أن يحذو حذو من تقدّمه؟ فأي ثقة تبقى بالأحكام عندئذ؟ وأي اعتماد يحصل للمسلم عليها؟ ولعمر الحقّ ليست هذه كلّها إلّالعباً بالشريعة المطهّرة وتسريباً للأهواء فيها، وما كنت هي عند اولئك الرجال إلّاقوانين سياسية وقتية تدور بنظر من ساسها ورأي من تولّى أزمّتها.

وشفع الحديثين بما رواه أحمد «(1)» في رواية من أنّ أوّل من نهى عنها معاوية وتمتّع أبوبكر وعمر وعثمان.


1- مسند أحمد 1 ص 292، 313؛ وأخرجه الترمذي في صحيحه 1 ص 157. المؤلف

ص:77

وفي اخرى «(1)» أن أبا بكر نهى عنه. فهو مضاد في معاوية لجميع ما تقدّم من الصحاح، وفي أبي بكر لأكثرها، وأحسب أنّ من لفّق الرواية الأولى أراد تخفيفاً عن عمر بإلقاء النهي على عاتق معاوية، ومن اختلق الثانية جعل ذلك الرأي من سنة الشيخين ليقوي جانبه، ذاهلًا عن أنّ الكتاب والسنة يأتيان على كلّ قول وفتوى يتحيّزان عنهما لاي قائل كان القول، ومن أي مفت صدرت الفتوى.

قال العيني في عمدة القاري 4 ص 562: فإن قلت: قد نهى عنها عمر وعثمان ومعاوية؟

قلت: قد أنكر عليهم علماء الصحابة وخالفوهم في فعلها والحق مع المنكرين عليهم دونهم. انتهى.

ولم يكن عزو التمتع إلى عثمان في حديث أحمد والترمذي إلّامن ذاهل مغفل عن أحاديث كثيرة دالة على نهيه عنه أخرجها أئمة الحديث وحفّاظه في الصحاح والمسانيد «(2)»، وفيها اعتراضه على مثل عليّ أمير المؤمنين وتمتعه بقوله: تراني أنهى الناس عن شي ء


1- مسند أحمد 1 ص 337، 353. المؤلف
2- صحيح البخاري 3 ص 69، 71. صحيح مسلم 1 ص 349. صحيح النسائي 5 ص 152، مستدرك الحاكم 1 ص 472، سنن البيهقي 5 ص 22، تيسير الوصول 1 ص 282. المؤلف

ص:78

وأنت تفعله؟ فقال عليه السلام: ما كنت لأدع سنّة رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم لقول أحد من النّاس «(1)».

وفي حديث آخر عند البخاري: فقال عليّ: ما تريد إلّاأن تنهي عن أمر فعله رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم «(2)».

وقد بلغت شدّة نكير عثمان على من تمتع إلى حدّ كاد أن يُقتل من جرّأهُ مولانا أمير المؤمنين، أخرج أبو عمر في كتاب جامع العلم 2 ص 30 وفي مختصره صحيفة 111 عن عبداللَّه بن الزبير أنّه قال:

أنا واللَّه لمع عثمان بالجحفة ومعه رهط من أهل الشام وفيهم حبيب بن مسلمة الفهري إذ قال عثمان وذكر له التمتّع بالعمرة إلى الحج: أن أتموا الحج وخلّصوه في أشهر الحج فلو أخّرتم هذه العمرة حتّى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل فانّ اللَّه قد وسّع في الخير.

فقال له عليّ: عمدت إلى سنّة رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم، ورخّص للعباد بها في كتابه، تضيق عليهم فيها وتنهي عنها، وكانت لذي الحاجة ولنائي الدار، ثمّ أهلّ بعمرة وحجة معاً.

فأقبل عثمان على الناس فقال: وهل نهيت عنها؟ إنّي لم أنه عنها إنّما كان رأياً أشرت به، فمن شاء أخذ به، ومن شاء تركه.


1- صحيح البخاري 3 ص 69 ط سنة 1279 في عشرة مجلدات، سنن النسائي 5 ص 148، سنن البيهقي 4 ص 352 وج 5 ص 22. المؤلف
2- وأخرجه مسلم في صحيحه 1 ص 349. المؤلف

ص:79

قال: فما أنسى قول رجل من أهل الشام مع حبيب بن مسلمة:

انظر إلى هذا كيف يخالف أمير المؤمنين؟ واللَّه لو أمرني لضربت عنه.

قال: فرفع حبيب يده فضرب بها في صدره وقال: اسكت فض اللَّه فاك فإنّ أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أعلم بما يختلفون فيه.

وبما ذكر يظهر فساد بقية ما قيل من الوجوه المبررة لرأي الخليفة، ومن ابتغى وراء ذلك تفصيلًا في الموضوع فعليه بزاد المعاد لابن القيّم الجوزيّة ج 1 ص 177- 225.

أما متعة النساء:

فالذي يظهر من كلمات عمر أنّه يعدّها من السّفاح، ولذلك قال في حديث مرّ: بينوا حتى يُعرف النكاح من السّفاح. ولم يكن عند ذلك وفي عهد الصحابة كلّهم من حديث النسخ عينٌ ولاأثر، وكان إذا شجر بينهم خلافٌ في ذلك استند المجوّزون إلى الكتاب والسنّة، والمانعون إلى قول عمرو نهيه عنها، كما ينفى النسخ بكلّ صراحة قول الخليفة أنا أنهى عنهما، وهو صريح ما مرّ عن أمير المؤمنين عليه السلام وعبد اللَّه بن العبّاس من إسناده النهي إلى عمر فحسب، وسيأتي عن ابن عباس قوله: إن آية المتعة محكمة. يعني لم تنسخ.

ومرّ عن الحكم: أنّها غير منسوخة وإلى هذا استند كل من

ص:80

أباحها من الصحابة والتابعين ومنهم:

1- عمران بن الحصين، مرّ حديثه.

2- جابر بن عبد اللَّه، مر حديثه.

3- عبداللَّه بن مسعود، يأتي حديث قرائته فما استمتعتم به منهن إلى أجل.

وعدّ ابن حزم في المحلّى والزرقاني في شرح الموطأ ممّن ثبت على إباحتها «(1)».

وأخرج الحفاظ عنه انّه قال: كنّا نغزو مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وليس لنا نساء فقلنا: يارسول اللَّه ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ورخّص لنا أن ننكح بالثوب إلى أجل ثمّ قال: لاتحرّموا طيّبات ما أحلّ اللَّه لكم «(2)».

قال الجصّاص بعد ذكر الحديث: إنّ الآية من تلاوة النبي صلى الله عليه و آله و سلم عند إباحة المتعة وهو قوله تعالى «لاتحرموا طيبات ما أحل لكم» وذكره ابن كثير في تفسيره 2 ص 87 نقلًا عن الشيخين وأدخل فيه


1- المحلى 9/ 519، المسألة 1854.
2- صحيح البخاري 8 ص 7 كتاب النكاح، صحيح مسلم 1 ص 354، صحيح ابي حاتم البستي، أحكام القرآن للجصاص 2 ص 184، سنن البيهقي 7 ص 200. تفسير القرطبي 5 ص 130 نقلًا عن صحيح البستي، تفسير ابن كثير 2 ص 87، الدر المنثور 2 ص 307 نقلًا عن تسعة من الأئمة والحفاظ. المؤلف

ص:81

من عند نفسه ثمّ قرأ عبداللَّه.

4- عبداللَّه بن عمر، أخرج إمام الحنابلة أحمد في مسنده 2 ص 95 بإسناده عن عبدالرحمان بن نعم- نعيم- الأعرجي قال:

سأل رجل ابن عمر عن المتعة وأنا عنده متعة النساء؟ فقال واللَّه ما كنّا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم زانين ولا مسافحين.

5- معاوية بن أبي سفيان، عدّه ابن حزم في المحلى، والزرقاني في شرح الموطأ ممّن ثبت على إباحتها «(1)». ومرّ خلافه ويوافيك قولنا الفصل فيه.

6- أبو سعيد الخدري، المحلّى لابن حزم. وشرح الموطأ للزرقاني «(2)».

7- سلمة بن اميّة بن خلف، المحلّى لابن حزم. وشرح الموطأ للزرقاني «(3)».

8- معبد بن اميّة بن خلف، المحلّى لابن حزم «(4)».

9- الزبير بن العوام، راجع صحيفة 57، 58.

10- خالد بن مهاجر بن خالد المخزومي قال: بينا هو جالسٌ


1- المحلى 9/ 519، المسألة 1854.
2- المصدر السابق.
3- المصدر السابق.
4- المصدر السابق.

ص:82

عند رجل جاءه رجلٌ فاستفتاه في المتعة فأمره بها.

فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري: مهلًا.

فقال: ماهي واللَّه لقد فعلت في عهد إمام المتّقين «(1)».

11- عمرو بن حريث، مرّ حديثه ص 207 وفيما أخرجه الطبري عن سعيد بن المسيب قال: إستمتع ابن حريث وابن فلان كلاهما وولد له من المتعة زمان أبي بكر وعمر «(2)».

12- ابيّ بن كعب تأتي قراءته: فما استمتعتم به منهن إلى أجل.

13- ربيعة بن اميّة، مرّ حديثه ص 206.

14- سمير- في الإصابة: لعلّه سمرة بن جندب- قال: كنّا نتمتع على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم.

الإصابة 2 ص 81.

15- سعيد بن جبير، عدّه ابن حزم ممّن ثبت على إباحتها وتأتي قراءته «(3)».

16- طاوس اليماني، عدّه ابن حزم ممن ثبت على إباحتها «(4)».


1- صحيح مسلم 1/ 396؛ سنن البيهقي 7/ 205. المؤلف
2- كنز العمال 8/ 293. المؤلف
3- المحلى 9/ 519.
4- المصدر السابق.

ص:83

17- عطاء أبو محمد المدني، عدّه ابن حزم ممن ثبت على إباحتها «(1)».

18- السدي، كما في تفسيره، وتأتي قراءته.

19- مجاهد، سيأتي قوله في آية المتعة ولم يعز إليه القول بالنسخ.

20- زفر بن أوس المدني، كما في البحر الرائق لابن نجيم 3 ص 115.

قال ابن حزم في المحلّى بعد عدّ جملة ممن ثبت على إباحة المتعة من الصّحابة: ورواه جابر عن جميع الصّحابة مدّة رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر. ثم قال: ومن التابعين طاوس وسعيد بن جبير وعطاء وسائر فقهاء مكّة.

وقال أبو عمر صاحب الإستيعاب: أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلهم يرون المتعة حلالًا على مذهب ابن عباس وحرّمها سائر النّاس «(2)».

وقال القرطبي في تفسيره 5 ص 132: أهل مكّة كانوا


1- المصدر السابق.
2- تفسير القرطبي 5/ 133؛ فتح الباري 9/ 142. المؤلف

ص:84

يستعملونها كثيراً.

وقال الرازي في تفسيره 3 ص 200 في آية المتعة: اختلفوا في أنّها هل نُسخت أم لا؟ فذهب السّواد الأعظم من الأمّة إلى أنها صارت منسوخة. وقال السّواد منهم أنها بقيت مباحة كما كانت.

وقال أبو حيّان في تفسيره بعد نقل حديث إباحتها: وعلى هذا جماعةٌ من أهل البيت والتابعين.

وقد ذهب إلى إباحة المتعة مثل ابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز المكّي المتوفى 150، قال الشافعي: استمتع ابن جريج بسبعين امرأة.

وقال الذهبي تزوّج نحواً من تسعين امرأة نكاح المتعة «(1)».

وقال السرخي في المبسوط: تفسير المتعة أن يقول لامرأة: أتمتع بك كذا من المدة بكذا من المال. وهذا باطلٌ عندنا جائز عند مالك بن أنس وهو الظاهر من قول ابن عبّاس.

وقال فخر الدين أبو محمّد عثمان بن علي الزيلعي في تبيان الحقائق شرح كنز الدقائق: قال مالك: هو- نكاح المتعة- جائز لأنّه كان مشروعاً فيبقى إلى أن يظهر ناسخه، واشتهر عن ابن عباس تحليلها وتبعه على ذلك أكثر أصحابه من أهل اليمن ومكّة، وكان يستدلّ على ذلك بقوله تعالى «فما استمتعتم به منهن فآتوهن


1- تهذيب التهذيب 6/ 406؛ ميزان الإعتدال 2/ 151. المؤلف

ص:85

اجورهن».

وعن عطاء أنه قال: سمعت جابراً يقول: تمتّعنا على عهد رسول اللَّه وأبي بكر ونصفاً من خلافة عمر ثم نهى الناس عنه. وهو يحكي عن ابي سعيد الخدري وإليه ذهب الشيعة.

ويُنسب جواز المتعة إلى مالك في فتاوى الفرغاني تأليف القاضي فخر الدين حسن بن منصور الفرغاني، وفي خزانة الرّوايات في الفروع الحنفية تأليف القاضي جكن الحنفي، وفي كتاب الكافي في الفروع الحنفية، وفي العناية شرح الهداية تأليف أكمل الدين محمّد بن محمود الحنفي، ويظهر من شرح الموطأ للزرقاني أنّه أحد قولي مالك.

النسخ بالكتاب

نعم جاء قوم راقهم أن ينحتوا لنهي عمر حجّة قوية فادّعوا نسخ الآية بالكتاب تارة وبالسنة اخرى، وتضاربت هناك آرائهم وكلّ منها يكذّب الآخر، كما أنّ كلًاّ من قائليها يزيّف قول الآخر، فمن قائل: نسخت بقوله تعالى «يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلّقوهنّ لعدتهنّ».

ومن قائل بنسخها بقوله سبحانه «والذين هم لفروجهم حافظون إلّاعلى أزواهم أو ماملكت أيمانهم فإنّهم غير ملومين»

ص:86

نظراً إلى أن المنكوحة متعةً ليست بزوجة ولاملك يمين.

وثالثٌ يقول إنّها نُسخت بآية الميراث إذ كانت المتعة لاميراث فيها.

هذه كلّها دعاوى فارغة، أيحسب امرئ أن تخفي هذه الآيات وكونهاناسخةلآية المتعة على اولئك الصّحابة وفيهم من المجوّزين لها مَن عرفت، وفيهم من فيهم، وفي مقدّمهم سيّدنا أمير المؤمنين العارف بالكتاب قذاذاته وجذاذاته، وقد مرّ في صحيفة 72 عن الحرالي قوله: قد علم الأوّلون والآخرون انّ فهم كتاب اللَّه منحصرٌ إلى علم عليّ. فكيف ذهب عليه وعلى مثل ابن عبّاس ترجمان القرآن نسخ هذه الآيات آية المتعة وذهبوا إلى إباحتها وما أصاخوا إلى قول أي ناهٍ عنها؟ فالمتمسكون بهذه الآيات في النسخ ممّن أخذوا؟ ومن أين أتاهم هذا العلم؟- المساوق الجهل-.

وإن صدقت الأحلام وكان ابن عبّاس روى النسخ ببعضها كما عزوا اليه «(1)» ورأى مع ذلك إباحتها وقال بها إلى آخر نفس لفظه، وتبعته فيها امة كبيرة فالمصيبة أعظم وأعظم، وحاشاه أن تكون هذه سيرته وهذا مبلغ ثقته وأمانته بودائع العلم والدين.

على أنّ الآية الاولى إنما أراد سبحانه بها من تبين بالطلاق


1- أحكام القرآن للجصاص 2/ 178، سنن البيهقي 7/ 306. المؤلف

ص:87

لامطلق البينونة وإلّا لشملت ملك اليمين أيضاً فنسخته، ولم يقل به أحدٌ ولا عدّه أحد من السفاح.

وأمّا الآية الثانية فالقول فيها بنفي الزوجية في المتعة مصادرة محضة، فإنّ القائل باباحتها يقول بالزوجية فيها وانها نكاح، وعلى ذلك قال القرطبي كما يأتي: لم يختلف العلماء من السّلف والخلف إنّ المتعة نكاح إلى أجل لاميراث فيه.

وعن القاضي كما سيوافيك: إنّه قال: إتّفق العلماء على أنّ هذه المتعة كانت نكاحاً إلى أجل لاميراث فيها.

فالإستدلال باطلاق هذه الآية على إباحة نكاح المتعة أولى من التمسك بها في نسخ آية المتعة.

ثمّ القول بالنسخ بهذه الآية يُعزى إلى ابن عبّاس وهو كعزو الرجوع عن القول باباحة المتعة إليه ساقط عن الإعتبار.

قال ابن بطّال: روى أهل مكة واليمن عن ابن عباس إباحة المتعة، وروي عنه الرجوع باسانيد ضعيفة وإجازة المتعة عنه أصحّ «(1)».

وأما آية الميراث فهي أجنبية عن المقام فإنّ نفي الوراثة جاءت بها السنة في خصوص النكاح المؤجل، فهي بمعزل عن نفي عقدة


1- فتح الباري 9/ 242. المؤلف

ص:88

النكاح وعنوان الزوجية كما جاء مثله في الولد القاتل أو الكافر من غير نفي لأصل البنوة.

وأمّا النسخ بالسنّة:

فقد كثر القول فيه واختلفت الآراء اختلافاً هائلًا، وكلّ منها لايلائم الآخر، والقارئ لامناص له من هذا الخلاف والتضارب في القول لاختلاف ما اختلقته يد الوضع فيه من الروايات الجمّة تجاه ما حفظته السنّة الثابتة والتاريخ الصحيح، فوضع كلّ من رجال النسخ المفتعل بحسب رأيه وسليقته ذاهلًا عن نسيجة أخيه وفعيلته، وإليك جملة من تلك الأقوال:

1- كانت تلك رخصة في أوّل الإسلام نهى عنها رسول اللَّه يوم خيبر «(1)».

2- لم تكن مباحة إلّاللضرورة في أوقات، ثمّ حرّمت آخر سنة حجّة الوداع. قاله الحازمي.

3- لا تحتج إلى الناسخ إنّما ابيحت ثلاثة أيّام فبانقضائها تنتهي الإباحة.

4- كانت مباحة ونُهي عنها في غزوة تبوك.

5- ابيحت عام أوطاس ثمّ نهي عنها.


1- سيأتي من المؤلف رحمه اللَّه نسبة الأقوال إلى أصحابها.

ص:89

6- ابيحت في حجة الوداع ثم نهي عنها.

7- ابيحت ثم نهى عنها عام الفتح.

8- ابيحت يوم الفتح ونهي عنها يوم ذلك.

9- ما حلّت قطّ إلا في عمرة القضاء.

10- هي الزنا لم تبح قطّ في الإسلام قاله النحاس.

11- ابيحت ثمّ نهي عنها عام خيبر، ثمّ اذن فيها عام الفتح، ثمّ حرّمت بعد ثلاث.

12- ابيحت في صدر الإسلام، ثم حرّمت يوم خيبر، ثم ابيحت في غزوة أوطاس، ثمّ حرمت.

13- ابيحت في صدر الإسلام وعام أوطاس ويوم الفتح وعمرة القضاء، وحرّمت يوم خيبر وغزوة تبوك وحجة الإسلام.

14- ابيحت ثمّ نسخت، ثمّ ابيحت ثمّ نسخت، ثم ابيحت ثم نسخت.

15- ابيحت سبعاً ونُسخت سبعاً، نُسخت بخيبر وحنين وعمرة القضاء وعام الفتح وام الأوطاس وغزوة تبوك وحجة الوداع «(1)».


1- راجع أحكام القرآن للجصاص 2/ 182، صحيح مسلم 1/ 394، زاد المعاد 1/ 443، فتح الباري 9/ 138؛ ارشاد الساري 8/ 41؛ شرح صحيح مسلم للنوري هامش الإرشاد 6/ 124- 130، شرح الموطأ للزرقاني 2/ 24. المؤلف

ص:90

وان رمت الوقوف على الآراء المتضاربة حول أحاديث هذه الأقوال والكلمات الطويلة والعريضة فيها فخذ القول الأوّل مقياساً، وقد أخرج حديثه خمسة من أئمة الصحاح الستّ في صحاحهم، وغيرهم من أئمة الحديث في مسانيدهم «(1)»، وأنهوا إسناده إلى عليّ أمير المؤمنين.

فتكلّم القوم فيه فمن قائل «(2)» بأنّ تحريم المتعة يوم خيبر صحيحٌ لاشكّ فيه.

وآخر يقول «(3)» هذا شي ء لايعرفه أحدٌ من أهل السير ورواة الأثر أن المتعة حرّمت يوم خيبر.

وثالث «(4)» يقول: إنّه غلط ولم يقع في غزوة خيبر تمتع بالنساء.

ورابع «(5)» يقول: إن التاريخ في الحديث إنّما هو في النهي عن لحوم


1- صحيح البخاري ص 8 ص 23، صحيح مسلم 1/ 397؛ سنن ابن ماجه 1/ 604، سنن الدارمي 2/ 140؛ صحيح الترمذي 1/ 209، سنن النسائي 6/ 126. المؤلف
2- قاله القاضي عياض وحكاه عنه الزرقاني في شرح الموطأ 3/ 24. المؤلف
3- قاله السهيلي في الروض الانف 2/ 238. المؤلف
4- قاله أبو عمر صاحب الإستيعاب وحكاه عنه الزرقاني في شرح المواهب 2/ 239، وفي شرح الموطأ 2/ 24. المؤلف
5- قاله ابن عيينة في سنن البيهقي 7/ 201، وزاد المعاد 1/ 443. المؤلف

ص:91

الحمر الأهلية لافي النهي عن نكاح المتعة، فتوهّم بعض الرواة فجعله صرفاً لتحريمها. انتهى.

كيف خفي هذا الوهم على طائفة كبيرة من العلماء ومنهم الشافعي وذهبوا إلى تحريمها يوم خيبر؟ كما في زاد المعاد 1/ 442، وكيف عزب عن مثل مسلم وأخرجه في صحيحه بلفظ: نُهي عن متعة النساء يوم خيبر «(1)».

وفي لفظه الآخر: نُهي عن نكاح المتعة يوم خيبر.

وفي ثالث الألفاظ له: نُهي عنها يوم خيبر.

وفي لفظ رابع له: نهى رسول اللَّه عن متعة النساء يوم خيبر؟

وجاء خامس «(2)» يزيّف ويضعف أحاديث بقيّة الأقوال فيقول:

فلم يبق صحيحٌ صريح سوى خيبر والفتح مع ما وقع في خيبر من الكلام.

هذا شأن أصحّ رواية أخرجته أئمة الحديث في النهي عن المتعة، والخطب في بقية مستند تلكم الأقوال أعظم وأعظم، وأفظع من


1- وبهذا اللفظ أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد 6/ 102 وج 8 ص 461. المؤلف
2- قاله الزرقاني في شرح الموطأ 2/ 24. المؤلف

ص:92

هذه كلّها نعرات القرن العشرين لصاحبها موسى الوشيعة فإنه جاء بطامّات قصرت عنها اللاعبين بالكتاب والسنة في القرون المتقادمة، وأتى برأي خداج ومذهب مخترع يُخالف رأي سلف الأمّة جمعاء، ولايساعده في تقوّلاته أي مبدأ من المبادئ الإسلامية ولاشي ء من الكتاب والسنة.

قال: وللأمة في المتعة كلامٌ طويلٌ عريضٌ:

وأرى أن المتعة من بقايا الأنكحة الجاهلية، ويمكن أنّها قد وقعت من بعض الناس في صدر الإسلام، ويمكن أنّ الشارع الكريم قد أقرّها لبعض الناس في الأحوال من باب ما نزل فيها إلّاما قد سلف ... وقد نزل في أشدّ المحرّمات.

كانت المتعة أمراً تاريخياً ولم تكن حكماً شرعياً بإذن من الشّارع، وإن ادّعى مدّع إنّ المتعة كانت حلالًا طلقاً بإذن من الشارع وإقرار منه فلتكن ولنقل أن لا بأس بها ولاكلام لنا في هذه على ردّها.

وإنّما كلامي الآن في أن المتعة هل ثبتت في القرآن أو لا؟

كتب الشيعة تدّعي أنّ المتعة نزل فيها قول اللَّه جلّ جلاله: «فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن».

وأرى أن أدب البيان يأبى، وعربية هذه الجملة

ص:93

الكريمة تأبى أن تكون هذه الجملة الجليلة الكريمة قد نزلت في المتعة لأن تركيب هذه الجملة يفسد، ونظم هذه الآية الكريمة يختل لو قلنا إنّها نزلت فيها. ص 32.

أما متعة النكاح ونكاح المتعة فلم ينزل القرآن فيها وفيه. ولبيان هذا المعنى الجليل عقدت هذا الباب دفعاً لما شرع في كتب الشيعة أنّ قوله: «فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن» نزل في نكاح المتعة ص 121.

المتعة لم تكن مباحة في شرع الإسلام أصلًا، ونسخها لم يكن نسخ حكم شرعي، إنما كان نسخ أمر جاهلي تحريم أبد. ص 132.

حديث المتعة من غرائب الأحاديث كان يقول بها جماعة من الصّحابة حتّى قال بها جماعةٌ من التابعين منهم طاووس، وعطاء، وسعيد بن جبير، وجماعة من فقهاء مكة، روى الحاكم في علوم الحديث عن الإمام الأوزاعي أنّه كان يقول: يُترك من قول أهل الحجاز خمس منها المتعة ص 132.

وقد أسرف القول باباحة المتعة فقيه مكة ابن

ص:94

جريج كما كان يسرف في العمل بها حتّى أوصى بسبعين إمرأة وقال: لاتتزوجوا بهنّ فإنهنّ امهاتكم.

وقد روى أبو عوانة في صحيحه عن ابن جريج عن هذا المسرف المتمتع أنه قال لهم بالبصرة:

اشهدوا إني قد رجعت عن المتعة. أشهدهم بعد أن حدّثهم فيها ثمانية عشر حديثاً أنه لابأس بها وبعد أن شبع منها وعجز.

أستبعد غاية الإستبعاد أن يكون مؤمن يعلم لغة القرآن الكريم، ويؤمن بإعجازه، ويفهم حقّ الفهم إفادة النظم يقول: إنّ قول اللَّه جل جلاله: «فما استمتعتم به منهن فآتوهنّ اجورهنّ فريضة» نزل في متعة النساء. قولُ لا يكون إلّامن جاهل يدّعي ولايعي ص 149.

كتب الشيعة ترفع إلى الباقر والصادق انّ «فما استمتعتم به منهن» منزل في المتعة، وأحسن الإحتمالين أنّ السند موضوع وإلّا فالباقر والصادق جاهل. ص 165.

لا يوجد في غير كتب الشيعة قول لأحد أنّ «فما استمتعتم به منهنّ فآتوهن اجورهنّ» نزل في متعة النساء، وقد أجمعت الامة على تحريم المتعة،

ص:95

ولم يقل أحد أنّ قول اللَّه: «فما استمتعتم به منهنّ» قد نسخ. ص 166.

حكومات الامم الإسلامية اليوم أرشد في شرف دينها وصلاح دنياها من فقهاء الامة، فحكومة الدولة الإيرانية التي كانت قد أخذت مرّات عديدة من قبلُ في إبطال متعة الفقهاء، نراها اليوم بفضل ملكها الأعظم قد نسخت المتعة نسخاً قطعياً بتاتاً.

إنّ حكومة الدولة الإيرانية التي تسعي في إصلاح حياة الامة ودنياها، وفي تعمير الوطن وإحيائه، أخذت في إصلاح دين الامة فمنعت منعاً بتّاً متعة فقهاء الشيعة. ص 185.

ج- هذه جمل التقطناها من صحائف- الوشيعة- سوّدها الرجل في مسألة المتعة، وتلك الصحائف السوداء تبعد عن أدب الدين، أدب العلم، أدب العفّة، أدب الكتاب، أدب الإجتماع، وبينها وبين ما جاء به الإسلام بون شاسع، فلا نقابله فيها إلّابالسلام.

أمّا بسط القول في المتعة فلا حاجة لنا تمسّ بها بعدما أغرق نزعاً فيها محقّقو أصحابنا ولاسيّما الأواخر منهم «(1)»، فجاء الرجل


1- نظراء الأعلام الحجج سيدنا السيد عبد الحسين شرف الدين، سيدنا السيدالمحسن الأمين، شيخنا الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء، وأفرد فيها الأستاذ توفيق الفكيكي كتاباً وقد أدى فيه حق المقال. المؤلف

ص:96

بعدده يتهجّم عليهم بفاحش القول ولا يُبالي، ويقذفهم بلسان بذيّ ولايكثرت له، وإنّما يهمّنا إيقاظ شعور الباحث إلى أكاذيب الرجل وجناياته الكبيرة على العلم والقرآن وأهله بكتمان رأي السّلف فيه، وتدليجه الحقائق الراهنة على الامة بالسّفاسف والمخاريق، وإشاعة ما يضادُّ الكتاب والسّنة في الملأ العلمي، وهو مع جهله بها يرى نفسه فقيهاً من فقهاء الإسلام، فعلى الإسلام السّلام.

المتعة في الكتاب

«فما استمتعتم به منهنّ فآتوهن اجورهن فريضة، ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إنّ اللَّه كان عليماً حكيماً» سورة النساء 24.

يرى موسى الوشيعة أنّ القول بنزول الآية من دعاوي الشيعة فحسب، ولا يوجد في غير كتبهم قولٌ به لأحد، والقول به لايكون إلّا من جاهل يدّعي ولا يعي، فنحن نذكر شطراً ممّا في كتب قومه حتّى يعلم القارئ إلى من توجّه قوارص هذا الرجل الجاهل الفاحش المتفحّش.

ص:97

1- أخرج أحمد امام الحنابلة في مسنده 4 ص 436 باسناد رجاله كلّهم ثقات عن عمران بن حصين قال: نزلت آية المتعة في كتاب اللَّه تبارك وتعالى وعملنا بها مع رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم فلم تنزل آيةٌ تنسخها ولم ينه عنها النبي صلى الله عليه و سلم حتّى مات.

وقد مر أنّ غير واحد من المفسرين ذكره في سورة النساء في آية المتعة وبهذا الحديث عدّ من عدّ عمران بن حصين ممّن ثبت على إباحتها.

2- أخرج أبو جعفر الطبري المتوفي 310 في تفسيره ج 5 ص 9 باسناده عن أبي نضرة قال: سألت ابن عبّاس عن متعة النساء.

قال: أما تقرأ سورة النساء؟

قال: قلت: بلى

قال: فما تقرأ فيها فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى؟

قلت له: لو قرأتها هكذا ما سألتك.

قال: فإنّها كذا.

وفي حديث: قال ابن عبّاس: واللَّه لأنزلها اللَّه كذلك. ثلاث مرّات.

وأخرج عن قتادة في قراءة ابي بن كعب: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى، وأخرج باسناد صحيح عن شعبة عن الحكم قال:

سألته عن هذه الآية أمنسوخة هي؟ قال: لا.

ص:98

وروى عن عمر بن مرّة: أنّه سمع سعيد بن جبير يقرأ: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمى.

وعن مجاهد: إنّ في الآية يعني نكاح المتعة.

وعن أبي ثابت: ان ابن عبّاس أعطاني مصحفاً فيه: فمااستمتعتم به منهن إلى أجل مسمى.

3- أخرج أبوبكر الجصّاص الحنفي المتوفّى 370 في أحكام القرآن 2 ص 178 ما مرّ من حديثي ابن عبّاس وابي بن كعب في قراءة الآية، وذكر من طريق ابن جريج، وعطاء الخراساني، عن ابن عبّاس: انها نُسخت بقوله تعالى «يا أيّها النبيّ إذا طلّقتم النساء فطلّقوهن لعدّتهن».

فلو لم تكن نزلت في المتعة كيف نُسخت؟ وقد عرفت بطلان نسخها بها وبغيرها.

4- أخرج الحافظ ابو بكر البيهقي المتوفّى 458 باسناده في السنن الكبرى 7 ص 205 عن محمد بن كعب عن ابن عبّاس رضى الله عنه قال: كانت المتعة في أول الإسلام وكانوا يقرأون هذه الآية: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى. الحديث.

5- قال الحافظ ابو محمد البغوي الشافعي المتوفى 510/ 16 [5] في تفسيره هامش تفسير الخازن ج 1 ص 423: قال الحسن ومجاهد: إنّ الآية في النكاح الصحيح. قال آخرون هو

ص:99

نكاح المتعة- إلى أن قال-: ذهب عامة «(1)» أهل العلم أن نكاح المتعة حرامٌ والآية منسوخة، وكان ابن عبّاس رضي اللَّه عنهما يذهب إلى أن الآية محكمة، وترخص في نكاح المتعة، ثمّ روى حديث أبي نضرة المذكور بلفظ الطبري.

6- قال ابو القاسم جار اللَّه الزمخشري المعتزلي المتوفّى 538 في الكشاف ج 1 ص 360: قيل نزلت- الآية- في المتعة، وعن ابن عبّاس هي محكمة يعني لم تنسخ، وكان يقرأ: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمى.

7- قال القاضي أبو بكر الأندلسي المتوفّى 542 في أحكام القرآن ج 1 ص 162: في الآية قولان: أحدهما أنّه أراد استمتاع النكاح المطلق قاله جماعةٌ منهم الحسن، ومجاهد، وإحدى روايتي ابن عبّاس.

الثاني: أنّه متعة النساء بنكاحهن إلى أجل.

ثمّ رواه عن ابن عبّاس. وحبيب بن أبي ثابت وابي بن كعب.

8- قال ابوبكر يحيى بن سعدون القرطبي المتوفى 567 في تفسيره 5 ص 130 عند بيان الاختلاف في معنى الآية: قال


1- تعرف مقيل صحة هذه النسبة المكذوبة على عامة أهل العلم مما أسلفناه. المؤلف

ص:100

الجمهور أنّ المراد نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام، وقرأ ابن عبّاس وابيّ وسعيد بن جبير: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمّى فآتوهن اجورهنّ.

وقال في بيان الخلاف في من تمتّع بها: وفي رواية اخرى عن مالك: لايرجم لأنّ نكاح المتعة ليس بحرام، ولكن لأصل آخر لعلمائنا غريب انفردوا به دون سائر العلماء، وهو أنّ ما حرم بالنسبة هل هو مثل ما حرم بالقرآن أم لا؟ فمن رواية بعض المدنيين عن مالك انّهما ليسا بسواء وهذا ضعيف.

وقال ابو بكر الطرسوسي: ولم يرخّص في نكاح المتعة إلّا عمران بن حصين، وابن عباس، وبعض الصحابة، وطائفة من أهل البيت، وفي قول ابن عباس يقول الشاعر:

أقول للرّكب إذ طال الثواء بنا: يا صاح هل لك من فتيا ابن عبّاس

في بضة رخصة الأطراف ناعمة تكون مثواك حتى مرجع الناس؟

وسائر العلماء والفقهاء من الصحابة والتابعين والسلف الصالحين، على أنّ هذه الآية منسوخة.

قال الأميني: فترى أنّ القول بنزول الآية في المتعة رأي العلماء والفقهاء من الصّحابة والتابعين والسّلف الصالحين، غير انّهم

ص:101

يعزى إليهم عند القرطبي القول بالنسخ وقد عرفت حقّ القول فيه.

وقال القرطبي أيضاً في تفسيره ج 5 ص 35 في قوله تعالى «ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة» قال القائلون بأنّ الآية في المتعة هذه إشارة إلى ما تراضيا عليه من زيادة في مدّة المتعة في أوّل الإسلام؛ فإنّه كان يتزوج المرأة شهراً على دينار مثلًا فإذا انقضى الشهر فربما كان يقول: زيديني في الأجل أزدك في المهر، بيّن أن ذلك كان جائزاً عند التراضي.

قال أبو الوليد محمّد بن أحمد القرطبي الشهير بابن رشد المتوفّى 595 في بداية المجتهد ج 2 ص 58: إشتهر عن ابن عبّاس تحليلها- المتعة- وتبع ابن عبّاس على القول بها أصحابه من أهل مكّة وأهل اليمن ورووا: انّ ابن عبّاس كان يحتج لذلك بقوله تعالى: «فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ اجورهنّ فريضة ولاجناح عليكم» وفي حرف عنه: إلى أجل مسمّى.

9- ذكر ابو عبداللَّه فخر الدين الرازي الشافعي المتوفى 606 في تفسيره الكبير 3 ص 200 قولين في الآية، وقال أحدهما قول أكثر العلماء.

والقول الثاني: أنّ المراد بهذه الآية حكم المتعة، وهي عبارةٌ أن يستأجر الرجل المرأة بمال معلوم إلى أجل معين فيجامعها، واتفقوا على أنها كانت مباحةٌ في ابتداء الإسلام، واختلفوا في أنها هل

ص:102

نُسخت أم لا؟ فذهب السّواد الأعظم من الامة إلى أنها صارت منسوخة. وقال السواد منهم: إنّها بقيت مباحةٌ كما كانت، وهذا القول مرويُّ عن ابن عبّاس وعمران بن الحصين.

أمّا ابن عبّاس فعنه ثلاث روايات «ثمّ ذكر الرّوايات» فقال: وأمّا عمران بن الحصين فإنّه قال: نزلت آية المتعة في كتاب اللَّه تعالى ولم ينزل بعدها آيةٌ تنسخها، وأمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وتمتعنا بها، ومات ولم ينهنا عنه ثمّ قال رجل برأيه ماشاء.

وذكر في صحيفة 201 قراءة ابيّ وابن عبّاس كما مرّ عن الطبري.

وقال في ص 203: إنّ قراءة ابي وابن عبّاس بتقدير ثبوتها لاتدلّ إلّاعلى أنّ المتعة كانت مشروعة ونحن لا ننازع فيه، إنما الذي نقوله إنّ النسخ طرأ عليه.

10- ذكر الحافظ ابو زكريا النووي الشافعي المتوفى 676 في شرح صحيح مسلم ج 9 ص 181، إنّ عبداللَّه بن مسعود قرأ: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل.

11- قال القاضي ابو الخير البيضاوي الشافعي المتوفى 685 في تفسيره 1 ص 259: قيل نزلت الآية في المتعة التي كانت ثلاثة أيّام حين فُتحت مكّة ثمّ نُسخت، كما روي انّه عليه الصلاة والسلام أباحها ثمّ أصبح يقول: «أيُها الناس إنّي كنت أمرتكم بالاستمتاع

ص:103

من هذه النساء ألا إنّ اللَّه حرّم ذلك إلى يوم القيامة» «(1)» وهي النكاح المؤقت بوقت معلوم سمّي بها.

12- قال علاء الدين البغدادي المتوفى 841: في تفسيره المعروف بتفسير الخازن ج 1 ص 357: قال قومٌ: المراد من حكم الآية هو نكاح المتعة، وهو أن ينكح امرأة إلى مدّة معلومة بشي ء معلوم فإذا انقضت تلك المدّة بانت منه بغير طلاق، ويستبرئ رحمها، وليس بينهما ميراث، وكان هذا في ابتداء الإسلام ثمّ نهى رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم عن المتعة.

ثمّ ذكر حديث سبرة المذكور في لفظ البيضاوي فقال: وإلى هذا ذهب جمهور العلماء من الصّحابة فمن بعدهم، إي أنّ نكاح المتعة حرامٌ والآية منسوخة، واختلفوا في ناسخها فقيل نُسخت بالسنة وهو ما تقدّم من حديث سبرة ... وهذا على مذهب من يقول: إنّ السنة تنسخ القرآن، ومذهب الشافعي انّ السنة لاتنسخ القرآن، فعلى هذا يقول: إنّ ناسخ هذه الآية قوله تعالى في سورة المؤمنون «والذين هم لفروجهم حافظون»

ثمّ ذكر روايات ابن عبّاس ومنها: انّ الآية محكمةٌ لم تنسخ.

13- قال ابن جزي محمّد بن أحمد الغرناطي المتوفّى 741، في


1- هذا يبطل غير واحد من الأقوال المذكورة في صحيفة 225، 226. المؤلف

ص:104

تفسيره التسهيل 1 ص 137: قال ابن عبّاس «(1)» وغيره: معناها إذا استمتعتم بالزوجة ووقع والوطء فقد وجب إعطاء الأجر وهو الصّداق كاملًا.

وقيل: إنّها في نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل من غير ميراث، وكان جائزاً في أوّل الإسلام فنزلت هذه الآية في وجوب الصّداق فيه ثمّ حرّم عند جمهور العلماء، فالآية على هذا منسوخةٌ بالخبر الثابت في تحريم نكاح المتعة.

وقيل: نسختها آية الفرائض لأنّ نكاح المتعة لاميراث فيه.

وقيل: نسختها «والذين هم لفروجهم حافظون».

وروي عن ابن عبّاس: جواز نكاح المتعة.

وروي: أنّه رجع عنه «(2)».

14- ذكر ابو حيّان محمّد بن يوسف الاندلسي المتوفى 745 في تفسيره 3 ص 218 قراءة ابن عبّاس، وابي بن كعب، وسعيد بن جبير: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى.

وقال: قال ابن عبّاس، ومجاهد، والسدي، وغيرهم: إنّ الآية في


1- تكذب هذه النسبة الى ابن عباس قراءته الآية فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى وهي ثابتة عنه كما مر ويأتي. المؤلف
2- كيف يرجع عنه وهو يرى الاية محكمة لم تنسخ؟ وقد مرّ ويأتي ما يكذب هذا العزو اليه، وقد قال به الى آخر نفس لفظه. المؤلف

ص:105

نكاح المتعة.

وقال ابن عبّاس لابي نضرة: هكذا أنزلها اللَّه.

15- قال الحافظ عماد الدين ابن كثير الدمشقي الشافعي المتوفّى 774 في تفسيره 1 ص 474:

وقد استدلّ بعموم هذه الآية على نكاح المتعة، ولاشكّ أنه كان مشروعاً في ابتداء الإسلام ثمّ نسخ بعد ذلك.

ثمّ قال بعد ذكر بعض أقوال النسخ: وكان ابن عبّاس، وابي بن كعب، وسعيد بن جبير، والسدي يقرأون: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمّى.

وقال مجاهد: نزلت في نكاح المتعة.

ولكن الجمهور على خلاف ذلك، والعمدة ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين عليّ بن ابي طالب «(1)».

16- قال الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفّى 911 في الدّر المنثور 2 ص 140: أخرج الطبراني، والبيهقي في سننه، عن ابن عبّاس: كانت المتعة في أوّل الإسلام وكانوا يقرؤن هذه الآية: فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى.

وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن الأنباري في


1- عرفت بعض القول حول هذه الصحيحة. المؤلف

ص:106

المصاحف، والحاكم وصححه من طرق عن أبي نضرة قال: قرأت على ابن عبّاس. وقد مرّ.

وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة، وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن سعيد بن جبير قراءة ابيّ بن كعب: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل.

وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قراءة ابن عبّاس.

وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد: «فما استمتعم به منهنّ» قال: يعني نكاح المتعة.

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال: هذه المتعة.

وأخرج عبد الرزاق، وابوداود في ناسخه، وابن جرير عن الحَكم، انّه سُئل عن هذه الآية أمنسوخةٌ؟ قال: لا.

17- قال ابو السعود العمادي الحنفي المتوفى 982 في تفسيره- هامش تفسير الرازي- 3 ص 251 قيل: نزلت في المتعة التي هي النكاح إلى وقت معلوم من يوم أو أكثر سمّيت بذلك لأنّ الغرض منها مجرّد الإستمتاع بالمرأة واستمتاعها بما يُعطى، وقد ابيحت ثلاثة أيام حين فُتحت مكّة شرّفها اللَّه تعالى ثمّ نُسخت، لما روي انّه عليه السلام أباحها ثمّ أصبح يقول: يا أيّها الناس إنّي أمرتكم بالإستمتاع من هذه النساء ألا إنّ اللَّه حرّم ذلك إلى يوم

ص:107

القيامة «(1)».

وقيل: ابيح مرّتين وحُرّم مرّتين.

18- قال القاضي الشوكاني المتوفّى 1250 في تفسيره 1 ص 414: قد اختلف أهل العلم في معنى الآية فقال الحسن ومجاهد «(2)» وغيرهما: المعنى فما انتفعتم وتلذّذتم بالجماع من النساء بالنكاح الشرعيّ فآتوهنّ اجورهنّ أي مهورهنّ.

وقال الجمهور: إنّ المراد بهذه الآية: نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام.

ويؤيد ذلك قراءة ابي بن كعب، وابن عبّاس، وسعيد بن جبير:

فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمى فآتوهنّ اجورهنّ. ثمّ نهى عنها النبي صلى الله عليه و سلم كما صحّ ذلك من حديث عليّ قال: نهى النبي عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر «(3)»، ثمّ ذكر حديث النبي عنها يوم فتح مكّة ويوم حجة الوداع فقال: فهذا هو الناسخ،


1- عرفت أن هذا القول يبطل الأقوال الاخر في النسخ وهي تناقض هذا فراجع. المؤلف
2- سمعت عن الطبري، وعبد بن حميد، وابي حيان، وابن كثير، والسيوطي، ان مجاهداً من رواة القول بنزولها في المتعة، ومن هنا عد ممن ثبت على اباحتها، فعزو خلاف ما جاء عن السلف اليه من صنائع الهواء. المؤلف
3- عرفت الحال في هذا الحديث الصحيح الذي هو عمدة مستند القوم في النهي عن المتعة راجع ص 211. المؤلف

ص:108

وحكى عن سعيد بن جبير نسخها بآية الميراث إذ المتعة لا ميراث فيها «(1)»، وعن عائشة والقاسم بن محمّد: نسخها بآية «والّذين هم لفروجهم حافظون».

ثمّ قال في قوله تعالى «ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة»: أي من زيادة أو نقصان في المهر فإنّ ذلك سائغ عند التراضي، هذا عند من قال بأنّ الآية في النكاح الشرعيّ، وأما عندالجمهور القائلين بأنها في المتعة، فالمعنى التراضي في زيادة مدة المتعة أو نقصانها، أو في زيادة ما دفعه إليها إلى مقابل الإستمتاع بها أو نقصانه.

19- ذكر شهاب الدين ابو الثناء السّيد محمود الآلوسي البغدادي المتوفّى 1270 في تفسيره 5 ص 5 قراءة ابن عبّاس وعبداللَّه بن مسعود الآية: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمى.

ثمّ قال، ولانزاع عندنا في انها احلّت ثمّ حرّمت، والصواب المختار انّ التحريم والإباحة كانا مرّتين، وكانت حلالًا قبل يوم خيبر ثمّ حرّمت يوم خيبر «(2)»، ثمّ ابيحت يوم فتح مكّة وهو يوم


1- عزو القول بالنسخ الى سعيد يكذبه عد السلف اياه فيمن ثبت على القول باباحتها. المؤلف
2- عرفت في ص 226 عن السهيلي ان هذا شي ء لا يعرفه أحد من أهل السيرورواة الاثر. المؤلف

ص:109

أوطاس لإتّصالهما، ثمّ حُرّمت يومئذٍ بعد ثلاث «(1)» تحريماً مؤبّداً إلى يوم القيامة.

هلم معي:

هلمّ معي أيّها القارئ نسائل الرّجل- موسى جاراللَّه- عن هذه الكتب أليست هي مراجع أهل السنة في علم القرآن؟ أليس هؤلاء أعلامهم وأئمتهم في التفسير؟ أليس من واجب الباحث أن يراجع تلكم الكتب ثمّ ينقض ويبرم، ويزن ويرجّح، أيوجّه قوارصه إلى مثل ابن عبّاس ترجمان القرآن، وابي بن كعب أقرأ الصحابة- عندهم- وعبداللَّه بن مسعود- عالم الكتاب والسنة- وعمران بن حصين، والحَكم، وحبيب بن ابي ثابت، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومجاهد؟ أيرى كلًاّ منهم جاهلًا يدّعي ولايعي؟ أليس هذاسبّ الصّحابة والسّلف الصالح الذي تُتم به الشيعة عند قومه؟

أم يرى رجالات قومه من الشيعة ويسلقهم بألسنة حداد؟ فإن لم تكن عنده قيمة لمثل البخاري، ومسلم، وأحمد، والطبري،


1- هذا يبطل القول بالتحريم في حجة الوداع وبعد اباحتها وحكى النووي في شرح مسلم عن أبي داود انه يراه أصح ما روى في ذلك. وهكذا كل قول من تلكم الأقوال يكذّب الاخر ويبطله، والحق يبطل الجميع، والحق أحق أن يتبع. المؤلف

ص:110

ومحمّد بن كعب، وعبد بن حميد، وابي داود، وابن جريج، والجصّاص، وابن الأنباري، والبيهقي، والحاكم، والبغوي، والزمخشري، والأندلسي، والقرطبي، والفخر الرازي، والنووي، والبيضاوي، والخازن، وابن جزي، وابي حيّان، وابن كثير، وابي السعود، والسيوطي، والشوكاني، والآلوسي، فمن قدوته واسوته في العلم والدين؟

نعم: لا يفوتنا أنّ أكاذيب الرجل وأساطيره المسطرة وعزو القول بنزول الآية إلى الشيعة فحسب كلّها تقدمة لسبّ الإمامين الطاهرين الباقر والصادق، وهو يعلم وكلّ ذي نصفة يدري أنّ أئمة قومه الأربعة عائلة الإمامين في علمهما، فإن يوجد عندهم شي ء من العلم فمن ذلك النمير العذب، والباقران هما الباقران، وموسى الوشيعة هو موسى الوشيعة، واللَّه هوالحَكم العدل، وإلى اللَّه المشتكى.

وهلمّ نُسائل الرجل عن أدب البيان الذي شعر به هو وخفي على هؤلاء الأعلام في القرون الخالية، وعن الإختلال الذي عرفه هو وجهله أئمة القوم على تقدير القول بنزول الآية في المتعة ما هو؟

وأين كان؟ وعمّن يؤثر؟ ومَن الذي قال به؟ وما الحجّة عليه؟

وممّن أخذه؟ ولِمَ كتمه الأوّلون والآخرون حتّى انتهت النوبة إليه؟

لا أحسب انّه يحير جواباً يشفي الغليل، ولعلّه يعيد سبابه المقذع إلى اناس آخرين.

ص:111

حدود المتعة في الإسلام

1: الاجرة.

2: الأجل.

3: العقد المشتمل للإيجاب والقبول.

4: الافتراق بانقضاء المدّة أو البذل.

5: العدّة أمةً وحرةً حائلًا وحاملًا.

6: عدم الميراث.

إن هذه الحدود ذكرها الفقهاء في مدوّناتهم الفقهية، والمحدّثون في الصّحاح والمسانيد، والمفسّرون في ذيل الآية الكريمة الآنفة، فوقع إصفاقهم على أنها حدودٌ شرعيةٌ إسلاميةٌ لامحيص عنها، سواءٌ فيها من يقول بالإباحة الدائمة أو بالإباحة الموقتة المنسوخة، فأين يكون مقيل كلمة الرجل: إنها من الأنكحة الجاهليّة التاريخيّة ولم تكن بإذن من الشارع؟ ومتى كان في الجاهليّة نكاحٌ بهذه الحدود، وقد ضبطوا أنكحتها وعاداتها وتقاليدها وليس فيها ما يشابه نكاح المتعة.

نعم: الرجل يتقوّل ولا يكترث لما يقول، وقد أسلفنا جمعاً ممّن ذكر حدود نكاح المتعة في الجزء الثالث ص 331 «(1)».


1- تقدّم ذلك في مقدمة هذه الرسالة.

ص:112

ولماذا يكون ابن جريج مسرفاً في إتيان الفاحشة التي نزلت في أشد المحرمات في مزعمة- موسى- ولو كان ابن جريج متهاوناً بالدّين، فلماذا أخرج عنه أئمة الحديث أرباب الصّحاح الستّ كلّهم، وحشو المسانيد مرويّاته وأسانيده؟ وقد سمعوا منه اثني عشر ألف حديث يحتاج اليها الفقهاء «(1)»، ولو فسد مثله أو فسدت روايته لوجب أن تُمحى صحائف جمّة من جوامع الحديث، ولاتبقى قيمة لتلكم الصحاح عندئذ، ولو كان كما يزعمه فلماذا أطرته أئمّة الرّجال بكلّ ثناء جميل؟ وكيف رآه أحمد إمام الحنابلة أثبت الناس، وكيف كانوا يُسمّون كتبه كتب الأمانة؟ «(2)».

ثمّ ماذا على الرجل إن عمل بما أدّى إليه اجتهاده وهو يروي في ذلك ثمانيد عشر حديثاً؟ وأمّا حديث عدوله عن رأيه فإن صدق نقل الرجل عن أبي عوانة وصدق إسناد أبي عوانة، ولو كان لبان وظهر وتناقلته الفقهاء، ولم ينحصر نقله بواحد عن واحد، ولاسيّما وابن جريج هو ذلك المصرّ على رأيه عمليّاً وعلميّاً، وإني أحسب أنّ عزو العدول إلى هذا الرجل لدة عزوه إلى حبر الامة عبداللَّه بن العبّاس الذي كذّبه من كذّبه كما عرفت.


1- مفتاح السعادة 2 ص 120. المؤلف.
2- راجع تهذيب التهذيب 6 ص 404. المؤلف.

ص:113

وأمّا ما عزاه- موسى- إلى الحكومة الإيرانيّة في إدخال المنع عن المتعة في جملة إصلاحاتها ونسخها نسخاً قطعياً بتاتاً، ومنعها منعاً بتّاً فكبقية مفتعلاته، فما أعوزته الحجّة، وضاقت عليه المحجّة، وغدا محجوجاً أعيت عليه البراهين، إلى أن محج وأفك، واحتج بما لم تسمعه اذن الدُّنيا، وقابل الكتاب والسنة بتاريخ مفتعل على حكومة إسلامية لم تأت بشي ء جديد قطُّ في المتعة، وعلى تقدير تحققّ فريته فأيُّ قيمة لذلك تجاه ما هتف به النبيّ الأعظم وكتابه المقدّس.

اقرا واضحك أو ابك

ذكر القوشچي المتوفّى 879 في شرح التجريد في مبحث الإمامة أنّ عمر قال وهو على المنبر: أيّها الناس ثلاثٌ كنّ على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وأنا أنهى عنهنّ واحرّمهنّ واعاقب عليهنّ: متعة النساء، ومتعة الحجّ، وحي على خير العمل.

ثم اعتذر عنه بقوله: إنّ ذلك ليس ممّا يوجب قدحاً فيه؛ فإنَّ مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الإجتهادية ليس ببدع. انتهى.

ما كنّا نقدّر أن ضليعاً في العلم يُقابل النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم بواحد من امته ويجعل كلّا منهما مجتهداً، وما ينطقه الرسول الأمين هو عين ما ثبت في اللوح المحفوظ وإن هو إلّاوحي يوحى علّمه شديد القوى، فأين هو عن الإجتهاد بردّ الفرع إلى الأصل، واستعمال

ص:114

الظنون في طريق الإستنباط؟ وإنّ السائغ من المخالفة الإجتهادية هو ما إذا قابل المجتهد مجتهداً مثله، لامَن اجتهد تجاه النصّ المبين، وارتأى أمام تصريحات الشريعة من قول الشّارع وعمله.

ثمّ أيّ مستوى يقلّ سيّد أولي الألباب وهذا الرجل في عرض واحد فهماً وإدراكاً حتّى يقابل بين رأييهما؟ وأيّ قيمة لآراء العالمين جميعاً إذا خالفت ما جاء به المشرع الأقدس؟ لكنّي أعذر القوشچي لالتزامه بدحض كلّ ماجاء به نصير الدين الطوسي لئلّا يُعزى إليه العجز والتواني في الحجاج، فلا بدّ أن يأتي بكلّ مادبّ ودرج، سواءٌ كان حجّة له أو وبالًا عليه.

وقال ابن القيّم في زاد المعاد 1 ص 444:

فإن قيل: فما تصنعون بما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبداللَّه قال: كنّا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وابي بكر حتّى نهى عنها عمر في شأن عمرو بن حريث، وفيما ثبت عن عمر أنه قال: متعتان كانتا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم أنا نهى عنهما: متعة النساء، ومتعة الحجّ؟

قيل: الناس في هذا طائفتان: طائفة تقول: إنّ عمر هو الذي حرّمها ونهى عنها وقد أمر رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم باتّباع ما سنّه الخلفاء الراشدون «(1)» ولم تر هذه الطائفة تصحيح حديث سبرة بن معبد في


1- يأتي الكلام حول هذا الحديث وهذه السنة في هذا الجزء. المؤلف.

ص:115

تحريم المتعة عام الفتح «(1)» فإنّه من رواية عبدالملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جدّه، وقد تكلّم فيه ابن معين ولم ير البخاري إخراج حديثه في صحيحه مع شدّة الحاجة إليه، وكونه أصلًا من اصول الإسلام، ولو صحّ عنده لم يصبر عن إخراجه والإحتجاج به.

قالوا: ولو صحّ حديث سبرة لم يخف على ابن مسعود حتى يروي أنّهم فعلوها ويحتجّ بالآية.

وأيضاً ولو صحّ لم يقل عمر أنها كانت على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وأنا أنهى عنها واعاقب عليها، بل كان يقول: انّه صلى الله عليه و سلم حرّمها ونهى عنها.

قالوا: ولو صحّ لم تفعل على عهد الصدّيق وهو عهد خلافة النبوّة حقّاً.

والطائفة الثانية رأت صحّة حديث سبرة، ولو لم يصحّ فقد صحّ حديث عليّ رضى الله عنه: انّ رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم حرّم متعة النساء، فوجب حمل حديث جابر على أنّ الذي أخبر عنها بفعلها لم يبلغه التحريم، ولم يكن قد اشتهر حتّى كان زمن عمر رضى الله عنه، فلمّا وقع فيها النزاع


1- تحريم المتعة عام الفتح قول ابن عيينة وطائفة كما زاد المعاد 1 ص 442. المؤلف.

ص:116

ظهر تحريمها واشتهر، وبهذا تأتلف الأحاديث الواردة فيها وباللَّه التوفيق.

قال الأميني: أنّى يأتى الجمع بين أحاديث الباب المتضاربة من شتّى النواحي بصحيحه مزعومة؟ ومتى تصح؟ وكيف يتمّ عزوها المختلق إلى أمير المؤمنين عليه السلام وبين يدي الامة قوله الصحيح الثابت: لولا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقيّ «(1)»، وقد صحّ عنه عليه السلام مذهبه إلى تحليل المتعة، كما أنّ أبناء بيته الرفيع ذهبوا إلى إباحتها سلفاً وخلفاً.

ومن المتسالم عليه قول ابن عبّاس: لولا نهي عمر لما احتاج إلى الزنا إلّاشفى «(2)».

ومن الذي أخبر الامّة عن نهي النبي صلى الله عليه و آله و سلم عن المتعة غير عليّ عليه السلام حتّى ظهر في زمن عمر واشتهر؟ ومهما كان الحظر عنه صلى الله عليه و آله و سلم مشهوراً، وأوّل من جاء به وباح بالنهي عنها يقول: متعتان كانتا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وأنا أنهى عنهما واعاقب.

وقال: متعتان كانتا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وعلى عهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما.

وقال: إنّ اللَّه ورسوله قد أحلّا لكم متعتين وإنّي محرّمهما عليكم.


1- راجع ما مر صفحة 52، 53 من هذا الجزء. المؤلف
2- مر حديثه في صفحة 52. المؤلف

ص:117

وقال: ثلاثٌ كنّ على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم أنا محرّمنهنّ: متعة الحجّ، ومتعة النساء.

فهل جابهه صحابيّ بالردّ عليه في دعواه حلّية المتعة في العهدين؟ أو في نسبة تحريمهما إلى نفسه؟ وهل كان إجماع الصّحابة على حلّية المتعة على عهد أبي بكر خلاف دين اللَّه وسنّة نبيّه؟ نعم الغريق يتشبّث بكلّ حشيش.

«لاتقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ، لتفتروا على اللَّه الكذب إنّ الذين يفترون على اللَّه الكذب لايفلحون» «(1)».


1- سورة النحل آية 16.

ص:118

مصادر الإعداد

1- القرآن الكريم

2- الاعلام: خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين- بيروت، ط 9، 1990 م.

3- اعيان الشيعة: محسن الأمين، دار التعارف- بيروت، 1406 ه

4- الجامع لأحكام القرآن: القرطبي، دار احياء التراث العربي- بيروت.

5- جامع الاصول: ابن الأثير، دار الفكر- بيروت، 1403 ه

6- الدر المنثور: السيوطي، اوفسيت مكتبة المرعشي- قم، 1404 ه.

ص:119

7- شرح التجريد: القوشچي، نشر رضي- بيدار- عزيزي، طبقة حجرية.

8- شعراء الغري: علي الخاقاني، مكتبة المرعشي- قم، 1408، اوفسيت ط النجف.

9- صحيح البخاري: محمد بن اسماعيل البخاري، دار احياء التراث العربي- بيروت.

10- صحيح مسلم: مسلم بن الحجاج، دار الفكر- بيروت، 1978 م.

11- الصراط المستقيم: البياضي، المكتبة المرتضوية- 1384 ه.

12- غرائب القرآن: النيسابوري، هامش الطبري، دار المعرفة- بيروت.

13- كنز العمال: المنقي الهندي، مؤسسة الرسالة- بيروت، 1985 م.

14- المبسوط: السرخسي، دار المعرفة بيروت، 1978 م.

15- المحلى: ابن حزم الاندلسي، دار الآفاق الجديدة- بيروت.

16- معجم المؤلفين: عمر رضا كحّالة، مكتبة المثنى- دار احياء التراث العربي- بيروت.

17- الوشيعة في نقد عقائد الشيعة: موسى جاراللَّه، مطبعة الكيلاني.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.