ظاهره التحريف في التراث الاسلامي

اشارة

ظاهره التحریف فی التراث الاسلامی

جلد:١مقرر:سبحانی تبریزی، جعفر

ناشر:مشعر

محل نشر:تهران

ص:1

التراث الإسلامي أمانة إلهيّة

بسم اللَّه الرحمن الرحيم الحمد للَّه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خليقته و خاتم رسله محمّد و على آله خزّان علمه و حملة أسراره.

أمّا بعد، فانّ التراث الإسلامي ثروة فكرية لا تعادَل بثمن، وقد ورثها الخلفُ عن السلف و هي أمانة إلهية يجب الحفاظ عليها من طوارق الحدثان و صوارف الزمان، كيف وهو المصدر الوحيد للعقيدة والشريعة في كلّ عصر و جيل، فلولاه لما قام للإسلام عمود و لا اخضرّ له عود.

ومن المؤسف جدّاً انّ ثمة أسباباً تترصّد بالتراث الدوائر تحاول النيل منه، ونشير هنا إلى سببين:

1. هناك سماسرة لا همّ لهم سوى اقتناء الآثار النفيسة بقيمة بخسة ونقلها إلى الغرب المسيحي بغية الاستيلاء على ثقافتنا و حضارتنا، و لم يزل هذا السبب فعالًا في الماضي

ص:2

ص:3

ص: 4

والحاضر، و يكفي في ذلك ما نقله ابن خلكان في ترجمة تاج الدين أبواليمين زيد بن الحسن بن الحسن بن زيد بن الحسن بن سعيد الكندي البغدادي الدمشقي المصري (المتوفّى 613 ه).

قال في ترجمته له: أوحد عصره في فنون الآداب وعلو السماع، وشهرته تغني عن الإطناب في وصفه، سار عن بغداد في شبابه واستوطن حلب مدة، كان يبتاع إلى دمشق و صحب الأمير عزّالدين فروخ شاه، و هو ابن أخي السلطان صلاح الدين، واختص به وتقدم عنده وسافر في صحبته إلى الديار المصرية واقتنى من كتب خزائنها كلّ نفيس وعاد إلى دمشق و استوطنها وقصده الناس و أخذوه عنه.(1) وكم لتاج الدين من نظير من نهب الثروة الفكرية للمسلمين قديماً وحديثاً.

وفي العصر الحاضر فقد أخذ المستشرقون يتسابقون


1- وفيات الأعيان: 2/ 339 برقم 249.

ص: 5

على نهب التراث الإسلامي حتّى بتنا ننتظر ما تجود به أيديهم بين الفينة و الأُخرى.

وهذه هي جامعة «برنستن» الامريكيّة أحرزت مجموعة من المخطوطات العربية يقدر عددها بستة آلاف مخطوط اقتنتها من الأُستاذ يهودا البغدادي صفقة واحدة بمبلغ 72 ألف دولار، ويهودا المذكور طاف في بلدان الشرق الأدنى لاسيّما في مصر وجمع منها هذه الآلاف من المخطوطات ونقلها إلى اميركا حيث استقر بها المقام في مكتبة جامعة برنستن. (1)

***

2. ما تقوم به دور النشر في مختلف البلاد العربية عند تحقيق الكتب وطعبها، فيحرّفون الكلم عن مواضعه بالحذف والزيادة، ويحذفون ما لايروق لهم ويضيفون إليها ما تميله علهيم أهواؤهم.

فما يقومون به خسارة فادحة تلحق بالتراث.

وقد قمنا في هذه الرسالة المتواضعة بتقديم نماذج من


1- جولة في دور الكتب الاميركية: 46.

ص: 6

أنواع التحريف الطارئة على كتب الحديث والتاريخ وغيرهما منذ عصور قديمة إلى يومنا هذا، وليس ما قدمناه في هذه الرسالة إلّا نماذج يسيرة وقف عليها المؤلّف عبر مروره الخاطف على الكتب، أو ما وقف عليه غيره فاطّلع عليه.

وفي الختام ندعو جميع أصحاب دور النشر والمحقّقين والمؤلّفين والمعنيّين بحفظ التراث، إلى حفظ الثروة الفكرية والأمانة الإلهية التي بأيديهم حتّى تصل إلى الجيل اللاحق بعيداً عن التحريف والحذف، يقول سبحانه:

«إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمنتِ إِلَى أَهْلِهَا»

(النساء: 58)

جعفر السبحاني

قم- مؤسسة الإمام الصادق (عليه السّلام)

28 ذي القعدة من شهور عام 1422 ه

ص: 7

التحريف لغة هو التغيير والتبديل، قال ابن منظور: تحريف الكلم عن مواضعه، تغييره. (1)وفي الاصطلاح: كلّ دخل وتصرّف في كلام الغير وأثره على نحو يخالف مرماه فهو تحريف.

إنّ التراث الإسلامي الذي توارثناه عبْر الأجيال- خلفاً عن سلف- أمانة إلهية في أعناقنا، له ما لغيره من الأحكام ولا محيص عن حفظ هذا التراث والاهتمام به، وأيّ دخل وتصرف فيه على نحو يؤدي إلى تحويره، يُعدُّ


1- لسان العرب: 3، مادة «حرف».

ص: 8

خيانة للأمانة.

وقد قال سبحانه: (يا أَيُّهَا النّاس إِنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تُؤدُّوا الأَمانات إِلى أَهلها). (1)وقال: (وَالَّذِينَ هُمْ لأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُون). (2)وقال أيضاً: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّه وَالرَّسُول وَتَخُونُوا أَماناتكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون). (3)ومن أشدّ أنواع ذلك تحريف كتب التفسير والحديث والتاريخ التي هي المعوَّل في الوقوف على أُصول الدين وفروعه وسيرة النبي الأعظمصلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم.

وقد أخبر سبحانه في غير واحد من الآيات انّ عملية التحريف بدعة يهودية توارثتها تلك الطائفة خلفاً عن سلف، فحرّفوا الكلمَ عن مواضعه حسب أهوائهم وما تُمليه عليهم مصالحهم.


1- النساء: 58.
2- المؤمنون: 6.
3- الأنفال: 27.

ص: 9

وقد ندّد اللَّه سبحانه بهذا العمل الإجرامي الذي كانت اليهود تقوم به من حين إلى حين آخر في غير واحد من الآيات.

قال سبحانه: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتاب بِأَيديهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْد اللَّه لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمّا كَتَبَتْ أَيدِيِهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمّا يَكْسِبُون).(1) فكانت اليهود يقومون بكتابة الكتب السماوية ولكن بالتغيير والتبديل ثمّ يُضيفونها إلى اللَّه سبحانه ليشتريه العوام في مقابل الثمن البخس مع أنّهم تركوا فيه الحقّ وأظهروا الباطل ليأخذوا على ذلك شيئاً.

وقال تعالى: (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبهُمْ قاسِيَة يُحَرِّفُونَ الكَلِم عَنْ مَواضِعِهِ). (2)


1- البقرة: 79.
2- المائدة: 13.

ص: 10

فالآية بصدد التسلية للنبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم فتقول: لا تعجبنّ يا محمد من هؤلاء اليهود الذين همّوا أن يبسطوا أيديهم إليك وإلى أصحابك وينكثوا العهد الذي بينك وبينهم ويغدروا بك، فانّ ذلك دأبهم وعادات أسلافهم، فقد أخذتُ ميثاقهم على طاعتي في زمن موسى و بعثت منهم اثني عشر نقيباً فنقضوا ميثاقي وعهدي، فلعنتهم بنقضهم ذلك العهد والميثاق. وكان من فعالهم انّهم نبذوا الكتاب وضيّعوا حدوده وفرائضه وكتموا صفات النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم في كتبهم وقد كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم.

يقول سبحانه: (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتاب يَعَرفُونهُ كَما يعرفُون أَبناءَهُمْ وإِنَّ فَريقاً مِنْهُمْ ليَكْتُمُون الحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُون). (1)وقد بلغ خبثهم بمكان عندما أُمروا بطلب الغفران وحطِّ الذنوب عند دخول الباب غيّروا وبدّلوا كلام اللَّه


1- البقرة: 146.

ص: 11

سبحانه، فقالوا مكان الحطَّة، الحِنْطة يقول سبحانه:

(وَإِذْقُلْنا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادخُلُوا الباب سُجَّداً وَقُولوا حِطَّةٌ نَغْفِر لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزيدُ الْمُحْسِنين).(1) أجمع المفسرون على أنّهم أُمروا بدخول الأرض المقدّسة وهي «بيت المقدس» أو «أريحا» قرب بيت المقدس، وقد أُمروا أن يسجدوا عند الدخول ويقولوا: «حطة»، فقالوا سخرية: «حنطة».

(فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَولًا غَيرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ).(2) ولسنا بصدد بيان ما نزل من الآيات حول التحريف والطرق التي سلكتها اليهود في تحريف الكتب السماوية بالإنكار تارة مع وجودها فيها، وحذفها أُخرى، إلى غير ذلك من ألوان التحريف.


1- البقرة: 58.
2- البقرة: 59.

ص: 12

فإذا كان هذا حال التحريف وموقفه من الذكر الحكيم، فعلى المسلم الواعي أن يبتعد عن تلك الوصمة ويبالغ في حفظ تراثه سواء أوافق أهواءه أم خالفها، فانّه أمانة إلهية يجب أداؤها إلى الجيل الآتي.

لكن ما عشتَ أراك الدهر عجباً، نرى أنّ طائفة من الكُتّاب والمحقّقين أو النسّاخ وأصحاب دور النشر في مصر و سورية وبيروت دأبوا على تحريف التراث حيثما خالف هواهم، وبما انّنا لمسنا ذلك في موارد كثيرة، فهذا يصدُّنا عن القول بأنّها هفوة قلم أو صدرت منهم اشتباهاً وعفواً لا قصداً، وها نحن نستعرض في هذه المقالة بعض الموارد التي طرأ عليها التحريف ليقف القارئ على أنّ ما ادّعيناه ليس دعوى بلا برهان.

ص: 13

1 تفسير الطبرى وحديث يوم الدار تفسير ابن كثير وحديث يوم الدار حياة محمد و حديث يوم الدار

ذكر المفسرون انّه بعدما نزل قوله سبحانه: (وَأَنْذِر عَشيرتك الأَقربين) (1)دعا النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم علياً عليه السَّلام وخمسة وأربعين رجلًا من سراة بني هاشم و وجوههم، وعزم على أن يَصدع لهم من أمر رسالته في خلال تلك الضيافة، وأمر علياً عليه السَّلام بإعداد الطعام واللبن، وبعد أن فرغوا من الطعام تكلّم رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم فقال:

«إنّ الرائد لا يكذب أهله، واللَّه الذي لا إله إلّا هو


1- الشعراء: 214.

ص: 14

إنّي رسول اللَّه إليكم خاصّة وإلى الناس عامّة، واللَّه لتموتُنّ كما تنامون ولتُبعثنّ كما تستيقظون ولتحاسبُّنّ بما تعملون وانّها الجنة أبداً والنار أبداً».

ثمّ قال:

«يا بني عبد المطلب إنّي واللَّه ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به، انّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني اللَّه عزّ وجل أن أدعوكم إليه، فأيّكم يؤمن بي ويؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟».

قال فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلت وانّي لأحدثهم سنّاً، وأرمصهم عيناً، وأعظمهم بطناً، وأحمشهم ساقاً: «أنا يا نبي اللَّه أكون وزيرك عليه» فأخذ برقبتي ثمّ قال: «إنّ هذا أخي و وصيّي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا» قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب:

ص: 15

قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيعه. (1)لقد ذكر محمد بن جرير الطبري في تاريخه حديث يوم الدار بشكل مفصل ولكنّه حرّف الحديث عن مواضعه في تفسيره، فعندما حاول أن يفسر قوله (وأنذر عشيرتك الأقربين) ذكر ما مرّ من التاريخ ولكنّه بدّل تصريح الرسول بالاخوة والوصاية والخلافة لعلي، إلى الكناية، وإليك لفظه:

فقال يا بني عبد المطلب: إنّي واللَّه ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني اللَّه أن أدعوكم إليه.

فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي وكذا و كذا.

فأحجم القوم عنها جميعاً. قلت- (يعني علياً


1- تاريخ الطبري: 2/ 62- 63؛ تاريخ الكامل: 2/ 40- 41؛ مسند أحمد: 1/ 111، إلى غير ذلك من المصادر المتوفرة في المقام.

ص: 16

وإنّي لأحدثهم سناً ...-: أنا يا نبي اللَّه أكون وزيرك فأخذ برقبتي ثمّ قال:

إنّ هذا أخي وكذا وكذا فاسمعوا له وأطيعو له. (1)ولا ريب انّ الذي دفع الطبري أو ناسخ كتابه- على احتمال ضعيف- إلى أن يرتكب مثل ذلك التحريف هو تعصبه المذهبي، فبما انّه لايعتبر الإمام علياًعليه السَّلام خليفة رسول اللَّه بلا فصل، ومن جانب آخر انّ تينك الكلمتين: «خليفتي ووصيي» تصرّحان بخلافة علي للنبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم بلا فصل، غيّر الحديث نصرةً لمذهبه.

2. ولقد فعل ابن كثير (المتوفّى 774 ه) نظير هذا في تاريخه وفي تفسيره(2) وسلك نفس الطريق الذي سلكه- من قبل- سلفه الطبري ضارباً عرض الجدار مبدأ أمانة النقل.


1- تفسير الطبري: 19/ 75.
2- لاحظ تفسير ابن كثير: 5/ 231 في تفسير الآية، وتاريخه: 2/ 38 ط دارالكتب اللبنانية.

ص: 17

ونحن لا نعذر ابن كثير في عمله هذا أبداً، لأنّه قد اعتمد في رواياته التاريخية، في تاريخه وتفسيره معاً، تاريخ الطبري لا تفسيره، ولا شكّ انّه قد مرّ على هذه القصة في تاريخ الطبري، ولكنّه مع ذلك حاد عن الطريق السويّ فأعرض عن نقل رواية التاريخ في هذه الحادثة وعمد- بصورة متوقعة- إلى نقل رواية التفسير.

3. والأعجب من تينك الخيانتين ما ارتكبه في عصرنا الحاضر وزير المعارف المصرية الأسبق الدكتور هيكل في كتابه «حياة محمّد»، وفتح بعمله باب التحريف في وجه الجيل الحاضر.

إنّ المؤلِّف هاجم في مقدّمته جماعة المستشرقين بشدة وانتقدهم بعنف لتحريفهم الحقائق التاريخية، واختلاقهم لبعض الوقائع في حين لم يقصر هو عنهم في هذا السبيل وذلك:

أوّلًا: نقل الواقعة المذكورة (دعوة الأقربين المعروفة)

ص: 18

بحادثة «يوم الدار» أو حديث «بدء الدعوة» في الطبعة الأُولى من كتابه المذكور بصورة مبتورة ومقتضبة جداً واكتفى من الجملتين الأساسيتين بذكر واحدة منها فقط وهي قول النبي للأقربين الحضور في ذلك اليوم: «من يؤازرني يكون أخي ووصيّي وخليفتي» بينماحذف بالمرّة الجملة التي قالها رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم لعلي بعد أنْ قام للمرّة الثالثة وأعلن مؤازرته للنبي وهي قوله صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم: «إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي».

ثانياً: انّه خطا في الطبعات الثانية والثالثة والرابعة، خطوة أبعد حيث حذف كلتا الجملتين معاً، وبهذا قد وجه ضربة قاضية إلى قيمة كتابه.(1) وللقارئ أن لا يُحمِّل وزر التحريف إلى أبي جعفر الطبري على وجه القطع واليقين لاحتمال صدوره من


1- راجع حياة محمد: 142، الطبعة الثالثة عشر، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة- 1968 م.

ص: 19

ناسخي تفسيره ولكن نزعات ابن كثير الأموية تورث الاطمئنان بأنّه كان من فعله لا من جانب نسّاخ كتابه، كما نقول باطمئنان خاص انّ وزر التحريف في كتاب «حياة محمد» على مؤلّفه محمدحسين هيكل، فقد طرأ التغيير على كتابه وهو على قيد الحياة، وقيل انّه تَعرّض لضغوط كبيرة من قبل علماء الأزهر فلم يجد بدّاً من التحريف والتغيير في الطبعات اللاحقة.

(فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمّا كَتَبت أَيديهِمْ

وَ وَيْلٌ لَهُمْ مِمّا يَكْسِبُون). (1)


1- البقرة: 79.

ص: 20

2 الفتوحات المكية وحذف أسماء أئمة أهل البيت عليهم السَّلام

إنّ النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم لم يكتف بتنصيب عليّ منصب الإمامة والخلافة، كما لم يكتف بإرجاع الأُمّة الإسلامية إلى أهل بيته وعترته الطاهرة، ولم يقتصر على تشبيههم بسفينة نوح في الحديث المعروف: «مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا و من تخلّف عنها غرق» (1)، بل قام ببيان عدد الأئمّة الذين يقومون بأمر الخلافة بعده، واحداً بعد واحد حتّى لا يبقى لمرتاب ريب، ولا لشاك شك، وقد جاء ذلك في

ص: 21

الصحاح والمسانيد بصور مختلفة ونشير إلى حديث واحد.

أخرج مسلم عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم يقول: لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة، ثمّ قال كلمة لم أفهمها فقلت لأبي: ما قال؟ قال: قال: كلّهم من قريش.(1) وأئمة الشيعة الاثنا عشر الذين أشار إليهم النبيّ في كلامه هم:

1. أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب (المولود قبل البعثة بعشر سنوات والمستشهَد عام 40 هجري) والمدفون في النجف الأشرف.

2. الإمام الحسن بن علي المجتبى (3- 50 ه. ق) المدفون في البقيع بالمدينة.

3. الإمام الحسين بن علي سيّد الشهداء (4- 61 ه. ق) المدفون في كربلاء.


1- صحيح مسلم: 6/ 3، باب الناس تبع لقريش من كتاب الإمارة.

ص: 22

4. الإمام عليُّ بن الحسين بن علي زين العابدين (38- 94 ه. ق) المدفون في البقيع.

5. الإمام محمد بن علي باقر العلوم (57- 114 ه. ق) المدفون في البقيع.

6. الإمام جعفر بن محمد الصادق (83- 148 ه. ق) المدفون في البقيع.

7. الإمام موسى بن جعفر الكاظم (128- 183 ه. ق) المدفون في الكاظمية قرب بغداد.

8. الإمام عليّ بن موسى الرضا (148- 203 ه. ق) المدفون في خراسان بإيران.

9. الإمام محمد بن علي الجواد (195- 220 ه. ق) المدفون في الكاظمية.

10. الإمام عليُّ بن محمد الهادي (212- 254 ه. ق) المدفون في سامراء بشمال بغداد.

11. الإمام الحسن بن علي العسكري (233-

ص: 23

260 ه. ق) المدفون في سامراء.

12. الإمام محمد بن الحسن المعروف بالمهديّ، والحجّة- عجّل اللَّه فرجه الشريف- وهو الإمام الثاني عشر، وهو حيٌّ حتى يظهر بأمر اللَّه (طبقاً للوعود الواردة في القرآن في سورة النور: 54، وسورة التوبة: 33 وسورة الفتح: 28 وسورة الصف: 9) ويقيم الحكومة الإلهيّة على كلّ الكرة الأرضيّة. (1)ولقد جاءت تفاصيل حياة أئمّة الشيعة الاثني عشر في كتب التاريخ والسيرة وإنّ الإمام الثاني عشر لا يزال حيّاً، ويتولّى منصب الإمامة بإرادة اللَّه تعالى.

ثمّ إنّ الشيخ عبد الوهاب الشعراني عقد باباً في كتاب «اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر» لبيان أشراط الساعة التي أخبر بها الشارع وكلّها تقع قبل قيام الساعة، وعدّ من ذلك خروج المهدي، وقال: وهو من


1- قد وقع بعض الاختلاف في تواريخ وفيات ومواليد بعض الأئمّة، وقد ذكرنا أحد الأقوال فمن شاء فليراجع التفاصيل.

ص: 24

أولاد الإمام الحسن العسكري ومولده عليه السَّلام ليلة النصف من شعبان سنة 255 ه و هو باق إلى أن يجتمع به عيسى ابن مريمعليه السَّلام فيكون عمره إلى وقتنا هذا وهو سنة 958 ه، 706 سنين، ثمّ قال:

عبارة الشيخ محيي الدين في الباب السادس والستين وثلاثمائة من الفتوحات هكذا:

واعلموا أنّه لابد من خروج المهدي لكن لا يخرج حتّى تمتلئ الأرض جوراً وظلماً فيملؤها قسطاً وعدلًا، ولو لم يكن من الدنيا إلّا يوم واحد طوّل اللَّه تعالى ذلك اليوم حتّى يلي ذلك الخليفة، وهو من عترة رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم من ولد فاطمة رضي اللَّه عنها، جدُّه الحسين بن علي بن أبي طالب ووالده حسن العسكري بن الإمام علي النقي (بالنون) ابن محمد التقي (بالتاء) بن الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام زين العابدين علي بن الإمام الحسين بن الإمام

ص: 25

علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه يواطئ اسمُه اسمَ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم يبايعه المسلمون بين الركن والمقام يُشبه رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم في أخلاقه واللَّه تعالى يقول:

(وَإِنّكَ لعَلى خُلُقٍ عَظيم).

ثمّ ذكر أوصاف المهدي بقوله: هو، أجسى الجبهة، أقنى الأنف، أسعد الناس به أهل الكوفة، يقسم المال بالسوية، ويعدل في الرعية .... (1)هذا و إذا رجعنا إلى «الفتوحات المكية» المطبوعة بمصر المحمية التي أعاد طبعها دار صادر في بيروت وجدناها محرفة مبدلة، وإليك نصّ ما جاء فيها:

اعلم أيّدنا اللَّه إنّ للَّه خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض جوراً و ظلماً فيملؤها قسطاً وعدلًا، لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد طول اللَّه ذلك اليوم حتّى يلي هذا الخليفة من عترة رسول اللَّهصلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم من ولد فاطمة يواطئ اسمه


1- الجواهر واليواقيت: 2/ 143، طبعة عام 1378 ه الموافق 1959 م.

ص: 26

اسم رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم جدّه الحسن بن علي بن أبي طالب، يبايع بين الركن والمقام، يُشبه رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم في خلقه (بفتح الخاء) و ينزل عنه في الخلق (بضم الخاء) لأنّه لايكون أحد مثل رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم في أخلاقه واللَّه يقول فيه: (وَإِنَّكَ لَعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ). (1)وأنت إذا قارنت ما نقله الشعراني في كتابه وما هو الموجود حالياً في الفتوحات المكية التي نقلنا نصها، ترى أنّ الكاتب حذف أسماء الأئمة برأسها، كما أنّه حرّف كلمة الحسين بالحسن حيث قال: جدّه الحسن بن علي بن أبي طالب، وكان عليه أن يقول جدّه الحسين، وهذا تحريف في تحريف.

(وَمَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبير). (2)


1- الفتوحات المكية: 3/ 327.
2- فاطر: 14.

ص: 27

3 تاريخ اليعقوبي وتحريف حديث الغدير

إنّ أحمد بن أبي يعقوب المشتهر بابن واضح العباسي (المتوفّى 290 ه) صاحب التاريخ المعروف بتاريخ اليعقوبي ذكر في فصل ما نزل من القرآن بالمدينة قوله: وقد قيل انّ آخر ما نزل عليه (الْيَوم أَكْمَلت لَكُمْ دينكُمْ وَأَتْمَمتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسْلام دِيناً) وهي الرواية الصحيحة الثابتة الصريحة وكان نزولها يوم النصّ على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السَّلام بغدير خم. (1)


1- تاريخ اليعقوبي: 2/ 35، المكتبة الحيدرية، النجف، 1383 ه. 1946 م.

ص: 28

ولكن جاء في طبعة دار صادر، فقال بعد نقل الآية «هي الرواية الصحيحة الثابتة الصريحة وكان نزولها يوم النفر على أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه السَّلام بعد ترحم» فقد حرّف لفظين:

1. حرّف «يوم النص» إلى «يوم النفر».

2. حرّف «بغدير خم» إلى بعد ترحم. (1)(وَهُمْ يحسبُون انّهم يحسنون صنعاً). (2)


1- تاريخ اليعقوبى: 2/ 43، دار صادر، بيروت.
2- الكهف: 104.

ص: 29

4 الأذكار النووية وطروء التحريف إليها

اشارة

إنّ بعض ما تقدّم من التحريف كان يرجع إلى تحريف الأحاديث والتاريخ إمّا من جانب المؤلِّفين أو من جانب النسّاخ.

وهناك لون آخر من التحريف خارج عن هذا الإطار وهو انّ داخل أصحاب دور النشر في مصر ودمشق وبيروت(1) ، عناصر مشبوهة تسعى في تغيير وحذف ما ورد في كتب السلف نزولًا عند رغباتها أو رغبات المؤسسات التي تموّلها، وهذا خطر كبير يهدّد تراثنا الإسلامي العريق حيث أضحى عرصة لتجوال حفنة من


1- ولعلّ منه ما مرّ من طروء التحريف إلى تاريخ اليعقوبي.

ص: 30

المرتزقة، الذين باعوا دينهم بدنياهم، وإليك نموذجاً من هذا النوع من التحريف.

إنّ الأحاديث الشريفة التي رواها المحدّثون حول زيارة رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم على حد تغنينا عن التحقيق في سندها ورواتها بسبب كثرتها وتواترها، وقد سجّلها الحفّاظ من جميع المذاهب الإسلامية في كتبهم وصحاحهم، وهي بمجموعها تدلّ على أنّ زيارة قبر رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم كانت من المستحبات الثابتة لديهم، ولو أردنا أن نذكر كلّ تلك الأحاديث لطال بنا المقام ونكتفي بذكر واحد منها.

عن عبد اللَّه بن عمر: انّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم قال:

«من زار قبري وجبت له شفاعتي».

جاء هذا الحديث في كتاب «الفقه على المذاهب الأربعة»: 1/ 590، وقد أفتى علماء المذاهب الأربعة وفقاً لهذا الحديث، وللاطّلاع على مصادره راجع كتاب «وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى» ج 4، ص 1336.

وممّا لا شكّ فيه انّ حديثاً يرويه الحفاظ والعلماء منذ

ص: 31

منتصف القرن الثاني الهجري حتّى هذا اليوم لا يمكن أن يكون مزوّراً لا أساس له.

إنّ الإمام النووي الدمشقي (631- 676 ه) ألّف كتاب «الأذكار النووية» واستعرض فيه زيارة قبر النبي وأذكارها وعقد لها فصلًا كالتالي:

فصل في زيارة قبر رسول اللَّه وأذكارها

اعلم أنّه ينبغي لكلّ من حجّ أن يتوجّه إلى زيارة رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم، سواء أكان ذلك في طريقه أم لم يكن، فانّ زيارته صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم من أهمّ القربات وأربح المساعي وأفضل الطلبات، فإذا توجّه للزيارة أكثَرَ من الصلاة عليه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم في طريقه، فإذا وقع بصره على أشجار المدينة وقُراها وما يعرّف بها، زاد من الصلاة والتسليم عليه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم، وسأل اللَّه تعالى أن ينفعه بزيارته صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم وأن يسعده بها في الدارين.

وليقل: اللَّهُمَّ افْتَحْ عَليَّ أبْوابَ رَحمَتِكَ وَارْزُقْني في

ص: 32

زيارَة قَبْرِ نَبِيِّكصلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم ما رَزَقْتَهُ أولِياءَكَ وَأهْل طاعَتِكَ وَاْغْفِر لي وَارْحَمْني يا خَيْرَ مَسْؤول. (1)هذا هو نص الكتاب في الطبعة الأُولى التي حقّق نصوصها وخرّج أحاديثها وعلق عليها «محيي الدين متقي» وقام بطبعها دار ابن كثير دمشق- بيروت.

ترى فيها انّ عنوان الفصل هو:

1. فصل في زيارة قبر رسول اللَّه.

2. ونصّ على انّ المقصد من قطع الفيافي هو زيارة رسول اللَّه حيث قال: «ان يتوجّه إلى زيارة رسول اللَّه».

3. ونصّ به أيضاً في سؤال الزائر: وسأل اللَّه أن ينفعه بزيارتهصلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم.

4. وورد النصّ به أيضاً في دعاء الزائر حيث قال: قوله: «وارزقني في زيارة قبر النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم».

ولكن يا للأسف نرى تحريفات في طبعة أُخرى قام بتصحيحها عبد القادر الارناؤوط ونشرتها دار الهدى،


1- الأذكار النووية: 333.

ص: 33

الرياض، عام 1408 ه. وإليك نصّ الطبعة:

فصل في زيارة مسجد رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم

«اعلم انّه يُستحب لمن أراد زيارة مسجد رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم أن يكثر من الصلاة عليه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم في طريقه، فإذا وقع بصره على أشجار المدينة وحرمها وما يعرّف بها، زاد من الصلاة والتسليم عليه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم وسأل اللَّه تعالى أن ينفعه بزيارته لمسجده صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم وأن يُسعده بها في الدارين وليقل:

اللّهمّ افتَحْ عَليَّ أبْواب رَحْمَتِكَ، وَارزُقْني فِي زيارَةِ مَسْجِدِ نبيّكصلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم ما رَزَقْته أولياءك وَ أهل طاعَتِكَ، واغفر لي وَارحَمْني يا خَيرَ مَسْؤول.(1) فقد غيّر المواضع الأربعة:

1. غير الفصل، إلى زيارة مسجد رسول اللَّه.

2. و غيّر المقصود من السفر حيث قال: من أراد


1- الأذكار النووية: 295، نشر دارالهدى، الرياض، الطبعة الثانية، 1408، تحقيق عبدالقادر الارناؤوط.

ص: 34

زيارة مسجد رسول اللَّه.

3. كما حرف سؤال السائل، وقال: أن ينفعه بزيارته لمسجده.

4. حرف دعاء الزائر و قال: في زيارة مسجد نبيّك صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم.

كلّ ذلك لما انّ الوهابية لا تقيم لزيارة النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم ولا لآله ولا لأصحابه وزناً على الرغم من أنّها لا تحرمها.

وهناك سبب آخر دعاهم إلى التحريف و هو زعمهم بأنّ شدّ الرحال إلى زيارة النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم حرام، و عنوان الفصل والمضمون الوارد فيه يشير إلى استحباب شدّ الرحال إلى زيارة الرسول صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم. فخان الأمانة الإلهية لنصرة المذهب.

حيا اللَّه الأمانة الإسلامية.

(أَلا إِنّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يشعرُون). (1)


1- البقرة: 12.

ص: 35

5 البخاري وحديث «وهو وليّكم بعدي»

إنّ البخاري و إن ذكر شيئاً من فضائل علي وأهل بيته وأصحابهم، إلّا أنّ قلمه يرتعش عندما يصل إلى فضائلهم فيعبث بالحديث مهما أمكن، وإليك نموذجين:

إنّ حديث الولاية، يعني قول النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم في حقّ علي عليه السَّلام: «علي منّي وأنا من علي، وهو وليّكم من بعدي» من الأحاديث المتضافرة الذي أخرجه غير واحد من أئمّة الصحاح والسنن وحفّاظ الحديث، وقد نقله جمّ غفير من كبار أئمّة الحديث في كتبهم، ربّما يبلغ عددهم حسب ما

ص: 36

استخرجه المحقّق المتتبع السيد حامد حسين اللكهنوي (المتوفّى 1306 ه) في كتابه «عبقات الأنوار» إلى 65 محدثاً وحافظاً، وعلى رأسهم:

1. سليمان بن داود الطيالسي (المتوفّى 204 ه).

2. أبوبكر عبد اللَّه بن محمد بن أبي شيبة (المتوفّى 239 ه).

3. أحمد بن حنبل (المتوفّى 241 ه).

4. محمد بن عيسى الترمذي (المتوفّى 279 ه).

5. أحمد بن شعيب النسائي (المتوفّى 303 ه).

إلى غير ذلك من أئمّة الحفّاظ والمحدّثين(1)، وإليك نصّ الحديث:

1. أخرج النسائي في خصائصه قائلًا: حدثنا واصل بن عبد الأعلى، عن ابن فضيل، عن الأعرج، عن عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه، قال:

بعثنا رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم إلى


1- لاحظ نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار: 15/ 51- 54.

ص: 37

اليمن مع خالد بن الوليد، وبعث علياً على آخر، وقال: إن التقيتما فعليٌّ على الناس، وإن تفرّقتما فكلّ واحدٍمنكما على جنده، فلقينا بني زبيد من أهل اليمن، وظفر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى عليّ جاريةً لنفسه من السبي، فكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم وأمرني أن أنال منه. قال: فدفعت الكتاب إليه ونلت من عليّ، فتغيّر وجه رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم، فقلت: هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجلٍ وألزمتني بطاعته فبلّغت ما أُرسلت به. فقال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم لي: «لا تقعنَّ يا بريدة في عليّ، فإنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليّكم بعدي».(1) 2. وأخرج أحمد في مسنده عن ابن عباس، عن بريدة، قال: غزوت مع عليّ اليمن فرأيت منه جفوة، فلمّا


1- خصائص علي بن أبي طالب: 167، تحقيق محمدباقر المحمودي، الطعبة الأُولى- 1403 ه.

ص: 38

قدمتُ على رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم ذكرت عليّاً فتنقصته فرأيت وجه رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم يتغيّر، فقال: «يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟»، قلت: بلى يا رسول اللَّه، قال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه». (1)وما جاء في الحديث الذي أخرجه النسائي من قولهصلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم: «عليّ منّي وأنا من علي وهو وليكم بعدي» لا ينافي المنقول في مسند أحمد، ولعلّ الرسول جمع بين الكلمتين، أو أنّ الراوي نقل بالمعنى فقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه.

وعلى كلّ حال فالحديث كان مذيّلًا بما يدلّ على ولايته بعد رحيل الرسولصلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم.

ويؤيد ذلك انّ الإمام أحمد أخرج الحديث عن عمران بن حصين بالشكل التالي:

3. قال: بعث رسول اللَّهصلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم سرية وأمّر عليهم علي بن أبي طالب (رض) فتعاقد أربعة من أصحاب محمد أن


1- مسند أحمد بن حنبل: 5/ 347.

ص: 39

يذكروا أمره لرسول اللَّه، قال عمران: وكنّا إذا قدمنا من سفرنا بدأنا برسول اللَّه، فسلّمنا عليه، قال: فدخلوا عليه، فقام رجل منهم، فقال يا رسول اللَّه: إنّ عليّاً فعل كذا وكذا، فأعرض عنه.

ثمّ نقل قيام الثلاثة الباقين وتكرارهم ذلك القول وإعراض الرسول عنهم، حتى انتهى إلى قوله: فأقبل رسول اللَّه على الرابع وقد تغيّر وجهه، فقال: «دعوا عليّاً، إنّ عليّاً مني وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي». 4(1). وأخرج الترمذي عن عمران بن حصين ونقل الحديث مثل ما نقل أحمد بن حنبل، إلى أن قال: فقام الرابع، فقال مثل ما قالوا، فأقبل إليه رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم- والغضب يُعرف في وجهه- فقال: «ما تريدون من عليّ! ما تريدون من عليّ! ما تريدون من عليّ! إنّ عليّاً مني وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمن بعدي». (2)


1- مسند أحمد: 4/ 437.
2- سنن الترمذي: 5/ 632.

ص: 40

ترى أنّالرواية تنصّ على الولاية الدالّة على أنّه الإمام بعد رحيل الرسول لكن البخاري كعادته أخرج الحديث عن بريدة، فذكر شيئاً من الحديث وحذف بيت القصيد منه، فأخرج الحديث عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه بالنحو التالي:

قال: بعث النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم عليّاً إلى خالد ليقبض الخمس وكنت أبغض علياً، وقد اغتسل، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا، فلمّا قدمنا على النبيّ صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم ذكرت ذلك له.

فقال: «يا بريدة أتبغض عليّاً؟» فقلت: نعم، قال: «لا تبغضه فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك». (1)ترى أنّه حذف الفقرة الأخيرة من الحديث التي هي بمنزلة بيت القصيد منه وهي: «انّ علياً منّي وأنا منه، وهو وليّكم بعدي».


1- صحيح البخاري: 5/ 163، باب بعث علي بن أبي طاللب و خالد ابن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع.

ص: 41

ومن المؤسِف انّ الشيخين: البخاري ومسلماً لم ينقلا عن علي عليه السَّلام في صحيحهما إلّا ثلاثة وأربعين حديثاً (1)، وفي الوقت نفسه نقلا عن أبي هريرة ما يناهز ستمائة وسبعة أحاديث.(2) والأوّل باب علم النبي وأوّل من آمن به ولازمه منذ نعومة أظفاره إلى رحيل النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم، والثاني أسلم سنة سبع، وأدرك من عصر النبوة أربع سنين وقضى سنة منها في البحرين وصاحب النبي قرابة ثلاثة أعوام.


1- الجمع بين الصحيحين للحميدي: 1/ 157- 173.
2- الجمع بين الصحيحين: 3/ 5- 322.

ص: 42

6 البخاري وحديث «تقتلك الفئة الباغية»

أخرج الفريقان عن غير واحد من الصحابة قول النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم لعمار: «أبشر تقتلك الفئة الباغية» غير انّ البخاري لعب بالحديث فنقله بصورة بتراء.

أخرج البخاري عن عكرمة- مولى ابن عباس- رضي اللَّه عنهما، قال: قال لي ابن عباس ولابنه علي: «انطلقا إلى أبي سعيد، فاسمعا من حديثه، فانطلقنا، فإذا هو في حائطٍ يصلحه، فأخذ رداءه فاحتبى، ثمّ أنشأ يحدثنا حتّى أتى على ذكر بناء المسجد، فقال: كنّا نحمل لبنَةً لَبِنَة، وعمّار لَبِنَتَيْن لبنتين. فرآه النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم، فجعل يَنفضُ

ص: 43

التراب عنه ويقول: ويحَ عمّار، يدعوهم إلى الجنّة، ويدعونه إلى النّار. قال: يقول عمار: أعوذ باللَّه من الفِتن». (1)وفي رواية له: أنّ ابن عباس قال له ولعليّ بن عبد اللَّه: «ائتيا أبا سعيد، فاسمعا من حديثه. قال: فأتيناه، وهو وأخوه في حائط لهما، فسلّمنا. فلما رآنا جاء فاحتَبى وجلس، وقال: كنّا نَنقل لَبنَ المسجد لَبِنَةً لَبنة. وكان عمّار ينقل لَبنتين لَبنتين. فمرّ به النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم، ومسح عن رأسه الغُبار، وقال: ويح عمّار؛ يدعوهم إلى اللَّه، ويدعونه إلى النار. فقال عمّار: أعوذ باللَّه من الفتن». (2)قال الحميدي في الجمع بين الصحيحين: في هذا الحديث زيادة مشهورة، لم يذكرها البخاري أصلًا من طريقي هذا الحديث، ولعلّها لم تقع إليه فيهما، أووقعت فحذفها لغرض!!! قصده في ذلك.

وأخرجها أبو بكر


1- صحيح البخاري، الصلاة: 1/ 541 447.
2- صحيح البخاري، الجهاد: 6/ 30 2813.

ص: 44

البُرقاني، وأبوبكر الإسماعيلي قبله. وفي هذا الحديث عندهما: «أنّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم قال: ويحَ عمّار تَقتُلهُ الفِئَة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار».

قال أبو مسعود الدمشقي في كتابه: لم يذكر البخاري هذه الزيادة، وهي في حديث عبد العزيز بن المختار، و خالد بن عبد اللَّه الواسطي و يزيد بن زريع، ومحبوب بن الحسن؛ وشعبة. كلّهم عن خالد الحذّاء عن عكرمة. ورواه إسحاق عن عبد الوهاب، هكذا. وأمّا حديث عبد الوهاب الذي أخرجه البخاري، دون هذه الزيادة، فلم يقع إلينا من غير حديث البخاري. هذا آخر ما قاله أبو مسعود. (1)وقال ابن الأثير- بعد نقل كلام الحميدي حسب ما نقلناه-:

قلت أنا: والذي قرأته في كتاب البخاري من طريق أبي الوقت عبد الأول السجزي رحمه اللَّه من النسخة التي قرئت عليه وعليها خطه.

أما في متن الكتاب فبحذف


1- الجمع بين الصحيحين: 2/ 461 رقم 1794.

ص: 45

الزيادة وقد كتب في الهامش هذه الزيادة، وصحح عليها. وجعلها في جملة الحديث، وأنّها من رواية أبي الوقت هكذا، بإضافتها إلى الحديث. وذلك في موضعين من الكتاب. أوّلهما: في «باب التعاون في بناء المسجد من كتاب الصلاة» والثاني: في «باب مسح الغبار عن الرأس في كتاب الجهاد» وما عدا هذه النسخة، فلم أجد الزيادة فيها، كما قاله الحميدي، ومن قبله. واللَّه أعلم. (1)وعلى أيّ تقدير فقد جاءت الزيادة في الموردين التاليين في النسخ المطبوعة مشيراً بلفظه «لا»، «إلى» انّها غير موجودة في النسخة الأصلية.

1. كتاب الصلاة باب التعاون في بناء المسجد، رقم 447.

2. كتاب الجهاد، باب مسح الغبار، رقم 2812، ط دار الفكر.

كما جاء في فتح الباري: 1/ 430 باب التعاون على بناء المسجد.


1- جامع الأصول: 10/ 31 باب فضائل عمّار.

ص: 46

7 صحيح مسلم وحديث «خير نساء العالمين أربع»

أخرج الحاكم في «المستدرك» عن أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم: «فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلّا ما كان من مريم بنت عمران». قال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.

وقال: وإنّما تفرّد مسلم بإخراج حديث أبي موسى عن النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم: خير نساء العالمين أربع.(1) و ليس ما بأيدينا من نسخ صحيح مسلم أي أثر من هذا الحديث.


1- مستدرك الحاكم: 3/ 154.

ص: 47

8 صحيح مسلم وحديث «المهدي وهو من ولد فاطمة»

أخرج المتقي الهندي عن صحيح مسلم وسنن أبي داود قوله صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة». (1)وقال ابن حجر الهيتمي في «الصواعق المحرقة»: «ومن ذلك ما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي وآخرون:

«المهدي من عترتي من ولد فاطمة».(2) و لم نعثر عليه في صحيح مسلم مع الفحص الأكيد.


1- كنزالعمال: 14/ 264، رقم 38662.
2- الصواعق المحرقة: 163، ط مكتبة القاهرة، عام 1385.

ص: 48

9 معارف ابن قتيبة و خبر «إسقاط فاطمة محسناً»

روى ابن شهر آشوب في فصل «حلية فاطمة وتواريخها (فاطمة) وقال: أولادها: الحسن والحسين والمحسن، سقط وفي معارف القتيبي: انّ محسناً فسد من زخم «قنفذ» العدوي، وزينب وأُمّ كلثوم. (1)وقال أبو عبد اللَّه محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي المقتول 658 ه، في كتاب «كفاية


1- المناقب لابن شهر آشوب، طبع بيروت، دارالأضواء، ج 3/ 407، وطبعة قم: 3/ 358.

ص: 49

الطالب في مناقب علي بن أبي طالب» ... وزاد على الجمهور وقال: إنّ فاطمهعليها السَّلام أسقطت بعد النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم ذكراً كان سمّاه رسول اللَّهصلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم محسناً، و هذا شي ء لم يجد عند أحد من أهل النقل إلّا عبد اللَّه بن قتيبة.(1) ولكن في المطبوع من المعارف: «عند ذكر ولد علي بن أبي طالب» و أمّا محسن بن علي فهلك وهو صغير. (2)


1- كفاية الطالب في مانقب علي بن أبي طالب في فصل ذكر عدد أولاد، ص 372 ط بيروت، عام 1413 ه.
2- المعارف: 122، دار الكتب العلمية، بيروت، عام 1407.

ص: 50

10 الصواعق المحرقة وحديث «ذكر عليّ عبادة»

إنّ كتاب «الصواعق المحرقة» تأليف أحمد بن حجر الهيتمي المكي (899- 974 ه) طبع عام 1312 ه في مصر في المطبعة الميمنية، وجاء فيها نفس الحديث في صفحة 74 السطر 34.

أخرج الديلمي عن عائشة انّ النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم قال:

خير أخوتي عليّ، وخير أعمامي حمزة، ذكر عليّ عبادة».

ولكنّه حرف في الطبعة التي حقّقها عبد الوهاب عبد اللطيف عام 1385 ه، و إليك ما جاء في هذه

ص: 51

الطبعة:

أخرج الديلمي عن عائشة انّ النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم قال:

«خير إخوتي عليٌّ، وخير أعمامي حمزة». (1)


1- لاحظ الصفحة 124، السطر الأخير.

ص: 52

11 الصواعق المحرقة وحديث «كانت لعلي ثمانية عشر منقبة»

جاء في الطبعة الميمنية، الصفحة 76، السطر 14 الحديث التالي:

وأخرج ابن عساكر عنه قال: ما نزل في أحد من كتاب اللَّه تعالى ما نزل في عليّ. وأخرج منه أيضاً قال: نزل في علي 300 آية. وأخرج الطبراني عنه قال: «كانت لعلي ثمانية عشر منقبة ما كان لأحد من هذه الأُمّة». وأخرج أبو يعلى عن أبي هريرة ... الخ.

ولكنّه حُرّف في الطبعة الثانية التي مرّ الإيعاز إليها، وجاء الحديث فيها صفحة 127، السطر 12،

ص: 53

بالنحو التالي: أخرج ابن عساكر عنه قال:

ما نزل في أحد من كتاب اللَّه تعالى ما نزل في عليّ. وأخرج عنه أيضاً، قال: نزل في علي ثلاثمائة آية. وأخرج أبو يعلى عن أبي هريرة ... الخ.

ترى أنّ قوله: «كانت لعلي ثمانية عشر منقبة ما كان لأحد من هذه الأُمّة» حذفت من الأساس.

ص: 54

12 التحريف في دواوين الشعراء

اشارة

إنّ للتحريف ألواناً مختلفة ومن أقسامها تحريف قصائد شعراء الشيعة في مدائح أئمّة أهل البيت، وهانحن نذكر في هذه العجالة طروء التحريف على دواوين شعراء الشيعة الذين كان لقصائدهم صدى واسع في العصور الغابرة، وربما كان لقصيدة منهم أثر ديوان كامل في إثارة العواطف وإنارةالعقول وحشد الرأي العام ضد الظالمين.

1. التحريف في ديوان الكميت

وهذه هي قصيدة الشاعر المفلق الكميت (60- 126 ه) التي مستهلّها:

ص: 55

نفى عن عينك الأرق الهجوعا

وهمٌّ يمتري منها الدموعا

فقد عاثت في طبعها يد النشر الأمينة على ودائع العلم فنقصت منها شيئاً كثيراً لا يستهان به.

قال المحقّق الأميني: وقد آن ليد التنقيب أن تميط الستار عن هذه الجنايات المخبئة فانّ المطبوع من القصيدة في ليدن سنة 1904 يتضمن 536 بيتاً، والمشروحة بقلم الأُستاذ محمد شاكر الخياط 560 بيتاً، والمشروحة بقلم الأُستاذ الرافعي 458 بيتاً ثمّ ذكر موارد التحريف في هذه الطبعات. (1)

2. التحريف في ديوان حسان

ويقول في حقّ ديوان حسان: إنّ لحسان في مولانا أميرالمؤمنين عليه السَّلام مدائح جمة غير انّ يد الأمانة لم تقبض عليها يوم مدّت إلى ديوانه، فحرّفت الكلم عن مواضعها،


1- الغدير: 2/ 181.

ص: 56

ولعبت بديوان حسان كما لعبت بغيره من الدواوين والكتب والمعاجم التي أسقطت منها مدائح أهل البيتعليهم السَّلام وفضائلهم، والذكريات الحميدة لأتباعهم، كديوان الفرزدق الذي اسقطوا منها ميميته المشهورة في مولانا الإمام زين العابدينعليه السَّلام مع إشارة الناشر إليها في مقدمة شرح ديوانه وقد طفحت بذكرها الكتب والمعاجم، وكديوان كميت فانّه حرفت منه أبيات كما زيدت عليه أُخرى، وكديوان أمير الشعراء أبي فراس، وكديوان كشاجم الذي زحزحوا عنه كمية مهمة من مراثي سيدنا الإمام السبط الشهيد سلام اللَّه عليه، وكتاب «المعارف» لابن قتيبة الذي زيد فيه ما شاءه الهوى للمحرّف ونقص منه ما يلائم خطّته، بشهادة الكتب الناقلة عنه من بعده، إلى غير هذه من الكتب التي عاثوا فيها لدى النشر أو حرفوها عند النقل. (1)


1- الغدير: 2/ 42.

ص: 57

3. التحريف في ديوان أبي تمام

أبو تمام هو حبيب بن أوس أحد رؤساء الإمامية كما قال الجاحظ (1)، والأوحد من شيوخ الشيعة في الأدب في العصور المتقدمة، صاحب الديوان المعروف وقد جاءت فيه رائيته التي مستهلها.

أظبية حيث استنّت الكثب العُفر

رويدك لا يغتالك اللوم والزَّجرُ

أسرّي حذاراً لم تقيّدك ردّة

فيحسر ماء من محاسنك الهذر

و جاء فيها قوله:

ويوم الغدير استوضح الحقّ أهله

بضحياء لا فيها حجاب ولا ستر

وقد نقل النجاشي عن زميله أحمد بن الحسين الغضائري انّه رأى نسخة عتيقة من ديوان شعر أبي تمام


1- رجال النجاشي برقم 365.

ص: 58

كتبت في أيّامه أو قريباً منه وفيها قصيدة يذكر فيها الأئمّة حتّى انتهى إلى أبي جعفر الثاني لأنّه توفّي في أيّامه.(1)ولكن ليس في ديوانه أي قصيدة تعرب عن ولائه وعقيدته سوى الرائية.

قال المحقّق الأميني: إنّ يد الأمانة في طبع الكتب حذفت تلكم القصائد عند تمثيل الديوان إلى عالم الطباعة كما صنعت مع غيره أيضاً، أو انّها لم تصل إليها عند النشر، أو انّ المطبوع اختصار أبي العلاء المعري.

كيف و يقول النجاشي له شعر في أهل البيت كثير.

هذه نماذج من التحريفات التي عاثت بدواوين شعراء الشيعة وآثارهم.

التحريف في «روح المعاني» للآلوسي

ومن أقبح التحريفات حذف فصل خاص من


1- رجال النجاشي برقم 365.

ص: 59

الكتاب لأنّه لا يوافق عقيدة الناشر، وإن كنت في شكّ من هذا فاقرأ ما نتلوه عليك في صنيعة نعمان الآلوسي ولد علامة العراق الشيخ محمود الآلوسي مؤلف تفسير «روح المعاني».

يقول مؤلّف ردود على شبهات السلفية: إنّ التحريف وحذف الأحاديث شأن السلفية وديدنهم، إنّ نعمان الآلوسي حرّف تفسير والده المكرم علّامة العراق الشيخ محمود الآلوسي (تفسير روح المعاني) ولولا تحريفه لكان التفسير الفريد وجامع الجوامع، وأمّا الحذف والنسخ للعبارات والأحاديث فحدث عنه ولا حرج: ولقد طبعوا المغني لابن قدامة الحنبلي فحذفوا منه مبحث «الاستغاثة»، وطبعوا شرح صحيح مسلم فسلخوا منه أحاديث الصفات، هذا ما عثرنا عليه من خيانتهم العلمية وقبيح عملهم، وسيحاسبهم اللَّه على سوء صنيعهم وهو مطّلع عليه وإن خفى عنّا. (1)


1- الردود على الشبهات السلفية: 249.

ص: 60

وفي ذيل مقالات الكوثري لأحمد خيري قوله في نعمان: وهو ليس بأمين على تفسير والده، ولو قابله أحدهم بالنسخة المحفوظة اليوم بمكتبة راغب پاشا باسطنبول وهي النسخة التي أهداها إلى السلطان عبد الحميد خان لوجد ما يطمئن إليه. (1)(فَخَلَف مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا

الصَّلوة وَاتَّبعُوا الشَّهوات). (2)


1- تبديد الظلام للكوثري، مكتبة الأندلس بمحص، سوريا.
2- مريم: 59.

ص: 61

13 تحريف السنّة للابتعاد عن الشيعة

اشارة

إنّ الشريعة الإسلامية خاتمة الشرائع، ونبيها خاتم الأنبياءصلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم، وكتابه خاتمة الكتب، وشريعته خالدة، فحلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة، من غير فرق بين الواجب والحرام والسنن والطقوس، فليس على المسلم تغيير أحكامه في أيّ مجال من المجالات.

ولكنّا نرى أنّ بعض أهل السنّة رجّحوا ترك السنّة النبوية، وسمّوها البدعة بحجة انّ طائفة من المسلمين ملتزمون بالعمل بها، فلأجل الابتعاد عن التشابه بها أخذوا بالبدعة وتركوا السنّة، ولنذكر نماذج لهذا النوع من البدعة.

ص: 62

1. تسطيح القبر سنّة ترفض لأنّها شعار الشيعة

قال الشيخ محمد بن عبد الرحمان الدمشقي:

السنّة في القبر، التسطيح. وهو أولى على الراجح من مذهب الشافعي. (1)وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: التسنيم أولى، لأنّ التسطيح صار شعاراً للشيعة.

وقال الغزالي والماوردي: إنّ تسطيح القبور هو المشروع، لكن لمّا جعلته الرافضة شعاراً لهم عدلنا عنه إلى التسنيم.

وقال مصنّف «الهداية» من الحنفيّة: إنّ المشروع التختّم في اليمين، ولكن لمّا اتّخذته الرافضة جعلناه في اليسار. (2)


1- الدمشقي: رحمة الأُمة في الاختلاف الأئمّة: 1/ 88، في هامش الميزان للشعراني.
2- الغدير: 1/ 209.

ص: 63

وقال الرافعي: إنّ النبي سطّح قبر ابنه إبراهيم، وعن القاسم بن محمد قال: رأيت قبر النبي وأبي بكر وعمر مسطّحة.

وقال ابن أبي هريرة: إنّ الأفضل الآن العدول من التسطيح إلى التسنيم، لأنّ التسطيح صار شعاراً للروافض، فالأولى مخالفتهم، وصيانة الميت وأهله عن الاتّهام بالبدعة.

ومثله ما حكي عنه أنّ الجهر بالتسمية إذا صار في موضع شعار لهم، فالمستحب الإسرار بها مخالفة لهم. واحتجّ له بما روي انّ النبي صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم كان يقوم إذا بدت جنازة، فأخبر انّ اليهود تفعل ذلك، فترك القيام بعد ذلك مخالفة لهم.

وهذا الوجه هو الذي أجاب به في الكتاب ومال إليه الشيخ أبو محمد وتابعه القاضي الروياني لكن الجمهور على أنّ المذهب، الأوّل.

قالوا: ولو تركنا ما ثبت في السنّة، لإطباق بعض

ص: 64

المبتدعة عليه، لجرّنا ذلك إلى ترك سنن كثيرة، وإذا اطرد جرينا على الشي ء خرج عن أن يعدّ شعاراً للمبتدعة.(1)

2. الجهر بالبسملة

قال الإمام الرازي: روى البيهقي عن أبي هريرة قال: كان رسول اللَّه يُجهر في الصلاة ب «بسم اللَّه الرحمن الرحيم» وكان عليٌّ- رضي اللَّه عنه- يُجهر بالتسمية وقد ثبت بالتواتر، وكان علي بن أبي طالب يقول: يا من ذكره شرف للذاكرين، ومثل هذا كيف يليق بالعاقل أن يسعى في إخفائه.

وقالت الشيعة: السنّة، هي الجهر بالتسمية، سواء أكانت في الصلاة الجهرية أو السرية، وجمهور الفقهاء يُخالفونهم- إلى أن قال-: إنّ عليّاً كان يُبالغ في الجهر بالتسمية، فلمّا وصلت الدولة إلى بني أُميّة بالغوا في المنع


1- العزيز في شرح الوجيز: 2/ 453.

ص: 65

من الجهر، سعياً في إبطال آثار عليّ- رضي اللَّه عنه- (1).

3. الصلاة على المؤمن مفرداً سنّة ترفض

قال الزمخشري في تفسير قوله سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكته يُصَلُّونَ عَلى النَّبِي).

فإن قلت: فما تقول في الصلاة على غيره؟

قلت: القياس جواز الصلاة على كلّ مؤمن لقوله تعالى: (هُوَ الَّذي يُصلّي علَيْكُم) وقوله تعالى: (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) وقوله: اللّهم صَل على آل أبي أوفى، ولكنّ للعلماء تفصيلًا في ذلك وهو أنّها إن كانت على سبيل التبع كقولك: صلى اللَّه على النبي وآله فلا كلام فيها، وأمّا إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يفرد هو فمكروه، لأنّ ذلك صار شعاراً لذكر رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه و آله وسلَّم، ولأنّه يؤدّي إلى الاتّهام بالرفض. (2)


1- مفاتيح الغيب: 1/ 205- 206.
2- الكشاف: 2/ 549.

ص: 66

وفي «فتح الباري»: اختلف في السلام على غير الأنبياء بعد الاتّفاق على مشروعيته في الحيّ، فقيل يشرع مطلقاً، وقيل بل تبعاً ولا يفرّد لواحد لكونه صار شعاراً للرافضة، ونقله النووي عن الشيخ أبي محمد الجويني. (1)ومعنى ذلك انّه لم يجد مبرّراً لترك ما شرّعه الإسلام، إلّا عمل الرافضة بسنة الإسلام، ولو صحّ ذلك، كان على القائل أن يترك عامة الفرائض والسنن التي يعمل بها الروافض.

4. ترك المستحبات إذا صارت شعاراً للشيعة

قال ابن تيمية- عند بيان التشبّه بالروافض-: ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبّات إذا صارت شعاراً لهم، فانّه وإن لم يكن الترك واجباً


1- فتح الباري: 11/ 14.

ص: 67

لذلك، لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم فلا يتميّز السنّي من الرافضي، ومصلحة التمييز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحبّ. (1)

5. ترك فعل الخيرات وإقامة المآتم يوم عاشوراء

حكى البرسوي عن كتاب «عقد الدرر واللآلي و فضل الشهور والليالي، للشيخ شهاب الدين الشهير بالرسام: المطلب الثالث

المستحب في ذلك اليوم- يوم عاشورا ء- فعل الخيرات من الصّدقة والصوم والذكر وغيرهما، ولا ينبغي للمؤمن أن يتشبّه بيزيد الملعون في بعض الأفعال، وبالشيعة والروافض والخوارج أيضاً. يعني لا يجعل ذلك اليوم يوم عيد أو يوم مأتم، فمن اكتحل يوم عاشوراء فقد تشبّه بيزيد الملعون وقومه، وإن كان للاكتحال في ذلك


1- منهاج السنّة: 2/ 143.

ص: 68

اليوم أصلٌ صحيح، فإنّ ترك السنّة سنّة إذا كان شعاراً لأهل البدعة؛ كالتختّم باليمين فانّه في الأصل سنّة، لكنّه لمّا كان شعار أهل البدعة والظلمة صارت السنّة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسري في زماننا كما في شرح القهستاني.

ومن قرأ يوم عاشوراء و أوائل المحرم مقتل الحسين رضي اللَّه عنه، فقد تشبّه بالروافض، خصوصاً إذا كان بألفاظ مخلّة بالتعظيم لأجل تحزين السامعين، وفي كراهية القهستاني: لو أراد ذكر مقتل الحسين ينبغي أن يذكر أوّلًا مقتل سائر الصحابة لئلا يشابه الروافض.

وقال الغزالي: يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين وحكايته و ماجرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم، فانّه يهيج بغض الصحابة والطعن فيهم وهم أعلام الدين، وما وقع بينهم من المنازعات فيحمل على محامل صحيحة، ولعلّ ذلك لخطأ في الاجتهاد لا لطلب

ص: 69

الرياسة والدنيا كما لا يخفى. (1)ولكن ما قيمة اجتهاد، برّر سفك دماء آلاف من المسلمين في حرب الجمل وصفين!!

(قُلْ كُلُّ مُتربِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ

أَصحابُ الصِراطِ السَّوِىِّ وَمَنْ اهْتَدى). (2)


1- روح البيان: 4/ 142.
2- طه: 135.

ص: 70

14 التدليس ومضاعفاته الخطيرة على التراث

إنّ التحريف بمعنى قلب الحقائق وعرض غير الواقع بصورة الواقع شيمة كثير من المحدّثين والرواة الذين ملئت أسماؤهم ورواياتهم كتب الرجال والحديث، وهذا هو الحاكم يذكر أسماء كبار من المحدّثين رووا عن أُناس ما سمعوا منهم وهم يدّعون السماع بظاهر ألفاظهم، يقول:

فليعلم صاحب الحديث انّ الحسن لم يسمع من أبي هريرة ولا من جابر ولا من ابن عمر ولا من ابن عباس شيئاً قطّ، وأنّ الأعمش لم يسمع من أنس، وأنّ الشعبي لم

ص: 71

يسمع من صحابي غير أنس، وانّ الشعبي لم يسمع من عائشة ولا من عبد اللَّه بن مسعود ولا من أُسامة بن زيد ولا من علي إنّما رآه رؤية ولا من معاذ بن جبل ولا من زيد بن ثابت، وأنّ قتادة لم يسمع من صحابي غير أنس، وأنّ عامة حديث عمرو بن دينار عن الصحابة غير مسموعة، وأنّ عامة حديث مكحول عن الصحابة حوالة، وأنّ ذلك كلّه يخفى إلّا على الحفاظ للحديث.(1) إنّ التدليس نوع من الكذب والدجل يروي الحاكم عن حماد بن زيد انّه يقول: المدلّس متشبّع بما لم يعط، وينقل عن عبد الصمد بن عبدالوارث يحدث عن أبيه، قال: التدليس ذلُّ، قال سليمان: التدليس والغش والغرور والخداع والكذب، يحشر يوم تبلى السرائر في نَفاذ واحد. (2)وقال بعد ذكر أقسام التدليس وأسماء طائفة من المدلّسين، قال ما هذا لفظه:


1- معرفة علوم الحديث: 111 و 103.
2- همان.

ص: 72

وقال أبو عبد اللَّه: قد ذكرت في هذه الأجناس الستة أنواع التدليس ليتأمّله طالب هذا العلم فيقيس بالأقل على الأكثر ولم استحسن ذكر أسامي من دلّس من أئمّة المسلمين صيانة للحديث ورواته غير انّي أدلّ على جملة يهتدي إليها الباحث عن الأئمّة الذين دلّسوا والذين تورّعوا عن التدليس.(1) ومع أنّ الذهبي ممّن يكن للحديث والمحدثين احتراماً خاصاً، ويحاول الستر على كثير من معايبهم ومطاعنهم، وعلى الرغم من ذلك فقد ألّف كتاباً في الضعفاء جاء فيه بأسماء 7855 راوياً ومحدّثاً ضعيفاً لا يحتجّ بحديثه ولا يؤخذ به، وكفى في ذلك الرجوع إلى كتابه «المغني في الضعفاء» تحقيق أبي الزهراء حازم القاضي.

وأمّا خصوص الكذّابين والوضّاعين الذين صرح


1- معرفة علوم الحديث: 111.

ص: 73

أئمة الرجال بوصفهم وكذبهم فحدث عنه ولا حرج، وقد جمع العلّامة الأميني أسماء 700 كذّاب ووضّاع في موسوعته الغدير.(1) ينقل ابن حِبّان في كتابه المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين عن يحيى بن معين قال: كتبنا عن الكذّابين وسجّرنا به التنّور فأخرجنا به خبزاً نضيجاً، ولما توفّي يحيى بن معين في مدينة الرسول صلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم وحمل على نعش، فرأيتهم ينادون: معاشرُ الناس هذا ذابُ الكذب عن رسول اللَّهصلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم كذا وكذا عاماً. (2)وما ذكرناه هذا هو الذي خرج من قلم هؤلاءعفواً، ولو كانوا بصدد رفع الستر عن الواقع لوقفت انّ الدجل والكذب والوضع شيمة كثير من الرواة والمحدّثين، غير انّ حبّ الستر حال دون بيان الحقائق.


1- الغدير: 5/ 208- 275.
2- المجروحين لابن حبان، ص 56.

ص: 74

قال الذهبي: ثمّ من المعلوم أنّه لابدّ من صون الراوي وستره، ... ولو فتحت على نفسي تليين هذا الباب لما سلم معي إلّا القليل، إذ الأكثر لا يدرون ما يروون، ولا يعرفون هذا الشأن، إنّما سُمِّعوا في الصغر، وأُحتيج إلى علوّ سندهم في الكبر، فالعمدة على من قرأ لهم، وعلى من أثبت طباق السماع لهم، كما هو مبسوط في علوم الحديث. (1)ويقول أيضاً في كتاب «معرفة الرواة المتكلم فيهم»: لو فتحنا هذا الباب (جرح الأئمّة) على نفوسنا، لدخل فيه عدّة من الصحابة والتابعين والأئمّة، فبعض الصحابة كفّر بعضَهم. (2)فإذا كتم الحاكم النيسابوري أسامي من دلّس من أئمّة المسلمين، صيانة للحديث، ومنع صونُ الراوي وستره، الباحثَ الكبير مثلَ الذهبي، عن الإصحار


1- ميزان الاعتدال: 1/ 4.
2- معرفة الرواة: 45.

ص: 75

بالحقيقة، أو تليين هذا الباب- على حدّ تعبيره- فهل تبقى ثقة بالصحاح والمسانيد والسنن؟!

هذا وذاك ممّا يُلزم الباحث دراسة تاريخ الحديث من جديد، ووضع ضوابط خاصة في تمييز حديث المصطفى وسنّة أبي القاسمصلَّى اللَّه عليه و آله و سلَّم عمّا وضع على لسانه.

وإلى اللَّه المشتكى (يَا أَيُّهَا الّذينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوماً بِجَهالةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمينَ). (1)


1- الحجرات: 6.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.